سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.
عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373
مشخصات ظاهری:15 ج.
شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8
وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری
يادداشت: عربی.
يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.
يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).
یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.
یادداشت:نمایه.
موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.
موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه
شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية
رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373
رده بندی دیویی:297/342
شماره کتابشناسی ملی:2559784
ص :1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :2
منتهی المطلب فی تحقیق المذهب
للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر
تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
ص :3
سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.
عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373
مشخصات ظاهری:15 ج.
شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8
وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری
يادداشت: عربی.
يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.
يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).
یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.
یادداشت:نمایه.
موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.
موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه
شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية
رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373
رده بندی دیویی:297/342
شماره کتابشناسی ملی:2559784
ص :4
إلى أعتاب الأئمّة الهداة المعصومين،من آل محمّد المصطفى صلوات اللّه عليهم أجمعين؛لا سيّما وليّ نعمتنا و من نستظلّ بجواره و عناياته الإمام الرءوف عليّ بن موسى الرضا عليه أفضل التحيّة و الثناء،و حفيده الإمام المهديّ المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف،الذي اقترن إتمام العمل بهذا الكتاب بعيد مولده المبارك في الخامس عشر من شعبان المعظّم،راجين قبولهم،و مزيد ألطافهم.
ص:5
ص:6
الحمد للّه الذي بمشيّته حقّق الآمال،و بمنّه وفّق العباد إلى صالح الأعمال،و خير الصلاة و أزكى السلام على سيّد ولد آدم محمّد و آله الغرّ الكرام،الذين اصطفاهم اللّه قدوة للأنام،لا سيّما بقيّة اللّه المنتظر خاتم الأوصياء العظام.
و بعد..
هذا هو الجزء الأخير-الخامس عشر حسب تجزئتنا-من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»الذي منّ اللّه تبارك و تعالى علينا-تحت رعاية مولانا الإمام الرءوف عليّ بن موسى الرضا عليه أفضل التحيّة و الثناء-بالفراغ من تحقيق هذا السّفر الثمين،و نشره بهذه الحلّة الجديدة متضمّنا تعاليق مفيدة،و به يكون الأمل قد تحقّق،و تمّ هذا المشروع بعد بذل جهود متواصلة لعدّة سنين متوالية.
نحمده جلّ و علا على دوام التوفيق و توفير أسبابه،و نشكره على سبوغ نعمه و آلائه.
ما وصل إلينا من كتاب«منتهى المطلب»لا يتضمّن من الأبواب الفقهيّة غير العبادات و نبذة من التجارة،كاستحبابها و آدابها و المحرّمات منها.و ربّما خطر في البال أنّ المؤلّف قد أكمل الكتاب ليستوعب أبواب الفقه كافّة،و أنّ أجزاء أخرى من
ص:7
الكتاب قد فقدت أو أنّها ترقد في زوايا مجهولة في بعض المكتبات الشخصيّة.
و ما يبعث على هذا الظنّ أنّ العلاّمة الحلّيّ قد عدّ كتابه هذا كبيرا فريدا في بابه، فلا بدّ أنّه قد استوفى البحث الفقهيّ فيه و أتمّه؛لما له من تفرّد و شأن.قال عنه في خلاصة الأقوال:«لم يعمل مثله،ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، و رجّحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه» (1).
و أرجع إليه في مؤلّفات أخرى فقال في أوّل كتاب الصلاة من تحرير الأحكام:
«و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الكبير الموسوم بمنتهى المطلب» (2).
و قال أيضا في آخر الديات:«فهذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب...و من أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم بتذكرة الفقهاء...و من أراد الغاية و قصد النهاية، فعليه بكتابنا الموسوم بمنتهى المطلب» (3).
و كذا ذكره في إرشاد الأذهان بقوله:«فهذا خلاصة ما أفدناه في هذا الكتاب، و من أراد التطويل بذكر الفروع و الأدلّة و ذكر الخلاف،فعليه بكتابنا المسمّى بمنتهى المطلب؛فإنّه بلغ الغاية،و تجاوز النهاية،و من أراد التوسّط،فعليه بما أفدناه في التحرير أو تذكرة الفقهاء أو قواعد الأحكام أو غير ذلك من كتبنا» (4).
و نبّه عليه في مقدّمة مختلف الشيعة فقال:«إنّي لمّا وقفت على كتب أصحابنا المتقدّمين...وجدت بينهم خلافا في مسائل كثيرة متعدّدة...فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل إلينا من اختلافهم في الأحكام...دون ما
ص:8
اتّفقوا عليه؛إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمّى بمنتهى المطلب» (1).
و قد نصّ المؤلّف في إجازته لمهنّا بن سنان على أنّ ما خرج من الكتاب في العبادات سبع مجلّدات (2)،في حين وردت مباحث العبادات و شيء من المعاملات- في المخطوطات المتوفّرة-في ستّ مجلّدات،قائلا في آخر المجلّد السادس:
«يتلوه في الجزء السابع:المقصد الثاني في عقد البيع و شروطه».لكنّ هذا الجزء الذي أشار إليه لم يعثر عليه،كما صرّح بذلك مؤلّف الذريعة (3).
و إذا كان العلاّمة قد استوفى العبادات في الجزء السادس،كما مرّ بنا،فكيف يستقيم هذا و تصريحه بأنّ العبادات في سبعة أجزاء؟
و هذا يستوقفنا على تساؤلات:
هل استوفى العلاّمة أبواب العبادات في ستّة أجزاء،ثمّ استنسخ الكتاب مرّة أخرى فجزّأه سبعة أجزاء،فكانت الإشارة مرّة إلى نسخة سابقة و مرّة إلى نسخة لا حقة؟
و هل أتمّ تدوين أبواب الفقه كلّها كما هو متبادر الظنّ،و كما تقوّيه إرجاعاته في عدد من كتبه الفقهيّة إلى المنتهى بوصفه كتابه الكبير الذي يرجع إليه«من أراد الغاية،و قصد النهاية»،«و من أراد التطويل بذكر الفروع و الأدلّة و ذكر الخلاف»، خاصّة و أنّه قد أرجع إلى المنتهى-في بعض هذه الموارد-بعد فراغه من الديات في آخر أبواب الفقه،ممّا يفهم منه أنّ كتاب المنتهى شامل لأبواب الفقه كلّها؟
و هل يمكن أن يقال:إنّ العلاّمة قد أتمّه،ثمّ ضاع-لسبب من الأسباب-القسم الخاصّ بالمعاملات،فلم يشر إلى ما ضاع في خلاصة الأقوال و لا في إجازة مهنّا.
ص:9
و مهما يكن،فالذي يبدو أنّ العلاّمة الحلّيّ لم يكمل المنتهى إلى آخر أبواب الديات فتتمّ به دورة فقهيّة كاملة.و ثمّة قرائن تعضد ما نذهب إليه:
1-عاش العلاّمة بين سنتي 648 ه و 726 ه،و بدأ بتأليف المنتهى سنة 680 ه (1)،و فرغ من تسويد الجزء السادس في العبادات و مقدّمة في المعاملات سنة 688 ه،و نصّ في سنة 693 ه على أنّ الكتاب سبع مجلّدات (2)،و في سنة 719 ه كتب إجازة لمهنّا بن سنان قال فيها عن المنتهى:«خرج منه العبادات سبع مجلّدات» (3).و هذا يعني أنّه لم يضف إلى الكتاب شيئا خلال 31 سنة-بين إتمام الجزء السادس سنة 688 ه و إجازته لمهنّا سنة 719 ه أي أنّ محتوى الكتاب فيما يبدو كان لا يزيد على العبادات إلى ما قبل وفاة المؤلّف بسبع سنوات،و هي سنوات كان العلاّمة فيها دائب التأليف لكتب أخرى و دائب التدريس،ممّا يستبعد معه أن يكون قد أنجز كامل المنتهى خلال هذه المدّة.
2-إنّ مخطوطات الكتاب المتوفّرة التي وصلت إلينا-و اعتمدنا على 17 نسخة منها-هي في الأجزاء المختصّة بالعبادات و نبذة من المعاملات،دون أن نعثر على جزء مخطوط في المعاملات التي وعد العلاّمة في آخر الجزء السادس بأن يدوّنها فيما يتلوه.
3-إنّنا لم نجد من الفقهاء من نقل عن المنتهى مسألة في غير العبادات و آداب التجارة و أحكامها و المحرّمات منها.
و لعلّ هذا ما يقوّي أنّ كتاب«منتهى المطلب»لم يكن منه غير ما وصل إلينا، و اللّه العالم.
ص:10
-لا سيّما من رافقوا المشروع من بدئه إلى ختمه طيلة سنين عديدة-و هم:
الشيخ عليّ الاعتماديّ
الشيخ نوروز عليّ الحاج آباديّ
الشيخ عبّاس المعلّميّ(الجلالي نيا)
الشيخ محمّد عليّ الملكيّ
الشيخ عليّ النمازيّ
الأخ السيّد طالب الموسويّ
الأخ عادل البدريّ
الأخ عليّ أصغر المولويّ
و نشكر أيضا لحجّة الإسلام و المسلمين الشيخ محمّد حسن الخزاعيّ مراجعته لبعض أجزاء الكتاب و إبداء ملاحظاته المشكورة.
كما نتقدّم بوافر الشكر و الامتنان إلى سماحة حجّة الإسلام و المسلمين الشيخ عليّ أكبر الإلهيّ الخراسانيّ مدير مجمع البحوث الإسلاميّة و مدير القسم؛لإشرافه على التحقيق.
نسأل اللّه تبارك و تعالى أن يتقبّل جهودهم و يوفّيهم أجورهم،و يمنّ عليهم بمزيد التوفيق لخدمة معارف أهل البيت عليهم السلام،و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.
قسم الفقه
في مجمع البحوث الإسلاميّة
ص:11
ص:12
في أحكام أهل الذمّة
و فيه مباحث:
ص:13
ص:14
في وجوب الجزية و من تؤخذ منه
في كلّ عام،
و هي فعلة من جزى يجزي،إذا قضى.
قال اللّه تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (1).
و تقول العرب:جزيت ديني:إذا قضيته (2).
إذا عرفت هذا:فالجزية واجبة بالنصّ و الإجماع.
قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (3).
و روى الجمهور عن المغيرة بن شعبة أنّه قال لجند كسرى يوم نهاوند:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نقاتلكم حتّى تعبدوا اللّه وحده أو تؤدّوا الجزية (4).
ص:15
و عن سليمان بن بريدة (1)،عن أبيه،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أوصاه بتقوى اللّه في خاصّة نفسه و بمن معه من المسلمين خيرا،و قال له:«إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى خصال ثلاث:ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا،فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا،فاستعن باللّه و قاتلهم (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يبعث أميرا على سريّة أمره بتقوى اللّه عزّ و جلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه»ثمّ في أصحابه»إلى أن قال:«و إذا لقيت عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم:ادعوهم إلى الإسلام (3)،و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام،فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا أن يهاجروا و اختاروا ديارهم و أبوا أن يدخلوا في دار الهجرة،كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على
ص:16
أعراب المؤمنين،و لا يجري لهم في فيء القسمة شيئا (1)إلاّ أن يجاهدوا في سبيل اللّه،فإن أبوا هاتين فادعهم إلى إعطاء الجزية و هم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا فاستعن عليهم باللّه و جاهدهم في اللّه حقّ جهاده» (2).
و لا خلاف بين المسلمين في أخذ الجزية على الإجمال.
و نعني بالكتابيّ:من له كتاب حقيقة،و هم اليهود و النصارى،و من له شبهة كتاب،و هم المجوس،فتؤخذ الجزية من هؤلاء الأصناف الثلاثة بلا خلاف بين علماء الإسلام في ذلك،في قديم الوقت و حديثه،فإنّ الصحابة أجمعوا على ذلك و عمل به الفقهاء القدماء،و من بعدهم إلى زماننا (4)هذا من أهل الحجاز و العراق و الشام و مصر و غيرهم من أهل الأصقاع في جميع الأزمان؛عملا بالآيات الدالّة على أخذ الجزية،و بالأحاديث المتقدّمة،و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك و أخذ الجزية من مجوس هجر.
و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن،فأمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله معافريّ (5). (6)و هو إجماع.
ص:17
ابن كعب (1)،و كندة (2)،و المجوسيّة في تميم (3)،و عبادة الأوثان،و الزندقة كانت في قريش (4)،و بني حنيفة (5).
إذا عرفت هذا:فإنّ اليهود بأجمعهم و النصارى كلّهم تؤخذ منهم الجزية على الشرائط الآتية،سواء كانوا من المبدّلين أو من غير المبدّلين؛لعموم الآية (6)،
ص:19
و سواء كانوا عربا أو عجما في قول علمائنا أجمع،و به قال مالك (1)، و الأوزاعيّ (2)،و الشافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5).
و قال أبو يوسف:لا تؤخذ الجزية من العرب (6).
لنا:عموم الآية (7).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل و أخذ أكيدر دومة (8)،و هو رجل من غسّان أو كندة من العرب، فصالحوا على أخذ الجزية،و أخذ الجزية من نصارى نجران،و هم عرب،و أمر معاذا أن يأخذ الجزية من أهل اليمن،و هم كانوا عربا.قال ابن المنذر:و لم يبلغنا أنّ قوما من العجم كانوا سكّانا باليمن لمّا أنفذ معاذا.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان
ص:20
يبعث الأمير و يوصيه بأن يدعوهم إلى الإسلام،فإن أبوا،دعاهم إلى إعطاء الجزية، فإن أبوا،قاتلهم من غير أن يخصّ عجما بذلك دون عرب،و أكثر ما غزا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العرب.و للإجماع على ذلك،فإنّ اليهود و النصارى من العرب سكنوا في زمن الصحابة و التابعين في بلاد الإسلام،و لا يجوز إقرارهم فيها بغير جزية (1).
قبل النسخ و التبديل،
و من نسله و ذراريّه،و يقرّون بالجزية و لو ولدوا بعد النسخ.
و إن دخلوا في دينهم بعد النسخ،لم يقبل منهم إلاّ الإسلام،و لا تؤخذ منهم الجزية،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الشافعيّ (2).
و قال المزنيّ:يقرّ على دينه،و تقبل منهم الجزية مطلقا (3).
لنا:
قوله عليه السّلام:«من بدّل دينه فاقتلوه» (4).و هو عامّ.
و لأنّه انتقل إلى مذهب باطل،فلا يقبل منه،كالمسلم إذا ارتدّ.
و لأنّه ابتغى دينا غير الإسلام،فلا يقبل منه؛لقوله تعالى: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (5).
ص:21
احتجّ المزنيّ:بقوله تعالى: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (1). (2)
و الجواب:المراد بذلك:المشاركة في الاسم و الكفر،دون الإقرار على اعتقاده.
إذا عرفت هذا:فلا فرق بين أن يكون المنتقل إلى دينهم ابن كتابيّين أو ابن وثنيّين أو ابن كتابيّ و وثنيّ في التفصيل الذي فصّلناه.
فلو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية و الآخر لا تقبل منه،ففي قبول الجزية منه تردّد.
إذا ثبت هذا:فإنّ ذبائح أهل الكتاب و مناكحتهم-على تفصيل يأتي-لا يجوز عندنا،و سيأتي الخلاف في بيانه.
الجزية من المجوس و ليسوا بأهل كتاب؟!فقام إليه المستورد (1)،فأخذ بلبّته (2)، فقال:عدوّ اللّه أ تطعن على أبي بكر و عمر و على أمير المؤمنين-يعني عليّا عليه السلام-و قد أخذوا منهم الجزية،فذهب به إلى القصر فخرج عليّ عليه السلام فجلسوا في ظلّ القصر،فقال:«أنا أعلم الناس بالمجوس،كان لهم علم يعلمونه، و كتاب يدرسونه،و إنّ ملكهم سكر،فوقع على ابنته أو أخته،فاطّلع عليه بعض أهل مملكته،فلمّا صحا جاءوا يقيمون عليه الحدّ،فامتنع منهم و دعا أهل مملكته،و قال:
أ تعلمون دينا خيرا من دين أبيكم آدم؟!و قد ذكر أنّه ينكح (3)بنيه بناته،و أنا على دين آدم»قال:«فتابعه قوم و قاتلوا الذين يخالفونه حتّى قتلوهم،فأصبحوا و قد أسري بكتابهم و رفع من بين أظهرهم،و ذهب العلم الذي في صدورهم،فهم أهل كتاب،و قد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبو بكر-و أراه قال:و عمر-منهم الجزية» (4).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن أبي يحيى الواسطيّ،عن بعض أصحابنا،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس أ كان لهم نبيّ؟قال:«نعم، أ ما بلغك كتاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكّة:أسلموا (5)و إلاّ نابذتكم
ص:23
بحرب،فكتبوا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أن خذ منّا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان،فكتب إليهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب،فكتبوا إليه-يريدون بذلك تكذيبه عليه السلام-:زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب ثمّ أخذ الجزية من مجوس هجر،فكتب إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه،و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيّهم بكتابهم باثني عشر ألف جلد ثور» (1).
إذا ثبت هذا:فإنّ الروايات متظاهرة على أنّهم قد كان لهم كتاب،فيكونون أهل كتاب.و به قال الشافعيّ (2).
و قال أبو حنيفة (3)و أحمد:لا كتاب لهم (4).
لنا:ما تقدّم في حديث عليّ عليه السلام (5).
احتجّوا:
بقوله عليه السلام«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (6). (7)
ص:24
و الجواب:يحتمل أن يكون المراد بأهل الكتاب:من له كتاب باق،أو لأنّهم كانوا يعرفون كتابي اليهود و النصارى،دون المجوس.
إذا عرفت هذا:فإنّ ذبائحهم عندنا لا تحلّ،كذبائح اليهود و النصارى؛لأنّ الإسلام عندنا شرط في الذبح.
و أمّا النكاح بنسائهم،ففيه قولان،كما في اليهود،فقال بعضهم:يحلّ نكاحهم، و به قال أبو ثور؛لأنّهم أهل كتاب،فأشبهوا اليهود و النصارى (1).
و قال آخرون:لا يحلّ نكاحهم و ادّعوا الإجماع عليه 2.
قال إبراهيم الحربيّ:خرق أبو ثور الإجماع في ذلك (2)و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.
و قال أحمد:تقبل من جميع الكفّار إلاّ عبدة الأوثان من العرب (1).
و قال مالك:إنّها تقبل من جميعهم إلاّ مشركي قريش؛لأنّهم ارتدّوا (2).
و قال الأوزاعيّ،و سعيد بن عبد العزيز:إنّها تقبل من جميعهم (3).
لنا:قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4)و هو عامّ،خرج منه (5)اليهود و النصارى لمعنى (6)،و المجوس لمشابهتهم فيه،فيبقى الباقي على الأصل.
و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (7)و هو عامّ،خصّ منه أهل الكتاب للآية (8)،و المجوس
ص:26
لقوله عليه السلام:«سنّوا بم سنّة أهل الكتاب» (1).
و لأنّهم أهل كتاب على ما قلناه (2)،فبقي الباقي على العموم.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام-و كان السائل من محبّينا-فقال له أبو جعفر عليه السلام:بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ،و لن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها،آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (3)و سيف منها مكفوف،و سيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا،فأمّا السيوف الثلاثة الشاهرة:
فسيف على مشركي العرب (4)،قال اللّه تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا (5)يعني فإن آمنوا فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ (6)فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام، فأموالهم و ذراريّهم سبي على ما سبى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه سبى و عفا و قبل الفداء.
ص:27
و السيف الثاني:على أهل الذمّة،قال اللّه تعالى: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (1)نزلت في أهل الذمّة،ثمّ نسخها قوله عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ،وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)،فمن كان منهم في دار الإسلام،فلم يقبل منه إلاّ الجزية أو القتل،و ما لهم فيء،و ذراريّهم سبي،فإن قبلوا الجزية،حرم علينا سبيهم و أموالهم و حلّت لنا مناكحتهم،و من كان منهم في دار الحرب،حلّ لنا سبيهم و لم يحلّ لنا نكاحهم،و لا يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل.
و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم،يعني الترك و الخزر و الديلم،قال اللّه تعالى في أوّل السورة التي يذكر فيها: اَلَّذِينَ كَفَرُوا فقصّ قصّتهم[ثمّ] (3)قال: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ[وَ إِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (4)فأمّا قوله: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ يعني بعد] (5)السبي منهم وَ إِمّا فِداءً يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام،فهؤلاء لن يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام،و لا يحلّ لنا نكاحهم ما داموا في الحرب.
و أمّا السيف المكفوف:فسيف أهل البغي و التأويل،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما الآية إلى قوله: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (6)فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل،كما قاتلت على التنزيل،فسئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من
ص:28
هو؟فقال:خاصف النعل،يعني أمير المؤمنين عليه السلام،و قال عمّار بن ياسر:
قاتلت بهذه الراية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و هذه الرابعة،و اللّه لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا (1)السعفات من هجر لعلمنا أنّنا على الحقّ و أنّهم على الباطل،و كانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أهل مكّة يوم فتح مكّة،فإنّه لم يسب لهم ذرّيّة و قال:من أغلق بابه و ألقى سلاحه أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و كذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام[يوم البصرة فيهم] (2):لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا،و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.
و أمّا السيف المغمود:فالسيف الذي يقام به القصاص،قال اللّه تعالى: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (3)الآية فسلّه إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا،فهذه السيوف التي بعث اللّه بها إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله،فمن جحدها أو جحد واحدا منها،أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (4).
و لأنّهم أهل كتاب فلا يساوون غيرهم من الكفّار.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم يقرّون على دينهم بالاسترقاق،فأقرّوا بالجزية،كأهل الكتاب.و أمّا العرب فلا تقبل منهم؛لأنّهم رهط النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فلا يقرّون على غير دينه (5).
ص:29
و احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السريّة و يوصيهم بالدعاء إلى الإسلام أو الجزية،و هو عامّ في كلّ كافر (1).
و الجواب عن الأوّل:بالفرق فإنّ أهل الكتاب لهم حرمة بكتابهم،بخلاف غيرهم من الكفّار،و أمّا العرب فقد بيّنّا أنّهم إن كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا، قبلت منهم الجزية و إلاّ فلا،فحينئذ لا فرق بين العرب و العجم (2)؛لأنّ الجزية تؤخذ بالدين لا بالنسب.
و عن الثالث:باحتمال أن تكون الوصيّة في أهل الذمّة دون غيرهم.
إلاّ الإسلام و إن كان لهم كتاب،
كصحف إبراهيم و صحف آدم و إدريس و زبور داود عليهم السلام،و هو أحد قولي الشافعيّ،و في الآخر:يقرّون بالجزية (3).
لنا:أنّها ليست كتبا منزلة على ما قيل (4)،و إنّما هي وحي يوحى،
كما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أمرني جبرئيل عليه السلام أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية،فجرى مجرى السنن» (5).
ص:30
سلّمنا أنّها منزلة،لكنّها قد اشتملت على مواعظ لا غير،و ليس فيها أحكام مشروعة،فلم يكن لها حرمة الكتب المشروعة.
احتجّ المخالف:بقوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1)و هم أهل كتاب.
و لأنّ المجوس يقرّون و لم يثبت لهم كتاب بل شبهة كتاب،فإقرار هؤلاء على ثبوت الكتاب لهم حقيقة أولى (2).
و الجواب عن الأوّل:أنّ اللام في اَلْكِتابَ هنا للعهد إجماعا،و المراد به حينئذ:التوراة أو (3)الإنجيل.
و عن الثاني:أنّهم ملحقون
بقوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (4).
قال أبو إسحاق من الشافعيّة:لو أسلم منهم اثنان و شهدا بأنّ لهم كتابا يتمسّكون به،ثبت لهم حرمة ذلك (5).و هو بناء على الأصل الفاسد.
قال أحمد بن حنبل:إنّهم جنس من النصارى،و قال أيضا:إنّهم يسبتون (1)، فهم من اليهود (2).
و قال مجاهد:هم من اليهود و النصارى (3).
و قال السّدّيّ:هم من أهل الكتاب.
و كذا السامرة (4)،و متى كانوا كذلك،قبلت منهم الجزية (5).
و قد قيل عنهم:إنّهم يقولون:إنّ الفلك حيّ ناطق،و إنّ الكواكب السبعة السيّارة آلهة (6).و متى كان الحال كذلك،لم يقرّوا على دينهم بالجزية.
و كذلك تؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبيّة (7)
ص:32
و النّسطوريّة (1)و الملكيّة (2)و الفرنج و الروم و الأرمن و غيرهم ممّن يدين بالإنجيل و ينتسب إلى عيسى عليه السلام و العمل بشريعته؛عملا بالعمومات (3).
الجاهليّة إلى النصرانيّة من العرب.و انتقل أيضا من العرب قبيلتان أخريان (1)،و هم تنوخ (2)و بهراء (3)،فصارت القبائل الثلاثة من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية،كما تؤخذ من غيرهم،و به قال عليّ عليه السلام و عمر بن عبد العزيز (4).
و قال أبو حنيفة:لا تؤخذ منهم الجزية،بل تؤخذ منهم الصدقة مضاعفة،فيؤخذ من كلّ خمس من الإبل شاتان،و يؤخذ من كلّ عشرين دينارا دينار،و من كلّ مائتي درهم عشرة دراهم،و من كلّ ما يجب فيه نصف العشر العشر،و ما يجب فيه العشر الخمس (5)و به قال الشافعيّ (6)،و ابن أبي ليلى،و الحسن بن صالح بن حيّ، و أحمد بن حنبل (7).
لنا:أنّهم أهل كتاب،فيدخلون في عموم الأمر بأخذ الجزية من أهل
ص:34
الكتاب (1).
احتجّوا:بأنّ هذه القبائل دعاهم عمر بن الخطّاب إلى إعطاء الجزية،فأبوا و امتنعوا و قالوا:نحن عرب لا نؤدّي الجزية فخذ منّا الصدقة،كما تأخذ من المسلمين،فامتنع عمر من ذلك،فلحق بعضهم بالروم،فقال له النّعمان بن زرعة (2): (3)إنّ القوم لهم بأس و شدّة فلا تعن عدوّك بهم،و خذ منهم الجزية باسم الصدقة،فبعث عمر في طلبهم و ردّهم،و ضعّف عليهم الصدقة،و أخذ منهم من كلّ خمس من الإبل شاتين،و أخذ مكان العشر الخمس،و مكان نصف العشر العشر (4).
و الجواب:يحتمل أنّ عمر فعل ذلك؛لأنّه عرف حصول الأذى للمسلمين، فصالحهم على هذا المقدار على أن لا يؤذوا المسلمين و أن لا ينصّروا أولادهم،مع أنّه كان يأخذ جزية،لا صدقة و زكاة.و أيضا:فإنّ فعل عمر ليس بحجّة.و أيضا:
هذا الفعل مخالف مذهب المستدلّين به؛لأنّه يؤدّي إلى أن يأخذ من الواحد أقلّ من دينار بأن يكون صدقته أقلّ من ذلك.و أيضا يلزم أن يكون بعض أهل الكتاب مقيما في بلاد الإسلام على التأبيد بغير عوض؛إذ من لا زرع له و لا ماشية منهم لا يؤخذ منه (5)شيء حينئذ.
و قد روى الجمهور عن عمر بن عبد العزيز أنّه لم يقبل من نصارى بني تغلب
ص:35
إلاّ الجزية،و قال:لا و اللّه إلاّ الجزية،و إلاّ فقد آذنتكم بالحرب (1).
و روي عن عليّ عليه السلام،أنّه قال:«لئن تفرّغت لبني تغلب،ليكوننّ لي فيهم رأي،لأقتلنّ مقاتلتهم،و لأسبينّ ذراريّهم،فقد نقضوا العهد،و برئت منهم الذمّة حين نصّروا أولادهم» (2).
و به قال الشافعيّ (3).
و قال أبو حنيفة:إنّها صدقة تؤخذ مضاعفة من مال من يؤخذ منه الزكاة لو كان مسلما (4).و به قال أحمد بن حنبل (5).
لنا:ما تقدّم أنّ المأخوذ جزية حقيقة،فلا تؤخذ إلاّ ممّن تؤخذ منه الجزية.
و لأنّ عمر بن الخطّاب قال:هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى و أبوا الاسم.و قال
ص:36
النعمان بن زرعة:خذ منهم الجزية باسم الصدقة (1).
و لأنّهم أهل ذمّة،فكان الواجب عليهم جزية،لا صدقة،كغيرهم من أهل الذمّة.
و لأنّ المأخوذ منهم مال أخذ لحقن دمائهم و مساكنهم،فكان جزية.كما لو أخذ باسم الجزية.
و على هذا البحث يكون المأخوذ منهم مصروفا إلى من تصرف إليه الجزية على ما يأتي.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم سألوا عمر أن يأخذ منهم،كما يأخذ من المسلمين، فأجابهم بعد الامتناع (2).
لأنّ المأخوذ منه عندنا إنّما هو الجزية لا الصدقة.
أمّا من اعتقد أنّ المأخوذ منه صدقة،فقالوا:ليس لهم ذلك؛لأنّ الصلح وقع على هذا،فلا يغيّر (3).
و هو خطأ؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ (4)و هذا قد أعطى.
أمّا الحربيّ من التغلبيّين،فإنّه إذا بذل الجزية،قبلت منه؛
لقوله عليه السلام:
«ادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم» (5).
ص:37
و لأنّه كتابيّ باذل للجزية،فتقبل منه،كغيره.
لأنّ ذلك موكول إلى نظر الإمام.و منع منه بعض الجمهور؛لأنّ عقد الذمّة على التأبيد (1).
و هو ممنوع مع أنّ عمر بن عبد العزيز نقض ما فعله عمر بن الخطّاب (2).
إذا التزم بشرائط الذمّة لا فرق بين بني تغلب و غيرهم عندنا (3).أمّا الذين فرّقوا فقال بعضهم:إنّ حكم من تنصّر من تنوخ،أو تهوّد من كنانة و حمير،أو تمجّس من تميم،حكم بني تغلب (4).و اختاره الشافعيّ؛لأنّهم من العرب،فأشبهوا بني تغلب (5).
لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (6)و هو عامّ.
و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن فأخذ من كلّ حالم دينارا و هم عرب،و أخذ الجزية من نصارى (7)نجران و هم أولاد بني الحارث بن كعب،قال الزهريّ:أوّل من أعطى الجزية أهل نجران و كانوا نصارى،و أخذ الجزية من أكيدر دومة،و هو عربيّ (8).
ص:38
كغيرهم من أهل الذمّة عندنا على ما قلناه (1)،أمّا من أباح أكل ذبائح أهل الذمّة،فقال الشافعيّ:لا يباح أكل ذبائح أهل الذمّة كافّة (2).و نقله الجمهور كافّة عن عليّ عليه السلام (3)،و به قال عطاء،و سعيد بن جبير،و النخعيّ (4).
و قال أبو حنيفة:تحلّ ذبائحهم (5)،و به قال الحسن البصريّ،و الشعبيّ، و الزهريّ،و الحكم،و حمّاد،و إسحاق.و عن أحمد روايتان (6).
لنا:ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام من التحريم،
و قال عليه السلام:
«إنّهم لم يتمسّكوا من دينهم،إلاّ بشرب الخمر» 7.
و من طريق الخاصّة:عن إسماعيل بن جابر قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تأكل ذبائحهم و لا تأكل في آنيتهم» 8يعني أهل الكتاب.
ص:39
و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح نصارى العرب هل تؤكل؟فقال:«كان عليّ عليه السلام ينهى عن أكل ذبائحهم و صيدهم» و قال:«لا يذبح لك يهوديّ و لا نصرانيّ أضحيّتك» (1).
و عن محمّد بن مسلم،عن الباقر عليه السلام:«و لا تأكل ذبيحة نصارى العرب» (2).
احتجّوا:بقوله تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (3). (4)
و الجواب:أنّه ليس بعامّ.و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه.
عنهم؛
لأنّ معهم كتابا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإسقاطها عنهم (5)،لا يلتفت إليهم في ذلك؛عملا بالعموم،و لم ينقل ذلك أحد من المسلمين،فلا تعويل على قولهم.
قال أبو العبّاس بن سريج:ذكر أنّهم طولبوا بذلك،فأخرجوا كتابا ذكروا أنّه بخطّ عليّ عليه السلام كتبه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و كان فيه شهادة سعد بن معاذ و معاوية،و تاريخه بعد موت سعد و قبل إسلام معاوية،فاستدلّ بذلك على بطلانه (6).
ص:40
و المجوس
إذا التزموا بشرائط الذمّة الآتية (1).فإذا غزا الإمام قوما فادّعوا أنّهم أهل كتاب،سألهم،فإن قالوا:دخلنا أو دخل آباؤنا قبل نزول القرآن-في دينهم-أخذ منهم الجزية،و شرط عليهم نبذ العهد،و المقاتلة لهم إن بان كذبهم،و لا يكلّفون البيّنة على ذلك،و يقرّون بأخذ الجزية،فإن بان كذبهم،انتقض العهد،و وجب قتالهم.
و يظهر كذبهم:بأن يعترفوا بأجمعهم أنّهم عبّاد وثن.و لو اعترف بعضهم بذلك و أنكر الآخرون،انتقض عهد المعترف خاصّة دون غيره.و لو شهدوا على الآخرين بذلك،لم تقبل شهادتهم؛لأنّ الكافر مردود القول.
و لو أسلم منهم اثنان و عدّلوا ثمّ شهدوا (2)أنّهم ليسوا من أهل الذمّة،انتقض العهد و قوتلوا.
لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن،و له ابنان صغير و كبير،فأقاما على عبادة الأوثان،ثمّ جاء الإسلام و نسخ كتابهم،فإنّ الصغير إذا بلغ و قال:إنّي على دين أبي و أبذل الجزية،أقرّ عليه و أخذ منه الجزية؛لأنّه تبع أباه في الدين؛لصغره.و أمّا الكبير،فإن أراد أن يقيم على دين أبيه و يبذل الجزية،لم يقبل منه؛لأنّ له حكم نفسه،و لا يصحّ دخوله في الدين بعد نسخه.
و لو دخل أبوهما في دين أهل الكتاب ثمّ مات،ثمّ جاء الإسلام و بلغ الصبيّ و اختار دين أبيه ببذل الجزية،أقرّ عليه؛لأنّه تبعه في الدين،فلا يسقط بموته.و أمّا الكبير فلا يقرّ بحال؛لأنّ حكمه منفرد.
ص:41
أشهرهما أنّها لا تسقط،اختاره الشيخ-رحمه اللّه-بل ينظر بها إلى وقت يساره،و يؤخذ منه حينئذ ما قرّر عليه في كلّ عام حال فقره (1).و به قال المزنيّ (2)و هو أحد قولي الشافعيّ (3).
و قال المفيد (4)و ابن الجنيد:لا جزية عليه (5).و هو القول الآخر للشافعيّ (6)، و به قال أحمد (7).
لنا:عموم قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (8)يعني حتّى يلتزموا بالإعطاء، و هو عامّ.
و لأنّه كافر مكلّف،فلا يعقد له الذمّة بغير عوض،كالغنيّ.
ص:42
و لقوله عليه السلام لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا» (1)و هو عامّ.
و لأنّ عليّا عليه السلام وظّف على الفقير دينارا (2).
احتجّ المخالف:بأنّ الجزية حقّ تجب بحؤول (3)الحول،فلا تجب على الفقير، كالزكاة و العقل (4). (5)
و الجواب:الفرق ثابت،فإنّ الزكاة و العقل إنّما وجبا على طريق المساواة، و الجزية وجبت لحقن الدم و المساكنة،و لا فرق بين الغنيّ و الفقير في ذلك.
إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام يعقد لهم الذمّة على الجزية و تكون في ذمّته،فإذا أيسر،طولب بها.
و قال بعض الشافعيّة:لا يقرّ إلاّ بإعطائها،فإن تمحّل (6)و حصّل الجزية في آخر الحول،و إلاّ ردّه إلى دار الحرب (7).و ليس بمعتمد.
-و هو قول عامّة أهل العلم،لا نعرف فيه خلافا-
لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا أو عدله
ص:43
معافريّ» (1)و هو يدلّ بمفهومه على سقوط الجزية عن غير البالغ.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألته:أخبرني عن النساء كيف سقطت الجزية عنهنّ و رفعت عنهنّ؟ فقال:
«لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب إلاّ أن يقاتلن، و إن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك و لم تخف خللا، فلمّا نهى عن قتلهنّ في دار الحرب،كان ذلك في دار الإسلام أولى،و لو امتنعت أن تؤدّي الجزية،لم يمكنك قتلها،فلمّا لم يمكن قتلها،رفعت الجزية عنها-و لو امتنع الرجال و أبوا أن يؤدّوا الجزية،كانوا ناقضين للعهد و حلّت دماؤهم و قتلهم؛لأنّ قتل الرجال مباح في دار الشرك-و كذلك المقعد من أهل الذمّة و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان في أرض (2)الحرب،من أجل ذلك رفعت عنهم الجزية» (3)و لأنّ الجزية إنّما تؤخذ لحقن الدماء المباحة،و الصبيّ محقون الدم،فلا جزية عليه.
من أهل الذمّة-طولب بالإسلام أو بذل الجزية،
فإن امتنع منهما،صار حربيّا،فإن
ص:44
اختار الجزية،عقد معه الإمام على حسب ما يقتضيه نظره،و لا اعتبار بجزية أبيه، فإذا حال الحول عليه من وقت العقد أخذ منه ما شرط عليه.
فإن امتنع،صار حربيّا؛لما بيّنّا أنّ الجزية إنّما تؤخذ من أهل الكتاب (1).
لم يزل الحجر عنه،و يكون ماله في يد وليّه.و لو أراد عقد الأمان بالجزية أو المصير إلى دار الحرب،كان له ذلك،و ليس لوليّه منعه عنه؛لأنّ الحجر لا يتعلّق بحقن دمه و إباحته،بل بماله،كما لو أسلم أو ارتدّ.أمّا لو أراد أن يعقد أمانا ببذل جزية كثيرة،فالوجه عندي:أنّ لوليّه منعه عن ذلك؛لأنّ حقن دمه يمكن بالأقلّ.
عن أنفسهم،
فإن كانوا يدفعون الزائد من أموالهم،جاز ذلك،و يكون ذلك زيادة في جزيتهم،و إن كان من أموال أولادهم،لم يجز؛لأنّه تضييع لأموالهم فيما ليس بواجب عليهم.
و لا يقرّ في دار الإسلام بغير عوض؛لعموم الآية (2)،فإن اتّفق هو و وليّه على بذل الجزية و عقداها،جاز،و إن اختلفا،قدّم قوله؛لما قلناه.
و إن لم يعقد أمانا،نبذناه إلى دار الحرب،و صار حربا (3).
أمان،
فإذا بلغ أولاده،لم يدخلوا في ذمّة أبيهم و جزيته إلاّ بعقد مستأنف.و به قال
ص:45
الشافعيّ (1).
و قال أحمد:يدخلون فيه بغير عقد متجدّد (2).
لنا:أنّ الأب عقد الذمّة لنفسه،و إنّما دخل أولاده الصغار بمعنى الصغر،فإذا بلغوا،زال المقتضي للدخول.
احتجّوا:بأنّه عقد دخل فيه الصغير،فإذا بلغ،لزمه،كالإسلام (3).
و الجواب:الفرق بينهما،فإنّ الإسلام لعلوّه على غيره من الأديان ألزم به، بخلاف الكفر.
إذا ثبت هذا:فإنّه يعقد له الأمان من حين البلوغ،و لا اعتبار بجزية أبيه-على ما قلناه- (4)فإن كان أوّل حول أقاربه،استوفي ما ضرب عليه في آخر الحول معهم،و إن كان في أثناء الحول،عقد له الذمّة،فإذا جاء أصحابه و جاء الساعي فإن أعطى بقدر ما مضى من حوله،أخذ منه،و إن امتنع حتّى يحول عليه الحول،لم يلزم بالأخذ.
فإن كان الأب،لحق به،و لم تقبل منه الجزية بعد البلوغ،بل يقهر على الإسلام،فإن امتنع،ردّ إلى مأمنه في دار الحرب و صار حربا؛لأنّ دينه دين أبيه.و إن كانت الأمّ،لحق بالأب،و أقرّ (5)في دار الإسلام بأخذ الجزية.
ص:46
لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق...» (1).
و لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه و لا من المغلوب على عقله» (2).
و لأنّه محقون الدم،فإنّه لا اعتقاد له،فلا مقتضي لوجوب الجزية في حقّه.
لو كان جنونه غير مطبق،لم يخل من أحوال ثلاثة:
أحدها:أن يكون جنونه غير مضبوط،مثل أن يفيق ساعة من أيّام أو من يوم، فهذا يعتبر حاله بالأغلب؛لأنّ ضبط أوقات إفاقته غير ممكن.
الثاني:أن يكون مضبوطا،مثل أن يجنّ يوما و يفيق يومين أو أقلّ من ذلك أو أكثر،إلاّ أنّه مضبوط،ففيه احتمالان:
أحدهما:أن يعتبر بالأغلب،كالأوّل-و هذا اختيار أبي حنيفة- (3)لأنّ الاعتبار في الأصول بالأغلب.
الثاني:تلفّق أيّام إفاقته؛لأنّه لو كان مفيقا في الكلّ،وجبت الجزية،فإذا وجدت الإفاقة في بعض الحول،وجب فيما يجب به لو انفرد،و على هذا الاحتمال
ص:47
يحتمل أن تلفّق أيّامه،فإن أكملن حولا،أخذت منه؛لأنّ أخذها قبل ذلك أخذ لجزيته قبل كمال الحول،فلم يجز،كالصحيح.و الثاني:يؤخذ منه في آخر كلّ حول بقدر ما أفاق منه و كذا الاحتمالان لو كان يجنّ ثلث الحول و يفيق ثلثيه أو بالعكس.
أمّا لو استوت إفاقته و جنونه،مثل من يجنّ يوما و يفيق يوما،أو يجنّ نصف الحول و يفيق نصفه،فإنّ إفاقته تلفّق؛لتعذّر اعتبار الأغلب هنا لعدمه،فيتعيّن الاعتبار الآخر.
الثالث:أن يجنّ نصف الحول،ثمّ يفيق إفاقة مستمرّة،أو يفيق نصفه ثمّ يجنّ جنونا مستمرّا،فعليه في الأوّل من الجزية بقدر ما أفاق من الحول إذا استمرّت الإفاقة بعد الحول.و في الثاني لا جزية عليه؛لأنّه لم يتمّ الحول مفيقا.
و هو مذهب عامّة العلماء.
روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لمعاذ:«خذ من كلّ حالم دينارا» (1)و هو تخصيص للذكور،فيبقى الباقي على أصالة براءة الذمّة.
و كتب عمر بن الخطّاب إلى أمراء الأجناد:أن اضربوا الجزية،و لا تضربوها على النساء و الصبيان،و لا تضربوها إلاّ على من جرت عليه الموسى (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في تعليل سقوط الجزية عن النساء،فقال:«لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص:48
و آله نهى عن قتل النساء و الولدان» (1).
و لأنّ الجزية تؤخذ لحقن الدماء،و النساء محقونون (2)،فلا جزية عليهنّ، و لا نعرف فيه خلافا.
فإن ذكرت أنّها تعلم ذلك و طلبت دفعه إلينا،جاز أخذه و تكون هبة لا جزية،و تلزم على شروط الهبة.و لو شرطت ذلك على نفسها،لم تلزمها،و جاز لها الرجوع فيه فيما لها أن ترجع في الهبة.و لا ينتقض ذلك بما لو التزم الرجل بأكثر ممّا قدّره الإمام عليه من الجزية؛لأنّ المرأة لا تجب عليها الجزية،فما تدفعه ليس بجزية،فلا يلزمها بالالتزام.أمّا الرجل فالذي يدفعه إنّما هو جزية،و لا حدّ لها في الكثرة،فإذا التزم بأكثر ممّا قدّر عليه،لزمه.
دار الإسلام،
مكّنت من ذلك و عقد لها الذمّة بشرط التزام أحكام الإسلام،و لا يؤخذ منها شيء إلاّ أن تتبرّع به بعد معرفتها أنّه لا شيء عليها.و إن أخذ منها شيء على غير ذلك،ردّ عليها؛لأنّها بذلته معتقدة أنّه عليها و أنّه لا تحقن إلاّ به،فأشبه من أدّى مالا إلى من يعتقد أنّه له،فتبيّن أنّه ليس له.
الجزية و بذلوا أن يصالحوا على أنّ الجزية على النساء و الولدان،
لم يجز ذلك؛لأنّ النساء و الصبيان مال و المال لا تؤخذ منه الجزية،و لا يجوز أخذ الجزية ممّن
ص:49
لا تجب عليه و يترك من تجب عليه،فإن صالحهم على ذلك،بطل الصلح،و لا يلزم النساء شيء.و لو طلب النساء ذلك و دعوا (1)أن تؤخذ منهنّ الجزية،و يكون الرجال في أمان،لم يصحّ.
و لو قتل الرجال أو لم يكن في الحصن سوى النساء،فطلبوا عقد الذمّة بالجزية،فالوجه عندي:عدم جواز ذلك،و يتوصّل إلى فتح الحصن و يسبين؛لأنّهنّ أموال للمسلمين.
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يلزمه عقد الذمّة لهنّ على أن تجرى عليهنّ أحكام الإسلام و لا يأخذ منهنّ شيئا،فإن أخذ منهنّ شيئا،ردّه عليهنّ (2).
لم يكن عليها أن تؤدّي شيئا إلاّ أن تختار هي؛لأنّ الاختيار في ذلك المكان مباح لها،و كذا الإقامة فيه على التأبيد بغير عوض،بخلاف الرجل.و لو طلبت دخول الحجاز على أن تؤدّي شيئا،جاز ذلك؛لأنّه ليس لها دخول الحجاز على ما يأتي البحث فيه.
و في رواية حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام:أنّها تسقط عن«المقعد[من أهل الذمّة] (3)و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان» (4).و قد سلفت (5).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و كذلك إذا وقعوا في الأسر،جاز للإمام قتلهم (6).
أمّا الأعمى،فالوجه:مساواته لهما.
و هو أحد قولي الشافعيّ.و في الآخر:لا جزية عليهم (7).
لنا:عموم الأمر بأخذ الجزية (8)و قد فرض عمر بن عبد العزيز على رهبان الديارات الجزية على كلّ راهب دينارين (9).و لأنّه كافر صحيح قادر على أداء الجزية،فوجب أخذها منه كالشمّاس (10).
احتجّوا:بأنّهم محقونون بدون الجزية،فلا تجب عليهم،كالنساء.و لأنّه
ص:51
لا كسب لهم،فأشبهوا الفقراء (1).
و الجواب عن الأوّل:بمنع المقدّمة الأولى.
و عن الثاني:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل.
فالمشهور:عدم وجوبها عليه،ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه- (2)و هو قول الجمهور كافّة.
و قال آخرون:لا تسقط عنهم الجزية (3).
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:
«لا جزية على العبد» (4).
و لأنّ العبد مال،فلا تؤخذ منه الجزية،كغيره من الحيوان (5).
احتجّ الآخرون:
بما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام أنّه قال:«لا تشتروا رقيق أهل الذمّة و لا ممّا في أيديهم؛لأنّهم أهل خراج يبيع بعضهم بعضا و لا يقرّنّ أحدكم بالصّغار بعد إذ أنقذه اللّه منه» (6)و معناه:أنّه نهى عن شراء رقيق أهل الذمّة؛ لأنّه إن لم يؤدّ عنهم،سقط بعض الجزية بغير سبب،و إن أدّى عنهم،لحقه الصّغار.
ص:52
و من طريق الخاصّة:ما رواه أبو الدرداء (1)،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، أنّه قال:سألته عن مملوك نصرانيّ لرجل مسلم عليه جزية؟قال:«نعم»قلت:
فيؤدّي عنه مولاه المسلم الجزية؟قال:«نعم،إنّما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه» (2).
قال ابن الجنيد:و في كتاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمعاذ و عمرو بن حزم:
أخذ الجزية من العبد (3).
و لأنّه مشرك،فلا يجوز أن يستوطن دار الإسلام بغير عوض،كالحرّ.
و لأنّ سيّده لو كان مشركا لم يمكّن من الإقامة إلاّ بعقد الذمّة،فالعبد أولى.
و لأنّه من أهل الجهاد،فلا تسقط عنه الجزية؛لأنّها عوض حقن الدم و هو مباح الدم.
ص:53
إن قلنا بوجوب الجزية عليه، و يؤدّيها مولاه عنه.
و بعض الجمهور فرّق بينهما؛لأنّ عبد المسلم إنّما تؤخذ الجزية من مولاه، فيؤدّي إلى أخذ الجزية من المسلم (1).
و هو ضعيف؛لأنّه يؤدّيها عن حقن دم العبد.و قد علّل (2)الباقر عليه السلام ذلك و نصّ على أخذها من مولاه (3).
وجب أخذ الجزية عنه،فيؤدّي هو قدر نصيبه من الحرّيّة،و يؤدّي مولاه قدر الرقّيّة إن قلنا بوجوب الجزية على المملوك، و إلاّ وجب عليه بقدر الحرّيّة لا غير؛لأنّه حكم يتجزّأ يختلف بالحرّيّة و الرقّ، فيقسّم على قدرهما،كالإرث.
أهل الكتاب،
فإن كان حربيّا،لم يقرّ بالجزية،بل يقهر على الإسلام أو يردّ إلى دار الحرب،قاله الشافعيّ (4).
و قال ابن الجنيد منّا:لا يمكّن من (5)اللحوق بدار الحرب،بل يسلم أو يحبس؛ لأنّ في لحوقه بدار الحرب معونة لهم على المسلمين و دلالة على عوراتهم (6).
ص:54
و إن كان من أهل الكتاب لم يقرّ في دار الإسلام إلاّ ببذل الجزية أو يسلم،فإن لم يفعل،ردّ إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعيّ (1)،و حبس عند ابن الجنيد (2).
و بالجملة:تلزمه الجزية بعد العتق لما يستقبل.و هو مذهب عامّة العلماء إلاّ ما روي عن أحمد بن حنبل أنّه قال:يقرّ بغير جزية،سواء كان المعتق له مسلما أو كافرا (3).
و ما روي عن مالك أنّه لا جزية عليه إن كان المعتق مسلما (4).
و الصحيح:الأوّل؛لما بيّنّا أن الجزية تؤخذ منه لو كان رقّا (5)،فأخذها منه إذا كان حرّا أولى.و لعموم الأمر بأخذ الجزية (6).
و لأنّه حرّ مكلّف موسر من أهل القتل،فلا يقرّ في دار الإسلام بغير عوض، كالحرّ الأصليّ.
احتجّ المخالف:بأنّ الولاء شعبة من الرقّ و هو ثابت عليه (7).و هو غلط؛لما تقدّم (8).
ص:55
في مقدار الجزية
لا؟على أقوال ثلاثة:
أحدها:أنّ فيها مقدّرا،و هو ما قدّره عليّ عليه السلام:على الفقير اثنا عشر درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرون،و على الغنيّ ثمانية و أربعون في كلّ سنة (1).و بهذا قال أبو حنيفة (2)،و أحمد في إحدى الروايات (3).
الثاني:أنّها مقدّرة في طرف القلّة دون الكثرة،فلا يؤخذ من كلّ كتابيّ أقلّ من دينار واحد،و لا مقدّر في طرف الزيادة،بل ذلك موكول إلى نظر الإمام،و هو مذهب ابن الجنيد منّا (4)،و أحمد في إحدى الروايات (5).
ص:56
الثالث:أنّها غير مقدّرة،لا في طرف القلّة،و لا في طرف الكثرة،بل هي منوطة بما يراه الإمام من المصلحة،و هو الحقّ عندي،و إليه ذهب الشيخان (1)،و ابن إدريس (2)،و أكثر علمائنا (3)،و هو قول الثوريّ (4)،و أحمد في الرواية الثالثة (5).
و قال الشافعيّ:إنّها مقدّرة بدينار في حقّ الغنيّ و الفقير لا يجوز النقصان منه و تجوز الزيادة عليه إن بذلها الذمّيّ (6).
و قال مالك:هي مقدّرة في حقّ الغنيّ بأربعين درهما،و في حقّ المتوسّط بعشرين درهما،و في حقّ الفقير بعشرة دراهم (7).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمر معاذا أن يأخذ من
ص:57
كلّ حالم دينارا (1).و صالح أهل نجران على ألفي حلّة،النصف في صفر،و النصف في رجب (2).
و وضع عليّ عليه السلام:على الغنيّ ثمانية و أربعين درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرين،و على الفقير اثني عشر (3)،و كذلك فعل عمر بن الخطّاب (4)، و صالح عمر بني تغلب على مثلي ما على المسلمين من الصدقة (5).و هذا يدلّ على عدم التقدير فيه و أنّها موكولة إلى نظر الإمام و إلاّ لما اختلفت المقادير.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-و ابن بابويه-في الصحيح- عن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما حدّ الجزية على أهل الكتاب؟ و هل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوز (6)إلى غيره؟فقال:«ذلك إلى
ص:58
الإمام يأخذ من كلّ إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق (1)إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا،فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتّى يسلموا فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)و كيف يكون صاغرا و لا يكترث (3)لما يؤخذ منه حتّى يجد ذلاّ لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم (4).
و لأنّها عوض،فلا يتقدّر بقدر،كالأجرة.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ عليّا عليه السلام وضعها كذلك و عمر أيضا،و لم ينازعهما أحد من الصحابة،فكان إجماعا (5).
احتجّ ابن الجنيد:بأنّ عليّا عليه السلام زاد على ما قرّره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينقص منه،فدلّ على أنّ الزيادة موكولة إلى نظر الإمام عليه السلام دون النقصان.و لأنّ (6)النقصان لو كان جائزا،لأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا به (7).
و احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر معاذا أن يأخذ من كلّ حالم
ص:59
دينارا (1)و لم يفصّل بين الغنيّ و الفقير (2).
و الجواب عن الأوّل:بأنّ ذلك لرأي رآه عليّ عليه السلام و مصلحة اقتضت ما فعله،لا أنّه مقدّر لا يجوز الزيادة عليه و لا النقصان عنه.
و عن الثاني:بذلك أيضا.
و عن الثالث:بجواز أن يكون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علم من أحوال من بعث معاذا إليهم الطاقة لذلك،فأمره به،و هو الجواب عن الرابع.
احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (1). (2)
و الجواب:المراد بها:التزام إعطائها،لا نفس الأخذ و الإعطاء حقيقة،و لهذا يحرم قتالهم بمجرّد بذل الجزية قبل أخذها إجماعا.
تمكّنهم،
و لا يلزمهم الإمام بمعيّن من ذهب أو فضّة-و به قال الشافعيّ- (3)لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله معافريّ (4).
و أخذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من نصارى نجران ألفي حلّة (5).
و روي عن عليّ عليه السلام أنّه كان يأخذ الجزية من كلّ ذي صنعة من متاعه، فكان يأخذ من صاحب الإبر إبرا،و من صاحب المسالّ مسالاّ (6)،و من صاحب الحبال حبالا،ثمّ يدعو الناس فيعطيهم الذهب و الفضّة،فيقسّمونه (7)،ثمّ يقول:
«خذوا فاقتسموا»فيقولون:لا حاجة لنا فيه،فيقول:«أخذتم خياره و تركتم شراره
ص:61
لتحملنّه» (1).
إذا ثبت هذا:فإن بذلوا الجزية و التزموا بشرائط الذمّة،حرم قتالهم؛لقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2)فجعل عطاء الجزية غاية لقتالهم،فإذا بذلوها،حرم قتالهم.
و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ادعهم إلى الإسلام...فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك،فاقبل منهم و كفّ عنهم» (3)و لا نعلم في ذلك خلافا.
احتجّ:بأنّها عقوبة،فتتداخل،كالحدود (1).
و الجواب:الفرق بما تقدّم (2).
و إن شاء على أرضيهم (3).
و هل يجوز له أن يجمع بينهما فيأخذ منهم عن رءوسهم شيئا و عن أرضيهم 4شيئا؟قال الشيخان (4)و ابن إدريس:لا يجوز ذلك،بل له أن يأخذ من أيّهما شاء (5).
و قال أبو الصلاح:يجوز الجمع بينهما (6).و هو الأقوى عندي.
لنا:أنّ الجزية غير مقدّرة في طرفي الزيادة و النقصان-على ما تقدّم- (7)بل هي موكولة إلى نظر الإمام،فجاز له أن يأخذ من أرضيهم (8)و رءوسهم،كما يجوز له أن يضعف الجزية التي على رءوسهم في الحول الثاني،و لأنّ ذلك أنسب بالصّغار.
احتجّ الشيخان:بما رواه محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:أ رأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية و يأخذون من الدهاقين جزية رءوسهم،أما عليهم في ذلك شيء موظّف؟فقال:«كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم،و ليس للإمام أكثر من الجزية،إن شاء الإمام وضع ذلك على رءوسهم،
ص:63
و ليس على أموالهم شيء،و إن شاء فعلى أموالهم،و ليس على رءوسهم شيء» فقلت:هذا الخمس فقال:«إنّما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).
و عن محمّد بن مسلم،قال:سألته عن أهل الذمّة ما ذا عليهم ممّا (2)يحقنون به دماءهم و أموالهم؟قال:«الخراج،فإن أخذ من رءوسهم الجزية،فلا سبيل على أراضيهم،و إن أخذ من أراضيهم،فلا سبيل على رءوسهم» (3).
و الجواب:نحن نقول بموجب الحديثين و نحملهما على ما إذا صالحهم على قدر معيّن،فإن شاء أخذه من رءوسهم،و لا شيء له حينئذ على أرضيهم (4)و بالعكس و ليس فيهما دلالة على المنع من المصالحة على أن يأخذ من رءوسهم و أرضيهم 5ابتداءً.
و شرط على نصارى نجران إقراء رسله عشرين ليلة فما دونها،و عارية ثلاثين فرسا،و ثلاثين بعيرا،و ثلاثين درعا مضمونة إذا كان حدث باليمن (1).
و شرط عمر بن الخطّاب على أهل الذمّة ضيافة يوم و ليلة،و أن يصلحوا القناطر،فإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته (2)و شرط على بعض أهل الجزية أرزاق المسلمين مدّين و ثلاثة أقساط (3)زيت لكلّ إنسان على أهل الذمّة،يعني الشام،و على أهل مصر لكلّ إنسان اردبّ (4)و شيئا من ودك (5)و عسل، و على أهل العراق-يعني السواد-خمسة عشر صاعا لكلّ إنسان (6).
و لأنّ الحاجة تدعو إليه؛لأنّهم ربّما امتنعوا من مبايعة المسلمين معاندة لهم و إضرارا بهم،فإذا شرطت (7)الضيافة عليهم،أمن ذلك.
و قال بعض الجمهور:تجب بغير شرط (1).
لنا:أنّ الأصل عدم الوجوب.و لأنّ أصل الجزية لا تثبت إلاّ بالتراضي، فالضيافة أولى.
و هو أحد قولي الشافعيّ (2).
و في القول الثاني:إنّها تحتسب من الدينار الذي هو (3)قدر الجزية عنده (4).
لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط على نصارى أيلة الضيافة زائدة على الدينار (5)،و الدينار عنده مقدار الجزية لا تجوز الزيادة عليه و لا النقصان منه (6).
و لأنّه لو شرط عليه الضيافة من الجزية حتّى[إذا] (7)لم يمرّ به أحد من المسلمين،خرج بغير جزية،و هو باطل.
بأن يكون عدد من يطعمونه من المسلمين في كلّ سنة معلوما.و تكون أكثر الضيافة لكلّ أحد ثلاثة
ص:66
أيّام؛
لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الضيافة ثلاثا و ما زاد صدقة» (1).
و الأقرب عندي:جواز الزيادة على ذلك مع الشرط و التراضي،فيقال لهم:
تضيفون في كلّ سنة خمسين يوما أو أقلّ أو أكثر،في كلّ يوم عشرة (2)من المسلمين أو أكثر،و يعيّن (3)القوت قدرا و جنسا،فيقول:لكلّ رجل كذا و كذا رطلا من خبز.و يعيّن (4)الأدم من لحم و سمن و زيت و شيرج (5)،و يكون قدره معلوما.و يعيّن (6)علف الدوابّ من الشعير و التبن و القتّ (7)لكلّ دابّة شيء معلوم،فإن شرط الشعير،قدّره بمقدار معيّن،و إن لم يشترط الشعير بل شرط العلف،فالوجه:أنّه لا يدخل فيه الشعير بل التبن و الحشيش.
و لا يكلّفوا الذبيحة و لا ضيافتهم بأرفع من طعامهم إلاّ مع الشرط.
فيكثرها على الغنيّ،و يقلّلها على الفقير،و يوسّطها على المتوسّط،و لو تساووا،ساوى بينهم في الضيافة؛لأنّ ذلك أرفق لهم.
و كنائسهم،
و يؤمرون بأن يوسّعوا أبواب البيع و الكنائس،و أن يعلوها لمن يجتاز
ص:67
بهم (1)من المسلمين فيدخلونها (2)ركبانا،فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء،نزلوا في بيوت الفقراء و لا ضيافة عليهم.و إن لم تسعهم،لم يكن لهم إخراج أرباب المنازل منها.و لو كثروا،فمن سبق إلى منزل،كان أحقّ به.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو قلنا باستعمال القرعة،كان أحوط،و لو جاءوا مجتمعين،استعملوا القرعة (3).
فإن وفوا بها،فلا بحث،و إن امتنع بعضهم، أجبر عليه،و لو امتنع الجميع،قهروا عليه،فإن لم يمكن (4)إلاّ بالمقاتلة،قوتلوا،فإن قاتلوا،نقضوا العهد و خرقوا الذمّة،فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقلّ ما يراه الإمام أن يكون جزية لهم،لزمه إجابتهم،و لا يتعيّن ذلك بدينار و أقلّ و أكثر عندنا.
لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (1)جعل إباحة الدم ممتدّا إلى إعطاء الجزية،و ما بعد الغاية يخالف ما قبلها.
و قوله عليه السلام:«فادعهم إلى الجزية،فإن أطاعوك فاقبل منهم و كفّ عنهم» (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية أ يؤخذ من أموالهم و مواشيهم شيء سوى الجزية؟قال:«لا» (3).
احتجّوا:
بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ليس على المسلمين عشور،إنّما العشور على اليهود و النصارى» (4).
و لأنّ عمر بن الخطّاب بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على أهل الذمّة في أموالهم التي يختلفون فيها في كلّ عشرين درهما درهما (5). (6)
و الجواب عن الأوّل:بجواز إطلاق لفظ العشور على الجزية،أو يكون محمولا على المتّجرين بأرض الحجاز على ما يأتي.
و عن الثاني:باحتمال أن يكون ذلك قدر جزيتهم.على أنّه ليس حجّة.
ص:69
فقال ابن الجنيد:الصّغار عندي هو أن يكون مشروطا عليهم وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين و بينهم،أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم،و أن تؤخذ منهم و هم قيام على الأرض (1).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:الصّغار هو التزام أحكامنا و جريانها عليهم (2).
و قال الشافعيّ:هو أن يطأطئ رأسه عند التسليم،فيأخذ المستوفي بلحيته و يضرب في لهازمه (3). (4)
إذا عرفت هذا:فينبغي أن لا يشتطّ (5)عليهم في أخذها و لا يعذّبون إذا أعسروا عن أدائها،
فإنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام استعمل رجلا على عكبرى (6)،فقال له على رءوس الناس:«لا تدعنّ لهم درهما من الخراج»و شدّد عليه القول،ثمّ قال:«القني عند انتصاف النهار»فأتاه،فقال:«إنّي كنت أمرتك بأمر و إنّي أتقدّم إليك الآن،فإن عصيتني نزعتك،لا تبيعنّ لهم في خراجهم حمارا و لا بقرة،و لا كسوة شتاء و لا صيف،و ارفق بهم» (7).
ص:70
و قدم سعيد بن عامر بن حذيم (1)،فعلاه عمر بالدرّة،فقال[سعيد] (2):سبق سيلك مطرك،إن تعاقب نصبر،و إن تعف نشكر،و إن تستعتب نعتب،فقال عمر:ما على المسلمين (3)إلاّ هذا،ما لك تبطئ بالخراج؟فقال:أمرتنا أن لا نزيد الفلاّحين على أربعة دنانير،فلسنا نزيدهم على ذلك،و لكنّا نؤخّرهم إلى غلاّتهم.قال عمر:
لا أعزلنّك ما حييت (4).
و قال أبو حنيفة:تسقط (1).و هو قول عمر بن عبد العزيز (2).و عن أحمد روايتان (3).
لنا:أنّه مال استقرّ وجوبه عليه في حال حياته،فلا يسقط بالموت،كسائر الديون.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّها عقوبة،فسقطت بالموت،كالحدود (4).
و الجواب:لا نسلّم أنّها عقوبة و إن استلزمت العقوبة،و إنّما هي معاوضة؛لأنّها وجبت لحقن الدماء و المساكنة،و الحدّ يسقط بالموت؛لفوات محلّه و تعذّر استيفائه،بخلاف الجزية.
ففي مطالبة بالقسط نظر،أقربه:المطالبة-و به قال ابن الجنيد-لأنّ الجزية معاوضة عن المساكنة و حقن الدم،و إنّما أخّرنا المطالبة إرفاقا،و لو لم يمت،لم يطالب في أثناء السنة مع عقد العهد على أخذها في آخر السنة؛لأنّ الالتزام بالشرط واجب.
و يؤخذ من تركته الجزية و دين الآدميّ بالتقسيط.
ص:72
و لو لم يخلّف شيئا،لم يطالب ورثته (1)بشيء.
و لو مات قبل الحول،لم يؤخذ من تركته شيء أيضا.
لأنّها وجبت في ذمّته،كسائر الديون.
و الثاني:لا تسقط اختاره الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف (3).و به قال الشافعيّ (4)،و أبو ثور،و ابن المنذر (5).
لنا:قوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (6)أوجب إعطاء الجزية حالة (7)الصّغار،و هو لا يثبت في حقّ المسلم،فلا تثبت الجزية في حقّه أيضا.
و لقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (8)و هو عامّ.
و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ليس على المسلم جزية» (9).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا ينبغي للمسلم أن يؤدّي الخراج» (10)يعني الجزية.
ص:74
و روي أنّ ذمّيّا أسلم،فطولب بالجزية،و قيل:إنّما أسلمت تعوّذا،قال:إنّ في الإسلام معاذا،فرفع إلى عمر،فقال عمر:إنّ في الإسلام معاذا،و كتب أن لا تؤخذ منه الجزية (1).
و لأنّ الجزية صغار،فلا تؤخذ منه،كما أسلم قبل الحول.
و لأنّ الجزية عقوبة تجب بسبب الكفر فيسقطها الإسلام،كالقتل.
احتجّ الشافعيّ:بأنّها دين استحقّه صاحبه،و استحقّ المطالبة به في حال كفره، فلا تسقط بالإسلام،كالخراج و غيره من الديون (2).
و الجواب:الفرق،فإنّها عقوبة بسبب الكفر و صغار،بخلاف الدّين.
و فرّق الشيخ في التهذيب،فأوجب الجزية على التقدير الأوّل دون الثاني،قال:
كما لو زنى الذمّيّ بالمسلمة،فإنّ القتل لا يسقط عنه بإسلامه؛لأنّ الغالب على الظنّ أنّه إنّما أسلم ليسقط عن نفسه القتل،فكذا الجزية إذا أسلم ليدفعها عن نفسه،لم يقبل[منه] (3)،و إذا أسلم لغير ذلك،كان إسلامه مقبولا (4).
و الأقرب:الأوّل،و الفرق ثابت بين الزنا و الجزية.
ص:75
سقطت عنه الجزية.و للشافعيّ قولان:
أحدهما هذا،و الثاني:يؤخذ منه القسط (1).
لنا:ما تقدّم (2)من سقوطها بعد الحول،فالسقوط في الأثناء أولى.
ردّ عليه قسط باقي الحول.
و هل يردّ لما مضى؟الأقرب:عدمه.
و الفرق بين أن يأخذ منه و أن لا يأخذ منه (3)ظاهر؛لتحقّق الصّغار للمسلم في الثاني دون الأوّل.
ص:76
فيما يشترط على أهل الذمّة
أحدهما:أن يلتزموا إعطاء الجزية في كلّ حول.
و الثاني:التزام أحكام الإسلام على معنى وجوب القبول عليهم لما يحكم به المسلمون من أداء حقّ أو ترك محرّم؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).
و في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فادعهم إلى أداء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم،و كفّ عنهم» (2)و لا نعلم فيه خلافا.
إذا ثبت هذا:فإنّ عقد الذمّة و الهدنة لا يصحّ إلاّ من الإمام أو نائبه بلا خلاف نعلمه؛لأنّ ذلك يتعلّق بنظر الإمام و ما يراه من المصلحة،و هو عقد مؤبّد،فلا يجوز لغير الإمام و لا نائبه فعله.
إذا عرفت هذا:فلو شرط عليهم في عقد الذمّة شرطا فاسدا-مثل أن يشرط (3)
ص:77
أن لا جزية عليهم،أو إظهار المنكر،أو إسكانهم بالحجاز،أو إدخالهم الحرم أو المساجد،أو عدم الالتزام بأحكام الإسلام-لم يصحّ الشرط إجماعا.
و هل يفسد العقد بفساد الشرط؟فيه احتمال ينشأ من أنّه عقد جرى على هذا الشرط الفاسد،فيبطل ببطلانه؛قضيّة للشرط.و لأنّه بدون الشرط غير مرضيّ به، فكأنّه غير معقود عليه.
و من أنّه شرط فاسد،فلا يفسد بفساده العقد،كالشروط في المضاربة و البيع.
كما شرط (2)عمر،فقد روي أنّه كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم (3):إنّا حين قدمنا بلادنا،طلبنا إليك الأمان لأنفسنا و أهل ملّتنا،على أنّا شرطنا لك على أنفسنا،أن لا نحدث في مدينتنا كنيسة،و لا فيما حولها ديرا،و لا قلاية (4)و لا صومعة راهب،و لا نجدّد ما خرب من كنائسنا،و لا ما كان منها في خطط المسلمين،و لا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل و النهار،و أن نوسّع
ص:78
أبوابها للمارّة و ابن السبيل،و لا نؤوي فيها و لا في منازلنا جاسوسا،و أن لا نكتم أمر من غشّ المسلمين،و أن لا نضرب نواقيسنا إلاّ ضربا خفيّا في جوف كنائسنا، و لا نظهر عليها صليبا،و لا نرفع أصواتنا في الصلاة،و لا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون،و لا نخرج صليبنا و لا كتابنا في سوق المسلمين،و أن لا نخرج باعوثا (1)و لا سعانين (2)،و لا نرفع أصواتنا مع أمواتنا،و لا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين،و أن لا نجاورهم بالخنازير،و لا نبيع الخمور،و لا نظهر شركا، و لا نرغّب في ديننا،و لا ندعو إليه أحدا،و لا نتّخذ شيئا من الرقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين،و أن لا نمنع أحدا من أقربائنا إذا أراد الدخول في الإسلام، و أن نلزم زيّنا (3)حيثما كنّا،و أن لا نتشبّه بالمسلمين في لبس قلنسوة و لا عمامة و لا نعلين و لا فرق شعر،و لا في مراكبهم،و لا نتكلّم بكلامهم،و أن لا نتكنّى بكناهم،و أن نجزّ مقاديم رءوسنا،و لا نفرّق نواصينا،و نشدّ الزنانير على أوساطنا، و لا ننقش خواتيمنا بالعربيّة،و لا نركب السروج،و لا نتّخذ شيئا من السلاح و لا نحمله،و لا نتقلّد السيوف،و أن نوقّر المسلمين في مجالسهم،و نرشد الطريق و نقوم لهم عن المجالس إذا أرادوا المجالس،و لا نطّلع عليهم في منازلهم،و لا نعلّم أولادنا القرآن،و لا يشارك أحد منّا مسلما في تجارة إلاّ أن يكون إلى المسلم أمر التجارة،و أن نضيف كلّ مسلم عابر سبيل ثلاثة أيّام و نطعمه من أوسط ما نجد، ضمنّا ذلك على أنفسنا و ذرارينا و أزواجنا و مساكيننا (4)،و إن نحن غيّرنا أو خالفنا
ص:79
عمّا شرطنا على أنفسنا و قبلنا الأمان عليه،فلا ذمّة لنا،و قد حلّ لك منّا ما يحلّ لأهل المعاندة و الشقاق.فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطّاب، فكتب لهم عمر أن أمض لهم ما سألوه،و ألحق فيه حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم،أن لا يشتروا من سبايانا شيئا،و من ضرب (1)مسلما عمدا فقد خلع عهده.فأنفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك،و أقرّ من أقام من الروم في مدائن الشام على هذا الشرط (2).
قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:و أختار أن يشترط (3)عليهم عند عقد الذمّة لهم أن لا يظهروا سبّا لسيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و لا لأحد من أنبياء اللّه و ملائكته،و لا سبّ أحد من المسلمين،و لا يطعنوا في شيء من الشرائع التي رسمها أحد من الأنبياء،و لا يظهروا شركهم في عيسى و العزير عليهما السلام،و لا يرعون خنزيرا في شيء من أمصار المسلمين،و لا يمثّلوا ببهيمة و لا يذبحوها إلاّ من حيث نصّ لهم في كتبهم على مذبحها،و لا يقرّبوها لصنم و لا لشيء من المخلوقات، و لا يربوا مسلما و لا يعاملوه في بيع و لا إجارة و لا مساقاة و لا مزارعة معاملة لا يجوز للمسلمين،و لا يسقوا مسلما خمرا،و لا يطعموه محرّما،و لا يقاتلوا مسلما، و لا يعاونوا باغيا،و لا ينقلوا أخبار المسلمين إلى أعدائهم،و لا يدلّوا على عوراتهم، و لا يحيوا (4)من بلاد المسلمين شيئا إلاّ بإذن واليهم،فإن فعلوا،كان للوالي إخراجه من أيديهم،و لا ينكحوا مسلمة بعقد و لا غيره،و يشترط عليهم أيضا كلّ ما قلنا إنّه
ص:80
ليس بجائز لهم فعله،كدخول الحرم،و سكنى الحجاز و غيره،ثمّ يقال:فمن فعل شيئا من ذلك فقد نقض عهده،و أحلّ دمه و ماله،و برئت منه ذمّة اللّه و ذمّة رسوله و المؤمنين (1).
و هو أمران:
أحدهما:شرط الجزية عليهم.
و الثاني:التزام أحكام الإسلام (2)،و لا بدّ من ذكر هذين الأمرين معا لفظا و نطقا،و لا يجوز الإخلال بهما و لا بأحدهما،فإن أغفل أحدهما لم تنعقد الجزية، و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (3)و قد بيّنّا أنّ الصّغار هو:التزام أحكام الإسلام (4)و إجراؤها عليهم (5).
و لرواية (6)ابن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«و لو منع (7)الرجال فأبوا أن يؤدّوا الجزية،كانوا ناقضين للعهد،و حلّت دماؤهم و قتلهم» (8).
و هو:أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين،أو إمداد المشركين بالمعاونة لهم على حرب
ص:81
المسلمين؛لأنّ إطلاق الأمان يقتضي ذلك،فإذا فعلوه (1)،نقضوا الأمان؛لأنّهم إذا قاتلونا،وجب علينا قتالهم،و هو ضدّ الأمان.
و هذان القسمان ينتقض العهد بمخالفتهما،سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشترط.
و هو سبعة أشياء:ترك الزنا بالمسلمة،و عدم إصابتها باسم النكاح،و أن لا يفتنوا مسلما عن دينه،و لا يقطع عليه الطريق،و لا يؤوي (2)للمشركين عينا (3)،و لا يعين على المسلم بدلالة أو بكتبة كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين و يطلعهم على عوراتهم،و لا يقتلوا مسلما و لا مسلمة،فإن فعلوا شيئا من ذلك و كان تركه مشترطا (4)في العقد،نقضوا العهد، و إلاّ فلا.
ثمّ إن أوجب ما فعلوه حدّا،حدّهم الإمام،و إن لم يوجبه،عزّرهم بحسب ما يراه.
و للشافعيّ قول آخر:إنّه لا يكون نقضا للعهد مع الشرط؛لأنّ كلّ ما لا يكون فعله نقضا إذا لم يشترط (5)،لم يكن نقضا و إن شرط،كإظهار الخمر و الخنزير (6).
ص:82
و الجواب:المنع من الكلّيّة و ثبوت الحكم في الأصل أيضا.
و قال أبو حنيفة:لا ينتقض العهد إلاّ بالامتناع من الإمام على وجه يتعذّر معه أخذ الجزية منهم (1).
و هو خطأ؛لأنّ الأمان وقع على هذا الشرط،فيبطل ببطلانه.
و لأنّ عمر بن الخطّاب رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا، فقال:ما على هذا صالحناكم،و أمر (2)به فصلب في بيت المقدس (3).
و رفع إلى أبي عبيدة بن الجرّاح برجل نصرانيّ استكره امرأة مسلمة على الزنا، فقال:ما على هذا صالحناكم.و ضرب (4)عنقه (5).
و لأنّ فيه ضررا على المسلمين،فإذا شرط عليهم،كانوا بمخالفته ناقضين للعهد،كمنع الجزية،و حربهم للمسلمين،بخلاف إظهار الخمر و الخنزير-إن قلنا:
إنّهم لا ينتقض (6)ذمامهم بإظهاره-لأنّه لا ضرر فيه على المسلمين.
و هو ذكر ربّهم أو كتابهم أو نبيّهم أو دينهم بسوء،فلا يخلو إمّا أن ينالوا بالسبّ،أو بدونه،فإن سبّوا اللّه تعالى أو رسوله، وجب قتلهم،و كان ذلك نقضا للعهد،قاله الشيخ رحمه اللّه (7).
ص:83
و إن ذكروهما بدون (1)السبّ،أو ذكروا دين الإسلام أو كتاب اللّه تعالى بما لا ينبغي،فإن كان قد شرط عليهم الكفّ عن ذلك،كان ذلك نقضا للعهد،و إلاّ فلا.
و قال أبو إسحاق الشيرازيّ من الشافعيّة:يجب شرط ذلك،فإن ترك،فسد عقد الذمّة؛لأنّ ذلك ممّا يقتضيه الصّغار.
و قال أكثر الشافعيّة:لا يجب ذلك؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2).
و قال بعضهم:من شتم منهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قتل حلاّ (3)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يؤمّن ابن خطل و القينتين و قتلهما (4). (5)
و هو:أن لا يجدّدوا كنيسة و لا بيعة في دار الإسلام،و لا يرفعوا أصواتهم بكتبهم،و لا يضربوا الناقوس، و لا يطيلوا أبنيتهم على بناء المسلمين،و أن لا يظهروا الخمر و الخنزير في دار الإسلام.فهذا كلّه يجب عليهم الكفّ عنه،سواء شرط عليهم أو لم يشرط (6)، فإنّ عقد الذمّة يقتضيه (7)،فإن خالفوا ذلك،لم يخل إمّا أن يكون مشروطا عليهم،أو لم يكن،فإن كان مشروطا عليهم،انتقض ذمامهم،و إن لم يكن مشروطا عليهم،لم ينتقض ذمامهم،بل يجب عليهم بما يقابل جنايتهم من حدّ أو تعزير.
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يكون نقضا للعهد،سواء شرط عليهم أو
ص:84
لم يكن (1).و به قال الشافعيّ (2).
لنا:ما رواه الجمهور في كتاب عمر:إن نحن خالفنا،فقد حلّ لك منّا ما يحلّ لك من أهل المعاندة و الشقاق (3).
و قال عمر:من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده (4).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-و ابن بابويه في الصحيح عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الجزية من أهل الجزية (5)على أن لا يأكلوا الربا،و لا يأكلوا لحم الخنزير، و لا ينكحوا الأخوات و لا بنات الأخ،[و لا بنات الأخت] (6)فمن فعل ذلك منهم، برئت منه ذمّة اللّه و ذمّة رسوله صلّى اللّه عليه و آله»و قال:«ليست لهم اليوم ذمّة» (7).
و لأنّه عقد منوط بشرط،فمتى لم يوجد الشرط زال حكم العقد،كما لو امتنع من التزام قبول الجزية.
أمّا الشافعيّة:فاختلفوا في التعليل،فقال بعضهم:إنّما (8)لا يكون نقضا؛لأنّه لا ضرر على المسلمين فيه.
ص:85
و قال آخرون:لا يكون نقضا؛لأنّهم يتديّنون به (1).
إذا ثبت هذا:فكلّ موضع قلنا:ينتقض عهدهم،فأوّل ما يعمل أنّه يستوفي منه موجب الجرم،ثمّ بعد ذلك يتخيّر الإمام بين القتل و الاسترقاق و المنّ و الفداء.
و يجوز له أن يردّهم إلى مأمنهم في دار الحرب،و يكونوا حربا لنا،يفعل من ذلك ما يراه صلاحا للمسلمين،هكذا قال (2)الشيخ رحمه اللّه (3).
و للشافعيّ قولان:أحدهما أنّه يردّ إلى مأمنه؛لأنّه دخل دار الإسلام بأمان، فوجب ردّه،كما لو دخل بأمان صبيّ.
و الثاني يكون للإمام قتله و استرقاقه؛لأنّه كافر لا أمان له،فأشبه الحربيّ المتلصّص (4).
و هو الأقرب عندي؛لأنّه هنا فعل ما ينافي الأمان،بخلاف من أمّنه صبيّ،فإنّه يعتقد أنّه أمان.
و ينبغي للإمام أن يشترط (5)عليهم في عقد الذمّة التميّز عن المسلمين في أربعة أشياء:في لباسهم،و شعورهم،و ركوبهم،و كناهم.
أمّا لباسهم:فهو أن يلبسوا ما يخالف لونه سائر ألوان الثياب،فعادة اليهود:
ص:86
العسليّ،و عادة النصارى:الأدكن (1)،و يكون هذا في ثوب واحد لا في جميعها؛ ليقع الفرق.و يأخذهم بشدّ الزنانير (2)في أوساطهم إن كان نصرانيّا فوق الثياب، و إن لم يكن نصرانيّا،ألزمه بعلامة أخرى،كخرقة يجعلها فوق عمامته أو قلنسوة يخالف لونها لونها.
و يجوز أن يلبسوا العمامة و الطيلسان،فإن لبسوا قلانس،شدّوا في رأسها علما؛ليخالف قلانس القضاة،و ينبغي أن يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديد،أو يضع فيه جلجلا (3)أو جرسا؛ليمتاز به عن المسلمين في الحمّام.
و كذلك يأمر نساءهم بلبس شيء يفرّق بينهنّ و بين المسلمات من شدّ الزنّار تحت الإزار.و يختم في رقبتهنّ،و تغيّر أحد الخفّين بأن يكون أحدهما أحمر و الآخر أبيض.و لا يمنعون من لبس فاخر الثياب؛لأنّ التميّز يحصل بما ذكرناه.
و أمّا الشعور:فإنّهم لا يفرّقون شعورهم؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فرّق شعره (4).و يحذفون مقاديم رءوسهم،و يجزّون شعورهم.
و أمّا الركوب:فلا يركبون الخيل؛لأنّه عزّ،و يركبون ما سواها بغير سروج، و يركبون عرضا،رجلاه إلى جانب و ظهره إلى آخر.و يمنعون تقليد السيوف و حمل السلاح و اتّخاذه.
و أمّا الكنى:فلا يتكنّوا بكنى المسلمين،كأبي القاسم،و أبي عبد اللّه،و أبي
ص:87
محمّد،و أبي الحسن،و أشباهها.و لا يمنعون من الكنى بالكلّيّة،
فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين دخل على سعد بن عبادة،قال:«أ ما ترى ما يقول أبو الحباب؟» و قال لأسقفّ نجران«أسلم أبا الحارث» (1).
و الاسترقاق و الفداء
(2).فإن أسلم قبل أن يختار الإمام فيه شيئا،سقط عنه ذلك كلّه إلاّ ما يوجب الحدّ و القود أو استعادة ما أخذ.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:فإنّ أصحابنا رووا أنّ إسلامه لا يسقط عنه الحدّ (3).
و وجهه:أنّه حقّ ثبت في ذمّته،فلا يسقط بالإسلام،كالدين.
و لو أسلم بعد أن استرقّه الإمام،لم ينفعه إسلامه في ترك الاسترقاق،و كذا المفاداة.
فأمّا المستأمن-و هو المعاهد في عرف الفقهاء-فهو الذي يكون له أمان بغير ذمّة،فيجوز للإمام أن يؤمّنه دون الحول بعوض و غير عوض.و لو أراد أن يقيم حولا،وجب عليه العوض.
فإذا عقد له الأمان،فإن خاف منه الإمام الخيانة بأن يؤوي (4)للمشركين عينا أو يدلّهم على عورة،فإنّ للإمام أن ينبذ إليه الأمان و يردّه إلى دار الحرب؛لقوله تعالى:
وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (5)بخلاف أهل الذمّة،فإنّه لا تنقض ذمّتهم بخوف الخيانة؛لالتزامهم بأحكام الإسلام من الحدود و غيرها،
ص:88
فيكون ذلك مانعا لهم عن الخيانة.
و المعاهدون لا يلزمهم حدّ و لا عقوبة،و لا زاجر (1)لهم عن الخيانة حينئذ (2)، فجاز لنا نبذ عهدهم مع خوف الخيانة.
و حليتهم
(3)،فيقول:فلان بن فلان الطويل أو القصير،الأسمر (4)أو الأبيض، أدعج (5)العينين،أقنى (6)الأنف،مقرون الحاجبين إن كانوا كذلك و إلاّ فبضدّاه، و يعرّف على كلّ عشرة منهم عريفا (7)ليحفظ من يدخل فيهم و من يخرج عنهم، مثل أن يبلغ صغير،أو يفيق مجنون،أو يقدم غائب،أو يسلم واحد أو يموت أو يغيب،و يجبي جزيتهم.و إن تولّى ذلك بنفسه،كان جائزا.
القتل و السبي و النهب ما داموا على الذمّة،
و لا يتعرّض لكنائسهم و خمورهم و خنازيرهم ما لم يظهروها.
و إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم،تخيّر الحاكم بين الحكم عليهم و بين ردّهم إلى حاكمهم.و سيأتي.
و من أراق من المسلمين لهم خمرا أو قتل خنزيرا،فإن كان مع تظاهرهم،فلا
ص:89
شيء عليه،و إلاّ وجب عليه قيمته عند مستحلّيه.و سيأتي الخلاف في ذلك إن شاء اللّه تعالى.
كالخمر و الخنزير إجماعا،و يجوز أخذها من ثمن ذلك،فإذا باع الذمّيّ خمره أو خنزيره (1)على ذمّيّ و قبض الثمن،جاز أخذه من الجزية؛لأنّا عقدنا معهم الذمّة على تديّنهم بدينهم.
و يؤيّده:
ما رواه محمّد بن مسلم-في الصحيح-قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقات أهل الذمّة و ما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم و لحم خنازيرهم و ميتتهم،قال:«عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر،فكلّما (2)أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم،و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم» (3).
الدوام،
وجب على القائم بعده إمضاء ذلك بلا خلاف؛لأنّ ما فعله الإمام الأوّل لا بدّ و أن يكون صوابا؛لأنّه معصوم عندنا،فلا يجوز مخالفته.
و لو قرّرهم نائبه ثمّ مات المنوب،فإن كان ما قرّره الأوّل صوابا،وجب اتّباعه، و إلاّ فسخه القائم مقامه.
إذا ثبت هذا:فإنّ الثاني (4)ينظر في عقدهم،فإن كان صحيحا،أقرّهم عليه؛
ص:90
لأنّه مؤبّد،و إن كان فاسدا غيّره إلى الصحّة؛لأنّه منصوب لمصالح المسلمين و مراعاة أمورهم و إمضائها على ما يسوغ في الشرع.
ثمّ ينظر،فإن كان ما عقده الأوّل ظاهرا معلوما،اتّبع،و إن لم يكن معلوما،فإن شهد مسلمان عدلان بذلك،عمل عليه،و إن لم يشهد استدعاهم و سألهم،و لا تقبل شهادة بعضهم على بعض.
فإن اعترفوا بالجزية و كانت دون الواجب عليهم،لم يلتفت إليهم،و طالبهم بالواجب،فإن بذلوه،و إلاّ ردّهم إلى مأمنهم.و إن اعترفوا بالواجب،أقرّهم عليه، و إن اتّهمهم في الزائد،حلّفهم.و لو قيل باستئناف العقد معهم؛لأنّ عقد الأوّل لم يثبت عنده فصار (1)كالمعدوم،كان حسنا.
ص:91
في أحكام المساكن و الأبنية و المساجد
لأنّه قد يستضرّ المسلمون بدخولهم؛لجواز أن يكون جاسوسا فيحمل أخبارهم أو يشتري سلاحا للمشركين،و يجوز للإمام أن يأذن لهم في الدخول لمصلحة،من أداء رسالة لعقد (2)هدنة أو أمان إلى مدّة،أو لنقل ميرة (3)يحتاج إليهما المسلمون بعوض و غير عوض للحاجة إلى ذلك.
و أمّا إذا كان تاجرا لا يحتاج المسلمون إلى تجارته،كالبرّ (4)و العطر و غير ذلك،لم يأذن له إلاّ بعوض يشترط (5)عليه بحسب ما يراه الإمام مصلحة (6)من قليل أو كثير،سواء كان عشر أموالهم أو لم يكن.و لو أذن لهم بغير عوض لمصلحة، جاز؛لأنّ ذلك إلى اجتهاده.
و لو أذن لهم في الدخول مطلقا-و لم يشترط (7)العوض و لا عدمه-فللشافعيّ
ص:92
قولان:
أحدهما:أنّه ليس له أن يطالبهم بالعوض؛لأنّه لم يشترط (1)عليهم،فلم يستحقّ،كما لو أذن لهم بغير عوض.
و الثاني:يؤخذ منهم العشر؛لأنّ مطلق الإذن يحمل على المعهود في الشرع و قد أخذ عمر منهم العشر،فيؤخذ ذلك (2).و قوّى الشيخ-رحمه اللّه تعالى-:
الأوّل (3)،و هو جيّد؛عملا ببراءة الذمّة و عدم المعارض.
و قال أبو حنيفة:ينظر الإمام،فإن كانوا يأخذون من المسلمين إذا دخلوا إليهم (4)العشر،أخذ منهم مثله،و إن لم يأخذوا شيئا،لم يعشّرهم؛لأنّهم إذا فعلوا ذلك فقد رضوا به (5).
و قال أحمد:يؤخذ منهم العشر مطلقا؛لأنّ عمر أخذ العشر،و لم ينقل أنّه شرط ذلك عليهم،و اشتهر ذلك بين الصحابة،و عمل به الخلفاء بعده،فكان إجماعا (6).و نحن نمنع ذلك مطلقا.
إذا عرفت هذا:فإن كان الإمام قد شرط عليهم شرطا دائما،بأن يأخذ منهم كلّ
ص:93
سنة العشر أو أقلّ أو أكثر،أخذ منهم بحسب ما شرطه،و إلاّ أخذ منهم كلّ وقت ما يراه مصلحة،و إنّما يأخذ ممّن شرط عليه.
و قال بعض الجمهور:يؤخذ من كلّ حربيّ صغير أو كبير ذكر أو أنثى (1).
و قال بعضهم:لا يأخذ إلاّ في كلّ سنة مرّة واحدة (2).
و عندنا أنّه لا يتقدّر بقدر؛لأنّا لا نأمن أن يدخلوا،فإذا جاء وقت السنة لم يدخلوا،فيتعذّر الأخذ منهم.
إذا ثبت هذا:فإن دخل الحربيّ بغير أمان،فقال:أتيت برسالة،قبل قوله؛لتعذّر إقامة البيّنة على ذلك.و لأنّه يحتمل الصدق،و قتل الرسول لا يجوز فغلّبنا التحريم و حقّنا دمه.و لو قال:أمّنني (3)مسلم،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يقبل قوله إلاّ ببيّنة؛لأنّه ممّا يمكن إقامة البيّنة عليه (4).
و قال بعض الشافعيّة:يقبل قوله،كما لو قال:أتيت رسولا (5).
و الأوّل:أقوى؛للفرق بإقامة البيّنة عليه في الأوّل دون الثاني.
و إن دخل و لم يدّع شيئا من ذلك،كان للإمام قتله و استرقاقه و أخذ ماله؛لأنّه حربيّ دخل دارنا بغير أمان و لا عهد،و هذا بخلاف الذمّيّ إذا دخل الحجاز بغير إذن؛لأنّ الذمّيّ محقون الدم،فيستصحب الحكم فيه،بخلاف الحربيّ.
ص:94
لما رواه ابن عبّاس،قال:أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بثلاثة أشياء،قال:«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب،و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و سكت عن الثالث أو قال:أنسيت (1)الثالث (2).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» (3).
و قال عليه السلام:«لأخرجنّ اليهود و النصارى من جزيرة العرب و لا أترك فيها إلاّ مسلما» (4).
و عن أبي عبيدة بن الجرّاح،قال:إنّ آخر ما تكلّم به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال (5):«أخرجوا اليهود من الحجاز و أهل نجران من جزيرة العرب» (6).
إذا ثبت هذا؛فالمراد بجزيرة العرب في هذه الأحاديث الحجاز خاصّة،و نعني بالحجاز مكّة و المدينة و اليمامة و خيبر و ينبع و فدك و مخاليفها (7).
ص:95
و سمّي حجازا؛لأنّه حجز بين نجد و تهامة.
و جزيرة العرب عبارة عمّا بين عدن إلى ريف (1)العراق طولا،و من جدّة (2)و السواحل إلى أطراف الشام عرضا،قاله الأصمعيّ و أبو عبيد (3).
و قال أبو عبيدة:هي من حفر أبي موسى (4)إلى اليمن طولا،و من رمل «يبرين» (5)إلى منقطع السماوة عرضا (6).
قال الخليل:إنّما قيل لها:جزيرة العرب؛لأنّ بحر الحبش و بحر فارس و الفرات قد أحاطت بها،و نسبت إلى العرب؛لأنّها أرضها و مسكنها و معدنها (7).
و إنّما قلنا:إنّ المراد بجزيرة العرب الحجاز خاصّة؛لأنّه لو لا ذلك،لوجب إخراج أهل الذمّة من اليمن،و ليس ذلك بواجب،و لم يخرجهم عمر من اليمن و هي من جزيرة العرب،و إنّما أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإخراج أهل نجران من
ص:96
جزيرة العرب؛لأنّه صلّى اللّه عليه و آله صالحهم على ترك الربا،فنقضوا العهد (1).
و يجوز للإمام أن يأذن لهم في مقام ثلاثة أيّام لا غير.
و قال ابن الجنيد:إذا أذن لتجّار أو رسل أن يدخلوا الحجاز،لم يطلق لأحد منهم أن يقيم أكثر من المدّة التي يخرج بها المسافر إلى حدّ المقيم (2).
إذا ثبت هذا:فإذا أقام في موضع ثلاثة أيّام،انتقل عنه إلى بلد آخر،و إنّما يأذن الإمام في ذلك إذا كان فيه مصلحة من حمل الميرة و غيرها.
فإن كان عالما،عزّره و لا يقتل و لا يسترقّ،كما قلنا (3)في أهل الحرب؛لأنّ هؤلاء لهم ذمّة.و إن كان جاهلا أعذره في ذلك و نهاه عمّا يستقبل.
جاز له أن ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز أيضا ثلاثة أيّام،و هكذا في كلّ بلاد الحجاز؛لأنّه لا مانع منه.
لأنّ المريض يشقّ عليه الانتقال من بلد إلى بلد،و لو مات دفن في مكانه؛لأنّه إذا جازت الإقامة للمريض،فالموت أولى.
ص:97
قاله الشيخ -رحمه اللّه-لأنّه لا دليل على التحريم مع أصالة الإباحة.قال:فإن اجتاز فيها،لم يمكّن (1)من المقام أكثر من ثلاثة أيّام (2).
بل يوكّل في قبضه.
لأنّ البحر ليس بموضع الإقامة،و لا له حرمة ببعثة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه.و لو كان في بحر الحجاز جزائر و جبال،منعوا من سكناها،و كذا حكم سواحل بحر الحجاز؛ لأنّها في حكم البلاد (3).
و لا يستوطنوه.
قال:و يجوز لهم دخول الكعبة (1).
لنا:قوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ (2)و المراد بذلك:الحرم؛لقوله تعالى: وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (3).يريد ضرّا بتأخّر الجلب (4)عن الحرم دون المسجد.
و لقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (5)و إنّما أسري به من بيت أمّ هانئ من خارج المسجد.
احتجّ أبو حنيفة:بأن المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول و التصرّف، كالحجاز (6).
و الجواب:لم نستدلّ بمنع استيطان الحجاز على المنع من دخول الحرم،بل استدللنا بالآية على أنّ الفرق واقع،فإنّ اللّه تعالى منع من الدخول إلى الحرم مع الإذن في الحجاز،فإنّ هذه الآية نزلت و اليهود بخيبر و المدينة و غيرهما من الحجاز لم يمنعوا من الإقامة فيه إلاّ بعد ذلك.و لأنّ الحرم أشرف من غيره من أرض الحجاز؛لتعلّق النسك به و تحريم صيده و شجره و الملتجئ إليه،فلا يتمّ القياس.
ص:99
إذا ثبت هذا:فإن قدم بميرة لأهل الحرم،منع من الدخول إليه،و إن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحلّ و ابتاعوا منه.
و لو جاء رسولا إلى الإمام،بعث إليه الإمام ثقة يسمع رسالته و يخبر بها الإمام، و لو امتنع من أداء الرسالة إلاّ مشافهة،خرج إليه الإمام من الحرم ليسمع كلامه، و لا يأذن له في الدخول.
و لو دخل الحرم بغير إذن الإمام عالما بعدم جوازه،عزّره الإمام،و إن كان جاهلا أعذره،فإن عاد،عزّره.
فإن مرض في الحرم،نقله منه،و لو مات،لم يدفنه فيه،بخلاف الحجاز،لحرمة الحرم عليه.
فإن دفن في الحرم،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا ينبش و يترك على حاله؛لأنّ المنع من النبش ورد عامّا (1).
و قال الشافعيّ:ينبش و يخرج إلى الحلّ إلاّ أن يتقطّع،فإن تقطّع فات إخراجه و تعذّر (2).
لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض،قال الشيخ-رحمه اللّه-:جاز له ذلك،و وجب عليه دفع العوض الذي وافقه عليه،و إن كان خليفة الإمام و وافقه على عوض فاسد،بطل المسمّى و له أجرة المثل (3).
ص:100
و منع الشافعيّ من ذلك كلّه و أبطل الصلح،قال و إن دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه،لم يردّ العوض؛لأنّه حصل لهم ما صالحهم عليه،و إنّما أوجب (1)ما صالحهم عليه؛لأنّه لا يمكنهم الرجوع إلى عوض المثل،فلزمهم المسمّى و إن كان الصلح فاسدا.
و لو وصلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله،أخرجهم و كان عليهم العوض بقدره (2).
لو صالح الإمام الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض،جاز؛لأنّ المرأة كالرجل في المنع.
و لو صالح المرأة على سكنى دار الإسلام غير الحجاز بعوض،لم يلزمها ذلك؛ لأنّ لها المقام فيها بغير عوض،بخلاف الحجاز.
و الثالث:سائر المساجد بالبلدان و حكمها واحد،و قد وقع الخلاف فيه:
فمذهب أهل البيت عليهم السلام منعهم من الدخول فيه بإذن مسلم و بغير إذنه، و لا يجوز للمسلم (1)أن يأذن في ذلك،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.
و في الرواية الأخرى يجوز لهم الدخول بإذن المسلم (2)،و هو قول أكثر (3)الجمهور (4).
لنا:أنّه مسجد،فلا يجوز لهم الدخول إليه،كالحرم.
و لقوله عليه السلام:«جنّبوا مساجدكم النجاسة» (5)و قد قال اللّه تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (6).
و لأنّ المنع كان مشهورا بين المسلمين،فإنّ أبا موسى دخل على عمر،و معه كتاب قد كتب فيه حساب عمله،فقال له عمر:ادع الذي كتبه ليقرأه،قال:إنّه لا يدخل المسجد قال:و لم لا يدخل المسجد؟قال:لأنّه نصرانيّ فسكت (7).و هذا
ص:102
اتّفاق منهم على عدم دخولهم المساجد،و فيه دلالة على شهرة ذلك بينهم و تقرّره عندهم.و أيضا:فإنّهم لا ينفكّون من حدث الجنابة و الحيض و النفاس.و لأنّ هذه الأحداث تمنع من المقام في المسجد،فحدث الشرك أولى.و لأنّهم ليسوا من أهل المساجد.و لأنّ منعهم من الدخول فيه إذلال لهم،و قد أمرنا بذلك.
احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنزل وفد ثقيف في المسجد (1). (2)و شدّ ثمامة بن أثال الحنفيّ في سارية من سواري المسجد (3)،و قدم عمير بن وهب (4)فدخل المسجد،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه ليفتك به،فرزقه اللّه الإسلام (5).
ص:103
و الجواب:لو سلّمنا ذلك،لكان في صدر الإسلام قبل قوّة المسلمين.
المسلمين،
و إن لم يكن لهم فضول منازل،جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت، و إن لم تكن،أسكنهم في أفنية الدور و الطرقات،و لا يمكّنهم من الدخول في المساجد بحال.
قال ابن الجنيد:لا يستحبّ أن يخلّى بين أهل الذمّة و بين الدخول في كلّ مكان يتساوى فيه المقيم و المسافر في إتمام الصلاة،كمسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و غيره،قال:
و قد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان ينادي كلّ يوم:
«لا يبيتنّ بالكوفة يهوديّ و لا نصرانيّ و لا مجوسيّ الحقوا بالحيرة و زرارة (1)».
(2)-كالبصرة و بغداد و الكوفة- فلا يجوز إحداث كنيسة فيها و لا بيعة و لا بيت لصلاتهم،و لا صومعة راهب بلا خلاف؛لما روي عن ابن عبّاس،أنّه قال:أيّما مصر مصرته العرب فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بيعة،و ما كان قبل ذلك،فحقّ على المسلمين أن يقرّ لهم (3).
و في حديث آخر:أيّما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة، و لا يضربوا فيه ناقوسا،و لا يشربوا فيه خمرا،و لا يتّخذوا فيه خنزيرا (4).و لأنّ هذا
ص:104
البلد للمسلمين و هو ملك لهم،فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر.
فأمّا ما وجد من البيع و الكنائس في هذه البلاد،مثل كنيسة الروم في بغداد، فإنّها كانت في قرى لأهل الذمّة فأقرّت على حالها.
فهو ملك المسلمين قاطبة-على ما قلناه في كتاب الزكاة (1)-و لا يجوز أيضا إحداث بيعة و لا كنيسة و لا صومعة لراهب فيها،لأنّها صارت ملكا للمسلمين.
و أمّا ما كان موجودا قبل الفتح،فإن هدمه المسلمون وقت الفتح،فلا يجوز استجداده أيضا؛لأنّه بمنزلة الإحداث في ملك المسلمين.
و إن لم يهدموه،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجوز إقراره (2).
و للشافعيّ قولان:أحدهما:لا يجوز لهم تبقيته؛لأنّ هذه البلاد ملك للمسلمين،فلا يجوز أن يكون فيها بيعة،كالبلاد التي أنشأها المسلمون.
و الثاني:يجوز إقرارهم عليها و لا تهدم (3)؛لقول ابن عبّاس:أيّما مصر مصرته العجم،ففتحه اللّه على العرب فنزلوه،فإنّ للعجم ما في عهدهم (4).
و لأنّ الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة،فلم يهدموا شيئا من الكنائس.
و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله:أن لا يهدموا بيعة و لا كنيسة و لا بيت نار (5).
ص:105
و لحصول الإجماع عليه،فإنّها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير.
أحدهما:أن يصالحهم الإمام على أنّ الأرض لهم،و يأخذ منهم الخراج عليها فهاهنا يجوز إقرارهم على بيعهم و كنائسهم،و بيوت نيرانهم و مجتمع عباداتهم و إحداث ما شاءوا من ذلك فيها،و إنشاؤه و إظهار الخمور فيها و الخنازير،و ضرب الناقوس كيف شاءوا؛لأنّ الملك لهم،و إنّما يمنعون من الأشياء الستّة التي قدّمناها:
من الزنا بالمسلمين و اللواط،و افتتان المسلم عن دينه،و قطع الطريق،و إيواء المشركين و إعانتهم على المسلمين.
الثاني:أن يصالحهم على أنّ الأرض للمسلمين،و يؤدّون الجزية إلينا بسكناهم فيها،و الحكم في البيع و الكنائس على ما يقع عليه الصلح.
فإن شرط لهم إقرارهم على البيع و الكنائس،أو على إحداث ذلك و إنشائه جاز؛لأنّه إذا جاز أن يصالحهم على أن تكون الأرض بأجمعها لهم،جاز أن يكون بعض الأرض لهم بطريق الأولى.
و إن شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها،جاز ذلك أيضا.
و لو لم يشرط شيئا،لم يجز لهم تجديد شيء؛لأنّ الأرض للمسلمين.
و إذا شرط لهم التجديد و الإحداث،فينبغي أن يبيّن (1)مواضع البيع و الكنائس.
إذا ثبت هذا:فكلّ موضع لا يجوز لهم إحداث شيء فيه،إذا أحدثوا فيه،جاز نقضه و تخريبه،و كلّ موضع لهم إقراره،لا يجوز هدمه.
فلو انهدم،هل يجوز لهم إعادته؟تردّد الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط في ذلك (2).
ص:106
و قال الشافعيّ:يجوز لهم إعادته (1)،و به قال أبو حنيفة (2).
و قال ابن أبي هريرة:لا يجوز لهم ذلك.و هو قول أبي سعيد الإصطخريّ (3).
و عن أحمد روايتان (4).
احتجّ الشافعيّ:بأنّهم يقرّون عليها،و بناؤها كاستدامتها،و لهذا يجوز تشييد حيطانها و يرمّ ما شعث (5)منها.و لأنّا أقررناهم على التبقية،فلو منعناهم من العمارة،لخربت (6).
و احتجّ الآخرون:بأنّه إحداث للبيع و الكنائس في دار الإسلام،فلم يجز،كما لو ابتدئ بناؤها.
و لقول (7)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لا تبنى الكنيسة في الإسلام
ص:107
و لا يجدّد ما خرب منها» (1)و هذا بخلاف رمّ (2)ما تشعّث (3)؛لأنّه إبقاء و استدامة و هذا إحداث (4).
إذا عرفت هذا:فقد وقع الاتّفاق على جواز رمّ ما تشعّث (5)منها و إصلاحه.
أحدها:دار محدثة.
الثاني:دار مبتاعة.
الثالث:دار مجدّدة.
فالمحدثة:هو أن يشتري عرصة يستأنف منها بيتا،فليس له أن يعلو على بناء المسلمين إجماعا؛
لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» (6).
و لأنّ في ذلك رتبة على المسلمين،و أهل الذمّة ممنوعون من ذلك،و لهذا منعناهم من صدور المجالس.
ص:108
و هل يجوز أن يساوي بناء المسلمين؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:ليس له ذلك، بل يجب أن يقصر عنه (1).و للشافعيّ وجهان:أحدهما:هذا.و الثاني:أنّه يجوز ذلك (2).
لنا:
قوله عليه السلام:«الإسلام يعلو و لا يعلى عليه» (3)و لا يتحقّق علوّ الإسلام بالمساواة.و لأنّا منعناهم من المساواة للمسلمين في اللباس و المركوب، فكذا هنا.
احتجّوا:بأنّه ليس بمستطيل على المسلمين (4).
و الجواب:القول بموجبه،لكنّا نقول:إنّه كما يمنع من الاستطالة،يمنع من المساواة؛لما تقدّم (5).
و أمّا الدار المبتاعة:فإنّها تترك على حالها من العلوّ و إن كانت أعلى من المسلمين؛لأنّه هكذا ملكها،و لا يجب هدمها؛لأنّه لم يبنها،و إنّما بناها المسلمون، فلم يعل على المسلمين شيئا.
و كذا لو كان للذمّيّ دار عالية،فاشترى المسلم دارا إلى جانبها أقصر منها،أو بنى المسلم دارا إلى جانبها أقصر منها،فإنّه لا يجب على الذمّيّ هدم علوّه.
ص:109
أمّا لو انهدمت دار الذمّيّ العالية،فأراد تجديدها،لم يجز له العلوّ على المسلم إجماعا،و لا المساواة على الخلاف.
و كذا لو انهدم ما علا بها و ارتفع،فإنّه لا يكون له إعادته.
و لو تشعّب (1)منه شيء و لم ينهدم،جاز له رمّه و إصلاحه؛لأنّه استدامة و إبقاء،لا تجديد.
و أمّا المجدّدة فكالمحدثة سواء،و قد تقدّم (2).
إذا عرفت هذا:فإنّه لا يجب أن يكون أقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد،و إنّما يلزمه أن يقصّره عن بناء محلّته.
لما روي
عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام، و إذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطرّوهم إلى أضيقها» (3).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«إنّا غادون (4)غدا[إلى يهود] (5)فلا تبدءوهم بالسلام،و إن سلّموا عليكم فقولوا:و عليكم» (6).
و عن عائشة،قالت:دخل رهط من اليهود على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
ص:110
و قالوا:السلام عليك،ففهمتها فقلت:و عليكم السام و اللعنة و السخطة،فقال عليه السلام:«مهلا يا عائشة،فإنّ اللّه تعالى يحبّ الرفق في الأمور كلّها»فقلت:يا رسول اللّه أ لم تسمع ما قالوا؟فقال:«قولي و عليكم» (1).
إذا ثبت هذا:فإنّ كيفيّة الردّ،كما نقل عنه عليه السلام،و هو أن لا يزيد على قوله:«و عليكم».
و كذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الإسلام؛لأنّه مأخوذ من أهل الشرك.
و روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق سيرة،فهي (2)إمام لسائر الأرضين»و قال:«إنّ أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية،و إنّما الجزية عطاء المهاجرين،و الصدقات لأهلها الذين سمّى اللّه تعالى في كتابه ليس لهم في الجزية شيء»ثمّ قال:«ما أوسع العدل،إنّ الناس يسعون (3)إذا عدل فيهم،و تنزل السماء ودقها (4)و تخرج الأرض بركتها بإذن اللّه» (5).
ص:111
و لأنّه مال أخذ بالقهر و الغلبة،فيكون مصرفه للمجاهدين،كالغنيمة في دار الحرب.
ص:112
في المهادنة و أحكامها
و تبديل أهل الذمّة دينهم و نقض العهد
و الحكم من المعاهدين و المهادنين
و فيه مباحث:
ص:113
ص:114
في المهادنة
معناها:وضع القتال و ترك الحرب إلى مدّة بعوض و غير عوض.و هي مشروعة بالنصّ و الإجماع.
قال اللّه تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (2).
و قال تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (3).
و قال تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (4).
و روى الجمهور عن مروان و مسور بن مخرمة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح سهيل بن عمرو (5)بالحديبيّة على وضع القتال عشر
ص:115
سنين (1).
و لأنّ الحاجة قد تدعو إلى ذلك؛لضعف المسلمين عن المقاومة،فيهادنهم إلى أن يقوى المسلمون،و لا خلاف في جواز ذلك.
إذا ثبت هذا:فإنّما تجوز المهادنة مع المصلحة للمسلمين،إمّا لضعفهم عن المقاومة فينتظر الإمام قوّتهم،و إمّا لرجاء الإسلام من المشركين،و إمّا لبذل الجزية منهم و التزام أحكام الإسلام.
أمّا لو لم تكن المصلحة للمسلمين في المهادنة،بأن يكون في المسلمين قوّة و في المشركين ضعف،و يخشى (2)قوّتهم و اجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال،فإنّه لا يجوز له مهادنتهم و الحال هذه؛لوجود الضرر للمسلمين،و لا نعلم فيه خلافا.
و لا يجوز له مهادنتهم مطلقا؛لأنّ الإطلاق يقتضي التأبيد،و التأبيد باطل،إلاّ أن يشرط (3)الإمام الخيار لنفسه في النقض متى شاء،على ما يأتي من الخلاف.
و كذا لا يجوز إلى مدّة مجهولة.و إذا شرط مدّة معلومة،لم يجز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما؛لأنّه يفضي إلى ضدّ المقصود.و هل يجوز أن يشترط الإمام لنفسه دونهم؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز ذلك (4)،و به قال ابن الجنيد (5)،
ص:116
و الشافعيّ (1).
و قال بعض الجمهور:لا يجوز (2).
لنا:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا فتح خيبر عنوة،بقي حصن منها،فصالحوه على أن يقرّهم ما أقرّهم اللّه تعالى،ففعل (3).
و في رواية:أنّه عليه السلام قال لهم:«نقرّكم ما شئنا» (4)؛لأنّه عقد شرّع لمصلحة المسلمين،فيتّبع مظانّ المصلحة.
احتجّ المخالف:بأنّه عقد لازم،فلا (5)يجوز اشتراط نقضه،كالبيع (6).
و الجواب:المنع من الحكم في الأصل و الملازمة،فإنّ العقود اللازمة يدخلها الخيار عندنا-على ما يأتي-و هذا نوع من الخيار.
إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام لو شرط لهم أن يقرّهم ما أقرّهم اللّه تعالى،لم يجز؛ لانقطاع الوحي بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و يجوز له أن يشترط (7)لهم أن يقرّهم ما شاء و يعلّقه باختياره؛لأنّه في معنى ذلك.
ص:117
إذا عرفت هذا:فلا فرق بين أن يطلق المدّة بهذا الشرط،و بين أن يعيّنها و يشرط (1)أيضا في الجواز.
لم يجز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة إجماعا؛لقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2).و هو عامّ إلاّ ما خصّه الدليل.
و قال تعالى: فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللّهُ مَعَكُمْ (3)مقتضاه النهي عن ابتداء المسألة عن الموادعة،إلاّ أنّا خصّصنا ما دون السنة لأدلّة، فيبقى الباقي على العموم.
إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز له أن يهادنهم أربعة أشهر فما دون إجماعا قال اللّه تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (4)و كان ذلك في أقوى ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند منصرفه من تبوك،و صالح صفوان بعد الفتح أربعة أشهر (5).
إذا ثبت هذا:فلو صالحهم مع قوّة المسلمين أكثر من أربعة أشهر و أقلّ من سنة،فيه تردّد،قال الشيخ-رحمه اللّه-:الظاهر:أنّه لا يجوز (6).
ص:118
و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا.و الثاني:الجواز (1).
احتجّ الشيخ:بعموم الأمر بالقتال في قوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (2)خرج منه أربعة أشهر لتخصيص القرآن لها،فيبقى الباقي على العموم (3).
احتجّ الشافعيّ:بأنّ المدّة قصرت عن أقلّ الجزية،فجاز العقد فيها،كالأربعة الأشهر (4).و عندي أنّ المصلحة إذا اقتضت ذلك،جاز،و إلاّ فلا.
سنة لمكيدة
يتأنّى (5)فيها بإعداد (6)عدّة يتقوّى بها،أو بناء ثغر قد استهدم (7)، أو ليفرغ لعدوّ (8)و هو أشدّ نكاية في المسلمين من الذي يهادنه،أو كان بالمسلمين قلّة و بالمشركين كثرة لا يمكنهم مقاومتهم،فإنّه يسوغ و الحال هذه أن يصالحهم على الموادعة أكثر من سنة إجماعا.
و هل يتقدّر الزائد بقدر؟قال الشيخ-رحمه اللّه- (9)و ابن الجنيد:يتقدّر بعشر
ص:119
سنين،فلا يجوز الزيادة عليها (1).و به قال الشافعيّ (2).
و قال أبو حنيفة (3)،و أحمد:يجوز ذلك على ما يراه الإمام (4).
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (5)(6)خرج منه العشر سنين؛لمصالحة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه عليه السلام جاء إلى المدينة ليعتمر،لا ليقاتل،و كان بمكّة مسلمون مستضعفون،فهادنهم حتّى أظهر من بمكّة إسلامه،و كثر المسلمون فيهم،فيبقى الباقي على العموم.
قال الشعبيّ:لم يكن في الإسلام فتح مثل صلح[الحديبيّة] (7).
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه عقد يجوز في العشر،فجاز في الزيادة عليها،كعقد الإجارة (8).
و لأنّه صلح مفوّض إلى نظر الإمام،فلا يتقدّر بالعشر،كأداء الخراج إذا صالحهم الإمام عليه على غير مدّة.
و لأنّ المقتضي لتخصيص العموم في العشر-و هو اعتبار المصلحة في الصلح-
ص:120
هو جعله في الأكثر،فكان الحكم ثابتا،فقول أبي حنيفة عندي قويّ.
فإن قلنا بصحّة العقد،لا يجب (1)، و إن قلنا بعدم جواز الزائد على العشر،بطل الزائد خاصّة،و صحّ في العشر.
و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا.و الثاني:بطلان العقد في العشر أيضا؛بناء على تفريق الصفقة (2).و الشيخ-رحمه اللّه- (3)و ابن الجنيد ذهبا إلى الأوّل (4).
فإن كان لقضاء حاجة،من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها المسلمون،فإنّه يجوز للإمام أن يأذن له بالدخول بغير عوض أو بعوض على ما يراه من المصلحة يوما (5)و يومين (6)و ثلاثة.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن أراد أن يقيم مدّة،فالحكم فيه كالحكم في الإمام إذا أراد أن يعقد الهدنة و هو مستظهر؛لأنّ في ذلك (7)نظرا للمسلمين و مصلحة لهم، فيجوز،إلى أربعة أشهر بلا زيادة (8).و عندي:أنّه يجوز إلى سنة بعوض و أكثر، نظرا إلى المصلحة.
سواء كان بالمسلمين قوّة
ص:121
أو ضعف،لكنّها جائزة،لقوله تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (1)،و للآيات المتقدّمة (2)،بل المسلم يتخيّر في فعل ذلك برخصة ما تقدّم (3).
و بقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (4)و إن شاء قاتل حتّى يلقى اللّه شهيدا؛عملا بقوله تعالى: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ (5).
و بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (6).
و كذلك فعل سيّدنا الحسين عليه السلام،و النفر الذين وجّههم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى هذيل (7)،و كانوا عشرة فقاتلوا مائة حتّى قتلوا و لم يفلت منهم أحد إلاّ خبيب (8)،فإنّه أسر و قتل بمكّة (9).
ص:122
و هادن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يهود يثرب عند ابتداء هجرته.
و اختلف المسلمون في مهادنة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة،فقال قوم:إنّ ذلك كان مع استظهار المسلمين على المشركين.
و قال آخرون:بل كان المشركون مستظهرين،ذكر ذلك ابن الجنيد رحمه اللّه (1).
لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هادنهم يوم الحديبيّة على غير مال (2)،و يجوز على مال يأخذه منهم بلا خلاف؛ لأنّها إذا جازت على غير مال فعلى مال أولى.
أمّا لو صالحهم على مال يدفعه الإمام إليهم،فلا يخلو إمّا أن يكون لضرورة و اضطلام،مثل أن يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يستهان به و يستخدم (3)و يضرب،فيجوز للإمام أن يبذل المال و يستنقذه من أيديهم؛لما فيه من المصلحة باستنقاذ نفس مؤمنة من العذاب،أو يكون المسلمون في حصن و قد أحاط بهم المشركون و أشرفوا على الظفر بهم،أو كانوا خارجين من المصر و قد أحاط العدوّ بهم أو كان مستظهرا عليهم،فيجوز أن يبذل المال على ترك القتال.
روى الزهريّ،قال:أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عيينة بن حصن، و هو مع أبي سفيان يوم الأحزاب:«أ رأيت إن جعلت لك ثلث تمر الأنصار،أن ترجع من (4)معك من غطفان و تخذّل بين الأحزاب؟»فأرسل إليه عيينة:إن جعلت لي الشطر فعلت،فقال سعد بن معاذ و سعد بن عبادة:يا رسول اللّه،و اللّه لقد كان يجرّ
ص:123
سرمه (1)في الجاهليّة في عام (2)السنة حول المدينة،ما يطيق أن يدخلها،فالآن حيث جاء اللّه بالإسلام تعطيهم ذلك فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«فنعم إذا» (3)و لو لا جوازه،لم يبذله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.رواه ابن الجنيد (4).
و روي أنّ أبا بكر جعل (5)للزبرقان و الأقرع خراج البحرين حيث ضمنا له أن لا يرجع من قومهما أحد (6).
و روي أنّ الحارث بن عمرو الغطفانيّ (7)رئيس غطفان أرسل إلى النبيّ (8)صلّى اللّه عليه و آله،فقال:إن جعلت لي شطر ثمار المدينة و إلاّ ملأتها عليك خيلا و رجلا،فقال (9)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«حتّى أشاور السّعود» يعني سعد بن عبادة و سعد بن معاذ و سعد بن زرارة (10)،فشاورهم النبيّ صلّى اللّه عليه
ص:124
و آله،فقالوا:يا نبيّ اللّه،إن كان هذا بأمر من السماء،فتسليم لأمر اللّه،و إن كان برأيك و هواك،اتّبعنا رأيك و هواك،و إن لم يكن بأمر من السماء و لا برأيك و هواك، فو اللّه ما كنّا نعطيهم في الجاهليّة بسرة و لا تمرة (1)إلاّ شرى أو قرى،فكيف و قد أعزّنا اللّه تعالى بالإسلام؟!فقال صلّى اللّه عليه و آله لرسوله:«أو تسمع؟» (2).
وجه الدلالة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عرض عليهم ذلك؛ليعلم قوّتهم من ضعفهم،فلو لا جوازه عند الضعف،لما عرضه عليهم.
و أمّا إذا لم يكن الحال حال ضرورة،فإنّه لا يجوز له بذل المال،بل يجب القتال و الجهاد؛لقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله:
حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (3).
و لأنّ فيه صغارا و هوانا،أمّا مع الضرورة،فإنّما صيّر إلى الصّغار؛دفعا لصغار أعظم منه،من القتل و السبي و الأسر،الذي يفضي إلى كفر الذرّيّة،بخلاف حال غير الضرورة.
إذا ثبت هذا:فهل بذل المال واجب أم لا؟الأقرب:عدم وجوبه؛لما بيّنّا من جواز القتال ليلقى اللّه تعالى شهيدا.و إذا بذل المال،لم يملكه الآخذ؛لأنّه يأخذه بغير حقّ،فإذا ظفر بهم بعد ذلك أخذ منهم و ردّ إلى موضعه.
إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز أن يهادنهم عند الحاجة،على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين،كما شرط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لثقيف أن
ص:125
لا يعشّروا (1)،و أنّه لا يلج عليهم إلاّ من أحبّوا،و لا يؤمّر (2)عليهم إلاّ بعضهم، و حظر صيد واديهم و شجره.و سنّ فيمن (3)فعل ذلك جلده و نزع ثيابه (4).
و كذلك لو رأى الإمام مع قوّته على العدوّ أن يضع بعض ما يجوز تملّكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم؛حفظا لأصحابه،و تحرّزا من دوائر الحروب،جاز، كما شرط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل دومة الجندل،و جعل لهم من نخل مصرهم و الماء الدائم،مثل:العيون،و المعمور (5)من بلادهم (6).
و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ذلك يتعلّق بنظر الإمام و ما يراه من المصلحة،فلم يكن للرعيّة تولّيه.و لأنّ تجويزه من غير الإمام يتضمّن إبطال الجهاد بالكلّيّة أو إلى تلك الناحية، و فيه افتتان على الإمام.
أمّا عقد الأمان،فيجوز لآحاد الرعايا أن يؤمّنوا آحاد المشركين و العدد اليسير منهم؛
لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«المؤمنون بعضهم أكفاء بعض»«تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمّتهم (7)أدناهم» (8)فإن أمّن آحاد الرعيّة أهل بلد أو إقليم
ص:126
أو صقع (1)،لم يصحّ ذلك إجماعا.
و كذا لو هادن أحد من الرعيّة بلدا أو صقعا،لم يصحّ ذلك إجماعا؛لما تقدّم.
فإن دخل واحد من هؤلاء الذين هادنهم غير الإمام و نائبه إلى دار الإسلام،كان بمنزلة من جاء منهم،و ليس بيننا و بينهم عقد.
لأنّه أمّنهم ممّن هو في قبضته و تحت يده،كما أمّن من في يده منهم،فإنّ فائدة العقد (2)هذا.
و لو أتلف مسلم أو بعض أهل الذمّة عليهم شيئا،ضمنه،و لا يجب عليه حمايتهم من أهل الحرب،و لا حماية بعضهم من بعض؛لأنّ الهدنة هي:التزام الكفّ عنهم فقط،لا مساعدتهم على عدوّهم.
و لو أغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوهم،لم يجب عليه استنقاذهم،قال بعض الجمهور:و ليس للمسلمين شراؤهم؛لأنّهم في عهدهم (3).و هو اختيار
ص:127
الشافعيّ (1).
و قال أبو حنيفة:يجوز ذلك؛لأنّه لا يجب أن يدفع عنهم،و لا يحرم استرقاقهم (2).
فصحيح الشروط لازم بلا خلاف،مثل أن يشترط (3)عليهم مالا،أو معونة المسلمين عند حاجتهم.
و فاسد الشروط يبطل العقد،مثل أن يشترط 4ردّ النساء أو مهورهنّ،أو ردّ السلاح المأخوذ منهم،أو دفع المال إليهم،مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك،أو أنّ لهم نقض الهدنة متى شاءوا،أو يشترط 5ردّ الصبيان أو الرجال،فهذه الشروط كلّها فاسدة تفسد عقد الهدنة،كما يفسد عقد الذمّة باقتران الشروط الباطلة به،كما قلنا:
إنّه لو شرط عدم التزام أحكام المسلمين في أهل الذمّة،أو إظهار الخمور و الخنازير،أو يأخذ من الجزية أقلّ ممّا يجب عليهم (4).و يجب على من عقد معهم الصلح إبطاله و نقضه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقد الصلح يوم الحديبيّة على أن يردّ إليهم كلّ من جاء منهم مسلما مهاجرا،فمنعه اللّه تعالى من ذلك و نهاه عنه؛ لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية (5). (6)
ص:128
لم يخل الحال من أحد أمرين:إمّا أن يكون ذا عشيرة و قوّة تحميه و تمنعه عن الافتتان و الدخول في دينهم.أو يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة في الدين أو النفس.
فالأوّل يجوز ردّه إليهم و لا يمنعهم منه؛عملا بالشرط،و عدم الضرر عليه متحقّق؛إذ التقدير ذلك-لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ أبا جندل بن سهيل (1)و أبا بصير (2)،في صلح الحديبيّة (3)-بمعنى أنّه لا يمنعهم من أخذه إذا جاءوا في
ص:129
طلبه،و لا يجبره الإمام على المضيّ معهم،و له أن يأمره في السرّ بالهرب منهم و يقاتلهم؛
فإنّ أبا بصير لمّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و جاء الكفّار في طلبه، قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّا لا يصلح في ديننا الغدر،و قد علمت ما عاهدناهم عليه،و لعلّ اللّه أن يجعل لك فرجا و مخرجا» فلمّا رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه،ثمّ رجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه،قد أوفى اللّه ذمّتك،قد رددتني إليهم و أنجاني اللّه منهم،فلم ينكر عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يلمه،بل
قال:«و يلمّه (1)(2)مسعر حرب لو كان معه رجال» فلمّا سمع ذلك أبو بصير،لحق بساحل البحر،و انحاز إليه أبو جندل بن سهيل و من معه من المستضعفين بمكّة،فجعلوا لا تمرّ عير لقريش إلاّ عرضوا لها،فأخذوها و قتلوا من معها،فأرسلت قريش إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تناشده اللّه و الرحم أن يضمّهم إليه،و لا يردّ إليهم أحدا جاءه،ففعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك (3).
فعلى هذا يجوز لمن أسلم من الكفّار أن يتحيّزوا إلى جماعة و ناحية و يقتلون من قدروا عليه من الكفّار،و يأخذون أموالهم،و لا يدخلون في الصلح،إلاّ أن يشترط (4)الإمام ذلك،أو يضمّهم إليه بإذن الكفّار،فيدخلون في الصلح،و يحرم عليهم قتل الكفّار.
و الثاني:أن يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة،فهذا لا يجوز إعادته عندنا.
ص:130
و به قال الشافعيّ (1).و أطلق أحمد الجواز (2).
و هو خطاء؛و لهذا لم يوجب (3)على من له قوّة على إظهار دينه و التزام أحكام الإسلام و إظهار شعائره المهاجرة من (4)بلاد الشرك،و أوجبناها على المستضعف.
لم يجز؛لأنّه كما يتناول من يؤمن افتتانه،يتناول من لا يؤمن افتتانه عند بلوغه.
لأنّه لا يؤمن افتتانه عند بلوغه.
و كذا لو قدم مجنون،لم يردّه.
و لو بلغ الصبيّ و أفاق المجنون،فإن وصفا الإسلام،كانا مع المسلمين،و إن وصفا الكفر،فإن كان كفرا لا يقرّ أهله عليه ألزمناهما بالإسلام،أو رددناهما إلى مأمنهما.و إن كان ممّا يقرّ أهله عليه؛الزمناهما بالإسلام أو الجزية أو الردّ إلى مأمنهما.
لأنّه قهر مولاه على نفسه-و قد تقدّم- (5)و لو جاء سيّده،لم يردّ عليه؛لأنّه مستضعف لا يؤمن عليه الافتتان.
ص:131
و هل يردّ عليه قيمته؟للشافعيّ قولان (1).
و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ إلى قوله تعالى فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (2).
و روي أنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط (3)جاءت مسلمة،فجاء أخواها يطلبانها،فأنزل اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية (4)،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه تعالى منع الصلح في النساء» (5).
إذا ثبت هذا:فلو صالحهم الإمام على ردّ من جاء من النساء مسلمة،لم يجز الصلح،و كان باطلا؛للآية و الحديث و الفرق بينها و بين الرجل من وجوه:
أحدها:أنّها لا يؤمن أن يزوّجها وليّها بكافر فينالها.
الثاني:أنّها لضعفها ربّما فتنت عن دينها.
الثالث:أنّها لا يمكنها في العادة الهرب و النجاة بنفسها،بخلاف الرجل.
ص:132
جاز لكلّ مسلم إخراجها،و تعيّن عليه ذلك مع المكنة؛لما فيه من استنقاذ المسلم.
و لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خرج من مكّة،وقفت ابنة حمزة (1)على الطريق،فلمّا مرّ بها عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام،قالت:يا ابن عمّ، إلى من تدعني؟فتناولها،فدفعها إلى فاطمة عليها السلام،حتّى قدم بها المدينة (2).
لم يجب ردّه إليهم،و لا يجوز ذلك،سواء كان حرّا أو عبدا،أو رجلا أو امرأة.
و قال أصحاب الشافعيّ:إن خرج العبد إلينا قبل إسلامه ثمّ أسلم،لم يردّ إليهم، فإن أسلم قبل خروجه،ثمّ خرج إلينا،لم يصر حرّا؛لأنّهم في أمان منّا،و الهدنة تمنع من جواز القهر (3).
لنا:أنّه من غير أهل دار الإسلام خرج إلينا،فلم يجب ردّه و لا ردّ شيء بدلا عنه،كالحرّ من الرجال،و كالعبد إذا خرج قبل إسلامه.
و احتجاجهم:بأنّهم في أمان منّا،ضعيف؛لأنّا إنّما أمّنّاهم ممّن هو في
ص:133
دار الإسلام،الذين هم في قبضة الإمام.أمّا من هو في دارهم و من ليس في قبضته، فلا يمنع منه إلاّ بدليل،و لهذا لم يضمّن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا بصير بالرجل الذي قتله لمّا جاء في ردّه،و لم ينكر عليه ذلك.
و لمّا انفرد هو و أبو جندل و أصحابهما عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في صلح الحديبيّة،فقطعوا الطريق عليهم،و قتلوا من قتلوا منهم،و أخذوا أموالهم،لم ينكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك منهم،و لم يأمرهم بردّ ما أخذوه و لا غرامة ما أتلفوه (1)و هذا الذي أسلم كان في دارهم و في قبضتهم و قهرهم على نفسه،فصار حرّا،كما لو أسلم بعد خروجه.
و كانت الهدنة فاسدة (2).
فأمّا إذا أطلق الهدنة،ثمّ جاءت امرأة مسلمة منهم،أو جاءت كافرة ثمّ أسلمت، فإنّه لا يجوز ردّها إجماعا؛لما مضى.فإن جاء أبوها أو جدّها أو أخوها أو عمّها أو أحد أنسابها (3)يطلبها،لم تدفع إليه؛لقوله تعالى: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (4).
و لو طلب أحدهم مهرها،لم يدفع إليه أيضا،و لا نعلم فيه خلافا.
و لو جاء زوجها أو وكيله يطلبها،لم تسلّم إليه إجماعا؛للآية (5).
و إن طلب مهرها و لم يكن قد سلّمه إليها،فلا شيء له بلا خلاف.
ص:134
و إن كان قد سلّمه،قال علماؤنا:يردّ إليه ما دفعه.و هو أحد قولي الشافعيّ.
و في القول الثاني:لا يردّ عليه (1).و به قال المزنيّ (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد بن حنبل (4).
لنا:قوله تعالى: وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (5).
و لأنّ الهدنة تقتضي الكفّ عن أموالهم،و بضع المرأة ملك له،فإذا لم يمكن ردّه عليه لإسلامها،وجب ردّ بدله.
احتجّوا:بأنّ بضع المرأة ليس بمال يدخل في الأمان،و لهذا لو عقد الرجل الأمان لنفسه،دخل فيه أمواله،و لا تدخل فيه زوجته (6).
و الجواب:أنّه قياس ضعيف في مقابلة النصّ،فلا يكون مسموعا،خصوصا مع معارضة فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،الدالّ على اعتبار النصّ في العموم و العمل به؛فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبيّة (7).
و ادّعاء النسخ (8)باطل لم يثبت.
ص:135
لقوله تعالى: وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (1)و هذا لم ينفق،و كذا لو لم يسمّ مهرا (2).
كالخمر و الخنزير،لم يكن له المطالبة به و لا بقيمته؛لأنّه ليس بمال،و لا قيمة له في شرعنا.
أو بلد خليفته و منع من ردّها،
أمّا إذا قدمت إلى غير بلدهما،وجب على المسلمين منعه من أخذها؛لأنّه أمر بمعروف.فإذا منع غير الإمام و غير خليفته من ردّها،لم يلزم الإمام أن يعطيهم شيئا،سواء كان المانع من ردّها العامّة أو رجال الإمام؛لأنّ الذي يعطيه الإمام من المصالح،و لا تصرّف لغير الإمام و خليفته فيه (3).
إذا ثبت هذا:فقول الشيخ-رحمه اللّه-:إنّه يدفع إليه المهر،من سهم المصالح؛ لأنّها قهرت الكفّار على ما أخذته،فملكته بالقهر،و إنّما أوجبنا الردّ من سهم المصالح؛للآية (4).
لم يجب ردّه؛ لأنّه تطوّع به،فلا يردّ عليه.و لأنّ هذا المدفوع ليس ببدل عن البضع الذي حيل بينه و بينه،و إنّما هو هبة محضة،فلا يرجع بها.
فإن كانت قد أسلمت ثمّ جنّت و قدمت إلينا
ص:136
كذلك (1)لم تردّ و يردّ مهرها؛لأنّها بحكم العاقلة في تفويته بضعها.
و إن كانت قد وصفت الإسلام و أشكل علينا الحال،هل كان إسلامها حال عقلها أو جنونها؟فإنّها لا تردّ أيضا؛لاحتمال أن يكون قد أسلمت عاقلة،و لا يردّ مهرها؛لاحتمال أن تكون وصفت الإسلام و هي مجنونة،فإن أفاقت فأقرّت بالإسلام،ردّ مهرها عليه،و إن أقرّت بالكفر،ردّت عليه.
و لو جاءت مجنونة و لم يخبر عنها بشيء،لم تردّ عليه؛لأنّ الظاهر أنّها إنّما جاءت إلى دار الإسلام؛لأنّها أسلمت،و لا يردّ مهرها،للشكّ،فيجوز أن تفيق و تقول:إنّها لم تردّ (2)كافرة،فتردّ حينئذ.
إذا ثبت هذا:فإمّا أن يتوقّف عن ردّها حتّى تفيق و يتبيّن أمرها،فإن أفاقت، سئلت،فإن ذكرت أنّها أسلمت،أعطي المهر و منع منها،و إن ذكرت أنّها لم تزل كافرة،ردّت عليه.
إذا عرفت هذا:فإنّه ينبغي أن يحال بينهم (3)و بينها حال جنونها؛لجواز أن تفيق فيصدّونها عن الإسلام في أوّل زمان إفاقتها.
لنا:أنّ إسلامها غير محكوم بصحّته،فلا يجب ردّ مهرها،كالمجنونة إذا لم يعلم هل أسلمت في حال إفاقتها أو في حال جنونها.
احتجّ الشافعيّ:بأنّ وصفها للإسلام منع من ردّها،فوجب ردّ مهرها،كالبالغة.
ثمّ فرّق بينها و بين المجنونة بأنّ المنع في المجنونة للشكّ في إسلامها،و المنع في الصغيرة لوصف الإسلام (1).
و الجواب:المنع من ذلك،فإنّ وصف الإسلام لا يحكم به فيها،و إنّما منعناه منها؛للشكّ في ثباتها عليه بعد بلوغها،فإذا بلغت فإن ثبتت على الإسلام،رددنا مهرها،و إن وصفت الكفر،رددناها.
فإن لم تفعل، حبست دائما،و ضربت أوقات الصلوات عندنا،و قتلت عند الجمهور على ما يأتي الخلاف فيه.
إذا ثبت هذا:فإن جاء زوجها و طلبها،لم تردّ عليه؛لأنّها حكم لها بالإسلام أوّلا،ثمّ ارتدّت،فوجب حبسها،و يردّ عليه مهرها؛لأنّا حلنا بينه و بينها بالحبس أمّا القائلون بوجوب القتل،فإنّهم قالوا:إن جاء قبل القتل،ردّ عليه مهرها؛لأنّا حلنا بينه و بينها بالقتل.و إن جاء بعد قتلها،لم يردّ عليه شيء؛لأنّا لم نحل بينه و بينها عند مطالبته بها (2).
فإن كان يوم المطالبة،وجب ردّ المهر عليه؛لأنّ الموت كان بعد الحيلولة،فإن كانت هي الميّتة، ردّ المهر عليه،و إن كان هو الميّت،ردّ المهر على ورثته،و إن كان الموت قبل
ص:138
المطالبة،فلا شيء له؛لأنّ الحيلولة حصلت بالموت لا الإسلام.
لم تخل من أحد أمرين:
أحدهما:أن يكون الطلاق بائنا.
و الثاني:أن يكون رجعيّا،فإن كان بائنا أو خالعها،فإن كان قبل المطالبة،لم يجب ردّ المهر إليه؛لأنّ الحيلولة منه بالطلاق لا بالإسلام،و إن كان بعد المطالبة، وجب؛لأنّه قد استقرّ المهر له بالمطالبة و الحيلولة،و إن كان رجعيّا،لم يكن له المطالبة بالمهر؛لأنّه أجراها إلى البينونة،أمّا لو راجعها فإنّه يردّ عليه المهر مع المطالبة؛لأنّ الرجعة له في الرجعيّ و إنّما حال بينهما الإسلام.
فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها،كان على النكاح؛
لما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام (1)أنّ امرأة مجوسيّة أسلمت قبل زوجها،قال عليّ عليه السلام:«أ تسلم؟»قال:لا،ففرّق بينهما ثمّ قال:«إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك،و إن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثمّ أسلمت (2)،فأنت خاطب من الخطّاب» (3).و سيأتي البحث في ذلك.
إذا ثبت هذا:فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه،ثمّ أسلم في العدّة،ردّت إليه و وجب عليه ردّ مهرها إليها؛لأنّ استحقاقه للمهر إنّما كان بسبب الحيلولة و قد زالت.
و لو أسلم بعد انقضاء عدّتها لم يجمع بينهما و بانت منه ثمّ ينظر،فإن كان قد
ص:139
طالب بالمهر قبل انقضاء عدّتها،كان له المطالبة؛لأنّ الحيلولة حصلت قبل إسلامه، و إن لم يكن طالب قبل انقضاء العدّة،لم يكن له المطالبة بالمهر؛لأنّه التزم حكم الإسلام،و ليس من حكم الإسلام المطالبة بالمهر بعد البينونة.
و لو كانت غير مدخول بها و أسلمت ثمّ أسلم،لم يكن له المطالبة بمهرها؛لأنّه أسلم بعد البينونة،و حكم الإسلام يمنع من وجوب المطالبة في هذا الحال.
لأنّها قهرت مولاها على نفسها،فزال ملكه عنها،كما لو قهر عبد حربيّ سيّده الحربيّ،فإنّه يصير حرّا،و الهدنة قد بيّنّا أنّها إنّما تمنع من في قبضة الإمام من المسلمين و أهل الذمّة (1).
إذا ثبت هذا:فإن جاء سيّدها يطلبها،لم تدفع إليه؛لأنّها صارت حرّة؛و لأنّها مسلمة لا تحلّ له،فلا يجب ردّها و لا ردّ قيمتها قاله الشيخ رحمه اللّه (2).
و للشافعيّ قولان:هذا أحدهما؛لأنّها بالقهر صارت حرّة،فلا يجب ردّ قيمتها، كالحرّة في الأصل.
و الثاني:تردّ قيمتها عليه؛لأنّ الهدنة اقتضت ردّ أموالهم عليهم،و هذه من أموالهم (3).و قد سبق الجواب عنه.
إذا ثبت هذا:فإن جاء زوجها يطلبها،لم تردّ عليه؛لما مضى.و إن طلب مهرها، فإن كان حرّا،ردّ عليه،و إن كان عبدا،لم يدفع إليه المهر حتّى يحضر مولاه فيطالب به؛لأنّ المال حقّ له.
ص:140
و لو حضر المولى دون العبد،لم يدفع إليه شيء؛لأنّ المهر يجب للحيلولة بينها و بين الزوج،فإذا حضر الزوج و طالب،ثبت المهر للمولى فيعتبر حضورهما معا.
و عندي في وجوب ردّ مهر الأمّة نظر.
فإن اعترفت له بالنكاح،ثبت،و إن أنكرت،كان عليه إقامة البيّنة،و هي شاهدان مسلمان عدلان،و لا يقبل في ذلك شاهد و امرأتان،و لا شاهد و يمين؛لأنّه نكاح لا يثبت إلاّ بشاهدين ذكرين.
فإن صدّقته،ثبت له،و إن أنكرت،كان عليه البيّنة،و يقبل في ذلك شاهدان،أو شاهد و امرأتان،أو شاهد و يمين؛لأنّه مال،و لا يقبل قول الكفّار في البابين و إن كثروا،فإن لم يكن له بيّنة،كان القول قولها مع اليمين.
بل بأقلّ الأمرين من المقبوض و ما وقع عليه العقد؛لأنّ الرجوع إنّما هو بما دفعه،فإذا كان المقبوض أقلّ من المسمّى، لم يجب له الزيادة على ما قبضته،و إن كان المقبوض أكثر من المسمّى،كان الزائد هبة،و قد قلنا:إنّه لا يجب ردّها (1).
إذا ثبت هذا:فإن اختلفا في المقبوض،كان عليه البيّنة؛لأنّ الأصل عدم القبض،فإن لم يكن له بيّنة،كان القول قولها مع اليمين.
قال الشيخ رحمه اللّه:فإن أعطيناه المهر بما ذكرناه،فقامت البيّنة بأنّ المقبوض كان أكثر،كان له الرجوع بالفضل (2).
و في هذا الإطلاق نظر،فإنّا إذا دفعنا إليه ما اعترفت به المرأة باليمين،لم يكن
ص:141
له بعد ذلك،الرجوع بشيء.
المسلمين المعدّ للمصالح؛
لأنّ ذلك من مصالح المسلمين.
الرجال،دون من لا عشيرة له،
فلو أطلق الصلح على الردّ مطلقا،كان باطلا؛لأنّ الإطلاق يقتضي ردّ الجميع،و هو باطل،فإذا بطل الصلح،لم يردّ من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة،و لا يردّ البدل (1)عنها بحال؛لأنّ البدل 2استحقّ بشرط و هو مفقود هنا،كما لو جاءنا من غير هدنة.
و إذا ردّ من له عشيرة لم يكرهه على الرجوع؛لأنّه ليس للإمام إخراج مسلم من بلد إلى بلد من بلاد الإسلام،فكيف إلى دار الحرب،بل لا يمنعه من الرجوع إن اختار ذلك فيقول:لك في الأرض مراغم كثيرة و سعة (2)و لا يمنع منه من جاء لردّه و يوصيه بالهرب.
فإذا جاء سيّده يطلبه،لم يجب ردّه و لا ردّ ثمنه؛لأنّه صار حرّا بالإسلام و لا دليل على وجوب ردّ ثمنه.
وجب على من بعده من الأئمّة العمل بموجب ما شرطه الأوّل إلى أن تخرج مدّة الهدنة،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه معصوم فعل مصلحة،فوجب على القائم بعده تقريرها إلى وقت خروج العهد.
على أن يكون البلد لهم
ص:142
و يضرب على أرضيهم (1)خراجا يكون بقدر الجزية و يلتزمون أحكامنا و يجريها عليهم،كان ذلك جائزا،و يكون ذلك في الحقيقة جزية،و لا يحتاج إلى جزية الرءوس؛لأنّا قد بيّنّا (2)أنّ للإمام الخيار في وضعها على رءوسهم أو على أرضيهم،فإذا أسلم واحد منهم،سقط عنه ما ضرب على أرضه من الصلح و صارت الأرض عشريّة؛لأنّ الإسلام يسقط الجزية؛
لقوله عليه السلام:«لا تؤخذ الجزية من مسلم» (3).
و لأنّها إذلال و هو ينافي الإسلام،و قد تقدّم بيان ذلك (4).
فإن شرط عليهم أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنّه متى نقص ذلك عن أقلّ ما تقتضي المصلحة أن تكون جزية،كان جائزا.و كذلك إن غلب في ظنّه أنّ العشر وفق الجزية،كان جائزا،و إن غلب في ظنّه أنّ العشر لا يفي بما توجبه المصلحة من الجزية،لا يجوز أن يعقد عليه.
و إن أطلق و لا يغلب على ظنّه الزيادة و لا النقصان،قال الشيخ-رحمه اللّه-:
الظاهر من المذهب:أنّه يجوز ذلك؛لأنّه من فروض الإمام و اجتهاده،فإذا فعله دلّ على صحّته؛لأنّه معصوم (5).
كان العقد باطلا (6).قال ابن الجنيد:و لو كان بالمسلمين ضرورة أباحت لهم شرطا في الهدنة
ص:143
فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه مبتدأ،لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط و لا الهدنة لأجل الحادث؛لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1). (2)
و لأنّه أمر بالوفاء بالعهد،و قد ردّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا بصير إلى المشركين بعد أن رجع إليه (3)و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حذيفة بن اليمان أن يفي للمشركين بما أخذوا عليه من أن لا يقاتل مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر (4).
قال:و قد روي في بعض الحديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«أنّ حيّا من العرب جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه نسلم على أن لا ننحني و لا نركع،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نعم،و لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم،قالوا:نعم،فلمّا حضرت الصلاة أمرهم بالركوع و السجود، فقالوا:أ ليس قد شرطت لنا أن لا ننحني و لا نركع،فقال عليه السلام لهم:أ ليس قد أقررتم بأنّ لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم» (5).
قال ابن الجنيد:و هذا إن صحّ فوجب أنّ الشرط العامّ ماض على الخاصّ،أو الشرط الأخير ناسخ للشرط الأوّل،قال:و لا نختار (6)لأحد إذا كان مخيّرا غير مضطرّ أن يشترط في عقد و لا صلح يعقده ما لا يبيح الدين عقده ممّا هو محظور،
و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو
ص:144
باطل» (1)و لم يجز (2)عليه و لا له.
و قد روي أنّ ثقيفا (3)سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يركعوا و لا يسجدوا (4)و أن يمتّعوا باللاّت سنة من غير أن يعبدوها، فلم يجبهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ذلك (5).
قال بعض الجمهور:و قد روي أنّ حكيم بن حزام،قال:بايعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن لا أخّر إلاّ قائما،يعني أنّه لا يركع في الصلاة،بل يقرأ ثمّ يسجد من غير ركوع (6).
و عن نصر بن عاصم (7)أنّ رجلا منهم بايع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن يصلّي طرفي النهار (8).
ص:145
في تبديل أهل الذمّة دينهم
-كاليهوديّ أو النصرانيّ أو المجوسيّ- إلى دين يقرّ أهله عليه بالجزية أيضا،كما ينتقل اليهوديّ عن اليهوديّة إلى النصرانيّة أو إلى المجوسيّة،قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:يقبل منه ذلك و لا يجب قتله،بل يجوز إقراره بالجزية (1).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هو الذي يقتضيه الظاهر من المذهب؛لأنّ الكفر عندنا كالملّة الواحدة.قال:و لو قيل:إنّه لا يقرّ عليه؛
لقوله عليه السلام:«من بدّل دينه فاقتلوه» (2)و هو عامّ.و لقوله تعالى: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (3)و هو عامّ أيضا،كان قويّا.
ص:146
قال:فإذا قلنا بالظاهر من المذهب و انتقل إلى بعض المذاهب،أقرّ على جميع أحكامه،و إن انتقل إلى المجوسيّة،فمثل ذلك،غير أنّ على أصلنا لا يجوز (1)مناكحتهم بحال،و لا أكل ذبائحهم،و من أجاز أكل ذبائحهم من أصحابنا ينبغي أن يقول:إن انتقل إلى اليهوديّة و النصرانيّة،أكل ذبيحته،و إن انتقل إلى المجوسيّة لا تؤكل و لا يناكح،و إذا قلنا:لا يقرّ على ذلك-و هو الأقوى عندي-فإنّه يصير مرتدّا عن دينه (2).
إذا قلنا:إنّه لا يقرّ عليه،فبأيّ شيء يطالب؟
منهم من يقول:إنّه يطالب بالإسلام لا غير؛لاعترافه ببطلان ما كان عليه، و ما عدا دين الإسلام باطل فلا يقرّ عليه (3)،و منهم من يقول:إنّه يطالب بالإسلام أو بدينه الأوّل (4).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لو قيل:إنّه لا يقبل منه إلاّ الإسلام أو القتل،كان قويّا (5)؛للآية (6)و الخبر (7)،فعلى هذا إن لم يرجع إلاّ إلى الدين الذي خرج منه،
ص:147
قتل و لم ينفذ (1)إلى دار الحرب؛لأنّ فيه تقوية لأهل الحرب و تكثيرا لعددهم (2).
فإنّه لا يقرّ عليه إجماعا،و ما الذي (3)يقبل منه؟فيه أقوال ثلاثة:
أحدها:أنّه لا يقبل منه إلاّ الإسلام،و قوّاه الشيخ-رحمه اللّه- 4؛للآية 5و الخبر 6؛لأنّه اعترف ببطلان ما كان عليه،و ما عدا دين الإسلام باطل في نفس الأمر،فلا يقرّ عليه،كما لو ارتدّ عن الإسلام إليه.
الثاني:أنّه يقبل منه الإسلام أو الدين الذي كان عليه؛لأنّه انتقل من دين يقرّ
ص:148
أهله عليه إلى دين لا يقرّ أهله عليه،فوجب أن يقبل منه الرجوع إليه،كما لو انتقل عن الإسلام.
و استبعده ابن الجنيد و قال:لا يقبل منه إلاّ الإسلام كالقول الأوّل؛لأنّه بدخوله فيما لا يجوز إقراره عليه قد أباح دمه،و صار حكمه حكم المرتدّ الذي لا يقبل منه غير الإسلام (1).
الثالث:أنّه يقبل منه الإسلام أو الرجوع إلى دينه الأوّل،أو الانتقال إلى دين يقرّ أهله عليه؛لأنّ الأديان المخالفة لدين الإسلام ملّة واحدة؛لأنّ جميعها كفر، فإذا كانت ملّتان يقرّ أهلهما عليهما،كانتا سواء.و هو أظهر الأقوال عند الشافعيّة (2).
و منع ابن الجنيد من ذلك (3)،و الشيخ-رحمه اللّه-استضعف هذا القول و مال إلى الأوّل،قال:فإن أقام على الامتناع،فحكمه ما قدّمناه من وجوب القتل عليه (4).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و أمّا أولاده:فإن كانوا كبارا يقرّوا على دينهم،و لهم حكم نفوسهم،و إن كانوا صغارا،نظر في الأمّ:فإن كانت على دين يقرّ أهله عليه ببذل الجزية،أقرّ ولده الصغير في دار الإسلام،سواء ماتت الأمّ أو لم تمت،و إن كانت على دين لا يقرّ أهله عليه،كالوثنيّة و غيرها؛فإنّهم يقرّون أيضا؛لما سبق لهم من الذمّة،و الأمّ لا يجب عليها القتل (5).
ص:149
في نقض العهد
وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضوها بلا خلاف نعلمه في ذلك،لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1)و قوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (2).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من كان بينه و بين قوم عهد فلا يشدّ عقدة و لا يحلّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» (3).
و في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى الأشتر (4)«فإن نتجت (5)بينك و بين عدوّك قضيّة (6)و عقدت لهم بها صلحا،و ألبسته منك ذمّة،فحط عهدك بالوفاء، و[ارع] (7)ذمّتك بالأمانة،و اجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت...و لا يدعونّك ضيق
ص:150
أمر لزمك فيه عهد اللّه إلى طلب انفساخه[بغير الحقّ] (1)فإنّ صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه و فضل عاقبته،خير من غدر تخاف تبعته،و أن تحيط بك من اللّه [فيه] (2)طلبة لا يسعك (3)فيها دنياك و لا آخرتك» (4).
و الإجماع وقع على ذلك،و لأنّه إذا لم يف بها لم يسكن إلى عهده و قد تقع الحاجة إلى عقد الهدنة لمصلحة المسلمين،فلو لم يجب الوفاء به،لم تندفع الحاجة.
لم يخل،إمّا أن ينقض الجميع أو البعض،فإن نقض الجميع العهد،وجب قتالهم و نقض عهدهم؛لقوله تعالى: فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ (5).
و إن نقض بعضهم دون بعض،نظرت،فإن كان الباقون أنكروا ما فعله الناقضون بقول أو فعل ظاهر،أو اعتزلوهم أو راسلوا الإمام بأنّا منكرون لما فعلوا،أو أنّا مقيمون على العهد،كان العهد باقيا في حقّه (6).
و إن سكتوا على ما فعله الناقضون،و لم يوجد إنكار و لا تبرّ من ذلك،كانوا كلّهم ناقضين للعهد؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لمّا هادن (7)قريشا،
ص:151
كانت خزاعة (1)في حزب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بنو بكر (2)في حزب قريش، فقتل رجل من بني بكر رجلا من خزاعة،فسكتت قريش على ذلك،فسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قريش،ففتح مكّة (3).و لأنّ سكوتهم على ذلك يدلّ على الرضا به كما لو عقد بعضهم الهدنة مع سكوت الباقين،فإنّه يكون عقدا لجميعهم؛ لأنّ سكوتهم رضا منهم،كذلك هاهنا.
إذا ثبت هذا:فإن كان النقض من الجميع،غزاهم الإمام و بيّتهم و أغار عليهم، و يصيروا أهل حرب ليس لهم عقد هدنة.و إن كان من بعض دون بعض،غزا الإمام الناقضين دون الباقين على العهد إن كانوا متميّزين للإمام،و إن كانوا مختلطين، أمرهم الإمام بالتميّز ليأخذ من نقض،دون من لم ينقض.و لو نقض بعضهم دون بعض و لم يتعيّنوا له،فمن اعترف بأنّه نقض،قتله،و من لم يعترف بذلك،لم يقتله و قبل قوله؛لأنّه لا طريق إلى معرفة ذلك إلاّ من قولهم.
ص:152
لو نقضوا العهد ثمّ تابوا عنه،قال ابن الجنيد:أرى القبول منهم (1).و كذلك فعل معقل بن قيس (2)ببعض بني ناجية (3). (4)و كتب به عمر بن الخطّاب إلى أهل رعاس من نجران.
ذلك،
جاز له نقض العهد،قال اللّه تعالى: وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (5)يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتّى تصير أنت و هم سواء في العلم،
ص:153
و لا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتّى يكون عن أمارة تدلّ على ما خافه.
و لا تنتقض الهدنة بتيسّر الخوف،بل للإمام نقضها،و هذا بخلاف الذمّيّ إذا خيف منه الخيانة،فإنّ عقد الذمّة لا ينتقض بذلك؛لأنّ عقد الذمّة يعقد لحقّ أهل الكتاب؛بدليل أنّه يجب على الإمام إجابتهم إليه،و عقد الهدنة و الأمان لمصلحة المسلمين لا لحقّهم،فافترقا.
و لأنّ عقد الذمّة آكد؛لأنّه عقد معاوضة،و لأنّه مؤبّد،بخلاف الهدنة و الأمان، و لهذا لو نقض بعض أهل الذمّة و سكت الباقون،لم ينتقض عهدهم،و لو كان في الهدنة انتقض.
و لأنّ أهل الذمّة في قبضة الإمام و تحت ولايته،و لا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم،بخلاف أهل الهدنة،فإنّ الإمام يخاف منهم الغارة على المسلمين و الضرر الكثير منهم على المسلمين.
فإنّه يردّهم إلى مأمنهم،ثمّ يكونون حربا،فإن كانوا لم يبرحوا (1)حصنهم جاز قتالهم بعد النبذ إليهم؛لأنّهم في منعتهم كما كانوا قبل العقد.و إن كانوا قد نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين،ردّهم الإمام إلى مأمنهم؛لأنّهم دخلوا إليه من مأمنهم،فكان عليه ردّهم إليه؛لأنّه لو لا ذلك (2)،لكان خيانة من المسلمين،و اللّه لا يحبّ الخائنين.
إذا ثبت هذا:فإذا زال عقد الهدنة،نظر فيما زال به،فإن لم يتضمّن وجوب حقّ عليه،مثل أن يأوي لهم عينا،أو يخبرهم بخبر المسلمين و يطلعهم على عوراتهم، ردّه إلى مأمنه،و لا شيء عليه.و إن كان يوجب حقّا،فإن كان لآدميّ،كقتل نفس أو إتلاف مال،استوفي ذلك منه،و إن كان للّه تعالى محضا،كحدّ الزنا و الشرب،أقيم
ص:154
عليه أيضا عندنا،خلافا للجمهور (1)،و إن كان مشتركا،كالسرقة،أقيم عليه عندنا، و للجمهور قولان (2)-و سيأتي-عملا بالعمومات.
و إن كان أكثر من ذلك،كان أفضل (3)،و لا يجوز ترك ذلك أكثر من سنة إلاّ لضرورة منها:أن يقلّ عدد المسلمين و يكثر المشركون،فإنّه يجوز تأخيره،أو يتوقّع مجيء مدد يتقوّى بهم،أو يتعذّر عليه الماء و العلف في طريقه فيؤخّره حتّى يتّسع،أو يرجو أن يسلم منهم قوم إذا بدأهم بالقتال لم يسلموا،و لهذا (4)أخّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتال قريش بهدنة و أخّر قتال أسد (5)و طيّئ (6)و نمير (7)بلا هدنة (8).
فإن هادنهم لأحد هذه المصالح،وجب عليه الوفاء و لزمهم أيضا الوفاء حتّى تنقضي المدّة،فإن نقضوا،جاز أن ينبذ إليهم و ينقض عهدهم،كما فعل المسلمون بأهل نجران لمّا أكلوا الربا الذي شرط عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا
ص:155
يأكلوه (1).
و قد روي أنّ بني قريظة (2)ظاهرت الأحزاب على حرب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان (3)ذلك نقضا منها و نكثا للعهد بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بينها استحلّ به قتالهم-و إن كانوا لم يقتلوا من أصحابه أحدا-و ضرب عنق حييّ بن أخطب (4)منهم (5).
و إنّ كعب بن الأشرف (6)لمّا رحل (7)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه
ص:156
إلى منزله،و أرسل إلى اليهود:إن كنتم تريدون محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه يوما من الدهر فالآن فإنّه في منزلي فعجّلوا الساعة،و أتى جبرئيل عليه السلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالخبر،فخرج (1)و أصحابه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّه قد كفر و نقض العهد»فوجّه إليه بمن قتله (2).
و قيل:إنّ بني قينقاع (3)كان سبب غدرهم أنّ امرأة من المسلمين جلست إلى صائغ يصوغ لها حليّا،فلمّا قامت تكشّفت و هي لا تشعر فتضاحكوا بها،فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فخرج إليهم و حاربهم (4).
و كان سبب نكث اليهود:
أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرط عليهم أن لا يكتموا شيئا و لا يغشّوا شيئا،فإن فعلوا،فلا ذمّة لهم و لا عهد،فسأل ابن الحقيق (5)ما فعلت آنيتكم؟فقالوا:استهلكناها في حربنا،فأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأتوا
ص:157
المكان الذي فيه الآنية،فاستثاروها (1)ثمّ ضرب أعناقهم (2).
و كان سبب نكث قريش:أنّ حلفاءها بنو بكر وثبوا على حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خزاعة،فأعانت قريش لبني بكر بالكراع و السلاح،فأباح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قتالهم.
قال الشافعيّ:إنّ الذي أعان على خزاعة ثلاثة نفر من قريش شهدوا قتالهم، فغزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قريشا بغدر ثلاثة نفر (3).
كان عليه أن يذبّ عنهم كلّ من لو (4)قصد المسلمين لزمه أن يذبّ عنهم.و لو عقد الهدنة لقوم منهم،كان عليه أن يكفّ عنهم من يجري عليه أحكامه من المسلمين و أهل الذمّة،و ليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب،و لا بعضهم عن بعض.و الفرق بينهما:أنّ عقد الذمّة يقتضي جريان أحكامنا عليهم،فكانوا كالمسلمين و الهدنة عقد أمان لا يتضمّن جري الأحكام،فاقتضى أن يأمر من جهته من يجري عليه حكم الإمام دون غيره.
فإن شرط الإمام في عقد الذمّة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب،نظر،فإن كانوا في جوف بلاد الإسلام-كالعراق-أو في طرف بلاد الإسلام،كان الشرط فاسدا؛ لأنّه يجب عليه أن يمنع أهل الحرب من دخول دار الإسلام،فلا يجوز أن يشترط (5)خلافه.و إن كانوا في دار الحرب أو بين بلاد الإسلام و دار الحرب،كان
ص:158
الشرط جائزا؛لأنّه لا يتضمّن تمكين أهل الحرب من دار الإسلام.
إذا ثبت هذا:فمتى قصدهم أهل الحرب و لم يدفعهم عنهم،حتّى مضى حول، فلا جزية عليهم؛لأنّ الجزية تستحقّ بالدفع،فإن سباهم أهل الحرب،فعليه أن يستردّ ما سبي منهم من الأموال؛لأنّ عليه حفظ أموالهم.فإن كان في جملته خمر أو خنزير،لم يلزمه استنقاذه؛لأنّه لا يحلّ إمساكه.
بأهل الحرب و استنقذ أموال أهل الهدنة،
قال الشافعيّ:يردّه الإمام عليهم (1).
و كذا إذا اشترى مسلم من أهل الحرب ما أخذوه من أهل الهدنة،وجب ردّه عليهم.
و احتجّ:بأنّه في عهد منه،فلا يجوز أن يتملّك ما سبي منهم،كأهل الذمّة (2).
و قال أبو حنيفة:لا يجب ردّ ما أخذوه من أهل الحرب من أموالهم؛لأنّه لا يجب عليه أن يدفعهم عنهم،فلا يلزمه ردّ ما استنقذه منهم،كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب (3).
و قول أبي حنيفة لا يخلو من قوّة.
ص:159
في الحكم بين المعاهدين و المهادنين
وادع اليهود كافّة على غير جزية،
منهم:بنو قريظة،و النضير،و المصطلق (3)؛لأنّ الإسلام كان ضعيفا بعد،و فيهم نزل قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (4). (5)
و قيل:إنّها نزلت في اليهوديّين اللّذين زنيا؛لقوله تعالى: وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ (6)و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخرج آية الرجم من التوراة و رجمه (7).
ص:160
وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام؛لأنّه يجب علينا حفظ المسلم من ظلم الذمّيّ و بالعكس،و إن تحاكم بعض أهل الذمّة مع بعض،تخيّر الحاكم بين الحكم بينهم و الإعراض عنهم،و به قال مالك (1).
و قال المزنيّ:يجب الحكم (2)،و للشافعيّ قولان (3).
لنا:قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (4).
و ما رواه الشيخ عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة و أهل الإنجيل يتحاكمون إليه،كان ذلك إليه،إن شاء حكم بينهم، و إن شاء تركهم» (5).
و لأنّهما لا يعتقدان صحّة الحكم،فأشبها المستأمنين.
احتجّوا:بقوله تعالى: وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (6)و الأمر للوجوب.
و لأنّ دفع الظلم عنهم واجب على الإمام،و الحكم بينهم دفع لذلك عنهم، فلزمهم،كالمسلمين (7).
و الجواب:أنّ تلك الآية أخصّ،و القياس باطل؛لأنّ المسلمين يعتقدون صحّة الحكم.
ص:161
أمّا لو ارتفع إلينا مستأمنان حربيّان من غير أهل الذمّة،فإنّه لا يجب على الحاكم الحكم بينهما إجماعا؛لأنّه لا يجب على الإمام دفع بعضهم عن بعض، بخلاف أهل الذمّة.و لأنّ أهل الذمّة آكد حرمة،فإنّهم يسكنون دار الإسلام على التأبيد.
يلزم الحاكم الحكم بينهم
(1)،فإذا استدعى خصمه،وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم.
روى الشيخ عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:
رجلان من أهل الكتاب نصرانيّان أو يهوديّان كان بينهما خصومة،فقضى بينهما حاكم من حكّامهما بجور،فأبى الذي قضي عليه أن يقبل،و سأل أن يردّ إلى حكم المسلمين،قال:«يردّ إلى حكم المسلمين» (2).
إذا ثبت هذا:فإن حكم بينهم،وجب أن يحكم بحكم الإسلام؛لقوله تعالى:
وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (3)و قال تعالى: وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ (4).
حتّى يكفّر.و لا يجوز له أن يكفّر بالصوم؛لافتقاره إلى نيّة القربة،و لا بالعتق؛ لتوقّفه على ملك المسلم،و هو لا يتحقّق في طرفه إلاّ أن يسلم في يده أو يرثها (1)،بل بالإطعام.
و لا يكره ذلك؛لأنّ المسلم لا يتصرّف إلاّ فيما يسوغ.
و يكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالا مضاربة؛لأنّ الكافر يتصرّف بما يسوغ في الشرع و ما لا يسوغ،فإن فعل؛صحّ القراض.
و ينبغي له إذا دفع إليه المال أن يشترط (2)عليه أن لا يتصرّف إلاّ بما يسوغ في شرعنا،فإن شرط عليه ذلك فابتاع خمرا أو خنزيرا،فالشراء باطل،سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمّة؛لأنّه خالف الشرط.و لا يجوز له أن يقبض الثمن،فإن قبض الثمن،ضمنه.
و إن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقا،فابتاع ما لا يجوز ابتياعه، فالبيع باطل،فإن دفع الثمن،فعليه الضمان أيضا؛لأنّه ابتاع ما ليس بمباح عندنا.
و إطلاق العقد يقتضي أن يبتاع لربّ المال ما يملكه ربّ المال،فإذا خالف، ضمن.
إذا ثبت هذا؛فإن باع المضارب و نضّ (3)المال،نظر،فإن علم ربّ المال أنّه تصرّف في محظور أو خالط محظورا،لم يجز له قبضه،كما لو اختلطت أخته بأجنبيّات،و إن علم أنّه ثمن المباح،قبضه،و إن شكّ،كره لكنّه جائز.
فإن كانت الإجارة في الذمّة،صحّ؛لأنّ الحقّ
ص:163
ثابت في ذمّته،و إن كانت معيّنة،فإن استأجره ليخدمه شهرا،أو يبني له شهرا،صحّ أيضا.و تكون أوقات العبادات مستثناة منها.
فإن كان غير جائز في شرعهم أيضا-كالزنا و اللواط و السرقة و القتل و القطع-كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود؛لأنّهم عقدوا الذمّة بشرط أن تجري عليهم أحكام المسلمين.
و إن كان ممّا يجوز في شرعهم-كشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و نكاح ذوات المحارم-لم يتعرّض لهم ما لم يظهروه و يكشفوه؛لأنّا نقرّهم عليه،و ترك النقض لهم فيه (1)؛لأنّهم عقدوا الذمّة و بذلوا الجزية على هذا،فإن أظهروا ذلك و أعلنوه،منعهم الإمام و أدّبهم على إظهاره.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد روى أصحابنا أنّه يقيم عليهم الحدود بذلك، و هو الصحيح (2).
أبطلناه بكلّ حال تقابضا أو لم يتقابضا،و رددنا الثمن إلى المشتري،فإن كان مسلما، استرجع الثمن و أرقنا الخمر؛لأنّا لا نقضي على المسلم بردّ الخمر،و جوّزنا إراقتها؛لأنّ الذمّيّ عصى بإخراجها إلى المسلم،فيعاقب بإراقتها عليه.و إن كان المشتري المشرك،رددنا إليه الثمن،و لا نأمر الذمّيّ بردّ الخمر،بل يريقها؛لأنّها ليست كمال الذمّيّ.
لأنّ المسلم لا يدخل في ملك المشرك.
ص:164
و قال بعض الناس:تصحّ الوصيّة،و يلزم برفع (1)اليد عنه،كما لو ابتاعه (2).
و الأوّل:أصحّ.
و على التقدير الثاني لو أسلم و قبل الوصيّة،صحّ،و ملكه بعد موت الموصي، و على الوجه الأوّل لا يملكه و إن أسلم في حياة الموصي؛لأنّ الوصيّة وقعت في الأصل باطلة.
و لو كان العبد مشركا فأسلم العبد قبل موت الموصي ثمّ مات،فقبله الموصى له،لم يملكه؛لأنّ الاعتبار في الوصيّة حال اللزوم،و هي حالة الوفاة.و على القول الثاني يملكه و يرفع يده عنه.
فإن اشترى،لم يصحّ البيع.
و قال بعض الشافعيّة:يملكه و يلزم بالفسخ (3)،و الأوّل أنسب بإعظام القرآن العزيز.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و آثار السلف و أقاويلها حكمها حكم المصاحف سواء (4).
و الأقوى عندي:الكراهية،أمّا كتب النحو و اللغة و الشعر و باقي الأدب فإنّ شراءها جائز لهم؛لأنّه لا حرمة لها.
أو موضع لصلواتهم أو مجمع
ص:165
لعباداتهم،كانت الوصيّة باطلة؛لأنّها وصيّة في معصية اللّه تعالى،فتكون باطلة بالإجماع.
و كذا لو أوصى أن يستأجر خدما للبيعة و الكنيسة،أو يعمل صلبانا،أو يشتري مصباحا أو يشتري أرضا فتوقف عليها،أو ما كان في هذا المعنى،فإنّ الوصيّة باطلة.
فإن أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة تنزلها المارّة من أهل الذّمّة أو من غيرهم،أو وقفها على قوم يسكنونها،أو جعل أجرتها للنصارى،جازت الوصيّة؛لأنّ نزولهم ليس بمعصية،إلاّ أن تبنى لصلاتهم.
و كذلك لو أوصى للرهبان و الشمامسة بشيء،فإنّ الوصيّة جائزة؛لأنّ صدقة التطوّع عليهم جائزة.
و إن أوصى أن يكون لنزول المارّة و الصلاة،فقد قيل:تبطل الوصيّة في الصلاة و تصحّ في نزول المارّة،فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة خاصّة،فإن لم يمكن (1)ذلك،بطلت الوصيّة (2).
و قيل:تبنى الكنيسة بالثلث،و تكون لنزول المارّة،و يمنعون من الاجتماع للصلاة فيها (3).و في الوجهين قوّة.
و لو أوصى بشيء تكتب به التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة،كانت الوصيّة باطلة؛لأنّها كتب محرّفة مبدّلة،قال اللّه تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ (4)و قال اللّه تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ
ص:166
ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُوا (1).
و أيضا:فإنّها منسوخة،فلا يجوز نسخها؛لأنّها معصية و الوصيّة بها باطلة.
و قد روي:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة،فقال:«ما هي؟»فقال:من التوراة،فغضب عليه و رماها من يده، و قال:«لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلاّ اتّباعي» (2).
أمّا لو أوصى أن يكتب طبّا أو حسابا و يوقف ذلك عليهم أو على غيرهم،فإنّه يجوز إجماعا؛لأنّ في ذلك منافع مباحة،فالوصيّة بها جائزة.
إذا ثبت هذا:فإنّه يكره للمسلم أجر رمّ (3)ما يستهدم من الكنائس و البيع من بناء و تجارة و غير ذلك،و ليس بمحرّم؛لأنّا قد بيّنّا أنّ تجديدها سائغ لهم (4).
ص:167
ص:168
في قتال أهل البغي
قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (1)و قيل:نزلت في رجلين اقتتلا (2).
و قيل:في رهط عبد اللّه بن أبيّ[بن] (3)سلول و رهط عبد اللّه بن رواحة،و ذلك أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب فنازعه عبد اللّه بن أبيّ[بن] 4سلول المنافق فعاونه قوم و أعان عليه آخرون،فأصلح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بينهم، فنزلت هذه الآية.و الطائفتان:الأوس و الخزرج (4).
قالوا:و في هذه الآية خمس فوائد:
أحدها:أنّ البغاة على الإمام مؤمنون؛لأنّه تعالى سمّاهم مؤمنين.و هذا عندنا باطل؛لأنّا قد بيّنّا في كتبنا الكلاميّة أنّ الإمامة أصل من أصول الإيمان يبطل
ص:169
بالإخلال به (1)،و التسمية به على سبيل المجاز؛بناء على الظاهر،أو ما كانوا عليه، أو على ما يعتقدونه كما في قوله تعالى: وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ* يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ (2)و هذه صفة المنافقين إجماعا.
الثاني:وجوب قتالهم؛لقوله تعالى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (3)هذا صحيح عندنا.
الثالثة:وجوب القتال إلى غاية،لا مطلقا،و تلك الغاية هي أن يفيئوا إلى أمر اللّه بتوبة أو غيرها،و هذا صحيح أيضا؛لقوله تعالى: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (4).
و لأنّ المقتضي لجواز القتال هو خروجهم عن طاعة الإمام،فبالعود إليها يزول المقتضي.
الرابعة:قالوا:إنّ الصلح إذا وقع بينهم فلا تبعة على أهل البغي في نفس و لا مال؛لأنّه ذكر الصلح آخرا،كما ذكره أوّلا و لم يذكر تبعة،فلو كانت واجبة، لذكرها،و هذا عندنا غير صحيح؛لأنّ قوله تعالى: وَ أَقْسِطُوا 5دالّ عليه؛لأنّ القسط هنا العدل،و إنّما يتمّ العدل بإعادة ما أخذوه من مال أو عوض عن نفس، سلّمنا أنّه ليس المراد من القسط ذلك،لكنّ الضمان لم تتعلّق الآية به لا بإيجاب و لا بإسقاط،فلا دلالة للآية عليه،ثمّ إنّا نوجبه بما يأتي من الأدلّة.
ص:170
الخامسة:قالوا دلّت الآية على أنّ من كان عليه حقّ،فمنعه بعد المطالبة به، حلّ قتاله؛لأنّه تعالى أوجب قتال هؤلاء البغاة لمنع حقّ،فكلّ من منع حقّا وجب قتاله؛عملا بالعلّة الثابتة عليها بالمناسبة (1).
و هذا ليس بصحيح؛لأنّ الحقوق تتفاوت،فأعظمها حقّ الإمام في التزام الطاعة الذي يتمّ به نظام نوع الإنسان،فلا يلزم من وجوب المحاربة على تفويت أعظم الحقوق،وجوبها على تفويت أدناها.و لأنّ هذا خطاب الأئمّة دون آحاد الأمّة.
قال اللّه تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (2).
و روى الجمهور عن ابن عمر و سلمة بن الأكوع و أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من حمل علينا السلاح فليس منّا» (3).
و عنه عليه السلام،قال:«من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة،فمات فميتته (4)جاهليّة» (5).
ص:171
و عن ابن عبّاس،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من فارق الجماعة شبرا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (1).
و عن ابن عمر،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من خلع يده من طاعة الإمام،جاء يوم القيامة لا حجّة له عند اللّه،و من مات و ليس في عنقه بيعة،فقد مات ميتة جاهليّة» (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه محمّد بن خالد عن أبي البختريّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال عليّ عليه السلام:القتال قتالان:قتال لأهل الشرك لا ينفر 3عنهم حتّى يسلموا،أو يؤدّوا الجزية عن يد و هم صاغرون،و قتال لأهل الزيغ 4لا ينفر عنهم حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه أو يقتلوا» 5.
و لا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البغاة،و قد قاتل أبو بكر بن أبي قحافة طائفتين:قاتل أهل الردّة و هم قوم ارتدّوا بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قاتل مانعي الزكاة و كانوا مؤمنين،و إنّما منعوها بتأويل؛لأنّ أبا بكر لمّا ثبت على قتالهم قال عمر:كيف تقاتلهم
و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها،عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ
ص:172
بحقّها و حسابهم على اللّه» (1)فقال أبو بكر:و اللّه لا فرّقت بين ما جمع اللّه،هذا من حقّها،لو منعوني عناقا بما (2)يعطون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لقاتلتهم (3)عليها (4).
و إذا ساغ (5)قتالهم مع كونهم مسلمين،فقتال أهل البغي أولى؛لأنّ توقّف عمر عن قتالهم يدلّ على إسلامهم،و لأنّهم لمّا أسروا قالوا:و اللّه ما كفرنا بعد إسلامنا و إنّما شححنا على أموالنا،و احتجّوا:بأنّ اللّه تعالى قال لنبيّه: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (6)جعل اللّه صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سكنا لنا،و ليست صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا.
و قاتل عليّ عليه السلام ثلاث طوائف:قاتل أهل البصرة يوم الجمل:عائشة و طلحة و الزبير و عبد اللّه بن الزبير و غيرهم (7).
ص:173
و روى جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال عليّ بن الحسين عليهما السلام:دخلت على مروان بن الحكم،فقال:ما رأيت أحدا أكرم غلبة (1)من أبيك ما هو إلاّ أن ركبنا (2)يوم الجمل فنادى مناديه:لا يقتل مدبر و لا يذفف (3)على جريح (4).
و قاتل أهل الشام معاوية و من تابعه.
و قاتل أهل النهروان و الخوارج.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هؤلاء كلّهم محكوم عندنا بكفرهم،لكن ظاهرهم الإسلام،و عند الفقهاء مسلمون،لكن قاتلوا الإمام العادل،فإنّ الإمامة كانت لعليّ عليه السلام بعد عثمان.و تسميتهم بالبغاة عندنا ذمّ؛لأنّه كفر عندنا.
و قال بعضهم:ليس بذمّ و لا نقصان،و هم أهل الاجتهاد اجتهدوا فأخطئوا بمنزلة طائفة خالفوا من الفقهاء؛لأنّهم من المؤمنين عندهم،قاتلوا بتأويل سائغ (5).
و عندنا:أنّهم كفّار.و الأصل فيه:أنّ باب الإمامة عندنا من شرائط الإيمان،و قد بيّنّا ذلك في علم الكلام (6).
أحدها:أن يكونوا في منعة و كثرة،لا يمكنهم كفّهم و تفريق جمعهم إلاّ
ص:174
بإنفاق (1)و تجهيز جيوش و قتال،فأمّا إن كانوا نفرا يسيرا،كالواحد و الاثنين و العشرة،و كيدها كيد ضعيف،فليسوا أهل البغي،و كانوا قطّاع طريق (2)،ذهب (3)إليه الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط (4)،و ابن إدريس (5)،و هو مذهب الشافعيّ (6)؛
لأنّ عبد الرحمن بن ملجم (7)لعنه اللّه لمّا جرح عليّا صلوات اللّه عليه،قال للحسن ابنه عليه السلام:«إن برئت رأيت رأيي،و إن متّ فلا تمثّلوا به» (8).
و قال بعض الجمهور:يثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام،قلّوا أو كثروا (9).و هو عندي قويّ.
الثاني:أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية،أمّا لو كانوا معه و في قبضته،فليسوا أهل بغي.
و روي أنّ عليّا عليه السلام كان يخطب،فقال رجل بباب المسجد:لا حكم إلاّ للّه،تعريضا بعليّ عليه السلام أنّه حكّم في دين اللّه،فقال عليّ عليه السلام:«كلمة
ص:175
حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:أن لا نمنعكم مساجد اللّه أن تذكروا اسم اللّه فيها،و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا،و لا نبدؤكم بقتال» (1).و قوله عليه السلام:«ما دامت أيديكم معنا»يعني لستم منفردين.
الثالث:أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم،بأن تقع لهم شبهة يعتقدوا عنها الخروج على الإمام،فأمّا إذا لم يكن لهم تأويل سائغ و انفردوا و باينوا بغير شبهة،فهم قطّاع الطريق حكمهم حكم المحاربين.
بل كلّ من خرج على إمام عادل و نكث بيعته و خالفه في أحكامه،فهو باغ،و حكمه حكم البغاة،سواء نصبوا إماما لأنفسهم أو لا؟
و قال بعض الشافعيّة:إنّ نصب الإمام شرط (2).
لنا:أنّه قد ثبت لأهل البصرة و النهروان حكم البغاة مع عليّ عليه السلام إجماعا،و لم يكونوا نصبوا إماما.و لأنّه تعالى أوجب قتالهم و لم يشترط (3)نصب الإمام (4).
و ليس الطريق إليها الاختيار و لا الإجماع،بل لا تثبت إلاّ بالنصّ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،كما نصّ على عليّ عليه السلام و الأئمّة من ولده الأحد عشر،و قد بيّنّا ذلك في علم الكلام (5).
ص:176
إذا ثبت هذا:فكلّ من خرج على إمام تثبت إمامته بالنصّ عندنا،و الاختيار عند الجمهور،وجب قتاله إجماعا،و إنّما يجب قتاله بعد البعث إليه و السؤال عن سبب خروجه،و إيضاح ما عرض له من الشبهة و حلّها له و كشف الصواب،إلاّ أن يخاف كلبهم (1)و لا يمكنه ذلك في حقّهم،أمّا إذا أمكنه تعريفهم،وجب عليه أن يعرّفهم.
فإذا عرّفهم،فإن رجعوا،فلا بحث،و إن لم يرجعوا،قاتلهم؛لأنّ اللّه تعالى أمر بالصلح قبل الأمر بالقتال،فقال: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (2).
و لأنّ القصد كفّهم و دفع شرّهم،فإذا أمكن بمجرّد القول،كان أولى من القتال؛ لما فيه من الضرر بالفريقين.
و روي أنّ عليّا عليه السلام لمّا أراد قتال الخوارج،بعث إليهم عبد اللّه بن عبّاس يناظرهم،فلبس حلّة حسنة و مضى إليهم،فقال:هذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و زوج ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام،و قد عرفتم فضله،فما تنقمون منه؟قالوا:ثلاثا:إنّه حكّم في دين اللّه تعالى،و قتل و لم يسب،فإمّا أن يقتل و يسبي،أو لا يقتل و لا يسبي،إذا حرمت أموالهم،حرمت دماؤهم،و الثالث:محا اسمه من الخلافة.
فقال ابن عبّاس:إن خرج عنها رجعتم إليه؟قالوا:نعم،قال ابن عبّاس:أمّا قولكم:حكّم في دين اللّه تعنون الحكمين بينه و بين معاوية،و قد حكّم اللّه في
ص:177
الدين،فقال: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها (1)و قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2)فحكّم في أرنب قيمته درهم،فبأن يحكّم في هذا الأمر العظيم أولى،فرجعوا عن هذا.
قال:و أمّا قولكم:كيف قتل و لم يسب!فأيّكم لو كان معه،فوقع في سهمه عائشة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كيف يصنع و قد قال اللّه تعالى: وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (3)قالوا:رجعنا عن هذا.
قال:و قولكم:محا اسمه من الخلافة،تعنون أنّه لمّا وقعت الواقعة (4)بينه و بين معاوية كتب بينهم:هذا ما وافق (5)عليه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام معاوية،قالوا له:لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك،فمحا اسمه،فقال ابن عبّاس:إن كان محا اسمه من الخلافة،فقد محا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اسمه من النبوّة لمّا قاضى سهيل بن عمرو بالحديبيّة،كتب الكتاب عليّ عليه السّلام:هذا ما قاضى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهيل بن عمرو،فقالوا له:لو كنت نبيّا ما خالفناك، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام:امحه،فلم يفعل،فقال لعليّ عليه السلام:أرنيه،فأراه إيّاه،فمحاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإصبعه.فرجع بعضهم و بقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا،فقاتلهم عليّ عليه السلام فقتلهم (6).
فثبت أنّهم لا يبدءون بالقتال حتّى تعرض عليهم الإجابة كمن لم تبلغه الدعوة.
ص:178
و يعتقدون أنّ من فعل كبيرة مثل شرب الخمر و الزنا و القذف،فقد كفر و صار مخلّدا في النار،و يكفّرون عليّا عليه السلام و عثمان و طلحة و الزبير و كثيرا من الصحابة،و يستحلّون دماء المسلمين و أموالهم إلاّ من خرج معهم،فهؤلاء بغاة،حكمهم حكم البغاة،قاله أكثر الجمهور،كأبي حنيفة (1)،و الشافعيّ (2)،و جمهور الفقهاء،و كثير من أهل الحديث.
و مالك يرى استتابتهم،فإن تابوا،و إلاّ قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم (3).
و ذهب جماعة من أهل الحديث إلى أنّهم كفّار مرتدّون حكمهم حكم المرتدّين،تباح دماؤهم و أموالهم،فإن تحيّزوا في مكان و كانت لهم منعة و شوكة، صاروا أهل حرب،كسائر الكفّار،و إن كانوا في قبضة الإمام،استتابهم كاستتابة المرتدّين،فإن تابوا،و إلاّ ضربت أعناقهم و كانت أموالهم فيئا لا ترثهم ذرّيّتهم المسلمون؛
لما روى أبو سعيد قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
«يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم،و صيامكم مع صيامهم،و أعمالكم مع أعمالهم،يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم،يمرقون من الدين،كما يمرق السهم من الرميّة (4)ينظر في النصل (5)فلا يرى شيئا،و ينظر في القدح فلا يرى شيئا،
ص:179
و ينظر في الريش فلا يرى شيئا،و يتمارى (1)في الفوق (2)» (3).
و في حديث آخر:«يخرج قوم في (4)آخر الزمان أحداث الأسنان،سفهاء الأحلام،يقولون من خير قول البريّة،يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم (5)،يمرقون من الدين،كما يمرق السهم من الرميّة،فأينما لقيتهم فاقتلهم،فإنّ[في] (6)قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة» (7).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الخوارج كلاب أهل النار» (8).
و عنه عليه السلام،قال:«هم شرّ الخلق و الخليقة،لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد» (9).
ص:180
و قال:«لا يجاوز إيمانهم حناجرهم» (1).
و قال عليّ عليه السلام في قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (2).
قال:«هم أهل النهروان (3)» (4).
احتجّ الآخرون:
بأنّ عليّا عليه السلام لمّا قاتل أهل النهروان قال لأصحابه:لا تبدءوهم بالقتال،و بعث إليهم:أقيدونا بعبد اللّه بن خبّاب (5)،قالوا:كلّنا قتله،فحينئذ استحلّ قتالهم؛لإقرارهم بما يوجب القتل (6).
ص:181
و نقل ابن عبد البرّ عن عليّ عليه السلام:أنّه سئل عن أهل النهر (1)كفّار هم؟
قال:«من الكفر فرّوا»،قيل:فمنافقون؟قال:«إنّ المنافقين لا يذكرون اللّه إلاّ قليلا»قيل:فما هم؟قال:«هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها،و صمّوا،و بغوا علينا و قاتلونا فقتلناهم» (2).
و لمّا جرحه ابن ملجم لعنه اللّه،قال للحسن عليه السلام:«أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره،فإن عشت فأنا وليّ دمي،و إن متّ فضربة كضربتي» (3).
و قد روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:
«ذكرت الحروريّة (4)عند عليّ عليه السلام،قال:إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة،فقاتلوهم،و إن خرجوا على إمام جائر،فلا تقاتلوهم،فإنّ لهم في ذلك مقالا» (5).
و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«لمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أهل النهر (6)قال:لا يقاتلهم أحد بعدي إلاّ من
ص:182
عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام.و التأخير عن قتالهم كبيرة.
و هو واجب على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الإمام على التعيين فيجب عليه،و لا يكفيه قيام غيره،كما قلنا في جهاد المشركين (3).
و الفرار في حربهم،كالفرار في حرب المشركين.
و تجب مصابرتهم حتّى يفيئوا إلى الحقّ و يرجعوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا، بلا خلاف في ذلك،فإذا فاءوا،حرم قتالهم؛لقوله تعالى: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (4)جعل غاية الإباحة لقتالهم الرجوع إلى أمر اللّه،فيثبت التحريم بعدها.
و لأنّ المقتضي لإباحة القتل هو الخروج عن طاعة الإمام،فإن عادوا إلى الطاعة،عدم المقتضي،و لا نعلم فيه خلافا.
و كذلك إن ألقوا السلاح و تركوا القتال،أمّا لو انهزموا،فإنّه يجب قتالهم إن كان لهم فئة يرجعون إليها.
(5)،فإذا أظهر قوم ذلك و اعتقدوا مذهبهم،و طعنوا في الأئمّة و لم يصلّوا معهم،و امتنعوا من الجماعات و قالوا:لا نصلّي خلف إمام،إلاّ أنّهم في قبضة الإمام و لم يخرجوا عن طاعته،فإنّه لا يجوز قتلهم بمجرّد ذلك،و لم يكونوا بغاة ما داموا في قبضة الإمام؛
لما روي أنّ
ص:183
عليّا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع مناديا ينادي من ناحية المسجد:لا حكم إلاّ للّه فقال عليّ عليه السلام:«لا حكم إلاّ للّه كلمة حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:لا نمنعكم مساجد اللّه أن تذكروا فيها اسم اللّه،و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا،و لا نبدؤكم بقتال» و لم يزد على هذا (1).
و روى الشيخ:أنّ ابن ملجم لعنه اللّه أتى الكوفة لقتل عليّ عليه السلام ففطن به و أتي به إلى عليّ عليه السلام،فقيل له:إنّه يريد قتلك،فقال عليّ عليه السلام:«لا أقتله قبل أن يقتلني» (2).
و لأنّهم إذا كانوا في قبضة الإمام يظهرون الإسلام،لم يجز أن يؤخذوا ببواطنهم،كالمنافقين في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا أظهروا الإسلام لم يؤاخذهم بباطنهم،فإذا تقرّر أنّهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الإمام،فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للإمام غير الوالي،فعليهم القود؛
لما روي أنّ عليّا عليه السلام لمّا بعث عبد اللّه بن خبّاب عاملا على الخوارج بالنهروان فقتلوه، فأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قاتله لنقتله،فلم يفعلوا و قالوا:كلّنا قتله،فقال:
«استسلموا نحكم عليكم» فأبوا،فسار إليهم فقاتلهم و أصاب أكثرهم (3).
إذا ثبت أنّه يقتل قصاصا،فهل يتحتّم القصاص؟للشافعيّ وجهان:
أحدهما:أنّه يتحتّم؛لأنّهم و إن كانوا معه في البلد،فقد أشهروا السلاح معاندين
ص:184
و قتلوا،فهم كقطّاع الطريق.و هذا مذهبنا أيضا.
و الثاني:لا يتحتّم،و لوليّ الدم أن يعفو عن القتل؛لأنّهم لم يقصدوا بذلك إخافة الطريق و أخذ الأموال،فأشبه من قتل رجلا منفردا (1).
معهم أهل العدل
قوتلوا مع الرجال و إن أتى القتل عليهم؛لأنّ العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه و ماله.
و لو أرادت امرأة أو صبيّ قتل إنسان،كان له قتالهما و دفعهما عن نفسه و إن أتى على أنفسهما،كما قلنا في نساء أهل الحرب و صبيانهم (2).
لم يخل الحال من أمور ثلاثة:
أحدها:أن يستعينوا بأهل الحرب.
الثاني:أن يستعينوا بأهل الذمّة.
و الثالث:أن يستعينوا بالمستأمنين.
فإن استعانوا بأهل الحرب و عقدوا لهم ذمّة أو أمانا على هذا،فإنّ ما فعلوه باطل،و لا ينعقد لهم أمان و لا تثبت لهم ذمّة؛لأنّ من شرط صحّة عقد الذمّة و الأمان،أن يبذلوا الجزية،و تجرى عليهم أحكام المسلمين،و لا يجتمعوا على قتال المسلمين،فإذا كان شرط صحّة عقد الذمّة الامتناع من قتال المسلمين،بطل عقد الذمّة بشرط قتال المسلمين،و لأنّه لو عقد لهم عقد و ذمّة مؤبّدة فقاتلوا المسلمين، انتقض عهدهم،فبأن لا يثبت لهم ذمّة بهذا الشرط أولى.
إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام و أهل العدل يقتلون المشركين مقبلين و مدبرين،
ص:185
كالمنفردين عن أهل البغي،و إذا وقعوا في الأسر،تخيّر الإمام فيهم بين المنّ و الفداء و الاسترقاق و القتل.
و ليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم-قاله الشيخ رحمه اللّه (1)-من حيث إنّهم بذلوا لهم الأمان و إن كان فاسدا،فلزمهم الكفّ عنهم؛لسكونهم إليهم و اعتمادهم على قولهم،لا من حيث إنّ أمانهم صحيح.
و أمّا إن استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم و قاتلوا معهم،فإنّ الإمام يراسلهم و يسألهم عن فعلهم،فإن ادّعوا الشبهة المحتملة بأن يقولوا:جهلنا ذلك و اعتقدنا أنّ الطائفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة،جازت معونتهم،أو ادّعوا الإكراه على ذلك، فإنّ ذمّتهم باقية و يقبل قولهم و لم يكن ذلك نقضا للعهد،و إن لم يدّعوا شيئا من ذلك،انتقض عهدهم و خرقوا الذمّة،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و في الثاني:لا يكون نقضا (2).
لنا:أنّهم لو انفردوا و قاتلوا الإمام،خرقوا الذمّة و انتقض عهدهم،فكذا إذا قاتلوا مع أهل البغي.
احتجّ الشافعيّ:بأنّ أهل الذمّة لا يعلمون المحقّ من المبطل،فيكون ذلك شبهة لهم (3).
و الجواب:أنّ أهل الذمّة يعتقدون بطلان الطائفتين.
قال أبو إسحاق المروزيّ:القولان نوعا على تقدير أنّه لم يكن قد شرط عليهم
ص:186
في عقد الذمّة الكفّ عن القتال نطقا،فأمّا إذا شرط عليهم ذلك نطقا،فإنّ قتالهم يكون نقضا قولا واحدا (1).
و هذا أيضا باطل؛لأنّا قد بيّنّا أنّ من شرائط الذمّة كفّ الأذى عن المسلمين (2).
إذا ثبت هذا:فإنّ بمجرّد قتالهم مع أهل البغي من غير شبهة يجوز لنا قتالهم مقبلين و مدبرين.و لو أتلفوا أموالا و أنفسا،ضمنوها عندنا.
أمّا الشافعيّ في أحد قوليه،فإنّه لا يجعل القتال نقضا،فيكون حكمهم حكم أهل البغي في قتالهم مقبلين لا مدبرين.
و أمّا ضمان الأموال:فإنّ أهل الذمّة يضمنونها عنده قولا واحدا.و أمّا أهل البغي:فعنده قولان،و فرّق بينهما بأمرين:
أحدهما:أنّ أهل البغي لهم شبهة و لا شبهة لأهل الذمّة.
الثاني:أنّ أهل البغي أسقطنا عنهم الضمان في أحد القولين لئلاّ تحصل لهم نفرة عن الرجوع إلى الحقّ،و أمّا أهل الذمّة فلا يتحقّق هذا المعنى فيهم (3).
و عندنا نحن:أنّ أهل الذمّة و أهل البغي سواء في وجوب الضمان.
و أمّا إن استعانوا بالمستأمنين،فإنّ أمانهم ينتقض،و صاروا بمثابة أهل الحرب الذين لا أمان لهم إذا قاتلوا معهم.
و لو ادّعوا الإكراه،قبل منهم بالبيّنة،و لا يقبل بمجرّد قولهم و دعواهم،بخلاف
ص:187
أهل الذمّة؛لأنّ الذمّة أقوى حكما؛و لهذا جوّزنا له أن ينبذ (1)العقد لأهل العهد مع خوف الخيانة دون أهل الذمّة.و لأنّ الإسلام (2)يلزمه أن يدفع عن أهل الذمّة، و لا يلزمه الدفع عن ذي العهد الموقف.
و به قال أصحاب الرأي (3).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:ليس له ذلك (4).و هو خلاف ما عليه الأصحاب،و إنّما صار في هذا إلى تخريج الشافعيّ،فإنّه منع من ذلك،قال:لأنّ أهل الذمّة يجوّزون قتل أهل البغي مقبلين و مدبرين،و ذلك لا يجوز (5).و هو ممنوع على ما يأتي من تفصيل الكلام فيه.
أمّا لو استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين و مدبرين في موضع لا يجوز ذلك فيهم،لم يجز إلاّ بأمرين:
أحدهما:ألاّ يجد من يقوم مقامهم.
و الثاني:أن يكون مع الإمام عدّة و قوّة متى علم منهم قتلهم مدبرين أمكنه كفّهم عنهم.
و قد مضى ذلك،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعار من صفوان سبعين درعا عام الفتح،
ص:188
و خرج معه إلى هوازن (1)و كان مشركا،و استعان بغيره من المشركين (2).
و إنّما يجوز بشرطين.
أحدهما:أن يكون حسن الرأي في الإسلام.
و الثاني:أن يكون مع الإمام قوّة يمكنه الدفع لو صار أهل الشرك الذين معه مع أهل الحرب في مكان واحد؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا فعل،استعان بمن كان حسن الرأي في الإسلام؛لأنّ هوازن غلبت في أوّل النهار،و انهزم جيش النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال رجل:غلبت هوازن و قتل محمّد،فقال له صفوان بن أميّة:
بفيك الحجر،لربّ من قريش أحبّ إلينا من ربّ من هوازن.و وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تراجع الناس (3).
فإن كان للإمام قوّة على قهرهما،فعل،و لم يكن له معاونة إحداهما (4)على الأخرى؛لأنّ كلّ واحدة منهما على خطأ،و الإعانة على الخطأ من غير حاجة،خطأ.
إذا ثبت هذا:فإنّه يقاتلهما معا حتّى يعودا إلى الطاعة،و إن لم يتمكّن من ذلك، تركهما،فأيّهما قهرت الأخرى دعاها إلى الطاعة،فإن أبت،قاتلهم.
و إن علم من نفسه الضعف عنهما و خاف من اجتماعهما عليه،جاز له أن يضمّ إحداهما إليه و يقاتل الأخرى،و يقصد كسر الأخرى و منعها عن البغي،لا معاونة
ص:189
من يقاتل معها،كما يجوز له أن يستعين بأهل الذمّة على حربهم أو حرب المشركين.
و ينبغي أن يقاتل مع التي هي إلى الحقّ أقرب،فإن استويا في التأويل،قاتل مع التي المصلحة أكثر بالقتال معها.
فإن انهزمت الطائفة التي قاتلها أو رجعت إلى طاعته،كفّ عنها،و لم يجز له قتال الطائفة الأخرى التي ضمّها إليه إلاّ بعد أن يدعوها إلى طاعته فتمتنع؛لأنّ ضمّها إليه يجري مجرى أمانه إيّاها.
كالنار و المنجنيق و التغريق؛لأنّ القصد بقتالهم فلّ (1)جمعهم و رجوعهم إلى الطاعة،و النار تهلكهم.
و لأنّ النار و المنجنيق و التغريق تقع على من يقاتل و من لا يقاتل،و لا يجوز قتل من لا يقاتل.
و لو احتاج أهل العدل إلى ذلك و اضطرّوا إليه-مثل أن يكون قد أحاط بهم البغاة من كلّ جانب و يخافون اصطلامهم (2)،و لا يمكنهم التخلّص إلاّ بالرمي بالنار أو المنجنيق-جاز ذلك،و كذلك إن رماهم أهل البغي بالنار أو المنجنيق،فإنّه يجوز لأهل العدل رميهم بذلك أيضا.
قال أبو حنيفة:أهل الحصن الخوارج لو احتاج الإمام إلى رميهم بالمنجنيق، فعل ذلك بهم ما كان لهم عسكر و ما لم ينهزموا (3).و هو حسن.
وجب،و لا يبقى على من قتلهم من إثم و لا ضمان مال و لا كفّارة؛لأنّه امتثل الأمر و قتل مباح الدم؛لقوله تعالى:
ص:190
فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (1).
و كذلك لا ضمان على أهل العدل فيما أتلفوه من أموال أهل البغي حال الحرب؛لأنّهم إذا لم يضمنوا الأنفس،فالأموال أولى بعدم الضمان.
و لو قتل العادل،كان شهيدا؛لأنّه قتل في قتال أمر اللّه تعالى به.و لا يغسّل و لا يكفّن و يصلّى عليه عندنا؛لأنّه شهيد معركة أمر بالقتال فيها،فأشبه معركة الكفّار.
و قال الأوزاعيّ و ابن المنذر:يغسّل و يصلّى عليه (2)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالصلاة على من قال:لا إله إلاّ اللّه (3).
و الجواب:لا دلالة فيما ذكرتم على تغسيله،و أمّا الصلاة عليه فإنّا نقول بها، لأنّ الصلاة على الشهيد عندنا واجبة،و قد سلف بيان ذلك (4).
فإنّه لا ضمان عليهم فيه؛لأنّ اللّه تعالى أوجب القتال فكيف يتعقّب وجوب الضمان الذي هو عقوبة.
إذا ثبت هذا:فإن أتلف أهل العدل على أهل البغي مالا قبل الشروع في القتال و قيام الحرب أو بعد تقضّي الحرب،فإنّه يكون مضمونا؛لأنّ أهل العدل ليس لهم ذلك،فكان إتلافا بغير حقّ،فوجب عليهم الضمان،و كذلك لو أتلف أهل البغي مال أحد من أهل العدل أو نفسه قبل الشروع في القتال أو بعد تقضّي الحرب،فإنّه
ص:191
يضمنه إجماعا.
أمّا إذا أتلف أهل البغي مال أهل العدل حال القتال،فإنّه يكون مضمونا عندنا أيضا.و هو قول مالك (1)،و أحد قولي الشافعيّ.
و في الآخر:لا يكون مضمونا (2)،و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).
لنا:قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (5).
و قوله تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (6).
و لأنّها أموال معصومة أتلفت بغير حقّ و لا ضرورة دفع مباح،فوجب ضمانه كالذي تلف في غير الحرب.
احتجّوا:بأنّه لم ينقل عن عليّ عليه السلام أنّه ضمّن أحدا من أهل البصرة ما أتلفوه،و كذلك أهل الشام.و لأنّ ذلك ينفّرهم عن طاعة الإمام،فأشبه أهل الحرب (7).
ص:192
و الجواب عن الأوّل:لعلّه عليه السلام ضمّن و لم ينقل،أو لم يحصل إتلاف مال،أو جهل من أتلفه.
و عن الثاني:بأنّ عدم الغرم يفضي إلى كثرة الفساد بإتلاف أموال أهل العدل.
الحرب
إجماعا،و أمّا إن كان قبل الحرب أو بعده،فعليه الضمان؛لأنّ شرط قتلهم دعاء الإمام إليه و ندبه إلى قتالهم،فمن فعل ذلك قبل دعاء الإمام،وجب عليه الضمان؛لأنّه قتل نفسا معصومة.
أمّا أهل البغي إذا أتلفوا نفسا من أهل العدل حالة الحرب أو قبله أو بعده،فإنّه يكون مضمونا عندنا بلا خلاف بيننا في ذلك.
و أطبق الجمهور على ذلك قبل الحرب و بعده،أمّا حالة الحرب فاختلفوا:فقال مالك (1)مثل قولنا،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و في الآخر:لا ضمان عليهم (2)،و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).
لنا:قوله تعالى: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (5).
ص:193
و قوله تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (1).
و قول أبي بكر لأهل الردّة:تدون قتلانا و لا ندي (2)قتلاكم (3).
و لأنّ الخوارج لمّا قتلوا عبد اللّه بن خبّاب أرسل إليهم عليّ عليه السلام:أقيدونا من عبد اللّه بن خبّاب (4).
و لأنّها نفس معصومة،فوجب الضمان على من أتلفها كقبل الحرب أو بعده.
و لأنّ الضمان يتعلّق بأهل البغي قبل الحرب و بعده،فكذا حالة الحرب؛لأنّها أكثر الحالات معصية،فلا يتعقّب سقوط العقاب.
احتجّوا:بأنّ عليّا عليه السلام لم ينقل عنه أنّه ضمّن أحدا من أهل البصرة و الشام.
و لأنّه ينفّرهم عن الطاعة.و لأنّها طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ،فلم تضمّن ما أتلفت على الأخرى،كأهل العدل (5).
و الجواب عن الأوّل و الثاني قد تقدّما.
و عن الثالث:بمنع تحقّق الجامع؛إذ التأويل باطل و القياس فاسد؛للفرق.
و قولهم-:إنّ أبا بكر رجع عن ذلك،فإنّ عمر قال له:أمّا أن يدوا قتلانا فلا، فإنّ قتلانا قتلوا في سبيل اللّه على أمر اللّه،فأجرهم على اللّه تعالى و إنّما الدنيا
ص:194
بلاغ (1)-ممنوع؛لأنّ قول عمر ليس رجوعا،و إنّما هو ترك لما لهم في جنب اللّه تعالى.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا خلاف أنّ الحربيّ إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين و نفوسهم ثمّ أسلم،فإنّه لا يضمّن و لا يقاد به،و أمّا المرتدّون،فالحكم في تضمينهم-على ما فصّلناه في أهل البغي-سواء إن أتلفوا قبل القتال أو بعده،فعليهم الضمان،و إن أتلفوا حال الحرب،فكذلك عندنا (2).و عند الشافعيّ (3)و أبي حنيفة:
لا ضمان عليه (4).و قد سلف (5).
إذا عرفت هذا:فلا فرق عندنا بين الواحد و الجمع من أهل البغي في التضمّن، و بعض القائلين بعدم تضمّن الجميع،أوجب الضمان على الواحد إذا أتلف،و فرّق بينه و بين الجمع بأنّ التنفير يحصل للجمع،بخلاف الواحد.و هو عندنا باطل بما تقدّم.
فالقسم الأوّل لا يجاز على جريحهم،و لا يتبع مدبرهم،و لا يقتل أسيرهم.
و القسم الثاني يجاز على جريحهم و يتبع مدبرهم،و يقتل أسيرهم،سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة،قريبة أو بعيدة،ذهب إلى هذا التفصيل علماؤنا أجمع.و به قال ابن عبّاس (1)،و أبو حنيفة (2)،و أبو إسحاق من الشافعيّة (3).
و قال الشافعيّ:لا يجاز على جريح الفريقين معا،و لا يتبع مدبرهم و لا يقتل أسيرهم (4).
لنا:أنّا لو لم نقتلهم لم نأمن عودهم و قتالهم.
و ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألته عن طائفتين:إحداهما:
باغية،و الأخرى:عادلة،فهزمت العادلة الباغية،قال:«ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا و لا يقتلوا أسيرا و لا يجيزوا (5)على جريح،و هذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد و لم يكن لهم فئة يرجعون إليها،فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإنّ أسيرهم يقتل،
ص:196
و مدبرهم يتبع،و جريحهم يجاز عليه» (1).
و عن عبد اللّه بن شريك (2)،عن أبيه،قال:لمّا هزم الناس يوم الجمل،قال أمير المؤمنين عليه السلام للمسلمين:لا تتبعوا مولّيا،و لا تجيزوا على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن، فلمّا كان يوم صفّين قتل المقبل و المدبر،و أجاز على الجريح، فقال أبان بن تغلب (3)لعبد اللّه بن شريك:هذه سيرتان مختلفتان!فقال:إنّ أهل
ص:197
الجمل قتل طلحة و الزبير،و إنّ معاوية كان قائما بعينه و كان قائدهم (1).
احتجّوا:
بقول عليّ عليه السلام:«لا يذفّف (2)على جريح،و لا يتبع مدبر (3)» (4).
و الجواب:أنّا نقول بموجبه؛لأنّا بيّنّا أنّه عليه السلام إنّما قال ذلك في الفئة التي لا رئيس لهم،و لا جماعة يلتجئون (5)إليها (6).
إذا ثبت هذا:فلا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنّ أهل البغي إذا لم يكن لهم فئة و لا رئيس أنّه لا يجاز (7)على جريحهم،و لا يقتل مدبرهم و لا أسيرهم؛لأنّ القصد دفعهم و كفّهم،و قد حصل.
و روى الشيخ عن أبي حمزة الثماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كتب إلى مالك و هو على مقدّمته يوم البصرة:«لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا،و لا تجز على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن» (8).
لأنّه قتل معصوما لم يؤمر بقتله،و هل يقتصّ منه؟للجمهور قولان:
ص:198
أحدهما:أنّه يجب له القصاص؛لأنّه مكافئ (1)معصوم.
و الثاني:لا يجب؛لأنّه ممّا يندرئ بالشبهات (2).
و الوجه عندي:عدم القصاص للشبهة و لأنّ عليّا عليه السلام أدّى عن قوم قتلوا مدبرين ديات من بيت المال (3).
و لما روي عن أبي حمزة الثماليّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام كتب إلى مالك يوم البصرة:«لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا، و لا تجز على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن» فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس،ثمّ قال قبل أن يقرأه:اقتلوا،فقتلوا (4)حتّى أدخلهم سكك البصرة،ثمّ فتح الكتاب فقرأه ثمّ أمر مناديا فنادى بما في الكتاب (5).و فيه إشعار بقتلهم مدبرين و لم ينقل القصاص،و لو قيل بالقصاص-لأنّه قتل مكافئا معصوما،فوجب القصاص كأهل العدل-كان وجها.
القتال جلدا
(6)،فإنّه يحبس و يعرض عليه المبايعة،فإن بايع على الطاعة و الحرب قائمة،قبل ذلك منه و أطلق،و إن لم يبايع،ترك في الحبس.
فإذا انقضت الحرب،فإن تابوا و طرحوا السلاح و تركوا القتال،أو ولّوا مدبرين إلى غير فئة،أطلقناه،و إن ولّوا مدبرين إلى فئة،لا يطلق عندنا في هذا الحال.
ص:199
و قال بعضهم:يطلق؛لأنّهم لا يتبع مدبرهم (1)،و قد بيّنّا أنّه يتبع مدبرهم إذا ولّوا منهزمين (2).
و هل يجوز قتلهم؟الذي يقتضيه مذهبنا:التفصيل الذي ذكرناه،و هو أنّه إن كان ممّن له فئة،فإنّه يجوز قتله،و إن لم يكن ممّن له فئة،فإنّه لا يجوز قتله (3)-و به قال أبو حنيفة- (4)لأنّ في ذلك كسرا لهم.
و قال الشافعيّ:لا يجوز قتله (5)؛
لما روى ابن مسعود،قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يا بن أمّ عبد ما حكم من بغى من أمّتي؟»قلت:اللّه و رسوله أعلم،قال:«لا يتبع مدبرهم و لا يجاز على جريحهم،و لا يقتل أسيرهم و لا يقسّم فيئهم» (6).
و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ هذا حكم من لا فئة له يرجع إليها (7).
ص:200
و العبيد،
فإنّ هؤلاء لا يقتلون،و هل يطلقون أم لا؟فيه قولان:
أحدهما:أنّهم يطلقون؛لأنّهم لا يطالبون بالبيعة؛لأنّهم ليسوا من أهل الجهاد، و إنّما يبايعون على الإسلام خاصّة.
و قال آخرون:يحبسون،كالرجال الشباب (1)؛لأنّ في ذلك كسرا لقلوبهم و فلاّ لجمعهم (2).و كذا البحث في الزّمن،و الشيخ الفاني.
جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي.
و لو أبى أهل البغي مفاداة الأسارى الذين معهم و حبسوهم،جاز لأهل العدل حبس الذين معهم (3)؛ليتوصّلوا إلى تخليص أساراهم بحبس من معهم.
و قال بعض الجمهور:لا يجوز حبسهم و يطلقون؛لأنّ الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم (4).
لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم يكن لهم فئة؛لأنّهم لا يقتلون بجناية غيرهم،قال اللّه تعالى: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (5).
يخرج عن ملكهم و لا يجوز قسمته بحال.
ص:201
و اختلف علماؤنا في أموالهم التي حواها العسكر من سلاح و كراع (1)و خيل و أثاث و غير ذلك من الأموال.
قال الشيخ في النهاية (2)و الجمل:يقسّم بين أهل العدل و يكون غنيمة، للفارس سهمان و للراجل سهم،و لذي الأفراس ثلاثة أسهم (3).و به قال ابن الجنيد (4).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:لا تحلّ أموالهم،بل هي باقية على ملكهم لا (5)يجوز قسمتها و لا استغنامها (6)و به قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه (7)- و ابن إدريس (8)و الجمهور كافّة.و هو الأقوى.
لنا:ما رواه الجمهور عن أبي أمامة،قال:شهدت صفّين،فكانوا لا يجيزون على جريح،و لا يقتلون مولّيا،و لا يسلبون قتيلا (9).
و عن ابن مسعود،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا يتبع مدبرهم،
ص:202
و لا يجاز على جريحهم،و لا يقتل أسيرهم،و لا يقسّم فيئهم» (1).
و عن ابن قيس (2):أنّ عليّا عليه السلام نادى يوم الجمل:«من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه» و كان بعض أصحاب عليّ عليه السلام قد أخذ قدرا و هو يطبخ فيها،فجاء صاحبها ليأخذها،فسأله الذي يطبخ فيها إمهاله حتّى ينضج الطبيخ،فأبى و كبّه و أخذها (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مروان بن الحكم،قال:لمّا هزمنا عليّ عليه السلام بالبصرة،ردّ على الناس أموالهم،من أقام بيّنة أعطاه،و من لم يقم بيّنة، أحلفه،قال:فقال له قائل:يا أمير المؤمنين اقسم الفيء بيننا و السبي،قال:فلمّا أكثروا عليه،قال:«أيّكم يأخذ أمّ المؤمنين في سهمه؟»فكفّوا (4).
و لأنّ قتال البغاة إنّما هو لدفعهم و كفّ أيديهم عن التعدّي،و ردّهم إلى الحقّ لا لكفرهم،فلا تستباح أموالهم،و هذا من جملة ما نقم الخوارج من عليّ عليه السلام،فإنّهم قالوا:إنّه قاتل و لم يسب و لم يغنم،فإن حلّت له دماؤهم،فقد حلّت له أموالهم،و إن حرمت عليه أموالهم،فقد حرمت عليه دماؤهم،فقال لهم ابن عبّاس:أ فتسبون أمّكم؟يعني عائشة،أم تستحلّون منها ما تستحلّون من
ص:203
غيرها؟ (1).
و قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:و لا أعلم خلافا بين الفقهاء في ذلك، و مرجع الناس كلّهم في هذا الوضع إلى قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في محاربي أهل البصرة (2).
و قد روى ذلك الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«كان في قتال عليّ عليه السلام على أهل القبلة بركة، و لو لم يقاتلهم عليّ عليه السلام لم يدر أحد بعده كيف يسير فيهم» (3).
احتجّ المخالف:بسيرة عليّ عليه السلام (4).و لأنّهم أهل قتال تحلّ أنفسهم فتحلّ أموالهم،كأهل الحرب.
و الجواب:قد بيّنّا أنّ سيرة عليّ عليه السلام عدم الاستغنام.و الفرق:بما قدّمناه (5).
و لا بسلاحهم بحال،إلاّ في حال الضرورة،كما لو خاف بعض أهل العدل على نفسه،و ذهب سلاحه،فإنّه يجوز أن يدفع عنه بسلاح يكون معه لهم،و كذلك إن خاف على نفسه و أمكنه أن ينجو على دابّة لهم،جاز و لا يختصّ ذلك بأهل البغي،بل لو وجد ذلك و الحال هذه لأهل العدل،جاز له استعماله،كما يجوز له استعمال طعام الغير عند خوف التلف.
ص:204
و بهذا قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه (1)-،و الشافعيّ (2).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز ذلك (3).و به قال أبو حنيفة حال قيام الحرب (4).
لنا:أنّه مال مسلم،فلا يجوز له الانتفاع به بغير إذنه من غير ضرورة،كغير الكراع و السلاح.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه في حال الحرب يجوز له إتلاف نفوسهم و حبس السلاح و الكراع عنهم،فجاز الانتفاع به (5).
و الجواب:الفرق،فإنّ الحبس لا يستلزم الانتفاع،كحبس الرجال،فإنّا نحبسهم و لا نستعملهم،و إتلاف نفوسهم لدفعهم،و هو لا يتحقّق في السلاح و الكراع.
أهل البغي،
أعني الذين لهم فئة يرجعون إليها،و الذين لا فئة لهم،و لا تملك نساؤهم؛لأنّهم مسلمون فلا تستباح ذراريّهم و نساؤهم.
فإن سألهم أن ينظرهم أبدا،لم يجز له ذلك؛لأنّه لا يجوز أن يترك بعض المسلمين طاعة الإمام
ص:205
العادل،و إن سألوا أن ينظروا مدّة ذكروها،نظر الإمام و كشف عن حالهم،فإن كانوا إنّما سألوا ذلك ليجتمعوا و يأتيهم مدد،عاجلهم و لم يجبهم إلى ذلك،و إن كانوا إنّما سألوا لينظروا و يتفكّروا و يعودوا إلى طاعة الإمام،أنظرهم.
و الشيخ-رحمه اللّه-ذكر:أنّهم إن سألوا أن ينظرهم يوما أو نصف يوم، أنظرهم،و إنّما ذكر التفصيل الذي ذكرناه فيما زاد على ذلك (1).و الأوّل:أقرب؛ لجواز أن يكون بإنظارهم يوما يلحقهم مدد منهم فيقووا على أهل العدل.
و لو بذلوا له مالا على أن ينظرهم في موضع ليس له إنظارهم،لم يجز له ذلك؛ لأنّه ليس له أخذ المال في إقرارهم على ما لا يجوز له إقرارهم عليه.
و لو بذلوا له رهائن يسلّمونها إليه على أن ينظرهم منهم أو من أولادهم،لم يجز ذلك أيضا؛لأنّهم ربّما قويت شوكتهم على أهل العدل و قهروهم و أخذوا الرهائن.و لأنّهم إذا قاتلوا لم يجز قتل الرهائن،فلا فائدة حينئذ في أخذها.
و لو كان في أيديهم أسارى من أهل العدل،فسألوا الكفّ على أن يطلقوا أسارى من أهل العدل،و أعطوا بذلك رهائن من أولادهم،قبل الإمام ذلك و استظهر للمسلمين،فإن أطلقوا الأسارى الذين عندهم،أطلق الإمام رهائنهم و إن قتلوا من عندهم،لم يقتل رهائنهم.لأنّه لا يجوز له قتل غير القاتل بجرم القاتل،فإذا انقضت الحرب أطلق الرهائن كما يخلّى له الأسارى،إلاّ أن يخاف من إطلاق الرهائن شدّة القوّة.
و لو خاف الإمام على أهل العدل الضعف عنهم،فالوجه:تأخيره إلى أن يمكنه القوّة عليهم.
حكم الكتاب بعد أن دعوا إلى ذلك فأبوا،لم يرفع عنهم الحرب إلاّ بما يكون رجوعا إلى الحقّ و إقرارا به مصرّحا من غير تأويل.
و الأصل في ذلك واقعة صفّين،فإنّه لمّا اشتدّ القتال بين عليّ عليه السلام و بين معاوية،قال معاوية لعمرو بن العاص:هل بقي عندكم من الحيل و المكائد شيء؟ قال:نعم،ثمّ أمر أصحاب معاوية حتّى جعلوا المصاحف على رءوس الرماح،
و قالوا لعليّ عليه السلام و لأصحابه:بيننا و بينكم كتاب اللّه تعالى،فاعملوا به،فقال أصحاب عليّ عليه السلام على حكم اللّه تعالى و كتابه و تركوا القتال،فقال لهم عليّ عليه السلام:«إنّ هذا لمكيدة و حيلة»فلم يفعلوا و قالوا:كيف نقاتل قوما يدعوننا إلى العمل بكتاب اللّه تعالى،و قالوا:إن ساعدتنا،و إلاّ قاتلناك،فساعدهم عليّ عليه السلام على ذلك مكرها، فاتّفقوا على أن يبعثوا حكما من عندهم و حكما من عند معاوية،و كان عليّ عليه السلام يعرف أنّه حيلة،و كان لا يرضى بذلك حتّى اجتمع أصحابه و قالوا:لا بدّ من أن تتّفق عليهم،فوافقهم على ذلك ضرورة و كرها، لا طوعا و رضى،فبعث معاوية عمرو بن العاص،و كان رأي عليّ عليه السلام أن يبعث ابن عبّاس-رحمه اللّه-لأنّه قيل له:إنّك رميت بداهية،يعني عمرو بن العاص،فابعث ابن عبّاس،فإنّه لا يعقد عقدة إلاّ حلّها ابن عبّاس،فأبى أهل اليمن و قالوا:لا نحكّم إلاّ أبا موسى الأشعريّ و اتّفقوا عليه،و أكرهوا عليّا عليه السلام على ذلك،فلمّا اجتمعا تشاورا و تدبّرا و اتّفقا على أن يعزلا هذين و يتركا الأمر شورى لتسكن الفتنة،فلمّا اتّفقا على ذلك،قال عمرو لأبي موسى الأشعريّ:إنّك أكبر سنّا فاصعد على المنبر و اعزل عليّا عليه السلام عن الإمارة،فصعد و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه و قال:إنّ هذه الفتنة قد طالت و الصواب أن نعزل عليّا عليه السلام و معاوية عن هذا الأمر و نقلّده غيرهما،ثمّ أخرج خاتمه من إصبعه و قال:قد أخرجت عليّا عليه السلام عن هذا الأمر،كما أخرجت هذا الخاتم من هذا
ص:207
الإصبع و نزل.
ثمّ صعد عمرو المنبر و حمد اللّه تعالى و أثنى عليه ثمّ قال:إنّي أدخلت معاوية في هذا الأمر،كما أدخلت هذا الخاتم في هذا الإصبع،فقال أبو موسى:الغدر الغدر، فوقع التشويش بين المسلمين،فقالت طائفة الخوارج:إنّا قد ارتددنا حيث جعلنا الحكم في أيديهما و اللّه تعالى يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ (1)فتبنا و رجعنا عن ذلك إلى الإسلام،و قالوا لعليّ عليه السلام:إنّك قد ارتددت حيث تركت حكم اللّه تعالى و أخذت بحكم الحكم،و خرج[على] (2)عليّ عليه السلام عامّة أصحابه،و كان مذهب الخوارج مبناه على تكفير كلّ مذنب (3).
قال بعض الجمهور:لا يجوز قتله من غير حاجة؛لقوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ (4).
و للإجماع على تحريم قتل المسلم،و إنّما خصّ من ذلك من حضر بسبب الضرورة في قتله،كأهل البغي و القبائل (5)،فيبقى ما عداه على العموم،و لهذا حرم قتل مدبرهم و أسيرهم،و لأنّه مسلم لم يحتج إلى دفعه،و لا صدر منه أحد الثلاثة، فلا يحلّ دمه؛
لقوله عليه السلام:«لا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث (6)» (7).
ص:208
و قال أصحاب الشافعيّ في أحد الوجهين:يجوز؛لأنّ عليّا عليه السلام نهى أصحابه عن قتل محمّد بن طلحة (1)،و قال عليه السلام:إيّاكم و صاحب البرنس و كان حامل راية أبيه،فقتله رجل و أنشأ يقول شعرا:
و أشعث قوّام بآيات ربّه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
هتكت له بالرمح جيب قميصه فخرّ صريعا لليدين و للفم
على غير شيء غير أن ليس تابعا عليّا و من لم يتبع الحقّ يظلم
يناشدني حم و الرمح شاجر فهلاّ تلا حم (2)قبل التقدّم
و لم يكن يقاتل،فلم ينكر عليّ عليه السلام قتله.و لأنّه صار ردءا لهم (3).
موقعه،فإذا ظهر أهل العدل بعد ذلك عليه،لم يكن لهم (1)مطالبتهم بإعادة ذلك (2).
و مذهبنا:أنّه لا يقع موقعه،غير أنّ للإمام أن يجيز ذلك.
لنا:أنّهم أخذوه ظلما و عدوانا،فلا يتعيّن في إبراء ذمّتهم،كما لو غصبوهم مالا غير الجزية و الصدقات.و لأنّ الخراج ثمن أو أجرة،و الجزية عوض عن المساكنة و حقن الدم،فلا يخرجون عن العهدة بتسليمها إلى غير المستحقّ،كمن دفع أجرة دار إلى غير المالك.
احتجّوا:بأنّ عليّا عليه السلام لمّا ظهر على البصرة،لم يطالب بشيء ممّا جبوه (3).
و الجواب:أنّا قد بيّنّا أنّ للإمام إجازة ذلك؛للضرورة و المشقّة الحاصلة بالعود عليهم (4)؛لأنّه لو أخذ منهم مرّة أخرى أدّى ذلك إلى الإضرار بالناس،فلهذا أجاز عليّ عليه السلام ذلك خصوصا إذا أقاموا في البلاد سنين كثيرة.
و أمّا الحدود:فإذا أقاموها،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا تعاد عليهم مرّة أخرى؛ للمشقّة في ذلك (5).
فطالبهم العادل بالصدقات،فذكروا أنّهم استوفوا منهم،فإن لم يجز الإمام ذلك،طالبهم مرّة ثانية، و إن أجازه فهل يقبل قولهم بغير بيّنة؟فيه إشكال،أقربه:القبول؛لأنّا قد بيّنّا في
ص:210
كتاب الزكاة أنّ ربّ المال إذا ادّعى أنّ زكاته قبضت منه،قبل قوله (1).و هل يحتاج إلى اليمين؟قال بعض الشافعيّة:لا بدّ من اليمين وجوبا؛لأنّه مدّع لا يثبت دعواه بمجرّد قوله،و تكليف البيّنة مشقّة،فاقتنع منه باليمين.
و قال بعضهم:يحلف استحبابا؛لأنّه لو ادّعى الإخراج ببيّنة،قبل فكذا هنا.
و قال آخرون إن ادّعى خلاف الظاهر،بأن يدّعي أنّه قد باع النصاب في أثناء الحول ثمّ اشتراه فيه،أو قال:قد أخذ الزكاة منّي ساع قبلك،فإنّه يحلف وجوبا، و إن ادّعى ما يوافق الظاهر،بأن يقول:لم يحل الحول على مالي،حلف استحبابا (2).
و الوجه عندي في ذلك كلّه:قبول قوله،كما قلناه في باب الزكاة (3).فإن قلنا بالإحلاف وجوبا،فإن حلف،أسقط الدعوى،و إن نكل،أخذت الزكاة منه لا بالنكول بل بظاهر الوجوب عليه،و عندنا لا يمين عليه بحال،و قد سلف 4.
أمّا لو ادّعوا أداء الخراج،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يقبل قولهم في ذلك، بخلاف الزكاة؛لأنّها تجب على سبيل المواساة و أداؤها عبادة،فلهذا قبل قولهم في أدائها.و أمّا الخراج،فإنّه معاوضة؛لأنّه ثمن أو أجرة،فلم يقبل قولهم في أدائه، كغيره من المعاوضات (4).
و لو ادّعى أهل الذمّة أداء الجزية إلى أهل البغي،لم يقبل منهم؛لكفرهم، فلا أمانة لهم.و لأنّها معاوضة عن المساكنة و حقن الدماء،فلا يقبل قولهم.
إذا ثبت هذا:فإذا نصب أهل البغي قاضيا،لم ينفذ قضاؤه مطلقا،سواء حكم
ص:211
بحقّ أو بباطل؛لأنّه فاسق بمجرّد التولية ممّن ليس له ذلك،و العدالة عندنا شرط في القضاء،سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل.
و قال أبو حنيفة:إن كان من أهل العدل،نفذ قضاؤه،و إن كان من أهل البغي،لم ينفذ (1).
و قال الشافعيّ:ينفذ مطلقا،سواء كان من أهل البغي أو من أهل العدل،إذا كان ممّن لا يستحلّ دماء أهل العدل و لا أموالهم.و إن كان ممّن يستحلّ ذلك،لم ينفذ حكمه إجماعا (2).
لنا:أنّه ليس من أهل العدالة،فلا تثبت له ولاية شرعيّة.
إذا ثبت هذا:فإذا حكم بحكم،كان باطلا عندنا،و لا ينفذ حكمه.و لو كتب إلى قاض آخر بحكمه (3)لا ينفذه.
و قال الشافعيّ:إن تضمّن حكمه مخالفة نصّ أو إجماع،أو قياس ظاهر لا معارض له،كان باطلا،و إلاّ قبل.و لو كتب بحكمه إلى قاض آخر،أنفذه،لكن يستحبّ له ردّه؛كسرا له و إهانة به (4). (5)
و قال أبو حنيفة:لا يقبله (6).
ص:212
إذا ثبت هذا:فلا تقبل شهادتهم عندنا،و إن كان عدلا في مذهبه.
و قال أبو حنيفة:تقبل شهادتهم و هم فسّاق (1).لأنّ أهل البغي عنده فسّاق بخروجهم على الإمام و البغي،و لكن تقبل شهادتهم؛لأنّ فسقهم من جهة الدين،فلا تردّ به الشهادة،و قد قبل شهادة الكفّار بعضهم على بعض.و سيأتي البحث فيه.
و أطبق الجمهور على قبول شهادتهم (2).
لنا:قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (3)أوجب التثبّت (4)عند مجيء الفاسق،فلا يكون قوله مقبولا-و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى-سواء في ذلك أن يشهد لهم أو عليهم،و سواء كان ذلك على طريق التديّن أو على وجه التديّن.
و قال أكثر الجمهور:اقبل شهادته إذا كان ممّن لا يرى أنّه يشهد لصاحبه بتصديقه،مثل[الخطّابيّة] (5)فإنّهم يعتقدون تحريم الكذب و الإقدام على اليمين الكاذبة،فإذا كان لبعضهم حقّ على من يجحده و لا شاهد له به فذكر ذلك لبعض أهل دينه و حلف له أنّه صادق فيما يدّعيه،فإذا حلف،ساغ له في دينه أن يشهد له بالحقّ مطلقا على ما صحّ عنده باليمين،فمن كان هذا دينه و اعتقاده،لا تقبل شهادته؛لأنّه لا يؤمن أن يشهد على هذا المذهب.و لأنّه شاهد زور،فلا تقبل شهادته بوجه (6).
ص:213
و عندنا لا تقبل شهادة أحد ممّن خالف الحقّ من سائر الفرق على ما يأتي.
و يصلّى عليه، عندنا.
و من قتل من أهل البغي،لا يغسّل و لا يكفّن،و لا يصلّى عليه؛لأنّه كافر.
و قال مالك،و الشافعيّ،و أحمد:يغسّل و يكفّن،و يصلّى عليه؛
لقوله عليه السلام:«صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه» (1).
و لأنّهم مسلمون،فيثبت لهم حكم الشهادة،فيغسّلون و يصلّى عليهم (2).
و الجواب عن الأوّل:أنّا نمنع العموم؛لأنّه يخرج منه عندهم الشهيد.و لأنّه من لم يعترف بالنبوّة،يخرج عن هذا مع تناول اللفظ له.
و عن الثاني:بالمنع من إسلامه.
و قال أصحاب الرأي:إن لم يكن لهم فئة،صلّى عليهم.و إن كانت لهم فئة،لم يصلّ عليهم؛لأنّه يجوز قتلهم في هذه الحالة (3)،فلم يصلّ عليهم،كالكفّار (4).
إذا ثبت هذا:فلا فرق بين الخوارج و غيرهم في ترك الصلاة عليهم.
و أمّا الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة،فإنّهم لم يفرّقوا بينهم في الصلاة عليهم (6).
ص:214
و قال أحمد:لا يصلّى على الخوارج (1).
و قال مالك:لا يصلّى على الإباضيّة و لا القدريّة (2)و سائر أهل الأهواء (3).
و الإباضيّة:صنف من الخوارج،نسبوا إلى عبد اللّه بن إباض (4)صاحب مقالتهم.
و الأزارقة منهم:أصحاب نافع بن الأزرق (5).و النجدات:أصحاب نجدة
ص:215
الحروريّ (1)و البيهسيّة (2)،و الصفريّة قيل:نسبوا إلى صفرة ألوانهم (3).و الحروريّة:
نسبوا إلى أرض يقال لها:حروراء خرجوا بها،و أصنافهم كثيرة.
ص:216
أقيم فيهم الحدود.و به قال مالك،و الشافعيّ،و أحمد،و ابن المنذر (1).
و قال أصحاب الرأي:إذا امتنعوا بدار،لم يجب الحدّ على أحد منهم و لا على من عندهم من تاجر أو أسير (2).
لنا:عموم الآيات و الأحاديث الدالّة على وجوب الحدّ مطلقا،و هو كما يتناول أهل العدل،يتناول أهل البغي،بل ثبوت الحدّ في حقّهم أولى.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم خارجون عن دار الإمام،فأشبهوا من في دار الحرب 3.
و الجواب:المنع (3)من ثبوت الحكم في الأصل إن كان مسلما؛لأنّا نوجب (4)عليه الحدّ،سواء فعل الموجب في دار الحرب أو دار الإسلام،غير أنّا نكرهه في دار الحرب،فإذا جاء إلى دار الإسلام أقمنا عليه الحدّ.و إن كان كافرا منعنا المساواة؛ لتحقّق الإسلام في أهل البغي ظاهرا.و لأنّ كلّ موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه عند وجود أسبابها،كدار أهل العدل.
لنا:قوله تعالى: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً (1).
و روي أنّ أبا بكر أراد قتل ابنه (2)يوم أحد،فنهاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك،و قال:«دعه ليلي قتله غيرك» (3).
قال الشافعيّ:كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه (4)، و إذا نهي عن قتل أبيه الحربيّ،فالنهي عن قتل الباغي إذا كان أبا،أولى.
احتجّ المخالف:بأنّه قتل بحقّ،فأشبه إقامة الحدود (5).
و الجواب:الفرق بإمكان الرجوع هنا،بخلاف استيفاء الحدّ،فإنّه يجب و إن تاب.
إذا ثبت هذا:فإن خالف و قتله كان جائزا؛لأنّه مباح الدم،فجاز قتله،كالكافر.
و روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لم قتلته؟» فقال:سمعته يسبّك،فسكت عليه السلام و لم ينكر (6).
إذا عرفت هذا:فإنّ العادل إذا قتل الباغي،لم يمنع من الميراث إن كان وارثا.
ص:218
و به قال أبو حنيفة (1).
و قال الشافعيّ:لا يرثه (2).و عن أحمد روايتان بالقولين (3).
لنا:أنّه قتل بحقّ،فلم يمنع الميراث،كالقصاص و القتل في الحدود.
احتجّ المخالف:بعموم
قوله عليه السلام:«ليس لقاتل شيء» (4). (5)
و الجواب:المراد:القتل ظلما؛لإرث القاتل قصاصا و حدّا إجماعا.
و لو قتل الباغي العادل،منع من الميراث.و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد (7).
و قال أبو حنيفة:لا يمنع من الميراث (8).
لنا:أنّه قتله بغير حقّ،فلا يرثه،كالقاتل عمدا.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه قتله بتأويل،فأشبه قتل العادل الباغي (9).
ص:219
و الجواب:الفرق،فإنّ العادل قتل الباغي بحقّ،بخلاف العكس.
قال ابن المنذر:إذا تعمّد العادل قتل قريبه فقتله ابتداءً،لم يرثه،فإن قصد ضربه ليصير غير ممتنع فجرحه و مات من هذا الضرب،ورثه؛لأنّه قتله بحقّ.قال:
و هو أقرب الأقاويل (1).و قد بيّنّا الحقّ عندنا في ذلك (2).
و قال بعض الجمهور:لا يجوز،بل يقصد دفعهم و تفريق جمعهم و تفليل حدّهم (3). (4)
لنا:أنّه محكوم بكفره،فجاز قصده بالقتل،كالحربيّ.
إذا ثبت هذا:فإنّ ابن الجنيد-رحمه اللّه-قال:لا يستحبّ أن يبدأ والي المسلمين أهل البغي بحرب و إن كانوا قد استحقّوا بفعلهم المتقدّم القتل،دون أن يكونوا هم المبتدءون بالقتال؛لجواز حدوث إرادة التوبة و تبيّن الحقّ بعد الجهل به؛
لأنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول في كلّ موطن:«لا تقاتلوا القوم حتّى يبدءوكم،فإنّكم بحمد اللّه على حجّة و ترككم إيّاهم حتّى يبدءوكم حجّة أخرى» (5).
ص:220
قال:و لا يستحبّ ثبات (1)أحد من أهل البغي،و لا قتاله غيلة و لا على غرّة حتّى ينذرهم (2).
و قد وصّى أمير المؤمنين عليه السلام الأشتر (3)رحمه اللّه،فقال:
«و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ أن يبدءوك حتّى تلقاهم فتدعوهم و تسمع،و لا يجرمنّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إليهم مرّة ثمّ مرّة،و اجعل على ميمنتك زيادا (4)و على ميسرتك شريحا،و قف من أصحابك وسطا،و لا تدن منهم دنوّ من
ص:221
يريد أن يثبت (1)الحرب،و لا تباعد بعد من يهاب الناس حتّى أقدم عليك» (2).
و قال:يستحبّ للوالي إذا أراد أن ينفذ سريّة إلى عدوّ له أو إلى وجه ينفذه إليه، أن ينفّر (3)فيطاف باللواء في المساجد الجامعة و أسواق المسلمين و يأمر الناس بالدعاء له بالتشديد (4)و النصر على أعداء المسلمين (5).
وجب قتله عندنا خاصّة،و كذا سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛لأنّه كافر بذلك مرتدّ،فيجب قتله.و قال الجمهور:يستتاب و يعزّر، و سيأتي البحث في ذلك.
و لو عرّضوا بالسبّ،عزّروا،و هو أحد قولي الجمهور.و في القول الآخر:لا يعزّر؛
لأنّ عليّا عليه السلام كان يصلّي صلاة،فناداه رجل من الخوارج: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (6)فأجابه عليّ عليه السلام:
«فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» (7) (8).و سمع قول
ص:222
المنادي:لا حكم إلاّ اللّه،يعني حكّمت في دين اللّه،و لم يعزّره (1). (2)
و الأوّل:أصحّ؛لأنّه لو عرّض بالقذف،عزّر،و كذا لو عرّض بالشتم و السبّ، وجب أن يعزّر.و لأنّه لو لا ذلك،لأدّى إلى التصريح بالسبّ.
(3).ثمّ ذلك الحقّ المتروك،منه خروج عن الملّة بالكفر،و منه ترك حقّ مع المقام على الملّة،كمنع الزكاة و نحو ذلك.
و في الاصطلاح الشرعيّ:إنّما يطلق على القسم الأوّل.
إذا ثبت هذا:فمانع الزكاة ليس بمرتدّ،و يجب قتاله حتّى يدفع الزكاة،فإن دفعها و إلاّ قتل.
هذا إذا منعها مع اعتقاد وجوبها عليه.أمّا مع الاستحلال لتركها،فإنّه يكون مرتدّا؛لأنّه ترك ما علم من الدين ضرورة ثبوته.
و عند بعض الجمهور:أهل الردّة قسمان بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
أحدهما:قوم كفروا بعد إسلامهم مثل مسيلمة الكذّاب (4)،
ص:223
و طليحة (1)،و العنسيّ (2)و أصحابهم،و كانوا مرتدّين بالخروج عن الملّة بلا خلاف.
و الثاني:قوم منعوا الزكاة مع مقامهم على الإسلام و تمسّكهم به،فسمّوا أهل ردّة (3).و قد بيّنّا أنّ ذلك يطلق عليهم لغة لا شرعا (4).
لنا:قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1).
و قال تعالى: اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (2).
و ما رواه الجمهور عن أبي بكر أنّه قال لأهل الردّة حين رجعوا:تردّون علينا ما أخذتم منّا،و لا نردّ عليكم ما أخذنا منكم،و أن تدوا قتلانا،و لا ندي قتلاكم، قالوا:نعم يا خليفة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-،قال عمر:كلّ ما قلت كما قلت إلاّ أن يدوا ما قتل منّا فلا؛لأنّهم (3)قوم قتلوا في سبيل اللّه و استشهدوا.و لأنّهم أتلفوا بغير تأويل،فاشبهوا أهل الذمّة (4).
احتجّ الشافعيّ:بأنّ تضمينهم يؤدّي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الإسلام، فأشبهوا أهل البغي (5).
و احتجّ أحمد:بذلك في الأنفس 6.
و الجواب:أنّ المنع من التضمين يؤدّي إلى كثرة الفساد.على أنّ الحكم في الأصل ممنوع،و قد سلف.قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:قال بعض أصحابنا:إنّه يسقط عنه ما أحدث في الردّة و الامتناع؛لأنّ طليحة ارتدّ عن الإسلام و ثنيّا و قتل
ص:225
ثابت بن أقرم (1)و عكاشة بن محصن (2)،ثمّ أسلم،فلم نعلم أنّه أقيد بواحد منهما، قال:و لنا في ذلك نظر (3).و الحقّ عندنا ما قدّمناه نحن (4)من وجوب الضمان.
فله أن يقاتله؛ دفعا عن نفسه بأقلّ ما يمكنه دفعه به بلا خلاف و إن أتى ذلك على نفسه؛
لقوله عليه السلام:«من قتل دون ماله فهو شهيد» (6).
و لو قتل اللصّ،لم يجب على القاتل قود و لا دية و لا كفّارة.
إذا ثبت هذا:فهل يجب عليه أن يدفع عن نفسه؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:
الأقوى الوجوب (7).و للشافعيّ قولان (8).
ص:226
لنا قوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1)و قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (2).
و لأنّه قادر على حفظ نفسه بفعله،فيلزمه،كما يجب عليه تناول الطعام و الشراب.
احتجّ الشافعيّ:بأنّ عثمان بن عفّان استسلم للقتل مع القدرة على الدفع؛لأنّه كان في داره أربعمائة مملوك،فقال:من ألقى سلاحه فهو حرّ،فلم يقاتل أحد فقتل (3). (4)
و الأوّل أصحّ عندنا؛لأنّ العقل قاض بوجوب دفع الضرر عن النفس.و فعل عثمان لو سلّم،لم يكن حجّة.
إذا ثبت أنّه يجب عليه أن يدافع عن نفسه،فإنّه لا يجب عليه أن يدافع عن ماله،بل يجوز له الاستسلام فيه،و لا أعلم (5)فيه خلافا.
أمّا المرأة،فإنّه يجب عليها أن تدافع عمّن أراد فرجها.و لو قتل،لم يكن له دية؛لأنّه إذا جاز الدفع عن ماله الذي يجوز تركه و إباحته،فدفع المرأة عن نفسها و صيانتها عن الفاحشة التي لا تباح بحال أولى.و إنّما وجب عليها ذلك؛لأنّ التمكين منها محرّم،و في ترك الدفع نوع تمكين.
إذا ثبت هذا:فلو أمكنه التخلّص بالهرب،وجب عليه؛لأنّه مأمور بالدفع عن
ص:227
نفسه،و في الهرب يحصل ذلك بأسهل طريق.
و للشافعيّ قول آخر:أنّه لا يلزمه؛لأنّ إقامته في مكانه مباح له،فلا يلزمه أن ينصرف عنه لأجل غيره (1).
و الجواب:أنّ في الانصراف حفظ النفس،فوجب.
و كذا المضطرّ إلى أكل طعام نجس،كالميتة،أو شراب نجس؛فإنّه يجب عليه تناوله لحفظ الرمق.
و للشافعيّ وجهان:هذا أحدهما.و الثاني:لا يلزمه؛لأنّه يتوقّى النجاسة (2).
و هو غلط؛لأنّ النجاسة حكم شرعيّ،و قد عفي عنه،فلا يتلف نفسه لذلك.
ص:228
في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
و مباحثه ثلاثة:
الأمر:هو طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء،و النهي نقيض الأمر،
و لا يشترط العلوّ.و قد بيّنّا ذلك في أصول الفقه (1).
و المعروف:هو كلّ فعل حسن اختصّ بوصف زائد على حكمه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه.
و المنكر:كلّ فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه.
و الحسن:هو ما للقادر عليه المتمكّن من العلم بحاله أن يفعله،و أيضا ما لم يكن على صفة تؤثّر (2)في استحقاق الذمّ.
و القبيح:هو الذي ليس للمتمكّن منه و من العلم (3)بقبحه أن يفعله أو الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذمّ.
و الحسن شامل للواجب و الندب و المباح و المكروه.
ص:229
و أمّا القبيح:فإنّه يتناول الحرام خاصّة،و قد يطلق في العرف الحسن على ما له مدخل في استحقاق المدح،فيتناول الواجب و المندوب لا غير.
إذا عرفت هذا:فاعلم أنّ المعروف ينقسم إلى الواجب و المندوب،و الأمر بالواجب واجب،و بالندب ندب.
و أمّا المنكر فهو القبيح،فالنهي (1)عنه واجب لا غير.
قال اللّه تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (2).
و قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ* كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (3).
و روى الشيخ عن عبد اللّه بن محمّد بن طلحة (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلا من خثعم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه (5)، أخبرني ما أفضل الإسلام؟قال:«الإيمان باللّه»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«صلة الرحم» قال:ثمّ ما ذا؟قال:«الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر»قال:فقال الرجل:فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ؟قال:«الشرك باللّه»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«قطيعة
ص:230
الرحم»قال:ثمّ ما ذا؟قال:«الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف» (1).
و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان من خلق اللّه تعالى،فمن نصرهما،أعزّه اللّه،و من خذلهما خذله اللّه» (2).
عن المنكر،
من ذلك قوله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ (3)الآية.
و قوله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (4).
و قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن أحمد بن محمّد بن خالد،عن محمّد بن عيسى،عن محمّد بن عرفة (5)،قال:سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ (6)عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم،فيدعو خياركم فلا
ص:231
يستجاب لهم» (1).
و عن أبي سعيد الزهريّ (2)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (3).
و بإسناده قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (4).
و عن محمّد بن عرفة،قال:سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام،يقول:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّتي إذا تواكلت الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلتأذن بوقاع من اللّه تعالى» (5).
و عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر»فقيل له:و يكون ذلك يا رسول اللّه!؟فقال:«نعم،و شرّ من ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف»فقيل له:يا رسول اللّه و يكون
ص:232
ذلك!؟فقال:«نعم،و شرّ من ذلك فكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا» (1).
و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه،كان حامده من الناس ذامّا،و من آثر طاعة اللّه (2)عزّ و جلّ،بما يغضب الناس،كفاه اللّه عزّ و جلّ عداوة كلّ عدوّ و حسد كلّ حاسد و بغي كلّ باغ،و كان اللّه عزّ و جلّ له ناصرا و ظهيرا» (3).
و في الحسن عن ابن أبي عمير،عن جماعة من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما قدّست أمّة لم تأخذ لضعيفها من قويّها بحقّه من غير مضيّع (4)» (5).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البرّ،فإذا لم يفعلوا ذلك،نزعت منهم البركات و سلّط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء» (6).
ص:233
و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه،فهو ميّت في الأحياء» (1).
و قال الصادق عليه السلام لقوم من أصحابه:«إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و أنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه و لا تهجرونه و لا تؤذونه حتّى يتركه!؟» (2).
ص:234
في وجوبهما و كيفيّة وجوبهما و الشرائط
و النهي عن المنكر،
قال اللّه تعالى: وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (3).
و قال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (4).
و عن محمّد بن عرفة،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر» (5)و الأمر للوجوب.
و عن أبي جعفر عليه السلام:«ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» (6).
و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«يكون في آخر الزمان قوم
ص:235
ينبع (1)فيهم قوم مراءون يتقرّءون (2)و يتنسّكون (3)حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا أمنوا الضرر،يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير، يتبعون زلاّت العلماء و فساد علمهم،يقبلون على الصلاة و الصيام و ما لا يكلمهم في نفس و لا مال،و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون من أموالهم و أبنائهم (4)لرفضوها،كما رفضوا أتمّ الفرائض و أشرفها،إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض،هناك يتمّ (5)غضب اللّه عليهم فيعمّهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجّار و الصغار في دار الكبار،إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصالحين،فريضة عظيمة بها تقام الفرائض،و تأمن المذاهب، و تحلّ المكاسب،و تردّ المظالم،و تعمر الأرض،و ينتصف من الأعداء،و يستقيم الأمر،فأنكروا بقلوبكم،و الفظوا بألسنتكم،و صكّوا بها جباههم،و لا تخافوا في اللّه لومة لائم،فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا،فلا سبيل عليهم إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (6)هنا لك فجاهدوهم بأبدانكم،و أبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا و لا مريدين بالظلم ظفرا حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه و يمضوا على طاعته»قال:«أوحى
ص:236
اللّه تعالى إلى شعيب النبيّ عليه السلام أنّي أخذت (1)من قومك مائة ألف،أربعين ألفا من شرارهم،و ستّين ألفا من خيارهم،فقال:يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه:داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي» (2).
فقال بعضهم:إنّه واجب بالسمع؛لأنّه معلوم من دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله (3).و قد ذكرنا الدلائل السمعيّة على وجوبهما.
و قال آخرون:بالعقل (4).
و الأوّل:أقوى؛لأنّهما لو وجبا بالعقل،لما ارتفع معروف و لما وقع منكر،أو كان اللّه تعالى مخلاّ بالواجب،و التالي بقسميه باطل،فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة:أنّ الأمر بالمعروف هو الحمل على فعل المعروف،و النهي عن المنكر هو المنع منه،فلو كانا واجبين بالعقل،لكانا واجبين على اللّه تعالى؛لأنّ كلّ واجب عقليّ فإنّه يجب على كلّ مكلّف من حصل فيه وجه الوجوب،و لو وجبا على اللّه تعالى،لزم أحد الأمرين.
و أمّا بطلانهما فظاهر.
أمّا الثاني؛فلأنّه تعالى حكيم لا يجوز عليه الإخلال بالواجب.
و أمّا الأوّل؛فلأنّه يلزم الإلجاء و ينافي التكليف.
لا يقال:هذا وارد عليكم في وجوبهما على المكلّف؛لأنّ الأمر هو الحمل،
ص:237
و النهي هو المنع،و لا فرق بين الحمل و المنع في اقتضائهما الإلجاء بين ما إذا صدرا من المكلّف أو من اللّه تعالى،و ذلك قول بإبطال التكليف.
لأنّا نقول:لا نسلّم أنّه يلزم الإلجاء؛لأنّ منع المكلّف لا يقتضي الامتناع، أقصى ما في الباب أنّه يكون مقرّبا،و يجري ذلك مجرى الحدود في اللطفيّة (1)، و لهذا تقع القبائح مع حصول الإنكار و إقامة الحدود.
فقال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:إنّهما واجبان على الكفاية (2).
و قال الشيخ أبو جعفر-رحمه اللّه-:إنّهما واجبان على الأعيان (3).
و الأوّل:عندي أقوى.
لنا:أنّ الغرض منهما وقوع المعروف و ارتفاع المنكر،فمتى حصلا بفعل واحد، كان الأمر لغيره بهما عبث.
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:
بقوله عليه السلام:«لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر» (4)و هو عامّ (5).
و الجواب:أنّ الأمر على الكفاية أو للكلّ لكنّه يسقط بفعل البعض.
الأوّل:أن يعلم المعروف معروفا و المنكر منكرا ليأمن الغلط في الإنكار و الأمر؛إذ مع الجهل جاز أن يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف،و لا خلاف في
ص:238
ذلك.
الثاني:أن (1)يجوّز تأثير إنكاره،فلو غلب على ظنّه أو علم أنّه لا يؤثّر،لم يجب الأمر بالمعروف و لا النهي عن المنكر،و قد جعل أصحابنا هذا شرطا على الإطلاق،و الأولى أن يجعل شرط (2)الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر باليد و اللسان دون القلب.
و يدلّ على اشتراط هذين الأمرين:
ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،قال:
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أ واجب هو على الأمّة جميعا؟فقال:«لا»فقيل:و لم؟قال:«إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر،لا على الضّعفة الذين لا يهتدون سبيلا»...
قال مسعدة:
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر»ما معناه؟قال:«هذا على أن يأمره بعد معرفته،و هو مع ذلك يقبل منه و إلاّ فلا» (3).
و عن ابن أبي عمير،عن يحيى الطويل صاحب البصريّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال:«إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ،
ص:239
أو جاهل فيتعلّم،فأمّا صاحب سيف و سوط فلا» (1).
و عن داود الرقّيّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه»قيل له:و كيف يذلّ نفسه؟قال:«يتعرّض لما لا يطيق» (2).
الثالث:أن يكون المأمور أو المنهيّ مصرّا على الاستمرار،فلو ظهر منه أمارة الامتناع،سقط الوجوب؛لأنّ المقتضي للوجوب قد زال بزوال الشرط.
الرابع:أن لا يكون في الإنكار مفسدة على الآمر و لا على أحد من المؤمنين بسببه،فلو ظنّ توجّه الضرر إليه أو إلى ماله أو إلى أحد من المسلمين،سقط الوجوب؛
لقوله عليه السلام:«لا ضرر و لا ضرار» (3).
و لما رواه الشيخ عن مفضّل بن يزيد (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قال
ص:240
لي:«يا مفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة،لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها» (1).
الأوّل 2:يجب وجوبا مطلقا،و هو أوّل المراتب،فإنّه إذا علم أنّ فاعله ينزجر بإظهار الكراهية،وجب عليه ذلك.و كذا لو عرف أنّه لا يكفيه ذلك و عرف الاكتفاء بالإعراض عنه و الهجر،وجب عليه؛
لقول الصادق عليه السلام لقوم من أصحابه:
«إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و أنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه و لا تهجرونه و لا تؤذونه حتّى يتركه!؟» 3.
ص:241
إذا ثبت هذا:فإذا انزجر الفاعل بالإعراض و الهجر،لم يجب الزائد في الإنكار؛لأنّ الغرض (1)عدم الوقوع،فإذا حصل،اقتصر عليه،و لو لم يؤثّر،انتقل إلى الإنكار باللسان بالوعظ و الزجر،و يتدرّج في الإنكار بالأيسر من القول إلى الأصعب.
روى الشيخ عن غياث بن إبراهيم،قال:كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا مرّ بجماعة يختصمون لا يجوزهم حتّى يقول ثلاثا:«اتّقوا اللّه»يرفع بها صوته (2).
و لو لم ينزجر بذلك و افتقر إلى اليد،مثل الضرب و ما أشبهه،جاز له ذلك؛
لما رواه الشيخ عن يحيى الطويل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ما جعل اللّه عزّ و جلّ بسط اللسان و كفّ اليد و لكن جعلهما يبسطان معا و يكفّان معا» (3).
و قول أمير المؤمنين عليه السلام:«من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه فهو ميّت في الأحياء» (4).
و في حديث جابر عن أبي جعفر عليه السلام:«فأنكروا بقلوبكم و الفظوا بألسنتكم و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللّه لومة لائم،فإن اتّعظوا و إلى الحقّ رجعوا،فلا سبيل عليهم إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (5)هنالك فجاهدوهم بأبدانكم و أبغضوهم
ص:242
بقلوبكم» (1)الحديث.
قال السيّد المرتضى-رحمه اللّه-:يجوز ذلك بغير إذن الإمام (2).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:ظاهر مذهب شيوخنا الإماميّة:أنّ هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلاّ للأئمّة أو لمن يأذن له الإمام فيه.قال-رحمه اللّه-:و كان المرتضى-رحمه اللّه-يخالف في ذلك و يقول:يجوز فعل ذلك بغير إذنه؛لأنّ ما يفعل بإذنه يكون مقصودا،و هذا بخلاف ذلك؛لأنّه غير مقصود،و إنّما قصده المدافعة و الممانعة،فإن وقع ضرر فهو غير مقصود (3).و قد أفتى الشيخ-رحمه اللّه- بذلك أيضا في كتاب التبيان (4).و كلام السيّد عندي قويّ.
ص:243
في اللواحق
و لا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال.
و قد رخّص في حال غيبة الإمام أن يقيم الإنسان الحدّ على مملوكه،إذا لم يخف في ذلك ضررا على نفسه و ماله،و غيره من المؤمنين،و أمن بوائق الظالمين.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد رخّص أيضا في حال الغيبة إقامة الحدّ على ولده و زوجته إذا أمن الضرر (1).
و منع ابن إدريس ذلك و سلّمه في العبد (2).
و قد روى الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:من يقيم الحدود؟السلطان أو القاضي؟فقال:«إقامة الحدود إلى من إليه الحكم» (3).
إذا ثبت هذا:فهل يجوز للفقهاء إقامة الحدود في حال الغيبة؟جزم به
ص:244
الشيخان؛عملا بهذه الرواية (1).
و عندي في ذلك توقّف.
الحدود،
جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال،و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحقّ لا بإذن سلطان الجور،و يجب على المؤمنين معونته و تمكينه من ذلك ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك و ما هو مشروع في شريعة الإسلام،فإن تعدّى من جعل إليه الحقّ،لم يجز له القيام به و لا لأحد معاونته على ذلك.أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر-رحمه اللّه-في نهايته (2).
و منعها ابن إدريس كلّ المنع (3).
و هو الأولى؛لما ثبت من أنّه لا يجوز لأحد غير الإمام أو من أذن له الإمام إقامة الحدود.
إذا ثبت هذا:فلو خاف الإنسان على نفسه من ترك إقامتها،جاز له ذلك؛للتقيّة ما لم يبلغ قتل النفوس،فإن بلغ الحال ذلك،لم يجز فعله و لا تقيّة فيها بلا خلاف.
الإمام.
و قد فوّض الأئمّة عليهم السلام ذلك إلى فقهاء شيعتهم،المأمونين (4)المحصّلين (5)العارفين بالأحكام و مداركها،الباحثين عن مأخذ الشريعة،القيّمين بنصب الأدلّة و الأمارات.و بالجملة،من يستجمع شرائط الحكم الآتية فيما بعد؛لما
ص:245
رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن عمر بن حنظلة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان و إلى القضاة أ يحلّ ذلك؟فقال:«من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له،فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّه ثابتا؛لأنّه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه عزّ و جلّ أن يكفر بها (1)»قلت:كيف يصنعان؟قال:«انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فلترضوا به حاكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما،فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما بحكم اللّه استخفّ و علينا ردّ،و الرادّ علينا رادّ على اللّه و هو على حدّ الشرك باللّه عزّ و جلّ» (2).
و عن أبي خديجة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور،و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فإنّي جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّه ينبغي لمن عرف الأحكام و مأخذها من الشيعة الحكم و الإفتاء،و له بذلك أجر جزيل و ثواب عظيم ما لم يخف في ذلك على نفسه و لا على أحد من أهل الإيمان و يأمن الضرر فيه،فإن خاف شيئا من ذلك،لم يجز له التعرّض له على حال.
كان متعدّيا للحقّ، مرتكبا للآثام،مخالفا للإمام؛لأنّه مساعدة للظالم و معاونة على الإثم و العدوان.
و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه
ص:246
عليه السلام،قال:أيّما مؤمن قدّم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللّه فقد شركه في الإثم» (1).
و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ (2)فقال:«يا أبا بصير إنّ اللّه عزّ و جلّ قد علم أنّ في الأمّة حكّاما يجورون،أما إنّه لم يعن حكّام العدل،و لكنّه عنى حكّام الجور،يا أبا محمّد إنّه لو كان على رجل حقّ فدعوته إلى حاكم أهل العدل فأبى عليك إلاّ أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له،كان ممّن حاكم إلى الطاغوت و هو قول اللّه تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ (3). (4)
و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أيّما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة (5)في حقّ فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه و بينه فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء،كان بمنزلة الذين قال اللّه تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (6)الآية (7).
إذا عرفت هذا:فإنّه يجب على كلّ متمكّن منع الطالب لقضاة الجور،و مساعدة غريمه على المرافعة إلى قضاة الحقّ بلا خلاف.
ص:247
خصمان،
وجب عليه الحكم بينهما على مذهب أهل الحقّ،و لا يجوز له أن يحكم بينهما (1)بما يخالف الحقّ؛لقوله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (2).
و قد روى الشيخ عن معاوية بن وهب،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ،سقط أبعد من السماء» (3).
و في الصحيح عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«من حكم في درهمين (4)بغير ما أنزل اللّه عزّ و جلّ فهو كافر باللّه العظيم» (5).
و عن عبد اللّه بن مسكان رفعه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من حكم في الدرهمين بحكم جور ثمّ أجبر عليه،كان من أهل هذه الآية: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (6)قلت:و كيف يجبر عليه؟قال:«يكون له سوط و سجن فيحكم عليه،فإن رضي بحكومته و إلاّ ضربه بسوطه و حبسه في سجنه» (7).
إذا ثبت هذا:فلو اضطرّ إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف بأن يكون قد اضطرّ
ص:248
إلى الولاية من قبلهم و لم يتمكّن من إنفاذ (1)الحكم على الوجه الصحيح،جاز له ذلك ما لم يبلغ الدماء،فإنّه لا تقيّة فيها على ما بيّنّاه (2).
و يجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الحقّ ما أمكن؛للضرورة الداعية إلى ذلك.
و لما رواه الشيخ عن عطاء بن السائب،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال:«إذا كنتم في أئمّة جور فاقضوا في أحكامهم و لا تشهروا أنفسكم فتقتلوا،و إن تعاملتم بأحكامنا،كان خيرا لكم» (3).
إذا عرفت هذا:فلو تمكّن من الحكم بالحقّ و حكم بحكم أهل الخلاف،كان باطلا و كان إثمه عظيما؛لما تقدّم (4).
و لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهما السلام (5)أنّه اشتكى عينه فعاده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإذا عليّ عليه السلام يصيح، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أ جزعا أم وجعا يا عليّ؟»قال (6):«يا رسول اللّه ما وجعت وجعا أشدّ منه»قال:«يا عليّ إنّ ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه سفّودا (7)من نار فيقبض روحه به،فتصيح (8)جهنّم»فاستوى عليّ عليه السلام جالسا،فقال:«يا رسول اللّه أعد عليّ حديثك فقد أنساني وجعي ما
ص:249
قلت،فهل يصيب ذلك أحدا من أمّتك؟»فقال:«نعم،حكّاما (1)جائرين و آكل مال اليتيم و شاهد الزور» (2).
الناس،يجوز لهم الإفتاء بينهم.
و يجب عليهم ذلك حال غيبة الإمام إذا أمنوا الضرر و لم يخافوا على أنفسهم و لا على أحد من المؤمنين،قال اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (3).
و قال تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (4).
و روى الشيخ عن يوسف بن جابر (5)،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له،و رجلا خان أخاه في امرأته،و رجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة» (6).
إذا ثبت هذا:فإنّه يجب على المفتي أن يفتي عن معرفة لا عن تقليد و إنّما يحلّ له الفتيا بعد المعرفة بالأحكام و مداركها و الأصول و النحو المحتاج إليه في ذلك،
ص:250
و اللغة المحتاج إليها فيه،و لا يحلّ له أن يفتي بغير علم،لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي عبيدة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب،و لحقه وزر من عمل بفتياه» (1).
جاز له-مع الضرر و خوفه- الإفتاء بمذهب أهل الخلاف لهم أو السكوت؛لأجل الضرورة؛لأنّا (2)جوّزنا الحكم على مذهب أهل الخلاف للضرورة،فالفتيا أولى.
و يؤيّد ذلك:
ما رواه الشيخ عن عليّ بن السنديّ،عن أبيه،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يأتيه من يسأله عن المسألة فيتخوّف إن هو أفتى بها أن يشنّع (3)عليه،فيسكت عنه أو يفتيه بالحقّ أو يفتيه بما لا يتخوّف على نفسه؟ قال:«السكوت عنه أعظم أجرا و أفضل» (4).
و عن عبد اللّه بن المغيرة،عن معاذ الهرّاء-و كان أبو عبد اللّه عليه السلام يسمّيه النحويّ-قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أجلس في المسجد فيأتيني الرجل،فإذا عرفت أنّه يخالفكم أخبرته بقول غيركم،و إذا كان ممّن لا أدري، أخبرته بقولكم و قول غيركم فيختار لنفسه،و إذا كان ممّن يقول بقولكم،أخبرته بقولكم،فقال:«رحمك اللّه فهكذا فاصنع» (5).
ص:251
حال غيبة الإمام،
كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك؛
لما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«سألته:من يقيم الحدود السلطان أو القاضي؟فقال:
«إقامة الحدود إلى من إليه الحكم» (1).و قد ثبت أنّ للفقهاء الحكم بين الناس،فكذا لهم إقامة الحدود.و لأنّ تعطيل الحدود حال غيبة الإمام مع التمكّن من استيفائها يفضي إلى الفساد،فكان سائغا (2).
و هو قويّ عندي.
من الفرائض الخمس و العيدين استحبابا مؤكّدا مع عدم الخوف.
أمّا الجمعة فقال بعض أصحابنا:يجوز لهم إقامة الجمع و يخطبون الخطبتين مع عدم الخوف (3).
و منع سلاّر (4)،و ابن إدريس من ذلك و أوجبوا الصلاة أربع ركعات (5).
و هو الأقرب،و قد سلف في كتاب الصلاة (6).
إلاّ أن يقطع و يعلم علما يقينا أنّه لا يتعدّى الواجب و لا يرتكب القبيح و يتمكّن من وضع الأشياء مواضعها و من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،فإن علم أنّه يخلّ
ص:252
بواجب أو يرتكب قبيحا أو غلب على ظنّه ذلك،فلا يجوز له التعرّض بحال من الأحوال مع الاختيار،فإن أكره على الدخول فيه و اضطرّته التقيّة،جاز له حينئذ ذلك،و يجتهد لنفسه،و يتحرّز من المظالم حسب ما أمكنه على ما قدّمناه (1).
في هذا الكتاب
روى الشيخ عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للشهيد سبع خصال من اللّه:أوّل قطرة من دمه مغفور (2)له كلّ ذنب،و الثانية:يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين و تمسحان الغبار عن وجهه تقولان:مرحبا بك،و يقول هو مثل ذلك لهما،و الثالثة:
يكسى من كسوة الجنّة،و الرابعة:يبتدر[ه] (3)خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة أيّهم يأخذ[ه] 4معهم،و الخامسة:أن يرى منزلته،و السادسة:يقال لروحه:اسرح في الجنّة حيث شئت،و السابعة:أن ينظر في وجه اللّه و أنّها الراحة لكلّ نبيّ و شهيد» (4).
و دعاء الغازي مستجاب؛
لأنّه قد بذل نفسه في مرضاة اللّه تعالى،فلا يحجب دعاؤه و لا يحرم مطلوبه من أكرم الأكرمين.
ص:253
روى الشيخ عن عيسى بن عبد اللّه القمّيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«ثلاثة (1)دعوتهم مستجابة:أحدهم الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفوه» (2).
و يستحبّ إبلاغ رسالة الغازي،
لأنّه في أعظم الطاعات.
روى الشيخ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من بلّغ رسالة غاز،كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه في ثواب غزوته» (3).
موت على فراش]
روى الشيخ عن سعد بن سعد الأشعريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال:سألته عن قول أمير المؤمنين عليه السلام:«لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش»فقال:«في سبيل اللّه» (4).
و روى الشيخ عن مسعدة بن صدقة،قال:حدّثني ابن أبي ليلى،عن أبي عبد الرحمن السلميّ (5)،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إنّ الجهاد باب فتحه
ص:254
اللّه لخاصّة أوليائه و سوّغهم كرامة منه 1لهم و نعمة ذخرها،و الجهاد لباس التقوى و درع اللّه الحصينة و جنّته الوثيقة،فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللّه ثوب المذلّة و شملة 2البلاء و فارق الرجاء 3و ضرب على قلبه بالأشباه 4،و ديّث بالصّغار 5و القماء 6وسيم الخسف 7و منع النصف،و أديل 8الحقّ[منه] 9بتضييعه الجهاد و غضب اللّه[عليه] 10بتركه نصرته،و قد قال اللّه عزّ و جلّ في محكم كتابه:
ص:255
إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (1). (2)
و روى الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجهاد أسنّة هو أم فريضة؟فقال:الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض،و جهاد سنّة لا يقام إلاّ مع فرض،و جهاد سنّة،فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي اللّه و هو من أعظم الجهاد،و مجاهدة الذين يلونكم من الكفّار فرض، و أمّا الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلاّ مع فرض،فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأمّة،و لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب و هذا هو من عذاب الأمّة و هو سنّة على الإمام (3)وحده أن يأتي العدوّ مع الأمّة فيجاهدهم،و أمّا الجهاد الذي هو سنّة، فكلّ سنّة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها فالعمل (4)و السعي فيها من أفضل الأعمال؛لأنّها إحياء سنّة،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص (5)من أجورهم شيء» (6).
ص:256
قد بيّنّا أنّه يجوز الدفاع عن المال بالمحاربة
(1).
و يؤكّده (2)
ما رواه الشيخ عن محمّد بن زياد صاحب السابريّ البجليّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون عقال (4)فهو شهيد» (5).
و عن ضريس،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من حمل السلاح بالليل فهو محارب،إلاّ أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة» (6).
و عن السكونيّ عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابتدره (7)بالضربة إن استطعت،فإنّ اللصّ محارب للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله،فما تبعك فيه من شيء فهو عليّ» (8).
ص:257
و عن فزارة (1)،عن هيثم (2)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:اللصّ يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي،قال:«اقتله فأشهد (3)اللّه و من سمع أنّ دمه في عنقي» (4).
و عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«إنّ اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل» (5).
«أيّ شيء تركب؟»قلت:حمارا،قال:«بكم ابتعته؟»قلت:بثلاثة عشر دينارا، قال:«إنّ هذا هو السرف أن تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا و تدع برذونا»قلت:
يا سيّدي إنّ مئونة البرذون أكثر من مئونة الحمار فقال:«إنّ الذي يمون الحمار هو الذي يمون البرذون،أ ما تعلم أنّ من ارتبط دابّة متوقّعا به أمرنا،و يغيظ به عدوّنا، و هو منسوب إلينا،أدرّ اللّه رزقه،و شرح صدره،و بلّغه أمله،و كان عونا على حوائجه» (1).
و عن داود الرقّيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«من اشترى دابّة،كان له ظهرها و على اللّه رزقها» (2).
و عن عبد اللّه بن سنان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«اتّخذوا الدابّة فإنّها زين و تقضى عليها الحوائج و رزقها على اللّه» (3).
فإنّها تسبّح،و يعرض عليها الماء إذا مرّ بها» (1).
و عن درست،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا عثرت الدابّة تحت الرجل فقال لها:تعست (2)،تقول:تعس أعصانا للربّ» (3).
صلّى اللّه عليه و آله:اضربوها على النفار و لا تضربوها على العثار» (1).
روى الشيخ عن الحسين بن أبي العلاء،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقاتل دون ماله،فقال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد»فقلنا له:أ يقاتل أفضل؟فقال:«إن لم يقاتل فلا بأس،أمّا أنا لو كنت لم أقاتل و تركته» (2).
و عن حبيب الأسديّ (3)،عن رجل،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:
«من اعتدي عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد» (4).
و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من قتل دون مظلمته فهو شهيد» (5).
ص:261
و عن أبي خضيرة (1)،عمّن سمع عليّ بن الحسين عليهما السلام،يقول-و ذكر الشهداء-قال:فقال بعضنا في المبطون،و قال بعضنا في الذي يأكله السبع،و قال بعضنا غير ذلك ممّا (2)يذكر في الشهادة،فقال إنسان:ما كنت أرى أنّ الشهيد إلاّ من قتل في سبيل اللّه،فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:«إنّ الشهداء إذن لقليل»ثمّ قرأ[هذه] (3)الآية وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (4)ثمّ قال:«هذه لنا و لشيعتنا» (5).
روى الشيخ عن هاشم بن بريد (6)،قال:سمعت زيد بن عليّ عليه السلام، يقول:كان عليّ عليه السلام في حربه أعظم أجرا من قيامه مع رسول اللّه صلّى اللّه
ص:262
عليه و آله في حربه،قال:قلت:و أيّ شيء (1)تقول أصلحك اللّه؟قال:فقال لي:
إنّه كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تابعا و لم يكن له إلاّ أجر تبعيّته،و كان في هذه متبوعا و كان له أجر كلّ من تبعه (2).
روى السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من شهد أمرا فكرهه،كان كمن غاب عنه،و من غاب عن أمر فرضيه،كان كمن شهده» (3).
روى كرّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أربع لأربع فواحدة للقتل و الهزيمة:حسبنا اللّه و نعم الوكيل،إنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ (4)و الأخرى المنكر و السوء (5):
و أفوّض أمري إلى اللّه،و فوّضت أمري إلى اللّه،قال اللّه عزّ و جلّ: فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (6)و الثالثة للحرق و الغرق:ما شاء اللّه لا
ص:263
قوّة إلاّ باللّه،و ذلك أنّه يقول: وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (1)و الرابعة للغمّ و الهمّ:لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين،قال اللّه سبحانه: فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (2)» (3).
و صرف المال في الصدقة لذي الرحم أفضل من صرفه في الجهاد مع عدم
الحاجة إليه.
روى الشيخ،عن موسى بن أبي الحسن الرازيّ (4)،عن الرضا عليه السلام،قال:
«أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدينارين،فقال:يا رسول اللّه أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:أ لك والدان أو أحدهما؟قال:نعم،قال:اذهب فأنفقهما
ص:264
على والديك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع ففعل،فأتاه بدينارين آخرين،قال:قد فعلت و هذه (1)ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:أ لك ولد؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على ولدك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع و فعل (2)،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه قد فعلت و هذان الديناران أحمل بهما في سبيل اللّه تعالى،قال:أ لك زوجة؟قال:نعم،قال:
أنفقهما على زوجتك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،فرجع و فعل،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه و هذان (3)ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،فقال:أ لك خادم؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على خادمك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل اللّه،ففعل،فأتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه إنّي (4)أريد أن أحمل بهما في سبيل اللّه،قال:احملهما،و اعلم أنّهما ليسا (5)بأفضل ديناريك (6)» (7).
روى الشيخ عن السكونيّ (8)،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:
«أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء قل لقومك:لا يلبسوا لباس أعدائي،و لا يطعموا
ص:265
مطاعم أعدائي،و لا يشاكلوا بمشاكل أعدائي فيكونوا أعدائي،كما هم أعدائي» (1).
روى أبو حمزة الثماليّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لن تبقى الأرض [إلاّ] (2)و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من أهل (3)الباطل إنّما جعلت التقيّة؛ليحقن بها الدم،فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة،و ايم اللّه أن (4)لو دعيتم لتنصرونا،لقلتم:لا نفعل إنّما نتّقي،و لكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم و أمّهاتكم،و لو قد قام القائم عليه السلام،ما احتاج إلى مسائلتكم عن ذلك،و لأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ اللّه» (5).
عليه السلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس و يقول:تفتح أبواب السماء و تقبل الرحمة و ينزل النصر (1)و يقول:هو أقرب إلى الليل و أجدر أن يقلّ القتل،و يرجع الطالب، و يغلب (2)المهزوم» (3).
روى أبو بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام،يقول:«خير الرفقاء أربعة، و خير السرايا أربعمائة،و خير العساكر أربعة آلاف،و لا تغلب عشرة آلاف (4)من قلّة» (5).
و عن زيد بن عليّ،عن آبائه عليهم السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا التقى المسلمان سيفهما (6)على غير سنّة،القاتل و المقتول في النار»فقيل يا رسول اللّه:القاتل (7)،فما بال المقتول؟قال:«لأنّه أراد قتلا» (8).
ص:267
و عن عبد اللّه بن عبد الرحمن (1)،عن أبي الحسن عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:اركبوا و ارموا،و أن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا ثمّ قال:
كلّ أمر (2)المؤمن باطل إلاّ في ثلاث:في تأديبه الفرس،و رميه عن قوسه، و ملاعبته امرأته،فإنّهنّ حقّ،إنّ اللّه ليدخل بالسّهم الواحد الثلاثة الجنّة:عامل الخشب،و المقوّي به (3)في سبيل اللّه،و الرامي به في سبيل اللّه» (4).
روى السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين،فلم يجبه،فليس بمسلم» (5).
ص:268
روى عبد الأعلى مولى آل سام (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لمّا نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (2)جلس رجل من المسلمين يبكي و قال:أنا قد عجزت عن نفسي كلّفت أهلى!!فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك،و تنهاهم[عمّا تنهى عنه نفسك]» (3).
و عن أبي بصير في قول اللّه عزّ و جلّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (4)قلت:
كيف أقيهم؟قال:«تأمرهم بما أمر اللّه عزّ و جلّ،فإن أطاعوك،كنت قد وقيتهم،و إن عصوك،كنت قد قضيت ما عليك» (5).
ص:269
روى أبو الحسن الأحمسيّ (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها،و لم يفوّض إليه أن يكون ذليلا،أ ما تسمع اللّه تعالى يقول:
وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)فالمؤمن يكون عزيزا و لا يكون ذليلا»قال:
«إنّ المؤمن أعزّ من الجبل[لأنّ الجبل] (3)يستقلّ منه بالمعاول،و المؤمن لا يستقلّ [من] (4)دينه بشيء» (5).
و لنقطع الكلام في القاعدة الأولى من هذا الكتاب في العبادات حامدين اللّه تعالى و لننتقل بعون اللّه تعالى إلى القاعدة الثانية في العقود مستعينين باللّه و متّكلين عليه،و هو حسبنا و نعم الوكيل.
ص:270
في العقود،
و فيها كتب
و فيه مقاصد:
في المقدّمات
و فيه فصول:
ص:271
ص:272
في استحباب التجارة
لا نعلم خلافا في جواز طلب الرزق بالمعاش في الحلال.
قال اللّه تعالى: فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (1).
و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن جميل بن صالح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ (2)قال:«رضوان اللّه و الجنّة في الآخرة،و السعة في الرزق و المعاش و حسن الخلق في الدنيا» (3).
و عن ذريح بن يزيد المحاربيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نعم العون الدنيا على الآخرة» (5).
و قال عليه السلام:«ليس منّا من لا يرى (6)دنياه لآخرته و لا آخرته لدنياه» (7).
ص:273
و روي عن العالم عليه السلام،أنّه قال:«اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا،و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا» (1).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«نعم العون على تقوى اللّه الغنى» (2).
و روى عمر بن أذينة،عن الصادق عليه السلام أنّه قال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى ليحبّ الاغتراب (3)في طلب الرزق» (4).
و قال عليه السلام:«اشخص يشخص (5)لك الرزق» (6).
و روى عليّ بن عبد العزيز (7)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرّفا (8)في طلب الرزق،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:
ص:274
اللهمّ بارك لأمّتي في بكورها» (1).
و روى حمّاد اللحّام (2)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تكسلوا في طلب معايشكم،فإنّ آباءنا كانوا يركضون فيها و يطلبونها» (3).
و قال أبو جعفر عليه السلام:«إنّي أجدني أمقت الرجل تتعذّر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه و يقول:اللهمّ ارزقني،و يدع أن ينتشر في الأرض و يلتمس من فضل اللّه،و الذرّة (4)تخرج من جحرها تلتمس رزقها» (5).
و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«إنّ اللّه يحبّ المحترف (6)الأمين» (7).
و روى محمّد بن عذافر،عن أبيه،قال:دفع إليّ أبو عبد اللّه عليه السلام سبعمائة دينار و قال:«يا عذافر اصرفها في شيء ما»و قال:«ما أفعل هذا على شره (8)منّي، و لكنّي أحببت أن يراني اللّه تبارك و تعالى متعرّضا لفوائده»قال عذافر:فربحت فيها مائة دينار،فقلت له في الطواف:جعلت فداك قد رزق اللّه عزّ و جلّ فيها مائة
ص:275
دينار،قال:«أثبتها في رأس مالي» (1).
و روى عليّ بن أبي حمزة،قال:رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له و قد استنقعت قدماه في العرق،فقلت له:جعلت فداك أين الرجال؟فقال:«يا عليّ عمل باليد (2)من هو خير منّي و من أبي،في أرضه»فقلت:من هو؟فقال:
«رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام و آبائي عليهم السلام كلّهم قد عملوا بأيديهم (3)،و هو من عمل النبيّين و المرسلين و الصالحين» (4).
و روى شريف بن سابق التفليسيّ (5)،عن الفضل بن أبي قرّة الكوفيّ (6)،عن
ص:276
أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السلام أنّك نعم العبد لو لا أنّك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا،قال:فبكى داود عليه السلام،فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى الحديد:أن لن لعبدي داود،فألان اللّه تعالى له الحديد،فكان يعمل كلّ يوم درعا يبيعها بألف درهم،فعمل عليه السلام ثلاثمائة و ستّين درعا،فباعها بثلاثمائة و ستّين ألفا و استغنى عن بيت المال» (1).
و كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في الهاجرة 2في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه يتعب نفسه في طلب الحلال 3.
و قال عليّ بن الحسين عليه السلام:«إنّ من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده،و يكون له أولاد،خلطاؤه صالحون 4،و يكون له أولاد يستعين بهم» 5.
و عن الفضيل بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي قد تركت
ص:277
التجارة،قال:«لا تفعل،افتح بابك و ابسط بساطك و استرزق اللّه ربّك» (1).
و قال سدير الصيرفيّ:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أيّ شيء على الرجل في طلب الرزق؟فقال:«يا سدير إذا فتحت بابك و بسطت بساطك فقد قضيت ما عليك» (2).
و قال عليّ عليه السلام:«كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو،فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا،فكلّمه اللّه عزّ و جلّ و رجع نبيّا، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان،و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين» (3).
و قال عليه السلام:«من أتاه اللّه برزق،لم يخط إليه برجله،و لم يمدّ إليه يده، و لم يتكلّم فيه بلسانه و لم يشدّ إليه بنانه،و لم يتعرّض له،كان ممّن ذكره اللّه عزّ و جلّ في كتابه وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (4)» (5).
و قال الباقر عليه السلام:«المعونة تنزل من السماء على قدر المئونة» (6).
و قال الصادق عليه السلام:«غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على
ص:278
الإثم» (1).
و قال عليه السلام:«لا خير فيمن لا يحبّ جمع المال من حلال فيكفّ به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه» (2).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من المروّة استصلاح المال» (3).
و قال الصادق عليه السلام:«إصلاح المال من الإيمان» (4).
و قال عليه السلام:«لا يصلح المرء المسلم إلاّ بثلاث:التفقّه في الدين، و التقدير في المعيشة،و الصبر على النائبة» (5).
و سأل معمّر بن خلاّد أبا الحسن الرضا عليه السلام عن حبس الطعام سنة، فقال:«أنا أفعله» يعني بذلك إحراز القوت (6).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«النفس إذا أحرزت قوتها استقرّت» (7).
و قال العالم عليه السلام:«ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر» (8).
ص:279
و سأل إسحاق بن عمّار أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى الإسراف،قال:«تعرف صونك فتبذله (1)،و فضل الإناء تهريقه،و قذفك النوى هكذا و هكذا» (2).
و قال الصادق عليه السلام:«كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعول» (3).
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ملعون ملعون من يضيّع من يعول» (4).
و روى عمر بن يزيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:«إيّاك و الكسل و الضجر فإنّهما مفتاح كلّ سوء،إنّه من كسل لم يؤدّ حقّا،و من ضجر لم يصبر على حقّ» (5).
و روى هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب و يستقي و يكنس،و كانت فاطمة عليها السلام تطحن و تعجن و تخبز» (6).
و روى الشيخ-في الصحاح-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«ترك التجارة ينقص العقل» (7).
و عن معاذ بن كثير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟فقال:«إنّك إن فعلت قلّ عقلك»أو نحوه (8).
ص:280
و قال عليه السلام لمعاذ بيّاع الأكسية:«يا معاذ أضعفت عن التجارة أم زهدت فيها؟»قال:ما ضعفت عنها و لا زهدت فيها،قال:«فما لك؟»فقلت:كنت أنتظر أمرك،و ذلك حين قتل الوليد (1)و عندي مال كثير و هو في يدي،و ليس لأحد عندي شيء،و لا أراني آكله حتّى أموت،فقال:لا تتركها فإنّ تركها مذهبة للعقل، اسع على عيالك و إيّاك أن يكونوا هم السعاة عليك» (2).
و كان أبو الحسن عليه السلام يقول لمصادف:«اغد إلى عزّك»يعني السوق (3)،
و عن محمّد الزعفرانيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من طلب التجارة،استغنى عن الناس»قلت:و إن كان معيلا؟قال:«و إن كان معيلا،إنّ تسعة
ص:281
أعشار الرزق في التجارة» (1).
و سأل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل و أنا حاضر،فقال:«ما حبسه عن الحجّ»فقيل:ترك التجارة و قلّ سعيه و كان متّكئا فاستوى جالسا ثمّ قال لهم:
«لا تدعوا التجارة فتهونوا،اتّجروا بارك اللّه لكم» (2).
قال معاذ بن كثير لأبي عبد اللّه عليه السلام:لقد هممت أن أدع السوق و في يدي شيء،فقال:«إذن يسقط رأيك و لا يستعان بك على شيء» (3).
و عن أسباط بن سالم (4)،قال:سأل أبو عبد اللّه عليه السلام يوما عن معاذ بيّاع الكرابيس،و أنا عنده،فقيل:ترك التجارة،فقال:عمل الشيطان عمل الشيطان،من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله،أما علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قدمت عير من الشام فاشترى منها و اتّجر فربح فيها ما قضى دينه» (5).
ص:282
و عن أبي عمارة بن الطيّار (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّه قد ذهب مالي و تفرّق ما في يدي و عيالي كثير،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا قدمت [الكوفة] (2)فافتح باب حانوتك و ابسط بساطك و ضع ميزانك و تعرّض لرزق ربّك» فلمّا أن قدم،فتح بابه و بسط بساطه و وضع ميزانه،فتعجّب من حوله من جيرانه (3)بأن ليس في بيته قليل و لا كثير من المتاع و لا عنده شيء،قال:فجاءه رجل،فقال:
اشتر لي ثوبا،فاشترى له[و أخذ ثمنه و صار الثمن إليه،ثمّ جاءه آخر فقال:اشتر لي ثوبا،قال:فجلب له باقي السوق ثمّ اشترى له] (4)ثوبا فأخذ ثمنه فصار في يده، و كذلك يصنع التجّار يأخذ بعضهم من بعض،ثمّ جاء رجل،فقال:يا أبا عمارة،إنّ عندي عدلين (5)كتّانا فهل تشتريه بشيء و أصبر بثمنه سنة؟فقال:نعم،احمله و جئني به،قال:فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير سنة،فقام الرجل فذهب ثمّ أتاه آت من أهل سوقه،فقال له:يا أبا عمارة ما هذا العدل؟قال:هذا عدل اشتريته،فقال:
فتبيعني نصفه و أعجّل لك ثمنه؟قال:نعم،فاشتراه منه و أعطاه نصف المتاع و أخذ نصف الثمن،و صار في يده الباقي إلى سنة،فجعل يشتري بثمنه الثوب و الثوبين، و يشتري و يبيع حتّى أثرى و عرض وجهه و صار معروفا (6).
ص:283
و عن عليّ بن عبد العزيز،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:ما فعل عمر بن مسلم (1)؟قلت:جعلت فداك أقبل على العبادة و ترك التجارة،فقال:«ويحه،أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له؟!إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (2)أغلقوا الأبواب و أقبلوا على العبادة،و قالوا:قد كفينا،فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأرسل إليهم،[فقال:] (3)«ما حملكم على ما صنعتم؟»قالوا:يا رسول اللّه:تكفّل اللّه عزّ و جلّ بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة،فقال:«إنّه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له،عليكم بالطلب»[ثمّ قال:] 4«إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه،يقول:ارزقني و يترك الطلب» (4).
و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«اتّجروا بارك اللّه لكم،فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:إنّ الرزق عشرة أجزاء،تسعة في التجارة،و واحد في غيرها» (5).
ص:284
و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«تعرّضوا للتجارة،فإنّ فيها لكم غنى عمّا في أيدي الناس» (1).
و قال الصادق عليه السلام:«لا تدعوا التجارة فتموتوا (2)،اتّجروا بارك اللّه فيكم (3)» (4).
و قال الصادق عليه السلام:«ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم»أو قال:«يردّ عليهم دعاؤهم:رجل كان له مال كثير يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا فأنفقه في وجوهه (5)،فيقول:اللهمّ ارزقني،فيقول اللّه تعالى:أ لم أرزقك؟!و رجل أمسك عن الطلب،فيقول:اللهمّ ارزقني،فيقول:أ لم أجعل لك السبيل إلى الطلب؟!و رجل كانت عنده امرأة،فيقول:اللهمّ فرّق بيني و بينها،فيقول:أ لم أجعل ذلك إليك؟!» (6).
و قال عليه السلام:«من سعادة المرء أن يكون القيّم على عياله» (7).
و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تتعرّضوا للحقوق فإذا لزمتكم فاصبروا لها» (8).
ص:285
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه» (1).
ص:286
في آداب التجارة
ليعرف كيفيّة الاكتساب،و يميّز (1)بين صحيح العقود و فاسدها؛لأنّ العقد الفاسد لا ينتقل به الملك،بل هو باق على ملكيّة الأوّل،فيكون تصرّفه في غير ملكه،و يسلم من الربا الموبق،و لا يرتكب المآثم من حيث لا يعلم.
روى الشيخ،عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا ثمّ ارتطم» (2)و معنى ارتطم:ارتبك فيه (3).يقال:رطمته في الوحل فارتطم:أي ارتبك فيه و ارتطم عليه أمره،إذا لم يقدر على الخروج منه.
و كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:«لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع» (4).
و كان عليه السلام يقول:«التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ
ص:287
و أعطى الحقّ» (1).
و عن الأصبغ بن نباتة،قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول على المنبر:
«يا معشر الناس (2)الفقه ثمّ المتجر،الفقه ثمّ المتجر،و اللّه للربا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على الصفا،شوبوا أيمانكم بالصدقة (3)،التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ» (4).
و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة عندكم يغتدي (5)كلّ يوم بكرة من القصر،يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا،و معه الدّرّة على عاتقه،و كان لها طرفان-و كانت تسمّى السبيبة (6)-فيقف على أهل كلّ سوق فينادي:يا معشر التجّار اتّقوا اللّه عزّ و جلّ،فإذا سمعوا صوته، ألقوا ما في أيديهم و ارعوا (7)إليه بقلوبهم و سمعوا بآذانهم،فيقول:قدّموا الاستخارة،و تبرّكوا بالسهولة،و اقتربوا من المبتاعين (8)،و تزيّنوا بالحلم،و تناهوا
ص:288
عن اليمين،و جانبوا الكذب،و تجافوا عن الظلم،و أنصفوا المظلومين،و لا تقربوا الربا،و أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ ،و لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ،وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ،فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة،ثمّ يرجع فيقعد للناس» (1).
قوله عليه السلام:«قدّموا الاستخارة»معناه:الدعاء بالخيرة في الأمور.
و قال الصادق عليه السلام:«من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات» (2)و معنى الورطة:الهلاك.
و قال أبو عبيد (3):أصل الورطة أرض مطمئنّة لا طريق فيها،و أورطه و ورّطه توريطا:أي أوقعه في الورطة فتورّط هو فيها (4).
فيكون الصبيّ عنده بمنزلة الكبير،و الساكت بمنزلة المماكس،و المستحيي بمنزلة البصير المداقّ، يعني:المداقق في الأمور،أدغم أحد القافين في الآخر و شدّد القاف.
و المراد بالصبيّ هنا:البالغ العاقل في أوائل بلوغه،فإنّ من لم يبلغ،لا ينعقد بيعه و شراؤه.
و البصير المراد به:أن يكون من أهل البصيرة و الخبرة،لا من بصر العين.
و كلّ ذلك على جهة الاستحباب مع علمهم بالأسعار،فإنّه لا بأس أن يبيعهم بغير السعر الذي باع الآخر إذا عرفوا القيمة.أمّا إذا كان المشتري من غير أهل البصيرة ثمّ ظهر له الغبن،كان له الخيار على ما يأتي.
ص:289
روى الشيخ عن حذيفة بن منصور،عن قيس (1)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام إنّ عامّة من يأتيني إخواني (2)،فحدّ لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره،فقال:«إن ولّيت (3)أخاك فحسن،و إلاّ فبع بيع البصير المداقّ» (4).
و عن عامر بن جذاعة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في رجل عنده بيع و سعّره سعرا معلوما فمن سكت عنه ممّن يشتري منه،باعه بذلك السعر،و من ماكسه فأبى أن يبتاع منه،زاده (5)قال:«لو كان يزيد (6)الرجلين و الثلاثة،لم يكن بذلك بأس،و أمّا أن يفعله لمن أبى عليه و كايسه (7)،و يمنعه من لا يفعل،فلا يعجبني إلاّ أن يبيعه بيعا واحدا» (8).
و كذلك إذا عامله مؤمن،فليجتهد ألاّ يربح عليه إلاّ في حال الضرورة،هذا على جهة الاستحباب المؤكّد.
ص:290
روى الشيخ،عن عليّ بن عبد الرحيم (1)،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«إذا قال الرجل للرجل:هلمّ أحسن بيعك،يحرم عليه الربح» (2).
و عن سليمان بن صالح و أبي شبل (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم،فاربح عليه قوت يومك،أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم و ارفقوا بهم» (4).
و التحريم الوارد في هذه الأحاديث محمول على شدّة التغليظ في الربح على المؤمن،لا أنّه حرام حقيقة.
لم يجز له أن يعطيه من عنده و إن كان الذي عنده خيرا ممّا يجده،إلاّ بعد أن يبيّن له أنّ ذلك من عنده و من خاصّ ماله؛
لما رواه الشيخ-في الحسن-عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه
ص:291
عليه السلام،قال:«إذا قال[لك] (1)الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك و إن كان الذي عندك خيرا منه» (2).
قال ابن إدريس-رحمه اللّه-:و فقه ذلك:أنّ التاجر صار وكيلا في الشراء، و لا يجوز للوكيل أن يشتري لموكّله من نفسه؛لأنّ العقد يحتاج إلى إيجاب و قبول، و لا يصحّ أن يكون موجبا و قابلا؛فلأجل ذلك لم يصحّ أن يشتريه من عنده (3).
و عندي في ذلك نظر-و سيأتي البحث فيه-و الأقرب:أنّ النهي عن ذلك إنّما هو للتهمة.
و يؤيّده:
ما رواه ابن بابويه عن ميسر،قال:قلت له:يجيئني الرجل فيقول:
تشتري لي،فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق،قال:«إن أمنت أن لا يتّهمك فأعطه من عندك،و إن خفت أن يتّهمك فاشتر له من السوق» (4).
(5)،و كذا إذا اشترى و طلب البائع الإقالة،أقاله استحبابا مؤكّدا؛لما فيه من جبر قلب المؤمن.
و لما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أيّما عبد مسلم أقال مسلما في بيع،أقاله اللّه عزّ و جلّ عثرته يوم القيامة» (6).
و لا يجوز له إعطاء الناقص و لا أخذ الراجح عن الحقّ إلاّ بعلم من صاحبه،قال اللّه تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* اَلَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ
ص:292
يُخْسِرُونَ (1).
روى الشيخ عن النوفليّ،عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«مرّ أمير المؤمنين عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصّاب و هي تقول:
زدني،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:«زدها،فإنّه أعظم للبركة» (2).
و في الحسن،عن ابن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لا يكون الوفاء حتّى يرجح» (3).
و عن حمّاد بن بشير (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان» (5).
و عن عبيد بن إسحاق (6)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي صاحب نخل فخبّرني بخبر (7)أنتهي إليه فيه من الوفاء،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«انو الوفاء فإن أتى على يدك و قد نويت الوفاء،كنت من أهل الوفاء،و إن نويت النقصان
ص:293
ثمّ أوفيت،كنت من أهل النقصان» (1).
و عن إسحاق بن عمّار،قال:قال:«من أخذ الميزان فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ إلاّ راجحا،و من أعطى فنوى أن يعطي سواء لم يعط (2)إلاّ ناقصا» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّه يكره لمن لا يعرف الوزن أن يستعمله؛لجواز أن يعطي ناقصا و يأخذ راجحا،فيكون قد فعل محرّما.
و روى الشيخ عن مثنّى الحنّاط،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رجل من نيّته الوفاء،و هو إذا كال (4)لم يحسن أن يكيل، قال:«فما يقول الذين حوله؟»قلت:يقولون:لا يوفي،قال:«هذا لا ينبغي له أن يكيل» (5).
و في حديث أمير المؤمنين عليه السلام:«لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع» (6).
و القضاء و الاقتضاء و التساهل في ذلك.
روى الشيخ عن حنّان،عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:بارك اللّه على سهل البيع،سهل الشراء،سهل القضاء، سهل الاقتضاء» (7).
ص:294
و روى إسماعيل بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أنزل اللّه تعالى على بعض أنبيائه عليهم السلام:للكريم فكارم و للسمح فسامح،و عند الشكس (1)فالتو (2)» (3).
و قال عليّ عليه السلام:«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:السماح وجه من الرباح»قال عليه السلام ذلك لرجل يوصيه و معه سلعة يبيعها (4).
لما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«جاء أعرابيّ من بني عامر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض و خير بقاع الأرض،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:شرّ بقاع الأرض الأسواق و هي ميدان إبليس،يغدو برايته و يضع كرسيّه و يبثّ ذرّيّته فبين مطفّف في قفيز،أو طائش (5)في ميزان،أو سارق في ذرع (6)،أو كاذب في سلعة،فيقول:عليكم برجل مات أبوه و أبوكم حيّ (7)فلا يزال مع ذلك أوّل داخل و آخر خارج،ثمّ قال عليه السلام:و خير البقاع المساجد،و أحبّهم إلى
ص:295
اللّه عزّ و جلّ أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا» (1).
إذا ثبت هذا:فإنّ السوق حكمه حكم المسجد،من سبق إلى مكان منه،كان أولى به حتّى يقوم إلى الليل،
رواه ابن بابويه عن عليّ عليه السلام،قال:«سوق المسلمين كمسجدهم،فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل» (2)و زاد الشيخ في الرواية:«و كان لا يأخذ على بيوت السوق كراء» (3).
و يتعوّذ به من شرّها و شرّ أهلها.
روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«إذا دخلت سوقك فقل:اللهمّ إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها،اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ،أو أعتدي أو يعتدى عليّ،اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس و جنوده،و شرّ فسقة العرب و العجم،و حسبي اللّه الذي لا إله إلاّ هو،عليه توكّلت،و هو ربّ العرش العظيم» (4).
و روى ابن بابويه عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«من دخل سوقا أو مسجد جماعة،فقال مرّة واحدة:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و اللّه أكبر كبيرا،و الحمد للّه كثيرا،و سبحان اللّه بكرة و أصيلا،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم،و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد،عدلت له حجّة مبرورة» (5).
ص:296
و عن سدير،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«يا أبا الفضل أ ما لك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس؟»قال:قلت:بلى،قال:«اعلم أنّه ما من رجل يغدو و يروح إلى مجلسه و سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق:اللهمّ إنّي أسألك خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها،إلاّ وكّل اللّه عزّ و جلّ به من يحفظه و يحفظ عليه،حتّى يرجع إلى منزله،فيقول له:قد أجرتك من شرّها و شرّ أهلها يومك هذا،فإذا جلس مكانه حين يجلس،فيقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله،اللهمّ إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّبا،و أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم،و أعوذ بك من صفقة خاسرة و يمين كاذبة،فإذا قال ذلك،قال الملك الموكّل به:ابشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر نصيبا منك،و سيأتيك ما قسم اللّه لك موفّرا،حلالا[طيّبا] (1)مباركا فيه» (2).
قال ابن بابويه:و روي:«أنّ من ذكر اللّه عزّ و جلّ في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح و أعجم،و الفصيح:ما يتكلّم،و الأعجم:ما لا يتكلّم» (3).
و قال الصادق عليه السلام:«من ذكر اللّه في الأسواق،غفر اللّه له بعدد أهلها» (4).
فإنّه أبرك له فيما يشتريه،و يسأل اللّه تعالى أن يبارك له فيما يشتريه و يخير له فيما يبيعه.
ص:297
روى ابن بابويه-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:قال أحدهما عليهما السلام:«إذا اشتريت متاعا فكبّر اللّه ثلاثا،ثمّ قل:اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس [فيه] (1)من خيرك،فاجعل لي فيه خيرا،اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك، فاجعل لي فيه فضلا،اللهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك،فاجعل لي فيه رزقا، ثمّ أعد كلّ واحدة منها ثلاث مرّات» (2).
و روى الشيخ-في الصحيح-عن معاوية بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا أردت أن تشتري شيئا،فقل:يا حيّ يا قيّوم يا دائم،يا رءوف يا رحيم أسألك بعزّتك و قدرتك و ما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا،و أوسعها فضلا،و خيرها عاقبة،فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له»قال:
و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا اشتريت دابّة أو رأسا فقل:اللهمّ ارزقني أطولها حياة،و أكثرها منفعة،و خيرها عاقبة» (3).
و روى ابن بابويه،عن عمر بن إبراهيم (4)،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:
ص:298
«من اشترى دابّة،فليقم من جانبها الأيسر و يأخذ ناصيتها بيده اليمنى و يقرأ على رأسها فاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد و المعوّذتين و آخر الحشر و آخر بني إسرائيل قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ (1)و آية الكرسيّ،فإنّ ذلك أمان لتلك الدابّة من الآفات» (2).
فلعلّ الرزق في المنتقل إليه،
روى الشيخ،عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا،فليتحوّل إلى غيرها» (3).
إذا عرفت هذا:فلو حصل له في نوع من التجارة الربح،استحبّ له المقام عليه.
روى الشيخ،عن بشير النبّال،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا رزقت من شيء فالزمه» (4).
و ينبغي له إذا جاء الرزق في البيع أن يبيع سلعته و لا يطلب فيها الربح الكثير،
روى الشيخ عن عبد اللّه بن سعيد الدغشيّ (5)،قال:كنت على باب شهاب بن عبد ربّه فخرج غلام شهاب و قال:إنّي أريد أن أسأل هشام
ص:299
الصيدلانيّ (1)عن حديث السلعة و البضاعة،قال:فأتيت هشاما فسألته عن الحديث،فقال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البضاعة و السلعة،فقال:«نعم،ما من أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلاّ قيّض اللّه (2)عزّ و جلّ له من يربحه،فإن قبل و إلاّ صرفه إلى غيره،و ذلك أنّه ردّ بذلك على اللّه عزّ و جلّ» (3).
و ينبغي له أن لا يترك الشراء و إن كان غاليا.روى الشيخ،عن عليّ بن عقبة، قال:كان أبو الخطّاب-قبل أن يفسد و هو يحمل المسائل لأصحابنا و يجيء بجواباتها-
روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«اشتروا و إن كان غاليا،فإنّ الرزق ينزل مع الشراء» (4).
فلان يشكوك؟»فقال له:يشكوني أن استقضيت حقّي،قال:فجلس مغضبا ثمّ قال:
«كأنّك إذا استقضيت لم تسئ،أ رأيتك ما حكاه اللّه عزّ و جلّ فقال: يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (1)إنّما خافوا أن يجور اللّه عليهم؟!لا و اللّه،ما خافوا إلاّ الاستقضاء، فسمّاه اللّه سوء الحساب،فمن استقضى فقد أساء» (2).
ص:301
في المناهي المتعلّقة بالابتياع
و فيه بحثان:
في المناهي من حيث التأديب
مدح البائع،و ذمّ المشتري، و كتمان العيوب،و اليمين على البيع،و الربا.
و بعض هذه المنهيّات على التحريم،كالربا-على ما سيأتي-لما رواه الشيخ
عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
من باع و اشترى فليحفظ خمس خصال و إلاّ فلا يشتري و لا يبيع:الربا،و الحلف، و كتمان العيب،و الحمد إذا باع،و الذمّ إذا اشترى» (1).
قال ابن إدريس:معنى مدح البائع:أي مدح البائع لما يبيعه من الأمتعة.و ذمّ المشتري معناه:ذمّ المشتري لما يشتريه،و إن شئت جعلت البائع بمعنى المبيع، فكأنّه أراد مدح المبيع؛لأنّه قد يأتي فاعل بمعنى مفعول،قال اللّه تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ (2)أي لا معصوم،قال:فأمّا ذمّ المشتري،إن شئت قلته بفتح الراء،
ص:302
فيكون الشيء المشترى،قال:و كلاهما حسن (1).و هذا الأخير لا تحتمله الرواية التي ذكرناها؛لأنّ الصادق عليه السلام فسّر معنى ذلك بالاحتمال الأوّل من الاحتمالين اللذين ذكرهما ابن إدريس.فأمّا كتمان العيوب مع العلم بها فحرام محظور بلا خلاف.
و الرياضة (2)في ذلك ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛لأنّه وقت التفرّغ للعبادة و الأدعية المستجابة و استدعاء الرزق من الربّ تعالى.
و لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط رفعه،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس» (3).
عليه السلام:«لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في الخير» 1.
و عن ظريف بن ناصح 2،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في خير» 3.
و في الحسن عن حفص بن البختريّ،قال:استقرض قهرمان 4لأبي عبد اللّه عليه السلام من رجل طعاما لأبي عبد اللّه عليه السلام فألحّ في التقاضي،فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ لم أنهك أن تستقرض ممّن لم يكن له فكان؟» 5.
و عن الحسن بن صباح 6،عن عيسى،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:
ص:304
«إيّاكم و مخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير» (1).
قال ابن بابويه:[جاءت] (2)الأخبار في معنى السفلة[على وجوه:فمنها] (3):
هو الذي لا يبالي بما قال و لا ما قيل له.
و منها:أنّ السفلة من يضرب بالطنبور.
و منها:أنّ السفلة من لم يسرّه الإحسان و لم تسؤه الإساءة.و السفلة:من ادّعى الأمانة (4)و ليس لها بأهل،قال:و هذه كلّها أوصاف السفلة،من اجتمع فيه بعضها أو جميعها،وجب اجتناب مخالطته 5.
فإنّ ذوي العاهات أظلم شيء،و المحارفين لا بركة معهم،
روى الشيخ عن ميسر بن عبد العزيز،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تعامل ذا عاهة،فإنّهم أظلم شيء» 6.
و قال عليه السلام:«احذروا معاملة أصحاب العاهات،فإنّهم أظلم شيء» 7.
ص:305
و عن الوليد بن صبيح،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا تشتر من محارف (1)،فإنّ حرفته لا بركة فيها» (2).
و قال أمير المؤمنين عليه السلام:«شاركوا من أقبل عليه الرزق،فإنّه أجلب للرزق» (3).
و يتجنّب مبايعتهم (4)و مشارّاتهم (5)و مناكحاتهم؛
لما رواه الشيخ عن أبي الربيع الشاميّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت:إنّ عندنا قوما من الأكراد و أنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم و نبايعهم،فقال عليه السلام:«يا أبا الربيع لا تخالطوهم،فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف اللّه عنهم الغطاء،فلا تخالطوهم» (6).
و كذلك يكره معاملة أهل الذمّة و قد سلف ذلك.
و روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام،قال:«لا تستعن بمجوسيّ و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها» (7).
بل ينبغي أن يخلط جيّده برديّه و يكون كلّه ظاهرا.
ص:306
هذا إذا كان الرديّ و المعيب ممّا يرى و يظهر بالخلط،أمّا إذا كان ممّا لا يرى و لا يظهر مع الخلط،فإنّه لا يجوز ذلك و يكون حراما على ما يأتي.
و كذلك يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد،و استحقاق الثمن بكماله؛لقوله تعالى: وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ (1)و سواء كان ذلك قبل التفرّق أو بعده.
ما يطلب في الحال،
إلاّ بعلم من صاحبه و إذن من جهته.
قال ابن إدريس:و فقه ذلك:أنّ الوكيل لا يجوز له أن يشتري السلعة الموكّل في بيعها من نفسه؛لأنّ البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول،فكيف يكون موجبا و قابلا (2).
و أمّا الأب و الجدّ من الولد الأصغر،فقد خرج بالإجماع.و عندي في ذلك نظر.
في المناهي المحرّمة
و حقيقته:إخفاء الرديّ و إظهار الجيّد فيما لا يمكن معرفته،كشوب اللبن بالماء؛
لما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليس منّا من غشّنا» (1).
و بهذا الإسناد عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر:يا فلان،أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم» (2).
و عن موسى بن بكر،قال:كنّا عند أبي الحسن عليه السلام،فإذا دنانير مصبوبة بين يديه،فنظر إلى دينار فأخذه بيده،ثمّ قطعه بنصفين،ثمّ قال:«ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ» (3).
و عن عيسى بن هشام (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:دخل رجل يبيع
ص:308
الدقيق فقال:«إيّاك و الغشّ،فإنّه من غشّ،غشّ في ماله،فإن لم يكن له مال،غشّ في أهله» (1).
و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يشاب اللبن بالماء للبيع» (2).
و عن سعد الإسكاف،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام،فقال لصاحبه:ما أرى طعامك إلاّ طيّبا،و سأل عن سعره فأوحى اللّه إليه:أن يدير يديه في الطعام،فأخرج طعامه رديّا،فقال لصاحبه:
ما أراك إلاّ و قد جمعت خيانة و غشّا للمسلمين» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّه يكره البيع في المواضع المظلمة (4)التي تستتر فيها العيوب؛
ص:309
لأنّه نوع غشّ.
روى الشيخ-في الحسن-عن هشام بن الحكم،قال:كنت أبيع السابريّ في الظلال،فمرّ بي أبو الحسن[موسى] (1)عليه السلام،فقال:«يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ و الغشّ لا يحلّ» (2).
رواه الجمهور عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3).
قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:إذا نادى المنادي على المتاع،فلا يزيد في المتاع،فإذا سكت المنادي،زاد حينئذ إن شاء (4).
و قال في المبسوط:و أمّا السوم على سوم أخيه فهو حرام؛
لقوله عليه السلام:
«لا يسم (5)الرجل على سوم أخيه» (6)هذا إذا لم يكن المبيع في المزايدة،فإن كان
ص:310
كذلك،لم تحرم المزايدة (1).
قال ابن إدريس:و هذا هو الصحيح،دون ما ذكره في النهاية؛لأنّ الزيادة حال النداء غير محرّمة و لا مكروهة،و إنّما الزيادة المنهيّ عنها هي عند الانتهاء و سكون نفس كلّ واحد من البيّعين على البيع بعد استقرار الثمن،و الأخذ و الشروع في الإيجاب و القبول و قطع المزايدة،فعند هذه الحال،لا يجوز السوم على سوم أخيه (2).
أقول:الشيخ-رحمه اللّه-عوّل في ذلك على
رواية الشعيريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد،و إذا سكت،فلك أن تزيد،و إنّما يحرّم الزيادة النداء،و يحلّها السكوت» (4).
و هذه الرواية-إن صحّ سندها-حملت على ما إذا وقع السكوت عن الزيادة لا للشراء،و التحقيق هنا أن تقول:لا يخلو الحال من أربعة أقسام:
أحدها:أن يوجد من البائع التصريح بالرضاء بالبيع،فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري،و هو الذي تناوله الظاهر من النهي.
الثاني:أن يظهر منه ما يدلّ على عدم الرضاء بالبيع،فهذا لا يحرم فيه الزيادة، و لا نعرف فيه خلافا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باع في من يزيد،
روى أنس أنّ رجلا من الأنصار شكا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الشدّة و الجهد،فقال:«أما بقي
ص:311
لك شيء؟»فقال:بلى،قدح و حلس (1)،قال:«فأتني بهما»فأتاه بهما،فقال:«من يبتاعهما؟»فقال رجل:آخذهما بدرهم،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من يزيد على درهم؟»فأعطاه رجل درهمين و باعهما منه» (2). و قد أجمع المسلمون على ذلك،فإنّهم يبيعون أمتعتهم في الأسواق بالمزايدة من غير نكير.
الثالث:أن لا يوجد منه ما يدلّ على الرضا و لا على عدمه فهاهنا أيضا يجوز السوم؛لأنّ فاطمة بنت قيس (3)حين ذكرت للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ معاوية و أبا جهم (4)خطباها،فأمرها أن تنكح أسامة (5)،مع أنّه قد نهى عن الخطبة على خطبة أخيه،كما نهى عن السوم على سوم أخيه،فما يباح في أحدهما يباح في
ص:312
الآخر.
الرابع:أن يظهر منه ما يدلّ على الرضا من غير تصريح،فالوجه هنا:التحريم أيضا؛لعموم النهي،خرج عنه ما خصّ بالأدلّة،فتبقى هذه الصورة على مقتضى العموم.و أيضا فقد وجد منه دليل الرضا،فأشبه ما لو صرّح به.
و قال أحمد بن حنبل:لا تحرم المساومة؛استدلالا بحديث فاطمة بنت قيس (1).و هو غير دالّ على مطلوبه؛إذ لم يوجد منها أمارة على الرضا،أقصى ما في الباب أنّها استشارت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في أمرها،و ليس ذلك دليلا على الرضا،و كيف يحصل منها الرضا مع أنّه عليه السلام قد نهاها بقوله:«لا تفوتينا بنفسك» (2)فلم تكن تفعل شيئا إلاّ بعد مراجعته عليه السلام.
و أصله:مجاوزة الحدّ،و منه:السوم في البيع و هو تجاوز الحدّ في السعر على الزيادة.و منه:الإبل السائمة أي الراعية؛لأنّها تجاوز حدّ الإنبات للرعي.
روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:صاحب السلعة أحقّ بالسوم» (1).
بيع بعض»
(2).و معناه:أنّ الرجلين إذا تبايعا و عقدا الإيجاب و القبول،فجاء رجل إلى المشتري في مدّة خياره،فقال له:أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون من هذا الثمن،أو أبيعك خيرا منها بهذا الثمن أو بدونه،أو عرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري ففسخ البيع و اشترى،فهذا حرام؛لنهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لما فيه من الفساد و الإضرار بالمسلمين و الإفساد عليهم و إيقاع المنازعة بينهم،و قد قال اللّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (3).
و كذا البحث لو اشترى على شراء أخيه،بأن يأتي إلى البائع في زمن خياره قبل لزوم العقد،فيدفع إليه في المبيع أكثر من الثمن الذي اشتري به؛لأنّه في معنى المنهيّ عنه؛إذ المقتضي للنهي في البيع قائم في الشراء.و لأنّ أحدا من المسلمين لم
ص:314
يفرّق بين الصورتين.و لأنّ الشراء يسمّى بيعا فيدخل في النهي.و لأنّه عليه السلام نهى عن أن يخطب على خطبة أخيه و هو في معنى الخاطب (1).
إذا ثبت هذا:فلو خالف و عقد بعد أن فسخ البائع أو المشتري البيع،صحّ البيع و يكون قد فعل محرّما.و به قال الشافعيّ (2).
و قال بعض الجمهور:يبطل البيع؛عملا بالنهي المقتضي للفساد (3).
و هو ممنوع؛لأنّا قد بيّنّا أنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد (4)،و أيضا:
فالمحرّم هو عرض سلعته للمشتري أو قوله الذي فسخ البيع من أجله و هو سابق على البيع.و لأنّه إذا صحّ الفسخ الذي حصل به الضرر،فالبيع المحصّل للمصلحة أولى.
و روى ابن عمر:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن النجش (1).
و عن أبي هريرة:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«لا تلقّوا الركبان و لا يبع بعضكم على بعض و لا تناجشوا و لا يبيع حاضر لباد» (2)و لأنّه خداع،و قد نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الخداع.و لأنّه غشّ و قد نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنه.
روى ابن بابويه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لزينب العطّارة الحولاء (3):«إذا بعت فأحسني و لا تغشّي،فإنّه أتقى و أبقى للمال» (4).
و قال عليه السلام:«من غشّ المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة؛لأنّهم أغشّ الناس للمسلمين» (5).
ص:316
و به قال الشافعيّ (1)،و أصحاب الرأي، و أكثر أهل العلم (2).
و قال أحمد بن حنبل:البيع باطل (3).
لنا:أنّ النهي عائد إلى الناجش لا إلى العاقد،فلم يؤثّر في البيع.و لأنّ النهي لحقّ آدميّ فلم يفسد (4)البيع،كالتلقّي و بيع المعيب و المدلّس،بخلاف حقّ اللّه تعالى؛لأنّ حقّ الآدميّ يمكن جبره بالخيار.
بمواطأة البائع أو لم يكن.
و به قال أحمد (1).
و قال أصحاب الشافعيّ:إن لم يكن ذلك بمواطأة البائع و علمه فلا خيار (2)و اختلفوا فيما إذا كان بمواطأة منه،فقال بعضهم:لا خيار للمشتري (3).
لنا:أنّه تغرير بالعاقد،فإذا كان مغبونا ثبت له الخيار،كما في تلقّي الركبان.
احتجّوا:بأنّ التفريط منه حيث اشترى ما لا يعرف قيمته (4).
و الجواب:النقض بالتلقّي.
بذلك،
ثمّ بان كذبه،صحّ البيع و كان له الخيار أيضا؛لأنّه في معنى النّجش.
و قال أبو حنيفة (1)،و الشافعيّ:إنّه صحيح (2).
لنا:أنّهما لم يوجد منهما حقيقة البيع؛لأنّهما لم يقصداه،و اللفظ إنّما يتمّ دلالته مع القصد،و هما لم يقصدا البيع فأشبها الهازلين.
احتجّوا:بأنّ البيع تمّ بأركانه و شروطه،خاليا من مقارنة مفسد،فصحّ،كما لو اتّفقا على شرط فاسد،ثمّ عقدا البيع بغير شرط (3).
و الجواب:المنع من تتمّة البيع:لأنّ من أركان البيع الإيجاب و القبول المقترنين بالقصد و لم يوجد.
(4)،و البادي هنا:من يدخل البلدة من غير أهلها،سواء كان بدويّا أو من قرية أو بلدة أخرى،و معناه:أن يخرج الحاضر إلى البادي و قد جلب السلعة فيعرّفه السعر و يقول:أنا أبيع لك،
فنهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك،فقال:«دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من
ص:319
بعض» (1).
روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتلقّى الركبان،و أن يبيع حاضر لباد،قال:قلت لابن عبّاس:ما معنى قوله:«حاضر لباد؟»قال:لا يكون له سمسارا (2).
و عن جابر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض» (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عروة بن عبد اللّه (4)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر،و لا يبيع حاضر لباد،ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من
ص:320
بعض» (1).
إذا ثبت هذا:فالمعنى فيه أنّه متى ترك البدويّ،يبيع سلعته،اشتراها الناس برخص،و توسّع عليهم السعر،و إذا تولّى الحاضر بيعها و امتنع من بيعها إلاّ بسعر البلد،ضاق على الناس،و قد أشار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في تعليله إلى هذا المعنى
بقوله عليه السلام:«ذروا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض» (2).
قال ابن إدريس:وجدت بعض المصنّفين قد ذكر في كتاب له،قال:نهى أن يبيع حاضر لباد:فمعنى هذا النهي-و اللّه أعلم-معلوم في ظاهر الخبر و هو الحاضر للبادي،يعني متحكّما عليه في البيع بالكره أو بالرأي الذي يغلب به عليه يريه أنّ ذلك نظر له،أو يكون البادي يولّيه عرض سلعته،فيبيع دون رأيه أو ما أشبه ذلك، فأمّا إن دفع البادي سلعته إلى الحاضر ينشرها للبيع و يعرضها و يستقضي ثمنها،ثمّ يعرّفه مبلغ الثمن،فيلي البادي البيع بنفسه،أو يأمر من يلي ذلك بوكالته،فذلك جائز،و ليس في هذا من ظاهر النهي شيء؛لأنّ ظاهر النهي إنّما هو أن يبيع الحاضر للبادي،فإذا باع البادي بنفسه،فليس هذا من ذلك بسبيل،كما يتوهّمه من قصر فهمه،قال:هذا آخر الكلام،فأحببت إيراده[هاهنا] (3)ليوقف عليه،فإنّه كلام
ص:321
محصّل سديد في موضعه (1).
و المعنى الذي ذكرناه نحن أوّلا،أولى؛لأنّه مأخوذ من التعليل الوارد في الحديثين.
أحدهما:أنّه للكراهية،ذكره في النهاية (2).و به قال أحمد بن حنبل (3)، و أبو حنيفة و أصحابه (4).
و الثاني:التحريم،ذكره في المبسوط و الخلاف (5).و هو قول ابن إدريس (6).
و به قال طلحة بن عبيد اللّه،و ابن عمر،و أبو هريرة و أنس،و عمر بن عبد العزيز (7)، و مالك (8)،و الليث (9)،و الشافعيّ (10).و فيه قوّة.
ص:322
لنا:أنّ النهي ظاهر في التحريم،كما أنّ الأمر ظاهر في الإيجاب.
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بالأصل (1).
و الجواب:أنّ النهي صرف عن الأصل.
أحدها:أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولّى البيع له.
الثاني:أن يكون البادي جاهلا بالسعر؛لأنّه داخل تحت التعليل من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من حيث المفهوم؛إذ الأمر بالترك-ليرزق اللّه بعضهم من بعض- إنّما يكون مع الجهل بالسعر.
الثالث:أن يكون قد جلب السلع للبيع،فلو جلبها لغير البيع فيحدث عليه الحاضر البيع،أو كان البادي عارفا بالقيمة،لم يحصل التحريم.
و زاد أصحاب الشافعيّ شرطا آخر:و هو أن يكون مريدا لبيعها بسعر يومها (2)و زاد غيرهم شرطا خامسا:و هو أن يكون بالناس حاجة إلى السلعة و ضيق في تأخير بيعه (3).
و به
ص:323
قال الشافعيّ (1).
و قال أحمد:يبطل (2).
لنا:أنّ الأصل:الصحّة،و النهي لمعنى في غير المنهيّ عنه.
احتجّوا:بأنّ النهي يدلّ على الفساد (3).
و الجواب:المنع من الدلالة.
للرفق بأهل الحضر؛ليتّسع عليهم السعر،و يزول عنهم الضرر،و ليس ذلك في الشراء لهم؛لعدم ضررهم؛لعدم الغبن للبادين،بل هو دفع الضرر عنهم،و الخلق في نظر الشرع على السواء،فكلّما شرّع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر،لا يلزم أن يلزم أهل البدو الضرر.
أحدهما:التحريم،ذكره في المبسوط (1)،و به قال ابن إدريس (2).
و الثاني:الكراهية،قاله في النهاية (3)،و معناه:أن يخرج من أهل البلد قوم إلى الركبان الذين قاربوا البلد،فيشترون منهم أمتعتهم و أعراضهم (4)قبل أن يعرفوا سعر البلد.روي أنّهم كانوا يتلقّون الجلاّب فيشترون منهم الأمتعة قبل أن تهبط الأسواق، فربّما غبنوهم غبنا ظاهرا فيضرّون بهم و بأهل البلد أيضا؛لأنّ الركبان إذا وصلوا باعوا أمتعتهم،و الذين يتلقّونهم قد لا يبيعونها سريعا يتربّصون بها السعر فهو في معنى بيع الحاضر للبادي (5).
روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تلقّوا الركبان و لا يبع حاضر لباد» (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن منهال القصّاب،عن أبي عبد اللّه
ص:325
عليه السلام،قال:قال:«لا تلقّ و لا تشتر ما يتلقّى و لا تأكل منه» (1).
و عن عروة بن عبد اللّه،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر،و لا يبيع حاضر لباد، و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض» (2).
إذا ثبت هذا:فقد كرهه أكثر العلماء،منهم:عمر بن عبد العزيز (3)،و مالك (4)، و الليث،و الأوزاعيّ (5)،و الشافعيّ (6)،و إسحاق (7).
و عن أبي حنيفة أنّه لا بأس بالتلقّي (8).
لنا:ما تقدّم من الأحاديث.
إذا عرفت هذا:فهل هو حرام أو مكروه؟الأقوى:التحريم؛عملا بالنهي الدالّ بظاهره عليه،كما قلناه في بيع الحاضر للبادي (9).
ص:326
فالبيع صحيح في قول عامّة العلماء،قاله ابن عبد البرّ (1)،و عن أحمد رواية أنّ البيع فاسد (2).
لنا:
ما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تلقّوا بجلب،فمن تلقّاه و اشترى منه،فإذا أتى السوق فهو بالخيار» (3).و إنّما يثبت الخيار في البيع الصحيح،و لأنّ الأصل:الصحّة.
احتجّ أحمد:بالنهي الدالّ على الفساد (4).
و الجواب:قد بيّنّا غير مرّة أنّه لا يدلّ على الفساد في المعاملات (5).و لأنّ النهي لا لمعنى في البيع،بل يعود إلى ضرب من الخديعة يمكن استدراكها بإثبات الخيار.
و هو ظاهر مذهب الشافعيّ (1)؛لأنّه إنّما يثبت لأجل الخديعة و دفع الضرر عن البائع،و لا ضرر مع عدم الغبن.
و قال بعض الجمهور:يثبت الخيار مع عدم الغبن (2)؛عملا بظاهر الحديث (3).
و ليس بجيّد؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل له الخيار إذا أتى السوق (4)، فيفهم منه أنّه أشار إلى معرفته بالغبن في السوق،و لو لا ذلك،لكان له الخيار من حين البيع.
قال أصحاب مالك:إنّما نهي عن تلقّي الركبان؛لما يفوت به من الرفق بأهل السوق؛لئلاّ يقطع عنهم ما لأجله جلسوا في السوق من ابتغاء فضل اللّه تعالى (5).
قال بعض الجمهور:فإنّ تلقّاها متلقّ فاشتراها عرضت على أهل السوق،
ص:328
فيشتركون فيها (1).
و قال الليث بن سعد:تباع في السوق (2).
و هو غلط؛لأنّه مخالف لمدلول الحديث؛فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل الخيار للبائع إذا دخل السوق (3)،و كون الخيار له يدلّ على أنّ النهي عن التلقّي؛ لحقّه لا لحقّ غيره.و لأنّ الجالس في السوق مساو للمتلقّي في ابتغاء فضل اللّه،فلا يليق بالحكمة فسخ عقد أحدهما و إلحاق الضرر به؛دفعا للضرر عن مثله.
في الشراء منهم لا البيع عليهم.
لنا:
قوله عليه السلام:«لا تلقّوا الركبان» (1).و البائع داخل فيه،و لأنّ المقتضي للنهي-و هو الخديعة و الغبن-موجود في الشراء و البيع.
فلقي ركبا،لم يكره له الشراء منهم و لا البيع،و هو أحد وجهي الشافعيّة (2)،و الليث بن سعد (3).و الوجه الثاني للشافعيّة:أنّه يحرم (4).
لنا:أنّه لم يقصد التلقّي،فلم يتناوله النهي.
احتجّوا:بأنّ النهي عن التلقّي للخديعة و الغبن،و هو موجود،سواء قصد التلقّي أو لم يقصد (5).
لم يكن به بأس؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تتلقّى السلع حتّى يهبط بها السوق،و هو يصدق على طرفه، كصدقه على وسطه.و لأنّه صار في محلّ البيع و الشراء،فلم يدخل في النهي.
التاسع:حدّ علماؤنا التلقّي بأربعة فراسخ،فكرهوا التلقّي إلى ذلك الحدّ،فإن زاد على ذلك،كان تجارة و جلبا و لم يكن تلقّيا،و هو ظاهر؛لأنّه بمضيّه و رجوعه
ص:330
يكون مسافرا يجب عليه التقصير،فيكون سفرا حقيقيّا.
و يدلّ عليه أيضا:
ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن منهال القصّاب،قال:قلت له:ما حدّ التلقّي؟قال:«روحة» (1).
و عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا تلقّ،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التلقّي،قلت:و ما حدّ التلقّي؟قال:«ما دون غدوة أو روحة».قلت:
و كم الغدوة و الروحة؟قال:«أربع (2)فراسخ» قال ابن أبي عمير:و ما فوق ذلك فليس بتلقّ (3).و لا نعرف بين علمائنا خلافا فيه.
و الآخر:الكراهية،ذهب إليه الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية (1)،و المفيد في المقنعة (2)،و سلاّر (3)،و بعض الشافعيّة (4).
و الأوّل عندي:أقوى،و هو قول الجمهور.
و يدلّ على النهي:ما رواه الجمهور عن أبي أمامة،قال:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يحتكر الطعام (5).
و عن سعيد بن المسيّب:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من احتكر فهو خاطئ» (6).
و خرج عمر بن الخطّاب مع أصحابه،فرأى طعاما كثيرا قد ألقي على باب مكّة،فقال:ما هذا الطعام؟قالوا:جلب إلينا،فقال:بارك اللّه فيه و فيمن جلبه،فقيل له:إنّه قد احتكر،فقال:و من احتكره؟قالوا:فلان مولى عثمان و فلان مولاك، فأرسل إليهما،فقال:ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟قالا:نشتري بأموالنا و نبيع،قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من احتكر على المسلمين طعامهم،لم يمت حتّى يضربه اللّه بالجذام أو الإفلاس». قال الراوي:فأمّا مولى عثمان فباعه و قال:و اللّه لا أحتكره،و أمّا مولى عمر فلم يبعه فرأيته
ص:332
مجذوما (1).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن أبي زياد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يحتكر الطعام إلاّ خاطئ» (3).
و عن ابن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (4).
و عن جهم بن أبي جهم (5)عن معتّب (6)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:-
ص:333
و قد تزيّد السعر بالمدينة-«كم عندنا من طعام؟»قال:قلت:عندنا ما يكفينا أشهرا كثيرة،قال:«أخرجه و بعه»قال:قلت:و ليس بالمدينة طعام؟قال:«بعه»فلمّا بعته،قال:«اشتر مع الناس يوما بيوم»و قال:«يا معتّب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا و نصفا حنطة،فإنّ 1اللّه يعلم أنّي واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها، و لكنّي أحبّ أن يراني اللّه عزّ و جلّ قد أحسنت تقدير المعيشة» 2.
و عن يونس بن يعقوب،عن معتّب،قال:كان أبو الحسن عليه السلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها،و نشتري مع المسلمين يوما بيوم 3.
و عن الحسن 4،عن عليّ عليه السلام،قال:«من باع الطعام،نزعت منه الرحمة» 5.
ص:334
و نهى أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكرة في الأمصار (1).
و هذه الأخبار كما دلّت على النهي،دلّت على الحرمة.
و قيل:و الملح (2).فأمّا ما عدا ذلك فلا يتحقّق فيه الاحتكار،كالإدام،و الحلو، و العسل،و الزيت،و أعلاف البهائم؛لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحكرة في الطعام (3)،فدلّ بمفهومه على إباحة ذلك في غيره،و كان سعيد بن المسيّب-و هو راوي حديث الاحتكار-يحتكر الزيت،و كان يحتكر النوى و الخبط (4)و البزر (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ليس الحكرة إلاّ في الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،و السمن» (6).
و قد روى ابن بابويه عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام قال:«ليس الحكرة إلاّ في الحنطة،و الشعير،و التمر،و الزبيب،
ص:335
و السمن،و الزيت» (1).
و لأنّ ما عدا الأقوات المذكورة ممّا لا نعلم الحاجة إليها،و قد يستغنى عن أكثرها،فلم يتحقّق فيها الحكرة،كالثياب،و الحيوان.
عملا برواية غياث بن إبراهيم (2)
و لما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:و سألته عن الزيت،فقال:«إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه» (3)و هو يدلّ بمفهومه على ثبوت البأس مع فقده عند غيره،و الرواية حسنة،و الأولى ضعيفة،إلاّ أنّ عمل أكثر أصحابنا على انتفاء الحكرة فيه.
و لم نقف على حديث دالّ عليه،و لعلّه نظر في ذلك إلى دعوى (6)الحاجة إليه و إمساس الضرورة إلى تناوله،فصار كالطعام.
الثمن،
أمّا لو استبقاها لاستعمالها،فإنّه لا حكرة فيه حينئذ.
و لو
ص:336
جلب شيئا أو أدخل من غلّته شيئا فادّخره،لم يكن محتكرا؛
لقوله عليه السلام:
«الجالب مرزوق و المحتكر ملعون» (1).
و لأنّ الجالب لا يضيق على أحد و لا يضرّ به،بل ربّما ينفع،فإنّ الناس إذا علموا أنّ عنده طعاما معدّا للبيع،كان ذلك مقوّيا لقلوبهم على الصبر و أولى لهم من عدمه (2).
و يؤيّد ذلك
من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره» (3).
- عند احتياج الناس إلى الطعام و عدم الباذل و البائع سوى المحتكر،فمتى تحقّق الإمام ذلك،جبره على البيع.
و قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:حدّه في الرخص أربعون يوما،و في الشدّة و البلاء ثلاثة أيّام (4).فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون، و ما زاد في العسرة على ثلاثة أيّام فصاحبه ملعون.
لنا:
ما رواه الشيخ-في الحسن-عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره،فإن كان في المصر طعام
ص:337
أو يباع غيره،فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل» (1).
و عن صفوان،عن أبي الفضل سالم الحنّاط،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:
«ما عملك؟»قلت:حنّاط (2)،و ربّما قدمت على نفاق و ربّما قدمت على كساد فحبست،قال:«فما يقول من قبلك فيه؟»قلت:يقولون:محتكر،قال:«يبيعه أحد غيرك؟»قلت:ما أبيع من ألف جزء جزءا،قال:«لا بأس،إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له:حكيم بن حزام[كان إذا دخل الطعام المدينة،اشتراه كلّه،فمرّ عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا حكيم بن حزام] (3)إيّاك أن تحتكر» (4).
لنا:
ما رواه الجمهور عن أنس،قال:غلا السعر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالوا:يا رسول اللّه غلا السعر فسعّر لنا،فقال:«إنّ اللّه هو المسعّر القابض الباسط الرازق (3)،و إنّي أرجو أن ألقى اللّه عزّ و جلّ،و ليس أحد يطلبني بمظلمة في دم و لا مال» (4).فترك إجابتهم إلى التسعير،مع تعليله عليه السلام بالظلم، دالّ على أنّه ليس له ذلك.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن منصور (5)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فقد الطعام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأتاه المسلمون،فقالوا:يا رسول اللّه قد فقد الطعام،و لم يبق شيء منه إلاّ عند فلان،فمره يبع،قال:فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمّ قال:يا فلان إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فقد،إلاّ شيئا عندك،فأخرجه و بعه كيف شئت و لا تحبسه» (6).
ص:339
و عن عبد اللّه بن سليمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في تجّار قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلاّ بما أحبّوا،قال:«لا بأس بذلك» (1).
و عن عبد اللّه بن ضمرة (2)،عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال رفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها،فقيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو قوّمت عليهم،فغضب عليه السلام حتّى عرف الغضب من (3)وجهه،فقال:
أنا أقوّم عليهم!؟إنّما السعر إلى اللّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء» (4).
و روى ابن بابويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قيل له:لو سعّرت لنا سعرا فإنّ الأسعار تزيد و تنقص،فقال عليه السلام:«ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا،فدعوا عباد اللّه يأكل بعضهم من بعض،و إذا استنصحتم فانصحوا» (5).
و لأنّ الأصل تحريم نقل مال الغير عنه بغير إذنه،و لأنّه ماله،فلم يجز منعه من بيعه بما تراضيا عليه.و لأنّ فيه مفسدة؛لأنّه ربّما سمع الجالب بذلك فلا يقدم بسلعته،و ربّما سمع صاحب البضاعة بالإكراه على التسعير،فحبس ماله عنده
ص:340
و كتمه فيحصل الإضرار بالجانبين:جانب المالك في منع بيع سلعته،و جانب أهل البلد في منع الجلب إليهم.
احتجّوا:بأنّ في ذلك إضرارا بالناس فساغ التسعير؛
لقوله عليه السلام:«لا ضرر و لا ضرار» (1).و بأنّ عمر مرّ بحاطب في سوق المصلّى و بين يديه غرارتان (2)فيهما زبيب،فسأله عن سعرهما،فسعّر له مدّين بدرهم،فقال له عمر:
قد حدّثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا و هم يعتبرون بسعرك،فإمّا أن ترفع في السعر،و إمّا أن تدخل زبيبك[البيت] (3)فتبيعه كيف شئت (4).
و الجواب:أنّ الضرر محقّق مع التسعير على ما قلناه،و فعل عمر لا حجّة فيه على أنّه خيّره بين الرفع في السعر،و بين بيع الزبيب في البلد كيف شاء،و ليس فيه دلالة على التسعير.
الاحتكار على كلّ حال،
و قد روي أنّ المحظور من ذلك هو أنّه إذا لم يكن في البلد طعام غير الذي عند المحتكر و يكون واحدا،فإنّه يلزمه إخراجه و بيعه بما يرزقه اللّه،كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و ينبغي أن تحمل هذه الأخبار المطلقة على هذه المقيّدة (5).
روى الحلبيّ-في الحسن-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل
ص:341
يحتكر الطعام و يتربّص به هل يجوز[ذلك] (1)؟فقال:«إن كان الطعام كثيرا يسع الناس،فلا بأس به،و إن كان الطعام قليلا،فإنّه يكره أن يحتكر الطعام،و يترك الناس ليس لهم طعام» (2).
و استحقاق الثمن بكماله،و ليس بمحرّم (3).
روى الشيخ-في الحسن-عن إبراهيم الكرخيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السلام جارية،فلمّا ذهبت أنقدهم قلت:أستحطّهم؟ قال:«لا،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة» (4).
و إنّما قلنا:إنّ النهي للكراهية هنا؛
لما رواه الشيخ عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع،قال:«لا بأس به» و أمرني فكلّمت رجلا في ذلك (5).
و عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:الرجل يستوهب من الرجل الشيء بعد ما يشتري فيهب له،أ يصلح له؟قال:«نعم» (6).
ص:342
و فسّر بأمرين:
أحدهما:أن يبيعه الشيء بثمن نقدا و بأكثر نسيئة،و هذا لا يجوز؛لجهالة الثمن،فصار كما لو قال:بعتك هذا العبد أو هذا العبد-و سيأتي البحث فيه-و جوّزه الشيخ رحمه اللّه (2)،و به قال طاوس،و الحكم،و حمّاد (3).
الثاني:أن يبيعه شيئا بشرط أن يشتري منه آخر،كما يقول:بعتك داري هذه بشرط أن تبيعني دارك،و منع ابن إدريس من ذلك (4).و به قال أبو حنيفة (5)، و الشافعيّ (6)،و أكثر العلماء (7)؛عملا بالنهي المقتضي للفساد.
و قال مالك:يجوز (8).و هو عندي قويّ و سيأتي البحث فيه.
المعجمة و الباء المنقّطة تحتها نقطة واحدة-و هو أن يبيع شيئا بثمن مؤجّل إلى نتاج الناقة؛لأنّ ذلك أجل مجهول،فيكون غررا.
و نهى أيضا عن المجر-بالميم المفتوحة و الجيم الساكنة المنقّطة تحتها نقطة واحدة و الراء غير المعجمة-و هو بيع ما في الأرحام ذكره أبو عبيد (1).
و قال ابن الأعرابيّ:المجر:الذي في بطن الناقة،و قال:المجر:الربا،و المجر:
القمار،و المجر:المحاقلة و المزابنة 2.
و نهى عن بيع عسب الفحل،و هي نطفته 3.
و نهى عن الملاقيح 4،و هي ما في بطون الأمّهات.و المضامين،و هي ما في أصلاب الفحول.
و نهى عليه السلام أيضا عن الملامسة و المنابذة 5.و الملامسة:أن يبيعه شيئا و لا يشاهده،على أنّه متى لمسه وقع البيع.و المنابذة:أن يقول:إن نبذته إليّ فقد
ص:344
اشتريته بكذا.
و قيل:هي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلّبه أو ينظر إليه (1).
و قيل:أن ينبذ كلّ واحد منهما ثوبه و لم ينظر كلّ واحد منهما إلى ثوب صاحبه (2).
و نهى عليه السلام عن بيع الحصاة (3).فقيل:معناه،أن يقول:ارم هذه الحصاة فعلى أيّ ثوب وقعت فهو لك بكذا.
و قيل:هو أن يقول:بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا.
و قيل:هو أن يقول:بعتك هذا بكذا على أنّي متى رميت هذه الحصاة،وجب البيع (4).و هذا كلّه باطل على التفاسير؛لعدم انفكاكه من جهالة المبيع أو جهالة الأجل.
ص:345
ص:346
في ضروب الاكتساب
و فيه مباحث:
فيما يحرم التكسّب به
و هو أنواع:
ص:347
ص:348
الأعيان النجسة
و النجسة قسمان:
أحدهما:ما هو نجس في نفسه و بالأصالة،كالخمر،و الأنبذة،و الميتة، و الخنزير،و الدم،و المنيّ،و غير ذلك من النجاسات التي عددناها.
و الثاني:ما نجس بالمجاورة،فالطاهر يأتي البحث عنه.
و القسم الأوّل من قسمي النجس:يحرم بيعه.
و قد أجمع العلماء كافّة على تحريم بيع الميتة،و الخمر،و الخنزير،بالنصّ و الإجماع.قال اللّه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ (1)و تحريم الأعيان يستلزم تحريم وجوه الاستمتاع.
و روى الجمهور عن جابر،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو بمكّة-يقول:«إنّ اللّه تعالى و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام» (2).
ص:349
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ، و الرشا في الحكم،و أجر الكاهن» (1).
و عن عمّار بن مروان،عن الباقر عليه السلام،قال:«السحت أنواع كثيرة:منها:
ثمن الخمور،و النبيذ المسكر» (2)و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.
أمّا ما ليس بنجس من العذرات،كعذرة الإبل،و البقر،و الغنم،فإنّه لا بأس ببيعها؛لأنّها عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها.
و يؤيّده:
ما رواه محمّد بن مضارب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا بأس ببيع العذرة» (1).
إذا ثبت هذا:فكلّ روث ما لا يؤكل لحمه نجس،حرام بيعه و شراؤه و ثمنه.
أمّا البول،فإن كان بول ما لا يؤكل لحمه،فكذلك حرام بيعه و ثمنه و شراؤه (2)؛ لأنّه نجس،فكان كالدم.و أمّا بول ما يؤكل لحمه،فإنّه طاهر،فيجوز بيعه حينئذ، قاله السيّد المرتضى-رحمه اللّه-و ادّعى عليه الإجماع (3).
و قال الشيخ في النهاية بالمنع من الأبوال كلّها إلاّ بول (4)الإبل خاصّة للاستشفاء به (5).
و المحمولة إليه و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها و عاصرها و ساقيها و شاربها (1).
و كذا كلّ نبيذ و كلّ مسكر؛لأنّه نجس على ما بيّنّاه (2).
و كذا الفقّاع يحرم بيعه و شراؤه و ثمنه و شربه،كالخمر؛لأنّه نجس،كما قلناه (3)،
و سأل عمّار الساباطيّ أبا عبد اللّه (4)عليه السلام عن الفقّاع،فقال:«هو خمر» (5).
و عن الوشّاء،عن الرضا عليه السلام،قال:«كلّ مسكر حرام،و كلّ مخمّر حرام،و الفقّاع حرام» (6)و لا خلاف فيه بين علمائنا أجمع.
لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا أخذ ثمنه.و كذا جلد الميتة قبل الدباغ بلا خلاف بين العلماء كافّة، و لا بعد الدباغ عندنا و عند جماعة من الجمهور.و عند آخرين يجوز (7).
و الأصل فيه:أنّه هل يطهر بالدباغ أم لا؟و قد بيّنّا الحقّ في ذلك و أنّه لا يطهر بالدباغ (8).و أمّا شعر الخنزير فالحقّ عندنا:أنّه يحرم استعماله؛لأنّه نجس على ما بيّنّاه (9).
و في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:إنّ رجلا من مواليك
ص:352
يعمل الحمائل (1)بشعر الخنزير،قال:«إذا فرغ فليغسل يده» (2).
و هذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز استعماله؛لاحتمال أن يكون المعمول له كافرا،و أمره عليه السلام بغسل يده يدلّ على نجاسته.
و عن برد الإسكاف (3)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شعر الخنزير يعمل به،قال:«خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء و يبقى ثلثاه،ثمّ اجعله في فخارة جديدة ليلة باردة،فإن جمد فلا تعمل به،و إن لم يجمد فليس عليه دسم فاعمل به،و اغسل يدك إذا مسسته عند كلّ صلاة»قلت:و وضوء (4)؟قال:
«لا،اغسل اليد كما تمسّ الكلب» (5).و هو غير دالّ على إباحة استعماله،بل على نجاسته؛للأمر بغسل اليد.
ص:353
و الزرع و الحائط من الكلاب،
و على جواز بيع كلب الصيد،و اختلفوا في الثلاثة الباقية.
فقال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية (1)،و المفيد في المقنعة:يحرم ثمن الكلب إلاّ السلوقيّ (2).و عني بالسلوقيّ كلب الصيد؛لأنّ سلوق قرية باليمن أكثر كلابها معلّمة،فنسب الكلب إليها.
و سوّغ في المبسوط في كتاب الإجارة بيعها (3).و هو اختيار ابن إدريس (4)، و هو الأقوى عندي.
و قال الشافعيّ:يحرم بيع الكلاب أجمع،و لم يستثن شيئا (5).و به قال الحسن البصريّ،و ربيعة،و حمّاد،و الأوزاعيّ (6)،و الشافعيّ (7)،و أحمد بن حنبل (8)،و داود الظاهريّ (9).و رخّص في ثمن كلب الصيد خاصّة جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، و عطاء،و النخعيّ 10.
و جوّز أبو حنيفة بيع الكلاب أجمع و أخذ أثمانها.و عنه رواية أخرى في
ص:354
الكلب العقور:أنّه لا يجوز بيعه (1).
و اختلف أصحاب مالك،فمنهم من قال:لا يجوز،و منهم من قال:الكلب المأذون في إمساكه يجوز بيعه و يكره (2).
لنا على إباحة بيع كلب الصيد:ما رواه الجمهور عن جابر:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب و السنّور إلاّ كلب الصيد (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الوليد العماريّ (4)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد،فقال:«سحت،و أمّا الصّيود فلا بأس» (5).
و على إباحة الثلاثة الباقية أنّ لها دية و قيمة لو أتلفت-على ما يأتي إن شاء
ص:355
اللّه-و الدية تستلزم التملّك المستلزم لجواز التصرّف.
و لأنّ الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط جوّز إجارتها (1).و جواز الإجارة لازم لصحّة التملّك المبيح للبيع.
و لأنّه يصحّ الانتفاع به،و نقل اليد فيه،و الوصيّة به،فيصحّ (2)بيعه،كالحمار.
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:
بقول الصادق عليه السلام،و قد سئل عن ثمن الكلب الذي لا يصيد،فقال:«سحت» (3).
و احتجّ الشافعيّ:
بما رواه أبو مسعود الأنصاريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب و مهر البغيّ و حلوان الكاهن (4).
و عن رافع بن خديج،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ثمن الكلب خبيث،و مهر البغيّ خبيث،و كسب الحجّام خبيث» (5).
و عن ابن عبّاس قال:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ثمن الكلب، فإن جاء يطلب[ثمن الكلب] (6)فاملئوا كفّه ترابا (7).و لأنّه حيوان نجس العين،
ص:356
فأشبه الخنزير (1).
و الجواب:يحمل النهي على الكلب الذي ليس أحد الأربعة.
و هو قول بعض الشافعيّة.و قال بعضهم:
لا يجوز (2).
لنا:أنّها منفعة مباحة،فجازت المعاوضة عنها،كبيع الحمار.
احتجّوا:بأنّه حيوان محرّم بيعه،فحرمت إجارته،كالخنزير (3).
و الجواب:المنع من تحريم بيعه على ما سلف (4).أمّا إجارة غير الكلاب الأربعة،فإنّها محرّمة؛لعدم الانتفاع به،و لتحريم بيعه.
(5)،و هو أحد الكلاب الأربعة، و كذلك يصحّ هبته.
و قال بعض الشافعيّة:لا يصحّ؛لأنّه نوع تمليك،فكان باطلا،كالبيع (6).
و الجواب:المنع من الحكم في الأصل.
لإباحة قنيته،فيحرم إتلافه، كالشاة،و إذا أتلفه متلف،كان عليه الغرم،قاله علماؤنا أجمع.و به قال مالك،
ص:357
و عطاء (1).
و قال الشافعيّ:لا غرم فيه (2).
لنا:أنّ إمساكه سائغ،فيحرم إتلافه،فيجب به الغرم،كالشاة.
احتجّوا:بأنّه يحرم بيعه،فلا غرم فيه،كالخنزير (3).
و الجواب:المنع من تحريم بيعه.
لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق،يقتلن في الحرم:الغراب،و الحدأة،و العقرب،و الفارة، و الكلب العقور» (4).
و أمّا الكلب الأسود البهيم،فقد أباح أحمد قتله و إن كان معلّما؛لأنّه شيطان (5).
و لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لو لا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها،فاقتلوا منها كلّ أسود بهيم» (6).
و روى مسلم أنّه قال:«عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين،فإنّه شيطان» (7).
روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من اتّخذ كلبا إلاّ كلب ماشية،أو زرع،أو صيد،
ص:358
نقص من أجره كلّ يوم قيراط» (1).
و من طريق الخاصّة:ما روي عنهم عليهم السلام أنّه من ربط إلى جنب داره كلبا،نقص من عمله كلّ يوم قيراط،و القيراط كجبل أحد (2).و لأنّه لا ينفكّ من النجاسة و يتعذّر الاحتراز منه.
إذا ثبت هذا:فلو اقتناه لحفظ البيوت،فالأقرب:الإباحة.و هو قول بعض الشافعيّة،و بعضهم حرّم ذلك (3).
لنا:أنّ له دية مقدّرة (4)في الشرع-على ما يأتي-فيجوز اقتناؤه.و لأنّ (5)فيه منفعة،كمنفعة كلب الماشية و الزرع من الحفظ و الحراسة.
و حفظ الزرع و الماشية و الحائط؛
لأنّه قصد لذلك فيأخذ حكمه،كما جاز بيع العبد الصغير و الدابّة الصغيرة و إن لم ينتفع بهما إلاّ فيما بعد.و لأنّه لو لا ذلك لم يكن جعل الكلب للصيد؛إذ لا يصير معلّما إلاّ بالتعليم،و لا يمكن تعليمه إلاّ بتربيته و اقتنائه مدّة التعليم.
اقتتاؤه في مدّة تركه؛لعدم إمكان التحرّز من ذلك.و كذا لو حصد صاحب الزرع زرعه،أبيح له إمساك الكلب إلى أن يزرع زرعا آخر.
و كذا لو هلكت ماشيته فأراد شراء غيرها،فله إمساك كلبها.أمّا لو اقتنى من لا يصيد كلب الصيد،فالوجه:الجواز؛لأنّه عليه السلام استثنى كلب الصيد (1).
كالخنزير؛لأنّه سفه،فلم يجز.و لو كان فيه منفعة حكميّة،جاز اقتناؤه.و إن كان نجسا،يحرم بيعه، كالكلب،و الخمر للتخليل.
و أمّا السّرجين،فإنّه يمكن الانتفاع به لتربية الزرع،فجاز اقتناؤه،لكنّه يكره؛ لما فيه من مباشرة النجاسة.
و كذا يحرم اقتناء المؤذيات كلّها،كالحيّات و العقارب و السباع؛لحصول الأذى منه.
أصابتها نجاسة فنجست بها،
لا يخلو الحال فيها من أحد أمرين:
أحدهما:أن يكون جامدا كالثوب و شبهه،فهذا يجوز بيعه إجماعا؛لأنّ البيع يتناول الثوب،و هو طاهر في أصله يمكن الانتفاع به بإزالة النجاسة عنه،و إنّما جاورته النجاسة.
و الثاني:أن يكون مائعا،فحينئذ إمّا أن لا يطهر،كالخلّ و الدبس،فهذا لا يجوز بيعه إجماعا؛لأنّه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة،فلم يجز بيعه،كالأعيان النجسة.و إمّا أن يطهر،كالماء،ففيه للشافعيّ وجهان:
ص:360
أحدهما:أنّه لا يجوز بيعه؛لأنّه نجس لا يمكن غسله و لا يطهر بالغسل،فلا يجوز بيعه،كالخمر.
و الثاني:يجوز بيعه؛لأنّه يطهر بالماء،فأشبه الثوب النجس (1).
و الآخر عندي أقوى.
و إن كان دهنا،فعندنا لا يطهر بالغسل،لكن يجوز الاستصباح به تحت السماء، و لا يجوز الاستصباح به تحت الأظلّة،فهذا يجوز بيعه بيعا للانتفاع به من الاستصباح به تحت السماء.و للشافعيّ في طهارته وجهان:
أحدهما:أنّه يطهر بالغسل؛لأنّه يمكن غسله بالماء،فهو كالثوب،فيجوز بيعه على أحد الوجهين في الماء.
و الثاني:لا يطهر؛لأنّه لا يمكن عصره من النجاسة،فلا يطهر،كالخلّ، فلا يجوز بيعه (2).
ص:361
ما يحرم لتحريم ما قصد به
و به قال الشافعيّ (1)، و أحمد (2).
و قال الثوريّ:يجوز بيع الحلال ممّن شاء (3).
لنا:قوله تعالى: تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (4).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لعن في الخمر عشرة.قال ابن عبّاس:إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتاه جبرئيل عليه السلام،فقال:يا محمّد،إنّ اللّه لعن الخمر و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة إليه و شاربها و بائعها و مبتاعها و ساقيها، و أشار إلى كلّ معاون عليها و مساعد فيها (5).
ص:362
احتجّ المخالف:بقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (1).
و لأنّ البيع تمّ بأركانه و شروطه،فيكون مباحا (2).
و الجواب:الآية مخصوصة بأمور كثيرة،فيخصّ منها محلّ النزاع للدليل، و يمنع تمام البيع بأركانه و شروطه؛إذ من جملة الشروط ارتفاع الموانع و لم ترتفع (3).
نصّ أصحابنا على جوازه،و هو قول الحسن البصريّ،و عطاء،و الثوريّ،و منع منه أحمد (4)، و كرهه الشافعيّ (5).
لنا:أنّه عقد تمّ بشروطه و أركانه،و لم يقترن به ما يبطله و كان سائغا؛لقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (6).
لا يقال:إنّه ببيعه إيّاه مكّنه من فعل القبيح،فيكون حراما باطلا لقبحه.
لأنّا نقول:التمكّن من القبيح ليس بقبيح؛لأنّ اللّه تعالى مكّن الكافر و الظالم من الكفر و الظلم،و لم يكن ذلك قبيحا.و القول بالكراهية حسن؛لأنّه لا يأمن أن يكون فيه مساعدة على المعصية.
كان البيع باطلا.
ص:363
و قال الشافعيّ:يصحّ (1).
لنا:أنّه عقد على عين لمعصية اللّه تعالى،فلا يصحّ،كإجارة الأمة للزنا.
احتجّ:بأنّ التحريم لا يمنع صحّة العقد،كالتدليس في العيب (2).
و الجواب:الفرق،إنّ المحرّم في التدليس ليس هو العقد بل التدليس،و التحريم هنا للعقد.و لأنّ التحريم هنا لحقّ اللّه تعالى فأفسد العقد،كبيع درهمين بدرهم، بخلاف التدليس؛فإنّه حقّ آدميّ.
و هو قول العلماء.
و قال أبو حنيفة:يجوز للمسلم أن يوكّل ذمّيّا في بيعها و شرائها (4).
لنا:
قوله عليه السلام في رواية عائشة:«حرّمت التجارة في الخمر» (5).
و عن جابر،قال:سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عام الفتح-و هو بمكّة- يقول:«إنّ اللّه و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام»فقيل:يا رسول اللّه،أ رأيت شحوم الميتة،فإنّه يطلى بها السفن،و يدهن بها الجلود،و يستصبح بها الناس؟فقال:«لا،هو حرام»ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قاتل اللّه
ص:364
اليهود،إنّ اللّه تعالى حرّم عليهم شحومها،فجملوه (1)ثمّ باعوه و أكلوا ثمنه» (2).
و لأنّ يد الوكيل يد الموكّل،و لأنّها نجسة محرّمة،فحرم بيعها و التوكيل فيه، كالميتة،و الخنزير.و لأنّه يحرم بيعه،فيحرم التوكيل فيه،كالخنزير.
كأن يؤجر داره لبيع الخمر أو لتجعل كنيسة أو بيعة و أشباه ذلك،و هو وفاق؛لما تقدّم في بيع العنب ليعمل خمرا (3)؛لأنّه بمنزلته و مساو له في علّته.
و لما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن جابر،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته يباع فيه الخمر،قال:«حرام أجره» (4).
أمّا لو آجرها لمن يعمل ذلك لا على أن يعمله،بل آجره مطلقا،صحّ ذلك و حلّ له الأجرة،كما قلناه في بيع العنب (5).
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ-في الحسن-عن ابن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن الرجل يؤاجر سفينته و دابّته (6)ممّن يحمل فيها أو عليها الخمر أو الخنازير،فقال:«لا بأس» (7).
إذا ثبت هذا:فلو آجر سفينته أو دابّته لحمل الخمر،أمكن القول بصحّته؛لأنّ
ص:365
حملها ليس بحرام؛لجواز أن يحمل ليجعل خلاًّ.
أمّا حملها للشرب،فإنّه حرام،و الأجرة عليه باطلة.
لا فرق في التحريم بين أن يكون البيت في السواد أو غيره.
و قال أبو حنيفة:يجوز لك إجارة بيتك لبيع الخمر و القمار إن كان في السواد (1)، و خالفه صاحباه في ذلك،و اختلف أصحابه في تأويل قوله (2).
لنا:أنّه فعل محرّم فلم تجز إجارته عليه،كإجارة عبده للفجور.
و لو اكترى ذمّيّ من مسلم داره،فأراد بيع الخمر فيها،لم يكن لصاحب الدار منعه و به قال أصحاب الرأي (3).
و قال الثوريّ:له منعه (4).
لنا:أنّه بإجارته ملك منافعها و التصرّف فيها بمثل هذا،كما لو كان ملكه،و كما أنّه يجوز له بيع الخمر في ملكه سرّا،كذا هنا،نعم،لو آجره لذلك،كان حراما؛عملا بعموم النهي.
أو يعمله لما يتضمّن
ص:366
من الفساد بالمعاونة على المسلمين،
و لما رواه الشيخ عن السرّاد (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:إنّي أبيع السلاح،قال:«لا تبعه في فتنة» (2).
و عن السرّاج (3)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أصلحك اللّه ما تقول:إنّي كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم،فلمّا عرّفني اللّه هذا الأمر ضقت بذلك و قلت:لا أحمل إلى أعداء اللّه،فقال لي:«احمل إليهم،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يدفع به عدوّنا و عدوّكم-يعني الروم-فإذا كان الحرب بيننا،فمن حمل إلى عدوّنا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك» (4).
و عن أبي بكر الحضرميّ قال:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام،فقال له حكم السرّاج (5):ما ترى فيما يحمل إلى الشام من السروج و أداتها؟فقال:
«لا بأس (6)،أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إنّكم في هدنة،
ص:367
فإذا كانت المباينة،حرم عليكم أن تحملوا إليهم السلاح و السروج» (1).
الهدنة،
و جواز بيعها حال الهدنة.
آلة السلاح،
كالدروع و الخفاف (3).
قال ابن إدريس:الخفاف:جمع خفّ و ليس هو من آلة السلاح،فإن أراد:
التخفاف،و الجمع:التخافيف،فهي من آلة السلاح،قال الفارسيّ:التاء زايدة في التخفاف،فعلى قول أبي علي مع سقوط التاء يصير الخفاف،فيستقيم أن يكون من آلة الحرب (4).
و هذا التأويل الذي ذكره لا يمكن حمل كلام الشيخ-رحمه اللّه-عليه؛لأنّ الشيخ عوّل في ذلك على
رواية محمّد بن قيس الصحيحة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح؟فقال:
«بعهما ما يكنّهما،الدروع و الخفّين و نحو هذا» (5).
و لا فرق بين أن
ص:368
يكون العدوّ كافرا أو مسلما من أهل البغي.
أمّا لو باع آلة الحرب للظالم،فالوجه فيه:التفصيل،فنقول:إن باعه للظلم،كان حراما،و إلاّ كان سائغا.
روى الشيخ عن محمّد بن عيسى بن عبيد،عن أبي القاسم الصيقل (1)و ولده،قال:كتبوا إلى الرجل الصالح:جعلنا اللّه فداك،إنّا قوم نعمل السيوف،ليس لنا معيشة و لا تجارة غيرها،و نحن مضطرّون،و إنّما علاجنا من جلود الميتة من البغال و الحمير الأهليّة،لا يجوز في أعمالنا غيرها،فيحلّ لنا عملها و شراؤها و بيعها و مسّها بأيدينا و ثيابنا،و نحن نصلّي في ثيابنا،و نحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا سيّدنا لضرورتنا إليها؟فكتب:«اجعل ثوبا للصلاة».و كتبت (2)إليه:جعلت فداك و قوائم السيف التي تسمّى السفن (3)اتّخذتها من جلود السمك، فهل يجوز لي العمل بها،و لسنا نأكل لحومها؟فكتب:«لا بأس» (4).
ص:369
و يكره بيعه لمن يعمله لا لذلك (1).
لنا:أنّ الأوّل:مساعدة على الحرام،فيكون باطلا،
و لما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن أذينة،قال:كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل له خشب، فباعه ممّن يتّخذ منه برابط (2)،فقال:«لا بأس به»و عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذه صلبانا،فقال:«لا» (3).
و عن عمرو بن حريث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التوت (4)أبيعه يصنع للصليب و الصنم؟قال:«لا» (5).
و أمّا الثاني:فلأنّ البيع ممّا يمكن الانتفاع به،و قد حصل البيع بشروطه و أركانه فيصحّ،و إنّما يكره؛لاحتمال أن يعمل ذلك،فتكون المفسدة فيه مشكوكة، فلهذا قلنا بالكراهية دون التحريم.
ما هو محرّم في نفسه
و أجر المغنّية حرام.
روى الجمهور عن أبي أمامة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا يجوز بيع المغنّيات،و لا أثمانهنّ، و لا كسبهنّ» (1).و هذا يحمل على بيعهنّ للغناء.
و أمّا ماليّتهنّ الحاصلة بغير الغناء فلا تبطل،كما أنّ العصير لا يحرم بيعه لغير الخمر؛لصلاحية الخمر.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن سعيد بن محمّد الطاطريّ (2)عن أبيه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله رجل عن بيع جوارى المغنّيات،فقال:«شراؤهنّ و بيعهنّ حرام،و تعليمهنّ كفر و استماعهنّ نفاق» (3).
و عن الحسن بن عليّ الوشّاء،قال:سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن
ص:371
شراء المغنّية،فقال:«قد يكون للرجل الجارية تلهيه،و ما ثمنها إلاّ ثمن الكلب، و ثمن الكلب سحت،و السحت في النار» (1).
و عن نصر بن قابوس (2)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«المغنّية ملعونة،ملعون من أكل كسبها» (3).
و عن إبراهيم بن أبى البلاد،قال:أوصى إسحاق بن عمر (4)عند وفاته بجوار له مغنّيات أن يبعن و يحمل ثمنهنّ إلى أبي الحسن عليه السلام،قال إبراهيم:فبعت الجواري بثلاث مائة ألف درهم،و حملت الثمن إليه،فقلت له:إنّ مولى لك يقال له:
إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات و حمل الثمن إليك،و قد بعتهنّ و هذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم،فقال:«لا حاجة لي فيه،إنّ هذا سحت،
ص:372
و تعليمهنّ كفر،و الاستماع منهنّ نفاق،و ثمنهنّ سحت» (1).
إذا عرفت هذا:
فقد روى الشيخ عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس،ليست بالتي تدخل عليها الرجال» (2).
و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المغنّية التي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها» (3).
عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن كسب المغنّيات، فقال:«التي تدخل عليها الرجال حرام،و التي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، و هو قول اللّه تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ (4). (5)
قال الشيخ-رحمه اللّه-:الرخصة التي دلّت هذه الأخبار عليها محمولة على من لا تتكلّم بالأباطيل و لا تلعب بالملاهي من العيدان و أشباهها،و لا بالقصب و غيره،بل تكون ممّن تزفّ العروس (6)،و تتكلّم عندها بإنشاد الشعر،و القول البعيد من الفحش و الأباطيل،فأمّا من عدا هؤلاء ممّن يتغنّين بسائر أنواع الملاهي،
ص:373
فلا يجوز على حال،سواء كان في العرائس أو غيرها (1).
إذا ثبت هذا:فإنّ تعلّم الغناء و الأجر عليه حرام عندنا بلا خلاف؛لأنّه فعل محرّم،فيحرم التوصّل إليه.
لأنّه كذب و حرام،و أخذ الأجرة على الحرام حرام.
و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن كسب المغنّية و النائحة، فكرهه (2).
إذا ثبت هذا:فلا بأس بكسب النائحة إذا لم يعتمد قول الباطل،و إن كان مكروها،و تشتدّ الكراهية مع الاشتراط.
روى الشيخ-في الصحيح-عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«قال لي أبي عليه السلام:يا جعفر أوقف لي من مالي كذا و كذا لنوادب تندبنّني عشر سنين.بمنى أيّام منى» (3).
و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«كلّ له نادبة،إلاّ عمّي حمزة لا نادبة له» (4).
و عن حنّان بن سدير،قال:كانت امرأة معنا في الحيّ،و لها جارية نائحة، فجاءت إلى أبي فقالت:يا عمّ أنت تعلم معيشتي من اللّه و هذه الجارية النائحة و قد أحببت أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك،فإن كان حلالا،و إلاّ بعتها و أكلت من ثمنها حتّى يأتي اللّه عزّ و جلّ بالفرج،فقال لها أبي:و اللّه إنّي لأعظّم أبا عبد اللّه
ص:374
عليه السلام أن أسأله عن هذه المسألة،قال:فلمّا قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ تشارط؟»قلت:و اللّه ما أدري أ تشارط أم لا،قال:«قل لها:لا تشارط و تقبل كلّما أعطيت» (1).
و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«مات الوليد (2)بن المغيرة، فقالت أمّ سلمة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم؟فأذن لها،فلبست ثيابها و تهيّأت،و كانت من حسنها كأنّها جانّ،و كانت إذا قامت فأرخت شعرها جلّل جسدها،و عقد طرفه بخلخالها (3)،فندبت ابن عمّها بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:
أنعي الوليد بن الوليد أبا الوليد فتى العشيرة
حامي الحقيقة ماجدا يسمو إلى طلب الوتيرة (4)
قد كان غيثا في السنين و جعفرا (5)غدقا و ميره (6)
ص:375
فما عاب عليها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك،و لا قال لها شيئا» (1).
و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميّت» (2).
بلا خلاف بين العلماء،و كذا ما يؤخذ منه.قال اللّه تعالى:
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (3).
و في هذه الآية دلالة على تحريم الخمر و القمار من عشرة أوجه.
و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:
الصبيان يلعبون بالجوز و البيض و يقامرون،فقال:«لا تأكل منه فإنّه حرام» (4).
و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:كان ينهى عن الجوز يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل و قال:«هو سحت» (5).
و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لمّا أنزل اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
ص:376
اَلشَّيْطانِ (1)قيل:يا رسول اللّه ما الميسر؟قال:كلّ ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز،فقيل:ما الأنصاب؟قال:ما ذبحوا لآلهتهم،قيل:فما الأزلام؟قال:
قداحهم التي كانوا يستقسمون بها» (2).
إذا ثبت هذا:فإنّ جميع أنواع القمار حرام من اللعب بالنرد،و الشطرنج، و الأربعة عشر (3)،و اللعب بالخاتم حتّى لعب الصبيان بالجوز على ما تضمّنته الأحاديث،ذهب إليه علماؤنا أجمع.
و قال الشافعيّ:يجوز اللعب بالشطرنج (4)،و قال أبو حنيفة بقولنا (5).
لنا:ما تقدّم،
و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من لعب بالشطرنج و النردشير فكأنّما غمس يده في دم خنزير» (6).
ص:377
و قوله عليه السلام:«ما أنا من دد (1)و لا الدد منّي» (2).و الشطرنج لعب،فكان مجتنبا.
احتجّ الشافعيّ:بأنّ فيه يستجيد الخاطر،فكان محمودا (3).و هو ضعيف.
روى الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ليس منّا من غشّنا» (4).
و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر:يا فلان أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم» (5).
و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أن يشاب اللبن بالماء للبيع» (6).و قد سبق البحث في ذلك (7).
و كذا تزيين الرجل؛لأنّه نوع من الغشّ،
و قد روى الشيخ عن القاسم بن محمّد،عن عليّ (8)،قال:سألته عن امرأة مسلمة تمشط
ص:378
العرائس ليس لها معيشة غير ذلك و قد دخلها ضيق،قال:«لا بأس،و لكن لا تصل الشعر بالشعر» (1).
و عن عبد اللّه بن الحسن،قال:سألته عن القرامل،قال:«و ما القرامل؟»قلت:
صوف تجعله النساء في رءوسهنّ،قال:«إن كان صوفا،فلا بأس به،و إن كان شعرا، فلا خير فيه من الواصلة و الموصلة» (2).
روى الشيخ عن الحسين بن المختار القلانسيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نعمل القلانس،نجعل فيها القطن العتيق فنبيعها،و لا نبيّن لهم ما فيها، فقال:«إنّي أحبّ لك أن تبيّن لهم ما فيها» (3).
روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد (4)،عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السلام:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن التصاوير و قال:من صوّر صورة كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ...و نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم» (5).
ص:379
و عن أبي بصير،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفترشها،قال:«لا بأس بما (1)يبسط منها و يفترش و يوطأ (2)،إنّما يكره منها ما نصب على الحائط و على السرير» (3).
روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد،عن الصادق عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ألا و من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر،جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا،يسلّطه اللّه عليه في نار جهنّم و بئس المصير» (4).
و روى الشيخ-في الحسن-عن ابن أبي يعفور،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا،فقال له:أصلحك اللّه إنّه ربّما أصاب الرجل منّا الضيق أو الشدّة،فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسنّاة (5)يصلحها،فما تقول في ذلك؟فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ما أحبّ أنّي (6)عقدت لهم عقدة،أو وكيت لهم وكاء،و أنّ لي ما بين لابتيها (7)،لا و لا مدّة بقلم،إنّ أعوان
ص:380
الظلمة يوم القيامة في سرادق (1)من نار حتّى يحكم اللّه بين العباد» (2).
و عن جهم بن حميد (3)،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«أ ما تغشى سلطان هؤلاء؟»قال:قلت:لا،قال:«فلم؟»قلت:فرارا بديني،قال:«قد عزمت على ذلك؟»قلت:نعم،فقال:«الآن سلم لك دينك» (4).
و عن حميد (5)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي ولّيت عملا فهل لي من ذلك مخرج؟فقال:«ما أكثر من طلب من ذلك المخرج فعسر عليه»قلت:فما ترى؟قال:«أرى أن تتّقي اللّه عزّ و جلّ و لا تعود» (6).
و في الصحيح عن يونس بن يعقوب،قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:
ص:381
«لا تعنهم على بناء مسجد» (1).و الأحاديث في ذلك كثيرة.
و كذا هجاء المؤمنين،و الكذب عليهم،و النميمة،و السعاية بالمؤمنين،و سبّهم و شتمهم،و السعي في القبيح،و مدح من يستحقّ الذمّ و ذمّ من يستحقّ المدح،و الأمر بشيء من ذلك،و أخذ الأجرة عليه،و التشبيب (2)بنساء المؤمنين بلا خلاف.
قال اللّه تعالى: وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (3).
روى ابن بابويه عن الحسين بن زيد،عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الغيبة،و الاستماع إليها،و قال:لا يدخل الجنّة قتّات-يعني نمّاما-
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من اغتاب امرأ مسلما،بطل صومه،و نقض وضوؤه،و جاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذّى به (4)أهل الموقف،و إن مات قبل أن يتوب،مات مستحلاّ لما حرّم اللّه تعالى...ألا و من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها...و من اصطنع إلى أخيه معروفا فامتنّ به،أحبط اللّه عمله و ثبت وزره و لم يشكر له سعيه،ثمّ قال عليه السلام:يقول اللّه عزّ و جلّ:
حرّمت الجنّة على المنّان و البخيل و القتّات،و هو النمّام» (5).
ص:382
و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله امرأة تسبّ جارية لها و هي صائمة،فدعا عليه السلام بطعام،فقال لها:«كلي»فقالت:إنّي صائمة،فقال:«كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك؟!إنّ الصوم ليس من الطعام و الشراب فقطّ» (1).
و كما تحرم الغيبة،كذا يحرم الاستماع إليها،
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
«السامع للغيبة أحد المغتابين» (2).
و روى ابن بابويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس،فردّها عنه،ردّ اللّه عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا و الآخرة،فإن هو لم يردّها و هو قادر على ردّها،كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرّة» (3).
بلا خلاف.و كذا يحرم نسخ التوراة و الإنجيل و تعليمهما،و أخذ الأجرة على ذلك كلّه؛لأنّ في ذلك مساعدة على الحقّ و تقوية للباطل،و لا خلاف فيه.
و تعليمه،
قال اللّه تعالى: وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (4).
و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«حدّ الساحر ضربة بالسيف» (5).
ص:383
و عن بجالة (1)،قال:كنت كاتبا (2)لجزء بن معاوية (3)عمّ الأحنف بن قيس،إذ جاءنا كتاب عمر بن الخطّاب قبل موته:اقتلوا كلّ ساحر،فقتلنا ثلاث سواحر في يوم (4).و قتلت حفصة جارية لها سحرتها،و قتل جندب بن كعب (5)ساحرا كان يسحر بين يدي الوليد بن عقبة (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن الجنيد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه
ص:384
قال:«حدّ الساحر ضربة بالسيف» (1).
و عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«الساحر كافر» (2).
و روى الشيخ عن إبراهيم بن هاشم،قال:حدّثني شيخ من أصحابنا من الكوفيّين،قال:دخل عيسى بن سيفيّ (3)على أبي عبد اللّه عليه السلام-و كان ساحرا يأتيه الناس و يأخذ على ذلك الأجر-فقال له:جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر،و كنت آخذ عليه الأجر،و كان معاشي،و قد حججت و منّ اللّه عليّ بلقائك،و قد تبت إلى اللّه عزّ و جلّ،فهل لي في شيء منه مخرج؟قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«حلّ و لا تعقد» (4).
أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن
ص:385
المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له،و اختلف في أنّه هل له حقيقة أم لا؟
قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا حقيقة له،و إنّما هو تخيّل (1).و هو قول بعض الشافعيّة (2).
و قال الشافعيّ:له حقيقة (3).
و قال أصحاب أبي حنيفة:إن كان شيئا يصل إلى بدن المسحور،كدخان و نحوه،جاز أن يحصل منه ما يؤثّر في نفس المسحور من قتل أو مرض أو أخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطيها،أو يفرّق بينهما،أو يبغّض أحدهما إلى الآخر،أو يحبّبه إليه،و أمّا إن يحصل المرض و الموت من غير أن يصل إلى بدنه شيء، فلا يجوز ذلك (4).
احتجّ الشيخ:بقوله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (5). (6)
و احتجّ الآخرون:بقوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ* وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ* وَ مِنْ شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (7)يعني:الساحرات اللاتي يعقدن في سحرهنّ و ينفثن عليه،و لو لا أنّ له حقيقة،لما أمر بالاستعاذة منه.
ص:386
و قال تعالى: يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ إلى قوله: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ (1).
و روى الجمهور عن عائشة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سحر حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه يفعل الشيء و ما يفعله،و أنّه قال لها ذات يوم:«أشعرت (2)أنّ اللّه أفتاني فيما استفتيته[فيه] (3)أنّه أتاني ملكان،فجلس أحدهما عند رأسي،و الآخر عند رجليّ،فقال:ما وجع الرجل؟قال:مطبوب،قال:من طبّه؟ قال:لبيد بن الأعصم (4)،[قال:في أيّ شيء؟قال:] (5)في مشط و مشاطة في جفّ (6)طلعة ذكر،[قال:و أين هو؟قال:] (7)في بئر ذي أروان (8)»رواه
ص:387
البخاريّ (1).
و جفّ الطلعة:وعاؤها.و المشاطة:الشعر الذي يخرج من شعر الرأس أو غيره إذا مشط،فقد أثبت لهم سحرا (2).
و هذا القول عندي باطل،و الروايات ضعيفة خصوصا رواية عائشة؛لاستحالة تطرّق السحر إلى الأنبياء عليهم السلام.
و هل يكفر أم لا؟و الحقّ أنّه إن استحلّ ذلك،فقد كفر،و إلاّ فلا،و سيأتي البحث في ذلك.
و قال أبو حنيفة:إن اعتقد أنّ الشياطين تفعل له ما شاء،فقد كفر،و إن اعتقد أنّه تخيّل،لم يكفر (3).
و قال الشافعيّ:إن اعتقد ما يوجب الكفر،مثل التقرّب إلى الكواكب السبعة، و أنّها تفعل ما يلتمس،أو اعتقد حلّ السحر،كفر و إلاّ فسق (4).
مثل ما روي أنّ النجاشيّ دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد (5)فهام مع الوحش،
ص:388
فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطّاب،فأمسكه إنسان،فقال:خلّني و إلاّ متّ، فلم يخلّه فمات من ساعته (1).
و قيل:إنّ بعض الأمراء أخذ ساحرة،فجاء زوجها كأنّه محترق،فقال:قولوا لها:تحلّ عنّي،فقالت:ائتوني بخيوط و باب،فأتوها به،فجلست على الباب، و جعلت تعقد فطار بها الباب فلم يقدروا عليها (2).فهذا و أمثاله،مثل أن يعقد الرجل المزوّج،فلا يطيق وطء امرأته،هو السحر المختلف فيه.
فأمّا الذي يقال من العزم على المصروع و يزعم أنّه يجمع الجنّ و يأمرها فتطيعه، فلا يدخل تحت هذا الحكم و هو عندي باطل لا حقيقة له،و إنّما هو من الخرافات.
أيضا،إلاّ أن يتوب،و يحرم عليه أخذ الأجرة؛
لما رواه السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ، و الرشا في الحكم و أجرة الكاهن» (1).
و كذا تعلّم النجوم مع اعتقاد أنّها مؤثّرة،أو أنّ لها مدخلا في التأثير بالنفع و الضرر.
و بالجملة:كلّ من يعتقد ربط الحركات النفسانيّة و الطبيعيّة بالحركات الفلكيّة و الاتّصالات الكوكبيّة كافر،و أخذ الأجر على ذلك حرام.
أمّا من يتعلّم علم النجوم ليعرف قدر سير الكوكب (2)و بعده و أحواله من التربيع (3)و الكسف (4)و غيرهما،فإنّه لا بأس به.
و السيمياء (1)و غيرها.
و كلّ أكل ما ليس بمملوك للإنسان، و لا يصحّ تملّكه إيّاه،و لا نعلم فيه خلافا؛
لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أنّه قال:«ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة...رجل أعطى بي ثمّ غدر،و رجل باع حرّا فأكل ثمنه،و رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه و لم يوفّه أجره» (3).
و اختاره ابن عبّاس،و لم يوجد لهما في الصحابة مخالف،فكان إجماعا (1).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عثمان بن عيسى،عمّن سمعه،قال:
سألته عن بيع المصاحف و شرائها،قال:«لا تشتر كتاب اللّه و لكن اشتر الحديد و الجلود و الدفتر و قل:أشتري منك هذا بكذا و كذا» (2).
و عن جرّاح المدائنيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بيع المصاحف قال:
«لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم و الحديد» (3).
لأنّه يشتمل على كلام اللّه تعالى،فيجب تعظيمه بصيانته عن البيع و الابتذال (4).
و عن عبد اللّه بن سليمان،قال:سألته عن شراء المصاحف،فقال:«إذا أردت أن تشتري فقل:أشتري منك ورقه و أديمه،و عمل يدك بكذا و كذا» (5).
احتجّوا:بأنّ البيع يقع على الجلد و الورق و بيع ذلك جائز (6).
و الجواب:إن قصد ذلك بالبيع،كان حلالا،و ليس البحث فيه.
و لا يحلّ بيع كلام اللّه
ص:392
تعالى على ما قلناه؛لما تضمّنته الأحاديث الدالّة على تسويغ ذلك.
و به قال الشافعيّ (1).
و قال أصحاب الرأي:يجوز ذلك و يجبر على بيعه (2).
لنا:أنّه يحرم عليه استدامة الملك فيحرم عليه ابتداؤه،كسائر المحرّمات.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدوّ؛مخافة أن تناله أيديهم (3)،فلا يجوز تمكينهم من السبب لنيل الأيدي إيّاه.
لما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أمّ عبد اللّه بن الحسن (1)أرادت أن تكتب مصحفا،و اشترت ورقا من عندها و دعت رجلا،فكتب لها على غير شرط، فأعطته حين فرغ خمسين دينارا،و أنّه لم يبع المصحف إلاّ حديثا» (2).
روى الشيخ عن سماعة قال:سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب، فقال:«لا يصلح»فقال:إنّها معيشتي،فقال:«إنّك إن تركته للّه،جعل اللّه لك مخرجا» (3).
و عن محمّد الورّاق (4)،قال:عرضت على أبي عبد اللّه عليه السلام كتابا فيه قرآن مختّم معشّر (5)بالذهب،و كتب (6)في آخره سورة بالذهب فأريته إيّاه،فلم يعب
ص:394
منه شيئا،إلاّ كتابة القرآن بالذهب،فإنّه قال:«لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة» (1).
بلا خلاف.
قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (2).
و قال اللّه تعالى: لا تَخُونُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (3).
و روى الشيخ عن عمّار بن مروان،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول، فقال:«كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت» (4).
و عن أبان بن عثمان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أربعة لا تجوز في أربعة:الخيانة،و الغلول،و السرقة،و الربا،لا تجوز في حجّ و لا عمرة و لا جهاد و لا صدقة» (5).
و عن أبي الجارود،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن،و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن،و لا ينتهب نهبة ذات شرف حين ينهبها و هو مؤمن» قال ابن سنان:قلت لأبي الجارود:ما نهبة ذات شرف (6)؟قال:نحو ما صنع
ص:395
حاتم (1)حين قال:من أخذ شيئا هو له (2).
و عن ابن أبي نجران،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها و إثمها» (3).
حلّ له ذلك بلا خلاف؛لأنّ التكليف يستدعي العلم.
و يؤيّده:ما تقدّم من
قول أبي عبد اللّه عليه السلام:«من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها و إثمها».
و كذا
ما رواه جرّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لا يصلح شراء السرقة و الخيانة إذا عرفت» (4).
و قد ثبت أنّ التقييد بالوصف،يقتضي النفي عن غير المذكور إن قلنا بالمفهوم.
و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم،
ص:396
قال:«يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا» (1).
جاز الشراء لما يبيعه ما لم يعلم أنّها العين المسروقة؛لأنّ الأصل الإباحة و الملك لصاحب اليد، إلاّ أن يعلم المعارض.
و لما رواه الشيخ عن أبي بصير،قال:سألت أحدهما عليهما السلام عن شراء الخيانة و السرقة،قال:«لا،إلاّ أن يكون قد اختلط معه غيره،فأمّا السرقة بعينها فلا، إلاّ أن يكون من متاع السلطان فلا بأس بذلك» (2).
إلاّ أن يأتي على شرائها ببيّنة (3).و عوّل في ذلك على
ما رواه أبو عمرو السرّاج (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يوجد عنده السرقة،فقال:«هو غارم إذا لم يأت على بائعها شهودا» (5).
قال ابن إدريس:مقصود شيخنا:أنّه ضامن مطلقا،و إنّما الشرط في الرجوع
ص:397
و عدمه،و ذلك أنّه إن كان عالما بأنّها سرقة و قال له البائع ذلك فاشتراها كذلك، لم يكن له الرجوع على البائع بالغرامة؛لأنّه لم يغرّه،و إنّما أعطاه ماله بغير عوض في مقابلته،و أمّا إن لم يعلم ذلك و لا أعلمه البائع به،فإنّه يرجع على البائع بما غرمه؛لأنّه غرّه و دلّس عليه،و أمّا الضمان فلا بدّ منه،سواء جاء بالبيّنة على شرائها أو لم يأت (1).و هذا حسن.
قال اللّه تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (2).
و روى ابن بابويه عن الحسن بن زيد (3)،عن الصادق عليه السلام،عن آبائه عليهم السلام،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخيانة و قال:من خان أمانة في الدنيا و لم يردّها إلى أهلها،ثمّ أدركه الموت،مات على غير ملّتي،و يلقى اللّه تعالى و هو عليه غضبان» (4).
و روى الشيخ عن حسين بن مصعب (5)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام
ص:398
يقول:«ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر،و برّ الوالدين برّين كانا أو فاسقين 1،و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر» 2.
و في الصحيح عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،قال:استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب،فلم أدر ما أصنع بالدنانير،فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له و قلت له:أنت أحقّ بها،فقال:«لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدّي أمانتهم،و نردّ ضالّتهم،و نقيم الشهادة لهم و عليهم،فإذا تفرّقت الأهواء،لم يسع أحد المقام» 3.
و عن أبي ولاّد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي يقول:أربع 4من كنّ فيه،كمل إيمانه و لو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك،قال:هي:
الصدق 5،و أداء الأمانة،و الحياء،و حسن الخلق» 6.
و عن موسى بن بكر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:«أهل الأرض مرحومون ما يخافون،و أدّوا الأمانة،و عملوا بالحقّ» 7.
ص:399
أمرين:
إمّا أن يشتري بعين المال،أو في الذمّة و ينقد المال،فإن اشترى بعين المال، كان البيع باطلا؛لبطلان أحد العوضين؛لأنّ الأثمان عندنا تتعيّن (1)،فلا يحصل الانتقال،فإذا تصرّف في الملك أو الجارية،كان تصرّفه حراما،و إن اشترى في الذمّة و نقد المال،حلّ له التصرّف في الضيعة و وطء الجارية،و كان وزر المال عليه؛لأنّه لم يشتر (2)بعين المال،بل اشتراه في الذمّة،فوقع العقد صحيحا،فوجب ترتّب أثره عليه.
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ عن محمّد بن الحسن الصفّار،قال:كتبت إلى أبي محمّد عليه السلام:رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع الطريق أو من سرقة،هل يحلّ له ما قد حلّ (3)عليه من ثمرة هذه الضيعة،أو يحلّ له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو[من] (4)قطع الطريق؟فوقّع عليه السلام:«لا خير في شيء أصله حرام و لا يحلّ له استعماله» (5).
و هذا يدلّ على تحريم البيع (6)إذا وقع الشراء بالعين؛لأنّ السؤال وقع على ذلك.
أمّا لو لم يقع الشراء بعين المال،فإنّ البيع صحيح و يملك المشتري العين و يبقى
ص:400
عليه وزر (1)المال،كما قلناه؛
لما رواه الشيخ في الموثّق عن السكونيّ،عن جعفر، عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:«لو أنّ رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة فإنّ الفرج حلال،و عليه تبعة المال» (2).
و هذا الحديث محمول على أنّ الشراء (3)و الإصداق وقع بالمساوي مقدارا و جنسا،لا نفس المغصوب؛جمعا بين الأدلّة،فهذا وجه الجمع بين الحديثين، و عليه دلّت الأصول،دون ما جمع بينهما الشيخ في الاستبصار (4).
كان عاصيا (5)و برئت ذمّته إن كان قد وجب عليه بغير ذلك المال،لكنّه يعظم إثمه حيث صرف الحرام في أعظم الطاعات.
روى الشيخ عن ابن بكير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلّه ثمّ حجّ فلبّى،نودي:لا لبّيك و لا سعديك،و إن كان من حلّه فلبّى،نودي لبّيك و سعديك» (6).
سواء حكم لباذله أو عليه،بحقّ أو باطل، بلا خلاف.
روى الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن الغلول،فقال:«الغلول كلّ شيء غلّ عن (7)الإمام،و أكل مال اليتيم و شبهه،و السحت أنواع كثيرة:منها:كسب الحجّام،
ص:401
و أجر الزانية،و ثمن الخمور،فأمّا الرشا في الحكم،فهو الكفر باللّه» (1).
و عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«السحت ثمن الميتة،و ثمن الكلب،و ثمن الخمر،و مهر البغيّ،و الرشا في الحكم،و أجر الكاهن» (2).
و عن عمّار بن مروان،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول،فقال:«كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت،و أكل مال اليتيم و شبهه سحت،و السحت أنواع كثيرة:منها:أجور الفواجر،و ثمن الخمر و النبيذ و المسكر،و الربا بعد البيّنة،فأمّا الرشا في الحكم،فإنّ ذلك الكفر باللّه عزّ و جلّ و برسوله صلّى اللّه عليه و آله» (3).
روى الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحوّل من منزله فيسكنه،قال:
«لا بأس به» (4).
فإن بيع،تصدّق بثمنه و لا يملكه البائع؛ لأنّه لأناس شتّى.
و روى الشيخ عن عليّ الصائغ،قال:سألته عن تراب الصوّاغين و أنّا نبيعه، قال:«أ ما تستطيع أن تستحلّه من صاحبه؟»قال:قلت:لا،إنّي إذا أخبرته اتّهمني، قال:«بعه»قلت:بأيّ شيء نبيعه؟قال:«بطعام»قلت:فأيّ شيء أصنع به؟قال:
ص:402
ما لا ينتفع به
كالحشرات كلّها،كالفأر،و الحيّات،و العقارب، و الخنافس،و الجعلان (1)،و بنات وردان (2)،و سباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد، كالأسد و الذئب،و ما لا يؤكل و لا يصاد به من الطير،كالرخم (3)و الحدأة (4)و الغراب الأبقع أو الأسود،و بيضها،كلّ هذا لا يجوز بيعه و لا أخذ ثمنه؛لعدم الانتفاع به.و كذا يحرم بيع المسوخ.برّيّة كانت،كالقرد و الدبّ،أو بحريّة،كالجرّيّ و المارماهي،و السلاحف (5)،و الرقاق (6).
و كره أحمد بن حنبل بيع القرد (7).
ص:404
و قال الشافعيّ:إنّما يحرم بيعه للإطافة به و اللعب،و أمّا بيعه لمن ينتفع به- كحفظ المتاع و الدكّان و نحوه-فيجوز كالصقر (1).
لنا:أنّه من المسوخ،فلا يجوز بيعه،كغيره.
و ما رواه الشيخ عن مسمع،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القرد أن يشترى أو يباع» (2).
و قد جوّز ابن إدريس بيع السباع كلّها،سواء كان ممّا يصاد عليها أو لا يصاد، كالأسد و الذئب و الدبّ و غيرها؛تبعا (3)للانتفاع بجلدها (4).
و هو حسن.
إلاّ ما استثناه الشارع من الكلب و الوقف (5)و المدبّر و أمّ الولد و غيرها ممّا يأتي في مواضعه؛لأنّ الملك سبب لإطلاق التصرّف،و المنفعة المباحة يجوز له استيفاؤها، فيجوز له أخذ عوضها،و يباح لغيره بذل (6)ماله فيها؛توصّلا إلى استيفائها و دفعا (7)للحاجة بها،كسائر المبيعات.
إذا ثبت هذا:فجميع السباع التي يصاد بها و ينتفع بها في الصيد،يجوز بيعها،
ص:405
كالفهد و الصقر و الشاهين و العقاب.و به قال الشافعيّ (1).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-في النهاية:لا يجوز (2).و به قال بعض الجمهور (3).
لنا:أنّه حيوان طاهر أبيح اقتناؤه و فيه نفع مباح،فأبيح بيعه،كالبغال و الحمير.
و ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفهود و سباع الطير هل يلتمس التجارة (4)فيها؟قال:«نعم» (5).
و هذا حديث صحيح لم نقف له على معارض،فتعيّن العمل به.
احتجّوا:بأنّها نجسة،فلا يجوز بيعها،كالكلب (6).
و الجواب:المنع من نجاستها،و قد سلف (7).
أحدهما:التحريم.و الثاني:الإباحة.و هو الحقّ.
لنا:أنّه عين طاهرة ينتفع بها و بجلدها و بعظمها،فيجوز بيعها؛تبعا لذلك.
و لأنّه يجوز بيع عظامه،فكذا يجوز بيعه.
روى الشيخ عن عبد الحميد بن سعد،قال:سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحلّ بيعه أو شراؤه (8)للذي يجعل منه الأمشاط؟فقال:«لا بأس،قد
ص:406
كان لأبي منه مشط أو أمشاط» (1).
و به قال ابن عبّاس،و الحسن البصريّ،و ابن سيرين، و الحكم،و حمّاد،و الثوريّ (2)،و مالك (3)،و الشافعيّ (4)،و إسحاق،و أصحاب الرأي.
و كره أبو هريرة،و طاوس،و مجاهد،و جابر بن زيد ثمنه (5).و عن أحمد روايتان (6).
لنا:أنّه عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها من المبيعات.
و ما رواه محمّد بن مسلم و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت»قال:«و لا بأس بثمن الهرّ» (7).
ص:407
فالوجه:جواز بيعها؛عملا بعموم الرواية التي تلوناها عن عيص بن القاسم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).
و قال بعض الجمهور:لا يجوز بيعها؛لعدم الانتفاع بها.
أمّا لو كان ممّا يمكن تعليمه،فإنّه يجوز بيعه قطعا؛لأنّ مآله إلى النفع به،فأشبه العبد (2)الصغير (3).
فيصيده الصائد،هل يجوز بيعه؟
فيه تردّد ينشأ من المنفعة الحاصلة ببيعه،و قد نهي عن تعذيب الحيوان،و كذا البحث في اللقلق (7)و شبهه.
و الحدأة و الرخم و أشباهها،لم يجز بيعها،
سواء كان طاهرا أو نجسا،و إن كان ممّا ينتفع به بأن يصير فرخا،جاز بيعه.
الكلف (1)فتمصّ الدم،و الديدان التي تجعل في الشّصّ (2)للصيد،تردّد،من حيث النفع الحاصل بها،أو كونها من الحشرات التي لا ينتفع بها إلاّ نادرا،فأشبهت ما لا نفع فيه.
و في رواية عن أبي حنيفة:إن كان مع دود القزّ قزّ،جاز بيعه و إلاّ فلا (3).
لنا:أنّ الدود حيوان ينتفع به و هو طاهر يجوز قنيته لتملّك ما يخرج منه،فجاز بيعه،كالبهائم.
احتجّ:بأنّه لا ينتفع بعينه فصار كالحشرات (4).
و الجواب:المنع من عدم الانتفاع به؛لأنّه ممّا يحصل به النفع من الإبريسم الذي هو أفخر الملابس،بخلاف الحشرات.
و عند بعض الجمهور لا يجوز في كواراتها؛لعدم إمكان مشاهدة الجميع، و لأنّها لا تخلو من عسل يكون مبيعا معها،و هو مجهول (1).
و نحن نمنع تعذّر المشاهدة؛لإمكانها إذا فتح الكوّار،و عرف كثرته من قلّته، و خفاء بعضه لا يمنع من صحّة بيعه،كما لو كان في آنية و بعضه على بعض،و العسل يدخل في البيع (2)تبعا،كاللبن في الضرع،و كأساس الحائط،أمّا لو تعذّرت مشاهدة النحل لكونه مستورا بأقراصه (3)،فإنّه لا يجوز بيعه.
لتحقّق المنفعة منها.
كآلات الملاهي و شبهها على ما بيّنّاه (4).
لأنّ نفعه إنّما يحصل بالأكل،و فيه لحوم الأفاعي و الخمر،فيحرم أكله،فتذهب منفعته.
و كذا لا يجوز التداوي به و لا بسمّ الأفاعي،أمّا السمّ من الحشائش و النبات، فإن كان (5)لا ينتفع به،لم يجز بيعه،و كذا إن كان ممّا يقتل قليله؛لعدم نفعه و إن انتفع به و أمكن التداوي بالقليل منه،كالسقمونيا (6)و الأفيون،فإنّه يجوز بيعه؛لأنّه طاهر ينتفع به،فأشبه غيره من المأكولات.
فيه تردّد بين الجواز و التحريم،
ص:410
و بالجواز قال الشافعيّ (1)و بالتحريم قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3).و عن أحمد روايتان (4).
احتجّ الشافعيّ:بأنّه لبن طاهر منتفع به،فجاز بيعه،كلبن الشاة،و لأنّه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر (5)،فأشبه غيره من المنافع (6).
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه مائع خارج من آدميّ،فلا يجوز بيعه،كفضلات الإنسان من العرق و شبهه.و لأنّه من آدميّ،فأشبه سائر أجزائه (7).
صحّ البيع.
و لأصحاب الشافعيّ قولان:أحدهما:هذا و الثاني:لا يجوز (8).
لنا:أنّه مملوك له يجوز له إجارته و التصرّف فيه بأنواع التصرّف من الهبة و غيرها،فيجوز بيعه.
ص:411
احتجّوا:بأنّه لا يمكن الانتفاع به،فلا يجوز بيعه،كسائر ما لا ينتفع به (1).
و الجواب:المنع من عدم الانتفاع به؛لأنّه يمكنه أن يجعل له طريقا،بأن يشتري من جاره أو يستأجر منه أو يستوهب فينتفع به.
لأنّ المالك لها المسلمون أجمع،فتكون بمنزلة الوقف،فرباع مكّة و ديارها إن قلنا إنّها فتحت عنوة،لم يجز بيعها،كأرض العراق،و إلاّ جاز بيعها.
و بعدم الجواز قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الثوريّ (4)،و بالجواز قال طاوس (5)،و الشافعيّ (6)،و ابن المنذر،و إسحاق (7).
و الأصل في الخلاف ما قلناه:من أنّها هل فتحت عنوة أم صلحا؟
احتجّ الأوّلون:
بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في مكّة:
«لا تباع (8)رباعها و لا تكرى (9)بيوتها» (10).
ص:412
و عن مجاهد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«مكّة حرام بيع رباعها حرام إجارتها (1)» (2).
و احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قيل له:أين تنزل غدا؟قال:
«و هل ترك لنا عقيل من رباع؟» (3). (4)
يعني أنّ عقيلا باع رباع أبي طالب.و لو كانت غير مملوكة،لم يؤثّر بيع عقيل شيئا.و باع حكيم بن حزام دار الندوة،فقال له ابن الزبير:بعت مكرمة قريش،فقال:
يا ابن أخي ذهبت المكارم إلاّ التقوى (5).و لأنّ الصحابة كانت لهم دور بمكّة و تناقلوها بالميراث.
أمّا إجارتها،فإنّه تصحّ؛لأنّ لكلّ أحد الانتفاع بما في يده من الأراضي المفتوحة عنوة،كالوقف.
ص:413
ما يجب على الإنسان فعله
عليهم؛
لأنّ ذلك واجب عليهم،فلا يجوز لهم أخذ الأجرة على فعله،كالفرائض.
لأنّه طاعة للّه تعالى،فلا يجوز (2)أخذ الأجرة عليه.
روى الشيخ عن عمرو بن خالد،عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،عن عليّ عليه السلام أنّه أتاه رجل،فقال:و اللّه يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك للّه،فقال له:«و لكنّي أبغضك للّه»قال:و لم؟قال:«لأنّك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا،و سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:من أخذ على تعليم القرآن أجرا،كان حظّه يوم القيامة» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال.
و كذا القضاء يحرم أخذ الأجرة عليه.
و روى ابن بابويه-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،قال:سئل أبو عبد اللّه
ص:414
عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق،فقال:
إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز الرزق فيه من بيت المال-على ما يأتي تفصيله-و كذا الصلاة بالناس.و يجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح.
ص:415
فيما يجوز التكسّب به من المكروه و المباح
لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من الربا.
روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فخبّرته أنّه ولد لي غلام،فقال:«ألا سمّيته محمّدا؟»قال:قلت:قد فعلت،قال:
«فلا تضرب محمّدا و لا تشتمه جعله اللّه قرّة عين لك في حياتك،و خلف صدق من بعدك»قلت:جعلت فداك،فأيّ (1)الأعمال أضعه؟قال:«إذا عدلته[عن] (2)خمسة أشياء فضعه حيث شئت:لا تسلّمه صيرفيّا،فإنّ الصيرفيّ لا يسلم من الربا، و لا تسلّمه بيّاع أكفان،فإنّ صاحب الأكفان يسرّه الوباء إذا كان،و لا تسلّمه بيّاع طعام،فإنّه لا يسلم من الاحتكار،و لا تسلّمه جزّارا،فإنّ الجزّار تسلب[منه] (3)الرحمة،و لا تسلّمه نخّاسا،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«شرّ الناس من باع الناس» (4).
و هذا النهي على الكراهيّة؛
لما رواه الشيخ عن سدير الصيرفيّ،قال:قلت
ص:416
لأبي جعفر عليه السلام:حديث بلغني عن الحسن البصريّ،فإن كان حقّا فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون،قال:«و ما هو؟»قلت:بلغني أنّ الحسن كان يقول:لو غلى دماغه من حرّ الشمس ما استظلّ بحائط صيرفيّ،و لو تبقّرت (1)كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفيّ ماء،و هو عملي و تجارتي،و فيه نبت لحمي و دمي،و منه حجّي و عمرتي،فجلس،ثمّ قال عليه السلام (2):«كذب الحسن،خذ سواء و أعط سواء، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك و انهض إلى الصلاة،أ ما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة» (3).
لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من تمنّي موت الأحياء.
و لما تقدّم في حديث إسحاق بن عمّار.
و لما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه قد علّمت ابني هذا الكتابة،ففي أيّ شيء أسلّمه؟فقال:أسلمه-لله أبوك-و لا تسلّمه في خمس:لا تسلّمه سبّاء،و لا صائغا،و لا قصّابا،و لا حنّاطا، و لا نخّاسا»قال:«فقال:يا رسول اللّه و ما السباء؟قال:الذي يبيع الأكفان و يتمنّى موت أمّتي،و للمولود من أمّتي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس،و أمّا الصائغ، فإنّه يعالج زين (4)أمّتي،و أمّا القصّاب،فإنّه يذبح حتّى تذهب الرحمة من قلبه،
ص:417
و أمّا الحنّاط،فإنّه يحتكر الطعام على أمّتي،و لأن يلقى اللّه العبد سارقا أحبّ إليّ من أن يلقاه قد احتكر الطعام أربعين يوما،و أمّا النخّاس،فإنّه أتاني جبرئيل عليه السلام،فقال:يا محمّد إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس» (1).
لأنّ صاحبه لا يكاد يسلم من الاحتكار.
و يكره بيع الرقيق أيضا؛لما تقدّم (2)من قوله عليه السلام:«شرّ الناس من باع الناس» (3).هذا محمول على الكراهية؛
لما رواه الشيخ عن ابن فضّال،قال:سمعت رجلا سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام،فقال:إنّي أعالج الرقيق فأبيعه،و الناس يقولون:لا ينبغي له،فقال له الرضا عليه السلام:«و ما بأسه؟كلّ شيء ممّا يباع إذا اتّقى اللّه عزّ و جلّ فيه العبد فلا بأس به» (4).
و كذا يكره اتّخاذ الذبح و النحر صنعة؛لما فيه من سلب الرحمة من القلب، و قد تقدّم. (5)
و لما رواه الشيخ عن أبي إسماعيل الصيقل الرازيّ (6)،قال:دخلت على
ص:418
أبي عبد اللّه عليه السلام و معي ثوبان،فقال لي:«يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة و ليس يجيئني مثل هذين الثوبين اللذين تحملهما أنت»فقلت:جعلت فداك،تغزلهما أمّ إسماعيل و أنسجهما أنا،فقال لي:«حائك أنت؟»قلت:نعم،قال:
«لا تكن حائكا»قلت:فما أكون؟قال:«كن صيقلا»و كانت معي مائتا درهم، فاشتريت بها سيوفا و مرايا عتقا (1)فقدمت بها الريّ و بعتها بربح كثير (2).
و أمّا إذا شرط،فإنّه يكون مكروها و ليس بمحظور؛عملا بأصل الإباحة.و به قال ابن عبّاس،و عكرمة و ربيعة،و يحيى الأنصاريّ،و مالك،و الشافعيّ،و أصحاب الرأي.و نقله الجمهور عن الباقر عليه السلام.
و قال أحمد:إنّه حرام 3.
لنا:
ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس،قال:احتجم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أعطى الحجّام أجره و لو علمه حراما لم يعطه 4.و في لفظ:و لو علمه خبيثا
ص:419
لم يعطه (1).
و قال عليه السلام:«أطعمه رقيقك» (2).و لو كان حراما لم يأمره بذلك.و لأنّ الحاجة تدعو إليه،فوجب أن يكون سائغا؛دفعا للضرورة.و لأنّه عمل مباح،فجاز أخذ العوض عليه،كسائر الصناعات.
و يؤيّده
من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن كسب الحجّام،فقال:«لا بأس به إذا لم يشارط» (3).
و عن حنّان بن سدير،قال:دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام و معنا فرقد الحجّام (4)،فقال:جعلت فداك إنّي أعمل عملا و قد سألت عنه غير واحد و لا اثنين
ص:420
فزعموا أنّه مكروه و أنا أحبّ أن أسألك،فإن كان مكروها انتهيت عنه و عملت غيره من الأعمال؛فإنّي منته في ذلك إلى قولك،قال:«و ما هو؟»قلت:حجّام، قال:«كل من كسبك يا بن أخ،و تصدّق و حجّ منه و تزوّج،فإنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد احتجم و أعطى الأجر،و لو كان حراما ما أعطاه»قال:جعلني اللّه فداك،إنّ لي تيسا (1)أكريه فما تقول في كسبه؟قال:«كل كسبه،فإنّه لك حلال، و الناس يكرهونه»قال حنّان:قلت:لأيّ شيء يكرهونه و هو حلال؟قال:«لتعيير الناس بعضهم بعضا» (2).
و عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«احتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حجمه مولى لبني بياضة و أعطاه،و لو كان حراما ما أعطاه،فلمّا فرغ قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أين الدم؟قال:شربته يا رسول اللّه،فقال:ما كان ينبغي لك أن تفعل و قد جعله اللّه لك حجابا من النار،فلا تعد» (3).
و في الموثّق عن زرارة،عن الباقر عليه السلام،قال:سألته عن كسب الحجّام،
ص:421
فقال:«مكروه له أن يشارط،و لا بأس عليك أن تشارطه و تماكسه،و إنّما يكره له، فلا بأس عليك» (1).
و في الصحيح عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كسب الحجّام،فقال:«لا بأس به»قلت:أجر التيوس؟قال:«إن كانت العرب لتعاير به فلا بأس» (2).
و لا يعارض ذلك:ما رواه سماعة،قال:قال:«السحت أنواع كثيرة:منها:
كسب الحجّام و أجر الزانية و ثمن الخمر» (3)؛لأنّه خبر مقطوع السند؛لأنّ سماعة لم يسنده إلى إمام،و مع ذلك ففي طريقه عثمان بن عيسى و هو واقفيّ،و سماعة و هو فطحيّ و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لما تقدّم (4).
و لما رواه الشيخ-في الصحيح- عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ رجلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الحجّام فقال:هل لك ناضح؟فقال:نعم،فقال:اعلفه إيّاه و لا تأكله» (5).
و عن رفاعة،قال:سألته عن كسب الحجّام،فقال:إنّ رجلا من الأنصار كان له غلام حجّام فسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له:«هل لك ناضح؟»قال:
ص:422
نعم،قال:«فاعلفه ناضحك» (1).
احتجّ أحمد:بقوله عليه السلام:«كسب الحجّام خبيث» (2).و بقوله:«أطعمه رقيقك» (3). (4)
و لا دلالة فيهما على مطلوبه؛إذ قد يطلق على المكروه اسم الخبيث لقربه من الحرام بالنسبة إلى المباح مجازا.
و إن كان سائغا،
و به قال الحسن البصريّ،و ابن سيرين (5)،و مالك (6).
و قال أصحاب الرأي:لا يجوز،و هو ظاهر مذهب الشافعيّ،و قول أبي ثور، و ابن المنذر (7).
لنا:أنّه انتفاع مباح،و الحاجة تدعو إليه،فجاز،كإجارة الظئر للرضاع،و البئر ليستقى منها الماء.و لأنّها منفعة تستباح بالإعارة فتستباح بالإجارة،كسائر المنافع.
ص:423
احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن عسب الفحل (1)،و لأنّ المقصود الماء الذي يخلق منه الولد،فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين[غائبة] (2)فلم يجز (3).
و الجواب:النهي يتناول البيع،سلّمنا لكنّه لا يدلّ على التحريم.
و عن الثاني بالنقض بإجارة البئر ليستقى منها الماء،و الظئر للإرضاع.
و به قال الشافعيّ (4).
و قال أحمد:لا يجوز (5).
لنا:
ما رواه الجمهور عن أنس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا كان إكراما فلا بأس» 6.
و لأنّه سبب مباح فجاز أخذ الهديّة عليه،كالحجامة؛لأنّا قد بيّنّا جواز أخذ الأجرة (6)،فأخذ الهديّة أولى.
ص:424
و قال بعض الجمهور:يقع العقد على مدّة (1).و هو بعيد.
أمّا لو اكترى فحلا لإطراق ماشية كثيرة،كفحل يتركه في إبله أو غنمه،فإنّ مثل هذا يكترى مدّة معلومة.
وجب عليه أجرة المثل و كان الولد لصاحب الإبل.
روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام:
«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الكشوف-و الكشوف أن تضرب الناقة و ولدها طفل-إلاّ أن يتصدّق بولدها أو يذبح،و نهى أن ينزا حمار على عتيق» (2).
و هذا النهي يدلّ على الكراهية لا التحريم؛عملا بأصل الإباحة،
و بما رواه الشيخ عن هشام بن إبراهيم،عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن الحمير ننزيها على الرمك (3)لتنتج البغال أ يحلّ ذلك؟قال:«نعم،انزها» (4).
لأنّه لا يسلم من الشبهة،
روى الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء،فإنّها إن لم تجده زنت،إلاّ أمة قد عرفت بصنعة يد،و نهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة،فإنّه إن لم يجد،
ص:425
سرق» (1).
عملا بالأصل الدالّ على الإباحة.و بأنّها (2)طاعة،فيكره أخذ الأجرة عليها (3).
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ عن الفضل بن أبي قرّة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ هؤلاء يقولون:إنّ كسب المعلّم سحت،فقال:«كذبوا أعداء اللّه إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن،و لو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده،لكان للمعلّم مباحا» (4).
و يدلّ على الكراهية
ما رواه الشيخ عن زيد بن عليّ،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام عن عليّ عليه السلام أنّه أتاه رجل فقال:يا أمير المؤمنين و اللّه إنّي لأحبّك للّه،فقال له:«و لكنّي أبغضك للّه»قال:و لم؟قال:«لأنّك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا» (5).و لا دلالة في هذا على التحريم؛لاحتمال أن يكون السبب في البغضة إنّما هو أخذ الأجر على الأذان،و قد بيّنّا أنّه حرام (6).
و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:
قلت:إنّ لنا جارا يكتّب (7)و قد سألني أن أسألك عن عمله،قال:«مره إذا دفع إليه
ص:426
الغلام أن يقول لأهله:إنّي إنّما أعلّمه الكتاب و الحساب و أتّجر عليه (1)بتعليم القرآن،حتّى يطيب له كسبه» (2).
و قد روى الشيخ عن الفضل بن كثير (3)،عن حسّان المعلّم (4)، (5)،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التعليم،فقال:«لا تأخذ على التعليم أجرا»قلت:الشعر و الرسائل و ما أشبه ذلك أشارط عليه؟قال:«نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض» (6).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا تنافي بين هذا الحديث و بين الخبر الدالّ على إباحة أخذ الأجرة؛لأنّ الدالّ على التحريم محمول على أنّه لا يجوز له أن يشارط في تعليم القرآن أجرا معلوما،و الخبر المبيح محمول على أنّه إذا أهدي إليه شيء و أكرم بتحفة،جاز قبولها،و يكون ذلك مباحا؛
لما رواه جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«المعلّم لا يعلّم بالأجر،و يقبل الهديّة إذا أهدي
ص:427
إليه» (1).
و قد روي عن قتيبة الأعشى،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أقرئ القرآن فيهدى إليّ الهديّة فأقبلها؟قال:«لا»قلت:إن لم أشارطه؟قال:«أ رأيت لو لم تقرئه أ كان يهدى لك؟»قال:قلت:لا،قال:«فلا تقبله» (2).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هذا الحديث الدالّ على منع الهديّة محمول على الكراهية (3).و هذا التأويل من الشيخ-رحمه اللّه-يعطي أنّه يرى التحريم مع الشرط،و نحن نتوقّف في ذلك.
من الأشعار و الرسائل و غيرها.
أمّا الفقه:فإنّ تعليمه واجب على الكفاية ففيه تفصيل:و ذلك؛لأنّه إن تعيّن للتعليم بأن لا يوجد غيره،لم يجز له أخذ الأجرة عليه،و إلاّ أبيح له ذلك،و لو قيل ذلك في القرآن أيضا،كان وجها؛لأنّه يجب حفظ القرآن بحيث يبلغ إلى التواتر؛ لئلاّ تنقطع الحجّة و تنفد (4)المعجزة.
ص:428
(1)،أو شعر مباح، أو سجلاّت و عهد بلا خلاف نعلمه في ذلك.
روي ذلك عن جابر بن زيد،و مالك بن دينار.و به قال الشافعيّ (2)،و أبو حنيفة (3)، و أبو ثور،و أحمد،و ابن المنذر.و كره علقمة كتابة المصحف بالأجر (4).
لنا:أنّه فعل مباح يجوز أن ينوب فيه الغير عن الغير،فجاز أخذ الأجرة عليه، ككتابة الحديث.
و ما رواه الجمهور في الخبر:«أحقّ ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه تعالى» (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ أمّ عبد اللّه بنت الحسن (6)أرادت أن تكتب مصحفا، و اشترت ورقا من عندها و دعت رجلا،فكتب لها على غير شرط،فأعطته حين فرغ خمسين دينارا،و أنّه لم تبع المصاحف إلاّ حديثا» (7).
و عن روح بن عبد الرحيم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت:ما ترى أن
ص:429
أعطي على كتابته-يعني القرآن-أجرا؟قال:«لا بأس» (1).
روى الشيخ عن سماعة،قال:سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب،فقال:«لا يصلح»فقال:
إنّها معيشتي،فقال:«إنّك إن تركته جعل اللّه لك مخرجا» (2).
و عن أبي أيّوب الخزّاز،عن محمّد الورّاق (3)،قال:عرضت على أبي عبد اللّه عليه السلام كتابا،فيه قرآن مختّم معشّر بالذهب،و كتب (4)في آخره سورة بالذهب، فأريته إيّاه،فلم يعب منه شيئا إلاّ كتابة القرآن بالذهب،فإنّه قال:«لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة» (5)و في هذا الحديث دلالة على حمل الحديث الأوّل على الكراهية.
و على تعليم جميع الحكم و الآداب،و على نسخها و تخليدها الكتب (6)،و لا يجوز نسخ كتب الكفر و الضلال و تخليدها الكتب،إلاّ للإثبات للحجج على الخصم أو
ص:430
النقض له على ما قدّمناه فيما مضى (1).
و يجوز أخذ الأجرة على الخطب في الإملاكات و عقود النكاح.
و لا يفضّل في ذلك بعضهم على بعض؛
لقول أبي عبد اللّه عليه السلام و قد سئل عن إباحة ذلك،فقال:«نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض» (2).
هذا إذا استؤجر على التعليم لجميعهم على الإطلاق،سواء تفاوتت أجرتهم أو تساوت.أمّا لو آجر نفسه لهذا على تعليم مخصوص،و للآخر على تعليم مخصوص،فإنّه يجوز التفضيل بحسب ما وقع عليه عقد الإجارة.
(3)و أخذ الأجرة عليه،لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه فعل مأذون فيه شرعا يحتاج إليه و يضطرّ إلى فعله،فجاز الاستئجار عليه،كسائر الأعمال المباحة،و كذا يجوز الاستئجار للكحل،سواء كان الكحل من العليل أو الطبيب.
و قال بعض الجمهور:إن شرط على الطبيب،لم يجز؛لأنّ الإجارة لا تقتضي تمليك الأعيان (4).و الجواب:أنّه شرط صحيح،فكان سائغا.
إذا ثبت هذا:فإن استأجره للكحل مدّة ففعل،استحقّ الأجرة،سواء برأ أو لا.
ص:431
و قال مالك:لا يستحقّ الأجرة حتّى تبرأ عينه (1).و ليس بمعتمد و سيأتي البحث فيه.
روى الشيخ عن وهب،عن الصادق عليه السلام،عن أبيه عليه السلام،عن عليّ عليه السلام قال:«لا تخفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين» (2).
و عن عمرو بن ثابت،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:كانت امرأة يقال لها:أمّ طيّبة (3)(4)تخفض الجواري فدعاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال لها:«يا أمّ طيّبة (5)إذا خفضت فأشمّي (6)و لا تجحفي،فإنّه أصفى للّون و أحظى عند الرجل (7)» (8).
ص:432
و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«لمّا هاجرت النساء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،هاجرت فيهنّ امرأة يقال لها:أمّ حبيب (1)و كانت خافضة تخفض الجواري،فلمّا رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لها:يا أمّ حبيب العمل الذي كان في يدك،هو في يدك اليوم؟قالت:نعم يا رسول اللّه إلاّ أن يكون حراما فتنهاني عنه،قال:لا،بل حلال فادني منّي حتّى أعلّمك»قال:«فدنت منه،فقال:يا أمّ حبيب إذا أنت فعلت فلا تنهكي-أي لا تستأصلي-و أشمّي،فإنّه أشرق للوجه و أحظى عند الزوج»قال:«و كان لأمّ حبيب أخت يقال لها:أمّ عطيّة و كانت مقيّنة-يعني ماشطة-فلمّا انصرفت أمّ حبيب إلى أختها،أخبرتها بما قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأقبلت أمّ عطيّة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته بما قالت لها أختها،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ادني منّي يا أمّ عطيّة،إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة،فإنّ الخرقة تذهب بماء الوجه» (2).
مثل كسح الكنيف و أخذ الأجرة عليه؛لما في ذلك من السقوط و الضعة،
و قد روى الجمهور عن النبيّ
ص:433
صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«كسب الحجّام خبيث» (1)و هذا أولى بالاختباث من كسب الحجّام.
و عن ابن عبّاس أنّ رجلا حجّ ثمّ أتاه فقال له:إنّي رجل أكنس فما ترى في مكسبي؟فقال:أيّ شيء تكنس؟فقال:العذرة،قال:و منه حججت و منه تزوّجت؟قال:نعم،قال:أنت خبيث و حجّك خبيث و ما تزوّجت خبيث (2).
و لأنّ فيه دناءة،فأشبه الحائك و الحجّام،و لو آجر نفسه لذلك،حلّت الأجرة بلا خلاف نعلمه؛لأنّ الحاجة داعية إليه،و لا يندفع بدون إباحة الإجارة،فوجب إباحتها،كالحجامة.
ذلك،
و قد بيّنّاه فيما سلف (3).
و رواه الشيخ عن هشام بن الحكم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا قال لك الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك و إن كان الذي عندك خيرا منه» (4).
و عن عليّ بن النعمان و أبي المعزى و الوليد بن مدرك (5)،عن إسحاق،قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له:ابتع لي ثوبا،
ص:434
فيطلب له في السوق،فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق،فيعطيه من عنده،قال:
«لا يقربن هذا و لا يدنّس نفسه،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (1)و إن كان عنده خيرا ممّا يجد له في السوق،فلا يعطيه من عنده» (2).
فإن عيّن له أشخاصا،لم يجز له أن يتعدّاه،و لا يخالف تعيينه،فإن خالف و أعطى غير من عيّن له،أثم و كان عليه الضمان،و إن لم يعيّن أحدا،جاز له أن يعطي من شاء،فإن كان هو محتاجا أو فقيرا،جاز له أن يأخذ مثل غيره مع عدم التعيين،و لا يفضّل نفسه في ذلك على غيره،بل يأخذ مثل ما يعطي غيره؛لأنّه بإطلاق الأمر و عدم التعيين قد و كلّ الأمر إليه و فوّض إليه التعيين،و لا فرق بينه و بين غيره في الاستحقاق؛إذ التقدير ذلك فيجوز له التناول،و إنّما منعناه من أخذ الزائد لما يشتمل من (3)الخيانة.
و يؤيّد ذلك:
ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن بن الحجّاج،قال:
سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسّمه في محاويج أو في مساكين و هو محتاج، أ يأخذ منه لنفسه و لا يعلمه؟قال:«لا يأخذ منه شيئا حتّى يأذن له صاحبه» (4).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا محمول على ما إذا عيّن له أقواما بأعيانهم أو على جهة الأفضل؛لأنّ الأولى أن لا يأخذ شيئا إلاّ بإذن صاحبه (5).
ص:435
و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد الرحمن،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطاه رجل مالا ليضعه في المساكين و له عيال محتاجون،أ يعطيهم منه من غير أن يستأمر صاحبه؟قال:«نعم» (1).
عملا بالأصل،
و بما رواه الشيخ عن ابن سنان،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن الإجارة،فقال:«صالح لا بأس به إذا نصح (2)قدر طاقته،فقد آجر موسى عليه السلام نفسه و اشترط،فقال:إن شئت ثماني و إن شئت عشرا،و أنزل اللّه تعالى فيه: أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ (3)» (4).
و لا يعارض ذلك:
ما رواه الشيخ عن عمّار الساباطيّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الرجل يتّجر،فإن هو آجر نفسه أعطي ما يصيب في تجارته،فقال:
«لا يؤاجر نفسه و لكن يسترزق اللّه عزّ و جلّ و يتّجر،فإنّه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق» (5).
لأنّا نقول بموجبه؛إذ التجارة أفضل من الإجارة،قال الشيخ-رحمه اللّه-:
الوجه في كراهية ذلك:أنّه لا يأمن أن لا ينصحه في عمله،فيكون مأثوما و قد نبّه
ص:436
عليه السلام في الخبر الثاني من قوله:«لا بأس إذا نصح قدر طاقته» (1).
و هو حسن.
لأنّه ممّا يحتاج إليه فساغ أخذ العوض عنه، كغيره من المباحات.
و كذا لا بأس بأجر الماشطة؛لأنّ فيه تزيينا للمرأة و تحبيبا لها إلى زوجها ما لم تفعل الحرام من الغشّ،كوصل الشعر بالشعر،و رسم الخدود و تحميرها،و نقش الأيدي و الأرجل.قال ابن إدريس:إنّ ذلك كلّه حرام (2).
أمّا إذا لم يفعلن غشّا،فلا بأس به؛
لما رواه الشيخ عن القاسم بن محمّد،عن عليّ،قال:سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك،و قد دخلها ضيق،قال:«لا بأس و لكن لا تصل الشعر بالشعر» (3).
و عن ابن أبي عمير،عن رجل،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:دخلت ماشطة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال لها:«هل تركت عملك أو أقمت عليه؟» فقالت:يا رسول اللّه أنا أعمله،إلاّ أن تنهاني عنه فأنتهي عنه،فقال:«افعلي،فإذا مشطت فلا تجلي (4)الوجه بالخرق (5)،فإنّه يذهب بماء الوجه،و لا تصلي الشعر بالشعر» (6).
لما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن جعفر
ص:437
عليه السلام قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إنّي أعطيت خالتي غلاما و نهيتها أن تجعله قصّابا أو حجّاما أو صائغا» (1).
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت» (2).
و عن الشعيريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:قال:«من بات ساهرا في كسب و لم يعط العين حظّها من النوم فكسبه ذلك حرام» (3).
و عندي أنّ ذلك تغليظا (4)للكراهية،لا أنّه حرام حقيقة.
فإن تميّز،وجب تخليص الحرام و دفعه إلى أربابه مع وجودهم،أو الصدقة به مع عدمهم و عدم وارثهم،و إن لم يتميّز مقداره، أخرج خمسه و حلّ له الباقي.نصّ عليه (5)علماؤنا و قد سلف ذلك (6).
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال:إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا
ص:438
و حراما و قد أردت التوبة،و لا أدري الحلال منه و الحرام و قد اختلط عليّ،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:تصدّق بخمس مالك،فإنّ اللّه عزّ و جلّ رضي من الأشياء بالخمس،و سائر المال لك» (1).
عليه السلام،قال:تشوّفت الدنيا إلى قوم حلالا محضا...]
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد اللّه بن القاسم الجعفريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«تشوّفت (4)الدنيا إلى قوم حلالا محضا فلم يريدوها فدرجوا (5)، ثمّ تشوّفت إلى قوم حلالا و شبهة،فقالوا:لا حاجة لنا في الشبهة و توسّعوا في الحلال،و تشوّفت إلى قوم حراما و شبهة،فقالوا:لا حاجة لنا في الحرام و توسّعوا في الشبهة،ثمّ تشوّفت إلى قوم حراما محضا فطلبوها فلم يجدوها،و المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطرّ» (6).
و عن سماعة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أصاب مالا من عمل بني أميّة و هو يتصدّق منه و يصل منه قرابته و يحجّ ليغفر له ما اكتسب و هو يقول:
ص:439
إنّ الحسنات يذهبن السيّئات،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة و لكن الحسنة تحطّ الخطيئة»ثمّ قال:«إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام،فلا بأس» (1).
إمّا باللفظ أو بشاهد الحال،غير أنّه يكره أخذه انتهابا،و إن لم يعلم من قصد مالكه الإباحة،كان حراما؛عملا بالأصل الدالّ على عصمة مال الغير،و عدم جواز التصرّف فيه بدون (2)إذنه.
و يؤيّد ذلك:
ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:الإملاك (3)يكون و العرس (4)فينثر على القوم،فقال:«حرام،و لكن كل ما أعطوك منه» (5).
و فى الصحيح عن عليّ بن جعفر،عن أخيه موسى (6)عليه السلام،قال:سألته عن النثار من السكّر و اللوز و أشباهه أ يحلّ أكله؟فقال:«يكره أكل ما انتهب» (7).
و عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام قال:«قال عليّ عليه السلام:
ص:440
لا بأس بنثر الجوز و السكّر» (1).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا ينافي هذا الخبر ما تقدّم من الخبرين؛لأنّ الذي تضمّن هذا الخبر،جواز النثر،و ليس فيه أنّه يجوز أخذ ما نثر و نهبه،و الخبران الأوّلان فيهما كراهية ذلك،و لا تنافي فيهما على حال (2).
أقول:و الوجه الذي ذكرناه-من حمل الخبرين الأوّلين على المنع مع عدم العلم بالإباحة،و على جواز التناول مع الإباحة-:أولى؛لاشتماله على الأصول و ظهور الفائدة،دون ما ذكره الشيخ-رحمه اللّه-و إن كان ممكنا.
للانتفاع بها في غير الصلاة؛لأنّها عين طاهرة ينتفع بها،فجاز بيعها،كغيرها من الطاهرات.
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ عن أبي مخلد السرّاج (3)،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام،إذ دخل عليه معتّب،فقال:بالباب رجلان،فقال:«أدخلهما»فدخلا، فقال أحدهما:إنّي رجل سرّاج أبيع جلود النمر،فقال:«مدبوغة هي؟»قال:نعم،
ص:441
قال:«ليس به بأس» (1).
و كذا يجوز بيع عظام الفيل؛لاتّخاذ الأمشاط منها على ما قدّمناه (2).
و قال ابن البرّاج:إنّه مكروه (3).و لا أعرف المستند له.
و يحرم مع ظهور أمارة الخوف،و كذا يحرم كلّ سفر يظهر فيه الخوف؛لأنّ دفع الخوف واجب،و ترك الواجب حرام.
روى الشيخ عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام أنّه كره ركوب البحر للتجارة (4).
و عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يسافر فيركب البحر،فقال:«يكره ركوب البحر للتجارة،إنّ أبي كان يقول:إنّك تضرّ بصلاتك،هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم و معايشهم» (5).
و عن ابن بكير،عن عبيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان أبي يكره ركوب البحر في التجارة» (6).
و عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فقال:أصلحك اللّه إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي منها أمكنة لا نقدر
ص:442
نصلّي إلاّ على الثلج،قال:«أ فلا ترضى أن تكون مثل فلان يرضى بالدون؟! (1)»ثمّ قال:«لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلاّ على الثلج» (2).
لأنّه عمل مباح يحتاج إليه،فجاز أخذ العوض عنه،كغيره من الأعمال المباحة و لا نعرف فيه خلافا.
روى الشيخ عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله أبي و أنا حاضر،فقال:ربّما أمرنا الرجل أن يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام أو الخادم و نجعل له جعلا،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لا بأس به» (3).
و عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يريد أن يشتري دارا أو أرضا أو خادما و يجعل له جعلا،قال:«لا بأس به» (4).
و هو أن يستأجره مدّة من الزمان لعمل له،لم يجز له أن يعمل لغيره شيئا إلاّ بإذن المستأجر؛لأنّه قد استحقّ منافعه في ذلك الزمان،فلا يجوز له صرفها إلى غيره.أمّا لو استأجره ليعمل له شيئا،جاز له أن يؤجر نفسه لغيره ليعمل (5)له ما شاء؛لأنّ الأوّل لم يستوعب زمانه و إنّما استحقّ في ذمّته عملا خاصّا.
و قد روى الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:
ص:443
سألته عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيبعثه في ضيعته (1)،فيعطيه رجل آخر دراهم فيقول:اشتر لي كذا و كذا و ما ربحت فبيني و بينك،قال:«إذا أذن له الذي استأجره،فليس به بأس» (2).
لأنّه فعل مباح يحتاج إليه، فكان سائغا و لا نعرف فيه خلافا.
روى الشيخ عن أبي زهرة (5)،عن أمّ الحسن النخعيّة (6)قالت:مرّ بي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال:«أيّ شيء تصنعين يا أمّ الحسن؟»قالت:أغزل،قال (7):فقال:«أما إنّه أحلّ الكسب» (8).
ص:444
و لا يحمل شيئا منها على حال (1).
قال ابن إدريس:يجوز ذلك من غير قصد إلى المضيّ إلى الثمرة للأكل،بل كان الإنسان مجتازا في حاجة (2)ثمّ مرّ بالثمار،سواء كان أكله منها لأجل الضرورة أو غير ذلك على ما رواه أصحابنا و اجتمعوا عليه؛لأنّ الأخبار في ذلك متواترة و الإجماع منعقد منهم،و لا يعتدّ بخبر شاذّ أو خلاف من يعرف اسمه و نسبه؛لأنّ الحقّ مع غيره (3).
هذا قول ابن إدريس.
و قد روى الشيخ-رحمه اللّه-عن محمّد بن مروان،قال:
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أمرّ بالثمرة فآكل منها؟قال:«كل و لا تحمل»قلت:
فإنّهم قد اشتروها،قال:«كل و لا تحمل»قلت:جعلت فداك إنّ التجّار قد اشتروها و نقدوا أموالهم قال:«اشتروا ما ليس لهم» (4).
و عن يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يمرّ بالبستان و قد حيط عليه أو لم يحط عليه هل يجوز له أن يأكل من ثمره،و ليس يحمله على الأكل من ثمره إلاّ الشهوة،و له ما يغنيه عن الأكل من ثمره؟و هل له أن يأكل منه من جوع؟قال:«لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده» (5).
و يدلّ على تحريم الحمل أيضا
ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن
ص:445
يؤكل ما تحمل النملة بفيها و قوائمها» (1).
و قد روى الشيخ عن مروك بن عبيد،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:الرجل يمرّ على قراح (2)الزرع يأخذ منه السنبلة؟قال:
«لا»،قلت:أيّ شيء السنبلة؟قال:«لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ منه سنبلة،كان لا يبقى شيء» (3).
و هذا الحديث يدلّ على تحريم التناول من الزرع،و الحديثان الأوّلان يدلاّن على إباحة التناول من الثمرة،فإن عملنا بهما،خصّصناهما بالثمرة مع عدم العلم بكراهية المالك على الأقوى،أمّا لو علم من صاحبه الكراهية،فالوجه عندي:
التحريم.أمّا الزرع فالوجه عندي:تحريم التناول له؛عملا بالرواية و بالأصل الدالّ على التحريم،السالم عن المعارض.
لكثرة الحاجة إليها و كثرة الضرورة المقتضية للإباحة،
و قد روى الشيخ عن يزيد بن هارون الواسطيّ،قال:
سألت جعفر بن محمّد عليهما السلام عن الفلاّحين،فقال:«هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه،و ما في الأعمال[شيء] (4)أحبّ إلى اللّه من الزراعة،و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ زارعا إلاّ إدريس عليه السلام،فإنّه كان خيّاطا» (5).
ص:446
و عن محمّد بن خالد،عن سيابة (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سأله رجل فقال:جعلت فداك أسمع قوما يقولون:إنّ الزراعة مكروهة!فقال:«ازرعوا و اغرسوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملا أحلّ و لا أطيب منه،و اللّه ليزرعنّ الزرع و ليغرسنّ (2)النخل بعد خروج الدجّال» (3).
عملا بالأصل الدالّ على الإباحة،و لأنّها في محلّ الحاجة و الضرورة،فأبيح ذلك؛عملا بالأصل.
و يؤيّده:
ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن الحسن الصفّار،قال:
كتبت إليه:رجل يبدرق (4)القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف، و يشارطونه على شيء مسمّى أن يأخذ منهم إذا صار إلى الأمن،هل يحلّ له أن يأخذ منهم أم لا؟فوقّع عليه السلام:«إذا واجر (5)نفسه بشيء معروف أخذ حقّه إن شاء اللّه» (6).
ص:447
كالخياطة و النساجة،ثمّ إن باشر أحدهم المعمول برطوبة،وجب غسله؛لنجاسته بالمباشرة و إلاّ فلا.
و يدلّ عليه:
ما رواه إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:
الخيّاط أو القصّاب (1)يكون يهوديّا أو نصرانيّا،و أنت تعلم أنّه يبول و لا يتوضّأ،ما تقول في عمله؟قال:«لا بأس» (2).
أما ما يحتاج فيه إلى الإسلام،كالذباحة،فإنّه يحرم عليه استعمال ما باشره من الأفعال،فلا يحلّ أكل ذبيحته،و سيأتي البحث فيه.
و المراد بالقصّاب في الحديث:ليس من يباشر الذبح،بل من يتولّى القصابة (3)بعد الذبح،
و قد روى الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:الجارية النصرانيّة تخدمك و أنت تعلم أنّها نصرانيّة و لا تتوضّأ و لا تغتسل من جنابة قال:«لا بأس،تغسل يديها» (4).
لأنّهما عينان تملكان،فصحّ أخذ العوض بحقّهما،كسائر الأعيان المملوكة،و لا نعلم فيه خلافا.
روى الشيخ عن عبد اللّه بن الحسن الدينوريّ (5)،قال:قلت لأبي الحسن
ص:448
عليه السلام:جعلت فداك ما تقول في النصرانيّة،أشتريها و أبيعها من النصارى؟ فقال:«اشتر و بع»قلت:فأنكح؟فسكت عن ذلك قليلا ثمّ نظر إليّ و قال شبه الإخفاء:«هي لك حلال»قال:قلت:جعلت فداك فأشتري المغنّية أو الجارية تحسن أن تغنّي أريد بها الرزق لا سوى ذلك؟قال:«اشتر و بع» (1).
و يستحبّ له شراؤه.
روى الشيخ عن أبان بن عثمان،قال:دعاني جعفر عليه السلام،فقال:«باع فلان أرضه؟»فقلت:نعم،فقال:«مكتوب في التوراة:أنّه من باع أرضا أو ماء، و لم يضعه في أرض و ماء،ذهب ثمنه محقا» (2).
و عن وهب الحريريّ (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:«مشتري العقدة (4)مرزوق و بائعها ممحوق (5).
و عن مسمع قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ لي أرضا تطلب منّي و يرغّبوني،فقال لي:«يا با سيّار أ ما علمت أنّه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله
ص:449
في الماء و الطين،ذهب ماله هباء»قلت:جعلت فداك إنّي أبيع بالثمن الكثير و أشتري ما هو أوسع ممّا بعت،قال:«لا بأس» (1).
روى الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،عن عليّ عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:من غرس شجرا بديّا (2)أو حفر واديا بديّا أو أحيا أرضا ميّتا (3)فهي له قضاء من اللّه و رسوله» (4).
روى الشيخ عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
سألته عن البستان يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستان شيء،فيتناول الرجل من بستانه؟فقال:«إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئا،فما أحبّ أن يأخذ (5)منه شيئا» (6).
ص:450
روى الشيخ عن أبي حمزة،قال:دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام و هو جالس على نمرقة (1)فقال:«يا جارية هاتي (2)النمرقة» (3).
لم يكن على مولاه الضمان،بل يستسعي العبد في ذلك،أو يرجع عليه بعد العتق؛عملا بالأصل الدالّ على براءة ذمّة السيّد.هذا قول الشيخ رحمه اللّه (5).
و قال ابن إدريس:لا يستسعي العبد.أيضا؛لأنّ فيه إضرارا بالمالك (6).و قد بيّنّا أنّ المولى لا يضمن جناية العبد (7).
و أمّا الشيخ:فقد استدلّ
بما رواه-في الصحيح-عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استأجر مملوكا،فيستهلك مالا كثيرا،فقال:«ليس على مولاه شيء،و ليس لهم أن يبيعوه،و لكنّه يستسعى،و إن عجز عنه،فليس على مولاه شيء و لا على العبد شيء» (8).
ص:451
لا بأس بشراء الذهب بترابه قبل سبكه من المعدن؛
لأنّها عين مملوكة،فساغ بيعها،كغيرها من الأعيان،لكن لا يباع بجنسها من الذهب،و كذا معدن الفضّة يجوز بيعه لكن بغير الفضّة.
و يؤيّد ذلك:
ما رواه الشيخ عن مصدّق،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن شراء الذهب بترابه من المعدن،قال:«لا بأس به» (1).
قال:
و الأولى عندي تجنّب ذلك،و أنّه مكروه،دون أن يكون محرّما محظورا؛لأنّه ملك للإنسان يعمل به ما شاء ممّا فيه الصلاح له،و ما روي في ذلك يحمل على الكراهية، دون الحظر (2).
و الصلاة عليهم،
و كذا على الأذان و الإقامة و الصلاة بالناس (3).أمّا ثمن الماء الذي يغسّل به الميّت،و ثمن الكفن فلا بأس به؛و لأنّ المحرّم هو الأجر على التغسيل و التكفين،دون الماء و الكفن.
و قد قال الشيخ-رحمه اللّه-:إذا وجد الماء لغسل الميّت بالثمن،وجب شراؤه من تركته،فإن لم يخلّف شيئا،لم يجب على أحد ذلك (4).
و أمّا حمل الموتى،فإنّما تحرم الأجرة عليه إذا كان إلى المواضع التي يجب
ص:452
على من حضر الميّت حمله إليها،و هي ظواهر البلدان و الجبّانة المعروفة بذلك، فأمّا (1)ما بعد عن ذلك من المواضع المعظّمة و الأمكنة الشريفة المقدّسة،كمشاهد الأئمّة عليهم السلام،فلا بأس بأخذ الأجرة عليه؛لأنّه ليس واجبا على المسلمين.
(2)و قد تخلّف أصناف أخر مكروهة تأتي في أبوابها،فما بقي بعد ذلك فمباح طلق بلا خلاف؛عملا بالأصل.
ص:453
في عمل السلطان و أخذ جوائزه
السلطان على ضربين:
أحدهما:سلطان الحقّ العادل.
و الآخر:سلطان الجور الظالم.
فالأوّل:يستحبّ خدمته و نيابته و العمل من قبله و الولاية منه،و هو مندوب إليه مرغّب فيه،و قد يجب على المكلّف ذلك بأن يعيّن (2)عليه و يدعوه إليه، فلا يجوز له مخالفته،و يجب عليه امتثال أمره و طاعته.
فإذا (3)تولّى الإنسان من السلطان العادل ولاية،كان له في ذلك ثواب عظيم، و يجب (4)عليه طاعته في جميع ما يأمره به،قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (5).
إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز له قبول الجوائز منه و الرزق،و يسوغ له التصرّف فيه بلا خلاف؛لأنّه معصوم،فلا يقع فعله إلاّ حقّا.
ص:454
و أمّا السلطان الجائر فلا تجوز الولاية منه مختارا إلاّ مع علم التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قسمة الأخماس و الصدقات على مستحقّها و صلة الإخوان،و لا يكون في ذلك مرتكبا لمأثم (1)أو غلبة الظنّ بذلك،أمّا إذا انتفى العلم و الظنّ معا،فلا تجوز الولاية من قبل الجائر بلا خلاف.
روى الشيخ عن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل؟قال:«لا،إلاّ أن لا يقدر على شيء[و لا] (2)يأكل و لا يشرب و لا يقدر على حيلة،فإن فعل فصار إليه منه (3)شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم السلام» (4).
و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:ذكر عنده رجل من هذه العصابة و قد ولي ولاية،قال:«فكيف صنيعه (5)إلى إخوانه؟»قال:قلت:ليس عنده خير،قال:«أفّ (6)،يدخلون فيما لا ينبغي لهم و لا يصنعون إلى إخوانهم خيرا!» (7).
و عن الوليد بن صبيح،قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فاستقبلني زرارة خارجا من عنده،فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا وليد أما تعجب من
ص:455
زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أيّ شيء كان يريد؟[أ يريد] (1)أن أقول له:لا، فيروي ذلك عليّ؟» (2)ثمّ قال:«يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم؟إنّما كانت الشيعة تقول:يؤكل من طعامهم و يشرب من شرابهم[و] (3)يستظلّ بظلّهم، متى كانت الشيعة تسأل عن هذا؟!» (4).
و في الحسن عن أبي بصير،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن أعمالهم، فقال لي:«يا أبا محمّد لا و لا مدّة (5)بقلم[إنّ] (6)أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلاّ أصابوا من دينه مثله،أو حتّى يصيبوا من دينه مثله»الوهم من ابن أبي عمير راوي الحديث (7).
الأشياء مواضعها
(8)،جاز له التولّي من قبل الجائر،معتقدا أنّه يفعل ذلك من قبل سلطان الحقّ؛لأنّ في ولايته حينئذ قياما بمعروف،و نهيا عن منكر،فكانت جائزة.
روى الشيخ عن يونس بن عمّار،قال:وصفت لأبي عبد اللّه عليه السلام من يقول بهذا الأمر ممّن يعمل مع السلطان،فقال:«إذا ولّوكم يدخلون عليكم المرفق (9)و ينفعونكم في حوائجكم؟قال:قلت:منهم من يفعل ذلك و منهم من لا
ص:456
يفعل،قال:«من لم يفعل ذلك منهم فابرءوا منه،برأ اللّه منه» (1).
و عن زياد بن سلمة (2)،قال:دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام،فقال لي:«يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان؟»قال:قلت:أجل،قال لي:«و لم؟»قلت:
أنا رجل لي مروّة،و عليّ عيال،و ليس وراء ظهري شيء،فقال لي:«يا زياد لأن أسقط من حالق (3)فأتقطّع (4)قطعة قطعة،أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم،إلاّ لما ذا؟قلت:لا أدري،قال:«إلاّ لتفريج كربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دينه،يا زياد[إنّ] (5)أهون ما يصنع اللّه عزّ و جلّ بمن تولّى لهم عملا،أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه عزّ و جلّ من حساب الخلائق،يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة، و اللّه من وراء ذلك،يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى بينكم و بينهم فقولوا له:أنت منتحل كذّاب،يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة اللّه عليك غدا،و نفاد ما أتيت إليهم عنهم،و بقاء ما أتيت إليهم عليك (6)» (7).
و عن عليّ بن يقطين،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:ما تقول في أعمال
ص:457
هؤلاء؟قال:«إن كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال الشيعة» قال إبراهيم بن أبي محمود- راوي الحديث-:فأخبرني عليّ أنّه كان يجبيها من الشيعة علانية و يردّها عليهم في السرّ (1).
و عن الحسن بن الحسين (2)الأنباريّ،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:
كتبت إليه أربع عشرة سنة أستأذنه في عمل السلطان فلمّا كان في آخر كتاب كتبت إليه أذكر أنّني أخاف على خبط عنقي (3)و أنّ السلطان يقول:رافضيّ و لسنا نشكّ في أنّك تركت عمل السلطان للرفض،فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام:«فهمت كتابك و ما ذكرت من الخوف على نفسك،فإن كنت تعلم أنّك إذا ولّيت عملت في عملك بما أمر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ تصيّر أعوانك و كتّابك أهل ملّتك، و إذا صار إليك شيء،واسيت به فقراء المؤمنين حتّى تكون واحدا منهم،كان ذا بذا، و إلاّ فلا» (4).
ص:458
و عن مهران بن محمّد بن أبي نصر (1)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«ما من جبّار إلاّ و معه مؤمن يدفع اللّه عزّ و جلّ به عن المؤمنين و هو أقلّهم حظّا في الآخرة» يعني أقلّ المؤمنين حظّا بصحبته (2)الجبّار (3).
و عن محمّد بن عيسى العبيديّ،قال:كتب أبو عمر الحذّاء (4)إلى أبي الحسن عليه السلام-و قرأت الكتاب و الجواب بخطّه-يعلمه أنّه كان يختلف إلى بعض قضاة هؤلاء،و أنّه صيّر إليه وقوفا و مواريث بعض ولد العبّاس أحياء و أمواتا، و أجرى عليه الأرزاق،و أنّه كان يؤدّي الأمانة إليهم،ثمّ إنّه بعد عاهد اللّه تعالى ألاّ يدخل لهم في عمل،و عليه مئونة،و قد تلف أكثر ما كان في يده،و أخاف أن ينكشف عنهم ما لا يحبّ أن ينكشف من الحال (5)،فإنّه منتظر أمرك في ذلك فما تأمر به؟فكتب إليه:«لا عليك إن دخلت معهم،اللّه يعلم-و نحن-ما أنت
ص:459
عليه» (1).
لم يجز له الولاية من قبل الجائر،إلاّ أن يلزمه بذلك و يقهره عليه،فيجوز له حينئذ الولاية؛دفعا للضرورة.
و لا يجوز له أن يتعدّى الحقّ ما أمكن،فإن اضطرّ إلى استعمال ما لا يجوز من ظلم مؤمن أو قهره،جاز ذلك،للضرورة ما لم يبلغ الدماء،فلا يجوز التقيّة فيها على حال،و قد تقدّم بيان ذلك (2).
و لو أمكنه دفع الجائر في عدم الولاية،وجب عليه ذلك،فإن لم يندفع إلاّ بتحمّل ضرر يسير،يستحبّ له تحمّله و دفع التزامه عليه،كما لو خاف على مال يسير.
أمّا لو خاف الضرر الكثير،فإنّه يجوز له الدخول في الولاية،كما لو خاف على ماله أو نفسه أو بعض المؤمنين؛دفعا للضرر بالترك.
و مع عدمه،يتصدّق بها عنه.
روى الشيخ عن عليّ بن أبي حمزة،قال:كان لي صديق من كتّاب بني أميّة، فقال:استأذن لي على أبي عبد اللّه عليه السلام،فاستأذنت له فأذن له،فلمّا أن دخل، سلّم و جلس،ثمّ قال كلمة:جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم،فأصبت
ص:460
من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت (1)في مطالبه،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يكتب لهم و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم،لما سلبونا حقّنا،و لو تركهم الناس و ما في أيديهم،لما وجدوا شيئا إلاّ ما وقع في أيديهم»قال:فقال الفتى:جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟قال:فقال:«إن قلت لك تفعل؟»قال:أفعل،قال:«فاخرج من جميع ما كسبت من ديوانهم،فمن عرفت منهم،رددت عليه ماله،و من لم تعرف،تصدّقت به و أنا أضمن لك على اللّه عزّ و جلّ الجنّة».قال:فأطرق (2)الفتى طويلا و قال له:قد فعلت جعلت فداك،قال ابن أبي حمزة:فرجع الفتى معنا إلى الكوفة،فما ترك شيئا على وجه الأرض إلاّ خرج منه حتّى ثيابه التي على بدنه،قال:فقسمت له قسمة و اشتريت له ثيابا و بعثنا إليه نفقته،قال:فما أتى عليه إلاّ أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده،قال:فدخلت يوما و هو في السّوق (3)،قال:ففتح عينيه،ثمّ قال لي:يا عليّ وفى لي-و اللّه-صاحبك، قال:ثمّ مات،فتولّينا أمره فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام،فلمّا نظر إليّ قال:«يا عليّ وفينا و اللّه لصاحبك»قال:فقلت:صدقت جعلت فداك،هكذا و اللّه قال لي عند موته (4).
و إن كان المجيز لها ظالما،و ينبغي له أن يخرج الخمس من جوائز الظالم ليطهر بذلك ماله؛لأنّ الخمس يطهّر المختلط
ص:461
بالحرام؛فتطهير (1)ما لم يعلم فيه الحرام به أولى،و ينبغي أن يصل إخوانه من الباقي بشيء،و ينتفع هو بالباقي.
و ممّن قبل جوائز الظالم الحسن و الحسين عليهما السلام و عبد اللّه بن جعفر، و هو قول الحسن البصريّ،و مكحول،و الزهريّ،و الشافعيّ (2).
روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه اشترى من يهوديّ طعاما و مات و درعه مرهونة عنده (3)و قد أخبر اللّه تعالى عنهم أنّهم أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ (4).
و عن عليّ عليه السلام قال:«لا بأس بجوائز السلطان،فإنّ ما يعطيكم من الحلال أكثر ممّا يعطيكم من الحرام» (5)و قال:«لا تسأل السلطان شيئا،و إن أعطى فخذ،فإنّ ما في بيت المال من الحلال أكثر ممّا فيه من الحرام» 6.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم و زرارة قالا:سمعناه يقول:«جوائز العمّال ليس بها بأس» (6).
و عن أبي بكر الحضرميّ قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده
ص:462
إسماعيل ابنه فقال:«ما يمنع ابن أبي سمّال (1)أن يخرج شبّان (2)الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس؟!»قال:ثمّ قال لي:«لم تركت عطاءك؟» قال:قلت:مخافة على ديني،قال:«ما منع ابن أبي سمّال (3)أن يبعث إليك بعطائك؟!أما علم أنّ لك في بيت المال نصيبا؟!» (4).
و عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن أبيه عليه السلام:
«إنّ الحسن و الحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوايز معاوية» (5).
و عن أبي ولاّد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم و أنا أمرّ به فأنزل عليه فيضيفني و يحسن إليّ و ربّما أمر لي بالدراهم و الكسوة،و قد ضاق صدري من ذلك؟فقال لي:«كل و خذ منه و لك المهنأ (6)و عليه الوزر» (7).
و في الصحيح عن أبي المعزى،قال:سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده، فقال:أصلحك اللّه،أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم،آخذها؟قال:«نعم»قلت:
و أحجّ بها؟قال:«نعم،حجّ بها» (8).
ص:463
و في الصحيح عن الحلبيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مسلم و هو في ديوان هؤلاء،و هو يحبّ آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و يخرج (1)مع هؤلاء و في بعثهم فيقتل تحت رايتهم،قال:«يبعثه اللّه على نيّته»قال:و سألته عن رجل مسكين دخل معهم رجاء أن يصيب معهم شيئا يغنيه (2)اللّه به،فمات في بعثهم،قال:«[هو] (3)بمنزلة الأجير إنّه إنّما يعطي اللّه العباد على نيّاتهم» (4).
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن محمّد بن أبي حمزة،عن رجل،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أشتري الطعام فيجيئني من يتظلّم فيقول:ظلموني،فقال:
«اشتره» (5).
و في الصحيح عن معاوية بن وهب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:
أشتري من العامل الشيء و أنا أعلم أنّه يظلم،فقال:«اشتر منه» (6).
و عن داود بن رزين (7)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّي أخالط
ص:464
السلطان فيكون عندي الجارية فيأخذونها،أو الدابّة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثمّ يقع لهم عندي المال،فلي أن آخذه؟قال:«خذ مثل ذلك و لا تزد عليه» (1).
و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لاحتمال أن يكون ما أخذه ظلما،فكان الأولى:
التحرّي عنه؛دفعا للشبهة المحتملة.
كان الأولى له ذلك؛لما فيه من التنزّه،هذا إذا لم يكن حراما بعينه،أمّا إذا كان حراما بعينه،فلا يحلّ له أخذه بمعاوضة و غيرها،فإن قبضه،أعاده على المالك،فإن جهله أو تعذّر الوصول إليه،تصدّق بها (2)عنه،و لا يجوز له إعادتها على غير مالكها مع الإمكان،و إن لم يعلمه حراما و لا حلالا،كان الأصل الحلّ فيجوز له أخذه و المعاملة عليه؛عملا بالأصل و إن كان مكروها،و كذا كلّ مال محتمل للحظر و الإباحة،كمال المرابي و غيره من نظائره.
إذا ثبت هذا:فإن علمه حراما،كان حراما،و لا يقبل قول المشتري عليه في الحكم؛لأنّ البائع معتضد بالظاهر،و هو أنّ الأصل أنّ ما في يد الإنسان له.و أمّا إذا علم أنّ في مال السلطان الظالم أو المرابي حراما و حلالا و لم يتميّز له،فإنّه تكره له معاملته و قبول صلته؛لما فيه من الشبهة،سواء قلّ الحرام أو كثر،و بقدر قلّة الحرام و كثرته تقلّ الشبهة و تكثر.
و يعضده
ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الحلال بيّن،
ص:465
و الحرام بيّن،و بينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس،فمن اتّقى الشبهات استبرأ لدينه و عرضه و من وقع في الشبهات وقع في الحرام،كالراعي حول الحمى يوشك أن يرتع[فيه] (1)ألا[و] 2إنّ لكلّ ملك حمى،و حمى اللّه محارمه» (2).
و روى الجمهور عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (3)و هذا مذهب الشافعيّ أيضا (4).
و إنّما قلنا:إنّه مباح؛عملا بالأصل،
و بما رواه الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كلّ شيء يكون منه حرام و حلال فهو[لك] (5)حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (6).
و عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته يقول:«كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك،و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة،أو المملوك عندك و لعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر،أو امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك،و الأشياء كلّها
ص:466
على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» (1).
إذا عرفت هذا:فالمشكوك فيه على ثلاثة أضرب:
أحدها:ما أصله الحظر،و هو كالذبيحة في بلد الكفّار،فلا يجوز شراؤها و إن أمكن أن يكون ذابحها مسلما ما لم توجد في يد مسلم و يخبر بأنّها ذباحته؛لأنّ الأصل:التحريم و عدم التذكية،و لا يزول إلاّ بيقين أو ظاهر،و سواء كان أهل البلد كفّارا محضا أو فيهم مسلمون.و الأصل فيه:
ما روى عديّ بن حاتم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا أرسلت كلبك فخالط أكلبا لم يسمّ عليها،فلا تأكل، فإنّك لا تدري أيّها قتله» (2).
أمّا إذا كان في بلد الإسلام،فالظاهر:إباحتها؛لأنّ المسلمين لا يبيعون (3)إلاّ ما هو سائغ عندهم ظاهرا.
الثاني:ما أصله الإباحة،كالماء المتغيّر إذا لم يعلم تغيّره هل استند إلى نجاسة أو غيرها فهو طاهر في الحكم؛لأنّ الأصل:الطهارة،فلا تزول عنها إلاّ بيقين أو ظاهر (4).و الأصل فيه:ما روى عبد اللّه بن زيد،قال:شكي إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجل يخيّل إليه في الصلاة أنّه يجد الشيء،قال:«لا ينصرف حتّى يسمع
ص:467
صوتا أو يجد ريحا» (1).
الثالث:ما لا يعرف له أصل،كرجل في يده حرام و حلال و لا يعلم أحدهما بعينه،فهذا هو الشبهة التي الأولى تركها؛
لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه وجد تمرة ساقطة،فقال:«لو لا أنّي أخشى أنّها من الصدقة لأكلتها» (2)و هذا من باب الورع.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حديد (3)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اتّقوا اللّه و صونوا أنفسكم بالورع و قوّوه بالتقيّة و الاستغناء باللّه عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان،و اعلم أنّه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه؛طلبا لما في يده أخمله اللّه و مقّته عليه و وكله إليه،فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء نزع اللّه البركة منه،و لم يأجره على شيء ينفقه في حجّ و لا عتق و لا برّ» (4).
ص:468
قد ذكرنا أنّه لا يجوز له أخذ ما يعلمه حراما،
فإن اضطرّ إلى أخذه و خاف من ردّ جوائزهم و صلاتهم التي يعلمها ظلما بأعيانها،جاز له قبولها؛دفعا للضرورة و يجب عليه ردّها على أربابها إن عرفهم،فإن لم يعرفهم،عرّف ذلك المال و اجتهد في طلبهم،قاله ابن إدريس.
قال:و قد روى أصحابنا أنّه يتصدّق به عنهم،و يكون ضامنا إذا لم يرضوا بما فعل،و الاحتياط حفظه و الوصيّة به،و قد روي أنّه يكون بمنزلة اللقطة،قال:و هذا بعيد من الصواب؛لأنّ إلحاقه باللقطة يحتاج إلى دليل (2).
و ليس هذا الوجه عندي بعيدا من الصواب؛إذ قهره على أخذه،يبيح له الأخذ، كاللقطة،و عدم عرفانه المالك يصيّره بمنزلة اللقطة التي لا يعرف لها مالك فيعرّفها، فإن عرف المالك و إلاّ تخيّر بين التملّك و الصدقة مع الضمان على إشكال،و إن كان الأقوى فيه الصدقة.
الإبل و البقر و الغنم،
و ما يأخذه عن حقّ الأرض من الخراج،و ما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلاّت و إن كان غير مستحقّ لأخذ شيء من ذلك،إلاّ أن يتعيّن له شيء منه بانفراده أنّه غصب،فلا يجوز له أن يبتاعه.
و كذا يجوز له أن يبتاع من الجائر ما يأخذه من الغلاّت على اختلافها و إن كان يعلم أنّهم يغصبون أموال الناس و يأخذون ما لا يستحقّون،إلاّ أن يعلم و يتعيّن له شيء منه بانفراده أنّه غصب،فلا يجوز له أن يبتاعه منهم،و يسوغ له مع عدم العلم بذلك؛لشدّة الحاجة إلى الغلاّت و وقوع الضرورة إليها،و عدم إمكان الانفكاك من
ص:469
ابتياعها،مع أنّ أصلها مع السلطان الجائر،و هو المتولّي لأخذ الارتفاع و إحراز الغلاّت و تحصيل المزارع (1)،و لو (2)لم يكن مباحا،لزم عدم الانفكاك من الحرام لشخص (3)من الأشخاص في وقت من الأوقات.
و يدلّ على ذلك
ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن جميل بن صالح،قال:
أرادوا بيع تمر عين أبي زياد (4)،فأردت أن أشتريه،ثمّ قلت:حتّى أستأذن أبا عبد اللّه عليه السلام،فأمرت مصادفا فسأله،فقال:«قل له:يشتريه،فإن لم يشتره اشتراه غيره» (5).
و عن إسحاق بن عمّار،قال:سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم، قال:«يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا» (6).
و في الصحيح عن هشام بن سالم،عن أبي عبيدة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان (7)من إبل الصدقة و غنمها و هو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم،قال:فقال:«ما الإبل و الغنم
ص:470
إلاّ مثل الحنطة و الشعير و غير ذلك لا بأس به حتّى تعرف الحرام بعينه»قيل له:
فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا فنقول:بعناها فيبيعناها،فما ترى (1)في شرائها منه؟قال:«إن كان أخذها و عزلها،فلا بأس»قيل له:فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا (2)و يأخذ حظّه (3)فيعزله بكيل، فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟فقال:«إن كان قبضه بكيل و أنتم حضور [ذلك] (4)فلا بأس بشرائه منه بغير كيل» (5).
إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلاّت باسم المقاسمة،أو الأموال باسم الخراج عن حقّ الأرض،و من الأنعام باسم الزكاة،و قبول هبته،و لا يجب إعادته على أربابه و إن عرف بعينه؛دفعا للضرورة.
عوضه،
جاز له ذلك،و روي أنّ تركه أفضل (7)،فإن كان الظالم قد أودعه وديعة، ففي جواز الأخذ من الوديعة بقدر ماله قولان لعلمائنا:
أحدهما:المنع؛لما رواه سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثمّ حلف ثمّ وقع له عندي مال فآخذه لمكان مالي الذي أخذه و جحده و أحلف عليه كما صنع؟قال:«إن خانك فلا تخنه،
ص:471
و لا تدخل فيما عبته عليه» (1).
و في الصحيح عن ابن أخي الفضيل بن يسار (2)،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام،و دخلت امرأة و كنت أقرب القوم إليها،فقالت لي:اسأله،فقلت:
عمّا ذا؟فقالت:إنّ ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فأتلفه،ثمّ أفاد مالا فأودعنيه،فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شيء؟فأخبرته بذلك،فقال:«لا،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أدّ الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك» (3).
و الثاني:الجواز؛
لما رواه الشيخ عن داود بن زربيّ (4)،قال:قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام:إنّي أخالط السلطان،فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابّة الفارهة فيأخذونها،ثمّ يقع لهم عندي المال،فلي أن آخذه؟فقال:«خذ مثل ذلك و لا تزد عليه» (5).
و عن جميل بن درّاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده،فيظفر من ماله بقدر الذي جحده،أ يأخذه و إن لم يعلم
ص:472
الجاحد بذلك؟قال:«نعم» (1).
و عن أبي بكر الحضرميّ،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل لي عليه دراهم فجحدني و حلف عليها،أ يجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقّي؟قال:فقال:«نعم و لهذا كلام»قلت:و ما هو؟قال:«تقول:اللّهمّ إنّي لم آخذه ظلما و لا خيانة،و إنّما أخذته مكان مالي الذي أخذ منّي لم أزد شيئا عليه» (2).
و عن أبي العبّاس البقباق أنّ شهابا ماراه (3)في رجل ذهب له ألف درهم و استودعه بعد ذلك ألف درهم،قال أبو العبّاس:فقلت له:خذها مكان الألف الذي أخذ منك،فأبى شهاب،قال:فدخل شهاب على أبي عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك،فقال:«أمّا أنا فأحبّ إليّ أن تأخذ و تحلف» (4).
و عن عليّ بن مهزيار،قال:أخبرني إسحاق بن إبراهيم (5)أنّ موسى بن
ص:473
عبد الملك (1)كتب إلى أبي جعفر عليه السلام،فسأله عن رجل دفع إليه مالا ليصرفه في بعض وجوه البرّ،فلم يمكنه صرف ذلك المال في الوجه الذي أمره،و قد كان له عليه مال بقدر هذا المال،فسأل هل يجوز لي أن أقبض مالي،أو أردّه عليه و أقبضه (2)؟فكتب:«اقبض مالك ممّا في يديك 3» 4.
و عن عليّ بن سليمان 5،قال:كتب إليه:رجل غصب رجلا مالا أو جارية،ثمّ وقع عنده مال بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه،أ يحلّ له حبسه عليه أم
ص:474
لا؟فكتب (1):«نعم،يحلّ له ذلك إن كان بقدر حقّه،و إن كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه و يسلّم الباقي إليه إن شاء اللّه» (2).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و لا تنافي بين هذه الأحاديث؛لأنّ لكلّ منها وجها، فالذي أقوله:إنّ من كان له على رجل مال،فأنكره فاستحلفه على ذلك فحلف، فلا يجوز له أن يأخذ من ماله شيئا على حال؛
لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من حلف فليصدق،و من حلف له[باللّه] (3)فليرض،و من لم يرض، فليس من اللّه في شيء».
و أمّا إذا أنكر المال و لم يستحلفه عليه،ثمّ وقع له عنده مال،جاز له أن يأخذ منه بقدر ماله،بعد أن يقول الكلمات التي ذكرناها،و متى كان له مال فجحده،ثمّ استودعه الجاحد مالا،كره له أن يأخذ منه؛لأنّ هذا يجري مجرى الخيانة و لا يجوز له الخيانة على حال (4).
و الذي قال الشيخ-رحمه اللّه-حسن،و أنّ الجواز أولى،و أنّ الكراهية ثابتة في الوديعة،و أنّ المنع مع الاستحلاف.
فإن عرف أنّه له،أو لم يعرف أنّه لغيره،فإنّه يجب عليه ردّه عليه مع المطالبة؛لأنّ الأصل:أنّ ما في يد الإنسان ملكه.
قال الصادق عليه السلام:«ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر،و برّ
ص:475
الوالدين برّين كانا أو فاجرين،و وفاء العهد للبرّ و الفاجر» (1).
و في الصحيح عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،قال:استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما أصنع بالدنانير،فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له و قلت:أنت أحقّ بها،فقال:«لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة،نؤدّي أمانتهم،و نردّ ضالّتهم،و نقيم الشهادة لهم و عليهم،فإذا تفرّقت الأهواء لم يسع أحد (2)المقام» (3).
و عن عمر بن أبي حفص (4)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:«اتّقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم،فلو أنّ قاتل عليّ عليه السلام ائتمنني على أداء الأمانة لأدّيتها إليه» (5).
و أمّا إن عرف أنّها لغيره،فإنّه لا يجوز له ردّها على الظالم؛لأنّها ليست ملكه، و يجب عليه ردّها على صاحبها إن عرفه و أمن الضرر،فإن ردّها على الغاصب
ص:476
و الحال ما ذكرناه،وجب عليه الضمان؛لتفريطه بأداء مال الغير إلى غير مستحقّه.
و إن لم يعرف صاحبها بعينه،تركها عنده إلى أن يعرفه و يستعمل فيها ما ذكرناه أوّلا،و لا يردّها على الظالم مع التمكّن،فإن خاف على نفسه من منع الظالم منها فى الحالين،جاز له دفعها إليه؛دفعا للضرر.
لو كانت مختلطة بمال الغاصب،فإن تميّزت،له منعه منها خاصّة و سلّم إليه ماله،و إن لم تتميّز،وجب دفع الجميع إلى الغاصب؛لأنّه لا أولويّة لمنع (1)الظالم عن الوديعة رعاية لصاحبها على منعه عن ماله رعاية للغاصب.
ص:477
فيما يجوز للرجل أن يأخذ من مال والده و بالعكس
و ما يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها
سواء قلّ أو كثر،لا مختارا و لا مضطرّا،فإن اضطرّ ضرورة يخاف معها التلف،جاز له أن يأخذ من ماله ما يمسك به رمقه،كما يتناول من الميتة،هذا إذا كان الوالد ينفق (1)على الولد بقدر كفايته و يقوم (2)بواجب حقّه؛لأنّ الوالد يجب عليه نفقة الولد مع يسار الوالد و إعسار الولد،سواء كان بالغا أو غير بالغ على ما يأتي؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير و عدم جواز التصرّف فيه بغير إذن المالك،قال اللّه تعالى:
وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (3).
و روى الشيخ عن عليّ بن جعفر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:
«و لا يصلح أن يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذن والده» (4).
و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«في كتاب
ص:478
عليّ عليه السلام:لا يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه» (1).
هذا مع عدم الحاجة،إمّا بإيسار الولد أو بإنفاق الوالد،أمّا إذا لم ينفق عليه،فإنّه يجبر على ذلك؛لأنّ الأب يجبر على نفقة الولد المعسر على ما يأتي،فيرفع الولد خبره إلى الحاكم ليجبر الأب على ذلك،فإن لم يكن حاكم،جاز للولد أن يأخذ من مال والده قدر كفايته على الاقتصاد (2)بالمعروف؛لأنّه يجب على الوالد بذل هذا القدر إلى الولد،فإذا امتنع منه،جاز للولد أخذه،كما قلناه في الدين (3)إن (4)امتنع من عليه الدين،جاز له الأخذ من ماله بقدر دينه.
و لا مع إنفاق الولد عليه بالمعروف؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير.
و روى الشيخ عن عليّ بن جعفر،عن أبي إبراهيم عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يأكل من مال ولده؟قال:«لا،إلاّ أن يضطرّ إليه فيأكل منه بالمعروف» (5).
و في الصحيح عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه،قال:«يأكل منه ما شاء من غير سرف» (6).
و هذا يدلّ على جواز التناول مع الحاجة.
ص:479
و يدلّ عليه أيضا:
ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه،قال:
«يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها» (1).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذه الأخبار دلّت على جواز تناول الأب من مال الولد مع الحاجة،فأمّا مع عدم الحاجة،فلا يجوز له التعرّض له،و متى كان محتاجا و قام الولد به و بما يحتاج إليه،فليس له أن يأخذ من ماله شيئا،و ما ورد في الأخبار من الأحاديث الدالّة على الإطلاق للتناول،فإنّه يحمل على هذا التقييد (2)،كما
في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحبّ أن يأخذ منه،قال:«فليأخذ،و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ منه شيئا إلاّ قرضا على نفسها» (3).
قال-رحمه اللّه-:و يدلّ على التقييد أيضا:
ما رواه الحسين بن أبي العلاء،قال:
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:ما يحلّ للرجل من مال ولده؟قال:«قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه»قال:فقلت له:فقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للرجل الذي أتاه فقدّم أباه،فقال:«أنت و مالك لأبيك»؟فقال:«إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:يا رسول اللّه،هذا أبي قد ظلمني ميراثي من أمّي،فأخبره الأب أنّه قد أنفقه عليه و على نفسه،فقال:أنت و مالك لأبيك،و لم يكن عند الرجل شيء، أ فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحبس الأب للابن؟!» (4).
ص:480
و عن محمّد بن سنان،قال:سألته-يعني أبا عبد اللّه عليه السلام-ما ذا يحلّ للوالد من مال ولده؟قال:«أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئا،فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب،فليس له أن يطأها إلاّ أن يقوّمها قيمة يصير لولده قيمتها عليه»ثمّ قال:«و يعلن ذلك» (1).
جاز له أن يأخذ منه ما يحجّ به حجّة الإسلام،فأمّا حجّة التطوّع،فلا يجوز له أن يأخذ نفقتها من ماله إلاّ بإذنه (2).
و عوّل في ذلك على
ما رواه سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أ يحجّ الرجل من مال ابنه و هو صغير؟قال:«نعم»قلت:يحجّ حجّة الإسلام و ينفق منه؟قال:«نعم بالمعروف»ثمّ قال:«نعم،يحجّ منه و ينفق منه، إنّ مال الولد للوالد،و ليس للولد أن ينفق من مال والده إلاّ بإذنه» (3).
و منع ابن إدريس من ذلك (4).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:ما يتضمّن هذا الخبر من أنّ للوالد أن ينفق من مال ولده،محمول على ما قلناه من الحاجة الداعية إليه،و امتناع الولد من القيام به على ما دلّت عليه الأخبار المتقدّمة،و ما يتضمّن من أنّ له أن يأخذ ما يحجّ به حجّة الإسلام،محمول على أنّ له أن يأخذ على وجه القرض على نفسه إذا كان قد وجب عليه الحجّ،فأمّا من لم يجب عليه،فلا يلزمه أن يأخذ من مال ولده و يحجّ
ص:481
به،و إنّما الحجّ عليه بشرط وجود (1)المال على ما بيّنّاه (2).
و منع ابن إدريس من جواز القرض أيضا؛لأنّه لا يجب عليه الاستدانة ليحجّ بها،إلاّ أنّه لو حجّ لكانت الحجّة مجزئة عمّا وجب و استقرّ في ذمّته،غير أنّه ما ورد عن أصحابنا إلاّ أنّ للوالد أن يشتري من مال ابنه الصغير من نفسه بالقيمة العدل،و لم يرد بأنّ له أن يستقرض المال (3).
و قول ابن إدريس معتضد بالأصل،إلاّ أنّ جواز الاقتراض قريب؛
لقوله عليه السلام:«أنت و مالك لأبيك» (4).
قال الشيخ -رحمه اللّه-:يجوز للوالد أن يقوّم جارية ولده على نفسه قيمة عادلة،و يضمن قيمتها في ذمّته و يطأها بعد ذلك إذا لم يكن الابن قد وطئها و لا مسّها بشهوة (5).
و أطلق القول في ذلك:و قيّده في كتاب الاستبصار بالولد الصغير،فجوّز للوالد تقويم جارية الولد الصغير،دون الكبير (6).و هو الذي اختاره ابن إدريس (7).
و الشيخ-رحمه اللّه-عوّل في الإطلاق على
ما رواه محمّد بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إن كان للوالد جارية للولد فيها نصيب،فليس له أن يطأها إلاّ أن يقوّمها قيمة يصير لولده قيمتها عليه»ثمّ قال:«و يعلن ذلك»قال:و سألته
ص:482
عن الوالد أ يرزأ (1)من مال ولده شيئا؟قال:«نعم،و لا يرزأ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه،فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية فأحبّ أن يقبضها (2)فليقوّمها على نفسه قيمة ثمّ يصنع بها ما شاء،إن شاء وطئ و إن شاء باع» (3).
و عن إسحاق بن عمّار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«فإن كان له جارية فأراد أن ينكحها قوّمها على نفسه و يعلن ذلك»قال:«و إذا كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسّها الابن» (4).
و عوّل في التقييد على أنّ الأصل:عصمة مال الغير،و عدم جواز تصرّف الغير فيه إلاّ بإذن مالكه،أمّا الطفل الصغير فإنّه يجوز للوالد التقويم عليه؛لأنّه الوليّ عليه و هو القيّم بأمره،فجاز له الاقتراض من ماله و التقويم.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:ما تضمّنته الروايات المطلقة،فإنّها محمولة على أنّه إذا كان الولد صغيرا؛لأنّه الناظر في أمره،فكان بمنزلة الوكيل على ما دلّت عليه رواية ابن سنان،و أمّا رواية إسحاق بن عمّار من أنّه الأحقّ بالجارية ما لم يمسّها الابن، فإنّها تحتمل شيئين:
أحدهما:ما لم يمسّها و إن كان الابن صغيرا مولّى عليه؛لأنّه إن مسّها الابن و هو غير بالغ،حرمت على الأب.
و الآخر:أنّها تحمل على البالغ،و معنى أنّه أملك بها:أنّه الأولى و الأفضل
ص:483
للولد أن يصير إلى ما يريد والده و إن لم يكن ذلك واجبا و لا سببا لتملّك الجارية.
قال:
و ما رواه الحسن بن محبوب،قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام:إنّي كنت وهبت ابنة (1)جارية حيث زوّجتها،فلم تزل عندها و في بيت زوجها حتّى مات زوجها،فرجعت إليّ هي و الجارية،أ فيحلّ لي أن أطأ الجارية؟ قال:«قوّمها قيمة عدل (2)و لتشهد على ذلك،ثمّ إن شئت فطأها» فمحمول على أنّه يقوّمها برضاها؛لأنّ البنت لا تجري مجرى الابن في أنّه تحرم الجارية على الأب في بعض الأوقات إذا وطئها أو نظر منها[إلى] (3)ما لا يحلّ لغير المالك النظر إليه؛ لأنّه مفقود في البنت (4).
و كذا ينبغي أن تحمل الرواية-الصحيحة-
عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام:«و له أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها» (5).
أجبروا على الإنفاق عليه-على ما يأتي-سواء كان الولد واحدا أو أكثر بالسويّة،فإن كان أحدهم معسرا،سقط الإنفاق عنه،و وجبت نفقته على الموسر منهم.
إذا ثبت هذا:فإن امتنعوا من الإنفاق و تعذّر الإجبار،بأن لا يكون هناك حاكم
ص:484
يجبرهم على ذلك،جاز له أن يأخذ من مالهم قدر كفايته بالمعروف و قد بيّنّاه (1)، و إذا قاموا به،لم يجز له أن يتعرّض لشيء (2)من أموالهم إلاّ بإذنهم،سواء أخذه قرضا أو غير قرض؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير و تحريمه بغير رضاه.
و إن كانوا صغارا و كانوا موسرين،أنفق الحاكم من مالهم عليه،أو أخذ هو منه قدر كفايته مع الحاجة و الإعسار،و إن كان موسرا،لم يجز له أن ينفق من مالهم شيئا إلاّ على سبيل القرض،و له أن يقترض مال ولده الصغير؛لأنّه الوليّ عليه.
و منع ابن إدريس من ذلك (3).
لم يجز لها أن تأخذ منه شيئا على حال إلاّ بإذنه إن كان بالغا،و إلاّ فلا،و كذا الولد ليس له أن يأخذ من مالها شيئا إلاّ بإذنها.
فإن كانت معسرة تحتاج إلى النفقة و ليس لها ما تمون به نفسها و للولد مال، أجبر على الإنفاق عليها إن كان بالغا،و أنفق الحاكم من مال الولد إن كان صغيرا على ما يأتي.
إذا ثبت هذا:فهل يجوز لها الاقتراض من ماله؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:
نعم (4)،و منع ابن إدريس من ذلك (5)،و الأقوى قول الشيخ رحمه اللّه.
لنا:أنّها أحد الأبوين،فجاز لها الاقتراض من مال ولدها،كالآخر.و لأنّها أحد العمودين اللذين يجب عليهما الإنفاق،فجاز لها الاقتراض،كالآخر.
و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام
ص:485
قال:سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه،قال:«يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها» (1).
و عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحبّ أن يأخذ منه،قال:«فليأخذ و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ منه شيئا إلاّ قرضا على نفسها» (2).
احتجّ ابن إدريس:بالأصل (3).
و الجواب:أنّه إنّما يصار إليه مع عدم الدليل،و نحن قد دلّلنا على جوازه.
إلاّ المأدوم إجماعا؛لأنّ الأصل عصمة مال الغير،
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه» (4).
و قال عليه السلام:«إنّ اللّه حرّم بينكم دماءكم و أموالكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا،في بلدكم هذا» (5).
ص:486
أمّا المأدوم،فإنّه يجوز لها أن تأخذ منه الشيء اليسير،و تتصدّق به ما لم يؤدّ إلى الإضرار بالزوج،أو لم يمنعها بصريح القول،و هو قول علمائنا،و عن أحمد روايتان:إحداهما:المنع (1).
لنا:
ما رواه الجمهور عن عائشة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة،كان لها أجرها،و له مثله بما كسب،و لها بما أنفقت،و للخازن مثل ذلك من غير أن ينقص من أجورهم شيء» (2).و لم يذكر إذنا.
و عن أسماء (3)أنّها جاءت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:يا رسول اللّه ليس لي شيء إلاّ ما أدخل عليّ الزبير،فهل عليّ جناح أن أرضخ ممّا يدخل عليّ؟ قال:«ارضخي ما استطعت و لا توعي (4)فيوعى عليك» (5).
ص:487
و أتت امرأة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:يا رسول اللّه إنّا كلّ (1)على أزواجنا و آبائنا فما يحلّ لنا من أموالهم؟فقال:«الرطب تأكلنه و تهدينه» 2.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن بكير،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟قال:
«المأدوم» 3.
و لأنّ العادة قاضية بالسماح بذلك و الرضا ببذله،و طيب النفس عنه،فجرى مجرى صريح الإذن،كما لو قدّم طعامه للأكل،فإنّه يقوم مقام الإذن في تناوله.
احتجّ أحمد:
بما رواه أبو أمامة الباهليّ،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«لا تنفق المرأة[شيئا] 4من بيتها إلاّ بإذن زوجها»قيل:يا رسول اللّه و لا الطعام؟قال:«ذاك أفضل أموالنا 5» 6.
و لأنّ الأصل عصمة مال الغير.
ص:488
و الجواب عن الأوّل:بضعف الرواية مع معارضتها بما (1)تقدّم من الأحاديث (2).
و عن الثاني:أنّ الأصل يصار إليه مع عدم الدليل على خلافه،أمّا مع وجوده فلا.
كجاريته أو ابنته أو أخته، أو أمّه أو غلامه المتصرّف في بيت سيّده،قال بعض الجمهور:يكون حكمه حكم الزوجة؛لوجود المعنى فيه (3).
و الوجه عندي:المنع من ذلك؛عملا بالأصل السالم عن معارضة النصّ، و القياس ضعيف.
بشيء من ماله،
و كذا المتصرّفة فيه إذا منعها من الصدقة؛لأنّ صريح الإذن أقوى دلالة من العادة و شاهد الحال.
و هو محمول على المنع ممّا يضرّ به،أو يحمل التحليل على ما يعمّ اللفظ و شاهد الحال.
عملا بالأصل الدالّ على عصمة مال الغير.
إذا ثبت هذا:فإذا أباحته حلّ له بحسب ما أباحته،و إن وهبته شيئا،كان حلالا له طلقا.
روى الشيخ عن سعيد بن يسار،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:جعلت فداك امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به،و قالت له حين دفعت إليه:
أنفق منه،فإن حدث بك حادث فما أنفقت منه لك حلال طيّب،و إن حدث بي حدث،فما أنفقت منه لك حلال،فقال:«أعد عليّ يا سعيد»فلمّا ذهبت أعيد عليه [المسألة] (1)،عرض فيها صاحبها و كان معي،فأعاد عليه مثل ذلك،فلمّا فرغ،أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة و قال:«يا هذا إن كنت تعلم أنّها قد أوصت بذلك إليك فيما بينك و بينها و بين اللّه تعالى فحلال طيّب»ثلاث مرّات ثمّ قال:«يقول اللّه تعالى في كتابه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (2)» (3).
إذا عرفت هذا:فإذا دفعت إليه مالا ليتّجر به،كره له أن يشتري بذلك المال جارية يطأها؛لأنّه يرجع بالغمّ عليها.
روى الشيخ-في الصحيح-عن ابن أبي عمير،عن هشام و غيره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له:اعمل به و اصنع به ما شئت،أله أن يشتري الجارية يطأها؟قال:«لا،ليس له ذلك» (1).
و عن حفص بن البختريّ،عن الحسين بن المنذر (2)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:دفعت إليّ امرأتي مالا أعمل به،فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال:فقال:«لا،أرادت أن تقرّ عينك و تسخن عينها؟» (3).
إذا عرفت هذا:فلو أذنت في شراء الجارية للوطي زالت الكراهية قطعا.
ص:491
ص:492
و هي تشتمل على فصول
ينبغي ترك الحرص الكثير،
و أن يسعى الإنسان في طلب رزقه بقدر الحاجة؛ لما في ذلك من الاشتغال عن اللّه تعالى.
روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع:ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي (1)أنّه لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها،فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و أجملوا (2)في الطلب،[و] (3)لا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية اللّه تعالى،فإنّ اللّه تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا، و لم يقسمها حراما،فمن اتّقى اللّه عزّ و جلّ و صبر،أتاه برزقه من حلّه،و من هتك حجاب الستر و عجّل فأخذه من غير حلّه،قصّ (4)من رزقه الحلال،و حوسب عليه يوم القيامة» (5).
و عن ابن فضّال،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«ليكن طلبك
ص:493
المعيشة فوق كسب المضيّع،و دون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئنّ إليها، و لكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة النصف (1)المصنف (2)،ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف،و تكسب ما لا بدّ للمؤمن منه،إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا، لا مال لهم» (3).
و عن ابن جمهور (4)،عن أبيه رفعه،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان
ص:494
أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما يقول:اعلموا علما يقينا أنّ اللّه تعالى لم يجعل للعبد-و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته و كثرت مكابدته (1)-أن يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم،فلم يحل بين العبد في ضعفه و قلّة حيلته أن يبلغ ما سمّي له في الذكر الحكيم،أيّها الناس إنّه لن يزداد امرؤ نقيرا (2)بحذقه،و لن ينقص امرؤ نقيرا بحذقه (3)،فالعالم بهذا العامل (4)به أعظم الناس راحة في منفعة،و العالم بهذا التارك له،أعظم الناس شغلا في مضرّة،و ربّ منعم عليه مستدرج بالإحسان إليه،و ربّ معذور في الناس مصنوع له،فارفق (5)أيّها الساعي من سعيك،و اقصر من عجلتك، و انتبه من سنة غفلتك،و تفكّر فيما جاء عن اللّه عزّ و جلّ على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله،و احتفظ بهذه الحروف السبعة،فإنّها من قول أهل الحجى و من عزائم اللّه في الذكر الحكيم،إنّه ليس لأحد أن يلقى اللّه عزّ و جلّ بخلّة من هذه الخلال:الشرك باللّه فيما افترض عليه،أو شفاء غيظه بهلاك نفسه،أو أمر بأمر (6)يعمل بغيره،أو استنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه،أو سرّه أن يحمده الناس بما يفعل، و المتجبّر المختال،و صاحب الأبّهة (7)» (8).
ص:495
روى الشيخ عن عبد اللّه بن سليمان،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:
«إنّ اللّه تعالى وسّع أرزاق الحمقى؛لتعتبر العقلاء و يعلموا أنّ الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة» (1).
و عن أبي حمزة الثماليّ،قال:ذكر عند عليّ[بن الحسين] (2)عليه السلام غلاء السعر،فقال:«و ما عليّ من غلائه،إن غلا فهو عليه،و إن رخص فهو عليه» (3).
قد بيّنّا استحباب الطلب و السعي
(4)،و قد يجب مع الحاجة إليه،و لا ينبغي ترك التجارة.
روى الشيخ عن عمر بن يزيد قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل قال:
لأقعدنّ في بيتي و لأصلّينّ و لأصومنّ و لأعبدنّ ربّي عزّ و جلّ،فأمّا رزقي فسيأتيني،قال (5)أبو عبد اللّه عليه السلام:«هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم» (6).
و عن أيّوب،أخي أديم،بيّاع الهرويّ،قال:كنّا جلوسا عند أبي عبد اللّه
ص:496
عليه السلام إذ أقبل العلاء بن كامل (1)[فجلس] (2)قدّام أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال:أدع اللّه عزّ و جلّ أن يرزقني في دعة (3)،فقال:«لا أدعو لك أطلب كما أمرك اللّه تعالى» (4).
و عن معلّى بن خنيس (5)،عن أبيه،قال:سأل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل و أنا عنده،قيل:أصابته الحاجة قال:«فما يصنع اليوم؟»قيل:في البيت يعبد ربّه عزّ و جلّ،قال:«فمن أين قوته؟»قيل:من عند بعض إخوانه،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«و اللّه،الذي يقوته أشدّ عبادة منه» (6).
و عن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من طلب الدنيا استعفافا عن
ص:497
الناس،و سعيا على أهله،و تعطّفا على جاره،لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر» (1).
و عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:العبادة سبعون جزءا أفضلها:طلب الحلال» (2).
و عن هشام الصيدلانيّ (3)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم» (4).
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن عبد الأعلى مولى آل سام (5)،قال:استقبلت أبا عبد اللّه عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحرّ،فقلت:
جعلت فداك حالك عند اللّه عزّ و جلّ و قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنت تجهد نفسك في[مثل] (6)هذا اليوم!؟فقال:«يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك» (7).
و في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول:ما كنت أرى أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام
ص:498
يدع خلفا أفضل من عليّ بن الحسين (1)عليهم السلام حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ عليهما السلام،فأردت أن أعظه،فوعظني،فقالوا (2)له أصحابه:بأيّ شيء وعظك؟قال:خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام،و كان رجلا بادنا ثقيلا و هو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين،فقلت في نفسي:سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال (3)في طلب الدنيا!أما (4)لأعظنّه،فدنوت منه فسلّمت عليه فردّ عليّ بنهر (5)و هو يتصابّ عرقا،فقلت:أصلحك اللّه،شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال (6)في طلب الدنيا!!أ رأيت لو جاء أجلك و أنت على هذه الحال 7ما كنت تصنع؟فقال:«لو جاءني الموت و أنا في هذا الحال،جاءني و أنا في طاعة من طاعات اللّه عزّ و جلّ،أكفّ بها نفسي و عيالي عنك و عن الناس، و إنّي كنت أخاف أن لو جاءني الموت و أنا على معصية من معاصي اللّه عزّ و جلّ» فقلت:صدقت يرحمك اللّه،أردت أن أعظك فوعظتني (7).
ص:499
روى الشيخ-في الصحيح-عن أبي أسامة زيد الشحّام،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده» (1).
روى إسماعيل بن مسلم،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا تحريم الحلال،بل الزهد فيها أن لا تكون بما في يدك أوثق بما عند اللّه عزّ و جلّ» (2).
و هذا الحديث صحيح؛لأنّ اللّه تعالى (3)أنكر على من حرّم الحلال،فقال:
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (4).
و قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ (5)و ذلك ينافي الزهد.
و قد روى الشيخ-في الصحيح-عن عبد اللّه بن أبي يعفور،قال:قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّا (6)لنطلب الدنيا و نحبّ أن نؤتى بها،قال:فقال:«تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟»قال (7):أعود بها على نفسي و عيالي،و أصل منها و أتصدّق (8)و أحجّ و أعتمر،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«ليس هذا طلب الدنيا،هذا طلب
ص:500
الآخرة» (1).
روى الشيخ عن سليم (2)بن قيس الهلاليّ،قال:سمعت عليّا عليه السلام يقول:
«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:منهومان لا يشبعان:منهوم دنيا،و منهوم علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ اللّه له،سلم،و من تناولها من غير حلّها،هلك،إلاّ أن يتوب و يراجع،و من أخذ العلم من أهله و عمل به،نجا و من أراد به الدنيا فهي حظّه» (3).
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن ابن جمهور و غيره من أصحابنا،قال:كان النجاشيّ (4)-و هو رجل من الدهاقين-عاملا على الأهواز و فارس،فقال بعض
ص:501
أهل عمله لأبي عبد اللّه عليه السلام:إنّ في ديوان النجاشيّ عليّ خراجا،و هو ممّن يدين بطاعتك،فإن رأيت أن تكتب إليه كتابا،قال:فكتب إليه كتابا:«بسم اللّه الرحمن الرحيم سرّ أخاك يسرّك اللّه».فلمّا ورد عليه الكتاب و هو في مجلسه،فلمّا خلا،ناوله الكتاب و قال:هذا كتاب أبي عبد اللّه عليه السلام،فقبّله و وضعه على عينيه ثمّ قال:ما حاجتك؟فقال:عليّ خراج في ديوانك،فقال:كم هو؟قال:عليّ عشرة آلاف درهم،قال:فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه،ثمّ أخرج مثله فأمره أن يثبتها له لقابل،ثمّ قال له:هل سررتك؟قال:نعم،قال:فأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى فقال له:هل سررتك؟فقال:نعم،جعلت فداك،فأمر له بمركب،ثمّ أمر له بجارية و غلام و تخت 1ثياب في كلّ ذلك يقول:هل سررتك؟فكلّما قال:نعم، زاده حتّى فرغ،قال له:احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي فيه،و ارفع إليّ جميع حوائجك،قال:ففعل،و خرج الرجل فصار إلى أبي عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك فحدّثه بالحديث على جهته،فجعل يبشّ 2بما
ص:502
فعله،قال له الرجل:يا ابن رسول اللّه فإنّه (1)قد سرّك ما فعل بي؟قال:«إي و اللّه لقد سرّ اللّه و رسوله» (2).
و عن أحمد بن زكريّا الصيدلانيّ (3)،عن رجل من بني حنيفة من أهل بست (4)و سجستان (5)،قال:رافقت أبا جعفر[الجواد] (6)عليه السلام في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم (7)،فقلت له-و أنا معه على المائدة و هناك جماعة من أولياء السلطان-:إنّ والينا-جعلت فداك-رجل يتولاّكم أهل البيت و يحبّكم، و عليّ في ديوانه خراج،فإن رأيت-جعلني اللّه فداك-أن تكتب إليه بالإحسان إليّ،فقال:لا أعرفه،فقلت:جعلت فداك إنّه على ما قلت:من محبّيكم أهل البيت و كتابك ينفعني عنده،فأخذ القرطاس فكتب:«بسم اللّه الرحمن الرحيم،أمّا بعد فإنّ
ص:503
موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا،و إنّ ما لك من أعمالك إلاّ ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ يسألك عن مثاقيل الذرّ و الخردل».فلمّا وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد اللّه النيشابوريّ (1)و هو الوالي، فاستقبلني من المدينة على فرسخين،فدفعت إليه الكتاب،فقبّله و وضعه على عينيه،ثمّ قال لي:ما حاجتك؟فقلت:خراج عليّ في ديوانك،قال:فأمر بطرحه عنّي و قال:لا تؤدّ خراجا ما دام لي عمل،ثمّ سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي و لهم بما يقوتنا و فضلا،فما أدّيت في عمله خراجا ما دام حيّا و لا قطعني صلته حتّى مات (2).
تمّ الجزء السادس (3)من كتاب«منتهى المطلب في تحقيق المذهب»و يتلوه في الجزء السابع:المقصد الثاني في عقد البيع و شروطه،و الحمد للّه وحده،و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله (4).فرغت من تسويده حادي عشر جمادى الآخرة سنة ثمان و ثمانين و ستّمائة،و كتبه حسن بن يوسف بن المطهّر-مصنّف الكتاب- راجيا مغفرة اللّه،حامدا للّه على نعمائه،و الحمد للّه ربّ العالمين (5).
ص:504
فهرس الآيات الكريمة
فهرس الأدعية
فهرس الأحاديث
فهرس الأماكن
فهرس الطوائف و القبائل و الفرق
فهرس الكتب
فهرس الأسماء المقدّسة
فهرس الأعلام
فهرس الموضوعات
ص:505
ص:506
أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ (المائدة:42)462
أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ (البقرة:159)250
اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (آل عمران:173)263
اَلَّذِينَ كَفَرُوا (محمّد:4)28
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ (النّساء:60)247
اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (المائدة:45)29
إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ (الأحزاب:72)435
إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ (الأنعام:57،يوسف:40 و 67)207
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (التّوبة:103)173
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى (البقرة:159)250
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (النّساء:58)398
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الحجرات:9)169
إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (محمّد:7)255-256
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ (المائدة:90).351،376،377
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ (الشورى:42)236،242
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ (التوبة:28)99،102
ص:507
إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ (المائدة:91)376
أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ (القصص:27)436
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة:1)144،150
بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (التّوبة:1)118
تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (المائدة:2)362
حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (محمد:4)28
حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (الحجرات:9)28،169
حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (التّوبة:29).37،38،42،61،62،69،74،77، 81،84،125
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ (المائدة:3)349
خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف:199)235
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها (التّوبة:103)173
ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (المائدة:78)230
رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ (البقرة:201)273
ص:508
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (الإسراء:1)99
فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ (التوبة:11)27
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (التوبة:5)118،119
فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء:88)264
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (الرّوم:60)221
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ... وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (التوبة:5)27،26،120
فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (محمد:4)28
فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (الملك:15)273
فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (الحجرات:9)169،170
فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (المائدة:42)160،161
فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (النّساء:4)490
فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ (التوبة:4)115،150
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (الحجرات:9)177
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ (آل عمران:174)263
فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ (التوبة:2)118
فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (محمّد:4)28
فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (الحجرات:9)170،191
فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللّهُ مَعَكُمْ (محمّد:35)118
فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التّوبة:28)101
فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
ص:509
يَحْذَرُونَ (التّوبة:122)250
فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ (التّوبة:7)151
فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (البقرة:194)192
فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (غافر:45)263
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ (البقرة:79)166
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ (البقرة:102)387
قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ (التّوبة:29)15،27
قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ (الإسراء:110)299
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (الفلق:1-2)386
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ (الأنفال:38)74
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (الأعراف:32)499
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (الكهف:103)181
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (التّحريم:6)269
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (آل عمران:110)230
لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (الزّمر:65)222
لا تَخُونُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الأنفال:27)395
فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ (الممتحنة:10)134
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ (النّساء:114)231،314
ص:510
لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ (هود:43)302
لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (الأنعام:158)27
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ (المائدة:78)230،231
مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (التّوبة:29)31
وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا (الممتحنة:10)135،136
وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (البقرة:48)15
وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (الحديد:19)262
وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (الأنفال:58)88،153
وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما (لقمان:15)218
وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (الأنفال:61)115،122
وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (المائدة:42)162
وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ (النّساء:35)178
وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (التّوبة:28)99
وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما (الحجرات:9)28،169
وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (الأحزاب:72)435
وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (الأنفال:5)170
وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (البقرة:275)363
وَ أَقْسِطُوا (الحجرات:9)170
وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ (المائدة:49)161-162
ص:511
وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (المائدة:2)235
وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (الشّورى:40)192
وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (المائدة:5)40
وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ (البقرة:190)122
وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً (البقرة:83)28
وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ (المائدة:45)193
وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ (المائدة:43)160
وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (الأحزاب:53)178
وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ (البقرة:188)247
وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ (هود:85)307
وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (الأنعام:164)200
وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (النّساء:29)227
وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة:195)122،227
وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (الحجرات:12)382
وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (المنافقون:8)270
وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (الكهف:39)264
وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ (لقمان:6)373
وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً (الإسراء:33)194
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة:44)248
وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (آل عمران:85)21،146
وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطّلاق:2-3)278،284
وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (المائدة:51)22
وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ (النّساء:93)208
ص:512
وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ (البقرة:102)383
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* اَلَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ (المطفّفين:1-2)292،403
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ (الممتحنة:10)128
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (الحجرات:6)213
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التّوبة:28)101
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النّساء:59)454
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التّوبة:123)122
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً (التّحريم:6)269
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ (النّساء:29)395
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ (التّحريم:1)500
يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ (الأنفال:6)170
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ (المائدة:13)166
يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (المائدة:95)178
يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (الرّعد:21)301
يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (طه:66)386
يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (النّساء:60)247
يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ (البقرة:102)387
ص:513
اللّهمّ ارزقني أطولها حياة،و أكثرها منفعة و خيرها عافية 298
اللّهمّ ارزقني(و يدع أن ينتشر في الأرض و يلتمس من فضل اللّه)275
اللّهمّ إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها،و أعوذ بك من شرّها 296،297
اللّهمّ إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّبا،و أعوذ بك من أن أظلم أو 297
اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك 298
اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك 298
اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ 296
اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس و جنوده و شرّ فسقة العرب و العجم 296
اللّهمّ إنّي لم آخذه ظلما و لا خيانة و إنّما أخذته مكان مالي الذي 473
اللّهمّ بارك لأمّتي في بكورها 275
يا حيّ يا قيّوم...أسألك بعزّتك 298
ص:514
أتاه رجل،فقال:و اللّه يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك للّه 414
اتّخذوا الدابّة فإنّها زين و تقضى عليها الحوائج و رزقها على اللّه 259
أ تشارط؟قلت:و اللّه ما أدري أ تشارط أم لا؟375
اتّقوا اللّه و صونوا أنفسكم بالورع و قوّوه بالتقيّة و الاستغناء باللّه 468
اتّقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم 476
اتّقوا اللّه(كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا مرّ بجماعة...يقول)242
أتى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام فقال إنّي كسبت مالا 438
أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدينارين،فقال:يا رسول اللّه أريد أن أحمل بهما...264
أ جزعا أم وجعا يا عليّ؟قال:يا رسول اللّه ما وجعت وجعا أشدّ منه 249
اجعل ثوبا للصلاة(إنّا قوم نعمل السيوف)369
أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس 373
احتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حجمه مولى لبني بياضة و أعطاه 421
احذروا معاملة أصحاب العاهات،فإنّهم أظلم شيء 305
أحقّ ما أخذتم عليه أجرا،كتاب اللّه تعالى 429
احمل إليهم،فإنّ اللّه عزّ و جلّ يدفع به عدوّنا و عدوّكم،يعنى الروم 367
احملهما و اعلم أنّهما ليسا بأفضل ديناريك 265
ص:515
أخذ الجزية من العبد 53
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب 95
أخرجوا اليهود من الحجاز و أهل نجران من جزيرة العرب 95
أدّ الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك 472
ادعهم إلى الإسلام،فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية 62
ادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 37
ادعوهم إلى الإسلام 16
ادني منّي يا أمّ عطيّة،إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي...433
إذا أذن له الذي استأجره،فليس به بأس 444
إذا أردت أن تشتري شيئا،فقل:يا حيّ يا قيّوم يا دائم يا رءوف يا...298
إذا أردت أن تشتري،فقل:أشتري منك ورقه 392
إذا أرسلت كلبك فخالط أكلبا لم يسمّ عليها 467
إذا اشتريت متاعا فكبّر اللّه ثلاثا 298
إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلّه ثمّ حجّ فلبّى،نودي:لا لبّيك 401
إذا التقى المسلمان سيفهما على غير سنّة،القاتل و المقتول في النار 267
إذا بعت فأحسني و لا تغشّي فإنّه أتقى و أبقى للمال 316
إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابتدره بالضربة...257
إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا 233
إذا رزقت من شيء فالزمه 299
إذا عثرت الدابّة تحت الرجل فقال لها:تعست،تقول:تعس 260
إذا عدلته عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت:لا تسلّمه صيرفيّا 416
إذا فرغ فليغسل يده(إنّ رجلا من مواليك يعمل الحمائل بشعر الخنزير)353
إذا قال الرجل للرجل:هلمّ أحسن بيعك،يحرم عليه الربح 291
ص:516
إذا قال لك الرجل:اشتر لي،فلا تعطه من عندك،و إن كان الذي...292
إذا قدمت[الكوفة]فافتح باب حانوتك و افتح بساطك وضع ميزانك 283
إذا كان إكراما فلا بأس 424
إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه 336
إذا كنتم في أئمّة جور فاقضوا في أحكامهم و لا تشهروا...249
إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى خصال 16
إذا لم تسر تحتك كسيرها إلى مذودها 260
إذا مرّ بجماعة يختصمون،لا يجوزهم حتّى يقول ثلاثا:اتّقوا اللّه...242
إذا واجر نفسه بشيء معروف أخذ حقّه إن شاء اللّه 447
إذا ولّوكم يدخلون عليكم المرفق و ينفعونكم في حوائجكم 456
إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا فليتحوّل إلى غيرها 299
إذن يسقط رأيك و لا يستعان بك على شيء 282
أ رأيت إن جعلت لك ثلث تمر الأنصار أن ترجع من معك من غطفان 123
أربعة لا تجوز في أربعة:الخيانة،و الغلول،و السرقة،و الربا 395
أربع فراسخ(كم الغدوة و الروحة؟)331
أربع لأربع فواحدة للقتل و الهزيمة:حسبنا اللّه و نعم الوكيل 263
أربع من كنّ فيه كمل إيمانه و لو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب 399
ارضخي ما استطعت و لا توعي فيوعى عليك 487
أرنيه فأراه إيّاه فمحاه النّبيّ بإصبعه فرجع بعضهم و بقي منهم...177
أرى أن تتّقي اللّه عزّ و جلّ و لا تعود 381
ازرعوا و اغرسوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملا أحلّ...447
استثنى عليه السلام كلب الصيد 360
استسلموا نحكم عليكم(عليّ للخوارج)183
ص:517
الإسلام يعلو و لا يعلى عليه 108
إسلامه لا يسقط عنه الحدّ 88
أسلم أبا الحارث(و قال لأسقف نجران)88
اشتروا و إن كان غاليا،فإنّ الرزق ينزل مع الشراء 300
اشتروا ما ليس لهم 445
اشتر منه(أشتري من العامل الشيء و أنا أعلم أنّه يظلم)464
اشترى(النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)من يهوديّ طعاما و مات و درعه مرهونة عنده...462
اشتر و بع(في النصرانيّة،أشتريها و أبيعها من النصارى)449
اشخص يشخص لك الرزق 274
أشعرت أنّ اللّه أفتاني فيما استفتيته فيه أنّه أتاني ملكان 387
أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و اللّه أكبر 296
أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا...297
إصلاح المال من الإيمان 279
اضربوها على النفار و لا تضربوها على العثار 261
أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره 181
أطعمه رقيقك(كسب الحجّام)420،423
أعانت قريش لبني بكر بالكراع و السلاح فأباح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 158
أعد عليّ يا سعيد(امرأة دفعت لزوجها مالا من مالها)490
اعلم أنّه ما من رجل يغدو و يروح إلى مجلسه و سوقه 297
اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا 274
اغد إلى عزّك،يعني السوق 281
أ فتسبون أمّكم؟يعني عائشة،أم تستحلّون منها ما تستحلّون...202
افعلي فإذا مشطت فلا تجلي الوجه بالخرق،فإنّه يذهب بماء الوجه 437
ص:518
أفّ يدخلون فيما لا ينبغي لهم و لا يصنعون إلى إخوانهم خيرا 455
إقامة الحدود إلى من إليه الحكم(من يقيم الحدود السلطان)244
اقبض مالك ممّا في يديك 474
اقتله فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي 258
أقيدونا من عبد اللّه بن خبّاب 193
ألا سمّيته محمّدا فلا تضرب محمّدا 416
ألا لكلّ ملك حمى و حمى اللّه محارمه 466
ألا و من تطوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردّها 383
التي تدخل عليها الرجال حرام،(كسب المغنّيات)373
ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ 308
أ لك خادم؟قال:نعم،قال:فاذهب فأنفقهما على خادمك 265
أ لك زوجة؟قال:نعم،قال:فأنفقها على زوجتك فهو خير لك...265
أ لك والدان أو أحدهما؟قال:نعم،قال:اذهب فأنفقهما على...264-265
الإيمان باللّه(ما أفضل الإسلام؟قال)230
أ لم أنهك أن تستقرض ممّن لم يكن له،فكان 304
أ ليس قد أقررتم بأنّ لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم 144
أ ما تستطيع أن تستحلّه من صاحبه؟(سألته عن تراب الصوّاغين)402
أ ما تغشى سلطان هؤلاء؟...الآن سلم لك دينك 381
أ ما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة 417
أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم 308
أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ(ما ذا يحل للوالد)481
أمّا أنا فأحبّ إلى أن تأخذ و تحلف 473
امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به 490
ص:519
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان من خلق اللّه 231
أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها 26،171
أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نقاتلكم حتّى تعبدوا اللّه وحده أو تؤدّوا...15
أمر النّبي صلّى اللّه عليه و آله حذيفة بن اليمان أن يفي للمشركين بما أخذوا 144
أمرني جبرئيل عليه السّلام أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية...30
انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا...246
أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه و كتاب...23
أنا أفعله،يعني بذلك إحراز القوت 279
إنّا حين قدمنا بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا و أهل ملّتنا 78
إنّا غادون غدا فلا تبدءوهم بالسلام،و إن سلّموا عليكم...110
إنّا لا يصلح في ديننا الغدر،و قد علمت ما عاهدناهم عليه و لعلّ 130
إنّا نعمل القلانس نجعل فيها القطن العتيق...379
إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك،و إن انقضت...139
إن أمنت أن لا يتّهمك فأعطه من عندك،و إن خفت أن...292
إنّ ثقيفا سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يركعوا 145
إن خانك فلا تخنه و لا تدخل فيما عبته عليه 471،472
إن قلت لك تفعل؟461
إن كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئا فما أحبّ أن...450
إن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال...440
إن كان صوفا فلا بأس به(القرامل)379
إن كان الطعام كثيرا يسع الناس،فلا بأس به 342
إن كان قبضه بكيل و أنتم حضور ذلك،فلا بأس بشرائط منه...471
إن كانت العرب لتعاير به فلا بأس(أجر التيوس)422
ص:520
إن كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال الشيعة 458
إن لم يقاتل فلا بأس،أمّا أنا لو كنت لم أقاتل و تركته 261
إن نحن خالفنا...فقد حلّ لك منّا ما يحلّ لك من أهل المعاندة...79-80
إن ولّيت أخاك فحسن و إلاّ فبع بيع البصير المداقّ 290
أنت و مالك لأبيك 480 و 482
إنّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم 375
إنّ ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فأتلفه ثمّ أفاد 472
إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدّي...476
إنّ أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية و إنّما الجزية عطاء 111
إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار 380،381
إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر 239
إنّ امرأة مجوسيّة أسلمت قبل زوجها 139
إنّ الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر سبيل الأنبياء 236
إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض 236
إنّ أمّ عبد اللّه بنت الحسن أرادت أن تكتب مصحفا و اشترت 394،429
إنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة 132
إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده 499
إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قد سار في أهل العراق سيرة فهي إمام 111
إنّ تسعة أعشار الرزق في التجارة 281،282
إنّ الشهداء إذن لقليل 262
إنّ الجهاد باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه و سوّغهم كرامة منه لهم 254-255
إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة و أهل الإنجيل يتحاكمون إليه 161
إنّ الحسن و الحسين كانا يقبلان جوائز معاوية 463
ص:521
إنّ حيّا من العرب جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه 144
إنّ الخرقة تذهب بماء الوجه 433
إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة و لكن الحسنة تحطّ الخطيئة 440
إنّ ذمّيّا أسلم فطولب بالجزية 75
إنّ رجلا من الأنصار شكا إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله الشدّة و الجهد 311-312
إنّ رجلا منهم بايع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن يصلّي طرفي النهار 145
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:اركبوا و ارموا،و أن ترموا أحبّ إليّ 268
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الجزية من أهل الجزية على أن لا يأكلوا 85
إنّ رسول اللّه نهى عن ثمن الكلب و مهر البغي و حلوان الكاهن 356
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحكرة في الطعام 335
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب 44،48
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن القرد أن يشترى أو يباع 405
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الكشوف...و نهى أن ينزا حمار على عتيق 425
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن النجش 316
إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس 418
إنّ عليّا عليه السّلام كان يصلّي صلاة،فناداه رجل من الخوارج 221
أن عليّا عليه السّلام لمّا أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد اللّه بن عبّاس 176
إنّ عليّا عليه السّلام لما ظهر على البصرة،لم يطالب بشيء ممّا جبوه 209
إنّ عليّا عليه السّلام وظّف على الفقير دينارا 43
إنّ عمر بن الخطّاب بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على 69
إنّ في الإسلام معاذا،و كتب أن لا تؤخذ منه الجزية 75
إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ .أغلقوا الأبواب 284
إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم 494
ص:522
إنّ اللّه تبارك و تعالى ليحبّ الاغتراب في طلب الرزق 274
إنّ اللّه تعالى و رسوله حرّم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام 349،364
إنّ اللّه تعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسّمها حراما 493
إنّ اللّه تعالى لم يجعل للعبد و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته 495
إنّ اللّه تعالى منع الصلح في النساء 132
إنّ اللّه تعالى وسّع أرزاق الحمقى؛لتعتبر العقلاء و يعلموا 496
إنّ اللّه حرّم بينكم دماءكم و أموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم 486
إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها و لم يفوّض إليه 270
إنّ اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل 258
إنّ اللّه هو المسعّر القابض الباسط الرازق،و إنّي أرجو أن ألقى 339
إنّ اللّه يحب المحترف الأمين 275
إنّ مال الولد للوالد و ليس للولد أن ينفق من مال والده إلاّ بإذنه 481
إنّ المؤمن أعزّ من الجبل؛لأنّ الجبل يستقلّ منه بالمعاول و 270
إنّ المجوس كان لهم نبيّ فقتلوه،و كتاب أحرقوه،أتاهم نبيّهم 24
إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فقد إلاّ شيئا عندك فأخرجه 339
إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل،كما قاتلت على التنزيل 28
إنّ النجاشيّ دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد 388
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالصلاة على من قال لا إله إلاّ اللّه 190
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنزل وفد ثقيف في المسجد و شدّ ثمامة بن أثال 103
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعث خالد بن الوليد إلى دومة الجندل و أخذ 20
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل له الخيار إذا أتى السوق 328
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ أبا جندل بن سهيل و أبا بصير في صلح الحديبيّة 129
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبيّة 135
ص:523
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سحر حتّى أنّه ليخيّل إليه أنّه يفعل الشيء و ما يفعله 387
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط على نصارى أيلة الضيافة زائدة على الدينار 66
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينارا 64
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقد الصلح يوم الحديبيّة على أن يردّ إليهم كلّ من 128
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد أن يبعث أميرا على سريّة أمره 16
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخطب فنازعه عبد اللّه بن أبيّ بن سلول المنافق فعاونه قوم 169
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خرج من مكّة وقفت ابنة حمزة على الطريق،فلمّا مرّ بها 133
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يؤمنّ ابن خطل و القينتين و قتلهما 84
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن عسب الفحل 424
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا فعل،استعان بمن كان حسن الرأي 189
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السريّة و يوصيهم بالدعاء إلى الإسلام 30
إنّ هذا هو السرف أن تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا و تدع برذونا 259
إنّ هذا لمكيدة و حيلة 207
إنّك إن تركته للّه،جعل اللّه لك مخرجا 394
إنّك إن فعلت قلّ عقلك(إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟)280
إنّكم في هدنة،فإذا كانت المباينة،حرم عليكم أن تحملوا إليهم 367-368
إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له:يا رسول اللّه هذا أبي قد ظلمني 480
إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم،فإذا بلغت التقيّة الدم 266
إنّما السعر إلى اللّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء،و يخفضه إذا شاء 340
إنّما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 64
إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر،لا على الضعفة 239
إنّما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل 239-240
إنّها تسقط عن المقعد من أهل الذمّة و الشيخ الفاني و المرأة 51
ص:524
إنّه أمر معاذا أن يأخذ من كلّ حالم دينارا 57-58
إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم و كيف لا يحقّ لي ذلك 234
إنّه قد كفر و نقض العهد(كعب بن الأشرف)157
إنّه كره ركوب البحر للتجارة 442
إنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق 340
إنّه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له،عليكم بالطلب 284
إنّهم لم يتمسّكوا من دينهم إلا بشرب الخمر 39
إنّي أجدني أمقت الرجل تتعذر عليه المكاسب فيستلقي على 275
إنّي أحبّ لك أن تبيّن لهم ما فيها(إنّا نعمل القلانس)379
إنّي أخالط السلطان فيكون عندي الجارية فيأخذونها 464-465
إنّي أدخلت معاوية في هذا الأمر كما أدخلت هذا الخاتم 208
إنّي أعطيت خالتي غلاما و نهيتها أن تجعله قصّابا أو حجّاما أو صائغا 438
إنّي صاحب نخل فخبّرني بخبر أنتهي إليه فيه من الوفاء 293
إنّي كنت أمرتك بأمر و إنّي أتقدّم إليك الآن 70
إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه،يقول:ارزقنى و يترك الطلب 284
إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرّفا في طلب الرزق 274
إنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب،فكتبوا إليه يريدون 24
أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء قل لقومك:لا يلبسوا لباس أعدائي 265
أوحى اللّه تعالى إلى شعيب النبيّ عليه السّلام إنّي أخذت من قومك مائة 236-237
أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام إنّك نعم العبد لو لا أنّك تأكل من بيت المال 277
أوصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بثلاثة أشياء،قال:أخرجوا المشركين من جزيرة العرب 95
أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بإخراج أهل نجران من جزيرة العرب...صالحهم على ترك 96-97
أهل الأرض مرحومون ما يخافون،و أدّوا الأمانة،و عملوا بالحقّ 399
ص:525
إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور و لكن انظروا إلى رجل 246
إيّاكم و الحلف،فإنّه يمحق البركة و ينفق السلعة 307
إيّاكم و صاحب البرنس و كان حامل راية أبيه 209
إيّاكم و مخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير 305
أيّ شيء تصنعين يا أمّ الحسن،قالت أغزل،فقال أما إنّه أحلّ 444
أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ،سقط أبعد من السماء 248
أيّما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة في حقّ فدعاه إلى رجل من إخوانه 247
أيّما عبد مسلم أقال مسلما في بيع،أقاله اللّه عزّ و جلّ عثرته يوم القيامة 292
أيّما مؤمن قدّم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه 247
أيّما مصر مصرته العرب،فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بيعة 104
أيّما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة و لا يضربوا 104
إيّاك و الغشّ فإنّه من غشّ غشّ في ماله،فإن لم يكن له مال،غشّ 309
إيّاك و الكسل و الضجر فإنّهما مفتاح كلّ سوء 280
أيّكم يأخذ أمّ المؤمنين في سهمه فكفّوا 202
بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 232
بارك اللّه على سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء 294
بايعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على أن لا أخرّ إلاّ قائما 145
برّ الوالدين...وفاء العهد للبرّ و الفاجر 475-476
بسم اللّه الرحمن الرحيم أمّا بعد فإنّ موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا...فأحسن إلى إخوانك 503-504
بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها 27
ص:526
بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا 17
بعهما ما يكنّهما الدروع و الخفّين و نحو هذا(فئتان تلتقيان)368
بمنزلة الأجير إنّه إنّما يعطي اللّه العباد على نيّاتهم(رجل مسلم في ديوان هؤلاء)464
تأمرهم بما أمر اللّه عزّ و جلّ،فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم،و إن عصوك 269
التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ 287-288
تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟(إنا لنطلب الدنيا و نحبّ أن نؤتى بها)500
تدوا قتلانا،و لا ندي قتلاكم 224
تدون قتلانا و لا ندي قتلاكم 193
ترك التجارة ينقص العقل 280
تسعة في التجارة و واحد في غيرها 284
تشوفت الدنيا إلى قوم حلالا محضا فلم يريدوها 439
تصدّق بخمس مالك،فإن اللّه عزّ و جلّ رضي من الأشياء بالخمس 439
تصدّق به إمّا لك و إمّا لأهلك 403
تعرّضوا للتجارة،فإنّ فيها لكم غنى عمّا في أيدى الناس 285
تعرف صونك...و قذفك النوى هكذا و هكذا(عن أدنى الإسراف)280
ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة:...رجل أعطى بي ثمّ غدر 391
ثلاثة دعوتهم مستجابة:أحدهم:الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفوه 254
ثلاثة لا عذر فيها لأحد:أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر 399
ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم:أحدهم:رجل اتّخذ اللّه عزّ و جلّ بضاعة 307
ص:527
ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم 285
ثم أمر أصحاب معاوية حتّى جعلوا المصاحف على رءوس الرماح 207
ثمن العذرة من السحت 350
ثمن الكلب خبيث،و مهر البغي خبيث،و كسب الحجّام خبيث 356
ثمن الكلب الّذي لا يصيد سحت 407
جاء أعرابيّ من بني عامر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسأله عن شرّ بقاع الأرض 295
جاء رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه قد علّمت ابني هذا الكتابة 417
الجالب مرزوق و المحتكر ملعون 333،337
جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه و لا من المغلوب 47
جنّبوا مساجدكم النجاسة 102
جوائز العمّال ليس بها بأس 462
الجهاد على أربعة أوجه:فجهادان فرض،و جهاد سنّة 256
حتّى أشاور السعود(إن جعلت لي شطر ثمار المدينة)124
حدّ الساحر ضربة بالسيف 383،385
حرام أجره(عن الرجل يؤاجر بيته يباع فيه الخمر)365
حرام و لكن كل ما أعطوك منه(الإملاك فينثر)440
حرّمت التجارة في الخمر 364
حرّمت الجنّة على المنّان و البخيل و القتّات 382
حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم 269
ص:528
الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره 337
الحلال بيّن و الحرام بيّن و بينهما أمور مشتبهات 465-466
حلّ و لا تعقد(أنا رجل كانت صناعتي السحر)385
خذ مثل ذلك و لا تزد عليه(إنّي أخالط السلطان.و لي أن آخذه)465،472
خذ من كلّ حالم دينارا 43،48
خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء و يبقى 353
خذوا فاقتسموا،فيقولون لا حاجة لنا فيه،فيقول:أخذتم 61
الخراج،فإن أخذ من رءوسهم الجزية،فلا سبيل على أراضيهم 64
خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق يقتلن في الحرم:الغراب،و الحدأة 358
الخوارج كلاب أهل النار 180
خير الرفقاء أربعة،و خير السرايا أربعمائة،و خير العساكر 267
دخل رهط من اليهود على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:و قالوا السام عليك ففهمتها 110-111
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك 466
دعه ليلي قتله غيرك 218
ذلك إلى الإمام(ما حدّ الجزية؟)58-59
ذلك سحت(عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان)415
ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من بعض 320-321
ذروا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض 321
ص:529
ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم 291
رحمك اللّه فهكذا فاصنع(إنّي أجلس في المسجد)251
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و آبائي عليهم السّلام كلّهم قد عملوا 276
رضوان اللّه و الجنّة(في قوله اللّه تعالى ربّنا آتنا في الدنيا)273
الرطب تأكلنه و تهدينه 488
رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبيّ حتّى يبلغ،و عن المجنون حتّى يفيق 47
روحة(ما حدّ التلقّى؟)331
روي أنّ أبا بكر أراد قتل ابنه يوم أحد فنهاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك و قال:218
روي أنّ بني قريظة ظاهرت الأحزاب على حرب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 156
روي أنّهم كانوا يتلقّون الجلاّب فيشترون منهم الأمتعة 325
زدها فإنّه أعظم للبركة(جارية اشترت لحما تقول زدني)293
سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام و كان السائل من محبّينا 27
سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن المجوس أ كان لهم نبيّ؟قال:نعم 23
سألته عن كسب المغنّية و النائحة فكرهه 374
الساحر كافر 385
السامع للغيبة أحد المغتابين 383
سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة(الباقر عليه السّلام)499
السحت أنواع كثيرة منها:ثمن الخمور و النبيذ المسكر 350
ص:530
السحت أنواع كثيرة منها:كسب الحجّام،و أجر الزانية،و ثمن الخمر 422
السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر...و أجرة الكاهن 350،390،402
سحت(عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد،فقال:)356
سحت،و أمّا الصيود فلا بأس(عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد،فقال)355
سر أخاك يسرّك اللّه 502
السكوت عنه أعظم أجرا و أفضل(المسألة فيتخوّف إن أفتى)251
السماح وجه من الرباح(قال عليه السّلام ذلك لرجل)295
سمع قول المنادي لا حكم إلاّ للّه...و لم يعزّره 222
سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب 22،24،27،31
سوق المسلمين كمسجدهم،فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به 296
شاركوا من أقبل عليه الرزق،فإنّه أجلب للرزق 306
شراؤهنّ و بيعهنّ حرام،و تعليمهنّ كفر،و استماعهنّ نفاق 371
شرّ بقاع الأرض الأسواق و هي ميدان إبليس 295
شرط عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا يأكلوه(الربا)155-156
الشرك باللّه(فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ)230
شرّ الناس من باع الناس 416،418
شوبوا أيمانكم بالصدقة،التاجر فاجر 288
شهدت صفّين فكانوا لا يجيزون على جريح و لا يقتلون مولّيا 202
صاحب السلعة أحقّ بالسوم 314
ص:531
صالح أهل نجران على ألفي حلّة 58
صالح سهيل بن عمرو بالحديبيّة على وضع القتال عشر سنين 115
صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته(سألته عن الإجارة)436
صلة الرحم(ما أفضل الإسلام)230
صلّوا على من قال:لا إله إلاّ اللّه 214
الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت 438
ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر 279
الضيافة ثلاثا و ما زاد صدقة 67
العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال 498
علام تؤخذ الجزية من المجوس و ليسوا بأهل كتاب؟!22
على الفقير اثنا عشر درهما،و على المتوسّط أربعة و عشرون 56
عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين،فإنّه شيطان 358
عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر 90
غبن المؤمن حرام 317
الغلول كلّ شيء غلّ عن الإمام و أكل مال اليتيم 401
غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإثم 278
ص:532
فادعهم إلى أداء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 77
فادعهم إلى الجزية،فإن أطاعوك فاقبل منهم و كفّ عنهم 69
فارفق أيّها الساعي من سعيك،و اقصر من عجلتك،و انتبه من سنة غفلتك 495
فشاورهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالوا يا نبيّ اللّه إن كان هذا بأمر من السماء 125
فاعلفه ناضحك(عن كسب الحجّام)423
فألان اللّه تعالى له الحديد،فكان يعمل كلّ يوم درعا يبيعها بألف درهم 277
فأمّا الرشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر باللّه عزّ و جلّ و برسوله صلّى اللّه عليه و آله 402
فأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه 402
فأمّا السيوف الثلاثة الشّاهرة:فسيف على مشركي العرب 27
فإن عشت فأنا وليّ دمي،و إن متّ فضربة كضربته 181
فإن كان له جارية فأراد أن ينكحها،قوّمها على نفسه و يعلن ذلك 483
فإن نتجت بينك و بين عدوّك قضيّة و عقدت لهم بها صلحا 150
فأنكروا بقلوبكم و ألفظوا بألسنتكم و صكّوا بها جباههم 242
فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعة 494
فقال أيّ شيء تكنس(أنّي رجل أكنس)434
فقال صلّى اللّه عليه و آله لرسوله:أو تسمع؟(أرسل رئيس عطفان إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)125
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتّى أشاور السعود،يعني سعد بن عبادة و 124
فقد الطعام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأتاه المسلمون،فقالوا 339
فقطعوا الطريق عليهم،و قتلوا من قتلوا منهم،لم ينكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 134
فكتب إليه كتابا(إنّ في ديوان النجاشيّ عليّ خراجا)502
فكيف صنيعه إلى إخوانه 455
فلو أنّ قاتل عليّ عليه السّلام ائتمنني على أمانة لأدّيتها إليه 476
ص:533
فليأخذ و إن كانت أمّه حيّة فما أحبّ أن تأخذ 480،486
فمن أين قوته؟و اللّه الّذي يقوته أشدّ عبادة 497
فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا...فقد كفر 29
فهمت كتابك و ما ذكرت من الخوف على نفسك 458
في أهل الجزية أ يؤخذ من أموالهم و مواشيهم شيء سوى الجزية 69
في كتاب عليّ عليه السّلام لا يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذنه 478،479
قاتل اللّه اليهود إن اللّه تعالى حرّم عليهم شحومها فجملوه ثم 264-265
قال أمير المؤمنين عليه السّلام:نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن التصاوير 379
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أمّتي إذا تواكلت الأمر بالمعروف 232
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجة الوداع:ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي 493
قال عليّ بن الحسين عليه السّلام دخلت على مروان بن الحكم،فقال ما رأيت أحدا أكرم 174
قال لي أبي عليه السّلام:يا جعفر أوقف لي من مالي كذا و كذا 374
قال لأهل الردّة حين رجعوا:تردّون علينا ما أخذتم منّا،و لا 225
القتال قتالان:قتال لأهل الشرك...،و قتال لأهل الزيغ 172
قد أخرجت عليّا عليه السّلام عن هذا الأمر كما أخرجت هذا الخاتم 207
قداحهم التى كانوا يستقسمون(فما الأزلام؟)377
قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم،و كيف لا يحقّ لي ذلك و 241
قد يكون للرجل الجارية تلهيه،و ما ثمنها إلاّ ثمن الكلب 372
قدم عمير بن وهب فدخل المسجد و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه ليفتك به 103
قدّموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و اقتربوا من المبتاعين 288
قل لها:لا تشارط و تقبل كلّما أعطيت 375
ص:534
قل له يشتريه،فإن لم يشتره اشتراه غيره(أرادوا بيع تمر عين أبي زياد)470
القني عند انتصاف النهار(استعمل رجلا فقال)70
قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه(ما يحلّ للرجل من مال ولده؟قال)480
قولي و عليكم(دخل رهط من اليهود.فقال)111
قوّمها قيمة عدل و لتشهد على ذلك،ثمّ إن شئت فطأها 484
الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه 286
كان أبو الحسن عليه السّلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها و 334
كان أبي يكره ركوب البحر في التجارة 442
كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحتطب و يستقي و يكنس و كانت فاطمة عليها السّلام 280
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أوصاه بتقوى اللّه 16
كان عليّ عليه السّلام في حربه أعظم أجرا من قيامه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حربه 262
كان عليّ عليه السّلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس و يقول:تفتح أبواب السماء و 266-267
كان عليّ عليه السّلام ينهى عن أكل ذبائحهم و صيدهم 40
كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم،و ليس للإمام أكثر من الجزية 63
كان في قتال عليّ عليه السّلام على أهل القبلة بركة و لو لم يقاتلهم عليّ عليه السّلام 204
كان يأخذ الجزية من كلّ ذي صنعة من متاعه،61
كتب عمر بن الخطّاب إلى أمراء الأجناد أن أضربوا الجزية و لا تضربوها 48
كسب الحجّام خبيث 434
كذبوا أعداء اللّه،إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن 426
كذب الحسن،خذ سواء و أعط سواء(بلغني أنّ الحسن)417
كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه 218
ص:535
كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعول 280
كلّ أمر المؤمن باطل إلاّ في ثلاث:في تأديبه الفرس 268
كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت(سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الغلول)395
كلّ شيء منه حرام و حلال فهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام 466
كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه،فتدعه 466
كل كسبه،فإنّه لك حلال و الناس يكرهونه(تيس أكريه)421
كلّ له نادبة إلاّ عمّي حمزة لا نادبة له 374
كلّ ما تقومر به(ما الميسر)377
كلّ مسكر حرام،و كلّ مخمّر حرام و الفقّاع حرام 352
كل من كسبك يا ابن أخ و تصدّق و حجّ منه و تزوّج 421
كل و خذ منه و لك المهنأ و عليه الوزر 463
كل و لا تحمل(أمرّ بالثمرة فآكل منها؟قال)445
كلي...كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك،إنّ الصوم...383
كلمة حقّ أريد بها باطل،لكم علينا ثلاث:أن لا نمنعكم مساجد اللّه...175-176
كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو 278
كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمّ الأحنف بن قيس إذ جاءنا...384
كيف بكم إذا فسدت نساؤكم و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف...232
لأخرجن اليهود و النصارى من جزيرة العرب 95
لا،إلاّ أن يكون قد اختلط(شراء الخيانة و السرقة)397
لا أدعو لك أطلب كما أمرك اللّه تعالى(أدع اللّه عزّ و جلّ أن...)497
لا،أرادت أن تقرّ عينك و تسخن عينها؟491
ص:536
لا،إلاّ أن لا يقدر على شيء،و لا يأكل و لا يشرب و لا يقدر على حيلة 455
لا،إلاّ أن يحلّلها(المرأة لها أن تعطى من بيت زوجها)489
لا،إلاّ أن يضطرّ إليه(الرجل يأكل من مال ولده)479
لا أقتله قبل أن يقتلني(ابن ملجم)183
لا،إنّ أبي كان يقول:إنّما نحن فيهم بمنزلة هدنة،(استودعني رجل من موالي بني مروان) 399،476
لا،إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة 342
لا(إنّي أقرئ القرآن فيهدى إليّ الهدية و فأقبلها قال)428
لا بأس،بما يبسط(عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفترشها)قال:380
لا بأس،أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله(فيما يحمل إلى الشام)367
لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده(الرجل يمرّ بالبستان)445
لا بأس بأجر النائحة الّتي تنوح على الميّت 376
لا بأس ببيع العذرة 351
لا بأس بثمن الهرّ 407
لا بأس بجوائز السلطان،فإنّ ما يعطيكم من الحلال 462
لا بأس بذلك(في تجّار قدموا أرضا اشتركوا)340
لا بأس بنثر الجوز و السكّر 441
لا بأس،تغسل يديها(الجارية النصرانيّة تخدمك و أنت تعلم)448
لا بأس،قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط(عن عظام الفيل يحلّ)406،407
لا بأس(الخيّاط أو القصّاب يكون يهوديّا أو نصرانيّا و أنت تعلم)448
لا بأس(عن الرجل يؤاجر سفينته و دابّته ممّن يحمل فيها أو عليها)365
لا بأس(ما ترى أن أعطي على كتابته،يعني القرآن أجرا؟قال:)429-430
لا بأس(و قوائم السيف التي تسمّى السفن هل يجوز لي العمل بها؟)369
ص:537
لا بأس،و لكن لا تصل الشعر بالشعر 379،437
لا بأس به(أسأله عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذ منه برابط)370
لا بأس به(ربّما أمرنا الرجل أن يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام...)443
لا بأس به(عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحوّل من منزله)402
لا بأس به(عن الرجل يريد أن يشتري دارا أو أرضا أو خادما)443
لا بأس به(عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع،قال:)342
لا بأس به(عن شراء الذهب بترابه من المعدن،قال:)452
لا بأس به(كسب الحجّام)422
لا تؤخذ الجزية من مسلم 143
لا تأخذ على التعليم أجرا 427
لا تأكل ذبائحهم و لا تأكل في آنيتهم 39
لا تأكل منه،فإنّه حرام(الصبيان يلعبون الجوز)376
لا تباع رباعها و لا تكرى بيوتها(مكّة)412
لا تبدءوهم بالقتال،و بعث إليهم:أقيدونا بعبد اللّه بن خبّاب 180
لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام،و إذا لقيتم أحدهم في الطريق...110
لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم و الحديد 392
لا تبعه في فتنة(إنّي أبيع السلاح،قال:)367
لا تبنى الكنيسة في الإسلام و لا يجدّد ما خرب منها 107-108
لا تتّبعوا مولّيا،و لا تجيزوا على جريح،و من أغلق بابه فهو آمن 196
لا تتركها فإنّ تركها مذهبة للعقل،اسع على عيالك و إيّاك أن(أضعف عن التجارة)281
لا تتعرّضوا للحقوق فإذا لزمتكم فاصبروا لها 285
لا تخالطوا و لا تعاملوا إلاّ من نشأ في خير 304
لا تخفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين 432
ص:538
لا تدعوا التجارة فتموتوا،اتّجروا بارك اللّه فيكم 285
لا تدعوا التجارة فتهونوا،اتّجروا بارك اللّه لكم 282
لا تدعنّ لهم درهما من الخراج(استعمل عليّ عليه السّلام فقال)70
لا تسأل السلطان شيئا،و إن أعطى فخذ 462
لا تستعن بمجوسيّ و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها 306
لا تسبوا لهم ذرّيّة،و لا تتموا على جريح،و لا تتّبعوا مدبرا 29
لا تشتروا رقيق أهل الذمّة و لا ممّا في أيديهم؛لأنّهم أهل خراج 52
لا تشتر كتاب اللّه،و لكن اشتر الحديد و الجلود و الدفتر و قل:392
لا تشتر من محارف،فإنّ حرفته لا بركة فيها 306
لا تطعن في غير مقبل،و لا تقتل مدبرا،و لا تجز على جريح و من أغلق بابه...197
لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلاّ على الثلج 443
لا تعامل ذا عاهة،فإنّهم أظلم شيء 305
لا تعنهم على بناء مسجد 382
لا تفعل،افتح بابك و ابسط بساطك و استرزق اللّه ربّك 278
لا تفوتينا بنفسك 313
لا تقاتلوا القوم حتّى يبدءوكم،فإنّكم بحمد اللّه على حجّة 220
لا تكسلوا في طلب معايشكم،فإنّ آباءنا كانوا يركضون فيها و يطلبونها 275
لا تكن حائكا...كن صيقلا 419
لا تلقّوا بجلب،فمن تلقّاه و اشترى منه...327
لا تلقّوا الركبان 330
لا تلقّوا الركبان و لا يبع بعضكم على بعض و لا تناجشوا 316
لا تلقّوا الركبان و لا يبع حاضر لباد 325
لا تلقّ،فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن التلقّي(قلت:و ما حدّ التلقّي؟قال:)331
ص:539
لا تلقّ و لا تشتر ما يتلقّى و لا تأكل منه 326
لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و أجملوا 493
لا تنفق المرأة شيئا من بيتها إلاّ بإذن زوجها 488
لا جزية على العبد 52
لا حاجة لي فيه،إنّ هذا سحت،و تعليمهنّ كفر،و الاستماع 372
لا حكم إلاّ اللّه،كلمة حق أريد بها باطل 184
لا خير في شيء أصله حرام،و لا يحلّ له استعماله 400
لا خير فيمن لا يحبّ جمع المال من حلال فيكفّ به وجهه 279
لا ضرر و لا ضرار في الإسلام 341
لا(عن التوت أبيعه يصنع للصليب و الصنم قال:)370
لا(عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذه صلبانا)370
لا عليك ان دخلت معهم،اللّه يعلم و نحن ما أنت عليه 459
لا،ليس له ذلك(في الرجل تدفع إليه امرأته)491
لا نقرّكم ما شئنا 117
لا،هو حرام(أ رأيت شحوم الميتة فإنّه يطلى بها السفن)364
لا يؤاجر نفسه و لكن يسترزق اللّه عزّ و جلّ و يتّجر 436
لا يأخذ منه شيئا حتّى يأذن له صاحبه 435
لا يبيتنّ بالكوفة يهوديّ و لا نصرانيّ و لا مجوسيّ الحقوا بالحيرة 104
لا يبيع بعضكم على بيع بعض 314
لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض 320
لا يتبع مدبرهم و لا يجاز على جريحهم و لا يقتل أسيرهم و لا يقسّم 200،203-204
لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر و لا يبيع حاضر لباد 320،326
لا يجاوز إيمانهم حناجرهم 181
ص:540
لا يجتمع دينان في جزيرة العرب 95
لا يجوز بيع المغنّيات،و لا أثمانهنّ،و لا كسبهنّ 371
لا يحتكر الطعام إلاّ خاطئ 333
لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس منه 486
لا يدخل الجنّة قتّات 382
لا يذبح لك يهوديّ و لا نصرانيّ أضحيّتك 40
لا يذفّف على جريح،و لا يتبع مدبر 198
لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا 233
لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن،و لا يسرق السارق حين 395
لا يسم الرجل على سوم أخيه 310
لا يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا 397
لا يصلح(عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب فقال:)430
لا يصلح شراء السرقة و الخيانة إذا عرفت 396
لا يصلح(عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب؟)394
لا يصلح المرء المسلم إلاّ بثلاث:التفقّه في الدين 279
لا يصلح أن يأخذ الولد من مال والده شيئا إلاّ بإذن والده 478
لا يعجبني أن يكتب القرآن إلاّ بالسواد،كما كتب أوّل مرّة 395،430
لا يقاتلهم أحد بعدي إلاّ من هم أولى بالحقّ منه 182،183
لا يقتل مدبر و لا يذفّف على جريح 174
لا يقربن هذا و لا يدنّس نفسه،إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنّا عَرَضْنَا... 435
لا يقعدنّ في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع 287
لا يكون الوفاء حتّى يرجح 293
لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان 293
ص:541
لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه 240
لا ينبغي للمسلم أن يؤدّي الخراج،يعني الجزية 74
لا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا 467-468
لا يهد موابيعة و لا كنيسة و لا بيت نار 105
لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش 254
لئن تفرّغت لبني تغلب ليكوننّ لي فيهم رأي لأقتلنّ مقاتلتهم 36
لأنك تبغي في الأذان و تأخذ على تعليم القرآن أجرا 414
لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر 235،238
لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم 231
لتعيير الناس بعضهم بعضا(لأيّ شيء يكرهونه و هو حلال؟)421
للدابّة على صاحبها ستّة حقوق:لا يحمّلها فوق طاقتها 259
للشهيد سبع خصال من اللّه:أوّل قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب 253
لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الخمر و غارسها،و حارسها،و حاملها و المحمولة إليه و 351-352
لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة 250
للكريم فكارم و للسمح فسامح،و عند الشكس فالتو 295
لمّا اشتدّ القتال بين عليّ عليه السّلام و بين معاوية،قال معاوية لعمرو بن العاص 207
لمّا فتح خيبر عنوة بقي حصن منها فصالحوه على أن يقرّهم ما أقرّهم 117
لمّا هادن قريشا كانت خزاعة في حزب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بنو بكر في حزب 152
لم قتلته؟فقال سمعته يسبّك،فسكت عليه السّلام و لم ينكر 218
لم يقبل من نصارى بني تغلب إلاّ الجزية،و قال:لا و اللّه إلا الجزية و 35-36
لن تبق الأرض إلاّ و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من أهل الباطل 266
ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيّع و دون طلب الحريص 493،494
لو أنّ رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة 401
ص:542
لو جاءني الموت و أنا في هذا الحال جاءني و أنا في طاعة 499
لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ منه سنبلة،كان لا يبقى شيء 446
لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلاّ اتّباعي 167
لو كان يريد الرجلين و الثلاثة،لم يكن بذلك بأس 290
لو كنت أمير المؤمنين ما ناز عناك،فمحا اسمه،فقال ابن عبّاس 178
لو لا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها،فاقتلوا منها كلّ أسود 358
لو لا أنّي أخشى أنّها من الصدقة لأكلتها 468
لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يكتب لهم(كنت في ديوان هؤلاء)461
لو منعوني عناقا بما يعطون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لقاتلتهم عليها 173
ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال و لا تحريم الحلال 500
ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا،و لا يقتلوا أسيرا،و لا يجيزوا 195
ليس الحكرة إلاّ في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن 335
ليس على المسلم جزية 74
ليس على المسلمين عشور،إنّما العشور على اليهود و النصارى 69
ليس على مولاه شيء،و ليس لهم أن يبيعوه(في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا...)451
ليس لقاتل شيء 219
ليس منّا من غشّنا 308،378
ليس منّا من لا يرى دنياه لآخرته و لا آخرته لدنياه 273
ليس هذا طلب الدنيا،هذا طلب الآخرة 500-501
ما أراك إلاّ و قد جمعت خيانة و غشّا للمسلمين 309
ما الإبل و الغنم إلاّ مثل الحنطة و الشعير 470-471
ص:543
ما أفعل هذا على شره منّى و لكنّي أحببت أن يراني اللّه تبارك و تعالى 275
ما أحبّ أنّي عقدت لهم عقدا و وكيت لهم وكاء 380
ما أنا من دد و لا الدد منّي 378
ما أوسع العدل إنّ الناس يسعون إذا عدل فيهم و تنزل السماء...111
ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة،كان لها أجرها...487
ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم...463
ما جعل اللّه عزّ و جلّ بسط اللسان و كفّ اليد و لكن جعلهما يبسطان معا...242
ما حملكم على ما صنعتم؟قالوا:يا رسول اللّه تكفّل للّه عزّ و جلّ بأرزاقنا 284
ما ذبحوا لآلهتهم(ما الأنصاب)377
ما قدّست أمّة لم تأخذ لضعيفها من قويّها 233
ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه فهو باطل 144
ما كان ينبغي لك أن تفعل و قد جعله اللّه حجابا لك من النار فلا تعد 421
ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا 340
ما لأخيك فلان يشكوك؟...كأنّك إذا استقضيت لم تسئ 300-301
ما من جبّار إلاّ و معه مؤمن يدفع اللّه عزّ و جلّ به عن المؤمنين 459
ما منع ابن أبي سمّال أن يبعث إليك بعطائك؟أما علم أنّ لك 463
ما هي؟(إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة،فقال:)167
ما يمنع ابن أبي سمّال أن يخرج شبّان الشيعة فيكفونه ما يكفيه 463
المأدوم(عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟قال:)488
المؤمنون بعضهم أكفاء بعض تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمّتهم 126
مدبوغة هي؟ليس به بأس(جلود السباع)441-442
مره إذا دفع إليه الغلام أن يقول لأهله:إنّي إنّما أعلّمه الكتاب و الحساب 426
مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام على جارية قد اشترت لحما من قصّاب و هي 293
ص:544
مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام،فقال لصاحبه:ما أرى طعامك 309
المعونة تنزل من السماء على قدر المئونة 278
المعلّم لا يعلّم بالأجر،و يقبل الهديّة إذا أهدي إليه 427-428
المغنّية الّتي تزفّ العرائس لا بأس بكسبها 373
المغنّية ملعونة،ملعون من أكل كسبها 372
مكّة حرام بيع رباعها حرام إجارتها 413
مكروه له أن يشارط و لا بأس عليك أن تشارطه و تماكسه 422
ملعون ملعون من يضيّع من يعول 280
منهومان لا يشبعان:منهوم دنيا و منهوم علم 501
مهلا يا عائشة،فإنّ اللّه تعالى يحبّ الرفق في الأمور كلّها 111
من أتاه اللّه برزق لم يخط إليه برجله و لم يمدّ إليه يده 278
من اتّجر بغير علم ارتطم في الربا ثمّ ارتطم 287
من اتّخذ كلبا إلاّ كلب ماشية أو زرع أو صيد،نقص 358-359
من احتكر على المسلمين طعامهم،لم يمت حتّى يضربه اللّه بالجذام 332
من احتكر فهو خاطئ 332
من أخذ العلم من أهله و عمل به نجى،و من أراد به الدنيا 501
من أخذ على تعليم القرآن أجرا،كان حظّه يوم القيامة 414
من أخذ الميزان فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ 294
من أخذ شيئا فهو له 396
من اشترى دابّة،كان له ظهرها و على اللّه رزقها 259
من اشترى دابّة فليقم من جانبها الأيسر و يأخذ ناصيتها 299
من اشترى سرقة و هو يعلم،فقد شرك في عارها 396
من اعتدي عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد 261
ص:545
من اغتاب امرأ مسلما،بطل صومه و نقض وضوؤه و جاء يوم القيامة 382
من أغلق بابه و ألقى سلاحه،أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن 29
من أفتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه،لعنته 251
من بات ساهرا في كسب و لم يعط العين حظّها من النوم 438
من باع الطعام،نزعت منه الرحمة 334
من باع و اشترى فليحفظ خمس خصال و إلاّ فلا يشتري و لا يبيع 302
من بدّل دينه فاقتلوه 21،146
من تحاكم إلى الطاغوت،فحكم له،فإنّما يأخذ سحتا و إن كان 246
من ترك إنكار المنكر بقلبه و يده و لسانه،فهو ميّت في الأحياء 242
من ترك التجارة،ذهب ثلثا عقله 282
من حكم في الدرهمين بحكم جور ثمّ أجبر عليه،كان من أهل هذه الآية 248
من حكم في درهمين بغير ما أنزل اللّه عزّ و جلّ فهو كافر باللّه العظيم 248
من حلف فليصدق،و من حلف له فليرض،و من لم يرض،فليس 475
من حمل السلاح بالليل فهو محارب 257
من حمل علينا السلاح،فليس منّا 170
من خان أمانة في الدنيا و لم يردّها إلى أهلها...مات على غير ملّتي 398
من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة فمات فميتته جاهليّة 171
من خلع يده من طاعة الإمام،جاء يوم القيامة لا حجّة له عند اللّه 172
من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرّة واحدة 296
من ذكر اللّه في الأسواق،غفر اللّه له بعدد أهلها 297
من ذكر اللّه عزّ و جلّ في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح و أعجم 297
من ربط إلى جنب داره كلبا،نقص من عمله كلّ يوم قيراط 359
من سعادة المرء أن يكون القيّم على عياله 285
ص:546
من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده،و يكون له أولاد يستعين بهم 277
من سمع رجلا ينادي:يا للمسلمين،فلم يجبه،فليس بمسلم 268
من سنّ سنّة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة 256
من شهد أمرا فكرهه،كان كمن غاب عنه،و من غاب عن أمر فرضيه،كان 263
من صوّر صورة،كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ 379
من طلب التجارة استغنى عن الناس 281
من طلب الدنيا استعفافا عن الناس،و سعيا على أهله...لقى اللّه 497-498
من طلب مرضاة الناس بما يسخط اللّه،كان حامده من الناس ذامّا 233
من عرف شيئا من ماله مع أحد،فليأخذه 203
من علّق سوطا بين يدي سلطان جائر،جعل اللّه ذلك السوط 380
من غرس شجرا بديّا أو حضر واديا بديّا أو أحيا أرضا ميّتا فهي له 450
من غشّ المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة 316
من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه 172
من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد 261
من قتل دون ماله فهو شهيد 226
من قتل دون مظلمته فهو شهيد 261
من قتل دون عقال فهو شهيد 257
من كان بينه و بين قوم عهد فلا يشدّ عقدة و لا يحلّها حتّى ينقضى 150
من الكفر فرّوا(سئل عن أهل النهر كفّارهم؟قال)182
من لعب بالشطرنج و النردشير،فكأنّما غمس يده في دم خنزير 377
من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات 289
من مات و ليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهليّة 172
من المروّة استصلاح المال 279
ص:547
نعم(أصلحك اللّه أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم،آخذها)463
نعم،انزها(الحمير على الرمك)425
نعم،إنّما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه 53
نعم بالمعروف(أ يحج الرجل من مال ابنه)481
نعم،حجّ بها(أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم)463
نعم،بعد أن يكون الصبيان عندك سواء(أجر التعليم)427،431
نعم،حكّاما جائرين و آكل مال اليتيم و شاهد الزور 250
نعم،(الرجل يستوهب من الرجل الشيء بعد ما يشتري فيهب له...)342
نعم(عن الفهود و سباع الطير هل يلتمس التجارة فيها؟قال:)406
نعم(عن مملوك نصرانيّ لرجل مسلم عليه جزية؟قال:)53
نعم(عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيظفر من ماله)472-473
نعم(عن الوالد أ يرزأ من مال ولده)482-483
نعم(في رجل أعطاه رجل مالا ليضعه في المساكين و له عيال...)436
نعم،ما من أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلاّ قيض اللّه 300
نعم،يحل له ذلك إن كان بقدر حقّه،و إن كان أكثر فيأخذ منه 475
نعم العون الدنيا على الآخرة 273
نعم العون على تقوى اللّه الغنى 274
نعم،و لهذا كلام(رجل لي عليه دراهم فجحدني)473
النفس إذا أحرزت قوتها استقرّت 279
نهى أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحكرة في الأمصار 335
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الغيبة و الاستماع إليها 382
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يؤكل ما تحمل النملة و قوائمها 445-446
ص:548
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يحتكر الطعام 332
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يشاب اللبن بالماء للبيع 309،378
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الخيانة 398
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس 303
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء 425
نهى عن أن يخطب على خطبة أخيه 315
نهى عن بيعتين في بيعة 343
نهى عليه السّلام عن بيع الحصاة 345
نهى عن ثمن الكلب و السنّور إلاّ كلب الصيد 355
نهى عن ثمن الكلب 356
نهى عن الملاقيح 344
نهى عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدوّ 393
نهى عليه السّلام عن الملامسة و المنابذة 344
نهى عن بيع عسب الفحل 344
نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبيع حاضر لباد 319
نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يتلقّى الركبان و أن يبيع حاضر لباد 320
نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن بيع حبل الحبلة 342
و أتاه بدينارين آخرين،فقال:يا رسول اللّه إنّي أريد 265
و اجعل على ميمنتك زيادا و على ميسرتك شريحا وقف من أصحابك 221
و إذا كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسسها الابن 483
و إذا لقيتم عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوك 16
ص:549
و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ يسألك عن مثاقيل الذرّ و الخردل 504
و اعلم أنّه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طلبا 468
و أمّا السيف المغمود،فالسيف الذي يقام به القصاص 29
و أمّا السيف المكفوف،فسيف على أهل البغي و التأويل 28
و أمّا الصائغ،فإنّه يعالج زين أمّتي و أمّا القصّاب 417
و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معاذا إلى اليمن،فأخذ من كلّ حالم دينارا 38
و خير البقاع المساجد و أحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ أوّلهم دخولا 295-296
و روي أنّ أبا بكر جعل للزبرقان و الأقرع خراج البحرين حيث ضمنا 124
و السيف الثاني:على أهل الذمّة 28
و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم يعني الترك و الخزر 28
و شرط على نصارى نجران إقراء رسله عشرين ليلة فما دونها 65
و شرط عمر بن الخطّاب على أهل الذمّة ضيافة يوم و ليلة 65
وصّى أمير المؤمنين عليه السّلام الأشتر،رحمه اللّه،فقال:و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ 221
و على أهل العراق،يعني السواد خمسة عشر 65
و قال عمّار بن ياسر:قاتلت بهذه الراية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و 29
و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخرج في الهاجرة في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه 277
و كان لا يأخذ على بيوت السوق كراء 296
و كذلك المقعد من أهل الذمّة،و الشيخ الفاني،و المرأة،و الولدان 44
و اللّه للربا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على الصفا 288
و اللّه الذي يقوته أشدّ عبادة منه 496
و اللّه ليزرعنّ الزرع و ليغرسنّ النخل بعد خروج الدجّال 447
و اللّه ما خافوا إلاّ الاستقضاء فسمّاه اللّه سوء الحساب،فمن استقضى 301
و لا تأكل ذبيحة نصارى العرب 40
ص:550
و لا تبدأ القوم بقتال إلاّ أن يبدءوك حتّى تلقاهم 221
و لا تدن منهم دنوّ من يريد أن يثبت الحرب،و لا تباعد بعد من يهاب 221-222
و لا نرفع أصواتنا في الصلاة و لا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون 79
و لا نرفع أصواتنا مع أمواتنا،و لا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين 79
و لا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا 176
و لا يجر منّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إليهم 221
و لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد اللّه إلى طلب انفساخه 150-151
و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون من أموالهم و أبنائهم 236
و لو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده،لكان للمعلّم مباحا 426
و لكنّي أبغضك للّه 414
و له أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها 484
و ما بأسه(إنّي أعالج الرقيق)418
و ما عليّ من غلائه،إن غلا فهو عليه،و إن رخص فهو عليه 496
و المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطرّ 439
و من آثر طاعة اللّه عزّ و جلّ،بما يغضب الناس،كفاه اللّه عزّ و جلّ 233
و من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهدة فأنفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك 80
و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض 326
و نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم 379
و هل ترك لنا عقيل من رباع 413
ويحه،أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له؟284
ويل لقوم لا يدينون اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 232
و يلمّه مسعر حرب لو كان معه رجال 130
ص:551
هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم(رجل قال:لأقعدنّ في بيتي)496
هذا لا ينبغي له أن يكيل 294
هذا ما قاضى عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهيل بن عمرو فقالوا له 178
هذه لنا و لشيعتنا 262
هل لك ناضح؟فقال:نعم،فقال أعلفه إيّاه و لا تأكله 422
هم أهل النهروان في قوله قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ... 181
هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه(عن الفلاّحين؟فقال:)446
هم شرّ الخلق و الخليقة؛لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد 180
هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها،و صمّوا،و بغّوا علينا و قاتلونا 182
هو خمر(عن الفقّاع،فقال...)352
هو سحت(الجوز يجيء به الصبيان من القمار)376
هو غارم إذا لم يأت على بائعها شهودا(في الرجل يوجد عنده السرقة)397
هي لك حلال(النصرانيّة)449
يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة 419
يا أبا بصير إنّ اللّه عزّ و جلّ قد علم أنّ في الأمّة حكّاما يجورون أما 247
يا أبا الربيع لا تخالطوهم،فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف اللّه 306
يا أبا سيّار أ ما علمت أنّه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله 449
يا أبا عمّارة إنّ عندي عدلين كتّانا،فهل تشتريه بشيء و أصبر بثمنه 283
يا أبا الفضل أمالك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس 297
يا أبا محمّد إنّه لو كان على رجل حقّ فدعوته إلى حاكم أهل العدل فأبى عليك 247
ص:552
يا أبا محمّد لا،و لا مدّة بقلم إنّ أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا 456
يا أمّ حبيب العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم 433
يا أمّ طيّبة إذا خفضت فأشمّي و لا تجحفي،فإنّه أصفى للّون 432
يا ابن أمّ عبد ما حكم من بغى من أمّتي؟قلت:اللّه و رسوله أعلم 200
يا أمير المؤمنين و اللّه إنّي لأحبّك للّه،فقال له:و لكنّي أبغضك للّه 426
يا ابن أخي ذهبت المكارم إلاّ التقوى 413
يا جارية هاتي النمرقة 451
يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر 338
يا رسول اللّه إنّا كلّ على أزواجنا و آبائنا،فما يحلّ لنا من أموالهم؟488
يا رسول اللّه ليس لي شيء إلاّ ما أدخل عليّ الزبير فهل عليّ جناح 487
يا رسول اللّه ما الميسر؟قال:ما تقومر به حتّى الكعاب و الجوز 377
يا زياد إنّ أهون ما يصنع اللّه عزّ و جلّ بمن تولّى لهم عملا،أن يضرب 457
يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان 457
يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى 457
يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك 457
يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة أحبّ إليّ 457
يا سدير إذا فتحت بابك و بسطت بساطك فقد قضيت 278
يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك 498
يا عليّ إنّ ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر أنزل معه 249
يا عليّ عمل باليد من هو خير منّي و من أبي في أرضه 276
يا عليّ وفينا و اللّه لصاحبك 461
يا عليّ و في لي و اللّه صاحبك 461
يا محمّد إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون الناس 418
ص:553
يا محمّد إنّ اللّه لعن الخمر و عاصرها و معتصرها 362
يا معاذ أضعفت عن التجارة أم زهدت فيها؟281
يا معتّب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا و نصفا حنطة 334
يا معشر التجّار اتّقوا اللّه عزّ و جلّ،فإذا سمعوا صوته ألقوا 288
يا معشر الناس الفقه ثمّ المتجر 288
يا مفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها 241
يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ و الغشّ لا يحلّ 310
يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم 498
يا فلان أ ما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم 378
يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم إنّما كانت الشيعة تقول 456
يا هذا إن كنت تعلم أنّها قد أوصت بذلك إليك فيما بينك و بينها 490
يأكل منه ما شاء من غير سرف(عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه،قال:)479
يأكل منه،فأمّا الأمّ فلا تأكل منه إلاّ قرضا على نفسها 480،486
يبعثه اللّه على نيّته(رجل مسلم و هو في ديوان هؤلاء فيقتل)464
يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام 180
يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم و صيامكم مع صيامهم و أعمالكم مع 179
يردّ إلى حكم المسلمين(رجلان من أهل الكتاب)162
يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا(يشتري من العامل)470
يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير يتبعون زلاّت العلماء 236
يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق 179
يكره أكل ما انتهب(عن النثار من السكر و اللوز و أشباهه أ يحلّ أكله؟)440
يكره ركوب البحر للتّجارة،إنّ أبي كان يقول:إنّك تضرّ بصلاتك 442
يكون في آخر الزمان قوم ينبع فيهم قوم مراءون يتقرّءون 235-236
ص:554
أحد:218
أرض الحجاز:69،98،99
أرض الحرب:44
أسواق المسلمين:222
الأهواز:501
بئر ذي أروان:387
بحر الحبش:96
البحرين:124
بحر الحجاز:98
بحر فارس:96
بست:502
البصرة:173،176،194،195،198،199، 203،204
بغداد:105
بلاد الإسلام:21،35،68،111،142
بيت المقدس:83
بيت أمّ هانئ:99
البيع و البيعة:67،84،104،165،166
بيوت نيران:105،106
تبوك:118
تهامة:96
جدّة:96
جزيرة العرب:95،96،97
الحجاز:17،50،69،78،94،95،96،97، 99،100،101
ص:555
الحديبيّة:123،128،129،178
الحرم:78،81،98،99،100،101
الحلّ:100
حروراء:216
الحيرة:104
الخزر:28
خيبر:40،95،99،117
دار الإسلام:15،28،44،45،46،49،50، 53،55،84،86،101،104،107،127، 134،149،158،159،162
دار أبي سفيان:29
دار الشرك:44
دار الندوة:413
دار الحرب:28،44،45،46،49،54،86، 112،142،148،158
دار الهجرة:16
دومة الجندل:20،126
الديلم:28
الروم:33،35،80
سجستان:503،504
السماوة:96
ساحل البحر:130
السواحل:96
سواحل بحر الحجاز:98
السواد:65
الشام:17،65،96،192،194،195،282، 367
صفّين:195،197،202،207
عدن:96
العراق:17،65،96،111،158
عكبرى:70
ص:556
عين أبي زياد:470
فارس:501
فدك:95
الفرات:96
الفرنج:33
الكعبة:99
الكوفة:69،183،283،288،289
الكنائس:67،78،84،105،106،107
كنيسة:78،84،165،166
كنيسة الروم في بغداد:105
مدائن الشام:80
المدينة:95،99،120،123،124،125، 160،338،498،499
المساجد الجامعة:222
مساجد الحجاز:101
مساجد اللّه:176،184
المساجد:78،92،101،102،103،104
المسجد:99،103،184،295،296،382
المسجد الحرام:99،101،102
مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:104
مشاهد الأئمّة:453
مصر:17،65،123
مكّة:23،29،95،120،122،130،133، 152،332،364،412،413
نجد:96
نجران:96،153،155
نهاوند:15
النهر:182
النهروان:181،184
يبرين:96
يثرب:123
اليمامة:95
اليمن:17،20،61،96
ينبع:95
ص:557
آل سام:269،498
آل محمّد:464
آل المغيرة:375
الأئمّة:171،176،183،243،245
الإباضيّة:214
الأديان:46،149
الأرمن:33
الأزارقة:214
أسد:155
الإسلام:16،21،27،30،35،41،44،45، 46،49،54،62،75،77،79،88،104، 107،108،109،116،120،124،125، 137،138،139،140،142،143،147، 148،149،160،161،162،164،172، 184،201،208،225،245
أصحاب أبي حنيفة:322،386
أصحاب الرأي:74،209،214،217،317، 327،366،391،393،407،419،423
أصحاب الجمل:195
أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:367
أصحاب الشافعيّ:133،209،318،323،
أصحاب العاهات:305
أصحاب عليّ عليه السّلام:203،207
أصحاب الكهف:417
أصحاب مالك:328،329،355
أصحاب معاوية:195،207
أصحاب نافع بن الأزرق:215
أصحابنا:23،88،233،239،246،294، 300،363،380،385،445،446،469، 501
أصحاب نجدة الحروريّ:215،216
أعراب المؤمنين:16،17
الأغنياء:68
ص:558
الأكراد:306
الإماميّة:243
أمراء الأجناد:48
أنبياء اللّه:80،295،388
الأنصار:123،311،422
أهل الاجتهاد:173
أهل الأرض:399
أهل الإسلام:28
أهل الأصقاع:17
أهل الإنجيل:18،161
أهل الإيمان:246
أهل الباطل:266،368
أهل بست:503
أهل البصرة:173،192،167،195،204
أهل البصيرة:289
أهل البغي:28،169،170،171،173، 175،183،185،187،189،191،192، 195،196،198،199،201،204،205، 206،208،209،210،211،212،213، 214،216،217،220،221،225،369
أهل البلد:325
أهل البيت:102،455،503
أهل التوراة:18،161
أهل الجزية:85
أهل الجزيرة:78
أهل الجمل:197،198
أهل الجهاد:53،201
أهل الجور:247
أهل الحجاز:17
أهل الحرب:82،97،127،148،159، 179،185،192،204
أهل الحرم:100
أهل الحديث:179
أهل الحقّ:248،252
أهل خراج:52
أهل الخلاف:248،249،251
أهل خيبر:40
أهل دار الإسلام:133
أهل دومة الجندل:126
أهل الذمّة:28،37،39،40،41،44،51، 52،64،65،69،77،81،90،96،104، 105،108،127،128،154،161،162، 164،185،186،187،188،190،225، 306
أهل الردّة:172،194،223،224
أهل رعاس:153
ص:559
أهل الزيغ:172
أهل السوق:328
أهل الشام:174،192،194،195،367
أهل الشرك:111،172
أهل الصوامع:51
أهل العدل:185،190،191،192،194، 196،198،199،201،202،204،206، 210،212،214،217،247
أهل العدالة:212
أهل العراق:65،111
أهل القتال:199
أهل العلم:198،205،317،429
أهل القبلة:204
أهل الكتابين:18
أهل الكتاب:15،22،23،24،25،26،27، 29،30،31،32،34،35،39،41،45،54، 55،58
أهل العهد:188
أهل المساجد:103
أهل مصر:65
أهل المعاندة و الشقاق:85
أهل مكّة:23،29
أهل الموقف:382
أهل نجران:58،95،96،155
أهل النفاق:266
أهل النقصان:294
أهل النهر:182
أهل النهروان:174
أهل الهدنة:154،159
أهل الوفاء:293
أهل اليمن:20
البغاة:176،179
بنو أميّة:439،460،461
بنو بكر:152،158
بنو بياضة:421
بنو تغلب بن وائل:33،36،37،38،39،58
بنو الحارث:18،38
بنو حنيفة:19،203
بنو عامر:295
بنو قريظة:156،160
بنو قينقاع:157
بنو كنانة:18
بنو مروان:399
بنو المصطلق:160
ص:560
بنو ناجية:153
بنو النضير:160
البيهسيّة:216
التابعون:21
الترك:28
التغلبي:37
تميم:19،38
تنوخ:38
ثقيف:125،145
الجاهليّة:18،34،124
الجمهور:15،22،26،35،39،48،52، 54،57،66،85،94،115،117،127، 138،145،155،171،175،177،202، 213،220،222،223،225،310،315، 320،325،328،332،339،349،352، 371،377،383،391،406،408،410، 419،424،429،431،432،433،462، 466،487،489
جند كسرى:15
الحربيّة:50،101
الحروريّة:182،216
حمير:18،38
الخاصّة:16،23،27،39،44،48،53،58، 85،172،203،320،325،335،337، 339،350،355،359،371،384،392، 429،488،
خثعم:230
خزاعة:152،158
الخطّابيّة:213
الخوارج:174،177،179،180،183، 184،194،208،214،215،222
دين الإسلام:147،148،149
الذّمّي:73،94،95،101،109،110،161،
ص:561
164،165
ربيعة:18
الرهبان:51،166
الزندقة:19
سحرة فرعون:278
السعود:124
الشافعيّة:149،165،176
الصابئون:31
الصالحون:236،276،277
الصحابة:17،59،105،179،392،413
الصفريّة:215
طيّئ:155
عابد وثن:41
عبّاد الأوثان و الأصنام:25،26،41
العجم:20،25،30،105
العرب:15،20،21،25،26،27،29،30، 33،34،35،96،104،442
العقلاء:495
علماء الإسلام:17
علماؤنا:20،21،42،52،53،57،73، 137،202،237،238،330،331،352، 354،357،370،377،452،487
العلماء:48،55،216،326،327،343، 349،388
غسّان:18،20
غطفان:123،124
فطحيّ:422
الفقراء:68،435،458
الفقهاء:17،88،174،179،204،244، 245،250،252
ص:562
الفقهاء القدماء:17
الفلاّحون:71
القدريّة:214
قريش:19،130،151،152،155،158، 189،413،499
قضاعة:18
الكتابيّ:17،22
الكافر:30،369،390،393
الكفّار:21،25،29،122،130،133، 136،141،174،179،213،214،256، 467
كنانة:38
كندة:19،20
الكوفيّون:385
المؤمنون:126،169،174،240،244، 245،264،270،271،278
المجوس:17،19،23،24،25،26،31، 41،104،139
المجوسية:19،146،147
المجاهدون:112
المحاربون:176
المخالف:43،55،204،218،219
مذهب الشافعيّ:175،328،423،466
المرتدّ:149،179،222
المرسلون:276
المسلم:21،54،95،109،110،122، 128،139،161،163،205،269،369، 382،467
المسلمون:17،37،40،50،54،58،64، 65،66،67،68،69،70،77،78،79،80، 81،82،83،84،86،87،89،90،91،92، 93،102،104،105،106،108،109، 110،116،117،118،119،120،121، 123،125،127،128،131،136،140، 142،143،144،151،154،155،158، 161،162،164،172،174،179،185، 186،187،188،197،205،214،222، 240،269،308،309،312،314،316، 320،326،332،334،339،350،367، 412،467
ص:563
المشرك:95،189
المشركون:16،81،82،88،92،95،99، 102،104،116،118،119،120،123، 126،144،150،151،155،183،185، 189،190
مشركو العرب:27،28
النبيّون:276
النسطوريّة:33
النصارى:17،18،19،25،30،31،32، 41،69،87،95،104،110،449
نصارى أيلة:64،66
نصارى بني تغلب:35
نصارى العرب:40
نصارى نجران:20،38،61،65
النصرانيّة:18،34،146،147،448،449
نصرانيّ:40،87،104،163،164،448، 449
نمير:155
وثنيّ:22،148
واقفيّ:422
هذيل:122
اليعقوبيّة:32
اليهود:17،18،19،25،30،40،41،69، 88،95،99،104،110،123،146،147، 148،157،160،316،448،462
يهود يثرب:123
ص:564
الاستبصار:331،341،399،482
الإنجيل:18،31،33،161،383
التبيان:243
التوراة:18،31،160،161،167،383، 449
التهذيب:75
الخلاف:74
الذكر الحكيم:495
زبور داود:30
صحف آدم:30
صحف إبراهيم:30
صحف إدريس:30
القرآن:41،165،189،393،394،305، 395،414،426،427،428،430
المبسوط:354
المصاحف:207
المصحف:429
المقنعة:332،354
النهاية:245،332،354،368،406
ص:565
آدم:23،30
إدريس:30،446
أبو إبراهيم:44،399،406،471،478
أبو جعفر عليه السّلام:27،69،111،161،232، 235،242،250،251،257،258،275، 288،290،297،309،320،326،336، 352،367،373،375،376،395،401، 402،417،420،421
أبو جعفر الباقر عليه السّلام:53،442،456،470، 474،478،484
أبو جعفر الجواد عليه السّلام:503
أبو جعفر محمد بن على عليه السّلام:499
أبو الحسن عليه السّلام:231،232،251،268، 276،281،298،307،308،310،334، 372،417،436،448،452،459
أبو الحسن الرّضا عليه السّلام:232،235،254، 279،371،418،458،484
أبو الحسن موسى عليه السّلام:310،457،472
أبو عبد اللّه عليه السّلام:16،27،39،40،44،47، 48،51،58،63،81،85،90،144،162، 204،230،231،232،233،239،240، 242،244،246،247،248،251،252، 254،256،257،259،260،261،263، 266،267،269،270،273،275،277، 278،280،281،282،283،284،287، 290،291،292،293،294،295،296، 298،299،300،303،304،305،306، 308،309،311،314،326،333،335، 336،337،338،339،340،341،342، 350،351،352،353،355،365،367، 370،371،372،374،345،376،378، 379،380،381،385،390،392،394، 395،396،397،398،399،401،402،
ص:566
405،406،407،408،414،416،419، 420،422،426،427،428،429،430، 431،433،434،436،437،438،439، 440،441،442،443،445،446،447، 449،450،451،455،456،459،460، 461،462،463،464،466،468،471، 472،473،476،480،481،482،483، 485،486،488،490،491،493،494، 496،497،498،500،502
أمير المؤمنين عليه السّلام:23،27،29،104،111، 178،182،197،203،220،221،234، 242،254،275،276،277،280،284، 285،287،288،293،294،295،306، 311،335،379،382،398،415،426، 428،439،444،495،500
جبرائيل عليه السّلام:31
الباقر عليه السّلام:40،53،54،278،350،419، 421
جعفر عليه السّلام:139،171،181،257،258، 265،268،269،374،438،440،449، 450
جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام:174،335، 382،398،442،446
الحسن عليه السّلام:182،462،463
الحسن بن عليّ عليه السّلام:466
الحسين عليه السّلام:122،462،463
حمزة:374
داود عليه السّلام:30،277
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:15،16،22،28،29،40، 44،48،59،64،80،95،110،118،123، 124،126،130،144،145،150،152، 155،156،157،158،160،167،173، 177،178،179،180،188،189،200، 225،230،232،233،248،249،250، 253،254،257،260،261،262،263، 264،225،257،268،269،276،279،
ص:567
282،284،286،294،295،302،303، 308،309،314،316،320،324،326، 331،332،333،335،339،340،342، 349،351،356،364،367،375،377، 378،379،380،382،383،384،395، 398،405،414،416،417،421،422، 425،433،437،450،455،458،465، 466،488،487،488،493،498،501
الرّضا:264،352،418،425،448
شعيب النبيّ عليه السّلام:237
الصادق عليه السلام:234،241،260،274،278، 279،280،285،289،297،303،306، 311،356،379،380،398،432،475
العالم عليه السّلام:274،279
العبد الصالح عليه السّلام:369،426،443
العزير عليه السّلام:80
عليّ عليه السّلام:23،34،36،39،43،56،58،59، 60،61،172،173،174،175،176، 177،178،181،182،184،194،198، 199،203،204،207،208،209،210، 222،249،278،334،340،414،425، 426،432،437،440،444،450،462، 476،479،501
عليّ بن الحسين عليه السّلام:174،198،199،249، 261،262،277،451،496،498،499
عيسى عليه السّلام:30،80،167
فاطمة:133
محمّد صلّى اللّه عليه و آله:27،29،157،188،237، 297،418
محمّد بن عليّ عليه السّلام:489،
موسى جعفر عليه السلام:489،440
موسى بن عمران عليه السّلام:167،278
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:16،17،20،21،23،24،26، 28،29،30،38،40،43،48،52،53،57،
ص:568
59،60،61،62،64،66،67،69،74،77، 84،88،95،96،103،107،108،110، 115،117،120،122،123،124،125، 128،129،130،133،134،135،134، 144،145،151،152،155،156،157، 160،169،176،178،184،189،191، 218،222،232،233،260،264،280، 309،310،311،312،313،314،315، 316،319،321،323،327،328،329، 330،331،333،340،343،355،358، 362،364،371،374،375،376،377، 383،387،391،412،413،417،419، 424،432،433،468،475،476،480، 487،488
ص:569
أبان بن تغلب:197
أبان بن عثمان:395،449
إبراهيم بن أبى البلاد:372
إبراهيم بن أبى محمود:448،458
إبراهيم الحربيّ:25
إبراهيم بن عبد الحميد:307،417
إبراهيم الكرخيّ:342
إبراهيم بن هاشم:385
ابن أبي سمّال:463
ابن أبي عمير:233،239،293،331،437، 491،
ابن أبي قحافة:173
ابن أبي ليلى:34،254
ابن أبي نجران:396
ابن أبي هريرة:107
ابن أبي يحيى الرازيّ:303
ابن أبي يعفور:380،480،486
ابن إدريس:57،63،73،175،201،244، 245،252،292،302،303،37،311، 321،322،325،331،343،354،368، 397،405،437،445،451،452،485، 486،481،482
ابن أذينة:365
ابن الأعرابيّ:344
ابن أمّ عبد:200
ابن بابويه:58،85،273،292،295،296، 297،298،305،306،331،335،336، 340،379،380،382،383،398،414
ابن البرّاج:442
ابن بكير:401،442،488
ابن الجنيد:31،42،53،54،55،56،59، 70،73،97،104،116،119،121،123، 124،143،144،149،153،202،220،
ص:570
225،384
ابن جمهور:494،501
ابن حمزة:133
ابن الحقيق:157
ابن خطل:84
ابن الزبير:413
ابن سنان:395،436،443،482
ابن سيرين:407،423
ابن طيفور المتطبّب:258
ابن عبّاس:95،104،105،172،177، 196،203،207،320،324،362،391، 392،407،419،434
ابن عبد البرّ:181،327
ابن عمر:171،172،316،322،391
ابن غياث:81
ابن فضّال:418،492
ابن القدّاح:333
ابن قيس:203
ابن مسعود:200،202
ابن ملجم:182،184
ابن المنذر:20،74،191،217،220،324، 412،423،429
أبو أسامة زيد الشحام:500
أبو إسحاق:31،196
أبو إسحاق الشيرازيّ:84
أبو إسحاق المروزيّ:18
أبو أمامة:202،332،371
أبو إمامة الباهلي:488
أبو إسماعيل الصيقل الرازيّ:418،419
أبو أيّوب الخزّاز:430
أبو البختريّ:172
أبو بصير:129،130،134،161،247، 248،267،269،373،376،380، 396،420،451،455،453
أبو بكر:23،194،218،225
أبو بكر الحضرميّ:367،462،473
أبو ثور:20،25،74،209،423،429
أبو الجارود:395
أبو جندل بن سهيل:129،130،134
أبو جعفر الطوسيّ:336
أبو الحارث:88
أبو الحباب:88
أبو حذيفة بن عتبة:218
أبو الحسن الأحمصيّ:270
أبو حمزة:375،451،496
أبو حمزة الثماليّ:198،199،266،492،
ص:571
495
أبو حنيفة:24،25،29،34،36،37،39، 47،56،59،60،61،62،72،83،93،98، 99،107،120،121،128،135،159، 179،190،192،193،195،196،200، 205،212،213،214،219،319،326، 343،350،354،364،366،377،388، 409،411،412،429
أبو خديجه:246
أبو خضيرة:262
أبو الخطّاب:300
أبو الدرداء:53
أبو الربيع الشاميّ:306
أبو زهرة:444
أبو زياد:470
أبو سعيد:179
أبو سعيد الإصطخريّ:107
أبو سعيد الزهريّ:232
أبو سفيان:29،123
أبو سيّار:449
أبو شبل:291
أبو الصلاح:63،331
أبو العبّاس البقباق:473
أبو العبّاس بن سريج:40
أبو عبد الرحمن السلمي:254
أبو عبيد:73،289،344
أبو عبيدة بن الجرّاح:40،83،95،96،218، 251
أبو عبيدة الحذاء:459
أبو عليّ الفارسيّ:368
أبو عمارة الطيّار:283
أبو عمر الحذاء:459
أبو عمرو السرّاج:397
أبو الفضل سالم الحنّاط:338
أبو القاسم:87
أبو القاسم الصيقل:369
أبو محمّد:400،456
أبو مخلد السّراج:441
أبو مسعود الأنصاريّ:356
أبو المعزى:434،463
أبو موسى:102
أبو موسى الأشعريّ:96،207،208،391
أبو ولاّد:399
أبو الوليد:375
أبو هريرة:171،310،322،327،316، 358،407
ص:572
أبو يوسف:20،318
أحمد بن حنبل:20،26،32،34،36،39، 42،46،55،57،62،66،68،72،74،93، 98،107،131،135،192،193،214، 215،217،219،224،313،317،318، 322،324،327،350،358،362،363، 389،391،393،404،407،411،419، 423،424،487،488
أحمد بن زكريّا الصيدلانيّ:503
أحمد بن محمّد بن خالد:231
أحنف بن قيس:384
أسباط بن سالم:282
إسحاق:39،326،391،407،412،434
إسحاق بن إبراهيم:473
إسحاق بن عمّار:280،294،376،396، 416،417،426،440،443،470،483
إسحاق بن عمر:372
أسد بن عبد العزّى:155
أسماء:487
إسماعيل:463
إسماعيل بن أبي زياد:333
إسماعيل بن جابر:39
إسماعيل بن مسلم:295،499
أسقف نجران:88
الأشتر(مالك):150،198،221
الأصبغ بن نباتة:288
الأقرع:124
أكيدر:20،38
أمّ إسماعيل:419
أمّ حبيب:433
أم الحسن النخعيّة:447
أمّ سلمة:375
أمّ طيبة:432
أمّ عبد اللّه بن الحسن:429
أمّ عبد اللّه بن الحسن:394
أمّ عطيّة:433
أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط:132
أمّ المؤمنين:203
أمّ هانئ:99
أنس:311،322،339،424
الأوزاعيّ:20،26،30،191،324،326، 336،354
أيّوب أخي أديم بيّاع الهرويّ:496
بجالة:384
ص:573
البخاريّ:315،387
برد الإسكاف:353
بشير النّبال:299
بياع الكرابيس:282
بياع الأكسية:281
تغلب بن وائل:33
ثابت بن أقرم:225
ثمامة بن أثال الحنفيّ:103
الثوريّ:57،73،362،363،366،407، 412
جابر:233،235،242،288،249،276، 421
جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ:354،355،364، 365
جابر بن زيد:407،429
جرّاح:396
جرّاح المدائنيّ:392،427
جزء بن معاوية:384
جميل بن دراج:472
جميل بن صالح:273،470
جندب بن كعب:384
جهم بن أبى جهم:333
جهم بن حميد:381
حاتم:395
الحارث بن عمر الغطفانيّ:124
الحارث بن كعب:18،19،380
حبيب الأسديّ:261
حديد:468
حذيفة بن منصور:290
حذيفة بن اليمان:144
حسّان المعلم:427
الحسن البصريّ:39،324،354،363،391، 407،417،423،432
الحسن بن الحسين الأنباريّ:458
الحسن بن زيد:398
الحسن بن صالح بن حيّ:34
الحسن بن صبّاح:304
الحسن بن محبوب:484
ص:574
الحسين بن أبي العلاء:261،442،480
الحسين بن زيد:379،380،382،398
الحسين بن عبد اللّه النيشابوريّ:504
الحسين بن المختار القلانسيّ:379
الحسين بن مصعب:398
الحسين بن المنذر:491
حفص بن البختريّ:304،491
حفصة:384
حفص بن غياث:27،44،48،51،196، 244،252،256
الحكم:39،343،391،407
حكم السرّاج:367
حكيم بن حزام:145،338
الحلبيّ راوى:40،280،336،337،341، 422،464
حمّاد:39،343،354،407
حمّاد بن بشير:293
حمّاد بن عثمان:300
حمّاد اللحّام:275
حمزة عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:374
حميد:381
حنّان:294
حنّان بن سدير:374،420،421
حيّ بن أخطب:156
خالد بن الوليد:16،20
خبيب:122
الخليل:96
داود الرقّيّ:240،259
داود بن رزين:464
داود بن زربي:472
داود الظاهريّ:354
درست:260
ذريح بن يزيد المحاربيّ:273
رافع بن خديج:356
ربيعة:354،419
رفاعة:422
روح بن عبد الرحيم:429
ص:575
الزبرقان:124
الزبير:173،179،198
زرارة:58،85،104،352،421،455، 456،462
الزهريّ:39،123،462
زياد:220
زياد بن سلمة:457
زيد بن عليّ:253،262،267،414،426
زينب العطّارة الحولاء:316
السرّاج:367،441
السرّاد:367
سدير:297
سدير الصيرفيّ:278،416
السدّي:32
سعد الإسكاف:309
سعد بن زرارة:124
سعد بن سعد الأشعريّ:254
سعد بن عبادة:123،124
سعد بن معاذ:40،123،124
سعد بن يسار:490،481
السعود:124
سعيد:71
سعيد بن جبير:39،391
سعيد بن عامر بن حذيم:71
سعيد بن عبد العزيز:26
سعيد بن محمّد الطاطريّ:371
سعيد بن المسيّب:332،389
السكونيّ:139،182،231،249،257، 258،259،265،268،293،302،309، 314،350،376،378،390،401،402، 425،438،450
سلاّر:252،332،338
سليمان:278
سليمان بن بريدة:16
سليمان بن خالد:471
سليمان بن صالح:291
سلمة بن الأكوع:171
سليم بن قيس الهلاليّ:501
سماعة:374،394،401،422،430،439
سهيل بن عمرو:115،178
السيد المرتضى:202،204،205،238، 243،351
سيابة:447
ص:576
الشافعى:20،21،22،24،30،31،34،36، 38،39،42،46،50،54،55،57،59،60، 61،62،65،66،68،70،71،74،75،76، 82،85،86،92،98،100،101،105، 107،119،120،121،128،131،132، 135،137،159،161،179،184،186، 187،188،192،193،195،200،205، 206،212،214،217،218،219،224، 226،227،228،313،315،317،318، 319،324،328،329،343،353،354، 356،358،360،362،363،364،377، 378،386،388،391،399،405،406، 407،411،412،413،419،423،424، 429
شريح:221
شريف بن سابق التفليسيّ:276
الشعبيّ:39،120
الشعيريّ:311،438
شهاب:51
شهاب بن عبد ربّه:299
الشيخان:57،63،73،245،252
الشيخ:27،50،51،52،58،68،69،70، 75،83،84،85،88،86،93،94،98،100، 105،106،109،111،116،118،119، 120،121،136،137،139،140،141، 146،147،148،149،161،162،164، 165،174،175،182،184،188،195، 196،198،202،203،204،206،211، 217،226،230،231،238،239،240، 242،243،245،246،248،249،250، 251،252،253،254،256،257،258، 259،261،264،265،280،287،290، 291،292،293،294،296،299،300، 302،303،305،306،310،311،314، 320،321،322،323،324،331،332، 333،335،336،337،339،340،342، 343،350،351،354،355،356،365، 367،368،369،370،371،373،374، 376،378،379،385،386،392،394، 395،397،398،401،402،405،406، 414،416،418،420،425،426،427، 428،429،432،435،436،437،439، 440،441،442،443،444،445،446، 448،449،450،451،452،455،456، 460،462،464،468،470،472،475،
ص:577
478،480،481،483،485،488،489، 490،491،492،496،498،500،501
صفوان:338
ضريس:257
طاوس:343،400
طلحة:173،179،198
طلحة بن زيد:47،287،437
طلحة بن عبد اللّه:322
طلحة بن عبيد اللّه:322
طليحة:224
ظريف بن ناصح:304
عائشة:110،111،203،387،487
عامر بن جذاعة:290
العبّاس:459
عبد الأعلى مولى آل سام:269،297
عبد الحميد بن سعد:406
عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه:394،407، 429
عبد الرحمن بن الحجّاج:204،435،436، 497
عبد الرحمن بن عوف:22
عبد الرحمن بن غنم:78،80
عبد الرحمن بن ملجم:175
عبد اللّه بن إباض:215
عبد اللّه بن أبيّ بن سلّول:169
عبد اللّه بن أبيّ يعفور:500
عبد اللّه بن جعفر:462
عبد اللّه بن الحسن:379
عبد اللّه بن الحسن الدينوري:448
عبد اللّه بن خبّاب:181،184،194
عبد اللّه بن رواحة:169
عبد اللّه بن الزبير:173
عبد اللّه بن زيد:467
عبد اللّه بن سعيد الدغشي:299
عبد اللّه بن سليمان:340،392،495
عبد اللّه بن سنان:246،259،261،414، 443،466
عبد اللّه بن شريك:197
عبد اللّه بن ضمرة:340
ص:578
عبد اللّه بن عبّاس:177
عبد اللّه بن عبد الرحمن:268
عبد اللّه بن القاسم الجعفريّ:439
عبد اللّه بن محمّد بن طلحة:230
عبد اللّه بن مسكان:248
عبد اللّه بن المغيرة:251
عبد اللّه بن منصور:339
عبيد:422،442
عبيد بن إسحاق:293
عثمان:174،179
عثمان بن عفّان:227
عثمان بن عيسى:392،422
عدى بن حاتم:467
عذافر:275
عروة بن عبد اللّه:320،326
عطاء:39،354،358،363
عطاء بن السائب:249
عقيل:413
عكاشة بن محصن:226
عكرمة:391،419
العلاء بن كامل:496
عليّ بن أبيّ حمزة:276،378،460،461
عليّ بن إبراهيم الجعفريّ:260
عليّ بن أسباط:303
عليّ بن جعفر:440،478،479،489
عليّ بن سليمان:474
عليّ بن السنديّ:251
عليّ الصائغ:402
عليّ بن عبد الرحيم:291
عليّ بن عبد العزيز:274،284
عليّ بن عقبه:300
عليّ بن مهزيار:473
عليّ بن النعمان:434
عليّ بن يقطين:457
عمّار:455
عمّار بن مروان:350،395،402
عمّار بن ياسر:29
عمّار الساباطيّ:352،436
عمارة بن الوليد:388
عمر:75،78،83،85،93،96،102،173، 225،341
عمر بن إبراهيم:298
عمر بن أبي حفص:476
عمر بن أذينة:23،35،36،38،48،58، 59،61،65،69،71،75،78،83،85،93، 96،274،370
ص:579
عمر بن حنظلة:246
عمر بن الخطّاب:23،35،36،38،48،58، 59،61،65،69،71،53،332،384،389
عمر بن عبد العزيز:34،35،38،51،58، 72،105،326
عمر بن مسلم:284
عمر بن يزيد:280،495
عمرو بن ثابت:432
عمرو بن حريث:370
عمرو بن حزم:53
عمرو بن خالد:414
عمرو بن العاص:207،208
عمير بن وهب:103
العنسيّ:224
عيسى:304
عيسى بن سيفيّ:385
عيسى بن عبد اللّه القمّيّ:254
عيسى بن هشام:308
عيسى بن القاسم:406،408
عيينة بن حصن:123
غياث:335
غياث بن إبراهيم:242
فاطمة بنت قيس:312،313
فرعون:263،278
فرقد الحجّام:420
فروة بن نوفل الأشجعيّ:22
فزارة:258
الفضل بن أبى قرة الكوفيّ:276،426
الفضل بن كثير:427
الفضيل بن يسار:277،472
القاسم بن محمّد:387،437
قتيبة الأعشى:428
قيس:290
كرّام:263
كعب بن الأشرف:156
لبيد بن الأعصم:387
ص:580
الليث:322،326
الليث بن سعد:329،330
مالك:20،26،55،57،71،73،179، 192،193،214،215،217،322،324، 326،328،329،336،339،343،350، 357،407،411،412،419،423،432
مالك بن دينار:429
مثنّى الحناط:294
مجاهد:32،407،413
محمّد:318
محمد بن الحسن الصفّار:400،447
محمد بن خالد:172،447
محمد الزعفرانيّ:281
محمّد بن زياد البجلي:257
محمد بن سنان:481،482
محمد بن عذافر:275
محمد بن عرفة:231،232،235
محمد بن عليّ الحلبيّ:399،450،476
محمد بن عيسى:231
محمد بن عيسى العبيديّ:369،459
محمد بن قيس:368
محمد بن مروان:455
محمد بن مسلم:40،63،64،69،111، 298،402،433،442،462،473،480، 484
محمد بن مضارب:351
محمد بن المنكدر:498
محمد الورّاق:394،430
مروان:115
مروان بن الحكم:174،203
مروك بن عبيد:446
المزنيّ:21،22،42،135،161
المستورد:23
مسعدة بن صدقة:16،232،239،254،466
مسلم:358
مسمع:405،449
مسمع بن عبد الملك:260،438
مسور بن مخرمة:115
مسيلمة الكذّاب:223
مصدّق:452
معاذ:20،38،53،57،59،60،75،281، 282
معاذ بن كثير:280،282
معاذ الهرّاء النحويّ:251
ص:581
معاوية:40،174،177،178،195،198، 207،208
معاوية بن عمّار:296،298،422،462
معاوية بن وهب:248
معتّب:333،334،441
المعتصم:503
معقل بن قيس:153
معلّى بن خنيس:342،442،496
معمّر بن خلاّد:279
المغيرة بن شعبة:15
مفضّل بن يزيد:240،241
المفيد:42،332،338،354
مكحول:462
ملكة سبأ:278
منهال القصّاب:325
موسى بن أبي الحسن الرازيّ:264
موسى بن بكر:308،399
موسى بن عبد الملك:473،474
مهران بن محمد بن أبى نصر:459
ميسر:292
ميسر بن عبد العزيز:305
نافع بن الأزرق:215
النجاشيّ:388،501،502
النخعيّ:39،354
نصر بن عاصم:145
نصر بن قابوس:372
نعمان بن زرعة:37
النوفليّ:293،303
الوشّاء:352
الوليد بن صبيح:306،455،456
الوليد بن عقبه:384
الوليد العماريّ:355
الوليد بن مدرك:434
الوليد بن المغيرة:375
الوليد بن الوليد:375
وهب:440
وهب الحريريّ:449
ص:582
هارون بن حمزة:162،292
هاشم بن يزيد:262
هشام:300،491
هشام بن الحكم:291،310،434
هشام بن سالم:280،308،378،470
هشام الصيدلانيّ:299،300،498
هند السراج:367
هيثم:258
يحيى الأنصاريّ:419
يحيى بن أبي العلاء:266،463
يحيى الطويل صاحب البصريّ:239،242
يزيد بن هارون الواسطيّ:446
يعقوب بن شعيب:350
يوسف بن جابر:250
يونس بن عمّار:456
يونس بن يعقوب:334،374،381
ص:583
الإهداء 5
كلمة القسم 7
المقصد السادس في أحكام الذمة
و فيه مباحث [البحث]الأوّل في وجوب الجزية و من تؤخذ منه
15
في عقد الجزية 17
من الكتابيّ؟17
أخذ الجزية من أهل الكتابين 18
من أهل الكتابين؟18
هل تؤخذ الجزية ممّن دخل في دينهم من الكفّار؟21
هل تؤخذ الجزية من المجوس؟22
هل تقبل الجزية من عبّاد الأوثان؟25
السيوف الثلاثة 27
هل تقبل الجزية من عدا اليهود و النصارى و المجوس؟30
ص:584
هل تؤخذ الجزية من الصابئين؟31
هل تؤخذ الجزية من بني تغلب و تنوخ و بهراء؟34
هل تؤخذ الجزية من الصبيان و المجانين و نسائهم؟36
لو بذل التغلبيّ أداء الجزية 37
هل تقبل من الحربيّ من التغلبيّين؟37
لو أراد الإمام نقض صلحهم و تجديد الجزية عليهم 38
إذا لم يلتزموا بشرائط الذمّة و فرّقوا 38
ذبائح بني تغلب و مناكحتهم 39
هل تسقط الجزية من أهل خيبر؟40
إذا غزا الإمام قوما فادّعوا أنّهم أهل كتاب 41
لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب و له ابنان 41
لو دخل أبوهما في دين الكتاب ثمّ مات ثمّ جاء الإسلام و بلغ الصبيّ 41
في سقوط الجزية عن الفقير 42
في سقوط الجزية عن الصبيّ 43
الصبيّ إذا بلغ و كان من أهل الذمّة 44
لو كان هذا الصبيّ ابن عابد وثن و بلغ 45
لو بلغ الصبيّ مبذّرا 45
لو صالح الإمام قوما على أن يؤدّوا الجزية 45
لو بلغ سفيها 45
الإمام إذا عقد الذمّة لرجل 45
لو كان أحد أبويه وثنيّا 46
هل تسقط الجزية عن المجنون المطبق؟47
لو كان جنونه غير مطبق 47
ص:585
هل تؤخذ الجزية من النساء؟48
لو بذلت امرأة الجزية 49
لو بعثت امرأة من دار الحرب فطلبت أن يعقد لها الذمّة 49
لو كان في حصن رجال و نساء و صبيان فامتنع الرجال من الجزية 49
لو دخلت الحربيّة دار الإسلام بأمان للتّجارة 50
هل تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني و الزّمن؟50
هل تؤخذ الجزية من أهل الصوامع و الرهبان؟51
في إيجاب الجزية على المملوك 52
لو كان نصفه حرّا و نصفه رقّا 54
لو أعتق المملوك 54
البحث الثاني في مقدار الجزية
هل في الجزية شيء مقدّر؟56
هل تؤخذ الجزية ممّا تيسّر من أموالهم 61
هل تتداخل الجزية؟62
يتخيّر الإمام في وضع الجزية على رءوسهم أو أرضيهم 63
هل يجوز أن يشترط ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين في عقد الذمّة؟64
لو لم يشترط الضيافة 65
إذا شرط الضيافة 66
هل تكون الضيافة على قدر الجزية؟67
نزول المسلمين في فواضل منازلهم و بيعهم 67
إذا شرطت الضيافة و امتنعوا 68
ص:586
هل يؤخذ منهم شيء آخر سوى الجزية؟68
في تفسير الصغار 70
إذا مات الذمّيّ بعد الحول 71
لو مات في أثناء الحول 72
هل الجزية تقدّم على وصاياه؟72
لو أفلس 73
هل يجوز استسلاف الجزية مع المصلحة 73
إذا أسلم لتسقط عنه الجزية 75
لو أسلم في أثناء الحول 76
لو استسلف الإمام منه الجزية ثمّ أسلم في أثناء الحول 76
البحث الثالث فيما يشترط على أهل الذمّة
هل يجوز عقد الذمّة المؤبّدة؟77
هل ينبغي للإمام أن يشرط عليهم كلّ ما فيه نفع للمسلمين؟78
أقسام جملة ما يشترط على أهل الذمّة 81
حكم من انتقض أمانه 88
حكم المستأمن 88
هل يلزم كتابة أسمائهم و عددهم في عقد الذمّة؟89
حكم انعقاد عقد الذمّة ما داموا على الذمّة 89
إذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم 89
من أراق من المسلمين لهم خمرا 89
أخذ الجزية ممّا لا يسوّغ للمسلمين تملّكه 90
ص:587
إذا مات الإمام و قد ضرب من الجزية أمدا 90
البحث الرابع في أحكام المساكن و الأبنية و المساجد
هل يجوز لأهل الحرب أن يدخلوا بلاد الإسلام؟92
إذا شرط الإمام عليهم شرطا دائما 93
هل يجوز سكنى الحجاز للحربيّ؟95
ما المراد بجزيرة العرب و الحجاز؟95
لم سمّي الحجاز حجازا؟96
لو دخل واحد منهم بغير إذن الإمام 97
لو دخل بإذن هل يجوز أن ينتقل إلى غيره؟97
لو مرض بالحجاز 97
الاجتياز في أرض الحجاز بالإذن و غيره 98
لو كان له دين فأراد الإقامة لاقتضائه 98
هل يجوز لهم دخول الحرم؟98
لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض 100
أقسام المساجد و دخولهم فيها 101
إذا وفد قوم من المشركين إلى الإمام 104
البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام 104
حكم البلد الذي أنشأه المسلمون و أحدثوه 104
البلد الذي فتحه المسلمون عنوة 105
البلد الذي فتح صلحا 106
أقسام دور أهل الذمّة 108
ص:588
تصدير أهل الذمّة في المجالس و بدؤهم بالسلام 110
مصرف الجزية 111
المقصد السابع في المهادنة و أحكامها
[البحث]الأوّل [في المهادنة]
معنى المهادنة و المواعدة و المعاهدة115
هل تجوز المهادنة مع وجود المصلحة للمسلمين؟116
وجوب ذكر المدّة في المهادنة 116
هل يجوز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة؟118
إذا صالحهم أكثر من أربعة أشهر و أقلّ من سنة 118
لو لم يكن في المسلمين قوّة و اقتضت المصلحة أكثر من سنة 119
هل يتقدّر الزائد بقدر؟119
لو صالحهم أكثر من عشر سنين 121
إذا أراد حربيّ منهم أن يدخل دار الإسلام رسولا أو مستأمنا 121
هل الهدنة واجبة على كلّ تقدير؟121
مهادنة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة 123
لو صالحهم على مال 123
هل يجوز أن يهادنهم على وضع شيء من حقوق المسلمين؟125
هل يجوز عقد الهدنة و الذمّة من غير الإمام و نائبه؟126
جواز عقد الأمان لآحاد الرعايا 126
إذا عقد الهدنة هل يجب عليه حمايتهم من المسلمين؟127
أقسام الشروط المذكورة في عقد الهدنة 128
ص:589
لو شرط الإمام ردّ من جاء مسلما من الرجال 128
لو شرط في الصلح ردّ الرجال مطلقا 131
لو جاء صبيّ و وصف الإسلام هل يردّ؟131
لو جاء عبد هل نحكم بحريّته؟131
ردّ النساء المهاجرات 132
لو طلبت امرأة أو صبيّة مسلمة الخروج من عند الكفّار 133
إذا عقد الهدنة مطلقا فجاءنا منهم إنسان هل يجب ردّه؟133
إذا شرط الإمام في الهدنة ردّ النساء 134
إذا أطلق الهدنة 134
لو أنفق الزوج في العرس أو أهدى إليها شيئا هل يجب ردّه؟136
لو قدمت مجنونة 136
لو قدمت صغيرة و وصفت الإسلام 137
لو قدمت مسلمة ثمّ ارتدّت 138
لو جاءت مسلمة و جاء زوجها يطلبها فمات أحدهما 138
لو قدمت مسلمة فطلّقها زوجها 139
لو جاءت مسلمة ثمّ جاء زوجها و أسلم 139
لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام 140
إذا قدمت مسلمة إلى الإمام فجاء رجل ادّعى أنّها زوجته 141
إذا ثبت النكاح بالبيّنة أو باعترافها،فادّعى أنّه سلّم إليها المهر 141
إذا عقد الإمام الهدنة ثمّ مات 142
إذا نزل الإمام على بلد و عقد لهم صلحا 142
لو شرط الإمام في عقد الهدنة ما لا يجوز 143
ص:590
البحث الثاني في تبديل أهل الذمّة دينهم
إذا انتقل ذمّيّ إلى دين آخر 146
لو انتقل إلى دين لا يقرّ عليه أهله 148
ما الذي يقبل منه؟148
البحث الثالث في نقض العهد
إذا عقد الإمام الهدنة هل يجب عليه الوفاء ما لم ينقضوها؟150
لو شرع المشركون في نقض العهد 151
لو نقضوا العهد ثمّ تابوا عنه 153
إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين 153
إذا نقضت الهدنة لخوف الإمام 154
إذا هادنهم لأحد المصالح 155
إذا عقد الإمام الذمّة للمشركين 158
إن شرط الإمام في عقد الذمّة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب 158
إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة 159
البحث الرابع في الحكم بين المعاهدين و المهادنين
إذا تحاكم إلينا ذمّيّ مع مسلم أو مستأمن مع مسلم 161
إذا استعدى أحد الخصمين إلى الإمام 162
ص:591
إذا جاءت امرأة ذمّيّة تستعدي على زوجها الذّمي في طلاق أو...162
هل يجوز للمسلم أن يأخذ مالا من نصرانيّ مضاربة؟163
إذا أكرى نفسه من ذمّيّ 163
إذا فعل أهل الذمّة ما لا يجوز في شرع الإسلام 164
إذا جاء نصرانيّ قد باع من مسلم خمرا 164
إذا أوصى مسلم لذمّيّ بعبد مسلم 164
هل يمنع المشرك من شراء المصاحف؟165
إذا أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة أو بيعة 165
لو أوصى بشيء تكتب به التوراة و الإنجيل 166
لو أوصى أن يكتب طبّا أو حسابا 167
المقصد الثامن في قتال أهل البغي
فوائد آية وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 169
وجوب قتال أهل البغي 171
ثبوت حكم البغي بشرائط ثلاثة 174
هل يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما 176
ثبوت الإمامة بالنصّ 176
المراد من الخوارج 179
وجوب قتال أهل البغي على كلّ من ندبه الإمام لقتالهم 182
هل الخوارج يعتقدون تكفير من أتى بكبيرة؟183
إذا ثبت أنّ الباغي يقتل قصاصا فهل يتحتّم القصاص؟184
لو استعان أهل البغي بنسائهم و صبيانهم 185
ص:592
لو استعان أهل البغي بالمشركين 185
لو استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم و قاتلوا معهم 186
لو استعانوا بالمستأمنين 187
هل للإمام أن يستعين بأهل الذمّة على حرب أهل البغي 188
هل يجوز للإمام أن يستعين على أهل الحرب بأهل الذمّة 188
إذا افترق أهل البغي طائفتين ثمّ اقتتلوا 189
يجوز إتلاف أموال أهل البغي عند الحرب 190
إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلاّ بالقتل 190
إن أتلف أهل العدل على أهل الحرب مالا قبل الشروع في القتال 191
إذا أتلف أهل البغي مال أهل العدل حال القتال 192
ما يتلفه أهل العدل من نفوس أهل البغي 193
أقسام أهل البغي 195
لو قتل إنسان من أهل العدل من منع من قتله 198
إذا وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل 199
لو كان الأسير من غير أهل القتال 201
لو أسر كلّ واحد من الفريقين أسارى من الآخر 201
لو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل 201
حكم مال أهل البغي الذي لم يحوه العسكر 201
حكم أموالهم التي حواها العسكر 202
هل يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي و سلاحهم 204
سبي ذراريّ الفريقين 205
إذا سأل أهل البغي الإمام أن ينظرهم و يكفّ عنهم 205
لو توسّل أهل البغي برفع المصاحف 206
ص:593
لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل 208
إذا غلب أهل البغي على بلد 209
إذا زالت أيدي أهل البغي عن البلد و ملكه أهل العدل 210
هل تقبل شهادة أهل البغي عندنا 213
حكم من قتل من أهل العدل في المعركة 214
حكم من قتل من أهل البغي في المعركة 214
إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحدّ 216
هل يجوز للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه؟217
هل يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل 220
حكم من سبّ الإمام و النبيّ 222
المراد من الردّة في اللغة و الشرع 223
مانع الزكاة مرتدّ أم لا؟223
إذا أتلف المرتدّ حال ردّته مالا أو نفسا 224
إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله 226
هل يجب عليه أن يدافع عن نفسه أو ماله 227
تدافع المرأة عمّن أرادها 227
لو أمكنه التخلّص بالهرب 228
حكم المضطرّ إلى أكل طعام نجس 228
ص:594
المقصد التاسع في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
و مباحثه ثلاثة [البحث]الأوّل المراد من الأمر و النهي
229
المراد من المعروف و المنكر 229
المراد من الحسن و القبيح 229
فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 230
النهي عن ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر 231
البحث الثاني في وجوبهما و كيفيّة وجوبهما...
وجوب الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر 235
وجوبهما عقليّ أو سمعيّ 237
وجوبهما عينيّ أو كفائيّ 238
شرائط وجوبهما 238
مراتب الإنكار 241
لو افتقر إلى الجراح و القتل 243
البحث الثالث في اللواحق
هل يجوز إقامة الحدود؟244
من استخلفه سلطان ظالم على قوم 245
ص:595
هل يجوز الحكم بين الناس و القضاء بينهم؟245
إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاة الجور 246
إذا ترافع إلى الفقيه خصمان 248
هل يجوز للفقهاء الإفتاء بين الناس 250
لو خاف الفقيه على نفسه من الفتيا بالحقّ 251
هل يجوز للفقهاء إقامة الحدود حال الغيبة؟252
هل يجوز للفقهاء أن يجمّعوا بالناس الصلوات كلّها؟252
هل يجوز لأحد أن يعرض نفسه للتولّي من قبل الظالمين؟252
سبع خصال للشهيد 253
إجابة دعاء الغازي 253
استحباب إبلاغ رسالة الغازي 254
الجهاد باب فتحه اللّه لخاصّة أوليائه 254-255
أوجه الجهاد 256
هل يجوز الدفاع من المال بالمحاربة 257
استحباب اتّخاذ الخيل و ارتباطها 258
حقوق الدابّة 259
ضرب الدابّة عند الحاجة 260
من قتل دون ماله 261
قيام عليّ مع رسول اللّه أعظم أجرا أم حربه التي خاضها في خلافته 262
من شهد أمرا فكرهه 263
حديث أربع لأربع فواحدة للقتال 263
صرف المال في الصدقة لذي الرحم أفضل أم صرفه في الجهاد؟264
ما أوحى اللّه إلى نبيّ من الأنبياء 265
ص:596
علّة التقيّة 266
خير الرفقاء و خير العساكر 267
إذا التقى المسلمان سيفهما على غير سنّة 267
كلّ أمر المؤمن باطل إلاّ ثلاث 268
من سمع رجلا ينادي:يا للمسلمين فلم يجبه 268
ما المراد بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً ؟269
إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أموره كلّها 270
القاعدة الثانية في العقود،
و فيها كتب الكتاب الأوّل في التجارة
و فيه مقاصد المقصد الأوّل في المقدّمات 271
و فيه فصول [الفصل]الأوّل في التجارة
في جواز طلب الرزق بالمعاش في الحلال 273
الفصل الثاني في آداب التجارة
معرفة كيفيّة الاكتساب و التمييز بين عقود الصحيح و الفاسد 287
التسوية بين الناس في البيع و الشراء 289
إذا قال التاجر:هلمّ أحسن إليك 290
إذا قال إنسان للتاجر:اشتر لي متاعا 291
ص:597
استحباب قبول الإقالة للتاجر 292
استحباب إعطاء الراجح و أخذ الناقص للتاجر 292
استحباب المسامحة في البيع و الشراء 294
هل يكره للتاجر أن يكون أوّل داخل إلى السوق 295
استحباب أن يسأل اللّه التاجر من خير السوق 296
استحباب أن يكبّر اللّه ثلاثا إذا اشترى 297
إذا تعسّر عليه نوع من التجارة 299
هل يكره أن يطلب الغاية فيما يبيع و يشتري من الربح 300
الفصل الثالث في المناهي المتعلّقة بالابتياع،
و فيه بحثان البحث الأول في المناهي من حيث التأديب
تجنّب خمسة أشياء في التجارة 302
كراهة السوم و المقاولة في البيع و الشراء 303
مخالطة السفلة 303
المراد من السفلة؟305
معاملة ذوي العاهات و المحارفين 305
معاملة الأكراد 306
تزيين الأمتعة و كتمان الرديّة 306
من باع لغيره شيئا 307
كراهة اليمين على البيع 307
ص:598
البحث الثاني في المناهي المحرّمة
حرمة الغشّ 308
نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن أن يسوم الرجل على سوم أخيه 310
لو سام على سوم أخيه 313
السوم في اللغة 314
لو اشترى على شراء أخيه 314
حرمة النجش 315
لو اشترى مع النجش صحّ البيع 317
لو كان في البيع غبن لم يجر العادة بمثله 317
بطلان بيع التلجئة 318
نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يبيع حاضر لباد 319
المراد من البادي 319
قولان للشيخ في المسألة 322
شرائط حرمة بيع الحاضر للبادي 323
هل يجوز للبادي الشراء؟324
تلقّي الركبان 325
لو خالف و تلقّى الركبان و اشترى منهم 327
هل يثبت الخيار بدون الغبن الفاحش؟328
لو تلقّى الركبان فباعهم شيئا 329
حدّ تلقّي الركبان 330
الاحتكار 331
المراد من الاحتكار 335
ص:599
تحقّق الحكرة بالزيت و الملح 336
تحقّق احتكار المحرّم أو المكروه عند احتياج الناس 337
هل للإمام أن يجبر المحتكرين على البيع 338
الاحتكار في الأخبار 341
الاستحطاط من الثمن قبل التفرّق و بعده 342
النهي عن بيعتين في بيعة و تفسيره 343
بيع حبل الحبلة 343
بيع عسب الفحل و الملاقيح 344
بيع الملامسة و المنابذة 344
بيع الحصاة 345
المقصد الثاني في ضروب الاكتساب،
و فيه مباحث البحث الأوّل فيما يحرم التكسّب به،
و هو أنواع 347
[النوع]الأوّل الأعيان النجسة
أقسام الأعيان النجسة 349
بيع السرجين النجس 350
الخمر و الفقّاع 351
أجزاء الميتة و الخنزير 352
ص:600
بيع الكلاب 354
إجارة الكلب 357
قتل الكلب المعلّم 357
إتلاف الكلب العقور 358
حرمة اقتناء ما عدا الكلاب الثلاثة 358
لو اقتنى كلبا لصيد ثمّ ترك الصيد مدّة و هو يريد العود إليه 359
حكم الأعيان الطاهرة إذا أصابتها نجاسة فنجست بها 360
النوع الثاني ما يحرم لتحريم ما قصد به
حرمة بيع العنب ليعمل خمرا 362
هل يجوز أن يباع على من يعمله إذا لم يبعه لذلك؟363
إذا باع العصير أو العنب ليعمل خمرا 363
بيع الخمر و التوكيل في بيعه و شرائه 364
إجارة السفن و المساكن للمحرّمات 365
لو اكترى ذمّيّ من مسلم داره فأراد بيع الخمر فيها 366
حرمة بيع السلاح لأعداء الدين 366
حرمة بيع الخشب لمن يعمله صنما أو صليبا 369
حرمة عمل الأصنام و الصلبان 370
النوع الثالث ما هو محرّم في نفسه
حرمة الغناء و أجره 371
ص:601
حرمة القمار و ما يؤخذ منه 376
حرمة الغشّ بما يخفى 378
حرمة تدليس الماشطة 378
حرمة عمل الصور المجسّمة و أخذ الأجرة عليه 379
معونة الظالمين بما يحرم 380
حرمة الغيبة 382
حرمة حفظ كتب الضلال 383
حرمة تعلّم السحر و الشعبذة و الكهانة و الأجرة عليه 383
المراد عن السحر 385
تحريم تعلّم السحر و تعليمه 388
هل للسحر حقيقة؟388
السحر بالذكر و الكلام المباح 389
عمل الكاهن و أخذ الأجرة عليه 389-390
حرمة التنجيم 390
حرمة الشعبذة 390
بيع الحرّ و أكل ثمنه 391
بيع المصحف 391
جواز شراء الجلد و الورق إذا أراد بيع المصحف 392
لو اشترى الكافر مصحفا 393
إذا عقد البيع على جلد المصحف 393
أخذ الأجرة على كتابة القرآن 394
حرمة السرقة و الخيانة و بيعها و أكل ثمنها 395
لو اشترى السرقة و لم يعلمها 396
ص:602
لو امتزجت السرقة بأعيان غيرها فاشتبهت و باع السارق 397
من وجد عنده سرقة 397
تحريم الخيانة و وجوب أداء الأمانة 398
لو سرق مالا أو غصبه و اشترى به ضيعة 400
لو حجّ بالمال المغصوب 401
الرشا في الأحكام 401
هل يجوز بيع تراب الصياغة؟402
حرمة التطفيف في الوزن و الكيل 403
النوع الرابع ما لا ينتفع به
حرمة بيع ما لا ينتفع به 404
جواز بيع ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا 405
حكم بيع الفيل 406
بيع الهرّ 407
لو كان الفهد و الصقر ممّا ليس بمعلّم 407
حكم بيض ما لا يؤكل لحمه من الطير 408
حكم بيع العلق التي ينتفع بها 408
جواز بيع دود القزّ 409
جواز بيع النحل 409
جواز بيع الماء و التراب 410
عدم جواز بيع ما أسقط الشارع منفعته 410
بيع الترياق 410
ص:603
بيع لبن الآدميّات 410
بيع الأرض المفتوحة عنوة 412
النوع الخامس ما يجب على الإنسان فعله
حرمة أخذ الأجرة على تغسيل الأموات 414
أخذ الأجرة على الأذان 414
البحث الثاني فيما يجوز التكسّب به من المكروه و المباح
الصرف 416
بيع الأكفان 417
بيع الطعام 418
الحياكة و النساجة 418
كسب الحجّام إذا لم يشترط 419
أخذ الأجر على ضراب الفحل 423
لو أعطى صاحب الفحل هدية 424
لو غصب فحلا فأنزاه إبله 425
كسب الصبيان و من لا يتجنّب الحرام 425
أخذ الأجرة على تعليم القرآن 426
أخذ الأجرة على تعليم الحكم و الآداب 428
أخذ الأجرة على تعليم الفقه 428
استئجار الناسخ لينسخ كتب الفقه 429
ص:604
الاستئجار لكتابة المصحف 429
تعشير المصاحف بالذهب 430
أخذ الأجرة على نسخ جميع الكتب الدينيّة و الدنيويّة 430
التسوية بين الصبيان في التعليم 431
الاستئجار للختان و خفض الجواري 431
الاستئجار للصنائع الدنيّة 433
إذا أمره بشراء شيء 434
من دفع إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج و الفقراء 435
استئجار النفس لكلّ عمل مباح ينتفع به 436
أجر القابلة و الماشطة 437
حكم الصياغة و القصابة 437
من بات ساهرا في كسب 438
إذا امتزج الحلال بالحرام 438
أكل ما ينثر في الأعراس 440
بيع جلود السباع 441
ركوب البحر للتجارة 442
أجرة الدلاّل 443
إذا استأجر الرجل أجيرا خاصّا 443
أخذ أجر المرأة عن الغزل 444
إذا مرّ الإنسان بالثمرة 444
ثواب الزراعة 446
أخذ الأجرة على بدرقة القوافل 447
عمل اليهوديّ و النصرانيّ فيما لا يحتاج فيه إلى الإسلام 448
ص:605
عمل اليهوديّ و النصرانيّ فيما يحتاج فيه إلى الإسلام 448
التجارة في الجارية النصرانيّة و المغنّية 448
حكم بيع الملك و شراؤه 449
من غرس شجرا بديّا 450
إذا استأجر الإنسان مملوك غيره فأفسد المملوك 451
شراء الذهب بترابه 452
خصاء الحيوان 452
أخذ الأجرة على تغسيل الأموات 452
أخذ الأجرة على حمل الموتى 452
البحث الثالث في عمل السلطان و أخذ جوائزه
الولاية من السلطان العادل 454
الولاية من السلطان الجائر 455
إذا علم التمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و وضع الأشياء مواضعها هل يجوز التولّي من قبل الجائر 456
لو لم يغلب على ظنّه التمكّن 460
حكم جوائز السلطان إن علمت حراما 460
لو لم تعلم حراما 461
المعاملة مع الظالمين 464
إذا تمكّن الإنسان من ترك معاملة الظالمين 465
المشكوك فيه على ثلاثة أضرب 467
إذا اضطرّ إلى أخذ ما يعلمه حراما 469
ص:606
ابتياع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات 469
إذا غصب ظالم إنسانا شيئا ثمّ تمكّن المظلوم من أخذه 471
إذا أودعه الظالم شيئا 475
لو كانت مختلطة بمال الغاصب 477
البحث الرابع فيما يجوز للرجل أن يأخذ من مال والده و بالعكس و ما يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها
هل يجوز للولد أن يأخذ شيئا من مال والده؟478
هل يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده البالغ؟479
إذا كان للولد مال و لم يكن لوالده 481
إذا كان للولد جارية هل يجوز للوالد وطؤها و مسّها بشهوة؟482
إذا كان الأب معسرا و له أولاد موسرون بالغون،أجبروا على الإنفاق عليه 484
إذا امتنعوا من الإنفاق و تعذّر الإجبار 484
إذا كانت للأمّ ولد و له مال هل يجوز الأخذ منه؟485
هل يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها شيئا؟486
لو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته 489
حكم الصدقة من مال الزوج للمرأة 489
هل يجوز للرجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا؟490
إذا أباحته أو وهبت له 490
لو دفعت إليه مالا و شرطت له الانتفاع به 490
إذا دفعت إليه مالا ليتّجر به 491
لو أذنت في شراء الجارية للوطء 491
ص:607
خاتمة هذا المقصد و هي تشتمل على فصول
ترك الحرص و ضرورة السعى في طلب الرزق بقدر الحاجة 493
لم وسّع اللّه تبارك و تعالى في أرزاق الحمقى 496
وجوب السعي و الطلب مع الحاجة 496
العمل طاعة من طاعات اللّه 499
تفسير الزهد 500
منهومان لا يشبعان 501
سرّ أخاك يسرّك اللّه 502
الإحسان إلى الإخوان 503-504
ص:608
مصادر التحقيق
1-الاحتجاج،أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ،تحقيق السيّد محمّد باقر الموسويّ الخرسان،منشورات الأعلميّ،بيروت-لبنان.
2-الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان،علاء الدين عليّ بن بلبان الفارسيّ(م 739 ه-ق)تحقيق كمال يوسف الحوت،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.
3-الأحكام السلطانيّة،القاضي أبو يعلى محمّد بن الحسين الفرّاء(م 458 ه-ق) و أبو الحسن عليّ بن محمّد بن حبيب البصريّ البغداديّ الماورديّ،نشر مكتب الإعلام الإسلامي،1406 ه-ق،الطبعة الثانية.
4-أحكام القرآن،أبو بكر أحمد بن عليّ الرازيّ الجصّاص الحنفيّ (م-370 ه-ق)تحقيق محمّد الصادق قمحاويّ،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان،1405 ه-ق.
5-أحكام القرآن،أبو بكر محمّد بن عبد اللّه المعروف بابن العربيّ(468- 543 ه-ق)تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.
6-أحكام القرآن،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ(150-204 ه-ق) جمعه أبو بكر أحمد بن الحسين...البيهقيّ صاحب السنن(م 548 ه-ق)، دار الكتب العلميّة بيروت-لبنان،1395 ه-ق.
7-الاختصاص،أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ البغداديّ الملقّب
ص:609
بالشيخ المفيد(م 413 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفّاريّ،انتشارات مكتبة الزهراء،قم-إيران،1402 ه-ق.
8-الاختيار لتعليل المختار،عبد اللّه بن محمود بن مودود الموصليّ (م 683 ه-ق)تحقيق عبد اللطيف محمّد عبد الرحمن،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.
9-اختيار معرفة الرجال،«رجال الكشّيّ»،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (385-460 ه-ق)تحقيق حسن المصطفويّ،نشر دانشكدۀ إلهيّات و معارف إسلامى،مشهد-إيران،1348 ه-ش.
10-إرشاد السالك إلى أشرف المسالك،شهاب الدين عبد الرحمن بن محمّد بن عسكر المالكيّ البغداديّ،نشر عبد الحميد أحمد حنفيّ،مصر،1380 ه-ق.
11-إرشاد الساريّ لشرح صحيح البخاريّ،أبو العبّاس شهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلانيّ(م 923 ه-ق)دار الفكر،طبعة جديدة بالأوفست،المطبعة الأميريّة ببولاق مصر 1304 ه-ق الطبعة السادسة.
12-الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد،أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الملقّب بالمفيد(م 413 ه-ق)ترجمة و شرح السيّد هاشم الرسوليّ المحلاّتي،انتشارات علميّۀ اسلاميّه،تهران-ايران.
13-إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل،محمّد ناصر الدين الألبانيّ،مطبعة المكتب الإسلاميّ،بيروت،لبنان 1405 ه-ق،الطبعة الثانية.
14-أساس البلاغة،جار اللّه أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشريّ(م 538 ه-ق)، مطبعة دار الكتب و الوثائق القوميّة،مركز تحقيق التراث،جمهوريّة مصر العربيّة 1972 م،الطبعة الثانية.
15-الاستبصار في ما اختلف من الأخبار،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (385-460 ه-ق)تحقيق السيّد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار
ص:610
الكتب الإسلاميّة،1390 ه-ق.
16-الاستيعاب في معرفة الأصحاب(بهامش الإصابة في تمييز الصحابة)،أبو عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البرّ القرطبيّ(363-463 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان 1328 ه-ق،الطبعة الأولى.
17-الاستذكار،أبو عمر يوسف بن عبد اللّه بن عبد البرّ القرطبيّ(363- 463 ه-ق)منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1423 ه-ق، الطبعة الثانية.
18-أسد الغابة،عزّ الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبد الكريم الجزريّ المعروف بابن الأثير(م 630 ه-ق)،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت- لبنان.
19-الأشباه و النظائر،زين الدين بن إبراهيم بن محمّد،الشهير بابن نجيم (م 970 ه-ق)،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1400 ه-ق.
20-الإصابة في تمييز الصحابة،أبو الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ (م 852 ه-ق)،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1328 ه-ق، الطبعة الأولى.
21-الأعلام،خير الدين الزركليّ(م 1396 ه-ق)،دار العلم للملايين،بيروت- لبنان،1986 م،الطبعة السابعة.
22-الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385- 460 ه-ق)دار الأضواء،بيروت-لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الثانية.
23-أقرب الموارد،سعيد بن الخوريّ الشرتونيّ(م 1330 ه-ق)،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران،1403 ه-ق.
24-الألفين في إمامة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)نشر
ص:611
دار الكتاب،قم-إيران،1388 ه-ق.الطبعة الثانية.
25-الأمّ،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ،(150-204 ه-ق)،منشورات دار المعرفة بيروت،لبنان،1393 ه-ق،الطبعة الثانية.
26-أمالي الصدوق،أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)تقديم الشيخ حسين الأعلميّ،منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان،1400 ه-ق،الطبعة الخامسة.
27-الأموال،أبو عبيد القاسم بن سلاّم(م 224 ه-ق)شرحه عبد الأمير عليّ مهنّا، نشر دار الحداثة،بيروت-لبنان،1988 م،الطبعة الأولى.
28-الانتصار،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ الشريف المرتضى(355- 436 ه-ق)منشورات الشريف الرضيّ،قم-إيران.
29-الإنصاف،علاء الدين أبو الحسن عليّ بن سليمان المرداويّ الحنبليّ(817- 885 ه-ق)تحقيق محمّد حامد الفقي،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت- لبنان،1406 ه-ق الطبعة الثالثة.
30-أنوار الملكوت في شرح الياقوت،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق محمّد نجميّ الزنجانيّ، نشر انتشارات الرضيّ،انتشارات بيدار،قم-إيران،1363 ش،الطبعة الثانية.
31-إيضاح الاشتباه،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّي(648-726 ه-ق)تقديم ثامر كاظم عبد الخفاجيّ،نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران.
32-إيضاح الفوائد،فخر المحقّقين أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ(682-771 ه-ق)المطبعة العلميّة،قم-إيران 1387 ه-ق،الطبعة الأولى.
33-بحار الأنوار،الشيخ محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)مؤسّسة الوفاء،
ص:612
بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية و طبعة المكتبة الإسلاميّة، طهران-إيران.
34-البحر الزخّار،أحمد بن يحيى بن المرتضى(م 840 ه-ق)مؤسّسة الرسالة، بيروت-لبنان،1394،الطبعة الثانية.
35-بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع،أبو بكر بن مسعود الكاسانيّ(م 587 ه-ق)، دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.
36-بداية المجتهد،أبو الوليد محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن رشد القرطبيّ (520-595 ه-ق)،نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1395 ه-ق،الطبعة الرابعة.
37-البداية و النهاية،أبو الفداء الحافظ بن كثير الدمشقيّ(م 774 ه-ق)مكتبة المعارف،بيروت-مكتبة النصر،الرياض،1966 م،الطبعة الأولى.
38-البرهان في علوم القرآن،بدر الدين محمّد بن عبد اللّه الزركشيّ(م 794 ه-ق)، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ،1376 ه-ق،الطبعة الأولى.
39-بغية الوعاة،جلال الدين عبد الرحمن السيوطيّ الشافعيّ(م 911 ه-ق)نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.
40-بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير،أحمد بن محمّد الصاويّ (م 1241 ه-ق)،نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1372 ه-ق، الطبعة الأخيرة.
41-البيان،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّيّ العامليّ(734- 786 ه-ق)مجمع الذخائر الإسلاميّة،قم-إيران.
42-تاج العروس من جواهر القاموس،السيّد محمّد مرتضى الحسينيّ الزبيديّ، م 1205 ه-ق،تحقيق عبد الستّار أحمد فراج،مطبعة حكومة الكويت،
ص:613
1385 ه-ق 1965 م،دار مكتبة الحياة،بيروت-لبنان،مطبعة الخيرية- مصر 1306 ه-ق،الطبعة الأولى.
43-تاريخ الأمم و الملوك،أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ(م 310 ه-ق)، منشورات مكتبة أروميّة،مطبعة الاستقامة،القاهرة،1358 ه-ق.
44-التاريخ الكبير،أبو عبد اللّه،محمّد بن إسماعيل الجعفيّ البخاريّ (م 256 ه-ق)دار الفكر.
45-تاريخ المدينة المنوّرة،أبو زيد عمر بن شبّه النميريّ البصريّ(173- 262 ه-ق)تحقيق فهيم محمّد شلتوت،مطبعة قدس،نشر دار الفكر،قم- إيران،1410 ه-ق الطبعة الثانية.
46-تاريخ اليعقوبيّ،أحمد بن إسحاق أبي يعقوب(م 284/292 ه-ق)،مطبعة دار صادر،بيروت-لبنان،نشر مؤسّسة نشر فرهنگ اهل بيت عليهم السلام، قم-إيران.
47-تبصير المنتبه بتحرير المشتبه،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ،(م 852 ه-ق)،تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،مراجعة،محمّد عليّ النجّار،المكتبة العلميّة،بيروت-لبنان.
48-التبيان في تفسير القرآن،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385- 460 ه-ق)المطبعة العلميّة،النجف،1376 ه-ق.
49-تبيين الحقائق،الإمام فخر الدين بن عثمان بن عليّ الزيلعيّ الحنفيّ (م 743 ه-ق)،تحقيق الشيخ أحمد عزّ و عناية،منشورات دار الكتب العلميّة بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الأولى.
50-تحرير الأحكام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)مؤسّسة طوس للطباعة و النشر،مشهد-إيران.
51-تحفة الفقهاء،علاء الدين السمرقنديّ،(م 539 ه-ق)دار الكتب العلميّة،
ص:614
بيروت-لبنان،1414 ه-ق،الطبعة الثانية.
52-تذكر الحفّاظ،أبو عبد اللّه شمس الدين الذهبيّ(م 748 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ.
53-تذكرة الفقهاء،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ (648-726 ه-ق)تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام،قم- إيران،1414 ه-ق،الطبعة الأولى،و الطبعة الحجريّة،نشر المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.
54-تفسير العيّاشيّ،أبو النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السّلميّ السمرقنديّ(م 329،أو 320 ه-ق)،تحقيق،السيد هاشم الرسوليّ،نشر المكتبة العلميّة الإسلاميّة،طهران-إيران.
55-تفسير القمّيّ،أبو الحسن عليّ بن إبراهيم القمّيّ(من أعلام القرن الرابع ه-ق)، تحقيق السيّد طيّب الموسويّ الجزائريّ،نشر مؤسّسة دار الكتاب،قم-إيران، 1404 ه-ق،الطبعة الثالثة.
56-التفسير الكبير،أبو عبد اللّه محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين،الشهيد بالفخر الرازيّ(م 606 ه-ق)،نشر دار الكتب العلميّة،طهران-إيران،الطبعة الثالثة.
57-التنقيح الرائع،جمال الدين مقداد بن عبد اللّه السيوريّ الحلّيّ(م 826 ه-ق) تحقيق السيّد عبد اللطيف الحسينيّ الكوه كمري .نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ،مطبعة الخيام،قم-إيران،1404 ه-ق.
58-تنقيح المقال في علم الرجال،عبد اللّه بن محمّد حسن العلاّمة المامقانيّ، انتشارات جهان،طهران-إيران.
59-تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس،أبو طاهر محمّد بن يعقوب الفيروزآباديّ الشافعيّ صاحب القاموس(م 817 ه-ق)،توزيع دار الفكر،بيروت-لبنان.
60-تهذيب الأحكام،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)
ص:615
تحقيق السيد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران- إيران،1390 ه-ق.
61-تهذيب التهذيب،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،1325،الطبعة الأولى.
62-تهذيب اللّغة،أبو منصور أحمد الأزهري(282-370 ه-ق)تحقيق رياض زليّ قاسم،دار المعرفة،بيروت-لبنان.
63-جامع الأصول من أحاديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله،أبو السعادات مبارك بن محمّد بن الأثير الجزريّ(544-606 ه-ق)تحقيق محمّد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الرابعة.
64-جامع البيان«تفسير الطبريّ»،أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ (م 310 ه-ق)نشر مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر،1373 ه-ق، الطبعة الثانية.
65-جامع الرواة،محمّد بن عليّ الأردبيليّ الغرويّ الحائريّ(من أعلام القرن الحادي عشر)،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1403 ه-ق.
66-الجامع الصحيح«سنن الترمذيّ»،أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة(209 -279 ه-ق)تحقيق أحمد محمّد شاكر و غيره،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.
67-الجامع الصغير،أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن الشيبانيّ(132-189 ه-ق)مع شرحه النافع الكبير،أبو الحسنات عبد الحيّ اللكنويّ(1264- 1304 ه-ق)عالم الكتب،بيروت-لبنان،1406 ه-ق.
68-الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير،جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيّ(م 911 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،الطبعة الرابعة.
ص:616
69-الجامع لأحكام القرآن(تفسير القرطبي)،أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ(م 671 ه-ق)،انتشارات ناصر خسرو،طهران-إيران،1387 ه-ق،الطبعة الثالثة عن طبعة دار الكتب المصريّة.
70-الجامع للشرائع،يحيى بن سعيد الحلّيّ(601-690 ه-ق)تحقيق جمع من المحقّقين بإشراف الشيخ جعفر السبحانيّ،مؤسّسة سيّد الشهداء العلميّة،قم- إيران،1405 ه-ق.
71-جامع المقاصد،الشيخ عليّ بن الحسين الكركيّ(م 940 ه-ق)تحقيق و نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،قم-إيران،1408 ه-ق، الطبعة الأولى.
72-الجرح و التعديل،أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد الرازيّ (م 327 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.1371 ه-ق، الطبعة الأولى.
73-الجمع بين رجال الصحيحين:البخاريّ و مسلم،أبو الفضل محمّد بن طاهر بن عليّ المقدسيّ المعروف بابن القيسرانيّ الشيبانيّ(448-507 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1405 ه-ق،الطبعة الثانية.
74-جمل العلم و العمل،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ المعروف بالشريف المرتضى(355-436 ه-ق)،تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،مطبعة الآداب في النجف الأشرف،1387 ه-ق،الطبعة الأولى.
75-جمهرة اللّغة،أبو بكر محمّد بن الحسن الأزديّ البصريّ(م 321 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،1345 ه-ق،الطبعة الأولى.
76-الجوامع الفقهيّة،جماعة من الأركان و عدّة من الأعيان،نشر محمّد رحيم الخوانساريّ.
77-جواهر الفقه،عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسيّ(400-481 ه-ق)تحقيق
ص:617
إبراهيم البهادريّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم -إيران،1411 ه-ق،الطبعة الأولى.
78-جواهر الكلام،الشيخ محمّد حسن النجفيّ(م 1266 ه-ق)،تحقيق الشيخ عبّاس القوچانيّ،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1981 م،الطبعة السابعة،و طبعة دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران.
79-الحاوي الكبير،أبو الحسن عليّ بن محمّد بن حبيب الماورديّ(م 450 ه-ق)، تحقيق عليّ محمّد معوّض،عادل أحمد عبد الموجود،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1419 ه-ق.
80-الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة،الشيخ يوسف البحرانيّ (م 1186 ه-ق)مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم- إيران،1409 ه-ق،الطبعة الأولى.
81-حلية العلماء،سيف الدين أبو بكر محمّد بن أحمد الشاشيّ القفّال(429- 507 ه-ق)،تحقيق الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكه،نشر مكتبة الرسالة الحديثة،عمّان-الأردن،1988 م،الطبعة الأولى.
82-الخصال،الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفاريّ،نشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة،قم-إيران،1403 ه-ق.
83-الخلاف،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)،مطبعة رنگين،طهران-إيران،1377 ه-ق،الطبعة الثانية.
84-الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور،جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيّ(م 911 ه-ق)،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.
85-الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّي العامليّ(734-786 ه-ق)تحقيق قسم الفقه في مجمع البحوث
ص:618
الإسلاميّة،مؤسّسة الطبع و النشر التابعة للآستانة الرضويّة المقدّسة،1426 ه-ق،الطبعة الثانية.
86-دعائم الإسلام و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام،القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ المصريّ(م 363 ه-ق)،تحقيق آصف بن عليّ أصغر فيضيّ،دار المعارف القاهرة،1383 ه-ق.
87-دمية القصر و عصرة أهل العصر،أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي الطيّب الباخرزيّ(م 467 ه-ق)تحقيق الدكتور سامي مكّيّ العاني،مطبعة المعارف،بغداد-عراق،1390 ه-ق.
88-الذريعة إلى تصانيف الشيعة،محمّد محسن،الشهير:بالشيخ آقا بزرگ الطهرانيّ(م 1389 ه-ق)،نشر مؤسّسة إسماعيليان،قم-إيران.
89-ذكرى الشيعة،(الشهيد الأوّل)،شمس الدين محمّد بن مكّي العامليّ(734- 786 ه-ق)منشورات مكتبة بصيرتي.
90-رجال البرقيّ،أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ(م 274/280 ه-ق)،تحقيق جواد القيّوميّ الأصفهانيّ،مؤسّسة القيّوم،طبع مؤسّسة النشر الإسلاميّ،قم- إيران،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.
91-رجال صحيح مسلم،أحمد بن عليّ بن منجويه الأصبهانيّ(347-428 ه-ق) تحقيق عبد اللّه الليثيّ،دار المعرفة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.
92-رجال الطوسيّ،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق) تحقيق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم،المطبعة الحيدريّة،النجف،1381 ه-ق،الطبعة الأولى.
93-رجال العلاّمة«خلاصة الأقوال في معرفة الرجال»،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق السيّد
ص:619
محمّد صادق بحر العلوم،منشورات الرضيّ،قم-إيران،1381 ه-ق.
94-رجال النجاشيّ،أبو العبّاس،أحمد بن عليّ النجاشيّ،(372-450 ه-ق) تحقيق السيّد موسى الشبيريّ الزنجانيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1407 ه-ق.
95-رحمة الأمّة في اختلاف الأئمّة بهامش الميزان،محمّد بن عثمان الدمشقيّ العثمانيّ الشافعيّ،مطبعة الأزهر-مصر،1344 ه-ق،الطبعة الثالثة.
96-الرسائل العشر،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق) مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران.
97-رسائل الشريف المرتضى،أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسويّ المعروف بالشريف المرتضى(355-436 ه-ق)،تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ، السيّد مهدي الرجائيّ،نشر مؤسّسة النور للمطبوعات،بيروت-لبنان.
98-روضات الجنّات،ميرزا محمّد باقر الموسويّ الخوانساريّ(م 1313 ه-ق)، نشر مكتبة إسماعيليان.
99-روضة الطالبين،أبو زكريّا يحيى بن شرف النوويّ الدمشقيّ(م 676 ه-ق) نشر دار ابن حزم،بيروت-لبنان،1423 ه-ق،الطبعة الأولى.
100-روضة الواعظين،الفتّال النيسابوريّ الشهيد في سنة 508 ه-ق،من أعلام القرن الخامس و السادس الهجريّ،منشورات الرضيّ،قم-إيران.
101-روض الجنان،الشهيد زين الدين الجبعيّ العامليّ(م 966 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.
102-رياض المسائل،السيّد عليّ الطباطبائيّ(م 1231 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام قم-إيران،1404 ه-ق.
103-ريحانة الأدب،محمّد عليّ مدرّس تبريزيّ(م 1373 ه-ق)،ناشر انتشارات خيّام،1374 ش،نوبت چهارم.
ص:620
104-زبدة البيان في أحكام القرآن،مولانا أحمد بن محمّد المقدّس الأردبيليّ (993 ه-ق)تحقيق محمّد باقر البهبوديّ،المكتبة المرتضويّة.
105-سبل السلام،محمّد بن إسماعيل الصنعانيّ(1059-1102 ه-ق)شرح بلوغ المرام من جمع أدلّة الأحكام،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(773- 852 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،1379 ه-ق،الطبعة الرابعة.
106-السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي،أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس العجليّ الحلّيّ (م 598 ه-ق)،انتشارات المعارف الإسلاميّة،طهران-إيران،1390 ه-ق.
107-السراج الوهّاج،محمّد الزهريّ الغمراويّ،نشر دار المعرفة،بيروت-لبنان.
108-سفينة البحار،الشيخ عبّاس القمّيّ(1294-1359 ه-ق)،تحقيق مجمع البحوث الإسلاميّة،نشر مؤسّسة الطبع و النشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة،1416 ه-ق،الطبعة الأولى.
109-سلوة الحزين المعروف بالدعوات،أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ (م 573 ه-ق)تحقيق مدرسة الإمام المهديّ عجّل اللّه فرجه،مطبعة أمير، قم،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.
110-سنن ابن ماجة،أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد القزوينيّ(207-273 ه-ق)تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقيّ،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ.
111-سنن أبي داود،سليمان بن الأشعث السجستانيّ الأزديّ(202-275 ه-ق) تحقيق محمّد محي الدين عبد الحميد،دار إحياء السنّة النبويّة.
112-سنن الدارقطنيّ،عليّ بن عمر الدارقطنيّ(306-385 ه-ق)و بذيله التعليق المغني على الدار قطني أبو الطيّب محمّد شمس الحق العظيم آباديّ،عالم الكتب،بيروت-لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الرابعة.
ص:621
113-سنن الدارميّ،أبو محمّد عبد اللّه بن عبد اللّه الدارميّ(م 255 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.
114-سنن سعيد بن منصور(م 227 ه-ق)،تحقيق الدكتور سعد بن عبد اللّه بن عبد العزيز آل حميد،دار الصميعيّ،الرياض 1420 ه-ق،الطبعة الثانية.
115-السنن الكبرى،أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقيّ(م 458 ه-ق) دار المعرفة،بيروت-لبنان.
116-السنن المأثورة،محمّد بن إدريس الشافعيّ(150-204 ه-ق)دار المعرفة، بيروت-لبنان،الطبعة الأولى.
117-سنن النسائيّ،أبو عبد اللّه أحمد بن شعيب النسائيّ(م 303 ه-ق)،دار الفكر، بيروت-لبنان.
118-السيرة النبويّة،عبد الملك بن هشام(م 213 ه-ق)،تحقيق مصطفى السقا و عدّة من الأساتذة،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
119-شذرات الذهب،أبو الفلاح عبد الحيّ ابن العماد الحنبليّ(م 1089 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
120-شرائع الإسلام،أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ(602- 676 ه-ق)تحقيق عبد الحسين محمّد عليّ،منشورات دار الأضواء،بيروت -لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية.
121-شرح الباب الحادي عشر«النافع ليوم الحشر»،جمال الدين المقداد بن عبد اللّه السيوري(م 826 ه ق).
122-شرح جمل العلم و العمل،القاضيّ ابن البرّاج(401-481 ه-ق)تحقيق كاظم مدير شانچى،چاپخانه دانشگاه مشهد،1352 ش.
123-شرح الزرقانيّ على موطّأ مالك،محمّد الزرقانيّ،تحقيق لجنة من العلماء، دار المعرفة،بيروت-لبنان،1407 ه-ق.
ص:622
124-شرح فتح القدير،كمال الدين محمّد بن عبد الواحد(م 681 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
125-شرح العناية على الهداية بهامش شرح فتح القدير،محمّد بن محمود البابرتيّ (م 786 ه-ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
126-الشرح الكبير على متن المقنع(بهامش المغني)،شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمّد بن أحمد بن قدامة المقدسيّ(م 682 ه-ق) دار الفكر،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
127-شرح معاني الآثار،أبو جعفر أحمد بن محمّد الطحاويّ الحنفيّ(م 321 ه-ق) تحقيق إبراهيم شمس الدين،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1422 ه-ق،الطبعة الأولى.
128-شرح نهج البلاغة،أبو حامد بن أبي الحديد(586-656 ه-ق)تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم،دار إحياء الكتب العربيّة،عيسى البابيّ الحلبيّ و شركاه، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي.
129-الصحاح،إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ(م 393 ه-ق)،تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار،منشورات دار العلم للملايين،بيروت-لبنان،1407، الطبعة الرابعة.
130-صحيح البخاريّ،أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل البخاريّ(194-256 ه-ق)، دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
131-صحيح مسلم،أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيريّ النيسابوريّ(206- 261 ه-ق)تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.
132-الضعفاء الصغير،محمّد بن إسماعيل البخاريّ،(194-256 ه-ق)تحقيق بوران الضناوي،عالم الكتب،بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
ص:623
133-الضعفاء الكبير،أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيليّ المكّيّ(م 322 ه-ق)، تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجيّ،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان، 1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
134-الضعفاء و المتروكين،أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليّ بن الجوزيّ (م 597 ه-ق)،تحقيق أبو الفداء عبد اللّه القاضي،دار الكتب العلميّة،بيروت -لبنان،1406 ه-ق،الطبعة الأولى.
135-طبقات الشافعيّة،أبو بكر بن أحمد تقيّ الدين ابن قاضي شهبة الدمشقيّ(779 -851 ه-ق)عالم الكتب،بيروت-لبنان،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.
136-طبقات الشافعيّة الكبرى،أبو نصر عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الكافي السبكيّ (م 771 ه-ق)تحقيق مصطفى عبد القادر أحمد عطا،دار الكتب العلميّة، بيروت-لبنان،1420 ه-ق،الطبعة الأولى.
137-العبر في خبر من غبر،الحافظ الذهبيّ(748 ه-ق)تحقيق أبو هاجر محمّد السعيد بن بسيونيّ زغلول،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.
138-العبر و ديوان المبتدأ و الخبر...المشهور ب«تاريخ ابن خلدون»،عبد الرحمن محمّد بن خلدون المغربيّ(م 808 ه-ق)،منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان.
139-العزيز شرح الوجيز،أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعيّ القزوينيّ الشافعيّ(م 623 ه-ق)تحقيق عليّ محمّد معوّض،عادل أحمد عبد الموجود،دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1417 ه-ق،الطبعة الأولى.
140-علل الشرائع،الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)منشورات المكتبة الحيدريّة،النجف،1385 ه-ق.
141-عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب،جمال الدين أحمد بن عليّ الحسينيّ
ص:624
المعروف بابن عنبة(م 828 ه-ق)مطبعة الصدر،قم-ايران،1417 ه-ق.
142-عمدة القارئ،بدر الدين أبو محمّد محمود بن أحمد العينيّ(م 855 ه-ق) دار الفكر،1399 ه-ق.
143-عوالي اللآلئ،الشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المشهور بابن أبي جمهور(م 940 ه-ق)تحقيق الشيخ مجتبى العراقيّ،مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام،قم-إيران،1403 ه-ق،الطبعة الأولى.
144-العين،الخليل بن أحمد الفراهيديّ(م 175 ه-ق)تحقيق الدكتور مهديّ المخزوميّ و الدكتور إبراهيم السامرائيّ 1414 ه-ق،الطبعة الأولى.
145-عيون أخبار الرضا عليه السلام،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)تحقيق السيّد مهديّ الحسينيّ اللاجورديّ،نشر رضا مشهديّ 1363 ش،چاپ دوم.
146-عيون المعجزات،المحدّث الشيخ حسين عبد الوهّاب من أعلام القرن الخامس، منشورات مكتبة الداوريّ،قم-إيران.
147-غاية المراد،(الشهيد الأوّل)شمس الدين محمّد بن مكّيّ العامليّ(734- 786 ه-ق)تحقيق و نشر مركز الدراسات الإسلاميّة،قم-إيران،1414 ه-ق،الطبعة الأولى.
148-غرر الحكم و درر الكلم،عبد الواحد بن محمّد تميميّ آمديّ(م 501 ه-ق)، مؤسّسة انتشارات دانشگاه تهران-إيران،1366 ش.
149-غريب الحديث،أبو عبيد القاسم بن سلاّم الهرويّ(م 224 ه-ق)دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1406 ه-ق.
150-الغيبة،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق الشيخ عباد اللّه الطهرانيّ و الشيخ عليّ أحمد ناصح،نشر مؤسّسة المعارف الإسلاميّة،قم-إيران،1411 ه-ق،الطبعة الأولى و طبعة أخرى،إصدار
ص:625
مكتبة نينوى الحديثة،طهران-ناصر خسرو،مرويّ.
151-الفتاوى الهنديّة،و بهامشه فتاوى قاضي خان،حسن بن منصور الأوزجنديّ الحنفيّ(م 295 ه-ق)نشر دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،الطبعة الرابعة.
152-فتح الباري،ابن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)نشر دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان.
153-فتح العزيز شرح الوجيز المطبوع مع المجموع،أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد الرافعيّ(م 623 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان.
154-فتح القدير،محمّد بن عليّ بن محمّد الشوكانيّ(م 1250 ه-ق)نشر محفوظ العليّ،بيروت-لبنان.
155-فتوح البلدان،أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ(م 279 ه-ق)نشر مكتبة النهضة المصريّة،القاهرة-مصر،1379 ه-ق.
156-الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل،العلاّمة شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن مفلح المقدسيّ(م 763 ه-ق)تحقيق الشيخ عبد الرزّاق المهديّ،دار الكتاب العربيّ بيروت-لبنان،1422 ه-ق،الطبعة الأولى.
157-فرهنگ سيّاح،أحمد سيّاح،انتشارات اسلام،1365 ش،چاپ أوّل.
158-فرهنگ عميد،حسن عميد،مؤسّسة انتشارات أمير كبير،تهران،1363 ش، چاپ پنجم.
159-فقه القرآن،قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ(م 573 ه-ق) تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،المطبعة العلميّة،قم-إيران،1397 ه-ق، الطبعة الأولى.
160-الفهرست،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم،نشر المكتبة المرتضويّة،النجف-العراق.
ص:626
161-فيض القدير،محمّد المناويّ(م 1031 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان،1391 ه-ق،الطبعة الثانية.
162-القاموس الفقهيّ لغة و اصطلاحا،سعدي أبو حبيب،بنياد إسلامي طاهر، دار الفكر.
163-قرب الإسناد،أبو العبّاس،عبد اللّه بن جعفر الحميريّ القمّيّ من أصحاب العسكريّ عليه السلام،إصدار مكتبة نينوى الحديثة،طهران-إيران.
164-قواعد الأحكام،الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ(648- 726 ه-ق)منشورات الرضيّ،قم-إيران.
165-الكافي،أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ(م 328/329 ه-ق)تحقيق علي أكبر الغفاريّ نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران.
166-الكافي في الفقه،أبو الصلاح الحلبيّ(374-447 ه-ق)تحقيق رضا استاديّ،منشورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام،أصفهان- إيران.
167-الكافي في فقه أهل المدينة المالكيّ،أبو عمرو يوسف بن عبد اللّه بن عبد البرّ القرطبيّ(م 463 ه-ق)منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان، 1422 ه-ق،الطبعة الثانية.
168-الكافي في الفقه على مذهب الإمام المبجّل أحمد بن حنبل،أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسيّ(541-620 ه-ق).منشورات دار الكتاب العربيّ،بيروت-لبنان،1421 ه-ق،الطبعة الأولى،و طبع آخر منه،منشورات المكتب الإسلاميّ.
169-الكامل في التاريخ،ابن الأثير(م 630 ه-ق)،دار صادر و دار بيروت للطباعة و النشر،بيروت-لبنان 1385 ه-ق.
170-كتاب الإيمان،محمّد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ(م 243 ه-ق)تحقيق
ص:627
حمدي بن حمديّ الجابريّ الحربيّ،نشر الدار السلفيّة،الكويت،1407 ه-ق،الطبعة الأولى.
171-كتاب السنّة،عمرو بن أبي عاصم الضحّاك(م 287 ه-ق)تحقيق محمّد ناصر الدين الألبانيّ،طبع و نشر المكتب الإسلاميّ،بيروت-لبنان 1413 ه-ق، الطبعة الثالثة.
172-كشف الأستار،نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ(735-807 ه-ق)تحقيق حبيب الرحمن الأعظميّ،مؤسّسة الرسالة،بيروت-لبنان،1404 ه-ق، الطبعة الثانية.
173-كشف الغمّة في معرفة الأئمّة،أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربليّ (م 692 ه-ق)،نشر مكتبة بني هاشمي،1381 ه-ق.
174-كشف اللثام،بهاء الدين محمّد بن الحسن بن محمّد الأصفهانيّ المعروف بالفاضل الهنديّ،نشر مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1405 ه-ق.
175-كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّيّ(م 726 ه-ق)منشورات مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات،بيروت-لبنان،الطبعة الأولى.
176-كنز العمّال،علاء الدين عليّ المتّقي الهنديّ(م 975 ه-ق)مؤسّسة الرسالة، بيروت-لبنان،1405 ه-ق،الطبعة الخامسة.
177-الكنى و الألقاب،الشيخ عبّاس القمّيّ(1294-1359 ه-ق)،المطبعة الحيدريّة،النجف،1379 ه-ق.
178-لؤلؤة البحرين،الشيخ يوسف بن أحمد البحرانيّ(م 1186 ه-ق)،تحقيق السيّد محمّد صادق بحر العلوم،نشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام للطباعة و النشر.
ص:628
179-اللّباب،أبو حفص عمر بن عليّ الدمشقيّ الحنبليّ(م بعد 880 ه-ق)تحقيق عادل أحمد عبد الموجود،عليّ محمّد معوّض،دار الكتب العلميّة،بيروت- لبنان،1419 ه-ق،الطبعة الأولى.
180-لسان العرب،أبو الفضل جمال الدين محمّد بن مكرم بن منظور الإفريقيّ المصريّ(م 711 ه-ق)دار صادر و دار بيروت،بيروت-لبنان، 1388 ه-ق.
181-لسان الميزان،أحمد بن عليّ بن حجر العسقلانيّ(م 852 ه-ق)منشورات الأعلميّ،بيروت-لبنان،1390 ه-ق،الطبعة الثانية.
182-المبسوط،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)تحقيق محمّد باقر البهبوديّ و السيّد محمّد تقيّ الكشفيّ،نشر المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.
183-المبسوط،شمس الدين السرخسيّ(م 483/490 ه-ق)،دار المعرفة،بيروت -لبنان،1409 ه-ق.
184-مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر،عبد اللّه بن الشيخ محمّد بن سليمان المعروف بداماد أفندي،نشر دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
185-مجمع البحرين،فخر الدين الطريحيّ(م 1085 ه-ق)تحقيق السيّد أحمد الحسينيّ،المكتبة المرتضويّة.
186-مجمع الزوائد و منبع الفوائد،نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ (م 807 ه-ق)نشر دار الكتاب،بيروت-لبنان،1967 م،الطبعة الثانية.
187-مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان،المولى أحمد المقدّس الأردبيليّ(م 993 ه-ق)تحقيق آقا مجتبى العراقيّ،الشيخ عليّ پناه الاشتهارديّ،آقا حسين اليزديّ الأصفهانيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1412 ه-ق،الطبعة الأولى.
ص:629
188-المجموع شرح المهذّب،أبو زكريّا محي الدين يحيى بن شرف النوويّ (م 676 ه-ق)دار الفكر،بيروت-لبنان.
189-المحاسن،أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ(274/280 ه-ق)،دار الكتب الإسلاميّة،قم-إيران،الطبعة الثانية.
190-المحلّى،أبو محمّد عليّ بن أحمد بن حزم(م 456 ه-ق)تحقيق لجنة إحياء التراث العربيّ،نشر دار الآفاق الجديدة،بيروت-لبنان.
191-المختصر النافع،أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ (م 676 ه-ق)منشورات المكتبة الإسلاميّة،طهران-إيران،1402 ه-ق، الطبعة الثانية.
192-مختلف الشيعة،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)،نشر مكتبة نينوى الحديثة،طهران-إيران.
193-مدارك الأحكام،السيّد محمّد بن عليّ الموسويّ العامليّ(م 1009 ه-ق) تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،1410 ه-ق،الطبعة الأولى.
194-المدوّنة الكبرى،مالك بن أنس(م 179 ه-ق)،دار صادر،بيروت-لبنان، طبعة جديدة بالأوفست.
195-مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول،المولى محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)دار الكتب الإسلاميّة،1404 ه-ق،چاپ دوم.
196-المراسم،حمزة بن عبد العزيز الديلميّ الملقّب بسلاّر(م 463 ه-ق)تحقيق الدكتور محمود البستانيّ،نشر جمعيّة منتدى النشر،النجف الأشرف، 1400 ه-ق.
197-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام،الشهيد زين الدين بن عليّ الجبعيّ العامليّ الشهيد الثاني(911-966 ه-ق)إصدار مكتبة بصيرتيّ،قم-
ص:630
إيران.
198-المستدرك على الصحيحين،أبو عبد اللّه الحاكم النيسابوريّ(م 405 ه-ق)، نشر مكتب المطبوعات الإسلاميّة،بيروت-لبنان.
199-مستدرك الوسائل،الحاج ميرزا حسين النوريّ(م 1320 ه-ق)،منشورات المكتبة الإسلاميّة و مؤسّسة إسماعيليان.
200-المستصفى من علم الأصول،أبو حامد محمّد بن محمّد الغزاليّ (م 505 ه-ق)،منشورات الرضيّ،قم-إيران،الطبعة الثانية.
201-مسند ابن راهويه،إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظليّ المروزيّ(م 238 ه-ق)تحقيق الدكتور عبد الغفور عبد الحقّ،طبع و نشر مكتبة الإيمان، المدينة،1412 ه-ق،الطبعة الأولى.
202-مسند أبي يعلى،أحمد بن عليّ بن المثنّى التميميّ(210-307 ه-ق)تحقيق حسين سليم أسد،دار المأمون للتراث،دمشق،بيروت،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
203-مسند أحمد بن محمّد بن حنبل(م 241 ه-ق)،دار صادر،بيروت-لبنان.
204-مسند الإمام زيد،زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، نشر مكتبة الحياة،بيروت-لبنان،1966 م.
205-مسند الإمام الشافعيّ،الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعيّ(150- 204 ه-ق)،منشورات دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان.
206-مسند الشاميّين،سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخميّ الطبرانيّ(م 360 ه-ق) تحقيق حمدي عبد المجيد السفليّ،نشر مؤسّسة الرسالة،بيروت-لبنان 1417 ه-ق الطبعة الثانية.
207-مشارق الشموس في شرح الدروس،العلاّمة حسين بن جمال الدين محمّد الخوانساريّ(م 1098 ه-ق)،مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء
ص:631
التراث.
208-مصباح المتهجّد،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)، تحقيق و نشر إسماعيل الأنصاريّ الزنجانيّ.
209-المصباح المنير،أحمد بن محمّد بن عليّ المقري الفيوميّ(م 770 ه-ق) منشورات دار الهجرة،قم-إيران،1405 ه-ق،الطبعة الأولى.
210-المصنّف،الحافظ الكبير أبو بكر عبد الرزّاق بن همام الصّنعانيّ.(126- 211 ه-ق)تحقيق:حبيب الرحمن الأعظميّ،توزيع المكتب الإسلاميّ، دار القلم بيروت-لبنان،1403 ه-ق،الطبعة الثانية.
211-المصنّف في الأحاديث و الآثار،الحافظ عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة الكوفيّ العبسيّ(م 325 ه-ق)نشر دار الفكر،بيروت-لبنان،1414 ه-ق.
212-معالم العلماء،محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندرانيّ(م 588 ه-ق) منشورات المطبعة الحيدريّة،النجف-العراق،1380 ه-ق.
213-المعتبر في شرح المختصر،نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن المحقّق الحلّيّ (م 676 ه-ق)نشر مؤسّسة سيّد الشهداء عليه السلام،1364 ش.
214-معجم البلدان،شهاب الدين أبو عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحمويّ الروميّ، البغداديّ(م 626 ه-ق)،دار صادر-دار بيروت للطباعة و النشر،بيروت- لبنان 1388 ه-ق.
215-معجم رجال الحديث،السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ(م 1413 ه-ق)، مطبعة الآداب،النجف-العراق،الطبعة الأولى،و الطبعة الخامسة.
216-معجم طبقات الحفّاظ و المفسّرين،عبد العزيز عزّ الدين السيروان،عالم الكتب، بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
217-المعجم الكبير،أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ(260-360 ه-ق) تحقيق حمديّ عبد المجيد السلفيّ،دار إحياء التراث العربيّ بيروت-لبنان،
ص:632
الطبعة الثانية.
218-المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبويّ،أرندجان فنسنك(م 1358 ه-ق)، مكتبة بريل في مدينة ليدن،1936.
219-المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم،محمّد فؤاد عبد الباقيّ (م 1388 ه-ق)،مطبعة دار الكتب المصريّة،1364 ه-ق.
220-المعجم المفهرس لألفاظ وسائل الشيعة،السيّد حسن طبيبيّ،نشر جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية،قم-إيران،1403 ه-ق.
221-المعجم الوسيط،الدكتور إبراهيم أنيس و عدّة من الأساتذة،نشر مكتبة الثقافة الإسلاميّ،1408 ه-ق الطبعة الثالثة.
222-المغازيّ،محمّد بن عمر بن واقد(م 207 ه-ق)تحقيق الدكتور مارسدن جونسن،نشر دانش إسلاميّ،1405 ه-ق.
223-مغني المحتاج،محمّد الخطيب الشربينيّ(م 997 ه-ق)،نشر دار الفكر.
224-المغني،أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن قدامة(541-620 ه-ق)دار الفكر، بيروت-لبنان،1404 ه-ق،الطبعة الأولى.
225-مفتاح الكرامة،السيّد محمّد جواد الحسينيّ العامليّ(م حدود 1226 ه-ق) مؤسّسة آل البيت عليهم السلام للطباعة و النشر.
226-المفردات في غريب القرآن،أبو القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل المعروف بالراغب الأصفهانيّ(م 502 ه-ق)نشر دفتر نشر الكتاب،1404 ه-ق الطبعة الثانية.
227-مقابس الأنوار،الشيخ أسد اللّه الدزفوليّ الكاظميّ(م 1237 ه-ق)مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث،قم-إيران.
228-المقالات و الفرق،سعد بن عبد اللّه أبي خلف الأشعريّ القمّيّ(م 301 ه-ق)، تحقيق الدكتور محمّد جواد مشكور،مركز انتشارات علمي و فرهنگي
ص:633
1360 ش چاپ دوم.
229-مقدّمات ابن رشد،أبو الوليد محمّد بن أحمد بن رشد(م 520 ه-ق)دار صادر،بيروت-لبنان،طبعة جديدة بالأوفست.
230-المقنعة،أبو عبد اللّه محمّد بن محمد بن النعمان الملقّب بالشيخ المفيد (م 413 ه-ق)منشورات مكتبة الداوريّ،قم-إيران.
231-المقنع،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ(م 381 ه-ق)نشر مؤسّسة المطبوعات الدينيّة المكتبة الإسلاميّة،قم-إيران.
232-مكارم الأخلاق،رضيّ الدين أبو نصر الحسن بن الفضل الطبرسيّ(من أعلام القرن السادس)،تحقيق السيّد علاء الدين العلويّ الطالقانيّ،نشر دار الكتب الإسلاميّة،1376 ش.
233-المكاسب،الشيخ مرتضى الأنصاريّ(م 1281 ه-ق)تحقيق السيّد محمّد كلانتر،منشورات جامعة النجف الدينيّة،1392 ه-ق.
234-ملاذ الأخيار،الشيخ محمّد باقر المجلسيّ(م 1111 ه-ق)،تحقيق السيّد مهديّ الرجائيّ،نشر مكتبة آية اللّه المرعشيّ،قم-إيران،1406 ه-ق.
235-الملل و النّحل محمّد بن عبد الكريم،الشهرستانيّ(م 548 ه-ق)،تخريج محمّد بن فتح اللّه بدران،منشورات الرضيّ،قم-إيران 1364 ش.
236-المناقب،الموفّق بن أحمد البكريّ المكّيّ الحنفيّ الخوارزميّ(م 568 ه-ق) تحقيق الشيخ مالك المحموديّ،طبع و نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ،1411 ه-ق،الطبعة الثانية.
237-مناقب آل أبي طالب،أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهرآشوب السّرويّ المازندرانيّ(م 588 ه-ق)،تحقيق يوسف البقاعيّ،دار الأضواء للطباعة و النشر و التوزيع،بيروت-لبنان،1412 ه-ق،الطبعة الثانية.
238-مناهج اليقين في أصول الدين،جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن
ص:634
عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)تحقيق محمّد رضا الأنصاريّ القمّيّ الناشر المحقّق 1416 ه-ق.و طبعة أخرى منه،نشر دار الأسوة 1415 ه-ق.
239-المنتظم في تاريخ الملوك و الأمم،أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن الجوزيّ(م 597 ه-ق)تحقيق محمّد عبد القادر عطا و عدّة من الأساتذة، دار الكتب العلميّة،بيروت-لبنان،1412،الطبعة الأولى.
240-المنتقى شرح موطّأ مالك،أبو الوليد سليمان بن خلف الباجيّ(403- 494 ه-ق)دار الكتاب الإسلاميّ،القاهرة-مصر،الطبعة الثانية.
241-المنتقى من أخبار المصطفى،مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيميّة الحرّانيّ(م 653 ه-ق)،تحقيق محمّد حامد الفقيّ،دار المعرفة،بيروت- لبنان.
242-المنجد،لويس معلوف(م 1365 ه-ق)،المطبعة الكاثوليكيّة،بيروت-لبنان، الطبعة السابعة عشرة.
243-من لا يحضره الفقيه،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)تحقيق السيد حسن الموسويّ الخرسان،نشر دار الكتب الإسلاميّة،طهران-إيران،1390 ه-ق،الطبعة الخامسة.
244-منهاج الطالبين،أبو زكريّا محي يحيى بن شرف النوويّ(م 676 ه-ق)،طبع مصطفى البابيّ الحلبيّ،مصر.
245-المهذّب،القاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسيّ(400-481 ه-ق)نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين،قم-إيران،1406 ه-ق.
246-المهذّب البارع،جمال الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّيّ(757- 841 ه-ق)تحقيق الشيخ مجتبى العراقيّ،نشر مؤسّسة النشر الإسلاميّ
ص:635
قم-إيران،1407 ه-ق.
247-المهذّب في فقه مذهب الإمام الشافعيّ،أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآباديّ الشيرازيّ(م 476 ه-ق)،نشر دار إحياء التراث العربيّ، بيروت-لبنان،1414 ه-ق،الطبعة الأولى،و طبعة أخرى منه طبعت بمطابع عيسى البابيّ الحليّ،مصر.
248-موارد الضّمان إلى زوائد ابن حبّان،عليّ بن أبي بكر الهيثميّ(م 807 ه-ق)، تحقيق حسين سليم،دار الثقافة العربيّة،دمشق،بيروت-لبنان،1411- 1412 ه-ق.
249-موسوعة طبقات الفقهاء،اللّجنة العلميّة،بإشراف الشيخ جعفر السبحانيّ،نشر مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام،قم-إيران،1418 ه-ق،الطبعة الأولى.
250-الموطّأ،مالك بن أنس(م 179 ه-ق)،تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان.
251-ميزان الاعتدال،أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبيّ(م 748 ه-ق) تحقيق عليّ محمّد البجاويّ،دار المعرفة،بيروت-لبنان.
252-الميزان الكبرى،عبد الوهّاب الشعرانيّ(م 973 ه-ق)،مطبعة الأزهر-مصر 1344 ه-ق،الطبعة الثانية.
253-نصب الراية لأحاديث الهداية،جمال الدين الزيلعيّ(م 762 ه-ق)تحقيق أيمن صالح شعبانيّ،طبع و نشر دار الحديث،القاهرة 1415 ه-ق،الطبعة الأولى.
254-النوادر،فضل اللّه بن عليّ الحسينيّ الراونديّ من أعلام القرن الخامس، منشورات المطبعة الحيدريّة في النجف،1370 ه-ق،الطبعة الأولى.
255-نهاية الإحكام في معرفة الأحكام،جمال الدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر العلاّمة الحلّيّ(648-726 ه-ق)نشر دار الأضواء،بيروت-لبنان،
ص:636
1406 ه-ق،الطبعة الأولى.
256-النهاية في غريب الحديث و الأثر،مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمّد الجزريّ ابن الأثير(544-606 ه-ق)تحقيق طاهر أحمد الزاويّ و محمود محمّد الطناحيّ،نشر مؤسّسة إسماعيليان،قم-إيران،1364 ش، الطبعة الرابعة.
257-النهاية،أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ(385-460 ه-ق)نشر دار الكتاب العربيّ،بيروت-لبنان،1390 ه-ق،الطبعة الأولى.
258-نهج البلاغة،تحقيق الدكتور صبحي الصالح،بيروت-لبنان 1387 ه-ق، الطبعة الأولى.
259-نهج البلاغة،شرح الأستاذ محمّد عبده(م 1323 ه-ق)،نشر دار المعرفة، بيروت-لبنان.
260-الهداية المطبوع مع المقنع،أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ (م 381 ه-ق)نشر مؤسّسة المطبوعات الدينيّة المكتبة الإسلاميّة،قم- إيران.
261-الهداية شرح بداية المبتدي،أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشدانيّ المرغينانيّ(م 593 ه-ق)نشر مكتبة الإسلاميّة،الطبعة الأخيرة.
262-هداية المحدّثين،محمّد أمين بن محمّد عليّ الكاظميّ(من أعلام القرن الحادي عشر)،تحقيق السيّد مهديّ الرجائيّ،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران.
263-الوافي،محمّد محسن بن الشاه مرتضى الفيض الكاشانيّ(م 1091 ه-ق)، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ،قم-إيران،1404 ه-ق.
264-وسائل الشيعة،الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ(م 1104 ه-ق)تحقيق الشيخ عبد الرحيم الربانيّ الشيرازيّ،نشر مكتبة الإسلاميّة،طهران-إيران،
ص:637
1403 ه ق،الطبعة السادسة.
265-وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى،السمهوديّ،عليّ بن عبد اللّه(844-911 ه ق)دار إحياء التراث العربيّ،بيروت-لبنان،تاريخ المقدّمة 1374 ه ق.
266-وقعة صفّين،نصر بن مزاحم المنقريّ(م 212 ه-ق)تحقيق عبد السلام محمّد هارون،منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ،قم-إيران، 1403 ه-ق.
ص:638