سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.
عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373
مشخصات ظاهری:15 ج.
شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8
وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری
يادداشت: عربی.
يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.
يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).
یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.
یادداشت:نمایه.
موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.
موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه
شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية
رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373
رده بندی دیویی:297/342
شماره کتابشناسی ملی:2559784
ص :1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :2
منتهی المطلب فی تحقیق المذهب
للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر
تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
ص :3
سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.
عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.
مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373
مشخصات ظاهری:15 ج.
شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8
وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری
يادداشت: عربی.
يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.
يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).
یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.
یادداشت:نمایه.
موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.
موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه
شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية
رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373
رده بندی دیویی:297/342
شماره کتابشناسی ملی:2559784
ص :4
ص :5
ص :6
في الجهاد و سيرة الإمام
و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
و فيه مقاصد:
فيمن يجب عليه
و فيه مباحث:
ص:7
ص:8
في وجوب الجهاد
نزل عليه جبرئيل عليه السلام،فقال له: اِقْرَأْ فقال:«و ما أقرأ؟»قال: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)ففزع من ذلك و خاف على نفسه،فمضى إلى خديجة رضي اللّه عنها (2)، فأخبرها الخبر و قال:«زمّلوني و دثّروني»فنزل عليه يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (3)و يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (4)(5)ثمّ نزل عليه وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (6).
رتّب اللّه تعالى له الإنذار،فأمره بتكليف أهله أوّلا،فقال: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
ص:9
وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها (1)ثمّ كلّفه إنذار العشيرة-الذين هم أعمّ من الأهل-بقوله وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (2)ثمّ عمّم التكليف بقوله: وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها (3).
ثمّ زاد التعميم بقوله: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ (4).و قال: وَ أَنْذِرِ النّاسَ (5).
فلمّا كلّفه أوّلا بإنذار العشيرة،اتّبعه عليّ و خديجة و فاطمة عليهم السلام، و جماعة على الإسلام.
و فرض اللّه تعالى الصلاة بمكّة،ثمّ أذن لهم في الهجرة،فمنهم من هاجر إلى الحبشة،و منهم من هاجر إلى المدينة،و هاجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة، ثمّ فرض اللّه تعالى الصوم بعد سنتين من الهجرة،و فرض الحجّ في السنة السادسة بقوله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (6)،و قيل:في سنة خمس (7).
و أمّا الزكاة:فقيل:أوجبها بعد الصيام،و قيل:قبله (8).
و أمّا الجهاد:فلم يؤذن له بمكّة،فلمّا هاجر،أمره اللّه تعالى في القتال لمن يبدأ به،فقال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (9).
فلمّا قويت شوكة المسلمين و كثروا،فرض اللّه تعالى الجهاد،فقال تعالى:
ص:10
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ (1)الآية،و قد كثرت الآيات الواردة في القرآن بوجوب (2)الجهاد.
به يتمّ نظام العالم،و حفظ الشرائع و الأديان،و قد ورد في القرآن آيات لا تحصى كثرة دالّة على وجوب الجهاد.
روى الجمهور عن ابن مسعود،قال:سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيّ الأعمال أفضل؟قال:«الصلاة لوقتها»قلت:ثمّ أيّ؟قال:«برّ الوالدين»قلت:ثمّ أيّ؟قال:«الجهاد في سبيل اللّه تعالى» (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء،فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه،و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته» (4).
و قد أجمع المسلمون كافّة على وجوب الجهاد.
ص:11
في فضله
و فيه ثواب كثير و أجر عظيم،قال اللّه تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (1).
و روى الجمهور عن سهل بن سعد الساعديّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«و الذي نفسي بيده[غدوة] (2)في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها» (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب (4)،عن أبيه،عن جعفر،عن أبيه
ص:12
عليهما السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ جبرئيل عليه السلام أخبرني بأمر،قرّت به عيني و فرح به قلبي،قال:يا محمّد من غزا غزوة في سبيل اللّه من أمّتك فما أصابه قطرة من السماء أو صداع،إلاّ كانت له شهادة يوم القيامة» 1.
و عن حيدرة 2،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض» 3.
و عن السكونيّ،عن جعفر 4،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«فوق كلّ ذي برّ برّ حتّى يقتل في سبيل اللّه،فإذا قتل في
ص:13
سبيل اللّه فليس فوقه برّ،و فوق كلّ عقوق عقوق حتّى يقتل أحد والديه[فإذا قتل أحد والديه] (1)فليس فوقه عقوق» (2).
و عن عثمان بن مظعون،قال:قلت:يا رسول اللّه إنّ نفسي تحدّثني بالسياحة و أن ألحق بالجبال،فقال:«يا عثمان لا تفعل،فإنّ سياحة أمّتي الغزو و الجهاد» (3).
و عن أبان،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الخير كلّه في السيف،و تحت ظلّ السيف،و لا يقيم الناس إلاّ السيف و السيوف مقاليد (4)الجنّة و النار» (5).
و عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للجنّة باب يقال له:باب المجاهدين يمضون إليه،فإذا هو مفتوح و هم متقلّدون بسيوفهم و الجمع في الموقف و الملائكة تزجر (6)،فمن ترك الجهاد ألبسه اللّه تعالى ذلاّ و فقرا في معيشته و محقا في دينه،إنّ اللّه عزّ و جلّ أعزّ أمّتي بسنابك (7)خيلها و مركز رماحها» (8).و الأخبار في ذلك كثيرة.
ص:14
في كيفيّة وجوبه
إذا قام به البعض،سقط عن الباقين،و هو في الابتداء كفرض الأعيان يجب على الجميع،لكن يفارقه بأنّ فرض الأعيان لا يسقط بفعل البعض،بخلاف الواجب على الكفاية،فإنّ الصلاة و الصوم و الزكاة و الحجّ،لا يسقط عن أحد بفعل (1)غيره.
و غسل الميّت و الصلاة عليه،يسقط بفعل البعض،و كذا الجهاد أيضا،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامّة العلماء.
و حكي عن سعيد بن المسيّب أنّه قال:الجهاد واجب على الأعيان (2).
لنا:قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى (3).
و هو يدلّ على انتفاء الإثم عن القاعد،و لو كان واجبا عليه مع جهاد غيره، لاستحقّ الإثم.
و لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يبعث سراياه إلى الغزو و يقيم هو
ص:15
و أصحابه (1).
احتجّ المخالف:بقوله تعالى: اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ (2)ثمّ قال: إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (3).
و قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ (4).
و روى أبو هريرة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من مات و لم يغز و لم يحدّث نفسه بالغزو،مات على شعبة من النفاق» (5). (6)
و الجواب عن الآية من وجوه:
أحدها:ما روي عن ابن عبّاس أنّه قال:إنّها منسوخة بقوله تعالى: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (7). (8)
الثاني:يحتمل أنّه أراد حين استنفرهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى غزاة (9)تبوك،فكانت إجابتهم حينئذ واجبة،و لهذا هجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كعب بن مالك و أصحابه الذين خلّفوا حتّى تاب اللّه عليهم بعد ذلك (10).
الثالث:أنّا نقول بموجب الآية و لا دلالة فيها؛لأنّ الجهاد في الابتداء واجب
ص:16
على الأعيان؛لاستحالة تكليف غير المعيّن و عدم أولويّة المعيّن،فلم يبق إلاّ تكليف الجميع.نعم،إنّه يسقط بفعل البعض و لهذا لو لم يفعله أحد،اشتركوا بأجمعهم في العقاب،و لو لم يعمّ الوجوب لما استحقّوا بأسرهم العقاب.
و أمّا الحديث:فإنّا نقول بموجبه؛لأنّ الجهاد واجب،فمن تركه و ترك العزم عليه فعل حراما؛لأنّ العزم من أحكام الدين.
مسألة:و معنى الكفاية في الجهاد أن ينهض (1)له قوم يكفون في قتالهم،إمّا بأن يكونوا جندا معدّين للحرب و لهم أرزاق على ذلك على ما يأتي،أو يكونوا قد أعدّوا أنفسهم له تبرّعا بحيث إذا قصدهم العدوّ،حصلت المنعة بهم.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و القدر الذي يسقط به فرض الجهاد عن الباقين أن يكون على كلّ طرف من أطراف بلاد الإسلام قوم يكونون أكفاء لمن يليهم من الكفّار،و على الإمام أن يغزو بنفسه أو بسراياه في كلّ سنة دفعة حتّى لا يتعطّل الجهاد،[اللهمّ] (2)إلاّ أن يعلموا خوفا فيكثر من ذلك (3).
زمان
و في مكان دون آخر.
أمّا الزمان:فإنّه كان جائزا في جميع السنة إلاّ في الأشهر الحرم،و هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجّة و المحرّم:لقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4).
و أمّا المكان:فإنّ الجهاد كان سائغا في جميع البقاع إلاّ الحرم،فإنّ الابتداء
ص:17
بالقتال فيه كان محرّما؛لقوله تعالى: وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ (1).
إذا عرفت هذا:فإنّ أصحابنا قالوا:إنّ تحريم القتال في أشهر الحرم باق إلى الآن لم ينسخ في حقّ من يرى للأشهر الحرم حرمة،و أمّا من لا يرى لها حرمة فإنّه يجوز قتاله فيها.
و ذهب جماعة من الجمهور إلى أنّهما منسوختان (2)بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3). (4)و بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى الطائف،فافتتحها في ذي القعدة (5).
و قال تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (6).
أمّا تحريم القتال في المسجد الحرام فإنّه منسوخ.
أوجب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المهاجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام.
و اعلم أنّ الناس في الهجرة على أقسام ثلاثة:
أحدها:من تجب عليه،و هو من أسلم في بلاد الشرك و كان مستضعفا فيهم
ص:18
لا يمكنه إظهار دينه،و لا عذر له من مرض و غيره؛لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً (1).
الثاني:من لا تجب عليه لكن تستحبّ له المهاجرة،و هو من أسلم بين المشركين،و له عشيرة تحميه عن المشركين،و يمكنه إظهار دينه،و يكون آمنا على نفسه مع مقامه بين ظهرانيّ المشركين،كالعبّاس و عثمان (2)و لهذا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبيّة إلى أهل مكّة عثمان؛لأنّ عشيرته كانت أقوى بمكّة،و إنّما لم تجب عليه المهاجرة؛لتمكّنه من إظهار دينه و عدم مبالاته بهم، و إنّما استحبّت له؛لأنّ فيه تكثيرا لعددهم و اختلاطا بهم.
الثالث:من لا تجب عليه و لا تستحبّ له،و هو من كان له عذر يمنعه من المهاجرة:من مرض أو ضعف أو عدم نفقة أو غير ذلك،فلا جناح عليه؛لقوله تعالى: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ (3).
و لأنّهم غير متمكّنين و كانوا بمنزلة المكرهين،فلا إثم عليهم،و لو تجدّدت له القدرة،وجبت عليه المهاجرة.
إذا ثبت هذا:فإنّ الهجرة (4)باقية ما دام الشرك باقيا؛لوجود المقتضي و هو الكفر الذي يعجز معه عن إظهار شعائر الإسلام.
و لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تنقطع الهجرة حتّى تنقطع
ص:19
التوبة،و لا تنقطع التوبة حتّى تطلع الشمس من مغربها» (1).
و أمّا ما روي عنه عليه السلام أنّه قال:«لا هجرة بعد الفتح» (2)فله تأويلان:
أحدهما:أنّه أراد لا هجرة بعد الفتح،فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح؛لأنّ الهجرة قبل الفتح كانت أفضل منها بعد الفتح.و كذا الإنفاق؛لقوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا (3).
الثاني:أنّه أراد:لا هجرة من مكّة؛لأنّها صارت دار الإسلام أبدا.
ص:20
فيمن يجب عليه و شرائط وجوبه
فلا يجب على المرأة إجماعا؛لما روت عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قالت:قلت:يا رسول اللّه هل على النساء جهاد؟فقال:«جهاد لا قتال فيه:الحجّ و العمرة» (1).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة،قال:قال أمير المؤمنين عليه السلام:«كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء،فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه،و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته (2)» (3)و التفصيل في معنى الجهاد بينهما قاطع للشركة.
و لأنّها ليست من أهل القتال؛لضعفها و خورها،و لهذا لم يسهم لها من الغنيمة، و لا نعلم فيه خلافا.
الخنثى المشكل لا يجب عليه الجهاد؛
لأنّ الذكورة شرط الوجوب،و مع الشكّ في الشرط يحصل الشكّ في المشروط،مع أنّ الأصل العدم،أمّا من التحق بالرجال
ص:21
فإنّه يجب عليه الجهاد؛لأنّه ذكر.
فلا يجب على الصبيّ إجماعا.
روى ابن عمر،قال:عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة بدر (1)و أنا ابن ثلاث عشرة سنة (2)فردّني (3).
و لأنّه غير مكلّف.و لأنّه ضعيف البنية،فيسقط عنه،و لا نعلم فيه خلافا.
فلا يجب على المجنون إجماعا؛لأنّه لا يتأتّى منه الجهاد.و لأنّه غير مكلّف،و هو وفاق.
و الحرّيّة شرط؛فلا يجب على العبد إجماعا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يبايع الحرّ على الإسلام و الجهاد،و[يبايع] (4)العبد على الإسلام دون الجهاد (5).
و لأنّه عبادة يتعلّق بها قطع مسافة،فلا تجب على العبد،كالحجّ.و كذا لا يجب على المدبّر،و أمّ الولد،و المكاتب المشروط،و من انعتق بعضه؛لعدم الشرط في حقّهم كلّهم.
أمّا الإسلام فليس شرطا عندنا؛لأنّ الكفّار مخاطبون بفروع العبادات.
ص:22
لو أخرج الإمام العبيد بإذن ساداتهم،
و النساء و الصبيان،جاز (1)؛لحصول النفع بهم في إتيان المياه و مداواة الجرحى،و معالجتهم و الطبخ و ما يحتاجون إليه من المداواة (2)،و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخرج معه أمّ سليم و غيرها (3).أمّا المجنون:فلا يخرجه؛لعدم الانتفاع به.
لعجزه و ضعف قوّته عن الحرب،قال اللّه تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (4).
و كذا يسقط فرض الجهاد عن الأعمى إجماعا،قال اللّه تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ (5).
و لأنّ الجهاد متعذّر عليه.
فأمّا (6)الأعور فإنّه يجب عليه؛لإمكانه منه.
و يسقط أيضا فرض الجهاد بالعرج إذا كان يمنع من المشي أو الركوب، كالزمن؛لقوله تعالى: وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ (7).
ص:23
و لو كان به عرج يسير يمكنه معه الركوب و المشي و إنّما يتعذّر عليه شدّة العدو؛فإنّه يجب عليه الجهاد؛لتمكّنه منه،فكان كالأعور.
و أمّا المريض فقسمان:
أحدهما:أن يكون مرضه شديدا،كالبرسام (1)و الحمّى المطبقة و أشباههما،فإنّه يسقط عنه فرض الجهاد؛لعجزه عنه،قال اللّه تعالى: وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ (2)، و قوله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى (3).
الثاني:أن يكون مرضه يسيرا،كوجع الضرس و الصداع اليسير،و حمّى يوم يتمكّن معه (4)من الجهاد،فإنّه يجب عليه؛لتمكّنه منه.
سقط عنه فرض الجهاد؛لقوله تعالى:
وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (5).
إذا ثبت هذا:فإن كانت المسافة قصيرة لا يحتاج معها إلى الحمولة،لم يجب عليه حتّى يكون له زاد و نفقة عياله في غيبته و سلاح يقاتل به،و لا يعتبر الراحلة؛ لقرب السفر.
و إن كانت المسافة طويلة،اعتبر مع ما ذكرناه وجود الراحلة؛لحاجته إليها؛ لقوله تعالى: وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (6).
ص:24
و الضابط في إسقاط الجهاد لأجل عدم الراحلة:هو الحاجة إليها،سواء قصرت المسافة أو طالت،و الشيخ-رحمه اللّه-اعتبر مسافة التقصير (1)،و ليس بمعتمد،بل الضابط ما قلناه نحن.
فإذا قام به من فيه كفاية و غنى، سقط عن الباقين (2).و لا يجب على غيرهم إلاّ أن يعيّنه الإمام؛لاقتضاء المصلحة أو قصور القائمين عن الدفع بحيث لا يحصل الدفع إلاّ بالاجتماع،أو يعيّنه على نفسه بالنذر و شبهه أو بالاستئجار،فيجب عليه حينئذ،و لا يكفي فيه غيره.
و من تعيّن عليه الجهاد،وجب أن يخرج بنفسه أو يستأجر غيره عنه؛لحصول المقصود به.
و قد يكون للدفع بأن يدهم المسلمين عدوّ.
فالأوّل:لا يجوز إلاّ بإذن الإمام العادل،أو من يأمره الإمام.
و الثاني:يجب مطلقا.
و قال أحمد:يجب الأوّل مع كلّ إمام برّ و فاجر (3).
لنا:أنّ الداعي يجب أن يكون بشرائط الإمامة أو منصوبا من قبله؛لأنّه العارف بشرائط الإسلام و له الولاية المطلقة.
و ما رواه الشيخ عن أبي عمرو الزبيديّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
ص:25
قلت له:أخبرني عن الدعاء إلى اللّه عزّ و جلّ و الجهاد في سبيله،أ هو لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم به إلاّ من كان منهم؟أو هو مباح لكلّ من وحّد اللّه تعالى و آمن برسوله صلّى اللّه عليه و آله،و من كان كذا فله أن يدعو إلى اللّه عزّ و جلّ و إلى طاعته، و أن يجاهد في سبيل اللّه؟فقال:«ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم بذلك إلاّ من كان منهم»و قال في أثناء الحديث:«و لا يكون داعيا إلى اللّه تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحقّ،و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،و لا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به،و لا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه،فمن كان قد ثبت 1فيه شرائط اللّه عزّ و جلّ التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد» 2و الحديث طويل.
و عن أبي حمزة الثماليّ،قال:قال رجل لعليّ بن الحسين عليهما السلام:أقبلت على الحجّ و تركت الجهاد،فوجدت الحجّ ألين عليك؟و اللّه تعالى يقول: إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ الآية فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:
ص:26
«أقرأ ما بعدها»فقرأ: اَلتّائِبُونَ... (1)الآية فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام:
«إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا» (2).
و عن بشير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:قلت له:رأيت في المنام أنّي قلت لك:إنّ القتال مع غير الإمام المفروض طاعته حرام،مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير،فقلت:نعم هو كذلك،فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«هو كذلك هو كذلك» (3).
احتجّ أحمد:بما روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«الجهاد واجب عليكم مع كلّ أمير برّا كان أو فاجرا» (4)(5).
و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ثلاث من أصل الإيمان:
الكفّ عمّن قال لا إله إلاّ اللّه،لا نكفّره بذنب و لا نخرجه من الإسلام بعمل،و الجهاد ماض منذ بعثني اللّه تعالى إلى أن يقاتل آخر أمّتي الدجّال،و الإيمان بالإنذار (6)» (7).
و لأنّ ترك الجهاد مع الفجّار يفضي إلى قطع الجهاد،و ظهور الكفّار على
ص:27
المسلمين،و قال اللّه تعالى: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ (1)الآية.
و الجواب عن الأوّل:أنّ أبا هريرة مطعون في حديثه؛و لهذا أدّبه عمر على كثرة حديثه (2)،فلو لم يكن في محلّ التهمة،لما فعل عمر به ذلك،على أنّا نقول:إنّ أحد نوعي الجهاد يجب مع كلّ برّ و فاجر.
و عن الثاني:أنّا نقول بموجبه،فإنّ وجوب الجهاد دائم ما دامت الشريعة،لكن وجوبها لا يخرجها عن اشتراطها بأمور أخرى.
و عن الثالث:بأنّ الجهاد للدفع عن الضرر كاف في كفّ الفجّار،على أنّ الإمام الفاجر ليس محلاّ للأمانة،فكيف يسوغ جعله رئيسا مطلقا على المسلمين كافّة، و ربّما واطأ الكفّار و حصل للمسلمين بذلك ضرر لا يمكن تداركه.
أمّا القسم الثاني من أنواع الجهاد،فإنّه يجب مطلقا،فإنّه متى دهم المسلمين- و العياذ باللّه-عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام،وجب على المسلمين كافّة النفور إليهم و دفعهم،سواء كان الداعي إلى جهادهم برّا أو فاجرا،لأنّ دفع الضرر لا يحصل إلاّ به،فيجب.
و كذا لو كان المسلم في أرض العدوّ من الكفّار ساكنا بينهم بأمان حتّى دهمهم عدوّ من المشركين و خشي على نفسه إذا تخلّف،جاز له معاونة الكفّار و مساعدتهم،و يكون قصده بذلك الدفع عن نفسه لا معاونة المشركين.
رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان،فغزا القوم الذين دخل عليهم (3)قوم آخرون،قال:
ص:28
«على المسلم أن يمنع عن نفسه و يقاتل على حكم اللّه و حكم رسوله،و أمّا أن يقاتل الكفّار على حكم الجور و سنّتهم،فلا يحلّ له ذلك» (1).
و كذا من خشي على نفسه مطلقا أو ماله إذا غلب السلامة،جاز له أن يجاهد.
و بين أن يستأجر غيره ليجاهد عنه،و تكون الإجارة صحيحة،و لا يلزمه ردّ الأجرة،ذهب إليه علماؤنا.
و قال الشافعيّ:لا تنعقد الإجارة،و يجب عليه ردّ الأجرة إلى صاحبها (2).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من جهّز غازيا،كان له مثل أجره» (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب،عن جعفر،عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام سئل عن الإجعال للغزو،فقال:«لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل» (4).
و لأنّ القصد من الجهاد و هو معونة المسلمين،و حراستهم يحصل بفعله مباشرة و تسبيبا،فيتساويان.
ص:29
و لأنّها عبادة،فجاز عقد الإجارة فيها و لزم،كالحجّ،و لأنّه يجوز (1)أخذ الرزق عليها من بيت المال،فجاز أن يأخذ عليها إجارة.و لأنّه من فروض الكفايات فيجزئ عنه فعل غيره،و لأنّ الضرورة قد تدعو إلى الاستئجار،فيكون مشروعا،كغيره من الإجارات.
احتجّ الشافعيّ:بأنّه يتعيّن بحضوره الصفّ للجهاد،و إذا تعيّن عليه الفرض،لم يجز له أن يفعله عن غيره،كما لو كان عليه حجّ الإسلام لا يجوز له أن يحجّ عن غيره (2).
و الجواب:المنع أوّلا من التعيين (3)،و النقض بالحجّ،فإنّه إذا حضر مكّة تعيّن عليه الإحرام،و مع هذا جاز أن يقع الإحرام المتعيّن عليه عن غيره،فكذا هنا.
لم يجز له الاستنابة؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4).
فإن فعل، وقع عنه و وجب عليه ردّ الجعل إلى صاحبه؛لأنّه قد تعيّن عليه،فلا يجوز له أن ينوب عن غيره فيه،كالحجّ.
و للمستأجر ثواب
ص:30
النفقة،و أمّا ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق،فليس بأجرة،بل هم يجاهدون لأنفسهم (1)،و يأخذون حقّا جعله اللّه لهم،فإن كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و أقاموا في الثغور،فهم أهل الفيء،لهم سهم من الفيء يدفع إليهم،و إن كانوا مقيمين في بلادهم يغزون إذا خفّوا (2)،فهؤلاء أهل الصدقات يدفع إليهم سهم (3)منها (4).
ففيها فضل كثير من السلطان و العوامّ (5)و كلّ واحد،و يستحقّون بها الثواب؛لما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال:«من جهّز غازيا أو حاجّا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره» (6).
و عن جعفر بن محمّد،عن أبيه عليهما السلام،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من بلّغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه» (7).
أحدها:تعيين الإمام.
الثاني:النذر و شبهه.
الثالث:الاستئجار.
الرابع:عدم الاكتفاء بغيره.
ص:31
الخامس:إذا التقى الزحفان و تقابل الفئتان.
أمّا الأوّل:فلأنّ الإمام إذا استنفر قوما،وجب عليهم النفور معه؛لقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ (1)إلى آخره.
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إذا استنفرتم فانفروا» (2).
و أمّا الثاني:فلما يأتي من وجوب ما يتعلّق به النذر من الطاعات.
و أمّا الثالث:فلأنّ عقد الإجارة لازم على ما تقدّم (3).
و أمّا الرابع:فإنّا بيّنّا معنى وجوب الكفاية (4)و أنّه متى قام به من في قيامه غنى،سقط عن الباقين،و إلاّ لم يسقط.
و أمّا الخامس:فلقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (5).
و قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (6)الآية.
فلو بذل له ما يحتاج إليه، وجب عليه الجهاد حينئذ؛لأنّه بالبذل متمكّن،كالحجّ إذا بذل للمعسر كفايته فيه،
ص:32
فإنّه يجب عليه؛لأنّه تمكّن بالبذل،كذا هنا،و لو كان على سبيل الأجرة،لم يجب؛ لأنّ وجوب الجهاد مشروط باليسار،و لا يجب على المكلّف تحصيل شرط الوجوب،كالنصاب في الزكاة،و لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا فهل يجب عليه إقامة غيره أم لا؟فيه قولان:
أحدهما:الوجوب،كالحجّ (1).
و الثاني:السقوط؛لعدم المكنة (2).و الأقرب:الاستحباب.
و لو كان قادرا فجهّز غيره،سقط عنه فرض الجهاد ما لم يتعيّن عليه.
ص:33
في اشتراط إذن الأبوين و صاحب الدين
أحدهما:أن يكون الدين حالاّ، و الآخر أن يكون مؤجّلا.
فإن كان حالاّ فلا يخلو إمّا أن يكون متمكّنا من أدائه أو لا يكون،فإن كان متمكّنا منه،لم يجز له الخروج إلى الجهاد إلاّ بإذن صاحب الدين إلاّ أن يترك وفاء، أو يقيم به كفيلا يرتضي (1)به،أو يوثقه برهن.
و إن لم يكن متمكّنا منه،هل يجوز له أن يخرج بغير إذن صاحب الدين أم لا؟ قال قوم:نعم،له ذلك (2)،و به قال مالك (3).
و قال الشافعيّ (4)،و أحمد بن حنبل:ليس له ذلك،و لصاحب الدين منعه من الغزو (5).و الأوّل أقرب.
لنا:أنّه لا يتوجّه له المطالبة به و لا حبسه من أجله،فلم يمنع من الغزو،كما لو
ص:34
لم يكن عليه دين.
احتجّوا:بأنّ الجهاد يقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحقّ بفواتها (1).
و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ رجلا جاء إليه،فقال:يا رسول اللّه إن قتلت في سبيل اللّه صابرا محتسبا يكفّر عنّي خطاياي؟قال:«نعم،إلاّ الدّين،فإنّ جبرئيل عليه السلام قال لي ذلك» (2).
و الجواب:أنّ الشهادة غير معلومة و لا مظنونة،فلا يترك لأجلها ما هو أعظم أركان الإسلام.
و الرواية نحن نقول بموجبها؛لأنّ من فرّط في قضاء الدين،لا يسقط دينه بالجهاد و القتل في سبيل اللّه،و يدلّ على التفريط أنّه استثناه من الخطايا،و لا ريب أنّ تأخير الدين للمعسر ليس بخطيئة.
أمّا الدين المؤجّل،فهل لصاحبه منعه منه أم لا؟قال مالك:ليس له المنع (3).
و قال الشافعيّ (4)و أحمد:له المنع (5).و الاحتجاج من الفريقين ما تقدّم، و الوجه:ما قاله مالك.
ص:35
وجب عليه الخروج فيه،سواء كان الدين حالاّ أو مؤجّلا،موسرا كان أو معسرا،أذن له غريمه أو لم يأذن،لأنّ الجهاد تعلّق بعينه،فكان مقدّما على ما في ذمّته،كسائر فروض الأعيان.
جاز له الغزو،سواء أذن له صاحب الدين أو لم يأذن؛لأنّ المانع-و هو فوات الدين-زائل هنا.و لأنّ عبد اللّه بن حرام 1أبا جابر بن عبد اللّه خرج إلى أحد و عليه دين كثير،فاستشهد،فقضاه عنه ابنه جابر بعلم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و لم يذمّه،و لم ينكر فعله بل مدحه و قال:
«ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه» 2.
على ما بيّنّاه،لكن يستحبّ له أن لا يتعرّض لمظانّ القتل،بأن يبارز أو يقف في أوّل المقاتلة؛لما فيه من التغرير 3بفوات الحقّ.
و لهما منعه،و به قال
ص:36
أهل العلم كافّة.
روى ابن عبّاس عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أجاهد؟فقال:«أ لك أبوان؟»قال:نعم،قال:
«ففيهما فجاهد» (1).
و في رواية:جئت أبايعك على الهجرة و تركت أبويّ يبكيان،قال:«ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» (2).
و عن أبي سعيد أنّ رجلا هاجر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل لك باليمن أحد؟»قال:نعم،أبواي،قال:«أذنا لك؟»قال:لا،قال:«فارجع فاستأذنهما،فإن أذنا لك فجاهد،و إلاّ فبرّهما» (3).
و لأنّ طاعة الأبوين فرض عين،و الجهاد فرض كفاية،و فرض العين مقدّم على فرض الكفاية.
لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يخرج معه من الصحابة إلى الجهاد من كان له أبوان كافران،من غير استئذان،كأبي بكر و غيره.
و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة (1)،كان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر، و أبوه كان رئيس المشركين يومئذ قتل ببدر،و أبو عبيدة قتل أباه في الجهاد (2).
و لأنّهما كافران،فلا ولاية لهما على المسلم.و لأنّه يسوغ له قتلهما،فترك قبول قولهما أولى.
احتجّ الثوريّ:بعموم الأخبار (3).
و الجواب:ما ذكرناه خاصّ،فيكون مقدّما و يخصّص (4)العامّ.
اَلنّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1)و لم يشترط إذنهما،و لا نعرف في ذلك خلافا.
لأنّ طاعة كلّ واحد منهما فرض،كما أنّ طاعتهما فرض.
فعموم كلام الشيخ-رحمه اللّه (2)-يقتضي أنّ لهما المنع،كالحرّين؛عملا بالعموم،و لأنّهما أبوان مسلمان،فكانا كالحرّين.
و قيل:لا اعتبار بإذنهما؛لأنّه لا ولاية لهما (3).
لم يكن لهما (4)اعتبار و لا إذن لهما؛لعدم إمكان استئذانهما.
استحبّ له استئذانهما و أن لا يخرج من دون إذنهما،و لو منعاه،لم يحرم عليه مخالفتهما.و فارق الجهاد؛لأنّ الغالب فيه الهلاك،و هذا الغالب فيه السلامة.
فمنعاه منه بعد سيره (5)و قبل وجوبه، كان عليه أن يرجع؛لأنّ لهما منعه في الابتداء،فكذا في الأثناء،كسائر الموانع،إلاّ أن يخاف على نفسه في الرجوع،أو يحدث له عذر من مرض أو ذهاب نفقة،أو
ص:39
نحو ذلك،فإنّه إن أمكنته الإقامة في الطريق و إلاّ مضى مع الجيش،فإذا حضر الصفّ،تعيّن عليه بحضوره و لم يبق لهما إذن،و لو رجعا في الإذن بعد وجوبه عليه و تعيّنه،لم يؤثّر رجوعهما.
و لو كانا كافرين فأسلما و منعاه،فإن كان بعد وجوبه و تعيّنه عليه لم يعتدّ بمنعهما،و إن كان قبله،وجب عليه الرجوع مع المكنة.و كذا البحث في الغريم (1)إذا أذن للمدين في الجهاد ثمّ رجع عن الإذن.
و لو أذن له والداه في الغزو و شرطا عليه أن لا يقاتل فحضر القتال،تعيّن عليه و لم يعتدّ بشرطهما؛لأنّه صار واجبا عليه،فلا طاعة لهما في تركه،و لو خرج بغير إذنهما فحضر القتال ثمّ بدا له الرجوع،لم يجز له ذلك.
فإن أذن له مولاه،صحّ،و إلاّ لم يجز، و لو أذن ثمّ رجع عن الإذن،كان حكمه حكم رجوع الأبوين،و قد سلف (2).
و المرأة لا جهاد عليها و يجوز لها أن تخرج لمعونة المسلمين-على ما قلناه- بشرط إذن الزوج لها في ذلك،و قد سلف (3).
فتجدّد العذر،فإن كان قبل أن يلتقي الزحفان كان كوجوده قبل خروجه،إن كان العذر في نفسه،كالمرض و شبهه،تخيّر في الرجوع و المضيّ،و إن كان في غيره،مثل أن يرجع صاحب الدين الحالّ في إذنه،و الأبوان فيه،أو يسلم الأبوان ثمّ يمنعانه،فيجب عليه الرجوع،إلاّ أن يخاف على نفسه.
و إن حدث بعد التقاء الزحفين،فإن كان العذر في نفسه قال الشيخ-رحمه اللّه
ص:40
كان له الانصراف (1).و هو أحد قولي الشافعيّ؛لأنّه لا يمكنه القتال،فكان له الانصراف.
و قال في الآخر:ليس له الانصراف؛لأنّه كان مخيّرا قبل التقاء الزحفين، فوجب أن يتعيّن بعد التقاء الزحفين و لا جامع هنا (2).
و لو كان العذر في غيره،كرجوع الغريم و الأبوين قال الشيخ-رحمه اللّه-:
ليس له الرجوع؛لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (3). (4)
و لأنّ رجوعه ربّما كان فيه كسر المسلمين،فلا يجوز له الرجوع،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و قال في الآخر:له الرجوع؛لأنّ الثبات فرض و حقّ الغريم فرض و هو السابق،فكان أولى (5).
و ليس بجيّد؛لأنّ الغريم أسقط حقّه من المنع.
و كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه،و يجوز له قتله (1).
و لو ظهر منه ما لا يجوز الصبر عليه،جاز قتله،كسبّ اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام،فقد (2)روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه حين سمعه (3)سبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لم قتلته؟»قال:سمعته يسبّك،فسكت عنه (4).
ص:42
في الرباط
و معناه:الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين،و أصله:من رباط الخيل؛لأنّ هؤلاء يربطون خيولهم كلّ قوم بعد آخرين،فسمّي المقام بالثغر رباطا،و إن لم يكن خيل،و فضله متّفق عليه.
روى سلمان-رحمه اللّه-قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
«رباط ليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر و قيامه،فإن مات،جرى عليه عمله الذي كان يعمل،و أجري عليه رزقه،و أمن الفتّان» (1).
و عن فضالة بن عبيد (2)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«كلّ ميّت يختم على عمله،إلاّ المرابط في سبيل اللّه،فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة و يؤمن من فتّان القبر» (3).
فطرف القلّة ثلاثة أيّام،و طرف
ص:43
الكثرة أربعون يوما،فإن جاز الأربعين،كان جهادا،و ثوابه ثواب المجاهدين، و لم يكن رباطا.
أمّا طرف القلّة فاختاره الشيخ-رحمه اللّه- (1)و هو قول علمائنا.
و قال أحمد:لا طرف له في القلّة (2).
لنا:أنّ مفهومه إنّما يصدق بثلاثة أيّام غالبا،فإنّ المجتاز في الثغر أو من أقام به ساعة مثلا لا يقال له في العرف:إنّه مرابط.
و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم و زرارة،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام،قال:«الرباط ثلاثة أيّام و أكثره أربعون يوما،فإذا جاز ذلك فهو جهاد» (3).
و أمّا طرف الكثرة فمتّفق عليه؛لما قلناه من حديث زرارة و محمّد بن مسلم عنهما عليهما السلام.
و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«تمام الرباط أربعون يوما» (4).
عليه السلام،
أمّا في حال غيبته فإنّها مستحبّة أيضا استحبابا غير مؤكّد؛لأنّها
ص:44
لا تتضمّن (1)قتالا،بل حفظا و إعلاما،و كانت (2)مشروعة حال الغيبة.
و أفضل الرباط المقام بأشدّ الثغور خوفا؛لشدّة الحاجة هناك و كثرة النفع بمقامه به.
و كلّ موضع معقل (3)للمسلمين يستحبّ للرجل أن يقيم به و بأهله.
روى الشيخ عن يونس،عن أبي الحسن عليه السلام في حديث،قال:«فليرابط و لا يقاتل»قلت:مثل قزوين و عسقلان و الديلم و ما أشبه هذه الثغور؟قال:
«نعم» (4).
و روى الجمهور عن الأوزاعيّ،قال:أتيت المدينة فسألت من فيها من العلماء؟ فقيل:محمّد بن المنكدر (5)،و محمّد بن كعب القرظيّ (6)،و محمّد بن عليّ 7بن
ص:45
عبد اللّه بن العبّاس،و محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الباقر عليهم السلام،فقلت:و اللّه لأبد أنّ به قبلهم،فدخلت إليه فأخذ بيدي و قال:«من أيّ إخواننا أنت؟»قلت:من أهل الشام،قال:«من أيّهم؟»قلت:من أهل دمشق،قال:
«حدّثني أبي عن جدّي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:يكون للمسلمين ثلاث معاقل:فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكيّة دمشق، و معقلهم من الدجّال بيت المقدس،و معقلهم من يأجوج و مأجوج طور سيناء» 1.
إذا ثبت هذا:فإن رابط حال ظهور الإمام بإذنه و سوّغ له القتال،جاز له ذلك، و إن كان مستترا أو لم يسوّغ له المقاتلة،لم يجز له القتال ابتداءً،بل يحفظ 2الكفّار من الدخول إلى بلاد الإسلام و يعلم المسلمين بأحوالهم و إرادة دخولهم إليهم إن أرادوا ذلك،و لا يبدؤهم بالقتال،فإن قاتلوه،جاز له قتالهم،و يقصد بذلك الدفع عن نفسه و عن الإسلام،و لا يقصد به الجهاد.
لجواز استيلاء الكفّار عليهم،و ظفر العدوّ بالذراريّ و النسوان مع ضعفهم عن الهرب و الحرب لو احتاجوا إليهما.
و لو عجز عن المرابطة بنفسه،فرابط فرسه،أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين،كان له في ذلك ثواب عظيم.
و ينبغي لأهل الثغور أن يجتمعوا في المساجد للصلوات؛لأنّه ربّما جاء هم
ص:46
الكفّار دفعة فخافوا بسبب كثرتهم.
و يستحبّ الحرس في سبيل اللّه،قال ابن عبّاس:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«عينان لا تمسّهما النار:عين بكت من خشية اللّه،و عين باتت تحرس في سبيل اللّه» (1).
و قال عليه السلام:«حرس ليلة في سبيل اللّه،أفضل من ألف ليلة قيام ليلها و صيام نهارها» (2).
و عن سهل بن الحنظليّة (3)أنّهم ساروا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين فأطنبوا السير حتّى كان عشيّة...قال:«من يحرسنا الليلة؟»قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ (4):أنا يا رسول اللّه قال:«فاركب»فركب فرسا له،و جاء (5)إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:«استقبل هذا الشعب حتّى تكون في أعلاه و لا نغرّنّ من قبلك الليلة»فلمّا أصبحنا جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى مصلاّه
ص:47
فركع ركعتين ثمّ قال:«هل أحسستم فارسكم؟»قالوا:لا،فنودي (1)بالصلاة، فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي و هو يلتفت إلى الشعب حتّى إذا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاته و سلّم قال:«أبشروا قد جاءكم فارسكم»...فإذا هو قد جاء حتّى وقف على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:
إنّي انطلقت حتّى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فلمّا أصبحت اطّلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«هل نزلت الليلة؟»قال:لا،إلاّ مصلّيا أو قاضي حاجة،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قد أوجبت،فلا عليك أن لا تعمل بعدها» (2).
وجب عليه الوفاء به،سواء كان الإمام ظاهرا أو مستترا؛لأنّه طاعة قد نذرها،فيجب عليه الوفاء به،كغيره من الطاعات،غير أنّه لا يبدأ العدوّ بالقتال و لا يجاهدهم إلاّ على وجه الدفع عن الإسلام و النفس،لأنّ البدأة بالقتال إنّما تجوز مع إذن الإمام؛لقول أبي[الحسن] (3)عليه السّلام:«يرابط و لا يقاتل،فإن خاف على بيضة الإسلام و المسلمين قاتل،فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان،لأنّ في درس الإسلام درس ذكر محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (4).
إذا عرفت هذا:فلو نذر أن يصرف شيئا من ماله إلى المرابطين في حال ظهور الإمام،وجب عليه الوفاء به،و إن كان في حال استتاره،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يجب الوفاء بالنذر،بل يصرفه في وجوه البرّ (5).و قال ابن إدريس:يجب عليه
ص:48
الوفاء به (1).
أمّا الشيخ-رحمه اللّه-:فله أن يحتجّ بما رواه عليّ بن مهزيار،قال:كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام:إنّي كنت نذرت نذرا منذ سنين (2)أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا ممّا يرابط فيه المتطوّعة نحو مرابطتهم (3)[بجدّة] (4)و غيرها من سواحل البحر،أ فترى-جعلت فداك-أنّه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني؟أو أفتدي للخروج إلى ذلك الموضع بشيء من أبواب البرّ لأصير إليه إن شاء اللّه تعالى؟فكتب إليه بخطّه و قرأته:«إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين،فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته،و إلاّ فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البرّ،وفّقنا اللّه و إيّاك لما يحبّ و يرضى» (5).
احتجّ ابن إدريس:بأنّه نذر في طاعة،فيجب الوفاء به.و لأنّ النذر إن بطل،لم يجب صرف المال في البرّ،و إن صحّ،لزم صرفه في الجهة المعيّنة في النذر (6).
و قول ابن إدريس قويّ.
ثمّ قال الشيخ-رحمه اللّه-:إلاّ أن يخاف الشنعة من تركه،فيجب عليه حينئذ صرفه إلى المرابطة (7).و هو استناد إلى رواية ابن مهزيار.
فإن كان الإمام ظاهرا،
ص:49
وجب عليه الوفاء به؛لأنّها إجارة على فعل طاعة،فصحّت و لزمت،كما لو استأجره للجهاد.
و لو كان في حال الغيبة و استتار الإمام عليه السّلام،قال الشيخ-رحمه اللّه-:لا يلزمه الوفاء به،و يردّ عليه ما أخذه،فإن لم يجده،فعلى ورثته،فإن لم يكن له ورثة،لزمه الوفاء به (1).
و منع ابن إدريس ذلك و أوجب عليه الوفاء به و لزوم الإجارة في الحالين (2).
و هو الوجه عندي،غير أنّه لا يقصد بالجهاد الدعاء إلى الإسلام؛لأنّه مخصوص بالإمام أو من يأذن له،بل يقصد الدفاع عن نفسه و عن الإسلام.و متى قتل المرابط، كان شهيدا و ثوابه ثواب الشهداء.
و في رواية عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟قال:فقال:«الويل يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة،و اللّه ما الشهداء (3)إلاّ شيعتنا و لو ماتوا على فرشهم» (4).
و هي غير معارضة لما قلناه،لأنّها تدلّ بمفهومها على أنّ المراد:من رابط و هو على غير الاعتقاد الذي ينبغي.
ص:50
في بيان من يجب جهاده و كيفيّة الجهاد
و فيه مباحث:
ص:51
ص:52
من يجب جهاده
الأوّل:البغاة على إمام المسلمين من أهل الإسلام.
الثاني:أهل الذمّة،و هم اليهود و النصارى و المجوس إذا أخلّوا بشرائط الذمّة.
الثالث:من عدا هؤلاء من أصناف الكفّار،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (1).
و قال تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (2).
و قال تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3).
و قال تعالى: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ (4).
فهذه الآيات تدلّ على وجوب جهاد الأصناف التي ذكرناها.
ص:53
و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أعطى إماما صفقة (1)يده و ثمرة قلبه فليطعه ما استطاع،فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» (2).
و روى بريدة (3)قال:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أمره بتقوى اللّه في خاصّته و بمن معه من المسلمين و قال:«إذا لقيت عدوّك من المشركين،فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم:ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية،فإن أجابوك فاقبل منهم و كفّ عنهم،فإن أبوا فاستعن باللّه عليهم و قاتلهم» (4).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سأل رجل[أبي] (5)عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام،و كان السائل من محبّينا،فقال له أبو جعفر عليه السّلام:بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بخمسة أسياف:ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن (6)تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ،و لن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها...فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم
ص:54
تكن آمنت من قبل...و سيف منها مكفوف،و سيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا و حكمه إلينا.
فأمّا السيوف الثلاثة الشاهرة:فسيف على مشركي العرب،قال اللّه تعالى:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ... (1)فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام...
و السيف الثاني:على أهل الذمّة...،قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ (2)الآية...فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل...
و السيف الثالث:سيف على مشركي العجم،يعني الترك و الخزر و الديلم...قال اللّه تعالى: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ (3)...فهؤلاء لا يقبل منهم إلاّ القتل أو الدخول في الإسلام،و لا يحلّ لنا نكاحهم ما داموا في[دار] (4)الحرب.
و أمّا السيف المكفوف:فسيف على أهل البغي و التأويل،قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما إلى قوله: حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ (5)
فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل،فسئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من هو؟قال:
هو خاصف النعل-يعني أمير المؤمنين عليه السّلام-قال عمّار بن ياسر:قاتلت بهذه الراية (6)مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثا و هذه الرابعة،و اللّه لو ضربونا حتّى
ص:55
يبلغوا بنا (1)السعفات من هجر (2)لعلمنا أنّا على الحقّ و أنّهم على الباطل،و كانت السيرة[فيهم] (3)من أمير المؤمنين عليه السّلام ما كان من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى (4)أهل مكّة يوم فتح مكّة،فإنّه لم يسب لهم ذرّيّة،و قال:من أغلق بابه،أو ألقى (5)سلاحه،أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و كذلك قال أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام فيهم:لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا،و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.
و أمّا السيف المغمود:[فالسيف] (6)الذي يقام به القصاص قال اللّه تعالى:
اَلنَّفْسَ بِالنَّفْسِ (7)الآية فسلّه إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا،فهذه السيوف التي بعث اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بها،فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل اللّه تعالى على محمّد صلّى اللّه عليه و آله» (8).
ص:56
إمّا لكفّهم (1)أو لنقلهم إلى الإسلام،فإن بدءوا بالقتال،وجب جهادهم،و إن كفّوا،وجب جهادهم بحسب المكنة،و أقلّه في كلّ عام مرّة؛لأنّ الجزية تجب على أهل الذمّة في كلّ عام،و هي بدل عن (2)النصرة،فكذلك مبدلها و هو الجهاد،فيجب في كلّ عام مرّة.
و لأنّ تركهم أكثر من ذلك يوجب تقويتهم و ظهور شوكتهم،و لو اقتضت المصلحة التأخير عن ذلك،جاز؛نظرا إلى المصلحة،و ذلك بأن يكون في المسلمين ضعف في عدد أو عدّة،أو يكون الإمام منتظرا لمدد يستعين به على جهادهم،أو يكون الطريق إليهم ممنوعا،أو لا علف فيها أو لا ماء بها،أو يعلم الإمام من العدوّ الرغبة في الإسلام و حسن الرأي فيه و يطمع في إسلامهم إن أخّر قتالهم،و يعلم أنّ قتالهم ينفّرهم عن ذلك،أو غير ذلك من المصالح،فيجوز تأخير الجهاد و تركه حينئذ بهدنة و بغير هدنة،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح قريشا عشر سنين، و أخّر قتالهم حتّى نقضوا عهده.و أخّر قتال قبائل العرب بغير هدنة (3).
و كما أنّه يجوز التأخير عن الجهاد في كلّ عام،فكذا يجوز فعله في السنة مرّتين و مرارا بحسب المصلحة.
و لو احتيج إلى أكثر من ذلك،وجب؛لأنّه فرض كفاية،فيجب منه ما دعت الحاجة إليه.
و لا يتولّى المهادنة إلاّ الإمام أو من يأذن له،على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.
و التزامهم بشرائعه،فإن فعلوا،و إلاّ قوتلوا.
ص:57
و الداعي إنّما يكون الإمام أو من نصبه؛لحديث بريدة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا بعث أميرا قال له:«إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم و كفّ عنهم[ثمّ] (1)ادعهم إلى الإسلام،فإن أجابوك فاقبل منهم» (2)الحديث.
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه،[عن أبيه] (3)،عن آبائه عليهم السلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن فقال:يا عليّ لا تقاتل (4)أحدا حتّى تدعوه و ايم اللّه لأن يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس، و غربت و لك و لاؤه يا عليّ» (5).
و لأنّ الغرض من الحرب هو إدخالهم في الإسلام،و إنّما يتمّ بالدعاء إليه.
و العمل بها و الإسلام و ما تعبّدنا اللّه تعالى به.
و يستحبّ أن يدعوهم بما رواه الشيخ عن سليمان بن داود (6)المنقريّ،عن
ص:58
سفيان (1)،عن الزهريّ،قال:دخل رجل من قريش على عليّ بن الحسين عليهما السلام،فسأله كيف الدعوة إلى الدين؟فقال:«تقول بسم اللّه أدعوك إلى اللّه و إلى دينه،و جماعه (2)أمران:أحدهما:معرفة اللّه،و الآخر:العمل برضوانه،و أنّ معرفة اللّه أن يعرف بالوحدانيّة و الرأفة و الرحمة و العزّة و العلم و القدرة و العلوّ
ص:59
على كلّ شيء،و أنّه النافع الضار،القاهر لكلّ شيء،الذي لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير،و أنّ محمّدا عبده و رسوله-صلّى اللّه عليه و آله و أنّ ما جاء به هو الحقّ من عند اللّه،و ما سواه هو الباطل،فإذا أجابوا إلى ذلك، فلهم ما للمؤمنين و عليهم ما على المؤمنين» (1).
أحدهما:بلغتهم الدعوة و عرفوا ببعثة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أنّهم (2)مكلّفون بتصديقه.
و الآخر:لم تبلغهم الدعوة.
فالثاني:لا يجوز قتالهم،إلاّ بعد الدعاء إلى الإسلام و محاسنه،و إظهار الشهادتين،و الإقرار بالتوحيد و العدل و النبوّة و الإمامة و جميع شرائع الإسلام،فإن أجابوا و إلاّ قتلوا؛لقوله لعليّ عليه السلام:«يا عليّ لا تقاتل (3)أحدا حتّى تدعوه» (4).
و الأوّل:يجوز قتالهم ابتداءً من غير أن يدعوهم الإمام إلى الإسلام؛لأنّه معلوم عندهم؛إذ قد بلغتهم دعوة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و علموا أنّه يدعوهم إلى الإيمان و الإقرار به،و أنّ من لم يقبل منه،قاتله،و من قبل منه،آمنه،فهؤلاء حرب للمسلمين مثل الروم،و الترك،و الزنج،و الخزر (5)،و غيرهم من أصناف الكفّار الذين بلغتهم الدعوة،و سواء كان الكافر الذي بلغته الدعوة حربيّا،أو ذمّيّا فإنّه يجوز قتاله ابتداءً من غير دعاء؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أغار على بني المصطلق
ص:60
و هم غارّون آمنون و إبلهم تسقى على الماء (1).
و قال سلمة بن الأكوع:أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فغزونا ناسا من المشركين فبيّتناهم (2). (3)
و الدعاء أفضل؛لما رواه الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا عليه السلام حين أعطاه الراية يوم خيبر و بعثه إلى قتالهم أن يدعوهم (4)،و هم ممّن قد بلغتهم الدعوة،و دعا سلمان أهل فارس (5)،و دعا عليّ عليه السلام عمرو بن عبد ودّ العامريّ (6)فلم يسلم مع بلوغه الدعوة (7).
ص:61
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى اليمن،قال:يا عليّ لا تقاتل (1)أحدا حتّى تدعوه» (2)و هو عامّ.
لو بدر إنسان فقتل واحدا من الكفّار قبل بلوغ الدعوة إليه،أساء،و لا قود عليه و لا دية؛عملا بالأصل،هذا اختيار الشيخ-رحمه اللّه (3)-و به قال أبو حنيفة (4)، و أحمد (5).
قال ابن القضبان المالكيّ:هو قياس قول مالك (6).
و قال الشافعيّ:يجب ضمانه؛لأنّه كافر أصليّ محقون الدم؛لحرمته،فوجب ضمانه،كالذمّيّ (7).
و الجواب:الفرق،فإنّ الذمّيّ قد التزم بقبول الجزية،فحرم قتله،أمّا هاهنا فلم يعلم ذلك منه،فلا يجب به الضمان؛لأنّه كافر لا عهد له،فلا يجب ضمانه، كالحربيّ.
ص:62
أحدها:من له كتاب،و هم اليهود و النصارى لهم التوراة و الإنجيل،فهؤلاء يطلب منهم أحد الأمرين:إمّا الإسلام أو الجزية،فإن أسلموا فلا بحث،و إن امتنعوا و بذلوا الجزية،أخذت منهم و أقرّوا على دينهم بلا خلاف،قال اللّه تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).
الثاني:من له (2)شبهة كتاب،و هم المجوس فإنّه قد كان لهم نبيّ قتلوه و كتاب حرّقوه،و هؤلاء حكمهم حكم أهل الكتاب إن أسلموا،و إلاّ طلبت منهم الجزية، فإن بذلوها،أقرّوا على دينهم و أخذت منهم بلا خلاف أيضا؛لقوله عليه السلام:
«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (3).
الثالث:من لا كتاب له و لا شبهة كتاب،كعبدة الأوثان و النيران و من لا دين له يتديّن به.
و بالجملة:كلّ من عدا الأصناف الثلاثة من الكفّار،فإنّه لا يقبل منهم إلاّ الإسلام،فإن أجابوا،و إلاّ قتلوا،و لو بذلوا الجزية،لم تقبل منهم،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى
ص:63
الروايتين (1).
و قال أبو حنيفة:تقبل من عبدة الأوثان من العجم الجزية،و لا يقبل من العرب إلاّ الإسلام (2).و هو رواية عن أحمد (3).
و حكي عن مالك:إنّ الجزية تقبل من جميع الكفّار إلاّ كفّار قريش (4).
لنا:عموم قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (5).
و عموم قوله عليه السلام:«أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه» (6).خرج عنهما أهل الذمّة،بقوله (7)تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (8)و المجوس،بقوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل
ص:64
الكتاب» (1)فيبقى من عداهما على مقتضى العموم.
و لأنّ الصحابة توقّفوا في أخذ الجزية من المجوس حتّى روى لهم عبد الرحمن بن عوف قوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»و ثبت عندهم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذ الجزية من مجوس هجر (2).
و إذا كان حال من له شبهة كتاب هذا،دلّ على أنّهم لم يقبلوا الجزية ممّن سواهم بطريق أولى.
و لأنّ قوله عليه السلام:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»يقتضي تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية؛إذ لو شاركهم غيرهم،لم تختصّ الإضافة بهم.
و لأنّ كفرهم أغلظ و أشدّ؛لإنكارهم الصانع و رسله أجمع و لم تكن لهم شبهة، فلا يساوون من له كتاب و اعتراف باللّه تعالى،كالمرتدّ.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّهم يقرّون على دينهم بالاسترقاق فأقرّوا بالجزية،كأهل الكتاب و المجوس (3).
و احتجّ مالك:بقوله عليه السلام في حديث بريدة:إذا بعث أميرا على جيش أو سريّة،قال له:«إذا لقيت عدوّك فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال»من جملتها
ص:65
الجزية (1).و هو عامّ في كلّ مشرك.و لأنّهم كفّار،فيقبل منهم الجزية،كالمجوس (2).
و الجواب عن الأوّل:بالفرق بين المقيس و المقيس عليه،فإنّ أهل الكتاب لهم كتاب يتديّنون (3)به،و المجوس لهم شبهة كتاب.
روى الشيخ عن أبي يحيى الواسطيّ،قال:سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس،فقال:«كان لهم نبيّ قتلوه (4)و كتاب أحرقوه أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثني عشر جلد ثور و كان يقال له:جاماست (5)» (6)و الشبهة تقوم مقام الحقيقة فيما يبنى على الاحتياط،فحرمت دماؤهم للشبهة،بخلاف من لا كتاب له و لا شبهة كتاب.
و نمنع إقرارهم على دينهم بالاسترقاق،و حديث بريدة مخصوص بأهل الذمّة.
إذا ثبت هذا:فإن كان المشركون ممّن لا يؤخذ منهم الجزية،فإنّ الأمير يعرض عليهم الإسلام،فإن أسلموا،حقنوا دماءهم و أموالهم،و إن أبوا،قاتلهم و سبى
ص:66
ذراريهم و نساءهم و غنم أموالهم و قسّمها،على ما يأتي،و إن كانوا ممّن يؤخذ منهم الجزية،دعاهم إلى الإسلام،فإن أجابوا،كفّ عنهم،و إن أبوا،دعاهم إلى إعطاء الجزية،فإن بذلوها،قبل منهم،و إن امتنعوا،قاتلهم و سبى ذراريهم و نساءهم و غنم أموالهم و قسّمها على المستحقّين.
ص:67
في المقاتلين مع الإمام
غير همّ (2)و لا مريض و لا أعمى و لا أعرج،الجهاد على الكفاية،و يتعيّن إذا عيّنه الإمام العادل.
هذا إذا كان الجهاد للدعاء إلى الإسلام،أمّا إذا كان للدفع بأن يدهم المسلمين عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام،فإنّه يجب على كلّ متمكّن الجهاد،سواء أذن الإمام أم لم يأذن؛للدفع عن النفس و الإسلام.
و يجب على المقلّ و المكثر النفير،و لا يجوز لأحد التخلّف إلاّ مع الحاجة إلى تخلّفه (3)،لحفظ (4)المكان و الأهل و المال،و من يمنعه الإمام من الخروج أو القتال؛لقوله تعالى: اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً (5).
و قوله عليه السلام:«إذا استنفرتم فانفروا» (6)و قد ذمّ اللّه تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب بقوله تعالى: وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ
ص:68
إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِراراً (1).
إذا ثبت هذا:فإن أمكن استخراج إذن الإمام في الخروج إليهم،وجب إذنه؛ لأنّه أعرف،و أمر الحرب موكول إليه؛لعلمه بكثرة العدوّ و قلّته،و مكامن العدوّ و كيده،فيرجع إليه؛لأنّه أحوط للمسلمين،و لو لم يمكن استئذانه؛لغيبته و مفاجأة العدوّ،لم يجب استئذانه،و وجب الخروج إلى القتال.
فإن كان العدوّ بعيدا يمكن الجمع بين الصلاة و الخروج،صلّوا ثمّ خرجوا،و لو كان بالقرب بحيث يخشى من التأخير بالصلاة، خرجوا و صلّوا على ظهور دوابّهم و كان النفير أولى من الصلاة جماعة،و قد نفر من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غسيل الملائكة و هو جنب،يعني حنظلة بن الراهب (2)،و لو كانوا في الصلاة أتمّوها،و لو كان في خطبة الجمعة أتمّوها.
و لو نادى الإمام بالصلاة جامعة لأمر يحدث فيشاور فيه،لم يتخلّف أحد إلاّ لعذر.
و لا ينبغي أن تنفر الخيل إلاّ عن حقيقة الأمر،و لا ينبغي لهم أن يخرجوا مع قائد معروف بالهزيمة (3)و تضييع المسلمين؛لاشتماله على الضرر الذي لا يتدارك، و ينبغي أن يخرجوا مع من له شفقة و نظر على المسلمين.
و لو كان القائد معروفا بشرب الخمر أو غيره من المعاصي و هو شجاع،جاز النفور معه؛لقوله عليه السلام:«إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر» (4).
ص:69
هذا كلّه مع الحاجة إلى النفير من غير إذن الإمام العادل،أمّا مع عدم الحاجة، فلا يجوز على حال.
و يثبّطهم (1)عن الغزو و يزهدهم في الخروج إليه في القتال،كمن يقول:الحرّ شديد أو البرد،و المشقّة شديدة،و لا يؤمن هزيمة هذا الجيش،و لا المرجف:و هو الذي يقول:قد هلكت سريّة المسلمين،و لا مدد لهم،و لا طاقة لكم بالكفّار،و الكفّار أكثر منكم،و لهم قوّة و مدد و صبر،و لا يقوى بهم أحد،و لا يثبت لهم مقاتل،و نحو ذلك.و لا من يعين على المسلمين بالتجسّس للكفّار و مكاتبتهم بأخبار المسلمين،و اطلاعهم على عوراتهم و إيواء جاسوسهم.و لا من يوقع العداوة بين المسلمين و يسعى بينهم بالفساد؛لقوله تعالى: وَ لكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ* لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاّ خَبالاً وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ (2).
و لأنّ فيهم ضررا على المسلمين فيلزم الإمام منعهم من الخروج.
و لو خرج واحد من هؤلاء،لم يسهم له و لا يرضخ له رضيخة (3)و إن أظهر معونة (4)المسلمين؛لأنّه أظهره نفاقا،و السهم إنّما يستحقّه من يعاون المسلمين (5).
و لو كان الأمير أحد هؤلاء،لم يخرج الناس معه؛لأنّه إذا كان متبوعا منع من
ص:70
استصحابه فالتابع (1)أولى؛لأنّ (2)ضرره أكثر.
لمداواة الجرحى و معالجتهم و غير ذلك من المصالح (3).
إذا ثبت هذا:فإنّما يستحبّ إخراج العجائز،أمّا الشوابّ فيكره إخراجهنّ إلى أرض العدوّ؛لأنّه لا فائدة لهنّ في الحرب؛لاستيلاء الجبن عليهنّ،و لا يؤمن ظفر المشركين بهنّ،فينالون منهنّ الفاحشة.
و قد روى حشرج بن زياد (4)عن جدّته أمّ أبيه،أنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة[خيبر] (5)سادسة ستّ نسوة،فبلغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فبعث إلينا،فجئنا فرأينا فيه الغضب،فقال:«مع من خرجتنّ؟»فقلنا:
يا رسول اللّه،خرجنا نغزل الشعر و نعين به في سبيل اللّه تعالى و معنا دواء للجرحى، و نناول السهام،و نسقي السويق،فقال:«قمن»حتّى إذا فتح اللّه خيبرا أسهم لنا كما أسهم للرجال،فقلت لها:يا جدّة،ما كان ذلك؟قالت:تمرا (6).
أمّا العجائز و الطواعن في السنّ إذا كان فيهنّ نفع،كسقي الماء و معالجة
ص:71
الجرحى،فلا بأس به،فإنّ أمّ[سليم] (1)و نسيبة بنت كعب كانتا (2)تغزوان مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3)،و قالت الربيّع:كنّا نغزو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسقي الماء و معالجة الجرحى (4).
و قال أنس:كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغزو بأمّ سليم (5)و نسوة معها من الأنصار،يسقين الماء و يداوين الجرحى (6).
و لو احتاج إلى إخراج الشابّة منهنّ،جاز إخراجها،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج بعائشة في غزوات (7).
و هذا مخصوص بالأمير،أمّا الرعيّة فتشتدّ الكراهية في حقّهم.
أحدهما:أن يكون في المسلمين قلّة و حاجة إليهم.
و الثاني:أن يكونوا ممّن يوثق بهم؛لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استعان بيهود بني قينقاع و رضخ لهم (8).و استعان بصفوان بن أميّة على حرب
ص:72
هوازن قبل إسلامه (1).
أمّا مع فقد أحد الشرطين فلا يجوز؛لقوله عليه السلام:«إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين» (2)و إنّما أراد به عليه السلام مع فقد أحد الشرطين.
و لأنّهم مع عدم الحاجة إليهم مغضوب عليهم،فلا تحصل النصرة بهم،و مع عدم أمنهم لا يجوز استصحابهم؛لأنّا منعنا الخاذل و المرجف من المسلمين،فمن الكفّار أولى.
إذا ثبت هذا:فإنّ الشافعيّ وافقنا على ذلك (3).و منع ابن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا (4).و عن أحمد روايتان (5).
لما روته عائشة،قالت:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر،حتّى إذا كان بحرّة الوبرة (6)أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة و نجدة،فسر المسلمون به،فقال:يا رسول اللّه جئت لأتّبعك و أصيب معك،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:لا،قال:«فارجع فلن نستعين بمشرك»قالت:ثمّ مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى إذا كان بالبيداء أدركه ذلك الرجل،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:
ص:73
نعم،قال:«فانطلق» (1).
و عن عبد الرحمن بن خبيب (2)قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنا و رجل من قومي و هو يريد غزوة و لم نسلم،فقلنا:إنّا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم،قال:«فأسلمتما؟»قلنا:لا قال:«فإنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين»قال:فأسلمنا و شهدنا معه (3).
و لأنّه غير مأمون على المسلمين،فأشبه المخذّل.
و الجواب عن الحديثين:أنّهما محمولان على حالة الاستغناء،أو على من يخذّل و لا يؤمن،أو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علم أنّه إذا قال ذلك،أسلموا،فقال عليه السّلام مريدا به إحدى الحالتين من غير إيضاح حتّى يسلم،أو أن يكون منسوخا،فإنّه عليه السّلام استعان بعد ذلك ببني قينقاع.
إذا ثبت هذا:فإنّه عليه السّلام يرضخ لهم،و لا يبلغ بهم سهم المجاهدين المسلمين (4).
لئلاّ يشقّ عليهم،إلاّ مع الحاجة،فيجوز،كما جدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في السير جدّا
ص:74
شديدا حين بلغه قول عبد اللّه بن أبي:ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل (1).
و لا يميل الأمير مع موافقيه في المذهب و النسب على مخالفيه فيهما؛لئلاّ يكسر قلوب غيرهم فيخذلونه عند الحاجة.
و ينبغي أن يستشير أصحابه من ذوي الرأي:لقوله تعالى: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (2).
و يتخيّر لأصحابه المنازل الجيّدة و موارد المياه و مواضع العشب.
و يحمل من نفقت (3)دابّته إذا كان معه أو مع أصحابه فضل.
و لو خاف رجل تلف آخر لموت دابّته،قيل:يجب عليه بذل فضل مركوبه؛ ليحيى به صاحبه،كما يجب عليه بذل فاضل الطعام للمضطرّ و تخليصه من عدوّه (4).
و لا بأس بالعقبة بأن يكون الفرس الواحد لشخصين يتعاقبان عليه:لما فيه من المعونة و الإرفاق.
ص:75
في كيفيّة القتال
و يلزم الرعيّة طاعته فيما (1)يراه،و ينبغي له أن يبدأ بترتيب قوم على أطراف البلاد رجالا يكفون من بإزائهم من المشركين،و يأمر بعمل حصون لهم و حفر خنادق و جميع ما فيه مصلحة لهم ليحترسوا بها من المشركين و يحفظوا المسلمين.
و ينبغي له أن يجعل في كلّ ناحية أميرا يقلّده أمر الحرب و تدبير الجهاد،يكون ذا أمانة و رفق و نصح للمسلمين و رأي في التدبير و عقل و قوّة و شجاعة و مكايدة للعدوّ؛لأنّه لا يؤمن على الأطراف من المشركين،فوجب حراستهم بما ذكرناه.
و لو احتاجوا إلى المدد،استحبّ للإمام ترغيب الناس في المقام عندهم، و الترداد (2)إليهم كلّ وقت؛ليأمنوا فساد المشركين و يستغنوا عن استنقاذ ما يأخذونه بالجيوش الكثيرة و الأموال العظيمة.
فإن رأى الإمام بالمسلمين قلّة يحتاج معها إلى المهادنة،هادنهم،و إن كان فيهم قوّة،لم يترك الغزو و جاهدهم،و ينبغي له أن يغزو في كلّ عام،و أقلّه مرّة-على ما تقدّم- (3)إمّا بنفسه أو بمن يأمره،و كلّما كثر الجهاد،كان أفضل؛لأنّه واجب على
ص:76
الكفاية فالإكثار منه مستحبّ.
لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ (1).
و لأنّ الأقرب أكثر ضررا،و في قتاله دفع ضرره عن المقاتل له و عمّن وراءه، و الاشتغال عنه بالبعيد يمكّنه من انتهاز الفرصة في المسلمين؛لاشتغالهم عنه.
و قد روى الشيخ عن عمران بن عبد اللّه القمّيّ،عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ (2)قال:
«الديلم» (3).
إذا ثبت هذا:فإن كان الأبعد أشدّ خطرا و أعظم ضررا،كان الابتداء بقتاله أولى، و لو كان قريبا و أمكنه الفرصة من الأبعد،أو كان الأقرب مهادنا،أو منع من قتاله مانع،جازت البدأة به أيضا؛لكونه موضع الحاجة.
إذا عرفت هذا:فإنّ الإمام يتربّص بالمسلمين إذا كان فيهم (4)قلّة و ضعف، و يؤخّر الجهاد حتّى يشتدّ أمر المسلمين،فإذا اشتدّت شوكتهم،وجب عليه المبادرة إلى الجهاد.
و قد عدّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الفرار من الزحف من الكبائر (1).
إذا عرفت هذا:فإنّما يجب الثبات بأمرين:
أحدهما:أن لا يزيد الكفّار على الضعف من المسلمين،فإن زادوا،لم يجب الثبات؛لقوله تعالى: اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (2)و هذا خبر في الصورة و أمر في المعنى؛لأنّه لو كان خبرا حقيقيّا،لم يكن ردّنا من غلبة الواحد للعشرة إلى غلبة الاثنين تخفيفا،و متى لم يزيدوا على الضعف،وجب الثبات؛للآية،و قد كان الواجب ثبات الواحد للعشرة.
قال ابن عبّاس:نزلت: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (3)فشقّ على المسلمين،ثمّ جاء التخفيف،فقال: اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ (4). (5)
[و] (6)قال ابن عبّاس:من فرّ من اثنين فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة فما فرّ (7).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسن بن صالح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان يقول:«من فرّ من رجلين في القتال من الزحف فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفرّ» (8).
الثاني:أن لا يقصد بفراره الهزيمة من الحرب،فلو قصد الهزيمة و الهرب،كان
ص:78
فارّا من الزحف.
و لو قصد التحرّف لقتال أو التحيّز إلى فئة،لم يكن فارّا من الزحف،و كان سائغا.
و معنى التحرّف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون أمكن للقتال،كاستدبار الشمس أو الريح،أو يرتفع عن هابط،أو يمضي إلى موارد المياه من المواضع المعطشة،أو يفرّ من بين أيديهم لتنتقض صفوفهم،أو تنفرد الخيّالة من الرجّالة،أو ليجد فيهم فرصة،أو ليستند إلى جبل،أو غير ذلك من الأسباب و المصالح التي جرت عادة أهل الحرب بها.
و أمّا التحيّز إلى فئة،فهو أن يصير إلى فئة من المسلمين ليكون معهم،فيقوى بهم على عدوّهم،سواء بعدت المسافة أو قصرت،و سواء كانت الفئة قليلة أو كثيرة؛ عملا بالعموم.
لقوله تعالى: إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (1).
و قيل:يجوز (2)؛لقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (3).
و الأوّل أقوى؛لقوله تعالى: إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا (4).
و لا يسلّم نفسه
ص:79
للأسر،فيفوز بثواب اللّه تعالى و درجة الشهادة،و يسلم من حكم الكفّار عليه بالتعذيب و الاستخدام و الفتنة.
لم يجب الثبات إجماعا، و لو غلب على ظنّ المسلمين الظفر،استحبّ لهم الثبات؛لما فيه من المصلحة،و لا يجب؛لأنّهم لا يأمنون العطب.و لأنّ الحكم بجواز الفرار علّق على مظنّته،و هو كون المسلمين أقلّ من نصف العدوّ،و لهذا لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف و لو غلب على ظنّهم الهلاك فيه.
قيل:يجب الانصراف إذا أمنوا معه؛لقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (1).
و قيل:لا يجب؛لأنّ لهم غرضا في الشهادة (2).و هو حسن.
و كذا القول فيمن قصده رجل فغلب في ظنّه أنّه إن ثبت له،قتله،فعليه الهرب.
و لو غلب على ظنّهم الهلاك في الانصراف و الثبات،فالأولى لهم الثبات؛لينالوا درجة الشهادة و هم مقبلون على القتال صابرون عليه و لا يكونون من المولّين.
و لجواز أن يغلبوا؛لقوله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَ اللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ (3)و هل يجب؟فيه إشكال.
لأنّ الثبات للضعف إنّما يجب إذا تعدّد المسلمون فيقوى كلّ واحد منهم بصاحبه،أمّا مع انفراد المسلم فقد يزداد ضعفا،فلهذا لم يجب.
ص:80
و قيل:يجب (1)،و عليه دلّت رواية الحسن بن صالح عن الصادق عليه السلام، و قد مرّت (2).
و إن كانوا أكثر من النصف؛ليلحقهم المدد و النجدة،و لا يكون ذلك فرارا و لا تولّيا؛لأنّ الفرار إنّما يكون بعد اللقاء،و كذا التولّي.
و لو لقوهم خارج الحصن،جاز لهم التحيّز إلى الحصن؛للاستثناء في الآية (3).
و لو غزوا فذهبت دوابّهم،فليس عذرا لجواز الفرار؛لأنّ القتال ممكن للرجّالة.
و لو تحيّزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه و هم رجّالة جاز؛لأنّه تحرّف لقتال.
و لو تلف سلاحهم و التجئوا إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة و التستّر بالشجر و نحوه،جاز.
و لو ولّوا حينئذ لا بنيّة القتال بالحجارة و الخشب،ففي لحوق الإثم بهم نظر؛ لأنّهم لا يقدرون في هذه الحالة على الدفع.
فاشتعلت فيها،فإن غلب على ظنّهم السلامة بالمقام أقاموا،و إن (4)غلب بالإلقاء في الماء ألقوا أنفسهم،و إن استوى الأمران،قال الأوزاعيّ:هما موتتان فاختر أيّهما شئت (5).
و قال بعض الجمهور:يلزمهم المقام؛لأنّهم إذا رموا أنفسهم في الماء،كان موتهم بفعلهم،و إن أقاموا،فموتهم بفعل غيرهم (6).
ص:81
و الأوّل:أقرب.
و الرفق بالمسلمين،و أن لا يحملهم على مهلكة،و لا يكلّفهم نقب (1)حصن يخاف من سقوطه عليهم،و لا دخول مطمورة (2)يخشى من قتلهم تحتها،فإن فعل شيئا من ذلك فقد أساء و استغفر اللّه تعالى،و لا يجب عليه عقل و لا دية و لا كفّارة إذا أصيب واحد منهم بطاعته؛لأنّه فعله باختياره و معرفته،فلا يكون ضامنا.
بما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمّار،قال:أظنّه عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة،و لا تقطعوا شجرا إلاّ أن تضطرّوا إليها،و أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام اللّه،فإن تبعكم فأخوكم في دينكم،و إن أبى فأبلغوه،مأمنه،ثمّ استعينوا باللّه عليه» (3).
و عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أراد[أن] (4)يبعث أميرا له (5)على سريّة،أمره بتقوى اللّه عزّ و جلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّة،ثمّ يقول:اغزوا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه،
ص:82
قاتلوا من كفر باللّه و لا تغلّوا و لا تمثّلوا،و لا تقتلوا وليدا و لا متبتّلا في شاهق (1)،و لا تحرقوا النخل،و لا تغرقوه بالماء،و لا تقطعوا شجرة مثمرة، و لا تحرقوا زرعا،لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه،و لا تعقروا[من] (2)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ (3)لكم من أكله،و إذا لقيتم عدوّا من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث،فإن هم أجابوكم إليها فاقبل منهم و كفّ عنه؛ادعوهم إلى الإسلام فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم،[و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام،فإن فعلوا فاقبل منهم و كفّ عنهم] (4)،و إن أبوا أن يهاجروا و اختاروا ديارهم و أبوا أن يدخلوا في دار الهجرة،كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين،و لا يجري لهم في الفيء[من] (5)القسمة شيئا إلاّ أن يجاهدوا في سبيل اللّه،فإن أبوا هاتين فادعوا إلى إعطاء الجزية عن يد و هم صاغرون،فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم و كفّ عنهم،و إن أبوا فاستعن باللّه عليهم و جاهدهم في اللّه حقّ جهاده،و إذا حاصرت أهل حصن فإن أرادوا أن ينزلوا على حكم اللّه فلا تنزلهم، و لكن أنزلهم على حكمي،ثمّ اقض فيهم بعد بما شئتم،فإنّكم إن أنزلتموهم لم تدروا[هل] (6)تصيبوا حكم اللّه فيهم أم لا،فإذا حاصرتم أهل حصن فأرادوك على أن تنزلهم على ذمّة اللّه و ذمّة رسوله فلا تنزلهم،و لكن أنزلهم على ذمّتكم (7)و ذمم
ص:83
آبائكم و إخوانكم فإنّكم إن تخفروا (1)ذمّتكم و ذمم آبائكم و إخوانكم،كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمّة اللّه و ذمّة رسوله-صلّى اللّه عليه و آله-» (2).
دخولا و خروجا بلا خلاف.
قال اللّه تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ (3).
و حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف شهرا (4).و لأنّهم ربّما رغبوا في الإسلام و عرفوا محاسنه.
و يجوز أن ينصب عليهم المنجنيق،و يرميهم بالحجارة،و يهدم الحيطان و الحصون و القلاع؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصب على أهل الطائف منجنيقا (5).
و يجوز أيضا:نصب العرّادة (6)و يرمي الرجال و يهدم به الحصون و يقتل الكفّار؛لأنّ أكثر ما فيه أنّه (7)يقتلهم غيلة،و ذلك جائز على ما يأتي.
و يجوز نصب المنجنيق و الرمي بالحجارة و إن كان فيهم نساء و صبيان؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نصب على أهل الطائف المنجنيق و كان فيهم نساء و صبيان (8).
ص:84
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مدينة من مدائن الحرب هل يجوز أن يرسل عليهم (1)الماء،أو يحرقون بالنيران،أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا و فيهم النساء و الصبيان و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجّار؟فقال:«يفعل ذلك،و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة» (2).
و لأنّه في محلّ الضرورة،فكان (3)سائغا.
و نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن قتل النساء و الصبيان مصروف إلى قتلهم صبرا (4)؛لأنّه عليه السلام رماهم بالمنجنيق في الطائف.
نزل المشركون إليهم و ظفروا بهم،جاز الرمي؛
لأنّه في محلّ الضرورة؛إذ حفظ من معه من المسلمين أولى،و يدلّ عليه:حديث حفص بن غياث.
و إن لم يكن خوف و لا هناك ضرورة إلى الرمي،نظر إلى المسلمين،فإن كانوا نفرا يسيرا،جاز رمي المشركين؛لأنّ الظاهر أنّه يصيب غيرهم لكنّه يكون مكروها؛لأنّه ربّما قتل مسلما من ضرورة.
و إن كان المسلمون كثيرين،لم يجز الرمي؛لأنّ (5)الظاهر أنّه يصيبهم، و لا يجوز قتل المسلمين لغير ضرورة.
و لو لم يكن في المشركين أحد من المسلمين،جاز الرمي مطلقا بكلّ حال.
ص:85
لقوله تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ (1).
و لأنّه إذا جاز قتلهم،جاز تخريب بيوتهم،هذا إذا غلب على ظنّه الحاجة إلى ذلك و أنّه لا يملكهم (2)إلاّ بتخريب منازلهم.
أمّا لو لم يحتج إلى ذلك فالأولى أن لا يفعله،و لو فعله،جاز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرّب حصون بني النضير و خيبر و هدم ديارهم (3).
أمّا إلقاء النار إليهم و قذفهم بها و رميهم بالنفط،فإنّه جائز مع الحاجة إليه في قول أكثر أهل العلم (4)،خلافا لبعضهم (5).
لنا:أنّ أبا بكر أمر بتحريق أهل الردّة،و فعله خالد بن الوليد بأمره (6).
و من طريق الخاصّة:رواية (7)حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام (8)و هل يجوز مع عدم الحاجة؟قال بعضهم:لا يجوز (9)،و كلام الشيخ-رحمه اللّه-
ص:86
يفهم منه الجواز (1)،و هو الحقّ؛لأنّه سبب في إهلاكهم،فكان جائزا،كقتلهم بالسيف،و لحديث حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
احتجّ المخالف (2):بما رواه حمزة الأسلميّ (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمّره على سريّة،قال:فخرجت فيها،فقال:«إن أخذتم فلانا،فأحرقوه بالنار» فولّيت فناداني فرجعت،فقال:«إن أخذتم فلانا فاقتلوه و لا تحرقوه،فإنّه لا يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار» (4).
و الجواب:أنّه غير محلّ النزاع؛لأنّ الواجب عندنا قتل الأسير بالسيف،أمّا حرقه فلا يجوز،و ليس النزاع فيه،بل في فتح بلادهم بالنار.
من رمي الحيّات القواتل إليهم و العقارب،و كلّ ما فيه ضرر عليهم.
و كذا يجوز تغريقهم (5)بالماء،و فتح البثوق (6)عليهم،لكن يكره مع القدرة عليهم بغيره،خلافا لبعضهم،فإنّه منع (7)و البحث فيه كما في إلقاء النار.
و هل يجوز إلقاء السمّ في بلادهم؟الأولى الكراهية.و منع منه الشيخ رحمه اللّه (8).
ص:87
احتجّ عليه:بما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه،عن عليّ عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يلقى السمّ في بلاد المشركين (1).
و لنا (2):أنّه سبب في الظفر،فجاز فعله،كالنار و المنجنيق،و النهي محمول على الكراهية.
و لو احتاج إليه،جاز في قول عامّة أهل العلم.و منع منه أحمد (3).
لنا:قوله تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللّهِ (4)قال ابن عبّاس:اللينة:النخلة غير الجعرور (5).
و روى الجمهور:أنّ النبيّ (6)صلّى اللّه عليه و آله قطع الشجر بالطائف و نخلهم، و قطع النخل بخيبر،و قطع شجر بني المصطلق و أحرق (7).
و أمّا الكراهية؛فلإمكان تملّكهم أرضهم فيكون تضييعا على المسلمين.
و ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه»إلى قوله:«و لا تقطعوا شجرا إلاّ أن
ص:88
تضطرّوا إليها» (1)
و في حديث مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«و لا تحرقوا النخل،و لا تغرقوه بالماء،و لا تقطعوا شجرة مثمرة، و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه» (2).
و إنّما يلاقون بالنهار،و لو احتاجوا إلى ذلك،فعلوه بهم.
روى الجمهور:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شنّ الغارة (3)على بني المصطلق ليلا (4).و لأنّه في محلّ الحاجة.و لأنّ الغرض قتلهم،فجاز التبييت؛لأنّه أبلغ في احتفاظ (5)المسلمين.
و أمّا الكراهية:فإنّما تثبت مع الغنى عن التبييت؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا طرق العدوّ ليلا لم يغر حتّى يصبح (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبّاد بن صهيب،قال:سمعت أبا عبد اللّه
ص:89
عليه السلام يقول:«ما بيّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عدوّا قطّ ليلا» (1).
إذا ثبت هذا:فإنّه يستحبّ القتال بعد الزوال؛لأنّه ربّما يحضر وقت صلاة الظهر فلا يمكنهم أداؤها،بخلاف العشاءين؛لأنّهم بالليل ينكفّون عن القتال.
و لما رواه الشيخ عن يحيى بن أبي العلاء،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
«كان عليّ عليه السلام لا يقاتل (2)حتّى نزول الشمس،و[يقول:] (3)تفتح أبواب السماء و تقبل الرحمة و ينزل النصر،و يقول:هو أقرب إلى الليل و أجدر أن يقلّ القتل و يرجع الطلب و يغلب المهزوم (4)» (5).
قتلها حال قتالهم (1).
لنا:ما رواه الجمهور عن أبي بكر،قال في وصيّته (2)ليزيد بن أبي سفيان (3)حين بعثه أميرا على القتال:و لا تعقرنّ شجرا مثمرا،و لا دابّة عجماء،و لا شاة إلاّ لمأكلة (4).
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل شيء من الدوابّ صبرا (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و لا تعقروا[من] (6)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (7).
و لأنّه حيوان ذو حرمة،فلا يجوز قتلها،لمغايظة الكفّار،كالنساء و الصبيان.
و أمّا في حال الحرب فيجوز فيها قتل المشركين بدوابّهم كيف كان؛لأنّها حالة يجوز فيها قتل الصبيان و النسوان و الأسارى من المسلمين،فالدوابّ أولى،و لأنّه
ص:91
يتوصّل بقتل بهائمهم إلى قتلهم و هربهم.و قد عقر حنظلة بن الراهب فرس أبي سفيان يوم أحد،فرمت به فخلّصه ابن شعوب (1). (2)و لا نعرف في جواز ذلك خلافا.
إذا كان ممّا لا يتّخذ إلاّ للأكل، كالدجاج و الحمام،و ما أشبه ذلك من أصناف الطيور بالإجماع؛لأنّه كالطعام، فجاز تناوله.
و لو كان ممّا يحتاج إليه للقتال،كالخيل،جاز ذبحه عند الحاجة إليه،خلافا لبعض الجمهور (3).
لنا:أنّ فيه إضعافا لهم،مع دعوى الحاجة إليه،فكان سائغا،كحال الحرب و لو كان ممّا لا يحتاج إليه في القتال،كالغنم و البقر فإنّه يجوز ذبحها.
و عن أحمد روايتان:إحداهما:المنع (4).
لنا:أنّ هذا الحيوان مثل الطعام في الأكل و القوت،فكان مثله في إباحته.و إذا ذبح الحيوان،أكل لحمه،و ليس له الانتفاع بجلده،بل يردّ إلى المغنم.و لأنّه حيوان
ص:92
مأكول،فأبيح أكله،كالطير.و لحديث مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و لا تعقروا[من] (1)البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (2)،و الاستثناء يدلّ على الجواز.
احتجّ أحمد (3):بما رواه ثعلبة بن الحكم (4)قال:أصبنا غنما للعدوّ فانتهبناها فنصبنا قدورنا،فمرّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالقدور و هي تغلي،فأمر بها فكبّت فأكفئت،ثمّ قال لهم:«إنّ النهبة لا تحلّ» (5).
و لأنّها حيوانات تكثر قيمتها و تشحّ أنفس الغانمين بها،و يمكن حملها إلى دار الإسلام.
و الجواب:أنّ الحديث مخصوص بمن له هدنة لا يحلّ نهب ماله،لا مطلقا.
و كثرة القيمة لا تمنع من ذبحها للحاجة،كما لو أذن الإمام.
و كذا لو قسمها؛لما روى معاذ، قال:غزونا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خيبر فأصبنا غنما فقسم بيننا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله طائفة و جعل بقيّتها في المغنم (6).
ص:93
جاز ذبحه و الانتفاع به مع الحاجة و عدمها؛لانتفاع المسلمين بها و إن لم يكن لهم حاجة فيها.
و خافوا أن يأخذوها من أيديهم،لم يجز لهم قتلها و لا عقرها؛لما قلناه (1).
أمّا لو كانوا رجّالة،أو على خيل قد كلّت،و خافوا أن يستردّوها فيركبونها و يظفرون بهم،فإنّه يجوز لهم قتلها للحاجة.
فإن كانت الحرب ملتحمة،جاز قتالهم،و لا يقصد قتل الصبيّ و لا المرأة،بل قتل من خلفهم،و لا يكفّ عنهم لأجل الترس؛لما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،هل يجوز أن يرسل عليهم الماء،أو يحرقون بالنار،أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا و فيهم النساء و الصبيان،و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجّار؟فقال:«يفعل ذلك بهم و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة» (2).
و لأنّ تركهم يؤدّى إلى قتل المسلمين؛لأنّهم يرمونهم و لا يرميهم المسلمون.
و لأنّ قتل النساء و الصبيان منع منه مع الانفراد.
و لأنّ في الكفّ عنهم تعطيلا للجهاد؛لأنّهم متى ما أراد المسلمون الجهاد تترّسوا عنهم.
أمّا إذا لم تكن الحرب ملتحمة،فإن كان المشركون في حصن متحصّنين،أو كانوا من وراء خندق كافّين عن القتال،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز رميهم.
و الأولى تجنّبهم (3)،و للشافعيّ قولان:
ص:94
أحدهما:لا يجوز رميهم؛لأنّه لا حاجة به إلى قتل النساء و الصبيان.
و الثاني:يرميهم؛لأنّه يؤدّي إلى تعطيل الجهاد (1).
و الأقرب عندي:اعتبار الحاجة،فإن وجدت،جاز رميهم،و إلاّ كره،و يكون سائغا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماهم بالمنجنيق و فيهم النساء و الصبيان (2).
فإن لم تكن الحرب قائمة،لم يجز الرمي،و كذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي،أو أمن شرّهم،فلو خالفوا و رموا،كان الحكم فيه كالحكم في غير هذا المكان،إن كان القتل عمدا فالقود و الكفّارة على قاتله،و إن كان خطأ فالدية على العاقلة و الكفّارة عليه؛لأنّه فعل ذلك من غير حاجة.
و لو كان حال التحام الحرب،جاز رميهم،و يقصد بالرمي المشركين لا المسلمين؛للضرورة إلى ذلك.هذا إذا دعت الضرورة إلى رميهم،بأن يخاف منهم لو تركوا.و لو لم يخف منهم لكن لا يقدر عليهم إلاّ بالرمي،فالأولى القول بالجواز أيضا،و به قال الشافعيّ (3).
و قال الليث و الأوزاعيّ:لا يجوز رميهم (4).
لنا:أنّ تركهم يفضي إلى تعطيل الجهاد.
احتجّوا:بقوله تعالى: وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ... الآية (5).قال الليث:ترك فتح
ص:95
حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حقّ (1).
و قال الأوزاعيّ:كيف يرمون من لا يرونه؟! (2)إنّما يرمون أطفال المسلمين (3).
و هو ضعيف؛لما بيّنّا (4).و الآية محمولة على غير حال التحام الحرب.
و لم يعلم أنّه مسلم و الحرب قائمة،فلا دية عليه؛لأنّه مأمور بالرمي.و لأنّا لو أوجبنا الدية أدّى إلى بطلان الجهاد جملة؛لأنّه يجوز أن يكون كلّ رجل يقصده مسلما فيمتنع من الرمي.
لنا:قوله تعالى: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (1)و لم يذكر الدية فلا تكون واجبة.
و لأنّ إيجاب الضمان يستلزم إبطال الجهاد.و لأنّه رمي مباح،فأشبه ما إذا لم يعلمه.
و يؤيّده:حديث حفص بن غياث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).
احتجّ المخالف:بقوله تعالى: وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (3).
و لأنّه قتل معصوما بالإيمان،و القاتل من أهل الضمان،فأشبه ما لو لم يتترّس به (4).
و الجواب عن الآية:أنّها عامّة،و الآية التي تلوناها خاصّة،فتكون مقدّمة عليه.
و عن الثاني:بالفرق بين التترّس و عدمه إجماعا،فيكون الحكم مستندا إلى الفارق.
و أحمد بن حنبل (1).
و قال أبو حنيفة:لا تجب الكفّارة أيضا (2).و هو رواية لنا أيضا (3).
لنا:قوله تعالى: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (4).
و لأنّه قتل معصوم الدم بالإيمان،و القاتل من أهل الضمان فوجبت عليه الكفّارة.
احتجّ المخالف:بأنّه جوّز له الرمي و إن غلب على ظنّه أنّه يصيبه،فإذا أصابه لم تتعلّق به الكفّارة،كمباح الدم (5).
و الجواب:الفرق؛فإنّ مباح الدم لا يجب توقّيه،و هذا يجب توقّيه،فافترقا.
و لا نسائهم و لا المجانين منهم.
روى الجمهور عن أنس بن مالك،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«انطلقوا بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه لا تقتلوا شيخا فانيا،و لا صغيرا و لا امرأة» (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الحسن-عن أبي حمزة الثماليّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه
ص:98
و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا،و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة» (1).الحديث.
و في الصحيح عن محمّد بن حمران و جميل بن درّاج كليهما،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث سريّة بعث (2)أميرها فأجلسه إلى جنبه و أجلس أصحابه بين يديه،ثمّ قال:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغدروا و لا تمثّلوا و لا تغلّوا،و لا تقطعوا شجرة إلاّ أن تضطرّوا إليها،و لا تقتلوا شيخا و لا صبيّا و لا امرأة، و أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام اللّه،فإن تبعكم فأخوكم في دينكم،و إن بغت (3)فاستعينوا باللّه عليه و أبلغوا به مأمنه» (4).
و لأنّهم ليسوا من أهل المحاربة،فلا ينبغي قتلهم.
لو قاتلت المرأة،لم يجز قتلها
إلاّ مع الاضطرار؛عملا بعموم النهي،أمّا مع الضرورة فيجوز قتلها إجماعا؛للضرورة.
و لما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال:«من قتل هذه؟»فقال رجل:أنا يا رسول اللّه،قال:«و لم؟»قال:نازعتني
ص:99
قائم سيفي،فسكت (1).
و لو أسرت،لم يجز قتلها؛لنهيه صلّى اللّه عليه و آله عن قتل النساء و الولدان (2).و لو وقفت امرأة في صفّ الكفّار أو على حصنهم،فشتمت المسلمين أو تكشّفت لهم،جاز رميها.
روى عكرمة،قال:لمّا حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف، أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها،فقال:«هادونكم فارموا» (3)فرماها رجل من المسلمين،فما أخطأ ذلك منها (4).
و يجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى الرمي.
أحدها:أن يكون له رأي و قتال،فيجوز قتله إجماعا.
الثاني:أن يكون فيه قتال و لا رأي له،فيجوز قتله أيضا.
الثالث:أن يكون له رأي و لا قتال فيه،فيجوز قتله أيضا إجماعا؛لأنّ دريد بن الصمّة (5)قتل يوم حنين و كان له مائة و خمسون سنة،و كان له معرفة بالحرب، و كان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرّفهم كيفيّة القتال،فقتله
ص:100
المسلمون،و لم ينكر عليهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (1).
الرابع:أن لا يكون له قتال و لا رأي له،كالشيخ الفاني،فهذا لا يجوز قتله عندنا.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك،و الثوريّ،و الليث،و الأوزاعيّ،و أبو ثور (3).
و قال أحمد بن حنبل:يقتل (4).و به قال المزنيّ (5)،و أبو إسحاق (6).و للشافعيّ قولان (7):
لنا:قوله عليه السّلام:«لا تقتلوا شيخا فانيا» (8).
و لأنّه لا ضرر فيه من حيث المخاصمة و من حيث المشورة.و لأنّه ليس من أهل القتال،فلا يقتل،كالمرأة.و قد أومأ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى هذه العلّة في
ص:101
المرأة،فقال:«ما بالها قتلت و هي لا تقاتل» (1).
احتجّوا:بعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (2). (3)
و ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«اقتلوا شيوخ المشركين و استبقوا شرخهم» (4).و الشرخ:هم الصبيان.
و قال ابن المنذر:لا أعرف حجّة في ترك قتل الشيوخ،يستثنى بها من عموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ .و لأنّه كافر لا نفع في حياته،فيقتل،كالشابّ (5).
و الجواب عن الأوّل:أنّه مخصوص بالنساء و الصبيان إجماعا،فكذا الشيخ الهمّ؛لأنّه في معناهما.
و عن الثاني:أنّ المراد بالشيوخ:الذين فيهم قوّة القتال أو معونة عليه برأي أو تدبير؛جمعا بين الأحاديث.
و لأنّ حديثنا أخصّ لأنّه يتناول الشيخ الفاني،و حديثهم أعمّ؛لأنّه يتناول الشيوخ مطلقا.
ص:102
إن كانوا شيوخا لهم قوّة أو رأي، و كذا لو كانوا شبّانا قتلوا،كغيرهم،إلاّ من كان شيخا فانيا عادم الرأي؛للعموم.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و قد روي أنّ هؤلاء[لا] (1)يقتلون (2).
الأولى إلحاقهما بالشيخ الفاني؛لأنّهما ليسا من أهل القتال،فأشبها المرأة.
لأنّهم يصيرون رقيقا للمسلمين بالسبي،فحكمهم حكم النساء و الصبيان.
و لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أدركوا خالدا فمروه أن لا يقتل ذرّيّة (4)، و لا عسيفا (5)» (6)و هم العبيد.
إلاّ النساء،إلاّ لضرورة،على ما تقدّم (7).
و يؤيّده:ما رواه حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب،إلاّ أن تقاتل،فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك»ثمّ قال:«و كذلك المقعد من أهل الذمّة
ص:103
و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان» (1).
و كذا الشيوخ و الصبيان؛لما تقدّم (2)،و لما رواه السكونيّ عن جعفر،عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام[قال] (3):«إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم» (4).
أمّا مع الضرورة إلى قتل النساء،فإنّه جائز،فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن مسلمة (5). (6)و وقف على امرأة مقتولة،فقال:«ما بالها قتلت و هي لا تقاتل» (7).
لأنّ ذلك بمنزلة الإجهاز على الجريح،أمّا لو آيس من برئه،فالوجه:أنّه يكون بمنزلة الزّمن؛لأنّه لا يخاف منه أن يصير إلى حال يقاتل فيها.
منه الإسلام،و به قال الشافعيّ (1).و خالف فيه أحمد بن حنبل (2).
لنا:ما تقدّم،و قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (3).
احتجّوا (4):بقول عمر بن الخطّاب:اتّقوا اللّه في الفلاّحين الذين لا ينصبون لكم الحرب (5).
و الجواب:أنّ قول عمر ليس بحجّة في نفسه فضلا إذا عارض القرآن.
خمسة:
فيحرزوا (6)بالإسلام دماءهم و أموالهم؛لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (7).
فإن كان جزية و هم من أهلها،قبلت
ص:105
منهم؛لقوله تعالى: حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1).
و إن لم يكن جزية،بأن كانوا حربيّين،اعتبرت المصلحة،فإن وجد الإمام من المصلحة قبوله،قبله منهم،و إلاّ فلا.
و يملكه و يقهرهم عليه.
إمّا بأن يتضرّر المسلمون بالإقامة،أو بأن يحصل اليأس منه،أو لتحصيل مصلحة تفوت بالإقامة مع الحاجة إليها،كما روي:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حاصر أهل الطائف،فلم ينل منهم شيئا،فقال:«إنّا قافلون إن شاء اللّه تعالى غدا»فقال المسلمون:أ نرجع و لم نفتحه؟! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اغدوا على القتال»فغدوا عليه،فأصابهم الجراح،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّا قافلون غدا»فأعجبهم فقفل (2)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).
كما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ،فأجابهم إلى ذلك (4).
و لا الغدر بهم و لا الغلول منهم؛لقول أبي
ص:106
عبد اللّه عليه السلام في حديث أبي حمزة الثماليّ-الحسن-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا أراد أن يبعث سريّة،دعاهم،فأجلسهم بين يديه،ثمّ يقول:سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و آله-لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا،و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيّا و لا امرأة»الحديث (1).
و كذا في حديث مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه و لا تغدروا و لا تغلّوا و لا تمثّلوا» (2).
و كذا في حديث جميل بن درّاج-الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام (3).
ص:107
في المبارزة
في قول عامّة أهل العلم،إلاّ الحسن البصريّ،فإنّه لم يعرفها و كرهها (1).
لنا:ما رواه الجمهور أنّ عليّا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا (2)و بارز عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق فقتله (3).
و بارز حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة بن الحارث (4)يوم بدر بإذن رسول اللّه
ص:108
صلّى اللّه عليه و آله (1)،و بارز شبر بن علقمة (2)إسوارا (3)فقتله،فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفّله إيّاه سعد (4).و لم يزل أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبارزون في عصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعده،و لم ينكر ذلك منكر،فكان إجماعا، و لا اعتداد بخلاف الحسن البصريّ.
و كان أبو ذرّ يقسم أنّ قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا (5)نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر و هم:حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة،بارزوا عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة (6). (7)
و قال أبو قتادة:بارزت رجلا يوم حنين (8)فقتلته (9).
ص:109
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن ابن القدّاح،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز،فأبى أن يبارزه،فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:ما منعك أن تبارزه؟فقال:كان فارس العرب و خشيت أن يقتلني،فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:فإنّه بغى عليك،و لو بارزته لقتلته،و لو بغى جبل على جبل لهدّ الباغي»و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين عليه السلام،فقال له:لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنّك،و لئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنّك،أ ما علمت أنّه بغي؟!» (1).
إلاّ بإذن الإمام إذا أمكن.و به قال الثوريّ،و إسحاق (2)،و أحمد بن حنبل (3).
و رخّص فيها مطلقا،من غير إذن الإمام،مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و ابن المنذر (6).
لنا:أنّ الإمام أعلم بفرسانه و فرسان المشركين،و من يصلح للمبارزة و من لا يصلح لها،و ربّما حصل للمسلمين ضرر بذلك،فإنّه (7)إذا انكسر صاحبهم كسر
ص:110
فيكون أقرب إلى الظفر و أحفظ لقلوب المسلمين و كسر قلوب المشركين.
و يؤيّده:ما رواه الجمهور أنّ عليّا عليه السلام و حمزة و عبيدة استأذنوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر (1).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سئل عن المبارزة بين الصفّين بغير إذن الإمام،قال:«لا بأس به و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام» (2).
احتجّوا:بما رواه أبو قتادة،قال:بارزت رجلا يوم حنين (3)فقتلته (4).و لم يعلم أنّه استأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (5).
و الجواب:من وجهين:
أحدهما:أنّه حكاية حال لا عموم لها،و لا تتناول الاستئذان و عدمه على الجمع،بل على البدل،و لا اختصاص لأحدهما دون الآخر،فلا دلالة فيه (6)،بل الاستئذان أولى؛لما عرف من حال الصحابة من متابعتهم للرسول صلّى اللّه عليه و آله خصوصا في كيفيّة الحرب.
الثاني:أنّه غير محلّ النزاع؛لأنّ المتنازع فيه:أنّه هل ينبغي أن يطلب المسلم المبارزة أم لا؟و الحديث دلّ على المبارزة،فجاز أن يكون أبو قتادة فعلها بعد سؤال المشرك،لا لطلب أبي قتادة لها.
ص:111
منها:في قول عليّ عليه السلام،لمّا سئل عن المبارزة بين الصفّين بغير إذن الإمام،قال:«لا بأس،و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام» (1).
و منها:إنكار عليّ عليه السلام على بعض بني هاشم لمّا دعي إلى البراز فامتنع، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:«ما منعك أن تبارزه؟»الحديث (2).
و منها:قوله عليه السلام للحسن عليه السلام لمّا دعا رجلا إلى البراز:«لئن عدت[إلى مثلها] (3)لأعاقبنّك،و لئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنّك» (4).
إذا ثبت هذا:فقد ظهر أنّ طلب المبارزة ممنوع منه بغير إذن الإمام و فعلها سائغ من دون إذنه.
و هل طلب المبارزة من دون إذنه حرام أو مكروه؟كلاهما يلوحان من كلام الشيخ (5)-رحمه اللّه-و الذي تدلّ الأخبار عليه:التحريم.
إذا ثبت هذا:فإنّ المبارزة حينئذ تنقسم أقساما أربعة:واجبة،و مستحبّة، و مكروهة،و مباحة.
فالواجبة:إذا ألزم الإمام بها.
و المستحبّة:أن يخرج المشرك فيطلب المبارزة،فيستحبّ لذي القوّة من المسلمين الخروج إليه.
و المكروهة:أن يخرج الضعيف من المسلمين الذي لا يعلم من نفسه المقاومة، فيكره له المبارزة؛لما فيه من كسر قلوب المسلمين بقتله ظاهرا.
و المباحة:أن يخرج ابتداءً فيبارز.
لا يقال:إنّ ضعيف (1)القوّة قد جوّز له الدخول في القتال من غير كراهة،فكيف كره له المبارزة!
لأنّا نقول:الفرق بينهما ظاهر،فإنّ المسلم هنا يطلب الشهادة و لا يترقّب (2)منه الغلبة،بخلاف المبارزة،فإنّه يطلب منه الظفر و الغلبة،فإذا قتل،كسر ذلك في المسلمين.
جاز لكلّ أحد رميه و قتله؛لأنّه مشرك لا أمان له و لا عهد،إلاّ أن تكون العادة بينهم جارية أنّ من خرج يطلب المبارزة لا يعرض له،فيجري ذلك مجرى الشرط.
إذا ثبت هذا:فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه،وجب الوفاء له بالشرط؛لقوله عليه السلام:«المؤمنون عند شروطهم» (3).
ص:113
فإن انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح،جاز قتاله؛لأنّ المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد انقضى القتال.و لأنّ المشرك شرط الأمان ما دام في القتال و قد زال.
و لو شرط المشرك أن لا يقاتل حتّى يرجع إلى صفّه،وجب الوفاء له إلاّ أن يترك المسلم قتاله أو يثخنه بالجراح فيرجع فيتبعه ليقتله (1)،أو يخشى عليه منه فيمنع و يدفع عن المسلم و يقاتل إن امتنع من الكفّ عنه إلاّ بالقتال؛لأنّه نقض الشرط و أبطل أمانه بمنعهم من إنقاذه (2).
و لو أعان المشركون صاحبهم،كان على المسلمين معونة صاحبهم،و يقاتلون من أعان عليه و لا يقاتلونه (3)؛لأنّه ليس النقض من جهته.
فإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزه،وجب الوفاء له،فإن استنجد أصحابه فأعانوه،فقد نقض أمانه،و يقاتل معهم.و لو منعهم فلم يمتنعوا،فأمانه باق، فلا يجوز قتاله و لكن يقاتل أصحابه.هذا إذا أعانوه بغير قوله،و لو سكت و لم ينههم عن معاونته،فقد نقض أمانه؛لأنّ سكوته يدلّ على الرضا بذلك،أمّا لو استنجدهم، فإنّه يجوز قتاله مطلقا.
لو طلب المشرك المبارزة و لم يشترط،
جاز معونة قرنه.و لو شرط أن لا يقاتله غيره،وجب الوفاء له.فإن فرّ المسلم فطلبه (4)الحربيّ،جاز دفعه على ما قلناه،
ص:114
سواء فرّ المسلم مختارا أو لإثخانه بالجراح.
و يجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه على ما قلناه.
و قال الأوزاعيّ:ليس لهم ذلك و إن أثخن بالجراح،قيل له:فخاف (1)المسلمون على صاحبهم؟قال:و إن؛لأنّ المبارزة إنّما تكون هكذا،و لكن لو حجزوا بينهما و خلّوا سبيل العلج،جاز (2).
لنا:ما رواه الجمهور أنّ حمزة و عليّا عليهما السلام أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة حين أثخن عبيدة (3).
و لو لم يطلبه المشرك،لم تجز محاربته؛لأنّه لم ينقض شرطا.
و قيل:يجوز قتاله ما لم يشترط الأمان حتّى يعود إلى فئته (4).
و يجوز للمبارز أن يخدع قرنه ليتوصّل بذلك إلى قتله إجماعا.
روى الجمهور أنّ عمرو بن عبد ودّ بارز عليّا عليه السلام،فقال:ما أحبّ قتلك يا ابن أخي،فقال عليّ عليه السلام:«لكنّي أحبّ أن أقتلك»فغضب عمرو و أقبل إليه،فقال عليّ عليه السلام:«ما برزت لأقاتل اثنين»فالتفت عمرو فوثب عليّ عليه السلام فضربه،فقال عمرو:خدعتني،فقال عليّ عليه السلام:«الحرب خدعة» (5).
ص:115
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:«إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:لأن تخطفني (1)الطير أحبّ إليّ [من] (2)أن أقول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لم يقل،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول[في يوم الخندق] (3)الحرب خدعة،يقول متكلّما ممّا (4)أردتم» (5).
و عن مسعدة بن صدقة قال:حدّثني شيخ من ولد عديّ بن حاتم،عن أبيه،عن جدّه عديّ بن حاتم-و كان مع عليّ عليه السلام في غزوته-أنّ عليّا عليه السلام قال يوم التقى هو و معاوية[...بصفّين فرفع بها صوته يسمع أصحابه:«و اللّه لأقتلنّ معاوية] (6)و أصحابه»ثمّ قال[في] (7)آخر قوله:«إن شاء اللّه تعالى»خفض بها صوته،و كنت منه قريبا،فقلت:يا أمير المؤمنين إنّك حلفت على ما قلت ثمّ استثنيت،فما أردت بذلك؟فقال:«إنّ الحرب خدعة و أنا عند المؤمنين غير كذوب،فأردت أن أحرّض[أصحابي] (8)عليهم لكي لا يفشلوا و لكي يطمعوا فيهم، فافهم فإنّك تنتفع بها بعد اليوم إن شاء اللّه تعالى،و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ قال لموسى عليه السلام حيث أرسله إلى فرعون: فَأْتِياهُ (9)فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ
ص:116
أو يخشى (1)و قد علم أنّه لا يتذكّر و لا يخشى و لكن ليكون ذلك أحرص لموسى على الذهاب» (2).
و إنّما يلاقون بالنهار،و يستحبّ أن يبدأ بالقتال بعد الزوال،و يكره قبله إلاّ مع الحاجة (3).
و يكره أن تعرقب الدابّة،و إن وقفت به،ذبحها و لا يعرقبها؛لما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا حرن (4)على أحدكم دابّته-يعني إذا قامت في أرض العدوّ في سبيل اللّه- فليذبحها و لا يعرقبها» (5).
و روى الشيخ عن السكونيّ أيضا عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:
«...أوّل من عرقب الفرس في سبيل اللّه جعفر بن أبي طالب عليه السلام ذو الجناحين،عرقب فرسه» (6).
و لو ثبت هذا الحديث الثاني،لكان منسوخا بالأوّل.
و تكره أيضا المبارزة بغير إذن الإمام،و قيل:تحرم (7).و الأوّل أقوى.
و تستحبّ إذا ندب إليها الإمام،و تجب إذا ألزم.
ص:117
ص:118
في عقد الأمان
و فيه مباحث:
ص:119
ص:120
في الجواز
و هو جائز إجماعا.
قال اللّه تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (1).
و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أمّن المشركين يوم الحديبيّة و عقد (2)معهم الصلح (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قلت:ما معنى قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«يسعى بذمّتهم أدناهم»؟قال:
«لو أنّ جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل،فقال:
أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم فأناظره (4)فأعطاه الأمان أدناهم،وجب على أفضلهم الوفاء به» (5).
ص:121
و لا خلاف بين المسلمين في ذلك.
فلو اقتضت المصلحة ترك الأمان و أن لا يجابوا إليه،لم يفعل،و سواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو لجماعة كثيرة،فإنّه جائز مع المصلحة،و لا نعلم فيه خلافا.
وجب أن يعطى أمانا ثمّ يردّ إلى مأمنه،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (1)قال الأوزاعيّ:هي إلى يوم القيامة (2).
إذا عرفت هذا:فإنّه يجوز عقد الأمان للرسول من الكفّار،و للمستأمن؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يؤمّن رسل المشركين،و جاءه رسل مسيلمة،فقال:
«لو لا أنّ الرسل لا تقتل لقتلتكما» (3).
و لأنّ الحاجة داعية إلى المراسلة،و لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت المصلحة الناشئة من المراسلة.
إذا ثبت هذا:فإنّه يجوز عقد الأمان لهما مطلقا و مقيّدا بزمان معيّن طويل أو قصير؛اعتبارا بالمصلحة و نظرا إلى تحصيلها.
ص:122
في العاقد
لأنّ أمور الحرب موكولة إليه،كما كانت موكولة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو مكلّف بتكليفه صلّى اللّه عليه و آله، فيجوز له أن يعقد أمانا،كما جاز للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك،و هو إجماع.
إذا عرفت هذا:فإنّ عقد الأمان منوط بنظره،فإن رأى من المصلحة عقد الأمان لواحد،عقده،و كذا له أن يعقد الأمان لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم أو لجميع الكفّار بحسب ما يراه من المصلحة.و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ولايته عامّة على المسلمين كافّة.
و كذا يجوز عقد الأمان لنائب الإمام لمن هو في ولايته جميعهم و آحادهم، و أمّا في غير ولايته،فهو كآحاد الرعايا؛لأنّ ولايته على أولئك دون غيرهم.
أمّا آحاد الرعيّة:فيصحّ أمان الواحد منهم للواحد من المشركين و للعدد اليسير منهم،كالعشرة،و القافلة القليلة،و الحصن الصغير؛لعموم قوله عليه السلام:«و يسعى بذمّتهم أدناهم» (1).
و ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ عليّا
ص:123
عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين» (1).
و لأنّ المقتضي لجواز أمانه للواحد-و هو استمالته إلى الإسلام مع أمن ضرره موجود في العدد اليسير.
أمّا العدد الكثير من المشركين،فلا يجوز للواحد من المسلمين عقد الأمان معهم،و لا لأهل بلد،و لا إقليم؛لأنّ في ذلك تعطيلا للجهاد على الإمام،و تقوية للمشركين.
سواء في ذلك المأذون له في الجهاد و غير المأذون،ذهب إليه علماؤنا،و به قال الثوريّ،و الأوزاعيّ (2)، و الشافعيّ (3)،و أحمد بن حنبل (4)،و إسحاق (5)،و أكثر أهل العلم.و هو مرويّ عن عليّ عليه السلام (6)،و عمر بن الخطّاب (7).
و قال أبو حنيفة و أبو يوسف:لا يصحّ أمان العبد إلاّ أن يكون مأذونا له في القتال (8).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ذمّة المسلمين
ص:124
واحدة يسعى بها أدناهم،فمن أخفر (1)مسلما،فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل منه صرف و لا عدل (2)» (3).
و عن فضل بن يزيد الرقاشيّ (4)،قال جهّز عمر بن الخطّاب جيشا فكنت فيه، فحصرنا موضعا فرأينا أنّا سنفتحها (5)اليوم،و جعلنا نقبل و نروح،فبقي عبد منّا فراطنهم و راطنوه (6)،فكتب لهم الأمان في صحيفة و شدّها على سهم فرمى بها إليهم فأخذوها و خرجوا،فكتب إلى عمر بن الخطّاب بذلك،فقال:العبد المسلم رجل من المسلمين ذمّته ذمّتهم (7).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إنّ عليّا عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين» (8).
ص:125
و لأنّه مسلم مكلّف،فصحّ أمانه،كالحرّ،و لأنّ إعطاء الأمان منوط بالمصالح للمسلمين،و هو من جملتهم،فيصحّ أمانه،كغيره من المسلمين الأحرار.
احتجّوا:بأنّه لا يجب عليه الجهاد،فلا يصحّ أمانه،كالصبيّ.و لأنّه مجلوب من دار الحرب،فلا يؤمن أن ينظر لهم في تقديم مصلحتهم (1).
و الجواب:أنّهما منقوضان بالمرأة و المأذون له.
لأنّ أمّ هانئ قالت:يا رسول اللّه إنّي أجرت أحمائي (2)و أغلقت عليهم،و إنّ ابن أمّي أراد قتلهم،فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئ،إنّما يجير على المسلمين أدناهم» (3).
و أجارت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا العاص بن الربيع (4)،
ص:126
فأمضاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).
لقوله عليه السلام:«رفع القلم عن ثلاث...
عن المجنون حتّى يفيق» (2).
و كذا الصبيّ لا ينعقد أمانه،سواء كان مميّزا أو لم يكن،و به قال الشافعيّ (3)، و أبو حنيفة (4).
و قال مالك (5)،و أحمد:يصحّ أمان الصبيّ المراهق (6).
لنا:قوله عليه السلام:«رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ» (7).
ص:127
و لأنّه غير مكلّف و لا يلزم (1)بقوله حكم،فلا يلزم غيره،كالمجنون.
احتجّ أحمد:بعموم الحديث،و هو قوله عليه السلام:«إنّما يجير على المسلمين أدناهم» (2).
و لأنّه مسلم مميّز،فيصحّ أمانه كالبالغ (3).
و الجواب عن الأوّل:أنّ إسلامه ليس بحقيقيّ و إنّما هو تمرين و لا يستحقّ به ثواب فلا يندرج تحت المسلمين المراد منه الحقيقة.
و عن الثاني:بالفرق،فإنّ البالغ تصحّ عقوده من البيوع و المعاملات،بخلاف الصبيّ،فكذا عقد الأمان على أنّا نمنع التشارك في الإسلام على ما بيّنّاه.
لأنّه قول أكره عليه بغير حقّ فلم يصحّ (1)،كالإقرار.
و لا يصحّ أمان زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء أو جنون أو صغر؛لأنّ كلامه غير معتبر و لا يثبت به حكم لا في حقّ نفسه و لا في حقّ الغير.و لأنّه لا يعرف المصلحة من غيرها،فلا اعتداد بقول أحدهم كالمجنون.
و لا ينعقد أمان الكافر و إن كان ذمّيّا؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» (2)فجعل الذمّة للمسلمين،فلا تحصل لغيرهم.
و لأنّ الكافر متّهم على الإسلام و أهله،فأشبه الحربيّ،و لأنّه منوط بمصلحة (3)المسلمين،و الكافر ليس أهلا للنظر (4)فيها.
و لو انعقد فاسدا،لم يجب الوفاء به بلا خلاف،و ذلك،كأمان الصبيّ و المجنون و الكافر و غيرهم ممّن لا يقبل ذمامه،أو كان الذمام متضمّنا لشرط (1)لا يسوغ الوفاء به.
و في هذه الحالات كلّها يجب ردّ الحربيّ إلى مأمنه،و لا يجوز قتله؛لأنّه اعتقد صحّة الأمان و هو معذور؛لأنّه (2)غير عارف بأحكام الإسلام.
و كذا كلّ حربيّ دخل دار الإسلام بشبهة الأمان،كمن سمع (3)لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة فيتوهّمها أمانا.
و كذا لو طلبوا الأمان؛فقال لهم المسلمون:لا نذمّكم،فاعتقدوا أنّهم أذمّوهم، فإنّهم في جميع ذلك يردّون إلى مأمنهم و لا يجوز قتلهم؛لأنّهم اعتقدوا صحّة الأمان،فكانوا آمنين حتّى يرجعوا إلى مأمنهم.
و يؤيّده ما رواه الشيخ-في الحسن-عن محمّد بن حكيم (4)عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي الحسن عليه السلام،قال:«لو أنّ قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان،فقالوا:لا،فظنّوا أنّهم قالوا:نعم،فنزلوا إليهم،كانوا آمنين» (5).
ص:130
في العبارة و الوقت
إحداهما:أجرتك،و الثانية:أمّنتك.
قال اللّه تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (1).
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«أجرنا من أجرت و أمّنّا من أمّنت» (2).
و قال:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و من أغلق عليه بابه فهو آمن» (3).
فبأيّ اللفظين أتى،انعقد الأمان،و كذا كلّ لفظ يدلّ على هذا المعنى صريحا، كقوله:أذممتك،أو أنت في ذمّة الإسلام،و كذا كلّ كناية علم بها ذلك من قصد العاقد،سواء كان بلغة العرب،أو بلغة أخرى،فلو قال بالفارسيّة:«مترس»فهو آمن.
أمّا قوله:لا بأس عليك،أو:لا تخف،أو:لا تذهل،أو:لا تحزن،أو ما شاكل ذلك،فإن علم من قصده الأمان،كان أمانا؛لأنّ المراعى هو القصد دون اللفظ.
ص:131
و إن لم يقصد بذلك الأمان،لم يكن أمانا،غير أنّهم إذا سكنوا إلى ذلك و دخلوا، لم يتعرّض لهم؛لأنّه شبهة،و يردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا (1).
و كذا الحكم إذا أومأ مسلم إلى مشرك بما توهّمه أنّه أمان،فركن إلى ذلك و دخل دار الإسلام،كان حكمه ما قدّمناه.و هذا كلّه لا نعلم فيه خلافا.
خلافا لبعض الجمهور (2).
و قال الأوزاعيّ:إن ادّعى الكافر أنّه أمان،أو قال:إنّما وقفت لندائك،فهو آمن،و إن لم يدّع ذلك،فليس بأمان و لا يقبل (3).
لنا:أنّه لفظ لا يشعر منه الأمان و لا يستعمل فيه دائما؛إذ استعماله غالبا للإرهاب و التخويف،فلم يكن أمانا،كقوله:لأقتلنّك.
إذا عرفت هذا:فإنّه يرجع إلى المتكلّم،فإن قال:أردت الأمان،فهو أمان،و إن قال:لم أرده،سئل الكافر،فإن قال:اعتقدته أمانا،ردّ إلى مأمنه،و لم يجز قتله،و إن لم يعتقده أمانا،فليس بأمان،كما لو أشار إليهم بما اعتقدوه (4)أمانا.
و قال:أردت به الأمان فهو أمان، و إن قال:لم أرد منه الأمان،فالقول قوله:لأنّه أبصر بنيّته فيرجع إليه فيها.
و لو خرج الكفّار من حصنهم إلى الإسلام بناء على هذه الإشارة و توهّمهم
ص:132
أنّها أمان،لم يجز قتلهم،و ردّوا إلى مأمنهم.
و لو مات المسلم و لم يبيّن أو غاب،كانوا آمنين و يردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا،إلاّ أن يجدّد لهم الوالي أمانا.
و إنّما جوّزنا عقد الأمان بالإشارة بخلاف الطلاق و سائر العقود؛لأنّ الدماء ينبغي حقنها،فعلينا حقن الدماء كما علينا حقن دم المجوس للشبهة في الكتاب و إن لم يكونوا أهل كتاب.
فيجوز عقده لآحاد المشركين قبل الأسر إجماعا،و هل يجوز لآحاد المسلمين عقد الأمان بعد الأسر؟قال علماؤنا:لا يصحّ، و به قال الشافعيّ،و أكثر أهل العلم (1).
و قال الأوزاعيّ:يصحّ عقده بعد الأسر (2).
لنا:أنّه قد ثبت للمسلمين حقّ استرقاقه،فلا يجوز إبطاله.و لأنّ المشرك إذا وقع في الأسر يتخيّر الإمام فيه بين أشياء يأتي ذكرها،و مع الأمن يبطل التخيير،فلا يجوز إبطال ذلك عليه.
احتجّ المخالف (3):بأنّ زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع بعد أسره،فأجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمانها (4).و أمّن عمر بن
ص:133
الخطّاب هرمزان (1)بعد الأسر (2).
و الجواب:عن الأوّل:أنّ زينب إنّما جاز أمانها لإجازة الرسول صلّى اللّه عليه و آله ذلك.
و عن الثاني:أنّه الرئيس فكان له الأمن.
لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أجاز أمان زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع،و أمّن عمر الهرمزان بعد الأسر.
و لأنّ للإمام أن يمنّ عليه فيطلقه،و الأمان دون ذلك،بخلاف آحاد المسلمين، فإنّه لا يجوز لهم ذلك،بل إنّما يجوز قبل الأسر ما دام على الامتناع.
و إن حصل في مضيق أو في حصن و لحقهم المسلمون،فإنّه يصحّ الأمان،لأنّه لم يحصل،بل هو بعد على الامتناع.
فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان،كما لو أقرّ قبل الأسر،صحّ إقراره و قبل منه إجماعا،و إن كان في وقت لا يصحّ منه إنشاء الأمان-كما لو أقرّ بعد الأسر-لم يقبل قوله؛لأنّه لا يصحّ منه إنشاء الأمان و لا يملكه بعد الأسر فلا يملك الإقرار به.
و لو قامت له بيّنة أنّه أمّنه قبل الأسر،ثبت حكم الأمان.
و لو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه،فالوجه:أنّه لا يثبت؛لأنّهم
ص:134
يشهدون على فعل أنفسهم،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (1)و به قال الشافعيّ (2).
و قال بعض الجمهور:يقبل؛لأنّهم عدول من المسلمين غير متّهمين شهدوا بأمانه،فوجب أن يقبل،كما لو شهدوا على غيرهم أنّه أمّنه (3).
أمّا لو شهد بعضهم أنّ البعض الآخر أمّنه،قبلت شهادتهم إجماعا إذا كانوا بصفة الشهود.
و لو شهد واحد أنّني أمّنته،فعلى قول الشيخ-رحمه اللّه-لا يقبل (4)؛لما ذكر من العلّة.
و على قول بعض الجمهور يقبل،كما لو قال الحاكم بعد عزله:كنت حكمت على فلان بحقّ،فإنّه يقبل قوله.و لأنّه يقبل أمانه فيقبل خبره،كالحاكم في حال ولايته،و هذا الأخير يتمشّى على قول الأوزاعيّ من أنّه يصحّ له إنشاء الأمان بعد الأسر (5).
و الوجه:ما قاله الشيخ-رحمه اللّه-لأنّه ليس له أن يؤمّنه في الحال،فلم يقبل إقراره به،كما لو أقرّ بحقّ على غيره.
و ادّعى الكافر أنّه أمّنه،فالقول قول المسلم؛لأنّه معتضد بالأصل،و هو إباحة دم الحربيّ و عدم الأمان.
و قيل:يقبل قول الأسير؛لأنّه يحتمل صدقه و حقن دمه،فيكون هذا شبهة تمنع من قتله.
ص:135
و قيل:يرجع إلى من يعضده الظاهر،فإن كان الكافر ذا قوّة و معه سلاحه فالظاهر:صدقه،و إن كان ضعيفا مسلوبا سلاحه،فالظاهر كذبه (1)،و الوجه:الأوّل.
و لو صدّقه المسلم،قال أصحاب الشافعيّ:لا يقبل؛لأنّه لا يقدر على أمانه و لا يملكه،فلا يقبل إقراره به (2).
و قيل:يقبل؛لأنّه كافر لم يثبت أسره و لا نازعه فيه منازع،فقبل قوله في الأمان (3).
لو أشرف جيش الإسلام على الظهور (5)فاستذمّ الخصم،
جاز مع نظر المصلحة.و لو استذمّوا بعد حصولهم في الأسر فأذمّ،لم يصحّ على ما قلناه (6).
و لو ادّعى الحربيّ الأمان فأنكر المسلم،فالقول قول المسلم على ما بيّنّاه (7)؛لأنّ الأصل عدم الأمان و إباحة دم المشرك،و لو حيل بينه و بين الجواب بموت أو إغماء،لم تسمع دعوى الحربيّ.و في الحالين يردّ إلى مأمنه ثمّ هو حرب (8).
ص:136
في الأحكام
و لا يجوز له الغدر،فإن نقضه،كان غادرا آثما،و يجب على الإمام منعه عن النقض إن عرف بالأمان.
إذا ثبت هذا:فلو عقد الحربيّ الأمان ليسكن في دار الإسلام،وجب الوفاء له، و يدخل ماله تبعا له في الأمان و إن لم يذكره،لأنّ الأمان يقتضي الكفّ عنه،و أخذ ماله إدخال الضرر عليه،و ذلك يقتضي نقض الأمان و هو غير سائغ،و لا نعلم فيه خلافا،و لو شرط الأمان لماله،كان ذلك تأكيدا.
فالوجه:أنّه حرب و لا أمان له في نفسه و لا في ماله؛لأنّه لم يوجد الأمان فيهما،أمّا لو اعتقد الكافر أنّ دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمان،لم يكن أمانا و ردّ إلى مأمنه.
و قال بعض الجمهور:لو كان معه متاع و قد جرت العادة بدخولهم إلينا تجّارا
ص:137
بغير أمان،لم يعرض لهم (1)،و هو حسن بشرط اعتقاد الكافر أنّه أمان،أمّا مطلقا، فلا.
من أرض العدوّ يريدون بلاد الإسلام،قال بعض الجمهور:لم يعرضوا لهم و لا يقاتلوهم (2).و فيه نظر.
فهو آمن حتّى يرجع إلى مأمنه على ما بيّنّاه،و يعامل بالبيع و الشراء،و لا يسأل عن شيء،و إن لم تكن معه تجارة و قال:جئت مستأمنا،فالوجه:أنّه لا يقبل منه، و يكون الإمام مخيّرا فيه.و به قال الأوزاعيّ (3)،و الشافعيّ (4).
و لو كان ممّن ضلّ الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا،قيل:يكون فيئا.
و قيل:يكون لمن أخذه (5).
فقد قلنا:إنّه يدخل ماله في الأمان؛ تبعا،و كذا لو شرط الأمان لماله.
إذا ثبت هذا:فلو عاد إلى دار الحرب،فإن كان لتجارة أو رسالة أو تنزّه و في نيّته العود إلى دار الإسلام،فالأمان باق؛لأنّه باق على نيّة الإقامة في دار الإسلام، فهو كالذمّيّ إذا دخل لذلك (6)،و إن كان للاستيطان بدار الحرب و الكون بها،بطل
ص:138
الأمان في نفسه دون ماله؛لأنّه بدخوله دار الإسلام و أخذ الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه،فإذا بطل في نفسه لمعنى لم يوجد في المال-و هو الدخول في دار الحرب-بقي الأمان في ماله؛لأنّ المقتضى للإبطال مختصّ (1)بالنفس دون المال، فيختصّ البطلان بها (2)،دونه.
لا يقال:الأمان في المال حصل على سبيل التبعيّة لأمان النفس،و قد بطل المتبوع،فيبطل التابع؛قضيّة للتبعيّة.
لأنّا نقول:إنّه ثبت له الأمان بمعنى (3)وجد فيه-و هو إدخاله معه-و هو يقتضي ثبوت الأمان له و إن لم يثبت في نفسه،كما لو بعثه مع مضارب له أو وكيل، فإنّه يثبت الأمان و لم يثبت في نفسه،و لم يوجد فيه هاهنا ما يقتضي نقض الأمان فيه،فيبقى على ما كان عليه؛عملا بالاستصحاب السالم عن المزيل،أمّا لو أخذه معه إلى دار الحرب؛فإنّه ينتقض الأمان فيه،كما ينتقض في نفسه؛لوجود المبطل فيهما معا.
تحقيقا للأمان فيه،و إن تصرّف فيه ببيع أو هبة أو غيرهما،صحّ تصرّفه.
فإن كان الوارث مسلما،ملكه ملكا صحيحا،و إن كان حربيّا،انتقل إليه أيضا و انتقض الأمان فيه.
ص:139
و به قال أبو حنيفة (1).
و قال المزنيّ:لا يبطل الأمان،بل يكون باقيا (2)-و به قال أحمد بن حنبل (3)- و للشافعيّ قولان (4).
لنا:أنّه مال لكافر لا أمان بيننا و بينه في نفسه و لا ماله،فيكون كسائر أموال أهل الحرب.
احتجّ المخالف:بأنّ الأمان حقّ لازم متعلّق بالمال،فإذا انتقل إلى الوارث، انتقل بحقّه،كسائر الحقوق من الرهن و الضمان و الشفعة (5).
و الجواب نمنع (6)ملازمته للمال؛لأنّ الأمان تعلّق بصاحبه و قد مات،فيزول الأمان المتعلّق به.
و حينئذ ينتقل إلى الإمام خاصّة من الفيء؛لأنّه لم يؤخذ بالسيف،و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب،فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له.
و نقل المزنيّ عن الشافعيّ أنّه يكون غنيمة (7).و ليس بجيّد؛لأنّه لم يؤخذ
ص:140
بالقهر و الغلبة.
إنّه ينتقض الأمان بانتقاله إلى وارثه.
إذا ثبت هذا:فإنّه بموته ينتقل إلى وارثه،سواء كان الوارث في دار الإسلام أو في دار الحرب،و إذا انتقل إلى وارثه الحربيّ في دار الإسلام أو دار الحرب،صار فيئا للإمام على ما قلناه.
و قال الشافعيّ في أحد الوجهين:لا ينتقل إلى وارثه في دار الإسلام؛لأنّه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث (1)،و ليس بجيّد.
و كذا الذمّيّ إذا مات و له ولد في دار الإسلام و ولد في دار الحرب،كان ميراثه لهما.
و لو كان له ولد في دار الإسلام،صار ماله له،و لو كان في دار الحرب،انتقل ماله إليه،و صار فيئا.
فإن كان له وارث مسلم،انتقل إليه و ملكه،و إن كان له وارث كافر في دار الحرب،انتقل المال إليه،و صار فيئا؛لأنّه مال لكافر لا أمان بيننا و بينه،فيكون فيئا كما قلناه (2)في الأوّل.
و قال بعض الشافعيّة:يردّ إلى وارثه،و اختلفوا على طريقين.
أحدهما (3):منهم من قال:فيه قولان،كما لو مات في دار الحرب.
و منهم من قال هنا:يردّ،قولا واحدا؛لأنّه إذا رجع إلى دار الحرب فقد بطل
ص:141
أمانه،و هاهنا مات و أمانه باق (1).
إذا ثبت هذا:فإنّه ينتقل إلى الإمام؛لأنّه لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب،و كذا لو لم يكن له وارث.
فإنّ الأمان باق في ماله على ما قلناه (2)،فإن رجع ليأخذ ماله،جاز سبيه.
و قال بعض الشافعيّة:لا يجوز،و يكون الأمان ثابتا؛لأنّا لو سبيناه،أبطلنا ملكه،و أسقطنا (3)حكم الأمان في ماله (4).
و ليس بجيّد؛لأنّ ثبوت الأمان لماله لا يثبت له الأمان،كما لو دخل إلى دار الإسلام بأمان ثمّ خرج إلى دار الحرب،فإنّ الأمان باق في المال،دونه،و كما لو أدخل ماله بأمان و هو في دار الحرب،فإنّ الأمان لا يثبت له لو دخل دار الإسلام، و يثبت لماله.
لم يزل الأمان عن ماله.ثمّ لا يخلو إمّا أن يمنّ عليه الإمام أو يسترقّه أو يفاديه أو يقتله،فإن قتله،انتقل إلى وارثه المسلم إن كان،و إلاّ فإلى الحربيّ و صار فيئا على ما قلناه (5).
و إن فاداه أو منّ عليه،ردّ ماله إليه،و إن استرقّه زال ملكه عنه؛لأنّ المملوك لا يملك شيئا و صار فيئا،و إن أعتق بعد ذلك،لم يردّ إليه،و كذا لو مات،لم يردّ على ورثته،سواء كانوا مسلمين أو كفّارا؛لأنّه لم يترك شيئا.
ص:142
وجب عليه ردّه على (1)أربابه؛لأنّهم أعطوه الأمان بشرط أن يترك خيانته لهم،و أمنه إيّاهم من نفسه و إن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ،فإنّه معلوم من حيث المعنى.
و لو أسر المشركون مسلما ثمّ أطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم و يترك خيانتهم،حرمت عليه أموالهم بالشرط،و لا يجوز له المقام مع المكنة على المهاجرة هذا إذا أمّنوه،و إن لم يؤمّنوه و لكن استرقّوه و استخدموه،كان له الهرب و أخذ ما أمكنه من مالهم؛لأنّهم قهروه على نفسه و لم يملكوه بذلك،فجاز له قهرهم.
و لو أطلقوه على مال،لم يجب الوفاء به؛لأنّ الحرّ لا قيمة له.
و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان،فاقترض من حربيّ مالا و عاد إلينا، و دخل صاحب المال بأمان،كان عليه ردّه إليه؛لأنّ مقتضى الأمان الكفّ عن أموالهم.
و لو اقترض حربيّ من حربيّ مالا ثمّ دخل المقترض إلينا بأمان،فإنّ (2)عليه ردّه إليه؛لأنّ الأصل وجوب الردّ،و لا دليل على براءة الذمّة منه.
وجب عليه ردّه عليها.
و كذا لو أسلما معا و ترافعا إلينا،فإنّا نلزم الزوج المهر إن كان ممّا يصحّ للمسلمين تملّكه،و إلاّ وجب عليه قيمته.
لم يكن للزوجة مطالبته به؛لأنّها أهل حرب و لا أمان لها على هذا المهر.
ص:143
و كذا لو ماتت و لها ورثة كفّار،لم يكن لهم أيضا المطالبة به؛لما مرّ في الزوجة.و لو كان الورثة مسلمين،كان لهم المطالبة به.
كان لوارثها المسلم مطالبة الزوج بالمهر،و ليس للحربيّ مطالبته به.و كذا لو أسلمت قبله ثمّ ماتت،طالبه وارثها المسلم،دون الحربيّ.
فخرج بمال من مالهم اشترى به شيئا،لم يتعرّض له،سواء كان مع المسلم أو الذمّيّ؛لأنّه أمانة معهم، و للحربيّ أمان.
و لو دفع الحربيّ إلى الذمّيّ في دار الإسلام شيئا وديعة،كان في أمان إجماعا.
و استحلفوه على أن يبعث إليهم فداء عنه،أو يعود إليهم،فإن كان ذلك كرها و قهرا،لم يلزمه الوفاء لهم برجوع و لا فدية لهم إجماعا؛لأنّه مكره،فلا يلزمه ما أكره عليه؛لقوله عليه السلام:«رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» (1).و إن لم يكره على ذلك،بل شرط لهم مختارا،لم يجب الوفاء بالمال،و به قال الشافعيّ (2).
و قال عطاء،و الحسن،و الزهريّ،و النخعيّ،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (3)،و أحمد بن حنبل:يجب الوفاء به (4).
ص:144
لنا:أنّه حرّ لا يستحقّون بدله (1)،فلا يجب الوفاء بشرطه.و لأنّ في الوفاء به تقوية للمشركين و معونة لهم.
احتجّوا:بقوله تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ (2).
و لأنّ في الوفاء مصلحة للأسارى و في الغدر مفسدة في حقّهم؛لأنّهم لا يأمنون بعده و الحاجة داعية إليه،فلزمه الوفاء (3).
و الجواب عن الأوّل:أنّه ليس على إطلاقه إجماعا،بل المعتبر فيه المصلحة الدينيّة و هو الجواب عن الثاني.
إذا ثبت هذا:فلو عجز عن المال،لم يجز الرجوع إليهم،سواء كان امرأة أو رجلا.
أمّا المرأة:فقد أجمعوا على تحريم رجوعها إليهم.
و أمّا الرجل فعندنا كذلك.و به قال الحسن البصريّ،و النخعيّ،و الثوريّ (4)، و الشافعيّ (5)،و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين.
و في الأخرى:يلزمه الرجوع (6).و به قال عثمان بن عفّان،و الزهريّ، و الأوزاعيّ (7).
لنا:أنّ الرجوع إليهم معصية،فلا يلزمه بالشرط،كما لو كان امرأة،و كما
ص:145
لو شرط قتل مسلم،أو شرب خمر.
احتجّوا:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عاهد قريشا على ردّ من جاءه مسلما (1).
و الجواب:المنع من ذلك.
ص:146
فقد بيّنّا (2)أنّه ينبغي للإمام أن يؤمّنهم إلاّ إذا رأى المصلحة بترك أمانهم،فلا يلتفت إليهم.
إذا ثبت هذا:فلو طلبوا أمانا لأنفسهم،كانوا مأمونين على أنفسهم.
و لو طلبوا الأمان لأهليهم،فقالوا:أمّنوا أهلينا،فقال لهم المسلمون:أمّنّاهم، فهم فيء و أهلهم آمنون؛لأنّهم طلبوا الأمان لأهليهم (3)و لم يذكروا أنفسهم صريحا و لا كناية،فلا يتناولهم الأمان.
أمّا لو قالوا:نخرج على أن نراوضكم (4)في الأمان على أهلينا،فقالوا لهم:
اخرجوا،فهم آمنون و أهليهم؛لأنّهم بأمرهم بالخروج للمراوضة على الأمان أمّنوهم،و لهذا لو لم يتّفق بينهم أمر،كان عليهم أن يردّوهم إلى مأمنهم و لا يعرضوا (5)لهم بشيء.
فهم آمنون و أولادهم و أولاد أبنائهم و إن سلفوا؛لعموم اسم الذرّيّة جميع هؤلاء،و هل يدخل أولاد
ص:147
البنات في ذلك؟الوجه:دخولهم؛لقوله تعالى: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله: وَ عِيسى (1)و لم يكن ابن ابنه.
و لأنّ الذرّيّة اسم للفرع المتولّد من الأصل،و الأب و الأمّ أصلان في إيجاد (2)الولد،بل التولّد و التفرّع في جانب الأمّ أرجح؛لأنّ ماء الفحل يصير مستهلكا في رحمها،و إنّما يتولّد الولد منها بواسطة ماء الفحل.
و لو قالوا:أمّنونا على أولادنا،فهل يدخل أولاد البنات كما يدخل أولاد الذكور؟فيه بحث يأتي في باب الوصايا إن شاء اللّه تعالى.
فهم آمنون؛لأنّ اسم الإخوة عند الإطلاق يتناول الذكور و الإناث عند الاجتماع.
قال اللّه تعالى: وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً (3).
هذا من حيث الاستعمال،و في أصل الوضع الصيغة للذكور إلاّ أنّ العرب عند الاجتماع غلّبوا الذكور على الإناث،فأطلقوا اسم الذكور على الكلّ.
أمّا الأخوات بانفرادهنّ فلا يدخلن في الأمان؛لأنّ الإناث بانفرادهنّ لا يتناولهنّ اسم الذكور.
و كذا لو قالوا:أمّنونا على أبنائنا،دخل فيه الذكور و الإناث،و لا يتناول الإناث بانفرادهنّ إلاّ إذا كان المضاف إليه أبا القبيلة،و المراد به النسبة إلى القبيلة.
و لو تقدّم من المستأمن لفظ يدلّ على طلب الأمان لهنّ،انصرف الأمان إليهنّ و إن كان بلفظ الذكور،كما لو قال:ليس لي إلاّ هؤلاء البنات و الأخوات فأمّنوني على بنيّ أو على إخوتي،فالإناث آمنات.
ص:148
دخلوا جميعا في الأمان؛لأنّ اسم الآباء يتناول الآباء و الأمّهات،فإنّ الأمّهات تسمّى آباء.
قال اللّه تعالى: وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (2).و قال: وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ (3).
و كذا لو كان له أب واحد و أمّهات شتّى؛لتناول الاسم للجميع من حيث الاستعمال.
و هل يدخل الأجداد في ذلك؟قال أبو حنيفة:لا يدخلون (4)؛لأنّ اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقة و لا بطريق التبعيّة؛لأنّهم أصول الآباء يختصّون باسم خاصّ،فلا يتناولهم اسم الآباء على وجه الاتّباع لفروعهم.
و الوجه:دخولهم؛لأنّ الأب يطلق عليه من حيث إنّه أب الأب،و الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة.و الصدق على سبيل التبعيّة في الاستعمال لا ينحصر في التبعيّة في الوجود.
لأنّ اسم الابن يتناول ابن الابن؛لأنّه طلب الأمان لمن يكون مضافا إليه بالبنوّة،إلاّ أنّه ناقص في الإضافة و النسبة إليه؛لأنّه يضاف إليه بواسطة الابن؛لأنّه متفرّع عنه و متولّد عنه بواسطة الابن،و الإضافة الناقصة كافية في إثبات الأمان؛لأنّه يحتاط في إثباته؛ لأنّ موجبه حرمة الاسترقاق،و الشبهة ملحقة بالحقيقة في موضع الاحتياط، بخلاف الوصيّة،فإنّ الشبهة فيها غير كافية في الاستحقاق؛لثبوت مزاحمة الوارث.
ص:149
فالحكم متعلّق به مع استعماله،لكنّا قد بيّنّا أنّ صيغة الأمان يكفي فيها أيّ لغة كانت (1)،فلو كان بعض اللغات يتناول ما أخرجناه في بعض هذه الصور و طلب الأمان بتلك اللغة،دخل فيه ما أخرجناه.
و كذا لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان حتّى خرج بهم،لم يجز التعرّض لهم (2)؛لأنّهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان فيردّون إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربا.
ص:150
في الأمان بالرسالة و الكتابة
أن يختار لرسالته رجلا مسلما أمينا عدلا،و لا يختار خائنا و لا ذمّيّا و لا حربيّا مستأمنا؛لأنّه ركون إليه، و قد قال اللّه تعالى: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (2).
و لأنّه متّهم في حقّ المسلمين،و لهذا أنكر عمر بن الخطّاب على أبي موسى الأشعريّ لمّا أمره أن يأمر كاتبه أن يدخل المسجد ليقرأ كتابه،فقال:إنّ كاتبي لا يدخل (3)المسجد،فقال:أجنب هو؟فقال:لا،و لكنّه نصرانيّ،فقال:سبحان اللّه، اتّخذت بطانة من دون المؤمنين؟!أ ما سمعت قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً (4)(5)أي:لا يقصّرون في فساد أموركم، و لا نعرف في ذلك خلافا.
و ينبغي أن يكون بصيرا بالأمور عارفا بمواقع أداء الرسالة؛لأنّه ربّما يرى مصلحة لم ينبّهه الأمير عليها فيفعل بحسبها.
فبلّغه
ص:151
الرسالة،ثمّ قال له:إنّي أرسل على لساني إليك الأمان و لأهل ملّتك فافتح الباب،ثمّ ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير و قرأه بمحضر من المسلمين،فلمّا فتحوا و دخل المسلمون و شرعوا في السبي،قال لهم أمير المشركين:إنّ رسولكم أخبرنا أنّ أميركم أمّننا،و شهد أولئك المسلمون على مقالته،كانوا آمنين،و لا يجوز سبيهم؛ لأنّ التمييز بين الحقّ و الاحتيال متعذّر في حقّ المبعوث إليه،إذ لا طريق له إلى الوقوف إلى حقيقة الرسالة،و إنّما يتمكّن من الاعتماد على خبر الرسول،فيجعل ما أخبر به الرسول،كأنّه حقّ و صدق بعد ما ثبتت رسالته؛لئلاّ (1)يؤدّي إلى الغرور في حقّهم و هو حرام،كما لو قال لهم الأمير:إنّ هذا رسولي،ثمّ أتاهم بأمان،لكانوا آمنين،فكذا هنا.
ثمّ رجع إليه فأخبره أنّه قد أدّى الرسالة،فهم آمنون و إن لم يعلم المسلمون التبليغ؛لأنّ الواجب هو البناء على الظاهر في ما لا يمكن الوقوف على حقيقته،و الظاهر:أنّ الرسول بعد ما دخل إليهم أنّه لا يخرج إلاّ بعد التبليغ.و لأنّ قول الرسول يحتمل الصدق فتثبت شبهة التبليغ، و الأمان يتحقّق بالشبهة.
و لو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم و قرأه عليهم و قال:إنّي رسول الأمير إليكم،لم يكن أمانا من جهته؛لأنّه ليس للواحد من المسلمين أن يؤمّن حصنا كبيرا،و لا من جهة الإمام؛لأنّه ليس برسوله و لا غرور هنا؛لأنّ التقصير من جانبهم حيث عوّلوا على قول مجهول لم يعتضد بشهادة أحد من المسلمين، و لا باعتبار الرسالة من الأمير في وقت من الأوقات و الأمير غير متمكّن من الاحتراز عن مثل هذا؛لأنّه لا يعرف المفتعل (2)حتّى يمنعه من الافتعال (3).
ص:152
و لو ناداهم من صفّ المسلمين مسلم-و هم قليلون يصحّ أمان الواحد لهم- إنّي رسول الأمير إليكم و إنّه أمّنكم و أنتم آمنون،كان ذلك أمانا من جهته؛لأنّ من يملك الأمان إذا أخبر عمّن يملك الأمان،كان أمانا صحيحا،أمّا إذا كان صدقا فظاهر؛لأنّه يكون من جهة المخبر عنه،و أمّا إن كان كذبا،فإنّه يكون أمانا من جهة المخبر.
على ما يأتي بشروط نذكرها.
إذا ثبت هذا:فلو أمّنهم المسلمون ثمّ بعثوا رجلا لينبذ (1)إليهم و يخبرهم أنّهم قد نقضوا العهد،فجاء الرسول و ذكر أنّه أعلمهم،لم يعرض لهم و يكونون (2)آمنين حتّى يعلموا ذلك بشاهدين؛لأنّه قد جاءهم خبر دائر بين الصدق و الكذب،و هو ليس بحجّة في نقض العهد و إن كان حجّة في الأمان.
و الفرق بينهما:أنّ النبذ يتعلّق به إباحة السبي و استحلال الأموال و الفروج و الدماء،و هو لا يثبت مع الشبهة،و خبر الواحد لا ينفكّ عن الشبهة،أمّا الأمان فيتعلّق به حفظ الأموال و حراسة الأنفس و حقن الدماء و حرمة السبي و الفروج، و هو يثبت مع الشبهة.
فلو أغار المسلمون عليهم،فقالوا:لم يبلغنا خبر رسولكم،فالقول قولهم؛ لأنّهم أنكروا نبذ الأمان،و الأصل يعضدهم،فيصار إلى قولهم؛لأنّ في وسع الإمام أن يرسل إليهم رسولا و يشهد عليه شاهدين و يسيّرهما معه.
أمّا لو كتب الإمام إليهم نقض العهد و سيّره مع رسوله و شاهدين،فقرأه عليهم بالعربيّة فاحتاجوا إلى ترجمان فترجم لهم بلسانهم،و شهد الآخران عليهم،ثمّ ادّعوا أنّ الترجمان لم يخبرهم بنقض العهد،بل أخبرنا أنّ الإمام قد زاد في مدّة الأمان،
ص:153
لم يلتفت إليهم؛لأنّ الإمام أتى بما في وسعه من الإخبار بالنقض و الشهادة،و إنّما التقصير من جهتهم (1)حيث اختاروا للترجمة خائنا،إلاّ أن يعلم من حضر من المسلمين أنّ الترجمان خانهم،فيقبل قولهم حينئذ.
التي لا تتمّ إلاّ بأمان رسلهم،و قد تقدّم (2).
فلو خاف الإمام أن يكون الرسول قد رأى عورة للمسلمين يدلّ عليها العدوّ، جاز له منعه من الرجوع،و كذا يمنع التاجر لو انكشف على عورة ينبغي إخفاؤها عن المشركين،و يجعل عليهما حرسا يحرسونهما؛نظرا للمسلمين و دفعا للفتنة عنهم.
و لو حضر قتال و احتاج الإمام إلى شغل الحرس و خاف انفلاتهما،جاز له أن يقيّدهما حتّى ينقضي الشغل؛للضرورة،و الثابت للضرورة يتقدّر بقدرها.
و لو لم يخف الإمام منهما أنفذهما،فإن خافا من اللصوص،فينبغي أن يرسل معهما من يبلغهما مأمنهما؛لقوله تعالى: ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (3).
و يجوز الاستئجار عليه من بيت المال،و كذا مئونتهما تكون من بيت المال في الموضع الذي يمنعهما من الرجوع؛لأنّ ذلك كلّه لمصلحة المسلمين.
ص:154
في الأمان على جعل
فناداهم رجل:أمّنوني أفتح لكم الحصن، جاز أن يعطوه أمانا و لا نعلم فيه خلافا.فإن (1)أمّنوه،لم يكن لهم نقض أمانه إجماعا.
فإن أشكل الذي أعطي الأمان و ادّعاه كلّ واحد من أهل الحصن،فإن عرف صاحب الأمان،عمل على ما عرف،و إن لم يعرف،لم يقتل واحد منهم؛لاحتمال صدق كلّ واحد،و قد حصل اشتباه المحرّم بالمحلّل (2)فيما لا ضرورة إليه،فكان الكلّ حراما،كما لو اشتبهت الأخت بأجنبيّات.
قال الشافعيّ:و يحرم استرقاقهم؛لما ذكرنا في القتل،فإنّ استرقاق من لا يحلّ استرقاقه،محرّم (3).
و قال بعض الجمهور:يقرع،فيخرج صاحب الأمان و يسترقّ (4)الباقون؛لأنّ الحقّ لواحد و قد اشتبه فيقرع بينهم،كما لو أعتق عبدا من عشرة أعبد ثمّ اشتبه، و يخالف القتل؛لأنّ الاحتياط في الدم أبلغ من الاحتياط في الاسترقاق (5).
ص:155
و قال الأوزاعيّ:لو أسلم واحد من أهل الحصن قبل فتحه،فأشرف علينا ثمّ أشكل،فادّعى كلّ واحد منهم أنّه الذي أسلم،سعى كلّ واحد منهم في قيمة نفسه، و ترك له عشر قيمته (1).
فأمّنوه على ذلك،فهو آمن و أهل الحصن آمنون.
قالت الحنفية:أموالهم كلّها فيء؛لأنّ الأمان بشرط فتح الباب لا تدخل فيه الأموال لا بالتنصيص و لا التبعيّة للنفوس؛لأنّه لم يبق للمسلمين حينئذ فائدة في فتح الباب،و إنّما قصدوا بذلك التوسّل إلى استغنام أموالهم (2).
و لو قال:اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلّكم على طريق موضع كذا،ففعلوا ففتحوا الباب فجميع النفوس و الأموال تدخل في الأمان؛لأنّ شرط الأمان هنا جزاء على الدلالة لا على فتح الباب،فيكون كلامه بيانا أنّه يدلّهم ليتمكّنوا في القرار في حصنه مع أهل الحصن فتدخل الأموال؛تبعا للنفوس؛لأنّه لا يمكنهم المقام فيه إلاّ بالمال،بخلاف الصورة الأولى؛لأنّ في اشتراط فتح الباب دلالة على أنّ الذين تناولهم (3)الأمان غير مقرّين بالسكنى في الحصن،و إنّما تدخل الأموال في الأمان؛لأنّ التمكّن من المقام يكون بالأموال،و إذا انعدم السكنى،لم تدخل الأموال في الأمان.
و لو قال:اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلّوا،دخل الأموال في الأمان؛لأنّ في هذا تصريحا بفائدة فتح الباب،و هو الصلاة فيه دون إزعاج أهله، و قد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إمّا لينتقل الخبر بأنّ المسلمين
ص:156
صلّوا جماعة في الحصن الفلانيّ فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين،أو ليكونوا قد عبدوا اللّه في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله،و مكان العبادة شاهد للمؤمن يوم القيامة.
و لو قال:أمّنوني على قلعتي أو مدينتي،فأمّنوه،دخل المال و الأنفس فيه و إن كان تنصيص الأمان إنّما هو عليهما لا غير؛لأنّ المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة و المدينة على ما كانتا عليه عرفا و يكون هو المتصرّف و المتغلّب،و ليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما و نهب الأموال.
فهو آمن على ما طلب،و يكون الباقي فيئا.
و لو لم يف ماله بالألف،لم يكن له زيادة على ماله.
و لو لم يكن له دراهم و لكنّه كان له عروض،أعطى من ذلك ما يساوي ألفا؛ لأنّه شرط في الأمان جزءا من ماله،و الأموال كلّها جنس واحد في صفة الماليّة.
أمّا لو قال:عليّ ألف درهم من دراهمي.و لا دراهم له (1)،كان لغوا،لأنّه شرط جزءا من دراهمه و لا دراهم له،فلا يصادف الأمان محلاّ،فيكون لغوا.
ص:157
في التحكيم
جاز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه،فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه،و لا نعلم فيه خلافا؛لما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر (1)بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأجابهم عليه السلام إلى ذلك (2).
إذا عرفت هذا:فهل يجوز للإمام إنزالهم على حكم اللّه تعالى؟الذي رواه علماؤنا:المنع من ذلك،و هو مرويّ عن محمّد بن الحسن.و قال أبو يوسف:يجوز ذلك (3).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:كان إذا بعث جيشا أو سريّة،أوصاهم بتقوى اللّه تعالى-إلى أن قال-:«و إذا حاصرتم (4)حصنا أو مدينة، فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم اللّه فلا تنزلوهم،فإنّكم لا تدرون ما حكم اللّه تعالى
ص:158
فيهم،و لكن أنزلوهم على حكمكم،ثمّ اقضوا فيهم ما رأيتم» (1).
و من طريق الخاصّة:عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«و إذا (2)حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم (3)على حكم اللّه،فلا تنزلهم و لكن أنزلهم على حكمكم (4)ثمّ اقض فيهم بعد بما شئتم فإنّكم إن أنزلتموهم على حكم اللّه لم تدروا أ تصيبوا حكم اللّه فيهم أم لا» (5).
و لأنّ حكم اللّه تعالى في الرجال:القتل أو المنّ أو الاسترقاق أو المفاداة،و في النساء:الاسترقاق أو المنّ،فيكون مجهولا،فكان الإنزال على حكم مجهول،فكان باطلا.
احتجّ أبو يوسف:بأنّ حكم اللّه تعالى معلوم؛لأنّه في حقّ الكفرة:القتل في المقاتلين،و الاسترقاق في ذراريهم،و الاستغنام في أموالهم.ثمّ تأوّل الحديثين اللذين تلوناهما بأنّهما كانا في زمن لم تكن الأحكام مستقرّة و النسخ كان متصوّرا، فإنّ الوحي ينزل في كلّ وقت و ينسخ حكم بحكم،فمن الجائز أن يكون الإنزال على حكم قد نسخ،فأمّا الآن فقد استقرّت الشريعة و لا نسخ،و عرف حكم اللّه تعالى،فجاز الإنزال عليه (6).
ص:159
و الجواب:أنّ حكم اللّه تعالى معلوم في حقّ قوم ممتنعين وقع (1)الظهور عليهم،أمّا في حقّ قوم ممتنعين تركوا منعتهم باختيارهم فمجهول.
و لا نعلم فيه خلافا،فيحكم فيهم بما يرى؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ،فأجابهم إلى ذلك،فحكم عليهم بقتل رجالهم و سبي ذراريهم،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد حكمت بما حكم اللّه تعالى فوق سبعة أرقعة» (2)يعني (3):سبع سماوات.
قال الخليل:الرقيع اسم سماء هذه الدنيا،و يقال:كلّ واحدة رقيع للأخرى، فهي أرقعة (4).
أن يكون حرّا مسلما بالغا عاقلا ذكرا فقيها عدلا.
فلا يجوز أن يكون عبدا؛لأنّه ليس مظنّة للفراغ في النظر في أمور المسلمين و كيفيّة القتال و ما يتعلّق به من المصالح؛لاشتغال وقته في خدمة مولاه.
و لا يجوز أن يكون كافرا؛لأنّه لا نظر له في حقّ المسلمين،و لا يؤمن عليهم.
و لا يجوز أن يكون صبيّا؛لخفاء الأمور المنوطة بالحرب عنه.
ص:160
و لا يجوز أن يكون مجنونا؛لفقد قصده و عدم تعقّله (1)بمزايا (2)الأمور.
و لا يجوز أن يكون امرأة؛لقصور نظرها،و قلّة معرفتها بمواقع الحرب (3)و مصالحه.
و لا يجوز أن يكون جاهلا بما حكم فيه؛لجواز أن يحكم فيهم بما لا يسوغ شرعا العمل به،فيجب تركه حينئذ،فتبطل فائدة التحكيم.
و لا يجوز أن يكون فاسقا؛لأنّه ظالم،فلا يجوز الركون إليه؛لقوله تعالى:
وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (4).
و لا يشترط أن يكون فقيها في كلّ المسائل،عارفا بجميع الأحكام؛لأنّ سعد بن معاذ أجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تحكيمه (5)(6)،و لم يعلم أنّه كان عالما بجميع الأحكام،بل أن يكون عارفا بما يتعلّق بهذا الحكم،و ما يجوز فيه و يعتبر له، و نحو ذلك.
حنبل (1).
و قال أبو حنيفة:لا يجوز (2).
لنا:أنّ المقصود رأيه دون بصره،و ذلك شيء لا يحتاج فيه إلى الرؤية،فعدم البصر لا يضرّ في مسألتنا.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لا يصلح للقضاء،فلا يكون حاكما هنا.
و الجواب:الفرق،فإنّ القاضي لا يستغني عن البصر؛لاحتياجه إلى معرفة المدّعي و المدّعى عليه،و الشاهد و المشهود له و عليه،و المقرّ و المقرّ له،بخلاف المتنازع؛لأنّ القصد معرفة المصلحة في أحد أقسام الحكم،و التقدير:حصوله.
على أنّا نمنع الحكم في الأصل،و سيأتي.
لم يكن به بأس.
و قال أبو حنيفة:لا يجوز (3).
لنا:أنّه مسلم عدل بالتوبة وجدت فيه الشرائط،لأنّ التقدير كذلك،فيجوز أن يكون حكما،كغير المحدود.
جاز.
و قال أبو حنيفة:لا يجوز؛لأنّه مقهور معهم،فكان كالمملوك (4).
لنا:أنّه عدل عارف،فجاز أن يكون حكما،كغيره،و القهر يرتفع بالردّ إليه.
أمّا لو كان حسن الرأي فيهم،كره القبول.
ص:162
و كذا لو حكّموا رجلا مسلما أسلم عندهم و هو حسن الرأي فيهم،أو حكّموا رجلا مسلما عندنا و هو حسن الرأي فيهم أيضا،كره ذلك؛للتهمة في طرفه،لكنّه يكون جائزا إذا جمع الصفات المشترطة في الحاكم.
و أسندوا التعيين إلى ما يختارونه لأنفسهم من أهل العسكر،قبل ذلك منهم،ثمّ ينظر،فإن اختاروا من يجوز أن يكون حاكما،قبل منهم،و إن اختاروا من لا يجوز تحكيمه،كالعبد و الصبيّ و الفاسق،لم يجز؛اعتبارا للانتهاء بالابتداء.
و قال الشافعيّ:لا يجوز إسناد الاختيار إليهم؛لأنّهم ربّما اختاروا من لا يصلح لذلك (1).
و الأوّل:مذهب أبي حنيفة (2)،و عندي فيهما:تردّد.
أمّا لو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام فإنّه يجوز إجماعا؛لأنّه لا يختار إلاّ من يصلح للتحكيم.
كما جاز الواحد،فإن اتّفقا على (3)الحكم،جاز.و لو مات أحدهما،لم يحكم الآخر إلاّ بعد الاتّفاق عليه أو يعيّنوا غيره.و لو اختلفا،لم يمض الحكم حتّى يتّفقا،و لو اختلفت الفئتان،فقالت إحداهما:يحكم بهذا،و قالت الأخرى:لا يحكم بهذا،لم يجز أن يحكما حتّى يتّفقوا عليهما.
و كذا يجوز أن يكون الحاكم أكثر من اثنين إجماعا.
لم يجز؛
ص:163
لأنّ الكافر لا حكم له و لا يركن إليه لا بالاستقلال و لا بالجزئيّة (1).
فمات قبل الحكم،لم يحكم فيهم غيره إلاّ إذا اتّفقوا عليه،فإن لم يتّفقوا على من يقوم مقامه أو طلبوا حكما لا يصلح،لم يجز،و ردّوا إلى مأمنهم.
و نزلوا على ذلك إلينا،ثمّ بان أنّه لا يصلح،لم يحكم،و يردّون إلى مأمنهم كما كانوا، و يكونون على الحصار؛لأنّهم نزلوا إلينا على هذا الشرط،و قد بيّنّا بطلانه (2)، فيردّون إلى مواضعهم حتّى يرضوا بحكم من يجوز أن يكون حكما.
و لا يمضي الحكم (4)إلاّ بما يكون الحظّ فيه للمسلمين،ثمّ ينظر،فإن حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذرّيّة و غنيمة المال،نفذ ذلك إجماعا؛لأنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بذلك،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«لقد حكم بحكم اللّه تعالى من فوق سبعة أرقعة» (5).
و إن حكم باسترقاق الرجال و سبي النساء و الولدان و أخذ الأموال،جاز أيضا، و إن حكم بالمنّ و ترك السبي بكلّ حال،جاز أيضا إذا رآه حظّا؛لأنّه قد يكون مصلحة للمسلمين،و كما يجوز للإمام أن يمنّ على الأسارى إذا رآه مصلحة،فكذا
ص:164
يجوز للحاكم.
و إن حكم بأن يعقدوا عقد الذمّة و يؤدّوا الجزية،جاز و لزمهم أن ينزلوا على حكمه في ذلك-قاله الشيخ رحمه اللّه- (1)لأنّهم رضوا بحكمه و حكم ما يجوز، فيلزمهم كغيره من الأحكام،و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين.
و في الآخر:لا يلزمهم ذلك؛لأنّ عقد الذمّة عقد معاوضة،فلا يثبت إلاّ بالتراضي،و لهذا لم يجز للإمام أن يجبر الأسير على إعطاء الجزية (2).
و الجواب:الفرق،فإنّ الأسير لم يرض بما يفعله الإمام،و هؤلاء قد رضوا بحكمه.
و إن حكم عليهم بالفداء،جاز؛لأنّه يجوز للإمام،فكذا (3)للحاكم.
و لو حكم بالمنّ على الذرّيّة،قال بعض الجمهور:لا يجوز؛لأنّ الإمام لا يملك المنّ على الذرّيّة إذا سبوا،فكذلك الحاكم.
و قيل بالجواز؛لأنّهم لم يتعيّنوا للسبي،بخلاف من سبي،فإنّه يصير رقيقا بنفس السبي (4)،و إن حكم (5)بالاسترقاق،نفذ حكمه؛لأنّه إذا نفذ حكمه بالقتل، نفذ بالاسترقاق؛لأنّه أخفّ.
و إن حكم على من أسلم بالاسترقاق و من أقام على الكفر بالقتل،جاز.و لو (6)أراد أن يسترقّ بعد ذلك من أقام على الكفر،لم يكن له ذلك؛لأنّه لم يدخل على
ص:165
هذا الشرط.
و إن أراد أن يمنّ عليه،جاز؛لأنّه ليس فيه إبطال شيء شرطه،بل فيه إسقاط ما كان شرطا من القتل.
و لو حكم بالقتل و أخذ الأموال و سبي الذرّيّة و رأى الإمام أن يمنّ على الرجال أو على بعضهم،جاز؛لأنّ سعدا حكم على بني قريظة بقتل الرجال،ثمّ إنّ ثابت بن قيس الأنصاريّ (1)سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يهب له الزبير بن باطا اليهوديّ (2)من قريظة ففعل (3)،بخلاف مال الغنيمة إذا حازه المسلمون،فإنّ ملكهم قد استقرّ عليه.
عصموا أموالهم و دماءهم و ذراريهم من الاستغنام و القتل و السبي؛لأنّهم أسلموا و هم أحرار لم يسترقّوا و أموالهم لهم لم تغنم،فلم يجز استرقاقهم و لا استغنام مالهم.
و لو (4)أسلموا بعد الحكم عليهم،فإن كان قد حكم عليهم بقتل الرجال و سبي الذراريّ و نهب الأموال،مضى الحكم عليهم إلاّ القتل،فإنّهم لا يقتلون؛لأنّ من %1417m-nm
ص:166
أسلم فقد عصم دمه؛لقوله عليه السلام:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم» (1).
و لو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام لم يجز؛لأنّهم ما نزلوا على هذا الحكم، بل وجب القتل عليهم بالحكم و قد سقط بالإسلام.
و قال بعض الجمهور:يجوز استرقاقهم،كما لو أسلموا بعد الأسر (2).
و ليس بجيّد؛لأنّ الأسير قد ثبت للإمام استرقاقه.و يكون المال على ما حكم فيه من الاستغنام،و تسترقّ الذرّيّة.
و إذا حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذرّيّة و أخذ المال،كان المال غنيمة، و يجب فيه الخمس؛لأنّه أخذ بالقهر و السيف.
و لو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب اللّه تعالى أو القرآن (3)،كره ذلك؛لأنّ هذا الحكم ليس بمنصوص في كتاب اللّه تعالى،فيحصل الاختلاف.
فقال له الإمام:إن رجعت إلى دار الحرب
ص:167
و إلاّ حكمت عليك حكم أهل الذمّة،فأقام سنة،جاز أن يأخذ منه الجزية.
و إن قال له:اخرج إلى دار الحرب،فإن أقمت عندنا،صيّرت نفسك ذمّيّا،فأقام سنة،ثمّ قال:أقمت لحاجة،قبل قوله،و لم يجز أخذ الجزية منه،بل يردّ إلى مأمنه؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن قلنا:إنّه يصير ذمّيا،كان قويّا؛لأنّه خالف الإمام (1).
لأنّه غير مشروع،و قد قلنا:إنّ حكم الحاكم يشترط فيه المشروعيّة (2).
جاز له أن يحكم إجماعا على ما تقدّم (3).
و لا يجب عليه الحكم،سواء قبل التحكيم أو لم يقبله،بل يجوز له أن يخرج نفسه من الحكومة؛لأنّه دخل باختياره،فجاز أن يخرج باختياره.
لم يقبل على ما تقدّم (4).
فلو (5)حكم بعد ذلك بالجائز،فالوجه:نفوذه؛لأنّ الحكم الأوّل وقع فاسدا لا اعتبار له في نظر الشرع،فلا يخرجه عن الحكومة،كما لو وكّله المالك في بيع سلعة بألف،فباعها بخمسمائة ثمّ باعها بألف،فإنّه يجوز.
و قال أبو حنيفة:لا يجوز حكمه بعد ذلك استحسانا (6).
ص:168
إن لم يحكم فلان في ذلك بلغتمونا إلى مأمننا،ثمّ حكم فلان بأن يبلغوهم إلى مأمنهم،جاز،و يكون مكروها؛لأنّهم ما رضوا بالصلح إلاّ بهذا الشرط (1)،فإذا لم يف بهذا،كان غدرا (2)منّا،و التحرّز عن الغدر (3)واجب،و إنّما قلنا:إنّه مكروه؛لما فيه من إعادتهم حربا علينا بعد تركهم ذلك باختيار منهم.
ص:169
ص:170
في الغنائم
الغنيمة:هي الفائدة المكتسبة،سواء اكتسبت برأس مال، كأرباح التجارات و الزراعات و غيرهما،أو اكتسبت بالقتال و المحاربة.
و القسم الأوّل مضى البحث فيه (1)،و الكلام هنا يقع في القسم الثاني و أقسامه ثلاثة:
ما ينقل و يحوّل،كالأمتعة و الأقمشة،و الذهب و الفضّة و الحيوان و غير ذلك.
و ما لا ينقل و لا يحوّل،كالأرضين و العقارات.
و ما هو سبي،كالأطفال و النساء.فلنبحث عن أحكام هذه الأقسام،و نتبع ذلك بالبحث عن كيفيّة القسمة و الجعائل و التنفيل و غير ذلك ممّا هو مختصّ بهذا الباب بعون اللّه تعالى.
و هاهنا أبحاث:
ص:171
ص:172
فيما ينقل و يحوّل
من أموال المشركين، و لما يغنم بالمعاش و الربح (1).
و عند الجمهور:الغنيمة اسم للمعنى الأوّل (2).
و الوضع يساعدنا على الشمول للمعنيين معا.
و أمّا الفيء فهو مشتقّ من فاء يفيء إذا رجع.و المراد به في قوله تعالى: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ الآية (3):ما حصل و رجع عليه من غير قتال و لا إيجاف بخيل و لا ركاب،و ما هذا حكمه فهو للرسول عليه السلام خاصّة،و لمن قام مقامه بعده من الأئمّة عليهم السلام،ليس لغيرهم في ذلك نصيب.
و الغنيمة مشتقّة من الغنم،و هو المستفاد مطلقا على ما بيّنّاه (4).
و ما يؤخذ بالفزع،مثل أن ينزل المسلمون على حصن أو قلعة،فيهرب أهله و يتركون أموالهم فيه؛فزعا منهم،فإنّه يكون من جملة الغنائم التي تخمّس،و أربعة الأخماس للمقاتلة،كالغنائم.
ص:173
و قال الشافعيّ:إنّ ذلك من جملة الفيء؛لأنّ القتال ما حصل فيه (1).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و هو الأقوى (2).
إذا عرفت هذا:فإنّ الغنيمة كانت محرّمة فيما تقدّم من الأديان،و كانوا يجمعون الغنيمة،فتنزل النار من السماء فتأكلها،فلمّا أرسل اللّه تعالى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،أنعم بها عليه،فجعلها له خاصّة.
قال اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (3).
و قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«أحلّ لي الخمس و لم يحلّ لأحد قبلي...و جعلت لي الغنائم» (4).
و قال عليه السلام:«أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي»و ذكر فيها«و أحلّت لي الغنائم» (5).
إذا ثبت هذا:فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان مختصّا بالغنائم؛لقوله تعالى:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ (6)نزلت يوم بدر لمّا تنازعوا في الغنائم،فلمّا نزلت،قسّمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أدخل معهم جماعة لم تحضر الوقعة؛لأنّها كانت له عليه السلام يصنع بها ما شاء،ثمّ نسخ ذلك و جعلت للغانمين خاصّة أربعة أخماسها،و الخمس الباقي
ص:174
قال اللّه تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ الآية (3)،فأضاف الغنيمة إليهم،و جعل الخمس للأصناف التي عدّدها،المغايرين للغانمين،فدلّ على أنّ الباقي لهم.
و روى الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (4).و لا نعلم فيه خلافا.
و إلى ما لا يصحّ تملّكه للمسلمين،كالخمور و الخنازير،و هذا القسم لا يكون غنيمة؛لأنّه غير مملوك.أمّا ما يصحّ تملّكه للمسلمين،فإنّه يصير غنيمة،و يختصّ به الغانمون إجماعا بعد الخمس و الجعائل.فيقسّم الخمس ستّة أقسام:ثلاثة منها للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هي الآن للإمام عليه السلام،و أربعة الأخماس الباقية تكون للمقاتلة خاصّة على ما يأتي من كيفيّة القسمة.
أمّا الأشياء المباحة في الأصل،كالصيود و الأحجار و الأشجار في دار الإسلام إذا وجد في دار الحرب و لم يكن عليه أثر تملّك لهم،فإنّه لواجده فلا يكون غنيمة؛ لأنّه لم يملكه بالقهر و الغلبة.
و لو وجد شيء من ذلك عليه أثر ملك،كالطير المقصوص و الأشجار المقطوعة و الأحجار المنحوتة،أو كان موسوما،فإنّه غنيمة؛بناء على الظاهر؛لأنّه دلالة
ص:175
على ثبوت يدهم عليه.
و لو وجد في دار الحرب شيء يحتمل أن يكون للمسلمين و لأهل الحرب، كالخيمة و السلاح،فالوجه:أنّ حكمه حكم اللقطة.
و قيل:يعرّف سنة ثمّ يلحق بالغنيمة،ذهب إليه الشيخ في المبسوط (1)و هو اختيار أحمد (2).
و لو وجد في الصحراء وتدا منحوتا أو قدحا منحوتا،كان النحت دليلا على أنّه مملوك،و لو عرفه المسلمون،كان لهم،و إن لم يعرفوه،فهو غنيمة؛لأنّ الظاهر أنّه لهم؛لأنّه في دارهم،فإن ادّعاه واحد من المسلمين،فالوجه:أنّ عليه إقامة البيّنة.
إذا عرفت هذا:فإنّ الشافعيّ وافقنا على أنّ ما يجده المسلم في دار الحرب ممّا هو مباح الأصل و لا أثر عليه لمالك،يكون لواجده (3)،و وافقنا أيضا مكحول عليه، و الأوزاعيّ (4).
و قال أبو حنيفة (5)،و الثوريّ:لا يختصّ به الواجد،بل يكون للمسلمين كافّة (6).
لنا:أنّه لو أخذه من دار الإسلام،ملكه،فإذا أخذه من دار الحرب،كان ملكا له، كالشيء اليسير.
ص:176
احتجّوا:بأنّه مال ذو قيمة مأخوذ من أرض الحرب بظهر المسلمين،فكان غنيمة،كالمطعومات (1).
و الجواب:المنع من كونه غنيمة؛لأنّ التقدير أنّه لا مالك له.
أمّا لو وجد صيدا في أرضهم و احتاج إلى أكله،أو وجد ما يحتاج إلى الانتفاع به ممّا ليس بمملوك،فإنّه له و لا يردّه إجماعا؛لأنّه لو وجد طعاما مملوكا للكفّار.
كان له أكله إذا احتاج إليه،فما يأخذه من الصيود و المباحات أولى.
كالمسنّ (2)و الأدوية،فهو أحقّ به إجماعا.
و لو صارت له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك.و به قال أحمد بن حنبل، و مكحول،و الأوزاعيّ،و الشافعيّ (3).
و قال الثوريّ:إذا جاء به دار الإسلام،دفعه في المقسم،و إن عالجه فصار له ثمن،أعطي بقدر عمله فيه،و دفع في المقسم (4).
لنا:أنّه مباح،فكان مملوكا لواجده و قد تقدّم (5).
و لأنّ القيمة إنّما صارت له بعمله أو نقله،فلم يكن غنيمة حال أخذه له،فكان كما لو أخذ ما لا قيمة له.
ص:177
فقال:من حمله فهو له،كان جائزا و يصير لآخذه.و به قال مالك،و خالف بعض الجمهور فيه (2).
لنا:أنّه-إذا لم يجد من يحمله و لم يقدر على حمله-بمنزلة ما لا قيمة له، و إنّما حصلت له القيمة بحمله إلينا،فلم يكن غنيمة.
فإن كان في موضع يقدر عليه بنفسه،فهو كما لو وجده في دار الإسلام يخرج منه الخمس و الباقي له،و إن لم يقدر عليه إلاّ بجماعة المسلمين،فإن كان في مواتهم قال الشافعيّ:يكون كما لو وجده في دار الإسلام،و إلاّ فهو غنيمة (3).
و قال مالك،و الأوزاعيّ،و الليث،و أحمد:هو غنيمة،سواء كان في مواتهم أو في غير مواتهم؛لأنّه مال مشترك ظهر عليه بقوّة جيش المسلمين،فكان غنيمة، كالأموال الظاهرة (4).
و أصحاب الرأي (1).
و قال الزهريّ:لا يؤخذ إلاّ بإذن الإمام (2).
لنا:ما رواه الجمهور عن نافع،عن ابن عمر،قال:كنّا نصيب العسل و الفواكه في مغازينا فنأكله و لا نرفعه (3).
و عن عبد اللّه بن أبي أوفى،قال:أصبنا طعاما يوم خيبر و كان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه ثمّ ينصرف (4).و كتب صاحب جيش الشام إلى عمر:أنّا أصبنا أرضا كثيرة الطعام و العلف،و كرهت أن أتقدّم في شيء من ذلك،فكتب إليه عمر:دع الناس يعلفون و يأكلون،فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضّة،ففيه خمس اللّه و سهام المسلمين (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير السريّة:«و لا تقطعوا شجرة مثمرة،و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه،و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (6).
و لو لم يكن التناول سائغا،لما سوّغ له الزرع على إطلاقه.
و لأنّ الحاجة تشتدّ إليه،و في المنع منه مضرّة عظيمة بالمسلمين و بدوابّهم؛
ص:179
لتعسّر نقل الطعام و العلف من بلاد الإسلام،و لا يجدون بدار الحرب ما يشترونه، و لو وجدوه لم يجدوا الثمن،و لا يمكن قسمة ما يجده الواحد منهم،و لو قسّم، لم يحصل للواحد منهم شيء ينتفع به،و لا يدفع به حاجته،فكان مباحا.
احتجّ الزهريّ:بأنّه مال مغنوم فلم يجز أخذه بغير إذن الإمام،كسائر الأموال (1).
و الجواب:بالفرق من حيث الحاجة و الضرورة و عدمهما.
على قدر الحاجة (2).و هل يجوز مع عدم الحاجة أم لا؟الوجه عندي:أنّه لا يجوز،و يدلّ عليه مفهوم قوله عليه السلام:«و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (3).
و لأنّه مال مغنوم بين جماعة،فلا يجوز التناول منه إلاّ مع الحاجة،كالسلاح و الثياب.
و قال بعض الجمهور:يجوز التناول مطلقا مع الحاجة و غيرها للغنيّ و الفقير (4)؛لأنّ عمر سوّغ الأكل و لم يعلّقه بالحاجة (5).و لأنّه يتعذّر عليهم حمل الطعام و العلف مدّة مقامهم في دار الحرب؛لما فيه من الحرج،و الشراء منهم متعذّر،
ص:180
فلو لم يجز التناول،لضاق الأمر على الغانمين،فبقي على الإباحة الأصليّة؛لمكان الضرورة،و متى بقي على الإباحة الأصليّة للضرورة،يجوز للغنيّ التناول بغير حاجة.
أمّا مع الحاجة فيجوز،و أمّا مع عدمها فعلى ما مضى.
إذا ثبت هذا:فهل تجب عليه القيمة مع القول بالجواز؟قيل:تجب عليه القيمة؛ لأنّ الحاجة إليه تندر،بخلاف الطعام (1).
و قيل:لا تجب؛لأنّه يغتذى به،فكان كالطعام (2)،و هو الأقرب؛لأنّه لو لا ذلك لما ساغ ذبحه،و جرى مجرى غيره من الأموال.
و يدلّ على الجواز مع الحاجة قوله عليه السلام:«و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله» (3).
و لم يجز استعمالها؛ لأنّه ليس ممّا تدعو الحاجة إليه،مع اشتراك الغانمين فيها،فتردّ إليهم.
و لأنّه ليس بطعام،فلا يثبت فيه الترخّص،كغيره من أموال الغنيمة،و لو استعمل الجلود في سقاء أو نعل أو شراك،وجب ردّه في المغنم،و عليه أجرة المثل للمدّة التي أقام في يده،و أرش ما نقص من أجزائه بالاستعمال؛لأنّه مضمون مع تلفه فيضمن أجزاءه،و لو زادت القيمة بالصنعة لم يكن له شيء؛لأنّه متعدّ.
و لا استعماله و لا الانفراد به؛لقوله عليه السلام:«أدّوا الخيط و المخيط؛فإنّ الغلول عار و نار و شنار يوم
ص:181
القيامة» (1).
لأنّه طعام، فأشبه الحنطة و الشعير.و لو كان غير مأكول فاحتاج إلى أن يدهن به دابّته من جرب أو عقر،لم يكن له ذلك إلاّ بالقيمة،قاله الشافعيّ؛لأنّه ممّا لا تعمّ الحاجة إليه، و لا هو طعام و لا علف (2).
و قال بعض الجمهور:يجوز لهم استعماله؛لأنّ الحاجة إليه في إصلاح بدنه و دابّته كالحاجة إلى الطعام و العلف (3).
أو يشربه-كالجلاّب (4)و السكنجبين و غيرهما-عند الحاجة؛لأنّه من الطعام.
و قال أصحاب الشافعيّ:ليس له تناوله،لأنّه ليس من القوت و لا يصلح به القوت.و لأنّه لا يباح مع عدم الحاجة إليه،فلا يباح مع الحاجة،كغير الطعام (5).
و الوجه:الجواز؛لأنّه محتاج إليه،فأشبه الفواكه،و قولهم يبطل بالفاكهة.
لأنّه ليس بطعام و لا علف،و إنّما يراد للتحسين و التزيين لا للضرورة،فلا يكون في معنى الطعام و العلف،فلا يثبت
ص:182
الترخّص فيه.
و لا اتّخاذ النعال منها و لا الجرب (1)و لا الخيوط و الحبال،و به قال الشافعيّ (2).
و رخّص مالك في الحبل يتّخذ من الشعر،و النعل و الخفّ يتّخذ من جلود البقر (3).
لنا:أنّه مال مغنوم فلا يختصّ به بعض الغانمين،كغير الطعام.و لأنّه روي أنّ قيس بن أبي حازم (4)قال:إنّ رجلا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبّة شعر (5)من المغنم (6)،فقال:يا رسول اللّه إنّا نعمل الشعر فهبها لي،قال:«نصيبي منها لك» (7).
و الظاهر أنّه لو كان سائغا لما خصّص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العطيّة بنصيبه عليه السلام.
و لأنّه مال مغنوم لا تدعو الحاجة العامّة إلى أخذه،فلم يجز،كالثياب و غيرها.
ص:183
إن كانت ممّا ينتفع بها،مثل كتب الطبّ و الأدب،فهي غنيمة،و إن كانت ممّا لا ينتفع بها،مثل التوراة و الإنجيل،فإن أمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد الغسل،غسل و كانت غنيمة لا يختصّ بها الآخذ،و إلاّ فلا.
يشترك فيها الغانمون،و كذا إن كانت كلابا للصيد،إن قلنا بجواز بيعها،و لو لم يرغب فيها أحد من الغانمين،جاز إرسالها و إعطاؤها غير الغانمين،و لو رغب فيها بعض الغانمين،دفعت إليه و لا تحتسب عليه من نصيبه؛لأنّه لا قيمة لها،و إن رغب فيها الجميع،قسّمت،و لو تعذّرت القسمة؛أو تنازعوا في الجيّد منها،أقرع بينهم،و لو وجدوا خنازير،قتلوها؛ لعدم الانتفاع بها و حصول الأذى منها،و لو وجدوا خمرا،أراقوه،و لو كان لظروفه قيمة،أخذوها و كانت غنيمة.
لما رواه رو يفع بن ثابت الأنصاريّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يركب دابّة من فيء المسلمين حتّى إذا أعجفها ردّها فيه،و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتّى إذا أخلقه ردّه فيه» (1).
و لأنّه مال مغنوم،فلا يختصّ به أحد دون غيره.
جاز أن يطعمهم ممّا يجوز له الأكل
ص:184
منه،سواء كانوا للقنية (1)أو للتجارة لدعوى الحاجة إليه،و لو كان معه بزاة أو صقورة،لم يكن له أن يطعمها من المغنم؛لأنّه لا حاجة به إليها،بخلاف الخيل؛ لأنّه (2)محتاج إليها.
لم يجز لأحد أخذه إلاّ لضرورة.
أمّا عندنا فظاهر؛لأنّا إنّما أبحنا له الأخذ قبل استيلاء يد المسلمين عليها مع الضرورة،فبعد الاستيلاء أولى.
و أمّا عند المخالف؛فلأنّهم أباحوه قبل جمعه؛لأنّه لم يثبت فيه ملك المسلمين (3)بعد،فأشبه المباح من الحطب و الحشيش،فإذا جمعت و حيزت،ثبت ملك المسلمين فيها،فخرجت عن المباحات و صارت ملكا لهم محضا،فلم يجز الأكل منها إلاّ مع الضرورة،و هو أن لا يجدوا ما يأكلونه،فيجوز لهم التناول منه؛ لأنّ حفظ النفس واجب،سواء حيزت في دار الحرب أو في دار الإسلام (4).
و قال بعض الجمهور:إن حيزت في دار الحرب،جاز الأكل منها،كما يجوز قبل الحيازة؛لأنّ دار الحرب مظنّة الحاجة؛لتعذّر نقل الميرة (5)إليها،بخلاف دار الإسلام (6).
و هو عندي حسن و إن كان لا يخلو من بعد؛فإنّ ما ثبت عليه يد المسلمين
ص:185
و تحقّق ملكهم له،لا ينبغي أخذه إلاّ برضاهم،كسائر الأملاك.و لأنّ الحيازة في دار الحرب تثبت الملك،كالحيازة في دار الإسلام،و لهذا يجوز قسمته،و تثبت فيه أحكام الملك.
ردّه إلى المغنم،كثيرا كان أو قليلا.أمّا الكثير فالإجماع على وجوب ردّه لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ ما أبيح له من ذلك،هو ما يحتاج إليه في دار الحرب،فإذا أخذه على وجه يفضل منه فقد أخذ ما لا يحتاج إليه،لزمه ردّه؛عملا بالأصل المقتضي للتحريم؛لأنّه مشترك بين الغانمين،كسائر المال،خرج منه ما دعت الحاجة إليه،فيبقى الزائد على التحريم، و لهذا لم يسغ له بيعه.
و أمّا اليسير،فإنّه يجب ردّه أيضا،و هو أحد قولي الشافعيّ (1)،و مذهب أبي ثور (2)،و أبي حنيفة (3)،و ابن المنذر (4)،و إحدى الروايتين عن أحمد (5).
و قال مالك:يكون مباحا و لا يجب ردّه إلى المغنم (6).و به قال الأوزاعيّ،
ص:186
و عطاء الخراسانيّ،و مكحول (1)،و الشافعيّ في القول الآخر (2)،و هو الرواية الأخرى عن أحمد (3).
لنا:قوله عليه السلام:«ردّوا الخياط (4)و المخيط» (5).و لأنّه من مال الغنيمة لم يقسّم،فلا يباح في دار الإسلام،كالكثير.
احتجّوا:بقول الأوزاعيّ:أدركت الناس يقدمون بالقديد،فيهديه بعضهم إلى بعض،لا ينكره إمام و لا عامل و لا جماعة (6).
و لأنّه أبيح إمساكه عن القسمة،فأبيح في دار الإسلام،كمباحات دار الحرب.
و الجواب عن الأوّل:أنّه حكاية حال،فلا عموم لها،فيجوز تناولها للمتّفق عليه دون المختلف فيه.
و عن الثاني:بالفرق،و هو ظاهر.
سواء جمعوها في دار الحرب أو في دار الإسلام.و به قال الشافعيّ (7).
ص:187
و قال أبو حنيفة:إذا حازوها في دار الحرب،لا تملك،و إنّما تملك بعد إحرازها في دار الإسلام (1).و ليس بمعتمد؛و لهذا تجوز القسمة في دار الحرب على ما يأتي.
إذا ثبت هذا:فإنّ مع الحيازة للغنيمة يثبت لكلّ واحد منهم حقّ الملك.
و قيل:لا يملك إلاّ باختيار التمليك (2)-و هو اختيار أبي إسحاق الشيرازيّ (3)- و استدلّ عليه:بأنّه لو قال واحد منهم:أسقطت حقّي،سقط،و لو كان قد ملك،لم يزل ملكه بذلك،كما لو قال الوارث:أسقطت حقّي في الميراث،لم يسقط؛لثبوت الملك له و استقراره (4).و فيه نظر؛لأنّه بالحيازة زال ملك الكفّار عنها،و لا يزول إلاّ إلى المسلمين.نعم،ملك كلّ واحد منهم ليس بمستقرّ في شيء بعينه،أو جزء مشاع، بل للإمام أن يعيّن نصيب كلّ واحد بغير اختياره،بخلاف سائر الأملاك المشتركة التي يتوقّف تملّك العين فيها على الاختيار،فالحاصل أنّه ملك ضعيف.
رحله؛إلاّ المصحف و ما فيه روح (1).و به قال أحمد بن حنبل (2).
لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يحرق رحل الغالّ،روى عبد اللّه بن عمرو (3)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم،فيخمّسه و يقسّمه،فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر، فقال:يا رسول اللّه،هذا فيما كنّا أصبنا[ه] (4)من الغنيمة،فقال:«سمعت بلالا ينادي ثلاثا؟»قال:نعم،قال:«فما منعك أن تجيء به؟»فاعتذر،فقال:«كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك» (5).
و لأنّ إحراق المتاع عقوبة لم يثبت لها نظير في الشرع في صورة من الصور.
و لأنّ عقوبة السارق القطع،أمّا حرق المتاع فلا.
و لأنّه إضاعة للمال،و لقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن إضاعة المال (6).
احتجّوا (7):بما رواه صالح بن محمّد بن زائدة (8)،قال:دخلت مع
ص:189
مسلمة (1)أرض الروم،فأتي برجل قد غلّ،فسأل سالما عنه،فقال:سمعت أبي يحدّث عن عمر بن الخطّاب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه و اضربوه»قال:فوجدنا في متاعه مصحفا،فسأل سالما عنه، فقال:بعه و تصدّق بثمنه (2).
و الجواب:المنع من الحديث،فإنّه لم يثبت عندنا ذلك.
إذا عرفت هذا:فإنّ المصحف لا يحرق إجماعا؛لحرمته.و كذا الحيوان-؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار (3)-لحرمة الحيوان في نفسه،و لا نعلم فيه خلافا.
أمّا عندنا فظاهر؛لأنّه لا يحرق شيء من متاعه على ما قلناه.
و أمّا عند أحمد؛فلأنّه يحتاج إليه للانتفاع به.و لأنّه تابع لما لا يحرق،فأشبه جلد المصحف و كيسه (4).
ص:190
و قال الأوزاعيّ:يحرق سرجه (1).و ليس بجيّد؛لأنّه ملبوس حيوان،فأشبه ثياب الغالّ.
لأنّه لا يجوز تركه عريانا.
لأنّه من غنيمة المسلمين،بل يردّ إلى المغنم إجماعا.
لأنّه يحتاج إليه للقتال،و هو منفعة للمسلمين عامّة، و لا نفقته؛لأنّه ممّا لا يحرق عادة.
إلاّ المغنوم،فإنّه يردّ إلى الغنيمة.و كذلك ما أبقت (2)النار من حديد أو غيره،فإنّه لصاحبه؛لأنّ ملكه كان ثابتا عليه قبل الإحراق،فيستصحب الحكم؛لفقدان المزيل.و المعاقبة بإحراق المتاع،لا يخرج المملوك ممّا لا يحرق عن ملكه.
أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عند المخالف؛فلأنّه نفع يعود إلى الدين،و ليس القصد بالإحراق إضراره في دينه،بل الإضرار به في شيء من دنياه.
أمّا عندنا؛فلما تقدّم (1).
و أمّا عند أحمد؛فلأنّه عقوبة فيسقط بالموت،كالحدود،و لأنّ الموت ناقل للمال إلى الورثة،فإحراقه عقوبة على غير الجاني،فلا يكون مشروعا (2).
ما عندنا فظاهر.
و أمّا عند أحمد؛فلأنّه انتقل إلى غيره،فأشبه ما لو انتقل بالموت عنه إلى الوارث (3).
و قيل:ينقض البيع و الهبة و يحرق؛لأنّه تعلّق به حقّ سابق على البيع و الهبة، فيقدّم،كالقصاص في حقّ الجاني (4).و هو فاسد الأصل.
أمّا عندنا فظاهر،و أمّا عندهم؛فلأنّ الإحراق عقوبة،و ليس الصبيّ من أهلها،فأشبه الحدّ (5).
أمّا عندنا فظاهر، و أمّا عند المخالف،فلأنّ المتاع لسيّده،فإحراقه عقوبة للسيّد بجناية عبده،و ذلك غير سائغ،و لو استهلك ما غلّه،فهو في رقبته؛لأنّه من جنايته (6).
لم يحرق متاعهما عندنا.
و قال أحمد:يحرق متاعهما؛لأنّهما من أهل العقوبة،و لهذا قطعا في السرقة، و يحدّان في الزنا (7).و هو مبنيّ على الأصل الفاسد،فيكون فاسدا.
ص:192
لم يحرق متاعه إجماعا، أمّا عندنا فبالأصل.و أمّا عند أحمد؛فلأنّ الأصل عدم الغلول.
و لو ثبت الغلول بالإقرار أو البيّنة،لم يحرق متاعه عندنا،و عند أحمد يحرق إذا شهد عدلان (1)،و قد مضى فساده (2).
سواء كان صبيّا أو بالغا،و هو إحدى الروايتين عن أحمد.
و في الرواية الأخرى:يحرم سهمه،و قال الأوزاعيّ:إن كان صبيّا،حرم سهمه (3).
لنا:أنّ سبب الاستحقاق-و هو حضور الحرب-قائم،و الغلول لا يصلح معارضا،كغيره من أنواع الفسوق،و لم يثبت حرمانه بخبر و لا قياس،فيبقى على حالة الاستحقاق.
و قال مالك:إذا تاب بعد القسمة أدّى خمسه إلى الإمام،و تصدّق بالباقي (1).
و به قال الحسن البصريّ،و الزهريّ،و الأوزاعيّ،و الثوريّ،و الليث (2)،و أحمد بن حنبل (3).
لنا:أنّه مال لغيره،فيجب ردّه إلى أربابه،كما لو تاب قبل القسمة.
احتجّ المخالف:بما رواه صفوان بن عمرو (4)،قال:غزا الناس الروم،و عليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد (5)،فغلّ رجل مائة دينار،فلمّا قسّمت الغنيمة و تفرّق (6)الناس،ندم فأتى عبد الرحمن،فقال:قد غللت مائة دينار فاقبضها،قال:
قد تفرّق الناس فلن أقبضها منك حتّى توافي اللّه بها يوم القيامة،فأتى معاوية فذكر ذلك له،فقال له مثل ذلك،فخرج و هو يبكي،فمرّ بعبد اللّه بن الشاعر (7)،فقال:
ص:194
ما يبكيك؟فأخبره،فقال: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،أ مطيعي (1)أنت يا عبد اللّه؟قال:
نعم،قال:فانطلق إلى معاوية،فقل له:خذ منّي خمسك،فأعطه عشرين دينارا، و انظر إلى الثمانين الباقية فتصدّق بها عن ذلك الجيش،فإنّ اللّه تعالى يعلم أسماءهم و مكانهم،و إنّ اللّه يقبل التوبة عن عباده،فقال معاوية:أحسن،و اللّه لأن أكون أنا أفتيته بهذا،أحبّ إليّ من أن يكون لي مثل كلّ شيء امتلكت (2).
و الجواب:أنّ فعل معاوية ليس بحجّة.
إذا عرفت هذا:فإن تمكّن الإمام من قسمته بين العسكر،فعل؛لأنّه حقّهم،و إن لم يتمكّن؛لتفرّقهم و كثرتهم و قلّة المغلول،فالوجه عندي:اختيار مالك؛لأنّ تركه تضييع له و تعطيل لمنفعته التي خلق لها،و لا يتخفّف به شيء من إثم الغالّ،و في الصدقة به نفع لمن يصل إليه من المساكين،و ما يحصل من أجر الصدقة يصل إلى صاحبه فيذهب به الإثم عن الغالّ،فيكون أولى.
فإن كان له نصيب من الغنيمة و سهم منها، فإن كان بقدر نصيبه أو أزيد بما لا يبلغ نصاب القطع،لم يجب عليه القطع؛لأنّه و إن لم يملكه لكنّ الشبهة الحاصلة له بالشركة درأت عنه الحدّ،و إن زاد على نصيبه بمقدار النصاب الذي يجب فيه القطع،وجب عليه القطع؛لأنّه سارق،فيدخل تحت عموم قوله تعالى: وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (3).
هذا إذا لم يعزل منه الخمس،و لو عزل الإمام الخمس ثمّ سرق و لم يكن من أهل الخمس فإن كان من الخمس،وجب القطع مطلقا،و إن كان من أربعة الأخماس،كان الحكم فيه ما تقدّم.
ص:195
و للشافعيّ وجهان:
أحدهما:إذا سرق من أربعة الأخماس ما يزيد على نصيبه بمقدار النصاب، وجب القطع؛عملا بالآية:و لأنّه لا شبهة له فيه.
و الثاني:لا يقطع؛لأنّ حقّه لم يتعيّن،فكلّ جزء مشترك بينه و بينهم،فكان كالمال المشترك (1)،و الأصل عندنا ممنوع،إذ يجب القطع عندنا في السرقة من المال المشترك-و سيأتي-مع أنّ (2)قول الشافعيّ به رواية (3)عندنا،لكنّ التفصيل أولى.
لأنّه يرضخ له،فإن كان ما سرقه أزيد ممّا يرضخ بمقدار النصاب،وجب القطع،و إلاّ فلا،و كذا المرأة.
لأنّه زيادة ضرر بالغانمين.نعم، يؤدّب؛حسما لمادّة الفساد.
فلا نصيب له منها،فيقطع.
و لو كان أحد الغانمين ابنا للسارق (4)،لم يقطع إلاّ إذا زاد ما سرقه عن نصيب
ص:196
ولده بمقدار النصاب؛لأنّ مال الولد في حكم ماله.
و لو كان السارق ممّن له سهم في الخمس و سرق منه أو من الغنيمة قبل تخميسها،كان الحكم ما قدّمناه من أنّه إن سرق أزيد من نصيبه بمقدار النصاب، قطع و إلاّ فلا،و لو لم يكن من أهل الخمس و لا من قدّمناه،قطع بكلّ حال.
و كذا لو كان من أهل الخمس و سرق من أربعة الأخماس و لا نصيب له فيها، فإنّه يقطع (1)إذا بلغ النصاب.
و لو كان السارق سيّد عبد[له نصيب] (2)في الغنيمة،كان حكمه حكم من له نصيب؛لأنّ مال العبد لسيّده.و بهذه الأحكام قال الشافعيّ،و أبو حنيفة (3).و زاد الشافعيّ:الابن إذا سرق و للأب سهم في الغنيمة،و كذا (4)أحد الزوجين (5).
و زاد أبو حنيفة:إذا كان لذي رحم محرم منه فيها حقّ،لم يقطع (6).و البحث فيه سيأتي إن شاء اللّه تعالى.
و لا يطلع الإمام عليه و لا يضعه مع الغنيمة،و قد تقدّم الحكم فيه (7).
و لا ينزّل منزلة السارق في القطع،إلاّ أن يغلّ على وجه السرقة؛فإنّ الغلول:
أخذ مال لا حافظ له و لا يطّلع عليه غالبا،و السرقة:أخذ مال محفوظ.
ص:197
إذا ثبت هذا:فإنّ السارق لا يحرق رحله عندنا،كما مرّ في الغالّ.
و قيل:يحرق رحله،كالغالّ:لأنّه في معناه (1)،و قد سلف (2).
و سيأتي البحث فيه في فصل الأسارى إن شاء اللّه تعالى.
فلو باع أحد الغانمين غيره شيئا منها،فإن كان المشتري من الغانمين أيضا،لم يصحّ البيع؛لعدم الاختصاص.
و قيل:يصحّ بيعه في قدر نصيبه (4).و ليس بصحيح،أمّا أوّلا:فلأنّه لا يعلم وقوعه في المستحقّين له؛لجواز أن يسهمه (5)الإمام غيره.
و أمّا ثانيا:فلأنّ نصيبه مجهول.
إذا ثبت هذا:فإنّه يقرّ في يد المشتري،و ليس للمشتري ردّه إلى البائع، و لا يجوز للبائع قهره عليه؛لأنّه أمانة في يدهما لجميع المسلمين.و إن لم يكن من الغانمين،لم تقرّ يده عليه؛إذ لا نصيب له فيه.
إذا عرفت هذا:فلو كان المبيع طعاما،و قد قلنا:إنّه يجوز للمسلمين تناول الطعام (6)،فهل يصحّ البيع أم لا؟الوجه:أنّه لا يصحّ بيعه؛لأنّ الضرورة المبيحة إنّما سوّغت التناول،أمّا (7)البيع فلا.و إذا لم يصحّ البيع فإن كان المشتري من الغانمين،
ص:198
كان أحقّ به من البائع؛لثبوت يده حينئذ عليه،و لا يكون تبايعا حقيقة،بل هو معاوضة مباح بمباح و انتقال من يد (1)إلى يد،فما حصل في يد كلّ واحد منهما، يكون أحقّ بالتصرّف فيه،فعلى هذا لو باع أحدهما الآخر صاعين من طعام بصاع منه من مال الغنيمة كان جائزا؛لأنّه ليس ببيع في الحقيقة.و لو كان المشتري من غير الغانمين لم تقرّ يده عليه؛لأنّه لا نصيب له في الغنيمة.
كان سائغا،و ليس بقرض حقيقة؛لأنّه لم يملكه الأوّل،و إنّما كان مباحا له التصرّف فيه، و يده عليه،فإذا أقرضه،صار يد الغير عليه،فيكون الثاني أحقّ باليد.
قال الشيخ رحمه اللّه-:ليس عليه ردّه،فإن ردّه،كان المردود عليه أحقّ به؛لثبوت يده عليه (2).
لم يكن للمقترض ردّه عليه،بل يردّه إلى المغنم؛لأنّه إنّما أذن له في الأكل منه ما دام في دار الحرب و قد خرج إلى بلاد الإسلام فيردّ إلى (3)المغنم.
ردّه إلى المغنم أيضا على ما قلناه،و فيه خلاف بين الجمهور و لا يردّه إلى المقرض الأوّل؛لأنّه بحصوله
ص:199
في دار الإسلام،صار كالغنيمة (1).
لم يصحّ قرضه،و استعيد من القابض،و كذا لو باعه منه؛لأنّه أخذ ملك غيره.
و كذا لو جاء رجل من غير الغانمين فأخذ من طعام الغنيمة،لم تقرّ يده عليه؛ لأنّه لا نصيب له فيه و عليه ضمانه.و لو باعه من غير الغانمين،بطل البيع،و استعيد.
و لو باعه من غانم،كان الغانم أولى به،و لا يكون بيعا صحيحا.
فلو عاد الكفّار و أخذوا المبيع من المشتري في دار الحرب،فإن كان لتفريط من المشتري، مثل أن خرج به من العسكر وحده،فضمانه عليه،و إن حصل بغير تفريط،فالتلف منه أيضا.و هو قول الشافعيّ،و أحمد في إحدى الروايتين.
و في الأخرى:ينفسخ البيع،و يكون من ضمان أهل الغنيمة،فإن كان المشتري قد وزن الثمن،استعاده،و إلاّ سقط (2).
لنا:أنّه مال مقبوض أبيح لمشتريه،فكان ضمانه عليه،كما لو أخذه من دار الإسلام،و لأنّ التلف في يد المشتري،فلا يرجع بالضمان على غيره،كغيره من المبيعات.و لأنّ أخذ العدوّ له نوع من التلف،فلا يضمنه البائع،كسائر أنواع التلف، و لأنّ نماءه للمشتري،فضمانه عليه؛لقوله عليه السلام:«الخراج بالضمان» (3).
ص:200
احتجّ أحمد:بأنّ القبض لم يكمل؛لأنّ المال في دار الحرب غير محرز،و كونه على خطر من العدوّ (1).
و الجواب:الحرز ليس شرطا في المبيع (2).
جاز لكلّ من أخذ سهمه التصرّف فيه كيف شاء بالبيع و غيره،فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشتري عليه،لم يضمنه البائع على ما تقدّم (3).
و لأحمد روايتان (4)،و قد سلف البحث معه (5).
قبل القسمة و بعده.
و قال أحمد:ليس له ذلك؛لأنّه يحابى (6).و ليس بمعتمد؛لأنّه يندفع الخيال بأخذه بالقيمة العدل.
ص:201
في أحكام الأسارى
و الذكور:بالغون و أطفال.
فالنساء و الأطفال-و هم من لم يبلغ خمس عشرة سنة من الذكور-يملكون بالسبي،و لا يجوز قتلهم بلا خلاف؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان (1). (2)و كان عليه السلام يسترقّهم إذا سباهم (3).
و لو أشكل أمر الصبيّ في البلوغ و عدمه،أعتبر بالإنبات،فإن كان قد أنبت الشعر الخشن على عانته،حكم ببلوغه،و إن لم ينبت ذلك،جعل من جملة الذرّيّة؛ لأنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا (4)،و أجازه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
ص:202
و رواه الشيخ عن أبي البختريّ،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام،قال:«قال [إنّ] (1)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرضهم يومئذ على النباتات (2)،فمن وجده أنبت،قتله،و من لم يجده أنبت،ألحقه بالذراريّ» (3).
تخيّر الإمام بين قتلهم و بين قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف،و حينئذ يتركون حتّى ينزفوا بالدم و يموتوا (4).و لا يجوز إبقاؤهم و لا استرقاقهم و لا مفاداتهم.
و إن أسروا بعد أن وضعت الحرب أوزارها و انقضى القتال،تخيّر الإمام بين المنّ و الفداء،و الاسترقاق،و الخيار إلى الإمام،لأنّه أعرف بمصلحة المسلمين.
و لا يجوز له قتلهم حينئذ بل يتخيّر بين أن يمنّ عليه فيطلقه،و بين أن يفاديه على مال يدفعه الأسير إليه و يخلّص به رقبته من العبوديّة،و بين أن يسترقّه و يستعبده،ذهب إلى ذلك علماؤنا أجمع.
و قال الشافعيّ:يتخيّر الإمام بين أربعة أشياء:القتل،و الاسترقاق،و المنّ، و الفداء على ما يراه من المصلحة في ذلك،لا على اختيار الشهوة (5).
و قال أبو حنيفة:ليس له المنّ و الفداء،و إنّما يتخيّر بين القتل و الاسترقاق،
ص:203
لا غير (1).
و قال أبو يوسف:لا يجوز المنّ،و يجوز الفداء بالرجال دون الأموال (2).
و في رواية عن مالك:أنّه يتخيّر بين القتل و المنّ و المفاداة،و لا يجوز الاسترقاق (3)،و هو إحدى الروايات عن أحمد،و به قال الأوزاعيّ،و أبو ثور (4).
و قال مالك أيضا في رواية:إنّه لا يجوز المنّ بغير فداء (5).
و حكي عن الحسن البصريّ،و عطاء،و سعيد بن جبير:كراهة قتل الأسارى، و قالوا:منّ عليه أو فاده (6). (7)و لا نعلم أحدا منهم قال بالتفصيل الذي ذكرناه.
لنا:على جواز المنّ و الفداء:قوله تعالى: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (8).
ص:204
و منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ثمامة بن أثال (1)، (2)و أبي عزّة الشاعر (3)(4)و أبي العاص بن الربيع (5).و قال في أسارى بدر:«لو كان مطعم بن عديّ (6)حيّا ثمّ سألني في هؤلاء النتنى (7)لأطلقتهم له» (8)و فادى أسارى بدر-
ص:205
و كانوا ثلاثة و سبعين رجلا-كلّ رجل (1)بأربعمائة (2).و فادى يوم بدر رجلا برجلين (3).
و أمّا تسويغ القتل:فبعموم قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (4).و كان (5)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل رجال بني قريظة و هم بين ستّمائة رجل و سبعمائة (6)،و قتل يوم بدر النضر بن الحارث (7)،و أنشدته ابنته:
أ محمّد و لأنت ضنء (8)نجيبة في قومها و الفحل فحل معرق (9)
ما كان ضرّك لو مننت و ربّما منّ الفتى و هو المغيظ المحنق
النضر أقرب من قتلت قرابة و أحقّهم إن كان عتق يعتق
فليسمعنّ النضر لو ناديته لو كان يسمع ميّت أو ينطق
ص:206
فقال صلّى اللّه عليه و آله:لو سمعت هذه الأبيات ما قتلته (1).و هو يدلّ على تسويغ القتل و المنّ معا.
و روى الجمهور:أنّه صلّى اللّه عليه و آله قتل عقبة بن أبي معيط (2)صبرا (3).
و قتل أبا عزّة يوم أحد (4).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد:عقبة بن أبي معيط،و طعن ابن أبي خلف (5)فمات بعد ذلك» (6).
ص:207
و لأنّ كلّ خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح من غيرها في بعض الأسرى،فإنّ ذا القوّة و النكاية في المسلمين قتله أنفع للمسلمين،و بقاؤه ضرر عليهم،و الضعيف ذا المال الكثير لا قدرة له على الحرب،ففداؤه أصلح للمسلمين.
و منهم من هو حسن الرأي في الإسلام و يرجى إسلامه،فالمنّ عليه أولى،و قد يكون للمسلمين فيه نفع بأن يطلق أسراهم (1)و يدفع عنهم،فإذا أطلق و منّ عليه، كان أولى من قتله.
و منهم من يحصل بخدمته نفع،و يؤمن ضرره،كالنساء و الصبيان،فاسترقاقه أولى،و الإمام أعلم بهذه المصالح،فكان النظر إليه في ذلك كلّه.
و أمّا الذي يدلّ على التفصيل الذي ذكرناه (2)؛فلأنّ الأسير قبل تقضّي الحرب لا يؤمن شرّه،فيتعيّن (3)قتله،أمّا بعد انقضاء الحرب و الاستظهار (4)عليهم فشرّه مأمون،فيتعيّن (5)إطلاقه على إحدى الوجوه التي ذكرناها (6).
و يؤيّده:ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
سمعته يقول:«كان أبي يقول:إنّ للحرب حكمين:إذا كانت قائمة لم تضع أوزارها و لم تضجر أهلها،فكلّ أسير أخذ في تلك الحال،فإنّ الإمام فيه بالخيار،إن شاء ضرب عنقه،و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم،و تركه يتشحّط في دمه حتّى يموت،فهو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا
ص:208
مِنَ الْأَرْضِ (1)إلى آخر الآية،ألا ترى أنّ التخيير الذي خيّر اللّه تعالى الإمام على شيء واحد،و هو الكلّ (2)و ليس على أشياء مختلفة»فقلت لجعفر بن محمّد عليهما السلام:قول اللّه: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ قال:«ذلك للطلب أن تطلبه الخيل حتّى يهرب،فإن أخذته الخيل،حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك.
و الحكم الآخر:إذا وضعت اَلْحَرْبُ أَوْزارَها و أثخن أهلها،فكلّ أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم،فالإمام فيه بالخيار،إن شاء منّ عليه (3)،و إن شاء فاداهم أنفسهم،و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا» (4).
و احتجّ مالك:بأنّه لا مصلحة في المنّ بغير عوض،و إنّما يجوز للإمام فعل ما فيه مصلحة (5).
و احتجّ عطاء:بقوله تعالى: فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (6)فخيّره بعد الأسر بين هذين لا غير (7).
و احتجّ أبو حنيفة:بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (8)بعد قوله: فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً (9)؛لأنّ آية المنّ نزلت بمكّة و آية القتل نزلت بالمدينة في آخر سورة نزلت و هي براءة،فيكون ناسخا،و لأنّ فيه إعانة و تقوية
ص:209
لأهل الحرب و صيرورته حربا علينا بسبب المال (1).
و الجواب:عن الأوّل:أنّا قد بيّنّا أنّه قد تكون المصلحة في المنّ و المفاداة بسبب المال،فيكون سائغا (2).
و عن الثاني:أنّه مخيّر في الأسير إذا أخذ بعد انقضاء الحرب.
و عن الثالث:بالمنع من النسخ،فإنّ العامّ و الخاصّ إذا تعارضا،خصّص العامّ بالخاصّ،و عمل بالعامّ في غير صورة الخاصّ،و عمل بالخاصّ في صورته.
و عن الرابع:أنّ الإعانة منتفية؛لأنّا سوّغنا ذلك بعد الاستظهار عليهم بالقتل (3).
سواء كانوا ممّن يقرّ على دينه بالجزية كأهل الكتاب،أو لا يقرّون،كأهل الحرب من عبدة الأوثان.
و به قال الشافعيّ (5).
و قال الشيخ-رحمه اللّه-:إن أسر رجل بالغ،فإن كان من أهل الكتاب أو ممّن له شبهة كتاب،فإنّ الإمام مخيّر فيه على ما مضى بين الأشياء الثلاثة (6)،و إن كان من عبدة الأوثان،فإنّ الإمام مخيّر فيه بين المفاداة و المنّ،و يسقط الاسترقاق (7).
ص:210
و به قال أبو سعيد الإصطخريّ من الشافعيّة (1)،و عن أحمد روايتان،كالقولين (2).
و قال أبو حنيفة:يجوز في العجم دون العرب (3).
لنا:أنّه كافر أصليّ،فجاز استرقاقه،كالكتابيّ،و ما تقدّم في حديث طلحة بن زيد (4)،فإنّه عامّ في كلّ أسير.
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه لا يجوز له إقرارهم بالجزية،فلا يجوز له إقرارهم بالاسترقاق (5).
و الجواب:المنع من الملازمة و يبطل بالنساء و الصبيان؛فإنّه يجوز استرقاقهم إجماعا،و لا يقرّون بالجزية.
هذا التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد لا تخيير شهوة،
فمتى رأى الإمام المصلحة في خصلة من هذه الخصال،تعيّنت عليه،و لم يجز العدول عنها (6).و لو تساوت المصالح،فالوجه:التخيير للإمام حينئذ تخيير شهوة.
ص:211
و قيل:القتل أولى،اختاره مالك (1).
سواء أخذ قبل تقضّي الحرب أو بعده،و لا نعلم فيه خلافا؛لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه،فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم و أموالهم إلاّ بحقّها» (2).
و روى الشيخ عن عيسى بن يونس (3)،عن الأوزاعيّ،عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:«الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه و صار فيئا» (4).
إذا ثبت هذا،فهل بسقوط القتل يصير رقّا أم لا؟للشافعيّ قولان:
أحدهما:أنّه يسترقّ بنفس الإسلام،و به قال أحمد بن حنبل (5).
ص:212
و في الآخر:يتخيّر الإمام بين المنّ و الفداء و الاسترقاق (1).و هو قول الشيخ رحمه اللّه.
و احتجّ عليه الشيخ-رحمه اللّه- (2):بأنّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسروا رجلا من بني عقيل فأوثقوه و طرحوه في الحرّة،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا محمّد علام أخذت و أخذت سابقة الحاجّ (3)؟فقال:«أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف»و كانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين،و مضى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فناداه:يا محمّد يا محمّد،فقال له:«ما شأنك؟»فقال:إنّي مسلم،فقال له:«لو قلتها و أنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح»و فادى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجلين (4).و لو صار رقيقا لم يفاد به؛و لأنّه قبل الإسلام مخيّر بين أربعة أشياء،و الإسلام يقتضي حقن الدم،فيبقى التخيير بين الثلاثة؛عملا بالاستصحاب.
و احتجّ الشافعيّ:بأنّه أسير يحرم قتله،فيجب استرقاقه،كالمرأة (5).
و الجواب:الفرق،فإنّ النساء يسترققن،بالسبي،بخلاف الرجل،فإنّه يتخيّر فيه
ص:213
الإمام قبل الإسلام،فكذا بعده.
و أيضا:فإنّه لو لم يسلم،لجاز للإمام أن يمنّ عليه فيطلقه،فبعد الإسلام أولى؛ لأنّه يناسب الإكرام و التعظيم لا الإهانة بالاسترقاق،فكيف يكون حاله مع المقتضي للإكرام أدون من حاله مع المقتضي للإهانة.
فإنّ الإمام يتخيّر فيه بين المنّ و المفاداة و الاسترقاق،أيّ هذه الثلاثة اختار،جاز.
أمّا عند الشافعيّ في أحد قوليه،فإنّه بنفس الإسلام يسترقّ و يكون للمسلمين و لا يمنّ عليه و لا يفادى به إلاّ بإذن الغانمين؛لأنّه صار مالا لهم.
فإن فاداه بالرجال، جاز بشرط أن يكون له عشيرة تحميه من المشركين حيث صار مسلما،و إن لم يكن له عشيرة تمنعه منهم،لم يجز ردّه إليهم،و إنّما قلنا بجواز أن يفادي به بالمال و الرجال؛لأنّه يتخلّص بذلك من الاسترقاق.
لا يقال:الغانمون لا حقّ لهم في الأسير (1)؛لأنّ الإمام مخيّر فيه،فكيف يكون لهم حقّ في بدله؟!.
لأنّا نقول:لا نسلّم أنّ الغانمين لا حقّ لهم في الأسير،و تخيير الإمام إنّما هو فيما يتعلّق بمصلحة المسلمين في الأسير؛لأنّه لم يصر مالا،فإذا صار مالا،تعلّق حقّ الغانمين به؛لأنّهم أسروه و قهروه،و هذا كثير النظائر،فإنّ من عليه الدين إذا
ص:214
قتل عمدا،لم يكن لأرباب الدين حقّ على القاتل،فان اختار الورثة المال و رضي به القاتل،تعلّق حقّهم حينئذ فيه.
لم يجز قتله إجماعا؛لما تقدّم (1)،و لا استرقاقه و لا المفاداة به؛لأنّه أسلم قبل أن يحصل مقهورا بالسبي،فلا يثبت فيه التخيير.و سواء أسلم في حصن محصور أو مصبور،أو رمى نفسه في بئر؛ لأنّه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد،و يكون دمه محقونا لا سبيل لأحد عليه بالقتل و الاسترقاق،و يحقن ماله من الاستغنام و ذرّيّته من الأسر،و أمّا البالغون من أولاده فحكمهم حكم الكفّار،و لا يكون إسلامه عاصما لهم؛لأنّ لكلّ بالغ حكم نفسه.
و يدلّ على ذلك:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب و ظهر عليهم المسلمون بعد ذلك،فقال:«إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له،فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين،إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل ذلك،و أمّا الدور و الأرضون فهي فيء و لا تكون له؛لأنّ الأرض هي أرض جزية لم يجر فيها حكم أهل الإسلام،و ليس بمنزلة ما ذكرناه؛لأنّ ذلك يمكن احتيازه و إخراجه إلى دار الإسلام» (2).
فالزوجيّة باقية؛ عملا بالاستصحاب.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفّار،فمنّ على بعضهم،و فادى بعضا،فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم (3).هذا
ص:215
مذهب علمائنا أجمع و به قال أكثر العلماء.
و قال أبو حنيفة:ينفسخ النكاح؛لافتراق الزوجين في الدار و طروّ الملك على أحدهما فانفسخ النكاح،كما لو سبيت المرأة وحدها (1).
و الجواب:أنّ الملك لا يحصل بنفس الأسر،بل باختيار الإمام له.
إذا ثبت هذا:فإن منّ عليه الإمام أو فاداه،فالزوجيّة على حالها،و إن استرقّه الإمام،انفسخ النكاح.
و لو أسر الزوجان معا،انفسخ النكاح عندنا،و به قال مالك،و الثوريّ، و الليث (2)،و الشافعيّ (3)،و أبو ثور (4).
و قال أبو حنيفة:لا ينفسخ النكاح،و به قال الأوزاعيّ،و أحمد بن حنبل (5).
لنا:قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (6)وَ الْمُحْصَناتُ :المزوّجات إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ بالسبي.
ص:216
قال أبو سعيد الخدريّ:نزلت هذه الآية في سبي أوطاس (1). (2)
و قال ابن عبّاس:إلاّ ذوات الأزواج من المسبيّات (3).
و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في سبي أوطاس:«لا توطأ حامل حتّى تضع،و لا حائل حتّى تحيض» (4)فأباح الوطء بعد وضع الحامل و استبراء الحائل، و لو كان نكاحهنّ باقيا،لم يبح الوطء،و لأنّ ملك الرقبة أقوى (5)من ملك النكاح، فإذا طرأ عليه أزاله،و لأنّه استولى على محلّ حقّ الكافر،فزال ملكه،كما لو سباها وحدها.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الرقّ لا يمنع ابتداء النكاح،فلا يقطع استدامته،كالعتق (6).
و الجواب:البحث في استجداد الملك،و هو عندنا موجب لفسخ النكاح، و الفرق واقع بين الابتداء و الاستدامة على ما سيأتي.
أمّا لو أسرت الزوجة وحدها،فإنّ النكاح ينفسخ إجماعا،و لا نعلم فيه خلافا؛
ص:217
لقوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (1).
و روى أبو سعيد الخدريّ قال:أصبنا سبايا يوم أوطاس،و لهنّ أزواج في قومهنّ،فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فنزلت وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (2). (3)
إذا ثبت هذا:فسواء سبي زوجها بعدها بيوم أو بأزيد أو بأنقص،فإنّ النكاح ينفسخ.
و قال أبو حنيفة:إن سبي زوجها بعدها بيوم،لا ينفسخ النكاح (4).
و ليس بمعتمد؛لأنّ المقتضي للفسخ و هو السبي موجود،فانفسخ النكاح،كما لو حصل السبي بعد شهر.
بين أن يسبيهما رجل واحد أو رجلان.
و الوجه:أنّه إذا سباهما رجل واحد و ملكهما معا أنّ النكاح باق و له فسخه، و كذا لو بيعا من واحد.
كما قلنا في حقّ المرأة؛
ص:218
لتجدّد الملك بأسره،بخلاف البالغ.
قيل:لا ينفسخ النكاح؛لعدم حدوث رقّ فيهما؛لأنّه كان ثابتا قبل السبي (1).
و الوجه:أنّ الغانم يتخيّر،كما لو بيعا عليه.
حقن ماله و دمه و أولاده الصغار من السبي،و المال المعصوم هنا إنّما هو ما ينقل و يحوّل،أمّا ما لا ينقل،فإنّه فيء للمسلمين.
و لو دخل دار الإسلام فأسلم فيها،و له أولاد صغار في دار الحرب،صاروا مسلمين و لم يجز سبيهم،و به قال مالك (2)،و الشافعيّ (3)،و الأوزاعيّ،و أحمد بن حنبل (4).
و قال أبو حنيفة:ما كان في يده من ماله و رقيقه و متاعه و ولده الصغار،ترك له، و ما كان بدار الحرب،جاز سبيهم (5).
لنا:أنّه مسلم فيتبعه الصغار من أولاده في الإسلام،كما لو كانوا معه في الدار، و ماله مال مسلم،فلا يجوز استغنامه،كما لو كان في دار الإسلام.
ص:219
و يؤيّده:ما تقدّم في حديث حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام،من أنّ:
«إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له» (1).
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه لم يثبت إسلامهم بإسلامه؛لاختلاف الدارين بينهم،و لهذا إذا سبي الطفل و أبواه في دار الكفر،لم يتبعهما،و يتبع سابيه في الإسلام (2).
و الجواب:أنّ اختلاف الدار لا يقتضي ما ذكره،و نمنع (3)تبعيّة المسبيّ للسابي في الإسلام،و لو سلّم،فالفرق ظاهر؛لأنّا إنّما جعلناه تبعا للسابي؛لأنّا لا نعلم بقاء أبويه،فإن قاسهم على البالغين،منعنا المساواة؛لأنّ البالغ له حكم نفسه،و لهذا لم يقل أحد أنّه يتبع السابي في الإسلام،بخلاف الصغير.
و قال أبو حنيفة:يحكم برقّه مع أمّه (1).
لنا:أنّه محكوم بحريّته و إسلامه،كالأب-على ما تقدّم-فلا يجوز استرقاقه، كالمولود.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الأمّ سرى الرقّ إليها بالسبي،فيحكم برقّه مع أمّه؛لأنّ ما سري إليه العتق،سرى إليه الرقّ،كسائر أعضائها (2).
و الجواب:الفرق،فإنّ الأعضاء لا تنفرد بحكم عن الأصل،بخلاف الحمل.
فظهر عليها المسلمون و غنموها،سلمت عليه أمواله المنقولة،دون الأرضين و العقارات،فإنّها تكون غنيمة،و به قال أبو حنيفة (3).
و قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد:لا تكون غنيمة،بل تكون له (6).
لنا:أنّها بقعة من دار الحرب،فجاز اغتنامها،كما لو كانت لحربيّ.
ص:221
احتجّوا:بأنّه مال مسلم فأشبه ما لو كانت في دار الإسلام (1).
و الجواب:الفرق،فإنّ دار الإسلام لا يصحّ استغنامها،بخلاف دار الحرب.
فلو غنمها المسلمون،كانت غنيمة و كانت المنافع للمستأجر؛لأنّه ملكها بالعقد، فلا تبطل بتجديد الملك بالاستغنام،كما لو باع الموجر ما آجره؛لأنّه إبطال حقّ لمسلم (2)سابق على الغنيمة.
لا يقال:قد أجزتم استرقاق الحربيّة إذا غنمت و إن كان زوجها قد أسلم،و في استرقاقها إبطال حقّ زوجها المسلم.
لأنّا نقول:جواز استرقاقها من حيث إنّها كافرة لا أمان لها،فجاز استرقاقها، كما لو لم يسلم زوجها.و لأنّ منفعة النكاح فارقت منفعة الأموال،فإنّها لا تضمن باليد،و لا يجوز أخذ العوض عنها،بخلاف حقّ الإجارة.
فقد بيّنّا أنّه إذا أسلم،عصم الحمل من الاسترقاق،و يجوز استرقاق الزوجة (3).و للشافعيّ وجهان:
أحدهما:هذا؛للكفر،كما لو لم تكن زوجة مسلم.
و الثاني:لا تسترقّ؛لأنّ فيه إبطال حقّه (4).و قد تقدّم البحث فيه (5).
فأعتقه على وجه يجوز فيه عتق المسلم للكافر،إمّا بالنذر إن لم نجوّزه،أو مطلقا إن جوّزنا عتقه بغير نذر،فلحق العبد بدار
ص:222
الحرب ثمّ أسر،فهل يجوز استرقاقه أم لا؟فيه وجهان:
أحدهما:الجواز؛عملا بإطلاق الإذن في الاسترقاق.
و الثاني:المنع؛لأنّ للمسلم عليه حقّ الولاء،و استرقاقه يقتضي إبطاله عنه،فلا يجوز استرقاقه،كما لو أبق و هو مملوك.
فإن لحق بدار الحرب فأسر،جاز استرقاقه عندنا إجماعا،و للشافعيّ وجهان:
أحدهما:هذا.
و الثاني:المنع (1).
لنا:أنّ سيّده لو لحق بدار الحرب،جاز استرقاقه فعبده أولى،و سقط حقّه بلحوق معتقه بدار الحرب.
احتجّ:بأنّ حقّ الذمّيّ تعلّق به و هو الولاء،فأشبه المسلم (2).
و الجواب:الفرق،فإنّ المسلم لو لحق بدار الحرب،لم يجز استرقاقه،بخلاف الذمّيّ.
فإن خرج إلينا قبل مولاه،فهو حرّ،و إن خرج بعده،فهو على الرقّيّة.و من الناس من لم يشترط الخروج قبل مولاه (3)،و الأوّل:أصحّ.
ص:223
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و إن قلنا:إنّه يصير حرّا على كلّ حال،كان قويّا (1).
روى الجمهور عن ابن عبّاس،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتق العبيد إذا جاءوا قبل مواليهم (2).
و عن أبي سعيد الأعسم (3)قال:قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العبد و سيّده قضيّتين:قضى أنّ العبد إذا أخرج من دار الحرب قبل سيّده،أنّه حرّ،فإن خرج سيّده بعد (4)،لم يردّ عليه،و قضى أنّ السيّد إذا خرج قبل العبد ثمّ خرج العبد، ردّ على سيّده (5).
و عن الشعبيّ،عن رجل من ثقيف،قال:سألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يردّ علينا أبا بكرة،و كان عبدا لنا أتى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هو محاصر ثقيف فأسلم،فأبى أن يردّه علينا و قال:«هو طليق اللّه ثمّ طليق رسوله» فلم يردّه علينا (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن السكونيّ،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حيث حاصر أهل الطائف قال:
«أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ،و أيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو
ص:224
عبد» (1).
و لأنّه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد قهره على نفسه،فيكون قد ملكها؛ لأنّ القهر يقتضي التملّك،فكان حرّا،أمّا إذا خرج مولاه إلينا قبله،فإنّ العبد يكون قد رضي ببقائه في العبوديّة حيث لم يقهره على نفسه بالخروج،فكان باقيا على الرقّيّة.
ملك نفسه؛لما قلناه (2).
و لو كان سيّده صبيّا أو امرأة و لم يسلم حتّى غنمت و قد حارب معنا،جاز أن يملك مولاه.
و كذا لو أسر سيّده و أولاده و أخذ ماله و خرج إلينا،فهو حرّ و المال له و السبي رقيقه.
و لو لم يخرج قبل مولاه،فإن أسلم مولاه،كان باقيا على الرقّيّة له،و إن لم يسلم حتّى غنم المسلمون العبد،كان غنيمة للمسلمين كافّة.
لها أن تتزوّج بغير استبراء،كما لو كانت لذمّيّ.
فإن بقي مولاه على الكفر حتّى غنم، انتقل إلى المسلمين،و زال ملك مولاه عنه،و إن أسلم مولاه،كان باقيا على ملكيّته.
و لو عقد لنفسه أمانا،لم يقرّ المسلم على ملكه؛لقوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1).
و كذا حكم المدبّر و المكاتب المشروط و المطلق و أمّ الولد الحكم في ذلك كلّه على السواء.
كره التفرقة بينهما،بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد،فإن لم يبلغ سهمه ثمنهما،دفعهما إليه و استعاد الفاضل،أو يجعلهما في الخمس،فإن لم يفعل،باعهما و ردّ ثمنهما في المغنم.
و قال بعض أصحابنا:لا تجوز التفرقة (2).
و الأقرب:الكراهيّة؛لأنّ للمالك التسلّط على ملكه بالبيع و غيره من أنواع التصرّفات السائغة،و المنع من التفرقة قصر للعامّ على بعض موارده من غير دليل.
و أطبق الجمهور على المنع من التفرقة،و به قال مالك في أهل المدينة (3)، و الأوزاعيّ في أهل الشام،و الليث في أهل مصر (4)،و الشافعيّ (5)،و أبو ثور (6)
ص:226
و أصحاب الرأي (1)؛لما رواه أبو أيّوب،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من فرّق بين والدة و ولدها،فرّق اللّه بينه و بين أحبّته يوم القيامة» (2).
و لأنّ في ذلك إضرارا بالولد (3).
و الحديث غير دالّ على التحريم،و الإضرار مندفع (4).
كره ذلك أيضا؛لما فيه من الإضرار بالولد.
و لأنّ المرأة قد ترضى بما فيه ضررها ثمّ يتغيّر قلبها بعد ذلك فتندم.
فيكره للمالك أن يفرّق بين الأمّ و الولد،بل ينبغي له إذا أراد بيع أحدهما باع الآخر،و في أصحابنا من منع من ذلك (5)،و الوجه:
الكراهية،و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّه تعالى.
(1)و قال بعض أصحابه:تجوز (2)-كما قاله الشيخ-رحمه اللّه-و به قال مالك و الليث (3).
لنا:أنّه ليس من أهل الحضانة بنفسه.و لأنّ الأصل الجواز،و لم يرد فيه نصّ بالمنع و لا معنى النصّ؛لأنّ الأمّ أشفق من الأب،فافترقا.
احتجّوا:بأنّه أحد الأبوين،فلم يجز التفريق بينهما،كالأمّ (4).
و الجواب-بعد تسليم الأصل-:بالفرق،و قد تقدّم.
سعد (1).
و قال أبو ثور:إذا كان يلبس ثيابه وحده و يتوضّأ وحده؛لأنّه إذا كان كذلك استغنى عن أمّه (2).
و قال الشافعيّ في القول الآخر:لا يجوز التفريق بينهما إلى أن يبلغ (3).و به قال أحمد بن حنبل (4)و أصحاب الرأي (5).
و احتجّوا:بما روى عبادة بن الصامت:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا يفرّق بين الوالدة و ولدها»فقيل:إلى متى؟قال:«حتّى يبلغ الغلام و تحيض الجارية» (6).و لأنّ ما دون البلوغ مولّى عليه،فأشبه الطفل (7).
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه في تلك الحال يستغني عن الأمّ،فلا يبقى له حاجة إليها،فينتفي الضرر بالتفريق،و لأنّه حينئذ يخيّر الغلام بين أمّه و أبيه إذا صار كذلك،و لأنّه يجوز التفريق بينهما بتخييره،فجاز بيعه و قسمته.
في قول عامّة أهل العلم.
ص:229
و عن أحمد روايتان،إحداهما:المنع (1).
لنا:ما رووه أنّ سلمة بن الأكوع أتى بامرأة و ابنتها،فنفله أبو بكر ابنتها، فاستوهبها منه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوهبها له (2)،و لم ينكر التفريق بينهما،و لو لم يكن سائغا،لأنكره.
و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهديت إليه مارية و أختها سيرين (3)،فأمسك مارية و وهب سيرين لحسّان بن ثابت (4). (5)
و لأنّ الأحرار يتفرّقون بعد الكبر،فإنّ المرأة تزوّج ابنتها فالرقّ أولى.
احتجّ أحمد:بعموم الخبر المقتضي لتحريم التفريق.و لأنّ الوالدة تتضرّر
ص:230
بمفارقة ولدها الكبير،فلا تجوز التفرقة،كالصغير (1).
و الجواب:عن الأوّل:أنّ عموم الحديث مخصوص بما تلوناه من الأحاديث.
و عن الثاني:أنّ ضرر الأمّ بالمفارقة لا اعتبار به،و لهذا ساغ قتله إذا كان مشركا.
فلا يجب،و عند الشيخ محرّم،فلو باع،قال الشيخ-رحمه اللّه-:يصحّ البيع (2)،و به قال أبو حنيفة (3).
و قال الشافعيّ:لا ينعقد البيع (4)،و به قال أحمد (5).
لنا:أنّه عقد فيدخل تحت قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (6).و لأنّ الأصل الصحّة،و النهي لا يقتضي الفساد في المعاملات،و لأنّ النهي عن هذا العقد لا لمعنى في المعقود عليه،فأشبه البيع في وقت النداء.
احتجّ المخالف:بما رواه أبو داود في سننه أنّ عليّا عليه السلام فرّق بين الأمّ
ص:231
و ولدها،فردّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله البيع (1). (2)
و الجواب:المنع من الحديث.
لأنّها بمنزلة الأمّ في الحضانة (3).
و قال أكثر الجمهور:لا يفرّق بين الولد و الجدّ للأب أيضا،و كذا الجدّة له أو الجدّ للأمّ؛لأنّهما بمنزلة الأبوين،فإنّ الجدّ أب و الجدّة أمّ،و لهذا يقومان مقامهما في استحقاق الحضانة و الميراث،فقاما مقامهما في تحريم التفريق (4).
و نحن نقول بالكراهيّة في الجميع.
و قال أحمد بن حنبل:لا تجوز (1)،و به قال أصحاب الرأي (2).
لنا:أنّ الأصل الجواز،و لأنّها قرابة لا تمنع الشهادة،فلم يحرم التفريق،كقرابة ابن العمّ.
احتجّوا:بما روي عن عليّ عليه السلام،قال:«وهب لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غلامين أخوين،فبعت (3)أحدهما،فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
ما فعل غلامك؟فأخبرته،فقال:ردّه ردّه» (4).
و لأنّه ذو رحم محرم،فلم يجز التفريق بينهما،كالولد و الوالد (5).
و الجواب:لعلّ الأمر بالردّ لا لمعنى التفريق،و القياس يضعّف بالفارق من قوّة الشفقة و كثرة الضرر في مفارقة الأبوين،دون الإخوة.
أخيها،و الخالة مع ابن أختها (1).
لنا:أنّ الأصل حلّ البيع و التفريق،و القياس على الأبوين باطل؛لأنّهم أقرب.
و لا نعلم فيه خلافا؛لعدم النصّ،و امتناع قياسه على المنصوص مع قيام الفارق.
و كذا يجوز التفريق بين الولد و أمّه من الرضاع و أخته منه،بالإجماع.و لأنّ قرابة الرضاع لا توجب عتق أحدهما على صاحبه و لا نفقة و لا ميراثا،فلا (2)تمنع التفريق،كالصداقة.
فتعتق الأمّ دون الولد،و بالعكس.و كذا يجوز التفريق في الفداء،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ العتق لا تفرقة فيه في المكان، و الفداء تخليص،كالعتق.
و حسبوا عليه بنصيبه بناء على أنّهم أقارب يحرم التفريق بينهم،فبان أنّه لا نسب بينهم،وجب عليه ردّ الفضل الذي فيهم على المغنم؛لأنّ قيمتهم تزيد بذلك،فإنّ من اشترى اثنين على أنّ أحدهما أمّ، لا يحلّ له الجمع بينهما في الوطء،و لا التفرقة بينهما فتقلّ قيمتهما لذلك،فإذا ظهر أنّ إحداهما أجنبيّة من الأخرى،أبيح له وطؤهما و بيع إحداهما دون الأخرى، فتكثر القيمة،فيردّ الفضل،كما لو اشتراهما فوجد معهما حليا،و كما لو أخذ دراهم، فبانت أكثر ممّا حسب عليه.
و تعلّق أرش الجناية
ص:234
برقبتها و لها ولد صغير،لم يتعلّق الأرش به،فإن فداها السيّد،فلا كلام،و إن امتنع، لم يجز بيعها دون ولدها؛لأنّ فيه تفريقا بينهما،لكنّهما يباعان،و يعطى المجنيّ عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد،و الباقي للسيّد،فيقال:كم قيمة الجارية-و لها ولد- دون ولدها؟فيقال:مائة،فيقال:كم قيمة ولدها؟فيقال:خمسون،فيخصّها ثلثا الثمن،و الولد الثلث،فإن و فى الثلثان بالأرش،و إلاّ فلا شيء له غيره،و إن كان أكثر،ردّ الفضل على السيّد.قال-رحمه اللّه-:و لو كانت الجارية حاملا،فإن فداها السيّد (1)،فلا بحث،و إن امتنع،لم يجز بيعها إن كانت حاملا بحرّ،و تصبر حتّى تضع،و يكون الحكم كما لو كان منفصلا،و إن كانت حاملا بمملوك،جاز بيعها معا- على ما مضى-إذا كان الولد منفصلا (2).
ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج،فهل له الرجوع فيها دون ولدها؟فيه وجهان:
أحدهما:ليس له؛لأنّه تفريق بينها و بين ولدها،و يكون بالخيار بين أن يعطي قيمة ولدها و يأخذهما،و بين أن يدع و يضرب مع الغرماء بالثمن.
و الثاني:له الرجوع فيها؛لأنّ ذلك ليس[فيه] (3)تفرقة،فإنّهما يباعان معا و ينفرد هو بحصّتها.
قال:و لو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري و علم بعيبها،لم يكن له ردّها بالعيب؛لأنّه تفريق بينها و بين ولدها،و لا يلزمه ردّ الولد؛لأنّه ملكه و يسقط الردّ،و يكون له الأرش،فإن علم بالعيب و هي حامل،كان مخيّرا بين ردّها
ص:235
و بين الأرش (1).
ثمّ لا يخلو إمّا أن يسبى مع أبويه أو مع أحدهما أو منفردا،فالأقسام ثلاثة:
الأوّل:أن يسبى مع أبويه الكافرين،فإنّه يكون على دينهما.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الشافعيّ (4).
و قال الأوزاعيّ:يكون مسلما (5).
لنا:قوله عليه السلام:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (6)و هما معه.
احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ السابي يكون أحقّ به،فإنّه يملكه بالسبي،و تزول ولاية أبويه عنه،و ينقطع ميراثهما منه و ميراثه منهما،فيكون تابعا له في الإسلام،كما لو
ص:236
انفرد السابي به (1).
و الجواب:المنع من الأصل،و سيأتي،و ملك السابي لا يمنع اتّباعه لأبويه، ألا ترى أنّه لو كان لمسلم عبد و أمة كافران،فزوّجه منهما،فإنّ الولد يكون كافرا و إن كان المالك مسلما.
الثاني:أن يسبى منفردا عن أبويه،قال الشيخ-رحمه اللّه-:و يتبع حينئذ السابي في الإسلام (2).و هو قول الجمهور كافّة؛لأنّ الكفر إنّما يثبت له تبعا لأبويه، و قد انقطعت تبعيّته لهما؛لانقطاعه عنهما و إخراجه عن دارهما و مصيره إلى دار الإسلام تبعا لسابيه المسلم،فكان تابعا له في دينه.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و حينئذ لا يباع إلاّ من مسلم،فإن بيع من كافر،بطل البيع (3).
الثالث:أن يسبى مع أحد أبويه،و قد حكم الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه يتبع أحد أبويه في الكفر (4).و به قال الشافعيّ (5)،و أبو حنيفة (6)،و أحمد في إحدى الروايتين و قال في الأخرى:يحكم بإسلامه.و به قال الأوزاعيّ (7).
و قال مالك:إن سبي مع أبيه،تبعه،و إن سبي مع أمّه،تبع السابي في
ص:237
الإسلام (1).
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه لم ينفرد عن أحد أبويه،فلم يحكم بإسلامه، كما لو سبي معهما (2).
احتجّ أحمد:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (3)و هو يدلّ من حيث المفهوم على أنّه لا يتبع أحدهما؛لأنّ الحكم متى علّق بشيئين،لا يثبت بأحدهما،و التهويد يثبت بهما،فإذا كان مع أحدهما،لم يهوّده.و لأنّه يتبع سابيه منفردا فيتبعه مع أحد أبويه،كما لو أسلم أحد الأبوين (4).
و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة في الحديث إلاّ من حيث المفهوم الضعيف، و هو غير حجّة.
و عن الثاني:بالمنع من قوله:إنّه يتبع السابي.
ص:238
قال الشيخ-رحمه اللّه-:لو مات أبوا الطفل (1)المسبيّ معهما،
لم يحكم بإسلامه،و جاز بيعه على المسلمين،و يكره بيعه على الكافر؛لأنّه بحكم الكافر، فجاز بيعه على الكافر (2).
و قال أحمد:لو مات أبواه أو أحدهما حكم بإسلامه (3).
و احتجّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«كلّ مولود يولد على الفطرة،و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه» (4)و هو يدلّ على أنّه إذا ماتا أو مات أحدهما، حكم بإسلامه؛لأنّ العلّة إذا عدمت،يعدم المعلول (5).
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بأنّه مولود بين كافرين،فإذا ماتا أو مات أحدهما، لم يحكم بإسلامه،كما لو كانا في دار الحرب.و لأنّه كافر أصليّ،فلم يحكم بإسلامه بموت أبويه،كالبالغ.
بينهم بما يوجب التوارث،قبل قولهم بذلك سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده، و يورثون (1)على ذلك؛لأنّه لا يمكن إقامة البيّنة من المسلمين على صحّة أنسابهم.
و سواء كان النسب نسب الوالدين و الولد،أو من يتقرّب بهما،إلاّ أنّه لا يتعدّى ذلك إلى غيرهم،و لا يقبل إقرارهم به.
إذا عرفت هذا:فإنّ الشافعيّ قال:إذا أخذ الطفل من بلاد الشرك،كان رقيقا و هو حقّ-فإن أعتقه السابي،نفذ عتقه و ثبت له الولاء عليه،فإن أقرّ هذا المعتق بنسب،نظرت،فإن اعترف بنسب أب أو جدّ أو أخ أو ابن عمّ،لم يقبل منه إلاّ ببيّنة؛ لأنّه يبطل حقّ مولاه بذلك (2)و هو حسن.
قال الشافعيّ:لو أقرّ بولد،ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها:لا يقبل إقراره؛لأنّه يبطل حقّ المولى من الولاء،و يقدّم المقرّ به في الميراث.
الثاني:يقبل؛لأنّه يملك أن يستولد،فيملك الإقرار بالولد.
و الثالث:إن أمكن أن يكون ولد له بعد عتقه قبل؛لأنّه يملك الاستيلاد بعد عتقه،و لا يملكه قبل ذلك (3).
و عجز المشرك عن المشي،لم يجب قتله؛لأنّه لا يدري المسلم ما حكم الإمام فيه.
و يؤيّده:ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-عن عيسى بن يونس،عن الأوزاعيّ،عن الزهريّ،عن عليّ بن الحسين عليهما السلام،قال:«لا يحلّ للأسير أن يتزوّج في
ص:240
أيدي المشركين مخافة أن يلد له فيبقى ولده كفّارا (1)في أيديهم»و قال:«إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي،و لم يكن معك محمل،فأرسله و لا تقتله؛فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه» (2).
كان هدرا؛لأنّه كافر،فلا يجب بقتله كفّارة و لا دية،و بهذا قال الشافعيّ (3).
و قال الأوزاعيّ:يجب عليه الدية؛لأنّه قد تعلّق حقّ الغانمين به،و لهذا للإمام أن يفاديه بالمال و يكون لهم (4).
و الجواب:الحقّ إنّما يتعلّق بالبدل لا به،فإنّه حرّ لا ملك لهم فيه،و يعارض بأنّه مباح الدم؛لكفره (5)،فلا يجب بقتله الضمان،كالمرتدّ.
و إن أريد قتله بعد لحظة؛لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً (6)قال:«هو
ص:241
الأسير»و قال:«الأسير يطعم و إن كان يقدّم للقتل»و قال:«إنّ عليّا عليه السلام كان يطعم من خلّد في السجن من بيت مال المسلمين» (1).
و عن سليمان بن خالد،قال:سألته عن الأسير،فقال:«طعام الأسير على من أسره و إن كان يريد قتله من الغد،فإنّه ينبغي أن يطعم و يسقى و يظلّل (2)و يرفق به من كان،كافرا أو غيره» (3).
من الأسير و غيره،و معناه:يحبس للقتل،فإن أريد قتله،قتل على غير ذلك الوجه،رواه الشيخ-في الصحيح-عن محمّد الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد:عقبة بن أبي معيط،و طعن ابن أبي خلف فمات بعد ذلك» (4).
فقد ملك كلّ واحد من الغانمين نصيبا من الغنيمة مشاعا،و قد بيّنّا الخلاف فيه،و أنّ بعض الشافعيّة يذهب إلى أنّه لا يملك إلاّ باختيار التملّك،و قد سلف (5).
إذا ثبت هذا:فلو وطئ واحد من الغانمين جارية من المغنم قبل القسمة عالما بالتحريم،درئ عنه من الحدّ بمقدار نصيبه منها،و يقام عليه الحدّ بمقدار نصيب
ص:242
باقي الغانمين،سواء قلّوا أو كثروا.و بوجوب الحدّ قال مالك،و أبو ثور (1).
و قال الأوزاعيّ:كلّ من سلف من علمائنا يقول:عليه أدنى الحدّين مائة جلدة (2).
و قال الشافعيّ (3)و أبو حنيفة (4)و أحمد بن حنبل:لا حدّ عليه (5).
لنا:قوله تعالى: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (6)و هو زان؛لأنّ التقدير أنّه عالم.و لأنّه وطئ في غير ملك عامدا عالما بالتحريم،فلزمه الحدّ،كما لو وطئ جارية غيره،و إنّما قلنا بسقوط الحدّ بمقدار نصيبه؛لأنّه لا يكون زانيا باعتبار وطئه ملكه،كالجارية المشتركة.
احتجّوا:بأنّ فيها شبهة الملك،فلم يجب عليه الحدّ،كوطء جارية له فيها شريك (7).
و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي.
ص:243
لأنّ الشركة شبهة، و التقدير عدم علمه بالتحريم،فيسقط عنه الحدّ؛لقوله عليه السلام:«ادرءوا الحدود بالشبهات» (1).
أمّا مع العلم فقد بيّنّا وجوب الحدّ عليه،و يسقط عنه بمقدار نصيبه،سواء قلّ النصيب أو كثر (2).
و عند الشافعيّ يسقط أيضا و يجب التعزير و لا يبلغ به إلى الحدّ،و قد سلف البحث معه (3).
لعدم الدلالة على شغل الذمّة به مع ثبوت البراءة الأصليّة (4).
و قال الشافعيّ:يجب عليه المهر؛لأنّه وطء في غير ملك سقط (5)فيه الحدّ عن الواطئ،فوجب المهر،كوطء الأب جارية ابنه (6).
و قال بعض الجمهور:يسقط عنه من المهر قدر نصيبه،كما لو وطأ جارية مشتركة (7).
ص:244
و أبطل بأنّا لو أسقطنا نصيبه،و أخذنا الباقي و طرحناه في المغنم،ثمّ قسمناه على الجميع و هو فيهم،عاد إليه سهم من حصّة غيره.و لأنّ قدر حصّته قد لا يمكن العلم به؛لقلّة المهر و كثرة الغانمين.و لو أخذناه و قسمناه بانفراده على غيره،لم يمكن (1).
و الجواب عن كلام الشافعيّ:المنع من ثبوت المشترك (2).
و إن أوجبناه ثمّ قسّمت الغنيمة فحصلت الجارية في نصيبه،لم يسقط المهر؛لأنّ ملكه تعيّن عليها بعد القسمة، و وجوب المهر حصل بالوطء السابق على القسمة،فلا يسقط بتجديد الملك،كما لو وطئ جارية غيره ثمّ اشتراها.
فيكون له منه بقدر (3)نصيبه من الغنيمة،و يقوّم بقيّة سهم الغانمين عليه،و يلزمه سهم الغانمين،و ينظر،فإن كانت القيمة (4)قدر حقّه،فقد استوفى حقّه،و إن كان أقلّ، أعطي تمام حقّه،و إن كان أكثر،ردّ الفضل،و يلحق به الولد لحوقا صحيحا؛لأنّه شبهة،و تكون الجارية أمّ ولده؛لأنّ الاشتقاق يقتضيه (5).و بهذا قال الشافعيّ (6)و أحمد بن حنبل (7).
ص:245
و قال أبو حنيفة:يكون الولد رقيقا،و لا يلحق نسبه (1).
لنا:أنّه وطئ بشبهة للنصيب،فكان الولد حرّا،و لحق به بسببه،و لأنّ الشبهة تلحق النسب في الأب (2)إذا وطئ جارية ابنه،فهنا أولى.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الغانمين يملكون بالقسمة،و قد صادف وطؤه غير ملك (3)، فأشبه الزنا (4).
و الجواب:لا نسلّم أنّ الغانمين إنّما يملكون بالقسمة،بل بنفس الاستغنام،فله نصيب منها،و ما ذكره ينتقض بوطء الأب جارية الابن.
لنا:أنّه وطء يلحق به النسب بشبهة الملك،فتصير أمّ ولد له،كوطء جارية الابن.و به يبطل احتجاج الشافعيّ،فإنّ جارية الابن غير مملوكة للواطئ،و مع هذا تصير أمّ ولد له.
و أيضا:يمنع أنّ الملك لا يثبت في الغنيمة إلاّ بعد القسمة،فإنّا قد بيّنّا أنّه يثبت في الغنيمة بمجرّد الاستغنام (1).
الغانمين .
و به قال أحمد (3).و للشافعيّ قولان:أحدهما:هذا،و الثاني:لا تقوّم عليه؛لأنّها ليست أمّ ولد عنده (4).
لنا:أنّها صارت أمّ ولد على ما تقدّم (5)،فوجب عليه قيمتها؛لأنّه أخرجها من الغنيمة بفعله و فوّتها على الغانمين،فلزمته القيمة،كما لو قتلها؛إذ لا يجوز قسمتها بين الغانمين؛لأنّه لا يجوز بيعها؛لأنّها حملت بحرّ،فقوّمت عليه.
قال بعض الشافعيّة:إذا لم يجز تقويمها على غيره لم يجز تقويمها عليه (6).
قلنا:ممنوع؛لأنّها قوّمت عليه؛لأنّه منع بإحبالها من بيعها.
فإن كان نصيبه بقدر القيمة،حسب عليه منه و قد استوفى حقّه،و إن كان أقلّ،أعطي تمام حقّه،و إن كان
ص:247
أكثر،ردّ الفضل.
فإن كانت قوّمت عليه قبل الوضع،فلا يقوّم عليه الولد؛لأنّ الولد إنّما يقوّم إذا وضعت،و في هذه الحال وضعته في ملكه،و إن كانت بعد لم تقوّم عليه،قوّمت هي و الولد معا بعد الوضع،و أسقط منه نصيبه،و غرم الباقي للغانمين (1).لأنّه منع من رقّه؛لشبهته (2)بالوطء.
أمّا أحمد فعنه روايتان:إحداهما:أنّه تلزمه قيمته حين الوضع تطرح في المغنم؛لأنّه فوّت رقّه،فأشبه ولد المغرور.
و الثانية:لا ضمان عليه لقيمته (3)؛لأنّه ملكها حين علقت،و لم يثبت ملك الغانمين في الولد بحال،فأشبه ولد الأب من جارية ابنه إذا وطئها،و لأنّه يعتق حين علوقه و لا قيمة له حينئذ (4).
و الحقّ ما قاله الشيخ؛لأنّها قبل التقويم ملك للغانمين،و لا نسلّم عتقه من حين علوقه،و بعد التقويم ولدت على ملكه،فكان الولد له،و لا قيمة عليه للغانمين.
فإن قلنا:إنّه بها يملك الغانم،سواء رضي بما عيّنه له الإمام أو لم يرض،فإن كان قد عيّنها له،كان وطؤه مصادفا لملكه و حكمه حكم من وطئ جاريته،و إن كان قد عيّنها لغيره،وجب عليه ما يجب على من وطئ جارية غيره من الحدّ و المهر،و كان الولد رقيقا لمولاها.هذا إذا كان عالما بالتحريم، و إن لم يكن عالما بالتحريم،بأن يتوهّم أنّ تعيين الإمام غير كاف في التمليك فوطئ كان شبهة في سقوط الحدّ.
ص:248
و إن قلنا:إنّه يملك بعد الاختيار،فإذا وطئ قبل اختيار التملّك (1)،فالحكم فيه على ما مضى فيمن وطئ جارية المغنم قبل القسمة؛لأنّه إنّما يتعيّن ملكه بالاختيار.
و إن كان بعد الاختيار،فإن وطئ ما حصل في نصيبه و اختار تملّكه،فقد وطئ ملكه و كان كسائر أملاكه،و إن وطئ ما حصل لغيره،فهو كما لو وطئ أمة غيره، و إن كان قد وطئ ما هو مشترك بينه و بين غيره،كان الحكم فيه،كما لو وطئ جارية بينه و بين شريكه.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:قوّمت عليه مع ولدها و استسعى في نصيب الباقين،فإن لم يسع في ذلك،كان له من الجارية مقدار نصيبه، و الباقي للغانمين،و يكون الولد حرّا بمقدار نصيبه،و الباقي يكون مملوكا لهم، و الجارية تكون أمّ ولد و إن ملكها فيما بعد (2).
و قال بعض الجمهور:إذا وطأها و هو معسر،كان في ذمّته قيمتها و تصير أمّ ولد؛لأنّه استيلاد جعل بعضها أمّ ولد،فيجعل جميعها أمّ ولد،كاستيلاد جارية الابن (3).
و قال آخرون:يحسب عليه قدر حصّته من الغنيمة،و يصير ذلك المقدار أمّ ولد،و الباقي رقيق (4)للغانمين؛لأنّ كونها أمّ ولد إنّما يثبت بالسراية في ملك غيره، فلم يسر في حقّ المسلم،كالإعتاق (5).
ص:249
و ليس له نصيب فيها بل لولده، كان الحكم فيه،كما لو وطئ الابن.
كالأب و الولد مثلا، قال الشيخ-رحمه اللّه-:الذي يقتضيه المذهب أن نقول:إنّه ينعتق منه نصيبه منه، و يكون الباقي للغانمين (1).و به قال أحمد (2).
و قال الشافعيّ:لا ينعتق عليه لا كلّه و لا بعضه (3).و هو مقتضى قول أبي حنيفة (4).
لنا:ما تقدّم من أنّ الملك يثبت للغانمين بالاستيلاء التامّ (5)و قد وجد.و لأنّ ملك الكفّار زال و لا يزول إلاّ إلى المسلمين،و هو أحدهم،فيكون له نصيب مشاع من الغنيمة،فينعتق (6)عليه ذلك النصيب.
احتجّ الشافعيّ:بأنّه لم يحصل الملك؛لأنّ للإمام أن يعطيه حصّته من غيره، فنصيبه غير متميّز من الغنيمة (7).
قال الشيخ-رحمه اللّه-و الأوّل:أقوى (8).
إذا عرفت هذا:فإنّ الشيخ-رحمه اللّه-لمّا قال:ينعتق نصيبه،قال:لا يلزمه
ص:250
قيمة ما يبقى للغانمين؛لأنّ الأصل براءة الذمّة،و لا دليل على شغلها (1).و القياس على المعتق (2)باطل؛لأنّه هناك إنّما يجب عليه التقويم؛لأنّ العتق منه.
إذا ثبت هذا:فلو جعله الإمام في نصيبه أو نصيب جماعة هو (3)أحدهم،فإنّه ينعتق نصيبه قولا واحدا.و قيل:يجب عليه شراء حصص الباقين (4).و فيه إشكال.
أمّا إذا رضي بالقسمة،فالأقرب:التقويم عليه؛لأنّه بذله برضاه.
هذا إذا كان موسرا،و لو كان معسرا،عتق قدر نصيبه و لم يقوّم عليه الباقي.
لو أسر أباه منفردا به،
قال بعض أصحاب الشافعيّ:لا ينعتق عليه؛لأنّ الأسير لا يصير رقيقا بالاسترقاق،بل باختيار الإمام؛لأنّ للإمام حقّ الاختيار،إن شاء قتله،و إن شاء استرقّه،و إن شاء منّ عليه،و إن شاء فاداه،فإن اختار الإمام استرقاقه،عتق على السابي أربعة أخماسه،و قوّم الخمس عليه إن كان موسرا.قال:
و لو أسر أمّه،أو ابنه الصغير،فإنّه يصير رقيقا بالأسر،فإن اختار تملّكهما،عتق عليه أربعة أخماسهما،و قوّم الباقي عليه إن كان موسرا،و إن كان معسرا،رقّ الباقي.و إن لم يختر التملّك،كان أربعة الأخماس لمصالح المسلمين و خمسه لأهل الخمس (5).
قال:و لو أنّ حربيّا باع من المسلمين امرأته و قد قهرها،جاز،و لو باع أباه أو ابنه بعد قهرهما،لم يجز؛لأنّه إذا قهر زوجته،ملكها،فيصحّ بيعها،و إذا قهر أباه أو
ص:251
ابنه،ملكه فيعتق عليه فلا يجوز بيعه (1).
لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة،
فإن كان ممّن لم يثبت فيه الرقّ،كالرجل قبل استرقاقه،لم يعتق؛لأنّه عليه السلام قال:«لا عتق إلاّ في ملك» (2)و التقدير أنّه لم يثبت الملك حال العتق،فكان العتق باطلا.
و إن كان ممّا (3)يملك،كالصبيّ و المرأة،فالوجه عندنا:أنّه يعتق عليه قدر حصّته و يسري إلى الباقي،فيقوّم عليه و يطرح باقي القيمة في المغنم.
هذا إذا كان موسرا،و إن كان معسرا،عتق عليه قدر نصيبه؛لأنّه موسر بقدر حصّته من الغنيمة،فإن كان بقدر حقّه (4)من الغنيمة،عتق و لم يأخذ من الغنيمة شيئا،و إن كان دون حقّه (5)،أخذ باقي نصيبه،و إن كان أكثر،عتق قدر نصيبه.
و لو أعتق عبدا آخر (6)و فضل من حقّه عن الأوّل شيء،عتق بقدره من الثاني، و إن لم يفضل شيء،كان عتق الثاني باطلا.
ص:252
في أحكام الأرضين
فإنّها تكون للمسلمين قاطبة و لا تختصّ بها المقاتلة،بل يشاركهم (1)غير المقاتلة من المسلمين،و كما لا يختصّون بها،كذلك لا يفضّلون،بل هي للمسلمين قاطبة.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال مالك (2).
و قال الشافعيّ:إنّها تقسّم بين الغانمين،كسائر الأموال (3).و به قال أنس بن مالك،و الزبير،و بلال (4).
و قال قوم:إنّ الإمام مخيّر بين القسمة و الوقف على المسلمين.و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمر.و به قال الثوريّ (5).
و قال أبو حنيفة:الإمام مخيّر بين ثلاثة:بين قسمتها و وقفها و أن يقرّ أهلها
ص:253
[عليها] (1)و يضرب عليهم الخراج يصير حقّا على رقبة الأرض لا يسقط بالإسلام (2).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه فتح هوازن و لم يقسّمها (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى،قال:رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام في حديث طويل:«و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يد (4)من يعمرها و يحييها،و يقوم عليها على صلح ما يصالحهم الإمام على قدر طاقتهم من الخراج:
النصف أو الثلث أو الثلثان،و على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضرّ بهم،فإذا خرج منها نماؤها (5)،فأخرج منه العشر من الجميع ممّا سقت السماء أو سقي (6)سيحا، و نصف العشر ممّا سقي بالدوالي و النواضح،فأخذه الوالي فوجّهه في الوجه الذي وجّهه اللّه له (7)على ثمانية أسهم: لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ،وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ،وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ،ثمانية أسهم يقسّمها بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون في سنتهم بلا ضيق و لا تقتير،فإن فضل من
ص:254
ذلك شيء،ردّ إلى الوالي،و إن نقص من ذلك شيء و لم يكتفوا به،كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم (1)حتّى يستغنوا،و يؤخذ بعد ما يبقى من العشر فيقسّمه بين الوالي (2)و بين شركائه الذين هم عمّال الأرض و أكرتها،فيدفع إليهم أنصباءهم على قدر ما صالحهم عليه،و يأخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين اللّه و في مصلحة ما ينوبه (3)من تقوية الإسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير ذلك ممّا فيه مصلحة العامّة ليس لنفسه من ذلك قليل و لا كثير»الحديث (4).
احتجّ الشافعيّ (5):بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على ثمانية عشر سهما (6).و لأنّ الأرض تملك عنهم بالعقد فتملك بالاغتنام،كالمنقول.
و الجواب عن الأوّل:بمنع الفعل،فقد روي أنّه عليه السلام قسّم نصف خيبر و تولّى نصفها (7)،و مع الاضطراب في النقل يطرح الجميع خصوصا مع ما نقلناه أوّلا.
و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأرض ملك متأبّد و نفعها دائم ففارقت الأمتعة المنقولة.
ممّن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث،و على المتقبّل إخراج مال القبالة و حقّ الرقبة،و فيما يفضل في يده إذا كان نصابا،العشر أو نصف العشر،و هذا الضرب من الأرضين
ص:255
لا يصحّ التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و غير ذلك،و للإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره إذا انقضت مدّة ضمانه و له التصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين،و ارتفاع هذه الأرض ينصرف إلى المسلمين بأجمعهم و إلى مصالحهم، و ليس للمقاتلة خصوصا،إلاّ ما يحويه العسكر.
روى الشيخ-رحمه اللّه-عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال:«...و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى،كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر،قبّل سوادها و بياضها-يعني أرضها و نخلها-و الناس يقولون:لا تصلح قبالة الأرض و النخل،و قد قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر،و على المتقبّلين سوى قبالة الأرض العشر و نصف العشر في حصصهم» (1).
و في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:«و ما أخذ بالسيف فذلك للإمام يقبّله بالذي يرى،كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر،قبّل أرضها و نخلها و الناس يقولون:لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض أكثر من السواد،و قد قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر» (2).
و عن مصعب بن يزيد الأنصاريّ 3،قال:استعملني أمير المؤمنين عليّ بن أبي
ص:256
طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المدائن:البهقباذات 1،و نهر سير 2،و نهر
ص:257
جوبر (1)، (2)و نهر الملك (3)،و أمرني أن أضع على كلّ جريب زرع غليظ درهما و نصفا،و على كلّ جريب[وسط درهما،و على كلّ جريب] (4)زرع رقيق ثلثي درهم،و على كلّ جريب كرم عشرة دراهم،و على كلّ جريب نخل عشرة دراهم، و على كلّ جريب البساتين التي تجمع النخل و الشجر عشرة دراهم،و أمرني أن ألقي كلّ نخل شاذ عن القرى لمارّة الطريق و ابن السبيل و لا آخذ منه شيئا،و أمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين و يتختّمون بالذهب على كلّ رجل منهم ثمانية و أربعين درهما،و على أوساطهم و التجّار منهم على كلّ رجل منهم أربعة و عشرين درهما،و على سفلتهم و فقرائهم اثنى عشر درهما على كلّ إنسان منهم،قال:فجبيتها ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة (5).
من غير قتال،فتترك في أيديهم ملكا لهم،يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و سائر أنواع التصرّف إذا عمروها و قاموا بعمارتها،و يؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب،فإن تركوا عمارتها و تركوها خرابا،كانت
ص:258
للمسلمين قاطبة،و جاز للإمام أن يقبّلها ممّن يعمرها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع،و كان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة و مئونة الأرض إذا بقي معه النصاب،العشر أو نصف العشر،ثمّ على الإمام أن يعطي أربابها حقّ الرقبة.
روى الشيخ عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:ذكرنا لأبي الحسن الرضا عليه السلام الكوفة و ما وضع عليها من الخراج،و ما سار فيها أهل بيته،فقال:«من أسلم طوعا تركت أرضه في يده،و أخذ منه العشر ممّا سقت السماء و الأنهار، و نصف العشر ممّا كان بالرشاء فيما عمروه منها،و ما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبّله ممّن يعمره و كان للمسلمين،و على المتقبّلين في حصصهم العشر و نصف العشر،و ليس في أقلّ من خمسة أوساق شيء من الزكاة» (1).
و هي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من نصف أو ثلث أو غير ذلك،و ليس عليهم غير ذلك،فإذا أسلم أربابها،كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء، و يسقط عنهم الصلح؛لأنّه جزية و قد سقطت بالإسلام و يصحّ لأربابها التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الهبة و غير ذلك.
و للإمام أن يزيد و ينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية و نقصانها.
و لو باعها المالك من مسلم،صحّ،و انتقل ما عليها إلى ذمّة البائع.
هذا إذا صولحوا على أنّ الأرض لهم،أمّا إذا صولحوا على أنّ الأرض للمسلمين و على أعناقهم الجزية،كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة، عامرها للمسلمين و مواتها (2)للإمام.
ص:259
أو كانت مواتا لغير المالك فأحييت،أو كانت آجاما و غيرها ممّا لا يزرع فاستحدثت مزارع،فإنّها كلّها للإمام خاصّة ليس لأحد معه فيها نصيب،و كان له التصرّف فيها بالقبض و الهبة و البيع و الشراء حسب ما يراه،و كان له أن يقبّلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع.
و يجوز له نزعها من يد متقبّلها إذا انقضى مدّة الضمان،إلاّ ما أحييت بعد موتها، فإنّ (2)من أحياها أولى بالتصرّف فيها إذا تقبّلها بما يتقبّلها غيره،فإن (3)أبى ذلك، كان للإمام نزعها من يده و يقبّلها لمن يراه (4)،و على المتقبّل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصّته العشر أو نصف العشر.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و كلّ موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا أخرج الإنسان مئونته و مئونة عياله لسنته،وجب عليه فيما بقي (5)بعد ذلك الخمس لأهله (6).
روى الشيخ-في الصحيح-عن حريز،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:قلت له:ما يقول اللّه: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (7)؟قال:
«الأنفال،و هي كلّ أرض انجلى أهلها من غير أن يحمل عليها خيل و لا ركاب
ص:260
و لا رجال،فهي نفل للّه و الرسول» (1).
و في الحسن عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،أنّه سمعه يقول:
«إنّ الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم،أو قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم،فما كان من أرض خربة أو بطون أودية،فهذا كلّه من الفيء،و الأنفال للّه و للرسول (2)،فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث (3)يحبّ» (4).
بل هي للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح،و لا يصحّ بيعها و لا هبتها و لا وقفها،بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح،مثل سدّ الثغور،و معونة الغزاة،و بناء القناطير، و يخرج منها أرزاق القضاة و الولاة و صاحب الديوان،و غير ذلك من مصالح المسلمين.
و أمّا الموات منها وقت الفتح،فهي للإمام خاصّة،و لا يجوز لأحد إحياؤها إلاّ بإذنه إن كان موجودا،و لو تصرّف فيها من غير إذنه،كان على المتصرّف طسقها (6)، و يملكها المحيي عند غيبته من غير إذن؛لما رواه حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا،عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام،قال:«و ليس لمن قاتل شيء من الأرضين»ثمّ قال:«و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها،و يقوم عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج:النصف أو الثلث أو الثلثان،و على قدر ما
ص:261
يكون لهم صالحا و لا يضرّ بهم»ثمّ قال:«و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها و أعطوا بأيديهم على غير قتال،و له رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام،و كلّ أرض ميتة لا وارث لها (1)،و له صوافي الملوك ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب؛لأنّ المغصوب كلّه مردود» (2).
و يدلّ على أنّ المحيي للموات في غيبته عليه السلام يملكها بالإحياء:ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد،قال:سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها،فعمرها و أكرى أنهارها،و بنى فيها بيوتا،و غرس فيها نخلا و شجرا،قال:فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:من أحيا أرضا من المؤمنين،فهي له و عليه طسقها يؤدّيه إلى الإمام في حال الهدنة،فإذا ظهر القائم عليه السلام فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه» (3).
إذا كانت محياة،لا يجوز بيعها و لا هبتها و لا وقفها؛لأنّها أرض المسلمين قاطبة وقفا عليهم، فلا يتخصّص بها أحد على وجه التملّك لرقبة الأرض،إنّما يجوز له التصرّف فيها، و يؤدّي حقّ القبالة إلى الإمام،و يخرج أيضا الزكاة منها مع اجتماع الشرائط،و إذا تصرّف فيها أحد بالبناء و الغرس،صحّ له بيعها،على معنى أنّه يبيع (5)ماله فيها من الآثار و حقّ الاختصاص بالتصرّف لا بالرقبة؛لأنّها ملك المسلمين قاطبة.
ص:262
روى الشيخ عن صفوان بن يحيى،عن أبي بردة بن رجاء (1)،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:كيف ترى في شراء أرض الخراج؟قال:«و من يبيع ذلك؟!هي أرض المسلمين»قال:قلت:يبيعها الذي هي في يديه،قال:«و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟!»ثمّ قال:«لا بأس،اشتر (2)حقّه منها و يحوّل حقّ المسلمين عليه، و لعلّه يكون أقوى عليها و أملأ بخراجها (3)منه» (4).
و عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشراء من أرض اليهود و النصارى،فقال:«ليس به بأس،قد ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض بأيديهم،يعملونها و يعمرونها،فلا أرى بها بأسا لو أنّك اشتريت منها[شيئا] (5)،و أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض و عملوها،فهم أحقّ بها و هي لهم» (6).
و في الحسن عن حريز،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سمعته[يقول:] (7)«رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل مسلم (8)اشترى أرضا من أراضي الخراج،
ص:263
فقال أمير المؤمنين عليه السلام:له ما لنا و عليه ما علينا،مسلما[كان] (1)أو كافرا،له ما لأهل اللّه (2)و عليه ما عليهم» (3).
و الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام من الأنفال يختصّ بها الإمام،ليس لأحد التصرّف فيها إلاّ بإذنه إن كان ظاهرا،و إن كان غائبا،جاز للشيعة التصرّف فيها بمجرّد الإذن منهم عليهم السلام.
روى الشيخ عن محمّد بن عليّ الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:
سألته عن الأنفال،فقال:«ما كان من الأرضين باد أهلها و في غير ذلك الأنفال هو لنا»و قال:«سورة الأنفال فيها جدع الأنف (5)»و قال: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (6)فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ (7)قال:«الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل،و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته» (8).
و عن سماعة بن مهران،قال:سألته عن الأنفال،فقال:«كلّ أرض خربة[أو
ص:264
أشياء] (1)كانت تكون للملوك،فهو خالص للإمام،ليس للناس فيها سهم»قال:
«و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب» (2).
و عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سمعته يقول:«الفيء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء،و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم،و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء،فهذا للّه و لرسوله،فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء،و هو للإمام بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و قوله: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ 3فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (3)»قال:«ألا ترى هو هذا،و أمّا قوله: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (4)فهذا بمنزلة المغنم،كان أبي يقول ذلك،و ليس لنا فيه غير سهمين:سهم الرسول،و سهم القربى،ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي» (5).
و لا يعارض ذلك ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن الأنفال،فقال:«كلّ قرية يهلك (6)أهلها أو يجلون عنها، فهي نفل للّه عزّ و جلّ،نصفها يقسّم بين الناس،و نصفها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهو للإمام» (7)؛لأنّ في طريقه محمّد بن
ص:265
خالد البرقيّ،و قد قال النجاشيّ:إنّه كان ضعيفا في الحديث (1).
ثمّ آمنهم بعد ذلك.و به قال أبو حنيفة (2)،و مالك (3)،و الأوزاعيّ (4).
و قال الشافعيّ:إنّه عليه السلام فتحها صلحا بأمان قدّمه لهم قبل دخوله (5).
و هو منقول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،و مجاهد (6).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأهل مكّة:«ما تروني صانعا بكم؟»فقالوا:أخ كريم و ابن أخ كريم،فقال:«أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ (7)أنتم الطلقاء» (8).
و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:ذكرنا له الكوفة-إلى أن قال-:«إنّ أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر،و إنّ أهل مكّة دخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
ص:266
عنوة،و كانوا أسراء في يده فأعتقهم و قال:اذهبوا فأنتم الطلقاء» (1).
احتجّ الشافعيّ:بما رواه عبد اللّه بن عبّاس قال:لمّا نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمرّ الظهران،قال العبّاس:قلت:و اللّه،لئن دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنوة،قبل أن يأتوه و يستأمنوه،إنّه لهلاك قريش،فجلست على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلّي أجد ذا حاجة يأتي مكّة فيخبرهم بمكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فيخرجوا إليه فيستأمنوه،فإنّي لأسير (2)،فسمعت كلام أبي سفيان و بديل بن ورقاء و حكيم بن حزام (3)،و قد خرجوا يتجسّسون الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقلت:يا أبا حنظلة،فعرف صوتي،فقال:أبو الفضل؟ قلت:نعم،قال:ما لك بأبي أنت و أمّي؟!قلت:هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أتاكم بما لا قبل لكم به،بعشرة آلاف (4)من المسلمين،قال:فما تأمرني؟قال:
تركب عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لئن ظفر بك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليضربنّ عنقك،فأردفه و خرج به تركض به بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فكلّما مرّ بنار من نيران المسلمين،قالوا:عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حتّى مرّ بنار عمر،فقال:
ص:267
الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد،ثمّ اشتدّ نحو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أبو سفيان عدوّ اللّه قد أمكن اللّه منه بغير عهد و لا عقد،فقال العبّاس:يا رسول اللّه إنّي قد أجرته (1)،فقال:«اذهب،فقد أمّنّاه حتّى تغدو به بالغداة»فرجع (2)إلى منزله؛فلمّا أضحى غدا به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فعقد الأمان لأهل مكّة على أنّ من ألقى سلاحه فهو آمن،و من أغلق بابه فهو آمن، و من تعلّق بأستار الكعبة فهو آمن،فقال العبّاس-رضي اللّه عنه-:يا رسول اللّه إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» (3).
و عن أنس و سعد بن أبي وقّاص،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمّن الناس كلّهم إلاّ ستّة نفر (4):أبي حنظلة (5)،و عبد اللّه بن سعد بن أبي
ص:268
السرح (1)،و مقيس بن صبابة (2)،و الحرث بن نفيل (3)،و قينتين (4)كانتا لعبد اللّه بن سعد (5).و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يقسّم أموالهم و لا أراضيهم (6).
و الجواب-بعد تسليم ما ذكروه من الحديث-:أنّ الأرضين و الدور إنّما لم
ص:269
تقسّم،لأنّها عندنا لجميع المسلمين،لا يختصّ بها الغانمون على ما بيّنّاه فيما تقدّم من أنّ الأرض المغنومة للمسلمين قاطبة (1)،و الأموال و الأنفس يجوز أن يمنّ عليهم بها؛مراعاة للمصلحة؛لأنّ للإمام أن يفعل ذلك.
التي فتحها عمر بن الخطّاب،و هي سواد العراق،و حدّه في العرض من منقطع الجبال ب«حلوان»إلى طرف القادسيّة المتّصل ب«عذيب»من أرض العرب،و من تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبّادان من شرقي دجلة،فأمّا الغربيّ الذي تليه البصرة،فإنّما هو إسلاميّ،مثل شطّ عثمان بن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا (2)و مواتا، فأحياها عثمان بن أبي العاص.و سمّيت هذه الأرض سوادا؛لأنّ الجيش لمّا خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض و التفات شجرها،سمّوها السواد لذلك.و هذه الأرض فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطّاب،ثمّ بعث إليها بعد فتحه ثلاثة أنفس:
عمّار بن ياسر على صلاتهم أميرا،و ابن مسعود قاضيا و واليا على بيت المال، و عثمان بن حنيف (3)على مساحة الأرض،و فرض لهم في كلّ يوم شاة شطرها مع السواقط لعمّار،و شطرها للآخرين،و قال:ما أرى قرية تؤخذ منها كلّ يوم شاة إلاّ
ص:270
سريع في خرابها (1).
مسح عثمان بن حنيف أرض الخراج،و اختلفوا في مبلغها،فقال الساجيّ:
اثنان و ثلاثون ألف ألف جريب (2).
و قال أبو عبيد:ستّة و ثلاثون ألف ألف جريب (3).ثمّ ضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم و على الكرم ثمانية دراهم،و على جريب الشجر و الرطبة ستّة دراهم،و على الحنطة أربعة دراهم،و على الشعير درهمين،ثمّ كتب بذلك إلى عمر، فأمضاه (4).
و روي أنّ ارتفاعها كان في عهد عمر مائة و ستّين ألف ألف درهم-فلمّا كان في زمن الحجّاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم،فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز،رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أوّل السنة،و في الثانية بلغ ستّين ألف ألف درهم،فقال:لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى ما كان في أيّام عمر فمات تلك السنة (5)-فلمّا أفضى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام أمضى ذلك؛لأنّه لم يمكنه أن يخالف و يحكم بما يجب عنده فيه.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و الذي يقتضيه المذهب أنّ هذه الأراضي و غيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس،و أربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة،الغانمين و غيرهم سواء في ذلك،و يكون للإمام النظر فيها
ص:271
و تقبيلها و يضمنها بما شاء،و يأخذ ارتفاعها و يصرفه في مصالح المسلمين و ما ينوبهم من سدّ الثغور و تقوية المجاهدين و بناء القناطر و غير ذلك من المصالح، و ليس للغانمين في هذه الأرضين على وجه التخصيص شيء،بل هم و المسلمون فيه سواء،و لا يصحّ بيع شيء من هذه الأرضين،و لا هبته،و لا معاوضته،و لا تملّكه، و لا وقفه،و لا رهنه،و لا إجارته،و لا إرثه،و لا يصحّ أن يبني دورا و منازل و مساجد و سقايات،و لا غير ذلك من أنواع التصرّف الذي يتبع الملك،و متى فعل شيئا من ذلك،كان التصرّف باطلا،و هو باق على الأصل.
ثمّ قال-رحمه اللّه-:و على الرواية التي رواها أصحابنا:أنّ كلّ عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصّة،تكون هذه الأرضون و غيرها ممّا فتحت بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلاّ ما فتح في أيّام أمير المؤمنين عليه السلام إن صحّ شيء من ذلك،يكون للإمام خاصّة،و يكون من جملة الأنفال التي له خاصّة لا يشركه فيها غيره (1).
إذا ثبت هذا،فإنّ الشافعيّ وافق على ما نقله الشيخ-رحمه اللّه-من قدر الخراج (2).
و قال أبو حنيفة كقوله،إلاّ في الحنطة و الشعير،فإنّه قال:يؤخذ من الحنطة قفيز و درهمان،و من الشعير قفيز و درهم (3).
و قال أحمد بن حنبل:يؤخذ من كلّ واحد منهما قفيز و درهم (4)؛لما رواه
ص:272
أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:«منعت العراق قفيزها و درهمها» (1)و معناه:ستمنع.
و كانوا من أهل الكتاب،جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة:
أحدها:أن يبذلوا الجزية.
و الثاني:أن تجري عليهم أحكام المسلمين.
و الثالث:أن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين.
فإذا بذلوا ذلك،عقد معهم الصلح،و لزم ما داموا على الشرط،و تكون أرضهم ملكا لهم يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع و الشراء و الإجارة و غير ذلك،على ما قدّمناه (2).
و يجوز للمسلم استئجارها منهم؛لأنّها ملك له،فجاز له أن يكتريها،كما يجوز له أن يؤجر فرسه،فإذا آجرها،كانت الأجرة له و الخراج عليه.
و لو باعها من مسلم،صحّ البيع،و به قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ (4).
و قال مالك:لا يصحّ البيع؛لأنّه يؤدّي إلى إسقاط الخراج عنها،و ذلك لا يجوز؛لأنّه حقّ للمسلمين (5).
ص:273
و هو خطأ؛لأنّه لا يسقط بل ينتقل ما كان على الأرض إلى رقبته.
و لأنّ ما جاز بيعه من الكافر،جاز بيعه من المسلم،كغيره من الأملاك.
إذا ثبت هذا:فإذا اشتراها المسلم،انتقل ما كان عليها من الخراج إلى رقبة الذمّي؛لأنّه كان يؤخذ عن رقبته،و به قال الشافعيّ (1).
و قال أبو حنيفة:يكون متعلّقا بالأرض؛لأنّه عنده لا يسقط بالإسلام (2).و نحن قد بيّنّا ذلك فيما مضى (3)،و سيأتي تتمّة الكلام فيه.
و عليه طسقها لأربابها؛لأنّه مصلحة لهم،فكان سائغا.
و كلّ أرض موات سبق إليها سابق فعمّرها و أحياها،كان أحقّ بها،إذا لم يكن لها مالك معروف،فإن كان لها مالك معروف،وجب عليه طسقها لمالكها.
إذا استأجر مسلم دارا من حربيّ ثمّ فتحت تلك الأرض،
لم تبطل الإجارة؛لأنّ حقّ المسلم تعلّق بها،و تملّكها المسلمون؛لأنّها من الغنائم.
ص:274
في كيفيّة قسمة الغنيمة
و فيه مباحث:
ص:275
ص:276
في الجعائل
المسلمين،
مثل طريق سهل،أو ماء في مفازة،أو قلعة يفتحها،أو مال يأخذه،أو عدوّ يغير عليه،أو ثغر يدخل منها،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه جعل في مصلحة، فجاز،كأجرة الدليل،و قد استأجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الهجرة من دلّهم على الطريق (1).
و يستحقّ المجعول له الجعل بنفس الفعل الذي جعل له الجعل،سواء كان مسلما أو كافرا؛لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2)و لأنّه شرط فيدخل تحت قوله عليه السلام:«المؤمنون عند شروطهم» (3).
إذا ثبت هذا:فالجعالة لا تخلو إمّا أن تكون ممّا في يده،أو من مال أهل الحرب،فإن كانت ممّا في يده،وجب أن تكون معلومة؛لأنّه عقد على ما في
ص:277
ملكه،فلا يصحّ أن يكون مجهولا؛لأنّه غرر،و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عنه (1).
و إن كان (2)من مال المشركين،جاز أن يكون معلوما،و أن يكون مجهولا جهالة لا تمنع التسليم،و لا تفضي إلى التنازع،و ذلك بأن يقول:من دلّنا على القلعة الفلانيّة،فله جارية منها،أو جارية فلان؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للسريّة الثلث أو الربع ممّا غنموا (3).و هو مجهول؛لأنّ الغنيمة مجهولة فجزؤها مجهول.
و لأنّ الحاجة تدعو إليه،و لا نعلم فيه خلافا.
لأنّ الغنيمة يستحقّها الغانمون فلا تصرف إلى غيرهم إلاّ مع الحاجة،ثمّ لا تخلو الجعالة إمّا أن تكون ممّا في يده أو من مال الغنيمة،فإن كان ممّا في يده،بأن قال:من دلّنا على ثغر القلعة،فله كذا،فإنّه يجب على دفع الجعل بنفس الدلالة،و لا يتوقّف على فتح القلعة؛لأنّه فعل ما قوطع عليه،فاستحقّ العوض المبذول له في مقابله.و إن كان من مال الغنيمة،بأن قال:من دلّنا على ثغر القلعة،فله الجارية المعيّنة منها،أو جارية مطلقا،فإنّه إنّما يستحقّ الجارية بالدلالة و الفتح معا؛لأنّ جعالة شيء منها يقتضي اشتراط فتحها حكما و إن
ص:278
لم يذكر لفظا،بخلاف ما إذا جعل له جعلا ممّا في يده؛لأنّ الجعل لم يتضمّن اشتراط الفتح.
و قال بعض الشافعيّة:إذا لم يفتح،رضخ (1)له (2).و ليس بمعتمد.
لم يخل إمّا أن تفتح صلحا أو عنوة،فإن فتحت صلحا إلاّ أنّه لم يستثن الجارية،أخذت الجارية و سلّمت إليه،على ما يأتي تفصيله فيما إذا فتح عنوة،و إن كان المصالح قد استثنى جماعة من أهله يختارهم،فاختار الجارية منهم،فالصلح صحيح،خلافا لأبي إسحاق من الشافعيّة،فإنّه قال:يفسد؛لأنّ الجارية مستحقّة للدالّ (3).و ليس بجيّد؛ لأنّه يمكن إمضاؤه بالتراضي.
إذا ثبت هذا:فإن اختار الدالّ قيمتها،مضى الصلح و سلّم إليه القيمة؛لتعذّر تسليم العين إليه،و إن أبى،فإن اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدالّ و أخذ قيمتها، دفعت الجارية إلى الدالّ،و سلّم إلى صاحب القلعة قيمتها،و يكون جاريا مجرى الرضخ،و كان الصلح ماضيا،و إن أبى كلّ واحد منهم،فسخ الصلح؛لتعذّر إمضائه؛ لأنّ حقّ الدالّ سابق،و لا يمكن الجمع بينه و بين الصلح،و لصاحب القلعة أن يحصن قلعته،كما كانت من غير زيادة،هذا اختيار الشيخ-رحمه اللّه- (4)و هو مذهب الشافعيّ (5).
و لو قيل:يمضي الصلح و يدفع إلى المجعول له القيمة؛لتعذّر دفعها إليه،فدفع
ص:279
إليه القيمة،كما لو كان المجعول له جارية،فأسلمت قبل الفتح،كان حسنا.و قوله- رحمه اللّه-:إنّ حقّ المبذول له العين أسبق،مسلّم،إلاّ أنّ المفسدة في فسخ الصلح أعظم؛لأنّ ضرر ذلك يعود على الجيش كلّه،و ربّما عاد على غيره من المسلمين أيضا،بأن يتعذّر فتح هذه القلعة بعد ذلك،و يتضرّر المسلمون بذلك،فلا يجوز تحمّل هذه المضرّة العظيمة لدفع ضرر يسير عن واحد،فإنّ ضرر صاحب العين إنّما هو في فوات عين الجعل،و لا ريب في أنّ الضرر بتفاوت عين الشيء و قيمته قليل جدّا،خصوصا بالنسبة إلى شخص واحد،و مراعاة حقّ المسلمين بدفع الضرر الكثير عنهم أولى من دفع الضرر اليسير عن واحد منهم أو من غيرهم،و لهذا قلنا:
من وجد متاعه من المسلمين قبل القسمة،أخذه،و إن وجده بعدها،أخذ القيمة؛لئلاّ يؤدّي إلى ضرر الغانمين بنقض القسمة،أو حرمان من وقع ذلك في سهمه.
و لم تكن الجارية داخلة في الهدنة، نظر،فإن كانت الجارية باقية على الكفر،سلّمت إليه؛عملا بالشرط،و إن كانت قد أسلمت قبل الأسر و الصلح،فإنّها قد عصمت نفسها بإسلامها،و لا يجوز استرقاقها حينئذ،فيدفع إلى الدالّ قيمتها؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح أهل مكّة عام الحديبيّة على أنّ من جاء منهم مسلما،ردّه إليهم،فلمّا جاءت مسلمات (1)،منعه اللّه تعالى من (2)ردّهن،و أمره بردّ مهورهنّ على أزواجهن،و فسخ (3)ما كان عقده عليه السلام من الهدنة (4).
ص:280
و لو أسلمت بعد الأسر،فإنّ إسلامها حينئذ لا يعصمها من الاسترقاق.
ثمّ لا يخلو المجعول له إمّا أن يكون مسلما أو كافرا،فإن كان مسلما،سلّمت إليه؛عملا بالشرط السالم عن معارضة الحرّيّة و الكفر،و إن كان كافرا،لم تسلّم إليه؛لكن يدفع إليه قيمتها؛لأنّ الكافر لا يملك المسلم،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و في الآخر:تسلّم إليه،و يطالب بإزالة ملكه؛لأنّ الكافر لا يستديم ملك المسلم (1).و هذان القولان مبنيّان على أنّ الكافر هل يصحّ منه شراء المسلم أم لا؟ و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى.
قال الشيخ رحمه اللّه-:لم تدفع إليه قيمتها؛لأنّ الشرط اقتضى إمكان تسليمها،و التسليم غير ممكن،فلا يجب له العوض،كما لو لم تفتح القلعة (2)،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و قال في الآخر:تدفع إليه القيمة؛لأنّه قد تعذّر تسليمها،فأشبه ما إذا أسلمت (3).
و الأوّل:أقوى؛لأنّه علّق حقّه على شيء معيّن،و تلف من غير تفريط فسقط حقّه،كالوديعة،و فارق المسلمة؛لأنّ تسليمها ممكن لكن الشرع منع منه.
كانت الجارية بينهم،كما لو قال:من ردّ عبدي،
ص:281
فله ألف،فردّه جماعة،استحقّوا الألف،و كانت الجماعة كالواحد.
من قصدهم و يذكر أحواله،فإنّه لا يقتل بذلك؛لما روي أنّ حاطب بن أبي بلتعة (1)كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم،فأعلمه اللّه تعالى،فأنفذ بعليّ عليه السلام و الزبير و المقداد خلف المرأة التي حملت الكتاب و كانت جنّته (2)في عقصتها (3)،فأخذ الكتاب،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:ما حملك على هذا يا حاطب؟فقال:يا رسول اللّه،لا تعجل عليّ إنّي كنت امرأ ملصقا (4)في قريش و لم أكن من أنفسها،و إنّ قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكّة فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي،و اللّه ما بي كفر و لا ارتداد،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقكم»فقال عمر:دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«قد شهد بدرا و ما يدريك إنّ اللّه تعالى اطّلع على
ص:282
أهل بدر،فقال:اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (1).
العدوّ،
و يجعل لهم الربع بعد الخمس،جاز ذلك،فما قدمت به السريّة يخرج خمسه، و الباقي يعطى السريّة منه ما جعل لهم من الربع و هو خمس آخر،ثمّ يقسّم الباقي بين الجيش و السريّة أيضا.
و كذلك إذا قفل من دار الحرب مع الجيش فأنفذ سريّة تغير،و جعل لهم الثلث بعد الخمس،جاز،فإذا قدمت السريّة بشيء،أخرج خمسه ثمّ أعطي السريّة ثلث ما بقي ثمّ قسّم الباقي بين الجيش و السريّة معه.و بهذا قال أحمد بن حنبل، و الحسن البصريّ و الأوزاعيّ (2).
و قال عمرو بن شعيب:لا نفل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).
و ذهب مالك (4)،و سعيد بن المسيّب إلى أنّه لا نفل إلاّ من الخمس (5).
و قال الشافعيّ:يخرج من خمس الخمس (6).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينفّلهم إذا خرجوا
ص:283
بادين الربع،و ينفّلهم إذا قفلوا الثلث (1).
و عن حبيب بن مسلمة الفهريّ (2)،قال:شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نفّل الربع في البدأة،و الثلث في الرجعة (3).
و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان ينفّل الربع بعد الخمس،و الثلث بعد الخمس،إذا قفل (4).
و عن عبادة بن الصامت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفّل في البدأة الربع و في القفول الثلث (5).
و لأنّ الحاجة قد تدعو إليه.و لأنّ فيه مصلحة للمسلمين،فكان سائغا، كالسلب.
ص:284
احتجّ عمرو بن شعيب:بقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (1)فخصّه بها (2).
و هذا الاحتجاج ضعيف؛لأنّ ما ثبت للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثبت للأئمّة بعده إجماعا ما لم يقم دليل على تخصيصه.
أمّا الشافعيّ فقد احتجّ على قوله:بما رواه ابن عمر:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة فيها عبد اللّه بن عمر،فغنموا إبلا كثيرة،فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا،و نفّلوا بعيرا بعيرا (3)،و لو أعطاهم من أربعة الأخماس التي هي لهم،لم يكن نفلا و كان من سهامهم (4).
قيل عليه:إنّ هذا حجّة عليه؛لأنّ بعيرا على اثني (5)عشر بعيرا،يكون جزءا من ثلاثة عشر،و خمس الخمس جزء من خمسة و عشرين،و جزء من ثلاثة عشر أكثر،فلا يتصوّر أخذ الشيء من أقلّ منه،و تحقّقه (6)أنّ الاثني عشر إذا كانت أربعة أخماس،فالبعير منها ثلث الخمس،فكيف يتصوّر أخذ ثلث الخمس من خمس الخمس؟!و هذا محال،فتعيّن (7)أن يكون ذلك من غيره (8).
ص:285
و بالجملة:فالذي ذكره الشافعيّ مستنبط محتمل،فلا يعارض الظواهر.
فإن لم يكن الإمام أو الوالي على الجيش شرط نفلا،لم يكن لأحد فضل عن سهمه؛لأنّ الأصل مساواة غيره له، و إنّما يسوغ للإمام التنفيل مع الحاجة إليه،و هو أن يكون بالمسلمين قلّة و بالمشركين كثرة،و لهم شوكة،فيشترط الإمام التنفيل لمن يفعل (1)مصلحة؛ تحريضا (2)لهم على القتال،و لو كانوا مستظهرين عليهم،فلا حاجة به؛فإنّ أكثر مغازي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم تكن فيها أنفال،فعلم أنّه إنّما يفعل ذلك عند الحاجة،و لأنّه من سهم المصالح،فلا يدفع إلاّ عند المصلحة،فإذا رأى الإمام أن لا ينفّل،فعل،و إن رأى أن ينفّلهم دون الثلث أو الربع،فله ذلك إجماعا؛لأنّه لمّا جاز له ترك التنفيل مطلقا،جاز أن يجعل لهم شيئا يسيرا.
و هل يجوز له أن ينفّل أكثر من الثلث أو الربع؟قال الشافعيّ:نعم،يجوز ذلك (3).
و قال الأوزاعيّ:لا يجوز،و هو قول مكحول،و أكثر الجمهور (4).
احتجّ الشافعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نفّل مرّة الثلث،و مرّة الربع (5).
ص:286
و في حديث ابن عمر:نفّل نصف السدس (1).و هذا يدلّ على أنّه ليس للنفل حدّ لا يتجاوزه الإمام،فيكون ذلك موكولا إلى نظر الإمام (2).
و احتجّ المانعون:بأنّ نفل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انتهى إلى الثلث (3)،فينبغي أن لا يتجاوزه (4).
و احتجاج الشافعيّ غير ناهض،لأنّه دلّ على أنّه ليس لأهل النفل حدّ،و أنّه يجوز أن ينفّل أقلّ من الثلث و الربع،و هو وفاق،و مع ذلك فإنّ قوله هذا،يناقض أنّ النفل من خمس الخمس.
ردّوا إليه على القول الأوّل و لزم الوفاء به على قول الشافعيّ.
إذا ثبت هذا فقد قيل:في البدأة و الرجعة تأويلان.
أحدهما:أنّ البدأة:أوّل سريّة،و الرجعة:الثانية (5).
و الثاني:أنّ البدأة:السريّة عند دخول الجيش إلى دار الحرب،و الرجعة:عند قفول الجيش (6).
و هو أظهر الوجهين.و إنّما زادهم في الرجعة للمشقّة،فإنّ الجيش في البدأة ردء (7)للسريّة تابع لها،و الجيش مستريح و العدوّ خائف،و ربّما كان غارّا،و في الرجعة لا ردء للسريّة؛لانصراف الجيش،و العدوّ مستيقظ على حذر.
ص:287
إذا عرفت هذا:فإنّه كما يجوز التنفيل للسريّة،كذا يجوز لبعض الجيش؛لبلائه أو لمكروه تحمّله،دون سائر الجيش،فلو نفذ الإمام سريّة فبعضهم يأتي بشيء و بعضهم لا يصيب،كان للوالي أن يخصّ الذين جاءوا بشيء،دون الآخرين مع الشرط.
و قال أحمد:هنا يجوز من غير شرط (1).و الوجه:الأوّل.
أو نقب (2)هذا النقب،أو فعل كذا فله كذا،أو من جاء بأسير فله كذا،فهو جائز في قول عامّة العلماء.
و كره مالك ذلك و لم يره،و قال:لا نفل إلاّ بعد إحراز الغنيمة (3).
لنا:قوله عليه السلام:«من قتل قتيلا فله سلبه» (4).
و لأنّ فيه مصلحة و تحريضا على القتال،فكان جائزا،كاستحقاق الغنيمة، و زيادة السهم للفارس،و استحقاق السّلب.
احتجّ مالك:بأنّ هذا القتال على هذا الوجه إنّما هو للدنيا.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه
ص:288
عليه و آله إنّما قال:«من قتل قتيلا فله سلبه» (1)بعد أن برد القتال و أحرزت الغنائم (2).
و الجواب عن الأوّل:أنّه منقوض بالسّلب،و استحقاق السهم من الغنيمة، و زيادة سهم الفارس.
و عن الثاني:أنّ قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات بعد تلك الغزاة التي وقع القول فيها.
و أنّ المصلحة للمسلمين معتبرة (3)،فإن لم يكن فيه فائدة للمسلمين،لم يجز؛لأنّه إنّما يخرج على وجه المصلحة فاعتبرت الحاجة فيه،كأجرة الحمّال و الحافظ.
إذا عرفت هذا فنقول:إنّ النفل لا يختصّ بنوع من المال.
و قال الأوزاعيّ:لا نفل في الدراهم و الدنانير؛لأنّ القاتل لا يستحقّ النفل فيها، و كذا غيره (4).
و الوجه:الأوّل؛لما تقدّم من أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل لهم الثلث
ص:289
و الربع (1)،و هو عامّ في كلّ مغنوم.و لأنّه نوع من المال،فجاز التنفيل فيه،كغيره من الأموال.و حجّتهم ضعيفة؛لأنّ القاتل إنّما نفّل السّلب،و ليس الدراهم و الدنانير من السّلب،فلهذا لم يستحقّ غير ما جعل له.
لأنّ في الرجوع إليهم منفعة،و كذا لو قال:من يعمل في سياقة الغنم (3)فله دينار؛نظرا إلى المصلحة.
و منع الناس من جمعهم الكسل من غير خوف من العدوّ،فقال الإمام:من جاء بعشرة أثواب فله ثوب،و من جاء بعشرة أرؤس فله رأس،فالوجه:الجواز؛نظرا إلى المنفعة بالجمع.
فدفع النفل إلى بعضهم و خصّه به، أو جاء بعضهم بشيء فخصّه به و نفّله به،و لم يأت بعضهم بشيء فلم ينفّله،قيل:
شارك من نفّل من لم ينفّل؛لأنّ هؤلاء إنّما أخذوا بقوّة هؤلاء؛و لأنّهم استحقّوا النفل على وجه الإشاعة بينهم بالشرط السابق،فلم يختصّ به واحد منهم، كالغنيمة (4).
أمّا لو خصّ بعض الجيش بنفل لعنائه (5)،أو يجعله له،بأن يقول:من جاء
ص:290
بعشرة أرؤس فله رأس،فجاء واحد بعشرة دون الجيش،فإنّه يختصّ بالنفل دون غيره؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا خصّ القاتل بالسّلب (1)،اختصّ به؛و لأنّه جعل تحريضا على القتال،و حثّا على فعل ما يحتاج المسلمون إليه؛ليحمل فاعله كلفة فعله رغبة فيما جعل له،فلو لم يختصّ به فاعله ما خاطر بنفسه في فعله، و انتفت المصلحة بالنفل،فوجب الاختصاص بالفاعل لذلك بنفله،كاختصاصه بثواب الآخرة.
استوى الفارس و الراجل في النفل،إلاّ أن يفضّل بعضهم في القسمة فيستحقّ قدر المسمّى؛لأنّ النفل شيء يرضخ لهم الإمام باعتبار بلائهم و عنائهم (2)،فيعتبر في النفل إطلاق التسمية،و كذلك الغنيمة،و لهذا لو قال:
من قتل قتيلا فله سلبه،فقتله فارس و راجل،تساويا في سلبه.
و كذا لو بعث الأمير قوما من أهل الذمّة سريّة،و نفل لهم الربع،فما أصابوا اشتركوا فيه بالسويّة،كما في حقّ المسلمين.
ثمّ إنّ أمير السريّة نفّل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبارزة بغير إذن الإمام،نظر،فإن نفّلهم من حصّة السريّة أو من سهامهم بعد النفل،جاز،و لو نفلهم من سهم العسكر،لم
ص:291
يجز؛لأنّه أمير على السريّة،لا على العسكر فينفذ تنفيله على السريّة فيما هو حقّهم،لا على العسكر.
هذا إذا خرج الجيش مع السريّة أمّا لو لم يخرج الجيش،جاز تنفيله؛لأنّ الغنيمة كلّها للسريّة،و لا يشاركهم الجيش؛لاختصاص السريّة بالمصاب و الجهاد.
و نفّل لهم أقلّ من النفل الأوّل أو أكثر،فهو جائز من حصّة أصحاب السريّة،لا من حصّة العسكر،على ما تقدّم، إلاّ أن يكون أمير العسكر أذن له في التنفيل،فحينئذ يكون نائبا عن الأمير،فنفله جائز للسريّة الثانية في حقّ جميع العسكر،و جاز نفل السريّة الثانية؛لأنّهم بمنزلة سريّة صدرت من جيش في دار الحرب و قد نفّلهم أميرهم.
فقام هناك بعضهم لطلبه،و بعضهم ذهب حتّى أصاب الغنائم،ثمّ رجعوا إلى أصحابهم و وجدوا المفقود،فكلّهم شركاء في النفل؛ لأنّهم فارقوا العسكر جملة،و أحرزوا المصاب بالعسكر جملة،فكانوا بمنزلة ما لو باشر القتال بعضهم،و بعضهم كان ردءا لهم.
و لو أصاب الرجل المفقود غنائم،و الذين أقاموا لانتظاره غنائم،و السريّة كذلك،ثمّ التقوا،فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسويّة،كما لو لم يفترقوا؛لأنّهم اشتركوا في إحراز المصاب بالعسكر.
و لو أنّ السريّة تفرّقت سريّتين،و بعدت إحداهما عن الأخرى بحيث لا تقدر إحداهما على عون الأخرى،ثمّ أصابت كلّ سريّة غنيمة،أو أصابت إحداهما دون الأخرى،فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسويّة،و لو لم يلتقوا إلاّ عند العسكر فلكلّ فريق النفل ممّا أصابوا خاصّة.
و لو أصابت السريّة الغنائم،ثمّ لم يقدروا على الرجوع إلى العسكر،فخرجوا إلى دار الإسلام من موضع آخر،قيل:تكون الغنيمة كلّها لهم تقسّم على سهام؛
ص:292
لأنّهم تفرّدوا بالإحراز إلى دار الإسلام،و هو سبب في التملّك،و إذا صارت الغنيمة كلّها لهم،بطل التنفيل (1).
فللشافعيّ قولان:
أحدهما:الجواز.و به قال أبو حنيفة (2).
و الثاني:لا يجوز (3).
قال الشافعيّ في الأمّ:ذهب بعض الناس إلى جوازه،و لا أرى من الأثر ما يدلّ عليه،و لو ذهب إليه ذاهب،كان له تأويل (4).
احتجّ أبو حنيفة:بما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال يوم بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (5). (6)
و احتجّ الشافعيّ:بأنّ من أجاز ذلك،أسقط حقّ أهل الخمس من خمسه،و من يستحقّ جزءا من الغنيمة،لم يجز للإمام أن يشرط (7)إسقاطه،كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين،و أجاب عن الحديث:بأنّ غنائم أهل بدر لم تكن للغانمين،و إنّما نزلت الآية بعدها،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها (8).
و نفّل إحداهما الثلث،
ص:293
و الأخرى الربع فيما أصابوا،كان جائزا؛لأنّ التنفيل (1)للترغيب،و هو يختلف باختلاف الطريق في القرب و البعد و السهولة و الصعوبة و الخوف و الأمن،و اختلاف حال المبعوث إليهم في القوّة و الضعف،فجاز تفاوتهم في النفل؛نظرا إلى المصلحة.
إذا ثبت هذا:فلو ذهب رجل ممّن بعثه الإمام في سريّة الربع مع سريّة الثلث، قيل:لا شيء له؛لأنّه خرج في السريّة التي خرج عنها بغير إذن الإمام،و التي أذن له بالخروج فيها لم تخرج.
و استحسن أبو حنيفة أن يجعل له مع سريّة الثلث مقدار ما سمّي له،و هو الربع.
أمّا لو ضلّ رجل من إحدى السريّتين الطريق و وقع في السريّة الأخرى فذهب معهم فأصابت الغنيمة،فالوجه:أنّه يشاركهم،فإن كان ممّن جعل له الإمام الثلث أو الربع،أخذ من السريّة التي وقع فيها لا من التي خرج معها.
ثمّ أرسل أخرى و قال لهم:الحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم،فلحقوا السريّة الأولى و قد كانوا غنموا غنيمة ثمّ غنموا معهم غنيمة أخرى جميعا،فنفل الغنيمة الثانية لهم جميعا،و نفل الغنيمة الأولى للسريّة الأولى؛لأنّ حقّ المنفّلين يتأكّد في المصاب بالإصابة، فلا يثبت حقّ للسريّة في الغنيمة الأولى،فلا يملك الإمام إشراك الثانية فيما أصابت الأولى؛لأنّه يتضمّن إبطال حقّ المتأكّد،و حقّ السريّة الأولى لم يثبت على وجه الخصوص في الغنيمة الثانية حين (2)لحق بها الثانية،بل يثبت حقّ السريّتين بإصابتهما،فصحّ الاشتراك.
هذا إذا أخبرت السريّة الثانية الأولى بالتنفيل أو أخبروا بعضهم (3)أو أميرهم.
ص:294
و لو لم يخبروهم،قال أبو حنيفة:تكون الغنيمتان للأولى؛لأنّ الشركة تشتمل على الضرر و الغرور بالأولى،فلا تصحّ إلاّ بعد العلم.
ذكر ابن الجنيد،قال:لو غنمت السريّة المنفّلة فأحاط بها العدوّ،
فأنجدهم المسلمون،شركوهم في النفل ما لم يحرزوه في العسكر (1).
فلو قال الأمير:من جاء بشيء فله منه طائفة،فجاء رجل بمتاع،نفّله الإمام على ما يراه من المصلحة.
و لو قال:من جاء بشيء فله منه قليل أو يسير أو شيء منه،فله أن يعطيه ممّا أصاب أقلّ من النصف؛لأنّ القليل و اليسير،يتناول ما دون النصف؛لأنّ مثله لا يكون يسيرا،و كذا«الشيء»يفهم منه في الغالب القلّة،فصار كما لو قال:قليلا.
و لو قال:من جاء بشيء فله جزؤه،فله أن ينفّله النصف و ما دونه،دون ما فوقه؛لأنّ الجزء اسم للبعض منه إلى النصف،يقال:جزء من جزءين،و يقال لأكثر من النصف:جزءان من ثلثه،فدلّ على أنّ ما زاد على النصف لا يكون جزءا.
و لو قال:من جاء بشيء فله سهم رجل،كان له أن يعطيه سهم راجل لا فارس؛ لأنّه المتيقّن.
و لو قال:من جاء بألف درهم فله ألفا درهم،فجاء بالألف،لم يكن له أكثر من ألف.
و لو قال:من جاء بالأسير فله الأسير و ألف،لزمه دفعهما،قاله محمّد بن
ص:295
الحسن (1).
و الفرق:أنّه في الأوّل قصد تحصيل المال لا غير،فلا يعطيه إلاّ ما أصابه من المال،و في الثاني مقصوده كسر شوكتهم بأخذ الأسير.
قال ابن الجنيد:لو قال:من جاء بأسير فله مائة درهم،
كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين (2).
فأصاب سيفا محلّى بأحدهما، كان الذهب و الفضّة له دون السيف و الجفن (3)؛لأنّهما متغايران،و الجعل إنّما وقع بأحدهما.
و لو أصاب خاتما،نزع فصّه للغنيمة و كان الخاتم له.
و لو أصاب أبوابا فيها مسامير فضّة لو نزعت لهلكت الأبواب،قال محمّد بن الحسن:لا شيء له؛لأنّ المسمار مغيب في الباب،فصار كالمستهلك (4).
و لو قال:من أصاب قزّا (5)فهو له،فأصاب جبّة فيها قزّ محشوّة به،فلا شيء له؛لأنّ الحشو مغيب في الجبّة،و المغيب لا عبرة به.
أمّا لو قال:من أصاب ثوب قزّ فهو له،فأصاب رجل جبّة بطانتها ثوب قزّ أو ظهارتها،فله الثوب القزّ،و الآخر غنيمة.
ص:296
و لو قال:من أصاب جبّة حرير فهي (1)له،فأصاب جبّة ظهارتها و بطانتها حرير،فهي له.و كذا لو كانت الظهارة حريرا،أمّا لو كانت البطانة حريرا،فلا شيء له.
فقال الإمام:من صعد السطح فأخذه فهو له و خمسمائة درهم،فصعد رجل فأخذه،لزمه دفعه و دفع خمسمائة درهم؛عملا بالشرط.
و لو سقط الرجل من السور إلى الأرض فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن، لم يكن له شيء،لأنّه لم يفعل ما شرط عليه؛لأنّ قصد الأمير من هذا التنفيل إظهار جلادته و جرأته بالصعود على السطح و لم توجد.
أمّا لو رماه رجل فطرحه من السور،فهل يستحقّ النفل؟قال محمّد بن الحسن:يستحقّ ذلك؛لأنّ المقصود ليس هو الصعود،بل فعل يؤثّر في السقوط لإظهار كسر شوكتهم.و عندي فيه نظر.
أمّا لو صعد إليه فسقط من كان على السور داخل الحصن فقتله،فله النفل؛لأنّه أتى بالمطلوب و زيادة.
و لو التقى الصفّان،فقال الأمير:من جاء برأس فله كذا،انصرف إلى رءوس الرجال دون الصبيان،أمّا لو انهزم الكفّار،فقال:من جاء برأس فله كذا،فجاء رجل بسبي أو برأس فله النفل.
و لو جاء برأس فقيل:إنّه كان ميّتا في العدوّ،و قال الآتي به:أنا قتلته،قيل:
يحلف و يعطى النفل؛لأنّ قطع الرأس سبب في الموت حقيقة،و موته بدونه غير معلوم.
ص:297
و لو جاء برأس لا يعلم (1)هل هو رأس مسلم أو كافر،لم يعط شيئا حتّى يعلم أنّه رأس كافر؛لأنّ الاستحقاق يتعلّق برأس المشرك.
و لو جاء برأس فقال الآخر:أنا قتلته،و قال الأوّل:بل أنا القاتل،فالقول قول الآتي به مع اليمين؛لأنّه ادّعى عليه معنى لو أقرّ به لزمه،فإذا جحد،وجب إحلافه، فلو نكل عن اليمين،لم يكن له نفل.
و هل يستحقّ المدّعي النفل؟فيه تردّد ينشأ من أنّ نكوله إقرار بأنّ هذا المدّعي قتله،و هذا إقرار بإبطال حقّ نفسه و إثبات الحقّ للمدّعي،و إقراره حجّة في حقّه لا في حقّ غيره،و من أنّ الحقّ ثابت له بكون (2)الرأس في يده،فإذا نكل عن اليمين فقد جعل ما له من الحقّ إلى المدّعي،و له هذه الولاية،فصار ذلك للمدّعي.
درهم،
فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها،استحقّ كلّ واحد منهم ألفا؛لأنّه شرط لكلّ داخل،بخلاف قوله:من دخل فله الربع،فدخل عشرة،فلهم الربع الواحد؛لأنّ الربع اسم لجزء واحد من المال و هو مصرف غير متعدّد.
و لو دخل واحد ثمّ واحد،اشتركوا في النفل؛لأنّ الاستحقاق متعلّق بالدخول حال قيام الخوف.
و لو قال:من دخل فله جارية،فدخلوا فإذا هناك جارية لا غير،ثبت لكلّ واحد قيمة جارية وسط،أمّا لو قال:من دخل فله جارية من جواريهم،و ليس هناك إلاّ جارية واحدة،كان لهم ما وجد لا غير؛للفرق بين الجارية المضافة إلى الحصن و بين الجارية المطلقة.
و لو قال:من دخل أوّلا فله ثلاثة،و من دخل ثانيا فله اثنان،و من دخل ثالثا
ص:298
فله واحد،فدخلوا على التعاقب،كان لكلّ واحد ما سمّاه؛لأنّ التفاوت في النفل مع التفاوت في الخوف جائز؛إذ خوف الأوّل أشدّ من الثاني.
و لو دخلوا دفعة واحدة،بطل نفل الأوّل و الثاني،و كان لهم جميعا نفل الثالث؛ لأنّ الأوّل هو المتقدّم،و الثاني هو من تقدّمه واحد و لم يوجد،فبطل نفلهما؛لانعدام الشرط و هو التفرّد و المسابقة في الدخول.و الثالث إذا سبقه اثنان،كان ثالثا،و إذا قارنه (1)اثنان،كان ثالثا أيضا؛لأنّ خوف الثالث فيما إذا قارنه (2)اثنان فوق خوفه إذا تقدّمه اثنان،فيكون فعله أشقّ،فاستحقاقه أولى.
و لو دخل اثنان أوّل مرّة،بطل نفل الأوّل،و نفل الثاني يكون لهما؛لأنّ صفة الأوّليّة انعدمت بالمقارنة (3)،بخلاف الثاني،فإنّه يصدق مع المسبوقيّة و المقارنة (4).
و لو قال:من دخل هذا الحصن أوّلا من المسلمين فله كذا،فدخل ذمّيّ ثمّ مسلم،استحقّ النفل؛لأنّه جعل النفل موصوفا بهذه الصفة،فلا تمنع أوّلية الذمّيّ، كالبهيمة لو دخلت أوّلا.أمّا لو قال:من دخل هذا الحصن من المسلمين أوّلا من الناس،فدخل ذمّيّ ثمّ مسلم،لم يستحقّ النفل؛لأنّه ليس أوّلا من الناس،بل ثانيا في الدخول منهم.
و لو قال:من دخل منكم خامسا فله درهم،فدخل خمسة معا،استحقّ كلّ واحد (5)النفل؛لأنّه أوجب النفل للخامس،و كلّ واحد منهم يصدق عليه أنّه خامس.و لو دخلوا على التعاقب،فالخامس آخرهم فاستحقّ النفل خاصّة.
ص:299
في السّلب
و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه قد ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خصّ القاتل بسلب المقتول.
روى أبو قتادة،قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين (1)، فلمّا التقينا رأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين،فاستدرت له حتّى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه (2)ضربة فأدركه الموت،ثمّ إنّ الناس رجعوا،و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلبه»قال:فقمت فقلت:من يشهد لي؟فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«ما لك يا أبا قتادة؟»فاقتصصت عليه القصّة،فقال رجل من القوم:صدق يا رسول اللّه،سلب ذلك الرجل عندي،فأرضه منه،فقال أبو بكر:لا ها اللّه إذا (3)لا يعمد إلى أسد من أسد اللّه يقاتل عن اللّه و عن رسوله فيعطيك سلبه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص:300
و آله:«صدق فأسلمه إليه»قال:فأعطانيه (1).
و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين:«من قتل قتيلا فله سلبه»فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم (2).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون قال:أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين،فبايعه،فقال عليّ عليه السلام:«لا أقتلك (3)إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين»فخلّى سبيله،و أعطى سلبه الذي جاء به (4).
و إذا أخذ الآتي السّلب،فالقاتل أولى.
و لأنّ فيه مصلحة عظيمة تنشأ من التخصيص؛لما فيه من التحريض على القتال و كثرة الجهاد،فكان سائغا،و لا نعرف فيه خلافا.
و في الأخرى:يخصّ به القاتل،سواء قال الإمام ذلك أو لم يقل (1).و به قال الأوزاعيّ،و الليث (2)،و الشافعيّ (3)،و إسحاق،و أبو عبيدة،و أبو ثور (4)،و اختاره ابن الجنيد منّا (5).
لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك،أنّ مدديّا اتّبعهم،فقتل علجا،فأخذ خالد بعض سلبه،و أعطاه بعضه،فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«لا تعطه يا خالد» (6).
و عن شبر بن علقمة (7)،قال:بارزت رجلا يوم القادسيّة[فقتلته] (8)و أخذت سلبه،فأتيت به سعدا،فخطب سعد أصحابه و قال:إنّ هذا سلب شبر خير من اثني عشر ألفا،و إنّا قد نفلناه إيّاه (9).
و لو كان حقّا له،لم يحتج أن ينفّله.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع سلب أبي قتادة إليه من غير بيّنة و لا يمين.و لأنّ السّلب إنّما جعل له؛تحريضا على
ص:302
القتال،فلا يستحقّه إلاّ بشرط الإمام،كالنفل،و هو إذا بعث سريّة،و شرط لها الثلث أو الربع.
احتجّوا:بما رواه أبو قتادة،قال:خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين (1)،فلمّا التقينا كان للمسلمين جولة،فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين،فاستدرت له حتّى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة، قال:فأقبل عليّ فضمّني ضمّة وجدت منها ريح الموت،ثمّ أدركه الموت، فأرسلني،قال:ثمّ إنّ الناس رجعوا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة،فله سلبه»فقمت فقلت:من يشهد لي؟ثمّ جلست،ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«من قتل قتيلا له عليه بيّنة،فله سلبه»[فقمت] (2)فقلت:من يشهد لي؟ثمّ جلست،ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثالثا، [فقمت] (3)فقال:«ما لك (4)يا أبا قتادة؟»فقصصت عليه القصّة،فقال رجل من القوم:صدق يا رسول اللّه و سلب ذلك القتيل عندي فأرضه منّي.فقال أبو بكر:
لا ها اللّه إذا لا يعمد إلى أسد من أسد اللّه يقاتل عن اللّه و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيعطيك سلبه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«صدق فأعطه إيّاه» (5). (6)
ص:303
وجه الدليل أنّه قتله (1)من غير شرط و أعطاه سلبه.
و الجواب:ليس في الحديث دلالة على عدم الشرط قبل ابتداء القتال،فجاز أن يكون الرسول صلّى اللّه عليه و آله شرط ذلك،ثمّ كرّره بعد القتال.
إذا شرط الإمام السّلب،جاز للقاتل أخذه
و إن لم يأذن له الإمام؛لأنّه استحقّه بشرط الإمام،فلا يجب إعلامه.نعم يستحبّ له ذلك.و به قال الشافعيّ (2)،و ابن المنذر (3)،سواء شرط له الإمام أو لم يشرط (4)؛لأنّ السّلب عندهما يستحقّ بجعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و الأوزاعيّ و إن ذهب إلى ذلك،إلاّ أنّه لم يسوّغ له أخذه إلاّ بإذن الإمام؛لأنّه فعل مجتهد فيه،فلم ينفذ أمره فيه إلاّ بإذن الإمام (5).
الذين يجوز قتلهم،فلو قتل صبيّا أو امرأة أو شيخا فانيا و نحوهم ممّن لا يقاتل،لم يستحقّ سلبه،و لا نعلم فيه خلافا؛لأنّ قتل (6)هؤلاء منهيّ عنه،فلا يستحقّ به نفل.
أمّا لو قتل أحد هؤلاء و هو مقاتل،استحقّ سلبه،لأنّه يجوز قتله إذا كان يقاتل،فيدخل تحت عموم الخبر.
ص:304
فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من أثخن بالجراح و عجز عن المقاومة،لم يستحقّ سلبه.و به قال الشافعيّ (1)،و أحمد (2)،و مكحول (3).
و قال أبو ثور،و داود:يستحقّ سلبه على أيّ وجه قتله (4).
لنا:ما رواه الجمهور أنّ ابني عفراء (5)أثخنا أبا جهل يوم بدر،فأجاز عليه (6)عبد اللّه بن مسعود،فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سلبه لا بني عفراء،و لم يعط ابن مسعود شيئا (7).
و لأنّه لم يغرّر بنفسه في دفع شرّه،فأشبه بقيّة الغانمين.
ص:305
احتجّ المخالف:بعموم الخبر (1).
و الجواب:أنّه محمول على القاتل القادر (2)على الامتناع.
فالسّلب للقاطع دون القاتل؛ لأنّ القاطع هو الذي منع عن المسلمين شرّه.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:السّلب للقاتل لا للقاطع؛لأنّه لم يصر ممتنعا بالقطع؛إذ بقطع اليدين يمتنع بالعدو بالرجلين، و بقطع الرجلين يمتنع بالمقاتلة باليدين فيرمي بهما (3).
و قال بعض الجمهور:يخصّ القاطع بالسّلب؛لأنّه عطّله،فأشبه القاتل (4).
و ليس بجيّد؛لما قاله الشيخ.
و قال بعضهم:يكون غنيمة (5)؛لأنّ القاطع لم يكف شرّه كلّه،و القاتل قتله و هو مثخن بالجراح و هو ممنوع.
أمّا لو قطع يده و رجله من خلاف ثمّ قتله آخر،فالوجه:التفصيل إن امتنع و اكتفي شرّه أجمع بقطع العضوين،كان السّلب للقاطع،و إلاّ كان للقاتل.
لنا:أنّه جعل السّلب للقاتل،و المعانق ليس قاتلا،و لأنّ القاتل كفى المسلمين شرّه،فكان كما لو لم يعانقه (1)غيره.
فجاء آخر من ورائه فضربه فقتله،فسلبه لقاتله؛لعموم الخبر،و لقضيّة قتيل أبي قتادة (2).
بحيث يجعله معطّلا في حكم المقتول،فلو أسر رجلا،لم يستحقّ سلبه،سواء قتله الإمام أو لم يقتله.
و قال مكحول:من أسر مشركا،استحقّ سلبه (3).
و قال بعض الجمهور:إن استبقاه الإمام،كان له فداؤه أو رقبته و سلبه؛لأنّه كفى المسلمين شرّه (4).
لنا:أنّ المسلمين لمّا أسروا الأسرى يوم بدر،فقتل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عقبة و النضر بن الحارث،و استبقى سائرهم،فلم يعط من أسرهم أسلابهم و لا فداءهم،و كان فداؤهم لهم غنيمة.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السلب للقاتل،و ليس الآسر بقاتل.و لأنّ خيرة الإمام ثابتة في الأسير،و لو كان لمن أسره، كان أمره إليه.
احتجّوا:بأنّ الأسر أصعب من القتل و قد كفى المسلمين شرّه (5).
و الجواب:أنّ الجعل للقتل لا للأسر،و التحقيق عندي:أنّ للإمام أن ينفّل من
ص:307
فعل مصلحة من المصالح شيئا فيجوز له أن ينفّل من أسر مشركا بسلبه،فيجوز حينئذ ذلك.
و قد روى الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام، قال:«أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين فبايعه[فقال]عليّ[عليه السلام:] (1)لا أقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين،فخلّى سبيله و أعطى سلبه الذي جاء به» (2).
بأن يبارز إلى صفّ المشركين،أو إلى مبارزة (4)من يبارزهم،فيكون له السلب،فلو لم يغرّر بنفسه،مثل أن يرمي سهما في صفّ المشركين من صفّ المسلمين فيقتل مشركا،لم يكن له سلبه؛لأنّ القصد منه التحريض على القتال و مبارزة الرجال و لا يحصل إلاّ بالتغرير.
فالسّلب في الغنيمة؛ لأنّهم باجتماعهم لم يغرّروا بأنفسهم في قتله.
من جرحهما أو ضرباه فقتلاه،كان السّلب لهما،قاله الشيخ رحمه اللّه (5).
ص:308
و عن أحمد روايتان:إحداهما:هذا،و به قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2).
و الثانية:يكون غنيمة (3)
لنا:أنّ قوله عليه السلام:«من قتل قتيلا فله سلبه» (4)يتناول الاثنين و الواحد على حدّ واحد،فلا وجه للتخصيص؛لأنّهما اشتركا في السبب فاشتركا في السّلب.
احتجّ أحمد:بأنّه إنّما يستحقّ السّلب بالتغرير في قتله،و لم يحصل بقتل الاثنين فلم يستحقّ به السّلب.و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في سلب (5). (6)
و الجواب عن الأوّل:أنّ التغرير قد يحصل بالاثنين كما يحصل بالواحد،و كون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في السّلب؛لأنّه لم تتّفق الشركة في السبب.
قال بعض الجمهور:يكون السّلب له؛لأنّ أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح 7
ص:309
و معاذ بن عفراء 1و أتيا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبراه فقال:«كلاكما قتله» و قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح 2. 3
سواء قتله مقبلا أو مدبرا،أمّا لو انهزم المشركون فقتله لم يستحقّ السّلب،بل كان غنيمة؛إذ لا تغرير حينئذ،بخلاف ما لو كانت الحرب قائمة فقتله و هو مدبر،فإنّه يستحقّ السّلب و إن قتله منهزما؛لوجود التغرير،و لأنّ الحرب فرّ و كرّ.و لأنّ سلمة بن الأكوع قتل طليعة الكفّار و هو منهزم فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«من قتله؟»قالوا:ابن الأكوع قال:«له سلبه أجمع» 4.و هذا اختيار الشافعيّ 5.
و قال أبو ثور و داود:لا يشترط قيام الحرب،بل يستحقّ القاتل السّلب مطلقا 6.
ص:310
لنا:أنّ ابن مسعود ذفّف (1)على أبي جهل فلم يعطه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سلبه،و أمر بقتل عقبة بن أبي معيط و النضر بن الحارث صبرا و لم يعط سلبهما لمن قتلهما،و قتل بني قريظة صبرا فلم يعط من قتلهم أسلابهم،و إنّما أعطى السّلب من قتل مبارزا (2)؛لما فيه من التغرير،و لأنّه يكفي المسلمين شرّه و المنهزم بعد انقضاء الحرب لا شرّ له و لم يغرّر قاتله بنفسه في قتله،فلا يستحقّ سلبه.
احتجّا:بعموم الخبر (3)و بحديث سلمة بن الأكوع (4). (5)
و الجواب:أنّه مخصوص بما ذكرناه،و الذي قتله سلمة بن الأكوع،كان متحيّزا إلى فئة.و كذا البحث في القاتل حال قيام الحرب و إن كان المقتول منهزما؛لأنّه متحيّز إلى فئة و راجع إلى القتال.
إن شرطنا في المبارزة إذن الإمام،
لم يستحقّ القاتل السّلب إلاّ مع إذن الإمام في المبارزة،و إن لم نشرط (6)ذلك،استحقّ السلب؛عملا بالعموم (7).
إمّا سهم أو رضخ،أمّا لو لم يكن له نصيب من الغنيمة و لا رضخ الإمام له شيئا فلا يخلو
ص:311
إمّا أن يكون ذلك لارتياب به،و ذلك بأن يكون مخذّلا،مثل عبد اللّه بن أبيّ،أو يكون معينا على المسلمين،أو يكون مرجفا (1)،فإنّه لا يستحقّ السّلب؛لأنّ ترك السهم من حيث إنّه عاون (2)على المسلمين،فلا يستحقّ السّلب أيضا،أو يكون لنقص فيه،كالمرأة و المجنون،فالذي قوّاه الشيخ-رحمه اللّه-:استحقاق السلب (3)لعموم الخبر (4)،و هو أحد قولي الشافعيّ.
و في الآخر:أنّه لا يستحقّ السّلب؛لأنّه لا يستحقّ السهم.و استحقاقه آكد من استحقاق السّلب؛للإجماع على استحقاق السهم و وقوع الخلاف في السّلب،فإذا انتفى استحقاق السهم المجمع عليه،فانتفاء السّلب المختلف فيه أولى (5).
و للشافعيّ قولان:أحدهما:عدم الاستحقاق؛لما تقدّم من منعه من السهم المجمع عليه فالسّلب المختلف فيه أولى (1).
و الجواب:أنّ السهم علّق على المظنّة و لهذا يستحقّ بالحضور،و يستوي فيه الفاعل و غيره،و السّلب يستحقّ بحقيقة الفعل و قد وجد منه،فاستحقّه،كالمجعول له جعلا على ما فعل إذا فعله.
-كمن يدخل بغير إذن الإمام،أو ينهاه أبواه مع عدم تعيينه عليه-لا يستحقّ السلب،كالمخذّل؛لأنّه عاص بفعله،و الإمام إنّما جعل السّلب للقاتل قتلا مشروعا.
جرير،و أحمد بن حنبل (1)،و هو الأقوى.
و قال إسحاق:إن كان السّلب كثيرا،خمّس و إلاّ فلا،و هو قول عمر بن الخطّاب (2).
لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك و خالد بن الوليد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى في السّلب للقاتل و لم يخمّس السّلب (3).
احتجّ المخالف:بالعموم في قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ (4)الآية.و لأنّه أخذ من الكفّار على وجه القهر،فوجب أن يخمّس،كالغنيمة (5).
و الجواب:عن الأوّل:بالمنع من كونه غنيمة،سلّمنا لكن يخصّ عموم القرآن بالسنّة.
و عن الثاني:بالفرق؛فإنّ القاتل هنا غرّر بنفسه،بخلاف أهل الغنيمة فلهذا وجب الخمس عليهم دون القاتل.
احتجّ إسحاق:بما رواه ابن سيرين:أنّ البراء بن مالك (6)بارز مرزبان
ص:314
الزارة (1)بالبحرين،فطعنه فدقّ صلبه (2)فأخذ سواريه و سلبه،فلمّا صلّى عمر الظهر أتى أبا طلحة في داره،فقال:إنّا كنّا لا نخمّس السّلب،و إنّ سلب البراء قد بلغ مالا و أنا خامسه،فكان أوّل سلب خمّس في الإسلام سلب البراء.و قيل:إنّه بلغ ثلاثين ألفا (3). (4)
و الجواب:أنّه حجّة لنا،فإنّ قول عمر:إنّا كنّا لا نخمّس السّلب،يدلّ على أنّ ذلك جار (5)في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أنّ تخميسه أمر حادث من عمر.
و أيضا:قول الراوي:كان أوّل سلب خمّس في الإسلام،يدلّ على أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله لم يخمّسه و كذا أبو بكر،و الحجّة في فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا في فعل عمر.
في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يحسب من خمس الخمس الذي هو سهم المصالح (1).
لنا:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السّلب للقاتل مطلقا (2)،و لم ينقل عنه أنّه جعله من خمس الخمس،و لا احتسب به منه؛و لأنّه عليه السلام لم يقدّره و لم يستعلم ثمنه،و لو وجب احتسابه في خمس الخمس لوجب العلم بقدره و قيمته.
و لأنّ سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام،فلم يكن من سهم المصالح،كسهم الفارس و الراجل.
احتجّ مالك:بأنّ السّلب استحقّه القاتل للتحريض على القتال،فكان من سهم المصالح،كالنفل (3).
و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل.
و يستحقّه المجعول له زائدا عن السهم الراتب له،و لا يتقدّر بقدر،بل هو موكول إلى نظر الإمام،قلّ أو كثر.و النفل يكون إمّا بأن يبذل الإمام من سهم نفسه الذي هو الأنفال،أو يجعله من حكم الغنيمة،و الأقرب:أن يجعله من أصل الغنيمة.
و قيل:إنّه يكون من أربعة أخماس المقاتلة (1).
إذا ثبت هذا:فلو جعل الإمام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة فابتدر من يقوم بتلك المصلحة من غير نفل،لم يكن للإمام أن ينفل حينئذ؛لأنّا قد بيّنّا أنّ النفل إنّما يكون مع اعتبار الحاجة و المصلحة و لا حاجة هنا إليه،و كذا لو وجد من ينتدب إلى ذلك الفعل بنفل أقلّ،لم يكن له أن ينفل الأكثر إلاّ أن يعلم الإمام أنّ الطالبين للزيادة أنكى للعدوّ و أبلغ فيما يريده.
أحدهما:منفصل عنه،و الثاني:
متّصل به.
فالمنفصل عنه:كالرحل و العبيد و الدوابّ التي عليها أحماله،و السلاح الذي ليس معه،فإنّه يكون غنيمة و لا يكون سلبا يختصّ به القاتل،بل يشترك فيه المسلمون المقاتلون؛لأنّ مفهوم السّلب لا يتناوله.
و أمّا المتّصل به:فعلى ضربين:
أحدهما:ما يحتاج إليه في القتال،كالثياب و العمامة و القلنسوة (2)و الدرع و المغفر (3)و البيضة (4)و الجوشن (5)و السلاح،كالسيف و الرمح و السكّين،فهذا كلّه
ص:317
سلب يستحقّه القاتل إجماعا.
الثاني:ما لا يحتاج إليه في القتال و هو في يده،و إنّما يتّخذ للزينة أو غيرها، كالتاج و السوار و الطوق و الهميان الذي للنفقة،و المنطقة،فهل يكون سلبا أم لا؟ تردّد الشيخ-رحمه اللّه-فيه و قوّى كونه سلبا (1).و للشافعيّ قولان (2)،و اختيار أحمد أنّه سلب (3).و هو الأقوى؛لأنّه لا بس له،فهو سلب في الحقيقة،فيدخل تحت عموم الخبر (4).و لأنّه ملبوس له،فأشبه ثيابه.
احتجّ الشافعيّ:بأنّه لا يحتاج إليه في القتال،فأشبه المنفصل (5).
و الجواب:الحكم معلّق على الاسم الذي يندرج فيه صورة النزاع دون صورة النقض،فافترقا.
سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده.و به قال الشافعيّ (6)،و عن أحمد روايتان 7.
ص:318
لنا:ما رواه الجمهور عن عوف بن مالك،قال:خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة موتة و رافقني مدديّ 1من أهل اليمن،فلقينا جموع الروم و فيهم رجل على فرس أشقر،عليه سرج مذهّب و سلاح مذهّب،فجعل يغري بالمسلمين،و قعد له المدديّ خلف صخرة،فمرّ به الروميّ فعرقب فرسه فعلاه فقتله،و حاز فرسه و سلاحه،فلمّا فتح اللّه للمسلمين،بعث إليه خالد بن الوليد،فأخذ من السّلب،قال عوف:فأتيته فقلت:يا خالد أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى بالسلب للقاتل؟قال:بلى 2.
و لأنّ الفرس يستعان بها في الحرب،فأشبهت السلاح.
احتجّ أحمد:بأنّ السّلب ما كان على بدنه،و الدابّة ليست كذلك 3.
و الجواب:أنّه منقوض بالسيف و الرمح و القوس،فإنّها من السّلب و ليست ملبوسة.
و الحلية التي على تلك الآلات-من السّلب؛لأنّه تابع لها،و يستعان به في القتال.
أمّا لو كانت في منزله أو مع غيره أو منفلتة،فإنّها لا تكون من السّلب،كالسلاح الذي ليس معه.
و لو كان راكبا عليها فصرعه عنها ثمّ قتله بعد نزوله عنها،فهي من السّلب.
ص:319
قال ابن الجنيد:تكون من السّلب (1).
و به قال الشافعيّ (2)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:ليست من السّلب (3).
لنا:أنّه يتمكّن من القتال عليها،فأشبهت ما في يده من السيف و الرمح.
احتجّ أحمد:بأنّه ليس راكبا عليها،فأشبهت ما لو كانت في يد غلامه (4).
لأنّ يده ليست عليه أمّا لو كان راكبا دابّة و في يده جنيب له،قال ابن الجنيد:يكون من السّلب (6)،و منع منه بعض الجمهور (7).
حجّة ابن الجنيد أنّه ممّا يستعان به على القتال و يده عليه،فكان سلبا،كالفرس المركوب (8).
احتجّ المخالف:بأنّه لا يمكن ركوبهما معا،فلا يكون سلبا (9).و للشافعيّ كالقولين (10).
ص:320
لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في قتيل سلمة بن الأكوع:«له سلبه أجمع» (1).و قال:«من قتل قتيلا[له عليه بيّنة] (2)فله سلبه» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّ ابن الجنيد-رحمه اللّه-قال:و لا أختار أن يجرّد الكافر في السلب (4).و كرهه الثوريّ،و لم يكرهه الأوزاعيّ (5)؛للخبر (6).
احتجّ ابن الجنيد:بأنّ فيه كشف العورة (7).
إذا عرفت هذا:فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن يأخذ سلبا عند مباشرته للحرب (8).رواه ابن الجنيد.
بيّنة فله سلبه» (1).و لأنّه مدّع،فيحتاج إلى البيّنة؛للعموم (2).
احتجّ الأوزاعيّ:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل قول أبي قتادة (3). (4)
و الجواب:أنّه عليه السلام إنّما قبل قوله؛لأنّ خصمه أقرّ له،فاكتفى بإقراره.
إذا ثبت هذا:فهل يفتقر إلى شاهدين؟قال أحمد:لا بدّ من شاهدين (5).
و قال قوم من الجمهور:يقبل بشاهد و يمين؛لأنها دعوى في المال.و يمكن القول:بأنّه يقبل شاهد بغير يمين؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبل قول الذي شهد لأبي قتادة من غير يمين (6). (7)
احتجّ أحمد:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اعتبر البيّنة،و إطلاقها ينصرف إلى شاهدين.و لأنّها دعوى للقتل،فاعتبر شاهدان،كقتل العمد (8).
فللشافعيّ قولان:
أحدهما:الجواز،و به قال أبو حنيفة (9)؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال يوم
ص:322
بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (1).
و الثاني:المنع؛لأنّ من أجاز ذلك،أسقط حقّ أهل الخمس من خمسه،و من يستحقّ جزءا من الغنيمة،لم يجز للإمام أن يشترط إسقاطه،كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين،و تأوّل الخبر بعد التسليم بأنّ غنائم بدر لم تكن للغانمين؛لأنّ الآية نزلت بعدها (2)،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها (3).أمّا الشيخ-رحمه اللّه-فإنّه قال:إذا قال الإمام قبل لقاء العدوّ:من أخذ شيئا من الغنيمة فهو له بعد الخمس،كان جائزا؛لأنّه معصوم و فعله حجّة (4).
ص:323
في الرضخ
و إن احتيج إليهنّ لمنفعة العسكر من الطبخ و مداواة الجرحى و غير ذلك،بل يرضخ لهنّ الإمام ما يؤدّي إليه اجتهاده.
و معنى الرضخ:أنّه يعطى المرضوخ له شيئا من الغنيمة و لا يسهم له سهم كامل،و لا تقدير للرضخ،بل هو موكول إلى نظر الإمام،فإن رأى التسوية بينهنّ سوّى،و إن رأى التفضيل فضّل،و هذا مذهب علمائنا أجمع،و أكثر أهل العلم، منهم:سعيد بن المسيّب (1)،و مالك (2)،و الثوريّ،و الليث (3)،و الشافعيّ (4)، و إسحاق،و أحمد بن حنبل،و هو مرويّ عن ابن عبّاس (5).
و قال الأوزاعيّ:يسهم للنساء (6).
ص:324
لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن هرمز (1)،قال:كتب نجدة الحروريّ (2)إلى ابن عبّاس-رحمه اللّه-يسأله عن النساء هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟و هل كان يضرب لهنّ بسهم؟فقال ابن عبّاس:قد كنّ يشهدن الحرب،فأمّا الضرب لهنّ بسهم،فلا (3).
و عن ابن عبّاس أيضا،قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغزو بالنساء فيداوين الجرحى،و يحذين (4)[من] (5)الغنيمة،و أمّا سهم،فلم يضرب لهنّ (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن سماعة،عن أحدهما عليهما السلام، قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى
ص:325
و لم يقسم (1)لهنّ من الفيء شيئا و لكن نفلهنّ» (2).
و لأنّهنّ لسن من أهل القتال،و لهذا لم يجب عليهنّ فرضه،و نهي عن قتل الحربيّات.و لأنّ المرأة ضعيفة يستولي عليها الخور (3)،فلا تصلح للقتال فلا يسهم لهنّ.
احتجّ المخالف:بما رواه حشرج بن زياد عن جدّته أمّ أبيه:أنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ (4)،فلمّا فتح اللّه عليه خيبر،أسهم لنا كما أسهم للرجال،قال:قلت:يا جدّة ما كان ذلك؟قالت:
و عن ابن شبل (7):أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب لسهلة بنت عاصم (8)يوم
ص:326
خيبر بسهم،فقال رجل من القوم:أعطيت سهلة مثل سهمي (1).
و الجواب عن الأوّل:أنّه يحتمل أنّ الراوي سمّى الرضخ سهما.و قولها:أسهم لنا كما أسهم للرجال،معناه:قسّم بيننا الرضخ،كما قسّم الغنيمة بين الرجال.
و التساوي في القسمتين لا يلزم التساوي في المقدارين،و لهذا كان النصيب تمرا، و لو كان سهما ما اختصّ بالتمر،و لأنّ خيبر قسّمت على أهل الحديبيّة،و هم نفر معدودون في غير حديث جدّة حشرج و لم يذكرن منهم (2)،و يحتمل أنّه أسهم لهنّ من التمر خاصّة مثل سهم الرجال.
و عن الثاني:أنّ في الحديث أنّها ولدت،فأعطاها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لها و لولدها.و عندنا أنّ المولود يسهم له،كالرجال.
و لكن يرضخ لهم الإمام ما يراه من المصلحة و إن جاهدوا،و به قال أكثر العلماء (3).
و قال أبو ثور:يسهم للعبد،و هو مرويّ عن عمر بن عبد العزيز،و الحسن البصريّ،و النخعيّ (4).و حكي عن الأوزاعيّ أنّه قال:ليس للعبيد سهم و لا رضخ إلاّ أن يجيئوا بغنيمة فيرضخ لهم (5).
لنا:ما رواه الجمهور عن يزيد بن هرمز (6)أنّ نجدة كتب إلى ابن عبّاس يسأله
ص:327
عن المرأة و المملوك يحضران الفتح أ لهما من المغنم شيء؟قال:يحذيان و ليس لهما شيء،و في رواية قال:ليس لهما سهم و قد يرضخ لهما (1).
و عن عمير مولى آبي اللحم (2)،قال:شهدت خيبر مع سادتي فكلّموا فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبر أنّي مملوك فأمر لي بشيء من خرثيّ (3)المتاع (4).
و لأنّه ليس من أهل القتال و لا يجب عليه الجهاد فلا يسهم له،كالمرأة.
احتجّوا:بما روي عن الأسود بن يزيد أنّه شهد فتح القادسيّة عبيد فضرب لهم سهامهم.و لأنّ حرمة العبد في الدين كحرمة الحرّ،و فيه من الغناء (5)مثل ما فيه، فوجب أن يسهم له كالحرّ (6).
ص:328
و الجواب عن الأوّل:بالمنع من الرواية أوّلا،و باحتمال صرف الأسهام إلى الرضخ ثانيا.
و عن الثاني بالفرق،فإنّ الحرّ يجب عليه الجهاد،و الحريّة مظنّة الفراغ للوسع في النظر و الفكر في مصالح المسلمين،بخلاف العبد.
بل يرضخ لهما.
و قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:يسهم للعبد المأذون له (1)،و به قال الأوزاعيّ (2)،و أبو ثور (3)،نقله عنهما ابن الجنيد أيضا.و ليس بجيّد؛لأنّه عبد لا يجب عليه الجهاد،فلا يستحقّ سهما من الغنيمة،كالنساء.
ثمّ إن كره مولاه الغزو لم يرضخ له؛لأنّه عاص بذلك،و إن عرف منه الإباحة،استحقّ الرضخ، كالمأذون.
لأنّهم عبيد.
و لو قتل سيّد المدبّر قبل تقضّي الحرب،و هو يخرج من الثلث،عتق و أسهم له إذا كان حاضرا.
ص:329
و يسهم له بقدر ما فيه من الحرّيّة؛لأنّه ممّا يمكن تنصيفه،فيقسّم،كالميراث (1)،و قيل:يرضخ له؛ لأنّه ليس من أهل وجوب القتال،فأشبه الرقيق (2).
لأنّ المقتضي لاستحقاق السهم و هو الذكورة غير معلوم الثبوت في حقّه،فلا يترتّب عليه الحكم،و لأنّ الجهاد غير واجب عليه،فأشبه المرأة.و قيل:له نصف سهم و نصف الرضخ كالميراث (3).
و الأوّل:أقوى.
فلو انكشف حاله و علم أنّه رجل،أتمّ له سهم الرجل،سواء انكشف قبل تقضّي الحرب أو بعده،أو قبل القسمة أو بعدها؛لأنّه قد ظهر لنا استحقاقه للسهم و أعطي دون حقّه،فأشبه ما لو أعطي بعض الرجال دون حقّه غلطا.و فيه نظر.
و قال الشافعيّ (1)،و أبو حنيفة (2)،و الثوريّ،و الليث،و أحمد،و أبو ثور:
لا يسهم له،بل يرضخ.و عن القاسم و سالم:ليس له شيء (3).
لنا:ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه أسهم للصبيان بخيبر، و أسهم أئمّة المسلمين كلّ مولود ولد في دار الحرب (4).
و روى الجوزجانيّ بإسناده عن ابن عطاء (5)،قال حدّثتني جدّتي قالت:كنت مع حبيب بن مسلمة (6)،و كان يسهم لأمّهات الأولاد لما في بطونهنّ (7).
و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة،عن جعفر،عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ عليّا عليه السلام قال:«إذا ولد المولود في أرض (8)
ص:331
الحرب قسّم له ممّا أفاء اللّه عليهم» (1).
و لأنّه حرّ ذكر حضر القتال،و له حكم المسلمين،فيسهم له،كالرجل.
و لأنّ في إسهامه بعثا له بعد البلوغ على الجهاد،فيكون لطفا له فيجب.و لأنّه حال القتال معرّض للتلف،فصار كالمحارب.
احتجّوا:بما رواه الجوزجانيّ بإسناده أنّ تميم بن فرع المهريّ (2)كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندريّة في المرّة الأخيرة،فلم يقسّم لي عمرو (3)من الفيء شيئا،و قال:غلام لم يحتلم،حتّى كاد يكون بين قومي و بين الناس من قريش في ذلك نائرة (4)،فقال بعض القوم:فيكم أناس من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاسألوهم (5)،فسألوا أبا بصرة الغفاريّ (6)و عقبة بن عامر،فقالا:انظروا،فإن كان قد أشعر،فاقسموا له،فنظر إليّ بعض القوم فإذا أنا قد أنبتّ،فقسم لي (7).
ص:332
و لأنّه ليس من أهل القتال،فلم يسهم له،كالعبد (1).
و الجواب عن الأوّل:أنّ فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الحجّة،و قد نقلنا أنّه عليه السلام قسم للصبيان في خيبر (2)،فلا اعتداد حينئذ بمخالفة عمرو.
و عن الثاني:بأنّه و إن لم يكن من أهل القتال،لكنّه ممّن ثبت في حقّه المظنّة، و هي الحريّة و الذكورة (3).
لا فرق بين الطفل الصغير و المراهق؛
عملا بالمقتضى و قد قلنا:إنّه لو ولد بعد تقضّي الحرب و حيازة الغنائم قبل القسمة،أسهم له (4)؛لأنّ المزاحم للسابقين (5)في الاستحقاق وجد قبل القسمة فشاركهم،كالممنوع من الإرث إذا زال المانع قبل القسمة.
أمّا لو ولد بعد القسمة،فإنّه لا يسهم له؛لأنّ كلّ واحد من الغانمين قد استقرّ ملكه على ما في يده بالقسمة،فلا يزول عنه.
ذهب إليه علماؤنا،و به
ص:333
قال مالك (1)،و أبو حنيفة (2)،و الشافعيّ (3).و قال الثوريّ و الزهريّ،و إسحاق:يسهم له كالمسلم،و عن أحمد روايتان (4).
لنا:أنّه ليس من أهل الجهاد؛لأنّه لا يخلص نيّته للمسلمين،فلا يساويهم في الاستحقاق.
احتجّ المخالف:بما رواه الزهريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم (5).
و روي أنّ صفوان بن أميّة خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،فأسهم له و أعطاه من سهم المؤلّفة (6).
و لأنّ الكفر نقص في الدين،فلم يمنع استحقاق السهم،كالفسق (7).
و الجواب عن الأوّل:يحتمل أن يكون الراوي سمّى الرضخ إسهاما.
و عن الثاني:أنّ إسهامه من نصيب المؤلّفة عندنا جائز،و ذلك من سهم مستحقّي الزكاة لا من الغنيمة.
و عن الثالث:بالفرق بين الفسق و الكفر و هو ظاهر.
ص:334
إلى القتال بإذن الإمام،و لو خرج بغير إذنه،لم يسهم له و لا يرضخ شيئا بلا خلاف؛لأنّه غير مأمون على الدين،فهو كالمرجف.
كانت غنيمتهم للإمام على ما يأتي أنّ الغنيمة المأخوذة بغير إذن الإمام له خاصّة.
و قال بعض الجمهور:غنيمتهم لهم و لا خمس فيها (1)؛لأنّه اكتساب مباح لم يؤخذ على وجه الجهاد،فكان كالاحتطاب و الاحتشاش.
و قيل:فيه الخمس؛لأنّه غنيمة قوم من أهل دار الإسلام،فأشبه غنيمة المسلمين (2).
و عن صفوان بن أميّة أنّه خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،و أسهم له (1).
في المسلمين
مأمون الضرر،و لو لم يكن مأمونا،لم يجز الاستعانة به إجماعا؛لأنّا منعنا الاستعانة بغير المأمون من المسلمين،كالمخذّل و المرجف،فالكافر أولى،أمّا إذا كان مأمونا،فإنّه تجوز الاستعانة به-على ما قلناه أوّلا-خلافا لأحمد.
احتجّ على عدم جواز الاستعانة مطلقا:بما روت عائشة،قالت:خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر،حتّى إذا كان بحرّة الوبرة (2)،أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة و نجدة،فسر المسلمون به فقال:يا رسول اللّه جئت لأتّبعك و أصيب معك،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:
لا،قال:«فارجع،فلن نستعين بمشرك»قالت:ثمّ مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،حتّى إذا كان بالبيداء،أدركه ذلك الرجل،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أ تؤمن باللّه و رسوله؟»قال:نعم،قال:«فانطلق» (3).
و عن عبد الرحمن بن خبيب،قال:أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو يريد غزوة-أنا و رجل من قومي و لم نسلم،فقلنا:نستحي أن يشهد قومنا مشهدا
ص:336
لا نشهده معهم،قال:«فأسلمتما؟»قلنا:لا،قال:«إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين»قال:فأسلمنا و شهدنا معه (1).
و لأنّه غير مأمون فأشبه المخذّل و المرجف (2).
و الجواب عن الحديثين:أنّهما وردا في واقعة،فلا عموم لها،و حينئذ يحتمل أن يكون عليه السلام مستغنيا عن المشركين في تلك القضيّة،أو أنّه عليه السلام علم من حالهم الإسلام بالردّ لهم فردّهم ليسلموا،و ذلك مصلحة عظيمة،أو أنّه عليه السلام لم يكن عالما بحالهم من الأمانة و عدم الإضرار.
و عن الثاني:بالفرق؛إذ التقدير أنّ الاستعانة إنّما تجوز إذا كان المشرك مأمونا، فلا يجوز قياس أحد النقيضين على صاحبه.
بل هو موكول إلى نظر الإمام،لكن لا يبلغ للفارس سهم فارس و لا للراجل سهم راجل،كما لا يبلغ بالتعزير الحدّ.
و ينبغي أن يفضّل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم و كثرة النفع بهم،فيفضّل العبد المقاتل الشديد على من ليس كذلك،و تفضّل (3)المرأة المقاتلة،و التي تسقي الماء و تداوي الجرحى و تعتني بالمجاهدين على من ليس كذلك.
و بالجملة تفاوت بينهم بالعطاء بحسب تفاوت النفع بهم،و لا يسوّى بينهم كما يسوّى في السهام؛لأنّ السهم منصوص عليه (4)غير موكول إلى الاجتهاد،فلم يختلف،كالحدّ و الدية،أمّا الرضخ،فإنّه غير مقدّر،بل هو مجتهد فيه،مردود إلى
ص:337
اجتهاد الإمام،فاختلف،كالتعزير و قيمة العبد و غير ذلك.
و للشافعيّ ثلاثة أقوال:أحدها:كقولنا.
و الثاني:أنّه يكون من أربعة الأخماس؛لأنّهم يستحقّون ذلك بحضورهم الوقعة،فأشبهوا الغانمين.
و الثالث:أنّه يدفع من سهم المصالح؛لأنّ مستحقّ الرضخ ليس من أصحاب السهم و لا من أصحاب الخمس،فلم يكن الدفع إليه إلاّ على وجه المصلحة،فكان من سهم المصالح (1).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:الأوّل:أصحّ؛لأنّهم يستحقّون ذلك لمعاونة الغانمين في تحصيل الغنيمة،فهم بمنزلة النقّالين (2)و الحفّاظ تكون أجرتهم من أصل الغنيمة، و لو أعطاهم الإمام ذلك من ماله من الأنفال و حصّته من الخمس،جاز ذلك (3).
و لا يبيّن المدّة؛لأنّ ذكر المدّة غرر،فربّما زادت مدّة الحرب أو نقصت،و عفي عن الجهالة هنا؛لموضع الحاجة.فإن لم يكن قتال،لم يستحقّوا شيئا،و إن كان هناك قتال،فإن قاتلوا، استحقّوا الأجرة،و إن لم يقاتلوا،ففي الاستحقاق تردّد ينشأ من أنّه منوط بالعمل و لم يوجد،فلا استحقاق،أو أنّه يستحقّ بالحضور؛لأنّ الحضور بمنزلة القتال في حقّ المسلم يستحقّ به السهم،فكذا هنا،و الأوّل:أقوى.
ص:338
ففيه احتمالان:
أحدهما:أنّه يعطى ما يكون رضخا من الغنيمة،و ما زاد يكون من سهم المصالح.
و الثاني:أنّه يدفع ذلك كلّه من الغنيمة؛لأنّه جار مجرى المئونة،و المئونة لا يعتبر فيها النقصان عن السهم.و هو الأقوى عندي.
و لو كان على فرس،لم يسهم له و لا للفرس.
لأنّه عاص بغزوه، فصار كالمخذّل و المرجف.
و لو غزا الرجل بغير إذن الإمام،أخطأ،و إن غنم مع العسكر،كان سهمه للإمام على ما يأتي.و لو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن من له الدّين عليه،استحقّ السهم؛ لتعيّن الجهاد عليه بالحضور في الصفّ،فانتفى العصيان،بخلاف العبد،و فيه نظر.
شيء
و إن قاتلوا مع المهاجرين،بل يرضخ لهم الإمام بحسب ما يراه من المصلحة (1).
و نعني (2)بالأعراب:من أظهر الإسلام و لم يصفه،و صولح على إعفائه عن المهاجرة و ترك النصيب.
قال:و يجوز أن يعطيهم الإمام من سهم ابن السبيل من الصدقة؛لأنّ الاسم يتناولهم (3).
ص:339
و منع ابن إدريس ذلك كلّ المنع،و أوجب لهم النصيب،و أن يسهمهم الإمام كغيرهم من المقاتلة؛عملا بالعموم و استضعافا للرواية (1).
أمّا الشيخ-رحمه اللّه-:فقد عوّل في ذلك على ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث المعتزلة،قال:«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم،و لا يهاجروا، على إن دهمه من عدوّه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة (2)نصيب» (3).
فإن صحّ هذا الحديث،عمل به (4)،و إلاّ فالأقوى:مذهب ابن إدريس.
ص:340
في كيفيّة القسمة
إلى القاتل أن جعله له؛لأنّ حقّه متعلّق بالعين دون بقيّة الغنيمة؛فإنّها لا تتعيّن لأحد،ثمّ يخرج بعد ذلك أجرة الحمّال و الحافظ و الناقل و الراعي؛لأنّ ذلك من مؤنها يؤخذ من أصلها،ثمّ يخرج منها الرضخ إن قلنا:إنّ الرضخ من أصل الغنيمة-على ما يأتي الخلاف فيه-ثمّ يقسّم فيفرد الخمس لأهله،و تقسّم الأربعة الأخماس بين الغانمين و تقدّم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس؛لأنّ مستحقّ الغنيمة و هم الغانمون،حاضرون،و أهل الخمس غائبون،فيقدّم حقّ الحاضرين.و لأنّ الغانمين يقف رجوعهم و انصرافهم إلى مواطنهم على قسمة الغنيمة،و أهل الخمس في مواطنهم،فكان الاشتغال بهم ليعودوا إلى أوطانهم أولى.و لأنّ الغانمين إنّما حصلت الغنيمة باجتهادهم و محاربتهم،فكانوا بمنزلة من استحقّها بعوض،و أهل الخمس حصلت لهم بغير سبب منهم،فكان حقّ الغانمين آكد،فقدّموا في القسمة.
-من فرس جواد أو ثوب مرتفع أو جارية حسناء أو سيف قاطع و غير ذلك-ما لم يضرّ بالعسكر.ذهب إليه علماؤنا أجمع؛لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان يصطفي من الغنائم الجارية و الفرس و ما أشبههما في غزاة خيبر و غيرها (1).
ص:341
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الكنانيّ،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«نحن قوم فرض اللّه طاعتنا،لنا الأنفال،و لنا صفو المال» (1).
و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن صفو المال،قال:
«للإمام أن يأخذ الجارية الحسناء،و المركب الفاره،و السيف القاطع،و الدرع قبل أن تقسّم الغنيمة،هذا صفو المال» (2).
أمّا الجمهور،فإنّهم قالوا:إنّ الصفو كان مختصّا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يبطل بموته (3).
و ليس بمعتمد؛لأنّ المقتضي في حقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-و هو تحمّله لأثقال غيره و إتمام ذوي الحقوق مئونتهم مع قصور حقّهم-ثابت في حقّ الإمام،فيكون المعلول ثابتا.
إذا ثبت هذا:فإنّ البحث في أنّ الاصطفاء قبل الخمس أو بعده،كالبحث فيما تقدّم في الرضخ (4).
من الرضخ و الجعائل و أجرة الحافظ و الراعي و الناقل،و كلّما تحتاج الغنيمة إليه من النفقة مدّة بقائها، و يقسّم (5)الباقي بين الغانمين خاصّة ممّا ينقل و يحوّل،أمّا الأرضون و العقارات فقد بيّنّا أنّها للمسلمين قاطبة (6)،و إنّما يختصّ الغانمون بالأموال الحاضرة ممّا ينقل و يحوّل،فيقسّم ذلك بين الغانمين،للراجل سهم و للفارس سهمان.
ص:342
و لا خلاف بين العلماء في أنّ الراجل يستحقّ سهما واحدا،و اختلفوا في الفارس،فقال أكثر علمائنا:إنّه يستحقّ سهمين:سهم له و سهم لفرسه (1).و به قال أبو حنيفة (2).
و قال ابن الجنيد من علمائنا:للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له (3).
و هو قول أكثر العلماء (4).
و نقله الجمهور عن عليّ عليه السلام (5)،و نقله أصحابنا أيضا عنه (6)،و تأوّلوه بما يأتي (7)،و بهذا قال عمر بن عبد العزيز،و الحسن البصريّ،و ابن سيرين، و حبيب بن أبي ثابت (8)،و مالك و من تبعه من أهل المدينة (9)،و الثوريّ و من وافقه
ص:343
من أهل العراق،و الليث و من تبعه من أهل مصر (1)،و الشافعيّ (2)،و أحمد بن حنبل،و إسحاق،و أبو ثور و أبو يوسف،و محمّد (3).
لنا:ما رواه الجمهور عن المقداد-رضي اللّه عنه-قال:أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهمين:سهم لي و سهم لفرسي (4).
و عن مجمّع بن جارية (5)،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على أهل الحديبيّة،فأعطى الفارس سهمين و أعطى الراجل سهما (6).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،و فيها:كيف تقسّم الغنيمة بينهم؟فقال:
ص:344
«للفارس سهمان،و للراجل سهم» (1).
و لأنّه حيوان ذو سهم،فلا يسهم أكثر من سهم واحد،كالآدميّ.
احتجّوا:بما رواه ابن عمر،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له (2).
و عن أبي رهم (3)و أخيه،أنّهما كانا فارسين يوم خيبر،فأعطيا ستّة أسهم:
أربعة أسهم لفرسيهما،و سهمين لهما (4).
و عن ابن عبّاس،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفارس ثلاثة أسهم، و أعطى الراجل سهما (5). (6)
و من طريق الخاصّة:ما رواه إسحاق بن عمّار عن جعفر،عن أبيه
ص:345
عليهما السلام،أنّ عليّا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم،و للراجل سهما (1).
و الجواب:عن هذه الأحاديث:أنّها محمولة على صاحب الأفراس الكثيرة؛ جمعا بين الأخبار،و تناسبا في المعنى.
و يؤيّده ما رواه أبو البختريّ عن جعفر،عن أبيه عليهما السلام«إنّ عليّا عليه السلام كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم:سهمين لفرسه،و سهما له،و يجعل للراجل سهما» (2).
و للفارس سهمين (3)على خلاف،أمّا ذو الأفراس الكثيرة،فإنّه يسهم له ثلاثة أسهم؛لما تقدّم.
و لو كان معه أفراس جماعة،لم يسهم إلاّ لفرسين لا غير،فيسهم له ثلاثة أسهم:سهمان لخيله،و سهم له.و به قال أحمد بن حنبل (4).
و قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الشافعيّ:لا يسهم لأكثر من فرس
ص:346
واحد (1).
لنا:ما رواه الجمهور عن الأوزاعيّ،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للخيل،و كان لا يسهم للرجل فوق فرسين و إن كان معه عشرة أفراس (2).
و عن مكحول،أنّ الزبير حضر خيبر بفرسين،فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسة أسهم:سهم له،و أربعة لفرسيه (3).
و عن أزهر بن عبد اللّه (4)،أنّ عمر بن الخطّاب كتب إلى أبي عبيدة الجرّاح،أن يسهم للفرس سهمين،و للفرسين أربعة أسهم،و لصاحبهما سهم،فذلك خمسة أسهم،و ما كان فوق الفرسين فهي جنائب (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن الحسين بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جدّه،
ص:347
عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال:«إذا كان مع الرجل أفراس في غزو (1)،لم يسهم إلاّ لفرسين منها» (2).
و لأنّ الحاجة ماسّة إلى الفرس الثانية،فإنّ استدامة الركوب على واحدة يضعفها و يمنع من المحاربة،فيسهم له،كالأوّل،بخلاف الثالث و ما زاد عليه؛ للاستغناء عنه.
احتجّوا:بما رواه ابن عمر،أنّ الزبير حضر خيبر و معه أفراس،فلم يسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ لواحد.و لأنّه لا يمكن أن يقاتل على أكثر من الواحد، فلم يسهم لما زاد عليه،كالزائد على الفرس (3)،و الجواب عن الأوّل:أنّا قد روينا عن الزبير،أنّه أسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن فرسين (4).و يحتمل أن يكون قد أسهمه سهمين للفرسين،كما ذهبنا إليه،فتوهّم ابن عمر أنّه سهم (5)فرس واحد، كما ذهب إليه الشافعيّ (6).
و عن الثاني:بالفرق الذي بيّنّاه من إمساس الحاجة إلى الفرس الثانية دون الزائد (7).
ص:348
فإن غزا العبد بإذن مولاه على فرس لمولاه،رضخ للعبد،و أسهم للفرس،و كان السهم لسيّده؛لأنّ السيّد هو المالك للفرس فاستحقّ السهم.فإن كان معه فرسان،أسهم سهم فرسين و رضخ له.و بهذا قال أحمد بن حنبل (2).
و قال أبو حنيفة (3)،و الشافعيّ:لا يسهم للفرس؛لأنّه تحت من لا سهم له،فلم يسهم له،كما لو كان تحت مخذّل (4).
لنا:أنّه فرس حضر الوقعة و خوصم عليه،فاستحقّ مالكه السهم،كما لو كان الراكب هو السيّد.
إذا عرفت هذا:فإنّ الرضخ و السهم معا للسيّد؛لأنّه المالك للعبد و للفرس (5)، سواء (6)حضر السيّد القتال أو غاب.
و الفرق بينه و بين المخذّل أنّ المخذّل لا يستحقّ شيئا بالحضور،ففرسه أولى بعدم الاستحقاق.
أسهم له و لفرسه على ما بيّنّاه من أنّ الصبيّ يستحقّ السهم (7)،فكذا فرسه،و فيه خلاف بيننا و بين الجمهور.
فالوجه:أنّهما يرضخان أزيد
ص:349
من رضخ الراجل (1)من صنفهما،و أقلّ من سهم الفارس؛لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يبلغ بالرضخ للفارس سهم فارس (2).و لأنّ سهم الفرس له،فإذا لم يستحقّ بحضوره سهما ففرسه أولى،بخلاف العبد،فإنّ الفرس هناك لغيره و هو السيّد.
فلا شيء له و لا لفرسه؛لما تقدّم (3).و لو غزا العبد بغير إذن مولاه،لم يرضخ له؛لأنّه عاص.
أسهم له و للفرس،و يكون سهم الفرس للمستعير.و به قال الشافعيّ (4)،و أحمد في إحدى الروايتين (5).
و في الأخرى:إنّ السهم للمالك،و به قال بعض الحنفيّة،و قال بعضهم:لا يسهم للفرس (6).
لنا:أنّه متمكّن (7)من الغزو عليه شرعا و عقلا،فأشبه المستأجر.و لأنّه فرس قاتل عليه من يستحقّ سهما و هو مالك لنفعه،فاستحقّ سهم الفرس،كالمستأجر.
و لأنّ سهم الفرس مستحقّ بمنفعته،و هي للمستعير بإذن المالك.
احتجّ أحمد:بأنّه من نمائه،فأشبه ولده (8).
و احتجّ الآخرون:بأنّ مالكه لا يستحقّ شيئا،فكذا فرسه،كالمخذّل
ص:350
و المرجف (1).
و الجواب عن الأوّل:بالفرق،فإنّ النماء و الولد غير مأذون له فيه،بخلاف الغزو المأذون فيه.
و عن الثاني:بالفرق،فإنّ المخذّل و المرجف لا يستحقّان سهما بالحضور؛ للخذلان و الإرجاف،بخلاف المستعير،فإنّ صاحب الفرس لو حضر لاستحقّ سهما،و إنّما منع السهم للغيبة،فلا جامع؛للاختلاف في العلّة.
استحقّ السهم له،و أمّا سهم الفرس فالبحث فيه كالمغصوب؛لأنّه غاصب حينئذ.
فسهم الفرس للمستأجر بلا خلاف؛لأنّه يستحق (2)نفعه بالأجرة استحقاقا لازما،فكان السهم له،كالمالك.
و لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه،سقط سهم الفرس؛لأنّه كالغاصب.
كالمرجف و المخذّل،أو له رضخ،كالمرأة و العبد،كان حكمه حكم فرسه المملوكة له،و قد تقدّم بيانه (3).
لم يسهم للغاصب إلاّ عن نفسه.
و أمّا سهم الفرس:فإن كان صاحبه حاضرا في الحرب،كان السهم له،و إلاّ فلا شيء له.
ص:351
و قال بعض الحنفيّة:لا سهم للفرس (1)،و هو قول بعض الشافعيّة.
و قال بعضهم:سهم للغاصب،و عليه أجرة الفرس لمالكه (2).
و قال أحمد:يسهم للمالك،و أطلق (3).
لنا:أنّه مع الحضور قاتل على فرسه من يستحقّ السهم،فاستحقّ السهم،كما لو كان مع صاحبه،و إذا ثبت أنّ للفرس سهما،ثبت لمالكه؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للفرس سهما (4)و لصاحبه سهما (5)،و ما كان للفرس كان لمالكه.
أمّا مع الغيبة:فإنّ الغاصب لا يملك منفعة الفرس،و المالك لم يحضر،فلم يستحقّ سهما،و لا يستحقّ فرسه سهما.
أمّا الشافعيّة فقالوا:إنّ الفرس كالآلة،فكان الحاصل بها لمستعملها،كما لو غصب سيفا فقاتل به،أو قدوما (6)فاحتطب به (7). (8)
و الجواب:الفرق،فإنّ السيف و القدوم لا شيء لهما،و الفرس جعل لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهما (9)،و لمّا لم تكن الفرس أهلا للملك،كان السهم لمالكها.
ص:352
و لأنّ السهم مستحقّ بنفع الفرس و نفعه لمالكه،فوجب أن يكون ما يستحقّه له.
إذا ثبت هذا:فإنّ الغاصب يجب عليه أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو لا؛لأنّه تصرّف في مال غيره بغير إذنه،فكان عليه أجرته.
كالمرجف و المخذّل،فعندنا أنّ سهم الفرس لمالكه إن كان حاضرا،و إلاّ فلا شيء له.
و قال بعض الجمهور:إنّ حكم المغصوب حكم فرسه؛لأنّ الفرس تتبع الفارس في حكمه فتتبعه إذا كان مغصوبا قياسا على فرسه (1).
و ليس بمعتمد؛لأنّ النقص في الراكب و الجناية منه،فاختصّ المنع به و بتوابعه،كفرسه التابعة له،بخلاف المغصوب،فإنّه لغيره،فلا ينقص سهمها،فينقص سهمه.
و كذا البحث لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس لمولاه.
قال ابن الجنيد رحمه اللّه-:يعطى لكلّ واحد سهم راجل،ثمّ يفرّق بينهم سهم فرس واحدة (2).
و هو حسن.
سهم له و سهم لفرسه،فإنّه يسهم له ذلك،سواء كان فرسه عتيقا أو برذونا أو مقرفا أو هجينا.
فالعتيق:الذي أبوه و أمّه عربيّان عتيقان كريمان.و البرذون:ما كان أبوه و أمّه عجميّين (3).
ص:353
و المقرف:الذي أبوه برذون و أمّه عتيقة.
و الهجين:الذي أبوه عتيق و أمّه عجميّة.
قالت هند (1)بنت النعمان بن بشير.
و ما هند إلاّ مهرة عربيّة سليلة أفراس تجلّلها بغل
فإن ولدت مهرا كريما فبالحرى و إن يك إقراف فما أنجب الفحل (2)
إذا عرفت هذا فإنّ سهم الفرس يستحقّ بكلّ واحدة من هذه.و به قال الشافعيّ (3)،و مالك (4)،و أبو حنيفة (5).
و قال الأوزاعيّ:لا يسهم للبرذون،و يسهم للمقرف و الهجين سهم واحد (6).
و عن أحمد روايات:
إحداها:أنّه يسهم لما عدا العربيّ سهم واحد،و هو قول الحسن البصريّ (7).
الثانية:أنّه يسهم له مثل سهم العربيّ-كقول الشافعيّ-و به قال عمر بن
ص:354
عبد العزيز،و الثوريّ (1).
الثالثة:أنّها إن أدركت إدراك العراب،أسهم لها،مثل الفرس العربيّ،و إلاّ فلا.
الرابعة:أنّه لا سهم لها (2).
و عن أبي يوسف روايتان:
إحداهما:أنّه يسهم لها سهمان،كالعربيّ،الثانية:أنّه يسهم لها سهم واحد (3).
لنا:ما فهم من إطلاق الروايات أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للفرس سهما أو سهمين (4)-على اختلاف الروايات-و هو عامّ في كلّ فرس.و لأنّه حيوان ذو سهم،فاستوى فيه الفاره (5)و غيره،كالآدميّين.
احتجّوا:بأنّ البرذون ليس له كرّ و لا فرّ،فلا يسهم له،كالبعير،أو لا سهم له، كالعربيّ؛لقصوره في النفع عنه.و لما روي عن أبي موسى أنّه كتب إلى عمر بن الخطّاب:إنّا قد وجدنا بالعراق خيلا عراضا،فما ترى في سهمانها؟فكتب إليه:تلك البراذين،فما قارب العتاق (6)منها فاجعل له سهما واحدا،و ألغ ما سوى ذلك (7). (8)
و عن مكحول:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفرس العربيّ سهمين
ص:355
و أعطى الهجين سهما (1).
و الجواب عن الأوّل:ما بيّنّا من عدم اعتبار التفاضل في السهام بشدّة البلاء في الحرب (2)،و قياسهم يبطل بالشجاع و غير الشجاع.و لأنّ البرذون آكد و أصبر،فقد فضل عليه باعتبار،و قصر عنه باعتبار آخر،فتساويا.
و عن الثاني:أنّ فعل عمر لا حجّة فيه مع مخالفته لفعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد بيّنّا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسهم للفارس مطلقا (3).
و عن الثالث:بما تقدّم من أنّ الفرس إنّما يستحقّ صاحبها سهما واحدا،سواء كان عربيّا أو برذونا (4).فهو حجّة لنا.
-من الإبل و البغال و الحمير و الفيلة و غيرها- لم يسهم له أكثر من سهم راجل و لا يسهم لمركوبه،قاله علماؤنا (5)،و هو قول عامّة أهل العلم و مذهب الفقهاء في القديم و الحديث.
و حكي عن الحسن البصريّ أنّه قال:يسهم للإبل خاصّة (6).
و عن أحمد روايتان:إحداهما:أنّه يسهم للبعير سهم واحد،و لصاحبه سهم آخر.
الثانية:أنّه إن عجز عن ركوب الخيل فركب البعير،أسهم له ثلاثة أسهم:
ص:356
سهمان لبعيره و سهم له،و إن أمكنه الغزو على الفرس،لم يسهم لبعيره (1).
لنا:أنّه لم ينقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إسهام غير الخيل من البهائم،و قد كان معه يوم بدر سبعون بعيرا (2)،و لم تنفكّ غزواته عليه السلام من استصحاب النجب (3)،بل كانت هي الغالب على دوابّهم،و لو أسهم لها،لنقل،و كذلك لم ينقل عن أحد من (4)الأئمّة بعده صلّى اللّه عليه و آله إسهام الإبل و لا غير الخيل من الدوابّ.و لأنّ الفرس ينفرد بالكرّ و الفرّ و الطلب و الهرب،بخلاف الإبل،فإنّها لا تصلح لذلك،فأشبهت البغال و الحمير.
احتجّوا:بقوله تعالى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ (5)و الركاب:
الإبل.و لأنّه حيوان تجوز المسابقة عليه بعوض فيسهم له،كالفرس (6).
و الجواب عن الأوّل:أنّه لا دلالة في الآية على إسهام الركاب.
و عن الثاني:بأنّ الجامع لا يصلح للعلّيّة (7)؛لنقضه بالبغال و الحمير.
ص:357
و إن عظم غناؤه و قامت مقام الخيل.
و إن لم يقاتل عليها و لا احتيج إليها في القتال،كما يسهم لها مع الغزو عليها،و لا نعلم فيه خلافا يعتدّ به؛لأنّه أحضرها للقتال و قد يحتاج إليها و قد لزمته عليها مئونة،فكان السهم مستحقّا،كالمقاتل عليها.و لأنّها حيوان ذو سهم حضر الوقعة،فاستحقّ السهم بمجرّد حضوره، كالآدميّ.
كانت القسمة فيها كالقسمة من غنائم دار الحرب.و به قال الشافعيّ (2).
قال الوليد بن مسلم (3):سألت الأوزاعيّ عن إسهام الخيل من غنائم الحصون، فقال:كانت الولاة من قبل عمر بن عبد العزيز لا يسهمون من الحصون و يجعلون الناس كلّهم رجّالة حتّى ولي عمر بن عبد العزيز،فأنكر ذلك و أمر بإسهامها من فتح الحصون و المدائن (4).و هذا هو الصحيح؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم خيبر:للفارس ثلاثة أسهم،و للراجل سهمين و هي حصون (5).
ص:358
و لأنّ الحاجة قد تدعو إلى الخيل بأن ينزل أهل الحصن فيقاتلوا خارجه، فيقسم له،كما يسهم في غير الحصن.
كانت القسمة (1)بينهم،كما لو غنموا في البرّ،للراجل سهم،و للفارس سهمان،سواء حاربوا على الخيل أو استغنوا عنها،كما قلناه أوّلا،و قد بيّنّا عدم المخالف (2)فيه (3).
و يؤيّد ذلك أيضا:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألت:عن سريّة كانوا في سفينة،فقاتلوا و غنموا،و فيهم من معه الفرس،و إنّما قاتلوهم في السفينة و لم يركب صاحب الفرس،كيف تقسّم الغنيمة بينهم؟فقال:«للفارس سهمان و للراجل سهم»فقلت:و لم يركبوا و لم يقاتلوا على أفراسهم؟فقال:«أ رأيت لو كانوا في عسكر فتقدّم الرجّالة فقاتلوا فغنموا كيف أقسم بينهم؟أ لم أجعل للفارس سهمين و للراجل سهما و هم الذين غنموا دون الفرسان؟»قلت:فهل يجوز للإمام أن ينفّل؟فقال:«له أن ينفّل قبل القتال،فأمّا بعد القتال و الغنيمة فلا يجوز ذلك؛لأنّ الغنيمة قد أحرزت» (4).
-التي تدخل دار الحرب- و يتفقّدها و يعتبرها،فيأذن في استصحاب ما يصلح للقتال،و يمنع من استصحاب
ص:359
ما لا يصلح له؛لأنّه كلّ و ضرر،و ذلك كالحطم:و هو الذي ينكسر (1)من الهزال، و القحم-بفتح القاف و سكون الحاء-:و هو الكبير المسنّ الهرم الفاني،و الضرع بفتح الضاد و الراء-:و هو الصغير الضعيف الذي لا يمكن القتال عليه،و الأعجف:
و هو المهزول،و الرازح:و هو الذي لا حراك به من الهزال.
إذا ثبت هذا:فلو أدخل فرس من هذه في دار الحرب هل يسهم له أم لا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يسهم له (2).و هو قول ابن إدريس منّا (3)،و به قال الشافعيّ (4).
و قال ابن الجنيد منّا:لا يسهم (5).و به قال مالك (6)،و أحمد بن حنبل (7)،و هو قول للشافعيّ أيضا (8).
و قال أبو إسحاق من الشافعيّة:ليست المسألة على قولين للشافعيّ،و إنّما هي على اختلاف حالين،فما يمكن القتال عليه و الطلب و الهرب،يسهم له و ما لا يمكن ذلك عليه،لا يسهم له (9).
ص:360
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بعموم الأخبار؛و لأنّ كلّ جنس يسهم له،فإنّه يستوي فيه القويّ و الضعيف كالآدميّ (1).
احتجّ ابن الجنيد:بأنّه لا ينتفع به،فلم يسهم له،كالرجل المخذّل (2).
و عندي في ذلك تردّد.
كالمحموم و صاحب الصداع؛لأنّه من أهل الجهاد،و يعين عليه برأيه و تكبيره (3)و دعائه.
و إن خرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد،كالزمن و الأشلّ (4)و المفلوج (5)، فهل يسهم له أم لا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:يسهم له عندنا،سواء كان مرضا يمنع من الجهاد أو لم يمنع،كالطفل (6).
و قيل:لا سهم له؛لأنّه لم يبق من أهل الجهاد (7).
و لم يمنع بذلك من الإسهام،و كذا لو أصابه جرح من العدوّ،أسهم له.
فقد بيّنّا جوازه (1)،فلو دخلا معا دار الحرب، أسهم للأجير و المستأجر،سواء كانت الإجارة (2)في الذمّة أو معيّنة،و يستحقّ مع ذلك الأجرة؛لأنّه قد حضر،و الإسهام يستحقّ بالحضور،و لو لم يحضر المستأجر، استحقّ المؤجر السهم و الأجرة.
و هو راجل،لم يسهم لفرسه.
و بالجملة:الاعتبار بكونه فارسا،وقت الحيازة للغنائم،لا بدخوله المعركة.
و لو دخل دار الحرب راجلا فأحرزت الغنيمة و هو فارس،فله سهم فارس.
و به قال الشافعيّ (3)،و الأوزاعيّ (4)،و أحمد (5)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن عمر (6).
و قال أبو حنيفة:الاعتبار بدخول دار الحرب،فإن دخل فارسا،فله سهم فارس و إن نفق (7)فرسه قبل القتال،و إن دخل راجلا،فله سهم راجل و إن استفاد فرسا
ص:362
فقاتل عليه (1).
و عنه رواية أخرى كقولنا (2).
لنا:أنّه حيوان يسهم له فاعتبر وجوده حالة القتال،فيسهم له مع الوجود فيه، و لا يسهم له مع العدم،كالآدميّ.
و أيضا:استحقاق السهم حال تقضّي الحرب؛لقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).
و لأنّها الحال التي يحصل فيها الاستيلاء،الذي هو سبب الملك،بخلاف ما قبل ذلك،فإنّ الأموال بيد أربابها،و لا نعلم هل يتملّكها بالقهر أو لا؟
و أيضا:لو وجد مدد في تلك الحال،استحقّ السهم،و كذا لو انفلت أسير فلحق بالمسلمين،أو أسلم كافر و قاتلوا،استحقّوا السهم،و لو مات بعض المسلمين قبل الاستيلاء،لم يستحقّ شيئا،فدلّ ذلك على أنّ الاعتبار بحالة الإحراز،فوجب اعتباره،دون غيره.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه دخل الحرب بنيّة القتال،فلا يتغيّر سهمه بذهاب دابّته أو حصول دابّة أخرى له،كما لو كان ذلك بعد القتال (4).
و الجواب:الفرق بين ما قبل القتال و ما بعده،سبق،فلا يتمّ القياس.
و قبل حيازة الغنائم للشافعيّ قولان مبنيّان على أنّ ملك الغنيمة هل يتحقّق بانقضاء الحرب أو
ص:363
بالحيازة؟ (1)و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه.
و كذا لو وهب فرسه أو أعاره أو باعه،البحث في ذلك كلّه واحد.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:هذا إذا كان الحرب في دار الكفر،فأمّا إذا كان في دار الإسلام،فلا خلاف أنّه لا يسهم إلاّ للفرس الذي يحضر القتال (2).
فإن كان قبل حيازة الغنيمة و تقضّي القتال،فلا سهم له،و إن مات بعد ذلك،فسهمه لورثته.و به قال أحمد بن حنبل (3).
و قال أبو حنيفة:إن مات قبل إحراز الغنيمة في دار الإسلام أو قسمتها في دار الحرب،فلا سهم له (4).
و قال الشافعيّ (5)،و أبو ثور:إن حضر القتال،أسهم له،سواء مات قبل حيازة الغنيمة أو بعدها،و إن لم يحضر،فلا سهم له (6)،و نحوه قال مالك (7)،و الليث بن سعد (8).
لنا:أنّه إذا مات قبل حيازة الغنيمة،فقد مات قبل ملكها و ثبوت اليد عليها،فلم يستحقّ شيئا،و إن مات بعده،فقد مات بعد الاستيلاء عليها،في حال لو قسّمت،
ص:364
صحّت قسمتها و ملك سهمه فيها،فيستحقّ السهم،كما لو مات بعد إحرازها في دار الإسلام،و إذا استحقّ السهم،انتقل إلى ورثته،كغيره من الحقوق.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ ملك المسلمين لا يتمّ عليها إلاّ بذلك (1).
و الجواب:المنع،بل بالاستيلاء و الحيازة يملكوها (2).
و احتجّ الشافعيّ:بقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).
و الجواب:إنّا نقول (4)بموجبه،فإنّ من قتل قبل تقضّي الحرب،لم يشهد الوقعة بكمالها،و هذا الجواب و إن استنبطناه فلا يخلو من تعسّف،و كلام الشافعيّ لا يخلو من قوّة.
بل يقسّم الإمام الغنيمة،للفارس سهمان،و للراجل سهم و لذي الأفراس ثلاثة أسهم،سواء حاربوا أو لا إذا حضروا الحرب لا للإرجاف و التخذيل،بل لا يفضّل فارسا على فارس لشدّة بلائه،و لا راجلا على راجل لكثرة حربه،ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال الشافعيّ (6)،و أحمد بن حنبل (7).
و قال مالك:يجوز أن يفضّل بعض الغانمين على بعض،و يعطى من لم يحضر
ص:365
الوقعة (1).
و قال أبو حنيفة:يجوز أن يفضّل،و لا يعطى من لم يحضر الوقعة (2).
لنا:قوله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (3)(4)أضاف الباقي إلى الغانمين،فيختصّون به و يستوون فيه؛عملا بظاهر الآية.
و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم للفارس سهمين و ثلاثة على تفاوت أحوالهم في كثرة الخيل،و للراجل سهما و سوّى بينهم (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول،و قد سئل عن قسم بيت المال،فقال:«أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوّي بينهم في العطاء و فضائلهم بينهم و بين اللّه،أجملهم كبني رجل واحد لا يفضّل أحد منهم لفضله و صلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص (6)»و قال:«هذا هو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بدو أمره،و قد قال غيرنا:أقدّمهم في العطاء بما قد فضّلهم اللّه بسوابقهم في الإسلام إذا كان بالإسلام قد أصابوا ذلك،فأنزلهم على مواريث ذوي الأرحام و بعضهم أقرب من بعض و أوفر نصيبا؛لقربه من الميّت،و إنّما ورثوا برحمهم،و كذلك (7)كان عمر يفعله» (8).
ص:366
و لأنّهم اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية،فتجب التسوية بينهم،كسائر الشركاء.
احتجّ مالك:بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى من غنيمة بدر من لم يشهدها (1).
و احتجّ أبو حنيفة:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أخذ شيئا فهو له» (2). (3)
و الجواب عن الأوّل و الثاني واحد و هو:أنّه ورد في قضيّة بدر،و غنائم بدر لم تكن للغانمين،و إنّما نزلت الآية بعدها،و لهذا قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن لم يحضرها.
إذا قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له،
قال الشيخ-رحمه اللّه-:يجوز؛لأنّه معصوم و فعله حجّة (4).
و نحن نقول:لا بحث مع فعل المعصوم،و إنّما الخلاف في نائبه و خليفته على الحرب إذا قال ذلك هل يكون سائغا أم لا؟و علّة الشيخ لا تتناوله،و للشافعيّ قولان:
أحدهما:الجواز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال في يوم بدر:«من أخذ شيئا فهو له» (5).
ص:367
و لأنّهم على هذا غزوا و رضوا به.
و الثاني:لا يجوز؛لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقسّم الغنائم،للراجل سهما،و للفارس سهمين.و لأنّ ذلك يفضي إلى الاشتغال بالنهب و إحراز الأموال عن القتال،و ربّما ظفر العدوّ بهم.و لأنّ الاغتنام سبب لاستحقاقهم لها على سبيل التساوي،فلا يزول ذلك بقول الإمام،كسائر الاكتسابات،قال:و قضيّة بدر منسوخة،فإنّهم اختلفوا فيها،فأنزل اللّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ (1). (2)
فلو غنم المسلمون ثمّ لحق بهم مدد،فإن كان قبل تقضّي الحرب،أسهم لهم إجماعا،و إن كان بعد تقضّي الحرب و القسمة،لم يسهم لهم إجماعا.
و إن كان بعد تقضّي الحرب و حيازة الغنيمة قبل القسمة،أسهم لهم عندنا،و به قال أبو حنيفة (3).
و قال الشافعيّ:لا سهم له (4)،و به قال أحمد (5).
ص:368
لنا:ما رواه الجمهور عن الشعبيّ أنّ عمر كتب إلى سعد (1)أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقّأ (2)قتلى فارس (3).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث،قال:كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل من السير،فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألت:أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثمّ لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام و لم يلقوا عدوّا حتّى يخرجوا إلى دار الإسلام،فهل يشاركونهم فيها؟فقال:«نعم» (4).
و لأنّهم اجتمعوا على الغنيمة في دار الحرب،فأسهم لهم،كما لو حضروا القتال.
و لأنّ تمام ملكها بتمام الاستيلاء و هو قسمتها،فمن جاء قبل ذلك،فقد أدركها قبل تملّكها،فاستحقّ فيها سهما،كما لو جاء في أثناء الحرب.
احتجّ المخالف:بما رواه أبو هريرة أنّ أبان بن سعيد بن العاص (5)و أصحابه قدموا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخيبر بعد أن فتحها،فقال أبان:أقسم لنا يا
ص:369
رسول اللّه،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«اجلس يا أبان»و لم يقسم له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (1).
و عن طارق بن شهاب أنّ أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدّهم أهل الكوفة، فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطّاب،فكتب عمر:إنّ الغنيمة لمن شهد الوقعة (2).
و لأنّهم لحقوهم بعد تقضّي الحرب،فلم يشاركوهم،كالأسير (3).
و الجواب عن الحديثين:أنّهما حكاية حال لا عموم لها،فلعلّ المدد جاء بعد القسمة؛إذ هو محتمل للقسمين و لا يمكن شموله لهما فلا دلالة فيه حينئذ.
و عن الثاني:بالفرق،فإنّ الأسير لم يحضر القتال،و سيأتي البحث فيه.
فإن كان بعد تقضّي الحرب و قسمة الغنيمة،لم يسهم له إجماعا؛لأنّ المدد لو لحق بهم حينئذ،لم يسهم لهم فكذا الأسير.
و إن لحق بهم قبل انقضاء الحرب فقاتل مع المسلمين،استحقّ السهم عندنا، و هو قول الجمهور لا نعلم فيه خلافا؛لأنّه مسلم حضر الوقعة و قاتل لمعاونة المسلمين،فاستحقّ السهم،كغيره من المجاهدين.
و إن لم يقاتل،أسهم له أيضا،قاله الشيخ-رحمه اللّه- (4)و هو أحد قولي الشافعيّ.
ص:370
و القول الثاني لا يسهم له (1)و به قال أبو حنيفة (2).
لنا:أنّه لو قاتل لا يستحقّ السهم إجماعا و كلّ من يستحقّ السهم مع القتال يستحقّه مع عدمه إذا حضر الوقعة،كغير الأسير.
احتجّوا:بأنّه حضر ليتخلّص من القتل و الأسر لا للقتال،فلم يستحقّ السهم، كالمرأة (3).
و الجواب:أنّه تنتقض علّته بما لو قاتل.
و أيضا:فإنّ الاعتبار بالحضور مع كونه من أهل القتال لا بالقتال،و قد وجدت العلّة فيثبت الحكم.
و لو لحقهم بعد انقضاء الحرب قبل حيازة الغنيمة،فإنّه يسهم له عندنا؛لما تقدّم (4)من أنّ:كلّ من حضر الوقعة من المسلمين قبل قسمة الغنيمة،فإنّه يسهم له إلاّ ما استثناه.
و كذا لو لحقهم بعد تقضّي القتال و حيازة الغنيمة،قبل قسمة الغنيمة،فإنّه يسهم له أيضا؛لما قلناه (5).
العسكر-لم يخل حالهم من أمرين:إمّا أن يقصد الجهاد مع التجارة أو الصناعة أو لا،فإن قصدوا الأمرين معا،أسهم لهم؛لقوله عليه السلام:«الغنيمة لمن حضر الوقعة» (1).
و إن لم يقصدوا الجهاد،فلا يخلو،إمّا أن يجاهدوا أو لا،فإن جاهدوا،أسهم لهم،و إن لم يجاهدوا قال الشيخ-رحمه اللّه-:لم يسهم لهم بحال؛لأنّهم لم يدخلوا للجهاد،بل للتجارة،و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما الأعمال بالنيّات» (2).
و لو اشتبه الحال و لم يعلم لأيّ شيء حضروا؟قال الشيخ-رحمه اللّه-:الظاهر أنّه يسهم لهم؛لأنّهم حضروا،و الإسهام يستحقّ بالحضور (3).
أمّا الشافعيّ فعنده قولان:أحدهما:الإسهام.و الثاني:عدمه.
و اختلف أصحابه في موضع القول (4)،فمنهم من قال:القولان فيهم إذا لم يقاتلوا،و لو قاتلوا،استحقّوا قولا واحدا كالأسير.
و منهم من قال:القولان فيهم إذا قاتلوا،و إن لم يقاتلوا،لم يستحقّوا قولا واحدا.
ص:372
و منهم:من قال:القولان سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا (1).
و قال أبو حنيفة:إن قاتلوا،استحقّوا،و إن لم يقاتلوا،لم يستحقّوا (2).و هو قريب من مذهبنا.
فبعث الإمام منه سريّة فغنمت السريّة، شاركهم الجيش فيها،و لو غنم الجيش شاركتهم (3)السريّة في غنيمته و هو قول العلماء كافّة إلاّ الحسن البصريّ؛فإنّه حكي عنه أنّه قال:تنفرد السريّة بما غنمت (4).
لنا:ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا غزا هوازن،بعث سريّة من الجيش قبل أوطاس،فغنمت السريّة،فأشرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بينها و بين الجيش (5).
و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفل في البدأة الربع،و في الرجعة الثلث (6).
و هو دليل على اشتراكهم فيما سوى ذلك؛لأنّهم لو اختصّوا بما غنموه،لما كان ثلثه
ص:373
نفلا.و لأنّهم جيش واحد،و كلّ واحد منهم ردء (1)لصاحبه،فيشتركون،كما لو غنم أحد جانبي الجيش.
احتجّ المخالف:بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (2). (3)
و الجواب:أنّ المراد بحضور الوقعة:الحضور حكما أو حقيقة؛جمعا بين الدليلين.
اشترك الجيش و السريّتان في الغنيمتين؛لما تقدّم (4)،و لا نعلم فيه خلافا.
قال الشيخ-رحمه اللّه-:يتشارك الجيش و السريّتان في الغنيمتين (5).و هو قول بعض الشافعيّة.
و قال آخرون منهم:لا تتشارك السريّتان،و كلّ واحدة منهما مع الجيش كالجيش الواحد،فأمّا إحداهما مع الأخرى فكالمنفردتين لا تقاسم إحداهما الأخرى؛لأنّ إحداهما ليست ردءا للأخرى،و كلّ واحدة منهما ردء للجيش و الجيش ردء لهما (6).
و لنا:أنّهما من جيش واحد،فاشتركوا،كما لو اتّفقت الجهة،و لو احتاجت كلّ
ص:374
واحدة منهما إلى نصرة الأخرى،لنصرتها،و كلّ واحدة منهما من جملة الجيش، فالجميع جيش واحد.
اختصّت بالغنيمة،و لا يشاركهم أهل البلد فيها بلا خلاف،و لا يشاركهم الإمام أيضا و لا جيشه؛لأنّ الغنيمة للمجاهدين،و المقيم في بلد الإسلام ليس بمجاهد،و قد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يبعث السرايا و هو بالمدينة و لا يشاركهم في الغنيمة (1).و كذا لو بعث جيشا و هو مقيم ببلده.
فكلّ واحد منهما مختصّ بما غنمه؛لأنّ كلّ واحدة من السريّتين انفردت بالغزو و الغنيمة،بخلاف ما لو بعث السريّتين من الجيش الواحد؛لأنّ الجيش ردء لكلّ واحدة منهما،فكانت كلّ واحدة ردءا للأخرى،و في هذه الصورة ليس هاهنا جيش واحد يجمعهما،بل كلّ واحدة منهما جيش بانفراده.و لو اجتمعت السريّتان في موضع فغنمتا،كانتا جيشا واحدا.
لينظر عددهم و ينقل أخبارهم،فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثمّ رجع إليهم، للشافعيّ وجهان:
أحدهما:أنّه لا يسهم له؛لأنّه لم يحضر الاغتنام.
و الثاني:يشاركهم؛لأنّه كان في مصلحتهم و خاطر بنفسه بما هو أكثر من الثبات في الصفّ،فوجب أن يشركهم (2).
و الذي يقتضيه مذهبنا أنّه يسهم له؛لأنّ القتال ليس عندنا شرط في استحقاق
ص:375
السهم،بل يقسّم على كلّ من حضر القتال،و قد تقدّم البحث فيه (1).
فإن كان الإمام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب،كان الحكم على ما شرطه،و إن لم يكن أذن لهم،كانت غنيمتهم للإمام عندنا؛لأنّ كلّ من غزا بغير إذن الإمام إذا غنم،كانت غنيمته للإمام عندنا.
أمّا الشافعيّ،فإنّه قال:إن كان الإمام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب،كان الحكم على ما شرطه،و إن لم يأذن لهم،احتمل وجهين:
أحدهما:أنّه ينزعه منهم و يرضخ لهم؛لأنّهم لا يستحقّون سهما في الغنيمة.
و الثاني:يقرّون عليه،كما لو غلب بعض المشركين على بعض (2).
العدوّ
و غنم أوائل المسلمين،كان كلّ من خرج أو تهيّأ للخروج أو أقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدوّ شركاء في الغنيمة.
و كذلك لو حاصرهم العدوّ فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا و غنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم و الحفظ للمدينة و أهلها،فإن كان الذين هزموا العدوّ قد لقوه على ثمانية (4)فراسخ من المدينة فقاتلوه و غنموه،كانت الغنيمة لهم،دون من كان في المدينة الذين لم يعاونوهم خارجها (5).
فقال الشيخ-رحمه اللّه-:
ص:376
تستحبّ القسمة في أرض العدوّ،و يكره تأخيرها إلاّ لعذر من خوف المشركين أو الكمين (1)في الطريق أو قلّة علف أو انقطاع ميرة (2). (3)
و قال ابن الجنيد:الاختيار إلينا أن لا نقسّم إلاّ بعد الخروج من دار الحرب (4).
و بجواز القسمة في دار الحرب قال مالك (5)،و الأوزاعيّ (6)،و الشافعيّ (7)، و أحمد (8)،و أبو ثور،و ابن المنذر (9).
و قال أصحاب الرأي:لا يقسّم إلاّ في دار الإسلام (10).
لنا على جواز القسمة في دار الحرب:ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق الفزاريّ (11)،قال:قلت للأوزاعيّ:هل قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا من
ص:377
الغنائم بالمدينة؟قال:لا أعلمه،إنّما كان الناس يبيعون (1)غنائمهم،و يقسّمونها في أرض عدوّهم،و لم يقفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن غزاة قطّ أصاب فيها غنيمة إلاّ خمّسه و قسّمه من قبل أن يقفل،من ذلك:غزاة بني المصطلق و هوازن و خيبر (2).
و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ-رحمه اللّه-في مبسوطه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء (3)قريب من بدر، و كان ذلك دار حرب (4).
و لأنّ كلّ موضع جاز فيه الاغتنام،جازت فيه القسمة،كدار الإسلام.
و لأنّ الملك يثبت في الغنائم بالقهر و الاستيلاء،فصحّت قسمتها،كدار الإسلام.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّ الملك لا يتمّ عليها إلاّ بالاستيلاء التامّ،و لا يحصل ذلك إلاّ بإحرازها في دار الإسلام،و لو قسّمت،أساء القاسم و جازت قسمته؛لأنّها مسألة اجتهاديّة ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول بعض المجتهدين.
و لأنّ لكلّ واحد من الغانمين أن يستبدّ (5)بالطعام و العلف في دار الحرب،فلا تجوز القسمة،كحالة بقاء الحرب (6).
ص:378
و الجواب عن الأوّل:الاستيلاء التامّ موجود؛لأنّا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة و قهرناهم و نفيناهم عنها،فثبت به الملك،كالمباحات،و لهذا لا ينفذ عتق الكافر في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة عنده،فدلّ على زوال ملكهم عنها،و إنّما تزول إلى مالك؛إذ ليست مباحة،و لا مالك إلاّ الغانمين.
و عن الثاني:بالفرق؛فإنّ حالة قيام الحرب لم يثبت للغانمين فيها حقّ التملّك؛ فلم تجز القسمة.
بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما قسم غنائم حنين 1و الطائف بعد خروجه من ديارهم إلى الجعرّانة 2،لا تدلّ على مطلوبه؛لأنّه حكاية حال لا عموم لها،فجاز أن يقع ذلك لعذر،كما قلناه أوّلا 3.
تجرى فيها أحكام المسلمين،فأراد الوالي قسمتها مكانه 4،فعل 5،كما قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعض غنائم خيبر قبل أن يرحل عنهم 6.
ص:379
قسّموا غنائمهم مكانهم إن اختاروا ذلك قبل إدخالها المدن.و لو كان المشركون بادية أو متنقّلة و لا دار لهم فغزاهم المسلمون،فغنموهم،كان قسمتها إلى الوالي إن شاء قسّمها مكانه،و إن شاء قسّم بعضها و أخّر بعضها (1)،كما قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المغنم بخيبر (2).
بل يؤخّر حتّى يعود إلى دار الإسلام ثمّ يقيم عليه الحدّ؛لئلا تحمل المحدود الغيرة فيدخل إلى دار الحرب، و لا يسقط بذلك الحدّ عنه،سواء كان الإمام مع العسكر أو لم يكن.
و إن رأى الوالي من المصلحة تقديم الحدّ،جاز ذلك،سواء كان مستحقّ الحدّ أسيرا،أو أسلم فيهم و لم يخرج إلينا،أو خرج من عندنا لتجارة و غيرها.
أمّا لو قتل مسلما فإنّه يقتصّ منه في دار الحرب إن قتل عمدا؛لأنّ المقتضي لإيجاب القصاص موجود،و المانع من التقديم-و هو خوف اللحاق بالعدوّ-مفقود فثبت (3)الحكم-و سيأتي البحث في ذلك إن شاء اللّه تعالى في باب الحدود-و بهذا قال مالك (4)،و الشافعيّ (5)،و أحمد (6).
ص:380
و قال أبو حنيفة:لا يجب عليه القصاص و لا الحدّ إلاّ أن يكون معه إمام أو نائب عن الإمام (1).
لنا:عموم الأمر بالحدّ و القصاص (2).و لأنّ كلّ موضع حرم فيه الزنا،وجب فيه حدّ الزنا،كدار الإسلام.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه مع غيبة الإمام و نائبه لا يد للإمام عليه،فلا يجب عليه الحدّ بالزنا،كالحربيّ (3).
و الجواب:المنع من ثبوت الحكم في الأصل أوّلا،و بالفرق ثانيا؛فإنّ الحربيّ غير ملتزم بأحكام الإسلام،بخلاف المسلم.
إذا ثبت هذا:فقد بيّنّا أنّه ينبغي للإمام أن يؤخّر الحدّ عليه حتّى يرجع إلى دار الإسلام (4).و به قال أبو حنيفة (5)و أحمد (6).
و قال الشافعيّ (7)،و مالك:لا يؤخر ذلك (8).
لنا:ما رواه الجمهور،أنّ عمر كتب إلى أمراء الأجناد[أن] (9)لا يقيموا الحدود
ص:381
في دار الشرك حتّى يرجعوا إلى دار الإسلام؛لأنّ (1)المحدود ربّما التحق بدار الحرب (2).
احتجّ الشافعيّ:بأنّ كلّ موضع وجب فيه الحدّ،جاز إقامته فيه،كدار الإسلام (3).
و الجواب:الفرق بما ذكرناه.
فإذا أغار المشركون على المسلمين،فأخذوا ذراريهم و عبيدهم و أموالهم،ثمّ ظفر بهم المسلمون، فأخذوا منهم ما كانوا أخذوه منهم،فإنّ أولادهم يردّون إليهم بعد أن يقيموا البيّنة، و لا يسترقّون إجماعا.
و أمّا العبيد و الأموال،فإنّ أربابها إن أقاموا البيّنة قبل القسمة ردّت على أربابها بأعيانها،و لا يغرم الإمام للمقاتلة عوضه شيئا في قول عامّة العلماء.
و إن جاءوا بالبيّنة بعد القسمة،ففيه قولان لعلمائنا:
أحدهما:أن يردّ على أربابه،و يردّ الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال.
اختاره الشيخ في المبسوط (4)،و ابن إدريس (5).و به قال أبو بكر،و ابن عمر، و سعد بن أبي وقّاص،و ربيعة (6)،و الشافعيّ (7)،و ابن المنذر (8).
ص:382
الثاني:أن يكون للمقاتلة و يعطي الإمام أربابها أثمانها.اختاره الشيخ- رحمه اللّه-في النهاية (1).و به قال أبو حنيفة (2)،و الثوريّ،و الأوزاعيّ (3)،و مالك (4)، و أحمد بن حنبل في إحدي الروايتين.و في الأخرى:لا حقّ لصاحبه فيه بحال، و نقله الجمهور عن عليّ عليه السلام،و عمر،و الليث،و عطاء،و النخعيّ (5).
و الحقّ:الأوّل.
لنا:ما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّه ذهب فرس له فأخذها العدوّ،فظهر عليه المسلمون،فردّ عليه في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6).
و عنه أنّ غلاما له أبق إلى العدوّ،فظهر عليه المسلمون فردّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ابن عمر (7).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ-في الصحيح-عن هشام بن سالم،قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم
ص:383
فيسرقون (1)منهم،أ يردّ عليهم؟قال:«نعم،و المسلم أخو المسلم،و المسلم أحقّ بماله أينما وجده» (2).
و لأنّ من لا يملك رقبة غيره بالقهر،لا يملك ماله به،كالمسلم مع المسلم.
احتجّ الشيخ-رحمه اللّه-:بما رواه هشام بن سالم عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام في السبي يأخذ العدوّ من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونه،ثمّ إنّ المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم فسبوهم و أخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين و أولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين،فكيف يصنع فيما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين و مماليكهم؟قال:فقال:«أمّا أولاد المسلمين فلا يقام في سهام المسلمين و لكن يردّ إلى أبيه أو إلى أخيه أو إلى وليّه بشهود،و أمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون،و يعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين» (3).
احتجّ أبو حنيفة:بما روى تميم بن طرفة (4):أنّ الكفّار أصابوا بعيرا لنا،فاشتراه منهم رجل،فأخرجه إلى دار الحرب فعزله صاحبه و خاصمه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:«إن شئت أخذت بالثمن الذي اشتراه و إلاّ فهو له» (5).
ص:384
و عن ابن عبّاس،أنّ رجلا وجد بعيرا له،كان المشركون أصابوه،فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«إن أصبته قبل أن نقسّمه (1)فهو لك،و إن أصبته بعد ما قسّم أخذته بالقيمة» (2).
و لأنّه إنّما امتنع أخذه له بغير شيء،كيلا يفضي إلى حرمان آخذه من الغنيمة، أو يضيع الثمن على المشتري،و حقّهما ينجبر بالثمن،فيرجع صاحب المال في عين ماله،بمنزلة مشتري الشقص المشفوع.و لأنّ القهر سبب يملك به المسلم على الكافر،فملك به الكافر على المسلم،كالبيع (3).
و الجواب عن الأوّل:أنّ الرواية مرسلة،فلا تعارض روايتنا الصحيحة.
و عن الحديثين الآخرين:أنّهما معارضان بما قدّمناه من روايات الجمهور (4).
و عن الثالث:بالفرق بينه و بين البيع؛فإنّ البيع سبب يشتركان في إباحته، و القهر هاهنا محظور،و سلّم أبو حنيفة أنّه لا يملك الكافر (5).
عليه السلام في رجل كان له عبد فأدخل دار الشرك،
ثمّ أخذ سبيا إلى دار الإسلام، فقال:«إن وقع عليه قبل القسمة،فهو له،و إن جرت عليه القسمة،فهو أحقّ به
ص:385
بالثمن» (1).و هذه الرواية تعضد قول الشيخ-رحمه اللّه-إلاّ أنّها مرسلة.
و روي في الحسن عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل لقيه العدوّ،فأصابوا منه مالا أو متاعا،ثمّ إنّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل؟فقال:«إذا كانوا أصابوه قبل أن يحرزوا (2)متاع الرجل،ردّ عليه، و إن كانوا أصابوه بعد ما أحرزوه،فهو فيء للمسلمين و هو أحقّ بالشفعة» (3).
قال الشيخ-رحمه اللّه-في كتاب الاستبصار:و الذي أعمل عليه أنّه أحقّ بعين ماله على كلّ حال،و هذه الأخبار كلّها على ضرب من التقيّة (4).
و استدلّ عليه:بما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن عليّ بن رئاب،عن طربال (5)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سئل عن رجل كانت له جارية،فأغار عليها المشركون فأخذوها منه،ثمّ إنّ المسلمين بعد غزوهم فأخذوها فيما غنموا منهم،فقال:«إن كانت في الغنائم و أقام البيّنة أنّ المشركين أغاروا عليهم فأخذوها منه،ردّت عليه،فإن كانت اشتريت و خرجت من المغنم فأصابها،ردّت عليه برمّتها و أعطي الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه»[قيل
ص:386
له:] (1)فإن لم يصبها حتّى تفرّق (2)الناس و قسّموا جميع الغنائم فأصابها بعد؟قال:
«يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة،و يرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن» (3).
كان أحقّ بها و لا يغرم الإمام لأهل الغنيمة شيئا (4)،و لا نعرف فيه خلافا إلاّ الزهريّ فإنّه قال:لا يردّ إليه و هو للجيش،و نحوه قال عمرو بن دينار،و احتجّا بأنّ الكفّار ملكوه باستيلائهم، فصار غنيمة كسائر أموالهم (5).
و هو خطأ،فإنّا قد بيّنّا أنّ الكفّار لا يملكون مال المسلم بالاستغنام (6)، و معارض بما تلوناه من الأحاديث.
و قال أبو حنيفة:لا يأخذه إلاّ بالقيمة (1).
لنا:ما روى الجمهور أنّ قوما أغاروا على سرح (2)النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فأخذوا ناقته و جارية من الأنصار،فأقامت عندهم أيّاما ثمّ خرجت في بعض الليل، قالت:فما وضعت يدي على ناقة إلاّ رغت (3)حتّى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثمّ توجّهت إلى المدينة و نذرت إن نجّاني اللّه عليها،أن أنحرها،فلمّا قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأخذها، فقلت:يا رسول اللّه إنّي نذرت أن أنحرها،فقال:«بئس ما جازيتها،لا نذر في معصية اللّه» (4).
و في رواية:«لا نذر فيما لا يملك ابن آدم» (5).
و لأنّه لم يحصل في يده بعوض،و لا بتعيين الإمام له،فيبقى على ربّه.
احتجّ أبو حنيفة:بأنّه صار ملك الواجد بعينه،فأشبه ما لو قسّم (6).
ص:388
و الجواب:المنع من المقدّمة الأولى.
و كان لصاحبه أخذه بغير شيء.
و قال أحمد:ليس لصاحبه أخذه إلاّ بثمنه (1).
لنا:إنّا قد بيّنّا أنّ المشرك لا يملك مال المسلم بالاستغنام (2)،فالبيع المترتّب على يد المشرك باطل.
احتجّ:بما رواه الشعبيّ،قال:أغار أهل ماه (3)و أهل جلولاء (4)على العرب، فأصابوا سبايا من سبايا العرب و رقيقا و متاعا،ثمّ إنّ السائب بن الأقرع (5)عامل عمر غزاهم،ففتح ماه،فكتب إلى عمر في سبايا المسلمين و رقيقهم و متاعهم قد اشتراه التجّار من أهل ماه،فكتب إليه عمر:أنّ المسلم أخو المسلم لا يخونه و لا يخذله،فأيّما رجل من المسلمين أصاب متاعه و رقيقه بعينه فهو أحقّ به،و إن أصابه في أيدي التجّار بعد ما أقسم،فلا سبيل إليه،و أيّما حرّ اشتراه التجّار،فإنّه
ص:389
يردّ عليهم رءوس أموالهم،فإنّ الحرّ لا يباع و لا يشترى (1).
و الجواب:قد تقدّم فيما مضى على أنّ فعل عمر ليس بحجّة (2).
و كان صاحبه أحقّ به بغير شيء؛لأنّ القسمة وقعت باطلة من أصلها.
لم يملكوه بأخذه،و به قال الشافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4).
و قال مالك (5)،و أحمد (6)،و أبو يوسف،و محمّد؛يملكونه (7).و قد تقدّم دليلنا على أنّ أموال المسلمين لا تملك بالاستغنام و القهر (8).
و أمّا أبو حنيفة،فإنّه يفرّق بين الآبق و سائر الأموال،بأنّ الآبق إذا صار في دار
ص:390
الحرب،زالت يد المولى عنه،و صار في يد نفسه،فلا يملكونه بالأخذ (1).
خذ منه بغير قيمة.و لو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو نهبه أو اشتراه ثمّ أخرجه إلى دار الإسلام فصاحبه أحقّ به،و لا تلزمه قيمة،فإن أعتقه من هو في يده أو تصرّف فيه ببيع أو هبة أو غير ذلك،فسد جميع تصرّفه؛لأنّه تصرّف في ملك غيره بغير إذنه،فيكون باطلا.
فلم يعلم صاحبه،فهو غنيمة؛بناء على ظاهر الحكم باليد،و بهذا قال الثوريّ،و الأوزاعيّ، فإنّهما قالا في المصحف يحصل في الغنائم:يباع (2).
و قال الشافعيّ:يوقف حتّى يجيء صاحبه (3).
و لو وجد شيء موسوم عليه:حبس في سبيل اللّه،قال الثوريّ:يقسّم ما لم يأت صاحبه (4).
و قال الشافعيّ:يردّ كما كان؛لأنّه قد عرف مصرفه-و هو الحبس-فهو بمنزلة ما لو عرف صاحبه (5).و عندي في ذلك نظر.
و لو أصيب غلام في بلاد الشرك فقال:[أنا] (6)لفلان من بلاد الإسلام،ففي
ص:391
قبول قوله من غير بيّنة تردّد.و كذا البحث لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم، لكنّ الوجه هنا:القبول قبل الاستغنام،و فيما بعده نظر.
و كان في يد المسلم على سبيل الإجارة أو العارية لغيره من المسلمين،ثمّ وجده المستأجر أو المستعير،كان له المطالبة به قبل القسمة و بعدها؛لأنّا قد بيّنّا:أنّ الملك لم يزل عن المسلم بالاستغنام (1)فلا تزول توابعه.
أمّا أبو حنيفة فإنّه قال:ليس له الأخذ؛لأنّه لا حقّ له في العين لا ملكا، و لا يدا،بل حقّه في الحفظ،و قد بطل بخروجه عن ملك المولى (2).و نحن قد بيّنّا فساد الأصل (3).
ثمّ لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون،كان باقيا على ملك البائع؛لأنّ الشراء عندنا فاسد،فإنّ الكافر لا يملك المسلم،فيردّ على المالك،و يردّ المسلم عليه الثمن الذي أخذه؛ لأنّه في أمان.و لو تلف العبد،كان للسيّد القيمة،و عليه ردّ ثمنه،و يترادّان الفضل.
أو دخل مسلم دار الحرب و اشترى بها عقارا و مالا ثمّ غزاهم المسلمون فظهروا على ماله و عقاره،لم يملكوه،و كان باقيا عليه إن كان المال ممّا ينقل و يحوّل،أمّا العقار،فإنّه غنيمة.و به
ص:392
قال الشافعيّ (1)،و مالك (2)،و أحمد في غير العقار،و قالوا في العقار:إنّه كغيره (3).
و قال أبو حنيفة:العقار يغنم،و أمّا غيره،فإن كان في يده أو يد مسلم أو ذمّيّ، لم يغنم،و إن كان في يد حربيّ،غنم (4).
لنا:أنّه مال مسلم،فلا يجوز اغتنامه،كما لو كان في دار الإسلام،و قد مضى البحث في ذلك (5).
فوطأها المحرز لها فولدت،ثمّ ظهر المسلمون عليها،كانت هي و أولادها لمالكها؛لما تقدّم من بقاء الملك بعد الاستغنام (6).و لو أسلم عليها المشرك،لم يزل ملك صاحب الجارية عن أولاده،إلاّ أن يسلم ثمّ يطأها بعد الإسلام ظنّا منه أنّه يملكها،ثمّ تحمل بعد الإسلام،فإنّ الولد يكون هنا أيضا لسيّد الجارية إلاّ أنّه يقوّم على الأب و يؤخذ منه قيمته و يلزم الواطئ عقرها (7)لمولاها؛لأنّه وطأ مملوكة غيره.
فسألوه
ص:393
أن يخلّيهم و نساءهم و ذراريهم بإعطاء الجزية،لم يكن له ذلك في النساء و الذراريّ؛لأنّهم بالأسر صاروا غنيمة و ملكوا بالسبي.و أمّا الرجال البالغون، فالحكم فيهم قد مضى:من أنّهم إن أسروا بعد تقضّي الحرب،تخيّر بين المنّ عليهم و المفاداة و الاسترقاق،و إن كان قبله،وجب عليه قتله (1).
أو أقلّ (2)،فإن فرّوا قبل قسمة الغنيمة،لم يكن لهم نصيب في الغنيمة ما لم يعودوا قبل القسمة؛لأنّهم عصوا بالفرار،و تركوا الدفع عنها.و أيضا:فإنّهم لم يملكوها ما دامت الحرب قائمة.
و لو فرّوا بعد القسمة،لم يؤثّر في ملكهم الحاصل بالقسمة؛لأنّهم ملكوا ما حازوا بالقسمة،فلا يزول ملكهم بالهرب.
و لو هربوا قبل القسمة إلاّ أنّهم ذكروا أنّهم ولّوا متحرّفين لقتال أو متحيّزين إلى فئة،فالوجه:أنّ لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار و لا شيء لهم فيما غنم بعد أن ولّوا ما لم يلحقوا القسمة (3).
ص:394
في لواحق هذا الباب
و به قال أحمد بن حنبل (2).
و قال الشافعيّ:لا يجوز و لا تنعقد الإجارة (3).
لنا:ما رواه الجمهور عن عبد اللّه بن عمر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«للغازي أجره و للجاعل أجره و أجر الغازي» (4).
و عنه عليه السلام،قال:«مثل الذين يغزون من أمّتي و يأخذون الجعل و يتقوّون به على عدوّهم مثل أمّ موسى ترضع ولدها و تأخذ أجرها» (5).
و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ عن وهب،عن جعفر،عن أبيه عليه السلام،
ص:395
أنّ عليّا عليه السلام سئل عن الإجعال للغزو،فقال:«لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل» (1).
و لأنّه أمر لا يختصّ فاعله أن يكون من أهل القربة عليه،فصحّ الاستئجار عليه،كبناء المساجد و لم يتعيّن عليه الجهاد،فجاز أن يؤجر نفسه عليه،كالعبد، و قد مضى البحث في ذلك (2).
إذا ثبت هذا:فإذا حضر الأجير الحرب،استحقّ الأجرة بالعقد،و استحقّ السهم بالحضور،و لو حضر المستأجر أيضا،استحقّ سهما آخر؛لقوله عليه السلام:
«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (3).و عن أحمد روايتان:إحداهما:هذه.
و الثانية:أنّه لا يسهم للأجير؛لأنّ غزوه بعوض،فكأنّه واقع من غيره، فلا يستحقّ شيئا (4).
و هو ضعيف و منقوض بالمرصد للقتال،و قد سلف البحث في ذلك كلّه (5).
لم يخل حاله من أحد أمرين:
أحدهما:أن يكون قد استأجره لعمل في ذمّته،كخياطة ثوب أو غير ذلك.
و الثاني:أن يكون قد استأجره مدّة معلومة لخدمته أو لغيرها،فالأولى إذا حضر الأجير الوقعة،استحقّ السهم إجماعا؛لأنّه حضر الوقعة و هو من أهل القتال، و إنّما في ذمّته حقّ لغيره،فلا يمنعه من استحقاق السهم،كما لو كان عليه دين.
و الثاني:مقتضى المذهب فيه،أنّه إن خرج بإذن المستأجر،استحقّ السهم
ص:396
بالحضور،و إلاّ فلا؛لأنّه حينئذ عاص بالجهاد،فلا يستحقّ به سهما،اللهمّ إلاّ أن يتعيّن عليه،فإنّه يستحقّ السهم.
إذا ثبت هذا:فإنّ السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها،ليس للموجر عليه سبيل،و للشافعيّ في الثاني أقوال ثلاثة:
أحدها:أنّه يستحقّ السهم؛لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (1).
و لأنّ الأجرة تستحقّ بالتملّك من المنفعة،و السهم يستحقّ بحضور الوقعة و قد وجد.
الثاني:أنّه يرضخ له و لا يسهم؛لأنّه قد حضر الوقعة مستحقّ المنفعة فوجب أن لا يسهم له،كالعبد.
و الثالث:يخيّر الأجير بين ترك الأجرة و الإسهام و بين العكس؛لأنّ كلّ واحد من الأجرة و السهم مستحقّ بمنافعه،و لا يجوز أن يستحقّهما لمعنى واحد،فأيّهما طلب،استحقّه (2).
قال:و تكون الأجرة التي يخيّر بينها و بين السهم،الأجرة التي تقابل مدّة القتال، و يخيّر قبل القتال و بعده،أمّا قبل القتال،فيقال له:إن أردت الجهاد فاقصده و اطرح الأجرة،و إن أردت الأجرة فاطرح الجهاد،و يقال بعد القتال:إن كنت قصدت الجهاد،أسهم لك و تركت الأجرة،و إن كنت قصدت الخدمة،أعطيت الأجرة دون السهم (3).
ص:397
إذا استؤجر للخدمة في الغزو،
أو أكرى دوابّه (1)له و يخرج معها و شهد الوقعة، استحقّ السهم،و به قال الليث (2)،و مالك (3)،و ابن المنذر (4).
و قال الأوزاعيّ،و إسحاق:لا يسهم له (5)،و عن أحمد روايتان (6).
لنا:قوله عليه السّلام:«الغنيمة لمن شهد الوقعة» (7).
و لحديث سلمة بن الأكوع،أنّه كان أجيرا لطلحة،حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة (8)،حين أغار على سرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهم الفارس و الراجل (9).
ص:398
لو آجر نفسه لحفظ الغنيمة،
أو سوق الدوابّ التي من المغنم،أو رعيها،جاز ذلك،و حلّت له الأجرة؛لأنّه آجر نفسه لحاجة المسلمين و نفعهم،فحلّت له أجرته،و لا يجوز له ركوب دابّة المغنم إلاّ أن يشترط ذلك في الإجارة.
لو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها،
فالوجه:أنّه لا يملكها بذلك.
و قال أحمد:يملكها به (1).
لنا:أنّ الأصل بقاء الملك على ربّه،و عدم زواله عنه إلاّ بسبب،و حمله على الفرس كما يحتمل العطيّة يحتمل العارية،فيبقى الأصل سليما عن المعارض.
لم يخل حاله من أحد أمرين:
أحدهما:أن يشتريه بإذنه فهذا يلزمه دفع ما أدّاه المشتري إلى البائع من الثمن إجماعا؛لأنّه بإذنه صار نائبا عنه في الشراء و وكيلا له في ابتياع نفسه،فيجب عليه دفع الثمن كغيره من الوكلاء.
الثاني:أن يشتريه بغير إذنه،فهذا لا يجب على الأسير دفع الثمن إلى المشتري.
و به قال الثوريّ،و الشافعيّ،و ابن المنذر (2).
و قال مالك:يجب عليه دفع الثمن،كالأوّل (3)،و به قال الحسن البصريّ،
ص:399
و النخعيّ،و الزهريّ،و أحمد بن حنبل (1).
لنا:أنّه تبرّع بالعطيّة،و لم يؤذن له فيما أدّاه،فلا يجب عليه دفع العوض،كما لو عمّر داره،أو قضى دينه بغير أمره.
احتجّ المخالف:بما رواه الشعبيّ قال:أغار أهل ماه و أهل جلولاء على العرب (2)،فأصابوا سبايا من سبايا العرب،فكتب السائب بن الأقرع إلى عمر في سبايا المسلمين و رقيقهم و متاعهم،قد اشتراه التجّار من أهل ماه،فكتب عمر:أيّما رجل أصاب رقيقه و متاعه بعينه،فهو أحقّ به من غيره،و إن أصابه في أيدي التجّار بعد ما اقتسم فلا سبيل إليه،و أيّما حرّ اشتراه التجّار فإنّه يردّ إليهم رءوس أموالهم، فإنّ الحرّ لا يباع و لا يشترى (3).فحكم للتجّار برءوس أموالهم.
و لأنّ الأسير يجب عليه فداء نفسه؛ليتخلّص من حكم الكفّار،فإذا ناب عنه غيره في ذلك،وجب عليه قضاؤه،كما لو قضى الحاكم عنه حقّا امتنع من أدائه (4).
و الجواب عن الأوّل:باحتمال أن يكون التجّار اشتروه بإذنهم،على أنّ قول عمر ليس بحجّة.
و عن الثاني:بالفرق بين الأمرين،فإنّ للحاكم الولاية على المماطل بالحبس و البيع و الأداء و غير ذلك،بخلاف التاجر،و هو ظاهر.
ص:400
لو أذن له في الشراء و أداء الثمن،ثمّ اختلفا في قدره،
فالقول قول الأسير فيه.
و به قال الشافعيّ (1).
و قال الأوزاعيّ:القول قول المشتري (2).
لنا:أنّ الأسير منكر،و القول قول المنكر مع يمينه.و لأنّ الأسير منكر الزيادة، و الأصل براءة ذمّته منها،فيرجّح قوله بالأصل.
احتجّ الأوزاعيّ:بأنّهما اختلفا في فعله و هو أعلم به.
و الجواب:المنع من ذلك و إنّما اختلفا في القدر المأذون فيه،و هو فعل الأسير، فهو أعلم به.
ثمّ قدر عليهم المسلمون،وجب ردّهم إلى ذمّتهم،و لا يجوز استرقاقهم،و هو قول عامّة العلماء لا نعلم فيه مخالفا؛لأنّ ذمّتهم باقية لم ينقضوها،فكانوا على أصل الحرّيّة.
إذا ثبت هذا:فإنّ (3)أموالهم بحكم أموال المسلمين في حرمتها.
قال عليّ عليه السّلام:«إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كأموالنا» (4).
فمتى علم صاحبها قبل القسمة،وجب ردّها إليه،و إن علم بعد القسمة فهي
ص:401
على ما تقدّم من الخلاف في أموال المسلمين (1)؛لأنّ عصمة أموالهم ثابتة،كثبوت عصمة مال المسلمين.
و هل يجب فداؤهم؟قال بعض الجمهور:نعم،يجب مطلقا،سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا-و هو قول عمر بن عبد العزيز،و اللّيث (2)-لأنّا التزمنا حفظهم بمعاهدتهم و أخذ الجزية منهم،فلزمنا القتال عنهم و القيام معهم،فإذا عجزنا عن ذلك و أمكننا تخليصهم بالفدية،وجب،كمن يحرم عليه إتلاف شيء فيتلفه فإنّه يغرمه.
و قال قوم منهم:لا يجب فداؤهم إلاّ أن يكونوا قد استعان بهم الإمام في قتاله فسبوا؛لأنّ أسرهم كان بمعنى من جهته (3).
و القولان عندنا ضعيفان.
إذا عرفت هذا:فإنّما يجب ما ذكرناه من الأحكام لو كانوا على شرائط الذمّة الآتية.أمّا لو لم يكونوا على الذمّة،فإنّهم يكونون بمنزلة الحربيّين يسترقّون بالسبي، و قد سلف (4).
يجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة.
روى ابن الزبير أنّه سأل الحسن (5)بن عليّ عليهما السلام،على من فكاك
ص:402
الأسير؟قال:«على الأرض التي يقاتل عليها» (1).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أطعموا الجائع،و عودوا المريض،و فكّوا العاني (2)» (3).
و روى حبان بن أبي جبلة (4)،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم و يؤدّوا عن غارمهم» (5).
و كتب عليه السلام كتابا بين المهاجرين و الأنصار أن يعقلوا معاقلهم و أن يفكّوا عانيهم بالمعروف (6).
و قد فادى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بني عقيل (7).
ص:403
في أقسام الغزاة
المطوّعة،و هم الذين إذا نشطوا غزوا،و إذا لم ينشطوا اشتغلوا بمعايشهم و اكتسابهم،فهؤلاء لهم سهم من الصدقات،و إذا غنموا في بلاد الحرب،شاركوا الغانمين و أسهم لهم.
و الثاني:هم الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد،فهؤلاء لهم من الغنيمة أربعة الأخماس،و يجوز عندنا أن يعطوا أيضا من الصدقة من سهم ابن السبيل؛لدخولهم تحته و التخصيص يحتاج إلى دليل.
-و هو اسم الدفتر الذي فيه أسماء القبائل قبيلة قبيلة-و يكتب عطاياهم و يجعل لكلّ قبيلة عريفا (1)،و يجعل لهم علامة بينهم و يعقد لهم ألوية.روى الزهريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه عرّف عام خيبر على كلّ عشرة عريفا (2).و جعل يوم فتح مكّة للمهاجرين شعارا و للأوس شعارا، و للخزرج شعارا (3)؛عملا بقوله تعالى: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا (4).
إذا عرفت هذا:فإنّ الإمام متى أراد القسمة عليهم قدّم الأقرب إلى رسول اللّه
ص:404
صلّى اللّه عليه و آله فالأقرب،فيقدّم بني هاشم (1)على بني المطّلب (2)ثمّ يقدّم بني عبد شمس (3)على بني نوفل (4)؛لأنّ عبد شمس أخو هاشم من الأبوين و نوفل أخوه من الأب،ثمّ يسوّي بين عبد العزّى (5)و عبد الدار (6)؛لأنّهما أخوا عبد مناف (7)،فإن استووا في القرب،قدّم أقدمهم هجرة،فإن تساووا،قدّم الأسنّ.
ص:405
فإذا فرغ من عطايا أقارب الرسول صلّى اللّه عليه و آله بدأ بالأنصار و قدّمهم على جميع العرب،فإذا فرغ من الأنصار،بدأ بالعرب،فإذا فرغ من العرب،قسّم على العجم،و هذا على الاستحباب دون الوجوب.
ما تقدّم،
فإذا مات المجاهد أو قتل و ترك ذرّيّة أو قرابة،فإنّهم يعطون كفايتهم من بيت المال لا من الغنيمة،فإذا بلغوا،فإن أرصدوا نفوسهم للجهاد،كانوا بحكمهم، و إن اختاروا غيره،خيّروا ما يختارونه،و تسقط مراعاتهم،و هكذا حكم المرأة لا شيء لها (1).
و للشافعيّ في إعطاء الذرّيّة و النساء بعد موته قولان:
أحدهما:أنّهم يعطون؛لأنّه إذا لم تعط ذرّيّته بعده،لم يجرّد نفسه للقتال،فإنّه يخاف على ذرّيّته الضياع؛لأنّا لا نعطيه إلاّ ما يكفيه،لا ما يدّخره لهم.
و الثاني:أنّهم لا يعطون؛لأنّا إنّما نعطيهم تبعا للمجاهدين،لا أنّهم من أهل الجهاد،فإذا مات،انتفت تبعيّتهم للمجاهدين،فلم يستحقّوا شيئا من الفيء (2).
و هم الذين بلغوا الحلم،فيحصي فرسانهم و رجّالتهم ليفرّق عليهم على قدر كفايتهم،و يحصي أيضا الذرّيّة،و هم الذين لم يبلغوا الحلم،و يحصي النساء؛لأنّ قدر كفايتهم إنّما يعلم بذلك.
قال ابن عمر:عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد و أنا ابن أربعة عشر سنة،فردّني،و عرضت عليه يوم الخندق و أنا ابن خمسة عشر سنة،
ص:406
فأجازني (1).و يفضّل الفارس على الراجل.
إذا عرفت هذا:فإنّما يقسّم عليهم في السنة مرّة واحدة؛لأنّ الجزية و الخراج و مستغلّ الأراضي التي انجلى (2)عنها المشركون إنّما يكون في السنة مرّة واحدة، فكذلك القسمة،و يعطي المولود،و تحسب مئونته من كفاية أبيه،لا أنّه (3)يفرده بالعطاء،و كلّما زادت سنّه زاد في عطاء أبيه.
و يعطي كلّ قوم منهم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم (4)؛لاختلاف الأسعار في البلدان،و يجوز أن يفضّل بعضهم على بعض في العطاء من سهم سبيل اللّه تعالى و ابن السبيل لا من الغنيمة.
و نقل الجمهور عن عليّ عليه السلام،أنّه سوّى بينهم في العطاء و أخرج العبيد فلم يعطهم شيئا؛لأنّهم استووا في سبب الاستحقاق،و هو أنّهم منتصبون للجهاد، فصاروا بمنزلة الغانمين (5).
قال الشيخ-رحمه اللّه-:و ليس للأعراب من الغنيمة شيء (6)،و قد تقدّم (7).
و اختاره الشافعيّ أيضا (8).
ص:407
و يجب على من استنهضه الإمام للجهاد النفور معه على ما تقدّم (1)؛لأنّه أعلم بمصالحه و أوقات الجهاد.
فإن كان مرضا يرجى زواله-كالحمّى و الصداع-فإنّه لا يخرج به عن كونه من أهل الجهاد و لا يسقط عطاؤه؛لأنّه كالصحيح.و إن كان مرضا لا يرجى زواله-كالزّمن و الإفلاج-خرج به عن المقاتلة،و هل يسقط عطاؤه؟يبنى على البحث في الذرّيّة بعد موت المجاهد،و قد سلف (2).
إذا ثبت هذا:فلو مات المجاهد بعد حئول الحول و استحقاق السهم،كان لورثته المطالبة بسهمه؛قاله الشيخ-رحمه اللّه- (3)لأنّه استحقّه بحؤول الحول، و المجاهدون معيّنون،بخلاف أولاد الفقراء؛لأنّ الفقراء غير معيّنين،فلا يستحقّون بحؤول الحول،و للإمام أن يصرف إلى من شاء منهم،بخلاف المجاهدين.
و للشافعيّ قول آخر:أنّه إنّما يستحقّ إذا مات بعد أن صار المال إلى يد الوالي؛لأنّ الاستحقاق إنّما هو بحصول المال لا بمضيّ الزمان (4).
من بيت المال
من أموال المصالح،و كذلك رزق الحكّام و ولاة الأحداث و الصلاة و غير ذلك من وجوه الولايات،فإنّهم يعطون من المصالح،و المصالح تخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة،و من سهم سبيل اللّه،و من جملة ذلك ما يلزمه فيما
ص:408
يخصّه من الأنفال و الفيء،و هو جنايات من لا عقل له،و دية من لا يعرف قاتله، و غير ذلك ممّا نذكره و نقول:إنّه يلزم من (1)بيت المال (2).
و ما عزم عليه من قصدهم و يعرّفهم أحواله،فإنّه لا يقتل بذلك؛لما روي أنّ حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم،فأعلمه اللّه تعالى ذلك، فأنفذ بعليّ عليه السلام و المقداد و الزبير خلف المرأة التي حملت الكتاب،و كانت قد خبّته في عقصتها،فأخذ الكتاب،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«ما حملك على هذا يا حاطب؟»فقال:يا رسول اللّه،لا تعجل عليّ فإنّي كنت امرأ ملصقا في قريش و لم أكن من أنفسها،و إنّ قريشا لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكّة، فأحببت إذا فاتني ذلك أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي،و اللّه ما بي كفر و لا ارتداد،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«صدقكم»فقال عمر:دعني أضرب عنق هذا المنافق،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«قد شهد بدرا و ما يدريك،إنّ اللّه تعالى اطّلع على أهل بدر فقال:اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (3).
إذا ثبت هذا:فإنّ الإمام يعزّره بحسب حاله و ما يقتضيه نظر الإمام،و لا يسهم من الغنيمة إلاّ أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة.
أو إلى رجل من المسلمين و الحرب قائمة،قال الشافعيّ:تكون غنيمة؛لأنّه إنّما أهدى ذلك من خوف الجيش،و إن
ص:409
أهدى إليه قبل أن يرتحلوا من دار الإسلام،لم تكن غنيمة،و انفرد بها (1).و اختار هذا القول محمّد بن الحسن (2).
و قال أبو حنيفة:تكون للمهدى إليه على كلّ حال (3).و هو رواية عن أحمد (4).
و هو الأقرب عندي؛لأنّه خصّ بها،فأشبه إذا كان في دار الإسلام.
اعترض بعض المبطلين بأنّه ليس بظاهر على جميع الأديان،فإنّ الروم و الهند و غيرهم ظاهرون في بلادهم (6).
و هو خطأ:لوجوه:
أحدها:أنّه يحتمل أن يكون المراد:إظهاره على الأديان بالحجّة و البرهان، فإنّ المعجزة دالّة على صدقه و على نسخ غيره من الأديان.
الثاني:يحتمل أنّه سيكون ذلك في زمن المهديّ عليه السلام (7)،و قد روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحاديث كثيرة تدلّ عليه،كقوله:إنّه ينزل في آخر الزمان
ص:410
عيسى بن مريم عليه السلام،فيأمر بقتل الخنزير و كسر الصليب (1).
و قوله عليه السلام:«زويت لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها و ستبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها» (2).
الثالث:أنّه أراد به في بلاد العرب و موضع ظهوره عليه السلام،و قد فعل اللّه تعالى،فإنّه لم يبق في جزيرة العرب أحد من أهل الأديان.
الرابع:أنّه ظاهر على جميع الأديان،فإنّه لا ثغر من الثغور إلاّ و المسلمون ظاهرون فيه على عدوّهم.
ص:411
ص:412
*فهرس الآيات الكريمة
*فهرس الأدعية
*فهرس الأحاديث و الآثار
*فهرس الأماكن و البلدان
*فهرس القبائل و الطوائف و الفرق
*فهرس الكتب المذكورة في المتن
*فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام
*فهرس الأعلام
*فهرس الموضوعات
ص:413
ص:414
إذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار(الأنفال:15)79
إذا لقيتم فئة فاثبتوا(الأنفال:45)79
أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا(الحجّ:39)10
اقرأ باسم ربّك الّذي خلق(العلق:1)9
الئن خفّف اللّه عنكم(الأنفال:66)78
إلاّ تنفروا يعذّبكم عذابا أليما(التوبة:39)16
إلاّ المستضعفين من الرّجال و النّساء و الولدان(النساء:98)19
أ لم تكن أرض اللّه واسعة فتهاجروا فيها(النساء:97)18
انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم فى سبيل اللّه(التوبة:41)16،68
إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمى أنفسهم(النساء:97)19
إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم(التوبة:111)26
إنّما جزاء الّذين يحاربون اللّه و رسوله و يسعون فى الأرض فسادا(المائدة:33)208
إن تكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين(الأنفال:66)78
أوفوا بالعقود(المائدة:1)277،231
أو ينفوا من الأرض(المائدة:33)208
ص:415
التائبون...(التوبة:112)27
ثمّ أبلغه مأمنه(التوبة:6)154
حتّى تفيء إلى أمر اللّه(الحجرات:9)55
حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون(التوبة:29)106
الزّانية و الزّانى فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة(النور:2)243
فأتياه(طه:47)116
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم(التوبة:5)17
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم(التوبة:5)18،53،55،84،102،105،206،209
فإن كان من قوم عدوّ لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة(النساء:92)97،98
فإمّا منّا بعد و إمّا فداء(محمّد:4)204،209
فشدّوا الوثاق فإمّا منّا بعد و إمّا فداء(محمّد:4)209
فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق(محمّد:4)53،55
فقولا له قولا ليّنا لعلّه يتذكّر أو يخشى(طه:44)116
ص:416
فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب و لكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء(الحشر:6)264، 265،357
قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه و لا باليوم الآخر(التوبة:29)53،55،63
قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار(التوبة:123)77
كتب عليكم القتال و هو كره لكم(البقرة:216)11،16
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه و اللّه مع الصّابرين(البقرة:249)80
لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم و هو أرحم الرّاحمين(يوسف:92)266
لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضّرر و المجاهدون(النساء:95)12،15
لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة(الحديد:10)20
لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالا و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة(التوبة:47)70
ليس على الأعمى حرج(الفتح:17)23
ليس على الضّعفاء و لا على المرضى(التوبة:91)23،24
ليظهره على الدّين كلّه و لو كره المشركون(التوبة:33)410
ما أفاء اللّه على رسوله(الحشر:7)173،264
ما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب(الحشر:6)265
ص:417
ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن اللّه(الحشر:5)88
من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون(التوبة:29)64
النّفس بالنّفس(المائدة:45)56
و أتمّوا الحجّ و العمرة للّه(البقرة:196)10
و أمر أهلك بالصّلاة و اصطبر عليها(طه:132)9
و السّارق و السّارقة فاقطعوا أيديهما(المائدة:38)195
و اعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ للّه خمسه و للرّسول(الأنفال:41)175،314،316،366
و المحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم(النساء:24)216،218
و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه(التوبة:6)121،131
و إن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما فى الدّنيا معروفا (لقمان:15)41
و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما(الحجرات:9)53،55
و إن كانوا إخوة رجالا و نساء(النساء:176)148
و أوفوا بعهد اللّه إذا عاهدتم(النحل:91)145
و أنذر النّاس(إبراهيم:44)10
و أنذر عشيرتك الأقربين(الشعراء:214)9
و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا(الحجرات:13)404
و شاورهم فى الأمر(آل عمران:159)75
و قاتلوا المشركين كافّة(التوبة:36)64
ص:418
و قاتلوهم حتّى لا تكون فتنة(البقرة:193،الأنفال:39)18
و لا تركنوا إلى الّذين ظلموا(هود:113)151،161
و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه(البقرة:191)18
و لا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة(البقرة:195)79،80
و لا على الأعرج حرج(الفتح:17)23
و لا على الّذين إذا ما أتوك لتحملهم(التوبة:92)24
و لا على الّذين لا يجدون ما ينفقون حرج(التوبة:91)24
و لا على المريض حرج(الفتح:17)24
و لكن كره اللّه انبعاثهم فثبّطهم و قيل اقعدوا مع القاعدين(التوبة:46)70
و لأبويه لكلّ واحد منهما السّدس(النساء:11)149
و لتنذر أمّ القرى و من حولها(الأنعام:92)10
و للّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا(آل عمران:97)38-39
و لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا(النساء:141)226
و لو لا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع(الحجّ:40)28
و لو لا رجال مؤمنون...(الفتح:25)95
و ما أرسلناك إلاّ كافّة للنّاس(سبأ:28)10
و ما كان المؤمنون لينفروا كافّة(التوبة:122)16
و من ذرّيّته داود...و عيسى(الأنعام:84-85)148
و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلّمة إلى أهله(النساء:92)97
و ورثه أبواه(النساء:11)149
و يستأذن فريق منهم النّبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورة(الأحزاب:13)68-69
و يطعمون الطّعام على حبّه مسكينا و يتيما و أسيرا(الإنسان:8)241
ص:419
هذان خصمان اختصموا(الحجّ:19)109
يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم الّذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار(الأنفال:15)32،77
يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا(الأنفال:45)32،41،77
يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرّسول و أولى الأمر منكم(النساء:59)30
يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار(التوبة:123)77
يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا(آل عمران:118)151
يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض(التوبة:38)32
يا أيّها المدّثّر*قم فأنذر*و ربّك فكبّر(المدّثّر:1-3)9
يا أيّها المزّمّل(المزّمّل:1)9
يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدى المؤمنين(الحشر:2)86
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه و الرّسول(الأنفال:1)174،260،285،368
ص:420
بسم اللّه أدعوك إلى اللّه 59
بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه 82،98
الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد 268
ص:421
أ تؤمن باللّه و رسوله؟قال:لا،قال:فارجع فلن نستعين بمشرك 73
أ تؤمن باللّه و رسوله؟قال:نعم،قال:فانطلق 336
أتي عليّ عليه السلام بأسير يوم صفّين فبايعه،فقال عليّ عليه السلام:لا أقتلك 308
أجرنا من أجرت و أمّنّا من أمّنت 131
اجلس يا أبان،و لم يقسم له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 370
أحلّ لي الخمس و لم يحلّ لأحد قبلي...و جعلت لي الغنائم 174
أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة،فقال:نعم 369
أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف 213
ادرءوا الحدود بالشبهات 244
أدركوا خالدا فمروه أن لا يقتل ذرّيّة،و لا عسيفا 103
أدّوا الخيط و المخيط؛فإنّ الغلول عار و نار و شنار يوم القيامة 181
إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي،و لم يكن معك محمل،فأرسله و لا تقتله 241
إذا أراد أن يبعث سريّة،دعاهم،فأجلسهم بين يديه 107
إذا استنفرتم فانفروا 32،68
إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا 27
إذا كان مع الرجل أفراس في غزو،لم يسهم إلاّ لفرسين منها 348
ص:422
إذا كانوا أصابوه قبل أن يحرزوا متاع الرجل،ردّ عليه 386
إذا لقيت عدوّك فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال 65
إذا لقيت عدوّك من المشركين،فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال 54،58
إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه و اضربوه 190
إذا ولد المولود في أرض الحرب قسّم له ممّا أفاء اللّه عليهم 331-332
اذهب،فقد أمّنّاه حتّى تغدو به بالغداة 268
أ رأيت لو كانوا في عسكر فتقدّم الرّجالة فقاتلوا فغنموا كيف أقسم بينهم؟359
ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما 37
استعملني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق 256-257
استقبل هذا الشعب حتّى تكون في أعلاه و لا نغرّنّ من قبلك الليلة 47
إسلامه إسلام لنفسه و لولده الصغار،و هم أحرار،و ماله و متاعه و رقيقه له 215
أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم:سهمان لفرسه،و سهم له 345
أسهم له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن فرسين 348
أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقّأ قتلى فارس 369
الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه و صار فيئا 212
الأسير يطعم و إن كان يقدّم للقتل 242
أصبنا طعاما يوم خيبر و كان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه ثمّ ينصرف 179
أطعموا الجائع،و عودوا المريض،و فكّوا العاني 403
أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم فأناظره 121
أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سهمين:سهم لي و سهم لفرسي 344
أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي...و أحلّت لي الغنائم 174
أعطى الفارس ثلاثة أسهم،و أعطى الراجل سهما 345
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم 283،409
ص:423
أغار أهل ماه و أهل جلولاء على العرب فأصابوا سبايا من سبايا العرب 400
اغدوا على القتال 106
اغزوا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه قاتلوا من كفر باللّه 82
أقبلت على الحجّ و تركت الجهاد فوجدت الحجّ ألين عليك 26
اقتلوا شيوخ المشركين و استبقوا شرخهم 102
اقرأ فقال:و ما أقرأ...ففزع من ذلك 9
اقرأ ما بعدها،فقرأ اَلتّائِبُونَ... 27
أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ... 266
أمّا أولاد المسلمين فلا يقام في سهام المسلمين و لكن يردّ إلى أبيه أو إلى أخيه 384
أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا:لا إله إلاّ اللّه 64،105،167،212
أمّ سليم و نسيبة بنت كعب كانتا تغزوان مع النبيّ 72
أمّن المشركين يوم الحديبيّة و عقد معهم الصلح 121
انطلقوا بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه لا تقتلوا شيخا فانيا 98
انظروا،فإن كان قد أشعر،فأقسموا له،فنظر إليّ بعض القوم 332
الأنفال،و هي كلّ أرض انجلى أهلها من غير أن يحمل عليها 260
إن أخذتم فلانا،فأحرقوه بالنار 87
إن أخذتم فلانا فاقتلوه و لا تحرقوه،فإنّه لا يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار 87
إن أصبته قبل أن نقسمه فهو لك 385
إنّ زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع 133
إن شاء ضرب عنقه،و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف 208
إن شئت أخذت بالثمن الذي اشتراه و إلاّ فهو له 384
إن قتلت في سبيل اللّه صابرا محتسبا يكفّر عنّي خطاياي؟35
إن كانت في الغنائم و أقام البيّنة أنّ المشركين أغاروا عليهم 386
ص:424
إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين،فالوفاء به 49
إن وقع عليه قبل القسمة،فهو له،و إن جرت 385
إنّ أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح و معاذ بن عفراء 309-310
إنّ ابني عفراء أثخنا أبا جهل يوم بدر 305
إنّ اللّه عزّ و جلّ أعزّ أمّتي بسنابك خيلها و مركز رماحها 14
إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر 69
إنّ أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر 266
إنّ أهل مكّة دخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنوة و كانوا أسراء في يده 266-267
إنّ تميم بن فرع المهريّ كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندريّة 332
إنّ ثابت بن قيس الأنصاريّ سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يهب له الزبير بن باطا 166
إنّ جبرئيل عليه السلام أخبرني...من غزا غزوة في سبيل اللّه من أمّتك 13
إنّ حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى قريش يخبرهم بقصد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إيّاهم 282
إنّ الحرب خدعة و أنا عند المؤمنين غير كذوب 116
إنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم 110
إنّ حمزة و عليّا أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة 115
إنّ رجلا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبّة شعر من المغنم 183
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم 334،335
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة فيها عبد اللّه بن عمر،فغنموا إبلا كثيرة 285
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى 325
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرضهم يومئذ على النباتات فمن وجده أنبت 203
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على أهل الحديبيّة فأعطى الفارس سهمين 344
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء قريب بدر 378
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما قسّم غنائم حنين و الطائف بعد...379
ص:425
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى في السلب للقاتل و لم يخمّس السلب 314
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس 189
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للخيل و كان لا يسهم للرجل فوق فرسين 347
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب 103
إنّ الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمسة أسهم 347
إنّ سعد بن معاذ أجاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تحكيمه 161
إنّ سلمة بن الأكوع أتى بامرأة و ابنتها فنفله أبو بكر ابنتها 230
إنّ صفوان بن أميّة خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه،فأسهم له 334
إنّ الصفو كان مختصّا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 342
إنّ عليّا عليه السلام أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن و قال:هو من المؤمنين 123-124 و 125
إنّ عليّا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا و بارز عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق 108
إنّ عليّا عليه السلام فرّق بين الأمّ و ولدها 231-232
إنّ عليّا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم و للراجل سهما 346
إنّ عليّا عليه السلام كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم:سهمين لفرسه 346
إنّ عليّا عليه السلام كان يطعم من خلّد في السجن من بيت مال المسلمين 242
إنّ عليّا عليه السلام كان يقول:لأن تخطفني الطير أحبّ إليّ من أن أقول 116
إنّ عليّا عليه السلام و حمزة و عبيدة استأذنوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر 111
إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم و يؤدّوا عن غارمهم 403
إنّ عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن لا يقيموا الحدود في دار الشرك 381-382
إنّ الغنيمة لمن شهد الوقعة 370
إنّ قوما أغاروا على سرح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخذوا ناقته 388
إنّ كاتبي لا يدخل المسجد،فقال:أجنب هو؟فقال:لا و لكنّه نصرانيّ 151
إنّ المسلم أخو المسلم لا يخونه و لا يخذله،فأيّما رجل من المسلمين أصاب متاعه 389
ص:426
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استعان بيهود بني قينقاع و رضخ لهم 72
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أسهم للفارس مطلقا 356
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى الفرس العربيّ سهمين 355-356
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى من غنيمة بدر من لم يشهدها 367
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر عليّا عليه السلام حين أعطاه الراية يوم خيبر 61
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمّن الناس كلّهم إلاّ ستّة نفر 268
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أهديت إليه مارية و أختها سيرين 230
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل السلب للقاتل مطلقا 316
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جعل للسريّة الثلث أو الربع ممّا غنموا 278
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرب حصون بني النضير و خيبر و هدم ديارهم 86
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خرج بعائشة في غزوات 72
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خصّ القاتل بالسلب 291
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رماهم بالمنجنيق و فيهم النساء و الصبيان 95
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفّار 215
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شنّ الغارة على بني المصطلق ليلا 89
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صالح أهل مكّة عام الحديبيّة 280
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ضرب لسهلة بنت عاصم يوم خيبر بسهم 326-327
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عاهد قريشا على ردّ من جاءه مسلما 146
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم 104
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن مسلمة 104
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على ثمانية عشر سهما 255
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم غنائم خيبر:للفارس ثلاثة أسهم 358
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قطع الشجر بالطائف و نخلهم،و قطع النخل بخيبر 88
ص:427
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يسهم للفرس سهما أو سهمين 355
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفل في البدأة الربع و في الرجعة الثلث 373
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان ينفّل في البدأة الربع و في القفول الثلث 284
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لمّا حاصر بني قريظة،رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد 106،158
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يشرك بين اثنين في سلب 309
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرّ بامرأة مقتولة يوم الخندق،فقال:من قتل هذه 99
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصب على أهل الطائف منجنيقا 84
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نفّل مرّة الثلث و مرّة الربع 286
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يعذّب بالنار إلاّ ربّ النار 190
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يلقى السمّ في بلاد المشركين 88
إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان 202
إنّ النهبة لا تحلّ 93
إنّ هذا سلب شبر خير من اثني عشر ألفا 302
إنّا أصبنا أرضا كثيرة الطعام و العلف 179
إنّا قافلون إن شاء اللّه تعالى غدا 106
إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين 73
إنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين.قال:فأسلمنا و شهدنا معه 337
إنّا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم 74
إنّما الأعمال بالنيّات 372
إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كأموالنا 401
إنّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على إن دهمه 340
إنّما يجير على المسلمين أدناهم 128
إنّه أسهم للصبيان بخيبر و أسهم أئمّة المسلمين كلّ مولود ولد في دار الحرب 331
ص:428
إنّه فتح هوازن و لم يقسّمها 254
إنّه صلّى اللّه عليه و آله قتل عقبة بن أبي معيط صبرا 207
إنّه عليه السلام قسّم نصف خيبر و تولّى نصفها 255
إنّه كان يصطفى من الغنائم الجارية و الفرس 341
إنّه كان ينفّل الربع بعد الخمس و الثلث بعد الخمس إذا قفل 284
إنّها خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ 326
أوّل من عرقب الفرس في سبيل اللّه جعفر بن أبي طالب 117
أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوّي بينهم في العطاء 366
أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ 224
أيّما حرّ اشتراه التجّار،فإنّه يردّ عليهم رءوس أموالهم 389-390
أيّما رجل من أدنى المسلمين و أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار 82
بارزت رجلا يوم حنين فقتلته 109،111
بارزت رجلا يوم القادسيّة فقتلته 302
بارز حمزة و عليّ عليه السلام و عبيدة بن الحارث يوم بدر بإذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 108
بئس ما جازيتها،لا نذر في معصية اللّه 388
بسم اللّه أدعوك إلى اللّه 59
بلغ ثلاثين ألفا(السلب)315
تقول:بسم اللّه أدعوك إلى اللّه و إلى دينه 59
تمام الرباط أربعون يوما 44
ص:429
ثلاث من أصل الإيمان:الكفّ عمّن قال لا إله إلاّ اللّه 27
جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه أجاهد؟فقال:أ لك أبوان؟37
جئت أبايعك على الهجرة و تركت أبويّ يبكيان 37
جعل يوم فتح مكّة للمهاجرين شعارا و للأوس شعارا و للخزرج شعارا 404
الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض 13
الجهاد واجب عليكم مع كلّ أمير برّا كان أو فاجرا 27
جهاد لا قتال فيه:الحجّ و العمرة 21
جهّز عمر بن الخطّاب جيشا فكنت فيه فحصرنا موضعا فرأينا أنّا سنفتحها اليوم 125
حتّى يبلغ الغلام و تحيض الجارية 229
حدّثتني جدّتي،قالت:كنت مع حبيب بن مسلمة و كان يسهم لأمّهات الأولاد 331
حدّثني أبي عن جدّي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:يكون للمسلمين 46
الحرب خدعة 115
حرس ليلة في سبيل اللّه،أفضل من ألف ليلة قيام ليلها و صيام نهارها 47
الحمد للّه الذي أمكنني منك بغير عهد و لا عقد 268
الخراج بالضمان 200
ص:430
خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى بدر حتّى إذا كان بحرّة الوبرة أدركه رجل من المشركين 336
خرج مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر و هو على شركه و أسهم له(صفوان)336
خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة خيبر سادسة ستّ نسوة 71
خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة و رافقني مددي من أهل اليمن،فلقينا جموع الروم 319
خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عام حنين فلمّا التقينا رأيت رجلا 300،303
الخير كلّه في السيف و تحت ظلّ السيف و لا يقيم الناس إلاّ السيف 14
دع الناس يعلفون و يأكلون،فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضّة،ففيه خمس 179
دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز،فأبى أن يبارزه،فقال له أمير المؤمنين 110
الديلم.(في قول اللّه عزّ و جلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ... قال:)77
ذلك للطلب أن تطلبه الخيل حتّى يهرب 209
ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم،و لا يقوم بذلك إلاّ من كان منهم 26
ذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم،فمن أخفر مسلما،فعليه لعنة اللّه 124-125،129
رأيت في المنام أنّي قلت لك:إنّ القتال مع غير الإمام....حرام 27
الرباط ثلاثة أيّام و أكثره أربعون يوما،فإذا جاز ذلك فهو جهاد 44
رباط ليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر و قيامه،فإن مات 43
ردّوا الخياط و المخيط 187
رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل مسلم اشترى أرضا من أراضي الخراج 263
ص:431
رفع القلم عن ثلاث:...عن المجنون حتّى يفيق 127
رفع القلم عن الصبيّ حتّى يبلغ 127
رفع عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه 144
روي أنّ أبا عبيدة قتل أباه حين سمعه سبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 42
زمّلوني و دثّروني 9
زويت لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها 411
سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السّلام،و كان السائل من محبّينا 54
سمعته يسبّك،فسكت عنه(لمّا قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لم قتلته؟)42
سمعت بلالا ينادي ثلاثا،قال:نعم.قال:فما منعك أن تجيء به 189
سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب(المجوس)63،64،65
سورة الأنفال فيها جدع الأنف 264
سيروا بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه 82،98
السيوف مقاليد الجنّة 14
شهدت خيبر مع سادتي فكلّموا فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبر أنّي مملوك 328
شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نفّل الربع في البدأة و الثلث في الرجعة 284
شهد فتح القادسيّة عبيد،فضرب لهم سهامهم 328
ص:432
الصلاة لوقتها(أيّ الأعمال أفضل؟قال...)11
طعام الأسير على من أسره و إن كان يريد قتله من الغد 242
العبد المسلم رجل من المسلمين ذمّته ذمّتهم 125
عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة بدر و أنا ابن ثلاث عشرة سنة فردّني 22
عرضت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد 406
عرّف عام خيبر على كلّ عشرة عريفا 404
على الأرض التي يقاتل عليها.(على من فكاك الأسير؟قال:)402-403
على المسلم أن يمنع عن نفسه و يقاتل على حكم اللّه و حكم رسوله 29
عينان لا تمسّهما النار:عين بكت من خشية اللّه،و عين باتت تحرس في سبيل اللّه 47
غزا بني المصطلق و هوازن و خيبر(النبيّ صلّى اللّه عليه و آله)378
غزا الناس الروم و عليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغلّ رجل مائة 194
غزونا مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خيبر فأصبنا غنما فقسّم بيننا النبيّ 93
الغنيمة لمن حضر الوقعة 372
الغنيمة لمن شهد الوقعة 175،363،365،374،396،397،398
ص:433
فإذا ظهر القائم عليه السلام فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه 262
فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليه،و إن شاء فاداهم أنفسهم 209
فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين إلاّ أن يكونوا أسلموا 215
فإنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين 74
فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك...المقعد من أهل الذمّة 103
الفرار من الزحف من الكبائر 78
فظنّوا أنّهم قالوا:نعم،فنزلوا إليهم كانوا آمنين 130
فليرابط و لا يقاتل(قلت:مثل قزوين و عسقلان و الديلم...؟)45
فمن ترك الجهاد،ألبسه اللّه تعالى ذلاّ و فقرا في معيشته و محقا في دينه 14
فوق كلّ ذي برّ برّ حتّى يقتل في سبيل اللّه،فإذا قتل في سبيل اللّه فليس فوقه برّ 13
فوق كلّ عقوق عقوق حتّى يقتل أحد والديه 14
الفيء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء 265
الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل،و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته 264
قاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه و لا تغدروا و لا تغلّوا و لا تمثّلوا 107
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إذا حرن على أحدكم دابّته فليذبحها و لا يعرقبها 117
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:للجنّة باب يقال له:باب المجاهدين 14
قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانئ،إنّما يجير على المسلمين أدناهم 126
قد شهد بدرا و ما يدريك إنّ اللّه تعالى اطّلع على أهل بدر 282-283،409
قد فادى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بني عقيل 403
قد كنّ يشهدن الحرب فأمّا الضرب لهنّ بسهم فلا 325
قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعض غنائم خيبر قبل أن يرحل عنهم 379
ص:434
قسّم للصبيان في خيبر 333
قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العبد و سيّده قضيّتين 224
كانا فارسين يوم خيبر فأعطيا ستّة أسهم:أربعة أسهم لفرسيهما،و سهمين لهما 345
كان أبي يقول:إنّ للحرب حكمين:إذا كانت قائمة لم تضع أوزارها 208
كان أجيرا لطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة حين أغار على سرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأعطاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهم الفارس و الراجل(سلمة بن الأكوع)398
كان إذا بعث جيشا أو سريّة أوصاهم بتقوى اللّه تعالى 158
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث سريّة بعث أميرها فأجلسه إلى جنبه 99
كان إذا طرق العدوّ ليلا لم يغر حتّى يصبح 89
كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:من أحيا أرضا من المؤمنين،فهي له 262
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه 82،88،98
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعتق العبيد إذا جاءوا قبل مواليهم 224
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغزو بالنساء فيداوين الجرحى و يحذين من الغنيمة 325
كان عليّ عليه السلام لا يقاتل حتّى تزول الشمس،و يقول:تفتح أبواب السماء 90
كان لهم نبيّ قتلوه و كتاب أحرقوه أتاهم نبيّهم بكتابهم في اثني عشر جلد ثور 66
كان يسترقّهم إذا سباهم 202
كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا على سريّة أو جيش أمره بتقوى اللّه 54
كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتل رجال بني قريظة و هم بين ستمائة رجل و...206
كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يخرج معه أمّ سليم و غيرها 23
كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يغزو بأمّ سليم و نسوة معها من الأنصار يسقين الماء 72
كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه 11
ص:435
كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مدينة من مدائن الحرب 85
كتب عليه السلام كتابا بين المهاجرين و الأنصار أن يعقلوا معاقلهم و أن يفكّوا عانيهم بالمعروف 403
كتب نجدة الحروريّ إلى ابن عبّاس يسأله عن النساء هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هل كان يضرب لهنّ بسهم 325
كلّ أرض خربة(أو أشياء)كانت تكون للملوك فهو خالص للإمام 264-265
كلّ قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل للّه عزّ و جلّ نصفها يقسّم بين الناس 265
كلّ مولود يولد على الفطرة و إنّما أبواه يهوّدانه و ينصّرانه 236،238،239
كلّ ميّت يختم على عمله،إلاّ المرابط في سبيل اللّه،فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة 43
كن أنت تجئ به يوم القيامة فلن أقبله عنك 189
كنّا نصيب العسل و الفواكه في مغازينا فنأكله و لا نرفعه 179
كنّا نغزو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسقى الماء و معالجة الجرحى 72
كيف ترى في شراء أرض الخراج؟قال:و من يبيع ذلك هي أرض المسلمين 263
لا أقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين 301
لا بأس،اشتر حقّه منها و يحوّل حقّ المسلمين عليه،و لعلّه يكون أقوى عليها 263
لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل و يأخذ منه الجعل 29،396
لا بأس به و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام 111
لا بأس،و لكن لا يطلب ذلك إلاّ بإذن الإمام 112
لا تسبوا لهم ذرّيّة و لا تتمّوا على جريح و لا تتّبعوا مدبرا 56
لا تصلح قبالة الأرض و النخل إذا كان البياض أكثر من السواد 256
لا تعطه يا خالد 302
ص:436
لا تغلّوا و لا تمثّلوا و لا تغدروا و لا تقتلوا شيخا فانيا 82،99
لا تغمد إلى أن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها 54
لا تنقطع الهجرة حتّى تنقطع التوبة 19-20
لا توطأ حامل حتّى تضع،و لا حائل حتّى تحيض 217
لا عتق إلاّ في ملك 252
لا نذر فيما لا يملك ابن آدم 388
لا نذر في معصية اللّه 388
لا نفل إلاّ بعد الخمس 316
لا نفل إلاّ من الخمس 283
لا نفل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 283
لا هجرة بعد الفتح 20
لا يحلّ للأسير أن يتزوّج في أيدي المشركين مخافة أن يلد له 240-241
لا يفرّق بين الوالدة و ولدها 229
لا يكون داعيا إلى اللّه تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة 26
لئن ظفر بك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليضربنّ عنقك 267
لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنّك 110،112
لأن يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك ممّا طلعت عليه الشمس 58
للإمام أن يأخذ الجارية الحسناء،و المركب الفاره 342
للغازي أجره و للجاعل أجره 395
للفارس سهمان،و للراجل سهم 345،359
لقد حكم بحكم اللّه تعالى من فوق سبعة أرقعة 164
لقد حكمت بما حكم اللّه تعالى فوق سبعة أرقعة 160
لكنّي أحبّ أن أقتلك 115
ص:437
لمّا بعث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام إلى اليمن،قال:يا عليّ لا تقاتل أحدا حتّى تدعوه 62
لمّا حاصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها 100
لمّا غزا هوازن بعث سريّة من الجيش قبل أوطاس فغنمت السريّة 373
لمّا نزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمرّ الظهران قال العباس:قلت و اللّه 267
لم يقتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد 242،207
له أن ينفّل قبل القتال،فأمّا بعد القتال و الغنيمة فلا يجوز 359
له ما لنا و عليه ما علينا مسلما أو كافرا 264
لو أنّ جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل 121
لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان،فقالوا:لا 130
لو سمعت هذه الأبيات ما قتلته 207
لو قلتها و أنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح 213
لو كان مطعم بن عديّ حيّا ثمّ سألني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له 205
لو لا أنّ الرسل لا تقتل لقتلتكما 122
ليس به بأس،قد ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل خيبر 263
المؤمنون عند شروطهم 113،277
ما بالها قتلت و هي لا تقاتل 102،104
ما برزت لأقاتل اثنين 115
ما بيّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عدوّا قطّ ليلا 90
ما تروني صانعا بكم؟فقالوا أخ كريم 266
ما حملك على هذا يا حاطب؟409
ص:438
ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتّى رفعتموه 36
ما لك يا أبا قتادة؟فاقتصصت عليه القصّة 300
ما كان من الأرضين باد أهلها و في غير ذلك الأنفال هو لنا 264
ما من رجل آمن رجلا على دمه ثمّ قتله،إلاّ جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر 129
ما منعك أن تبارزه؟فقال:كان فارس العرب 110،112
مثل الذين يغزون من أمّتي و يأخذون الجعل و يتقوون به على عدوّهم مثل أمّ موسى 395
من أخذ شيئا فهو له 293،323،367
من أسلم طوعا تركت أرضه في يده،و أخذ منه العشر ممّا سقت السماء 259
من أعطى إماما صفقة يده و ثمرة قلبه فليطعه ما استطاع 54
من أيّ إخواننا أنت؟قلت:من أهل الشام،قال:أيّهم؟قلت:من أهل دمشق 46
من بلّغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة و هو شريكه 31
من جهّز غازيا أو حاجّا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره 31
من جهّز غازيا،كان له مثل أجره 29
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن،و من أغلق عليه بابه فهو آمن 131
من فرّق بين والدة و ولدها،فرّق اللّه بينه و بين أحبّته يوم القيامة 227
من فرّ من اثنين فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة فما فرّ 78
من فرّ من رجلين في القتال من الزحف فقد فرّ،و من فرّ من ثلاثة في القتال 78
من قتل قتيلا،فله سلبه 288،289،301،309
من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلبه 300،303،321-322
من قتله؟قالوا:ابن الأكوع،قال:له سلبه أجمع 310
من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يركب دابّة من فيء المسلمين 184
من مات و لم يغزو لم يحدّث نفسه بالغزو،مات على شعبة من النفاق 16
من يحرسنا الليلة؟47
ص:439
منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ثمامة بن أثال و أبي عزّة 205
منعت العراق قفيزها و درهمها 273
نحن قوم فرض اللّه طاعتنا،لنا الأنفال،و لنا صفو المال 342
نصب على أهل الطائف المنجنيق و كان فيهم نساء و أطفال 84
نصيبي منها لك 183
نعم،إلاّ الدّين،فإنّ جبرئيل عليه السلام قال لي ذلك 35
نعم،و المسلم أخو المسلم و المسلم أحقّ بماله أينما وجده 384
نفل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انتهى إلى الثلث 287
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن إضاعة المال 189
نهى عن قتل شيء من الدوابّ صبرا 91
و أجارت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبا العاص بن الربيع 126
و إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللّه،فلا تنزلهم 159
و إذا حاصرتم حصنا أو مدينة،فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم اللّه 158
و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب،فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها 254،261
و أمّا الدور و الأرضون فهي فيء و لا تكون له 215
و أمّا السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص 56
و أمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي و التأويل 55
و أمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون 384
ص:440
و أمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين و يتختمون 258
و أمرني أن أضع على كلّ جريب زرع غليظ درهما و نصفا 258
و أمّن عمر بن الخطاب هرمزان بعد الأسر 133
و الأنفال للّه و للرسول،فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث يحبّ 261
و أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض و عملوها فهم أحقّ بها 263
و بارز شبر بن علقمة إسوارا فقتله 109
و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و عشيرته 11
و الذي نفسي بيده غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها 12
و فادى أسارى بدر و كانوا ثلاثة و سبعين 205-206
و الفرس جعل لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سهما 352
و فرض الحجّ في السنة السادسة 10
و فوق كلّ عقوق عقوق 14
و كفّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه 42
و كلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها 262
و لا تحرقوا النخل و لا تغرقوه بالماء و لا تقطعوا شجرة مثمرة 89
و لا تعقرنّ شجرا مثمرا و لا دابة عجماء و لا شاة إلاّ لمأكلة 91
و لا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله 83،91،93،179،180،181
و لا تقطعوا شجرة مثمرة و لا تحرقوا زرعا؛لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه 179
و اللّه لأن أكون أنا أفتيه بهذا أحبّ إليّ من أن يكون لي 195
و اللّه ما الشهداء إلاّ شيعتنا و لو ماتوا على فرشهم 50
و ليس لمن قاتل شيء من الأرضين 261
و ليس لنا فيه غير سهمين:سهم الرسول و سهم القربى 265
و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى 256
ص:441
و معقلهم من الدجّال بيت المقدس 46
و معقلهم من يأجوج و مأجوج طور سيناء 46
و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن 268
و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين 184
و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب 265
و يسعى بذمّتهم أدناهم 123
الويل يتعجّلون قتلة في الدنيا و قتلة في الآخرة 50
هاجر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة 10
هادونكم فارموا(أشرفت امرأة)100
هذا هو فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بدو أمره...فأنزلهم على مواريث 366
هل أحسستم فارسكم؟قالوا:لا،فنودي بالصلاة 48
هل قسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا من الغنائم بالمدينة؟قال:لا أعلمه 377-378
هل لك باليمن أحد؟قال:نعم،أبواي،قال:أذنا لك؟قال:لا 37
هو الأسير.(قول اللّه و يطعمون الطعام)241-242
هو طليق اللّه ثمّ طليق رسوله فلم يردّه علينا 224
هو كذلك هو كذلك(القتال مع غير الإمام)27
هل يجوز أن يرسل عليهم الماء أو يحرقون بالنار أو يرمون بالمنجنيق حتّى يقتلوا 94
يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة،و يرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن 387
ص:442
يا خالد أ ما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى بالسلب للقاتل؟قال:بلى 319
يا رسول اللّه أبو سفيان عدوّ اللّه قد أمكن اللّه منه بغير 268
يا عثمان لا تفعل،فإنّ سياحة أمّتي الغزو و الجهاد 14
يا عليّ لا تقاتل أحدا حتّى تدعوه 58،60
يحذيان و ليس لهما شيء...قد يرضخ لهما 328
يرابط و لا يقاتل،فإن خاف على بيضة الإسلام و المسلمين قاتل 48
يرضخ لهم و لا يبلغ بهم سهم المجاهدين المسلمين 74
يسعى بذمّتهم أدناهم 121
يفعل ذلك بهم و لا يمسك عنهم لهؤلاء،و لا دية عليهم و لا كفّارة 85،94
يكون للمسلمين ثلاث معاقل فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية 46
ينزل في آخر الزمان عيسى بن مريم فيأمر بقتل الخنزير و كسر الصليب 410-411
ص:443
أحد:92،406
الإسكندريّة:332
أمّ القرى:10
أنطاكيّة دمشق:46
أوطاس:217،218،373
البحرين:265،315
بدر:73،108،111،174،205،206، 215،282،283،293،305،323، 357،367،368،378،409
البصرة:270،370
بلاد الإسلام:199
بلاد العرب:411
البهقباذات:257
بيت المقدس:46
البيداء:73،336
جدّة:49
الجعرانة:379
جلولاء:389،400
الحبشة:10
الحديبيّة:19،121،327،344
الحرّة:213
حرّة الوبرة:73
الحرم:17
حلوان:270
حنين:47،109،300،303،379
الخندق:99،108،116،406
ص:444
خيبر:61،71،86،88،93،108، 256،263،327،331،333،336، 344،345،347،358،369،378، 379،380،404
دار أبي سفيان:268
دار أهل الحرب:287،379
دار الإسلام:132،137،138،141، 142،175،178،185،186،187، 188،200،215،219،222،237، 293،335،364،365،369،377، 378،381،382،385،391،392، 393،410
دار الحرب:55،103،138،139،141، 142،143،165،167،168،175، 176،180،185،187،188،199، 200،201،215،219،221،222، 223،224،239،283،287،292، 331،358،359،360،362،364، 369،371،376،377،378،380، 382،384،391،392،410
دار الشرك:382،385
دار الكفر:220،364
دجلة:270
دمشق:46
الديلم:45،55،77
الروم:60،190،194،319
الزارة:315
الزنج:60
ساحل البحر:49،270
الشام:46،179،188،226
شعاب الصفراء:378
صفّين:116،301،308
الطائف:88،224،266،379
ص:445
طور سيناء:46
عبّادان:270
عذيب:270
العراق:270،273،344،355
عسقلان:45
فارس:61
القادسية:270،302
قزوين:45
الكعبة:268
الكوفة:370
ماه:389،400
المدائن:257
المدينة:10،45،209،226،343، 378،388
مرّ الظهران:267
المساجد:46،272،396
المسجد الحرام:18
المسجد:151
مصر:226،344
مكّة:10،19،20،30،56،266، 268،280،404،409
موتة:319
الموصل:270
نهاوند:370
نهر جوبر:257-258
نهر سير:257
نهر الملك:258
هوازن:254،373،378
الهند:410
اليمن:37،62،319
ص:446
الأئمّة:42،285،331،357
الإسلام:10،17،18،19،22،25، 27،30،35،46،48،53،54،55، 57،58،60،63،66،67،68،83، 105،122،130،131،132،136، 138،180،199،213،214،222، 221،236،237،254،274،315، 339،365،366،375،381،391
أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام:384
أصحاب الخمس:338
أصحاب الخيل:359
أصحاب الرأي:179،188،227،229، 233،377
أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:213، 332
أصحاب السريّة:292
أصحاب السهم:338
أصحاب الشافعيّ:136،182،251
أصحاب الصوامع:103
أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:26،69، 109
أصحابنا:18،226،227،254،272، 343
الأعراب:339،340،407
أعراب المؤمنين:83
أمراء الأجناد:381
الأنصار:388،403،406
الأوس:404
أهل الأديان:411
أهل الإسلام:53،366
أهل البصرة:370
أهل البلد:375
أهل البغي و التأويل:55
ص:447
أهل الثغور:46
أهل الجبل:262
أهل جلولاء:389،400
أهل الجهاد:334،361،408
أهل الحديبيّة:327،344
أهل الحرب:79،100،138،140، 176،210،215،277،379،401
أهل حصن:83،125،155،156،159، 359
أهل الحضانة:228
أهل الخمس:195،197،251،323، 341
أهل خيبر:263
أهل دار الإسلام:335
أهل دمشق:46
أهل الذمّة:55،57،64،66،72،103، 338،401
أهل الردّة:86
أهل الشام:46،226
أهل الضمان:97،98
أهل الطائف:84،100،106،224،266
أهل العراق:344
أهل العسكر:163
أهل العلم:37،86،88،108،124، 133،225،229،324،335،356
أهل الغنيمة:200،312،314،387
أهل فارس:61
أهل الفيء:31
أهل القتال:21،101،326،328،330، 333،371
أهل القرى:264
أهل الكتاب:63-64،65،66،133، 210،273،393
أهل الكوفة:370
أهل ماه:389،400
أهل المحاربة:99
أهل المدينة:226،343،376
أهل مصر:226،344
أهل مكّة:19،56،268،280
أهل النفل:287
بنو عبد شمس:405
بنو عقيل:213،403
بنو المصطلق:60،88،89،378
بنو المطّلب:405
ص:448
بنو قريظة:106،158،160،166،202، 206
بنو قينقاع:72،74
بنو النضير:86
بنو نوفل:405
بنو هاشم:49،110،112،405
الترك:55
ثقيف:224
الجمهور:11،18،45،54،61،84، 92،102،108،115،121،124، 132،135،137،138،155،158، 165،167،173،175،178،179، 180،182،185،199،207،224، 226،232،237،244،249،253، 254،283،286،302،307،309، 314،320،321،322،335،341، 342،343،344،349،377،381، 383،388،395،402،407
الحربيّ:144،151،167
الحنفيّة:156،350،352
الخاصّة:21،58،62،85،86،98، 110،111،116،125،159،179، 207،224،254،331،342،344، 345،366،378،383،395
الخزر:55،60
الخزرج:404
الديلم:55
الذمّيّ:151،222،223،226،299
الشافعيّة:141،211،242،279،352، 360،374
ص:449
الصحابة:38،65
عبدة الأوثان:63،64،210
العجم:55،64،211،406
العرب:55،211،400،406
العلماء:15،45،216،225،288، 327،343،373،382،401
علماؤنا:29،44،124،203،216، 228،253،313،324،330،333، 341،343،356،365،376،382
الفقهاء:356
فقهاء الشام:188
الفلاّحون:105
قريظة:104
قريش:57،59،146،282،332،409
الكافر:239،274،277،281،298، 312،321،333،335،336،349، 379،385،392
الكتابي:211
الكفّار:22،27،29،46،47،53،60، 62،63،66،70،72،77،78،80، 81،91،94،106،122،123،132، 142،177،215،241،250،297، 310،335،384،387
كفّار قريش:64
المجاهدون:12،14،15،31،44،74، 272،359،370،371،375،406، 408
المجتهدون:378
المجوس:53،63،64،65،66،133
المخالف:16،87،97،133،140، 185،191،192،231،306،320، 326،334،374
مذهب أبي حنيفة:163
مذهب الشافعيّ:279
المسلمون:10،11،28،29،38،40، 41،43،45،46،53،54،57،60،
ص:450
68،69،70،72،73،74،76،77، 78،79،80،81،82،85،88،89، 91،94،95،96،99،100،101، 106،110،111،112،113،114، 115،121،122،123،124،125، 126،128،129،130،133،134، 135،142،143،147،151،152، 153،154،156،160،164،166، 173،175،176،177،178،179، 184،185،187،188،191،198، 203،208،213،214،215،219، 221،222،225،226،239،240، 242،250،251،253،256،259، 261،262،263،267،270،271، 272،273،274،277،280،282، 284،286،289،291،295،296، 297،298،299،300،303،306، 307،308،311،312،317،319، 329،331،332،334،335،336، 342،363،365،370،371،380، 382،383،384،386،389،376، 390،391،394،399،400،401، 402،403،409،411
المشركون:17،19،53،55،58،61، 64،66،71،73،74،76،80،84، 85،88،91،94،95،96،98،99، 100،102،104،111،114،121، 122،123،124،131،133،143، 144،147،151،154،157،173، 206،209،241،278،282،286، 300،303،308،310،335،336، 337،376،377،380،382،385، 386،391،407،409،410
مشرك العجم:55
مشرك العرب:55
المهاجرون:339،403،404
المعتزلة:340
النصارى:53،63،263
النصرانيّ:151
هوازن:254
اليهود:53،63،72،263،334،335
ص:451
الاستبصار:386
الإنجيل:63،184
التوراة:63،184
القرآن:11،167،314
كتاب المشيخة:386
المصحف:189،190
ص:452
أبو جعفر عليه السلام:44،54،129،265، 386
أبو جعفر الثاني عليه السلام:49
أبو الحسن عليه السلام:45،48،130
أبو الحسن الأوّل عليه السلام:261
أبو الحسن الرّضا عليه السلام:256،259
أبو عبد اللّه عليه السلام:13،14،25،27، 28،44،50،54،58،62،66،85، 86،88،89،90،91،93،94،97، 99،103،107،110،121،123، 125،130،159،179،207،208، 215،241،242،261،262،263، 264،265،340،342،344،348، 359،366،369،383،384،385، 386
أمير المؤمنين عليه السلام:21،54،55، 56،58،110،111،112،116،256، 262،263،264،271،272،348
جاماست[النبيّ]:66
جعفر بن أبي طالب عليه السلام:117
جعفر عليه السلام:12،13،14،29،88، 104،116،117،203،224،308، 331،345،346،395
جعفر بن محمّد عليهما السلام:31،77، 209
الحسن بن عليّ عليهما السلام:110،402
داود عليه السلام:148
ص:453
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:13،14،15، 21،22،26،27،29،31،35،37، 42،43،46،47،48،55،56،58، 60،61،71،72،73،74،82،84، 88،90،98،99،100،103،105، 106،107،108،109،116،117، 126،127،133،134،179،183، 184،189،203،207،213،224، 227،233،242،256،266،267، 268،272،283،284،293،300، 301،302،303،305،314،315، 319،323،325،326،328،332، 333،334،335،336،340،344، 345،347،356،366،367،369، 370،377،378،379،380،383، 384،388،395،398،403،404، 406،409
الصادق عليه السلام:81،220
العبد الصالح عليه السلام:254،261
عليّ عليه السلام:10،18،29،58،60، 62،88،90،108،111،112،115، 116،123،124،125،231،233، 242،253،256-257،267،282، 301،308،331،343،346،383، 396،407،409
عليّ بن الحسين عليهما السلام:26،27، 59،212،240
عيسى عليه السلام:148،411
فاطمة سلام اللّه عليها:10
القائم عليه السلام:262
محمّد صلّى اللّه عليه و آله:13،48،54، 56،60،174،206،213
محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الباقر عليهم السلام:46
ص:454
موسى عليه السلام:116،117
المهديّ عليه السلام:410
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:9،10،11،12، 13،16،17،18،19،21،22،23، 27،29،31،32،35،36،37،38، 42،44،54،55،57،58،60،61، 69،72،73،74،78،82،84،85، 86،88،89،91،93،98،99،101، 102،103،104،106،109،111، 121،123،124،129،131،158، 159،160،161،164،166،174، 175،189،190،202،206،213، 215،217،224،229،230،232، 239،254،255،266،268،269، 273،277،278،280،282،283، 284،285،286،287،288،289، 291،293،302،307،310،315، 316،321،322،326،331،334، 336،341،342،347،348،352، 355،356،357،358،366،367، 368،373،375،383،385،388، 397،398،403،404،409،410
يوسف عليه السلام:266
ص:455
أبان:14
أبان بن سعيد بن العاص:369،370
ابن إدريس:48،49،50،340،360، 382
ابن أبي خلف:207،242
ابن جرير:313-314
ابن الجنيد:295،296،302،320، 321،329،343،353،360،361، 376،377،379
ابن الزبير:402
ابن سيرين:314،343
ابن شبل:326
ابن شعوب:92
ابن عبّاس:16،37،47،78،88،99، 217،224،313،324،325،327، 345،385
ابن عطاء:331
ابنا عفراء:305
ابن عمر:22،179،285،287،348، 362،382،383،406
ابن القدّاح:110
ابن القضبان المالكيّ:62
ابن مسعود:11،311
ابن المنذر:73،102،110،186،232، 304،313،335،377،382،398، 399
ابن مهزيار:49
أبو إسحاق:101،279
أبو إسحاق الشيرازيّ:188
أبو إسحاق الفزاريّ:377
أبو إسحاق الشافعيّة:360
أبو أيّوب:227
أبو البختريّ:203،346
أبو ذرّ:109
أبو بردة بن رجاء:263
ص:456
أبو بصرة الغفاريّ:332
أبو بصير:241،342
أبو بكر:38،86،91،230،382
أبو بكرة:224
أبو ثور:90،101،186،204،216، 226،229،243،302،305،310، 327،329،331،364،377
أبو جهل:311
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة:38،42
أبو حمزة الثماليّ:26،82،88،98،107
أبو حنظلة:268
أبو حنيفة:64،65،90،96،98،101، 124،140،162،163،168،176، 186،188،197،203،208،211، 216،217،218،219،220،221، 225،227،231،233،236،237، 243،246،250،253،266،272، 273،274،293،294،295،301، 309،322،331،334،343،346، 349،362،363،364،365،366، 367،368،371،373،381،383، 384،388،390،392،410
أبو داود:231
أبو رهم:345
أبو سعيد الاصطخريّ:211
أبو سعيد الأعسم:224
أبو سعيد الخدريّ:217،218
أبو سفيان:56،92،131،268
أبو سلمة بن عبد الرحمن:266
أبو طلحة:315
أبو العاص بن الربيع:126،133،134، 205
أبو عبيد:271
أبو عبيدة:38،42،302
أبو عبيدة الجرّاح:347
أبو عزّة الشاعر:205،207
أبو عمرو الزبيديّ:25
أبو قتادة:109،111،300،302،303، 307،322
أبو موسى:355
أبو موسى الأشعريّ:151
أبو هريرة:16،27،28،273،369
أبو يحيى الواسطيّ:66
أبو يوسف:158،204،344،355،390
أحمد بن حنبل:25،27،34،35،37، 44،63،73،88،92،93،96،98،
ص:457
101،105،110،124،127،128، 140،144،145،161-162،176، 178،186،187،190،192،193، 194،200،201،204،211،212، 216،219،220،221،229،230، 231،233،237،238،239،243، 245،247،248،250،272،283، 288،301،305،309،314،318، 319،322،324،331،334،335، 336،344،346،349،350،352، 354،356،360،362،364،365، 368،377،380،381،383،387، 389،393،395،396،398،399، 400،410
أحمد بن محمّد بن أبي نصر:256،259، 266
أزهر بن عبد اللّه:347
إسحاق:110،124،302،314،324، 362،398
إسحاق بن عمّار:116،345
الأسود بن يزيد:328
الأصبغ بن نباتة:11،21
أمّ سليم:23،72
أمّ موسى عليه السلام:395
أمّ هانئ:126
أنس:27،268،301
أنس بن مالك:98،253
أنس بن أبي مرثد الغنويّ:47
الأوزاعيّ:45،81،90،95،96،101، 122،124،132،133،138،144، 145،156،176،177،178،186، 187،188،191،193،194،204، 212،216،219،226،228،237، 240،241،266،283،286،289، 302،304،306،313،321،324، 327،329،330،347،354،358، 362،377،383،391،398،401
بديل بن ورقاء:267
البراء بن مالك:314
بريدة:54،58،65،66
بشير:27
بلال:189،253
ص:458
تميم بن طرفة:384
تميم بن فرع المهريّ:332
ثابت بن قيس الأنصاريّ:166
ثعلبة بن الحكم:93
ثمامة بن أثال:205
الثوريّ:37،38،101،110،124، 128،144،145،176،177،178، 194،216،253،301،321،324، 331،334،343،355،383،391، 399
جابر بن عبد اللّه:36
جعفر بن أبي طالب عليه السلام:117
جميل:385
جميل بن درّاج:99،107
الجوزجانيّ:331،332
حاطب بن أبي بلتعة:282،409
حبان بن أبي جبلة:403
حبيب بن أبي ثابت:343
حبيب بن مسلمة الفهريّ:284،331
الحرث بن نفيل:269
حريز:260،263
حسّان بن ثابت:230
الحسن:144
الحسن البصريّ:108،145،178،188، 194،204،283،327،343،354، 356،373،399
الحسن بن صالح:78،81
الحسن بن محبوب:386
الحسين بن عبد اللّه:347
حشرج بن زياد:71،326
حفص:103
حفص بن غياث:54،85،86،94،97، 215،220،344،359،366،369
حكيم بن حزام:267
حمّاد بن عيسى:254،261
حمزة الأسلميّ:87
حنظلة بن الراهب:69،92
حيدرة:13
حمزة:108،109،111،115
ص:459
الحلبيّ الراوي:386
خالد بن الوليد:103،302،314،319
خديجة:9،10
الخليل:160
داود:305،310
دريد بن الصمّة:100
الربيّع:72
ربيعة:382
رويفع بن ثابت الأنصاريّ:184
الزبير:253،282،347،348،409
الزبير بن باطا اليهوديّ:166
زرارة:44،260
الزهريّ:59،144،145،179،180، 194،212،240،334،335،400، 404
زيد بن حارثة:319
زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
126،133،134
السائب بن الأقرع:389،400
الساجيّ:271
سالم:331
سعد:166،302،369
سعد بن أبي وقّاص:268،382
سعد بن معاذ:106،158،161،164
سعيد بن جبير:204
سعيد بن المسيب:15،178،283،324
سفيان:59
السكونيّ:13،58،62،88،104،117، 121،224
سلمان:43،61
سلمة بن الأكوع:61،230،310،321، 398
سليمان بن خالد:242
سليمان بن داود المنقريّ:58
سماعة:325
سماعة بن مهران:264
ص:460
سهل بن الحنظليّة:47
سهل بن سعد الساعدي:12
سهلة بن عاصم:326
سيرين:230
الشافعيّ:29،30،34،35،37،41، 62،63،73،90،94،95،96،97، 101،105،110،124،127،128، 135،136،138،140،141،144، 145،155،161،165،174،176، 178،182،183،187،188،193، 196،197،200،203،210،212، 213،214،216،219،221،222، 223،226،227،228،229،231، 232،236،237،240،241،243، 244،245،246،247،250،251، 253،255،266،267،272،273، 274،279،281،283،285،286، 287،293،302،304،305،306، 309،310،312،313،315،318، 320،322،324،331،334،335، 338،344،346،348،349،350، 354،358،360،362،363،364، 365،367،368،370،372،376، 377،380،381،382،387،390، 391،393،395،397،399،401، 406،407،408،409
شبر بن علقمة:109،302
الشعبيّ:178،224،369،389،400
الشيخ:12،17،21،25،28،29،30، 40،41،45،49،50،54،58،62، 85،86،88،90،91،94،97،110، 111،112،116،117،121،123، 129،130،135،165،168،174، 176،199،203،207،208،210، 211،212،213،215،224،228، 229،231،232،233،234،237، 238،239،240،241،242،244، 245،246،247،248،249،250، 254،256،259،260،262،263، 264،265،266،271،272،274، 279،281،301،306،308،312، 318،323،325،331،338،340، 342،344،347،359،360،361، 364،366،367،369،370،372،
ص:461
376،378،383،384،385،386، 395،406،407،408
شيبة:109
شيبة بن ربيعة:115
صالح بن محمّد بن زائدة:189
صفوان بن أميّة:72،334،336
صفوان بن عمرو:194
صفوان بن يحيى:256،263،266
طارق بن شهاب:370
طربال:386
طلحة:398
طلحة بن زيد:28،208،211
عائشة:72،73،336
العبّاس:19،267،268
عباد بن صهيب:89
عبادة بن الصامت:229،284
عبد الدار:405
عبد الرحمن:194
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد:194
عبد الرحمن بن خبيب:74،336
عبد الرحمن بن عوف:65
عبد الرحمن بن عيينة:398
عبد شمس:405
عبد العزّى:405
عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ:340
عبد اللّه:195
عبد اللّه بن أبيّ:75،312
عبد اللّه بن أبي أوفى:179
عبد اللّه بن حرام:36
عبد اللّه بن سعد بن أبي السرح:268-269
عبد اللّه بن سعد:269
عبد اللّه بن سليمان:129
عبد اللّه بن سنان:50
عبد اللّه بن الشاعر:194،195
عبد اللّه بن مسعود:305
عبد اللّه بن ميمون:301،308
عبد اللّه بن عبّاس:267
عبد اللّه بن عمر:285،395
عبد اللّه بن عمرو:189
عبد مناف:405
ص:462
عبيدة:109،111،115
عبيدة بن الحارث:108،115
عتبة:109
عثمان:19
عثمان بن أبي العاص:270
عثمان بن حنيف:270،271
عثمان بن عفّان:145
عثمان بن مظعون:14
عديّ بن حاتم:116
عطاء:144،178،204،209،383
عطاء الخراسانيّ:187
عقبة بن أبي معيط:242،207،311
عقبة بن عامر:332
عكرمة:100
عليّ بن رئاب:386
عمّار بن ياسر:55
عمران بن عبد اللّه القمّيّ:77
عمر:28،105،179،180،253،267، 271،282،315،356،366،369، 370،381،383،389،390،400، 409
عمر بن الخطّاب:105،124،125،134، 151،190،270،314،347،355، 370
عمر بن عبد العزيز:271،327،343، 354-355،358،402
عمر بن يزيد:262
عمرو:332،333
عمرو بن جميع:111
عمرو بن دينار:387
عمرو بن شعيب:283،285
عمرو بن عبد ودّ العامريّ:61،108،115
عمير مولى آبي اللحم:328
عوف:319
عوف بن مالك:302،314،319
عيسى بن يونس:212،240
فرعون:116
فضالة بن عبيد:43
فضل بن يزيد الرقاشيّ:125
القاسم:331
قيس بن أبي حازم:183
ص:463
كعب بن مالك:16
الكنانيّ:342
الليث:90،95،101،178،188،194، 216،226،228،302،324،331، 344،383،398
الليث بن سعد:228-229،232،364
مأجوج:46
مارية:230
مالك:34،35،62،64،65،90،101، 110،127،178،183،186،188، 194،195،204،209،216،219، 221،226،228،232،236،237، 243،253،266،273،283،288، 301،315،316،324،330،334، 343،346،354،360،364،365، 367،377،381،383،390،393، 398،399
مجاهد:266
مجمّع بن جارية:344
محمّد:344،390
محمّد بن الحسن:158،295-296،410
محمّد بن حكيم:130
محمّد الحلبيّ:242،207
محمّد بن حمران:99
محمّد بن خالد البرقيّ:265-266
محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس:45-46
محمّد بن عليّ الحلبيّ:264
محمّد بن كعب القرضيّ:45
محمّد بن مسلم:44،261،263،265
محمّد بن المنكدر:45
محمود بن مسلمة:104
مرحب:108
مرزبان الزارة:314،315
المزنيّ:101،140
مسلمة:190
مسيلمة:122
مسعدة بن صدقة:82،89،91،93،107، 116،123،125،159،179،331
مصعب بن يزيد الأنصاريّ:256
مطعم بن عديّ:205
معاذ بن عفراء:310
ص:464
معاذ:93
معاذ بن عمرو بن الجموح:309،310
معاوية:116،194،195
معاوية بن عمّار:82
المقداد:282،344،409
مقيس بن صبابة:269
مكحول:176،177،187،188،286، 305،307،313،347،355
نافع:179
النجاشيّ:266
نجدة الحروريّ:325
النخعيّ:144،145،327،383،400
النضر بن الحارث:311
نوفل:405
الوليد بن عتبة:109
الوليد بن مسلم:358
وهب:12،14،29،395
هاشم:405
هشام بن سالم:383،384
هرمزان:134
هند بنت النعمان بن بشير:354
يأجوج:46
يزيد بن أبي سفيان:91
يزيد بن هرمز:325،327
يحيى بن أبي العلاء:90
يونس:45
ص:465
الكتاب السادس في الجهاد و فيه مقاصد [المقصد]الأوّل فيمن يجب عليه و فيه مباحث [البحث]الأوّل في وجوب الجهاد رسالة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تعميمها 9
أوّل من اتّبع النبيّ 10
في فرض الصلاة بمكّة 10
الإذن في الهجرة 10
فرض الصوم و الزكاة و الحجّ و الجهاد 10
هل الجهاد من أركان الإسلام؟11
البحث الثاني في فضله فضل الجهاد و ثوابه 12
البحث الثالث في كيفيّة وجوبه هل الجهاد واجب عينيّ أم كفائيّ؟15
ص:466
معنى الكفاية في الجهاد 17
فرض الجهاد في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 17
تحريم القتال في أشهر الحرم 18
تحريم القتال في المسجد الحرام 18
وجوب الهجرة على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام 18
أقسام الهجرة 18
هل الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا؟19
معنى رواية:«لا هجرة بعد الفتح»20
البحث الرابع فيمن يجب عليه الجهاد و شرائط وجوبه الذكورة شرط في وجوبه 21
البلوغ و العقل و الحرّيّة شرط في وجوبه 22
هل الإسلام شرط في وجوب الجهاد؟22
لو أخرج الإمام العبيد و النساء و الصبيان للجهاد 23
جهاد الأعمى و الأعرج و المريض 23
لو احتاج إلى نفقة و عجز عنها 24
الضابط في إسقاط الجهاد لأجل عدم الراحلة 25
إذا قام بالجهاد من فيه كفاية 25
لو عيّن الإمام شخصا لاقتضاء المصلحة 25
حكم من تعيّن عليه الجهاد 25
حكم الجهاد للدعاء إلى الإسلام 25
حكم الجهاد لدفع العدوّ 25
ص:467
لو كان المسلم في أرض الكفّار بأمان و دهمهم عدوّ من المشركين 28
هل يجوز الجهاد لو خشي على نفسه أو ماله؟28
من وجب عليه الجهاد هل يجوز أن يستأجر غيره عن نفسه؟29
لو عيّنه الإمام للخروج هل يجوز له الاستنابة؟30
من وجب عليه الجهاد هل يجوز أن يجاهد عن غيره بجعل؟30
ثواب الجهاد للنائب أو المستأجر؟30
فضل إعانة المجاهدين و مساعدتهم 31
ما يتعيّن الجهاد على المكلّف 31
هل الإعسار يسقط فرض الجهاد؟32
لو بذل له ما يحتاج إليه هل يجب عليه؟32
لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا هل يجب عليه إقامة غيره؟33
لو كان قادرا فجهّز غيره 33
البحث الخامس في اشتراط إذن الأبوين و صاحب الدين في الجهاد و من عليه دين حالاّ أو مؤجّلا 34
لو تعيّن على المدين الجهاد 36
لو ترك وفاء أو أقام كفيلا مليّا 36
استحباب أن لا يتعرّض لمظانّ القتل لمن تعيّن عليه الجهاد 36
إذن الوالدين في الجهاد 36
لو كانا كافرين هل يجوز مخالفتهما؟37
لو كان الجهاد متعيّنا عليه هل يجوز لهما منعه؟38
هل يجوز للوالدين منع الولد من الفرائض العينية 38
ص:468
حكم أحد الأبوين 39
لو كان أبواه رقيقين 39
لو كانا مجنونين 39
لو سافر لطلب العلم أو التجارة هل يشترط استئذانهما؟39
لو منعاه هل يحرم عليه مخالفتهما؟39
لو خرج في جهاد تطوّعا بإذنهما فمنعاه منه بعد سيره و قبل وجوبه 39
لو كانا كافرين فأسلما و منعاه 40
لو أذن المولى للعبد في الجهاد 40
هل يجوز للمرأة الجهاد؟40
لو خرج و لا عذر له فتجدّد العذر 40
لو حدث العذر بعد التقاء الزحفين 40
استحباب تجنّب المجاهد قتل أبيه المشرك 41
لو ظهر من الأب ما لا يجوز الصبر عليه 42
البحث السادس في الرباط معنى الرباط و فضله 43
طرفا الرباط في القلّة و الكثرة 43
استحباب المرابطة في حال ظهور الإمام و غيبته 44
أفضل الرباط 45
كراهة نقل الأهل و الذرّيّة إلى الثغور المخوفة 46
لو عجز عن المرابطة بنفسه 46
اجتماع أهل الثغور في المساجد 46
ص:469
استحباب الحرس في سبيل اللّه 47
لو نذر المرابطة 48
لو نذر أن يصرف من ماله إلى المرابطين 48
لو آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة 49
المقصد الثاني في بيان من يجب جهاده و كيفيّة الجهاد و فيه مباحث البحث الأوّل من يجب جهاده من يجب جهاده 53
السيوف الثلاثة 55
السيف المكفوف 55
السيف المغمود 56
لو بدأ بالقتال من يجب جهادهم 57
في قتال المشركين بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام 57
صورة الدعاء 58
أقسام الكفّار بالنسبة إلى الدعوة 60
لو بدر انسان فقتل واحدا من الكفّار قبل بلوغ الدعوة إليه 62
أصناف الكفّار 63
لو بذلوا الجزية غير الأصناف الثلاثة من أهل الكتاب 63
ص:470
البحث الثاني في المقاتلين مع الإمام الجهاد للدعاء إلى الإسلام 68
الجهاد مع عدو يخشى منه على بيضة الإسلام 68
وجوب النفير على المقلّ و المكثر 68
جواز التخلّف مع الحاجة 69
إذا نودي بالنفير و الصلاة 69
هل يجوز أن ينفروا مع قائد معروف بالهزيمة؟69
لو كان القائد معروفا بشرب الخمر 69
لا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذّل الناس و يزهّدهم في الخروج 70
يجوز استصحاب النساء لمداواة الجرحى و معالجتهم 71
هل يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمّة في حرب الكفّار؟72
ما ينبغي للإمام في حال السير 74
البحث الثالث في كيفيّة القتال الجهاد موكول إلى نظر الإمام 76
لو احتاج المجاهدون إلى المدد؟76
ينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه من المشركين 77
حرمة الفرار إذا التقى الفئتان 77
وجوب الثبات بأمرين 78
لو قصد التحرّف لقتال أو التحيّز إلى فئة 79
معنى التحرّف و التحيّز 79
ص:471
لو غلب على ظنّه الهلاك هل يجوز الفرار؟79
لو غلب على ظنّه الأسر 79
لو زاد المشركون على الضعف هل يجب الثبات؟80
لو زاد المشركون على الضعف و غلب على الظنّ العطب 80
لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين 80
لو قدم العدوّ إلى بلد 81
لو ألقى الكفّار نارا في سفينة فيها مسلمون 81
ينبغي للإمام أن يتقدّم إلى من يؤمّره على الجيش بتقوى اللّه 82
ينبغي للوالي إذا بعث سريّة أن يوصيهم بما ورد في الروايات 82
إذا نزل الإمام على بلد هل يجوز له محاصرته بمنع السابلة؟84
نصب المنجنيق و العرّادة و الرمي بالحجارة 84
لو كان لدى العدوّ أسارى مسلمون و خاف الإمام إن لم يرموهم نزل المشركون إليهم هل يجوز الرمي؟85
جواز تخريب حصونهم و بيوتهم 86
هل يجوز إلقاء النار و رميهم بالنفط؟86
هل يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل؟87
هل يجوز إلقاء السمّ في بلادهم؟87
كراهة قطع الشجر و النخل 88
كراهة تبييت العدوّ ليلا 89
هل يجوز قتل دوابّهم في غير حال الحرب؟90
جواز عقر الدوابّ للأكل مع الحاجة إليه 92
لو كان الدوابّ ممّا يحتاج إليه للقتال 92
لو أذن الإمام في ذبحها 93
ص:472
لو تترّس الكفّار بنسائهم و صبيانهم 94
لو تترّسوا بمسلم 95
إذا رمى فأصاب مسلما و لم يعلم أنّه مسلم،هل عليه دية؟96
لو علمه مسلما و رمى قاصدا للمشركين فأصاب المسلم 96
هل تجب الكفّارة بقتل هذا المسلم مع العلم بإسلامه و عدمه؟97
لا يجوز قتل صبيان المشركين و نسائهم و مجانينهم 98
لو قاتلت المرأة هل يجوز قتلها؟99
أقسام الشيخ من أهل الحرب 100
حكم الرهبان و أصحاب الصوامع 103
حكم الزمن و الأعمى اللذين لا انتفاع بهما في الحرب 103
حكم العبيد إن قاتلوا مع ساداتهم 103
حكم مريض الكفّار 104
حكم الفلاّح الذي لا يقاتل 104
الموارد التي يجوز فيها انصراف الإمام من محاصرة الحصن 105
لا يجوز التمثيل بالكفّار و الغدر بهم 106
البحث الرابع في المبارزة المبارزة مشروعة غير مكروهة 108
هل ينبغي للمسلم أن يطلب المبارزة بإذن الإمام؟110
هل تجوز المبارزة بغير إذن الإمام 111
لو خرج علج يطلب البراز 112
إذا خرج المشرك و طلب البراز 113
ص:473
لو طلب المشرك المبارزة و لم يشترط 114
جواز المخادعة في الحرب 115
استحباب أن يبدأ بالقتال بعد الزوال 117
المقصد الثالث في عقد الأمان و فيه مباحث [البحث]الأوّل في الجواز عقد الأمان جائز أم لا؟121
لو اقتضت المصلحة ترك الأمان 122
وجوب إعطاء الأمان لمن طلب حتّى يعرف شرائع الإسلام 122
البحث الثاني في العاقد جواز عقد الصلح للإمام 123
جواز عقد الأمان لنائب الإمام 123
أمان آحاد الرعيّة للواحد من المشركين 123
هل يصحّ عقد الأمان من الحرّ و العبد؟124
هل يصحّ أمان المرأة؟126
هل ينعقد أمان المجنون و الصبيّ؟127
هل يصحّ أمان الأسير إذا عقده غير مكره؟128
هل ينعقد أمان المكره؟129
أمان زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء أو جنون أو صغر 129
ص:474
لا ينعقد أمان الكافر 129
إذا انعقد الأمان يجب الوفاء به 129
لو انعقد الأمان فاسدا 130
إذا اعتقد الحربيّ صحّة أمانه 130
إذا دخل الحربيّ دار الإسلام بشبهة الأمان 130
البحث الثالث في العبارة و الوقت عبارات الأمان 131
لو أشار المسلم إليهم و قال:أردت به الأمان 132
وقت الأمان 133
يجوز للإمام أن يؤمّن الأسير بعد الأسر 134
لو أقرّ المسلم أنّه أمّن المشرك 134
لو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه 135
لو جاء المسلم بمشرك فادّعى أنّه أسره و ادّعى الكافر أنّه أمّنه 135
لو ادّعى الحربيّ الأمان،فأنكر المسلم 136
البحث الرابع في الأحكام من عقد أمانا للكافر وجب عليه الوفاء 137
لو عقد الحربيّ الأمان ليسكن في دار الإسلام 137
هل يدخل مال الحربيّ في الأمان تبعا له؟137
لو دخل حربيّ دار الإسلام بغير أمان و معه متاع 137
ص:475
من دخل من أهل الحرب بتجارة إلى دار الإسلام باعتقاد أمان 138
لو دخل الحربيّ دار الإسلام بأمان 138
لو مات في دار الحرب أو قتل 139
لو دخل دار الإسلام فعقد أمانا ثمّ مات و له مال 141
إذا أسر الحربيّ الذي لماله أمان 142
إذا دخل المسلم أرض العدوّ بأمان فسرق منهم شيئا 143
لو اقترض المسلم من حربيّ 143
لو اقترض حربيّ من حربيّ 143
لو تزوّج الحربيّ بحربيّة و أمهرها مهرا هل يجب عليه ردّه عليها؟143
لو تزوّج الحربيّ بحربيّة ثمّ أسلم و المهر في ذمّته 143
لو ماتت الحربيّة ثمّ أسلم الزوج بعد موتها 144
إذا دخل المسلم أو الحربيّ دار الحرب مستأمنا فخرج بمال 144
إذا خلّى المشركون أسيرا مسلما و استحلفوه على أن يبعث إليهم فداء عنه 144
البحث الخامس من يدخل في الأمان و من لا يدخل إذا نادى المشركون بالأمان لأنفسهم أو أهليهم 147
لو قالوا:أمّنونا على ذرّيتنا هل هم آمنون؟147
و لو قالوا:أمّنونا على إخوتنا 148
لو قالوا:أمّنونا على آبائنا 149
لو قال:أمّنونا على أبنائنا،هل يدخل فيه أبناء الأبناء 149
لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان 150
ص:476
البحث السادس في الأمان بالرسالة و الكتابة رسول الأمير لا ينبغي أن يكون خائنا أو ذمّيّا أو حربيّا 151
إذا أرسل الأمير رسولا إلى أمير المشركين و بلّغ الرسالة فقال:إنّ أميركم أمّننا 151
لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم أنّه أمّنهم 152
هل نبذ الأمان مع اقتضاء المصلحة سائغ؟153
الرسول أمين 154
لو خاف الإمام من الرسول أو التاجر في اطلاعه العدوّ على عورات المسلمين 154
البحث السابع في الأمان على جعل إذا حصر المسلمون حصنا فناداهم رجل:أمّنوني أفتح لكم الحصن 155
لو قال:اعقدوا الأمان على أهل حصني على أن أفتحه لكم،فأمّنوه على ذلك 156
لو قال:أمّنوني على قلعتي أو مدينتي،فأمّنوه 157
لو قال:أمّنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن 157
البحث الثامن في التحكيم إذا حصر الإمام بلدا هل يجوز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه؟158
هل يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه؟160
ما يشترط في الحاكم 160
هل يجوز أن يكون الحاكم أعمى؟161
لو نزلوا على حكم أسير معهم مسلم 162
ص:477
لو نزلوا على حكم رجل غير معيّن 163
هل يجوز أن يكون الحاكم اثنين؟163
لو نزلوا على حكم اثنين:أحدهما مسلم،و الآخر كافر 163
لو اتّفقوا على حاكم تجتمع فيه الشرائط فمات قبل الحكم 164
لو رضوا بتحكيم من لم تجتمع فيه الشرائط 164
هل يتّبع ما يحكم به الحاكم؟164
إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه 166
و لو أسلموا بعد الحكم عليهم 166
لو دخل حربيّ إلينا بأمان فقال له الإمام:إن رجعت إلى دار الحرب و إلاّ حكمت عليك؟167
لو حكم الحاكم بالردّ 168
لو اتّفقوا على حاكم اجتمعت فيه الشرائط 168
لو حكم الحاكم بما لا يجوز 168
لو شرطوا في الصلح حكما معيّنا 169
المقصد الرابع في الغنائم تعريف الغنيمة و أقسامها 171
و هاهنا أبحاث البحث الأوّل فيما ينقل و يحوّل حكم الغنيمة و الفيء 173
حكم ما يصحّ تملّكه و ما لا يصحّ تملّكه 175
ص:478
الأشياء المباحة في الأصل 175
لو وجد شيء عليه أثر ملك 175
لو وجد في الصحراء وتدا منحوتا 176
حكم ما يجده المسلم في دار الحرب ممّا هو مباح و لا أثر عليه لمالك 176
لو وجد صيدا في أرضهم و احتاج إلى أكله 177
لو أخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم 177
لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله 178
لو وجد في أرضهم ركازا 178
عدم جواز التصرّف في شيء من الغنيمة قبل القسمة إلاّ ما لا بدّ للغانمين منه 178
التناول من الطعام و العلف مع الحاجة و عدم الحاجة 180
الحيوان المأكول هل يجوز ذبحه للأكل؟181
حكم جلود الأنعام إذا ذبحت الأنعام للأكل 181
تناول ما عدا الطعام و العلف و اللحم 181
جواز استعمال الدهن المأكول عند الحاجة 182
جواز أن يأكل ما يتداوى به أو شربه 182
عدم جواز أن يغسل ثوبه بالصابون 182
عدم جواز الانتفاع بجلود الأنعام 183
هل الكتب التي لهم ممّا ينتفع بها،غنيمة؟184
جوارح الصيد،كالفهود و البزاة غنيمة أم لا؟184
هل يجوز لبس الثياب و ركوب الدابّة من المغنم؟184
لو كان للغازي دوابّ أو رقيق هل يجوز أن يطعمهم؟184
إذا جمعت الغنائم و فيها طعام هل يجوز أخذه؟185
لو فضل معه من الطعام فضلة فأدخله دار الإسلام 186
ص:479
إذا حاز المسلمون الغنائم و جمعوها ثبت حقّهم 187
من غلّ من الغنيمة شيئا 188
هل تحرق آلة الدابّة؟190
لا تحرق ثياب الغالّ 191
لا تحرق كتب الأحاديث و العلم 191
لو مات الغالّ هل يحرق رحله؟191
لو باع متاعه أو وهبه أو نقله عنه هل يحرق؟192
لو كان الغالّ صبيّا أو عبدا أو امرأة أو ذمّيّا هل يحرق متاعهم؟192
لو أنكر الغلول 193
سهم الغالّ من الغنيمة 193
إذا تاب الغالّ قبل القسمة 193
من سرق من الغنيمة شيئا 195
لو كان السارق عبدا 196
لو سرق عبد الغنيمة منها 196
لو كان السارق ممّن لم يحضر الوقعة 196
لو كان السارق ممّن له سهم في الخمس و سرق منه 197
تعريف الغالّ؟197
هل يجوز وطء الجارية من المغنم 198
لو باع أحد الغانمين غيره شيئا من الغنيمة و كان المشتري من الغانمين هل يصحّ البيع؟198
هل يعيد المقترض القرض على المقرض أم لا؟199
لو خرج المقترض من دار الحرب و الطعام في يده 199
لو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة 200
هل يجوز للإمام أن يبيع من المغنم شيئا قبل القسمة؟200
ص:480
إذا قسّمت الغنائم في دار الحرب 201
هل يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا 201
البحث الثاني في أحكام الأسارى أقسام الأسارى 202
البالغون أن أسروا قبل تقضّي الحرب 203
هل التخيير الذي للإمام ثابت في كلّ أصناف الكفّار؟210
هل التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد،أو تخيير شهوة 211
إذا أسلم الأسير بعد الأسر هل يسقط عنه القتل؟212
تخيير الإمام بين المنّ و المفاداة و الاسترقاق 214
المال الذي يفادى به هل يكون غنيمة للغانمين؟214
إذا أسر المشرك و له زوجة لم يؤسرها المسلمون،هل الزوجيّة باقية؟215
لو أسر الزوجان معا 216
لو أسرت الزوجة وحدها 217
انفساخ النكاح إذا سبيا بيد رجل واحد أو رجلين 218
لو كان الأسير طفلا 218
لو كان الزوجان مملوكين 219
إذا أسلم الحربيّ في دار الحرب 219
و لو دخل دار الإسلام فأسلم 219
لو أسلم و له حمل 220
لو سبيت الزوجة و هي حامل 220
لو أسلم الحربيّ في دار الحرب و له عقار فيها 221
ص:481
لو استأجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب 222
لو كان له حمل من زوجة كافر هل يعصم الحمل من الاسترقاق؟222
لو كان لمسلم عبد ذمّيّ فأعتقه ثمّ أسر هل يجوز استرقاقه أم لا؟222
إذا أسلم عبد الحربيّ أو أمته في دار الحرب ثمّ أسلم المولى و خرج إلينا 223
لو خرج إلينا قبل مولاه مسلما هل يملك نفسه؟225
لو أسلمت أمّ ولد الحربيّ و خرجت إلينا 225
في التفرقة بين المرأة و ولدها الصغير 226
لو رضيت الأمّ بالتفرقة إذا سبيت المرأة 227
جواز التفرقة بين الولد و الوالد 227
جواز التفرقة بين الأمّ و الولد الصغير إذا بلغ سبع سنين 228
جواز التفرقة بين البالغ و أمّه 229
لو فرّق بينهما بالبيع 231
هل يجوز التفرقة بين الولد و الجدّ أو الجدّة؟232
في التفرقة بين الأخوين و الأختين 232
التفرقة بين من خرج من عمود الوالدين 233
التفرقة بينه و بين الرحم غير المحرم 234
التفرقة بين الولد و أمّه و أخته من الرضاع 234
التفرقة بين الأمّ و الولد بالعتق 234
لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر هل يجوز التفريق بينهم؟234
لو جنت جارية جناية و تعلّق أرش الجناية برقبتها و لها ولد صغير هل يتعلّق الأرش به؟234
لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج فهل له الرجوع فيها دون ولدها 235
إذا سبي من لم يبلغ هل يصير رقيقا؟236
ص:482
إذا سبي مع أبويه الكافرين 236
إذا سبي منفردا عن أبويه 237
إذا سبي مع أحد أبويه 237
هل يحكم بإسلام الطفل لو مات أبواه المسبيّان معه 237
تعريف الحميل 239
إذا أخذ الطفل من بلاد الشرك و أعتقه السابيّ 240
لو أسر المشرك و عجز عن المشي و لم يكن مع المسلم ما يركبه هل يجب قتله؟240
لو بدر مسلم فقتل الأسير 241
هل يكره قتل من يجب قتله صبرا من الأسير و غيره؟242
إذا انقضت الحرب و حيزت الغنائم 242
لو وطئ واحد من الغانمين جارية من المغنم عالما بالتحريم قبل القسمة 242
لو وطئها جاهلا بالتحريم 244
هل يجب عليه المهر؟244
إذا أحبلها ما يكون حكم ولدها 245
هل تصير هذه الجارية أمّ ولد؟246
هل تقوّم هذه الجارية و يلزمه سهم الغانمين؟247
إذا وطئ الجارية بعد القسمة 248
لو وطئها و هو معسر 249
لو وطئ الأب جارية من المغنم و ليس له نصيب فيها 250
لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين 250
لو أسر أباه منفردا به هل ينعتق عليه؟251
لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة 252
ص:483
البحث الثالث في أحكام الأرضين أقسام الأرضين 253
الأراضي المأخوذة بالسيف هل يقبّلها الإمام ممّن يقوم بعمارتها؟255
حكم أرض من أسلم أهلها طوعا من غير قتال 258
تعريف أرض الصلح و حكمها 259
تعريف أرض الأنفال و حكمها 260
حكم الأرض المأخوذة عنوة 261
حكم الأرض الموات 261
حكم أرض الخراج و تعريفها 262
هل الأرض الخربة و الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام من الأنفال؟264
هل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فتح مكّة بالسيف؟266
تعريف أرض السواد و حكمها 270
شروط مصالحة الإمام مع أهل الكتاب 273
حكم أرض ترك أهلها عمارتها 274
إذا استأجر مسلم دارا من حربيّ ثمّ فتحت هل تبطل الإجارة؟274
المقصد الخامس في كيفيّة القسمة و فيه مباحث البحث الأوّل في الجعائل هل يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدلّه على مصلحة 277
هل الجعالة تثبت بحسب الحاجة 278
ص:484
لو اشترط جارية معيّنة من القلعة ثمّ فتحت القلعة 279
لو فتحت القلعة عنوة أو صلحا و لم تكن الجارية داخلة في الهدنة 280
لو كان الجعالة جارية فماتت قبل الظفر أو بعده 281
لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام،هل يقتل بذلك أم لا؟282
لو بعث الإمام أو نائبه سريّة تغير على العدوّ و يجعل لهم الربع 283
هل يجوز له أن ينفّل أكثر من الثلث أو الربع؟286
لو شرط الإمام زيادة على الثلث 287
لو قال الأمير:من طلع هذا الحصن...فله كذا 288
هل النفل يختصّ بنوع من المال؟289
لو نزل الإمام و الجيش في قرية و معهم الدوابّ و منع الناس من جمعهم الكسل 290
لو بعث سريّة و نفّلها الثلث أو الربع 290
لو بعث الإمام سريّة عليهم أمير،و نفّلهم بالثلث بعد الخمس 291
لو بعث أمير السريّة سريّة من سريته و نفّل لهم أقلّ من النفل الأوّل 292
لو فقد رجل من السريّة و قام بعض لطلبه و بعضهم ذهب حتّى أصاب الغنائم،ثمّ رجعوا إلى أصحابهم و وجدوا المفقود هل كلّهم شركاء في النفل؟292
لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 293
لو بعث سريّتين:إحداهما يمنة،و الأخرى يسرة 293
لو بعث الإمام سريّة و نفّلهم الربع 294
هل يصحّ التنفيل المجهول 295
من أصاب ذهبا أو فضّة هل هو له؟296
لو ظهر مشرك على سور الحصن يقاتل المسلمين 297
لو قال الأمير:من دخل من باب هذه المدينة فله ألف درهم 298
ص:485
البحث الثاني في السلب هل يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول؟300
هل يستحقّ القاتل السلب بشرط أن يخصّه الإمام به و يشرطه له 300
إذا شرط الإمام السلب هل يجوز للقاتل أخذه؟304
هل يشترط في استحقاق السلب أن يكون المقتول من المقاتلة؟304
هل يشترط في استحقاق السلب أن يكون المقتول ممتنعا؟305
لو قطع يدي رجل و رجليه و قتله آخر 306
لو عانق رجل رجلا فقتله آخر 306
لو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله 307
اشتراط القتل في استحقاق السلب 307
اشتراط التغرير في استحقاق السلب 308
لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه 308
لو اشترك في قتله اثنان 308
لو اشترك اثنان في ضربة و كان أحدهما أبلغ في قتله من الآخر 309
استحقاق السلب بشرط أن يقتله و الحرب قائمة 310
إذا شرطنا في المبارزة إذن الإمام هل يستحقّ القاتل السلب؟311
اشتراط أن يكون للقاتل نصيب من الغنيمة في استحقاق السلب 311
من لا يستحقّ سهما و يستحقّ أن يرضخ له هل يستحقّ السلب أم لا؟312
هل يخمّس السلب أم لا؟313
هل السلب يستحقّه القاتل من أصل الغنيمة؟315
يجوز للإمام التنفيل مع اعتبار المصلحة 316
أقسام مال المشرك المقتول 317
ص:486
هل الدابّة التي يركبها من السلب؟318
تكون الدابّة من السلب لو كان راكبا عليها 319
لو كان ماسكا بعنانها غير راكب هل تكون من السلب؟320
هل الجنيب الذي يساق خلفه من السلب؟320
هل يجوز سلب القتلى و تركهم عراة؟321
هل يفتقر المدّعي للسّلب إلى بيّنة بالقتل؟321
لو قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 322
البحث الثالث في الرضخ معنى الرضخ و حكمه 324
هل للعبيد سهم أو رضخ؟327
هل للمدبّر و المكاتب سهم؟329
لو أعتق العبد قبل تقضّي الحرب 329
حكم من كان نصفه حرّا 330
حكم الخنثى المشكل في السهم أو الرضخ 330
هل يسهم للصبيّ إذا حضر الحرب؟330
لا فرق بين الطفل الصغير و المراهق 333
هل يسهم للكافر أو يرضخ؟333
إذا خرج الكافر إلى القتال هل يستحقّ سهم المؤلّفة أو الرضخ؟335
لو غزا جماعة من الكفّار بانفرادهم فغنموا 335
هل تجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين 335
ما يشترط في المستعان به من المشركين 336
ص:487
ليس للرضخ قدر معيّن 337
هل يكون الرضخ من أصل الغنيمة؟338
لو غزا العبد بغير إذن مولاه لا يرضخ له 339
لو غزا الرجل بغير إذن الإمام 339
هل للأعراب من الغنيمة شيء؟339
البحث الرابع في كيفيّة القسمة دفع السلب إلى القاتل 341
للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما شاء 341
تقسيم الإمام باقي الغنيمة بين الغانمين بعد إخراج ما يحتاج إليه 342
سهم الراجل و الفارس و ذو الأفراس الكثيرة 346
إذا غزا العبد بإذن مولاه على فرس هل يرضخ للعبد و يسهم للفرس؟349
هل يسهم للصبيّ و الفرس لو غزا الصبيّ على فرس؟349
لو غزت المرأة و الكافر على فرس لهما 349
لو غزا المرجف أو المخذّل على فرس 350
لو استعار فرسا ليغزو عليه 350
لو استعار فرسا لغير الغزو فغزا عليه 351
لو استأجر فرسا ليغزو عليه 351
لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه 351
لو كان المستأجر أو المستعير ممّن لا سهم له 351
لو غصب فرسا فقاتل عليه هل يسهم للغاصب؟351
لو كان الغاصب ممّن لا سهم له 353
ص:488
لو غزا جماعة على فرس واحدة بالتناوب 353
يسهم للفارس سهمان و لا فرق بين الفرس العتيق و غيره 353
لو غزا على غير الخيل هل يسهم له؟356
هل يسهم للخيل مع حضورها الوقعة؟358
لو كانت الغنيمة من فتح حصن أو مدينة 358
لو حاربوا في السفن و فيهم الرجّالة و أصحاب الخيل 359
ينبغي للإمام أن يتعاهد خيل المجاهدين 359
هل يسهم للمريض؟361
لو نكس الفرس بصاحبه هل يسهم له؟361
إذا دخل دار الحرب فارسا ثمّ ذهب فرسه هل يسهم له؟362
لو دخل دار الحرب راجلا 362
لو دخل الحرب فارسا فمات فرسه 363
من مات من الغزاة أو قتل 364
هل يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة؟365
إذا قال الإمام:من أخذ شيئا فهو له 367
الغنيمة تستحقّ بالحضور قبل القسمة 368
إذا لحق الأسير بالمسلمين هل يسهم له؟370
إذا دخل قوم تجار أو صنّاع مع المجاهدين دار الحرب 371
الجيش إذا خرج من بلد غازيا و بعث الإمام منه سريّة 373
لو بعث الإمام سريّة و هو مقيم ببلد الإسلام 375
لو بعث سريّتين و هو مقيم ببلده 375
لو بعث الأمير لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا 375
لو غنم أهل الكتاب هل تكون غنيمتهم للإمام؟376
ص:489
هل يكون كلّ من خرج أو تهيّأ للخروج أو أقام في المدينة،شركاء في الغنيمة؟376
في مواضع القسمة 376
لا ينبغي للإمام أن يقيم الحدّ في أرض العدوّ 380
المشركون لا يملكون مال المسلمين بالاستغنام 382
في رجل كان له عبد فأدخل دار الشرك ثمّ أخذ سبيا إلى دار الإسلام 385
إذا جاء صاحب العين قبل القسمة يكون أحقّ بها 387
إذا أخذ المال أحد الرعيّة نهبة أو سرقة 387
لو علم الأمير بمال المسلم قبل القسمة فقسّمه 390
إذا أبق عبد لمسلم إلى دار الحرب فأخذوه 390
لو أسلم المشرك الذي في يده مال المسلم،أخذ منه بغير قيمة 391
لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين 391
لو وجد شيء موسوم عليه:حبس في سبيل اللّه 391
لو كان المال الموجود في يد الكافر أخذ من المسلم 392
إذا دخل حربيّ دار الإسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما،ثمّ لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون 392
يجوز الفرار إذا كان العدوّ على الضعف أو أقلّ من المسلمين 394
البحث الخامس في لواحق هذا الباب الاستيجار للجهاد 395
وقت استحقاق الأجرة و السهم 396
لو كان له أجير فشهد معه الوقعة،لم يخل حاله من أحد أمرين 396
إذا استؤجر للخدمة في الغزو 398
لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ،لم يخل حاله من أحد أمرين 399
ص:490
لو أذن له في الشراء و أداء الثمن،ثمّ اختلفا في قدره 401
إذا استولى أهل الحرب على أهل الذمّة فسبوهم،ثمّ قدر عليهم المسلمون 401
هل يجب فداء الأسارى من أهل الذمّة؟402
البحث السادس في أقسام الغزاة أقسام الغزاة 404
اتخاذ الديوان و تعريفه 404
ما يعطى ذرّيّة المجاهدين 406
ينبغي للإمام أن يحصي المقاتلة 406
إذا مرض واحد من أهل الجهاد 408
ما يحتاج من الكراع و آلات الحرب 408
إذا كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام هل يقتل؟409
إذا أهدى المشرك إلى الإمام هديّة و الحرب قائمة 409
اعتراض بعض المبطلين على قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ 410
ص:491