منتهی المطلب فی تحقیق المذهب المجلد 4

اشارة

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :2

منتهی المطلب فی تحقیق المذهب

للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر

تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

ص :3

سرشناسه:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648 - 726ق.

عنوان و نام پديدآور: منتهی المطلب فی تحقیق المذهب / للعلامه الحلی الحسن بن یوسف بن علی بن المطهر؛ تحقیق قسم الفقه فی مجمع البحوث الاسلامیه.

مشخصات نشر: مشهد : آستان قدس رضوی بنیاد پژوهش های اسلامی، 1414ق.= 1994م.= -1373

مشخصات ظاهری:15 ج.

شابک:19000 ریال:ج.7: 964-444-293-8

وضعیت فهرست نویسی:برون سپاری

يادداشت: عربی.

يادداشت:فهرستنویسی براساس جلد ششم.

يادداشت:ج.7 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

یادداشت:کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 8ق.

موضوع:اسلام -- مسائل متفرقه

شناسه افزوده:مجمع البحوث الاسلامية

رده بندی کنگره:BP182/3/ع8م8 1373

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:2559784

ص :4

ص :5

ص :6

تتمة القاعدة الأولى

الكتاب الثاني

اشارة

في الصلاة،و فيه مقدمة و مقاصد

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

و به نستعين (1)

أمّا المقدّمة،ففيها فصول:

الأوّل:الصّلاة في اللّغة هي الدّعاء،

قال اللّه تعالى وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (2).و قال تعالى وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ وَ صَلَواتِ الرَّسُولِ (3)يعني:دعاه (4).

و روي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم،و إن كان صائما فليصلّ) (5).

و قال الأعشى:

تقول بنتي و قد قربت مرتحلا يا ربّ جنّب أبي الأوصاب و الوجعا

عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضي نوما فإنّ لجنب المرء مضطجعا (6)

ص:7


1- 1«م»«غ»:و به ثقتي.
2- 2) التّوبة:103. [1]
3- 3) التّوبة:99. [2]
4- 4) تفسير التّبيان 5:286، [3]تفسير القرطبيّ 8:235. [4]
5- 5) سنن التّرمذيّ 3:150 حديث 780 [5] بدون عبارة(فإن كان مفطرا فليطعم)،سنن أبي داود 2:331 حديث 2460، [6]مسند أحمد 2:507، [7]سنن البيهقيّ 7:263.
6- 6) تفسير التّبيان 5:286، [8]المغني 1:410،لسان العرب 14:465، [9]تهذيب اللّغة 12:236. [10]

و قال:

و صلّى على دنّها و ارتسم (1)

أي دعا لها.و قيل:إنّها للمتابعة (2)،و لهذا سمّي المصلّي مصلّيا،لأنّه يتبع السّابق.

و أمّا في الشّرع،فإنّها عبارة عن الأفعال المخصوصة المقترنة بالأذكار المعيّنة.و قد تتجرّد الأفعال عن الأذكار،كصلاة الأخرس،و بالعكس،كالصّلاة بالتّسبيح.

و الأقرب انّ إطلاق اللّفظ الشّرعيّ حقيقة في الأوّل و مجاز في الأخيرين،فإذا علّق حكم على الصّلاة انصرف بإطلاقه إلى ذات الرّكوع و السّجود،صرفا للّفظ عند إطلاقه إلى الحقيقة.

الفصل الثّاني:في وجوبها.

و هي واجبة بالكتاب و السّنّة و الإجماع،قال اللّه تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ (3)و قال وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ (4)و قال أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (5)و قال اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا (6)و قال حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ (7)و قال إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (8)

ص:8


1- 1صدره:و قابلها الرّيح في دنّها. انظر الصّحاح 6:2402، [1]لسان العرب 14:464، [2]تهذيب اللّغة 12:237. [3]
2- 2) لسان العرب 14:467،تهذيب اللّغة 12:237. [4]
3- 3) البقرة:43،83،110.
4- 4) البيّنة:5. [5]
5- 5) الإسراء:78. [6]
6- 6) الحج:77. [7]
7- 7) البقرة:238. [8]
8- 8) النّساء:103. [9]

الآيات كثيرة.

و روي،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:(بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلا اللّه و انّ محمّدا رسول اللّه،و إقام الصّلاة،و إيتاء الزّكاة، و صيام رمضان،و حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (1).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

أخبرني عمّا فرض اللّه تعالى من الصّلوات؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» (2).و لا خلاف بين المسلمين في وجوب خمس صلوات متكرّرة في اليوم و اللّيلة.

الفصل الثّالث:في بيان فضلها.

و هي من أفضل العبادات و أهمّها في نظر الشّرع،روى ابن بابويه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ما من صلاة يحضر وقتها إلاّ نادى ملك بين يدي النّاس،أيّها النّاس قوموا إلى نيرانكم الّتي أوقدتموها على ظهوركم فأطفؤوها بصلاتكم» (3).

و دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسجد،و فيه ناس من أصحابه،فقال:

تدرون ما قال ربّكم؟قالوا:اللّه و رسوله أعلم،فقال:«انّ ربّكم يقول:هذه الصّلوات الخمس المفروضات من صلاهنّ لوقتهنّ و حافظ عليهنّ لقيني يوم القيامة و له عندي عهد أدخله به الجنّة،و من لم يصلّهنّ لوقتهنّ و لم يحافظ عليهنّ فذاك إليّ إن شئت عذّبته،و إن شئت غفرت له» (4).

ص:9


1- 1صحيح البخاريّ 1:9،صحيح مسلم 1:45 حديث 22،سنن التّرمذيّ 5:5 حديث 2609. [1]
2- 2) الفقيه 1:124 حديث 600،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:133 حديث 624،الوسائل 3:88 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]
4- 4) الفقيه 1:134 حديث 625،الوسائل 3:80 الباب 1 من أبواب المواقيت،حديث 10. [4]

و قال الصّادق عليه السّلام:«أوّل ما يحاسب[به] (1)العبد الصّلاة،فإذا قبلت قبل منه سائر عمله،و إذا ردّت عليه ردّ عليه سائر عمله» (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا زالت الشّمس فتحت أبواب السّماء و أبواب الجنان و استجيب الدّعاء،فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح» (3).

و قال الرّضا عليه السّلام:«الصّلاة قربان كلّ تقيّ» (4).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما مثل الصّلاة فيكم كمثل السّريّ-و هو النّهر-على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم و اللّيلة يغتسل منه خمس مرّات،فلم يبق الدّرن على (5)الغسل خمس مرّات،و لم تبق الذّنوب على (6)الصّلاة خمس مرّات» (7).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«ليس منّي من استخفّ بصلاته،لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه،ليس منّي من شرب مسكرا،لا يرد عليّ الحوض لا و اللّه» (8).

و قال الصّادق عليه السّلام:«انّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصّلاة» (9).

و روى ابن يعقوب في الصّحيح،عن معاوية بن وهب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم و أحبّ ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ ما هو؟فقال:«ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة،ألا ترى انّ العبد الصّالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال:

ص:10


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:134 حديث 626.
3- 3) الفقيه 1:135 حديث 633،الوسائل 3:121 الباب 12 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
4- 4) الفقيه 1:136 حديث 637،الوسائل 3:30 الباب 12 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [2]
5- 5) في المصادر:مع.
6- 6) في المصادر:مع.
7- 7) الفقيه 1:136 حديث 640،الوسائل 3:9 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 8. [3]
8- 8) الفقيه 1:132 حديث 617،الوسائل 3:16 الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 5. [4]
9- 9) الفقيه 1:133 حديث 618،الوسائل 3:16 الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [5]

وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (1) (2).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا يزال الشّيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصّلوات الخمس،فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه فأدخله في العظائم» (3).

و روى ابن يعقوب في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلّي فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:نقر كنقر الغراب،لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» (4).

المقصد الأوّل:في مقدّمات الصّلاة،و فيه فصول:

الفصل الأوّل:في أعدادها.
اشارة

و هي واجبة و مندوبة.

و الواجبات تسع:الصّلوات الخمس اليوميّة،و صلاة الجمعة،و العيدين، و الكسوف،و الزّلزلة،و الآيات،و صلاة الطّواف الواجب،و ما يوجبه الإنسان على نفسه بنذر،أو عهد أو يمين.و ما عدا ذلك مسنون.

مسألة:و لا تجب الصّلاة إلاّ على البالغ العاقل،

في قول أهل العلم كافّة،إذ التّكليف منوط بالوصفين بلا خلاف.و هل التّمكّن من الطّهور شرط في الوجوب أم لا؟مضى البحث فيه (5).

ص:11


1- 1مريم:32. [1]
2- 2) الكافي 3:265 حديث 1، [2]الوسائل 3:25 الباب 10 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [3]
3- 3) الكافي 3:269 حديث 8، [4]الوسائل 3:18 الباب 7 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [5]
4- 4) الكافي 3:268 حديث 6، [6]الوسائل 3:20 الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [7]
5- 5) تقدّم في الجزء الثالث ص 73.

و ليس الإسلام شرطا في الوجوب عندنا و عند أكثر أهل العلم (1)،خلافا لأصحاب الرّأي (2)،و قد تقدّم البحث في ذلك حيث بيّنّا انّ الكفّار مخاطبون بالفروع (3).

مسألة:و عدد الفرائض في الحضر سبع عشرة ركعة

بلا خلاف بين أهل الإسلام:

الظّهر أربع ركعات بتشهّدين و تسليم،و العصر كذلك،و المغرب ثلاث بتشهّدين و تسليم، و العشاء كالظّهر،و الصّبح ركعتان بتشهّد و تسليم.و يسقط في السّفر من كلّ رباعيّة ركعتان.

و ما عدا ما ذكرنا من الصّلوات غير واجب.و هو قول علمائنا أجمع،و أكثر أهل العلم (4).و قال أبو حنيفة:الوتر واجب (5).و هو عنده ثلاث ركعات بتسليمة واحدة لا يزاد عليها و لا ينقص،و أوّل وقته بعد المغرب و العشاء مقدّمة،و آخره الفجر (6).

لنا:التّمسّك بالأصل،و ما رواه الجمهور،عن طلحة بن عبيد اللّه انّ أعرابيّا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال:يا رسول اللّه،ما ذا فرض اللّه عليّ من الصّلاة؟ قال:(خمس صلوات)فقال:هل علي غيرها؟قال:(لا،إلاّ أن تتطوّع شيئا)فقال الرّجل:و الّذي بعثك بالحقّ لا أزيد عليها و لا أنقص منها،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أفلح الرّجل إن صدق) (7).

ص:12


1- 1المغني 1:444،المجموع 3:4،مقدّمات ابن رشد 1:110.
2- 2) بدائع الصّنائع 1:35.
3- 3) تقدّم في الجزء الثّاني ص 188.
4- 4) المغني 1:411،بداية المجتهد 1:89،المجموع 3:3،مقدّمات ابن رشد 1:99،الكافي لابن قدامة 1: 118،المهذّب للشّيرازيّ 1:50.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:270،الهداية للمرغينانيّ 1:65،عمدة القارئ 7:11،المجموع 4:19،بداية المجتهد 1:89،المغني 1:411،إرشاد السّاري 2:228.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:271،الهداية للمرغينانيّ 1:66،شرح فتح القدير 1:372.
7- 7) صحيح البخاريّ 3:30،صحيح مسلم 1:40 حديث 11،سنن أبي داود 1:106 حديث 391،سنن النّسائيّ 1:266،الموطّأ 1:175 حديث 94. [1]

و ما رووه،عن عليّ عليه السّلام انّ الوتر ليس بحتم و لا[كصلاتكم] (1)المكتوبة،و لكنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أوتر،ثمَّ قال:(يا أهل القرآن أوتروا، فإنّ اللّه وتر يحبّ الوتر) (2).

و عن أنس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(فرض اللّه على أمّتي خمسين صلاة)و ذكر الحديث إلى أن قال:فرجعت فقال:(هي خمس و هي خمسون لا يبدّل القول لديّ) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن أبان بن تغلب قال:صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام بالمزدلفة،فلمّا انصرف التفت إليّ فقال:«يا أبان، الصّلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهنّ و حافظ على مواقيتهنّ لقي اللّه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنّة،و من لم يقم حدودهنّ و لم يحافظ على مواقيتهنّ لقي اللّه و لا عهد له،إن شاء عذّبه و إن شاء غفر له» (4).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سألته عمّا فرض اللّه من الصّلاة؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» (5)الحديث.

و عن أبي أسامة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن الوتر،فقال:«سنّة ليس بفريضة» (6).

ص:13


1- 1في النّسخ:يصلّونكم،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:370 حديث 1169،سنن التّرمذيّ 2:316 حديث 453، [1]سنن النّسائيّ 3:228، مسند أحمد 1:148. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:98،صحيح مسلم 1:149 حديث 163،سنن ابن ماجه 1:448 حديث 1399، سنن التّرمذيّ 1:417 حديث 213،سنن النّسائي 1:221.
4- 4) التّهذيب 2:239 حديث 945،الوسائل 3:78 الباب 1 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
5- 5) التّهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [4]
6- 6) التّهذيب 2:243 حديث 961،الوسائل 3:66 الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3 و [5]فيهما:ليست بفريضة.

و عن الحلبيّ قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الوتر:«إنّما كتب اللّه الخمس و ليس الوتر مكتوبة،إن شئت صلّيتها و تركها قبيح» (1)و لأنّها صلاة يجوز فعلها على الرّاحلة مع القدرة،فكانت نفلا كالسّنن.و لأنّ وجوب سادسة يستلزم نسخ قوله تعالى «وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» (2)و ذلك لا يجوز بخبر الواحد.

احتجّ أبو حنيفة (3)بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(انّ اللّه قد زادكم صلاة و هي الوتر) (4).

و بما روي عنه عليه السّلام،انّه قال:(الوتر حقّ فمن أحبّ أن يوتر بخمس فليفعل،و من أحبّ أن يوتر بثلاث فليفعل،و من أحبّ أن يوتر بواحدة فليفعل) (5).

و الجواب:انّ الزّيادة لا تستلزم الوجوب،و قوله:(الوتر حقّ)لا يدلّ على الوجوب،إذ الحقّ نقيض الباطل،و ذلك لا يستلزم الوجوب.

و أيضا:فلو كان واجبا لما تطرّقت إليه الزيادة و لا النّقصان كغيره من الواجبات،و ما ذكره من الحديث يدلّ على الزيادة و على النّقصان،إذ مذهبه انّ الوتر ثلاث (6).و من العجب انّ أبا حنيفة لا يعمل بخبر الواحد فيما تعمّ به البلوى (7)، و أوجب الوتر على كلّ مكلّف بخبر الواحد المعارض لما ذكرناه من الأدلّة.

قال حمّاد بن زيد:قلت لأبي حنيفة:كم الصّلوات؟قال:خمس،قلت:

ص:14


1- 1التّهذيب 2:11 حديث 22،الوسائل 3:48 الباب 16 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1-و [1]فيهما: و ليست الوتر.
2- 2) البقرة:238. [2]
3- 3) بدائع الصّنائع 1:271،شرح فتح القدير 1:369،إرشاد السّاري 2:228.
4- 4) مسند أحمد 2:180،208،و ج 5:242،و [3]ج 6:7.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:376 حديث 1390،سنن أبي داود 2:62 حديث 1422، [4]سنن النّسائيّ 3:239.
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:66،المجموع 4:23.
7- 7) بدائع الصّنائع 1:270،شرح فتح القدير 1:372.

فالوتر؟قال:فرض،قلت:لا أدري تغلّط في الجملة أو في التّفصيل (1).

مسألة:و تنقسم النّوافل إلى راتبة و غير راتبة،

و الراتبة إلى تابعة للفرائض و إلى غير تابعة لها،فالتّابعة للفرائض ثلاث و عشرون ركعة،ركعتان قبل الفجر،و ثمان قبل الظّهر،و ثمان قبل العصر،و أربع بعد المغرب،و ركعتان من جلوس بعد العشاء تحسبان بركعة.

و قال الشّافعيّ في أحد الوجهين:إنّها إحدى عشرة ركعة:ركعتا الفجر،و أربع مع الظّهر،قبلها ركعتان،و بعدها ركعتان،و بعد المغرب ركعتان،و بعد العشاء ركعتان، و الوتر ركعة (2).و به قال أحمد (3).و في الوجه الثّاني:انّها ثلاث عشرة،و زاد ركعتين قبل الظّهر (4).و قال أبو حنيفة:ركعتان قبل الفجر،و أربع قبل الظّهر،و قبل العصر أربع في إحدى الرّوايتين (5).و في الأخرى:ركعتان،و ركعتان بعد المغرب،و أربع قبل العشاء أو بعدها،أيّهما أحبّ فعل (6).

لنا:انّها عبادة متلقّاة من الشّرع غير معقولة المعنى،بل المأخوذ فيها اتّباع ما وظّفه الشّارع،و المنقول عن أهل البيت عليهم السّلام يجب الأخذ به،لأنّهم أعرف بمظانّ الشّرع.

و قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن فضيل بن يسار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«الفريضة و النّافلة إحدى و خمسون ركعة،منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة[و هو قائم،الفريضة منها سبع عشرة ركعة] (7)،و النّافلة أربع و ثلاثون ركعة» (8).

ص:15


1- 1بدائع الصّنائع 1:170،شرح فتح القدير 1:372.
2- 2) المجموع 4:7،فتح العزيز بهامش المجموع 4:210.
3- 3) الإنصاف 2:176.
4- 4) المغني 1:798.
5- 5) بدائع الصّنائع 1:284،شرح فتح القدير 1:385.
6- 6) بدائع الصّنائع 1:284.
7- 7) أضفناه من المصدر.
8- 8) التّهذيب 2:4 حديث 2،الاستبصار 1:218 حديث 772،الوسائل 3:32 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [1]

و في الصّحيح،عن الفضيل بن يسار و الفضل بن عبد الملك و بكير،قالوا:سمعنا أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي من التّطوّع مثلي الفريضة و يصوم من التّطوّع مثلي الفريضة» (1).

و عن حنّان قال:سأل عمرو بن حريث (2)أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا جالس عن صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟فقال:«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ثماني (3)ركعات الزوال،و أربعا الأولى،ثماني (4)بعدها،و أربعا العصر،و ثلاثا المغرب،و أربعا بعد المغرب،و العشاء الآخرة أربعا،و ثماني (5)صلاة اللّيل،و ثلاثا الوتر،و ركعتي الفجر،و صلاة الغداة ركعتين» (6).

و عن الحارث بن المغيرة النّصريّ (7)قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

ص:16


1- 1التّهذيب 2:4 حديث 3،الاستبصار 1:218 حديث 773،الوسائل 3:32 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [1]
2- 2) عمرو بن حريث:أبو أحمد الصّيرفيّ،ثقة روى عن أبي عبد اللّه،ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:يظهر لنا أنّه ليس هو الّذي ذكره الشّيخ في أصحاب أمير المؤمنين(ع)،و ذكر أنّه عدوّ اللّه ملعون. رجال النّجاشيّ:289،رجال العلاّمة:121. [2]
3- 3) «م»«غ»:ثمان.
4- 4) «ق»«غ»:ثمان.
5- 5) «غ»:ثمان.
6- 6) التّهذيب 2:4 حديث 4،الاستبصار 1:218 حديث 774،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [3]
7- 7) الحارث بن المغيرة النّصريّ:أبو علي،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر(ع)بقوله:الحرث بن المغيرة النّصريّ،و اخرى من أصحاب الصّادق(ع)قائلا:الحارث بن المغيرة النّصريّ أبو عليّ. رجال الطّوسيّ:117،179،رجال النّجاشيّ:139.

«صلاة النّهار ستّ عشرة ركعة،ثمان إذا زالت الشّمس،و ثمان بعد الظّهر،و أربع ركعات بعد المغرب،يا حارث لا تدعهنّ في سفر و لا حضر،و ركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصلّيهما و هو قاعد،و أنا أصلّيهما و أنا قائم،و كان يصلّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاث عشرة ركعة من اللّيل» (1).

احتجّ الشّافعيّ (2)بما روى ابن عمر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(رحم اللّه امرأ صلّى قبل العصر أربعا) (3).

و عن عائشة لمّا سئلت عن صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقالت:كان يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعا،ثمَّ يخرج فيصلّي،ثمَّ يدخل فيصلّي ركعتين و كان يصلّي المغرب،ثمَّ يدخل فيصلّي ركعتين،ثمَّ يصلّي بالنّاس العشاء و يدخل بيتي فيصلّي ركعتين (4).

احتجّ أحمد (5)بما رواه ابن عمر قال:حفظت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عشر ركعات،ركعتين قبل الظّهر،و ركعتين بعدها،و ركعتين بعد المغرب في بيته،و ركعتين بعد العشاء في بيته،و ركعتين قبل الصّبح (6).و مثله روت عائشة (7).

و الجواب:انّ هذه الأحاديث متعارضة،إذ ابن عمر قد روى حديثين غير متّفقين

ص:17


1- 1التّهذيب 2:4 حديث 5،و ص 9 حديث 16،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض، حديث 9. [1]
2- 2) المجموع 4:8،فتح العزيز بهامش المجموع 4:214،مغني المحتاج 1:220،إرشاد السّاري 2:336، عمدة القارئ 7:234.
3- 3) سنن التّرمذيّ 2:295 حديث 430، [2]سنن أبي داود 2:23 حديث 1271، [3]مسند أحمد 2:117. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:504 حديث 730،سنن أبي داود 2:18 حديث 1251، [5]مسند أحمد 6:30، [6]بتفاوت فيها.
5- 5) المغني 1:798،الكافي لابن قدامة 1:191. [7]
6- 6) صحيح البخاريّ 2:74،سنن التّرمذيّ 2:298 حديث 433، [8]مسند أحمد 2:73- [9]بتفاوت.
7- 7) سنن التّرمذيّ 2:299 حديث 436. [10]

و كذا عائشة،و إذا اختلف نقل الرّاوي وجب اطّراحه خصوصا مع معارضة نقل أهل البيت عليهم السّلام و هم أعرف بذلك،مع انّ أحاديثهم لا تنافي ما قلناه،إذ ليس فيها نهي عن الزّائد،و لعلّه عليه السّلام كان يفعل البعض ظاهرا و الباقي في منزله فيخفى عن الرّاوي،و لأنّه مندوب قد يتركه في بعض الأوقات لعذر.

مسألة:و غير التّابعة للفرائض صلاة اللّيل.

و فيها فضل كثير و ثواب جزيل،روى ابن بابويه قال:نزل جبرئيل عليه السّلام على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،فقال له:«يا جبرئيل عظني،قال:يا محمّد عش ما شئت فإنّك ميّت،و أحبب من شئت فإنّك مفارقه،و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه،شرف المؤمن صلاته باللّيل،و عزّه كفّ الأذى عن النّاس» (1).

و عن الصّادق عليه السّلام قال:«انّ من روح اللّه عزّ و جلّ ثلاثة:التّهجّد باللّيل،و إفطار الصّائم،و لقاء الإخوان» (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:«عليكم بصلاة اللّيل فإنّها سنّة نبيّكم،و دأب الصّالحين قبلكم،و مطردة الدّاء عن أجسادكم» (3).

و مدح اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام في كتابه بقيام اللّيل فقال عزّ و جل أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ (4)و آناء اللّيل:ساعاته.

ص:18


1- 1الفقيه 1:298 حديث 1363،الوسائل 5:269 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 3. [1]
2- 2) الفقيه 1:298 حديث 1364،الوسائل 5:273 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 21. [2]
3- 3) الفقيه 1:299 حديث 1366،الوسائل 5:271 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 10. [3]
4- 4) الزّمر:9. [4]

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«انّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال:لو لا الّذين يتحابّون بجلالي،و يعمرون مساجدي،و يستغفرون بالأسحار لولاهم لأنزلت عذابي» (1).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه:(يا أبا ذرّ احفظ وصيّة نبيّك:من ختم له بقيام ليله،ثمَّ مات فله الجنّة) (2).

و عن الصّادق عليه السّلام:«انّ الرّجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة اللّيل، فإذا حرم صلاة اللّيل حرم الرّزق» (3).

و عنه عليه السّلام:«صلاة اللّيل تحسّن الوجه،و تحسّن الخلق،و تطيّب الرّيح، و تدرّ الرّزق،و تقضي الدّين،و تذهب بالهمّ،و تجلو البصر» (4).

و روى الشّيخ،عن النّوفليّ قال:سمعته يقول:«انّ العبد ليقوم في اللّيل فيميل به النّعاس يمينا و شمالا و قد وقع ذقنه على صدره،فيأمر اللّه تعالى أبواب السّماء فتفتح،ثمَّ يقول للملائكة:انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التّقرّب إليّ بما لم افترض عليه راجيا منّي ثلاث خصال:ذنبا أغفره له،أو توبة أجدّدها له،أو رزقا أزيده فيه،اشهدوا ملائكتي انّي قد جمعتهنّ له» (5)و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و عددها في المشهور إحدى عشرة ركعة،

ثمان منها صلاة اللّيل،و اثنتان

ص:19


1- 1الفقيه 1:300 حديث 1372،الوسائل 4:1202 الباب 27 من أبواب الذكر،حديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:300 حديث 1376،الوسائل 5:274 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 24. [2]
3- 3) التّهذيب 2:122 حديث 463،الوسائل 5:278 الباب 40 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 3. [3]
4- 4) ثواب الأعمال:86، [4]التّهذيب 2:121 حديث 461،الوسائل 5:272 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة،حديث 17. [5]
5- 5) التّهذيب 2:121 حديث 460،الوسائل 5:272 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 16. [6]

للشّفع يسلّم فيهما،ثمَّ يوتر بواحدة.ذهب إليه علماؤنا.

و ممّن قال انّ الوتر واحدة:عثمان بن عفّان (1)،و سعد بن أبي وقّاص (2)، و زيد بن ثابت (3)،و ابن عبّاس (4)،و ابن عمر (5)،و ابن الزّبير (6)،و أبو موسى (7)، و عائشة (8)،و سعيد بن المسيّب (9)،و عطاء (10)،و مالك (11)،و الأوزاعيّ (12)، و الشّافعيّ (13)،و إسحاق (14)،و أحمد (15)،و أبو ثور (16).و قال أصحاب الرأي:أنّه

ص:20


1- 1المغني 1:818،المجموع 4:23، [1]المحلّى 3:48،نيل الأوطار 3:39.
2- 2) المغني 1:818،المجموع 4:23، [2]المحلّى 3:48، [3]الموطّأ 1:125، [4]عمدة القارئ 7:4،مجمع الزّوائد 2: 242،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:818، [5]المجموع 4:23. [6]
4- 4) المغني 1:818، [7]المجموع 4:23، [8]المحلّى 3:48، [9]فتح الباري 2:386،نيل الأوطار 3:39.
5- 5) المغني 1:818، [10]المجموع 4:23، [11]المحلّى 3:48،نيل الأوطار 3:39.
6- 6) المغني 1:818، [12]نيل الأوطار 3:39.
7- 7) المغني 1:818، [13]المجموع 4:23، [14]نيل الأوطار 3:39.
8- 8) المغني 1:818،المحلّى 3:43، [15]عمدة القارئ 7:3-4،إرشاد السّاري 2:230،نيل الأوطار 3:41.
9- 9) المغني 1:819.
10- 10) المغني 1:819،نيل الأوطار 3:39.
11- 11) المدوّنة الكبرى 1:126،بداية المجتهد 1:201،سنن التّرمذيّ 2:325، [16]المغني 1:819،فتح العزيز بهامش المجموع 4:226، [17]نيل الأوطار 3:39.
12- 12) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:753،نيل الأوطار 3:39.
13- 13) الام 1:140،المجموع 4:12، [18]فتح العزيز بهامش المجموع 4:229، [19]إرشاد السّاري 2:228،المغني 1: 819،بداية المجتهد 1:200،عمدة القارئ 7:3، [20]سنن التّرمذيّ 2:325،نيل الأوطار 3:39.
14- 14) سنن التّرمذيّ 2:325، [21]المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:24، [22]نيل الأوطار 3:39.
15- 15) المغني 1:818،سنن التّرمذيّ 2:325، [23]الكافي لابن قدامة 1:194،الإنصاف 2:167، [24]منار السّبيل 1:106،إرشاد السّاري 2:228.
16- 16) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:24، [25]نيل الأوطار 3:39.

ثلاث ركعات (1).أضافوا إليه ركعتي الشّفع فسلّم في الثّلاث واحدة.و رواه الجمهور،عن عليّ عليه السّلام،و أبيّ (2)،و أنس (3)،و ابن مسعود (4)،و ابن عبّاس (5).و قال الثّوريّ:الوتر ثلاث و خمس و سبع و تسع و إحدى عشرة (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،و ابن عبّاس انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الوتر ركعة من آخر اللّيل) (7).

و عن عائشة،كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة (8).

و عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله-فيما رواه مسلم-:(صلاة اللّيل مثنى مثنى،فإذا خشيت الصّبح فأوتر بواحدة) (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما جرت به السّنّة في الصّلاة؟فقال:«ثمان ركعات بعد الزّوال»

ص:21


1- 1بدائع الصّنائع 1:271،الهداية شرح البداية 1:66،شرح فتح القدير 1:372،المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،المجموع 4:22، [1]فتح العزيز بهامش المجموع 4:225، [2]بداية المجتهد 1: 200.
2- 2) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4.
4- 4) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4،نيل الأوطار 3:39.
5- 5) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:752،عمدة القارئ 7:4.
6- 6) المغني 1:819،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:750،سنن التّرمذيّ 2:32. [3]
7- 7) صحيح مسلم 1:518 حديث 752-754،سنن ابن ماجه 1:371 حديث 1175،سنن أبي داود 2: 62 حديث 2:62 حديث 1421، [4]سنن النّسائيّ 3:223،مسند أحمد 2:43،52. [5]
8- 8) صحيح البخاريّ 2:31،صحيح مسلم 1:508 حديث 736-737،سنن ابن ماجه 1:432 حديث 1358،سنن التّرمذيّ 2:303 حديث 440، [6]سنن النّسائيّ 2:243،الموطّأ 1:120 حديث 8، [7]سنن الدّارميّ 1:337،344. [8]
9- 9) صحيح مسلم 1:516 حديث 750.

إلى قوله:«و ثلاث عشرة ركعة من آخر اللّيل،منها واحدة الوتر،و ركعتا الفجر» (1).

و ما رواه ابن يعقوب في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى العشاء الآخرة أمر بوضوئه و سواكه فوضع عند رأسه مخمّرا فيرقد ما شاء اللّه،ثمَّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات،ثمَّ يرقد،ثمَّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات،ثمَّ يرقد حتّى إذا كان في وجه الصّبح قام فأوتر،ثمَّ صلّى الرّكعتين» (2)الحديث.

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«و في السّحر ثمان ركعات[،ثمَّ يوتر،] (3)و الوتر ثلاث ركعات مفصولة» (4).

و سأل سعد بن سعد الأشعريّ (5)الرّضا عليه السّلام.الوتر فصل أو وصل؟قال:

«فصل» (6).و النّوافل غير الرّواتب تأتي في أماكنها إن شاء اللّه تعالى.

مسألة:و يسقط في السّفر من النّوافل الرّاتبة:نافلتا الظّهر و العصر،و الركعتان

من جلوس

.و هو مذهب علمائنا.لأنّ وجوب القصر في الفرض يدلّ ظاهرا على السّقوط في النّافلة.و لما رواه الشّيخ عن أبي يحيى الحنّاط قال:سألت أبا عبد اللّه عليه

ص:22


1- 1التّهذيب 2:7 حديث 12،الوسائل 3:43 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3-و [1]فيهما: ثمان ركعات الزّوال.
2- 2) الكافي 3:445 حديث 13، [2]الوسائل 3:196 الباب 53 من أبواب المواقيت،حديث 2. [3]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) التّهذيب 2:6 حديث 11،الاستبصار 1:219 حديث 777،الوسائل 3:42 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [4]
5- 5) سعد بن سعد بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعريّ القميّ،روى عن الرّضا و الجواد(ع).قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع)و وثّقه. رجال النّجاشي:179،رجال الطّوسيّ:378.
6- 6) التّهذيب 2:128 حديث 492،الاستبصار 1:348 حديث 1314،الوسائل 3:47 الباب 15 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 12. [5]

السّلام عن صلاة النّافلة بالنّهار في السّفر؟فقال:«يا بنيّ لو صلحت النّافلة في السّفر تمّت الفريضة» (1).

و عن صفوان بن يحيى قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن التّطوّع بالنّهار و أنا في سفر؟فقال (2):«لا».

أمّا صلاة العشاء،فإنّا نسقط نافلتها،فلا ينتقض ما ذكرناه بها،و الأربع السّابقة عليها نافلة المغرب و هي لا تقصّر،فكذا نافلتها.

و في الصّحيح،عن سيف التّمّار (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«إنّما فرض اللّه على المسافر ركعتين لا قبلهما و لا بعدهما شيء إلاّ صلاة اللّيل على بعيرك حيث توجّه بك» (4)و هذه الرّواية تدلّ على صلاة اللّيل خاصّة.

و أمّا نافلة المغرب،فيدلّ عليها ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن الحارث بن المغيرة قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لا تدع أربع ركعات بعد المغرب في السّفر و لا في الحضر،و كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة باللّيل في سفر و لا حضر» (5).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«صلّ صلاة اللّيل و الوتر و الركعتين في المحمل» (6).

ص:23


1- 1التّهذيب 2:16 حديث 44،الاستبصار 1:221 حديث 780،الوسائل 3:60 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [1]
2- 2) التّهذيب 2:16 حديث 45،الاستبصار 1:221 حديث 781،الوسائل 3:60 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 5. [2]
3- 3) سيف بن سليمان التّمّار،كوفيّ روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق (ع)و عنونه في الفهرست ب:سيف التّمّار.وثّقه المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:189،رجال الطّوسيّ:215،الفهرست:78، [3]رجال العلاّمة:82. [4]
4- 4) التّهذيب 2:16 حديث 43،الوسائل 3:62 الباب 22 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [5]
5- 5) التّهذيب 2:15 حديث 39،الوسائل 3:65 الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 9. [6]
6- 6) التّهذيب 2:15 حديث 42،الوسائل 3:66 الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 2. [7]

و أمّا ركعتا الفجر،فيدلّ عليها مع ما مضى ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن صفوان،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«صلّ ركعتي الفجر في المحمل» (1).

فرع:

قال الشّيخ في بعض كتبه:و يجوز أن يصلّي الرّكعتين من جلوس بعد العشاء في السّفر (2).و عوّل في ذلك على رواية الفضل بن شاذان،عن الرّضا عليه السّلام:«إنّما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها،لأنّ الرّكعتين ليستا من الخمسين،و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا،ليتمّ بهما بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتين من التّطوّع» (3).و الأولى السّقوط،لما رواه في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصّلاة في السّفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء إلاّ المغرب،فإنّ بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في حضر و لا سفر» (4).

مسألة:ركعتا الفجر أفضل من الوتر.

و هو أحد قولي الشّافعيّ و عكس في الآخر (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:(صلّوهما و لو طردتكم الخيل) (6).

و عن عائشة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يكن على شيء من النّوافل أشدّ معاهدة منه على ركعتين قبل الصّبح (7).

ص:24


1- 1التّهذيب 2:15 حديث 38،الوسائل 3:76 الباب 33 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [1]
2- 2) النّهاية:57. [2]
3- 3) الفقيه 1:290 حديث 1320،الوسائل 3:70 الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 3. [3]
4- 4) التّهذيب 2:14 حديث 36،الوسائل 3:61 الباب 21 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 7. [4]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المجموع 4:26،فتح العزيز بهامش المجموع 4:261،نيل الأوطار 3:23.
6- 6) سنن أبي داود 2:20 حديث 1258، [5]مسند أحمد 2:405- [6]بتفاوت في اللّفظ،سنن البيهقيّ 2:471.
7- 7) صحيح البخاريّ 2:71،صحيح مسلم 1:501 حديث 723،سنن أبي داود 2:19 حديث 1254، [7]سنن البيهقي 2:470.

و من طريق الخاصّة:ما روي،عن عليّ عليه السّلام في قوله إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (1)قال:«ركعتا الفجر يشهدهما ملائكة اللّيل و النّهار» (2).

احتجّ الشّافعيّ بأنّ الوتر قيل بوجوبه (3)،و لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله توعّد عليه فقال:(من لم يوتر فليس منّا) (4).

و الجواب:انّ القول بوجوبه خطأ عندنا و عنده،فلا يجوز أن يكون حجّة،و التّوعّد منصرف إلى من لم يعتقد استحبابه.

قال ابن بابويه:ثمَّ يتلوهما في الفضل ركعة الوتر (5).و ذلك لما روي،عن الصّادق عليه السّلام:«من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر» (6)قال:و بعدها ركعتا الزوال،و بعدهما نوافل المغرب،و بعدها تمام صلاة اللّيل،و بعدها تمام نوافل النّهار (7).

مسألة:سجود الشّكر في المغرب ينبغي أن يكون بعد نافلتها،

لما رواه الشّيخ،عن حفص الجوهريّ (8)قال:صلّى بنا أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشّكر بعد السّابعة،فقلت له:كان آباؤك يسجدون بعد الثّلاثة،

ص:25


1- 1الإسراء:78. [1]
2- 2) تفسير العيّاشيّ 2:309 حديث 139.و [2]فيه:عن الحلبي عن أحدهما.
3- 3) المهذّب للشّيرازيّ 1:84،فتح العزيز بهامش المجموع 4:261.
4- 4) سنن أبي داود 2:62 حديث 1419، [3]مسند أحمد 2:443 و ج 5:357.
5- 5) الفقيه 1:314.
6- 6) التّهذيب 2:341 حديث 1412،الوسائل 3:70 الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 4. [4]
7- 7) الفقيه 1:314.
8- 8) أبو عبد اللّه حفص الجوهريّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الجواد(ع). رجال الطّوسيّ:400.

فقال:«ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السّبعة» (1).

و قد روى جواز التّعفير في سجدة الشّكر بعد المغرب جهيم بن أبي جهمة (2)،قال رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام و قد سجد بعد الثّلاث ركعات من المغرب،فقلت له:جعلت فداك،رأيتك سجدت بعد الثّلاث؟فقال:«و رأيتني؟» فقلت:نعم،قال:«فلا تدعها،فإنّ الدّعاء فيها مستجاب» (3).

و يكره الكلام بين المغرب و نوافلها،لما رواه أبو الفوارس (4)قال:نهاني أبو عبد اللّه عليه السّلام أن أتكلّم بين الأربع الّتي بعد المغرب (5).

مسألة:الأفضل في النّوافل أن يصلّي كلّ ركعتين بتشهّد واحد و تسليم بعده،

ليلا كان أو نهارا،إلاّ في الوتر و صلاة الأعرابيّ.و به قال الشّافعيّ (6).

و قال أبو حنيفة:يجوز أن يتطوّع ليلا بركعتين و بأربع و بستّ و بثمان،و يتشهّد في

ص:26


1- 1التّهذيب 2:114 حديث 426،الاستبصار 1:347 حديث 1308،الوسائل 4:1058 الباب 31 من أبواب التّعقيب،حديث 1. [1]
2- 2) جهيم بن أبي جهمة،و يقال له:ابن أبي جهمة-كما عن الصّدوق في مشيخة الفقيه،و النّجاشيّ في رجاله -و في كثير من الأخبار جهم بن أبي جهم،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)،روى عنه سعدان بن مسلم و ابن محبوب. الفقيه 4:شرح المشيخة:54،رجال النّجاشيّ:131،رجال الطّوسيّ:345.
3- 3) التّهذيب 2:114 حديث 427،الاستبصار 1:347 حديث 1309،الوسائل 4:1058 الباب 31 من أبواب التّعقيب،حديث 2. [2]
4- 4) أبو الفوارس،روى حجّاج الخشّاب عنه عن أبي عبد اللّه(ع).قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف على اسمه و لا حاله،و ليس له ذكر في كتب أصحابنا الرّجاليّة. تنقيح المقال 3:31 [3] من فصل الكنى.
5- 5) الكافي 3:443 حديث 7، [4]التّهذيب 2:114 حديث 425،الوسائل 4:1057 الباب 30 من أبواب التّعقيب،حديث 1. [5]
6- 6) المجموع 4:56،إرشاد السّاري 2:228،مغني المحتاج 1:228،بداية المجتهد 1:207،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،عمدة القارئ 7:3،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1:391.

الآخر من ذلك و يسلّم مرّة واحدة،أمّا في النّهار،فإنّه يجوز أن يتطوّع بركعتين و بأربع خاصّة (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(مفتاح الصّلاة الطّهور و بين كلّ ركعتين تسليمة) (2).

و عن ابن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(صلاة اللّيل و النّهار مثنى مثنى) (3)رواه البارقي (4).و لأنّه عليه السّلام هكذا فعل.روت عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة إلى أن ينصدع الصّبح إحدى عشرة ركعة يسلّم في كلّ ثنتين و يوتر بواحدة (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه سئل الصّادق عليه السّلام لم صارت المغرب ثلاث ركعات و أربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر و لا سفر؟فقال:«إنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ صلاة ركعتين» (6)الحديث.

فروع:
الأوّل:لو تطوّع بثلاث من غير أن يفصل بينهنّ بتسليم أو ما زاد على ذلك

،قال في

ص:27


1- 1المبسوط للسّرخسيّ 1:158،بدائع الصّنائع 1:295،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1: 389،المجموع 4:56،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،المغني 1:796،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:804.
2- 2) المغني 1:796.
3- 3) سنن أبي داود 2:29 حديث 1295، [1]سنن التّرمذيّ 2:491 حديث 597، [2]مسند أحمد 2:26. [3]
4- 4) علي بن عبد اللّه الأزديّ:أبو عبد اللّه بن الوليد البارقيّ.و بارق:جبل كان ينزله الأزد،فنسب إليه. روى عن ابن عمر و ابن عبّاس و روى عنه مجاهد و يعلى بن عطاء العامريّ و قتادة و غيرهم. تهذيب التّهذيب 7:358، [4]ميزان الاعتدال 3:142،رجال صحيح مسلم 2:58.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:432 حديث 1358،سنن أبي داود 2:39 حديث 1336، [5]سنن النّسائيّ 2:30، مسند أحمد 6:143، [6]سنن البيهقيّ 3:7.
6- 6) الفقيه 1:289 حديث 1319،الوسائل 3:64 الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [7]

المبسوط:لا يجوز (1)،و قال في الخلاف:يكون قد خالف السّنّة (2).

و قال أبو حنيفة:يكره ما زاد على الأربع (3).

و قال الشّافعيّ:يجوز ما أراد،لكن لا يزيد في التّشهّد على تشهّدين،و يكون بين التّشهّدين ركعتان،حتّى لو أراد أن يصلّي ثمان ركعات و يتشهّد بعد الرّابعة و الثّامنة لم يجز،بل إمّا بتشهّد واحد في الأخير،أو بتشهّد عقيب السّادسة و الثّامنة،و لو صلّى عشرا بتشهّدين،تشهّد الأوّل بعد الثّامنة،و الآخر بعد العاشرة و سلّم و هكذا (4).

لنا:انّها عبادة شرعيّة متلقّاة عن الشّرع،و الّذي ثبت فعله من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه كان يصلّي مثنى مثنى (5)،فيجب اتّباعه فيه.

الثّاني:هل يجوز أن يقتصر على الواحدة فيما عدا الوتر؟

قال في الخلاف بعدمه (6).و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين (7)،و به قال أبو حنيفة (8).و في الأخرى:

يجوز (9).و به قال الشّافعيّ (10).

ص:28


1- 1المبسوط 1:71.
2- 2) الخلاف 1:200 مسألة:267.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:295،الهداية للمرغينانيّ 1:67،شرح فتح القدير 1:389،المجموع 4:56،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274،فتح الباري 3:38.
4- 4) المجموع 4:50،فتح العزيز بهامش المجموع 4:274.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:31،صحيح مسلم 1:519 حديث 157،سنن ابن ماجه 1:371 حديث 1174 و ص 372 حديث 1177،سنن التّرمذيّ 2:325 حديث 461، [1]الموطّأ 1:121 حديث 11 و 122 حديث 12 و 123 حديث 13،مسند أحمد 2:31،45. [2]
6- 6) الخلاف 1:200 مسألة 267.
7- 7) المغني 1:797،الإنصاف 2:192. [3]
8- 8) بدائع الصّنائع 1:293،عمدة القارئ 7:4،المجموع 4:56.
9- 9) المغني 1:797،الإنصاف 2:192، [4]منار السّبيل 1:112.
10- 10) المهذّب للشّيرازيّ 1:85،المجموع 4:50،فتح العزيز بهامش المجموع 4:270،مغني المحتاج 1:227، السّراج الوهّاج:65.

لنا:انّ التّقدير الشّرعيّ ورد بالاثنين (1)،فمن نقص يكون مخالفا.

و ما رواه الجمهور،عن ابن مسعود انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن البتيراء (2).بمعنى الرّكعة الواحدة.

احتجّ أحمد بأنّ عمر صلّى ركعة،ثمَّ خرج من المسجد فقيل له:إنّما صلّيت ركعة، فقال:هو تطوّع فمن شاء زاد و من شاء نقص (3).

و الجواب:انّه قال عن رأي،فلا يكون حجّة.

الثّالث:لو جوّزنا الزّيادة على اثنين فقام إلى الثّالثة سهوا قعد

،كما في الفرائض، و إن تعمّد فإن قصد أن يفعل ثلاثا صحّ،كالمسافر إذا نوى التّقصير في إحدى الأربعة، ثمَّ نوى الإتمام في الأثناء،و إن لم يقصد صلاة ثلاث أو ما زاد بطلت صلاته،كما لو زاد في الفريضة.

مسألة:صلاة الضّحى بدعة عند علمائنا.

خلافا للجمهور،فإنّهم قد أطبقوا على استحبابها (4).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:ما رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الضّحى قطّ (5).

و سألها عبد اللّه بن شقيق (6)قال:قلت لعائشة:أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:29


1- 1الوسائل 3:31 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،و ص 45 الباب 15.
2- 2) عمدة القارئ 7:4،لسان الميزان 4:152،نيل الأوطار 3:39.
3- 3) المغني 1:797.
4- 4) المغني 1:802،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:811،المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المجموع 4:36،عمدة القارئ 7:240،الإنصاف 2:191،منار السّبيل 1:112.
5- 5) صحيح البخاريّ 2:62،صحيح مسلم 1:497 حديث 718،سنن أبي داود 2:28 حديث 1293، [1]الموطّأ 1:152 حديث 29، [2]سنن البيهقيّ 3:50.
6- 6) أبو عبد الرّحمن،و يقال:أبو محمّد،عبد اللّه بن شقيق العقيليّ،روى عن أبيه و علي عليه السّلام و عمر و عثمان و عائشة،و روى عنه ابنه عبد الكريم و محمّد بن سيرين و عاصم.مات سنة 108 ه.تهذيب التّهذيب 5:253. [3]

و آله يصلّي الضّحى؟قالت:لا،إلاّ أن يجيء من مغيبه (1).

و عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:ما حدّثني أحد أنّه رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الضّحى إلاّ أمّ هانئ (2)فإنّها حدّثت،انّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله دخل بيتها يوم فتح مكّة،فصلّى ثماني ركعات،ما رأيته قطّ صلّى صلاة أخفّ منها (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،و ابن مسلم، و الفضيل قالوا:سألناهما عليهما السّلام عن الصّلاة في رمضان نافلة باللّيل جماعة؟ فقالا:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قام على منبره فحمد اللّه و أثنى عليه،ثمَّ قال:«أيّها النّاس انّ الصّلاة باللّيل في شهر رمضان النّافلة في جماعة بدعة،و صلاة الضّحى بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة اللّيل،و لا تصلّوا صلاة الضّحى فإنّ ذلك معصية،ألا و انّ كلّ بدعة ضلالة،و كلّ ضلالة سبيلها إلى النّار،ثمَّ نزل و هو يقول:

قليل في سنّة خير من كثير في بدعة» (4)و لأنّها لو كانت مستحبّة لدوام عليها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و كان لا يخفى ذلك عن أصحابه و نسائه،و قد نفت عائشة ذلك،

ص:30


1- 1صحيح مسلم 1:497 حديث 717،سنن أبي داود 2:28 حديث 1292، [1]مسند أحمد 6:204، [2]سنن البيهقيّ 3:50.
2- 2) أمّ هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم ابنة عمّ النّبيّ(ص)و أخت عليّ(ع)،قيل:اسمها: فاختة أو فاطمة أو هند،أمّها فاطمة بنت أسد،كانت تحت هبيرة بن أبي وهب،أسلمت عام الفتح، و فرّق الإسلام بينها و بين هبيرة فخطبها النّبيّ(ص).روت عن النّبيّ،و روى عنها ابنها جعدة و ابن عمّها عبد اللّه بن عبّاس. أسد الغابة 5:624، [3]الإصابة 4:503، [4]الاستيعاب [5]بهامش الإصابة 4:503. [6]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:73،صحيح مسلم 1:497 حديث 336،سنن أبي داود 2:28 حديث 1291، [7]سنن التّرمذيّ 2:338 حديث 474- [8]في بعضها بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 3:69 حديث 226،الاستبصار 1:467 حديث 1807،الوسائل 5:191 الباب 10 من أبواب نافلة رمضان،حديث 1. [9]

و عبد الرّحمن و غيرهما.

احتجّ المخالف (1)بما رواه أبو هريرة،قال:أوصاني خليلي بثلاث:صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر،و ركعتي الضّحى،و أن أوتر قبل أن أرقد (2).و مثله رواه أبو الدّرداء عنه صلّى اللّه عليه و آله (3).

و الجواب:انّ هاتين الرّوايتين معارضتان بما ذكرناه من الأحاديث.مع انّه صلّى اللّه عليه و آله في أغلب أحواله في منزل عائشة،فكيف يخفى عنها ذلك.

و معارض أيضا بما رواه أحمد في مسنده،قال:رأى أبو بكرة (4)ناسا يصلّون الضّحى فقال:انّهم ليصلّون صلاة ما صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا عامّة أصحابه (5).

و روى الأصحاب عن عليّ عليه السّلام إنكار هذه الصّلاة بالكلّيّة،و عن أولاده عليهم السّلام (6).

لا يقال:الصّلاة مستحبّة في نفسها فكيف حكمتم هاهنا بكونها غير مستحبّة.

ص:31


1- 1المغني 1:802،المجموع 4:37، [1]مغني المحتاج 1:222،الكافي لابن قدامة 1:197،نيل الأوطار 3: 75.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:73،و ج 3:53،صحيح مسلم 1:499 حديث 721،سنن أبي داود 2:65 حديث 1432، [2]سنن النّسائيّ 3:229،218،مسند أحمد 2:271،392،402،459،489، 497.
3- 3) صحيح مسلم 1:499 حديث 722،سنن أبي داود 2:66 حديث 1433، [3]سنن البيهقيّ 3:47.
4- 4) نقيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج.أبو بكرة الثّقفيّ،و قيل:اسمه:مسروح،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه أولاده عبيد اللّه و عبد الرّحمن و عبد العزيز،و ابن سيرين و إبراهيم بن عبد الرّحمن. مات بالبصرة في ولاية زياد سنة 50،و قيل:51 ه. أسد الغابة 5:151، [4]تهذيب التّهذيب 10:469. [5]
5- 5) مسند أحمد:5:45. [6]
6- 6) الوسائل 3:74 الباب 31 من أبواب أعداد الفرائض،الفقيه 1:357 حديث 1566.

لأنّا نقول:إذا أتى بالصّلاة من حيث أنّها نافلة مشروعة في هذا الوقت كان بدعة،أمّا إن أوقعها على أنّها نافلة مبتدئة فلا يمنع منه.و هي عندهم ركعتان،و أكثرها ثمان،و فعلها وقت اشتداد الحرّ (1).

مسألة:و التّطوّع في الصلاة قائما أفضل منه جالسا،

و يجوز أن يتطوّع جالسا.و لا نعرف في الحكمين مخالفا،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(من صلّى قائما فهو أفضل و من صلّى قاعدا فله نصف أجر القائم) (2)لكنّه يحتسب كلّ ركعتين من جلوس بركعة من قيام و يسلّم عقيب كلّ ركعتين من جلوس،و لو احتسب كلّ ركعة من جلوس بركعة من قيام جاز.روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(صلاة الرّجل قاعدا نصف الصّلاة) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكسل أو يضعف فيصلّي التّطوّع جالسا؟قال:«يضعف ركعتين بركعة» (4).

و في الصّحيح،عن الحسن بن زياد الصّيقل قال:قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صلّى الرّجل جالسا و هو يستطيع القيام فليضعف» (5).

ص:32


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:84،المغني 1:803،المجموع 4:35،الكافي لابن قدامة 1:197،نيل الأوطار 3: 75.
2- 2) صحيح البخاريّ 2:59،سنن ابن ماجه 1:388 حديث 1231،سنن أبي داود 1:250 حديث 951، سنن التّرمذيّ 2:207 حديث 371،سنن النّسائي 3:223.
3- 3) صحيح مسلم 1:507 حديث 735،سنن البيهقيّ 7:62.
4- 4) التّهذيب 2:166 حديث 655،الاستبصار 1:293 حديث 1080،الوسائل 4:697 الباب 5 من أبواب القيام،حديث 3. [1]
5- 5) التّهذيب 2:166 حديث 656،الاستبصار 1:293 حديث 1081،الوسائل 4:697 الباب 5 من أبواب القيام،حديث 4. [2]

و عن سدير بن حكيم (1)قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أ تصلّي النّوافل و أنت قاعد؟فقال:«ما أصلّيها إلاّ و أنا قاعد منذ حملت هذا اللّحم و بلغت هذا السّنّ» (2).

فرع:يستحبّ له إذا صلّى جالسا أن يربّع،

فإذا أراد الرّكوع قام و ركع.روى الجمهور عن عائشة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان يصلّي في اللّيل قاعدا حتّى أسنّ،فكان يقرأ قاعدا حتّى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين، ثمَّ ركع (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:قلت له:الرّجل يصلّي و هو قاعد فيقرأ السّورة،فإذا أراد أن يختمها قام و ركع بآخرها؟فقال:«صلاته صلاة القائم» (4).

و في الصّحيح،عن حمّاد بن عيسى،عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:سألته عن الرّجل يصلّي و هو جالس؟فقال:«إذا أردت أن تصلّي و أنت جالس و يكتب لك بصلاة القائم فاقرأ و أنت جالس،فإذا كنت في آخر السّورة فقم فأتمّها و اركع،فتلك تحسب لك بصلاة القائم» (5)و لأنّ فيه تشبيها بالقائم في أهمّ الأفعال و هو الرّكوع،فكان مستحبّا.

ص:33


1- 1سدير بن حكيم بن صهيب الصّيرفيّ،يكنّى أبا الفضل والد حنّان،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة السّجّاد و الباقر و الصّادق عليهم السّلام. رجال الطّوسيّ:91،125،217،رجال العلاّمة:85. [1]
2- 2) التّهذيب 2:169 حديث 674،الوسائل 4:696 الباب 4 من أبواب القيام،حديث 1. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 2:60-بتفاوت يسير،صحيح مسلم 1:505 حديث،731 الموطّأ 1:137 حديث 22، [3]مسند أحمد 6:178، [4]سنن البيهقيّ 2:490.
4- 4) التّهذيب 2:170 حديث 675،الوسائل 4:700 الباب 9 من أبواب القيام،حديث 1. [5]
5- 5) التّهذيب 2:170 حديث 676،الوسائل 4:701 الباب 9 من أبواب القيام،حديث 3. [6]

و أمّا استحباب التّربيع في حال الجلوس فهو قول علمائنا،و الشّافعيّ (1)، و مالك (2)،و الثّوريّ (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).و روي عن ابن عمر،و ابن سيرين، و مجاهد،و سعيد بن جبير (6)،خلافا لأبي حنيفة (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس انّه صلّى متربّعا،فلمّا ركع ثنى رجليه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن حمران بن أعين (9)،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«كان أبي إذا صلّى جالسا تربّع فإذا ركع ثنى رجليه» (10).و لأنّ القيام يخالف القعود،فينبغي أن تخالف هيئته في بدله هيئة غيره،كمخالفة القيام غيره.

احتجّ أبو حنيفة بأنّ القيام قد سقط،فتسقط هيئته (11).

ص:34


1- 1المهذّب للشّيرازيّ 1:101،المجموع 4:309،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287،المغني 1:812،نيل الأوطار 3:102.
2- 2) المدوّنة الكبرى 1:76،بلغة السّالك 1:130،المجموع 4:311،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287، فتح الباري 2:468،المغني 1:812،نيل الأوطار 3:102.
3- 3) المغني 1:812،المجموع 4:311.
4- 4) المغني 1:812-813،الكافي لابن قدامة 1:202،الإنصاف 2:188، [1]المجموع 4:311،فتح العزيز بهامش المجموع 3:287،فتح الباري 2:468،نيل الأوطار 3:102.
5- 5) المغني 1:812،المجموع 4:311.
6- 6) المغني 1:812.
7- 7) الهداية للمرغينانيّ 1:69،شرح فتح القدير 1:400-401،عمدة القارئ 7:161،المجموع 4:311، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 3:287. [3]
8- 8) المغني 1:812.
9- 9) حمران بن أعين الشّيبانيّ:أخو زرارة،يكنّي أبا الحسن من الممدوحين.و قد خاطبه الإمام الباقر(ع) بقوله:(أنت من شيعتنا في الدّنيا و الآخرة).و روى الكشّي في رجاله روايات في مدحه.عدّة الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصّادق عليهما السّلام. رجال الكشّيّ:176،رجال الطّوسيّ:117،181.
10- 10) التّهذيب 2:171 حديث 679،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام،حديث 4. [4]
11- 11) المغني 1:812،شرح فتح الغدير 1:400.

و الجواب:انّ السّقوط في الأوّل للمشقّة،فلا يستلزم سقوط ما لا مشقّة فيه.

و لو صلّى كيف ما أراد جاز،لما رواه الشّيخ،عن معاوية بن ميسرة أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد سئل أ يصلّي الرّجل و هو جالس متربّعا و مبسوط الرّجلين؟ فقال:«لا بأس» (1).

و أمّا استحباب ثني الرّجلين في الرّكوع فهو قول علمائنا.و به قال الثّوريّ (2)، و قال أبو يوسف،و محمّد (3)،و أحمد:إنّما يثني في حال السّجود خاصّة (4).

لنا:ما تقدّم من حديث أنس،و حمران.

الفصل الثّاني:في المواقيت،و فيه مباحث:
الأوّل:في مواقيت الفرائض

أصل:لا يمكن أن يكلّف اللّه تعالى بفعل في وقت قاصر عن الفعل،لأنّه يكون تكليف ما لا يطاق،إلاّ أن يكون الغرض منه وجوب القضاء.

و أمّا جواز التّكليف في وقت موافق،فمتّفق عليه بين أهل العلم،كصوم يوم.و في جواز زيادة الوقت على التّكليف خلاف،الأصحّ فيه الجواز و الوقوع،لأنّ الأمر تعلّق بجميع أجزاء الوقت،و الوجوب مستفاد منه،و يكون في الحقيقة المرجع بهذا الوجوب إلى المخيّر،و لا حاجة إلى البدل على المذهب الحقّ،خلافا للسّيّد المرتضى،لأنّ العزم

ص:35


1- 1التّهذيب 2:170 حديث 678،الوسائل 4:703 الباب 11 من أبواب القيام،حديث 3. [1]
2- 2) المغني 1:812.
3- 3) المغني 1:812.
4- 4) المغني 1:812،الكافي لابن قدامة 1:202،الإنصاف 2:188.

إن كان مساويا للفعل في جميع المصالح المطلوبة منه،كان الإتيان به سببا لسقوط التّكليف بالفعل،لأنّ الأمر وقع بالفعل مرّة واحدة و التّقدير مساواة بدله له من كلّ وجه و قد أتى به،و إن لم يكن مساويا لم يكن بدلا،إذ بدل الشّيء ما يقوم مقامه في جميع الأمور المطلوبة منه.

لا يقال:لا يلزم من البدل المساواة كما في التّيمّم و الكفّارات المرتّبة.

لأنّا نقول:البدل يفهم منه معنيان:

أحدهما:ما يقوم مقام الشّيء و يساويه و يسدّ مسدّه في كلّ وقت و حال.

و الثّاني:ما يكون بدلا منه،بمعنى انّه يحصل بعض المصالح المتعلّقة بذلك الشّيء و يقوم مقامه لا في كلّ وقت،بل في وقت تعذّر الإتيان بالمبدل منه،فالعزم لا يمكن أن يقال انّه بدل على الوجه الثّاني،إذ ترك المبدل منه جائز في أوّل الوقت إجماعا،فينبغي أن يكون بالمعنى الأوّل و يلزم ما ذكرناه،و لأنّ الموجود هو الأمر بالفعل و لا دلالة على إيجاب بدله،فلا دليل عليه،و لأنّه إذا أتى بالعزم في أوّل الوقت ففي ثانية إن وجب العزم لزم تكرار بدل ما لا تكرار فيه و شأن البدل المساواة و إن لم يجب و جاز ترك الفعل فيه لزم المطلوب.و في هذين نظر،فالأولى الاعتماد على الأوّل.و قولهم:لو كان واجبا في أوّل الوقت لما جاز تركه فيه،مدفوع بما حقّقناه في الأوّل من كون هذا الواجب كالواجب المخيّر.

مسألة:أجمع المسلمون على انّ كلّ صلاة من الصّلوات الخمس مؤقّتة بوقت

معيّن مضبوط،

و قد ورد في ذلك أحاديث صحاح،أنا أتلوها عليك بعون اللّه تعالى.

و اعلم انّ لكلّ صلاة وقتين:أوّل و آخر،فالوقت الأوّل وقت الفضيلة،و الآخر وقت الإجزاء.اختاره السّيد المرتضى (1)،و ابن الجنيد (2)،و أتباعهما (3).و قال

ص:36


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:26. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:26. [2]
3- 3) منهم ابن إدريس في السّرائر:40.

الشّيخان:الوقت الأوّل وقت من لا عذر له،و الثّاني وقت من له عذر (1).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أحبّ الوقت إلى اللّه عزّ و جلّ أوّله حين يدخل وقت الصّلاة فصلّ الفريضة،فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب الشّمس» (2).

احتجّ الشّيخ (3)بما رواه،عن إبراهيم الكرخيّ قال:سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام متى يدخل وقت الظّهر؟قال:«إذا زالت الشّمس»فقلت:متى يخرج وقتها؟ فقال:«من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام،انّ وقت الظّهر ضيّق ليس كغيره» قلت:فمتى يدخل وقت العصر؟فقال:«انّ آخر وقت الظّهر هو أوّل وقت العصر» فقلت:فمتى يخرج وقت العصر؟فقال:«وقت العصر إلى أن تغرب الشّمس و ذلك من علّة و هو تضييع»فقلت له:لو انّ رجلا صلّى الظّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام أ كان عندك غير مؤدّ لها؟فقال:«إن تعمّد ذلك ليخالف السّنّة و الوقت لم تقبل منه كما لو انّ رجلا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشّمس متعمّدا من غير علّة لم تقبل منه.انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد وقّت للصّلوات المفروضات أوقاتا،و حدّ لها حدودا في سنّته للنّاس،فمن رغب عن سنّة من سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّه» (4).

و الجواب:انّ الحديث دالّ على انّ التّرك رغبة عن السّنّة،و نحن نقول بتحريم ذلك،و ليس البحث فيه.

ص:37


1- 1المفيد في المقنعة:14،و الطّوسي في الخلاف 1:87 مسألة 13،و النّهاية:58،و [1]المبسوط 1:72. [2]
2- 2) التّهذيب 2:24 حديث 69،الاستبصار 1:260 حديث 935،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
3- 3) التّهذيب 2:26،الاستبصار 1:261.
4- 4) التّهذيب 2:26 حديث 74،الاستبصار 1:258 حديث 926،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 32. [4]
مسألة:أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس

بلا خلاف بين أهل العلم،قال اللّه تعالى:« أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » (1)و الدّلوك هنا:الزّوال،قاله صاحب الصّحاح (2).و قال ابن مسعود:الدّلوك:الغروب (3).و نقله الجمهور،عن علي عليه السّلام (4).و المشهور بين أهل العلم هو الأوّل (5)،و نقل ذلك في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:سألته عمّا فرض اللّه من الصّلاة؟فقال:«خمس صلوات في اللّيل و النّهار» فقلت:هل سمّاهنّ اللّه في كتابه و بيّنهنّ؟فقال:«نعم،قال اللّه عزّ و جلّ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (6)الحديث.

و روى الجمهور،عن بريد (7)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّ رجلا سأله عن وقت الصّلاة؟فقال:(صلّ معنا هذين اليومين)فلمّا زالت الشّمس أمر بلالا فأذّن،ثمَّ أمره فأقام[الظّهر] (8)،ثمَّ أمره فأقام العصر و الشّمس مرتفعة بيضاء نقيّة لم

ص:38


1- 1الإسراء:78. [1]
2- 2) الصّحاح 4:1584. [2]
3- 3) أحكام القرآن للجصّاص 3:248، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:141،المجموع 3:25، [4]تفسير القرطبيّ 10: 303. [5]
4- 4) المجموع 3:25، [6]تفسير القرطبيّ 10:303، [7]التّفسير الكبير 21:25. [8]
5- 5) الام 1:68،المبسوط للسّرخسيّ 1:141،أحكام القرآن للجصّاص 3:248، [9]تفسير القرطبيّ 10: 303، [10]المجموع 3:25، [11]التّفسير الكبير 21:25. [12]
6- 6) التّهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 1. [13]
7- 7) بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه بن الحارث الأسلميّ،أبو عبد اللّه،أسلم قبل بدر و لم يشهدها و شهد خبير و فتح مكّة،و استعمله النّبيّ(ص)على صدقات قومه،انتقل من المدينة إلى البصرة [14]ثمَّ إلى مرو فمات بها. روى عن النّبيّ(ص)و عنه ابناه عبد اللّه و سليمان و عبد اللّه بن أوس.مات سنة 63 ه. أسد الغابة 1:175، [15]تهذيب التّهذيب 1:432، [16]رجال صحيح مسلم 1:97.
8- 8) في النّسخ الصّلاة،و ما أثبتناه من المصدر.

يخالطها صفرة،ثمَّ أمره فأقام المغرب حتّى غابت الشّمس،ثمَّ أمره فأقام العشاء حين غاب الشّفق،ثمَّ أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر (1)الحديث.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن سعيد بن الحسن (2)قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أوّل الوقت زوال الشّمس و هو وقت اللّه الأوّل و هو أفضلهما» (3).

و عن عيسى بن أبي منصور (4)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك فقد دخل وقت الظّهر» (5).

و روى ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:

«إذا زالت الشّمس دخل الوقتان الظّهر و العصر،و إذا غابت الشّمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة» (6).

ص:39


1- 1صحيح مسلم 1:428 حديث 613،سنن ابن ماجه 1:219 حديث 667،مسند أحمد 5:349، [1]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 25،سنن البيهقيّ 1:371-بتفاوت يسير.
2- 2) سعيد بن الحسن أبو عمرو العبسيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و قال:أسند عنه. و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف فيه على مدح،و ظاهره كونه إماميّا. رجال الطّوسيّ:204،تنقيح المقال 2:26. [2]
3- 3) التّهذيب 2:18 حديث 50،الاستبصار 1:246 حديث 880،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 6. [3]
4- 4) عيسى بن أبي منصور المعروف ب«شلقان»و اسم أبي منصور:صبيح،و كنيته:أبو صالح،مدحه الصّادق(ع)بقوله:من أحبّ أن يرى رجلا من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا.و الرّجل عنونه النّجاشيّ ب: عيسى بن صبيح العرزميّ.و الشّيخ عنونه في أصحاب الباقر(ع)ب:عيسى بن أبي منصور القرشيّ،و في أصحاب الصّادق تارة ب:عيسى بن منصور الكوفيّ،و اخرى ب:عيسى بن شلقان،و ثالثة ب:عيسى بن صبيح العرزميّ.و نقل المحقّق المامقانيّ أقوال العلماء في أنّه واحد أم متعدّد. رجال الكشّي:329،رجال النّجاشيّ:296،رجال الطّوسيّ:129،257،258،رجال العلاّمة: 122، [4]تنقيح المقال 2:357. [5]
5- 5) التّهذيب 2:21 حديث 60،الاستبصار 1:248 حديث 889،الوسائل 3:97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 8.و [6]فيها:فصلّيت سبحتك.
6- 6) الفقيه 1:140 حديث 648،الوسائل 3:91 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 1. [7]
مسألة:و يستحب تأخيرها عن أوّل الوقت بمقدار ما يصلّي فيه النّافلة

على ما يأتي بيان وقتها،و من لم يصلّ لا يستحبّ له التّأخير بل التّقديم،خلافا لمالك،فإنّه قال:

أحبّ تأخير الظّهر حتّى يصير الظّلّ ذراعا (1).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (2)و ظاهر الأمر الوجوب.

و ما رواه الجمهور في حديث بريدة.

و من طريق الخاصّة:ما تقدّم.و لأنّه محافظة على الصّلاة فكان أولى،خرج عن هذا:الوقت الّذي يفعل فيه النّافلة بمعنى فعل الطّاعة،و هو غير موجودة في صورة التّرك.

احتجّ مالك بما روي انّ حائط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قامة،فإذا صار الفيء ذراعا صلّى الظّهر (3).

و الجواب:انّه محمول على انّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل النّافلة،بل ذلك متعيّن،لمحافظته على الطّاعات واجبة أو مندوبة.

و قد ورد هذا التّأويل في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان حائط مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قامة فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظّهر،و إذا مضى من فيئه ذراعان،صلّى العصر»ثمَّ قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لا، قال:«من أجل الفريضة،إذا دخل وقت الذّراع و الذّراعين بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (4).

ص:40


1- 1المدوّنة الكبرى 1:55.
2- 2) الإسراء:78. [1]
3- 3) لم نعثر عليه.
4- 4) التّهذيب 2:19 حديث 55،الاستبصار 1:250 حديث 899،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 3- [2]بتفاوت.

و رواه ابن بابويه في الصّحيح،إلاّ انّه قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لم جعل ذلك؟قال:«لمكان النّافلة،لك أن تتنفّل من زوال الشّمس إلى أن يمضي ذراع» (1)الحديث.

و مع ذلك فهو معارض بما تقدّم من الأخبار،و بما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام،روى الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار أو ابن وهب،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضله» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه، وقت كلّ صلاة أوّل الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟فقال:«أوّله،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:انّ اللّه يحبّ من الخير ما يعجّل» (3).

مسألة:و زوال الشّمس ميلها عن وسط السّماء

و انحرافها عن دائرة نصف النّهار، و يعرف بزيادة الظّلّ بعد نقصانه،بأن ينصب مقياس و يقدّر ظلّه،ثمَّ يصبر قليلا،ثمَّ يقدّره ثانيا،فإن كان دون الأوّل لم تزل،و إن زاد و لم ينقص فقد زالت.

و الضّابط في معرفة ذلك الدّائرة الهنديّة،و صفتها أن تسوّي موضعا من الأرض، خاليا من ارتفاع و انخفاض،و تدير عليه دائرة بأيّ بعد شئت،و تنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدّد الرّأس يكون نصف قطر الدّائرة بقدر ضعف المقياس على زاوية قائمة،و تعرف ذلك بأن تقدّر ما بين رأس المقياس و محيط الدّائرة من ثلاثة مواضع،فإن تساوت الأبعاد فهو عمود،ثمَّ ترصد ظلّ المقياس قبل الزّوال حين يكون خارجا من محيط الدّائرة نحو المغرب،فإذا انتهى رأس الظلّ إلى محيط الدّائرة يريد الدّخول فيه،تعلّم عليه علامة،ثمَّ ترصده بعد الزّوال قبل خروج الظّلّ من الدّائرة،فإذا أراد الخروج عنه علّم

ص:41


1- 1الفقيه 1:140 حديث 653،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:40 حديث 125،الاستبصار 1:244 حديث 871،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 11،و [2]فيها:و أوّل الوقت أفضلهما.
3- 3) التّهذيب 2:40 حديث 127،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 12. [3]

عليه علامة،و تصل ما بين العلامتين بخطّ مستقيم،و تنصف ذلك الخطّ،و تصل بين مركز الدّائرة و منتصف الخطّ[بخطّ] (1)،فهو خطّ نصف النّهار،فإذا ألقى المقياس ظلّه على هذا الخطّ الّذي قلنا انّه خطّ نصف النّهار،كانت الشّمس في وسط السّماء لم تزل، فإذا ابتدأ رأس الظلّ يخرج عنه فقد زالت الشّمس،و بذلك يعرف أيضا القبلة.

و قد يزيد الظّلّ و ينقص،و يختلف باختلاف الأزمان و البلدان،ففي الشّتاء يكثر الفيء عند الزّوال و عند الصّيف يقلّ،و قد يعدم بالكلّيّة و ذلك بمكّة مثلا و قبل أن ينتهي طول النّهار بستّة و عشرين يوما،و كذا بعد انتهائه بستّة و عشرين يوما،و قد روي في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام هذا الاختلاف،روى عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تزول الشّمس في النّصف من حزيران على نصف قدم، و في النّصف من تمّوز على قدم و نصف،و في النّصف من آب على قدمين و نصف،و في النّصف من أيلول على ثلاثة و نصف،و في النّصف من تشرين الأوّل على خمسة و نصف،و في النّصف من تشرين الآخر على سبعة و نصف،و في النّصف من كانون الأوّل على تسعة و نصف،و في النّصف من كانون الآخر على سبعة و نصف،و في النّصف من شباط على خمسة و نصف،و في النّصف من آذار على ثلاثة و نصف،و في النّصف من نيسان على قدمين و نصف،و في النّصف من أيار على قدم و نصف» (2)و الظّاهر انّ هذه الرّواية مختصّة بالعراق و الشّام و ما قاربهما.

و اعلم انّ المقياس قد يقسّم مرّة باثني عشر قسما،و مرّة بسبعة أقسام أو ستّة و نصف،و مرّة بستّين قسما.فإن قسّم باثني عشر قسما سمّى الأقسام أصابع فظلّه ظلّ الأصابع،و إن قسّم بسبعة أقسام أو ستّة و نصف سميّت أقداما،و إن قسّم بستّين قسما سمّيت أجزاء.

ص:42


1- 1أضفناه لاستقامة المعنى.
2- 2) التّهذيب 2:276 حديث 1096،الوسائل 3:120 الباب 11 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]

قيل في الهيئة:أطول ما يكون الظّلّ المنبسط في ناحية الشّمال ظلّ أوّل الجدي، و أقصره أوّل السّرطان،و هو يناسب رواية عبد اللّه بن سنان،عن الصّادق عليه السّلام.

و لو كان في موضع لا يكون للشّخص فيه ظلّ اعتبر الزّوال بظهور الفيء،و قد يعرف الزّوال بالتّوجّه إلى الرّكن العراقيّ لمن كان بمكّة،فإذا وجد الشّمس على حاجبه الأيمن علم انّها قد زالت.

مسألة:آخر وقت الظّهر للفضيلة إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،

بمعنى انّ الفيء إذا زاد على ما زالت عليه الشّمس قدر ظلّ الشّخص فهو آخر وقت الظّهر،و معرفة ذلك أن يضبط ما زالت عليه الشّمس و هو الظّلّ الّذي بقي بعد تناهي النّقصان،و هذا الظّل قد يكون في الشّتاء أكثر من الشّخص و يقلّ في الصّيف،ثمَّ ينظر قدر الزّيادة عليه، فإن كانت قد بلغت قدر الشّخص فقد انتهى وقت الظّهر،و الإنسان طوله ستّة أقدام و نصف بقدمه،فإذا أردت أن تعتبر المثل فقدّر الزّيادة من الفيء بقدمك،و ذلك بأن تقف في موضع مستو من الأرض،و تعلّم على الموضع الّذي انتهى إليه[فيئه] (1)و تعرف قدر ما زالت عليه الشّمس،و تقدّر[فيئه] (2)بالأقدام،فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه اليسرى و يلصق عقبه بإبهامه اليسرى،فإذا مسحه بالأقدام أسقط منه القدر الّذي زالت عليه الشّمس،فإذا بلغ الباقي ستّة أقدام و نصف فقد بلغ المثل،فإذا بلغ ذلك فقد خرج وقت الفضيلة.و به قال علم الهدى (3)،و ابن الجنيد (4)،و اختاره مالك،و عطاء،و طاوس (5).و لا خلاف في انّ وقت الظّهر يمتدّ إلى هذه الغاية للمختار،و إنّما الخلاف في انّ الوقت هل يمتدّ للمختار إلى قبل الغروب بمقدار العصر أم

ص:43


1- 1في النّسخ:فيه،و الأنسب ما أثبتناه.
2- 2) في النّسخ:فيه،و الأنسب ما أثبتناه.
3- 3) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193،رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):273.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:30. [1]
5- 5) المغني 1:416،الشرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21.

لا؟فالّذي ذهب إليه علم الهدى،و ابن الجنيد انّه ممتدّ إلى تلك الغاية.و هو الّذي نختاره نحن.و به قال مالك (1)،و عطاء،و طاوس (2).

و قال الشّيخ:آخر وقت المختار إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،فإذا صار ذلك خرج وقت الظّهر (3).و به قال الثّوريّ (4)،و الأوزاعيّ (5)،و اللّيث بن سعد (6)، و الشّافعيّ (7)،و أبو يوسف،و محمّد (8)،و أحمد بن حنبل (9).

و قال أبو حنيفة:وقت الظّهر إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله (10)(11).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (12).قال

ص:44


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [1]بلغة السّالك 1:83،المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1: 465،المجموع 3:21،فتح العزيز بهامش المجموع 3:10-11.
2- 2) المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21. [2]
3- 3) المبسوط 1:72، [3]الخلاف 1:82 مسألة 4،الجمل و العقود:59.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [4]المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3: 21،عمدة القارئ 5:33.
5- 5) المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:21.
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 3:254، [5]المجموع 3:21.
7- 7) الام 1:72،المجموع 3:21، [6]مغني المحتاج 1:121،السّراج الوهّاج:34،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 14، [7]أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [8]المغني 1:416،بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33.
8- 8) المبسوط للسّرخسيّ 1:142،أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [9]شرح فتح القدير 1:193،المغني 1: 416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33، [10]المجموع 3:21. [11]
9- 9) المغني 1:415، [12]الكافي لابن قدامة 1:121، [13]المجموع 3:21، [14]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465، [15]عمدة القارئ 5:33. [16]
10- 10) «غ»«ن»:مثليه،روي في بعض الكتب عن أبي حنيفة في آخر وقت الظّهر روايتان:إحداهما:أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله،و الثّانية:أن يصير ظلّ كلّ شيء مثليه،انظر:الهداية للمرغينانيّ 1:38. [17]أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [18]المغني 1:416.
11- 11) المبسوط للسّرخسيّ 1:142،شرح فتح الغدير 1:193، [19]بداية المجتهد 1:92،عمدة القارئ 5:33، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465.
12- 12) الإسراء:78. [20]

صاحب الصّحاح:و الغسق أوّل ظلمة اللّيل (1).و الظّاهر انّ الغاية و البداية لصلاة واحدة.

و لا ينافي ذلك فعل العصر في ذلك الوقت،لأنّ المقصود من ذلك صحّة صلاة الظّهر فيما عدا الوقت المختصّ بالعصر،و لأنّه غاية إمّا للظّهر و العصر معا أو للعصر،و على كلا التّقديرين يثبت مطلوبنا،إذ لا قائل بأنّ آخر وقت العصر الغروب،و آخر وقت الظّهر إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله.

و ما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه جمع بين الظّهر و العصر في وقت العصر في الحضر (2).

و عن أبي ذرّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر المؤذّن بالأذان حين رأينا فيء التّلول (3).و هذا إنّما يكون بعد تجاوز المثل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت الظّهر و العصر؟فقال:«إذا زالت الشّمس دخل وقت الظّهر و العصر جميعا إلاّ انّ هذه قبل هذه،ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشّمس» (4).

و عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«أحبّ الوقت إلى اللّه عزّ و جلّ أوّله حين يدخل وقت الصّلاة فصلّ الفريضة،فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب

ص:45


1- 1الصّحاح 4:1537. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:490 حديث 705،سنن ابن ماجه 1:340 حديث 1070،سنن التّرمذيّ 1:354 حديث 187، [2]سنن النّسائيّ 1:290،الموطّأ 1:144 حديث 4. [3]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:431 حديث 616،سنن أبي داود 1:110 حديث 401، سنن التّرمذيّ 1:297 حديث 158،مسند أحمد 5:155- [4]بتفاوت يسير.
4- 4) التّهذيب 2:24 حديث 68،الاستبصار 1:246 حديث 881،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]

الشّمس» (1).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«منها صلاتان من عند زوال الشّمس إلى غروب الشّمس إلاّ انّ هذه قبل هذه» (2).

احتجّ الشّيخ (3)بما رواه إبراهيم الكرخيّ،عن أبي الحسن عليه السّلام،فقلت:

لو انّ رجلا صلّى الظّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام،أ كان عندك غير مؤدّ لها؟فقال:«إن كان تعمّد ذلك ليخالف السّنّة و الوقت لم تقبل منه» (4).

و بما رواه في الموثّق،عن زرارة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لعمرو بن سعيد بن هلال:«إذا كان ظلّك مثلك فصلّ الظّهر،و إذا كان ظلّك مثليك فصلّ العصر» (5).

و ما رواه،عن محمّد بن حكيم (6)،عن العبد الصّالح عليه السّلام،و هو يقول:

ص:46


1- 1التّهذيب 2:24 حديث 69،الاستبصار 1:260 حديث 935،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:25 حديث 72،الاستبصار 1:261 حديث 938،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 2:26.
4- 4) التّهذيب 2:26 حديث 74،الاستبصار 1:258 حديث 926،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 32. [3]
5- 5) التّهذيب 2:22 حديث 62،الاستبصار 1:248 حديث 891،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 13. [4]
6- 6) محمّد بن حكيم،ذكره الشّيخ في الفهرست مرّتين من دون وصف،و قال:له كتاب،و عدّه في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)،و يظهر من الكشّيّ أيضا أنّه من أصحاب الكاظم(ع)،و احتمل المحقّق الأردبيليّ و المحقّق الخوئيّ اتّحاده مع محمّد بن حكيم الخثعميّ الّذي قال النّجاشيّ:إنّه روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع).و تردّد المحقّق المامقانيّ في الاتّحاد. الفهرست:149،153، [5]رجال الطّوسيّ:358،رجال الكشّيّ:348، [6]رجال النّجاشيّ:357،جامع الرّواة 2:102، [7]تنقيح المقال 3:109، [8]معجم رجال الحديث 16:37. [9]

«انّ أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس،و آخر وقتها قامة من الزّوال،و أوّل وقت العصر قامة،و آخر وقتها قامتان»قلت:في الشّتاء و الصّيف[سواء؟] (1)قال:«نعم» (2).

و عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أتى جبرئيل عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمواقيت الصّلاة فأتاه حين زالت الشّمس فأمره فصلّى الظّهر،ثمَّ أتاه حين زاد من الظّلّ قامة فأمره فصلّى العصر،ثمَّ أتاه حين غربت الشّمس فأمره فصلّى المغرب،ثمَّ أتاه حين سقط الشّفق فأمره فصلّى العشاء،ثمَّ أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلّى الصّبح،ثمَّ أتاه من الغد حين زاد في الظّلّ قامة فأمره فصلّى الظّهر،ثمَّ أتاه حين زاد في الظّلّ قامتان فأمره فصلّى العصر،ثمَّ أتاه حين غربت الشّمس فأمره فصلّى المغرب،ثمَّ أتاه حين ذهب ثلث اللّيل فأمره فصلّى العشاء،ثمَّ أتاه حين نوّر الصّبح فأمره فصلّى الصّبح،ثمَّ قال:ما بينهما وقت» (3).

و عن الفضل بن يونس الشّيبانيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الحائض تطهر بعد مضيّ أربعة أقدام؟قال:«لا يجب عليها قضاء الظّهر لأنّ الوقت دخل و هي

ص:47


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:251 حديث 994،الاستبصار 1:256 حديث 917،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 29. [1]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1001،الاستبصار 1:257 حديث 922،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 5. [2]
4- 4) لم نجد في الكتب الرّجاليّة و الحديثيّة رجلا بهذا العنوان روى عن أبي عبد اللّه،و الموجود فيها:الفضل بن يونس الكاتب البغداديّ الّذي مرّت ترجمته في الجزء الثّاني ص 372،و روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر(ع)و هو واقفيّ،و روى عنه ابن محبوب،و لعلّه المراد به هنا،حيث أنّ الرّواية في التّهذيب و الوسائل [3]عن ابن محبوب عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن،مضافا إلى أنّ المحقّق في المعتبر و المصنّف هنا لمّا أجابا عنها قالا:هو واقفيّ،و لعلّ إضافة كلمة:الشّيبانيّ مأخوذة عن المعتبر فتدبّر،و لتوضيح الحال راجع: المعتبر 2:32،34، [4]تنقيح المقال 2:13، [5]معجم رجال الحديث 13:343. [6]

حائض و خرج و هي حائض» (1)احتجّ الشّافعيّ (2)بما روي انّ جبرئيل عليه السّلام صلّى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين كان الفيء مثل الشّراك في اليوم الأوّل،و في اليوم الثّاني حين صار ظلّ كلّ شيء مثله،ثمَّ قال:يا محمّد صلّى اللّه عليه و آله(هذا وقت الأنبياء من قبلك و الوقت فيما بين هذين) (3).

احتجّ أبو حنيفة (4)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(إنّما مثلكم و مثل أهل الكتابين كرجل استأجر أجيرا فقال:من يعمل لي من غدوة إلى نصف النّهار على قيراط؟فعملت اليهود،ثمَّ قال:من يعمل لي من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراط؟فعملت النّصارى،ثمَّ قال:من يعمل لي من العصر إلى غروب الشّمس على قيراطين؟فأنتم هم.فغضبت اليهود و النّصارى و قالوا:ما لنا أكثر عملا و أقلّ عطاء، قال:هل نقصتكم من حقّكم؟قالوا:لا.قال:(فذلك فضلي أوتيه من أشاء) (5)و هذا يدلّ على انّ من الظّهر إلى العصر أكثر من العصر إلى المغرب.

و الجواب عن الأوّل قد تقدّم (6).

و عن الثّاني:انّه دالّ على الأمر بالصّلاة في الوقتين،و ليس فيه بيان انّه آخر الوقت.

ص:48


1- 1التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 2.و [1]فيها:عن أبي الحسن(ع)،و الظّاهر هو الصّواب.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:51،المجموع 3:23،فتح العزيز بهامش المجموع 3:5،مغني المحتاج 1:121.
3- 3) سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333، [2]سنن البيهقيّ 1:366.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:143،المغني 1:416،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،بداية المجتهد 1:93،المجموع 3:23.
5- 5) صحيح البخاريّ 3:117،سنن البيهقيّ 6:118.
6- 6) تقدّم في ص 37. [4]

لا يقال:الأمر في ذلك الوقت للوجوب بناء على الأصل.

لأنّا نقول:نعم انّه للوجوب،إذ أجزاء الزّمان في الواجب الموسّع متساوية في صدق الوجوب فيها.

و عن الثّالث:انّه دالّ على انّ آخر الوقت ما ذكر،لكنّه مطلق يتناول المختار و المضطرّ،و ذلك غير مراد قطعا،فلا بدّ من حمله على ما هو المراد فليس بحمله على ما ذكره أولى من حمله على بيان وقت الفضيلة.بل ما ذكرناه أولى،لتصريحهم عليهم السّلام بأنّ الوقت الأوّل أفضل.و قد نصّ الباقر عليه السّلام على أبلغ من ذلك فقال:(فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما حتّى تغيب الشّمس).

و عن الرّابع:انّه ليس فيه دلالة على المطلوب،إذ موضع ما يتوهّم فيه الدّلالة شيئان:

أحدهما:فعل الصّلاة في هذه الأوقات،و ذلك لا يدلّ على المطلوب قطعا.

و الثّاني:قوله:(و ما بينهما وقت)و هذا أيضا غير دالّ إلاّ من حيث مفهوم الخطاب مع حصول المعارض.

ثمَّ نقول:انّه إن دلّ على نفي الوقت مطلقا عن غير المحدود فهو غير مراد بالإجماع و إن دلّ على نفي الوقت المعيّن،فنحن نحمله على الوقت المشتمل على الفضيلة لا على وقت الاختيار.

و عن الخامس:انّ الفضل بن يونس قال الشّيخ:انّه واقفيّ (1)،فلا تعويل إذن على روايته،مع أنّها منفيّة بالإجماع،إذ لا خلاف بيننا انّ آخر وقت الظّهر للمعذور يمتدّ إلى قبل الغروب بمقدار العصر.و لأنّه علّق الحكم على الطّهارة بعد أربعة الأقدام، فيحتمل انّه أراد بذلك ما إذا تخلّص الوقت للعصر.

و عن السّادس:انّه دالّ على وقت الفضيلة،و لهذا قال:(انّه وقت الأنبياء قبلك)

ص:49


1- 1رجال الطّوسيّ:357.

و من المعلوم شدّة اهتمام الأنبياء عليهم السّلام بفعل العبادات في أوائل أوقاتها.و قوله:

(و الوقت فيما بين هذين)قد بيّنا عدم دلالته.

لا يقال:الألف و اللاّم فيه مستوعبة.

لأنّا نقول:يحتمل العهديّة خصوصا مع تقدّم الذّكر.

و عن السّابع:انّه غير دالّ على المطلق،لاحتمال أن يكون آخر وقت الظّهر قبل الغروب بأربع و هو الظّاهر ليحصل المطلوب و هو الزّيادة المناسبة للوقت الأوّل، و النّقيصة المطلوبة لإظهار شرف أتباعه عليه السّلام.

و نقول أيضا:قد ثبت انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبرد بالصّلاة (1).رواه الجمهور،و رواه الخاصّة،روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان المؤذّن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحرّ في صلاة الظّهر،فيقول له عليه السّلام:أبرد أبرد» (2).و ذلك يكون بعد تجاوز المثل،فلو كان هو الوقت المضروب لزم تأخير الصّلاة عن وقتها.

و أيضا:روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن الحسن بن على الوشّاء،قال:سمعت الرّضا عليه السّلام يقول:«كان أبي ربما صلّى الظّهر على خمسة أقدام» (3).

تنبيه:

قد اختلفت الرّوايات عن الأئمّة عليهم السّلام من اعتبار الأقدام و الأذرع و القامات،روى الشّيخ في الصّحيح،عن الفضيل و زرارة و بكير و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية العجليّ،عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام،قالا«وقت

ص:50


1- 1صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:430 حديث 615،سنن أبي داود 1:110 حديث 402، سنن التّرمذيّ 1:295 حديث 157،الموطّأ 1:16 حديث 28،مسند أحمد 5:162،سنن الدّارميّ 1: 274.
2- 2) الفقيه 1:144 حديث 671،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
3- 3) بحار الأنوار 83:44 حديث 19، [2]المستدرك 1:186 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 3،4. [3]

الظّهر بعد الزّوال قدمان،و وقت العصر بعد ذلك قدمان،و هذا أوّل وقت إلى أن يمضي أربعة أقدام للعصر» (1).

و القامات وردت في رواية محمّد بن حكيم و قد سلفت (2).

و الأذرع رواها الشّيخ،عن إسماعيل بن جابر الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان الفيء في الجدار ذراعا صلّى الظّهر،و إذا كان ذراعين صلّى العصر»قلت:الجدران تختلف منها قصير و منها طويل،قال:«انّ جدار مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يومئذ قامة،و إنّما جعل الذّراع و الذّراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة» (3).

و عن يعقوب بن شعيب (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«سألته عن صلاة الظّهر؟فقال:«إذا كان الفيء ذراعا»قلت:ذراعا من أي شيء؟قال:

«ذراعا من فيئك»قلت:فالعصر؟قال:«الشّطر من ذلك»قلت:هذا شبر،قال:

«أو ليس شبر كثيرا» (5).

قال الشّيخ:و المراد من الجميع شيء واحد (6)،لما رواه عليّ بن أبي حمزة،قال:

ص:51


1- 1التّهذيب 2:255 حديث 1012،الاستبصار 1:248 حديث 892،الوسائل 3:102 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [1]
2- 2) تقدمت في ص 46.
3- 3) التّهذيب 2:250 حديث 993،الاستبصار 1:255 حديث 916،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
4- 4) يعقوب بن شعيب بن ميثم بن يحيى التّمّار،أبو محمّد ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصّادق و الكاظم(ع). رجال النّجاشيّ:450،رجال الطّوسيّ:140،336،363.
5- 5) التّهذيب 2:251 حديث 996،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 18. [3]
6- 6) التّهذيب 2:22 حديث 996،الاستبصار 1:251.

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام،يقول:«القامة هي الذّراع» (1)قال:و يحتمل أن يكون ذلك باعتبار تفاوت فعل النّافلة في الزّيادة و النّقصان (2).

و يؤيّده:ما رواه في الصّحيح،عن منصور بن حازم،قال:كنا نقيس (3)الشّمس بالمدينة بالذّراع،فقال لنا أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ألا أنبّئكم بأبين من هذا» قال:قلنا:بلى جعلنا اللّه فداك،قال:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الظّهر إلاّ انّ بين يديها سبحة،و ذلك إليك فإن أنت خفّفت سبحتك فحين تفرغ من سبحتك، و إن أنت طوّلت فحين تفرغ من سبحتك» (4)قال:و يحتمل عود الاختلاف إلى اختلاف ظلّ المنصوب بحسب الأوقات،فتارة ينتهي الظّل منه في القصور حتّى لا يبقى بينه و بين أصل المنصوب أكثر من قدم،و تارة ينتهي إلى حدّ يكون بينه و بين ذراع، و تارة يكون مقداره مقدار الخشب المنصوب،فإذا رجع الظّلّ إلى الزّيادة و زاد مثل ما كان قد انتهى إليه من الحدّ فقد دخل الوقت،سواء كان قدما أو ذراعا أو مثل الجسم المنصوب (5).

و يؤيّده:ما رواه يونس،عن بعض رجاله،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

سألته عمّا جاء في الحديث أن صلّ الظّهر إذا كانت الشّمس قامة و قامتين،و ذراعا و ذراعين،و قدما و قدمين؟فكيف هذا و قد يكون الظّلّ في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال:«إنّما قال:ظلّ القامة و لم يقل:اقامة الظّلّ،و ذلك انّ ظلّ القامة يختلف،مرّة

ص:52


1- 1التّهذيب 2:23 حديث 65،الاستبصار 1:251 حديث 901،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 15. [1]
2- 2) التّهذيب 2:22،الاستبصار 1:251.
3- 3) «ق»:نعتبر.
4- 4) التّهذيب 2:22 حديث 63،الاستبصار 1:250 حديث 898،الوسائل 3:96 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [2]
5- 5) التّهذيب 2:23.

يكثر و مرّة يقلّ،و القامة قامة أبدا لا تختلف ثمَّ قال:ذراع و ذراعان و قدم و قدمان فصار ذراع و ذراعان تفسير القامة و القامتين في الزّمان الّذي يكون فيه ظلّ القامة ذراعا و ظلّ القامتين ذراعين،فيكون ظلّ القامة و القامتين و الذّراع و الذّراعين متّفقين في كلّ زمان معروفين مفسّرا أحدهما بالآخر مسدّدا به،فإذا كان الزّمان يكون فيه ظلّ القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظلّ القامة،و كانت القامة ذراعا من الظّلّ،و إذا كان ظلّ القامة أقلّ أو أكثر كان الوقت محصورا بالذّراع و الذّراعين،فهذا تفسير القامة و القامتين و الذّراع و الذّراعين» (1).

أقول:و الاحتمال الثّاني يدلّ على انّ التّوقيت للفضيلة لا للوجوب.

فائدة:

قال الشّيخ:المعتبر في زيادة الظلّ قدر الظّلّ الأوّل لا قدر الشّخص المنصوب (2).

و قال الأكثر:المعتبر قدر الشّخص (3).

احتجّ الشّيخ برواية يونس (4)و قد تقدّمت،و هي مرسلة و في طريقها صالح بن سعيد،و هو مجهول (5).

احتجّ غيره (6)بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا صار ظلّك مثلك فصلّ الظّهر

ص:53


1- 1التّهذيب 2:24 حديث 67،الوسائل 3:110 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 34. [1]
2- 2) المبسوط 1:73،الخلاف 1:83،التّهذيب 2:23.
3- 3) المقنعة:13،الجمل و العقود:51،الوسيلة(الجوامع الفقهية):670،المهذّب 1:69،المعتبر 2:50. [2]
4- 4) التّهذيب 2:23.
5- 5) صالح بن سعيد الأحول،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و قال:مجهول،كما صرّح بذلك المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:352،رجال العلاّمة:229. [3]
6- 6) المعتبر 2:50،51. [4]

و إذا صار ظلّك مثليك فصلّ العصر» (1).

و بما رواه يزيد بن خليفة (2)،عن الصّادق عليه السّلام،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:انّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت،فقال عليه السّلام:«إذن لا يكذب علينا»قلت:ذكر أنّك قلت:انّ أوّل صلاة افترضها اللّه على نبيّه الظّهر،و هو قول اللّه عزّ و جلّ «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» (3)فإذا زالت الشّمس لم يمنعك إلاّ سبحتك،ثمَّ لا تزال في وقت الظّهر إلى أن يصير الظّلّ قامة و هو آخر الوقت،فإذا صار الظّلّ قامة دخل وقت العصر،فلم تزل في وقت العصر حتّى يصير الظّلّ قامتين، و ذلك المساء قال:«صدق» (4).

فائدة أخرى:

ظهر من ذلك انّ الوقت المختصّ بالظّهر من الزّوال إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات حضرا و ركعتين سفرا،ثمَّ يشترك الوقت مع العصر إلى أن يبقى من النّهار مقدار أداء العصر فيختصّ بالعصر.

و قد نبّه على هذه الفائدة الصّادق عليه السّلام،روى الشّيخ،عن داود بن فرقد، عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الظّهر حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات،فإذا مضى ذلك فقد

ص:54


1- 1التّهذيب 2:22 حديث 62،الاستبصار 1:248 حديث 891،الوسائل 3:105 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
2- 2) يزيد بن خليفة الحارثيّ الحلوانيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع)و قال: واقفيّ.و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:338،364،رجال العلاّمة:265. [2]
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) الكافي 3:275 حديث 1، [4]التّهذيب 2:20 حديث 56،الاستبصار 1:260 حديث 932،الوسائل 3: 97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

دخل وقت الظّهر و العصر حتّى يبقي من الشّمس مقدار ما يصلّي أربع ركعات،فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظّهر و بقي وقت العصر حتّى تغيب الشّمس» (1).

و أيضا:لا يمكن وجوب فعل الصّلاتين في أوّل الوقت دفعة و لا تقديم العصر، فتعيّن اختصاص ذلك الوقت بالظّهر.

ثمَّ قد ثبت الاشتراك بقولهم عليهم السّلام:«فقد دخل الوقتان إلاّ انّ هذه قبل هذه» (2)فإذا تخلّف (3)من الوقت مقدار أربع ركعات خرج وقت الظّهر،إذ لا يمكن فعلهما فيه و لا فعل الظّهر،لأنّ قوله عليه السّلام:«إلاّ انّ هذه قبل هذه»يشعر باختصاص آخر الوقت بالمتأخّرة.

و مع هذا التّحقيق ظهر انّ الإطلاق بدخول وقت الصّلاتين الموجود في كلام الأئمّة عليهم السّلام و عبارات علمائنا محمول على ما قلناه،و ليس كما ظنّه بعض المتوهّمين (4)،حتّى انّه تقدّم بجهله على تخطئة هذا القول،و لو انّه نظر فيه و تأمّل لما ارتضى ذلك لنفسه.فإنّهم لم يطلقوا ذلك،بل قيّدوا بقولهم:«إلاّ انّ هذه قبل هذه» و هذا يدلّ على الاشتراك فيما عدا وقت الاختصاص.

و أيضا:فإنّه لمّا لم يكن للظّهر وقت مضبوط،بل أيّ وقت أمكن إيقاعها فيه كان هو المختصّ و لو قصر جدّا،كما في حالة شدّة الخوف بحيث يصير الوقت مقدار تسبيحة، أو ظنّ الزّوال فصلّى،ثمَّ دخل الوقت قبل إكمالها بأقلّ زمان أمكن أن يصلّي العصر في ذلك الوقت إلاّ ذلك المقدار،كان لقلّته و عدم ضبطه ما عبّر به في الرّواية حسنا، و هكذا البحث في المغرب و العشاء على ما يأتي.

ص:55


1- 1التّهذيب 2:25 حديث 70،الاستبصار 1:261 حديث 936،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 7. [1]
2- 2) الوسائل 3:95 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 21.
3- 3) «ح»«ق»:كان.
4- 4) السّرائر:40.
مسألة:أوّل وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظّهر.

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال مالك (1)،و ربيعة (2)،و إسحاق (3).و قال باقي الجمهور:انّه لا يدخل وقت العصر حتّى يخرج وقت الظّهر،إمّا إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله،أو مثلية (4)على الخلاف إلاّ أبا حنيفة فإنّه قال:لا بدّ من الزّيادة على المثلين (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

(أمّني جبرئيل عليه السّلام عند البيت مرّتين.فصلّى بي الظّهر لوقت العصر بالأمس) (6)و لأنّه عليه السّلام جمع بين الصّلاتين في الحضر (7).رواه مالك.

لا يقال:انّه قد كان صلّى الظّهر في آخر وقتها،و العصر في أوّل وقتها.

لأنّا نقول:انّ ذلك ليس بجمع،إذ كلّ من الصّلاتين قد وقع في وقته.

و ما رووه،عن أبي أمامة قال:صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظّهر،ثمَّ دخلنا على أنس و هو يصلّي العصر،[فقلت:يا عمّ] (8)ما هذه الصّلاة؟فقال:العصر و هذه صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (9).

لا يقال:لعلّها وقعت بعد صيرورة الظّلّ مثل الشّخص.

ص:56


1- 1بداية المجتهد 1:94،مقدمات ابن رشد 1:106،بلغة السّالك 1:83،المجموع 3:21.
2- 2) المغني 1:418،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:469.
3- 3) المغني 1:418،المجموع 3:21،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:469،عمدة القارئ 5:33.
4- 4) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [1]المغني 1:417،المجموع 3:21، [2]بداية المجتهد 1:92،94، المجموع 3:21، [3]عمدة القارئ 5:33،مقدمات ابن رشد 1:105،الهداية للمرغينانيّ 1:38، [4]شرح فتح القدير 1:194،195.
5- 5) المغني 1:417،المجموع 3:21.
6- 6) سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333. [5]
7- 7) الموطّأ 1:144 حديث 4.
8- 8) في النّسخ:فقلنا:يا عمر.و ما أثبتناه من المصدر.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:144،صحيح مسلم 1:434 حديث 623،سنن النّسائي 1:253.

لأنّا نقول:لو كان كذلك لم يكن للتّعجّب معنى و لا للإنكار فائدة.

و ما رووه،عن ابن عبّاس قال:ألا أخبركم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في السّفر؟كان إذا زالت الشّمس و هو في منزله جمع بين الظّهر و العصر في الزّوال (1)و لو لم يكن الوقت مشتركا لم يجز الجمع كما لا يجوز الجمع بين العصر و المغرب في وقت أحدهما.

و عن أحمد،عن ابن عبّاس بإسناده:انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظّهر و العصر،و المغرب و العشاء من غير خوف و لا مطر.قيل:لم فعل ذلك؟قال:لئلاّ يحرج أمّته (2).

و من طريق الخاصّة:ما نقل عنهم عليهم السّلام من قولهم:«إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين»و قد تقدّم (3).

و ما رواه الشّيخ،عن ابن ميسرة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إذا زالت الشّمس في طول النّهار للرّجل أن يصلّي الظّهر و العصر؟قال:«نعم،و ما أحبّ أن يفعل ذلك في كلّ يوم» (4).

و عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:يكون أصحابنا في المكان مجتمعين فيقوم بعضهم يصلّي الظّهر،و بعضهم يصلّي العصر قال:

«كلّ واسع» (5).

ص:57


1- 1سنن الدّارقطنيّ 1:388 حديث 1،سنن البيهقيّ 3:163-بتفاوت يسير.
2- 2) مسند أحمد 1:283. [1]
3- 3) تقدّم في ص 45. [2]
4- 4) التّهذيب 2:247 حديث 980،الاستبصار 1:252 حديث 904،الوسائل 3:94 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 15 و [3]في التّهذيب:عن معبد بن ميسرة.
5- 5) التّهذيب 2:251 حديث 997،الاستبصار 1:256 حديث 918،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 8. [4]

و عن زرارة بن أعين،قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجلان يصلّيان في وقت واحد،و أحدهما يعجّل العصر،و الآخر يؤخّر الظّهر قال:«لا بأس» (1).

و نحو ذالك رواه في الموثّق،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

و في الصّحيح،عن أبي خديجة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأل إنسان و أنا حاضر،فقال:ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّي العصر،و بعضهم يصلّي الظّهر؟فقال:«أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فأخذوا برقابهم» (3).

و عن ذريح (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،انّه صلّى الأولى إذا زالت الشّمس،و صلّى العصر بعدها (5).

احتجّ المخالف (6)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(أوّل وقت الظّهر زوال الشّمس و آخر وقتها حين يدخل وقت العصر) (7).

ص:58


1- 1التّهذيب 2:252 حديث 998،الاستبصار 1:256 حديث 919،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 9. [1]
2- 2) التّهذيب 2:252 حديث 999،الاستبصار 1:256 حديث 920،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1000،الاستبصار 1:257 حديث 921،الوسائل 3:100 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
4- 4) ذريح بن محمّد بن يزيد أبو الوليد المحاربيّ،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)مع إسقاط كلمة(ابن محمّد)و هذا سهو من قلمه الشّريف كما ذكره أرباب المعاجم. رجال النّجاشيّ:163،رجال الطّوسيّ:191،الفهرست:69، [4]رجال العلاّمة:70. [5]
5- 5) التّهذيب 2:253 حديث 1004،الاستبصار 1:258 حديث 925،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 8. [6]
6- 6) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [7]المغني 1:418،شرح فتح القدير 1:195.
7- 7) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [8]مسند أحمد 2:232، [9]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 22- بتفاوت يسير.

و بما رواه ابن عبّاس،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(أمّني جبرئيل عليه السّلام مرّتين فصلّى بي الظّهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشّراك،ثمَّ صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شيء مثله) (1).

احتجّ أبو حنيفة (2)بقوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ (3)و لو لم يكن كما قلناه من الزّيادة على المثلين لكان وسط النّهار.

و الجواب عن الأوّل:انّه غير دالّ على مطلوبهم،إذ آخر وقت الظّهر المختصّ هو أوّل وقت العصر المشترك عندنا.أو نقول:المراد آخر وقتها المشترك أوّل وقت العصر المختصّ.أو نقول:انّ ذلك محمول على الفضيلة.

و بهذا الأخير نجيب عمّا رواه الشّيخ،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«ثمَّ لا تزال في وقت الظّهر إلى أن يصير الظّلّ قامة و هو آخر الوقت،فإذا صار الظّلّ قامة دخل وقت العصر» (4).

و عن الثّاني:انّه دالّ على جواز الصّلاة في ذلك الوقت،لا انّه أوّل الوقت،لأنّه لو كان كذلك لما صحّ قوله في تتمّة الحديث:(و صلّي بي في المرّة الثّانية الظّهر حين صار ظلّ كلّ شيء مثله لوقت العصر بالأمس).

و عن احتجاج أبي حنيفة:بأنّ الصّلاة لم تعيّن،فيحتمل أن يكون المراد غير العصر.

و أيضا:فإنّا نقول بموجبة،إذ طرف النّهار ما بعدي الوسط،و بعد خروج الوقت

ص:59


1- 1سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،مسند أحمد 1:333، [1]سنن الدّارقطنيّ 1:258 حديث 7،سنن البيهقيّ 1:366.
2- 2) أحكام القرآن للجصّاص 3:252، [2]المغني 1:417.
3- 3) هود:114. [3]
4- 4) التّهذيب 2:20 حديث 56،الاستبصار 1:260 حديث 932،الوسائل 3:97 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]

المختصّ بالظّهر يصدق على ما بقي أنّه طرف.

لا يقال:العصر هو العشيّ و به سمّيت صلاة العصر،فلا يفعل قبله.

لأنّا نقول:العشيّ من الزّوال إلى اللّيل.قاله الهرويّ (1).

قال الجوهريّ في الصّحاح:قال قوم:العشاء من زوال الشّمس إلى طلوع الفجر (2).

مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إذا صار ظلّ كلّ شيء مثليه،

و للإجزاء غروب الشّمس.و به قال السّيّد المرتضى (3)،و ابن الجنيد (4)،و أبو حنيفة (5).و ذهب الشّيخ إلى انّ وقت المختار ينتهي إذا صار ظلّ كل شيء مثليه (6)،و المعذور ينتهي بالغروب.و به قال مالك (7)،و الشّافعيّ (8)،و أحمد (9)،و الثّوريّ (10).

ص:60


1- 1أحمد بن محمّد بن عبد الرّحمن أبو عبيد الهرويّ صاحب الغريبين،أخذ عن أبي سليمان الخطابيّ و أبي منصور الأزهريّ،و روى عنه عبد الواحد المليحيّ.مات سنة 401 ه. بغية الوعاة:161،العبر 2:199. [1]
2- 2) الصّحاح 6:2426. [2]
3- 3) النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:37.
5- 5) المجموع 3:54،شرح فتح القدير 1:195،الهداية للمرغيناني 1:38،بداية المجتهد 1:92،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465.
6- 6) الخلاف 1:83 مسألة 5.
7- 7) بداية المجتهد 1:94،مقدّمات ابن رشد 1:105،المغني 1:418،المجموع 3:21،عمدة القارئ 5: 33.
8- 8) الام 1:73،الام(مختصر المزنيّ)8:11،المجموع 3:25،فتح العزيز بهامش المجموع 3:13،مغني المحتاج 1:122،المغني 1:418،بداية المجتهد 1:94،عمدة القارئ 5:33.
9- 9) المغني 1:418،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:468،الكافي لابن قدامة 1:122،المجموع 3:21،منار السّبيل 1:70.
10- 10) المغني 1:418،المجموع 3:21،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،عمدة القارئ 5:33.

و قال أبو يوسف،و محمّد،و أبو ثور،و الأوزاعيّ:آخره للمختار تغيّر الشّمس و اصفرارها (1).

لنا:قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ (2)و كما انّ أحد طرفيه أوّل جزء منه،فكذا طرفه الآخر،و لا يمكن عود ذلك إلى شيء من الصّلوات إلاّ العصر.

و قوله تعالى إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (3)قال في الصّحاح:و الغسق أوّل ظلمة اللّيل (4).

لا يقال:يحمل على المعذور أو على المقارنة.

لأنّا نجيب عن الأوّل:بأنّ هذه الآيات وردت في أوّل التّشريع للصّلاة،فلا يحمل على النّادر.

و عن الثّاني:انّه خلاف الظّاهر،فلا يصار إليه إلاّ لدليل.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه قال:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (5)و هذا يتناول المعذور و غيره،و هو متّفق عليه،فلو لم يكن ما زاد على المقدّر وقتا،لما أدرك الصّلاة بإدراك ركعة فيه.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معمّر بن يحيى (6)،قال:

ص:61


1- 1المغني 1:419،المجموع 3:21. [1]
2- 2) هود:114. [2]
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) الصّحاح 4:1537. [4]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:146،صحيح مسلم 1:425 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 699، سنن أبي داود 1:112 حديث 412،مسند أحمد 2:254،282- [5]بتفاوت في الجميع.
6- 6) معمّر بن يحيى بن سالم العجليّ كوفيّ عربيّ صميم ثقة متقدّم،روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه(ع)و قد أبدل المصنّف في الخلاصة،سالما ب:المسافر،و قال:ثقة. رجال النّجاشيّ:425،رجال العلاّمة:169. [6]

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«وقت العصر إلى غروب الشّمس» (1).

و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على انّ آخر وقت الصّلاتين غروب الشّمس (2).

احتجّ الشّيخ بما تقدّم من اعتبار الأقدام و غيرها (3).

و الجواب:قد تقدّم انّ المراد بذلك الاستحباب.

فإن احتجّ بما رواه ربعيّ (4)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«انّا لنقدّم و نؤخّر و ليس كما يقال:من أخطأ وقت الصّلاة فقد هلك،و إنّما الرّخصة للنّاسي و المريض و المدنف،و المسافر،و النّائم في تأخيرها» (5).

فالجواب:انّ ذلك دالّ على مطلوبنا،لأنّ قوله:«انّا لنقدّم و نؤخّر»و لا يزيد مع العذر،لأنّ ذلك لم يقل بالهلاك معه أحد،فلا يبقى المراد بحصر الرّخصة فيما ذكر،إلاّ ترك الأفضل،إذ لا ريب في شدّة تأكيد استحباب فعل الصّلاة في أوّل الوقت،بحيث سمّي التّأخير رخصة.

لا يقال:قد روى الشّيخ،عن سليمان بن جعفر،عن الفقيه عليه السّلام،قال:

«آخر وقت العصر ستّة أقدام و نصف» (6).

ص:62


1- 1التّهذيب 2:25 حديث 78،الاستبصار 1:261 حديث 937،الوسائل 3:113 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
2- 2) تقدّم في ص 45.
3- 3) التّهذيب 2:19،و قد تقدّم في ص 872-873.
4- 4) أبو نعيم ربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود بن أبي سبرة الهذليّ-أو العبديّ-البصريّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)و صحب الفضيل بن يسار و أكثر الأخذ عنه،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق (ع)و قال في الفهرست:له أصل. رجال النّجاشيّ:167،رجال الطّوسيّ:194،الفهرست:70، [2]رجال العلاّمة:71. [3]
5- 5) التّهذيب 2:41 حديث 132،الاستبصار 1:262 حديث 939،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 7. [4]
6- 6) التّهذيب 2:256 حديث 1014،الاستبصار 1:259 حديث 927،الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

لأنّا نقول:المراد بذلك الفضيلة،إذ هو خبر واحد لو أخذ على عمومه كما في القرآن و الإجماع،و لو خصّص بالاختيار منعنا ذلك،لعدم اعتضاده بدليل آخر،و حملنا على الفضيلة،إذ مع هذا التّأويل لا استبعاد في اختلاف التّقديرات بالنّظر إلى كثرة فعل النّوافل و قلّتها.

و كذا البحث في رواية محمّد بن حكيم،عن العبد الصّالح عليه السّلام من انّ آخر وقت العصر قامتان (1).

و كذا ما رواه سليمان بن خالد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«العصر على ذراعين فمن تركها حتّى يصير على ستّة أقدام فذلك المضيّع» (2)و المراد به:المضيّع لفضيلة أوّل الوقت.

مسألة:أوّل وقت المغرب غروب الشّمس.

و هو قول كلّ من يحفظ عنه العلم،لا نعرف فيه خلافا،و قد دلّت الأخبار عليه،روى الجمهور،عن أبي هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس) (3).

و في حديث ابن عبّاس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أمّني جبرئيل مرّتين،ثمَّ صلّى المغرب حين وجبت الشّمس) (4)قال صاحب الصّحاح:وجبت أي:

غابت (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه

ص:63


1- 1التّهذيب 2:251 حديث 994،الاستبصار 1:256 حديث 917،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 29. [1]
2- 2) التّهذيب 2:256 حديث 1016،الاستبصار 1:259 حديث 928،الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [3]مسند أحمد 2:232. [4]
4- 4) مسند أحمد 1:333 و 354، [5]سنن البيهقيّ 1:366.
5- 5) الصّحاح 1:232. [6]

السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (1).

و عن عمرو بن أبي نصر،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المغرب:

«إذا توارى القرص كان وقت الصّلاة و أفطر» (2).

و روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصّحيح،عن عبد اللّه بن مسكان، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«وقت المغرب إذا غربت الشّمس فغاب قرصها» (3).

و رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

و يعرف الغروب بذهاب الشّفق المشرقيّ.ذهب إليه أكثر علمائنا (5)،و هو قول الشّيخ في النّهاية (6).و قال في المبسوط:باستتار القرص و غيبوبته عن العين (7).

و هو قول الجمهور (8).قال:و من أصحابنا من يراعي زوال الحمرة من المشرق،و هو

ص:64


1- 1التّهذيب 2:27 حديث 78،الاستبصار 1:262 حديث 941،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [1]
2- 2) التّهذيب 2:27 حديث 77،الاستبصار 1:262 حديث 940،الوسائل 3:133 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 30. [2]
3- 3) مستدرك الوسائل 1:190 باب أوّل وقت المغرب،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:28 حديث 81،الاستبصار 1:263 حديث 944،الوسائل 3:130 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 16.
5- 5) منهم:المفيد في المقنعة:14،و أبو الصّلاح الحلبيّ في الكافي في الفقه:137،و ابن إدريس في السّرائر: 39،و المحقّق الحلّي في المعتبر 2:51. [4]
6- 6) النّهاية:59.
7- 7) المبسوط 1:74. [5]
8- 8) المغني 1:424، [6]المدوّنة الكبرى 1:56،أحكام القرآن للجصّاص 3:257، [7]المجموع 3:29، 34، [8]مقدّمات ابن رشد 1:106،الهداية للمرغينانيّ 1:38،شرح فتح القدير 1:195،عمدة القارئ 5:58،نيل الأوطار 1:403.

أحوط (1).

لنا:ما رواه الشّيخ،عن عليّ بن أحمد بن أشيم،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق» (2).

و عن بريد بن معاوية،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من ناحية المشرق فقد غابت الشّمس من شرق الأرض و من غربها» (3).

و عن محمّد بن عليّ (4)قال:صحبت الرّضا عليه السّلام في السّفر فرأيته يصلّي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السّواد (5).

و عن محمّد بن شريح (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن وقت

ص:65


1- 1المبسوط 1:74. [1]
2- 2) التّهذيب 2:29 حديث 83،الاستبصار 1:265 حديث 959،الوسائل 3:126 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 2:29 حديث 84،الاستبصار 1:265 حديث 957،الوسائل 3:126 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
4- 4) الرّجل مشترك بين عدّة أفراد و لم يتعيّن بالخصوص في الكتب الرّجاليّة و لعلّه مردّد أمره بين محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ الثّقة الّذي قال النّجاشيّ:هو و أبوه وكيل النّاحية،روى عن جدّه عن الرّضا(ع)و عنونه المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. و بين محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى أبو جعفر القرشيّ الملقّب ب(أبي سمينة)الّذي صرّح النّجاشيّ و المصنّف بأنّه ضعيف جدّا فاسد الاعتقاد. رجال النّجاشيّ:332،344،رجال العلاّمة:155،253. [4]
5- 5) التّهذيب 2:29 حديث 86،الاستبصار 1:265 حديث 958،الوسائل 3:128 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 8. [5]
6- 6) محمّد بن شريح الحضرميّ أبو عبد اللّه ثقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و ذكره في الفهرست مرّتين،و قال:له كتاب. رجال النّجاشيّ:366،رجال الطّوسيّ:291،الفهرست:141،152، [6]رجال العلاّمة:159. [7]

المغرب؟فقال:«إذا تغيّرت الحمرة في الأفق،و ذهبت الصفرة،و قبل أن تشتبك النّجوم» (1).

و عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إنّما أمرت أبا الخطّاب أن يصلّي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشّمس،فجعل هو الحمرة الّتي من قبل المغرب،و كان يصلّي حين يغيب الشّفق» (2).

فإن احتجّ الشّيخ بما رواه،عن سماعة بن مهران،قال:قلت:لأبي عبد اللّه عليه السّلام في المغرب إنّا ربّما صلّينا و نحن نخاف أن تكون الشّمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل؟قال:فقال:«ليس عليك صعود الجبل».

و بما رواه في الحسن،عن زرارة قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«وقت المغرب إذا غاب القرص،فإن رأيته بعد ذلك و قد صلّيت أعدت الصّلاة و مضى صومك و تكفّ عن الطّعام إن كنت أصبت منه شيئا» (3)و بما رواه عمرو بن أبي نصر قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المغرب:«إذا توارى القرص كان وقت الصّلاة و أفطر» (4).

و عن عليّ بن الحكم (5)،عمّن حدّثه،عن أحدهما عليهما السّلام،انّه سئل عن

ص:66


1- 1التّهذيب 2:257 حديث 1024،الوسائل 3:129 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 12. [1]
2- 2) التّهذيب 2:259 حديث 1033،الاستبصار 1:265 حديث 960،الوسائل 3:128 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 10. [2]
3- 3) التّهذيب 2:261 حديث 1039،و ج 4:271 حديث 818،الاستبصار 2:115 حديث 376، الوسائل 3:130 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 17. [3]
4- 4) التّهذيب 2:27 حديث 77،الاستبصار 1:262 حديث 940،الوسائل 3:133 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 30. [4]
5- 5) عليّ بن الحكم الكوفيّ،قال الشّيخ في الفهرست: [5]ثقة جليل القدر له كتاب،و قال المصنّف في الخلاصة:عليّ بن الحكم الكوفيّ ثقة جليل القدر،و الرّجل مشترك بين عدّة أفراد و التّمييز برواية محمّد بن السّنديّ و أحمد بن محمّد عنه. الفهرست:87، [6]رجال العلاّمة:93. [7]

وقت المغرب؟فقال:«إذا غاب كرسيّها»قلت:و ما كرسيّها؟قال:«قرصها» فقلت:متى يغيب قرصها؟قال:«إذا نظرت إليه فلم تره» (1).

و بما رواه حريز،عن أبي أسامة أو غيره،قال:صعدت مرّة جبل أبي قبيس و النّاس يصلّون المغرب،فرأيت الشّمس لم تغب إنّما توارت خلف الجبل عن النّاس، فلقيت أبا عبد اللّه عليه السّلام،فأخبرته بذلك،فقال لي:«و لم فعلت ذلك؟بئس ما صنعت،إنّما تصليها إذا لم ترها خلف جبل،غابت أو غارت ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلّها،و إنّما عليك مشرقك و مغربك،و ليس على النّاس أن يبحثوا» (2).

فالجواب عن الأوّل:انّ سماعة واقفيّ (3)،و في الطّريق أيضا أحمد بن هلال و هو ضعيف جدّا (4).و لأنّها غير دالّة على المطلوب،إذ أقصى ما يدلّ عليه،جواز فعل الصّلاة من غير تتبّع للشّمس بالصّعود إلى الجبل و النّظر إليها هل غابت أم لا،و لا شكّ انّ هذا الاعتبار غير واجب.

و عن الثّاني:انّ الحكم معلّق على غيبوبة القرص و نحن نقول بموجبة،إلاّ انّ العلامة عندنا غيبوبة الحمرة.و لأنّه لو كان الوقت قد دخل بالاستتار لما أمر بالإعادة عند الظّهور،إذ هي صلاة قد فعلت في وقتها فلا يستتبع وجوب الإعادة.

و عن الثّالث:بالأوّل من جوابي الثّاني.

ص:67


1- 1التّهذيب 2:27،حديث 79،الاستبصار 1:262 حديث 942،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 25. [1]
2- 2) التّهذيب 2:264 حديث 1053،الاستبصار 1:266 حديث 961،الوسائل 3:145 الباب 20 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 84.
4- 4) مرّت ترجمته في الجزء الأوّل ص 135.

و عن الرّابع:انّه مرسل،و بما ذكرناه قبل.

و عن الخامس:بأنّه مرسل أيضا،إذ الشّكّ في المرويّ عنه يستلزم عدم الإسناد إلى شخص معيّن،و بما قلناه أوّلا.

و تعارض أيضا هذه الأحاديث بما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن صباح (1)،قال:

كتبت إلى العبد الصّالح عليه السّلام،يتوارى القرص و يقبل اللّيل،ثمَّ يزيد اللّيل ارتفاعا و تستتر عنّا الشّمس،و ترتفع فوق اللّيل حمرة،و يؤذّن عندنا المؤذّنون،فأصلّي حينئذ و أفطر إن كنت صائما؟أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة الّتي فوق اللّيل؟فكتب إليّ:«أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدينك» (2).

مسألة:و آخر وقت المغرب للفضيلة غيبوبة الشّفق من ناحية المغرب،

و يمتدّ وقتها للإجزاء إلى أن يبقى إلى انتصاف اللّيل مقدار أربع ركعات حضرا،و ركعتين سفرا.و به قال السّيّد المرتضى في الجمل (3).

و قال بعض علمائنا:يمتدّ وقت المضطرّ حتّى يبقي للفجر وقت العشاء (4).و قال الشّيخ:آخره للمختار ذهاب الشّفق،و للمضطرّ إلى قبل نصف اللّيل بأربع (5).و به قال السّيّد المرتضى في المصباح (6).

ص:68


1- 1المتن مطابق لما في الاستبصار،و الصّحيح،عبد اللّه بن وضّاح-بتشديد الضّاد المعجمة و الحاء المهملة أخيرا -أبو محمّد كوفيّ ثقة من الموالي صاحب أبا بصير يحيى بن القاسم كثيرا و عرف به.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:215،رجال الطّوسيّ:355،رجال العلاّمة:110. [1]
2- 2) التّهذيب 2:259 حديث 1031،الاستبصار 1:264 حديث 952،الوسائل 3:129 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 14. [2]
3- 3) لم نعثر على قوله في الجمل.و لكنّه موجود في الرّسائل(المجموعة الاولى):274.
4- 4) منهم الصّدوق في الفقيه 1:232-233،و المحقّق في المعتبر 2:40،و [3]يحيى بن سعيد في الجامع للشّرائع:60. [4]
5- 5) المبسوط 1:75. [5]
6- 6) نقله عنه في المعتبر 2:40. [6]

و قال في النّهاية:آخر وقتها غيبوبة الشّفق و قد رخّص للمسافر التّأخير إلى ربع اللّيل (1).و أطلق في الجمل انّ آخر الوقت غيبوبة الشّفق (2).و كذا ابن أبي عقيل في كتابه (3).

و قال سلاّر:آخر الوقت غيبوبة الشّفق،و قد روي انّ تأخير المغرب للمسافر إذا جدّ به السّير إلى ربع اللّيل (4).

و قال أبو الصّلاح:آخر وقت الإجزاء ذهاب الحمرة من المغرب،و آخر وقت المضطرّ ربع اللّيل (5).

و قال الشّافعيّ (6)،و الأوزاعيّ (7)و مالك:ليس لها إلاّ وقت واحد عند مغيب الشّمس (8)و قال الثّوري (9)،و أحمد:آخره مغيب الشّفق (10).و به قال إسحاق،و أبو ثور (11)،و أصحاب الرّأي (12).

ص:69


1- 1النّهاية:59. [1]
2- 2) الجمل و العقود(الرّسائل العشر):174.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:40. [2]
4- 4) المراسم:62.
5- 5) الكافي في الفقه:137. [3]
6- 6) الامّ 1:73،الامّ(مختصر المزنيّ)8:11،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:28،أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [4]المغني 1:424،بداية المجتهد 1:95،نيل الأوطار 1:402.
7- 7) المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.
8- 8) المدوّنة الكبرى 1:56،بداية المجتهد 1:95،بلغة السّالك 1:83،مقدّمات ابن رشد 1:106، المغني 1:424،المجموع 3:34.
9- 9) أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [5]المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.
10- 10) المغني 1:425،الكافي لابن قدامة 1:122،الإنصاف 1:434،المجموع 3:34،بداية المجتهد 1:95، عمدة القارئ 5:56.
11- 11) المغني 1:424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56،نيل الأوطار 1:403.
12- 12) المبسوط للسّرخسيّ 1:144،أحكام القرآن للجصّاص 3:258، [6]شرح فتح القدير 1:195،المغني 1: 424،المجموع 3:34،عمدة القارئ 5:56.

لنا:انّ المغرب و العشاء صلاتا جمع فيشترك وقتهما،كالظّهر و العصر.

و ما رواه الشّيخ،عن عبيد اللّه بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (1).

و ما رواه داود بن فرقد،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«إذا غابت الشّمس فقد دخل وقت المغرب حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات،فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف اللّيل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات،فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب و بقي وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف اللّيل» (2).

احتجّ من قال من أصحابنا (3)بامتداد الوقت إلى الفجر،بما رواه الشّيخ،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا تفوت الصّلاة من أراد الصّلاة لا تفوت صلاة النّهار حتّى تغيب الشّمس و لا صلاة اللّيل حتّى يطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتّى تطلع الشّمس» (4).

و من الجمهور (5)،بما رواه ابن المنذر،عن عبد الرّحمن بن عوف (6)و عبد اللّه بن

ص:70


1- 1التّهذيب 2:27،حديث 78،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [1]
2- 2) التّهذيب 2:28 حديث 82،الاستبصار 1:263 حديث 945،الوسائل 3:134 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) الفقيه 1:232،الجامع للشّرائع:60. [3]
4- 4) التّهذيب 2:256 حديث 1015،الاستبصار 1:260 حديث 933،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 9. [4]
5- 5) عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحرث بن زهرة بن كلاب القرشيّ الزّهريّ:أبو محمّد،روى عن النّبيّ(ص)و عن عمر،و روى عنه أولاده:إبراهيم و حميد و عمر و مصعب و أبو سلمة و ابن عبّاس و جابر و جبير بن مطعم.مات سنة 32 ه و قيل 31. أسد الغابة 3:313، [5]الإصابة 2:416، [6]تهذيب التّهذيب 6:244. [7]
6- 6) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،فتح العزيز بهامش المجموع 3:73.

عبّاس انّهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر:تصلّي المغرب و العشاء (1)،و لو لا امتداد الوقت إلى تلك الغاية لما وجب،لاستيعاب عذرها الوقت كما لا يجب لو طهرت بعد الفجر.

و احتجّ من قال من أصحابنا بغيبوبة الشّفق (2)،بما رواه الشّيخ في الموثّق،عن جميل بن درّاج،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول في الرّجل يصلّي المغرب بعد ما يسقط الشّفق؟فقال:«لعلّه لا بأس» (3).

و ما رواه سعيد بن جناح (4)،عن بعض أصحابنا،عن الرّضا عليه السّلام،قال:

«انّ أبا الخطّاب (5)كان أفسد عامّة أهل الكوفة،و كانوا لا يصلّون المغرب حتّى يغيب الشّفق و إنّما ذلك للمسافر و الخائف و لصاحب الحاجة» (6)فلو كان ما بعد الشّفق وقتا للمختار لم يعلّق التّأخير في الأوّل بالعلّة،و لم يحصره في الثّاني بما عدّده.

و ما رواه في الموثّق،عن عبد اللّه سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

ص:71


1- 1سنن البيهقيّ 1:387،و بمعناه في سنن الدّارميّ 1:219.
2- 2) المهذّب 1:69،الخلاف 1:84 مسألة 6.
3- 3) التّهذيب 2:33 حديث 101،الاستبصار 1:268 حديث 969،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 13. [1]
4- 4) سعيد بن جناح أصله كوفيّ نشأ ببغداد و مات بها مولى الأزد و يقال:مولى جهينة،روى عن أبي الحسن و الرّضا(ع)وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في الخلاصة. رجال النّجاشيّ:191،رجال العلاّمة:80. [2]
5- 5) محمّد بن مقلاص الأسديّ الكوفيّ أبو الخطّاب ملعون غال،و يكنّي مقلاص أبا زينب،لعنه الرّضا(ع) و الحجّة(عج)و تنسب إليه الخطّابية،روى الكشّيّ روايات في ذمّه و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)و قال:غال ملعون. رجال الكشّيّ:224،رجال الطّوسيّ:304.
6- 6) التّهذيب 2:33 حديث 99،الاستبصار 1:268 حديث 968،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 15. [3]

«وقت المغرب من حين تغيب الشّمس إلى أن تشتبك النّجوم» (1)و اشتباك النّجوم في الغالب إنّما يكون بعد غيبوبة الشّفق من الجانب الغربيّ.

و في الموثّق،عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن وقت المغرب؟قال:«ما بين غروب الشّمس إلى سقوط الشّفق» (2).

و في الصّحيح،عن بكر بن محمّد (3)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأله سائل عن وقت المغرب؟قال:«انّ اللّه يقول في كتابه لإبراهيم عليه السّلام:« فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً » (4)فهذا أوّل الوقت،و آخر ذلك غيبوبة الشّفق،و أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة،و آخر وقتها إلى غسق اللّيل نصف اللّيل» (5).

و عن عليّ بن يقطين،قال:سألته عن الرّجل تدركه صلاة المغرب في الطّريق، أ يؤخّرها إلى أن يغيب الشّفق؟قال:«لا بأس بذلك في السّفر فأمّا في الحضر فدون ذلك شيئا» (6).

و احتجّ القائلون بالتّأخير إلى ربع اللّيل (7)،بما رواه الشّيخ،عن عمر بن يزيد

ص:72


1- 1التّهذيب 2:257 حديث 1023،الاستبصار 1:263 حديث 948،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 15. [1]
2- 2) التّهذيب 2:258 حديث 1029،الاستبصار 1:263 حديث 950،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 14. [2]
3- 3) بكر بن محمّد بن عبد الرّحمن بن نعيم الأزديّ الغامديّ:أبو محمّد وجه في هذه الطّائفة من بيت جليل بالكوفة،خيّر فاضل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة:الصّادق و الكاظم و الرّضا(ع)،و في باب من لم يرو عنهم.رجال النّجاشيّ:108،رجال الكشّيّ:592-1107،رجال الطّوسيّ:344،370.
4- 4) الأنعام:76. [3]
5- 5) التّهذيب 2:30 حديث 88،الاستبصار 1:264 حديث 953،الوسائل 3:127 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]
6- 6) التّهذيب 2:32 حديث 97،الاستبصار 1:267 حديث 967،الوسائل 3:144 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 15. [5]
7- 7) المقنعة:14،المبسوط 1:75 مسألة 6، [6]الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):670،المعتبر 2:40. [7]

قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت المغرب؟فقال:«إذا كان أرفق بك، و أمكن لك في صلاتك،و كنت في حوائجك فلك أن تؤخّرها إلى ربع اللّيل»قال:

قال لي:هذا و هو شاهد في بلده (1).و لأنّه ورد استحباب تأخير المغرب للمفيض من عرفات إلى المزدلفة و إن صار ربع اللّيل (2)،و لو لم يكن ذلك وقتا لها لما ساغ ذلك.

و احتجّ الشّافعيّ (3)بأنّ جبرئيل صلاّها بالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في اليومين لوقت واحد (4)في بيان مواقيت الصّلاة.و لو كان لها وقتان كغيرها لصلاّها به في أحدهما مرّة و في الآخر اخرى،ليحصل البيان،كما فعل في غيرها.

و بما روي،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:لا تزال أمّتي بخير ما لم يؤخّروا المغرب إلى أن تشتبك النّجوم (5)و لأنّ المسلمين مجمعون على فعلها في وقت واحد في أوّل الوقت.

و احتجّ أصحاب الرّأي بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى المغرب في اليوم الثّاني حين غاب الشّفق (6).

و بما رواه عبد اللّه بن عمرو،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(وقت المغرب ما لم يغب الشّفق) (7).

ص:73


1- 1التّهذيب 2:31 حديث 94،و ص 259 حديث 1034،الاستبصار 1:267 حديث 964،الوسائل 3: 142 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 8. [1]
2- 2) الوسائل 10:38 الباب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر. [2]
3- 3) الام 1:73،المجموع 3:28-30،المغني 1:424،الهداية للمرغينانيّ 1:38،بداية المجتهد 1:95، شرح فتح القدير 1:195.
4- 4) سنن التّرمذيّ 1:278 حديث 149،سنن أبي داود 1:107 حديث 393،مسند أحمد 1:333.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:225 حديث 689،سنن أبي داود 1:113 حديث 418،مسند أحمد 4:147 و ج 5: 417. [3]
6- 6) الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:195.
7- 7) صحيح مسلم 1:427 ذيل حديث 612،مسند أحمد 2:210،223. [4]

و بما رواه أبو هريرة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:(انّ للصّلاة أوّلا و آخرا، و انّ أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس و انّ آخر وقتها حين يغيب الأفق) (1).

و الجواب عن الأوّل:انّ في طريقها أحمد بن فضّال و فيه ضعف (2).

و أيضا:يحتمل انّه أراد بصلاة اللّيل النّوافل،أو يحمل على صاحب الضّرورة إذا دامت إلى ذلك الوقت.ذكرهما الشّيخ في الاستبصار (3).

و عن الثّاني:باحتمال أن يكون ذلك رأيا لهما لا أنّهما نقلاه،عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فلا حجّة فيه.

و عن الثّالث:بأنّ في طريقه الحسن بن محمّد بن سماعة و هو واقفيّ (4).و لأنّه دالّ على جواز فعل المغرب بعد سقوط الشّفق،و لو لم يكن الوقت ممتدّا لما ساغ ذلك، و نفي الحكم عن فاقد العلّة من باب دليل الخطاب،و هو ضعيف.

و عن الرّابع:انّه إنكار على أبي الخطّاب،إذ توهّم انّ أوّل وقت المغرب سقوط الشّفق،و لا شكّ في انّ أوّل الوقت أفضل،و إنّما يسقط اعتبار الأوّليّة في حقّ هؤلاء المعدودين و من شابههم،فصحّ الحصر.

و عن الخامس:انّه بيان لوقت الفضيلة،إذ الاشتباك يحصل قبل غيبوبة الشّفق

ص:74


1- 1سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151،مسند أحمد 2:232. [1]
2- 2) أحمد بن الحسن بن عليّ.بن فضّال،صرّح النّجاشيّ و المصنّف بأنّه كان فطحيّا.و قال المصنّف:أنا أتوقّف في روايته. رجال النّجاشيّ:80،رجال العلاّمة:203. [2]
3- 3) الاستبصار 1:261،273 ذيل حديث 989.
4- 4) الحسن بن محمّد بن سماعة الكنديّ الصّيرفيّ،يكنّى أبا علي أو أبا محمّد من شيوخ الواقفة و كان يعاند في الوقف،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة. مات بالكوفة سنة 263 ه.و لا يخفى أنّ المراد من:الثّالث،في قول العلاّمة رواية جميل بن دراج المتقدّمة في ص 71 و لم نجد في طريقها الحسن بن محمّد بن سماعة،فتدبّر. رجال النّجاشيّ:40،رجال العلاّمة:212. [3]

في كثير من الأحوال.

و عن السّادس:انّ ذلك بيان لوقت الفضيلة،و أيضا في الطّريق الحسن[بن محمّد] (1)بن سماعة،و قد تقدّم ضعفه.

و عن السّابع:انّه بيان لوقت الفضيلة أيضا.

و عن الثّامن:انّ تعليق الحكم على ما ذكر لا يدلّ على عدمه عن غيره،و إن دلّ فمن حيث مفهوم الخطاب و هو غير قطعيّ،فلا يعارض ما تقدّم.

و أيضا:يحمل على الاستحباب،لما رواه الشّيخ،عن داود الصّرميّ (2)،قال:

كنت عند أبي الحسن الثّالث عليه السّلام يوما فجلس يحدّث حتّى غابت الشّمس،ثمَّ دعا بشمع و هو جالس يتحدّث،فلما خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشّفق قبل أن يصلّي المغرب،ثمَّ دعا بالماء فتوضّأ و صلّى (3)و لا يحمل على ذلك الضّرورة،إذ ليس هناك أمارة الاضطرار.

و عن التّاسع:انّ التّأخير إلى ربع اللّيل لا يدلّ على نفي التّأخير عن الزّائد و كذا الجواب عن العاشر.

و عن الحادي عشر:بما رواه بريدة انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى المغرب في

ص:75


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) داود الصّرميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الهادي(ع)و قال:يكنّى أبا سليمان و يظهر من المحقّق الأردبيليّ اتّحاده مع داود بن مافنة الصّرميّ الّذي قال النّجاشيّ في ترجمته:كوفيّ روى عن الرّضا(ع)و يكنّى أبا سليمان و بقي إلى أيّام أبي الحسن صاحب العسكر(ع)و ردّه المحقّق المامقانيّ بأنّ هذا من أصحاب الرّضا(ع)و ذاك من أصحاب الهاديّ(ع)و اللّه العالم. رجال النّجاشيّ:161،رجال الطّوسيّ:415 في النّسخة الّتي بأيدينا عنونه ب الصّيرفيّ مكان الصّرميّ و لعلّه اشتباه من النّسّاخ.الفهرست:68، [1]جامع الرّواة 1:305، [2]تنقيح المقال 1:411. [3]
3- 3) التّهذيب 2:30 حديث 90،الاستبصار 1:264 حديث 955،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 10. [4]

اليوم الثّاني حين غاب الشّفق (1).

و عن أبي موسى،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر المغرب في اليوم الثّاني حتّى كان عند سقوط الشّفق (2)،رواه مسلم و أبو داود و لأنّها إحدى الصّلوات،فكان لها وقت متّسع كغيرها من الصّلوات.و لأنّ ما قبل مغيب الشّفق وقت لاستدامتها، فكان وقتا لابتدائها كأوّل وقتها.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن أديم بن الحرّ،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام،يقول:«انّ جبرئيل عليه السّلام أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصّلوات كلّها،فجعل لكلّ صلاة وقتين إلاّ المغرب فإنّه جعل لها وقتا واحدا» (3).

و في الصّحيح،عن زيد الشّحّام،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن وقت المغرب؟فقال:«انّ جبرئيل عليه السّلام أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكلّ صلاة بوقتين غير صلاة المغرب،فإنّ وقتها واحد،و وقتها وجوبها» (4).

لأنّا نقول:انّ ذلك محمول على الفضيلة،لما رواه ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صفة صلاة جبرئيل عليه السّلام:«و صلّى المغرب في الغد قبل سقوط الشّفق» (5).

و لما رواه،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إلاّ انّ رسول اللّه

ص:76


1- 1صحيح مسلم 1:428 حديث 176 و ص 429 حديث 177،سنن أبي داود 1:108 ذيل حديث 395.
2- 2) صحيح مسلم 1:429 حديث 178،سنن أبي داود 1:108 حديث 395.
3- 3) التّهذيب 2:260 حديث 1035،الاستبصار 1:269 حديث 974،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 11. [1]
4- 4) التّهذيب 2:260 حديث 1036،الاستبصار 1:270 حديث 975،الوسائل 3:136 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:257 حديث 1022،الاستبصار 1:263 حديث 949،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 13. [3]

صلّى اللّه عليه و آله كان إذا جدّ به السّير أخّر المغرب و يجمع بينها و بين العشاء» (1).

و مثله رواه،عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه عليهما السّلام (2).

و عن عمر بن يزيد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أكون مع هؤلاء و انصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصّلاة فإن أنا نزلت أصلّي معهم لم أستمكن من الأذان و لا من الإقامة و افتتاح الصّلاة،فقال:«ائت منزلك و انزع ثيابك،و إن أردت أن تتوضّأ فتوضّأ و صلّ فإنّك في وقت إلى ربع اللّيل» (3).

و لا ريب انّ هذا السّائل سأل عن حال الاختيار،إذ ترك الأذان و الإقامة و غيرهما من المستحبّات كالافتتاح ليس عذرا يجوز معه تأخير الصّلاة عن وقتها.

و عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز أن تؤخّر ساعة؟قال:«لا بأس،إن كان صائما أفطر، و إن كانت له حاجة قضاها،ثمَّ صلّى» (4)و لو كان وقتها واحدا لما ساغ ذلك.

قوله:الإجماع على فعل الصّلاة في وقت الغروب.

قلنا:لا نزاع في جواز ذلك و انّه الأفضل،إنّما البحث في انّه هل هو كلّ الوقت؟ و الإجماع لا يدلّ عليه فادّعاؤه فيه مغالطة.

و عن الثّاني عشر:انّ فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الوقت المذكور لا يدلّ على انّه كمال الوقت و آخره.و عن الحديثين الأخيرين بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

ص:77


1- 1التّهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:32 حديث 96،الاستبصار 1:267 حديث 966،الوسائل 3:144 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 16. [2]
3- 3) التّهذيب 2:30 حديث 91،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 11. [3]
4- 4) التّهذيب 2:31 حديث 93،الاستبصار 1:266 حديث 963،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 12. [4]
مسألة:أوّل وقت العشاء بعد غروب الشّمس بمضيّ مقدار ثلاث ركعات،

و الضّابط ما قدّمناه.و انّ المغرب لها وقت مختصّ من أوّل الغروب إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات،ثمَّ يشترك الوقت بينهما و بين العشاء إلى أن يبقى لانتصاف اللّيل مقدار أداء أربع ركعات،فيختصّ بالعشاء.و هو أحد قوليّ السّيّد المرتضى (1).و به قال ابن الجنيد (2).و الشّيخ في الجمل قال:و روى انّ أوّل الوقت غيبوبة الشّفق (3).

و الظّاهر من كلام ابن أبي عقيل،انّ أوّل وقتها ما قلناه (4).و به قال أبو الصّلاح (5)أيضا،و ابن إدريس (6).و قال الشّيخ في النّهاية و المبسوط و الخلاف (7)و المصباح:أوّل وقتها غيبوبة الشّفق (8).و به قال سلاّر،و السّيّد المرتضى أيضا (9).

و هو مذهب الجمهور كافّة (10).

لنا:انّهما صلاتا جمع فيشترك وقتاهما كاشتراك صلاتي الظّهر و العصر.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عبّاس،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع بين المغرب و العشاء من غير خوف و لا سفر (11).و عنه أيضا من غير خوف و لا مطر (12).

ص:78


1- 1رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):274،النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:42. [1]
3- 3) الجمل و العقود:59.
4- 4) نقله عنه في المختلف:69.
5- 5) الكافي في الفقه:137.
6- 6) السّرائر:39.
7- 7) النّهاية:59،المبسوط 1:75،الخلاف 1:85 مسألة 7.
8- 8) لم نعثر على قوله في مصباح المتهجّد،و لكن انظر:الاقتصاد:394.
9- 9) المراسم:62،النّاصريّات(الجوامع الفقهيّة):193.
10- 10) المغني 1:426،المجموع 3:38،بداية المجتهد 1:96.
11- 11) صحيح مسلم 1:489 حديث 705،سنن أبي داود 2:6 حديث 1210،الموطّأ 1:144 حديث 4، [2]سنن النّسائي 1:290.
12- 12) صحيح مسلم 1:490 حديث 750،سنن أبي داود 2:6،حديث 1211،سنن التّرمذيّ 1:354 حديث 187، [3]سنن النّسائيّ 1:290.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام و أبا عبد اللّه عليهما السّلام عن الرّجل يصلّي العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق؟فقالا:«لا بأس به» (1).

و في الموثّق،عن عبيد اللّه و عمران (2)ابني عليّ الحلبيّ (3)،قالا:كنّا نختصم في الطّريق في الصّلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق،و كان منّا من يضيق بذلك صدره،فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام،فسألنا عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق؟فقال:«لا بأس بذلك»قلنا:و أيّ شيء الشّفق؟فقال:

«الحمرة» (4).

و ما تقدّم من حديث داود بن فرقد (5).

و ما رواه،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه» (6).

و ما رواه،عن الحسن بن عليّ (7)،عن إسحاق (8)،قال:رأيت أبا عبد اللّه عليه

ص:79


1- 1التّهذيب 2:34 حديث 104،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) عمران بن عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)وثّقه النّجاشيّ في ترجمة أخيه عبيد اللّه،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:256،رجال النّجاشيّ:230،رجال العلاّمة:125. [2]
3- 3) عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ:أبو عبيد اللّه و عمران،وثّقه النّجاشيّ و المصنّف في ترجمة ابنه عبيد اللّه. رجال النّجاشيّ:230،رجال العلاّمة:112.
4- 4) التّهذيب 2:34 حديث 105،الاستبصار 1:271 حديث 979،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 6 و [3]في الجميع:ابني عليّ الحلبيّين.
5- 5) تقدّم في ص 70. [4]
6- 6) التّهذيب 2:27 حديث 78،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 11. [5]
7- 7) الحسن بن عليّ بن فضّال التّيمليّ الكوفيّ يكنّي أبا محمّد،قال النّجاشيّ:كان الحسن عمره فطحيّا مشهورا بذلك حتّى حضره الموت،فمات و قد قال بالحقّ،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع)،و قال في الفهرست:روى عن الرّضا(ع)و كان خصيصا به وثّقه في الحديث و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة،و قد تقدّم له ذكر في الجزء الأوّل ص 76 عند ترجمة ابن فضّال. رجال النّجاشيّ:34،رجال الطّوسيّ:371،الفهرست:47، [6]رجال العلاّمة:37. [7]
8- 8) إسحاق البطّيخيّ-بيّاع البطّيخ-ليس له عين و لا أثر في كتب الرّجال المتقدّمين.و قال المحقّق المامقانيّ:لم أقف إلاّ على رواية الحسن بن عليّ بن فضّال عنه عن أبي عبد اللّه(ع)في باب أوقات الصّلاة من التّهذيبين. تنقيح المقال 1:112. [8]

السّلام يصلّي العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق،ثمَّ ارتحل (1).

و في الصّحيح،عن أبي عبيدة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كانت ليلة مظلمة و ريح و مطر،صلّى المغرب،ثمَّ مكث قدر ما يتنفّل النّاس،ثمَّ قام مؤذّنه،ثمَّ صلّى العشاء الآخرة،ثمَّ انصرفوا» (2).

و في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس بأن يعجّل العشاء الآخرة في السّفر قبل أن يغيب الشّفق» (3).

و في الصّحيح،عن عبيد اللّه الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس أن تؤخّر المغرب في السّفر حتّى يغيب الشّفق،و لا بأس بأنّ تعجّل العتمة في السّفر قبل مغيب الشّفق» (4)و لو لم يكن ما قبل غيبوبة الشّفق وقتا لما جازت الصّلاة

ص:80


1- 1التّهذيب 2:34 حديث 106،الاستبصار 1:271 حديث 980،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 7. [1]
2- 2) التّهذيب 2:35 حديث 109،الاستبصار 1:272 حديث 985،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
3- 3) التّهذيب 2:35 حديث 107،الاستبصار 1:272 حديث 983،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 2:35 حديث 108،الاستبصار 1:272 حديث 983،الوسائل 3:147 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 1 و [4]في الجميع:قبل أن يغيب الشّفق،مكان:مغيب.

فيه،سواء كان هناك عذر أو لم يكن،كما لا يجوز تقديم المغرب على الغروب مطلقا.

احتجّ الشّيخ (1)بما رواه في الصّحيح،عن عمران بن عليّ الحلبيّ،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام متى تجب العتمة؟قال:«إذا غاب الشّفق،و الشّفق الحمرة» فقال عبيد اللّه:أصلحك اللّه انّه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«انّ الشّفق إنّما هو الحمرة و ليس الضّوء من الشّفق» (2).

و احتجّ الجمهور (3)بما رواه ابن عمر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(الشّفق الحمرة،فإذا غاب الشّفق وجبت العشاء) (4).و لأنّه عليه السّلام كان يصلّي العشاء لسقوط القمر لثالثة (5).

و عن أبي مسعود (6)،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي هذه الصّلاة حين يسود الأفق (7).

و الجواب:ما ذكرتموه من الأحاديث دالّة على الفضيلة،لما ثبت من انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام قد كانوا يصلّون قبل ذلك.

ص:81


1- 1التّهذيب 2:33،الاستبصار 1:270.
2- 2) التّهذيب 2:34 حديث 103،الاستبصار 1:270 حديث 977،الوسائل 3:149 الباب 23 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
3- 3) المغني 1:427،3:263،الكافي لابن قدامة 1:123، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 3:28. [3]
4- 4) سنن الدّارقطنيّ 1:269 حديث 3،سنن البيهقيّ 1:373،نيل الأوطار 1:410 حديث 1.
5- 5) سنن أبي داود 1:114 حديث 419،سنن التّرمذيّ 1:306 حديث 165، [4]سنن النّسائيّ 1:264، سنن الدّارميّ 1:275، [5]سنن البيهقيّ 1:373،سنن الدّارقطني 1:269 حديث 1.
6- 6) عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن الحارث.بن الخزرج أبو مسعود الأنصاريّ المعروف ب«البدريّ»لأنّه سكن ماء بدر،شهد العقبة.روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه ابنه بشير،و عبد اللّه بن يزيد الخطميّ و أبو وائل و علقمة.مات سنة 40 ه و قيل:41،أو 42. أسد الغابة 5:296، [6]تهذيب التّهذيب 7:247. [7]
7- 7) سنن أبي داود 1:107 حديث 394،سنن البيهقيّ 1:364.
مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إلى ثلث اللّيل،

و للإجزاء إلى نصف اللّيل.و به قال السّيّد المرتضى في المصباح (1)،و ابن الجنيد (2)،و سلاّر (3)،و ابن بابويه (4)، و ابن إدريس (5).و به قال الشّيخ في المبسوط (6).

و قال في الجمل،و الخلاف (7)،و المصباح (8)،و النّهاية:آخره ثلث اللّيل و جعل النّصف رواية (9).و هو اختيار المفيد (10)،و ابن البرّاج (11).

و قال ابن أبي عقيل:آخره ربع اللّيل للمختار فإن تجاوز ذلك دخل في الوقت الأخير (12).

و قال أبو الصّلاح:آخر وقت الإجزاء ربع اللّيل،و آخر وقت المضطرّ نصف اللّيل (13).

و قال ابن حمزة:آخره للمختار الثّلث،و للمضطرّ النّصف (14).

ص:82


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:43. [1]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:43. [2]
3- 3) المراسم:62.
4- 4) الفقيه 1:141 حديث 657.
5- 5) السّرائر:39.
6- 6) المبسوط 1:75. [3]
7- 7) الجمل و العقود:59،الخلاف 1:85 مسألة 8.
8- 8) لم نجد هذا القول في مصباح المتهجّد،و يحتمل أن يكون المراد كتابة الاقتصاد:394 حديث هذا القول موجود فيه.
9- 9) النّهاية:59. [4]
10- 10) المقنعة:14.
11- 11) المهذّب 1:69،شرح جمل العلم و العمل:66.
12- 12) نقله عنه في المختلف:70.
13- 13) الكافي في الفقه:137. [5]
14- 14) الوسيلة(الجوامع الفقهية):670.

و قال أبو حنيفة:آخره طلوع الفجر الثّاني (1).و للشّافعي قولان:أحدهما انّ آخره ثلث اللّيل قاله في الجديد (2).و به قال عمر بن الخطّاب،و أبو هريرة،و عمر بن عبد العزيز (3)،و مالك (4)،و أحمد في إحدى الرّوايتين (5).

و الثّاني:نصف اللّيل ذكره في القديم و الإملاء (6).و هو الرّواية الثّانية لأحمد (7)،و به قال الثّوريّ،و أبو ثور (8).و قال النّخعيّ:آخره ربع اللّيل (9).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس قال:أخّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة العشاء إلى نصف اللّيل (10).و عن عبد اللّه بن عمر قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:83


1- 1أحكام القرآن للجصّاص 3:263، [1]المبسوط للسّرخسيّ 1:145،الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:196-197.
2- 2) الام 1:74،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 3:27، [2]الام(مختصر المزنيّ)8:11،بداية المجتهد 1:97،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،المبسوط للسّرخسيّ 1:145، شرح فتح القدير 1:196،عمدة القارئ 5:62.
3- 3) المغني 1:427،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،نيل الأوطار 1:413.
4- 4) بداية المجتهد 1:97،مقدّمات ابن رشد 1:106،بلغة السّالك 1:84،المغني 1:427،عمدة القارئ 5:62. [3]
5- 5) المغني 1:427،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،الكافي لابن قدامة 1:123،منار السّبيل 1:70، فتح العزيز بهامش المجموع 3:29. [4]
6- 6) المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:39،فتح العزيز بهامش المجموع 3:27،مغني المحتاج 1:124، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474.
7- 7) المغني 1:428،الكافي لابن قدامة 1:123،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،الإنصاف 1:435، فتح العزيز بهامش المجموع 3:29.
8- 8) المغني 1:428،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474.
9- 9) الشّرح الكبير بهامش المغني 1:474،عمدة القارئ 5:62.
10- 10) صحيح البخاريّ 1:150،صحيح مسلم 1:427 حديث 612،و قريب منه في:سنن ابن ماجه 1: 226 حديث 692،سنن النّسائيّ 1:268،سنن البيهقيّ 1:374.

و آله:(وقت العشاء إلى نصف اللّيل) (1).

و عن أبي سعيد قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لو لا ضعف الضّعيف و سقم السّقيم لأمرت هذه الصّلاة أن تؤخّر إلى شطر اللّيل) (2)و الشّطر النّصف،و لو لم يكن وقتا لما ساغ الأمر بالتّأخير على تقدير عدم ضعف الضّعيف و سقم السّقيم.

و من طريق الخاصّة:ما رواه عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام«انّ اللّه افترض أربع صلوات أوّل وقتها من زوال الشّمس إلى انتصاف اللّيل» (3).

و عنه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:(إذا غربت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين إلى نصف اللّيل إلاّ انّ هذه قبل هذه) (4).

و ما تقدّم من حديث داود بن فرقد (5).

و في الصّحيح،عن بكر بن محمّد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«و أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة،و آخر وقتها إلى غسق اللّيل،نصف اللّيل» (6).

و في الموثّق،عن هارون بن خارجة (7)،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه

ص:84


1- 1صحيح مسلم 1:427 حديث 173-174،سنن أبي داود 1:109 حديث 396،مسند أحمد 2:210، 213،223 [1] سنن البيهقيّ 1:374.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:226 حديث 693،سنن أبي داود 1:114 حديث 422-بتفاوت يسير،سنن النّسائيّ 1:268،مسند أحمد 3:5، [2]سنن البيهقيّ 1:375.
3- 3) التّهذيب 2:25 حديث 72،الاستبصار 1:261 حديث 938،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) الكافي 3:281 حديث 12، [4]التّهذيب 2:27 حديث 78،الوسائل 3:132 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 24. [5]
5- 5) تقدّم في ص 70.
6- 6) الفقيه 1:141 حديث 657،التّهذيب 2:30 حديث 88،الاستبصار 1:264 حديث 953، الوسائل 3:127 الباب 16 من أبواب المواقيت،حديث 6 و [6]في التّهذيب و الفقيه و الوسائل: [7]يعني:نصف اللّيل.
7- 7) هارون بن خارجة:أبو الحسن الصّيرفيّ مولى كوفيّ ثقة روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق(ع)قائلا:و أخوه مراد الصّيرفيّ و ابنه الحسن،و قال في الفهرست:له كتاب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:437،رجال الطّوسيّ:328،الفهرست:176، [8]رجال العلاّمة:180. [9]

السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لو لا انّي أخاف أن أشقّ على أمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث اللّيل و أنت في رخصة إلى نصف اللّيل،و هو غسق اللّيل، فإذا مضى الغسق نادى ملكان:من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف اللّيل فلا رقدت عيناه» (1).

و عن معلّى بن خنيس،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«آخر وقت العتمة نصف اللّيل» (2).

و في الموثّق،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«العتمة إلى ثلث اللّيل أو إلى نصف اللّيل و ذلك التّضييع» (3).

قوله عليه السّلام:«و ذلك التّضييع»أي للفضيلة،لأنّه إذا كان الوقت ممتدّا إلى تلك الغاية لم يكن التّأخير تضييعا للواجب عن وقته.

احتجّ الشّيخ بما رواه يزيد بن خليفة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«وقت العشاء حين يغيب الشّفق إلى ثلث اللّيل» (4).

و ما رواه زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام:«و آخر وقت العشاء ثلث

ص:85


1- 1التّهذيب 2:261 حديث 1041،الاستبصار 1:272 حديث 986،الوسائل 3:146 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:262 حديث 1042،الاستبصار 1:273 حديث 987،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:262 حديث 1043،الاستبصار 1:273 حديث 988،الوسائل 3:135 الباب 17 من أبواب المواقيت،حديث 9. [3]
4- 4) التّهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [4]

اللّيل» (1).

و عن ذريح،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«أتى جبرئيل عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»و ساق الحديث إلى قوله:«و صلّى العتمة حين ذهب ثلث اللّيل» (2).

و كذا رواه معاوية بن وهب،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).و لأنّ الثّلث مجمع عليه فيقتصر على توقيته أخذا بالمتيقّن.

و احتجّ أبو حنيفة بما روي عنه عليه السّلام انّه قال:(لا يخرج وقت صلاة حتّى يدخل وقت اخرى) (4).

و بما روي عنه عليه السّلام قال(ليس التّفريط في النّوم إنّما التّفريط في اليقظة و هو أن يؤخّر الصّلاة حتّى يدخل وقت الأخرى) (5)و هو يدلّ على انّه لا تفريط بتأخيرها إلى قبل طلوع الفجر.

و الجواب عن الأوّل:انّه يدلّ على الفضيلة،جمعا بين الأدلّة.و لأنّه جعل أوّل الوقت غيبوبة الشّفق،و ذلك ابتداء وقت الفضيلة على ما يأتي و مضى،فيكون المنتهى كذلك أيضا.و لأنّ الرّاوي و هو يزيد بن خليفة لا يحضرني الآن حاله (6).

ص:86


1- 1التّهذيب 2:262 حديث 1045،الاستبصار 1:269 حديث 973،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 2:253 حديث 1004،الاستبصار 1:258 حديث 925،الوسائل 3:116 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:252 حديث 1001،الاستبصار 1:257 حديث 922،الوسائل 3:115 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:145،بدائع الصّنائع 1:124.
5- 5) سنن أبي داود 1:121 حديث 441-و بتفاوت يسير انظر:صحيح مسلم 1:427 حديث 681،سنن النّسائيّ 1:294،سنن البيهقيّ 1:376،سنن الدّارقطنيّ 1:386 حديث 12.
6- 6) تقدّمت ترجمته في ص 54،و ذكره المصنّف في القسم الثّاني من الخلاصة و قال:واقفيّ و طريقه غير متصل.رجال العلامة:265.

و عن الثّاني:ما تقدّم في وقت الظّهر و العصر (1).

و عن الثّالث:انّ الثّلث إن عنيت انّه مجمع على كونه غاية فهو نفس المتنازع، و إن عنيت انّه تجوز الصّلاة فيه،فهو مسلّم،لكن ذلك لا يدلّ على كونه غاية،و لا يجوز التّمسّك في مثل هذا بالإجماع،و قد سلف بيان ذلك في الأصول.

و عن الرّابع بعد تسليم النّقل:انّه غير عامّ،إذ لفظة صلاة نكرة ليست للعموم في معرض الإثبات و لو سلّم فالدّخول موجود،إذ صلاة اللّيل تدخل بالانتصاف.

لا يقال:انّه عنى بذلك الصّلاة الواجبة.

لأنّا نقول:انّه ليس في الخبر ما يدلّ عليه.

و عن الخامس:بمثل ما مضى في الرّابع.

لا يقال:قد روى الشّيخ في الصّحيح،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال«إن نام،أو نسي المغرب،أو العشاء الآخرة،فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما،و إن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء،و إن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الصّبح،ثمَّ المغرب،ثمَّ العشاء قبل طلوع الشّمس» (2).

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إن نام رجل و لم يصلّ صلاة المغرب و العشاء الآخرة،أو نسي،فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما،و إن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و إن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر،ثمَّ المغرب،ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع

ص:87


1- 1تقدّم في ص 43.
2- 2) التّهذيب 2:270 حديث 1076،الاستبصار 1:288 حديث 1053،الوسائل 3:209 الباب 62 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]

الشّمس،فإن خاف أن تطلع الشّمس فتفوته إحدى الصّلاتين فليصلّ المغرب و يدع العشاء الآخرة حتّى تطلع الشّمس و يذهب شعاعها،ثمَّ ليصلّها» (1).

و عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا طهرت المرأة آخر اللّيل فلتصلّ المغرب و العشاء» (2)و هذه الأخبار تدلّ على امتداد الوقت إلى طلوع الفجر.

لأنّا نقول:لا نسلّم دلالتها على ذلك قطعا،إذ قوله عليه السّلام:«فإن استيقظ قبل الفجر»يحتمل انّه استيقظ قبل نصف اللّيل أيضا،إذ الحوالة فيه على ما ثبت من انّ وقت العشاء الآخرة نصف اللّيل،فقال:«قدر ما يصلّيهما كلتيهما»يعني في وقتيهما.

و رواية ابن سنان دالّة على الاستحباب لا الوجوب،جمعا بين الأدلّة.

مسألة:أوّل وقت صلاة الغداة طلوع الفجر الثّاني

بلا خلاف بين علماء الإسلام.

و اعلم انّ ضوء النّهار من ضياء الشّمس،و إنّما يستضيء بها ما كان كملا في نفسه،كثيفا في جوهره،كالأرض،و القمر،و أجزاء الأرض المتّصلة و المنفصلة.و كلّما يستضيء(وجهه من الشمس) (3)فإنّه يقع له ظلّ من ورائه،و قد قدّر اللّه تعالى بلطيف حكمته دوران الشّمس حول الأرض،فإذا كانت تحتها،وقع ظلّها فوق الأرض على شكل مخروط و يكون الهواء المستضيء بضياء الشّمس محيطا بجوانب ذلك المخروط، فتستضيء نهايات الظّلّ بذلك الهواء المضيء،لكنّ ضوء النّهار ضعيف،إذ هو مستعار،فلا ينفذ كثيرا في أجزاء المخروط،بل كلّما ازداد بعدا،ازداد ضعفا،فإذن متى يكون في وسط المخروط،يكون في أشدّ الظّلام،و إذا قربت الشّمس من الأفق الشّرقيّ، مال مخروط الظّل عن سمت الرّأس،و قربت الأجزاء المستضيئة من حواشي الظّلّ

ص:88


1- 1التّهذيب 2:270 حديث 1077،الاستبصار 1:288 حديث 1054،الوسائل 3:209 الباب 62 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) التّهذيب 1:390 حديث 1204،الاستبصار 1:143 حديث 490،الوسائل 2:600 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 10. [2]
3- 3) «غ»:من جهة الشّمس.

بضياء الهواء من البصر و فيه أدنى قوّة فيدركه البصر عند قرب الصّباح.و على هذا كلّما ازدادت الشّمس قربا من الأفق ازداد مخروط الضّوء فيزداد الضّوء من نهايات الظّلّ إلى أن تطلع الشّمس،و أوّل ما يظهر الضّوء عند قرب الصّباح يظهر مستدقّا مستطيلا كالعمود و يسمّى الصّبح الكاذب،و الأوّل يشبه ذنب السّرحان لدقّته و استطالته و يسمّى الأوّل لسبقه على الثّاني،و الكاذب لكون الأفق مظلما،أي لو كان يصدق انّه نور الشّمس لكان المنير ما يلي الشّمس دون ما يبعد منه،و يكون ضعيفا دقيقا،و يبقى وجه الأرض على ظلامة بظلّ الأرض،ثمَّ يزداد هذا الضّوء إلى أن يأخذ طولا و عرضا فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة و هو الفجر الثّاني الصّادق،لأنّه صدقك عن الصّبح و بيّنه لك،و الصّبح ما جمع بياضا و حمرة،و منه سمّي الرّجل الّذي في لونه بياض و حمرة أصبح.ثمَّ يزداد الضّوء إلى أن يحمرّ الأفق،ثمَّ تطلع الشمس.و بالفجر الثّاني يتعلّق الحكم من وجوب الصّلاة و أحكام الصّوم الآتية،لا الفجر الأوّل و عليه إجماع أهل العلم (1).

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ركعتي الصّبح[و هي الفجر] (2)إذا اعترض الفجر و أضاء حسنا» (3).

و عن حصين بن أبي الحصين (4)،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«الفجر هو

ص:89


1- 1المغني 1:429،أحكام القرآن للجصّاص 3:250، [1]المجموع 3:44، [2]بداية المجتهد 1:97.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التّهذيب 2:36 حديث 111،الاستبصار 1:273 حديث 990،الوسائل 3:154 الباب 27 من أبواب المواقيت،حديث 5. [3]
4- 4) حصين بن أبي الحصين،روى عن أبي جعفر(ع)و روى عنه الحسين بن سعيد،و يظهر من المصنّف اتّحاده مع أبي الحصين بن الحصين الحصينيّ حيث ذكره في القسم الأوّل من الخلاصة من أصحاب الجواد(ع)،و عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد(ع)في باب كناه،و قال:ثقة. رجال الطّوسيّ:408،رجال العلاّمة:187. [4]

الخيط الأبيض المعترض،و ليس هو الأبيض صعدا و لا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تتبيّنه» (1).

مسألة:و آخر وقتها للفضيلة إسفار الصّبح،

و للإجزاء طلوع الشّمس.ذهب إليه المفيد (2)،و السّيّد المرتضى (3)،و ابن الجنيد (4)،و أبو الصّلاح (5)،و ابن إدريس (6).و به قال أبو حنيفة (7).

و قال الشّيخ في الخلاف:وقت المختار إلى أن يسفر الصّبح،و وقت المضطرّ إلى طلوع الشّمس (8).و به قال الشّافعيّ (9)،و أحمد (10).

و قال ابن أبي عقيل:آخره أن تبدو الحمرة،فإن تجاوز دخل في الوقت الأخير (11).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد اللّه بن عمر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،قال:

ص:90


1- 1التّهذيب 2:36 حديث 115،الاستبصار 1:274 حديث 994،الوسائل 3:153 الباب 27 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) المقنعة:14.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:45.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:45.
5- 5) الكافي في الفقه:138. [2]
6- 6) السّرائر:39.
7- 7) أحكام القرآن للجصّاص 3:251، [3]المبسوط للسّرخسيّ 1:141،الهداية للمرغينانيّ 1:38، [4]بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:421.
8- 8) الخلاف 1:86 مسألة 10.
9- 9) الأم 1:75،الام(مختصر المزنيّ)8:11،المهذّب للشّيرازيّ 1:52،المجموع 3:43،فتح العزيز بهامش المجموع 3:34،مغني المحتاج 1:124،السّراج الوهّاج:35.
10- 10) المغني 1:439،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:476،الإنصاف 1:438،بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:420.
11- 11) نقله عنه في المعتبر 2:45. [5]

(وقت الفجر ما لم تطلع الشّمس) (1).

و عن أبي هريرة،عنه عليه السّلام،(أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر،و آخر وقتها حين تطلع الشّمس) (2).

و ما رواه أبو هريرة و عبد اللّه بن عمرو بن العاص،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (انّ للصّلاة وقتين،أوّلا و آخرا،و انّ أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر و آخره حين تطلع الشّمس) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس» (4).

احتجّ الشّيخ (5)بما رواه في الحسن،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصّبح السّماء،و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنّه وقت لمن شغل،أو نسي،أو نام» (6).

و ما رواه في الصّحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«لكلّ صلاة وقتان،و أوّل الوقتين أفضلهما،و وقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصّبح السّماء،و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا،و لكنّه وقت من شغل،أو نسي،أو سهى،أو نام،و وقت المغرب حين تجب الشّمس إلى أن تشتبك النّجوم،

ص:91


1- 1صحيح مسلم 1:427 حديث 172،سنن أبي داود 1:109 حديث 396،سنن النّسائيّ 1:260،سنن البيهقيّ 1:367،مسند أحمد 2:213. [1]
2- 2) سنن الدّارقطني 1:262 حديث 22.
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:283 حديث 151، [2]سنن البيهقيّ 1:376،مسند أحمد 2:232. [3]
4- 4) التّهذيب 2:36 حديث 114،الاستبصار 1:275 حديث 998،الوسائل 3:152 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 6. [4]
5- 5) التّهذيب 2:38،الاستبصار 1:276.
6- 6) التّهذيب 2:38 حديث 121،الاستبصار 1:276 حديث 1001،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]

و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلاّ من عذر،أو من علّة» (1).

و احتجّ الشّافعي بما رواه بريدة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه صلّى الفجر حين طلع الفجر،و في اليوم الثّاني أسفر بها،ثمَّ قال:(وقت صلواتكم بين ما رأيتم) (2).

و الجواب عن الأوّل:انّه محمول على الفضيلة،و يدلّ عليه انّه أتى بلفظة:لا ينبغي،و هي غالبا إنّما تستعمل في ذلك.

و عن الثّاني:انّه غير دالّ بصريحة على انّ ما عدا ذلك،ليس بوقت،فلا يعارض النّصّ القطعيّ في ذلك.

روى أبو داود،عن أبي موسى،انّه عليه السّلام،صلّى الفجر في اليوم الثّاني و انصرف،فقلنا:طلعت الشّمس (3)و لا ريب في انتفاء الضّرورة هناك.

البحث الثّاني:في أوقات النّوافل الرّواتب:
مسألة:وقت نافلة الظّهر من الزّوال إلى أن تبلغ زيادة الظّلّ قدمين.

اختاره الشّيخ في النّهاية (4).و قال في المبسوط:إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله (5).

و الأخبار في ذلك مختلفة،روى الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه

ص:92


1- 1التّهذيب 2:39 حديث 123،الاستبصار 1:276 حديث 1003،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:428 حديث 613،سنن ابن ماجه 1:219 حديث 667.مسند أحمد 5:349، [2]سنن الدّارقطنيّ 1:262 حديث 25.
3- 3) سنن أبي داود 1:108 حديث 395.
4- 4) النّهاية:60. [3]
5- 5) المبسوط 1:76. [4]

السّلام،قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لم؟قال:«لمكان الفريضة،لك أن تتنفّل من زوال الشّمس إلى أن تبلغ ذراعا،فإذا بلغت ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (1).

و عن سماعة،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام،«إذا زالت الشّمس فصلّ ثمان ركعات،ثمَّ صلّ الفريضة أربعا،فإذا فرغت من سبحتك قصّرت أو طوّلت فصلّ العصر» (2).

و عن ذريح المحاربيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:سأله أناس و أنا حاضر،فقال:«إذا زالت الشّمس فهو وقت لا يحبسك منه إلاّ سبحتك،تطيلها أو تقصّرها».فقال بعض القوم:انّا نصلّي الأولى إذا كانت على قدمين،و العصر على أربعة أقدام،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«النّصف من ذلك أحبّ إليّ» (3).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصّلاة في الحضر ثماني ركعات إذا زالت الشّمس ما بينك و بين أن يذهب ثلثا القامة،فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة» (4).

و في الصّحيح،عن محمّد بن أحمد بن يحيى (5)،قال:كتب بعض أصحابنا إلى أبي

ص:93


1- 1التّهذيب 2:245 حديث 974،الاستبصار 1:249 حديث 893،الوسائل 3:106 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 20. [1]
2- 2) التّهذيب 2:245 حديث 976،الاستبصار 1:249 حديث 895،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 11. [2]
3- 3) التّهذيب 2:246 حديث 978،الاستبصار 1:249 حديث 897،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 12. [3]
4- 4) التّهذيب 2:248 حديث 985،الاستبصار 1:253 حديث 908،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 23. [4]
5- 5) أبو جعفر محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ القميّ كان ثقة في الحديث،إلاّ أنّ أصحابنا قالوا:كان يروي عن الضّعفاء و [5]يعتمد المراسيل،قاله النّجاشيّ،و عدّه الشّيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم بقوله تارة:محمّد بن أحمد بن يحيى روى عنه التّلعكبريّ إجازة،و اخرى بقوله: محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ صاحب نوادر الحكمة،و قال في الفهرست:هو جليل القدر كثير الرّواية له كتاب«نوادر الحكمة». رجال النّجاشيّ:348،رجال الطّوسيّ:491،493،الفهرست:144. [6]

الحسن عليه السّلام،روي عن آبائك القدم و القدمان و الأربع،و القامة و القامتان، و ظلّ مثلك،و الذّراع و الذّراعان،فكتب عليه السّلام:«لا القدم و لا القدمان،إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الصّلاتين و بين يديها سبحة و هي ثماني ركعات،فإن شئت طوّلت،و إن شئت قصّرت،ثمَّ صلّ الظّهر،فإذا فرغت كان بين الظّهر و العصر سبحة و هي ثمان ركعات،إن شئت طوّلت،و إن شئت قصّرت،ثمَّ صلّ العصر» (1).

و عن محمّد بن الفرج (2)،قال:كتبت أسأل عن أوقات الصّلاة؟فأجاب:«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك و أحبّ أن يكون فراغك من الفريضة و الشّمس على قدمين» (3).

و هذه الأخبار و إن اختلفت إلاّ انّها قريبة من الاتّفاق في المعنى،و ذلك لما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام،يقول:«كان حائط مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قامة،فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى

ص:94


1- 1التّهذيب 2:249 حديث 990،الاستبصار 1:254 حديث 913،الوسائل 3:98 الباب 5 من أبواب المواقيت،حديث 13. و [1]في الجميع:«القدم و القدمين و الأربع،و القامة و القامتين،و ظلّ مثلك،و الذّراع و الذّراعين.».
2- 2) محمّد بن الفرج الرّخجيّ-نسبة إلى رخج مدينة من نواحي كإبل،أو إلى الرّخجة قرية على نحو فرسخ من بغداد-عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الرّضا و الجواد و الهادي(ع)و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و وثّقه. رجال الطّوسيّ:387،405،422،رجال العلاّمة:140. [2]
3- 3) التّهذيب 2:250 حديث 991،الاستبصار 1:255 حديث 914،الوسائل 3:109 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 31. [3]

الظّهر،و إذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر»ثمَّ قال:«أ تدري لم جعل الذّراع و الذّراعان؟»قلت:لا،قال:«من أجل الفريضة،إذا دخل وقت الذّراع و الذّراعين بدأت بالفريضة و تركت النّافلة» (1).

و روى،عن عليّ بن حنظلة (2)،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«في كتاب عليّ عليه السّلام:القامة ذراع،و القامتان ذراعان» (3)و هذان الحديثان يدلاّن على اعتبار المثل و المثلين في نوافل الظّهر و العصر،لأنّ التّقدير انّ الحائط ذراع لأنّه قامة.

و ما تقدّم من الأخبار الدّالة على إرادة التّطويل و التّقصير فمحمول على عدم تجاوز المثل و المثلين.و الأخبار الدّالّة على ثلثي القامة دالّة على الأفضليّة،أمّا على عدم جواز فعلها فيما تجاوز فعلا.

مسألة:و وقت نافلة العصر من حين الفراغ من صلاة الظّهر

إلى أن يصير الظّلّ إلى أربعة أقدام،ذكره الشّيخ في النّهاية (4).و اعتبر في المبسوط المثلين (5)يدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن الحلبيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الظّهر على ذراع و العصر على نحو ذلك» (6)و هذا يدلّ على

ص:95


1- 1التّهذيب 2:250 حديث 992،الاستبصار 1:255 حديث 915،الوسائل 3:108 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 27. [1]
2- 2) عليّ بن حنظلة:أبو الحسن العجليّ الكوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الإمام الباقر(ع)مع أخيه عمر بن حنظلة،و اخرى من أصحاب الصّادق(ع). رجال الطّوسيّ:241.
3- 3) التّهذيب 2:251 حديث 995،الاستبصار 1:251 حديث 900،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 26. [2]
4- 4) النّهاية:60. [3]
5- 5) المبسوط 1:76. [4]
6- 6) التّهذيب 2:248 حديث 987،الاستبصار 1:253 حديث 910،الوسائل 3:107 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 24. [5]

اعتبار ذراع آخر و هو المثل الثّاني.

و عن محمّد بن الفرج،قال:كنت أسأل عن أوقات[الصّلاة] (1)فأجاب،«إذا زالت الشّمس فصلّ سبحتك،و أحبّ أن يكون فراغك من الفريضة و الشّمس على قدمين،ثمَّ صلّ سبحتك،و أحبّ أن يكون فراغك من العصر و الشّمس على أربعة أقدام،فإن عجّل بك أمر فابدأ بالفريضتين و اقض بعدهما».

و عن إسماعيل الجعفيّ،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان الفيء في الجدار ذراعا صلّى الظّهر،و إذا كان ذراعين صلّى العصر»قلت:الجدران تختلف منها قصير و منها طويل،قال:«انّ جدار مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يومئذ قامة»و إنّما جعل الذّراع و الذّراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة (2).

مسألة:وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربيّة.

و عليه اتّفاق علمائنا،لأنّ العشاء يستحبّ تأخيرها إلى هذه الغاية،فكان الاشتغال بالنّافلة حينئذ مطلوبا.أمّا عند ذهاب الحمرة فإنّه يقع الاشتغال بالفريضة فتكره النّافلة حينئذ.و لما رواه الشّيخ،عن عمرو بن حريث،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ثلاثا المغرب،و أربعا بعدها» (3).

و روى ابن بابويه،عن أبي جعفر عليه السّلام في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«فإذا آبت الشّمس-و هو أن تغيب-صلّى المغرب ثلاثا،و بعد المغرب

ص:96


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التّهذيب 2:21 حديث 58،الاستبصار 1:255 حديث 916،الوسائل 3:105،الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 10 و [1]في التّهذيب و الوسائل [2]لم يرد تمام الحديث.
3- 3) التّهذيب 2:4 حديث 4،الاستبصار 1:218 حديث 774،الوسائل 3:33 الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [3]

أربعا،ثمَّ لا يصلّي شيئا حتّى يسقط الشّفق،فإذا سقط صلّى العشاء» (1)و هذا يدلّ على انّ آخر وقتها غيبوبة الحمرة-كما قلنا-لأنّ اشتغال الرّسول صلّى اللّه عليه و آله بالعشاء في ذلك الوقت إنّما يكون بعد دخول وقت العشاء،و حينئذ لا تطوّع لما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوّع» (2).

مسألة:وقت ركعتي الوتيرة بعد العشاء و تمتدّ بامتداد وقتها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأنّها نافلة الصّلاة تفعل بعدها فتقدّر بوقتها ضرورة.قال الشّيخ:و يستحبّ أن يجعلها بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها (3).

مسألة:وقت صلاة اللّيل بعد انتصافه،

و كلّما قرب من الفجر كان أفضل.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و قال مالك:الثّلث الأخير (4).و قال الشّافعيّ:إن جزّأ اللّيل نصفين فالنّصف الآخر أفضل،و إن جزّأه أثلاثا كان الثّلث الأوسط أفضل (5).

لنا:قوله تعالى «وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ» (6)مدح اللّه تعالى المستغفرين في وقت السّحر،و هو قبل الصّبح على ما قاله أصحاب اللّغة (7)،فدلّ على أفضليّة الدّعاء فيه و الإنابة على غيره و الصّلاة فيها الدّعاء و الاستغفار.

و ما رواه الجمهور،عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينام أوّل

ص:97


1- 1الفقيه 1:146 حديث 678،الوسائل 3:43 الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 2:167 حديث 661،الاستبصار 1:252 حديث 906،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 3 و [2]في الجميع:فإذا دخلت الفريضة فلا تطوّع.
3- 3) المبسوط 1:76، [3]النّهاية:60. [4]
4- 4) بلغة السّالك 1:146،أقرب المسالك بهامش بلغة السّالك 1:146.
5- 5) الام 1:143،الام(مختصر المزنيّ)8:21،المجموع 4:44،مغني المحتاج 1:227.
6- 6) آل عمران:17. [5]
7- 7) الصّحاح 2:678،القاموس المحيط 2:46،المصباح المنير 1:267.

اللّيل و يحيي آخره (1).

و عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:(أفضل الصّلاة صلاة داود،كان ينام نصف اللّيل و يقوم ثلثه و ينام سدسه) (2).

و عن عمرو بن عنبسة (3)،قال:قلت:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّ اللّيل أسمع؟قال:(جوف اللّيل الأخير فصلّ ما شئت) (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن فضالة (5)،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي بعد ما ينتصف اللّيل ثلاث عشرة ركعة» (6).

و في الصّحيح،عن عمر بن يزيد انّه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام«انّ في اللّيل لساعة لا يوافقها عبد مسلم و يدعو اللّه فيها إلاّ استجاب له في كلّ ليلة»قلت:أصلحك اللّه فأيّة ساعة من اللّيل؟قال:«إذا مضى نصف اللّيل إلى الثّلث الباقي» (7).

ص:98


1- 1صحيح مسلم 1:510 حديث 739-بتفاوت-سنن ابن ماجه 1:434 حديث 1265،سنن النّسائيّ 3:218،مسند أحمد 6:102. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:63-بتفاوت-صحيح مسلم 2:816 حديث 1159،سنن ابن ماجه 1:546 حديث 1712،سنن النّسائيّ 3:214،مسند أحمد 2:160. [2]
3- 3) عمرو بن عبسة أو عنبسة بن خالد بن عامر بن غاضرة بن عتّاب بن امرئ القيس:أبو نجيح،و قيل:أبو شعيب،أسلم بمكّة،روى عن النّبيّ(ص)،و روى عنه ابن مسعود و سهل بن سعد و أبو أمامة الباهليّ. مات بحمّص في أواخر خلافة عثمان.أسد الغابة 4:120،الإصابة 3:5، [3]تهذيب التّهذيب 8:69. [4]
4- 4) لم نعثر عليه بهذا اللفظ نعم ورد بمعناه في:سنن ابن ماجه 1:396 حديث 1251،سنن النّسائيّ 1: 279،سنن التّرمذيّ 5:526 حديث 3499 و [5]فيه:عن أبي أمامة.
5- 5) كذا في النّسخ،و الصّحيح:فضيل حيث أنّ الرّاويّ عنه هو:عمر بن أذينة و هو لا يروي عن فضالة.و قد مرّت ترجمته في الجزء الأوّل:ص 144.
6- 6) التّهذيب 2:117 حديث 442،الاستبصار 1:279 حديث 1012،الوسائل 3:180 الباب 43 من أبواب المواقيت،حديث 3. [6]
7- 7) التّهذيب 2:117 حديث 441،الوسائل 4:1118 الباب 26 من أبواب الدّعاء،حديث 1. [7]

و عن محمّد بن مسلم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى العشاء الآخرة أوى إلى فراشه لا يصلّي شيئا إلاّ بعد انتصاف اللّيل لا في شهر رمضان و لا في غيره» (1).

و عن محمّد بن عمر (2)،عمّن حدّثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ الثّمانية ركعات يصلّيها العبد آخر اللّيل زينة الآخرة» (3).

و في الصّحيح،عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ (4)،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن ساعات الوتر؟فقال:«أحبّها إلي الفجر الأوّل» (5)و سألته عن أفضل ساعات اللّيل؟قال:«الثّلث الباقي».

و عن مرازم (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قلت:متى أصلّي صلاة اللّيل؟ قال:«صلّها أخر اللّيل» (7).

ص:99


1- 1التّهذيب 2:118 حديث 443،الاستبصار 1:279 حديث 1013،الوسائل 3:180 الباب 43 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السّابريّ،روى عن أبي الحسن(ع).و روى عنه ابن أخيه عمر بن عليّ بن عمر.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا(ع).رجال النّجاشيّ:364،رجال الطّوسيّ:391.
3- 3) التّهذيب 2:120 حديث 455،الوسائل 5:271 الباب 39 من أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة، حديث 12. [2]
4- 4) إسماعيل بن سعد الأحوط الأشعريّ القميّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرّضا(ع) و قال:ثقة.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال الطّوسيّ:367،رجال العلاّمة:8. [3]
5- 5) التّهذيب 2:339 حديث 1401،الوسائل 3:197 الباب 54 من أبواب المواقيت،حديث 4. [4]
6- 6) مرازم بن حكيم الأزديّ المدائنيّ،ثقة يكنّى أبا محمّد،روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن(ع)،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الكاظم(ع)و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:مات في أيّام الرّضا(ع). رجال النّجاشيّ:424،رجال الطّوسيّ:319،359،رجال العلاّمة:170. [5]
7- 7) التّهذيب 2:335 حديث 1382،الوسائل 3:186 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 6. [6]

و في الصّحيح،عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ساعات الوتر؟فقال:«الفجر أفضل ذلك» (1).

مسألة:و ركعتا الفجر بعد الفراغ من صلاة اللّيل،

و تأخيرها إلى طلوع الفجر الأوّل أفضل،و يمتدّ الوقت إلى طلوع الحمرة فيشتغل بالفريضة حينئذ.فهاهنا أحكام:

الأوّل:أنّهما بعد صلاة اللّيل.و هو مذهب أهل العلم.

و روى الشّيخ في الصّحيح،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن ركعتي الفجر؟فقال:«احشوا بهما صلاة اللّيل» (2).

و في الموثّق،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت:ركعتا الفجر من صلاة اللّيل هي؟قال:«نعم» (3).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟فقال:«قبل الفجر انّهما من صلاة اللّيل،ثلاث عشرة ركعة صلاة اللّيل،أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أ كنت تتطوّع؟إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة» (4).

و في هذا الحديث فوائد:

أحدها الحكم بأنّهما قبل الفجر.

و ثانيها:انّهما و إن كانا قبل الفجر فإنّهما يسمّيان بركعتي الفجر،و ذلك من باب

ص:100


1- 1التّهذيب 2:336 حديث 1388،الوسائل 3:197 الباب 54 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التّهذيب 2:132 حديث 511،الاستبصار 1:283 حديث 1029،الوسائل 3:191 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
3- 3) التّهذيب 2:132 حديث 512،الاستبصار 1:283 حديث 1030،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) التّهذيب 2:133 حديث 513،الاستبصار 1:283 حديث 1031،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 3. [4]

التّجوّز تسمية للشّيء باسم ما يقاربه.

و ثالثها:الحكم بأنّهما من صلاة اللّيل.

و رابعها:تعليل انّهما من قبل الفجر بأنّهما من صلاة اللّيل،و ذلك يدلّ على أنّ ما بعد الفجر ليس من اللّيل،خلافا للأعمش (1)و غيره،و لحذيفة على ما روي عنه، حيث ذهبوا إلى أنّ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس من اللّيل،و أنّ صلاة الصّبح من صلوات اللّيل (2)،و إنّه يباح للصّائم الأكل و الشرب إلى طلوع الشّمس،و يؤيّده فسادا قوله تعالى :«أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ» (3)و اتّفق المفسّرون على أنّ المراد بذلك صلاة الصّبح و العصر (4).

و خامسها:انّ صلاة اللّيل إحدى عشرة ركعة،و مع ركعتي الفجر ثلاث عشرة، خلافا لأكثر الجمهور على ما تقدّم (5).

و سادسها:انّ قوله:(أ تريد أن تقايس)فيه إنكار للعمل بالقياس و تعريض بالمنع منه كما ذهب إليه أكثر علمائنا (6)و طائفة من الجمهور (7)،خلافا لابن الجنيد منّا (8)،و لأكثر الجمهور (9).

ص:101


1- 1أبو محمّد سليمان بن مهران الأسديّ الكاهليّ مولاهم الأعمش،روى عن ابن أبي أوفى و أبي وائل، و روى عنه الحكم بن عتيبة و أبو إسحاق السّبيعيّ.مات سنة 148 ه. العبر 1:160، [1]تهذيب التّهذيب 4:222. [2]
2- 2) المجموع 3:45. [3]
3- 3) هود:11.
4- 4) تفسير الطّبريّ 12:127-128، [4]تفسير القرطبيّ 9:109، [5]التّفسير الكبير 18:73، [6]تفسير التّبيان 6: 79. [7]
5- 5) تقدّم في ص 19.
6- 6) رسائل الشّريف المرتضى(المجموعة الاولى):202،الغنية(الجوامع الفقهيّة):543،السّرائر:4-5، فقه القرآن للرّاونديّ 1:5.
7- 7) بداية المجتهد 1:2،المحلّى 1:56.
8- 8) رجال النّجاشيّ:388.
9- 9) مقدمات ابن رشد 1:14.

و سابعها:انّ قوله:(لو كان عليك من شهر رمضان أ كنت تتطوّع)يدلّ على المنع من صوم النّافلة لمن عليه صوم واجب،لأنّه عليه السّلام جعله أصلا،فلا بدّ و أن يكون الحكم فيه ثابتا لنقيس عليه المنع من فعل النّافلة في وقت الفريضة بجامع شغل الذّمّة بواجب.

و ثامنها:الأمر بفعل الفريضة عند دخول وقتها و ترك التّعرّض بالنّافلة إلاّ ما استثنيناه لأدلّة خاصّة.

و تاسعها:انّ المراد بقوله:(الفجر)هو الفجر الثّاني،لدلالة سياق الحديث عليه، فحينئذ يجوز فعلهما بعد طلوع الفجر الأوّل.

الحكم الثّاني:تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأوّل،و فيه قولان:

أحدهما:للشّيخين،قالا:انّهما يعقبان صلاة اللّيل و إن لم يطلع الفجر الأوّل (1).

و الثّاني:للسّيّد المرتضى،انّ وقتهما من طلوع الفجر الأوّل (2).

أمّا الأوّل:فيدلّ عليه ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن مسلم،قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام،عن أوّل وقت ركعتي الفجر؟قال:«سدس اللّيل الباقي» (3).و ما تقدّم من حديث ابن أبي نصر،و حديث زرارة.

و أمّا الثّاني:فيدلّ عليه ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن يعقوب بن سالم،قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلّهما بعد الفجر،و اقرأ فيهما في الأولى:(قل يا ايّها الكافرون)و في الثّانية:«قل هو اللّه احد» (4).

ص:102


1- 1المفيد في المقنعة:13،و الطّوسيّ في المبسوط 1:76،و [1]النّهاية:61،و [2]الجمل و العقود:60.
2- 2) نقل عنه في المعتبر 2:56. [3]
3- 3) التّهذيب 2:133 حديث 515،الاستبصار 1:283 حديث 1033،الوسائل 3:192 الباب 50 من أبواب المواقيت،حديث 5. [4]
4- 4) التّهذيب 2:134 حديث 521،الاستبصار 1:284 حديث 1038،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 6. [5]

و في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن الحجّاج،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«صلّهما بعد ما يطلع الفجر» (1).

و في الصّحيح،عن حمّاد بن عثمان،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ربّما صلّيتهما و عليّ ليل،فإن قمت و لم يطلع الفجر أعدتهما» (2).

و ما رواه في الموثّق،عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام،يقول:«انّي لأصلّي صلاة اللّيل و أفرغ من صلاتي و أصلّي الرّكعتين فأنام ما شاء اللّه قبل أن يطلع الفجر،فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما» (3).و القول الأوّل أشهر بين الأصحاب (4)، و تحمل الأحاديث الّتي استدلّ بها السّيّد المرتضى على الاستحباب،و انّ الأولى تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأوّل.

الحكم الثّالث:جواز فعلهما إلى طلوع الحمرة،و يدلّ عليه ما رواه الجمهور،عن حفصة انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أذّن المؤذّن و طلع الفجر يصلّي ركعتين (5).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«صلّ ركعتي الفجر قبل الفجر و بعده و عنده» (6).

ص:103


1- 1التّهذيب 2:134 حديث 523،الاستبصار 1:284 حديث 1040،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التّهذيب 2:135 حديث 527،الاستبصار 1:285 حديث 1044،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:135 حديث 528،الاستبصار 1:285 حديث 1045،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 9. [3]
4- 4) الفقيه 1:313،الكافي في الفقه:159، [4]المراسم:63،المعتبر 2:55، [5]الجامع للشّرائع:62. [6]
5- 5) صحيح البخاريّ 1:160،صحيح مسلم 1:500 حديث 723-بتفاوت،سنن النّسائيّ 3:253، الموطّأ 1:127 حديث 29، [7]سنن الدّارميّ 1:336.
6- 6) التّهذيب 2:133 حديث 518،الاستبصار 1:284 حديث 1035،الوسائل 3:194 الباب 52 من أبواب المواقيت،حديث 1. [8]

و مثله رواه في الصّحيح،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و عن الحسين بن أبي العلاء،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرّجل يقوم و قد نوّر بالغداة،قال:«فليصلّ السّجدتين اللّتين قبل الغداة،ثمَّ ليصلّ الغداة» (2).

و لأنّها نافلة مرتّبة على الفريضة و تساويها في الوقت كالنّوافل المقدّمة.

الحكم الرّابع:أخر وقتهما طلوع الحمرة،لأنّه وقت يتضيّق فيه الفريضة للمتأيّد في صلاته،فيمنع النّافلة.

و لما رواه الشّيخ،عن إسحاق بن عمّار،عمّن أخبره،عنه عليه السّلام،قال:

«صلّ الرّكعتين ما بينك و بين أن يكون الضّوء حذاء رأسك،فإذا كان بعد ذلك فابدأ بالفجر» (3).

و عن عليّ بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرّجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر و تظهر الحمرة و لم يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخّرهما؟قال:

«يؤخّرهما» (4).

البحث الثّالث:في الأحكام
مسألة:قد بيّنّا فيما مضى جواز التكليف بالواجب الموسّع و وقوعه،

(5)

و إنّما بقي

ص:104


1- 1التّهذيب 2:134 حديث 519،الاستبصار 1:284 حديث 1036،الوسائل 3:195 الباب 52 من أبواب المواقيت حديث 2. [1]
2- 2) التّهذيب 2:135 حديث 525،الاستبصار 1:285 حديث 1042،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
3- 3) التّهذيب 2:134 حديث 524،الاستبصار 1:284 حديث 1041،الوسائل 3:194 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]
4- 4) التّهذيب 2:340 حديث 1409،الوسائل 3:193 الباب 51 من أبواب المواقيت،حديث 1. [4]
5- 5) تقدّم في ص 35. [5]

البحث هاهنا في شيء واحد،و هو انّ الوجوب هل يثبت بأوّل الوقت أم لا؟فالّذي نختاره انّه تجب الصّلاة مثلا بأوّل الوقت وجوبا موسّعا.و هو اختيار الشّيخ (1)،و ابن أبي عقيل (2)،و جماعة من أصحابنا (3)،و ذهب إليه الشّافعيّ (4)،و أحمد (5).

و قال المفيد رحمه اللّه:إن أخّرها،ثمَّ اخترم في الوقت قبل أن يؤدّيها كان مضيّعا لها،و إن بقي حتّى يؤدّيها في أخر الوقت أو فيما بين الأوّل و الآخر عفى عن ذنبه (6).و فيه تعريض بالتّضييق.و قال أيضا في بعض المواضع:إن أخّرها لغير عذر كان عاصيا و يسقط عقابه لو فعلها في بقيّة الوقت (7).

و قال أبو حنيفة:يجب بآخر الوقت إذا بقي منه ما لا يتّسع لأكثر منها (8).

لنا:قوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» (9)و الأمر يقتضي الوجوب.و ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على مقدار المواقيت (10).و لأنّ دخول الوقت سبب للوجوب،فيترتّب عليه مسبّبه حين الوجود.و لأنّه يشترط فيها نيّة الوجوب،و لو

ص:105


1- 1المبسوط 1:77،الخلاف 1:89 مسألة 18،التّهذيب 2:41.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:29. [1]
3- 3) منهم:أبو الصّلاح في الكافي في الفقه:138،و ابن إدريس في السّرائر:39،و المحقّق الحلّيّ في المعتبر 2: 29. [2]
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:47، [3]فتح العزير بهامش المجموع 3:41، [4]المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464.
5- 5) المغني 1:414،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،الكافي لابن قدامة 1:124،الإنصاف 1:429، [5]المجموع 3:47. [6]
6- 6) المقنعة:14.
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:29. [7]
8- 8) المجموع 3:47،مقدّمات ابن رشد 1:109،المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،بداية المجتهد 1:101.
9- 9) الإسراء:78. [8]
10- 10) تقدّم في ص 94-95.

لم تكن واجبة (1)لما صحّت نيّته،كما في النّافلة.

احتجّ أبو حنيفة (2)بأنّه يتخيّر في فعلها و تركها أوّل الوقت،فلا تكون واجبة كالنّافلة.

و الجواب:انّ التّخيّر ينافي الوجوب المعيّن،أمّا المخيّر فلا.و نحن فقد بيّنّا (3)فيما سلف رجوع هذا الواجب إلى الواجب المخيّر.و الفرق بينه و بين النّافلة انّ النّافلة يجوز تركها من غير عزم على الإتيان بها بخلاف هذا.

لا يقال:هذا ينافي ما ذكرتم أوّلا من عدم وجوب العزم.

لأنّا نقول:العزم إنّما يجب لا بالأمر،بل من حيث انّه من أحكام الدّين،الواجبة بأمر مغاير.

مسألة:و يستقرّ الوجوب بأن يمضي من الوقت قدر الطّهارة و فعل الصّلاة،

فلو تجدّد عذر مسقط،كجنون،أو حيض،أو إغماء قبل مضيّ هذه المدّة و إن كان الوقت قد دخل حتّى استوعب الوقت لم يجب القضاء.ذهب إليه الشّيخ رحمه اللّه (4)،و به قال الشّافعيّ (5)،و إسحاق (6)،و أبو عبد اللّه بن بطّة (7)(8).و قال أحمد:يستقرّ الوجوب بإدراك جزء من أوّل الوقت.

ص:106


1- 1في جميع النّسخ يوجد:«و إلاّ»و إنّما حذفناه من المتن لاستقامة العبارة.
2- 2) المغني 1:415،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:464،المجموع 3:47-48.
3- 3) تقدّم في ص 35.
4- 4) الخلاف 1:88 مسألة 15 و ص 90،المبسوط 1:73.
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:67،مغني المحتاج 1:131،المغني 1:415. [1]
6- 6) المغني 1:415. [2]
7- 7) أبو عبد اللّه بن عبيد اللّه بن محمّد بن محمد بن حمدان بن بطّة العكبريّ الفقيه الحنبليّ،صنّف كتابا كبيرا في السّنّة.روى عن البغويّ و أبي ذرّ بن الباغنديّ.مات سنة 387 ه. العبر 1:171، [3]شذرات الذّهب 3:122. [4]
8- 8) المغني 1:415،الإنصاف 1:441. [5]

و يلوح من كلام السّيّد المرتضى استقرار الوجوب بإدراك الصّلاة في الوقت أو أكثرها (1).

لنا:أنّ وجوب الأداء ساقط،لاستحالة تكليف ما لا يطاق،و القضاء تابع لوجوب الأداء،فيسقط لسقوط متبوعه.و لأنّه وقت لا يمكنه أن يصلّي فيه فلا يجب القضاء،كما لو طرأ العذر قبل دخول الوقت.

احتجّ المخالف (2)بأنّها صلاة وجبت عليه،فوجب قضاؤها إذا فاتته كما لو أمكنه الأداء.

و الجواب:المنع من الوجوب،لتوقّفه على الوقت المتّسع.

فروع:
الفرع الأوّل:الواجب الموسّع قد يتضيّق،

و ذلك إذا غلب على ظنّ المكلّف الهلاك قبل آخر الوقت،فيتعيّن فعله حينئذ،و يعصي بتأخيره إجماعا،فلو أخّره،ثمَّ ظهر له فساد ظنّه و لمّا يخرج الوقت فهو أداء،لأنّه ظنّ ظهر بطلانه،فلا حكم له في نقل صفة العبادة.

و قال بعض الجمهور:انّه يكون قضاء،و هو بعيد (3).

و لو لم يغلب على ظنّه ذلك،جاز له تركه إلى آخر الوقت،فلو مات حينئذ لم يعص على أحسن الوجهين و إلاّ لنافي جواز التّأخير فظهر انّ هذا الوصف منوط بالظّنّ.

و هذا حكم الواجب الموسّع الذي وقته العمر،كقضاء الواجبات،فإنّه متى غلب على ظنّه التّلف تعيّن عليه فعله و يضيّق وقته.

الفرع الثّاني:

لو أدرك من أوّل الوقت مقدار أداء الصّلاة وجب القضاء مع عدم

ص:107


1- 1المغني 1:442،الكافي لابن قدامة 1:124،الإنصاف 1:441.
2- 2) جمل العلم و العمل:67.
3- 3) يستفاد من ظاهر المجموع 3:50.

الفعل،فلو أدرك من الزّوال مقدار ثماني ركعات وجبت الصّلاتان،لاشتراك الوقتين.و كذا البحث في المغرب و العشاء.و لو أدرك من آخر الوقت مقدار ركعة وجبت أداء،فلو أخلّ حينئذ وجب القضاء.

أمّا إدراك الصّلاة بإدراك ركعة فلا خلاف فيه بين أهل العلم (1)،لما رواه الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (2).

و في رواية:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (3).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن الأصبغ بن نباته (4)،قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام«من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامّة» (5).

و عن عمّار بن موسى السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،«فإن صلّى ركعة

ص:108


1- 1المغني 1:420،المجموع 3:65-66، [1]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 41، [2]إرشاد السّاري 1:497،نيل الأوطار 1:425،387.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،سنن ابن ماجه 1:356 حديث 1122،سنن النّسائيّ 1:274،الموطّأ 1:10 حديث 15، [3]سنن الدّارميّ 1:277. [4]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186، [5]سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [6]سنن الدّارميّ 1: 278، [7]مسند أحمد 2:462. [8]
4- 4) الأصبغ بن نباته التّميميّ الحنظليّ المجاشعيّ الكوفيّ كان من خاصّة أمير المؤمنين(ع)و عمّر بعده،روى عهد مالك الأشتر،و وصيّة عليّ(ع)إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة.عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليّ(ع)و ابنه الحسن(ع).ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:مشكور. رجال النّجاشيّ:8،رجال الطّوسيّ:34،66،رجال العلاّمة:24. [9]
5- 5) التّهذيب 2:38 حديث 119،الاستبصار 1:275 حديث 999،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 2. [10]

من الغداة،ثمَّ طلعت الشّمس فليتمّ و قد جازت صلاته،و إن طلعت الشّمس قبل أن يصلّي ركعة فليقطع الصّلاة و لا يصلّي حتّى تطلع الشّمس و يذهب شعاعها» (1).

و أمّا كونها أداء فقد اختلف علماؤنا فيه،فقال بعضهم:انّه يكون مؤدّيا لجميعها بفعل ركعة في الوقت (2)،و اختاره الشّيخ (3).

و قال آخرون:يكون قاضيا (4).

و قال الباقي:يكون قاضيا للمفعول في خارج الوقت (5).

و الأوّل أشبه عندي بالصّواب.لقوله عليه السّلام:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (6).

و في لفظ آخر:(من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت) (7)و مع القضاء لا يكون إدراكا.و لأنّ الجمعة تدرك بركعة،فكذا ها هنا.

الفرع الثّالث:لو أدرك أقلّ من ركعة لم يكن مدركا.

ذهب إليه علماؤنا،و هو أحد قولي الشّافعيّ (8)،و مذهب مالك (9)،و إحدى الرّوايتين عن أحمد (10).و قال أبو

ص:109


1- 1التّهذيب 2:262 حديث 1044،الاستبصار 1:276 حديث 1000 فيه صدر الحديث،الوسائل 3: 158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 3. [1]
2- 2) المعتبر 2:47، [2]الشّرائع 1:63.
3- 3) الخلاف 1:86 مسألة 11،المبسوط 1:72-73. [3]
4- 4) القائل هو السّيّد المرتضى على ما حكى عنه في الخلاف 1:86.
5- 5) انظر:المعتبر 2:47. [4]
6- 6) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،الموطّأ 1:10 حديث 15. [5]
7- 7) لم نعثر على هذا اللّفظ في المصادر الموجودة إلاّ في المعتبر 2:47، [6]نعم نقل بمعناه في:صحيح البخاريّ 1: 151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608.
8- 8) الام 1:73،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:64-65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:70،مغني المحتاج 1:131،نيل الأوطار 1:426.
9- 9) بلغة السّالك 1:86،الشّرح الصغير بهامش بلغة السّالك،1:86،المغني 1:420،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،فتح العزيز بهامش المجموع 3:70،نيل الأوطار 1:426.
10- 10) المغني 1:420،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،الكافي لابن قدامة 1:125،الإنصاف 1:439، منار السّبيل 1:71.

حنيفة:لو أدرك تكبيرة الإحرام كان مدركا (1).و هو القول الآخر للشّافعيّ (2).

لنا:أنّه عليه السّلام خصّص بالرّكعة في قوله:(من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة) (3)و التّقييد دليل على الاقتصار.

و من طريق الخاصّة:رواية عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:«و إن طلعت الشّمس قبل أن يصلّي ركعة فليقطع الصّلاة» (4).و لأنّه أدرك للصّلاة،فلا يحصل بأقلّ من ركعة كالجمعة.

احتجّ أبو حنيفة (5)بما رواه أبو هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:

(من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشّمس فليتمّ صلاته،و إذا أدرك سجدة من صلاة الصّبح قبل أن تطلع الشّمس فليتمّ صلاته) (6).و لأنّ الإدراك إذا تعلّق به حكم في الصّلاة استوى فيه الرّكعة و ما دونها،كالجماعة.

و الجواب عن الأوّل:من وجهين:

أحدهما:انّ أبا هريرة روى(من أدرك ركعة من صلاة العصر) (7)و إذا اختلفت

ص:110


1- 1المغني 1:421،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،المجموع 3:47،فتح العزيز بهامش المجموع 3:68، عمدة القارئ 5:49،نيل الأوطار 1:426.
2- 2) المهذّب للشّيرازيّ 1:53-54،المجموع 3:64-65،فتح العزيز بهامش المجموع 3:68،المغني 1: 421،الشّرح الكبير [1]بهامش المغني 1:478،بداية المجتهد 1:100،نيل الأوطار 1:426.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:51،صحيح مسلم 1:423 حديث 607،الموطّأ 1:10 حديث 15. [2]
4- 4) التّهذيب 2:262 حديث 1044،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
5- 5) المغني 1:421،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:478،نيل الأوطار 1:426.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:146،سنن النّسائيّ 1:257،سنن البيهقيّ 1:378،مسند أحمد 2:399، 474، [4]سنن الدّارقطنيّ 2:84 حديث 1،في الأخيرين بتفاوت يسير.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186،سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [5]سنن الدّارميّ 1:278، [6]مسند أحمد 2:462. [7]

رواية الرّاوي طرحت،لتطرّق التّهمة إليها.

الثّاني:انّا نقول بموجبة،إذ من أدرك السّجدة يحصل إدراك الرّكعة،و ذلك دليل لنا.

و عن الثّاني:بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل على ما يأتي.

الفرع الرّابع:قال الشّيخ:لو أدرك من آخر وقت الظّهرين أربعا

فاتت الظّهر و تعيّنت العصر.و لو أدرك خمسا فقد أدرك الصّلاتين (1).و هو حسن بناء على ما حقّقناه (2)من انّ الوقت يشترك (3)بعد أربع إلى أن يبقي للغروب مقدار أربع.

أمّا على قول بعض أصحابنا من اشتراك الوقتين من الزّوال إلى الغروب،فإنّه يكون مدركا للصّلاتين لو أدرك أربعا (4).و هو قول للشّافعيّ (5).

الفرع الخامس:الحائض،و النّفساء،و الصّبيّ إذا بلغ،

و المغمى عليه إذا أفاق، و المجنون إذا برئ،و الكافر إذا أسلم و قد بقي للغروب مقدار ركعة و الطّهارة،تعيّنت العصر عليهم و سقطت الظّهر.ذهب إليه أكثر علمائنا (6).و كذا البحث في المغرب و العشاء.و قال أكثر الجمهور:يصلّون الصّلاتين معا (7).و هو رواية لنا.و قال الحسن البصريّ:لا تجب إلاّ الصّلاة الّتي طهرت في وقتها (8).و هو قول الثّوريّ (9)،

ص:111


1- 1المبسوط 1:73.
2- 2) راجع ص 53-55. [1]
3- 3) «م»:مشترك.
4- 4) الفقيه 1:139-140،الهداية:29. [2]
5- 5) المهذّب للشّيرازيّ 1:54،المجموع 3:65-66.
6- 6) الخلاف 1:87 مسألة 13،المعتبر 2:47، [3]الجامع للشّرائع:61. [4]
7- 7) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،المجموع 3:65-66،بداية المجتهد 1:99-100، فتح العزيز بهامش المجموع 3:73،مغني المحتاج 1:132،نيل الأوطار 1:355.
8- 8) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:481،المجموع 3:66، [5]نيل الأوطار 1:355.
9- 9) المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،المجموع 3:66.

و أصحاب الرّأي (1).

لنا:انّ وقت الاولى خرج و هو معذور فلا يجب،كما لو لم يدرك من وقت الثّانية شيئا.

و ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر) (2)و لو كان مدركا للصّلاتين لم يكن لتخصيص العصر فائدة بل كان ينبغي ذكر الصّلاتين معا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معمّر بن يحيى،قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الحائض تطهر عند العصر،تصلّي الاولى؟قال:«لا إنّما تصلّي الصّلاة الّتي تطهر عندها» (3).

و في الموثّق،عن الفضل بن يونس،عن أبي الحسن الكاظم عليه السّلام،قال:

قلت:المرأة ترى الطّهر قبل غروب الشّمس كيف تصنع بالصّلاة؟قال:«إذا رأت الطّهر بعد ما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام فلا تصلّي إلاّ العصر،لأنّ وقت الظّهر دخل عليها و هي في الدّم،و خرج عنها الوقت و هي في الدّم،فلم يجب عليها أنّ تصلّي الظّهر و ما طرح اللّه عنها من الصّلاة و هي في الدّم أكثر» (4).

و عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام،قال:قلت:المرأة ترى الطّهر

ص:112


1- 1المغني 1:441،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،المجموع 3:66، [1]فتح العزير بهامش المجموع 3:73، [2]بداية المجتهد 1:100،عمدة القارئ 5:49.
2- 2) صحيح البخاريّ 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 608،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 700، سنن التّرمذيّ 1:353 حديث 186، [3]سنن النّسائيّ 1:257،الموطّأ 1:6 حديث 5، [4]مسند أحمد 2: 462. [5]
3- 3) التّهذيب 1:389 حديث 1198،الاستبصار 1:141 حديث 484،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 3-و [6]فيه:معمّر بن عمر.
4- 4) التّهذيب 1:389 حديث 1199،الاستبصار 1:142 حديث 485،الوسائل 2:598 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 2. [7]

عند الظّهر فتشتغل في شأنها حتّى يدخل وقت العصر،قال:«تصلّي العصر وحدها،فإن ضيّعت فعليها صلاتان» (1).

احتجّ الجمهور (2)بما رواه الأثرم و ابن المنذر بإسنادهما،عن عبد الرّحمن بن عوف و عبد اللّه بن عبّاس انّهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة:تصلّي المغرب و العشاء،فإذا طهرت قبل أن تغرب الشّمس صلّت الظّهر و العصر جميعا (3).و لأنّ وقت الثّانية وقت الاولى حالة العذر،فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثّانية.

و الجواب عن الأوّل:بأنّ عبد الرّحمن،و ابن عبّاس لم يسندا قولهما إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فجاز أن يكون فتوى عن اجتهاد،فلا يكون مسموعا.و لأنّه يحمل على الاستحباب،و بهذا الثّاني نجيب عن الأخبار الواردة عندنا بالقضاء إذا طهرت الحائض قبل الغروب (4)،جمعا بين الأحاديث.

و عن الثّاني بالمنع من اشتراك الوقت،و من إيقاع الاولى في وقت الثّانية على ما تقدّم (5).

الفرع السّادس:لو أدرك المكلّف من وقت صلاتي الأولى قدرا يجب به،

ثمَّ جنّ،أو كانت امرأة فحاضت أو نفست،ثمَّ زال العذر بعد وقتهما لم تجب الثّانية و لا قضاؤها، لأنّه لم يدرك جزءا من وقتها و لا وقتا يسعها،فلا يجب،كما لو لم يدرك من وقت الأولى شيئا.

الفرع السّابع:لو أفاق المجنون و المغمى عليه قبل أن يمضي الوقت بمقدار ركعة،

ثمَّ عاد

ص:113


1- 1التّهذيب 1:389 حديث 1200،الاستبصار 1:142 حديث 486،الوسائل 2:599 الباب 49 من أبواب الحيض،حديث 5. [1]
2- 2) المغني 1:442،الشّرح الكبير [2]بهامش المغني 1:482،نيل الأوطار 1:355.
3- 3) سنن البيهقيّ 1:387،المغني 1:442،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:482،نيل الأوطار 1:355.
4- 4) الوسائل 2:596 الباب 48 من أبواب الحيض،و [3] 598 الباب 49.
5- 5) راجع ص 111. [4]

إليه الجنون قبل انقضاء الوقت أو عند انقضائه،لم يلزمه قضاؤها،لأنّه لم يلحق جميع الوقت الّذي يمكنه إيقاع الفعل فيه.

الفرع الثّامن:قال الشّيخ في المبسوط:إذا بلغ الصّبيّ في أثناء الصّلاة بما لا يفسدها

أتمّ .

(1)

و قال في الخلاف:يستأنف إن كان الوقت باقيا (2).و ما ذكره في الخلاف أشبه عندي بالصّواب.أمّا لو بلغ بما ينافيها فإنّه يستأنف من رأس.

الفرع التّاسع:لو بلغ في الوقت بعد فراغه من الصّلاة،

و أمكنه الطّهارة و أداء ركعة فيه، وجبت عليه و لم يجزئه ما فعله أوّلا.و به قال أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).لأنّه صلّى قبل وجوبها عليه و قبل حصول سبب الوجوب،فلم يجزئه عن صلاة وجد سبب وجوبها كما لو صلّي قبل الوقت.و لأنّ ما أوقعه إنّما أوقعه على جهة النّفل،فلا يكون مجزيا عن الفرض،كما لو نوى بالفريضة النّافلة.و لأنّه بلغ قبل العبادة و قبل فعلها،فيجب إعادتها كالحجّ.و قال الشّافعيّ:يجزئه و لا تجب عليه الإعادة،لأنّه أدّى وظيفة الوقت،فلم يلزمه إعادتها كالبالغ (5).

و الجواب:وظيفة البالغ صلاة واجبة و لم يأت بها.

مسألة:الصّلاة في أوّل الوقت أفضل إلاّ العشاء و المغرب للمفيض من عرفات،

و الظّهر في الحرّ الشّديد للجميع روى الجمهور،عن جابر قال:كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الظّهر بالهاجرة (6)،و العصر و الشّمس نقيّة،و المغرب إذا وجبت (7)،

ص:114


1- 1المبسوط 1:73. [1]
2- 2) الخلاف 1:102.
3- 3) بدائع الصّنائع 1:95،المغني 1:445،المجموع 3:12،فتح العزيز بهامش المجموع 3:82.
4- 4) المغني 1:445،الكافي لابن قدامة 1:119،الإنصاف 1:397،المجموع 3:12.
5- 5) الام(مختصر المزنيّ)8:14،المهذّب للشّيرازيّ 1:51،المجموع 3:12،فتح العزيز بهامش المجموع 3: 82،المغني 1:445.
6- 6) الهاجرة:نصف النّهار عند اشتداد الحرّ.الصّحاح 2:851. [2]
7- 7) وجبت الشّمس:أي غابت.الصّحاح 1:232. [3]

و العشاء أحيانا و أحيانا،إذا رآهم اجتمعوا عجّل،و إذا رآهم أبطأوا أخّر،و الصّبح كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّيها بغلس (1)(2).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضله،و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلاّ في عذر من غير علّة» (3).

و في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لكلّ صلاة وقتان و أوّل الوقت أفضلهما» (4).

و عن بكر بن محمّد قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«فضل الوقت الأوّل على الأخير خير للمؤمن من ولده و ماله» (5).

و في الصّحيح،عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه وقت كلّ صلاة أوّل الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟فقال:«أوّله،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:انّ اللّه يحبّ من الخير ما يعجّل» (6).

و في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«اعلم انّ الوقت الأوّل أبدا أفضل فتعجّل الخير ما استطعت،و أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ ما داوم

ص:115


1- 1الغلس:ظلمة آخر اللّيل إذا اختلطت بضوء الصّباح. الصّحاح 3:956، [1]النّهاية لابن الأثير 3:377. [2]
2- 2) صحيح البخاريّ 1:147،صحيح مسلم 1:446 حديث 646،سنن أبي داود 1:109 حديث 397، سنن النّسائيّ 1:264،مسند أحمد 3:369 و [3]في بعضها بتفاوت يسير.
3- 3) التّهذيب 2:39 حديث 124،الاستبصار 1:244 حديث 870،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 13. [4]
4- 4) التّهذيب 2:40 حديث 125،الاستبصار 1:244 حديث 870،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 13. [5]
5- 5) التّهذيب 2:40 حديث 126،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 14. [6]
6- 6) التّهذيب 2:40 حديث 127،الوسائل 3:89 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 12. [7]

العبد عليه و إن قلّ» (1).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

«إذا دخل وقت صلاة فتحت أبواب السّماء لصعود الأعمال،فما أحبّ أن يصعد عمل أوّل من عملي،و لا يكتب في الصّحيفة أحد أوّل منّي» (2).

و لأنّها طاعة فيستحبّ تعجيلها كغيرها،و لا نعرف في ذلك خلافا.

فروع:
الفرع الأوّل:لا نعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب تعجيل الظّهر في غير الحرّ .

(3)

قالت عائشة:ما رأيت أحدا أشدّ تعجيلا للظّهر من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4).

و أمّا في الحرّ فيستحبّ الإبراد بها إن كانت البلاد حارّة،و صلّيت في المسجد جماعة.و به قال الشّافعيّ (5)،لقوله عليه السّلام:(إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة فإنّ شدّة الحرّ من فيح جهنّم) (6).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه،عن معاوية بن وهب،عن الصّادق عليه السّلام،قال:«كان المؤذّن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحرّ في صلاة الظّهر

ص:116


1- 1التّهذيب 2:41 حديث 130،الوسائل 3:88 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 10. [1]
2- 2) التّهذيب 2:41 حديث 131،الوسائل 3:87 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) سنن التّرمذيّ 1:293،المغني 1:433،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:465،المجموع 3:54،59،نيل الأوطار 1:384.
4- 4) سنن التّرمذيّ 1:292 حديث 155،مسند أحمد 6:135،215. [3]
5- 5) الام 1:72،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:59،بداية المجتهد 1:93،المغني 1:434،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،نيل الأوطار 1:385.
6- 6) صحيح البخاريّ 1:142،صحيح مسلم 1:430 حديث 615،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 677، سنن أبي داود 1:110 حديث 402،سنن التّرمذيّ 1:295 حديث 157،سنن النّسائيّ 1:248، سنن الدّارميّ 1:274. [4]

فيقول له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أبرد أبرد» (1).و لأنّه موضع ضرورة،فاستحبّ التّأخير لزوالها.

أمّا لو لم يكن الحرّ شديدا أو كانت البلاد باردة أو صلّى في بيته،فالمستحبّ فيه التّعجيل.و هو مذهب الشّافعيّ (2)خلافا لأصحاب الرّأي،و أحمد (3).

لنا:المقتضي لاستحباب التّعجيل موجود و المانع مفقود،فيوجّه الأثر لقوله عليه السّلام:«الوقت الأوّل من الصّلاة رضوان اللّه و الوقت الأخير عفو اللّه» (4).

أمّا الجمعة فلا يستحبّ تأخيرها.و هو قول أهل العلم كافّة (5)،لضيق وقتها.

و لأنّه نقل التّعجيل دائما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله (6)،و لو كان التّأخير مستحبّا لما داوم على خلافه.

الفرع الثّاني:لا يستحبّ تأخير العصر لما قدّمناه .

(7)

و هو قول عمر و ابن مسعود، و عائشة،و ابن المبارك،و أهل المدينة،و الأوزاعيّ (8)،و الشّافعيّ (9)،

ص:117


1- 1الفقيه 1:144 حديث 671،الوسائل 3:103 الباب 8 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) الام 1:72،73،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:59،المغني 1:434،فتح العزيز بهامش المجموع 3:53،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467.
3- 3) بداية المجتهد 1:93.
4- 4) الفقيه 1:140 حديث 651،الوسائل 3:90 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 16. و انظر أيضا:سنن التّرمذيّ 1:321 حديث 172،سنن البيهقيّ 1:435،سنن الدّارقطنيّ 1:249 حديث 20-21.
5- 5) المغني 1:434،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،المهذّب للشّيرازيّ 1:53،المجموع 3:60، الإنصاف 1:432،عمدة القارئ 5:21.
6- 6) صحيح البخاريّ 2:17،و ج 3:143،صحيح مسلم 2:588 حديث 860،859،سنن ابن ماجه 1: 350 حديث 1099،سنن التّرمذيّ 2:403 حديث 378،مسند أحمد 5:336.
7- 7) تقدّم في ص 116.
8- 8) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،سنن التّرمذيّ 1:300، [2]المجموع 3:54.
9- 9) الام 1:73،سنن التّرمذيّ 1:300، [3]المجموع 3:28،54،المغني 1:436،فتح العزيز بهامش المجموع 3:54،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المبسوط للسّرخسيّ 1:147.

و إسحاق (1)،و أحمد (2).

و روي عن ابن شبرمة،و أبي قلابة (3):انّ تأخيرها أفضل (4).و هو قول أصحاب الرأي (5).

لنا:ما تقدّم (6)،و ما رواه الجمهور،عن أبي امامة (7)،قال:صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظّهر،ثمَّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلّي العصر، فقلنا:يا[عمّ] (8)،ما هذه الصّلاة الّتي صلّيت؟قال:العصر و هذه صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّتي كنّا نصلّيها معه،رواه البخاريّ (9).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الظّهر و العصر حين زالت

ص:118


1- 1سنن التّرمذيّ 1:300، [1]المغني 1:436، [2]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471. [3]
2- 2) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،الكافي لابن قدامة 1:122،الإنصاف 1:434، [4]سنن التّرمذيّ 1:300. [5]
3- 3) أبو قلابة عبد الملك بن محمّد بن عبد الملك الرّقاشيّ البصريّ،روى عن أبيه و أبي عامر و يزيد بن هارون، و روى عنه ابن ماجه و الصّغانيّ و ابن خزيمة،مات سنة 276 ه. العبر 1:397، [6]شذرات الذّهب 2:170، [7]تهذيب التّهذيب 6:419. [8]
4- 4) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471.
5- 5) المبسوط للسّرخسيّ 1:147،الهداية للمرغينانيّ 1:39،شرح فتح القدير 1:199،المغني 1:436، الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المجموع 3:54.
6- 6) تقدّم في ص 116.
7- 7) أبو أمامة أسعد بن سهيل بن حنيف الأنصاريّ المدنيّ كان من علماء المدينة،روى عن النّبيّ مرسلا و عن عمر و أبيه سهل و ابن عبّاس.روى عنه ابناه سهل و محمّد و ابن عمّه أبو بكر بن عثمان بن حنيف.مات سنة 100 ه. أسد الغابة 5:139، [9]العبر 1:89، [10]تهذيب التّهذيب 1:263. [11]
8- 8) «ح»«ق»:يا أبا عمر،«غ»«ن»،يا أبا عمرة،«م»:يا أبا عمرو.و ما أثبتناه من المصدر.
9- 9) صحيح البخاريّ 1:144.

الشّمس في جماعة من غير علّة» (1).

و في الموثّق،عن عبيد بن زرارة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:

يكون أصحابنا في المكان مجتمعين فيقوم بعضهم يصلّي الظّهر،و بعضهم يصلّي العصر، قال:«كلّ واسع» (2).

و في الصّحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:بين الظّهر و العصر حدّ معروف؟فقال:«لا» (3)و إذا لم يكن بينهما حدّ معيّن،كان وقت العصر حين الفراغ من الظّهر،فيكون فعلها فيه أولى.

و عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:الموتور أهله و ماله من ضيّع صلاة العصر.قيل:و ما الموتور أهله و ماله؟ قال:لا يكون له أهل و لا مال في الجنّة.قيل:و ما تضييعها؟قال:يدعها حتّى تصفّر أو تغيب» (4).

احتجّ المخالف (5)بما رواه رافع بن خديج (6)،انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر بتأخير العصر (7).و لأنّها آخر صلاتي جمع،فاستحبّ تأخيرها كصلاة العشاء.

ص:119


1- 1التّهذيب 2:19 حديث 53،الوسائل 3:101 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 6. [1]
2- 2) التّهذيب 2:251 حديث 997،الاستبصار 1:256 حديث 918،الوسائل 3:102 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 8. [2]
3- 3) التّهذيب 2:255 حديث 1013،الوسائل 3:92 الباب 4 من أبواب المواقيت،حديث 4. [3]
4- 4) الفقيه 1:141 حديث 654،التّهذيب 2:256 حديث 1018،الاستبصار 1:259 حديث 930، الوسائل 3:111 الباب 9 من أبواب المواقيت،حديث 1،7- [4]بتفاوت في الجميع.
5- 5) المغني 1:436،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:471،المجموع 3:54،شرح فتح القدير 1:199-200.
6- 6) أبو عبد اللّه رافع بن خديج بن رافع بن عديّ بن يزيد بن جشم بن حارثة بن الحارث الأنصاريّ الأوسيّ المدنيّ.روى عن النّبيّ(ص)و عن عمّه ظهير بن رافع و روى عنه ابنه عبد الرّحمن و محمود بن لبيد و سليمان بن يسار.مات سنة 73 و قيل 74 ه. الإصابة 1:495، [5]الاستيعاب بهامش الإصابة 1:495، [6]أسد الغابة 2:151. [7]
7- 7) سنن التّرمذيّ 1:300، [8]سنن الدّار قطنيّ 1:251 حديث 5،سنن البيهقيّ 1:443.

و الجواب عن الأوّل،انّ التّرمذيّ طعن في الحديث (1).و قال الدّار قطنيّ:يرويه عبد الواحد (2)بن نافع و ليس بالقويّ (3).

و عن الثّاني:انّه قياس في باب الأوقات،فيكون باطلا،لأنّه من باب التّقديرات.

الثالث الثّالث:لو قيل باستحباب تأخير الظّهر و المغرب في الغيم كان وجها،

ليحصل اليقين بدخول الوقتين.و قد ذهب إليه بعض الجمهور (4).

الفرع الرّابع:لا يستحبّ تأخير المغرب عن الغروب

في قول أهل العلم كافّة (5)،روى جابر،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه كان يصلّيها إذا وجبت الشمس (6).

و عن رافع بن خديج:كنّا نصلّي المغرب مع النّبي صلّى اللّه عليه و آله فينصرف أحدنا و انّه ليبصر بمواقع نبله (7).

ص:120


1- 1سنن التّرمذيّ 1:300.
2- 2) عبد الواحد بن نافع الكلاعيّ:أبو الرمّاح،قال ابن حبّان:شيخ يروي عن أهل الحجاز المقلوبات،و عن أهل الشّام الموضوعات،لا يحلّ ذكره في الكتب إلاّ على سبيل القدح فيه.روى عن عبد اللّه بن رافع بن خديج عن أبيه،و روى عنه حرميّ بن عمارة و أبو عاصم و سلمة. المجروحين لابن حبّان 2:154،الجرح و التّعديل 6:24،ميزان الاعتدال 2:676،الضّعفاء و المتروكين لابن الجوزيّ 2:157.
3- 3) سنن الدّار قطنيّ 1:251.
4- 4) المغني 1:435،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:467،المبسوط للسّرخسيّ 1:148.
5- 5) المغني 1:437،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:55،المبسوط للسّرخسيّ 1:147،سنن التّرمذيّ 1:305،مقدّمات ابن رشد 1:106،شرح فتح القدير 1:200.
6- 6) صحيح البخاري 1:147،صحيح مسلم 1:446 حديث 646،سنن التّرمذيّ 1:281 حديث 150، [1]سنن النّسائيّ 1:264،مسند أحمد 3:330،351،369،سنن الدّارميّ 1:267،سنن البيهقيّ 1: 370،447.
7- 7) صحيح البخاريّ 1:147،صحيح مسلم 1:441 حديث 637،سنن ابن ماجه 1:224 حديث 687- بتفاوت يسير،مسند أحمد 4:141. [2]

و قال عليه السّلام:(لا تزال أمّتي بخير)،أو قال:(على الفطرة حتّى يؤخّروا المغرب،إلى أن تشتبك النّجوم) (1)رواه أبو داود.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن زيد الشّحام،قال:قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أؤخّر المغرب حتّى تستبين النّجوم؟فقال:«خطّابيّة» (2)؟انّ جبرئيل عليه السلام نزل بها على محمد صلى الله عليه و آله حين سقط القرص» (3).

و عن سعيد بن جناح،عن بعض أصحابنا،عن الرضا عليه السلام،قال:«ان أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة،و كانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق،و إنما ذلك للمسافر و الخائف و لصاحب الحاجة» (4).

و عن محمد بن أبي حمزة (5)،عمن ذكره،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

قال:«ملعون من أخر المغرب طلب فضلها» (6).

و عن ذريح،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:ان أناسا من أصحاب أبي الخطاب يسمون بالمغرب حتى تشتبك النجوم،قال:«أبرأ إلى الله ممن فعل ذلك متعمدا» (7).

ص:121


1- 1سنن أبي داود 1:113 حديث 418.
2- 2) الخطابية:فرقة منسوبة إلى محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي:أبو الخطاب الذي لعنه الإمام الصادق (ع)و قد مرت ترجمته في ص 886.
3- 3) التهذيب 2:28 حديث 80 و ص 32 حديث 98،الاستبصار 1:262 حديث 943،الوسائل 3:139 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 18. [1]
4- 4) التهذيب 2:33 حديث 99،الاستبصار 1:268 حديث 968،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 19. [2]
5- 5) محمد بن أبي حمزة-و اسم أبي حمزة:ثابت بن أبي صفية-الثمالي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و وثقه المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:358،رجال الطوسي:322،الفهرست:148، [3]رجال العلامة:152. [4]
6- 6) التهذيب 2:33 حديث 100،الوسائل 3:140 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 20. [5]
7- 7) التهذيب 2:33 حديث 102،الاستبصار 1:268 حديث 970،الوسائل 3:138 الباب 18 من أبواب المواقيت،حديث 12. [6]

و ما ورد في ذلك من الأحاديث الدالة على التأخير،فبعضها محمول على العذر، و بعضها مكذوب،لشهادة الصادق و الرضا عليهما السلام بكذبها و نسبته إلى أبي الخطاب.

الخامس الخامس:يستحب تأخير العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي.

و أكثر أهل (1)العلم على استحباب التأخير،خلافا للشافعي (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي برزة (3)،ان النبي صلى الله عليه و آله كان يستحب أن يؤخر من العشاء التي يدعونها العتمة (4).

و عن النبي صلى الله عليه و آله:(لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه).قال الترمذي:و هو حديث حسن صحيح (5).

و روى البخاري،عن عائشة،قالت:اعتم رسول الله صلى الله عليه و آله بالعشاء حتى ناداه عمر بالصلاة،نام النساء و الصبيان،فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله فقال:(ما ينتظرها أحد غيركم) (6).

ص:122


1- 1المغني 1:437،الشرح الكبير بهامش المغني 1:475،سنن الترمذي 1:412،المبسوط للسرخسي 1: 147،المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:56،57.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 563،فتح العزيز بهامش المجموع 3:54،المغني 1:437، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:475، [2]المبسوط للسّرخسي 1:147.
3- 3) أبو برزة:نضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي،سكن البصرة،له صحبة شهد فتح خيبر و مكة،روى عن النبي(ص)و عن أبي بكر،و روى عنه ابنه المغيرة و أبو عثمان النهدي و أبو المنهال سيار بن سلامة.قيل: مات بخراسان سنة 64 ه.و قيل:مات بالبصرة سنة 60 ه. أسد الغابة 5:146، [3]الإصابة 3:556. [4]
4- 4) صحيح البخاري 1:144،سنن النسائي 1:265،مسند أحمد 4:423، [5]سنن البيهقي 1:450.
5- 5) سنن الترمذي 1:310 حديث 167. [6]
6- 6) صحيح البخاري 1:149.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى ثلث الليل» (1).

و في الموثق،عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل أن يسقط الشفق؟فقال:«لعله لا بأس» (2).

و في الصحيح،عن الحلبي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام متى تجب العتمة؟قال:«إذا غاب الشفق،و الشفق الحمرة»فقال عبيد الله:أصلحك الله انه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض،فقال أبو عبد الله عليه السلام:«ان الشفق إنما هو الحمرة،و ليس الضوء من الشفق» (3).و لا يريد بذلك هذا الوجوب لما بيناه (4)من أنه بعد الغروب بثلاث ركعات.

و لما رواه الشيخ في الموثق،عن زرارة،قال:سألت أبا جعفر و أبا عبد الله عليهما السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق؟فقالا:«لا بأس به» (5).

و في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«أخر رسول الله صلى الله عليه و آله ليلة من الليالي العشاء[الآخرة] (6)ما شاء الله،فجاء عمر فدق الباب،فقال:يا رسول الله:[نام النساء (7)]

ص:123


1- 1التهذيب 2:31 حديث 95،الاستبصار 1:267 حديث 965،الوسائل 3:114 الباب 10 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:33 حديث 101،الاستبصار 1:268 حديث 969،الوسائل 3:143 الباب 19 من أبواب المواقيت،حديث 13. [2]
3- 3) التهذيب 2:34 حديث 103،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:149 الباب 23 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
4- 4) راجع ص 78. [4]
5- 5) التهذيب 2:34 حديث 104،الاستبصار 1:271 حديث 978،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 5. [5]
6- 6) أضفناه من المصدر.
7- 7) أضفناه من المصدر.

نام الصبيان،فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله فقال:ليس لكم أن تؤذوني و لا تأمروني،إنما عليكم أن تسمعوا و تطيعوا» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«لو لا أني أخاف أن أشق على أمتي لأخرت العتمة إلى ثلث الليل،و أنت في رخصة إلى نصف الليل و هو غسق الليل،فإذا مضى الغسق نادى ملكان:من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه» (2).

الفرع السادس:الشفق هو الحمرة من ناحية المغرب،

و الحال فيه كالحال في الفجر إلا انه على العكس،لأن الشمس متى غربت احمر الأفق في ناحية المغرب و يكون الهواء مضيئا كما كان قبل الطلوع،ثمَّ يأخذ في الضعف إلى أن تغيب الحمرة و يبقى البياض كبياض الصبح الصادق،ثمَّ يتبعه شيئا فشيئا إلى أن يغيب،ثمَّ يتبعه خيط البياض المستطيل.

و ممن قال ان الشفق هو الحمرة،ابن عباس،و ابن عمر،و عطاء،و مجاهد، و سعيد بن جبير،و الزهري (3)،و مالك (4)،و الثوري (5)،و أحمد (6)،و ابن أبي ليلى (7)،

ص:124


1- 1التهذيب 2:28 حديث 81،الوسائل 3:145 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:261 حديث 1041،الاستبصار 1:272 حديث 986 و فيه عن أبي عبد الله(ع)، الوسائل 3:146 الباب 21 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:426، [3]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [4]المجموع 3:42-43، [5]أحكام القران للجصاص 3: 258، [6]نيل الأوطار 1:411.
4- 4) بداية المجتهد 1:96،مقدمات بان رشد 1:106،أحكام القران للجصاص 3:258، [7]المغني 1:426، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [9]المجموع 2:43، [10]عمدة القارئ 5:56. [11]
5- 5) المغني 1:426، [12]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [13]المجموع 2:43، [14]أحكام القرآن للجصاص 1: 258، [15]عمدة القارئ 5:56، [16]نيل الأوطار 1:411.
6- 6) المغني 1:426، [17]الشرح الكبير بهامش المغني،الكافي لابن قدامة 1:22،الانصاف 1:434، [18]المجموع 3: 43، [19]عمدة القارئ 5:56.
7- 7) المغني 1:426، [20]الشرح الكبير بهامش المغني 1:473، [21]المجموع 3:43، [22]أحكام القرآن للجصاص 3:258، [23]عمدة القارئ 5:56، [24]نيل الأوطار:411.

و الشافعي (1)،و إسحاق (2)،و أبو يوسف،و محمد (3).

و قال أبو حنيفة:الشفق هو البياض (4).و به قال أنس،و أبو هريرة،و عمر بن عبد العزيز،و الأوزاعي،و المزني،و زفر،و ابن المنذر (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(الشفق الحمرة،فإذا غاب الشفق وجبت العشاء) (6).رواه الدار قطني.

و من طريق الخاصة:رواية الحلبي الصحيحة،عن أبي عبد الله عليه السلام،و قد تقدمت (7).

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبيد الله و عمران ابني علي الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلنا:و أي شيء الشفق؟فقال:«الحمرة» (8).

احتج المخالف (9)بما رواه أبو مسعود،قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:125


1- 1الام 1:74،المهذب للشيرازي 1:52،المجموع 3:42، [1]مغني المحتاج 1:122،بداية المجتهد 1:96، أحكام القرآن للجصاص 3:258، [2]الهداية للمرغيناني 1:39، [3]المغني 1:426.
2- 2) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:43، [4]عمدة القارئ 5:56. [5]
3- 3) أحكام القرآن للجصاص 3:258، [6]بدائع الصنائع 1:124،المبسوط للسرخسي 1:145،عمدة القارئ 5:56، [7]المغني 1:426،المجموع 3:43، [8]نيل الأوطار 1:411.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:144،بدائع الصنائع 1:124،أحكام القرآن للجصاص 3:258، [9]الهداية للمرغيناني 1:39،شرح فتح القدير 1:195،عمدة القارئ 5:56،المغني 1:426،المجموع 3:43، بداية المجتهد 1:96،نيل الأوطار 1:411.
5- 5) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،المجموع 3:43، [10]عمدة القارئ 5:56،أحكام القرآن للجصاص 3:258، [11]شرح فتح القدير 1:195-196،نيل الأوطار 1:411.
6- 6) سنن الدار قطني 1:269 حديث 3.
7- 7) تقدمت في ص 123. [12]
8- 8) التهذيب 2:34 حديث 105،الاستبصار 1:271 حديث 979،الوسائل 3:148 الباب 22 من أبواب المواقيت،حديث 6. [13]في الجميع:ابني علي الحلبيين.
9- 9) المغني 1:426،الشرح الكبير بهامش المغني 1:473،أحكام القرآن للجصاص 3:261.

يصلي العشاء حين يسود الأفق (1).و لا ريب ان وقت العشاء بعد غيبوبة الشفق،فلو كان الشفق هو الحمرة لصلاها عليه السلام قبل ذلك.

و الجواب:لا دلالة فيما ذكرتم لوجهين:

الأول:ان اسوداد الأفق قد يكون مع غيبوبة الحمرة و وجود البياض لخفائه و قلة ظهوره.

الثاني:ان تأخيرها عن أول الوقت أولى لتحصل الجماعة و تكثر،و لهذا قال عليه السلام لبلال:(اجعل بين أذانك و إقامتك قدر ما يفرغ الأكل من أكله،و المتوضي من وضوئه،و المعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) (2).

الفرع السابع:الأفضل في صلاة الصبح التعجيل

.و به قال مالك (3)،و الشافعي (4)، و أحمد (5)،و إسحاق (6)،و هو مروي،عن ابن مسعود،و عمر بن عبد العزيز (7).و قال أصحاب الرأي:الأفضل فيها الإسفار (8).

ص:126


1- 1سنن أبي داود 1:107 حديث 394،سنن البيهقي 1:435،سنن الدار قطني 1:250 حديث 1.
2- 2) سنن الترمذي 1:373 حديث 195، [1]مستدرك الحاكم 1:204،مسند أحمد 5:143، [2]سنن البيهقي 1: 428 و ج 2:19 بتفاوت يسير.
3- 3) المدونة الكبرى 1:56،بداية المجتهد 1:97،مقدمات ابن رشد 1:108،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،المجموع 3:51،نيل الأوطار 1:420.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:51،سنن الترمذي 1:289، [3]المبسوط للسرخسي 1:145،بداية المجتهد 1:97،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،الإنصاف 438، [4]سنن الترمذي 1:289. [5]المجموع 3:51،بداية المجتهد 1،97،نيل الأوطار 1:420.
5- 5) المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،الانصاف 1:438، [6]سنن الترمذي 1:289، [7]المجموع 3:51،بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:420.
6- 6) سنن الترمذي 1:289،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،المجموع 3:51،نيل الأوطار 1:420.
7- 7) المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1:476،نيل الأوطار 1:420.
8- 8) بدائع الصنائع 1:124،المبسوط للسرخسي 1:145،المغني 1:439،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 477،المجموع 3:51، [8]بداية المجتهد 1:97،نيل الأوطار 1:421.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس (1).

و عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه و آله غلس بالصبح،ثمَّ أسفر مرة،ثمَّ لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله (2).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟قال:«مع طلوع الفجر ان الله تعالى يقول (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (3)يعني صلاة الفجر يشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار) (4).

و في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام» (5)و لأنها عبادة فاستحب المبادرة إليها لما فيه من المحافظة على الطاعات.

الفرع الثامن:لا إثم في تعجيل الصلاة التي يستحب تأخيرها،

و لا في تأخير الصلاة التي يستحب تقديمها إذا عزم على فعلها،ما لم يخرج الوقت أو يتضيق عن جميعها،لأن جبرئيل عليه السلام صلاها في الوقتين بالنبي صلى الله عليه و آله و قال:«ما بين هذين

ص:127


1- 1صحيح البخاري 1:151 بتفاوت يسير،صحيح مسلم 1:446 حديث 645،سنن أبي داود 1:115 حديث 423،سنن النسائي 1:271،الموطأ 1:5 حديث 4، [1]مسند أحمد 6:37. [2]
2- 2) سنن أبي داود 1:108 حديث 394.
3- 3) الإسراء:78. [3]
4- 4) التهذيب 2:37 حديث 116،الاستبصار 1:275 حديث 995،الوسائل 3:154 الباب 28 من أبواب المواقيت،حديث 1. [4]
5- 5) التهذيب 2:38 حديث 121،الاستبصار 1:276 حديث 1001،الوسائل 3:151 الباب 26 من أبواب المواقيت،حديث 1. [5]

وقت» (1).

مسألة:لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها.

و هو قول أهل العلم كافة إلا ما روي، عن ابن عباس في مسافر صلى الظهر قبل الزوال يجزئه.و بمثله قال الحسن، و الشعبي (2).

لنا:الإجماع على ذلك،و خلاف هؤلاء لا اعتداد به،و قد انقرض أيضا،فلا تعويل عليه.و لأن المكلف مخاطب بالفعل عند دخول الوقت و لم يوجد بعد ذلك ما يزيله،فيبقى في عهدة التكليف.

و لما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«من صلى في غير الوقت فلا صلاة له» (3).

و عن محمد بن الحسن العطار (4)،عن أبيه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«لأن أصلي الظهر في وقت العصر أحب إلي من أن أصلي قبل أن تزول الشمس،فإني إذا صليت قل أن تزول الشمس لم تحس لي،و إذا صليت في وقت العصر حسبت لي» (5).و مثله رواه عبد الله بن سليمان عنه عليه السلام (6).

ص:128


1- 1سنن الترمذي 1:278 حديث 149،سنن أبي داود 1:107 حديث 393،سنن النسائي 1:256، مسند أحمد 1:333، [1]مستدرك الحاكم 1:193،سنن الدار قطني 1:256 حديث 1،3.
2- 2) المغني 1:441،الشرح الكبير بهامش المغني 1:480.
3- 3) التهذيب 2:254 حديث 1005،الاستبصار 1:244 حديث 868،الوسائل 3:123 الباب 7 من أبواب المواقيت،حديث 7. [2]
4- 4) محمد بن الحسن بن زياد العطار،كوفي ثقة،روى أبوه عن أبي عبد الله(ع)،كذا عنونه النجاشي و المصنف في الخلاصة،و عنونه الشيخ في الفهرست بقوله:محمد بن الحسن العطار،له كتاب.و استظهر المحقق المامقاني من عبارة النجاشي اتحادهما و قال:ينسب تارة إلى أبيه الحسن و تارة إلى جده. رجال النجاشي:369،الفهرست:149، [3]رجال العلامة:160. [4]
5- 5) التهذيب 2:254 حديث 1006،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 8. [5]
6- 6) التهذيب 2:254 حديث 1007،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت، [6]ضمن حديث 8.

و عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى الغداة بليل غرة من ذلك القمر و نام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل؟قال:«يعيد صلاته» (1).

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن عبيد الله الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا صليت في السفر شيئا[من الصلاة] (2)في غير وقتها فلا يضر» (3)و هذا يدل على جواز التقديم في السفر.

لأنا نقول:انه محمول على التأخير لعذر و جواز القضاء،أو أنه محمول على النوافل،إذ لا عموم هنا،أو انه محمول على غير وقت الفضيلة.

فروع:
الأول:لا بأس بتقديم نافلة الليل على الانتصاف

لمسافر أو شاب يمنعه النوم من الاستيقاظ،و الأفضل قضاؤها من الغد.ذهب إليه أكثر علمائنا (4)و قال زرارة بن أعين من قدمائنا:كيف تقضي صلاة قبل وقتها،ان وقتها بعد انتصاف الليل (5).

و اختاره ابن إدريس (6).

لنا:ما رواه الشيخ،عن ليث المرادي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل؟فقال:«نعم،نعم

ص:129


1- 1التهذيب 2:254 حديث 1008،الوسائل 3:122 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:141 حديث 551،الاستبصار 1:244 حديث 869،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 9. [2]
4- 4) منهم الطوسي في المبسوط 1:76،و ابن البراج في المهذب 1:142،و المحقق الحلي في الشرائع 1:62، و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:62. [3]
5- 5) التهذيب 2:119 حديث 448،الاستبصار 1:280 حديث 1016،الوسائل 3:186 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 7. [4]
6- 6) السرائر:41.

ما رأيت،و نعم ما صنعت» (1).

و في الصحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:فإن من نسائنا أبكار الجارية تحب الخير و أهله و تحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربما قضت و ربما ضعفت عن قضائه،و هي تقوى عليه أول الليل،فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن و ضيعن القضاء (2).و هو يدل من حيث المفهوم على مساواة حكم الرجل لهن لتعلق الحكم على الضعف.

و في الموثق،عن الحلبي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الليل و الوتر في أول الليل في السفر إذا تخوفت البرد أو كانت علة؟فقال:«لا بأس،أنا أفعل ذلك إذا تخوفت» (3).

و عن علي بن سعيد،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الليل و الوتر في السفر في أول الليل إذا لم يستطع أن يصلي في آخره؟قال:«نعم» (4).

و أما ان القضاء أفضل،فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكا إليه ما يلقى من النوم،فقال:اني أريد القيام للصلاة بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع و الشهرين أصبر على ثقله،فقال:«قرة عين و الله»و لم

ص:130


1- 1التهذيب 2:118 حديث 446،الاستبصار 1:279 حديث 1014،الوسائل 3:181 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:119 حديث 447،الاستبصار 1:279 حديث 1015،الوسائل 3:185 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [2]
3- 3) التهذيب 2:168 حديث 664،الاستبصار 1:280 حديث 1017،الوسائل 3:182 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 8. [3]
4- 4) التهذيب 2:169 حديث 670،الاستبصار 1:280 حديث 1018،الوسائل 3:182 الباب 44 من أبواب المواقيت،حديث 4 و [4]ذيل حديث 5.

يرخص له في الصلاة في أول الليل،و قال:«القضاء بالنهار أفضل» (1)و.لأنها عبادة موقتة،فكان الأصل عدم جواز فعلها قبل وقتها كغيرها إلا أنا صرنا إلى التقديم في مواضع تعذر القضاء محافظة على فعل السنن،فيسقط في غيرها.

الثاني:لو ظن دخول الوقت فصلى،ثمَّ ظهر له فساد ظنه أعاد،

إلا أن يكون الوقت قد دخل قبل الفراغ و لو بالتسليم.اختاره الشيخ في المبسوط و النهاية (2)إلا أن في عبارته في النهاية تسامحا.و اختاره المفيد (3)أيضا،و سلار (4)،و ابن البراج (5)،و أبو الصلاح (6)،و ابن إدريس (7).و قال علم الهدى (8)و ابن الجنيد:يعيد (9).و هو مذهب الجمهور كافة (10).

لنا:انه مأمور باتباع ظنه و قد فعل،فيكون خارجا عن العهدة و لا يلزم على ذلك ما لو دخل الوقت بعد الفراغ،إذ لم يقع في الوقت شيء،من الصلاة،فيبقي الأمر متوجها عليه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إسماعيل بن رياح (11)،عن أبي عبد الله عليه

ص:131


1- 1التهذيب 2:119 حديث 447،الاستبصار 1:279 حديث 1015،الوسائل 3:185 الباب 45 من أبواب المواقيت،حديث 1-2. [1]
2- 2) المبسوط 1:74،النهاية:62.
3- 3) المقنعة:14.
4- 4) المراسم:63.
5- 5) المهذب 1:71،شرح جمل العلم و العمل:66.
6- 6) الكافي في الفقه:138. [2]
7- 7) السرائر:41.
8- 8) نقله عنه في السرائر:41،و المعتبر 2:62. [3]
9- 9) نقله عنه في المعتبر 2:62. [4]
10- 10) المغني 1:440،الشرح الكبير بهامش المغني 1:480.
11- 11) إسماعيل بن رياح-أو رباح-الصيرفي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع).و نقل المحقق المامقاني اختلاف الأقوال في اسم أبيه رياح أبو رباح،و اختار أن الصحيح هو رياح.رجال الطّوسيّ:154،تنقيح المقال 1:134. [5]

السلام،قال:«إذا صليت و أنت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك» (1).و المراد بالرؤية هاهنا الظن،لاستحالة حملها على العلم و النظر بالعين.

احتج المرتضى بأنه أدى ما لم يؤمر به،فلا يكون مجزيا عنه (2).

و بما رواه أبو بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام:«من صلى في غير وقت فلا صلاة له» (3).

و الجواب عن الأول:ان النزاع واقع في المقدمة الأولى،فإنا نقول:مأمور باتباع ظنه.

و عن الثاني:بالحمل على ما إذا وقعت الصلاة بأجمعها خارج الوقت،و هو الذي يدل عليه حقيقة.أما لو دخل في الصلاة قبل الوقت من غير استناد إلى علم أو ظن، فإنه لا يعتد بها،سواء صلاها بأجمعها خارج الوقت أو بعضها فيه.

الثالث:لو شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخوله،

أو يغلب على ظنه مع عدم طريق له إلى العلم.

الرابع:لو كان له طريق إلى العلم لم يجز له التعويل على الظن،

لأنه لا يؤمن معه الخطأ،و ترك ما يؤمن معه الخطأ به قبيح عقلا.

الخامس:لو أخبره عدل بدخول الوقت،

فإن كان الإخبار عن علم و لم يكن للمخبر طريق سواه،بنى على خبره،لأنه يثمر ظنا فيصار إليه مع عدم طريق إلى غيره، و لو كان له طريق علمي لم يعمل بقوله،لأنه لا يفيده قطعا،و إن كان الإخبار عن

ص:132


1- 1التهذيب 2:35 حديث 110،الوسائل 3:150 الباب 25 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) انظر:المعتبر 2:63. [2]
3- 3) التهذيب 2:254 حديث 1005،الاستبصار 1:244 حديث 868،الوسائل 3:123 الباب 13 من أبواب المواقيت،حديث 7. [3]

اجتهاد لم يقلّده في ذلك،و اجتهد هو حتّى يغلب على ظنّه،لأنّه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه فلا يعمل باجتهاد غيره كما في القبلة.

السادس:لو سمع الأذان من ثقة عارف بالوقت،

فإن كان متمكنا من العلم بالوقت لم يعول عليه لما تقدم،و إن لم يكن،جاز له التعويل على قوله،لما رواه الجمهور، عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(المؤذن مؤتمن) (1).و لو لا جواز تقليده لم يكن مؤتمنا.

و عنه عليه السلام:(خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين،صلاتهم و صيامهم) (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن ذريح المحاربي قال:قال لي أبو عبد الله عليه السلام:«صل الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشد شيء مواظبة على الوقت» (3).

و في الصحيح،عن محمد بن خالد (4)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

أخاف أن نصلي يوم الجمعة قبل أن تزول الشمس؟فقال:«إنما ذاك على المؤذنين» (5).و لأنه مشروع للإعلام بدخول الوقت،فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع الأذان لها.خرج من ذلك ما لو تمكن من العلم لمعنى لم يوجد في الظن،فيبقى صورة النزاع على الأصل تحصيلا للحكمة المطلوبة.

السابع:قال الشيخ:معرفة الوقت واجبة .

(6)

و هو حسن لئلا تقع الصلاة في غير

ص:133


1- 1سنن أبي داود 1:143 حديث 517،سنن الترمذي 1:402 حديث 207،مسند أحمد 2:284،382.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:236 حديث 712.
3- 3) التهذيب 2:284 حديث 1136،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب الأذان،حديث 1. [1]
4- 4) محمد بن خالد بن عبد الله البجلي القسري الكوفي،كان أبوه و الي المدينة،ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الفقيه 4:شرح المشيخة:75،رجال الطوسي:286.
5- 5) التهذيب 2:284 حديث 1137،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
6- 6) المبسوط 1:74. [3]

الوقت.

الثامن:قال:إذا ستر الشمس غيم و تحقق الزوال بادر إلى الصلاة

ليدرك فضيلة الوقت،و لو غلب على ظنه مضي وقت النافلة اشتغل بالفريضة و قضى النافلة (1).

التاسع:قال:الأعمى يقلد غيره في دخول الوقت،

فلو ظهر له انه صلى قبله أعاد،و لو تبين انها وقعت بعده كان جائزا.

و أما مع سلامة الحاسة فلا يجوز تقليد الغير،و يستظهر إذا لم يكن له معرفة حتى يغلب على ظنه دخول الوقت (2).

العاشر:لو دخل في الصلاة مع الشك بدخول وقتها لم يجزئه

و إن كان الفعل وقع في الوقت،لأنه صلى مع الشك في شرطها من غير دليل فلا يصح،كما لو صلى إلى القبلة مع الشك من غير اجتهاد،و كما لو صلى بشك الطهارة.

الحادي عشر قبول صلاة التطوع

روى الشيخ في الحسن،عن محمد بن عذافر (3)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتي بها قبلت،فقدم منها ما شئت،و أخر منها ما شئت» (4).

و عن القاسم بن الوليد الغساني (5)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت

ص:134


1- 1المبسوط 1:74. [1]
2- 2) المبسوط 1:74. [2]
3- 3) محمد بن عذافر بن عيسى الصيرفي المدائني:أبو عبد الله،قال النجاشي:ثقة روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)و عمر إلى أيام الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله بعنوان:محمد بن عذافر الصيرفي من أصحاب الصادق و الكاظم(ع).و ذكره أيضا في أصحاب الصادق بعنوان:محمد بن عيثم-بدل-عيسى. و استظهر المحقق المامقاني اتحادهما. رجال النجاشي:359،رجال الطوسي:297،322،359،تنقيح المقال 3:150. [3]
4- 4) التهذيب 2:267 حديث 1066،الاستبصار 1:278 حديث 1010،الوسائل 3:170 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 8. [4]
5- 5) القاسم بن الوليد القرشي العماري أو الغفاري أو الغساني الكوفي،عنونه النجاشي و الشيخ في رجاله من عداد أصحاب الصادق(ع)بالعماري،و روى في التهذيب 2:267 حديث 1063 رواية ظريف في ناصح عن القاسم بن الوليد الغساني،و روى هذا الخبر بعينه في ج 8 حديث 17 عن القاسم بن الوليد الغفاري،و هذا دليل على اتحادهما،و استظهر المحقق المامقاني تبعا للمحقق الأردبيلي اتحاد العماري و الغفاري و الغساني،و الله العالم. رجال النجاشي:313،رجال الطوسي:273،جامع الرواة 2:22، [5]تنقيح المقال 2:باب القاف 26. [6]

له:جعلت فداك،صلاة النهار صلاة النوافل في كم هي؟قال:«ست عشرة ركعة (1)أي ساعات النهار شئت أن تصليها صليتها إلا انك إذا صليتها في مواقيتها أفضل» (2).

و في الصحيح،عن إسماعيل بن جابر،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت له:

اني أشتغل؟قال:«فاصنع كما أصنع،صل ست ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر يعني ارتفاع الضحى الأكبر و اعتد بها من الزوال» (3).

قال الشيخ:و هذه الروايات رخصة لمن علم من حاله انه إن لم يقدمها اشتغل عنها و لم يتمكن من القضاء (4).لما رواه محمد بن مسلم قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يشتغل عن الزوال أ يعجل من أول النهار؟فقال:«نعم إذا علم أنه يشتغل فيعجلها في صدر النهار كلها» (5).

مسألة:إذا صلي نوافل الظهر فخرج وقتها قبل إكمالها أكملها

و زاحم بها الفريضة،و إن كان قد تلبس بركعة.لما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد

ص:135


1- 1«ح»بزيادة:من.
2- 2) التهذيب 2:267 حديث 1063،الاستبصار 1:277 حديث 1007،الوسائل 3:169 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
3- 3) التهذيب 2:267 حديث 1062،الاستبصار 1:277 حديث 1006،الوسائل 3:169 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 2:267،الاستبصار 1:278.
5- 5) التهذيب 2:268 حديث 1067،الوسائل 3:168 الباب 37 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]

الله عليه السلام،قال:«للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضي قدمان فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة،أو قبل أن يمضي قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات،و إن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة واحدة بدأ بالأولى و لم يصل الزوال إلا بعد ذلك» (1).و لأنها صلاة نافلة تلبس بها و لم يتضيق وقت فريضتها فليتمها كالفريضة.و لأنه محافظة على فعل السنن التي لم يتضيق وقت فرائضها.

و كذا البحث في نوافل العصر لما رواه الشيخ،عن عمار أيضا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«و للرجل أن يصلي من نوافل العصر ما بين الاولى إلى أن تمضي أربعة أقدام،فإن مضت أربعة أقدام و لم يصل من النوافل شيئا فلا يصلي النوافل،و إن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها،ثمَّ يصلي العصر»و قال:«للرجل أن يصلي إن بقي عليه شيء من صلاة الزوال إلى أن يمضي بعد حضور الاولى نصف قدم، و للرجل إذا كان قد صلى من نوافل الأولى شيئا قبل أن يحضر العصر فله أن يتم نوافل الاولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم»و قال:«القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الاولى في الوقت سواء» (2).

مسألة:و لو ذهبت الحمرة المغربية و لم تكمل نوافل المغرب

ابتدأ بالعشاء و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه،لأن النافلة لا تزاحم غير فريضتها،لما رواه الشيخ،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا دخلت الفريضة فلا تطوع» (3).

و عن نجية (4)قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:تدركني الصلاة و يدخل وقتها

ص:136


1- 1التهذيب 2:273 حديث 1086،الوسائل 3:178 الباب 40 من أبواب المواقيت،حديث 1. [1]
2- 2) راجع نفس المصدر.
3- 3) التهذيب 2:167 حديث 661،الاستبصار 1:252 حديث 906،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 3. [2]
4- 4) نجية بن الحارث القواس،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق(ع)و بحذف القواس من أصحاب الكاظم(ع)و يظهر من الكشي اتحاده مع ناجية بن عمارة الصيداوي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و المصنف في القسم الأول من الخلاصة حيث قال في ترجمته: هو:نجية بن الحارث.و الذي ظهر لنا من تضاعيف الكلام أن ناجية بن أبي عمارة و نجية بالمثناة و نجية بالمفردة واحد بقرينة الراوي و المروي عنه.و أنه روى عن الباقر و الصادق و أبي الحسن(ع). رجال الكشي:216،رجال الطوسي:326،362،رجال العلامة:175-176، [3]جامع الرواة 2: 289. [4]

فأبدأ بالنافلة؟قال:فقال أبو جعفر:«لا،و لكن ابدأ بالفريضة و اقض النافلة» (1).

مسألة:و لو صلى من صلاة الليل أربع ركعات،ثمَّ طلع الفجر،صلاها مخففة،

ثمَّ صلى الفريضة في إحدى الروايتين.

روى الشيخ،عن محمد بن النعمان،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع أم لم يطلع» (2).

و أما الرواية الأخرى فقد رواها الشيخ،عن يعقوب البزاز (3)،قال:قلت له:

أقوم قبل الفجر فأصلي أربع ركعات،ثمَّ أتخوف أن ينفجر الفجر،أبدأ بالوتر أو أتم الركعات؟قال:«لا،بل أوتر و أخر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار» (4).

و الرواية الأولى أشبه لأنها مناسبة للحكمة من حيث المحافظة على السنن،و لأن الثانية غير مسندة إلى إمام،فلا تعويل عليها،و عمل الأصحاب على الاولى فقد اعتضدت بما لم يحصل للثانية.

ص:137


1- 1التهذيب 2:167 حديث 662،الوسائل 3:165 الباب 35 من أبواب المواقيت،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:125 حديث 475،الاستبصار 1:282 حديث 1025،الوسائل 3:189 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 1. [2]
3- 3) هو:يعقوب بن سالم،مرت ترجمته في الجزء الثاني ص:21.
4- 4) التهذيب 2:125 حديث 476،الاستبصار 1:282 حديث 1026،الوسائل 3:189 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 2. [3]

أما لو خشي ضيق وقت الفريضة فإنه يتركها و يشتغل بالفريضة قطعا.

و لو لم يصل أربعا و طلع الفجر اشتغل بالفريضة بحصول المنافي و هو فعل النافلة في غير وقت فريضتها السالم عن معارضة فعل النصف المناسب للإكمال من حيث عدم التضيق.

و لو خرج الوقت و طلع الفجر و لم يصل شيئا أصلا ففيه روايتان،أشهرهما الاشتغال بالفريضة،لأنه تضييق للفريضة بفعل غير نافلتها في وقتها،روى الشيخ في الصحيح،عن إسماعيل بن جابر،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أوتر بعد ما يطلع الفجر؟قال:«لا» (1).

و أما الرواية الأخرى فقد رواها الشيخ،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أقوم و قد طلع الفجر و لم أصل الليل،فقال:«صل صلاة الليل و أوتر و صل ركعتي الفجر» (2).

و يحتمل أن يكون الوجه في هذه الرواية ان المراد بالفجر،الفجر الأول أو ان ذلك يقع ليلة،لا انه مستمر،كما رواه عمر بن يزيد،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن صلاة الليل و الوتر بعد طلوع الفجر؟فقال:«صلها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها و لا تعمد ذلك كل ليلة»و قال:«أوتر أيضا بعد فراغك منها» (3).

نعم يستحب له أن يصلي ركعتي الفجر،لأنها نافلة للصبح تزاحم بها في وقتها،

ص:138


1- 1التهذيب 2:126 حديث 479،الاستبصار 1:281 حديث 1021،الوسائل 3:188 الباب 47 من أبواب المواقيت،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:126 حديث 478،الاستبصار 1:281 حديث 1023،الوسائل 3:190 الباب 48 من أبواب المواقيت،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:126 حديث 480،الاستبصار 1:282 حديث 1024،الوسائل 3:189 الباب 48 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]

كغيرها من النوافل السابقة للفرائض.

مسألة:و تصلى الفرائض أداء و قضاء ما لم تتضيق الحاضرة

و هو إجماع.قال عليه السلام:«من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها ما لم يتضيق وقت حاضرة» (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،انه سئل عن رجل صلى بغير طهور،أو نسي صلاة لم يصلها،أو نام عنها؟ فقال:«يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار،فإذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق[بوقتها] (2)فليقضها (3)،فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى، و لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها» (4).

أما النافلة فإنها تصلي في كل وقت ما لم يدخل وقت فريضة لما تقدم (5)،أو يكون من الأوقات المستثناة الآتية.

مسألة:يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات:

ثلاثة للوقت عند طلوع الشمس، و غروبها،و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة،و اثنان للفعل بعد الصبح،و بعد العصر إلا النوافل المرتبة،و ما له سبب،كصلاة الزيارة،و تحية المسجد،و الإحرام.ذهب إليه أكثر أهل العلم (6).

ص:139


1- 1لم نجد حديثا بهذا اللفظ إلا في المعتبر 2:60. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) في المصادر:فليصلها.
4- 4) التهذيب 2:266 حديث 1059،الاستبصار 1:286 حديث 1046،الوسائل 3:206 الباب 61 من أبواب المواقيت،حديث 3.و [2]في الجميع:أو نسي صلوات.
5- 5) راجع ص 135-138.
6- 6) الام 1:149،المجموع 4:166،المغني 1:791،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:838،بداية المجتهد 1: 103.

و نقل الجمهور،عن علي عليه السلام انه صلى بعد العصر ركعتين (1).و هو مروي عن الزبير (2)،و ابنه،و النعمان بن بشير،و أبي أيوب،و عائشة،و تميم الداري (3)(4).

و قال ابن المنذر:لا تكره الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس (5).

و قال داود:يجوز فعل النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس قال:شهد عندي رجال مرضيون ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس و بعد العصر حتى تغرب الشمس (7).و عن أبي سعيد،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا

ص:140


1- 1المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838،المجموع 4:171،المحلى 3:3.
2- 2) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الأسدي:أبو عبد الله،شهد بدرا و ما بعدها و هو من أصحاب الشورى الذين ذكرهم عمر بن الخطاب للخلافة بعده و شهد الجمل مقاتلا لعلي(ع)فناداه و قال له:أ تذكر إذ كنت أنا و أنت.فقال النبي(ص)لك:لتقاتلنه و أنت له ظالم. روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه:عبد الله و عروة،و الأحنف.قتل يوم الجمل سنة 36 ه. أسد الغابة 2:196، [1]الإصابة 1:545، [2]تهذيب التهذيب 3:318. [3]
3- 3) تميم بن أوس بن خارجة بن سواد بن خذيمة بن وداع-و يقال:ذراع-بن عدي بن الدار:أبو رقية الداري، كان نصرانيا أسلم في سنة تسع من الهجرة له صحبة مع النبي(ص)و كان يسكن المدينة ثمَّ انتقل إلى الشام،روى عن النبي(ص)و عنه ابن عمر و ابن عباس و أبو هريرة و أنس بن مالك و غيرهم،وجد على قبره أنه مات سنة 40 ه. أسد الغابة 1:215، [4]الإصابة 1:183، [5]الاستيعاب [6]بهامش الإصابة 1:184، [7]تهذيب التهذيب 1: 511. [8]
4- 4) المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838،المجموع 4:171،المحلى 3:3-5.
5- 5) المغني 1:791،الشرح الكبير بهامش المغني 1:838.
6- 6) المجموع 4:172.
7- 7) صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:566 حديث 826،سنن ابن ماجه 1:396 حديث 1250،سنن أبي داود 2:24 [9] حديث،سنن النسائي 1:276،مسند أحمد 1:18،39،50- [10]في بعضها بتفاوت يسير.

صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس و لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس) (1).

و عن عبد الله بن عمر،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إذا بدأ حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز،و إذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب) (2).

و عن عقبة بن عامر (3)،قال:ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه و آله ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا:حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع،و إذا تضيفت للغروب،و نصف النهار (4).و معنى قوله:تضيفت أي مالت.يقال:

تضيفت فلانا إذا ملت إليه و نزلت به.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن محمد الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس،فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان و تغرب بين قرني الشيطان،و قال:لا صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب» (5).

و عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة بعد العصر

ص:141


1- 1صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:567 حديث 827،سنن ابن ماجه 1:395 حديث 1249،سنن النسائي 1:277.
2- 2) صحيح البخاري 1:152،صحيح مسلم 1:568 حديث 829،مسند أحمد 2:19، [1]سنن البيهقي 2: 453.
3- 3) عقبة بن عامر بن عبس.الجهني:أبو حماد،و يقال:أبو سعاد،و أبو عمرو،روي عن النبي(ص) كثيرا،و روى عنه ابن عباس و أبو امامة و أبو إدريس الخولاني و خلق من أهل مصر.مات سنة 58 ه. أسد الغابة 3:417، [2]الإصابة 2:489، [3]تهذيب التهذيب 7:242. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:568 حديث 831،سنن النسائي 1:275،مسند أحمد 4:152، [5]سنن الدارمي 1: 333، [6]سنن البيهقي 2:454.
5- 5) التهذيب 2:174 حديث 694،الاستبصار 1:290 حديث 1065،الوسائل 3:170 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 1. [7]

حتى تصلي المغرب،و لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» (1).

و عن أبي الحسن علي بن بلال (2)،قال:كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و من بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟فكتب«لا يجوز ذلك إلا للمقتضي فأما لغيره فلا» (3).

قال الشيخ:قد رويت رخصة في الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها (4).

روى أبو جعفر محمد بن علي،قال:روى لي جماعة من مشايخنا،عن أبي الحسن محمد بن جعفر الأسدي (5)رضي الله عنه انه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري (6)قدس الله روحه«و أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع

ص:142


1- 1التهذيب 2:174 حديث 695،الاستبصار 1:290 حديث 1066،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 2. [1]
2- 2) أبو الحسن علي بن بلال البغدادي عده الشيخ في رجاله من أصحاب أبي جعفر الجواد(ع)و أبي الحسن الهادي(ع)و أبي محمد العسكري(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:278،رجال الطوسي:404،417،432،رجال العلامة:93. [2]
3- 3) التهذيب 2:175 حديث 696،الاستبصار 1:291،حديث 1068،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:175،الاستبصار 1:291.
5- 5) محمد بن جعفر الأسدي:أبو الحسين الرازي كان أحد الأبواب في زمان السفراء المحمودين للناحية المقدسة، وردت عليه توقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل،عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم،و قال في الفهرست:محمد بن جعفر الأسدي يكني أبا الحسين له كتاب الرد على أهل الاستطاعة.مات رحمه الله سنة 312 ه. رجال الطوسي:496،الفهرست 1:151، [4]الفقيه 4:شرح المشيخة:76.
6- 6) أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي الكوفي ثاني السفراء الأربعة المحمودين الذين ناب المولى خليفة أبيه في مقامه بأمر صاحب الزمان(عج)،ذكره الصدوق في مشيخته،و عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم،و قال:هو و أبوه وكيلان من جهة صاحب الزمان(عج)و لهما منزله جليلة عند الطائفة، و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. الفقيه 4:شرح المشيخة:122،رجال الطوسي:509،رجال العلامة:149. [5]

الشمس و عند غروبها[فلئن كان كما] (1)يقول الناس ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان،و تغرب بين قرني الشيطان فما أرغم أنف الشيطان بشيء أفضل من الصلاة فصل و أرغم أنف الشيطان» (2).

احتج داود بما روته أم سلمة،قالت:دخل علي رسول الله صلى الله عليه و آله بعد العصر فصلى ركعتين (3).

و عن عائشة،قالت:و الله ما ترك رسول الله صلى الله عليه و آله ركعتين عندي بعد العصر قط (4).

و احتج ابن المنذر بما رواه بإسناده عن علي عليه السلام انه دخل فسطاطه فصلى ركعتين بعد العصر (5).

و روى ابن المنذر أيضا،عن علي عليه السلام قال:(قال رسول الله صلى الله عليه و آله:لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا و الشمس مرتفعة) (6).

و الجواب عن الأول:أنها صلاة كان لها سبب،لأنها كانت ركعتي الظهر شغله عنها وفد بني تميم فقضاها و دام عليها،لأنه كان ملتزما بالمداومة لما يفعله من الطاعات.

و عن الثاني:انه احتجاج بفعل و لا عموم له،فربما كان ما فعله من النوافل التي

ص:143


1- 1في النسخ:فليس كما،و ما أثبتناه من المصدر.
2- 2) الفقيه 1:315 حديث 1431،التهذيب 2:175 حديث 697،الاستبصار 1:291 حديث 1067، الوسائل 3:172 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 8. [1]
3- 3) مسند أحمد 6:310. [2]
4- 4) صحيح البخاري 1:153،صحيح مسلم 1:572 حديث 299،سنن النسائي 1:281،مسند أحمد 6: 50، [3]سنن الدارمي 1:334. [4]
5- 5) المحلى 3:3.
6- 6) سنن أبي داود 2:24 حديث 1274، [5]سنن النسائي 1:280،مسند أحمد 1:129،130،141. [6]إلا أن الراوي ليس ابن المنذر.

لها سبب،أو قضاء لنافلة سالفة على ما اختاره بعض فضلائنا (1).و أما حديث ابن المنذر،فإن الرواية الشهيرة في هذا الباب النهي.

فروع:
الأول قضاء النوافل

قال المفيد رحمه الله:يكره قضاء النوافل عند طلوع الشمس و غروبها، و أجازها قضاء بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس،و بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس (2).و أجاز الشيخ القضاء للنافلة في كل وقت خلافا (3)لبعض الجمهور (4).

و هو الأقوى.

لنا:ما رواه جبير بن مطعم (5)قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(يا بني عبد المطلب من ولي منكم شيئا من أمور الناس فلا يمنع أحدا طاف بالبيت و صلي أي وقت شاء من ليل أو نهار) (6).

و عن عائشة قالت:ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله في بيتي في يوم بعد

ص:144


1- 1منهم الشيخ الطوسي في المبسوط 1:76،و الخلاف 1:197 مسألة 263.
2- 2) المقنعة:23.
3- 3) النهاية:127، [1]المبسوط 1:76، [2]الخلاف 1:197 مسألة 263.
4- 4) المغني 1:794،المبسوط للسرخسي 1:151،بداية المجتهد 1:103،عمدة القارئ 5:77،الهداية للمرغيناني 1:40،نيل الأوطار 3:108.
5- 5) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي أسلم عام خيبر و قيل يوم الفتح،روى عن النبي(ص)و روى عنه سليمان بن صرد و سعيد بن المسيب و ابناه محمد و نافع،مات سنة 59 ه و قيل 58. أسد الغابة 1:271، [3]الإصابة 1:225، [4]تهذيب التهذيب 2:63. [5]
6- 6) سنن ابن ماجه 1:398 حديث 1254،سنن أبي داود 2:180 حديث 1894، [6]سنن الترمذي 3:220 حديث 868، [7]سنن النسائي 1:284،مسند أحمد 4:84، [8]سنن الدارمي 2:70، [9]سنن الدار قطني 1: 423 حديث 1،سنن البيهقي 2:461-بتفاوت في الجميع.

العصر إلا صلى ركعتين (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن سليمان بن هارون (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن قضاء الصلاة بعد العصر؟قال:«نعم إنما هي النوافل فاقضها متى شئت» (3).

و في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار كل ذلك سواء» (4).

و عن عبد الله بن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام في قضاء صلاة الليل و الوتر تفوت الرجل أ يقضيها بعد صلاة الفجر أو بعد العصر؟قال:«لا بأس بذلك» (5).و مثله رواه محمد بن الفرج،عن العبد الصالح عليه السلام (6).

الثاني:النهي الوارد هاهنا للكراهية،

لأن أخبارنا ناطقة بذلك (7)،خلافا

ص:145


1- 1صحيح البخاري 1:154،صحيح مسلم 1:572 ذيل حديث 835،سنن أبي داود 2:25 حديث 1279، [1]سنن الترمذي 1:347 [2] ضمن حديث 184،سنن النسائي 1:281،مسند أحمد 6:176، [3]سنن الدارمي 1:334، [4]سنن البيهقي 2:458 بتفاوت في الجميع.
2- 2) سليمان بن هارون مشترك بين العجلي و الأزدي و النخعي،عدهم الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (ع)بعد ما عد العجلي منهم من أصحاب الباقر(ع)و ذكر المصنف الأخير في القسم الثاني من الخلاصة و ضعفه.و قال المحقق المامقاني:يعرف الأخير برواية سيف بن عميرة عنه. رجال الطوسي:124،207،رجال العلامة:225، [5]تنقيح المقال 2:66. [6]
3- 3) التهذيب 2:173 حديث 690،الاستبصار 1:290 حديث 1061،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 11. [7]
4- 4) التهذيب 2:173 حديث 691،الاستبصار 1:290 حديث 1062،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 13. [8]
5- 5) التهذيب 2:173،حديث 687،الاستبصار 1:289 حديث 1058،الوسائل 3:176 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 10. [9]
6- 6) التهذيب 2:173 حديث 688،الاستبصار 1:289 حديث 1059،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 5 و [10]ص 177 الباب 39 حديث 19.
7- 7) الوسائل 3:170 الباب 38 من أبواب المواقيت. [11]

لبعض الجمهور (1).

الثالث:هذا النهي لا يتناول الفرائض.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال علي عليه السلام،و أبو العالية،و النخعي،و الشعبي،و الحكم،و حماد (2)، و مالك (3)،و الأوزاعي (4)،و الشافعي (5)،و أحمد (6)،و إسحاق،و أبو ثور،و ابن المنذر (7).

و قال أصحاب الرأي:لا تقضي فوائت الفرائض في الأوقات الثلاثة المنهي عنها للوقت إلا عصر يومه يصليها قبل غروب الشمس (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله،قال:(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) (9).

ص:146


1- 1المغني 1:795،المجموع 4:180،منار السبيل 1:116.
2- 2) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
3- 3) بداية المجتهد 1:103،المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،المحلى 3:9،نيل الأوطار 1:112.
4- 4) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:170،فتح العزيز بهامش المجموع 3:109،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،المحلى 3:10،نيل الأوطار 3:112.
6- 6) المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833،الكافي لابن قدامة 1:158،الإنصاف 2:204، [1]منار السبيل 1:117.
7- 7) المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:150،الهداية للمرغيناني 1:40، [2]شرح فتح القدير 1:203،المجموع 4:171، [3]بداية المجتهد 1:103،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
9- 9) صحيح البخاري 1:155،صحيح مسلم 1:477 حديث 684،سنن ابن ماجه 1:227 حديث 696، 698،سنن أبي داود 1:121 حديث 442،سنن الترمذي 1:335 حديث 178،سنن النسائي 1: 294،سنن الدارمي 1:280، [4]مسند أحمد 3:100،267،269،282،243،سنن البيهقي 2: 218.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،عن الباقر عليه السلام و قد تقدم (1)و لأنها صلاة فريضة فات وقتها فأشبهت عصر اليوم.و لأنه قول غير واحد من الصحابة مع عدم إنكار من أحد منهم،فكان إجماعا.

و احتج أبو حنيفة (2)بأخبار النهي (3)،و هي عامة تتناول الفرائض و النوافل.

و لأن النبي صلى الله عليه و آله لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس أخرها حتى ابيضت الشمس.رواه مسلم (4).

و لأنها صلاة فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل.

و الجواب عن الأول:انها مختصة بالقضاء في الوقتين الأخيرين،و بعصر يومه، فيقيس محل النزاع عليه،و حديثهم باطل لاستحالة صدور ذلك عن النبي صلى الله عليه و آله،و قياسهم ينتقض بهذه أيضا.

الرابع:لو طلعت الشمس و قد صلى من الصبح ركعة أتمها واجبا.

و به قال أكثر أهل العلم (5)،خلافا لأصحاب الرأي فإنهم قالوا:يفسد صلاته (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح) (7).

ص:147


1- 1تقدم في ص 139. [1]
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:153،154،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:833.
3- 3) تقدمت في ص 140-141.
4- 4) صحيح مسلم 1:474 حديث 682.
5- 5) المغني 1:784، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:834، [3]المجموع 3:47،فتح العزيز بهامش المجموع 3:41.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:152،المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834،المجموع 3:47، [4]نيل الأوطار 1:425.
7- 7) صحيح البخاري 1:151،صحيح مسلم 1:424 حديث 68،سنن ابن ماجه 1:229 حديث 699، سنن أبي داود 1:112 حديث 412،الموطأ 1:6 حديث 5، [5]سنن الترمذي 1:353 حديث 186، [6]سنن النسائي 1:257.

و في لفظ آخر:(من صلى ركعة من صلاة الصبح،ثمَّ طلعت الشمس فليتم صلاته) (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الأصبغ بن نباته،قال:قال:

أمير المؤمنين عليه السلام:«من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة» (2).

احتج أبو حنيفة بأن الصلاة في هذا الوقت منهي عنها (3)،و النهي يدل على الفساد.

و الجواب:ان ما ذكرناه خاص فيصرف (4)العام عن ظاهره.و لأن ما ذكره ينتقض بمن صلى بعض صلاة العصر،ثمَّ اصفرت الشمس فإنه مسلم ان صلاته لا تبطل.

الخامس:يصلي المنذورة في وقت النهي

سواء أطلق النذر أو قيده،خلافا لأبي حنيفة (5).

لنا:أنها صلاة واجبة فأشبهت فوائت الفرائض و الجنازة و صلاة عصر اليوم.

احتج أبو حنيفة بأنه وجوب تعلق بفعله و هو النذر فجرى مجرى وجوب النافلة بالدخول فيها و مع ذلك يكره (6).

و الجواب:ينتقض ما ذكره بسجود التلاوة فإنه يتعلق بفعله و هو التلاوة.

ص:148


1- 1مسند أحمد 2:306، [1]سنن الدار قطني 1:382 حديث 4.
2- 2) التهذيب 2:38 حديث 119،الاستبصار 1:275 حديث 999،الوسائل 3:158 الباب 30 من أبواب المواقيت،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،نيل الأوطار 1:425.
4- 4) «م»:فينصرف.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المجموع 4:171، المغني 1:784،الشرح الكبير بهامش المغني 1:834.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208.

و الفرق بين المنذورة و النّافلة ظاهر لأنّ النّافلة لا تجب عنده إلاّ بالدّخول و هو مكروه،و النّذر هاهنا غير مكروه في الجملة.

السّادس:تصلّى صلاة الطّواف في أوقات النّهي و إن كانت نفلا.

ذهب إليه علماؤنا،و فعله الحسن و الحسين عليهما السّلام،و ابن عمر،و ابن الزّبير،و عطاء، و طاوس،و ابن عبّاس،و مجاهد،و القاسم بن (1)محمّد بعد الصّبح و العصر،و فعله عروة بعد الصّبح (2)،و ذهب إليه الشّافعيّ (3)،و أحمد (4)،و أبو ثور (5).و أنكر ذلك أبو حنيفة (6)،و مالك (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جبير بن مطعم انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

(يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت و صلّى في أيّ ساعة شاء من ليل أو نهار) (8).رواه التّرمذيّ.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن معاوية بن عمّار،قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«خمس صلوات لا تترك على كلّ حال،إذا طفت

ص:149


1- 1القاسم بن محمّد بن أبي بكر،أبو محمّد أو أبو عبد الرّحمن،روى عن أبيه و عن عمّته عائشة و عبد اللّه بن جعفر و غيرهم،و روى عنه ابنه عبد الرّحمن و الشّعبيّ و ابن أبي مليكة.مات سنة 107 ه،و قيل 108. تهذيب التّهذيب 8:333، [1]العبر 1:100. [2]
2- 2) المغني 1:785، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:836. [4]
3- 3) الام 1:149،المهذّب للشّيرازيّ 1:93،سنن التّرمذيّ 3:220،المبسوط للسّرخسيّ 1:153، المغني 1:785، [5]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:836، [6]المجموع 4:179. [7]
4- 4) المغني 1:785، [8]الشرح الكبير بهامش المغني 1:836، [9]الكافي لابن قدامة 1:158،الإنصاف 2:205، [10]سنن الترمذي 3:220.
5- 5) المغني 1:785، [11]الشرح الكبير بهامش المغني 1:836. [12]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:153،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المغني 1:785، الشرح الكبير بهامش المغني 1:836،المجموع 4:180. [13]
7- 7) سنن الترمذي 3:221، [14]المجموع 4:180، [15]المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:836.
8- 8) سنن الترمذي 3:220 حديث 868. [16]

بالبيت،و إذا أردت أن تحرم،و صلاة الكسوف،و إذا نسيت فصل إذا ذكرت، و الجنازة» (1).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«خمس صلوات تصليهن في كل وقت:صلاة الكسوف،و الصلاة على الميت،و صلاة الإحرام و الصلاة التي تفوت،و صلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس،و بعد العصر إلى الليل» (2)و لأن ركعتي الطواف تابعة له فإذا أبيح المتبوع أبيح التابع.

احتجا بعموم النهي (3).

و الجواب:حديثنا أخص فيعمل به.و لأن حديثهم مخصوص بالفوائت و حديثنا غير مخصوص فيكون أولى.

السابع:يصلي على الجنازة بعد الصبح

إلى أن تطلع الشمس و بعد العصر إلى الغروب.و هو مذهب علماء الإسلام.

و أما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة الباقية فإنه يجوز عند علمائنا أجمع و هو مذهب الشافعي (4)،و أحمد في إحدى الروايتين (5).

و في الأخرى:لا يجوز (6)،و هو قول أصحاب الرأي (7).

ص:150


1- 1التهذيب 2:172 حديث 683،الوسائل 3:175 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:171 حديث 682،الوسائل 3:175 الباب 39 من أبواب المواقيت،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:785،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:836،المجموع 4:172.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:168،بداية المجتهد 1:103،المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835.
5- 5) المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الكافي لابن قدامة 1:159،الإنصاف 2:206. [4]
6- 6) المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الكافي لابن قدامة 1:159،المجموع 4:172، [5]الإنصاف 2:206. [6]
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:152،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:204،المجموع 4:172.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(اني لأرى طلحة (1).

قد حدث فيه الموت،فأذنوني به و عجلوا،فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن يحبس بين ظهراني أهله) (2).و تأخير الصلاة عن هذه الأوقات ينافي التعجيل.

و من طريق الخاصة:رواية معاوية بن عمار و أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام و قد تقدمتا.و لأنها صلاة تباح بعد الصبح و العصر فأبيحت في سائر الأوقات كالفرائض.و لأنها صلاة تصلي في وقتين من أوقات النهي فتصلي في الباقي.و لأنها صلاة فريضة فأشبهت الفوائت.

احتج المخالف (3)بقول عقبة:ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه و آله ينهانا أن نصلي فيهن و أن نقبر فيهن موتانا (4).

و الجواب:انه مخصوص بالنوافل على ما بينا (5).

الثامن:

يصلي الكسوف و صلاة الإحرام في الأوقات المذكورة لروايتي أبي بصير، و معاوية بن عمار،بلا خلاف بين علمائنا.

التاسع:يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلى منفردا

لما يأتي و إن كان

ص:151


1- 1طلحة بن البراء بن عمير بن و برة بن ثعلبة بن غنم بن سري بن سلمة بن أنيف الأنصاري،أسلم لما قدم رسول الله(ص)المدينة و أخذ يلصق به و يقبل قدميه و يقول:مرني بما أجبت،ثمَّ مرض و مات فصلي رسول الله(ص)على قبره و دعا له،روى حديثه حصين بن وحوح. أسد الغابة 3:57، [1]الإصابة 2:226، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 2:226. [4]
2- 2) سنن أبي داود 3:200 حديث 3159، [5]سنن البيهقي 3:386.بتفاوت.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:152،المغني 1:785،الشرح الكبير بهامش المغني 1:835،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:202،عمدة القارئ 5:83.
4- 4) صحيح مسلم 1:568 حديث 831،سنن النسائي 1:275،مسند أحمد 4:152، [6]سنن الدارمي 1: 333، [7]سنن البيهقي 2:454،و ج 4:32.
5- 5) تقدم في ص 143.

في أوقات النهي.و هو قول أكثر الجمهور (1).

و قال أبو حنيفة:لا يعاد الفجر و لا العصر و لا المغرب (2).و سيأتي البحث في ذلك.

العاشر:

أكثر أهل العلم على ان الأوقات المكروهة هي الخمسة (3)التي عددناها أولا (4).

و قال ابن المنذر:إنما يكره في ثلاثة أوقات لحديث عقبة بن عامر (5)خصص الأوقات بالكراهية فيها و يبقى الباقي على الأصل.

و الجواب:ان الأحاديث التي ذكرناها من طرقهم و طرقنا دالة على كراهية الصلاة في الوقتين الآخرين و التخصيص بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه.

الحادي عشر:لا بأس بصلاة ركعتي الفجر بعد الفجر قضاء

عند السيد المرتضى (6)،و أكثر الجمهور (7)،و أداء عندنا على ما بينا الخلاف في ذلك (8).

و قال مالك (9)و أصحاب الرأي:لا يجوز (10)لأنه قضاء النافلة في وقت النهي.

ص:152


1- 1ميزان الكبرى 1:174،المهذب للشيرازي 1:95،المغني 1:786،الكافي لابن قدامة 1:158، المجموع 4:225،الإنصاف 2:205. [1]
2- 2) المغني 1:786،المجموع 4:225،ميزان الكبرى 1:174،الشرح الكبير بهامش المغني 1:837.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:150،المهذب للشيرازي 1:92،المجموع 4:164،المغني 1:783،الشرح الكبير بهامش المغني 1:829،الإنصاف 2:201،الهداية للمرغيناني 1:40.
4- 4) راجع ص 139.
5- 5) المغني 1:790،الشرح الكبير بهامش المغني 1:831.
6- 6) الناصريات(الجوامع الفقهية):194.
7- 7) المغني 1:793،الشرح الكبير بهامش المغني 1:841،المهذب للشيرازي 1:93،الإنصاف 2:209، المجموع 4:42.
8- 8) تقدم في ص 102. [2]
9- 9) بداية المجتهد 1:207،المدونة الكبرى 1:126.
10- 10) المبسوط للسرخسي 1:161،بدائع الصنائع 1:287،الهداية للمرغيناني 1:71،شرح فتح القدير 1:416،المجموع 4:43،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:841.

لنا:ما تقدم (1)و ما رواه الجمهور،عن قيس بن فهد (2)قال:رآني رسول الله صلى الله عليه و آله و أنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر فقال:(ما هاتان الركعتان يا قيس؟)قلت:يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان (3).رواها أحمد، و أبو داود،و الترمذي.و السكوت دال على الجواز.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي الحسن علي بن بلال قال:كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،و من بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟فكتب:«لا يجوز ذلك إلا للمقتضي،فأما لغيره فلا» (4).و لأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف،و احتجاجهم قد بينا (5)تخصيصه بالابتداء.

الثاني عشر:لا بأس بقضاء السنن الراتبة بعد العصر.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

و به قال الشافعي (6)،و أحمد (7)و منعه أصحاب الرأي (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أم سلمة قالت:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:153


1- 1تقدم في ص 140.
2- 2) قيس بن فهد و قيل:قيس بن عمرو،و قيل:قيس بن سهل بن ثعلبة بن عبيد بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري المدني،جد يحيى بن سعيد بن قيس،و اختلف في أنه ابن فهد أو ابن عمرو،و قيل هما اثنان، روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه سعيد و عطاء و محمد بن إبراهيم. أسد الغابة 4:222،224، [1]الإصابة 3:255،257، [2]تهذيب التهذيب 8:401. [3]
3- 3) سنن أبي داود 2:22 حديث 1267، [4]سنن الترمذي 2:284 حديث 422.
4- 4) التهذيب 2:175 حديث 696،الاستبصار 1:291 حديث 1068،الوسائل 3:171 الباب 38 من أبواب المواقيت،حديث 3. [5]
5- 5) راجع ص 143. [6]
6- 6) المجموع 4:170،مغني المحتاج 1:220،224،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
7- 7) المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842،الإنصاف 2:208،الكافي لابن قدامة 1:159، ميزان الكبرى 1:170.
8- 8) بدائع الصنائع 1:287،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

ينهى عن الركعتين بعد العصر،ثمَّ رأيته يصليهما و قال:(يا بنت أبي أمية أنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان) (1)رواه مسلم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:(اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار و كل ذلك سواء) (2).

الثالث عشر:

يصلي تحية المسجد في الأوقات المذكورة خلافا لأحمد (3)، و أصحاب الرأي (4)،و كذا كل ما له سبب لقوله عليه السلام:(إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين) (5)و هذا أخص من الأخبار الدالة على النهي، فيكون مقدما عليها،و لأنها ذات سبب فأشبهت ما ثبت جوازه.

الرابع عشر:

لا فرق بين مكة و غيرها في تناول النهي.و به قال أبو حنيفة (6)، و أحمد (7).و فرق الشافعي و أجاز التنفل بمكة في كل وقت (8).

ص:154


1- 1صحيح مسلم 1:571 حديث 834.
2- 2) التهذيب 2:173 حديث 691،الاستبصار 1:290،حديث 1062،الوسائل 3:201 الباب 57 من أبواب المواقيت،حديث 12. [1]
3- 3) المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1:840،الكافي لابن قدامة 1:159،الإنصاف 2:208.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:153،بدائع الصنائع 1:296،المغني 1:794،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 840.
5- 5) صحيح البخاري 1:120،صحيح مسلم 1:495،حديث 714،سنن أبي داود 1:127 حديث 467، سنن الترمذي 2:129،حديث 316،سنن النسائي 2:53،الموطأ 1:162 حديث 57، [2]سنن الدارمي 1:323،مسند أحمد 5:295 و [3]في بعض المصادر بتفاوت يسير.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:151،الهداية للمرغيناني 1:40،شرح فتح القدير 1:208،المجموع 4:180، ميزان الكبرى 1:171.
7- 7) المغني 1:795،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842،الإنصاف 2:203،المجموع 4:180،ميزان الكبرى 1:171.
8- 8) الام 8(مختصر المزني):20،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:179، [4]المغني 1:795،ميزان الكبرى 1:171،المبسوط للسرخسي 1:151.

لنا:عموم النهي،و هو معنى يقتضي المنع من الصلاة،فتستوي فيه مكة و غيرها كالحيض.

احتج الشافعي (1)بما رواه أبو ذر،قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(لا يصلين أحد بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس،و لا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس إلا بمكة)قاله ثلاثا (2).

و قال عليه السلام:(لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت و صلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار) (3).

و الجواب عن الأول:ان رواية عبد الله بن المؤمل (4)و هو ضعيف،ذكره يحيى بن معين.

و عن الثاني:المراد به ركعتا الطواف و هو مسلم،لأنهما ذات سبب.

الخامس عشر:

لا فرق في تناول النهي بين الشتاء و الصيف.و هو قول أهل العلم (5).

و قال عطاء:تباح الصلاة في وقت قيام الشمس في الشتاء دون الصيف (6).

ص:155


1- 1الأم(مختصر المزني)8:19،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:179، [1]المبسوط للسرخسي 1:151.
2- 2) مسند أحمد 5:165، [2]سنن الدار قطني 1:424 حديث 6،الام(مختصر المزني)8:19.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:398 حديث 1254،سنن الترمذي 3:220 حديث 868، [3]سنن النسائي 5:223.
4- 4) عبد الله بن المؤمل بن وهب الله القرشي المخزومي العابدي المدني،روى عن أبيه و أبي الزبير و ابن أبي مليكة و عطاء و روى عنه الوليد بن مسلم و زيد بن الحباب.ذكره ابن حبان في الضعفاء،و عن ابن معين أنه ضعيف.مات بمكة سنة 50 و ه و قيل 60. تهذيب التهذيب 6:46، [4]المجروحين لابن حبان 2:27،ميزان الاعتدال 2:510.
5- 5) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
6- 6) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

لنا:ما رواه الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(ان الشمس تطلع و معها قرن الشيطان،فإذا ارتفعت فارقها،ثمَّ إذا استوت قارنها،و إذا زالت فارقها، و إذا دنت للغروب قارنها،فإذا غربت فارقها) (1)و نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن الصلاة في تلك الساعات.

احتج عطاء بأن شدة الحر من فيح جهنم (2)،و ذلك الوقت حين تسجر جهنم و لا شك في ضعفه.

السادس عشر:قال علماؤنا:لا بأس بالتنفل عند قيام الشمس يوم الجمعة.

و هو قول الحسن البصري،و طاوس،و الأوزاعي،و سعيد بن عبد العزيز (3)، و الشافعي (4)،و إسحاق،و أبي قتادة (5)،و عطاء (6)،خلافا لأبي حنيفة (7)، و أحمد (8).

لنا:ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن

ص:156


1- 1سنن ابن ماجه 1:397 حديث 1253،سنن النسائي 1:275،الموطأ 1:219 حديث 44، [1]مسند أحمد 4:348،349. [2]
2- 2) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
3- 3) المغني 1:796،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
4- 4) الام 1:149،المهذب للشيرازي 1:93،المجموع 4:176،المغني 1:796،بداية المجتهد 1:102، الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
5- 5) أبو قتادة الأنصاري السلمي فارس رسول الله و اسمه الحارث بن ربعي و قيل:نعمان،و قيل:عمرو، روى عن النبي(ص)و معاذ بن جبل،و روى عنه ولداه:ثابت و عبد الله و مولاه:أبو محمد و أنيس و جابر و غيرهم.مات بالكوفة سنة 54 ه-و قيل:38. أسد الغابة 5:274، [3]الإصابة 4:158، [4]تهذيب التهذيب 12:204. [5]
6- 6) المغني 1:796.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:151،الهداية للمرغيناني 1:41،المجموع 4:177،المغني 1:796،بداية المجتهد 1:103،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
8- 8) المغني 1:795،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.

الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (1).و مثله رواه أبو قتادة (2).

رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة» (3).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟قال:«قبل الأذان» (4).و لأن الناس في هذا الوقت ينتظرون الجمعة،و يشق عليهم مراعاة الشمس،و في ذلك قطع للنوافل و يحتاجون إلى الاشتغال بالصلاة عن النوم أيضا.

احتجوا بعموم النهي (5).

و الجواب:أحاديثنا خاصة فتقدم.

السابع عشر:

قال بعض الشافعية:جمع يوم الجمعة مستثنى،لأنه قد ورد في بعض الأخبار ان جهنم تسجر في الأوقات الثلاثة في سائر الأيام إلا في يوم الجمعة (6).و هذا ليس بصحيح لعموم النهي إلا ما ورد فيه الاستثناء.

مسألة:اختلف علماؤنا في الصلاة الوسطى،

فقال الشيخ في الخلاف:انها الظهر (7).و تبعه جماعة من أصحابنا (8).و به قال زيد بن ثابت،و عائشة،و عبد

ص:157


1- 1المغني 1:796،المهذب للشيرازي 1:93،الشرح الكبير بهامش المغني 1:842.
2- 2) سنن أبي داود 1:284 حديث 1083.
3- 3) التهذيب 3:13 حديث 44،الاستبصار 1:412 حديث 1576،الوسائل 5:18 الباب 8 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها،حديث 6. [1]
4- 4) التهذيب 3:247 حديث 677،الوسائل 5:22 الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها،حديث 2. [2]
5- 5) المغني 1:796.
6- 6) ميزان الكبرى 1:170.
7- 7) الخلاف 1:97 مسألة 40.
8- 8) جواهر الفقه(الجوامع الفقهية):475،المعتبر 2:52، [3]الجامع للشرائع:61.

الله بن شداد (1)(2).

و قال علم الهدى:انها العصر (3).و تبعه جماعة.و به قال أبو هريرة،و أبو أيوب، و أبو سعيد،و عبيدة السلماني،و الحسن،و الضحاك (4)،و أبو حنيفة (5)، و أصحابه (6)،و أحمد (7).و نقله الجمهور عن علي عليه السلام (8).

و قال طاوس،و عطاء،و عكرمة،و مجاهد (9)،و الشافعي:هي الصبح (10).

و قيل:انها المغرب (11).و قيل:هي العشاء (12).و الأقرب الأول.

لنا:ما رواه الجمهور،عن زيد بن ثابت،قال:كان رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:158


1- 1عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي:أبو الوليد المدني و امه سلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء،روى عن أبيه،و علي(ع)و عمر و طلحة و ابن مسعود،و روى عنه سعد بن إبراهيم و معبد بن خالد و الحكم بن عتيبة.مات سنة 81 ه.العبر 1:69، [1]شذرات الذهب 1:90. [2]
2- 2) المغني 1:421،المجموع 3:61،نيل الأوطار 1:393.
3- 3) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الاولى):275.
4- 4) المغني 1:421،التفسير الكبير 6:150، [3]تفسير القرطبي 3:210، [4]سنن البيهقي 1:461،المجموع 3: 61،نيل الأوطار 1:393.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:141،المغني 1:421،التفسير الكبير 6:150، [5]تفسير القرطبي 3:210، [6]المجموع 3:61،ميزان الكبرى 1:135،مقدمات ابن رشد 1:99،نيل الأوطار 1:393.
6- 6) المغني 1:421،تفسير القرطبي 3:210. [7]
7- 7) المغني 1:421،الكافي لابن قدامة 1:121،الإنصاف 1:432، [8]ميزان الكبرى 1:135،المجموع 3: 61،نيل الأوطار 1:393.
8- 8) سنن البيهقي 1:461،المغني 1:421،المجموع 3:61،نيل الأوطار 1:393.
9- 9) المغني 1:421،المجموع 3:60،سنن البيهقي 1:462،الدر المنثور 1:301، [9]التفسير الكبير 6:148، نيل الأوطار 1:393.
10- 10) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:60،التفسير الكبير 6:148، [10]ميزان الكبرى 1:135،المغني 1: 421،نيل الأوطار 1:393.
11- 11) تفسير القرطبي 3:210، [11]أحكام القرآن لابن العربي 1:225. [12]
12- 12) نيل الأوطار 1:394.

يصلي الظهر بالهاجرة و لم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله منها فنزلت: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» (1)(2)رواه أبو داود.

و روى الترمذي و أبو داود،عن عائشة،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قرأ « حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و صلاة العصر » (3).

و من طريق الخاصة:«ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» هي صلاة الظهر،و هي أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه و آله،و هي وسط النهار،و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر،و في بعض القراءة «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و صلاة العصر ، وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» (4).

أقول:و العطف يقتضي المغايرة،و قد ورد في روايتي عائشة،و الباقر عليه السلام.

لا يقال:الواو زائدة كما في قوله تعالى «وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ» (5).

لأنا نقول:الزيادة منافية للأصل،فلا يصار إليها إلا لموجب،و المثال الذي ذكروه يمنع زيادة الواو فيه،بل هي للعطف على بابها.و لأنها أشق الصلوات فعلا لإيقاعها في الهاجرة وقت شدة تنازع الإنسان إلى النوم و الراحة،فيكون الأمر بالمحافظة عليها أولى.

ص:159


1- 1البقرة:238. [1]
2- 2) سنن أبي داود 1:112 حديث 411.
3- 3) سنن الترمذي 5:217 حديث 2982، [2]سنن أبي داود 1:112 حديث 410.
4- 4) التهذيب 2:241 حديث 954،الوسائل 3:5 الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها،حديث 1. [3]
5- 5) الأحزاب:40. [4]

احتج السيد المرتضى بإجماع الشيعة على ذلك (1).

و احتج أبو حنيفة (2)بما روي،عن علي عليه السلام،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال يوم الأحزاب:(شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم و قبورهم نارا) (3).

و عن ابن مسعود قال:[قال:] (4)رسول الله صلى الله عليه و آله(صلاة الوسطى صلاة العصر) (5).

و احتج الشافعي (6)بقوله: «وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ» (7)و القنوات طول القيام و هو مختص بالصبح.و لأنها من أثقل الصلاة على المنافقين،و لهذا اختصت بالوصية بالمحافظة عليها،قال الله تعالى «وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ» (8)يعني صلاة الفجر و العصر.

و احتج القائلون بأنها المغرب بأن الأولى هي الظهر فتكون المغرب وسطى،و لأنها وسطى في عدد الركعات و وسطى في الأوقات،لأنه آخر النهار و أول الليل (9).

و احتج القائلون بالعشاء (10)بما رواه ابن عمر قال:مكثنا ليلة ننتظر رسول الله

ص:160


1- 1رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الاولى):275.
2- 2) المجموع 3:61،مقدمات ابن رشد 1:99،المغني 1:423،التفسير الكبير 6:150. [1]
3- 3) صحيح مسلم 1:437،حديث 627،سنن أبي داود 1:112 حديث 409،سنن الترمذي 5:217 حديث 2984، [2]سنن البيهقي 1:459،الدر المنثور 1:303. [3]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) سنن الترمذي 1:339 حديث 181،و ج 5:218 حديث 2985، [4]نيل الأوطار 1:397.
6- 6) المهذب للشيرازي 1:53،المجموع 3:61، [5]المغني 1:421. [6]
7- 7) البقرة 238. [7]
8- 8) ق:39.
9- 9) المغني 1:422.
10- 10) المغني 1:423.

صلى الله عليه و آله لصلاة العشاء الآخرة،فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده فقال:(انكم لتنظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم و لو لا أن أشق على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) (1)و قال:(ان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الغداة و العشاء و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوا) (2).

و الجواب عن الأول بمنع الإجماع،فإنا لا نتحققه مع وجود الخلاف.

و عن الثاني و الثالث بمنع الروايتين،فإن مالكا أطرحهما (3)مع قرب عهده،و هما معارضتان بما ذكرناه من الأحاديث.

و عن الرابع:ان القنوت هو الطاعة فلا يختص الدعاء.

و لو سلمنا ذلك،لكن اختصاص الصبح بذلك ممنوع لما يأتي من استحباب القنوت في الصلوات كلها.و لو سلم اختصاص القنوت بالصبح لكن لا نسلم ان الأمر بالقيام يستلزم عود ذلك إلى الوسطى و قوله:إنها أشد على المنافقين و ما بعد ذلك من حججهم ضعيف،لأنه لا يعارض ما أوردناه من النصوص هذه الأوهام.

مسألة:قال الشيخ:يكره تسمية العشاء بالعتمة ،

(4)

و كأنه نظر إلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله(لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء و انهم يعتمون بالإبل) (5)و لكن هذا الحديث لم يرد من طرف الأصحاب.قال:و كذا يكره تسمية الصبح بالفجر (6).و قال أيضا:قضاء نافلة الليل بالنهار أفضل،و قضاء

ص:161


1- 1صحيح مسلم 1:442 حديث 639،سنن النسائي 1:267.
2- 2) صحيح البخاري 1:147،سنن ابن ماجه 1:261 حديث 797،سنن الدارمي 1:291، [1]كنز العمال 7:401 حديث 19494 بتفاوت في الجميع.
3- 3) الموطأ 1:130 فإنه لم يذكر هذين الحديثين.
4- 4) المبسوط 1:75. [2]
5- 5) صحيح مسلم 1:445 حديث 644،سنن ابن ماجه 230 حديث 704،سنن النسائي 1:270،مسند أحمد 2:19،49،144، [3]كنز العمال 7:402 حديث 19503،نيل الأوطار 1:419 حديث 2.
6- 6) المبسوط 1:75. [4]

نافلة النهار بالليل أفضل (1).و هو حسن لما فيه من المسارعة.

الفصل الثالث:في القبلة،و فيه مباحث:
الأول:القبلة هي الكعبة مع الإمكان،و إلا فجهتها.

ذهب إليه السيد المرتضى (2)، و اختاره الجمهور كافة.

و قال الشيخ:الكعبة قبلة أهل المسجد،و المسجد قبلة أهل الحرم،و الحرم قبلة من خرج عنه (3).

و قال بعض الشافعية:القبلة عين الكعبة للبعيد و القريب (4).

لنا:قوله تعالى :«جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ» (5).

و ما رواه الجمهور،عن البراء قال:قدم رسول الله صلى الله عليه و آله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا،ثمَّ انه وجه إلى الكعبة فمر رجل كان صلى مع النبي صلى الله عليه و آله على قومه من الأنصار فقال:ان رسول الله صلى الله عليه و آله قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام قال:«ان بني عبد الأشهل أتوهم و هم في الصلاة قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم:ان نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال و الرجال مكان

ص:162


1- 1المبسوط 1:77. [1]
2- 2) الناصريات(الجوامع الفقهية):194-195.
3- 3) النهاية:62، [2]المبسوط 1:77،الخلاف 1:98 مسألة 41.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:67.
5- 5) المائدة:97. [3]
6- 6) سنن النسائي 1:243.و نقله في صحيح البخاري 6:27،و صحيح مسلم 1:374 حديث 525 بتفاوت.

النساء و جعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة،فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين،فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين» (1).

و أما ان المأخوذ على البعيد الاستقبال إلى الجهة فلقوله:«وَ حَيثُ ما كُنتُم فَوَلوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ» (2)و الشطر:النحو.و لأن تكليف الاستقبال إلى عين الكعبة يستلزم إبطال صلاة بعض الصف المتطاول في سمت مستقيم،و إبطال صلاة أهل العراق أو خراسان،لبعد ما بينهما،مع ان قبلتهما واحدة،إذ من المستحيل محاذاة كل واحد منهما عين الكعبة.

احتج الشيخ بالإجماع (3)،و بأنه يلزم إما إبطال بعض صلاة الصف المتطاول،أو إلزام المأمومين الصلاة خلف الإمام،كما لو صلى في المسجد و اللازم بقسميه باطل بالإجماع.

و بما رواه عبد الله بن محمد الحجال (4)،عن بعض رجاله،عن أبي عبد الله عليه السلام«ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد،و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم، و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا» (5).

و عن بشر بن جعفر الجعفي أبو الوليد (6)قال:سمعت جعفر بن محمد الصادق

ص:163


1- 1التهذيب 2:43 حديث 138،الوسائل 3:216 الباب 2 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) البقرة:145. [2]
3- 3) الخلاف 1:98 مسألة 41.
4- 4) عبد الله بن محمد الأسدي الحجال المزخرف:أبو محمد ثقة ثقة ثبت،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)،و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة.رجال الطوسي:381،الفهرست:102، [3]رجال العلامة:105. [4]
5- 5) التهذيب 2:44 حديث 139،الوسائل 3:220 الباب 3 من أبواب القبلة،حديث 139. [5]
6- 6) بشر بن جعفر الجعفي:أبو الوليد،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و قال:روى عنه أحمد بن الحارث الأنماطي.و ذكر الأردبيلي روايته عن الصادق(ع). رجال الطوسي:107،جامع الرواة 1:122. [6]

عليهما السلام،يقول:«البيت قبلة لأهل المسجد و المسجد قبلة لأهل الحرم و الحرم قبلة للناس جميعا» (1).

و الجواب عن الأول:بمنع الإجماع مع ثبوت الخلاف.

و عن الثاني:ان الملازمة إنما تتم لو قلنا ان المصلي خارج الحرم يتوجه إلى نفس الكعبة و بيتها،و نحن لا نقول ذلك،بل الواجب التوجه إلى جهة الكعبة أي السمت الذي فيه الكعبة،و ذلك متسع يمكن أن يوارى جهة كل مصل.

و أيضا فالإلزام يتجه عليه في الحرم،لأنه لم يبلغ في الطول إلى حد يتوجه إليه أهل العراق و خراسان.

و عن الحديثين بضعف سندهما،أما الأول فإنه مرسل،و أما الثاني فإن رواية كان ابن عقدة (2)و هو زيدي،و في رجاله من لا نعرفه،فلا احتجاج.

مسألة:لو صلى المكتوبة في الكعبة تخير في استقبال أي جدرانها شاء.

و قد اختلف قول الشيخ ها هنا،فقال في النهاية،و المبسوط،و الجمل،و الاستبصار:

بالكراهية (3).و قال في الخلاف:لا يجوز اختيارا،و حكاه عن مالك (4).و الأول أقوى.

لنا:انه استقبل الجهة و هو المطلوب،فيخرج عن العهدة.

احتج الشيخ بالإجماع،و بأن القبلة هي الكعبة للمشاهد،فتكون جملتها القبلة لا

ص:164


1- 1التهذيب 2:44 حديث 140،الوسائل 3:220 الباب 3 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبيد الله بن زياد بن عجلان السبيعي الهمداني المعروف ب«ابن عقدة»قال الشيخ في الفهرست: [2]كان زيديا جاروديا،و عده في رجاله ممن لم يرو عنهم، و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة.مات بالكوفة سنة 333 ه. رجال النجاشي:94،رجال الطوسي:441،الفهرست:28، [3]رجال العلامة:203. [4]
3- 3) النهاية:101، [5]المبسوط 1:85،الجمل و العقود:65،الاستبصار 1:299.
4- 4) الخلاف 1:159 مسألة 186.

بعضها،و المصلّي في جوفها إنّما يستقبل بعضها.

و بما رواه في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السّلام قال:«لا تصلّ المكتوبة في الكعبة» (1).

و الجواب عن الأوّل:بمنع الإجماع و كيف يصحّ ادّعاء ذلك منه مع مخالفته له فيما ذكرناه من كتبه،إلاّ أن يكون المراد بقوله:لا يجوز:الكراهية،فإنّه كثيرا ما يستعمل هذا اللّفظ في هذا المعنى.

و عن الثّاني:بالمنع من كون جملة الكعبة هي القبلة بالنسبة إلى مصل واحد في وقت واحد،فإن استقبال الواحد جملة البنية محال بل إنما يحاذيه ما يساوي بدنه و الباقي خارج عن مقابلته.

و عن الحديث بالمنع من إرادة التحريم فيه بل يحمل على الكراهية.

فروع:
الأول:

لا بأس بالنوافل جوف الكعبة و هو إجماع،بل هي مستحبة لا نعرف فيه مخالفا إلا ما نقل عن محمد بن جرير الطبري (2).

الثاني:

لو كانت الحال حال ضرورة جازت الصلاة جوف الكعبة من غير كراهية.و هو إجماع أهل العلم كافة.

الثالث:

إذا صلى جوفها اضطرارا أو اختيارا على ما ذهبنا نحن إليه استقبل أي جدرانها شاء.و هو قول كل أهل العلم.

الرابع:

لو استهدم البيت و العياذ بالله صلى إلى موضعه،لأن الاعتبار بالجهة لا البنية،فإنا لو وضعنا الحيطان في موضع آخر لم يجز الاستقبال إليها إجماعا.

ص:165


1- 1التهذيب 2:376 حديث 1564،الوسائل 3:245 الباب 17 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) المجموع 3:194.
الخامس:

لو صلى جوفها و هي مستهدمة أبرز بين يديه بعضها و صلى.و لو صلى على طرفها و لم يبرز شيئا لم تصح صلاته.

و قال الشافعي:لا تصح في الموضعين (1).

لنا:ان المأخوذ عليه الاستقبال إلى جزء الناحية،و قد امتثل،فيخرج عن العهدة.

السادس:

لو صلى في جوفها و الباب مفتوحة و لا عتبة مرتفعة صحت صلاته أيضا بناء على ما ذكرنا،و الخلاف مع الشافعي (2)كما ثمَّ.

السابع:

لو صلى في المسجد استقبل أي جدران الكعبة شاء.

و لو صلى في المسجد جماعة و استطال المأمومين حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة فصلاة من خرج عن السمت باطلة.

مسألة:و لو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها و لو قليلا و صلى قائما.

و به قال أبو حنيفة (3).

و قال الشيخ في النهاية و الخلاف:يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور بالإيماء (4).و قال في المبسوط:و إن صلى كما يصلي[إذا كان] (5)جوفها كانت صلاته ماضية،سواء كانت للسطح سترة من نفس البناء أو معرورا فيه،و سواء وقف على سطح البيت أو على حائطه إلا أن يقف على طرف الحائط بحيث لا يبقى بين يديه جزء من البيت لأنه حينئذ يكون مستدبرا لا مستقبلا (6).و هو يوافق في الحقيقة ما

ص:166


1- 1المجموع 3:198-199.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:67،المجموع 3:198.
3- 3) المبسوط للسرخسي 2:79،بدائع الصنائع 1:121،الهداية للمرغيناني 1:95،شرح فتح القدير 2:111.
4- 4) النهاية:101، [1]الخلاف 1:160 مسألة 188.
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) المبسوط 1:85. [2]

ذكرناه نحن،لأن جواز القيام يستلزم وجوبه،لأنه شرط مع الإمكان.

لنا:أن المأخوذ عليه الصلاة إلى الجهة و هو يحصل مع القيام و إبراز البعض، فيحصل الامتثال،فلا معنى للصلاة بالاستلقاء.

احتج الشيخ بالإجماع و بما رواه عبد السلام (1)،عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة،قال:«إن قام لم يكن له قبلة،و لكن يستلقي على قفاه و يفتح عينيه إلى السماء و يعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور،و يقرأ،فإذا أراد أن يركع غمض عينيه،فإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه،و السجود على نحو ذلك» (2).

و الجواب:ان الإجماع ممنوع ها هنا،خصوصا مع ما ذكره في المبسوط.و أما الرواية فضعيفة رواها إسحاق بن محمد (3)،و قد قال النجاشي:إسحاق بن محمد معدن التخليط،فإن يكن الراوي هو هذا فقد ظهر ضعفه،و إلا فهو ضعيف لالتباسه بالمضعف،فلا يطرح عموم الأمر بالقيام،و عموم قوله تعالى:

ص:167


1- 1عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الخراساني،ثقة صحيح الحديث له كتاب وفاة الرضا(ع).قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)و صرح بأنه عامي،و العجب من المصنف حيث إنه ذكره تارة في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة صحيح الحديث و اخرى في القسم الثاني من الخلاصة في باب الكني و قال:عامي.و قوى المحقق المامقاني كونه شيعيا و استدل بأمور ليس هنا موضع ذكرها. رجال النجاشي:245،رجال الطوسي:380،396،رجال العلامة:117،267، [1]تنقيح المقال 2: 151. [2]
2- 2) التهذيب 2:376،حديث 1566،الوسائل 3:248 الباب 19 من أبواب القبلة،حديث 2. [3]
3- 3) إسحاق بن محمد بن أبان بن مرار بن عبد الله بن الحرث أبو يعقوب النخعي الأحمر أخو الأشتر، قال النجاشي:هو معدن التخليط،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:لا أقبل روايته. و ميزه في المشتركات برواية الجرمي عنه و رواية علي بن محمد عنه. رجال النجاشي:73،رجال العلامة:201، [4]هداية المحدثين:180. [5]

«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (1)و عموم الأمر بالركوع و السجود على وجههما بمثل هذا الحديث الضعيف.

فرع:

لو صلى على موضع مرتفع ارفع بناء من الكعبة كجبل أبي قبيس صلى إلى جهة القبلة قائما كما قلناه في السطح،لأن المأخوذ عليه التوجه إلى الجهة بقوله :«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» .

و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن خالد بن أبي إسماعيل (2)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة،فقال:«لا بأس» (3).

و كذا لو صلى في موضع منخفض عن الكعبة فإنه يستقبل الجهة و تصح صلاته، و لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم.

مسألة:أجمع كل أهل الإسلام على ان استقبال القبلة واجب في الفرائض،

و شرط فيها،قال الله تعالى :«وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» و قال :

«جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ» (4).

و روى إبراء قال:قدم رسول الله صلى الله عليه و آله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا،ثمَّ انه وجه إلى الكعبة فمر رجل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه و آله على قوم من الأنصار،فقال:ان رسول الله صلى الله عليه و آله قد وجه إلى الكعبة

ص:168


1- 1البقرة:145. [1]
2- 2) خالد بن أبي إسماعيل الكوفي ثقة قاله النجاشي،و قال الشيخ في الفهرست:له أصل،و ذكره الصدوق في مشيخته في طريق عبد الأعلى مولى آل سام،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و وثقه. رجال النجاشي:150،الفقيه 4:شرح المشيخة:37،الفهرست:66، [2]رجال العلامة:65. [3]
3- 3) التهذيب 2:376 حديث 1565،الوسائل 3:247 الباب 18 من أبواب القبلة،حديث 2. [4]
4- 4) المائدة:97. [5]

فانحرفوا إلى الكعبة (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،قال:صلى رسول الله صلى الله عليه و آله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاثة عشرة سنة بمكة،و تسعة عشر شهرا بالمدينة،ثمَّ عيرته اليهود فقالوا له:انك تابع لقبلتنا،فاغتم لذلك غما شديدا،فلما كان في بعض الليل خرج عليه السلام يقلب وجهه في آفاق السماء،فلما أصبح صلى الغداة،فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له :«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» (2)الآية،ثمَّ أخذ بيد النبي صلى الله عليه و آله فحول وجهه إلى الكعبة و حول من خلفه وجوهكم حتى قام الرجال مقام النساء و النساء مقام الرجال،فكان أول صلاته إلى بيت المقدس و آخرها إلى الكعبة،و بلغ الخبر مسجدا بالمدينة و قد صلى أهله من العصر ركعتين،فحولوا نحو الكعبة،فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدس، و آخرها إلى الكعبة،فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين،فقال المسلمون:صلاتنا إلى بيت المقدس تضيع يا رسول الله؟فأنزل الله عز و جل «وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ» (3)يعني صلاتكم إلى بيت المقدس (4).

و في هذا الحديث فوائد فقهية و أصولية ذكرناها في كتاب استقصاء الاعتبار.

مسألة:وجوب الاستقبال يستدعي وجوب معرفة القبلة،

و إلا لزم التكليف بالمحال،و معرفة القبلة قد تحصل بالمشاهدة،و هذا يختص الحاضرين في المسجد الحرام، و قد تحصل بالدلائل و العلامات،و ذلك حكم الغائبين في الأمصار.و البحث هاهنا في

ص:169


1- 1سنن النسائي 1:243.و نقله في صحيح البخاري 6:27،و صحيح مسلم 1:374 حديث 525 بتفاوت.
2- 2) البقرة:145. [1]
3- 3) البقرة:144. [2]
4- 4) الفقيه 1:178 حديث 843،الوسائل 3:218 الباب 2 من أبواب القبلة،حديث 12. [3]

الدلالة.و أوثق أدلتها النجوم،قال الله تعالى :«وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» (1)و كل إقليم يتوجهون سمت الركن الذي يليهم،فأهل الشرق يتوجهون إلى الركن العراقي، و أهل الغرب إلى الغربي،و أهل الشام إلى الشامي،و أهل اليمن إلى اليمني.

و لنبدأ بالعراقي و استقبال أهله إليه،و علامتهم وضع الجدي خلف المنكب الأيمن، روى الشيخ،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن القبلة؟ قال:«ضع الجدي في قفاك و صل» (2).

و لهم علامة أخرى،بأن يجعلوا المشرق محاذيا للمنكب الأيسر،و المغرب مقابله،أو يجعلوا الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.و القمر يبدو أول ليلة من الشهر هلالا في المغرب عن يمين المصلي،ثمَّ يتأخر كل ليلة نحو المشرق منزلا حتى يكون ليلة السابع وقت المغرب في قبلة المصلي أو مائلا عنها قليلا،ثمَّ يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدرا،و ليلة إحدى و عشرين يكون في قبلة المصلي أو قريبا منها وقت الفجر.

و أما الاستدلال بالأنهار فلا اعتداد به،لاختلافه و عدم ضبطه.

و أما علامات أهل الشام فست:بنات نعش،و الجدي،و موضع مغيب سهيل، و طلوعه،و الصبا،و الشمال،فإذا كانت بنات نعش حال غيبوبتها خلف الاذن اليمنى و الجدي خلف الكتف الأيسر إذا طلع،و موضع مغيب سهيل على العين اليمني و طلوعه بين العينين،و الصبا على الخد الأيسر و الشمال على الكتف الأيمن كان مستقبلا للقبلة.

و علامات أهل المغرب ثلاث:الثريا،و العيوق،و الجدي،فإذا كان الثريا على يمينه و العيوق على شماله و الجدي على صفحة خده الأيسر فقد استقبل القبلة.

و علامات أهل اليمن ثلاث:الجدي،و سهيل،و الجنوب،فإذا كان الجدي وقت

ص:170


1- 1النحل:16. [1]
2- 2) التهذيب 2:45 حديث 143،الوسائل 3:222 الباب 5 من أبواب القبلة،حديث 1. [2]

طلوعه بين عينيه و سهيل حين يغيب بين كتفيه و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى فقد توجه إلى القبلة.ذكر علامات هذه الأركان الثلاثة ابن حمزة (1)من علمائنا رحمة الله.

مسألة:و قد ورد في أخبارنا التياسر قليلا لأهل العراق ،

(2)

و أفتى به الشيخ (3)، و ظاهر كلامه يعطي الوجوب،و الأشبه الاستحباب،و ذلك إنما يكون على تقدير أن يكون التوجه إلى الحرم.أما إذا قلنا بالتوجه إلى الكعبة على ما اخترناه فلا يتمشى فيه ذلك.

روى الشيخ،عن المفضل بن عمر (4)انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة،و عن السبب فيه؟فقال:«ان الحجر الأسود لما نزل به من الجنة و وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر الأسود (5)،فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال،و عن يسارها ثمانية أميال كله اثنى عشر ميلا،فإذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب

ص:171


1- 1الوسيلة [1](الجوامع الفقهية):671.
2- 2) الفقيه 1:178 حديث 842،التهذيب 2:44 حديث 142،الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 2. [2]
3- 3) المبسوط 1:78، [3]النهاية:63، [4]الخلاف 1:98 مسألة 42.
4- 4) أبو عبد الله المفضل بن عمر الجعفي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم(ع)و قد وقع الخلاف في توثيقه و تضعيفه.و ثقة المفيد في الإرشاد بقوله:إنه من شيوخ أصحاب أبي عبد الله(ع) و خاصته و بطانته و ثقاته.و عن غيبة الشيخ:أنه كان من قوام الأئمة و كان محمودا عندهم.و ضعفه النجاشي بقوله:فاسد المذهب مضطرب الرواية،و المصنف بذكره إياه في القسم الثاني من الخلاصة، و روى الكشي في شأنه أخبارا مادحة و ذامة،و قد ذكرهما المحقق المامقاني و رجح الأخبار المادحة و أجاب عن الأخبار الذامة ثمَّ قال:فالرجل عندي من عظم الشأن و جلالة القدر بمكان. الإرشاد للمفيد 2:208، [5]رجال الطوسي:314،360،رجال النجاشي:416،رجال الكشي: 135-306،رجال العلامة:258، [6]تنقيح المقال 3:238. [7]
5- 5) ليست في«م»«ن»«غ»«ق».

الحرم،و إذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة» (1).

و روى محمد بن يعقوب،عن علي بن محمد (2)رفعه،قال:قيل لأبي عبد الله عليه السلام:لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟فقال:«لأن للكعبة ستة حدود،أربعة منها على يسارك،و اثنان منها على يمينك،فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار» (3)و المفضل بن عمر ضعيف،و الثانية مرسلة،فلا تعويل عليهما.

مسألة:و لو فقد العلم بجهة القبلة اجتهد،

فإن غلب على ظنه جهة القبلة لأمارة من الأمارات عول عليه.و هو قول أهل العلم.

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (4).

و عن سماعة قال:سألته عن الصلاة بالليل و النهار إذا لم تر الشمس و لا القمر و لا النجوم؟قال:«اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك» (5).

و لو لم يغلب على ظنه،و فقدت الأمارة و حصل الاشتباه،صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات أربع دفعات.ذهب إليه علماؤنا.

ص:172


1- 1التهذيب 2:44 حديث 142،الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
2- 2) علي بن محمد بن أبي القاسم-و اسم أبي القاسم:عبد الله بن عمران البرقي،و هو من مشايخ الكليني و قد أكثر الرواية عنه و أطلق،و من ثمَّ قد يقال بجهالته،عنونه النجاشي بعلي بن أبي القاسم،بإسقاط محمد- و لكن المصنف عنونه ب«علي بن محمد بن أبي القاسم»و استظهر المحقق المامقاني اتحادهما،كما قطع به المحقق السيد الخوئي في معجم رجاله. رجال النجاشي:256،رجال العلامة:100، [2]تنقيح المقال 2:302، [3]معجم رجال الحديث 11: 256،و ج 12:138. [4]
3- 3) الكافي 3:487 حديث 6، [5]الوسائل 3:221 الباب 4 من أبواب القبلة،حديث 1. [6]
4- 4) التهذيب 2:45 حديث 146،الاستبصار 1:295 حديث 1087،الوسائل 3:223 الباب 6 من أبواب القبلة،حديث 1. [7]
5- 5) التهذيب 2:46 حديث 147،الاستبصار 1:295 حديث 1088،الوسائل 3:223 الباب 6 من أبواب القبلة،حديث 2. [8]

و قال داود:يصلّي إلى أيّ جهة شاء (1).

و قال الشّافعيّ:يقلّد غيره (2).

و قال أبو حنيفة،و أحمد:يصلّي ما بين المشرق و المغرب،و يتحرّى الوسط (3).

لنا:انّ الاستقبال واجب،و لا يتمّ إلاّ بما قلناه،فيكون واجبا،لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به يكون واجبا،و إلاّ لزم التّكليف بالمحال أو خروج الواجب المطلق عن الوجوب.

و ما رواه الشّيخ عن خراش (4)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت:جعلت فداك،ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون:إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا و أنتم سواء في الاجتهاد؟فقال:«ليس كما يقولون،إذا كان كذلك فليصل لأربع وجوه» (5)و قول الشافعي جيد إذا أثمر التقليد الظن،و قول أبي حنيفة جيد،و ليس البحث على تقدير العلم بجهة المشرق و المغرب، فإنه متى حصل العلم بهما أمكن العلم بالقبلة لما بيناه في الدلائل.

روى الشيخ في الصحيح عن،معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:قلت:الرجل يقوم في الصلاة،ثمَّ ينظر بعد ما فرغ[فيرى] (6)انه قد انحرف عن

ص:173


1- 1المحلى 3:230.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:228،مغني المحتاج 1:146،السراج الوهاج:40.
3- 3) المغني 1:491.
4- 4) خراش بن إبراهيم الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و هذه الرواية تدل على كونه إماميا،و اختلف في اسمه،نقل المحقق المامقاني عن بعض:خداش-بالخاء و الدال-كما في الكتب الرجالية.و عن بعض:خراش-بالخاء و الراء المهملة-كما في التهذيب و نسخة من رجال الطوسي. رجال الطوسي:189،تنقيح المقال 1:396. [1]
5- 5) التهذيب 2:45 حديث 144،الاستبصار 1:295 حديث 1085،الوسائل 3:226 الباب 8 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
6- 6) أضفناه من المصدر.

القبلة يمينا[أ] (1)و شمالا؟قال:«قد مضت صلاته،و ما بين المشرق و المغرب قبلة» (2).

فروع:
الأول:لو لم يتسع الوقت لأربع صلى ما يتسع له الوقت

ثلاثا،أو اثنين،أو واحدة بحسب ضيق الوقت و سعته،و كذا لو منع بعدو أو سبع،و يتخير في الواحدة بين الواجبة و الساقطة،لأن التقدير عدم الترجيح،فلا اختصاص للبعض بالوجوب إلا بحسب الخيرة.

الثاني:

لا يجوز الاجتهاد مع إمكان العلم،لأن الاستقبال مع اليقين ممكن، فيسقط حكم الظن.

الثالث:لو صلى عن اجتهاد إلى جهة،ثمَّ أراد أن يصلي اخرى،

قال الشيخ في المبسوط:يعيد اجتهاده إلا أن يعلم أن الأمارات لم تتغير (3).و هو قول الشافعي (4)، و أحمد (5).فلو تغير اجتهاده في الصلاة الثانية لم يعد الصلاة الأولى بغير خلاف فيما نعلمه.

و لو تغير اجتهاده في الصلاة،فإن كان منحرفا يسيرا استدار إلى القبلة و أتم و لا إعادة،و إن كان مشرقا أو مغربا أو مستدبرا أعاد.

ص:174


1- 1أضفناه من بعض المصادر.
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 157،الاستبصار 1:297 حديث 1095،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:81.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:216،السراج الوهاج:40،المغني 1:500،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.
5- 5) المغني 1:500،الكافي لابن قدامة 1:152،الإنصاف 2:18،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.

و قال بعض الجمهور:يعيد مطلقا (1).و ليس بجيد.

و قال آخرون:لا يرجع و يمضي على الاجتهاد الأول (2)و هؤلاء عن التحقيق بمعزل.و كذا لو تجدد يقين بالجهة المخالفة في أثناء الصلاة استدار إليها،كأهل قباء لما استداروا إلى القبلة،و لا نعرف فيه خلافا.

الرابع:العالم بجهة القبلة لا يقلد غيره بلا خلاف،

لأن التقليد إنما يثمر الظن، و لا حكم له مع العلم،و كذا المجتهد.أما فاقد الاجتهاد و من لا يعرفه كالعامي هل يجوز له الرجوع إلى قول العدل أم لا؟نص في المبسوط (3)على انه يرجع إلى قول العدل.و به قال الشافعي (4).و ظاهر كلام الشيخ في الخلاف:انه يصلي إلى أربع جهات مع السعة و إلى واحدة يتخيرها مع الضيق (5).و الأقرب عندي الأول،لأن قول العدل أحد الأمارات المفيدة للظن،فيلزم العمل به مع فقد أقوى و معارض.

لا يقال:ان له عن التقليد مندوحة فلا يجوز له فعله،لأن الوقت إن كان واسعا صلى إلى أربع جهات،و إن كان ضيقا تخير في الجهات.

لأنا نقول:القول بالتخيير مع حصول الظن باطل،لأنه ترك للراجح و عمل بالمرجوح.

الخامس:لو اجتهد و صلى،ثمَّ شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد،

أما لو كان في الأثناء فإنه لا يلتفت إلى الشك و لا يقطع الصلاة للاجتهاد ثانيا،لأنه دخل في الصلاة دخولا مشروعا بدليل ظاهر و هو الاجتهاد،فلا يزول عنه بالشك.

ص:175


1- 1المهذب للشيرازي 1:68.
2- 2) المغني 1:501،الشرح الكبير بهامش المغني 1:527.
3- 3) المبسوط 1:79. [1]
4- 4) الام 1:94،المهذب للشيرازي 1:68،الأم(مختصر المزني)8:13،مغني المحتاج 1:146،السراج الوهاج:40.
5- 5) الخلاف 1:100 مسألة 49.
السادس:لو بان له الخطأ في أثناء الصلاة و لم يعرف جهة القبلة،

كرجل صلى إلى جهة،ثمَّ رأى بعض منازل القمر في قبلته و لم يدر أ هو في المشرق أو المغرب و احتاج إلى الاجتهاد أبطل صلاته،لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة،و لا جهة يتوجه إليها، فتعذر إتمامها.

السابع:الأعمى يقلد غيره و إن كان ذلك الغير صبيا أو امرأة.

ذكره الشيخ في المبسوط (1)،و ظاهر كلامه في الخلاف:انه يصلي إلى أربع جهات مع السعة،و مع الضيق إلى جهة يتخيرها (2).و الأول أقرب،لأنه لا طريق له إلى الاجتهاد،فلم يكن واجبا عليه كالعامي في الأحكام.

الثامن:لو صلى الأعمى من غير تقليد بل برأيه

و لم يستند إلى أمارة يعلمها،فإن أخطأ أعاد،و إن أصاب قال الشيخ:لا يعيد (3).

و قال الشافعي:يعيد (4).

احتج الشيخ بأنه امتثل ما أمر به من التوجه نحو المسجد الحرام،فيكون مجزيا.

و لأن بطلان الصلاة حكم شرعي،فيقف على الدلالة،و هي مفقودة (5).

احتج الشافعي بأنه لم يفعل ما أمر به و هو الرجوع إلى قول الغير،فجرى مجرى عدم الإصابة،و كلاهما قويان.

قال الشيخ:و لو كان مع ضيق الوقت كانت صلاته ماضية (6).و في إطلاقه نظر.

ص:176


1- 1المبسوط 1:80. [1]
2- 2) الخلاف 1:100 مسألة 49.
3- 3) المبسوط 1:80،الخلاف 1:101 مسألة 50.
4- 4) الأم 1:94،المهذب للشيرازي 1:68،السراج الوهاج:40.
5- 5) الخلاف 1:101 مسألة 50.
6- 6) المبسوط 1:80. [2]
التاسع:

لو صلى الأعمى بقول واحد و أخبر آخر بخلافه مضى في صلاته مع التساوي في العدالة.

العاشر:لو صلى الأعمى بقول بصير،ثمَّ أبصر،عمل على اجتهاده،

فإن وافق قول البصير استمر بلا خلاف،لأن الاجتهادين قد اتفقا،و إن خالف عدل إلى ما أداه إليه اجتهاده و لم يستأنف،لأنه دخل دخولا مشروعا.و لو لم يبين له الصواب من الخطأ و احتاج إلى تأمل كثير و اجتهاد متطاول ففي الإبطال نظر.قاله بعض الجمهور (1)،لأن فرضه الاجتهاد،فلا يجوز العدول عنه إلى التقليد،كما لو كان بصيرا في الابتداء.و يعارضه انه دخل دخولا مشروعا،فيستمر عملا بالاستصحاب،فنحن في هذا من المتوقفين.

أما لو كان مقلدا،ثمَّ أبصر،مضى في صلاته قولا واحدا،لأنه لا يتمكن إلا من الدليل الذي استدل به أولا و هو قول الغير.

الحادي عشر:لو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده و هو بصير فعمي،

مضى في صلاته،لأنه لا يمكنه إلا الرجوع إلى الغير،فإلى اجتهاده أولى.و لو استدار عن القبلة، فإن أمكن الرجوع على اليقين (2)رجع و أتم،و إن اشتبه و وجد المرشد أتم،و إن تطاول استأنف مع توقع المرشد،و إن لم يتفق صلى إلى الأربع مع السعة،و إلى الواحدة مع الضيق.

الثاني عشر:

من وجب عليه الأربع إذا غلب على ظنه الجهة فإن كان ما عليه الفعل استمر قطعا،و إلا مال إلى الجهة المظنونة و استمر.قال في المبسوط:ما لم يكن مستدبرا (3).و الأقرب عندي الاستئناف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

الثالث عشر:

لو قلد مجتهدا فأخبره بالخطإ فتيقن استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب.

ص:177


1- 1المهذب للشيرازي 1:68.
2- 2) «م»«ن»:التعيين.
3- 3) المبسوط 1:81.
مسألة:و إذا اختلف اجتهاد رجلين عول كل منهما على اجتهاد نفسه

و لا يتبع أحدهما صاحبه.و نعني بالمجتهد في القبلة:العالم بأدلتها و إن كان جاهلا بأحكام الشرع،و المقلد:من لا يتمكن من الصلاة باجتهاد،إما لعدم بصره كالأعمى،أو لعدم علمه كالعامي الذي لا يمكنه التعلم و الصلاة باجتهاده قبل خروج الوقت.أما من يتمكن فإنه يلزمه التعلم،لأن كل واحد منهما يحكم بخطإ صاحبه،فلا يجوز له التعويل عليه فيه.

فروع:
الأول:

لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا فيه مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في هذه المسألة،كالعالمين في الحادثة،فإنه لا يرجع غير الأعلم إلى الأعلم فيها.

الثاني:

لو اجتهد أحدهما و أراد الآخر تقليده من غير اجتهاد لم يجز ذلك،لأنه يتمكن من الاجتهاد فلا يعول على غيره،هذا إذا كان الوقت واسعا،أما مع ضيق الوقت عن الاجتهاد ففي جواز الرجوع إلى التقليد نظر أقربه الجواز،كمن دخل إلى مدينة،فإنه يعول على قبلة أهلها.

الثالث:

قال الشيخ:إذا اختلف الاجتهاد لم يأتم أحدهما بالآخر (1).و به قال الشافعي (2)،خلافا لأبي ثور (3).

لنا:ان كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه،فلا يجوز له أن يأتم به،كما لو خرجت من أحدهما ريح و اعتقد كل منهما انها من صاحبه.

احتج أبو ثور بأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة صاحبه و ان فرضه التوجه إلى ما توجه إليه.

ص:178


1- 1المبسوط 1:79،الخلاف 1:100 مسألة 48.
2- 2) الأم 1:94،الام(مختصر المزني)8:13،المجموع 3:214، [1]المغني 1:503.
3- 3) المجموع 3:214،المغني 1:504،الشرح الكبير بهامش المغني 1:523.

و الجواب:إن وجبت المتابعة لزم صيرورة التابع إلى خلاف اجتهاده لأجل الغير، و ذلك باطل.و إن لم يجب لم يبق قوله عليه السلام:(إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به) (1)مطلقا مع أصالته.

الرابع:

لو اتفق الإمام و المأمومون في الجهة بالاجتهاد،ثمَّ عرض له في أثناء الصلاة ظن الفساد استدار،فإن غلب على ظن المأمومين ذلك تابعوه،و إلا ثبتوا على حالهم و أتموا منفردين.و لو اختلف المأمومون صلى كل منهم إلى جهة ظنه و فارقوا الإمام.

الخامس:

يرجع الأعمى و المقلد إلى أوثق المجتهدين عدالة و معرفة في نفسه،لأن الصواب إليه أقرب.و لو قلد المفضول لم تصح صلاته.خلافا للشافعي (2).

لنا:انه ترك المأمور به،فلا يجزي ما فعله،كالمجتهد إذا ترك اجتهاده.

احتج الشافعي بأنه رجع إلى من له الرجوع إليه لو انفرد،فكذا مع الاجتماع كما لو استويا.

و الجواب:الفرق ظاهر.

السادس:

لا عبرة بظن المقلد هنا،فإنه لو غلب على ظنه إصابة المفضول لم يمنعه ذلك من تقليد الأفضل،و لو تساويا تخير في تقليد من شاء منهما،كالعامي مع المجتهدين.

السابع:

حكم المجتهد إذا حضره مانع كرمد العين،أو عارض يمنعه من الاجتهاد كالحبس،حكم الأعمى و المقلد سواء،لأنه كالأعمى في عدم التمكن من الاجتهاد، فيساويه في الحكم.

ص:179


1- 1صحيح البخاري 1:177،صحيح مسلم 1:308 حديث 411 و ص 311 حديث 417.سنن ابن ماجه 1:276 حديث 846،سنن أبي داود 1:164 حديث 601،603، [1]سنن النسائي 2:98،مسند أحمد 2:324،420. [2]
2- 2) المغني 1:506،الشرح الكبير بهامش المغني 1:524.
الثامن:

لو شرع في الصلاة بتقليد مجتهد فقال له آخر:قد أخطأت،فإن استند المخبر بالخطإ إلى اليقين رجع إلى قوله مع عدالته،لأن الظن الحاصل من قوله أقوى،و إن استند إلى الاجتهاد استمر على حاله إن تساويا في العدالة،و إلا رجع إلى قوله.

البحث الثاني:فيما يستقبل له.
مسألة:لا نعرف خلافا بين أهل العلم في كون الاستقبال شرطا في الفرائض

أداء و قضاء مع التمكن و زوال العذر،فأما النوافل،فالأقرب أنها كذلك.نص عليه الشيخ (1)،لأنه شرط للصلاة،فاستوى الفرض و النفل كالطهارة و الاستتار إلا في حال السفر.و هو قول أكثر أهل العلم (2).

مسألة شرطية الاستقبال في غير الصلاة

و يجب الاستقبال إلى القبلة للذبيحة،و احتضار الأموات،و غسلهم، و الصلاة،و دفنهم.ذهب إليه علماؤنا.و هذه الأحكام بعضها قد مضى و الباقي سيأتي.

مسألة:و يسقط فرض الاستقبال مع شدة الخوف

بحيث لا يتمكن من استيفاء واجبات الصلاة،قال الله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (3).

و روى الجمهور،عن نافع،عن ابن عمر،قال:فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة و غير مستقبليها.قال نافع:لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه و آله (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«الذي يخاف اللصوص و السبع يصلي صلاة الموافقة إيماءا على دابته»

ص:180


1- 1النهاية:62.
2- 2) المغني 1:485،الشرح الكبير بهامش المغني 1:517،المجموع 3:189.مغني المحتاج 1:142.
3- 3) البقرة:239. [1]
4- 4) صحيح البخاري 6:38،الموطأ 1:184 حديث 3، [2]نيل الأوطار 2:182 حديث 1.

قال:قلت أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع و لا يقدر على النّزول؟ قال:«يتيمّم من لبد سرجه أو دابّته أو من معرفة دابّته فإنّ فيها غبارا،و يصلّي و يجعل السّجود أخفض من الرّكوع،و لا يدور إلى القبلة،و لكن أينما دارت دابّته،غير أنّه يستقبل القبلة بأوّل تكبيرة حين يتوجّه (1).و لأنّه حال ضرورة،فيسقط فرض الاستقبال تخفيفا كغيره.

مسألة:و يستقبل بأوّل تكبيرة القبلة و هي تكبيرة الافتتاح واجبا.

ذهب إليه علماؤنا.و هذا مع التّمكّن،أمّا بدونه فلا.و به قال أحمد في إحدى الرّوايتين،و عنه:

لا يجب (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس بن مالك:انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في السّفر فأراد أن يصلّي على راحلته استقبل القبلة،ثمَّ كبّر،ثمَّ صلّى حيث توجّهت[به] (3)(4).

و من طريق الخاصّة:رواية زرارة،عن الباقر عليه السّلام«غير انّه يستقبل بأوّل تكبيرة حين يتوجّه».و لأنّه جزء من الصّلاة الّتي يجب فيها الاستقبال مع الإمكان، فيكون حكمه حكمها في وجوب الاستقبال مع الإمكان،ضرورة توقّف الاستقبال في الكل عليه،و ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجب.

احتجّ المخالف بأنّه جزء من أجزاء الصّلاة،فلم يجب الاستقبال فيه كبقيّة الأجزاء (5).

ص:181


1- 1التّهذيب 3:173 حديث 383،الوسائل 5:484 الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة، حديث 8. [1]
2- 2) المغني 1:482،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:519،الكافي لابن قدامة 1:156،الإنصاف 2:5.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) سنن أبي داود 2:9 حديث 1225، [2]مسند أحمد 3:203، [3]سنن الدار قطنيّ 1:396 حديث 2،3.
5- 5) المغني 1:482،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:519.

و الجواب:الفرق ظاهر لوجود المكنة فيه دون بقيّة الأجزاء،و قياس ما فيه المعنى المقتضي للوجوب على الخالي عنه في انتفاء الوجوب باطل.

مسألة:و الطّالب للعدوّ الّذي يخاف فواته يصلّي مستقبلا.

و هو قول أكثر أهل العلم (1).

و قال الأوزاعيّ،و أحمد في إحدى الرّوايتين:انّه يصلّي صلاة خائف (2).

لنا:قوله تعالى «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (3).شرط الخوف.و لأنّه أمن،فتلزمه صلاة الأمن،كما لو لم يخف الفوات.

احتجّ أحمد بما رواه عبد اللّه بن أنيس (4)،قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى خالد بن سفيان الهذليّ،و كان نحو عرفة أو عرفات،قال:(اذهب فاقتله)فرأيته و حضرت صلاة العصر،فقلت:انّي لأخاف أن يكون بيني و بينه ما يؤخّر الصّلاة، فانطلقت أمشي و أنا أصلّي أومى إيماءا نحوه،فلما دنوت منه قال لي:من أنت؟قلت:

رجل من العرب بلغني أنّك تجمع لهذا الرّجل فجئتك لذلك،قال:انّي لعلى ذلك فمشيت معه ساعة حتّى إذا أمكنني علوته بسيفي حتّى برد (5).و لأنّها إحدى حالتي الحرب،فأشبه حالة الهرب.

و الجواب عن الأوّل:انّه لا احتجاج به.

ص:182


1- 1المغني 1:483،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:142،الام 1:96.
2- 2) المغني 1:483،الشّرح الكبير بهامش المغني 2:141،الكافي لابن قدامة 1:155.
3- 3) البقرة:239. [1]
4- 4) أبو يحيى المدنيّ عبد اللّه بن أنيس الجهنيّ الأنصاريّ من بني جشم بن الحارث بن الخزرج،روى عن النّبيّ(ص)و روى عنه أولاده عطيّة و عمر و ضمرة و جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ.مات سنة 54 ه، و قيل 80. الإصابة 2:278، [2]أسد الغابة 3:119،تهذيب التّهذيب 5:149. [3]
5- 5) سنن أبي داود 2:18 حديث 1249، [4]سنن البيهقيّ 9:38 و فيها:و كان نحو عرنة و عرفات،مكان:عرفة أو عرفات.

أمّا أوّلا،فلأنّ فعله ليس حجّة.

و أمّا ثانيا،فإنّه لا استبعاد في أن يكون خائفا من فواته الضّرر عليه بالرّجوع إليه.

و أمّا ثالثا،فإنّه ربّما كان في تلك الحال مستقبلا للقبلة.

و عن الثّاني:بالفرق،فإنّ المقتضي للتّخفيف حالة الهرب هو الخوف،و هو مفقود حالة الطّلب.

فرع:

هذا الخلاف إنّما هو في الطّالب الّذي يأمن عود العدوّ إليه إن تشاغل بالصّلاة، و يأمن على أصحابه.أمّا الخائف من ذلك فحكمه حكم المطلوب.

مسألة:و لا تصلّى الفريضة على الرّاحلة اختيارا.

ذهب إليه كلّ من يحفظ عنه العلم.

روى الشّيخ في الصّحيح،عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يصلّي على الدّابّة الفريضة إلاّ مريض يستقبل القبلة،و يجزيه فاتحة الكتاب و يضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء،و يومئ في النّافلة إيماءا» (1).

و عن منصور بن حازم،قال:سأله أحمد بن النّعمان (2)فقال:أصلّي في محملي و أنا مريض؟قال:فقال:«أمّا النّافلة فنعم،و أمّا الفريضة فلا» (3).

و عن عبد اللّه بن سنان،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أ يصلّى الرّجل

ص:183


1- 1التّهذيب 3:308 حديث 952،الوسائل 3:236،الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) عبد اللّه بن النّعمان،روى عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال:سأل أحمد بن النّعمان أبا عبد اللّه(ع)،في الفقيه 3:275 حديث 1307،و قال المحقّق المامقانيّ:هو غير مذكور في الرّجال.جامع الرّواة 1:74، [2]تنقيح المقال 1:99. [3]
3- 3) التّهذيب 3:308 حديث 953،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 10. [4]

شيئا من المفروض راكبا؟فقال:«لا إلاّ من ضرورة» (1).

فرع:

لو اضطرّ إلى الصّلاة الفريضة على الرّاحلة صلّى عليها و استقبل القبلة على ما يمكنه.ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للباقين.

لنا:قوله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (2)دلّ بفحواه على باقي الضّرورات.

و ما رواه الجمهور،عن أنس بن مالك انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،إذا كان في السّفر فأراد أن يصلّي على راحلته استقبل القبلة،ثمَّ صلّى حيث توجّهت به (3).

و من طريق الخاصّة:رواية عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه (4).

و ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن مندل بن عليّ (5)،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على راحلته الفريضة في يوم مطير» (6)و مثله رواه في الصّحيح،عن الحميريّ (7)،عن أبي الحسن عليه السّلام (8).

ص:184


1- 1التّهذيب 2:308 حديث 954،الوسائل 3:237 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
2- 2) البقرة:239. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:9 حديث 1225، [3]مسند أحمد 2:203، [4]سنن الدّار قطني 1:396 حديث 2،3،نيل الأوطار 2:183 حديث 3.
4- 4) التّهذيب 3:308 حديث 952،الوسائل 3:236 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 1. [5]
5- 5) مندل بن عليّ العتريّ أو العنزيّ أبو عبد اللّه الكوفيّ، وثّقة النّجاشيّ بقوله:هو و أخوه حيّان ثقتان، و ضعفه المصنّف حيث انّه ذكره في القسم الثّاني من الخلاصة،و نقل عن البرقيّ أنّه عامّيّ. رجال النّجاشيّ:422،رجال العلاّمة:260. [6]
6- 6) التّهذيب 3:231 حديث 599،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 8. [7]
7- 7) عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميريّ:أبو العبّاس القميّ شيخ القمّيين و وجههم صنّف كتبا كثيرة،عدّة الشّيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادي(ع)بعنوان:عليّ بن عبد اللّه.، و اخرى من أصحاب العسكريّ(ع).و قال في الفهرست:له كتب.و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة و قال:ثقة من أصحاب أبي محمّد العسكريّ(ع). رجال النّجاشيّ:219،رجال الطّوسيّ:419،432.
8- 8) التّهذيب 3:231 حديث 600،الوسائل 3:237 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 5. [8]

و في الصّحيح،عن جميل بن درّاج قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفريضة في المحمل في يوم و حل و مطر» (1).

مسألة:و لا بأس بالتّنفّل على الرّاحلة سفرا مع الاختيار.

و قد أجمع أهل العلم كافّة على جواز ذلك في السّفر الطّويل الّذي يباح فيه القصر،و علماؤنا أجمع على انّ السّفر القصير كذلك.و به قال الشّافعيّ (2)،و اللّيث،و الحسن بن حيّ (3)، و أصحاب الرأي (4)،و أحمد (5).و قال مالك:لا يباح التّنفّل على الرّاحلة في السّفر القصير (6)لنا:قوله تعالى :«وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (7)قال ابن عمر:نزلت هذه الآية في التطوّع خاصّة حيث توجّه بك بعيرك (8)و هو مطلق يتناول محلّ النزاع.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يوتر على

ص:185


1- 1التّهذيب 3:231 حديث 600،الوسائل 3:238 الباب 14 من أبواب القبلة،حديث 9. [1]
2- 2) الأمّ 1:97،الام(مختصر المزنيّ)8:13،المهذّب للشّيرازيّ 1:69،سنن التّرمذيّ 2:336، [2]المجموع 3:233،مغني المحتاج 1:142،السّراج الوهاج:39،تفسير القرطبيّ 2:81. [3]
3- 3) المغني 1:485،تفسير القرطبيّ 2:81. [4]
4- 4) المغني 1:485،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:517،تفسير القرطبيّ 2:81. [5]
5- 5) المغني 1:485،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:517،الكافي لابن قدامة 1:155، [6]الإنصاف 2:3. [7]
6- 6) المدوّنة الكبرى 1:80،بلغة السّالك 1:109،المغني 1:485،المجموع 3:234،تفسير القرطبيّ 2: 81، [8]إرشاد السّاري 2:297،عمدة القارئ 4:137.
7- 7) البقرة:115. [9]
8- 8) تفسير الطّبريّ 1:503، [10]التّفسير الكبير 4:19، [11]الدرّ المنثور 1:109. [12]

بعيره (1).و في رواية:كان يسبّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه إلاّ الفرائض (2).

رواه البخاريّ.و هو يدلّ بفحواه على غير الوتر من النّوافل.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشيخ في الصّحيح،عن الحلبيّ انّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة النّافلة على البعير و الدّابّة؟فقال:«نعم حيث كان متوجّها، و كذلك فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3).

و في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم،قال:قال لي أبو جعفر عليه السّلام:«صلّ صلاة اللّيل و الوتر و الرّكعتين في المحمل» (4).

و روي نحوه في الصّحيح،عن عليّ بن مهزيار،عن أبي الحسن عليه السّلام (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن المغيرة،و صفوان بن يحيى،و محمّد بن أبي عمير،عن أصحابهم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصّلاة في المحمل،فقال:«صلّ متربّعا و ممدود الرّجلين و كيف أمكنك» (6).و لأنّه ممّا يشقّ النّزول فيه فأبيح التنفّل على تلك الحال،كالسّفر الطّويل.

احتجّ مالك بأنّه رخصة سفر،فاشترط الطّول فيه كالقصر (7).

و الجواب:المنع من اختصاص الجامع بالعلّة لما يأتي.و بالفرق لأنّ إباحة الصّلاة

ص:186


1- 1صحيح البخاريّ 2:32،صحيح مسلم 1:487 حديث 700،سنن ابن ماجه 1:379 حديث 1200، الموطّأ 1:124 حديث 15،سنن النّسائيّ 3:232،سنن الدّارميّ 1:373،مسند أحمد 2:57. [1]
2- 2) صحيح البخاريّ 2:32.
3- 3) التّهذيب 3:228 حديث 581،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 6،7. [2]
4- 4) التّهذيب 3:228 حديث 582،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 5،7. [3]
5- 5) التّهذيب 3:228 حديث 583،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 8. [4]
6- 6) التّهذيب 3:228 حديث 584،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 9. [5]
7- 7) المدوّنة الكبرى 1:80،بلغة السّالك 1:109،تفسير القرطبيّ 2:81،المغني 1:485،عمدة القارئ 4:137.

على الرّاحلة تخفيف في التطوّع،لئلاّ تؤدّي إلى قطعها و نقلها،و هو يستوي فيه القصير و الطّويل،و القصر يراعى فيه المشقّة و هي إنّما توجد غالبا في الطّويل.

فروع:
الأوّل:

قال الشيخ في الخلاف:و يتوجه إلى القبلة بتكبيرة الإحرام لا غير (1).

و قال الشافعي:يلزمه حال الركوع و السجود أيضا (2).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (3)و قد قال الصادق عليه السلام:«انها مختصة بالنوافل» (4)و نقلناه أولا عن ابن عمر و هو مطلق في أحوال الصلاة.

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة و غير مستقبليها (5).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن إبراهيم الكرخي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:اني أقدر على أن أتوجه إلى القبلة في المحمل؟فقال:«ما هذا الضيق،أما لك برسول الله صلى الله عليه و آله أسوة» (6)و لأنه نوع رخصة،فيباح في النافلة كغيرها من الرخص.

و أما استقبال القبلة بالتكبيرة فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي

ص:187


1- 1الخلاف 1:99 مسألة 43.
2- 2) الأم 1:97،المجموع 3:237، [1]السراج الوهاج:39.
3- 3) البقرة:115. [2]
4- 4) النهاية:64، [3]الوسائل 3:242 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 19. [4]
5- 5) صحيح البخاري 6:38،سنن ابن ماجه 1:399،الموطأ 1:184، [5]نيل الأوطار 4:11.في بعض المصادر:بتفاوت.
6- 6) التهذيب 3:229 حديث 586،الوسائل 3:239 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 2. و [6]فيه:(أما لكم في رسول الله)و هو الموافق لنسخة(ح).

نجران،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل؟ قال:«إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة،ثمَّ كبر و صل حيث ذهب بك بعيرك»قلت:جعلت فداك في أول الليل؟فقال:«إذا خفت الفوت في آخره» (1).

الثاني:

قال الشيخ:لا بأس بالتنفل على الراحلة في غير السفر (2).و به قال أبو سعيد الإصطخري،و أبو يوسف (3).و قال ابن أبي عقيل:لا يتنفل في الحضر على الراحلة (4).و به قال أكثر أصحاب الشافعي (5).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» ».

و ما رواه الجمهور،عن ابن عمر،و قد تقدم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،عن أبي الحسن الأول عليه السلام،في الرجل يصلي النافلة و هو على دابته في الأمصار،قال «لا بأس» (6).

و في الحسن،عن عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يصلي النوافل في الأمصار و هو على دابته حيث توجهت به؟فقال:«نعم لا بأس» (7).

الثالث:

التنفل على الراحلة و إن كان جائزا في الحضر إلا ان الأفضل

ص:188


1- 1التهذيب 3:233 حديث 606،الوسائل 3:241 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 13. [1]
2- 2) المبسوط 1:80،الخلاف 1:99 مسألة 45.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:69،المبسوط للسرخسي 1:250،المجموع 3:239،عمدة القارئ 4:137، السراج الوهاج:39،نيل الأوطار 2:149.
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:77. [2]
5- 5) المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:239. [3]
6- 6) التهذيب 3:229 حديث 589،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 10. [4]
7- 7) التهذيب 3:230 حديث 591،الوسائل 3:239 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 11. [5]

النزول،لأنه نوع رخصة،فالأولى تركه.

و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة،أو كنت مستعجلا بالكوفة؟فقال:«إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول و تخوفت فوت ذلك إن تركته و أنت راكب فنعم،و إلا فإن صلاتك على الأرض أحب إلي» (1).

الرابع:

حكم الصلاة على الراحلة حكم صلاة الخوف،في انه يومئ للركوع و السجود،و يجعل السجود أخفض على حسب مكنته،و لا نعرف فيه خلافا،روى الجمهور،عن جابر،قال:بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله في حاجة،فجئت و هو يصلي على راحلته نحو المشرق،و السجود أخفض من الركوع (2).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة في المحمل،فقال:«صل متربعا و ممدود الرجلين و كيف أمكنك» (3).

الخامس:

لا فرق بين الصلاة على البعير و الحمار و غيرهما في قول أهل العلم،روى الجمهور،عن ابن عمر قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي على حمار و هو متوجه إلى خبير (4).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير و الدابة؟فقال:«نعم حيث كان متوجها،

ص:189


1- 1التهذيب 3:232 حديث 605،الوسائل 3:241 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 12. [1]
2- 2) سنن أبي داود 2:9 حديث 1227. [2]
3- 3) التهذيب 3:228 حديث 584،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 9. [3]
4- 4) سنن أبي داود 2:9 حديث 1226. [4]

و كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه و آله» (1).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«صل صلاة الليل و الوتر و الركعتين في المحمل» (2)و هو مطلق.

السادس:

لو كان الحيوان نجسا نجاسة تتعدى إليه،افتقر إلى حائل طاهر و إلا فلا.

السابع:

لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء و تمكن منه في الأثناء،فالوجه انه مأمور بالاستقبال وجوبا في الفريضة و نفلا في النافلة،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:انه متمكن من الاستقبال في الجزء و هو مأمور بالاستقبال في الجميع المستلزم للاستقبال في كل جزء.

احتج المخالف بأنه قد سقط عنه فرض الاستقبال في الابتداء،فكذا في الأثناء (4).

و الجواب:السقوط ثمَّ لمعنى مفقود ها هنا،فيبطل الإلحاق.

الثامن:

قبلة هذا المصلي حيث توجهت به راحلته،فلو عدل عنها فإن كان عدوله إلى الكعبة فلا نعلم خلافا في جوازه،لأنه الأصل،و إنما عدل عنه للضرورة،و عليه أهل العلم كافة،و إن عدل إلى غير الكعبة فالوجه عندي الجواز،خلافا لبعض الجمهور (5).

لنا:قوله تعالى :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (6)و قد قال الصادق عليه السلام:«انها في النوافل خاصة»نقله الشيخ (7).و نقلناه عن ابن عمر (8)ذلك أيضا

ص:190


1- 1التهذيب 3:228 حديث 581،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 6،7. [1]
2- 2) التهذيب 3:228 حديث 582،الوسائل 3:240 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
3- 3) المغني 1:487.
4- 4) المغني 1:487.
5- 5) المغني 1:486،المجموع 3:235،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518.
6- 6) البقرة:115. [3]
7- 7) النهاية:64، [4]الوسائل 3:242 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 19. [5]
8- 8) المغني 1:485.

و هو يدل بعمومه على جواز الاستقبال إلى أي جهة شاء.

التاسع:

لا فرق بين كل التطوعات في ذلك سواء فيه النوافل المرتبة،و السنن المطلقة،و الوتر،لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم.

العاشر:

قد بينا (1)جواز التنفل على الراحلة في الأمصار،و لا فرق في ذلك بين مصره و غير مصره،و سواء دخل غير بلده ناويا للإقامة القاطعة للسفر أو غير ناو لها (2)، و سواء نزل فيه غير مستوطن أو لم ينزل.و المشترطون للسفر قد يفرقون بما هو ظاهر.

الحادي عشر:

لو كان على الراحلة مصليا فاحتاج إلى النزول قبل الإتمام نزل و أتم على الأرض،كالخائف يصلي صلاة آمن مع زوال خوفه في أثناء صلاته (3).

و لو كان يتنفل على الأرض فاحتاج إلى الركوب في الأثناء فهل يتم صلاته أو يبتدئ من رأس الأقرب الأول كالآمن يخاف،فيتم صلاة خائف.

مسألة:و لا يجوز أن يصلي الفريضة ماشيا مع الاختيار و الأمن.

و هو قول أهل العلم كافة.لأنه كيفية مشروعة فيقف على النقل،و لم يثبت هو،و لا ما هو في معناه،لأنه يحتاج إلى عمل كثير و تتابع مشي يقطع الصلاة و يوجب بطلانها،لا نعرف فيه خلافا.

أما المضطر فإنه يصلي على حسب حاله ماشيا يستقبل القبلة ما أمكنه،و يومئ بالركوع و السجود،و يجعل السجود أخفض من الركوع.ذهب إليه علماؤنا أجمع و جماعة من الجمهور (4).لقوله تعالى :«فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً» (5).

ص:191


1- 1تقدم في ص 185. [1]
2- 2) «ن»:ناويها.
3- 3) «غ»:الصلاة.
4- 4) الام 1:96،المغني 1:482.
5- 5) البقرة:239. [2]

و لما رواه الشيخ،عن إبراهيم بن ميمون (1)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«إن صليت و أنت تمشي كبرت،ثمَّ مشيت فقرأت،فإذا أردت أن تركع أومأت،ثمَّ أومأت بالسجود فليس في السفر تطوع» (2).

و في الصحيح،عن يعقوب بن شعيب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر و أنا أمشي؟قال:«أو إيماءا و اجعل السجود أخفض من الركوع» (3).و لأنها حالة ضرورة فأشبهت حالة الخوف.

أما حالة الخوف فقد ذهب أبو حنيفة إلى جواز الصلاة ماشيا (4)،و هو حق إن لم يتمكن من الصلاة قائما،و أما مع التمكن فلا.

مسألة:و لا بأس بالتنفل ماشيا حالة الاختيار.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال عطاء،و الشافعي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى،لا يباح له ذلك (6)، و هو قول أبي حنيفة (7).

لنا:ان التنفل محل الترخص (8)،فأبيحت هذه كغيرها طلبا للمداومة على فعل

ص:192


1- 1إبراهيم بن ميمون الكوفي بياع الهروي-أي بياع الثياب المجلوبة من هرات-عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق في موضعين مقتصرا في أحدهما على اسمه و اسم أبيه و الوصف بالكوفي،و في الآخر ب(بياع الهروي)و ذكره الصدوق في مشيخته.رجال الطوسي:145،154،الفقيه 4:شرح المشيخة: 63.الفقيه(شرح المشيخة)4:63.
2- 2) التهذيب 3:229 حديث 587،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 3:229 حديث 588،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 3. [2]
4- 4) كذا نسب إليه،و الموجود في المصادر خلافه بمعنى أنه قائل بعدم الجواز انظر:حلية العلماء 2:256 التفسير الكبير 6:154.
5- 5) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الام 1:97،المهذب للشيرازي 1:69، المجموع 3:237،السراج الوهاج:39.
6- 6) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الإنصاف 2:4،المجموع 3:237.
7- 7) المغني 1:488،الشرح الكبير بهامش المغني 1:518،الإنصاف 2:4، [3]المجموع 2:237.
8- 8) «ن»«ح»«ق»:الرخص.

النافلة،و كثرة التشاغل بالعبادة.و لأن حالة المشي إحدى حالتي سير المسافر،فأبيحت الصلاة فيها كالراكب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في السفر و هو يمشي،و لا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار و هو يمشي يتوجه إلى القبلة،ثمَّ يمشي و يقرأ،فإذا أراد أن يركع حول وجهه إلى القبلة و ركع و سجد،ثمَّ مشى» (1).

فروع:
الأول:

لا فرق بين النوافل في ذلك،سواء كانت راتبة أو غير راتبة،قضاء أو أداء،لعموم الأخبار في ذلك (2).

الثاني:

حكم الماشي حكم الراكب على الراحلة في سقوط استقبال القبلة إلا مع المكنة،بل يستقبل الجهة التي يتحرك إليها.

الثالث:

لا يشترط السفر في إباحة الصلاة ماشيا لعموم الأدلة.

الرابع:

روى الشيخ،عن حريز،عمن ذكره،عن أبي جعفر عليه السلام انه لم يكن يرى بأسا أن يصلي الماشي و هو يمشي و لكن لا يسوق الإبل (3).و الرواية مرسلة.

الخامس:

حكم المنذورات و صلاة الجنائز حكم الفرائض اليومية في جميع ما سلف،لوجوبهما.

السادس:

البعير المعقول و الأرجوحة (4)المعلقة بالحبال لا تصح الفريضة فيهما مع

ص:193


1- 1التهذيب 3:229 حديث 585،الوسائل 3:244 الباب 15 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة.
3- 3) التهذيب 4:230 حديث 592،الوسائل 3:244 الباب 16 من أبواب القبلة،حديث 5. [2]
4- 4) الأرجوحة:حبل يشد طرفاه في موضع عال ثمَّ يركبه الإنسان و يحرك و هو فيه،سمي به لتحركه و مجيئه و ذهابه.النهاية لابن الأثير 2:198. [3]

الاختيار،لأنهما لو يوضعا للقرار،بخلاف السفينة الجارية و الواقفة،لأنها كالسرير و الماء كالأرض.

السابع:

لو مشى في نجاسة قصدا،فإن كانت متعدية فالوجه بطلان الصلاة، و إلا فلا.

الثامن:

لا يلزمه المبالغة في التحفظ عند كثرة النجاسة في الطرق،لأنه ضرر فينافي الترخص بالصلاة ماشيا.

البحث الثالث في أحكام الخلل:
مسألة:من ترك الاستقبال متعمدا أعاد

واجبا في الوقت و خارجه في الفرائض بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك.

و لو صلى ظانا انه مستقبل،ثمَّ تبين الخطأ و هو في الأثناء،فإن كان بين المشرق و المغرب استدار،لأنه متمكن من الإتيان بشرط الصلاة فيجب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته؟قال:«إن كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم،و إن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة،ثمَّ يحول وجهه إلى القبلة،ثمَّ يفتتح الصلاة» (1).

و روى عن القاسم بن الوليد،قال:سألته عن رجل تبين له و هو في الصلاة انه على غير القبلة؟قال:«يستقبلها إذا ثبت ذلك،و إن كان فرغ منها فلا يعيدها» (2).

ص:194


1- 1التهذيب 2:142 حديث 555،الاستبصار 1:298 حديث 1100،الوسائل 3:229 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 158،الاستبصار 1:297 حديث 1096،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 3. [2]
مسألة:و لو صلى ظانا،ثمَّ تبين له الخطأ بعد فراغه،

فإن كان بين المشرق و المغرب لم يعد صلاته،و هو قول أهل العلم،لقوله عليه السلام«ما بين المشرق و المغرب قبله» (1)رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام.

أما لو صلى إلى المشرق أو المغرب فإنه يعيد في الوقت خاصة،و لا يعيد خارج الوقت.ذهب إليه علماؤنا.

و قال مالك (2)،و أحمد (3)،و الشافعي في أحد القولين (4)،و أبو حنيفة:لا يعيد مطلقا (5).

و قال الشافعي في الآخر:يلزمه الإعادة مطلقا (6).

لنا:على الإعادة في الوقت انه قد أخل بشرط الواجب مع بقاء وقته و التمكن من الإتيان به بشرطه،فلا يكون مجزيا كما لو أخل بالطهارة.

لا يقال:انه يرد مع خروج الوقت.

لأنا نقول:القضاء تكليف متجدد يقف على الدلالة المستفادة من دليل خارج عما دل عليه الأمر الأول،بخلاف الصورة الأولى،إذا الأمر دل على وجوب الإتيان

ص:195


1- 1التهذيب 2:48 حديث 157،الاستبصار 1:296 حديث 1095،الوسائل 3:228 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 1. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:112،مقدمات ابن رشد 1:112،المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 526،عمدة القارئ 4:143.
3- 3) المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1:526،الإنصاف 2:17، [2]منار السبيل 1:78.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:68،المجموع 3:225،ميزان الكبرى 1:158،السراج الوهاج:40،المغني 1: 514.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:45،شرح فتح القدير 1:237،المغني 1:514،الشرح الكبير بهامش المغني 1: 526،بداية المجتهد 1:112.
6- 6) الأم 1:94،المجموع 3:225،ميزان الكبرى 1:158،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:55،بدائع الصنائع 1:119،الهداية للمرغيناني 1:45،مقدمات ابن رشد 1:112.

بالفعل بشروطه،فلا يسقط إلا معه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا صليت و أنت على غير القبلة و استبان لك انك صليت و أنت على غير القبلة و أنت في وقت فأعد،و إن فاتك الوقت فلا تعد» (1).

و في الصحيح،عن سليمان بن خالد،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة،ثمَّ يضحى فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف يصنع؟قال:«إن كان في وقت فليعد صلاته،و إن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده» (2).

و مثله رواه،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام (3)،و يعقوب بن يقطين،عن العبد الصالح موسى عليه السلام (4).

لا يقال:هذه الأحاديث تتناول أيضا ما لو صلى إلى ما بين المشرق و المغرب و أنتم لا تقولون به.

لأنا نقول:انا خصصنا تلك النصوص (5)بحديث معاوية بن عمار و قد تقدم.

لا يقال:ليس تخصيص هذه الأحاديث بخبر معاوية بن عمار أولى من تخصيص خبر معاوية بأن يقول ان قوله عليه السلام:«و ما بين المشرق و المغرب قبلة»أي لمن خرج

ص:196


1- 1التهذيب 2:47،حديث 151،الاستبصار 1:296 حديث 1090،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:47 حديث 152،153 و ص 142 حديث 553،الاستبصار 1:296 حديث 1092، الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:48،حديث 156،الاستبصار 1:297 حديث 1094،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:48 حديث 155،الاستبصار 1:296 حديث 1093،الوسائل 3:230 الباب 11 من أبواب القبلة،حديث 2. [4]
5- 5) «غ»«ن»«م»:الصورة.

الوقت بعد صلاته إلى غير القبلة.

لأنّا نقول:ما ذكرناه أولى لوجهين:

أحدهما:موافقة الأصل و هو براءة الذمة،إذ لو حملنا حديث معاوية على ما ذكرتم لزمت الإعادة لمن صلى بين المشرق و المغرب في الوقت،و الأصل عدمه.

الثاني:انا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا،لأن قوله عليه السلام:

«ما بين المشرق و المغرب قبلة»ليس مخصصا للحديث الدال على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى إلى غير القبلة،إذا أقصى ما يدل عليه ان ما بين المشرق و المغرب قبلة.بل لقائل أن يكون:ان قوله«إذا صليت و أنت على غير القبلة»يتناول لفظة القبلة فيه ما بين المشرق و المغرب أيضا.

و لنا على عدم الإعادة مع خروج الوقت:ما رواه الجمهور،عن ربيعة (1)،قال:

كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة،فصلى كل رجال حالية،فلما أصبحنا ذكرنا ذلك النبي صلى الله عليه و آله فنزل :«فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ» (2)(3)رواه الترمذي.

و عن جابر،قال:كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في مسير،فأصابنا غيم فتحيرنا فاختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة و جعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا،فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه و آله فلم يأمرنا بالإعادة،و قال:(قد أجزأتكم صلاتكم (4)رواه الدار قطني.

ص:197


1- 1ربيعة بن كعب بن مالك بن يعمر:أبو فراس الأسلمي المدني كان من أهل الصفة،خدم النبي(ص) و روى عنه.و عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن و محمد بن عمرو بن عطاء.مات سنة 63 ه. أسد الغابة 2:171، [1]الإصابة 1:511،تهذيب التهذيب 3:262. [2]
2- 2) البقرة:115. [3]
3- 3) سنن الترمذي 2:176 حديث 345.
4- 4) سنن الدار قطني 1:271 حديث 4.

و من طريق الخاصة:ما تقدم من الأحاديث.و لأنه أتى بما أمر به،فيخرج عن العهدة،كما لو أصاب.و لأنه صلى إلى غير الكعبة للعذر،فلا يعيد كالخائف.و لأنه شرط عجز عنه فأشبه سائر الشروط.

احتج القائلون بعد الإعادة مطلقا بحديث ربيعة و جابر (1).

و احتج الشافعي على الإعادة مطلقا بأنه قد بان له الخطأ في شرط من شروط الصلاة،فيلزمه الإعادة،كما لو بان له انه صلى قبل الوقت أو على غير طهارة (2).

و الجواب عن الأول:ان الحديثين غير عامين،لأنهما وقائع،و حكاية الحال لا توجب عموما.و أيضا فإن فحواهما يدلان على خروج الوقت،لأنه في الرواية الأولى قال:فلما أصبحنا.و ذلك يدل على خروج الوقت.

و عن الثاني:بالفرق،فإن المصلي قبل الوقت غير مأمور بالصلاة،و إنما أمر بعد دخول الوقت،و لم يأت بما أمر به.

أما صورة النزاع فإنه مأمور بالصلاة بغير شك و لم يؤمر إلا بهذه الصلاة.

و أما الطهارة فإنه إنما يجب عليه الإعادة مع ظهور الخطأ فيها،لأنها ليست في محل الاجتهاد.

لا يقال:قد روى الشيخ،عن معمر بن يحيى بطرق متعددة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن رجل صلى إلى غير القبلة،ثمَّ تبينت له القبلة و قد دخل وقت صلاة أخرى؟قال:«يصليها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها إلا أن يخاف فوت التي دخل وقتها» (3).

ص:198


1- 1المغني 1:515،الشرح الكبير بهامش المغني 1:526،عمدة القارئ 4:143،بداية المجتهد 1:112.
2- 2) المغني 1:515، [1]الشرح الكبير بهامش المغني 1:526. [2]
3- 3) التهذيب 2:46 حديث 150،الاستبصار 1:297 حديث 1099،الوسائل 3:228 الباب 9 من أبواب القبلة،حديث 5. [3]

لأنا نقول:الراوي لهذه الرواية بالطرق المتعددة الطاطري (1)،و هو ضعيف،فلا تعويل عليها.

و أيضا:يحتمل انه صلى مع عدم الاجتهاد وسعة الوقت فأمره بالإعادة،لأن فرضه أربع صلوات.

فرع:

هل يكون حكم الناسي و المصلي لشبهة حكم الظان؟قال في النهاية به (2)،حتى انه إنه كان الوقت باقيا أعاد،و إن خرج لم يعد.و فيه تردد.

مسألة:و لو صلى ظانا أو مع ضيق الوقت،ثمَّ تبين له انه استدبر القبلة،

قال الشيخان:يعيد إن كان الوقت باقيا،و يقضي إن كان خارجا (3).

و قال السيد المرتضى:يعيد في الوقت خاصة (4)،و جعل حكمه حكم المشرق و المغرب،و هو الأقرب عندي.

لنا:انه أتى بالمأمور به أولا،إذ المأمور به اتباع الظن،فيخرج عن العهدة، و القضاء إنما يجب بأمر جديد،و مقتضى ما ذكرناه عدم الإعادة في الوقت،لكن أوجبناه لأدلة تقدمت (5).و لأن ما ذكرناه من الأحاديث (6)دالة على عدم القضاء مع

ص:199


1- 1علي بن الحسن الطائي الطاطري الجرمي،يكنى أبا الحسن،كان من وجوه الواقفة،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)و قال:واقفي،و صرح بذلك أيضا في الفهرست،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:كان شديد العناد في مذهبه. رجال النجاشي:254،رجال الطوسي:357،الفهرست:92، [1]رجال العلامة:232. [2]
2- 2) النهاية:64. [3]
3- 3) المفيد في المقنعة:14،و الطوسي في:النهاية:64،و [4]المبسوط 1:80،و الخلاف 1:101 مسألة 51.
4- 4) الناصريات(الجوامع الفقهية):194،جمل العلم و العمل:53.
5- 5) تقدم البحث حول هذه المسألة في ص 195.
6- 6) تقدمت الأحاديث في ص 196.

خروج الوقت على الإطلاق،و هو يتناول صورة الاستدبار،كما يتناول صورة التشريق و التغريب.

احتج الشيخ في الخلاف (1)بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى إلى غير القبلة،فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته،قال:

«إن كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم،و إن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع،ثمَّ يحول وجهه إلى القبلة،ثمَّ يفتتح الصلاة» (2).

و الجواب:ان هذه الرواية ضعيفة السند،و مع ذلك فهي غير دالة على صورة النزاع،إذ هي إنما تدل على وجوب الإعادة في الوقت و نحن نقول بموجبة،و ليس فيها دلالة على الإعادة بعد خروج الوقت.

فرع:

و لا فرق بين أن تكون الأدلة مكشوفة و اشتبهت عليه،أو مستورة بغيم أو غيره، لعموم الأحاديث الدالة على الإعادة في الوقت دون خارجه (3)،و لا نعرف فيه خلافا.

مسألة:و البصير في الحضر يتبع قبلة أهل البلد

(4)

إذا لم يكن متمكنا من العلم، فلو صلى من غير دليل أعاد إذا أخطأ،لأنه متمكن من استعلام القبلة بالاستخبار من أهل البلد و نصب محاريبهم،فلا يكون له أن يجتهد اجتهادا يفيد الظن.و كذا الأعمى.

أما المحبوس فإنه ينزل منزلة المسافر في ان له أن يجتهد في تحصيل القبلة،و لا يجوز أن يتبع دلالة المشرك،لأنه ركون إليه،و قد نهى الله تعالى عنه في قوله:

ص:200


1- 1الخلاف 1:101 مسألة 50.
2- 2) التهذيب 2:48 حديث 159،الاستبصار 1:298 حديث 1100،الوسائل 3:229 الباب 10 من أبواب القبلة،حديث 4. [1]
3- 3) الوسائل 3:229 الباب 11 من أبواب القبلة.
4- 4) «م»:البلد.

«وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» (1).

فروع:
الأول:

لا يقبل قول الفاسق،لأنه ظالم.

الثاني:

لو أفاد قول الكافر أو الفاسق الظن للمتحير،ففي المصير إلى قولهما نظر أقربه اتباع ظنه.و كذا لو وجد قبلة للمشركين،كالنصارى إذا وجد في كنائسهم محاريب إلى المشرق هي يستدل به على المشرق؟فيه التوقف.

أما لو وجد محرابا لا يعلم هل هو للمسلمين أو للكفار،لم يعول عليه،لأن الاستدلال إنما هو بمحاريب المسلمين،و كذا لو كان عليه آثار الإسلام على تردد.و لو دخل بلدا للمسلمين (2)،و علم ان قبلتهم على الخطأ لم يعول عليها و اجتهد بنفسه.

الثالث:

لو أخبره مسلم لا يعلم عدالته و جرحه،و لم يتمكن من الاجتهاد فالأقرب قبوله،لأنه إخبار مسلم أصله العدالة و لا غرض في الكذب،فيوجب الظن.

الرابع:

يقبل خبر كل مسلم بالغ عاقل،سواء كان رجلا أو امرأة،لأنه خبر من أخبار الدين،فأشبه الرواية،و يقبل من الواحد لما قلناه (3).

الخامس:

لا يقبل خبر الصبي لتطرق التهمة إليه،و لأنه غير مقبول الشهادة و الرواية،و ما نحن فيه لا يخلو عنهما.و لأنه إن لم يكن مميزا فلا وثوق بخبره،و إن كان مميزا عرف انه لا إثم عليه في الكذب،فاستوى الكذب عنده و الصدق،فلا وثوق بقوله أيضا.

السادس:

لو لم يعلم حال المخبر و شك في إسلامه،و كفره لم يقبل قوله إلا إذا أفاد الظن،بخلاف ما إذا لم يعلم عدالة المسلم و فسقه،لأن حال المسلم يبنى على العدالة.

ص:201


1- 1هود:113. [1]
2- 2) «م»:بلد المسلمين.
3- 3) تقدم في ص 175.
مسألة:لو استقبل ببعضه الكعبة

و خرج الباقي من بدنه عن المحاذاة لم تصح صلاته،لأنه مأمور بالاستقبال،و الإشارة ليست متوجهة إلى بعضه.

مسألة:و المصلي في السفينة يستقبل القبلة ما أمكنه،

فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الافتتاح القبلة،ثمَّ استقبل صدر السفينة،و سيأتي تمام البحث فيه إن شاء الله تعالى.

مسألة:و لو اشتبهت عليه القبلة و بحضرته من يسأله و لم يسأله

و لم يتمكن من الأربع فتحرى جهة و صلى إليها،ثمَّ ظهر له الصواب فالأقرب الإجزاء،و لو لم يصب فالأقرب عدمه،لأن الواجب السؤال.و لو سألهم فلم يخبروه فتحرى و صلى،ثمَّ ظهر الصواب أجزأه قطعا،و لو تبين الخطأ أعاد في الوقت إن كان مستدبرا أو مشرقا أو مغربا و إلا فلا.

الفصل الرابع في اللباس:و فيه مباحث:
الأول:فيما يحرم الصلاة فيه:
مسألة:لا يجوز الصلاة في جلد الميتة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و كل من قال بنجاسته،و قد تقدم البحث فيه (1).

لنا:أنه نجس و طهارة الثوب شرط في الصلاة،و قد مضى بيان ذلك كله.

و ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن عكيم،ان النبي صلى الله عليه و آله كتب إلى جهينة:(اني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب) (2)قال أحمد:و هو إسناد جيد (3).

ص:202


1- 1تقدم في الجزء الثالث ص 352.
2- 2) سنن أبي داود 4:67 حديث 4127،4128، [1]سنن الترمذي 4:222 حديث 1729، [2]سنن ابن ماجه 2: 1194 حديث 3613،سنن النسائي 1:175،مسند أحمد 4:310،311 [3] بتفاوت في الجميع.
3- 3) المغني 1:84.

و عن جابر ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(لا تنتفعوا من الميتة بشيء) (1)و هو عام.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن غير واحد،عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة،قال:«لا تصل في شيء منه و لا في شسع» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة إذا دبغ؟فقال:«لا،و لو دبغ سبعين مرة» (3).

و في الصحيح،عن علي بن المغيرة (4)،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

جعلت فداك الميتة ينتفع بشيء منها؟قال:«لا»قلت:بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه و آله مر بشاة ميتة فقال:«ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها»فقال:«تلك شاة لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و آله، و كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها،فتركوها حتى ماتت،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابا!أي تذكى» (5).

ص:203


1- 1المغني 1:85.
2- 2) التهذيب 2:203 حديث 793،الوسائل 3:249 الباب 1 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 2:203 حديث 794،الوسائل 3:249 الباب 1 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) علي بن المغيرة أو أبو المغيرة-و اسم أبو المغيرة:حسان-الزبيدي الأزرق،و ثقة النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن علي بن أبي المغيرة بقوله:هو و أبوه ثقتان،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق (ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:ثقة. رجال النجاشي:49،رجال الطوسي:131،241،رجال العلامة:103. [3]
5- 5) التهذيب 2:204 حديث 799،الوسائل 2:1080 الباب 61 من أبواب النجاسات،حديث 2 و [4]في أكثر النسخ و بعض المصادر:زوجة النبي(ص).
فروع:
الأول:

لا فرق في التحريم بين المدبوغ و غيره،لأنا قد بينا فيما مضى ان الدباغ لا يطهر (1)الميتة.و هو مذهب علمائنا أجمع،و ما رواه الجمهور في حديث جابر،و عبد الله بن عكيم.

و من طريق الخاصة:رواية محمد بن مسلم،عن الصادق عليه السلام.

و ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء؟فقال:«كان علي بن الحسين عليهما السلام رجلا صردا (2)مبردا فلا يدفئه فراء الحجاز،لأن دباغها بالقرظ (3)،فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه،فإذا حضرت الصلاة ألقاه و ألقى القميص الذي يليه،فكان يسأل عن ذلك فيقول:«ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة و يزعمون ان دباغة ذكاته» (4).

الثاني:

لا فرق في الصلاة كلها فرضها و نفلها في ذلك،و لا نعرف فيه خلافا.

الثالث:

يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم،أو في سوق المسلمين،أو في البلد الغالب فيه الإسلام،و عدم العلم بالموت،لأن الأصل في المسلم العدالة،و هي تمنع من الإقدام على المحرمات.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن إسحاق بن عمار،عن العبد الصالح عليه السلام انه قال:«لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام»

ص:204


1- 1تقدم في الجزء الثالث ص 352.
2- 2) الصرد:البرد.فارسي معرب.و صرد الرجل-بالكسر-يصرد صردا فهو صرد و مصراد:يجد البرد سريعا.الصحاح 2:496. [1]
3- 3) القرظ:حب-و قيل:ورق-يخرج من كل شجرة كبيرة و لها شوك يستعمل في دبغ الأديم.المصباح المنير: 499.
4- 4) التهذيب 2:203 حديث 796،الوسائل 3:338 الباب 61 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]

قلت:فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟قال:«إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس» (1).

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فرو لا يدري أ ذكية هي أم غير ذكية،أ يصلي فيها؟فقال:«نعم،ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول:ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك» (2).

و عن علي بن أبي حمزة ان رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام و أنا عنده عن الرجل يتقلد السيف و يصلي فيه؟قال:«نعم»فقال الرجل:ان فيه الكيمخت!!فقال:

«و ما الكيمخت؟»قال:جلود دواب منه ما يكون ذكيا،و منه ما يكون ميتة،فقال:

«ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه» (3)و هو يدل بمفهومه على جواز الصلاة فيما لا يعلم أنه ميتة.

الرابع:

تذكية الكفار بمنزلة الموت،فلا تصح الصلاة في جلود ما ذكوه.

الخامس:

لا يكتفي بعدم العلم بالموت خاصة،فلو وجد جلدا مطروحا لا يعلم أ ذكي هو أم ميت،لم يصل فيه لأن الأصل عدم التذكية،و لأن طهارة الثوب شرط و لا يكتفي بعدم العلم بانتفائه،كغيره من الشروط.

السادس:

التحريم كما يتناول الثوب فكذا يتناول غيره،فلا تصح (4)الصلاة و مع المصلي سيف تقليده من الميتة و شبهه،لأنه نجس فلا يجوز استصحابه في الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة،قال:سألت أبا عبد الله عليه

ص:205


1- 1التهذيب 2:368 حديث 1532 و فيه:القز اليماني،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 3 و [1]فيه:الفراء اليماني.
2- 2) التهذيب 2:368 حديث 1529،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:368 حديث 1530،الوسائل 3:332 الباب 55 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) «م»«ن»:تصلح.

السلام عن تقليد السيف في الصلاة فيه الفراء و الكيمخت؟فقال:«لا بأس ما لم يعلم أنه ميتة» (1).

و في الصحيح،عن أبي عبد الله عليه السلام«لا تصل في شيء منه و لا في شسع» و قد تقدم.

السابع:

لا فرق بين ميت الطاهر في حياته و النجس،و ميت ما لا يؤكل لحمه و ما يؤكل،عملا بالعمومات و الأحاديث الدالة على عدم التفصيل،كما في الشاة.

و قد تقدمت.

الثامن:

لا فرق بين أن يكون على جسده ثوب طاهر مما تصح الصلاة فيه غير الجلد و بين أن لا يكون في البطلان.

التاسع:

لو وجد الجلد مع من يستحل الميتة لم يحكم بتذكيته و إن أخبره،لأنه غير موثوق به و لا تصح فيه الصلاة،لأن الشرط و هو التذكية غير معلوم.

لا يقال:ينتقض ما ذكرتموه بالثوب إذا وجد مطروحا أو مع المستحل للنجاسة، فإن الشرط و هو الطهارة غير معلوم مع صحة الصلاة فيه إجماعا.

لأنا نقول:الأصل في الثوب الطهارة،و الأصل في الجلد عدم التذكية.و كذا لو وجد الجلد مع من يتهم في استعمال الميتة.

مسألة:و لا تجوز الصلاة في جلد الخنزير دبغ أم لم يدبغ.

و هو مذهب علماء الإسلام،و كذا الكلب عند علمائنا أجمع خلافا لأكثر الجمهور (2).

لنا:انه نجس العين فلا يطهره الذكاة و لا الدباغ،لأنه لا يخرج به عن كونه كلبا ميتا،و الكلب نجس العين و الميتة كذلك،و النجاسة من لوازم الذات،فلا يخرج عنها بالعارض.

ص:206


1- 1التهذيب 2:205 حديث 800،الوسائل 2:1073 الباب 50 من أبواب النجاسات،حديث 12. [1]
2- 2) الأم 1:9،بدائع الصنائع 1:85،بداية المجتهد 1:78،المغني 1:84،المحلى 1:118،المجموع 1: 217،نيل الأوطار 1:76،الهداية للمرغيناني 1:20.

و يؤيّده:ما رواه أبو سهل قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لحم الكلب حرام هو؟قال:«نجس»أعيدها ثلاث مرّات كلّ ذلك يقول:«هو نجس» (1)و قد تقدّم البحث فيه (2).

مسألة:و لا تجوز الصّلاة في جلود السّباع

و هو ما لا يكتفي في الاغتذاء بغير اللّحم،كالأسد و النّمر،سواء دبغت أو لم تدبغ.ذهب إليه علماؤنا أجمع،خلافا للجمهور (3).

لنا:ما رواه الجمهور عن المقدام بن معد يكرب (4)،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله انّه نهى عن جلود السّباع و الرّكوب عليها (5).و النّهي لا يتناول الأعيان،فينصرف إلى المنافع المطلوبة،ترك العمل به في الاستعمال في غير الصّلاة،فيعمل به في الصّلاة، و إلاّ لزم تركه مطلقا.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إسماعيل بن سعد بن الأحوص قال:سألت الرّضا عليه السّلام عن الصّلاة في جلود السّباع؟فقال:«لا تصلّ فيها» (6).

و في الموثّق،عن سماعة قال:«أمّا جلود السّباع فاركبوا عليها و لا تلبسوا منها شيئا

ص:207


1- 1الكافي 6:245 حديث 6، [1]التّهذيب 9:39 حديث 164،الوسائل 16:380 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرّمة،حديث 4. [2]
2- 2) تقدّم في الجزء الثالث ص 210،359.
3- 3) المغني 1:86،بداية المجتهد 1:78،المحلّى 1:123،نيل الأوطار 1:74-75.
4- 4) المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب:أبو كريمة،روى عن النّبيّ(ص)و عن خالد بن الوليد و معاذ بن جبل و أبي أيّوب الأنصاريّ،و روى عنه ابنه يحيى و خالد بن معدان و حبيب بن عبيد. مات سنة 87 ه. أسد الغابة 4:411، [3]تهذيب التّهذيب 10:287، [4]العبر 1:76. [5]
5- 5) سنن أبي داود 4:68 حديث 4131. [6]
6- 6) التّهذيب 2:205 حديث 801،الوسائل 3:257 الباب 6 من أبواب لباس المصلّى،حديث 1. [7]

تصلّون فيه» (1).

و في الموثّق عن ابن بكير قال:سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السّلام،عن الصّلاة في الثّعالب،و الفنك،و السّنجاب و غيره من الوبر؟فأخرج كتابا زعم انّه إملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،انّ الصّلاة في كلّ شيء حرام أكله فالصّلاة في وبره، و شعره و جلده و بوله،و روثه،و كلّ شيء منه فاسد،لا تقبل تلك الصّلاة حتّى يصلّي في غيره ممّا أحلّ اللّه أكله،ثمَّ قال:«يا زرارة،هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة،فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصّلاة في وبره،و شعره، و بوله،و روثه،و ألبانه،و كلّ شيء منه جائزة إذا علمت أنّه ذكيّ قد ذكّاه الذّبح، و إن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله أو حرم عليك أكله فالصّلاة في كلّ شيء منه فاسد،ذكّاه الذّبح أم لم يذكه» (2).

و ما رواه ابن بابويه،عن هاشم الحناط (3)(4)انه قال:سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام،يقول:«ما أكل الورق و الشجر فلا بأس بأن يصلى فيه،و ما أكل الميتة فلا تصل فيه» (5)و لأن خروج الروح سبب للموت،و هو يقتضي المنع من الاستعمال لما بيناه،و الذباحة بمجردها لا تقتضي الإباحة ما لم يكن المحل قابلا،

ص:208


1- 1التهذيب 2:205 حديث 802،الوسائل 3:256 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 6،4. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) «ن»«م»«غ»«ح»:الخياط.
4- 4) هاشم الحناط،ذكره الصدوق في المشيخة،روى عن موسى بن جعفر(ع)،كذا في بعض نسخ الفقيه، و في الأخرى:الخياط،و الأول هو الصحيح لعدم وجود شخص بعنوان:هاشم الخياط.ثمَّ الظاهر أن هاشم الحناط هذا هو هاشم بن المثنى الحناط الذي وثقه النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الفقيه(شرح المشيخة)4:43،رجال النجاشي:435،رجال الطوسي:331.
5- 5) الفقيه 1:168 حديث 790،الوسائل 3:257 الباب 6 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]

و إلا لكانت ذباحة الآدمي مطهرة لجلده،و الاعتذار بأن الحكم يختلف هنا للنهي عن الذباحة باطل بذبح الشاة المغصوبة،و بالالة المغصوبة،و قبول السباع لأحكام الذباحة ممنوع،و لا ينتقض بجواز الاستعمال في غير الصلاة،لأنه علم ذلك بدليل ليس موجودا في الصلاة،فلا يلزم النقض.

مسألة:و جلد كل ما لا يؤكل لحمه لا تصح الصلاة فيه

كالقنفذ،و اليربوع، و الحشرات.ذهب إليه علماؤنا أجمع إلا ما نستثنيه،لأن وقوع الذكاة عليها مشكوك بل الأقرب عدم وقوع الذكاة عليها،لأن إزهاق الروح سبب للموت المقتضي للمنع، و الطهارة بالذبح مستفادة من الشرع،فيقف عليه،مع ان الأصل تحريم الذبح،فلا يكون مطهرا،و الدباغ غير مطهر لما مضى،فالمنع فيها ثابت مطلقا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في حديث زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

أخرج لنا كتابا زعم انه إملاء رسول الله صلى الله عليه و آله«ان الصلاة في كل شيء حرام أكله فالصلاة في وبره،و شعره،و جلده،و بوله،و روثه،و كل شيء منه فاسدة لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره» (1)و لأنه حيوان غير مأكول فأشبه السباع (2).

مسألة:أما المسوخ،فقد أطلق الشيخ في الخلاف أنها نجسة ،

(3)

روى محمد بن الحسن الأشعري،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:«الفيل مسخ كان ملكا زناء،و الذئب مسخ كان أعرابيا ديوثا،و الأرنب مسخ كان امرأة تخون زوجها و لا تغتسل من حيضها،و الوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس،و القردة و الخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت،و الجريث و الضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث

ص:209


1- 1التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) «ح»«ق»:السبع.
3- 3) الخلاف 2:540 مسألة 12.

نزلت المائدة على عيسى بن مريم،لم يؤمنوا فتاهوا،فوقعت فرقة في البحر و فرقة في البر، و الفأرة هي الفويسقة،و العقرب كان نماما،و الدب،و الوزغ،و الزنبور كان لحاما يسرق في الميزان» (1).

و قال المفيد في المقنعة (2)،و السيد المرتضى في المصباح (3)بمثل قول الشيخ، و الأقرب عندي الطهارة.أما الصلاة في جلودها فلا تصح قولا واحدا لما تلوناه من الأحاديث،و قد تقدم ما يدل على طهارة سؤرها،لرواية البقباق (4)،و طهارة السؤر تستلزم طهارتها،و قد روي أيضا:أنه لا بأس بأمشاط العاج (5).و هو يدل على طهارة عظم الفيل.

و في وقوع الذكاة عليها إشكال أقربه أنه لا يقع عليه لما تقدم.

مسألة:و لا تصح الصلاة في شعر كل ما يحرم أكله،و صوفه،و وبره

إلا ما نستثنيه.و هو إجماع علمائنا،خلافا للجمهور (6).

لنا:ان القول بجواز الصلاة في شيء من ذلك مع المنع من جواز الصلاة في جلده مما لا يجتمعان،و الثاني ثابت،فالأول منتف.

أما عدم الاجتماع فبالإجماع،أما عندنا فللمنع من الأمرين،و أما عند أبي حنيفة (7)فلجواز الأمرين إلا الآدمي و الخنزير،و أما عند الشافعي (8)فلجواز الصلاة في

ص:210


1- 1الكافي 6:246 حديث 14، [1]التهذيب 9:39 حديث 166،الوسائل 16:381 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة،حديث 7. [2]
2- 2) المقنعة:25.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:81. [3]
4- 4) التهذيب 1:225 حديث 646،الوسائل 1:163 الباب 1 من أبواب الأسئار،حديث 4. [4]
5- 5) انظر:الوسائل 1:427 الباب 72 من أبواب آداب الحمام.
6- 6) بداية المجتهد 1:78،المغني 1:74،المجموع 1:236،شرح فتح القدير 1:84.
7- 7) بدائع الصنائع 1:85،المغني 1:84،المجموع 1:236.
8- 8) الام 1:9،بداية المجتهد 1:76،78.

الجلد بعد دباغه دون شعره.

و أما ثبوت الثاني فلما تقدم من الأدلة على المنع من الصلاة في الجلد.

و يؤيده:رواية زرارة.و قد تقدمت.

و ما رواه،عن إبراهيم بن محمد الهمداني،قال:كتبت إليه:يسقط على ثوبي الوبر و الشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة؟فكتب:«لا تجوز الصلاة فيه» (1).

و عن الحسن بن علي الوشاء قال:كان أبو عبد الله عليه السلام يكره الصلاة في وبر كل شيء لا يؤكل لحمه (2).

مسألة:و اختلفت الرواية في الثعالب و الأرانب،

فروى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلود الثعالب أصلي فيها؟ فقال:«ما أحب أن أصلي فيها» (3).

و عن أحمد بن إسحاق الأبهري (4)،قال:كتبت إليه:جعلت فداك،عندنا جوارب و تكك تعمل من وبر الأرانب،فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير

ص:211


1- 1التهذيب 2:209 حديث 819،الاستبصار 1:384 حديث 1455،الوسائل 3:251 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 820،الوسائل 3:251 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:205 حديث 803،الاستبصار 1:381 حديث 1443،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأحوص الأشعري أو الأبهري:أبو علي القمي،كان وافد القميين،روى عن أبي جعفر و أبي الحسن(ع)و كان من خاصة أبي محمد(ص).قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد و العسكري(ع)،و قال:قمي ثقة،و قال في الفهرست: [4]كبير القدر و رأى صاحب الزمان،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:91،رجال الطوسي:398،427،الفهرست:26، [5]رجال العلامة:15. [6]

ضرورة و لا تقية؟فكتب:«لا تجوز الصلاة فيها» (1).و مثله رواه،عن علي بن مهزيار (2).

و عن محمد بن أبي زيد (3)،قال:سئل الرضا عليه السلام عن جلود الثعالب الذكية؟فقال:«لا تصل فيها» (4).

و عن علي بن مهزيار،عن رجل سأل الرضا عليه السلام عن الصلاة في الثعالب،فنهى عن الصلاة فيها و في الثوب الذي يليه،فلم أدر أي الثوبين الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد فوقع بخطه:«الذي يلصق بالجلد»و ذكر أبو الحسن أنه سأله عن هذه المسألة؟فقال:«لا تصل في الذي فوقه و لا في الذي تحته» (5).

و عن الوليد بن أبان (6)قال:قلت للرضا عليه السلام:أصلي في الفنك،

ص:212


1- 1التهذيب 2:206 حديث 805،الاستبصار 1:383 حديث 1452،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3 و [2]ص 259 حديث 5.
3- 3) كذا في النسخ،و في المصادر:جعفر بن محمد بن أبي زيد،أو:أبي يزيد،قال المحقق المامقاني:لم أقف فيه إلا على رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه عن الرضا(ع)،و هو مهمل في كتب الرجال،و قال المحقق الأردبيلي:في بعض نسخ التهذيب:عن جعفر بن محمد عن أبي زيد،و قال:هو الصواب،و أبو زيد هذا هو أبو زيد المكي الذي عده الشيخ في رجاله في باب كنى أصحاب الرضا(ع)،و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال:مجهول. رجال الطوسي:379،جامع الرواة 1:156 و 2:386، [3]رجال العلامة:267، [4]تنقيح المقال 1:222 و 3:17 [5] من فصل الكنى.
4- 4) التهذيب 2:206 حديث 807،الاستبصار 1:381 حديث 1445،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [6]
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 808،الاستبصار 1:381 حديث 1446،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [7]
6- 6) الوليد بن أبان الضبي الرازي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع) رجال الطوسي:394.

و السنجاب؟قال:«نعم»فقلت:يصلي في الثعالب إن كانت ذكية؟قال:«لا تصل فيها» (1)فهذه الأخبار تدل على المنع.و أيضا:رواية زرارة الموثقة تدل عليه،و قد تقدمت (2).

و عن مقاتل بن مقاتل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور،و السنجاب،و الثعالب؟فقال:«لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم» (3).

و عن أبي علي بن راشد (4)،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:فالثعالب يصلى فيها؟قال:«لا و لكن تلبس بعد الصلاة»قلت:أصلي في الثوب الذي يليه؟قال:«لا» (5).

و عن داود الصرمي،عن بشير بن بشار،قال:قال:«و لا تصل في الثعالب و لا السمور» (6).

و أما الرواية الدالة على الجواز،فقد رواها الشيخ في الصحيح،عن الحلبي عن

ص:213


1- 1التهذيب 2:207 حديث 811،الاستبصار 1:382 حديث 1450،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 7 و [1]ص 359 الباب 7 حديث 7.
2- 2) تقدمت في ص 209.
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 821،الاستبصار 1:384 حديث 1456،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) أبو علي بن راشد،كان وكيلا مقام الحسين بن عبد ربه،أقامه الإمام الهادي(ع)،و قال في حقه:إنه عاش و سعيدا و مات شهيدا.ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال الكشي:512،603،رجال العلامة:190. [3]
5- 5) التهذيب 2:210 حديث 822،الاستبصار 1:384 حديث 1457،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 2:210 حديث 823،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [5]

أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن (1)الفراء و السمور،و السنجاب،و الثعالب و أشباهه؟قال:«لا بأس بالصلاة فيه» (2).

و عن علي بن يقطين قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء، و السمور،و الفنك،و الثعالب و جميع الجلود؟قال:«لا بأس بذلك» (3).

و الروايات الأولى أكثر،و هي أيضا أشهر بين الأصحاب،فالعمل بمضمونها أولى،و لأن فيها احتياطا للعبادة.

مسألة:و في التكة،و القلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال،

الأحوط المنع،عملا بعموم الأحاديث الدالة على النهي عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه (4)،و دليل الاحتياط للعبادة،لكن الشيخ قال في التهذيب عقيب ما رواه في الصحيح،عن جميل،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في جلود الثعالب؟فقال:«إذا كانت ذكية فلا بأس» (5):انه يحتمل أن يكون المراد به،إذا كان على مثل القلنسوة أو ما أشبهها مما لا تتم الصلاة بها.

و استدل على تأويله بما رواه في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار (6)،قال:

ص:214


1- 1«ح»«ق»بزيادة:لباس.
2- 2) التهذيب 2:210 حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1459،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
3- 3) التهذيب 2:210،حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1459،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) الوسائل 3:272 الباب 14 من أبواب لباس المصلي. [3]
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 809،الاستبصار 1:382 حديث 1447،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [4]
6- 6) محمد بن عبد الجبار،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الإمام الجواد(ع)،و بإضافة:و هو ابن أبي صهبان قمي ثقة من أصحاب الإمام الهادي(ع)،و بعنوان:محمد بن أبي الصهبان من أصحاب الإمام العسكري(ع).و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:قمي من أصحاب أبي الحسن الثالث.رجال الطوسي:407،423،435،رجال العلامة:142. [5]

كتبت إلى أبي محمّد عليه السّلام أسأله:هل أصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه،أو تكة حرير،أو تكة من وبر الأرانب؟فكتب:«لا تحل الصلاة في الحرير المحض،و إن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه» (1)و هذا الحديث كما يدل على جواز الصلاة في القلنسوة يدل على ان الأرنب مما يقبل الذكاة.

فرع:

لو عمل القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه أو التكة منه أو من حرير،ففيه قولان للشيخ:

أحدهما:المنع،ذكره في النهاية (2).

و الثاني:الكراهة،ذكره في المبسوط (3).

حجته على المنع:ما تقدم من الأحاديث الدالة على عموم المنع،و على الجواز:

ما تقدم من حديث محمد بن عبد الجبار عن أبي محمد عليه السلام (4).فإن رجح الأول بكونه من باب القول،و الثاني من باب الكتابة و القول أرجح،عورض برجحان الثاني بالأصل،و بأنه أخص.و إن رجح برواية أحمد بن إسحاق،و برواية علي بن مهزيار أنه كتب إليه إبراهيم بن عقبة (5):عندنا جوارب و تكك تعمل من وبر الأرانب،فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة و لا تقية؟فكتب:«لا يجوز الصلاة فيها» (6)

ص:215


1- 1التهذيب 2:207 حديث 810،الاستبصار 1:383 حديث 1453،الوسائل 3:273 الباب 14 من أبواب لباس المصلي،حديث 4 و [1]في الجميع:(هل يصلي)مكان(هل أصلي).
2- 2) النهاية:98. [2]
3- 3) المبسوط 1:84.
4- 4) إبراهيم بن عقبة الربعي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الهادي(ع).رجال الطوسي:409.
5- 5) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
6- 6) التهذيب 2:206 حديث 806،الاستبصار 1:383 حديث 1451،الوسائل 3:258 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]

عورض برواية الحلبي الصحيحة،و علي بن يقطين الدالة على جواز الصلاة في الجلود كلها،و بأن أحمد بن إسحاق،و علي بن مهزيار كلاهما أسندا الحديث إلى الكتابة و فيه ضعف،و إلى غير معين فيحتمل أن يكون المكتوب إليه غير الإمام عليه السلام، فالأقرب عندي في هذا الباب الكراهية.

مسألة:و في السمور،و الفنك،و السنجاب روايتان:

روى الشيخ،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالسنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عنه،إذ نهى عن كل ذي ناب و مخلب» (1).

و روى،عن الوليد بن أبان،قال:قلت للرضا عليه السلام:أصلي في الفنك و السنجاب؟قال:«نعم»فقلت:يصلى في الثعالب إن كانت ذكية؟قال:«لا تصل فيها» (2).

و عن مقاتل بن مقاتل،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور،و الثعالب؟فقال:«لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب،فإنه دابة لا تأكل اللحم» (3).

و عن أبي علي بن،راشد،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:ما تقول في الفراء أي شيء يصلى فيه؟قال:«أي الفراء؟»قلت:الفنك،و السنجاب،و السمور، قال:«فصل في الفنك،و السنجاب،فأما السمور فلا تصل فيه» (4).

ص:216


1- 1التهذيب 2:203 حديث 797،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:207 حديث 811،الاستبصار 1:382 حديث 1450،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي حديث 7،و [2]ص 259 الباب 7 حديث 7.
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 821،الاستبصار 1:384 حديث 1456،الوسائل 3:252 الباب 3 من أبواب لباس المصلي حديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 2:210 حديث 822،الاستبصار 1:384 حديث 1457،الوسائل 3:253 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [4]

و عن بشير بن بشار (1)قال:سألته عن الصلاة في الفنك،و الفراء،أو السنجاب،و السمور،و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك و ببلاد الإسلام أن أصلي فيه لغير تقية؟قال:فقال:«صل في السنجاب،و الحواصل الخوارزمية،و لا تصل في الثعالب،و لا السمور» (2).

و في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الفراء،و السمور،و السنجاب،و الثعالب،و أشباهه؟قال:«لا بأس بالصلاة فيه» (3).

و عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء، و السمور،و الفنك،و الثعالب،و جميع الجلود؟قال:«لا بأس» (4).

و في الصحيح،عن الريان (5)بن الصلت،قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس فراء السمور،و السنجاب،و الحواصل،و ما أشبهها،و المناطق،

ص:217


1- 1بشير بن بشار في التهذيب،و في الاستبصار:بشير بن يسار،و عنونه المحقق الأردبيلي ب«بشر بن يسار» البشري الكوفي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع).رجال الطوسي: 108،155،جامع الرواة 1:123. [1]
2- 2) التهذيب 2:210 حديث 823،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:253 الباب 3 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:210 حديث 825،الاستبصار 1:384 حديث 1458،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) التهذيب 2:210 حديث 826،الاستبصار 1:385 حديث 1560،الوسائل 3:255 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]
5- 5) الريان بن الصلت البغدادي الأشعري القمي،خراساني الأصل:أبو علي،روى عن الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا(ع)و اخرى من أصحاب الهادي(ع)و ثالثة في باب من لم يرو عنهم(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:كان ثقة صدوقا. رجال النجاشي:165،رجال الطوسي:376،415،473،رجال العلامة:70. [5]

و الكيمخت،و المحشو بالقز،و الخفاف من أصناف الجلود؟فقال:«لا بأس بهذا كله إلا الثعالب» (1).

و أما الرواية الأخرى،فقد روى الشيخ في الموثق،عن زرارة انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب،و الفنك،و السنجاب،و غيره من الوبر؟ فأخرج(كتابا (2)زعم)انه إملاء رسول الله صلى الله عليه و آله:«ان الصلاة في كل شيء حرام أكله فالصلاة في وبره،و شعره،و جلده،و بوله،و روثه،و كل شيء منه فاسدة لا تقبل بذلك الصلاة حتى يصلي في غيره» (3)الحديث.

و في الصحيح،عن سعد بن سعد الأشعري،عن الرضا عليه السلام،قال:سألته عن جلود السمور؟فقال:«يصيد»؟»فقلت:نعم،يأخذ الدجاج و الحمام،قال:

«لا» (4).

و الذي نختاره نحن:جواز الصلاة في السنجاب خاصة،لاشتهار الأحاديث الدالة عليه،و عمل الأصحاب أكثرهم بها،أما الفنك و السمور فلا.

و ادعى الشيخ في المبسوط الإجماع على جواز الصلاة في السنجاب، و الحواصل (5).و هذا يدل على جواز ذلك عند أكثر الأصحاب،و فتوى الشيخ في الجزء الثاني من النهاية بالمنع من الصلاة فيه (6)،مستندة إلى ما ذكرناه من الأحاديث الدالة على المنع،و هي معارضة بما ذكرناه من الأحاديث الدالة على الجواز.

ص:218


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1533،الوسائل 3:256 الباب 5 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) «م»«ن»:لنا ما زعم.
3- 3) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 2:211 حديث 827،الاستبصار 1:385 حديث 3 1463،الوسائل 3:254 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) المبسوط 1:83.
6- 6) النهاية:587. [4]
مسألة:و تحرم الصلاة في الحرير المحض للرجال.

ذهب إليه علماء الإسلام،روى الجمهور عن أبي موسى ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(حرم لباس الحرير و الذهب على ذكور أمتي و أحل لأناثهم) (1)رواه أبو داود،و الترمذي.

و عن رسول الله صلى الله عليه و آله(لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) (2).

و عن حذيفة قال:نهانا النبي صلى الله صلى الله عليه و آله أن نشرب في آنية الذهب و الفضة،و أن نأكل منها،و أن نلبس الحرير و الديباج،و أن نجلس عليه (3).رواهما البخاري.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن أبي الجارود (4)،عن أبي جعفر عليه السلام،ان النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي عليه السلام:«اني أحب لك ما أحب لنفسي،و أكره لك ما أكره لنفسي،فلا تتختم بخاتم ذهب،فإنه زينتك في الآخرة،و لا تلبس القرمز (5)فإنه من أردية إبليس،و لا تركب بميثرة (6)حمراء فإنها من مراكب إبليس،و لا تلبس الحرير فيحرق الله جلدك يوم تلقاه.و لم يطلق النبي صلى

ص:219


1- 1سنن أبي داود 4:50 حديث 4057،سنن الترمذي 4:217 حديث 1720. [1]
2- 2) صحيح البخاري 7:194.
3- 3) صحيح البخاري 7:193.
4- 4) زياد بن المنذر:أبو الجارود الهمداني الكوفي الخارقي-الحوفي،الخرقي-الأعمى،تابعي زيدي المذهب،و إليه تنسب الجارودية من الزيدية،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع)،ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة و قال:لا شبهة في ذمة،و سمي:سرحوبا باسم شيطان أعمى يسكن البحر. رجال النجاشي:170،رجال الطوسي:122،197،الفهرست:72، [2]رجال العلامة:223. [3]
5- 5) القرمز:صبغ أحمر تصبغ به الثياب.النهاية لابن الأثير 4:50. [4]
6- 6) الميثرة:بالكسر،مفعلة من الوثارة،هي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج.النهاية لابن الأثير: 150، [5]الصحاح 2:844، [6]المصباح المنير 2:647.

الله عليه و آله لبس الحرير لأحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف،و ذلك انه كان رجلا قملا» (1).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن إسماعيل بن سعد الأحوص،عن الرضا عليه السلام،و سألته هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟قال:«لا» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار،عن أبي محمد عليه السلام انه كتب إليه «لا تحل الصلاة في الحرير المحض» (3).

و عن أبي الحرث (4)،قال:سألت الرضا عليه السلام هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟قال:«لا» (5).

فروع:
الأول:

ذهب علماؤنا أجمع إلى بطلان الصلاة في الحرير المحض للرجال إلا مع الضرورة و في الحرب.و هو اختيار أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى انها تصح و إن

ص:220


1- 1الفقيه 1:164 حديث 774،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:205 حديث 801،الوسائل 3:266 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:207 حديث 810،الاستبصار 1:383 حديث 1453،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) أبو الحارث،روى عنه علي بن أسباط،قاله المحقق الأردبيلي،و قال المحقق المامقاني:اسمه:كثير بن كلثم أو كلثمة أو كلثوم الذي قال النجاشي:كوفي ثقة،روى عن أبي جعفر و أبي عبد الله(ع)،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق بعنوان:كثير بن كلثمة الكوفي و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. ملاحظة:في النسخ:أبو الحرث،و في المصادر:أبو الحارث،و هو الصحيح،حيث ان المحقق المامقاني قال:يكتب أبو الحرث و يقرأ:أبو الحارث.
5- 5) التهذيب 2:208 حديث 814،الاستبصار 1:386 حديث 1464،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [4]

كان حراما (1).و هو مذهب أبي حنيفة (2)و الشافعي (3).

لنا:ان ستر العورة عبادة متلقاة من الشرع،و قد نهى عن هذا المخصوص،و النهي في العبادات يدل على الفساد،و مع فساد الشرط و عدم التفات نظر الشرع إليه يفسد المشروط قطعا.

احتج المخالف بان التحريم لا يختص بالصلاة (4)و لا النهي يعود إليها،فلا يمنع الصحة،و لأن الشرط الستر و هو متحقق لا يرتفع بالنهي.

و الجواب عن الأول:ان تحريم الشرط يستلزم فساد المشروط،فيعود النهي في الحقيقة إلى الصلاة.

و عن الثاني:بالمنع من كون الستر مطلقا شرطا،و إلا لكان هذا الستر المخصوص منهيا عنه مأمورا به و ذلك محال.

الثاني:

قال الشيخان (5)،و المرتضى و أتباعهم:لا فرق بين أن يكون المعمول من حرير محض ساترا،و بين أن يكون غير ساتر،بأن تكون العورة مستورة بغيره (6).

و خالف فيه فقهاء الجمهور (7)عدا أحمد،فإنه روي عنه البطلان (8)كقول علمائنا.

لنا:ان الصلاة فيه محرمة بما تقدم من الأحاديث،فتكون باطلة لأن النهي يدل على الفساد في باب العبادات.

ص:221


1- 1المغني 1:661،الكافي لابن قدامة 1:147،الإنصاف 1:457. [1]
2- 2) المغني 1:660.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:142، [2]فتح العزيز بهامش المجموع 4:104، [3]المغني 1:660.
4- 4) المهذب للشيرازي 1:66.
5- 5) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:82.
6- 6) نقل عنهم في المعتبر 2:87. [4]
7- 7) المجموع 3:180.
8- 8) المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148،المجموع 3:180.
الثالث:

لا بأس بلبس الحرير لأجل الضرورة.و هو فتوى علمائنا،و قول أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:لا يباح (1)،و هو قول مالك (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس،قال:ان عبد الرحمن بن عوف،و الزبير شكوا إلى النبي صلى الله عليه و آله القمل،فرخص لهما لبس الحرير في غزاة لهما (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن أبي الجارود،عن الباقر عليه السلام قال:«و لم يطلق النبي صلى الله عليه و آله لبس الحرير لأحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف،و ذلك انه كان رجلا قملا» (4)و ذكر العلة يؤذن بالتعميم،و ما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره،لقوه عليه السلام:«حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (5)و لأنه منهي عنه فيتخصص بحال الاختيار كغيره من المنهيات.و لأن التكليف يسقط مع الضرورة.

احتج مالك بعموم لفظ التحرير و الرخصة يحتمل أن تكون خاصة (6)بعبد الرحمن و الزبير.

و الجواب ان تخصيص الرخصة بهما على خلاف الأصل.

الرابع:

و يجوز لبسه للرجال في حال الحرب من غير ضرورة.و هو قول عروة، و عطاء،و أحمد في أحد الوجهين،و في الوجه الآخر:لا يجوز (7).

ص:222


1- 1المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148.
2- 2) المغني 1:662.
3- 3) صحيح البخاري 7:195،صحيح مسلم 3:1646 حديث 2076،سنن ابن ماجه 2:1188 حديث 3592،سنن الترمذي 4:218 حديث 1722 و [1]في بعض المصادر،بتفاوت يسير.
4- 4) الفقيه 1:164 حديث 774،الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
5- 5) عوالي اللئالى 1:456 حديث 197. [3]
6- 6) المغني 1:662.
7- 7) المغني 1:662. [4]

لنا:ما رواه الجمهور،عن عروة انّه كان له يلمق من ديباج بطانته من سندس محشو قزا،و كان يلبسه في الحرب (1).و قد شهده جماعة من التابعين و لم ينكروه مع سماع النهي العام،فلو لم ينقلوا الترخص في هذه الحالة (2)لأنكروا عليه.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة بن مهران قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج؟فقال:«أما في الحرب فلا بأس» (3).

و ما رواه في الصحيح،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،عن الصلاة في ثوب ديباج؟فقال:«ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس» (4)قال الشيخ:و المقصود بذلك جواز لبسه حالة الحرب (5).و هو حسن،و لأنه يحصل معه قوة القلب و هي أمر مطلوب في الحرب،فأشبه الضرورة.و لأن المنع من لبسه لأجل ما فيه من الخيلاء و هو غير مذموم في الحرب،قال رسول الله صلى الله عليه و آله حين رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيته:(انها لمشية يبغضها الله إلا في الحرب» (6).

احتج أحمد بعموم النهي (7).

و الجواب:انه مخصوص بالضرورة،فكذا هاهنا،لاشتراكهما في المقتضي المبيح.

ص:223


1- 1المغني 1:662.
2- 2) في النسخ يوجد:و إلا،حذفناها لاستقامة المعنى.
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 816،الاستبصار 1:386 حديث 1466،الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
4- 4) التهذيب 2:208 حديث 815،الاستبصار 1:386 حديث 1465،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
5- 5) التهذيب 2:208،الاستبصار 1:386.
6- 6) كنز العمال 4:317 حديث 10685.
7- 7) المغني 1:662،الكافي لابن قدامة 1:148.
الخامس:

لا بأس بلبسه للنساء.ذهب إليه كل من يحفظ عنه العلم.و في لبسه لهن في الصلاة خلاف بين علمائنا،فالذي ذهب إليه الشيخان (1)،و السيد المرتضى (2)،و أتباعهم،الجواز (3)،و الذي ارتضاه أبو جعفر بن بابويه، التحريم (4).

احتج الأولون بأن الأمر بالصلاة مطلق فالتقييد مناف (5)،ترك العمل به في حق الرجل لوجود الدليل،فيبقى الباقي على الإطلاق.

احتج ابن بابويه،بما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار انه كتب إليه أبو محمد عليه السلام:«لا تحل الصلاة في الحرير المحض» (6)و هو عام في حق الرجال و النساء و ما رواه،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز،أو كتان،أو قطن و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (7).

و لا ريب ان النهي في حق الرجال للتحريم،و كذا في النساء قضية للعطف، و كذا لفظ«يكره»المراد بها التحريم في حق الرجال،فكذا في النساء للعطف، و القولان قويان،فنحن في هذا من المتوقفين.

السادس:

هل تجوز الصلاة للرجال في التكة و القلنسوة إذا عملا من حرير

ص:224


1- 1المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في النهاية:97.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:89.
3- 3) المراسم:64،الوسيلة(الجوامع الفقهية):671.
4- 4) الفقيه 1:171.
5- 5) نقله عنهم في المعتبر 2:89. [1]
6- 6) التهذيب 2:207 حديث 812،الاستبصار 1:385 حديث 1462،الوسائل 3:267 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
7- 7) التهذيب 2:367 حديث 1524،الاستبصار 1:386 حديث 1468،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [3]

محض؟فيه إشكال،و الأقرب المنع.قال ابن بابويه:لا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم (1).و أفتى الشيخ بجوازه في النهاية و المبسوط (2).

لنا:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن عبد الجبار قال:كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟فكتب:

«لا تحل الصلاة في حرير محض»و العبرة و إن كانت بعموم اللفظ على الخلاف،لكن بالاتفاق يتناول صورة السبب.و لأنه منهي عنه فلا تجوز الصلاة في شيء منه كالجلد الميت.

احتج الشيخ بما رواه الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال«كل ما لا تتم الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم،و القلنسوة،و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلي فيه» (3).

و الجواب:ان في طريقها أحمد بن هلال و هو ضعيف جدا.

السابع:

لا بأس بالوقوف على الثوب المعمول من الإبريسم المحض و الديباج و افتراشه.

روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال:و سألته عن فراش حرير و مثله من الديباج و مصلي حرير و مثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه و التكأة و الصلاة؟قال:«يفرشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه» (4).

الثامن:

الحشو بالإبريسم لا يرفع التحريم.خلافا للشافعي (5).

ص:225


1- 1الفقيه 1:172.
2- 2) النهاية:98، [1]المبسوط 1:83.
3- 3) التهذيب 2:397 حديث 1478،الوسائل 3:273 الباب 14 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:373 حديث 1553،الوسائل 3:274 الباب 15 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438،المغني 1:663.

لنا:عموم النهي.

احتج الشافعي بأنه لا خيلاء فيه،فلا بأس به.

و الجواب بمنع تعليل التحريم بالخيلاء،بل لعلة السرف و التضييع للمال،أو لمنع النفس عن المبالغة في اللباس.و لأنه ينتقض بما لو جعل بطانة الجبة حريرا،فإنه لا خيلاء هناك مع ثبوت التحريم.

و أما ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحسين بن سعيد،قال:قرأت كتاب محمد بن إبراهيم (1)إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز؟فكتب إليه:«لا بأس بالصلاة فيه» (2)فإن ابن بابويه قال:المراد به قز الماعز دون قز الإبريسم (3).

التاسع:

لا بأس للرجال بالصلاة في الحرير إذا لم يكن محضا،كالممزوج بالقطن،أو الكتان،أو الخز و لو كثر الإبريسم ما لم يستهلكه بحيث يصدق على الثوب أنه إبريسم.و هو مذهب علمائنا أجمع،و به قال ابن عباس (4)،و جماعة من أهل العلم (5).

و قال أبو حنيفة (6)،و الشافعي:يحرم إذا غلب الحرير،و إن غلب غيره جاز (7)،

ص:226


1- 1محمد بن إبراهيم روى عنه الحسين بن سعيد كتابة قاله المحقق الأردبيلي،و هو محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني الذي كان أبوه وكيل الناحية المقدسة،و روى الكشي رواية في مدحه،و قد مر في ترجمة إبراهيم بن محمد الهمداني ما يدل على وكالة جميع ولد إبراهيم. رجال الكشي:608،جامع الرواة 2:45. [1]
2- 2) التهذيب 2:364 حديث 1509،الوسائل 3:323 الباب 47 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:171.
4- 4) المغني 1:662.
5- 5) المغني 1:662،المجموع 4:438. [3]
6- 6) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438. [4]
7- 7) المهذب للشيرازي 1:108،المجموع 4:438،المغني 1:663.

و في المتساوي وجهان للشافعي.

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس،قال:إنما نهى النبي صلى الله عليه و آله عن الثوب المصمت من الحرير،و أما العلم و سدى الثوب فليس به بأس (1).رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن يوسف بن إبراهيم (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالثوب أن يكون سداه و زره و علمه حريرا و إنما كره الحرير المبهم للرجال» (3).

و عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام،ينهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته،أو سداه خز،أو كتان،أو قطن،و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (4).و لأنه يخرج بالمزج عن اسم الحرير،فيبقى على الأصل و هو الحل.

العاشر:

لا بأس بثوب مكفوف بالحرير المحض على الكراهية.ذكره الشيخ (5)و أتباعه (6).

و المراد بالكف:ما يوضع في رءوس الأكمام،و أطراف الذيل،و حول الزيق.و لا بأس بالعلم أيضا،روى الجمهور ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الحرير إلا موضع

ص:227


1- 1سنن أبي داود 4:49 حديث 4055. [1]
2- 2) يوسف بن إبراهيم:أبو داود،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)و قال المحقق المامقاني باتحاده مع يوسف بن إبراهيم الطاطري الذي مرت ترجمته في ص 975.
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 817،الاستبصار 1:386 حديث 1467،الوسائل 3:272 الباب 13 من أبواب لبسا المصلي،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:367 حديث 1524،الاستبصار 1:386 حديث 1468،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [3]
5- 5) النهاية:96.
6- 6) الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،المهذب 1:75.

إصبعين أو ثلاثا أو أربعا (1).رواه مسلم و أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن جراح المدائني (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج (3).

الحادي عشر:

لو خيط الحرير بالقطن أو الكتان لم يزل التحريم عنه،و كذا لو بطن به أو جعل ظهاره،لعموم المنع.

الثاني عشر:

هل يحرم على الولي تمكين الطفل من لبس الحرير؟فيه نظر أقربه انه لا يحرم.و هو قول بعض الجمهور (4).

لنا:انه غير مكلف،فلا يحرم في حقه،و لأن التحريم مستند إلى الخيلاة و لا اعتبار به في حقهم.

و قال بعض الجمهور:يحرم (5)،لقوله عليه السلام:(حرام على ذكور أمتي) (6).

و عن جابر:كنا ننزعه عن الغلمان و نتركه على الجواري (7).

و الجواب عن الأول بما مضي من ان التحريم يتناول المكلفين (8)خاصة.

و عن الثاني:باحتمال انه قد فعل بالمراهقين و من قارب البلوغ،زيادة في التورع.

ص:228


1- 1صحيح مسلم 3:1643 حديث 2069،سنن أبي داود 4:47 حديث 4042. [1]
2- 2) جراح المدائني،روى عن أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر(ع)،و اخرى من أصحاب الصادق(ع). رجال النجاشي:130،رجال الطوسي:112،165.
3- 3) التهذيب 2:364 حديث 1510،الوسائل 3:268 الباب 11 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [2]
4- 4) المغني 1:664،الكافي لابن قدامة 1:148.
5- 5) المغني 1:664،الكافي لابن قدامة 1:148.
6- 6) سنن أبي داود 4:50 حديث 4057. [3]
7- 7) سنن أبي داود 4:50 حديث 4059. [4]
8- 8) «م»«ن»«ح»«ق»:المكلف.
مسألة:و تحرم الصلاة في الثوب المغصوب إذا كان عالما بالغصب.

و هو إجماع أهل العلم كافة،لما ثبت من تحريم التصرف في ملك الغير بغير إذنه،تواترا عن رسول الله صلى الله عليه و آله.

و اختلف العلماء في بطلان الصلاة فيه،فالذي عليه علماؤنا بطلان الصلاة (1)فيه،و اختاره أبو علي الجبائي،و ابنه أبو هاشم (2)،و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين (3)إذا كان هو الساتر،شرطه أحمد خاصة.

لنا:ان الصلاة طاعة و قيامه و قعوده في هذا الثوب منهي عنهما،فيكون مأمورا بما هو منهي عنه،و ذلك تكليف ما لا يطاق.و لأن الواجب عليه صلاة مأمور بها،و لم يثبت من الشرع الأمر بهذه الصلاة،فيبقى في عهدة التكليف،إذ المخرج عن العهدة بالأمر القطعي الفعل المطلوب قطعا.

احتج المخالف بأنه أتى بالصلاة المأمور بها (4)،و التحريم لا يختص الصلاة،و لا النهي يعود إليها،فلا يمنع الصحة،كما لو غسل ثوبه من النجاسة بالماء المغصوب.

و الجواب بالمنع في المقدمتين،إذ قد بينا ان الصلاة المأمور بها شيء يخرج به عن عهدة التكليف،و لم يثبت ذلك في حق هذه الصلاة.و قوله:النهي لا يعود إليها ممنوع،إذ الحركة في هذا الثوب منهي عنها،و هي جزء من الصلاة،و النهي عن الجزء يستحيل مجامعته مع الأمر بالكل،و بهذا وقع الفرق بين صورة النزاع و بين المقيس عليه،لأن الماء المغصوب ليس جزءا من إزالة النجاسة.

و أيضا:فما نحن فيه عبادة،و قد بينا ان النهى فيها يستلزم الفساد بخلاف المقيس عليه.

ص:229


1- 1«م»«ن»«غ»:العبادة.
2- 2) المجموع 3:164.
3- 3) المغني 1:660،الكافي لابن قدامة 1:146،الإنصاف 1:456،المجموع 3:164.
4- 4) المغني 1:660.
فروع:
الأول:

لا فرق بين أن يكون الثوب المغصوب ساترا،أو غير ساتر،بأن يكون فوق السائر أو تحته على إشكال.

الثاني:

هل تبطل الصلاة في الخاتم المغصوب و شبهه،كالسوار،و القلنسوة، و العمامة؟فيه تردد أقربه البطلان.

الثالث:

لو جهل الغصب لم يكن قد فعل محرما و صحت صلاته،لارتفاع النهي.

الرابع:

لو علم الغصب و جهل التحريم لم يكن معذورا،لأن التكليف لا يتوقف على العلم بالتكليف،و إلا لزم الدور المحال.

الخامس:

لو علم بالغصب في أثناء الصلاة نزعه،ثمَّ إن كان عليه غيره أتم الصلاة،لأنه دخل دخولا مشروعا،و لو لم يكن عليه غيره أبطل الصلاة و ستر عورته، ثمَّ استأنف.

السادس:

تحرم الصلاة في الثوب المغصوب على الغاصب و غيره ممن علم بالغصب ما لم يأذن له المالك،فلو أذن للغاصب أو لغيره صحت صلاته فيه،و لو أذن في الصلاة فيه مطلقا صحت صلاة غير الغاصب،أما الغاصب فلا،عملا بشاهد الحال.

السابع:

لو تقدم علمه بالغصبية،ثمَّ نسي حال الصلاة و صلى فيه صحت صلاته.لقوله عليه السلام:(رفع عن أمتي الخطأ و النسيان) (1).و القياس على النجاسة باطل.

ص:230


1- 1سنن ابن ماجه 1:659 حديث 2043،2045،الوسائل 5:345 الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة،حديث 2. [1]
مسألة:و في بطلان الصلاة لمن لبس خاتم ذهب تردد

أقربه البطلان،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ان الصلاة فيه استعمال له و هو محرم بالإجماع،و قد عرفت ان النهي في العبادات يدل على الفساد.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن موسى بن أكيل النميري (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام في الحديد:«انه حلية أهل النار،و الذهب حلية أهل الجنة،و جعل الله الذهب في الدنيا زينة للنساء فحرم على الرجال لبسه و الصلاة فيه،و جعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن و الشياطين،فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في حال الصلاة، إلا أن يكون قبال عدو،فلا بأس به»قال:قلت:فالرجل في السفر يكون معه السكين في خفه لا يستغني عنه،أو في سراويله مشدود،أو المفتاح يخشى إن وضعه ضاع أو يكون في وسطه المنطقة من حديد؟قال:«لا بأس بالسكين و المنطقة للمسافر في حال الضرورة،و كذلك المفتاح إذا خاف الضيعة و النسيان،و لا بأس بالسيف و كل آلة السلاح في الحرب،و في غير ذلك لا يجوز الصلاة في شيء من الحديد،فإنه نجس ممسوخ» (3)و تحريم الصلاة فيه يستلزم البطلان لما مر.

فروع:
الأول:

حكم المنطقة حكم الخاتم في البطلان على التردد.

الثاني:

الثوب المنسوج بالذهب،و المموه تحرم الصلاة فيه مطلقا على التردد في

ص:231


1- 1المغني 1:661.
2- 2) موسى بن أكيل النميري كوفي ثقة،روى عن أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة.رجال النجاشي: 408.رقم 1086،رجال الطوسي:323،الفهرست:162، [1]رجال العلامة:166. [2]
3- 3) التهذيب 2:227 حديث 894،الوسائل 3:304 الباب 32 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [3]

غير الساتر.

الثالث:

هل يجوز افتراش الثوب المنسوج بالذهب أو المموه به؟فيه تردد أقربه الجواز.

الرابع:

تكره الصلاة في خاتم حديد،ذكره الشيخ (1).

و قال المفيد في المقنعة:و لو صلى و في إصبعه خاتم حديد لم يضره ذلك (2).و قال بعض أصحاب الحديث منا بالمنع (3)،احتجاجا بما رواه الشيخ،عن موسى بن أكيل و قد تقدم.

و بما رواه الشيخ،عن السكوني،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:لا يصلي الرجل و في يده خاتم حديد» (4).و الحق الجواز،و لو قيل بالكراهية كان قويا،أما المنع فلا،و رواية موسى بن أكيل ضعيفة، لأن الشيخ رواها مرسلة،مع اشتمالها على تنجيس الحديد و لم يقل به أحد،فهي ضعيفة لا يعول عليها.و يحتمل انه أراد بالتحريم شدة الكراهية مجازا مستعملا.و رواية السكوني ضعيفة السند مع احتمال النهي للكراهية.

مسألة:و لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالنعل السندي و الشمشك.

ذكره الشيخ (5)،و قال في المبسوط:انه مكروه (6).و هو الوجه عندي.

لنا:الأصل الجواز،و الكراهية إنما صرنا إليها لوجود الخلاف.

احتج الشيخ بأن النبي صلى الله عليه و آله لم ينقل عنه ذلك.

ص:232


1- 1الخلاف 1:191 مسألة 250.
2- 2) المقنعة:25.
3- 3) كذا في المعتبر 2:93. [1]
4- 4) التهذيب 2:227 حديث 895،الوسائل 3:303 الباب 32 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
5- 5) النهاية:98. [3]
6- 6) المبسوط 1:83.

و الجواب:انه لا يستلزم التحريم.

فروع:
الأول:

لا بأس بما له ساق كالخف و الجرموق-بضم الجيم-و هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف،لأن النبي صلى الله عليه و آله و الصحابة فعلوا ذلك.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن يحيى،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي في الخف الذي قد أصابه قذر،فقال:«إذا كان مما لا تتم الصلاة فيه،فلا بأس» (1).

و في الصحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«كل ما كان لا يجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس أن يكون عليه شيء مثل القلنسوة و التكة و الجورب» (2)و إذا جازت الصلاة فيها في حال نجاستها فمع الطهارة أولى.

و في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:سألت الرضا عليه السلام عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أ ذكي هو أم لا،ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري أ يصلي فيه؟قال:«نعم أنا أشتري الخف من السوق و يصنع لي فأصلي فيه و ليس عليكم المسألة» (3).

و في الصحيح،عن الحلبي قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق؟فقال:«اشتر و صل فيها حتى تعلم انه ميت بعينه» (4).

الثاني:

لا فرق بين الطاهر و النجس في الجواز،و قد دلت عليه الأحاديث المذكورة و قد سلف البحث فيه.نعم،يشترط أن يكون من جلد ما يصح الصلاة فيه.

ص:233


1- 1التهذيب 2:357 حديث 1479،الوسائل 2:1045 الباب 31 من أبواب النجاسات،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:358 حديث 1482،الوسائل 2:1045 الباب 31 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:371 حديث 1545،الوسائل 2:1072 الباب 50 من أبواب النجاسات،حديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 2:234 حديث 920،الوسائل 3:310 الباب 38 من أبواب لباس المصلى،حديث 2. [4]
الثالث:

يستحب الصلاة في النعل العربية.ذهب إليه علماؤنا،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن إسماعيل،قال:رأيته يصلي في نعليه لم يخلعهما،و أحسبه قال:«ركعتي الطواف» (1).

و في الصحيح،عن معاوية بن عمار،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي في نعليه غير مرة و لم أره ينزعهما قط (2).

و في الصحيح،عن عبد الله بن المغيرة،قال:«إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة» (3)و عبد الله ثقة،فإخباره بأنه من السنة يدل على الثبوت.

و عن علي بن مهزيار في الصحيح،قال:رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام و عليه نعلاه لم ينزعها (4).

و في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال ذلك من السنة» (5).

مسألة:و تحرم الصلاة في الثوب النجس

عدا ما عفى عنه من النجاسات.و قد تقدم (6)،بلا خلاف بين علماء الإسلام.

ص:234


1- 1التهذيب 2:233 حديث 915،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:233 حديث 916،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:233 حديث 917،الوسائل 3:309 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [3]
4- 4) التهذيب 2:233 حديث 918،الوسائل 3:309 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [4]
5- 5) التهذيب 2:233 حديث 919،الوسائل 3:308 الباب 37 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [5]
6- 6) تقدم في الجزء الثالث ص 242.
البحث الثاني:فيما تجوز الصلاة فيه من اللباس
مسألة:تجوز الصلاة في جلد ما يؤكل لحمه إذا ذكي.

ذهب إليه العلماء أجمع، و لا نعرف فيه خلافا.

و في اشتراط الدباغ خلاف،فالذي ذهب إليه أكثر علمائنا عدم الاشتراط و قد تقدم البحث في ذلك.

مسألة:و الصوف،و الشعر،و الوبر مما يؤكل لحمه طاهر تجوز الصلاة فيه

إذا جز منه في حياته أو بعد التذكية،بلا خلاف بين العلماء فيه،أما إذا أخذ جزا من الميت فقد اختلف فيه،فالذي عليه علماؤنا أجمع طهارته و صحة الصلاة فيه.و به قال الحسن،و ابن سيرين،و مالك،و الليث بن سعد،و الأوزاعي،و إسحاق،و ابن المنذر،و أصحاب الرأي (1)،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:انه نجس لا يصح فيه الصلاة (2).و هو قول الشافعي (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا بأس بصوف الميتة و شعرها إذا غسل) (4)رواه الدار قطني.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه

ص:235


1- 1المغني 1:95.
2- 2) المغني 1:95،الإنصاف 1:92. [1]
3- 3) المهذب للشيرازي 1:11،المجموع 1:236،المغني 1:95. [2]
4- 4) سنن الدار قطني 1:47 حديث 19.

روح» (1)و لأنه طاهر قبل الموت،فيكون كذلك بعده،عملا بالاستصحاب.و لأن طهارته غير موقوفة على الذكاة فلا ينجس بالموت،كما لو جز من حي.و لأنه لا تحله الحياة،فلا ينجس بالموت كالبيضة.

احتج الشافعي بأنه ينمي من الحيوان،فينجس بموته كأعضائه (2).

و الجواب:النمو لا يستلزم الحياة،و كل ما لا تحله الحياة لا يقبل الموت لاشتراط اتحاد الموضوع في مثلهما.

فروع:
الأول:

لو قلعه من الميت،قال الشيخ:لا يجوز استعماله (3).و الأقرب جوازه مع الغسل لموضع الاتصال.و ربما عول الشيخ على انه بالقلع نزع شيئا من مادته الميتة، فيكون نجسا،و نحن لما اشترطنا الغسل زال هذا المحذور.

الثاني:

لو جزه من حي كان طاهرا قولا واحدا،و لو قلع فكذلك.و الوجه وجوب غسل موضع الاتصال أيضا،لأنه بالقلع لا بد من استصحاب شيء من مادته معه،و هي بعد الانفصال ميتة لقوله عليه السلام:«ما أبين من حي فهو ميت» (4).

الثالث:

لو شك في الشعر،أو الصوف،أو الوبر انه هل هو مما يؤكل لحمه أو لا لم يجز الصلاة فيه،لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه و هو غير متحقق، و الشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط.

مسألة:

و لا بأس بالصلاة في الخز الخالص،بمعنى أن لا يكون مغشوشا بوبر

ص:236


1- 1التهذيب 2:368 حديث 1530،الوسائل 3:333 الباب 56 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:95.
3- 3) النهاية:585.
4- 4) سنن أبي داود 3:111 حديث 2858،سنن الترمذي 4:74 حديث 1480 بتفاوت في الألفاظ،و بهذا اللفظ انظر:المغني 1:96.

الأرانب،و الثعالب.ذهب إليه علماؤنا.

و الخز دابة ذات أربع تصاد من الماء فإذا فقدته ماتت،روي ذلك عن الصادق عليه السلام (1).

و يدل على جواز الصلاة في الخالص منه:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن سعد (2)،عن أبيه،قال:رأيت رجلا ببخاري على بغلة بيضاء عليه عمامة خز،فقال:

كسانيها رسول الله صلى الله عليه و آله (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معمر بن خلاد،قال:

سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز؟فقال:«صل فيه» (4).

و عن أحمد بن محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص انه لا بأس به (5).

و في الصحيح،عن سليمان بن جعفر الجعفري،قال:رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز (6).

و في الصحيح،عن الحلبي،قال:سألته عن لبس الخز؟فقال:«لا بأس به،ان علي بن الحسين عليه السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء،فإذا جاء الصيف

ص:237


1- 1الكافي 3:399 حديث 11، [1]التهذيب 2:211 حديث 828،الوسائل 3:261 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
2- 2) عبد الله بن سعد بن عثمان الدشتكي:أبو عبد الرحمن المروزي نزيل الري،روى عن أبيه و أشعث بن إسحاق القمي و خارجة بن مصعب و روى عنه ابنه عبد الرحمن و عمار بن الحسن و أبو الوليد الطيالسي. تهذيب التهذيب 5:234، [3]الجرح و التعديل 5:64.
3- 3) سنن البيهقي 3:271،المغني 1:664.
4- 4) التهذيب 2:212 حديث 829،الوسائل 3:261 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [4]
5- 5) التهذيب 2:212 حديث 830،الاستبصار 1:387 حديث 1469،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 2:212 حديث 832،الوسائل 3:260 الباب 8 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [6]

باعه و تصدق بثمنه،و كان يقول:اني لأستحي من ربي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه» (1).

فروع:
الأول:لا تجوز الصلاة في الخز المغشوش بوبر الأرانب،و الثعالب.

و عليه فتوى علمائنا.

لما رواه الشيخ في الموثق،قال:سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام،إلى أن قال عن رسول الله صلى الله عليه و آله:«ان الصلاة في وبر كل شيء حرام أكله فالصلاة في شعره،و وبره،و جلده،و بوله،و روثه و كل شيء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله» (2)و هو عام خرج منه الخالص للروايات المخصصة،فيبقى الباقي على العموم.

و ما رواه،عن أيوب بن نوح رفعه قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«الصلاة في الخز الخالص لا بأس به،فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه» (3).

و ما رواه،عن أحمد محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص، «انه لا بأس به،فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه» (4).

ص:238


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1534،الوسائل 3:265 الباب 10 من أبواب لباس المصلي،حديث 13. [1]
2- 2) التهذيب 2:209 حديث 818،الاستبصار 1:383 حديث 1454،الوسائل 3:250 الباب 2 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:212 حديث 831،الاستبصار 1:387 حديث 1470،الوسائل 3:262 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:212 حديث 830،الاستبصار 1:387 حديث 1469،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]

لا يقال:هاتان الروايتان مرسلتان،فلا يعتمد عليهما،و لأنه قد روى الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟فكتب:«يجوز ذلك» (1).

لأنا نجيب عن الأول بأنهما و إن كانتا مرسلتين إلا ان راوييهما ثقتان،فالظاهر انهما لم يرسلا إلا مع علمهما.

و أيضا:فقال اعتضدت بعمل الأصحاب،فإن كثيرا من أصحابنا ادعوا الإجماع ها هنا (2).

و أيضا:فالرواية الاولى دالة بعمومها على صورة النزاع.

و عن الثاني:بأن المسئول عنه غير معين،فربما لم يكن إماما.و أيضا:فقد اشتملت على المكاتبة.

و أيضا:فإن الشيخ قد روى،عن داود الصرمي المذكور،قال:سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟فكتب:«يجوز ذلك» (3)و هذا يدل على اضطراب الراوي في الرواية،لأنه تارة أضاف السؤال إلى رجل،و تارة إلى نفسه،قال الشيخ:و هذا مناف (4).

الثاني:الثوب المعمول من الإبريسم،و الخز لا بأس بالصلاة فيه،

لأن الخز تجوز الصلاة في خالصة،و الإبريسم تجوز الصلاة في مغشوشة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام نهى عن لباس الحرير للرجال و النساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو قطن

ص:239


1- 1التهذيب 1:212 حديث 833،الاستبصار 1:387 حديث 1471،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) الخلاف 1:193 مسألة 257،الغنية(الجوامع الفقهية):555،السرائر:56.
3- 3) التهذيب 2:213 حديث 834،الوسائل 3:262 الباب 9 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:213.

أو كتان،و إنما يكره الحرير المحض للرجال و النساء (1).

الثالث:و في المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه أو شعره تردد،

و الأحوط فيه المنع،لأن الرخصة وردت في الخالص،و لأن العموم الوارد في المنع من الصلاة في شعر ما لا يؤكل لحمه و صوفه يتناول المغشوش بالخز و غيره.

الرابع:الرخصة وردت في وبر الخز لا في جلده،

فيبقى على المنع المستفاد من العموم.

مسألة:و يجوز الصلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا،

و يكره إذا كان شافا رقيقا.ذكره الشيخ في المبسوط (2)،و به قال علم الهدى في المصباح (3).و قال بعض أصحابنا:يكره في ثوب واحد للرجال (4).و به قال أحمد (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي في ثوب واحد متوشحا (6)به.رواه البخاري.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في ثوب واحد (7).

و في الحسن،عن رفاعة بن موسى قال:حدثني من سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب واحد يأتزر (8)به؟قال:«لا بأس به إذا رفعه إلى

ص:240


1- 1التهذيب 2:367 حديث 1524،الوسائل 3:271 الباب 13 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) المبسوط 1:83.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:95. [2]
4- 4) المعتبر 2:95. [3]
5- 5) المغني 1:657.
6- 6) صحيح البخاري 1:99 بدون عبارة(متوشحا به)و الحديث بنصه موجود في:صحيح مسلم 1:369 حديث 518.
7- 7) التهذيب 2:216 حديث 848،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [4]
8- 8) «ح»:متزرا.

الثديين» (1).

و ما رواه،عن زياد بن سوقة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد و أزراره محلولة،ان دين محمد حنيف» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي في قميص واحد،أو قباء طاق،أو قباء محشو و ليس عليه إزار؟فقال:

«إذا كان القميص صفيقا أو القباء ليس بطويل الفرج،و الثوب الواحد إذا كان يتوشح به،و السراويل بتلك المنزلة كل ذلك لا بأس به،و لكن إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا و لو حبلا» (3).

احتج أحمد (4)بما رواه ابن عمر قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله،أو قال:

قال عمر:إذا كان لأحد كم ثوبان فليصل فيهما،فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به و لا يشتمل اشتمال اليهود (5).

و الجواب:ان ابن عمر قد شك في المروي عنه هل هو رسول الله صلى الله عليه و آله،أو أبوه،فعلى تقدير أن يكون أباه لم يكن حجة.

و أما كراهيته إذا كان شافا،فلما رواه الشيخ،عن أحمد بن حماد (6)رفعه إلى

ص:241


1- 1التهذيب 2:216 حديث 849،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:216 حديث 850،و 357 حديث 1477،الاستبصار 1:392 حديث 1492،الوسائل 3: 285 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:216 حديث 852،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) المغني 1:657.
5- 5) سنن أبي داود 1:172 حديث 635.
6- 6) أحمد بن حماد المروزي المحمودي:أبو علي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد مرتين،تارة مقتصرا على اسمه و اسم أبيه،و اخرى مضيفا إليهما:المروزي.و عده أيضا من أصحاب الإمام الحسن العسكري(ع). رجال الطوسي:398،428.

أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل فيما شف أو صف،يعني الثوب المصقل» (1).

و عن محمد بن يحيى رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام مثله (2).

فرع:

لو حكى ما تحته لم يجز الصلاة فيه،لأنه غير ساتر و الشرط الستر،هذا إذا حكى لونه،أما إذا حكى خلقته لم يكن به بأس،لأنه قد يحصل في الثوب الصفيق ذلك.

مسألة:و يكره الصلاة في الثوب الذي تحت وبر الأرانب و الثعالب

و الذي فوقه.و منع منه الشيخ في النهاية (3).

لنا:انه ثوب يصح في جنسه الصلاة.و المانع و هو نجاسة الوبرين مفقود لما بينا (4)من طهارتهما فتصح فيهما الصلاة.

احتج الشيخ بما رواه علي بن مهزيار،عن رجل سأل[الرضا] (5)عليه السلام عن الصلاة في الثعالب فنهى عن الصلاة فيها و في الثوب الذي يليه،فلم أد رأي الثوبين:الذي يلصق بالوبر،أو الذي يلصق بالجلد؟فوقع بخطه:«الذي يلصق بالجلد»و ذكر أبو الحسن انه سأله عن هذه المسألة فقال:«لا تصل في الذي فوقه و لا في الذي تحته» (6).

ص:242


1- 1التهذيب 2:214 حديث 837،الوسائل 3:282 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:214 حديث 837،الوسائل 3:282 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) النهاية:98.
4- 4) راجع ص 235.
5- 5) في النسخ:الماضي،و ما أثبتناه من المصدر.
6- 6) التهذيب 2:206 حديث 808،الاستبصار 1:381 حديث 1446،الوسائل 3:259 الباب 7 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [3]

و الجواب:ان هذه الرواية مقطوعة السند،فلا تكون حجة.و أيضا:يحتمل أن يكون النهي للكراهية.و أيضا:فهي مشتملة على المكاتبة لا السماع.و أيضا:فإنه لم ينقل الصيغة بل قال:نهى،و لعله توهم ما ليس بنهي نهيا،و كل هذه مضعفة للرواية، فالعمل على ما قلناه،و إنما صرنا إلى الكراهية لوجود الخلاف.و لو قلنا بتنجيس الوبرين لم يجز الصلاة في الثوب الملاصق إذا وجدت الرطوبة في أحدهما،أما مع عدمها فلا.

مسألة:و يكره الصلاة في الثياب السود ما عدا العمامة و الخف.

ذكره علماؤنا، خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم،و كفنوا فيها موتاكم) (2)و تعليق الحكم بالوصف يشعر بنفيه عن غيره.

و أيضا:فإن اختصاص البياض بذلك لمصلحة راجحة موجودة فيه،فيكون ما يضاده غير مشارك له في المصلحة،و أشد الألوان مضادة له السواد.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أحمد بن محمد رفعه،عن أبي عبد الله عليه السلام:قال:«يكره السواد إلا في ثلاثة:الخف،و العمامة،و الكساء» (3).

و عن محسن بن أحمد (4)،عمن ذكره،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:قلت له:

أصلي في القلنسوة السواد؟فقال:«لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار» (5).

ص:243


1- 1الإنصاف 1:482. [1]
2- 2) سنن أبي داود 4:51 حديث 4061، [2]سنن الترمذي 3:319 حديث 994، [3]مسند أحمد 1:247. [4]
3- 3) التهذيب 2:213 حديث 835،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
4- 4) محسن بن أحمد القيسي من موالي قيس عيلان،يكني أبا أحمد،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)،و روى عنه،و قال في الفهرست:له كتاب. رجال النجاشي:423،رجال الطوسي:393،الفهرست:168. [6]
5- 5) التهذيب 2:213 حديث 836،الوسائل 3:280 الباب 20 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [7]

و روى ابن بابويه،عن أمير المؤمنين عليه السلام،قال فيما علم أصحابه:«لا تلبس السواد فإنه من لباس فرعون» (1).

و عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه كان يكره السواد إلا في ثلاثة:العمامة، و الخف،و الكساء (2).

قال و روي انه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و آله و عليه قباء أسود و منطقة فيها خنجر،فقال له:«يا جبرئيل ما هذا الزي؟»فقال:«زي ولد عمك العباس يا محمد،ويل لولدك من ولد عمك العباس»فخرج النبي صلى الله عليه و آله إلى العباس،فقال:«يا عم،ويل لولدي من ولدك»فقال:يا رسول الله أ فأجب نفسي؟قال:«جف القلم بما فيه» (3).

و عن حذيفة بن منصور (4)انه قال:كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة (5)يدعوه فدعا بمطر (6)أحد وجهيه أسود و الآخر أبيض

ص:244


1- 1الفقيه 1:163 حديث 766،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) الفقيه 1:163 حديث 767،الوسائل 3:278 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:163 حديث 768،الوسائل 3:279 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 6 و [3]في الفقيه:جرى القلم بما فيه.
4- 4) حذيفة بن منصور بن كثير بن سلمة بن عبد الرحمن الخزاعي بياع السابري:أبو محمد،وثقه النجاشي، و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر و الصادق(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال بعد نقل توثيقه عن الكشي و المفيد،و بعد نقل تضعيفه عن ابن الغضائري،بأن حديثه غير نقي يروي الصحيح و السقيم،و الظاهر عندي التوقف فيه لما قاله هذا الشيخ، و لما نقل عنه أنه كان واليا من قبل بني أمية،و يبعد انفكاكه عن القبيح. رجال النجاشي:147،رجال الطوسي:119،179،الفهرست:65، [4]رجال العلامة:60. [5]
5- 5) أبو العباس السفاح،عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب،أول خلفاء الدولة العباسية و أحد الجبارين،و لقب ب«السفاح لكثرة ما سفح من دماء بني أمية»مات بالأنبار سنة 136 ه.العبر 1:142، [6]شذرات الذهب 1:195. [7]
6- 6) الممطر:ما يلبس في المطر يتوقى به.الصحاح 2:818. [8]

فلبسه،ثمَّ قال عليه السلام:«أما إني ألبسه و أنا أعلم انه لباس أهل النار» (1)قال ابن بابويه:فأما لبس السواد للتقية فلا إثم فيه (2).و استدل بهذا الحديث.

احتج (3)المخالف بما روى عنه عليه السلام:انه دخل مكة يوم الفتح و عليه عمامة سوداء (4).

و الجواب:ليس هذا محل النزاع،إذ قد نفينا الكراهية عن العمامة.

مسألة:و يكره المزعفر و المعصفر للرجال،

روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه نهى الرجال عن المزعفر (5).

و عن علي عليه السلام نهانا النبي صلى الله عليه و آله عن لباس المعصفر (6).

و عن عبد الله بن عمر قال:رآني النبي صلى الله عليه و آله على ثوبين معصفرين فقال:(ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما) (7).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الموثق،عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم» (8).

و عن يزيد بن خليفة،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره الصلاة في المصبغ بالعصفر المضرج بالزعفران (9).

ص:245


1- 1الفقيه 1:163 حديث 770،الوسائل 3:279 الباب 19 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [1]
2- 2) الفقيه 1:163.
3- 3) المجموع 4:452.
4- 4) سنن ابن ماجه 2:1186 حديث 3586،سنن الترمذي 4:225 حديث 1735، [2]سنن النسائي 8: 211،سنن الدارمي 2:74.
5- 5) صحيح البخاري 7:197،صحيح مسلم 3:1662 حديث 2101.
6- 6) صحيح مسلم 3:1648 حديث 2078،سنن الترمذي 4:219 حديث 1725، [3]سنن النسائي 8:204.
7- 7) صحيح مسلم 3:1647 حديث 2077،سنن النسائي 8:203.
8- 8) التهذيب 2:373 حديث 1549،الوسائل 3:336 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [4]
9- 9) التهذيب 2:373 حديث 1550،الوسائل 3:336 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [5]
مسألة:و يكره الصلاة في الثوب الأحمر.

خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:ما روى الجمهور،عن الرسول صلى الله عليه و آله أنه مر عليه رجل عليه بردان أحمران فسلم عليه فلم يرد النبي صلى الله عليه و آله عليه (2).

و عن رافع بن خديج،قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله في سفر، فرأى رسول الله صلى الله عليه و آله على رواحنا أكسية فيها خيوط عهن أحمر،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إلا أرى هذه الحمرة قد علتكم)فقمنا سراعا لقول رسول الله صلى الله عليه و آله حتى نفر بعض إبلنا و أخذنا الأكسية فنزعناها عنها (3).

رواه أبو داود.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن جراح المدائني،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره الميثرة الحمراء فإنها ميثرة إبليس (4).

و عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم» (5)و المفدم-بسكون الفاء-المصبوغ المشبع بالحمرة.

احتج المخالف بما رواه،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:بينا هو يخطب إذ رأى الحسن و الحسين عليهما السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران،فنزل النبي صلى الله عليه و آله و لم ينكر لباسهما ذلك (6).

و الجواب:انهما عليهما السلام كانا صغيرين،فهما في محل الزينة،فلا يتعدى الحكم إلى غيرهما.

ص:246


1- 1المجموع 4:452،الإنصاف 1:482.
2- 2) سنن أبي داود 4:53 حديث 4069، [1]المغني 1:660.
3- 3) سنن أبي داود 4:53 حديث 4070. [2]
4- 4) التهذيب 2:364 حديث 1510،الوسائل 3:323 الباب 48 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:373 حديث 1549،الوسائل 3:323 الباب 59 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [4]
6- 6) سنن ابن ماجه 2:1190 حديث 3600.
مسألة:و يكره أن يأتزر فوق القميص.

ذكره الشّيخان (1).و السّيّد المرتضى (2)،و متابعوهم (3)،خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:انّه نوع تشبّه باليهود،و قد نهى النّبيّ صلّى الله عليه و آله عن ذلك،فقال:

(لا تشتملوا اشتمال اليهود) (5).رواه الجمهور.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن محمّد بن إسماعيل،عن بعض أصحابنا،عن أحدهم عليهم السّلام،قال:قال:«الارتداء فوق التوشّح في الصّلاة مكروه،و التّوشّح فوق القميص مكروه» (6).

و في الصّحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا ينبغي أن تتوشّح بإزار فوق القميص إذا أنت صلّيت،فإنّه من زيّ الجاهليّة» (7)و الّذي أذهب إليه كراهية التّوشّح فوق القميص،للحديثين.

أمّا شدّ المئزر فوقه فلا،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن موسى بن عمر بن بزيع (8)،قال:قلت للرّضا عليه السّلام:أشدّ الإزار و المنديل فوق قميصي في الصّلاة،

ص:247


1- 1المفيد في المقنعة:25،و الطّوسيّ في المبسوط 1:83،و [1]النّهاية:97. [2]
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:96. [3]
3- 3) منهم:ابن البراج في المهذّب 1:74،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهيّة):672.
4- 4) المغني 1:657.
5- 5) سنن أبي داود 1:172 حديث 635،المغني 1:659.
6- 6) التّهذيب 2:214 حديث 839،الاستبصار 1:387 حديث 1472،الوسائل 3:288 الباب 24 من أبواب لباس المصلّي،حديث 3. [4]
7- 7) التّهذيب 2:214 حديث 840،الاستبصار 1:388 حديث 1473،الوسائل 3:287 الباب 24 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [5]
8- 8) موسى بن عمر بن بزيع مولى المنصور،ثقة كوفيّ،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد و الهادي(ع)، و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:409،رجال الطّوسيّ:405،423،رجال العلاّمة:165. [6]

فقال:«لا بأس» (1).

و في الصّحيح،عن موسى بن القاسم البجليّ (2)،قال:رأيت أبا جعفر الثّاني عليه السّلام يصلي في قميص قد اتّزر فوقه بمنديل و هو يصلي (3).و لأنّه زيادة في السّتر، فكان سائغا،كما لو كان تحت القميص.

أمّا شدّ الوسط بما يشبه الزّنار فمكروه،لما فيه من التّشبّه بأهل الكتاب.

فروع:
الأوّل:

لا يكره شدّ الوسط بمئزر تحت القميص.و لا أعرف فيه خلافا.

الثّاني:

لو كان القميص رقيقا يحكي شكل ما تحته لا لونه جاز أن يأتزر بإزار و تزول الكراهية حينئذ.

الثّالث:

يكره اشتمال الصّمّاء.و هو قول أهل العلم كافّة،روى الجمهور،عن أبي هريرة،و أبي سعيد انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن لبستين:اشتمال الصّمّاء،و أن يحتبي الرّجل بثوب ليس بين فرجه و بين السّماء شيء (4).رواه البخاريّ.

ص:248


1- 1التّهذيب 2:214 حديث 842،الاستبصار 1:388 حديث 1475،الوسائل 3:288 الباب 24 من أبواب لباس المصلّي،حديث 5. [1]
2- 2) موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجليّ:أبو عبد اللّه يلقّب ب«المجلّي»ثقة جليل واضح الحديث حسن الطّريقة،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الإمامين:الرّضا و الجواد(ع)،و قال في الفهرست: [2]له ثلاثون كتابا مثل كتب الحسين بن سعيد مستوفاة حسنة و زيادة كتاب الجامع،و ذكره المصنّف في القسم الأوّل من الخلاصة. رجال النّجاشيّ:405،رجال الطّوسيّ:389،405،الفهرست:162، [3]رجال العلاّمة:165. [4]
3- 3) التّهذيب 2:215 حديث 843،الاستبصار 1:388 حديث 1476،الوسائل 3:288،الباب 24 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [5]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:102-103.

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الحسن،عن زرارة،عن أبي جعفر الباقر عليهما السّلام انّه قال:«إيّاك و التحاف الصّمّاء» (1).

و اختلفوا في تفسيره،فالّذي ذكره الشّيخ هو أن يلتحف بالإزار و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد (2).

و قال بعض الجمهور:هو أن يضطبع الرّجل بثوب ليس عليه غيره (3)،و معنى الاضطباع أن يضع وسط الرّداء تحت عاتقه الأيمن،و يجعل طرفيه على منكبه الأيسر فيبقى منكبه الأيمن مشكوفا،فكره لذلك.

و قال بعض الشّافعيّة:هو أن يلتحف بالثّوب،ثمَّ يخرج يديه من قبل صدره (4).

و قال أبو عبيد:اشتمال الصّمّاء عند العرب أن يشتمل الرّجل بثوب يجلّل به جسده كلّه،و لا يرفع منه جانبا يخرج منه يده كأنّه يذهب به (5)إلى أنّه لعلّه يصيبه شيء يريد الاحتراس منه فلا يقدر عليه،و تفسير الفقهاء أولى،لأنّهم أعرف،و ما ذكره الشّيخ أصحّ الأقوال،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن الباقر عليه السّلام انّه قال:

«إيّاك و التحاف الصّمّاء»قلت:و ما التحاف الصّمّاء؟قال:«أن تدخل الثّوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد» (6).

الرّابع:

اشتمال الصّمّاء مكروه و إن كان على الرّجل ثوب غيره،لعموم النّهي.

ص:249


1- 1التّهذيب 2:214 حديث 841،الاستبصار 1:388 حديث 1474،الوسائل 3:289 الباب 25 من أبواب لباس المصلّي،حديث 1. [1]
2- 2) المبسوط 1:83. [2]
3- 3) المغني 1:658.
4- 4) المهذّب للشّيرازيّ 1:65،المغني 1:658.
5- 5) المغني 1:658.
6- 6) التّهذيب 2:214 حديث 841،الاستبصار 1:388 حديث 1474،الوسائل 3:289 الباب 25 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [3]
الخامس:

قال ابن إدريس:يكره السّدل في الصّلاة كما يفعل اليهود (1)،و هو أن يتلفّف بالإزار و لا يرفعه على كتفيه،و هذا تفسير أهل اللّغة في اشتمال الصّمّاء.و هو اختيار السّيّد المرتضى (2).

و يدلّ على كراهية السّدل:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«خرج أمير المؤمنين عليه السّلام على قوم فرآهم يصلّون في المسجد قد سدلوا أرديتهم،فقال:ما لكم قد سدلتم ثيابكم كأنّكم يهود قد خرجوا من فهرهم يعني بيعتهم،إيّاكم و سدل ثيابكم» (3).

السّادس:

لا بأس أن يصلي الرّجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه و يرتدي بالبعض الآخر.

مسألة:و يكره الصلاة في عمامة لا حنك لها.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انّه نهى عن الاقتعاط و أمرنا بالتّلحّي.قال صاحب الصّحاح:و الاقتعاط لوث العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك (4).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن أبي عمير،عمّن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من تعمّم و لم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (5).

و عن عيسى بن حمزة (6)،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من اعتمّ فلم يدر

ص:250


1- 1السّرائر:56.
2- 2) نقله عنه في السّرائر:56.
3- 3) الفقهي 1:168 حديث 791،الوسائل 3:290 الباب 25 من أبواب لباس المصليّ،حديث 3. [1]
4- 4) الصّحاح 3:1154 و [2]فيه:و الاقتعاط:شدّ العمامة على الرأس.
5- 5) التّهذيب 2:215 حديث 846،الوسائل 3:291 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [3]
6- 6) عيسى بن حمزة المدائنيّ الثّقفيّ،روى عن أبي عبد اللّه(ع).عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق و الباقر(ع). رجال النّجاشيّ:294،رجال الطّوسيّ:131،257.

العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (1).

و روى ابن بابويه،عن عمّار السّاباطيّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال:

«من خرج في سفر و لم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (2).

و قال الصّادق عليه السّلام:«ضمنت لمن خرج من بيته معتمّا أن يرجع إليهم سالما» (3).

و قال عليه السّلام:«انّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجة و هو على وضوء كيف لا تقضي حاجته،و انّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجة و هو معتمّ كيف لا تقضي حاجته» (4).

فرع:

ظهر بهذه الأحاديث استحباب التّحنّك مطلقا سواء كان في الصّلاة أو غيرها.

مسألة:و يكره للرّجل أن يؤمّ بغير رداء.

و الرّداء الثّوب الّذي يجعل على الكتفين،لما رواه الشّيخ في الحسن،عن سليمان بن خالد،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء؟فقال:«لا ينبغي إلاّ أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها» (5).و لأنّه مميز عنهم بفضيلة الإمامة،فينبغي أن

ص:251


1- 1التّهذيب 2:215 حديث 847،الوسائل 3:291 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [1]
2- 2) الفقيه 1:173 حديث 814،الوسائل 3:292 الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 5. [2]
3- 3) الفقيه 1:173 حديث 815،الوسائل 3:292،الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [3]
4- 4) الفقيه 1:173 حديث 816،الوسائل 3:292،الباب 26 من أبواب لباس المصليّ،حديث 7. [4]
5- 5) التّهذيب 2:366 حديث 1521،الوسائل 3:329،الباب 53 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [5]

يمتاز عنهم في رأي العين.

مسألة:و يكره أن يصحب معه حديدا بارزا.

ذكره الشّيخ في المبسوط (1).و روى في التهذيب،عن موسى بن أكيل النّميريّ،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2).و قد تقدّم البحث فيه.

و الرّواية و إن اشتملت على تنجيس الحديد إلاّ أنّ المراد بالتّنجيس هناك شدّة استحباب الاجتناب منه،إذ التّنجيس مخالف للإجماع،فيحمل على المحتمل.قال الشّيخ في التّهذيب عقيب هذه الرّواية:و قد قدّمنا في رواية عمّار انّ الحديد متى كان في غلاف لا بأس بالصّلاة فيه (3).

مسألة:و تكره الصّلاة في ثوب يتّهم صاحبه بعدم توقّيه من النّجاسة،

لأنّ فيه احتياطا للعبادة،روى الشّيخ في الصّحيح،عن العيص بن القاسم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلي في ثوب المرأة و في إزارها و يعتمّ بخمارها؟قال:

«نعم إذا كانت مأمونة» (4).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يبعث إلى العراق فيؤتى بالفرو فيلبسه،فإذا حضرت الصّلاة ألقاه و ألقى القميص الّذي يليه،فكان يسأل عن ذلك؟فيقول:انّ أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة و يزعمون انّ دباغه ذكاته» (5).

و في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان قال:سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

ص:252


1- 1المبسوط 1:84.
2- 2) التّهذيب 2:227 حديث 894،الوسائل 3:304 الباب 32 من أبواب لباس المصليّ،حديث 6. [1]
3- 3) التّهذيب 2:227.
4- 4) التّهذيب 2:364 حديث 1511،الوسائل 3:325 الباب 29 من أبواب لباس المصليّ،حديث 1. [2]
5- 5) التّهذيب 2:203 حديث 796،الوسائل 3:338 الباب 61 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [3]

الّذي يعير ثوبه لمن لم يعلم أنّه يأكل الجرّيّ (1)و يشرب الخمر فيردّه،أ يصلّي فيه قبل أن يغسله؟قال:«لا يصلّي فيه حتّى يغسله» (2).

و هذه الأخبار و إن دلّت على المنع لكن لا منع تحريم،لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،قال:سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر:

انّي أعير الذّمّي ثوبي و أنا أعلم انّه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير فيردّ عليّ فأغسله قبل أن أصليّ؟فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«صلّ فيه و لا تغسله من أجل ذلك، فإنّك أعرته إيّاه و هو طاهر و لم تستيقن أنّه نجسه،فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجّسه» (3).

و ما رواه في الصّحيح،عن الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخفاف الّتي تباع في السّوق؟فقال:«اشتر و صلّ فيها حتّى تعلم انّه ميّت بعينه» (4).

مسألة:و لا بأس بالصّلاة في الثّوب إذا كان عمل أهل الذّمّة،

لما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن إبراهيم بن أبي البلاد (5)،عن معاوية بن عمّار،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثّياب السّابريّة يعملها المجوس و هم أخباث و هو يشربون الخمر

ص:253


1- 1الجريّ:ضرب من السّمك.لسان العرب 14:143. [1]
2- 2) التّهذيب 2:361 حديث 1494،الاستبصار 1:393 حديث 1498،الوسائل 2:1095،الباب 74 من أبواب النجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) التّهذيب 2:361 حديث 1495،الاستبصار 1:392 حديث 1497،الوسائل 2:1095 الباب 74 من أبواب النجاسات،حديث 1. [3]
4- 4) التّهذيب 2:234 حديث 920،الوسائل 3:310 الباب 38 من أبواب لباس المصليّ،حديث 2. [4]
5- 5) إبراهيم بن أبي البلاد و اسم أبي البلاد يحيى بن سليم،و قيل:ابن سليمان مولى بني عبد اللّه بن غطفان يكنّى أبا الحسن،و قال ابن بابويه في الفقيه:يكنّى:أبا إسماعيل،عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الأئمّة الصّادق و الكاظم و الرّضا(ع)،و يظهر من رواية الكافي في باب النّبيذ أنّه أدرك الإمام الجواد(ع)،و وثّقة النّجاشيّ و الشّيخ و المصنف في القسم الأوّل من الخلاصة بقوله:ثقة أعمل على روايته. رجال النّجاشيّ:22،رجال الطوسيّ:145،342،368،الفقيه(شرح المشيخة)4:68،رجال العلامة:3، [5]الكافي:6:416 حديث 5. [6]

و نساؤهم على تلك الحال،ألبسها و لا أغسلها و أصليّ فيها؟قال:«نعم»قال معاوية:فقطعت له قميصا و خطته و فتلت له إزارا و رداء من السّابريّ،ثمَّ بعثت بها إليه في يوم جمعة حين ارتفع النّهار،فكأنّه عرف ما أريد،فخرج فيها إلى الجمعة (1).

و عن المعلّى بن خنيس،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«لا بأس بالصّلاة في الثياب التي يعملها المجوس و النّصارى و اليهود» (2)و لأنّ الأصل الطّهارة، و النجاسة أمر طارئ يحصل بمباشرتهم مع الرّطوبة،و ذلك غير متيقن،فيعمل بالأصل.

فروع:
الأوّل:

لو علم انّهم في حال عملهم باشروها برطوبة لم يحلّ له استعمالها في الصّلاة و غيرها إلاّ بعد غسلها،لوجود المقتضي للتّنجيس.

الثّاني:

لو لم يعلم المباشرة بالرّطوبة استحبّ غسلها،لأنّ فيه احتياطا،و لما رواه الشّيخ،عن عبد اللّه بن جميل بن عيّاش أبي عليّ البزّاز (3)قال:أخبرني أبي قال:

سألت جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن الثّوب يعمله أهل الكتاب أصلّي فيه قبل أن يغسل؟قال:«لا بأس،و إن يغسل أحبّ إليّ» (4).

روى الشيخ،عن عبيد اللّه بن علي الحلبيّ قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة في ثوب المجوسيّ؟فقال:«يرشّ بالماء» (5).

ص:254


1- 1التّهذيب 2:362 حديث 1497،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 1، و [1]فيهما:و فتلت له أزرارا.
2- 2) التّهذيب 2:361 حديث 1496،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 2. [2]
3- 3) عبد اللّه بن جميل بن عيّاش:أبو عليّ البزّاز،لم نعثر على ترجمة له في كتب الرّجال أكثر ممّا قال فيه المحقّق السّيّد الخوئيّ:انّه روى عنه محمّد بن الحسن. معجم رجال الحديث 10:155. [3]
4- 4) التّهذيب 2:219 حديث 862،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 5. [4]
5- 5) التّهذيب 2:362 حديث 1498،الوسائل 2:1093 الباب 73 من أبواب النّجاسات،حديث 3. [5]
الثّالث:

هل هذا الحكم ثابت في حقّ جميع الكفّار و إن كانوا حربيّن؟الأقرب نعم،لأنّ المقتضي لجواز الصّلاة و هو الطّهارة الأصليّة السّالم عن معارضة العلم بالنّجاسة الحاصلة بالمباشرة سار فيهم،فيثبت الحكم.

الرّابع:

لو استعار ثوبا من غيره فصلّى فيه أيّاما،ثمَّ أخبره صاحبه انه كان نجسا لم يعد شيئا من صلاته،لأنها وقعت على الوجه المشروع،فلا يستعقب القضاء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن العيص بن القاسم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما،ثمَّ ان صاحب الثوب أخبره انه لا يصلي فيه؟قال:«لا يعيد شيئا من صلاته» (1).

مسألة:و يكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل.

و قال الشيخ في المبسوط:لا يجوز (2).

و يمكن أن يكون المراد بذلك الكراهية،فإنه كثيرا ما يستعمل هذه الصيغة في هذا المعنى،لما رواه عمر بن خالد (3)،عن أبي جعفر الباقر عليه السلام و محمد بن مروان،عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام،قالا:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:ان جبرئيل أتاني فقال:انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد» (4)(5).و نفور الملائكة يؤذن بالكراهية.

ص:255


1- 1التهذيب 2:360 حديث 1490،الاستبصار 1:180 حديث 631،الوسائل 2:1060 الباب 40 من أبواب النجاسات،حديث 6. [1]
2- 2) المبسوط 1:84.
3- 3) عمرو بن خالد:أبو خالد الواسطي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)قائلا:عمرو بن خالد الواسطي بتري،و صرح الكشي بأنه من رؤساء الزيدية. رجال النجاشي:288،رجال الطوسي:131،رجال الكشي:390.
4- 4) الكافي 3:393 حديث 26، [2]التهذيب 2:377 حديث 1569،الوسائل 3:465 الباب من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [3]
5- 5) الكافي 3:393 حديث 27، [4]التهذيب 2:377 حديث 1570،الوسائل 3:464 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [5]

و ما رواه ابن بابويه،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع انه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الثوب المعلم؟فكره ما فيه التماثيل (1).

و عن عمار بن موسى:انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في ثوب يكون في علمه (2)مثال طير أو غير ذلك؟قال:«لا» (3).

فروع:
الأول:

لو غير الصورة من الثوب زالت الكراهية،لعدم المقتضي لها.و لما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه» (4).

الثاني:

لو صلى إلى القبلة و فيها و سادة ذات تمثال كره،و ينبغي أن يضعها في أحد جانبيه أو خلفه أو يغطيها عن نظره،لأنه يكره الصلاة إلى الإنسان المواجه،فكذا إلى ما شابهه صورة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن ليث المرادي،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو شمال؟فقال:«لا بأس ما لم تكن في تجاه القبلة،فإن كان شيء منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه و صل» (5)و لأنه ربما يقع الاشتغال بالنظر إليها عن العبادة.

الثالث:

لو صلى على بساط فيه تماثيل لم يكن به بأس،لما رواه الشيخ في

ص:256


1- 1الفقيه 1:172 حديث 810،الوسائل 3:318 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) «ق»:عمله.
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 776،الوسائل 3:320 الباب 4 من أبواب لباس المصلي،حديث 15. [2]
4- 4) التهذيب 2:363 حديث 1503،الوسائل 3:320 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 13. [3]
5- 5) التهذيب 2:363 حديث 1504،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [4]

الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس أن تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك» (1).

و قد روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن التماثيل تكون في البساط لها عينان و أنت تصلي؟فقال:«إن كان لها عين واحدة فلا بأس،و إن كان لها عينان فلا» (2).

الرابع:

لو كانت الحال حال ضرورة زالت الكراهية،لأنها مزيلة للتحريم، فللكراهية أولى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة بن مهران،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج؟فقال:«أما في الحرب فلا بأس و إن كان فيه تماثيل» (3).

الخامس:

لو كانت معه دراهم فيها تماثيل،استحب له أن يواريها عن نظره،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدراهم السود فيها التماثيل أ يصلي الرجل و هي معه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا كانت مواراة» (4).

و عن ليث المرادي،عن أبي عبد الله عليه السلام:«و إذا كانت معك دراهم سود فيها تماثيل فلا تجعلها بين يديك و اجعلها من خلفك» (5).

و روى ابن بابويه،عن عبد الرحمن بن الحجاج (6)،انه سأل أبا عبد الله عليه

ص:257


1- 1التهذيب 2:363 حديث 1505،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [1]
2- 2) التهذيب 2:363 حديث 1506،الوسائل 3:318 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [2]
3- 3) التهذيب 2:208 حديث 816،الاستبصار 1:386 حديث 1466.الوسائل 3:270 الباب 12 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:364 حديث 1508،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [4]
5- 5) التهذيب 2:363 حديث 1504،الوسائل 3:319 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [5]
6- 6) عبد الرحمن بن الحجاج البجلي،مولاهم كوفي بياع السابري،سكن بغداد و رمي بالكيسانية.روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)و لقي الرضا(ع)،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم(ع)و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:237،رجال الطوسي:230،353،رجال العلامة:113. [6]

السلام عن الدراهم السود تكون مع الرجل و هو يصلي مربوطة أو غير مربوطة؟فقال:

«ما أشتهي أن يصلي و معه هذه الدراهم التي فيها التماثيل»ثمَّ قال عليه السلام:«ما للناس بد من حفظ بضاعتهم،فإن صلى و هي معه فلتكن من خلفه و لا يجعل شيئا منها بينه و بين القبلة» (1).

السادس:

تكره الصلاة في الخاتم الذي فيه الصورة.لما رواه الشيخ،عن عمار بن موسى،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك؟قال:«لا تجوز الصلاة فيه» (2)و لا يعتمد على هذه الرواية في الدلالة على التحريم،لقصور اللفظ عنه،و لضعف السند،فالأولى الكراهية.

السابع:

تكره الصلاة للمرأة في خلخال له صوت،و إن كان أصم لم يكن به بأس،لأنه ربما اشتغلت به.

و يؤيده:ما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام،عن الخلاخيل هل يصلح لبسها للنساء و الصبيان؟قال:«إن كن صماء فلا بأس،و إن كان لها صوت فلا يصلح» (3).

مسألة:و يكره اللثام للرجل إذا لم يمنع من سماع القراءة،

فإن منع لم يجز.

أما الكراهية،فلما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:أ يصلي الرجل و هو متلثم؟فقال:«أما على الأرض

ص:258


1- 1الفقيه 1:166 حديث 779،الوسائل 3:317 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:372 حديث 1548،الوسائل 3:320 الباب 45 من أبواب لباس المصلي،حديث 15. [2]
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:338 الباب 62 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]

فلا،و أما على الدابة فلا بأس» (1).

و المنع للكراهية،لما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و يقرأ القران و هو متلثم؟فقال:«لا بأس» (2).

و عن الحسن بن علي،عمن ذكره من أصحابنا،عن أحدهما عليهما السلام انه قال:«لا بأس بأن يقرأ الرجل في الصلاة و ثوبه على فيه» (3).

و يدل على ما ذكرناه من الشرط:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه على فيه؟فقال:«لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة» (4).و هو يدل بمفهومه على ثبوت البأس مع فقد السماع قضية للشرط.

فروع:
الأول:

لو كان اللثام على جبهته وجب عليه كشفه ليسجد على ما يصح السجود عليه،لما رواه الشيخ،عن علي بن النعمان (5)،عمن رواه،عن أبي عبد الله عليه

ص:259


1- 1التهذيب 2:229 حديث 900،الاستبصار 1:397 حديث 1516،الوسائل 3:306 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:229 حديث 901،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:229 حديث 902،الاستبصار 1:398 حديث 1518،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:229 حديث 903،الاستبصار 1:398 حديث 1519،الوسائل 3:307 الباب 35 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]
5- 5) علي بن النعمان الأعلم النخعي:أبو الحسن مولاهم كوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:كان ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطريقة. رجال النجاشي:274،رجال الطوسي:383،الفهرست:405،رجال العلامة:95. [5]

السلام في الرجل يصلي و هو يومئ على دابته متعمما؟قال:«يكشف موضع السجود» (1).و سيأتي تمام البحث فيه.

الثاني:

الشرط سماع قراءة نفسه لرواية الحلبي.

الثالث:

يكره للمرأة النقاب في الصلاة مع الاختيار،لما رواه الشيخ في الموثق، عن سماعة،قال:سألته عن المرأة تصلي متنقبة؟قال:«إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس به،و ان أسفرت فهو أفضل» (2).

الرابع:

قال الشيخان (3)،و السيد المرتضى:يكره للرجل أن يصلي و عليه قباء مشدود،إلا أن يكون في حال الحرب فلا يتمكن أن يحله،فيجوز ذلك للاضطرار (4).

قال الشيخ في التهذيب:ذكر هذا علي بن الحسين بن بابويه،و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا (5).

مسألة:و لا بأس أن يصلي الإنسان و معه فأرة المسك،

لأنها طاهرة،روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن فأرة المسك تكون مع الرجل يصلي و هي في جيبه أو ثيابه؟فقال:«لا بأس بذلك» (6).

و في الصحيح،عن عبد الله بن جعفر (7)،قال:كتبت إليه-يعني أبا محمد عليه

ص:260


1- 1التهذيب 2:229 حديث 899،الوسائل 3:306 الباب 34 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:230 حديث 904،الوسائل 3:305 الباب 33 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:83. [3]
4- 4) نقله عنه في المعتبر 2:99. [4]
5- 5) التهذيب 2:232.
6- 6) التهذيب 2:362 حديث 1499،الوسائل 3:314 الباب 41 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
7- 7) عبد الله بن جعفر بن الحسن بن مالك بن جامع الحميري:أبو العباس القمي،شيخ القميين و وجههم، قدم الكوفة سنة نيف و تسعين و مائتين و صنف كتبا كثيرة،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الهادي و العسكري(ع)،و أبدل في نسخة من رجال الشيخ في باب أصحاب الهادي(ع)عبد الله ب«علي بن عبد الله»و هو من زيادة النساخ،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:219،رجال الطوسي:419،432،رجال العلامة:106. [6]

السلام-:يجوز للرجل أن يصلي و معه فأرة المسك؟فكتب:«لا بأس به إذا كان ذكيا» (1).

مسألة:و لا بأس أن يصلي الرجل و عليه البرطلة،

لما رواه الشيخ في الموثق،عن يونس بن يعقوب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و عليه البرطلة؟فقال:«لا يضره» (2).

مسألة:و لا بأس للرجل و المرأة أن يصليا و هما مختضبان

أو عليهما خرقة الخضاب إذا كانت طاهرة،عملا بالأصل.و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن رفاعة قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن المختضب إذا تمكن من السجود و القراءة أياض أ يصلي في حنائه؟قال:«نعم إذا كانت خرقته طاهرة و كان متوضئا» (3).

و عن سهل بن اليسع (4)،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:سألته أ يصلي الرجل في خضابه إذا كان على طهر؟فقال:(نعم) (5).

فروع:
الأول:

هذا و إن كان جائزا إلا أن الأولى نزع الخرقة،و أن يصلي و يده بارزة.

ص:261


1- 1التهذيب 2:362 حديث 1500،الوسائل 3:315 الباب 41 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) التهذيب 2:362 حديث 1501،الوسائل 3:315 الباب 42 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:356 حديث 1470،الاستبصار 1:391 حديث 1487،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
4- 4) سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الرضا(ع)قائلا: سهل بن اليسع بن عبد الله الأشعري القمي جميعا من أصحاب أبي الحسن موسى(ع)،وثقه النجاشي، و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال:ثقة روى عن موسى الكاظم و الرضا(ع). رجال النجاشي:186،رجال الطوسي:377،رجال العلامة:81. [4]
5- 5) التهذيب 2:356 حديث 1471،الاستبصار 1:391 حديث 1488،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [5]

لما رواه الشيخ،عن أبي بكر الحضرمي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي و عليه خضابه؟فقال:«لا يصلي و هو عليه و لكن ينزعه إذا أراد أن يصلي»قلت:ان حناءه و خرقته نظيفة،فقال:«لا يصلي و هو عليه،و المرأة لا تصلي و عليها خضابها» (1).

الثاني:

لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك.عملا بالأصل المقتضي للجواز فيهما، و بما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تصلي و يداها مربوطتان بالحناء؟فقال:«إن كانت توضأت قبل ذلك فلا بأس بالصلاة و هي مختضبة و يداها مربوطتان» (2).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل و المرأة مختضبان أ يصليان و هما بالحناء و الوسمة؟فقال:«إذا أبرزا الفم و المنخر فلا بأس» (3).

الثالث:

يجوز للرجل أن يصلي و يداه تحت ثوبه،و إن أخرجهما كان أولى،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و لا يخرج يديه من ثوبه؟فقال:«إن أخرج يديه فحسن،و إن لم يخرج فلا بأس» (4).

ص:262


1- 1التهذيب 2:355 حديث 1469،الاستبصار 1:390 حديث 1486،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 5. [1]
2- 2) التهذيب 2:356 حديث 1472،الاستبصار 1:391 حديث 1489،الوسائل 3:312 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:356 حديث 1473،الاستبصار 1:391 حديث 1490،الوسائل 3:311 الباب 39 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:356 حديث 1474،الاستبصار 1:391 حديث 1491،الوسائل 3:313 الباب 40 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [4]

و لا يعارض هذا:ما رواه الشّيخ،عن عمّار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و يدخل يده في ثوبه؟قال:«إن كان عليه ثوب آخر،إزار أو سراويل فلا بأس،و إن لم يكن فلا يجوز له ذلك،و إن أدخل يدا واحدة و لم يدخل الأخرى فلا بأس» (1).

أما أولا:فلأن رواتها ضعيفة.

و أما ثانيا:فلأنها معارضة للأصل المقتضي للجواز.

و أما ثالثا:فلأن قوله:«لا يجوز»يحمل على الكراهية لاحتماله ذلك.

مسألة:و تجوز الصلاة في الثياب القطن أو الكتان،

و في كل ما ينبت من الأرض من أنواع الحشيش إذا كان مملوكا أو في حكمه و كان خاليا من النجاسة،بغير خلاف بين أهل العلم.

مسألة:و لا بأس أن يصلي و في كمه طائر إذا خاف فوته،

لما رواه ابن بابويه، عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يصلي و في كمه طير؟فقال:«إن خاف عليه ذهابا فلا بأس» (2).

و يجوز أن يصلي،و في فيه الخرز و اللؤلؤ إذا لم يمنعه من القراءة،و يحرم لو منع،عملا بالأصل في الأول،و قضية للشرط و هو القراءة في الثاني.

و لما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي و في فيه الخرز و اللؤلؤ؟قال:«إن كان يمنعه من قراءته فلا،و إن كان لا يمنعه فلا بأس» (3).

ص:263


1- 1التهذيب 2:356 حديث 1475،الاستبصار 1:392 حديث 1494،الوسائل 3:314 الباب 40 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:336 الباب 60 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) الفقيه 1:165 حديث 775،الوسائل 3:337 الباب 60 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [3]
مسألة:و يكره للرجل أن يصلي و هو معقوص الشعر،

و لا بأس به للمرأة.

و قال الشيخ:يبطل به الصلاة (1).

لنا:الأصل الجواز،و على الكراهية ما ظهر من الخلاف،فالاحتراز عنه تحفظا من الوقوع في المحرم أولى.

احتج الشيخ بما رواه عن مصادف (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة و هو معقوص الشعر،قال:«يعيد صلاته» (3).

و الجواب بعد تسليم صحة السند:انه محمول على الاستحباب.و العقص:

الضفر،قال في الصحاح:و عقص الشعر:ضفره وليه على الرأس،كالكبة (4)و قد قيل:ان المراد بذلك ضفر الشعر و جعله كالكبة في مقدم الرأس على الجبهة.فعلى هذا يكون ما ذكره الشيخ حقا،لأنه يمنع من السجود.

مسألة:و لا بأس أن يصلي الإنسان و على ثوبه شيء من شعره أو أظفاره

و إن لم ينفضه لأنهما طاهران لا مانع من استصحابهما في الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن ريان (5)،قال:كتبت إلى أبي

ص:264


1- 1الخلاف 1:192 مسألة 255.
2- 2) مصادف مولى أبي عبد الله،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم(ع)بقوله:مصادف مولاه(ع)، و نقل المحقق المامقاني أن الشيخ عده في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و لم نجده في النسخة التي بأيدينا من رجال الشيخ،و الموجود فيه:مصادف بن عقبة الجرزي،و مصادف أبو إسماعيل المدني. رجال الطوسي:319،320،359،تنقيح المقال 3:217. [1]
3- 3) التهذيب 2:232 حديث 914،الوسائل 3:308 الباب 36 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الصحاح 3:1046. [3]
5- 5) علي بن الريان بن الصلت الأشعري القمي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الهادي و العسكري(ع)،و قال في الفهرست:علي و محمد ابنا الريان لهما كتاب مشترك بينهما،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و قال:روى عن الرضا(ع)،و كان ثقة صدوقا. رجال النجاشي:165،رجال الطوسي:419،433،الفهرست:90، [4]رجال العلامة:70.

الحسن عليه السلام:هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه؟فوقع:«يجوز» (1).

البحث الثالث:في ستر العورة،

و النظر في الساتر،و العورة،و أحكام الخلل.

و الساتر قد تقدم فهاهنا مطلبان

المطلب الأول:في العورة.
مسألة:أجمع علماء الإسلام على ان ستر العورة واجب في الصلاة،

و اختلفوا في فصلين:

أحدهما:انه هل هو شرط أم لا.

و الثاني:ان العورة ما هي.

الأول:فقد أجمع علماؤنا على انه شرط في الصلاة كما انه واجب.و به قال الشافعي (2)،و أبو حنيفة (3)،و أحمد (4).

و قال بعض أصحاب مالك:انه شرط مع الذكر دون النسيان (5)،و قال باقي أصحابه:انه واجب و ليس بشرط (6).

ص:265


1- 1التهذيب 2:367 حديث 1526،الوسائل 3:277 الباب 18 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:167،بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:116،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1: 223-224،بداية المجتهد 1:114،المجموع 3:167،المغني 1:651.
4- 4) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:448،منار السبيل 1:73.
5- 5) بلغة السالك 1:104،المغني 1:651،المجموع 3:167.
6- 6) بلغة السالك 1:104،بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651،المجموع 3:167.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (1)رواه أبو داود،و الترمذي.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن يحيى،عن أبي الحسن عليه السلام،قال:كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان،فأصاب أحدهما بول و لم يدر أيهما هو و حضرت الصلاة و خاف فوتها و ليس عنده ماء كيف يصنع؟قال:«يصلي فيهما جميعا» (2).و الأمر للوجوب،فلو لم يكن ستر العورة شرطا (3)لما أوجب عليه الصلاة الأخرى.و في الاستدلال به نظر،و الأقوى في ذلك:

ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن قوم صلوا جماعة و هم عراة؟قال:«يتقدمهم الإمام بركبتيه و يصلي بهم جلوسا و هو جالس» (4).

وجه الاستدلال به ان القيام واجب و شرط في الصلاة على ما يأتي،و قد جاز تركه مع عدم اللباس،فمع وجوده يكون واجبا،فالستر شرط في القيام الذي هو شرط في الصلاة.

و في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:رجل خرج من سفينة عريانا،أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه،فقال:«يصلي إيماءا،و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها،و إن كان رجلا وضع يده على سوأته،ثمَّ يجلسان فيومئان إيماءا و لا يركعان و لا يسجدان فيبدو ما خلفهما،تكون صلاتهما إيماءا

ص:266


1- 1سنن أبي داود 1:174 حديث 641،سنن الترمذي 2:215 حديث 377.
2- 2) التهذيب 2:225 حديث 887،الوسائل 2:1082 الباب 64 من أبواب النجاسات،حديث 1. [1]
3- 3) في النسخ يوجد:و الا،حذفناها لاستقامة المعنى.
4- 4) التهذيب 2:365 حديث 3 و ج 3:178 حديث 404،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]

برؤوسهما» (1).

احتج المخالف بأن وجوب الستر غير مختص بالصلاة،فلم يشترط لها،كقضاء الدين عند الطلب (2).

و الجواب:لا قياس مع وجود النص،على انا نمنع من ثبوت الحكم في الأصل، فإن الصلاة إذا فعلت في أول وقتها مع المطالبة للقادر بطلت.

و أما الثاني:فالذي عليه أكثر علمائنا ان عورة الرجل قبله و دبره.ذكره الشيخان (3)،و السيد المرتضى (4)،و أتباعهم (5)،و به قال أحمد في إحدى الروايتين (6)،و داود،و ابن أبي ذئب (7)(8).

و قال ابن البراج من علماءنا:العورة ما بين السرة و الركبة (9).و جعله المرتضى

ص:267


1- 1التهذيب 2:364 حديث 1512،و ج 3:178 حديث 403،الوسائل 3:327 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:651،المجموع 3:167.
3- 3) المفيد،نقل عنه في المعتبر 2:100،و [2]الطوسي في المبسوط 1:87.
4- 4) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):28.
5- 5) منهم سلار في المراسم:64،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن إدريس في السرائر: 55.
6- 6) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:449،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 86-87.
7- 7) أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب،و اسمه هشام بن شعبة القرشي العامري المدني الفقيه،روى عن أخيه المغيرة و خاله الحارث بن عبد الرحمن و عكرمة مولى ابن عباس و الزهري و غيرهم،و روى عنه الثوري و معمر و سعد بن إبراهيم و ابن أبي فديك و غيرهم.مات سنة 159 ه. العبر 1:177، [3]تهذيب التهذيب 9:303. [4]
8- 8) المغني 1:652.
9- 9) المهذب 1:83.

رواية (1).و به قال مالك (2)،و الشافعي (3)،و أحمد في الرواية الأخرى (4)،و أصحاب الرأي (5)،و أكثر الفقهاء (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أنس ان النبي صلى الله عليه و آله يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى اني أنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه و آله (7).رواه البخاري.

و عن عائشة قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله في بيته كاشفا فخذيه فاستأذن أبو بكر فأذن له و هو على ذلك،ثمَّ استأذن عمر[فأذن] (8)و هو على ذلك (9).و هو يدل على انه ليس بعورة.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه،عن الصادق عليه السلام،قال:

«الفخذ ليس من العورة» (10).

و ما رواه الشيخ،عن محمد بن حكيم قال:الميثمي (11)لا أعلمه إلا قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام،أو من رآه متجردا و على عورته ثوب،فقال:«ان الفخذ

ص:268


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:100. [1]
2- 2) بداية المجتهد 1:114،المغني 1:651،المجموع 3:169.
3- 3) الام 1:89،المجموع 3:169،مغني المحتاج 1:185،فتح العزيز بهامش المجموع 4:84،بداية المجتهد 1: 114،المغني 1:651،شرح فتح القدير 1:224.
4- 4) المغني 1:651،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:449،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:87،المغني 1:651.
5- 5) المغني 1:651،بداية المجتهد 1:114.
6- 6) المغني 1:651.
7- 7) صحيح البخاري 1:104-105.
8- 8) أضفناه من المصدر.
9- 9) مسند أحمد 6:62، [2]نيل الأوطار 2:50 حديث 1،المغني 1:652.
10- 10) الفقيه 1:67 حديث 253،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 4. [3]
11- 11) هو لقب جمع،و لعله يعقوب بن شعيب الأسدي الذي مرت ترجمته في ص:51.

ليست من العورة» (1).

و عن أبي يحيى الواسطي،عن بعض أصحابه،عن أبي الحسن الماضي عليه السلام،قال:«العورة عورتان:القبل و الدبر،و الدبر مستورة بالأليتين،فإذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة» (2)و لأن ما عداهما ليس محل الحدث،فلا يكون عورة كالساق.

احتج المخالف (3)بما رواه أحمد عن جرهد (4)ان رسول الله صلى الله عليه و آله رآه قد كشف عن فخذه،فقال:(غط فخذك فإن الفخذ من العورة) (5).

و بما رواه أبو داود ان النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي عليه السلام:(لا تكشف فخذك و لا تنظر إلى فخذ حي و لا ميت) (6).

و عن أبي أيوب الأنصاري قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(أسفل السرة و فوق الركبتين من العورة) (7).

و الجواب:يحمل ما ذكر تموه على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

فروع:
الأول:

الحر و العبد في ذلك سواء،لعموم الأحاديث فيهما.

ص:269


1- 1التهذيب 1:374 حديث 1150،الوسائل 1:364 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 1:374 حديث 1151،الوسائل 1:365 الباب 4 من أبواب آداب الحمام،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:652.
4- 4) جرهد بن خويلد بن بجرة.الأسلمي يكنى أبا عبد الرحمن،من أهل الصفة،و شهد الحديبية،روى عن النبي.مات بالمدينة في خلافة يزيد.
5- 5) مسند أحمد 3:478-479، [3]المغني 1:652.
6- 6) سنن أبي داود 4:40 حديث 4051. [4]
7- 7) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
الثاني:

الركبة ليست من العورة.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و هو قول مالك (1)، و أحمد (2)،و الشافعي (3).

و قال أبو حنيفة:انها من العورة (4).و هو قول بعض الشافعية (5).

لنا:(رواية أبي) (6)أيوب في قول النبي صلى الله عليه و آله:(فوق الركبة من العورة) (7)و ذلك يدل على انها ليست من العورة.و لأن الركبة حد العورة عندهم،فلا يكون منها،كالسرة.

احتج أبو حنيفة (8)بما روي،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(الركبة من العورة) (9).

و الجواب:ان رواية أبو الجنوب (10)،و أهل النقل لا يثبتونه.

الثالث:

السرة ليست من العورة.و به قال أحمد (11)،و مالك (12)،و أبو

ص:270


1- 1مقدمات ابن رشد 1:134،المغني 1:652،المجموع 3:169. [1]
2- 2) المغني 1:652،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:451، [2]المجموع 3:169، [3]فتح العزيز بهامش المجموع 4:87. [4]
3- 3) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:168، [5]مغني المحتاج 1:185،المغني 1:652.
4- 4) الهداية للمرغيناني 1:42،شرح فتح القدير 1:224،المغني 1:652،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:85.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:168.
6- 6) «ح»«ق»:ما رواه أبو.
7- 7) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
8- 8) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225،المغني 1:652.
9- 9) سنن الدار قطني 1:231 حديث 4.
10- 10) أبو الجنوب،عقبة بن علقمة اليشكري الكوفي،روى عن علي(ع)و روى عنه النصر بن منصور العنزي و عبد الله بن عبد الله الرازي،ضعفه أبو حاتم و الدار قطني. تهذيب التهذيب 7:247، [6]سنن الدار قطني 1:231،الجرح و التعديل 6:313،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزي 2:181.
11- 11) المغني 1:652،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:451،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:87.
12- 12) مقدمات ابن رشد 1:134،المجموع 3:169،المغني 1:652.

حنيفة (1).

و قال الشافعي:انها من العورة (2).

لنا:رواية أبي أيوب من قوله عليه السلام:(أسفل السرة من العورة) (3)و هو يدل على انها ليست عورة.

و ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه كان يقبل سرة الحسين عليه السلام.و قبل أبو هريرة سرة الحسن عليه السلام (4)،و لو كانت من العورة لما وقع ذلك.

مسألة:و جسد المرأة البالغة الحرة عورة،

بلا خلاف بين كل من يحفظ عنه العلم.لقول النبي صلى الله عليه و آله:(المرأة عورة) (5)رواه الجمهور،و قال الترمذي:

أنه حديث حسن.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما تصلي فيه المرأة؟قال:«درع و ملحفة فتنشرها على رأسها و تجلل بها» (6).و لأن النظر إلى كل جزء منها متعلق الشهوة فأشبه العورة.

ص:271


1- 1الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:224،المغني 1:652،المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:85.
2- 2) المجموع 3:168. [1]
3- 3) سنن الدار قطني 1:231 حديث 5.
4- 4) مسند أحمد 255،493،سنن البيهقي 2:232،نيل الأوطار 2:53 حديث 2.
5- 5) سنن الترمذي 3:476 حديث 1173. [2]
6- 6) التهذيب 2:217 حديث 853،الاستبصار 1:388 حديث 1478،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 9. [3]
فروع:
الأول:لا يجب ستر الوجه في الصلاة.

و هو قول كل من يحفظ عنه العلم،حرة كانت المرأة أو أمة،بالغة أو صغيرة،و لقوله تعالى وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها » (1)قال ابن عباس:الوجه و الكفين (2).و لأنه يجب بذله في الإحرام، فلم يكن من العورة.

الثاني:

قال علماؤنا:الكفان بمنزلة الوجه.و به قال مالك (3)،و الشافعي (4)، و أصحاب الرأي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6)،و في الأخرى:انهما عورة يجب سترها (7).

لنا:قوله تعالى:« إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها »و هو يتناول الكفين في قول ابن عباس.

و لأنهما تشتد الحاجة إليهما في الأخذ و العطاء،كالوجه في البيع و الشراء،فلا يحرم كشفهما في الصلاة كالوجه.و لأنه يحرم سترهما بالقفازين في حال الإحرام كما يحرم ستر الوجه بالنقاب.

احتج المخالف (8)بقوله عليه السلام:(المرأة عورة) (9).

ص:272


1- 1النور:31. [1]
2- 2) سنن البيهقي 2:225،المهذب للشيرازي 1:64،الدر المنثور 5:41، [2]المغني 1:672. [3]
3- 3) مقدمات ابن رشد 1:133،بداية المجتهد 1:115،تفسير القرطبي 12:229،المجموع 3:169، المغني 1:672.
4- 4) الام 1:89،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:169،مغني المحتاج 1:185،المغني 1:672.
5- 5) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225،المجموع 3:169.
6- 6) المغني 1:673،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:452،المجموع 3:169.
7- 7) الكافي لابن قدامة 1:142،الإنصاف 1:452.
8- 8) المغني 1:673،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح الغدير 1:225.
9- 9) سنن الترمذي 3:476 حديث 1173.

و الجواب:انه خرج عنه الكفان كما خرج عنه الوجه للاشتراك في الحاجة.

الثالث:

قال الشيخ:لا يجب عليها ستر ظهر القدمين (1).و به قال أبو حنيفة. (2)

و قال الشافعي (3)،و مالك (4)،و أحمد:يجب سترهما (5).

لنا:انهما يظهران غالبا فأشبها الكفين و الوجه.و لأن ظهورهما ليس بفاحش، فكانا أولى بالترخص من الوجه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام قال:قلت له:ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟فقال:«إذا كان كثيفا فلا بأس،و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة إذا كان الدرع كثيفا،يعني إذا كان ستيرا» (6).

وجه الاستدلال انه عليه السلام اجتزأ في حق المرأة بالدرع و المقنعة،و الدرع:

القميص،قاله صاحب الصحاح.و ليس القميص غالبا ساترا لظهر القدمين (7).

احتجوا بقوله عليه السلام:(المرأة عورة).

و الجواب:التخصيص،كما تقدم.

الرابع:

يستحب لها أن تستر سائر جسدها بثلاثة أثواب:درع،و قناع،و إزار.

ذهب إليه العلماء كافة.لأنه زيادة في الستر.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،قال:سألت أبا عبد الله

ص:273


1- 1المبسوط 1:87. [1]
2- 2) الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:225-226،المغني 1:672،بداية المجتهد 1:115.
3- 3) المجموع 3:169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:83،مغني المحتاج 1:185،المغني 1:672.
4- 4) بداية المجتهد 1:115،مقدمات ابن رشد 1:133،المجموع 3:169. [2]
5- 5) المغني 1:672،الكافي لابن قدامة 1:141،الإنصاف 1:453،المجموع 3:169،منار السبيل 1: 74.
6- 6) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:281 الباب 21 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
7- 7) الصحاح 3:1206.

عليه السلام عن المرأة تصلي في درع و خمار؟فقال:«تكون عليها ملحفة تضمها عليها» (1).

و عن ابن أبي يعفور،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«تصلي المرأة في ثلاثة أثواب:إزار و درع و خمار» (2).

الخامس:

لا نعرف خلافا في استحباب الإزار و انه ليس بواجب.روى الجمهور، عن أم سلمة أنها قالت:يا رسول الله أ تصلي المرأة في درع و خمار و ليس عليها إزار؟ فقال:«نعم،إذا كان سابغا تغطي ظهور قدميها) (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة» (4).

و ما رواه ابن بابويه،عن الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«صلت فاطمة صلوات الله عليها في درع و خمارها على رأسها،ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها و أذنيها» (5).

السادس:

روى الشيخ في الموثق،عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه، عن علي عليهم السلام،قال:«لا تصلي المرأة عطلا» (6).

مسألة:و تجتزي الأمة و الصبية بستر الجسد

و لا يجب عليهما ستر الرأس.و أجمع علماء الأمصار على ذلك إلا الحسن البصري،فإنه أوجب الخمار للأمة إذا تزوجت أو اتخذها

ص:274


1- 1التهذيب 2:218 حديث 860،الاستبصار 1:390 حديث 1484،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 11. [1]
2- 2) التهذيب 2:217 حديث 856،الاستبصار 1:389 حديث 1480،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 8. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:173 حديث 640،الموطأ 1:142 حديث 36، [3]مستدرك الحاكم 1:250.
4- 4) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:294 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 7. [4]
5- 5) الفقيه 1:167 حديث 785:الوسائل 3:293 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [5]
6- 6) التهذيب 2:371 حديث 1543،الوسائل 3:335 الباب 58 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [6]

الرجل لنفسه (1).

لنا:الإجماع و خلافه لا اعتداد به.

و ما رواه الجمهور ان عمر كان ينهى الإماء عن التقنع.روى أبو قلابة ان عمر بن الخطاب كان لا يدع أمة تتقنع في خلافته،و ضرب أمة لآل أنس رآها مقنعة،و قال اكشفي رأسك و لا تشبهي بالحرائر (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام،قال:«ليس على الإماء أن يتقنعن في الصلاة و لا ينبغي للمرأة أن تصلي إلا في ثوبين» (3).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قلت:رحمك الله،الأمة تغطي رأسها إذا صلت؟فقال:«ليس على الأمة قناع» (4).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قلت:الأمة تغطي رأسها؟فقال«لا» (5)و لأنها أمة،فلا يجب عليها ستر رأسها كغير المزوجة و المتسرى بها.

و أما الصبية فعدم الوجوب في حقها ظاهر،لسقوط التكليف عنها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبد الله بن بكير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بالمرأة المسلمة أن تصلي و هي مشكوفة الرأس» (6).

ص:275


1- 1المغني 1:674،بداية المجتهد 1:116.
2- 2) المغني 1:674،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:492.
3- 3) التهذيب 2:217 حديث 854،الاستبصار 1:389 حديث 1479،الوسائل 3:295 الباب 28 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 2:217 حديث 855،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) التهذيب 2:218 حديث 859،الاستبصار 1:390 حديث 1483،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) التهذيب 2:218 حديث 857،الاستبصار 1:389 حديث 1481،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 5،و [5]فيها:لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة.

و عن عبد الله بن بكير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن تصلي المرأة المسلمة و ليس على رأسها قناع» (1)و هذا يتناول الصغيرة قطعا،و الكبيرة الحرة غير مرادة منه،لما تقدم من الأخبار.

فروع:
الأول:

هل يستحب للأمة القناع؟الأولى ذلك،و لم أقف فيه على نص.و به قال عطاء (2)،خلافا لباقي الجمهور،فإنهم لم يستحبوه (3).

لنا:انه زيادة ستر،فكان مطلوبا،لأنه أنسب بالخفر و الحياء،و هو مطلوب من الحرائر.

و أما ما احتج الباقون بأن عمر نهى عن ذلك.

و الجواب:ان فعل عمر ليس بحجة،لجواز أن يكون من رأيه.

الثاني:

أم الولد كالأمة سواء كان ولدها حيا أو لا.و به قال النخعي، و مالك،و الشافعي،و أبو ثور،و أحمد في إحدى الروايتين،و في الأخرى:يجب عليها ستر رأسها (4).

لنا:انها لم تخرج بذلك عن حكم الإماء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:الأمة تغطي رأسها؟فقال:«لا،و لا على أم الولد أن تغطي

ص:276


1- 1التهذيب 2:218 حديث 858،الاستبصار 1:389 حديث 1482،الوسائل 3:298 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:674،بداية المجتهد 1:116.
3- 3) المغني 1:674.
4- 4) المغني 1:676،الشرح الكبير [2]بهامش المغني 1:493.

رأسها إذا لم يكن لها ولد» (1).

لا يقال:الرخصة في أم الولد مشروطة بعدمه في الحديث و أنتم اخترتم الإطلاق.

لأنا نقول:انه استدلال بالمفهوم و هو ضعيف،على انه يحمل على شدة استحباب ستر الرأس مع وجود الولد،فلم تكن مساوية للأمة في ذلك،لا ان المراد الوجوب.

احتج المخالف بأنها لا تباع،فأشبهت الحرة.و لأنه قد انعقد سبب حريتها انعقادا متأكدا لا يمكن إبطاله،فيحكم فيها بحكم الحرة (2).

و الجواب عن الأول:ان عدم البيع لا يقتضي زوال الملك كالموقوفة.

و عن الثاني:بأن انعقاد سبب الحكم لا يثبته كالتدبير،و الكتابة،و لأنه لا يثبت في تحريم الوطء.

الثالث:

المدبرة،و المكاتبة المشروطة،و المطلقة التي لم تؤد من مكاتبتها شيئا حكمها حكم الأمة،لثبوت وصف الرقية فيهن.

أما المكاتبة المطلقة إذا تحرر بعضها فإنها بحكم الحرة،لأن فيها حرمة تقتضي الستر،فوجب الستر.

الرابع:

الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا و إن كان أحدهما زائدا.و هل يجب عليه ستر جميع جسده كالمرأة؟فيه تردد ينشأ من أصالة براءة الذمة فيصار إليها، و من العمل بالاحتياط في وجوب ستر الجميع.و الأقرب الثاني،لأن الشرط بدون ستر الجميع لا يتيقن حصوله.

الخامس:

لو صلت مكشوفة الرأس و أعتقت في أثناء الصلاة،قال الشيخ في المبسوط:إن قدرت على ثوب تغطي رأسها وجب عليها أخذه و تغطية الرأس،و إن لم يتم

ص:277


1- 1التهذيب 2:218 حديث 859،الاستبصار 1:390 حديث 1483،الوسائل 3:297 الباب 29 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) المغني 1:676،الشرح الكبير بهامش المغني 1:493.

لها ذلك إلا بأن تمشي خطى قليلة من غير أن تستدبر القبلة كان مثل ذلك،و إن كان بالبعد منها و خافت فوات الصلاة أو احتاجت إلى استدبار القبلة صلت كما هي و ليس عليها شيء و لا تبطل صلاتها (1).

و قال في الخلاف:تستمر على صلاتها و أطلق (2).

و قال الشافعي:إن كان بقربها ثوب أخذته و سترت به رأسها،و كذا لو كان بعيدا و حصل المناول.و لو تطاولت المدة ففيه وجهان:أحدهما:تبطل صلاتها،و الآخر لا تبطل و إن احتاجت أن تمشي إليه مشت (3).

و قال أبو حنيفة:تبطل صلاتها (4).و ما ذكره في المبسوط هو الأقرب عندي.

أما لو لم تخف فوت الصلاة و لم يتمكن من الستر إلا بفعل كثير فعلى قوله في الخلاف:تستمر على الصلاة،لأنها دخلت دخولا مشروعا،و عندي فيه تردد.

السادس:

لو لم تعلم بالعتق حتى أتمت صلاتها مشكوفة الرأس صحت،لأنها فعلت المأمور فأجزأها،خلافا لبعض الجمهور (5).

السابع:

لو علمت بالعتق و لم تعلم لوجوب الستر لم تكن معذورة في ذلك.

الثامن:

لو أعتقت في أثناء الصلاة و لم تقدر على ستر الرأس مضت في صلاتها بإجماع علماء الأمصار،لأن الستر عليها حينئذ غير واجب للعجز فأشبهت الحرة الأصلية العاجزة.

ص:278


1- 1المبسوط 1:87. [1]
2- 2) الخلاف 1:140 مسألة 146.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:183-184،مغني المحتاج 1:187،فتح العزيز بهامش المجموع 4: 102.
4- 4) تبيين الحقائق 1:99
5- 5) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:184،المغني 1:675،الشرح الكبير بهامش المغني 1:494،فتح العزيز بهامش المجموع 4:102.
التاسع:

لو بلغت الصبية في أثناء الصلاة،فإن كان بما يبطلها كالحيض أفسدت الصلاة،و إن كان بالزمان فهي كالأمة.

العاشر:

لا يجوز للأمة كشف ما عدا الوجه و الكفين و القدمين و الرأس.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعي:ان حكمها حكم الرجل (1).

لنا:ان الرخصة وردت في الرأس،فيبقي الباقي على الأصل.و لأن ما عدا ما ذكرناه لا يظهر عادة و لا تدعو الحاجة إلى كشفه،فأشبه ما بين السرة و الركبة.

احتج الشافعي بما روي،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته،فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة) (2)يريد به الأمة،فإن الأجير و العبد لا يختلف بالتزويج و عدمه.

و الجواب:انه استدلال بالمفهوم،و هو ضعيف.

المطلب الثاني في أحكام الخلل:
مسألة:الفاقد للساتر لا يسقط عنه فرض الصلاة،

و هو مذهب علماء الإسلام، لأنه شرط للصلاة حال المكنة،فلا يسقط المشروط مع العجز،كالاستقبال.و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه أن يستر به وجب،لأنه قادر على الساتر.

ص:279


1- 1المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:168-169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:91،مغني المحتاج 1: 185،السراج الوهاج:52،المغني 1:675،الشرح الكبير بهامش المغني 1:490-491.
2- 2) سنن أبي داود 1:133 حديث 496، [1]سنن البيهقي 2:226 و ج 7:94،سنن الدار قطني 1:230 حديث 2،نيل الأوطار 2:53.

و لو وجد طينا وجب عليه أن يستر به بأن يطين (1)عورته.و هو قول بعض الشافعية (2)،خلافا لبعض الجمهور (3).

لنا:انه متمكن من الساتر بقدر الإمكان،فيكون واجبا.

و يؤيده:ما رواه الخاصة،عن الصادق عليه السلام،انه قال:«النورة ستر» (4).

احتج المخالف بأنه يتناثر عنه إذا جف،و فيه مضرة و لا يستر الخلقة (5).

و الجواب:التناثر بعد الستر غير مسقط للوجوب،كما لو وجد ثوبا يستتر به و يعلم ذهابه في أثناء الصلاة،فإنه يجب عليه الاستتار به،و لأنه نوع استتار،فيجب في بعض الصلاة،كما يجب مع الجميع،و المشقة منفية و لم يعتبرها الشارع في كثير من المواضع، و ستر الخلقة مع العجز غير واجب.

مسألة:و مع عدم الساتر،قال علم الهدى رحمه الله:يصلي قاعدا بالإيماء .

(6)

و به قال ابن عمر،و عطاء،و عكرمة،و قتادة،و الأوزاعي (7)،و أصحاب الرأي (8)،

ص:280


1- 1«ح»:يطلي.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:180،فتح العزيز بهامش المجموع 4:94،مغني المحتاج 1:186، المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
3- 3) المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
4- 4) الكافي 6:497 حديث 7،الفقيه 1:65،حديث 250،الوسائل 1:378 الباب 18 من أبواب آداب الحمام،حديث 1. [1]الحديث منقول عن الباقر(ع).
5- 5) المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:180،فتح العزيز بهامش المجموع 4:94،مغني المحتاج 1:186، المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
6- 6) جمل العلم و العمل:80.
7- 7) المغني 1:664،المجموع 3:183.
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:186،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:664، الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،المجموع 3:183.

و أحمد (1).

و قال الشيخان:يصلي جالسا إن كان بحيث يراه أحد،و إلا قائما و يومئ لركوعه و سجوده (2).

و قال مالك (3)،و الشافعي:يصلي قائما بركوع و سجود (4).و الأقرب ما قاله الشيخان.

لنا:انه مع حالة الأمن من الرأي متمكن من القيام فيجب عليه،و المانع و هو كشف العورة لا يظهر أثره مع الأمن،فلا يعتد به.أما مع الخوف من المطلع فإنه يجب عليه الاستتار و لا يتمكن إلا بالجلوس و الإيماء،فيكون واجبا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن ابن مسكان،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة،قال:«يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد،فإن رآه أحد صلى جالسا» (5).

و في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا و حضرت الصلاة كيف يصلي؟قال:

«إن أصحاب حشيشا يستر به عورته أتم صلاته في الركوع و السجود،و إن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم» (6).

ص:281


1- 1المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،الكافي لابن قدامة 1:145،الإنصاف 1:464، المجموع 3:183.
2- 2) المفيد في المقنعة:36،و الطوسي في:النهاية:130،و المبسوط 1:87،و [1]الخلاف 1:142،مسألة 151.
3- 3) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500،المجموع 3:183.
4- 4) الأم 1:91،المجموع 3:182،و ج 2:335،فتح العزيز بهامش المجموع 2:362،المبسوط للسرخسي 1:186،المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:500.
5- 5) التهذيب 2:365 حديث 1516،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [2]
6- 6) التهذيب 2:365 حديث 1515 و ج 3:296 حديث 900،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [3]

احتج السيد المرتضى بما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه؟فقال:«يصلي إيماءا،و إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها،و إن كان رجلا وضع يده على سوأته،ثمَّ يجلسان فيومئان إيماءا،و لا يركعان و لا يسجدان فيبدو ما خلفهما،تكون صلاتهما إيماءا برؤوسهما» (1).

و عن سماعة قال:سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلا ثوب واحد و أجنب فيه و ليس عنده ماء كيف يصنع؟قال:«يتيمم و يصلي عريانا قاعدا و يومئ» (2).و مثله رواه عن محمد بن علي الحلبي (3).

و احتج من وافقه من الجمهور بما روي،عن ابن عمر في قوم انكسرت بهم مراكبهم فخرجوا عراة؟قال:(يصلون جلوسا يومئون إيماءا برؤوسهم) (4)و لأن الستر آكد من القيام،لأنه لا يسقط مع القدرة بخلاف القيام الساقط في النافلة،و لعدم اختصاص الستر بالصلاة،و اختصاص القيام بها،فترك القيام الأخف أولى.

و احتج الشافعي (5)بما رواه البخاري،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:

(صل قائما فإن لم تستطع فجالسا) (6).و لأنه مستطيع للقيام،فلم يجز له تركه،كالقادر على الساتر.

و الجواب عن الأول:انه محمول على حالة خوف المطلع،لأنه مطلق،و حديثنا

ص:282


1- 1التهذيب 2:364 حديث 1512،الوسائل 3:327 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:223 حديث 881،الاستبصار 1:168 حديث 582،الوسائل 2:1068 الباب 46 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:223 حديث 882،الاستبصار 1:168 حديث 583،الوسائل 2:1068 الباب 46 من أبواب النجاسات،حديث 4. [3]
4- 4) المغني 1:665،الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.
5- 5) المغني 1:664،الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.
6- 6) صحيح البخاري 1:60.

مفصل،فيحمل عليه،و هو الجواب عن الحديث الثاني.على ان في طريقه قول و هو غير مسند إلى إمام.

و عن الثالث:بأن قول ابن عمر ليس حجة،إذا لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه و آله.و لأنا نقول بموجبة،إذ مع الجماعة يصلي العاري جالسا.

و عن الرابع:بالمنع من أولوية الستر،فإن القيام جزء من الصلاة،و الاستتار شرط،و الجزء من العبادة أولى بالتحصيل من شرطها.

و لو سلم لكن مع ترك القيام لا يحصل الستر كله،لأن العورة عندهم من السترة إلى الركبة،فلا يفي الحاصل من الستر بترك القيام.

و عن الخامس:انا نقول بموجبة،لأنه حالة الأمن متمكن من القيام،فيجب عليه،و في حالة خوف المطلع يجب عليه ستر عورته و هو غير ممكن إلا بالجلوس،فيجب، فيسقط القيام للعجز الشرعي،و هو الجواب عن السادس.

فروع:
الأول:

لو صلى العاري على ما أمر به لم يجب عليه الإعادة عند وجود الساتر.و لا نعلم فيه خلافا،لأنه أتى بالمأمور به،و الأمر لا يقتضي التكرار و يقتضي الإجزاء.

الثاني:

لو صلى على غير ما أمر به،بأن يصلي في حالة الخوف قائما بركوع و سجود،فالوجه الإعادة و إن لم يره أحد،لأنه لم يأت بالمأمور به،خلافا لأصحاب الرأي (1).

الثالث:

لو انكشفت عورته في أثناء الصلاة و لم يعلم صحت صلاته،لأنه مع عدم العلم غير مكلف.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى بن

ص:283


1- 1المبسوط للسرخسي 1:187،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:665، الشرح الكبير بهامش المغني 1:501.

جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و فرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة؟قال:«لا إعادة عليه و قد تمت صلاته» (1).

الرابع:

لو علم بانكشاف عورته في أثناء الصلاة سترها و لم تبطل صلاته، تطاولت المدة قبل علمه أو لم تطل،كثيرا كان الكشف أو قليلا،و سواء أدى ركنا من الصلاة حالة الكشف أو لم يؤد.

و قالت الحنفية:إن أدى ركنا مع الانكشاف،ثمَّ ستر فسدت صلاته (2).

و لو لم يؤد شيئا و لكنه مكث مقدار ما يمكنه أداء ركن،ثمَّ ستر فعند أبي يوسف تفسد صلاته (3)خلافا لمحمد (4).

لنا:ان التكليف منوط بالعلم و لم يحصل،فلا تكليف،و لما رواه علي بن جعفر، و قد سلف.

احتج أبو يوسف بأنه كشف العورة مع المكنة،فلا تصح صلاته (5).

و الجواب:المكنة ممنوعة.

الخامس:

لو انكشف ربع عورته أو أقل أو أزيد،و تمكن من الساتر و لم يفعله بطلت صلاته.

و قال أبو يوسف انكشاف ربع العورة لا يمنع جواز الصلاة (6).

و في النصف روايتان (7).

ص:284


1- 1التهذيب 2:216 حديث 851،الوسائل 3:293 الباب 27 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [1]بتفاوت.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:196-197،الهداية للمرغيناني 1:43،شرح فتح القدير 1:226-227.
3- 3) شرح فتح القدير 1:226.
4- 4) شرح فتح القدير 1:226.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1: 226-227.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1: 226-227.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:44،شرح فتح القدير 1:226.

لنا:ان الواجب ستر الجميع و لا يحصل إلا بستر أبعاضه.

السادس:

لو صلى قائما أو جالسا على ما قلناه (1)من التفصيل ينبغي له أن يتضام و يتستر مهما أمكنه،و لا يربع في حال جلوسه،لأنه إظهار للعورة.

السابع:

لو وجد حفيرة دخلها و صلى قائما بركوع و سجود.خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:ان الستر عن المشاهد قد يحصل و هو واجب.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أيوب بن نوح،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة (3)دخلها فسجد (4)فيها و ركع» (5)(6).

احتج المخالف بأنها لا تلتصق بجلده،فهي كالجدار.

و الجواب:المساواة بين المقيس و المقيس عليه عندنا.

الثامن:

لو وجد وحلا أو ماء كدرا لو نزله لستره لم يجب عليه ذلك،لأن فيه مشقة و ضررا.و لو اعتبرت المشقة فيجب النزول مع عدمها،و عدم النزول مع وجودها كان حسنا.

التاسع:

لو وجد سترة يستضر بها كالبارية و نحوها لم يلزمه الاستتار بها،لأن الضرر قد يحصل بدخول القصب في جلده،و لأنه لا يحصل معه كما الركوع و السجود.

ص:285


1- 1راجع ص 280.
2- 2) المغني 1:666،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502.
3- 3) «غ»:حفيرة.
4- 4) «ح»«ق»:فيسجد.
5- 5) «ح»«ق»:و يركع.
6- 6) التهذيب 3:179 حديث 405،الوسائل 3:326 الباب 50 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
العاشر:

لو وجد ما يستر به إحدى العورتين وجب سترها و صلي كما يصلي العاري،لأن ستر العورتين واجب،فلا يسقط وجوب إحداهما بفوات الأخرى.

لا يقال:الواجب ستر المجموع و البحث ليس فيه بل في أفراده.

لأنا نقول:ان وجوب ستره يستلزم وجوب ستر كل واحد من أجزائه،لأنه لا يتم المجموع إلا به،و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.و لأن وجوب ستر كل واحد من العورتين ليس مشروطا بوجوب ستر الأخرى،لأنه إن عكس فدور،و إلا فترجيح من غير مرجح،و لا بحصوله لا على نعت الوجوب و إلا لجاز ترك كل واحد منهما، لاشتراطها بشرط غير واجب التحصيل.

إذا ثبت هذا فنقول:هل يتخير في ستر أيهما شاء أم لا؟قال قوم:يتخير لعدم الأولوية.و قال آخرون:الاولى له ستر الدبر،لأنه أفحش و ينفرج في الركوع و السجود.و قال آخرون:القبل أولى،لأنه يستقبل به القبلة،و الدبر مستور بالأليتين (1)،و الأخير عندي أقرب،لأن ركوعه و سجوده بالإيماء.

الحادي عشر:

قال الشيخ في المبسوط:لا بأس أن يصلي الرجل في ثوب و إن لم يزر جيبه،فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة لا بأس به،و إن حاذى العورة لم يجز، قال:و لا بأس أن يصلي الرجل في قميص واحد و أزراره محلولة واسع الجيب كان أو ضيقه،دقيق الرقبة كان أو غليظها،كان تحته مئزر أو لم يكن (2).

و قد روي حل الأزرار،عن زياد بن سوقة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد و أزراره محلولة (3)،ان دين محمد صلى الله

ص:286


1- 1المجموع 3:181،مغني المحتاج 1:186،شرح فتح القدير 1:230،المغني 1:668،الإنصاف 1: 463،السراج الوهاج:53،بلغة السالك 1:106.
2- 2) المبسوط 1:88. [1]
3- 3) «ح»:محللة.

عليه و آله حنيف» (1).

و روى ابن بابويه،قال:قال أبو بصير لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يجزئ الرّجل من الثّياب أن يصلي فيه؟فقال:«صلى الحسين بن علي صلوات الله عليهما في ثوب قد قلص عن نصف ساقه،و قارب ركبتيه،و ليس على منكبه (2)منه إلا قدر جناحي الخطاف و كان إذا ركع سقط عن منكبيه،و كلما سجد يناله عنقه فيرده على منكبيه بيده، فلم يزل ذلك دأبه مشتغلا به حتى انصرف» (3)و ذلك أوسع من الجيب.و لو كان الجيب واسعا تظهر له عورته منه لو ركع لم يجب ستر ذلك عن نفسه و كانت صلاته ماضية،لأن المقصود تحريم نظر غيره إلى عورته.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن رجل،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:قلت:

يقولون الرجل إذا صلى و أزراره محلولة و يداه داخلة[في] (4)القميص إنما يصلي عريانا، قال:«لا بأس» (5).

مسألة:و لا يجب على العاري تأخير الصلاة إلى آخر الوقت.

ذهب إليه الشيخ (6)،و أكثر علمائنا (7).

ص:287


1- 1الكافي 3:395 حديث 8، [1]الفقيه 1:174 حديث 823،التهذيب 2:357 حديث 1477، الاستبصار 1:392 حديث 1492،الوسائل 3:285 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 1. [2]
2- 2) «ح»«ق»:منكبيه.
3- 3) الفقيه 1:167 حديث 784،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [3]
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 2:326 حديث 1335،الاستبصار 1:392 حديث 1493،الوسائل 3:286 الباب 23 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [4]
6- 6) النهاية:130. [5]
7- 7) منهم:المفيد في المقنعة:36،و أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه:147،و ابن البراج في المهذب 1: 116،و ابن إدريس في السرائر:80،و المحقق الحلي في الشرائع 1:70 و لا يخفى أن ذلك يفهم من إطلاق عباراتهم.

و قال السيد المرتضى (1)،و سلار:انه يجب عليه تأخير الصلاة إلى آخر الوقت (2).

لنا:انه مأمور بالصلاة في أول وقتها،لقوله تعالى :«أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ» (3)و هو مطلق يتناول العاري كما يتناول غيره.و لأن الأخبار دالة على ان العاري إذا لم يجد ما يستر به العورة،يصلي بالإيماء،فلو كان التضييق في الوقت واجبا لما أهمل.

احتج السيد المرتضى بأن الشرط ستر العورة غير حاصل و يمكن حصوله،فيجب التأخير رجاء حصوله كالتيمم.

و الجواب:ان ستر العورة شرط مع التمكن،أما مع عدمه فلا،و لا يجوز تعليق الذمة بالوجوب لإمكان الحصول،لمنافاته للأصل من غير دليل،و القياس على التيمم باطل،و الحكم في الأصل ممنوع.

فروع:
الأول:

لو غلب على ظنه وجود الساتر في أثناء الوقت فالوجه وجوب التأخير، لأنه يمكنه تحصيل الصلاة بشروطها،فيجب.

الثاني:

لو وجد من يعيره ثوبا يستر به عورته وجب عليه قبوله،لأنه متمكن من الستر فيجب.أما المعير فلا يجب عليه الإعادة،لأنه لا دليل على ذلك،مع انه قد يتضرر بالإعادة.

أما لو وجد من يهبه الثوب،قال الشيخ:يجب عليه القبول (4).خلافا لبعض

ص:288


1- 1رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة):49.
2- 2) كذا نسب إليه،و الموجود في المراسم:62:و أنت في فسحة من تأخير صلاة الظهر و العصر لعذر.
3- 3) 78 الإسراء. [1]
4- 4) المبسوط 1:88.

الجمهور (1)،و قول الشيخ جيد،لأنه متمكن فيجب،كما يجب عليه قبول العارية.

احتج المخالف بأنه يلحقه المنة.

و جوابه:العار الذي يلحقه بسبب انكشاف عورته أعظم من المنة التي تلحقه بقبول الهبة.

الثالث:

لو وجد من يبيعه ثوبا و معه الثمن وجب عليه الشراء إذا لم يستضر ببذل الثمن في الحال،لأنه متمكن.هذا إذا باع بثمن مثله.أما لو باعه بأزيد من ثمن المثل،فالوجه إن كانت الزيادة تجحف به لم يجب عليه الشراء،و إلا وجب،كالماء في الوضوء،و الأصل في ذلك كله مراعاة الضرر،فمعه لا وجوب إجماعا.

الرابع:

لو لم يجد إلا ثوبا نجسا تخير في الصلاة فيه و عريانا.و هو اختيار أبي حنيفة (2)،و قد سلف البحث في ذلك (3).

الخامس:

لو لم يجد إلا ثوبا مغصوبا صلى عريانا،لأن الحق هنا لادمي،فأشبه الماء المغصوب،فإنه يتركه المصلي و يتيمم.

السادس:

لو لم يجد إلا ثوب حرير،أو جلد ما لا يؤكل لحمه،أو جلد ميتة لم يصل فيها و صلي عاريا.

و قال الشيخ في المبسوط:فإن لم يجد ثوبا يستر العورة و وجد جلدا طاهرا،أو ورقا، أو قرطاسا يمكنه أن يستر به عورته وجب (4)،و هذا يدل على ان مقصوده بالجلد المذكور جلد ما لا يؤكل لحمه،لأن جلد ما يؤكل لحمه لا يشترط في لبسه فقدان الثوب.

و يمكن أن تكون حجته انه متمكن من الستر و هو شرط،فيجب.

ص:289


1- 1المغني 1:66،المجموع 3:187،الإنصاف 1:464،بلغة السالك 1:104،المهذب للشيرازي 1:67، الكافي لابن قدامة 1:146.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:187،شرح فتح القدير 1:229،المغني 1:666.
3- 3) تقدم في الجزء الثالث ص 301.
4- 4) المبسوط 1:88. [1]

و لنا انه منهي عن الصلاة في هذه الأشياء على الإطلاق،فأشبه جلد الميتة عنده.

أما مع الضرورة إلى لبسه كخوف البرد مثلا،فإنه يصلي فيه و لا إعادة عليه.

مسألة:و لو وجد العاري ما يستر به عورته،كالوزرة و السروال صلى فيه،

و لا يجب عليه أن يطرح على عاتقه شيئا.ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال الشافعي (1)، و مالك،و أصحاب الرأي (2).

و قال أحمد:يجب أن يطرح المصلي على عاتقه شيئا من اللباس (3).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(إذا كان الثوب صفيقا فاشدده على حقويك) (4)(5)و لأن ستر العورة قد حصل،فلا يجب عليه الزائد، و لأنهما ليسا من العورة،فأشبها بقية البدن.

احتج أحمد (6)بما رواه أبو هريرة،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء منه) (7).

و عن بريدة قال:نهى النبي صلى الله عليه و آله أن يصلى في لحاف و لا يتوشح به،و أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء (8).

و الجواب:انه محمول على الاستحباب،على انهما يدلان على ما لم يذهب إليه أحمد،

ص:290


1- 1الام 1:89،المجموع 3:175،المغني 1:654.
2- 2) المغني 1:675،المجموع 3:175.
3- 3) المغني 1:654،الكافي لابن قدامة 1:144،منار السبيل 1:74.
4- 4) سنن أبي داود 1:171 حديث 634.
5- 5) الحقو:موضع شد الإزار،و هو الخاصرة،ثمَّ توسعوا حتى سموا الإزار الذي يشد على العورة حقوا. المصباح المنير 1:145. [1]
6- 6) المغني 1:654،منار السبيل 1:654.
7- 7) صحيح البخاري 1:100،صحيح مسلم 1:368 حديث 516،سنن أبي داود 1:169 حديث 626، سنن البيهقي 2:238.
8- 8) سنن أبي داود 1:172 حديث 636.

لأن الأول دل على ان الساتر من الثوب و لم يشترطه أحمد،و الثاني دل على التوشح بالساتر،و أيضا:لا يشترطه أحمد،و على الرداء و لا يشترطه جماعة من أصحابه.

فروع:
الأول:

ستر المنكبين و إن لم يكن واجبا لكنه مستحب،لأن النبي صلى الله عليه و آله صلى كذلك دائما (1).

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن علي بن حديد،عن جميل قال:سأل مرازم أبا عبد الله عليه السلام و أنا حاضر معه عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به؟قال:

«يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يتردى به» (2).

الثاني:

لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح عليه مهما كان و لو حبلا استحبابا،لما رواه الجمهور،عن إبراهيم (3)،قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله إذا لم يجد أحدهم ثوبا ألقى على عاتقه عقالا و صلى (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:

سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ليس معه إلا سراويل؟قال:«يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه و يصلي»قال:«و إن كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلد السيف و يصلي قائما» (5).

ص:291


1- 1سنن أبي داود 1:169 حديث 628.
2- 2) التهذيب 2:366 حديث 1518،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 4. [1]
3- 3) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمر و بن ربيعة بن ذهل النخعي:أبو عمران الكوفي،روى عن عائشة،و عن خالية:الأسود و عبد الرحمن ابني يزيد،و مسروق،و روى عنه الأعمش و منصور و ابن عون و غيرهم.مات سنة 96 ه،و قيل:95. تهذيب التهذيب 1:177، [2]العبر 1:85. [3]
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 1:495.
5- 5) التهذيب 2:366 حديث 1519،الوسائل 3:329 الباب 53 من أبواب لباس المصلي،حديث 3. [4]

و عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا و لو حبلا» (1).

الثالث:

لا يجب ستر المنكبين إجماعا،بل يكتفي في الاستحباب عندنا،و في الوجوب عند المخالف بوضع ثوب على أحد عاتقيه و إن حكى ما تحته.

الرابع:

الأقرب الاكتفاء في الاستحباب أو الوجوب عند المخالف مهما أمكن، كالحبل و شبهه،لما رواه الجمهور،عن جابر انه صلى في ثوب واحد متوشحا.قال الراوي:كأني أنظر إليه كان على عاتقه ذنب فأرة (2).

و من طريق الخاصة:رواية ابن بابويه،عن الحسين صلوات الله عليه و آله:انه صلى في ثوب واحد ليس على منكبيه منه إلا قدر جناحي الخطاف (3).

الخامس:

لا فرق بين فرائض الصلوات و نوافلها في ذلك،لعموم الأخبار الدالة على الاستحباب.

مسألة:قد ذكرنا ان مع انكشاف العورة أو بعضها

و التمكن من الاحتراز عنه لو صلى بطلت،لأنه أخل بشرط.و به قال الشافعي (4).

و قال أبو حنيفة (5)و أحمد:لو انكشف من العورة شيء يسير لم تبطل صلاته (6)، لما روي عن عمرو بن سلمة الجرمي (7)قال:انطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله

ص:292


1- 1التهذيب 2:216 حديث 852،الوسائل 3:283 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:369 حديث 518،المغني 1:655.
3- 3) الفقيه 1:167 حديث 784،الوسائل 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 10. [2]
4- 4) الام 1:89،ميزان الكبرى 1:157،المغني 1:653.
5- 5) شرح فتح القدير 1:237،المغني 1:653،ميزان الكبرى 1:157.
6- 6) المغني 1:653،الإنصاف 1:456،ميزان الكبرى 1:157.
7- 7) عمرو بن سلمة بن قيس الجرمي:أبو بريد،أو أبو يزيد البصري، وفد أبوه على النبي(ص).و كان عمرو يصلي بقومه و هو صغير،روى عن أبيه،و روى عنه أبو قلابة الجرمي و عاصم الأحول و أبو الزبير. تهذيب التهذيب 8:42. [3]

عليه و آله في نفر من قومه فعلمهم الصلاة فقال:(يؤمكم أقرؤكم)فكنت أقرأهم، فقدموني فكنت أؤمهم و علي بردة لي صغيرة صغراء،فكنت إذا سجدت فيها(خرجت استي) (1)فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم،فاشتروا لي قميصا عمانيا، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به (2).

و الجواب:انه عمل بعض الصحابة و قد بينا انه ليس حجة.و لأنه يدل على ظهور.

عورته المغلظة،و أبو حنيفة لا يجيز هذا،بل يعتبر فيها ظهور قدر الدرهم،فيبطل الصلاة بظهور ما زاد و يعتبر في الحقيقة الربع (3)،فما يذهب إليه لا يدل الخبر عليه،و ما يدل عليه لا يقول به،فكيف يصح له الاستدلال به.

مسألة:و يستحب الجماعة للعراة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع.و به قال قتادة، و أحمد (4).

و قال أبو حنيفة (5)،و مالك (6)،و الأوزاعي:يصلون فرادى (7).و به قال الشافعي في القديم،و قال أيضا:الجماعة و الانفراد سواء (8).و قال مالك:و يتباعد بعضهم من بعض،و إن كانوا في ظلمة صلوا جماعة و يتقدمهم إمامهم (9).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله قال:(صلاة الرجل في الجمع

ص:293


1- 1في بعض المصادر:تكشفت عني.
2- 2) سنن أبي داود 1:159 حديث 585،سنن النسائي 2:80.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:197،بدائع الصنائع 1:117،الهداية للمرغيناني 1:43-44،شرح فتح القدير 1:226-227.
4- 4) المغني 1:668،الإنصاف 1:467. [1]
5- 5) المغني 1:668،المحلى 3:226.
6- 6) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:668،المحلى 3:226.
7- 7) المغني 1:668.
8- 8) الأم 1:91،المهذب للشيرازي 1:66،المجموع 3:185،المغني 1:668،المحلى 3:226.
9- 9) المدونة الكبرى 1:95،المغني 1:668،المحلى 3:226.

تفضل صلاته وحده بسبع و عشرين درجة) (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفرد بأربع و عشرين درجة تكون خمسا و عشرين صلاة» (2)و ذلك مطلق في حق العاري و المكتسي، فيتناولهما بمفهومه.و لأنه قدر على الصلاة جماعة من غير ضرر،فأشبه المستترين.

فروع:
الأول:

اختلف علماؤنا في كيفية صلاتهم جماعة مع اتفاقهم على انهم يصلون جلوسا،فالذي اختاره الشيخ ان الإمام يتقدمهم بركبتيه و يركع و يسجد بالإيماء، و المأمومون يركعون و يسجدون كالمستترين (3).

و الذي ارتضاه المفيد (4)،و السيد المرتضى:ان صلاة المأمومين كصلاة الإمام بالإيماء في الركوع و السجود (5).

احتج الشيخ بما رواه،عن إسحاق بن عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:قوم قطعت عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراة و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟فقال:«يتقدمهم إمامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيومئ إيماءا بالركوع و السجود،و هم يركعون و يسجدون خلفه على وجوههم» (6).

و ادعى ابن إدريس الإجماع (7)على ما ذهب إليه السيد المرتضى،و هو جهل

ص:294


1- 1صحيح البخاري 1:165،صحيح مسلم 1:451 حديث 250.
2- 2) التهذيب 3:25 حديث 85،الوسائل 5:370 الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة،حديث 1. [1]
3- 3) المبسوط 1:88، [2]النهاية:130.
4- 4) المقنعة:36.
5- 5) جمل العلم و العمل:80.
6- 6) التهذيب 2:365 حديث 1514،الوسائل 3:328 الباب 51 من أبواب لباس المصلي،حديث 2. [3]
7- 7) السرائر:80.

و سخف،و الأولى العمل على الرواية.

لا يقال:انه قد ثبت ان العاري مع وجود غيره يصلي بالإيماء.

لأنا نقول:إنما ثبت ذلك فيما إذا خاف من المطلع و هو مفقود ها هنا،إذ كل واحد منهم مع سمت صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي الركوع و السجود.

الثاني:

لو كان العراة نساء استحبت لهم الجماعة،و فعلوا كما يفعل الرجال عملا بالعموم.و هو اختيار علمائنا أجمع.و مذهب الشافعي (1)،و أحمد خلافا لمالك، و أصحاب الرأي (2).

الثالث:

لو كثرت الجماعة بحيث لا يسعهم الصف الواحد،فالوجه انهم يصلون صفوفا،و لكن يركعون و يسجدون بالإيماء خوفا من الاطلاع.

الرابع:

إذا اجتمع الرجال و النساء،فإن قلنا بتحريم المحاذاة لم يجمعوا جميعا،بل يصلي الرجال أولا،ثمَّ النساء.و لو قيل بجواز ذلك و تكون النساء خلف الرجال كما قلنا في الجماعة الكثيرة كان وجها،و إن قلنا بالكراهية جاز أن يقفوا صفا واحدا.

الخامس:

لو كان معهم من له ثوب صلى فيه قائما بركوع و سجود واجبا،لأنه قادر على السترة،فإن أعاره و صلى عريانا لم تصح صلاته،و إذا صلي فيه استحب (3)له أن يعيره لغيره،لأنه مساعدة على الطاعة،فيدخل تحت قوله :«وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى» (4).

و لا يجب عليه إعادته،لأنه يعود بالضرورة عليه من غير حاجة شديدة،بخلاف الطعام الفاضل عن شعبة،فإنه يجب بذله لمن يخاف تلفه،و يجب على المبذول له القبول،لإمكان الشرط،فيصلي فيه واحدا بعد واحد.

ص:295


1- 1الام 1:91،المجموع 3:186.
2- 2) المغني 1:668،الشرح الكبير بهامش المغني 1:502-503.
3- 3) «م»«ن»:أبيحت.
4- 4) المائدة:2. [1]

و لا يجوز لهم الصلاة عراة و لا الصلاة جماعة مع سعة الوقت،و يجوز مع الضيق فيؤم صاحب الثوب أو من يعيره إياه بالعراة،و لا يأتم هو بهم.

السادس:

قال الشيخ:لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه و خافوا فوات الوقت صلوا عراة و لا يجوز لهم الانتظار (1).

و قال الشافعي:يتوقعون (2)و إن خرج الوقت (3).

لنا:انه مخاطب بالصلاة في هذا الوقت،فلا يجوز له إخلاؤه عنها،و الشرط يسقط اعتباره لعدم التمكن من تحصيله في الوقت.

احتج المخالف بأنه قادر على تحصيل الشرط،فلا تصح الصلاة بدونه،كواجد الماء لا يتيمم و إن خاف فوت الوقت (4).

و الجواب:الفرق،فإن التيمم مع وجود الماء ليس بطهارة.

السابع:

لو كان صاحب الثوب أميا مع عراة قراء و امتنع من الإعارة لم يؤمهم، لأنه أمي،و لم يأتم بهم،لأنه قائم و هو قعود.

الثامن:

لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحب له أن يعير القارئ ليأتم به الأمي العاري،و يجوز له أن يعير غيره و يكون حكمه ما تقدم.

التاسع:

لو استووا استحب له أن يعيره بالقرعة،فمن خرجت له فهو أولى بالتخصيص،و كذا لو لم يكن الثوب لواحد منهم.

العاشر:

لو كان معهم نساء عراة فلصاحب الثوب أن يخصص من شاء، و يستحب له أن يخصص النساء بذلك،لأن عورتهن أفحش و آكد في الستر،و إذا صلين أخذه الرجال.

ص:296


1- 1المبسوط 1:88. [1]
2- 2) «ح»«ق»:يتوقفون.
3- 3) الام 1:91،المهذب للشيرازي 1:67.
4- 4) الشرح الكبير بهامش المغني 1:503.
الفصل الخامس في المكان،و فيه مباحث:
البحث الأول:فيما يحرم الصلاة فيه.
مسألة:أجمع كل من يحفظ عنه العلم على تحريم الصلاة في المكان المغصوب

مع العلم بالغصبية.

و قال أحمد:يجوز صلاة الجمعة خاصة في الموضع المغصوب (1).

لنا:انه تصرف في ملك الغير،و هو قبيح عقلا.

احتج أحمد بأن الجمعة تؤدي في موضع معين،فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب،فإن امتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة.

و الجواب:ان الإمام عندنا يستحيل منه وقوع الجمعة في المكان المغصوب،لأنه عدل لا يفعل القبيح.

مسألة:و ذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه.

و هو مذهب أبي علي الجبائي (2)،و ابنه أبي هاشم (3)،و أحد قولي الشافعي (4)،و إحدى الروايتين عن أحمد (5).

و قال الشافعي في موضع أخر:أنها تصح فيه و إن كانت محرمة (6).و هو مذهب أبي حنيفة،و مالك (7).

ص:297


1- 1المغني 1:758،الإنصاف 1:494،منار السبيل 1:77.
2- 2) المجموع 3:164. [1]
3- 3) المجموع 3:164،و فيه:و غيره من المعتزلة.
4- 4) المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
5- 5) المغني 1:758،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:491،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513، المجموع 3:164،منار السبيل 1:74.
6- 6) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:164،المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
7- 7) المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.

لنا:أنها صلاة منهي عنها،و النهي يدل على الفساد في العبادات.

احتج المخالف بأن النهي لا يعود إلى الصلاة،فلم يمنع صحتها،كما لو صلى و هو يرى غريقا يمكن إنقاذه فلم ينقذه،أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفه،أو مطل غريمه الذي يقدر على إيفائه و صلى (1).و لأن النهي لا يدل على الفساد كالنهي عن الوضوء في المكان المغصوب،و عن إزالة النجاسة بالماء المغصوب.

و الجواب عن الأول:ان الصلاة مركبة من أشياء من جملتها القيام و القعود و هو منهي عنهما،فكان النهي متناولا للصلاة بخلاف الحريق،لأنه ليس بمنهي عن الصلاة،بل هو مأمور بإطفائه و إنقاذ الغريق و إيفاء الدين و بالصلاة إلا ان أحدهما آكد من الآخر،و في صورة النزاع أفعال الصلاة منهي عنها،فافترق البابان.

و عن الثاني:بالفرق بين الوضوء في المكان المغصوب و الصلاة فيه،فإن الكون ليس جزءا من الوضوء و لا شرطا و هو جزء من الصلاة،و إزالة عين النجاسة ليس عبادة في نفسه ما لم يقترن بالنية،و إذا صح وقوعها غير عبادة أمكن مع العصيان بها،كما يزيل الكافر و الصبي،بخلاف الصلاة التي لا تقع إلا عبادة،فلا تصح مع النهي عنها.

فروع:
الأول:

لو كان جاهلا بالغصبية صحت صلاته إجماعا.أما لو كان عالما بالغصبية و جاهلا بالتحريم،فإنه لا يكون معذورا،و لا تصح صلاته عندنا لما مر.

الثاني:

لو كان مضطرا إلى الصلاة في المكان المغصوب بأن يكون محبوسا أو شبهه من المضطرين صلي في المكان المغصوب،لأن التحريم يزول مع الكراهية،و هل يجب عليه التأخير إلى آخر الوقت؟فيه خلاف بين علمائنا.

ص:298


1- 1المغني 1:758،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
الثالث:

قال الشيخ في المبسوط:لا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن اذن له في الصلاة (1)فيه،و هو حق،إذ تصرف الغاصب لا يصح فيه مباشرة،فلا يصح إذنه.و قد حمل بعض المتأخرين الإذن هاهنا على أنه من المالك (2)،فاستضعف لذلك قول الشيخ،و ليس جيدا.

الرابع:

لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يأخذها أو يدعي ملكيتها،و بين أن يغصب منافعها،بأن يدعي إجارتها و هو ظالم،أو يضع يده عليها للسكنى مدة.و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له،أو يغصب سفينة و يصلي فيها،أو راحلة،أو يخرج لوحا مغصوبا في سفينة و يصلي عليه،أو يصلي على بساط مغصوب و إن كانت الأرض مملوكة،الحكم في ذلك كله واحد.

مسألة:و لو أذن له المالك صحت صلاته،

سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره،بغير خلاف بين أهل العلم،لأن التحريم منوط بعدم الإذن،و قد فقد.

فروع:
الأول:

لا اعتبار بإذن غير المالك بلا خلاف.

الثاني:

لو أذن المالك على الإطلاق صح لغير الغاصب الصلاة قطعا،و في الغاصب تردد أقربه عدم انصراف الإذن إليه عملا بشاهد الحال.

الثالث:

لو أذن له في الصلاة فيه صح قطعا،و كذا لو أذن له بالكون فيه،إذ الظاهر انه حينئذ لا يكره الصلاة فيه،و كذا لو أذن في التصرف فيه،لأن الصلاة نوع تصرف.

الرابع:

لو دخل ملك غيره بغير إذنه،و علم بشاهد الحال أن المالك لا يكره

ص:299


1- 1المبسوط 1:84. [1]
2- 2) المحقق في المعتبر 2:109. [2]

الصلاة فيه،جاز له أن يصلي،لأنه مأذون فيه عادة.

و على هذا تجوز الصلاة في البساتين،و الصحاري و إن لم يعرف أربابها،لأن الإذن معلوم بإعادة،إلا أن يعرف كراهية المالك.

الخامس:

لو دخل في ملك غيره،فأمره بالخروج عنه وجب،ثمَّ إن كان الوقت واسعا لم يصل فيه،لأنه يكون غاصبا،و إن ضاق صلى و هو خارج،لأنه يكون جامعا بين الواجبين و هو أولى.و لا اعتبار في ذلك بالقبلة و يومئ في الركوع و السجود و هو آخذ في الخروج.

السادس:

قال أبو هاشم:لو توسط أرضا مغصوبة و هو آخذ في الخروج كان عاصيا بالكون المطلق،فيعصي حينئذ بالخروج،لأنه يتصرف بالكون فيه و باللبث، لأنه تصرف أيضا.فعلى هذا القول لا يجوز له الصلاة و هو آخذ في الخروج،سواء تضيق الوقت أولا،لكن هذا القول عندنا باطل،لأنه يلزم منه التكليف بما لا يطاق، إذ من القبيح أن ينهى الحكيم عن فعل الضدين إذا لم يخل المكلف منهما،كما انه يستحيل منه التكليف بالجمع بين الضدين،و أبو هاشم في هذا المقام عن التحقيق بمعزل.

مسألة:و يشترط في المكان أن يكون خاليا من نجاسة متعدية

إلى ثوب المصلي أو بدنه،ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأن طهارة الثوب و البدن شرط في الصلاة،و مع النجاسة المتعدية يفقد الشرط.

أما إذا لم يتعد النجاسة،فإنه لا يشترط طهارته إلا في موضع معين من الأعضاء و هو موضع السجود على ما يأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى.

و قال الشافعي:يجب أن يكون جميع مصلاه طاهرا حتى انه إذا صلى لم يقع ثوبه على شيء منها،رطبة كانت أو يابسة،فإن وقعت ثيابه على شيء منها بطلت صلاته (1).

ص:300


1- 1المجموع 3:151،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34.

و قال أبو حنيفة:الاعتبار بموضع قدميه،فإن كان موضعهما نجسا لم تصح صلاته و إن كان ما عداه طاهرا.

و أما موضع السجود ففيه روايتان:روى محمد انه يجب أن يكون موضع السجود طاهرا.و روى أبو يوسف انه لا يحتاج إليه،لأنه إنما يسجد على قدر الدرهم،و قدر الدرهم من النجاسة لا يمنع من صحة الصلاة (1).

لنا:الأصل الجواز و عدم التكليف.

و يؤيده:ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد قال:بينا رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره،فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و آله صلاته،قال:(ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟)قالوا:رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا،قال:(ان جبرئيل عليه السلام أتاني فأخبرني أنهما كانتا قذرتين) (2)و لو كانت طهارة موضع القدمين شرطا مع العلم لكانت شرطا مع عدمه كالطهارة.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن الشاذكونة يكون عليها الجنابة،أ يصلي عليها في المحمل؟فقال:«لا بأس» (3).

و عن محمد بن أبي عمير،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي على الشاذكونة و قد أصابتها الجنابة؟فقال:«لا بأس» (4).

لا يقال:يعارض هذا ما رواه الشيخ في الموثق،عن عبد الله بن بكير،قال:

ص:301


1- 1المبسوط للسرخسي 1:204،شرح فتح القدير 1:168-169،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34.
2- 2) سنن أبي داود 1:175،مسند أحمد 3:92، [1]نيل الأوطار 2:121 حديث 3.
3- 3) التهذيب 2:369 حديث 1537،الاستبصار 1:393 حديث 1499،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 2:370 حديث 1538،الاستبصار 1:393 حديث 1500،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 4. [3]

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أ يصلي عليها؟فقال:

«لا» (1).

لأنا نقول:ان عبد الله بن بكير فطحي،فلا تعويل على ما ينفرد به.و أيضا:يحمل على الاستحباب.

احتج (2)المخالف بما رواه[ابن] (3)عمر ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:

(سبعة مواطن لا يجوز فيها الصلاة:المجزرة،و المزبلة،و المقبرة،و معاطن الإبل، و الحمام،و قارعة الطريق،و فوق بين الله العتيق) (4).فذكر المجزرة و المزبلة يدل على ان المنع فيهما لأجل النجاسة،فكانت الطهارة مشترطة.

و الجواب بعد سلامة النقل عن الطعن:ان المراد هاهنا الكراهية،إذ هي مراده في حق الحمام،و معاطن الإبل،و قارعة الطريق على ما ذهبوا إليه،فيكون كذلك في الباقي،إذ يستحيل إرادة الحقيقة و المجاز من لفظ واحد،أو المعان المتكثرة من المشترك.

فروع:
الأول:

البساط كالأرض في انه متى كان نجسا نجاسة لا تتعدى إليه صحت الصلاة عليه.خلافا للجمهور (5)،سواء كان ما يلاقي بدنه طاهرا أو نجسا.

و قال الشافعي:إن كان الملاقي له طاهرا صحت صلاته إذا لم تلاق ثيابه شيئا من مواضع النجاسة و إلا فسدت (6).

ص:302


1- 1التهذيب 2:369 حديث 1536،الاستبصار 1:393 حديث 1501،الوسائل 2:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:754.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 247 حديث 747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،نيل الأوطار 2:142 حديث 8(بتفاوت يسير).
5- 5) المغني 1:752،الشرح الكبير بهامش المغني 1:511.
6- 6) الام(مختصر المزني)8:19،مغني المحتاج 1:190،المجموع 3:152.

لنا:ما تقدم.و لا فرق بين أن يتحرك موضع النجاسة من البساط بصلاته عليه بأن يكون على سرير أو لا يتحرك.و به قال الشافعي أيضا (1).و قال أبو حنيفة:إن تحرك النجس بحركته بطلت صلاته و إلا فلا (2).

لنا:انه بتحركه لا يصير حاملا له،فلا تبطل صلاته،و لا ملاقيا له فلا تبطل صلاته عندهم.

الثاني:

لو كان الموضع نجسا فبسط عليه شيئا طاهرا و صلي صحت صلاته عندنا،و هو طاهر،و عندهم (3)،لأنه غير مباشر للنجاسة و لا حامل لما هو متصل بها.

الثالث:

لو صلى على مصلي مبطن على بطانته نجاسة فقام على ظاهره الطاهر صحت صلاته عندنا و عند محمد،خلافا لأبي يوسف.

لنا:ما تقدم،و لأنه لم يستعمل النجاسة،لأنها على البطانة لا على الطهارة.

احتج أبو يوسف بأنه ثوب واحد معنى و عرفا،فصار مستعملا لكله.

و الجواب:المنع من الوحدة،و معها يمنع استعماله بأسره،و معه يمنع البطلان لما بيناه أولا.

الرابع:

لو صلى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب،صحت صلاته،لأنه ليس حاملا للكلب.و كذا لو شد طرف الحبل في وسطه،أو أمسكه بيده،خلافا للشافعي،فإنه قال:تبطل صلاته إن كان الكلب ميتا،و ان كان حيا فإنها تبطل أيضا.و فيه وجه آخر عنده و هو الصحة (4)،لأن له اختيارا فليس بحامل له.

و هذا كله عندنا ضعيف،لأن الحمل للملاصق ليس حملا للنجاسة.

و كذا لو كان الحبل مشدودا في زورق فيها نجاسة سواء كان الحبل تحت قدمه،أو

ص:303


1- 1المجموع 3:152،فتح العزيز بهامش المجموع 4:34-35.
2- 2) راجع نفس المصادر.
3- 3) المغني 1:759،الإنصاف 1:484،المهذب للشيرازي 1:62،فتح العزيز بهامش المجموع 4:35.
4- 4) المجموع 3:148،فتح العزيز بهامش المجموع 4:25.

مشدودا في وسطه،أو كان في يده،و سواء كان طرفه الآخر مشدودا في موضع نجس من السفينة،أو طاهر لا فرق بين ذلك كله عندنا.

الخامس:

البارية و الحصير و الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول و جففته الشمس جازت الصلاة عليه إجماعا و يكون طاهرا.خلافا لبعض المتأخرين من أصحابنا (1).

لنا:ان جواز الصلاة عليه يستلزم تطهيره.

و ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن زرارة انه سأل أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلي فيه؟فقال:«إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر» (2).

مسألة:و في تحريم الصلاة الفريضة في جوف الكعبة خلاف بين علمائنا،

ذكرناه في باب القبلة (3).

مسألة:و في تحريم الصلاة إلى جانب المرأة المصلية أو خلفها قولان:

أحدهما:الثبوت.ذكره الشيخان (4).

و الآخر:الكراهية.و اختاره السيد المرتضى رحمه الله (5).و هو قول الشافعي (6)،و أحمد.

و قال أبو حنيفة:إن اشتركا في الصلاة بطلت صلاة من إلى جانبيها و الاشتراك عنده أن ينوي الإمام إمامتها،قال:فإن وقفت بين رجلين حينئذ و ليس الإمام أحدهما بطلت صلاة من إلى جنبيها خاصة،و لا تبطل صلاة من إلى جانب جانبيها لأنهما

ص:304


1- 1المعتبر 1:446. [1]
2- 2) الفقيه 1:157 حديث 732،الوسائل 2:1042 الباب 29 من أبواب النجاسات،حديث 1. [2]
3- 3) راجع ص 164.
4- 4) المفيد في المقنعة:25،و الطوسي في المبسوط 1:86،و النهاية:100. [3]
5- 5) نقله عنه في المعتبر 2:110. [4]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:183.

حجباهما عنها،و إن صلت إلى جانب الإمام بطلت صلاة الجميع،لأن بطلان صلاة الإمام عنده يستلزم بطلان صلاة المأمومين (1).

لنا:على عدم التحريم ان الأمر مطلق بالصلاة،فالتقييد ينافيه،و الأصل عدمه.

و على الكراهية:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة و امرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى؟قال:«لا ينبغي ذلك،و إن كان بينهما شبر أجزأه،يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر» (2).

و في الموثق،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل و المرأة يصليان جميعا في بيت واحد،المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟قال:«لا،حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه» (3).

و عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي و المرأة تصلي بحذاه؟قال:«لا بأس» (4)و لأنها لو وقفت في غير صلاة لم تبطل صلاة الرجل،فكذا لو وقفت في الصلاة.و لأن المحاذاة لا توجب فساد صلاة المرأة،فلا توجب فساد صلاة الرجل.و هذا يخص أبا حنيفة،و لأن فساد الصلاة بترك أركانها،أو بوجود ما يناقضها،و لم يوجد من الرجل شيء من ذلك.و لأنه كان يلزم انه كلما أرادت المرأة إفساد صلاة الرجل وقفت إلى جانبه أو بين يديه و صلت،و ذلك ضرر عظيم و حرج

ص:305


1- 1المبسوط للسرخسي 1:183،بدائع الصنائع 1:159،الهداية للمرغيناني 1:57،شرح فتح القدير 1: 313.
2- 2) التهذيب 2:230 حديث 905،الاستبصار 1:398 حديث 1520،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
3- 3) التهذيب 2:230 حديث 908،الاستبصار 1:399 حديث 1523،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]
4- 4) التهذيب 2:232 حديث 912،الاستبصار 1:400 حديث 1527،الوسائل 3:428 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [3]

كثير.و لأن ذلك لا يبطل صلاة الجنازة،فكذا غيرها.

احتج الشيخ بإجماع الفرقة على البطلان (1)،و بأن شغل الذمة بالصلاة متيقن، و مع الصلاة إلى جانب المرأة لا يحصل يقين البراءة،و برواية أبي بصير و قد تقدمت.

و بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،انه سئل عن الرجل [يستقيم] (2)له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟قال:«لا يصلي حتى يجعل بينه و بينها أكثر من عشرة أذرع،و إن كانت عن يمينه أو يساره جعل بينه و بينها مثل ذلك، فإن كانت تصلي خلفه فلا بأس،و إن كانت تصيب ثوبه،و إن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت» (3).

و بما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله،انه قال:(أخرهن من حيث أخرهن الله)فأمر بتأخيرهن،فمن خالف ذلك وجب أن يبطل صلاته،و بهذا احتج أبو حنيفة (4).و بأنه أخطأ الموقف،إذ موقفه متقدم على موقفها فتبطل صلاته،كما لو أخطأ الموقف في الإمام فصلى قدام إمامه.

و الجواب عن الأول:منع الإجماع مع وجود الخلاف.

و عن الثاني:ان البراءة المتيقنة إنما تكون بفعل ما أمر به قطعا من الأركان و الأفعال الواجبة،و نحن نقول بحصولها منه.

و عن الثالث:ان رواية أبي بصير مع سلامة سندها لا تدل على التحريم.

و أيضا:فإنه قدر فيها البعد بينهما بشبر أو ذراع،و الشيخ لا يقول به.

و عن الرابع:بضعف سندها،فإن رواتها فطحية.و أيضا:فنحملها على الكراهية

ص:306


1- 1الخلاف 1:210 مسألة 10.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:231 حديث 911،الاستبصار 1:399 حديث 1526،الوسائل 3:430 الباب 7 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:184،شرح فتح القدير 1:313.

جمعا بين الأدلة.

و عن الخامس:انه غير منقول من طرقنا،فلا تعويل عليه،و لا يصح احتجاج أبي حنيفة به،لأنه إذا وجب عليه أن يؤخرها وجب عليها أن تتأخر،و لا فرق بينهما بل الأولى أن يقول ان المنهي إنما هو المرأة عن التقدم،فإذا لم تبطل صلاتها بفعل ما نهيت عنه،فالأولى أن لا تبطل صلاة من يليها.و قياس أبي حنيفة باطل،لأن المأموم إذا تقدم الإمام كان واقفا في غير موقف المأموم بحال،و هاهنا وقف موقف المأموم بحال فلم يبطل الصلاة.و أيضا:عدم التقدم هناك لمعنى مفقود هنا و هو التطلع على أحوال الإمام ليتابع.

فروع:
الأول:

لو كانت قدامه قائمة،أو نائمة،أو جالسة،أو على أي حال كان و هي غير مصلية،لم تبطل الصلاة إجماعا.

الثاني:

لو صلت قدامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما حائل أو بعد عشرة أذرع فما زاد لم تبطل صلاة واحد منهما إجماعا.و كذا لو صلت متأخرة عنه و لو بشبر أو بقدر مسقط الجسد.

الثالث:

لو كانا في موضع لا يمكن التباعد،صلى الرجل أولا،ثمَّ المرأة استحبابا عندنا،و عند الشيخ وجوبا (1).

روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا؟فقال:«لا،و لكن يصلي الرجل،فإذا فرغ صلت المرأة» (2).

ص:307


1- 1النهاية:101.
2- 2) التهذيب 2:231 حديث 907،الاستبصار 1:399 حديث 1522،الوسائل 3:427 الباب 5 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [1]

و لو عكس ذلك فصلت المرأة أولا،ثمَّ الرجل صحت صلاتهما إجماعا.

الرابع:

قال الشيخ في المبسوط:لو صلت خلف الإمام بطلت صلاة من إلى جانبيها،و من يحاذيها،و من إلى خلفها دون غيرهم (1).

و لو صلت إلى جنبه بطلت صلاتهما و صلاة الامام،و لا تبطل صلاة المأمومين.

و يلزم على مذهبه بطلان صلاة من يحاذيها من ورائها.

الخامس:روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأة بحياله تصلي معه و هي تحسب انها العصر،هل يفسد ذلك على القوم؟و ما حال المرأة في صلاتها معهم و قد كانت صلت الظهر؟قال:«لا يفسد ذلك على القوم و تعيد المرأة الصلاة» (2).و وجه هذه الرواية ان المرأة منهية عن هذا الموقف فيختص الفساد بها،لكنا لما بينا (3)ان ذلك مكروه،حملنا ذلك الأمر على الاستحباب.

البحث الثاني:فيما تجوز الصلاة فيه من المكان
مسألة:الأمكنة على خمسة أضرب.

منها:ما تحرم الصلاة فيه،و قد (4)تقدم.

و منها:ما تكره الصلاة فيه.

ص:308


1- 1المبسوط 1:86. [1]
2- 2) التهذيب 2:232 حديث 913،و 379 حديث 1583،الوسائل 3:432 الباب 9 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
3- 3) راجع ص 306.
4- 4) تقدم في ص 297. [3]

و منها:ما تجب الصلاة فيه و هو موضع واحد لصلاة واحدة،و هي ركعتا الطواف في المقام على ما يأتي،و يلحق به الصلاة المنذورة في المواضع المعينة بالنذر.

و منها:ما تستحب الصلاة فيه و هو المساجد و مواطن العبادات.

و منها:ما تجوز الصلاة فيه،و هو ما عدا ما ذكرناه،قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي:جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و نصرت بالرعب،و أحل لي المغنم،و أعطيت جوامع الكلم،و أعطيت الشفاعة» (1)فتجوز الصلاة في المواضع كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة فيها.

مسألة:و لا خلاف بين أهل العلم في ان المكتوبة في المسجد أفضل

إلا في الكعبة،لما ثبت عن الرسول صلى الله عليه و آله من المواظبة على ذلك و حثه على الصلاة في مسجده مع الجماعة.

روى الشيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«هم رسول الله صلى الله عليه و آله بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم و لا يصلون الجماعة،فأتاه رجل أعمى فقال:يا رسول الله اني ضرير البصر و ربما أسمع النداء و لا أجد من يقودني إلى الجماعة و الصلاة معك؟فقال له النبي صلى الله عليه و آله:شد من منزلك إلى المسجد حبلا و احضر الجماعة» (2)و لأنه موضع العبادة،فكان إيقاعها فيه أولى.

ص:309


1- 1الفقيه 1:155 حديث 724،الخصال:292 حديث 56،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التيمم،حديث 4،و [1]ج 3:422 الباب 1 من أبواب مكان المصلي،حديث 2.و من طريق العامة، انظر: صحيح البخاري 1:91،صحيح مسلم 1:370 حديث 521،سنن النسائي 1:209،سنن الدارمي 1:322. [2]
2- 2) التهذيب 3:266 حديث 753،الوسائل 5:377 الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة،حديث 9. [3]

و قد روي في ذلك شيء كثير (1)يأتي بعضه إن شاء الله تعالى.

أما النافلة،فذهب علماؤنا إلى أن إيقاعها في المنزل أفضل،لأن إيقاعها في حال الاستتار يكون أبلغ في الإخلاص،كما في قوله تعالى :«إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» (2).

و روى زيد بن ثابت،قال:جاء رجال يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله،فخرج مغضبا و أمرهم أن يصلوا النوافل في بيوتهم (3).

و روى زيد بن ثابت،عنه عليه السلام،قال:(أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) (4).و لأن المقتضي للاستحباب فعل الفريضة في المسجد و هو الجماعة مفقود في النوافل،فلا يكون فعلها فيه مستحبا،و خصوصا نافلة الليل.قاله الشيخ (5).

مسألة:تكره الصلاة في الحمام.

ذهب إليه أكثر علمائنا (6).و هو مذهب الشافعي (7).

و قال أبو الصلاح من علمائنا:لا تجوز الصلاة فيه (8).و هو مذهب أحمد (9).

لنا على الجواز:ما رواه الجمهور و الخاصة من قوله عليه السلام:(جعلت لي

ص:310


1- 1الوسائل 5 الباب 1،2 من أبواب صلاة الجماعة. [1]
2- 2) البقرة:271. [2]
3- 3) صحيح البخاري 8:34،صحيح مسلم 1:539 حديث 781،سنن أبي داود 2:69 حديث 1447، مسند أحمد 5:187.
4- 4) صحيح البخاري 8:34،صحيح مسلم 1:539 حديث 781،سنن أبي داود 2:69 حديث 1447، [3]مسند أحمد 5:187. [4]
5- 5) المبسوط 1:162.
6- 6) منهم:الشيخ الطوسي في المبسوط 1:85،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن البراج في المهذب 1:75.
7- 7) الام 1:92،المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:57.
8- 8) الكافي في الفقه:141.
9- 9) المغني 1:753،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512، المحلى 4:32،نيل الأوطار 2:137.

الأرض مسجدا) (1)و هو يدل بإطلاقه على صورة النزاع.

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام،عن الصلاة في بيت الحمام؟قال:«إذا كان موضعا نظيفا فلا بأس» (2)و لأنه محل طاهر،فصحت الصلاة فيه كغيره.

و ما رواه ابن بابويه،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،عن الصلاة في بيت الحمام،فقال:«إن كان الموضع نظيفا فلا بأس» (3).

احتج أبو الصلاح بما رواه عبد الله بن الفضل (4)،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«عشرة مواضع لا يصلى فيها:الطين،و الماء،و الحمام،و القبور، و مسان الطريق،و قرى النمل،و معاطن الإبل،و مجرى الماء،و السبخ،و الثلج» (5)و النهي يدل على التحريم.

ص:311


1- 1الفقيه 1:155 حديث 724،الخصال:292 حديث 56،الوسائل 2:970 الباب 7 من أبواب التيمم،حديث 4 و [1]ج 3:422 الباب 1 من أبواب مكان المصلي،حديث 2.و من طريق العامة،انظر: صحيح البخاري 1:91،119،صحيح مسلم 1:370 حديث 521،سنن ابن ماجه 1:187 حديث 567،سنن أبي داود 1:132 حديث 489،سنن الترمذي 2:131،ذيل حديث 317،سنن النسائي 1: 209،سنن الدارمي 1:322.
2- 2) التهذيب 2:374 حديث 1554،الاستبصار 1:395 حديث 1505،الوسائل 3:466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
3- 3) الفقيه 1:156 حديث 727،الوسائل 3:466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) عبد الله بن الفضل بن ببة بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب:أبو محمد النوفلي الهاشمي، روى عن أبي عبد الله ثقة.قاله النجاشي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،إلا أنه حذف كلمة(ابن)بين عبد الله و بين ببة،و قال المحقق الأردبيلي و المحقق الخوئي باتحاده مع عبد الله بن الفضل الهاشمي الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). رجال النجاشي:223،رجال الطوسي:222،رجال العلامة:111، [4]جامع الرواة 1:499، [5]معجم رجال الحديث 10:289. [6]
5- 5) الكافي 3:390 حديث 12، [7]التهذيب 2:219 حديث 863،الاستبصار 1:394 حديث 1504، الوسائل 3:441 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 6،7. [8]

و احتج أحمد (1)بما رواه أبو داود،عن النبي صلى الله عليه و آله بإسناده،قال:

(الأرض كلها مسجد إلا الحمام،و المقبرة) (2).

و الجواب عن الأول:ان المراد الكراهية.على ان سنده ضعيف.

و عن الثاني بعد تسليم النقل:انه يحتمل الاستثناء الكراهية،و يجوز استثناء مثلها من الجائز لزيادتها في المعنى عليه.

فروع:
الأول:

لو صلى في الحمام صحت صلاته و هو ظاهر على قولنا.قال أبو الصلاح:و في صحة الصلاة (3)نظر،و وجهه انه قد نهي عن الصلاة فيه،و النهي يدل على الفساد.

و جوابه:انه إنما يدل على الفساد لو كان النهي نهي تحريم،أما نهي الكراهة فلا.

و هاهنا سؤال صعب،و هو أن يقال:ان الصلاة في مثل هذا المكان و إن كانت مكروهة لو أجزأت لزم اجتماع الضدين،أعني الكراهة و الوجوب في الفعل الواحد كما قلنا في الصلاة في المكان المغصوب (4)،و لا يلتفت إلى من يعتذر بأن النهي في المكان المغصوب للتحريم،و هاهنا للكراهة،لأنه لا فرق بينهما في مضادة الوجوب.

بل الجواب أن نقول (5):قد وقع الاتفاق على صحة هذه الصلاة،فيجب صرف النهي إلى وصف منفك عنها،ككونه محلا للنجاسات و الأوساخ غالبا،أو كونه مأوى

ص:312


1- 1المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139، [1]نيل الأوطار 2: 136.
2- 2) سنن أبي داود 1:132 حديث 492.
3- 3) الكافي في الفقه:141.
4- 4) راجع ص 298 و ما بعدها. [2]
5- 5) «ح»:يقال.

الشيطان على ما قيل (1)،و هو منفك عن الصلاة بخلاف الصلاة في المكان المغصوب، فإنه نهي عنه لكونه تصرفا و هو جزء من الصلاة.

الثاني:

لا بأس بالصلاة في المسلخ و ليس مكروها.و قال بعض الجمهور:إن عللت الكراهة في الحمام بالنجاسة خرج المسلخ،و إن عللت بكونه مأوى الشيطان لكشف عورات الناس فيه فالمسلخ داخل في الكراهية،لأن العورات تكشف في المسلخ (2).

و لنا:ان النهي اختص بالحمام،فيتبع الاشتقاق.

الثالث:

لا بأس بالصلاة على سطح الحمام،لأن النهي يتناول الحمام،فيقتصر عليه.

و أيضا:إن كان النهي تعبدا اقتصر على مورده،و إن كان لمعنى فليس إلا ما ذكرنا (3)من الأمرين،و هما منتفيان على السطح.

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة عليه،و كذا قال في المسلخ،لأن الهواء تابع للقرار، فيثبت فيه حكمه،فإنه لو حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث (4).

و الجواب:المنع من ذلك.و سيأتي عدم الحنث.

الرابع:

لو كان الموضع الذي يصلي فيه من الحمام نجسا و علمه لم تصح صلاته فيه قولا واحدا.و لو كان طاهرا صحت صلاته على قول الأكثر (5).و لو شك في طهارته و نجاسته عمل على الأصل.

مسألة:و تكره الصلاة في المقابر.

ذهب إليه علماؤنا،و به قال علي عليه

ص:313


1- 1المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:162،نيل الأوطار 2:137.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
3- 3) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
4- 4) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
5- 5) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،المدونة الكبرى 1:90،المهذب للشيرازي 1: 63،بدائع الصنائع 1:115.

السلام،و ابن عباس،و ابن عمر،و عطاء،و النخعي،و ابن المنذر (1).

و قال الشافعي:إن علم انه قد تكرر الدفن في القبر و نبش لم يجز الصلاة عليه (2)، و لو صلى بطلت،و إن كان جديدا لم ينبش كرهت الصلاة عليه،و إن لم يعلم هل تكرر الدفن فيه أم لا؟ففي صحة الصلاة عليه أو إلى جنبه قولان:قال في الأم:لا يجوز (3)،و قال في الإملاء:يجوز (4).

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة مطلقا (5).

لنا:على الجواز قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (6)و هو يدل بمفهوم إطلاقه على صورة النزاع.

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معمر بن خلاد،عن الرضا عليه السلام،قال:

«لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة» (7).

و ما رواه في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟قال:«لا بأس» (8)و لأنها أرض طاهرة، فصحت الصلاة فيها كغيرها.

ص:314


1- 1المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،المجموع 3:158.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:158.
3- 3) الام 1:92.
4- 4) المجموع 3:158.
5- 5) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489، المحلى 4:32،المجموع 3:158،نيل الأوطار 2:136.
6- 6) تقدم في ص 310.
7- 7) التهذيب 2:228 حديث 897،الاستبصار 1:397 حديث 1514،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
8- 8) التهذيب 2:374 حديث 1555،الاستبصار 1:397 حديث 1515،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]

و على الكراهية:حديث عبد الله بن الفضل،و قد تقدم (1).

و ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل يصلي بين القبور؟قال:«لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه و بين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه،و عشرة أذرع من خلفه و عشرة أذرع عن يمينه،و عشرة أذرع عن يساره،ثمَّ يصلي إن شاء» (2).

احتج الشافعي بأنها مع تطاول المدة يكثر الدفن فيها،فلا ينفك عن صديد الميت و أجزائه و هي نجسة (3).

و احتج أحمد (4)بما رواه أبو سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:

(الأرض كلها مسجد إلا المقبرة،و الحمام) (5).

و الجواب عن الأول:انا نقطع بالطهارة بالأصل،فلا يزول بتوهم مخالطة أجزاء الميت للتراب.و لو سلم لكنا قد بينا أن طهارة الموضع ليس شرطا (6).

و عن الثاني:انه محمول على الكراهية.

فروع:
الأول:

لا فرق بين المقبرة الجديدة و العتيقة في كراهية الصلاة و إجزائها،و قد

ص:315


1- 1تقدم في ص 311. [1]
2- 2) التهذيب 2:227 حديث 896،الاستبصار 1:397 حديث 1513،الوسائل 3:453،الباب 25 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [2]
3- 3) الام 1:92،المهذب للشيرازي 1:63.
4- 4) المغني 1:753،الشرح الكبير [3]بهامش المغني 1:512.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 745،سنن أبي داود 1:132 حديث 492،سنن الترمذي 2:131 حديث 317،مسند أحمد 3:83،96، [4]سنن الدارمي 1:323، [5]كنز العمال 7:343 حديث 19187.
6- 6) تقدم في ص 300.

فرق الشافعي بينهما،و قد ذكرناه،و أحمد لم يفرق بينهما في البطلان (1).و نقل الشيخ، عن بعض علمائنا مثل مذهب أحمد (2)،لرواية عمار.و دليلنا ما تقدم.

الثاني:

لو كان في الموضع قبر أو قبران لم يكن بالصلاة فيها بأس إذا تباعد عن القبر بنحو من عشرة أذرع،أو جعل بينه و بين القبر حائلا بلا خلاف.

أما عندنا فظاهر،و أما عند أهل الظاهر فلأنها بالواحد و الاثنين لا يسمى مقبرة (3)،فلا يتناولها النهي.

الثالث:

لو نقلت القبور منها إلى موضع آخر جازت الصلاة فيها،و هو عندنا ظاهر،و عند أهل الظاهر (4)،لأنها خرجت عن اسم المقبرة،و لأن مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله كانت فيه قبور المشركين فنبشت (5)،رواه الجمهور.

الرابع:

لو بني مسجد في المقبرة لم تزل الكراهية،لأنها لم تخرج بذلك عن الاسم.

الخامس:

تكره الصلاة إلى القبور،و أن يتخذ القبر مسجدا يسجد (6)عليه.و قال ابن بابويه:لا يجوز فيهما (7).و هو قول بعض الجمهور (8).

ص:316


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:491، نيل الأوطار 2:136.
2- 2) الخلاف 1:186 مسألة 237.
3- 3) نيل الأوطار 2:136.
4- 4) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
5- 5) صحيح البخاري 1:117،و ج 3:26،و ج 5:86،صحيح مسلم 1:373 حديث 524،سنن ابن ماجه 1:245 حديث 742،سنن أبي داود 1:123 حديث 453،سنن النسائي 3:40،مسند أحمد 3:123،212، [1]نيل الأوطار 2:152 حديث 3.
6- 6) «م»:ليسجد.
7- 7) الفقيه 1:156.
8- 8) المغني 1:753، [2]الشرح الكبير بهامش المغني 1:512، [3]المجموع 3:158،الكافي لابن قدامة 1:139، الإنصاف 1:489،المحلى 4:32،نيل الأوطار 2:136.

لنا على الجواز:الأصل،و ما رواه الجمهور،عن أبي ذر،قال:قلت:يا رسول الله،أي مسجد وضع في الأرض أول؟قال:(المسجد الحرام)قلت:ثمَّ أي؟قال:

(المسجد الأقصى)قلت:كم بينهما؟و قال:(أربعون سنة)و قال:(و حيثما أدركت فصل) (1).

و في حديث حذيفة عنه عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا) (2)و لم يستثن.

و على الكراهية:ما رواه الجمهور،عن أبي مرثد الغنوي (3)أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(لا تصلوا إلى القبور و لا تجلسوا إليها) (4)(5).

و عن علي عليه السلام،قال:(نهاني حبيبي أن أصلي في مقبرة،أو في أرض بابل،فإنها أرض ملعونة) (6).

و عن عائشة و عبد الله بن عباس،قالا:لما حضرت رسول الله صلى الله عليه و آله الوفاة كشف وجهه و قال:(لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (7).

و عنه عليه السلام،انه قال:«ان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم

ص:317


1- 1صحيح البخاري 4:197،صحيح مسلم 1:370 حديث 520،سنن ابن ماجه 1:248 حديث 753، سنن النسائي 2:32،مسند أحمد 5:150،156،157،160،166. [1]
2- 2) صحيح مسلم 1:371 حديث 522 بتفاوت يسير.
3- 3) كناز بن الحصين بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن سعد.أبو مرثد الغنوي،حليف حمزة بن عبد المطلب، شهد بدرا،روى عن النبي(ص)و روى عنه واثلة بن الأسقع. أسد الغابة 5:294، [2]تهذيب التهذيب 8:448. [3]
4- 4) في المصدر:عليها.
5- 5) صحيح مسلم 2:668 حديث 972،سنن أبي داود 3:217 حديث 3229، [4]سنن الترمذي 3:367. حديث 1050-1051،سنن النسائي 2:67،مسند أحمد 4:135، [5]نيل الأوطار 2:137 حديث 4.
6- 6) سنن أبي داود 1:132 حديث 490.
7- 7) صحيح البخاري 1:116،و ج 2:111،128،صحيح مسلم 1:377 حديث 531،سنن أبي داود 3: 216 حديث 3227، [6]الموطأ 1:172 حديث 85، [7]سنن النسائي 2:40،سنن الدارمي 1:326. [8]

و صلحائهم مساجد،ألا فلا تتخذوا القبور مساجد اني أنها كم عن ذلك) (1).

و احتج المانع بهذه الأحاديث و بحديث عمار و معمر بن خلاد،و قد تقدما (2).

و الجواب:ان ذلك محمول على الكراهية،إذ القصد بذلك النهي عن التشبه بمن تقدمنا في تعظيم القبور،بحيث يتخذ مساجد،و من صلى لا لذلك لم يكن قد فعل محرما،إذ لا يلزم من المساواة التحريم،كالسجود لله تعالى المساوي للسجود للصنم في الصورة.

السادس:

قال الشيخ:قد رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة عليهم السلام (3).و الأصل الكراهية،و الرواية رواها الشيخ،عن محمد بن عبد الله الحميري (4)،قال:كتبت إلى الفقيه عليه السلام،أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟و هل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟فأجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت:«أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة،بل يضع خده الأيمن على القبر،و أما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام و لا يجوز أن يصلي بين يديه،لأن الإمام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله» (5).

ص:318


1- 1صحيح مسلم 1:379 حديث 532،كنز العمال 7:344-345 حديث 19193-19195،نيل الأوطار 2:139 حديث 6.
2- 2) تقدما في ص 314-315.
3- 3) النهاية:99، [1]المبسوط 1:85. [2]
4- 4) محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جعفر بن جامع بن مالك الحميري:أبو جعفر القمي،كان ثقة وجها كاتب صاحب الأمر(عج)و سأله مسائل،عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم ثلاث مرات، و قال في الفهرست:له مصنفات،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:354،رجال الطوسي:494،507،513،الفهرست:156، [3]رجال العلامة:157. [4]
5- 5) التهذيب 2:228 حديث 898،الوسائل 3:454 الباب 26 من أبواب مكان المصلي،حديث 1،2. [5]

و اعلم انّ المراد بقوله:(لا يجوز أن يجعله خلفه)الكراهية لا التّحريم،و يفهم من ذلك كراهية الاستدبار له في غير الصّلاة.

السّابع:

لو كان بينه و بين القبر حائل أو بعد عشرة أذرع لم يكن بالصّلاة إليه بأس،أمّا مع الحائل فلأنّ القبر يخرج عن كونه قبلة،و لأنّه كان يلزم الكراهية و لو كان بينهما جدران متعدّدة.و أمّا البعد فلرواية عمّار (1).

مسألة:و تكره الصّلاة في معاطن الإبل.

ذهب إليه أكثر علمائنا (2)،و به قال الشّافعيّ (3)،و أبو حنيفة (4)،و مالك (5).

و قال:أبو الصّلاح من علمائنا:لا تجوز الصّلاة فيها (6).و هو مذهب أهل الظّاهر (7).

لنا على الجواز:ما تقدّم من الأحاديث الدّالّة على كون الأرض مسجد إلاّ ما أخرجناه (8).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ في الموثّق،عن سماعة،قال:سألته عن الصّلاة في أعطان الإبل،و في مرابض البقر و الغنم؟فقال:«إن نضحته بالماء و قد كان يابسا فلا بأس بالصّلاة فيها،فأمّا مرابض الخيل و البغال فلا» (9)و لأنّها أرض طاهرة

ص:319


1- 1التّهذيب 2:227 حديث 896،الاستبصار 1:397 حديث 1513،الوسائل 3:453 الباب 25 من أبواب مكان المصلّي،حديث 5.
2- 2) منهم:الطّوسيّ في المبسوط 1:85،و [1]سلاّر في المراسم:65،و ابن البرّاج في المهذّب 1:75.
3- 3) الامّ 1:93،المهذّب للشّيرازيّ 1:63،المجموع 3:161.
4- 4) المبسوط للسّرخسيّ 1:207،بدائع الصّنائع 1:115.
5- 5) المدوّنة الكبرى 1:90،بداية المجتهد 1:117.
6- 6) الكافي في الفقه:141. [2]
7- 7) المحلّى 4:24.
8- 8) تقدّم في ص 311،314.
9- 9) التّهذيب 2:220 حديث 867،الاستبصار 1:395 حديث 1506،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [3]

لا تنجس (1)بأبوال الإبل و أرواثها لما بيّنّا من طهارتهما (2)،فصحّت الصّلاة فيها كغيرها.

و على الكراهية:ما رواه الشّيخ في الصّحيح،عن محمّد بن مسلم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصّلاة في أعطان الإبل؟فقال:«إن تخوّفت الضّيعة على متاعك فاكنسه و انضحه و صلّ،و لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم» (3)فاشتراط الخوف في الصلاة فيها دليل على استحباب اجتنابها.

احتج أبو الصلاح برواية عبد الله بن الفضل،و قد تقدمت (4).

و احتج أحمد (5)بما رواه عبد الله بن مغفل،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:

(إذا أدركتم الصلاة و أنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة و بركة،و إذا أدركتم الصلاة و أنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت،ألا ترونها إذا انفردت كيف تشمخ بأنفها) (6).

و عن جابر بن سمرة (7):ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و آله:أ نصلي

ص:320


1- 1«ع»«ح»«ق»:تتنجس.
2- 2) تقدم بيانه في الجزء الثالث ص 172.
3- 3) التهذيب 2:220 حديث 868،الاستبصار 1:395 حديث 1507،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
4- 4) تقدمت في ص 311. [2]
5- 5) المغني 1:753.
6- 6) الام 1:92،سنن البيهقي 2:449،كنز العمال 7:340 حديث 19167.
7- 7) جابر بن سمرة بن جنادة،و يقال:ابن عمرو بن جندب بن حجير بن رئاب.السوائي:أبو عبد الله، و يقال:أبو خالد،روى عن النبي(ص)و عن أبيه و خاله سعد بن أبي وقاص و عمر و علي(ع)،و روى عنه سماك بن حرب و تميم بن طرفة،و جعفر بن أبي ثور.مات سنة 73 ه،و قيل:76،و قيل غيره. أسد الغابة 1:254، [3]تهذيب التهذيب 2:39. [4]

في مرابض الغنم؟قال:(نعم)قال:أ نصلي في مبارك الإبل؟قال:(لا) (1).

و عن البراء قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين) (2)و النهي يقتضي التحريم.

و الجواب عن ذلك كله:ان النهي للكراهة،جمعا بين الأدلة.

فروع:
الأول:

معاطن الإبل هي مباركها حول الماء ليشرب عللا بعد نهل.قاله صاحب الصحاح (3).و العلل:الشرب الثاني،و النهل:الشرب الأول.و الفقهاء جعلوه أعم من ذلك و هي مبارك الإبل مطلقا التي تأوي إليها (4)،و يدل عليه ما فهم من التعليل بكونها من الشياطين.

الثاني:

لو صلى فيها صحت صلاته عندنا،و هو ظاهر.و به قال أبو الصلاح (5).

لنا:في إفساد الصلاة نظر،و وجهه ما بيناه و أجبنا عنه.و عند أحمد:تبطل الصلاة،لأنه صلى في مكان منهي عنه (6).

ص:321


1- 1صحيح مسلم 1:275 حديث 360،سنن الترمذي 2:181 حديث 349،سنن البيهقي 1:158،نيل الأوطار 2:140 حديث 7.
2- 2) سنن أبي داود 1:133 حديث 493،سنن الترمذي 2:181 ذيل حديث 349،كنز العمال 7:341. حديث 19170،جامع الأصول 6:311،حديث 3662،نيل الأوطار 2:140 ذيل حديث 7.
3- 3) الصحاح 6:2165. [1]
4- 4) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513،المجموع 3:160،المحلى 4:24،نيل الأوطار 2: 141.
5- 5) الكافي في الفقه:141.
6- 6) المغني 1:753،الشرح الكبير بهامش المغني 1:512،الكافي لابن قدامة 1:139،الإنصاف 1:489، المحلى 2:26،نيل الأوطار 2:141.

و الجواب:ان النهي للتنزيه و الكراهة لا للتحريم.

الثالث:

المواضع التي تبيت فيها الإبل في سيرها،أو تناخ لعلفها أو وردها، الوجه انها لا بأس بالصلاة فيها،لأنها لا تسمى معاطن الإبل.

الرابع:

لو صلى إلى هذه المواضع لم يكن به بأس و ليس مكروها،خلافا لبعض الجمهور (1).

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (2)و هو يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته.

احتج المانع بالقياس على الصلاة إلى القبور (3).

و الجواب:ان النهي في القبور إن كان تعبدا فهو غير معقول المعنى،فلا يصح فيه القياس،و إن كان لمعنى التشريف لأرباب القبور فذلك غير موجود في صورة النزاع، فلا تصح أيضا.

الخامس:

لو صلى على مكان مرتفع و تحته معطن لم يكن بالصلاة فيه بأس، خلافا لبعض الجمهور (4).

لنا:ان النهي يتناول المعاطن و هو إنما يتناول مواضع البروك.

احتج المخالف بأن الهواء تابع للقرار (5).

و الجواب قد سلف (6).

أما لو عمل مسجدا،ثمَّ حدث عطن تحته فإنه لا بأس بالصلاة فيه إجماعا،لأن

ص:322


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
2- 2) تقدم في ص 311.
3- 3) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:513.
4- 4) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
5- 5) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
6- 6) تقدم في ص 313. [1]

الهواء هنا لا يتبع ما حديث بعده.

السادس:

لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم و ليس مكروها،ذهب إليه أكثر علمائنا (1).و هو قول ابن عمر (2)،و جابر بن سمرة (3)،و الحسن،و مالك،و إسحاق و أبي ثور (4)،و الشافعي (5)،و أبي حنيفة (6)،و أحمد (7).

و قال أبو الصلاح:لا تجوز الصلاة فيها (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أسيد بن حضير ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:

(صلوا في مرابض الغنم و لا تصلوا في مبارك الإبل) (9).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في مرابض الغنم؟فقال:«صل فيها» (10).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم» (11).

احتج أبو الصلاح بما رواه الشيخ في الموثق،عن سماعة قال:سألته عن الصلاة في أعطان الإبل و في مرابض البقر و الغنم؟فقال:«إن نضحته بالماء و قد كان يابسا فلا

ص:323


1- 1منهم الطوسي في المبسوط 1:86. [1]
2- 2) المغني 1:753،سنن ابن ماجه 1:166،سنن الترمذي 2:181،نيل الأوطار 2:140.
3- 3) المغني 1:753،المجموع 3:160،نيل الأوطار 2:140.
4- 4) المغني 1:753.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:161،المغني 1:753.
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:207،بدائع الصنائع 1:115،المغني 1:753.
7- 7) المغني 1:753،سنن الترمذي 2:181.
8- 8) الكافي في الفقه:141. [2]
9- 9) كنز العمال 7:342 حديث 19175،مجمع الزوائد 2:26-27،نيل الأوطار 2:140.
10- 10) الفقيه 1:157 حديث 729،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
11- 11) التهذيب 2:220 حديث 868،الاستبصار 1:395 حديث 1507،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

بأس بالصلاة فيها،فأما مرابض الخيل و البغال فلا» (1)و هذا يدل على اشتراك مرابض الغنم و أعطان الإبل في الحكم،و قد ثبت تحريم الصلاة في الأعطان،فكذا في المرابض.

و الجواب:أما أولا:فالرواية ضعيفة السند،فإن سماعة واقفي و رواها عنه زرعة و هو واقفي.

و أما ثانيا:فلأن سماعة لم يسندها إلى إمام.

و أما ثالثا:فلأنا نمنع تحريم الصلاة في المعان،و قد سلف (2).

و أما رابعا:فلا نسلم الاشتراك لو ثبت التحريم هناك.

السابع:

يكره الصلاة في مرابط الخيل،و البغال،و الحمير سواء كانت وحشية، أو إنسية.و قال أبو الصلاح:لا يجوز (3).و الشيخ في بعض كتبه يذهب إلى وجوب الاحتراز عن أبوالها و أرواثها،فيلزمه المنع من الصلاة فيها (4).

لنا:ما تقدم من بيان طهارة أبوالها و أرواثها (5)،فيبقي المقتضي سالما عن المعارض.

احتج أبو الصلاح برواية سماعة.و الجواب قد تقدم.

الثامن:

يكره الصلاة في بيت فيه كلب،لما رواه ابن بابويه،عن الصادق عليه السلام قال:«لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب الصيد و أغلقت دونه بابا فلا بأس،فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب،و لا بيتا فيه تماثيل،و لا بيتا فيه بول مجموع في آنية» (6).

ص:324


1- 1التهذيب 2:220 حديث 867،الاستبصار 1:395 حديث 1506،الوسائل 3:443 الباب 17 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) راجع ص 321.
3- 3) الكافي في الفقه:141. [2]
4- 4) النهاية:151. [3]
5- 5) تقدم في الجزء الثالث ص 172.
6- 6) الفقيه 1:159 حديث 744،الوسائل 3:465 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [4]

و روى الشيخ،عن محمد بن مروان،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«قال رسول الله صلى الله عليه و آله:ان جبرئيل أتاني فقال:إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب،و لا تمثال جسد،و لا إناء يبال فيه» (1).و نفور الملائكة يؤذن بكونه ليس موضع رحمة،فلا يصلح أن يتخذ للعبادة.

التاسع:

يكره الصلاة في معاطن الإبل و إن لم يكن فيها إبل في حال الصلاة، لأنها بانتفائها عنها لا يخرج عن اسم المعطن،إذ كانت تأوي إليها.

مسألة:تكره الصلاة في بيوت الغائط،

لأنها لا تنفك عن النجاسة،و لأن الصلاة في الحمام إنما كرهت عند بعضهم (2)لتوهم النجاسة،فمع تيقنها يكون الحكم أولى،و لأنه قد منع من ذكر الله تعالى فيها،فالصلاة أولى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن الفضيل بن يسار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة القذرة؟فقال:«تنح عنها ما استطعت و لا تصل على الجواد» (3)و لما تقدم من الأحاديث الدالة على نفور الملائكة عن بيت يبال فيه (4).

فروع:
الأول:

تكره الصلاة في المزبلة و هي الموضع الذي يجمع فيه الزبل،لعدم انفكاكه عن النجاسة.

و روى الجمهور،عن رسول الله صلى الله عليه و آله:(انه قال:«سبعة مواطن لا يجوز

ص:325


1- 1التهذيب 2:377 حديث 1570،الوسائل 3:464 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المهذب للشيرازي 1:63،المجموع 3:159.
3- 3) التهذيب 2:226 حديث 893،و ص 376 حديث 1563،الوسائل 3:460 الباب 31 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) تقدم في ص 324.

فيها الصلاة:ظهر بيت الله تعالى،و المقبرة،و المزبلة،و المجزرة،و الحمام،و عطن الإبل،و محجة الطريق) (1)رواه ابن عمر.

الثاني:

لا بأس بالصلاة على سطح الحش.خلافا لبعض الجمهور (2).

لنا:ان المقتضي إنما هو الخبث و هو غير موجود في السطح.

احتج بأن الهواء تابع (3)،و قد تقدم جوابه (4).

الثالث:

يكره أن يصلي إلى الحش،لما رواه الشيخ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها؟ فقال:«إن كان نزه من البالوعة فلا تصل فيه،و إن كان نزه من غير ذلك فلا بأس» (5)و هذا يدل بمفهومه على المطلوب.

الرابع:

يكره الصلاة في بيت يبال فيه،لأن الصادق عليه السلام علل النهي عن الصلاة فيه و فيه كلب بنفور الملائكة و حكم عليه السلام بنفورهم عنه و فيه بول (6).

مسألة:يكره الصلاة في بيوت المجوس،

لأنها لا تنفك عن النجاسات.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي جميلة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل في بيت فيه مجوسي و لا بأس في بيت فيه يهودي،أو نصراني» (7).

ص:326


1- 1سنن ابن ماجه 1:246 حديث 746-747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،كنز العمال 7:339 حديث 19166،نيل الأوطار 2:142 حديث 8.
2- 2) المغني 1:756،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515،الإنصاف 1:492. [1]
3- 3) المغني 1:515،الشرح الكبير بهامش المغني 1:756،الإنصاف 1:493،الكافي لابن قدامة 1:141. [2]
4- 4) تقدم في ص 313.
5- 5) التهذيب 2:221 حديث 871،الوسائل 3:444،الباب 18 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
6- 6) الفقيه 1:159 حديث 744،الوسائل 3:465 الباب 33 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [4]
7- 7) التهذيب 2:377 حديث 1571،الوسائل 3:442 الباب 16 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [5]
فروع:
الأول:

لا بأس بالصلاة في البيت إذا كان فيه يهودي،أو نصراني،لأنهم أهل كتاب ففارقوا المجوس.و يؤيده رواية أبي جميلة.

الثاني:

لو اضطر إلى الصلاة في بيت المجوسي صلى فيه بعد أن يرش الموضع بالماء على جهة الاستحباب،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في بيوت المجوس؟فقال:«رش و صل» (1).

الثالث:

لا بأس بالصلاة في البيع و الكنائس.ذهب إليه علماؤنا،و هو قول الحسن البصري،و عمر بن عبد العزيز،و الشعبي،و الأوزاعي (2)،و كره مالك ذلك (3).

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (4).و هو يدل على صورة النزاع.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن العيص بن القاسم،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البيع و الكنائس يصلى فيها؟فقال:«نعم»و سألته هل يصلح بعضها مسجدا؟قال:«نعم» (5).

و عن حكم بن الحكم قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول و سئل عن الصلاة في البيع و الكنائس؟فقال:«صل فيها قد رأيتها ما أنظفها»قلت:أ يصلي فيها

ص:327


1- 1التهذيب 2:222 حديث 877،الوسائل 3:439 الباب 14 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) المغني 1:759،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،المجموع 3:158.
3- 3) المدونة الكبرى 1:90،بداية المجتهد 1:118،المغني 1:759،المجموع 3:158،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.
4- 4) تقدم في ص 309.
5- 5) التهذيب 2:222 حديث 874،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]

و إن كانوا يصلون فيها؟فقال:«نعم» (1).

احتج مالك بأن فيها صورا (2).

و الجواب:انا نسلم كراهية الصلاة حينئذ لوجود الصور فيها لا لكونها كنيسة.

الرابع:

الأقرب انه يستحب رش الموضع الذي يصلي فيه من البيع و الكنائس، لما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الصلاة في البيع و الكنائس،و بيوت المجوس؟فقال:«رش و صل» (3)و العطف يقتضي التشريك في الحكم.

الخامس:

تكره الصلاة في بيت فيه خمر أو مسكر،لأنه ليس محل إجابة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر» (4).

السادس:

تكره الصلاة في بيوت النيران.ذكره أكثر الأصحاب (5)لئلا يحصل التشبه بعباد النيران.و قال أبو الصلاح بالتحريم (6).

مسألة:و تكره الصلاة في جواد الطرق.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (7).

ص:328


1- 1التهذيب 2:222 حديث 876،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [1]
2- 2) المدونة الكبرى 1:91،المغني 1:759،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.
3- 3) التهذيب 2:222 حديث 875،الوسائل 3:438 الباب 13 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:220 حديث 864 و ص 377 حديث 1568،الوسائل 3:449 الباب 21 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
5- 5) منهم:الطوسي في النهاية:100،و [4]ابن البراج في المهذب 1:76،و ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و ابن إدريس في السرائر:58.
6- 6) الكافي في الفقه:141. [5]
7- 7) المهذب للشيرازي 1:64،المجموع 3:162،المدونة الكبرى 1:91،المغني 1:755،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514.

و قال أحمد:لا تجوز الصلاة فيها (1).

لنا:ما رواه الجمهور،من قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا)و رواه الخاصة أيضا (2).

و على الكراهية أيضا:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس بأن يصلي بين الظواهر و هي الجواد،جواد الطرق (3)و يكره أن يصلى في الجواد» (4).

و في الحسن،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الصلاة في ظهر الطريق؟فقال:«لا بأس أن تصلي في الظواهر التي بين الجواد،فأما على الجواد فلا تصل فيها» (5).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر؟فقال:«لا تصل على الجادة و اعتزل على جانبيها» (6).

احتج أحمد (7)بما رواه ابن عمر،عن الرسول صلى الله عليه و آله:(لا تجوز الصلاة في سبع مواطن)و ذكر منها:(محجة الطريق)و في لفظ آخر:(قارعة الطريق) (8).

و محجة الطريق:هي الجادة المسلوكة.و قارعة الطريق:هي التي تقرعها الأقدام.

و فاعل هاهنا بمعنى مفعول،كالشارع.

ص:329


1- 1المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،الكافي لابن قدامة 1:140،الإنصاف 1:492. [1]
2- 2) تقدم في ص 309.
3- 3) «ح»:الطريق.
4- 4) التهذيب 2:375 حديث 1560،الوسائل 3:444 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 2:220 حديث 865،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [3]
6- 6) التهذيب 2:221 حديث 869،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [4]
7- 7) المغني 1:754،الشرح الكبير بهامش المغني 1:514،الكافي لابن قدامة 1:140. [5]
8- 8) سنن ابن ماجه 1:246 حديث 746-747،سنن الترمذي 2:177 حديث 346،كنز العمال 7:339 حديث 19166،نيل الأوطار 2:142 حديث 8.

و الجواب:المراد الكراهية،على ان رواية العمري (1)و زيد بن جبيرة (2)و فيهما طعن عند أرباب الحديث.

فروع:
الأول:

لا بأس بالصلاة في الظواهر التي بين الجواد،للأحاديث (3)،و لأن النهي لم يتناولها.

الثاني:

تكره الصلاة فيها و إن لم يكثر استطراقها،لتناول اسم قارعة الطريق لها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ و ابن بابويه،عن الرضا عليه السلام،قال:«كل طريق يوطأ و يتطرق كانت فيه جادة أو لم تكن لا (4)ينبغي الصلاة فيه»قلت:فأين أصلي؟ قال:«يمنة و يسرة» (5).

الثالث:

لا فرق في الكراهية بين أن يكون في الطريق سالك وقت الصلاة أو لم

ص:330


1- 1عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني:أبو عبد الرحمن العمري،يروي عن نافع،و روى عنه العراقيون و أهل المدينة،ضعفه البخاري و ابن المديني،و قال ابن حبان:غلب عليه التعبد حتى غفل عن ضبط الأخبار مات سنة 173 ه. الضعفاء الصغير للبخاري:133،تهذيب التهذيب 5:326، [1]المجروحين لابن حبان 2:6،ميزان الاعتدال 2:465،الضعفاء و المتروكين لابن الجوزي 2:133.
2- 2) زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري:أبو جبيرة المدني،روى عن أبيه و داود بن الحصين،و روى عنه الليث بن سعد و يحيى بن أيوب،قال البخاري:منكر الحديث،و قال ابن حبان:يروي المناكير عن المشاهير،و نقل في التهذيب و الميزان تضعيفه عن النسائي و الدار قطني و غيرهما. الضعفاء الصغير للبخاري:98،تهذيب التهذيب 3:400، [2]المجروحين لابن حبان 1:309،ميزان الاعتدال 2:99.
3- 3) الوسائل 3:444 الباب 19 من أبواب مكان المصلي. [3]
4- 4) «غ»«م»«ن»«ق»:فلا.
5- 5) الفقيه 1:156 حديث 728،التهذيب 2:220 حديث 866،الوسائل 3:445 الباب 19 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [4]

يكن،لعموم النهي.

الرابع:

لو بني ساباط على طريق جازت الصلاة فيه،خلافا لبعض الجمهور (1)، لأن النهي مختص بالطريق،فلا يتعداه.

مسألة:

و يستحب له أن يجعل بينه و بين ممر الطريق ساترا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول عامة أهل العلم.روى الجمهور،عن أبي جحيفة (2)ان النبي صلى الله عليه و آله ركزت له العنزة فتقدم و صلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار،و الكلب لا يمنع (3).

و عن طلحة بن عبيد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل و لا يبال من وراء ذلك) (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«كان طول رحل رسول الله صلى الله عليه و آله ذراعا،فكان يضعه بين يديه إذا صلى ليستره ممن يمر بين يديه» (5).

ص:331


1- 1المغني 1:757،الشرح الكبير بهامش المغني 1:515.
2- 2) وهب بن عبيد الله:أبو جحيفة السوائي كان صاحب شرطة علي(ع)،فكان يقوم تحت منبره يوم الجمعة،روى عن النبي(ص)و عن علي(ع)و البراء بن عازب،و روى عنه ابنه عون و سلمة بن كهيل و الشعبي و غيرهم.مات سنة 74 ه. تهذيب التهذيب 11:164، [1]العبر 1:62. [2]
3- 3) صحيح البخاري 1:133،صحيح مسلم 1:360 حديث 503،سنن أبي داود 1:183 حديث 688، سنن الترمذي 1:375 حديث 197، [3]سنن النسائي 1:87 و ج 2:73،سنن الدارمي 1:328. [4]
4- 4) صحيح مسلم 1:358 حديث 499،سنن ابن ماجه 1:303 حديث 940،سنن أبي داود 1:183 حديث 685،سنن الترمذي 2:156 حديث 335، [5]كنز العمال 7:349 حديث 19217،نيل الأوطار 3:4 حديث 5.في بعض المصادر:بتفاوت.
5- 5) التهذيب 2:322 حديث 317،الاستبصار 1:406 حديث 1549،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [6]

و عن معاوية بن وهب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يجعل العنزة بين يديه إذا صلى (1).و العنزة هي العصا التي في أسفلها حديدة.

فروع:
الأول:

قد السترة ذراع تقريبا.و به قال الثوري،و أصحاب الرأي (2).

و قال أحمد:أنها قدر عظم الذراع،و هو قول مالك،و الشافعي (3).

لنا:ان النبي صلى الله عليه و آله قدرها مثل مؤخرة الرحل (4).و قال أبو عبد الله عليه السلام:«انها كانت ذراعا» (5).

أما الغلظ و الدقة فلا قدر لهما.و الأقرب الاستتار بما هو أعرض،لأن قول النبي صلى الله عليه و آله:(استتروا في الصلاة و لو بسهم) (6)يؤذن ان غيره أولى منه.

الثاني:

لو لم يجد المقدار الذي ذكرناه استحب له الاستتار بالحجر،و السهم و غيرهما.

ص:332


1- 1التهذيب 2:322 حديث 1316،الاستبصار 1:406 حديث 1548،الوسائل 3:436 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 2:68،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
3- 3) المغني 2:68،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
4- 4) صحيح مسلم 1:358 حديث 241،سنن ابن ماجه 1:303 حديث 940،سنن أبي داود 1:183 حديث 685،سنن الترمذي 2:156 حديث 335،كنز العمال 7:349 حديث 19217،نيل الأوطار 3:4 حديث 5.
5- 5) الكافي 3:296 حديث 2،التهذيب 2:322 حديث 1317،الاستبصار 1:406 حديث 1549، الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
6- 6) سنن البيهقي 2:270،مستدرك الحاكم 1:252،كنز العمال 7:346 حديث 19203،و ص 351 حديث 19225.

روى الجمهور،عن أبي سعيد،قال:كنا نستتر بالسهم و الحجر في الصلاة (1).

و روى سبرة (2)ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(استتروا في الصلاة و لو بسهم) (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه عليهم السلام،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«إذا صلى أحدكم بأرض فلاة فليجعل بين يديه مثل مؤخرة الرحل،فإن لم يجد فحجرا،فإن لم يجد فسهما، فإن لم يجد فليخط في الأرض بين يديه» (4).

و في الموثق،عن غياث،عن أبي عبد الله عليه السلام:«ان النبي صلى الله عليه و آله وضع قلنسوة و صلى إليها» (5).

الثالث:

لو لم يجد شيئا فليجعل بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه خطأ.

و به قال الأوزاعي،و سعيد بن جبير،و الشافعي في القديم،و أحمد.

و قال مالك،و الليث بن سعد،و أبو حنيفة:يكره الخط (6).

و قال الشافعي في الجديد:يخط بالعراق و لا يخط بمصر إلا أن يكون فيه سنة

ص:333


1- 1المغني 2:69،الشرح الكبير بهامش المغني 1:659.
2- 2) سبرة بن معبد،و يقال:ابن عوسجة بن حرملة:أبو الربيع،صحابي نزل المدينة و أقام بذي المروة،روى عنه ابنه الربيع.مات في خلافة معاوية. أسد الغابة 2:260، [1]الإصابة 2:14.
3- 3) سنن البيهقي 2:270،مستدرك الحاكم 1:252،كنز العمال 7:346 حديث 19203،و ص 351 حديث 19225.
4- 4) التهذيب 2:379 حديث 1577،الاستبصار 1:407 حديث 1556،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [2]
5- 5) التهذيب 2:379 حديث 1578،الاستبصار 1:406 حديث 1550،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 5. [3]
6- 6) المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:661،المهذب للشيرازي 1:69،المجموع 3:247، [4]المدونة الكبرى 1:113،المبسوط للسرخسي 1:192،شرح فتح القدير 1:228.

تتبع (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا،فإن لم يجد فلينصب عصا،فإن لم يكن معه عصا فليخط خطأ،ثمَّ لا يضره من مر أمامه) (2).

و من طريق الخاصة:رواية السكوني،و قد تقدمت (3).

و ما رواه الشيخ،عن محمد بن إسماعيل،عن الرضا عليه السلام في الرجل يصلي،قال:«يكون بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه بخط» (4).

الرابع:

لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و آله و لا عن الأئمة عليهم السلام صفة الخط،فعلى أي كيفية فعله المصلي أصاب السنة سواء وضعه على الاستقامة أو على الاستدارة.

و قال أحمد:يوضع مستديرا كالهلال عرضا (5).و الحق ما قلناه (6)لإطلاق الأحاديث في ذلك.

الخامس:

لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها فليلقها بين يديه و يستتر بها،و يستحب له أن يلقيها عرضا.و به قال سعيد بن جبير،و الأوزاعي،و أحمد،و كرهه النخعي (7).

لنا:انه في معنى الخط،فيقوم مقامه،و الوضع على ما قلنا أولى من الطول،لأن

ص:334


1- 1المجموع 3:246،المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:661.
2- 2) سنن ابن ماجه 1:303 حديث 943،سنن أبي داود 1:183 حديث 689،مسند أحمد 2:249، [1]كنز العمال 7:348 حديث 19213،نيل الأوطار 3:4 حديث 6.
3- 3) تقدمت في ص 333. [2]
4- 4) التهذيب 2:378 حديث 1574،الاستبصار 1:407 حديث 1555،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [3]
5- 5) المغني 2:71،الشرح الكبير بهامش المغني 1:662،المجموع 3:247.
6- 6) راجع ص 333.
7- 7) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:662.

الاستتار فيما قلناه أكثر.

السّادس:

لا بأس أن يستتر ببعير،أو حيوان.و هو قول ابن عمر،و أنس، و أحمد (1).

و قال الشّافعيّ:لا يستتر بدابّة (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عمر انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى إلى بعير (3).

و رووا عنه عليه السّلام انّه كان يعرض راحلته و يصلّي إليها،قال:قلت:فإذا ذهب الرّكاب،قال:كان يعرض الرّحل و يصلّي إلى آخرته (4).و كذا لا بأس أن يستتر بالإنسان إذا جعل ظهره إليه.

السّابع:

لا فرق بين مكّة و غيرها في استحباب السّترة.خلافا لأهل الظّاهر.

لنا:انّ المقتضي للاستحباب هو منع العبور الموجب للتّشاغل عن العبادة،و هو في مكّة أولى،لكثرة النّاس فيما زمن الحاجّ.

احتجّ أحمد (5)بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى ثمَّ ليس بينه و بين الطّواف سترة.و لأنّ النّاس يكثرون بها لقضاء النّسك،فلو منعوا من العبور على المصلّي لضاق بالنّاس (6).

ص:335


1- 1المغني 2:70،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:660،المجموع 3:248. [1]
2- 2) راجع نفس المصادر.
3- 3) صحيح البخاريّ 1:117،135،صحيح مسلم 1:359 حديث 248،سنن أبي داود 1:184 حديث 692،سنن التّرمذيّ 2:183 حديث 352،مسند أحمد 2:26،106. [2]
4- 4) صحيح البخاريّ 1:135.
5- 5) المغني 2:74،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:665.
6- 6) سنن ابن ماجه 2:986،حديث 2958،سنن أبي داود 2:211 حديث 2016،سنن النّسائيّ 2:67، مسند أحمد 6:399،نيل الأوطار 3:9 حديث 4.

و الجواب:المعارضة باستحباب السّترة مطلقا،و ذلك لا ينافي ما ذكرتم من فعله عليه السّلام.

الثّامن:

يستحبّ للمصلّي أن يدنو من سترته.

روى الجمهور،عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله(إذا صلّى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشّيطان عليه صلاته) (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه ابن بابويه في الصّحيح،عن عبد اللّه بن سنان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز،و أكثر ما يكون مربط فرس» (2)و لأنّ قربه من السّترة أصون لصلاته و أبعد من أن يمرّ بينه و بينها شيء يتشاغل به عن العبادة.

التّاسع:

السّترة ليست واجبة بغير خلاف بين علماء الإسلام.روى ابن عبّاس قال:أقبلت راكبا على حمار أتان و النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي بالنّاس بمنى إلى غير جدار (3).

و عنه قال:صلّى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في فضاء ليس بين يديه شيء (4).

و روى الفضل بن العبّاس (5)قال:كنّا ببادية فأتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:336


1- 1سنن ابن ماجه 1:307 حديث 954،سنن أبي داود 1:185 حديث 695،سنن النّسائيّ 2:62، مسند أحمد 4:2، [1]نيل الأوطار 3:2 حديث 1.
2- 2) الفقيه 1:253 حديث 1145،الوسائل 3:437 الباب 12 من أبواب مكان المصلّي،حديث 6. [2]
3- 3) صحيح البخاريّ 1:29،132،218،صحيح مسلم 1:361 حديث 504،سنن أبي داود 1:190 حديث 715،الموطّأ 1:155 حديث 38، [3]سنن النّسائيّ 2:64،مسند أحمد 1:219، [4]نيل الأوطار 3: 16 حديث 6.
4- 4) مسند أحمد 1:224، [5]نيل الأوطار 3:5 حديث 8.و فيهما:«فما بالي»بدل«ما يأبى».
5- 5) الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم ابن عمّ النّبيّ(ص):أبو عبد اللّه،غزا مع النّبيّ(ص)الفتح و حنين و شهد معه حجّة الوداع،و حضر غسل رسول اللّه(ص).روى عنه النّبيّ(ص)و روى عنه أخواه: عبد اللّه و قثم،و ابن أخيه عبّاس،و خلق كثير،قيل:قتل يوم اليرموك،و قيل:مات بطاعون عمواس سنة(18)ه.أسد الغابة 4:183، [6]تهذيب التّهذيب 8:280. [7]

و معه العبّاس فصلّى في صحراء و ليس بين يديه سترة،و كلبة و حمار لنا يعبثان بين يديه ما يأبى ذلك (1).

و من طريق الخاصّة:ما رواه الشّيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا يقطع الصّلاة شيء ممّا بمرّ بالرّجل و لكن استتروا ما استطعتم،فإن كان بين يديك قد ذراع رافع من الأرض فقد استترت» (2).

العاشر:

سترة الإمام سترة لمن خلفه في قول أهل العلم،لأنّه يصدق على المأمومين انّهم نصبوا بين أيديهم شيئا،إذ لا يشترط المحاذاة،و فيه بحث.

مسألة:و لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يديّ المصلّي.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول أكثر أهل العلم (3).

و قال أحمد في إحدى الرّوايتين:انّه يقطعها الكلب الأسود (4).و في رواية أخرى:

و المرأة و الحمار أيضا (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي سعيد الخدريّ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(لا يقطع الصّلاة شيء و ادرأوا ما استطعتم،فإنّما هو شيطان) (6).

ص:337


1- 1سنن أبي داود 1:191 حديث 718.
2- 2) التّهذيب 2:323 حديث 1319،الاستبصار 1:406 حديث 1551،الوسائل 3:453 الباب 11 من أبواب مكان المصلّي،حديث 10. [1]
3- 3) المغني 2:82،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:668،المهذّب للشّيرازيّ 1:69،سنن 2 للترمذيّ 2:161، المدوّنة الكبرى 1:114،المجموع 3:250،المحلّى 4:12،نيل الأوطار 3:13.
4- 4) المغني 2:81،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:666،سنن التّرمذيّ 2:163، [2]المجموع 3:250،المحلّى 4: 11،الكافي لابن قدامة 1:255،نيل الأوطار 3:12.
5- 5) المغني 2:81، [3]الشّرح الكبير بهامش المغني 1:666، [4]الكافي لابن قدامة 1:255،سنن التّرمذيّ 2: 163، [5]المحلّى 4:11. [6]
6- 6) سنن أبي داود 1:191 حديث 719،720،كنز العمّال 7:349 حديث 19219،نيل الأوطار 3:15 حديث 5.

و عن الفضل بن العبّاس انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ببادية ليس بين يديه سترة،و كلبة و حمار لنا يعبثان بين يديه ما يأبى ذلك.

و عن عائشة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي صلاته من اللّيل كلّها و أنا معترضة بينه و بين القبلة (1).

و عن زينب بنت أمّ سلمة (2)مررت بين يديّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلم يقطع صلاته (3).

و من طريق الخاصّة:رواية أبي بصير،و قد تقدّمت (4).و لأنّها صلاة شرعيّة يتوقّف إبطالها على الشّرع،و لم يثبت.

احتجّ أحمد (5)بما رواه أبو هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(يقطع الصّلاة المرأة،و الحمار،و الكلب،و يقي ذلك مثل مؤخّرة الرّحل) (6).

و الجواب:انّه منسوخ بما ذكرناه من الأحاديث.

ص:338


1- 1صحيح البخاريّ 1:107،136،137،صحيح مسلم 1:366 حديث 512 و ص 511 حديث 774، سنن أبي داود 1:189 حديث 710-711،سنن ابن ماجه 1:307 حديث 956،سنن النّسائيّ 1: 101،مسند أحمد 6:37،199،231، [1]سنن الدّارميّ 1:238، [2]نيل الأوطار 3:9 حديث 1.في بعض المصادر بتفاوت يسير.
2- 2) زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم،و أمّها أمّ سلمة،ولدت بأرض الحبشة و كان اسمها برّة فسمّاها رسول اللّه(ص)زينب،روت عن النّبيّ(ص)و عن أمّها و عائشة و زينب بنت جحش،و روى عنها ابنها أبو عبيدة و حميد بن نافع و عروة بن الزّبير و غيرهم.ماتت سنة 73 ه. أسد الغابة 5:468، [3]تهذيب التّهذيب 12:421. [4]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:305 حديث 947،مسند أحمد 6:294، [5]نيل الأوطار 3:15 حديث 4.
4- 4) تقدّمت في ص 337.
5- 5) المغني 2:81،الشّرح الكبير بهامش المغني 1:668،المجموع 3:250.
6- 6) صحيح مسلم 1:365 حديث 511،سنن ابن ماجه 1:305 حديث 950،مسند أحمد 2:425، [6]كنز العمّال 7:350 حديث 19222،نيل الأوطار 3:11 حديث 1.

و أيضا:لا بدّ من إضمار شيء فيما ذكرتموه،إذا الكلب نفسه لا يقطع الصّلاة، فإن ادّعيتم إضمار المرور من غير دليل فهو باطل و لا دليل،فيبقى مجازا.

فروع:
الأوّل:

لا خلاف بين العلماء في انّ غير ما ذكرناه (1)لا يقطع مروره الصّلاة، و كذا الكلب الأسود إذا لم يكن بهيما،أي:لا يخالط سواده شيء.

الثّاني:

لو مرّ الكلب الأسود من وراء سترة المصلّي لم يقطع الصّلاة عندنا و هو ظاهر.و لا عند غيرنا،لأنّ فائدة السّترة عنده ذلك (2).

الثّالث:

لو صلّى إلى سترة مغصوبة صحّت صلاته و لم يكن قد فعل المأمور به من الاستتار،إذ هو منهيّ عنه بهذه الأدلّة،فلو اجتاز ورائها كلب أسود لم تنقطع صلاته عندنا و هو ظاهر،و عند أحمد في أحد الوجهين،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:(يقي ذلك مثل مؤخّرة الرّحل)و قد وجد.و في الآخر:انّه تبطل صلاته،لأنّه ممنوع من نصبها و الصلاة إليها،فوجودها كعدمها (3).

الرابع:

لو مر إنسان بين يدي المصلي فالذي يقتضيه المذهب انه ان كان يصلي في طريق مسلوك فليس له أن يرده،لأن المكروه يكون قد صدر عنه لا من المار.و إن لم يكن كذلك،بأن يكون في فلاة يمكنه السلوك بغير ذلك الطريق فهل يستحب له أن يرده أم لا؟فيه احتمال أقربه الاستحباب،لأنه يكون أمرا بمعروف مندوب.و هو قول الجمهور (4)،لما رواه أبو سعيد،قال:سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول:(إذا كان أحدكم يصلي إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه،

ص:339


1- 1راجع ص 337. [1]
2- 2) المغني 2:85،الشرح الكبير بهامش المغني 1:666،الكافي لابن قدامة 1:254.
3- 3) المغني 2:86،الشرح الكبير بهامش المغني 1:673.
4- 4) المغني 2:76،المجموع 3:249. [2]

فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان) (1).

و المراد بالمقاتلة هاهنا المبالغة في الرد ما لم يخرجه إلى فعل كثير فليتركه،و ليس المراد بذلك ما هو ظاهره،لأنه إنما أمر بالرد حفظا للصلاة عما ينقصها،فيعلم انه لم يرد ما يفسدها بالكلية.

و قد روت أم سلمة قالت:كان النبي صلى الله عليه و آله يصلي في حجرة أم سلمة،فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة (2)،فقال بيده فرجع،فمرت زينب بنت أم سلمة،فقال بيده هكذا فمضت،فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و آله قال:

(هن أغلب) (3)و في هذا دلالة على فساد قول أحمد (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن الرجل هل يقطع صلاته شيء مما يمر به؟قال:«لا يقطع صلاة المسلم شيء و لكن ادرؤا ما استطعتم» (5).

الخامس:

لو مر بين يديه إنسان فعبر،لم يستحب رده من حيث جاء،لفوات المعنى المقتضي و هو عدم المرور.و به قال الشعبي،و إسحاق.

ص:340


1- 1صحيح البخاري 1:135،صحيح مسلم 1:362 حديث 505،سنن أبي داود 1:185 حديث 697، سنن النسائي 2:66،و ج 8:62،الموطأ 1:154 حديث 33، [1]سنن الدارمي 1:328، [2]مسند أحمد 3: 34. [3]
2- 2) عبد الله أو عمر بن أبي سلمة و اسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ربيب النبي(ص).روى عن النبي(ص)و عن امة أم سلمة،و روى عنه ابنه محمد و أبو امامة و سعيد بن المسيب.مات بالمدينة سنة 83 ه.و قيل:قتل مع علي(ع)يوم الجمل. أسد الغابة 4:79، [4]تهذيب التهذيب 7:456. [5]
3- 3) سنن ابن ماجه 1:305 حديث 948،مسند أحمد 6:294. [6]
4- 4) تقدم في ص 337. [7]
5- 5) التهذيب 2:322 حديث 1318،الاستبصار 1:406 حديث 1552،الوسائل 3:435 الباب 11 من أبواب مكان المصلي،حديث 9. [8]

و روي،عن ابن مسعود انه يرده من حيث جاء،لأن النبي صلى الله عليه و آله أمر برده،و هو يتناول العابر (1)و هو ضعيف،لأنه مرور ثان،فلا يفعله كالأول.

و الحديث لم يتناول العابر،لأن الخبر هكذا:(فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)و بعد العبور فليس مريدا للاجتياز.

السادس:

قال أبو الصلاح من علمائنا:يكره الصلاة إلى إنسان مواجه (2)، و هو حسن،لأن فيه تشبها بالساجد لذلك الشخص.

و في حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه و آله كان يصلي حذاء وسط السرير و أنا مضطجعة بينه و بين القبلة تكون لي الحاجة فأكره أن أقوم فاستقبله فأنسل انسلالا (3).

مسألة:و يكره أن يصلي إلى نار مظلمة.

ذهب إليه أكثر علمائنا (4).

و قال أبو الصلاح،لا يجوز (5)،و تردد في إفساد الصلاة لو توجه إليها.

لنا على الجواز:الأصل،و ما رواه الشيخ،عن الحسن بن علي الكوفي (6)،عن الحسين بن عمرو (7)،عن أبيه،عن عمرو بن إبراهيم الهمداني (8)رفع الحديث،قال:

ص:341


1- 1المغني 2:78.
2- 2) الكافي في الفقه:141. [1]
3- 3) صحيح البخاري 1:136 و ج 8:76،سنن النسائي 2:66،مسند أحمد 6:125. [2]
4- 4) منهم:الطوسي في المبسوط 1:86،و [3]ابن حمزة في الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،و سلار في المراسم: 66،و ابن إدريس في السرائر:58.
5- 5) الكافي في الفقه:141.
6- 6) الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي:أبو محمد من أصحابنا الكوفيين ثقة ثقة.قاله النجاشي،و قال الشيخ في الفهرست:له كتاب،و ذكره الصدوق في مشيخته بعنوان:الحسن بن علي الكوفي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. الفقيه 4(شرح المشيخة):40،رجال النجاشي:62،الفهرست:50، [4]رجال العلامة:44. [5]
7- 7) الحسين بن عمرو بن إبراهيم الهمداني،نقل المحقق المامقاني عن الصدوق أنه مجهول،و قد صرح الصدوق بجهالته و جهالة أبيه،و لا يخفى أن إسناد الرواية في التهذيب و الاستبصار:عن الحسن بن علي الكوفي عن الحسين بن عمرو عن أبيه عمرو بن إبراهيم الهمداني،و ظاهر ذلك أن والد الحسين هو عمرو بن إبراهيم، و إسناد الرواية في الفقيه:الحسين بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن إبراهيم و ذلك يدل على أن والد الحسين غير عمرو بن إبراهيم. الفقيه 1:162،تنقيح المقال 1:339، [6]معجم رجال الحديث 6:63. [7]
8- 8) عمرو بن إبراهيم الهمداني قد وقع في طريق الصدوق و صرح بجهالته،و نقل المحقق الأردبيلي و المامقاني تصريح الصدوق بجهالته أيضا. الفقيه 1:162،جامع الرواة 1:615، [8]تنقيح المقال 2:339. [9]

قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا بأس أن يصلي الرجل و النار و السراج و الصورة بين يديه،ان الذي يصلي[له أقرب إليه] (1)من الذي بين يديه» (2).

و على الكراهية:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام،قال:سألته عن الرجل يصلي و السراج موضوع بين يديه في القبلة؟ فقال:«لا يصلح له أن يستقبل النار» (3).قال ابن بابويه:هذا هو الأصل الذي يجب أن يعمل به،فأما الحديث المروي،عن أبي عبد الله عليه السلام فهو حديث منقطع السند يرويه ثلاثة من المجهولين:الحسين بن عمرو،عن أبيه،عن عمرو بن إبراهيم الهمداني و هم مجهولون،و لكنها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات،ثمَّ اتصلت بالمجهولين و الانقطاع،فمن أخذ بها لم يكن مخطئا،بعد أن يعلم ان الأصل هو النهي،و ان الإطلاق رخصة (4).

احتج أبو الصلاح بأنها صلاة منهي عنها،و لأن فيه تشبها بعباد النيران،لأنها

ص:342


1- 1في النسخ:ان الذي يصلي إليه أقرب من الذي.
2- 2) التهذيب 2:226 حديث 890،الاستبصار 1:396 حديث 1512،الوسائل 3:459 الباب 30 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:225 حديث 889،الاستبصار 1:396 حديث 1511،الوسائل 3:459 الباب 30 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الفقيه 1:162.

تعبد من دون اللّه.

و الجواب عن الأوّل:انّ النّهي للكراهية.

و عن الثّاني:انه يقتضي الكراهية لا التحريم.

مسألة:و تكره الصلاة إلى الصور و التماثيل.

ذهب إليه علماؤنا،و أكثر الجمهور (1).لأن الصور تعبد من دون الله،فكره التشبه بفاعله.و لأنه يشغل بالنظر إليها.

و روى الجمهور،عن عائشة،قالت:كان لنا ثوب فيه تصاوير،فجعلته بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله و هو يصلي،فنهاني عن ذلك (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أصلي و التماثيل قدامي و أنا أنظر إليها؟قال:«لا،اطرح عليها ثوبا،و لا بأس بهذا إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك،و إن كانت في القبلة فاطرح عليها ثوبا و صل» (3).

مسألة:و يكره إلى المصحف المفتوح و الباب المفتوح.

و قال أبو الصلاح:لا يجوز (4)إلى المصحف المفتوح،و تردد في الفساد.

لنا:الأصل الجواز،و أما الكراهية،فلأن فيه تشاغلا عن العبادة.

احتج أبو الصلاح بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي و بين يديه مصحف مفتوح في قبلته،قال:«لا» (5).

ص:343


1- 1المدونة الكبرى 1:91،المبسوط للسرخسي 1:210،نيل الأوطار 2:98.
2- 2) سنن الدارمي 2:284. [1]
3- 3) التهذيب 2:226 حديث 891،و 370 حديث 1541،الاستبصار 1:394 حديث 1502،الوسائل 3: 461 الباب 32 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) لم نعثر على قوله.
5- 5) الكافي 3:390 حديث 15، [3]الفقيه 1:165 حديث 776،التهذيب 2:225 حديث 888،الوسائل 3:456 الباب 27 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

و جوابه:النهي للكراهية،على ان في السند قولا،أما لو كان المصحف في غلاف،فإنه لا تكره الصلاة إليه،لعدم التشاغل حينئذ.

و يؤيده رواية عمار،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:فإن كان في غلاف؟ قال:«نعم».

فروع:
الأول:

يكره أن يكتب في القبلة شيء،لأن التشاغل يحصل معه.

الثاني:

لا فرق في النهي بين حافظ القرآن و جاهله،و لا بين القارئ و من لا يحسن الكتابة،لأن التشاغل يحصل للجميع.

الثالث:

يكره تزويق القبلة و نقشها،لأن فيه تشاغلا عن العبادة.

الرابع:

روى ابن بابويه،عن علي بن جعفر،عن أخيه موسى عليه السلام، قال:سألته عن الرجل يصلي و أمامه شيء من الطير (1)؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي و أمامه النخلة و فيها حملها؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي في الكرم و فيه حمله؟قال:«لا بأس»و عن الرجل يصلي و أمامه حمار واقف؟قال:«يضع بينه و بينه قصبة،أو عودا،أو شيئا يقيمه بينهما،ثمَّ يصلي فلا بأس» (2).

الخامس:

يكره أن يصلي إلى حائط ينز من بالوعة يبال فيها،روي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام،و قد تقدم (3).

السادس:

يكره أن يصلي إلى سيف مشهر (4)أو غيره من السلاح.و قال أبو

ص:344


1- 1في بعض المصادر:الطين.
2- 2) الفقيه 1:64 حديث 775،الوسائل 3:467 الباب 37 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
3- 3) تقدم في ص 326. [2]
4- 4) «غ»:مشهور.

الصلاح:لا يجوز،و تردد في الإفساد (1).

لنا:الأصل الجواز حتى يظهر مناف بدليل شرعي و لم يوجد.

احتج أبو الصلاح بما رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«لا يصلي الرجل و في قبلته نار،أو حديد»قلت:إله أن يصلي و بين يديه مجمرة شبه (2)؟قال:«نعم،فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته» (3).

و جوابه:انه يدل على الكراهية،على ان السند ضعيف.

السابع:

قال أبو الصلاح:تكره إلى السلاح المتواري،و مقابلة وجه الإنسان، و المرأة نائمة أشد كراهية (4).و الأقرب عندي:لا تكره إلى المرأة النائمة.و هو قول بعض الجمهور (5).و قال آخرون منهم بالكراهية (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة،قالت:كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصلي في الليل و عائشة معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة،و النبي صلى الله عليه و آله لا يفعل مكروها (7)مع إمكان التحرز منه.

ص:345


1- 1الكافي في الفقه:141.
2- 2) الشبه:ضرب من النحاس.الصحاح 6:2236.
3- 3) الكافي 3:390 حديث 15، [1]الفقيه 1:165 حديث 776،التهذيب 2:225 حديث 888،الوسائل 3: 456 الباب 27 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [2]
4- 4) الكافي في الفقه:141. [3]
5- 5) المجموع 3:251،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:297.
6- 6) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:663،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:297، نيل الأوطار 3:9.
7- 7) صحيح البخاري 1:107،136،137،صحيح مسلم 1:366 حديث 512 و ص 511 حديث 744، سنن ابن ماجه 1:307 حديث 956،سنن أبي داود 1:189 حديث 710-711،سنن النسائي 1: 101 و ج 2:67،سنن الدارمي 1:328، [4]مسند أحمد 6:37،199،231،نيل الأوطار 3:9 حديث 1.في بعض المصادر بتفاوت.

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه (1)عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال:«لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل و هو يصلي،فإن النبي صلى الله عليه و آله[كان يصلي] (2)و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض،فكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد» (3).

احتج المخالف (4)بما روي ان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن الصلاة إلى النائم و المحدث (5).

و الجواب:حديثنا أقوى دلالة،لأنه حكاية فعله عليه السلام،و حديثكم تضمن الأخبار بالنهي،فلعل الراوي توهم ما ليس بنهي نهيا.

فرع:

لو خاف من العدو جاز أن يصلي إلى السيف المشهر (6)للضرورة و لم يكن مكروها،ذكره الشيخ (7).

مسألة:و تكره الصلاة في المجزرة،

و هي مذابح الأنعام المعدة لذلك.

و قال أبو الصلاح:لا يجوز (8).

ص:346


1- 1«ن»بزيادة:في الصحيح.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) الفقيه 1:159 حديث 749،الوسائل 3:424،الباب 4 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
4- 4) المغني 2:72،الشرح الكبير بهامش المغني 1:663،إرشاد الساري 1:472،عمدة القارئ 4:272، نيل الأوطار 3:9.
5- 5) سنن ابن ماجه 1:308 حديث 959،سنن أبي داود 1:185 حديث 694،كنز العمال 7:346 حديث 19200،نيل الأوطار 3:9.
6- 6) «غ»:المشهور.
7- 7) المبسوط 1:86. [2]
8- 8) الكافي في الفقه:141. [3]

لنا:قوله عليه السلام:(جعلت لي الأرض مسجدا) (1).و هو بمفهومه يدل على صورة النزاع.و أما الكراهية،فلأنها لا تنفك من النجاسات،و قد بينا (2)كراهية الصلاة في مثلها.

و تكره الصلاة في قرى النمل،لحديث عبد الله بن الفضل،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام (3).و لأنه قد يتأذى بها،فيشتغل عن العبادة.

و تكره في بطون الأودية لأنها مسيل المياه،و سيأتي كراهية الصلاة فيه.

و تكره في الأرض السبخة.ذهب إليه علماؤنا.لأن الجبهة لا تقع جيدا على الأرض.و يؤيده:ما رواه عبد الله بن الفضل،و قد تقدم.

و لا يعارض ذلك بما رواه الشيخ،عن سماعة في الموثق،قال:سألته عن الصلاة في السباخ؟فقال:«لا بأس» (4)لأن الرواة ضعفاء،و لم يسندها سماعة إلى إمام، و ليس ببعيد (5)من الصواب أن تحمل هذه الرواية على حالة التمكن من وضع الجبهة على الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سألته عن الصلاة في السبخة لم تكره؟قال:«لأن الجبهة لا تقع مستوية» فقلت:إن كان فيها أرض مستوية؟فقال:«لا بأس» (6).

ص:347


1- 1تقدم في ص 309. [1]
2- 2) راجع ص 325. [2]
3- 3) التهذيب 2:219 حديث 863،الاستبصار 1:394 حديث 1504،الوسائل 3:441 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [3]
4- 4) التهذيب 2:221 حديث 872،الاستبصار 1:395 حديث 1508،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلي،حديث 8. [4]
5- 5) «م»:بعيدا.
6- 6) التهذيب 1:221 حديث 873،الاستبصار 1:396 حديث 1509،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلي،حديث 7. [5]

و تكره في أرض الثلج،لرواية عبد الله بن الفضل (1).

مسألة:و تكره الصلاة في مجرى الماء.

ذهب إليه علماؤنا.لرواية عبد الله بن الفضل،و لأنه يشبه الطريق،و قد مضى بيان الكراهية هناك (2).

فروع:
الأول:

تكره الصلاة في السفينة،لأنه يكون قد صلى في مجرى الماء.و كذا لو صلى على ساباط تحته نهر يجري،أو ساقية.

الثاني:

هل يشترط في الكراهية جريان الماء؟عندي فيه توقف أقربه عدم الاشتراط.

الثالث:

لا فرق بين الماء الطاهر و النجس في ذلك.

الرابع:

هل تكره الصلاة على الماء الواقف؟فيه تردد أقربه الكراهية.

مسألة:و تكره الصلاة في ثلاثة مواطن بطريق مكة:

البيداء،و ذات الصلاصل،و ضجنان.

و تكره الصلاة في وادي الشقرة،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق:البيداء و هي ذات الجيش،و ذات الصلاصل،و ضجنان» (3).

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،قال:قلت لأبي الحسن عليه السلام:إنا كنا في البيداء في آخر الليل،فتوضأت و اسكت و أنا أهم بالصلاة،ثمَّ كأنه دخل قلبي شيء،فهل يصلي في البيداء في المحمل؟فقال:«لا تصل في

ص:348


1- 1تقدمت في ص 311. [1]
2- 2) راجع ص 328.
3- 3) التهذيب 2:375 حديث 1560،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]

البيداء» (1).

و في الصحيح،عن أيوب بن نوح،عن أبي الحسن الأخير عليه السلام،قال:

قلت له:تحضر الصلاة و الرجل بالبيداء؟قال:«يتنحى عن الجواد يمنة و يسرة و يصلي» (2).

و روى الشيخ،عن أحمد بن فضال،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تصل في وادي الشقرة» (3).

فروع:
الأول:

البيداء في اللغة:المفازة (4)،و ليس ذلك على عمومه هاهنا،بل المراد.

بذلك موضع معين.

روى الشيخ في الصحيح،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،عن أبي الحسن عليه السلام،قلت:و أين حد البيداء؟فقال:«كان أبو جعفر عليه السلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير و لا يصلي حتى يأتي معرس النبي صلى الله عليه و آله»،قلت:فأين ذات الجيش؟قال:«دون الحفيرة بثلاثة أميال» (5).

و قد ورد أنها أرض خسف.روي ان جيش السفياني يأتي إليها قاصدا مدينة الرسول صلى الله عليه و آله فيخسف الله تعالى بتلك الأرض،و بينها و بين ميقات أهل المدينة الذي هو ذو الحليفة ميل واحد و هو نصف فرسخ فحسب.

الثاني:

تكره الصلاة في أرض الخسف،لأنها مسخوط عليها،فليست محلا،

ص:349


1- 1التهذيب 2:375 حديث 1558،الوسائل 3:450 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:375 حديث 1559،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:375 حديث 1561،الوسائل 3:452 الباب 24 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [3]
4- 4) الصحاح 2:450.
5- 5) التهذيب 2:375 حديث 1558،الوسائل 3:450 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [4]

للإجابة و العبادة،و قد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كره الصلاة في أرض بابل، فلما عبر الفرات إلى الجانب الغربي،وفاته لأجل ذلك أول الوقت،ردت له الشمس إلى موضعها في أول الوقت،و صلى بأصحابه العصر (1).و لا نعتقد ان الشمس غابت بالكلية،لأنه يحرم ترك الصلاة لأجل كراهية المحل.

الثالث:

لو ضاق الوقت و هو في تلك الأرض صلى فيها،لأنه محل ضرورة.

و يؤيده:ما رواه ابن بابويه،عن علي بن مهزيار،قال:سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يصير بالبيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها،كيف يصنع بالصلاة و قد نهي أن يصلي بالبيداء؟فقال:«يصلي فيها و يتجنب قارعة الطريق» (2).

الرابع:

ضجنان جبل بمكة.ذكره صاحب الصحاح (3).و الصلاصل جمع صلصال،و هي الأرض التي لها صوت و دوي.و الشقرة-بفتح الشين و كسر القاف- واحدة الشقر و هو شقائق النعمان،و كل موضع فيه ذلك يكره فيه الصلاة.و قيل:

وادي الشقرة موضع مخصوص بطريق مكة.ذكره ابن إدريس (4).

و الأقرب:الأول،لما فيه من اشتغال القلب بالنظر إليه.و قيل:هذه مواضع خسف (5)،فتكره الصلاة فيها لذلك.

الخامس:

تكره الصلاة في أرض الرمل المنهال،لأنه لا يتمكن من السجود عليه فتتناوله العلة التي أشار إليها الصادق عليه السلام في الأرض السبخة (6).و كذا تكره

ص:350


1- 1الفقيه 1:130 حديث 611،علل الشرائع 2:352 حديث 4،الوسائل 3:468 الباب 38 من أبواب مكان المصلي،حديث 1،2،3. [1]
2- 2) الفقيه 1:157 حديث 734،الوسائل 3:451 الباب 23 من أبواب مكان المصلي،حديث 6. [2]
3- 3) الصحاح 6:2154.
4- 4) السرائر:56.
5- 5) المعتبر 2:115. [3]
6- 6) التهذيب 2:221 حديث 873،الاستبصار 1:396 حديث 1509،الوسائل 3:448 الباب 20 من أبواب مكان المصلّي،حديث 7. [4]

في أرض الوحل و حوض الماء إذا تمكن من استيفاء الواجبات،أما لو أخل ببعضها، فإنه لا يجوز إلا مع الضرورة.

البحث الثالث:فيما يسجد عليه
مسألة:قال علماؤنا:لا يجوز السجود على ما ليس بأرض و لا ينبت منها

كالجلود، و الصوف،و الشعر،و أشباهها،خلافا للجمهور (1).

لنا:ما رواه الجمهور،عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم:الجبهة،و اليدين،و الركعتين،و أطراف القدمين) (2).

قال صاحب الصحاح:السجود وضع الجبهة على الأرض (3).و عن عكرمة:قال:

قال رسول الله صلى الله عليه و آله:(لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبهة) (4)و هو يدل على وجوب إصابة الجبهة الأرض.

و عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه و آله قال:(إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض) (5).

و عن خباب (6)قال:شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله حر الرمضاء في

ص:351


1- 1المغني 1:593،المجموع 3:425،المحلى 4:83،الهداية للمرغيناني 1:50،شرح فتح القدير 1:265.
2- 2) صحيح البخاري 1:206،صحيح مسلم 1:354 حديث 230،سنن ابن ماجه 1:286 حديث 883-884،سنن النسائي 2:209،سنن الدارمي 1:302، [1]نيل الأوطار 2:287 حديث 2.
3- 3) الصحاح 1:480.
4- 4) سنن الدار قطني 1:348 حديث 2،كنز العمال 7:465 حديث 19803،نيل الأوطار 2:288.
5- 5) مجمع الزوائد 3:275.
6- 6) خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد التميمي:أبو عبد الله،شهد بدرا،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه عبد الله و أبو أمامة و أبو معمر و سعيد بن وهب و مسروق،نزل الكوفة و مات بها سنة 37 ه. الإصابة 1:416، [2]أسد الغابة 2:98، [3]تهذيب التهذيب 3:133. [4]

جباهنا و أكفنا فلم يشكنا (1).و ذلك يدل على ان السجود لا يجوز على الفرش و إلا لما افتقر إلى الشكوى و كان يشكيهم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك قال:

قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا يسجد إلا على الأرض،أو ما أنبتته الأرض إلا القطن و الكتان» (2).

و في الحسن،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:أسجد على الزفت -يعني القير-فقال:«لا،و لا على الثوب الكرسف،و لا على الصوف،و لا على شيء من الحيوان،و لا على طعام،و لا على شيء من ثمار الأرض،و لا على شيء من الرياش» (3).

و عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب جبهته الأرض؟قال:«لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته إلى الأرض» (4).

و ما رواه الشيخ في الصحيح،و ابن بابويه جميعا،عن حماد بن عثمان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السجود على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس» (5).

ص:352


1- 1صحيح مسلم 1:433 حديث 619،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 675،سنن النسائي 1:247، مسند أحمد 5:108،110. [1]
2- 2) التهذيب 2:303 حديث 1225،الاستبصار 1:331 حديث 1241،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 6. [2]
3- 3) التهذيب 2:303 حديث 1226،الاستبصار 1:331 حديث 1242،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [4]
5- 5) الفقيه 1:174 حديث 826،التهذيب 2:234 حديث 924،و ص 313 حديث 1274،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [5]

و عن علي بن يقطين،انه سأل أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح و البساط؟فقال:«لا بأس به إذا كان في حال تقية،و لا بأس بالسجود على الثياب في حال التقية» (1).

و عن هشام بن الحكم،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام،أخبرني عمار يجوز السجود عليه؟و عما لا يجوز؟قال:«السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس» (2)و لأن النبي صلى الله عليه و آله سجد على الأرض (3)و كان ذلك بيانا للواجب،فيكون واجبا.و لأنه قال:(صلوا كما رأيتموني أصلي) (4)و هو يتناول جميع الأحوال.و لأن السجود عبادة شرعية يتوقف في إيضاحها على الشرع، و قد وقع الاتفاق على الأرض و ما أنبتته،فيقتصر عليه.و لأن السجود أبلغ شيء في التذلل،فيكون على أبلغ الأحوال و أتمها في الخضوع.

مسألة:

و لا يسجد على ما استحال من الأرض و خرج بالاستحالة عن اسمها، كالمعادن،سواء كانت منطبعة كالقير،و النفط،و الزئبق،أو غير منطبعة كالعقيق و شبهه،لأن النبي صلى الله عليه و آله واظب على السجود على الأرض،و ذلك الاقتصار يقتضي أن يكون من كيفيات السجود فيتبع،لقوله:(صلوا كما رأيتموني أصلي).

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن أبي الحسن الرضا عليه

ص:353


1- 1الفقيه 1:176 حديث 831، [1]التهذيب 2:235 حديث 930،و ص 307 حديث 1245، الاستبصار 1:332 حديث 1244،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [2]
2- 2) الفقيه 1:177 حديث 840،التهذيب 2:234 حديث 925،الوسائل 3:591 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1263،الوسائل 3:609 الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه، حديث 6814.و [4]من طريق العامة انظر:سنن الترمذي 2:54 حديث 270،جامع الأصول 6:253 حديث 3515،نيل الأوطار 2:286 حديث 6.
4- 4) صحيح البخاري 1:162،و ج 8:11،سنن الدارمي 1:286، [5]مسند أحمد 5:53.

السلام قال:«لا تسجد على القير و لا على القفر و لا على الصاروج» (1).

و في القير و القفر رواية أخرى رواها الشيخ،عن معاوية بن عمار،قال:سأل المعلى بن خنيس أبا عبد الله عليه السلام و أنا عنده عن السجود على القفر و على القير؟ فقال:«لا بأس» (2)و حمل الأصحاب هذه الرواية على التقية أو على حال الضرورة (3)توفيقا بين الأخبار،و هو حسن.

و لا يسجد على شيء من الثمار و لا على المطعومات و إن كانت من نبات الأرض، لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يسجد عليه،و لا ريب ان السجود عبادة شرعية، فيتلقى عن صاحب الشرع.

و يؤيده:قولهم عليهم السلام:«لا يجوز السجود إلا على الأرض و ما أنبتته الأرض إلا ما أكل أو لبس» (4).

فرع:

و لا يسجد على الجمار،لأنه مأكول،و لا على الغلات كالحنطة و الشعير على إشكال،و الوجه الجواز،لأنها في تلك الحال غير مأكولة عادة.

و كذا لا يجوز السجود على البقول المأكولة كالهندباء،و الرشاد و ما أشبههما.

مسألة:و في السجود على القطن،و الكتان روايتان،

أظهرهما بين الأصحاب المنع،و هو فتوى

ص:354


1- 1التهذيب 2:304 حديث 1228،الاستبصار 1:334 حديث 1254،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:303 حديث 1224،الاستبصار 1:334 حديث 1255،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:303،الاستبصار 1:334.
4- 4) الوسائل 3:591 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1-6. [3]

الشيخين (1)،و من تابعهما (2)،و السيد المرتضى رحمه الله في المصباح (3).و قال في المسائل الموصلية:يكره في الثوب المنسوج من قطن أو كتان كراهية تنزه و طلب فضل،لا أنه محظور و محرم (4).

لنا:ما تقدم في رواية الفضل،عن الصادق عليه السلام،و رواية زرارة عن الباقر عليه السلام،و رواية حماد بن عثمان،و قد تقدم ذلك (5).

احتج السيد المرتضى بما رواه الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على الكتان و القطن من غير تقية؟فقال:

«جائز» (6).

و عن الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني (7)،قال:كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن السجود على القطن و الكتان من غير تقية و لا ضرورة؟ فكتب إلي:«ذلك جائز» (8).

ص:355


1- 1المفيد،نقله عنه في المعتبر 2:119،و [1]الطوسي في المبسوط 1:89،و النهاية:102،و الخلاف 1:124.
2- 2) الكافي في الفقه:140، [2]المراسم:66،المهذب 1:75،الوسيلة(الجوامع الفقهية):672،السرائر: 57.
3- 3) نقله عنه في المعتبر 2:119. [3]
4- 4) رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الأولى):174.
5- 5) تقدم في ص 352. [4]
6- 6) التهذيب 2:307 حديث 1246،الاستبصار 1:332 حديث 1246،الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 6. [5]
7- 7) الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني نقل المحقق الأردبيلي رواية سعد بن عن عبد الله بن جعفر عنه،و قال المحقق الخوئي:الصحيح:الحسن بن علي بن كيسان،و لا يبعد وقوع التحريف فيه. جامع الرواة 1:249، [6]معجم رجال الحديث 5:55. [7]
8- 8) التهذيب 2:308 حديث 1248،الاستبصار 1:333 حديث 1253،الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [8]

و عن ياسر الخادم (1)قال:مر بي أبو الحسن عليه السلام و أنا أصلي على الطبري و قد ألقيت عليه شيئا أسجد عليه،فقال لي:«مالك لا تسجد عليه؟أ ليس هو من نبات الأرض؟» (2).

و تأول الشيخ الحديث الأول بالجواز في حال الضرورة (3)،لما رواه منصور بن حازم،عن غير واحد من أصحابنا،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أ نسجد عليه؟قال:«لا،و لكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا أو كتانا» (4)و كذا تأول الرواية الثانية عليه (5).

و قوله:من غير ضرورة أي من غير ضرورة توجب الهلاك،و هذا و إن كان بعيدا إلا انه محتمل.

و تأول الرواية الثالثة بالتقية (6)،لما رواه في الصحيح،عن علي بن يقطين، قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح (7)و البساط؟فقال:

«لا بأس إذا كان في حال تقية» (8).فعلمنا ثبوت الرخصة في هذين الشيئين لأجل

ص:356


1- 1ياسر القمي خادم الرضا(ع)و هو مولى حمزة بن اليسع،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)، و قال في الفهرست:له مسائل عن الإمام الرضا(ع). رجال النجاشي:453،رجال الطوسي:395،الفهرست:183. [1]
2- 2) التهذيب 2:235 حديث 927،و ص 308 حديث 1249،الاستبصار 1:331 حديث 1243، الوسائل 3:595 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [2]
3- 3) التهذيب 2:307،الاستبصار 1:332.
4- 4) التهذيب 2:308 حديث 1247،الاستبصار 1:333 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [3]
5- 5) التهذيب 2:308،الاستبصار 1:333.
6- 6) التهذيب 2:308،الاستبصار 1:331.
7- 7) المسح:الكساء من الشعر.لسان العرب 2:596،و [4]هذه الترجمة موجودة في ص 367 إلا انها هناك تبقى في مكانها.
8- 8) التهذيب 2:235 حديث 930،و ص 307 حديث 1245،الاستبصار 1:332 حديث 1244، الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [5]

التقية،فكذا في صورة النزاع.

فرع:

و كذا كل ثوب يعمل من غير القطن و الكتان كالثياب المعمول من القنب (1)، و الصوف،و الشعر و غيرها،لأنها ملبوسة بمجرى (2)العادة،و هل يصح السجود على ما يكون من نبات الأرض إذا عمل ثوبا و إن لم يكن بمجرى العادة ملبوسا؟فيه تردد أقربه الجواز.

مسألة:و لا يجوز السجود على كور العمامة.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و هو قول الشافعي (3)،و إحدى الروايتين عن أحمد.

و قال في الرواية الأخرى:يجوز السجود (4)عليه،و هو قول مالك (5)،و أبي حنيفة (6).

لنا:قوله تعالى :«اِرْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» (7)و السجود هو وضع الجبهة على الأرض.

ص:357


1- 1القنب:بفتح النون المشددة،نبات يؤخذ لحاؤه ثمَّ يفتل حبالا،و له حب يسمى:الشهدانج.المصباح المنير 2:517. [1]
2- 2) «م»«ن»«ق»«ح»:لمجرى.
3- 3) المجموع 3:425،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 3:301،المغني 1:593،عمدة القارئ 4:118.
4- 4) المغني 1:593،الكافي لابن قدامة 1:176،الإنصاف 1:68،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،المجموع 3:425،عمدة القارئ 4:117،منار السبيل 1:84.
5- 5) المدونة الكبرى 1:74،المغني 1:593،المجموع 3:425،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،إرشاد الساري 1:408،عمدة القارئ 4:117.
6- 6) الهداية للمرغيناني 1:50، [2]شرح فتح القدير 1:265،المغني 1:593،ميزان الكبرى 1:152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،المجموع 3:425،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 1:301،إرشاد الساري 1:407،عمدة القارئ 4:117.
7- 7) الحج 22.

ذكره الجوهري (1).

و ما رواه الجمهور في حديث خباب (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أحدهما عليهما السلام،قال:قلت له:الرجل يسجد و عليه القلنسوة أو عمامة؟فقال:«إذا مس جبهته الأرض فيما بين حاجبيه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه» (3).

و عن أبان،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب جبهته الأرض؟قال:«لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته إلى الأرض» (4).

و عن طلحة بن زيد،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليهم السلام،انه كان لا يسجد على الكمين و لا العمامة (5).و لأنه يسجد على ما هو حامل له فلم يجز،كما لو سجد على يديه.

احتج المخالف (6)بما رواه أنس،قال:كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه و آله فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود (7).

ص:358


1- 1الصحاح 1:480.
2- 2) صحيح مسلم 1:433 حديث 189-190،سنن ابن ماجه 1:222 حديث 675،سنن النسائي 1: 247،مسند أحمد 5:108،110.
3- 3) التهذيب 2:85 حديث 314،و ص 235 حديث 931،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [1]
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [2]
5- 5) التهذيب 2:310 حديث 1155،الوسائل 3:606 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [3]
6- 6) المغني 1:593،المجموع 3:426،عمدة القارئ 4:117،إرشاد الساري 1:408.
7- 7) صحيح البخاري 1:107،صحيح مسلم 1:433 حديث 620،سنن ابن ماجه 1:329 حديث 1033،سنن أبي داود 1:177 حديث 660،سنن الدارمي 1:308، [4]نيل الأوطار 2:289 حديث 1. في بعض المصادر بتفاوت.

و عن ثابت بن صامت (1)ان رسول الله صلى الله عليه و آله في بني عبد الأشهل و عليه كساء ملتف به يضع يديه عليه يقيه برد الحصا (2).و في رواية:فرأيته واضعا يديه على قرنه إذا سجد (3).و لأنه عضو من أعضاء السجود،فجاز السجود على حائلة كالقدمين.

و الجواب عن الحديث الأول:انه غير محل النزاع،إذا يجوز السجود على الحائل مع الضرورة.

و عن الثاني:انا نقول بموجبة إذ إصابة اليدين الأرض غير واجب عندنا.

و عن الثالث:ان السجود عبادة شرعية يتبع فيها النقل،و قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه و آله،المداومة على وضع الجبهة على الأرض،فيكون واجبا بالنص (4)، فيبطل القياس مع قيام الفرق،إذ وضع الجبهة على الأرض أبلغ أنواع الخضوع و هو أمر مطلوب،و مع الحائل تفوت بخلاف القدمين.

فرع:

المنع عندنا من السجود على كور العمامة لا من حيث هو حامل له و إن لاح من

ص:359


1- 1ثابت بن الصامت بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل الأنصاري،قيل:مات في الجاهلية،و قيل:له صحبة.روى عن النبي(ص)عن طريق عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن ثابت،و روى عنه ابنه عبد الرحمن. أسد الغابة 1:224، [1]الإصابة 1:193. [2]
2- 2) سنن ابن ماجه 1:329 حديث 1032.
3- 3) سنن ابن ماجه 1:328 حديث 1031،عمدة القارئ 4:118،نيل الأوطار 2:291 حديث 3.
4- 4) صحيح البخاري 1:206،صحيح مسلم 1:354 حديث 490،سنن ابن ماجه 1:286 حديث 883-884،سنن أبي داود 1:235 حديث 891-890،سنن الترمذي 2:61 حديث 272-273،سنن النسائي 2:209،سنن الدارمي 1:302،كنز العمال 7:458 حديث 19770،نيل الأوطار 2:287 حديث 2.

كلام الشيخ (1)التعليل بذلك،فعلى هذا لو كان المحمول مما يصح السجود عليه كالخوص (2)أو النبات مثلا صح السجود عليه،سواء كان عمامة،أو طرف رداء،أو غيرهما.و الشيخ إن علل ذلك بكونه حاملا له كما هو مذهب الشافعي (3)طالبناه بالدلالة عليه،فطن احتج برواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (4)،منعنا صرف النهي إلى محل النزاع،إذ المفهوم من العمامة في غالب الاستعمال ما يتخذ من الملبوس عادة.

و كذا لو وضع بين جبهته و كور العمامة ما يصح السجود عليه كقطعة من خشب يستصحبها في قيامه و ركوعه،فإذا سجد كانت جبهته موضوعة عليها صحت صلاته.

مسألة:و لا يجوز السجود على بعض أعضائه اختيارا،

لأنه مأمور بالسجود على الأرض على ما مر (5)و لم يأت به،و ما تقدم من الأحاديث (6).

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الحسن،عن حماد بن عيسى،عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل،«ثمَّ سجد و بسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه» (7)و البيان للمجمل الواجب واجب إلا ما يخرج بالدليل.و لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يفعله،و المداومة على الترك تدل على المنع.و لحديث زرارة و قد تقدم (8).و لأنه يؤدي إلى تداخل السجود.

مسألة:و لا يجوز السجود على القير،و النفط،و شبههما و لا على الصاروج،

لأنها

ص:360


1- 1الخلاف 1:124 مسألة 113.
2- 2) الخوص:ورق النخل.المصباح المنير 1:183.
3- 3) الام 1:114،المهذب للشيرازي 1:76،المجموع 3:423، [1]مغني المحتاج 1:168،ميزان الكبرى 1: 152،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:47،إرشاد الساري 1:408.
4- 4) التهذيب 2:86 حديث 319،الوسائل 3:605 الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [2]
5- 5) راجع ص 351.
6- 6) تقدم في ص 352.
7- 7) التهذيب 2:81 حديث 301،الوسائل 4:673 الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة،حديث 1،2. [3]
8- 8) تقدم في ص 358.

خرجت بالاستحالة عن اسم الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،قال:«لا تسجد على القفر،و لا على القير،و لا على الصاروج» (1).

و عن يونس بن يعقوب،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تسجد على الذهب،و لا على الفضة» (2).

و في الصحيح،عن محمد بن الحسين،ان بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج؟قال:فلما نفد كتابي إليه تفكرت و قلت:هو مما أنبتت الأرض،و ما كان لي أن أسأل عنه!قال:فكتب إلي:

«لا تصل على الزجاج و إن حدثتك نفسك انه مما أنبتت الأرض و لكنه من الملح و الرمل،و هما ممسوخان» (3).

و لا يجوز السجود على الثلج،لأنه عنصر مغاير للأرض،فيدخل تحت المنع.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن معمر بن خلاد،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن السجود على الثلج؟فقال:«لا تسجد على (4)السبخة و لا على الثلج» (5).

مسألة:و يجوز السجود على كل ما أنبتت الأرض

مما لا يؤكل و لا يلبس من سائر أنواع الحشيش،و النبات،و الخشب و غيرها،لما تقدم من الأحاديث (6).و لأن

ص:361


1- 1التهذيب 2:304 حديث 1228،الاستبصار 1:334 حديث 1254،الوسائل 3:599 الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:304 حديث 1229،الوسائل 3:604 الباب 12 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:304 حديث 1231،الوسائل 3:604 الباب 12 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [3]
4- 4) «ح»«ق»:في،و كذا في التهذيب و الوسائل. [4]
5- 5) التهذيب 2:310 حديث 1257،الاستبصار 1:335 حديث 1262،الوسائل 3:602 الباب 9 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [5]
6- 6) راجع ص 352.

النبي صلى الله عليه و آله سجد على الخمرة (1)،و هي معمولة من سعف النخل.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إبراهيم بن أبي محمود،قال:قلت للرضا عليه السلام:الرجل يصلي على سرير ما ساج و يسجد على الساج؟قال:«نعم» (2).

و في الحسن،عن الحسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:ذكر ان رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام و سأله عن السجود على البوريا و الخصفة و النبات؟ قال:«نعم» (3).

و عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«لا بأس بالصلاة على البوريا،و الخصفة،و كل نبات إلا الثمرة» (4)و لأن الأصل الأرض،فجاز السجود عليه كأصله.

فروع
الأول:

السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات،لأن الخضوع هناك أتم.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن إسحاق بن الفضل (5)انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن السجود على الحصر و البواري؟فقال:«لا بأس،و أن يسجد على الأرض

ص:362


1- 1مسند أحمد 6:111.
2- 2) التهذيب 2:310 حديث 1259،الوسائل 3:607 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [1]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1261،الوسائل 3:593 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 10. [2]
4- 4) التهذيب 2:311 حديث 1262،الوسائل 3:593 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 9. [3]
5- 5) إسحاق بن الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر(ع)و قال:روى عن أبي جعفر و أبي عبد الله،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة في ترجمة الحسن بن محمد بن الفضل،و قال:كذلك إسحاق و يعقوب و إسماعيل. رجال الطوسي:105،رجال العلامة:43. [4]

أحب إلي،فإن رسول الله صلى الله عليه و آله كان يحب[ذلك] (1)أن تمكن جبهته من الأرض،فأنا أحب لك ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله يحبه» (2).

الثاني:

لا بأس بالسجود على القرطاس،و يكره إذا كان مكتوبا.

أما الأول:فللأصل و لأنه من الأرض.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن علي بن مهزيار،قال:سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟فكتب:«يجوز» (3).

و أما الثاني:فلأنه ربما اشتغل بنظره في الكتابة عن الصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتاب (4).

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن صفوان الجمال،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس و أكثر ذلك يومئ إيماءا (5).و لو كان السجود عليه سائغا لما أومأ.

لأنا نقول:ليس في هذا الحديث دلالة على المنع،بل هو يدل على الجواز،لأنه عليه السلام كان يسجد عليه،و لو لم يكن سائغا لما فعله،و الإيماء يحتمل أن يكون لعدم تمكنه من السجود،لكونه في المحمل،و يكون ذلك في النافلة أو الفريضة مع الضرورة.

ص:363


1- 1أضفناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 2:311 حديث 1263،الوسائل 3:609 الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:235 حديث 929،و ص 309 حديث 1250،الاستبصار 1:334 حديث 1257، الوسائل 3:601 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:304 حديث 1232،الاستبصار 1:334 حديث 1256،الوسائل 3:601 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [3]
5- 5) التهذيب 2:309 حديث 1251،الاستبصار 1:334 حديث 1258،الوسائل 3:600 الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1. [4]
الثالث:

روى الشيخ،عن عمر بن حنظلة،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:يكون الكدس من الطعام مطينا مثل السطح؟قال:«صل عليه» (1)و هذه الرواية مناسبة للمذهب،و لا ينافيها ما رواه الشيخ،عن محمد بن مضارب (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن كدس حنطة مطين أصلي فوقه؟فقال:«لا تصل فوقه»قلت:فإنه مثل السطح مستو،فقال:«لا تصل عليه» (3)لأن هذه الرواية محمولة على الكراهية.قال الشيخ:و لا بأس به (4).

الرابع:

لا بأس بالسجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط.قال الشيخ:و لا يجوز إذا كانت معمولة بالسيور إن كانت ظاهرة تشمل الجبهة (5).

روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه كان يصلي على الخمرة (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن حمران،عن أحدهما عليهما السلام، قال:«كان أبي يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة و يسجد عليها،فإذا لم يكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد» (7).

ص:364


1- 1التهذيب 2:309 حديث 1253،الاستبصار 1:400 حديث 1528،الوسائل 3:470 الباب 39 من أبواب مكان المصلي،حديث 1. [1]
2- 2) محمد بن مضارب،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)تارة بقوله:محمد بن مضارب، كوفي،و اخرى بقوله:محمد بن المضارب كوفي يكنى:أبا المضارب.
3- 3) التهذيب 2:309 حديث 1252،الاستبصار 1:400 حديث 1529،الوسائل 3:470 الباب 39 من أبواب مكان المصلي،حديث 2. [2]
4- 4) التهذيب 2:309،الاستبصار 1:400.
5- 5) المبسوط 1:90، [3]النهاية:102. [4]
6- 6) صحيح البخاري 1:107،صحيح مسلم 1:458 حديث 513،سنن ابن ماجه 1:328 حديث 1028،سنن أبي داود 1:176 حديث 656،سنن الترمذي 2:151 حديث 331،سنن النسائي 2:57.
7- 7) التهذيب 2:305 حديث 1234،الاستبصار 1:335 حديث 1259،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [5]

و في الموثق،عن الحلبي،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:دعا أبي بخمرة فأبطأت عليه،فأخذ كفا من حصى فجعله على البساط،ثمَّ سجد (1).

و أما ما ذكره الشيخ من الاشتراط فيدل عليه ما رواه علي بن الريان،قال:كتب بعض أصحابنا بيد إبراهيم بن عقبة إليه يعني أبا جعفر عليه السلام يسأله عن الصلاة على الخمرة المدنية؟فكتب:«صل فيها ما كان[معمولا] (2)بخيوطة و لا تصل على ما كان معمولا بسيورة» (3).

الخامس:

يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه،كالصوف،و الشعر، و الثياب كلها إذا كان موضع الجبهة مما يجوز السجود عليه عملا بالأصل،و لأن النبي صلى الله عليه و آله سجد على الخمرة (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن الفضيل بن يسار،و بريد بن معاوية،عن أحدهما عليهما السلام،قال:«لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر، و الصوف إذا كان يسجد على الأرض،و إن كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه و السجود عليه» (5).

لا يقال:يعارض ذلك ما رواه الشيخ،عن غياث بن إبراهيم،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليه السلام انه قال:«لا يسجد الرجل على شيء ليس عليه سائر جسده» (6).

ص:365


1- 1التهذيب 2:305 حديث 1235،الوسائل 3:594 الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [1]
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:306 حديث 1238،الوسائل 3:603،الباب 11 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [2]
4- 4) مسند أحمد 6:111. [3]
5- 5) التهذيب 2:305 حديث 1236،الاستبصار 1:335 حديث 1260،الوسائل 3:592 الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [4]
6- 6) التهذيب 2:305 حديث 1233،الاستبصار 1:335 حديث 1261،الوسائل 3:602 الباب 8 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [5]

لأنا نقول:ان هذه الرواية ضعيفة السند،فلا تعارض روايتنا،مع اعتضادها بالأصل و فعل النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام.

مسألة:و تخصيص ما ذكرناه بجواز السجود عليه إنما هو في حال الاختيار،

أما في حال الضرورة فلا.ذهب إليه علماؤنا أجمع،لأن مع حصول الضرورة لا تكليف.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:قلت له:أكون في السفر فتحضر الصلاة و أخاف الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟قال:

«تسجد على بعض ثوبك»قلت:ليس علي ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه و لا ذيله، قال:«اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد» (1).

و عن القاسم بن الفضيل (2)،قال:قلت للرضا عليه السلام:جعلت فداك، الرجل يسجد على كمه من أذى الحر و البرد؟قال:«لا بأس به» (3).

و عن أحمد بن عمر (4)،قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على

ص:366


1- 1التهذيب 2:306 حديث 1240،الاستبصار 1:333 حديث 1249،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 5. [1]
2- 2) القاسم بن الفضيل بن يسار النهدي البصري:أبو محمد ثقة،روى عن أبي عبد الله(ع)،عده الشيخ في رجاله بإسقاط-النهدي-من أصحاب الصادق(ع)،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة، و نقل المحقق الأردبيلي روايته عن أبي عبد الله و الرضا(ع). رجال النجاشي:313،رجال الطوسي:274،جامع الرواة 2:19، [2]رجال العلامة:134. [3]
3- 3) التهذيب 2:306 حديث 1241،الاستبصار 1:333 حديث 1250،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 2. [4]
4- 4) أحمد بن عمر الحلال كان يبيع الحل يعني الشيرج،روى عن الرضا(ع)و له عنه مسائل.قاله النجاشي، و عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الرضا(ع)بزيادة:كوفي أنما طي ثقة ردي الأصل،و اخرى في باب من لم يرو عنهم(ع)و قال:روى عنه محمد بن عيسى اليقطيني،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و قال بعد نقل قول الشيخ:فعندي توقف في قبول روايته،ثمَّ ان المحقق المامقاني قال: الموجود في أكثر النسخ الرجالية:الحلال-بالحاء المهملة-و في بعض النسخ الرجالية:الخلال،و هو غلط. رجال النجاشي:99،رجال الطوسي:368،447،رجال العلامة:14، [5]تنقيح المقال 1:74. [6]

كم قميصه من أذى الحر و البرد،أو على ردائه إذا كان تحته مسح (1)أو غيره مما لا يسجد عليه؟فقال:«لا بأس به» (2)و بنحوه روى ابن يسار،عن أبي الحسن عليه السلام (3).

و عن منصور بن حازم،عن غير واحد من أصحابنا،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أ فنسجد عليه؟فقال:«لا،و لكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا أو كتانا» (4).

فروع:
الأول:

حالة التقية بعض أحوال الضرورة،فيثبت فيها الترخص كغيرها.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح؟فقال:«إذا كان في تقية فلا بأس» (5).

و في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح و البساط؟فقال:«لا بأس إذا كان في حال تقية» (6).

ص:367


1- 1المسح:الكساء من الشعر.لسان العرب 2:596. [1]
2- 2) التهذيب 2:307 حديث 1242،الاستبصار 1:333 حديث 1251،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:307 حديث 1243،الاستبصار 1:333 حديث 1252،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 4. [3]
4- 4) التهذيب 2:307 حديث 1247،الاستبصار 1:332 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [4]
5- 5) التهذيب 2:307 حديث 1244،الاستبصار 1:332 حديث 1245،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 3. [5]
6- 6) التهذيب 2:307 حديث 1245،الاستبصار 1:332 حديث 1244،الوسائل 3:596 الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [6]
الثاني:

السجود على القطن و الكتان أولى من السجود على الثلج،لأنه من نبات الأرض بخلاف الثلج،لأنه من نبات الأرض بخلاف الثلج الذي ليس بأرض و لا منها.و يؤيده:حديث منصور بن حازم (1).

الثالث:

روى الشيخ،عن داود الصرمي،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،قلت له:اني أخرج في هذا الوجه و ربما لم يكن موضع أصلي فيه من الثلج فكيف أصنع؟قال:«إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه،و إن لم يمكنك فسوه و اسجد عليه» (2).

الرابع:

فعل هذه الصلاة على ما ذكرناه لا يستتبع القضاء،لأنها مأمور بها، فكانت مجزئة كغيرها.

الخامس:

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام، قال:سألته عن المريض؟فقال:«يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو الأفضل من الإيماء،إنما كره من كره السجود على المروحة من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون الله،و إنا لم نعبد غير الله قط فاسجد على المروحة،أو على عود،أو على سواك» (3).

السادس:

لا يجوز السجود على الوحل لعدم استقرار الجبهة عليه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سألته عن حد الطين الذي لا يسجد فيه ما هو؟قال:«إذا غرقت الجبهة و لم تثبت على الأرض» (4).

ص:368


1- 1التهذيب 2:308 حديث 1247،الوسائل 3:597 الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 2:310 حديث 1256،الاستبصار 1:336 حديث 1263،الوسائل 3:457 الباب 28 من أبواب مكان المصلي،حديث 3. [2]
3- 3) التهذيب 2:311 حديث 1264،الوسائل 3:606 الباب 15 من أبواب ما يسجد عليه،حديث 1،2. [3]
4- 4) التهذيب 2:312 حديث 1267،و ص 376 حديث 1562،الوسائل 3:442 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 9. [4]

و لو اضطر أومأ،لما رواه عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام:«فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود إيماءا» (1).

السابع:

يكره السجود على الأرض السبخة،و قد تقدم (2).

مسألة:و يشترط لموضع السجود أمران:

الملك أو ما في حكمه،و قد مضى البحث فيه (3).

و الطهارة،فلو سجد على شيء نجس لم تصح صلاته إجماعا منا.و هو قول أهل العلم كافة،إلا في رواية،عن أبي يوسف انها تفسد سجدته دون صلاته (4).و ليست شيئا،لأن فساد جزء الصلاة يستلزم فساد باقيها كما في الركوع.

احتج بأنه سجد على النجاسة،فلا يعتبر،فيصير كالعدم.

و جوابه:المنع من عدم اعتبارها في البطلان.

فرعان:
الأول:

هل يشترط طهارة مواضع الأعضاء السبعة التي يسجد عليها أم لا؟ فاختلف علماؤنا،فالأكثر اشترطوا طهارة موضع الجبهة لا غير،و استحبوا طهارة الباقي (5).و أبو الصلاح اشترط طهارة الجميع (6).و الأقرب عندي ما ذهب إليه

ص:369


1- 1التهذيب 2:312 حديث 1266،الوسائل 3:440 الباب 15 من أبواب مكان المصلي،حديث 4. [1]
2- 2) تقدم في ص 361.
3- 3) راجع ص 297.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:204.
5- 5) منهم:الطوسي في الخلاف 1:188 مسألة 242،و المحقق الحلي في الشرائع 1:72.
6- 6) الكافي في الفقه:140.

الأكثر،و هو اختيار أبي حنيفة و أصحابه،إلا أن أبا حنيفة اعتبر الموقف،فإن كان موضع القدمين نجسا لم تصح صلاته (1).و قال الشافعي بمثل قول أبي الصلاح (2).

لنا:الأصل عدم الاشتراط،و لأن وضع اليدين و الركبتين على الأرض عنده ليس بشرط للجواز،فطهارة موضعها أولى بعدم الاشتراط.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن الشاذكونة تكون عليها الجنابة أ يصلي عليها في المحمل؟قال:«لا بأس» (3).

و عن محمد بن أبي عمير،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام،أصلي على الشاذكونة و قد أصابتها الجنابة؟فقال:«لا بأس» (4).

احتج المخالف بأنه استعمل النجاسة في الصلاة،فصار كحاملها (5).

و الجواب:المنع من المقدمتين.

الثاني:

إذا تيقن حصول النجاسة في مكان و جهل تعينها،فإن كان الموضع محصورا كالبيت و شبهه لم يسجد على شيء منه،و إن كان متسعا كالصحراء جاز،دفعا للمشقة.

الفصل السادس في الأذان و الإقامة:و فيه مباحث:
الأول:

الأذان لغة:الإعلام،قال الله تعالى :«وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ» (6)

ص:370


1- 1المبسوط للسرخسي 1:204.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:61-62،المجموع 3:152. [1]
3- 3) التهذيب 2:369 حديث 1537،الاستبصار 1:393 حديث 1499،الوسائل 3:1044،الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 3. [2]
4- 4) التهذيب 2:370 حديث 1538،الاستبصار 1:393 حديث 1500،الوسائل 3:1044 الباب 30 من أبواب النجاسات،حديث 4.و [3]ج 3:469 الباب 38 من أبواب مكان المصلي،حديث 4.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:204.
6- 6) الحج:27. [4]

و قال «وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ» (1).

و قال الشاعر:

آذنتنا ببينها أسماء (2).

و في الشرع عبارة عن أذكار مخصوصة موضوعة للإعلام بأوقات الصلوات.

و هو من السنن المؤكدة إجماعا،روى الجمهور عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة) (3).

و قال صلى الله عليه و آله:(ثلاثة على كثبان (4)المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون و الآخرون:رجل نادى بالصلوات الخمس في كل يوم و ليلة،و رجل يؤم قوما و هم به راضون،و عبد أدى حق الله و حق مواليه) (5).و رواه الأصحاب أيضا (6).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن يحيى الحلبي (7)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا أذنت في أرض فلاة و أقمت،صلى خلفك صفان من الملائكة،و إن أقمت و لم تؤذن،صلى خلفك صف واحد» (8).

ص:371


1- 1التوبة:3. [1]
2- 2) المغني 1:448.
3- 3) صحيح مسلم 1:290 حديث 387،سنن ابن ماجه 1:240 حديث 725.
4- 4) كثبت الشيء:إذا جمعته،و كل ما انصب في شيء فقد انكثب فيه،و منه سمي الكثيب من الرمل،لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه.الصحاح 1:209. [2]
5- 5) سنن الترمذي 4:697 حديث 2566. [3]
6- 6) التهذيب 2:283 حديث 1127،الوسائل 4:613 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]
7- 7) يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة الحلبي،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)ثقة ثقة صحيح الحديث،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)بهذا العنوان،و بعنوان:يحيى بن عمران بن علا من أصحاب الكاظم(ع)و قال في الفهرست:له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة من دون تكرار:ثقة. رجال النجاشي:444،رجال الطوسي:335،364،الفهرست:177، [5]رجال العلامة:182. [6]
8- 8) التهذيب 2:52 حديث 173،الوسائل 4:620 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [7]

و نحوه روى في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام (1).

و روى ابن بابويه،عن عبد الله بن علي (2)قال:حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها،فبينا أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل،شديد الادمة (3)،أبيض الرأس و اللحية،عليه طمران أحدهما أسود و الآخر أبيض،فقلت:من هذا؟فقالوا:

هذا بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و آله،فأخذت ألواحي فأتيته فسلمت عليه، فقلت:السلام عليك أيها الشيخ،فقال:و عليك السلام،قلت:يرحمك الله حدثني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:و ما يدرك من أنا،فقلت:أنت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:فبكى و بكيت حتى اجتمع الناس علينا و نحن نبكي،قال:ثمَّ قال:يا غلام من أي البلاد أنت؟قلت:من أهل العراق،قال:بخ بخ،فمكث ساعة،ثمَّ قال:اكتب يا أخا أهل العراق:بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم،و صومهم،و لحومهم،و دمائهم لا يسألون الله شيئا إلا أعطاهم،و لا يشفعون في شيء إلا شفعوا»قلت:زدني يرحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله تعالى يوم القيامة و له عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا»قلت:زدني رحمك الله، قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن عشرين عاما بعثه الله يوم القيامة و له من النور مثل نور السماء»قلت:زدني رحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:

ص:372


1- 1التهذيب 2:52 حديث 174،الوسائل 4:620 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [1]
2- 2) عبد الله بن علي لم يذكر حاله في كتب الرجال،و قد وقع في طريق الصدوق. الفقيه(شرح المشيخة)4:53.
3- 3) الادمة،بالضم:السمرة.الصحاح 5:1859. [2]

«من أذن عشر سنين أسكنه الله:(عز و جل مع إبراهيم في قبته أو في درجته»قلت:زدني رحمك الله،قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن سنة واحدة بعثه الله يوم القيامة و قد غفرت ذنوبه كلها بالغا ما بلغت، و لو كانت مثل زنة جبل احد»قلت:زدني رحمك الله،قال:نعم فاحفظ و اعمل و احتسب،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقربا إلى الله عز و جل غفر الله له ما سلف من ذنوبه،و من عليه بالعصمة فيما بقي من عمره،و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة»قلت:زدني يرحمك الله بأحسن ما سمعت،قال:و يحك يا غلام قطعت أنياط قلبي،و بكى و بكيت حتى اني و الله لرحمته،ثمَّ قال:اكتب بسم الله الرحمن الرحيم،سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:«إذا كان يوم القيامة و جمع الله عز و جل الناس في صعيد واحد،بعث الله عز و جل إلى المؤذنين بملائكة من نور،معهم ألوية و أعلام من نور يقودون جنائب (1)، أزمتها زبرجد أخضر و خفائفها المسك الأذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلى صوتهم بالأذان»ثمَّ بكى بكاءا شديدا حتى انتحب و بكيت، فلما سكت قلت:ممم بكاؤك؟قال:و يحك ذكرتني أشياء،سمعت حبيبي و صفيي عليه السلام يقول:«و الذي بعثني بالحق نبيا انهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب فيقولون:الله أكبر الله أكبر،فإذا قالوا ذلك سمعت لأمتي ضجيجا»فسأله أسامة بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟قال:«الضجيج:التسبيح،و التحميد،و التهليل، فإذا قالوا:أشهد ان لا إله إلا الله،قالت:أمتي:إياه كنا نعبد في الدنيا،فيقال لهم:

صدقتم،فإذا قالوا،أشهد ان محمدا رسول الله،قالت أمتي:هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله و آمنا به و لم نره،فيقال لهم:صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم و كنتم به مؤمنين فحقيق على الله أن يجمع بينكم و بين نبيكم فينتهي بهم إلى

ص:373


1- 1الجنائب:الجنيبة:العليقة و هي الدابة التي تقاد.لسان العرب 1:279. [1]

منازلهم و فيها ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر»ثمَّ نظر إلي فقال:

«إن استطعت-و لا قوة إلا بالله-أن لا تموت إلا مؤذنا فافعل» (1)الحديث و الأخبار في ذلك كثيرة.

مسألة:و فصول الأذان و الإقامة خمسة و ثلاثون:

الأذان ثمانية عشر،و الإقامة سبعة عشر.

صورة الأذان:الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر.

أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله.

أشهد أن محمدا رسول الله،أشهد أن محمدا رسول الله.

حي على الصلاة،حي على الصلاة.

حي على الفلاح،حي على الفلاح.

حي على خير العمل،حي على خير العمل.

الله أكبر،الله أكبر.

لا إله إلا الله،لا إله إلا الله.

و الإقامة مثل ذلك الا انه يسقط فيها التكبير مرتين من أولها،و مرة واحدة لا إله إلا الله في آخرها،و يزاد فيها بعد حي على خير العمل:قد قامت الصلاة مرتين.هذا الذي عليه فتوى أكثر علمائنا و إن اختلفت أخبارهم.و خالفنا الجمهور في مواضع، تشتمل عليها مسائل.

المسألة الأولى:التكبير في أول الأذان أربع مرات.

ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال أبو حنيفة (2)،و الثوري (3)،و الشافعي (4)،و إسحاق (5)،و أحمد (6).

ص:374


1- 1الفقيه 1:189 حديث 905.
2- 2) المبسوط 1:129 بدائع الصنائع 1:147،شرح فتح القدير 1:210،عمدة القارئ 5:108،بداية المجتهد 1:105،المجموع 3:93،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،تفسير القرطبي 6:227. [1]
3- 3) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،المجموع 3:93،تفسير القرطبي 6:227. [2]
4- 4) الام 1:85،الام(مختصر المزني)8:12،المهذب للشيرازي 1:55،مغني المحتاج 1:135،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،المجموع 3:93،المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،تفسير القرطبي 6:226، [3]عمدة القارئ 5:108.
5- 5) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430.
6- 6) المغني 1:450،الشرح الكبير بهامش المغني 1:430،الكافي لابن قدامة 1:128،الإنصاف 1:412، [4]شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463،منار السبيل 1:68.

و قال مالك:التكبير في أول الأذان مرتان (1).و هو قول أبي يوسف (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن زيد (3)،قال:علم رسول الله صلى الله عليه و آله بلالا الأذان و التكبير في أوله أربع مرات (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة قال:قال لي أبو جعفر عليه السلام:«يا زرارة،تفتح الأذان بأربع تكبيرات و تختمه بتكبيرتين و تهليلتين» (5).

ص:375


1- 1المدونة الكبرى 1:57،بداية المجتهد 1:105،بلغة السالك 1:91،الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 1:91،المغني 1:450،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:463، المجموع 3:93،المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:147،عمدة القارئ 5:108،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:35،شرح فتح القدير 1:210.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:147،نيل الأوطار 2:16.
3- 3) عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي:أبو محمد المدني،شهد العقبة و بدرا و المشاهد،و هو الذي أرى النداء للصلاة في النوم،روى عن النبي(ص) و روى عنه ابنه محمد و ابن ابنه عبد الله بن محمد و سعيد بن المسيب.مات سنة 32 ه. أسد الغابة 3:165، [1]تهذيب التهذيب 5:223، [2]العبر 1:24. [3]
4- 4) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الترمذي 1:358 حديث 189، [4]سنن الدارمي 1:269، [5]مسند أحمد 4:43،سنن البيهقي 1:390.
5- 5) التهذيب 2:61 حديث 213،الاستبصار 1:307 حديث 1137،الوسائل 4:642 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]

و عن إسماعيل الجعفي،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«الأذان و الإقامة خمسة و ثلاثون حرفا» (1).

و عن أبي بكر الحضرمي و كليب الأسدي جميعا،عن أبي عبد الله عليه السلام،انه حكى لهما الأذان فقال:«الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر،الله أكبر» (2)إلى آخره.

و لأنه ذكر الله تعالى منقول،فاستحب فعله كغيره من الأذكار.

احتج مالك (3)بأن أبا محذورة (4)كان يؤذن و يجعل التكبير في أوله مرتين.و لأن الأذان ذكر واحد فتتساوى أجزاؤه.

و الجواب عن الأول:انه معارض بحديث بلال،و الأخذ به أولى،لأنه كان أكثر ملازمة لرسول الله صلى الله عليه و آله.و لأن رواية مالك حكاية لفعل بعض الصحابة.

و عن الثاني:انها وظيفة شرعية فتقف عليه،و لأنه ينتقض بالتهليل في آخره عندهم.

لا يقال:قد روى الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام (5)،و عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام حكاية

ص:376


1- 1التهذيب 2:59 حديث 208،الاستبصار 1:305 حديث 1132،الوسائل 4:642 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:60 حديث 211،الاستبصار 1:306 حديث 1135،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [2]
3- 3) المدونة الكبرى 1:57،بداية المجتهد 1:106،تفسير القرطبي 6:227، [3]المغني 1:450،عمدة القارئ 5:108.
4- 4) أبو محذورة القرشي الجمحي المكي المؤذن،اختلف في اسمه،فقيل:أوس،و قيل:سمرة،و قيل: سلمة،و قيل:سلمان،و كان رسول الله قد سمعه يحكي الأذان فأعجبه صوته فأمر أن يؤتى به فأسلم يومئذ و أمره بالأذان بمكة،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابنه عبد الملك و ابن ابنه عبد العزيز بن عبد الملك و زوجته أم عبد الملك و أبو سليمان المؤذن.مات بمكة سنة 59 ه،و قيل:79. أسد الغابة 5:292، [4]تهذيب التهذيب 12:222. [5]
5- 5) التهذيب 2:59 حديث 209،الاستبصار 1:305 حديث 1133،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [6]

الأذان و جعلا التكبير في أوله مرتين (1).

لأنا نقول:ان القصد كان تفهيم السائل كيفية التلفظ لا تعريف العدد،لما قدمنا من الروايات.

المسألة الثانية:الترجيع في الأذان مكروه.

ذهب إليه علماؤنا و هو تكرار الشهادتين مرتين.

و قال الشيخ في المبسوط:الترجيع غير مسنون في الأذان،و هو تكرار التكبير و الشهادتين في أول الأذان،فإن أراد تنبيه غيره جاز تكرير الشهادتين (2).و ممن كره الترجيع:الثوري (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5)،و أصحاب الرأي (6).

و قال الشافعي:الترجيع مستحب (7)،و هو أن يذكر الشهادتين مرتين مرتين يخفض بذلك صوته،ثمَّ يعيدهما رافعا بهما صوته.

لنا:ما رواه الجمهور في حديث عبد الله بن زيد ان رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:377


1- 1التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [1]
2- 2) المبسوط 1:95. [2]
3- 3) المغني 1:450،تفسير القرطبي 6:227، [3]المجموع 3:93.
4- 4) المغني 1:450-451،الإنصاف 1:412،المجموع 3:93.
5- 5) المغني 1:450.
6- 6) بدائع الصنائع 1:147-148،المبسوط للسرخسي 1:128،الهداية للمرغيناني 1:41، [4]شرح فتح القدير 1:210-211،ميزان الكبرى 1:133،المغني 1:450،المجموع 3:93،تفسير القرطبي 6: 227، [5]نيل الأوطار 2:17،سبل السلام 1:121.
7- 7) الام 1:84،الام(مختصر المزني)8:12،المهذب للشيرازي 1:56،المجموع 3:91،مغني المحتاج 1: 136،ميزان الكبرى 1:133،السراج الوهاج:37،بدائع الصنائع 1:147،المبسوط للسرخسي 1: 128،الهداية للمرغيناني 1:41،عمدة القارئ 5:107،شرح فتح القدير 1:211،المغني 1:450، نيل الأوطار 2:17،تفسير القرطبي 6:227. [6]

علم بلالا الأذان كما وصفناه.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن مهران الجمال، قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام الأذان مثنى مثنى (1).و مثله روى أبو همام،عن أبي الحسن عليه السلام (2).

احتج الشافعي (3)بما رواه أبو محذورة،ان النبي صلى الله عليه و آله لقنه الأذان، فقال له:(تقول:أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد ان محمدا رسول الله،أشهد ان محمدا رسول الله تخفض بها صوتك،ثمَّ ترفع صوتك بالشهادة:

أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد ان محمدا رسول الله،أشهد أن محمدا رسول الله) (4)،ثمَّ ذكر الأذان.

و الجواب:ان أبا محذورة لا تعويل على روايته،فإن أصحاب الحديث قالوا:إنما خص النبي صلى الله عليه و آله أبا محذورة بذلك ليحصل له الإخلاص بالشهادتين، لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ،لأنه كان مستهزئا يحكي أذان مؤذن النبي صلى الله عليه و آله على سبيل الاستهزاء،فسمع رسول الله صلى الله عليه و آله صوته،فدعاه، فأمره بالأذان.قال أبو محذورة:و لا شيء عندي أبغض من النبي صلى الله عليه و آله و لا مما يأمرني به،فقصد النبي صلى الله عليه و آله نطقه بالشهادتين سرا ليسلم بذلك (5).و مع هذا كيف يجوز ترك الروايات الشهيرة لهذه الرواية الضعيفة.

ص:378


1- 1التهذيب 2:62 حديث 217،الاستبصار 1:307 حديث 1141،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1111،الوسائل 4:649 الباب 20 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) الام 1:84،المهذب للشيرازي 1:56،المجموع 3:93، [3]المغني 1:450، [4]بدائع الصنائع 1:147،عمدة القارئ 5:108. [5]
4- 4) صحيح مسلم 1:287 حديث 379،سنن ابن ماجه 1:235 حديث 708-709،سنن أبي داود 1: 137 حديث 503،سنن الترمذي 1:366،حديث 191، [6]سنن النسائي 2:4-6،سنن الدارمي 1: 271، [7]سنن البيهقي 1:392.
5- 5) المغني 1:451.
فرع:

لو أراد المؤذن إشعار قوم بذلك ساغ له تكرير الشهادتين مرتين على ما قاله الشيخ، لأنه ذكر لله تعالى يحصل منه فائدة لا تحصل بدونه،فكان مشروعا.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لو ان مؤذنا أعاد في الشهادة و في حي على الصلاة،أو حي على الفلاح المرتين و الثلاث و أكثر من ذلك إذا كان إماما يريد جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس» (1).

المسألة الثالثة:قول حي على خير العمل في الأذان و الإقامة سنة

يبطل الأذان بتركه.ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أنكره الجمهور كافة.

لنا:ما رواه الجمهور انه قد كان في زمن النبي صلى الله عليه و آله يفعل ذلك (2)، و ادعاؤهم النسخ لم يثبت.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن المعلى بن خنيس،عن أبي عبد الله عليه السلام (3).

و رواه في الصحيح،عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن الباقر عليه السلام في حديث الإسراء (4).

المسألة الرابعة:التهليل في آخر الأذان مرتان.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و أطبق الجمهور على المرة.

ص:379


1- 1التهذيب 2:63 حديث 225،الاستبصار 1:309 حديث 1149،الوسائل 4:652 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) سنن البيهقي 1:424،كنز العمال 8:342 حديث 23174.
3- 3) الاستبصار 1:306 حديث 1136،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [3]

لنا:ما رووه،عن أنس،قال:أمر بلال أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة (1).

و عن سويد بن غفلة (2)،قال:سمعت بلالا يؤذن مثنى مثنى و يقيم مثنى (3).

و عن سويد،قال:أذن بلال مثنى مثنى و أقام مثل ذلك (4).

و من طريق الخاصة:رواية زرارة و الفضيل بن يسار،عن الباقر عليه السلام (5).و رواية أبي بكر الحضرمي و كليب الأسدي،عن أبي عبد الله عليه السلام (6).

المسألة الخامسة:

روي في بعض أخبارنا ان التكبير في آخر الأذان أربع مرات (7)،و التعويل على ما تقدم من الأحاديث،و تحمل هذه الرواية على إرادة الإشعار.

ص:380


1- 1صحيح البخاري 1:158،صحيح مسلم 1:286 حديث 378،سنن ابن ماجه 1:241 حديث 729-730،سنن أبي داود 1:141 حديث 580،سنن الترمذي 1:369 حديث 193،سنن النسائي 2:3،سنن البيهقي 1:412،سنن الدار قطني 1:240 حديث 17،نيل الأوطار 2:20 حديث 2.
2- 2) سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن معاوية.أبو أمية الجعفي الكوفي،قيل:انه صلى مع النبي(ص)و قيل:قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله(ص).روى عن علي(ع)و أبي بكر و عمر و عثمان و بلال و أبي ذر و الحسن بن علي(ع)،و روى عنه أبو إسحاق و إبراهيم النخعي،مات سنة 80 ه،و قيل:81. تهذيب التهذيب 4:278، [1]العبر 1:68. [2]
3- 3) مجمع الزوائد 1:331،التلخيص الحبير هامش فتح العزيز(ضمن المجموع)3:163،نيل الأوطار 2: 22.
4- 4) التلخيص الحبير هامش فتح العزيز(ضمن المجموع)3:163،نيل الأوطار 2:22.
5- 5) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [3]
6- 6) التهذيب 2:60 حديث 211،الاستبصار 1:306 حديث 1135،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [4]
7- 7) مصباح المتهجد:26، [5]الوسائل 4:648 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 23. [6]

و أما ما روي في الشاذ من قول ان عليا ولي الله،و آل محمد خير البرية (1)فمما لا يعول عليه.قال الشيخ في المبسوط:فإن فعله لم يكن آثما (2).و قال في النهاية:كان مخطئا (3).

المسألة السادسة:التثويب في أذان الغداة و غيرها غير مشروع،

و هو قول(الصلاة خير من النوم)ذهب إليه أكثر علمائنا (4)،و هو قول الشافعي (5).و أطبق الجمهور على استحبابه في الغداة،لكن،عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته،فرواية كما قلناه، و الأخرى:ان التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر و إقامته:حي على الصلاة مرتين،حي على الفلاح مرتين (6).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن زيد (7)،فإنه لم يذكره في أذانه الذي نقله عن رسول الله صلى الله عليه و آله.

و من طريق الخاصة:رواية زرارة و الفضيل،عن الباقر عليه السلام في حكاية أذان الملك (8).

ص:381


1- 1الفقيه 1:188،الوسائل 4:648 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 25. [1]
2- 2) المبسوط 1:99. [2]
3- 3) النهاية:69. [3]
4- 4) منهم:الطوسي في النهاية:67،و [4]المرتضى في الانتصار:39،و ابن البراج في المهذب 1:59.
5- 5) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:56،الام(مختصر المزني)8:12،المجموع 3:92،بدائع الصنائع 1: 148،بداية المجتهد 1:106،نيل الأوطار 2:18.
6- 6) بدائع الصنائع 1:148،المبسوط للسرخسي 1:130،الجامع الصغير للشيباني:83،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1:214،المغني 1:454.
7- 7) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،مسند أحمد 4:42-43، سنن الدارمي 1:269،سنن البيهقي 1:390-391.
8- 8) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [5]

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن معاوية بن وهب،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التثويب الذي يكون بين الأذان و الإقامة؟فقال:«ما نعرفه» (1)و لأنه مكروه في غيرها من الصلوات،فليحق بغيرها.

احتج المخالف (2)بما رواه أبو محذورة قلت:يا رسول الله علمني سنة الأذان،فقال بعد قوله حي على الفلاح:(فإن كان في صلاة الصبح،قلت:الصلاة خير من النوم) (3).

و الجواب:ان هذه الرواية ضعيفة،لما بيناه من حال أبي محذورة عند أهل الحديث منهم.

و أيضا:فإن الشافعي علل كراهية التثويب بأن أبا محذورة لم يذكره (4).

و قد أنكر هذه الرواية جماعة منهم كأبي عيسى،فإنه قال:هذا التثويب الذي أنكره أهل العلم و كرهوه،و هو الذي خرج منه ابن عمر من المسجد لما سمعه (5).

و قال إسحاق:هذا شيء أحدثه الناس (6).

و العجب ان أبا حنيفة لا يعمل بخبر الواحد فيما يعم به البلوى،و عمل هاهنا برواية أبي محذورة مع ما فيها من المطاعن،و معارضتها لروايات صحاح.

لا يقال:قد روى الشيخ،عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

ص:382


1- 1التهذيب 2:63 حديث 223،الاستبصار 1:308 حديث 1147،الوسائل 4:650 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) المغني 1:454.
3- 3) سنن أبي داود 1:136 حديث 500،سنن النسائي 2:7،14،سنن البيهقي 1:421-422،نيل الأوطار 2:17.
4- 4) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:65،الام(مختصر المزني)8:12،بدائع الصنائع 1:148.
5- 5) المغني 1:454.
6- 6) المغني 1:454.

«النداء و التثويب في الإقامة من السنة» (1).

و عن محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«كان أبي ينادي في بيته:الصلاة خير من النوم،و لو رددت ذلك لم يكن به بأس» (2).

لأنا نقول بعد تسليم صحة السند:انهما حديثان ضعيفان،لعدم اعتضادهما بغيرهما،:و بعمل الأصحاب،و منافات باقي الروايات لهما،فيحملان على التقية، ذكره الشيخ (3).

و روي،عن بلال انه أذن،ثمَّ جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و آله يؤذنه بالصلاة.فقيل له بأن رسول الله صلى الله عليه و آله نائم.فقال بلال:الصلاة خير من النوم مرتين (4).فيحتمل أن يكون مستند فتوى القائلين به إلى هذه الرواية.

المسألة السابعة:

يكره أن يقول بين الأذان و الإقامة:حي على الصلاة حي على الفلاح.و به قال الشافعي (5).

و قال محمد بن الحسن:كان التثويب الأول:الصلاة خير من النوم مرتين بين الأذان و الإقامة،ثمَّ أحدث الناس بالكوفة:حي على الصلاة،حي على الفلاح مرتين بينهما.و هو حسن (6).و قال بعض أصحاب أبي حنيفة:يقول بعد الأذان:حي على الصلاة،حي على الفلاح بقدر ما يقرأ عشر آيات (7).

ص:383


1- 1التهذيب 2:62 حديث 221،الوسائل 4:651 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [1]
2- 2) التهذيب 2:63 حديث 222،الاستبصار 1:308 حديث 1146،الوسائل 4:651 الباب 22 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:63،الاستبصار 1:308.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:237 حديث 716،سنن البيهقي 1:422،كنز العمال 8:356-358،مجمع الزوائد 1:330.
5- 5) الام 1:85.
6- 6) بدائع الصنائع 1:148،حلية العلماء 2:40.
7- 7) المبسوط للسرخسي 1:131،بدائع الصنائع 1:150،فتح العزيز بهامش المجموع 3:172.و فيها: عشرين آية بدل:عشر.

لنا:ما رواه الجمهور،أن عمر أنكر على أبي محذورة لما أذن بالصلاة،فقال:

حي على الصلاة،حي على الفلاح،قال:ويحك أ مجنون أنت ما كان في دعائك الذي دعوتنا ما نأتيك حتى تأتينا بهذا (1).فدل على انه مكروه،لأنه لو لم يكن كذلك لما أنكره،و أحاديث أهل البيت عليهم السلام تدل عليه.

المسألة الثامنة:فصول الإقامة مثنى عدا التهليل في آخرها،

فإنه مرة واحدة.

ذهب إليه علماؤنا.

و قال أبو حنيفة:الإقامة مثنى مثنى كما قلناه إلا انه يجعل بدل حي على خير العمل التكبير في أولها كالأذان (2).و للشافعي قولان:أحدهما أنها مرة مرة (3).و الثاني:ان التكبير مرتان في أولها و الباقي مرة مرة إلا قد قامت الصلاة،فإنها مرتان (4).و به قال الأوزاعي (5)،و أحمد (6)و إسحاق،و أبو ثور،و عروة بن الزبير،و الحسن البصري (7).

لنا:ما رواه الجمهور،عن أبي محذورة ان النبي صلى الله عليه و آله علمه الإقامة

ص:384


1- 1كنز العمال 8:340 حديث 23168 بدون(ويحك أ مجنون أنت؟).
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:129،بدائع الصنائع 1:148،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1: 212،المحلى 3:153،حلية العلماء 2:40،المغني 1:451،ميزان الكبرى 1:132،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:461،تفسير القرطبي 6:227. [1]
3- 3) المهذب للشيرازي 1:57،فتح العزيز بهامش المجموع 1:163،شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:460،عمدة القارئ 5:104،المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:21.
4- 4) الام 1:85،المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:94،فتح العزيز بهامش المجموع 1:163،حلية العلماء 2:40،مغني المحتاج 1:136،السراج الوهاج:37،ميزان الكبرى 1:132،تفسير القرطبي 6: 227، [2]بداية المجتهد 1:110،بدائع الصنائع 1:148،المبسوط للسرخسي 1:129،المغني 1:451، شرح النووي لصحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 2:460،نيل الأوطار 2:21.
5- 5) المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.
6- 6) المغني 1:451،الكافي لابن قدامة 1:128،حلية العلماء 2:40،المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.
7- 7) المجموع 3:94،نيل الأوطار 2:22.

سبع عشرة كلمة (1).قال الترمذي:و هو حديث حسن صحيح (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن صفوان بن مهران الجمال قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«الأذان مثنى مثنى،و الإقامة مثنى مثنى» (3)و حكاه الباقر عليه السلام في أذان الملك و إقامته (4).

احتج المخالف (5)بما رواه عبد الله بن عمر انه قال:كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله مرتين مرتين،و الإقامة مرة مرة إلا انه يقول:قد قامت الصلاة،قد قامت الصلاة (6).

و الجواب:المعارضة بما تقدم من الأحاديث،و ما ذكرناه أحوط،فكان العمل به أولى.

فرع:

يجوز في السفر و عند العذر إفراد فصول الأذان و الإقامة للحاجة إلى ذلك.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن أبي عبيدة الحذاء قال:رأيت أبا جعفر

ص:385


1- 1سنن ابن ماجه 1:235 حديث 709،سنن أبي داود 1:137 حديث 502،سنن الترمذي 1:367 حديث 192، [1]سنن النسائي 2:4،سنن الدارمي 1:271، [2]مسند أحمد 6:401، [3]سنن البيهقي 1: 416،نيل الأوطار 2:23-24.
2- 2) سنن الترمذي 1:367. [4]
3- 3) التهذيب 2:62 حديث 217،الاستبصار 1:307 حديث 1141،الوسائل 4:643 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [5]
4- 4) التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [6]
5- 5) المغني 1:452، [7]المجموع 3:95.
6- 6) سنن أبي داود 1:141 حديث 510،سنن النسائي 2:21،سنن الدارمي 1:270، [8]مسند أحمد 2: 85. [9]

عليه السلام يكبر واحدة واحدة في الأذان،فقلت:له لم تكبر واحدة؟فقال:«لا بأس به إذا كنت مستعجلا» (1).

و عن بريد بن معاوية،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة،الأذان واحدا واحدا و الإقامة واحدة واحدة» (2).

آخر:روى الشيخ،عن يزيد مولى الحكم (3)،عمن حدثه،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سمعته يقول:«لأن أقيم مثنى مثنى أحب إلي من أن أؤذن و أقيم واحدا واحدا» (4).

المسألة التاسعة:

قال الشيخ في النهاية:و الذي ذكرناه من فصول الأذان هو المختار المعمول عليه،و قد روي سبعة و ثلاثون فصلا في بعض الروايات يضيف إلى ما ذكرناه التكبير مرتين في أول الإقامة،و قد روي ثمانية و ثلاثون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا لا إله إلا الله مرة أخرى في آخر الإقامة،و قد روي اثنان و أربعون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا التكبير في آخر الأذان مرتين،و في آخر الإقامة مرتين،فمن عمل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوما (5).

المسألة العاشرة:آخر فصول الأذان لا إله إلا الله.و هو قول أهل العلم (6).

ص:386


1- 1التهذيب 2:62 حديث 216،الاستبصار 1:307 حديث 1140،الوسائل 4:650 الباب 21 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
2- 2) التهذيب 2:62 حديث 219،الاستبصار 1:308 حديث 1143،الوسائل 4:650 الباب 21 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) يزيد البزاز يكنى:أبا خالد مولى الحكم بن أبي الصلت الثقفي،عده الشيخ في رجاله بهذا العنوان من أصحاب الصادق(ع)،و بعنوان:يزيد مولى الحكم بن أبي الصلت الثقفي من أصحاب الباقر(ع). رجال الطوسي:140،338.
4- 4) التهذيب 2:62 حديث 218،الاستبصار 1:308 حديث 1142،الوسائل 4:649 الباب 20 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]
5- 5) النهاية:68-69. [4]
6- 6) المبسوط للسرخسي 1:129،المهذب للشيرازي 1:56،المغني 1:450.

و نقل شارح الطحاوي،عن أهل المدينة،ان آخره لا إله إلا الله و الله أكبر،و هو غير معتمد.

مسألة:و يشترط في الأذان و الإقامة الترتيب،

بمعنى ان المخل به لا يكون آتيا بالأذان،و لا يعتد به في الجماعة،و لا يبرئه لو حلف أن يؤذن،لأنها عبادة شرعية لا مجال للعقل فيها،فيقف على صاحب الشرع.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«من سها في الأذان فقدم أو أخر عاد على الأول الذي أخره حتى يمضي إلى آخره» (1).

و عن عمار الساباطي،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام أو سمعته يقول:

«فإن نسي حرفا من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه،ثمَّ يقول من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة» (2).

مسألة:و يستحب في الأذان و الإقامة الوقوف في فصولهما

لا يظهر في أواخرها الإعراب و عليه فتوى علمائنا.و به قال أحمد (3)،خلافا للباقين.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحدر) (4).

حكى ابن الأنباري (5)،عن أهل اللغة:انه حال ترسله و درجه لا يصل الكلام

ص:387


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1115،الوسائل 4:662 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1114،الوسائل 4:662 الباب 23 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:453،الإنصاف 1:414. [3]
4- 4) سنن الترمذي 1:373 حديث 195.
5- 5) القاسم بن محمد بن بشار:أبو محمد الأنباري النحوي كان محدثا أخباريا عارفا بالأدب،أخذ عن سلمة بن عاصم و أبي عكرمة الضبي،له مصنفات منها:الأمثال،المقصور و الممدود،غريب الحديث.مات سنة 304 ه. بغية الوعاة:380.

بعضه ببعض بل جزما.

و قال إبراهيم النخعي:شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما:الأذان و الإقامة (1).

و الظاهر انه أشار بذلك إلى الصحابة كافة.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الحسن،عن زرارة،قال:قال أبو جعفر عليه السلام:«الأذان جزم بإفصاح الألف و الهاء،و الإقامة حدر» (2).

و مثله روي،عن خالد بن نجيح (3)،عن الصادق عليه السلام (4).

مسألة:و يستحب ترسل الأذان و إحدار الإقامة.

و الترسل:هو التأني و التمهل،و الحدر:الإسراع،و لا نعرف فيه خلافا.

روى الجمهور،عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحدر) (5).

و قال عمر لمؤذن بين المقدس:إذا أذنت فترسل،و إذا أقمت فاحذم (6)(7).

و قال الأصمعي (8):الحذم في المشي هو الإسراع (9).

ص:388


1- 1المغني 1:453،الإنصاف 1:414.
2- 2) التهذيب 2:58،حديث 203،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [1]
3- 3) خالد بن نجيح الجوان-أو:الجواز-الكوفي،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق(ع)بعنوان:خالد بن نجيح الجواز الكوفي،و أخرى من أصحاب الصادق الكاظم(ع) بعنوان:خالد بن نجيح،و بعد عده أسماء بعنوان:خالد الجوان،و الكل واحد. رجال النجاشي:150،رجال الطوسي:186،349.
4- 4) التهذيب 2:58 حديث 204،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
5- 5) سنن الترمذي 1:373 حديث 195.
6- 6) «غ»«ح»«ق»:فاحدر.
7- 7) كنز العمال 8:337 حديث 23156،سنن الدارمي 1:238 حديث 10،سنن البيهقي 1:428.
8- 8) عبد الملك بن قريب بن عبد الملك به علي:أبو سعيد الأصمعي البصري اللغوي،أحد أئمة اللغة و الغريب،روى عن أبي عمرو بن العلاء و قرة بن خالد و حماد بن سلمة،له مصنفات،مات سنة 216،ه.و قيل 215.بغية الوعاة:313،العبر 1:291، [3]تأريخ بغداد 5:410.
9- 9) المغني 1:354.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن السري (1)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«الأذان ترسل و الإقامة حدر» (2)و لأن الأذان إعلام البعد، فاستحب فيه التمهل،و الإقامة إعلام الحاضرين فاكتفي فيها بالإدراج.

مسألة:و يستحب الفصل بين الأذان و الإقامة

بركعتين،أو سجدة،أو جلسة،أو خطوة إلا المغرب،فإنه يفصل فيهما بخطوة،أو سكتة،أو تسبيحة.ذهب إليه علماؤنا.

و به قال أحمد (3)،خلافا للشافعي (4)،و أبي حنيفة (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر،عن النبي صلى الله عليه و آله قال لبلال:

(اجعل بين أذانك و إقامتك بقدر ما يفرغ الأكل من أكله،و الشارب من شربه، و المعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) (6).و المعتصر هو الذي يصيب من الشيء و يأخذ منه.

و عن أبي هريرة قال:جلوس المؤذن بين الأذان و الإقامة سنة (7).

و عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله انهم كانوا إذا أذن المؤذن ابتدروا

ص:389


1- 1الحسن بن السري الكاتب الكرخي و أخوه علي،رويا عن أبي عبد الله(ع)،له كتاب رواه عنه الحسن بن محبوب،قاله النجاشي،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة و وثقه،و هو متحد مع الحسن بن السري الكاتب الكرخي العبدي الأنباري الذي ذكره الصدوق في مشيخته. رجال النجاشي:47،الفقيه(شرح المشيخة)4:51،رجال العلامة:42. [1]
2- 2) التهذيب 2:65 حديث 232،الوسائل 4:653 الباب 24 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
3- 3) المغني 1:457،الكافي لابن قدامة 1:134،الإنصاف 1:421.
4- 4) المغني 1:457.
5- 5) المبسوط للسرخسي 1:139،بدائع الصنائع 1:150،المغني 1:457،المجموع 3:121.
6- 6) سنن الترمذي 1:373 حديث 192،سنن البيهقي 1:428.
7- 7) المغني 1:458.

السواري فصلوا ركعتين (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن شهاب (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بد من قعود بين الأذان و الإقامة» (3).

و في الصحيح،عن سليمان بن جعفر الجعفري،قال:سمعته يقول:«الفرق بين الأذان و الإقامة بجلوس أو ركعتين» (4).

و عن سيف بن عميرة (5)،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«بين كل أذانين قعدة إلا المغرب،فإن بينهما نفسا» (6).

و عن أبي علي صاحب الأنماط (7)،عن أبي عبد الله و أبي الحسن عليهما السلام

ص:390


1- 1صحيح البخاري 1:161،صحيح مسلم 1:573 حديث 303،سنن النسائي 2:75،مسند أحمد 3: 280، [1]المغني 1:458.
2- 2) الحسن بن شهاب بن يزيد البارقي الأزدي الكوفي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق(ع)و قال:روى عنهما. رجال الطوسي:113،167.
3- 3) التهذيب 2:64 حديث 226،الوسائل 4:631 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
4- 4) التهذيب 2:64 حديث 227،الوسائل 4:631 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]
5- 5) سيف بن عميرة النخعي الكوفي،ثقة،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم(ع)،و قال في الفهرست:ثقة له كتاب،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:189،رجال الطوسي:215،351،الفهرست:78، [4]رجال العلامة:82. [5]
6- 6) التهذيب 2:64 حديث 229،الاستبصار 1:309 حديث 1150،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [6]
7- 7) أبو علي صاحب الأنماط الكوفي،عده الشيخ في رجاله في الكنى من أصحاب الصادق(ع)،روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن(ع)،قال المحقق المامقاني:لم أقف على اسمه و لا حاله. رجال الطوسي:339،تنقيح المقال 3:28 [7] من فصل الكنى.

كان«يؤذن للظهر على ست ركعات،و يؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر» (1).

فروع:
الأول:

قد روي الجلوس بين أذان المغرب و إقامتها،روى الشيخ،عن إسحاق الجريري (2)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«من جلس فيما بين أذان المغرب و الإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله» (3).

الثاني:

روى الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن مسكان،قال:رأيت أبا عبد الله عليه السلام أذن و أقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس (4).

الثالث:

روى الشيخ،عن جعفر بن محمد بن يقطين (5)،رفعه إليهم،قال:

«يقول الرجل إذا فرغ من الأذان و جلس:اللهم اجعل قلبي بارا،و رزقي دارا و اجعل لي عند قبر رسول الله صلى الله عليه و آله قرارا و مستقرا» (6).

ص:391


1- 1التهذيب 2:286 حديث 1144،الوسائل 4:667 الباب 39 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [1]
2- 2) إسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي،و ثقة النجاشي و عده الشيخ في رجاله بالعنوان المذكور من أصحاب الصادق(ع)و بعنوان إسحاق بن جرير واقفي من أصحاب الكاظم(ع) و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة،و قال بعد التصريح بأنه واقفي:الأقوى التوقف في رواية ينفرد بها. رجال النجاشي:71،رجال الطوسي:149،343،رجال العلامة:200. [2]
3- 3) التهذيب 2:64 حديث 231،الاستبصار 1:309 حديث 1151،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 10. [3]
4- 4) التهذيب 2:285 حديث 1138،الوسائل 4:632 الباب 11 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [4]
5- 5) جعفر بن محمد بن يقظان-أو:يقطين-روى عنه الحسين بن أسد في الكافي باب بدء الأذان و الإقامة، و [5]لكن في الوسائل [6]نقلا عن الكافي و [7]التهذيب عنه:الحسين بن راشد و فيه:يقطين.لم أعثر على ترجمة له في الكتب الرجالية إلا ما ذكره المحقق الخوئي في معجم رجاله. معجم رجال الحديث 4:125. [8]
6- 6) التهذيب 2:64 حديث 230،الوسائل 4:634 الباب 12 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [9]

و عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،سئل ما الذي يجزئ من التسبيح بين الأذان و الإقامة؟قال:«يقول:الحمد لله» (1).

مسألة:و لا يستحب الكلام في أثناء الأذان،

فإن تكلم لم يعده عامدا كان أو ساهيا،إلا أن يتطاول بحيث يخرج عن الموالاة،و كذا لو سكت طويلا يخرج به في العادة عن نظام الموالاة.

و يكره الكلام في الإقامة بغير خلاف بين أهل العلم،روى الشيخ،عن عمرو بن أبي نصر،قال:قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أ يتكلم الرجل في الأذان؟فقال:

«لا بأس»قلت:في الإقامة؟قال:«لا» (2).

و عن سماعة،قال:سألته عن المؤذن يتكلم و هو يؤذن؟قال:«لا بأس حتى يفرغ من أذانه» (3).

و عن أبي هارون المكفوف (4)،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«يا أبا هارون الإقامة من الصلاة،فإذا أقمت فلا تتكلم و لا تؤم بيدك» (5)و لأنه يستحب حدرها، و أن لا يفرق بينها.

ص:392


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1114،الوسائل 4:668 الباب 40 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:54 حديث 182،الاستبصار 1:300 حديث 1110،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [2]
3- 3) التهذيب 2:54 حديث 183،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
4- 4) أبو هارون المكفوف،عده الشيخ في رجاله في كنى أصحاب الباقر(ع)،و قال في كنى الفهرست:له كتاب،و روى الكشي فيه طعنا عظيما عن الإمام الباقر(ع)،و لكن يظهر من رواية الكافي [4]كونه محل عناية الصادق(ع)مضافا إلى أن في إسناد روايته محمد بن أبي عمير و هو من أصحاب الإجماع.و قال المحقق الخوئي بتضعيف رواية الكشي لوجود ابن بندار فيها. رجال الطوسي:141،الفهرست:183، [5]رجال الكشي:222،الكافي 5:480، [6]معجم رجال الحديث 22:73. [7]
5- 5) التهذيب 2:54 حديث 185،الاستبصار 1:301 حديث 1111،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [8]
فروع:
الأول:

الكراهية تتأكد بعد قوله قد قامت الصلاة.و قال الشيخان (1)، و السيد المرتضى:يحرم الكلام حينئذ (2).

لنا:الأصل براءة الذمة.

و ما رواه الشيخ في الصحيح،عن حماد بن عثمان،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل،أ يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟قال:«نعم» (3).

و عن الحسن بن شهاب قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«لا بأس بأن يتكلم الرجل و هو يقيم الصلاة،و بعد ما يقيم إن شاء» (4).

احتج الشيخ (5)بما رواه ابن أبي عمير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد،إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى و ليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض:تقدم يا فلان» (6).

و في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا تتكلم إذا أقمت الصلاة،فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة» (7).

ص:393


1- 1المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في النهاية:66.
2- 2) نقله عنه في المعتبر 2:123. [1]
3- 3) التهذيب 2:54 حديث 187،الاستبصار 1:301 حديث 1114،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [2]
4- 4) التهذيب 2:55 حديث 188،الاستبصار 1:301 حديث 1115،الوسائل 4:630 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 10. [3]
5- 5) التهذيب 2:55،الاستبصار 1:301.
6- 6) التهذيب 2:55 حديث 189،الاستبصار 1:301 حديث 1116،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [4]
7- 7) التهذيب 2:55 حديث 191،الاستبصار 1:301 حديث 1112،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [5]

و عن سماعة،قال:أبو عبد الله عليه السلام:«إذا أقام (1)المؤذن الصلاة (2)فقد حرم الكلام،إلا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام» (3).

و الجواب:ان ذلك محمول على شدة الكراهية،جمعا بين الروايات.

الثاني:

لا خلاف في تسويغ الكلام بعد قد قامت الصلاة إذا كان مما يتعلق بالصلاة،كتقديم إمام أو تسوية صف.

الثالث:

لو تكلم خلال الإقامة استحب له إعادتها،لرواية محمد بن مسلم.

الرابع:

لو جن،أو أغمي عليه،أو نام خلال الأذان،ثمَّ زالت الأوصاف، فإن حصلت الموالاة عادة أتم و إلا أعاد.و كذا لو ارتد في أثنائه،أو بعد الأذان قبل الإقامة،ثمَّ عاد.

و لو تكلم في خلال الأذان يسيرا محرما كالسب و نحوه لم يبطل أذانه،لأنه لا يخل بالمقصود،فكان كالمباح،خلافا لقوم (4).

البحث الثاني في المؤذن
مسألة:يعتبر في المؤذن العقل و الإسلام،

إجماعا،لعدم الاعتداد بعبادة المجنون، و سقوط التكليف عنه،و الكافر ليس أهلا للأمانة.

و المؤذن مؤتمن،لقول النبي صلى الله عليه و آله:(الإمام ضامن،و المؤذن

ص:394


1- 1«ح»:قام.
2- 2) «غ»:للصلاة.
3- 3) التهذيب 2:55 حديث 190،الاستبصار 1:302 حديث 1117،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [1]
4- 4) المغني 1:471،الشرح الكبير بهامش المغني 1:440.

مؤتمن،اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين) (1)و فيه دلالة على كونه أهلا للاستغفار.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن عيسى بن عبد الله الهاشمي،عن أبيه، عن جده،عن علي عليه السلام،قال:«المؤذن مؤتمن،و الإمام ضامن» (2).

و عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:سئل هل يجوز أن يكون الأذان عن غير عارف؟قال:«لا يستقيم الأذان و لا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف،فإن علم الأذان فأذن به و لم يكن عارفا لم يجز أذانه و لا إقامته و لا يقتدى به» (3)و هذا حكم متفق عليه بين أهل العلم.

مسألة:و لا يعتبر فيه البلوغ.

ذهب إليه علماؤنا أجمع،و به قال عطاء، و الشعبي،و ابن أبي ليلي (4)،و الشافعي (5)،و أحمد في إحدى الروايتين (6).

و قال أبو حنيفة:يعتبر فيه البلوغ إذا أذن للرجال.

لنا:ما رواه الجمهور،عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس (7)قال:ان عمومته كانوا يأمرونه بالأذان لهم،و هو غلام لم يحتلم،و أنس بن مالك حاضر لا ينكر (8).

ص:395


1- 1سنن أبي داود 1:143 حديث 5017،سنن الترمذي 1:402 حديث 207،مسند أحمد 2:232، 284، [1]سنن البيهقي 1:430.
2- 2) التهذيب 2:282 حديث 1121،الوسائل 4:618 الباب 3 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:654 الباب 26 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]
4- 4) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448.
5- 5) الام 1:84،المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:100،مغني المحتاج 1:137،رحمة الأمة بهامش ميزان الكبرى 1:36،السراج الوهاج:38،المغني 1:459.
6- 6) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:423، [4]المجموع 3:100.
7- 7) عبد الله-أو:عبيد الله-بن أبي بكر بن أنس بن مالك:أبو معاذ الأنصاري.روى عن أبيه و عن جده، و روى عنه أخوه بكر بن أبي بكر و شداد بن سعيد و مبارك بن فضالة و آخرون. تهذيب التهذيب 6:5، [5]الجرح و التعديل 5:17.
8- 8) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:448.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم» (1).

و عن إسحاق بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول:«لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم» (2)و لأنه ذكر تصح صلاته،فاعتد بأذانه كالبالغ.

احتج المخالف بأنه لا يقبل خبره و لا روايته،فلا يعتد بأذانه (3).و بقوله عليه السلام:(ليؤذن لكم خياركم) (4).

و الجواب عن الأول بمنع صحة القياس،لعدم الجامع فيه،و الفرق ظاهر،لأن إخباره يحتمل الكذب بخلاف إيقاعه للأذان.

و عن الثاني:انه يدل على الأمر بالخيار،و لا يدل على المنع من أذان الصبي.

مسألة:و يستحب أن يكون المؤذن عدلا

و إن لم تكن العدالة شرطا.ذهب إليه علماؤنا، و أحمد في إحدى الروايتين (5).

لنا:انه يصح أذانه الشرعي لنفسه،لكونه عاقلا،فيعتبر (6)أذانه في حق غيره كالعدل،و لأن الأمر بالأذان ورد مطلقا.

احتج أحمد،بأنه لا يقبل خبره و لا روايته،فلا يعتد بأذانه (7).

ص:396


1- 1التهذيب 2:280 حديث 1112،الوسائل 4:661 الباب 32 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) التهذيب 2:53 حديث 181،و ج 3:29 حديث 103،الاستبصار 1:423 حديث 1632،الوسائل 4: 661 الباب 32 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:449،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:423.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:240 حديث 726،سنن أبي داود 1:161 حديث 590.
5- 5) المغني 1:459،الشرح الكبير بهامش المغني 1:449،الكافي لابن قدامة 1:130،الإنصاف 1:424.
6- 6) «ح»«ق»:فتعين.
7- 7) المغني 1:459.

و الجواب:الفرق ما بينا في الصبي.

و أما استحباب العدالة فلا خلاف فيه،لأنه مؤتمن،و هو وصف منوط بالعدالة، و لأنه لا يؤمن من تطلعه على العورات حال أذانه على مرتفع،و لأنه لا يؤمن أن يغر غيره في الأوقات.

مسألة:و يعتد بأذان العبد.

و هو قول كل من يحفظ عنه العلم،لعموم الأمر بالأذان المتناول (1)للحر و العبد على حد واحد،و لأنه يصح أن يؤتم به فيصح أن يعتد بأذانه،لأن تسويغ متابعته في أعلى المرتبتين يقتضي تسويغ متابعته في أدناهما.

مسألة:و ليس على النساء أذان و لا إقامة.

و لا نعرف فيه خلافا،لأنهما عبادة شرعية يتوقف توجه التكليف بهما على الشرع و لم يرد.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن جميل بن دراج،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة[أ] (2)عليها أذان و إقامة؟فقال:«لا» (3).

فروع:
الأول:

يجوز أن تؤذن المرأة للنساء و يعتدون به.ذهب إليه علماؤنا.

و قال الشافعي:إن أذن و أقمن فلا بأس (4).

و قال عطاء،و مجاهد،و الأوزاعي:أنها يقمن (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن عائشة انها كانت تؤذن و تقيم (6).

ص:397


1- 1«ح»«ق»:المساوي.
2- 2) أضفناه من المصدر.
3- 3) التهذيب 2:57 حديث 200،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [1]
4- 4) الام 1:84،المغني 1:467.
5- 5) المغني 1:467.
6- 6) سنن البيهقي 1:408،مستدرك الحاكم 1:203.

و عن أم ورقة (1)ان النبي صلى الله عليه و آله أذن لها أن يؤذن لها و يقام تؤم نساء أهل دارها (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤذن للصلاة؟فقال:«حسن إن فعلت، و إن لم تفعل أجزأها أن تكبر و أن تشهد أن لا إله إلا الله و ان محمدا رسول الله» (3)و لأنها تصح إمامتها لهن،فيجوز أذانها،لأن منصب الإمامة أعظم.

الثاني:

قال علماؤنا:إذا أذنت المرأة أسرت بصوتها لئلا يسمعه الرجال،و هو عورة.

الثالث:

قال الشيخ:انه يعتد بأذانهن للرجال (4).و هو ضعيف،لأنها إن جهرت ارتكبت معصية،و النهي يدل على الفساد،و إلا فلا اجتزاء به،لعدم السماع.

الرابع:

روى الشيخ في الصحيح،عن زرارة،قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام:النساء عليهن أذان؟فقال:«إذا شهدت الشهادتين فحسبها» (5).

الخامس:

الخنثى لا يؤذن للرجال،لاحتمال أن يكون امرأة،و لا تؤذن المرأة له، لاحتمال أن يكون رجلا.

مسألة:و يستحب أن يكون المؤذن متطهرا من الحدثين،

و عليه إجماع العلماء،روى

ص:398


1- 1أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عمير(عويمر)بن نوفل الأنصارية،و يقال لها:بنت نوفل،فنسبت إلى جدها الأعلى،و هي التي استأذنت النبي(ص)في الخروج إلى بدر و قالت:لعل الله يرزقني الشهادة، فقال لها النبي(ص):اقعدي في بيتك،فإن الله سيهدي إليك شهادة في بيتك.كان رسول الله(ص) يزورها و يسميها:الشهيدة،و قد أمرها أن تؤم أهل دارها و أن تتخذ في دارها مؤذنا. أسد الغابة 5:626، [1]الإصابة 4:505، [2]الاستيعاب [3]بهامش الإصابة 4:504. [4]
2- 2) سنن أبي داود 1:161 حديث 592،مستدرك الحاكم 1:203،سنن الدار قطني 1:279 حديث 2.
3- 3) التهذيب 2:58 حديث 202،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [5]
4- 4) المبسوط 1:97.
5- 5) التهذيب 2:57 حديث 201،الوسائل 4:637 الباب 14 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]

الجمهور عن وائل بن حجر (1)ان النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال:(حق و سنة أن لا يؤذن أحد إلا و هو طاهر) (2).

و عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و آله،قال:(لا يؤذن إلا متوضئ) (3).

فروع:
الأول:

ليست الطهارة شرطا في الأذان.ذهب إليه علماؤنا،و أكثر أهل العلم (4).

و قال أحمد في إحدى الروايتين:إن أذن جنبا لم يعتد به (5).و هو قول إسحاق بن راهويه (6).

لنا:ان الجنابة أحد الحدثين،فلا يشترط فقده كالآخر،و لأنه لا يزيد على قراءة القرآن و الطهارة غير شرط فيه.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا بأس أن تؤذن و أنت على غير طهور،و لا تقيم إلا و أنت على وضوء» (7).

ص:399


1- 1وائل بن حجر بن وائل بن يعمر،و يقال:ابن حجر بن سعد بن مسروق بن وائل، وفد على النبي(ص) من اليمن،فلما دخل عليه رحب به و أدناه و بسط له رداءه.استعمله النبي(ص)على الأقيال من حضرموت و أقطعه أرضا.شهد مع علي(ع)صفين.روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه:علقمة و عبد الجبار و مولى لهم و أم يحيى زوجته،و كليب بن شهاب و حجر بن عنبس.مات في ولاية معاوية بن أبي سفيان. أسد الغابة 5:81، [1]الإصابة 3:628، [2]تهذيب التهذيب 11:108. [3]
2- 2) سنن البيهقي 1:397،كنز العمال 8:343 حديث 23180،المغني 1:459،عمدة القارئ 5:107.
3- 3) سنن الترمذي 1:389 حديث 200،سنن البيهقي 1:397.
4- 4) المغني 1:459،المجموع 3:105،عمدة القارئ 5:148.
5- 5) المغني 1:458.
6- 6) المغني 1:459،المجموع 3:105.
7- 7) التهذيب 2:53 حديث 179،الوسائل 4:627 الباب 9 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [4]

و عن إسحاق بن عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه،عن علي عليه السلام قال:«لا بأس أن يؤذن المؤذن و هو جنب،و لا يقيم حتى يغتسل» (1).

احتج المخالف بحديث وائل و أبي هريرة (2).

و الجواب:انه محمول على الاستحباب،لأن عمل المسلمين على خلاف ذلك.

الثاني:

الطهارة في الإقامة أشد استحبابا منها في الأذان،لحديث ابن سنان، و ابن عمار،و الأقرب اشتراط الطهارة فيها للحديثين.

الثالث:

لو أحدث في خلال الأذان تطهر و بني،لأن الحدث لا يمنع منه ابتداء، فكذا استدامة،و لو كان في الإقامة استأنف.

الرابع:

لو أحدث في أثناء الصلاة أعادها و لم يعد الإقامة.ذكره الشيخ (3)،لأن فائدة الإقامة و هي الدخول بها في الصلاة قد حصل.أما لو تكلم أعادها مع الصلاة، لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح،عن أبي عبد الله عليه السلام«لا تتكلم إذا أقمت الصلاة،فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة» (4).

مسألة:و يستحب أن يكون صيتا،

لأن القصد به الإعلام،و النفع بالصيت فيه أبلغ،و لا نعرف فيه خلافا،روى الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال لعبد الله بن زيد:(القه على بلال،فإنه أندى منك صوتا) (5)و اختار عليه السلام أبا محذورة للأذان لكونه صيتا (6).

ص:400


1- 1التهذيب 2:53 حديث 181،الوسائل 4:627 الباب 9 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) المغني 1:459،عمدة القارئ 5:148.
3- 3) المبسوط 1:98.
4- 4) التهذيب 2:55 حديث 191،الاستبصار 1:301 حديث 1112،الوسائل 4:629 الباب 10 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الدارمي 1:269، [3]سنن الترمذي 1:359 حديث 189، [4]سنن البيهقي 1:399.
6- 6) المغني 1:460،المهذب للشيرازي 1:57.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن محمد بن مروان،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«المؤذن يغفر له مد صوته بشهادة كل شيء سمعه» (1).

و عن سعد بن طريف (2)،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«من أذن عشر سنين محتسبا يغفر له مد بصره و صوته في السماء،و يصدقه كل رطب و يابس سمعه،و له من كل من يصلي معه في مسجده سهم،و له من كل من يصلي بصوته حسنة» (3).

و في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا أذنت فلا تخفين صوتك،فإن الله يأجرك مد صوتك» (4).

مسألة:و يستحب أن يؤذن على مرتفع،

لأنه أبلغ في رفع الصوت،فيكون النفع به أتم.

و قال الشيخ في المبسوط:يكره الأذان في الصومعة.قال:و لا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة أو على الأرض (5).و الأولى ما اخترناه من استحباب العلو.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،

ص:401


1- 1التهذيب 2:52 حديث 175،الوسائل 4:615 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 11. [1]
2- 2) سعد بن طريف الحنظلي الإسكاف،مولى بني تميم الكوفي،عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب السجاد(ع)مضيفا إلى ما في العنوان قوله:و يقال:سعد الخفاف،روى عن الأصبغ بن نباتة،و هو صحيح الحديث.و اخرى من أصحاب الباقر(ع)بعنوان:سعد بن طريف،و ثالثة من أصحاب الصادق (ع)بعنوان:سعد بن طريف التميمي الحنظلي مولى كوفي،و بعنوان سعد بن طريف الشاعر.و قال النجاشي في حقه:يعرف و ينكر،و نقل الكشي عن حمدويه أن سعد الإسكاف و سعد الخفاف و سعد بن طريف واحد،و كان ناووسيا وقف على أبي عبد الله(ع).و ذكره المصنف في القسم الثاني من الخلاصة. و قد مرت ترجمة سعد الإسكاف في الجزء الثالث:317. رجال النجاشي:198،رجال الطوسي:92،124،203،رجال الكشي:214، [2]رجال العلامة: 226. [3]
3- 3) التهذيب 2:284 حديث 1131،الوسائل 4:614 الباب 2 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]
4- 4) التهذيب 2:58 حديث 205،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [5]
5- 5) المبسوط 1:96. [6]

قال:كان طول حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله قامة،فكان عليه السلام يقول لبلال:«إذا دخل الوقت اعل فوق الجدار،و ارفع صوتك بالأذان فإن الله عز و جل قد وكل بالأذان ريحا ترفعه إلى السماء» (1).

و قد روى الشيخ،عن علي بن جعفر،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام،عن الأذان في المنارة أ سنة هو؟فقال:«إنما كان يؤذن للنبي صلى الله عليه و آله في الأرض و لم يكن يومئذ منارة» (2)و هذا لا ينافي ما ذكرناه من استحباب العلو.

مسألة:و يستحب أن يؤذن قائما

و يتأكد في الإقامة.و هو قول أهل العلم كافة، لأن النبي صلى الله عليه و آله قال لبلال:(قم فأذن) (3).و كان مؤذنوه عليه السلام يؤذنون قياما (4).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن حمران،قال:سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأذان جالسا؟فقال:«لا يؤذن جالسا إلا راكب أو مريض» (5)،و لأن رفع الصوت مع القيام يكون أبلغ.

فروع:
الأول:

القيام في الإقامة آكد،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم، قال:قلت:يؤذن الرجل و هو قاعد؟قال:«نعم،و لا يقيم إلا و هو قائم» (6).

ص:402


1- 1التهذيب 2:58 حديث 206،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [1]
2- 2) التهذيب 2:284 حديث 1134،الوسائل 4:640 الباب 16 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
3- 3) صحيح البخاري 1:157،صحيح مسلم 1:285 حديث 377،سنن النسائي 2:3،مسند أحمد 2: 148،عمدة القارئ 5:105،و فيها:يا بلال قم فناد.
4- 4) المغني 1:469.
5- 5) التهذيب 2:57 حديث 199،الاستبصار 1:302 حديث 1120،الوسائل 4:636 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 11. [3]
6- 6) التهذيب 2:56 حديث 194،الاستبصار 1:302 حديث 1118،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]

و في الصحيح،عن أحمد بن محمد،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:«يؤذن الرجل و هو جالس و لا يقيم إلا و هو قائم» (1).

الثاني:

يجوز له أن يؤذن راكبا،و على الأرض أفضل،و يتأكد في الإقامة،لما رواه الشيخ في الصحيح،عن العبد الصالح عليه السلام،قال:«تؤذن و أنت راكب، و لا تقيم (2)إلا و أنت على الأرض» (3).

الثالث:

يجوز له أن يؤذن و هو ماش،و الوقوف أفضل،و يتأكد في الإقامة،روى الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أحدهما عليهما السلام،قال:سألته عن الرجل يؤذن و هو يمشي،أو على ظهر دابته،أو على غير طهور؟فقال:«نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس» (4).

و عن سليمان بن صالح (5)،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«لا يقيم أحدكم الصلاة و هو ماش،و لا راكب،و لا مضطجع إلا أن يكون مريضا،و ليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة» (6).

و يجوز الإقامة ماشيا،روى ذلك يونس الشيباني (7)،عن أبي عبد الله عليه

ص:403


1- 1التهذيب 2:56 حديث 195،الاستبصار 1:302 حديث 1119،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) «ن»«م»:تقم.
3- 3) التهذيب 2:56 حديث 195،الاستبصار 1:302 حديث 1119،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [2]
4- 4) التهذيب 2:56 حديث 196،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [3]
5- 5) سليمان بن صالح الجصاص الكوفي،ثقة له كتاب،روى عن أبي عبد الله،قاله النجاشي،و عده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق(ع)،و اخرى فيمن لم يرو عنهم(ع).و قال في الفهرست:له كتاب. و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة. رجال النجاشي:184،رجال الطوسي:208،475،الفهرست:78، [4]رجال العلامة:78. [5]
6- 6) التهذيب 2:56 حديث 197،الوسائل 4:636 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 12. [6]
7- 7) يونس الشيباني،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع).قال المحقق المامقاني:ظاهره كونه إماميا إلا أن حاله مجهول،و الرجل في متن التهذيب:يونس النسباني. رجال الطوسي:337،تنقيح المقال 3:337. [7]

السلام،قال:قلت له:أؤذن و أنا راكب؟فقال:«نعم»قلت:فأقيم و أنا راكب؟ قال:«لا»قلت:فأقيم و رجلي في الركاب؟قال:«لا»قلت:فأقيم و أنا قاعد؟ قال:«لا»قلت:فأقيم و أنا ماش؟قال:«نعم ماش إلى الصلاة» (1).

مسألة :و يستحب أن يؤذن مستقبل القبلة،

(2)

و يتأكد في الإقامة.و قال السيد المرتضى:يجوز الأذان بغير وضوء من غير استقبال القبلة إلا في الشهادتين، و الإقامة لا تجوز إلا على وضوء و استقبال القبلة (3).

أما استحباب الاستقبال،فلما تقدم من الأحاديث،كحديث محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

و أما عدم الوجوب،فلأنه كيفية لمندوب،فلا يزيد حكمه على حكم أصله.

فرع:

المستحب ثبات المؤذن على الاستقبال في أثناء الأذان و الإقامة،و يكره له الالتفات يمينا و شمالا.

و قال أبو حنيفة:يستحب له أن يدور بالأذان في المأذنة (4).

و قال الشافعي:يستحب أن يلتفت عن يمينه عند قوله:حي على الصلاة،و عن يساره عند قوله:حي على الفلاح (5).

ص:404


1- 1التهذيب 2:57 حديث 198،الوسائل 4:635 الباب 13 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [1]
2- 2) «غ»:فرع.
3- 3) جمل العلم و العمل:58.
4- 4) المبسوط للسرخسي 1:130،بدائع الصنائع 1:149،الهداية للمرغيناني 1:41،شرح فتح القدير 1: 213،حلية العلماء 2:43،المجموع 3:107.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:106،مغني المحتاج 1:136.

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله ان مؤذنيه كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة (1)،و لأن الاستقبال فيه مستحب إجماعا،فيستحب في أبعاضه.

احتجوا (2)بأن بلالا أذن و التفت يمينا و شمالا إلا عند الحيعلتين (3).

و الجواب:انه معارض بما ذكرناه،و لأنه يحتمل أن يكون فعل ذلك لا لكونه مستحبا،بل لاعتقاد كونه كذلك،أو لأمور آخر.

مسألة:و يستحب له أن يرفع صوته بالأذان،

لأنه أنفع،فالثواب به أكثر،و لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدير الثواب بمقادير بعد الأصوات (4)،و لا يجهد نفسه في رفع صوته،لحصول الضرر بذلك،و المستحب له أن يرفع صوته في جميع فصوله.و لو كان الأذان للحاضرين جاز له إخفاته،بحيث لا يتجاوزهم الصوت.و يستحب أن يكون حسن الصوت،ليكون إقبال الناس عليه أبلغ.

مسألة:و يجوز أن يكون أعمى بلا خلاف،

و يستحب أن يكون مبصرا ليأمن الغلط،فإن أذن الأعمى يستحب أن يكون معه من يسدده و يعرفه دخول الوقت،فإن ابن أم مكتوم (5)كان يؤذن للنبي صلى الله عليه و آله و كان أعمى لا ينادي حتى يقال

ص:405


1- 1المغني 1:472.
2- 2) المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:103،مغني المحتاج 1:136.
3- 3) صحيح البخاري 1:163،سنن أبي داود 1:143 حديث 520،سنن الترمذي 1:375 حديث 197، سنن النسائي 2:12،مسند أحمد 4:308 و في الجميع بتفاوت يسير.
4- 4) تقدم في ص 400. [1]
5- 5) عمرو بن زائدة،و يقال:عمرو بن قيس بن زائد،و يقال:زياد بن الأصم،و اسم الأصم:جندب بن هرم بن رواحة بن حجر.العامري المعروف ب«ابن أم مكتوم»مؤذن النبي(ص)،و قيل:اسمه عبد الله،هاجر قبل مقدم النبي(ص)إلى المدينة،و استخلفه النبي(ص)على المدينة ثلاث عشرة مرة، و هو الأعمى المذكور في القرآن في«عبس و تولى».روى عن النبي(ص)،و روى عنه أنس بن مالك و عبد الله بن شداد و زر بن حبيش و غيرهم. أسد الغابة 4:127، [2]تهذيب التهذيب 8:34. [3]

و الجواب:أمر ابن عمر لا يعارض أقوال النبي صلى الله عليه و آله و أهل البيت عليهم السلام،و لو ترك ذلك جاز،و لا يستحب ذلك في الإقامة لعدم النقل.

مسألة:لا يختص الأذان بقوم دون قوم.

ذهب إليه علماؤنا.و قال الشافعي:

أحب أن يكون ممن جعل النبي صلى الله عليه و آله فيهم الأذان كأبي محذورة، و سعد (1).

لنا:الأحاديث الدالة على استحباب الأذان،فإنها مطلقة،و التقييد يحتاج (2)إلى دليل،و لم يثبت.

فروع:
الأول:

لو تشاح المؤذنون قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة،فإن اتفقت في الجميع أقرع بينهم لعدم الأولوية.

و يؤيده:قول النبي صلى الله عليه و آله:(لو يعلم الناس ما في النداء و الصف الأول،ثمَّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه) (3).

الثاني:

قال الشيخ:يجوز أن يكون المؤذنون اثنين اثنين إذا أذنوا أذانا واحدا (4).

و لو أخذ واحد بعد آخر بمعنى أن يبني كل واحد على فصول الآخر لم يكن مستحبا،لأن كل واحد منهما لم يؤذن.و يجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد كل واحد في زاوية من المسجد،و أن يؤذن واحد بعد واحد.و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحب.

الثالث:

يجوز أن يتولى الأذان واحد و الإقامة آخر،فقد روي ان أبا عبد الله عليه

ص:406


1- 1المهذب للشيرازي 1:57،المجموع 3:102،مغني المحتاج 1:138،تفسير القرطبي 6:227.
2- 2) «ح»«ق»:محتاج.
3- 3) صحيح البخاري 1:159،صحيح مسلم 1:325 حديث 437،سنن الترمذي 1:437 حديث 225، الموطأ 1:68 حديث 3، [1]مسند أحمد 2:236، [2]سنن البيهقي 1:428.
4- 4) المبسوط 1:98. [3]

له:أصبحت أصبحت،و كان يؤذن بعد أذان بلال (1).

و يستحب أن يكون المؤذن بصيرا بالأوقات ليجتنب الغلط،فإنه إذا لم يكن عالما ربما أذن في غير وقت الصلاة و قلده غيره.و لو أذن الجاهل جاز بلا خلاف،لأن الأعمى يؤذن،فالجاهل أولى.

مسألة:و يستحب أن يجعل المؤذن إصبعيه في أذنيه حال الأذان.

و هو قول الجمهور إلا أحمد،فإنه قال:يستحب أن يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه (2).

لنا:ما رواه الجمهور،عن بلال انه أذن و وضع إصبعيه في أذنيه (3).و عن سعد (4)مؤذن رسول الله صلى الله عليه و آله ان النبي صلى الله عليه و آله أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه (5).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان» (6).

احتج أحمد بأن ابن عمر كان إذا بعث مؤذنا يقول له:اضمم أصابعك مع كفيك و اجعلها مضمومة على أذنيك (7).

ص:407


1- 1صحيح البخاري 1:160،الموطأ 1:74 حديث 15،مسند أحمد 2:123،سنن البيهقي 1:427.
2- 2) المغني 1:468،الإنصاف 1:417. [1]
3- 3) صحيح البخاري 1:163،سنن ابن ماجه 1:236 حديث 711.
4- 4) سعد بن عائذ المؤذن،مولى عمار بن ياسر المعروف ب«سعد القرظ»لتجارته فيه،جعله النبي(ص)مؤذن مسجد قبا في حياته و خليفة بلال إذا غاب،روى عن النبي(ص)و روى عنه ابناه عمار و عمرو حفيده حفص بن عمر.مات في أيام الحجاج. أسد الغابة 2:283، [2]الإصابة 2:29، [3]الاستيعاب بهامش الإصابة 2:54، [4]تهذيب التهذيب 3:474. [5]
5- 5) سنن ابن ماجه 1:237 حديث 710،سنن البيهقي 1:396،كنز العمال 7:693 حديث 20955، مجمع الزوائد 1:334.
6- 6) التهذيب 2:284 حديث 1135،الوسائل 4:641 الباب 17 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [6]
7- 7) المغني 1:469.

السلام كان يقيم بعد أذان غيره،و يؤذن و يقيم غيره،و أن يفارق موضعه،ثمَّ يقيم (1).

الرابع:

قيل:لا يقيم حتى يأذن له الإمام (2)،روى الجمهور،عن علي عليه السلام انه قال:(المؤذن أملك بالأذان و الإمام أملك بالإقامة) (3).

مسألة:و يكره أن يكون المؤذن لحانا،

لأنه قد يخل بالمعنى فينصب لفظ رسول الله صلى الله عليه و آله مثلا،فيخرج عن كونه خبرا و يختل به المقصود،و قد يمد لفظة أكبر فيصير بذلك على صيغة«أكبار»و هو جمع كبر،و هو الطبل.

و يستحب له أن يظهر الهاء في لفظتي الله و الصلاة،و الحاء من الفلاح،لما روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(لا يؤذن لكم من يدغم الهاء) (4)قلنا:و كيف يقول؟قال:(يقول:أشهد أن لا إله إلا الله،أشهد أن محمدا رسول الله).

و يستحب أن يكون فصيحا،و يكره أن يكون ألثغ (5)،فإن لم يتغير به المعنى فلا بأس،فقد قيل:ان بلالا كان يجعل الشين سينا (6).

البحث الثالث فيما يؤذن له

مسألة:الأذان ليس بواجب في شيء من الصلوات.

اشارة

ذهب إليه أكثر

ص:408


1- 1الكافي 3:306 حديث 25، [1]التهذيب 2:281 حديث 1117،الوسائل 4:660 الباب 31 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
2- 2) المغني 1:461،الشرح الكبير بهامش المغني 1:440.
3- 3) سنن البيهقي 2:19،كنز العمال 7:694 حديث 20963 و ص 695 حديث 20970.
4- 4) المغني 1:479. [3]
5- 5) اللثغة:حبسة في اللسان حتى تصير الراء لاما أو غينا أو السين ثاء و نحو ذلك.المصباح المنير 2:549. [4]
6- 6) المغني 1:479.

علمائنا (1)،و به قال أبو حنيفة (2)،و الشافعي (3).

و نقل السيد المرتضى في المسائل الطرابلسية،عن بعض علمائنا ان الأذان و الإقامة واجبان على الرجال خاصة دون النساء في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر.

و يجبان عليهم جماعة و فرادى في الفجر،و المغرب،و صلاة الجمعة،و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات المكتوبات (4).

و ذهب بعض أصحاب الشافعي إلى انهما من فروض الكفاية (5)،و به قال مالك إلا ان مالكا إنما أوجبه في مساجد الجماعة التي يجمع فيها للصلاة (6)،و أحمد أوجبه على أهل المصر و لا يجب على المسافرين (7).

و قال عطاء،و مجاهد:انهما واجبان على الأعيان (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال للذي عليه الصلاة:

(إذا أردت الصلاة فأحسن الوضوء،ثمَّ استقبل القبلة فكبر) (9)و لم يأمره بالأذان،و لو كان واجبا لما أخل به،لأنه تأخير للبيان عن وقت الحاجة،و هو غير جائز.

ص:409


1- 1منهم:الطوسي في الخلاف 1:93 مسألة:28،و أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه:120،و ابن إدريس في السرائر:43.
2- 2) المبسوط للسرخسي 1:133،بدائع الصنائع 1:147،المغني 1:461،المجموع 3:82،ميزان الكبرى 1:132،نيل الأوطار 2:10،بداية المجتهد 1:107.
3- 3) الام 1:83،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:82،ميزان الكبرى 1:132،المغني 1:461،بداية المجتهد 1:107،نيل الأوطار 2:10.
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:81،المغني 1:461،نيل الأوطار 2:10.
6- 6) المدونة الكبرى 1:61،بداية المجتهد 1:107،المغني 1:462،المجموع 3:82،عمدة القارئ 5:104، نيل الأوطار 2:10.
7- 7) المغني 1:462.
8- 8) المغني 1:461،المجموع 3:82،عمدة القارئ 5:104،نيل الأوطار 2:10.
9- 9) كنز العمال 8:14 حديث 21656،المغني 1:462.

و ما رووه،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(الأئمة ضمناء،و المؤذنون أمناء) (1)و الأمانة غير واجبة على المؤتمن.

و ما رووه،عن علقمة و الأسود انهما قالا:دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان و لا إقامة (2).رواه الأثرم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل نسي الأذان و الإقامة حتى دخل في الصلاة؟قال:

«فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة» (3)و لأن الأصل عدم الوجوب،فيقف ثبوته على الشرع،و لأنه مما يعم به البلوى،فلو كان واجبا لاشتهر وجوبه،و لوقع الإنكار بتركه في بعض الأمصار،و لأنه دعاء إلى الصلاة فأشبه قول المؤذن:الصلاة ثلاثا في غير الخمس،و قوله:الصلاة جامعة عندهم.

احتج الموجبون (4)له بما رواه مالك بن الحويرث (5)،قال:أتيت النبي صلى الله عليه و آله أنا و رجل نودعه فقال:(إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما و ليؤمكما أكبركما) (6)و الأمر للوجوب،و لأنه من شعائر الإسلام،فأشبه الجهاد.

و احتج من أوجبه على الكفاية بذلك و على الوصف بأن بلالا كان يؤذن للنبي

ص:410


1- 1مسند الإمام الشافعي:33،كنز العمال 7:592 حديث 20407.
2- 2) سنن البيهقي 1:406.
3- 3) التهذيب 2:285 حديث 1139،الاستبصار 1:304 حديث 1130،الوسائل 4:656 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
4- 4) نيل الأوطار 2:10.
5- 5) مالك بن الحويرث بن حشيش بن عوف بن جندع:أبو سليمان الليثي الصحابي،روى عن النبي(ص)،و روى عنه أبو قلابة و أبو عطية و نصر بن عاصم الليثي.مات سنة 74 ه.و قيل:94. أسد الغابة 4:277، [2]الاستيعاب بهامش الإصابة 3:374،تهذيب التهذيب 10:13. [3]
6- 6) صحيح البخاري 1:162،175،صحيح مسلم 1:465 حديث 674،سنن ابن ماجه 1:313 حديث 979،سنن الترمذي 1:399 حديث 205،سنن الدارمي 1:286،مسند أحمد 3:436،و ج 5:53. [4]

صلى الله عليه و آله فيكتفي به (1).قال مالك:إنما شرع الأذان للإعلام ليجتمع الناس إلى الصلاة،فتحصل لهم فضيلة الجماعة (2).

و الجواب عن الأول:ان الأمر هنا للاستحباب لما قلناه،و يؤيده الأمر بالإمامة،و هي غير واجبة.

و عن الثاني بالفرق بين الأصل و الفرع،لأن الأصل وضع للدخول في الدين،و هو من أعظم الواجبات،فكان الطريق إليه واجبا،و الأذان وضع للدخول في الجماعة و هي غير واجبة،فالأولى بالوسيلة أن لا تكون واجبة.

فروع:
الأول:

قال الشيخ في المبسوط (3)،و السيد المرتضى في بعض كتبه:انهما واجبان في الجماعة (4).و هو قول المفيد رحمة الله (5).

و قال الشيخ في الخلاف:انهما سنتان مؤكدتان على الرجال (6).و هو الأقوى عندي،لما تقدم من الأدلة.

احتج الموجبون بما رواه الشيخ،عن أبي بصير،عن أحدهما عليهما السلام،قال:

سألته أ يجزي أذان واحد؟قال:«إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان و إقامة،و إن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك تجزئك إقامة،إلا الفجر و المغرب فإنه ينبغي أن

ص:411


1- 1المغني 1:461،الشرح الكبير بهامش المغني 1:425.
2- 2) المغني 1:462،الشرح الكبير بهامش المغني 1:425.
3- 3) المبسوط 1:95.
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المقنعة:15. [1]
6- 6) الخلاف 1:93 مسألة 28.

تؤذن فيهما و تقيم،من أجل انه لا تقصر فيهما كما تقصر في سائر الصلوات» (1)و لأن تكبير الجماعة بالأذان أمر مطلوب،و الوجوب طريق صالح.

و الجواب عن الأول:ان في السند علي بن أبي حمزة،و هو واقفي (2)،فلا تعويل على ما ينفرد به مع منافاته للأصل،و لأنه يحتمل الاستحباب،و يدل عليه إلزامه بالإقامة حالة الانفراد،و قد وافقنا الشيخان (3)،و السيد (4)رحمهم الله على عدم وجوبها.

و ربما احتج القائلون بوجوب الإقامة بمثل هذه الرواية،و هي ضعيفة.

الثاني:

قال الشيخ في المبسوط:لو صلى جماعة بغير أذان و إقامة لم تحصل فضيلة الجماعة و الصلاة ماضية (5).

و قال السيد في بعض كتبه بالوجوب (6).و فيه ضعف لما بيناه أولا.

الثالث:

قال فيه:لو قضى جماعة فريضة فإنه وجب الأذان و الإقامة (7).و هو بناء على مذهبه.

مسألة:و لا يؤذن لغير الصلوات الخمس.

و هو قول علماء الإسلام،و يستحب للصلوات الخمس أداء و قضاء،للمنفرد و الجامع على خلاف مضى،و يتأكد استحبابهما فيما يجهر فيه بالقراءة،و آكد ذلك الغداة و المغرب.ذكره الشيخ (8)،لأن في

ص:412


1- 1التهذيب 2:50 حديث 163،الاستبصار 1:299 حديث 1105،الوسائل 4:624 الباب 6،7 من أبواب الأذان و الإقامة، [1]حديث 1،7.
2- 2) تقدمت ترجمته في الجزء الأول ص:83.
3- 3) المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في المبسوط 1:95. [2]
4- 4) جمل العلم و العمل:57.
5- 5) المبسوط 1:95. [3]
6- 6) جمل العلم و العمل:57.
7- 7) المبسوط 1:95. [4]
8- 8) المبسوط 1:95، [5]النهاية:64. [6]

الجهر دلالة على اعتناء (1)الشارع بالتنبيه عليها،و في الأذان زيادة تنبيه،فيتأكد فيها.

و أما التأكيد في المغرب و الغداة فيدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«تجزئك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة و المغرب» (2).

و عن سماعة،قال:قال أبو عبد الله عليه السلام:«لا تصل الغداة و المغرب إلا بأذان و إقامة و رخص في سائر الصلوات بالإقامة،و الأذان أفضل» (3).

لا يقال:ان هذه الأحاديث تدل على الوجوب.لأنا نمنع ذلك بما تقدم و بما رواه الشيخ في الصحيح،عن عمر بن يزيد،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإقامة بغير أذان في المغرب؟فقال:«ليس به بأس و ما أحب أن يعتاد» (4).و كذا يتأكد الاستحباب في صلاة الجماعة لما مضى.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبيد الله بن علي الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،عن أبيه أنه كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة و لم يؤذن (5).

و في الصحيح،عن عبد الله بن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

«تجزئك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان» (6)و هذا يدل على الاجتزاء بالإقامة للمنفرد،لأن الإعلام غير متحقق في حقه،فلا يتأكد استحباب الأذان

ص:413


1- 1«ن»:اعتبار.
2- 2) التهذيب 2:51 حديث 168،الاستبصار 1:300 حديث 1107،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [1]
3- 3) التهذيب 2:51 حديث 167،الاستبصار 1:299 حديث 1106،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [2]
4- 4) التهذيب 2:51 حديث 169،الاستبصار 1:300 حديث 1108،الوسائل 4:624 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
5- 5) التهذيب 2:50 حديث 165،الوسائل 4:622 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [4]
6- 6) التهذيب 2:50 حديث 166،الوسائل 4:622 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [5]

هناك.

مسألة:لو صلى في مسجد جماعة و جاء آخرون

اجتزؤا بالأذان الأول ما دامت الصفوف باقية،فإن تفرقت أذن الآخرون و أقاموا.قاله الشيخ رحمه الله (1)،و هو قول الحسن البصري،و الشعبي،و النخعي،و عروة (2)،و وجهه ان القصد من الأذان الإعلام و قد حصل،فلا وجه لإعادته.أما مع التفرق فإن صلاته بعد ذلك كالصلاة المستأنفة،فيستحب لها الأذان كغيرها.

و يدل عليه:ما رواه الشيخ،عن أبي بصير،قال:سألته عن الرجل ينتهي إلى الإمام حين يسلم؟فقال:«ليس عليه أن يعيد الأذان،فليدخل معهم في أذانهم،فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان» (3).

و عن زيد بن علي،عن آبائه،عن علي عليه السلام،قال:«دخل رجلان المسجد و قد صلى الناس،فقال لهما علي عليه السلام:إن شئتما فليؤم أحد كما صاحبه و لا يؤذن و لا يقيم» (4).

مسألة:و لو سمع أذان غيره جاز أن يجتزأ به

في الجماعة و إن لم يكن منهم،لأن القصد الإعلام،و قد حصل.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي مريم الأنصاري قال:صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة،فلما انصرف قلت له:عافاك الله صليت بنا في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة؟فقال:«ان قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون على إزار و لا رداء،و إني مررت بجعفر و هو يؤذن و يقيم(فلم

ص:414


1- 1المبسوط 1:98.
2- 2) المغني 1:467.
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1100،الوسائل 4:653 الباب 25 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
4- 4) التهذيب 2:281 حديث 1119،الوسائل 4:654 الباب 25 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]

أكلم) (1)فأجزأني ذلك» (2).

و عن عمرو بن خالد،قال:كنا مع أبي جعفر عليه السلام فسمع إقامة جار له في الصلاة،فقال:«قوموا»فقمنا فصلينا معه بغير أذان و لا إقامة،قال:«يجزئكم أذان جاركم» (3).

قال الشيخ:لو أذن بنية الانفراد،ثمَّ أراد أن يصلي جماعة،استحب له الاستئناف (4)،تعويلا على رواية عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:سئل[عن] (5)الرجل يؤذن و يقيم ليصلي وحده فيجيء رجل آخر،فيقول له:

نصلي جماعة،هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان و الإقامة؟قال:«لا و لكن يؤذن و يقيم» (6)و الطريق ضعيف،إلا انها تدل على إعادة ذكر الله تعالى،و هو حسن و ليس النزاع فيه،بل في استحباب إعادة الأذان من حيث هو أذان،لا من حيث هو ذكر الله تعالى.فالأولى الاعتماد على ما تقدم من الأخبار،فإنها تدل على الاجتزاء بأذان غيره إذا كان منفردا،فبأذانه أولى.

مسألة:و القاضي للفرائض الخمس يؤذن لأول صلاة من ورده،

ثمَّ يقيم لكل واحدة إقامة،و إن اقتصر على الإقامة في الكل جاز،و إن جمع بين الأذان و الإقامة لكل فريضة كان أفضل.و هو قول الشيخين (7)،و أحمد (8)،و أحمد أقوال الشافعي.

ص:415


1- 1أثبتناه من المصدر.
2- 2) التهذيب 2:280 حديث 1113،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. و [1]ج 3:284 الباب 22 من أبواب لباس المصلي،حديث 7.
3- 3) التهذيب 2:285 حديث 1141،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [2]
4- 4) النهاية:65، [3]المبسوط 1:98.
5- 5) أضفناه من المصدر.
6- 6) التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:655 الباب 27 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [4]
7- 7) المفيد في المقنعة:15،و الطوسي في الخلاف 1:92 مسألة 26.
8- 8) المغني 1:462،الكافي لابن قدامة 1:129،الإنصاف 1:422، [5]منار السبيل 1:66.

و الثاني له:انه يقيم و لا يؤذن (1)،و هو قول مالك (2).

و الثالث:إن رجا اجتماع الناس أذن و إلا فلا.

و قال أبو حنيفة:يؤذن لكل صلاة و يقيم (3).

أما استحباب إعادة الأذان و الإقامة معها فلقوله عليه السلام:«من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (4)و قد كان من حكم الفائتة استحباب تقديم الأذان عليها،و كذا قضاؤها.

و ما رواه الشيخ في الموثق،عن عمار الساباطي،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان و الإقامة؟قال:«نعم» (5)و لأنهما مسنونان في الأداء.فكذا في القضاء كسائر المسنونات.

و أما الاجتزاء بالأذان في الأول و تعدد الإقامة،فيدل عليه:ما رواه الجمهور،عن أبي عبيدة بن عبد الله (6)،عن أبيه ان المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه و آله عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله،قال:فأمر بلالا فأذن و أقام

ص:416


1- 1الام 1:86،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:84،مغني المحتاج 1:135،الهداية للمرغيناني 1: 42،المغني 463.
2- 2) المدونة الكبرى 1:62،المغني 1:463،المجموع 3:85.
3- 3) المبسوط للسرخسي 1:136،بدائع الصنائع 1:154،الهداية للمرغيناني 1:42،شرح فتح القدير 1: 217،المغني 1:463،المجموع 3:85.
4- 4) الكافي 3:435 حديث 7، [1]التهذيب 3:162 حديث 350،الوسائل 5:359 الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات،حديث 1. [2]بتفاوت.
5- 5) التهذيب 3:167 حديث 367،الوسائل 5:361 الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات،حديث 2. [3]
6- 6) أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي،و يقال:اسمه كنيته،روى عن أبيه و عن أبي موسى الأشعري و عمرو بن الحارث بن المصطلق،و روى عنه إبراهيم النخعي و أبو إسحاق السبيعي و سعد بن إبراهيم و غيرهم.مات سنة 81 ه. تهذيب التهذيب 5:75، [4]العبر 1:69. [5]

و صلي الظهر،ثمَّ أمره فأقام و صلى العصر،ثمَّ،أمره فأقام و صلى المغرب،ثمَّ أمره فأقام فصلى العشاء (1).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:«إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء،و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فأذن لها و أقم،ثمَّ صلها،ثمَّ صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة» (2)و لأن القصد بالأذان الإعلام،و هو يحصل بالأول.

و أما جواز الاقتصار على إقامة إقامة بغير أذان مبتدأ،فيدل عليه ما رواه الجمهور، عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه و آله أمر بلالا بالإقامة في كل صلاة و لم يأمره بالأذان (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه موسى بن عيسى (4)،قال:كتبت إليه:رجل تجب عليه إعادة الصلاة أ يعيدها بأذان و إقامة؟فكتب عليه السلام:«يعيدها بإقامة» (5)و لأن الأذان وضع للإعلام بأوقات الصلاة و هو مفقود مع الفوات،و الإقامة لاستفتاح الصلاة و هو موجود.

و ما ذكرناه من الأدلة على التفصيل فهو دليل للمخالف على الإطلاق،و لا منافاة إلا في الفتيا.

ص:417


1- 1سنن الترمذي 1:337 حديث 179، [1]سنن النسائي 2:17،مسند أحمد 1:375،423، [2]سنن البيهقي 1:403،نيل الأوطار 2:46 حديث 2-بتفاوت يسير.
2- 2) التهذيب 3:158 حديث 340،الوسائل 3:211 الباب 63 من أبواب المواقيت،حديث 1. [3]
3- 3) سنن النسائي 2:17،مسند أحمد 3:25،49،67،68،سنن البيهقي 1:402،نيل الأوطار 2:7 حديث 2-بتفاوت يسير.
4- 4) موسى بن عيسى،قال المحقق المامقاني:عنونه ابن شهرآشوب في معالم العلماء،و قال:مختلط له خصال الملوك.و يظهر من التهذيب 5:134 حديث 447 أن لقبه:اليعقوبي،روى عن العباس بن معروف. تنقيح المقال 3:258. [4]
5- 5) التهذيب 2:282 حديث 1124،الوسائل 4:666 الباب 37 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [5]

مسألة:و لو جمع بين صلاتين

اشارة

أذن و أقام للأولى منهما و يقيم للأخرى،سواء كان في وقت الأولى أو وقت الثانية.قاله الشيخ (1)،و هو قول أحمد (2).

و قال أبو حنيفة:لا يقيم للثانية (3).

و قال الشافعي:إن جمع بينهما في وقت الأولى أذن و أقام للأولى و أقام للثانية،و إن كان في وقت الثانية فكالفوائت (4).

و قال مالك:يؤذن و يقيم لكل واحدة منهما (5).

لنا:ما رواه الجمهور،عن جابر ان النبي صلى الله عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بعرفة،و بين المغرب و العشاء بمزدلفة بأذان و إقامتين (6).رواه مسلم.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الفضيل و زرارة و غيرهما، عن أبي جعفر عليه السلام،ان رسول الله صلى الله عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين و جمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (7).و لأن الأذان إعلام بدخول الوقت،فإذا صلى في وقت الأولى أذن لوقتها،ثمَّ أقام للأخرى،لأنه لم يدخل وقت يحتاج فيه إلى الإعلام،و إن جمع بينهما في وقت الثانية أذن لوقت الثانية،ثمَّ صلى الأولى،لأنها مترتبة عليها و لا يعاد الأذان للثانية.

احتج أبو حنيفة (8)بأن ابن عمر روى انه صلى مع النبي صلى الله عليه و آله

ص:418


1- 1المبسوط 1:96، [1]الخلاف 1:93 مسألة 27.
2- 2) المغني 1:464،الإنصاف 1:422، [2]منار السبيل 1:66.
3- 3) المغني 1:464.
4- 4) الام 1:86،المهذب للشيرازي 1:55،المجموع 3:86، [3]مغني المحتاج 1:135.
5- 5) المدونة الكبرى 1:61،المغني 1:464،الشرح الكبير بهامش المغني 1:445.
6- 6) صحيح مسلم 2:891 حديث 1218.
7- 7) التهذيب 3:18 حديث 66،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]
8- 8) المغني 1:464.

المغرب و العشاء بمزدلفة بإقامة واحدة (1).

و قال الشافعي:إذا جمع في وقت الأولى أذن لها،و إن كان في وقت الثانية فقد فات وقت الاولى،فيكون حكمها حكم الفوائت (2).

و احتج مالك بأن الثانية صلاة شرع لها الأذان،و هي مفعولة في وقتها،فيؤذن لها كالأولى (3).

و الجواب عن ذلك كله بما قدمناه من الأحاديث،فلا مشاحة في ذلك.

فروع:
الأول:

قال علماؤنا:يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد و إقامتين،لأن يوم الجمعة يجمع بين الصلاتين و يسقط ما بينهما من النوافل،فيكتفي فيهما بأذان واحد.

الثاني:

يجمع بين الظهرين بعرفة بأذان واحد و إقامتين،و كذا بين المغرب و العشاء بمزدلفة.و قد تقدم في حديث الجمهور ذلك.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن و يقيم للظهر،ثمَّ يصلي،ثمَّ يقوم فيقيم للعصر بغير أذان،و كذلك في المغرب و العشاء بمزدلفة» (4).

الثالث:

هل الأذان الثاني بدعة؟أما في يوم الجمعة فيأتي،و أما في الموضعين فالأظهر انه كذلك،لرواية ابن سنان.

مسألة:لو ترك الأذان و الإقامة متعمدا و دخل في الصلاة

مضى فيها و لا يرجع، و إن كان ناسيا تداركهما ما لم يركع،و يستقبل صلاته استحبابا.و به قال السيد

ص:419


1- 1صحيح مسلم 2:938 حديث 290.
2- 2) الام 1:86،المجموع 3:86.
3- 3) المغني 1:464،الشرح الكبير [1]بهامش المغني 1:445-446.
4- 4) التهذيب 2:282 حديث 1122،الوسائل 4:665 الباب 36 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]

المرتضى رحمه الله (1).

و قال الشيخ في النهاية:إن تركهما متعمدا انصرف من الصلاة و تداركهما،ثمَّ استأنف صلاته ما لم يركع،و إن كان ناسيا استمر على حالته (2).و لم يفصل في المبسوط،بل أطلق القول بالاستئناف ما لم يركع (3).

و قال ابن أبي عقيل:إن ترك الأذان متعمدا و مستخفا فعليه الإعادة (4).

لنا:انه مع النسيان معذور بالترك،فكان له تداركه قبل الركوع لا بعده،لأنه ركن فلا تبطل الصلاة معه.أما مع العمد فلا يسوغ له إبطال الصلاة الواجبة،لقوله تعالى «وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (5)و التدارك لا معنى له ها هنا،لأنه تركه ذاكرا، و ليس الأذان من الواجبات بحيث يخل تركه بالصلاة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن و تقيم،ثمَّ ذكرت قبل أن تركع،فانصرف فأذن و أقم و استفتح الصلاة،و إن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك» (6)و ليس الأمر ها هنا للوجوب،لأن الأذان في نفسه مستحب،فكيف يجب إبطال الواجب له مع عدم وجوبه ابتداء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن زرارة،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت

ص:420


1- 1نقله عنه في المعتبر 2:129. [1]
2- 2) النهاية:65. [2]
3- 3) المبسوط 1:95. [3]
4- 4) نقله عنه في المختلف:88.
5- 5) محمد:33. [4]
6- 6) التهذيب 2:278 حديث 1103،الاستبصار 1:304 حديث 1127،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [5]

له:رجل ينسى الأذان و الإقامة حتى يكبر؟قال:«يمضي على صلاته و لا يعيد» (1).

و عن نعمان الرازي (2)،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام و سأله أبو عبيدة الحذاء عن حديث رجل نسي أن يؤذن و يقيم حتى كبر و دخل في الصلاة؟قال:«إن كان دخل المسجد و من نيته أن يؤذن و يقيم فليمض في صلاته و لا ينصرف» (3).

و قد روي جواز الانصراف ما لم يقرأ،و مع التلبس بها يتم.رواه الشيخ في الصحيح،عن محمد بن مسلم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال في الرجل ينسى الأذان و الإقامة حتى يدخل في الصلاة،قال:«إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي صلى الله عليه و آله و ليقم،و إن كان قد قرأ فليتم صلاته» (4).

و في الصحيح،عن حسين بن أبي العلاء،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة،ثمَّ يذكر انه لم يقم؟قال:«فإن ذكر انه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم على النبي صلى الله عليه و آله و سلم،ثمَّ يقيم و يصلي،و إن ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته» (5)و هذا يدل على ان الإقامة كالأذان و الإقامة في الحكم.

ص:421


1- 1التهذيب 2:279 حديث 1106،الاستبصار 1:302 حديث 1121،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [1]
2- 2) النعمان الرازي،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،و ذكره الصدوق في مشيخته،روى عنه جعفر بن بشير و ابن أبي عمير بواسطة حماد. رجال الطوسي:325،الفقيه(شرح المشيخة)4:59.
3- 3) التهذيب 2:279 حديث 1107،الاستبصار 1:303 حديث 1126،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [2]
4- 4) التهذيب 2:278 حديث 1102،الاستبصار 1:303 حديث 1126،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [3]
5- 5) التهذيب 2:278 حديث 1105،الاستبصار 1:304 حديث 1129،الوسائل 4:657 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 5. [4]

و قد روي عن ذكريا بن آدم،قال:قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:جعلت فداك،كنت في صلاتي فذكرت في الركعة الثانية و أنا في القراءة اني لم أقم فكيف أصنع؟قال:«اسكت موضع قراءتك و قل:قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة،ثمَّ امض في قراءتك و صلاتك و قد تمت صلاتك» (1).و هذا يؤذن بما رويناه أولا من ان الإقامة تنزل منزلة الجزء من الصلاة.

أما لو ذكر بعد الصلاة انه لم يؤذن و لم يقم،لم يعد صلاته إجماعا،لأنها وقعت مشروعة،فلا تستعقب القضاء.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن أبي الصباح،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:

سألته عن الرجل نسي الأذان حتى صلى؟قال:«لا يعيد» (2).

و عن أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«سألته عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى انصرف،يعيد صلاته؟قال:«لا يعيدها و لا يعود لمثلها» (3).

و قد روى الشيخ في الصحيح،عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة و قد افتتح الصلاة؟قال:«إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته،و إن لم يكن فرغ من صلاته فليعد» (4).و حمله الشيخ على الاستحباب (5)و هو جيد،لكن مع شرط آخر و هو عدم الدخول في الركوع،لما تقدم من

ص:422


1- 1التهذيب 2:278 حديث 1104،الاستبصار 1:304 حديث 1128،الوسائل 4:658 الباب 29 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [1]
2- 2) التهذيب 2:279 حديث 1108،الاستبصار 1:303 حديث 1123،الوسائل 4:655 الباب 27 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:279 حديث 1109،الاستبصار 1:303 حديث 1124،الوسائل 4:656 الباب 28 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [3]
4- 4) التهذيب 2:279 حديث 1110،الاستبصار 1:303 حديث 1125،الوسائل 4:656 الباب 28 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [4]
5- 5) التهذيب 2:279،الاستبصار 1:303.

الأحاديث،و لم نقف للشيخ و ابن أبي عقيل على دلالة جيدة فيما ذكراه.

مسألة:و لا يجوز الأذان قبل دخول الوقت في غير الصبح.

اشارة

و عليه علماء الإسلام، لأنه وضع للإعلام بدخول الوقت،فلا يجزى قبله،لأنه يخل بمقصوده.

أما الفجر فلا بأس بالأذان قبله.و عليه فتوى علمائنا،و به قال:مالك (1)، و الأوزاعي (2)،و الشافعي (3)،و أحمد (4)،و إسحاق (5).و منع منه أبو حنيفة (6)، و الثوري (7)،و محمد بن الحسن (8).

لنا:ما رواه الجمهور،عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال:(ان بلالا يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) (9).و في حديث الخاصة:«ان ابن أم مكتوم يؤذن بليل،فإذا سمعتم أذانه فكلوا و اشربوا حتى تسمعوا أذان بلال» (10)و هو

ص:423


1- 1المدونة الكبرى 1:60،بلغة السالك 1:92،بداية المجتهد 1:107،المغني 1:455،المجموع 3:89، المحلى 3:119،عمدة القارئ 5:130.
2- 2) المغني 1:455،المجموع 3:89،المحلى 3:119،عمدة القارئ 5:130.
3- 3) الام 1:83،المهذب للشيرازي 1:55 المجموع 3:89،السراج الوهاج:38،المحلى 3:119،بداية المجتهد 1:107،بدائع الصنائع 1:154،المغني 1:455،المبسوط للسرخسي 1:134،شرح فتح القدير 1:221،عمدة القارئ 5:130.
4- 4) المغني 1:455،الكافي لابن قدامة 1:127،الإنصاف 1:420،المجموع 3:89،عمدة القارئ 5: 130،منار السبيل 1:64.
5- 5) المغني 1:455،المجموع 3:89،عمدة القارئ 5:130.
6- 6) بدائع الصنائع 1:154،المبسوط للسرخسي 1:134،الهداية للمرغيناني 1:43، [1]شرح فتح القدير 1: 221،عمدة القارئ 5:130،المحلى 3:119،بداية المجتهد 1:107،المجموع 3:89،المغني 1:455، نيل الأوطار 2:32.
7- 7) المغني 1:455،المجموع 3:89،المحلى 3:119،نيل الأوطار 2:32.
8- 8) المجموع 3:89،المغني 1:455،عمدة القارئ 5:130،نيل الأوطار 2:32.
9- 9) صحيح البخاري 1:160،سنن النسائي 2:10،سنن البيهقي 1:380،عمدة القارئ 5:130.
10- 10) الكافي 4:98 حديث 2،3، [2]التهذيب 4:184 حديث 513،الوسائل 4:625 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2،3. [3]

الأولى،لأن ابن أم مكتوم كان أعمى.و عنه عليه السلام،انه قال:(ان بلالا يؤذن بليل لينبه نائمكم) (1)و هو دليل الجواز،لما فيه من المداومة و ترك النهي عنه.

و عن زياد بن الحارث الصدائي (2)قال:أمرني النبي صلى الله عليه و آله فأذنت،فجعلت أقول:أقيم يا رسول الله؟و هو ينظر ناحية المشرق و يقول:(لا)حتى طلع الفجر نزل فبرز،ثمَّ انصرف إلي و قد تلاحق أصحابه،فتوضأ،فأراد بلال أن يقيم،فقال النبي صلى الله عليه و آله:(ان أخا صداء قد أذن،و من أذن فهو يقيم).

قال:فأقمت (3).و هذا الحديث كما هو دال على المقصود فهو دال على إبطال من قال:

إنما يجوز ذلك إذا كان له مؤذنان،فإذا زيادا أذن وحده.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عمران بن علي قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان قبل الفجر؟فقال:«إذا كان في جماعة فلا،و إذا كان وحده فلا بأس» (4)و الشرط في الرواية حسن،لأن القصد به الإعلام للاجتماع،و مع الجماعة لا يحتاج إلى الإعلام للتأهب بخلاف المنفرد،و لأنه وقت النوم فتقديم الأذان يفيد التنبه و التأهب للصلاة بخلاف غيرها من الصلوات.

احتج المانع (5)بما رواه بلال أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال له:(لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا،و مد بيده عرضا) (6)و لأن الأذان قبل الفجر يفوت

ص:424


1- 1صحيح البخاري 1:160،سنن ابن ماجه 1:541 حديث 1696،سنن النسائي 2:11،مسند أحمد 1:386،392،435،عمدة القارئ 5:130.
2- 2) زياد بن الحارث الصدائي من اليمن،بايع النبي(ص)و أذن بين يديه،روى عنه زياد بن نعيم الحضرمي. أسد الغابة 2:213، [1]تهذيب التهذيب 3:359. [2]
3- 3) سنن أبي داود 1:142،حديث 514،سنن البيهقي 1:399.
4- 4) التهذيب 2:53 حديث 176،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6. [3]
5- 5) بدائع الصنائع 1:154،المغني 1:455،شرح فتح القدير 1:221،نيل الأوطار 2:32.
6- 6) سنن أبي داود 1:147 حديث 534 سنن البيهقي 1:384،نيل الأوطار 2:33،المغني 1:455، المغني 1:455،و في بعض المصادر بتفاوت يسير.

الإعلام بالدخول فلم يجز،كغيرها من الصلوات.

و الجواب عن الأول:انه حديث ضعيف منقطع.قاله ابن عبد البر (1).

و عن الثاني بالفرق الذي ذكرناه.

فروع:
الأول:

يستحب لمن أذن قبل الفجر أن يعيدها مع طلوعه.و به قال الشيخ (2).

لتحصل فائدة العلم بالقرب من الأول،و بالدخول من الثاني.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:قلت له:ان لنا مؤذنا يؤذن بليل،فقال:«ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة،و أما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر،و لا يكون بين الأذان و الإقامة إلا الركعتان» (3).

الثاني:

شرط بعض أهل الظاهر أن يكون مؤذنان،كبلال و ابن أم مكتوم (4)، و ليس صحيحا،لما تقدم في حديث زياد بن الحارث،و لأن العلة في التقديم ثابتة في الصورتين.

الثالث:

قال بعضهم:يكره الأذان قبل الفجر في رمضان لئلا يتركوا سحورهم (5).و ليس شيئا لقول النبي صلى الله عليه و آله:(لا يمنعنكم من السحور أذان بلال،فإنه يؤذن بليل لينبه نائمكم و يرجع قائمكم) (6).

ص:425


1- 1المغني 1:456.
2- 2) النهاية:66. [1]
3- 3) التهذيب 2:53 حديث 177،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [2]
4- 4) المحلى 3:117،المجموع 3:123،الشرح الكبير بهامش المغني 1:443.
5- 5) الشرح الكبير بهامش المغني 1:443.
6- 6) صحيح البخاري 1:160،سنن ابن ماجه 1:541 حديث 1696،سنن النسائي 2:11،مسند أحمد 1: 386،392،435، [3]عمدة القارئ 5:130.
الرابع:

ينبغي لمن يؤذن للفجر قبل الوقت أن يجعل لنفسه ضابطا فيؤذن في الليالي كلها في وقت واحد،و لا يؤذن في الوقت تارة و قبله اخرى لعدم الفائدتين،فإنه يحصل اللبس بين قرب الوقت و دخوله،و ربما امتنع المتسحر من سحوره،و المتنفل من عبادته، و كذا لا يقدم الأذان كثيرا في بعض الليالي و قليلا في الأخرى فلا يعلم الوقت بأذانه فتذهب فائدته.

مسألة:و يستحب الأذان في كل موطن سفرا و حضرا،

اشارة

و رخص للمسافر في ترك الأذان و الاجتزاء بالإقامة،لأنه مظنة المشقة.و به قال أكثر أهل العلم (1).و كان ابن عمر يقيم لكل صلاة إقامة إلا الصبح،فإنه يؤذن لها و يقيم و كان يقول:إنما الأذان على الأمير و الإمام الذي يجمع الناس لا على الراعي و أشباهه.و انه كان لا يقيم الصلاة في أرض تقام فيها الصلاة (2).

لنا:ما رواه الجمهور ان النبي صلى الله عليه و آله كان يؤذن له في السفر و الحضر (3).

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن يحيى الحلبي،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا أذنت في أرض فلاة و أقمت صلى خلفك صفان من الملائكة،و إن أقمت قبل أن تؤذن صلى خلفك صف واحد» (4).

و أما الرخصة في السفر بترك الأذان،فلأنه مظنة المشقة،و خفف عنه بعض الواجب،فبعض النفل أولى.

ص:426


1- 1المغني 1:465،بدائع الصنائع 1:153،المبسوط للسرخسي 1:132،الهداية للمرغيناني 1:43، عمدة القارئ 5:143.
2- 2) سنن البيهقي 1:411،المغني 1:466 و فيه:إنما الأذان على الأمير و الإقامة على الذي يجمع الناس.
3- 3) المغني 1:466.
4- 4) التهذيب 2:52 حديث 173،الوسائل 4:619 الباب 4 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1.و [1]فيهما: و إن أقمت و لم تؤذن.

و يؤيده:ما رواه الشيخ في الصحيح،عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله،عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سمعته يقول:«يقصر الأذان في السفر كما تقصر الصلاة، تجزى إقامة واحدة» (1).

و كلام ابن عمر باطل بما قلناه،و بما رواه عقبة بن عامر،قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:(يعجب ربك من راعي غنم في رأس الشظية (2)للجبل يؤذن للصلاة و يصلي فيقول الله عز و جل:انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي و أدخلته الجنة) (3).

و قال سلمان الفارسي رحمة الله:إذا كان الرجل بأرض قي (4)فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان،فإن أذن و أقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى قطراه يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يؤمنون على دعائه (5).

فرع:

يكتفي بأذان واحد في المصر إذا كان بحيث يسمعونه.

و يؤيده:ما تقدم من الأحاديث الدالة عليه.و به قال مجاهد،و الشعبي، و النخعي،و عكرمة،و أصحاب الرأي (6).و لو أذن كل واحد كان أفضل.

مسألة:و ينبغي أن يؤذن في أول الوقت.

و هو قول أهل العلم،روى ابي بن كعب،عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال:(يا بلال،اجعل بين أذانك

ص:427


1- 1التهذيب 2:51 حديث 170،الوسائل 4:623 الباب 5 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 9. [1]
2- 2) الشظية:قطعة مرتفعة في رأس الجبل.النهاية لابن الأثير 2:476. [2]
3- 3) سنن أبي داود 2:4 حديث 1203،سنن النسائي 2:20.
4- 4) القي:الأرض القفر الخالية.النهاية لابن الأثير 4:136. [3]
5- 5) المغني 1:466، [4]شرح فتح القدير 1:222.
6- 6) المغني 1:462.

و إقامتك نفسا يفرغ الآكل من طعامه في مهل و يقضي حاجته في مهل) (1).و لا ريب في استحباب الصلاة في أول الوقت.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ في حديث ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام:«و أما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر» (2)و لأنه وضع للإعلام بدخول الوقت،و مع التأخير عنه يذهب فضيلة أول الوقت.

مسألة:إذا دخل المسجد و كان الإمام ممن لا يقتدى به،

لم يعتد بأذانه بل يؤذن لنفسه و يقيم،و إن صلى خلفه،لأنه غير عدل،فلا يوثق بأذانه.

و يؤيده:ما رواه عمار،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«فإن علم الأذان فأذن به و لم يكن عارف لم يجز أذانه و لا إقامته و لا يقتدى به» (3)فإن خشي فوات الصلاة اقتصر على تكبيرتين،و على قوله:قد قامت الصلاة،لأن ذلك أهم فصول الإقامة.

روى معاذ بن كثير (4).عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:«إذا دخل الرجل المسجد و هو لا يأتم بصاحبه و قد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن و أقام أن يركع،فليقل:قد قامت الصلاة،قد قامت الصلاة،الله أكبر،الله أكبر،لا إله إلا الله،و ليدخل في الصلاة» (5).قال الشيخ:و روي انه يقول:حي على خير العمل

ص:428


1- 1مسند أحمد 5:143. [1]
2- 2) التهذيب 2:53 حديث 178،الوسائل 4:626 الباب 8 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 7. [2]
3- 3) الكافي 3:304 حديث 13، [3]التهذيب 2:277 حديث 1101،الوسائل 4:654 الباب 26 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [4]
4- 4) معاذ بن كثير الكسائي الكوفي،عده المفيد من شيوخ أصحاب أبي عبد الله(ع)و خاصته و بطانته و ثقاته،و عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع). الإرشاد للمفيد 2:208، [5]رجال الطوسي:314.
5- 5) الكافي 3:306 حديث 22، [6]التهذيب 2:281 حديث 1116،الوسائل 4:663 الباب 34 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [7]

دفعتين،لأنه لم يقل ذلك (1).

فصول في هذا الباب

اشارة

الأذان عند أهل البيت عليهم السلام و حي على لسان جبرئيل عليه السلام علمه رسول الله صلى الله عليه و آله،و عليا عليه السلام،و أطبق الجمهور على خلاف ذلك.

لنا:قوله تعالى «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى» (2)و لأن مبنى الأمور الشرعية على رعاية المصالح،و هي أمور خفية لا يمكن الاطلاع عليها و لا يعلم تفصيلها إلا الله تعالى،فلا يكون للنبي صلى الله عليه و آله فيها خيرة،و لأن ما هو أقل ثوابا من الأمور المشروعة مستفاد من الوحي،فكيف المهم منها؟! و يؤيده:ما رواه الشيخ في الحسن،عن منصور،عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:«لما هبط جبرئيل عليه السلام بالأذان على رسول الله صلى الله عليه و آله كان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام و أقام،فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه و آله،قال:يا علي سمعت؟قال:نعم،قال:حفظت؟قال:نعم، قال:ادع بلالا فعلمه فدعا علي عليه السلام بلالا فعلمه» (3).

و في الصحيح،عن زرارة و الفضيل بن يسار،عن أبي جعفر عليه السلام،قال:

«لما اسري برسول الله صلى الله عليه و آله فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام و أقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه و آله و صف الملائكة و النبيون خلف رسول الله صلى الله عليه و آله»و حكى الأذان الذي قدمناه،ثمَّ قال:

«فأمر بها رسول الله صلى الله عليه و آله بلالا،فلم يزل يؤذن بها حتى قبض الله رسوله

ص:429


1- 1النهاية:66، [1]المبسوط 1:99. [2]
2- 2) النجم:3،4. [3]
3- 3) التهذيب 2:277 حديث 1099،الوسائل 4:612 الباب 1 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [4]

صلى الله عليه و آله» (1).

احتجوا (2)بما رواه عبد الله بن زيد،قال:لما أمر رسول الله صلى الله عليه و آله بالناقوس ليجمع (3)به الناس طاف بي و أنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت:يا عبد الله أ تبيع الناقوس؟فقال:و ما تصنع به؟قلت:ندعوا به إلى الصلاة،فقال:ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟قلت:بلى،قال:تقول:الله أكبر،إلى آخر الأذان، ثمَّ استأخر غير بعيد،ثمَّ قال:تقول إذا قمت إلى الصلاة:الله أكبر إلى آخر الإقامة، فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله فأخبرته بما رأيت فقال:(إنها رؤيا حق إن شاء الله،فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به،فإنه أندى صوتا منك) فقمت مع بلال،فجعلت القي عليه و يؤذن،فسمع ذلك عمر بن الخطاب و هو في بيته فخرج يجر رداءه فقال:يا رسول الله و الذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى،فقال رسول الله صلى الله عليه و آله:(فلله الحمد) (4).

و الذي نقله أهل البيت عليهم السلام أصح،لأنهم أعرف بمأخذ الشريعة و أنسب بحال النبي صلى الله عليه و آله،إذ من المستبعد أن يكون مستند النبي صلى الله عليه و آله في مثل هذا إلى منام عبد الله بن زيد.

فصل:

و الإقامة أفضل من الأذان لكثرة الحث عليها،و اعتناء الشارع بها،و الاكتفاء بها في أكثر المواضع،و إسقاط الأذان،و الجمع بين الأذان و الإقامة أفضل،و الجمع بينهما

ص:430


1- 1التهذيب 2:60 حديث 210،الاستبصار 1:305 حديث 1134،الوسائل 4:644 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 8. [1]
2- 2) المغني 1:449،الشرح الكبير بهامش المغني 1:423،المجموع 3:75،مغني المحتاج 1:133.
3- 3) «ح»«ق»:ليجتمع.
4- 4) سنن ابن ماجه 1:232 حديث 706،سنن أبي داود 1:135 حديث 499،سنن الترمذي 1:358 حديث 189، [2]مسند أحمد 4:43، [3]سنن البيهقي 1:390،نيل الأوطار 2:15 حديث 1.

و بين الإمامة أفضل.قال الشيخ في المبسوط:و الإمامة بانفرادها أفضل من الأذان و الإقامة منفردين عنها،لأن النبي صلى الله عليه و آله تولى الإمامة بنفسه و ولي الأذان و الإقامة غيره (1).و كذلك الأئمة عليهم السلام،و لا يختارون إلا الأفضل.و لأن الإمامة يختار لها الأكمل بخلاف الأذان.

و قال الشافعي:الأذان أفضل من الإمامة (2)لقول النبي صلى الله عليه و آله:

(الإمام ضامن و المؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين) (3)و الأمانة أعلى من الضمان،و المغفرة أعلى من الإرشاد،و الأصل ما قلناه.

فصل:

قال الشيخ في المبسوط:يجوز أن يعطى المؤذن من بيت المال و من خاص الإمام (4).و قال في الخلاف:لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان (5).و في النهاية قال:

و أخذ الأجرة على الأذان و الصلاة بالناس حرام (6).

و قال الشريف المرتضى:يكره أخذ الأجرة على الأذان (7).و هو قول أبي حنيفة (8)،لأن النبي صلى الله عليه و آله قال لعثمان بن أبي العاص:(و اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا) (9).

ص:431


1- 1المبسوط 1:98. [1]
2- 2) المهذب للشيرازي 1:54،المجموع 3:78،فتح الوهاب 1:35،المغني 1:448،عمدة القارئ 5: 113.
3- 3) سنن أبي داود 1:143 حديث 517،كنز العمال 7:992،حديث 20407.
4- 4) المبسوط 1:98. [2]
5- 5) الخلاف 1:96 مسألة 36.
6- 6) النهاية:365. [3]
7- 7) نقله عنه في المعتبر 2:134. [4]
8- 8) المبسوط للسرخسي 1:140،بدائع الصنائع 1:152،المحلى 3:146،المغني 1:460،المجموع 3: 127،بداية المجتهد 1:109.
9- 9) سنن ابن ماجه 1:236 حديث 714،سنن أبي داود 1:146 حديث 531،سنن الترمذي 1:409 حديث 209،مسند أحمد 4:217، [5]سنن البيهقي 1:429،نيل الأوطار 2:43 حديث 1.

و من طريق الخاصة:ما رواه الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن علي عليه السلام،قال:«آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال:يا علي،إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك،و لا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا» (1).

و الأقرب أن أخذ الرزق عليه من بيت المال سائغ،و في الأجرة نظر.

فصل:

و يستحب حكاية قول المؤذن.و هو وفاق بين العلماء،روى الجمهور،عن أبي سعيد ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال:(إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) (2).

و من طريق الخاصة:ما رواه ابن بابويه في الصحيح،عن أبي جعفر عليه السلام انه قال لمحمد بن مسلم:«يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال،و لو سمعت المنادي ينادي بالأذان و أنت على الخلاء فاذكر الله عز و جل و قل كما يقول [المؤذن]» (3)(4).

قال ابن بابويه:و روي ان من سمع الأذان فقال كما يقول المؤذن زيد في رزقه (5).

و قال الشيخ في المبسوط:و كل من كان خارج الصلاة و سمع المؤذن فينبغي أن

ص:432


1- 1التهذيب 2:283 حديث 1129،الوسائل 4:666 الباب 38 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) صحيح البخاري 1:159،صحيح مسلم 1:288 حديث 383،سنن ابن ماجه 1:238 حديث 720، سنن الترمذي 1:407 حديث 208، [2]سنن النسائي 2:23،الموطأ 1:67 حديث 2، [3]سنن الدارمي 1: 272، [4]نيل الأوطار 2:35 حديث 1 و في بعض المصادر بتفاوت يسير.
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:187 حيث 892،الوسائل 4:671 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [5]
5- 5) الفقيه 1:189،حديث 904،الوسائل 4:672 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 4. [6]

يقطع كلامه إن كان متكلما،و إن كان يقرأ القرآن فالأفضل له أن يقطع القرآن و يقول كما يقول المؤذن،عملا بعموم الخبر (1).

و لو دخل المسجد و المؤذن يؤذن ترك صلاة التحية إلى فراغ المؤذن استحبابا، ليجمع (2)بين المندوبين.

فصل:

قال الشيخ في المبسوط:و لو قاله في الصلاة لم تبطل صلاته إلا في قوله:حي على الصلاة،فإنه متى قال ذلك مع العلم بأنه لا يجوز فسدت صلاته،لأنه ليس بتحميد و لا تكبير بل هو كلام الآدميين،فإن قال بدلا من ذلك،لا حول و لا قوة إلا بالله،لم تبطل صلاته.

فصل:

قال أيضا:روي انه إذا قال:أشهد أن لا إله إلا الله،يستحب أن يقول:و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،و ان محمدا عبده و رسوله،رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا،و بالأئمة الطاهرين أئمة.ثمَّ يقول:اللهم رب هذه الدعوة التامة،و الصلاة القائمة،آت محمدا الوسيلة و الفضيلة،و ابعثه المقام المحمود الذي وعدته،و ارزقني شفاعته يوم القيامة.و يقول عند أذان المغرب:اللهم هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك و أصوات دعاتك فاغفر لي (3).

قال ابن بابويه:و قال الصادق عليه السلام،من قال حين يسمع أذان الصبح:

اللهم إني أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلواتك و أصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم.و قال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب،ثمَّ

ص:433


1- 1المبسوط 1:97. [1]
2- 2) «ح»«ق»:للجمع.
3- 3) المبسوط 1:97. [2]

مات من يومه أو من ليلته مات تائبا (1).

و عن الحارث بن المغيرة النصري،عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال:«من سمع المؤذن يقول:أشهد أن لا إله إلا الله،و أشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله،فقال مصدقا محتسبا:و أنا أشهد أن لا إله إلا الله،و ان محمدا رسول الله أكتفي بهما عن كل من أبي و جحد،و أعين بهما من أقر و شهد.كان له من الأجر عدد من أنكر و جحد،و عدد من أقر و شهد» (2).

و روى في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام قال:«لا يجزئك من الأذان إلا ما أسمعت[نفسك] (3)أو فهمته،و أفصح بالألف و الهاء،و صل على النبي صلى الله عليه و آله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره» (4).

فصل:

و إذا نقص المؤذن من أذانه شيئا أتمته أنت مع نفسك تحصيلا لكمال السنة.

و يؤيده:ما رواه ابن سنان،عن أبي عبد الله عليه السلام«إذا نقص المؤذن الأذان و أنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه» (5).

فصل:

و يقوم الإمام و المأموم إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة.و به قال أحمد (6)و مالك (7).

ص:434


1- 1الفقيه 1:187 حديث 890،الوسائل 4:669 الباب 43 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) الكافي 32:307 حديث 30، [2]الفقيه 1:187 حديث 891،الوسائل 4:671 الباب 45 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 3. [3]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) الفقيه 1:184 حديث 875،الوسائل 4:639 الباب 15 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 6 و [4]ص 669 الباب 42 حديث 1.
5- 5) التهذيب 2:280 حديث 1112،الوسائل 4:659 الباب 30 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [5]
6- 6) المغني 1:538،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538،الكافي لابن قدامة 1:163،المجموع 3:253.
7- 7) المدونة الكبرى 1:62،بداية المجتهد 1:150،المغني 1:538،المجموع 3:253.

و قال الشافعي:إذا فرغ من الإقامة (1).

و قال أبو حنيفة:إذا قال حي على الصلاة،فإذا قال قد قامت الصلاة كبر (2).

لنا:أن قوله:قد قامت الصلاة،صورة إخبار ماض يظهر أثره مع الفعل،و قول أبي حنيفة باطل،لتفويت بعض أجزاء الإقامة.

و يؤيده:ما رواه الشيخ،عن حفص بن سالم (3)،قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام إذا قال المؤذن:قد قامت الصلاة،أ يقوم القوم على أرجلهم،أو يجلسون حتى يجيء إمامهم؟قال:«لا،بل يقومون على أرجلهم،فإن جاء إمامهم و إلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم» (4).

فصل:

روى الشيخ و ابن بابويه،عن علي بن مهزيار،عن محمد بن راشد (5)،قال:

حدثني هشام بن إبراهيم (6)أنه شكى إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام سقمه و انه لا

ص:435


1- 1المجموع 3:253،مغني المحتاج 1:252،المغني 1:538،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538.
2- 2) المغني 1:538،المجموع 3:253،الشرح الكبير بهامش المغني 1:538.
3- 3) حفص بن سالم:أبو ولاد الحناط،مولى جعفي،كوفي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)، و قال في الفهرست:ثقة كوفي له أصل،و قال النجاشي:ثقة لا بأس به،و ذكره المصنف في القسم الأول من الخلاصة،و يظهر منه و من النجاشي أنه متحد مع حفص بن يونس المخزومي. رجال النجاشي:135،رجال الطوسي:184،الفهرست:62، [1]رجال العلامة:58. [2]
4- 4) التهذيب 2:285 حديث 1143،الوسائل 4:668 الباب 41 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]
5- 5) محمد بن راشد البصري،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع)،قال المحقق المامقاني:وقع محمد بن راشد في ضمن حديث شكاية هشام بن إبراهيم سقمه إلى أبي الحسن الرضا(ع)،و يحتمل بقائه إلى زمانه(ع). رجال الطوسي:287،تنقيح المقال 3:116. [4]
6- 6) هشام بن إبراهيم الأحمر،عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا(ع)و نقل المحقق الأردبيلي رواية إبراهيم بن هاشم و محمد بن راشد عنه. رجال الطوسي:394،جامع الرواة 2:311. [5]

يولد له ولد،فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله قال:ففعلت فأذهب الله عني سقمي و كثر ولدي.قال محمد بن راشد:و كنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي و جماعة خدمي،فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فأذهب الله عني و عن عيالي العلل (1).

فصل:

و روى ابن بابويه في الصحيح،عن زرارة،عن أبي جعفر عليه السلام انه قال:

«ان أدنى ما يجزى من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة،و يفتتح النهار بأذان و إقامة،و يجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان» (2).

و روى الشيخ،عن عمار الساباطي،قال:سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:«لا بد للمريض أن يؤذن و يقيم إذا أراد الصلاة و لو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلم به»سئل:فإن كان شديد الوجع؟قال:«لا بد من أن يؤذن و يقيم،لأنه لا صلاة إلا بأذان و إقامة» (3)و هذا دليل على شدة اعتناء الشارع بهما لا أنهما واجبان، لما قدمناه أولا.

فصل:

روى ابن بابويه قال:لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله امتنع بلال من الأذان و قال:لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و ان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم:اني أشتهي أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالأذان،فبلغ ذلك بلالا،فأخذ في الأذان،فلما قال:الله أكبر،الله أكبر،ذكرت أباها و أيامه فلم تتمالك من البكاء،فلما بلغ إلى قوله:أشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله

ص:436


1- 1الفقيه 1:189 حديث 903،التهذيب 2:59 حديث 207،الوسائل 4:641 الباب 18 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [1]
2- 2) الفقيه 1:186 حديث 885،الوسائل 4:623 الباب 6 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [2]
3- 3) التهذيب 2:282 حديث 1123،الاستبصار 1:300 حديث 1109،الوسائل 4:664 الباب 35 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [3]

شهقت فاطمة عليها السلام شهقة و سقطت لوجهها و غشي عليها،فقال الناس لبلال:

أمسك يا بلال،فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه و آله الدنيا،و ظنوا انها قد ماتت،فقطع أذانه و لم يتمه،فأفاقت فاطمة عليها السلام و سألته أن يتم الأذان،فلم يفعل و قال لها:يا سيده النساء اني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان!فأعفته من ذلك (1)و روى أيضا:ان رسول الله صلى الله عليه و آله أذن فكان يقول:أشهد أني رسول الله،و كان يقول تارة:أشهد ان محمدا رسول الله (2).

فصل:

و ذكر الفضل بن شاذان في العلل،عن الرضا عليه السلام انه قال:«إنما أمر الناس بالأذان لعلل كثيرة،منها ان فيه تذكيرا للساهي،و تنبيها للغافل،و تعريفا لمن جهل الوقت و اشتغل عنه،و يكون المؤذن بذلك داعيا إلى عبادة الخالق و مرغبا فيها، مقرا له بالتوحيد،مجاهرا بالإيمان،معلنا بالإسلام،مؤذنا لمن ينسيها و إنما يقال له:

مؤذن،لأنه يؤذن بالصلاة.و إنما بدأ فيه بالتكبير،و ختم بالتهليل،لأن الله عز و جل أراد أن يكون الابتداء بذكره و اسمه،و اسم الله في أول التكبير في أول الحرف،و في التهليل في آخره،و إنما جعل مثنى مثنى ليكون مكررا في أذان المستمعين،مؤكدا عليهم إن سها أحدهم عن الأول لم يسه عن الثاني،و لأن الصلاة ركعتان ركعتان،فكذلك جعل الأذان مثنى مثنى،و جعل التكبير في أول الأذان أربعا،لأن أول الأذان إنما يبدو غفلة و ليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الأوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الأذان،و جعل بعد التكبير الشهادتان،لأن أول الإيمان هو التوحيد و الإقرار لله تعالى بالوحدانية،و الثاني الإقرار للرسول صلى الله عليه و آله بالرسالة،و ان طاعتهما و معرفتهما

ص:437


1- 1الفقيه 1:194 حديث 906.
2- 2) الفقيه 1:193،الوسائل 4:654 الباب 19 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 13. [1]

مقرونتان،و لأن أصل الإيمان إنما هو الشهادتان،فعل شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شهادتان،فإذا أقر العبد لله عز و جل بالوحدانية،و أقر للرسول صلى الله عليه و آله بالرسالة فقد أقر بجملة الإيمان،لأن أصل الإيمان إنما هو الإقرار بالله و برسوله،و إنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة،لأن الأذان إنما وضع لموضع الصلاة و إنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان،و دعاء إلى الفلاح و إلى خير العمل،و جعل خاتمة الكلام باسمه كما فتح باسمه (1).

فصل:

روى الشيخ،عن السكوني،عن جعفر،عن أبيه،عن آبائه،عن علي عليهم السلام،ان النبي صلى الله عليه و آله كان إذا دخل المسجد و بلال يقيم الصلاة جلس (2).

و عن عمران[الحلبي] (3)قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان في الفجر قبل الركعتين أو بعدهما؟قال:«إذا كنت إماما تنتظر جماعة فالأذان قبلهما، و إن كنت وحدك فلا يضرك[أ] (4)قبلهما أذنت أو بعدهما» (5).

ص:438


1- 1عيون أخبار الرضا(ع):105. [1]
2- 2) التهذيب 2:281 حديث 1118،الوسائل 4:660 الباب 31 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 2. [2]
3- 3) أضفناه من المصدر.
4- 4) أضفناه من المصدر.
5- 5) التهذيب 2:285 حديث 1142،الوسائل 4:667 الباب 39 من أبواب الأذان و الإقامة،حديث 1. [3]

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.