جواهر الكلام في شرح شرايع الاسلام المجلد 39

اشارة

شماره بازيابي : 6-21842

سرشناسه : صاحب جواهر، محمدحسن بن باقر 1200؟ - 1266ق.

عنوان و نام پديدآور : جوااهرالكلام[چاپ سنگي]/محمدحسن نجفي [صاحب جواهر]؛نويسنده متن:علامه حلي؛كاتب:ابوالقاسم خوانساري؛مصحح:موسي طهراني

وضعيت نشر : [بي جا: بي نا]:، 1274ق.

مشخصات ظاهري : [518ص.]،ج1؛قطع:23×37س م

يادداشت : زبان:عربي

آغاز، انجام، انجامه : آغاز:بسمله... الحمدلله الذي ختم الشرايع باسمهما طريقة و اوضحها حقيقة و اظهرها برهانا ... و بعد فيقول العبد القاصر العاثر محمد حسن بن المرحوم باقر احسن الله اليهما ...

انجام:... الاصحاب الثاني و الله اعلم الحمدلله اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا علي ما انعم و وفق لاتمام مباحث الطهارة.

انجامه:المكرم من سنة1274ق.و انا الفقير الي الله الغني ابن اسدالله ابوالقاسم خوانساري.

يادداشت استنساخ : تاريخ كتابت:1274ق.

مشخصات ظاهري اثر : نوع و درجه خط:نسخ

نوع و تز ئينات جلد:جلد مقوايي،روكش تيماج قهوه اي،عطف و لچكي ها گالينگور مشكي الحاقي.

خصوصيات نسخه موجود : حواشي اوراق:تصحيحاتي اندك با نشان«صح» و توضيحاتي اندك با نشان«منه»

يادداشت تملك و سجع مهر : يادداشت هاي تملك:يادداشتي با خط تحريري و با مركب مشكي " بسم الله الرحمن الرحيم و قد انتقل ذلك الكتاب مع مجلداته الاخر التي كانت عباره عن ست المجلدات مطبوعه بطبع حاجي موسي ره الي ملكي و هو مالك الملك و الرقاب من البايع المحترم الحاج شمس صاحب المكتبه في شارع ناصر خسرو و قرينا من شمس العملاره من العاصمه تهران صانها ... من الحدثان علي المبلغ الف و خمس مائه تومانا المقابل 1500ريالا و وقع هذا الانتقال في يوم الخامس المطباق با يوم الثاني من شهر جماديا لاولي من سنه اربع مائه بعد الالف من الهجره النبويه المصادف 29/12/1358 و انا الاحقر حسين الصالحي ... النجفي و التهراني المسكن" ( ظهريه صفحه اول)

توضيحات نسخه : نسخه بررسي شد.

نمايه ها، چكيده ها و منابع اثر : منابع ديده شده: ريحانة الادب (3: 358) ، ملي (2: 277) ، ذريعه (59: 24)

معرفي چاپ سنگي : جواهر الكلام كتابي مشروح و استدلالي در فقه شيعه قرن سيزدهم هجري و به زبان عربي است اين كتاب شرح مبسوط كتاب شرايع الاسلام (علامه حلي) است و جامعترين كتاب در موضوع فقه و استنباط و احكام است و همه ابواب فقه را در بر ميگيرد.نسخه حاضر مشتمل بر كتاب الطهاة است،و عناوين مطالب در حاشيه آمده است.

عنوانهاي گونه گون ديگر : جواهر الكلام في شرح شرايع الاسلام.

موضوع : محقق حلي،جعفر بن حسن602-676ق.-شرايع الاسلام في مسائل الحلال و الحرام--نقد وتفسير

فقه جعفري -- قرن 7ق.

شناسه افزوده : محقق حلي،جعفر بن حسن،602-676ق.شرايع الاسلام في مسائل الحلال و الحرام.شرح

خوانساري،ابوالقاسم،قرن 13ق.كاتب

طهراني،موسي،قرن 13ق.مصحح

حسيني،فروشنده

ج 39، ص: 1

اشارة

ج 39، ص: 2

ج 39، ص: 3

ج 39، ص: 4

ج 39، ص: 5

[تتمة القسم الرابع في الأحكام]

[كتاب الفرائض]

اشاره

كتاب الفرائض جمع فريضة من الفرض، بمعنى التقدير و القطع، و منه «نَصِيباً مَفْرُوضاً»(1)و فرض الثوب: أي قطعه، و «أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها»(2):

أي فصلناها، لا منه بمعنى الإيجاب و الإلزام، أو العطية باعتبار كون الإرث عطية من الشارع، يقال: فرضت له في الديوان: أي أعطيته، بل لعل استعماله في هذين بمعنى القطع و التقدير عند التأمل و لو مجازا.

و حينئذ فالمراد هنا السهام المقدرة في كتاب الله، فتكون أخص من المواريث، و لكن عنون بها الكتاب تغليبا أو تبعا للنص، ففي

النبوي(3)«تعلموا الفرائض و علموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، و إن العلم سيقبض، و تظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما».


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 7.
2- 2 سورة النور: 24- الآية 1.
3- 3 سنن البيهقي- ج 6 ص 208.

ج 39، ص: 6

أو يراد بها مطلق السهام و لو الحاصلة من السنة(1)و آية أُولُوا الْأَرْحامِ(2)فتساويها، و الأمر سهل.

و الأصل فيها- بعد إجماع المسلمين بل الضرورة من الدين- الكتاب و السنة، بل ورد الحث على تعلمها و تعليمها(3)و أنها نصف العلم(4)و أنها أول ما تنتزع من أمتي(5).

و قد ذكر العلماء وجوها كثيرة في توجيه التنصيف لا يخلو جميعها أو أكثرها من التعسف. و الأولى كون ذلك مبالغة في كثرة شعبها و تشتتها و شدة الحاجة إليها، فاستحقت بذلك كونها نصف العلم الذي قد ورد(6)الحث عليه، خصوصا مع شدة تسامح الناس، سيما الأعراب و من شابههم في المواريث من الجاهلية إلى يومنا هذا، فإنهم لا يورثون النساء و الصبيان.

حتى أنه لما مات أوس الأنصاري(7)عن زوجة و ولد و بنات عمد أبناء عمه و أخذوا المال، فشكت زوجته إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدعاهم، فقالوا: يا رسول الله إن ولدها لا يركب و لا ينكأ عدوا، فأنزل الله تعالى «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ»*- إلى آخرها-(8)ثم أنزل يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ- إلى آخرها-(9).

و لقد نسخ بذلك و بآية أولي الأرحام و غيرها ما كان في الجاهلية


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 20- منها و الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد و الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال و الباب- 1- من أبواب ميراث الأزواج.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75.
3- 3 سنن البيهقي- ج 6 ص 209.
4- 4 سنن البيهقي- ج 6 ص 209.
5- 5 سنن البيهقي- ج 6 ص 209.
6- 6 سنن البيهقي- ج 6 ص 209.
7- 7 تفسير الدر المنثور- ج 2 ص 122.
8- 8 سورة النساء: 4- الآية 7.
9- 9 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 7

من التوارث بالحلف و النصرة الذي أقروا عليه في صدر الإسلام، و على التوارث بالهجرة، فقال عز من قائل(1)«وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ» و قال(2)«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ» إلى آخرها.

[المقدمات الأربع]

اشاره

و كيف كان ف النظر فيها يكون في المقدمات و المقاصد و اللواحق، و المقدمات أربع:

[المقدمة الأولى في موجبات الإرث]

الأولى في موجبات الإرث و أسبابه و هي إما نسب و هو الاتصال بالولادة بانتهاء أحد الشخصين إلى الآخر، كالأب و الابن، أو بانتهائهما إلى ثالث مع صدق النسب عرفا على الوجه الشرعي أو ما في حكمه، فالتولد من الزنا لا إرث به بخلاف الشبهة و نكاح أهل الملل الفاسدة.

أو سبب و و هو الاتصال بالولادة بانتهاء أحد الشخصين إلى الآخر، كالأب و الابن، أو بانتهائهما إلى ثالث مع صدق النسب عرفا على الوجه الشرعي أو ما في حكمه، فالتولد من الزنا لا إرث به بخلاف الشبهة و نكاح أهل- الملل الفاسدة.

أو سبب و هو الاتصال مما عدا الولادة من ولاء أو زوجية ف النسب مراتب ثلاث مترتبة لا يرث أحد من غير الاولى مع وجود وارث منها، و كذا الثانية بالنسبة إلى الثالثة.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 33.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 72.

ج 39، ص: 8

الأولى: الأبوان من غير ارتفاع و الولد ذكرا كان أو غيره و إن نزل.

الثانية: الاخوة و لو إناثا و أولادهم و إن نزلوا، و الأجداد و إن علوا.

الثالثة: الأخوال و الأعمام و أولادهم و إن نزلوا بشرط بقاء صدق اسم القرابة عليهم و إلا لعم النسب و بطل الولاء.

و السبب اثنان: زوجية و ولاء، و الولاء مترتب على النسب و الزوجية تجامعه، و هو ثلاث مراتب: ولاء العتق ثم ولاء تضمن الجريرة ثم ولاء الإمامة فإنه وارث من لا وارث له.

و زاد المحقق الطوسي فيما حكي عنه بينه و بين من تقدمه ولاء من أسلم على يده كافر، و ولاء مستحق الزكاة إذا اشتريت الرقبة منها و أعتقت للأخبار(1)في الأول و الموثق(2)في الثاني.

و يضعفه ضعف الأخبار و شذوذ القول بها مع جواز دخول الأخير في ولاء العتق كما عن جماعة. فلا يزداد به أقسام الولاء، كما أنه لا تزداد المراتب بأعمام أبي الميت و جده و أخواله كذلك، لاندراج الجميع في الأعمام و الأخوال.

و على كل حال فلطبقات النسب- عدا الثالثة- أقسام تسمى أصنافا في كل طبقة صنفان: ففي الأولى الأبوان و الأولاد. و في الثانية الاخوة و الأجداد، و أما الثالثة- و هي طبقة اولي الأرحام- فصنف واحد: هم إخوة الآباء و الأمهات و أولادهم.


1- 1 الوسائل- الباب- 10- من أبواب جهاد العدو- الحديث 1 من كتاب الجهاد و المستدرك- الباب- 9- منها- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 43- من أبواب المستحقين للزكاة- الحديث 2 من كتاب الزكاة.

ج 39، ص: 9

و الأقرب من كل صنف يحجب الأبعد عنه دون الآخر، فالأولاد للصلب يحجبون الحفدة، و لا يحجبهم الأبوان، و الجد الأدنى يحجب الأعلى دون أولاد الاخوة، و الاخوة يحجبون أولاد الاخوة دون الصاعد من الأجداد، و العم القريب يحجب البعيد من الأعمام و الأخوال و أولاد العمومة و الخؤولة، و كذا الخال لاتحاد الصنف.

لكن عن مجمع البرهان و الكفاية توريث البعيد من الأعمام مع القريب من الأخوال و بالعكس، و هو غريب.

و الضابط في النسب اعتبار العمود و الحاشية و رعاية الطبقات و الدرجات، فعمود النسب الآباء و إن علوا، و الأولاد و إن هبطوا، و من عدا هؤلاء من الأقارب فهم في حاشية النسب.

و الحواشي مختلفة في القرب و البعد، فالأقرب منها الاخوة و الأخوات و أولادهم المجتمعون بالميت في الأبوين، ثم الأعمام و الأخوال و أولادهم المجتمعون به في الأجداد، ثم أعمام الأبوين و أخوالهما و أولادهم المنتهون إلى آباء الأجداد، و هكذا.

و قد عرفت أن الأبوين و الأولاد من العمود هم أهل الطبقة الأولى لا يرث معهم مناسب من غيرها، و الأجداد من العمود، و الاخوة و أولادهم من الحاشية هم أهل الطبقة الثانية المحجوبة بمن قبلها الحاجبة لمن بعدها، و الحواشي الباقية كلها أهل الطبقة الثالثة، لكنهم يترتبون فيها، فلا يرث أحد من العليا مع وجود واحد من الدنيا، فيحجب ابن العم و إن نزل عم الأب، و ابن عم الأب كذلك عم الجد، و هكذا.

و أما الدرجة فهي معتبرة في الطبقات كلها، لكنها في الأوليين تراعى في الأصناف، و في الثالثة في الحواشي، فالبطن الأسفل من الأجداد

ج 39، ص: 10

يمنع الأعلى، و الأعلى من غيرهم مطلقا يمنع الأسفل، و لا يشتركون في الإرث إلا إذا تساووا في الدرج.

و ستعرف إنشاء الله أن المتقرب بالأبوين في جميع حواشي النسب و لو واحدا أنثى يمنع المتقرب بالأب خاصة و إن كان متعددا ذكرا بشرط اتحاد القرابة و تساوي الدرج، كالاخوة للأبوين مع الاخوة للأب و الأعمام و الأخوال لهما مع الأعمام و الأخوال له، فلو اختلفت القرابة اشتركا إن استوى القرب كالعم لهما مع الخال له و بالعكس. فهما من هذه الجهة حينئذ كالصنفين.

و كيف كان ف ينقسم الوارث (الوارث خ ل) فمنهم من لا يرث إلا بالفرض- و هم الأم من بين الأنساب- إلا على الرد، و الزوج و الزوجة من بين الأسباب إلا على الرد أيضا في الزوج خاصة نادرا و هو فيما لا وارث عداه غير الامام (ع) فإن الأصح كما ستعرف الرد حينئذ عليه، أما الزوجة فلا رد عليها مطلقا كما سيأتي.

و من هنا كان على المصنف عد ذلك قسمين: أحدهما من لا يرث إلا بالفرض دائما من غير رد، و هو الزوجة، و الثاني من لا يرث إلا بالفرض دائما و لكن مع الرد في بعض الأحيان، و هو الأم من الأنساب و الزوج من الأسباب.

و منهم و هو القسم الثالث من يرث تارة بالفرض و أخرى بالقرابة، و هم الأب و البنت أو البنات و الأخت أو الأخوات فإن الأب يرث بالفرض مع وجود الولد و مع عدمه بالقرابة، و بالعكس البنت و البنات و الأخت و الأخوات مع وجود الأخ بالقرابة و مع عدمه بالفرض و كلالة الأم التي ترث بالفرض إذا اتحدت عن الجد و بالقرابة إذا كانت معه.

ج 39، ص: 11

و من عدا هؤلاء كالإخوة و الأعمام و الأخوال و الأجداد و غيرهم لا يرث إلا بالقرابة و هو القسم الرابع، لعدم الفرض لهم.

الخامس: الوارث بالولاء، و هو المعتق و الضامن و الامام (عليه السلام) فتكون حينئذ أقسام الوارث بالنسبة إلى ذلك خمسة:

فإذا كان الوارث ممن لا فرض له و لم يشاركه آخر فالمال كله له مناسبا كان كالعم أو مساببا كالمعتق بلا خلاف و لا إشكال.

و كذا لو شاركه من لا فرض له أيضا فالمال لهما و لو على التفاوت في بعض الأحوال فإن الأولاد في الطبقة الأولى يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين، و كذا المتقربون بالأب من أخيرتي النسب بخلاف المتقرب منهم بالأم، فإن القسمة بينهم بالسوية، للأنثى مثل الذكر، هذا كله مع اتحاد الوصلة.

فإن اختلفت أي الوصلة فلكل طائفة نصيب من يتقرب به كالخال أو الأخوال (11) و الخالة أو الخالات مع العم أو الأعمام (12) و العمة أو العمات فللأخوال نصيب الأم، و هو الثلث (13) يقتسمونه بالسوية للأنثى مثل الذكر و للأعمام نصيب الأب، و هو الثلثان (14) يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين، كما عرفت و تعرف بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك و

في الصحيح(1)«أن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت فيحجبه».

و كذا لو اجتمعت الكلالتان فلكلالة الأم الثلث و الأب الثلثان إلا إذا دخل معهما أحد الزوجين، فلكلالة الأب الباقي بعد فرضهما، أو كانت الكلالة للأم- مع اتحادها- ذات فرض، كالأخ أو الأخت، فلها السدس و لكلالة الأب الباقي.


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 1.

ج 39، ص: 12

و إن كان الوارث ذا فرض أخذ نصيبه، فان لم يكن معه مساو في طبقته كان الرد عليه لعدم إرث غيره معه مثل بنت مع أخ أو أخت مع عم، فلكل واحدة نصيبها، و الباقي يرد عليها، لأنها أقرب و لما عرفت.

نعم لا يرد على الزوجة مطلقا بل و لا على الزوج أيضا مع وجود وارث عدا الامام (عليه السلام) بل ينتقل الزائد إلى غيرهما من الورثة على حسب طبقات الإرث.

و إن كان معه مساو ذو فرض و كانت التركة بقدر السهام قسمت على الفريضة، و إن زادت كان الزائد ردا عليهم على قدر السهام لا الرؤوس ما لم يكن حاجب

لأحدهم عن الرد عليه، فيختص الآخر بالرد حينئذ أو ينفرد بزيادة في الوصلة فيختص هو أيضا بالرد.

و لو نقصت التركة كان النقص داخلا على البنت أو البنات أو من يتقرب بالأب دون من يتقرب بالأم كما ستعرفه فيما يأتي في مسألة عدم العول عندنا.

مثال الأول (11) و هو مساواة التركة لقدر السهام أبوان و بنتان فصاعدا (12) فإن للأولين الثلث و للبنتين فصاعدا الثلثين أو اثنان من ولد الأم (13) ذكرين أو أنثيين أو مختلفين مع أختين للأب و الأم أو للأب (14) فإن للأولين الثلث و للأخيرين الثلثين أو زوج و أخت لأب (15) فإن لكل منهما النصف.

و مثال الثاني (16) و هو زيادة التركة على قدر السهام أبوان و بنت و إخوة (17) فإنها تزيد واحدا يرد على البنت و الأب أرباعا: ثلاثة منها للبنت و واحد للأب على قدر السهام، لكون الام محجوبة بالإخوة

ج 39، ص: 13

عما زاد على السدس، فيختص الرد حينئذ بهما، فهذا مثال لوجود الحاجب.

و بدون الاخوة مثال للرد على قدر السهام، فيرد الواحد حينئذ أخماسا خمسان للأبوين و ثلاثة للبنت، و كان عليه ذكره مثالا لذلك.

كما أن عليه ذكر المثال للانفراد بزيادة الوصلة، و هو كما في المسالك أن يجتمع كلالة الأم مع أخت للأبوين، فإن الرد يختص بالأخيرة، لزيادة وصلتها إلى الميت بزيادة القرب بالأب.

و هو مبني على أنه لا ترجيح في الرد للأخت من الأب خاصة على كلالة الأم، لتساوي الوصلة من الطرفين، حيث كانت في إحداهما من الأب و في الأخرى من الام، أما من جعل الرد مختصا بالأخت فلا يصلح له التعليل بزيادة الوصلة، لعدم تحققها، و إنما مستنده النص(1)و النقص كما سيأتي، و الأمر سهل.

و مثال الثالث و هو نقص التركة عن السهام أبوان و زوج و بنتان لعدم اجتماع الثلثين و الثلث و الربع أو أبوان و زوج و بنت لعدم اجتماع الربع و النصف و الثلث أو زوج أو زوجة و اثنان من ولد الام مع أختين للأب و الام أو للأب لعدم اجتماع النصف أو الربع مع الثلث و الثلثين، فلا بد من رجوع النقص على

البعض، لعدم العول على الجميع عندنا، و هو البنات أو من يتقرب بالأب، كما تعرفه في محله إنشاء الله.

و إن لم يكن المساوي في الطبقة ذا فرض كان له ما بقي بعد أن أخذ ذو الفرض فرضه بلا خلاف و لا اشكال مثاله:

أبوان أو أحدهما و ابن فان الابن معهما لا فرض له أو أب و زوج


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة- الحديث 5.

ج 39، ص: 14

أو زوجة فإنه لا فرض له مع عدم الولد أو ابن و زوج أو زوجة إذ لا فرض له أو أخ و زوج أو زوجة أو غير ذلك مما هو غير خفي.

هذا و قد عرفت فيما تقدم أن الدرجة معتبرة في الطبقات كلها، لكن على حسب ما تقدم، فلا إرث حينئذ للأبعد مع الأقرب إلا إذا كان الأبعد ابن عم للأبوين، فإنه يحجب العم للأب بالنص(1)و الإجماع.

و لا يمنع البعيد القريب في غيره.

و لا يرث معه إلا إذا لم يزاحمه في استحقاقه كما في أخ حر و ولد نصفه حر، فان المال بينهما نصفان.

و قد يتصور نحو ذلك في الاخوة و الأجداد من غير حجب على ما جزم به في المصابيح تبعا للدروس، كما لو ترك جد الام و ابن أخ لأم مع أخ لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للام و لا يزاحم الأخ للأب فيرث مع الجد للام، و به صرح في القواعد أيضا.

أو ترك إخوة لأم و جدا قريبا لأب و جدا بعيدا لام، سواء كان هناك إخوة للأب أم لا.

أو ترك مع الاخوة للأب جدا بعيدا لأب، و مع الاخوة للام جدا قريبا للام.

فان الجد القريب في المسألة الأولى يأخذ ثلثي المال، و للإخوة للأم الثلث.

قال في الدروس: «و يمكن هنا مشاركة الجد البعيد لهم، لأن الأخ لا يمنع الجد البعيد، و الجد القريب لا يزاحم البعيد».

و في المسألة الثانية لأقرباء الأم الثلث و للإخوة الباقي، و يمكن


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 3 و 5.

ج 39، ص: 15

مشاركة الجد البعيد إياهم لما قلناه، لكن في القواعد «أن الأقرب منع الجد الأدنى للأعلى».

هذا و ستعرف فيما يأتي إنشاء الله حكم ما لو اجتمع للوارث سببان من أنه يرث بهما ما لم يحجب أحدهما الآخر، فتأمل جيدا، فان ما ذكرناه لك في هذه المقدمة جملة أصول الميراث و أكثرها مجمع عليه، و سيأتي إنشاء الله التنبيه على مواضع الخلاف فيها مع الإشارة إلى دليل المختار في تفاصيل الأسباب، و الله العالم الموفق.

[المقدمة الثانية في موانع الإرث]
اشاره

المقدمة الثانية في موانع الإرث و هي كثيرة حتى أنه في الدروس أنهاها إلى عشرين، لكن ذكر المصنف و غيره منها هنا ال ثلاثة المشهورة الكفر و القتل و الرق ثم ألحق بها في آخر المقدمة أربعة، و الأمر في ذلك سهل.

[أما الكفر]
اشاره

و على كل حال ف الكفر المانع عنه هو ما يخرج به معتقده أو قائله أو فاعله عن سمة الإسلام، فلا يرث ذمي و لا حربي و لا مرتد و لا غيرهم من أصناف الكفار مسلما بلا خلاف فيه بين المسلمين، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المنقول منه مستفيض أو متواتر كالنصوص(1).


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 16

و لا ينعكس عندنا بل يرث المسلم الكافر أصليا و مرتدا فإن الإسلام لم يزده إلا عزا، كما في النصوص(1)و لا ينافيه

النبوي(2)«لا يتوارث أهل ملتين»

إذ المراد نفيه من الطرفين، بأن يرث كل منهما الآخر، كما ورد تفسيره بذلك في بعضها(3) لا أن المراد منه نفي إرث المسلم للكافر، خلافا لأكثر أهل الخلاف و هو كما ترى.

بل المسلم يحجب الوارث الكافر ف لو مات كافر و له ورثة كفار و وارث مسلم غير الامام (ع) و الزوجة كان ميراثه للمسلم و لو كان مولى نعمة أو ضامن جريرة دون الكافر و إن قرب بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المنقول منه نصا و ظاهرا في محكي الموصليات و الخلاف و السرائر و النكت و التنقيح و كشف اللثام مستفيض.

مضافا إلى

الخبر(4)المنجبر بذلك «المسلم يحجب الكافر و يرثه، و الكافر لا يحجب المؤمن و لا يرثه».

و الآخر(5)المرسل «لو أن رجلا ذميا أسلم و أبوه حي و لأبيه ولد غيره ثم مات الأب ورث المسلم جميع ماله، و لم يرث ولده و لا امرأته مع المسلم شيئا».

و المعتبرة(6)المتضمنة لمنع الكافر إذا أسلم بعد القسمة، فإنها تعم الإرث من المسلم و الكافر مع المسلم و بدونه، خرج الأخير بالإجماع


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث- الحديث 4 و 6 و 19.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث- الحديث 14.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث- الحديث 17.
4- 4 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث- الحديث 2.
5- 5 الوسائل- الباب- 5- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
6- 6 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 17

فيبقى غيره. و

في بعضها(1)«من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو له»

و ظاهره الاختصاص به مطلقا، خرج منه اجتماعه مع المسلم المساوي له في الدرجة، فيختص في غيره بأحد أمرين من القرب و الإسلام.

أما الامام (عليه السلام) فلا يحجب الكفار عن الإرث من الكافر، لثبوت التوارث بينهم كما سيأتي، فلو منعهم الامام امتنع.

و حينئذ ف لو لم يخلف الكافر مسلما ورثه الوارث الكافر نعم يقيد ذلك بما إذا كان الكافر أصليا.

و أما لو كان الميت مرتدا عن ملة أو فطرة ورثه الإمام (عليه السلام) مع عدم الوارث المسلم أو ما في حكمه، كولده المنعقدة نطفته حال إسلام أبويه أو أحدهما، فإنه كالمسلم بلا خلاف أجده فيه في الفطري، بل الإجماع بقسميه عليه، و على المشهور بين الأصحاب في الملي شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل هي كذلك، لتحرمه بالإسلام، و لذا لا يجوز استرقاقه، و لا يصح نكاحه لكافرة و لا مسلمة.

و لكن في رواية رواها إبراهيم بن عبد الحميد(2)يرثه الكافر

قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

نصراني أسلم ثم رجع إلى النصرانية ثم مات، قال: ميراثه لولده النصارى، و مسلم تنصر ثم مات، قال: ميراثه لولده المسلمين».

و هي شاذة (11) بل لم يعرف بها قائل سوى ما يظهر من تعبير الصدوق في المقنع بلفظها، و من الشيخ في كتابي الحديث، مع أنه

قال في الفقيه: «الكفار بمنزلة الموتى لا يحجبون و لا يرثون»

بل عن ابن


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3 و 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.

ج 39، ص: 18

الجنيد أنه روي هذه الرواية عن ابن فضال و ابن يحيى، و قال: «لنا في ذلك نظر».

بل ظاهرها أن الميراث للولد النصارى و إن كان له ورثة مسلمون، و هو خلاف الإجماع و النص، فلا ريب حينئذ في أن وارثه الامام (ع).

و كذا لا ريب في أنه لو كان للمسلم وراث كفار:

لم يرثوه، و ورثه الإمام (عليه السلام) أيضا مع عدم الوارث المسلم بلا خلاف و لا إشكال بعد ما عرفت من عدم إرث الكافر المسلم، فلا وارث له حينئذ، فيرثه الإمام الذي هو وارث من لا وارث له.

و إذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك أهله إن كان مساويا في الدرجة، و انفرد به إن كان أولى إجماعا بقسميه و نصوصا

منها(1)«من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو له»

و قد عرفت أن ظاهره الاختصاص، و

في آخر(2): «فله ميراثه»

و هو أعم منه و من الاشتراك. و لا ريب في أن المراد و لو بقرينة الإجماع ما سمعت من المشاركة مع المساواة و الانفراد مع الأولوية.

نعم ظاهر النص و الفتوى كون ذلك له بحق الإرث، و ليس ذلك إلا لكون إسلامه كاشفا عن استحقاقه له بالموت، بل هو الضابط في كل شرط متأخر عما ظاهره التسبيب، فيتبعه النماء المتجدد مطلقا، كما عن الفاضل و الشهيدين و غيرهم التصريح به.

لكن عن ظاهر الإيضاح التوقف فيه، مما ذكر و من حجب الكافر عن الأصل قبل أن يسلم، فيملكه الوارث ملكا متزلزلا مستتبعا للنماء،


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3 و 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث- الحديث 2.

ج 39، ص: 19

فلا يخرج عنهم بخروج الأصل، للأصل و عدم جريان ملك المورث عليه، فلا يكون ميراثا.

و فيه أن توريث المسلم يقتضي الانتقال إليه بموت المورث، فلو صار إلى الورثة لزم انتقاله إليه من الوارث الحي، و ليس من الإرث في شي ء، و الكفر المانع هو المستمر إلى القسمة لا مطلق الكفر، فلا إشكال.

و لو أسلم الكافر بعد القسمة لم يرث إجماعا، لعموم الأدلة و خصوص النصوص(1).

و كذا لو اقترن إسلامه بها، عملا بالأصل و عموم عدم إرث الكافر للمسلم السالمين عن معارضة النص، لتعارض مفهومية في صورة الاقتران، و الرجوع إلى عمومات المواريث بعد تخصيصها بما دل على عدم إرث الكافر المسلم الشامل للفرض لا وجه له، فلا إرث له لو كان إسلامه بعد القسمة أو مقارنا.

و كذا لو كان الوارث واحدا غير الامام و أحد الزوجين لم يكن له نصيب أيضا لو أسلم، لما عرفت من أصالة عدم الإرث بعد عدم صدق القسمة مع الوحدة، مضافا إلى ما عن السرائر و التنقيح و ظاهر النكت من الإجماع على عدم إرثه أيضا، خلافا لابن الجنيد فورثه مع بقاء التركة في يد الأول، و هو شاذ.

أما لو لم يكن له وارث سوى الامام (عليه السلام) فأسلم الوارث فهو أولى من الامام (عليه السلام) كما في المسالك و محكي المعالم، بل عن ابن فهد حكايته عن شيخه، و فخر المحققين عن المحقق و كثير من الأصحاب، و الكفاية عن المشهور.


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 20

لرواية أبي بصيرفي

الصحيح(1) المرويفي الكتب الثلاثة «في مسلم مات و له قرابة نصارى إن أسلم بعض قرابته فان ميراثه له، فان لم يسلم أحد من قرابته فان ميراثه للإمام».

و ظاهر

الصحيح الآخر (2)«في مسلم قتل و لا ولي له من المسلمين على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل، و إن شاء عفا، و إن شاء أخذ الدية، فان لم يسلم أحد كان الامام ولي أمره، فإن شاء قتل، و إن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الامام، فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين».

لكن فيه دلالة على وجوب العرض على الوارث و استقرار إرث الإمام بامتناعه عنه، و لم أعرف أحدا اعتبر ذلك، نعم عن المصنف في النكت التنبيه عليه، قيل:

و يوافقه الاعتبار، إذ لو لم يستقر به لزم تعطيل المال حتى يسلم الوارث أو يموت، إذ لا يستقر إرث الإمام بالتصرف و لا بالتلف، لا طلاق النص و الفتوى، فلو أسلم الكافر بعد تلف العين انكشف استحقاقه لها، فيرث النماء.

بل قد يتجه ضمانها على متلفها و إن كان له ذلك، لصدق

«من أتلف»

أو «على اليد»(3)

و غيرهما مما يقتضي الضمان، و الاذن شرعا في الإتلاف لا ينافيه، مع احتمال عدم الضمان، لتنزيله في تلك الحال منزلة الملك، فتأمل.


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1 مع اختلاف في اللفظ.
2- 2 الوسائل- الباب- 60- من أبواب القصاص في النفس- الحديث 1 من كتاب القصاص.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من كتاب الغصب- الحديث 4 و سنن البيهقي- ج 6 ص 95.

ج 39، ص: 21

و قيل و القائل الشيخ في المبسوط و ابن حمزة و غيرهما إن كان إسلام الوارث قبل نقل التركة إلى بيت مال الامام ورث، و إن كان بعده لم يرث و لم نعرف لهم مستندا، و لعلهم عثروا على أثر لم يصل إلينا أو جعلوا هذا النقل تصرفا مانعا كالقسمة، لكن فيه منع واضح.

و قيل و القائل الشيخ أيضا في ظاهر محكي النهاية و ابن البراج في محكي المهذب لا يرث، لأن الإمام (عليه السلام) كالوارث الواحد بل قيل: إنه خيرة الآبي و النافع و الجامع و التبصرة و المعالم حيث أطلقوا الاختصاص به، و لم يفرقوا بين الامام و غيره، لكن فيه ما عرفت من أنه اجتهاد في مقابلة النص.

و أما لو كان الوارث زوجا أو زوجة و آخر كافرا ف الشيخ و القاضي على أنه إن أسلم الكافر أخذ ما فضل عن نصيب الزوجية، و فيه إشكال ينشأ من عدم إمكان القسمة في الزوج مثلا، فلا يصدق عليه أنه أسلم على ميراث قبل قسمته، فهو حينئذ كالوارث الواحد غير الزوج الذي قد عرفت عدم مشاركة الكافر له.

و لذا قال المصنف و لو قيل يشارك مع الزوجة دون الزوج كان وجها بل هو خيرة الحلي و الآبي و الشهيدين.

بل قيل: لعله لازم اختيار المعظم، حيث نصوا على التفصيل في مسألة الرد بين الزوج و الزوجة، فيشارك الزوجة حينئذ لأن مع فريضة الزوجة يمكن القسمة

مع الامام (عليه السلام) (11) لعدم الرد عليها، فإذا فرض إسلامه قبل القسمة حينئذ اندرج تحت النصوص السابقة(1).


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 22

و ليس كذلك الزوج بل يرد عليه ما فضل من نصيبه فلا يتقدر في فريضته قسمة، فيكون كبنت مسلمة و أب كافر أو أخت مسلمة و أخ كافر و غير ذلك من الوارث الواحد الذي لا فرق فيه بين إرث المال جميعه بالقرابة أو بالفرض و الرد، إذ الكل يملكه بالإرث حين الموت.

و ما يذكر هنا في بعض الكتب مدركا للشيخ من الوجوه الاعتبارية لا ينبغي أن يصغى إليه بعد أن كان مذهبه الرد على الزوج، و الوارث التقديري لو كان مانعا لمنع في غيره، كما هو واضح.

هذا و ظاهر المتن بل كاد يكون صريحه أنه لو مات كافر و له ولد كافر مثلا و زوجة مسلمة بأن أسلمت بعد موته قبل القسمة أو أنه مات في عدتها منه بعد إسلامها يكون إرثه لها و للإمام، وفاقا للمحكي عن الشيخ و القاضي و نجيب الدين و ظاهر المعظم.

و خلافا للعلامة في القواعد و الإرشاد، فورث الولد الكافر الفاضل عن فرض الزوجة، و جعل لها الثمن مع احتمال الربع في الأول.

و يضعفه عموم حجب الكافر بالمسلم و إطلاق الأصحاب عدم إرث، الكافر مع وجود مسلم غير الامام، و تنزيلهم الكفار منزلة الموتى في الإرث و أنه لو ورث فاما أن ترث معه الزوجة الربع، و هو خلاف فرضها مع الولد الوارث، أو الثمن فيلزم حجب المسلم بالكافر، و هو باطل بالنص و الإجماع من الأمة عدا ابن مسعود، كما عن الخلاف، و متى بطل حجب الولد سقط إرثه، لأن الوارث حاجب بالإجماع.

فالمتجه حينئذ في الفرض إعطاؤها الربع و دفع الفاضل للإمام، كما هو ظاهر الأكثر، لبطلان الرد عليها، خلافا للمحكي عن الجامع من الرد عليها في زمن الغيبة بناء على أصله في الرد، و هو لازم لكل من

ج 39، ص: 23

قال به مطلقا، و للمحكي عن النهاية و المهذب من توريثها الكل هنا خاصة لأن الحجب قد استند إليها، فلو لم ترث الكل لم تحجب عن البعض.

و فيه- بعد تسليم الحجب بها- منع الملازمة، إذ ليس كل حاجب عن الشي ء وارثا له، و من الجائز أن يكون أثر الحجب في هذا الفرض توريث الامام، كما أنه في حجب الاخوة لتوفيره نصيب الأب.

و كيف كان فلو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة شارك في الباقي مع المساواة، أو اختص به مع الانفراد، وفاقا للمشهور، لأنه ميراث أسلم عليه قبل أن يقسم، فله إرثه كما لو انحصر الإرث فيه. فما عن بعضهم من احتمال العدم لصدق القسمة في الجملة في غاية الضعف.

بل قد يقال بإرثه أيضا لما قسم، كما عن التحرير و القواعد احتماله بل عن الإرشاد اختياره، لأن الميراث هو المجموع و لم يقسم.

إلا أن الأقوى خلافه وفاقا للوسيلة و الإيضاح و الروضة و المسالك و غاية المرام و المفاتيح على ما حكي عن بعضها، للأصل و لأن الميراث جنس يطلق على الكل، و البعض المقسوم ميراث أسلم عليه بعد قسمته، فلا يرث منه بمقتضى النص، و لا يعارض بالمجموع، لخفاء فرديته لغير المقسوم، و ظهور أن المناط هو الإشاعة لا مجرد عدم القسمة، و لذا منعوا الإرث إذا اتحد الوارث مع انتفائها فيه، و غايته ثبوت الإرث في المجموع، و ليس نصا في عموم الأبعاض، فلا يعارض النفي الصريح المطابق للأصل.

و لو أسلم بعد قسمة التركة قبل اقتسام من يزاحم به من الورثة احتمل الإرث، لأنه قد أسلم على ميراث لم يقسم، و هو البعض المشاع بين أصحابه، و عدمه لأن الكل هنا مقسوم قطعا، فيصدق أنه أسلم على

ج 39، ص: 24

ميراث قد قسم، و الأقرب الأول، لأن انتفاء الإرث من الكل لا ينافي الإرث من البعض.

فلو أسلم مع الاخوة للأب أو الاخوة للأم أخ بعد اقتسامهم المال أثلاثا قبل قسمة الثلث و الثلثين فان كان للأبوين اختص بهما، و إلا شارك فيهما أو في الثلث.

و كذا لو أسلم مع الأعمام و الأخوال عم أو خال، فإنه يختص بحصة فريقه أو يشارك.

و لو اقتسم الورثة الأعيان بالقيم لم يرث، لتميز الحقوق، و كذا لو انتقل نصيب أحد الوارثين إلى الآخر أو غيره بإرث أو بيع أو غيرهما كما عن غاية المرام و ظاهر القواعد، إذ لا اشتراك بين الورثة، خلافا للمحكي عن الإيضاح لانتفاء القسمة.

و لو خلف ما لا ينقسم قبل التراضي عليه فأسلم وارث له ورث، كما عن جماعة التصريح به، لبقاء الشركة، و ربما احتمل العدم، لأن الظاهر من النص(1)اختصاص الحكم بما يقبل القسمة، و فيه أن القسمة في كل شي ء بحسبه، و إن المدار على الإشاعة، و هي حاصلة.

و لو أنكر المسلم القسمة فالقول قوله مع يمينه، و كذا لو ادعى تأخرها عن الإسلام مع تعيين زمانه و جهل زمانها، كما قواه في الدروس و كشف اللثام، لأن الأصل تأخر الحادث.

لكن في إثبات ذلك بمثل هذا الأصل على وجه يكتفي به في إحراز الشرط بحث معلوم، ضرورة اقتضاء الأصل على وجه يكتفي به في إحراز الشرط بحث معلوم، ضرورة اقتضاء الأصل المزبور التأخر في حد ذاته لا عن الشي ء المخصوص.

و من هنا كان ظاهر إطلاق القواعد في المقام خلاف ذلك، فيكون


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 25

حكمه حينئذ حكم ما لو أنكر الورثة إسلام الوارث، أو ادعوا اقترانه بالقسمة أو تأخره عنها مع تعيين زمانها، أو جهالة التعيين مطلقا فان القول قولهم مع يمينهم، إما لأصالة عدم الإرث مع عدم الحادث أو تأخره فيما عدا الأخير، و إما لأن إرث غيرهم مشروط بالإسلام قبل القسمة و لم يتحقق، و الشك في الشرط شك في المشروط.

مضافا إلى كونهم ذوي أيد على المال و مالكين له بظاهر الشرع، فمن أراد انتزاعه من أيديهم كان عليه إثبات استحقاق الانتزاع، خصوصا بعد انقطاع

عموماته بما دل(1)على عدم إرث الكافر للمسلم الخارج عنه خصوص المسلم قبل القسمة، و الله العالم.

[مسائل أربع]
[المسألة الأولى إذا كان أحد أبوي الطفل مسلما حكم بإسلامه]

الأولى:

إذا كان أحد أبوي الطفل مسلما فضلا عما لو كانا معا حال ولادته أو انعقاده حكم بإسلامه تبعا و إن ارتد بعد ذلك المتبوع بلا خلاف أجده.

و كذا لو أسلم أحد الأبوين و هو طفل فإنه يحكم بإسلامه حينئذ أيضا و إن ارتد المتبوع، بل في المسالك الحكم بذلك موضع وفاق.

نعم قال فيها: «في إلحاق إسلام أحد الأجداد أو الجدات بالأبوين وجهان، أظهرهما ذلك، سواء كان الواسطة بينهما حيا أو ميتا» و لعله كذلك.


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 26

أما المتولد بين المرتدين فهل هو مرتد أو كافر أصلي أو مسلم؟

وجوه ثلاثة، أوسطها أوسطها.

و كيف كان فالطفل المحكوم بإسلامه تبعا حكمه حكم المسلم الكبير في أنه يرث الكافر حينئذ و يحجبه، و لا يرثه الكافر.

و لو بلغ فامتنع عن الإسلام قهر عليه و لم يقر على الكفر لأنه مرتد، خلافا لبعض العامة.

و لو أصر على الكفر كان مرتدا فطريا إن لم يسبق له حكم بكفر تبعي، أو مليا إن كان كذلك، و على كل حال فهو مرتد لسبق الحكم بإسلامه، و يكون إرثه لورثته المسلمين و إلا فللإمام، نحو ما سمعته في حكم المرتد.

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام)(1): «إذا أسلم الأب جر الولد إلى الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام، فان أبى قتل»

و عن الصادق (عليه السلام) في مرسل أبان بن عثمان(2): «في الصبي إذا شب فاختار النصرانية و أحد أبويه نصراني أو مسلمين (أو مسلم خ ل) قال: لا يترك و لكن يضرب على الإسلام».

و في

خبر عبيد بن زرارة(3): «في الصبي يختار الشرك و هو بين أبويه، قال: لا يترك، و ذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيا».

و لا فرق في ذلك و غيره بين المميز و غيره و المراهق و غيره، لعموم أدلة التبعية من الإجماع و غيره، فولد الكافر كافر نجس تجري عليه أحكام الكفار و إن وصف الإسلام، و استدل عليه بالأدلة القاطعة و عمل بأحكامه، و ولد المسلم طاهر تجري عليه أحكام المسلمين و إن أظهر البراءة


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب حد المرتد- الحديث 7 من كتاب الحدود.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب حد المرتد- الحديث 2 من كتاب الحدود.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب حد المرتد- الحديث 1 من كتاب الحدود.

ج 39، ص: 27

من الإسلام و استدل على الكفر و شيد أركانه.

و دعوى بعض الأجلاء أن ذلك مناف لقاعدة الحسن و القبح كما ترى.

نعم عن الشيخ قول بصحة إسلام المراهق، بل عنه يحكم بإسلامه إذا بلغ عشرا، بل قيل: إنه قد قطع كالعلامة في التحرير بأنه إذا وصف الإسلام حيل بينه و بين متبوعة.

لكن ذلك كله مناف لما هو كالضروري من الدين من كون الصبي قبل البلوغ مرفوع القلم عنه، لا عبرة بقوله في إسلام و كفر و عقد و إيقاع و ليس إسلامه و كفره إلا تبعيا كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بكلام الأصحاب في جميع المقامات.

و من ذلك يعلم الحال في:

[المسألة الثانيةلو خلف نصراني أولادا صغارا و ابن أخ و ابن أخت مسلمين كان لابن الأخ ثلثا التركة و لابن الأخت الثلث]

المسألة الثانية: و هي أنه لو خلف نصراني أولادا صغارا و ابن أخ و ابن أخت مسلمين كان لابن الأخ ثلثا التركة و لابن الأخت الثلث من غير نفقة عليهم للصغار، كما صرح به جماعة من المتأخرين، بل في المسالك نسبته إلى أكثرهم، بل هو قضية من لم يصرح بالخلاف منهم و من المتقدمين للحكم بكفر الأولاد، فيحجبون بالمسلم، إذ الكفر التبعي كالأصلي في الأحكام، كما هو معلوم من كلام الأصحاب في مباحث النجاسات و أحكام الموتى و النكاح و القصاص و الديات و الاسترقاق و غيرها.

و لكن في المسالك «ذهب أكثر الأصحاب خصوصا المتقدمين منهم كالشيخين و الصدوق و الأتباع إلى استثناء الصورة المزبورة من تلك القواعد.

ج 39، ص: 28

و قالوا: إنه ينفق الابنان على الأولاد بنسبة حقهما مما ورثاه فإذا بلغ الأولاد مسلمين فهم أحق بالتركة على

رواية مالك بن أعين(1)التي وصفها جماعة من المحققين كالعلامة و الشهيد و غيرهما بالصحة، بل هي من المشاهير التي رواها الثلاثة في الثلاثة و إن اختاروا الكفر استقر ملك الوارثين على ما ورثاه، و منع الأولاد.

قال مالك بن أعين: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن نصراني مات و له ابن أخ مسلم و ابن أخت مسلم و للنصراني أولاد و زوجة نصارى قال: فقال: أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك، و يعطى ابن أخته المسلم ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار، فان كان له ولد صغار فان على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا قلت: كيف ينفقان؟ فقال: يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة، و يخرج وارث الثلث ثلث النفقة، فإذا أدركوا قطعا النفقة عنهم، فإن أسلموا و هم صغار دفع ما ترك أبوهم إلى الامام حتى يدركوا، فان بقوا على الإسلام دفع الامام ميراثهم إليهم، و إن لم يبقوا على الإسلام إذا أدركوا دفع الامام الميراث إلى ابن أخيه و ابن أخته المسلمين، يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك، و يدفع إلى ابن أخته ثلث ما ترك».

و ربما أيد مضمونها بأن المانع من الإرث هو الكفر، و هو مفقود في الأولاد، لعدم صدقه عليهم حقيقة، كما عن بعضهم تنزيلها على إظهار الأولاد الإسلام، و هو و إن كان إسلاما مجازيا لكنه يقوم مقام إسلام الكبير في المراعاة لا في الاستحقاق، فيمنعا من القسمة الحقيقية في البلوغ لينكشف الأمر، أو على أن المال يقسم حتى بلغوا و أسلموا.

و الجميع كما ترى، ضرورة عدم الفرق بين الكفر الأصلي و التبعي


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب حد المرتد- الحديث 1 من كتاب الحدود.

ج 39، ص: 29

في جميع ما ذكرناه، كضرورة عدم معارضة الإسلام المجازي للإسلام الحقيقي، و ظهور الرواية في القسمة، بل كاد يكون ذلك صريحها.

و من هنا قال المصنف بعد ذكر مضمونها و فيه إشكال ينشأ من إجراء الطفل مجرى أبيه في الكفر، و سبق القسمة على الإسلام يمنع الاستحقاق كما أنه لذلك حملها الفاضل في محكي المختلف على الندب و اختاره في المسالك.

و فيه أن ذلك إنما يصح من جهة الورثة دون الإمام، فالأولى طرحها، خصوصا بعد مخالفة من عمل بها لمضمونها، إذ المحكي عنهم أنهم أطلقوا القول بتولي الورثة المسلمين الإنفاق على الأولاد، و الحكم بارثهم، و وجوب دفع الفاضل إليهم إذا بلغوا أو أسلموا من غير تفصيل، مع أن مقتضاها كون الإرث للأولاد إن أسلموا قبل البلوغ و استمروا عليه بعده، و أن المتولي للإنفاق عليهم الامام دون الورثة، فان لم يسلموا قبله فالارث للقرابة، و عليهم الإنفاق و لهم الفاضل و إن أسلموا بعده، و الاختلاف بين الأمرين ظاهر.

مضافا إلى أن المسألة مفروضة في كلام الشيخين و القاضي فيما إذا اجتمع مع الأولاد الإخوة للأب و الاخوة للام، و في كلام الحلبيين و المحقق الطوسي في اجتماع القرابة مطلقا معهم، كما عن الكيدري، و كل ذلك غير مورد النص.

على أنهما معا مخالفان للأصول المقررة و القواعد المسلمة، حيث اشتركا في وجوب النفقة على الورثة بلا سبب، و ذهابها ممن يستحقها من غير عوض، و اختصاص النص باعتبار إسلام الصغير في الحكم بإرثه مراعى و الفتوى بتوريث من أسلم بعد القسمة، و منع الوارث المسلم من دون حاجب، فان الطفل تابع لأبويه في الكفر إجماعا، و لو لا التبعية لاطرد

ج 39، ص: 30

الحكم في الأطفال مطلقا، و لكان المتصرف بالإنفاق عليهم الولي الشرعي دون القرابة، و لم يقل به أحد.

و مع ذلك كله فالرواية ضعيفة و الحكم بصحتها مع شهرته غير صحيح فإنها في الكافي(1)و التهذيب(2)مسندة إلى مالك بن أعين و في الفقيه(3)إليه أو إلى عبد الملك، و مالك مشترك بين أخي زرارة الضعيف و الجهني المجهول، و الظاهر بقرينة الفقيه الأول، و احتمال الضعف قائم فيه بواسطة الترديد بينه و بين عبد الملك.

و ما في الوسائل من اسناد الصدوق إليهما جميعا خلاف الموجود في الفقيه و المنقول عنه في الوافي، و غايته حسن هذا الطريق، فان عبد الملك ممدوح بغير التوثيق، و الحسن غير الصحيح، و المحكوم عليه بالصحة في كلامهم غير هذا الطريق، و الظاهر من الصحة خصوصا في المقام الحقيقية منها دون الإضافية.

و قد تحصل من ذلك كله ضعف الحديث بجميع طرقه و مخالفته للأصول و فتوى الأصحاب ممن رده أو اعتمده و اختلاف القائلين به و ندرة القول بمضمونه عند التحقيق، فالمتجه اذن ترك هذا الخبر، و الرجوع إلى الأصل المقرر في الولد، كما في غيره من الأطفال، و الله العالم.


1- 1 راجع الكافي ج 7 ص 143.
2- 2 راجع التهذيب ج 9 ص 368- الرقم 1315.
3- 3 راجع الفقيه ج 4 ص 245- الرقم 788.

ج 39، ص: 31

[المسألة الثالثة المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب]

المسألة الثالثة:

المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد كما هو المشهور، لعموم ما دل على التوريث بالنسب و السبب من الكتاب(1)و السنة(2)و الإجماع، و خصوص

المعتبرة(3)المتضمنة لابتناء المواريث على الإسلام دون الايمان، و فيها «أن الإسلام هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلها، و به حقنت الدماء، و عليه جرت المناكح و المواريث»(4)

و هو نص في المطلوب.

مضافا إلى شهادة تتبع أحوال السلف من توريث المسلمين بعضهم من بعض في جميع الأعصار مع الفتوى الظاهرة و الشهرة المعلومة، حتى أن الحلي مع قوله بكفر أهل الخلاف وافق على ذلك، و جعله القول المعول و المذهب المحصل. و كذا المفيد في إحدى نسختي المقنعة التي صرح فيها بأن اختلاف المسلمين في الأهواء و الآراء لا يمنع من توريثهم.

نعم في النسخة الأخرى منها نص على أن أهل البدع من المعتزلة و المرجئة و الخوارج و الحشوية لا يرثون المؤمنين كما لا يرث الكفار المسلمين، و عد الحلبي من الكفار الممنوعين من الإرث المجبرة و المشبهة و جاحدي الإمامة.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 7 و 11 و 12 و 33 و 176.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث.
3- 3 أصول الكافي- ج 2 ص 25.
4- 4 أصول الكافي- ج 2 ص 26 الرقم 5.

ج 39، ص: 32

و لعل الوجه فيه إطلاق الكفر على المخالفين في بعض الأخبار(1)و هو محمول على الكفر الإيماني دون الإسلامي مع جواز تخصيص المخالفين بمقتضى الأدلة، و من ثم حكم بإرثه بعض من قال بكفره كالحلي.

و منع السيوري إرث المجسمة و المرجئة و الحشوية من غيرهم مع تصريحه بأن المقتضي للتوارث الإسلام لا غير كما هو المشهور، معللا ذلك بكفرهم المستند إلى إنكارهم لما علم من الدين ضرورة، و المعلوم من أكثر هؤلاء المخالفة في الأصول، و هو غير إنكار الضروري.

أما الغلاة و الخوارج و النواصب و غيرهم ممن علم منهم الإنكار لضروريات الدين فلا يرثون المسلمين قولا واحدا.

و أما الكفار فإنهم يتوارثون و إن اختلفوا في الملل و النحل بلا خلاف معتد به أجده فيه، لعموم الأدلة و خصوص النصوص(2)و الإجماع بقسميه، لأن الكفر ملة واحدة، و نفي التوارث بين الملتين مفسر في النصوص(3)بالإسلام و الكفر.

خلافا للمحكي عن الديلمي من أنهم يتوارثون ما لم يكونوا حربيين.

و لشارح الإيجاز فالحربي لا يرث الذمي بل يكون ميراثه للإمام إذا لم يكن للميت منهم نسب ذمي و لا مسلم، و هما شاذان.

و للحلبي فكفار ملتنا يرثون غيرهم، و غيرهم لا يرثهم، و ارتضاه السيوري على ما حكي عنه إن أراد بهم من أظهر الشهادتين، لأن لهم بذلك خصوصية على غيرهم، و كان المراد به المرتد عن فطرة، فيرتفع الخلاف.

نعم شرط توارث الكفار فقد الوارث المسلم غير الإمام، فإن وجد


1- 1 الوسائل- الباب- 10- من أبواب حد المرتد من كتاب الحدود.
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث- الحديث 6 و 14 و 15 و 17.

ج 39، ص: 33

حجب الكافر و إن تأخر إسلامه إلى القسمة، كما عرفته سابقا.

و أن يكون كفر المورث أصليا، فلو كان عن ردة لم يرثه الكافر مطلقا، بل ورثه الإمام (ع) مع فقد غيره كالمسلم، بلا خلاف أجده في الفطري بل هو موضع وفاق، بل لعله كذلك أيضا في الملي إلا ممن عرفت، كما تقدم الكلام فيه.

[المسألة الرابعة تقسم تركة الرجل المرتد عن فطرة حين ارتداده]

المسألة الرابعة:

تقسم تركة الرجل المرتد عن فطرة حين ارتداده بالنص(1)و الإجماع بقسميه على ذلك و على أنها تبين زوجته و تعتد عدة الوفاة سواء قتل أو مات أو بقي حيا و لا يستتاب لأنه لا توبة له بالنسبة إلى ذلك قطعا و مطلقا على الأصح.

و المراد به من انعقد حال إسلام أحد أبويه، و في كشف اللثام أو أسلم أحد أبويه و هو طفل ثم بلغ و وصف الإسلام كاملا ثم ارتد، و هو مشكل.

و في

خبر عمار عن الصادق (عليه السلام)(2): «كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا (صلى الله عليه و آله) نبوته و كذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه و امرأته بائنة عنه من يوم ارتد، فلا تقربه، و تقسم ماله على

ورثته، و تعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، و على الامام أن يقتله و لا يستتيبه».


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب موانع الإرث.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب حد المرتد- الحديث 3 من كتاب الحدود.

ج 39، ص: 34

ثم قال في الكشف: «و إنما فسرنا المرتد عن فطرة بذلك، لنصهم على أن من ولد على الفطرة فبلغ فأبى الإسلام استتيب كما مر».

و فيه أن أقصى ذلك اعتبار تحقق الإسلام منه بعد البلوغ في الارتداد عن فطرة، فلا يكفي التبعي، فتأمل جيدا و تمام الكلام في مقام آخر.

نعم المرأة المرتدة عن فطرة لا تقتل و تستتاب فان لم تتب تحبس و تضرب أوقات الصلاة و تستخدم الخدمة الشاقة.

قال الصادق (عليه السلام) في مرسل الحسن بن محبوب(1): «و المرأة إذا ارتدت استتيبت، فان تابت و رجعت و إلا خلدت السجن و ضيق عليها في حبسها».

و قال الباقر (عليه السلام) في خبر غياث بن إبراهيم(2): «لا تقتل و تستخدم خدمة شديدة، و تمنع الطعام و الشراب إلا ما يمسك نفسها و تلبس خشن الثياب، و تضرب على الصلوات».

و كيف كان ف لا تقسم تركتها حتى تموت لاحتمال توبتها.

و كذا لو كان المرتد لا عن فطرة فإنه إذا كان كذلك


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب حد المرتد- الحديث 6 من كتاب الحدود عن ابن محبوب عن غير واحد من أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام و مثل هذا السند لا يعد من المرسل.
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب حد المرتد- الحديث 1 من كتاب الحدود و هو صحيح حماد بطريق الشيخ و صحيح الحلبي بطريق الصدوق، و ليس في خبر غياث هذا اللفظ، و قد رواه في الوسائل في نفس الباب الحديث 2 فراجعه.

ج 39، ص: 35

استتيب فان تاب و إلا قتل إجماعا بقسميه و نصوصا عامة(1)و خصوص

توقيع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله(2)«أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم تزندق فاضرب عنقه، و لا تستتبه، و من لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه، فان تاب و إلا فاضرب عنقه».

و على كل حال ف لا يقسم ماله حتى يقتل أو يموت و إن التحق بدار الحرب، خلافا لمحكي النهاية و المهذب فيورث و إن كان حيا، لصيرورته بوجوب القتل كالفطري، و هو ضعيف، و قد رجع عنه الشيخ كما قيل.

و تعتد زوجته عدة الطلاق من حين اختلاف دينهما، فان عاد قبل خروجها من العدة فهو أحق بها، و إن خرجت العدة و لم يعد فلا سبيل له عليها بلا خلاف أجده فيه، بل في كشف اللثام قطع الأصحاب بالحكمين، فكأنهم اتفقوا عليه.

و

قال الصادق (عليه السلام) في صحيح أبي بكر الحضرمي(3): «إذا ارتد الرجل عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثا، و تعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الإسلام فتاب قبل التزويج فهو خاطب من الخطاب، و لا عدة عليها منه، و لتعتد منه لغيره، و إن مات أو قتل قبل العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها، و هي ترثه في العدة، و لا يرثها إن ماتت و هو مرتد عن الإسلام».

قيل: و ظاهره نفي الأولوية و إن أسلم في العدة، و فيه أنه يمكن


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب حد المرتد من كتاب الحدود.
2- 2 الوسائل- الباب- 5- من أبواب حد المرتد- الحديث 5 من كتاب الحدود.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب موانع الإرث- الحديث 4 بطريق الشيخ و الصدوق قدس سرهما راجع التهذيب ج 9 ص 373 الرقم 1332. و الفقيه ج 4 ص 242 الرقم 772.

ج 39، ص: 36

حمل البينونة على أنه ليس له الرجوع ما دام على الكفر، و التوبة قبل التزويج (عليها خ) على ما قبله بعد العدة.

[أما القتل]
اشاره

و أما القتل الذي هو المانع الثاني من الإرث فيمنع القاتل من الإرث إذا كان عمدا ظلما بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، و هما الحجة بعد الصحاح(1)المطابقة للحكمة الظاهرة، و هي عصمة الدماء من معالجة الورثة، و عقوبة القاتل بحرمانه من الإرث و مقابلته بنقيض مطلوبه من القتل.

نعم لو كان بحق لم يمنع بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه، عليه، لخروجه عن ظاهر دليل المنع و

للخبر(2)«في طائفتين من المؤمنين إحداهما باغية و الأخرى عادلة اقتتلوا، فقتل رجل أباه أو ابنه أو أخاه أو حميمه و هو من أهل البغي أ يرثه؟ قال: نعم، لأنه قتله بحق»

و التعليل يفيد عدم المنع فيما كان بالحق مطلقا و إن جاز تركه كالقصاص و الدفاع عن المال.

و لو قتل قاتل أبيه مثلا و هو لا يعلم أو ظن أنه قاتله فقتله ثم تبين الخلاف ففي الإرث وجهان، من احتمال الباء للسببية و المصاحبة، و تردد الحق بين الظاهري و الواقعي، و قد يبنى على القود، فان ثبت امتنع و إلا ثبت.

و لو كان القتل خطأ ورث على الأشهر رواية و فتوى في الجملة، و هو خيرة النافع و الجامع و التلخيص و ظاهر رواية الفقيه(3)و إطلاق المقنعة و المراسم

للصحيحين(4)«في من قتل امه إن كان خطأ


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موانع الإرث.
2- 2 الوسائل- الباب- 13- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1 و 2.

ج 39، ص: 37

ورثها، و إن كان عمدا لم يرثها»

مع عموم الكتاب و السنة و انتفاء حكمة المنع.

فما

في الصحيح(1)من أنه: «لا ميراث للقاتل»

بعد تسليم عدم ظهوره في العمد يجب تخصيصه بما عرفت، كما أنه يجب طرح

الخبر(2): «لا يرث الرجل الرجل إذا قتله و إن كان خطأ»

و المرسل(3): «من قتل أخا له عمدا أو خطأ لم يرثه»

لضعفهما و شذوذ القول بهما على الإطلاق.

و من ذلك يعلم ضعف القول بعدم إرثه مطلقا، كما عن الفضل و العماني و الكليني.

نعم ما أشار إليه المصنف بقوله و خرج المفيد وجها آخر، و هو المنع من الدية خاصة دون باقي التركة و هو حسن قول قوي، بل في الدروس و محكي تلخيص الخلاف أنه المشهور، و لعله كذلك لأنه المنقول عن المشايخ الأربعة و الحلبيين و الطوسيين و القاضي و الحلي و الكيدري و العلامة و ولده و الشهيدين و أبي العباس و الصيمري و غيرهم، بل عن الانتصار و الخلاف و الغنية و السرائر الإجماع عليه.

للنبوي(4)الصريح المروي عن محكي الخلاف مستدلا به بعد الإجماع «ترث المرأة من مال زوجها و من ديته، و يرث الرجل من مالها و ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا، فلا يرث من ماله و لا من ديته، و ان قتله خطأ ورث من ماله، و لا يرث من ديته».


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 4.
3- 3 المستدرك- الباب- 6- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3 و فيه « من قتل حميما له.».
4- 4 سنن البيهقي- ج 6 ص 221.

ج 39، ص: 38

و للجمع بين إطلاق إرث القاتل خطأ في الصحيحين (1)و عموم منع القاتل من الدية في المعتبرة(2)منها

الحسن(3): «المرأة ترث من دية زوجها و يرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه»

بتقييد الأول بغير الدية.

و معارضة ذلك بإمكان تخصيص الثاني بالعمد يدفعها ترجيح الأول بالشهرة و محكي الإجماع و عموم منع القاتل، و بعد استحقاقه لما ثبت بجنايته و وضوح

دلالة النفي على العموم، و خروج الدية عن حقيقة الإرث، و مخالفتها له في بعض الأحكام.

و لما عن المفيد و غيره من حصول الجمع به بين إطلاق ما دل على إرث القاتل خطأ و منعه منه كذلك، بحمل الثاني على خصوص الدية، و إن كان قد يناقش بأن إطلاق المنع كالصريح في التسوية بينه و بين العمد و الجمع- مع احتياجه إلى شاهد- فرع التكافؤ، و هو منتف، لضعف حديث المنع و شذوذه و مخالفته المشهور عندنا و موافقته المشهور عند الجمهور فالمتجه طرحه أو حمله على التقية.

و على كل حال فقد بان لك أن هذا الأخير إلى الأول أقوى و إن كان هو أشبه بعمومات المواريث كتابا و سنة.

هذا و ظاهر المصنف و غيره بل المعظم- حيث قابلوا العمد بالخطإ- أن المراد بالخطإ ما يشمل شبيه العمد، كما عن جماعة التصريح به، كالديلمي و العلامة في المختلف و التحرير و ابن فهد في غاية التنقيح، بل عن الصيمري الميل إليه في كتابيه، و عن أبي العباس حكايته عن الطوسي و شارح النصيرية عنه و عن كثير من المتأخرين، فلا يمنع من التركة عند الجميع


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1 و 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موانع الإرث- الحديث 2.

ج 39، ص: 39

و لا من الدية عند الديلمي، حيث خص المنع بالعمد و أطلق الإرث في الخطأ بنوعيه.

بل من البعيد إهمال المعظم لحكم شبيه العمد مع كثرة وقوعه و مسيس الحاجة إليه، فليس هو إلا لكون المراد بالخطإ الذي ذكروا حكمه ما يشمله خصوصا مع وقوع ذلك منهم في مقام الاستقصاء، بل عن بعضهم حصر القتل فيهما، بل عللوا الإرث في الخطأ بما يعم، بل احتج المانع بالتمانع بين ارث القاتل خطأ و بين أخذ الدية منه، و عن المرتضى جوابه بأن تسليمه بها لا ينافي إرثه من غيرها.

و عن الحلبيين و الحلي التصريح بأن إرثه مما عدا الدية المستحقة عليه، مع أنها في الخطأ المحض على العاقلة دون القاتل، فعلم دخول الشبيه فيما أطلقوه من الخطأ، و ظهر اتحاد حكم المسألتين عندهم، و اشتهار التفصيل فيهما، و انطباق الإجماعات عليهما.

و المحكي عن خلاف الشيخ كالصريح في ذلك، فإنه أطلق التفصيل في الخطأ و ذكر اختلاف العامة في نوعيه، ثم حكى الإجماع على ما أطلق.

و أما النصوص(1)فالظاهر منها أيضا حيث أطلق فيها الخطأ و قوبل به العمد على وجه يراد منه الحصر إرادة الأعم الذي هو إطلاق شائع، كشيوع تقسيمه إليهما مضافا إلى كثرة القرائن هنا على إرادة الأعم كما عرفت، فيتجه الترجيح فيه بما سمعت من أنه يرث مما عدا الدية، لجميع ما عرفته من الإجماعات و غيرها.

فما عن الفضل و القديمين و العلامة في القواعد و والده و ولده و الشهيد الثاني و ابن القطان و شارح النصيرية من أنه كالعمد واضح الضعف و إن


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 40

استدل له بعموم حجب القاتل و الجمع بين الصحيحين(1)و الخبرين(2)بحمل الأخيرين على الشبيه بالعمد، و بأن المراد بالخطإ فيهما إما ذلك أو الأعم منه و من المحض، أو خصوص الأخير.

و على التقادير فالمنع ثابت، أما على الأولين فظاهر، و أما على الثالث فلأن منع الخطأ المحض يستلزم منع الشبيه بالعمد بالأولوية الظاهرة بل الإجماع المركب، لكنه كما ترى بعد الإحاطة بما ذكرنا، و الله العالم.

و كيف كان ف يستوي في ذلك الأب و الولد و غيرهما من ذوي الأنساب و الأسباب بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل لعله إجماع، لعموم الأدلة التي لا ينافيها اختصاص أخبار الخطإ ببعضها، فما عن بعض العامة من تخصيص القتل المانع بما يوجب قصاصا أو كفارة- فيخرج حينئذ قتل الوالد الولد لأنه لا يوجبهما- باطل قطعا.

كما أنه يستوي في الخطأ السبب السائغ المؤدي إلى القتل كضرب الوالد الولد تأديبا و بط ما به من جرح أو قرح للإصلاح، و الممنوع كضرب غير المستحق و جرحه، فيرث القاتل من التركة فيهما، و يمنع من الدية في الثاني، و أما الأول ففي ثبوت الدية فيه قولان، من الاذن في الفعل فلا يتعقبه ضمان، و من تحقق

الموجب و إن انتفت المؤاخذة كما في الخطأ المحض، و قد تخلف في تأديب الحاكم بدليل، فلا يقاس عليه غيره، فيمنع منها كالممنوع على الأظهر.

و عن السيوري التفصيل بين الممنوع و غيره، فمنع الإرث في الأول و أثبته في غيره، كالمحكي عن ظاهر المعالم، و الأول أشبه.


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1 و 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 9- من أبواب موانع الإرث- الحديث 4 و المستدرك- الباب- 6- منها- الحديث 3.

ج 39، ص: 41

و عمد الصبي و المجنون بحكم الخطأ، فيرثان مما عدا الدية على المختار كالنائم و الساقط من غير اختيار، فما في كشف اللثام عن بعضهم- من منع الصبي و المجنون من الإرث بتعمدهما القتل

لعموم «لا ميراث للقاتل»(1)

و نحوه- واضح الضعف.

و كذا الراكب إذا وطأت دابته من يرثه بل و القائد و السائق، لكن عن الفضل و العماني التصريح بارث الأولين، و به في مثالي التأديب و الإصلاح مع قولهما بمنع القاتل مطلقا و بمنع الإرث في الراكب، و اختلفا في القائد و السائق، فمنعهما العماني، و ورثهما الفضل، و اتفقا على إرث من حفر بئرا في غير حقه أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصيب به، و مال إليه في كشف اللثام، لعدم صدق القتل بذلك، بل عن الكليني و الصدوق حكايته ساكتين عليه.

و فيه أن السبب كالمباشر كما صرح به جماعة، بل في الروضة إسناده إلى ظاهر المذهب، للعموم و ضعف منع الإطلاق، و لذا يثبت القصاص و الدية في السبب كالمباشرة، فالمتجه حينئذ المنع مطلقا إن كان عمدا، و إلا فمما عدا الدية خاصة على المختار.

و المشارك في القتل كالمنفرد، كما عن جماعة التصريح به، فيمنع مما يمنع منه المنفرد و إن لم يستقل بالتأثير لو انفرد.

و هل يشترط في المنع استقرار الحياة؟ استشكله العلامة، للشك في صدق اسم القتل معه، و نفاه الفخر فيما حكي عنه، تمسكا بالعموم، و الحكم يتبع التفسير، فإن أريد بغير المستقر ما لا يبقى يوما أو يومين أو يوما و نصف يوم كما قالوه

في الذبيحة فالحق عدم الاشتراط، لتحقق القتل معه قطعا، و إن أريد ما ينتفي معه النطق و الحركة الاختياريان


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.

ج 39، ص: 42

كالمذبوح على ما يستفاد من كلامهم في مباحث الجنايات فالاستقرار شرط، لأن غير المستقر بهذا المعنى ميت أو في حكم الميت، فلا يتحقق فيه القتل، على أن الشك فيه أو في شمول الإطلاق له كاف في الإرث، لوجود المقتضى مع عدم العلم بالمانع.

و على كل حال ف لو لم يكن للمقتول وارث سوى القاتل كان الميراث لبيت المال أي مال الامام (عليه السلام) لا المسلمين، ضرورة كون الإرث له، و من الأنفال التي ملكه الله إياها، كما تقدم الكلام فيه(1).

و لو قتل أباه و للقاتل ولد ورث جده إذا لم يكن هناك ولد للصلب، و لم يمنع من الميراث بجناية أبيه كما

قال أحدهما (عليهما السلام) في خبر جميل(2): «فان كان للقاتل ابن ورث الجد المقتول»

و في

خبر آخر له(3)«لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده، لكن يكون الميراث لورثة القاتل».

و لو كان للقاتل وارث كافر (فلا ميراث و خ) منعا جميعا أحدهما بقتله و الآخر بكفره و كان الميراث للإمام (عليه السلام) حتى المطالبة بالدم.

نعم لو أسلم الكافر كان الميراث له و إن نقل إلى الامام (عليه السلام) و المطالبة بالدم إليه. و فيه قول آخر قد عرفت الحال فيه و في القول الثالث بما لا مزيد عليه، فلاحظ و الله العالم.


1- 1 راجع ج 16- ص 128.
2- 2 الوسائل- الباب- 12- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 12- من أبواب موانع الإرث- الحديث 2.

ج 39، ص: 43

[هنا مسائل]
[المسألة الأولى: إذا لم يكن للمقتول وارث سوى الامام (عليه السلام) فله المطالبة بالقود أو الدية مع التراضي و ليس له العفو]

الأولى:

إذا لم يكن للمقتول وارث سوى الامام (عليه السلام) فله المطالبة بالقود أو الدية مع التراضي، و ليس له العفو وفاقا للأكثر ل

حسن أبي الولاد أو صحيحه(1)سأل الصادق (عليه السلام) «عن رجل مسلم قتل مسلما عمدا فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته، فقال: على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه فإن شاء قتل و إن شاء عفا و إن شاء أخذ الدية، فان لم يسلم أحد كان الامام ولي أمره، فإن شاء قتل، و إن شاء أخذ الدية، فجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الامام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين، قال: فان عفا عنه الامام، فقال: إنما هو حق جميع المسلمين، و إنما على الامام أن يقتل أو يأخذ الدية، و ليس له أن يعفو».

و صحيحه الآخر(2)عنه (ع) أيضا «في الرجل يقتل و ليس له ولي إلا الإمام فقال: ليس للإمام أن يعفو، و له أن يقتل أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الامام و كذلك تكون ديته لإمام المسلمين (إنما على الامام أن يقتل أو يأخذ الدية، و ليس له


1- 1 الوسائل- الباب- 60- من أبواب القصاص في النفس- الحديث 1 من كتاب القصاص.
2- 2 الوسائل- الباب- 60- من أبواب القصاص في النفس- الحديث 2 من كتاب القصاص.

ج 39، ص: 44

أن يعفو، لأن جناية المقتول كانت على الامام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين، قلت: فان عفا عنه الامام، فقال: إنما هو حق جميع المسلمين)(1)».

خلافا للمحكي عن ابن إدريس، فأجاز للإمام العفو، لأنه وليه، فإن رضي بالدية كانت له لا لبيت مال المسلمين كتركته، و لأن جنايته عليه، لأنه عاقلته.

و فيه أنه كالاجتهاد في مقابلة النص المعمول به بين الأصحاب، نعم ما فيه من جعل الدية في بيت مال المسلمين مخالف لما عليه الأصحاب، كما أن ما فيه من كون ذلك حقا لجميع المسلمين كذلك أيضا، فلا بد من طرحه أو حمله- كبيت المال الذي في عبارة البعض- على إرادة بيت مال الامام من حيث الإمامة الذي مرجعه في الحقيقة إلى المسلمين و لذا لا يرثه غير الامام من ورثته كباقي الأنفال، خصوصا بعد ما فيه من كون جنايته على الامام لا بيت مال المسلمين، فتأمل جيدا، و الله العالم.

[المسألة الثانية الدية في حكم مال المقتول]

المسألة الثانية:

الدية عندنا و إن تجددت بعده في حكم مال المقتول


1- 1 الحديث ينتهي بقوله عليه السلام: «و كذلك تكون ديته لإمام المسلمين» كما في التهذيب ج 10 ص 178 الرقم 696. و ما بين القوسين الذي ألحق بالصحيح فهو من ذيل الصحيح المتقدم بتقديم و تأخير في الجمل، و الظاهر أنه سهو من قلمه الشريف فان الموجود في النسخة الأصلية المخطوطة بقلمه الشريف أيضا كذلك.

ج 39، ص: 45

يقضى منها دينه، و يخرج منها وصاياه، سواء قتل عمدا فأخذت الدية أو خطأ بل في محكي المهذب الإجماع عليه، بل في محكي المبسوط و الخلاف أنه قول عامة الفقهاء إلا أبا ثور.

و

قال الصادق (عليه السلام) في خبر إسحاق(1): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال».

و الكاظم (عليه السلام) في خبر يحيى الأزرق(2)«في رجل قتل و عليه دين و لم يترك مالا فأخذ أهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا دينه؟ قال: نعم، قال: و هو لم يترك، قال: إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه».

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني(3): «من أوصى بثلثه ثم قتل خطأ فإن ثلث ديته داخل في وصيته».

و في

خبر محمد بن قيس(4)«أنه (عليه السلام) قضى في وصيته رجل قتل أنها تنفذ من ماله و ديته كما أوصى».

فما عن بعضهم- من أن دية العمد لا يقضى منها الدين لأن الواجب فيه القصاص الذي هو حق الوارث، فالدية المأخوذة هي عوض عن حقه، لا مدخلية للميت فيها، بل عن آخر المنع من قضاء الذين من الدية مطلقا، لأنها ليست من أموال الميت التي تركها- مع أنهما من الاجتهاد في مقابلة النص و الإجماع كما ترى، ضرورة كون الدية في الخطأ عوضا عن النفس، فيستحقها الميت عند خروج روحه.


1- 1 الوسائل- الباب- 14- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 24- من أبواب الدين و القرض- الحديث 1 من كتاب التجارة.
3- 3 الوسائل- الباب- 14- من كتاب الوصايا- الحديث 2.
4- 4 الوسائل- الباب- 14- من كتاب الوصايا- الحديث 3.

ج 39، ص: 46

بل الظاهر كون الترتيب بينهما ذاتيا لا زمانيا كالعلة و المعلول، و في العمد يستحق عليه إزهاق روحه، لقوله تعالى(1)«النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» فهو شبيه ضمان الشي ء بمثله، فإذا صالح الوارث على الدية كان كدفع العوض عن المثل المستحق.

و قد عرفت أن استحقاقه إزهاق النفس قد حصل مقارنا لموته، فلا إشكال حينئذ في عد ذلك من أمواله و تركته، إذ هو أولى بنفسه من غيره، فعوضها من تركته، بل هي أولى من الأطراف أو ديتها التي كانت مستحقة له في حياته.

[المسألة الثالثة يرث الدية كل مناسب و مسابب]

المسألة الثالثة يرث الدية كل مناسب و مسابب سواء كانت دية عمد أو خطأ، و سواء كان ممن يرث القصاص منهم أو لا، بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع

بقسميه عليه، و النصوص(2)فيه مستفيضة أو متواترة عدا من يتقرب بالأم، فإن فيهم خلافا.

لكن المشهور عدم إرثهم، بل عن جنايات الخلاف الإجماع عليه، كما عن موضع من السرائر نفي الخلاف فيه، ل

صحيح ابن سنان(3)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الدية يرثها الورثة إلا الاخوة و الأخوات من الأم، فإنهم لا يرثون من الدية شيئا»

و نحوه غيره من


1- 1 سورة المائدة: 5- الآية 45.
2- 2 الوسائل- الباب- 10 و 11- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 10- من أبواب موانع الإرث- الحديث 2.

ج 39، ص: 47

النصوص(1)التي فيها الصحيح و الموثق و غيرهما.

نعم لم يذكر إلا الاخوة و الأخوات و عنوان المصنف و غيره من يتقرب منهم بالأم، و يمكن أن يكون ذلك للقطع بالمساواة أو الأولوية، ضرورة أقربيتهم من غيرهم.

و مما ذكرنا بان لك ضعف ما عن ابن إدريس من أنه يرثها جميع الورثة، لعموم الأدلة الذي يجب تخصيصه بما عرفت، كما أنه يجب تخصيص ما في مواريث الخلاف من إطلاق إرثها جميع الورثة مدعيا عليه الإجماع بما سمعته من جناياته.

و أضعف من ذلك القول بمنع المتقرب بالأب و جده، و ما عن المهذب و الإيجاز من منع خصوص النساء منهم و عن شرح الإيجاز أنه جمع بين قولي الشيخ بمنع النساء و بإرثهن بالمنع إذا انفردن و الإرث إذا اجتمعن مع الذكور، و حكي فيه قول بالعكس، و الكل كما ترى، و يأتي تمام الكلام في ذلك في كتاب القصاص إنشاء الله.

و على كل حال ف لا يرث أحد الزوجين القصاص إجماعا و إن كان لو وقع التراضي بين من عليه القصاص و من له بالدية ورثا نصيبهما منها إجماعا أيضا و نصوصا(2)منها خبر إسحاق بن عمار(3)المتقدم سابقا.

فما في

خبر السكوني(4)- من «أن عليا (عليه السلام) كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا و لا يورث الرجل من دية امرأته شيئا و لا الاخوة من الام من الدية شيئا»

- مع الضعف محمول على التقية


1- 1 الوسائل- الباب- 10- من أبواب موانع الإرث.
2- 2 الوسائل- الباب- 12- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 14- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 12- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3.

ج 39، ص: 48

أو على أن يكون القاتل أحدهما خطأ.

كما أن ما يقال- من أن الدية عوض حق القصاص الذي هو لغيرهما فلا وجه لارثهما من عوض ما ليس للميت و لا لهما- لا ينبغي الالتفات إليه، لأنه كالاجتهاد في مقابلة النص، و لمنع عدم كون الحق للميت، فإن إزهاق النفس عوض نفس الميت شي ء يستحقه الميت و إن اختص باستيفائه غيرهما، لحكمة التشفي من حيث النسب و غيرها، فالدية في الحقيقة عوض حق للميت كما هو ظاهر.

[أما الرق]
اشاره

و أما المانع الثالث الذي هو الرق ف لا خلاف بيننا في أنه يمنع في الوارث و في الموروث بل الإجماع بقسميه عليه، كما أن النصوص(1)وافية فيه من غير فرق بين المتشبث منه بالحرية كأم الولد و غيره، عدا المكاتب الذي قد ترك ما يفي لمكاتبته، فان فيه خلافا قد مر في محله.

كما أنه لا فرق في ذلك بين القول بملكه و عدمه، بل قد لا يظهر وجه للمانعية في الموروثية بناء على عدم قابليته للملك، ضرورة عدم المال له حتى يتصور فيه المانعية، و هو كمن لا مال له، فان ذلك لا يعد مانعا من إرثه.

نعم يظهر له وجه بناء على الملك الذي هو ملك غير مستقر، لعوده إلى السيد بزوال الملك عن رقبته ببيع أو موت أو غيرهما، فسيده الذي يعود الملك إليه في الحقيقة غير وارث، لعدم ملكه لما جاء إليه بالموت من حيث إنه موت كي يكون

وارثا، بل لأن ملك العبد على القول به أقصاه زوال ملك السيد عنه و لو ببيع أو موت، و الأمر في ذلك سهل بعد أن كان عدم التوارث بين الحر و العبد من الجانبين مفروغا منه.


1- 1 الوسائل- الباب- 16- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 49

و حينئذ فمن مات و له وارث حر و آخر مملوك فالميراث للحر و لو بعد حتى ضامن الجريرة دون الرق و إن قرب بأن كان والدا أو ولدا بلا خلاف أجده.

و لو تقرب الحر بالمملوك لم يمنع و إن منع السبب كما لو كان الوارث رقا و له ولد حر فإنه لم يمنع الولد برق أبيه بل يكون هو الوارث دونه و إن كان تقربه به،

قال الصادق (عليه السلام) في خبر مهزم(1)«في عبد مسلم له أم نصرانية و ابن حر فمات الأم، يرثها ابن ابنها الحر».

و لو كان الوارث اثنين فصاعدا فعتق المملوك قبل القسمة شارك إن كان مساويا و انفرد إن كان أولى. و لو كان عتقه بعد القسمة لم يكن له نصيب.

و كذا لو كان المستحق للتركة واحدا غير الامام (ع) لم يستحق العبد بعتقه نصيبا بلا خلاف معتد به أجده في شي ء من ذلك بل الإجماع عليه و النصوص(2)بنحو ما سمعته في الكافر فيه أيضا، نعم عن ظاهر المبسوط و الإيجاز أنه إن أعتق قبل حيازة الواحد ورث، و عن الوسيلة و الإصباح الإرث إذا أعتق قبل النقل إلى بيت المال، و هما كما ترى، خصوصا بعد ما عرفته سابقا في نظيره في الكافر.

بل الظاهر هنا مساواة الإمام (عليه السلام) لغيره من الوارث المتحد حيث يفرض عدم فكه لقصور التركة أو نحو ذلك مما يوجب كون الإرث للإمام (عليه السلام) فإذا اتفق تحرير العبد لم يشاركه، لعدم صدق إعتاقه قبل القسمة، كغيره من الوارث المتحد، و حمله على الكافر الذي


1- 1 الوسائل- الباب- 17- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 18- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 50

قد سمعت النص(1)فيه بالخصوص قياس، كما هو واضح.

و على كل حال ف إذا لم يكن للميت وارث في جميع الطبقات حتى ضامن الجريرة سوى المملوك اشتري المملوك اتحد أو تعدد من التركة و أعتق و أعطي بقية المال بلا خلاف أجده فيه في الجملة، بل الإجماع بقسميه عليه و إن كان ستعرف الخلاف في خصوص من يفك منهم، و النصوص(2) وافية في الدلالة عليه.

نعم قد يتوقف في دلالتها على توقف وجوب الفك على انتفاء الوارث الحر حتى ضامن الجريرة.

بل

قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن سنان(3): «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجل يموت و له أم مملوكة و له مال أن تشترى أمه من ماله، ثم يدفع إليها بقية المال إذا لم يكن ذو قرابة له سهم في كتاب الله»

يقتضي توقف الفك على عدم القرابة خاصة، لا ما يشمل الضامن.

بل

خبر إسحاق بن عمار(4): «مات مولى لعلي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل له: إن له ابنتين باليمامة مملوكتين، فاشتراهما من مال الميت، ثم دفع إليهما بقية المال»

دال على ذلك بناء على أنه (عليه السلام) كان ولي نعمة له باعتبار تحريره إياه تبرعا.

بل إطلاق غيره مما دل(5)على فك الأم و نحوها يقتضي ذلك أيضا


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 6.
4- 4 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 7.
5- 5 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 51

و إن قيد بعدم وارث قريب و لو بعيدا، للأدلة الخاصة، فيبقى غيره على مقتضى الإطلاق.

لكن إطلاق الأصحاب اعتبار نفي الوارث و تصريح البعض كالفاضل الهندي و غيره بضامن الجريرة و عموم ما دل على إرثه- الذي بينه و بين ما هنا تعارض العموم من وجه- يقتضي اعتبار نفيه أيضا، و هو إن تم إجماعا و إلا كان للنظر فيه مجال.

ثم إنه يظهر من بعض الأفاضل كون المراد بهذا الشراء الفك لا الحقيقي، ضرورة عدم مالك للعبد.

و منه يظهر عدم حاجة في عتقه إلى صيغة، كما هو أحد الوجهين أو القولين، بل يكفي في حريته فكه المستلزم لازالة ملك مالكه عنه، فليس هو إلا ملكا لله كغيره من الناس.

لكن فيه أنه يمكن أن يقال بعد فرض كون شرائه بعين مال التركة الباقي على حكم مال الميت باعتبار عدم الوارث له: إن المتجه صيرورة العبد بحكم مال الميت على حسب ثمنه المدفوع عنه، فيتجه انعتاقه قهرا عليه إن كان هو ممن ينعتق كذلك، و إلا احتيج إلى صيغة تحرير، إلا أنه لم أعرف قائلا به.

و إنما المعروف بين الأصحاب الوجهان: أحدهما ما عرفته من حصول تحريره بمجرد شرائه. و ثانيهما الاحتياج إلى صيغة مطلقا، و لعله لعدم الانعتاق هنا و إن كان ممن ينعتق على الميت لو كان قد اشتراه في زمن حياته عملا بإطلاق أدلة المقام «يشترى و يعتق» بل فيها(1)ذلك في خصوص الأم و الابن و نحوهما ممن ينعتق عليه بالشراء لو كان حيا، و على كل حال يتجه كون الشراء حقيقيا.


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 52

نعم لو فرض كون العبد الذي يرث الميت هو من جملة تركته اتجه حينئذ عدم شرائه، بل يحرز و يرث المال.

و ليس للمالك الامتناع عن البيع، فان أبى يقهر أي المالك على بيعه كما في كل ممتنع عما وجب عليه، فيقهر حينئذ على إيقاع صورة البيع، و يقوم قصد المكره و رضاه مقام قصده و رضاه، مع احتمال عدم الحاجة إلى القهر على الصورة المزبورة، بل يقوم قيمة عدل و تدفع و يقوم ذلك مقام بيعه.

أو أن من له الإكراه يكون موجبا قابلا،

قال عبد الله بن طلحة للصادق (عليه السلام) في أثناء خبره عنه(1): «أ رأيت إن أبى أهل الجارية كيف يصنع؟ قال: ليس لهم ذلك، يقومان قيمة عدل ثم يعطى مالهم على قدر القيمة».

بل قد يستفاد منه ما أفتى به غير واحد من الأصحاب من أنه ليس له طلب الزيادة عن القيمة، بل لعله لا خلاف فيه بينهم و إن كان قد يناقش في استفادة ذلك منه، إذ أقصاه الرجوع إلى القيمة مع الامتناع لا مع الرضا بالبيع لكن بزيادة عنها.

نعم قد يقال: إن تجويز ذلك له يقتضي التسلط له على عدم بيعه ضرورة إمكان اقتراحه ما لا تقوم التركة به، و تقييد جواز ذلك بما إذا لم يقترح الفاحش لا دليل عليه، فليس حينئذ إلا دفع القيمة كما صرح به الفاضل في القواعد و غيره.

بل في كشف اللثام في شرح ذلك «عدم جواز بذل الزائد بدون رضا المملوك». قلت: بل و مع رضاه، ضرورة عدم العبرة برضاه ما دام مملوكا.

و كيف كان فالمتولي للشراء و التحرير مع عدم الوصي على ذلك


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 5.

ج 39، ص: 53

حاكم الشرع أو من يقوم مقامه، بل قد يقال: إن ذلك وظيفته على وجه لا يجوز للميت الوصية بها لغيره، كما هو مقتضى إطلاق الأصحاب تولي الحاكم لذلك، اللهم إلا أن ينزل على حال عدم الوصي، و الأمر في ذلك سهل.

و لو قصر المال عن ثمنه قيل و إن لم نتحقق قائله يفك بما و جد و سعى في الباقي نعم عن الجواهر نفي البأس عن العمل به، و المختلف أنه ليس بعيدا عن الصواب، بل في المسالك أنه قول متجه و يقوى فيما ورد النص و الاتفاق على فكه، و في الروضة أنه متجه فيما اتفق على فكه و غير متجه في غيره.

و فيه أنه لا فرق بين ما اتفق على فكه و بين غيره بعد اشتراكهما في وجوبه للدليل، سواء كان الاتفاق أو غيره، إذ ما لا يدرك(1)و عدم سقوط الميسور(2)

و الإتيان بالمستطاع(3)و حصول الغرض به في الجملة قائم في الجميع و إن كان المتجه في الجواب أنه لا يتمسك بهذا في المقام الذي أعرض الأصحاب عن مقتضاها فيه، لأنه لم يثبت كونها قاعدة على جهة العموم.

و أما ما قيل- من أن عتق الجزء يساوي عتق الجميع في الأمور المطلوبة شرعا فيساويه في الحكم- فمرجعه إلى ما هو ممنوع أو إلى ما لا يوافق أصولنا، كما هو واضح.

و قيل و القائل المشهور بين الأصحاب قديما و حديثا نقلا و تحصيلا لا يفك و يكون الميراث للإمام (عليه السلام) و هو


1- 1 إشارة إلى المرسلتين: «ما لا يدرك كله لا يترك كله» و «الميسور لا يسقط بالمعسور» و هما مرويتان في غوالي اللئالي، و هو مخطوط.
2- 2 إشارة إلى المرسلتين: «ما لا يدرك كله لا يترك كله» و «الميسور لا يسقط بالمعسور» و هما مرويتان في غوالي اللئالي، و هو مخطوط.
3- 3 إشارة إلى قوله ص: «إذا أمرتكم بشي ء فأتوا منه ما استطعتم» المروية في سنن البيهقي- ج 4 ص 326.

ج 39، ص: 54

الأظهر لأن الفك مخالف للأصل من وجوه، فيقتصر فيه على المعلوم و للإجماع كما في المصابيح، لانقراض الخلاف و شذوذه، فلا يتهجم على منع الإرث الثابت بالكتاب و السنة بمثل ذلك.

و للفضل بن شاذان قول بالتفصيل أضعف من الأول، و هو الفك إلى أن يقصر المال عن جزء من ثلاثين جزء أخذا من عدة الشهور، و هو كما ترى.

و كذا الحال لو ترك وارثين أو أكثر و قصر نصيب كل واحد منهم أو نصيب بعضهم عن قيمته دون الآخر لكثرته أو قلة قيمته لم يفك أحدهم، و كان الميراث للإمام (عليه السلام) وفاقا للمشهور أيضا بين القدماء و المتأخرين، بل في محكي السرائر نفي الخلاف عنه، لما عرفت من الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن الذي هو وفاء التركة بشراء جميع أهل الطبقة من الورثة.

لكن في القواعد «و هل يفك من ينهض نصيبه بقيمته لكثرته أو لقلة قيمته؟ فيه إشكال».

بل في الإرشاد «و لو قصر نصيب أحدهما اشتري الآخر و أعتق و أخذ المال».

بل عن إيضاح الفخر «لا إشكال عندي في هذه المسألة أنه يجب عتق واحد، لوجود المقتضى، و هو وجود قريب وارث على تقدير الحرية لكن الاحتمال في الترجيح، هل يرجح من يفي نصيبه بقيمته أو لا؟ يحتمل الأول، و هو اختيارنا كما سبق، و يحتمل الثاني، و قد مر توجيه القولين و على الثاني يقرع، و أما منع العتق في الكل فلا».

و في المسالك «في عتقه قوة، لوجود قريب يرث على تقدير حريته

ج 39، ص: 55

و نصيبه يفي بقيمته، فامتنع المانع من جهته، و انتفى عتق غيره لوجود المانع».

و في الروضة «و على المشهور لو تعدد الرقيق و قصر المال عن فك الجميع و أمكن أن يفك به البعض ففي فكه بالقرعة أو التخيير أو عدمه أوجه، و كذا الاشكال لو وفت حصة بعضهم بقيمته و قصر البعض، لكن فك الموفي هنا أوجه».

و عن الأردبيلي أنه اختار الفك في هذا الفرد، قال: «و الفرق بينه و بين ما إذا لم يف حصة كل واحد بثمنه ظاهر، كعدم الفرق بينه و بين من وفت حصته بثمنه و بقي شي ء من التركة و لم يكن معه من لا يفي حصته به، فالفرق بينهما و عدمه بين الأولين كما هو ظاهر الشرائع و اختاره المحقق الثاني غير ظاهر».

و الجميع كما ترى بعد ما عرفت من الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد النص الذي لا ريب في خروج الفرض عنه.

بقي شي ء و هو أن ظاهر المصنف و غيره ملاحظة وفاء النصيب بفك صاحبه مع تعدد الوارث.

و فيه منع، ضرورة ظهور الأدلة في فك الوارث متحدا أو متعددا من التركة من غير ملاحظة ذلك، إذ لا نصيب لهم قبل الفك، بل لو فرض التدريج في فكهم لم يكن للذي سبق فكه مزاحمة غيره في قيمة فكه على ما هو ظاهر النصوص.

و كيف كان ف لو كان العبد قد انعتق بعضه ورث من نصيبه بتقديره حرا كاملا بقدر حريته و منع بقدر رقيته بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، مضافا إلى المعتبرة(1)


1- 1 الوسائل- الباب- 19- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 56

المستفيضة الواردة في المكاتب، و

النبوي(1)«في العبد يعتق بعضه يرث و يورث على قدر ما أعتق منه».

و حينئذ فيرث بتقديره حرا كاملا و يعطى بنسبة ما فيه من الحرية مما يرثه على تقدير الكمال، و يختص الباقي بغيره و إن تأخر عنه، و أنه بجزئه الحر لا يحجبه عن تمام الإرث كما في الخبر(2)فما في القواعد من الإشكال في ذلك في غير محله، على أنه على فرض حجبه يبقى المال بلا مالك، ضرورة عدم استحقاق العبد له، و إلا كان كالحر، و الفرض حجب غيره بالجزء الحر.

و لو تعدد المبعض و اتحدت النسبة اقتسموا ما يستحقونه على الانفراد بالسوية، و إلا اشتركوا فيما يستحقه الأكثر حرية لو انفرد بنسبة الحرية.

فلو خلف أولادا متعددين كل واحد منهم نصفه حر ليس لهم إلا نصف المال يقتسمونه بينهم بالسوية.

و لو خلف ولدا نصفه حر و آخر حرا كاملا كان للمبعض الربع و للحر ثلاثة أرباع، ضرورة زيادته عليه بنصف و شركته معه بالنصف الآخر.

و لو خلف ولدا نصفه حر و أخا كله حر كان المال بينهما نصفين أو أخا نصفه حر و عما حرا كاملا فللابن النصف و للأخ الربع و الباقي للعم.

و لو خلف ابنين نصفهما حر فالنصف بينهما نصفين، و لو كان أحدهما ثلثاه حر و الآخر ثلثه حر كان الثلثان بينهما أثلاثا، إذ هما الذي يستحقه الأكثر حرية و كانا له مع الانفراد، أما مع عدمه كما في الفرض


1- 1 راجع المغني لابن قدامة ج 7 ص 135.
2- 2 الظاهر أن مراده قده هو ما رواه الشهيد في المسالك عن علي عليه السلام «أنه لا يحجب بقدر ما فيه من الرق» و قد ذكره أبو الفرج في الشرح الكبير المطبوع في ذيل المغني لابن قدامة ج 7 ص 224 فقال: عنه- أي علي ع- أنه قال: «يرث و يحجب و يعتق منه بقدر ما أدى».

ج 39، ص: 57

شاركه فيهما كذي النصف، فيقسم ذلك بينهما على حسب ما فيهما من الحرية.

و لا فرق في ذلك بين الوارث بالفرض و الوارث بالقرابة، فلو كان ذو الفرض نصفه حرا فله النصف مما يرثه بالفرض و الرد بفرض الحرية، لإطلاق الأدلة، فقطع العلامة (رحمه الله) بأن له نصف الفرض خاصة واضح الضعف، كاحتماله تكميل الحرية في المبعضين المتساويين فيها و إرثهما بتنزيل الأحوال.

و كذا يورث منه أي يورث من المبعض كل ما جمعه بجزئه الحر، و يختص المالك بالباقي المستحق له بالملك، لا أن المراد يورث منه على حسب ما فيه من الحرية، بمعنى قسمة ما جمعه يجزئه الحر بين الوارث و السيد و إن توهمه بعض الناس، ضرورة عدم جهة لاستحقاق السيد ذلك بوجه.

ربما كان توهم المتوهم من نحو المتن المعلوم كون المراد منه أنه لو فرض اكتساب المبعض شيئا من المال بكله و قد مات عنه، فإنه يعطى الوارث منه قدر ما فيه من الحرية، لأنه هو الذي يملكه، و يدفع الباقي للسيد ملكا لا إرثا. و دعوى أن انتقال المال عنه صار بسبب موته الحال فيه كله- و قد فرض ملك بعضه فيكون ذلك سببا للتبعيض في ماله الذي جمعه بجزئه الحر- كما ترى لا تستأهل جوابا.

هذا و بملاحظة ما ذكرناه تعرف أن حكم الأمة في جميع ما سبق كذلك.

ج 39، ص: 58

[مسألتان]
[المسألة الأولى يفك الأبوان للإرث]

الأولى:

يفك الأبوان للإرث إجماعا بقسميه، بل المحكي منهما متواتر و اقتصار الصدوق (رحمه الله) على الأم ليس خلافا و إلا كان محجوجا بما سمعت، مضافا إلى ما دل من النصوص(1)على فك مطلق الوارث و خصوص مرسل ابن بكير(2).

و في الأولاد تردد ينشأ من الاقتصار على المتيقن فيما خالف الأصل من وجوه، و من محكي الإجماع في السرائر و الروضة و صحيح جميل أو حسنه(3)و خبر سليمان بن خالد(4)و خبر إسحاق بن عمار(5)فيهم و أوليتهم من الأخت المنصوص عليه في جملة من النصوص(6)و إن كان أظهره أنهم يفكون لصلاحية بعض ذلك لقطع الأصل فضلا عن جميعه، خصوصا مع شذوذ المخالف، بل هو غير محقق و إن كان قد اقتصر المرتضى و الديلمي و الصدوق على من عداهم لكن ذلك أعم من المخالفة.

و هل يفك من عدا الآباء و الأولاد؟ من الأقارب؟

الأظهر عند المصنف أنهم لا يفكون وفاقا لمن اقتصر على


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 4.
4- 4 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 10.
5- 5 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 8.
6- 6 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث. الحديث 3- 5- 9.

ج 39، ص: 59

غيرهم ممن عرفت و المفيد و الحلي و ظاهر الطوسي و الآبي بل عن الحلي نسبته إلى الأكثر و إن كان فيه أن المنقول في الروضة خلافه، حتى نسب فيها القول بفكهم إلى الأشهر.

بل عن الخلاف الإجماع على فك الوارث مطلقا، بل لعل المعلوم أيضا خلافه، إذ المحكي عن الشيخ و أبي علي و الشاميين الخمسة و القطبيين الراوندي و

الكيدري و المحقق الطوسي و العلامة و نجيب الدين و فخر المحققين و السيوري و أبي العباس و الصيمري القول بفكهم.

و لعله الأقوى، لما عرفت من إطلاق معقد الإجماع المزبور، و

مرسل الدعائم(1)«إذا مات الميت و لم يدع وارثا و له وارث مملوك يشترى من تركته، فيعتق و يعطى باقي التركة بالميراث»

و خصوص المرسلعن الوسيلة في الجد و الجدة و الأخ و الأخت و جميع ذي الأرحام، و مرسل ابن بكير(2)و خبر عبد الله بن طلحة (3)في الأخ و الأخت بضميمة الإجماع المركب على عدم الفصل، بل في أولهما إشعار أو ظهور في التعميم كاشعار

خبر إسحاق بن عمار(4)بذلك قال: «مات مولى لعلي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل: إن له ابنتين»

إلى آخره.

و لا يقدح الضعف في شي ء منها بعد التعاضد و الانجبار بما عرفت، فلا محيص حينئذ عن القول بذلك.

بل قيل: يفك كل وارث و لو كان زوجا أو زوجة كما هو صريح بعض و ظاهر آخرين، لإطلاق معقد الإجماع المزبور و مرسل


1- 1 المستدرك- الباب- 11- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 20- من أبواب موانع الإرث- الحديث 8.

ج 39، ص: 60

الدعائم(1)و خصوص

الصحيح(2)«كان علي (عليه السلام) إذا مات الرجل و له امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها».

و إذا ثبت العتق في الزوجة ثبت في الزوج بالأولوية و الاتفاق على عدم اختصاصها بالفك دونه، و احتمال تصحيف الأمة بالامرأة لا يصغى اليه.

كاحتمال التبرع من الامام، إذ الظاهر كون الحكاية لبيان حكم شرعي و هو أن الزوجة تشترى و تفك كما في غيرها من الوارث، لا التبرع منه (عليه السلام) بل قوله: «ورثها» كالصريح في نفي التبرع الذي هو ليس بارث، بل ظاهر الصحيح شراؤها من التركة و دفع بقية التركة إليها، خصوصا مع ملاحظة قوله (عليه السلام): «كان» إلى آخره المقتضي لتكرر ذلك منه، فإنه مع حكاية الصادق (عليه السلام) عنه ذلك ظاهر في كون الحكم في المسألة ذلك، فلا يكون مقصورا على مورد يفي الربع بالثمن و يبقى منه شي ء للزوجة، و حمل قضاياه كلها على خصوص ذلك مشكل.

و من ذلك يعلم فساد ما قيل من قوة احتمال التبرع باعتبار عدم ذكر الربع فيه.

فالمتجه حينئذ استثناء الزوجة في خصوص المقام من عدم الرد عليها لهذا الصحيح، كما عساه يظهر من مصابيح الطباطبائي (رحمه الله) أو يطرح و يقتصر على فك الزوج دونها، عملا بمعقد إجماع الخلاف و إطلاق المرسل(3)الظاهرين في فك من ينحصر به الإرث على تقدير فكه.

بل لعل ذلك هو ظاهر جميع نصوص المقام و فتاوى الأصحاب لا فك من له شريك على تقدير فكه، فإنه ينحصر الإرث حينئذ في


1- 1 المستدرك- الباب- 11- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 53- من كتاب العتق- الحديث 1.
3- 3 المستدرك- الباب- 11- من أبواب موانع الإرث- الحديث 1.

ج 39، ص: 61

شريكه، و لعل ذلك هو الأقوى إن لم ينعقد إجماع على خلافه، و دونه خرط القتاد، إذ يمكن إرادة جميع من أطلق فك الوارث الظاهر فيمن ينحصر الإرث به على تقدير فكه، و لا يندرج فيه إلا الزوج دون الزوجة و احتمال إرثها الجميع هنا مخالف لقولهم لعدم الرد عليها مع عدم ظهور استثناء في كلامهم للمقام، و الله العالم.

و كيف كان فقد ظهر لك ما في قول المصنف من أن الأول أولى و إن نسب عدم فك الزوجين إلى الديلمي و الحلي و ابن سعيد و الآبي و أبي العباس و ظاهر المقنعة و الأحمدي و الجواهر و الوسيلة و القواعد و التلخيص و التنقيح بل عن المقتصر نسبته إلى الأكثر.

[المسألة الثانية أم الولد لا ترث]

المسألة الثانية:

أم الولد لا ترث، و كذا المدبر و لو كان وارثا من مدبره، و كذا المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤد شيئا بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك، بل و لا إشكال في عدم إرثهم القريب غير المولى، ضرورة اندراجهم في جميع ما دل على عدم إرث المملوك من نص(1)و إجماع محكي لبقائهم أجمع على الرقية، فهم حينئذ كالقن و إن كان لهم نوع تشبث بالحرية، و لذا لو ماتوا لم يرثهم أحد، لعدم الملك لهم، بلا خلاف أجده في شي ء منهم إلا في المكاتب المطلق الذي يموت و عنده وفاء، فان فيه خلافا تقدم في محله.

و أما إرثهم للمولى مع فرض كونه قريبا فلا وجه له في أم الولد


1- 1 الوسائل- الباب- 16- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 62

المحجوبة بابنها، ضرورة عدم تصور كونها أم ولده قريبة إلا في مرتبة العمومة و الخؤولة كي يحل له وطؤها، فانعتاقها حينئذ من نصيب ولدها غير نافع لها، و كذا لا وجه له في المكاتبين بعد فرض بقائهما على الرقية بعد المولى للشرط في أحدهما و عدم التأدية في الثاني.

و أما المدبر ففي المسالك تعليل عدم إرثه بأنه يعتق بعد وفاة سيده من ثلثه، فانتقال التركة إلى غيره من الوارث سابق على حريته، ثم قال: «و هذا يتم مع اتحاد الوارث، أما مع تعدده فالحكم بحريته سابق على القسمة، فيختص إن كان أولى و يشارك إن كان مساويا».

قلت: بل قد يناقش في المتحد أيضا بأن حريته مع فرض سعته الثلث له مقارن لانتقال التركة إلى الوارث، إذ كونه من الثلث لا يقتضي تأخره عن ذلك كي يكون سابقا على حريته. نعم إرثه تسبب عن أمرين موت السيد و حريته، بخلاف ارث الوارث، فإنه مسبب عن موت المورث خاصة، فإن كان ذلك مجديا فهو، و إلا كان للنظر فيه مجال.

و احتمال الفرق بين المدبر و الوارث بأن الإرث للثاني مقارن للموت بخلاف الأول فإن حريته مشروطة بتعقبها للوفاة يدفعه منع ذلك في الوارث أيضا، فإنه لا بد من تقدم الموت للإرث و لو تقدما ذاتيا.

اللهم إلا أن يفرق بينهما بذلك، فيقال: إن التقدم في الإرث و التحرير زماني، فيتحقق حينئذ سبق الانتقال إلى الوارث على الحرية، لكنه كما ترى، و العمدة الإجماع إن تم و إلا كان للنظر فيه مجال، و الله العالم.

[لواحق أسباب المنع أربعة]
اشاره

و كيف كان ف من لواحق أسباب المنع أربعة:

[الأول اللعان]

الأول: اللعان الجامع للشرائط سبب لسقوط نسب الولد بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه و النصوص وافية(1)في الدلالة عليه


1- 1 الوسائل- الباب- 9 و 14- من كتاب اللعان.

ج 39، ص: 63

فلا توارث حينئذ بينهما، لعدم النسب شرعا نعم لو اعترف به بعد اللعان ألحق به و ورثه الولد و هو لا يرثه بلا خلاف أجده فيه

لعموم «إقرار العقلاء»(1)

و خصوص

قول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي(2)«في الملاعن فان ادعاه أبوه لحق به، فان مات ورثه الابن و لم يرثه الأب»

و غيره من النصوص.

لكن في تعدي إرث الولد حينئذ إلى أقارب الأب مع اعترافهم أو مطلقا أو عدمه مطلقا أوجه، تقدم الكلام فيها سابقا.

كما أنه يأتي إنشاء الله تمام الكلام في كيفية إرث ولد الملاعن عند تعرض المصنف له، و إنما ذكره هنا إلحاقا له بالموانع لا منها نفسها، لأن المنع فيه من حيث انقطاع النسب، و الكلام في الموانع على تقدير تحقق النسب، و ليس ولد الملاعن كذلك، بل هو من الأجانب بعد قطع الشارع نسبه باللعان، كما هو واضح، و الله العالم.

[الثاني الغائب غيبة منقطعة]

الثاني: الغائب غيبة منقطعة فيها آثاره و أخباره، فلم يعلم حياته و لا موته يتربص بماله اتفاقا فتوى و نصا(3).

و لكن في قدر التربص أقوال مختلفة: المشهور منها نقلا و تحصيلا خصوصا بين المتأخرين أنه لا يورث حتى يتحقق موته بالتواتر أو بالبينة أو بالخبر المحفوف بالقرائن المفيد للعلم أو بأن تنقضي مدة لا يعيش مثله إليها غالبا لأصلي بقاء الحياة و التركة على ملكه من غير معارض.

و هي مختلفة باختلاف الأزمان و الأصقاع، و ربما قدرت بالمائة


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من كتاب الإقرار- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى.

ج 39، ص: 64

و خمسين سنة، بل في المسالك «أنها ربما قدرت بالمائة و عشرين سنة- ثم قال-: و الظاهر الاكتفاء بما دونها، فان بلوغ العمر مائة سنة الآن على خلاف العادة».

ف إذا تحقق موته يحكم حينئذ لورثته الموجودين في وقت الحكم لا من مات قبله و لو بيوم إلا إذا شهدت البينة بالموت قبله.

و قيل كما عن الإسكافي في المحكي من مختصره يورث بعد انقضاء عشر سنين من غيبته لكن المنقول من عبارته ما نصه:

«و النظرة في ميراث من فقد في عسكر قد شهدت هزيمته و قتل من كان فيه أو أكثرهم أربع سنين، و في من لا يعرف مكانه في غيبة و لا خبر له عشر سنين، و المأسور في قيد العدو يوقف ماله ما جاء خبره ثم إلى عشر سنين» و ظاهره التفصيل اللهم إلا أن يحمل ذلك على تحقق موته بالقرينة.

و على كل حال فمستنده

صحيح علي بن مهزيار(1)سأل الجواد (عليه السلام) «عن دار كانت لامرأة و كان لها ابن و ابنة فغاب الابن بالبحر و ماتت الامرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت هذه الدار لها و باعت أشقاصا منها، و بقيت قطعة إلى دار رجل من أصحابنا و هو يكره أن يشتريها لغيبة الابن و ما يتخوف من أن لا يحل له شراؤها، و ليس يعرف للابن خبر، فقال (عليه السلام): و منذ كم غاب؟ قال: منذ سنين كثيرة، فقال: ينتظر من غيبته عشر سنين ثم يشترى، فقال:

إذا انتظر غيبته عشر سنين يحل شراؤها؟ قال: نعم».

و ربما نوقش بجواز أن يكون جواز الشراء لأنها بيد البنت، و لا


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.

ج 39، ص: 65

معارض لها و إن أقرت بأنها ملكتها من أمها. و الغائب حينئذ على حجته، و لا ينافيه الأمر بالتأخير إلى تلك المدة، لاحتمال كونه من باب الاحتياط بل يحتمل أن يكون قد حفظ الثمن للغائب أو أعطي البنت و ضمنت له، بل يمكن أن يكون ذلك إذنا من الامام (ع) في بيع مال الغائب لمصلحته.

على أنه قضية في واقعة، فلا يستدل به على الكلية.

إلا أن الجميع كما ترى لا ينافي الظهور الذي يكفي الخصم، و التأخير للاحتياط يلزمه كون مدة الانتظار بالغائب ذلك و إلا لم يكن احتياطا.

نعم هي شاذة، إذ لم يعرف القول بمضمونها ممن عدا من عرفت إلا ما يحكى عن المفيد من الانتظار إلى ذلك في بيع عقاره خاصة و جواز اقتسام الورثة ما عداه من سائر أمواله بشرط الملاءة، و ضمانهم له على تقدير ظهوره.

و لعله هو الذي أشار إليه المصنف بقوله و قيل: يدفع ماله إلى وارثه الملي ء و إن كان مطلقا جمعا بين هذا الصحيح(1)و بين

موثق إسحاق بن عمار(2)«سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده و لم يدر أين هو؟ و مات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟

قال: يعزل حتى يجي ء. قلت: فقد الرجل فلم يجي ء، فقال:

إن كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم، فان جاء هو ردوه عليه».

إلا أنه كما ترى، خصوصا بالنسبة إلى الشق الثاني الذي لم يبين فيه مدة التربص و اشترط الاقتسام بالملاءة، و هو مناف للحكم بموته.

و منه يعلم أنه لا وجه لحمله على ما يوافق نصوص الأربع سنين(3)


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 8.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5 و 9.

ج 39، ص: 66

و لو بتقييده بها الذي هو أحد الأقوال، بل هو المحكي عن الانتصار و الفقيه و الغنية و الكافي، و اختاره في الرياض حاكيا له عمن عرفت، ثم قال:

«و نفى عنه البأس في المختلف، و قواه الشهيدان في الدروس و الروضة، و مال إليه جملة من متأخري المتأخرين كالمحدث الكاشاني و صاحب الكفاية و غيرهما».

بل في الأول و الثالث دعوى إجماع الإمامية عليه، و هو الحجة بعد الموثقين،

في أحدهما(1)«المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين، فان لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة»

و نحوه الثاني(2)لكنه مطلق غير مقيد بالطلب، فيقيد به، لقاعدة الإطلاق و التقييد و لعدم القائل بالإطلاق معتضدا ذلك كله بما دل(3)على ذلك في الزوجية التي هي أولى بالمراعاة من المال.

لكن قد يناقش باعراض المعظم عن الإجماعين، بل كأنه استقر الإجماع على خلافهما باعتبار مضي جملة من الأعصار المتخللة بين زمان الأول و الموافق له من المتأخرين، بل قد عرفت أن أساطين عصر القائل على خلافه، كالمفيد و الشيخ و غيرهما، فيقوى الظن بخطإ تحصيلهما، فما عساه يقال- من أنه لا أقل من إفادتهما الشهرة في ذلك الزمان، فتعضد الرواية أو تجبرها- في غير محله.

و الموثقان مع إعراض المشهور عنهما أيضا معارضان بالصحيح(4)و الموثق الآخر(5)و حمل الأخير منهما على الأولين ليس بأولى من حملهما على ما يشعر به من إعطاء المال للوارث الملي ء لا على جهة الإرث، بل


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 9.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.
3- 3 الوسائل- الباب- 23- من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.
5- 5 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 8.

ج 39، ص: 67

على جهة القرض و نحوه مما هو مصلحة للغائب في حفظ ماله.

و من ذلك كله و غيره يعلم ان الأول أولى و أحوط و أبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة المعارضة للأصول القطعية التي منها أصالة بقاء الحياة، و عدم دخول التركة في ملك الورثة، المؤيدة بالنصوص الواردة في مجهول المالك.

منها

الصحيح(1): «سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم (عليه السلام) و أنا جالس، فقال: إنه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة، ففقدناه و بقي له من أجره شي ء، فلا نعرف له وارثا، قال: فاطلبوه، قال:

قد طلبناه فلم نجده. قال: فقال: مساكين و حرك يديه، قال: و أعاد، قال: اطلب و اجهد، فإن قدرت عليه و إلا فهو كسبيل مالك حتى يجي ء له طالب، فان حدث بك حدث فأوص به إن جاء طالب أن يدفع إليه».

و هي و إن كانت فيمن لا يعرف له وارث، و هو غير ما نحن فيه، إلا أن الظاهر كما عن الأردبيلي عدم الفرق بين الميراث و بين غيره من الحقوق.

بل قد يقال: إن المتجه مع الحكم بموته لأربع سنين مثلا دفع المال إلى الامام (عليه السلام) في غالب الأحوال، إذ هو وارث من لا وارث له و لو بالأصل. و على كل حال ففيها نوع تأييد.

و الإلحاق بالزوجية- مع أنه قياس لا نقول به- يمكن الفرق بلزوم تضرر المرأة بطول الغيبة المقتضي لتعطيل بضعها و انقطاع نسلها و عدم النفقة لها و نحو ذلك، بل لو قلنا: العلة الأخير خاصة- بدليل أنها لو وجدت من ينفق عليها انتظرت- كان فارقا.

و دعوى اشتراكها مع الورثة بالتضرر من هذه الجهة سيما الصغار


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.

ج 39، ص: 68

منهم و العجزة واضحة المنع، ضرورة عدم معلومية كون المال لهم كي يحصل ضرر عليهم بتعطيله عنهم، بل لعل الضرر على صاحب المال بدفعه إليهم قبل تحقق موته، خصوصا مع غلبة انقطاع الأخبار في مثل هذه المدة ثم يعقبها تبين الحياة، خصوصا لمن يكون سفره إلى جهة الغرب أو الشرق.

على أن المحكي عن الحلبي الصبر إلى أربع سنين لكشف السلطان فيها عن خبره، و هذا لا يكون إلا مع انبساط اليد، بل لعل المراد بعد انقطاع خبره يتربص أربع سنين يكشف فيها عن خبره، لا أن المراد بمجرد انقطاع خبره هذه المدة يحكم بموته.

بل يمكن مع فعل ذلك و إرسال الرسل إلى جميع الأطراف- التي هي مظنة وجوده فلم يوقف له على أثر و خبر- يعلم موته، إذ لو كان لبان، و لو كان في قيد الحياة تنفسا، و حينئذ ربما كان القائل بالأربع على الوجه المزبور غير مخالف، بل و لا خبره الذي قد اعتبر فيها الطلب، فتأمل جيدا.

و بذلك و غيره يظهر لك ما في مختار الرياض و إن أطنب بترجيحه، إلا أنه عند التأمل الجيد ليس بشي ء، هذا في التوريث من المفقود.

و أما توريثه من الميت ففي كشف اللثام «أن المختار وقف نصيبه من الميراث حتى يعلم موته بالبينة أو مضي مدة لا يعيش مثله فيها عادة، و تقسم باقي التركة، فإن بان حيا أخذه، و إن علم أنه مات بعد موت المورث دفع نصيبه إلى ورثته، و إن علم موته قبله أو جهل الحال بعد التربص تلك المدة دفع إلى سائر ورثة الأول».

و فيه أن المتجه معاملته معاملة باقي أمواله، ضرورة اقتضاء الحكم باستصحاب حياته أنه ماله، فينفق على زوجته منه مثلا، و يتصرف به

ج 39، ص: 69

الولي الشرعي كتصرفه في غيره من أمواله، لا أنه يوقف و يحبس.

ثم قال: «و على المختار يعطي الحاضرون من أنصبائهم أقل الأمرين مما لهم على فرض حياة المفقود و على فرض موته، و يوقف الباقي حتى يظهر أمره أو يمضي مدة التربص، فلو خلف أما و بنتا حاضرتين أو أبا غائبا فعلى فرض موته تكون المسألة من أربعة، ربعها للأم فرضا وردا و الباقي للبنت، و على فرض حياته تكون من خمسة، لكل من الأبوين خمس و للبنت ثلاثة أخماس، فتضرب الأربعة في الخمسة تصير عشرين، و يعطي البنت الأقل، و هو ثلاثة أخماس اثنا عشر من العشرين، هذا إذا تباينت المسألتان، و إن تماثلتا اكتفي بإحداهما، و إن توافقتا ضرب وفق إحداهما في الأخرى، و إن تداخلتا اجتزأ بالأكثر، قال في التحرير:

و لهم أن يصطلحوا على ما زاد، ففي المثال للأم أن تأخذ خمسة من الستة عشر إن رضيت البنت، و للبنت أن تأخذ خمسة عشر إن رضيت الأم».

و كأنها متعبة لا حاصل لها بعد ما عرفت من معاملته معاملة الحي الحاضر و أخذ نصيبه و التصرف على حسب التصرف في باقي أمواله.

ثم قال: «و لو كان الحاضر لا يرث إلا عند موت الغائب أوقف نصيبه، و لو كان الغائب حاجبا غير وارث كما لو خلف أبويه و أخويه قال في التحرير ففي تعجيل الحجب نظر، أقربه التعجيل، فتأخذ الأم السدس و الأب الثلثين، و يؤخر السدس للأم، قال: لكن هنا و إن حكمنا بالحجب لكن يحكم بموتهما في حق الأب، فلا يتعجل له السدس المحجوب عن الأم، و حينئذ يحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الأم و بالموت بالنظر إلى طرف الأب».

و الجميع كما ترى بعد الإحاطة بما عرفت من الحكم بحياة الغائب و إجراء جميع أحكام الحي الحاضر، كما هو مقتضى الأصل. ثم إذا بان خلاف

ج 39، ص: 70

ذلك عمل على ما تقتضيه القواعد الشرعية حينئذ، و الله العالم.

[الثالث الحمل يرث بشرط انفصاله حيا]

الثالث: الحمل يرث بشرط انفصاله حيا إجماعا بقسميه و نصوصا مستفيضة إن لم تكن متواترة منها الصحيحان و غيرهما.

قال في أحدهما(1): «سأل الحكم بن عتبة أبا جعفر (عليه السلام) عن الصبي يسقط من أمه غير مستهل يورث، فأعرض عنه، فأعاد عليه، فقال: إذا تحرك تحركا بينا ورث، فإنه ربما كان أخرس».

و في آخر(2): «إذا تحرك بحركة الأحياء ورث، إنه ربما كان أخرس».

و منها يعلم إرادة المثال من نصوص الاستهلال،

كالصحيح(3)«لا يصلى على المنفوس، و هو المولود الذي لم يستهل و لم يصح، و لا يورث من الدية و لا غيرها، فإذا استهل يصلى عليه و ورثه».

و في الموثق(4)«في ميراث المنفوس من الدية، قال: لا يرث شيئا حتى يصيح و يسمع صوته».

و نحوه

المرسل(5)«أن المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يستهل و يسمع صوته»

خصوصا بعد ملاحظة إطباق الأصحاب على كون المدار ما ذكرناه دون خصوص الاستهلال، و ملاحظة غلبة الاستهلال على وجه يظن جريان القيد مجراها.

و إن أبيت فلا مناص عن حملها على التقية ممن يرى اعتبار الاستهلال


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 8 عن الحكم بن عتيبة.
2- 2 الموجود في الروايات هو اعتبار الحركة اما مطلقا أو حركة بينة، و لم نجد فيها رواية مقيدة بحركة الأحياء، راجع الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3 و 4 و 7.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.
5- 5 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 71

في ميراثه من العامة، بقرينة الأمر بالصلاة عليه في بعضها(1)الموافق لهم أيضا.

و من الغريب ما عن الكاشاني من الجمع بينها و بين الأولة بتخصيص الأخيرة بالإرث من الدية و الأولة بالإرث من غيرها، إذ هو- مع عدم الشاهد عليه و إن

كان ربما أشعر به المرسل(2)و الموثق(3)السابقان إلا أن الاختصاص في الموثق في كلام الراوي و إشعار المرسل بمفهوم اللقب المعلوم عدم حجيته و مخالفته لإجماع الأصحاب و صريح الصحيح(4)المتقدم المسوي بين الدية و غيرها في اعتبار الاستهلال- قاصر عن معارضة الأخبار السالفة(5)التي هي كالنص في عدم اعتبار الاستهلال منطوقا و مفهوما و لو في الإرث من الدية كي يحتاج إلى الجمع بذلك.

و على كل حال فحينئذ لو سقط ميتا لم يكن له نصيب و إن تحرك في البطن، بل و إن علم أن حركته فيها حركة أحياء، للاتفاق نصا(6)و فتوى على اعتبار ولادته حيا.

كاتفاقهما على أنه لو مات بعد وجوده حيا كان نصيبه لوارثه و إن كان غير مستقر الحياة، لإطلاق النص(7)و الفتوى اعتبار الحياة في إرثه لا استقرارها، خلافا لظاهر المصنف فيما يأتي، فاعتبر استقرارها و هو كما ترى، خصوصا بعد ملاحظة ما في بعض النصوص(8)من الاكتفاء بالحركة البينة في الوارثية و الموروثية بالنسبة إلى السقط الذي حياته


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى الحديث 5.
5- 5 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3 و 4 و 7 و 8.
6- 6 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى.
7- 7 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى.
8- 8 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 4 و 7 و 8.

ج 39، ص: 72

غير مستقرة غالبا، فلا ريب في بطلانه.

كما أنه لا ريب في بطلان الاكتفاء في إرثه بالحياة في بطن أمه إذا فرض العلم بها و لو باخبار معصوم، لعدم ما يدل على إرثه في هذا الحال، بل الظاهر كونه وارثا لو ولد حيا حين ولادته، لا أنه ينكشف إرثه قبل ذلك و إن كان هو حاجبا لغيره من الورثة. نعم لو سقط ميتا انكشف ملك الورثة للمال بالموت.

فالتحقيق حينئذ بقاء حصة الحمل على حكم مال الميت، فان ولد حيا ورثها، و إلا انكشف كونها ملكا للورثة سابقا، ضرورة عدم تصور قابلية التملك للنطفة بعد الانعقاد فضلا عما قبله، بل بعد تمام الخلقة فضلا عما قبله، و ليس حجبه موقوفا على كونه وارثا، بل يكفي فيه استعداده للإرث، ضرورة صدق اسم الولدية بعد

ذلك و إن لم تكن متحققة حال موت الموروث، فإنه لا دليل على اعتبار مقارنة صدق الولد للموت، بل يكفي الصدق بعد ذلك.

و من هنا صح لبعض الأفاضل الاستدلال على إرث الحمل لو ولد حيا بإطلاق أدلة المواريث.

و من ذلك ظهر لك عدم اعتبار حياته عند موت المورث بمعنى حلول الحياة فيه بلا خلاف يظهر، كما عن بعض الأصحاب الاعتراف به، لإطلاق النصوص(1)بإرثه مع ولادته حيا الشامل لما لو كان عند موت مورثه نطفة.

نعم يشترط العلم بوجوده عند الموت ليحكم بانتسابه إليه، و يعلم ذلك بأن تلده لما دون ستة أشهر من حين موته مدة يمكن تولده منه فيها أو


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى.

ج 39، ص: 73

لأقصى الحمل إذا لم توطأ الأم وطءا صحيحا يصلح استناد الولد معه إلى الواطئ.

هذا و لو خرج نصفه و تحرك و استهل ثم سقط ميتا لم يرث و لم يورث على ما صرح به جماعة، للأصل و اختصاص النصوص بحكم التبادر بالساقط متحركا بجميعه، بل في الرياض «لم أجد الخلاف فيه و إن استقربه عبارة التحرير، و لعل المخالف من العامة». قلت: لكنه لا يخلو من وجه.

و كيف كان فلا خلاف أجده بين الأصحاب في أنه يوقف و يعزل للحمل نصيب ذكرين احتياطا عن تولده كذلك، بل لو لا ندرة الزائد لعزل أزيد من ذلك، فلو اجتمع مع الحمل ذكر أعطي الثلث و عزل للحمل الثلثان، أو أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين حال الحمل، فان ولد حيا كما فرض و إلا وزع التركة بينهم على حسب ما يقتضيه حال الحمل، و إن ولد ميتا خص باقيها بالولد الموجود.

و لو كان هناك ذو فرض أعطي النصيب الأدنى إن كان ممن يحجبه الحمل من الأعلى إليه، كالزوجة و الأم مع عدم ولد هناك أصلا، فإن ولد ميتا أكمل النصيب، و إن ولد حيا روعي حاله و قسم التركة على حسبها.

و الحاصل أنه متى كان هناك حمل و طلب الورثة القسمة فمن كان محجوبا به كالاخوة لم يعط شيئا حتى يتبين الحال، و من كان له فرض لا يتغير بوجوده و عدمه- كنصيب الزوجين و الأبوين إذا كان معه (مع خ ل) ولد- يعطى كمال نصيبه، و من ينقصه و لو على بعض الوجوه يعطى أقل ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه يقتضيه، كالأبوين إذا لم يكن هناك ولد غيره.

و لعل الوجه في جميع ذلك- بعد ظهور الإجماع عليه و على كون الحمل مانعا من إرث غيره- هو أصالة السلامة في الحمل و التولد حيا، و عدم

ج 39، ص: 74

انتقال المال إلى الوارث غير الحمل، فهو حينئذ كالمال الذي يعلم عدد وارثيه.

و أصالة عدم التعدد في الحمل يمكن المناقشة في جريانها باعتبار رجوعها إلى تشخيص كيفية انعقاد النطفة، و هي قاصرة عن إفادة ذلك.

كما أن الظاهر إرادة مجرد الاحتياط اللازم مراعاته هنا بالعزل المزبور لا أنه قسمة بحيث لو تلف ذلك المعزول لم يكن للحمل شي ء فيما قبضوه، ضرورة عدم الملك له قبل الولادة كي يتصور القسمة مع وليه، فالمراد بذلك الجمع بين حقي الموجود و الحمل، فلا تجري عليها أحكام القسمة، اللهم إلا أن يدعى الإجماع على ذلك، لكنه كما ترى دون إثباته خرط القتاد.

و على كل حال ف لو سقط الحمل بجناية جان اعتبر بالحركة التي لا تصدر إلا من حي، دون التقلص الذي يحصل طبعا لا اختيارا فإنه لا فرق في جميع ما ذكرنا بين سقوطه بنفسه و بين سقوطه بجناية جان، و التزام الجاني بالدية أو غيرها لا يستلزم توريثه، فإنها ربما تجب بدفع الجناية حلول الحياة بعد تهيؤ الجنين لها، كما هو واضح، و الله العالم.

[الرابع إذا مات و عليه دين يستوعب التركة لم ينتقل إلى الوارث]

الرابع: إذا مات و عليه دين يستوعب التركة لم ينتقل إلى الوارث عند المصنف و جماعة و كانت على حكم مال الميت، و إن لم يكن مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل، و ما قابل الدين باق على حكم مال الميت كما تقدم تفصيل الكلام في ذلك في آخر كتاب الحجر(1)و قد ذكرنا هناك أن الأقوى انتقال التركة إلى الوارث في حالي الاستيعاب و عدمه و إن تعلق الدين بها، و حينئذ فلا يكون ذلك من لواحق المنع عن الإرث، فلاحظ و تأمل.


1- 1 راجع ج 26 ص 90- 93.

ج 39، ص: 75

[المقدمة الثالثة في الحجب]
اشاره

المقدمة الثالثة في الحجب الذي هو لغة المنع، و شرعا منع من قام به سبب الإرث بالكلية أو من أوفر نصيبه، و الأول المسمى بحجب الحرمان و الثاني بحجب النقصان، و قد أشار إليهما المصنف بقوله الحجب قد يكون عن أصل الإرث بالكلية و قد يكون عن بعض الفرض.

[الأول الحجب عن أصل الإرث]

فالأول ضابطه مراعاة القرب أو ما نزله الشارع منزلته.

فلا ميراث لولد ولد مع ولد ذكرا كان أو أنثى، حتى أنه لا ميراث عندنا لابن ابن مع بنت بلا خلاف أجده فيه نصا و فتوى بل الإجماع بقسميه عليه، بل لعله من ضروريات مذهبنا، خلافا للعامة، فورثوه معها، بناء منهم على التعصيب الذي ستعرف الحال فيه.

و لا ينافي هذا الضابط مشاركة ولد الولد النازل مع فقد أبيه للأب الذي هو أقرب منه بعد أن نزله الشارع منزلة أبيه الذي هو أعلم بالأقربية من غيره، و لذا قال عز من قال(1)«آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ».

و ليس المراد أن المرجع في الأقربية إليه، بل المراد الحكم بالأقربية العرفية ما لم يأت ما ينافيها منه، كما في الفرض الذي نزل الشارع فيه ولد


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 76

الولد و إن نزل منزلة الولد في مشاركة الأبوين.

و على كل حال ف متى اجتمع أولاد الأولاد و ان سفلوا ف ان الأقرب منهم يمنع الأبعد على مقتضى الضابط المزبور المستفاد من الكتاب(1)و السنة(2)المتواترة و الإجماع بقسميه.

و من هنا يمنع الولد و إن سفل و كان أنثى من يتقرب بالأبوين أو بأحدهما و لو كان ذكرا مساويا له في الصعود أو أقرب منه مرتبة كالاخوة و بنيهم و الأجداد و آبائهم و الأعمام و الأخوال و أولادهم و حينئذ ف لا يشارك الأولاد في الإرث عندنا سوى الأبوين و الزوج أو الزوجة.

خلافا للمحكي عن يونس بن عبد الرحمن من أنه إذا اجتمع جد- أبو أب- و ابن- ابن ابن- فالمال كله للجد.

و أبي علي من أنه لو خلف بنتا و أبوين فالفاضل عن أنصبائهم للجدين أو الجدتين، و لو خلف ولد ولد و جدا أو والدا و جدا فللجد السدس.

و الصدوق من أنه لو خلفت زوجها و ابن ابنها و جدا فللزوج الربع و للجد السدس و الباقي لابن الابن.

و هي أقوال شاذة قد انعقد إجماع الإمامية على خلافها، كبعض الأخبار(3)المنافية لذلك، منها

خبر سعد بن أبي خلف(4)سأل الكاظم (عليه السلام) «عن بنات بنت و جد، فقال: للجد السدس و الباقي لبنات البنت»

حتى حكي عن ابن فضال أنه أجمعت العصابة على ترك العمل به مع احتمال إرادة أب الميت من الجد فيه، و الله العالم.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 7.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
4- 4 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.

ج 39، ص: 77

فإذا عدم الآباء و الأولاد و إن نزلوا فالإخوة و الأجداد بلا خلاف، بل الإجماع بقسميه عليه، و النصوص(1)وافية الدلالة عليه.

و هم يمنعون من عداهم سوى الزوجين، و يمنعون من يتقرب بهم أيضا و حينئذ ف يمنع الأخ ولد الأخ و الجد أباه.

و لو اجتمعوا أي أولاد الاخوة بطونا متنازلة فالأقرب أولى من الأبعد.

و كذا يمنع الاخوة و أولادهم و إن نزلوا من يتقرب بالأجداد من الأعمام و الأخوال و أولادهم لما عرفت و ل

قول الباقر (عليه السلام) في صحيح يزيد الكناني(2): «و ابن أخيك من أبيك أولى بك من عمك».

نعم لا يمنعون آباء الأجداد، فإن الجد و إن علا جد كما أنهم لا يمنعون أولاد الاخوة و إن نزلوا خلافا للعامة، بل عن المبسوط أنه لم يوافقنا عليه أحد، و أسقط الشافعي الإخوة لأم مع الجد، و أبو حنيفة الإخوة مطلقا، و الصحيح ما عرفت.

لكن لو اجتمعوا أي الأجداد بطونا متصاعدة فالأدنى إلى الميت أولى من الأبعد (11) للضابط المزبور.

و (12) منه يعلم أن الأعمام و الأخوال و أولادهم و إن نزلوا يمنعون أعمام الأب و أخواله، و كذا أولاد أعمام الأب و أخواله يمنعون أعمام الجد و أخواله (13) كل ذلك لما عرفت، منضما إليه تنزيل الأولاد منزلة آبائهم مع فقدهم، كما ستعرفه إنشاء الله.

و (14) قد عرفت أيضا فيما مضى أنه يسقط من يتقرب بالأب


1- 1 الوسائل- الباب- 1 و 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2 عن يزيد الكناسي.

ج 39، ص: 78

وحده مع من يتقرب بالأب و الأم مع التساوي في الدرج و

قال الباقر (عليه السلام) في الصحيح(1)المزبور: «عمك أخو أبيك من أبيه و أمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه»

خلافا للعامة.

و المناسب و إن بعد يمنع مولى النعمة كتابا(2)و سنة(3)و إجماعا، خلافا لما عن زيد من توريث ذي السهم سهمه و ما زاد لمولى النعمة، و الشافعي من

توريث المولى مع من يرث، كالأخت و البنت، فجعل النصف لها و الآخر له، و لا ريب في بطلانه.

و كذا ولي النعمة أو من قام مقامه في ميراث المعتق بالفتح يمنع ضامن الجريرة، و ضامن الجريرة يمنع الامام (عليه السلام) هذا كله في حجب الحرمان.

[الثاني الحجب عن بعض الإرث]

و أما الحجب عن بعض الفرض المسمى بحجب النقصان فاثنان: حجب الولد و حجب الإخوة.

أما الولد فإنه- و إن نزل ذكرا كان أو أنثى- يمنع الأبوين عما زاد عن السدسين إلا مع البنت و حدها معهما، فإنه يبقى سدس يرد عليهم أخماسا عندنا، و مع أحدهما يبقى ثلث يرد عليهما أرباعا.

أو البنتين فصاعدا مع أحد الأبوين فإنه يبقى أيضا سدس يرد عليهما أخماسا، خلافا لأبي علي، فخص الرد بالبنتين، و هو ضعيف كما ستعرفه إنشاء الله.

و يحجب الولد أيضا و إن نزل الزوج و الزوجة عن


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق.

ج 39، ص: 79

النصيب الأعلى و هو النصف و الربع إلى الأخفض و هو الربع و الثمن كتابا(1)و سنة(2)و إجماعا بقسميه.

و حاصل الكلام أن للزوج و الزوجة ثلاثة أحوال:

الأولى: أن يكون في الفريضة ولد و إن سفل، فللزوج الربع و للزوجة الثمن كتابا(3)و سنة(4)و إجماعا.

الثانية: أن لا يكون هناك ولد و لا ولد ولد و إن نزل، فللزوج النصف و للزوجة الربع كتابا(5)و سنة(6)و إجماعا بقسميه.

و لا يعال نصيبهما، لأن العول عندنا باطل بل لا فرق في عدم عول نصيبهما بين وجود الولد و عدمه عندنا و إن أوهم ظاهر العبارة ذلك.

الثالثة: أن لا يكون هناك وارث أصلا من مناسب و لا مسابب عدا الامام (عليه السلام) فالنصف للزوج و الباقي يرد عليه على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن الشيخين و جماعة دعواه عليه، و هو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة(7).

منها

الصحيح(8)«كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بالجامعة فنظرنا فيها، فإذا فيها امرأة هلكت و تركت زوجها لا وارث لها غيره، قال: المال له كله».

و فيه(9)«في امرأة توفت و لم يعلم لها أحد و لها زوج، قال:

الميراث كله لزوجها».


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 12.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأزواج.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 12.
4- 4 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأزواج.
5- 5 سورة النساء: 4- الآية 12.
6- 6 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأزواج.
7- 7 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأزواج.
8- 8 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 3.
9- 9 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 80

خلافا للمحكي عن الديلمي من الميل إلى أن الباقي للإمام (عليه السلام) للأصل و ظاهر الآية(1)و

الموثق(2)«لا يكون رد على زوج و لا على زوجة».

و فيه أن الأصل لا يعارض النص، و الرد حيثما ثبت مخالف له ثابت بغيره، و دلالة الآية على عدم الرد بمفهوم اللقب أو الوصف، و لا حجة فيه في مقابلة النص الصريح، أما الموثق فمع عدم مقاومته الصحاح غير صريح في عدم الرد عليهما مطلقا، فيحمل على وجود الوارث في جانب الزوج كما هو الغالب، هذا كله في الرد على الزوج.

و أما الزوجة حيث لا وارث غيرها عدا الامام (عليه السلام) ف ل ها أي الزوجة الربع قطعا و هل يرد عليها؟ فيه أقوال ثلاثة: أحدها: يرد و هو المحكي عن ظاهر المفيد، ل

صحيح أبي بصير(3)عن الباقر (عليه السلام) قال له: «رجل مات و ترك امرأته، قال: المال لها، فقال له: امرأة ماتت و تركت زوجها، قال: المال له».

و ثانيها و هو القول الآخر: لا يرد عليها شي ء، فيكون الفاضل للإمام (عليه السلام) كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل لعلها كذلك، بل ظاهر المحكي عن ابن إدريس أو صريحه الإجماع عليه، إذ المحكي عن عبارة المفيد غير صريح في ذلك،


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 12.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 8.
3- 3 ذكر صدره في الوسائل في الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 9 و ذيله في الباب- 3- منها الحديث 6 عن أبي عبد الله عليه السلام كما في التهذيب ج 9 ص 295- الرقم 1056 و الاستبصار ج 4 ص 150- الرقم 568.

ج 39، ص: 81

لاحتمال إرادته الزوج من الأزواج لا الزوجة، بل عن ابن إدريس أنه قد رجع عنه في كتاب الإعلام، للأصل و المعتبرة المستفيضة(1)الصريحة في ذلك و في التفصيل بين الزوج و الزوجة.

و الثالث: أنه يرد عليها مع عدم حضور الامام (عليه السلام) نحو هذا الزمان لا مع وجوده و هو المحكي عن الصدوق و الشيخ في كتابي الأخبار، بل في المحكي من نهايته أنه قريب من الصواب، بل في المسالك حكايته عن نجيب الدين يحيى بن سعيد و العلامة في التحرير و التلخيص و الإرشاد و الشهيد في اللمعة محتجين له بأنه وجه جمع بين الأخبار، بحمل نصوص عدم الرد(2)على الحضور و صحيح الرد(3)على الغيبة.

و هو كما ترى بل عن ابن إدريس أنه جمع بما هو أبعد مما بين المشرق و المغرب، بل في المسالك «أن الخبر الصحيح مشتمل على سؤال الباقر (عليه السلام) و هو حي ظاهر، فكيف يحمل ما فيه من الرد على زمن الغيبة الذي هو متأخر عن زمانه الذي قد أجاب بالرد فيه بمائة و خمسين سنة؟!».

قلت: اللهم إلا أن يلحق زمانه باعتبار قصور يده بزمن الغيبة، كما ألحق في غير ذلك مما يرجع إلى الامام (عليه السلام) كصلاة الجمعة و إقامة الحدود و غيرهما، لكنه حينئذ معارض ب

خبر ابن نعيم الصحاف(4)قال: «مات محمد بن أبي عمير و أوصى إلى و ترك امرأة و لم يترك وارثا غيرها، فكتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) فكتب إلى أعط المرأة الربع، و احمل الباقي إلينا».


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج.
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 9.
4- 4 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2.

ج 39، ص: 82

بل في هذا الجمع من أصله أنه لا شاهد له، بل لا مكافأة لصحيح الرد المزبور لما دل على عدمه من النصوص المتعددة الموافقة للأصل و ظاهر الكتاب و فتوى الأصحاب حتى يحتاج إلى الجمع.

و من هنا قال ابن إدريس على ما حكي عنه: «إن الجمع إنما يكون مع التعارض و إمكان الجمع، و هو منفي هنا، لأن فتوى الأصحاب لا يعارضها خبر الواحد، و مال الغير لا يحصل بغيبته».

بل قد يظهر من كلامه هذا أن القائل بالرد عليها في زمن الغيبة إنما يريد إباحة ذلك من الامام (عليه السلام) لها، إلا أنها تستحقه إرثا، ضرورة استبعاد اختلاف حاليها بالإرث و عدمه بالحضور و عدمه.

و منه ينقدح وجه الجمع بين النصوص بأنه لما كان راجعا إلى الامام (عليه السلام) أمر بنقله إليه تارة و بإعطائه إلى الامرأة أخرى و بالصدقة به ثالثة، كما في

صحيح ابن مهزيار(1)قال: «كتب محمد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) مولى لك أوصى إلى بمائة درهم، و كنت أسمعه يقول كل شي ء لي فهو لمولاي، فمات و تركها و لم يأمر فيها بشي ء، و له امرأتان، أما واحدة فلا أعرف لها موضعا الساعة و أما الأخرى بقم، و ما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟ فكتب:

انظر أن تدفع هذه الدراهم إلى زوجتي الرجل، و حقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد، فان لم يكن له ولد فالربع، و تصدق بالباقي على من تعرف منه حاجة إنشاء الله»

بناء على إرادة عدم الولد و غيره من الورثة بقرينة كلام السائل.

و يحمل صحيح الرد على كون المرأة مع ذلك قريبة للزوج، فيوافق


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 83

حينئذ

خبر محمد بن فضيل(1)«سألت الرضا (عليه السلام) عن رجل مات و ترك امرأة قرابة ليس له قرابة غيرها، قال: يدفع المال كله إليها»

أو يجمع بغير ذلك.

و على كل حال فلا ريب في أن الحق أنه لا يرد عليها و إن كان هو الأحوط في هذا الزمان إذا فرض كونها مصرفا لماله (عليه السلام) هذا كله في حجب الولد.

و أما حجب الاخوة فإنهم يمنعون الام عما زاد عن السدس كتابا(2)و إجماعا بقسميه لكن بشروط أربعة:

الأول: أن يكونوا رجلين فصاعدا أو رجلا و امرأتين أو أربع نساء فلا حجب إذا لم يكونوا كذلك بلا خلاف أجده بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه، بل السنة مستفيضة أو متواترة(3)فيه.

كما أنه يتحقق الحجب بذلك بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه أيضا، بل السنة(4)وافية الدلالة عليه أيضا، و عدم اكتفاء ابن عباس بالذكرين- لظاهر قوله تعالى(5)«إِخْوَةٌ» بناء على أن أقل الجمع ثلاثة- يدفعه انعقاد الإجماع قبله و بعده على خلافه.

و

قال الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسلم(6): «لا يحجب الأم من الثلث إذا لم يكن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات».

و في

حسن البقباق(7): «إذا ترك الميت أخوين فهم إخوة مع الميت


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
4- 4 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
5- 5 سورة النساء: 4- الآية 11.
6- 6 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.
7- 7 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.

ج 39، ص: 84

حجبا الأم، فإن كان واحدا لم يحجب الأم، و قال: إذا كن أربع أخوات حجبن الأم من الثلث، لأنهن بمنزلة أخوين، و إن كن ثلاثا لم يحجبن»

و من التعليل فيه يستفاد حكم الأخ و الأختين.

مضافا إلى ما تسمعه من خبر أبي علي(1)الآتي:

و في خبره الآخر(2)«لا يحجب الأم عن الثلث إلا أخوان أو أربع أخوات لأب و أم أو لأب».

و في

خبر أبي علي(3)«لا يحجب عن الثلث الأخ و الأخت حتى يكونا أخوين أو أخا و أختين، فإن الله يقول فَإِنْ كانَ(4)إلى آخرها».

و في

خبر العلاء بن فضيل المروي في الفقيه(5)«و لا يحجبها إلا أخوان أو أخ و أختان أو أربع أخوات لأب أو لأب و أم و أكثر من ذلك و المملوك لا يحجب و لا يرث».

و سأله البقباق(6)أيضا «عن أبوين و أختين لأب و أم هل يحجبان الأم عن الثلث؟ قال: لا، قلت: فثلاث، قال: لا، قلت: فأربع قال: نعم».

و بذلك كله مضافا إلى الإجماع تم ما ذكره المصنف و غيره من الاجتزاء بالأخوين و الأخ و الأختين و الأربع نساء.

فالمناقشة حينئذ بأن ظاهر الآية(7)اعتبار الثلاثة ذكورا اجتهاد


1- 1 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 7 عن أبي العباس.
2- 2 الوسائل- الباب- 11- من أبواب الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 7 عن أبي العباس.
4- 4 سورة النساء: 4- الآية 11.
5- 5 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
6- 6 الوسائل- الباب- 11- من أبواب الأبوين و الأولاد- الحديث 2.
7- 7 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 85

في مقابلة النص، حتى لو قلنا بأن أقل الجمع ثلاثة، ضرورة استفادة الاثنين من السنة(1)أو أن المراد به هنا ذلك مجازا، كإرادة ما يشمل الإناث من الاخوة أو استفيد حكمها من السنة، لكن على تنزيل الاثنين منزلة الواحد من الذكور.

و لعله إليه أشار

الصادق (عليه السلام) في خبر الفضل بن عبد الملك(2)قال: «سألته عن أم و أختين، قال: للأم الثلث، لأن الله يقول:

«فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ» و لم يقل فان كان له أخوات»

و نحوه خبر البقباق(3)يعني و في الفرض لا إخوة و لا من نزل منزلتهم، أو أنه محمول على التقية أو غير ذلك.

و كذا المناقشة بأن مفهوم الحصر في بعض النصوص المذكورة يقتضي عدم الاجتزاء بالأخ و الأختين، ضرورة كون الحصر إضافيا، بقرينة ما سمعته من الخبرين(4)و التعليل و الإجماع، فلا إشكال في المسألة حينئذ من هذه الجهة، و الله العالم.

الثاني: أن لا يكونوا كفرة و لا أرقاء للإجماع بقسميه على عدم حجبهما، بل المحكي منهما مستفيض كالسنة(5)المتضمنة لعدم إرث المملوك و الكافر و عدم حجبهما.

و المناقشة بظهور النصوص في إرادة حجب الحرمان دون النقصان يدفعها منع ظهورها في ذلك، بل إن لم تكن ظاهرة في الثاني فلا أقل


1- 1 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
2- 2 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3 و 4.
5- 5 الوسائل- الباب- 1 و 16- من أبواب موانع الإرث و الباب- 13 و 14- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 86

من شمولها لهما، و خصوصا مع ملاحظة ما في بعضها(1)من أن الكفار بمنزلة الموتى بالنسبة إلى ذلك، كما أن خبر العلاء(2)المتقدم كالصريح في إرادة الأخ المملوك.

مضافا إلى فهم الأصحاب و إلى عدم عموم في الإخوة، بل أقصاه الإطلاق الذي يظن منه- و لو بقرينة ما عرفت- إرادة غيرهم من الاخوة.

و هل يحجب الأخ القاتل لأخيه الموروث؟ فيه تردد و خلاف و الظاهر أنه لا يحجب وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل عن الخلاف إجماع الطائفة بل الأمة عليه، لانقراض خلاف ابن مسعود.

و هو الحجة في تقييد إطلاق الإخوة الذي قد يشك في إرادة ما نحن فيه منه و لو للشهرة أو الإجماع المحكي و أولوية المقام من عدم حجب الولد و غيره ممن (من خ ل) هو أبعد منه عن الإرث، و ظهور مساواته للمملوك و الكافر في عدم الإرث و عدم الحجب، بل قد يدعى انسياق تلازمهما و غير ذلك مما هو مورث الشك أو الظن بعدم إرادة ذلك من المطلق و إن لم يكن هو حجة في نفسه.

و لعله إلى ذلك نظر من استدل هنا بما يشبه العلة المستنبطة و بالشهرة و غير ذلك مما علم عدم حجيته عندهم.

لكن و مع ذلك كله فالإنصاف كون الجميع عدا الإجماع المعتضد


1- 1 لم نجد هذا اللفظ في الروايات، و انما ذكره الصدوق قده في الفقيه بعد مرسلة نقلها في ج 4 ص 243 الرقم 778 كما تقدم نقله في الجواهر عنه في آخر ص 17 ثم نقل عن ابن الجنيد أنه قال:« روى هذه الرواية عن ابن فضال و ابن يحيى».
2- 2 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.

ج 39، ص: 87

بالشهرة العظيمة محلا المناقشة(1)خصوصا بعد أن كان المحكي عن الصدوق و العماني الحجب، بل عن الفاضل في المختلف نفي البأس عنه، لكنه كفى به بعد شهادة التتبع له، و عدم قدح خلاف مثلهما في الانعقاد بعدهما فضلا عن سبق انعقاده لهما.

فلا محيص حينئذ عما عليه المشهور، لما عرفت من الإجماع الذي يجب الخروج به عن الإطلاق المذكور و عن مقتضى تعليل حجب الإخوة الأم عما زاد من السدس بأنهم صاروا سببا لزيادة سهم أبيهم، لكونهم عياله و نفقتهم عليه دون الأم، ضرورة عدم سقوط نفقته بقتله، فان ذلك كله لا يعارض ما سمعت، و الله العالم.

الثالث: أن يكون الأب موجودا كما هو المشهور نقلا و تحصيلا، بل قيل: إن عليه عامة من تأخر و تقدم إلا الصدوق مع تأمل في تحقق مخالفته، لظهور الآية التي هي الأصل في هذا الحكم في حياة الأب لقوله تعالى(2)فيها «وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ» فهي إن لم تدل على اعتبار الحياة فلا ريب في اختصاصها بها، فيبقى غيره على إطلاق ما دل على أن لها الثلث.

مضافا إلى ظهور تعليل حجب الإخوة بزيادة الأب لانفاقه عليهم، و لأنه معيل في ذلك أيضا.

و إلى

قول الصادق (عليه السلام) في خبر ابن بكير(3): «الأم لا تنقص عن الثلث أبدا إلا مع الولد و الاخوة إذا كان الأب حيا».


1- 1 هكذا في النسخة الأصلية المبيضة، و في المسودة بقلم المصنف قده« محلا للمناقشة» و هو الصحيح.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 12- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.

ج 39، ص: 88

و

الصحيح(1)عنه (عليه السلام) أيضا و عن أبي جعفر (عليه السلام) «إن مات رجل و ترك أمه و إخوة و أخوات لأب أو إخوة و أخوات لأب و أم و إخوة و أخوات لأم و ليس الأب حيا فإنهم لا يرثون و لا يحجبون، لأنه لم يورث كلالة»

و غير ذلك.

خلافا للصدوق (رحمه الله) حيث قال: «إن خلفت زوجها و أمها و إخوة فللأم السدس و الباقي يرد عليها» و ظاهره الحجب، لكنه شاذ يمكن دعوى الإجماع على خلافه، بل لا دليل يعتد به له عدا خبرين مخالفين للمجمع عليه بين الإمامية:

أحدهما:

خبر زرارة(2)قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

امرأة تركت زوجها و أمها و إخوتها لأمها و إخوة لأبيها و أمها، فقال:

لزوجها النصف، و لأمها السدس، و للاخوة من الأم الثلث و سقط الاخوة من الأم و الأب».

و ثانيهما:

خبره(3)عنه (عليه السلام) أيضا «في أم و أخوات لأب و أم و أخوات لأم أن للأم السدس، و لكلالة الأب الثلثين، و لكلالة الأم السدس»

و هما و إن دلا على حجب الأم عن الثلث إلا أنهما مخالفان للمجمع عليه بين الطائفة من عدم إرث الإخوة مع الأم.

و من هنا حملهما الشيخ على التقية أو على إلزام الأم لو كانت ترى رأيهم بذلك، لأنهم يلزمون بما ألزموا به أنفسهم.

و على كل حال فلا فائدة مهمة في هذا النزاع، ضرورة اتفاق


1- 1 الوسائل- الباب- 12- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 13.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 12 و هو نقل بالمعنى.

ج 39، ص: 89

الأصحاب على كون المال جميعه لها فرضا و ردا سواء قلنا فرضها في هذا الحال الثلث أو السدس، كما هو واضح، و الله العالم.

الرابع: أن يكونوا للأب و الأم أو للأب فلا يحجب الاخوة للأم خاصة إجماعا بقسميه و نصوصا(1)مستفيضة.

و في اشتراط وجودهم أي الاخوة منفصلين حال موت الأخ لا حملا تردد من كونه المنساق نصا و فتوى، بل قد يشك في تحقق الاخوة قبل ذلك، و انتفاء العلة التي هي إنفاق الأب عليهم، و خصوص

قول الصادق (عليه السلام) في خبر العلاء بن الفضيل(2)المنجبر بالعمل: «إن الطفل و الوليد لا يحجب و لا يرث إلا ما آذن بالصراخ و لا شي ء أكنه البطن و إن تحرك إلا ما اختلف عليه الليل و النهار».

و من حجب الحمل في غير المقام كما عرفت سابقا، بل لعل المقام أولى منه، بل ربما يجري بعض الأدلة السابقة هنا: من صدق الاخوة و لو في المتأخر عن زمان الموت، بل قد يدعى صدق اسم الاخوة عليه حملا، فيتجه حينئذ التمسك بأصالة عدم الاشتراط.

لكن لا يخفى عليك كون أظهره أنه شرط خصوصا بعد الشهرة العظيمة، بل لم يعرف القائل بالعدم، بل قيل: إنه لا خلاف فيه، بل لم يعرف التردد فيه قبل المصنف (رحمه الله) لانسياق وجود الاخوة من الكتاب(3)و السنة(4)بل قد يمنع الصدق، و من هنا


1- 1 الوسائل- الباب- 10- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
2- 2 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 11.
4- 4 الوسائل- الباب- 10 و 11 من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 90

لم يورث الحمل و إن عزل له نصيب إلا أنه لا يرثه إلا إذا ولد حيا، كما عرفته سابقا.

على أنك قد عرفت غير مرة كون لفظ الاخوة مطلقا لا عموم فيه و لا أقل من الشك بإرادة مثل ذلك منه، كما هو واضح.

و من ذلك و نحوه يعلم اشتراط حياتهم عند موت الموروث، فلا يكفي وجود الإخوة الأموات، ضرورة انسياق ذلك من الكتاب و السنة، بل الظاهر عدم حجبهم لو اقترن موتهم بموته، بل و كذا لو اشتبه المتقدم و المتأخر منهما.

و من هنا قال في الدروس: «و لو كان بعضهم ميتا أو كلهم عند موت الموروث لم يحجب، و كذا لو اقترن موتاهما، و لو اشتبه التقدم و التأخر فالظاهر عدم الحجب».

لكن قال: «و في الغرقى نظر، كما لو مات أخوان غرقا و معهما أبوان و لهما أخ آخر حيا أو غريقا، فان فرض موت كل منهما يستدعي كون الآخر حيا، فيتحقق الحجب، و من عدم القطع بوجوده، و الإرث حكم شرعي، فلا يلزم منه اطراد الحكم بالحياة مع احتمال عدم تقدير السبق بينهما، و لم أجد لهذا كلاما لمن سبق».

قلت: لا يخفى عليك ظهور النص(1)و الفتوى في أن المشروط حجب الأم عن الثلث إلى السدس لا أصل استحقاقها الثلث، بل هو مقتضى إطلاق الآية(2)فالشك حينئذ في الشرط شك في المشروط، فتبقى الأم على أصل استحقاق الثلث، و ثبوت حكم خاص للغرقى في خصوص الإرث مخالف للأصل لا يقتضي التعدية إلى ما نحن فيه بعد


1- 1 الوسائل- الباب- 10- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 سورة النساء 4- الآية 11.

ج 39، ص: 91

حرمة القياس، فلا ريب في أن المتجه الحكم باستحقاقها الثلث في جميع ذلك من غير فرق بين الغرقى و غيرهم.

و أما اشتراط المغايرة فلا ريب فيه، ضرورة كونه المنساق أيضا من الكتاب و السنة، بل لظهوره لم يتعرض له المصنف (رحمه الله) و غيره، نعم في الدروس «الخامس: المغايرة، فلو كانت الأم أختا لأب فلا حجب، كما يتفق في المجوس أو الشبهة بوطء الرجل ابنته، فولدها أخوها لأبيها» و كأنه من النص على الواضحات. و الله العالم.

و كيف كان فقد ظهر لك أن حجب الأم منحصر بالولد و إن نزل و الاخوة و حينئذ ف لا يحجبها أولاد الاخوة لعدم الصدق و إن قاموا مقام آبائهم في الميراث، لكن حرمة القياس تمنع من تعدية ذلك إلى ما نحن فيه.

و كذا لا يحجبها من الخناثى المشكلة أقل من أربعة، لاحتمال أن يكونوا إناثا و الشك في الشرط شك في المشروط أما إذا كن أربعة تحقق قطعا، كما هو واضح، و الله العالم.

ج 39، ص: 92

[المقدمة الرابعة في مقادير السهام و كيفية اجتماعها]
اشاره

المقدمة الرابعة في مقادير السهام و كيفية اجتماعها

[مقادير السهام]

السهام المنصوصة في كتاب الله عز و جل(1)ستة:

النصف و الربع و الثمن و الثلثان و الثلث و السدس أي النصف و نصفه و نصف نصفه و الثلثان و نصفهما و نصف نصفهما.

فالنصف نصيب الزوج مع عدم الولد و إن نزل اتفاقا، نعم في تنزيل عدم إرث الولد لرق و نحوه منزلة عدمه وجهان أقواهما ذلك.

و سهم البنت الواحدة و الأخت للأب و الأم أو الأخت للأب إذا انفردتا عن ذكر مساو في القرب، و إلا فللذكر مثل حظ الأنثيين.

و الربع سهم الزوج مع الولد الوارث أو مطلقا و إن نزل، و الزوجة مع عدمه واحدة كانت أو متعددة.

و الثمن سهم الزوجة و إن تعددت مع الولد و إن نزل قال الله تعالى(2)«وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ. وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ» فقد جعل الله


1- 1 سورة النساء 4- الآية 11 و 176.
2- 2 سورة النساء 4- الآية 12.

ج 39، ص: 93

للزوج في حالتيه ضعف ما للزوجة في حالتيها، لما فيه من الذكورة التي يستحق بسببها ضعف الأنثى كالابن و البنت.

و الثلثان سهم البنتين فصاعدا مع عدم مشاركة الذكر المساوي إجماعا بقسميه و نصوصا(1)مستفيضة أو متواترة، و أولويتهما من الأختين بذلك لكونهما أمس رحما، و لأن للبنت مع الابن الثلث فأولى أن يكون لها مع بنت أخرى ذلك.

بل لعل المراد من قوله تعالى(2)«فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ» اثنتين فما فوق، نحو

قوله (صلى الله عليه و آله)(3): «لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيام إلا و معها زوجها أو ذو محرم لها»

إذ لو أريد التقييد بالزيادة على اثنتين لم يكن إلا تأكيدا، ضرورة استفادة ذلك من لفظ الجمع، بل يخلو الكلام حينئذ عن حكم الاثنتين، فالمراد حينئذ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهما الثلثان فضلا عن الثنتين، و لقوله تعالى(4):

«لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» فإن أقل عدد يراد بيانه بهذه الآية اجتماع ذكر و أنثى، فلو لم يكن الثلثان حظا للانثيين في حال من الأحوال لم تصدق الآية، و ليس إلا حال انفرادهما، ضرورة عدم صدقه في حال اجتماعهما مع الذكر، إذ أقصاه اجتماعهما مع الذكر الواحد، و حينئذ لهما النصف و له النصف.

و ما عساه يقال إنه يمكن في الصورة المفروضة- و هي اجتماع ذكر و أنثى- أن لها الثلث و البنت لا تفضل عن البنت إجماعا، فيكون الثلثان في قوة نصيب الأنثيين ليصح إطلاق حظهما لذلك، و هو في حال الاجتماع


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 6.
2- 2 سورة النساء 4- الآية 11.
3- 3 سنن البيهقي ج 7 ص 98 مع اختلاف في اللفظ.
4- 4 سورة النساء 4- الآية 11.

ج 39، ص: 94

فلا يدل على كون الثلثين لهما في حال الانفراد الذي هو المتنازع.

يدفعه أن عدم تفضيل الأنثى على مثلها لا يستلزم كون الثلثين حظا لهما، بل و لا يجامعه، لأنهما(1)حالة الاجتماع لا يكون أزيد من النصف قطعا كما ذكرناه، و إنما تقتضي المماثلة كونهما مع الاجتماع متساويين في النصيب و هو كذلك، فإن الواحدة حينئذ لا يكون لها ثلث، فلا يكون لهما ثلثان لامتناعه حالة الاجتماع، إذ لا بد أن يفضل للذكر بقدر النصيبين فيتعين أن يكون ذلك في حالة الانفراد.

كل ذلك مضافا إلى ما يظهر من إضافة الحظ إليهما من العهدية و معروفية استحقاقهما ذلك، و ليس هو إلا حال الانفراد، أي للذكر حال اجتماعه مع الأنثى حظ الأنثيين حال انفرادهما، فينبغي أن يكون الثلثان.

و الأمر في ذلك سهل بعد تطابق السنة و الإجماع عليه، بل لعله بين المسلمين، و خلاف ابن عباس بعد أن سبقه الإجماع و لحقه غير قادح.

و كذلك سهم الأختين فصاعدا للأب و الأم أو للأب الثلثان كتابا(2)و سنة(3)و إجماعا بقسميه، نعم ليس في الأول إلا بيان حكم الأختين دون ما زاد عليهما لكن الأخيرين كافيان بذلك.

و الثلث سهم الأم مع عدم من يحجبها من الولد و إن نزل و الاخوة كتابا(4) و سنة(5) و إجماعا بقسميه و سهم الاثنين فصاعدا من ولد الأم كتابا(6)و سنة(7)و إجماعا بقسميه و إن كان


1- 1 هكذا في النسختين الأصليتين: المسودة و المبيضة، و الصحيح« لأن حظهما».
2- 2 سورة النساء 4- الآية 176.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 5.
4- 4 سورة النساء 4- الآية 11.
5- 5 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
6- 6 سورة النساء 4- الآية 12.
7- 7 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 95

الأول لا صراحة فيه بالاخوة من الأم لكن يكفي فيه النقل، مضافا إلى ما عن ابن مسعود من قراءة «و له أخ أو أخت من أم» بناء على أن القراءة و إن كانت شاذة كالخبر الصحيح.

و السدس سهم كل واحد من الأبوين مع الولد و إن نزل، و سهم الأم مع الاخوة للأب و الأم أو للأب مع وجود الأب، و سهم الواحد من ولد الأم ذكرا كان أو

أنثى بلا خلاف أجده في شي ء من المواضع الثلاثة، بل الكتاب(1)و السنة(2)و الإجماع بقسميه عليه.

[كيفية اجتماع السهام]

و هذه الفروض جملة صور اجتماعها ست و ثلاثون حاصلة من ضرب الستة في مثلها، إلا أنه يتكرر فيه خمس عشرة صورة، لأنك إذا اعتبرت واحدة منها تحصل ستة أقسام سالمة عن التكرار، و لكن إذا اعتبرت أخرى من الستة تحصل أيضا ست صور إلا أن صورة منها كانت حاصلة في الست الأولى، و إذا اعتبرت الثالثة يتكرر صورتان، و في الرابعة يتكرر ثلاث، و في الخامسة أربع، و في السادسة خمس، فإذا جمعت الصور المكررة على النظم الطبيعي تحصل خمس عشرة صورة مكررة، فتحذف من الست و ثلاثين و تبقى إحدى و عشرون صورة.

لكن منها ما يصح أن يجتمع، و منها ما يمتنع و لو للعول، و جملته ثمانية: و هي اجتماع النصف مع الثلثين و الربع مع مثله و مع الثمن و الثمن مع مثله و مع الثلث، و الثلثين مع مثلهما، و الثلث مع مثله و مع السدس ف يكون الباقي ثلاث عشرة صورة.

خمس صور النصف فإنه يجتمع مع مثله كزوج


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11 و 12.
2- 2 الوسائل- الباب- 17 و 10 و 12- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 96

و أخت لأب و مع الربع كزوج و بنت و مع الثمن كزوجة و بنت.

و لا يجتمع مع الثلثين، لبطلان العول خلافا للعامة فجوزوه و أدخلوا النقص على الجميع، و ستعرف فساده، ففي مثل اجتماع الزوج و الأختين للأب مثلا لا يستحق كل منهما فرضه بل يكون النقص داخلا على الأختين دون الزوج و مرجعه إلى أن الأختين ليستا من ذوي الفروض في هذا الحال، بل تردان بالقرابة، فيكون الباقي لهما و حينئذ لا عول كما سيظهر لك تحقيقه.

نعم يجتمع أي النصف مع الثلث كزوج و أم مع عدم الحاجب و مع السدس كزوج و واحد من كلالة الأم، فلم يمتنع من صور النصف الست إلا اجتماعه مع الثلثين، و قد عرفت بطلانه للعول، و أنها أولى الصور الثمان الممتنعة.

و الثانية و الثالثة: أنه لا يجتمع الربع مع مثله، لأنه سهم الزوج مع الولد، و الزوجة مع عدم الولد، فلا يتصور اجتماعهما و (11) لا مع الثمن (12) الذي هو نصيب الزوجة خاصة مع الولد فكيف يتصور اجتماعه مع الربع الذي قد عرفت أنه سهمهما مع عدم الولد و سهم الزوج مع الولد.

و (13) ثلاث صور الربع، فإنه يجتمع (14) أي الربع مع الثلثين (15) كزوج و ابنتين و مع الثلث (16) كزوجة و المتعدد من كلالة الأم و مع السدس (17) كالزوجة و المتحد من كلالة الأم.

و الباقي من صوره ثلاث: واحدة منها داخلة في صور النصف، و هي اجتماعه معه، و اثنتان ممتنعتان، و هما الربع مع مثله و مع الثمن كما عرفت.

ج 39، ص: 97

و صورتان من صور الثمن، فإنه يجتمع أي الثمن مع الثلثين كزوجة و ابنتين و مع السدس كزوجة و أحد الأبوين مع الولد.

و الباقي من صوره أربع: اثنتان داخلتان في صور النصف و الربع و هما الثمن مع النصف و الربع، و اثنتان ممتنعتان، و هما الثمن مع مثله، لأنه نصيب الزوجة خاصة و إن تعددت فلا يتعدد، و مع الثلث الذي هو نصيب الام لا مع الولد و المتعدد من كلالتها، فكيف يتصور اجتماعه مع الثمن الذي هو نصيب الزوجة مع الولد، و لذا قال المصنف و لا يجتمع أي الثمن مع الثلث.

و قد ظهر لك من ذلك الوجه في امتناع الخمس من الثمان.

و أما الثلثان مع مثلهما فامتناعه للعول و لعدم اجتماع مستحقهما في مرتبة واحدة، لأنه البنتان و الأختان.

و الثلث مع مثله و مع السدس، لأنه نصيب الأم مع عدم الحاجب و السدس نصيبها معه و مع الولد.

كما أنه ظهر لك الوجه في عشرة من صور الاجتماع الجائزة، و هي التي ذكرها المصنف (رحمه الله) صريحا.

الحادية عشر: اجتماع الثلثين مع الثلث في أختين فصاعدا لأب مع إخوة لأم مثلا.

الثانية عشر: اجتماعهما مع السدس كبنتين و أحد الأبوين، و باقي صوره بين مكرر و بين ممتنع كما عرفت.

الثالثة عشر: اجتماع السدس مع السدس في الأبوين مع الولد.

و باقي صوره مكررة إلا واحدة ممتنعة، و هي اجتماعه مع الثلث كما عرفت، و قد أشار إليها المصنف بقوله و لا يجتمع الثلث مع السدس

ج 39، ص: 98

لكن قال تسمية احترازا عن اجتماعه معه قرابة كزوج و أبوين، فإن للزوج النصف و للأم مع عدم الحاجب الثلث و للأب السدس و مع الحاجب بالعكس، و على التقديرين فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض كما عرفته سابقا.

لكن فيه أنه لو لاحظنا هذا المعنى لأمكن اجتماع كل ما ذكرنا امتناعه بغير العول فيجتمع الربع مع مثله في بنتين و ابن، و مع الثمن في زوجة و ثلاث بنين و بنت و هكذا، إلا أنه كما ترى خارج عن الفرض.

نعم قد يقال: إنه أشار بنصه على صورة عدم اجتماع الثلث مع السدس إلى جواز ما عداها من صوره، فتستفاد حينئذ الصورة الأخيرة من عبارته.

بل قد يستفاد الصورتان السابقتان عليها من تخصيص الامتناع بغيرها، فان الظاهر استيعابه للصور الثمان و لو بالمفهوم، ضرورة ظهور تصريحه بعدم اجتماع النصف مع الثلثين للعول في عدم اجتماع الثلثين مع مثلهما بالأولى، مضافا إلى عدم اجتماع مستحقهما في مرتبة واحدة.

و أما الثلث مع مثله فلعدم تعدد مستحقه في مرتبة، و كذا الثمن مع الثمن.

و بذلك يستفاد من المصنف (رحمه الله) أن كل ما لم ينص على امتناعه جائز، فتدخل الصورتان حينئذ، و تكون العبارة دالة على جميع الصور الجائزة و الممتنعة، فتأمل جيدا، فإنه دقيق، و الله العالم.

ج 39، ص: 99

[و يلحق بذلك مسألتان]
[المسألة الأولى لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب]

الأولى أجمع أصحابنا و تواترت أخبارنا عن ساداتنا (عليهم السلام)(1)بل هو من ضروريات مذهبنا أنه لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب و هو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة، و هم الابن و الأب و من تدلى بهما من غير رد على ذي السهام.

و إلى ذلك يرجع ما في المسالك من «أنه توريث العصبة مع ذي الفرض القريب إذا لم يحط الفرض بمجموع التركة، كما لو خلف بنتا واحدة أو بنتين فصاعدا مع أخ أو أختا أو أختين فصاعدا مع عم، و نحو ذلك».

و على كل حال فالعصبة عندهم قسمان كما في كشف اللثام: أولهما عصبة بنفسه، و هو كل ذكر تدلى إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط الذكور و هو يرث المال كله إن انفرد و الباقي إن اجتمع مع ذي سهم، فلو خلف بنتا و ابن ابن أو أخا أو عما أو ابن عم كان النصف للبنت و الباقي لأحد الباقين.

و الثاني عصبة بغيره، و هن البنات و بنات الابن و الأخوات من الأبوين و من الأب فإنهن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو فيما دونهن، و لذا لو خلف مثلا بنتين و بنت ابن كان للبنتين الثلثان و لم يكن لبنت الابن شي ء إلا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن ابن مثلا.

و المعلوم من دين آل محمد (صلوات الله عليهم) أنه


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث.

ج 39، ص: 100

إذا أبقت الفريضة شيئا فإن كان هناك مساو لا فرض له فالفاضل له بالقرابة، مثل أبوين و زوج أو زوجة، للأم ثلث الأصل، و للزوج أو الزوجة نصيبه (نصيبهما خ ل) الأعلى و للأب الباقي لأنه مساو و لا فرض له في هذا الحال.

و لو كان إخوة حاجبون كان للأم السدس و للزوج مثلا النصف و للأب الباقي، و كذا أبوان و ابن و زوج فان للزوج ربعه و للأبوين لكل واحد منهما السدس و للابن الباقي، لأنه ممن يرث بالقرابة.

و كذا زوج و أخوان من أم و أخ أو إخوة من أب و أم أو من أب فإن للزوج النصف و للأخ من الأم الثلث و الباقي للأخ أو الاخوة من الأب و الأم أو من الأب، لأنهم لا فرض لهم.

و إن لم يكن قريب مساو بل كان بعيدا لم يرث، و رد الفاضل من السهام على ذوي الفروض عدا الزوج و الزوجة فإنهما لا يرد عليهما في هذا الحال، كما عرفته سابقا مثل أبوين أو أحدهما و بنت و أخ أو عم (11) فان للبنت النصف و للأبوين لكل واحد منهما السدس و يبقى سدس يرد عليهم أخماسا على نسبة سهامهم، و لا يعطى الأخ و لا العم شيئا بل بفيهما و غيرهما من العصبة التراب كما تواترت به نصوصنا(1)لقاعدة منع الأقرب الأبعد المستفادة من الكتاب(2)و السنة(3)و الإجماع من المؤالف و المخالف.


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث.

ج 39، ص: 101

قال الباقر (عليه السلام)(1)في قول الله عز و جل(2)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى»* إلى آخرها: «إن بعضهم أولى بالميراث من بعضهم لأن أقربهم إليه رحما أولى به، ثم قال: أيهم أولى بالميت و أقربهم إليه؟

أمه أو أخوه؟ أ ليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته و أخواته؟».

و في كشف اللثام «المراد من قوله تعالى «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ»* إلى آخرها: الأقرب فالأقرب بلا خلاف».

و في المسالك «أن الخصم يوافق على ذلك، و لذا قال بعضهم في العصبة: الأقرب يمنع الأبعد، و قال في الوارث بآية أولى الأرحام: إن الأقرب منهم يمنع الأبعد».

و ذلك كله مقتض لفساد التعصيب، ضرورة حصول جهة لذي الفرض يرث بها من غير فرض و هي القرابة، فلم تبق الفريضة حينئذ شيئا، إذ هو كوجود وارث قريب ليس له فرض، فإنه لا تعصيب إجماعا، لعدم إبقاء الفريضة حينئذ شيئا.

بل قد يقال: في كل مقام تبقى الفريضة شيئا إنما يرث ذو الفرض فرضه و غير الفرض بالقرابة، كما يومئ اليه جملة من النصوص و تكون فائدة ذكر الفرض بيان مقدار إرثهم كما في مثال المتن الذي يرد منه أن المال يقسم بين البنت و الأبوين أخماسا ثلاثة للبنت و خمسان للأبوين.

و من ذلك يعلم الوجه في ذكر الفرض، لا أن المراد منه عدم إرثه غيره أصلا الذي هو مقتضى مفهوم اللقب المفروغ من عدم حجيته في الأصول و من الخروج عنه هنا بعد تسليمه في خصوص المقام و لو للقرائن الظاهرة في إرادة القيدية منه بالمتواتر من الأخبار عن أئمتنا (عليهم السلام)


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 11.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.

ج 39، ص: 102

التي هي عمدة أدلة الشيعة في إثبات ذلك و إن ذكر بعضهم زيادة عليه من طريق المجادلة مع الخصم.

كالاستدلال بقوله تعالى(1)«لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» بناء على أن المراد منه بيان تساوي الرجال و النساء في الإرث، و القائلون بالتعصيب لا يورثون الأخت مع الأخ، و لا العمة مع العم.

و قوله تعالى(2)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»* بناء على أن المراد منه أن الإرث للأقرب فالأقرب، و معلوم أن البنت أقرب من ابن ابن الأخ و من ابن العم و نحو ذلك.

لكن في كشف اللثام بعد ذكر الاستدلال بهما «و فيهما نظر ظاهر» و هو كذلك بالنسبة إلى الآية الأولى، أما الثانية فالاستدلال بها تام بناء على ما عرفته سابقا، كما سمعته من الباقر (عليه السلام).

بل الآية الأولى قد يتم الاستدلال بها- بناء على أن المراد منها عدم خروج الإرث عن الأولاد و عمن هو أقرب إلى الميت من غير فرق بين الذكر و الأنثى- ردا على الجاهلية الذين كانوا يحرمون النساء عن الإرث.

و إلى من شاركهم في ذلك في بعض الأحوال أشار

زيد بن ثابت فيما رواه عنه أبو نعيم الصحاف(3)في كتابه مسندا إليه بقوله: «من قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون النساء».


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 7.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2 و فيه أبو نعيم الطحان كما في الكافي ج 7 ص 75.

ج 39، ص: 103

كقول أبي بكر بن عياش(1)لما قيل له: ما تدري ما أحدث نوح بن دراج في القضاء؟ أنه ورث الخال و طرح العصبة و أبطل الشفعة:

«ما عسى أن أقول لرجل قضى بالكتاب و السنة، إن النبي (صلى الله عليه و آله) لما قتل حمزة بن عبد المطلب بعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأتاه علي بابنة حمزة فسوغها رسول الله (صلى الله عليه و آله) الميراث كله».

و قول ابن عباس(2)لما جلس إليه قارية بن مضرب في مكة و قال له: يا ابن عباس حديث يرويه أهل العراق عنك و طاوس مولاك يرويه أن ما أبقت الفرائض فلا ولي عصبة ذكر: «أ من أهل العراق أنت؟

قلت: نعم، قال: أبلغ من وراك إني أقول: إن قول الله عز و جل(3):

«آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ» و قوله(4)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»* و هل هذه إلا فريضتان؟ و هل أبقتا شيئا؟ ما قلت هذا و لا طاوس يرويه علي (عني خ ل) قال قارية: فلقيت طاووسا، فقال: لا و الله ما رويت هذا على (عن خ ل) ابن عباس، و إنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم، قال سفيان: أراه من قبل ابنه عبد الله بن طاوس، فإنه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك، و كان يحمل على هؤلاء حملا شديدا، يعني بني هاشم».

و الظاهر أن مراد ابن عباس التعريض بما يزخرفه الناس من أولوية العصبة، و أنهم الحاملون لأثقال الميت المطالبون بدمه الثائرون بحقوقه


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 4.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 11.
4- 4 سورة الأنفال: 8- الآية 75.

ج 39، ص: 104

و نحو ذلك مما هو مبني على الاستحسان و نحوه الذي هو معلوم البطلان عندنا، خصوصا بعد قوله تعالى(1)هنا «لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً».

فلا ينبغي معارضة قوله تعالى(2)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ»* المراد منه أن في كتاب الله- أي فيما كتبه الله تعالى على عباده- أولوية بعض الأرحام ببعض من بعضهم بمعنى انحصار الإرث في الرحم الأقرب و لو أنثى بهذه الوجوه الاستحسانية التي من أجلها خالفوا الكتاب و السنة المروية من طرقهم ل

قول(3)النبي (صلى الله عليه و آله) لمن ترك بنتا و أخا: «إن المال كله للبنت»

و غيره.

بل التزموا بأمور شنيعة ككون الابن للصلب أضعف سببا من ابن العم، فإنه لو فرض ميت خلف ابنا و ثمانية و عشرين بنتا كان للابن جزءان من ثلاثين بلا خلاف و إن كان مكانه ابن عم فنازلا كان له الثلث و هو عشرة أسهم من ثلاثين.

و ككون الأخت عصبة عندهم مع الأخ دون البنت مع الأب، فإن قالوا: إنها عصبها أخوها قلنا: لم لم يعصب البنت أبوها، و الأب أولى بالتعصيب من الأخ.

و كالتزامهم اشتراط توريث وارث بوجود وارث آخر فيما لو خلف بنتين و ابنة ابن و عم، فان للعم عندهم ما فضل من البنتين، و لا شي ء لبنت الابن إلا إذا كان معها ذكر في درجتها أو فيما دونها، فان الثلث يكون بينهم حينئذ أثلاثا و لا شي ء للعم.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 هكذا في النسخة الأصلية، و الأولى هكذا« كقول.».

ج 39، ص: 105

مضافا إلى اقتضاء خبر العصبة(1)حرمان الأنثى و اختصاص الإرث بالذكر، بل هو أخص من قوله تعالى(2)«يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ» إلى آخره فكان

المتجه في الإرث بالتعصيب الاختصاص بالذكر، و هم لا يقولون به، إلى غير ذلك مما أطنب به أصحابنا في إلزامهم.

كما أنهم أطنبوا في ذكر أدلتهم على التعصيب و بطلانها و إن كان عمدتها ما أشرنا إليه من بعض الأخبار المفتراة، و ظهور التقدير في عدم استحقاق غيره، خصوصا في آية الأخ و الأخت الذي قد عرفت الجواب عنه، و حيث كان التعصيب باطلا بالضرورة من مذهب الإمامية لم يكن للإطناب فيه ثمرة.

نعم لا بأس للامامي بإلزامهم به، فله الإرث منهم بذلك، عملا بما ورد(3)من إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم الذي هذا من فروعه، بل لا بأس بحمل بعض النصوص(4)المتضمن لذلك عليه، و إن أبته فعلى التقية، و الله العالم.

[المسألة الثانية العول عندنا باطل]

المسألة الثانية مما اختلف فيه الفريقان العول عندنا معاشر الإمامية باطل،


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2 و 5.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث.

ج 39، ص: 106

لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يقوم به و المراد به زيادة الفريضة لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل به النقص على الجميع بالنسبة، من العول بمعنى الزيادة أو النقصان أو الميل أو الارتفاع، يقال: عالت الناقة ذنبها إذا رفعته، لارتفاع الفريضة بزيادة السهام.

ا إذا كانت الفريضة ستة مثلا فعالت إلى سبعة في مثل زوج و أختين لأب، فإن له النصف ثلاثة منها، و لهما الثلثين أربعة، فزادت الفريضة واحدا، أو إلى ثمانية، كما إذا كان معهم أخت لأم، أو إلى تسعة بأن كان معهم أخت أخرى لأم،

و هكذا، فان ذلك هو الضابط عند القائلين به، فيجمعون السهام كلها و تقسم الفريضة عليها ليدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه، كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم.

و أول مسألة وقع فيها العول في الإسلام في زمن عمر على ما رواه عنه أولياؤه قال: «ماتت امرأة في زمانه عن زوج و أختين فجمع الصحابة، و قال لهم: فرض الله تعالى جده للزوج النصف و للأختين الثلثين، فان بدئت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، و إن بدئت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا علي، فاتفق رأي أكثرهم على العول».

و قد تواتر عنهم (عليهم السلام) أن السهام لا تعول و لا تكون أكثر من ستة(1)و

كان أمير المؤمنين (عليه السلام)(2)يقول:

«إن الذي أحصى رمل عالج يعلم أن السهام لا تعول على ستة، لو يبصرون و وجوهها لم تجز ستة».

و أول من عال في الفرائض عمر كما حكاه عنه ابن عباس لما سأله


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب موجبات الإرث.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 9.

ج 39، ص: 107

عن ذلك

زفر بن أوس البصري(1)قال: «لما التفت الفرائض عنده و دافع بعضها بعضا قال: و الله ما أدري أيكم قدم الله و أيكم أخر الله؟

و ما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل على كل حق ما دخل عليه من عول الفريضة، و أيم الله أن لو قدم من قدم الله و أخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقال له زفر بن أوس:

و أيهما قدم و أيهما أخر؟ فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عز و جل عن فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم الله، أما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلا ما بقي فتلك التي أخر، فأما الذي قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل

عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شي ء، و الزوجة لها الربع، فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شي ء، و الأم لها الثلث فإذا زالت عنه صارت إلى السدس، و لا يزيلها عنه شي ء، فهذه الفرائض التي قدم الله، و أما التي أخر ففريضة البنات و الأخوات لها النصف و الثلثان، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي، فتلك التي أخر، فإذا اجتمع ما قدم الله و ما أخر الله بدأ بما قدم الله، فأعطي حقه كاملا، فإن بقي شي ء كان لمن أخر، و إن لم يبق شي ء فلا شي ء له».

و الأصل في ذلك ما ذكره

أمير المؤمنين (عليه السلام)(2)كما حكاه عنه الصادق (عليه السلام) قال: «قال: الحمد لله الذي لا مقدم لما أخر و لا مؤخر لما قدم، ثم ضرب إحدى يديه على الأخرى ثم قال:

يا أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله و أخرتم من أخر الله و جعلتم الولاية و الوراثة لمن جعلها الله ما عال ولي الله، و لا طاش سهم عن فرائض الله، و لا اختلف اثنان في حكم الله، و لا تنازعت


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 5.

ج 39، ص: 108

الأمة في شي ء من أمر الله إلا و عند علي حكمه من كتاب الله، فذوقوا وبال أمركم و ما فرطتم فيما قدمت أيديكم، و ما الله بظلام للعبيد».

و كان (عليه السلام) يقول أيضا(1): «لا يزاد الزوج عن النصف و لا ينقص من الربع، و لا تزاد المرأة على الربع و لا تنقص عن الثمن، و إن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء، و لا تزاد الاخوة من الأم على الثلث و لا ينقصون عن السدس، و هم فيه سواء الذكر و الأنثى، و لا يحجبهم عن الثلث إلا الولد و الوالد»

. و سمع سالم الأشل(2)أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث فلم ينقصهما من السدس، و أدخل الزوج و المرأة فلم ينقصهما من الربع و الثمن»

كقول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير(3): «أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث الوالدان و الزوج و المرأة».

إلى غير ذلك من الروايات المتواترة عن الأئمة الهداة (عليهم السلام) في بطلان العول و الإنكار عليهم فيه و التشنيع به عليهم، فإنه مستلزم لجعل الله تعالى المال نصفين و ثلثا، و ثلثين و نصفا و نحو ذلك مما لا يصدر من جاهل فضلا عن رب العزة المتعال عن الجهل و العبث و عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ضرورة ذهاب النصفين بالمال فأين موضع الثلث.

بل مستلزم لكون الفرائض على غير ما فرضها الله تعالى، فإنه لو فرض الوارث أبوين و بنتين و زوجا و كانت الفريضة اثني عشر و أعلناها إلى خمسة عشر فأعطينا الأبوين منها أربعة أسهم من خمسة عشر فليست سدسين، بل خمس و ثلث خمس، و أعطينا الزوج ثلاثا فليست ربعا، بل


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 12.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 3.

ج 39، ص: 109

خمس، و أعطينا البنتين ثمانية فليست ثلثين، بل ثلث و خمس.

و هو الذي أشار إليه

أمير المؤمنين (عليه السلام) لما سئل و هو على المنبر «فقام اليه رجل، و قال: يا أمير المؤمنين رجل مات و ترك ابنتين و أبوين و زوجة، فقال (عليه السلام): صار ثمن المرأة تسعا»

فان الظاهر إرادته بذلك التعريض بالعول المؤدي إلى تغيير الفرائض كصيرورة الثمن تسعا في الفرض، لأنه لما أعيلت الفريضة إلى تسعة و أعطينا الامرأة واحدا لم يوافق ما فرضه الله تعالى لذوي الفروض التي سماها، إذ الواحد من التسع ليس ثمنها، كما أن الاثنين منها ليسا سدسا الثمانية.

بل مستلزم في بعض الفروض زيادة نصيب الأنثى على فرضها ذكرا كما لو ماتت المرأة و خلفت زوجا و أبوين و ابنا، أو زوجا و أختين لأم و أخا لأب، فإنه في كل من الموضعين يعطى الابن و الأخ الباقي عندنا و عند الخصم، و بتقدير أن يكون بدل الابن بنتا و بدل الأخ أختا أخذت أكثر من الذكر قطعا عند الخصم، و الكتاب المتضمن لتفضيل الرجال على النساء درجة(1)و السنة(2)على خلاف ذلك.

و من الغريب قياسهم ما نحن فيه على مسألة الدين الذي لا مانع عقلا من تعلقه و إن كثر بالمال و إن قل على وجه يقتضي التوزيع عليه، بخلاف تعلق نحو النصفين و الثلث الذي لا يرضى من له أدنى عقل أن ينسب ذلك إلى نفسه إلا أن ينص على إرادة العول، و حينئذ يكون خارجا عما نحن فيه.

و كيف كان ف لا يكون العول إلا بمزاحمة الزوج أو


1- 1 سورة البقرة: 2- الآية 228 و سورة النساء 4- الآية 11 و 176.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 110

الزوجة إما مع البنت أو البنات أو مع الأخت أو الأخوات من قبل الأبوين أو الأب.

و حينئذ ف في المتن و جملة من الكتب أنه يكون النقص داخلا على الأب أو البنت أو البنتين أو من يتقرب بالأب و الأم أو بالأب من الأخت أو الأخوات دون من يتقرب بالأم الذي لا يرث إلا بالفرض بخلاف غيره، فإنه يرث به تارة و بالقرابة أخرى، كالبنت و البنتين اللتين ينقصن إذا اجتمعن مع البنين عن النصف أو الثلثين بنص الآية(1)لأن للذكر حينئذ مثل حظ الأنثيين، و الأخت و الأخوات.

لكن فيه أن عد الأب مع هؤلاء لا وجه له، ضرورة كونه مع الولد لا ينقص عن السدس، و مع عدمه ليس من ذوي الفروض، و من هنا تركه غير واحد و اقتصر على ما عرفت.

ففي مثل زوج و أبوين و بنت يختص النقص بها فتأخذ الباقي بعد الربع و السدسين أو زوج و أحد الأبوين و بنتين فصاعدا يختص النقص بهما، فتأخذان

الباقي بعد الربع و السدس أو زوجة و أبوين و بنتين تأخذان أيضا الباقي بعد الثمن و السدسين أو زوج مع كلالة الأم و أخت أو أخوات لأب و أم أو لأب فيأخذ الزوج نصيبه الأعلى و هو النصف، و كلالة الأم السدس أو الثلث، و الباقي للأخت أو الأخوات من قبل الأب، كل ذلك بإجماع الطائفة و أخبارهم المتواترة(2).

و قد أطنب أصحابنا في التشنيع على القول بالتعصيب و العول و كفى بوضوح بطلانه شنعة له، و هذا غصن من شجرة إنكار الإمامة و الضلال


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.
2- 2 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 111

الذي أشار إليه

رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمفهوم قوله: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا»(1)

و الحمد لله الذي عافانا من ذلك و من كثير مما ابتلى به خلقه و لو شاء لفعل.

هذا كله في المقدمات

[المقاصد الثلاث]

[المقصد الأول في ميراث الأنساب]
اشاره

الأول في ميراث الأنساب و هم ثلاث مراتب:

[المرتبة الأولى الأبوان و الأولاد]
اشاره

الأولى:

الأبوان و الأولاد فإنه لا يتقدمهم أحد من الأرحام إجماعا و كتابا(2)و سنة(3).

فان انفرد الأب عمن في درجته و الزوج فالمال له


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب صفات القاضي- الحديث 9 و الباب- 13- منها الحديث 77 من كتاب القضاء و سنن البيهقي ج 10 ص 114.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1 و الباب- 1- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد الحديث 7.

ج 39، ص: 112

قرابة لآية أولي الأرحام(1)و إن انفردت الأم فلها الثلث فرضا و الباقي رد عليها عندنا خلافا للعامة، فللعصبة.

و لو اجتمع الأبوان فللأم الثلث فرضا و للأب الباقي قرابة و لو كان هناك إخوة حاجبون كان لها السدس و للأب الباقي، و لا ترث الإخوة شيئا و إن حجبوا، و في رواية(2)شاذة عن ابن عباس أن لهم السدس الذي حجبوها عنه.

و لو انفرد الابن فالمال له قرابة و لو كان أكثر من واحد فهم سواء في المال لعدم الترجيح، و الأصل التساوي.

و لو انفردت البنت فلها النصف فرضا و الباقي يرد عليها (11) و العصبة بفيها التراب بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك، بل الكتاب(3)و السنة(4)و الإجماع عليه.

نعم عن الفضل بن شاذان و الحسن أنهما جعلا البنت و البنتين عند الانفراد كالابن في انتفاء الفرض، و خصا فرض النصف و الثلثين بحال الاجتماع، و لا وجه له.

و (12) كذا لو كانت بنتان فصاعدا فلهما أو لهن الثلثان و الباقي يرد عليهما أو عليهن (13) و العصبة بفيها التراب.

و إذا اجتمع الذكران و الإناث فالمال لهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (14) كما أوصى الله تعالى شأنه بذلك في كتابه(5).


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 سنن البيهقي- ج 6 ص 227.
3- 3 سورة النساء 4- الآية 11.
4- 4 الوسائل- الباب- 4 و 5- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث.
5- 5 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 113

و لو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع الأولاد فلكل واحد من الأبوين السدس كما في الكتاب العزيز(1)و الباقي للأولاد بالسوية إن كانوا ذكورا، و إن كان معهم أنثى أو إناث فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كما قال الله تعالى(2).

و لو كان معهم زوج أو زوجة أخذ حصته الدنيا الربع أو الثمن و كذا الأبوان يأخذان السدسين و الباقي للأولاد.

و لو كان مع الأبوين بنت خاصة فللأبوين السدسان و للبنت النصف و الباقي يرد عليهم أخماسا على حسب سهامهم.

و لو كان إخوة للأب صالحون للحجب كان الرد على البنت و الأب أرباعا على نسبة سهامهما و لا رد على الأم للحاجب الذي يحجب الأم عما زاد على السدس من غير فرق بين الرد و غيره بلا خلاف أجده فيه، بل في المسالك و كشف اللثام و محكي المجمع الاتفاق عليه، و هو الحجة في تخصيص أدلة الرد.

نعم عن معين الدين المصري أنه يرد عليهما أخماسا سهمان للأب و ثلاثة للبنت، لأن سهم الأم المحجوبة للأب.

و لكن المشهور على خلافه، بل لم أجد له موافقا على ذلك، بل هو مقتضى إرثهما بالقرابة التي بين مقداره بالسهام، بل قد عرفت أن فائدة ذكر الفرض ذلك، كما هو واضح.

و لو دخل معهم زوج كان له نصيبه الأدنى و هو الربع و للأبوين كذلك و هما السدسان و الباقي للبنت (11) لعدم العول عندنا.

و لو كان (12) معهم زوجة أخذ كل ذي فرض فرضه


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 114

فتأخذ البنت النصف و الأبوان السدسين و الزوجة الثمن و الباقي ربع السدس يرد على البنت و الأبوين أخماسا دون الزوجة فإنه لا يرد عليها كما عرفت. و مع الاخوة الحاجبين للأم يرد الباقي على البنت و الأب أرباعا كما تقدم.

قال

محمد في الصحيح(1): «أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خط علي بيده فوجدت فيها رجل ترك ابنته و أمه للابنة النصف: ثلاثة أسهم، و للأم السدس: سهم يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة و ما أصاب سهما فهو للأم، قال: و قرأت فيها رجل ترك ابنته و أباه فللابنة النصف: ثلاثة أسهم، و للأب السدس: سهم يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة و ما أصاب سهما فللأب، قال محمد: و جدت فيها رجل ترك أبويه و ابنته فللابنة النصف ثلاثة أسهم، و للأبوين لكل واحد منهما السدس، لكل واحد منهما سهم، يقسم المال على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة فللابنة، و ما أصاب سهمين فللأبوين».

و في الخبر(2)«في رجل ترك ابنته و أمه أن الفريضة من أربعة، لأن للبنت ثلاثة أسهم، و للام السدس: سهم، و ما بقي سهمان، فهما أحق بهما من العم و من الأخ و من العصبة، لأن الله قد سمى لهما و لم يسم لهم، فيرد عليهما بقدر سهامهما».

و لو انفرد أحد الأبوين معها كان المال بينهما أرباعا فرضا و ردا.

و لو دخل معهما زوج أو زوجة كان الفاضل ردا على البنت


1- 1 الوسائل- الباب- 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 6.

ج 39، ص: 115

و أحد الأبوين دون الزوج و الزوجة بلا خلاف، بل الإجماع بقسميه عليه و النصوص(1).

و لو كان معهما بنتان فصاعدا فللأبوين السدسان و للبنتين فصاعدا الثلثان بالسوية، و لو كان معهم زوج أو زوجة كان لكل واحد منهما نصيبه الأدنى و هو الربع و الثمن و للأبوين السدسان و الباقي للبنتين فصاعدا لعدم العول عندنا.

و لو كان أحد الأبوين كان له السدس و للبنتين فصاعدا الثلثان و الباقي يرد عليهم أخماسا على حسب السهام، لظاهر التعليل في الخبر السابق(2)بل لعله

ظاهر الصحيح(3)أيضا، بل لا أجد فيه خلافا إلا من الإسكافي، فخص الرد بهن لورود النقص عليهن بدخول الزوجين فيكون الفاضل لهن، و

للموثق(4)«في رجل ترك ابنتيه و أباه أن للأب السدس و للابنتين الباقي».

و التعليل- مع ضعفه- منقوض بالبنت، لاعترافه بالرد عليها مع الأب، و الخبر- مع عدم صحته و احتمال كون الابنتين فيه تصحيف الابنين، كما يشهد به وقوع التغيير في بعض النسخ- مردود بالشذوذ، و ربما حمل على وجود الذكر معهما، و كذا كلام الإسكافي، لكنه بعيد.

و لو كان زوج كان النقص داخلا على البنتين فصاعدا خاصة لعدم العول عندنا و لو كان زوجة كان لها نصيبها، و هو الثمن، و الباقي بين أحد الأبوين و البنات أخماسا بقدر السهام كما عرفت.

و لو كان مع الأبوين خاصة زوج فله النصف، و للأم


1- 1 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 7.

ج 39، ص: 116

ثلث الأصل، و الباقي للأب، و مع الاخوة للام سدس الأصل و الباقي للأب الذي لا فرض له مع عدم الولد، فله حينئذ حالتان: حالة لا فرض له، و هي إذا لم يكن ولد، و حالة له السدس فرضا، و هي إذا اجتمع معه ولد، و حينئذ إما أن يرد عليه أو لا، و للأم أيضا حالتان إما الثلث أو السدس، و على كل حال إما أن يرد عليها أو لا، و البنت إما لها النصف فرضا مع رد أو نقص أو لا فرض لها، و هو فيما إذا كان معها ابن، و البنتان إما لهما الثلثان مع رد أو نقص أو بدونهما أو لا فرض لهما و هو فيما إذا اجتمعا مع البنين الذين لا فرض لهم أصلا.

و لو كان معهما أي الأبوين خاصة زوجة فلها الربع، و للام ثلث الأصل إن لم يكن إخوة، و الباقي للأب، و مع الاخوة لها السدس و الباقي للأب بلا إشكال في شي ء من ذلك و لا خلاف.

و ملخصه أنه لو دخل أحد الزوجين على هذه الطبقة فإن كان على الأبوين أو أحدهما خاصة فله فرضه الأعلى: للزوج النصف، و للزوجة الربع، و للام بدون الحاجب الثلث، و معه السدس، و الباقي للأب إذا اجتمعا، فلو انفرد فله الباقي بعد فرض الزوجية بالقرابة، أو انفردت فلها الثلث بالفرض و الباقي بالرد.

و لو دخلا على الأولاد فلهما فرضهما: للزوج الربع، و للزوجة الثمن و الباقي للولد بالقرابة، إن كان ذكرا أو ذكورا أو مختلفين، و لا نقص على الزوجين و لا رد، و يرد على الأبوين من غير نقص.

و يدخل النقص على البنت و البنات إذا اجتمع معهما زوج و أبوان أو مع البنات زوج و أحد الأبوين، أو أبوان و أحد الزوجين، و المنقوص من البنت نصف سدس، و من البنات مع الزوج و أحد الأبوين كذلك، و منهن مع الأبوين و أحد الزوجين قدر نصيب الزوجين، و حيث لا نقص

ج 39، ص: 117

فالرد، لأن الفريضة هنا لا توافق السهام، فالنقص في البنت في صورة واحدة، و الرد عليها في ثلاث، و في البنات بالعكس.

و المردود ربع السدس في البنات، و كذا في البنت مع الزوجة و الأبوين، و فيها مع أحدهما و الزوج نصف السدس، و مع الزوجة سدس و ربع سدس.

[مسائل]
[المسألة الأولى أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين]

الأولى المعروف بين الأصحاب أن أولاد الأولاد و إن نزلوا ذكورا أو إناثا يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين و حجبهم عن أعلى السهمين إلى أدناهما و منع من عداهم من الأقارب.

و شرط ابن بابويه في الفقيه و المقنع في توريثهم عدم الأبوين قال في أولهما: «أربعة لا يرث معهم أحد إلا زوج أو زوجة: الأبوان و الابن و الابنة، هذا هو الأصل لنا في المواريث، فإذا ترك الرجل أبوين و ابن ابن أو ابنة ابنة فالمال للأبوين للأم الثلث و للأب الثلثان، لأن ولد الولد إنما يقومون مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد، و لا وارث غيره، و الوارث الأب و الام، و قال الفضل بن شاذان خلاف قولنا في هذه المسألة و أخطأ، قال: إن ترك ابن ابنة و ابنة ابن فللأبوين السدسان و ما بقي فلابنة الابن من ذلك الثلثان و لابن الابنة من ذلك الثلث تقوم ابنة الابن مقام أبيها و ابن الابنة مقام أمه، و هذا مما زل به قدمه

ج 39، ص: 118

عن الطريق المستقيم، و هذا سبيل من يقيس».

و قال في المقنع: «فان ترك ابن ابن و أبوين فللأم الثلث و للأب الثلثان و سقط ابن الابن».

و على كل حال ف هو قول متروك قد نص المفيد و السيد و الشيخ و أبو الصلاح و بنوا البراج و حمزة و زهرة و إدريس و سعيد و العلامة و الشهيدان و المقداد و غيرهم على خلافه، بل في الغنية و الكنز و التنقيح الإجماع على خلافه، بل في القواعد أنه قد سبقه الإجماع و تأخر عنه، بل يمكن تحصيل الإجماع، فالحجة حينئذ على المختار ذلك و كفى به.

مضافا إلى قوله تعالى(1)«يُوصِيكُمُ اللَّهُ» إلى آخره بناء على أن ولد الولد ولد حقيقة كما عن الأكثر، بل عن ابن إدريس الإجماع عليه، بل و على القول بالمجازية، فإنه مراد هنا قطعا، لإجماع الأصحاب على الاستدلال بهذه الآية على اقتسام أولاد الابن نصيبهم للذكر ضعف الأنثى و احتجاجهم على بعض من شذ منهم في قسمة ولد الأنثى نصيبهم بالسوية، و ما ذاك إلا للإجماع على أن المراد بالولد هنا المعنى الأعم.

بل المراد بالولد في قوله تعالى(2)«وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ» ما يعم ولد الولد، و قد حكى المرتضى و غيره الإجماع على ذلك و إذا كان ولد الولد حاجبا للأبوين إلى السدسين لم يكن لهما معه جميع المال، كما قاله الصدوق (رحمه الله).

و لا بعد في استعمال الولد فيما يشمل الولد و ولد الولد، لاشتراكهما في القرب الحاصل بالايلاد و إن كان في ولد الولد بالواسطة.


1- 1 سورة النساء 4- الآية 11.
2- 2 سورة النساء 4- الآية 11.

ج 39، ص: 119

كما أن إطلاق ولد الولد يراد به ما يعم ولد ولد الولد و هكذا، مع أن الكلام في كونه ولد الولد كالكلام في أن ولد الولد ولد، فإنه ليس بولد على الحقيقة، و لذا صح أن يقال: هذا ولد ولد ولدي و ليس بولد ولدي، كما يقال: هذا ولد ولدي و ليس بولدي.

و من الأصحاب من جعل المسألة من فروع التعارض بين الحقيقة و المجاز الراجح بناء على أن لفظ الولد حقيقة في الولد الصلب مجاز راجح في المعنى الأعم، لكونه الغالب في الاستعمال، فيترجح إرادته على القول بترجيح هذا النوع من المجاز. و فيه نظر.

و إلى النصوص ك

صحيح عبد الرحمن بن الحجاج(1)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «بنات الابنة يرثن إذا لم يكن بنات كن مكان البنات».

و

الموثق عنه (عليه السلام)(2)أيضا «ابن الابن يقوم مقام أبيه».

و حسن عبد الرحمن عنه (عليه السلام)(3)أيضا «ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن قال: و ابنه البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت».

و خبر محمد بن سماعة(4)قال: «دفع إلى صفوان كتابا لموسى ابن بكير فقال: هذا سماعي من موسى بن بكير و قراءة عليه، فإذا فيه موسى بن بكير عن علي بن سعيد عن زرارة، قال: هذا ما ليس فيه


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد. الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد. الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد. الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3 مع الاختلاف في كيفية النقل في صدر الرواية و سندها و رواها في الكافي ج 7 ص 97 بعين ما في الجواهر إلا أن فيه « عن الحسن بن محمد بن سماعة قال: دفع الى صفوان كتابا لموسى بن بكر.».

ج 39، ص: 120

اختلاف عند أصحابنا عن أبي عبد الله و عن أبي جعفر (عليهما السلام)- و ذكر مسائل إلى أن قال-: و لا يرث أحد من خلق الله مع الولد إلا الأبوان و الزوج و الزوجة، فان لم يكن ولد و كان ولد الولد- ذكورا كانوا أو إناثا- فإنهم بمنزلة الولد، و ولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين، و ولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات، و يحجبون الأبوين و الزوجين عن سهامهم الأكثر و إن سفلوا ببطنين و ثلاثة و أكثر، يرثون ما يرث الولد الصلب و يحجبون ما يحجب الولد الصلب»

و هو نص في المطلوب.

و الخبر المروي عن دعائم الإسلام(1)عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: «في رجل ترك أبا و ابن ابن قال: للأب السدس و ما بقي فلابن الابن، لأنه قام مقام أبيه إذا لم يكن ابن، و كذلك ولد الولد ما تناسلوا إذا لم يكن أقرب منهم من الولد، و من قرب منهم حجب من بعد، و كذلك بنوا البنت».

الحديث.

و الضعف منجبر بعمل الأصحاب و الموافقة لظاهر الكتاب و السنة المستفيضة بل المتواترة كما في النهاية.

كل ذلك مع أنا لم نقف على ما يشهد للصدوق سوى

خبر سعد بن أبي خلف(2)عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) «بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات و لا وارث غيرهن، و بنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت أولاد و لا وارث غيرهن».

و صحيح عبد الرحمن بن الحجاج(3)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم يكن للميت بنات و لا وارث غيرهن


1- 1 المستدرك- الباب- 6- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.

ج 39، ص: 121

و بنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ابن و لا وارث غيرهن».

و كون الأبوين أقرب إلى الميت من ولد الولد لمساواتهما للأولاد الذين هم أقرب من أولادهم، و الأقرب يمنع الأبعد.

و فيه أنه يمكن إرادة نفي غير أب الابن من أولاد الصلب من

قوله (عليه السلام): «و لا وارث غيرهن»

على معنى إذا لم يكن للميت الابن الذي يتقرب به ابن الابن أو البنت التي يتقرب بها بنت البنت و لا وارث غيره من الأولاد للصلب.

أو أن المراد أن بنت البنت تقوم مقام البنت إذا لم يكن للميت بنت مطلقا، سواء كان أم هذه البنت أو غيرها، و كذا ابن الابن يقوم مقام الابن إذا لم يكن للميت ابن سواء كان أبا هذا الابن أو غيره.

«و لا وارث غيره» يريد الابن في الأول و البنت في الثاني أو أن المراد بالوارث فيهما أعم من ولد الصلب و الأقرب من أولاد الأولاد، فإن المراد ببنات الابن أو البنت ما يشمل السافلات، و الأقرب منهن و من غيرهن يمنع الأبعد.

أو أن المراد من «لا» لنفي الجنس لا لتأكيد النفي على معنى أن بنات الابن أو البنت يرثن عند فقد الأولاد و لا وارث غيرهن حينئذ، و يخص بما إذا لم يكن هناك أب أو أم أو زوج أو زوجة.

أو أن المراد أنها ترث المال كله إن لم يكن ولد و لا وارث آخر كالأبوين و إلا كانت مشاركة.

و لعل وجه الاجمال- كما في الوسائل- ملاحظة التقية، فإن كثيرا من العامة وافقوا الصدوق كما عن الكليني و المجلسي و غيرهما حكايته، و هو موهن آخر للخبرين و إن كان الاجمال السابق و غيره كافيا في عدم صلاحية ذلك لمعارضة ما تقدم من الأدلة الواضحة.

ج 39، ص: 122

و أما استدلاله بقاعدة الأقرب ففيه أنها في صورة اتحاد الصنف، و أما مع التعدد كما في الفرض فالأقرب من أحد الصنفين لا يمنع الأبعد من الصنف الآخر، و من ثم شارك ابن الأخ الجد و أبو الجد الأخ، حيث إنهما صنفان، و مع التسليم فيكفي في تخصيصها ما دل(1)على قيامهم مقام أبيهم في المقام المرجح عليها من وجوه و إن كان التعارض من وجه.

كل ذلك مع أن الصدوق (رحمه الله) صرح في محكي الفقيه بمشاركة الجد لولد الولد، و غلط ما حكاه عن ابن شاذان من أن الجد كالأخ يرث حيث يرث و يسقط حيث يسقط، قال: «فان الجد يرث مع ولد الولد و لا يرث معه الأخ».

و مقتضى كلامه هذا و ما تقدم من عدم إرث ولد الولد مع الأبوين أن ولد الولد خارج عن الطبقة الأولى حيث لا يشاركها في الإرث، فيدخل في الطبقة الثانية و يشاركه الجد دون الأخ، مع أن من شأن الطبقة مشاركة جميع أصنافها بعضهم لبعض، و لو جعل ولد الولد طبقة برأسها وجب أن لا يشارك أحدا من الطبقة الأولى و لا غيرها، مع أن الصدوق (رحمه الله) شرك بينه و بين الجد، و على هذا يختل نظام الطبقات التي استقر الإجماع عليها، بل كاد يكون من ضروريات المذهب، و الله أعلم.

و كيف كان فلا خلاف في أنه يمنع الأولاد من يتقرب بهم و من يتقرب بالأبوين من الاخوة و أولادهم و الأجداد و آبائهم و الأعمام و الأخوال و أولادهم بل الإجماع بقسميه عليه، بل الكتاب(2)و السنة(3)


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 1- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد و ميراث الأعمام و الأخوال.

ج 39، ص: 123

دالان عليه أيضا، نعم يترتبون الأقرب فالأقرب، فلا يرث بطن مع من هو أقرب منه إلى الميت بلا خلاف أيضا، لقاعدة الأقرب و غيرها، و هذا كله في أصل إرثهم.

و أما كيفيته فالمشهور أنه يرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به، فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى، و هو النصف إن انفرد أو كان مع الأبوين و يرد عليه و إن كان ذكرا كما يرد على أمه لو كانت موجودة.

و يرث ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أو أنثى جميع المال إن انفرد، و ما فضل عن حصص الفريضة إن كان معه وارث كالأبوين أو أحدهما و الزوج أو الزوجة.

و لو انفرد أولاد الابن و أولاد البنت كان لأولاد الابن الثلثان اللذان هما نصيب أبيهم في نحو الفرض و لأولاد البنت الثلث الذي هو نصيب أمهم في الفرض أيضا على الأظهر الأشهر بل المشهور.

و لو كان زوج أو زوجة كان له نصيبه الأدنى و هو الربع و الثمن و الباقي بينهم لأولاد البنت الثلث و لأولاد الابن الثلثان.

بل في كنز العرفان انعقاد الإجماع عليه بعد المرتضى، بل عن الغنية أن عليه إجماع الطائفة، و هو الحجة.

مضافا إلى النصوص(1)المتقدمة المشتملة على قيام أولاد البنين مقامهم و أولاد البنات مقامهن الظاهرة في إرادة التنزيل في أصل الإرث و كيفيته لا الأول خاصة، و إلا لاكتفي فيها بذكر أولاد الأولاد من دون تفصيل بين أولاد البنين و أولاد البنات في الذكر الذي هو مجرد تطويل مستغني عنه لا طائل تحته يجل عنه مثل كلام الامام (عليه السلام) خصوصا مع


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 124

اتفاق النصوص السابقة على ذلك، ضرورة كونها بين مصرح بالتفصيل(1)و بين مكتف بأحد شقيه(2).

نعم أجمل في خبر موسى بن بكير(3)السابق منها أولا إلا أنه نص على التفصيل ثانيا، بل هو كالصريح في المطلوب، ل

قوله (عليه السلام) فيه: «يرثون ميراث البنين و البنات»

و لم يقل كما يرثون، مع أنه ظاهر أيضا لو عبر بذلك و إن لم يكن بتلك المرتبة.

و لو سلم احتمال هذا القيام و المنزلة لكل من الأمرين فلا ريب في ترجيح المختار بالشهرة العظيمة و الإجماع المزبور، بل تسليم الخصم ذلك في غير الفرض من الأرحام أقوى شاهد على ما هنا، ضرورة اشتراك المقامين في الدليل الذي هو

قول أبي عبد الله (عليه السلام)(4): «إن في كتاب علي (عليه السلام) إن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه»

و قوله (عليه السلام) أيضا في مرسل يونس(5): «إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه، فان استوت قام كل واحد مقام قريبه»

فإنه خصوصا الأخير صريح في إرادة إرث نصيب من يتقرب به الذي يوافق الخصم عليه في غير المقام.

فما عن المرتضى (رحمه الله) و من تبعه- من قسمة الميراث بينهم كأولاد الصلب من غير ملاحظة لمن يتقربون به، لأنهم أولاد حقيقة، فتشملهم الآية(6)و لو لا قاعدة الأقرب لشاركوا آباءهم في الإرث-


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
3- 3 راجع التعليقة 4 في ص 119.
4- 4 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 1.
5- 5 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 3.
6- 6 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 125

واضح الضعف.

و لو سلمنا له كونهم أولادا حقيقة إلا أنه لا تنافي بين ذلك و بين كون إرثهم على الوجه المزبور، للأدلة السابقة، كما أنه لا مانع من التزام تفضيل الأنثى على الذكر هنا في بعض الصور و التسوية في بعض، للأدلة المزبورة، فترث حينئذ بنت الابن الثلثين و أولاد البنت الذكور الثلث.

و عليه يحمل ما

في الموثق(1)«ابنة الابن أقرب من ابن البنت»

على معنى كثرة النصيب لا القرب الحاجب، بل لعل ذلك أولى من حمله على التقية، و حينئذ يكون دليلا آخر على المطلوب، على أنه لازم له في أولاد الاخوة و الأخوات و الأعمام و العمات و غيرهم.

بل المراد من عدم تفضيل الأنثى على الذكر أنها لا تزداد على نصيب ما لو فرضت هي ذكرا، و ذلك في المقام كذلك.

قال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر بكير بن أعين(2): «لا تزاد الأنثى من الأخوات و لا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه».

و في

خبر موسى بن بكير(3)«و المرأة تكون أبدا أكثر نصيبا من رجل لو كان مكانها، قال موسى بن بكير: قال زرارة: هذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه».

و بذلك كله ظهر لك أنه لا إشكال في المسألة بحمد الله كما لا إشكال في


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 8.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 2 عن موسى بن بكر عن بكير و في الكافي ج 7 ص 104« عن موسى بن بكر قال: قلت لزرارة: إن بكيرا حدثني عن أبي جعفر عليه السلام.».

ج 39، ص: 126

[المسألة الثانية أولاد البنت يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما يقتسم أولاد الإبن]

المسألة الثانية: و هي أولاد البنت يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما يقتسم أولاد الابن على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل عن صريح التنقيح الإجماع عليه، بل لعله ظاهر المصنف و غيره، لصدق الأولاد حقيقة فيدخلون في عموم «يُوصِيكُمُ اللَّهُ»(1)و لكون المراد منهم هنا ما يشملهم و لو للإجماع المحكي عن جماعة على ذلك، و لذا حجبوا باعتراف الخصم الأبوين عما زاد على السدسين و الزوجين عن النصف و الربع و قيل و القائل جماعة منهم القاضي و الشيخ في المبسوط على ما في كشف اللثام يقتسمون بالسوية و هو متروك شاذ لا دليل له سوى دعوى أن التقرب بالأنثى يقتضي الاقتسام بالسوية.

و فيه- مع انتقاضها باعترافه بأولاد الأخت للأب- أنه لا دليل على كليتها بعد حرمة القياس على كلالة الأم، و دعوى أصالة التسوية المنقطعة هنا بما عرفت من شمول آية الوصية لهم على تقديري الحقيقة و المجاز، بل لعل الخصم يوافق على ذلك إلا أنه يدعي خروجهم عن ذلك بقاعدة التقرب بالأنثى، و قد عرفت أنه لا معقد لها، فحينئذ لا إشكال، و الحمد لله.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.

ج 39، ص: 127

[المسألة الثالثة يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه]

المسألة الثالثة من متفردات الإمامية و معلومات مذهبهم أنه يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه و بذلك تظافرت نصوصهم عن أئمتهم (عليهم السلام).

ففي

صحيح ربعي بن عبد الله(1)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إذا مات الرجل فلأكبر ولده سيفه و مصحفه و خاتمه و درعه».

و حسن حريز(2): «إذا هلك الرجل و ترك بنين فللأكبر الدرع و السيف و الخاتم و المصحف، فان حدث به حدث فللأكبر منهم».

و في مرسل ابن أذينة(3)عن أحدهما (عليهما السلام): «إذا ترك الرجل سيفا و سلاحا فهو لابنه، فان كان له بنون فهو لأكبرهم»

و نحوه خبر آخر(4).

و في

صحيح ربعي الآخر(5)عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضا «إذا مات الرجل فسيفه و مصحفه و خاتمه و كتبه و رحله و راحلته و كسوته لأكبر ولده، فان كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور».

و في

خبر أبي بصير(6)عنه (عليه السلام) أيضا «إذا مات الميت فان لابنه الأكبر السيف و الرحل و الثياب ثياب جلده».

و خبر شعيب العقرقوفي(7)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يموت ما له من متاع بيته؟ قال: السيف، و قال: الميت إذا


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.
4- 4 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 6.
5- 5 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
6- 6 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 5.
7- 7 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 7.

ج 39، ص: 128

مات فان لابنه السيف و الرحل و الثياب ثياب جلده».

و خبر سماعة(1)«سألته عن الرجل يموت ما له من متاع البيت؟

قال: السيف و السلاح و الرحل و ثياب جلده».

و خبر أبي بصير(2)عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كم من انسان له حق لا يعلم به، قلت: و ما ذاك أصلحك الله؟ قال:

إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به أما أنه لم يكن بذهب و لا فضة، قلت: و ما كان؟ قال: كان علما، قلت: فأيهما أحق به؟

قال: الكبير، كذلك نقول نحن».

و خبر علي بن أسباط(3)عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «سمعناه و ذكر كنز اليتيمين، فقال: كان لوحا من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ و عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ و عجب لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها؟ و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئ الله في رزقه و لا يتهمه في قضائه، فقال له حسين بن أسباط: فإلى من صار؟ إلى أكبرهما، قال: نعم».

لكن اختلفوا في أن ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب، فالأكثر كما في المسالك على الأول، بل في غيرها المشهور، بل في الرياض أنه ادعيت عليه الشهرة بحد الاستفاضة و لا ريب فيها.

قلت: بل الشهرة عليه محصلة، بل عن الحلي الإجماع عليه، بل في المحكي من سرائره أنه المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به و فتاواهم في


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 8.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 9.

ج 39، ص: 129

عصرنا هذا- و هو سنة ثمان و خمسمائة(1)- عليه بلا خلاف بينهم، و هو الحجة بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة.

مضافا إلى ظهور اللام في الملك و الاستحقاق، بل في الرياض في الموثق(2)التصريح بلفظ الأخير.

قال ما حاصله: «و لا ينافي الاستدلال به تضمنه كتب العلم التي ليست من الحبوة عند الأكثر إلا بدعوى شمول لفظ المصحف لها، و لا ريب في بعده، ضرورة انسياق القرآن المجيد منه، و لم يكن المصحف، فيحتمل كون ذلك الكتاب المكنوز بدلا عنه» و إن كان هو كما ترى خصوصا بعد ظهور القرآن المجيد في كون الكنز لهما معا لا لخصوص الأكبر، فلا ريب في عدم صلاحيته و الخبر الأخير للاستدلال على المختار الذي نحن في غنية عن إثباته بذلك، ضرورة كفاية اللام- التي لم يتعارف التجوز بها عن الندب- في ذلك، بل هي مستند أدلة الإرث في الكتاب(3)و السنة(4).

و اختلاف النصوص المتقدمة في مقدار ما يحبى به- بل لم يتضمن شي ء منها الأربعة التي عند الأصحاب، لأن أشملها لها الصحيحان(5)و قد


1- 1 في السرائر المطبوعة و كذلك المخطوطة منها التي أوقفها الشيخ البهائي« قده» المحتفظ بها في مكتبة الروضة الرضوية في« مشهد» خراسان« كتابخانه آستانه قدس» هكذا:« و هو سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة».
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 8.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 7.
4- 4 الوسائل- الباب- 5 و 9 و 16 و 17 و 18 و غيرها- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
5- 5 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1 و 2.

ج 39، ص: 130

تضمنا ثلاثة منها و لم يتضمنا الثياب، بل تضمنا الدرع بدلها، و لم يقل به أحد- غير قادح و لا صالح للدلالة على الاستحباب، ضرورة عدم كون مطلق الاختلاف دالا على ذلك، و إلا فأغلب الأخبار في غالب الأحكام مختلفة.

نعم لو بلغ درجة يحصل القطع به من جهته كما في أخبار البئر(1)اتجه الحكم به، و ليس المقام كذلك قطعا، مع أنه قد يمنع عدم تضمن الصحيحين(2)للأربع بناء على إرادة القميص من الدرع لا الحديد، و يلحق به غيره من ثياب البدن بالإجماع، بل لعل ذلك أولى.

كما أنه من الواضح عدم خروج الخبر عن الحجية باشتماله على ما لا يقول به أحد من الطائفة و إلا لكان ذلك لازما للقائلين بالندب هنا، فإنه لم يحك عن أحد منهم الاستحباب فيما زاد على الأربعة إلا ما يحكى عن الإسكافي من إلحاق السلاح بها.

و أما الصدوق فإنه قد روى رواية الرحل و الراحلة و الكتب في الفقيه(3)فان كان ذلك منه عملا بها بناء على ما ذكره في أول كتابه فهو على الوجوب دون الندب.

و بذلك كله يظهر لك أنه لا وجه للاستدلال على الندب بالنصوص المشتملة على غير الأربعة(4)بناء على معلومية عدم الوجوب في غيرها


1- 1 الوسائل- الباب- 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22- من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1 و 2.
3- 3 أشار إليه في الوسائل في الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1 و ذكره في الفقيه- ج 4 ص 251 الرقم 805. الا أنه ليس فيه الراحلة.
4- 4 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 131

و اتحاد المساق فيها أجمع، فيتجه كونها للندب في الجميع، ضرورة أن القائلين بالندب لم يزيدوا على الأربع كي يتجه حينئذ ذلك، فهي مطرحة بالنسبة إليها عند الجميع، فيكون اشتباها من الراوي أو غيره من آفات الأخبار.

كما أنه يظهر عدم الوجه في الاستدلال بها أيضا من حيث اختلافها اختلافا منافيا للوجوب دون الندب الذي يتسامح فيه بخلافه، نحو أخبار النزح في البئر(1)ضرورة منع مثل هذا الاختلاف فيها أولا و إلا لنافى الاستحباب أيضا، لمنع

التسامح في مثل هذا الندب المعارض بقاعدة حرمة التصرف في مال الغير، و خصوصا اليتيم، إذ القائل بالندب يجوز إخراجها و لو كان الوارث غير الكبير طفلا صغيرا، إذ هي من المستحب المالي كزكاة مال الطفل، و مثل هذا الاستحباب لا بد له من دليل صالح لتخصيص القاعدة القاضية بالحرمة، و متى كان في نصوص المقام صلاحية لذلك صلحت لإفادة الوجوب حينئذ لعدم التسامح في هذا الندب، كما هو واضح.

و أما دعوى خلوها عن خبر جامع لهذه الأربعة التي ذكرها الأصحاب و إنما هي مستفادة من مجموعها فهي غير قادحة بعد تمييزها عن غيرها بكلام الأصحاب القائلين بالوجوب و الندب، مع ضرورة اشتراكهما معا في ذلك كما عرفت.

على أنه قد يمنع ذلك بإرادة القميص في صحيح الدرع، و حينئذ يكون الجامع لها موجودا بعد إلحاق غيره من الثياب به بالإجماع و غيره من النصوص، بل لعل ذلك أولى من حمله على درع الحديد الذي هو ليس


1- 1 الوسائل- الباب- 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22- من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.

ج 39، ص: 132

منها عند معظم القائلين بالوجوب أو الندب، بل على تقديره فما هو إلا لأنه من قبيل ثياب الميت و ملبوساته، فتأمل جيدا.

و قد ظهر لك من ذلك أن القول بالوجوب هو الأقوى، بل لعل ذلك هو المعروف من الشيعة حتى أن مخالفيهم يعرفونه منهم باعتبار كونه من متفرداتهم فضلا عنهم.

و كيف كان فالظاهر مجانية هذا الحباء عملا بظاهر النصوص المزبورة، فما عن المرتضى و غيره- من كونه بالقيمة فتكون ثمرة خصوصية الأكبر الاختصاص بالعين من بين الورثة- واضح الضعف.

و من الغريب ما في الكشف من الاستدلال عليه بعموم أدلة الإرث السالم عن المعارض، قال: «فان اختصاص الأعيان به على ما في الأخبار و الفتاوى لا ينافي الاحتساب» و ب

قول(1)الصادق (عليه السلام) في حسن حريز السابق: «إذا هلك الرجل فترك بنيه فللأكبر السيف و الدرع و الخاتم و المصحف، فان حدث به حدث فللأكبر منهم».

ضرورة وجوب الخروج عن ذلك العموم بظهور المجانية من اللام في النص و الفتوى التي بها خرج عما يقتضيه عموم الإرث من الاشتراك، و عدم الدلالة في حسن حريز(2)المحمول ما فيه من

قوله (عليه السلام):

«فان حدث به حدث»

إلى آخره على إرادة فإن كان قد حدث بالأكبر حدث قبل هلاك الرجل فللأكبر الباقي، لا على ارادة الاحتساب بالقيمة إذ هو مع أنه تأول في ذلك لا يقول به أحد.

كما أن الاستيناس لذلك بما تسمعه من خبر الزوجة عما فاتها من إرث الفرس و البناء بالقيمة لا وجه له أيضا بعد حرمة القياس.


1- 1 عطف على قوله:« بعموم أدلة الإرث».
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد الحديث 3.

ج 39، ص: 133

و على كل حال ف عليه قضاء ما عليه من صلاة و صيام كما عرفت تفصيل ذلك في كتاب الصوم(1)فلاحظ.

و من شرط اختصاصه بالحباء عند ابني حمزة و إدريس على ما حكي عنهما ألا يكون سفيها و لا فاسد الرأي مخالفا في المذهب بل في المتن على قول مشهور و إن كنا لم نتحققه، و لعله لكونهما ليسا أهلا للكرامة الظاهرة في حكمة الحباء الذي هو كالعوض عما يؤديه من قضاء الصوم و الصلاة. و ما قيل من أن المخالف لا يرى استحقاقها فيجوز إلزامه بمذهبه كما جاء(2)مثله في منعه عن الإرث أو بعضه حيث يقول به إدانة بمعتقده.

و إن كان قد يناقش- بعد تسليم إرث المخالف للمؤمن- بأن فساد الرأي لا يخص المخالف، بل هو شامل للواقفي و نحوه ممن يرى الحباء و بأن ذلك ليس من باب الشرطية، و لذا لم يشترط أحد في إبطال العول و العصبة عدم فساد الرأي، بل حكموا به مطلقا مع تصريحهم كجملة من الأخبار(3)بجواز إدانة المخالف بمعتقده فيهما.

كما أنه قد يناقش في أصل الاستدلال بمنع كون الحكمة ذلك، و عدم وجوب اطرادها، و من هنا مال جماعة من متأخري المتأخرين إلى عدم الشرط المذكور، بل لعله ظاهر نسبة المصنف هنا و النافع له إلى القول بل في الرياض أن ذلك هو الأصح، لإطلاق النصوص، و لعله كذلك.

اللهم إلا أن يشك في إرادة هذا الفرد من هذا الإطلاق، فيبقى عموم الإرث حينئذ سالما من المعارض، فتأمل جيدا، و الله العالم.


1- 1 راجع ج 17 ص 39- 42.
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد و الباب- 3- من أبواب ميراث المجوس.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد و الباب- 3- من أبواب ميراث المجوس.

ج 39، ص: 134

و من شرطه أيضا أن يخلف الميت مالا غير ذلك، فلو لم يخلف مالا سواه أي مال الحباء لم يخص الأكبر بشي ء منه وفاقا لصريح جماعة، بل المشهور كما في المسالك و غيرها، للأصل السالم عن معارضة إطلاق الأدلة المنساق إلى المفروض الذي هو الغالب، بل قد سمعت مضمر سماعة(1)المشتمل على أن ذلك للميت من متاع بيته، مضافا إلى استلزام ما عداه الإجحاف بالورثة و الإضرار بهم، فما عن بعضهم- من عدم اشتراط ذلك للإطلاق- في غير محله.

نعم في اشتراط كون الغبر كثيرا بحيث يعادل نصيب كل من الورثة مقدار الحبوة. أو نصيب الكل مقدارها، أو عدمه مطلقا، و كفاية ما قل منه و لو كان درهما و هي تساوي دنانير، أوجه.

و في الرياض مقتضى الأدلة الدالة- و لا سيما التعليل على اعتباره- الأول.

و في المسالك «و عليه ينبغي اعتبار نصيب الولد المساوي له في الذكورية، أما غيره فلا، لعدم المناسبة سيما الزوجة».

قلت: هو كذلك، لكن لا يخفى عليك ما في أصل اعتبار ذلك من الاشكال، بل هو من التهجس في الحكم الشرعي و القول به من غير دليل. و لعل المتجه دوران الحكم على صدق كون الحبوة من متاع بيته و بعض تركته.

و من شرطه عند جماعة أيضا خلو الميت من دين مستغرق للتركة، لعدم الإرث حينئذ، و الحباء نوع منه، بل ربما اشترط خلوه من مطلق الدين باعتبار اختصاص الحبوة بما يخصها من توزيعه على مجموع التركة فتبطل حينئذ بالنسبة.


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.

ج 39، ص: 135

لكن قد يناقش بإطلاق النص، و بما عرفت من أن الأصح انتقال التركة إلى الوارث و إن لزم المحبو ما قابلها من الدين إن أراد فكها، و ليس هذا إبطالا لها، مع احتمال وجود المتبرع و الإبراء و نحو ذلك.

و دعوى بطلانها بمجرد وجود الدين المستغرق المقتضي عدمها حال الوفاة كما ترى، ضرورة كون ذلك بطلانا مراعى لا مطلقا، بل يلزم على المنع من مقابل الدين إن لم يفكه المنع من مقابل الوصية النافذة إن لم يكن بعين مخصوصة خارجة عنها و من مقابل الكفن الواجب و ما في معناه، لعين ما ذكر، و لا ريب في بعده لإطلاق النص و الفتوى بثبوتها مع عدم انفكاك الميت عن ذلك غالبا خصوصا الكفن.

لكن في الرياض تبعا للروضة أن الموافق للأصول الشرعية البطلان في مقابلة ذلك كله إن لم يفك المحبو بما يخصه، لأن الحبوة نوع من الإرث و اختصاص فيه، و الدين و الوصية و الكفن و نحوها تخرج من جميع التركة، و نسبة الورثة إليه على السواء، نعم لو كانت الوصية بعين من أعيان التركة خارجة عن الحبوة فلا منع، كما لو كانت تلك العين معدومة، و لو كانت الوصية ببعض الحبوة اعتبرت من الثلث كغيرها من ضروب الإرث، إلا أنها تتوقف على إجازة المحبو خاصة أي مع فرض زيادتها على الثلث.

و فيه ما لا يخفى بعد ما عرفت، و إنما المتجه عدم مزاحمة غير المستغرق من الدين و الوصية بالمائة مثلا و الكفن للحبوة مع فرض إمكان خروجها من غيرها، بل تخرج هذه أجمع من غير أعيان الحبوة، ترجيحا لإطلاق أدلتها، و لأن تنفيذها من غيرها مشترك أيضا بين المحبو و غيره من الورثة بخلاف تنفيذها منها، فان الضرر خاص بالمحبو.

أما المستغرق فالظاهر تقديمه عليها ترجيحا لإطلاق أدلته عليها،

ج 39، ص: 136

فلا يختص بها إلا مع القضاء من غيرها و لو بفكها بما يخصها، و الوصية بالعين من غيرها إنما تكون بمنزلة المعدومة مع فرض سعة ثلث غير الحبوة.

أما لو فرض عدم سعة ذلك إلا بملاحظة الحبوة فالمتجه بناؤه على ما لو أوصى بثلث ماله مثلا، فهل يخرج من أعيان الحبوة أو يلحظ ثلثه من غيرها؟ يحتمل الأول، لإطلاق جواز الوصية بالثلث، و الفرض شمول لفظ الوصية لذلك، فهو كما لو صرح بإرادة الثلث بإرادة الثلث منها، و الحباء إنما يزاحم الوارث لا الوصية، و الثاني حملا لوصيته على الثلث من غيرها باعتبار ظهور وصيته به في إرادة ثلثه من المال الذي له فيه ثلثه، و أما أعيان الحبوة فهي جميعها له، كما هو مقتضى خبر سماعة(1)فيكون له حينئذ من ماله هذه الأعيان و الثلث من غيرها.

و إن حبي بها ولده الأكبر فلا ينصرف الوصية بالثلث إلى ما يشمل الثلث منها. و بذلك يفرق بين التصريح و الإطلاق، إلا أن المتجه عليه حينئذ أنه لو أوصى بعين من أعيانها لغير المحبو نفذت و صيته بها من غير الثلث لأن الفرض كونها له مع الثلث، و هو خلاف ما صرح به بعضهم.

و أما احتمال أنه ليس له الوصية بها للغير لتعلق حق المحبو بها تعلقا شرعيا فظاهر الأصحاب خلافه.

و الذي يقوى في النظر مزاحمة الدين و الكفن و الوصية لها مع فرض توقفها عليها لا مع عدم ذلك، بأن أمكن الوفاء و الكفن و تنفيذ الوصية من غيرها، و الظاهر اعتبار الثلث منها مع فرض إطلاق الوصية به لتوقف تنفيذ تمام الوصية على ذلك.

نعم الأولى بل الأحوط أخذ قيمة ثلثها من المحبو و دفع نفس الأعيان إليه، كما أنه لو أوصى بعين من أعيانها أعطي للمحبو خاصة ما قابل


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.

ج 39، ص: 137

ثلثيها من الثلث، لأنالوصية إنما كانت بما له دون باقي الورثة، فتأمل جيدا، و الله العالم.

و كيف كان ف لو كان الأكبر أنثى لم تحب و أعطي الأكبر من الذكور بلا خلاف أجده، بل في المسالك الإجماع عليه لما سمعته من الصحيح(1)المعتضد بإناطة الحكم في غيره من النصوص(2)بالأكبر من الذكور أو بالذكر سواء كانت أنثى أكبر منه أو لا.

نعم لو فرض تعدد الأكبر كما لو ولد له ولدان من زوجتين على وجه لا يزيد أحدهما على الآخر بما يتحقق به الأكبرية فالظاهر قسمتها بينهم بالسوية على ما صرح به غير واحد، بل لعله المشهور.

خلافا للمحكي عن ابن حمزة، فاشترط في ثبوتها للأكبر فقد آخر في سنه، و أسقطها مع وجوده، نظرا إلى تبادر الواحد من الأكبر دون المتعدد.

و فيه أنه لا تفاوت في صدق أفعل التفضيل بين الواحد و المتعدد و إن انساق أولا الواحد، كما أن الظاهر من ادفع الحباء للذكر الواحد و إن لم يكن ذكر آخر غيره، ضرورة كون المراد الأكبر إن وجد المتعدد و إلا فهو له، خصوصا بعد التصريح بذلك فيما سمعته من النص المعتبر(3)المشتمل على أنه لابنه و إن كانوا أكثر فهو لأكبرهم، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.

نعم في اشتراط بلوغه قولان من إطلاق النصوص، و من أنها في مقابلة قضاء ما تركه من صوم و صلاة، و لا يكلف به إلا البالغ، و إن كان قد يمنع كون ذلك في مقابلتها و إن اشترطه في ثبوتها ابن حمزة، بل


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.

ج 39، ص: 138

لعله ظاهر غيره أيضا إلا أن إطلاق الأدلة يدفعه. على أنه يمكن مراعاة ذلك منه بعد البلوغ، فلا ريب في أن الأقوى الأول.

بل الظاهر عدم اشتراط انفصاله حيا حال موت أبيه- و إن كان لم يصدق عليه الولد الذكر حينئذ- لكونه متحققا في نفس الأمر، و كون الحبوة قسما من الميراث و قد عرفت أنه يعزل نصيبه منه، بل قلنا هناك إنه يكفي فيه صدق الولدية

المتأخرة، و حينئذ لا فرق بين كونه علقة و مضغة و غيرهما على حسب ما سمعته في الإرث.

لكن في الروضة أنه يمكن الفرق بين كونه جنينا تاما فتحقق الذكورية في الواقع حين الموت و بين كونه مضغة و علقة، و فيه ما عرفت.

ثم إن الظاهر كون المدار في الأعيان المحبوة صدق أسمائها كما في غيرها من موضوعات الأحكام.

نعم لو تعددت هذه الأجناس فما كان منها بلفظ الجمع كالثياب يدخل أجمع و ما كان بلفظ الواحد كالسيف و المصحف فواحد، إلا أنه يرجح ما يغلب نسبته إليه، فإن تساوت تخير الوارث واحدا منها، و يحتمل القرعة، بل يحتمل إعطاء الجميع مطلقا كالثياب بدعوى إرادة إعطاء جنس ذلك و أن مثل هذه الإضافة تفيد العموم، إلا أن الأقوى الأول.

و العمامة و المنطقة من الثياب، بل الظاهر دخول حلية السيف و جفنه و سيوره و بيت المصحف للتبعية عرفا، و القلنسوة و الثوب من اللبد و الفراء و نحوها من المراد بالثياب و الكسوة هنا.

لكن في الروضة في دخول القلنسوة و الثوب من اللبد نظر من عدم دخولهما في مفهوم الثياب، و تناول الكسوة المذكورة لهما، و يمكن الفرق و دخول الثاني دون الأول، لمنع كون القلنسوة من الكسوة، و من ثم

ج 39، ص: 139

لم تجز في كفارة اليمين المجزئ فيها ما يعد كسوة.

و فيه ما لا يخفى بعد ظهور كون المراد هنا ما يشمل ذلك كله، كما هو واضح.

نعم لا يندرج فيه ما أعده للبسه و لم يلبسه على الظاهر بل فيما لبسه معدا له للتجارة إشكال، كالإشكال في المصحف المعد للحفظ و البركة و الحرز و نحوها مما يستعمله من لم يحسن القراءة.

هذا و قد بقي في المسألة فروع كثيرة لكن يسهل الخطب فيها معلومية قضاء الأصل و غيره فيها، و الله العالم.

[المسألة الرابعة لا يرث الجد و لا الجدة مع أحد الأبوين شيئا]

المسألة الرابعة:

لا يرث الجد و لا الجدة لأب كان أم لأم مع أحد الأبوين شيئا على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل في محكي الانتصار و الخلاف و التنقيح و ظاهر المبسوط و الغنية و المفاتيح و الكفاية و غيرها الإجماع عليه، بل في الروضة هو موضع وفاق إلا من ابن الجنيد في بعض الموارد.

قلت: لعل ذلك البعض هو خصوص ما في المحكي في عبارته من أنه «إذا حضر جميع الأبوين أو أحدهما مع الجد أو الجدة مع الولد للميت ممن لا يستوعب بما سمي له و للوالدين جميع المال- كابنة و أبوين و جد- كان ما يبقى بعد حق الأبوين و الابنة ميراثا لمن حضر من الجدين أو الجدتين، لمشاركتهم أحد الأبوين في التسمية التي أخذوا بها الميراث الذي عين لهم دون غيره من الموارد».

ج 39، ص: 140

نعم حكي عنه عبارة أخرى، و هي «و إن كان ما يأخذه ولد الحاضر أي من الأجداد من الميراث بالتسمية ما يتجاوز السدس كان السدس للحاضر طعمة من سهم ولده الذي تقرب إلى الميت به لا من أصل المال».

و لعل ظاهرها الندب، و من هنا اختلف النقل عنه في الوجوب و الندب، و في السدس أنه من الأصل أو من نصيب المطعم، فلم يتحقق خلافه كالمحكي عن الصدوق (رحمه الله) بل لعل آخر كلامه في الفقيه صريح في الندب، كما اعترف به في كشف اللثام و غيره.

و كذا المحكي عن الكليني (رحمه الله) فإن التأمل في كلامه- بعد اعترافه بأن إجماع العصابة على تنزيل الجد منزلة الأخ المعلوم عدم مشاركته الأبوين- يقضي بإرادة الندب له.

و بذلك يظهر لك أن لا مخالف محقق في المسألة، و على تقديره فلا ريب في ضعفه، لما عرفت و لآية أولي الأرحام(1)و غيرها من السنة(2)الدالة على

حجب الأبعد بالأقرب المعلوم كونه في المقام الأب الذي يتقرب به الجد إلى الميت.

مضافا إلى ما دل من الكتاب(3)و السنة(4)على فريضة الأبوين مع الولد و عدمه، على أنه يقضي باختصاص قسمة التركة بينهما و بينه و بينهما خاصة من دون إشارة إلى الجد أصلا، و دعوى إرادة ما يشمل الجد


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 1 و 3 و الباب- 2- منها- الحديث 1 و 3 و الباب- 5- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 6 و الباب- 8- منها- الحديث 1.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 11.
4- 4 الوسائل- الباب- 9 و 17- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 141

و الجدة منهما يدفعها- بعد الإجماع بقسميه على خلاف ذلك بل الضرورة-

النصوص(1)المتواترة في «أن الله لم يسم للجد شيئا، لكن جعل له رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأجاز الله له ذلك».

و إلى النصوص(2)الدالة على أنه لا يجتمع مع الأبوين و الولد غير الزوج و الزوجة.

و إلى خصوص

صحيح الحميري(3)كتب إلى العسكري (عليه السلام) «امرأة ماتت و تركت زوجها و أبويها و جدها أو جدتها كيف يقسم ميراثها؟ فوقع: للزوج النصف و ما بقي للأبوين».

و خبر أبي بصير(4)سأل الباقر (عليه السلام) «عن رجل مات و ترك أباه و عمه و جده، فقال: حجب الأب الجد، الميراث للأب، و ليس للعم و لا للجد شي ء».

و خبر الحسن بن صالح(5)سأل الصادق (عليه السلام) «عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت و تركت أمها و أخوين لها من أبيها و أمها و جدها أبا

أمها و زوجها، قال: يعطى الزوج النصف، و يعطى الأم الباقي، و لا يعطى الجد شيئا، لأن ابنته حجبته عن الميراث».

إلى غير ذلك من النصوص التي منها ما دل(6)على كون الأجداد


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 5 و 13 و 16 و 17 و 18.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
3- 3 الوسائل- الباب- 19- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.
4- 4 الوسائل- الباب- 19- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3 قال:« سألت أبا عبد الله عليه السلام.».
5- 5 الوسائل- الباب- 19- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 2.
6- 6 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 142

كالاخوة المعلوم تأخر مرتبتهم عن الأبوين، و منها النصوص(1)الظاهرة أو الصريحة في استحباب الإطعام الذي هو بمعنى الهبة و العطية التي بها يحمل ما ظاهره الوجوب لو كان على إرادة الندب أو غيره مما يوافق مذهب الطائفة المتفقة على عدم وجوب الإطعام، و إنما القائل بمشاركة الجد للأبوين يقول بكونه ميراثا لا إطعاما واجبا، فحينئذ جميع الأخبار دالة على خلافه، ضرورة ظهورها أجمع بعدم كونه ميراثا.

نعم هي ظاهرة في كونها مستحبا ماليا، فلا يعتبر في دفعها إليهما حينئذ صحة خطاب الأبوين بهما؛ فلو كانا مجنونين مثلا سقطت، مع احتماله أيضا خصوصا بعد سقوطها مع موتهما.

و على كل حال فمن ذلك يعلم ما في استدلال الخصم إن كان ببعض أخبار الطعمة، ضرورة وضوح ضعفه بعد ما عرفت.

كوضوح ضعف استدلاله أيضا بمشاركة الأجداد للأبوين في التسمية التي استحقا بها الميراث، و هي الأبوة، إذ بعد تسليمه لا ينافي الترتيب في أفرادها بآية أولي الأرحام(2)و غيرها مما سمعت.

و كيف كان فلا إشكال حينئذ في عدم مشاركة الجد و الجدة الأبوين لكن يستحب أن يطعمهما أي كل من الأبوين أبويه أو أحدهما سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن ذلك، مثل أن يخلف أبويه و جدا و جدة لأب و جدا و جدة لأم فللأم الثلث.

و يستحب لها أن تطعم نصف نصيبها السدس جده و جدته أي أبويها بالسوية، و لو كان الموجود واحدا منهما كان السدس له و للأب الثلثان.


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.

ج 39، ص: 143

و يستحب أن يطعم جده و جدته أي أبويه سدس أصل التركة بالسوية أي ربع الثلثين و لو كان الموجود واحدا كان السدس له

قال الصادق (عليه السلام) في صحيح جميل(1): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أطعم الجدة السدس»

و زاد في

موثق زرارة(2)«طعمة»

كما زاد

الباقر (عليه السلام) في موثق زرارة(3)أيضا «و لم يفرض لها شيئا».

و قال أيضا في خبر إسحاق بن عمار(4): «إن الله فرض الفرائض فلم يقسم للجد شيئا، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أطعمه السدس فأجاز الله له ذلك»

و نحوه غيره.

بل في محكي التنقيح الاستدلال عليها بآية «إِذا حَضَرَ»(5)ثم قال: «و هي و إن كانت عامة في المطعم و المطعم لكن إجماع الأصحاب و الأخبار خصاها بالمقام».

هذا و لكن في كشف اللثام أنه «خص الحلبيان و المحقق الطوسي الإطعام بالجد و الجدة للأب».

و فيه أن النصوص بين ظاهرة و صريحة في خلافه، ففي

صحيح جميل(6)عن الصادق (عليه السلام) «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أطعم الجدة أم الأم السدس».

و في صحيحه الآخر أو حسنه(7)عنه (عليه السلام) «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أطعم الجدة أم الأب السدس و ابنها


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 4.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 3.
4- 4 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 5.
5- 5 سورة النساء: 4- الآية 8.
6- 6 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 1.
7- 7 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 9.

ج 39، ص: 144

حي، و أطعم الجدة أم الأم السدس و ابنتها حية».

و في

خبر إسحاق بن عمار(1)عنه (عليه السلام) «في أبوين و جدة لأم، قال: للأم السدس و للجدة السدس و ما بقي و هو الثلثان للأب»

إلى غير ذلك من النصوص.

بل من هذا الأخير يستفاد ما ذكره الأصحاب من اختصاص استحباب الإطعام بكل من الأبوين أبويه دون الآخر بل يومئ اليه أيضا

مرفوع الحسن بن رباط(2)«الجدة لها السدس مع ابنها و مع ابنتها».

كما أنه يستفاد من لفظ «الطعمة» اعتبار زيادة نصيب المطعم على السدس في استحباب الإطعام، و قد صرح به غير واحد من الأصحاب، بل لا أجد فيه خلافا.

و حينئذ ف لو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة و حصل للآخر الزيادة استحب له الطعمة دون صاحب السدس فلو خلف أبوين و إخوة استحب للأب الذي له الزائد على السدس الطعمة دون الأم المحجوبة بالاخوة عما زاد عن السدس و لو خلف أبوين و زوجا استحب للأم التي لها الثلث الطعمة دون الأب الذي لم يحصل له إلا السدس باعتبار مزاحمة الزوج.

و كذا يعتبر فيه حياة الأبوين خصوصا إذا قلنا بأنهما المخاطبان بالاستحباب ف لا يطعم الجد للأب و لا الجدة له إلا مع وجوده و لا الجد للام و لا الجدة لها إلا مع وجودها بلا خلاف أجده فيه، للأصل و صحيح جميل(3)و مرفوع ابن

رباط(4)المتقدمين اللذين هما دالان على أن فعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان كذلك.


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 9.
4- 4 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 11.

ج 39، ص: 145

و العمدة في الطعمة فعله (صلى الله عليه و آله) فمع فرض خصوصه لا دليل على استحباب غيره، مع أنه يمكن استفادة التقييد فيهما من حكاية فعله (صلى الله عليه و آله) فيقيد به حينئذ الإطلاق إن كان.

هذا و لكن في

خبر سعد بن أبي خلف(1)«سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن بنات بنت و جد، قال: للجد السدس و الباقي لبنات البنت»

و لو لا اتفاق الأصحاب ظاهرا على عدم استحبابه مع موتهما كما عن التنقيح الاعتراف به لأمكن حمله عليها، فيجمع حينئذ بينه و بين الصحيح(2)المزبور بتفاوت مراتب الاستحباب، و لا بأس به بعد عدم العمل بظاهره من مشاركته لهن في الإرث، بل عن ابن فضال إن هذا الخبر مما أجمعت الطائفة على العمل بخلافه، و هو كذلك، لأني لم أجد عاملا به على جهة مشاركة الجد لبنات البنات إلا ما يحكى عن الصدوق من دعوى مشاركته لأولاد الأولاد مع عدم الأبوين، و يمكن حمله على ارادة جد البنات من الجد فيه، أي أبيهن لا جد الميت، و عدم ذكر الرد فيه غير قادح، لإمكان استفادته حينئذ من الأدلة الأخر.

و من ذلك يعلم ما في استدلال الصدوق به مضافا إلى أخصيته من دعواه و موافقته للعامة، كالاستدلال له بدعوى مساواتهم لهم في المرتبة و قيامهم مقام الآباء في ذلك، لقيام أولاد الأولاد مقام آبائهم التي من الواضح منعها بعد تطابق النصوص(3)و الفتاوى على كون مرتبة الجد مرتبة الأخ المعلوم تأخره مرتبة عن الأولاد و أولادهم، و تطابقهما أيضا على أن أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد في جميع أحكامهم التي منها حجب الأجداد عن مشاركتهم كالأولاد، و ليس في النصوص ما يقتضي قيام الأجداد مقام


1- 1 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 15.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 9.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 146

الآباء في أحكامهم التي منها المشاركة لأولاد الأولاد كي يحصل التعارض بل في النصوص خلافه من كونه بمنزلة الأخ(1)و به يخرج عن إطلاق قيام من تقرب بقريب مقام من تقرب به لو سلم على وجه يتناول الأجداد خصوصا بعد رجحانه عليه بوجوه، كما هو واضح.

ثم إن الظاهر إرادة سدس الأصل من السدس كما صرح به غير واحد، بل نسبه بعضهم إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع، لأنه المنساق و لصريح خبر إسحاق بن عمار(2)السابق، فما سمعته من الإسكافي من كونه سدس نصيب المطعم لا وجه له و لا دليل عليه، بل ظاهر الدليل خلافه.

كما أن ظاهر المصنف و غيره- بل قيل: إنه المشهور- اعتبار مطلق زيادة نصيب المطعم على السدس في إطعامه السدس سواء كانت تلك الزيادة بقدر السدس أو لا، فلو اجتمع الأبوان مع البنت أو أحدهما مع البنات كانت الزيادة خمس الواحد و هو الباقي لهما بعد إطعام السدس حينئذ.

لكن فيه أن المنصرف من الطعمة خلاف ذلك. و لعله لذا اعتبر في النافع و اللمعة و الدروس كون الزيادة بقدر السدس فما زاد، فلا يستحب الطعمة عندهم في المثال المزبور و إلا لزم تفضيلهما على الأبوين، و يؤيده الأصل، كما أنه يؤيد الأول قاعدة التسامح في وجه.

و قد يقال باستحباب أقل الأمرين من الزائد على السدس و منه، لا السدس مطلقا، فإنه قد يستلزم زيادة طعمة الجد على ما يبقى للأب، و لا الزيادة مطلقا، فإنه قد تكون الزيادة في سهم الأب أزيد من السدس، كما في الأبوين


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 الوسائل- الباب- 20- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد- الحديث 10.

ج 39، ص: 147

و الجد من قبل الأب و الاخوة الحاجبين للأم عما زاد من السدس، فإن للأب حينئذ خمسة من ستة، و لا يستحب له إعطاء الأربعة قطعا، ضرورة اقتصار النصوص على إطعام السدس، فالضابط حينئذ ذلك.

كما أن الضابط عدم نقصان الأب عن السدس بالإطعام و يمكن تنزيل النص و الفتوى عليه، بل هو صريح القواعد و غيرها.

كما أنه يمكن دعوى كون المستفاد من النصوص عدم الفرق في إطعام الأبوين السدس لأبويهما بين المتحد منهما و متعددة و إن لم يذكر فيها إلا الجد و الجدة، إلا أن الظاهر إرادة طعمة الجد من حيث الجدودة. و من هنا لم يفرق الأصحاب بينهما، فيشتركان حينئذ في السدس، لعدم ترجيح أحدهما على الآخر فيه.

نعم في القواعد لا طعمة للأجداد إذا علوا، للأصل و اختصاص ظواهر النصوص بالأجداد الأقربين، و هو إن لم يكن إجماعا(1)لا يخلو من بحث، و الله العالم.

[المرتبة الثانية الاخوة و الأجداد]
اشاره

المرتبة الثانية الاخوة مطلقا و أولادهم المسمون بالكلالة و الأجداد مطلقا الذين قد عرفت تأخرهم عن الأبوين و الأولاد الوارثين و تقدمهم على غيرهم، فلا يرث أحد منهم مع وجود أحد من الأولين، و لا يتقدم عليهم أحد من غيرهم مع فقدهم.


1- 1 و في النسخة الأصلية المبيضة: «و هو و إن لم يكن إجماعا» و الصحيح ما أثبتناه كما هو كذلك في النسخة المخطوطة بقلمه الشريف «قده».

ج 39، ص: 148

و حينئذ إذا انفرد الأخ للأب و الأم عمن يرث معه من أهل طبقته فالمال له قرابة بلا خلاف و لا إشكال، قال الله تعالى(1)«وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ» و

قال عبد الله بن سنان(2): «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات و ترك أخاه و لم يترك وارثا غيره، قال: المال له».

كما لا خلاف و لا إشكال أيضا في أنه إن كان معه أخ أو إخوة منهما أيضا فالمال بينهم بالسوية التي هي الأصل بالشركة خصوصا مع اتحاد سبب الشركة و عدم الخصوصية لأحدهم، نعم لو كان معه أو معهم أنثى أو إناث منهما أيضا فللذكر سهمان و للأنثى سهم كتابا(3)و سنة(4)و إجماعا بقسميه.

و لو كان المنفرد أختا لهما كان لها النصف فرضا في كتاب الله(5)و الباقي يرد عليها (11) عندنا قرابة بآية أولي الأرحام(6)و غيرها.

و لو كان أختان فصاعدا كان لهما أو لهن الثلثان (12) فرضا في كتاب الله(7)أيضا و الباقي يرد عليهما أو عليهن (13) قرابة أيضا.

و يقوم مقام كلالة الأب و الأم مع عدمهم كلالة الأب (14) أي الاخوة و الأخوات له و يكون حكمهم في الانفراد و الإجماع حكم كلالة الأب و الأم (15) بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، فإذا انفرد الأخ للأب كان المال له، و إن كان معه ذكر فالمال بالسوية، و إن كان أنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين، و إن كان المنفرد الأخت له كان لها النصف


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 176.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 1.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 176.
4- 4 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 5.
5- 5 سورة النساء: 4- الآية 176.
6- 6 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
7- 7 سورة النساء: 4- الآية 176.

ج 39، ص: 149

فرضا و الباقي ردا، و إن كان الأختان فصاعدا كان لهما أو لهن الثلثان فرضا و الباقي ردا، نحو ما سمعته في كلالة الأب و الأم.

و لكن لا يرث أخ و لا أخت من أب مع واحد من الاخوة للأب و الأم و لو أنثى بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه لاجتماع السببين في كلالة الأبوين، فيكون أقرب من كلالة الأب، و قد قال الله تعالى(1)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ»* إلى آخره و في النبوي(2)و

المرتضوي(3)«أن أعيان بني الأم أحق بالميراث من بني العلات».

و الأعيان: الإخوة لهما، من عين الشي ء: أي النفيس منه، و بنوا العلات: اللذون للأب وحده. و قيل: سموا بذلك لأن شرب الإبل الماء أولا نهل، و الثاني على بعد نهل، فكان من تزوج بأمهم بعد الأولى نهل أولا بالأولى ثم عل بالثانية.

و في الخبر(4)«أخوك لأبيك و أمك أولى بك من أخيك لأبيك، و ابن أخيك لأبيك و أمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك»

. و لو انفرد الواحد من ولد الأم خاصة عمن يرث معه كان له السدس فرضا و الباقي يرد عليه قرابة ذكرا كان أو أنثى.

و للاثنين من ولد الأم فصاعدا بينهم الثلث فرضا بالسوية لظاهر قوله تعالى(5)«فَهُمْ شُرَكاءُ»* و أصالة التسوية في الشركة،


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 12- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 4.
3- 3 الوسائل- الباب- 12- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3.
4- 4 الوسائل- الباب- 12- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 1.
5- 5 سورة النساء 4- الآية 12.

ج 39، ص: 150

خصوصا مع اتحاد السبب و للإجماع بقسميه و السنة(1)و الباقي يرد عليهم قرابة ذكرانا كانوا أو إناثا أو ذكرانا و إناثا بلا خلاف و لا إشكال في شي ء من ذلك، لتطابق الكتاب(2)و السنة(3)و الإجماع عليه.

و لو كان الاخوة الوارثون متفرقين فبعضهم للأم و بعضهم للأب و الأم كان لمن يتقرب بالأم السدس فرضا إن كان واحدا و الثلث كذلك إن كانوا أكثر بينهم بالسوية من غير فرق بين الذكر و الأنثى، لما عرفت. و أما الثلثان فهما لمن يتقرب بالأب و الأم واحدا كان أو أكثر ذكرا كان أو أنثى.

لكن لو كان أنثى خاصة كان لها النصف بالتسمية و الباقي بالرد (11) عليها خاصة على الأصح و إن كانتا اثنتين (12) فصاعدا فلهما الثلثان (13) فرضا أيضا فإن أبقت الفريضة (14) شيئا فلهما الفاضل (15) أيضا كما لو كان المشارك واحدا من كلالة الأم، فإنه يبقى حينئذ واحد.

و إن كانوا ذكورا فالباقي بعد كلالة الأم (16) و هو الخمسة أسداس أو الثلثان بينهم بالسوية، و إن كانوا ذكورا و إناثا فالباقي (17) بعد كلالة الأم بينهم للذكر سهمان و للأنثى سهم (18) كتابا(4)و سنة و إجماعا بقسميه.

قال بكير بن أعين(5): «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): امرأة تركت زوجها و إخوتها لأمها و إخوتها و أخواتها لأبيها، فقال: للزوج النصف


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 12.
3- 3 الوسائل- الباب- 8 و 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
4- 4 سورة النساء: 4- الآية 176.
5- 5 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.

ج 39، ص: 151

ثلاثة أسهم، و للاخوة من الأم الثلث، الذكر و الأنثى فيه سواء، و ما بقي فهو للاخوة و الأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول، و لا

ينقص الزوج من النصف و لا الاخوة من الأم من ثلثهم، لأن الله عز و جل يقول «فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ»(1)و إن كانت واحدة فلها السدس و الذي عنى الله تبارك و تعالى في قوله(2)«وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ» إنما عني بذلك الاخوة و الأخوات من الأم خاصة، و قال في آخر سورة النساء(3)«يَسْتَفْتُونَكَ، قُلِ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ- يعني أختا لأب و أم أو أختا لأب- فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ، وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ،. وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» فهم الذين يزادون و ينقصون و كذلك أولادهم هم الذين يزادون و ينقصون، و لو أن امرأة تركت زوجها و أخويها لأمها و أختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم و للأخوين من الأم سهمان، و بقي سهم فهو للأختين للأب، و إن كانت واحدة فهو لها، لأن الأختين لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا يزاد أنثى من الأخوات و لا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه»

و رواه محمد بن مسلم(4)أيضا بأدنى تفاوت، و هما صريحان في أكثر


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 12.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 12.
3- 3 الآية: 176.
4- 4 أشار إليه في الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3 و ذكره في الكافي ج 7 ص 103 و التهذيب ج 9 ص 292- الرقم 1047.

ج 39، ص: 152

ما سمعته و تسمعه من الأحكام، هذا كله في الاخوة.

و أما الأجداد ف الجد و إن علا إذا انفرد عمن يرث معه فالمال كله له لأب كان أو لأم أو لهما و كذا الجدة لو انفردت يكون المال كله لها و لو كان جد أو جدة أو هما لأم و جد أو جدة أو هما لأب كان لمن يتقرب بالأم منهم الثلث بالسوية و لمن يتقرب بالأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين على المشهور بين الأصحاب في أن القسمة بينهم بالثلث و الثلثين و لو مع الأنوثة و الاتحاد، بل عليه عامة المتأخرين، بل ربما أشعرت بعض العبارات بالإجماع عليه بل في كشف اللثام عن الخلاف الإجماع.

لعموم ما دل(1)على إرث كل قريب نصيب من يتقرب به، و من المعلوم أن نصيب الأم الثلث و الأب الثلثان، فيرث قريب كل منهما نصيبه، و لا يشكل ذلك بالاخوة و الأخوات الخارجين بالدليل الناص على حكمهم بالخصوص، كما لا يشكل بأن نصيب الأم السدس أيضا، ضرورة ظهور الآية(2)في أن نصيبها الأصلي مع عدم الولد الثلث، فينصرف الإطلاق السابق إليه كالأب.

و ل

موثق محمد بن مسلم(3)عن الباقر (عليه السلام) «إذا لم يترك الميت إلا جده أبا أبيه و جدته أم أمه فان للجدة الثلث و للجد الباقي، قال: و إذا ترك جده من قبل أبيه و جد أبيه و جدته من قبل أمه و جدة أمه كان للجدة من قبل الأم الثلث، و سقطت جدة الأم، و الباقي للجد من قبل الأب، و سقط جد الأب».


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث.
2- 2 سورة النساء: 4- الآية 11.
3- 3 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.

ج 39، ص: 153

و في المحكي عن

الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام)(1)«فان ترك جدا من قبل الأم و جدا من قبل الأب فللجد من قبل الأم الثلث، و للجد من قبل الأب الثلثان».

خلافا للمحكي عن العماني من أن لأم الأم السدس و أم الأب النصف و الباقي يرد عليهما بحسب ذلك تنزيلا لهما منزلة الأختين.

و الصدوق من أن لأبي الأم السدس و لأبي الأب الباقي تنزيلا لهما منزلة الأخوين.

و التقي و ابن زهرة و الكيدري من أن للمتحد من قبل الأم السدس ذكرا كان أو أنثى، و للمتعدد الثلث نحو كلالة الأم.

و لم نعرف لهم ما يدل على ذلك سوى

خبر زرارة(2)«أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة الفرائض، فإذا فيها لا ينقص الجد من السدس شيئا و رأيت سهم الجد فيها مثبتا»

و ما دل على(3)تنزيل الجد منزلة الأخ و الجدة منزلة الأخت.

و الخبر- مع ضعفه و احتماله الطعمة و موافقته للعامة بإطلاق السدس للجد- قاصر عن معارضة ما عرفت من وجوه، و التنزيل المزبور إنما هو في حال اجتماع الجد أو الجدة مع الأخ أو الأخت أو الأخوة أو الأخوات لا مطلقا كما لا يخفى على من لاحظ النصوص(4)المتضمنة لذلك، لا أن


1- 1 المستدرك- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 7 و فيه« و قد تقدم في حديث زرارة قال: أقرأني أبو جعفر عليه السلام.» إلا أن المتقدم في الوسائل في الباب- 6- من تلك الأبواب- الحديث 21 عن زرارة قال: أراني أبو عبد الله عليه السلام.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 154

الجد أخ مطلقا و الجدة أخت كذلك. على أنه لو سلم وجب تقييده بالنسبة إلى ذلك بما عرفت، كما هو واضح.

و أما ما تضمنه المتن من التسوية في جدودة الام و التفاوت في جدودة الأب فلا أجد فيه خلافا، كما عن جماعة الاعتراف به،

للمرسل المروي عن مجمع البيان(1)«الجد أب الأب مع الأخ الذي هو ولده في درجة و كذلك الجدة مع الأخت، فهم يتقاسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين- إلى أن قال-: و متى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأم مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الأم الثلث بينهم بالسوية، و الباقي لقرابة الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين»

و في المحكي عن

الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام)(2)«فان ترك جدين من قبل الأم و جدين من قبل الأب فللجد و الجدة من قبل الأم الثلث بينهما بالسوية. و ما بقي فللجد و الجدة من قبل الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين».

و لتصريح النصوص في قسمة الجد من قبل الأب مع الأخت له أو لهما بالتفاوت. فالجدة المنزلة منزلتها كذلك. ففي

صحيح زرارة و بكير و محمد و الفضيل و بريد(3)عن أحدهما (عليهما السلام) «إن الجد مع الاخوة من الأب يصير مثل واحد من الاخوة ما بلغوا، قال:

قلت: رجل ترك أخاه لأبيه و أمه و جده أو قلت: ترك جده و أخاه لأبيه و أمه و أخاه لأبيه، فقال: المال بينهما و إن كانا أخوين أو مائة ألف فله نصيب واحد من الاخوة، قال: قلت: رجل ترك جده و أخته، فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين، و إن كانتا أختين فالنصف للجد


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 5.
2- 2 المستدرك- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 9.

ج 39، ص: 155

و النصف الآخر للأختين، و إن كن أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب، و إن ترك إخوة أو أخوات لأب و أم أو لأب و جدا فالجد أحد الاخوة و المال بينهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، قال زرارة: هذا لا يؤاخذ علي فيه قد سمعته من أبيه و منه قبل ذلك، و ليس عندنا في ذلك شك و لا اختلاف».

بل قد يستفاد مما ورد في(1)الأولاد و الاخوة و في علة تفضيل الذكران على النسوة بعدم الجهاد عليهن و النفقة و العقل بخلاف الرجال(2)و بأنهن يرجعن عيالا على الرجال(3)أصالة ذلك هنا في غير المتقرب بالأم الباقي على أصالة التسوية في المال المشترك، بل في عموم التعليل و الإطلاق أو العموم في المعلل كفاية.

مضافا إلى ما عساه يشعر به النصوص(4)المنزلة للأجداد و الجدات مع الاخوة و الأخوات منزلة الاخوة و الأخوات، بل هي دالة على ذلك حال الاجتماع و لا قائل بالفصل، فلا إشكال في الحكم حينئذ بحمد الله و إن وسوس فيه بعض متأخري المتأخرين.

و كيف كان ف إذا اجتمع مع الاخوة للام جد و جدة أو أحدهما من قبلها كان الجد كالأخ منها و الجدة كالأخت منها و كان الثلث بينهم بالسوية بلا خلاف أجده فيه، بل عن الشهيدين نسبته إلى الأصحاب مشعرين بالإجماع، بل المحكي عن كنز العرفان كالصريح في ذلك لإطلاق جملة من النصوص(5)أن الجد و الجدة مع


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد و الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
5- 5 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 156

الإخوة بمنزلتهم.

بل يمكن أن يحمل عليه

قول الباقر (عليه السلام) في خبر أبي بصير(1): «أعط الاخوة من الأم فريضتهم مع الجد»

و عن الكافي رواية(2)«أعط الأخوات من الأم فريضتهن مع الجد».

بل و

خبر الحلبي(3)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «سألته عن الاخوة من الأم مع الجد، قال: للاخوة فريضتهم الثلث مع الجد».

و خبره(4)الآخر عنه (عليه السلام) أيضا «في الاخوة من الأم مع الجد نصيبهم الثلث مع الجد».

و خبر أبي جميلة(5)عنه (عليه السلام) أيضا «في الاخوة من الأم مع الجد، قال: للاخوة من الام فريضتهم الثلث مع الجد».

فما في

صحيح ابن سنان(6)عن الصادق (عليه السلام) أنه قال له: «فان كان مع الأخ للأم جد، فقال له: يعطى الأخ للأم السدس و يعطي الجد الباقي، قال: فان كان أخ لأب و جد، قال:

المال بينهما سواء»

محمول على كون الجد للأب.

كما أن المراد من

خبر القاسم بن سليمان(7)«حدثني أبو عبد الله (عليه السلام) أن في كتاب علي (عليه السلام) أن الاخوة من الأم لا يرثون مع الجد»

عدم إرثهم معه بالمقاسمة، لأن لهم فريضتهم من دون زيادة عليها.


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 6.
2- 2 الكافي- ج 7 ص 112.
3- 3 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 5.
4- 4 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3.
5- 5 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 7 عن أبي جميلة عن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام كما في الكافي ج 7 ص 112 و التهذيب ج 9 ص 308 الرقم 1101.
6- 6 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 1.
7- 7 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 8.

ج 39، ص: 157

و كذا إذا اجتمع مع الأخت أو مع الأختين فصاعدا للأب و الأم أو للأب جد و جدة أو أحدهما من قبله كان الجد كالأخ من قبله و الجدة كالأخت من قبلها و ينقسم الباقي بعد كلالة الأم إن كانت بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف أيضا أجده في تنزيل الجد معها أو معهما أو مع الاخوة منزلة الأخ للأب و الجدة منزلة الأخت له، بل عن ظاهر جماعة الإجماع عليه، بل عن الكليني و الشيخ دعواه صريحا.

مضافا إلى النصوص المتواترة التي هي ما بين مطلقة كون الجد و الجدة كالأخ و الأخت،

كالصحيح(1)«قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

«رجل مات و ترك ستة إخوة و جدا، قال: هو كأحدهم».

و الموثق(2)عنه (عليه السلام) أيضا «سمعته يقول في ستة إخوة و جد: للجد السبع».

و الخبر(3)عنه (عليه السلام) أيضا «في رجل ترك خمسة إخوة و جدا، قال: هي من ستة لكل واحد منهم سهم».

و في المرسل(4)«أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أملى على علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في صحيفة الفرائض أن الجد مع الاخوة يرث حيث ترث الاخوة و يسقط حيث تسقط، و كذلك الجدة أخت مع الأخوات ترث حيث يرثن و تسقط حيث يسقطن».

و ما بين مصرحة بأن الجد مع الاخوة من الأب مثل واحد منهم كثروا أو قلوا، كصحيح الفضلاء(5)السابق و غيره، بل يمكن دعوى تواترها في ذلك و في كون القسمة بين الأجداد للأب و الأخوات له بالتفاوت


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 7.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 15.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 16.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 22.
5- 5 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 9.

ج 39، ص: 158

كما عرفته فيما مر، فلا إشكال حينئذ في شي ء من ذلك مع ملاحظة الإجماع بقسميه جابرا لما في النصوص من القصور عن إفادة تمام التفصيل في تنزيل الأجداد من الأم مع الاخوة لها منزلة واحد أو واحدة منها و في كيفية القسمة التي قد تقدم الكلام فيها سابقا.

هذا و لكن عن المقنع «إن ترك أختا لأب و أم و جدا فللأخت النصف و للجد النصف، فان ترك أختين لأب و أم أو لأب و جدا فللأختين الثلثان و ما بقي فللجد».

و يوافقه في الجملة

خبر الحلبي و الكناني و الشحام و أبي بصير(1)جميعا عن الصادق (عليه السلام) «في الأخوات مع الجد إن لهن فريضتهن، إن كانت واحدة فلها النصف و إن كانت اثنتين أو أكثر من ذلك فلها الثلثان، و ما بقي فللجد».

و هو إن لم يكن حكاية ما عند بعض العامة يمكن حمله على الجد من قبل الام، فلا خلاف حينئذ في المسألة و لا إشكال.

نعم بقي شي ء: و هو أنه في صورة اجتماع الجد من الأم أو الجدة أو هما و الأخت من الأب يكون الثلث لقرابة الأم و لو مع الاتحاد على المختار، و النصف للأخت، يبقى واحد من ستة، فهل يرد على الأخت خاصة أو عليها و على قرابة

الأم؟ وجهان بل قولان، أقواهما الأول، كما تسمعه إنشاء الله في نظير المسألة عند تعرض المصنف له.

و على كل حال ف الزوج و الزوجة يأخذان نصيبهما الأعلى مع الاخوة و الأجداد اتفقت وصلتهم بأن كانوا جميعا لاب و أم أو أب أو اختلفت بأن كان بعضهم كذلك و بعضهم


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 17 و 18.

ج 39، ص: 159

لأم، لاتفاق النص(1)و الفتوى على عدم نقصان الزوج و الزوجة عن المقدر لهما مع الولد و عدمه بحال من الأحوال كاتفاقهما على عدم نقصان كلالة الأم عن المقدر لها.

و حينئذ فلو اجتمع الزوج مثلا مع كلالة الأب و الام و كلالة الأب خاصة و كلالة الأم خاصة يأخذ الزوج النصف و يأخذ من يتقرب بالأم نصيبه المسمى من أصل التركة و هو الثلث أو السدس و ما يفضل فلكلالة الأب و الام و إن كانت أختا أو أختين المسمى لهما في غير الفرض النصف و الثلثان و لا يأخذ كلالة الأب خاصة شيئا، لما عرفت من أنهم محجوبون بكلالة الأب و الام، نعم مع عدمهم يقومون مقامهم و حينئذ ف يكون الفاضل لكلالة الأب خاصة و إن كانت أختا أو أختين.

و على كل تقدير يكون النقص داخلا على من يتقرب بالأب و الام أو بالأب دون غيرهم كما سمعته فيما فرضناه.

و في زوج مع واحد من كلالة الأم أخ أو أخت مع أخت (11) للأب و الأم أو للأب (12) فإن النصف حينئذ من ستة للزوج، و السدس منها لكلالة الأم، فيبقى سدسان أي الثلث للأخت التي مسماها في غير الفرض النصف. و يكون نقصها حينئذ سدسا.

و (13) لكن إن فرضت الزيادة كما في واحد من كلالة الأم (14) أخ مثلا مع أخت لأب و أم كان الفاضل (15) بعد فرضي النصف و السدس و هو الثلث للأخت (16) من الأبوين خاصة (17) دون غيرها بلا خلاف أجده معتد به فيه، بل عن المختلف أنه ادعى أكثر علمائنا الإجماع عليه، و هو الحجة مضافا إلى الحصر في قول الصادقين


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الأزواج.

ج 39، ص: 160

(عليهما السلام) فيما مر من خبري بكير(1)و

محمد بن مسلم(2)«فهم الذين يزادون و ينقصون».

بل

موثق موسى بن بكير(3)«قال: قلت لزرارة: إن بكير حدثني عن أبي جعفر (عليه السلام) أن الاخوة للأب و الأخوات للأب و الأم يزادون و ينقصون- إلى أن قال-: فقال زرارة: و هذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه»

فإنه و إن لم يكن فيه حصر صريح لكنه ظاهر فيه، خصوصا مع ملاحظة إرادة ما سمعته في خبر بكير مما حكاه عنه.

خلافا للمحكي عن الفضل و الحسن من الرد عليها و على قرابة الأم على حسب السهام و لا ريب في ضعفه بعد النص و الإجماع.

نعم إن كانت للأب خاصة فهل تختص بما فضل عن السهام؟ قيل و القائل الصدوقان و الشيخان و أتباعهما و أكثر المتأخرين:

نعم يختص بالرد لأن النقص يدخل عليها بمزاحمة الزوج أو الزوجة و من كان عليه الخسران فله الجبران و لما

روي عن أبي جعفر (عليه السلام)(4)في ابن أخت لأب و ابن أخت لأم، قال:

لابن الأخت للأم السدس و الباقي لابن الأخت للأب

و لكن في طريقها علي بن فضال، و هو ضعيف بالفطحية.

و لذا قيل و القائل الإسكافي و الحلي: لا يختص


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
2- 2 أشار إليه في الوسائل في الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3 و ذكره في الكافي- ج 7 ص 103 و التهذيب ج 9 ص 292 الرقم 1047.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2 عن موسى ابن بكر كما في الكافي ج 7 ص 104 و التهذيب ج 9 ص 319.
4- 4 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 11.

ج 39، ص: 161

الأخت للأب بالرد بل يرد على من يتقرب بالأم و على الأخت أو الأخوات للأب أرباعا في نحو الأخت للأم و الأخت للأب أو أخماسا في نحو الأخت للأم و الأختين للأب، ضرورة كون السهام في الأول أربعة و في الآخر خمسة، و الرد إنما هو بحسبها، و لعل لل اتحاد في جهة القرابة أي الاخوة و ال تساوي في الدرجة.

و هو أولى عند المصنف هنا و أشبه في النافع، لكنه كالاجتهاد في مقابلة النص الذي قد سمعته في خبر بكير(1)و محمد بن مسلم(2)و زرارة(3)و غيرهم، مضافا إلى الخبر(4)الذي قد رواه راميا له بالضعف الذي يكون به من الموثق، بل هو من أعلى درجاته، و قد فرغنا من حجيته في الأصول.

مضافا إلى انجباره بالشهرة بقسميها، بل عن ظاهر الكليني في بيان باب الفرائض دعوى الإجماع عليه، حيث قال: «و الاخوة و الأخوات من الأم لا يزادون على الثلث و لا ينقصون من السدس، و الذكر و الأنثى فيه سواء، و هذا كله مجمع عليه».

و إلى ما

في بعض(5)المعتبرة: «و أخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك»

بناء على ما قيل في توجيهه من أن له ما بقي إن كان ذكرا، و يرد عليه خاصة إن كان أنثى.


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2.
2- 2 أشار إليه في الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3 و ذكره في الكافي ج 7 ص 103 و التهذيب ج 9 ص 292 الرقم 1047.
3- 3 المتقدم في ضمن خبر موسى بن بكر المتقدم.
4- 4 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد الحديث 11.
5- 5 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2.

ج 39، ص: 162

و إلى

المرسل المروي عن مجمع البيان(1)فان فيه «و يصح اجتماع الكلالتين معا لتساوي قرابتهما، و إذا فضلت التركة يرد الفاضل على كلالة الأب و الأم أو الأب دون كلالة الأم»

فلا ريب في أن الأول أقوى، و الله العالم.

[مسائل ثلاث]
[المسألة الأولى الجد و إن علا يقاسم الاخوة]

الأولى لا خلاف بيننا في أن الجد و إن علا يقاسم الاخوة لصدق اسم الجد فضلا عن أولادهم، بل عن بعض العامة سقوط كلالة الأبوين أو الأب مع الجد له و إن تواترت نصوصنا بخلافه.

نعم إنما يقاسمهم مع عدم وجود الجد الأدنى و إلا كان هو المشارك لهم دونه، لقاعدة الأقرب، و لا يشكل ذلك بأن الأخ أقرب من الجد الأعلى، لما عرفت سابقا من أنهم صنفان، و الأقرب إنما يمنع الأبعد في الصنف الواحد كما مر تحقيقه سابقا.

و على كل حال ف لو اجتمعا أي الأدنى و إن بعد مع الاخوة شاركهم الأدنى و سقط الأبعد من غير فرق بين اتحاد الجهة و اختلافها، فلا يرث الأعلى للأب و لو كان ذكرا مع الأدنى للأم و لو كان أنثى و كذا العكس.


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 5.

ج 39، ص: 163

[المسألة الثانية إذا ترك جد أبيه و جدته لأبيه و جده و جدته لأمه و مثلهم للأم كان لأجدادها الثلث بينهم أرباعا]

المسألة الثانية قد عرفت أنه يرث الأبعد مع فقد الأدنى ذكرا و أنثى، فلو عدم الأجداد الأدنون ورث أجداد الأب و أجداد الأم ثم أجداد الجد و أجداد الجدة و هكذا، و هم في المرتبة الأولى أربعة، و في الثانية ثمانية، و في الثالثة ستة عشر، و هكذا.

ف إذا ترك جد أبيه مثلا و جدته لأبيه و جده و جدته لام أبي ه و مثلهم للأم بالنسبة إلى أبيها و أمها كان لأجدادها أي الأم الثلث بينهم أرباعا إذ الفرض أنهم أربعة و بمنزلة كلالة الأم التي قد عرفت اقتسامها بالسوية و لأجداد الأب الأربعة أيضا الثلثان و لكن لكونهم بمنزلة كلالة الأب يقسمان بينهم أثلاثا ثلثا ذلك لجده و جدته لأبيه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين و الثلث الآخر لجده و جدته لأمه أثلاثا أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين على ما ذكره الشيخ (رحمه الله) و جماعته، بل حكى غير واحد عليه الشهرة فيكون (11) حينئذ أصل الفريضة ثلاثة: (12) واحد للقبيل الأول الذين قد عرفت أن سهامهم أربعة، و اثنان للثاني، و قد عرفت أن سهامهم تسعة ليكون لها ثلث و لثلثها ثلث.

و من هنا بان لك أن الثلاثة التي هي أصل الفريضة تنكسر على الفريقين (13) و بين عدد سهام كل فريق و نصيبه مباينة، و كذا بين العددين ف (14) احتجت إلى أن تطرح النصيب و تضرب (15) أحد العددين و هو أربعة في (16) الآخر و هو تسعة ثم تضرب

ج 39، ص: 164

المجتمع منهما و هو ستة و ثلاثون في ثلاثة التي هي أصل الفريضة فيكون الحاصل مائة و ثمانية ستة و ثلاثون منها للأجداد من قبل الام، لكل واحد تسعة، و اثنان و سبعون للأجداد من قبل الأب أربعة و عشرون منها للجد و الجدة من قبل أم الأب ستة عشر للجد و ثمانية للجدة، و ثمانية و أربعون منها للجد و الجدة من قبل أب الأب اثنان و ثلاثون للجد و ستة عشر للجدة.

خلافا لمعين الدين المصري فقال: يقسم ثلث الثلث لأبوي أم الأم بالسوية و ثلثاه لأبوي أبيها بالسوية، فسهامهم ستة، و يقسم ثلث الثلثين لأبوي أم الأب بالسوية و ثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا، فسهامهم ثمانية عشر ليكون لها ثلث له نصف و لثلثيها ثلث، و يدخل فيها الستة فتضربها في أصل المسألة و هو ثلاثة فتبلغ أربعة و خمسين.

قيل: و دليله أن نصيب الام- و هو الثلث- هو الذي ينتقل إلى أبويها ثم ينتقل منهما إلى أبويهما، فهو بمنزلة تركة الام ينتقل منها إلى أبويها فثلثه لامها و الباقي لأبيها ثم ينتقل كل من الثلث و الباقي إلى الأجداد، فإنما ينتقل إلى أبوي الأم ثلثها و ينتقل الباقي إلى أبوي الأب، و إنما يقسم بينهما بالسوية، لأنه الأصل، مع أنه إنما ورثاه لجدتيهما للميت، و قد أطلق في الاخبار و كلام الأصحاب أن الجد للام ككلالتها، و الجدية تشمل الدنيا و العليا، ثم نصيب الأب و هو الثلثان ينتقل إلى أبويه أثلاثا ثم منهما إلى أبويهما، فثلث الام ينتقل إلى أبويهما، و إنما يقسم بينهما بالسوية للأصل و صدق الجدية للام عليهما أيضا و لو بالنسبة إلى أبي الميت و ثلثا الأب ينتقلان إلى أبويه أثلاثا، لعدم صدق الجدية للام عليهما بوجه.

و للبرزهي من أصحابنا، فقال: يقسم نصيب قرابة الأب بينهم كما قاله المشهور، و لكن يقسم نصيب قرابة الأم أثلاثا: ثلثه لأبوي أم

ج 39، ص: 165

الأم بالسوية، و ثلثاه لأبوي أبيها أثلاثا، و تصح أيضا من أربعة و خمسين.

قيل: و دليله أن لغير أبوي أم الأم جدية للأب، أما بالنسبة إلى الميت أو إلى أبيه أو أمه فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ليس لها ذلك بوجه فيقسم بينهما بالسوية.

و الجميع كما ترى- حتى المشهور- مجرد اعتبارات لا تصلح مدركا للحكم الشرعي، بل ربما كان احتمال قسمة جدودة الأب الثلثين بالتفاوت مطلقا أولى منها، ضرورة كونهم كالاخوة و الأخوات للأب و إن كان التقرب إليه بأمه، و من ثم كان الاحتياط و لو بالصلح أو غيره لا ينبغي تركه، و لقد كفانا مئونة ذلك ندرة وقوع الفرض.

و لو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد الأب الأربعة دون أجداد الأم لما سمعته، فيعطى سهمهما الأعلى، و هو النصف أو الربع، فالباقي حينئذ على المشهور لقرابة الأب، ثمانية عشر من المائة و الثمانية، ثلثها- و هو ستة- للجدين من أمه أثلاثا، و ثلثاها- و هو اثنا عشر- لهما من أبيه كذلك، و قد كان لهم قبل ذلك اثنان و سبعون كما عرفت، و بملاحظته تعرف ما دخل كل واحد من النقصان.

و أما على القولين الآخرين فالباقي لهم تسعة، لكن ينقسم عليهم على الثالث أثلاثا، ثلاثة للجدين من الأم أثلاثا و ستة لهما من الأب كذلك، بخلاف قول المصري، فإن الثلاثة لا تنقسم على الجدين من الأم بالسوية فيحتاج حينئذ إلى ضرب الاثنين في الأربعة و الخمسين، فتبلغ مائة و ثمانية و تبقى لهم حينئذ ثمانية عشر، كما في المشهور، و الله العالم.

ج 39، ص: 166

[المسألة الثالثة لو اجتمع أخ من أم مع ابن أخ لأب و أم فالميراث كله للأخ من الأم]

المسألة الثالثة المعروف بين الأصحاب بل هو كالمجمع عليه بينهم أنه لو اجتمع أخ من أم مع ابن أخ لأب و أم فالميراث كله للأخ من الأم، لأنه أقرب و لكن قال ابن شاذان: له السدس و الباقي لابن الأخ للأب و الأم.

بل في الكافي عنه أن ابن الأخ للأب أو بنته كذلك أيضا، و ابن ابن الأخ للأب أو لهما فنازلا مع ابن الأخ للأم كذلك أيضا، و كذا ابن الأخت و بني الأخوات لهما مع أخت لها، لاختلاف جهة القرابة، قال:

«و لا يشبه هذا ولد الولد، لأن ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد و يحجبون ما يحجب الولد، فحكمهم حكم الولد، و ولد الاخوة و الأخوات ليسوا بإخوة و لا يرثون ما يرث الاخوة و لا يحجبون ما يحجب الإخوة، لأنه لا يرث مع الحصة أخ لأب، و لا يحجبون الام، و ليس سهمهم بالتسمية كسهم الولد من طريق سبب الأرحام، و لا يشبهون أمر الولد».

و في كشف اللثام «يعني أن أولاد الاخوة لا يرثون لكونهم إخوة، كما أن أولاد الأولاد إنما يرثون لكونهم أولادا، بل لدخولهم في أولي الأرحام، فلا يحجب الأخ من الام ولد الأخ من الأب و إن كان أقرب منه، كما أن الجد الأدنى لا يحجبه، لأن الأقرب إنما يحجب الأبعد مع اتحاد الجهة، أي لا مع اختلافها كما في الفرض، لأن القرب بالأمومة غيره بالأبوة، فهما حينئذ كالصنفين الذين لا يمنع القريب في أحدهما البعيد في الآخر، كالأب مع ولد الولد، و الجد الأدنى مع ابن الأخ النازل».

ج 39، ص: 167

و على كل حال فهذا خلاف ما ذكره المصنف و غيره عنه من التعليل بقوله لأنه يجمع السببين ثم قالوا و هو ضعيف لأن كثرة الأسباب أثرها مع التساوي في الدرجة لا مع التفاوت إذ قد عرفت صراحة كلامه بأن القرب بالأب وحده كالقرب بالأبوين في الحكم المزبور مع عدم كثرة الأسباب فيه.

نعم يرد عليه أن ذلك إن تم أدى إلى أن الأخ للأب لا يحجب أولاد الأخ للأم، و قد حكي عنه التصريح بموافقته للمشهور معللا له بأنه أقرب ببطن و قرابتهما من جهة واحدة، و الفرق غير ظاهر.

كما أنه يرد عليه أيضا أنه المفهوم لغة و عرفا، بل في المسالك نسبته إلى النص الصحيح أن الاخوة صنف واحد، و أن الأقرب منهم يمنع الأبعد اتحدت الجهة أو اختلفت، بل سمعت

قول الصادق (عليه السلام) فيما مضى في مرسل يونس(1): «إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه، فان استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه»

و في المحكي

عن فقه الرضا(2): «من ترك واحدا ممن له سهم ينظر فان كان من بقي من درجته ممن سفل و هو أن ترك الرجل أخاه و ابن أخيه فالأخ أولى من ابن أخيه»

و الله العالم.

[خاتمة أولاد الاخوة و الأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم]

خاتمة أولاد الاخوة و الأخوات من الأبوين و من أحدهما يقومون


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 3.
2- 2 المستدرك- الباب- 4- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 4.

ج 39، ص: 168

مقام آبائهم عند عدمهم بلا خلاف نصا(1)و فتوى و لا إشكال فيه، بل و في أنه يرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به لقيامه مقامه و تنزيله منزلته.

و حينئذ فإن كان واحدا كان النصيب له و إن كانوا جماعة اقتسموا ذلك النصيب بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا، و إن اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا أولاد إخوة للأبوين أو للأب على حسب من قاموا مقامهم.

و

خبر محمد بن مسلم(2)عن الباقر (عليه السلام) قال: «له بنات أخ و ابن أخ، قال: المال لابن الأخ، قال: قرابتهم واحدة، قال العاقلة و الدية عليهم، و ليس على النساء شي ء»

مع ضعفه محتمل الإرث بالولاء، و حكاية ما عند العامة على ما قيل و كون ابن الأخ للأبوين و بنات الأخ من الأب و حده و غير ذلك.

و إن كانوا أولاد إخوة من أم كانت القسمة بينهم بالسوية كمن قاموا مقامهم، من غير فرق بين كونهم أولاد أخ واحد أو أخت و بين كونهم أولاد إخوة متعددين.

و إن كان مع النسبة إلى المتعدد يأخذ كل واحد نصيب من يتقرب به إلا أنه يقسم أيضا بالسوية، فلو كان أولاد الاخوة للام ثلاثة مثلا واحد منهم ولد أخ و الآخران ولدا واحد فلولد الولد السدس(3)الذي هو نصف الثلث و للآخرين السدس الآخر بينهما بالسوية، و من هنا أطلق المصنف (رحمه الله) القسمة بالسوية و إن كانت قد تقتضي اختلافا من


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.
2- 2 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 13.
3- 3 هكذا في النسخة الأصلية، و الاولى أن تكون العبارة هكذا:« فلولد الواحد السدس».

ج 39، ص: 169

وجه آخر، و الأمر سهل.

و كيف كان ف يأخذ أولاد الأخ للأبوين أو للأب ذكورا أو إناثا أو متفرقين المال و الباقي بعد الفرض إن كان معهم صاحبه كأبيهم الذي لا فرض له.

و أما أولاد الأخت للأب و الأم أو للأب فيأخذون النصف خاصة نصيب أمهم، إلا على سبيل الرد كما إذا لم يكن سواهم في درجتهم، فإنه يرد النصف الآخر عليهم أيضا و لو كان معهم أولاد أخ للأم أو إخوة رد عليهم السدس أو السدسان دون أولاد كلالة الأم على الأصح كما عرفته سابقا فيمن قاموا مقامه.

و يأخذ أولاد الأختين للأبوين أو للأب فصاعدا الثلثين (11) فرضا و الباقي ردا إذا فرض عدم المساوي، بل هو كذلك حتى لو كان واحدا، لجواز اتفاقه عند تباعد الدرجات. و الحاصل هم كمن قاموا مقامهما إلا أن يقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة فيكون لهم الباقي كما يكون لمن يتقربون به.

و لو لم يكن أولاد كلالة الأب و الأم قام مقامهم أولاد كلالة الأب (12) في جميع ما ذكرناه، نعم لا يرث أحد منهم مع وجود المتقرب بالأبوين، ل

قول الصادق (عليه السلام) في خبر الكناسي(1): «و ابن أخيك لأبيك و أمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك»

. و لأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس (13) بالسوية و إن تعددوا و اختلفوا ذكورة و أنوثة.


1- 1 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 1 هذا و في النسخة الأصلية المبيضة« خبر العياشي» و الصحيح ما أثبتناه، كما هو كذلك في النسخة المخطوطة بقلمه الشريف« قده».

ج 39، ص: 170

و لو كانوا أولاد اثنين ذكرين أو أنثيين أو متفرقين من كلالة الأم كان لهم الثلث، لكل فريق نصيب من يتقرب به بينهم بالسوية مع التعدد على حسب ما عرفت، فلأولاد الأخ مثلا السدس و إن كان واحدا، و لأولاد الأخت مثلا سدس و إن كانوا مائة و بالعكس.

و إن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما و ابنة ابن أخ كذلك فان اتحد الأخ كان للأنثى ضعف ما للذكر، لأن نصيب من تقرب به و هو الابن كذلك، فيبقى الثلث للتي تقرب بها الذكر و هو البنت، و إن تعدد أي الأخ كان المال بينهما نصفين، لكل منهما نصيب أحد الأخوين.

و إن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما و ابنة ابنة أخ كذلك و اتحدت أمهما كان للذكر ضعف الأنثى و إلا فبالسوية، لما ذكرناه أيضا، كما هو واضح بأدنى تأمل.

و لو اجتمع أولاد الكلالات الثلاثة كان لأولاد كلالة الأم الثلث إن كان قد تعدد من تقربوا به و إلا فالسدس و كان لأولاد كلالة الأب و الأم الثلثان في الأول فرضا أو قرابة أو و فرضا و الباقي في الثاني قرابة أو و فرضا و سقط أولاد كلالة الأب بأولاد كلالة الأبوين كمن تقربوا به.

و لو دخل عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى النصف و الربع و لمن تقرب بالأم ثلث الأصل إن كانوا لأكثر من واحد:

أخ أو أخت(1)أو أخوين أو أختين أو نحو ذلك و السدس إن كانوا لواحد: أخ أو أخت و الباقي لأولاد كلالة الأب و الأم زائدا كان أو ناقصا، و لو لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب خاصة (11) لقيامهم


1- 1 هكذا في النسخة الأصلية المبيضة، و الصحيح« أخ و أخت» كما في النسخة الأصلية المخطوطة بقلمه الشريف« قده».

ج 39، ص: 171

مقامهم مع عدمهم، فهم الذين يزادون و ينقصون دون أولاد كلالة الأم كما نطقت به النصوص على ما سمعت من قول الصادقين (عليهما السلام) في خبري بكر(1)و محمد بن مسلم(2).

و حينئذ ف في طرف الزيادة لا يحصل التردد في اختصاصهم بردها عليهم، كأولاد كلالة الأبوين، و لا يشاركهم فيها أولاد كلالة الأم، و إن مال إليه المصنف سابقا، فالبحث حينئذ على حسب ما مضى آنفا، فلاحظ و تأمل.

و لو اجتمع معهم أي الأولاد الأجداد قاسموهم كما يقاسموهم الاخوة بلا خلاف فيه بيننا، ضرورة قيامهم مقام آبائهم في ذلك، و لا ينافيه تنزيل الأجداد منزلة الإخوة المراد منه بيان كيفية استحقاقهم الإرث لا ما يشمل حجبهم، خصوصا بعد استفاضة النصوص(3)أو تواترها في شركة الجد و ابن الأخ، و كون المال بينهما نصفين.

و أما كيفية مقاسمة الإخوة للأجداد ف قد بيناه فيما مضى سابقا فلا حاجة إلى إعادته.

و لو خلف ابن أخ و بنت ذلك الأخ و كان الأخ لأب و ابن أخت و بنت تلك الأخت له و ابن أخ و بنت ذلك الأخ لأم و ابن أخت و بنت تلك الأخت لأم مع الأجداد الثمانية أخذ الثلثين الأجداد من قبل الأب مع أولاد الأخ و الأخت للأب الأربعة، و لانتسابهم إلى الأب يقسم بينهم


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 2 عن بكير ابن أعين.
2- 2 أشار إليه في الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3 و ذكره في الكافي ج 7 ص 103.
3- 3 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد.

ج 39، ص: 172

أثلاثا، فللجد و الجدة من قبل أب الأب و أولاد الأخت و الأخ للأب ثلثا الثلثين، ثم ثلثا الثلثين أيضا يقسم بينهم أثلاثا، للجد و أولاد الأخ ثلثا ذلك، نصفه للجد و نصفه لأولاد الأخ أثلاثا، و الثلث- أي ثلث ثلثي الثلثين- للجدة و أولاد الأخت، نصفه للجدة و نصفه لأولاد الأخت يقسم بينهم أثلاثا، و ثلثهما- أي الثلثين- للجد

و الجدة من قبل أم الأب أثلاثا، و الثلث- أي ثلث الأصل- للأجداد الأربعة من الأم و لأولاد الاخوة من قبلها أسداسا على المشهور، لكل واحد سدس، و لأولاد الأخ للأم سدس بالسوية، و لأولاد الأخت لها سدس آخر بالسوية، و يصح من ثلاثمائة و أربعة و عشرين.

[المرتبة الثالثة الأعمام و الأخوال]
اشاره

المرتبة الثالثة الأعمام و الأخوال و لا يرث أحد منهم مع وجود أحد من الطبقة السابقة بلا خلاف يعتد به أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، مضافا إلى النصوص الدالة عليه(1)و قاعدة الأقرب.

خلافا للمحكي عن الفضل من قسمة المال نصفين بين الخال و الجدة للأم، لكن في الدروس «أن الذي في كتابه: لو ترك جدته و عمته و خالته فالمال للجدة».

و في كشف اللثام «أنه غلط يونس في تشريكه بين العمة و الخالة و أم الأب و تشريكه بين العم و ابن الأخ».


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2 و الباب- 1- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.

ج 39، ص: 173

و قال كما في الأخير: «إنه لما رأى أن بين العم و الميت ثلاث بطون و كذلك بين ابن الأخ و ابن الميت ثلاث بطون و هما جميعا من طريق الأب جعل المال بينهما نصفين و هذا غلط، لأنهما و إن كانا جميعا كما وصف، فان ابن الأخ من ولد الأب و العم من ولد الجد و ولد الأب أحق و أولى من ولد الجد و إن سفلوا، كما أن ابن الابن أحق من الأخ، لأن ابن الابن من ولد الميت و الأخ من ولد الأب و ولد الميت أحق من ولد الأب و إن كان في البطون سواء، و كذلك ابن ابن ابن أحق من الأخ لأن هذا من ولد الميت نفسه و إن سفل و ليس الأخ من ولد الميت، و كذلك ولد الأب أحق و أولى من ولد الجد».

قلت: و بالتأمل في هذا و فيما سلف منا تعرف الوجه في ترتيب الطبقات جميعها على قاعدة الأقرب، ضرورة معلومية أولوية من ولد الميت و من ولده الميت به من كل أحد، و هم الأبوان و الأبناء و إن سفلوا أهل الطبقة الأولى التي هي عمود النسب، ثم من بعدهم من ولد أب الميت و من ولده أبو الميت، و هم الاخوة

و أولادهم و الأجداد و إن علوا أهل الطبقة الثانية بعضها من العمود و بعضها من حاشية النسب، ثم من بعدهم من ولده الأجداد، و هم الأعمام و الأخوال أهل الطبقة الثالثة الذين جميعهم من حاشية النسب، و يترتبون فيما بينهم كترتب الأجداد و الاخوة و أولادهم.

فعم الميت و خاله أولى به من عم أبيه و خاله، و هما أولى من عم جد الميت و خاله، و هكذا، كما أن الجد الأدنى أولى من الجد الأبعد، و الأخ أولى من ابن الأخ، فان أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله(1)أي الأقرب منهم يمنع الأبعد، كما تقدم تفسيرها بذلك


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.

ج 39، ص: 174

في النصوص(1).

و على كل حال ف العلم يرث المال إذا انفرد و كذا العمان و الأعمام و يقسمون المال بالسوية إن تساووا في المرتبة بأن لا يكون بعضهم أقرب من بعض و لا يتقرب بعضهم بالأب و بعضهم بالأم أو و بعضهم بالأبوين.

و كذا العمة و العمتان و العمات بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك بل و لا إشكال.

و إن اجتمعوا أي الأعمام و العمات و تساووا في جهة القرابة بأن كانوا جميعا للأب و الأم أو لأحدهما بمعنى كونهم إخوة للميت لأبيه و أمه أو لأبيه أو لأمه فللذكر مثل حظ الأنثيين بلا خلاف أجده فيه إن كانوا لهما أو للأب، بل عن الغنية الإجماع عليه، و هو الحجة.

مضافا إلى

قول الصادق (عليه السلام) في خبر سلمة(2)«في عم و عمة للعم الثلثان و للعمة الثلث»

و قاعدة تفضيل الذكر على الأنثى في باب الإرث المستفادة من الكتاب(3)و السنة(4)خصوصا النصوص(5)المشتملة على بيان الحكمة في ذلك، فإنها على كثرتها دالة على ذلك بأنواع الدلالات، كما لا يخفى على من لاحظها.

بل لعله لذلك كله كان ظاهر المصنف هنا و النافع و المحكي عن ابن زهرة و الصدوق و الفضل و المفيد القسمة كذلك حتى لو كان تقربهم إليه بالأم بأن كانوا إخوة لأبيه من أمه، بل حكى الأول منهم في الغنية


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 9 و 10 و 11.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 9.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 11 و 176.
4- 4 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.
5- 5 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 175

الإجماع على ذلك.

لكن صريح الفاضل في القواعد و غيرها من كتبه و الشهيد في الدروس و اللمعتين و غيرهم القسمة بالسوية، بل في الكفاية أنه لا نعرف فيه خلافا بل في الرياض أنه نفى الخلاف عنه جملة، منهم صاحب الكفاية، لأصالة التسوية في إطلاق الشركة المقتصر في الخروج منها على المتقرب بالأبوين أو بالأب للأدلة السابقة.

و فيه بعد وضوح المنع في الأخير أنها مقطوعة بما عرفت من إطلاق معقد الإجماع و الرواية و بقاعدة التفضيل، اللهم إلا أن ترجح بالشهرة العظيمة المعتضدة بما تسمعه ممن ظاهره المخالفة، كالمصنف من القسمة بالسوية في صورة كونهم متفرقين التي لم يظهر لنا الفرق بينها و بين المقام.

بل ظاهر الرياض أو صريحه انحصار الخلاف في غير المتفرقين و إن كان الذي حكاه في كشف اللثام عن الفضل و الصدوق و المفيد إطلاق القسمة بالتفاوت من غير تفضيل بين المجتمعين و المتفرقين.

نعم ظاهر المصنف هنا و النافع ذلك، حيث إنه بعد أن ذكر حكم المجتمعين بما عرفت قال و لو كانوا متفرقين في جهة القرابة بأن كان بعضهم لأم و بعضهم للأبوين أو لأب فللعمة أو العم من جهة الأم السدس، و لما زاد على الواحد الثلث، و يستوي فيه الذكر و الأنثى، و الباقي للعم أو العمين أو الأعمام أو العمة أو العمتين أو العمات أو المختلطين من الأب و الام بينهم على السوية إلا في الأخير، فإن للذكر منهم مثل حظ الأنثيين نحو كلالة الأبوين و الام في ذلك كله و في أنه يسقط الأعمام للأب بالأعمام للأب و الأم و في أنه يقومون مقامهم عند عدمهم من دون خلاف يعرف فيه بينهم كما عن جماعة الاعتراف به، بل عن الغنية و السرائر الإجماع عليه، مضافا

ج 39، ص: 176

إلى

قوله (عليه السلام)(1): «و عمك أخو أبيك لأبيه و أمه أولى بك من عمك أخي أبيك لأبيه».

و كذا لا خلاف فيما ذكره من حكم المتفرقين عدا الإطلاق السابق في الرياض أنه حكاه- أي نفي الخلاف- جماعة.

و لعل الوجه في ذلك أنه لما كان تقربهم إلى الميت بالاخوة قاموا مقام كلالة الميت التي قد عرفت أن إرثها كذلك، أو لأنه لما انتقل إليهم إرث من تقربوا به عوملوا معاملة الورثة له.

بل لعله هو معنى أنه يرثون نصيب من يتقربون به أي يعاملون معاملة الوارث له، و بذلك يقيد إطلاق الخبر المزبور بالعمة أو العم للأبوين أو للأب.

بل لعل إطلاق عبارة الفضل و المفيد و الصدوق منزل على ذلك أيضا، و قاعدة التفضيل غير متحقق إقعادها بحيث يشمل ما نحن فيه. و على تقديره تقيد أيضا بما عرفت خصوصا بعد الاتفاق ظاهرا على الحكم المزبور، و الله العالم.

و لا يرث ابن عم مع عم و لا ابن خال مع خال و لا ابن عم مع خال و لا ابن خال مع عم بل و لا من هو أبعد مع الأقرب إلا في مسألة واحدة إجماعية و هي ابن عم لاب و أم مع عم لاب فابن العم أولى بلا خلاف فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه.

و في محكي الفقيه نسبته إلى الخبر الصحيح(2)الوارد عن الأئمة (عليهم السلام) و في غيره إلى الاخبار، و عن المقنع تعليله مع ذلك بأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب و كلالة الأم، و نحوه عن المفيد، لأن ابن العم


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موجبات الإرث- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 5.

ج 39، ص: 177

يتقرب إلى الميت بسببين و العم بسبب واحد، و ليس كذلك حكم الأخ للأب و ابن الأخ للأب و الأم، لأن الأخ وارث بالتسمية الصريحة و ابن الأخ وارث بالرحم

دون التسمية، و من ورث بالتسمية حجب من يستحق الميراث بالرحم دون التسمية، و العم و ابن العم إنما يرثان بالقربى دون التسمية، فمن تقرب بسببين منهما كان أحق ممن تقرب بسبب واحد على ما بيناه، لقول الله عز و جل(1)«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ»* و مقتضى ذلك التعدية إلى الخال و ابن الخال، بل و إلى غير ذلك.

و لكن لم نعثر في النصوص إلا على

قول الصادق (عليه السلام) للحسن بن عمار(2): «أيما أقرب ابن عم لاب و أم أو عم لاب؟

فقال: حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان يقول: أعيان بني الأم أقرب من بني العلات، فاستوى (عليه السلام) جالسا، ثم قال: جئت بها من عين صافية، إن عبد الله أبا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخو أبي طالب لأبيه و أمه»

و هو- بعد انجباره بما عرفت- الحجة مع الإجماع إلا أنهما معا خاصان في ابن العم و العم.

و من هنا قيد المصنف و جماعة ذلك ب ما دامت الصورة على حالها باقية فلو انضم إليهما و لو خال تغيرت الحال و سقط ابن العم و يرجع الحكم إلى القاعدة، بل ظاهر بعضهم الجمود على خصوص الفرض المزبور حتى لو تغير بانضمام الزوج أو الزوجة أو التعدد في ابن العم أو العم أو بالذكورة و الأنوثة أو ببعد الدرجة كابن عم لأب و ابن ابن عم


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 2 عن الحسن بن عمارة كما في التهذيب ج 9 ص 326 الرقم 1172.

ج 39، ص: 178

لأب و أم أو بهما في الابن خاصة مع العم للأب أو بالنسبة إلى عم الأب لأبيه و ابن عمه لأبيه و أمه فضلا عن انضمام الخال و الخالة أو العم أو العمة للأم أو نحو ذلك.

لكن لا يخفى عليك ما في دعوى تغيرها بالأولين، ضرورة تحقق الصدق و أولوية المتعدد من ابن العم من المتحد، كضرورة مانعيته للعمية عن السببية للإرث، فلا فرق بين العم المتحد و المتعدد.

و من هنا جزم في الدروس بعدم تغيرها بذلك، بل عن الشيخ أن العمة كالعم، لاشتراكهما في التقرب بالعمومة الممنوعة بابن العم المزبور، بل لعلها هي أولى بذلك.

لكن فيه أن عدم الصدق و الإلحاق لا بد له من إجماع أو نحوه و ليس، و دعوى الأولوية في العمة و ابن العم على وجه يحصل القطع يمكن منعها، اللهم إلا أن يكون المدرك فيها و في غيرها مما سمعت ما يظهر من الصادق (عليه السلام) من إقرار الحسن بن عمار على ما استفاده مما رواه عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(1)و ما يظهر أيضا من كون السبب في ذلك جمع السببين.

بل قد يعطي ما عن المفيد العموم أيضا، حيث قال مضافا إلى ما سمعت: «و لا يرث ابن العم مع العم و لا ابن الخال مع الخال إلا أن يختلف أسبابهما في النسب، ككون العم لأب و ابن العم لأب و أم».

بل ما سمعته من تعليل الصدوق (رحمه الله) يعطي ذلك.

لكن لا جابر للرواية بالنسبة إلى ذلك، و لا تصريح فيها بالعلية


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 2 عن الحسن بن عمارة.

ج 39، ص: 179

المزبورة كي يجري على التعميم المذكور حتى في حجب بنت العمة و لو نازلا للعم.

و أما إذا انضم الخال مثلا فالمحكي عن القمي و ابن إدريس و أكثر المحققين سقوط ابن العم، و مشاركة الخال و العم لتغير الصورة، و لأن الخال يحجب ابن العم، لكونه أقرب، و ل

قول الصادق (عليه السلام) في خبر سلمة بن محرر(1)«في ابن عم و خالة: المال للخالة، و في ابن عم و خال: المال للخال»

و العم إنما يحجب بابن العم إذا ورث، و يؤيده إطلاق ما دل من النصوص(2)على شركة العم و الخال.

فما عن الحمصي- من اختصاص الخال بالمال باعتبار حجب العم بابن العم و حجب ابن العم بالخال و لإطلاق خبر سلمة- واضح الضعف ضرورة استلزام حجب ابن العم بالخال عدم حجبه للعم، لما عرفت من أنه يحجب إذا كان وارثا، و إلا فهو كالقاتل لا يحجب العم.

و أضعف منه احتمال اختصاص ابن العم بالمال، لأن العم محجوب بابن العم فكذا الخال للتساوي في الدرجة، إذ هو كما ترى يمكن دعوى منافاته الإجماع فضلا عن النص(3)فيما لو انفرد ابن العم مع الخال.

نعم ما عن المصري و الراوندي من شركة ابن العم للخال لا يخلو من قوة، لوجود المقتضي لحرمان العم و هو ابن العم، و انتفاء المانع عنه، و انتفاء المقتضي لحرمان الخال أو ابن العم، فان العم لا يحجب الخال، فابن العم أولى و إن كان هو هنا أولى من العم، و الخال إنما


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 4 عن سلمة بن محرز.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.
3- 3 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 4.

ج 39، ص: 180

يحجب ابن عم لا يكون أولى من العم كما في مفروض الخبر(1)المزبور فإنه إذا لم يحجب العم فأولى أن لا يحجب من هو أدنى منه.

بل قد يقال: إن حجب القريب للبعيد في أولى الأرحام إنما هو إذا زاحمه على وجه يكون المال له لولاه، أما إذا لم يزاحمه فلا دليل على حجبه إياه، ضرورة اختصاص الأدلة بأولوية الأقرب من الأبعد بالميراث، و مفروضها ما ذكرناه.

و من هنا أمكن شركة الاخوة للام مع الجد البعيد لها و إن كان هناك جد قريب للأب مع الاخوة له أيضا أو بدونهم، لعدم مزاحمة الجد البعيد للجد القريب،

ضرورة اشتراكه مع الاخوة للام الذين لا يحجبونه و عدم مزاحمته للجد القريب، و كذا لو ترك جدا قريبا لأم مع إخوة لها وجدا بعيدا لأب مع الاخوة له أيضا.

بل يتجه التشريك أيضا فيما لو ترك جدا لأم و ابن أخ لأم مع أخ لأب، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للام، و لا يزاحم الأخ للأب، فيرث مع الجد للام، و قد تقدم الكلام في نحو ذلك، و هو مؤيد لما عرفت.

بل قد يؤيده أيضا إطلاق أولوية ابن العم من العم المراد منها أنه أولى بما يكون للعم لولا ابن العم من غير فرق بين جميع المال أو بعضه بخلاف ما دل على أولوية الخال من ابن العم، فإنه ظاهر أو صريح فيما لو اجتمعا من دون عم، و لذلك حكم بأن المال كله للخال.

بل لعل المفهوم من الأولوية الأولى أنه يقوم مقامه مع وجوده و يأخذ نصيبه الذي يكون له لو لا ابن العم، من غير فرق بين انفراده و بين مشاركة غيره له ممن هو في درجته.


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال- الحديث 4.

ج 39، ص: 181

و بالتأمل فيما ذكرناه يسقط ما أطنب به في المسالك في تأييد القول الأول، بل يظهر أن ذلك أقوى منه و إن قل القائل به فتأمل جيدا.

و كيف كان فهذا كله في ميراث الأعمام، و أما الأخوال فحكمهم كذلك في أكثر ما سمعته، ف لو انفرد الخال كان المال له لانحصار الأولوية فيه و كذا الخالان و الأخوال في كون المال لهما أو لهم و كذا الخالة و الخالتان و الخالات.

و لو اجتمعوا ذكورا و إناثا و كان جهة قرابتهم متحدة فالذكر و الأنثى سواء سواء كانوا جميعا لأب و أم أو لأب أو لأم بلا خلاف أجده فيه إلا ما عساه يشعر به ما عن المقنع من نسبته للفضل لأصالة التسوية، و خصوصا في قرابة الأم، و خصوصا في المقام الذي هو نحو الاخوة من الأم، لأن تقربهم إلى الميت بالأخوة بالأم، فلا فرق حينئذ بين كونهم لأبيها و أمها و بين كونهم لأمها.

نعم لو افترقوا بأن كان بعضهم لأب و أم و بعضهم لأم ف لمن تقرب بالأم منهم السدس إن كان واحدا، و الثلث إن كان أكثر الذكر و الأنثى فيه سواء، و الباقي للخؤولة من الأب و الام بينهم للذكر مثل حظ الأنثى أيضا لما عرفت من أصالة التسوية و التقرب بالأم.

و لا يشكل ذلك بأن مقتضى الأخير قسمة الجميع بالسوية، لا اختصاص قرابة الأم منهم بالسدس أو الثلث و الباقي لقرابة الأبوين، لأنه لا تلازم بين الأمرين، على أن مقتضى

قوله (عليه السلام)(1): «يرثون نصيب من يتقربون به»

معاملتهم معاملة الوارث له، و لا ريب في كون قسمتهم ذلك لو كانوا هم الورثة، نعم كان قرابة الأب بالتفاوت، لكن يمكن هنا ترجيح أصالة التسوية و قرابة الأم على خصوص ذلك،


1- 1 لم يرد بهذا اللفظ حديث، و انما هو اقتباس من خبر أبي أيوب الآتي في ص 182.

ج 39، ص: 182

فلا إشكال حينئذ من هذه الجهة، كما أنهما رجحا معا في الأعمام للأم في صورة الاجتماع على الأصح و الافتراق بلا خلاف، كما عرفت.

فإشكال بعض متأخري المتأخرين في ذلك- حتى قال: إن الاولى الصلح بل قال: إنه يشكل ما ذكره المصنف و غيره من أنه يسقط الخؤولة من الأب إلا مع عدم الخؤولة من الأب و الام فإنهم حينئذ يقومون مقامهم، لتقرب الجميع بالأم و عدم مدخلية الأب، و لذا اقتسموا بالسوية- في غير محله خصوصا في الأخير، لعموم

قوله (عليه السلام)(1): «أعيان بني الأم أقرب من بني العلات».

بل لا ينكر استفادة ذلك على جهة القاعدة في جميع الأرحام من النص و الفتوى، مضافا إلى قاعدة الأقرب و إلى أنه من لوازم معاملتهم معاملة الورثة لنصيب من يتقربون به، لأنه هو معنى

قوله (عليه السلام)(2): «يرثون نصيب من يتقربون به»

كما أوضحناه سابقا.

و كيف كان ف لو اجتمع الأخوال و الأعمام كان للأخوال الثلث و كذا لو كان واحدا

ذكرا كان أو أنثى لأب و أم أو لأم و للأعمام الثلثان، و كذا لو كان واحدا ذكرا أو أنثى على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، لاستفاضة النصوص أو تواترها في ذلك.

و

قال الصادق (عليه السلام) في خبر أبي أيوب(3): «إن في كتاب علي (عليه السلام) أن العمة بمنزلة الأب و الخالة بمنزلة الأم، و بنت الأخ بمنزلة الأخ، و كل ذي رحم فهو بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون هناك وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه».


1- 1 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 3.
2- 2 لم يرد بهذا اللفظ خبر، و انما يستفاد ذلك مما ورد في خبر أبي أيوب الآتي.
3- 3 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الاخوة و الأجداد- الحديث 9.

ج 39، ص: 183

و لا ريب في أن من تقرب به الخال و الخالة الأم، و نصيبها الثلث و من تقرب به العم و العمة الأب، و نصيبه الثلثان، و لو لوحظ كون جهة القرب الاخوة من حيث هي و لو باعتبار كون العم أخا أب الميت و الخال أخا أم الميت كان المتجه حينئذ تنزيل الأب منزلة الأخ و الأم منزلة الأخت و نصيبهما أيضا الثلثان و الثلث، فتأمل جيدا فإنه لا يخلو من دقة.

و كيف كان فما عن ابن زهرة و الكيدري و المصري و ظاهر المفيد و سلار- من أن للخال و الخالة السدس إن اتحد و الثلث إن تعدد و أن للعمة النصف، بل في الروضة و الرياض أو العم حتى يكون الباقي ردا عليهم أجمع أو على خصوص قرابة الأب- واضح الفساد، بل هو كالاجتهاد في مقابلة النص من دون داع حتى الاعتبار، ضرورة كونهم إخوة لأب الميت و أمه لا له، على أن تنزيل العم منزلة الأخ لا يقضي بأن له النصف، لأنه ليس صاحب فرض، فلا وجه للرد عليه، و لعله اشتباه من الناقل و إلا ففي كشف اللثام اقتصر على العمة، فلاحظ و تأمل.

و على كل حال فان كان الأخوال مجتمعين في جهة القرابة فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثى، و لو كانوا متفرقين فلمن تقرب بالأم سدس الثلث إن كان واحدا، و ثلثه إن كان أكثر بينهم بالسوية، و الباقي لمن يتقرب بالأب و الأم من الخؤولة بينهم بالسوية أيضا، نحو ما سمعته في صورة الانفراد عن الأعمام، لما عرفته من الأدلة السابقة المعتضدة بعدم الخلاف المعتد به في شي ء من ذلك هناك و هنا

إلا ما حكاه الشيخ على ما قيل في خلافه عن بعض الأصحاب من قسمة المتقرب بالأبوين أو بالأب من الخؤولة هنا بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين.

بل في كشف اللثام حكايته عن القاضي أيضا، لتقربهم بالأب، و لأنهم لو كانوا وارثين لاقتسموا كذلك فيعاملون معاملتهم، و لأنه كالقسمة

ج 39، ص: 184

بالسوية في العمومة للأم.

لكن قد عرفت ما يدفع ذلك كله من قوة ملاحظة جانب الأمومة في المقامين و أصالة التساوي و غير ذلك.

و على كل حال ف للأعمام ما بقي و هو الثلثان و قسمتهما بينهم كالانفراد أيضا فإن كانوا من جهة واحدة فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين مطلقا عند المصنف و جماعة، و الأصح القسمة بالتساوي إن كانوا لأم، كما عرفت البحث فيه سابقا.

و لو كانوا متفرقين فلمن تقرب منهم بالأم السدس إن كان واحدا و الثلث إن كانوا أكثر بينهم بالسوية، و الباقي من خمسة أسداس الثلثين أو ثلثيه للأعمام من قبل الأب و الأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، و يسقط من يتقرب بالأب منفردا إلا مع عدم من يتقرب بالأب و الأم كما عرفت ذلك كله و دليله فيما تقدم.

و لو اجتمع عم الأب و عمته و خاله و خالته و عم الأم و عمتها و خالها و خالتها قال في النهاية و محكي المهذب و تبعهما المشهور كان لمن يتقرب بالأم الثلث لأنه نصيب الأم التي يتقربون بها بينهم بالسوية لاشتراك الكل في التقرب بها، و لأصالة التسوية و لمن تقرب بالأب الثلثان، ثلثهما لخال الأب و خالته لإطلاق النص(1)بأن للخؤولة الثلث بينهما بالسوية لأصالتها و التقرب بالأم و ثلثاهما بين العم و العمة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين (11) إن كانا معا لأب إجماعا أو لأم عند المصنف لإطلاق النص(2)و قاعدة التفضيل و غيرهما، و فيه ما عرفته سابقا.

فيكون أصل الفريضة ثلاثة (12) لأنها أقل عدد ينقسم ثلثين و ثلث،


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.

ج 39، ص: 185

إلا أن كلا من الثلثين و الثلث ينكسر على الفريقين و إنما الذي يصح لقرابة الأب ثمانية عشر، لأنه أقل عدد له ثلث له نصف و لثلثيه ثلث فتضرب عدد سهام أقرباء الأم و هي أربعة في تسعة التي هي نصف سهام أقرباء الأب أو بالعكس تصير ستة و ثلاثين، ثم تضربها أي الستة و ثلاثين في ثلاثة التي هي أصل الفريضة فتصير مائة و ثمانية تقسم عليهم جميعا صحيحة نحو الأجداد الثمانية.

لكن قد يشكل ذلك بأن المتجه أيضا قسمة الثلث سهم الأم على قرابتها أثلاثا، نحو ثلثي الأب لعمها و عمتها، ثلثا الثلث بالسوية، و ثلثه لخالها و خالتها كذلك، لإطلاق النصوص(1)بالقسمة أثلاثا بين الأعمام و الأخوال، و من هنا جزم به المحقق الطوسي، فهي كمسألة الأجداد على مذهب معين الدين المصري، و تصح حينئذ من أربعة و خمسين.

لكن فيه منع صدق عم الأم و عمتها على عم الميت و عمته، و النصوص في الثاني لا الأول، بخلاف عم الأب و عمته، فإنهم يصدق عليهم أعمام الميت.

و بذلك يعرف ما في القول الثالث من أن للأخوال الأربعة الثلث بالسوية و للأعمام الأربعة الثلثان، لنصوص(2)الأعمام و الأخوال، ثم ثلث الثلثين لعم الأم و عمتها بالسوية، و ثلثاهما لعم الأب و عمته أثلاثا، و تصح أيضا من مائة و ثمانية و إن استظهره ما في كشف اللثام، ضرورة ابتنائه على الصدق الذي قد عرفت منعه اللهم إلا أن يقال: إن حقيقة العمومة الإخوة للأب من طرف الأم أو الأب و حقيقة الخؤولة الاخوة للام من طرف الأب و الأم أيضا، و حينئذ يتجه الصدق على الجميع.

و فيه أنه مع التسليم معارض بقاعدة إرث كل ذي رحم نصيب من


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الأعمام و الأخوال.

ج 39، ص: 186

يتقرب به، و لا ريب في تقرب أربعة الأب به و الأم بها إن كان بعضهم أعماما و أخوالا، فلا محيص عن شركة الخال و الخالة للأب العم و العمة له، كما لا محيص عن شركة عم الأم و عمتها لخالها و خالتها.

و من هنا أفتى المشهور بما عرفت، إلا أنهم لاحظوا التساوي في قرابة الأم لأصالته، خصوصا فيهم بخلاف قرابة الأب، فعاملوها معاملة الوارث لنصيب الأب، فتأمل جيدا.

هذا و الظاهر تقييد عبارة المصنف بما إذا اجتمع هؤلاء و كان جهة قرابتهم متحدة، و إلا فلا ريب في اختلاف القسمة مع فرض اختلاف جهة العم و العمة و جهة الخال و الخالة من الأب، بل و الأم أيضا في قول، فيكون للعمة أو العم من قبل الأم السدس من ثلثي الثلثين و الباقي للآخر، و للخال أو الخالة من الأم ذلك أيضا من ثلث الثلثين و الباقي للآخر، و كذا في الأم.

و منه يعلم الحال في حكم الستة عشر، و هو ما لو اجتمع عم الأب و عمته من الأبوين و مثلهما من الأم، و خاله و خالته من الأبوين و مثلهما من الأم، و عم الأم و عمتها من الأبوين و مثلهما من الأم، و خالها و خالتها من الأبوين و مثلهما من الأم، فإنه يكون للثمانية من قبل الأم الثلث ثلثاه لأعمامها الأربعة، ثلثهما لمن تقرب منهما بالأم بالسوية، على المشهور، و ثلثاهما لمن تقرب بالأبوين بالتفاوت أو بالسوية، و ثلث الثلث للأخوال الأربعة، ثلثه لمن تقرب منهما بالأم بالسوية، و الثلثان لمن تقرب بالأبوين بالتفاوت أو بالسوية، و لعل هذا هو الأظهر.

و يحتمل قسمة الثلث أثمانا، و الذكر و الأنثى سواء، لتقرب الجميع بالأم، و يحتمل أن يكون ثلث الثلث للأخوال بالسوية، و ثلثاه لأعمامها كذلك، للتقرب بالأم، و يحتمل قسمة الثلث نصفين اعتبارا بالسبب دون

ج 39، ص: 187

الرؤوس، نصفه للأخوال إما على التفاوت أو التسوية على الاحتمالين، و نصفه لأعمامها كذلك على الاحتمالين.

و قد تحصل من ذلك أن الثلث الذي لقرابة الأم فيه احتمالات ثلاثة (أحدها): قسمته بينهم على عدد الرؤوس بالسوية. و (ثانيها):

تنصيفه بين قبيلي العمومة و الخؤولة. و (ثالثها): قسمته بين القبيلين أثلاثا، و كل من الاحتمالين الأخيرين يحتمل احتمالين: الأول: قسمة نصيب كل قبيل من النصف أو الثلث أو الثلثين على الرؤوس، و الثاني قسمته عليهم أثلاثا.

و أما الثلثان من أصل المال فلقرابة الأب، ثلثهما لخؤولة الأب أثلاثا بينهم، لتقربهم بالأب، ثلثه للخال و الخالة من قبل أمه بالسوية، و ثلثاه لخاله و خالته من الأبوين كذلك على المشهور، و ثلثا الثلثين للعمتين أثلاثا ثلثه للعم و العمة من قبل الأم بالسوية على المشهور، و ثلثاه للعم و العمة من قبل الأب أثلاثا قولا واحدا.

فعلى تقدير قسمة نصيب قرابة الأم ثمانية تصح من ستمائة و ثمانية و أربعين و كذلك على التنصيف على القبيلين، و قسمة نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس.

و أما على تقدير قسمته أثلاثا فتصح من ثلاثمائة و أربعة و عشرين، و كذلك إن قسم الثلث على القبيلين أثلاثا ثم نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس، و أما لو قسمه أي نصيب كل قبيل أثلاثا أيضا فتصح من مائة و اثنين و ستين.

ج 39، ص: 188

[مسائل خمس]
[المسألة الأولى عمومة الميت و أولادهم أحق بالميراث من عمومة الأب]

الأولى قد عرفت فيما تقدم ترتب الأرحام الذين هم من حواشي النسب ف عمومة الميت و عماته و أولادهم و إن نزلوا و خؤوله و خالاته و أولادهم و إن نزلوا أحق بالميراث من عمومة الأب و عماته و خؤوله و خالاته، و أحق من عمومة الأم و عماتها و خؤولها و خالاتها، لأن عمومة الميت و خؤولته أقرب اليه و كل أقرب أولى من الأبعد كتابا(1)و سنة(2)و إجماعا.

و أولادهم يقومون مقامهم (و الأولاد يقومون مقام آبائهم خ ل) على أن ابنة الخالة مثلا من ولد الجدة، و عمة الأم مثلا من ولد جدة الأم، و ولد جدة الميت أولى بالميراث من ولد جدة أم الميت ف ما عن الحسن من تشريك عمة الأم و ابنة الخالة واضح البطلان.

نعم إذا عدم عمومة الميت و عماته و خؤوله و خالاته و أولادهم و إن نزلوا قام مقامهم عمومة الأب و عماته و خؤوله و خالاته و عمومة أمه و عماتها و

خؤولتها و خالاتها و أولادهم و إن نزلوا يقومون مقامهم مرتبين أيضا على قاعدة أولوية الأقرب من الأبعد، و كون الخؤولة و العمومة صنفا واحدا لأنهم أولى من عمومة الجد و الجدة و خؤولتهما و أولادهم و هكذا الكلام في أب الجد و جده.


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب موجبات الإرث.

ج 39، ص: 189

و كذلك كل بطن منهم و إن نزل أولى من البطن الأعلى كما قدمنا ذلك كله و دليله مع أنه واضح، و الله العالم.

[المسألة الثانية أولاد العمومة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم]

المسألة الثانية: قد عرفت أن أولاد العمومة و العمات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم و عدم من هو في درجتهم من الأخوال، و أنه لا يرث ابن عم مع خال و إن تقرب بسببين و الخال بسبب، و لا ابن خال مع عم و إن تقرب بهما فضلا عن العم و الخال إلا في المسألة الإجماعية، بل الأقرب إن اتحد سببه أولى بالميراث من الأبعد و إن تكثر سببه.

خلافا لما عساه يظهر من عبارتي المقنع و المقنعة السابقتين، و لما عن أبي علي من التصريح بأن لابن الخال إذا اجتمع مع العم الثلث و للعم الثلثين، و لعله بناء على أن العمومة و الخؤولة صنفان، و قد عرفت فساده فيما تقدم، و عرفت أيضا أن لهم نصيب من يتقربون به كأولاد الاخوة و الأخوات و البنين و البنات.

و لذا كان أولاد العمومة المتفرقين يأخذون نصيب آبائهم، فبنوا العم للأم لهم السدس، و لو كانوا بني عمين للأم كان لهم الثلث بالسوية و إن اختلفوا ذكورة و أنوثة، لما عرفته سابقا، خلافا لما عن الفضل و الصدوق من إطلاق أن لولد العمة الثلث و لولد العم الثلثين و الباقي لبني العم أو العمة أو لبني العمومة أو العمات للأب و الأم أو للأب عند عدمهم للذكر ضعف الأنثى إذا كانوا أولاد عم واحد أو أكثر أو عمة كذلك، لأنه إذا اجتمع ابن عم و ابنة عم آخر كان لابن العم الثلثان

ج 39، ص: 190

و لابنة العم الآخر الثلث بلا خلاف أجده فيه هنا و كذلك البحث في بني الخؤولة.

و لو اجتمع أولاد العم و أولاد الخال فلأولاد الخال الثلث لواحد كانوا أو أكثر، و لأولاد العم الباقي، كما إذا اجتمع الأعمام و الأخوال حتى أنه يأتي فيهم ما سمعته من القول هناك، فيكون لولد الخال السدس إن اتحد الخال و الثلث إن تعدد.

ثم إن اتفقوا في الجهة تساووا في القسمة و إلا كان المنتسب إلى الأم بالنسبة إلى المنتسب إلى الأب أو الأبوين مثل كلالة الأم بالنسبة إلى كلالة الأب أو الأبوين.

ففي المثال حينئذ سدس الثلث لأولاد الخال أو الخالة للأم بالسوية إن اتحد الخال أو الخالة، و ثلثه لأولاد المتعدد، لكل قبيل نصيب من يتقرب به بالسوية، و باقي الثلث لولد الخال أو الخالة اتحد أو تعدد للأبوين أو للأب، لكل نصيب من يتقرب به بالسوية، و سدس الثلثين لأولاد العم أو العمة للأم، للذكر مثل الأنثى إن اتحد من تقربوا به، و ثلثهما لأولاد المتعدد، و لكل نصيب من يتقرب به للذكر مثل الأنثى، و الباقي لأولاد العم أو العمة أو لهما للأبوين أو للأب، لكل نصيب من يتقرب به، للذكر ضعف الأنثى.

و لو اجتمع أولاد خال و خالة و عم و عمة كان لأولاد الخال و الخالة الثلث بالسوية، و لأولاد العمة ثلث الثلثين. و الباقي لأولاد العم، و خالف الحسن، فأعطى أولاد الخال و الخالة الثلث بالسوية و أولاد العم الثلث، للذكر ضعف ما للأنثى، و لأولاد العمة الثلث الباقي أيضا للذكر ضعف ما للأنثى.

ج 39، ص: 191

[المسألة الثالثة إذا اجتمع للوارث سببان فان لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما]

المسألة الثالثة:

إذا اجتمع للوارث بالنسب أو السبب سببان فان لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما اتحد النوع كما في جد لأب هو جد لأم أو تعدد كعم هو خال و مثل ابن عم لأب هو ابن خال لأم و ذلك بأن يتزوج أخو الشخص من أبيه بأخته من أمه، فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد هذين الزوجين عم، لأنه أخو أبيه، و خال لأنه أخو أمه، و ابنه ابن عم لأب هو ابن خال لأم.

هذا و السببان إما أن يكونا نسبيين نحو ما ذكرنا أو سببيين كمعتق أو ضامن هو زوج أو زوجة أو مختلفين مثل زوج هو ابن عم أو ابن خال أو بنت عم هي زوجة.

و أما مثل عمة لأب هي خالة لأم فهو من تعدد النسبين، نحو عم هو خال، بل مثالهما متحد مع فرض تبديل الذكر بالأنثى.

و قد يتشعب النسب فتكثر جهات الاستحقاق، كجد جد لأب هو جد جد لأم هو جد جدة له و جد جدة لها، و كابن ابن عم هو ابن ابن خال هو ابن بنت عمة له و ابن بنت خالة لها.

و على كل حال ف ان منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع، مثل ابن عم هو أخ لأم، و معتق هو ضامن أو إمام، و ابن ابن عم هو ابن ابن خال هو ابن بنت بنت عمة و ابن بنت بنت خالة فإنه يرث بالأخوة خاصة مثلا في الأول، و بولاء العتق في الثاني، و ببنوة العم و الخال في الثالث، إذ تعدد السبب كتعدد الوارث.

ج 39، ص: 192

و من هنا لم يحجب المتوصل بالأكثر المتوصل بالأقل إذا كان في درجته، بل يشاركه من حيث اتفقا و ان لم يزاحمه من حيث افترقا، فلو كان مع العم الذي هو خال خال فكخالين مع عم، أو عم فكعمين مع خال، أو هما فكعمين و خالين.

نعم خرج من ذلك المتقرب بالأب و الأم بالنسبة إلى حجبه المتقرب بالأب خاصة في جميع الحواشي و لو واحدا أنثى مع الذكور المتعددين بشرط اتحاد القرابة و تساوي الدرج، حتى في مثل المقام الذي لو فرض فيه عم للأبوين مع العم الذي هو الخال فإنه يمنعه أيضا من جهة العمومة و تبقى جهة الخؤولة خاصة.

و كأن ذلك كله للدليل، لا لأن تعدد السبب يقتضي أقربيته كي يندرج تحت قاعدة الأقرب، مع احتماله، و يكون الخارج للدليل، و الأمر سهل، و الله العالم.

[المسألة الرابعة إذا دخل الزوج على الخؤولة و الخالات و العمومة و العمات كان للزوج أو الزوجة النصيب الأعلى]

المسألة الرابعة:

إذا دخل الزوج أو الزوجة على الخؤولة و الخالات و العمومة و العمات كان للزوج أو الزوجة النصيب الأعلى و هو النصف و الربع بلا خلاف و لا إشكال.

و لمن تقرب بالأم من الخؤولة اتحد أو تعدد ذكرا أو أنثى اجتمعوا أو افترقوا نصيبه الأعلى من أصل التركة و هو الثلث الذي هو نصيب الام لو لم يكن زوج أو زوجة أو كان، لانه انتقل إلى من تقرب بها و لم يدخل نقص عليها بالزوج أو الزوجة فكذا من تقرب بها.

ج 39، ص: 193

نعم قسمتهم مع الافتراق سدس الثلث لقرابة الأم إن اتحد، و الثلث إن تعدد، و الباقي لقرابتها من الأبوين أو الأب مع عدمها منهما، و الكل يقسمون مالهم بالسوية على الأصح.

و على كل حال ف ما يبقى بعد أخذ الزوج أو الزوجة و قرابة الأم استحقاقهم الذي عرفت فهو لقرابة الأب و الأم من الأعمام و العمات اتحد أو تعدد، ذكرا كان أو أنثى، اجتمعوا في جهة القرابة أو افترقوا.

و إن لم يكن قرابة الأب و الأم فلقرابة الأب لأنهم يقومون مقامهم عند عدمهم، و ذلك لأن النص يدخل عليهم بدخول الزوج و الزوجة كمن تقربوا به و هو الأب، فإن نصيبه في الفرض ذلك و هو الذي ينتقل إلى من يجرون به.

فإذا كانت الفريضة ستة و ماتت المرأة عن زوج و خؤولة و أعمام فثلاثة منها للزوج، و اثنان لقرابة الأم، و واحد لقرابة الأب، و هو سدس الكل، فإذا فرض تعددهم و افتراقهم بجهة القرابة كان لمن تقرب بالأم منهم سدس السدس إن كان متحدا، و ثلثه إن كان متعددا، و الباقي لمن تقرب بالأبوين أو الأب منهم يقسمونه بالتفاوت.

إنما الكلام فيما لو اجتمع أحد الزوجين مع أحد الفريقين مختلفا في جهة القرابة، كما لو ترك زوجا و خالا من الأم و خالا من الأبوين مثلا ففي الدروس «قد يفهم من كلام الأصحاب أن للخال للأم سدس الأصل إن اتحد. و ثلثه إن تعدد، كما لو لم يكن هناك زوج و لا زوجة» بل في المسالك «أنه ظاهر كلام الأصحاب، و عليه ينبغي أن يكون العمل، و لعله لأن الزوج لا ينقص المتقرب بالأم شيئا حيث و جد المتقرب بالأب و لو من الخؤولة.

ج 39، ص: 194

و في قواعد الفاضل و المحكي عن ولده و الشهيد أن له سدس الثلث مع اتحاده، و ثلثه مع تعدده، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخالين، فيستحق المتقرب منهما بالأم منه سدسه أو ثلثه، و الباقي منه و من الفريضة للمتقرب بالأبوين منهما، و مرجعه إلى تنزيل الخالين منزلة الأخوين المتفرقين فيكون للخال من الأم السدس، و الباقي من الثلث و من الفريضة للمتقرب بالأبوين من الخؤولة.

و فيه أن جهة تقربهم بالأم واحدة، فليس لهم إلا نصيبها الذي هو قد يكون المال كله- كما إذا لم يكن وارث غيرها- و قد يكون نصف المال- كما إذا كان معها زوج- و قد يكون ثلث المال- كما إذا كان معها أب- فمن تقرب بها يأخذ نصيبها الذي يكون لها لو كانت موجودة في كل فرض، و ما نحن فيه لا ريب في أن نصيبها فيه النصف لو كانت هي الوارثة، فينتقل إلى من تقرب بها، ثم هم يقسمونه بينهم على حسب تقربهم إليها، فمن كان تقربه إليها بالأم أيضا نزل منزلة كلالتها، فيأخذ من ذلك النصيب السدس أو الثلث، و الباقي يكون لمن تقرب إليها بالأبوين.

و بذلك يظهر أن المتجه في المفروض أن للخال من الأم سدس ما بقي بعد نصيب الزوج، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخؤولة جميعهم لا سدس الأصل.

و هذا القول و إن اعترف في كشف اللثام بعدم معرفة قائله و حكاه الفاضل في جملة من كتبه و غيره بلفظ القيل لكن لا وحشة مع الحق و إن قل القائل به، كما لا أنس مع غيره و إن كثر القائل به.

بل المتجه ذلك أيضا في الأعمام، فيكون للمتقرب منهم بالأم سدس

ج 39، ص: 195

ما بقي بعد نصيب الزوج أو ثلثه، لا سدس الأصل أو ثلثه و إن قال في الرياض: إنه لا خلاف فيه يظهر، و به صرح في المسالك و الروضة و غيرهما من كتب الجماعة.

لكن فيه أنه لا يخفى على من لاحظ المقام عدم تحقق إجماع في المسألة لقلة من تعرض لها، بل في المسالك بعد أن ذكر ما سمعت في الأخوال من الأقوال الثلاثة قال: «و لو كان مع أحد الزوجين أعمام متفرقون فلمن تقرب منهم بالأم سدس الأصل مع اتحاده، و ثلثه مع تعدده، و الباقي للمتقرب بالأب، و ينبغي مجي ء القولين الآخرين هنا، لكنهم لم يذكروا هنا خلافا» و ظاهره عدم الإجماع في المسألة، إذ عدم ذكر الخلاف أعم منه، كما هو واضح.

[المسألة الخامسة حكم أولاد الخؤولة مع الزوج و الزوجة حكم الخؤولة]

الخامسة:

حكم أولاد الخؤولة مع الزوج و الزوجة حكم الخؤولة، فان كان زوج أو زوجة و بنوا أخوال مع بني أعمام فللزوج أو الزوجة نصيب الزوجية و لبني الأخوال ثلث الأصل و الباقي لبني الأعمام كما لو كان أخوال و أعمام، لما عرفت من قيام الأولاد مقام آبائهم، و الله العالم.

ج 39، ص: 196

[المقصد الثاني في مسائل من أحكام الأزواج]
اشاره

المقصد الثاني في مسائل من أحكام الأزواج مضافا إلى ما تقدم منها سابقا.

[المسالة الأولى الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج]

الأولى:

الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج و كانت خالية من موانع الإرث السابقة و إن لم يدخل بها ضرورة صدق اسمها بدونه فيندرج فيما دل على إرثها من الكتاب(1)و السنة(2)و كذا يرثها الزوج و إن لم يدخل بها كذلك أيضا، مضافا إلى الإجماع بقسميه فيهما و النصوص المستفيضة(3)بالخصوص فيهما، فالحكم فيهما معا واضح.

نعم يستثنى من ذلك ما لو تزوج المريض و مات في مرضه قبل الدخول بها فإنها لا ترثه كما يأتي الكلام فيه. و أما في غير ذلك فلا إشكال في التوارث بينهما.

بل لو طلقت رجعية توارثا إذا مات أحدهما في العدة، لأنها


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 12.
2- 2 الوسائل- الباب- 1 و غيره- من أبواب ميراث الأزواج.
3- 3 الوسائل- الباب- 1 و غيره- من أبواب ميراث الأزواج.

ج 39، ص: 197

بحكم الزوجة بلا خلاف، بل الإجماع بقسميه عليه و على أنه لا ترث المطلقة البائن و لا تورث كالمطلقة طلقة ثالثة و التي لم يدخل بها و اليائسة و ليس في سنها من تحيض لليأس و المختلعة و المبارأة لانتفاء صدق الزوجة و الزوج عليهما فعلا، مضافا إلى النصوص المستفيضة أو المتواترة فيهما معا.

قال الباقر (عليه السلام) في حسن محمد بن قيس(1): «فان طلقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شيئا و لا يرث منها»

و لزرارة(2): «يرثها و ترثه ما دام له عليها رجعة»

و الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي(3): «إذا طلق الرجل و هو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها و لم ترثه».

نعم قد تقدم في كتاب الطلاق(4)أنه لو طلقها مريضا و لو بائنا و مات في ذلك المرض و لم تتزوج ورثته هي دونه ما بين الطلاق و فوته في ذلك المرض إلى سنة. و عن النهاية و الوسيلة التوارث في العدة إذا كان الطلاق في المرض، و قد تقدم الكلام فيه هناك.

و لو رجعت المختلعة و المبارأة في البذل في العدة ففي القواعد: «توارثا على إشكال إذا كان يمكنه الرجوع» أي بأن لم يكن تزوج بأختها أو بخامسة ينشأ من ثبوت أحكام البينونة أولا، فتستصحب إلى ظهور المعارض، و من انقلابه رجعيا، فتثبت له أحكامه التي منها ذلك، بل لعله كذلك و إن لم يكن له الرجوع للتزويج بالأخت أو الخامسة.

و منه ينقدح الكلام في الرجعي إذا صار بائنا بالعارض بإسقاط حق


1- 1 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 4.
3- 3 الوسائل- الباب- 13- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2.
4- 4 راجع ج 32 ص 152.

ج 39، ص: 198

الرجوع أو غير ذلك، و كأن دوران الإرث و عدمه على استحقاق الرجوع فعلا و عدمه لا يخلو من قوة، لكن قد تقدم تحقيق الحال في كتاب الخلع، فلاحظ و تأمل.

و على كل حال فقد ظهر لك أنه لا مدخلية للموت في العدة و عدمه في الإرث و عدمه، ضرورة كون المعتدة عن وطء الشبهة أو الفسخ في عدة، و لا توارث بينهما قطعا، خصوصا في الأولى التي هي أجنبية و ليست بزوجة، كما هو واضح.

[المسألة الثانية للزوجة مع عدم الولد الربع]

المسألة الثانية قد عرفت فيما تقدم أن للزوجة مع عدم الولد منها و من غيرها الربع، و لو كن أكثر من واحدة كن شركاء فيه بالسوية لأصالتها و لو كان له ولد منها أو من غيرها كان لهن الثمن بالسوية، و كذا لو كانت واحدة، لا يزدن عليه أو على الربع شيئا و لو بالرد على الأصح كما تقدم، من غير فرق في ذلك بين الواحدة و الأزيد، حتى لو كن ثمانيا أو أزيد.

كما لو طلق المريض أربعا و خرجن من العدة ثم تزوج أربعا و دخل بهن ثم طلقهن و خرجت عدتهن ثم تزوج أربعا و فعل كالأول و هكذا إلى آخر السنة و مات قبل بلوغ السنة في ذلك المرض من غير برء و لم تتزوج واحدة من النساء المطلقات ورث الجميع: المطلقات و غيرهن الربع أو الثمن بينهن بالسوية.

ج 39، ص: 199

[المسألة الثالثة إذا طلق واحدة من أربع و تزوج أخرى ثم اشتبهت المطلقة في الأول كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد و الباقي من الثمن بين الأربع بالسوية]

المسألة الثالثة إذا طلق واحدة من أربع و تزوج أخرى ثم مات و اشتبهت المطلقة في الزوجات الأول كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد لمعلومية استحقاقها ذلك، إذ الفرض كون الاشتباه في غيرها و الباقي من الثمن بين الأربع بالسوية بلا خلاف أجده مما عدا ابن إدريس، لتعارض الاحتمالين في كل منهن، فهو كما لو تداعياه اثنان خارجان مع تعارض بينتهما.

و ل

صحيح أبي بصير(1)سأل الباقر (عليه السلام) «عن رجل تزوج أربع نسوة في عقد واحد أو قال: في مجلس واحد و مهورهن مختلفة، قال: جائز له و لهن، قال:

أ رأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع و أشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد و هم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة التي طلق ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟

قال: إن كان له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك، و إن عرفت التي طلق من الأربع نفسها و نسبها فلا شي ء لها من الميراث، و عليها العدة، و إن لم يعرف التي طلق من الأربع نسوة اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا، و عليهن العدة جميعا».

لكن ابن إدريس على أصله من عدم العمل بخبر الواحد أقرع في


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 200

المقام، و استخرج المطلقة بها، لأنها لكل أمر مشتبه مطلقا أو مشتبه في الظاهر دون الواقع، فالفرض على كل من مواردها.

بل المتجه حينئذ سقوط الاعتداد عنها، لأن الفرض تزويجه بالخامسة بعد خروج المطلقة من العدة، و هو جيد بناء على كون الحكم كذلك مع قطع النظر عن الصحيح المزبور، و إلا فبناء على تعين الصلح و لو القهري منه القاطع للنزاع الذي يقع من الحاكم لذلك يتجه حينئذ الاشتراك المزبور الموافق لمسألة التداعي و لقيام تعدد الاحتمال مقام امتزاج المال و لأنه كالدرهم لشخص المختلط في الدرهمين لآخر ثم تلف أحدهما فيشكل تعين القرعة.

و لعل المتجه تخيير الحاكم بينها و بين الصلح بما عرفت الذي يمكن إرجاع النص(1)و الفتوى إليه، بمعنى أن الحكم فيهما باشتراك الأربعة بثلاثة أرباع الثمن من الصلح بأمر الحاكم قطعا للنزاع و مراعاة للاحتياط.

و منه ينقدح التعدية في غير مورد النص، كما لو اشتبهت المطلقة في اثنتين أو ثلاث خاصة، أو في جملة الخمس، أو كان للمطلق دون الأربع فطلق واحدة و تزوج بأخرى و حصل الاشتباه بواحدة أو أكثر، أو لم يتزوج فاشتبهت المطلقات بالباقيات أو بعضهن، أو طلق أزيد من واحدة و تزوج كذلك، حتى لو طلق الأربع و تزوج الأربع و اشتبهن، أو فسخ نكاح واحدة لعيب أو غيره أو أزيد و تزوج غيرها أو لم يتزوج.

لكن في القواعد في التعدية إشكال، و في الروضة وجهان: من كونها غير المنصوص، و من المشاركة في المقتضي، و هو اشتباه المطلقة بغيرها من الزوجات و تساوي الكل في الاستحقاق فلا ترجيح، و لأنه لا خصوصية ظاهرة في قلة الاشتباه و كثرته، فالنص على عين لا يفيد


1- 1 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 201

التخصيص بالحكم، بل التنبيه على مأخذ الحكم و إلحاقه بكل ما حصل فيه الاشتباه.

قلت: و من ذلك- مضافا إلى ما عرفت- تقوى ما قلناه من عدم تعيين القرعة، لكن في الروضة «أن القول بالقرعة في غير موضع النص هو الأقوى، بل فيه إن لم يحصل الإجماع، و الصلح في الكل خير».

قلت: قد عرفت أن ما في النص و الفتوى هو من الصلح الذي هو خير، و الله العالم.

[المسألة الرابعة إذا زوج الصبية أبوها أو جدها لأبيها ورثها الزوج و ورثته]

المسألة الرابعة:

إذا زوج الصبية أبوها أو جدها لأبيها بالكفو بمهر المثل ورثها الزوج و ورثته، و كذا لو زوج الصغيرين أبواهما أو جدهما لأبيهما بالكفو بمهر المثل توارثا بلا خلاف محقق أجده فيه لتحقق الزوجية من الطرفين بذلك.

نعم عن الشيخ و جماعة من الأصحاب أن للصبي الخيار لو بلغ، لخبر يزيد الكناسي(1)المعارض بما هو أقوى منه سندا و أكثر عددا، مضافا إلى عموم الولاية، و مع تسليمه لا ينافي الإرث، ضرورة عدم منافاة الخيار لتحقق الزوجية المسببة للإرث، فهو حينئذ كالعيب المسلط على الفسخ و نحوه من أقسام الخيار في النكاح و غيره المقتضي للفسخ من حينه.

و دعوى منع تحقق الإرث بالزوجية المتزلزلة واضحة الفساد،


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب عقد النكاح- الحديث 9 من كتاب النكاح.

ج 39، ص: 202

و خصوصا بعد ما عرفت من إرث المطلقة رجعيا مع أنها أقوى في التزلزل من غيرها.

فما عساه يظهر مما حكى من تعليل الشيخ في النهاية التي لم تعد للفتوى من دوران الإرث و عدمه على الخيار و عدمه لا ينبغي الالتفات اليه.

و من ذلك يعلم الحال فيما لو زوج الولي الصبية بالكفو بدون مهر المثل توارثا أيضا و إن كان لها الخيار- لو بلغت- في المهر، بل هو أولى من ذلك، ضرورة كون الخيار في المهر نفسه لا في العقد، فمن الغريب توقف بعضهم فيه.

نعم لو زوجها بغير الكفو بدون مهر المثل و نحو ذلك مما هو مفسدة في الظاهر أمكن القول بعدم التوارث بهذا العقد الذي هو فضولي، لعدم نفوذ تصرف الولي و لو الإجباري مع المفسدة في الظاهر، فيجري حينئذ فيه ما سمعته من الفضولي إلا أن يقوم دليل معتد به من إجماع أو غيره بصحة ذلك من الولي في خصوص النكاح مع جبره بأن لها الخيار في العقد بعد البلوغ على وجه يكون كخيار العيب، و حينئذ يتجه التوارث فيه أيضا، لما عرفت.

و كيف كان ف لو زوجهما غير الأب أو الجد كان العقد موقوفا على رضاهما سواء كانا موجودين و لكن لم يجيزا أو لم يردا أو قلنا بعدم اعتبار المجيز في الحال في صحة عقد الفضولي، أو قلنا بجواز تزويج الحاكم لهما مع المصلحة التي يمكن فرضها في المقام.

و حينئذ فالحكم لو رضيا به عند البلوغ و الرشد أو رداه أو أحدهما واضح و كذا لو ماتا قبل البلوغ، لعدم تحقق العقد الموجب لصدق الزوجية المسببة للإرث.

ج 39، ص: 203

بل لو مات أحدهما قبل ذلك بطل العقد أيضا و لا ميراث لما عرفت.

و كذا لو بلغ أحدهما و أجاز ثم مات الآخر قبل البلوغ ضرورة توقف العقد على رضاهما معا، فلا يكفي رضا أحدهما في تحقق الزوجية و حصول سبب الإرث.

نعم لو مات الذي رضي عزل نصيب الآخر من تركة الميت و تربص بالحي، فإن بلغ و أنكر العقد و رده و لم يرض به فقد بطل العقد و لا ميراث و إن أجاز صح و أحلف أنه لم يدعه إلى الرضا الرغبة في الميراث بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك، ل

صحيح الحذاء(1)عن الباقر (عليه السلام) «سألته عن غلام و جارية زوجاهما وليان لهما و هما غير مدركين، فقال: النكاح جائز و أيهما أدرك كان له الخيار، و إن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر إلا أن يكونا قد أدركا و رضيا، قلت: فإن أدرك أحدهما قبل الآخر، قال: يجوز ذلك عليه إن هو رضي، قلت: فان كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية و رضي بالنكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتى تدرك فتحلف بالله ما دعاها إلى الميراث إلا رضاها بالتزويج ثم يدفع إليها الميراث و نصف المهر، قلت: فان ماتت الجارية و لم تكن أدركت أ يرثها الزوج المدرك؟ قال: لا، لأن لها الخيار إذا أدركت قلت: فان كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك، قال: يجوز عليها تزويج الأب و يجوز على الغلام، و المهر على الأب للجارية»

و من ذيله يعلم إرادة الولي العرفي من الوليين في صدره لا نحو الأب الذي صرح بجواز تزويجه على الغلام و الجارية و أنه لا خيار لهما فيه


1- 1 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 204

بعد البلوغ مع فرض عدم المفسدة فيه، و أما اشتماله على نصف المهر فغير قادح في حجيته فيما نحن فيه مع احتمال كون النصف الآخر مدفوعا سابقا. و على كل حال فالأمر سهل في ذلك.

إنما الكلام في انسحاب الحكم إلى غير محل النص و الفتوى، كتزويج الفضولي الكاملين أو أحدهما، أو الولي أحد الصغيرين و الفضولي الآخر أو نحو ذلك، و مبنى ذلك على موافقة هذه الأحكام لقاعدة الفضولي، و ليس فيها سوى طلب اليمين من المجيز مع أن القاعدة تقتضي عدمها منه، لأنه مصدق فيما لا يعلم إلا من قبله، بل لعل المتجه ترتب الحكم و لو كان الذي دعاه إلى الرضا الرغبة في الميراث، ضرورة تحقق الرضا و إن كان دعاه إليه الطمع.

هذا و لكن في المسالك تارة أن «أكثر هذه الأحكام موافقة للأصول الشرعية لا تتوقف على نص خاص، و إنما يقع الالتباس فيها في إثبات إرث المجيز المتأخر بيمينه مع ظهور التهمة في الإجازة».

و أخرى فيما لو كانا كاملين و زوجهما الفضولي قال: «في انسحاب الحكم إليهما وجهان: من تساويهما في كون العقد فضوليا و لا مدخل للكبر و الصغر في ذلك، و من أن في بعض أحكامه ما هو على خلاف الأصل، فيقتصر على مورده، و

هذا أقوى، و حينئذ فيحكم ببطلان العقد إذا مات أحد المعقود عليهما بعد إجازته و قبل إجازة الآخر، سواء قلنا: إن الإجازة جزء السبب أو كاشفة عن سبق النكاح من حين العقد، أما على الأول فظاهر، لأن موت أحد المتعاقدين قبل تمام السبب مبطل، كما لو مات أحدهما قبل تمام القبول، و أما على الثاني فلأن الإجازة و حدها لا تكفي في ثبوت هذا العقد، بل لا بد معها من اليمين، و قد حصل

ج 39، ص: 205

الموت قبل تمام السبب، خرج منه ما ورد النص فيه، و هو العقد على الصغيرين، فيبقى الباقي».

و هو من غرائب الكلام، ضرورة كون ثبوت اليمين من النص، و إلا فمن المعلوم كون الأصل كفاية الإجازة من غير يمين، خصوصا مع فرض عدم التهمة، فيتجه حينئذ الصحة في غير محل النص بلا يمين لا البطلان، لما ذكره مما هو ثابت بالنص لا القاعدة.

نعم لو قلنا بكون الإجازة كاشفة و لكن مع ذلك لها دخل في تأثير العقد أثره و في تسبيبه مسببه- و لا يقدح في ذلك تأخر العلة من المعلول و السبب عن المسبب، لأن الغرض من الأسباب الشرعية التي لا مانع على الشارع في جعلها الآن أسبابا للآثار السابقة، نحو ما قيل في غسل الاستحاضة في الليل: إنه سبب في صحة الصوم في النهار، و بهذا المعنى يسمى كشفا لا أن المراد به العلم بما كان خفيا، و إلا فالرضا المتأخر لا مدخلية له و لا تأثير له، كما أوضحنا ذلك في باب الفضولي(1)و إن قلنا إن الأقوى خلافه- لاتجه حينئذ البطلان في غير محل النص، ضرورة حصول الموت قبل تمام السبب الناقل، لكونه مساويا للقول بكون الإجازة ناقلة بالنسبة إلى ذلك و إن اختلفا في زمن التأثير.

و كذلك يتجه البطلان بناء على اعتبار بقاء ما وقع عليه العقد قابلا لتعلق العقد حال الإجازة و في الفرض ليس كذلك، لحصول الموت لأحدهما المانع عن قابلية تعلق العقد به حال الإجازة، فهو كما لو تلف المبيع فضولا بآفة سماوية قبل إجازة المشتري، و بالجملة إن اتجه البطلان فإنما هو لذلك لا لما ذكره.


1- 1 راجع ج 22 ص 285- 293.

ج 39، ص: 206

و أما دعوى أن الحكم و إن كان مخالفا للقواعد للصحيح(1)المزبور المعتضد بالعمل فقد يلحق به غيره للأولوية كالفضولي في الكبيرين و كالفضولي في أحدهما فواضحة الفساد، ضرورة عدم حصول القطع بذلك، خصوصا مع ملاحظة تفريق الشارع بين المجتمعات و جمعه بين المختلفات، و الظن بالمساواة أو الأولوية من القياس المحرم.

و كيف كان فظاهر النص(2)و الفتوى توقف الزوجية على اليمين فلو نكل سقطت، و لو منع منها مانع كجنون أو نحوه انتظر ما لم يحصل ضرر بذلك على الوارث أو المال، فيتجه حينئذ دفعه إلى الوارث إلى أن يتحقق اليمين، لأصالة عدم تحقق ما يقتضي انتقاله عنه.

و هل اليمين واجبة للتهمة بمعنى أنها لا تجب مع ارتفاعها أو تعبدا و التهمة حكمة؟ وجهان، قد اختار ثانيهما في المسالك، و لا يبعد الأول لظهور النص(3)فيه.

و لو كان المجيز المتأخر الزوج فهل يتوقف استحقاق المهر عليه على اليمين أيضا؟ وجهان، أقواهما العدم.

نعم ليس للوارث المطالبة به و إن وجب عليه دفعه اليه بعد فرض كون رضاه لا للطمع في الميراث، و الظاهر استحقاقه الإرث منه، فيدفع منه ما زاد على نصيبه منه إلى الوارث، و هل له المقاصة بباقيه عن باقي التركة؟ وجهان أيضا، و لعل أولهما أقواهما، و الله العالم.


1- 1 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 11- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 207

[المسألة الخامسة إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك و لو لم يكن لم ترث من الأرض شيئا]

المسألة الخامسة لا خلاف بين المسلمين في أن الزوج يرث من جميع ما تركته زوجته من أرض و بناء و غيرهما.

كما أنه لا خلاف معتد به بيننا في أن الزوجة في الجملة لا ترث من بعض تركة زوجها، بل في الانتصار مما انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من أرباع الأرض، بل عن الخلاف و السرائر الإجماع على حرمانها من العقار.

نعم عن الإسكافي أنه إذا دخل الزوج أو الزوجة على الولد و الأبوين كان للزوج الربع و للزوجة الثمن من جميع التركة عقارا أو أثاثا و صامتا و رقيقا و غير ذلك.

و إطلاق الولد في كلامه الشامل لمن كان من الزوجة و غيرها يدل على أن مذهبه أن الزوجة مطلقا و إن لم تكن ذات ولد ترث الثمن من جميع تركة زوجها من دون تخصيص، و يلزمه إرثها من جميع التركة الربع إذا لم يكن للزوج ولد.

و في المحكي عن كشف الرموز أنه قول متروك، بل عن غاية المراد بعد أن حكى إجماع أهل البيت على حرمان الزوجة من شي ء ما و أنه لم يخالف فيه إلا ابن الجنيد قال: «و قد سبقه الإجماع و تأخر عنه» و نحو ذلك عن المهذب و غاية المرام.

لكن و مع ذلك قد يقال: إن خلو جملة من كتب الأصحاب على ما قيل كالمقنع و المراسم و الإيجاز و التبيان و مجمع البيان و جوامع الجامع

ج 39، ص: 208

و الفرائض النصيرية عن هذه المسألة مع وقوع التصريح في جميعها بكون إرث الزوجة ربع التركة أو ثمنها الظاهر في العموم ربما يؤذن بموافقة الإسكافي، بل لعل الظاهر عدم تعرض علي بن بابويه و ابن أبي عقيل لذلك أيضا و إلا لنقل، بل لعل خلو الفقه الرضوي الذي هو أصل الأول منهما و معتمدة مما يؤيد موافقته أيضا.

بل لعل جميع رواة الصحيح- الذي هو مستند ابن الجنيد بعد عموم الكتاب و السنة- عن أبي عبد الله (عليه السلام) مذهبهم ذلك، لأن مذاهب الرواة تعرف بروايتهم، و قد رواه

ابن أبي يعفور و أبان و الفضل ابن عبد الملك(1)قال: «سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته شيئا أو أرضها من التربة شيئا أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ قال: يرثها و ترثه من كل شي ء ترك و تركت».

فدعوى سبقه بالإجماع و لحوقه به لا تخلو من نظر، بل عن دعائم الإسلام أن إجماع الأمة و الأئمة على قول ابن الجنيد.

قال: «عن أهل البيت (عليهم السلام) مسائل جاءت عنهم في المواريث مجملة، و لم نر أحدا فسرها، فدخلت على كثير من الناس الشبهة من أجلها، فرأينا إيضاح معانيها ليعلم المراد فيها، و بالله التوفيق، و إن كنا لم نبن هذا الكتاب على فتح المقفل و إيضاح المشكل و بيان المختلف فيه، و إنما قصدنا فيه الاختصار و الاقتصار على الثابت من المسائل و الأخبار، و لكن لما كان ظاهر هذه المسائل يخالف الكتاب و السنة و إجماع الأئمة و الأمة و دخلت على كثير من أصحابنا من أجلها الشبهة و لمزهم بها كثير من العامة فرأينا إيضاحها- إلى أن ذكر من ذلك- ما روى عن أبي جعفر


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1 عن أبان عن الفضل بن عبد الملك و ابن أبي يعفور كما في الاستبصار- ج 4 ص 154 و الفقيه ج 4 ص 252.

ج 39، ص: 209

و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: إذا هلك الرجل فترك بنين فللأكبر منهم السيف و الدرع و الخاتم و المصحف- و ذكر عن بعض الأصحاب احتساب ذلك من القيمة، و رده بمنافاته للشركة المقتضية للتسوية، ثم أوله- بأن ذلك خاصة للأئمة و الأوصياء (عليهم السلام) و فيما هو منقول من إمام إلى إمام من خاتم الامام و مصحف القرآن الثابت و كتب العلم و السلاح الذي ليس شي ء من ذلك لأحد منهم تجري فيه المواريث، و إنما يدفعه الأول للآخر و الفارط للغابر، و قد ذكرنا في باب الوصايا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دفع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) كتبه و سلاحه و أمره أن يدفع ذلك إلى ابنه الحسن (عليه السلام) و أمر الحسن (عليه السلام) أن يدفعه إلى الحسين (عليه السلام) و أمر الحسين (عليه السلام) أن يدفعه إلى ابنه علي (عليه السلام) و أمر علي بن الحسين (عليهما السلام) أن يدفعه إلى ابنه محمد بن علي (عليهما السلام) و أن يقرؤه منه السلام، فهذا وجه ما جاء في الرواية التي لا تحتمل غيره، فاما أن

يكون جاء مفسرا فحذف الرواة تفسيره، أو جاء مجملا كما ذكرنا اكتفاء بعلم المخاطبين أو رمزا من ولي الله- ثم ذكر

ما روي عنهما (عليهما السلام) أيضا من أن النساء لا يرثن من الأرض شيئا، إنما تعطى قيمة النقض،

قال-: و هذا أيضا لو حمل على ظاهره و على العموم لكان يخالف كتاب الله و السنة و إجماع الأئمة و الأمة- ثم أوله بالأرض المفتوحة عنوة لكونها ردا للجهاد، و تقوية لرجال المسلمين على الكفار و المشركين أو بالأوقاف التي ليس للنساء فيها حظ، و لا يشاركن الرجال فيها إلا في قيمة النقض- فأما ما كان من الأرض مملوكا للموروث فللنساء منه نصيب، كما قال الله تعالى، هذا الذي لا يجوز غيره»(1).


1- 1 دعائم الإسلام ج 2 ص 390- 395.

ج 39، ص: 210

و هو كما ترى من غرائب الكلام، بل هو كلام غريب عن الفقه و الفقهاء و الرواة و الروايات، و إنما نقلناه ليقضي العجب منه، و إلا فهو لا يقدح في دعوى سبق الإجماع ابن الجنيد و لحوقه المستفاد ذلك من تسالم النصوص عليه التي هي فوق مرتبة التواتر و الفتاوى التي لا ينافيها عدم تعرض بعض الكتب للمسألة، و لعله لوضوحه و ظهوره، بل العامة تعرف ذلك من الإمامية، و من هنا اتجه حمل الصحيح(1)المزبور على التقية، كما يتجه تخصيص العمومات بالمتواتر من النصوص(2)و الإجماع المحكي، بل و بالإجماع المحصل، فلا ينبغي الإطناب في ذلك.

إنما الكلام في أن ذلك خاص بالزوجة غير ذات الولد من الزوج أو مطلقا، و في الذي تحرم منه عينا و قيمة و عينا لا قيمة، و في غير ذلك من فروع المسألة؟ خيره المصنف و جماعة بل قيل: إنه المشهور بين المتأخرين في الأول الأول، و في الثاني مطلق الأرض من الأول و الآلات و الأبنية من الثاني.

فقال إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك، و لو لم يكن ولد لم ترث من الأرض شيئا، و أعطيت حصتها من قيمة الآلات و الأبنية، و قيل: لا

تمنع إلا من الدور و المساكن، و خرج المرتضى (رحمه الله) قولا ثالثا: و هو تقويم الأرض و تسليم حصتها من القيمة، و القول الأول أظهر.

لكن لم نقف لهم على دليل معتد به في التفصيل المزبور، بل ظاهر النصوص(3)على استفاضتها خصوصا المشتمل منها على إعطاء الربع أو


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- و غيره- من أبواب ميراث الأزواج.

ج 39، ص: 211

الثمن و معاقد الإجماعات عدم الفرق بين ذات الولد و غيرها، بل من الأخيرة ما هو صريح في ذلك.

نعم في

مقطوع ابن أذينة(1)«في النساء إذا كان لهن ولد أعطين من الرباع»

و هو غير حجة و إن ظن أنه عن الامام (عليه السلام) ضرورة عدم حجية مظنون الرواية، و دعوى القطع بكونه عن الامام (عليه السلام) واضحة المنع، و ليس هو كالمرسل المعلوم كونه رواية، فإذا فرض جبر ضعفه بالشهرة و نحوها جاز العمل به.

و من ذلك يعلم ما في الاستدلال له بأنه مقتضى الجمع بين ما دل(2)على الحرمان و بين ما دل(3)على إرثها من جميع ما ترك بحمل الأول على غير ذات الولد و حمل الثاني على ذات الولد، إذ هو كما ترى جمع بلا شاهد.

و دعوى أنه بملاحظة الشهرة و المقطوعة و نسبة بعضهم له إلى الرواية و غير ذلك يضعف الظن بإرادة هذا الفرد من أدلة الحرمان، كما أنه يقوى إرادته من عمومات الإرث، مضافا إلى اقتضاء ذلك قلة التخصيص في تلك العمومات.

يدفعها منع الشهرة (أولا) بل ظاهر كثير من أصحابنا عدم الفرق، كالكليني و المفيد و المرتضى و الشيخ في الاستبصار و الحلبي و ابن زهرة و الحلي و جماعة من المتأخرين، بل عن السرائر الإجماع عليه صريحا.

و منع ضعف الظن (ثانيا) بل لعل الأمر بالعكس بملاحظة كثرة هذه النصوص، و ربما بلغت سبعة عشر خبرا(4)مع عدم إشعار شي ء منها


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.

ج 39، ص: 212

بهذا التفصيل، بل ظاهرها جميعا من حيث التعبير بالزوجة الشاملة لهما خلافه.

بل من عرف طريقتهم في أمثال ذلك من عدم الإيكال على علم السامع و نحوه و عدم التعبير بالوهم (بالموهم خ ل) يكاد يجزم بعدم ذلك، و التخصيص بعد قيام الدليل المعتبر عليه لا مانع منه و إن كثرت أفراد المخصص كما في المقام، فلا ريب في أن الأقوى عدم الفرق بين ذات الولد و غيرها في الحرمان.

كما أنه لا ريب في أن الأقوى حرمانها من عين مطلق الأرض من غير فرق بين الدور و المساكن و غيرهما، وفاقا للمشهور نقلا و تحصيلا، بل عن الخلاف الإجماع عليه، و هو الحجة بعد النصوص المستفيضة عنهم (عليهم السلام) التي فيها الصحيح و الموثق و غيرهما على اختلاف دلالتها.

ف

في بعضها(1): «أن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى و الدور و السلاح و الدواب شيئا، و ترث من المال و الفرش و الثياب و متاع البيت مما ترك، و تقوم النقض و الأبواب و الجذوع و القصب، فتعطى حقها منه».

و في آخر(2)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن النساء ما لهن من الميراث؟ قال: لهن قيمة الطوب و البناء و الخشب و القصب، فأما الأرض و العقارات فلا ميراث لهن فيه، قلت: فالبنات، قال:

البنات لهن نصيبهن فيه، قال: قلت: كيف صار لهذه الثمن و لهذه الربع مسمى؟ قال: لأن المرأة ليس لها نسب ترث به و إنما هي دخيل عليهم، و إنما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجي ء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم قوما آخرين في عقارهم».

و في ثالث (3)«النساء لا يرثن من الأرض و لا من العقار شيئا».


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 4.

ج 39، ص: 213

و في رابع(1)«أن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض إلا أن يقوم الطوب و الخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها».

إلى غير ذلك من النصوص التي لا ينافيها الاقتصار في بعض النصوص على حرمانها من الرباع(2)و من رباع الأرض(3)و من العقار(4)و من عقار الدور(5)و من الدور و العقار(6)بعد الاتفاق في النفي، إذ هو نحو «لا تضرب الرجال» «لا تضرب زيدا».

فلا يضر حينئذ معروفية المنازل من الرباع بين اللغويين، فعن العيني الربع: المنزل، و الوطن يسمى ربعا، لأنهم يربعون فيه، أي يطمئنون و قال: هو الموضع الذي يرتعون فيه في الربيع.

و عن الأزهري عن الأصمعي الربع: هو الدار بعينها حيث كانت و المربع: المنزل في الربيع خاصة.

و عن الفارابي الربع: الدار بعينها حيث كانت، إلى غير ذلك، مع أنه يمكن أن يمنع ذلك في نحو رباع الأرض.

و أما العقار فإنه و إن نقل عن الأزهري أنه حكاه بمعناه، و في النافع «و كذا المرأة عدا العقار، و ترث من قيمة الآلات و الأبنية، و منهم من طرد الحكم في مزارع الأرض و القرى» و هي كالصريحة في اختصاص العقار بغير المنزل، لكن المعروف في كتب اللغة كما في موضع من كشف اللثام: أنه الضيعة أو النخل أو ما يعمهما و سائر الأشجار، و في آخر:

الأشهر في معناه الضيعة.

بل ما

في الصحيح(7): «لا يرثن النساء من العقار شيئا، و لهن قيمة البناء و الشجر و النخل»

كالصريح في كونه للأعم، بل ربما يومئ


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 11.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 14.
5- 5 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 7.
6- 6 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 10.
7- 7 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 16.

ج 39، ص: 214

إليه إضافته إلى الدور، كما في بعض

النصوص(1): «لا ترث النساء من عقار الدور شيئا».

بل قد يدعى أنه في خبر الدار أظهر منه فيها، و لذا عطفه عليها

في البعض الآخر(2) فقال: «ليس للنساء من الدور و العقار شي ء».

بل في كشف اللثام «قيل: العقار كل مال له أصل من دار أو ضيعة» و بذلك كله يظهر لك قوة القول بالتعميم.

فما في النافع و محكي المقنعة و السرائر- من الاختصاص بالدور و المساكن اقتصارا في تخصيص عموم أدلة الإرث على المجمع عليه المتواتر به الأخبار(3)كما عن السرائر- واضح الضعف، ضرورة عدم الالتزام بالمتيقن بعد فرض تسليم كونه الدار و المسكن هنا مع قيام الدليل المعتبر على الأعم من ذلك و إن كان ظنيا و آحادا و العام قطعي كتابي، كما هو محقق في محله.

فما عن المختلف- من أن قول شيخنا المفيد جيد لما فيه من تعليل التخصيص، فان القرآن دال على التوريث مطلقا، فالتخصيص مخالف، فكل ما قل كان أولى- لا يخفى عليك ما فيه.

و أضعف منه ما عن المرتضى من أنها تحرم من عين الأرض دون قيمتها جمعا بين أدلة الإرث و أدلة الحرمان مع حصول الغرض المذكور في الأخبار(4)بالحرمان عن العين، نحو ما سمعته منه في أعيان الحبوة، إذ هو مع إمكان دعوى سبقه بالإجماع و لحوقه به مناف لظاهر نفي إرثها فيما هو كالمتواتر من

النصوص التي بعضها صريح أو كالصريح في حرمانها من نفس الأرض عينا و قيمة، من حيث ذكره لهما معا في الحرمان،


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 7.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 10.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2 و 3 و 7 و 9.

ج 39، ص: 215

و اقتصاره على إعطاء القيمة من البناء و الخشب و نحوهما دونها؛ على أنه جمع بما هو مناف لظاهر الدليلين من دون شاهد، فالتخصيص أرجح منه بمراتب.

و من الغريب ما عن المختلف من أن قول المرتضى (رحمه الله) حسن لما فيه من الجمع بين عموم القرآن و خصوص الأخبار، لما عرفت من عدم الحسن فيه، بل الإنصاف أن قول ابن الجنيد على ضعفه خير منه.

اللهم إلا أن يدعى أن هذا الحرمان بمنزلة الإتلاف عليها الموجب لضمان القيمة، كما يومئ إليه قيمة الآلات- كما ستعرفه فيما يأتي- و حديث نفي الضرر و الضرار(1)و قاعدة الجمع بين الحقين و غير ذلك، إلا أنه هو أيضا كما ترى.

و على كل حال فلا ريب في أن القول الأول أظهر، و هو حرمانها من مطلق الأرض عينا و قيمة دارا أو بستانا أو غيرهما مشغولة بزرع أو غرس أو خالية، لما سمعته مفصلا.

نعم ترث القيمة خاصة من آلات البناء كالطوب و الجذوع و الخشب و القصب و النقض بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، للنصوص المستفيضة أو المتواترة فيه.

بل في

صحيح الأحول(2)منها إلحاق الشجر و النخل بذلك، قال: «لا ترث النساء من العقار شيئا، و لهن قيمة البناء و الشجر و النخل و لا بأس به»

وفاقا لصريح جماعة، بل ربما احتمل إمكان إرادتهما من الآلات في نحو عبارة المتن و اللمعة و غيرهما عملا بالصحيح المزبور الذي به يحمل نفي إرثها من القرى و العقار الذي قد عرفت إرادة الضيعة منه


1- 1 الوسائل- الباب- 12- من كتاب إحياء الموات.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج الحديث 16.

ج 39، ص: 216

على عدم الإرث من عين ذلك كله أرضه و غيرها دون قيمة الشجر و النخل.

و طريق التقويم أن تقوم الآلات و الشجر و النخل باقية في الأرض إلى أن تفنى مجانا لأنها كانت فيها كذلك بحق، و تعطى حصتها من ذلك.

و ربما احتمل ضعيفا أن تقوم باقية فيها بأجرة جمعا بين الحقين، و هو مخالف لظاهر النصوص، خصوصا المشتملة على إرثها ذلك البناء و قيمة البناء(1)الذي منه يعلم إرادة تقويم الآلات باقية على حالها و بناءها و هيئتها، لا أن المراد تقويمها نفسها غير مبنية، كما عساه يتوهم من

قوله (عليه السلام): «قيمة الخشب و الجذوع و القصب و الطوب»(2).

و ربما قيل في طريق التقويم أن تقوم الأرض مجردة عن البناء و الغرس و تقوم مبنية مغروسة فتعطى حصتها من تفاوت القيمتين، و مرجعه إلى ما ذكرناه. و لعله أحسن منه، إذ يمكن زيادة قيمة الأرض بملاحظة ما فيها من الغرس و الشجر و النخل، و استحقاقها لهذه الزيادة مناف لما دل(3)على حرمانها من الأرض عينا و قيمة، فالأولى الاقتصار في كيفية التقويم على ما ذكرناه.

و هل يجبر الوارث على التقويم أو تجبر هي على الرضا بالعين إذا رضي الوارث؟ وجهان: إلا أنه اختار الأخير منهما بعض المتأخرين، تمسكا بما عساه يظهر هنا من كون التقويم رخصة جبرا لحال الوارث فهو كالأمر الوارد عقيب الحظر.

و فيه أنه مناف لما دل(4)على عدم إرثها من ذلك، ضرورة


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 13 و 16.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1 و 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الأزواج.

ج 39، ص: 217

ظهورها في أنه لا تملك شيئا من ذلك بالإرث، فلا مدخلية لرضا الوارث فيه.

بل لعل الأول لا يخلو من قوة خصوصا بعد ملاحظة أنه كقيم المتلفات باعتبار تنزيل حرمان الشارع لها من العين و تخصيص من عداها بها منزلة إتلافه عليها، فيضمنون لها القيمة.

و منه يعلم عدم بناء ذلك على المعاوضة، بمعنى عدم جواز تصرف الوارث حتى يدفع القيمة، بل الظاهر ثبوت ذلك في ذمة الوارث من غير فرق بين بذل الوارث العين و عدمه، و لا بين امتناعه من القيمة و عدمه و إن كان مع الامتناع يبقى في ذمته إلى أن يتمكن الحاكم من إجباره على أدائها أو البيع عليه قهرا كغيره من الممتنعين من أداء الحق، و لو تعذر ذلك كله يبقى في ذمته إلى أن تتمكن الزوجة من تخليصه و لو مقاصة، سواء في ذلك الحصة و غيرها.

و لو اجتمعت ذات الولد و غيرها و قلنا باختصاص الحرمان بالثانية ورثت ذات الولد كمال الثمن في رقبة الأرض من غير مشاركة أحد من الورثة معها، و من دون دفع شي ء إلى الثانية، و ورثت أيضا كما له من أعيان الآلات و الشجر، لكن عليها للأخرى مثلا نصف ثمن قيمتها، كما هو واضح.

ثم إنه لا يخفى عليك أن الموافق للعدل توزيع الدين و الكفن و نحوهما على مجموع التركة من غير ضرر على أحد من الورثة، فلا يدفع جميعه من غير الأرض كي يلزم الضرر على الزوجة، و لا منها خاصة كي يلزم على الورثة دونها، بل يوزع عليهما جميعا و إن كان العمل من جميع من عاصرناه على خلاف ذلك.

و على كل حال فهل يدخل في الآلات الدولاب و المحالة و العريش

ج 39، ص: 218

الذي يكون عليه أغصان الكرم و نحوها؟ وجهان، أقواهما دخول كل ما يسمى من آلات البناء من غير فرق بين ما اتخذ السكنى و غيرها من المصالح، كالرحى و الحمام و معصرة الزيت و السمسم و العنب و الإصطبل و المراح و غيرها، بل قد يدخل في وجه صفرية الحمام و المسبك و نحوهما فيها.

أما القدر المثبتة في دكان ليصنع فيها الرؤوس و الهريس و نحوهما فيمكن عدم عدها في الآلات، فترث من عينها، كما أن الظاهر إرثها من آلات البناء المهدومة من آجر و نحوه، لأن المراد منها المثبتة دون المنقولة كما عن الصيمري الإجماع عليه. نعم لو كانت مبنية فلها القيمة و إن كانت مستعدة للهدم.

و كذا ما كان ثابتا من الغرس و النخل و نحوهما و إن انتهى عمره و استعد للقطع على إشكال، و نحوه السعف اليابس و أغصان الشجرة اليابسة و نحو ذلك مما صار حطبا إلا أنه متصل بأصله، و يحتمل إرثها من عين ذلك كله اقتصارا في الخروج عن عموم الأدلة على المتيقن.

أما النخل الصغار المعد للقلع بل لا ينتفع به من دون قلع فالظاهر استحقاقها القيمة منه، لصدق الشجر و النخل عليه.

نعم لو كان مقلوعا ورثت من عينه و إن كان معدا للغرس بخلاف التمر و لو على الشجر و الزرع و إن لم يستحصل، بل لو كان بذرا فإنها ترث من عينه.

هذا و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالصلح و نحوه في جميع محال الشك و ربما كان منه بيوت القصب و نحوه مما يستعمله أهل القرى، فيمكن حرمانها من العين فيها أيضا، ضرورة كونه كالدور المتخذة من الأخشاب و يحتمل العدم.

ج 39، ص: 219

و ربما كان منه أيضا بعض ما يوضع في حجر الدار من المرآة و نحوها للزينة.

و أما القنوات و العيون و الآبار و الأنهار و نحوها فلا ريب في إرثها من قيمة الآلات إن كانت، و من عين الماء الموجود حال الموت الذي ملكه الميت قبل موته بخلاف المتجدد، فإنه ملك للوارث على الأصح و إن قلنا: إنها ترث في حق الخيار مثلا لو كان في الأرض على معنى أن لها الفسخ فترث من الثمن، كما أن للوارث فسخ الخيار لو فرض بيع الميت أرضا كي يعود المال أرضا فلا ترث منه، و الله العالم.

ثم إن الظاهر عدم الفرق في الولد بناء على التفصيل به بين الذكر و الأنثى و الخنثى، بل يمكن إلحاق الحامل بها، فإنها و إن لم تكن ذات ولد فعلا لكن قد عرفت سابقا إلحاقه به في الحكم، فيراعى حرمانها و عدمه حينئذ بولادته حيا كما في إرثه و إرثها.

و ولد الزنا منهما ليس ولدا شرعا بخلاف ولد الشبهة لهما، فلو أولدها شبهة ثم تزوجها بعد ذلك ورثت من الجميع مع احتمال الاختصاص بذات الولد من النكاح التي ترث به أو نظيره، فلو تمتعها حينئذ و أولدها ثم تزوجها بعد ذلك حرمت، نعم لو تزوجها و أولدها ثم طلقها و بعد الخروج من العدة تزوجها ورثت و إن لم يكن الولد من التزويج الثاني إلا أنه من صنف الأول الذي ترث به، و لو كان ولد شبهة لها دونه لم تستحق به على الظاهر، بل و كذا العكس في وجه، و لو لا مخافة الاطناب المورث للملل لاستوفينا الكلام فيما ذكرناه من فروع المسألة و غيره، لكن لعل في ذلك الكفاية، و الله الموفق و الهادي.

ج 39، ص: 220

[المسألة السادسة نكاح المريض مشروط بالدخول فان مات في مرضه و لم يدخل بطل العقد]

المسألة السادسة:

نكاح المريض مشروط إرث الزوجة به بالدخول أو البراءة من ذلك المرض فان مات في مرضه و لم يدخل بطل العقد و لا مهر لها و لا ميراث، و هي رواية زرارة عن أحدهما (عليهما السلام)(1)

(3)- «ليس للمريض أن يطلق، و له أن يتزوج، فان هو تزوج و دخل بها فهو جائز، و إن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث».

و في

صحيح عبيد ولده(2)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المريض أ له أن يطلق؟ قال: لا، و لكن له أن يتزوج إن شاء، فان دخل بها ورثته، و إن لم يدخل بها فنكاحه باطل».

كخبر أبي ولاد(3)سأله (ع) أيضا «عن رجل تزوج في مرضه، فقال: إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته، و إن لم يدخل بها لم ترثه، و نكاحه باطل».

لكن مع ذلك قد تشعر نسبته إلى الرواية في المتن و إلى الشهرة في الدروس بنوع تردد فيه، و لم أجده لغيرهما عدا ما يحكى عن نصير الدين من أنه قال بعد نقله ذلك: «و فيه كلام» بل و لا لهما في غير الكتابين بل جزما به في النافع و اللمعة المتأخرين عن الكتابين كباقي فتاوى الأصحاب.

نعم صرح بعضهم أن المراد ببطلان العقد في هذه النصوص عدم


1- 1 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 18- من أبواب ميراث الأزواج- الحديث 1.

ج 39، ص: 221

لزومه على وجه يترتب عليه جميع أحكامه حتى بعد الموت من الميراث و العدة، لا البطلان و عدم الصحة حقيقة، و إلا لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد، مع أن صدرها كغيرها من الأخبار الدالة على جواز نكاح المريض(1)بقول مطلق يدل على خلافه.

بل زاد بعضهم أنه لو كان كذلك لزم الدور، ضرورة توقف جواز الوطء على الصحة، و هي متوقفة عليه.

و فيه أنه يمكن كون ذلك على جهة الكشف، بمعنى أنه إن حصل الدخول علم صحة النكاح من أول الأمر و إلا انكشف فساده كذلك، و له الوطء بالعقد الصادر، لظاهر النصوص و غيرها.

و منه حينئذ يعلم قوة القول بعدم الإرث لو ماتت هي في مرضه ثم هو مات بعدها في ذلك المرض، لانكشاف فساد العقد بعدم الدخول و الموت في المرض و إن أشكل على جماعة ذلك مما ذكرناه و من أن الحكم على خلاف الأصول، فيقتصر فيه على مورده و هو موته، فيبطل حينئذ من أحد الطرفين دون الآخر، و يتجه إرثه لها في الفرض.

و فيه أن المعلوم من قاعدة العقود كفاية البطلان من أحد الطرفين في فسادها.

فما وقع من بعضهم- من الجزم بإرثه لها لما عرفت و لاحتمال الفرق بين موته و موتها باحتمال كون الحكمة في وجه المنع عن الإرث مقابلة المريض بضد قصده من الإضرار بالورثة بإدخال الزوجة عليهم، و بعبارة أخرى كون الحكمة مراعاة حال الورثة، و هي في الفرض الثاني مفقودة بل منعكسة، فينتفي الحكم فيه بالصحة- لا يخفى عليك ما فيه، بل المتجه الجزم بعدم الإرث، لظاهر النصوص المزبورة، و عدم العدة و نحوهما من الأحكام الثابتة للنكاح الصحيح.


1- 1 الوسائل- الباب- 21- من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.

ج 39، ص: 222

نعم ترثه و يرثها لو تزوجت هي مريضة و ماتت قبل الدخول، لحرمة القياس، فالعمومات حينئذ بحالها.

و المراد بالدخول معناه المتعارف لا مجرد اختلاطها معه و تمريضها إياه كما عن بعضهم، فإنه تهجس بلا داع و لا شاهد، نعم لا فرق على الظاهر بين القبل و الدبر.

كما أن الظاهر جريان حكم التداعي فيما لو حصل الخلوة بها فادعت هي الدخول و أنكره هو أو الوارث، بل لو قيل: أن القول قولها فيه أمكن أن يكون ذلك بالنسبة إلى استحقاق المهر دون الإرث، فلاحظ ما تقدم في النكاح(1)و تأمل.

و إن مات المريض في مرض آخر بعد برئه من المرض الأول أو مات بعد الدخول فلا ريب في صحة العقد و لزومه و ترتب أحكامه، عملا بالعمومات و خصوص هذه الروايات جميعها في الفرض الثاني، و ما قيد فيه البطلان بالموت في مرضه منها في الأول، و به يقيد الموت المطلق الموجب للبطلان في الأخيرين، مع أن المتبادر منه فيهما المقيد خاصة.

بل لعل المتبادر الموت بذلك المرض، فلو فرض الموت بمرض آخر أو فرض قتله أو نحو ذلك ورثته و إن كان قد مات قبل البرء من مرضه، لكن الانصاف عدم خلوه من الاشكال الناشئ من احتمال السببية في لفظ «في» و الزمانية.

بل قد يستشكل أيضا في طول المرض بحيث بقي سنين، خصوصا إذا كان يمشي به، و كذا لو كان مرضه شبه الأدوار و نحو ذلك من أقسام المرض التي قد يتوقف في شمول إطلاق نصوص المقام لها على وجه يخصص بها عمومات الكتاب و السنة، فتأمل جيدا، و الله العالم.


1- 1 راجع ج 31 ص 76- 79.

ج 39، ص: 223

[المقصد الثالث في الميراث بالولاء]
اشاره

المقصد الثالث في الميراث بالولاء الذي هو أحد أسباب الإرث بعد فقد النسب إجماعا أو ضرورة من المذهب بل الدين. و هو ثلاثة أقسام مترتبة:

[الأول ولاء العتق]
اشاره

الأول: ولاء العتق و الأصل فيه بعد الإجماع بقسميه السنة المستفيضة بل المتواترة من طرق العامة(1)و الخاصة(2)نعم إنما يرث المنعم به بشروط ثلاثة: الأول إذا كان المعتق متبرعا بالعتق و الثاني إذا لم يتبرأ من ضمان جريرته و الثالث إذا لم يكن للمعتق وارث مناسب فلو كان قد أعتق في واجب كالكفارة و النذور لم يثبت للمنعم ميراث لأنه سائبة حينئذ بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به في محكي السرائر، بل عنها و عن الانتصار و الغنية الإجماع عليه.


1- 1 سنن البيهقي- ج 6 ص 240.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث ولاء العتق.

ج 39، ص: 224

و

قال الصادق (عليه السلام) في خبر إسماعيل بن الفضل(1): «إذا أعتق لله فهو مولى للذي أعتقه».

و سأله (عليه السلام) الهاشمي(2)«عن الرجل إذا أعتق أ له أن يضع نفسه حيث شاء و يتولى من أحب؟ فقال: إذا أعتق لله فهو مولى للذي أعتقه، و إذا أعتق و جعل سائبة فله أن يضع نفسه حيث شاء، و يتولى من شاء».

و سأل ابن أبي الأحوص(3)أبا جعفر (عليه السلام) «عن السائبة فقال: انظر في القرآن فما كان فيه «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»(4)فتلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد عليها إلا لله، فما كان ولاؤه لله فهو لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما كان ولاؤه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فإن ولاؤه للإمام (عليه السلام) جنايته على الامام و ميراثه له».

و سأله (ع) أيضا يزيد بن معاوية(5)«عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات قبل أن يعتق رقبة فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه، و أن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات و تركه لمن يكون ميراثه؟

قال: فقال: إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في ظهار أو شكر واجب عليه فان المعتق سائبة لا سبيل لأحد عليه، و إن كان توالى قبل


1- 1 الوسائل- الباب- 36- من كتاب العتق- الحديث 1 و الأول قطعه من الثاني و ليس خبرا مستقلا.
2- 2 الوسائل- الباب- 36- من كتاب العتق- الحديث 1 و الأول قطعه من الثاني و ليس خبرا مستقلا.
3- 3 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 1 و الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 6 و في الموردين «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» كما في الكافي ج 7 ص 171.
4- 4 سورة النساء: 4- الآية 92.
5- 5 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2 عن بريد العجلي.

ج 39، ص: 225

أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته و حدثه كان مولاه و وارثه إن لم يكن له قريب يرثه، قال: و إن لم يكن توالى أحدا حتى مات فان ميراثه للإمام: إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين، و إن كانت الرقبة على أبيه تطوعا و قد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال، و يكون الذي اشتراه و أعتقها عن أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه، قال: و إن كان ابنه الذي اشترى الرقبة فأعتقها عن أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فان ولاءه و ميراثه للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته».

فما عن المبسوط في فصل الكفارات من ثبوت الولاء على المعتق في الكفارة واضح الضعف، بل في الدروس «الظاهر أن ذلك حكاية منه لتصريحه قبله بعدمه» و إن دل عليه

الصحيح(1)«عن الرجل يعتق الرجل في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال: للذي يعتق»

الواجب طرحه أو حمله على ما إذا توالاه بعد العتق، أو على التقية، أو على من يتبرع بذلك عن كفارة غيره إن قلنا بكون ذلك من التبرع كما ستعرف، و حينئذ فلا إشكال بل و لا خلاف بناء على عدم تحقق ذلك عن الشيخ.

نعم في المحكي عنه و ابن حمزة ثبوته على أم الولد لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصيب ولدها، بل نفى الخلاف عنه فيه، إلا أنه مع تبين خلافه بمسير المشهور إلى ما عرفت معارض بما سمعت.

مضافا إلى عدم صدق الإعتاق الذي هو سبب للولاء، بل هو غير صادق على سائر أفراد الانعتاق قهرا بالقرابة أو غيرها بعوض كان أو بغيره، و سواء كان الدخول في الملك اختيارا أو اضطرارا، خلافا لهما


1- 1 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 5.

ج 39، ص: 226

أيضا، فأوجبا الولاء لمن ملك أحد قرابته فانعتق عليه سواء ملكه اختيارا أو اضطرارا،

للموثق(1)«في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن يبيعه و يستعبده؟ قال: لا يصلح أن يبيعه و لا يتخذه عبدا، و هو مولاه و أخوه في الدين، و أيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون وارث أقرب منه».

و فيه أن الظاهر إرادة الإرث الحاصل بالقرابة دون الولاء من الإرث فيه، و يؤيده الحكم فيه بالتوارث من الطرفين فلا حجة فيه لهما.

و كذا لو انعتق عليه بتنكيله إياه، بل لا أجد فيه خلافا كما اعترف به في كشف اللثام لما عرفت من عدم اندراجه في المنساق من إطلاق الإعتاق، بل لا يعد مولاه منعما عليه بذلك، مضافا إلى

قول الباقر (عليه السلام) في صحيح أبي بصير(2)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في من نكل بمملوكه أنه حر و لا سبيل له عليه، سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته فهو يرثه».

هذا و يتصور الإرث بالولاء مع كون العتق بالقرابة و اشتراط الإرث.

به بعدم المناسب مطلقا فيما إذا كان صاحب الولاء غير مناسب للمعتق أصلا مع كونه نازلا منزلة من كان العتق سبب قرابته، بأن يكون صاحب الولاء قريبا لذلك القريب مع عدم قرابة للعتيق، و قد مات ذلك القريب فصار قريبه الذي ليس من أقرباء العتيق صاحب الولاء، كما إذا اشترى رجل أمه فانعتقت عليه فمات

الرجل و كان له أخ من أبيه خاصة و لا وارث للأم نسبا أصلا، فإن ولاء الأم للأخ حينئذ.

و يثبت الولاء على المدبر إجماعا في الدروس، لظهور اندراجه في إطلاق الأدلة، بل و الموصى بعتقه كذلك أيضا، و احتمال عدم الولاء له


1- 1 الوسائل- الباب- 13- من كتاب العتق- الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 22- من كتاب العتق- الحديث 2.

ج 39، ص: 227

لعدم جواز إحداثه له بعد موته كما لا يجوز إحداث نسب له بعيد يدفعه- مضافا إلى خبر يزيد بن معاوية(1)السابق- أنه ليس إحداثا بعد الوصية به، بل قد يمنع عدم جواز إحداثه له بعد موته فيما لو أعتق وصيه مثلا من ثلثه عنه تطوعا.

و أما المكاتب فقد يقوى بملاحظة بعض النصوص السابقة عدم الولاء عليه، لعدم صدق التبرع به و عدم صدق كون عتقه لله، بل هو كشراء العبد نفسه بناء على جوازه.

بل في

مرسل ابن أبي عمير(2)عن الصادق (عليه السلام) «في رجل كاتب مملوكة و اشترط عليها أن ميراثها له فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبطل شرطه، و قال: شرط الله قبل شرطك»

عدم الولاء مع الشرط فضلا عن عدمه و إن كان قد يشكل

بعموم «المؤمنون»(3).

و خصوص

مرسل أبان(4)عن الصادق (عليه السلام) «عن المكاتب، فقال: يجوز عليه ما اشترطت عليه».

و حسن محمد بن قيس(5)عن الباقر (عليه السلام) «و إن


1- 1 المتقدم في ص 224.
2- 2 الوسائل- الباب- 15- من أبواب المكاتبة- الحديث 1 من كتاب التدبير و المكاتبة عن ابن أبي عمير عن عمرو صاحب الكرابيس عن أبي عبد الله عليه السلام.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب المهور- الحديث 4 من كتاب النكاح.
4- 4 الوسائل- الباب- 4- من أبواب المكاتبة- الحديث 4 من كتاب التدبير و المكاتبة.
5- 5 الوسائل- الباب- 16- من أبواب المكاتبة- الحديث 1 من كتاب التدبير و المكاتبة.

ج 39، ص: 228

اشترط السيد ولاء المكاتب فأقر الذي كوتب فله ولاؤه».

و صحيحه(1)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق فنكح وليدة لرجل آخر، فولدت له ولدا فحرر ولده، ثم توفي المكاتب، فورثه ولده فاحتقوا في ولده من يرثه؟

قال: فألحق ولده بموالي أبيه».

و خبر ابن سنان(2)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في من كاتب عبدا أن يشترط ولاؤه إذا كاتبه».

و من هنا كان المحكي عن الخلاف و الإيجاز و المبسوط و السرائر و الوسيلة و الغنية و الجامع و الإصباح و التحرير ثبوته مع الشرط، و هو الأقوى، لما عرفت مع إمكان حمل المرسل المزبور القاصر عن معارضة ذلك على وجود القريب و نحوه مما لا يصح معه الشرط قطعا لا مطلقا.

بل لا يبعد ما عن المبسوط و الخلاف و الوسيلة و الجامع من صحة شرط الولاء على العبد الذي اشترى نفسه بناء على صحته و صيرورته بذلك حرا لا ولاء لأحد عليه، للأصل و انتفاء التبرع بالعتق

لعموم «المؤمنون»(3)

و كونه كالمكاتب.

و أما العبد المنذور عتقه فقد يقال بالولاء عليه

لعموم «من أعتق لله»(4)

و غيره كما عن الشيخ، و يحتمل العدم، لكونه من الواجب الذي ينتفي معه صدق التبرع، إذ هو حينئذ كمن كان عليه نذر عتق ثم اختار عبدا مخصوصا فأعتقه عن نذره.


1- 1 الوسائل- الباب- 16- من أبواب المكاتبة- الحديث 2 من كتاب التدبير و المكاتبة.
2- 2 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 20- من أبواب المهور- الحديث 4 من كتاب النكاح.
4- 4 الوسائل- الباب- 36- من كتاب العتق- الحديث 1 و فيه « إذا أعتق لله».

ج 39، ص: 229

و دعوى التزام الولاء في هذا أيضا كما ترى، بل خبر يزيد بن معاوية(1)كالصريح في فسادها. بل قد يستفاد من صدره عدم الولاء لمن تبرع بالعتق عن غيره و كان واجبا على الغير، و لعله لصدق عدم التبرع به المأخوذ فيه المجانية.

خلافا لظاهر المحكي عن الشيخ أيضا، و إن كان هو لا يخلو من وجه أيضا، بل ربما ظهر من الرياض كونه مفروغا منه ناسبا له إلى دلالة بعض الصحاح، لكن لا يخفى عليك ما فيه.

و كيف كان فيثبت الولاء للكافر و لو على مسلم، لإطلاق الأدلة لكن إرثه مشروط بإسلامه أو إسلام من ينتقل إليه، و لو مات عتيق الكافر و هو حي و العتيق مسلم كان ولاؤه للإمام (عليه السلام).

و لو كان للكافر ولد مسلم أو قريب ففي الدروس في إرثه هنا نظر من أنه لحمة كلحمة النسب، و من فقد شرط الانتقال.

قلت: لعل الأقوى الأول، لإطلاق الأدلة، و تنزيل الكافر منزلة العدم الذي هو شرط الانتقال.

و أما الشرط الثاني ف كذلك لا خلاف أجده في اعتباره، بل عن الخلاف الإجماع عليه، ف لو تبرع المولى بالعتق و اشترط سقوط الضمان لم يرثه و إن لم يصرح في التبري بعدمه، للمعتبرة الصريحة في ذلك،

كالخبر(2)القريب من الصحيح «عن السائبة، فقال: الرجل يعتق غلامه ثم يقول اذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شي ء و لا علي من جريرتك شي ء، و يشهد على ذلك»

و غيره.


1- 1 المتقدم في ص 224.
2- 2 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 2.

ج 39، ص: 230

نعم هل يشترط في سقوطه أي الضمان الإشهاد بالبراءة؟

الوجه أنه لا يشترط وفاقا للمحكي عن الأكثر، للأصل بعد انسياق الإرشاد من الأمر بالإشهاد في الخبر المزبور(1)و غيره بملاحظة نظائره و إن دخل في تعريف السائبة ظاهرا في هذا الخبر، لكن قد يراد منه تأكد الإرشاد إلى ذلك.

فما عن النهاية و السرائر و الجامع من اشتراطه فيه كالطلاق ضعيف.

و هل يسقط التبري بعد العتق للولاء أم لا، بل لا بد منه حينه؟

وجهان، ظاهر المحكي عن الأكثر و صريح الفاضل في التحرير و الشهيد في الدروس الثاني اقتصارا في الخروج عن

عموم «الولاء لمن أعتق»(2)

على المتيقن، و هو التبري حال الإعتاق الذي يكون بذلك كالشرط في العتق.

لكن في الرياض هو حسن لو لا إطلاق التبري فيما مر من النص(3)المحتمل لوقوعه حال الإعتاق و بعده، سيما مع عطف التبري بثم في الكافي و الفقيه، و هي حقيقة في التراخي.

و فيه منع الإطلاق المزبور على وجه يتناول التبري بعد العتق بمدة، و «ثم» للترتيب الذكري، و إلا لكان التراخي معتبرا في السائبة، و هو معلوم العدم، و يمكن أن يكون ذلك من الراوي، بقرينة كون الموجود في المحكي من نسخة التهذيب(4)و الاستبصار(5)الواو بدل «ثم».


1- 1 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 4.
2- 2 الوسائل- الباب- 35- من كتاب العتق.
3- 3 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 2.
4- 4 ج 8 ص 256 الرقم 929.
5- 5 ج 4 ص 26- الرقم 84.

ج 39، ص: 231

و على كل حال فقد ظهر لك أن السائبة من لم يتبرع(1)بعتقه بل كان في كفارة و نحوها و المتبرئ من ضمانه.

و كذا لو نكل به فانعتق بل قد عرفت أن كل من انعتق قهرا كان سائبة لما تقدم.

و أما الشرط الثالث فلا خلاف و لا إشكال في اعتباره، ضرورة أن الإرث بالولاء بعد فقد النسب إجماعا بقسميه و كتابا(2)و سنة(3)متواترة أو قريبة من ذلك.

و حينئذ ف لو كان للمعتق بالفتح وارث مناسب قريبا كان أو بعيدا ذا فرض أو غيره لم يرث المنعم لأن «أولى الأرحام بعضهم أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*(4) و في

الصحيح(5)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خالة جاءت تخاصم مولى رجل مات فقرأ هذه الآية و دفع الميراث إلى الخالة و لم يعط المولى شيئا».

أما لو كان له وارث سببي ك زوج أو زوجة لم يمنع المنعم بل كان سهم الزوجية الربع أو النصف لصاحبه و الباقي للمنعم أو من يقوم مقامه مع عدمه كما هو واضح.

و لو أعتق عبد و لم يعلم كونه سائبة أو لا فالظاهر كون ولاية للإمام (عليه السلام) لأن الشك في الشرط شك في المشروط، و احتمال


1- 1 و في النسخة الأصلية المبيضة« من يتبرع» و الصحيح ما أثبتناه كما في النسخة المخطوطة بقلمه الشريف قده.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق.
4- 4 إشارة إلى الآية الكريمة في سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
5- 5 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 3.

ج 39، ص: 232

التمسك بظاهر

قوله (صلى الله عليه و آله)(1): «الولاء لمن أعتق»

بعد العلم باشتراطه بما عرفت لا وجه له. نعم يتم ذلك لو كانت الأمور المزبورة من الموانع التي يمكن نفيها بالأصل.

و من هنا قال المصنف و غيره إذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، و إن كانوا أكثر فهم شركاء في الولاء ب مقدار شركتهم في الحصص رجالا كان المعتقون أو نساء أو رجالا و نساء بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك و لا إشكال.

و لو عدم المنعم قال ابن بابويه: يكون الولاء للأولاد الذكور و الإناث سواء كان رجلا أو امرأة، بل في اللمعة أنه المشهور و إن كنا لم نعرفه لغير الصدوق كما اعترف به في الروضة. نعم حكاه في كشف اللثام عن السرائر أيضا، كما أنه في الدروس عن الحسن أن الولاء لأولاد المرأة مطلقا، و عن المبسوط أن وارثه وارث المال حتى قرابة الأم.

و على كل حال فالوجه فيه أنه من الحقوق الموروثة المندرجة تحت عموم أدلته الشاملة للذكر و الأنثى، أو أنه لحمة كلحمة النسب، و الذكور و الإناث يشتركون في إرث النسب، فيكون ذلك في الولاء أيضا.

مضافا إلى ما في

موثق عبد الرحمن بن الحجاج(2)من أنه «مات مولى لحمزة بن عبد المطلب فدفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) ميراثه إلى بنت حمزة»

الدال على بعض المدعى و

قول(3)أمير المؤمنين (عليه السلام): «يرث الولاء من يرث المال».

و لعله لذا قال في المتن و هو حسن لكن فيه أنه مخالف


1- 1 الوسائل- الباب- 35- من كتاب العتق- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 10.
3- 3 دعائم الإسلام ج 2 ص 316 و فيه «يرث الولاء من يرث الميراث»

ج 39، ص: 233

لصريح النصوص(1)التي تسمعها خصوصا في الامرأة و مثله في محكي الخلاف و الاستبصار إلا أنه قال إن كان المنعم رجلا و استدل على استثناء المرأة بالإجماع، و تبعه في الدروس و محكي السرائر و إن كنا لم نتحققه، لكن فيه أنه مخالف أيضا للنصوص(2)الدالة على تخصيصه بالذكور و إن كان المنعم رجلا.

و لذا قال المفيد: الولاء للأولاد الذكور دون الإناث رجلا كان المنعم أو امرأة و تبعه في محكي الغنية و الإصباح، ل

قول الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن قيس(3): «قضى علي في رجل حرر رجلا فاشترط ولاءه فتوفي الذي أعتق و ليس له ولد إلا النساء، ثم توفي المولى و ترك مالا و له عصبة فاحتق في ميراثه بنات مولاه و العصبة فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثا يكون فيه عقل».

و مكاتبة محمد بن عمر(4)لأبي جعفر (عليه السلام) «عن رجل مات و كان مولى لرجل و قد مات مولاه قبله و للمولى ابن و بنات لمن ميراث المولى؟ فقال: هو للرجال دون النساء».

و قول الصادق (عليه السلام) في حسن يزيد بن معاوية(5):


1- 1 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق.
2- 2 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2 و الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 18.
3- 3 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 18 و فيه «كتب إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام و لكن في التهذيب ج 9 ص 397- الرقم 1419 «كتب الى أبي جعفر عليه السلام».
5- 5 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2 عن بريد العجلي.

ج 39، ص: 234

«و إن كانت الرقبة على أبيه تطوعا و قد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال».

لكن فيه أن الصحيح الأول أخص من المدعى أولا كالأخيرين، و خارج عما نحن فيه ثانيا، ضرورة ظهوره في كون الاحتقاق- أي التخاصم- بين بنات المولى و

عصبة المعتق، و لا ريب في تقديم عصبته عليهن، لأن الإرث بالولاء إذا لم يكن وارث بالنسب.

اللهم إلا أن يكون بقرينة فهم الأصحاب و معلومية تقديم النسب على الولاء- فلا يحسن التخاصم بين عصبة العتيق و بنات المعتق- يتعين إرادة الذي أعتق من الضمير، و على كل حال فليس في أدلته ما يقضي بارث الأولاد الذكور.

و من هنا كان الأقوى ما قال ه الشيخ في النهاية و جماعة، بل قيل هو المشهور من أنه يكون الولاء للأولاد الذكور دون الإناث إن كان المعتق رجلا للنصوص المزبورة و لو كان امرأة كان الولاء لعصبتها، و ذلك لأنه بقوله تشهد الروايات التي تقدم منها ما يدل على الأول منه.

و أما الثاني فالصحاح

(منها) «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) على امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه و لها ابن فألحق ولاءه لعصبتها الذين يعقلون عنها دون ولدها»(1).

و (منها)

صحيح يعقوب بن شعيب(2)سأل الصادق (عليه السلام) «عن امرأة أعتقت مملوكا ثم ماتت، قال: يرجع الولاء إلى بني أبيها».


1- 1 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 2.

ج 39، ص: 235

و (منها)

صحيح أبي ولاد(1)«سألته عن رجل أعتق جارية صغيرة لم تدرك و كانت أمه قبل أن تموت سألته أن يعتق عنها رقبة من ماله فاشتراها هو فأعتقها بعد ما ماتت أمه، لمن يكون ولاء العتق؟

قال: يكون ولاؤها لأقرباء أمه من قبل أبيها، و يكون نفقتها عليهم حتى تدرك و تستغني، قال: و لا يكون للذي أعتقها عن أمه من ولائها شي ء».

و لا معارض لها مع كثرتها و اشتهارها و نفي الخلاف عنها في محكي الاستبصار و الخلاف، بل في الأخير عن السرائر الإجماع عليها، فيجب الخروج عن خبر اللحمة و إطلاق أدلة الإرث ببعض ذلك فضلا عن جميعه.

على أن المراد من خبر اللحمة(2)عدم البيع و الهبة، كما يشعر به

قول النبي (صلى الله عليه و آله)(3): «الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع و لا توهب»

فلا إشكال حينئذ في إرث عصبة المعتقة دون أولادها.

بل و لا إشكال في الأول أيضا و إن كان يعارضه موثق عبد الرحمن(4)إلا أنه مع اتحاده و كونه موثقا أو مرسلا و عدم صراحته- لاحتمال دفع ذلك من النبي (صلى الله عليه و آله) الذي هو أحد عصبة حمزة و أولى بالمؤمنين من أنفسهم و برضا غيره و كونه مملوكا أو سائبة ميراثه للنبي (صلى الله عليه و آله)- غير مقاوم و إن كان هو مخالفا للعامة، بخلاف الصحاح السابقة التي يبعد خفاء خروجها مخرج التقية على أساطين الأصحاب و الرواة الذين كانوا إذا سمع أحدهم قولا منه لآخر قال: أعطاك من جراب النورة، و الله العالم.


1- 1 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.
4- 4 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 10.

ج 39، ص: 236

و كيف كان ف يرث الولاء الأبوان للمنعم و الأولاد أي يقومون مقامه في إرث العبد عند موته لا أن المراد إرثهم الولاء من المنعم عند فقده، لأن التحقيق عدم كونه من الحقوق الموروثة، وفاقا لصريح جماعة، بل عن الشيخ الإجماع عليه تارة، و نفي الخلاف أخرى، لأنه لحمة كلحمة النسب الذي هو غير موروث، و لعدم تصور انتقال حق النعمة الحاصلة للمنعم بالعتق، و لثبوته في العتق عن الميت الذي أوصى بالعتق، و لا يتصور الإرث للحاصل بعد الموت، و لأنه لو كان موروثا على الكيفية التي ذكرنا لكان منافيا لآية أولي الأرحام(1)التي قد سمعت الإنكار بها على مخالفينا في تقديمهم العصبة على البنات، و ليس كذلك إذا كان يورث به.

و من ذلك يعلم وجوب إرادة الانتقال كالميراث من الموروث في حسن بريد(2)السابق، كما أنه يعلم عدم ظهور المتن و النافع و غيرهما في ذلك، و دعوى كونه خلاف ظاهر العبارة يدفعها وقوعها ممن صرح بعدم كونه موروثا، كالفاضل في القواعد.

فمن الغريب اختياره في الرياض له مستدلا عليه بحسن بريد السابق(3)و بالصحاح السابقة المتضمنة لكون الولاء للعصبة في الامرأة(4)ثم قال:

«و العجب من الأصحاب عدم استدلالهم بها له» و العجب من عجبه، ضرورة عدم دلالة فيها، و إنما في بعضها(5)كونه للعصبة، و هو أعم من كونه موروثا أو يورث به.

و دعوى ظهور كونه لهم في الإرث ممنوعة، خصوصا و الفرض


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.
2- 2 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2.
4- 4 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق.
5- 5 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 1.

ج 39، ص: 237

حصول العتق عنها بعد موتها الذي لا يتصور ملكها له كي ينتقل إلى الوارث.

و كونه كصيد الشبكة و كالدية واضح المنع بعد بطلان القياس لو سلمنا الحكم في المقيس عليه.

و كيف كان فلا ريب في أن الأقوى كونه يورث به لا يورث، بل لم أجد مصرحا بذلك غيره.

و أما عبارة المصنف (رحمه الله) فالظاهر منها ما قلناه، كما يشهد له وقوعها من العلامة (رحمه الله) بعد تصريحه بكونه يورث به لا يورث و ما ذاك إلا لمعروفية كون المراد قيامهم مقامه عند عدمه.

و تظهر الفائدة في مقامات عديدة: منها ما لو مات المنعم قبل العتيق و خلف وارثا غير الوارث عند موت العتيق، مثل ما لو مات عن ولدين ثم مات أحدهما عن أولاد ثم المعتق، فعلى المختار يختص الولاء بالولد الباقي، و على الآخر يشاركه أولاد الابن الآخر، لانتقال حصة أبيهم إليهم، و قد أطنب العلامة (رحمه

الله) في القواعد في التفريع على ذلك و على إرث البنات له بما هو ظاهر لمن أحكم الأصل.

و على كل حال فشركة الأبوين مع الأولاد إنما هي في الرجل خاصة لما عرفته من أن المختار كون الولاء في الامرأة بعد موتها لعصبتها دون الأولاد، و احتمال أن الأولاد و الأب منها مناف لما تقدم من الفرق بينها و بين الرجل بذلك.

نعم قد يحتمل كونه للأب، لعدم الدليل على نفيه بخلاف الأولاد إلا أن

قوله (عليه السلام)(1)«بني أبيها»

و «قرابتها من قبل أبيها»(2)

ينفيه أيضا، بل

قوله (عليه السلام): «عصبتها»(3)

كذلك أيضا بناء على عدم كون الأب منها.


1- 1 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 39- من كتاب العتق- الحديث 1.

ج 39، ص: 238

و حينئذ يكون الولاء في المرأة بعد فقدها لعصبتها و إن وجد الأب و الأولاد، إلا أنه يبعده إرث المتقرب به كالأخ و العم دونه، فيمكن إرادة الأب و من يتقرب به حينئذ من النصوص، و يقتصر في الخارج على الأولاد.

و من الغريب عدم تنقيح ذلك في كلمات الأصحاب، كعدم تنقيح العاقلة للعتيق في محله أيضا و أن الإرث هل يدور مدار العقل هنا كما هو مقتضى الصحيح(1)السابق أو لا؟ و على الأول يشكل إرث الأب و الأولاد بناء على أن العصبة هي العاقلة و هم ليسوا منهم، كل ذلك غير منقح في كلامهم.

و على كل حال فالمراد من إطلاق المصنف (رحمه الله) و غيره التعريض بابن الجنيد القائل باختصاص الابن في الولاء حيث يكون له كما فيما لو كان المعتق

رجلا، ضرورة كونهما من طبقة واحدة، و لأنه كلحمة النسب، و حسن بريد(2)لا يراد منه الحصر بالنسبة إلى الأب.

نعم قد يشكل مشاركة الأم بظهور النصوص خصوصا المكاتبة(3)السابقة في أن الإرث بالولاء للذكور دون الإناث، و لذا حرمت البنات منه، بل في حرمانهن إيماء إلى حرمانها.

و المرسل عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(4)«يرث الولاء من يرث الميراث»

بعد الغض عن إرساله منزل على إرادة بيان ترتبه.

بل لعل خبر اللحمة(5)لا إطلاق فيه على وجه يشمل ذلك، خصوصا


1- 1 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 18.
4- 4 دعائم الإسلام- ج 2 ص 316.
5- 5 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.

ج 39، ص: 239

بعد ما ذكرناه من ظهور

قوله (صلى الله عليه و آله) فيه متصلا به:

«لا يباع و لا يوهب»

إلى آخره.

على أنه هو و غيره يخرج عنه بما عرفته من ظهور النصوص في اختصاصه بالذكور، فما في الرياض من دعوى الشهرة على إرثها لم نتحققه، و على تقديره فالمتبع الدليل لا هي.

و كيف كان ف مع الانفراد أي انفراد الأبوين و الأولاد عن قريب للمعتق لا يشاركهما أحد من الأقارب و كذا بعضهم، لمعلومية ترتب الإرث بالولاء كالنسب بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع على الظاهر عليه، بل قد عرفت إرادته من

مرسل أمير المؤمنين (عليه السلام)(1)كاحتماله في خبر اللحمة(2)مضافا إلى ظهور حسن يزيد(3)في الفرض.

و حينئذ ف يقوم أولاد الأولاد الذكور منهم مقام آبائهم عند عدمهم، و يأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به كالميراث في غير الولاء فلو خلف أحدهم مثلا واحدا و الثاني عشرة كان الميراث بينهم نصفين.

و مع عدم الأبوين و الولد ترثه الاخوة الذين هم الطبقة الثانية لكن الظاهر هنا مشاركة المتقرب بالأب وحده المتقرب بالأبوين كما صرح به في الروضة، لما عرفت من عدم مدخلية قربها، لأن الإرث بالولاء للذكور خاصة.

و منه يعلم ما في قوله و هل ترث الأخوات؟ على تردد، أظهره


1- 1 دعائم الإسلام- ج 2 ص 316.
2- 2 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2 عن بريد العجلي.

ج 39، ص: 240

كما عن المبسوط و الخلاف نعم لأن الولاء كلحمة النسب و قد سمعت ما فيه.

نعم تشترك الاخوة و الأجداد خلافا للإسكافي، فجعل الجد أولى، و هو شاذ ضعيف، بل لعل الأخ أدخل في الحكم لأنه من العاقلة اتفاقا بخلافه، فإن فيه خلافا و أما الجدات فقد عرفت أن الأقوى عدم إرثهن لما سمعت.

و مع عدمهم فالولاء للأعمام، و أما العمات فلا يرثن منه شيئا لما عرفت و يقوم بنوهم مقامهم مع عدمهم كالاخوة. و (11) حينئذ ف يترتبون الأقرب فالأقرب (12) في التعصيب بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع ظاهرا عليه.

و من الغريب ما في المسالك من موافقته هنا على عدم إرث الإناث من الأخوات و العمات و الجدات و مخالفته في الأم، فجعلها وارثة كالأب مع عدم دليل يخصها، كما لا يخفى على من لاحظ النصوص(1)السابقة الصريحة و الظاهرة في أن الإرث به ليس إلا للرجال خاصة.

و (13) من هنا لا يرث الولاء من يتقرب بالأم من الاخوة و الأخوات و الأخوال و الخالات و الأجداد و الجدات (14) بل مثله يرد على المصنف أيضا، ضرورة عدم دليل يصلح للفرق بين الأم و الأخوات و الجدات و العمات التي

حكم بإرثهن و بين من تقرب بها من أولئك، فالأصلح حينئذ بناء على ما عرفت عدم إرث إحدى النساء له من غير فرق بين من كان متقربا بالأب منهن و من كان متقربا بالأم، لاختصاص الإرث به بالذكور دون الإناث، بل الذكور المتقربون بهن مثلهن في عدم الإرث و إن كن من قبل الأب.


1- 1 الوسائل- الباب- 40- من كتاب العتق- الحديث 2 و الباب- 1- من أبواب ميراث ولاء العتق- الحديث 18.

ج 39، ص: 241

و كيف كان ف مع عدم قرابة المنعم يرثه مولى المولى لأنه هو المنعم فان عدم فقرابة مولى المولى لأبيه دون أمه على حسب ما عرفته في المولى من إرث الأب و الأولاد ثم الاخوة و الأجداد ثم الأعمام في الرجل، و العصبة أولا في الامرأة، ضرورة كونه مولى أقصاه أنه بعيد، فمع فرض عدم قريب يحجبه كان كالقريب في جميع الأحكام السابقة.

و على ذلك يحمل

خبر الحسن(1)قال: «كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) الرجل يموت و لا وارث له إلا مواليه الذين أعتقوه هل يرثونه و لمن ميراثه؟ فكتب (عليه السلام) لمولاه الأعلى».

و ما في الوافي- من تفسيره بأنه إذا ترتب المعتقون بأن أعتق رجل عبدا ثم أعتق العبد المعتق عبدا و هكذا ثم مات العبد المعتق الأخير فميراثه للمولى الأول- يمكن دعوى الإجماع على خلافه.

كما أن الإجماع متحقق على الظاهر على تقديم مولى المولى على معتق الأب، لكونه من مباشري العتق الذين لهم الولاء بخلاف معتقي الأب، نعم لو عدم مولى المولى فلمعتق الأب مثلا ثم لقرابته و هكذا، لكونه حينئذ هو أقرب الناس في الأنعام باعتبار إنعامه على الأب، فإن عدموا أجمع فلضامن الجريرة ثم للإمام (عليه السلام).

لكن المصنف و غيره اقتصروا على موالي المولى، و ظاهرهم عدم طبقة أخرى. و لعله لأن معتق الأب إن أريد به من كان سببا في حرية الولد باعتبار عتق أبيه فلا ريب حينئذ في أن معتق الأب هو المولى، و لا يتصور شركة المولى كي يكون طبقات مترتبة، ضرورة فرض كون الولد حرا يعتق أبيه؟.


1- 1 الوسائل- الباب- 35- من كتاب العتق- الحديث 4.

ج 39، ص: 242

و إن أريد به من لم يكن كذلك كما لو فرض كون الولد حرا و لم ينتفع بحرية أبيه فقد يمنع كونه وارثا حينئذ لعدم كونه من الموالي، بل ينتقل الإرث إلى الضامن ثم إلى الامام (عليه السلام) فان مجرد كونه مولى أب لا يحقق النعمة مع فرض حصول الانعام من غيره.

اللهم إلا أن يقال: إنه يصدق عليه أنه ولد معتقه فيشمله الأدلة السابقة، بل ستسمع في المسألة الرابعة تصريح المصنف بثبوت الولاء لمولى عصبة الأب فضلا عن الأب، فلا يكون حينئذ تركه لذلك، نعم قد يشكل دليله.

و من هنا قال بعضهم: إنه لا نص لهم على ما ذكروه من مراتب الولاء و جره، إلا أنك ستعرف ما فيه، مضافا إلى صدق كونهم مولى لهم عرفا و لحوقهم بهم، كما لا يخفى فتأمل جيدا، و الله العالم.

و كيف كان ف المنعم لا يرثه المعتق بالفتح بحال للأصل و غيره، و لأن الولاء عليه للنعمة عليه، و هي مفقودة منه بالنسبة إليه، فيكون

قوله (صلى الله عليه و آله)(1): «الولاء لحمة»

إلى آخره بالنسبة للمولى خاصة باعتبار إنعامه، و من هنا كان المشهور بين الأصحاب ذلك، بل عن الشيخ (رحمه الله) الإجماع عليه، بل يمكن القطع به، خصوصا بملاحظة

قوله (صلى الله عليه و آله)(2): «الولاء لمن أعتق»

و نحوه.

فما عن ابني الجنيد و بابويه من أنه يرثه مع فقد وارث له لخبر اللحمة(3)واضح الضعف بل الفساد.

و حينئذ ف لو لم يخلف وارثا و لو مولى أو


1- 1 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 37- من كتاب العتق- الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق- الحديث 2.

ج 39، ص: 243

ضامن جريرة يكون ميراثه للإمام (عليه السلام) الذي هو وارث من لا وارث له دون المحرر العتيق، كما هو واضح.

و لا يصح بيع الولاء و لا هبته و لا اشتراطه في بيع بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، و النصوص(1)دالة عليه صريحا و ظاهرا.

نعم قد يقال بصحة اشتراط عدمه في البيع مثلا، لأن له طريقا إلى ذلك، بأن يتبرأ من ضمانه إذا أراد عتقه، بل لو قلنا بصحة البراءة بعد العتق أمكن حينئذ اشتراط إسقاطه في عقد من العقود بعد ثبوته فضلا عن اشتراط عدم الولاء عليه من أول الأمر و خبر بريرة(2)

و قوله (صلى الله عليه و آله)(3): «الولاء لمن أعتق»

لا ينافي ذلك، و الله العالم.

[مسائل ثمان]
[المسألة الأولى ميراث ولد المعتقة]

الأولى:

ميراث ولد المعتقة قبل عتقها أو بعد حملها و لم يتبعها الحمل أو اشترط الرقية بناء على جوازه لمن أعتقهم و لو كان إعتاقهم بأن أعتقوا حملا مع أمهم، و لا ينجر ولاؤهم هنا إجماعا للأصل


1- 1 الوسائل- الباب- 42- من كتاب العتق.
2- 2 الوسائل- الباب- 37- من كتاب العتق- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 37- من كتاب العتق- الحديث 1.

ج 39، ص: 244

و غيره نعم لو حملت بهم بعد العتق كان ولاؤهم لمولى أمهم إذا كان أبوهم رقا لأنه هو المنعم عليهم بإعتاق أمهم الذي صار سببا لحريتهم بالتبعية لأشرف الأبوين.

مضافا إلى الصحاح

(منها) «عن رجل اشترى عبدا له أولاد من امرأة حرة فأعتقه، قال: ولاء ولده لمن أعتقه»(1).

و (منها) «في العبد يكون تحته الحرة، قال: ولده أحرار فإن أعتق المملوك لحق بأبيه»(2).

و (منها)

صحيح محمد بن قيس(3)«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق، فنكح وليدة لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده، ثم توفي المكاتب فورثه ولده فاختلفوا في ولده من يرثه؟ فألحق ولده بموالي أبيه».

هذا و لكن

في الصحيح(4)«دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و معي علي بن عبد العزيز فقال لي: من هذا؟ فقلت: مولى لنا، فقال:

أعتقتموه أو أباه، فقلت: بل أباه، فقال: ليس هذا مولاك، هذا أخوك و ابن عمك، و إنما المولى الذي جرت عليه النعمة، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك و ابن عمك»

و نحوه غيره(5)إلا أنها محتملة للحمل على أنه ليس معتقا، و عدم كونه مولى بهذا المعنى لا يستلزم انتفاء الولاء، و لا تلازم بينهما، و ربما يشهد له

الخبر(6): «المعتق هو المولى، و الولد ينتمي إلى من شاء».

و لو كان أبوهم حرا في الأصل لم يكن لمولى أمهم


1- 1 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 3.
4- 4 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 11.
5- 5 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 9.
6- 6 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 7.

ج 39، ص: 245

ولاء لعدم النعمة عليهم حينئذ باعتبار تبعيتهم لأبيهم الذي هو أشرف من أمهم.

و إن كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب الذي يلحق به الولد عرفا دون الأم التي هي وعاء، بل لعل ذلك هو المراد من قوله تعالى(1)«ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ».

بل و كذا لو أعتق أبوهم بعد ولادتهم انجر ولاؤهم من مولى أمهم إلى مولى الأب بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه ل

قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مرسل أبان(2): «يجر الأب الولاء إذا أعتق»

و قول الصادق (عليه السلام) في صحيح العيص(3): «في عبد له أولاد من حرة أن ولاء ولده لمن أعتقه»

و غيره من النصوص(4)السابقة المراد من الحرة فيها المعتقة لا حرة الأصل، ضرورة عدم الولاء حينئذ حتى يجر، للحوق الولد بأشرف الأبوين- و هو الأم في الفرض- بلا خلاف أجده، بل الإجماع بقسميه عليه.

لكن

في الصحيح(5)«عن حرة زوجتها عبدا لي فولدت منه أولادا ثم صار العبد إلى غيره فأعتقه، إلى من ولاء ولده؟ إلى إذا كانت أمهم مولاتي، أم إلى الذي أعتق أباهم؟ فكتب (عليه السلام) إن كانت الأم حرة جر الأب الولاء، و إن كانت أنت أعتقت فليس لأبيه جر الولاء».

و هو مطرح أو محمول على إرادة أنك إذا كنت أعتقت الأم فصار عتقها سببا لحرية الأولاد الذين حصلوا بعد العتق ثم عتق الأب بعد ذلك


1- 1 سورة الأحزاب: 33- الآية 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 5.
3- 3 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق.
5- 5 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 3.

ج 39، ص: 246

انجر الولاء، و إن كنت أنت أعتقت الأولاد أنفسهم فولاؤهم لك و لا ينجر لما سمعته سابقا.

و كيف كان فهل يشترط في الجر التحاق النسب بالأب شرعا فلا ينجر حينئذ مع زنا الأب و اشتباه الأم مثلا؟ إشكال من انتفاء الأبوة شرعا و أصالة عدمه، و من صدقها لغة و كون الولد نماء المملوك و إن كان عن زنا.

بل قد يشكل أصل الولاء على ولد الزنا من الطرفين فضلا عن جره و إن كان العتق سببا في حريته لأصالة عدمه، و إن كان الأقوى ثبوته لتحقق الانعام بالنسبة اليه، و الله العالم.

[المسألة الثانية لو تزوج مملوك بمعتقة فأولدها فولاء الولد لمولاها]

المسألة الثانية:

لو تزوج مملوك بمعتقة فأولدها فولاء الولد لمولاها بلا خلاف و لا إشكال نصا(1)و فتوى كما عرفت.

فلو مات الأب و أعتق الجد قال الشيخ: ينجر الولاء إلى معتق الجد، لأنه قائم مقام الأب و لذا يتبعه في الإسلام و إن لم يسلم أبوه و من هنا يعلم أن الحكم كذلك لو كان الأب باقيا و دعوى عدم كون الجد أبا حقيقة بعد تسليمها مندفعة بقيامه مقامه في ذلك هنا.

نعم لو أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى الجد إلى مولى الأب لأنه أقرب و هذا جر الجر، لأنه إنما انجر اليه باعتبار


1- 1 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق.

ج 39، ص: 247

كونه أب الأب، فالأب أولى منه بالالتحاق بالنسب، بل لو كان المعتق جدا بعيدا انجر الولاء إلى مولاه، فان انعتق الجد القريب انجر منه إلى مولاه، فلو أعتق الأب انجر منه إلى مولاه، لأنه كالنسب بالنسبة إلى عدم إرث البعيد فيه مع القريب.

و لو كان الجد حر الأصل و الأب مملوك فتزوج بمولاة قوم فأولدها احتمل أن يكون الولاء لمولى الأم الذي هو المنعم، و السقوط لأولويتها من الحرية بالعتق،

فلا يكون عليه ولاء لأحد. و لعله هو الأقوى، لنحو ما سمعته في حرية الأب أو الأم، خلافا لكشف اللثام فاختار الأول.

و لو كان الأبوان رقا فأعتقت الأم ثم وضعت لدون ستة أشهر من أول العتق فان قلنا بسراية عتق الأم إلى الحمل لم ينجر الولاء لو عتق الأب بعد ذلك، لكون العتق حينئذ بالمباشرة المانعة من الجر لما عرفت و إلا كان الولد رقا: و لو أتت به لأكثر من ستة أشهر مع بقاء الزوجية و احتمال الوطء بستة أشهر لم يحكم برق الولد، و انجر ولاؤه إلى مولى الأب لو فرض حصول عتقه، لاحتمال حدوثه بعد العتق، فلا يمسه الرق، بل أصالة التأخر تقتضي ذلك، فينجر ولاؤه حينئذ إلى معتق الأب.

[المسألة الثالثة لو أنكر المعتق بالفتح ولد زوجته المعتقة فلاعنته فان مات الولد و لا مناسب له كان ولاؤه لمولى أمه]

المسألة الثالثة:

لو أنكر المعتق بالفتح ولد زوجته المعتقة فلاعنته انتفى الولد عنه شرعا، فلا ولاء لمولاه عليه فان مات الولد حينئذ و لا مناسب له كان ولاؤه لمولى أمه للحوق نسبه بها حينئذ، فيشمله

ج 39، ص: 248

إطلاق ما دل(1)على ثبوت الولاء على أولاد العتيق، و لتحقق إنعامه ضرورة كونه رقا لو كانت أمه مملوكة.

لكن ربما أشكل ذلك بأصالة عدم الولاية عليه، لاشتراطها برقية الأب، و الفرض انتفاؤها، لعدم الأب له، و الأصل فيه الحرية، فلا يثبت عليه ولاء.

و فيه منع كون الشرط ذلك، نعم لو علمت حريته لم يكن لمولى الأم عليه ولاء، و هذا أعم من اشتراط ذلك، على أن محل الفرض ليس من مجهول الأب المحكوم بحريته بالأصل، بل هو من منفي الأب شرعا و مختص النسب بالأم، فيثبت الولاء لمولاها عليه، و ليس هو كابن الزنا المنفي عنهما شرعا و المعلوم خلقته من ماء الزاني على وجه يكون ولدا له لغة، بل هو ولد شرعي له نسب من قبل الأم خاصة دون الأب و من يتقرب به.

بل لو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه الأب و لا المنعم على الأب، لأن النسب و إن عاد بذلك فإن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز و إن كان متعقبا لإنكار لكن الأب لا يرثه و لا من يتقرب به على الأصح، لانقطاع نسبه عنه باللعان فالولاء أولى.

و مما ذكرنا يظهر لك أنه لا وجه لاحتمال سقوط الولاء عنه مطلقا فضلا عن احتمال ثبوته لمولى الأب، من غير فرق بين تقدم اللعان على العتق و تأخره عنه و بين تقدمه على الولادة و تأخره عنها، كما هو واضح بأدنى تأمل.


1- 1 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق.

ج 39، ص: 249

[المسألة الرابعة ينجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب]

المسألة الرابعة ينجر الولاء فيما عرفت من مولى الأم إلى مولى الأب فان لم يكن فلعصبة المولى و إن علا مراعيا للترتيب، بمعنى أنه ينجر إلى المولى الأول ثم لعصبته ثم لمولى المولى ثم لعصبته و هكذا.

و إن لم يكن عصبة أي عدم الموالي و عصبتهم فلمولى عصبة مولى الأب لأنهم حينئذ الموالي له عرفا، و أقرب الناس إليه ولاء، و صدق كونه مولى لهم، و لأنه الوارث لهم مع فقد النسب، فيكون الولاء الذي لهم لو كانوا موجودين له، ثم إلى عصبات موالي العصبات لذلك أيضا، مراعيا للترتيب.

و لا يرجع إلى مولى الأم بعد انجراره منه، للأصل و غيره خلافا لما عن ابن عباس من الحكم بعوده، لارتفاع المانع، و هو لا يخلو من وجه، باعتبار صيرورته أقرب الناس إليه، و كونه من مواليه لغة و عرفا، و إنما قدم عليه مولى الأب لأنه أقرب منه، فلما عدم هو و عصباته و مواليهم صار موالي الأم الأقرب، فيرثه ثم عصباته ثم موالي العصبات ثم عصبات الموالي، لكن ظاهر الأصحاب عدم عوده.

و حينئذ فإن فقد الموالي للأب و عصباتهم و كان هناك ضامن جريرة صار (كان خ ل) الولاء له و إلا كان الولاء للإمام (عليه السلام) و ظاهره بقاء ولاء العتق عليه إلا أنه يرجع إلى الامام (عليه السلام) لعدم من يكون له، و يحتمل انقطاع ولاء العتق و إرث الإمام (عليه السلام) له بولاء الإمامة كحر الأصل.

ج 39، ص: 250

و تظهر الثمرة بينه و بين الأول بعدم الرد على الزوج و الزوجة بناء على القول به على الأول، ضرورة اشتراطه بعدم وارث غير الامام (عليه السلام) من حيث ولاء الإمامة، و الفرض كون الامام (عليه السلام) وارثا من حيث ولاء العتق، فلم يحصل شرط «إلا» بخلافه على الثاني، كذا قيل.

و فيه أن الولاء الذي صار للإمام (عليه السلام) حسب من حيث ولاء الإمامة، فعلى كلا الوجهين لا وارث غير الامام (عليه السلام) فيتجه الرد عليهما معا، بل لعله مقتضى دليله أيضا، كما عرفته سابقا فتأمل جيدا.

[المسألة الخامسة امرأة أعتقت مملوكا فأعتق المعتق آخر فان مات الأول و لا مناسب له فميراثه لمولاته]

المسألة الخامسة:

امرأة أعتقت مملوكا فأعتق المعتق آخر فان مات الأول و لا مناسب له فميراثه لمولاته التي أنعمت عليه بالعتق و إن مات الثاني و لا مناسب له فميراثه لمعتقه المنعم عليه فان لم يكن الأول أي المعتق الأول و لا مناسبوه كان ولاء الثاني لمولاة مولاه المنعمة عليه بالواسطة، كما هو واضح بأدنى ملاحظة لما قدمناه.

و لو اشترت المرأة أباها فانعتق عليها و قلنا بثبوت ولاء لها عليه بذلك ثم أعتق أبوها آخر ثم مات أبوها ثم مات المعتق و لا وارث له سواها كان ميراث المعتق لها: النصف بالتسمية و الباقي بالرد لا بالتعصيب الناشئ من الولاء إن قلنا يرث الولاء ولد المعتق و إن كن إناثا فإنها حينئذ وارثة له أو به باعتبار كونها بنت المنعم

ج 39، ص: 251

فترث المنعم عليه باعتبار انتقال ولاء أبيها إليها، كباقي أمواله التي تستحقها نصفا تسمية و نصفا ردا.

و إلا أي إن لم نقل بارث الولاء للإناث كان الميراث لها بالولاء الثابت لها على أبيها الذي هو المنعم على العبد، فهي في الحقيقة مولاة مولاه بناء على إلحاق الانعتاق القهري بالإعتاق الاختياري في إثبات الولاء، لاشتراكهما في الأنعام الحاصل من العتق أو من سببه و هو الشراء، و يحتمل العدم كما عن بعضهم، للأصل بعد ظهور النصوص في الإعتاق لا ما يشمله و الانعتاق، و لعل الأول أقوى، و الله العالم.

[المسألة السادسة لو أولد العبد بنتين من معتقة فان اشترتا أباهما انعتق عليهما]

المسألة السادسة:

لو أولد العبد بنتين من معتقة كانتا حرتين إلحاقا لهما بالأشرف، و كان ولاؤهما لمعتق الأم ف ان اشترتا أباهما انعتق عليهما و كان ولاؤه لهما بناء على ما عرفت.

و الفائدة في الخلاف هنا في العقل لا في الإرث، فمن أثبت الولاء أثبت العقل، و من نفاه نفاه، و العقل يثبت للامرأة بمباشرة العتق و إن لم يثبت لها بالنسب و لا بانتقال الولاء.

و على كل حال فلو مات الأب و لا وارث له غيرهما كان ميراثه لهما ثلثان بالتسمية و الباقي ب الرد لا بالولاء لأنه لا يجتمع الميراث بالولاء مع النسب لاشتراط الإرث به بعدم النسب.

و لو ماتتا أي البنتان أو إحداهما و الأب موجود (11) و لا وارث غيره كان الميراث لأبيهما، و لو لم يكن موجودا (12) و لا وارث

ج 39، ص: 252

لإحداهما غير الأخرى كان ميراث السابقة لأختها النصف بالتسمية و الباقي ب الرد و لا ميراث للمولاة التي هي الأخت أي لا ميراث لها من حيث كونها مولاة لوجود المناسب، و قد عرفت أنه لا يجتمع الميراث به مع النسب الذي يشترط عدمه في الإرث بالأول.

ف لو ماتت الأخرى و لا وارث لها هل يرثها مولى أمها؟

فيه تردد، منشأه هل انجر الولاء إليهما بعتق الأب لإطلاق

قوله (عليه السلام)(1): «يجر الأب الولاء إذا أعتق»

و للحوق النسب به دون الأم، فلا ولاء حينئذ لأحد عليهما أم لا جر هنا لكونه انعتاقا لا عتقا، فلا يفيد ولاء كي يجر؟

و لعل الأقرب عند المصنف أنه لا ينجر هنا، إذ لا يجتمع استحقاق الولاء بالنسب و العتق.

و فيه أنه لا يجتمع الإرث بهما لا وجودهما، كما اعترف به في المسألة المتقدمة، فالأقرب حينئذ حصول الجر. نعم كل واحدة منهما جرت نصف ولاء أختها إليها لأنها أعتقت نصف الأب و لا ينجر الولاء الذي عليها بعتق الأب في وجه، فيبقى نصف ولاء كل واحدة منهما لمولى أمها و إن لم نقل بالجر فالولاء كله له.

و الوجهان في انجرار ولائه إليه آتيان فيما لو أولد مملوك من معتقة ابنا، فولاؤه و ولاء إخوته منها لمولى أمه، فان اشترى الولد أباه عتق عليه و انجر ولاء أولاده كلهم إليه، بناء على حصول الولاء بعتق القرابة.

و هل ينجر ولاء نفسه إليه فيبقى حرا لا ولاء عليه، لعموم أدلة الجر، أو يبقى ولاؤه لمولى أمه، و إلا لزم ثبوت الولاء على أبويه دونه مع كونه ولدا و هما رق في الأصل، أو عليهما ولاء و من كان كذلك


1- 1 الوسائل- الباب- 38- من كتاب العتق- الحديث 5.

ج 39، ص: 253

ثبت عليه الولاء، فتأمل جيدا.

أما لو كان المشتري لأبيه ولد زنا و أعتقه- بناء على عدم الانعتاق بقرابة الزنا- ثبت له الولاء قطعا، لصدق التبرع بالعتق، و انجر ولاء الأولاد و ولاؤه إليه، بل لا إشكال في انجرار ولائه نفسه إليه، فيكون حرا لا ولاء لأحد عليه، لأن الضابطة المذكورة في الولد الشرعي، و الأبوة هنا منتفية.

[المسألة السابعة لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا فأعتقاه كان الولاء لهما معا]

المسألة السابعة:

لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا فأعتقاه كان الولاء لهما معا ف إذا مات الأب ثم مات المعتق كان لمن اشتراه مع أبيه ثلاثة أرباع تركته أي المعتق: نصف بالولاء و ربع بإرثه و لأخيه الربع بارث الولاء خاصة، كما هو واضح.

[المسألة الثامنة إذا أولد العبد من معتقة ابنا فهو حر و ولاؤه لمعتق أمه]

المسألة الثامنة إذا أولد العبد من معتقة ابنا فهو حر فولاؤه أي الابن لمعتق أمه الذي هو المنعم، و له الولاء عليها و على أولادها فلو اشترى الابن عبدا فأعتقه كان ولاؤه له دون مولى أمه، لأنه المنعم عليه بلا واسطة و الولاء لمن أعتق فلو اشترى هذا العبد الذي هو معتقه أي الابن أب المنعم (11) عليه بالإعتاق فأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب (12) الذي هو العبد المعتق، لحصول ضابط الجر و كان كل

ج 39، ص: 254

واحد منهما مولى الآخر أما الابن فلكونه مباشرا لعتقه، و أما العبد المعتق فلكونه مولى أب الابن و قد انجر الولاء من مولى الأم إليه.

فلو مات الأب فميراثه لابنه دون مولاه الذي لا يرثه إلا مع عدم النسب.

فان مات الابن و لا مناسب له أصلا فولاؤه لمعتق أبيه الذي هو عتيق الابن.

و إن مات العبد المعتق و لا مناسب له فولاؤه للابن الذي باشر عتقه لأن الولاء لمن أعتق.

و لو ماتا معا و لم يكن لهما مناسب قال الشيخ في المحكي من مبسوطة يرجع الولاء إلى مولى الأم لأنه إنما انجر منه إلى مولى الأب، لكونه أولى منه، فلم ينقطع رأسا و فيه تردد من ذلك و من الأصل و غيره.

و في القواعد «الأقرب العدم» بل عن المبسوط قبل ذلك الاعتراف به، و حينئذ يكون الميراث للضامن ثم للإمام (عليه السلام) لكن قد عرفت فيما مضى أن الأول لا يخلو من قوة، و الله العالم.

[القسم الثاني ولاء الجريرة]

القسم الثاني ولاء تضمن (11) الشخص الجريرة و (12) هي الجناية و لا خلاف نصا(1)و فتوى في مشروعيته بل الإجماع بقسميه على أن من توالى (13) و ركن إلى أحد


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ضمان الجريرة.

ج 39، ص: 255

برضاه فاتخذه و ليا يعقله و يضمن حدثه و يكون ولاؤه له صح ذلك و يثبت به الميراث بل كان الميراث في الجاهلية و صدر الإسلام بذلك ثم نسخ بآية المهاجرة(1)ثم نسخت بآية الأرحام(2)و بقي هذا الفرد منه على شرعه الأصلي، بل ظاهر الأصحاب أنه من العقود المعتبر فيها الإيجاب و القبول، بل قيل: إن كان أحدهما لا وارث له كان الإيجاب من طرفه، فيقول: «عاقدتك على أن تنصرني و تمنع عني و تعقل عني و ترثني» فيقول الآخر: «قبلت» و إن كانا معا لا وارث لهما قال أحدهما: «عاقدتك على أن تنصرني و أنصرك، و تمنع عني و أمنع عنك، و تعقل عني و أعقل عنك، و ترثني و أرثك» فيقول الآخر: «قبلت» و على هذا الفرد ينزل ما عن المحقق الثاني من أن صورة عقد الضمان على ما ذكره بعض الأصحاب أن يقول أحد المتعاقدين: «دمك دمي، و ثارك ثاري، و حربك حربي، و سلمك سلمي، و ترثني و أرثك» فيقول الآخر: «قبلت» ضرورة عدم اعتبار التوارث و العقل فيه من الطرفين كضرورة عدم اعتبار ما زاد على العقل و الإرث فيه، بل قد يقال بكفاية أحدهما عن الآخر، خصوصا العقل، فان النصوص كالصريحة في الاكتفاء به في العقد في استحقاق الميراث، بل ظاهرها كون الميراث من الأحكام المترتبة على ذلك.

قال الصادق (عليه السلام) في خبر ابن سنان(3): «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في من أعتق سائبة أنه لا ولاء لمواليه عليه فان شاء توالى إلى رجل من المسلمين فليشهد أنه ضمن جريرته و كل حدث يلزمه، فإذا فعل ذلك فهو يرثه».


1- 1 سورة الأنفال: 8- الآية 72.
2- 2 سورة الأنفال: 8- الآية 75.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 12.

ج 39، ص: 256

و قال الحذاء(1): «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أسلم فتوالى رجلا من المسلمين قال: إن ضمن عقله و جنايته ورثه».

و في

خبر ابن سنان(2)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في من كاتب عبدا أن يشترط ولاؤه إذا كاتبه، و قال: إذا أعتق المملوك سائبة أنه لا ولاء لأحد عليه إن كره ذلك، و لا يرثه إلا من أحب أن يرثه، فإن أحب أن يرثه ولي نعمة أو غيره فليشهد رجلين بضمان ما ينوب لكل جريرة جرها أو حدث».

إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في تحقق العقد بمجرد إنشاء ضمان الجريرة و الحدث، و أنه حينئذ يترتب عليه الميراث.

نعم ظاهرها اعتبار الاشهاد فيه، إلا أني لم أجده لأحد من الأصحاب و إن تقدم في ولاء العتق عن بعضهم ما يستأنس به لذلك.

كما أنه لم نجد تصريحا في شي ء من النصوص بالاكتفاء في العقد بصورة العكس، بأن يتعاهدا على الإرث من غير تعرض للجريرة، و يترتب عليه حينئذ ضمانها و إن كان هو غير بعيد، كما أنه لم يبعد عدم اعتبار الإيجاب فيه من طرف خاص في الفرد الأول أيضا، بل هو كالصلح يصح من كل منهما.

نعم يعتبر فيه جمع الأمرين، فلو تراضيا على الإرث دون العقل أو بالعكس لم يصح، للأصل و غيره.

و هل يعتبر اتحاد الضامن و المضمون؟ وجهان، أقواهما العدم، لإطلاق الأدلة، فيجوز ضمان الواحد للأكثر بعقد واحد و بالعكس، فيشتركون حينئذ في عقله و ميراثه، بل لا يبعد جواز ذلك على الترتيب


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 43- من كتاب العتق- الحديث 3.

ج 39، ص: 257

بمعنى أنه يتولى شخصا ثم إنه يتولى آخر و إن كان لا يخلو من إشكال.

كما أنه لا يخلو الحكم بكونه عقدا على وجه يعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللازمة من الألفاظ المخصوصة و العربية و المقارنة بين الإيجاب و القبول و تقديم الأول و نحو ذلك من إشكال أيضا، خصوصا بعد التصريح من بعض و الظهور من آخر بعدم اعتبار شي ء فيه من ذلك.

و من هنا لم يتعرضوا لألفاظ إيجابه و قبوله، و لم يراعوا اشتقاقها من لفظه و ما يقرب منه، كما هي عادتهم في العقود سيما اللازمة التي هذا منها على المشهور منهم شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، مستدلين عليه بأصالته و عموم «أَوْفُوا»(1)و غير ذلك.

بل عن ظاهر السرائر الإجماع عليه، بل لم يحك الخلاف فيه إلا عن الخلاف و الوسيلة، و أنه مال إليه في المختلف، مع أن المنقول من عبارة مختصر الأول أنه قال: «ولاء الموالاة عندنا جائز، و معناه أن يسلم رجل على يد رجل و يواليه، و له أن ينقل ولاءه إلى غيره ما لم يعقل عنه أو عن أحد أولاده الذين كانوا صغارا» و كأنه غير ما نحن فيه.

بل لم نجد تصريحا من أحد بجريان الإقالة فيه كغيره من العقود و لا باشتراط الخيار و لا بغير ذلك مما يجري في العقود اللازمة، فلا يبعد إرادة من أطلق العقد عليه كونه كالعقد في الإنشائية المشتركة من شخصين، و إلا فهو أشبه شي ء في الأسباب و المسببات و إن كانت كيفية السبب فيه مركبة من رضا الطرفين.

و لعله لذا لم يذكر المصنف (رحمه الله) و جماعة كونه من العقود بل اكتفى بما سمعته من العبارة الظاهرة في تحققه بكل ما يتحقق به التوالي المخصوص من غير اعتبار لفظ فضلا عن أن يكون مخصوصا، فيكفي


1- 1 سورة المائدة: 5- الآية 1.

ج 39، ص: 258

فيه حينئذ العقل المقترن بما يدل على ذلك، و لا يكون حكمه حكم المعاطاة في غيره من العقود.

و على كل حال فالظاهر جريان الوكالة فيه، بل الظاهر جواز اتحاد الموجب و القابل فيه مع الوكالة أو الولاية بوصاية أو حكومة فضلا عن جواز إيقاعه من الوصي و الحاكم عمن لهم الولاية عليه ضامنية أو مضمونية مع مراعاة المصلحة، بل الظاهر جريان الفضولية فيه و إن لم نقل بكونه عقدا بناء على جريانها في الأعم منه.

و هل يجري بين المسلم و الكافر على أن يكون المسلم الضامن و الكافر المضمون؟ إشكال من إطلاق الأدلة، و من كونه موادة و من نفي الموالاة بينهما و غير ذلك.

أما العكس فالظاهر عدم جوازه، لكونه سبيلا، و لعموم ما دل(1)على عدم إرثه المسلم و نفي التوالي بينهما. نعم لا بأس به بين الكافرين.

و على كل حال فقد ظهر لك أن حكم التوالي المزبور الإرث و العقل لكن لا يتعدى ذلك الضامن إلى أولاده و غيرهم، كما أنه لا يرث المضمون الضامن إلا إذا كانا متضامنين بلا خلاف يعتد به أجده في شي ء من ذلك، بل عن الغنية الإجماع عليه في الأول.

و ما عن المقنعة من أنه «إذا أسلم الذمي و تولى رجلا مسلما على أن يضمن جريرته و يكون ناصره كان ميراثه له، و حكمه حكم السيد مع عبده إذا أعتقه» لا صراحة فيه بالانتقال، بل و لا ظهور و إنما مراده حكمه بالنسبة إليه نفسه في الإرث و العقل لا مطلقا، ضرورة كون الإرث و الضمان أمرين التزمهما شخص على نفسه، فلا ينتقلان إلى غيره بغير رضا و لا عقد، كما هو الشأن في الإرث بالإمامة و الزوجية، فإنه لا يتعدى


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب موانع الإرث.

ج 39، ص: 259

عنهما إلى غيرهما من ورثتهما، كما هو واضح.

و دعوى كونه حقا له فينتقل إلى وارثه يدفعها منه كونه كذلك، خصوصا و إرثه مشروط بعقله الذي لا يكلف به إلا من التزم به لا غيره من ورثته، و قياسه على ولاء العتق محرم عندنا.

و كيف كان ف لا يصح أن يضمن إلا سائبة لا ولاء عليه، كالمعتق في الكفارات و النذور أو المتبرئ من ضمانه أو حر بالأصل لا وارث له مناسب أصلا بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، بل النصوص دالة عليه أيضا، ضرورة ظهورها أو صراحتها في تأخر هذه المرتبة من الإرث عن الإرث بالنسب و ولاء العتق، فان ضمن حينئذ ذا الوارث و له مولى كان ضمانه باطلا و إن فقده بعد ذلك، أما لو ضمنه مجردا كما لو لم يكن للمضمون ولد مثلا حال الضمان ثم ولد له بعد ذلك ففي بطلان العقد أو بقائه مراعى وجهان من استصحاب صحته، و من دعوى ظهور الدليل في شرطية عدم الوارث ابتداء و استدامة.

و لعل قول المصنف و غيره و لا يرث هذا إلا مع فقد كل مناسب و مع فقد المعتق مشعر بذلك، ضرورة ظهوره في ترتب الاستحقاق المقتضي لتحقق الأسباب، بل قيل: إنهم قد صرحوا في العقل أنه لو فضل على المنعم شي ء كان على ضامن الجريرة، إلا أن الانصاف عدم خلو الأول من قوة.

و على كل حال ف هو أي الضامن بعد إحراز ما عرفت أولى من الامام (عليه السلام) بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه، بل و (11) المعتبرة(1)صريحة فيه. نعم


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة.

ج 39، ص: 260

يرث معه الزوج و الزوجة نصيبهما الأعلى لعموم الأدلة و خصوصها.

[القسم الثالث ولاء الإمامة]
اشاره

فإذا عدم الضامن أو لم يكن له ضامن و لا زوج أو زوجة بناء على الرد عليهما كان ميراثه من الأنفال التي هي للإمام (عليه السلام)(1)الذي هو وارث من لا وارث له نصا(2)و إجماعا بقسميه.

و

قول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير(3): «السائبة ليس لأحد عليها سبيل، فان والى أحدا فميراثه و جريرته عليه، و إن لم يوال أحدا فهو لأقرب الناس، لمولاه الذي أعتقه»

غير ثابت أو محمول على تبرعه (عليه السلام) بحقه أو غير ذلك، لقصوره عن معارضة غيره، بل لم نعثر على عامل به.

كما أنه لم نعثر على عامل بالنصوص القاصر أكثر أسانيدها المشتملة على أن إرثه لبيت المال(4)و في بعضها لبيت مال المسلمين(5)الموافقة للعامة إلا الإسكافي و الشيخ في محكي الإستبصار، فلتطرح أو تحمل على التقية، أو على أن المراد ببيت المال و إن أضيف إلى المسلمين مال الامام (عليه السلام) بقرينة

الأخبار الأخر(6)و ما عن جماعة من شيوع إطلاق بيت المال و إرادة بيت مال الامام (عليه السلام).

قيل: و يشير إليه ما عن الخلاف هنا «ميراث من لا وارث له ينتقل إلى بيت المال، و هو للإمام (عليه السلام) خاصة، و عند جميع الفقهاء


1- 1 و في الشرائع« كان الامام وارث.».
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 6.
4- 4 المستدرك- الباب- 2- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 1.
5- 5 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة الحديث 9.
6- 6 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ولاء ضمان الجريرة.

ج 39، ص: 261

ينتقل إلى بيت المال، و يكون للمسلمين» و هو كما ترى لا إشارة فيه إلى ذلك. نعم ظاهره أنه ينتقل إلى البيت المعد لجمع أموال المسلمين المشتركة و الخاصة ببعضهم، لكنه للإمام (عليه السلام) خاصة دونهم يفعل به ما يشاء، خلافا للعامة، فإنهم جعلوه للمسلمين.

و لعل في نقله إلى بيت المال إشعارا بأن المأخوذ بحق الإمامة غير باقي أموال الإمام (عليه السلام) الحاصلة له بكسب و نحوه، و لذا قال في محكي الغنية و السرائر: «إذا مات الامام انتقل الميراث إلى الامام لا إلى غيره من ورثته» بل عن الأول إجماع الطائفة عليه، و الأمر سهل بعد ما عرفت من وضوح الحكم عندنا.

و على كل حال فهذا هو القسم الثالث من الولاء، فان كان أي الإمام (عليه السلام) موجودا حاضرا فالمال له يصنع به ما يشاء على حسب تسلط غيره على ماله.

و لكن في محكي المقنعة و النهاية أنه كان علي (عليه السلام) يعطيه فقراء بلده و ضعفاء جيرانه و خلطاءه تبرعا منه عليهم بما يستحقه من ذلك و استصلاحا للرعية حيث ما كان يراه في الحال من صوب الرأي إلا أنه لم أعثر عليه فيما وصل إلى من النصوص.

نعم في

مرسل داود(1) «أن رجلا مات على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن له وارث فدفع أمير المؤمنين (عليه السلام) ميراثه إلى همشهريجه».

و في

خبر السري(2)«كان علي (عليه السلام) يقول في الرجل يموت و يترك مالا و ليس له أحد أعط الميراث همشاريجه».


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 3
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 1 عن خلاد السندي كما في الكافي- ج 6 ص 169.

ج 39، ص: 262

و على كل حال فهو ماله يفعل به ما يشاء و يأذن فيه بما يحب.

و إن كان غائبا فعن جماعة أنه يحفظ له بالوصاية أو الدفن إلى حين ظهوره كسائر حقوقه، بل عن ظاهر الخلاف الإجماع عليه، و المشهور أنه يقسم بين الفقراء و المساكين مطلقا، و في اللمعة هنا و الدروس في بحث الأنفال من كتاب الخمس قسمته بين فقراء بلد الميت و مساكينه، و الأوسط أوسط.

و قد يحتمل أنه من الأنفال التي ثبت تحليلهم إياها للشيعة في زمن الغيبة

بالنصوص(1)المنجبرة بالعمل، حتى أنه في بعضها «لو سألناكم عن مثل هذا ما كنا لكم بأئمة، و ما كان لنا فقد أحللناه لشيعتنا»

بل أحلوها و غيرها لتطيب ولادتهم.

و لكن الأقوى الأوسط، لإعراض المشهور عن العمل بها في ذلك، فالأصل البقاء، و مصرفه الصدقة به عنه كغيره من المال المتعذر وصوله إلى صاحبه.

مضافا إلى استغنائه (عليه السلام) و شدة حاجة شيعته الذين قد تحملوا ما تحملوا في جنبه، و إلى ما في حفظه له من التعريض بتلفه و استيلاء الجائرين عليه، بل كان ذلك من الخرافات، نحو ما قيل في باب الخمس من طرح حقه في البحر و نحو ذلك مما لا يقبله مذاق فقه و لو أعرضنا عن أخبار التحليل لكان الفحوى القطعية كافية في صرفه في أمثال ذلك.

هذا كله مع عدم تحققنا الخلاف فيه إلا من الشيخ في الخلاف، و لا ريب في شذوذه. و منه يعلم ما في دعواه الإجماع عليه.

نعم قيل: إن الأولى الاقتصار فيه على فقراء بلده خروجا عن شبهة


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب الأنفال من كتاب الخمس.

ج 39، ص: 263

خلاف الشهيد (رحمه الله).

و فيه أنه قد يعارض بشدة حاجة غيرهم و اشتمالهم على الأيتام و الأرامل، فالأولى إيصاله إلى نائب الغيبة المأمون، فيصرفه على حسب ما يراه من المصلحة التي تظهر له من أحوال سيده و مولاه.

و مرسل داود(1)و خبر البرقي(2)- و إن حكي عن الصدوق العمل بهما، إلا أنهما مع ضعفهما و اختصاص الأول بالحضور، بل لعل الثاني كذلك على معنى الاذن منه في ذلك الوقت، و معارضتهما بما سمعته من نقل الشيخين (رحمهما الله) لفعله (عليه السلام)- قاصران عن معارضة غيرهما من وجوه، خصوصا مع اضطرابهما بما قيل عن بعض المحدثين من أنه حكي عن بعض النسخ «همشيرجه» بالياء بعد الشين، قال: «و المراد به: الأخ من الرضاعة» فيكونان حينئذ- نحو

خبر سهل(3)«ما تقول في رجل مات و ليس له وارث إلا أخا له من الرضاعة يرثه؟ قال:

نعم»

- خارجين عما نحن فيه- من صرف ما للإمام- مطروحين لم يعمل بهما أحد من الأصحاب، ضرورة عدم الخلاف- كما عن بعضهم الاعتراف به- في عدم إرث الأخ من الرضاعة. نعم لا بأس بإعطاء الهمشهريج مع تعدده و كونه من الفقراء، و كيف كان فلا ريب في أن الأقوى ما ذكرناه.

لكن من الغريب ما وقع في الرياض من الميل إلى تخصيص الهاشمي به، و هو شي ء لم نعرفه لغيره، كما أنا لم نعرف ما يومئ إليه، بل


1- 1 المتقدمان في ص 261 و المتقدم هو خبر السري و قد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.
2- 2 المتقدمان في ص 261 و المتقدم هو خبر السري و قد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.
3- 3 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ولاء ضمان الجريرة- الحديث 1 عن سهل ابن زياد عن مروك بن عبيد.

ج 39، ص: 264

الأدلة كلها على خلافه، و من هنا كان لا وجه للإطناب فيه.

دئو على كل حال لا يدفع إلى غير سلطان الحق إلا مع الخوف أو التغلب بلا خلاف و لا إشكال، فلو فعل حينئذ كان ضامنا، فما عن بعض أصحاب الشافعي من التخيير بين الدفع إليه و الحفظ إلى ظهور إمام عادل و الصرف إلى مصالح المسلمين واضح الفساد.

[مسائل ثلاث]
اشاره

مسائل ثلاث: ذكرها المصنف و غيره هنا استطرادا، لأن محلها في بحث الأنفال من الخمس و كتاب الجهاد.

[المسألة الأولى ما يؤخذ من مال المشركين في حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس]

الأولى:

ما يؤخذ من مال المشركين أما في حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس الذي أوجبه الله تعالى في الغنائم التي أظهر أفرادها ذلك و أما ما تأخذه سرية بغير إذن الامام (عليه السلام) فهو للإمام كما تقدم الكلام فيه في محله، و لكن أحلوه لنا في زمن الغيبة لتطيب ولادتنا جزاهم الله عنا خير الجزاء.

و كذا ما يتركه المشركون فزعا و يفارقونه من غير حرب فهو للإمام (عليه السلام) أيضا من الأنفال، ضرورة كونه مما أفاء الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) من غير أن يوجف المسلمون عليه بخيل و لا ركاب، و ما كان لنبيه فهو للإمام القائم مقامه.

و ما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين على ما تقدم في الجهاد و مع عدمهم يقسم في الفقراء (11) و المساكين من المسلمين.

ج 39، ص: 265

[المسألة الثانية ما يؤخذ غيلة من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد عليهم]

المسألة الثانية:

ما يؤخذ غيلة من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد عليهم لاحترام مالهم حالها و إن لم يكن هدنة كان لآخذه و فيه الخمس كما هو واضح، و قد تقدم في محله.

[المسألة الثالثة من مات من أهل الحرب و خلف مالا فماله للإمام (عليه السلام)]

المسألة الثالثة:

من مات من أهل الحرب و خلف مالا فماله للإمام (عليه السلام) إذا لم يكن له وارث بلا خلاف فيه بيننا و لا اشكال، و الله العالم.

[أما اللواحق]

اشاره

و أما اللواحق فأربعة فصول:

[الفصل الأول في ميراث ولد الملاعنة و ولد الزنا]
اشاره

الأول في ميراث ولد الملاعنة و ولد الزنا

[ولد الملاعنة]
اشاره

لا خلاف في أنه يرث ولد الملاعنة ولده و أمه و الزوج أو الزوجة، بل الإجماع بقسميه عليه، دون أبيه المنقطع نسبه عنه باللعان الفاسخ

ج 39، ص: 266

للعقد و النافي للفراش، و إن لم يكن الولد بذلك ابن زنا، بل من أطلق عليه ذلك كان عليه الحد.

و حينئذ ف للأم السدس خاصة و الباقي للولد إن كان ذكرا أو ذكرا و أنثى للذكر سهمان و للأنثى سهم و إن كان أنثى فلها النصف مع الاتحاد و الثلثان مع التعدد، و الباقي رد عليها أو عليهن و على الأم، و إن يكن له إلا ولده اختص الإرث بهم، و ما في غير واحد من النصوص من أن الإرث إذا ماتت أمه لأخواله(1)محمول على ما إذا لم يكن أقرب منهم إليه من الولد و الاخوة.

و لو لم يكن له ولد أصلا و إنما له أم خاصة كان المال جميعه لأمه: الثلث بالتسمية و الباقي بالرد لإطلاق الأدلة.

و لكن في روايت ي زرارة(2)و

أبي عبيدة(3)في الصحيح عن الباقر (عليه السلام)

«ترث

الأم

الثلث و الباقي للإمام (11)»

و زاد في الأولى «لأن جنايته على الإمام»

أي ميراثه له لأنه (12) هو الذي يعقل عنه (13) و عن الصدوق (رحمه الله) العمل بهما مع ظهوره (عليه السلام) و الإسكافي في الاستبصار إذا لم يكن لها عصبة يعقلون عنه، إلا أن الرد عند أولهما على بيت مال المسلمين و ثانيهما على الامام (عليه السلام).

و (14) على كل حال فالقول الأول أشهر (15) فتوى و رواية بل هو المشهور نقلا و تحصيلا، بل عن الخلاف و المبسوط و غيرهما الإجماع عليه، لإطلاق الأدلة كتابا و سنة من آية أولي الأرحام(4)و غيرها،


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 4.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 3.
4- 4 سورة الأنفال: 8- الآية 75 و سورة الأحزاب: 33- الآية 6.

ج 39، ص: 267

و خصوص المعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر الموافقة للكتاب المخالفة للعامة، ففي بعضها(1)أن ميراث ولد الملاعنة لأمه، و

في جملة وافرة منها(2)«عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال: أمه، فان ماتت أمه من يرثه؟ قال:

أخواله».

و الصحيحان- مع عدم العمل بهما على إطلاقهما فهما حينئذ شاذان، و موافقتهما للعامة، و لذا حملهما في محكي التهذيب على التقية بعد الاعتراف بعدم العمل بهما مشعرا بالإجماع على طرحهما، و مخالفتهما للشهرة العظيمة و محكي الإجماع و الكتاب و السنة- قاصران عن معارضة تلك الأخبار، فلا يتجه الجمع بينهما و بينها بما سمعته من القولين، ضرورة كونه فرع التكافؤ بعد الإغضاء عن عدم الشاهد عليه.

بل يمكن أن لا يكون مذهبا للشيخ في الاستبصار المعد لذكر ما يصلح وجه جمع بين الأخبار، خصوصا بقرينة موافقته للأصحاب في باقي كتبه و حكايته الإجماع، كما أن المحكي عن الصدوق في المقنع الموافقة أيضا.

فمن الغريب بعد ذلك كله ميل المقدس الأردبيلي و غيره إلى العمل بهما نسأل الله أن لا يكون ذلك من اختلال الطريقة، و لقد أجاد فيما حكي عنه من شدة التشنيع على خلاف المشهور، و الأمر سهل بعد وضوح الحال.

و كيف كان ف مع عدم الأم و الولد يرثه الطبقة الثانية، و هم هنا الاخوة للأم و أولادهم و الأجداد لها و إن علوا لانقطاع نسب الأب كما ستعرف و يترتبون الأقرب فالأقرب على حسب ما تقدم في غير الفرض.

قال أبو عبد الله (عليه السلام) في خبر منصور(3): «كان


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 3.

ج 39، ص: 268

علي (عليه السلام) يقول: إذا مات ابن الملاعنة و له إخوة قسم ماله على سهام الله».

و مع عدمهم يرثه الأخوال و الخالات و أولادهم على حسب ترتيب الإرث، و في كل هذه المراتب يرث الذكر و الأنثى سواء لكونهم جميعا ممن يتقرب بالأم، و قد عرفت فيما مضى قسمة المتقرب بها على السواء فان عدم قرابة الأم أصلا حتى لا يبقى لها وارث أصلا و إن بعد فميراثه ل مولى المعتق ثم الضمان ثم الامام (عليه السلام) بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك و لا إشكال.

كما لا خلاف و لا إشكال في أن الزوج و الزوجة يرثان منه نصيبهما مع كل درجة من هذه الدرجات و هو النصف للزوج و الربع للزوجة مع عدم الولد و نصف ذلك أي الربع للزوج و الثمن للزوجة معه هذا كله في موروثية ولد الملاعنة.

و أما وارثيته فلا خلاف و لا إشكال في أنه يرث أمه و ولده.

و (11) لكن هل يرث هو قرابة أمه (12) من الاخوة و الأخوات و الأخوال و الخالات و الأجداد و الجدات لها؟ قيل (13) و القائل المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل لعلها كذلك نعم (14) يرثهم بل عن المبسوط و الغنية و السرائر و غيرها أنه مذهب الأصحاب من غير خلاف، و عن التهذيب أنه الذي يقتضيه شرع الإسلام، و هو كذلك لأن نسبه من الأم ثابت (15) و صحيح بلا خلاف كما عن السرائر، فيشمله حينئذ عموم الأدلة و إطلاقها كتابا(1)و سنة(2)و معقد إجماع


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 11.
2- 2 الوسائل- الباب- 5- و غيره من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد.

ج 39، ص: 269

مضافا إلى

الصحيح(1)«ابن الملاعنة ينسب إلى أمه، و يكون أمره و شأنه كله إليها»

و إلى إطلاق ما في المعتبرة(2)المستفيضة من إرثه أخواله.

و قيل و القائل الشيخ في محكي الإستبصار لا يرث إلا أن يعترف به الأب، و هو قول متروك لم نعرف أحدا وافقه عليه ممن تقدمه أو تأخره بل لم يعلم كونه قولا له، لما سمعت من أنه في الاستبصار المعد للجمع بين الأخبار، و إن كان قد يستدل له بأنه يبعد التهمة عن الامرأة و يقوي صحة النسب.

بل هو قوي من حيث النصوص، لأنه مقتضى الجمع بين ما دل على التوارث من إطلاق بعض النصوص(3)و غيره و بين ما دل على العدم

كالموثق(4)«يرثه أخواله و لا يرثهم»

بشهادة النصوص المفصلة، منها

الصحيحان(5)«فان لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه و لا يرثهم».

بل قد يعضده أن موارد تلك المستفيضة الحاكمة بالتوارث(6)إنما هي صورة تكذيب الوالد بعد اللعان، و الحكم فيها ذلك كما في نصوص التفصيل، فليس بينهما معارضة، لكن إعراض الأصحاب عنها مع أنها بمرأى و مسمع يمنع من العمل بها.

بل

روى الصدوق (رحمه الله) بسندين غير نقيين بل أحدهما ضعيف عن أبي عبد الله (عليه السلام)(7)«في ابن الملاعنة من يرثه؟

قال: ترثه أمه، قلت: أ رأيت إن ماتت أمه و ورثها ثم مات هو من


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث- 8.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
4- 4 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 4.
5- 5 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 5 و 7.
6- 6 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
7- 7 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 1.

ج 39، ص: 270

يرثه؟ قال: عصبة أمه، و هو يرث أخواله»

و ليس فيه ما يوجب تقييد الإطلاق من نحو خصوصية المورد و رجوع الضمير في الجواب إليه كما اتفق في النصوص السابقة، و هو و إن كان قاصر السند و مطلقا يمكن تقييده أيضا إلا أنه منجبر بما عرفت من الشهرة العظيمة، بل لم نعرف الخلاف إلا من الإستبصار الذي قد سمعت أنه معد للجمع بين الأخبار لا للفتوى.

و من ذلك يرتفع الوثوق بالنصوص المزبورة و إن صح أسانيد بعضها فتقصر عن تقييده حينئذ، فلتطرح أو تحمل على ما لا ينافي المطلق.

و من هنا قال في محكي التهذيب: «العمل بما تضمن من الأخبار من أن ولد الملاعنة يرث أخواله كما أنهم يرثونه أحوط و أولى على ما يقتضيه شرع الإسلام».

و كيف كان فولد الملاعنة لا يرثه أبوه و لا من يتقرب به لانقطاع نسبه عنهم باللعان من غير خلاف في ذلك نصا(1)و فتوى و كذلك هو لا يرثهم أيضا.

فإن اعترف الأب بعد اللعان ورث هو الأب المعترف و لا يرثه الأب إجماعا بقسميه و نصوصا(2)فيها الصحيح و غيره مضافا إلى قاعدة الإقرار.

و لكن هل يرث أقارب أبيه مع الاعتراف؟ قيل و القائل أبو الصلاح في المحكي من كافيه، و الشيخ مفيد الدين ولد الشيخ (رحمه الله) فيما حكي عنه، و الفاضل في بعض كتبه على ما حكاه عنه في المسالك و إن كنا لم نتحققه نعم يرثهم لأن الإقرار به كالبينة في إثبات النسب.


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

ج 39، ص: 271

و الوجه أنه لا يرثهم و لا يرثونه، لانقطاع النسب باللعان فيستصحب و اختصاص حكم الإقرار بالمقر حسب من دون تعدية إلى الغير الذي لا يمضي الإقرار في حقه وفاقا للمشهور، بل عن الغنية و السرائر الإجماع عليه.

و دعوى ثبوت النسب بالإقرار المزبور ممنوعة، و إلا لورثه الأب و أقاربه الذين لم تصدر منهم جناية الإنكار و اللعان كي يعاقبوا بعدم إرثهم له دونه، و دعوى التزام القائل بذلك كما هو مقتضى حكايته عنه في المسالك لم نتحققها، بل لعل المحقق خلافها، و توريثه الأب معه لما سمعت من النص و الإجماع، لا للإقرار نفسه.

بل لو وافقه عليه فالظاهر عدم التوارث بينهما به و كذا الأقارب، ضرورة ظهور النصوص و الفتاوى بانقطاع النسب باللعان، فلا يعود بالإقرار، و إطلاق قوله: «فيثبت النسب بإقرار العاقلين به» منزل على غير محل البحث قطعا، فما عن

المقدس الأردبيلي (رحمه الله) من الميل إلى التوارث بينهم بالتوافق منهم على الإقرار تمسكا بالإطلاق المزبور في غير محله.

بل من ذلك يظهر لك ما في قول الفاضل (رحمه الله) في القواعد هنا من أنه لو قيل: يرثهم إن اعترفوا به و كذبوا الأب في اللعان و يرثونه كان وجها، إذ تكذيبهم غير مجد في نفي النسب شرعا و إلا لورثوه و ورثهم مع إصرار الأب على الإنكار، و هو باطل إجماعا على ما قيل.

كما أنه يظهر لك الوجه في قول المصنف (رحمه الله).

ج 39، ص: 272

[مسائل]
[المسألة الأولى لا عبرة بنسب الأب هنا]

الأولى:

لا عبرة بنسب الأب هنا بعد انتفائه شرعا باللعان فلو خلف ابن الملاعنة أخوين أحدهما لأبيه و أمه و الآخر لأمه فهما سواء، و كذا لو كانا أختين أو أخا و أختا و أحدهما للأب و الأم و الآخر للأم فان الجميع يتساوون كالاخوة و الأخوات من الأم خاصة.

و كذلك الكلام فيما لو خلف ابن أخيه لأبيه و أمه و ابن أخيه لأمه، أو خلف أخا و أختا لأبويه مع جد أو جدة للأم فإنه يقسم المال بينهم أثلاثا و ذلك لأنه بعد أن سقط اعتبار نسب الأب لم يبق إلا التقرب من جهة الأم، و قد عرفت فيما سبق تساوي المتقربين بها في المال.

و لو مات أخ لابن الملاعنة من أبيه و أمه و قد كان له أخ من أبيه لم يحجبه بل اشتركا في ميراثه، فيأخذ هو حصة الأخ من الأم السدس و الباقي للأخ من الأب.

[المسألة الثانية إذا ماتت أمه و لا وارث لها سواه فميراثها له]

المسألة الثانية:

إذا ماتت أمه و لا وارث لها سواه فميراثها له و لا يشاركه أبوه الذي انقطعت زوجيته عنها باللعان و إن كان قد اعترف الأب به بعد اللعان.

ج 39، ص: 273

و لو كان معه أبوان لها أو أحدهما فلهما السدسان أو لأحدهما السدس و الباقي له إن كان ذكرا، و إن كان أنثى فالنصف لها، و الباقي يرد بموجب السهام أخماسا أو أرباعا، كما هو واضح.

[المسألة الثالثة لو أنكر الحمل و تلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون الأبوة]

المسألة الثالثة:

لو أنكر الحمل و تلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون الأبوة بلا خلاف أجده فيه، بل في الدروس نسبته إلى جميع الأصحاب فيرث حينئذ كل منهما سدس الآخر لو مات قبله، كالولدين المتعاقبين المنفيين باللعان، و احتمال الفرق بالقطع بكونهما معا لأب واحد بخلاف المتعاقبين يدفعه منع القطع أولا، و منع اعتباره ثانيا.

[المسألة الرابعة لو تبرأ عند السلطان من جريرة ولده و من ميراثه ثم مات الولد كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه]

المسألة الرابعة:

لو تبرأ عند السلطان من جريرة ولده و من ميراثه ثم مات الولد قال الشيخ في محكي النهاية و الاستبصار و ابن حمزة في محكي الوسيلة و القاضي في محكي المهذب و الكيدري في محكي الإصباح كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه ل

خبر يزيد بن جليل(1)سأل الصادق (عليه السلام) «عن رجل تبرأ من جريرة ابنه و ميراثه فمات الابن و ترك مالا من يرثه؟ قال: ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه»

و مضمر أبي بصير(2)


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 2 عن بريد بن خليل و في التهذيب ج 9 ص 348 و الاستبصار ج 4 ص 185 يزيد بن خليل.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 3.

ج 39، ص: 274

«سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان و من ميراثه و جريرته لمن ميراثه؟ فقال: قال علي (عليه السلام): هو لأقرب الناس إلى أبيه»

في الفقيه و «إليه» في التهذيب.

و لكن مع ذلك هو قول شاذ كما اعترف به غير واحد لم نعرف القائل به عدا من عرفت، بل عن السرائر و التنقيح الإجماع من المسلمين على خلافه، بل قد تكرر منا أن النهاية و الاستبصار ليسا بكتابي فتوى، مع أنه ذكره في الأخير احتمالا، بل عنه في الحائريات موافقة الأصحاب، و أن الرواية شاذة فيها نظر.

مضافا إلى الطعن في سند الأول بجهالة يزيد التي لا يرفع القدح بها رواية صفوان و ابن مسكان عنه و إن كانا من أصحاب الإجماع على الأصح و إضمار الثاني، و اشتمالهما على لفظ السلطان المنصرف إلى سلطان الجور القاضي بمراعاة التقية، و احتمالهما- كما في كشف اللثام- التبري بعد موت الابن، فيخرجان عما نحن فيه أيضا، و إن كان قد ينافيه قوله: «فمات» في الأول، و تصحيف «ابنه» بأبيه فيهما، و إرادة ما يشمل الوالد من «أقرب الناس إليه» في رواية التهذيب، و غير ذلك مما يخرجهما عن قابلية معارضة الأصول و القواعد المستفادة من الكتاب و السنة.

بل قد سمعت تعليل استحقاق الزوجة قيمة البناء دون نفس الأرض و الأعيان بجواز انقطاع ما بين المرأة و الزوج من العصمة، و جواز تغييرها و تبديلها بخلاف الولد و الوالد الذي لا يمكن تخليص أحدهما من الآخر، فالمسألة حينئذ من الواضحات.

[أما ولد الزنا]

و أما ولد الزنا من الطرفين فلا نسب له بأبيه شرعا، لأن الولد للفراش و للعاهر الحجر و حينئذ ف لا ترثه أي الزاني كالعكس بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع

ج 39، ص: 275

بقسميه عليه، و هو الحجة، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة(1)الدالة على ذلك، بل و على كون الأم و غيرها ممن يتقرب بها أو بأبيه كذلك أيضا(2)و لو بإطلاقها و ما فيها من التعليل.

و حينئذ ف لا ترثه التي ولدته و لا أحد من أنسابهما، و لا يرثهم هو بلا خلاف معتد به أجده في شي ء من ذلك بل يمكن تحصيل ما أشعرت به عبارة غير واحد من الأصحاب من الإجماع لما عرفت.

نعم عن الصدوق و أبي الصلاح و أبي علي أنه يرث أمه و من يتقرب بها و يرثونه على حسب حال ابن الملاعنة، ل

خبر إسحاق بن عمار(3)عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) «إن عليا (عليه السلام) كان يقول: ولد الزنا و ابن الملاعنة ترثه أمه و إخوته لأمه و عصبتها»

و عن يونس(4)«أن ميراث ولد الزنا لقرابته من أمه كابن الملاعنة»

و هما- مع الضعف في الأول و الوقف في الثاني و موافقتهما للعامة و احتمالهما الزنا من قبل الأب دون الأم- قاصران عن معارضة غيرهما من النصوص المعتبرة.

كالصحيح(5)عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فإنه لا يورث منه، فان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: الولد للفراش و للعاهر الحجر و لا يرث ولد الزنا إلا رجل يدعي ابن وليدته، و أيما رجل أقر بولده


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
2- 2 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة.
3- 3 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 9.
4- 4 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 6.
5- 5 ذكر صدره في الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 1 و ذيله في الباب- 6- منها- الحديث 1.

ج 39، ص: 276

ثم انتفى منه فليس ذلك له، و لا كرامة يلحق به ولده إذا كان من امرأته و وليدته».

و خبر محمد بن الحسن القمي(1)«كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة فحبلت، ثم إنه تزوجها بعد الحمل، فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به، فكتب بخطه و خاتمه الولد لغية لا يورث»

و غيرهما.

كقصور خبري

حنان(2)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «عن رجل فجر بنصرانية فولدت منه غلاما فأقر به ثم مات و لم يترك ولدا غيره أ يرثه؟ قال: نعم»

و نحوه الآخر(3)عن معارضة ما تقدم، بل الإجماع بقسميه على خلافهما، فلا بد من طرحهما أو حملهما على ما لا ينافي المطلوب، ضرورة اشتمالهما على الغريب.

نحو

خبر محمد بن قيس(4)عن أبي جعفر (عليه السلام) «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وليدة جامعها ربها في طهرها، ثم باعها من آخر قبل أن تحيض، فجامعها آخر و لم تحض فجامعها الرجلان في طهر واحد، فولدت غلاما، فاختلفا فيه فسئلت أم الغلام فزعمت أنهما أتياها في طهر واحد، فلا يدري أيهما أبوه، فقضى في الغلام أنه يرثهما كليهما و يرثانه سواء».

فلذا حمله في التهذيبين على التقية، و فرض اشتباههما لا يلحقه بهما في الفرض، و يمكن دعوى أن المتجه لحوقه بمن عنده الجارية، كما أن


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 7.
3- 3 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 8.
4- 4 الوسائل- الباب- 58- من أبواب نكاح العبيد و الإماء- الحديث 6.

ج 39، ص: 277

المتجه القرعة في المشترك بين واطئين وطء محللا لشبهة و نحوها، و لا ترجيح لأحدهما على الآخر.

و على كل حال فقد ظهر لك أن ميراثه أي ابن الزنا لولده خاصة دون أبيه و أمه فضلا عن أقاربهما و مع عدمهم ف ل مولى المعتق ثم الضامن ثم الامام (عليه السلام) بلا إشكال في شي ء من ذلك، بل و لا خلاف.

كما لا إشكال و لا خلاف في أنه يرث الزوج و الزوجة نصيبهما الأدنى مع الولد و الأعلى مع عدمه لإطلاق الأدلة في الجميع من غير معارض و إنما الخلاف في خصوص ما سمعته مما في رواية إسحاق بن عمار(1)من أنه ترثه أمه و من يتقرب بها مثل ابن الملاعنة (11) على أنك قد سمعت شذوذه و (12) أنها هي مطرحة (13) أو محمولة على ابن الزنا من طرف الأب أو غير ذلك، و الله العالم.

[الفصل الثاني في ميراث الخنثى]
اشاره

الفصل الثاني في ميراث الخنثى (14) التي هي إما ذكر أو أنثى في الواقع، لعدم الواسطة على الظاهر المستفاد من تقسيم الإنسان بل مطلق الحيوان إلى الذكر و الأنثى في جميع


1- 1 الوسائل- الباب- 8- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 9.

ج 39، ص: 278

الأصناف في الكتاب(1)و السنة(2)على وجه لا يستطاع إنكاره.

و على كل حال فهو من له فرج الرجال و النساء و لا خلاف و لا إشكال في أنه يرث على الفرج الذي يبول منه، فان كان من فرج الرجال ورث ميراث ذكر، و إن كان من فرج النساء ورث ميراث الأنثى، بل الإجماع بقسميه عليه.

مضافا إلى

قول الصادق (عليه السلام) في خبر طلحة(3): «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يورث الخنثى من حيث يبول».

و في

خبر داود بن فرقد(4)جواب سؤاله عن ذلك: «إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر، و إن كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى».

و في

صحيح هشام بن سالم(5)«يورث من حيث يبول، فان خرج منهما جميعا فمن حيث سبق»

و غير ذلك من النصوص(6).

فان بال منهما فمن حيث يسبق منه البول بلا خلاف محقق أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه أيضا.

مضافا إلى الصحيح المزبور(7)و

صحيحه الآخر(8)عنه (عليه


1- 1 سورة زخرف: 43- الآية 12 و سورة الحجرات: 49- الآية 13 و سورة النجم: 53- الآية 45 و سورة القيامة: 75- الآية 39 و سورة الليل: 92- الآية 3.
2- 2 البحار- ج 69 ص 335- 337 و 340 و 341 و 344.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.
4- 4 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.
5- 5 التهذيب ج 9 ص 354 الرقم 1269.
6- 6 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الخنثى.
7- 7 التهذيب ج 9 ص 354 الرقم 1269.
8- 8 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.

ج 39، ص: 279

السلام) أيضا «يورث حيث سبق بوله، فان خرج سواء فمن حيث ينبعث، فان كان سواء ورث ميراث الرجال و النساء».

و الحسن كالصحيح(1)عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) «أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الخنثى يورث من حيث يبول، فان بال منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث منه، فان مات و لم يبل فنصف عقل المرأة و نصف عقل الرجل».

و المرسل(2)عنه (عليه السلام) أيضا «في المولود له ما للرجال و له ما للنساء يبول منهما جميعا، قال: من أيهما سبق، قيل: فان خرج منهما جميعا، قال: فمن أيهما استدر، فان استدرا جميعا، قال: فمن أبعدهما»

إلى غير ذلك من النصوص الدالة(3).

فإن جاء البول منهما دفعة اعتبر الذي ينقطع أخيرا، فيورث عليه إجماعا في محكي السرائر و التحرير و المفاتيح و ظاهر الغنية و الخلاف، بل و كتاب الاعلام للمفيد.

مضافا إلى ظهور كونه المراد من

قوله (عليه السلام) في المرسل:

«أبعدهما»

على معنى أبعدهما زمانا، و ليس هو إلا الذي ينقطع أخيرا بعد فرض تساويهما في الابتداء.

بل قيل: إنه المراد أيضا من الانبعاث في الصحيح(4)بدعوى ملازمته، بمعنى الثوران و القوة و الكثرة، أو بمعنى الاسترسال، لما عن القاموس «بعثه كمنعه: أرسله فانبعث للانقطاع أخيرا» و إن كان هو كما ترى، ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار في المرسل السابق الذي عقبه


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 4.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى.
4- 4 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.

ج 39، ص: 280

بأبعدهما المنافي لإرادة الانقطاع أخيرا بعد إرادته من أبعدهما. نعم عن بعض النسخ «ينبت» بمعنى ينقطع.

و حينئذ مع التقييد بالأخير للخبر الآخر(1)و تعاقد الإجماعات و شهادة الوجدان يكون دالا على المطلوب، و ربما كان ذلك سبب توهم القاضي فيما حكي من جعل العلامة الانقطاع أولا بدعوى ظهوره في ذلك، لكن فيه أنه و إن كان مطلقا

لا تقييد فيه بالانقطاع أولا و آخرا إلا أنه يجب حمله على الآخر لما عرفت، فلا ريب حينئذ في ضعفه.

كضعف المحكي عن الصدوق (رحمه الله) و الإسكافي و المرتضى من عدم اعتبار الانقطاع أصلا بعد ما عرفت من الدليل على اعتباره.

مضافا إلى ما يمكن أن يقال من كون المستفاد مما سمعت من النصوص و ما فيها من الانبعاث و الإدرار و ما تسمعه من خبر عد الأضلاع(2)و ما

عن روضة الواعظين(3)عن الحسن بن علي (عليهما السلام) «فان كان ذكرا احتلم و إن كانت أنثى حاضت و بدا ثديها»

أن المدار في تشخيصها على حصول أمارة مرجحة لأحد الاحتمالين الناشئين من حصول بعض خواص الذكر، و بعض خواص الأنثى.

فيكون الضابط بعد تعذر العلم بمعرفة الحال و اشتراكها في جملة من الأمارات الرجوع إلى غير ذلك من خواص الرجل و الأنثى، فيحكم عليها حينئذ من غير فرق بين المنصوص و غير المنصوص، كنبات اللحية و نحوها، بل لعل الضابط ذلك في مصداق كل موضوع تعذر العلم بمعرفته و لا طريق إلى الاحتياط.

و لو فرض تعارضها لا على جهة الاشتراك فيها كالبول منهما جميعا


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 4.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.

ج 39، ص: 281

أو السبق كذلك، بل كان على وجه اختصاص أحد الفرجين بالسبق و الآخر بتأخر الانقطاع بحيث يزيد على قدر السبق و بنبات اللحية و الحيض و نحو ذلك رجع أيضا إلى ترجيح إحدى الأمارتين على الأخرى باعتضاد أمارة أو زيادة غلبة و نحو ذلك مما يفيد الظن بها، فان فقد كان مشكلا، و حكمه ما تعرفه.

و قد يحتمل كون المدار على الأمارات المنصوصة بالنص المعتبر دون غيرها و إن أفاد الظن، كما أنه يحتمل ملاحظة الترتيب فيها، فيعتبر السبق حينئذ و إن تأخر الانقطاع في الآخر، لكن الأقوى الأول، فيكون حينئذ ما في النصوص مثالا لغيره، و خصها بالذكر لخفائها.

قال الحسن بن أبي عقيل: «الخنثى عند آل الرسول (صلوات الله عليهم) فإنه ينظر فان كان هناك علامة يبين فيه الذكر من الأنثى من بول أو حيض أو احتلام أو لحية أو ما أشبه ذلك فإنه يورث على ذلك، فان لم يكن و كان له ذكر كذكر الرجال و فرج كفرج النساء فان له ميراث النساء، لأن ميراث النساء داخل في ميراث الرجال، و هذا ما جاء عنهم (عليهم السلام) في بعض الآثار».

و هو كما ترى صريح في اعتبار غير المنصوص، بل الظاهر أيضا أن الترتيب في المنصوص منها ذكري لا حقيقي، كما لا يخفى على من رزقه الله فهم كلماتهم (عليهم السلام) على معنى الرجوع إلى علامة مع فقد الأخرى نحو ما ورد في ترجيح النصوص المتعارضة لا أن المراد كونها علامة بعد تعذر غيرها.

و كيف كان فان كانت مشكلا بأن كان المخرجان قد تساويا في السبق (و التأخر خ) و لم يكن هناك أمارة قال الشيخ في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة محتجا بالإجماع و الأخبار

ج 39، ص: 282

و عن الإيضاح أنه قواه، بل عن اليوسفي حكايته عن العجلي و جماعة من معاصريه، قال: «و الذي يقضي منه العجب حال المتأخر، هنا ذكر اختلاف الأصحاب و أنه كان يفتي بالقرعة برهة من الزمان مع جماعة من معاصريه ثم ادعى الإجماع على عد الأضلاع فكيف يصير قول اثنين أو ثلاثة إجماعا، فإن قيل: المخالف مشهور باسمه و نسبه فلا يقدح في الإجماع قلنا: لا نسلم، من أين عرف أنه لا مخالف غيرهم؟ أو من أين أن باقي الإمامية شرقا و غربا يوافقون معك و لعله سمع ذلك من لسانه و إلا فالمحكي من سرائره خلافه».

و على كل حال فدليله ما سمعت من الإجماع و أخبار القرعة و خصوص النصوص(1)الواردة في فاقد الفرجين الذي هو أيضا مشكل بفقدهما كالمشكل بوجودهما، بل

في بعضها(2)«أي قضية أعدل من قضية يحال عليها السهام».

و في كشف اللثام «لا شبهة في أنه لا بد منها إذا ماتت و لم يستعلم حالها» و فيه أن مقتضى

قوله (عليه السلام): «فان مات و لم يبل» في الحسن(3)

إعطاء نصف النصيبين عند عدم الاستعلام، و لعل القائل به يلتزمه، إذ احتمال اختصاص القول به بمعلوم الاشكال لا الأعم منه و من لم يعلم حاله بموت و نحوه يدفعه ما عرفت من النص و إن كان خاصا في من مات و لم يبل، إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه و بين من كان يبول إلا أنه لم يستعلم حاله فمات، على أنه لو سلم عدم تناول النص له أمكن منع القرعة أيضا، بدعوى كون المتجه حينئذ ما سمعته في الحسن من إعطاء نصيب الأنثى، لأنه المتيقن، و ينفى غيره بالأصل الذي هو لم يقصر


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الخنثى.
2- 2 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 283

عن إثبات ذلك و إن قصر عن تشخيص الموضوع، فيكون حكمه حينئذ حكم الموضوع المعلوم عدم كونه مشتبها في نفسه إلا أنه تعذر معرفته لموت بغرق و نحوه، و دعوى جريان القرعة فيه أيضا محل للنظر. و كيف كان فالقرعة قوله في الخلاف.

و قال الشيخ في النهاية و الإيجاز و المبسوط: يعطى نصف ميراث رجل و نصف ميراث امرأة كما هو المحكي عن المفيد (رحمه الله) و الصدوقين و سلار و ابني حمزة و زهرة و المحقق الطوسي و الآبي و العلامة و ولده و ابن أخته و الشهيدين و أبي العباس و الصيمري و المقداد و غيرهم، بل هو المشهور نقلا و تحصيلا، بل عن الغنية الإجماع عليه.

بل قد دلت عليه رواية هشام بن سالم في

الحسن(1)

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قضاء علي (عليه السلام) (5)

فان كانا سواء ورث ميراث الرجال و النساء»

بعد القطع بعدم إرادة مجموعهما، خصوصا بعد

قول علي (عليه السلام) في الحسن كالصحيح(2): «فان مات و لم يبل فنصف عقل امرأة و نصف عقل رجل»

المراد من العقل فيه الميراث.

على أن ذلك هو الموافق لقاعدة قسمة المال المشتبه بين شخصين بالنصف، ضرورة دفع حصة أنثى لها، للقطع باستحقاقها ذلك على كل حال، و يبقى التفاوت بين ذلك و بين حصتها ذكرا، لم يعلم مستحقه، فيقسم بينهما بالنصف، و انحصار الناس في الذكر و الأنثى غير مناف لذلك بعد الدليل على كون حصته ذلك.

و قال المفيد (رحمه الله) في المحكي عنه في كتاب الإعلام


1- 1 أشار إليه في الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1 و ذكره في التهذيب ج 9 ص 354- الرقم 1269.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 284

و المرتضى (رحمه الله) في المحكي من انتصاره و الحلي في المحكي من سرائره تعد أضلاعه أي الخنثى فان استوى جنباه فهو امرأة و إن اختلفا بأن كانت تسعة في اليمين و ثمانية في اليسار أو غير ذلك على ما اختلفت به الرواية فهو ذكر، و هي رواية شريح القاضي حكاية لفعل علي (عليه السلام) في الخنثى التي حبلت و احبلت(1)و احتجاه أي الأولان بل و الثالث بالإجماع مع ذلك.

و لكن الرواية ضعيفة السند، إلا أن الشيخ نسبها في محكي الخلاف إلى رواية الأصحاب، و عن الحائريات أنها مشهورة بين أهل النقل في أصحابنا، و المفيد رواها في المحكي من إرشاده مسندة إلى الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) و الصدوق بطريق صحيح، بل عن الحلي دعوى تواترها.

و أما الإجماع المزبور فإنه و إن قال المصنف: إني لم نتحققه (11) لكن لا يخفى عليك عدم صلاحية مثل ذلك لرده بعد عدالة حاكية و قرب عصره و جواز اطلاعه على ما لا يطلع عليه غيره، فلا محيص عن اعتبار ذلك.

نعم لا ريب في عدم تيسره غالبا على وجه تطمئن النفس بمعرفة ذلك، خصوصا في الجسم السمين، و لذا ذكروا (عليهم السلام) غير ذلك من الأمارات السابقة و

حكموا بإعطاء نصف النصيبين لعلمهم (عليهم السلام) بعدم تيسر معرفة هذه العلامة لغيرهم، ضرورة عدم إمكان تميز الأضلاع غالبا على وجه تطمئن النفس به.

و من هنا ظن بعض الناس مخالفة هذه العلامة للحس مدعيا أنه اختبر ذلك غير مرة فلم يتحققها، بل قيل: إن أهل التشريح يدعون


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.

ج 39، ص: 285

التساوي بين الرجل و المرأة بالأضلاع.

إلا أنه كما ترى بعد الرواية الصحيحة(1)المشتملة على المعجزة البالغة لحلال المشكلات التي حكاه عنه (ع) المخالف و المؤالف المدعي تواترها و الإجماعات على مضمونها، فلا ينبغي التأمل في اعتبارها مع فرض تحققها، و إلا فنصف النصيبين أو القرعة على اختلاف القولين اللذين يمكن الجمع بين دليلهما بالتخيير إن لم يقم إجماع على خلافه و لم أتحققه، بل قيل: إن التخيير هو المفهوم من مطاوي بعض الفتاوى.

نعم بقي شي ء: و هو أنه يستفاد من هذه الرواية جواز تعرف الرجال و النساء بعلامات الخنثى، حيث إنه أرسل (عليه السلام) إلى دينار الخصي و امرأتين و أمرهم بعد الأضلاع(2)و لعله لا بأس بذلك للضرورة.

لكن قد يشكل الاكتفاء هنا بشهادة النساء في ذلك، فالأولى الاقتصار على شهادة الرجال، فينظرون حينئذ إلى مبالها و سبق بولها و إن استلزم ذلك النظر إلى عورة متيقنة.

و لعل الأولى ما قاله

أبو الحسن (عليه السلام) لما سأله يحيى بن أكثم(3)«عن الخنثى و عن قول علي (عليه السلام): فيها أنها تورث على المبال من ينظر إليه إذا بال؟ و شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون امرأة قد نظر إليها الرجال، و عسى أن يكون رجلا قد نظر إليه النساء، و هذا مما لا يحل، فأجاب (عليه السلام) أما قول علي (عليه السلام) في الخنثى: إنه يورث من المبال كما قال، و

ينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثى خلفهم عريانة فينظرون في المرآة فيرون شبحا فيحكمون عليه»

و هو جيد جدا، لأنه


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.

ج 39، ص: 286

إما أن لا يكون مثله حراما لعدم اندراجه في الأدلة، أو لأنه أقل ما تندفع به الضرورة، و الله العالم.

و كيف كان ف إذا عرف (عرفت خ ل) ذلك فان انفرد الخنثى أخذ المال من غير إشكال و إن كانوا أي الخناثى أكثر فعلى القرعة يقرع، فان كانوا ذكورا أو إناثا فالمال سواء، و إن كان بعضهم إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين كما هو واضح.

و كذا يعتبر لو قيل بعد الأضلاع الذي به يتميز الذكر من الأنثى أيضا، فهو حينئذ كالقرعة في الحكم المزبور.

و أما المصنف (رحمه الله) و غيره فقد قالوا: إن المتجه على ما اخترناه من إعطاء نصف النصيبين يكونون سواء في المال و إن كانوا مائة، لتساويهم في الاستحقاق و هو كذلك، ضرورة كونهم كالذكور أو الإناث في القسمة بالسوية حينئذ.

و لو اجتمع مع الخنثى ذكر بيقين قيل كما عن النهاية و الإيجاز بل عن المبسوط أنه الأصل المعول عليه، و عن التحرير أنه استحسنه:

يكون للذكر أربعة أسهم و للخنثى ثلاثة فالقسمة حينئذ من سبعة و لو كان معهما أنثى كان لها سهمان (11) فهي من تسعة حينئذ، كما أنها من خمسة لو كان مع الخنثى أنثى خاصة ثلاثة للخنثى و سهمان للأنثى، و هذا الطريق هو المسمى بطريق التحقيق، و لعله أوفق ب

قوله (عليه السلام)(1): «نصف عقل الرجل و نصف عقل الامرأة»

ضرورة معلومية نسبة استحقاق المرأة لاستحقاق الرجل بالثلث و الثلثين، فيكون للخنثى حينئذ نصف الثلث و نصف الثلثين، و نسبته حينئذ إلى استحقاق الرجل

ثلاثة أرباعه بزيادة استحقاق نصف أنثى مراعاة لاحتمال الذكورية المقابل باحتمال الأنوثة،


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 287

و مرجعه إلى قسمة ما زاد على المتيقن من استحقاق الأنثى بالنصف، فيكون لها ميراث أنثى و نصف أنثى.

و قيل كما عن جماعة بل في محكي الإيضاح و تعليق الكركي على النافع و التنقيح أنه المشهور و في المسالك أنه أظهر بينهم:

يقسم الفريضة مرتين، و تفرض في مرة ذكرا و في الأخرى أنثى، و يعطى نصف النصيبين كما يعطى مشاركها من الذكر و الأنثى نصف النصيبين على التقديرين أيضا.

و طريق ذلك أن ينظر في أقل عدد يمكن قسم فريضتهما منه و يضرب مخرج أحد الفريضتين في الآخر إذا كان المخرجان متباينين و هما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد، مثل ثلاثة عشر و عشرين، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر من عشرين بقي سبعة فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد.

مثال ذلك: خنثى و ذكر، فتفرضهما ذكرين فتطلب لهما مالا له نصف و لنصفه نصف حتى يعرف نصيب الخنثى منه و ليس أقل عدد كذلك هو إلا أربعة، ثم تفرضهما ذكرا و أنثى فتطلب مالا له ثلث و لثلثه نصف حتى يعرف نصيب الخنثى منه و ليس أقل عدد هو (11) كذلك إلا ستة، و هما (12) أي مخرج الفريضة أي الستة و الأربعة متفقان بالنصف (13) لأن المراد بالمتوافقين اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من واحد، كالعشرة و الاثني عشر، فإنك إذا أسقطت العشرة بقي اثنان فإذا أسقطتهما من العشرة مرارا أفنيت بهما، فإذا فضل بعد الاسقاط اثنان فهما المتوافقان بالنصف، و إن فضل ثلاثة فهما المتوافقان بالثلث،

ج 39، ص: 288

و هكذا إلى العشرة، و لو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منها، و لا ريب في بقاء الاثنين هنا بعد إسقاط الأربعة من الستة التي تفنى بإسقاط الاثنين منها مرارا.

و حينئذ فتضرب نصف أحد المخرجين و هو إما الاثنان أو الثلاثة في تمام مخرج الآخر و هو الستة أو الأربعة كما هو القاعدة في المتوافقين بالنصف، و حينئذ فيكون الحاصل فيما نحن فيه على كل حال اثني عشر.

فيحصل للخنثى تارة النصف، و هو ستة من الاثني عشر، و هي على فرض كونها ذكرا، ضرورة كون القسمة بينهما بالنصف، لكون المفروض أن معها ذكرا و يحصل لها تارة أخرى الثلث، و هو أربعة من الاثني عشر، و هي على فرض الأنوثة المقتضية للقسمة مع الذكر بالثلثين و الثلث فيكون الحاصل لها على التقديرين عشرة لأنها ستة و أربعة و نصفه (11) المستحق للخنثى حينئذ خمسة، و هو نصيب الخنثى (12) من الأنثى عشر و يبقى (13) منها سبعة للذكر (14) و هي نصف استحقاقه أيضا على تقديري ذكورية الخنثى و أنوثيتها، ضرورة كونه ستة في الأول و ثمانية في الثاني، و مجموعهما أربعة عشر، نصفها سبعة و هي سهمه.

و كذا (15) الكلام لو كان (16) المجتمع معها بدل الذكر أنثى، فإنها تصح من اثني عشر أيضا ف (17) انها جامعة لما ذكر لكن يكون للخنثى سبعة (18) من الاثنى عشر و للأنثى خمسة (19) منها، لأنهما نصف استحقاقهما على التقديرين، لأن الخنثى على فرض أنوثيتها تستحق ستة من اثني عشر، لأن مشاركتها أنثى، فيقسم المال بينهما نصفين، و على تقدير الذكورة ثمانية ثلثي الاثنى عشر، و مجموعهما أربعة عشر

ج 39، ص: 289

نصفها سبعة، فيستحقها الخنثى، و أما الأنثى فتستحق على أحد التقديرين للخنثى ستة، و هو حال الأنوثة، و على الآخر و هو الذكورة أربعة، فيكون المجموع عشرة، لها منها نصفها و هو خمسة.

و لو كان مع الخنثى ابن و بنت فإذا فرضت الخنثى ذكرا صار الوارث ذكرين و بنتا و كان المال بينهم أخماسا سهمان لكل من الذكرين و سهم للأنثى و إذا فرضت ها أنثى صار ذكرا و بنتين و كان المال بينهما أرباعا سهمان للذكر، و لكل من البنتين سهم، و بين المخرجين التباين فتضرب مخرج الأقل و هو الأربعة في مخرج الأكثر و هو خمسة يكون (11) الحاصل عشرين.

لكن لا يقوم لحاصل الخنثى (12) معه نصف صحيح (13) إذ هو خمسة على تقدير و ثمانية على آخر و ليس له نصف صحيح ف (14) احتجنا إلى أن نضرب مخرج النصف و هما اثنان (15) اللذان هما أقل عدد يخرج منه النصف صحيحا في (16) المجتمع من الضرب الأول، أي عشرين (17) كما هي القاعدة في مثل ذلك فيكون (18) الحاصل أربعين ف (19) تقسم على الجميع و تصح الفريضة بغير كسر (20) فيعطى الذكر حينئذ ثمانية عشر من الأربعين، و الأنثى تسعة، و الخنثى ثلاثة عشر، و هو نصف مستحقهم على التقديرين، كما هو واضح بأدنى تأمل.

و لا يخفى عليك اختلاف كيفية القسمة و تفاوتها على الطريقين، ضرورة كونها على الأول في المثال الأول سباعية، فللخنثى ثلاثة أسباع الاثنى عشر، و هي خمسة و سبعا، فالتفاوت حينئذ سبع، و في المثال الثاني لها من الاثنى عشر ثلاثة أخماسها، و هي سبعة و خمس، فالتفاوت

ج 39، ص: 290

حينئذ خمس، و في المثال الثالث أربعة من الاثنى عشر التي يستحق منها على الطريق الثاني أربعة إلا نصف الخمس فالتفاوت بنصف الخمس، كما أن التفاوت بثلث واحد في قسمة الأربعين بينهم على الطريقين.

و على كل حال فالوجه في هذا الطريق هو تخيل كون المراد من

قوله (عليه السلام)(1): «نصف عقل المرأة و نصف عقل الرجل»

فرضها ذكرا و فرضها أنثى في خصوص كل مورد، ثم تعطى نصف المجتمع على التقديرين، و ذلك يختلف باختلاف الموارد التي يشترك معها غيرها فيها بالنسبة إلى التركة المفروضة، إلا أن الانصاف كون الخبر ألصق بالطريق الأول الذي مرجعه إلى كون الخنثى باعتبار تعارض الأمارتين فيه نصف ذكر و نصف أنثى أي ثلاثة أرباع حصة الذكر أو حصة أنثى و نصف أنثى كما عرفت، و الله العالم.

و كيف كان فان اتفق معهم زوج أو زوجة صححت مسألة الخناثى و مشاركيهم أولا بأحد الطريقين دون الزوج أو الزوجة ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع في تصحيح الخنثى و مشاركه.

مثاله أن يجتمع ابن و بنت و خنثى و زوج، و قد عرفت أن سهام الخنثى و مشاركيه على الطريق الأول تسعة و على الثاني أربعون فتضرب مخرج سهم الزوج و هو أربعة لأنها أقل عدد يخرج منه الربع صحيحا في تسعة على الأول و في أربعين على الثاني فيكون ستة و ثلاثين على الأول و مائة و ستين على الثاني.

يعطى الزوج الربع تسعة على الأول و أربعين على الثاني و يبقى سبعة و عشرون على الأول و مائة و عشرون


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 291

على الثاني، فيقسمها على من عدا الزوج من الورثة ف يعطى كل من حصل لهم أولا سهم مضعفا ثلاثا أي ضربته في ثلاثة، فما اجتمع فهو نصيبه من الستة و ثلاثين على الأول و مائة و ستين على الثاني.

فللخنثى حينئذ على الأول من السبعة و العشرين تسعة، لأنها ثلاثة في ثلاثة، و للولد اثنا عشر، لأنها ثلاثة في أربعة، و للأنثى ستة، لأنها اثنان في ثلاثة، و للخنثى على الثاني تسعة و ثلاثون من المائة و ستين، لأنها ثلاثة عشر في ثلاثة، و للذكر أربعة و خمسون، لأنها ثلاثة في ثمانية عشر، و للأنثى سبعة و عشرون، لأنها تسعة في ثلاثة، و الله العالم.

و إن كان أبوان أو أحدهما مع خنثى فللأبوين السدسان تارة هي فرض الخنثى ذكرا و لهما الخمسان تارة أخرى هي فرض الخنثى أنثى، لأن لها النصف و هو ثلاثة من ستة، و لهما السدسان و هما اثنان منها، فيكون المجموع خمسة، فيبقى واحد يرد عليهم أخماسا فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين، للأبوين على تقدير الذكورة عشرة، و على تقدير الأنوثة اثنا عشر فرضا وردا فيكون المجموع اثنين و عشرين للأبوين (11) نصفها و هو أحد عشر و للخنثى (12) على تقدير ثمانية عشر و على آخر عشرون، فيكون المجموع ثمانية و ثلاثين نصفها لها تسعة عشر (13) هذا على الطريق الثاني.

أما على الطريق الأول الذي مرجعه إلى ميراث بنت و نصف ميراث أخرى فقد يقال: إنه لما كانت الفريضة من ثلاثين فللأبوين مع البنت الواحدة الخمسان: اثنا عشر من ثلاثين، و مع البنتين السدسان: عشرة و التفاوت اثنان، فالذي يزيد للخنثى على تقدير البنتين (البنتية خ ل) الزائدة اثنان، فزيادة نصف البنت بنصف الاثنين- و هو واحد- يضاف

ج 39، ص: 292

للثمانية عشر، يكون لها تسعة عشر، و للأبوين أحد عشر.

و هو معنى ما في الكشف من تقريره بأن «للخنثى فرضا خمسة عشر باعتبار كونها بنتا و للأبوين عشرة فرضا و لو كانت بنتا واحدة كانت الخمسة الباقية ترد عليهم أخماسا، فيكون لها ثلاثة أخماسها، و لو كانت بنتين كان لها مجموع الباقي أيضا فإن للبنتين الثلثين، فالذي يزيد لها بالبنتية الزائدة خمسا الباقي، نعطيها نصفهما، فيكون لها أربعة أخماس الباقي، و هي أربعة من ثلاثين نضيفها إلى النصف تكون تسعة عشر».

و لو كان أحد الأبوين مع خنثى فالفريضة من أربعة و عشرين، للأب خمسة، و الباقي للخنثى إن جعلنا له نصف نصيب ابن و نصف نصيب بنت، فإنها على الذكورة من ستة و على الأنوثة من أربعة، فضربنا وفق إحداهما في الأخرى بلغت اثنا عشر، للأب اثنان على الأول و ثلاثة على الثاني، و لها عشرة على الأول و تسعة على الثاني، و ليس للتسعة و لا للثلاثة نصف، فضربنا اثنين في اثني عشر، فللأب أربعة على تقدير و ستة على آخر أعطيناه خمسة، و للخنثى عشرون على تقدير و ثمانية عشر على آخر أعطيناه تسعة عشر.

بل هو كذلك على الطريق الآخر، فان للأب سهما من ستة مضروبا في اثنين وفق الأربعة، و سهما من أربعة مضروبا في ثلاثة وفق الستة، و ذلك خمسة، و للخنثى خمسة أسهم من ستة في اثنين و ثلاثة من أربعة في ثلاثة و ذلك تسعة عشر.

و لو كان مع الأبوين خنثيان فصاعدا كان للأبوين السدسان و الباقي للخنثيين فالفريضة حينئذ من ستة للأبوين سهمان و لكل خنثى سهمان على جميع التقادير إذ لا رد هنا فإنهما إن كانتا أنثيين كان لهما الثلثان، و إن كانا ذكرين أو ذكرا و أنثى كان لهما الباقي بلا فرض.

ج 39، ص: 293

و لو كان معهما أحد الأبوين فله تارة- و هي حالة كونهما ذكرين أو مختلفين- السدس، و تارة- و هي حال كونهما بنتين- الخمس و لذا كان الرد عليهم أخماسا و افتقرت إلى عدد يصح منه ذلك على التقديرين، فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين ثم اثنين في ثلاثين، فللأب تارة الخمس: اثنا عشر، و تارة السدس: عشر، فله نصفهما أحد عشر، أو تقول له سهم في ستة و سهم في خمسة تبلغ أحد عشر، و الباقي للخناثي بالسوية، لما عرفت من تساويهم للتساوي في الاحتمال.

و كيف كان ف العمل في سهم الخناثي من الاخوة من الأبوين أو الأب أو العمومة و أولادهم كما ذكرناه في الأولاد.

فلو فرضنا للميت جدا لأب و أخا له خنثى فعلى تقدير الذكورة بينهما نصفان، و على تقدير الأنوثة المال أثلاثا تضرب اثنين في ثلاثة تصير ستة، ثم تضرب اثنين في ستة فتبلغ اثني عشر، فللجد سبعة: نصف ستة و ثمانية و للخنثى خمسة: نصف ستة و أربعة، و لو كان مع الأخ الخنثى جدة فبالعكس.

أما الاخوة من الأم فلا حاجة في حسابهم إلى هذه الكلفة، لأن ذكرهم و أنثاهم سواء في الميراث، و كذا الأخوال و الخالات.

نعم في كون الآباء و الأجداد خناثى بعد، لأن الولادة تكشف عن حال الخنثى أنها ذكر إلا أن يبنى على ما روي عن شريح(1)في المرأة التي ولدت و أولدت

كما في الفقيه.

و ما في المسالك- من أنه «ليس في الرواية ذلك و إنما فيها أنها أولدت»

- نشأ من اقتصاره على ملاحظة رواية التهذيب(2)إياها و هي


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.

ج 39، ص: 294

فيه كذلك، لكن في

رواية الفقيه(1)«أنها ولدت و أولدت»

و حينئذ يتصور فيها كونها أبا خنثى و جدا كذلك مع فرض عدم العلامة المشخصة.

بل على هذه الرواية يشكل النسبة بين الولد منها و الولد ممن أولدتها بالاخوة، إذ هي أم لأحدهما أب لآخر، و يشترط في إضافة الإخوة اتحاد أحدهما بينهما و هو منفي هنا.

بل قال الشيخ في المحكي عن مبسوطة و لو كان الخنثى زوجا أو زوجة على ما روي في بعض الأخبار(2)كان له نصف ميراث الزوج و نصف ميراث الزوجة و مرجعه إلى ما ذكرناه من جواز كونها أبا و أما، لكن فيه أن المعلوم عدم جواز نكاح الخنثى المشكل، لأصالة حرمة الوطء.

و لو سلم الجواز فذلك إنما يتم مع الاشتباه، و ذلك بأن ينكح خنثى خنثى و صححنا العقد بينهما و ماتا متعاقبين و لم يقسم تركتهما و اشتبه الأمر علينا فلم يعلم أيهما الزوج و أيهما الزوجة، و مع ذلك ففي الحكم بإعطاء نصف النصيبين نظر، فان القريب إنما اضطرنا إلى ميراثه كذلك أن الواقع لم يكن يخلو عن إرثه، و هنا يحتمل كونهما ذكرين و أنثيين، و عليهما لا نكاح فلا إرث، و يندفع بفرض ولد بينهما لا يعلم أيهما أولده أو و إن علم على ما في الخبر.

و عن القاضي أنه قال: «و الخنثى إذا تزوج بخنثى على أن الواحد منهما رجل و الآخر امرأة من قبل أن يتبين أمرهما أوقف النكاح على أن يتبين، فان مات أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا».

قلت: و هو كذلك، لجواز فساد النكاح بذكورتهما أو أنوثتهما، و لا يخالف هذا ما سمعته من المبسوط بعد تنزيله على ما يعلم به انتفاء


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.

ج 39، ص: 295

الاحتمالين من وجود ولد بينهما.

و قد يحتمل كون مراد الشيخ أن الخنثى إذا كانت زوجا لامرأة معلومة أو زوجة لرجل كذلك بناء على صحة ذلك لها أو فرض لها صورة تصح على وجه تستحق الميراث كان ميراثها في الأول نصف ميراث زوج، و في الثاني نصف ميراث زوجة، لاحتمال الذكورة في الأول و الأنوثة في الثاني فتستحقه و احتمال

العكس فلا تستحق شيئا، فيراعى الاحتمالان و تعطى الميراث على حسبهما، و هو النصف، نحو المال المشتبه بين شخصين يدعي كل منهما أنه له، فيقسم بينهما نصفين، و الله العالم.

[مسائل ثمان]
اشاره

مسائل ثمان:

[المسألة الأولى من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء يورث بالقرعة]

الأولى:

من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء و لا غيرهما مما يتشخص به كل منهما كما نقل عن شخص وجد ليس في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا و ليس له قبل، و عن آخر ليس له إلا مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوط و منه يبول، و عن آخر ليس له مخرج لا قبل و لا دبر، و إنما يتقيأ ما يأكله و يشربه يورث بالقرعة عند المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة، بل عن السرائر و ظاهر الغنية و التنقيح الإجماع عليه.

ل

صحيح الفضيل(1)سأل الصادق (عليه السلام) عنه فقال:


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 2.

ج 39، ص: 296

«يقرع الإمام أو المقرع

يكتب على سهم عبد الله و يكتب على سهم آخر أمة الله (3)

ثم يقول الإمام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بين لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب، ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ثم يجال السهم على ما خرج و يرث عليه»

و هو صريح فيما سمعت و في أنه يستخرج بعد الدعاء، فما خرج عمل عليه.

و في

مرسل ثعلبة(1)عن الصادق (عليه السلام) لما سئل عن مولود ليس بذكر و لا أنثى ليس له إلا دبر كيف يورث؟ فقال:

«يجلس الامام و يجلس عنده ناس من المسلمين فيدعون الله و يجال السهم عليه على أي ميراث يورثه، أ ميراث الذكر أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج عليه ورثه، ثم قال: و أي قضية أعدل من قضية يجال عليها السهام، يقول الله تعالى فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(2)».

و لكن الظاهر استحباب الدعاء كما في الدروس و غيرها، خلافا لظاهر جماعة فالوجوب، و يمكن إرادة الجميع الاستحباب، ضرورة كون المقام كغيره من موارد القرعة، بل يقوى استحباب مطلق الدعاء و إن كان الأفضل المأثور.

و على كل حال فما عن ابني الجنيد و حمزة- من اعتبار البول، بل عن الشيخ في الاستبصار الميل إليه، فإن كان يبول على مباله فهو أنثى و إن كان ينحي البول فهو ذكر، ل

مرسل ابن بكير(3)عن أحدهما (عليهما السلام) «إن كان إذا بال فنحى بوله ورث ميراث الذكر،


1- 1 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 3.
2- 2 سورة الصافات: 37- الآية 141.
3- 3 الوسائل- الباب- 4- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 5.

ج 39، ص: 297

و إن كان لا ينحي بوله ورث ميراث الأنثى»

و عن الحسن (عليه السلام)(1)في جواب مسائل ملك الروم التي سئل عنها معاوية لعنه الله «ينتظر به الحلم، فان كان امرأة بأن ثدياها، و إن كان رجلا خرجت لحيته، و إلا قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل، و إن نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة»

- واضح الضعف لما عرفت.

على أن ذلك غير مطرد، فلا محيص عن الرجوع إليها، بل الظاهر عدم تمييزها بذلك هنا بعد فرض عدم مخرج له غير الثقب الذي يمكن أن يكون صاحبه أنثى و إن تنحى بوله، لأن عدم تنحيه في ذات الفرج لا يقتضي مساواته لبولها في الخارج من الثقب، كما أنه يمكن أن يكون ذكرا و إن لم يتنح، لعدم القصبة له المقتضية لتنحيه، و المرسلان لم نتحققهما مع إمكان تنزيلهما على ما إذا أمكن حصول الطمأنينة بتشخيص حاله بذلك، إذ قد عرفت أن محل القرعة غير المتميز كما هو ظاهر النص و الفتوى و صريح المحكي في الاستبصار، و الله العالم.

[المسألة الثانية من له رأسان و بدنان على حقو واحد يوقظ أحدهما فإن انتبها فهما واحد، و إن انتبه أحدهما فهما اثنان]

المسألة الثانية:

من له رأسان و بدنان على حقو واحد كما عن أبي جميلة أنه رأى بفارس امرأة لها رأسان و صدران في حقو واحد متزوجة تغار هذه على هذه و هذه على هذه، و عن غيره أنه رأى رجلا كذلك و كانا حائكين يعملان جميعا على حقو واحد، و حكمه أنه يوقظ أحدهما فإن انتبها فهما واحد، و إن انتبه أحدهما فهما اثنان.


1- 1 الخصال- ج 2 ص 57 ط حجر« باب عشرة أشياء بعضها أشد من بعض» مع اختلاف يسير.

ج 39، ص: 298

ل

قول الصادق (عليه السلام) في خبر حريز(1): «ولد على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) مولود له رأسان و صدران في حقو واحد فسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) يورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال:

يترك حتى ينام ثم يصاح به فان انتبها جميعا معا كان له ميراث واحد، و إن انتبه واحد و بقي الآخر نائما فإنما يورث ميراث اثنين»

و هو و إن كان ضعيفا إلا أنه منجبر بالعمل به من غير خلاف، كما اعترف به في كشف اللثام و غيره.

و لا ينافيه قوله تعالى(2)«ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ» إلى آخرها لجواز أن يراد قلبين متضادين يحب بأحدهما شيئا و يكرهه بالآخر، أو يحب قوما بأحدهما و بالآخر اعداءهم. و لذا قال الشيخ (رحمه الله) في المحكي من تبيانه: «ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حي واحد، إنما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيين».

و كيف كان ففي اختصاص الحكم المزبور بالميراث أو عمومه لغيره مطلقا أو في بعض دون بعض أوجه، قال في القواعد بعد أن ذكر الميراث:

«و كذا التفصيل في الشهادة و الحجب، و أما التكليف فاثنان فيه مطلقا و في النكاح واحد، و لا قصاص على أحدهما و إن تعمد مطلقا، و لو تشاركا في الجناية ففي الرد مع الانتباه لا دفعة إشكال، و مع الانتباه دفعة أشكل».

و فيه أن إلحاق خصوص الشهادة و الحجب بالميراث دون غيرهما أشد إشكالا من ذلك، و الذي يقوى في النظر مراعاة العلامة المزبورة في تشخيص الاتحاد و التعدد في الجميع، بل يقوى مراعاة غيرها أيضا، فلو فقد الجميع أو تعارضت استخرج اتحاده و تعدده بالقرعة التي هي لكل


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 1.
2- 2 سورة الأحزاب: 33- الآية 4.

ج 39، ص: 299

أمر مشكل أو بني على ظهور التعدد.

و في كشف اللثام في شرح قوله في القواعد: «أما التكليف فاثنان مطلقا». «أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعا، و في الصلاة مثلا أن يصليا، فلا يجزئ فعل أحدهما عن فعل الآخر ليحصل يقين الخروج عن العهدة، و هل يجوز صلاة أحدهما منفردا عن الآخر أو يكفيه في الطهارة غسل أعضائه خاصة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالاشتباه، فان اتحدا لم يجز من باب المقدمة، و وجوب الاجتماع مطلقا، لقيام الاحتمال و ضعف الخبر و اختصاصه بالإرث- ثم علل الوحدة في النكاح باتحاد الحقو و ما تحته- و إن كان أنثى فيجوز لمن يتزوجها أن يتزوج ثلاثا آخر، لكن لا بد في العقد من رضاهما و إيجابهما أو قبولهما».

و لا يخفى عليك ما في الجميع، بل و ما في إشكال القواعد بعد ما عرفت من ظهور الخبر في اطراد العلامة المزبورة في جميع ذلك، نعم يتفرع على تعددهما- حيث يحصل بالعلامة المذكورة أو غيرها بناء على إلحاقه بها في ذلك-

أحكام كثيرة: منها: اختصاص حكم نقض الحدث الأصغر بنوم و نحوه مما يحصل بالأعالي، بل و الأكبر كمس الميت، فمن حصل منه دون الآخر اختص بالأمر بالطهارة.

بل لا يبعد جريان حكم المتطهر و المحدث في العضو المشترك بالنسبة إلى استعمال كل منهما، و ربما احتمل انتقاض الوضوء من الآخر أيضا باعتبار كون الحدث تعلق بتمام البدن و من جملته بعض أعضاء الوضوء المشتركة بينهما، و الوضوء لا يتبعض و انتقاضه في خصوص العوالي- و أما الأسافل فيجوز لكل منهما مماسة الكتاب به، إلا أنه كما ترى، بل لعل احتمال بقاء حكم الوضوء في المشترك بينهما من الأسافل أولى من ذلك و إن كان هو ضعيفا أيضا، و الأقوى ما عرفت.

ج 39، ص: 300

و الظاهر أنه ليس لأحدهما منع الآخر من الوضوء أو غيره من المقاصد المحتاجة إلى الحركة و إلى استعمال المشترك بينهما.

لكن في كشف الأستاد «لو أراد أحدهما الحركة إلى الوضوء هل له إجباره بنفسه، أو مع الرجوع إلى الحاكم، أو لا، بل ينتقل فرضه إلى التيمم مع حصول ما يتيمم به، فان احتاج إلى الحركة أيضا فأبى عليه احتمل فيه الإجبار؛ و سقوط الصلاة لفقد الطهورين- بل قال: لو أراد أحدهما المسح على القدمين المشتركين فأبى عليه الآخر احتمل الإجبار و الاكتفاء بالأعالي كالمقطوع، و الرجوع إلى التيمم لاختصاصه بالعوالي».

و هو غريب، ضرورة عدم الاشتراك بينهما على حد شركة المال، و إنما هي شركة في الاستعمال بمعنى تسخير الله هذا العضو لكل منهما في مقاصده و فيما يراد منه، على أن أوامر الوضوء مثلا كافية في جواز مسحه و حركته من غير اذن صاحبه، كما هو واضح.

و أما الحدث الأصغر و الأكبر مما يحصل بالأسافل فالظاهر اختصاص كل منهما بحكمه أيضا مع فرض استقلالهما بالاختيار منه، بأن يكون لكل واحد منهما مجمع بول و غائط و مني مستقل عن الآخر، و إنما شركتهما في محل خروجه، فحينئذ يتبع حكم كل حدث صاحبه.

و لو فرض اشتراكهما في مجمع الأمور المذكورة على وجه لا يكون لأحدهما استقلال عن الآخر بل ليس لهما إلا بول واحد و مني واحد أمكن جعل ذلك من علامات الاتحاد، فيحكم عليهما بأنهما واحد، كما هو واضح.

و منها أن لو كان أحدهما فقط كافرا فهل ينجس محل الاشتراك، فلا يطهر تغليبا للكفر، أو يطهر تغليبا للإسلام؟ و على الأول هل يسقط التكليف بالطهارة لبطلان التبعيض، أو ينزل منزلة المقطوع أو يلزم التيمم؟ و على القول بتغليب الإسلام يتعين الارتماس بالمعصوم، لعدم

ج 39، ص: 301

إمكان التحفظ من تنجس الماء أو يلحق بالسابق؟

و منها ما في كشف الأستاد «أنه لو كان أحدهما كافرا حربيا جاز لصاحبه استرقاقه إن تمكن من قهره، و لو قهره آخر ملكه، و تقسم الأجرة الحاصلة على وفق العمل، فإذا عمل أحدهما بيديه و رجليه أو بيد و رجل كان له ثلاثة أرباع، و للآخر الربع أو بيدين و رجل كان له خمسة أسداس و للآخر السدس، و إن عمل بإحدى يديه و كلتي رجليه كان له ثلثان، و للآخر الثلث، كل ذلك مع تساوي اليد و الرجل في العمل، و لو كان الاسترقاق لأكثر من واحد قسموا معه و اقتسموا بينهم، و لكل من استرقه بيعه و إيجاره و نحو ذلك».

و فيه ما عرفت من عدم الشركة بينهم في الرجلين على حد شركة المال، بل فعل كل منهم يستند إلى صاحبه لا يشاركه الآخر فيه إلى غير ذلك من الفروع الكثيرة العامة لجميع أبواب الفقه التي لا يخفى عليك الحال فيها بعد الإحاطة بما سمعت.

[المسألة الثالثة الحمل يورث إن ولد حيا]

المسألة الثالثة:

الحمل يورث إن ولد حيا بلا خلاف و لا إشكال و كذا لو سقط بجناية أو غير جناية فتحرك حركة الأحياء لا حركة التقلص.

و لو خرج نصفه مثلا حيا و الباقي ميتا أي أنه مات قبل تمام ولادته لم يرث لانتفاء شرط الإرث.

و كذا عند الشيخ و من تبعه لو تحرك حركة لا تدل

ج 39، ص: 302

على استقرار الحياة كحركة المذبوح، و لكن

في رواية ربعي(1)عن أبي جعفر (عليه السلام) «إذا تحرك تحركا بينا يرث و يورث»

و كذا في رواية أبي بصير(2)عن أبي عبد الله (عليه السلام) و هو أعم من استقرار الحياة، اللهم إلا أن يراد بالبين ذلك، إلا أنه كما ترى، نعم قد يدعى الشك في تناول الأدلة لمثل المولود مضطربا اضطراب خروج الروح، مع أنه ممنوع أيضا.

و على كل حال لا يشترط كونه حيا عند موت المورث حتى أنه لو ولد ل دون ستة أشهر من موت الواطئ بلحظة ورث و إن كان هو حاله نطفة أو علقة، و كذا يرث لو ولد لتسعة أشهر و لكن إذا لم تتزوج الأم و إلا لم يعلم كونه من الميت بخلافه في الأول، لأصل عدم وطء غيره و لو شبهة كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا، بل تقدم أيضا ما يعلم منه الحال في.

[المسألة الرابعة إذا ترك أبوين أو أحدهما و زوجا أو زوجة و ترك حملا أعطي ذووا الفروض نصيبهم الأدنى]

المسألة الرابعة: (11) و هي إذا ترك (12) الميت أبوين أو أحدهما و زوجا أو زوجة و ترك حملا أعطي ذووا الفروض نصيبهم الأدنى (13) الذي يستحقونه على كل من تقديري ذكورة الحمل و أنوثته و اتحاده و تعدده و احتبس الباقي، فإن سقط ميتا أكمل لكل منهم نصيبه (14) و إلا كان له ما يستحقه تمام المحبوس أو بعضه، بل و


1- 1 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 4 عن أبي عبد الله عليه السلام.
2- 2 الوسائل- الباب- 7- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.

ج 39، ص: 303

[الخامسة لو كان للميت ابن موجود و حمل أعطي الموجود الثلث]

الخامسة و هي قال الشيخ: لو كان للميت ابن موجود و حمل أعطي الموجود الثلث و وقف للحمل ثلثان، لأنه الأغلب في الكثرة و ما زاد نادر لا يحتاط له، خصوصا ما زاد على الأربعة، فإنه قد نقل عن امرأة في نواحي الشامات أنها ولدت أربعين ولدا ذكرا في كيس واحد، كان قدر كل واحد منهم مثل فرخ الهرة و كلهم عاشوا و لو كان الموجود أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين الحمل، و هو حسن بل و

[السادسة دية الجنين يرثها أبواه أو من يدلي بهما جميعا أو بالأب بالنسب و السبب]

السادسة: و هي دية الجنين يرثها أبواه أو من يدلي بهما جميعا أو بالأب بالنسب و السبب كالولاء، فإنه قد تقدم الكلام في وارث الدية التي منها هذه، نعم لم يتقدم ذكر

[المسألة السابعة إذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض]

السابعة و هي إذا تعارف اثنان كاملان فصاعدا ورث بعضهم من بعض، و لا يكلفان أو أحدهما البينة بلا خلاف فيه بيننا، بل

ج 39، ص: 304

و لا إشكال بعد

عموم «إقرار العقلاء»(1)

و انحصار الحق فيهما، و خصوص المعتبرة المستفيضة، ك

صحيح عبد الرحمن(2)سأل الصادق (عليه السلام) «عن المرأة تسبى من أرضها و معها الولد الصغير فتقول: هو ابني، و الرجل يسبى فيلقى أخاه فيقول: أخي و يتعارفان، و ليس لهما على ذلك بينة إلا قولهما، فقال: ما يقول من قبلكم؟ قلت: لا يورثونهم، لأنهم لم يكن لهم على ذلك بينة، إنما كانت ولادة في الشرك، فقال: سبحان الله إذا جاءت بابنها أو بنتها معها لم تزل مقرة به و إذا عرف أخاه

و كان ذلك في صحة من عقولهما لا يزالان مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض»

و غيره.

بل هو دال على قبول إقرار الأم بالصغير، و قد ذكروا ذلك في باب الإقرار للأب خاصة معللين له بإمكان إقامة الأم البينة على ولادتها له دونه، اللهم إلا أن يحمل كلامهم السابق هناك على إرادة عدم قبوله في الإلحاق بالنسب على وجه يتعدى منها إلى غيرها، و الصحيح على خصوص التوارث لا اللحوق بالنسب، لكنه كما ترى.

و على كل حال فالظاهر عدم تعدي إقرار المتعارفين إلى غيرهما من ذوي أنسابهما إلا بالتصادق، لعدم ثبوت النسب بالإقرار المزبور، بل أقصاه ثبوت حكمه بالنسبة إلى المقر خاصة من غير فرق في ذلك بين الولد و الأخ و غيرهما، كما اعترف به في محكي المبسوط، قال: «لا يتعدى


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من كتاب الإقرار- الحديث 2 و المستدرك- الباب- 2 منه- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 9- من أبواب ميراث ولد الملاعنة- الحديث 1 مع الاختلاف في اللفظ، و ذكره بعينه في الكافي ج 7 ص 166.

ج 39، ص: 305

حكم التوارث إلى أولاد المتصادقين و لا غيرهما من ذوي النسب إلا بالتصادق بينهم على ذلك».

بل مقتضاه عدم الفرق في الأولاد بين الصغار و الكبار، بل و بين الموجود منهم قبل التعارف و ما يتجدد لهما بعده، فتأمل جيدا.

و لو تصادقا بعد الإقرار على الإنكار فالظاهر اعتباره أيضا، لانحصار الحق فيهما و لو أنكر أحدهما خاصة لم يسمع منه بعد إقراره كما أنهما لو كانا معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما المعلوم فساده، أما لو كانا معروفين على وجه لم يعلم منه بطلان الإقرار أمكن القول بصحته حملا لقول المسلم عليها مع إمكانه، فتأمل جيدا. و أما

[المسألة الثامنة المفقود يتربص بماله]

المسألة الثامنة فقد تقدم الكلام فيها مفصلا أيضا، و هي أن المفقود على وجه لم يعلم خبره يتربص بماله، و في قدر التربص أقوال: قيل:

أربع سنين، و هي رواية عثمان بن عيسى عن سماعة(1)عن أبي عبد الله (عليه السلام) و في الرواية ضعف و قصور عن مقاومة غيرها.

و قيل: تباع داره بعد عشر سنين، و هو اختيار المفيد (رحمه الله) و هي رواية علي بن مهزيار(2)عن أبي جعفر (عليه السلام) في بيع قطعة من داره، و الاستدلال بمثل هذه الرواية تعسف لما عرفت.

و قال الشيخ: إن دفع إلى الحاضرين و كفلوا به جاز.

و في رواية إسحاق بن عمار(3)عن أبي عبد الله (عليه السلام)


1- 1 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 9.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 7.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الخنثى- الحديث 8.

ج 39، ص: 306

إذا كان الورثة ملاء اقتسموا فان جاء ردوه عليه، و في إسحاق بن عمار قول، و في طريقها سهل بن زياد، و هو ضعيف.

و قال في الخلاف: لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة، و هذا أولى و أقوى كما عرفته مفصلا.

[الفصل الثالث في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم]

الثالث في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم و هؤلاء يرث بعضهم من بعض بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، و النصوص به مستفيضة أو متواترة(1)و بذلك يخرج عما يقتضي عدمه من قاعدة كون الشك في الشرط شكا في المشروط ضرورة اشتراط إرث كل واحد منهما من الآخر بحياته بعد موت الآخر و هي غير معلومة، بل ربما كان مقتضى الأصول تقارن موتهما، و من المعلوم سقوط الإرث معه، و إن كان التحقيق نفيه بالأصل أيضا، إذ هو من الحادث المسبوق بالعدم الذي إذا لوحظ اقتضى التعاقب، كما أنه إذا لوحظ ما يقتضي عدم تأخر أحدهما عن الآخر اقتضى الاقتران الذي هو لازم المنفي بالأصل.

و احتمال جريان التوارث بينهما على قاعدة العمل بالأصلين مع إمكانه و لو لمكلفين- نحو واجدي المني في الثوب المشترك، و نحو التمسك بهما


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم

ج 39، ص: 307

في كل من الإناءين لمكلفين على القول به، و نحو الحكم بطهارة الماء و نجاسة الصيد فيه و غير ذلك- يدفعه وضوح كون المقام من غير ذلك كله بعد تسليم الحكم في المقيس عليه.

و من هنا اقتصر المشهور كما ستعرف في الحكم المزبور على خصوص الغرقى و المهدوم عليهم دون غيرهم و لو كان الموت بسبب كالحرق و القتل و نحوه، فضلا عما لم يكن بسبب كالموت حتف الأنف.

و كيف كان فالحكم لا إشكال فيه في المقام لكن بشروط: الأول إذا كان لهم أو لأحدهم مال. و الثاني إذا كانوا يتوارثون و الثالث إذا اشتبهت الحال في تقدم موت بعض على بعض أو اقترانه.

أما الأول فوجهه واضح، ضرورة انتفاء الموضوع معه، بل لذلك لا ينبغي ذكره شرطا.

و أما الثاني فكذلك إذا لم يكن بينهما إرث أصلا و لو من جانب، نعم إذا كان ذلك من جانب واحد فلعل الوجه فيه ما قد عرفت من كون الحكم على خلاف الأصل، فيقتصر فيه على المتيقن من النص و الفتوى، و هو ما إذا كان بينهما توارث من الجانبين، لكن عن المحقق الطوسي (رحمه الله) أنه قال قوم بالتوريث من الطرف الممكن، ثم قال:

و الأقرب الأول، و يمكن أن يستدل عليه بالإجماع و غيره.

و أما الثالث ففي الوضوح كالأول.

و حينئذ ف قد ظهر لك أنه لو لم يكن لهم مال أو لم يكن بينهم موارثة أو كان أحدهما يرث دون صاحبه كأخوين لأحدهما ولد سقط هذا الحكم.

و كذا لو كان الموت لا عن سبب بل كان حتف الأنف، و هو الشرط الرابع بلا خلاف محقق أجده فيه، بل حكي غير واحد

ج 39، ص: 308

الاتفاق عليه، مضافا إلى

خبر القداح(1)عن الباقر (عليه السلام) «ماتت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) و ابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدري أيهما هلك قبل فلم يورث أحدهما من الآخر، و صلى عليهما جميعا».

لكن عن النهاية و المبسوط و السرائر و المهذب تعليل الحكم المزبور بأن التوارث إنما يجوز فيما يشتبه فيه الحال، فيجوز تقدم كل منهما على الآخر لا فيما علم الاقتران، و هو مؤذن بقصر نفي التوارث في الموت حتف الأنف على اقترانهما، بل عن أبي علي و أبي الصلاح التصريح بذلك بل قيل: إنه ظاهر كثير من الأصحاب، و إن كنا لم نتحققه، و على تقديره ففيه ما عرفت، مضافا إلى حرمة القياس، إذ لا علة منصوصة يؤخذ بها و لا تنقيح مناط بإجماع و نحوه، بل لعله على عدمه ظاهر أو معلوم.

و كذا لا توارث لو كان الموت لسبب هو الغرق أو الهدم فضلا عن غيرهما و لكن علم اقتران موتهما أو تقدم أحدهما بخصوصه على الآخر أو ظن على وجه يقوم مقام العلم، بل ينتفي الإرث مطلقا أو عن المتقدم خاصة و هو واضح.

نعم في ثبوت هذا الحكم أي حكم الغرقى إذا كان الموت ب سبب إلا أنه غير سبب الهدم و الغرق كالحرق و القتل في معركة و نحو ذلك مما يحصل معه الاشتباه المزبور تردد و خلاف ف كلام الشيخ (رحمه الله) في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه بل قيل: إنه صريحها و صريح أبي علي و أبي الصلاح و ابني حمزة و سعيد و المحقق الطوسي و ظاهر المبسوط و السرائر و المراسم و المهذب


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.

ج 39، ص: 309

للاشتراك في الاشتباه الذي هو العلة.

و الأكثر كما في الروضة و المسالك على عدم الاطراد، بل عن الكفاية نسبته إلى الأصحاب، و هو الأقوى اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن بعد عدم العلم،

بل و الظن المعتبر بكون العلة الاشتباه و العلم بحرمة القياس مضافا إلى ما روي(1)أن قتلي اليمامة و صفين و الحرة لم يورث بعضهم من بعض.

و من الغريب ما في الرياض هنا من الميل إلى الأول محتجا عليه «بقوة احتمال كون العلة المحتج بها قطيعة منقحة بطريق الاعتبار لا مستنبطة بطريق المظنة لتلحق بالقياس المحرم في الشريعة و يعضده وقوع التعدية عن مورد النصوص المخصصة للقاعدة كثيرا لأخصيتها من المدعى كذلك، كما لا يخفى و الإجماع و إن كان هو المستند في ذلك إلا أنه لا ينافي الاعتضاد و يشير إلى قوة الاحتمال بل و يعينه فهم الراوي فيما تقدم من الصحيحين من حكمه (عليه السلام) في المهدوم عليهم ثبوته في الغرقى، و لذا بعد سماعة الحكم منه (عليه السلام) في المهدوم عليهم اعترض على أبي حنيفة فيما حكم به في الغرقى من دون تربص و تزلزل، بحيث يظهر منه أنه فهم كون العلة هو الاشتباه و إلا فلم يتقدم للغرقى ذكر سابقا لا سؤالا و لا جوابا، و المعصوم (عليه السلام) أقره على فهمه غير معترض عليه بالقياس، و أنك لم استشعرت من حكمي في المهدوم الاعتراض على أبي حنيفة في الغرقى. فهذا القول في غاية القوة و نهاية المتانة لو لا الشهرة العظيمة التي كادت تكون من المتأخرين إجماعا و ما في الإيضاح من أنه

«قد روي(2)«أن قتلي اليمامة و قتلي صفين لم يرث بعضهم من بعض بل


1- 1 روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد- ج 4 ص 277.
2- 2 روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد- ج 4 ص 277.

ج 39، ص: 310

ورثوا الأحياء قال: فان صحت الرواية فهي حجة قوية».

ثم قال: «و يكفي لنا في الاحتجاج بها انجبارها بالشهرة و إن لم تكن بحسب السند صحيحة، و يضعف الاعتضاد بوقوع التعدية بعدم وقوعها في الموت من غير سبب كما يأتي، و الإجماع و غيره و إن كانا مستنديه إلا أنهما دالان على عدم كون العلة الاشتباه المطلق، بل المقيد بشي ء، و هو كما يحتمل خصوصية الموت بالسبب مطلقا كذا يحتمل خصوصيته به مقيدا بالهدم و الغرق خاصة، و التقييد فيه و إن كان زائدا يوجب مرجوحيته بالإضافة إلى الاحتمال الأول إلا أن المقصود من معارضة الاحتمال به و ذكرها بعد الإجماع على التقييد بعد دعوى تنقيح المناط القطعي، إذ هي على تقدير تسليمها إنما تصح في الاشتباه المطلق و

لو في الموت من غير سبب، فإنه هو الذي يترائى في الاعتبار و النظر كونه هو العلة و المناط في مورد النص دون الاشتباه المقيد. و بالجملة فالمسألة عند العبد محل توقف و إن كان المصير إلى ما عليه الأكثر لا يخلو من قرب».

إذ هو كما ترى من غرائب الكلام، فإن قوة احتمال كون العلة قطعية لا يكاد يتصور لها معنى محصل. نعم إن تم ما ترائي له من كون العلة الاشتباه المطلق كما لعله الظاهر من أسئلة النصوص المشتملة على ذكر الغرق أو الوقوع المفرع عليه فيها عدم العلم بموت السابق كان هو المدار و إلا فلا، و لعل الأقوى الأخير.

على أن احتمال القطع أو ظنه على فرض تصوره غير مجد في الخروج عن حرمة القياس، و ليتنا فهمنا العلة القطعية المنقحة بطريق الاعتبار من المستنبطة بطريق المظنة على وجه يفيد.

و التعدية التي أشار إليها مع فرض عدم اندراجها في الموجود من النصوص إن حصل عليها إجماع أو غيره من الأدلة المعتبرة قلنا بها، و إلا

ج 39، ص: 311

فلا حتى الغرق في الماء المضاف فضلا عنه في قير أو طين أو نفط أو بالوعة أو نحو ذلك و هدم جبل فضلا عن انكسار شجرة و وقوع بيت شعر و خيمة و نحوها، بل إن لم يحصل إجماع أو نحوه أشكل تعدية حكم الغرقى و المهدوم عليهم إليهم حال العلم ببعض أحوالهم، كما إذا علم عدم اقتران موتهم و لكن اشتبه خصوص التقدم و التأخر، ضرورة كون مورد الأدلة الأول و إن كان العلم بذلك مؤكدا لاشتباه التوارث.

أما لو علم غرقهم و لكن كان مع الفصل بزمان طويل و لكن لم نعلم السابق من اللاحق فالظاهر عدم جريان حكم الغرقى عليهم، بل قد يشكل فيمن أصابهم الغرق دفعة بانكسار سفينة و نحوها و لكن ترتب زمان موتهم و هلاكهم إلا أنا لم نعلم السابق من اللاحق و نحو ذلك مما يقوي فيه احتمال القرعة، كقوته في الموت حتف الأنف و الموت بسبب غير سبب الغرق و الهدم مع العلم بتقدم أحدهما على الآخر من غير تعيين للقطع بوارثية أحدهما و اشتباهه، و هو محل القرعة، و قد يحتمل حينئذ سقوط التوارث في ذلك للشك في الشرط بالنسبة إلى كل منهما، بل لعل الظاهر من خبر القداح(1)أن ذلك هو المدار في سقوط الإرث، لكن الأقوى الأول.

نعم هو كذلك مع احتمال الاقتران في غير سبب الغرق و الهدم، كما عرفته سابقا، و حينئذ فلو احترقت امرأة و ابنها مثلا و لم يعلم حال موتهما سقط التوارث بينهما لما عرفت، فلو كان لها زوج و أب و أم مثلا كان للزوج نصيبه الأعلى و هو النصف، و النصف الآخر لهما، لعدم ثبوت حجب الولد هنا بعد معلومية اشتراط حجبه ببقائه بعدها و الفرض عدم العلم بذلك، و لذا قلنا بعدم إرثه لها، و لا ينافيه عدم العلم بموته قبلها،


1- 1 الوسائل- الباب- 5- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.

ج 39، ص: 312

بل و لا بالمقارنة بناء على عدم اعتبار حجية الأصلين في إثباتها، لأن الحجب مشروط بما عرفت، لا عدمه أيضا إن كان يمكن دعواه أيضا فيتجه حينئذ الحكم بثبوت الأقل و هو الربع و منع الزائد بالأصل، إلا أن الأقوى خلافه، خصوصا بعد أن ذكر المصنف كون الولد حاجبا كالاخوة، على أن الظاهر كون الولد يحجب الزوج مثلا عن النصف إلى الربع بمعنى أنه يرث فيحجب بإرثه، و الفرض بناء المسألة على عدم إرثه باعتبار عدم تحقق مقتضى الإرث فيه، و من هنا اتجه عدم حجبه هنا و إن قلنا بحجب القاتل و الرق و الكافر، و الله العالم.

و كيف كان ف إذا ثبت هذا ف لا إشكال في أنه مع حصول الشرائط التي أشرنا إليها يورث بعضهم من بعض بمعنى يفرض كل منهما حيا بعد موت الآخر عملا بالاحتمالين بعد فقد الترجيح في أحدهما.

قال عبد الرحمن بن الحجاج(1)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيهما مات قبل صاحبه؟ قال: يورث بعضهم من بعض، كذلك هو في كتاب علي (عليه السلام)».

و سأله (عليه السلام) أيضا مرة أخرى(2)«عن القوم يغرقون أو يقع عليهم البيت، قال: يورث بعضهم من بعض».

و في

خبر الفضل بن عبد الملك(3)عنه (عليه السلام) أيضا


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 3.
3- 3 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 4. و قد رواه في الوسائل بعد صحيحة عبد الرحمن الثانية و فيه « في امرأة و زوجها سقط عليهما بيت مثل ذلك» و كذلك التهذيب ج 9 ص 360 الرقم 1285 و ما نسبه قده إلى خبر الفضل فهو من لفظ مرسل أبان الذي يرويه في الوسائل بعد خبر الفضل و في صدره« عن قوم سقط عليهم سقف».

ج 39، ص: 313

«في امرأتين سقط عليهما سقف كيف مواريثهم؟ فقال: يورث بعضهم من بعض».

و قال الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن قيس(1): «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل و امرأة انهدم عليهما بيت فماتا و لا يدري أيهما مات قبل؟ فقال: يرث كل واحد منهما زوجه كما فرض الله لورثتهما»

إلى غير ذلك من النصوص التي كادت تكون متواترة.

فلو كان لأحدهما مال دون الآخر انتقل المال إلى من ليس له مال ثم منه إلى ورثته،

قال عبد الرحمن(2)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أيضا عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدري أيهم مات قبل؟ فقال يورث بعضهم من بعض، قلت: فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا، قال:

و ما أدخل؟ قلت: رجلين أخوين أحدهما مولاي و الآخر مولى لرجل لأحدهما مائة ألف و الآخر ليس له شي ء ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا كان المال لورثة الذي ليس له شي ء، و لم يكن لورثة الذي له المال شي ء، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لقد سمعها، و هو هكذا»

و مثله خبراه الآخران(3)هذا كله مع جهل تأريخ موت أحدهما.

أما مع علمه فالظاهر خروجه عن مورد النصوص المزبورة، بل يحكم بكون الإرث لمجهولهما بناء على الحكم بتأخره، أو سقوط التوارث في غير الغرقى و المهدوم عليهم، و التوارث فيهما بناء على عدمه، بل


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم الحديث 1.
3- 3 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2 بطريقين.

ج 39، ص: 314

قد يدعى اندراجه في الأدلة، و لعله الأقوى.

و على كل حال فلا إشكال في أصل الحكم، نعم الظاهر أنه لا يورث الثاني مما ورث ه منه أو من غيره الأول، بل يختص الإرث فيما بينهم في صلب المال و تالده دون طارفه الذي حصل لهم بالإرث، ل

مرسل حمران بن أعين(1)عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «في قوم غرقوا جميعا أهل بيت واحد، قال: يورث هؤلاء من هؤلاء و هؤلاء من هؤلاء، و لا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا، و لا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا».

و في

صحيح محمد بن مسلم(2)عن أبي جعفر (عليه السلام) «في رجل سقط عليه و على امرأته بيت قال: تورث المرأة من الرجل و يورث الرجل من المرأة، معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم لا يورثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا»

و إن كان لم يعلم كون ذلك من الباقر (عليه السلام) إلا أنه على كل حال فيه تأييد.

لكن و مع ذلك كله قال المفيد (رحمه الله) و سلار:

يرث مما ورث منه لإطلاق الأدلة و لعدم الفائدة في تقديم الأضعف لو لا ذلك.

و لا ريب في أن الأول أصح، لأنه إنما يفرض الممكن و التوريث مما ورث منه يستدعي الحياة بعد فرض الموت في موضوع واحد من جهة واحدة و هو غير ممكن عادة.

قيل: و لا يشكل ذلك بالتوارث بينهما، ضرورة كون ذلك من فرض الحياة و الموت في كل واحد منهما لا فرضهما معا في واحد مخصوص


1- 1 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.

ج 39، ص: 315

و من فرض الموت من حيث إنه يورث و الحياة من حيث إنه يرث، و إن كان هو كما ترى، إلا أنا في غنية عنه كالغنية عن مناقشة المفيد (رحمه الله) باستلزام التسلسل التي يمكن منعها بالاختصاص في إرث الثاني لا كل منهما.

و على كل حال فالمتجه الأول لما قدمناه، مضافا إلى ما سمعته فيما روي في الصحيح(1)و غيره(2)من أنه لو كان لأحدهم خاصة مال صار المال لمن لا مال له فإنه دال على المطلوب أيضا، بناء على عدم اختصاص خلاف المفيد (رحمه الله) في الأضعف خاصة. و حينئذ فيجب الخروج عن الإطلاق ببعض ما عرفت فضلا عن جميعه بعد تسليم تناوله لمثل ذلك.

و أما الثاني ففيه منع اعتبار ظهور الفائدة كأكثر الأحكام الشرعية المبنية على مصالح خفية.

على أن في وجوب تقديم الأضعف في التوريث ترددا و خلافا قال في الإيجاز و محكي الإصباح و القطب علي بن مسعود و الغنية و ظاهر الكافي لا يجب للأصل و غيره و قال في محكي المقنعة و النهاية و السرائر و الوسيلة و التبصرة و اللمعة و تعليق الفقيه: يجب التقديم و في المبسوط (11) يجب ذلك لكن لا يتغير به حكم غير أنا نتبع الأثر في ذلك.

(12) و هو

خبر الفضل بن عبد الملك(3)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في امرأة و زوجها سقط عليهما بيت، فقال: يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة»

و عبيد بن زرارة(4)«سألت أبا عبد الله


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2.
3- 3 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 1.
4- 4 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2.

ج 39، ص: 316

(عليه السلام) عن رجل سقط عليه و على امرأته بيت، فقال: يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة»

و صحيح محمد بن مسلم(1)عن أحدهما (عليهما السلام).

إلا أن الجميع في خصوص الزوج و الزوجة، و يحتمل فيه الترتيب الذكري، نحو قوله تعالى(2)«لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى و «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ»(3)و غير ذلك مما ورد في الشعر و النثر، و من هنا حمله بعضهم على الندب و الأمر سهل بعد ما عرفت من عدم تغيير الحكم به عندنا.

نعم على قول المفيد (رحمه الله) بارث الثاني مما ورثه الأول تظهر فائدة التقديم ضرورة ترتب الزيادة و النقصان عليه و لكن قد عرفت أن ما ذكره في الإيجاز أشبه بالصواب و بأصول المذهب و قواعده، بل لو ثبت الوجوب كان تعبدا صرفا لا يترتب ثمرة عليه، لما عرفت من إرث كل منهما التالد من المال دون طارفه.

و حينئذ فلو غرق زوج و زوجة فرض موت الزوج أولا و تعطى الزوجة ثمنها أو ربعها ثم يفرض موت الزوجة و يعطى الزوج نصيبه الربع أو النصف من تركتها الأصلية على المختار لا مما ورثته أيضا خلافا للمفيد (رحمه الله) فيعطى منه حينئذ النصف أو الربع أيضا و كذا لو غرق أب و ابن يورث الأب ثم يورث الابن.


1- 1 أشار إليه في الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم- الحديث 2 و كذلك في التهذيب- ج 9 ص 359- الرقم 1282.
2- 2 سورة طه: 20- الآية 82.
3- 3 سورة الأعراف: 7- الآية 54 و سورة يونس: 10- الآية 3.

ج 39، ص: 317

ثم إن كان كل واحد منهما أولى من بقية الوراث انتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر و منه إلى ورثته، كابن له إخوة من أم، و أب له إخوة فمال الولد ينتقل إلى الولد، و كذا مال الوالد الأصل دون ما ورثه منه ينتقل إلى الولد، ثم ينتقل ما صار إلى كل واحد منهما إلى إخوته فميراث الأب مال الابن أجمع ينتقل منه إلى إخوته من أمه.

لكن في تقديم الأب هنا لأنه أضعف نظر، ضرورة عدم كونه صاحب فرض في المفروض، بل يرث فيه بالقرابة، فالمتجه حينئذ على قول المفيد (رحمه الله) بناء على عدم موافقة الأصحاب في المقام القرعة.

هذا كله مع أولوية كل من الأب و الابن بالآخر ف ان كان لأحدهما أو لكل واحد منهما شريك في الإرث كابن و أب و للأب أولاد غير من غرق و للولد أولاد ف يفرض موت الابن أولا و يعطى نصيبه منه، و هو السدس ل ان الأب يرث مع الأولاد السدس ثم يفرض موت الأب فيرث الابن الغريق مع إخوته نصيبه من مال أبيه الأصلي دون السدس الذي حصل له منه على المختار، و على قول المفيد يأخذ نصيبه منه أيضا.

و على كل حال ينتقل ما بقي من تركته مع هذا النصيب (النصف خ ل) الحاصل من تركة أبيه إلى أولاده.

و لو كان الوارثان يتساويان في الاستحقاق كأخوين لم يقدم أحدهما على الآخر و كانا سواء في الاستحقاق لعدم الأضعف و ينتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر، فان لم يكن لهما وارث نسبي و لا سببي فميراثهما للإمام (عليه السلام) (11) الذي هو وارث أمثالهم و إن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى ورثته و ما صار إلى

ج 39، ص: 318

الآخر إلى الامام (عليه السلام) بلا خلاف و لا إشكال.

نعم في الدروس تبعا للقواعد أنه «على قول المفيد (رحمه الله) لو كان لكل من الأخوين جد لأم و لا مال لأحدهما يقرع، فان خرج توريث المعدم أولا انتقل مال الآخر إليه و إلى جده: ثلثه لجده و ثلثاه لأخيه ثم يقدر موت الآخر، فيرث الموسر منه ثلثي ما انتقل اليه و ثلثه لجده المعدم(1)و ينتقل ما ورثه الموسر إلى جده، فيجتمع لجده ثلث أصل ماله و ثلثا ثلثيه، و ذلك سبعة أتساع ماله و لجد المعدم تسعان، و لو خرج توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا، ثم يقدر موت الموسر، فيرث ماله أخوه و جده أثلاثا، فيكون لجده الثلث و لأخيه الثلثان، ينتقل ما صار لأخيه إلى جده، فيكون لجد الموسر ثلث ماله و لجد المعدم ثلثاه، فوجبت القرعة، لتغير الحكم بالتقدم و التأخر، و على الأصح يصير مال الموسر بين جده و جد أخيه أثلاثا لجده الثلث و لجد أخيه الثلثان. و كذا يقرع على قوله لو كان لهما مال تساويا في قدره أو اختلفا، فان جد المتقدم بالموت يفوز بأكثر مما يحصل له لو تأخر موت مورثه، و على الأصح يقسم مال كل أخ بين جده و جد أخيه أثلاثا لجده ثلثه و لجد أخيه ثلثاه».

قلت: ما عثرنا عليه من عبارة المقنعة ليس فيها إلا تقديم الأضعف و توريث الأقوى ما ورثه منه كما لا يخفى على من لاحظها، و لعله لا تقديم لمعين عنده في غيرهما، و لا توريث الثاني مما ورث منه الأول، بل ليس في الأدلة إلا تقديم الزوجة كما سمعت في النصوص(2)إلا أنه تعدوا منها في التقديم إلى كل أضعف، و أما في غير ذلك فليس في شي ء من الأدلة


1- 1 هكذا في النسختين الأصليتين المسودة و المبيضة و الصحيح« لجد المعدم» كما هو كذلك في الدروس.
2- 2 الوسائل- الباب- 6- من أبواب ميراث الغرقى و المهدوم عليهم.

ج 39، ص: 319

تقديم أحدهما بالخصوص و لا ميراث الثاني مما ورثه الأول منه أو من غيره.

و لو كان الغرقى أكثر من اثنين يتوارثون فالحكم كذلك أيضا، بأن يفرض موت أحدهم و يقسم تركته على الأحياء إن كانوا و الأموات معه، فما يصيب الحي يعطى، و ما يصيب الميت معه يقسم على ورثته الأحياء دون الأموات معه على المختار، و على الجميع عند المفيد و سلار و هكذا يفرض موت كل واحد إلى أن يصير تركات جميعهم منقولة إلى الأحياء.

و لو غرق ثلاثة إخوة لأب و قد خلف كل واحد منهم أخا لأم فرض موت كل واحد منهم أولا، فيصير كمن خلف أخاه لأم و أخوين لأب، فيكون أصل ماله اثني عشر ليكون لخمسة أسداسه نصف حتى يقسم بين الأخوين للأب، فلأخيه لأمه حينئذ سهمان، و لكل من الفريقين خمسة ينتقل منه إلى أخيه لأمه، فيكون بعد قسمة تركة الجميع لكل أخ حي سهمان من اثني عشر من أصل تركة أخيه،

و خمسة أسهم من اثني عشر من تركة كل واحد من الأخوين الباقيين بالانتقال عنه إلى أخيه ثم من أخيه إليه.

هذا و لقد أطنب الفاضل في القواعد في الفروع التي لا يخفى حكمها على من أحاط بالأصول، و الله أعلم بحقيقة الحال.

ج 39، ص: 320

[الفصل الرابع في ميراث المجوس]
اشاره

الرابع في ميراث المجوس و غيرهم من فرق الكفر إذا ترافعوا إلينا أو أسلموا.

المجوسي قد ينكح المحرمات عند المسلمين بشبهة اعتقاده في دينه و قد ينكح المحللات له في دين الإسلام فيحصل له بذلك النسب الصحيح و الفاسد و السبب الصحيح و الفاسد، و نعني بالفاسد ما يكون عن نكاح محرم عندنا لا عندهم، كما إذا نكح أمه و أولدها، فنسب الولد فاسد عندنا و سبب زوجيتها فاسد عندنا و إن كان هو صحيحا صحة معاملة بمعنى ترتب بعض الآثار عليه، و لا ينافي ذلك تكليفه بالفروع، ضرورة حرمة ذلك عليه و إن ترتب أثر العقد الصحيح عليه، بل يكفي في صدق فساده عندنا عدم ترتب جميع الآثار عليه التي منها إباحة الوطء.

قال عبد الله بن سنان(1): «قذف رجل مجوسيا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: مه، فقال الرجل: إنه ينكح أمه و أخته، فقال: ذلك عندهم نكاح في دينهم».

و في

خبر محمد بن مسلم(2)«سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن


1- 1 الوسائل- الباب- 2- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 1.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 1.

ج 39، ص: 321

الاحكام، قال: تجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلون».

و عن الشيخ (رحمه الله) قد روى(1)أيضا أنه قال (عليه السلام):

«كل قوم دانوا بشي ء يلزمهم حكمه»

بل في الرياض أن ذلك في غير واحد من الأخبار.

و قال أبو الحسن (عليه السلام) في خبر علي بن حمزة(2)«ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم».

و في الموثق(3)«لكل قوم يعرفون النكاح عن السفاح فنكاحهم جائز».

لكن و مع ذلك فمن الأصحاب من لا يورثه إلا بالصحيح من النسب و السبب، و هو المحكي عن يونس بن عبد الرحمن من أجلاء رجال الكاظم و الرضا (عليهما السلام) و متابعيه و هم المفيد (رحمه الله) في أحد النقلين و المرتضى و التقى و الحلي و الفاضل بل في كتاب أعلام الورى نسبته إلى جمهور الإمامية، بل عن موصليات المرتضى الإجماع عليه، لعموم ما دل على فساده للمسلم و الكافر، فلا يندرج حينئذ في عموم المواريث المبنية على النسب و السبب الصحيحين، و لقوله تعالى(4):

«وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ». «وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ»(5). «فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ، وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً، وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ»(6).


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 3.
2- 2 الوسائل- الباب- 3- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 2 و هو خبر علي ابن أبي حمزة.
3- 3 الوسائل- الباب- 83- من أبواب نكاح العبيد و الإماء- الحديث 3 من كتاب النكاح.
4- 4 سورة المائدة: 5- الآية 49.
5- 5 سورة الكهف: 18- الآية 29.
6- 6 سورة المائدة: 5- الآية 42.

ج 39، ص: 322

و في المحكي عن السرائر «فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الإسلام فقد حكم بغير الحق و بغير ما أنزل الله و بغير القسط، و أيضا لا خلاف بيننا أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف مع الاختيار».

و منهم من يورثه بالنسب صحيحه و فاسده و بالسبب الصحيح لا الفاسد، و هو اختيار الفضل بن شاذان النيشابوري من القدماء الفضلاء من رجال الهادي و العسكري (عليهما السلام) و من تابعه الحسن بن أبي عقيل و ابن بابويه و

الفاضل في القواعد و غيرهم، بل في الرياض نسبته إلى أكثر من تأخر كالفاضلين و الشهيدين و غيرهم ممن وقف على كلامهم، بل فيه عن جده المجلسي (رحمه الله) نسبته إلى الأكثر، بل هو مذهب شيخنا المفيد في النقل الآخر و هو حسن لصحة النسب الناشئ عن الشبهة شرعا، فيدخل في عموم أدلة الإرث، بخلاف السبب، فإنه لا يقال للموطوءة بشبهة عقد أو غيره أنها زوجة و لا للواطي زوج، فلا تندرج في عموماته، و حينئذ فلو تزوج أخته أو أمه أو بنته ورثت بالنسب خاصة دون الزوجية.

و منهم الشيخ المفيد على ما حضرني من نسخة مقنعته و الشيخ أبو جعفر الطوسي و من تابعه: سلار و القاضي و ابن حمزة و غيرهم يورثه بالأمرين صحيحهما و فاسدهما بل و محكي التحرير أنه المشهور و عن الإسكافي أنه مشهور عن علي (عليه السلام) لما رواه

السكوني في القوي(1)عن علي (عليه السلام) «أنه كان يورث المجوسي إذا تزوج أمه و أخته و ابنته من جهة أنها أمه و أنها زوجته»

و أبو البختري في المروي عن


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 1- عن جعفر عن أبيه عليهما السلام و فيه « إذا تزوج بأمه و بابنته» و في الفقيه ج 4 ص 249- الرقم 804 عن علي عليه السلام« إذا تزوج بامه و بأخته و بابنته».

ج 39، ص: 323

قرب الاسناد(1)عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) «أنه كان يورث المجوس إذا أسلموا من وجهين بالنسب، و لا يورث على النكاح»

و للنصوص السابقة(2)و الظاهر أن هذا هو الحق و القسط الذي قد أنزله الله و أمر نبيه بالحكم به عليهم.

و حينئذ ف على هذا القول لو اجتمع الأمران لواحد ورث بهما مثل أم هي زوجة فإن لها نصيب الزوجية، و هو الربع مع عدم الولد، و الثلث نصيب الأمومة من

الأصل، فان لم يكن لها مشارك كالأب فالباقي يرد عليها بالأمومة كما أن له منها نصيب الزوجية النصف مع عدم الولد و الربع معه، و الباقي إن لم يكن له مشارك.

و كذا الكلام في بنت هي زوجة فإن لها الثمن نصيب الزوجية و النصف نصيب البنتية و الباقي يرد عليها بالقرابة إذا لم يكن لها مشارك، و لو كان له أبوان كان لهما السدسان و لها الثمن و النصف، و ما يفضل (11) عنهما يرد بالقرابة عليها و على الأبوين (12) أخماسا.

و كذا أخت هي زوجة لها الربع (13) نصيب الزوجية مع عدم الولد و النصف (14) نصيب الأختية و الباقي يرد عليها بالقرابة إذا لم يكن (15) لها مشارك.

(16) و كذا جدة هي أخت، كما لو تزوج زيد بنته فأولدها بنتا ثم تزوج البنت فأولدها ولدا اسمه بكر فأم البنت جدة بكر و أخته.

و لو اجتمع السببان و أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع


1- 1 الوسائل- الباب- 1- من أبواب ميراث المجوسي- الحديث 4.
2- 2 المتقدمة في ص 321.

ج 39، ص: 324

مثل بنت هي أخت من أم، ف ان لها نصيب البنت دون الأخت لأنه لا ميراث عندنا لأخت مع بنت كما عرفته في الطبقات.

و كذا بنت هي بنت بنت فان لها نصيب البنت دون بنت البنت لأنه لا ميراث لبنت البنت مع البنت عندنا.

و كذا عمة هي أخت من أب كما لو تزوج زيد بأمه و له ابن فأولدها بنتا فهي عمة الابن و أخته، فإن لها نصيب الأخت دون العمة لأنه لا ميراث لها مع الأخت.

و كذا عمة هي بنت عمة كما لو كان لزيد بنت و ابن و للابن أولاد فتزوج زيد ببنته فأولدها بنتا، فهي أخت الابن و بنت أخته و عمة أولاد الابن و بنت عمتهم، فان لها نصيب العمة لأنه لا ميراث لبنت العمة مع العمة.

و لو فرض مشروعية الاشتراك في الزوجة عندهم فتزوج اثنان منهم امرأة كانا معا شريكين في نصيب الزوجية منها: النصف و الربع، لا أن كل واحد منهما يستحق ذلك منها كي يقع العول حينئذ، ضرورة صيرورتهم كالزوجات المشتركات في الثمن من الزوج أو الربع، نعم لا يبعد استحقاقها هي من كل واحد منهم نصيب الزوجية الثمن أو الربع، لا نصف الثمن و نصف الربع مع احتماله، فتأمل.

و لو تزوجوا بالسبب الفاسد عندهم الصحيح عندنا أمكن جريان أحكام الصحيح عليه، لإطلاق ما دل على صحته التي لا يقدح فيها زعمهم الفساد، و يحتمل إلزامهم بأحكام الفاسد معاملة لهم بما يقتضيه دينهم و إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم، فالعامي المطلق ثلاثا بصيغة واحدة لا يترتب على رجوعه بها في العدة حكمه، بل لنا أن نتزوجها و إن كان قد رجع بها، إلزاما لهم بما ألزموا به أنفسهم، و لعل هذا هو الأقوى، و الله العالم.

ج 39، ص: 325

[مسائل]
اشاره

مسألتان بل ثلاث:

[المسألة الأولى المسلم لا يرث بالسبب الفاسد]

الأولى:

المسلم لا يرث بالسبب الفاسد إجماعا فلو تزوج محرمة لم يتوارثا بهذا التزويج و إن فرض اشتباههما به سواء كان تحريمها متفقا عليه كالأم من الرضاع فإنها لا ترثه و لا يرثها عند الجميع بالتزويج أو مختلفا فيه كأم المزني بها أو المختلفة من ماء الزاني فلا توارث عند المبطل لو ترافعوا إليه، فإنه ليس له الحكم بمذهب المصحح و إن جاز له نحو ذلك في المجوس و نحوهم مما لا أمر فيه بالإلزام فلو ترافع مقلدة مجتهد مثلا يرى الصحة عند مجتهد يرى البطلان حكم عليهم بمقتضى مذهبه، و ليس له إلزامهم بما وقع منهم من التقليد قبل المرافعة، فتأمل جيدا.

و سواء كان الزوج معتقدا للتحليل أو لم يكن بل لو كانا معا معتقدين لم يكن له أثر، فإن أقصى الاعتقاد يصير النكاح شبهة، و هي لا أثر لها في السبب للمسلم.

[المسألة الثانية المسلم يرث بالنسب الصحيح و الفاسد]

المسألة الثانية:

المسلم يرث بالنسب الصحيح و الفاسد فساد شبهة لأن الشبهة كالعقد الصحيح في التحاق النسب بلا خلاف و لا إشكال.

ج 39، ص: 326

و حينئذ يحصل للمسلم نحو ما سمعته في المجوس من الفروع الكثيرة الغريبة التي لا يخفى حكمها بعد الإحاطة بما ذكرناه، و الله العالم.

[المسألة الثالثة المشهور استقرار المهر بموت الزوج قبل الدخول]

المسألة الثالثة المشهور نقلا في غاية المراد و غيرها و تحصيلا استقرار المهر بموت الزوج قبل الدخول، إذ هو خيرة الشيخين و المرتضى و القاضي و ابني حمزة و إدريس و كافة المتأخرين، و لعله لذا نسبه في محكي غاية المراد و المهذب البارع إلى فتوى الأصحاب، نحو ما عن ابن إدريس من أن الموت عند محصلي أصحابنا يجري مجرى الدخول في استقرار المهر جميعه، بل في ناصريات المرتضى الإجماع عليه، و في الغنية نفي الخلاف فيه.

و لعله كذلك، فاني لم أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن الصدوق في المقنع و ظاهر الفقيه من كونه كالطلاق، و ربما نسب إلى ظاهر الكليني باعتبار اقتصاره على إيراد نصوص التنصيف(1).

فمن الغريب دعوى أنه أشهر بين القدماء، اللهم إلا أن يكون قد أخذ ذلك من الروايات بناء على أنه مذهب من رواه ك أبي عبيدة(2)و زرارة(3)و عبيد بن زرارة(4)و الحسن الصيقل(5)و الفضل أبي العباس(6)و جميل بن صالح(7)و ابن أبي يعفور(8)بخلاف القول بالاستقرار فان راويه زرارة(9)و أبو بصير(10)و منصور بن حازم(11)


1- 1 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور من كتاب النكاح.
2- 2 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 2 من كتاب النكاح.
3- 3 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 7 من كتاب النكاح.
4- 4 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 4 من كتاب النكاح.
5- 5 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 12 من كتاب النكاح.
6- 6 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 9 من كتاب النكاح.
7- 7 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 13 من كتاب النكاح.
8- 8 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 8 من كتاب النكاح.
9- 9 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 22 من كتاب النكاح.
10- 10 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 22 من كتاب النكاح.
11- 11 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور الحديث 23 من كتاب النكاح.

ج 39، ص: 327

إلا أن ذلك كله كما ترى، خصوصا بعد ما ستعرف من زيادة رواة الاستقرار على ما ذكر، فلا ريب في أن الاستقرار هو الأشهر بل المشهور بل الخلاف فيه نادر أو منقرض، و من هنا كان هو الأصح.

مضافا إلى أنه مقتضى الملك بالعقد المبني على اللزوم، و عموم قوله تعالى(1)«وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً» و نحوه.

و خصوص خبري سليمان بن خالد(2)و

سماعة(3)«سألته عن المتوفى عنها زوجها و لم يدخل بها، فقال: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها و عليها العدة و لها الميراث، و عدتها أربعة أشهر و عشرا، و إن لم يكن قد فرض لها فليس لها مهر و لها الميراث و عليها العدة».

و خبر الكناني(4)عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إذا توفي الرجل عن امرأته و لم يدخل بها فلها المهر كله إن كان سمى لها مهرا، و مهرها من الميراث، و إن لم يكن سمى لها مهرا لم يكن لها مهر، و كان لها الميراث».

و صحيح الحلبي(5)و خبر زرارة(6)و

أبي بصير(7)عنه (عليه السلام) أيضا «أنه قال في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها و عليها العدة و لها الميراث، و عدتها أربعة أشهر و عشرا كعدة التي دخل بها، و إن لم يكن فرض لها مهرا فلا مهر لها و عليها العدة و لها الميراث»

و نحوه صحيح الحلبي الآخر عنه (عليه السلام) أيضا.


1- 1 سورة النساء: 4- الآية 4.
2- 2 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 20 من كتاب النكاح.
3- 3 أشار إليه في الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 20 و ذكره في الاستبصار- ج 3 ص 340- الرقم 1214.
4- 4 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 21 من كتاب النكاح.
5- 5 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 22.
6- 6 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 22.
7- 7 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 22.

ج 39، ص: 328

بل و

خبر منصور بن حازم(1)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها، قال: لها صداقها كاملا و ترثه، و تعتد أربعة أشهر و عشرا كعدة المتوفى عنها زوجها بعد الدخول».

و خبره الآخر(2)«قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل تزوج امرأة و سمى لها صداقا ثم مات عنها و لم يدخل بها، قال: لها المهر كاملا و لها الميراث، قلت: فإنهم رووا عنك أن لها نصف المهر، قال:

لا يحفظون عني، إنما قلت ذلك للمطلقة».

و منه يعلم الوجه في النصوص المعارضة ك

خبر محمد بن مسلم(3)عن أحدهما (عليهما السلام) «في الرجل يموت و تحته امرأة لم يدخل بها قال: لها نصف المهر، و لها الميراث كاملا، و عليها العدة كاملة».

و خبر عبيد بن زرارة(4)«سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، فقال: إن هلكت أو هلك أو طلقها فلها النصف، و عليها العدة كاملة و لها الميراث».

و صحيح الحلبي(5)عنه (عليه السلام) أيضا «إذا لم يكن قد دخل بها و قد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض لها، و لها الميراث، و عليها العدة».

و خبر زرارة(6)«سألته عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها أو يموت الزوج قبل أن يدخل بها، قال: أيهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها و إن لم يكن قد فرض لها فلا مهر لها».

و خبر زرارة و الفضل أبي العباس(7)قالا: «قلنا لأبي عبد الله


1- 1 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 23 من كتاب النكاح.
2- 2 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 24 من كتاب النكاح.
3- 3 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 1 من كتاب النكاح.
4- 4 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 3 من كتاب النكاح.
5- 5 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 6 من كتاب النكاح.
6- 6 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 7 من كتاب النكاح.
7- 7 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 9 من كتاب النكاح، و السابع عن عبيد بن زرارة و الفضل أبي العباس.

ج 39، ص: 329

(عليه السلام): ما تقول في رجل تزوج امرأة ثم مات عنها و قد فوض لها الصداق؟ قال: لها نصف الصداق، و ترثه من كل شي ء، و إن ماتت فهو كذلك»

و نحوه خبر أبي الجارود(1)عن أبي جعفر (عليه السلام).

على أنها قاصرة عن معارضة ما عرفت من وجوه، فلا بأس حينئذ بطرحها أو حملها على استحباب أخذ الزوجة النصف.

و من الغريب ما في الرياض من أن «القول بها لا يخلو من قوة، لأن المظنة الحاصلة من هذه الكثرة أقوى من الحاصلة من الشهرة، سيما مع اعتضادهما بالشهرة بين القدماء- و لو كانت محكية- و مخالفتها للتقية كما صرح به جماعة فيختص بها الأصل، و تصرف النصوص السابقة عن ظواهرها بالحمل على النصف، لأنه مهرها و لو بعد في بعضها.

و منه يظهر وجه رجحان لهذه النصوص و مرجوحيته لتلك، لصراحة هذه دون الأولى، و أما العموم فبعد تسليم شموله لمثل المقام محل نظر، مع أنه كالمفهوم نقول بهما إلا أن الخطاب فيهما للأحياء لا مطلقا (تسليمه له شموله لمثل المقام محل نظر كالمفهوم، لأن الخطاب فيهما للاحياء لا مطلقا خ ل)».

إذ هو كما ترى، و كأنه تبع به جملة من متأخري المتأخرين المعلوم اختلال طريقتهم بعدم الالتفات إلى شهرة الأصحاب بل و لا إجماعهم و لو للترجيح كما هنا.

مضافا إلى التصريح في الخبر المزبور(2)بأن ذلك و هم عليه،


1- 1 أشار إليه في الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 10 من كتاب النكاح و كذلك في الاستبصار ج 3 ص 342- الرقم 1222 و التهذيب ج 8 ص 147- الرقم 512.
2- 2 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 24 من كتاب النكاح.

ج 39، ص: 330

و إلى اتفاق جميع هذه الأعصار عليه، مع أنه مما يكثر وقوعه، بل لعله أشهر (أكثر خ ل) من الطلاق الذي اشتهر التصنيف فيه، و إلى غير ذلك مما لا معنى لدعوى حصول الظن بها مع بعضه، فضلا عن جميعه بل لعل الظاهر استقراره أيضا بموت الزوجة، كما صرح به المفيد في كتاب أحكام النساء و ابن حمزة و القاضي في المهذب و الكامل و ابن إدريس و المصنف في النكت و الفاضل و ولده و أبو العباس و المقداد و الكركي و السيد جعفر بن السيد أحمد الملحوس في تكملة الدروس على ما حكي عن بعضهم، قيل: هو ظاهر الغنية أو صريحها و المراسم و غاية المراد و كشف اللثام.

و من هنا نسبه الشهيد و أبو العباس إلى المشهور، بل الكركي إلى عامة الأصحاب عند الشيخ و القاضي و الكيدري، بل في نكت المصنف هو المستقر في المذهب، و أنه أصح الروايتين كما ستسمع، و عن السرائر أنه مذهب محصلي أصحابنا، بل أول جماعة من الأساطين كلام الشيخ في النهاية و من تبعه بإرادة ثبوت النصف للزوج ميراثا كالنصوص و إن بعد في بعضها، فيرتفع الخلاف حينئذ نصا و فتوى، خصوصا بعد الحصر في خبر منصور(1)بأنه إنما قلت بالتنصيف بالطلاق فوهموا و نقلوا عني غيره، بل لعل ذلك أيضا ظاهر التقييد بالطلاق في الكتاب(2).

فيبقى حينئذ ما يقتضيه العقد من وجوب المهر مع عموم نحو قوله تعالى(3)«وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ» و غيره على حاله بلا معارض، و مع فرضه فلا ريب في قصوره عن معارضة ذلك بعد اعتضاده بما سمعت


1- 1 الوسائل- الباب- 58- من أبواب المهور- الحديث 24 من كتاب النكاح.
2- 2 سورة البقرة: 2- الآية 237.
3- 3 سورة النساء: 4- الآية 4.

ج 39، ص: 331

و من هنا حمل على إرادة التنصيف ميراثا و إن بعد في بعضها، بل قد سمعت تأويل الشيخ و من تبعه بذلك، و إن كان هو خلاف صريحه في التهذيب، إلا أنه

لا يخفى عليك شذوذه بعد الإحاطة بما ذكرناه، حتى على تقدير خلافه أيضا في النهاية و القاضي و الكيدري، على أن المحكي عن مهذب الثاني و كامله الوفاق.

و من الغريب الاستدلال له بإطلاق ما دل(1)على عدم استقرار المهر إلا بالدخول المعلوم كونه مساقا لبيان عدم استقراره بالخلوة، و بأن فرقه الموت أشد من فرقة الطلاق الموجب للتنصيف الذي هو من القياس الباطل.

فالعمدة حينئذ النصوص المزبورة و غيرها مما دل على ذلك مع عدم المعارض لها، بخلاف صورة العكس، حتى ادعى بعضهم تواترها و إن كان واضح الفساد إن لم يرد القطع باللفظ القابل للتنزيل على إرادة التنصيف من جهة الإرث، ضرورة عدم اجتماع شرائط التواتر المصطلح فيها، و احتمال إرادة القطع بمضمونها على الوجه المزبور معلوم الفساد بعد اتفاق الفتاوى- كما عرفت- على خلافه.

بل في نكت المصنف بعد أن أورد عبارة النهاية التي هي «و إن ماتت المرأة قبل الدخول بها كان لأوليائها نصف المهر» قال: «هذا يصح إذا لم يكن لها ولد، فان المستقر في المذهب- و هو أصح الروايتين- أن المهر تملكه المرأة بنفس العقد، و لو مات أحدهما كان المهر ثابتا بأجمعه فإذا ماتت ورث الزوج نصفه، و كان الباقي لباقي ورثتها، لكن الأفضل أن لا يأخذوا إلا نصفه، و حصة الزوج في النصف معهم» و ظاهره المفروغية من ذلك، و لذا نزل عليه عبارة الشيخ كما سمعت، و نحوه غيره في ذلك.


1- 1 الوسائل- الباب- 54- من أبواب المهور من كتاب النكاح.

ج 39، ص: 332

و بالجملة فالمسألة مفروغ منها عند الأصحاب على وجه لا يحصل الظن من النصوص المزبورة التي يبعد خفاء حالها على نقدتها في الأعصار كلها، فلا بد من طرحها أو تأويلها بما عرفت.

و من الغريب اتباع فاضل الرياض بعض مختلي الطريقة في القول بالتنصيف هنا، للنصوص المزبورة التي قد عرفت حالها، بل يمكن دعوى القطع منها بعدم الفرق بين موت كل منهما في ذلك، كما لا يخفى على من لاحظها.

فمن الغريب دعوى التفصيل المزبور، إذ هو- مع إمكان القطع بفساده من النصوص المزبورة الظاهرة أو الصريحة في التسوية فيه- أن موت الزوج أقرب إلى شبه الطلاق الموجب للتنصيف من موتها.

بل الظاهر إلحاق ردة الزوج عن فطرة بموته في الاستقرار أيضا، كما صرح به غير واحد، بل في غاية المراد أنه المشهور في الفتاوى، بل لا أجد فيه خلافا و إن أشعر به نسبته إلى المشهور، و لعله لكونه كالموت الذي سمعت خلاف الصدوق فيه، لكن قد عرفت التحقيق الذي يقتضي عدم الفرق في الاستقرار بينهما، للقاعدة المزبورة و غيرها.

ج 39، ص: 333

[خاتمة في حساب الفرائض]

اشاره

خاتمة في حساب الفرائض، و هي تشتمل على مقاصد:

[المقصد الأول في مخارج الفروض الستة]
اشاره

الأول في مخارج الفروض الستة المقدرة في كتاب الله عز و جل و طريق الحساب فنقول: اعلم أن عادة أهل الحساب إخراج الحصص من أقل عدد ينقسم على أرباب الحقوق من دون كسر، و يضيفون حصة كل واحد إلى ذلك العدد، فإذا كان ابنين مثلا قالوا: لكل ابن سهم من سهمين من تركته، و لا يقولون التركة بينهما نصفان، و يسمون العدد المضاف إليه أصل المال و مخرج السهام.

[مخارج الفروض]

و نعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء المطلوب صحيحا فهي إذا خمسة: النصف من اثنين، و الربع من أربعة، و الثمن من ثمانية، و الثلث و الثلثان من ثلاثة، و السدس من ستة ثم الورثة إن لم يكن فيهم ذو فرض و تساووا في الإرث فعدد رؤوسهم أصل المال، كأربعة أولاد ذكور، و إن كانوا يقسمون للذكر مثل حظ الأنثيين فاجعل لكل ذكر سهمين و لكل أنثى سهما، فما اجتمع فهو أصل المال، و إن كان فيهم ذو فرض أو أصحاب فروض فاطلب عددا له ذلك السهم أو تلك السهام، و اقسم الباقي بعد السهم أو السهام على رؤوس بين الورثة إن تساووا، و على سهامهم إن اختلفوا.

ج 39، ص: 334

و ذلك بأن تطلب أولا مخرج الفروض، فما بقي إن لم ينكسر على ما (من خ ل) بقي من غير أرباب الفروض كفى ما طلبته، كزوج و أبوين و بنين خمسة أو ابنين و بنت، فتطلب أولا مخرج السدس و الربع و هو اثنا عشر، فتعطى الزوج ثلاثة، و الأبوين أربعة، و الباقي خمسة لا تنكسر على الباقين، و إن انكسر ضربت سهامهم في العدد الذي حصلته أولا، فإن كان في المثال ابنان فاضربهما في الاثنى عشر، و إن كان ابن و بنت فاضرب الثلاثة التي هي مخرج قسمتهما في الاثني عشر، و هكذا.

و كيف كان ف كل فريضة حصل منها نصفان كزوج و أخت لأب أو نصف و ما بقي كزوج و أخ فهي من اثنين.

و إن اشتملت على ربع و نصف كزوج و بنت أو ربع و ما بقي كزوج و ولد فهي من أربعة.

و إن اشتملت على نصف و ثمن كزوجة و بنت أو ثمن و ما بقي كزوجة و ولد فهي من ثمانية.

و إن اشتملت على ثلث و ثلثين كإخوة من الأم و أخوات من الأب أو ثلث و ما بقي كإخوة من الأم و إخوة من الأب أو ثلثين و ما بقي فهي من ثلاثة.

و إن اشتملت على سدس و ثلث أو سدس و ثلثين كأحد الأبوين مع البنتين(1)أو سدس و ما بقي (11) كأحد الأبوين مع الولد ف (12) هي من ستة.

و النصف مع الثلث (13) كالزوج و الاخوة للام أو الثلثين


1- 1 في النسخة الأصلية المبيضة« البنين» و الصحيح ما أثبتناه كما في النسخة الأصلية المخطوطة بقلم المصنف قده.

ج 39، ص: 335

و السدس كالأم و البنتين أو مع أحدهما أي مع السدس و واحد من الثلث و الثلثين ف من ستة.

و لو كان بدل النصف مع الثلثين مثلا ربع كزوج و بنتين كانت الفريضة من اثني عشر و كذا لو كان ربع و سدس كزوج و أم و ابن.

و لو كان بدله مع الثلثين ثمن كزوجة و بنتين أو كان ثمن و سدس و ما بقي كزوجة و أحد الأبوين و ابن كانت من أربعة و عشرين.

و على كل حال فالفروض الستة المذكورة إما أن يقع في المسألة واحد منها أو اثنان فصاعدا، فان لم يقع فيها إلا واحد فالمخرج المأخوذ من ذلك الكسر هو أصل المسألة، فالنصف من اثنين و الثلث من ثلاثة و الربع من أربعة، و على هذا القياس.

و إن وقع فيها اثنان فصاعدا فان كانا من مخرج واحد كالثلثين و الثلث فالثلاثة أصل المسألة.

و إن كانا مختلفي المخرج أخذنا المخرجين و نظرنا فيهما، فان كانا متداخلين كما إذا اجتمع الثمن و النصف أو السدس و النصف فأكثر المخرجين أصل المسألة، و هو الثمانية في الأولى و الستة في الثانية.

و إن كانا متوافقين كما إذا اجتمع السدس و الربع في مثل زوجة و واحد من كلالة الأم أو زوج و أحد الأبوين مع ابن ضربت وفق أحد المخرجين في جميع الآخر، فالمجتمع هو أصل المسألة، ففي المثال تضرب ثلاثة في أربعة أو اثنين في ستة يبلغ اثني عشر، فهو أصل المسألة، و لو اجتمع الثمن و السدس كزوجة و أحد الأبوين مع ابن فأصل الفريضة

ج 39، ص: 336

أربعة و عشرون، لأن الثمانية توافق الستة بالنصف فتضرب نصف إحداهما بالأخرى، و هكذا.

و إن كانا متباينين، كما إذا اجتمع الربع و الثلث في مثل زوجة و أم أو الثمن و مع الثلثين في مثل زوجة و بنتين أو الثلث مع النصف في مثل زوج و أم ضربت أحد المخرجين في الآخر و جعلت الحاصل هو أصل الفريضة و هو اثنا عشر في الأول، و أربعة و عشرون في الثاني، و ستة في الثالث.

و قس على هذا ما يرد من باقي الفروض مجتمعة و متفرقة، فهذا القدر هو المطلوب من أصل المسألة إذا كان في المسألة ذو فرض، سواء كان معه غيره أم لا، فان لم يكن في الجميع ذو فرض فأصل المال عدد رؤوسهم مع التساوي، كأربعة أولاد ذكور، و إذا اختلفوا بالذكورية و الأنوثية و كانوا يقسمون للذكر مثل حظ الأنثيين فاجعل لكل ذكر سهمين و لكل أنثى سهما، فما اجتمع فهو أصل الفريضة ثم إن انقسمت على الجميع بصحة فذاك، و إن انكسرت فسيأتي تفصيله.

[طريق الحساب]
اشاره

ف إذا عرفت هذا فالفريضة إما وفق السهام أو زائدة أو ناقصة.

[القسم الأول أن تكون الفريضة بقدر السهام]
اشاره

القسم الأول أن تكون الفريضة بقدر السهام، فان انقسمت من غير كسر فلا بحث مثل أخت لأب مع زوج فالفريضة من اثنين لكل منهما نصف أو بنتين و أبوين أو أبوين و زوج فالفريضة من ستة و هي تنقسم بغير كسر كما هو واضح.

ج 39، ص: 337

و إن انكسرت الفريضة فاما على فريق واحد أو أكثر فالأول لا يعتبر فيه من النسبة بين العدد و النصيب سوى التوافق و التباين، للاحتياج إلى تصعيد المسألة على وجه تنقسم على المنكسر، و اعتبار التداخل يوجب بقاء الفريضة على حالها، فلا يحصل الغرض، و لذا يقتصر على اعتبار النسبة بين نصيب من انكسر عليه و عدد رؤوسهم، ف يضرب حينئذ عددهم في أصل الفريضة إن لم يكن بين نصيبهم و عددهم وفق أي كانا متباينين، فما اجتمع صحت منه المسألة، مثل زوج و أخوين، فإن الفريضة فيه من اثنين، فان الزوج له نصف، و هما أقل عدد يخرج منه النصف صحيحا، فواحد منهما نصيب الزوج و الثاني ينكسر على الأخوين، و لا موافقة فيضرب عددهما في أصل الفريضة فبلغ أربعة، فتصح القسمة حينئذ بلا كسر.

و مثل أبوين و خمس بنات فان فريضتهم ستة لأن فيها من الفروض سدسا و ثلثين، و مخرج الثلث يداخل مخرج السدس فأصل الفريضة مخرج السدس، و هو ستة، للأبوين منها اثنان، فتبقى نصيب البنات من ذلك أربعة لا تنقسم على البنات صحيحة و لا وفق لأنك إذا أسقطت الأربعة من الخمسة بقي واحد فيضرب عددهن- و هو خمسة- في ستة فما ارتفع فمنه الفريضة و هو ثلاثون، للأبوين عشرة، و للبنات عشرون، لكل واحدة أربعة.

و حينئذ ف كل من حصل له من الوراث من الفريضة سهم قبل الضرب (11) كالأبوين فاضربه في خمسة، و ذلك قدر نصيبه (12) و من هنا قلنا: إن للأبوين عشرة، هذا كله مع التباين بين نصيبهم و عددهم.

و إن كان بين النصيب و العدد وفق فاضرب الوفق من عددهن

ج 39، ص: 338

لا من النصيب في أصل الفريضة مثل أبوين و ست بنات فإن الفريضة حينئذ ستة كما عرفت، للأبوين اثنان و للبنات أربعة و لكن لا تنقسم عليهن على صحة، و النصيب و هو الأربعة يوافق عددهن الذي هو الستة بالنصف، فيضرب نصف عددهن- و هو ثلاثة- في الفريضة- و هي ستة- فتبلغ ثمانية عشر و ذلك لأنه قد كان للأبوين من الأصل سهمان ضربتهما في ثلاثة فكان لهما ستة، و للبنات من الأصل أربعة فضربتها في ثلاثة فاجتمع لهن اثنا عشر لكل بنت سهمان و للأبوين ستة، فيكون المجموع ثمانية عشر.

و كذا لو كان أخوان لأم مع ستة لأب أو ثمانية، للأخوين الثلث و هو اثنان، و للإخوة الباقي و هو أربعة، توافق عددهم و هو الستة بالنصف، لأنك إذا أسقطت أربعة منها بقي اثنان، و هما يقسمان الأربعة، فتضرب الوفق من عددهم، و هو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر، للإخوة الستة منهم اثنا عشر، لكل واحد اثنان، و للأخوين ستة.

فلو كانوا ثمانية فالتوافق الربع، و لا يعتبر التداخل، لما ذكرناه من عدم حصول الغرض، فيضرب ربع عددهم و هو اثنان في أصل الفريضة، فتبلغ اثني عشر، للأخوين منها أربعة، و هو الثلث، و للباقي ثمانية تنقسم عليهم من غير كسر.

و لو كان عدد الإخوة اثنى عشر فالموافقة بالربع أيضا، فتضرب ربع عددهم- و هو ثلاثة- في أصل الفريضة- و هو ستة- تبلغ ثمانية عشر نصيبهم منها اثنا عشر على مقدار عددهم، و نصيب الأخوين ستة.

و إن انكسرت على أكثر من فريق فاما أن يكون بين سهام كل فريق و عدده وفق، و إما أن لا يكون للجميع وفق، أو يكون لبعض دون بعض، ففي الأول يرد كل فريق إلى جزء الوفق، و في الثاني

ج 39، ص: 339

يجعل كل عدد بحاله، و في الثالث ترد الطائفة التي لها الوفق إلى جزء الوفق، و تبقى الأخرى بحالها، ثم بعد ذلك إما أن تبقى الأعداد متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباينة.

و بالجملة انكسار الفريضة على أكثر من فريق إما أن يستوعب الجميع أو يحصل على البعض الزائد عن فريق دون البعض، و على التقديرين إما أن يكون بين سهام كل فريق و عدده وفق أو يكون للبعض دون البعض أو لا يكون للجميع وفق، فالصور ست، و على التقادير الستة إما أن تبقى الأعداد بعد إبقائها على حالها، أو ردها إلى جزء الوفق أو رد البعض و إبقاء البعض متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباينة، و مضروب الستة في الأربعة أربعة و عشرون، و قد يجتمع فيها الأوصاف بأن يكون بعضها مباينا لبعض، و بعضها موافقا، و بعضها مداخلا.

فهذه جملة أقسام المسألة، و قد أشار المصنف إلى أربعة أمثلة منها للصور الأربع الأخيرة، لكن ثلاثة منها مع مباينة العدد للنصيب و واحدة منها مع موافقة بعض و مباينة بعض.

و تمام الكلام فيها يكون في قسمين: الأول أن يكون الكسر على الجميع، و هو ثلاثة أنواع.

أحدها: أن لا يكون هناك وفق بين نصيب كل فريق و عدده، و فيه أربع أحوال باعتبار التماثل و التداخل و التوافق و التباين فان كان الأول اقتصرت على أحدهما و ضربته في أصل الفريضة، مثل أخوين لأب و أم و مثلهما لأم ف فريضتهم من ثلاثة لأن منها ثلثا و هو فريضة كلالة الأم، و هي لا تنقسم على صحة فيهما، ضرورة أن الثلث فيها واحد لا ينقسم على الأخوين من الأم صحيحا، و الثلثين منها

ج 39، ص: 340

اثنان و هما لا ينقسمان على الآخرين كذلك، فقد عم الانكسار الجميع إلا أن الأعداد متماثلة.

و متى كان كذلك ضربت أحد العددين و هو اثنان في الفريضة و هو ثلاث، فصارت ستة، للأخوين للأم سهمان بينهما و للأخوين للأب أربعة بينهما أيضا.

و كذا لو كانوا ثلاثة للأم و ثلاثة للأب ضربت أحد العددين في الثلاثة تكون تسعة، ثلاثة منها لكلالة الأم بالسوية، و ستة لكلالة الأب لكل واحد اثنان.

و إن تداخل العددان و هو الحال الثاني فاطرح الأقل و اضرب الأكثر في الفريضة و حينئذ تصح مثل إخوة ثلاثة لأم و ستة لأب فريضتهم ثلاثة لا تنقسم على صحة في الجميع و لكن أحد الفريقين نصف الآخر، فالعددان متداخلان، فاضرب الستة التي هي العدد الأكثر في الفريضة التي هي الثلاثة تبلغ ثمانية عشر، و منه تصح للاخوة من الأم ستة لكل واحد اثنان، و للاخوة من الأب اثنا عشر لكل واحد اثنان أيضا، و يمكن صحتها بالتسعة بملاحظة الموافقة فإن نصيب الإخوة للأب- و هو اثنان- كما يصدق عليه أن يداخل عددهم يصدق عليه أنه يوافقه بالنصف، فيقتصر حينئذ على عدد أحدهما بعد إرجاع عدد إخوة الأب إلى ثلاثة للموافقة، فيضرب في أصل الفريضة يبلغ تسعة، و بها تصح القسمة.

و لعل ذلك أولى من اعتبار التداخل، و لكن الأمر سهل، فان المراد التمثيل للصحة، و هو حاصل بكل منهما، و على كل حال فتصح في المثال المزبور.

و في مثل زوجتين و أربعة بنين أيضا فريضتهم ثمانية، لأن فيها الثمن

ج 39، ص: 341

و هي مخرجه، للزوجتين منها سهم لا ينقسم عليهما صحيحا، و للبنين الأربعة سبعة لا تنقسم عليهم صحيحا أيضا، و لا وفق بين الجميع بالمعنى الأخص، و لكن عدد الزوجات يداخل عدد الأولاد بالنصف، فيقتصر على الأربعة التي هي العدد الأكثر، و يضرب في الفريضة التي هي الثمانية تبلغ اثنين و ثلاثين، و بها تصح، أربعة منها للزوجتين، و ثمانية و عشرون للأولاد، كما هو واضح.

و إن توافق العددان و هو الحال الثالث فاضرب وفق أحدهما في عدد الآخر، فما ارتفع فاضربه في أصل الفريضة و حينئذ تصح.

مثل أربع زوجات و ستة إخوة فان فريضتهم أربعة لأن فيهم الربع، و هي مخرجه، و لكن لا تنقسم صحاحا في الجميع و لا وفق بين نصيب كل فريق و عدده و لكن بين عددهم و هو الأربعة و الستة وفق و هو النصف، فتضرب نصف أحدهما و هو اثنان أو ثلاثة في الآخر و هو ستة أو اثنان تبلغ اثني عشر، فتضرب ذلك الحاصل في أصل الفريضة، و هي أربعة، فما ارتفع صحت منه القسمة (11) و هو في الفرض ثمانية و أربعون، ربعها اثنا عشر للزوجات الأربعة، لكل واحدة ثلاثة، و ستة و ثلاثون للاخوة، لكل واحد منهم ستة منها.

و كذا لو كانت الاخوة من الأم أربعة و الاخوة من الأب ستة، فإن الفريضة ثلاثة، لأن فيها الثلث لكلالة الأم، و هي مخرجه، و هي لا تنقسم على الجميع صحاحا، و لكن بين الأربعة و الستة وفق بالنصف، فيضرب وفق أحدهما في مجموع الآخر، و هو ثلاثة في أربعة، أو اثنان في ستة، فتبلغ اثنى عشر، ثم تضرب المرتفع في أصل الفريضة تبلغ ستا و ثلاثين، للاخوة من الأم ثلثها، و هو اثنا عشر، لكل واحد ثلاثة

ج 39، ص: 342

و للاخوة من الأب أربعة و عشرون، لكل واحد منهم أربعة.

و كذا لو كانت أربع زوجات مع ستة أولاد، فإن الفريضة ثمانية، لأن فيها الثمن، و هي لا تنقسم عليهم جميعا صحاحا، إلا أن بين الأربعة و الستة توافق في النصف، فتضرب اثنين في ستة أو ثلاثة في أربعة فتبلغ اثني عشر، ثم تضرب المرتفع و هو الاثنا عشر في أصل الفريضة، و هي الثمانية تبلغ ستة و تسعين، للزوجات ثمنها، و هو اثنا عشر، لكل واحدة ثلاثة، و للأولاد أربعة و ثمانون، لكل واحد أربعة عشر كما هو واضح.

بل يمكن صحتها في المثال الأول بستة عشر بملاحظة التداخل، لأن بين نصيب الاخوة و عددهم توافقا بالثلث بالمعنى الأعم، فترد عددهم إلى اثنين، فيداخل عدد الزوجات، فيقتصر على عددهن، و تضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة عشر، للزوجات الأربعة أربعة، و للاخوة اثنا عشر، بل لعل ذلك أولى.

و إن تباين العددان و هو الحالة الرابعة فاضرب أحدهما في الآخر فما اجتمع فاضربه في الفريضة.

مثل أخوين لأم و خمسة من أب فإن فريضتهم ثلاثة لأن فيهم الثلث لكلالة الأم و هي مخرجه، و لا تنقسم عليهم على صحة و لا وفق بين العددين و لا تداخل، فاضرب أحدهما في الآخر أي الاثنان في الخمسة أو بالعكس و حينئذ تكون عشرة ثم اضرب العشرة في أصل الفريضة و هي ثلاثة فما ارتفع فمنه تصح القسمة و هو في المثال ثلاثون، ثلثها عشرة للأخوين من الأم، لكل واحد منهم خمسة، و عشرون للخمسة من الأب لكل واحد أربعة.

و كذا لو كان ثلاثة لأم و أربعة لأب، فإن فريضتهم أيضا ثلاثة، و هي لا تنقسم على الصحة في الجميع و لا وفق و لا تداخل، فاضرب

ج 39، ص: 343

أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر، ثم اضرب المرتفع في أصل الفريضة و هي الثلاثة تبلغ ستة و ثلاثين، ثلثها اثنا عشر للاخوة من الأم، لكل واحد أربعة، و ثلثاها أربعة و عشرون لكلالة الأب، لكل واحد منهم ستة، و هكذا، و الله العالم.

النوع الثاني: أن يكون الكسر على الجميع و لكن عدد البعض يوافق النصيب و عدد البعض لا يوافقه، و فيه الصور الأربع:

الأولى: أن تبقى الأعداد بعد رد الموافق إلى جزئه متماثلة، كزوجتين و ستة إخوة لأب، فإن فريضتهم أربعة، فإن فيهم الربع، و هي مخرجه و لا تنقسم على الصحة في الجميع، و لكن للاخوة منها ثلاثة يوافق عددهم بالثلث بالمعنى الأعم، فترد الستة إلى اثنين تماثل عدد الزوجات، لأن المفروض كونهما زوجتين، فيقتصر على أحدهما و تضربه في أصل الفريضة- و هي الأربعة- تبلغ ثمانية، للزوجتين منها اثنان، لكل واحدة واحد و للإخوة ستة كذلك.

الثانية: أن تبقى الأعداد بعد الرد متداخلة، كما لو كانت الزوجات أربعا فيداخلها الاثنان اللذان رد عدد الإخوة إليهما، فيجتزأ بالأكثر فتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة عشر، للزوجات الأربع أربعة، و للإخوة الستة اثنا عشر.

الثالثة: أن تبقى الأعداد بعد الرد متوافقة، كزوجتين و ستة إخوة من الأب و ستة عشر من الأم، فريضتهم اثنا عشر، و هي الحاصلة من ضرب أربعة مخرج الربع في ثلاثة مخرج الثلث، للزوجتين منها ثلاثة، لا تنقسم عليهما و هي مباينة لعددهما، و للاخوة من الأب خمسة، و هي مباينة لعددهم أيضا، و للاخوة من الأم أربعة، و هي توافق عددهم بالربع فتردهم إلى أربعة، جزء الوفق، يوافق عدد إخوة الأب بالنصف،

ج 39، ص: 344

فتضرب نصف أحدهما في الآخر، ثم المجتمع في أصل الفريضة اثنا عشر تبلغ مائة و أربعة و أربعين، و لا يحتاج إلى النظر في عدد الزوجات، لأنه إما توافق بالنصف أيضا للأربعة الموجب لاطراح نصفه و هو الواحد، أو يداخل لها، فللزوجتين ستة و ثلاثون، و لكلالة الأم ثمانية و أربعون، لكل واحد ثلاثة، و لإخوة الأب ستون.

الرابعة: أن تبقى بعد الرد متباينة، كما لو كانت الزوجات أربعة و الاخوة من الأب خمسة، و الاخوة من الأم ستة، فريضتهم اثنا عشر، لأن فيها الربع و مخرجه أربعة، و الثلث مخرجه ثلاثة، فإذا ضرب أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر، للزوجات منها ربعها و هو ثلاثة، و للاخوة من الأب خمسة، و للاخوة من الأم منها ثلث و هو أربعة، لا تنقسم عليهم على الصحة، لكن توافق عددهم بالنصف، فتردهم إلى ثلاثة، و حينئذ تقع المباينة بينها و بين الأربعة: نصيب الزوجات و الخمسة نصيب الاخوة، فتضرب ثلاثة التي رد إليها عدد الإخوة الموافقة بالنصف في أربعة عدد الزوجات تبلغ اثني عشر، ثم المرتفع في خمسة تبلغ ستين ثم تضرب هذا المجتمع في أصل الفريضة- و هي اثنا عشر- تبلغ سبعمائة و عشرين للزوجات منها مائة و ثمانون، لكل واحدة خمسة و أربعون، و لإخوة الأم مائتان و أربعون، لكل واحد أربعون، و لإخوة الأب ثلاثمائة لكل حد ستون.

النوع الثالث: أن يكون بين نصيب كل فريق و عدده وفق، فترد كل فريق إلى جزء الوفق ثم تعتبر الأعداد، فتأتي فيها الصور الأربع:

أحدها: أن تبقى الأعداد بعد ردها متماثلة، كست زوجات لمريض مات عنهن بعد طلاق بعضهن قبل الحول، و ثمانية من كلالة الأم، و عشرة من كلالة الأب، فالفريضة اثنا عشر، لأنها الحاصل من ضرب مخرج

ج 39، ص: 345

الثلث في مخرج الربع اللذين هما الفرضان في الفرض، للزوجات منها الربع ثلاثة، و هي توافق عددهن بالثلث، و لكلالة الأم الثلث و هو أربعة توافق عددهم بالربع، و لكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس، فترد كلا من الزوجات و الاخوة من الطرفين إلى اثنين، لأنها ثلث الأول و ربع الثاني و خمس الثالث، فتتماثل الأعداد، فيجتزأ باثنين، فتضربهما في أصل الفريضة تبلغ أربعة و عشرين، فللزوجات ستة، و لإخوة الأم ثمانية و لإخوة الأب عشرة، لكل واحد من الجميع سهم.

الثانية: أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متداخلة، كالمثال الأول إلا أن الاخوة من الأم ستة عشر، فنصيبهم يوافق عددهم بالربع أيضا، فيردهم إلى أربعة، و الاثنان اللذان رجع إليهما عدد الزوجات و الاخوة للأب يداخلانها فيجتزأ بالأربعة، و تضربها في أصل الفريضة، و هي اثنا عشر الحاصلة من مخرج الربع و الثلث تبلغ ثمانية و أربعين، للزوجات اثنا عشر، و للاخوة من الأم ستة عشر، و الباقي و هو عشرون للإخوة للأب.

الثالثة: أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متوافقة، كما لو كان الاخوة للأم في المثال أربعة و عشرين، توافق الأربعة بالربع، فيرجع عددهم إلى ستة و إخوة الأب عشرون، يوافق نصيبهم بالخمس فيرجع عددهم إلى أربعة، و قد رجع عدد الزوجات إلى اثنين، بين كل عدد و ما فوقه موافقة بالنصف، فيسقط الاثنان، و تضرب اثنين في ستة ثم المرتفع في اثني عشر يبلغ مائة و أربعة و أربعين، و القسمة واضحة.

الرابعة: أن يكون بعد الرد متباينة، كما لو كان الاخوة من الأم اثني عشر، فيرجع عددهم بعد الرد إلى ثلاثة، و إخوة الأب خمسة و عشرون فيرجع عددهم إلى خمسة، فيبقى العدد اثنين مع ثلاثة و خمسة و هي متباينة،

ج 39، ص: 346

فتضرب اثنين في ثلاثة، ثم الستة في خمسة، ثم الثلاثين في اثني عشر تبلغ ثلاثمائة و ستين، و قسمتها واضحة.

القسم الثاني: أن يكون الكسر على أكثر من فريق و لكن لم يستوعب الجميع، كثلاث زوجات و ثلاثة إخوة للأم و ثلاثة للأب، الفريضة اثنا عشر، للزوجات ثلاثة لا ينكسر عليهن، و ينكسر نصيب الاخوة من الطرفين عليهم، و بين العدد و النصيب فيهما مباينة، و الأعداد متماثلة، فيكتفى بأحدهما و تضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة و ثلاثين» فمن كان له في الأصل شي ء أخذه مضروبا في ثلاثة، فللإخوة من الأم اثنا عشر ثلثها، و للاخوة من الأب خمسة عشر، و للزوجات تسعة ربعها.

و الصور الاثنا عشر آتية في هذا القسم، و أمثلتها سهلة بعد مراجعة ما سمعت، و كذا لو كانت الأعداد بعد مراعاة النسبة مختلفة، فبعضها مباين لبعض و بعضها موافق، إلى غير ذلك من الفروض التي تظهر مما ذكرنا بأدنى التفات.

[تتمة العددان إما متساويان و إما مختلفان]

تتمة تشتد الحاجة إليها بحساب الفرائض، لاشتمالها على معرفة اصطلاحهم في الأسماء المذكورة، و هي العددان إما متساويان كخمسة و خمسة مثلا و إما مختلفان كخمسة و عشرة مثلا و المختلفان إما متداخلان أو متوافقان أو متباينان، فالمتداخلان هما اللذان يفني أقلهما الأكثر مرتين أو مرارا و لذا لا يتجاوز الأقل منه نصف الأكثر بل يدخل فيه و إن شئت سميتهما بالمتناسبين، كالثلاثة بالقياس إلى الستة

ج 39، ص: 347

و التسعة، و كالأربعة بالقياس إلى الثمانية و الاثنى عشر فان لم يكن كذلك فأما أن يفنيها جميعا عدد ثالث أي أزيد من الواحد الذي هو ليس عددا باصطلاحهم- كالستة مع العشرة اللتين يفنيهما الاثنان، و كالتسعة مع الاثني عشر التي يفنيهما الثلاثة- أو لا يفنيهما إلا الواحد.

و حينئذ فإن كان الأول فاسمهما المتوافقان و حينئذ ف هما اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من واحد كالعشرة و الاثنى عشر، فإنك إن أسقطت العشرة من الاثنى عشر يبقى اثنان، فإذا أسقطهما من العشرة مرارا فنيت بهما، فإذا حصل بعد الاسقاط اثنان فهما متوافقان بالنصف، و لو بقي ثلاثة فالموافقة بالثلث و كذا إلى العشرة فالموافقة بينهما بأحد الكسور المفردة التسعة.

و إن كان العدد الذي يفنيهما مما فوق العشرة فإن كان مضافا كالاثني عشر و الأربعة عشر و الخمسة عشر فالموافقة بذلك الكسر المضاف المنسوب إلى الجزء، كنصف السدس في الأول، و نصف السبع في الثاني و ثلث الخمس في الثالث، و إن كان العدد أصم لا يرجع إلى كسر منطق و لا إلى جزئه- كأحد عشر و ثلاثة عشر و سبعة عشر و تسعة عشر و ثلاثة و عشرين- فالموافقة بجزء من ذلك العدد.

و حينئذ ففي الأول لو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منهما كاثنين و عشرين و ثلاثة و ثلاثين، فإنه لا يعدهما إلا أحد عشر، فالموافقة بينهما بجزء من أحد عشر، فيرد أحدهما إليه، و تضربه في الآخر، فتضرب اثنين في ثلاثة و ثلاثين أو ثلاثة في اثنين و عشرين.

و بالجملة فإذا أردت أن تعلم أن أحد العددين هل يدخل في الآخر فأسقط الأقل من الأكثر مرتين فصاعدا أو زد على الأقل مثله مرتين

ج 39، ص: 348

فصاعدا فإن فني الأكثر بالأقل أو ساوى الأقل الأكثر بزيادة الأمثال فهما متداخلان و إلا فلا.

و إن أردت أن تعلم هل هما متوافقان فأسقط الأقل من الأكثر ما أمكن فما بقي منه فأسقط من الأقل، فإن بقي شي ء فأسقطه مما بقي من الأكثر، و لا تزال تفعل ذلك حتى يبقى (يفنى خ ل) العدد المنقوص منه أخيرا، فإن فني بواحد فلا موافقة بينهما، و إن فني بعدد فهما متوافقان بالجزء المأخوذ من ذلك العدد، فإن فني باثنين فهما متوافقان بالنصف، و إن فني بثلاثة فبالثلث، و إن فني بعشرة فبالعشرة و إن فني بأحد عشر فبأجزاء أحد عشر، و هكذا.

كأحد و عشرين و تسعة و أربعين، فأسقط الأقل من الأكثر مرتين تبقى سبعة تسقط السبعة من الأقل ثلاث مرات يفنى بهما فهما متوافقان بالأسباع.

و كمائة و عشرين و مائة و خمسة و ستين، تسقط الأول من الثاني تبقى خمسة و أربعون، تسقطها من المائة و العشرين مرتين تبقى ثلاثون، تسقطها من الخمسة و الأربعين تبقى خمسة عشر، تسقطها من الثلاثين مرتين، تفنى بها الثلاثون، فهما متوافقان بجزء من خمسة عشر.

و قد يتعدد المفنى لهما، كما في الاثني عشر و الثمانية عشر، فإنه يفنيهما الثلاثة و الستة و الاثنان، فتوافقهما حينئذ بالسدس و الثلث و النصف، لكن المعتبر منها عندهم أقلها جزء، لأنه أقل للفريضة و أسهل للحساب، و هو هنا السدس.

و كالعشرين و الثلاثين فإنه يفنيهما العشرة و الخمسة و الاثنان، فتوافقهما بالعشر و الخمس و النصف، و المعتبر العشر لما عرفت.

و على كل حال فان لم يكونا كذلك فاسمعهما المتباينان

ج 39، ص: 349

و هما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا أبقى واحد، مثل ثلاثة عشر و عشرين، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر من العشرين بقي سبعة، فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد و بذلك اتضح لك الحال فيما ذكرناه في المسألة السابقة المشتملة على الأسماء المزبورة، و الله العالم.

[القسم الثاني أن تكون الفريضة قاصرة عن السهام]

القسم الثاني أن تكون الفريضة قاصرة عن السهام، و لن تقصر إلا بدخول الزوج أو الزوجة كما عرفت سابقا. مثل أبوين و بنتين فصاعدا مع زوج أو زوجة فإن الفريضة تكمل بنصيب الأبوين مع البنتين أو أبوين و بنت و زوج فان الثلث و النصف و الربع يزيد على الفريضة. أو أحد الأبوين و بنتين فصاعدا مع زوج فان الربع و الثلثين و السدس يزيد كذلك ف الحكم حينئذ أن للزوج أو الزوجة في هذه المسائل نصيبهما الأدنى، و لكل واحد من الأبوين السدس، و ما يبقى فللبنت أو البنتين فصاعدا، و ذلك لأنه لا تعول الفريضة عندنا أبدا (11) كما تقدم الكلام فيه مفصلا.

و كذلك (12) لو كان أخوان لأم و أختان فصاعدا لأب و أم أو لأب مع زوج أو زوجة أو واحد من كلالة الأم مع أخت و زوج ففي هذه المسائل (13) أيضا يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى، و يدخل النقص على الأخت أو الأخوات للأب و الأم أو للأب خاصة

ج 39، ص: 350

لعدم العول عندنا فان انقسمت الفريضة على صحة فذاك و إلا ضربت سهام من انكسر عليهن النصيب في أصل الفريضة.

مثال الأول أبوان و زوج و خمس بنات فان فريضتهم اثنا عشر لأن فيها من الفروض ربعا و سدسا، و هما متوافقان بالنصف فتضرب نصف الأربعة في ستة تبلغ اثني عشر للزوج ربع و هو ثلاثة، و للأبوين سدسان و هو أربعة، و يبقى خمسة للبنات بالسوية و مخرج الثلثين نصيب البنات لو اعتبر به، و لم يراع النقص الداخل، فهو داخل في مخرج السدس.

و مثال الثاني ذلك أيضا و لكن كان البنات فيه ثلاثا فلم تنقسم الخمسة عليهن صحيحا، فهو حينئذ مما انكسرت الفريضة فيه على فريق واحد، و لكن بين عدده و نصيبه تباين فيقتصر على عدده.

و قد عرفت سابقا أنه متى كان كذلك ضربت ثلاثة في أصل الفريضة (11) و هي الاثنى عشر فما بلغت صحت منه المسألة (12) و هو في الفرض ستة و ثلاثون، ربعها تسعة للزوج، و السدسان اثنا عشر للأبوين، يبقى خمسة عشر لكل واحدة خمسة. و كذا لو كن أربعا أو ستا إلى التسع.

و لو كن عشرا وافق عددهن نصيبهن بالخمس، فترد عددهن إلى اثنين، و تضربهما في أصل الفريضة تبلغ أربعة و عشرين، فإنه يبقى للبنات بعد ذوي الفروض عشرة بعددهن.

و لو كن خمسة عشر وافق عددهن نصيبهن بالخمس، فترده إلى ثلاثة، و تضربها في أصل الفريضة، يكمل لهن خمسة عشر بعددهن، و على هذا القياس.

ج 39، ص: 351

[القسم الثالث أن تزيد الفريضة عن السهام]

القسم الثالث أن تزيد الفريضة عن السهام، فترد على ذوي السهام عدا الزوج و الزوجة و الأم مع الاخوة على ما سبق الكلام فيه أو يجتمع من له سببان مع من له سبب واحد كالأخت من الأبوين مع الاخوة للأم فذو السببين أحق بالرد كما تقدم الكلام فيه سابقا.

و على كل حال فالأول الذي فيه الرد من دون أولوية مثل أبوين و بنت فإن أصل فريضته ستة، لأنها مخرج السدس الذي يدخل فيه مخرج النصف، و الفاضل فيه منها واحد فإذا لم يكن إخوة يحجبون الأم فالرد أخماسا على حسب السهام، فتضرب خمسة سهام الرد في الستة أصل الفريضة تبلغ ثلاثين، عشرة منها للأب و الأم، و خمسة عشر منها فرض البنت، و الباقي خمسة، ثلاثة منها للبنت ردا، و اثنان لكل واحد من الأبوين واحد كذلك.

و إن كان إخوة يحجبون الأم عن ذلك فالرد أرباعا ف تضرب أربعة مخرج سهام الرد في الستة أصل الفريضة (11) تبلغ أربعة و عشرين، اثنا عشر منها فرض البنت، و ثمانية فرض الأبوين تبقى أربعة، ثلاثة منها للبنت ردا، و واحد للأب كذلك.

و بالجملة فالضابط أنك تضرب مخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما بلغت صحت فيه المسألة.

و (12) كذا الكلام في مثل أحد الأبوين و بنتين فصاعدا، ف (13) ان الفاضل يرد (14) عليهم أخماسا، فتضرب (15) حينئذ خمسة

ج 39، ص: 352

في أصل الفريضة كما عرفت، و منه تصح القسمة.

و كذا مثل واحد من كلالة الأم مع أخت لأب ف ان الرد يكون عليهما على الأصح أرباعا و قيل: يختص بالأخت للأب كما تقدم الكلام فيه مفصلا.

و مثل اثنتين من كلالة الأم مع أخت لأب كان الرد أخماسا و على كل حال فقد عرفت أن الضابط أن تضرب خمسة أو أربعة في أصل الفريضة فما ارتفع صحت فيه القسمة كما هو واضح.

[المقصد الثاني في المناسخات]

المقصد الثاني:

في المناسخات جمع مناسخة، و هي مفاعلة من النسخ، و هو النقل و التحويل من نسخت الكتاب أو أنقلته من نسخة إلى أخرى، سميت هذه المسائل بها لأن الأنصباء بموت الثاني تنسخ و تنقل من عدد إلى عدد، و كذا التصحيح ينقل من حال إلى حال، و كذا عدد مجموع الورثة تنقل من مقدار إلى مقدار بموت واحد منهم، و قد يطلق على الابطال، و منه نسخت الشمس الظل إذا أبطلته، و لعل المناسبة حينئذ أن الغرض أبطل تلك القسمة و تعلق غرضه بغيرها و إن اتفق موافقة الثانية للأولى.

و على كل حال ف نعني به (11) أي النسخ هنا أن يموت إنسان فلا تقسم تركته، ثم يموت بعض وراثه و يتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد (12) و حينئذ فطريق ذلك أن تصحح مسألة الأول و يجعل للثاني من ذلك نصيب إذا قسم على ورثته صح من غير كسر

ج 39، ص: 353

فان كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من غير اختلاف في القسمة كان كالفريضة الواحدة.

مثل إخوة ثلاثة و أخوات ثلاث من جهة واحدة مات أحد الإخوة، ثم مات الآخر، ثم ماتت إحدى الأخوات، ثم ماتت أخرى و بقي أخ و أخت، فمال الموتى بينهم أثلاثا إن كانوا من الجهة التي يقسمون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين أو بالسوية إن كانوا من جهة الأم.

و حاصل ذلك أن يجعل الميت الثاني مثلا كأن لم يكن، و تقسم التركة على الباقين، كما لو مات الأول عن إخوة و أخوات من أب أو أم سواء كانوا كلهم ذكورا أم إناثا، أم متفرقين، و سواء مات الثاني و الثالث من صنف واحد أو من صنفين، و سواء اتحدت جهة الاستحقاق كما سمعته في الاخوة أو اختلفت، كما لو مات شخص عن بنين و بنات ثم مات أحدهم و لم يترك وارثا سوى باقي إخوته، و هكذا.

نعم لو ماتت امرأة عن أولاد مختلفي الآباء فكان واحد منهم مثلا من أب و الباقون من أب آخر فان مالها للجميع بالسوية أو للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا مات واحد من الاخوة للأب و الأم و ترك الباقين فإن إرثه منحصر فيهم، لكن إرثهم من الأخ ليس على حسب إرثهم من الأم، فإن الأخ من الأم له السدس، و الاخوة من الأبوين لهم الباقي، فيكون الحكم هنا كما لو اختلف الوارث، كما هو واضح.

و لو اختلف الاستحقاق خاصة، كما لو مات رجل و ترك ثلاثة أولاد، ثم مات أحدهم و لم يخلف غير الأخوين المذكورين، فإن جهة الاستحقاق في الفريضة مختلفة، فإنها في الأولى البنوة و في الثانية الاخوة و الوارث واحد.

ج 39، ص: 354

أو الوراث خاصة، كما لو مات رجل و ترك ابنين فمات أحدهما و ترك ابنا فإن جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة و هي البنوة، و الوارث مختلف لكونه في الأولى ابنا و في الثانية ابنه.

أو هما معا كما لو مات رجل و خلف زوجة و ابنا و بنتا ثم ماتت الزوجة عن ابن و بنت من غير الميت، فإن جهة الاستحقاق في الأولى الزوجية و في الثانية البنوة، و الوارث فيها أولادها، و في الأولى الزوجة و أولاده، و حينئذ فالصور أربعة كما في التنقيح و غيره.

لكن قد يناقش فيه بأن تفسير اتحاد الاستحقاق و اختلافه بما عرفت لا يطابق قسمة المناسخات في الحالتين معا على إطلاقه، لأنه يستلزم أن يكون مع اختلاف جهة الإرث مطلقا يحتاج إلى البحث عن الفريضة الثانية و لا يكتفى بالأولى، و هو ينتقض بما لو مات الأول عن أولاد ثم مات بعضهم عن الباقين، فإن جهة الاستحقاق في الأولى بالبنوة و في الثانية بالاخوة، مع أن هذا لا يفتقر إلى تصحيح الفريضتين، بل يجعل الميت الثاني كأن لم يكن، و لا يقدح اختلاف جهة الإرث بالبنوة و الاخوة في ذلك أصلا، فالأولى إرادة ما ذكرناه سابقا من اختلاف الاخوة بكون أحدهم من الأم من اختلاف الاستحقاق، فإنه المحتاج إلى تصحيح المسألة حينئذ.

بل لعل قول المصنف: «و لو اختلف الاستحقاق» إلى آخره ظاهر في أن الصورة الأولى اتحد فيها الوارث و الاستحقاق، مع أنه ليس كذلك، ضرورة اختلاف عدد الوارث في الحالين، فالأولى جعل المدار على انحصار ورثة الميت الثاني في الأول، و يكون إرثهم من الثاني على حسب إرثهم من الأول، و عدم ذلك.

و كيف كان فمتى كان الحال على الاختلاف المزبور فانظر نصيب

ج 39، ص: 355

الثاني، فإن نهض بالقسمة على الصحة فلا كلام، مثل أن يموت إنسان و يترك زوجة و ابنا و بنتا من غيرها فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة و عشرين مضروب مخرج الثمن في مخرج الثلث و الثلثين الابن و البنت ثم تموت الزوجة فتترك ابنا و بنتا تنقسم عليهما الثلاثة المزبورة على الصحة.

و هو مثال الصورة الأخيرة التي ذكرناها سابقا، بل الحكم كذلك في المثالين السابقين أيضا، كما هو واضح بأدنى التفات.

و إن لم ينقسم نصيبه على وارثه على صحة فهنا صورتان: الأولى:

أن يكون بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول و بين الفريضة الثانية وفق، فتضرب وفق الفريضة الثانية- لا وفق نصيب الميت الثاني- في الفريضة الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان.

مثل أخوين من أم و مثلهما من أب و زوج ثم مات الزوج و خلف ابنا و بنتين ف ان الفريضة الأولى ستة لأن فيها نصفا و ثلثا، و مضروب أحدهما في الآخر ستة، للزوج ثلاثة و للأخوين من الأم اثنان فلا كسر، و لكن يبقى للأخوين من الأب واحد، و الفرض أن لهما سهمين ف ينكسر فيهما فيصير إلى اثني عشر بضرب الاثنين في أصل الفريضة نصيب الزوج منها ستة و بقي النصف لا تنقسم على سهام أربعة (11) كي تكون صحيحة على ورثته الذين هم الولد و البنتان و لكن (12) فريضتهم توافق الفريضة الثانية (13) و هي الأربعة بالنصف، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية و هو الاثنان (14) من الأربعة لا من النصيب في الفريضة الأولى، و هي اثنا عشر، فما بلغت صحت منه الفريضتان (15) و هو أربعة و عشرون و (16) حينئذ ف كل من كان له من الفريضة الأولى شي ء أخذه

ج 39، ص: 356

مضروبا في اثنين فللاخوين من الأم أربعة من الفريضة الأولى يأخذانها مضروبة فيما ضربته في المسألة الأولى تبلغ ثمانية، و هي ثلث الفريضة، و للأخوين من الأب من الفريضة الأولى اثنان يأخذانهما مضروبين في اثنين، و للزوج ستة يأخذها مضروبة في اثنين، ثم ابن الزوج له نصف فريضة و هو ثلاثة من نصيب أبيه في الأولى، يأخذها مضروبة في وفق نصيبه و مسألته، و هو اثنان، و للبنتين النصف تأخذان الثلاثة مضروبة في اثنين كذلك.

و مثل أن يخلف الأول أبوين و ابنا ثم يموت الابن عن ابنين و بنتين فريضة الأول من ستة، للابن منها أربعة و فريضته من ستة أيضا، و هي توافق نصيبه بالنصف، فتضرب فريضته و هو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر، له منها اثنا عشر تنقسم بين ورثته على صحة، و للأبوين ستة.

و مثل أن يخلف الابن في المثال زوجة و ولدا، فريضته ثمانية توافق نصيبه في الربع، فتضرب ربع الفريضة و هو اثنان في الفريضة الأولى تبلغ اثني عشر، له منها ثمانية بمقدار فريضته المطلوبة، و على هذا القياس.

الصورة الثانية: أن يتباين النصيب و الفريضة، فتضرب الثانية في الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان، فكل من كان له من الفريضة الأولى شي ء يأخذه مضروبا في الثانية.

مثل زوج و اثنين من كلالة الأم و أخ من أب، ثم مات الزوج و ترك ابنين و بنتا، فريضة الأول من ستة لأن فيها ثلثا و نصفا، و لا يقال: إن فيها سدسا و نصفا و النصف داخل فيه، لأن كلالة الأم مع التعدد فريضتهم الثلث، و إذا اتفق أن لكل واحد منهم سدسا على تقدير كونهم اثنين، فان ذلك اتفاقي و حينئذ ف نصيب الزوج منها

ج 39، ص: 357

ثلاثة لا تنقسم على خمسة و لا توافق، فاضرب الخمسة في الفريضة الأولى، فما بلغ صحت منه الفريضتان و هو هنا ثلاثون، للزوج منها خمسة عشر، تنقسم على الابنين و البنت صحيحا، و لكلالة الأم ثلثها عشرة، تنقسم صحيحا عليهما، و الباقي للأخ من الأب.

و لو ترك الزوج ابنين فكذلك لكن فريضته اثنان، تضربهما في الأولى فله ستة في الثانية مضروب الثلاثة نصيبه من الأولى في اثنين، و للأخوين من الأم أربعة مضروب اثنين في اثنين، و للأخ من الأب اثنان.

و مثل أبوين و ابن ثم ترك الابن ابنين و بنتا أو ابنا و بنتا، ففريضة الأولى ستة كالسابقة، للابن أربعة و فريضته في الأول خمسة تباين نصيبه فتضرب فريضته في الفريضة الأولى تبلغ ثلاثين، فيأخذه ورثة الأربعة مضروبة في خمسة، و هو عشرون، و في الثاني فريضته ثلاثة تباين الأربعة أيضا فتضرب ثلاثة في ستة تبلغ ثمانية عشر، له منها اثنا عشر بين الابن و البنت أثلاثا، و هكذا فسر على ذلك غيره، و الله العالم.

و لو كانت المناسخات أكثر من فريضتين نظرت في الثالثة، فإن انقسم نصيب الثالث على ورثته على صحة فذاك و إلا عملت في فريضته مع الفريضتين ما عملت في فريضة الثاني مع الأول، و كذا لو فرض موت رابع أو ما زاد على ذلك.

و يمكن فرض ذلك بأقسامه في المثال السابق بأن يموت أحد و لدي الزوج، فان نصيب الولد المذكور من نصيب أبيه ستة من خمسة عشر فهذه مناسخة ثالثة، فان خلف ابنين و بنتين أو ستة أولاد متساوين ذكورية و أنوثية و نحو ذلك انقسمت فريضته من سهمه من غير كسر.

و إن خلف ابنا و بنتين كانت فريضته من أربعة، و هي توافق نصيبه بالنصف، فتضرب نصف فريضته و هو اثنان في ما اجتمع من المسألتين

ج 39، ص: 358

و هو ثلاثون تبلغ ستين و يكمل العمل، و كل من كان له شي ء من الفريضة الثانية يأخذه مضروبا في اثنين.

و إن خلف ابنين و بنتا باينت فريضته و هي خمسة نصيبه و هو ستة» فتضرب فريضته في ثلاثين تبلغ مائة و خمسين، و من كان له شي ء من الفريضة الثانية أخذه مضروبا في خمسة.

و لو فرض موت آخر من هذه الأولاد فهي أربعة، فتعتبر فريضته و نصيبه، و تعمل كل ما عملت سابقا و هكذا، و الله العالم و الموفق.

[المقصد الثالث في معرفة سهام الوارث من التركة]

المقصد الثالث في معرفة سهام الوارث من التركة فإن ذلك هو ثمرة الحساب في الفرائض، إذ المسألة قد تصح من مائة مثلا و التركة درهم، فلا يتبين نصيب كل وارث منهم إلا بعمل آخر.

فنقول: التركة إن كانت عقارا فهو مقسوم على ما صحت منه المسألة، و إن كانت مكيلة أو موزونة أو معدودة بذراع أو غيره احتيج إلى عمل و للناس في ذلك طرق أقربها أن تنسب سهام كل وارث من الفريضة و تأخذ له من التركة بتلك النسبة، فما كان فهو نصيبه منها.

و لكن هذا إنما يكون أقرب إذا كانت النسبة واضحة، مثل زوجة و أبوين و لا حاجب، فالفريضة من اثني عشر، للزوجة ثلاثة: هي ربع الفريضة، فتعطى ربع التركة كائنة ما كانت، و للأم أربعة: هي ثلث الفريضة فتعطى ثلث التركة كذلك، و للأب خمسة: هي ربع و سدس، فيعطى ربع التركة و سدسها.

ج 39، ص: 359

و قد لا يسهل استخراج هذه النسبة إلا بضرب التركة، كما لو كانت التركة خمسة دنانير مثلا و الفريضة بحالها، فإنه يحتاج إلى ضرب الخمسة في عدد سهام الفريضة و هي الاثنا عشر فتكون ستين، فتجعل الخمسة حينئذ ستين جزء، كل دينار من ذلك اثنا عشر جزء، فللزوجة خمسة عشر جزء: ربع التركة، و هي دينار و ربع دينار، و للأم عشرون جزء ثلث التركة، و هي دينار و ثلثا دينار، و للأب خمسة و عشرون جزء:

و هي ديناران و نصف سدس دينار.

و إن شئت قسمت التركة على الفريضة فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد، فما بلغ فهو نصيبه و هو طريق آخر، بل هو حسن لكن مع سهولة القسمة، كما لو كانت الفريضة المزبورة بحالها و التركة ستة دنانير، فإنها إذا قسمت على الفريضة كان لكل سهم نصف دينار، فتضرب نصف دينار في سهام الزوجة، و هي ثلاثة: ربع الفريضة، يكون دينارا و نصفا، و تضرب نصف دينار في سهام الأم و هي أربعة: ثلث الفريضة تكون دينارين، و تضرب نصف دينار في سهام الأب و هي خمسة يكون دينارين و نصفا.

و لك طريق آخر عام النفع في النسب الظاهرة و الخفية و هو قسمان:

أحدهما أنه إذا كانت التركة صحاحا لا كسر فيها كالاثني عشر فحرر العدد الذي منه تصح الفريضة ثم خذ ما حصل لكل وارث و اضربه في التركة، فما حصل فاقسمه على العدد الذي تصح منه الفريضة فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث مثل ثلاث زوجات و أبوين و ابنين و بنت، فإن الفريضة فيها من أربعة و عشرين، ثمنها ثلاثة للزوجات، و سدساها للأبوين ثمانية، فتنكسر في نصيب الأولاد على خمسة، لأن الفرض

ج 39، ص: 360

كونهم ابنين و بنتا و لا وفق، فتضرب عددهم و هو الخمسة في الأصل الذي هو أربعة و عشرون، فتكون مائة و عشرون، و سهام الزوجات منها خمسة عشر ثمنها، لكل زوجة خمسة، تضرب في التركة- و هي الاثنا عشر- تكون ستين دينارا، تقسمها على مائة و عشرين، يخرج نصف دينار و هو نصيب كل زوجة من الاثنى عشر أي دينار و نصف، و سهام كل من الأبوين سدسها، و هو عشرون، فتضربها في اثنى عشر تكون مائة و أربعين تقسمها على مائة و عشرين، يخرج ديناران و هو نصيب كل واحد من الأبوين، و سهام كل ابن ستة و عشرون تضربها في اثنى عشر تكون ثلاثمائة و اثني عشر دينار، تقسمها على مائة و عشرين يخرج ديناران و ثلاثة أخماس دينار لكل ابن، و للبنت دينار و ثلاثة أعشاره.

و لو كان فيها أي التركة كسر كما لو كانت اثني عشر و نصفا مثلا و هو القسم الثاني فابسط التركة من جنس ذلك الكسر بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة، فما ارتفع أضفت إليه الكسر و عملت فيه ما عملت في الصحاح و هو في الفرض خمسة و عشرون، لأن الفرض كون الكسر نصفا و ضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ أربعة و عشرين، فإذا أضفت إليه الكسر كان خمسة و عشرين.

و لو فرض أنه ثلث كان سبعة و ثلاثين، لأن ضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ ستة و ثلاثين، فإذا أضفت إليه الكسر كان سبعة و ثلاثين، و هكذا و لو ضربت المخرج في الصحاح و الكسر ابتداء حصل المطلوب أيضا، و استغنيت عن اضافة الكسر مرة أخرى، كما هو واضح.

و على كل حال فما اجتمع حينئذ للوارث قسمته على ذلك المخرج، فان كان الكسر نصفا قسمته على اثنين لأنهما مخرج النصف و إن كان ثلثا قسمته على ثلاثة لأنها مخرج الثلث و على

ج 39، ص: 361

هذا القياس إلى العشر الذي هو منتهى الكسور ف تقسمه حينئذ على عشرة فما اجتمع فهو نصيبه.

فلو فرض أن الوارث زوج و أبوان و بنت ففريضتهم اثنا عشر، و كانت التركة عشرا و نصفا، فابسطها من جنس التركة تكون أحد و عشرين و أعمل فيها ما ذكرناه سابقا.

فتضرب سهام البنت- و هو خمسة من اثني عشر- في أحد و عشرين تبلغ مائة و خمسة تقسمها على اثني عشر تخرج بالقسمة ثمانية و ثلاثة أرباع تقسمها على اثنين تخرج أربعة و ربع و ثمن، و ذلك حصتها من العشرة و نصف، و تضرب سهام الأبوين- و هي أربعة من الاثني عشر- في الإحدى و عشرين تبلغ أربعة و ثمانين، تقسمها على اثني عشر تخرج سبعة، تقسمها على اثنين تخرج ثلاثة و نصفا، و هي نصيبهما من العشرة و نصف، و تضرب سهام الزوج- و هي ثلاثة ربع الاثنى عشر- في أحد و عشرين تبلغ ثلاثة و ستين، تقسمها على اثني عشر تخرج خمسة و ربع، تقسمها على اثنين تخرج اثنان و نصف و ثمن، و ذلك نصيبه من العشرة و نصف.

و إذا أردت معرفة صحة ذلك فاجمع الجميع و أضف الكسور بعضها إلى بعض تبلغ عشرة و نصفا، و هو دليل صحة القسمة، و على هذا القياس.

و لو كانت التركة عددا أصم أي خال من الكسور التسعة كأحد عشر و ثلاثة عشر فاقسم التركة عليه، فان بقي ما لا يبلغ دينارا فابسطه قراريط و اقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ قيراطا فابسطه حبات و اقسمه. فإن بقي ما لا يبلغ حبة فابسطه أرزات و اقسمه، فإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه (فاقسمه خ ل) بالأجزاء إليها و ذلك لأن الدينار

ج 39، ص: 362

عشرون قيراطا، و القيراط ثلاث حبات، و الحبة أربع أرزات، و ليس بعد الأرزة اسم خاص، و لذا كانت النسبة بالأجزاء إليها.

فلو فرض كون الوارث أربعة بنين و ثلاث بنات كان فريضتهم أحد عشر، فلو فرض كون التركة اثني عشر دينارا جعل كل سهم منها دينارا و جزء من أحد عشر جزء من دينار، فيقال: للابن ديناران و جزءان من أحد عشر جزء من دينار، و للبنت دينار و جزء، و لا يحتاج إلى البسط.

و إن بقي بعد القسمة ما لا يبلغ دينارا كما لو كانت التركة أحد عشر دينارا و ثلاثة أرباع دينار فابسط كسر الدينار قراريط تبلغ خمسة عشر قيراطا، فإذا قسمتها على أحد عشر تبقى أربعة قراريط، فابسطها حبات تبلغ اثني عشر حبة، لأن القيراط كما عرفته ثلاث حبات، تفضل حبة، فابسطها أرزات تكن أربع لا تنقسم، فاعتبرها بالجزء يكون الخارج بالقسمة أربعة أجزاء من أرزة، فكل سهم يخصه دينار و قيراط و حبة و أربعة أجزاء من أرزة.

فإذا أردت العلم بصحة ذلك فاجمع الجميع تبلغ أحد عشر، فإنه الضابط لذلك و غيره من مسائل الفرائض، كما أشار إليه المصنف و غيره بقوله و قد يغلط الحاسب فإذا أراد معرفة ذلك فليجمع ما يحصل للوارث، فان ساوى التركة فالقسمة صواب و إلا هي خطأ و إن كان هو غير قطعي، لاحتمال الغلط في التفصيل.

و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين سادات الأمم و أولياء النعم.

ج 39، ص: 363

إلى هنا- و بحمد الله- تم الجزء التاسع و الثلاثون من كتاب جواهر الكلام، و قد بذلنا الجهد في تنميقه و تحقيقه و التعليق عليه و تصحيحه، فنشكره تعالى على ما وفقنا لذلك، و نسأله أن يديم توفيقنا لإخراج بقية الأجزاء و يزيد من فضله أنه ذو الفضل العظيم.

و يتلوه الجزء الأربعون في كتاب القضاء إنشاء الله تعالى.

النجف الأشرف محمود القوچاني

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.