الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت المجلد5

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم : العاملي

المجلد الخامس

زيارة قبر النبي وقبور الأنبياء والأوصياء علیهم السلام

دار السيرة

الكتاب : الإنتصار

المؤلف : العاملي

الناشر : دار السيرة

الطبعة : الأولى

1421 ه - 2000 م

ص: 2

الباب السادس: زيارة قبر النبي وقبور آله صلی الله علیه و آله والإستشفاع والتوسل والإستغاثة بهم إلى الله تعالى بهم

اشارة

عناوين الفصول :

فصول الباب :

 الفصل الأول : زيارة قبور النبي وآله صلی الله علیه و آله

 الفصل الثاني : البناء على قبور الأنبياء والأوصياء علیهم السلام

 الفصل الثالث : التبرك بآثار الأنبياء والأئمة علیهم السلام

 الفصل الرابع : التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي وآله صلوات الله عليهم

 الفصل الخامس : تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي وأمثاله !!

 الفصل السادس : الإحتفال بالمولد النبوي .. وإهداء الزهور للمريض .. حرام !!

 الفصل السابع : صيغة الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: زيارة قبر النبي وقبور آله صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين المواضيع :

 بدعة ابن تيمية تحريم التوسل والإستشفاع ..

 شبهة على أصل التوسل

 مسألة التوسل دقيقة وحساسة

 التوسل والتوجه في مصادر السنيين

 توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي صلی الله علیه و آله

ص: 5

ص: 6

زيارة قبر النبي و قبور آله

أوردنا في هذا الفصل ما غلب عليه بحث الزيارة، وفيه موضوعات تعرضت للتوسل أيضاً.

كما أن فصل التوسل فيه موضوعات تعرضت للزيارة أيضاً.

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 21-6-1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (زيارة الحنابلة للقبور، وتوسلهم بأصحابها!!)، قال فيه:

في طبقات الحنابلة، لأبي يعلي: 2/186:

سمعت رزق الله يقول: زرت قبر الإمام أحمد صحبة القاضي الشريف أبو علي فرأيته يقبل رجل القبر، فقلت له في هذا أثر؟ قال لي: أحمد في نفسي شئ عظيم! وما أظن أن الله تعالي يؤاخذني بهذا.

وفي وفيات الأعيان، لابن خلكان:1/64:

أحمد بن حنبل... وفي ضحوة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول... بغداد، ودفن بمقبرة باب حرب، وباب حرب منسوب إلي حرب بن

ص: 7

عبد الله أحمد أصحاب أبي جعفر المنصور، وإلي حرب هذا تنسب المحلة المعروفة بالحربية، وقبر أحمد بن حنبل مشهور بها يزار.

وفي السيرة النبوية، لابن يوسف الشامي: 12/398:

في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه رواية أبي علي الصوان قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يمس منبر النبي (صلی الله علیه و آله) ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله عز وجل؟ قال: لا بأس.

وفي تاريخ بغداد للخطيب: 4/423:

عن أبي الفرج الهندباني يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة، فرأيت في المنام قائلاً يقول لي: لم تركت زيارة إمام السنة!!

وفي مراصد الاطلاع للبغدادي: 3/1295:

مقابر قريش ببغداد... بين مقبرة الإمام أحمد والحريم الطاهري بها مشهد قبر موسي بن جعفر، وابن ابنه الجواد.

وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 481:

أبو زرعة الهنديائي يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة فرأيت في المنام قائل يقول لي: تركت زيارة قبر إمام السنة..

صالح بن أحمد بن حنبل قال: لما توفي أبي وجه إلي ابن طاهر من يصلي عليه.. فلما صرنا إلي الصحراء إذا ابن طاهر واقف فصلي ولم يعلم الناس بذلك، فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون عليه علي القبر، ومكث الناس يأتون فيصلون علي القبر..

وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 418:

عبد الوهاب الوراق يقول: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة، والطعن علي أهل البدع.. ولزم بعض الناس القبر وباتوا عنده..

ص: 8

وفي عمدة القاري للعيني مجلد 5 جزء 9 ص 241:

أبو سعيد العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل.. إن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي (صلی الله علیه و آله) وتقبيل منبره فقال: لا بأس بذلك قال: فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت!!! أحمد عندي جليل يقول هذا كلامه؟!! وأي عجب! وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي، وشرب الماء الذي غسله به!!

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: 14/335:

وقال ابن خزيمة: هل كان ابن حنبل إلا غلاماً من غلمان الشافعي.

وفي الإعتصام للشاطبي: 1/226:

والجواب عن هذا - قول أحمد بن حنبل - أنه كلام مجتهد يحتمل اجتهاده الخطأ والصواب.. وقد كان ابن حنبل يميل إلي نفي القياس ولذلك قال ما زلنا نلعن أهل الرأي ويلعنوننا، حتي جاء الشافعي فخرج بيننا.

وفي رحلة ابن بطوطة: 1/220:

قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين بها... وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة وعليه قبة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ما عدا هذه الزاوية، وبالقرب منها قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل ولا قبة عليه.. ويذكر أنها بنيت علي قبره مراراً فتهدمت بقدرة الله تعالي، وقبره عند أهل بغداد معظم، وأكثرهم علي مذهبه، وبالقرب منه قبر أبي بكر الشبلي من أئمة المتصوفة.

الله يزور أحمد كل عام!!

وفي الغدير للأميني: 11/139:

ص: 9

روي ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 قال: حدثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلي الحربي وكان شيخاً صالحاً قال: كان قد جاء في بعض السنين مطر كثير جداًّ قبل دخول رمضان بأيام فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت علي عادتي إلي قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره فرأيت قبره قد التصق بالأرض حتي بقي بينه وبين الأرض مقدار ساف أو سافين فقلت: إنما تم هذا علي قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث فسمعته من القبر وهو يقول: لا بل هذا من هيبة الحق عز وجل لأنه عز وجل قد زارني، فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام فقال عز وجل: يا أحمد! لأنك نصرت كلامي فهو ينشر ويتلي في المحاريب. فأقبلت علي لحده أقبله. ثم قلت: يا سيدي ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك؟ فقال لي: يا بني ليس هذا كرامة لي، ولكن هذا كرامة لرسول الله صلي الله عليه وسلم لأن معي شعرات من شعره صلي الله عليه وسلم، ألا ومن يحبني، يزورني في شهر رمضان، قال ذلك مرتين!

أحمد والملكان النكيران!!

ذكر ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 عن عبد الله بن أحمد يقول: رأيت أبي في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: جاءك منكر ونكير؟ قال: نعم، قالا لي: من ربك؟ قلت: سبحان الله أما تستحيان مني؟ فقالا لي: يا أبا عبد الله! أعذرنا بهذا أمرنا.

قال الأميني: ما أجرأ الإمام علي الملكين الكريمين في ذلك المأزق الحرج؟ وما أجهله بالناموس المطرد من سؤال القبر وأنه بأمر من الله العلي العزيز.. حتي جابه الملكين بذلك القول الخشن، ما أحمد وما خطره؟

ص: 10

وقد جاء في الرواية: أن عمر ارتعد منهما لما دخلا عليه وكان عمر بمحل من المهابة علي حد قول عكرمة: أنه دعا حجاماً فتنحنح عمر وكان مهيباً فأحدث الحجام فأعطاه عمر أربعين درهماً.

وعلي الملكين أن يشكرا الله سبحانه علي أن كف الإمام عن أن يصفعهما فيفقأ عينهما كما فعل موسي بملك الموت في مزعمة أبي هريرة.

عمود نور من السماء إلي قبر الحنبلي

الغدير للأميني: 11/157:

ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: 3/46، في ترجمة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبلي المعروف بغلام الخلال المتوفي سنة 363 قال:

حكي أبو العباس ابن أبي عمرو الشرابي قال: كان لنا ذات ليلة خدمة أمسيت لأجلها، ثم إني خرجت منها نوبة الناس وتوجهت إلي داري بباب الأزج، فرأيت عمود نور من جوف السماء إلي جوف المقبرة فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت خوفاً أن يغيب عني، إلي أن وصلت إلي قبر أبي بكر عبد العزيز فإذا أنا بالعمود من جوف السماء إلي القبر، فبقيت متحيراً ومضيت وهو علي حاله.

قال الأميني: أبو بكر الحنبلي هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم في عصره صاحب التصانيف وهو الراوي عن الخلال عن الحمصي عن إمام الحنابلة أحمد: أنه سئل عن التفضيل، فقال: من قدم علياًّ علي أبي بكر فقد طعن علي رسول الله صلي الله عليه وآله، ومن قدمه علي عمر فقد طعن علي رسول الله صلي الله عليه وآله وعلي أبي بكر، ومن قدمه علي عثمان فقد طعن علي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أهل الشوري والمهاجرين والأنصار.

ص: 11

قال الأميني: وليت مثقال ذرة من ذلك النور الخيالي الممتد من قبر الرجل سطع علي مكمن بصيرته إبان حياته، فلا يخضع لكلمة شيخه التافهة هذه التي تخالف الكتاب والسنة، وإن مقدار الرجل ينبو عن التدخل في هذا الشأن العظيم الذي ليس هو من رجاله لكن " حن قدح ليس منها " أني يقع قوله في التفضيل مع آيتي المباهلة والتطهير؟ ومقتضي الأولي اتحاد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مع صنوه النبي

الأعظم صلي الله عليه وآله فيما يمكن اتحاد شخصين فيه، وليست هي إلا الفضائل والفواضل والمكارم والمآثر ما خلا النبوة، فما ظنك برجل يوازنه صلي الله عليه وآله فيما ذكرناه من الفضل؟

من يزور أحمد غفر الله له

الغدير للأميني: 5/199:

أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه: 2/46 عن أبي بكر بن أنزويه، قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل، فقلت: يا رسول الله من هذا؟ فقال: هذا أحمد ولي الله وولي رسول الله علي الحقيقة وانفق علي الحديث ألف دينار. ثم قال: من يزوره غفر الله له، ومن يبغض أحمد فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله.

مناقب أحمد لابن الجوزي ص 481: قال ابن الجوزي: وفي صفر سنة 542 رأي رجل في المنام قائلاً يقول له: من زار أحمد بن حنبل غفر له!

قال: فلم يبق خاص ولا عام إلا زاره وعقدت يومئذ ثم مجلساً فاجتمع فيه ألوف من الناس. النهاية: 12/323.

فضل زوار قبر أحمد

ص: 12

أخرج ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 481: عن أحمد بن الحسين عن أبيه، قال: قال الشيخ أبو طاهر ميمون: يا بني رأيت رجلاً بجامع الرصافة في شهر ربيع الأول من سنة ستين وأربعمائة، فسألته فقال: قد جئت من ستمائة فرسخ. فقلت: في أي حاجة؟ قال: رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأني في صحراء أو في فضاء عظيم والخلق قيام وأبواب السماء قد فتحت، وملائكة تنزل من السماء تلبس أقواماً ثياباً خضراً ويطير بهم في الهواء، فقلت: من هؤلاء الذين قد اختصوا بهذا؟ فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد بن حنبل! فانتبهت ولم ألبث أن أصلحت أمري وجئت إلي هذا البلد وزرته دفعات، وأنا عائد إلي بلدي إن شاء الله.

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: 38/23-24:

في عام 554 غرقت مقبرة الإمام أحمد وخرجت الموتي علي وجه الماء! وكانت آية عجيبة.

التوسل بلحية أبي بكر

وفي الغدير: 7/239:

ذكر اليافعي في روض الرياحين، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمي قد دخل علينا وسلم فرددنا عليه السلام، وأجلسناه بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: من يقضيني حاجة في حب النبي صلي الله عليه وآله؟

فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما حاجتك يا شيخ؟

ص: 13

فقال: إن لي أهل، أولم يكن عندي ما نقتات به، وأريد من يدفع لنا شيئاً نقتات به في حب رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: فنهض أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

وقال: نعم أنا أعطيك ما يقوم بك في حب رسول الله صلي الله عليه وسلم، ثم قال: هل من حاجة أخري؟

فقال: نعم، إن لي ابنة أريد من يتزوج بها في حياتي حباًّ في محمد صلي الله عليه وسلم.

فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا أتزوج بها في حياتك حباًّ في رسول الله صلي الله عليه وسلم، هل من حاجة أخري؟

فقال: نعم أريد أن أضع يدي في شيبة أبي بكر الصديق رضي الله تعالي عنه حباًّ في محمد صلي الله عليه

وسلم. فنهض أبو بكر رضي الله عنه ووضع لحيته في يد الأعمي.

وقال: أمسك لحيتي في حب محمد صلي عليه وسلم. قال: فقبض الأعمي بلحية أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وقال: يا رب أسألك بحرمة شيبة أبي بكر إلا رددت علي بصري، قال: فرد الله عليه بصره لوقته.

فنزل جبريل عليه السلام علي النبي صلي الله عليه وسلم وقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزته وجلاله لو أقسم علي كل أعمي بحرمة شيبة أبي بكر الصديق لرددت عليه بصره، وما تركت علي وجه الأرض أعمي، وهذا كله ببركتك وعلو قدرك وشأنك عند ربك!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 22-6-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 14

تحية عطرة إلي الأخ العاملي:

ولكن لا أدري لعل الكتب التي أخذت عنها غير معتمدة؟! أو أن العلماء الذين حكيت عنهم ليسوا من أبناء الجماعة؟! أو لعلك لم تنقل الحقيقة كما هي؟! هذا ما تعودناه من إخواننا السنة كلما هالهم أمر الحقيقة.

ولكن عجبي الذي لا ينقضي فهو سرمد، كيف لا يقبلون من بعض الصحابة مواقفهم من الزيارة وكيف لا يقبلون من فقهائهم المؤسسين انصياعهم إلي هذا الأمر من قبيل الشافعي الذي قال:

" إن قبر موسي بن جعفر ترياق مجرب "!!!!

ويأخذون بمن تأخر عنهم.. علي الرغم من شذوذه ومعارضة المسلمين له فطرة ومنهاجاً..

وكتب (القطيف) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعا صباحاً:

أتمني أنك تحفظ ما تجمعه من دلائل هنا وفي غيره من المواضيع، فلعلك تجعلها في يوم من الأيام ككتاب أو تساهم بها في موقع آخر، مثل موقع الأخ التلميذ. وفقك الله لما يحب ويرضي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الواحدة صباحاً:

شكراً للأخوين جميل والقطيف، وعظم الله أجركم بذكري وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأسألكم الدعاء.

يقول أعداء العرب: إن العرب لا يقرؤون!

وهذا القول ظالم، لأن معدل القراءة والمطالعة في عالمنا العربي أكثر من غيره، ومستوي الثقافة العامة في بلادنا أعلي منها في البلاد الغربية.

ص: 15

لأنهم في الغرب مجتمعات ثقافة متخصصة فقط، فلا يعرف أحدهم إلا تخصصه، أما في غير ذلك فتجده أمياًّ!! حتي في المعلومات العامة عن بلاده!!

ولكنا إذا قلنا النواصب لا يقرؤون ما يخالف ذوقهم الأعوج، لكنا صادقين. وإذا قلنا إنهم لا يحبون أن يقرأ لهم أحد ما في مصادرهم، لكنا صادقين.

بل إذا قلنا: إنهم اتخذوا قراراً بأن لا يفهموا شيئاً يخالف " صبَّتهم الذهنية الوراثية " لكُناَّ أيضاً صادقين. اللهم لك الحمد فأعنا..

الأخ صارم:

أرجو أن تقرأ هذا الموضوع، لأنه جزء من بحثنا.. والمقصود الإستدلال بمجموع هذه المصادر والنقولات، وفيها موثقون عندكم.

وهي تدل علي أن قبر الإمام أحمد كان مشيداً يزار، وأن الحنابلة كغيرهم من المسلمين كانوا يزورون القبور، ويتوسلون إلي الله بمن يعتقدون صلاحهم. انتهي.

قال العاملي:

يشير العاملي.. إلي مناقشته الآتية مع المدعو صارم في زيارة القبور والتوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام.

كتب (العاملي)، في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 10-8-1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (انفراد ابن تيمية.. عن جميع علماء المسلمين بتحريم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وآله!!!!)، قال فيه:

ابن تيمية هو الوحيد الذي ابتدع تحريم زيارة النبي صلي الله عليه وآله!!

ص: 16

وقد رد عليه معاصروه والمتأخرون عنه بفتاوي وكتب خاصة.. لدفع شبهاته!! ومن أفضل الكتب المعاصرة له كتاب شفاء السقام للإمام السبكي.

وقد حققه أخيراً ونشره الباحث العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، وأضاف إليه فوائد جمة، جزاه الله خيراً. وفيما يلي مقتطفات مختصرة منه:

قال السبكي في ص 59:

أما بعد، فهذا كتاب سميته شفاء السقام في زيارة خير الأنام ورتبته علي عشرة أبواب:

الأول: في الأحاديث الواردة في الزيارة.

الثاني: في الأحاديث الدالة علي ذلك وإن لم يكن فيها لفظ " الزيارة ".

الثالث: فيما ورد في السفر إليها.

الرابع: في نصوص العلماء علي استحبابها.

الخامس: في تقرير كونها قربة.

السادس: في كون السفر إليها قربة.

السابع: في دفع شبه الخصم وتتبع كلماته.

الثامن: في التوسل والإستغاثة.

التاسع: في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

العاشر: في الشفاعة، لتعلقها بقوله: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ". وضمنت هذا الكتاب الرد علي من زعم أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة؟! وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة؟!

وهذه المقالة أظهرُ فساداً من أن يرد العلماء عليها، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلاً في الزيارة وما يتعلق بها، مشتملاً من ذلك علي جملة يعز جمعها علي طالبها.

ص: 17

وقال في ص 79 بعد أن أورد الأحاديث الدالة علي مشروعية الزيارة واستحبابها:

وبهذا، بل بأقل منه، يتبين افتراء من ادعي أن جميع الأحاديث الواردة في الزيارة موضوعة. فسبحان الله! أما استحي من الله ومن رسوله في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها عالم ولا جاهل؟ لا من أهل الحديث، ولا من غيرهم؟

وقال في ص 139:

الباب الثالث: في ما ورد في السفر إلي زيارته صريحاً. وممن روي ذلك عنه من الصحابة، بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم سافر من الشام إلي المدينة لزيارة قبره صلي الله عليه وسلم. روينا ذلك بإسناد جيد إليه، وهو نص في الباب، وممن ذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله بالأسناد الذي سنذكره. وذكره الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي رحمه الله في (الكمال) في ترجمة بلال، فقال: ولم يؤذن لأحد بعد النبي صلي الله عليه وسلم فيما روي إلا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم طلب إليه الصحابة ذلك، فأذن ولم يتم الأذان.

وقال في ص 159:

وقال الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتاب المغني وهو من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها: فصل: يستحب زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم. وذكر حديث ابن عمر من طريق الدارقطني ومن طريق سعيد بن منصور عن حفص، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أحمد: " ما من أحد يسلم علي عند قبري... " وكذلك نص عليه المالكية، وقد تقدم حكاية القاضي عياض الإجماع.

وقال في ص 188:

ص: 18

فمن منع زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله! وقوله مردود عليه!!!! ولو فتحنا باب هذا الخيال الفاسد لتركنا كثيراً من السنن، بل ومن الواجبات والقرآن كله،

والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة وسيرة الصحابة!!

وقال في ص 189:

والتابعين وجميع علماء المسلمين، والسلف الصالحين، علي وجوب تعظيم النبي صلي الله عليه وسلم المبالغة في ذلك! ومن تأمل القرآن العزيز، وما تضمنه من التصريح والإيماء إلي وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه، وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك، امتلأ قلبه إيماناً، واحتقر هذا الخيال الفاسد، واستنكف أن يصغي إليه، والله تعالي هو الحافظ لدينه. ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له!!!

وعلماء المسلمين متكفلون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم، والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته، بالأدلة الشرعية، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله تعالي. ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال، فلن يستطيع أحد هدايته.

وقال في ص 212:

رداًّ علي زعم ابن تيمية وأتباعه بأن المسلمين في القرون الثمانية قبل عصره لم يكونوا ينوون السفر للزيارة بل للصلاة في المسجد:

أما المنازعة فيما يقصده الناس، فمن أنصف من نفسه وعرف ما الناس عليه، علم أنهم إنما يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلي طريق المدينة، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، ثم مع ذلك: هو مغمور بالنسبة إلي الزيارة في حق هذا القليل، وغرضهم الأعظم هو الزيارة، حتي لو لم

ص: 19

يكن ربما لم يسافروا، ولهذا قل القاصدون إلي بيت المقدس مع تيسر إتيانه وإن كان في الصلاة فيه من الفضل ما قد عرف. فالمقصود الأعظم في المدينة الزيارة، كما أن المقصود الأعظم في مكة الحج أو العمرة، وهو المقصود - أو معظم المقصود - من التوجه إليها. وإنكار هذا مكابرة! ودعوي كون هذا الظاهر أشد. وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه، فليسأل كل من توجه إلي المدينة: ما قصد بذلك؟

وقال في ص 246:

قد يتوهم من استدلال الخصم بهذا الحديث: أن نزاعه قاصر علي السفر للزيارة، دون أصل الزيارة، وليس كذلك، بل نزاعه في الزيارة أيضاً، لما سنذكره في الشبهتين الثانية والثالثة، وهما: كون الزيارة

علي هذا الوجه المخصوص بدعة. وكونها من تعظيم غير الله المفضي إلي الشرك، وما كان كذلك كان ممنوعاً. وعلي هاتين الشبهتين بني كلامه، وأصل الخيال الذي سري إليه منهما لا غير، وهو عام في الزيارة والسفر إليها.

وقال في 251:

ولنتكلم علي الشبهة الثانية والثالثة، اللتين بني ابن تيمية رحمه الله كلامه عليهما. أما الشبهة الثانية: وهي كون هذا ليس مشروعاً، وأنه من البدع التي لم يستحبها أحد من العلماء، لا من الصحابة، ولا من التابعين ومن بعدهم. فقد قدمنا سفر بلال من الشام إلي المدينة لقصد الزيارة، وأن عمر بن عبد العزيز كان يجهز البريد من الشام إلي المدينة للسلام علي النبي عليه الصلاة والسلام. وأن ابن عمر كان يأتي قبر النبي صلي الله عليه وسلم فيسلم عليه وعلي أبي بكر وعمر رضي الله عنهم. وكل ذلك يكذب دعوي: أن الزيارة والسفر إليها بدعة. ولو

ص: 20

طولب ابن تيمية رحمه الله بإثبات هذا النفي العام، وإقامة الدليل علي صحته لم يجد إليه سبيلاً!!!

فكيف يحل لذي علم أن يُقدِم علي هذا الأمر العظيم بمثل هذه الظنون، التي مستنده فيها أنه لم يبلغه، وينكر به ما أطبق عليه جميع المسلمين شرقاً وغرباً في سائر الأعصار، مما هو محسوس خلفاً عن سلف، ويجعله من البدع؟!!!!

وقال في 257:

وأما الشبهة الثالثة: وهي أن من الشرك بالله تعالي اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالي: " قالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداًّ ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ". قالوا: كان هؤلاء قوماً صالحين في عهد نوح، فلما ماتوا عكفوا علي قبورهم، ثم صوروا علي صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها، وتخيل ابن تيمية، أن منع الزيارة والسفر إليها من باب المحافظة علي التوحيد، وأن فعلها مما يؤدي إلي الشرك.

وهذا تخيل باطل، لأن اتخاذ القبور مساجد والعكوف عليها وتصوير الصور فيها هو المؤدي إلي الشرك وهو الممنوع منه، كما ورد في لأحاديث الصحيحة، كقوله صلي الله عليه وسلم: " لعن الله اليهود والنصاري، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".

وقال في ص 262:

الفصل الثاني: في تتبع كلماته وقد سبق تتبع ما نقلته من خطه في فتيا لم يسأل فيها عن الزيارة قصداً، بل جاء ذكرها تبعاً للكلام في المشاهد. والذي اتصل عنه بالدولة نسخة فتيا نقلت من خطه، وعلي

رأسها بخط قاضي القضاة جمال الدين ما صورته: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب دونه، في هذه الورقة، علي خط تقي الدين ابن تيمية، فصح،

ص: 21

سوي ما علم عليه بالأحمر، فإن مواضعه من الورقة التي بخطه وجدتها واهية، وليس ذلك بمحزٍ، إنما المحز جعله زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وقبور سائر الأنبياء عليه السلام معصية بالإجماع مقطوعاً بها. وكتب محمد بن عبد الرحمان القزويني الشافعي. وقد علم عليها الآن بالأسود في هذه النسخة.

وقال في ص 276:

ومسألتنا هذه من الفروع، فلو فرضنا أنه لم يقل أحد باستحباب السفر، وفعله شخص علي جهة الإستحباب، معتقداً ذلك لشبهة عرضت له، لم يحرم ولم يأثم.

فكيف وكل الناس قائلون باستحبابه؟!!!! وقوله: ومعلوم أن أحداً لا يسافر إليها إلا لذلك. هذا يقتضي أن كلامه ليس في أمر مفروض، بل في الواقع الذي عليه الناس، وأن الناس كلهم إنما يسافرون لاعتقادهم أنها طاعة، والأمر كذلك. ويقتضي علي زعمه أن سفر جميعهم محرم بإجماع المسلمين! فإنا لله وإنا إليه راجعون!! أيكون جميع المسلمين في سائر الأعصار، من سائر أقطار الأرض، مرتكبين لأمر محرم، مجمعين عليه؟!!!!

فهذا الكلام من ابن تيمية يقتضي تضليل الناس كلهم، القاصدين لزيارة النبي صلي الله عليه وسلم ومعصيتهم. وهذه عثرة لا تقال، ومصيبة عظيمة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!!

ص: 22

بدعة ابن تيمية تحريم التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي

قال السبكي في ص 291:

إعلم: أنه يجوز ويحسن التوسل والإستغاثة والتشفع بالنبي صلي الله عليه وسلم إلي ربه سبحانه وتعالي. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتي جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه علي الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار!!! انتهي ما اقتطفناه من كتاب الإمام السبكي.

وقد فتحنا له هذا الموضوع حسب طلب الأخ جميل والمراقب، وجعلنا العنوان هيناً ليناً مع أن عمل ابن تيمية بدعة عظيمة، وهو كما رأيت في كلام السبكي لا يختص بالسفر بقصد الزيارة، بل يشمل نفس الزيارة أيضاً!!

ولكن أتباعه يستعملون التقية مع المسلمين، ويحاولون حصر البحث في السفر للزيارة!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الواحدة والنصف ظهراً:

إلي العاملي: أولاً: أشكرك علي اختيار العنوان، وإن كان لدي شئ من التحفظ حوله. أما نقلك كلام السبكي فلا يغني من الحق شيئاً، ولعله يتيسر لي إشارة ولو خاطفة للحديث عنه. لكن لنبحث المسألة من أصلها، ثم ننتقل إلي فروعها. وسؤالي: لماذا تدعون إلي شد الرحال وزيارة القبور، والتبرك

بها؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الثانية ظهراً:

ص: 23

وأشكرك أيها الأخ علي العقلانية. تسألني بصفتي شيعياًّ مقتنعاً بوجوب اتباع أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم، ووجوب أخذ معالم ديني منهم فقط..

فجوابي: أن عقيدتي أن احترام قبور الأنبياء وأوصيائهم جزء من الدين الإلهي من زمن آدم إلي نبينا صلي الله عليه وآله. وأن كل أحاديث النهي عن الصلاة عند قبر النبي صلي الله عليه وآله، وزيارته، وتعميره، وإعماره، لم تثبت عند سادتي ومواليَّ عليهم السلام، بل ردوها من زمن صدورها من

بعض الصحابة!!

ولعلك تفضل أن لا نخوض في هذا الحديث الصعب، لأنه يرتبط بالسقيفة والإجبار علي البيعة، وتهديد أهل البيت بالقتل إن لم يبايعوا، والهجوم علي دارهم وإشعال النار في بابه الخارجي..

وقد تبع ذلك إعلان الأحكام العرفية.. ومنع التجمع علي القبر، لأنهم خافوا أن يأتي أهل البيت ويستجيروا بقبر النبي صلي الله عليه وآله!!!

ومن أعراف العرب الراسخة أن لا يرد مستجير بقبر عزيز!! في تلك الظروف ظهرت أحاديث النهي عن الصلاة عند القبر والعكوف عليه.. إلخ.

أما إن أردت الجواب علي حسب قواعد مذاهب المسلمين غير الشيعة فأقول لك: إن حديث شد الرحال بعد تسليم سنده، لا يدل علي ما ذهب إليه ابن تيمية!

وأبسط دليل علي ذلك أن المسلمين الأقرب من ابن تيمية إلي زمن صدور النص لم يفهموا منه تحريم شد الرحال لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، واستمروا علي هذا العمل ثمانية قرون!!

فهل نحن مجانين.. لكي نرجح فهم ابن تيمية علي فهم الصحابة والتابعين، وأجيال ثمانية قرون من الأمة؟!!

ص: 24

أما.. كيف لم يفهموا ذلك؟ فله وجوه متعددة:

منها: أن زيارته صلي الله عليه وآله خارجة تخصصاً عن موضوع الحديث.

ومنها: أن شد الرحال إلي مسجده، صلي الله عليه وآله، مأخوذ في مفهومه العرفي، زيارة قبره الشريف.. إلخ.

وأرجو أن تنظر إلي المسار العام لجمهور الصحابة والتابعين، وجمهرة علماء الأمة، وأئمة المذاهب والفرق، وسيرة السواد الأعظم من الأمة.. فقد كانوا يقصون الزيارة ويزورون، ويصلون عند القبر الشريف، ويتوسلون ويخاطبون صاحب القبر.. فهؤلاء فهموا وعملوا.

ثم جاء ابن تيمية.. وفهِم خلاف فهمهم جميعاً.. وبحث ليجد من يوافقه منهم فلم يجد إلا كلمة لابن بطة، ونصف كلمة لابن فلان..!

فهل يصلح ذلك لتخطئة سيرة كل الأمة؟ والزعم أن ابن تيمية اكتشف بعد ثمانية قرون ما لم تنتبه له الأمة جميعاً؟! فأي الفهمين أحري بالقبول والإتباع؟!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الرابعة عصراً:

المكرم العاملي: أرجو أن تكتب لي ما تعتقده أنت حول زيارة القبور، حتي أتمكن من نقاشك. ولك تحياتي. وفقت للصواب.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الثامنة مساءً:

أردت مني أيها الأخ.. ما أعتقده شخصياًّ في زيارة القبور، وقد ذكرته لك وخلاصته:

أن زيارة قبور الأنبياء وأوصيائهم صلوات الله عليهم تشريعٌ ثابتٌ في جميع الرسالات الإلهية، من زمن أبينا آدم إلي نبينا صلي الله عليه وآله.

ص: 25

وعليه سارت الأمم والشعوب في زمن أنبيائها وبعدهم! وهو أمر واضح من مصادر الحديث عندكم، حول قبور الأنبياء وأوصيائهم، نعم أوصيائهم!!

ومن مصادر التاريخ، بل ومصادر ثقافة الأمم كلها.. فهو سيرة عقلائية عالمية متصلة، لم يوجد فيها مخالف من أهل الأديان والشعوب!!!

والإسلام لم ينسخ هذا الحكم، بل زاده احتراماً وتأكيداً!! وأما كل الأحاديث التي تخالف ذلك، فلا أعتقد بها مهما كانت درجة صحتها، لأن أهل بيت نبيي صلي الله عليه وآله قد ردوها!

وهم والقرآن حجة علي وحجة لي، فهم المقياس النبوي بأمر الله تعالي، ويجب عليَّ أن آخذ منهم ديني لا من غيرهم، كائناً من كان غيرهم..

وعندما يثبت لي أن واحداً من أهل البيت المطهرين المعصومين ردَّ (حديثاً)، وقال إن رسول الله لم يقله، فقد تمت علي الحجة بوجوب القبول منه وحرمة الرد عليه، بنص حديث الثقلين، وغيره.

وقد كنت مدة أبحث عن سبب هذه الأحاديث التي لا يوجد مثلها عند أمة من الأمم، ولا في صحابة نبي من الأنبياء، ولا حول قبر نبي من الأنبياء!!

حتي وصلت إلي قناعة بأن من عادات العرب كغيرهم من الشعوب أن يحترموا القبور احتراماً خاصاً، وأن من عاداتهم أن صاحب المشكلة والظلامة والحاجة يستجير بقبر رئيس القبيلة، أو الشخص العزيز عليهم، فيصير من الواجب علي من يعزُّ عليهم صاحب القبر أن يرفعوا ظلامته، أو يلبوا حاجته!

وقد تتبعت ذلك في تاريخ العرب فوجدت نموذجه في قبر غالب جد الفرزدق في كاظمة..

ووجدت أنه استمر بعد الإسلام أيضاً..

ص: 26

ثم وجدت تعليلاً عن عائشة لعدم بنائهم القبر أنهم لو بنوه وجاء أحد واستجار به. فماذا يفعلون؟!

فأنا الآن مقتنع بأن هذه الأحاديث عمل وقائي من السلطة، حتي لا يستجير علي وفاطمة والحسن والحسين بقبر النبي صلي الله عليه وآله، ويعلنوا مطالبتهم بحقهم الذي نص عليه النبي!!!

وتقول لي: هذا مستحيل!! وهل يمكن أن يقوم الصحابة بذلك؟

فأقول: الذين قاموا بأعظم منه، فمنعوا نبيهم من كتابة وصيته التي تضمن عدم ضلال الأمة إلي يوم القيامة، والتي تضمن عزتها إلي يوم القيامة.. يمكن أن يقوموا بهذا العمل المتعلق بقبره، وغيره..

فكل شئ ممكن علي الذين قاموا بمواجهة الرسول والرد عليه في حياته وفي وجهه، ومنعوه من ممارسة حقه الطبيعي.. الذي لا يملك أحد أن يمنع منه.. حتي المحكوم عليه بالإعدام..

وكل شئ يصبح صغيراً، ويصبح من تفاصيل ذلك الإنقلاب الضخم الضخم، الذي غير مسيرة الأمة الإسلامية مئة وثمانين درجة، إلي أن يظهر المهدي الموعود ويصحح المسار من جديد!!!

ولكن.. قلت لكم يا أخي إن البحث علي هذا المستوي صعبٌ ثقيل، فدعه عنك، وأخبرني:

لقد كانت أحاديث النهي عن شد الرحال موجودة عند المسلمين، وفهموا كلهم صحابةً وتابعين وتابعي التابعين إلي القرن الثامن، أنها لا تنافي قصد زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وكانوا يقومون بذلك.. حتي جاء ابن تيمية فخطأ فهمهم جميعاً!! فأي الفهمين أحق بالإتباع؟!!

ص: 27

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

المكرم العاملي: لقد أغلقت باب الحوار بكلامك هذا: " وكل الأحاديث التي تخالف ذلك، لا أعتقد بها مهما كانت درجة صحتها، لأن أهل بيت نبيي صلي الله عليه وآله قد ردوها! ".

وأظن ألاَّ تلاقي، فلديك قناعات راسخة، ولا تلام علي ذلك، وقد جئت بكلام عام لا يصلح مجالاً للإستشهاد، ومثل هذه التعميمات لا تصلح إذا أردت النقاش الجاد. فبالله عليك، هل يصلح الإستشهاد بما فعله العرب في جاهليتهم حتي تأتي بهذا المثال: " وقد تتبعت ذلك في تاريخ العرب فوجدت نموذجه في قبر غالب جد الفرزدق ". هداك الباري.

وهاك أنموذجاً آخر من تعميماتك التي لا تستند إلي دليل: " لم يوجد فيها مخالف من أهل الأديان والشعوب!! والإسلام لم ينسخ هذا الحكم بل زاده احتراماً وتأكيداً!! وقد كنت مدة أبحث عن سبب هذه الأحاديث التي لا يوجد مثلها عند أمة من الأمم، ولا في صحابة نبي من الأنبياء، ولا حول قبر نبي

من الأنبياء!! " ثم رجعت إلي فعل العرب في جاهليتهم، والتي حاربها الإسلام وجعلت ذلك دليلاً علي دعواك فقلت: " عادات العرب كغيرهم من الشعوب أن يحترموا القبور احتراماً خاصاًّ، وأن من عاداتهم أن صاحب المشكلة والظلامة والحاجة يستجير بقبر رئيس القبيلة، أو الشخص العزيز عليهم ".

وهل عادات العرب في شربهم للخمرة، ووأد البنات، وحروبهم الطاحنة... هل تصلح دليلاً؟

إذا لماذا جاء الإسلام؟!!

ص: 28

وانتهيت أخيراً هديت للحق إلي هذا التعميم الجائر الذي لا يستند إلي دليل: " لقد كانت أحاديث النهي عن شد الرحال موجودة عند المسلمين، وفهموا كلهم صحابة وتابعين وتابعي التابعين إلي القرن الثامن، أنها لا تنافي قصد زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وكانوا يقومون بذلك حتي جاء ابن تيمية فخطأ فَهْمَهم جميعاً!! ".

وكيف لي بالرد علي قولك، وقد آمنت بأحاديث الأئمة المعصومين، وسددت باب الحوار من أول مقالك؟

كما قلت فكر بعقلك لا بعاطفتك، وستهتدي بإذن الله. وأعيد سؤالي الذي لم أجد له إجابة شافية إلي الآن: لماذا تشد الرحال إلي القبور؟ أرجو أن أجد جواباً مختصراً كافياً شافياً. ولكم تحياتي.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الواحدة صباحاً:

حديث شد الرحال لم يصح عند أهل البيت عليهم السلام. وقد صح عند بقية المذاهب.

وفهموا منه عدم شموله لشد الرحال إلي زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، بدليل أنهم كانوا يمارسون ذلك. وفهمُ هؤلاء حجة علي من يعتقد بالحديث، ويعتقد بفهم الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، لأنهم عنده الأصل والأقرب إلي عصر النص ومعناه.

وقد ألف عدد من العلماء قبل ابن تيمية، رسائل في تفسير الحديث، وردَّ عليه عدد آخر واتفقوا علي أن فهمه للحديث مخالفٌ لإجماع علماء المسلمين، وسيرتهم لمدة ثمانية قرون، بل إلي يومنا هذا!!

ص: 29

أما إشكالاتك علي اعتقادي بأهل البيت عليهم السلام وتصحيح ما صححوه ورد ما ردوه، فلا ألزمك بنتيجته، ولكنك سألتني عن عقيدتي في مسألة زيارة القبور فأجبتك.

وأكتفي هنا بالإشارة إلي أمرين:

الأول: أنه لو ثبت عن نبي الله موسي أو سليمان علي نبينا وعليهما السلام أنه قال: " إني تارك فيكم الثقلين التوراة و عترتي وسوف توافوني يوم القيامة وأسألكم عنهما ". فإنا نحتج علي من تبع القضاة بعد موسي، أو تبع غير ذرية سليمان بعده، بأنكم انحرفتم عن وصية نبيكم وخطه الذي أمركم به، فذِمَّتُكم غير بريئة عند ربكم إلا باتباع من عينهم لكم!!

والثاني: أن منهج الحديث في البحث لا يلغي غيره من وسائل الإثبات، فجوهر هذا المنهج هو الوثاقة الشرعية بالصدور عن النبي أو من نثق به.

وكل دليل تاريخي أو عقلي تحصل منه الوثاقة بوجود موضوع، فهو محترم شرعاً ودليل إثبات في المحكمة الشرعية، وفي البحث العلمي.

فحتي المتشددين في المنهج الحديثي تري أحدهم قد يرجع إلي لغوي ثقة أو طبيب ثقة، فيأخذ بكلامه.

فالمهم هو: حصول الثقة بينك وبين الله تعالي بالموضوع، وأن تتم الحجة عندك أمام الله تعالي.

وهو ما يسمي في علم الأصول: " المعذرية من العقاب والمنجزية للتكليف "!

إن تبني المنهج الحديثي لا يعني رفض المنهج العقلي، لأنه نفسه من نتائج التفكير العقلي، بل يعني رفض النتائج الظنية والإحتمالية للعقل، والتمسك بالنتائج القطعية والإطمئنانية.. فكل يقين عقلي قطعي أو اطمئناني هو حجة في البحث والشرع، بشروطه المذكورة في علم الأصول.

ص: 30

وهو يحصل بعد القرآن، إما من حديث تثبت صحته، وإما من تجميع مقدمات من مصادر مختلفة، تكون نتيجتها قطعية أو مطمأن إليها، وغير مخالفة للقرآن وما ثبت من السنة. وشكراً.

وكتب (عمار) بتاريخ 11-8-1999، الثانية صباحاً:

السلام عليكم:

لا تشدوا الرحال إلا إلي ثلاث مساجد. لا وإلا أدوات حصر.

1 - إذا أردت أشد الرحال لطلب العلم، فهل ذلك حرام؟

2 - شد الرحال لغرض التجارة، حرام؟

فإما يكون شد الرحال لكل مسجد محرم وغير حلال إلا هذه المساجد.. وإما، مطلق شد الرحال حرام... وهذا لا يمكن لأنه النقط 1 و 2 تجوز. إذا بقيت لدينا شد الرحال إلي المساجد.

فلماذا ذلك حرام؟؟؟

إذا ذهب الشخص للمسجد فماذا يفعل هناك؟ يرقص ويسكر ويغني مثلاً؟ أم نذهب للمساجد للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، وعلي أقل تقدير التبرك بالمسجد لأن الجلوس فيه عبادة، فلماذا هذا حرام، وهل يلتقي هذا مع الخطوط العامة؟

في رأيي أن الرواية كلها مخترعة، ومبتكرها هو عبد الملك بن مروان! لماذا؟

في أيامه كان الفرد يذهب إلي مكة، وهناك كان عبد الله بن الزبير يحكم علي الحجاز وإذا يأتي الواحد من المسلمين هناك يستلمه ابن الزبير ويغسل دماغه، ويبقي الفرد عنده ولا يرجع إلي الشام، ويكون من أتباع ابن الزبير

ص: 31

ويصبح ضد الأمويين!! فأرادوا قطع هذا من أصله فابتكروا هذه الرواية حتي العالَم تتجه إلي بيت المقدس فقط. إقرأ ابن كثير ومحمد سعيد في سر انحلال الأمة العربية.

وإذا كان الحديث فإنه يعني أن الذهاب إلي هذه المساجد أفضل من غيرها.. وإلا لا يحرم الذهاب إلي مسجد آخر أو مشهد أو عتبة مقدسة، لأنه الذهاب إلي القبر وزيارته يذكر بالآخرة " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب ". والسلام عليكم.

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، التاسعة صباحاً:

عجيب أمركم جد عجيب، سؤالي واضح لا لبس فيه ولا غموض، فلم الحيدة؟ والخروج عن مسار الموضوع؟ سؤالي واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار.

وأقول للمكرم عمار: وهل يصلح أن تقول: وفي رأي؟!! هل وصلنا إلي مرحلة الإجتهاد حتي يكون لنا رأي؟!! والسؤال مرة ثالثة ورابعة وعاشرة: لماذا تشدون الرحال إلي القبور؟!!

إن لم يكن هناك جواب فلن يكتمل الحوار، وشكراً.

فكتب (العاملي) بتاريخ 11-8-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

لقد أجبتك.

فنحن نشد الرحال إلي زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وقبور الأئمة المعصومين عليهم السلام، لأن زيارة قبورهم مستحبة عندنا، ومن أفضل القربات إلي الله تعالي.

ص: 32

ولم يثبت عندنا أن النبي صلي الله عليه وآله نهي عن ذلك، بل ثبت أنه دعا إليه، وحث عليه، وكان يزور القبور المباركة لتكون سنَّة من بعده. وكذلك كانت سيرة علي وفاطمة والأئمة عليهم السلام.

ولزيارة القبور عندنا أحكام وشروط وآداب شرعية، وليس فيها شئ ينافي التوحيد أبداً، بل فيها ما يؤكد التوحيد، وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون، نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي، كما أمرنا.

وكتب (الصارم) بتاريخ 11-8-1999، العاشرة صباحاً:

أحسنت يا عاملي، وهذا ما أريده منك بالضبط، فقد شفيت غليلي بهذه الإجابة الشافية الكافية. ولعل صدرك يتسع لأسئلتي.

وسؤالي الآن: لماذا تستشفع بهم؟ لم لا تتجه في طلبك إلي الله مباشرة؟ لماذا تجعلهم واسطة بينك وبين الله؟ ألم تعلم أن الجاهليين كانوا يعبدون الأصنام يستشفعون بها؟ ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله؟!

وقد ناقضت نفسك حينما قلت: " وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون، نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي، كما أمرنا ". كيف تستشفع بهم وهم " لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون " لقد خالفت المنهج الرباني وسنة المصطفي من وجهين: الوجه الأول: من مخالفة السنة، لأن الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًّ، فما بالك بامتلاك النفع لغيرهم؟!

الوجه الثاني: مشابهة الكفار، وقد نهينا عن مشابهتهم! فهل بعد هذا تستشفع بهم؟!

أرجو للجميع الهداية.

ص: 33

وأجاب (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

غفر الله لك يا صارم.. موضوعنا زيارة النبي صلي الله عليه وآله، والسفر بنيتها.

وأنت تريد التوسل والتوجه والإستشفاع والإستغاثة بالنبي صلي الله عليه وآله، وهو موضوع آخر، والنسبة بينهما كما يقول المناطقة عموم من وجه.

نعم، يتراق التوسل والإستشفاع عادة مع الزيارة. لا بأس.. سؤالك في أصله وجيه.

فلو كان الأمر لنا لقلنا: لنطلب كل شئ من الله تعالي مباشرة، ولا نجعل بيننا وبينه واسطة من المخلوقين؟! ولكن الأمر له عز وجل وليس لنا.

وقد قال لنا: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". وقال: " أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب ".

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ". مع أنه لا حاجة إلي مجيئهم واستغفارهم عند الرسول واستغفار الرسول لهم..

وهذا يعني.. أنه تعالي قال لرسوله صلي الله عليه وآله: كن موحداً بلا شروط، ومهما قلتُ لك فأطعني، وحتي لو قلت لك عندي ولد فاعبده.. فافعل!! وقل لهم: " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ".. ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً!!

فالمسألة إذن، ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالي أو سمح بها، وهو يختلف عن زعم التوسل عند المشركين سواء في طبيعته أم في نيته..

فهل تقبل أصل مبدأ التوسل والإستشفاع الذي قبله إمامك ابن تيمية؟

ص: 34

أم أنك أشد في هذا الأمر من إمامك؟!

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي هدانا الله وإياه إلي الصواب:

قلت عن التوسل: " ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالي أو سمح بها ".

هل لي أن أعرف هذه الحدود التي أمر أو سمح بها؟

أرجو أن تجيبني باختصار، وفي حدود السؤال. هديت للصواب.

فكتب (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

يعجبني أنك تحب الكلام ضمن الموضوع وباختصار، فهو أسلوب مفيد في التركيز وبلورة الأفكار، لكن ليس كل الموضوعات يمكن اختصارها..

وكنت كتبت هذا الموضوع حول التوسل، أرجو أن يكون جواباً لسؤالك.. وبما أنه طويل فسوف أضع خلاصته في آخره، لتكون محور أسئلتك إن شئت.

شبهة علي أصل التوسل

أثار بعضهم إشكالاًَ علي مبدأ التوسل في الإسلام، شبيهاً بالإشكال علي الشفاعة..

والسبب في ذلك أنهم يرون الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا، وما فيها من محاباة وإعطاء بغير حق ولا جهد من المشفوع لهم أو المتوسط لهم..

وبما أن الله تعالي يستحيل عليه أن يحابي كما يحابي حكام الدنيا، وإنما يعطي جنته وثوابه بالإيمان والعمل الصالح.. فلذلك صعب عليهم قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة إلي الله تعالي!

ص: 35

ولكنه فات هؤلاء أنه في الأصل لا استحقاق لمخلوق علي الله تعالي، وأن عطاءه كله تفضل..

وأن المنشأ الحقوقي الوحيد لحق المخلوق علي ربه هو وعده سبحانه إياه بالعطاء، فهو حق مكتسب بالوعد لأن الله تعالي رحيم صادق.. وليس حقاًّ أصلياًّ للعبد.

وفاتهم أيضاً.. أن الإستشفاع والتوسل إليه تعالي عمل صالح، لأنه تعالي أمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة، والوسيلة هي العمل الصالح والإرتباط بأنبيائه وأوصيائه عليهم السلام.. فاتَهُم أن الحكمة من جعله تعالي الأنبياء والأوصياء عليهم السلام الوسيلة إليه تعالي:

أولاً: أن يعالج مشكلة التكبر في البشر، لأن البشر لا يمكنهم الإنتصار علي تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالي، إلا إذا انتصروا علي ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والإختيار الإلهي، وأنهم المبلغون عن الله تعالي. فهذا الإعتراف مطلوب، لأنه مقدمة علمية وعملية للإيمان بالله تعالي وممارسة العبودية له. فبدون الخضوع للأنبياء والأوصياء عليهم السلام لا يتحقق خضوع حقيقي لله تعالي، ولا إيمان حقيقي به!!

وهذا هو المقصود بقوله تعالي:" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون "!!

كان من الممكن أن يقول الله تعالي للناس: آمنوا بي ولا شغل لكم برسلي وأوليائي، فإنما هم مبلغون لما أرسلتهم به، وإنما " الرسول طارش " كما قال بعضهم. ولكن ذلك لا يعالج مشكلة الإنسان في التكبر علي عباد الله!!

وإذا لم تنحل مشكلته هذه فلا تنحل مشكلة تكبره علي ربه وادعاءاته الفارغة بقربه منه وتكريمه له، كما نشاهد في المجتمعات الغربية واليهودية! إن

ص: 36

الخضوع العملي للمخلوقين الربانيين الممتازين هو الطريق الطبيعي الوحيد للخضوع للخالق سبحانه!

وهما نوعان مختلفان من الخضوع، لأن حق الخضوع لله ذاتي، ولأوليائه تبعي جعلي.. كما أنهما في الحقيقة النهائية نوع واحد، لأن الخضوع للأولياء بأمر الله تعالي إنما هو خضوع لله تعالي.

وثانياً: أن جَعْل الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وسيلة إلي الله تعالي ضرورة ذهنية للبشر..

ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميال إلي المادية والمحدودية، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري، فاصلة كبيرة، فهي تحتاج إلي نموذج ذهني حاضر من نوع الإنسان، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له.

وبدون هذا النموذج القدوة، يبقي الإنسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال!!

وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالي جعل أنبياءه وأوصياءهم عليهم السلام حججاً علي العباد، وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم وليس من نوع آخر كالملائكة مثلاً.

والنتيجة: أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالي لو كان أمره يرجع إلينا لصحَّ لنا أن نقول: يا ربنا نريد أن تجعل كل أنواع ارتباطنا بك مباشراً، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة في شئ! كما ما يميل إليه أهل الإشكال علي الشفاعة والتوسل.. ولكن الأمر ليس بيدنا، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقي من

ص: 37

ذلك فنقول: اللهم لا نقترح عليك، فأنت أعلم بما يصلحنا، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك، وحججاً علينا عندك، فنحن مطيعون لك ولهم ولا اعتراض عندنا..

وهذا هو التوحيد العالي، والتسليم المطلق لإرادته تعالي، في إطاعة حججه، وقد عبر عنه سبحانه بقوله لرسوله صلي الله عليه وآله: في سورة الزخرف - 81: " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ". ومعناه: أيها الرسول وحِّد لله تعالي توحيداً بلا شرط، واقبل معه كل شرط حتي لو اتخذ ولداً وأمرك

بعبادته!

ثم بيَّن تعالي أن الواقع أنه لم يتخذ ولداً فقال: " سبحان الله رب السماوات والأرض، رب العرش عما يصفون "..

مسألة التوسل دقيقة و حساسة

فهي مسألة ذات حدين، لا بد فيها التوازن.. والحذر من الإفراط والتفريط!

فلا هؤلاء الوسائط يملكون شيئاً مع الله تعالي.. لأنهم مخلوقون فقراء إليه تعالي، كما أنه لا غني للناس عن وساطتهم إلي الله.. لأنهم عباد مكرمون عنده تعالي.

والتعادل المطلوب فيها تعادل فكري وعملي.. لأن أقل حركة غير منطقية ذهنية أو عملية فيها توجب الضلال!!

فالذين ينقصون من دور أنبياء الله وأوصيائه ومقامهم عند الله تعالي، بحجة توحيده وإبعاد الشركاء عن ساحته المقدسة، يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عيَّنه الله لتوحيده والذي هو محصور بطاعتهم، واحترامهم، والإرتباط بهم، والتوسل إلي الله بهم!

ص: 38

والذين يزيدون علي دورهم المحدد من الله تعالي، ويجعلون لهم معه شراكة.. في ملكه أو حكمه أو عبادته، ولو ذرة واحدة، بحجة أنه جعلهم وسيلة إليه.. يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عينه الله تعالي وهو توحيده المطلق! وبسبب دقة هذه العقيدة الإسلامية في الأنبياء والأوصياء عليهم السلام نجد أن الآيات والأحاديث الشريفة تؤكد علي الجانبين معاً!

علي أن طاعته تعالي إنما تكون بطاعتهم، وابتغاء الوسيلة إليه عن طريقهم من ناحية.. ومن ناحية أخري تؤكد علي بشريتهم، وأن الذين جعلوهم آلهة أو شركاء لله قد ضلوا وكفروا.

التوسل والتوجه في مصادر السنيين

تعليم النبي (صلی الله علیه و آله) المسلمين التوسل به إلي الله تعالي:

روي الترمذي: 5/229، برقم 3649:

حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أدع الله أن يعافيني، قال إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه في. هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي. انتهي.

ورواه ابن ماجة في: 1/441، وقال:

قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح. انتهي. ورواه أحمد: 4/138، بروايتين.

ص: 39

ورواه الحاكم في المستدرك: 1/313، وقال:

هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهي.

ورواه في: 1/519، بسندين آخرين، وقال بعدهما: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ورواه في: 1/526، وقال: تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد والقول... وقال أيضاً: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه، وإنما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم العالي من الأسانيد. ورواه الطبراني في كتاب الدعاء ص 320، وما بعدها بعدة طرق. وكذا في المعجم الكبير: 9/31، والصغير: 1/183، وصححه.

ورواه في مجمع الزوائد: 2/279، وقال: قلت: روي الترمذي وابن ماجة طرفاً من آخره خالياً عن القصة، وقد قال الطبراني عقبه: والحديث صحيح، بعد ذكر طرقه التي روي بها. ورواه في كنز العمال: 2/181، و:6/521 (ت ه- ك عن عثمان بن حنيف). (حم ت: حسن صحيح غريب هك وابن السني عن عثمان بن حنيف). ورواه ابن خزيمة في صحيحه: 2/225.

وفي السنن الكبري للنسائي: 6 / 168:

(10494) أخبرنا محمد بن معمر، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا جعفر، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمي أتي النبي صلي الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أعمي، فادع الله أن يشفيني، قال: بل أدَعُك، قال: أدع الله لي مرتين أو ثلاثاً. قال: توضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي الله أن يقضي حاجتي، أو حاجتي إلي

ص: 40

فلان، أو حاجتي في كذا وكذا. اللهم شفع في نبيي وشفعني في نفسي. انتهي. ثم رواه النسائي بروايتين أخريتين.

توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي

روي الحاكم في المستدرك: 3/34:

أخبرنا أبو زكريا يحيي بن محمد العنبري، ثنا الحسن بن علي بن نصر، ثنا الزبير بن بكار، حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني، عن داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أنه قال: استسقي عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب، فقال: " اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا ". فما برحوا حتي سقاهم الله. قال: فخطب عمر الناس، فقال: أيها الناس إن رسول الله كان يري للعباس ما يري الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلي الله عز وجل فيما نزل بكم!... انتهي... إلي آخر البحث.

الخلاصة:

أن العقل لا يمنع أن أن يجعل الله تعالي نبيه وسيلة لنا، ويأمرنا أن نتوسل به وتطلب له درجة الوسيلة في الجنة عند ربه.. فقد تكون الحكمة والمصلحة للعباد توجب ذلك.

والنقل يقول إنه تعالي جعل ذلك وأمر به، في ثلاث آيات علي الأقل، وفي أحاديث كثيرة.

وأن مسألة التوسل حساسة لأنها ذات حدين، فيجب توعية المسلمين حتي لا ينحرفوا فيها إفراطاً أو تفريطاً.

ص: 41

وأن قسماً من عوام المسلمين وجماهيرهم أساؤوا تطبيق عقيدة التوسل، فسبب ذلك ردة فعل عند ابن تيمية ومن تبعه، ولكنها كانت ردة فعل عنيفة رجعوا فيها كثيراً عن حافة السطح حتي وقعوا من الجهة الثانية!! وكثير من ردات الفعل علي الإفراط تكون تفريطاً مع الأسف!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، التاسعة صباحاً:

إلي العاملي: كلامك طويل. وفيه نسبة من الصحة، إضافة إلي بعض الشُّبه التي تحتاج إلي رد، فلو كان مقالاً قصيراً لرددت علي كل نقطة تذكرها وتخالف ما أعتقده، لذا أرجو مرة أخري أن يكون جوابك مختصراً دقيقاً، وعموماً فأجيبك باختصار:

الآيات التي استدللت بها في الأمر بطاعة الرسول عليه السلام عليك لا لك، لأنه أمرنا بالتوحيد الخالص النقي من شوائب الشرك. ومن طاعته تنقية التوحيد مما يفضي إلي الشرك أعاذنا الله وإياك من مضلات الفتن. ثم إنك استدللت في الإستشفاع بدعاء النبي للأعمي، وهذا لا إشكال فيه لأنه طلب من حي فيما يستطيعه، لذا لجأ عمر رضي الله عنه في استدلالك الثاني إلي عم النبي، ولو كان الإستشفاع فيما ذكرته صحيحاً، للجأ الناس إلي النبي عليه السلام وهو في قبره وهذا ما لم يحصل إطلاقاً.

وأعود وأسأل مرة أخري ما الذي يستطيع عمله الميت حينما تستشفع به؟

أرجو الإجابة وكما ذكرت باختصار حتي لا يتشعب الحوار. ولك تحيات الصارم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

سأماشيك بأسلوب النقاش الذي تحبه..

ص: 42

فمن أسباب الخطأ عند المخالف للتوسل: أنه يتصور أن المتوسل يطلب من النبي صلي الله عليه وآله، أو من الولي..

بينما هو يطلب من الله تعالي ويتوسل إليه بمقام النبي، أو يطلب من النبي التوسط له عند الله تعالي.

فلا طلب إلا من الله تعالي. وأما شبهة: أن الرسول ميت.. فكيف تصح مخاطبته؟ فجوابه: أنه حيٌّ عند ربه، ولذا تسلِّم عليه في صلاتك " السلام عليك أيها النبي ".

وإذا قبلت حديث تعليم النبي للأعمي أن يتوسل به، فقد صح عندكم أن عثمان بن حنيف، طبقه بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وعلمه لشخص كان عنده مشكلة عند الخليفة عثمان فاستجاب الله له.

وتطبيق الصحابي الثقة حجة لأنه معاصر للنص.

وقد أجاز ابن تيمية التوسل بالنبي بعد موته، فلا تكن ملَكياًّ أكثر من الملك!! بل ورد عندكم التوسل إلي الله تعالي بالممشي إلي الصلاة والحج! " أتوسل إليك بممشاي "!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

إلي العاملي هداه الله: إن كنت طالب حق فلا تحد عن الجواب ولا تراوغ!! وإن كنت طالب جدل، فأنا أعلن انسحابي من هذا الحوار الجدلي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، إنما هو مضيعة لوقتي ووقتك. هذه الصفحة الطويلة التي كتبناها ألخصها بما يلي:

قلت يا عاملي: أنتم تحرمون زيارة القبور.

فقلت لك: نحن نحرم شد الرحال إليها منعاً لجناب التوحيد أن تشوبه شوائب الشرك. ثم سألتك لم تشدون الرحال؟ فقلت: للإستشفاع!! ثم سألتك كيف

ص: 43

تستشفعون بهم؟ فأتيتني بجواب فيه حيدة وتهرب، وأنا أريد جواباً صريحاً، فإن أردت أن تسير معي هكذا، تتهرب من الجواب المباشر فلن أكمل، وإن أردت أن تجيبني علي قدر السؤال، فهذا سؤالي: لماذا تستشفعون بالأموات؟ وكيف؟

ختاماً، أرجو ألا تلجأ لمثل هذه الأساليب، التي لا تليق. من مثل قولك: " فلا تكن ملكياًّ أكثر من الملك!! ". ولك تحيات الصارم.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الثالثة مساءً:

إلي الآن ما زلت تتصور أن الزيارة لا بد أن يرافقها استشفاع.. فمن أين جئت بهذا؟!

فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به!

وقد يتوسل المسلم بنبيه في بيته ولا يذهب لزيارته، فالزيارة شئ والتوسل شئ آخر!!

وإلي الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع!

مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها، أو مع نية الإستشفاع والتوسل!

وقد أجبتك بأن النبي صلي الله عليه وآله حي عند ربه، وأنك تسلم عليه في صلاتك، فلا مانع أن يخاطبه المتوسِّل. علي أن المتوسل لا يطلب من النبي بل من الله، ولا يحتاج إلي مخاطبة النبي بل يخاطب ربه ويسأله بحق رسوله ومقامه ومعزته عنده!!

وقلت لك: لقد أجاز ابن تيمية التوسل والإستشفاع بالنبي (الميت)!! صلي الله عليه وآله، فهل تريد نص كلامه؟!!

وتعود وتسألني: لا إذا تشدون الرحال للإستشفاع، ولماذا تستشفعون بالميت؟

ص: 44

أرجو أن تتأمل في كلامي أكثر.

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي: لقد تأملت في كلامك جيداً وتوصلت لما يلي:

قلت في معرض كلامك: " وإلي الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها، أو مع نية الإستشفاع والتوسل! ".

النتيجة واحدة وهو وجود التوسل والإستشفاع، وهذا ما أريده وأسأل عنه.

وقلت أيضاً: " فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به! ".

هذا منطوق كلامك، وعليه فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ويتوسل ويستشفع به!

وهذا مفهوم كلامك. وسؤالي كيف يتوسل به؟ وسؤالي الثاني: كيف يستشفع به؟ هل أجد عندك إجابة مختصرة في حدود السؤالين السابقين؟ ولك تحيات الصارم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الخامسة والثلث مساءً:

توسل به إلي الله، واستشفع به، وتوجَّه به، وتجوَّه به، وسأله به، واستغاث به، وأقسم عليه به.. كلها بمعني واحد، أي توسط به إلي الله تعالي.

ومعني توسلنا واستشفاعنا بالرسول صلي الله عليه وآله، أننا نقول: اللهم إن كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي، فإني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد، الذي له هو نبيي ومبلغي أحكامك، وخير خلقك، وصاحب المقام الأول عندك.. أن تقبل دعائي وتستجيبه.

ص: 45

وهذا يا أخ صارم أمر طبيعي صحيح، ليس فيه عبادة للنبي، ولا ادعاء شراكة له مع الله تعالي..

بل فيه تأكيد لمقام عبوديته وإطاعته لربه الذي وصل به إلي مقامه المحمود عند الله تعالي.. وهو مشروعٌ لورود النص به.

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

العاملي: أعوذ بالله من غضب الله ما هذه الجرأة علي الله؟

كيف تقول: " ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي "!!!! هل تعتقد أن الله لا يسمع؟! نعوذ بالله من الخذلان. هل تعتقد أن الله يخفي عليه شئ في الأرض وفي السماء؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. أفق يا رجل فوالله إن الذي قلته ليزلزل الجبال. هداك الله. أرجو أن تستغفر الله بلا واسطة عن هذا الذنب العظيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولي معك وقفة بإذن الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

تركت كل الموضوع، وأخذت كلمة " تسمع دعائي " وفسرتها بأنا نعتقد أن الله تعالي لا يسمع!!

ما هذا الأسلوب يا صارم؟!!

العبارة: " إن كنت لا تسمع دعائي بسبب ذنوبي "، يعني لا تستجيب.. وسماع الدعاء بمعني استجابته عربي فصيح، أيها العربي!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة والنصف مساءً:

العاملي: قد أخرج الموضوع عن مساره قليلاً، هل لك أن تدلني علي أن السماع بمعني الإستجابة من لغة العرب، وقبل ذلك القرآن؟ ولك تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 46

فعلاً لا تحضرني مصادر.. لكن يستحب للمصلي أن يقول سمع الله لمن حمده، ومعناها استجاب، وليس مجرد السماع. ويكفي استعمالها عند العرب بقولهم: هل يسمع فلان منك، أم لا؟

وهو ليس سؤالاً عن حالة أذنيه.. وطرشه!!

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 12-8-1999، الثامنة مساءً:

في سنن النسائي: 8/263:

عن أبي هريرة يقول: كان رسول الله صلي الله عليه وسمل يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع ". انتهي.

وفي هذا كفاية، فأجب علي ما ذكرته في موضوعنا.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 8 - 1999، العاشرة مساءً:

لقد بدأت أستغرب من كثرة المداقة منك في الألفاظ التي نستخدمها وكثرة نكرانك علينا في هذا الأمر، والحقيقة لم أكن لأشك في أن السماع بمعني الإستجابة، من يوم عرفنا الصلاة وفيها: " سمع الله لمن حمده " لتعذر حمل السمع هنا علي معناه اللغوي؟؟!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 13 - 8 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي العاملي: أشكرك علي إحالتك وبيانك.

وسؤالي وأرجو ألا تتذمر لم تلجؤون إلي الواسطة بينكم وبين الله؟ ألم يخلقنا؟ ألم يرزقنا؟ أليس سبحانه هو المتكفل بنا؟ ألم يقل لنا " ادعوني أستجب لكم " بلا واسطة؟

ألا تعلم أن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد؟

ص: 47

ألا تعلم أن كل وازرة لا تزر وزر أخري؟ ألا تعلم أن الإنسان مهما بلغ من الكمال فهو عبد ضعيف مربوب لله تعالي لا يملك لنفسه ضراًّ ولا نفعاً؟ فأي فرق بيننا وبين الأموات؟ وقد ذكرت لك أن عمر رضي الله عنه استشفع بعم النبي صلي الله عليه وآله، ولم يلجأ إلي قبر النبي عليه السلام!

فلم لم يفعل ذلك؟!! أتراه غفل عما تدعون إليه؟!!

نعم، للإنسان أن يطلب من آخر حي أن يدعو له، أما من الميت فإن الميت لا حول له ولا قوة!!

ولو كان بيده شئ لدفع الموت عن نفسه. وسؤالي مرة أخري لم تجعلون الميت واسطة؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

حسب فهمنا المحدود وإدراك عقولنا القاصرة، الأمر كما تقول..

فالإنسان يعبد الله تعالي مباشرة، فينبغي أن يطلب منه مباشرة.. والله تعالي سميع بصير عليم، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، فلا يحتاج إلي واسطة من شخص حي ولا ميت ولا أي مخلوق.. هذا حسب إدراك عقولنا..

ولكنه سبحانه بني هذا الكون، وخلق الإنسان وأقام حياته في الأرض علي أساس الأسباب والمسببات في أمور الطبيعة..

وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الأصول. مثلاً: لماذا يجب الإيمان بالرسول؟

فإذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول: إن المطلوب هو الإيمان بالله وحده، والرسول مبلغ وقد بلغ ذلك وانتهي الأمر.. فلماذا نجعل الإيمان به مقروناً بالإيمان بالله تعالي؟! لماذا قال الله تعالي: أطيعوني وأطيعوا الرسول، ولم يقل أطيعوني فقط، كما بلغكم الرسول؟!! وهذا المثل قد يكون صعباً..

ص: 48

مثل آخر: الكعبة..

لماذا أمر الله تعالي ببناء غرفة، وقال توجهوا إليها وحجوا إليها وتمسحوا بها؟

هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلي له إلي هذه الجهة أو تلك؟ أو تحج تلك المنطقة، أو لا تحج؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه؟!

بل إن الصلاة أيضاً نوع من التوسل.. وقد يسأل إنسان: هل تحتاج عبادة الله إلي صلاة له؟

بل إن الدعاء أيضاً توسل.. فالله تعالي مطلع علي الضمائر والحاجات، فلماذا يطلب أن نقول له؟

بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الإنسان إلي القول: لماذا خلق الله الإنسان بحيث تكون له حاجات، وقال له: ادعني حتي أستجيب لك..

إنا جميعاً يا صارم.. أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالي، وحكمته تُعرف بالشرع والعقل معاً، وليس بظنون العقل واحتمالاته!! وما دام مبدأ التوسل ثبت في الشرع، فإن العقل لا يعترض عليه، بل هو " العقنقل " كما عبر عنه الأخ مشارك!!

والتوسل بالنبي صلي الله عليه وآله ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق، لأنه حي عند ربه، وحياته أقوي من حياة أحدنا!

وقد قلت لك إن التوسل لا يحتاج إلي مخاطبة، فهو سؤال لله تعالي بمقام النبي وجهاده في سبيله وشفاعته عنده.

وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي صلي الله عليه وآله.

وكتب (الصارم) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الرابعة عصراً:

العاملي:

ص: 49

أولاً: أوافقك القول علي أن العقل قاصر، وهذا لا مرية فيه. أما تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق، لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجه إلي الكعبة إذ الكعبة ليست واسطة. ولك أن تتصور أن شخصاً يتحدث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره!! هل تقبل عليه وتتحدث معه؟ وكذلك وضعت الكعبة ليتجه إليها المسلمون جميعاً في صلاتهم، لا أنها واسطة... إلي غير ذلك من الحكم.

ثانياً: قلت: " أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي صلي الله عليه وآله ". كلامك متناقض كيف تقول أجاز ثم ترجع وتقول: لعله؟!! هذا لا يستقيم. فإما أنه أجاز التوسل بالأموات، وهذا محال، أو أنه أجاز التوسل بالنبي عليه السلام، فهل لك أن تدلني علي كلام شيخ الإسلام رحمه الله في التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله مع ذكر المرجع؟

ثالثاً: أريد الدليل من القرآن، ومن القرآن، علي قولك. راجياً الإختصار ما أمكن، وشكراً لك.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الرابعة والنصف عصراً:

قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16:

(وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء. كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلي الله عليه وسلم علَّم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام! والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا علي سبيل

ص: 50

استحضاره لا علي سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه). انتهي.

فقد أفتي ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، وهو ميت!

ولا حظ.. يا صارم أن الميزان عند ابن تيمية أن تطلب من الله أو من المتوسل منه.

وهذا هو كلام علماء المسلمين كلهم.

وتفريقه بين المتوسل والداعي والمستغيث غير صحيح، لأنه لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله!!

وأزيدك حديثاً آخر صححه الطبراني يفسر حديث الضرير.

قال في المعجم الكبير: 9/17:

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك.

فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد، فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلي الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلي حتي أروح معك.

فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتي باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتي أخذ بيده، فأدخله علي عثمان بن عفان فأجلسه معه علي الطنفسة، وقال له: ما حاجتك؟

ص: 51

فذكر حاجته، فقضاها له. ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتي كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا. ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتي كلمته فيَّ!

فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلي الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: أو تصبر؟

فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليَّ. فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات. قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث، حتي دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر، قط!

وكتب (الصارم) بتاريخ 14 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

إلي العاملي: إليك الجواب عما أثرته وأعتذر عن الإطالة:

أولاً: لم تحلني علي مرجع، وقولك: " قال ابن تيمية في: رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 "، أتعد هذا إحالة؟!! ما رأيك لو قلت لك: قال صاحب الكافي في رسالة له. أتقبل ذلك مني؟!

ثانياً: إما أنك لا تجيد النقل، وتأخذ ما يوافق هواك!! وأعيذك بالله أن تكون كذلك، وإما أنك أسأت فهم كلام ابن تيمية، أو نقلت شبهة كان يريد الرد عليها، لأن أقواله في هذه المسألة - التوسل بالنبي - مشهورة مبثوثة في ثنايا كتبه رحمه الله. وحتي أزيدك إيضاحاً حول هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة أقول: التوسل بالرسول عليه السلام ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يتوسل بالإيمان به واتباعه وهذا جائز في حياته وبعد مماته.

ص: 52

القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه أي بأن يطلب من الرسول صلي الله عليه وآله أن يدعو له فهذا جائز في حياته، أما بعد مماته فلا لتعذره.

القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته.

ثالثاً: قلت يا عاملي: " فقد أفتي ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، وهو ميت! ". ولا أدري من أين استنبطت قولك: وهو ميت؟!!!

رابعاً: قلت: " لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله!! "

فبالله عليك لم يشد الناس رحالهم إلي القبور؟ إن قلت من أجل الدعاء عندها دون أن يكون للميت تأثير، قلنا لك فلا فائدة من شد الرحال، والإجابة حاصلة في مكانك الذي أنت فيه دون أن تشد الرحل. وإن قلت إن للميت تأثيراً، أو من أجل حصول البركة، قلنا: كيف يؤثر وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراًّ؟

ومن هنا جاء النهي عن شد الرحال للقبور منعاً لجناب التوحيد من شوائب الشرك.

ولو تنزلنا معك ووافقناك في قولك أنا لا أستغيث بها، قلنا: لك لكن عوام الناس ممن لا فقه عنده سيظن أن للميت تأثيراً وإلا لما شدت إليه الرحال، فيلجأ في دعائه إلي الميت، وهذا ما يحصل عند غالب القبوريين. فلما كانت هنالك مفسدة مترتبة علي ذلك وقع النهي.

خامساً: أما حديث الطبراني فيحتاج إلي مراجعة، فلم يسعفني الوقت للوقوف عليه، وعلي صحته.

ص: 53

آمل أن تتأمل جوابي جيداً ليتضح لك الحق بإذن الله. ولك تحياتي.

وأجاب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

أرجو أن تصحح ما هو المركوز في ذهنك من أن الزيارة تلازم التوسل والإستغاثة.. وأن شد الرحال يكون للإستغاثة، فلا تلازم بينها أبداً..

وإذا أكملنا البحث في التوسل آتي لك بنصوص الزيارة بلا توسل.

وهذا اليوم قرأت لإمامك ابن تيمية مجدداً كل مقولاته حول التوسل وحديث عثمان بن حنيف عن الضرير، وعن حديث عثمان بن حنيف الآخر الذي صححه الطبراني..

فقد تعرض لذلك في كتبه وكتيباته التالية:

العبادات عند القبور.

وزيارة القبور.

والتوسل والوسيلة.

واقتضاء الصراط المستقيم.

ورسالة من سجنه.

وخلاصة رأيه: أنه يفسر حديث الأعمي بأنه توسل بدعاء الرسول صلي الله عليه وآله، لا بذاته، وفي حياته لا بعد مماته.

قال في التوسل والوسيلة ص 265:

وفي الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به بخلاف دعاء الموتي والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والإستغاثة بهم والشكوي إليهم فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا

ص: 54

رخص فيه أحد من أئمة المسلمين. وحديث الأعمي الذي رواه الترمذي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه.

وقال في ص 268:

وفيه قصة قد يحتج بها من توسل به بعد موته إن كانت صحيحة، رواه من حديث إسماعيل بن شبيب بن سعيد الحبطي، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر المديني، عن أبي أمامة

سهل بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي الرجل عثمان بن حنيف، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة. يا محمد، إني أتوجه بك إلي ربي.... إلخ. قال البيهقي ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب بن سعيد، قال: ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر... إلخ. انتهي.

ثم ناقش ابن تيمية في سند الحديث، ولم يفت بالتوسل بالنبي صلي الله عليه وآله بعد وفاته.

أما رسالته من سجنه، فهي مطبوعة ضمن مجموعة رسائله وتبدأ من ص 248، وهي من سجنه في مصر، وأنقل لك منها فقرات، والأخيرة فيها يجيز فيها التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله فقد قال به، ولم يقل بدعائه!!

قال في ص 250:

فجاء الفتاح أولاً، فقال: يسلم عليك النائب وقال: إلي متي يكون المقام في الحبس، أما تخرج؟ هل أنت مقيم علي تلك الكلمة، أم لا؟ وعلمت أن الفتاح ليس في استقلاله بالرسالة مصلحة لأمور لا تخفي، فقلت له: سلم علي النائب،

ص: 55

وقل له: أنا ما أدري ما هذه الكلمة، وإلي الساعة لم أدر علي أي شئ حبست، ولا علمت ذنبي، وأن جواب هذه الرسالة لا يكون مع خدمتك، بل يرسل من ثقاته الذين يفهمون ويصدقون أربعة أمراء، ليكون الكلام معهم مضبوطاً عن الزيادة والنقصان، فأنا قد علمت ما وقع في هذه القصة من الأكاذيب.

فجاء بعد ذلك الفتاح ومعه شخص ما عرفته، لكن ذكر لي أنه يقال له علاء الدين الطيبرسي، ورأيت الذين عرفوه أثنوا عليه بعد ذلك خيراً وذكروه بالحسني لكنه لم يقل ابتداء من الكلام ما يحتمل الجواب بالحسني، فلم يقل الكلمة التي أنكرت كيت وكيت ولا استفهم: هل أنت مجيب إلي كيت وكيت؟! [ولعله يقصد أنه عرضوا عليه أن يتوب ويسلم].

وقال في ص 253:

وجعل غير مرة، يقول لي: أتخالف المذاهب الأربعة؟ فقلت: أنا ما قلت، إلا ما يوافق المذاهب الأربعة..

وقال في ص 256:

وقال لي في أثناء كلامه فقد قال بعض القضاة إنهم أنزلوك عن الكرسي، فقلت: هذا من أظهر الكذب الذي يعلمه جميع الناس، ما أنزلت من الكرسي قط، ولا استتابني أحد قط عن شئ، ولا استرجعني.

وقلت: قد وصل إليكم المحضر الذي فيه خطوط مشائخ الشام وسادات الإسلام، والكتاب الذي فيه كلام الحكام الذين هم خصومي كجمال الدين المالكي وجلال الدين الحنفي...

وقال في ص 265:

فقال: فاكتب هذه الساعة أو قال: اكتب هذا، أو نحو هذا، فقلت: هذا هو مكتوب بهذا اللفظ في العقيدة التي عندكم، التي بحثت بدمشق واتفق عليها

ص: 56

المسلمون فأي شئ هو الذي تريده؟ وقلت له: أنا قد أحضرت أكثر من خمسين كتاباً من كتب أهل الحديث والتصوف والمتكلمين والفقهاء الأربعة الحنيفة والمالكية والشافعية والحنبلية وتوافق ما قلت...

وقال في ص 266:

فراح ثم عاد وطلب أن أكتب بخطي أي شئ كان. فقلت فما الذي أكتبه؟ قال: مثل العفو وألا تتعرض لأحد!! فقلت: نعم هذا أنا مجيب إليه...!!

وقال في ص 272:

وهذا الذي يخافه من قيام العدو ونحوه في المحضر الذي قدم به من الشام إلي ابن مخلوف فيما يتعلق بالإستغاثة بالنبي صلي الله عليه وسلم، إن أظهروه وكان وباله عليهم، ودل علي أنهم مشركون لا يفرقون بين دين المسلمين ودين النصاري...

وقال في ص 276:

وأما حقوق رسول الله صلي الله عليه وسلم بأبي هو وأمي مثل تقديم محبته علي النفس والأهل والمال وتعزيره وتوقيره وإجلاله وطاعته واتباع سنته وغير ذلك، فعظيمة جداًّ. وكذلك مما يشرع التوسل به

في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلي الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن. وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا علي سبيل استحضاره لا علي سبيل الطلب منه.

ص: 57

وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه والله هو رب العالمين. انتهي.

وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به، وليس بدعائه، كما أنه لم يخصصه بحال حياته، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلاً!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي:

هنالك نقطة اختلاف بيني وبينك، ولعلها لم تظهر بعد، فأنت حينما تسافر وتقطع مئات الأميال من أجل أن تزور القبر الفلاني، لم أقدمت علي هذا العمل؟ وكيف لا يكون هناك تلازم بين التوسل والإستغاثة والزيارة وهذا ما قصدته فيما كتبته لك. وهو ما أسأل عنه لم تشد الرحل للقبر؟

فقلت بعظمة لسانك " نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي " ثم تقول: لا تلازم، أي تناقض هذا؟!!

أما قولك إنك قرأت كتب ابن تيمية حول موضوعنا، فأشكرك علي شجاعتك ونقلك لما يخالف كلامك، وكنت أتمني منك لو قلت: وقد أخطأت، أو وقد تبين بطلان كلامي، فكل منصف سيري هذا الخطأ الذي وقعت فيه ونسبته لشيخ الإسلام.

قولك: " ولعله يقصد أنه عرضوا عليه أن يتوب ويسلم ". لا داعي له، فما وقع الإختلاف بيننا إلا بمثل هذه " اللعلات " التي لا تستند إلي دليل، اللهم إلا البحث عن العيوب، وتسقط العثرات.

أخيراً: قولك فيما نقلته عن الشيخ: "... أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في.

ص: 58

فهذا التوسل به حسن وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين ".

ثم قلت: " وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به، وليس بدعائه ". أقول لك: إرجع إلي تقسيم التوسل الذي ذكرته لك آنفاً، وستعرف المقصود بكلام الشيخ رحمه الله فلا حجة لك عليه، وكيف تفسر الكلام بهواك بلا دليل؟

وقولك: " كما أنه لم يخصصه بحال حياته، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلاً!! " من أين لك هذا الإستنباط؟!! فلو كان هذا فهم السلف، لما لجؤوا إلي عم النبي العباس رضي الله عنه في الاستسقاء. وإلا.. فقلي (كذا) بربك ما تفسير توسلهم بدعاء عم النبي صلي الله عليه وآله، ولم يلجؤوا إلي قبره؟!!!

أرجو أن أجد جواباً شافياً مختصراً علي جميع أسئلتي. ولك تحيات الصارم.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا سألت كريماً حاجة فدعه يفكر، فإنه لا يفكر إلا في خير.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ صارم.. اسمح لي أن أفهرس نقاشنا:

أولاً: مسائله ثلاث:

فأصل موضوعنا زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله.

وهناك موضوعان يتصلان بها:

الأول: شد الرحال إليها يعني السفر إلي المدينة المنورة بقصد الزيارة.

والثاني: التوسل والإستشفاع بالنبي صلي الله عليه وآله.

وثانياً: كان موضوعنا الحكم الشرعي لذلك، سواء من الأحاديث الصحيحة علي حسب موازين علماء المذاهب.. ووصلنا إلي رأي ابن تيمية في ذلك.

ص: 59

لقد قرأت اليوم رأيه في زيارة القبور وشد الرحال إليها من بضعة كتب وكتيبات له وهي:

فتيا في نية السفر.

زيارة بيت المقدس.

رسالة في الدعاء عند القبور.

رده علي الأخنائي.

إبطاله لفتاوي قضاة مصر.

الجواب الباهر في زوار المقابر.

شرح حديث لعن الله زوارات القبور.

بيان مختصر لمناسك الحج مضافاً إلي ما ذكره حول المسألة في تفسير سورة الإخلاص.

الحديث وعلومه.

والنتيجة التي خلصت إليها:

أنه يحرم شد الرحال إلي زيارة أي قبر، حتي قبر النبي صلي الله عليه وآله، ويحلله إلي مسجده.

كما أنه يحلل زيارته بمعني السلام عليه بدون شد رحال وبدون توسل به.

ووصلت إلي نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم، وتقية بتعبيرنا، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم.

لا بأس.. لو سألك شخص من مصر، وهو ناوٍ للحج، فقال لك: أنا ذاهب إلي مكة والمدينة، فدلني كيف أنوي، وكيف أزور قبر النبي وشهداء أحد

ص: 60

زيارة شرعية وليست بدعية حسب فتوي ابن تيمية، ما هو الحلال وما هو الحرام؟ فبماذا تجيبه؟

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

الرد علي العاملي:

كنت أتابع كلام أخي الصارم مع العاملي، وكانت لي ملاحظات كثيرة لأن الحوار قد تفرع كثيراً. والذي أعجبني من أخي الصارم أنه يحدده بسؤال سؤال دون إطاله، وها تسهيلاً للقراء، أما العاملي فأقول لك لا بأس من الإطالة في البداية، ولكن بعد أن تعرض كل كلامك ويعرض أخي صارم كل

كلامه، بعدها تأخذون الحوار نقطة نقطة من ما عرضتموه ولا تنتقلون لما بعده من النقاط حتي تنتهوا من تلك النقطة.

لأن تنقلاتك يا عاملي لما بعد النقطة التي يسألك عنها الأخ صارم لا تفيدكم ولا تفيد القراء. بما أني لا أداخل أخي صارم بملاحظاتي الكثيرة علي كلام العاملي، لأن الأخ صارم إنشاء الله ما زال يجيبه، فأنا أسأل العاملي فقط نفس السؤال الذي سأله أخي صارم ولكن بأسلوب آخر.

يا عاملي قد سألك أخي صارم: لماذا تستشفعون بالأموات؟ وكيف؟ كيف يتوسل به؟ كيف يستشفع به؟ فأجبته أنت قائلاً: " توسل به إلي الله، واستشفع به، وتوجه به، وتجوه به، وسأله به، واستغاث به، وأقسم عليه به.. كلها بمعني واحد، أي توسط به إلي الله تعالي. ومعني توسلنا واستشفاعنا بالرسول صلي الله عليه وآله أننا نقول: اللهم إن كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي، فإني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد، الذي له هو نبيي ومبلغي أحكامك،

وخير خلقك، وصاحب المقام الأول عندك.. أن تقبل دعائي وتستجيبه ".

ص: 61

فأقول لك يا عاملي: هل أنت توافق المشركين الذين حاربهم الرسول صلي الله عليه وسلم لأنهم قالوا: " وما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي "؟؟؟ بالطبع ستقول لا. طيب..

السؤال 1: هل ممكن أن تشرح لي ما معني عبادتهم لهم وكيف كانوا يعبدونهم لكي نحذر مما كفرهم الله به؟

السؤال 2: إن قلت لي إنكم تتوسطون بأهل القبور ليقربوكم إلي الله زلفي لأن لهم جاهاً وأنتم لكم ذنوب لا يستجيب الله دعائكم.

قلت لك: وكذلك المشركون، كانوا يفعلون مع القبور تماماً كما قلت بنص هذه الآية لأنهم يعتقدون أن اللات والعزي ومناة صالحون وهم قد ماتوا، فهم يأتون قبورهم أو آثارهم المجسمة كأصنامهم ليتوسطوا لهم عند الله بنص هذه الآية.

وإن قلت لي: ثبت عندنا أن صلاح الرسول صلي الله عليه وسلم ثابت لا ينكر، أما اللات والعزي و.. و.. فلم يثبت عنكم صلاحهم.

فأقول لك: ولكن الله عز وجل سمي الفعل هذا عبادة لهم وشركاً ولم يشترط الله صلاح الذين يعبدونهم ليقربوهم إلي الله زلفي كما أنكر الله عبادة الملائكة في القرآن مثلاً رغم صلاحهم.

فإن قلت لي: هم كفروا لأنهم كانوا يعبدون اللات والعزي ومناة لأنهم كانوا يعتقدون لها قدرة علي النفع والضر مثل أنها خلقت شيئاً مع الله و.. و.. من دون الله.

قلت لك: ولكنهم يقولون ليقربونا إلي الله زلفي وكلامهم واضح أن قصدهم الله في النهاية ولكن عن طريق وساطة اللات و.. و.. و.. ولكن رغم هذا كفرهم الله ورسوله.

ص: 62

فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (الصارم) بتاريخ 16 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

الأخ العزيز الإماراتي:

أشكرك كثيراً علي هذه المداخلة، وكما يقولون القلوب عند بعضها، وهذا ما كنت أنوي فعله مع العاملي، بإرجاع الموضوع إلي أساسه، حتي لا يتشعب الحوار، وكان سبب تأخري في ذلك حدوث خلل منعني من الدخول للساحة، وقد راسلت الفاضل العلي، وأرشدني إلي طريقة دخلت من خلالها،

فلك وله الشكر.

أما العاملي فيشكر أيضاً علي رجوعه للحق، حينما قرأ بعض كتب ابن تيمية وقرر، ما قررته من أن ابن تيمية لا يجيز الإستشفاع بالأموات، أما التوسل بهم فكما ذكرت في تقسيمي أعلاه. وبالرغم من ذلك فلي عتب عليه حينما قال: " ووصلت إلي نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم، وتقية بتعبيرنا، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال، ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم " لأن ذلك موضوع آخر ليس هذا مجال نقاشه، وأنا أرد قوله عليه لأن هذا الإمام الجهبذ قد وقف نفسه لله، ولا يمكن أن يفعل ذلك.

أما جواب سؤالك فأرجئه (كذا) إلي أن تجيب أخي الإماراتي، لأن محور النقاش يدور حول ذلك. ولك تحياتي وشكري علي اعترافك بالحق. هدانا الله وإياك إلي المحجة البيضاء التي لايزيغ عنها إلا هالك.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا سألت كريماً حاجة فدعه يفكر، فإنه لا يفكر إلا في خير.

فكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 63

نعم، لقد تشعب الموضوع.

ولكن سؤال الأخ راشد عن التوسل والإستشفاع. وسؤالك عن شد الرحال والتوسل والإستشفاع.

وقد سألتك عن شد الرحال لأثبت لك تناقض فتاوي ابن تيمية فيها.

وسأترك مطالبتك بالجواب.. فعلاً، وأجيبكما عن التوسل والإستشفاع، ومعناهما عندنا وعندكم واحد.

فالتوسل الجائز عند إمامكم هو التوسل بدعاء النبي في حياته فقط، ومعناه أنه الآن لا يجوز، لا حتي بدعائه، كما لا تجوز مخاطبته.. لأنه ميت.

أما عندنا.. فالتوسل جائز ومستحب بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، بذاته الشريفة وكل صفاته الربانية ومقامه المحمود، وكذا مخاطبته، والطلب منه أن يدعو لنا ربه، أو يشفع إلي ربه في الحاجة، أو الجنة.. كل ذلك جائز، وبعضه مستحب.

ولا فرق عندنا في ذلك بين حياته وبعد وفاته، لأنه حي عند ربه، يسمع كلامنا بإذن ربه، إلا أن يحجب الله كلام أحد عنه.

وهذا التوسل ليس فيه أي شائبة شرك، لأنا نعتقد أنه عبد الله ورسوله، ليس له من الأمر شئ إلا ما أعطاه الله، ولا يملك شيئاً من دون الله، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالي. وطلبنا منه وتوسلنا به، ليس دعاء له من دون الله، بل هو دعاء الله، وطلب من الله وحده، والطلب من الرسول أن يكون

واسطة وشفيعاً إلي ربه.

ودليلنا علي ذلك: الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثت عليه.. وقد أشرت لك إلي أننا لم نخترع ذلك من عندنا.. ولا عندنا هواية لأن نضم إلي الطلب من الله مباشرة، الطلب منه تعالي بواسطة.. ولا الأمر إلينا حتي نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك!!

ص: 64

بل الأمر كله له عز وجل..

وقد قال لنا: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقال: " أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب "

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول "

وقال عن أبناء يعقوب: " يا أبانا استغفر لنا ".

كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالة عند علماء المذاهب علي ما ذهبنا إليه.

فهل إشكالكم علينا لأنا نطيع ربنا ونتبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها.. ولا نتفلسف عليه ونقول له نريد أن ندعوك مباشرة، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة!!

لقد أمر عز وجل رسوله صلي الله عليه وآله أن يكون موحِّداً بلا شروط، ويطيعه مهما أمره حتي لو قال له لقد اتخدت ولداً لي فاعبده! " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ".. ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً!!

لكن أخبرنا أنه جعل رسوله وآله شفعاء إليه، وأمرنا أن نتوسل بهم ونستشفع بهم في الدنيا والآخرة.

أما نسبتي إلي ابن تيمية تجويز التوسل في سجنه، فلم تكن افتراء والعياذ بالله، بل اعتمدت علي عبارته المتقدمة في سجنه، وكذلك اعتمد عليها السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام.

وأبو حامد المرزوق في كتابه التوسل بالرسول وجهلة الوهابية وغيرهما كثير..

ولا أقول إن هؤلاء العلماء قد افتروا عليه.. فهُم من أهل البحث والدقة.. ولكنهم اعتمدوا علي تلك العبارة المجملة التي كتبها في السجن!

ص: 65

ونحن الشيعة حساسون من كل ما يكتب بالإكراه أو شبه الإكراه، ولا نقول بصحة نسبة الرأي الصادر من صاحبه في ظروف الإكراه وشبهه.. ونفتي ببطلان البيع المكره عليه، وكذا البيعة.

لذلك بعد قراءتي الشاملة لما كتبه في الموضوع، قلت: إن ابن تيمية لم يجوز التوسل رغم عبارته المذكورة.

ولكني لا أوافقه علي رأيه، لأن دليل علماء المذاهب أقوي من دليله. ثم دليلنا في اعتقادي أقوي من أدلة علماء المذاهب.. وشكراً.

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 16 - 8 - 1999، العاشرة ليلاً:

أعيد السؤال للعاملي:

يا عاملي أليس 1 قدس سره 1 = 2؟ سؤالي وطلبي كان في منتهي الوضوح: أليس الله تعالي يقول " ولتستبين سبيل المجرمين:؟ والمشركون هم يسلكون هذا السبيل بلا شك ومن سبيلهم الذي كفرهم الله به هو أنهم يقولون " وما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي ".

السؤال 1: هل ممكن أن تشرح لي ما معني عبادتهم لهم وكيف كانوا يعبدونهم لكي نحذر مما كفرهم الله به ونحذر سبيلهم؟

السؤال 2: فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟

إن قلت لي: إنكم تتوسطون بأهل القبور ليقربوكم إلي الله زلفي لأن لهم جاهاً وأنتم لكم ذنوب لا يستجيب الله دعائكم إلا من طريقهم كما قلت بسبب الذنوب.

قلت لك: وكذلك المشركين كانوا يفعلون مع أهل القبور تماماً كما قلت بنص هذه الآية لأنهم يعتقدون أن اللات والعزي ومناة صالحون.. فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟؟

ص: 66

أجب علي هذه الأسئلة فقط، ولا تقول قال السبكي وقال شيخ الإسلام وهناك رواية و.. و.. و.. و.

أجب أولاً، ثم انتقل مع الأخ صارم خطوة خطوة، لكي لا يتشعب الكلام، لأننا نحن نستطيع أن ننسخ لك كتاب التوحيد ونلصقه كاملاً.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 16 - 8 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

في البدء.. أتلو اعتذاري علي الأخوين العاملي، والصارم علي هذه المداخلة التي ما كنت أرجوها لأن طريقة البحث كانت هادئة ومصيبة في غالب الأحايين، بيد أني أريد أن أضع مفارقة بسيطة.. لولا غيابها عن ذهن الإماراتي لما أدلي باستفساراته هنا..

أولاً: وكما قال الأخ العاملي وقلتم أن التوسل وإن كان له مدخلية وارتباط عضوي بأصل البحث غير أنه من غير المبتغي أن يبدء ببحثه الآن..

ثانياً: وهذا للإماراتي خاصة: إن جميع كلامك يعتمد علي قضية المشركين، وما هنالك من الشباهة المتوهمة بين مقامهم ومقام الأولياء الصالحين.. كما جاء عن الشيخين ابن تيمية وسليل فكره ابن عبد الوهاب النجدي.

وقد قلتَ موجهاً في ذلك أن المشركين لم يستقلوا بأصنامهم في أمر العبادة، ولكن الله ذي العزة والجلال أدانهم بالكفر...

وهذا أعتبره تخليطاً واضحاً من خلال أنك ادعيت أن الله سماها عبادة علي الرغم من عدم انطواء قصدهم علي ذلك؟!!

بينما الذي سماه عبادة، ودل ذلك علي وجود عبادة حقيقية ما حكاه الله جلا وعلا عنهم، وليس الله مباشرة، فقال تبارك اسمه: " ما نعبدهم إلا ليقربونا.. " نعم جعلوا غاية العبادة هو التقرب لله، والله قد حصر العبادة لوجهه الكريم.

ص: 67

وبهذا سيكون الفرق واضحاً وجاهراً أيضاً.. وهناك كلام بدا لي أن أخلفه فيما يتخلف...

وكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

أثار الأخ راشد في مداخلته عدة موضوعات..

وإذا أراد الأخ صارم أن أحول الموضوع إلي نقاش مع الأخ راشد فبها، وإلا فيمكن فتح موضوع من

الموضوعات التي طرحها راشد..

ومنها مفهوم العبادة عند المشركين وعند المسلمين، والفرق بينهما.. لأثبت له أن الشفاعة والتوسل وغيرها من عقائد الإسلام لا تنافي التوحيد.. كما تصور.

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 17 - 8 - 1999، الواحدة صباحاً:

حرصاً علي هدوء الحوار كما سميته أنت وجميل 50، فأنا أترك الكلام الآن لك مع صارم لانشغالي بأمور أخري، رغم أنه لا يحق لك أن تشترط النقاش مع واحد فقط، لأني كنت أناقش (7) مناظرون لي وأنا وحدي في عدة صفحات، وأنت كنت منهم، فلم أقل للجميع لا تتدخلوا واتركوني مع واحد منكم.

ولكني أطلب من أخي الحبيب صارم أن يعتبر سؤالي هذا هو عين سؤاله هو موجهاً للعاملي، وآذن له أن يصوغ السؤال كما يراه ويوجهه من جديد للعاملي، لأن سؤالي هو ليس خروجاً عن الموضوع، لأن العنوان هو الزيارة والزيارة يندرج تحتها شد رحال أو توسط واستغاثة بالميت عندكم و.. و..

وأنا لم أسال إلا عن نفس الذي سأله أخي صارم، ولكن بأسلوبي الخاص. لك أن تجيب يا عاملي ولك أن تتجاهل، وهذا يسمي تهرب غير مرغوب فيه،

ص: 68

ومن حق الأخ صارم أن يلح عليك بالإجابة علي هذا السؤال، لأن من حق المناظر أن تجيبه.

وإلا فما العبرة من النقاش إن كنت تتجاهل السؤال ونتجاهل أسئلتك؟!؟!؟! ما هو هدف النقاش؟!؟! أليس الوصول للحق طبعاً، والوصول للحق يكون بسؤال وعرض وإجابة وتحاور و.. و..

أخي صارم هذا طلبي منك، ولك المشورة فيما تشور والصدر رحب للأحباب من أمثالك الموحدين.

وكتب (الصارم) بتاريخ 17-8-1999، الواحدة صباحاً:

أخي راشد حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثوانا ومثواه: سواء سألت أنت أم أنا، لنا منهج واحد بحمد الله. لذا لا تثريب عليك أن تطرح ما تشاء باسمي، ولك أن ترد عني. هدفنا إظهار الحق وبيانه للناس، ودلالتهم علي الخير، لا الإنتصار لأنفسنا وأهوائنا، وإلا لن نصل إلي نتيجة.

وبإمكاننا أن نغادر الساحة، ونتركها لهم، ولن يضيرنا ذلك شئ، لكن عندنا رسالة يجب أن نؤديها ونبلغها للناس، فمن رضي فله الرضي ومن سخط فعليه السخط، والسلام. ملحوظة: سأعود للعاملي، في الغد بإذن الله.

وكتب (الصارم) بتاريخ 18 - 8 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

إلي العاملي: ألخص حوارنا السابق بما يلي:

سؤالي لماذا تشد الرحال إلي القبور؟ فأجبت للإستشفاع!!

لماذا تستشفع بهم؟ فأجبت لأن لي ذنوباً!!! ما الذي يعمله الميت لك؟

أرجو أن تجيب بصراحة عن هذا السؤال وبلا إطالة.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 69

كان سؤالك: لماذا تشد الرحال إلي القبور؟

وجوابه: أننا نشد الرحال لزيارة من ثبت عندنا استحباب زيارته كالنبي وأهل بيته صلي الله عليه وعليهم..

فغرضنا وكل المسلمين من شد الرحال والسفر هو الزيارة، وقد لا يعرف بعضهم الإستشفاع أبداً، بل يقول أنا ذاهب لزيارة النبي.

وقد يستشفع بهم الزائر وقد لا يستشفع، بل يسلم عليه ويصلي عنده، ويدعو الله تعالي بدون استشفاع.

وسألتني: لماذا تستشفع بهم؟

فضربت لك مثلاً في طلب شفاعتهم بالمغفرة.

وأضيف هنا أن النبي صلوات الله عليه وآله له مقام عظيم أكرمه به ربه في الدنيا والآخرة، ومن

إكرامه له أن المسلم إذا طلب من ربه حاجة مستشفعاًَ به وكانت مستجمعة للشروط الأخري، قضاها له.

فالتوسل والإستشفاع طلب من الله تعالي وحده بجاهِ نبيه، وليس طلباً من النبي الذي هو مخلوق مثلنا، ليس له من الأمر شئ، إلا ما أعطاه الله.

وسألت: ما الذي يعمله الميت لك؟

وجوابه أن النافع الضار هو الله تعالي وحده لا شريك له.

والميت والحي وكل المخلوقات لا تملك لي ولا لأنفسها نفعاً ولا ضراًّ، إلا ما ملَّكها الله تعالي..

ومن اعتقد بأن أحداً له بنفسه ذرة من ذلك فهو مشرك بالله تعالي.

ولكن الله تعالي هو الذي جعل هذا المقام لنبيه صلي الله عليه وآله، وأمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة بالعمل وبتشفيع رسوله في حاجاتنا في الدنيا والآخرة.

ص: 70

ومع الأسف أن بعضكم ما زال يتصور أن شد الرحال إنما يكون بنية الإستشفاع والتوسل، وأن الإستشفاع والتوسل طلب من النبي ودعاء له بدل الله تعالي!! ونعوذ بالله من ذلك، ونعوذ به ممن يتهم المسلمين بذلك بدون دليل!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 22 - 8 - 1999، الثالثة ظهراً:

إلي العاملي: معذرة لتأخري، وأعود مرة أخري لموضوعنا وأقول: هل لك أن تفرق بين فعل الشيعة وبين فعل المشركين في جاهليتهم عند قبورهم؟

فالمشركون يقرون بالربوبية، وإنما كفروا بتعلقهم بالملائكة والأنبياء، لأنهم يقولون " هؤلاء شفعاؤنا عند الله ". أرجو أن تفرق لي باختصار. تحياتي لك.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 8 - 1999، الثالثة والنصف ظهراً:

الكفار والمشركون اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالي.

والضالون اتخذوا إليه وسيلة من دونه.. لم يأمرهم بها.. ولم ينزل بها سلطاناً..

أما نحن.. فنوحده ونطيعه ونبتغي إليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم. والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالي.. وما هو من دونه!!

وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والإيمان، والهدي الضلال!!

وكتب (حسين مهدي أحمد) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 28-1-2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (حول زيارة قبور الأنبياء الأئمة والأولياء)، قال فيه:

ص: 71

يشكل علي الشيعة بأنهم يعتقدون بجواز زيارة قبور الأنبياء والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم والأولياء ويشيدونها ويتبركون بها ويصلون ويدعون عندها مع أنه ورد النهي عن اتخاذ القبور مساجد وعن بناء المساجد علي القبور.

لم يرد النهي عن الزيارة في أثر من الآثار وإنما نهي عنه الوهابيون، منع الوهابية من شد الرحال إلي زيارة النبي صلي الله عليه وآله، فضلاً عن غيره.

ونقل القسطلاني في شرح صحيح البخاري، وابن حجر الهيثمي في الجوهر المنظم، عن ابن تيمية قدوة الوهابيين تحريم زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله مع شد الرحال وبدونه!

وعن الملا علي القاري في المجلد الثاني من شرح الشفا أنه قال:

قد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وآله، كما أفرط غيره حيث قال: كون الزيارة قربة معلوم من الدين وجاحده محكوم عليه بالكفر! ولعل الثاني أقرب إلي الصواب، لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه بالإستحباب يكون كفراً، لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه في هذا الباب. انتهي.

تدل علي مشروعية زيارته صلي الله عليه وآله وفضيلتها، كما في كشف الإرتياب 362 - 372، الأدلة الأربعة:

الدليل الأول: كتاب الله العزيز:

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64. قال السمهودي في وفاء الوفاء: 2/411: العلماء فهموا من هذه الآية العموم لحالتي الموت والحياة واستحبوا لمن أتي القبر أن يتلوها.

الدليل الثاني: السنة الشريفة:

ص: 72

والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، نقلها السمهودي في وفاء الوفاء: 4/394 - 403، ونقلها غيره ونحن ننقلها منه وربما نترك بعض أسانيدها، وقد تكلم هو علي أسانيدها بما فيه كفاية.

1 - الدار قطني في السنن وغيرها، والبيهقي وغيرهما بالأسانيد من طريق موسي بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري وجبت له شفاعتي.

2 - البزار من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله: من زار قبري حلت له شفاعتي.

3 - الطبراني في الكبير والأوسط، والدار قطني في أماليه، وأبو بكر بن المقري في معجمه، من رواية مسلمة بن سالم الجهني، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن سالم، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلا زيارتي كان حقاًّ علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة.

قال والذي في معجم ابن المقري: من جاءني زائراً كان حقاًّ علي الله عز وجل أن أكون له شفيعاً يوم القيامة.

قال وأورد الحافظ ابن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قبر النبي صلي الله عليه وآله من كتابه السنن الصحاح المأثورة.

ومقتضي ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع علي صحته. انتهي.

وهو بإطلاقه شامل للزيارة في الحياة وبعد الموت.

4 - الدار قطني والطبراني في الكبير والأوسط، وغيرهما من طريق حفص بن داود القاري، عن ليث عن مجاهد، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي.

ص: 73

قال: ورواه ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن بسنده وزاد: وصحبتي.

ورواه ابن عدي في كامله بسنده بهذه الزيادة. ورواه أبو يعلي بسنده بدون الزيادة.

وفي بعض الروايات: من حج فزارني في حياتي.

ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق عائشة بنت يونس امرأة الليث، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي.

أقول: ورواه بلفظه الأول السيوطي في الجامع الصغير، عن أحمد في مسنده، وأبي داود، والترمذي والنسائي عن الحارث.

5 - ابن عدي في الكامل، من طريق محمد بن محمد بن النعمان، عن جده، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني.

قال السبكي: وذكر ابن الجوزي له في الموضوعات طرفاً منه.

6 - الدار قطني في السنن، من طريق موسي بن هارون، عن محمد بن الحسن الجيلي، عن عبد الرحمن بن المبارك، عن عون بن موسي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني في المدينة كنت له شهيداً وشفيعاً.

7 - أبو داود الطيالسي، عن سوار بن ميمون أبي الجراح العبدي، عن رجل من آل عمر، عن عمر قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: من زار قبري أو قال من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً. الحديث.

8 - أبو جعفر العقيلي من رواية سوار بن ميمون، عن رجل من آل الخطاب، عن النبي صلي الله عليه وآله: من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة. الحديث.

ص: 74

9 - الدار قطني، وغيره من طريق هارون بن قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي. الحديث.

10 - أبو الفتح الأزدي، من طريق عمار بن محمد، عن خاله سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلي في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما افترض عليه.

11 - أبو الفتوح بسنده، من طريق خالد بن يزيد، عن عبد الله بن عمر العمري، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني بعد موتي فكأنما زارني وأنا حي ومن زارني كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة.

12 - ابن أبي الدنيا، من طريق إسماعيل بن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: من زارني بالمدينة كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة. وفي رواية: كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة.

ورواه البيهقي بهذا الطريق ولفظه: من زارني محتسباً إلي المدينة كان في جواري يوم القيامة.

13 - ابن النجار في أخبار المدينة، بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني ميتاً فكأنما زارني حياًّ، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة.

14 - أبو جعفر العقيلي، بسنده عن ابن عباس، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومن زارني حتي ينتهي إلي قبري كنت له يوم القيامة شهيداً.

أو قال: شفيعاً.

ص: 75

15 - بعض الحفاظ في زمن ابن مندة، بسنده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج إلي مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان. قال: والحديث في مسند الفردوس.

16 - يحيي بن الحسن بن جعفر الحسيني، في أخبار المدينة بسنده عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن لم يزرني فقد جفاني.

وروي ابن عساكر بسنده عن علي: من زار قبر رسول كان في جوار رسول الله صلي الله عليه وآله.

17 - يحيي أيضاً، بسنده عن رجل، عن بكر بن عبد الله، عن النبي صلي الله عليه وآله: من أتي المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة. الحديث.

انتهت الأحاديث التي أوردها السمهودي وهي مع كثرتها يعضد بعضها بعضاً وتعضدها الأحاديث الآتية مع أنه لا حاجة لنا إلي الإستدلال بها للسيرة القطعية وعمل المسلمين البالغ حد الضرورة.

الدليل الثالث: الإجماع:

فقد أجمع المسلمون خلفاً عن سلف من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة إلي يومنا هذا قولاً وعملاً علي زيارة قبره صلي الله عليه وآله ولم يشذ عنهم أحد إلا الوهابيون.

بل إن استحباب زيارة قبور الأنبياء والصالحين، بل وسائر المؤمنين ومشروعيتها ملحق بالضروريات عند المسلمين فضلاً عن الإجماع، وسيرتهم مستمرة عليها من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين وتابعيهم، وجميع المسلمين في كل عصر وفي كل صقع، عالمهم وجاهلهم، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم. فلا يكون إنكار ذلك إلا مصادمة للبديهة وإنكاراً للضروري.

ص: 76

قال السمهودي في وفاء الوفاء، نقلاً عن السبكي، قال عياض: زيارة قبره صلي الله عليه وآله سنة بين المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغوب فيها. انتهي.

قال السبكي: وأجمع العلماء علي استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها. واختلفوا في النساء، وامتاز القبر الشريف بالأدلة الخاصة به، لهذا أقول إنه لا فرق بين الرجال والنساء.

الدليل الرابع: دليل العقل:

فإنه يحكم بحسن تعظيم من عظمه الله تعالي، والزيارة نوع من التعظيم، وفي تعظيمه صلي الله عليه وآله بالزيارة وغيرها تعظيم لشعائر الإسلام وإرغام لمنكريه.

وأما زيارة سائر القبور، فثبت أن النبي صلي الله عليه وآله كان يزور أهل البقيع وشهداء أحد. وروي ابن ماجة بسنده، عنه صلي الله عليه وآله: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة.

وبسنده عن عائشة، أنه صلي الله عليه وآله رخص في زيارة القبور، وقال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة.

ورواه مسلم إلي قوله: فزوروها.

وروي النسائي: ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر.

وفي حاشية السندي عن الزوائد: إن رجال إسناده ثقات.

وقد زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه وهي مشركة بزعم الخصم.

روي مسلم، وابن ماجة، والنسائي بأسانيدهم عن أبي هريرة: زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه فبكي وأبكي من حوله، فقال صلي الله عليه وآله: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم بالموت.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: هو حديث صحيح بلا شك.

ص: 77

وروي مسلم: أنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلي الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلي البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون. وعلم صلي الله عليه وآله عائشة حين قالت له: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. رواه مسلم.

ونحن وإن كنا نعتقد بأن آباء النبي وأمهاته كلهم مؤمنون تبعاً لما ثبت عندنا بالأحاديث الصحيحة، ولا نقبل أن أم النبي صلي الله عليه وآله كانت مشركة، ولكنا أوردنا الحديث لنحتج به علي من يحرم الزيارة. ونسأل الله التوفيق.

وكتب (خادم الحق) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

أحسنت والله يا أبا علي... وعندما نزور قبور النبي وأهل بيته (صلی الله علیه و آله).. فإننا نعظم ما جاء به النبي (صلی الله علیه و آله) وما جاهد من أجله أهل البيت طوال حياتهم.. ألا وهو الإسلام.. فهل في هذا الأمر من شئ؟؟؟

ولكن نقول الحمد لله الذي خصنا بولاتهم وهدانا لزيارتهم... ونسأله أن يجعلنا معهم ولا يحرمنا صحبتهم. آمين رب العالمين.

وكتب (مالك الأشتر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 11 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آداب الزيارة عند أهل السنة)، قال فيه:

هذه بعض آراء علماء السنة في زيارة النبي صلي الله عليه وآله وآدابها، واعتقادهم بحقيقته بعد موته صلي الله عليه وآله:

1 - أخرج القاضي عياض، بإسناده عن ابن حميد، قال:

ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين - يعني المنصور الدوانيقي - مالكاً - مالك إمام المذهب المالكي - في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين

ص: 78

لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوماً فقال: " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ".. ومدح قوماً فقال: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله.. " الآية، وإن حرمته ميتاً كحرمته حياًّ.

فاستكان أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله أأستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله؟

فقال مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله تعالي يوم القيامة؟! بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالي، قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

2 - قال العبدري المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد:

وأما النذر للمشي إلي المسجد الحرام، أو المشي إلي مكة، فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة، وإلي المدينة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه (وآله) أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس.

وقال ابن الحجاج في المدخل: 1/256 بعد نقل هذه العبارة: وهذا الذي قاله مسلم صحيح، لا يرتاب فيه إلا مشرك أو معاند لله ولرسوله صلي الله عليه وآله!!

3 - يقول جمال الدين عبد الله الفاكهي المكي الشافعي المتوفي سنة 927، في كتابه حسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل:

يتتبع [المسافر لزيارة النبي] ما في طريقه من المساجد والآثار المنسوبة إلي النبي صلي الله عليه (وآله) فيحييها بالزيارة ويتبرك بالصلاة فيها.

4 - يقول الفقيه الشرنبلالي في كتاب مراقي الفلاح:

ص: 79

فإذا عاين [الزائر] حيطان المدينة المنورة يصلي علي النبي ثم يقول: اللهم هذا حرم نبيك ومهبط وحيك فامنن علي بالدخول فيه، واجعله وقاية لي من النار وأماناً من العذاب واجعلني من الفائزين بشفاعة المصطفي يوم المآب.

5 - قال القاضي عياض في الشفاء: إن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة زائراً وقرب من بيوتها ترجل باكياً منشداً:

و لما رأينا رسم من لم يدع لنا... فؤاداً لعرفان الرسوم ولا لب

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة... لمن بان عنه أن نلم به ركب

فضمنها القاضي عياض قصيدة نبوية له يقول فيها:

وتهنا بأكناف الخيام تواجداً... نقبلها طوراً و نرشفها طور

و نبدي سروراً والفؤاد بحبها... تقطع و الأكباد أوري بها لهب

أقدم رجلاً بعد رجل مهابة... وأسحب خدي في مواطنها سحب

وأسكب دمعي في مناهل حبها... و أرسل حباًّ في أماكنها النجب

وكتب (مدقق) بتاريخ 27 - 11 - 1999، السادسة والنصف صباحاً:

أحسنت.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 28 - 11 - 1999، الواحدة صباحاً:

أين الذين يرموننا بعبادة القبور؟

ثم كتب (صعصة بن صوحان) بتاريخ 10 - 2 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

السلام عليك يا سيدي ومولاي ونبيي وشفيعي رسول الله صلي الله عليه وآله

السلام عليك يا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

ص: 80

السلام عليك يا سيدتي ومولاتي أيتها الصديقة الزهراء سيدة نساء العالمين عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي أبا محمد الحسن بن علي المجتبي عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين يا شهيد كربلاء عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي محمد بن علي الباقر عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن موسي الرضا عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي محمد بن علي الجواد عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن محمد الهادي عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي الحسن بن محمد العسكري عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي يا صاحب العصر والزمان، يا محمد بن الحسن المهدي المنتظر.

عجل الله تعالي فرجه وسهل مخرجه. وجعلنا الله وإياكم من الطالبين رضا الله بمناصحته.

اللهم ارزقنا زيارتهم والتقرب والتبرك والتوسل عند قبورهم، صلواتك عليهم أجمعين.

وكتب (ولائي) بتاريخ 10 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أحسنتم يا إخوة.. وكثر الله من أمثالكم.

ص: 81

وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 20-2-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (زيارة القبور في السنة النبوية)، قال فيه:

إن زيارة القبور تنطوي علي آثار أخلاقية وتربوية هامة، باعتبار أن مشاهدة المقابر التي تضم في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الدنيا ثم انتقلوا إلي الآخرة، يؤدي إلي قتل روح الطمع والحرص علي الدنيا، أو لا أقل يؤدي إلي تخفيفها في النفس..

وبالتالي يغير سلوك الإنسان فيترك المظالم والمنكرات ويتوجه إلي الحي الذي لا يموت بقلب خاشع، مما يجعله يصبو نحو الآخرة.

وبهذا المعني يقول الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله: زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة.

مضافاً إلي روايات أخري تدل بالصراحة علي المطلب لا مجال لذكرها. هذا كله في زيارة قبور المسلمين.

وأما زيارة مدفن الأولياء من النبي صلي الله عليه وآله والأئمة والشهداء والصالحين.. فلا شك في أن لزيارتهم نتائج مهمة، فإن زيارة مراقدهم نوع من الشكر والتقدير لتضحياتهم الجبارة التي بذلوها. وإعلام للجيل الحاضر بأن هذا هو جزاء الذين يسلكون طريق الحق والهدي والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة. وهذا لا يدفعنا إلي زيارة قبورهم فقط، بل يدعونا إلي إبقاء ذكرياتهم حية ساخنة والمحافظة علي آثارهم، وإقامة المناسبات في ذكري مواليدهم، وعقد المجالس في أيام التحاقهم بالرفيق الأعلي لأجل تعظيمهم من جهة، والإستلهام من منابعهم والتزود من فيوضهم من جهة أخري..

ص: 82

وهذا مما لا ينكره منصف، ولهذا نري الأمم الحية يتسابقون في زيارة مدفن رؤسائهم وشخصياتهم، الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل إحياء الشعب واستقلاله من يد المستعمرين والظالمين، ويقيمون الذكريات لإحياء معالمهم.

فبطريق أولي يحسن أن نقيم هذه المهرجانات، لأن عظماءنا جادوا بأرواحهم وقدموا دمائهم رخيصة من أجل سعادة البشرية جمعاء، وأرادوا أن يكون الوجود كله خاضعاً في مسالكه تابعاً في إرادته لله الواحدالقهار.

ولا يخطر ببال أحد أن هذه الأمور عبادة لهم!! فأين التعظيم للشخصيات من عبادتها؟!

فإن التعظيم تقدير لجهودهم، والعبادة من تأليههم واتخاذهم أرباباً! فهل منا من يخلط بين الأمرين؟!

وكتب (خادم أهل البيت) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (زيارة القبور والتوسل بالعلماء.. عند أهل السنة)، قال فيه:

هذه نبذة بسيطة من الروايات والأحاديث الموجودة عند العامة في كتبهم: -

أبو حنيفة النعمان بن ثابت إمام الحنفية المتوفي 150 ه، قبره في الأعظمية ببغداد مزار معروف.

روي الخطيب في تاريخه: 1/123:

عن علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجئ إلي قبره في كل يوم، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلي قبره وسألت الله تعالي الحاجة عنده فما تبعد حتي تقضي.

ص: 83

وذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة: 2/199.

والكردري في مناقبه: 2/112.

وطاش كبري زاده في مفتاح السعادة: 2/82.

والخالدي في صلح الإخوان صفحة 83 نقلاً عن السفيري وابن جماعة.

وقال ابن حجر - الخيرات الحسان - في مناقب الإمام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين:

إن الإمام الشافعي أيام كان هو ببغداد، كان يتوسل إلي الله تعالي به في قضاء حاجاته، وقال: قد ثبت أن الإمام أحمد توسل بالإمام الشافعي، حتي تعجب ابنه عبد الله بن الإمام أحمد، فقال له أبوه: إن

الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولما بلغ الإمام الشافعي أن أهل المغرب يتوسلون بالإمام مالك لم ينكر عليهم.

وقال ابن الجوزي في صفوة الصفوة: 2/183:

عن أحمد بن الفتح قال: سألت بشرا - التابعي الجليل - عن معروف الكرخي، فقال: هيهات

حالت بيننا وبينه الحجب. إلي أن قال: فمن كانت له إلي الله حاجة فليأت قبره وليدع فإنه يستجاب له إن شاء الله تعالي. وقال: قبره ظاهر يتبرك به في بغداد.

أحمد بن حنبل إمام الحنابلة المتوفي 241، قبره ظاهر مشهور يزار ويتبرك به. كذا في مختصر طبقات الحنابلة ص 11. وقال الذهبي في لسان الميزان:1/114: ضريحه يزار ببغداد.

وحكي ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 297 عن عبد الله ابن موسي قال:

ص: 84

خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد، فاشتدت الظلمة، فقال أبي: يا بني تعال حتي نتوسل إلي الله تعالي بهذا العبد الصالح حتي يضئ لنا الطريق فإني منذ 30 سنة ما توسلت به إلا قضيت حاجتي، فدعا أبي وأمنت علي دعائه فأضائت السماء كأنها ليلة مقمرة حتي وصلنا إليه.

هذا قليل من كثير مما حصلت عليه في هذا اليوم، فهل هذا مختص بالشيعة فقط؟؟؟

وكتب (تائه) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-12-1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان

(زيارة القبور.. رد علي الجاهل بالفرق بين عبادة الأصنام والقبور)، قال فيه:

إعلم أن البناء علي قبور الأنبياء والعباد المصطفين تعظيم لشعائر الله، وهو من تقوي القلوب، ومن السنن الحسنة، حيث إنه احترام لصاحب القبر، وباعث علي زيارته، وعلي عبادة الله عز وجل - بالصلاة والقراءة والذكر وغيرها - عنده، وملجأ للزائرين والغرباء والمساكين والتالين والمصلين.

بل هو إعلاء لشأن الدين.

فعن النبي صلي الله عليه وآله: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. وقد بني علي مراقد الأنبياء قبل ظهور الإسلام وبعده، فلم ينكره النبي صلي الله عليه وآله، ولا أحد من الصحابة والخلفاء..

كالقباب المبنية علي قبر دانيال عليه السلام في شوشتر، وهود، وصالح، ويونس وذي الكفل عليهم السلام، والأنبياء في بيت المقدس وما يليها..

كالجبل الذي دفن فيه موسي عليه السلام، وبلد الخليل مدفن سيدنا إبراهيم عليه السلام.

ص: 85

بل الحجر المبني علي قبر إسماعيل عليه السلام وأمه رضي الله عنها.

بل أول من بني حجرة قبر النبي صلي الله عليه وآله باللبن - بعد أن كانت مقومة بجريد النخل - عمر بن الخطاب، علي ما نص عليه السمهودي في كتاب الوفا.. ثم تناوب الخلفاء علي تعميرها.

وروي البنائي، واعظ أهل الحجاز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين، عن أبيه علي، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له: والله لتقتلن في أرض العراق وتدفن بها.

فقلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟

فقال: يا أبا الحسن، إن الله جعل قبرك وقبر ولديك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده، تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذي، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها تقرباً منهم إلي الله تعالي، ومودة منهم لرسوله أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زواري غداً في الجنة، يا علي، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود علي بناء بيت المقدس... إلي آخره.

ولا يخفي أن جعل معمر قبورهم كالمعين علي بناء بيت المقدس، دالٌّ علي أن تعظيم مراقدهم تعظيم لشعائر الله سبحانه.

ونقل نحو ذلك أيضاً في حديثين معتبرين، نقل أحدهما: الوزير السعيد بسند، وثانيهما: بسند آخر. والسيرة القطعية، من قاطبة المسلمين المستمرة، والإجماع، يغنيان عن ذكر الأحاديث الدالة علي الجواز. وما أعجب قول المفتين: أما البناء علي القبور فممنوع إجماعاً!

ص: 86

فإن مذهب الوهابية وهم فئة قليلة بالنسبة إلي سائر المسلمين لم يظهر إلا قريباً من قرن واحد، ولا يتفوه أحد من المسلمين سوي الوهابية بحرمة البناء، فأين الإجماع المدعي؟!

ودعوي ورود الأحاديث الصحيحة علي المنع لو ثبت غير مجدٍ لإثبات الحرمة، لأن أخبار الآحاد لا تنهض لدفع السيرة والإجماع القطعي، مع أن أصل الدعوي ممنوع جداًّ.

فإن مثل رواية جابر: نهي رسول الله أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبني عليها، وأن توطأ.. لا تدل علي التحريم، لعدم حرمة الكتابة علي القبور ووطئها.. فذلك من أقوي القرائن علي أن النهي في الرواية غير دال علي الحرمة، ولا نمنع الكراهة في غير قبور مخصوصة.

مع أن الظاهر من قوله: " يبني عليها " إحداث بناء كالجدار علي نفس القبر، فإن بناء القبة وجدرانها بعيدة عن القبر، ليس بناء علي القبر علي الحقيقة، وإنما هو نوع من المجاز، وحمل اللفظ علي الحقيقة حيث لا صارف عنها، معين، مع أن النهي عن الوطء يؤكد هذا المعني، لا الذي فهموه من الرواية. وأما الإستدلال علي وجوب هدم القباب بحديث أبي الهياج، فغير تام في نفسه مع قطع النظر عن مخالفته للإجماع والسيرة لوجوه:

الأول: إن الحديث مضطرب المتن والسند. فتارة يذكر عن أبي الهياج أنه قال: قال لي علي كما في رواية أحمد عن عبد الرحمن. وتارة يذكر عن أبي وائل، أن علياًّ قال لأبي الهياج. ورواه عبد الله بن أحمد في مسند علي هكذا: لأبعثنك فيما بعثني فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم، أن أسوي كل قبر وأن أطمس كل صنم. فالإضطراب المزبور يسقطه عن الحجية والإعتبار.

ص: 87

الثاني: إنه من الواضح أن المأمور به في الرواية لم يكن هدم جميع قبور العالم، بل الحديث وارد في بعث خاص وواقعة مخصوصة.

فلعل البعث قد كان إلي قبور المشركين لطمس آثار الجاهلية - كما يؤيده ذكر الصنم - أو إلي غيرها مما لا نعرف وجه مصلحتها، فكيف يتمسك بمثل هذه الرواية لقبور الأنبياء والأولياء؟!

قال بعض علماء الشيعة من المعاصرين:

إن المقصود من تلك القبور، التي أمر علي عليه السلام بتسويتها، ليست هي إلا تلك القبور التي كانت تتخذ قبلة عند بعض أهل الملل الباطلة، وتقام عليها صور الموتي وتماثيلهم، فيعبدونها من دون الله.. إلي أن قال:

وليت شعري لو كان المقصود من القبور التي أمر علي عليه السلام بتسويتها هي عامة القبور علي الإطلاق، فأين كان عليه السلام وهو الحاكم المطلق يومئذ عن قبور الأنبياء التي كانت مشيدة علي عهده؟! ولا تزال مشيدة إلي اليوم في فلسطين وسورية والعراق وإيران، ولو شاء تسويتها لقضي عليها بأقصر وقت. فهل تري أن علياًّ عليه السلام يأمر أبا الهياج بالحق وهو يروغ عنه فلا يفعله؟!

انتهي ما أردنا نقله منه.

الثالث: قال بعض المعاصرين من أهل العلم: لا يخفي من اللغة والعرف أن تسوية الشئ من دون ذكر القرين المساوي معه، إنما هو جعل الشئ متساوياً في نفسه.

فليس لتسوية القبر في الحديث معني إلا جعله متساوياً في نفسه، وما ذلك إلا جعل سطحه متساوياً. ولو كان المراد تسوية القبر مع الأرض، لكان الواجب في صحيح الكلام أن يقال: إلا سويته مع الأرض.

ص: 88

فإن التسوية بين الشيئين المتغايرين لا بد فيها من أن يذكر الشيئان اللذان تراد مساواتهما. وهذا ظاهر لكل من يعطي الكلام حقه من النظر، فلا دلالة في الحديث إلا علي أحد أمرين:

أولهما: تسطيح القبور وجعلها متساوية برفع سنامها، ولا نظر في الحديث إلي علوها، ولا تشبث فيه بلفظ " المشرف ".

فإن الشرف إن ذكر أنه بمعني العلو، فقد ذكر أنه من البعير سنامه، كما في القاموس وغيره، فيكون معني " المشرف " في الحديث هو: القبر ذو السنام، ومعني تسويته: هدم سنامه.

وثانيهما: أن يكون المراد: القبور التي يجعل لها شرف من جوانب سطحها، والمراد من تسويته أن تهدم شرفه ويجعل مسطحاً أجم، كما في حديث ابن عباس: أمرنا أن نبني المدائن شرفاً والمساجد جماء.

وعلي كل حال، فلا يمكن في اللغة والإستعمال أن يراد من التسوية في الحديث أن يساوي القبر مع الأرض، بل لا بد أن يراد منه أحد المعنيين المذكورين.

وأيضاً: كيف يكون المراد مساواة القبر مع الأرض، مع أن سيرة المسلمين المتسلسلة علي رفع القبور عن الأرض؟!

وفي آخر كتاب الجنائز من جامع البخاري، مسنداً عن سفيان التمار، أنه رأي قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم مسنماً.

وأسند أبو داود في كتاب الجنائز عن القاسم، قال: دخلت علي عائشة، فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة.

ص: 89

وأسند ابن جرير، عن الشعبي، أن كل قبور الشهداء مسنمة. انتهي ما أردنا نقله منه.

وأقول بعد ذلك: لو كان قوله: " مشرفاً " بمعني عالياً، فليس يعم كل قبر ارتفع عن الأرض ولو بمقدار قليل، فإنه لا يصدق عليه القبر العالي.

فإن العلو في كل قبر إنما هو بالإضافة إلي سائر القبور، فلا يبعد أن يكون أمراً بتسوية القبور العالية فوق القدر المتعارف المعهود في ذلك الزمان إلي حد المتعارف، وقد أفتي جمع من العلماء بكراهة رفع القبر أزيد من أربع أصابع. ولتخصيص الكراهة لو ثبتت، بغير قبور الأنبياء والمصطفين من الأولياء وجه.

الرابع: لو سلم أي دلالة في الرواية، فلا ربط لها ببناء السقوف والقباب ووجوب هدمها، كما هو واضح.

وأما قول السائل: إذا كان البناء في مسبلة كالبقيع وهو مانع... إلي آخره. فقد أجاب بعض المعاصرين عنه بما حاصله: أن أرض البقيع ليست وقفاً، بل هي باقية علي إباحتها الأصلية، ولو شككنا في وقفيتها يكفينا استصحاب إباحتها.

وأقول: بل وقفيتها غير مانع عن البناء لأنها موقفة مقبرة علي جميع الشؤون المرعية في المقابر. ومنها: البناء علي قبور أشخاص مخصوصين كالأصفياء، فإن البناء علي القبور ليس أمراً حديثاً، بل كان أمراً متعارفاً من قديم الأيام.. في الصلاة عند القبور، وإيقاد السرج عليها، وقد جرت سيرة المسلمين السيرة المستمرة، علي جواز ذلك.

وأما حديث ابن عباس: لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.

ص: 90

فالظاهر والمتبادر من اتخاذ المسجد علي القبر: السجود علي نفس القبر، وهذا غير الصلاة عند القبر. هذا لو حملنا المساجد علي المعني اللغوي. ولو حملناه علي المعني الإصطلاحي، فالمذموم اتخاذ المسجد عند القبور، لا مجرد إيقاع الصلاة، كما هو المتعارف بين المسلمين، فإنهم لا يتخذون المساجد علي المراقد، فإن اتخاذ المسجد ينافي الغرض في إعداد ما حول القبر إعانة للزوار علي الجلوس لتلاوة القرآن وذكر الله والدعاء والإستغفار، بل يصلون عندها، كما يأتون بسائر العبادات هنالك...

وكتب (ذو الفقار) بتاريخ 14 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عمر) بتاريخ 15 - 12 - 1999، الثانية عشرة ليلاً:

سورة فاطر - 22: وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.

فكتب (تائه) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الثالثة ظهراً:

الأخ عمر.. هل يعني هذا أنك لا تعترف بما أوردته كتبكم من روايات بهذا الخصوص..

إن كان كذلك فذلك شئ.. أو أن لديك كتب أخري لا نعرفها تعتمد عليها.. إذاً فلماذا تأخذ ببعض أحاديثها ولا تأخذ ببعضها الآخر.. أهُوَ مزاج.. أخبرنا علي الملأ.. والسلام.

وكتب (عمر) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 91

أنت لا تقبل بالروايات التي أحضرها لك. وليكن مرجعنا كتاب الله: لماذا لعن الله اليهود والنصاري؟ إرجع للأسباب وستجدها عند الشيعة.. الفرق هو بالإسم فاليهود والنصاري، قالت: ابن الله.

والشيعة قالت: أئمة، والجميع يستطيع أن يفعل الشئ نفسه من الشفاعة والشفاعة المغفرة ودخول الجنة.

لو سألت نصراني، ماذا تعتقد بعيسي؟

ولو سألت شيعي ماذا تعتقد بعلي (رضی الله عنه)، ستجد نفس جواب النصراني.

ولو سألت سني ماذا تعتقد بالرسول محمد (صلی الله علیه و آله)؟ لوجدت الجواب مختلف تماماً.

سورة الأنعام - 50: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي قل هل يستوي الأعمي والبصير أفلا تتفكرون.

سورة الأنعام - 58: قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين.

سورة الأعراف - 188: قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.

سورة هود - 31: ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين.

سورة القلم - 7: إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

ص: 92

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً:

هذه بداية التهرب يا عمر وبداية الكلام الذي القصد منه تشتيت القارئ.

كما يبدو أنك تريد الهرب يا عمر؟! مسكين يا وهابي.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الخامسة مساءً:

الحمد لله الذي نصرنا علي القوم الجاهلين.

يا عمر ويا محمد إبراهيم، أنا لم أرمكم بالعجز بهتاناً عليكم... ولكي لا تنسوا خيبتكم وعجزكم، سأذكركم ببعض الأسئلة التي أفحمتكم:

1 - إذا كنت تعتقد أن الصلاة قرب القبور غير جائزة، فهل تستطيع أن تخبرني كيف كانت السيدة عائشة وطوال أكثر من 30 عاماً تصلي في حجرة تحتوي علي ثلاث قبور، وهي التي تأخذون ثلثي دينكم عنها؟؟ ألا تخاف عائشة أن يشملها لعن من يصلي قرب القبور؟؟!

2 - أنت تقول إن النبي له حكم خاص ولذلك دفن في بيته. هل أبو بكر وعمر أنبياء أيضاً، لكي يدفنوا في البيت؟؟!

3 - عندما أزال الوهابيون البناء من فوق القبور وساووها بالأرض، لماذا لم يفعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله)؟!

4 - أنتم تقولون إن الشيعة مشركون لأنهم يتوسلون بالأموات، هل أن أحمد بن حنبل مشرك أيضاً، لأنه ثبت أنه كان يتوسل بالأموات؟؟!

5 - ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي

ص: 93

من هو كاذب كفار. هل أن الصحابة مشمولون بهذه؟ لأنهم وبدون أي شك كانوا لا يتبركون بالنبي (صلی الله علیه و آله) إلا ليتقربوا إلي الله زلفي!!؟؟

أعطيتكم هذه الآية الكريمة والسؤال لكي (تفهموا) كيف أنكم تفسرون الآيات وفقاً لأهوائكم!! وبطريقتكم هذه، تحاولون أن تقلبوا الحق باطلاً والباطل حقاً.. ولكن هيهات.. يأبي الله إلا أن يتم نوره.

أنا لم أكن أرجو منكم في هذا الحوار أن تقروا بالحقيقة وتعترفوا بالحق، لأني سبق وأن اطلعت علي مستوي علمكم، أو مستوي حكمكم علي الوقائع!!

ولكن والحمد لله فإن لي إخوة كرام من أهل السنة أعرفهم معرفة شخصية تغيرت فكرتهم عن الشيعة تغيراً جذرياًّ، منذ أن بدؤوا يتصفحون الحواريات المنوعة والقيمة في هذا المنتدي، وكنت أتمني أن تعرفوا رأي إخواننا هؤلاء في معظم آرائكم وردودكم، لكي نقول وعلي الملأ: " وشهد شاهد من أهلها "!!

علي كل حال فليس المهم من يشهد، المهم أن ينتفع الجميع. والحمد لله الذي فضح تزييفكم، والصلاة والسلام علي رسوله وآله الطاهرين.

وكتب (عمر) بتاريخ 24 - 1 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

أما موضوع عائشة (ض) فهو منتهي بحسب الأدلة التي وضعناها..

وهي بأن الأنبياء يدفنوا حيث يتوفاهم الله.. وكيف تترك بيتها والله خصها بهذه الميزة الفريدة.

أما الخليفتين فدفنا معه، لأنهم أصحابه وأفضل الخلق من المؤمنين بعد الرسل (صلی الله علیه و آله).

وكتب (قادر) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

ص: 94

أخي.. تدبر في ما ورد في القرآن في سورة الكهف: " لنتخذن عليهم مسجداً ".

وكتب (الغريفي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

وعليه توكلنا.. إلي الأخ عمر:

أود أن أوضح سؤالي: وهو ما الفرق بين تقبيل القرآن، وبين تقبيل القبور؟

الجواب هو أن تقبيل القرآن يقصد به تقديس واحترام كلام الله تعالي وليس المقصود به تقبيل الورق أو الغلاف أو غيره! وكذلك هو التقبيل بالنسبة للقبور، فالغرض من التقبيل ليس عبادة وتقديس الحجر، كما هو الحال بالنسبة للصليب، ولكن هو تكريم واحترام وإجلال للذي بداخل القبر..

وأرجو في المرة القادمة أن تطرح أمثلة لها صلة بموضوع الذي يتناقش حوله.

وكتب (عمر) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

لو نظرنا لتقبيل القرآن، وهل كان الرسول (صلی الله علیه و آله) يقبل القرآن؟؟ لم يثبت تقبيل القرآن وإنما بعض العلماء جوز لما للقرآن من شفاء وأجر، وأنا لا أكسب أجراً بالتقبيل أو قربة، وإنما يكون القصد الإحترام.

بينما القبور وتقبيلها والتوسل بها يختلف كثيراً، حيث يعتقد المقبل والمتوسل بأن صاحب القبر يسمعه ويراه ويشفع له.. وإلخ.

والنصاري عذرها كما عذر الشيعة في تقبيل الصليب، فهم لا يعتقدون بالصليب بل بما يرمز له كم

هي التربة وتقبيلها، وكل هذا يعتبر شرك كبير.. إذا اعتقدتَ بأن هناك من له قدرة إلاهية في النفع والضر بعد الموت. وهذه الآية تفند دعواكم..

ص: 95

سورة الأنعام - 71: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلي الهدي ائتنا قل إن هدي الله هو الهدي وأمرنا لنسلم لرب العالمين.

أما العبادة فهي الأعمال التي يعتقد العباد بأن بها أجر، وإذا اعتقد الإنسان بهذه البدع وجعلها عبادة فهنا يكون الشرك.

سورة يونس - 18: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالي عما يشركون.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الثالثة ظهراً:

إلي جاهل بني عبد الوهاب:

" ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالي عما يشركون ".. أتعرف معني كلمة " يعبدون " يا جاهل بني عبد الوهاب؟!

" ويعبدون.. ويعبدون " يا جاهل!! قلت لك إنك تفسر الآيات حسب مزاجك الشخصي.

راجع تفاسير هذه الآيات عندكم.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 25 - 1 - 2000، التاسعة مساءً:

إلي جميع الإخوة: أعتذر عن هذا الإنقطاع.

الأخ الكريم الحر الرياحي: بارك الله فيك علي هذه الحجج والإستدلالات... وفقكم الله.

ص: 96

إلي الأخ عمر وباقي الأخوة: ولو أن الموضوع يعتبر منتهياً لأنكم عجزتم عن رد كل الأسئلة، ولكني أحب أن أوضح بعض النقاط بخصوص الردود التي ذكرتها لأنها في الحقيقة تسهل علينا إقامة الحجة.

قلت: " أما موضوع عائشة (رضی الله عنه) فهو منتهي بحسب الأدلة التي وضعناها، وبأن الأنبياء يدفنوا حيث يتوفاهم الله، وكيف تترك بيتها وآله خصها بهذه الميزة الفريدة ".

أقول: إن الله تعالي لم يخص عائشة بميزة من هذا القبيل حيث لم يرد أي نص من الكتاب أو السنة يعطيها هذه الميزة من دون باقي المسلمين، ولكنها كانت تصلي في هذه الحجرة لأن الصلاة في هذا المكان جائزة، وليست وحدها كانت تفعل ذلك، وليس فقط مع قبر نبينا الأكرم (صلی الله علیه و آله)، فهذه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (علیها السلام) كانت تزور قبر عمها الحمزة (علیه السلام) كل جمعة فتبكي وتصلي عنده كما يروي ابن كثير في تاريخه.

وأما قولك: " أما الخليفتين فدفنا معه لأنهم أصحابه وأفضل الخلق من المؤمنين بعد الرسل ".

فهذا إقرار صريح منكم بجواز دفن (الصالحين) في الأماكن المشيدة، وإقرار صريح.. بجواز تمييز قبور (الصالحين) عن سائر قبور المسلمين، وإقرار بفضل الدفن بالقرب من قبور أولياء الله وأحبائه!!

وإلا لماذا اختار أبو بكر وعمر أن يدفنا بالقرب من النبي (صلی الله علیه و آله)؟

أما الآية الكريمة: " ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون ".. فلم يدَّعِ أحد من المفسرين أنها نزلت في أصحاب القبور أو زائريهم

ص: 97

!! راجع التفاسير لتجد المقصودين بالآية! ولا تحاول إلصاق الآيات بما يوافق أهواءك من الأفكار أي... باختصار وبدون إطالة: حججك واهية!!

وإذا كنت تريد الجدل لغرض الجدل لا الوصول إلي الحقيقة، فاذهب إلي أقرانك من الوهابية واسألهم عن كل هذه الأسئلة، وأضف إليها ما ذكره أخي الكريم الحر الرياحي حول رأي أئمة المذاهب الأربعة حول هذا الموضوع، وإجماعهم علي خلاف الذي يراه ابن تيميتكم!

وأنا أضيف لك التالي:

فقد نقل عبد الله بن أحمد بن حنبل، في كتاب العلل والسؤالات، قال: سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله. فقال: لا بأس به.

الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله وآله الطاهرين.

وكتب (رؤوف) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 24 - 2 - 2000، العاشرة ليلاًَ، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي.. كل سلفي غير متعصب تعصباً أعمي)، قال فيه:

تقول السلفية بحرمة زيارة القبور، وبأن الأولياء والصالحين لا ينفعون ولا يضرون بعد الموت.

ولكن نحن الشيعة نأتي بالأعمي والمشلول إلي قبر الإمام عليه السلام فيشفيه الله تعالي.

ص: 98

وأنا شخصياًّ بنت خالي أوشكت علي الموت، بل أصبح لونها أخضر من شدة المرض، فلما أتينا بلباس لها ومسحناه بضريح الإمام الرضا عليه السلام وألبسناها ذلك الثوب، شفاها الله تعالي في تلك اللحظات!

بعد كل هذه الحوادث والكرامات التي نراها جميعاًَ، هل من الممكن أن نصدق بروايات نقلتموها، ونترك ما نلمسه بأنفسنا.

مع العلم أن موقفكم هذا من زيارة القبور يخالفكم فيه الكثير من المسلمين، ولدينا الروايات الكثيرة التي تدل علي استحباب زيارة الأئمة عليهم السلام.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الثانية عشرة وثلاث دقائق صباحاً:

أرجو أن لا تعتبروا كلامي هذا استهزاءاً، ولكنه تساؤل واستدلال بنفس الطريقة: لماذا تقيمون المستشفيات في إيران إذاً؟! كل ما عليكم فعله هو أخذ المرضي إلي أضرحة الأولياء وطلب الشفاء من هؤلاء الأولياء والتبرك بقبورهم. ولا داع أن تضع الحكومة وزارة للصحة أو ميزانية للمصروفات الصحية التي ترهق كاهل البلد.

وإذا كان الأولياء يشفون الناس من المرض بعد موتهم: فلماذا كان الأولياء يمرضون في حياتهم؟

ألم يكونوا يستطيعون الدعاء لأنفسهم بالشفاء وينجلي المرض عنهم علي الفور.. فإذا كانوا لا يستطيعون دفع المرض عن أنفسهم في حياتهم، فكيف يدفعون المرض عن الناس بعد مماتهم؟

لقد رأيت في قناة الجزيرة تحقيقاً قصيراً عن موقع مسجد في إيران في منطقة نسيت إسمها ولكنها ربما تابعة لقم.. هذا المسجد بني حديثاً في موقع يعتقد شيعة إيران بأن صاحب الزمان أو المهدي باعتقاد الشيعة سوف يظهر في هذا

ص: 99

الموقع، فصار الموقع مزاراً للحجاج الشيعة، يحج إليه الشيعة من مختلف الأماكن مع أسرهم حتي يطلبوا الشفاء والكرامات.

وقد قامت الإدارة المسؤولة عن الموقع بعمل مكتب لتسجيل الكرامات!!! أية كرامات؟ الكرامات المقصود منها أنه لو أتي شخص طلباً للشفاء وتحقق له ذلك فإن هذه كرامة يسجلها ذلك المكتب! طبعاً يؤم هذا المكان المئات يومياًّ وتتوقع أن تشفي عدة حالات ولو تلقائياًّ، ولكن العامة يصدقون كل شئ ويعتبرون هذه كرامات تسجل في المكتب فتكون دعاية جيدة له.. وطبعاً هناك فوائد كثيرة لموقع مثل هذا من الناحية السياحية والدعائية.. ولكنه موقع مدمر من الناحية العقائدية.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

طيب، ما موقف من لا يشفي بعد أن زار وتبرك وتمسح بالضريح؟ هل يجرب ضريح آخر أم يتجه لله مباشرة ويطلب الشفاء؟؟ ولنقل إنه طلب الشفاء عند أكثر من ضريح وتم له ما طلب.. فكيف يعرف بأي ضريح قد منحت له؟؟؟

وكتب (عمر) بتاريخ - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

سورة الحجر - 39: قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين.

سورة الأعراف - 30: فريقا هدي وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون. صدق الله العظيم.

وكتب (رؤوف) بتاريخ 5 - 3 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

الإخوة محمد إبراهيم والفاروق وعمر:

ص: 100

إذا أتيتم ورأيتم بأم أعينكم أن مريضكم الذي قد عجز عنه الأطباء قد شفاه الله تعالي عند قبر الإمام عليه السلام، هل تصر علي أن القبور لا تضر ولا تنفع؟! هل تقتنع بتلك الروايات؟؟!!

سأل محمد إبراهيم، عن سبب إقامة المستشفيات؟

والجواب عليه: ألم يقل الله تعالي: " ادعوني أستجب لكم ".

فلماذا تذهب إلي المستشفيات؟! أدعُ الله تعالي وهو يشفيك!! إن الله تعالي قد جعل للشفاء أسباباً وينبغي الأخذ بتلك الأسباب. الله تعالي هو الشافي. والطبيب ما هو إلا وسيلة للشفاء.. فلماذا لا تترك الأسباب وتتجه إلي الله مباشرة؟!

إن قلت: إن الله قد جعل للشفاء طرقاً وأمر بالأخذ بها.

قلنا لك: ومن الطرق التي جعلها الله هو أولياءه أحياءً وأمواتاً.. والأئمة عليهم السلام قد أمرونا أن نأخذ بالأسباب الطبيعية، ولكن عندما يعجز الطب نتوسل إلي الله لا إليهم فكل شئ لديهم من الله تعالي.

ومن هذا يتبين لك أن الأئمة عليهم السلام لا يقبلون منا أن نعطل العلم والعقل، بل إذا عجز الأطباء فقد جعل الله تعالي للشفاء طريقاً آخر.

وما قلته من سؤال عن مرض الأولياء.. جوابه: تجده في صحيح مسلم الذي نقل في حديث 4853 أن رسول الله صلي الله عليه وآله قد دعا لأحد المسلمين فشفاه الله. فلماذا لا يدعو النبي لنفسه كي لا يمرض؟؟!! بل النبي كما تقولون قد سحر! فلماذا لم يدفع عنه ذلك بالدعاء؟!!

كما أن مسلم ينقل في صحيحه حديث رقم 4546: أن سبب دخول أم أبي هريرة في الإسلام هو دعاء الرسول لها بعد أن شكي له أبو هريرة عدم قبولها

ص: 101

الإسلام، ولا ندري لماذا يدعو الرسول لأم أبي هريرة، ولا يدعو لعمه أبي طالب؟!!

مع العلم أن رسول الله قد بذل كل مجهوده ليدخل عمه أبو طالب في الإسلام حسب زعمكم!!

ولا تتهرب من السؤال لأني نقلت لك قصة رأيناها بأم أعيننا، فهل نكذب ذلك ونقبل كلامك؟؟ السؤال يتكلم عن من رأي ذلك بأم عينه فكيف تريد أن تحتج عليه بهذا الدليل.

كما أرجو منك أن لا تأخذ معلوماتك عن الشيعة من غير المصادر الشيعية ذاتها.. وما ذكرته من المسجد فأعتقد أن المقصود هو مسجد جمكران، وهو مسجد قريب من قم المقدسة.. وكل الشيعة تعتقد أن الإمام المهدي سيخرج من مكة المكرمة لا من جمكران ولا من أي مكان آخر.. غاية ما في الأمر أن الشيعة تعتقد أن هذا المسجد قد بني بأمر الإمام المهدي عليه السلام. فراجع.

وما شككت فيه من الكرامات نقول عنه: سؤالنا إنما هو عن الأشخاص الذين رأوا بأم أعينهم هذه الكرامات وقد شفي مريضهم.

ثانياً: أنت تريد أن تشكك في هذه الكرامات وتقول إنها مختلقة.

وقد ذكرت لك سابقاً احتمال أن تكون الفضائل التي صححتموها لفلان وفلان مختلقة فلم تجب علي ذلك. والحق أن احتمال اختلاق فضائل أصحابكم أقرب من احتمال اختلاق كرامات في مسجد جمكران للأسباب التالية:

لا مقارنة بين وسائل الإعلام في هذا الزمان ووسائل الإعلام في ذلك الزمان.

كما أن أسلوب التحقيق والبحث قد تطور كثيراً، والإعلام المعادي موجود في هذه الدنيا ويصل إلي عمق مسجد جمكران.. ولكن في الزمن الماضي وبعد حرق الأحاديث والمنع عن تدوينها، كيف تريد من الأعرابي أن يتحقق من

ص: 102

مسألة وهو بعيد عن المدينة المنورة؟ أم كيف يواجه الكوفي كذبة المدني وافتراءه وهو لا يعلم بما قال، أو كيف يوصل صوته إليه.

إذا كنت تطرح احتمال اختلاق كرامات لمسجد معين أو لبقعة معينة والكرة الأرضية قد أصبحت كالقرية الواحدة.. فهذا الإحتمال جارٍ وبشكل أكبر وأوضح في ذلك الزمن الذي لا يعلم المدني عن أخبار الشام إلا إذا أتي مسافر، وربما هذا المسافر لم يطلع علي تلك القضية في الشام..

كما أن التحقق من كرامات جمكران ميسور للجميع بالحس والتجربة، أما التحقق من كرامات وفضائل أصحابكم المختلقة فليست كذلك.

كما أننا لا نتكلم عمن يشفي بعد أيام وليالي.. بل نتكلم عن من يشفي في تلك الليلة بعد أن يئس الطب من علاجه.

الأخ الكريم الفاروق:

ماذا تفعل إذا دعوت الله تعالي ولم تراه قد أعطاك ما طلبته هل تجرب الله آخر.. والعياذ بالله؟

أم تقول بأن الله قد أخلف وعده ولم يستجب دعاءك؟؟!! ألم يعد الله تعالي باستجابة الدعاء، فلماذا لم يجبك؟؟!! هذه مسألة جداًّ مهمة والجواب عليها، جواب علي سؤالك هذا.

واعلم أن الدعاء في ليلة القدر أفضل وأقرب للإستجابة من الدعاء في ليلة عادية. والدعاء في بيت الله الحرام أفضل وأقرب للإستجابة من الدعاء في بيتكم.

وبعد كل هذا.. أعود فأقول بأن الجميع لم يجب علي السؤال الذي فتحت لأجله هذه الصفحة: الإنسان الذي رأي الحاجات تقضي عند قبور الأولياء، هل

ص: 103

من المقبول عقلائياً أن يترك ما رآه بأم عينه ويقبل أحاديثكم التي تقول بأنهم لا يضرون ولا ينفعون؟؟!!

مع العلم بأن مسألة أن القبور لا تنفع ولا تضر، ليست من المسائل المتفق عليها عند المسلمين؟!

وكتب (رؤوف) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

للرفع والانتظار.

وكتب (المنصف) بتاريخ 28-3-2000، الحادية عشرة ليلاً:

قبل عدة سنوات تشرفت بزيارة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وأئمة البقيع الأربعة عليهم السلام رزقنا الله في الدنيا والآخرة زيارتهم وشفاعتهم.

ومنذ اليوم الأول لوصولي إلي المدينة المنورة أحسست بآلام شديدة في رجلي حتي أني لم أكن أكثر من المشي لشدة الألم.. أتذكر أني قمت بعلاج رجلي ولكن دون فائدة.

بعد ثلاثة أيام من هذه الحالة كنت أصلي في الروضة الشريفة بجوار المرقد الطاهر للرسول الأكرم صلي الله عليه وآله، وبعد الفراغ من الصلاة توسلت برسول الله حتي يزول عني هذا الألم الشديد..

فوالله الذي لا إله إلا هو ما أن أتممت توسلي بالرسول حتي أحسست أن الألم قد انسل من رجلي انسلالاً في نفس اللحظة وعادت رجلي صحيحة كما كانت!! اللهم صل علي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

هل يريد هؤلاء إقناعي بعدم جدوي التوسل بالرسول في قضاء الحوائج بعدما حصلت هذه الحادثة معي شخصياًّ؟

ص: 104

لا يمكن قبول روايات لا يتفق علي صحتها جميع المسلمون، وإنكار ما حصل لي ويحصل علي أرض الواقع لمن يتوسل بهؤلاء الوجهاء عند الله عليهم السلام.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

طيب.. لما لا تتوجه إلي الله مباشرة وتطلب حاجتك؟

هل أنت غير واثق من فضل الله وعطائه إلا بوجود وسيط يكون بينك وبينه تعالي؟

والذهاب إلي الطبيب هي من باب الأخذ بالأسباب وعدم ترك الدعاء، كما لا ينبغي التوكل علي غير الله في طلب الحاجات.

فكتب (المنصف) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

أنا واثق من كرم الله وجوده الواسع وأن في دعائي إياه سبباً في الشفاء بإذن الله تعالي.. واستشفاعي برسول الله وتوسلي به لا يتعارض وهذه الثقة بالله.. بل هي مثبتة لهذا التوكل وهذه الثقة.. فلو كنت غير واثق بالله لما رجوت الشفاء منه تعالي.

علي أن نظام الوجود قائم علي أساس الوسائط، والقرآن الكريم ملئ بالآيات التي تصرح بوجود الوسائط بين خالق الكون والمخلوقات جميعاً.

وإذا كنت يا فاروق تجد مشكلة في جعل الرسول الأكرم (صلی الله علیه و آله) وسيطاً بيني وبين الله، فهل تجد في توسيطه لغفران الذنوب.. مشكلة؟

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفرا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". لاحظ أن الآية تقول " جاؤوك " وهذا ما تفعله الشيعة في ذهابهم لرسول الله (صلی الله علیه و آله) طالبين منه الشفاعة لغفران الذنوب وطلب الحوائج الدنيوية التي منها الشفاء، والأخروية أيضاً.

ص: 105

وكتب (رؤوف) بتاريخ 30 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

هذا الفاروق.. لا يعرف أبداً أن يجيب علي السؤال؟؟ هو الفاروق بين.. البحث العلمي والبحث الجدلي. انتهي.

قال العاملي:

وغاب الفواريق.. بين الجدل والجدل!!

وكتبت (جمانة) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 3 - 2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل زيارة قبر النبي.. حرام؟؟!!)، قالت فيه:

ذهبت قبل مدة إلي العمرة، وكنت متلهفة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله والشهداء، كما هي عادة من يذهب إلي الديار المقدسة، ولكني عند مطالعتي لبعض الكتب المنتشرة هناك فوجئت بتحريمهم لذلك. فهل هي حرام فعلاً؟؟؟؟!!!!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

زيارة قبور المسلمين والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة فهذا أمر مشروع.

وأما الذهاب إلي قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، والسلام عليه وعلي صاحبيه فجائز إن شاء الله.

وربما قرأت الأفعال البدعية التي يعمل بها الناس عندما يزورون قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، مثلاً يسألونه ويتمسحون علي جدار قبره.. فهذا لا يجوز فإنها من البدع المحرمة.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 106

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 32/256: اختلف الفقهاء في حكم تقبيل القبر واستلامه، فذهب الحنفية والمالكية إلي منع ذلك وعدوه من البدع، وذهب الشافعية والحنابلة إلي الكراهة، وقال الشافعية إن قصد بتقبيل الأضرحة التبرك لم يكره، وقال البهوتي من الحنابلة: كله من البدع.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 24/90 تحت عنوان زيارة القبور: وقال الحنابلة: لا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجي بركته.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

تظافرت السنة علي استحباب زيارة قبر النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) حيث رواها أئمة المذاهب الأربعة وأصحاب السنن والمسانيد في كتبهم. ولما ظهرت بدعة التشكيك في زيارة النبي الأكرم..

قام الإمام تقي الدين السبكي (م / 754 ه) بجمع ما رواه الحفاظ في هذا المجال فبلغت خمسة عشر حديثاً، وقد صحح كثيراً من أسانيدها بما كان له من اطلاع واسع في مجال رجال الحديث.

وممن قام بنفس العمل الحافظ نور الدين علي بن أحمد السمهودي في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفي (م / 911 ه) حيث أحصي سبعة عشر حديثاً غير ما ورد في ذلك المجال، ولم يشتمل علي لفظ " الزيارة ".

1 - السبكي، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، الباب الأول: 5/39.

2 - السمهودي، وفاء الوفا: 4/1336، الباب الثاني، وقد قام بنفس ما قام به الإمام السبكي من تصحيح للإسناد وذكر لمصادر الروايات علي وجه بديع.

من جهة أخري قام الكاتب الإسلامي الشيخ محمد الفقي، من علماء الأزهر الشريف، بجمع ما ورد في زيارة النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) من غير تحقيق للإسناد بل مجرد النقل فبلغ اثنين وعشرين حديثاً.

ص: 107

وبذل المجاهد الكبير الشيخ الأميني جهداً كبيراً في العثور علي مظان الروايات في كتب الحديث والتفسير والتاريخ، وربما نقل بعض الأحاديث، كالحديث الأول، عن واحد وأربعين مصدراً.. إلخ.

وكتب (سليل المجد) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

شد الرحال للقبور عمل محرم لا يجوز، أياًّ كان ذلك المقبور.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

من القائل بالحرمة.. غير ابن تيمية والوهابية؟!

فكتب (سليل المجد) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

أكرم وأنعم بمن ذكرتهم يا عيسوي.. وإن كنت تريد نقاشاً فناقش بموضوعية ولا تتهرب!!

وإياك أن تتعدي علي أحد من أهل السنة.. فقد سمعت عنك مقالاً أرجو ألا يكون صحيحاً بأنك حاولت النيل من أحد مشايخي!! فاحذر تسلم!!

فأجاب (الموسوي) بتاريخ 9 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

أما إن كان ما بلغك الطعن في ابن تيمية وإحسان إلهي ظهير فهو صحيح.. فهما معروفان بتزوير الحقائق، ولا داعي للتهديد!!!! فليس هناك ما أخشاه!

أما مسألة شد الرحال: فهل تعلم أن جمهور العلماء من أهل السنة يذهبون إلي جواز شد الرحال لزيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله).. فهل عندك شئ غير ما أقول؟؟!!

وكتب (عزام) بتاريخ 12 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

الأخ سليل المجد:

ص: 108

من الغريب أنك تعلق علي الأدلة المسطورة من قبل الأخ مالك الأشتر بفتوي التحريم من دون أن تذكر أي دليل علي ما تقول!! ثم تدعو الأخ الموسوي إلي النقاش بموضوعية وعدم التهرب!!

أخي الكريم: إن كنت تريد النقاش الموضوعي فيجب عليك أن ترد أدلة الجواز أعلاه، وتقدم أدلة تثبت ما أفتيت به " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "!! انتهي.

قال العاملي:

وانسل سليل المجد، هارباً من النقاش الذي دعا إليه!!

وكتب (سيف الله المسلول) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25-3-2000، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (الروافض وعقيدة الشرك بالله)، قال فيه:

يذكر محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي، باب أن الأرض كلها للإمام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الدنيا والآخرة للإمام - يضعها حيث يشاء ويدفعها إلي من يشاء - جائز له من الله.

فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه العبارة، مع أن الله تعالي يقول في محكم آياته: إن الأرض لله يورثها من يشاء. لله ملك السماوات والأرض. فلله الآخرة والأولي. له ملك السماوات والأرض.

تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شئ قدير.

والشيعة يكتبون: قال علي:... أنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر وأنا الباطن وأنا وارث الأرض.

ص: 109

وهذه العقيدة أيضاً باطلة مثل الأولي. وعلي رضي الله عنه برئ منها وما هذا إلا افتراء عظيم عليه وحاشاه أن يقول ذلك. والله يقول جل جلاله: هو الأول والآخر والظاهر والباطن. ولله ميراث السماوات والأرض.

وفسر الشيعي المشهور مقبول أحمد، آية الزمر: " وأشرقت الأرض بنور ربها "، فقال: أن جعفر الصادق يقول: أن رب الأرض هو الإمام، فحين يخرج الإمام يكفي نوره ولا يفتقر الناس إلي الشمس والقمر. تفكروا كيف جعلوا الإمام رباًّ، حيث قالوا في معني " بنور ربها " أن الإمام هوالرب ومالك الأرض.

وكذا قال هذا المفسر الشيعي في تفسير آية الزمر: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " بأنه روي عن جعفر الصادق في الكافي: أن معناه لئن أشركت في ولاية علي أحداً فينتج منه: ليحبطن عملك...

قال العاملي:

إلي آخر ما كتبه، وختمه بقوله: للعلامة محمد عبد الستار التونسوي رئيس منظمة أهل السنة في باكستان

فأجابه (بالدليل) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

عقيدتنا في الأئمة: لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " بل عقيدتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالي بكرامته وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلي درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوي والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعاً بعد النبي

ص: 110

في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل.

قال إمامنا الصادق عليه السلام: ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا.

من كتاب عقائد الإمامية: للشيخ محمد رضا المظفر.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

بدون تعليق.

علي النواصب.. النسخ واللصق. وعلي الشيعة.. الرد.

http://www.cybercities.com/s/shia/butlan-first.htm

http://shialink.org/muntada/Forum2/html/003280.htm

وكتب (رؤوف) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 1 - 2 - 2000، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل يستطيع الوهابيون الجواب علي هذه المعضلة العويصة)، قال فيه:

قال الأخ العزيز الشطري في أحد مقالاته في هجر، ما يلي:

" بسم الله الرحمن الرحيم، هل تري وتسمع روح الميت من يزوره، أم لا تري ولا تسمع كما يقوله الوهابيون؟ استماع أرواح الأموات كلام الأحياء، فضلاً عن الشهداء والنبي الأعظم صلي الله عليه وآله ".

هل تري وتسمع روح الميت زيارة زائريه، أم أنها لا تري ولا تسمع كما يقوله الوهابيون؟

فنقول: إنها تري وتسمع كما ورد في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 111

1 - صحيح البخاري، باب غزوة بدر وباب الجنائز، وكتاب مختصر سيرة النبي لمحمد بن عبد الوهاب في باب عزوة بدر:

قال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها؟! قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئاً...

كذلك في صحيح مسلم في باب الجنة وصفة نعيمها وأهلها في الحديث 76 و 77.

وكذلك في مسند أحمد، في مسند عبد الله بن عمر: 2/131.

2 - في صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرهما:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: العباد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتي أنه ليسمع قرع نعالهم.

صحيح البخاري في كتاب جنائز في باب الميت يسمع خفق النعال.

صحيح مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - الحديث 70 - 71.

مسند أحمد في مسند أبي هريرة: 2/347-445.

في مسند أنس: 3/233.

في مسند البراء بن عازب: 4/296.

3 - قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه في قبره.

مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي سعيد الخدري: 2/3.

4 - قال رسول الله صلي الله عليه وآله: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله.

صحيح مسلم في كتاب الجنائز في باب تلقين الموتي لا إله إلا الله.

مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة: 2/3.

ص: 112

وصحح ابن تيمية رواية التلقين في كتابه الفتاوي الكبري باب تلقين الميت وجواز مخاطبة أهل القبور.

5 - عن عبد الله بن عمر: من سر علي هؤلاء الشهداء فسلم عليهم لم يزالوا يردون عليه إلي يوم القيامة.

تاريخ المدينة المنورة لابن شبه في باب الجنائز.

6 - صحيح مسلم - كتاب الجنائز - باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها خطاب لأهل القبور: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل البقيع...

ومثله في مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة: 2/200، 205 و 408.

وقريب منه روايات أخري في صحيح مسلم باب الجنائز، وباب ما يقال عند دخول القبور

ومسند أحمد في مسند أبي هريرة: 2/300 و 375.

وفي مسند بريدة من مسند أحمد: 5/353: تعليم النبي عائشة زيارة القبور وما يخاطب به أهلها: السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

صحيح مسلم في كتاب الجنائز في باب ما يقال عند دخول القبور.

مسند أحمد في مسند عائشة: 6/111.

7 - أخيراً نود أن نشير هنا إلي ما صح من الأحاديث المباركة الواردة في الصحاح وبناء علي فتوي فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة، وعلي إجماع المسلمين.

فإن علي كل مسلم أينما كان أن يسلم في صلاته علي الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله بصيغة المخاطب الحاضر وليس بصيغة الغائب بقوله: " السلام عليك أيها النبي

ص: 113

ورحمة الله وبركاته " وهذا إن دل علي شئ إنما يدل علي أن الرسول صلي الله عليه وآله كالشمس الطالعة، فهو في مكانه صلي الله عليه وآله لأن أشعة وجوده تفيض علي العالم. لذا فإن علي الجميع مخاطبته بالسلام بصيغة الحاضر.

أما الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله، فقد قال الله فيهم: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون. البقرة - 154.

الصحابة والخلفاء والأئمة كانوا يطلبون الدعاء من النبي ويتوسلون به صلي الله عليه وآله بعد موته:

أبو بكر:

قال أحمد زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الرد علي الوهابية، طبع مصر، صفحة 36:

إن أبا بكر بعدما توفي رسول الله، قال: اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك.

وعن الحافظ أبي سعيد السمعاني عن علي أبي طالب أنه قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلي الله عليه وآله بثلاثة أيام، فرمي بنفسه علي قبر النبي صلي الله عليه وآله وحثا من ترابه علي رأسه، وقال: يا رسول الله، قلت: فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه ووعين

عنك، وكان فيما أنزل عليك: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله.." الآية.

وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر: إنه قد غفر لك. وفاء الوفاء للسمهودي: 2 /1361 عن أبي سعيد السمعاني.

أبو عيسي الترمذي:

ص: 114

وذكر أحمد بن زيني دحلان أيضاً أن العلامة السيد محمد طاهر بن محمد بن هاشم باعلوي ذكر في كتابه مجمع الأحباب في ترجمة الإمام أبي عيسي الترمذي صاحب السنن أنه رأي في المنام أنه سأل الله عما يحفظ عليه الإيمان حتي يتوفاه وهو عليه. قال: فقال لي: قل بعد ركعتي صلاة الفجر قبل صلاة فرض الصبح: " إلهي بحرمة الحسن وأخيه وجده وبنيه وجده وبنيه وأمه وأبيه نجني من الغم الذي أنا فيه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين "، فكان الإمام الترمذي يقول ذلك دائماً ويأمر أصحابه به ويحثهم علي فعله والمواظبة عليه. وهذا إمام حجة يقتدي به، بل لم ينكر التوسل أحد لا من السلف ولا غيرهم إلا المبدع ابن تيمية ومن هم علي نهجه.

سأل النبي صلي الله عليه وآله في دعائه إلي الله: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ".

مسند أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري: 3/21.

سنن الدارمي: باب ما أكرم الله نبيه به بعد موته: عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلي عائشة فقالت: انظروا قبر النبي صلي الله عليه وآله فاجعلوا منه كوةً إلي السماء حتي لا يكون بينه وبين السماء سقف. قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتي نبت العشب، وسمنت الإبل حتي تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق.

وفي ختام هذا البحث، نورد بعض العبارات التي وردت في زيارة النبي صلي الله عليه وآله برواية الفاكهاني وغيره.. والتي ردها الوهابيون فقط.

أ - " وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون ". نقل السمهودي في أواخر وفاء الوفاء هذه الزيارة.

ب - ورد في زيارة مجمع الأزهر: "وأتوسل بك إلي الله تعالي، في أن أموت مسلماً علي ملتك وسنتك".

ص: 115

ج - أورد الشرنبلالي الحنفي في المراقي زيارة أخري ورد فيها: " وجئنا من بلاد شاسعة وأمكنة بعيدة بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك.. فاشفع لنا إلي ربك وأسأله أن يميتنا علي سنتك.. الشفاعة الشفاعة يا رسول الله ".

د - وأحسن ما قاله: " نحن وفدك يا رسول الله وزوارك جئناك لقضاء حقك وللتبرك بزيارتك والإستشفاع بك مما أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا ".

ه - أورد القسطلاني في المواهب اللدنية: " وينبغي للزائر له صلي الله عليه و[آله] وسلم أن يكثر من الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به، وجدير بمن استشفع له أن يشفعه الله فيه ".

و - والزرقاني في كتاب شرح المواهب يقول: " وليتوسل به، ويسأل الله تعالي بجاهه في التوسل به ". نقل السمهودي عن النووي وغيره: " بأن علي الزائر أن يتوسل به صلي الله عليه و[آله] وسلم في حق نفسه ويستشفع به سبحانه وتعالي ".

وفي المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن جوزي في تاريخه للسنوات 29 - 61:

" سمعت جعفر الخلدي يقول كان بي جرب عظيم فتمسحت بتراب قبر الحسين فغفوت فانتبهت وليس علي من شئ ".

وهذا توسل بأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، فكيف لا يتوسل الوهابييون بالنبي صلي الله عليه وآله؟! وروي هذا أيضاً ابن حجر في كتاب الجوهر المنتظم.

الإمام الشافعي:

ذكر أحمد بن زيني دحلان في كتابه في صفحة 30:

أن العلامة ابن حجر ذكر في كتابه الصواعق المحرقة في الرد علي أهل البدع والزندقة أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:

ص: 116

آل النبي ذريعتي.. وهم إليه وسيلتي

أرجو بهم أعطي غداً.. بيدي اليمين صحيفتي

عثمان بن حنيف الصحابي:

روي ابن تيمية في كتاب مجموعة الرسائل والمسائل:1/18، طبع بيروت: أن النسائي الترمذي رويا حديثاً صحيحاً أن النبي علم رجلاً أن يدعو فيسأل الله ثم يخاطب النبي فيتوسل به ثم يسأل الله قبول شفاعته: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله أني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي لتقضي لي اللهم فشفعه في.

وروي السمهودي في كتاب وفاء الوفاء المجلد الرابع في باب توسل الزائر - 1373، طبع بيروت - عن الطبراني في المعجم الكبير: أن رجلاً توسل بهذا الدعاء بالنبي صلي الله عليه و [آله] وسلم عند قبره في زمن عثمان بن عفان فقضي الله حاجته، وكان عثمان بن حنيف قد علمه إياه وهو: اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك أن تقضي حاجتي.

وهذا الدعاء معروف بدعاء الضرير وعلم عثمان بن حنيف في زمن عثمان بن عفان هذا الرجل وبهذا يتضح أن التوسل بالنبي كان سيرة للصحابة في زمن حياة النبي وبعد وفاته أيضاً.

قال أحمد بن زيني دحلان في كتابه الرد علي الوهابية: أن البخاري ذكر هذا الحديث في تاريخه. وابن ماجة في سننه: 1/441. والسيوطي في الجامع الكبير والصغير. والحاكم في المستدرك بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد بن حنبل عن عثمان بن حنيف: 4/138.

أبو جعفر المنصور والإمام مالك:

ص: 117

روي السمهودي: قال السمهودي قد أشار مالك إلي ما رواه البيهقي بإسناد صحيح في توسل أبينا آدم بالنبي صلي الله عليه وآله: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي.

أيضاً: جواب الإمام مالك عند سؤال أبي جعفر المنصور: أستقبل القبلة وأدعو، فقال الإمام مالك: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلة أبيك آدم، بل استقبله واستشفع به.

فقد أمر الإمام مالك أبا جعفر المنصور بالتوسل بالنبي والإستشفاع به صلي الله عليه وآله.

والعجب أن الوهابيين كيف يستحلون دماء المسلمين لتوسلهم بالنبي صلي الله عليه وآله مع ورود هذه الأحاديث الصحاح وسيرة الصحابة والأئمة والخلفاء والعلماء.

لقد كفر الوهابيون المتوسلين والمستشفعين بالنبي صلي الله عليه وآله ولم يستثنوا الصحابة والخلفاء والأئمة.

قال أحمد بن زيني دحلان في كتاب الدرر السنية في الرد علي الوهابية - 50:

والظاهر من حال بن عبد الوهاب أنه يدعي النبوة إلا أنه ما قدر علي إظهار التصريح بذلك وكان في أول أمره مولعاً بمطالعة أخبار من ادعي النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأضرابهم، وكأنه يضمر في نفسه دعوي النبوة، ولو أمكنه إظهار هذه لأظهرها! وكان يقول لأتباعه أني أتيتكم بدين جديد، ويظهر ذلك من أقواله وأفعاله. ولهذا كان يطعن في مذاهب الأئمة وأقوال العلماء ولم يقبل من دين نبينا صلي الله عليه و [آله] وسلم إلا القرآن ويأوله علي حسب مراده! مع أنه إنما قبله ظاهراً لئلا يعلم الناس حقيقة أمره فينكشفوا عنه، بدليل أنه هو وأتباعه إنما يؤولونه علي حسب

ص: 118

ما يوافق أهواءهم لا بحسب ما فسره به النبي صلي الله عليه و [آله] وسلم وأصحابه والسلف والصالح وأئمة التفسير!!

فإنه كان لا يقول بذلك ولا يقول بما عدا القرآن من أحاديث النبي صلي الله عليه و [آله] وسلم وأقاويل الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ولا بما استنبطه الأئمة من القرآن والحديث ولا يأخذ بالإجماع ولا بالقياس الصحيح. وكان يدعي الإنتساب إلي مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه كذباً وتستراً وزوراً والإمام أحمد برئ منه، ولذلك انتدب كثير من علماء الحنابلة المعاصرين له للرد عليه، وألفوا في الرد عليه رسائل كثيرة، حتي أخوه سليمان بن عبد الوهاب ألف رسالة في الرد عليه!! وتمسك محمد بن عبد الوهاب في تكفير المسلمين بآيات نزلت في المشركين فحملها علي الموحدين! وقد روي البخاري عن عبدالله بن عمر في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين.

وفي رواية أخري عن ابن عمر أنه صلي الله عليه و [آله] وسلم قال: أخوف ما أخاف علي أمتي رجل متأول للقرآن يضعه في غير موضعه!

فهذا وما قبله صادق علي محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه.

وقد قتلوا كثيراً من العلماء والصالحين وغيرهم من المسلمين لكونهم لم يوافقوه علي ما ابتدعه!!

وكان يقسم الزكاة علي ما يأمره به شيطانه وهواه وكان أصحابه لا يتخذون مذهباً من المذاهب بل يجتهدون كما أمرهم، ويستترون ظاهراً بمذهب الإمام أحمد ويلبسون بذلك علي العامة... انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب أحد من الوهابيين المشتركين في الموقع!!

ص: 119

كتب (عمر) عدة مواضيع في شبكة الموسوعة الشيعية، ينتقد فيها الشيعة لزيارتهم قبور النبي والأئمة المعصومين عليهم السلام، منها هذا الموضوع بتاريخ 21 - 11 - 1999، الحادية عشرة مساءً، بعنوان (وجعلناهم أئمة يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون)، قال فيه:

سورة الأنعام - آية 71: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلي الهدي ائتنا قل إن هدي الله هو الهدي وأمرنا لنسلم لرب العالمين...

قال العاملي:

وحشد فيه آيات عن.. المشركين!!

فكتب (المسلم الحر) بتاريخ 21 - 11 - 1999، الحادية عشرة والنصف مساءً:

لماذا يتميز الوهابية دائماً بالسطحية في التفكير؟ من قال بأن الشرك.. حلال؟

الشرك هو كبيرة الكبائر بلا شك.. وكل هذه الآيات تتحدث عن عبادة غير الله.. وليس منا من عبد غير الله تعالي.. لا شريك له..

وكتب (عمر) بتاريخ 21 - 11 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً مساءً:

لقد اقتربنا من المقصود. الشرك هو عبادة غير الله، والعبادة عندكم تدخل في زيارة القبور والتوسل وأكل التربة، والكثير من الأشياء، هل توافق الآن: عبادة الأشخاص هي التقرب بهم إلي الله؟

ص: 120

فكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

أما عبادة القبور فنحن لا نعبدها كما لا نعبد الكعبة عندما نسجد أمامها.. وإنما الأعمال بالنيات.

هل من الممكن أن تثبت لنا أنت شخصياًّ أنك عندما تذهب لتسجد أمام الكعبة إنما تسجد لله؟

ما يدرينا أنك لا تسجد للصخور الكعبة؟

وأما للتوسل، فالحديث الصحيح يقره: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه في.

قال المناوي في شرحه: " سأل الله أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل علي النبي، ملتمساً شفاعته، ثم كرَّ مقبلاً علي ربه أن يقبل شفاعته.. ".

قال السبكي: " ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتي جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم، وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة ". انتهي كلام السبكي والمناوي.

أما بشأن قوله: " أنه لم ينكر التوسل أحد من السلف "فيكفي عليه دليلاً رواية الترمذي وابن ماجة والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه صحيح علي شرط البخاري ومسلم، وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول.

أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء علي ممر الأجيال بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر، الذي هو

ص: 121

من أمور العقيدة، بلا منازع علي الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه، حيث قد علمه أيضاً لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه وقضيت حاجته، وكان هذا سبباً لرواية الحديث، فليتنبه.

ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة، كانوا من كانوا، وإن كان لهم في أمور أخري، إسهام وفضل كبيرين علي الأمة الإسلامية كابن تيمية رحمه الله، وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته، آمين. دار الحديث.

التخريج (مفصلاً): الترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن عثمان بن حنيف تصحيح السيوطي: صحيح.

وكتب (عمر) بتاريخ 22-11-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هل زيارة قبر الحسين (ض) عبادة؟ وما فضلها؟ هل النذر للقبور له فضل؟ مع بيان فضله لو أمكن نحن بالإنتظار.

فأجاب (المسلم الحر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثالثة ظهراً:

زيارة الحسين لها فضل عظيم وهي من أفضل الأعمال..

لماذا لا تفهم الفرق بين عبادة القبر المزعومة وبين التوسل؟؟ ألست تزور النبي (صلی الله علیه و آله) في المدينة؟

أم أن هذا حرام أيضاً؟ ألست تزور سيديك أبي بكر وعمر؟ ألا تسلم عليهما؟

هذه زيارة، وليست عبادة..

وكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السادسة مساءً:

زيارة قبر الحسين عبادة لله كما أن زيارة قبر الرسول عبادة لله.

ص: 122

لم تجب علي سؤالي.. مرة أخري: أما عبادة القبور فنحن لا نعبدها كما لا نعبد الكعبة عندما نسجد أمامها، وإنما الأعمال بالنيات. هل من الممكن أن تثبت لنا أنت شخصياًّ أنك عندما تذهب لتسجد أمام الكعبة إنما تسجد لله؟ ما يدرينا أنك لا تسجد لصخور الكعبة؟

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السابعة مساءً:

كل عبادة لغير الله تعتبر شرك.

وكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السابعة والنصف مساءً:

لو تقرأ السؤال ولو مرة واحدة لأدركت أنني لم أسألك عن الشرك..

بل سألتك أن تثبت لي أنك عندما تسجد أمام الكعبة أنك لا تسجد لها وأن سجودك لله!

وأنت بطبيعة الحال لا تقدر أن تثبت ما في قلبك فهو مستحيل. والحمد لله أن إجابتك الأخيرة تدل علي عدم قدرتك علي الإجابة الصحيحة لهذا للسؤال الذي طرحته.

عمر، بصراحة...

هل أنت تفكر في نتيجة تفسيراتك للآيات من غير الرجوع إلي المصادر.. ألا تخاف من الله؟

والله.. أسأل هذا السؤال وأنا من كل قلبي، أقصد الخير.

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

الكعبة والحجر الأسود ورجم الشيطان هذه شعائر الله، وهي أركان الحج ولا علاقة لها بالبدع والخرافات والشرك، كما قال عمر (رضی الله عنه): والله لو لم أري

ص: 123

رسول الله يقبلك لما قبلتك. وهذا للحجر الأسود. إذاً الموضوع خارج نطاق التغطية. الشعائر والبدع نقيضان.

أما قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فهو في أحد المساجد الثلاثة التي أمرنا الله بزيارتها، ومن زار النبي (صلی الله علیه و آله) لقصد العبادة فهو مشرك. القبر موجود بالمسجد النبوي، وبين لنا كيفية الوقوف بالقبر والسلام فقط علي الميت.

أما ما يفعله الشيعة بالكوفة وقم ومشهد، فهذا الذي لم ينزل به الله من سلطان، والدليل علي الشرك فيما يصنعه الشيعة في المشاهد والقبور..

سورة الجن - 18: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً. صدق الله العظيم. أي الشيعة وضعت المساجد علي القبور، وأمرت بالتقرب للأموات. والآية السابقة صريحة.

وكتب (المسلم الحر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

يا عمر.. هل تعرف قصة أصحاب الكهف؟؟

من المتفق عليه أنهم بعد رقدتهم الطويلة.. صحوا في عهد كان الإيمان فيه منتشراً.. وكانت الغلبة

للمؤمنين.. وعندما جاء مؤمنو مدينتهم ليروهم توفاهم الله تعالي..

قال تعالي في حالة الناس بعد وفاتهم: " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً ".

أرأيت.. هؤلاء الناس مؤمنون.. وكانت الإقتراحات هي بناء البنيان عليهم واتخاذ قبرهم مسجداً.. ولو كان هذا شركاً لما سكت القرآن الكريم عن ذلك.. ولجاءت الآية التالية عن الشرك والكفر! ولكن القرآن لم ينتقد هذا التصرف علي الإطلاق، دلالة علي صحته..

ص: 124

وكتب (عمر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، العاشرة مساءً:

سورة الكهف - 21: وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً. أين المؤمنين الذين تدعي بأنهم بنوا المسجد، الآية تذكر " الذين غلبوا علي أمرهم " وهؤلاء هم اليهود وهم المغضوب عليهم , قال الرسول (صلی الله علیه و آله): لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وهذا يفند قولكم.

فكتب (المسلم الحر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، العاشرة مساءً:

ألا تفهم؟

أقول: الذين غلبوا علي أمرهم كانوا مؤمنين وجميع المفسرين يقولون بأن أصحاب الكهف صحوا في زمن غلبة الإيمان علي الحاكم الكافر الذي كان يهددهم قبل أكثر من ثلاثمائة عام..

ثم أقول لك: القرآن لم يستنكر قولهم بالبناء واتخاذ المسجد، ولو كان شركاً للدرجة التي تشنع بها،

لما سكت القرآن.

انتهي.

قال العاملي:

وغاب عمر، لأنه لا دليل له علي أن اتخاذ المسجد علي القبر.. حرام!

ص: 125

وكتب (فرات) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 12 - 1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (الدعاء بقيد الزمان والمكان، ألا يعد شركاً؟؟؟!!!)، قال فيه:

من جملة شرع الإسلام استحباب الدعاء. ولضمان إجابة الدعاء جعل الله تعالي شروطاً وكمالات علي أساسها يجاب دعاء الداعي.

قال الله تعالي: " وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ". البقرة 186.

فيشترط أن يكون الداعي قاصداً الدعاء حقاًّ، كما لا بد أن يكون متوجهاً في دعاءه إلي الله تعالي.

مضافاً إلي أنه لا بد أن يكون مؤمناً بالله تعالي، وهذا شرط يعتبر البنية الأساسية لجميع الشروط.

وهنا شروط أخري تذكر في محالها.

كما أن لإستجابة الدعاء شروط كمال من قبيل الطهارة من الخبث والحدث والدعاء بالأسماء الحسني وغير ذلك مما هو مذكور في طيات السنة والشريفة.

لكن أود أن ألفت انتباه الإخوة إلي شرطين مهمين هما الزمان والمكان.

فإن كتب الحديث في باب الدعاء تحث علي أن يكون الدعاء في أزمنة معينة: كليلة الجمعة وشهر رجب وشهر رمضان.

وكذلك الحث علي الدعاء في أماكن معينة: من قبيل الدعاء في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي وغير ذلك من الأمكنة التي تنص عليها كتب الحديث.

ولم يدع أحد أن تقييد الدعاء في هذه الأزمنة والأمكنة الخاصة من الشرك بالله تعالي مع أن الزمان والمكان مخلوقين لله تعالي.

ص: 126

ولكن عندما يذهب الشيعة إلي القول باستحباب الدعاء عند مراقد الأئمة الأطهار عليهم السلام بحسب ما ثبت عندهم، يشنع عليهم بعض المحسوبين علي المسلمين وينعتوهم بالشرك مع أن الشيعة لم تدَّعِ يوماً أنها تدعو الأئمة، بل تدعو الله تعالي في هذه الإمكان التي يحبها الله، ويرشد إلي الدعاء عندها.

والله من وراء القصد.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

سورة غافر – آية 60: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين.

الدعاء في كل وقت ومكان، ومتي اعتقدت بأن الله يقبل الدعاء بمكان دون آخر فهذا شرك بالله، أما التوسل بالأموات فلا علاقة له بالدعاء لله حسب الآية.. متي ما اعتقد الإنسان بأن هناك صلة بينه وبين الله. وما أقصده بالأموات أو الجماد.. إلخ. فهذا الشرك بعينه!

سورة النمل - آية 80: إنك لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين.

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

سورة الرعد - آية 14: له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلي الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال.

وكتب (الموحد) في اليوم التالي، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 127

" وبالأسحار هم يستغفرون ". الذاريات - 18.. تعني تحديد وقت للإستغفار، وهو مشرع من الله ففيه يعجل في قبول التوبة ومنح البركات.

" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً ". نوح - 28.. هذه الآية حددت شخصية معينة يقبل بها الإستغفار، فنوح عليه السلام دعي الله أن يغفر الله للمؤمنين بمجرد دخولهم بيته، فهل دخول البيت هو الموجب للمغفرة أم أن صاحب البيت المستضيف هو الذي أوجب الله لزائريه المغفرة بمجرد زيارته،

وهل يجوز اعتبار زائريه الراغبين في نيل المغفرة مشركين.

" يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ". الأحقاف - 31.. غفران بعض ذنوب الكفار بمجرد الإستجابة لنداء الحق، أي بمجرد التحاقهم بصف النبي المرسل، فهل اندماجهم إلي صفه يعني أنهم أشركوا.

الآيات السابقة تؤيد رأي أخونا العزيز فرات، وتشهد بخلاف رأي عمر! فالدعاء مقبول في أي ظرف زماني أو مكاني، لكن يعتمد علي النية القلبية.

سؤال لعمر: أنت دائماً تتهم الشيعة بأنهم يجعلون واسطة بينهم وبين الله، فهل لك أن تخبرني عن سبب انقيادك لولاة أمركم، ألا تعتبر طاعتك لولي الأمر رغبة منك في نيل رضا الله حسب اعتقادك طبعاً.. ألا يعني هذا أنك تبحث دائماً عن واسطه بينك وبين الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وما هو رأيك بأمر الله لك باتباع أولي الأمر الذين تعتقد بهم.

وكتب (عمار) بتاريخ 13 - 12 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

" وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

وكتب (فرات) بتاريخ 13 - 12 - 1999، العاشرة مساءً:

ص: 128

الأخ عمر: تحية وسلام، وبعد:

أولاً: إنا لم أدَّعِ إن الله لم يقبل الدعاء إلا في هذه الأماكن.

ثانياً: لماذا تخرج عن صلب الموضوع , فإن موضوعنا ليس في سمع الأموات وعدم سمعهم أو في اعتبارهم وسائط.. وإنما موضوعنا في الدعاء إلي الله عندهم.. هل يعتبر شركاً، أم لا؟؟؟

وأثبتنا عدم الشرك في ذلك.

وكتب (عمر) بتاريخ 14 - 12 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

هذه الآية تكفي لبيان الشرك لمن اعتقد بأن الميت قادر علي فعل شئ لك، ولا أظن بأنك لا تفهم كلام الله أو أنه يحتاج إلي تفسير.

سؤال للشيعة: لماذا أخفي علي (رضی الله عنه) قبره ولم يجعله مكاناً للدعاء لأصحابه؟؟

لو أجبت بصراحة لعرفت معني الآية.

فكتب (فرات) بتاريخ 14-12-1999، التاسعة مساءً:

أخي الكريم عمر.. لم تقتنع مني بالجواب المختصر فإليك تفصيل الكلام:

وقولك: " ومتي اعتقدت بأن الله تعالي يقبل الدعاء بمكان دون آخر فهذا شرك ".

أولاً: إنا لم أدَّعِ أن الله يقبل الدعاء في مكان دون آخر، بل ذكرت أن من شروط كمال الدعاء هو أن يكون في أزمنة وأماكن خاصة، ولكن قولك: " فهذا شرك ".. نوع من التحكم لأنه لا دليل علي كون هذا المعتقد مشرك، نعم

ص: 129

اعتقاده هذا خطأ، أي غير مطابق للواقع، فإن الله يقبل الدعاء في أي مكان وزمان، ولكن حب الله لهذه الأمكنة والأزمنة لما تنطوي علي خصائص تساعد علي تجذير الإيمان بالله تعالي ولهذا يرشد العبد للدعاء فيها.

ثانياً: إن الحديث لم يكن في توسيط الأموات، وإنما في دعاء الله تعالي في هذه الأماكن، ومع هذا إني أجدك قد مزجت بين الأموات والجماد، وكأنك قد نسيت إن الإنسان روح وبدن، والذي يسمع بعد الموت هو روح الإنسان ونفسه لا جسده، فإن الجسد يكون من قبيل الجمادات، أما روح الإنسان فهي باقية حية تسمع، ما لم تتبوأ مقعدها من النار.

وكتب (عزام) بتاريخ 14 - 12 - 1999، التاسعة ليلاً:

إلي عمر، تحية وسلام، وبعد: لماذا تخلط في الموضوع..

فأين سؤالك عن قبر علي عليه السلام من موضوع الأخ فرات.

ولكن لا بأس من إجابتك: إن علياًّ عليه السلام أمر بإخفاء قبره حذراً من الخوارج وأصحاب معاوية من نبش قبره إذا علموا مكانه.

حيث أن معاوية لعنه الله سنَّ لعن علي عليه السلام علي المنابر 70 سنة، ولو كان قد حظي بقبر الأمير عليه السلام لكان معلوم عندك ماذا سيفعل هذا المجرم، حيث كان سيقوم بإخراج الجسد الشريف

للوصي كما أخرجوا زيد بن الإمام زين العابدين وأحرقوا جثمانه، وهذا أقل ما كان سيفعلون!!!

ثم أظهره الإمام الصادق عليه السلام في عهد الدولة العباسية.

وكتب (عزام) بتاريخ 15 - 12 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

إلي عمر: تحية وسلام..

ص: 130

أراك تضرب سهماً طائشاً لا يصيب مبتغاه، وتعطي شبهة تفر منها فرارك من الأسد...

فأخبرنا هل هذه سجيتك؟ " في الهزيمة كالغزال "!

وكتب (عمر) بتاريخ 15 - 12 - 1999، العاشرة مساءً:

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

ما ضر علي (رضی الله عنه) لو نبش قبره أو أخفي وهو عند الله؟!

نحن نعتقد بأنه أخفاه منكم ومن بدعكم.. ومن هو القادر علي الأذي هل هو الحي أو الميت.

إذا كان أخفي قبره حتي لا ينبش.. إذا هو لا يستطيع فعل شئ.. كيف لا يرد الأذي عن جسده، ويفيدكم أنتم؟ هذه نظرية جديدة في العلم الحديث.

سورة فاطر - آية 22: وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.

إذا اعتقدنا بأن الميت قادر علي صنع شئ يفيدنا، فهذا تعدي علي الله ويعتبر شرك بالله.

أنا قادر علي إيقاع الضر بالقبر والميت لا يستطيع دفع الأذي عن نفسه، فكيف نترجي من لا يدفع الأذي عن نفسه. هذه النظرية أوجدها سيدنا إبراهيم بعد كسر الأصنام، ولك هذه الآيات إذا كان لديك عقل تفكر به: " قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون. فرجعوا إلي أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا علي رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ".

ص: 131

وأجابوه الشيعة ثلاثة ردود أفحمته من فرات مرة ومن عزام مرتين.. ومع ذلك ينتهي الحوار ومعه الفصل الأول.. بما قاله عمر!!

ص: 132

الفصل الثانی: البناء علي قبور الأنبياء والأوصياء

ص: 133

ص: 134

البناء علي قبور الأنبياء والأوصياء

كتب (عزام) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 3 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (الصحابة أول من بني علي قبر النبي)، قال فيه:

قام الوهابيون في سنة 1344 ه بهدم البناء الموجود حول مزار ذوي القربي وشباكه، لكن لم يقدروا علي هدم قبة رسول الله وشباكه، بل إحدي الأمور الهامة التي اتخذها الوهابيون شعاراً لهم هي دعوتهم إلي تخريب البيوت والجدران المقامة علي حريم مزار قبر النبي صلي الله عليه وآله!!

وكان قيام الوهابيون بهذه الأعمال التخريبية لزعمهم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً، وقد نهي عن إشراف القبور وجعلها مساجد.

ولكن الدليل علي عدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً أمور:

1 - وصية النبي صلي الله عليه وآله بدفنه في غرفته، وكذلك وصية لصحابة والخلفاء وعملهم بذلك دلائل واضحة علي جواز جعل القبر في لغرفة، وعدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً.

ص: 135

ففي طبقات ابن سعد، المجلد الثاني، باب ذكر موضع قبره وكتاب مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب باب ذكر غسله وتكفينه ودفنه:

كان المسلمون قد اختلفوا في دفن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يقول: ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض. فرفع فراش النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم الذي توفي عليه ثم حفر له تحته.

2 - تحويط الصحابة والخلفاء مزار النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم، دليل علي جواز تحويط المزار وعدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً.

روي ابن زبالة عن عائشة إنها قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضل في ثيابي حتي دفن عمر فلم أزل متحفظة في ثيابي حتي " بنيت " بيني وبين القبور جداراً.

قال ابن سعد في الطبقات: لم يكن علي عهد رسول الله علي بيت النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم الذي كان مزاره بعد موته حائط، وكان أول من بني عليه جداراً عمر بن الخطاب.

وفي طبقات ابن سعد: كان ابن الزبير قد زاد في ارتفاع الحائط الذي بني علي قبر الرسول. قال عبيد الله بن أبي زياد: كان جداره قصيراً ثم بناه عبد الله بن الزبير. وروي في البخاري أنه بعد سقوط الحائط، بناه الوليد بن عبد الملك الأموي.

(لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك، أخذوا في بنائه)!!

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (ما الفرق بين عبادة الأوثان والقبور؟)، قال فيه:

ص: 136

وكان أول ذلك في قوم نوح، قال الله سبحانه: " قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً، ومكروا مكراً كباراً، وقالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن وداًّ ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ". كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلي العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ثم عبدتهم العرب بعد ذلك.

وقد حكي معني هذا في صحيح البخاري عن ابن عباسي رضي الله عنهما، وقال قوم من السلف: إن هؤلاء كانوا قوماً صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا علي قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمر فعبدوهم.

ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلي الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت له ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل

الصالح بنوا علي قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله.

وأخرج ابن جرير في تفسير قوله تعالي " أفرأيتم اللات والعزي " قال: كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا علي قبره...

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك علي ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن لا أدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. وفي صحيح مسلم أيضاً عن ثمامة بن شفي نحو ذلك.

ص: 137

وفي هذا أعظم دلالة علي أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة علي القدر المشروع واجبة متحتمة.

فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد. فإن ذلك من النهي عنه بلا شك ولا شبهة. ولهذا فإن النبي صلي الله عليه وسلم بعث لهدمها أمير المؤمنين علياًّ، ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدي في أيام خلافته.

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث جابر قال: نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبني عليه، وأن يوطأ. وزاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم " وأن يكتب عليه ".

قال الحاكم: النهي عن الكتابة علي شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة. وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء علي القبور، وهو يصدق علي ما بني علي جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتي ذراعاً فما فوقه، لأنه لا يمكن أن يجعل نفس القبر مسجداً، فذلك مما يدل علي أن المراد بعض ما يقربه مما يتصل به، ويصدق علي من بني قريباً من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، علي وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها. فإن هذا بناء علي القبر، لا يخفي ذلك علي من له أدني فهم، كما يقال بني السلطان علي مدينة كذا، أو علي قرية كذا سوراً. وكما يقال: بني فلان في المكان الفلاني مسجداً، مع أن سمك البناء لم يباشر إلا جوانب المدينة أو القرية أو المكان. ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة في الوسط كما في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان

ص: 138

الواسع، ومن زعم أن في لغة العرب ما يمنع من هذا الإطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة العرب، ولا يفهم لسانها ولا يدري بما استعملته في كلامها.

وإذا تقرر لك هذا علمت أن رفع القبور ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم فاعله تارة.. كما تقدم، وتارة قال: اشتد غضب الله علي قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فدعا عليهم بأن يشتد غضب الله عليهم بما فعلوه من هذه المعصية. وذلك ثابت في الصحيح.

وتارة نهي عن ذلك. وتارة بعث من يهدمه. وتارة جعله من فعل اليهود والنصاري. وتارة قال: لا تتخذوا قبري وثنا. وتارة قال: لا تتخذوا قبري عيداً أي: موسماً يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور، يجعلون لمن يعتقدون من الأموات أوقاتاً معلومة يجتمعون فيها عند قبورهم، ينسكون لها المناسك، ويعكفون عليها، كما يعرف ذلك كل أحد من الناس من أفعال هؤلاء المخذولين، الذين تركوا عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم.. وعبدوا عبداً من عباد الله، صار تحت أطباق الثري، لا يقدر علي أن يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضراًّ، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما أمره الله أن يقول: " لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ "... فهل سمعت أذناك أرشدك الله بضلال عقل أكبر من هذا الضلال الذي وقع في عباد أهل القبور؟! إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 23 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

إن الله تبارك وتعالي يقول في محكم كتابه الكريم: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

أي أن الله تعالي جعل شرط التوبة والرحمة في هذه الآية بالذات بشروط ثلاث:

ص: 139

1 - الذهاب إلي الرسول الأكرم (صلی الله علیه و آله).

2 - الإستغفار من الله عند الرسول (صلی الله علیه و آله).

3 - استغفار الرسول (صلی الله علیه و آله) لطالب المغفرة.

ولو قلت لي: إن العمل بهذه الآية ينحصر في حياة الرسول (صلی الله علیه و آله) ولا تطبق بعد مماته (صلی الله علیه و آله)، قلت لك: إن هذا غير صحيح لما يلي:

1 - عدم وجود أي دليل لديك. وأقصد بذلك الدليل المباشر والواضح كالتي سأسوقها لك لاحقاً.

2 - الحديث الشريف: من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي. وفي بعض الألفاظ: " وصحبني ".

وهذا الحديث اعتبره الذهبي من أقوي أحاديث زيارة قبره (صلی الله علیه و آله) سنداً بحيث أن محي البدعة ابن تيمية في كتابه كلمة جليلة في التوسل والوسيلة، لم يستطع تكذيب الحديث من خلال الخوض في سنده، لكنه حاول خائباً تكذيبه بقوله: " إنه حديث غير معقول "!!!؟

ونحن طبعاً لن نكذب الحديث اعتماداً علي عقله الفارغ. وبجمع الحديث الشريف مع الآية الكريمة يكون معني إليه شاملاً لمماته (صلی الله علیه و آله).

3 - أكثر من (15) حديثاً أخرجها كبار الحفاظ من أهل السنة مثل الحاكم والطبراني والدارقطني والبيهقي وغيرهم حول فضل زيارته (صلی الله علیه و آله) منها: من حج ولم يزرني فقد جفاني. من زار قبري وجبت له شفاعتي. وغيرها كثير.

4 - العديد من علماء أهل السنة الذين ألفوا العديد من الكتب في الرد علي منكري الزيارة.

وإذا أردت ذكرهم وذكر مؤلفاتهم لتطلب ذلك مني جهداً كبيراً.

ص: 140

لقد حاولت الإختصار بشدة وأرجو أن لا يكون اختصاري هذا قد أثر علي الموضوع، فلا تزال هناك عشرات الأدلة التي لم أذكرها.

أما فيما يخص موضوع البناء علي القبور وجعل القبور من ضمن المساجد، فأنا لن أذكر أدلتي من الكتاب والسنة قبل أن يجيبني الأخ عمر علي هذا السؤال: عندما أزال الوهابيون البناء من فوق القبور وساووها بالأرض؟ لماذا لم يفعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله)؟

هل تعرف لماذا لم يفعلوا ذلك يا عمر؟ لأنهم منافقون.. خافوا من رد فعل العالم الإسلامي في حينها، ورأوا أن ذلك أشد وقعاً بكثير مما أجرموه في تهديم مشاهد الصالحين، والذي استنكره كل المسلمين في وقتها كما استنكروا كل جرائم الوهابية. ولو لم يكن الوهابية منافقين لكانوا فعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله) فمن المعروف عندهم أن النبي (صلی الله علیه و آله) بشر كسائر البشر في هذه الأمور.

ولو كان بناء المساجد فوق القبور محرماً كما تزعمون، ففي هذه الحالة يكون الفقهاء السبعة - وهم فقهاء المدينة المعروفين - الذين تم توسيع المسجد النبوي الشريف تحت إشرافهم، يكونون جهلة، لأنهم وبأجمعهم لا يعلمون بأمر هذا الحديث الذي ينهي وبشدة عن بناء المساجد فوق القبور!!

وإذا كانوا فعلاً لا يعلمون هذا فتلك مصيبة كبيرة، لأن كل أهل السنة أخذوا دينهم عن هؤلاء الفقهاء السبعة، وإذا كان الفقهاء يعرفون هذا الحديث ولم يعملوا به فالمصيبة أكبر وأعظم.

مما لا شك فيه أن هؤلاء الفقهاء أعلم وأكثر تقوي من ابن تيمية وابن عبد الوهاب اللذين يفهمان من الدين ما تمليه أهواءهم.

وإذا قلت لي إنهم كانوا مضطرين لذلك لكي يتم توسيع المسجد النبوي، قلت لك: إن الإضطرار لا يشمل هذه الحالة، لأنه وببساطة شديدة كان يمكنهم

ص: 141

توسيع المسجد الشريف من الجهة البعيدة عن قبره (صلی الله علیه و آله) ولا يشملهم اللعن المباشر الوارد في هذا الحديث.

في الحقيقة إن هذا الحديث إن صح فهو يشير إلي اليهود والنصاري الذين جعلوا قبور أنبيائهم مساجد أي جعلوا كل قبر منها " قبلة " يتوجهون إليها في صلاتهم ويقصدونها نية في سجودهم أو أنهم يعبدون هذه القبور. ولا يمكن أن يكون للحديث معني آخر.

يا عمر أجبني عن هذا السؤال: إذا كنت تعتقد أن الصلاة قرب القبور غير جائزة، فهل تستطيع أن تخبرني كيف كانت " السيدة عائشة " وطوال أكثر من 30 عاماً، تصلي في حجرة تحتوي علي ثلاثة قبور، وهي التي تأخذون ثلثي دينكم عنها؟!

وكتب (عمر) بتاريخ 23 - 1 - 2000، السابعة والثلث مساءً:

لا أجد أي أدلة من الكتاب والسنة في إثبات شرعية التوسل بالأموات، بل خلطت زيارة قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتوسل والشفاعة والتمسح بالقبور.

يجب أن يكون حديثك عن التوسل كما صنع الكفار مع الأصنام، ولا علاقة لزيارة القبور وخاصة قبر النبي (صلی الله علیه و آله). ومن المعروف بأن المشركين كانوا بالبداية علي ملة إبراهيم حتي اختلط الشرك بعملهم وضل سعيهم. وهذه الحالة نراها في أغلب العصور لأن الإنسان يريد الشئ الملموس والمحسوس.

وأكبر دليل وهو أصحاب موسي والعجل الذي عبدوه والكل يدعي بأنه علي حق.

سورة الزمر - 3: ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار.

ص: 142

أما سؤالك عن بيت عائشة (ض) وقبر النبي (صلی الله علیه و آله) فهذه حالة خاصة لأن الأنبياء يدفنون حيث يتوفون.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

أما بعد إلي عمر:

الفرق بينهما كالفرق بين رأسك وقدمك، وبين الجنة والنار.

لم يرد النهي عن زيارة القبور في أثر من الآثار، وإنما نهي عنه الوهابيون وابن تيمية قدوة الوهابية.

تدل علي مشروعية زيارته صلي الله عليه وآله وفضيلتها كما في كشف الإرتياب 362-372، الأدلة الأربعة:

الدليل الأول: كتاب الله العزيز.

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64.

قال السمهودي في وفاء الوفاء: 2/411: " العلماء فهموا من هذه الآية العموم لحالتي الموت والحياة واستحبوا لمن أتي القبر أن يتلوها ".

الدليل الثاني: السنة الشريفة.

والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، نقلها السمهودي في وفاء الوفاء: 4/394-403، ونقلها غيره، ونحن ننقلها منه، وربما نترك بعض أسانيدها، وقد تكلم هو علي أسانيدها بما فيه كفاية.

1 - الدار قطني في السنن وغيرها، والبيهقي، وغيرهما بالأسانيد عن طريق موسي بن هلال العبدي، وعن عبيد الله بن عمر، وعن نافع عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ".

ص: 143

2 - البزار من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وعن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلي الله عليه وآله: " من زار قبري حلت له شفاعتي ".

3 - أو الطبراني في الكبير والأوسط، والدار قطني في أماليه، وأبو بكر بن المقري في معجمه من رواية مسلمة بن سالم الجهني، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلا زيارتي، كان حقاًّ علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ".

قال: والذي في معجم ابن المقري: " من جاءني زائراً كان حقاًّ علي الله عز وجل أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ".

قال: وأورد الحافظ ابن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قير النبي صلي الله عليه وآله من كتابه السنن الصحاح المأثورة ومقتضي ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع علي صحتها. انتهي. وهو بإطلاقه للزيارة في الحياة وبعد الموت.

4 - الدار قطني والطبراني في الكبير والأوسط وغيرهما، من طريق حفص بن داود القاري، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي".

قال: ورواه ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن بسنده وزاد وصحبتي. ورواه ابن عدي في كامله بسنده بهذه الزيادة، ورواه أبو يعلي بسنده بدون الزيادة، وفي بعض الروايات " من حج فزارني في حياتي ". ورواه الطبراني في الكبير والأوسط عن طريق عائشة بن يونس امرأة الليث، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي ".

ص: 144

5 - ابن عدي في الكامل، من طريق محمد بن محمد بن النعمان عن جده، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني ".

قال السبكي: وذكر ابن الجوزي له في الموضوعات طرفاً منه.

الدليل الثالث: الإجماع.

فقد أجمع المسلمون خلفا عن سلف من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة إلي يومنا هذا قولاً وعملاً علي زيارة قبره صلي الله عليه وآله ولم يشذ عنهم أحد إلا الوهابيون. بل إن استحباب زيارة قبور الأنبياء والصالحين، بل وسائر المؤمنين ومشروعيتها ملحق بالضروريات عند المسلمين، فضلاً عن الإجماع.

قال السمهودي في وفاء الوفاء نقلاً عن السبكي: قال عياض: زيارة قبره صلي الله عليه وآله سنة بين المسلمين مجمع عليها، وفضيلة مرغوب فيها.

قال السبكي: وأجمع العلماء علي استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها. واختلفوا في النساء، وامتاز القبر الشريف بالأدلة الخاصة به.

الدليل الرابع: دليل العقل.

فإنه يحكم بحسن تعظيم من عظمة الله تعالي، والزيارة نوع من التعظيم، وفي تعظيمه صلي الله عليه وآله بالزيارة وغيرها، تعظيم لشعائر الإسلام، وإرغام لمنكريه.

وأما زيارة سائر القبور، ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله كان يزور أهل البقيع وشهداء أحد. وروي ابن ماجة بسنده عنه صلي الله عليه وآله: " زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ".

وبسنده عن عائشة أنه صلي الله عليه وآله رخص في زيارة القبور وقال: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة ". ورواه مسلم إلي قوله: فزوروها.

ص: 145

وروي النسائي: " ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر ". وفي حاشية السندي عن الزوائد: أن رجال إسناده ثقات.

وقد زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه وهي مشركة بزعم الخصم!

روي مسلم، وابن ماجة والنسائي، بأسانيدهم عن أبي هريرة: زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه فبكي وأبكي من حوله، فقال صلي الله عليه وآله: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم بالموت ".

قال النووي في شرح صحيح مسلم: هو حديث صحيح بلا شك.

وروي مسلم أنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلي الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلي البقيع فيقول: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون " وعلم صلي الله عليه وآله عائشة حين قالت له: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: " السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ". رواه مسلم.

ونحن وإن كنا نعتقد بأن آباء النبي وأمهاته كلهم مؤمنون، تبعاً لما ثبت عندنا بالأحاديث الصحيحة، ولا نقبل أن أم النبي صلي الله عليه وآله كانت مشركة، ولكنا أوردنا الحديث لنحتج به علي من يحرم الزيارة.

وكتب (عمر) بتاريخ 23-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

يا هذا، نحن نتكلم عن التوسل والتمسح بالقبور، ولا نقصد زيارة النبي (صلی الله علیه و آله) أو زيارة المقبرة، هل فهمت؟

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ص: 146

أعرف ذلك أيها... وإذا أثبت استحباب زيارة القبور.. بعد ذلك يمكن أن نثبت التوسل بالقبور.. أيها...

وكتب (جندي الحجة)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

الأخ عمر:

أنت لم تجبني علي سؤالي الأول، وأنا لم أخلط الأمور، لأن زيارة قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) والتوسل به هو شئ واحد، ونحن نزوره (صلی الله علیه و آله) وفاءاً منا له (صلی الله علیه و آله)، ولكي نتوسل ونتشفع به (صلی الله علیه و آله) في قضاء حوائج الدنيا والآخرة وأولها طلب المغفرة من الله تعالي تطبيقاً للآية: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم... والتي تتضمن عبارة: واستغفر لهم الرسول.. ولكي يستغفر لهم الرسول (صلی الله علیه و آله) لا بد أن يطلبوا منه (صلی الله علیه و آله) ذلك، تماماً كما كان يفعل المسلمون الأوائل في حياته (صلی الله علیه و آله) يأتون إلي النبي (صلی الله علیه و آله) يسلمون عليه يقبلونه - وفي هذا منتهي سعادتهم - يظهرون حبهم له وتمسكهم به وبملته، ثم يطلبون منه الدعاء لهم بقضاء الحوائج، فمنهم من يطلب منه الدعاء لنيل المغفرة، ومنهم من يطلب دعاءه (صلی الله علیه و آله) للشفاء من مرض، ومنهم من يطلب منه الدعاء للرزق.. وهكذا..

كانوا يجتهدون ويتفننون في طرق التبرك به (صلی الله علیه و آله)، فهؤلاء يجمعون شعراته، وهؤلاء يتلقفون الماء النازل من وضوئه (صلی الله علیه و آله)، وهذا يختلق قصة لكي يقبل بطنه (صلی الله علیه و آله)، وغيرهم فعل غير هذا..

أليس هذا تمسحاً وتبركاً وتقبيلاً؟؟!

طبعاً ستقول لي أن هذا كله كان جائزاً في حياته أما الآن فهو غير جائز، لأنه (صلی الله علیه و آله) قد مات!!

ليت شعري أكاد أجن من هذا الكلام الذي ترددوه كالببغاوات، من دون أن تتأملوا فيه ولو قليلاً!!

ص: 147

أولاً.. نص الحديث: " من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي وصحبني " ولم يستثنِ شيئاً من فوائد الزيارة، فجعل فائدتها وفضلها لمن زاره في مماته تماما كمن زاره في حياته (صلی الله علیه و آله)! وكلامه (صلی الله علیه و آله) يقاس

بالمثقال كما تقولون.

ثانياً.. لو كان التقبيل والتمسح والتشفع والتوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد موته شركاً كما تزعمون، فيجب بالتأكيد أن يكون شركاً في حياته (صلی الله علیه و آله) أيضاً لأن حجة عدم تجويزكم للتقرب إلي الله بهذه الطرق هي نفس الحجة!

وهي هذه الآية الكريمة سورة الزمر - آية 3: " ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ".

فلو كانت هذه الآية تنطبق علي الذين يزورون النبي (صلی الله علیه و آله) ويتوسلون به (صلی الله علیه و آله) في مماته، فهي تنطبق أيضا علي الصحابة الذين كانوا يزورونه (صلی الله علیه و آله) ويتوسلون به في حياته، لأنهم كانوا أيضاً يفعلون ذلك تقربا إلي الله زلفي!!!!!؟، فلماذا كان النبي (صلی الله علیه و آله) لا يمنعهم مستشهداً بهذه الآية أو غيرها من الآيات الكريمة، التي تعطي معنيً مقارباً؟؟؟

أنت تقول: " يجب أن يكون حديثك عن التوسل كما فعل الكفار مع الأصنام ". إذاً، هل كان توسل الصحابة بالرسول كما فعل الكفار مع الأصنام؟!!!

أنت لم تجبني عن موضوع قبر النبي (صلی الله علیه و آله) الذي أصبح ضمن المسجد مع أنك أنت من فتح موضوع القبور والمساجد؟!! ولم تخبرني لماذا لم يسوِّ الوهابية قبره (صلی الله علیه و آله) بالأرض؟؟ أليس قبراً لبشر؟؟!!

ص: 148

تقول أنك لا تجد أي دليل علي شرعية التوسل بالأموات.. وأنت طبعاً تعتبر كل من يتوسل بالأموات مشركاً، وطبعاً أنتم تقولون إن هذا الشرك يمس العقيدة ولا يمكن التهاون فيه..

هل ستستمر علي رأيك هذا عندما تعلم أن أحمد بن حنبل كان يتوسل بالأموات وابن تيمية - الذي يدعي أنه حنبلي المذهب - هو نفسه يروي دعاء أحمد بن حنبل في التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) في كتابه كلمة جليلة في التوسل والوسيلة ص 78!!

الدعاء يبدأ ب- " اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة محمد (صلی الله علیه و آله).. " حتي يصل إلي ".. يا محمد يا رسول الله إني توجهت بك إلي الله.. " وهو تقريباً نفس الحديث الذي يعترف بصحته الوهابية،

والذي يروي كيف أن الرسول (صلی الله علیه و آله) علم أحد المسلمين دعاء التوسل به (صلی الله علیه و آله)، وعندما يعلق علي هذا الدعاء يتتأتأ ولا يدري ما يجيب!!!

أليس هذا الدعاء توسلاً بميت؟؟؟ هل أن أحمد بن حنبل كان مشركاً؟؟!!

وإذا كنت ستحاول تأويل هذا الدعاء - كما هي عادتكم العقيمة في تأويل كل نص صريح لا يوافق أهواءكم - فإني أقول لك: إنه وكما تري واضح، ولا يقبل أي تأويل.

ورداًّ علي قولك بأن دفن النبي (صلی الله علیه و آله) في بيته هو حكم خاص، وأنا أسألك: لماذا لم تترك السيدة عائشة هذا البيت وبقيت تصلي فيه أكثر من (30) عاماً؟!!

ألا تخاف عاشه (كذا) أن يشملها لعن من يصلي قرب القبور؟؟!!

وهل أبو بكر وعمر أنبياء أيضاً لكي يدفنوا في البيت؟؟؟؟!!

الحمد لله أنك ناقضت نفسك بنفسك!!! وإذا لم تجبني علي كل أسئلتي فهذا دليل علي عجزك وعجز كل الوهابية أمام الحجج الدامغة.

ص: 149

أترك هذه الدلائل المختصرة إلي عقولكم وضمائركم.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثانية عشرة إلا ثلاث دقائق ليلاً:

أقدم هذه المساهمة في الموضوع.. وهي أصلاً رسالة للأخ أبو سلمان في سحاب..

هل يجوز اتخاذ القبور مساجد؟

يقول دعاة القبور: إن قبر إسماعيل في الحجر.. وفي المسجد الحرام بين زمزم والركن والمقام قبر تسعة وتسعين نبياًّ.. وكانت عائشة تصلي في حجرتها وفيها قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم.. ولما مات أبو بصير دفنه أبو جندل وبني علي قبره مسجداً.. فهذا يدل علي جواز البناء علي القبور وإقامة المساجد عليها.. وأما حديث: " لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فلا يدل عدم جواز البناء مطلقاً، بل المحرم البناء علي القبر لا حوله لحديث " بنوا علي قبره مسجداً ". فقال: " علي " ولم يقل: " حول " فإذاً يجوز بناء الأضرحة لأنها حول القبور تحيط بها، لا عليها، وهذا من تعظيم القبور وتوقير أصحابها وحفظها من الضياع.

الجواب: يقال: ما الفائدة التي نجنيها من الحرص علي الصلاة في القبر، أو بناء المسجد، أو الضريح عليه؟ الفائدة كما يقولون: البركة في تحصيل الثواب وتعظيم الأولياء..

فيقال: هل الله أمر بذلك؟ هل في القرآن آية ولو واحدة فيها الأمر بالعناية بالقبور والبناء عليها؟

وهل فيه الأمر بتعظيم الأولياء بعد مماتهم بالصلاة عند قبورهم أو إقامة المساجد عليها؟ وهل في القرآن إشارة إلي أن ذلك مما يقرب إلي الله زلفي؟

ص: 150

الجواب في كل ذلك: لا. فشئ بهذه الأهمية الكبري عند دعاة القبور، حتي لأجله باغضوا مخالفيهم وناصبوهم العداء، وصار كل كلامهم وحديثهم حوله، في المجالس، وفي المساجد، وفي الكتب والرسائل، هل يعقل أن لا يكون له شأن أو ذكر في القرآن؟!

إن القرآن جاء بقواعد الإسلام وأصوله، وكلها مذكورة فيه، جاء بإفراد الله وحده بالعبادة ونبذ الشرك: " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ". " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ".

جاء بذكر أسمائه عز وجل وصفاته ونعمه وآلائه، جاء بذكر الجنة والنار والقيامة واليوم الآخر، جاء بذكر الخلق والموت والبعث، جاء بأحكام الصلاة والصيام والحج والجهاد، فكل القضايا الكبري والقواعد العظمي قد ذكرت وفصلت في القرآن، لكن لا نجد القبور وتعظيم أصحاب القبور من بين تلك القضايا القرآنية، بالرغم من أنها قضية كبري عند دعاة القبور، فما السبب؟

هل الله سبحانه قد نسي ذكرها - تعالي الله - فجاء هؤلاء ليستدركوا ذلك علي الله؟ أم أن هؤلاء دعاة ضلالة وبدعة وانحراف عن السبيل؟ ثم هل الرسول صلي الله عليه وسلم أمر باتخاذ المساجد علي القبور وإقامة الأضرحة حولها والصلاة عندها، وتعظيم الموتي بالتبرك بالمكث عند قبورهم والدعاء؟ الجواب: لا، بل نهي عن ذلك وأمر بضده، وما يروجه دعاة القبور من أحاديث في هذا الباب تؤيد دعواهم فهي إما ضعيفة أو موضوعة أو أنها محرفة المعني إن كانت صحيحة، من ذلك ما ذكروه من وجود قبور الأنبياء في المسجد الحرام.

ص: 151

فأما عن قبر إسماعيل عليه السلام فقد جاء في تذكرة الموضوعات لمحمد بن طاهر بن علي الهندي الفتني قال:

باب: في بعض قبور الأنبياء والأولياء، في المختصر: قبر إسماعيل في الحجر، سنده ضعيف.

وكذا قال الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة علي الألسنة.

أما عن القبور التي في المسجد الحرام:

فقد روي الأزرقي في أخبار مكة في: ذكر حج إبراهيم عليه السلام وأذانه بالحج، وحج الأنبياء، وطوافه وطواف الأنبياء.. قال:

حدثني جدي قال: حدثنا يحي بن سليم عن ابن خيثم، قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط يقول: سمعت عبد الله بن ضمرة السلولي يقول: " ما بين الركن إلي المقام إلي زمزم قبر تسعة وتسعين نبياًّ، جاءوا حجاجاً فقبروا هناك ".

هذا الأثر ليس مرفوعاً إلي النبي صلي الله عليه وسلم، فراويه تابعي، ومثل هذا الخبر لا يقال بالرأي، بل لا بد فيه من دليل صحيح من الكتاب والسنة، وإذا كان كذلك فلا يحتج به، فلا يحتج إلا بما ثبت عن رسول الله، وهذا ليس قولاً لرسول الله صلي الله عليه وسلم، بل هو قول تابعي، وديننا لا نأخذه إلا مما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام.

وروي الأزرقي كذلك، قال: حدثني مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولي بني هاشم عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن محمد بن سابط عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد بها النبي ومن معه حتي يموت فيها، فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر ".

ص: 152

هذا الأثر لا يصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لأنه مرسل، فمحمد بن سابط ليس من الصحابة، وقد نظرت في الإصابة لابن حجر فلم أجده ذكره، ثم إن عطاء بن السائب اختلط بآخره، قال أحمد: من سمع منه قديماً فهو صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشئ. وقال يحي بن معين:

لا يحتج به. قال ابن كثير: وأما قبره عليه السلام فروي ابن جرير والأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلاً أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام.

الشاهد من كلامه أنه قال: " مرسلاً "، والمرسل من أنواع الحديث الضعيف، وهو ما يرويه التابعي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ويسقط منه الصحابي، وعلي ذلك فلا حجة في هذا الأثر علي مطلوبهم.

وقد اختلف الناس في تحديد قبور الأنبياء، والصواب أنه لا يعرف قبر نبي علي وجه التحديد إلا قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهود عليه السلام قيل أن قبره في بلاد اليمن، وذكر آخرون أنه في دمشق وعن قبر شعيب عليه السلام ذكر وهب بن منبه أنه مات بمكة ومن معه من المؤمنين، وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني سهم، فهذا النقل يخالف حديث الأزرقي أن قبورهم بين الركن وزمزم والمقام، فهو يدل علي أن قبورهم خارج المسجد.

وفي كل حال فإن تلك القبور مجهولة المكان، وما جهلت وعميت علي الناس إلا لسبب ظاهر، حتي لا تعبد من دون الله، إذ الشيطان كان قد عبث بالناس باسم تعظيم الأولياء والتبرك بقبورهم حتي دخل بهم في الشرك، فكان من الحكمة تعمية قبورهم، فإذا كان الناس يعظمون قبور من لم يعرف صلاحه، فكيف بنبي عرف فضله وسبقه ومنزلته؟

ولذا لم يثبت لنا مكان قبر نبي إلا قبر بنينا عليه الصلاة والسلام، وقد كان دعا ربه فقال: " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله علي قوم اتخذوا

ص: 153

قبور أنبيائهم مساجد " فاستجاب الله له فلم يقدر أحد علي اتخاذ قبره وثناً يعبد، وقبره لم يكن في المسجد، فقد قبر خارج المسجد في حجرة عائشة الملاصق للمسجد، ثم إن الوليد بن عبد الملك أمر سنة 88 ه بعد انقراض عهد الصحابة في المدينة بهدم حجر أزواج النبي وضمها إلي المسجد من أجل التوسعة، وقد أنكر العلماء ذلك منهم سعيد بن المسيب خشية أن يتخذ القبر مسجداً، لكن الوليد أصر حتي هدمت الحجر وأضيفت حجرة عائشة إلي المسجد من الشرق، فبنوا علي القبر حائطاً وسنموه وحرفوه لئلا يصل أحد إلي قبره..

وعائشة كانت تصلي في حجرتها من قبل وفاة رسول الله، ثم لما توفي قبر في مكانه كعادة الأنبياء، فهي لم تبن مسجدا علي قبر النبي، ثم إن القبر كان ناحية عن الحجرة، لأن القبور كانت في مقدم الحجرة، وكانت هي في مؤخر الحجرة، والمؤكد أنها وهي التي تروي حديث: " لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " أعرف الناس بحقيقة حكم الصلاة عند القبر وأن يتخذ مسجداً، ومن المستحيل أن تقع في شئ..

لا يمكن لنا أن نترك هذا الكم الهائل من الأحاديث التي تحذر من اتخاذ القبور مساجد، ونستدل بصلاة عائشة في حجرتها الذي فيها القبر علي جواز البناء علي القبور والصلاة عندها.. خاصة وأن عائشة لم تبنِ علي القبر مسجداً، ولم تكن تصلي إليه..

وأما حديث: " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة "، فالحديث روي بهذا اللفظ.. لا بلفظ: " قبري "، فهذا خطأ، فإن النبي لما قال هذا لم يكن قد قبر، ولهذا لم يحتج بهذا أحد من الصحابة لما تنازعوا في دفنه، ولو كان هذا عندهم لكان نصاًّ في محل النزاع.

ص: 154

أما أثر أبي جندل في دفن أبي بصير وبنائه مسجداً علي قبره، وأن النبي أقره علي ذلك، فذلك كذب، فابن حجر ذكر في الفتح فقال: وفي رواية موسي بن عقبة عن الزهري: فكتب رسول الله إلي أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجداً. هكذا روي الأثر، لا كما قالوا: " علي قبره مسجداً "، وقوله: " عند " لا يلزم منه أن يكون عليه، بل قد يكون القبر في ناحية والمسجد في الناحية الأخري وبينهما جدار وحاجز أو طريق واسع ويقال هذا عند هذا، ولا يلزم منه أن يكون في حريم القبر وفنائه، وقد جاء في البخاري: عن عائشة أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلي

الله عليه وسلم فقال: " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا علي قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ".

فتلك الكنيسة كانت علي القبر تحيط به من كل ناحية كالأضرحة الموجودة الآن، فالبناء علي القبور محرم، وأما كون المسجد عندها، بمعني قربها لكن بفاصل من طريق ونحوه، لا بكونه ضمن سورها أو ناحية قبلتها فذلك لا يظهر فيه بأس. ثم إن الأثر مرسل أرسله الزهري، والمرسل من أنواع الضعيف فلا يحتج به، وأبو جندل استشهد في خلافة عمر رضي الله عنه، وعلي ذلك فليس في الأثر جواز البناء علي القبور.

ولو فرضنا جدلاً أن الصحابي فعل ذلك فلا يقر عليه، وليس في الأثر أن النبي أقره كما زعموا،

كما أن النبي لم يقر حديثي العهد بكفر علي اتخاذ ذات أنواط، جاء في حديث أبي واقد الليثي: خرجنا مع رسول الله إلي حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط،

ص: 155

فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله: " الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم ".

فانظر كيف جعل عليه الصلاة والسلام اتخاذ الشجرة للتبرك كاتخاذ إله آخر، وهو مثل ما يقوله هؤلاء عن القبور وتعظيم الموتي.. يتبين لك خطر هذه الدعوة.

فكل حديث فيه تعظيم شأن القبر بالبناء عليه، وتزيينه، والتعبد عنده، فهو حديث ضعيف أو موضوع مثل: " إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور " فهذا حديث مفتري لم يروه أحد من أهل العلم، ولا يوجد في شئ من الكتب المعتمدة. والله أعلم.

فكتب (جندي الحجة) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

إلي عمر ومحمد إبراهيم:

لقد ذكرتني أجوبتكم هذه بنكتة النملة والفيل:

سأل المدرس أحد الطلاب عن النملة وكان هذا الطالب لا يعرف عنها شيئاً وكان يعرف كثيراً عن الفيل، فأجابه الطالب بما يلي:

(النملة أصغر من الفيل، أما الفيل فهو كذا وكذا وكذا و......)

لقد فتح عمر النقاش بأحاديث معينة وحجج ناقشناها، وبعدها جئناه ببعض حججنا، وأنتم لم تجيبوا عن معظم الأسئلة التي سألتكم إياها!!

وبدلاً من هذا فإنكم أتيتم بحجج واهية ومضحكة، وابتعدتم عن أسئلتي المحرجة لكم، تماماً كما فعل الطالب بالنملة والفيل!!

ص: 156

والعجب أني أراكم فرحين بتلك " الحجج " المضحكة، ومنها: أن عائشة كانت تصلي في مؤخر الحجرة والقبور في مؤخرها!!!

وهذا يناقض كلياًّ رأيكم ورأي باقي الوهابية في تحريم الصلاة تحريماً مطلقاً في أي حجرة تحوي قبراً!!

ولا يحتاج أن أذكركم برأي ابن باز عندما سأل عن وجود القبر في أي ناحية من نواحي المسجد وأفتي بعدم جواز ذلك، وقال: إذا كان المسجد بني فوق القبر فيجب تهديمه، أما إذا كان المسجد قبل القبر ففي هذه الحالة يجب إخراج الميت ودفنه في مكان آخر!!

ما دمتم لم تجيبوني علي أسئلتي فهذا دليل علي عجزكم!! وحاولوا أن تفهموا كيف يكون البحث المنهجي المستند علي أسس علمية ووفق تسلسل منطقي.

صدقوني عندي الجواب لكل ما ذكرتموه حتي الآية الدالة علي بناء المسجد فوق القبور.. وستستغربون كيف أنكم قرأتموها عشرات المرات ولم تنتبهوا لمعناها..

ولن أذكرها إلا بعد أن تجيبوني علي كل أسئلتي، لكي يأخذ الحوار تسلسله، المنطقي ولكي لا تلعبوا معي لعبة طفر الموانع.

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11 - 2 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (باب كراهة بناء المساجد عند القبور من كتب الشيعة)، قال فيه:

65 - باب كراهة بناء المساجد عند القبور:

ص: 157

1 - محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن سماعة بن مهران، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها، فقال: أما زيارة القبور فلا بأس بها، ولا تبني عندها مساجد.

ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة قال: سألته، وذكر مثله.

2 - قال: وقال النبي صلي الله عليه وآله: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

أقول: ويأتي ما يدل علي ذلك في مكان المصلي. الكافي 3: 228 - 2

www. rafed. net / aalulbayt / wasael - 3 / was 3012. html 14

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) وهو زيدي، بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ عمر.. هناك فرق بين الكراهة وبين الرمي بالشرك!

ولا أظنك تخالفني في ذلك، ولو اقتصرتم علي المناقشات في الحرمة والكراهة لكان البحث أكثر علمية، كما هو ظاهر كلامكم..

ولو انتهج الوهابية ذلك وقالوا بالتحريم، ولم يلزموا الناس قسراً عليه، ولم يرموا الأمة بالشرك، لكان هناك احترام لهم من قبل العلماء من كافة المذاهب، لكنهم غلوا غلواًّ عظيماً برميهم من خالفهم بالشرك والكفر والبدعة!

وتمسكوا بالقشور بفهم النصوص، ولم يرجعوا لقواعد الفقه وما قرر العلماء وقعدوه من نظريات.

فلما رأي أهل العلم القوم لم يتبعوا النهج الصحيح، وعمدوا إلي الغلظة والتنصل من القواعد، والقفز فوق المقدمات، ولا سيما التلاعب بمعاني النصوص والروايات، فجابههم العلماء علي اختلاف مذاهبهم

ص: 158

بالرد علي مناكيرهم وأباطيلهم التي ساقوها ضد أهل لا إله إلا الله..

سامحهم الله وإيانا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

لا أظنك لم تقرأ هذا الحديث الذي كتبته أيضاً وأعيده لك مرة ثانية: " وقال النبي صلي الله عليه وآله: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وهنا يكون التحريم ".. وليس الكراهة هدانا الله وإياكم.

فكتب (العسقلاني) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

لم يتخذ أحداً من المسلمين قبره عليه الصلاة والسلام قبلة ولا مسجداً، هدانا الله وإياك..

بل هو تخيل من جانبكم وتطبيق خاطئ للرواية.. وحسبك أن الفقهاء لهم في شرحها صولات وجولات. كما أن احتمالات معانيها كثيرة..

ومن المعلوم كما هو مقرر أن الدليل إذا دخله الإحتمال بطل الإستدلال به! ولا يسعفني الآن كلام شراح الحديث كالإمام ابن حجر، ولا النووي..

وكتب (الموحد) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

الليلة عيد.. عند عمر بسبب هذا الحديث الذي وجده في رافد.

لكن أين بني مسجد الرسول صلي الله عليه وآله، أفي المملكة أم في قم؟ ومن بناه؟

إذا فيك خير.. روح إهدم المسجد.. يا الله أرنا شطارتك.. مع هيئة الأمر بالمعروف، والضرب بالشلوت.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

ص: 159

قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يكن مسجداً ولا مكاناً للتمسح والتوسل، والحادثة معروفة بتوسعة المسجد الموجود قبل وفاته، أي لا ينطبق الحديث علي هذه الحادثة.

أما القبور التي بنيت عليها مساجد فحدث ولا حرج، وآخرها الخميني والمسجد أو المشهد الذي بني عليه. اتقوا الله في سنة نبيه.

وكتب (عمر) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

من المتناقضات بمذهب الشيعة قضية القبور، فنجد أحدهم يحرم بناء المساجد علي القبور والآخر يرغب بها ويعطيها من الفضل ما يثير العقل.

ولكم الآن فضائل القبور في المذهب الشيعي:

وقد تواترت نصوص أهل البيت عليهم السلام، في فضل زيارة مشاهدهم، وما تشتمل عليه من الخصائص الجليلة، والثواب الجم.

فعن الوشا، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة.

وعن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلي الله عليه وآله.

وعن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة، كان علي عرش الرحمن أربعة من الأولين، وأربعة من الآخرين. فأما الأربعة الذين هم من الأولين: فنوح وإبراهيم وموسي وعيسي، وأما الأربعة من الآخرين: محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام. ثم يمد الطعام فيقعد معنا من زار قبور الأئمة، ألا إن أعلاهم درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي.

ص: 160

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: زارنا رسول الله، وقد أهدت لنا أم أيمن لبناً وزبداً وتمراً، قدمنا منه، فأكل، ثم قام إلي زاوية البيت فصلي ركعات، فلما كان في آخر سجوده بكي بكاءاً شديداً، فلم يسأله أحد منا إجلالاً وإعظاماً.

فقام الحسين في الحجرة. وقال له: يا أبه، لقد دخلت بيتنا، فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك، ثم بكيت بكاءاً غماًّ، فما أبكاك؟

فقال: يا بني، أتاني جبرئيل آنفاً، فأخبرني أنكم قتلي، وأن مصارعكم شتي.

فقال: يا أبه، فما لمن يزور قبورنا علي تشتتها؟

فقال: يا بني، أولئك طوائف من أمتي، يزورونكم، فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتي أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنة. انتهي.

والغريب بأن الحسين (رضی الله عنه) كان من الصغر بحيث لا يفقه مغزي هذا السؤال.

فكتب (العاملي) بتاريخ 25-2-2000، السابعة مساءً:

صار عمر فقيهاً يفتي علي مذهب الشيعة!!

1 - الحديث الذي يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله نهي عن البناء علي قبره الشريف غير صحيح.. وإن رأيته يا عمر في بعض مصادرنا فهو متسرب من الرواة الذين كانوا مثلك، ثم تشرفوا بولاء أهل البيت عليهم السلام، وبقيت فيهم رواسب، وعندهم مزريات.. ومثل هؤلاء كثير..

ولكن فقهاءنا يصححون الصحيح، ويبطلون الباطل، ويتوقفون في المشكوك.. فإن كنت صادقاً فأعطنا فتوي لأحد فقهاء الشيعة يحرم فيها البناء علي القبر!

ص: 161

2 - النبي صلي الله عليه وآله دفن في بيته - في غير غرفة عائشة - وكان الجدار ملاصقاً للمسجد ففتحوه فصار القبر في المسجد والصلاة عنده وحوله!! فهل كان عملهم هذه بدعة؟!!

ثم وسعوا المسجد فصار في وسطه تقريباً!! فهل كان عملهم حراماً وبدعة؟!!!

كلا يا عمر.. ليس البناء علي قبور الأنبياء حراماً، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا زيارتها والصلاة عندها، ولا التوسل إلي الله بهم..

وأمامك سيرة جميع أهل الأديان في كل التاريخ.. ولكن افهم مني سر المسألة:

السر يا عمر في وضع هذا الحديث المزعوم أن عمر وأبا بكر خافا أن يأتي علي وفاطمة والحسنان عليهم السلام، ويستجيروا بقبر النبي مطالبين بحقهم الشرعي المغصوب!! كما هي عادة العرب!!

فأصدروا أحكاماً عرفية تمنع التجمع عند القبر، والصلاة عنده، والمكوث عنده.. ووضعوا هذه الرواية!! هذا كل ما في الأمر.

ولكن أهل البيت عليهم السلام كانوا يعملون بالبرنامج الذي أوصاهم به النبي صلي الله عليه وآله، ولم يكن في نيتهم الإستجارة بالقبر!!

وهناك بحوث فقهية وتاريخية في هذا الموضوع.. ولكنك يا عمر لا يهمك البحث، ولا الفقه مع الأسف!

وكتب (عمر) بتاريخ 25-2-2000، الثامنة مساءً:

من الغريب بأنك تستشهد بالكافي وعندما نحجك من كتابك تتبرأ منه. إنه أمر مضحك ومحزن: البناء علي القبور محرم إجماعاً بين الشيعة والسنة بدليل الكافي.

ص: 162

أما ما حدث بعد ذلك من التحليل والترغيب فهو للإسترزاق من البشر العطاشي للشرك.. لاحظ المصلحة الشخصية في الأمر بهذه الأفعال ونتائجها علي من يدعو إلي تعظيم القبور.. أما في القرآن فلا أعتقد بأنك ستضعفه ولكن يمكنك التأويل. سورة الجن - آية 18: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.

وكتب (مدقق) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

يقول الله في كتابه الكريم حول بناء المساجد علي القبور: " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً ". والذين غلبوا علي أمرهم هم المؤمنون، وهو واضح لأن المؤمنين هم الذين يبنون المساجد إلا ما خرج بالدليل.

وكتب (عمر) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

لا أعرف كيف استدللت بأنهم المؤمنين؟؟ ولكنك عندما تقارن الحديث بالآية تعرف من الذي بني المسجد. وقال النبي: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. انتهي.

قال العاملي:

وهكذا يصر الجامدون الذين زرقوا في أذهانهم عصمة البخاري وعمر، علي قبول كلامهما حتي لو خالف كتاب الله تعالي!!

ص: 163

ص: 164

الفصل الثالث: التبرك بآثار الأنبياء والأئمة

ص: 165

ص: 166

التبرك بآثار الأنبياء والأئمة

كتب (علي القاضي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 15 - 2 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (التبرك ومشروعيته!!)، قال فيه:

من الأمور المتسالمة بين المسلمين مسألة التبرك.

وقد كانت هذه الظاهرة متعارفة منذ الصدر الأول للإسلام، فإن المسلمين حين ذاك يتبركون بمسح النبي صلي الله عليه وآله رؤوس أولادهم في الصغر، وتبركهم بسؤر النبي في طعامه وشرابه بل يتبركون بكل شئ تقريباً يعود له. ولكن مما يؤسف أن في وقتنا الحاضر نري بعض المسلمين يعتبرون ذلك كله بدعة لا تجوز. والمشكلة هو التبرك بقبره الشريف في وقتنا الحاضر.

فإن من يذهب إلي بيت الله لا يمكنه مس القبر الشريف بنية التبرك، ولا زيارته بتلك النية. ولكن الذي يراجع كتب التاريخ والحديث يري أن ذلك جائز بل إنه من الأمور الراجحة شرعاً.

قال السمهودي: كان الصحابة: يأخذون من تراب القبر يعني قبر النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم. وفاء الوفاء: 1/544. وروي أن ابن عمر كان يضع يده اليمني علي القبر الشريف وأن بلالاً وضع خده عليه. كشف الإرتياب - 434. وروي أن فاطمة عليها السلام جاءت فوقفت علي قبر رسول الله صلي الله عليه وآله فأخذت قبضة من

ص: 167

تراب القبر فوضعتها علي عينيها فبكت. الوفاء لابن الجوزي: 2/804 وكشف الإرتياب - 436. وأما كتبنا ففيها الكثير من الروايات الصحيحة، فإن زيارة النبي صلي الله عليه وآله والتبرك بقبره، من المسلمات.

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11 - 2 - 2000، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هديتي إلي كل وهابي - 2: تمسح المقدسي الحنبلي بقبر إمامه فبرئ!!)، قال فيه:

قال العلامة الكوثري رحمه الله: في حاشية السيف الصقيل - 185:

رأيت بخط الحافظ الضياء المقدسي الحنبلي في كتابه - الحكايات المنثورة - المحفوظ تحت رقم 98 من المجاميع بظاهرية دمشق، أنه سمع الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي يقول: إنه خرج في عضده شئ يشبه الدمل فأعيته مداواته، ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه. انتهي ملخصاً.

فمن الذي يستطيع أن يعد هؤلاء قبوريين يتعبدون الضرائح؟!!!

وكتب (مدقق) بتاريخ 11-2-2000، العاشرة صباحاً:

أحسنت، هل من مزيد؟

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 11 - 2 - 2000، العاشرة مساءً:

بالتأكيد أخي مدقق، بالتأكيد!

وكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-2-2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هديتي إلي كل وهابي - 3: كلام الإمام ابن حنبل في تقبيل القبر والمنبر)، قال فيه:

ص: 168

نسوق للقوم هنا كلام قاطع وبرهان ساطع وهو كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فإن أصروا علي البغي والعناد فالله حسيبهم، وحسبنا أن نلقي الحجة عليهم، لعلهم يرجعون!!

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب العلل والسؤالات، قال:

سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله، فقال: لا بأس به. انتهي بفصه ونصه! المصدر: العلل: 2/492 ح 3243.

ونقله أيضاً العلامة السمهودي الشافعي عنه أيضاً في وفاء الوفا: 4/1404.

وكلام هذا الإمام قاطع للفئة الباغية!! ولله الحمد والمنة.

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 13 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

أخي الفاضل يحيي العسقلاني أعزه الله..

لله درك ما أروعها من صولات وغارات هذه التي تثري بها المنتدي بين الحين والآخر!!!

وهي والله إن دلت علي شئ فإنما تدل عن مكنون علمك وسعة اطلاعك.. أسأل الله أن يريك الحق حقاًّ فتتبعه، ويريك الباطل باطلاً فتجتنبه، ويبعد عنك كل مكروه ويحرسك بعينه التي لا تنام.

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 13 - 2 - 2000، التاسعة ليلاً:

أخي العزيز الحبيب رائد حفظه الله، ما أشد الفرحة بوجودك بالمنتدي، نصر الله بك الحق، ولم ولن أنسي أياديك الجميلة علي، بارك الله فيكم.

وكتب (أبو أحمد) بتاريخ 14 - 2 - 2000، الثالثة ظهراً:

ص: 169

الأخ العسقلاني رعاك المولي تعالي: بعد السلام عليك والتحية الطيبة.. فقط للتذكير أقول..

قال من وصفته بالعلامة الإمام المجدد، وهو يتحدث عن التبرك بقبر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله، ما نصه: " ما الفائدة التي نستفيدها، من أن نمسك الشباك، أو نمسك الحديد ".

مجلة الموسم: ع 21 - 22 ص 299.

نسأل الله تعالي لنا ولكم المغفرة والهداية وحسن العاقبة. والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وكتب (الموسوي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-1-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً، موضوعاً بعنوان (ماذا تقولون في هذا... هل هو بدعة؟!!)، قال فيه:

هذه المقاطع منقولة من كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي:

سبعين تسبيحة في كل سجدة؟:

ج 1 ص 151: في ترجمة سليمان التيمي الحافظ: قال: سعيد بن عامر الضبعي: كان سليمان التيمي يسبح الله في كل سجدة سبعين تسبيحة.

القيام احتراماً للصالحين:

ج 1 ص 213: في ترجمة إبراهيم بن طهمان الحافظ: وقال أبو زرعة: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان، وكان متكئاً من علة، فجلس وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ.

قراءة التوحيد 3 مرات مع كل بيت شعر:

ص: 170

ج 2 ص 585: في ترجمة الحربي: وروي أبو الفضل الزهري، عن أبيه، عن إبراهيم الحربي، قال: ما أنشدت بيتاً قط إلا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرات.

التصدق بالرغيف ليلة الجمعة وجمع اللقم:

ج 3 ص 868: في ترجمة النجاد: وقال أبو إسحاق الطبري: كان النجاد يصوم الدهر ويفطر كل ليلة علي رغيف فيترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدق برغيفه، وأتي بتلك اللقم.

قراءة سورة يس بنية الشبع:

ج 3 ص 902: في ترجمة محمد بن داود بن سليمان: قال الدارقطني: ثقة فاضل. وعنه قال: أكلت في أيام القحط رغيفاً واحداً في أربعين يوماً بالبصرة، كنت إذا جعت قرأت " يس " بنية الشبع.

النزول عند البئر اقتداءاً بالوالد:

ج 3 ص 1035: في ترجمة ابن منده: قال أبو زكريا ابن منده: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور فلما بلغا بئر مجة حكي لي عمي قال: كنت أسيراً يوماً فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلاً عن خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلي هنا، إذا نحن بأربعين وقراً من الأحمال فظننا أن ذلك ثياب، فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا متاع، قلَّ من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلي الله عليه وآله. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك، فقال: كنت قافلاً عن خراسان، ومعي عشرون وقراً من الكتب، فنزلت فيها عند البئر اقتداء بالوالد.

علامة الزهد:

ج 3 ص 1088: في ترجمة عطية بن سعيد: وقال - أي الخطيب -: كان زاهداً لا يضع جنبه، إنما ينام محتبياً.

ص: 171

قراءة الصحيح علي قبر الولد ثم المائدة عند الختم:

ج 4 ص 1279: في ترجمة التيمي: قال أبو موسي: وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله، ويوم تمامه.

وكتب (جابر الأنصاري) بتاريخ 12 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

أنت السيد ويعجز القلم عن مدحك. أقول فيك بيت:

قد نصرت حق حقك... وملء الفم فيك.

أذكرك لهجاً باسمك.

وتقبل مني هذه يا سيدنا.

ما خلت أن الدهر من عاداته... تروي الكلاب به ويظمي الضيغم

ص: 172

الفصل الرابع: التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي و آله صلوات الله علیهم

ص: 173

ص: 174

التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي و آله صلوات الله علیهم

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي، وقل يا الله)، قال فيه:

كثير من المنتسبين للسنة والشيعة تجدهم بدلاً من أن يدعوا الله وحده ويخلصوا له في الدعاء، تجدهم يدعون المخلوق الضعيف، وهذا من أفحش الجهل، فالمفترض فيمن يدعي الإسلام أن يخلص الدعاء لله وحده. هل هناك من يخالف في هذا، وهل له حجة في الخلاف؟

وكتب (العاشر من رمضان) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثامنة والثلث صباحاً:

وفقك الله يا داعية التوحيد.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 175

لقد حكم عليكم علماء السنة أن ما تقولونه كفر وزندقة.. وقد أثبت إليكم بالدليل..

ولكن أبيتم إلا كفراً وأبيتم إلا تشنيعاً علي المسلمين. هذه هي وظائفكم.. التفرقة بين المسلمين. توبوا إلي الله قبل أن يأتي يوم لا تنفع به أمريكا ولا إسرائيل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

أين الكفر والزندقة في كلامي يا أشتر؟؟؟؟؟؟؟

إن كنت تستطيع أن تخالفني في كلامي هذا فأتني بحجتك!!

وكتب (عمار) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة والثلث صباحاً:

لماذا توسل عمر بالعباس عم النبي، بدلاً من أن يتوجه مباشرة إلي الله تعالي؟

وما هو رأيك بحديث الضرير وغيره من الأحاديث؟ وهل توسل المسلمون بالرسول أثناء حياته؟

وما هو الفرق إن كان حياًّ في هذه الدنيا، أو تلك؟ الروح لا تموت والجسد فقط يموت.

أخي.. هذا ما حاولت الشيوعية أن تحاربه طول فترة وجودها، إذ أنهم أنكروا وجود حياة ما بعد الموت. المسألة ليست مسألة إن كان في هذه الدنيا، أم لا، لأنك تضع الإشكال بمنع التوسل بأي شخص سوي الله تعالي، ولهذا فأسألك سؤالاً بسيطاً وهو: لماذا تذهب إلي الطبيب عندما تمرض؟

وكتب (إسلام) بتاريخ 7 - 7 - 1999، العاشرة صباحاً:

جزاك الله خيراً يا أخي مشارك.

ص: 176

ونعم والله صدقت والذي نفسي بيده، فالدعاء هو العبادة من صرف منه شئ لغير الله فقد أشرك مع الله غيره، وهل يملك علي أو الحسين رضوان الله عليهم أو غيرهم لأنفسهم ضراًّ أو نفعاً حتي يتعدي نفعهم لغيرهم.. لا والله لا يملك أحد لأحد شيئاً من دون الله.

ولقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم، أحاديث منها: " إن الدعاء هو العبادة ". " الدعاء مخ العبادة ". " إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ". " يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ". وقول الله أبلغ: " إن الذين تدعون من دون الله لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ". " وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوه الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ".

والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 7 - 7 - 1999، العاشرة وسبع دقائق صباحاً:

قد سألنا المدعي إسلام من قبل ولم يجبنا!

ونعيد هنا السؤال لماذا تقولون: توكلت علي الله ثم عليك، ولا تقولون توكلت علي الله وعليك؟

فإن " ثم " وحرف " و " هما حرفان عاطفان وليس هناك فرق بينهما إلا في التراخي في " ثم ".

هل تجيب يا إسلام، أم يجيب عنك مشارك؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الحادية عشرة إلا خمس دقائق صباحاً:

ص: 177

لماذا لا نلتزم بضوابط الحوار يا شباب.

عمار: مسألة التوسل غير مسألة الدعاء، وإن شئت أن تطرح لها موضوعاً مستقلاًّ فسنجيب علي ما عندك فيها من شبه.

إسلام: جزاك الله خيراً علي نقولاتك التي في صلب الموضوع. ولكن والله أعلم فإن حديث " الدعاء مخ العبادة " ضعيف، والحمد لله أن باقي ما ذكرت صحيح، وحجة في الموضوع.

أبو زهراء: بإمكانك فتح موضوع عن التوكل لو أحببت، وسنجيب علي سؤالك هناك إن شاء الله أنا أو الأخ إسلام.

إن كان عندكم نقاش علمي في المسألة هذه فهاتوا ما عندكم من حجة ودليل، وإلا فاعترفوا بخطئكم وارجعوا عنه " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي " أليست هذا هو حال المشركين؟

وكتب (إسلام) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الحادية عشرة وثلاث دقائق صباحاً:

إلي أبو (كذا) زهراء:

إذهب وراجع كتب النحو للمرحله (كذا) الابتدائيه (كذا) لتعرف الفرق بين " ثم " و " و ". لتعرف لما لا نقول توكلت علي الله وعليك.. ونقول ثم عليك إذا كانت الحاجة لشخص في أمر من أمور الدنيا! لأن " ثم " لا تفيد النديه (كذا) أو المساواه (كذا) بعكس الواو.

وشكراً علي هذا السؤال الهايف!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

إن طرح الموضوع بالشكل الذي اختاره مشارك غلط علمي..

ص: 178

لأنه افترض مسبقاً في المتوسل أنه يتوسل بأولياء الله من دون الله تعالي.. وفرق كبير بين الأولياء من دونه والأولياء من عنده.. والشفعاء من دون الله والشفعاء من عنده..

كما أنه غلط في الأمانة العقائدية أيضاً، لأن فيه تدليساً علي القارئ وتهمة لنا بأننا استبدلنا بعبادة الله تعالي ودعائه، عبادة عباده ودعائهم!!

مع أنه هو سبحانه أمرنا بهذا فقال: " وابتغوا إليه الوسيلة ".. إلخ.

لقد نشرنا في هذا الموقع رسالة الحافظ حسن السقاف وهو سني شافعي، يثبت فيها مشروعية التوسل وصحة أحاديثه.. فهرب مشارك من الجواب عليها، وجاء يفتح هذه المغالطة!!

والغريب أن مشاركاً الذي يعتقد بالتجسيم والتشبيه والأين لمعبوده، وقد عجز عن إقناعنا به!

فجاء لينصحنا بأن نتوسل بالله تعالي مباشرة ويحرم ما أحله الله تعالي من التوسل إليه بنبيه وآله، صلي الله عليه وآله!!

وسنجبره إن شاء الله أن يكون عاقلاً، وأن يفهم معني التوسل والإستشفاع والتبرك والإستغاثة المشروعة بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، لا كما استشفع وتوسل إمامه أحمد بقبر الشافعي!

ولا كما توسل المجسمون من أجاده بقبر الإمام أحمد!!

ولا كما يتوسل عوامهم بقبر ابن باز الذي توفي هذه الأيام، إن صح ما بلغنا!!

ونبدأ هذا البحث بذكر أهم مسائل التوسل:

ونشر العاملي بحثاً في معني التوسل، والتوسل في الأديان السابقة. قال في آخره:

ص: 179

هل كان مبدأ التوسل والإستشفاع إلي الله تعالي بالأعمال والأشخاص موجوداً في الدين الإلهي قبل الإسلام؟

الذي نعتقده هو الجواب بالإيجاب، وأن قوله تعالي في آخر سورة نزلت من القرآن: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ". المائدة - 35، ليس دعوة إلي سنة جديدة، بل إلي سنته سبحانه في الأديان السابقة، ولذلك أبقي الوسيلة مطلقة ولم يبينها، لأنها معهودة في أذهان المسلمين بأنها الأعمال الصالحة والرسول، وما يحدده الرسول (صلی الله علیه و آله).

وبذلك تكون الآية إذناً للمسلمين بأن يتوسلوا إليه بأعمالهم وبأنبيائه وأوليائه، كما كانت السنة في الأديان السابقة.

فإن قلت: ما دام الإسلام جاء بمبدأ الواسطة بين الله وعباده، وأمر به، فلماذا كل هذه الحملة في القرآن والحديث علي المشركين الذين اتخذوا آلهتهم ومعبوديهم وسائط بينهم وبين الله تعالي؟ وماذا يكون الفرق بينهم وبين المؤمنين؟!

فالجواب: أن الفرق بين المؤمنين والمشركين في كل الأديان: أن المشركين جعلوا له شفعاء لم يأذن بهم فأشركوهم معه. وأن المؤمنين وحدوا الله تعالي وأطاعوه، بأن جعلوا وسيلتهم لتوحيده والطلب منه وسيلة مشروعة وشفعاء بإذنه هم الأنبياء والأولياء.

فيكون الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد: أن الواسطة التي أذن بها الله تعالي، لا تنافي التوحيد بل تؤكده، لأنها واسطة بأمر الواحد الأحد وإجازته..

والواسطة التي لم يأذن بها تكون شركاً، يخرج بها أصحابها عن التوحيد مهما ادعوه.

ص: 180

وثانياً: لأن جعل هؤلاء الرسل واسطة لا يتضمن ادعاء بأن لهم شراكة معه تعالي ولو بمقدار ذرة، بل هم عباد مكرمون، أذن سبحانه لعباده أن يجعلوهم وسائط لعطائه، بل أمر بذلك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الخامسة مساءً:

يا عاملي: ما زلت تقل الأدب كعادتك، وتفتري، ولن أرد عليك في هذا، بل سأطبق نصيحة الشافعي في الأعراض. ثم ألا تستطيع التفريق بين الدعاء والتوسل!!!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

الأخ مشارك المحترم: بعد التحية والسلام..

ليس من الصحيح أن تطرح المغالطات وتتهرب من الإجابة عما يذكر لك من شواهد وحجج.

كلام الأخ العاملي متين ومحكم ومعزز بالشواهد، وإعراضك عنه دليل عجزك وقد حصل منكم هذا في أكثر من موضوع.

أرجو أن تتأمل قليلاً وتراجع نفسك وتسألها عن العقائد التي تعتقدها، فإذا كانت عقائد هشة وغير مشفوعة بالأدلة الكافية ينبغي لمن هو مثلك أن يعدل عنها ويرجع إلي الحق وما يثبته الدليل.

قال الله تعالي: " قل هاتوا برهانكم ". وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

يا شطري: وحتي أنت لا تستطيع التفريق بينهما.

ص: 181

أنا هنا لم أفتح موضوع التوسل وأنواعه وما هو الجائز وغير الجائز فيه، فهذا موضوع آخر يمكن مناقشته في موضوع مستقل، وإنما الكلام هنا عن الدعاء.

وما نقله العاملي فهو حجة عليه لو تأملت فيه حق التأمل، ففي روايته عن الإمام الصادق عليه السلام قال: " إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت لخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة، فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله ". فأنت تلاحظ أن إمامه استخدم يالله يالله، ولم يستخدم يا نبي الرحمة.

وأن يوسف كما زعموا قال: " إني أتوجه إليك " ولم يقل إني أتوجه إلي يعقوب، فهل عرفت الآن الفرق بين الدعاء والتوسل، أم تريد المزيد!!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 1999، السادسة والربع مساءً:

نعرف الفرق بين: الدعاء والإستشفاع والتوسل والإستغاثة بالنبي وآله الطاهرين، ونجوز الجميع.

ولنا في كل موضوع بحث وأدلة.. والحمد لله أن إخواننا السنيين يوافقوننا علي ذلك.. وقد ردوا مقولة إمامك ابن تيمية ببحوث ومؤلفات عديدة..

ومشكلة هذا الرجل أنه غليظ الذهن فهو يفترض أن التوسل يعني المقابلة أو المبادلة بين الله تعالي والأنبياء والأوصياء..

ولا يفرق بين الولي من الله تعالي وبأمره، والولي من دونه، كما هو حال المشركين وغيرهم!

ص: 182

علي أن الثابت عن إمامك أن ذهنه في السجن اعتدل! وكتب رسالة في تجويز التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله!! فهل فاتتك؟ أم أنك تحتاج إلي سجن أسبوع حتي تفتي بجوازه؟!!

وكتب (مشارك)، الثامنة مساءً:

الحمد لله ما زال ذهني صحيحاً يا عاملي، ولذلك فإني أتكلم عن الدعاء وليس عن التوسل، لأن أصل الموضوع عن الدعاء، والحمد لله أنك تعرف الفرق بينهما فتستطيع المشاركة إذن هنا عن الدعاء.

وكتب (طاهر) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

غريب يا أيه العاملي.. مواضيعك تدلني علي علو مقامك العلمي، وتفكيرك يدلني علي علو مرتبتك العقلية، وألفاظك تدلني علي حسن أخلاقك وحكمتك، ولكن لماذا لا تتخذ لك زميل حوار أفضل من هذا البسيط المتواضع الخالي الفارغ..

ولو أنه بعض الأحيان يجد ويبحث ويعجبني بصراحة إذا جد، ولكنه إذا لم يتفرغ للبحث فلا يستاهل إلا سجنكم الذي قلتم عنه!

أرجوك دعه عنك وحتي يلتزم بآداب الحوار، فهو مربي علي الدلال، يريد أن يسب كما يشاء، والطرف الآخر لا يتكلم إلا ما يعجبه.

وإذا خالفت ذلك أصبحت إما.. جاهلاً أو مخالفاً لضوابط الساحة، أو يشتكي عليك!!

وأخيراً تقبل تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

ص: 183

مشكلة إمامك ابن تيمية.. أنه فرض الدعاء بمعني العبادة، أو جعل الأصل فيه ذلك.. وساق الناس.. بعصاه!!

ولم يعرف أن استعمال العرب للدعاء واسع وبمعان كثيرة، وأنت تعرف أنه لم يكن أديباً ولا لغوياًّ..

فحبذا لو كنت عربياًّ غير مدخول الفطرة، وصاحب خبرة بلغة الضاد، أن تعدد لي معاني الدعاء عند العرب مختصراً كل معني مع شاهده ومصدره.. وبأي هذه المعاني استعمل القرآن الدعاء ومشتقاته؟؟

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الرابعة صباحاً:

إسلام: أنت تتكلم عن النحو وأنت ليس في جعبتك إلا القص واللصق!

كتبت: " إلي أبو زهراء " والصحيح: " إلي أبي زهراء "..

فهنا غلطتان إملائيتان وغلطة نحوية.. أم أنك لا تعرف حروف لوحة المفاتيح.

وهكذا بالنسبة إلي جميع الكلمات التي تنتهي بتاء مربوطة، كتبتها بهاء مربوطة.

ونرجع للموضوع: فإنا إذا قلنا جاء زيد وعمرو فهذا يعني أن مجيئهما كان في وقت واحد لوجود حرف الواو كما لا يخفي.

أما إذا قلنا جاء زيد ثم عمرو، فهذا يعني أن مجئ زيد كان قبل مجئ عمرو، لوجود حرف " ثم " للتراخي، وهذا لا ينفي مجئ عمرو.

فقولك توكلت علي الله ثم عليك، هو نفس قولك توكلت علي الله ثم توكلت عليك!

فأنت لم تنفِ التوكل عن الغير في جملتك الأولي. وهذا هو الشرك بعينه الذي قال به شيخك عبد الوهاب.

ص: 184

فأنتم فررتم من قول صحيح وهو: " توكلت عليك في قضاء الأمر الفلاني " ووقعتم في قول فيه الشرك الواضح بقولكم " توكلت علي الله ثم عليك " حيث أنكم وضعتم العبد قبال المعبود في التوكل.

فإن كان التوكل علي الغير مع الله في المساواة فهو الشرك.

وإن كان التوكل علي الغير مستقلاًّ عن الله فهو الكفر. فما هو ردك يا إسلام؟

وإذا لم يوجد لديك رد، فلا بأس برد مشارك.

وكتب (الطالب) بتاريخ 8 - 7 - 1999، السادسة صباحاً:

ما زال مشارك يقوم بنفس ألاعيبه من الهروب من الإجابة عندما يحصر في زاوية ضيقة لا يري منها مخرجاً سوي القول إنه لا يناقش التوسل بل الدعاء.

إذن أنت تقول إن التوسل بهؤلاء الأطهار لا بأس به، وإنه لا يجوز أن نسمي ذلك دعاء..

حسناً فليكن.

ومن قال إن من يقول: يا علي ويا حسين هم يدعون، بل هم يتوسلون، ولا يوجد من يقول إنهم يدعون غير الله، بل هم في دعائهم يتوجهون إلي الله عز وجل بهؤلاء الأطهار الذين ارتضاهم شفعاء لخلقه.

وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 8 - 7 - 1999، السادسة والنصف صباحاً:

اسمعوا، سأقول كلمتين وأذهب لأنام من أجل أن لا يرتفع الضغط!

1 - كنت دائماً ألوم مشارك علي طريقته في الحوار، ولكن اليوم وبصراحة هو التزم، بينما الأخ طاهر لم يلتزم حتي باللغة الفصحي.

ص: 185

وكذلك العاملي الذي هو متخصص، اسمح لي، في الإفتراء، فمن أفلام هوليوود ووارنر برذرز، الآن إلي فوكس. أتحدي وأستحلفك بالله أن تحضر لي سنياًّ حنبلياً واحداً يدعو الإمام أحمد!!!

وأستحلفك بالله أن تحضر لي، وتحلف، أن هناك من يتوسل بابن باز.. واترك الرجل في حاله فقد لاقي وجهاً كريماً.

ثم قلنا أدب، يعني لا مجسمة ولا نواصب ولا حشوية ولا رافضة، فلماذا لا تلتزم؟!

لقد كنت جيداً في البداية يا عاملي، ثم بدأت في الغلط، وأراك تحب اختراع القصص. فلماذا؟

أخي.. قوي الحجة يطرح حجته بأدب ويمضي ويتحمل في سبيل الدعوة. أنظروا إلي مداخلة عمار المهذبة! هل أنتم أكثر غيرة منه علي دينكم؟ لماذا تدخل بأدب؟ هداكم الله تخرجون عن الموضوع.

وكتب (مشارك) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

شكراً يا شجرة الدر، وسأستمر في الأسلوب الهادئ لنري ما عندكم.

يا طالب ويا طاهر ويا أبو زهراء " يجوز قولك أبو زهراء، أبا زهراء. واسأل العاملي ":

هاهو صاحبكم العاملي، يعرف أن هناك فرقاً بين الدعاء والتوسل، وحيث أن حديثنا عن الدعاء، فلن أدخل في غيره، ولا يعني هذا أني أقر ما تقولونه في التوكل أو التوسل، ولكن هذا موضوع آخر يمكن فتحه بعد هذا.

يا عاملي:

ص: 186

وأيضاً جاءت الصلاة في اللغة بمعان كثيرة، والزكاة، وغير ذلك، ولكني أتكلم عن الدعاء في الإصطلاح، فلا تخرج عن الموضوع.. أين أبناء الدليل؟؟؟؟؟؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

نحن لا نهرب من الجواب ولا من الموقف الشرعي والحمد لله.

وسؤالي لك عن معاني الدعاء في اللغة.. لكي أوصلك إلي ما تدعي أنه معني اصطلاحي للدعاء!

لأنه لا يوجد معني واحد مصطلح للدعاء، متفق عليه عند العلماء، شامل لكل أنواعه..

ولذا احتجنا إلي معرفة معانيه اللغوية أولاً..

وقد زعمت، أنه يوجد له معني اصطلاحي، فما هو وما هو مصدره، وهل هو متفق عليه أم مختلف فيه؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الواحدة ظهراً:

يا عاملي لماذا لا ترينا حجتك وأدلتك في الموضوع بدون تطويل.

أنا أقول يجب ألا ندعو إلا الله، وأنتم إن كنتم تجوزون دعاء غيره فأتونا بأدلتكم في ذلك، وإن كنتم تقولون مثل قولنا فانتهي الموضوع، وننتقل لموضوع آخر.

أرأيت كم هي المسألة بسيطة؟ إذن لم تستطيعوا أن تأتوا بأي دليل؟ فهل تعترفون أن هذا من تلبيس الشيطان لكم؟

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 10-7-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ص: 187

أين أبناء الدليل؟ أين أصحاب الطينة المباركة؟؟ أين المدافعين عن منهج أهل البيت!! أين؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

أراك تطلب العلم بالصياح!

إن الدعاء ومشتقاته في اللغة العربية يقع علي معاني كثيرة ابتداءً من أشياء بسيطة إلي... العبادة!

تقول " أدعوك " إلي طعام الغداء.. وتقول " أدعو " ربي أي: أعبده وأدعو لعبادته.. وما بينهما أنواع من الدعاء!

ولكنكم تميل أذهانكم إلي التسطيح، وتفسير اللغة الغنية بمعني واحد! فلا معني للدعاء عندكم، إلا العبادة! كأنكم لم تقرؤوا القرآن!!

إرجع إلي مفردات الراغب، وإلي استعمالات الدعاء في القرآن والحديث الذي تريد، لتراه أوسع مما ضيقته!

والنداء نوع منه، يصح لمئة غرض، فعندما أقول في مسألة علمية: يا مشارك أين أنت، فهل أعبدك؟

بل لا بد أن يسأل المنادي عن هدفه!

وعندما يقول المعتقد بوَلِيٍّ: يا فلان.. لا بد أن يُسأل عن هدفه من النداء، وبعض الأهداف منه مشروعة، وبعضها غير مشروعة، فتوضح له، ولا يرمي بالكفر ويحكم عليه بأن قصده عبادة غير الله تعالي!! إن هذا لا يثبت إلا بإقراره صريحاً أو بلازم مذهبه الجلي!!

ص: 188

وأسألك سؤالاً، ولا أظنك تعرفه: هل يستحق من حكم علي مسلم بالكفر إقامة الحد الشرعي عليه؟ وهل تشمل المتوسل بقوله: يا محمد يا علي، قاعدة: " ادرؤوا الحدود بالشبهات "؟

فما لكم لا تتقون الله في المسلمين، وترمونهم بالكفر بسبب توسلهم وزيارتهم واستغاثتهم بأولياء الله تعالي، ليشفعوا لهم في حاجاتهم؟!!

ما لكم تكفرونهم بالشبهات، ولا تصدقونهم في نيتهم وقصدهم من كلامهم؟!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أخيراً بدأت تدخل في صلب الموضوع يا عاملي!

لماذا لم تدخل في صلب الموضوع من البداية إذن؟؟ هذا هو نص كلامي الذي بدأت به الموضوع:

" لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي وقل يا الله. كثير من المنتسبين للسنة والشيعة تجدهم بدلا من أن يدعوا الله وحده ويخلصوا له في الدعاء، تجدهم يدعون المخلوق الضعيف، وهذا من أفحش الجهل، فالمفترض فيمن يدعي الإسلام أن يخلص الدعاء لله وحده. هل هناك من يخالف في هذا، وهل له حجة في الخلاف؟ ". فهل تري فيه شئ من الخطأ؟ فلنكمل هنا حواراً هادئاً لا كعادتي وعادتك!

وكتب (مشارك) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

هل أسلوبي هنا حاد يا عقيل، أم هادئ؟ وهل هناك سبب في عدم جوابكم؟ إن اقتنعتم فالحمد لله هذا ما أريده ويكفي.

ص: 189

وكتب (محب السنة) في شبكة هجر، بتاريخ 21-2-2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (إن لم يكن هذا الدعاء شركاً، فلا شرك في الدنيا)، قال فيه:

يقول الله تعالي في محكم التنزيل: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ". فالدعاء عبادة من أعظم العبادات، ومن ثم، فمن صرف هذه العبادة لغير الله تعالي فقد أشرك.

وألفاظ هذا الدعاء واضحة لا تحتاج إلي تعليق، أو بيان الألفاظ الشركية فيها، وهي كما يلي:

" كلمح البصر أو هو أقرب ". " يا محمد يا علي ". " يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران ". " يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث، الغوث، الغوث، أدركني، أدركني، أدركني. الساعة، الساعة، الساعة، العجل، العجل، العجل، يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين ".

قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

وكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً: مفهوم الشرك عندكم بالكيلوات الضخمة المصدِّية.. اللي يستخدمونها بالشبرة.. قد قيل لكم لا نقاش مذهبي.. ولكنك لا تأبه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

إذا خربت سيارتك يا محب السنة في صحراء قاحلة.. ومر بك شخص فناديته: يا فلان أرجوك.. تعال واسحب سيارتي.. أنت فقط تستطيع أن تحل مشكلتي.. فهل تكون بذلك مشركاً؟!!

ص: 190

إن النداء من أنواع التوسل..

والتوسل بالمخلوق الكريم عند الله ليس تأليهاً له، بل هو توسل مشروع بما له عند الله من كرامة، وذلك عملاً بقوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

وكتب (محب السنة) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الواحدة ظهراً:

إذا خربت سيارتك يا عاملي في صحراء قاحلة وليس عندك أحد فناديت إنساناً ميتاً أو غائب في بلد آخر هل يسمع ندائك واستغاثتك؟ وهل يستطيع مساعدتك وإنقاذك مما أنت فيه؟

قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

وكتب (المأمن بالله) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

لقد تناقشنا فيما سلف في هذا الموضوع، وأعيده لك، واستشهدت لك بتلك الفقرات:

يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: " إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ". سورة المؤمنون - 37.

" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ". سورة آل عمران - 169 و 170.

وجاء في الخطبة 68 من نهج البلاغة عن الإمام علي (علیه السلام) إذ يعرف فيها أهل البيت (علیهم السلام) ويصفهم، فيقول: أيها الناس، خذوها من خاتم النبيين: إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلي من بلي منا وليس ببالٍ.

فقد قال ابن أبي الحديد والميثمي والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، قالوا في شرح هذه الكلمات ما ملخصه: إن أهل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) لم يكونوا في

ص: 191

الحقيقة أمواتاً كسائر الناس. نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6/373، ط دار إحياء التراث اللبناني - بيروت.

وأما قولهم: يا علي أدركني، أو: يا حسين أعني، وما إلي ذلك، فليس معناه: يا علي.. أنت الله

فأدركني! أو: يا حسين.. أنت الله فأعني!

بل لأن الله عز وجل جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبي الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فنعتقد أن النبي (صلی الله علیه و آله) وآله هم الوسيلة النجاة من الشدائد، فنتوسل بهم إلي الله سبحانه وتعالي.

وإن توجهنا إلي الله عز وجل في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالإستقلال، ولكنا نتوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين، ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا، ونتوسل بهم إلي الله تعالي ليكشف عنا همومنا وغمومنا، ومستندنا في هذا الإعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". سورة المائدة -35.

فنحن الشيعة نعتقد بأن الله عز وجل هو القاضي للحوائج، وأن آل محمد (صلی الله علیه و آله) لا يحلون مشكلا ولا يقضون حاجة لأحد، إلا بإذن الله وإرادته، فهم واسطة الفيض، والفياض هو الله رب العالمين.

وقد روي كبير العلماء منهم الحافظ أبو نعيم، في: نزول القرآن في علي.. والحافظ أبو بكر الشيرازي في: ما نزل من القرآن في علي.. والإمام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة.. وغير أولئك.. رووا عن النبي (صلی الله علیه و آله) أن المراد من الوسيلة في الآية الشريفة: عترة الرسول (صلی الله علیه و آله) وأهل بيته صلوات الله عليهم

أجمعين. وبالله التوفيق.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

ص: 192

" لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " معني كلامك أن النبي لا فائدة ترجي منه بعد انتقاله إلي ربه؟ اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

السلام عليكم.. الأخ محب السنة:

أرجو الإلتفات إلي أن النقاشات المذهبية في هجر ممنوعة.. وقضية الشرك والفرق بينه وبين التوسل في الدعاء قد أشبعها الشيعة بالبحث، فيمكنك الإطلاع عليها من مصادرها.. وبناء عليه سأقوم بإغلاق هذا الموضوع لمخالفته لقوانين الشبكة.. مع تحياتي.

كتب (سيف الحق) في شبكة الساحة العربية بتاريخ 24 - 6 - 1999، الرابعة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (شيخ الإسلام.. يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، نرجو الرد العلمي)، قال فيه:

لست من دعاة جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم.. ولكني كنت أقرأ في كتاب عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لأبي الحسن الندوي، وفوجئت بجملة وردت علي لسان شيخ الإسلام رحمه الله، وهي نقلاً عن رسالة وجدت في المكتبة الظاهرية بدمشق بخط الشيخ رحمه الله، وقد حقق هذه الرسالة الشيخ عبد الرزاق حمزة إمام الحرم المكي سابقاً، والشيخ محمد نصيف رحمه الله:

" وكذلك ما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه: أن النبي صلي الله عليه وسلم علم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك

ص: 193

إلي ربي في حاجة لتقضيها، اللهم فشفعه في، فهذا التوسل به حسن، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام.. إلخ ".

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

وقال في فتوي له مطولة:

وأما القسم الثالث وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك أو ببركة فلان أو بحرمة فلان عندك افعل بي كذا وكذا، فهذا يفعله كثير من الناس لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء، ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه، إلا ما رأيت في

فتاوي الفقيه أبي محمد بن عبد السلام، فإنه أفتي أنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك إلا للنبي صلي الله عليه وآله، إن صح الحديث في النبي صلي الله عليه وآله.

ومعني الإستشفاع، قد روي النسائي والترمذي وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وآله علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في.

فإن هذا الحديث قد استدل به طائفة علي جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد مماته، قالوا وليس في التوسل دعاء المخلوقين ولا استغاثة بالمخلوق، وإنما هو دعاء واستغاثة بالله لكن فيه سؤال بجاهه، كما في سنن ابن ماجة عن النبي صلي الله عليه وآله أنه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

ص: 194

قالوا ففي هذا الحديث أنه سأل بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلي الصلاة، والله تعالي قد جعل علي نفسه حقاًَّ. قال الله تعالي: "وكان حقاًّ علينا نصر المؤمنين "، ونحو قوله: " كان علي ربك وعداً مسؤولاً ".

وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل أن النبي صلي الله عليه وآله قال له: يا معاذ أتدري ما حق الله

علي العباد؟ قال الله ورسوله أعلم. قال: حق الله علي العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أتدري ما حق العباد علي الله إذا فعلوا ذلك؟ فإن حقهم عليه أن لا يعذبهم.

وقد جاء في غير حديث: كان حقاًّ علي الله كذا كذا، كقوله من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد فشربها في الثالثة أو الرابعة كان حقاًّ علي الله أن يسقيه من طينة

الخبال. قيل: وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار!

وقالت طائفة ليس في هذا جواز التوسل به وبعد مماته وفي مغيبه، بل إنما فيه التوسل في حياته بحضوره، كما في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقي بالعباس فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون.

وقد بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فيسقون، وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم فيدعو لهم ويدعون معه ويتوسلون بشفاعته ودعائه، كما في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان بجوار دار القضاء ورسول الله صلي الله عليه وآله قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلي الله عليه وآله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله لنا أن يمسكها عنا. قال: فرفع رسول

ص: 195

الله صلي الله عليه وسلم يديه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم علي الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال: وأقلعت فخرجنا نمشي في الشمس.

ففي هذا الحديث أنه قال: ادع الله لنا أن يمسكها عنا.

وفي الصحيح أن عبد الله بن عمر قال: إني لأذكر قول أبي طالب في رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، حيث يقول:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه... ثمال اليتامي عصمة للأرامل

فهذا كان توسلهم به في الإستسقاء ونحوه. ولما مات توسلوا بالعباس رضي الله عنه كما كانوا يتوسلون به ويستسقون، وما كانوا يستسقون به بعد موته، ولا في مغيبه، ولا عند قبره، ولا عند قبر غيره.

وكذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه استسقي بيزيد بن الأسود الجرشي وقال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا يا يزيد ارفع يديك إلي الله فرفع يديه ودعا ودعوا فسقوا!

فلذلك قال العلماء يستحب أن يستسقي بأهل الصلاح والخير، فإذا كانوا من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله كان أحسن!

ولم يذكر أحد من العلماء أنه يشرع التوسل والإستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه، ولا استحبوا ذلك في الإستسقاء ولا في الإستنصار ولا غير ذلك من الأدعية، والدعاء هو العبادة كما ثبت في الصحيح عن النبي والعبادة مبناها علي السنة والإتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وإنما يعبد الله بما شرع لا يعبد بالأهواء والبدع. قال تعالي: " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقال تعالي ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ".

وقال النبي صلي الله عليه وآله: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور..

ص: 196

مما أفادني به الأخ الشحي حفظه الله.

فأجابه (الجاري) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

هذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم، وإن صح فقصته أن رجلاً أعمي جاء للنبي عليه الصلاة والسلام وطلب منه الدعاء له فطلب منه النبي عليه الصلاة والسلام أن يدعو بهذا الدعاء، فبرئ بإذن الله.

ولاحظ أن الدعاء كان في حياة النبي صلي الله عليه وسلم، ثم أنه لم يرد عن أحد من الصحابة بما فيهم راوي الحديث نفسه من أنه توسل بالنبي عليه الصلاة والسلام بمثل ذلك في حياته أو بعد مماته، حيث أنهم فهموا أن ذلك كان خاصاًّ بذلك الرجل، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يضر أحداً ولا ينفعه في مماته إلا بإذن الله " قل إني لا أملك لكم ضراًّ ولا نفعاً " ناهيك عن نفعه وضره عليه الصلاة والسلام بعد مماته.

أقول، إن صح الحديث فليس فيه دليل علي أن التوسل الشركي المعمول به الآن جائز. والله أعلم.

وكتب (أبو صالح) بتاريخ 3 - 7 - 1999، الرابعة عصراً:

قال الحافظ في الفتح: 2/397، ما نصه:

وروي ابن شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان، عن مالك الدار وكان خازن عمر، قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر , فجاء رجل إلي قبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك , فإنهم قد هلكوا. فأتي الرجل في المنام , فقيل له: ائت عمر.. الحديث.

وقد روي سيف في الفتوح أن الذي رأي المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة.

ص: 197

انتهي.

قال ابن كثير رحمه الله في البداية: 1/91 بعد أن ساق الحديث من طريق البيهقي قال في آخر الأثر: وهذا إسناد صحيح.

وكتب (الفارس المكي) بتاريخ 3 - 7 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

يا أبا صالح سيأتيك الرد المفصل عن الحديث فلا تستعجل..

فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله..

وكتب (السردال) في شبكة أنا العربي بتاريخ 28 - 7 - 1999، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (ما قول الشيعة في الإستغاثة بغير الله)، قال فيه:

ما قول الشيعة في الإستغاثة بغير الله..؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 29 - 7 - 1999، الثانية عشرة وعشرة دقائق صباحاً:

معني استغاث به في العربية: طلب العون منه.

فعندما تقول لصديقك: يا فلان أغثني، أو الغوث الغوث.. فإن كنت تعتقد والعياذ بالله أنه إلهك أو شريك لله تعالي ويملك من عنده غوثك، فأنت مشرك أو كافر..

وإن كنت تعتقد في المستغاث به أنه عبدٌ مملوكٌ لله تعالي، وتطلب معونته وغوثه مما أعطاه الله تعالي.. فذلك أمر مباح. ومن حرمه فهو لا يفهم العربية، أو لا يفهم نية المستغيث، أو لا يفهم الشرع..

وأن كل شئ لم يرد فيه نهي فهو مطلق وحلال، حتي يرد الدليل علي حرمته.

ص: 198

وكتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أجمع علماء المذاهب السنية علي استحباب التوجه إلي الله والتوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

أمر الله تعالي بالتوجه إليه والتوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، بقوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقد ابتدع أهل الأهواء والبدع تحريم التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله، بحجة أنه مات، وأن التوسل به إلي الله عبادة له!!

ولكن علماء المذاهب السنية كانوا وما زالوا يعلمون الناس أن يربوا أولادهم علي ذلك..

ومما قرأته للفقيه البكري صاحب المصدر الفقهي المعروف: إعانة الطالبين، قوله ج 1 ص 36:

نظم بعضهم أسمائهم - أولاد النبي – متوسلاً بهم، فقال:

يا ربنا بالقاسم ابن محمد... فبزينب فرقية فبفاطمة

فبأم كلثوم فعبد الله ثم... بحق إبراهيم، نجي ناظمه

فهذه نبذة من العقائد اللازمة، وقد تكفل بها علماء التوحيد، فيجب علي ما مر تعليم المميز ذلك، حتي تكون نشأته علي أكمل الإيمان وبالله التوفيق. انتهي.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21 - 1 - 2000، الثانية والثلث صباحاً:

ص: 199

في الأذكار النووية، في تتمة باب حرف الألف: في: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه فيَّ.

قال المناوي في شرحه: سأل الله أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل علي النبي ملتمساً شفاعته، ثم كرَّ مقبلاً علي ربه أن يقبل شفاعته..

قال السبكي: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتي جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة. انتهي كلام السبكي والمناوي.

أما بشأن قوله أنه لم يذكر التوسل أحداً من السلف، فيكفي عليه دليلاً رواية الترمذي وابن ماجة والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه صحيح علي شرط البخاري ومسلم، وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول.

أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء، علي ممر الأجيال، بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر - الذي هو من أمور العقيدة - بلا منازع علي الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه، حيث قد علمه أيضاً لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وقضيت حاجته، وكان هذا سبباً لرواية الحديث، فليتنبه.

ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة، كانوا من كانوا، وإن كان لهم في أمور أخري، إسهام وفضل كبيرين علي الأمة الإسلامية، كابن تيمية رحمه الله وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته، آمين.

ص: 200

التخريج (مفصلاً): الترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن عثمان بن حنيف تصحيح السيوطي: صحيح.

وروي الحديث مفصلاً الطبراني، وذكر فيه كيف أن عثمان بن عفان علم الدعاء لعثمان بن حنيف، وجاء في شرح المواهب للرازقاني. ووجد في كنز العمال في جوامع الأدعية.

وكتب (أبو الحارث) (أحمد الكاتب) في هجر الثقافية، بتاريخ 24 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أدركني يا علي... إستشفاع أم إستغاثة؟!)، قال فيه:

أخوة الإيمان والتوحيد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا... آمنوا بالله ورسوله "، أي جددوا إيمانكم وتعاهدوه، وحريٌّ بنا أن نجدد إيماننا ونتعاهده كما يتعاهد أحدنا ماله وبدنه " فإن الله يحول بين المرء وقلبه ".

تكثر بين أوساطنا عبارة " أدركني يا علي "، في بيوتنا وفي سياراتنا وفي منشوراتنا ونريد أن نعرف، بعيداً عن العصبية العمياء والمواقف المسبقة الموروثة، موقف الإسلام كدين التوحيد منها، ماذا تعني هذه العبارة؟ وما الدليل علي جوازها أو عدمه؟

أهيب بالأخوة الكرام ممن يريد المشاركة في هذا الحوار، وليكن حواراً بناءاً بعلم وليس جدالاً، وليكن الحق مبتغانا والإنصاف والإنتصار لدين الله والذب عنه هي غايتنا وهوانا " لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به " وفقكم الله وهداكم وإيانا لما يحب ويرضي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أليس الله بكافٍ عبده؟

ص: 201

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة صباحاً:

مسألتك من مسائل التوسل المبحوثة عند المسلمين.

وقد أجاز أتباع المذاهب كلها التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد مماته، سواء بمخاطبته أو بندائه.. وحرم ذلك ابن تيمية بحجة أن النبي مات، ولا يسمع نداءك!!

ورده علماء المذاهب بتطبيق الصحابة لحديث مخاطبته والتوسل به بعد وفاته صلي الله عليه وآله.

وقول المتوسل: " يا محمد، يا علي ". هو نداء للتوسل.

وهو جائز عند كل المسلمين إلا التيميين، ولا حجة لهم. وفيما يلي أذكر لك بعض الأحاديث السنية في الموضوع:

النبي صلي الله عليه وآله يعلم المسلمين التوسل به إلي الله تعالي:

روي الترمذي: 5/229 برقم 3649:

حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن أبي جعفر، عن عمارة بن خزيمة

بن ثابت، عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر، أتي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: أدع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه فيَّ.

هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي. انتهي. ورواه ابن ماجة في: 1/441، وقال: قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح. انتهي.

ص: 202

إلي آخر ما كتبه العاملي، وفيه تعليم الصحابي عثمان بن حنيف هذا التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله، في خلافة عثمان بن عفان، واستجابة دعائه.. وقد تقدم.

وكتب (عز الدين) (الحموي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الواحدة ظهراً:

شو هيدا يا عاملي، عامللي حالك بتفهم بالدين!

كلامك كله علي التوسل، وليس هذا موضوعنا، سؤال الأخ أبي الحارث عن الإستغاثة؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (stranger) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الثالثة ظهراً:

الأخ عز الدين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تفحصت جوابك، فلم أجد إلا قلة في التمعن وقصوراً في النظر لما ذكره الشيخ العاملي، دام علاه. أنظر إلي هذه العبارات الصريحة في طلب الإستغاثة من سيد الكائنات بإذن رب السماوات:

1 – " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله أن يقضي حاجتي ". السنن الكبري للنسائي: 6/168.

2 – " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فتقضي لي حاجتي ". المعجم الكبير: 17/9.

3 – " يا محمد يا نبي الرحمة أدركني ". منسك المرزوي - 6.

يا أخي، طلب الإستغاثة والتوجه ليس إلا من قبيل القول: يا فلان أغثني من هذا المأزق.

فكما تري ليس هناك من ذكر لله لوجود التسليم بأن الآمر الأول والأخير هو الله عز وجل.

ص: 203

وعلي من يفهم الكلام.. السلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الرابعة عصراً:

سلامة معرفتك باللغة العربية.. يا أخ عز الدين.

الإستشفاع والإستغاثة من مفردات عنوان التوسل الذي هو الأصل، وهو الذي وردت فيه ثلاث آيات في القرآن!

وقولك: " يا محمد أدركني، أو يا علي " هو نداء يعني استغاثة، من أجل الإستشفاع به والتوسل إلي الله تعالي، بصفته ولياًّ مقرباً يستجيب الله دعاءه فيك.

وآيات التوسل تشمل ذلك، والحديث الذي قدمته، نصٌّ فيه!! وإليك الآيات:

الآية الأولي: قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ". المائدة - 35.

فقد أمرت هذه الآية الكريمة باتخاذ " وسيلة " إلي الله تعالي، ولكنها لم تبين ما هي.

وهذا يعني أن الله تعالي ترك بيانها للرسول صلي الله عليه وآله. وقد ثبت عند جميع المسلمين أن النبي وآله هم أقرب الخلق وسيلة إلي الله تعالي.

الآية الثانية: قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64.

ورد تفسير المجئ إلي الرسول فيها عن أهل البيت عليهم السلام، أنه يشمل المجئ إلي الرسول صلي الله عليه وآله في حياته، والمجئ إلي قبره الشريف بعد وفاته. وقد وافقتهم علي ذلك روايات عديدة من مصادر السنيين.

ففي الكافي: 4/550:

ص: 204

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخلت المدينة، فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها، ثم تأتي قبر النبي صلي الله عليه وآله، ثم تقوم فتسلم علي رسول الله صلي الله عليه وآله ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن، عند رأس القبر، عند زاوية القبر، وأنت مستقبل القبلة، ومنكبك الأيسر إلي جانب القبر، ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر، فإنه موضع رأس رسول الله صلي الله عليه وآله وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله مخلصاً حتي أتاك اليقين وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين، وغلظت علي الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة. اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، وأنبيائك المرسلين، وأهل السماوات والأرضين، ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين، علي محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك. اللهم أعطه الدرجة والوسيلة من الجنة، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون. اللهم إنك قلت: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي وإني أتوجه بك إلي الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي.

ومن كانت لك حاجة، فاجعل قبر النبي صلي الله عليه وآله خلف كتفيك، واستقبل القبلة وارفع يديك واسأل حاجتك، فذلك أحري أن تقضي إن شاء الله.

ص: 205

ورواه في تهذيب الأحكام: 6/5، ونحوه في من لا يحضره الفقيه: 2/567، وفيه:

اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه بن الأولون والآخرون، اللهم إنك قلت وقولك الحق: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي، يا رسول الله إني أتوجه بك إلي الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي. انتهي.

وفي المصادر السنية:

في الدر المنثور: 1/238:

وأخرج البيهقي، عن أبي حرب الهلالي، قال: حج أعرابي، فلما جاء إلي باب مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم، أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتي أتي القبر، ووقف بحذاء وجه رسول

الله صلي الله عليه وسلم، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جئتك مثقلاً بالذنوب والخطايا، مستشفعاً بك علي ربك، لأنه قال في محكم كتابه: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً، وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلاً بالذنوب والخطايا، أستشفع بك علي ربك أن يغفر لي ذنوبي، وأن يشفع فيَّ.

ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول:

يا خير من دفنت في الترب أعظمه... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ورواه في كنز العمال: 4/258، وقال في هامشه: وذكر ابن كثير في تفسيره: 2/329.

ص: 206

وقصة هذا الأعرابي تدل علي أن العربي الصافي الفطرة، يفهم أن قوله تعالي: " جاؤوك " يشمل المجيء إلي الرسول في حياته، وإلي قبره بعد وفاته.

وقال الشرنبلاني في نور الإيضاح - 156:

ثم يعود ويقف عند رأس سيدنا النبي (صلي الله عليه وآله) الشريف مستقبله كالأول ويقول: اللهم

إنك قلت وقولك الحق ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك اللهم ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا، ربا إنك رؤوف رحيم.

وفي الدر المنثور: 2/219:

وأخرج عبد بن حميد، عن ابن مسعود، قال: من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء، ثم استغفر غفر له: ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً. ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول.. الآية.

وفي الدر المنثور: 2/170:

وأخرج هناد، عن ابن مسعود، قال: أربع آيات في كتاب الله عز وجل أحب إلي من حمر النعم وسودها: في سورة النساء قوله: إن الله لا يظلم مثقال ذرة.. الآية. وقوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به.. الآية. وقوله: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك.. الآية. وقوله: من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه.. الآية.

وفي الدر المنثور: 2/180:

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير قال: الإستغفار علي نحوين، أحدهما في القول والآخر في العمل. فأما استغفار القول، فإن الله يقول

ص: 207

: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ". وأما استغفار العمل، فإن الله يقول: " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ". فعني بذلك أن يعملوا عمل الغفران. انتهي.

الآية الثالثة: قال الله تعالي: " وربك أعلم بمن في السماوات والأرض، ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض وآتينا داود زبوراً. قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً. أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً ". الإسراء 55 - 57.

وهذه الآية تدل علي مشروعية التوسل إلي الله تعالي بالأشخاص الأقرب إليه، فمن المتفق عليه بين

المفسرين أن قوله تعالي: " يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب " مدحٌ لهؤلاء المؤمنين بأنهم يطلبون التوسل إلي الله تعالي.. وإن اختلفوا في تعيين هؤلاء المتوسلين، والمتوسل بهم.

وكتب (عز الدين) بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة ليلاً:

لست بصدد نقاش رأيكم، خاصة أن تسعين بالمائة من أحاديثكم ضعيفة، ولكن لو صحت، فكلها حول التوسل الذي ليس بشرك. والله عجيب، صارت كلمة: أدركني يا علي، ككلمة: اللهم إني أتوسل بمحمد أن تقضي لي حاجتي.. عشنا وشفنا.

وكتب (عز الدين) أيضاً بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

مثال دنيوي علي التوسل: يا فلان، توسط لي عند المدير الفلاني كي يوظفني.. علي الإستغاثة: يا فلان، أنقذني وأذهب همي.. لا تضحكوا علي

ص: 208

عقولنا، لتجعلوا قضية التوسل المختلف فيها هل هي حرام أم مشروعة، كقضية الإستغاثة التي هي شرك بإجماع أهل السنة، من صوفية معتدلة ومن سلفية.

وكتب (العاملي) بتاريخ 25-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أولاً: أتيت لك بأحاديث صحيحة عندكم، لا يمكنك ردها.

ثانياً: قولك: " يا محمد أدركني "، مثل قولك: " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله ". وقد علمه النبي صلي الله عليه وآله في الحديث الصحيح، وطبقه الصحابة بعد وفاته في الحديث الصحيح أيضاً!!

ثالثاً: من الذي حرف اللغة العربية، فميز بين كلمات التوسل والإستغاثة والإستشفاع، وحمل الأخيرة معني التأليه والتشريك مع الله تعالي؟! هل تذكر لي مصدراً لغوياًّ واحداً، ذكر ذلك؟!!

لن تجد النداء يدل علي تأليه المنادي المتوسل به والمستغاث به والمستشفع به، إلا في ذهن حضرتك..

فهي نداءات لشخص من أجل مساعدة، ولا علاقة لها بتأليهه ولا بتشريكه مع الله تعالي.

فأنت عندما تنقطع سيارتك في الصحراء، وتصرخ لصاحبك.. وتتوسل به، وتستغيث به، وتستشفع به.. هل تؤلههه؟!!

كلاَّ، ثم كلاَّ.. ولكن شيخك زرق في ذهنك أن الإستغاثة شرك، لأنها طلب من مخلوق!!

ونحن غير مسؤولين عن تزريق شيخك، لأنه ليس من العربية!!

إنا نطلب المساعدة والمدد من النبي وآله صلي الله عليهم، ليس من عند أنفسهم، فهم مثلنا لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًّ، لكنهم عباد مكرمون عند ربهم، وقد أمرنا سبحانه أن نتخذهم وسيلة إليه..

ص: 209

هو أَمَرَ، وليس نحن!

وفرق كبير بين الواسطة التي أمر بها الله تعالي فهي واسطة من عنده.. والتي لم يأمر بها فهي واسطة من دونه!!

ولكن بعض الأذهان الغليظة لا تفرق بين الأولياء بإذنه والأولياء من دونه، والشفعاء والوسطاء بإذنه، والوسطاء من دونه.. مع أن النوع الأول إيمان، والثاني شرك وكفر..

ورابعاً: دعواك أن الإستغاثة: " هي شرك بإجماع أهل السنة، من صوفية معتدلة ومن سلفية " دعوي إجماع هوائي بلا دليل.. فاذكر من قال بهذا الإجماع الذي كذبوه عليك.. لأذكر لك من أفتي بخلافه من أتباع المذاهب!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً:

الأخ الكريم عز الدين: شكراً لك علي مشاركتك.

وفقط أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة، ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها، بارك الله فيك.

الأخ الكريم العاملي: شكراً لك علي مشاركتك، وأحب أن أنبه أنه لا داعي للإنفعال والهمز واللمز لأخيك كما أهبت بكم في مقدمة هذا الموضوع، نريد حواراً بدون ازدراء. بارك الله فيك.

لقد لاحظت أنك اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة، وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ، هذه القضية أول ما تطرح علي كتاب الله، فإن وافقته بحثنا تفصيلها في السنة والآثار، وإن خالفته رمينا بها عرض الحائط، ولا نلتفت لغيرها من الأحاديث وإن روتها الملائكة!

ص: 210

قال صادق أهل البيت عليه السلام: " كل ما خالف كتاب الله فهو زخرف ". قد عرفنا رأيك وتعليقك حول الموضوع مشكوراً. وبودي لو يشارك بقية الأخوة كذلك.

وكتب (stranger) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

يا أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 - قلت: " أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة، ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها ".

2 - قلت: " اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة، وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ ".

ألا تري التناقض؟

أولاً تؤيد إجماع الطائفة التي تنتمي إليها من دون الإلتفات للغير، ثم ترفضه لأسباب الإحتجاج بها!

بعبارة أخري: عليك الإلتزام بالأمور التي تحاول إلزامنا بها.

بصراحة شديدة: قد أفحمك الشيخ العاملي، وردك الخالي من الحجج خير دليل علي ذلك.

في الزيارة الجامعة الكبيرة، وردت فقرة: " ومفوض أمري كله إليكم ". فهل لك أن تشرح لنا أقسام " التفويض " المذكورة في كتب الطائفة؟

بالنسبة للأخ عز الدين، فأقول: بحد ذات الشيء نفس الأمر حد.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 26 - 4 - 2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 211

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا Stranger

1 - قولك معلقاً علي تنبيهي للأخوة أعلاه: " ألا تري التناقض؟ أولاً تؤيد إجماع الطائفة التي تنتمي إليها من دون الإلتفات للغير: ثم ترفضه لأسباب لا احتجاج بها! ".

أقول: ما وجه التناقض في ما ذكرت أعلاه؟ تمعن جيداً فيما كتبت أعلاه، ولا تستعجل بالإستنتاجات، أنا لا أنحي (كذا) بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد إجماعها! أنا من المسلمين، أدين بالإسلام وحجتي كتاب الله وهو النبع الذي لا تزيغ به الأهواء، وعلي سنة رسول الله ومنهج أهل بيته عليهم السلام والصادقين من أصحابه رضوان الله عليهم، ولا أنتمي لطائفتك ولا لطائفة خصومك، فالعناوين الطائفية شأنكم أنتم، أما أنا فربي يقول: " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ". " ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ".

2 - قولك: " بصراحة شديدة: قد أفحمك الشيخ العاملي، وردك الخالي من الحجج خير دليل علي ذلك ".

أضحكتني والله! وهل قرأت ردي أو عرفت رأيي بعد؟! وهذا يدل علي أنك تأخذ الموضوع من جانب المراء والخصومة وليس بحثاً للحق ونصرته، فالقضية عندك هي اعتبارات طائفية ليس إلا. مرة أخري أقول لك تدبر جيداً فيما تقرأ، فما كتبت إلا تنبيهاً، ولا تستبق الأحداث فأنا لم أقل كلمتي بعد، وإنما طرحت الموضوع لاستقراء آراء الباحثين، وعما قليل لتسمعن كلام الحق وستعرف جيداً كيف اختلطت الأمور عليك وعلي غيرك! فمهلاً مهلاً، فستعلم نبأه بعد حين.

ص: 212

3 - قولك: " في الزيارة الجامعة الكبيرة، وردت فقرة: ومفوض أمري كله إليكم، فهل لك أن تشرح لنا أقسام التفويض المذكورة في كتب الطائفة؟ ".

يا سبحان الله! أخي الكريم، إقرأ الزيارة جيداً لتعرف أنك قد حرفت العبارة عن موضعها مما يؤكد مشكلتك في قراءة النصوص العربية! العبارة في الزيارة تقول: " مفوض في ذلك كله إليكم "، وهي عبارة مبهمة غير كاملة، لكنها تختلف بالتأكيد عن العبارة التي نقلتها لنا " ومفوض أمري كله إليكم "

والذي يعتقد بأنه يفوض أمره إلي الأئمة، هو أحد ثلاثة: إذا كان يفوض أمره إلي الأئمة ولا يفوض أمره إلي الله، فقد كفر بالله، أجارنا الله وإياك. وإذا كان يفوض أمره إلي الأئمة وإلي الله، فقد أشرك بالله. وإن كان لا يفوض أمره إلا إلي الله، عند ذلك فقط يكون قد حقق معني التوحيد. يقول ربي

وربك ورب الأئمة: " وأفوض أمري إلي الله "، وصاحبك الذي تنقل عنه يقول للأئمة: " ومفوض أمري كله إليكم " صدق الله وكذب صاحبك!

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 26 - 4 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

يا علي، أنت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة.. ويل لمن عاداك يا علي. اللهم صلي علي محمد وآل محمد

ولايتي لأمير النحل تكفيني... بعد الممات و تغسيلي وتكفيني

وطينتي خلقت من قبل تكويني... بحب حيدر كيف النار تكويني

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ أبو الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أ - قلت: " ما وجه التناقض في ما ذكرت أعلاه؟ تمعن جيداً فيما كتبت أعلاه ولا تستعجل بالإستنتاجات، أنا لا أنحي بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد

ص: 213

إجماعها! أنا من المسلمين، أدين بالإسلام وحجتي كتاب الله وهو النبع الذي لا تزيغ به الأهواء، وعلي سنة رسول الله ومنهج أهل بيته عليهم السلام والصادقين من أصحابه رضوان الله عليهم، ولا أنتمي لطائفتك ولا لطائفة خصومك، فالعناوين الطائفية شأنكم أنتم ".

الرد:

1 - الطائفة التي تعرضت لها في كلامي هي الشيعة الإثنا عشرية، والظاهر من كلامك عدم الإنتماء إليها. لذلك، لا دخل لك في أحكامنا لأنها ملزمة لأتباعها فقط.

2 - الإجماع لازم لأتباع الطائفة كما تكرمت، ولم أقصد الإستنتاجات الغريبة التي صورها لك خيالك.

ب - قلت: " يا سبحان الله! أخي الكريم، اقرأ الزيارة جيداً لتعرف أنك قد حرفت العبارة عن موضعها مما يؤكد مشكلتك في قراءة النصوص العربية! العبارة في الزيارة تقول: مفوض في ذلك كله إليكم.

الرد:

1 - عزيزي! أقترح أن تقوم بإلقاء نظرة علي الكتب التالية:

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، للشيخ جواد الكربلائي.

الزيارة الجامعة الكبيرة: إلقاء الضوء علي النسخ المختلفة، للدكتور حسن العيسي.

ثم أخبرني، إذا كان نقل عبارة مرموزة ب- (خ. ل) لوضوح معناها من مسائل التحريف، ومشكلة " في قراءة النصوص العربية! "

ج - قلت: " والذي يعتقد بأنه يفوض أمره إلي الأئمة هو أحد ثلاثة: إذا كان يفوض أمره إلي الأئمة ولا يفوض أمره إلي الله، فقد كفر بالله، أجارنا الله

ص: 214

وإياك. وإذا كان يفوض أمره إلي الأئمة وإلي الله، فقد أشرك بالله، وإن كان لا يفوض أمره إلا إلي الله، عند ذلك فقط يكون قد حقق معني التوحيد.

يقول ربي وربك ورب الأئمة: وأفوض أمري إلي الله. وصاحبك الذي تنقل عنه يقول للأئمة: ومفوض أمري كله إليكم. صدق الله وكذب صاحبك! ".

الرد:

1 - أخي: بدلاً عن التشنيع والقول الفظيع.. الذي أتحفت به فهمي القاصر، أقترح أن تفهم قولي الحقير، فكلامك دليل علي عدم العلم بالمسألة التي طرحتها عليك.

2 - الأقوال في التفويض:

أن الله خلق الأئمة، وفوض إليهم الأمر بواسطة الإستقلال عنه، وعدم الحاجة إليه، وهذا محض الكفر! لعنة الله علي أصحابه.

أن الله خلق الأئمة، وجعلهم وسائل للبرايا إليه، فهذا التفويض مددي وليس استقلالي، لقوله عز من قائل: " بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " ولقول مولانا الصادق: " لولا المدد منهم هلكنا! " وهذا القول له أسس في مسألة: " الأمر بين الأمرين "، فلاحظ.

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ أبا الحارث:

الموضوع.. سؤال عن قولنا: يا محمد أدركني، أو يا علي أدركني، أو يا صاحب الزمان أدركني.. هل هذا توسل.. أم إستغاثة؟

والقصد من السؤال، كما يبدو، إثبات أنه إستغاثة وشرك والعياذ بالله..

ص: 215

وقد أثبتُّ لك: أنه لا فرق في اللغة والحكم الشرعي بين الإستغاثة والتوسل. وأنهما من أنواع النداء أو الدعاء لغرض.

وقد خرج الموضوع عن عنوانه إلي مواضيع أخري..

لذا رأيت أن أثبت لك أنك كلامك عن إجماع المسلمين والمذاهب علي تحريم الإستغاثة غير صحيح. وكأنك لم ترَ إلا رأي ابن تيمية فتصورته رأي علماء المذاهب!!

قال الشيخ محمود سعيد ممدوح في كتابه رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، المطبوع في دار الإمام النووي، بعمان، سنة 1416، في صفحة 355، في تعريف التوسل:

وهو السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معني ذلك. وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعة ضلالة، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد، كما نري الآن! لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده! وقد نقل عن السلف توسل من هذا القبيل.. والتوسل به صلي الله عليه وسلم معتمد في المذاهب ومرغب فيه، نص علي ذلك الأئمة الأعلام، وكتب التفسير والحديث والخصائص ودلائل النبوة والفقه طافحة بأدلة ذلك بدون تحريم وهي بكثرة. انتهي.

فابن تيمية يفترض مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبي صلي الله عليه وآله [يدعوه] أي يطلب منه، لا من الله تعالي!

وهذا مصادرة علي المطلوب وتبطين للحكم المتنازع فيه في لفافة، علي أنه جزء من مقدمة مسلمة عند

الطرف الآخر!

ص: 216

لأن المتوسل لم يدع النبي بدل الله تعالي! بل توسل به واستغاث به واستشفع به إلي الله تعالي!!

وما هو دليل ابن تيمية علي أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله تعالي؟!!

وقال الحافظ السقاف في مقدمة كتاب إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي، للحافظ ابن الصديق الغماري:

أما بعد، فالتوسل والإستغاثة والتشفع بسيد الأنام، نبينا محمد صلي الله عليه وسلم مصباح الظلام، من الأمور المندوبات المؤكدات، وخصوصاً عند المدلهمات وعلي ذلك سار العلماء العاملون، والأولياء العابدون، والسادة المحدثون، والأئمة السالفون، كما قال السبكي، فيما نقل، عند صاحب فيض القدير: 2/135: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف.. انتهي.

حتي نص السادة الحنابلة في مصنفاتهم الفقهية علي استحباب التوسل بسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ونقلوا ذلك عن الإمام أحمد أنه استحبه، كما في كتاب: الإنصاف فيما ترجح من الخلاف: 2/456، وغيره.

ونقل ابن كثير في البداية: 14/45، أن ابن تيمية أقر أخيراً في المجلس الذي عقده له العلماء العاملون الربانيون المجاهدون، بالتوسل، وأصر علي إنكار الإستغاثة. مع أنه يقول في رسالة خاصة له في الإستغاثة بجوازها بالنبي فيما يقدر عليه المخلوق.

واعتمد الإمام الحافظ النووي استحباب التوسل والإستغاثة في مصنفاته.

كما في حاشية الإيضاح علي المناسك له ص 450. و ص 498 من طبعة أخري.

ص: 217

وفي شرح المهذب المجموع: 8 / 274.

وفي الأذكار ص 307، من طبعة دار الفكر، في كتاب أذكار الحج، و ص 184 من طبعة المكتبة العلمية.

وهو مذهب الشافعية، وغيرهم من الأئمة المرضيين، المجمع علي جلالتهم وثقتهم. انتهي.

فأين من حرم الإستشفاع من علماء المسلمين، قبل ابن تيمية؟!!

وكيف تجرؤ أيها الأخ، علي دعوي إجماع المسلمين علي تحريمه؟!!!

حبذا لو ذكرت لنا شخصاً ادعي الإجماع قبلك، مجرد دعوي!!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 3 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

الأخ Stranger باختصار شديد، تعقيباً إلي ما ذكرت أعلاه:

قولك: " الطائفة التي تعرضت لها في كلامي هي الشيعة الإثنا عشرية، والظاهر من كلامك عدم الإنتماء إليها. لذلك، لا دخل لك في أحكامنا لأنها ملزمة لأتباعها فقط ".

نعم، هذا صحيح فيما لو كان كلامنا يتعلق بالأحكام الفقهية أو غيرها من المسائل الفرعية التي تركها الشارع مفتوحة للإستنباط ولم يفصل فيها، ومسألتنا عقائدية قد بت فيها القرآن، وأنتم خاضعون للقرآن كائنة من تكون طائفتك. وحتي المسائل الفقهية قد وضع الله لها شروطاً وحدوداً تلزمك وتلزم طائفتك، وكل ما يخالف كتاب الله فهو معرض للتشهير!

قولك: " إن الله خلق الأئمة وجعلهم وسائل للبرايا إليه، فهذا التفويض مددي وليس استقلالي لقوله عز من قائل: بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ولقول مولانا الصادق: لولا المدد منهم هلكنا! ".

ص: 218

هذا ادعاء لا دليل عليه! فإن كنت تقصد أن الله جعلهم كذلك للإقتداء بفعلهم والسير علي نهجهم وهديهم فهذا مما لا خلاف فيه، وكذلك أرسل لنا رسوله وأنزل علينا شريعته وهي أفضل وسائل البرايا إليه، وأفضل الوسائل إليه هي طاعته واجتناب نواهيه والعمل بكتابه. أما ما قلته، من أنهم عباد مكرمون، فقد خلطت بين أمرين لا يشبه أحدهما الآخر، فمعرض الآيات تتحدث عن الملائكة كما أجمع المفسرون وكما هو الواضح من سياق الآيات، ولا دخل للأئمة بهذا، والمدد من الله وحده، ل

من الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء، وما نقلته عن جعفر الصادق مما لا يصح، وقبل أن تنقل الأقوال والآراء أعرضها أولاً علي كتاب الله لتري سقيمها من صحيحها، وفقك الله.

الأخ العاملي:

قولك: " أثبت لك أنه لا فرق في اللغة والحكم والشرعي بين الإستغاثة والتوسل، وأنهما من أنواع الدعاء ".

بنفس منطقك هذا، أستطيع أن أثبت لك أن الزواج من المسلمة والزواج من المجوسية هو من أنواع الزواج! لكن الأول صحيح والثاني باطل!

نعم، الإستغاثة والتوسل من أنواع الدعاء إذا كانت لله وحده، تتوسل به وتستغيث به وتوجه سؤالك وتضرعك إليه وحده، سمها بما شئت، وقد أريناك كيف فسر المسلمون معني الوسيلة إليه، وهي عكس ما فهمته وتصر عليه! فراجع أقوالهم.

قولك: " فأين من حرم الإستشفاع من علماء المسلمين قبل ابن تيمية؟!! وكيف تجرؤ، أيها الأخ، علي دعوي إجماع المسلمين علي تحريمه؟!!! حبذا لو ذكرت لنا شخصاً، ادعي الإجماع قبلك، مجرد دعوي؟!! ".

ص: 219

أقول: لقد كلفت نفسك عناء البحث والرد علي أمر لم أقله ولم أصرح به، بل قلت عكسه تماماً! مما يدفعني إلي الشك بأنك لم تقرأ الموضوع واكتفيت برؤوس الأقلام والفكرة المسبقة، وكأن الذي يجرؤ علي الكلام في الوسيلة والدعاء هم فقط ابن تيمية وأتباع ابن تيمية! أنقل لك نصاًّ ما ذكرته في معرض كلامي سابقاً: قلتُ: إن التوسل الشرعي هو الطلب من الله مباشرة وبدون واسطة، ولا بأس بسؤال الله بجاه أحد أولياءه كأن يقول: اللهم أني أسألك بحق فلان أو بجاه فلان... إلخ. بشرط أن يكون الخطاب موجهاً لله عند طلب الحاجة، السؤال لله وليس للولي، وهذا التوسل لم يمنعه إلا ابن تيمية بحجة أنه بدعة مفضية إلي الشرك حسب تعبيره ومن ثم جاء أتباعه من بعده وعدوه شركاً ولا حجة لهم من الكتاب والسنة، فلا يلتفت إلي رأيهم.

قلت: "لم يمنعه إلا ابن تيمية ". وقلت: " فلا يلتفت إلي رأيهم "!!

فخبرني: أين ادعيت ما اتهمتني به؟!!!!

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 4 - 5 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أ - قلت: " نعم، هذا صحيح فيما لو كان كلامنا يتعلق بالأحكام الفقهية أو غيرها من المسائل الفرعية التي تركها الشارع مفتوحة للإستنباط ولم يفصل فيها، ومسألتنا عقائدية قد بت فيها القرآن، وأنتم خاضعون للقرآن كائنة من تكون طائفتك. وحتي المسائل الفقهية قد وضع الله لها شروطاً وحدوداً تلزمك وتلزم طائفتك، وكل ما يخالف كتاب الله فهو معرض للتشهير! ".

الرد:

ص: 220

1 - كلامك صحيح ولا غبار عليه من بعض النواحي، لكنه بعيد عن المعني المقصود في أنحاء أخري.

2 - أنت تري بأن الإستغاثة التي توجه للمعصوم مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر، وتشرك عباده في قضاء الأمور. لكن ليس هذا المعني المقصود منه.

3 - لنفترض بأنك علي وشك الغرق، ورأيت شخصاً يمشي علي الشاطئ، فقلت: أغثني يا أخ. هل هذا العمل شرك؟ هل تجاهلت دور الله في الأمر؟ أليس لديك العلم بأن الله هو المنقذ الأول والأخير؟ أليس إنقاذ هذا الشخص لك مظهراً من مظاهر قدرة الله؟

4 - علي غرار المثال السابق، لنفرض أن شخصاً وقع في مأزق، وعلماً منه بقدرة الرسول بإذن الله، قال: أغثني يا رسول الله، فهل هذا شرك وتناسٍ لدور الله في الأمر؟ أليست هذه الإستغاثة فطرية كما في مثال الغرق؟

5 - عوداً إلي النقطة الثانية، أقول بأن الإستغاثة: إما نداء للمعصوم بنية نفعه من دون الله، وهذا خطأ وأوافقك علي أنه ضلال. وإما علم بمقام المعصوم عند الله واليقين بأن العبد يدبر والله يقدر، فهذا هو التوسل الصحيح.

وأيضاً المسألة مرتبطة ب-: " إنما الأعمال بالنيات ". فإذا كانت نية الدعاء بقصد نفي دور الله، فهي ضلال. أما إذا كانت النية بقصد التوجه إلي الله بخير عباده، ويقين بأن لا ضار ونافع من دون الله، فهي من علائم الإيمان.

ب - قلت: " هذا ادعاء لا دليل عليه! فإن كنت تقصد أن الله جعلهم كذلك للإقتداء بفعلهم والسير علي نهجهم وهديهم فهذا مما لا خلاف فيه، وكذلك أرسل لنا رسوله وأنزل علينا شريعته وهي أفضل وسائل البرايا إليه، وأفضل الوسائل إليه هي طاعته واجتناب نواهيه والعمل بكتابه. أما ما قلته من أنهم عباد مكرمون، فقد خلطت بين أمرين لا يشبه أحدهما الآخر، فمعرض الآيات

ص: 221

تتحدث عن الملائكة كما أجمع المفسرون، وكما هو الواضح من سياق الآيات، ولا دخل للأئمة بهذا، والمدد من الله وحده، لا من الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء، وما نقلته عن جعفر الصادق مما لا يصح، وقبل أن تنقل الأقوال والآراء أعرضها أولا علي كتاب الله لتري سقيمها من صحيحها ".

الرد:

1 - أليس المؤمن من عباد الله المكرمين؟ ماذا عن رسول الله؟

2 - أليس العبد المكرم من يتبع أوامر الله ونواهيه، فهل هذا أمر مقتصر علي الملائكة؟

3 - مسألة المدد الإلهي إما بالوحي، أو الإلهام، أو الملائكة كما في غزوة بدر وغيرها من المعارك يا عزيزي، فعليك أن لا تخلط الأمور.

ألم يرسل الله المدد إلي مريم؟ ماذا عن أم موسي؟ وماذا عن النحل؟ أليس للمدد من صور مختلفة؟

4 - أما عن تشكيكك في حديث الإمام، فهذا أمر أوضحته أعلاه، والحمد لله علي عدم قولنا بوجود كتاب صحيح بالكامل، ما عدا كتاب الله.

5 - مسألة كون المعصوم وسيلة إلي الله أمر بديهي.. من ناحية أنك تقتدي بأقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته.

فهل من المعقول أن تقتدي بشخص ليس لديه ارتباط بالله؟

هل من المعقول أن يتبع إنسان ما، الأشياء التي جاء بها رسول الله، ثم يقول: إنني أتبع ما جاء به الرسول، ولا أعتقد بأن له اتصال بالله؟

أليس اتباع القرآن من وسائل اتباع الله والرسول؟ فكيف يكون القرآن وسيلة إلي الله ولا يكون رسول الله، كذلك؟!

ص: 222

وأيضاً، عندما يكون الإنسان مسلماً، أليس من الواجب عليه أن يؤمن بالله، والرسول، ثم يتبع بالقرآن؟

فإذا كانت العلاقة عكسية، فقد عمل هذا الشخص بالقرآن من دون إيمان بالله ورسوله، فهل يصح هذا؟!

في الختام، أذكرك ونفسي الجانية، أولاً بما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة: " وأنتم نور الأخيار، وهداة الأبرار، وحجج الجبار. بكم فتح الله، وبكم يختم وبكم ينزل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه، وبكم ينفس الهم، ويكشف الغم ".

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الأخ Stranger: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ردودك التي أوردتها أعلاه:

" 2 - أنت تري بأن الإستغاثة التي توجه للمعصوم مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر وتشرك عباده في قضاء الأمور. لكن ليس هذا المعني المقصود منه ".

نعم، الإستغاثة التي توجه للنبي أو الإمام مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر وتشرك عباده، شركاً خفياًّ علي أقل تقدير، في قضاء الأمور. هل سمعت بالشرك الخفي، وكيف وصفه النبي والأئمة عليهم السلام؟ كالنملة السوداء علي الصخرة الصماء في الليلة الظلماء! لقد وضحنا هذه المسألة في تفصيلها سابقاً ولم نأت بشئ من عندنا، فدونك كتاب الله، قرآناًَ عربياًّ لقوم يعلمون.

" 3 - لنفترض بأنك علي وشك الغرق، ورأيت شخصاً يمشي علي الشاطئ، فقلت: أغثني يا أخ. هل هذا العمل شرك؟ هل تجاهلت دور الله في الأمر؟ أليس لديك العلم بأن الله هو المنقذ الأول والأخير؟ أليس إنقاذ هذا الشخص لك مظهرا من مظاهر قدرة الله؟ ".

ص: 223

لا، ليس هذا شركاً، هذا عمل بالأسباب، أرأيت هذا الشخص لو كان في مدينة أخري، أكنت مناديه لينقذني؟ أكنت مناديه لو كان يبعد عني عشرة أميال؟ ستقول لا، لماذا؟ لأنه لا يسمع ندائي! قس علي ذلك مثالك التالي:

" 4 - علي غرار المثال السابق، لنفرض أن شخصاً وقع في مأزق، وعلماً منه، بقدرة الرسول بإذن الله، قال: أغثني يا رسول الله، فهل هذا شرك وتناس لدور الله في الأمر؟ أليست هذه الاستغاثة فطرية كما في مثال الغرق؟ ".

لا، كلامك غير صحيح، هذه ليست استغاثة فطرية، الإستغاثة الفطرية تحدث عنها رب العباد ومغيثهم فقال: " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلي البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً ". هل تنادي الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد، أم تنادي الذي لا يسمعك وهو في جنات الخلد؟ أم ستقول أنه يسمعك ويسمعني ويسمع هذا وذاك؟! فإن قلت أنهم يسمعون السائلين، فهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فعليك بالدليل من كتابه! هذه من صفات رب العزة الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة السائلون كما بينا في شرح الموضوع سابقاً.

نادِ عليه، أغثني يا إمام، بشفاعتك.. وسأناديه معك!

" 5 - عوداً إلي النقطة الثانية أقول بأن الإستغاثة: أما نداء للمعصوم بنية نفعه من دون الله، وهذا خطأ وأوافقك علي أنه ضلال. وأما علم بمقام المعصوم عند الله، واليقين بأن: العبد يدبر والله يقدر، فهذا هو التوسل الصحيح. وأيضاً، المسألة مرتبطة ب-: إنما الأعمال بالنيات. فإذا كانت نية الدعاء بقصد نفي دور الله، فهي ضلال. أما إذا كانت النية بقصد التوجه إلي الله بخير عباده ويقين بأن لا ضار ونافع من دون الله، فهي من علائم الإيمان ".

ص: 224

أخي الكريم: العبد يدبر والله يقدر، في الحياة الدنيا، لأنها فيها عمل وليس فيها حساب، أما بعد الموت فحساب بلا عمل، وحقيقة الأمر أن المدبر هو الله والعبد يعمل بالأسباب، حتي المشركون كانوا يعلمون من يدبر الأمر " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن

يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون: الله.. فقل: أفلا تتقون ". فما لذي أباح دمائهم وأموالهم وأهلكهم؟!!!

وحديث: إنما الأعمال بالنيات، قد أجبت عليه أيضاً في تفصيل الموضوع سابقاً، ولا أدري لماذا الإصرار علي إعادة طرح التبريرات؟ عزيزي، المقصود بالحديث هي الأعمال المشروعة فقط، وإلا فإني أستطيع أن أدمي رأسك بحجر، وأقول لك إن نيتي هي تخليصك من الدم الزائد في بدنك!

والنيات موكلة إلي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، هل تستطيع أن ترمي مصلياً ما، بأن نيته ليست لله؟!

قلت: " حديثنا عن مشروعية العمل نفسه ولا دخل لنيات العباد به. أليس المؤمن من عباد الله المكرمين؟ ماذا عن رسول الله؟ أليس العبد المكرم من يتبع أوامر الله ونواهيه، فهل هذا أمر مقتصر علي الملائكة؟ ".

من نازعك في هذا أو قال غير ذلك؟! كل ما قلناه أن الآيات كانت تتحدث عن وصف الملائكة ومن ضمنها أنهم عباد مكرمون ولم تكن تتحدث عن العباد المكرمين، وفيها يدخل من ذكرت، فتنبه!

قلت: " مسألة المدد الإلهي إما بالوحي، أو الالهام، أو الملائكة كما في غزوة بدر وغيرها من المعارك يا عزيزي، فعليك أن لا تخلط الأمور. ألم يرسل الله المدد إلي مريم؟ ماذا عن أم موسي؟ وماذا عن النحل؟ أليس للمدد من صور مختلفة؟ ".

ص: 225

أحسنت، للمدد صور مختلفة، والماد هو الله وحده، قد أجبت نفسك!

قلت: " 5 - مسألة كون المعصوم وسيلة إلي الله أمر بديهي من ناحية أنك تقتدي بأقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته. فهل من المعقول أن تقتدي بشخص ليس لديه ارتباط بالله؟ هل من المعقول أن يتبع إنسان ما الأشياء التي جاء بها رسول الله، ثم يقول: إنني أتبع ما جاء به الرسول، ولا أعتقد بأن له اتصال بالله؟ أليس اتباع القرآن من وسائل اتباع الله والرسول؟ فكيف يكون القرآن وسيلة إلي الله ولا يكون رسول الله كذلك؟ وأيضاً، عندما يكون الإنسان مسلماً، أليس من الواجب عليه أن يؤمن

بالله والرسول، ثم يتبع بالقرآن؟ فإذا كانت العلاقة عكسية، فقد عمل هذا الشخص بالقرآن من دون إيمان بالله ورسوله، فهل يصح هذا؟ ".

ما هذا الكلام؟! وما دخله بما نقول؟! أخي الكريم رعاك الله ووفقك، لا داعي لفلسفة الكلام وعندنا كتاب الله بلسان عربي مبين، إذا كان الله يقول لرسوله: " قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين ". وقوله: " إن عليك إلا البلاغ ".

وقوله: " فما أرسلناك عليهم حفيظاً ". وقوله: " وما جعلناك عليهم حفيظاً ". وقوله: " وما أنت عليهم بوكيل ". وقوله: " قل إني لا أملك لكم ضراًّ ولا رشداً. وقوله: " إن أنت إلا نذير. وقوله: " قل لا أملك لنفسي ضراًّ ولا نفعاً ". وقوله: " ولكم في رسول الله أسوة حسنة.. " إلخ.

إذا كان كل هذا ممتنع (كذا) من رسول الله صلي الله عليه وآله فهو من الأئمة أمنع! (كذا) الرسل مبلغون وموضحون لشرع الله والأئمة ناقلون لسنة رسول الله وليسوا واسطة بين الله وعباده، وهذا ما أضل أهل الكتاب والأمم من قبلنا! الدعاء مخ العبادة، هل نعبد الله كما يحب هو أم كما نحب نحن؟! إن كنا نعبده كما يحب

ص: 226

هو وشرع فقد قال لنا: " ولله الأسماء الحسني فأدعوه بها " علي هذا المنوال سار النبي والأئمة من بعده صلي الله وسلم عليهم أجمعين، ولا أظنك ستقول أننا نعبد الله كما نحب نحن، فإن الله يقول: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله "." ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ". وفقنا الله وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه عليه وآله الصلاة والسلام.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأدعو الله أن تكون بخير صحة وعافية.

بالنسبة للحوار الجاري بيننا الآن..

فقد لاحظت كما لم يخفي عليك أنه يدور في حلقة مفرغة، لذلك، قررت الإقتصار علي أمثلة توضح المراد، ولك الرد بالأسلوب الذي يدعوك إليه.. العقل.

1 - يا رسول الله أغثني.

2 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني.

3 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني في قضاء هذا الحاجة.

4 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني في قضاء هذه الحاجة بشفاعتك لي عند الله.

العبارات السابقة تختلف من ناحية أن بعضها مختصرة وتكتفي بالإشارة، بينما بعضها مفصلة وصريحة في المطلب.

بمعني أن الكلام مختلف والمقصد مؤتلف. فهل في الإختصار أي إشكال، ما دامت النية تقصد القول المطول؟ الرجاء الإجابة بنعم، أو لا.

ص: 227

ومن ثم اشرح المجمل باختصار، فقد ابتعدت عن الذي وصفته ب- " فلسفة الكلام ".

وكتب (العاملي) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

أرجو من الأخ أبا الحارث أن يلخص دليله علي تحريم الإستغاثة. وأن المستغيث يكون مشركاً وكافراً بالله والعياذ بالله..

ولا يحشد في الموضوع آيات الشرك والمشركين، ومن يتخذون أولياء من دون الله تعالي!!

فهي والكلام حولها، أجنبية عن الموضوع من جهة.. وفيها تهمة لمن استغاث برسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم، بأنه يعبدهم، فهو مشرك..

وهذه التهمة الشنيعة لملايين المسلمين رددها ابن تيمية وأتباعه.. وردها عليهم أتباع المذاهب!!

فإن المتوسل، والمستشفع، والمستغيث يتقرب إلي الله تعالي بما ثبت عن رسوله وآله، فعمله ليس من دون الله، بل من الله تعالي، وبأمر الله، وليس من دون الله.

وماذا نصنع.. إذا جعل الله محمداً وآله الوسيلة إليه، وأخبرنا أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، بل إن الدعاء يبقي معلقاً، ولا يرفع إلي السماء إلا بالصلاة عليهم.. كما روي ذلك علماؤك، عن عمر بن الخطاب!!!

وعندما يجعل الله تعالي لي، هؤلاء، واسطة له وأطيعه، فهذا إيمان وليس شركاً..

فالشرك يكون بأن أنصِّب الصحابة بدون نص، أو أنصب أحداً من عندي، أو أنصب نفسي ورأيي، وأدعو الناس إليه..

ص: 228

أما ما ثبت بأمر الله تعالي فهو إيمان، ولو أن الله تعالي اتخذ ولداً، وقال اعبدوه، لعبدناه " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين " ولكنه لم يتخذ ولداً وسبحانه، بل اتخذ خير عباده المكرمين أولياء ووسائط لخلقه، وقرن طاعتهم بطاعته، وقرن اسمهم باسمه، وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل، ونستشفع ونستغيث إليه، بهم..

فما ذنبنا، إذا لم يجعل الله الصحابة، كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!!

وأرجو أن تلاحظ رسالة السقاف العلمية، في هذا الموضوع.. وشكراً.

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/001801.html

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 10 - 5 - 2000، السادسة مساءً:

الأخ Stranger: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لقد قمت بنقل تساؤلك أعلاه إلي موضوع (القرآن والعترة يردون علي أدركني يا علي) باعتباره الإمتداد الطبيعي للموضوع قيد الحوار، وقمت بتحرير إجابتي عليه هناك.

http://www.hajr.com/hajr-html/Forum1/HTML/001745.html

الأخ العاملي!

إن أسلوبك المتشنج في الرد أعلاه، واستخدامك عبارات مثل: " فما ذنبنا إذا لم يجعل الله الصحابة كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!! " بعيد عن أدب الخلاف، ويشير بوضوح إلي حبك للمهاترة والخصومة! واستمرارك علي هذا المنوال يعكس عدم أهليتك لنقاش

المواضيع التي تصطدم مع مفاهيمك ومعتقداتك التي نشأت عليها، والتي أخفقت في تبريرها والدفاع عنها أمام كتاب الله، الذي بدأت تطلب الآن أن لا

ص: 229

تتلي عليك آياته! وليس أدل علي هذا من تخبطك أعلاه وخلطك الحق بالباطل بلا دليل يحتكم إليه! لقد تقولت علي الله وجئت بأشياء من عندك ولم تسرد عليها دليلاً واحداً!

منها قولك: " فإن المتوسل والمستشفع والمستغيث يتقرب إلي الله تعالي بما ثبت عن رسوله وآله، فعمله ليس من دون الله بل من الله تعالي، وبأمر الله وليس من دون الله "..

مجرد قول ولا دليل لك عليه! وقل لنا ما هذا الذي ثبت عن رسول الله وآله فيما يخص المتوسل والمستشفع والمستغيث؟!! أنت تقول أنه ثبت عن رسول الله، أرنا كيف!

ومنها قولك: " وماذا نصنع إذا جعل الله محمداً وآله الوسيلة إليه وأخبرنا أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، بل إن الدعاء يبقي معلقاً ولا يرفع إلي السماء إلا بالصلاة عليهم.. كما روي ذلك علماؤك عن عمر بن الخطاب!!! ".

كلامك هذا لا يمت بصلة إلي موضوعنا! أما أنهم الوسيلة إليه فقد أريناك معني الوسيلة كما فسرها علماؤك بأنها عمل الطاعات، وأما أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، فهم لا يبغضهم إلا منافق، والمنافق لا يقبل الله منه عملاً، وهناك أعمال لا يقبلها الله وإن امتزجت بحبهم! هذه التي فيها شرك فيه " إن الله لا يغفر أن يشرك به "! وأما أن الدعاء لا يرفع إلا بالصلاة عليهم، فهذا صحيح، فما جئتنا بشيء.

ومنها قولك: " وعندما يجعل الله تعالي لي هؤلاء واسطة له وأطيعه، فهذا إيمان وليس شركاً "..

ص: 230

مرة أخري، دعوي بدون دليل! قل لي أين جعلهم الله واسطة؟!! هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين! الله يقول أنه أقرب إلينا من حبل الوريد وأنت تقول أنه يحتاج إلي واسطة! واسطة ليسمع دعاؤنا؟!!

الرسل مبلغين، وأرسلهم الله لنطيعهم لا لنستغيث بهم " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ".

ومنها قولك: " فالشرك يكون بأن أنصب الصحابة بدون نص ".

ما دخل الصحابة بموضوعنا؟!!

" أو أنصب أحدا من عندي، أو أنصب نفسي ورأيي، وأدعو الناس إليه.. ".

أنت أولي بهذا مني! أنا دعوتك إلي كتاب ولم آت بشئ من عندي، وأنت الآن تدعو إلي رأيك، فنفسك فعضها (كذا)!

ومنها قولك " ولكنه لم يتخذ ولداً وسبحانه، بل اتخذ خير عباده المكرمين أولياء ووسائط لخلقه، وقرن طاعتهم بطاعته وقرن اسمهم باسمه، وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل ونستشفع ونستغيث إليه بهم.. "

أما أنه قد قرن طاعتهم بطاعته فنعم، قال تعالي: " من أطاع الرسول فقد أطاع الله ". أما أنه اتخذهم وسائط لخلقه وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل، ونستشفع، ونستغيث إليه بهم، دعوي أخري بدون دليل! فهذا كتاب الله بين أيدينا وهو نفسه بين أيديكم فقل لنا أين أمرنا بذلك؟! أم تقولون علي الله ما لا تعلمون؟!!! إن كنت تعني أن نسأله بجاههم: يا رب نسألك بحق محمد وآله. فهذا مما لا غبار عليه ونقول به، أما إن كنت تعني أن نسأل ذواتهم: أدركني يا علي. فهذا هو التبجح، ولا دليل لك عليه!!

وأخيراً قولك: " فما ذنبنا إذا لم يجعل الله الصحابة كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!! ".

ص: 231

مهاترة! ما دخل الصحابة هنا؟! ألا تستسيغ سوي أكل لحوم الصحابة؟! يا هذا.. إن من الصحابة من أثني الله عليه ورضي عنه! هل نزل قوله تعالي: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيه

أبدا ذلك الفوز العظيم " في الأشباح أم في الصحابة؟!! يبدو أن الصحابة عندك وعند خصومك هم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن العاص!! أين أبو ذر والمقداد وعمار والبراء وابن مسعود وأبي وحذيفة وخزيمة وغيرهم من الذين ضاعوا بينك وبين خصومك؟! ألا تستحيي منهم؟! بدل أن تتخذ أسلوب الحوار العلمي الهادئ للوصول إلي الحقيقة والإبتعاد عن العصبية والتشنجات كما أهبت بكم بداية طرحي للموضوع، آثرت المراء والخصومة! وتقولت بما يقل به الله ولا رسوله، أنسيت قول الله تعالي: " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير "؟!! وأعجب من هذا طلبك مني الدليل بدون آيات الله أو آيات الشرك كما تسميها! ثم تقول عنها: " فهي والكلام حولها أجنبية عن الموضوع من جهة، وفيها تهمة لمن استغاث برسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم بأنه يعبدهم فهو مشرك.. "! والله، يا أخ عاملي، أنا لم آتك بآيات أحكام العدة والطلاق والميراث، لتكون غريبة عن الموضوع! جئتك بآيات الدعاء وموضوعنا هو الدعاء! أليس كذلك؟!! وها أنت ذا تقر بلسانك من حيث لا تدري أن فيها تهمة، لمن استغاث برسول الله وآله بأنه مشرك!! فهي إذن، تتحدث عن الإستغاثة!! أما رسالة السقاف، فسأتركها لك تجادل بها عن نفسك أمام الله يوم الحساب، عندما يسألك عن كتابه!! أما أنا العبد الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين، فحسبي كتاب الله: " قل أي شئ أكبر شهادة

ص: 232

قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "." نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ".

فكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 5 - 2000، العاشرة ليلاً:

الأخ أبا الحارث أو أحمد الكاتب: أرجو أن تقرأ هذه السطور.. بتمعن:

أولاً: لا أريد أن أتعقب مقولاتك التي تمس شخصي مهما كثرت، لا عن عجز بل تعففاً، علم الله..

ولا أريد أن أتعقب.. فعلاً، الأخطاء العلمية عندك في المنهج والإستدلال.. فلذلك مجال آخر.

وغرضي هنا بيان الحق في موضوع الإستغاثة والإستشفاع والتوسل.

ثانياً: عقيدتنا نحن الشيعة، أن النبي والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أحياء عند ربهم، بنوع حياة أرقي من حياة الشهداء، الذين نص القرآن أنهم أحياء عند ربهم يرزقون..

وأن الأحياء ليسوا بأسمع لكلامنا منهم.. وهذه هي عقيدة عامة السنيين في النبي صلي الله عليه وآله، والكثيرين منهم في آله عليهم السلام..

إقرأ مقالة الدكتور مالك الحزين عن مشهد الإمام الحسين عليه السلام في القاهرة.. ومثل مصر عامة إفريقيا، وأكثرية الشعوب الإسلامية.

وعندما نخاطب النبي والأئمة صلوات الله عليهم، فنقول: يا رسول الله أغثني، وأدركني.. فنحن لا نؤلههم، بل نطلب منهم مما أعطاهم الله تعالي، وقد أعطاهم الكثير الكثير.. وجعلهم الواسطة والوسيلة بينه وبين خلقه، أحياء عندنا أو أحياء عنده.

ولا تجد أحداً من فقهاء مذاهب السنيين يفتي بأن من قال ذلك، فقد.. أشرك!

ص: 233

ولن تجد أحداً طرح هذه المسألة ونقلها إلي باب العقائد وكفر المسلمين بسببها قبل ابن تيمية..

فقد تجرأ هذا الحراني، وحكم علي عامة الأمة الإسلامية بأنهم مشركون، عن عمد أو جهل!!

وأن الموحدين هو ومن تبعه فقط!!

فإن أتيت لي بفقيه أو مرجع لمذهب من المذاهب، قال بذلك في القرون السبعة قبله، فلك جائزة!!

ثالثا: إن كنت شيعياًّ كما يفهم من وَصْفك السقيفة بالمهزلة، وشكراً لك.. أتيناك بالأحاديث الصحيحة عن الأئمة الطاهرين في مقام النبي وآله صلوات الله عليهم وأنهم نور الله في أرضه، وحججه علي عباده، وواسطته في الفيض والعطاء، وأنه أمر بالتوسل والإستشفاع بهم.. والإستغاثة نوع من الإستشفاع والتوسل..

رابعاً: إن كنت سنياًّ، فهذه فتاوي المذاهب.. أوردها لك السقاف، فرد عليها إن استطعت.

خامساً: إن كنت وهابياًّ، فناقشنا علي أصول إمامك ابن تيمية، لنثبت لك تناقضه وتهافت أدلته، وبدعته في هذا الموضوع وغيره!!

سادساً: وهو أهمها، إثبتْ علي محور موضوعك، ولا تخرج عنه ذات اليمين والشمال.. فقد قلت إن دليلك القرآن!

فعدد الآيات التي في الموضوع لا خارجه، آية آية، واذكر وجه دلالتها. والأحاديث كذلك.. فهل تفعل؟

ص: 234

ومن الغريب أنك جعلت عنوان موضوعك الآخر أن: القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وعلي، ولم تأتِ بآية ولا حديث في الموضوع! أليس هذا عجيباً؟!

ترك أبو الحارث (أحمد الكاتب) موضوعه السابق، وفتح في هجر الثقافية، بتاريخ 26 - 4 - 2000، العاشرة مساء، موضوعاً بعنوان (القرآن والعترة يردون علي.. أدركني يا علي!!!)، قال فيه:

كنت قد طرحت مقدمة هذا الموضوع سابقاً متوخياً استقراء آراء الأخوة المشاركين لتعلق الموضوع بالعقيدة الإسلامية، ولأن القضية تخص أبناء الطائفة الشيعية فقد أثارت بعض الحساسية لدي البعض منهم. والحق، أن الذي يتابع أسلوب الرد والتعقيب عند أغلب زوار الواحة يلمس فيه نزعة التكتل والتشنج أمام المواضيع التي تمس اعتقادهم، فلا يهمه سوي الإنتصار لها حقاًّ كانت أو باطلاً!

بل يلمس أيضاً أن هذه التكتلات ما هي إلا اثنان أو ثلاثة من الذين يتصدون للرد أو التعقيب يتبعهم مجموعة من المشجعين!

وتجد نفس الصورة عند بعض أتباع الطائفة السنية في الساحات الأخري ولكن يهمنا هنا ما يحدث في هجر، فالمنطق الذي تفكر فيه هذه التكتلات هو منطق رد الفعل، يساويه في القوة، ويعاكسه في الإتجاه، الرد من أجل الرد، إنه منطق الإنفعالات التي لا تزيد صاحبها إلا غشاوة فيتخبط هنا وهناك.

لقد حذرنا القرآن من هذا المنطق " إنا وجدنا آبائنا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون ". وقوله " إنا أطعنا ساداتنا وكبراؤنا فأضلونا السبيلا ".

ص: 235

وطالبنا أولاً بتحكيم العقل للتمييز بين الحق والباطل الذي أودعه في فطرتنا، والقرآن ملئ بالآيات التي تدعو وتثني علي الذين يعقلون، الذين يعلمون، لقوم يتفكرون، لأولي الألباب وغيرها.

إن الغاية من الحوار هي إظهار الحق بالحجة والدليل، وكل شئ يؤخذ منه ويرد إلا كتاب الله، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما عداه فهو معرض للجرح والتعديل، وصاحب الحق لا يرتبك ولا ينفعل ولا يتشنج إن كان يقف علي أرض صلبة، وما عليه سوي أن يبينه، فإن بان

له أن الحق عند غيره تبعه، وإن تبين له أن الحق معه فقد نصره ببيانه. أما الذي يقف علي هوي متبع، والهوي يعمي ويصم، فهو الذي يخاف أن ينكشف زيفه وتبطل حجته، فيتحرك وراء الكواليس ويطبل ويزمر كالإمعة التابع!

وفي هجر أيضاً تجد الأحرار، من كلا الطائفتين، الذين جعلوا الحق مبتغاهم وعملوا لآخرتهم فأولئك كان سعيهم مشكوراً وأبشرهم بقول ربنا " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " وأسألهم أن لا يلتفتوا الإستفزازات التي يتعرضون، ولا ينجرفوا وراء المهاترات وأصحاب المراء لأنهم لن يغنوا من

فقر ولن ينفعوا عند ضر.

نعود إلي موضوع: أدركني يا علي. الذي علق عليه بعض الأخوة هنا، ومنهم من أفرد له موضوعاً مستقلاًّ، فشرق قوم وغرب آخرون، وكلها جاءت من منطلق الطائفية، ولم تبحث العبارة نفسها، فجاء رد الأخ العاملي مستعرضاً روايات أهل السنة في حديث الأعمي الذي توسل برسول الله (صلی الله علیه و آله)، وكأن الغبار يرتفع عن المسألة إذا أثبتها أهل السنة!

ص: 236

هناك أيضاً طائفة من أهل السنة عندها ما يشبه: أدركني يا علي! عندهم: مدد يا شيخ عبد القادر! وحديث الأعمي أنه كان يسأل الله برسول الله (صلی الله علیه و آله) وكأن خطابه موجهاً لله وفي هذا فرق، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

أما ذلك الأعرابي الذي جاء إلي قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فلا يحتج به لأنه ليس مصدراً للتشريع، وحديث استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس بن عبد المطلب لا حجة فيه، لأنه سأل الله وتوسل به بشخص يصيبه نفع السقيا، من بال (كذا) الإستعطاف، ولو جاز له لاستقي برسول الله (صلی الله علیه و آله) من باب أولي، لكنه (صلی الله علیه و آله) لا يفيد من الماء وهو في الفردوس الأعلي. وأشير هنا إلي الموضوع الذي أفرده الأخ فرات في قضية التوسل بالصالحين، وما ذكره الأخ فرات، لا ينافي التوسل الصحيح ولا غبار عليه، لأنه سؤال من الله مباشرة، وللعبد أن يخاطب الله بما شاء، لكنه لا يبرر: أدركني يا علي. ولا وجه للمقارنة بينهما.

وللأمانة بقي أخيراً أن أقول أنه قد سأل أحد المراجع الكبار الحاليين عن: أدركني يا علي.

فأجاب: " إن عقيدتنا هي أن الإستعانة لا بد أن تكون بالله ولا يجوز أن تكون بغيره، بمعني أن يقصد الإنسان النبي أو المعصوم علي أساس أنه هو الذي يقضي الحاجة أو يحل المشكلة، ولكن لا مانع من التوسل بالأنبياء والأولياء ليشفعوا له عند الله في قضاء حوائجه وتفريج كربه وتوسعة رزقه ونصرته علي عدوه، بعد أن قام بجهده الذاتي في الإتيان بالأسباب التي مكنه الله منها. وإني أتصور أن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: أدركني يا علي. أو نحو ذلك لا يقصدون الإستعانة به بشكل مستقل، بل يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة إلي الله في تحقيق مطالبهم. انتهي كلام المرجع أعلاه.

ص: 237

لكل ما سبق نقول بإذن الله: هناك صيغتان من صيغ التوسل بالأنبياء والأولياء، وفيهما يقع الخلط بين الناس، الصيغة الأولي هي صيغة التوسل بالجاه، كأن يقول القائل: " اللهم إني أسألك بحق رسولك وآله ". وهي خطاب لله مباشرة، لا كلام لنا عن هذه الصيغة وإن منعها بعض المسلمين، لكنها وردت في بعض أدعية الأئمة الموثقة ولا معارض لها من الكتاب والسنة، وفي هذا دليل كافٍ، بالنسبة لنا. أما الصيغة الثانية فهي صيغة التوسل المباشر، كأن يقول القائل: " أدركني يا علي ". هذه الصيغة منتشرة في مجتمعنا، سواء بين عامتهم ومثقفيهم، فهي إذن ليست من طرح الخيال، بل هي واقع ملموس وفي عصرنا الحالي، لذا يحق لنا مناقشته.

التبريرات التي ألقيت حول هذه الصيغ هي أنها لطلب الشفاعة من الله لقضاء الحوائج وتفريج الكرب!

وهذا تبرير بعيد عن الحقيقة لعدة أسباب منها: أن ليس في نص الصيغة ما يدل علي طلب الشفاعة، لأن تلك صيغتها: يا علي إشفع لي.

و " أدركني " غير " إشفع لي ".. " أدركني " هي صيغة اليائس من حوله وقوته إلي حول وقوة من هو أقدر منه، أما " إشفع لي " فهي طلب الوساطة في أمر الحكم فيه لطرف ثالث.

فدعاء " إشفع لي " فيه ثلاثة أطراف، المستشفع والمستشفع به والمستشفع عنده، أما دعاء " أدركني " ففيه طرفان فقط، المستغيث والمستغاث به ولا واسطة بينهما وكلا الصيغتان: " إشفع لي أو أدركني " غير جائزة يا إخواننا.. لأنها خطاب مباشر لطلب قضاء حاجة لمن لا يسمع الدعاء..

فإن قيل: أن الأئمة والأولياء إنما هم شهداء والشهداء أحياء ويشفعون أوليائهم! نقول: نعم والله، إنهم لأحياء وإنهم لأهل للشفاعة، ولكنهم أحياء

ص: 238

عند ربهم وليس عندنا، هم في جنات الخلد وليسوا بين ظهرانينا. لا يستطيعون سماعي وسماعكم وسماع هذا أو ذاك! لأن هذه من صفات الله جل وعلا وهو الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة السائلون، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد. ولم يبلغنا أن الله تعالي مكن الأنبياء والأولياء بعد أن أسكنهم جناته من سماع نداء المستغيثين، ولا أنه قد منحهم بعضاً من صفاته!

لا جرم ولا جدال أنهم أهل الشفاعة عند الله بعهد الله وميثاقه، فإن كنا نبغي الشفاعة بقولنا: " يا علي إشفع لي " فالأولي، وأدباً مع الله أن نطلب الشفاعة منه مباشرة ونقول: " اللهم شفعني في رسولك أو شفعني في علي ". هذا فيما يخص دعاء " إشفع لي " وهو أخف وطأة من صيغة " أدركني "، غير أنه لم يمر علي فيما مضي صيغة " إشفع لي " بين أوساط الشيعة بل صيغة " أدركني " هي المهيمنة، وهنا الطامة الكبري.

من غير الصحيح القول بأن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: " أدركني يا علي " يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة، فليس في ذلك ما يدل عليها ولا توجد قرينة ولا بينة لذلك، وأسألكم بالله، ساعة أن يردد الشيعي " أدركني يا علي " هل يفكر في الله أم يفكر في علي؟ " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه "! ولا يمكن تبرير هذه الصيغ وإسنادها إلي النيات، لأن النية غير كافية إذا كان العمل غير مشروعاً!

يقص لنا القرآن أخبار الأمم السابقة ليس علي سبيل التسلية بل للعبرة والإتعاظ والنهي عن التشبه بأفعال أهل الضلال، لئلا ننتهي إلي ما إنتهوا إليه: " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب " يوسف - 111. " وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ". الحشر - 1 ". والله قص خبر المشركين،

ص: 239

وأخبر عن نياتهم بأنها التقرب إلي الله زلفي، وأن هذه الأوثان إنما هم شفعاؤهم عند الله: " ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم شيئاً، ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ". يونس - 18 فما علتهم إذن؟ هل كان الإعتراض علي أنهم لم يوفقوا في اختيار الشفيع أم علي أسلوب الشفاعة؟ ولكن مهلاً.. قد يقول قائل هنا: كيف نقارن بين المشركين والمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله وكتابه وأقاموا الصلاة؟!

والجواب: هو أننا لا نقارن وإنما نبين الأمر كي لا نقع فيه، ألم يقل الله تعالي مخاطباً المؤمنين: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا... ". آل عمران - 156! كيف خاطبهم بصيغة الإيمان ثم شبه فعلهم بفعل الكافرين؟!

إنها صيغة تحذير من التشبه بأفعال الكافرين، لأن الشيطان يسير بخطوات ولا يستطيع أن ينقل المؤمن إلي النقيض بخطوة واحدة، يقول إحذروا هذه الخطوة لأن بعدها خطوة وبعدها خطوة وهكذا.. هذا هو أسلوب القرآن: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا... " ونحن نقول يا إخواننا لا تكونوا كالذين أشركوا في اتباعهم الأسلوب الخطأ في الدعاء إلي الله، لأن دعاء غير الله إشراك به، قال تعالي " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ذلكم الله ربكم له الملك.. والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير! إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم! ولو سمعوا ما استجابوا لكم! ويوم القيامة يكفرون بشرككم! ولا ينبئك مثل خبير ". فاطر: 13 – 14.

" قل ادعوا الذين زعمتم من دونه، فلا يملكون كشف الضر عنكم، ولا تحويلاً ". الإسراء – 56. " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ ".

ص: 240

النحل - 62. " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم.. فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين! ". الأعراف - 194. وفي هذا رد علي الذين يزعمون أن نهي القرآن إنما جاء عن الأصنام فقط، وقول الرسول (صلی الله علیه و آله) لابن عباس: يا غلام إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.. إلي آخر الحديث. والقرآن مليء بهذه الآيات وأمثالها.

ليست هذه مسألة فقهية تعتمد أسس الإستنباط، أو تحتاج إلي ذوي الإختصاص حتي يختلف في تأويلها وتفسيرها، هذه من صلب عقيدة التوحيد التي لم يجعل القرآن فيها مجالاً للشك أو التأويل، لأنها حجة علي الخلق أجمعين، وآيات الله تصرخ وتصيح في كل موضع وفي كل سورة، أن الذين تدعون من دون الله لا يسمعونكم ولا يستجيبون لكم فأخلصوا الدعاء لله وحده: " بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ". الأنعام - 41. " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله ". الأنعام - 71. " قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ". الأعراف - 29." ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً ". الأعراف - 55. " لله الأسماء الحسني فادعوه بها ". الأعراف - 180 " والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ". الأعراف - 197 " ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ". يونس - 106. " له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ ". الرعد - 14." قل هل يسمعونكم إذ تدعون؟ ". الشعراء - 72. " أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين! ". الصافات -125. " إن الله يقضي بالحق، والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ، إن الله هو السميع البصير ". غافر - 20. " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ". غافر - 60. " هو الحي لا إله إل

ص: 241

هو فادعوه مخلصين له الدين ". غافر - 65. " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة، وهم عن دعائهم غافلون ". الأحقاف - 5. " قل، إنما أدعو ربي ". الجن - 20. و " إياك نعبد وإياك نستعين ". الفاتحة - 5.

إن القضية عندما يطرحها القرآن، بهذه الكثافة، وهذا الوضوح لا تحتاج إلي رأي العلماء، قال تعالي: " فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون؟! ". الجاثية - 6، لأنها قضية تكفل بالإجابة عنها وتوضيحها القرآن، وهي واضحة وضوح الشمس في وضح النهار: " فلا تدعو مع الله أحداً ". الجن - 18.

" لا تدعو " ومصدرها الدعاء ولم يقل " لا تدعو " ومصدرها الإدعاء.. " مع الله أحداً "، لا ملكاً مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي مشفع (كذا)، هذه مسألة خالصة لله، الدعاء مخ العبادة. والإعتماد علي النيات ليس هذا موضعه، وإنما تبرز أهمية النية فيما لو كان العمل صالحاً شرعياًّ، والنية مختلف فيها. كأن يتصدق رجل بصدقة، فإن كانت نيته لله أجر عليها، وأثيب، وإن كانت لغير الله لم يؤجر، لكنه لا يعاقب أيضا وإنما فاته أجر هذا العمل.

رجل شارك في معارك الجهاد، فإن كانت نيته خالصة لإعلاء كلمة الله أثيب علي جهاده، وإن كانت لحسابات دنيوية أخري لا ثواب له ولا عقاب وإنما فاته أجر هذا العمل.

رجل صام رمضان، إن كان صيامه إيماناً واحتساباً أثيب، وإن كان لتخفيف الوزن لم يثاب ولم يعاقب أيضا بل فاته أجر هذا العمل، هنا النية هي الفيصل لأن العمل صالح ومشروع.

لكن قضية: " أدركني يا علي " إن كانت لغير الله فقد وقع في ظلم الشرك وحبط عمله كله، وإن كانت نيته أن يدعو الله بهذا الدعاء، فقد أساء الأدب مع

ص: 242

الله تكلم بهراء. سألت أحد إخواننا مرة: ما هي مدلولات لا إله إلا الله؟ فقال: لا خالق إلا الله، قلت: ثم ماذا؟ فلم يحر جواباً!

من مدلولاتها لا معبود في الكون بحق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا كاشف إلا الله، لا شافي إلا الله، لا نخاف إلا الله، لا نتوكل إلا علي الله، لا نسأل كشف الضر إلا الله، لا ندعوا إلا الله، لا نستعين إلا بالله.

كان المشركون يعلمون تماماً من خلق السماوات والأرض ومن يخرج الحي من الميت ومن يدبر الأمر، قال تعالي: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون الله.. فقل أفلا تتقون ". يونس - 31. فما علتهم إذن إذا كانوا يعلمون كل هذا؟! لماذا منعوها رسول الله (صلی الله علیه و آله)؟ لأنهم لم يعملوا بما علموا.

مرة أخري، نحن نسوق هذه الأمثلة علي سبيل التوضيح والتحذير ولا نقول أن إخواننا هم كهؤلاء المشركين والعياذ بالله، لكن هذا الفعل شبيه بفعلهم ذاك، ولم يعصم الله هذه الأمة من الوقوع في الشرك، ألم يقل بأبي هو وأمي (صلی الله علیه و آله): لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع؟! نحن نقول إن الأمة غير معصومة والواجب تنبيهها وتحذيرها، وخطوات الشيطان كثيرة، تبدأ من تخفيف حدة العبادة وتقليل النوافل وتنتهي بالإشراك بالله والعياذ بالله.

لقد أورثنا الأئمة تراثاً من الأدعية تكتب بحروف من ذهب علي صفحات من نور، وقد بلغوا الذروة في أساليب التوسل والتضرع إلي الله لم يسبقهم إليها أحد ولم يأتي بشبيه لها من بعدهم أحد، وهذه أدعية أمير المؤمنين (علیه السلام) وصحيفة السجاد (علیه السلام) بين أيدينا وليس فيها صيغة استدراك أو سؤال لغير الله،

ص: 243

فهل فاتهم سؤال رسول الله (صلی الله علیه و آله) وطلب الإستدراك منه؟! وما بال قومنا لا يقولون: " أدركنا يا محمد " من باب أولي؟!.. لا يا إخواننا، إنها ليست لطلب الشفاعة. إني أعرف تماماً ماذا يجري عندنا في العراق، عبارة: " أدركني يا علي" تجدها في أغلب سيارات وباصات الأجرة، وتزين بيوتنا هناك، ودعاء الناس حول أضرحة الأئمة (علیهم السلام) في الكاظمية أو كربلاء أو النجف أو سامراء ليست لطلب الشفاعة، لا، إنها لطلب الشفاء من الإمام أو لطلب الرزق وقضاء الحوائج وتفريج الكرب، ويذبحون الذبائح بأسمائهم " في سبيل أبي عبد الله! ". بل إنك تري العجب العجاب هناك، العباس - أخي الإمام الحسين - له قدرة علي الضر، هذه حقيقة من الواقع الذي كان نتيجة طبيعية لإفرازات

" أدركني يا علي " وثقافة " مفاتيح الجنان ". وكل هذا يجري أمام أعين العلماء والمراجع الذين جعلهم الله ورثة أنبياءه وأمناء رسالاته يبلغونها للناس " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ". الأحزاب - 39، لكنهم غضوا الطرف عنها، والذي حاول أن يغير وينبه فقد حاربوه وأماتو

ذكره، والعقائد يمرون عليها مر الكرام أو يشيرون إليها من بعيد بالبنان. وكان يكفي أن يفتتحوا رسائلهم العملية للإشارة وتنبيه الناس إلي هذا الأمر باعتبارها ستصل إلي أكبر عدد ممكن من العامة، بدلا من الإقتصار علي الإسهاب في أحكام الطهارة والإستحاظة (كذا) وموارد الخمس!!

كان الأولي تنبيه الناس حول عقائدهم بدل المراهنة علي نياتهم. لقد ذكر لنا الله القاعدة القرآنية البليغة " ضره أكبر من نفعه " ولو قلبنا مسألة: " أدركني يا علي ".. وفرضنا المستحيل وقلنا أن نيات الناس جميعاً أنما هي الإستعانة بالله، لكان من الأولي رفعها وإلغائها من قانون الشيعة من باب سد الذرائع، فنحن أولي بتمحيص عقيدتنا من هذه، ونحن ندعي أننا أتباع إمام المتقين وسيد

ص: 244

الموحدين. ونحن نقرأ دعاء كميل كل يوم خميس، فهل نقرأه لأننا معجبون بشخصية الإمام (علیه السلام)، أم للتدبر بهذا التراث الخالد. بماذا توسل الإمام (علیه السلام) في بداية دعائه؟ برحمة الله وجبروته وقدرته وعظمته وأسمائه وصفاته، وخطابه ومناجاته كلها لله وحده ولم يسأل أحداً غيره، ولو جاز ذلك لكان هو الأولي بسؤال رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو الأخلص نية والأصفي قلباً! ألم نقرأ قول الإمام السجاد (علیه السلام):" الحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي لا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ". نحن تشيعنا للإمام (علیه السلام) ليس لشخصه ولا لنسبه، وإنما للعقيدة التي آمن بها وللفكر الذي حمله وللنهج الذي انتهجه باعتباره المرآة الحقيقية لنهج رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولعقيدة التوحيد الخالص في الأسماء والصفات والأفعال، سطرها ربنا في قرآنه وبينها رسوله (صلی الله علیه و آله) وجاهد عليها الأئمة (علیهم السلام) وبذلوا أنفسهم دونها. " أدركني يا علي " لا تكشف الضر.. " وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ". الأنبياء: 83 – 84. يقول الإمام الصادق عليه السلام: عجبت لمن أدركه الهم.. ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فإني سمعت الله بعقبها يقول: " فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وعجبت لمن أدركه الخوف.. ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه وتعالي: " حسبنا الله ونعم الوكيل ". فإني سمعت الله بعقبها يقول: " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ". وعجبت لمن خاف المكر ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه وتعالي: " وأفوض أمري إلي الله ". فإني سمعت الله يعقبها يقول:

" فوقاه الله سيئات ما مكروا ". إن الذي يسمع كل هذا ويقرأ قول الحق سبحانه: " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير.. إن تدعوهم لا

ص: 245

يسمعوا دعائكم.. ولوا سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم.. ولا ينبئك مثل خبير " يرمي بما دونه من التبريرات عرض الحائط ويخضع للحق، لأنه خضوع لله تعالي.

أليس الله بكافٍ عبده؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 27 - 4 - 2000 الثانية عشرة صباحاً:

مقدمة الموضوع سياسة وتهم.. وفيه نفس أحمد الكاتب، وأسلوبه في خلط المواضيع.. لكن لا يهم أن يكون أبا الحارث أياًّ كان.. خلاصة الموضوع أنه ليس له برٌّ يرسو عليه.. فهو يقبل التوسل تارة، ثم يرد حديث التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله الذي صححه السنيون وتضمن: " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله ".

ويقبل أحاديث أهل البيت عليهم السلام، ثم يرفضها.. ويقبل سلوك التعبد والتضرع والتوسل، ثم يحمل علي " ثقافة مفاتيح الجنان "!!

نرجو من الأخ كاتب الموضوع أن يلخص الموضوع ليكون قابلاً للمناقشة، فيبين بوضوح ما يقبله وما لا يقبله من التوسل..

وأن يعرفنا هل يقبل الأحاديث التي صححها علماء السنة، أو علماء الشيعة..

أو هو انتقائي علي هواه، أو انتقائي لأنه مجتهد في الجرح والتعديل؟

وما رأيه بآيات التوسل الثلاث التي أوردتها له، فهل يؤولها بأنها ضد ثقافة التوسل أيضاً؟!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 28 - 4 - 2000، الرابعة عصراً:

ما وصفه الأخ العاملي ب- " سياسة وتهم " هو للأسف الشديد واقع مستمر!

ص: 246

ويمكن لأي منصف أن يتصفح مواضيع هجر ليتيقن له ذلك. الموضوع هو مشروعية: " أدركني يا علي " وليس اختبار نفس أحمد الكاتب أو هوية أبو الحارث! أو غيرها من التهم!

وأنا لا أخلط المواضيع، وليست مشكلتي إذا اختلطت علي الأخ العاملي المواضيع فأصبح لا يميز بين سؤال الله وسؤال غير الله! بالرغم من أن الأخ عز الدين نبهه عليه مرة فاتهمه بعربيته علي طريقته الخاصة في الإستخفاف بالآخرين! ثم بيناه له ولغيره في ثلاث مواقع من الموضوع نفسه، ولا يزال يصر علي أن الموضوع اختلط عليه، وللمرة الرابعة وباختصار شديد نقول: إن التوسل الشرعي هو الطلب من الله مباشرة وبدون واسطة، ولا بأس بسؤال الله بجاه أحد أولياءه (كذا) كأن يقول: " اللهم أني أسألك بحق فلان أو بجاه فلان... إلخ ". بشرط أن يكون الخطاب موجهاً لله عند طلب الحاجة، السؤال لله وليس للولي. أما التوسل الغير شرعي فهو مخاطبة الولي مباشرة وأشدها وأكثرها انتشاراً العبارة قيد البحث: " أدركني يا علي " لأن القرآن يمنعها بصريح آياته المحكمات كما بيناَّ سابقاً قسماً منها ولأنها تضرب آيات التوحيد عرض الحائط! أما ادعاؤه بأني أقبل أحاديث أهل البيت ثم أرفضها، فليته يخبرنا ما هي هذه الأحاديث التي قبلناها ثم رددناها؟

أما قوله: " ويقبل سلوك التعبد والتضرع والتوسل، ثم يحمل علي ثقافة مفاتيح الجنان ".

أقول: ما دخل مفاتيح الجنان بسلوك التعبد والتضرع والتوسل؟! مفاتيح الجنان فيه بعض الأدعية مما صح عن أهل البيت عليهم السلام، ولكن فيه من الغثاء والهراء ما يضحك الثكلي! علي سبيل المثال لا الحصر، فضائل الأضرحة تبين أن زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل عند الله ألف ألف حجة، وأن الله ينظر إلي

ص: 247

زواره قبل أن ينظر إلي زوار عرفات! فلم نحج إذن إلي بيت الله؟! يذكرني بحديث: " من أكل سبع ورقات من شجرة الهندباء جاء يوم القيامة كالمتشحط بدمه في سبيل الله "!! ولو أردت

الإسترسال بفضائح هذا الكتاب الذي لا يكاد يخلو بيت منه لفعلت. نعم فيه بعض الكلمات الصالحة من بقايا بيت النبوة ولكن أثمه أكبر من نفعه! أصبح مفاتيح الجنان عنوان التعبد والتضرع!! لا حول ولا قوة إلا بالله. ما طلبه الأخ العاملي من تلخيص الموضوع موضح أعلاه، وكل آية من الآيات التي ذكرت هي تلخيص للموضوع، فليحاكم: " أدركني يا علي " قبالة أي منها.

أما قوله: " وأن يعرفنا هل يقبل الأحاديث التي صححها علماء السنة، أو علماء الشيعة.. أو هو انتقائي علي هواه، أو انتقائي لأنه مجتهد في الجرح والتعديل؟ ".

فأقول: هل يقبل هو أحاديث الغدير والمنزلة والكساء التي صححها أهل السنة أم يرفضها لأنها جاءت مضارب القوم؟! يقبلها، حسناً. وهل يقبل الأحاديث التي صححها أيضاً أهل السنة ومنها حديث: " أبي وأبوك في النار "! و " تركت أبا طالب في ضحضاح من النار "؟!! يرفضها، لماذا؟ أليست هذه انتقائية هوائية كما يسميها، أم هي من باب الجرح والتعديل؟! ما يسميهم هو علماء السنة أو علماء الشيعة نسميهم نحن علماء المسلمين، وكلها تخضع للجرح والتعديل، فلم يخلو الطرفان من الكذابة علي دين الله وسنة رسوله وآل بيته صلي الله وسلم عليهم أجمعين. نعم ما وافق منها كتاب الله أخذنا به، وما خالفه رددناه. ثم ما شأن موضوعنا بالأحاديث؟! عجيب والله!! المسألة حسمها القرآن بآياته المحكمات، هل أقول له قال الله ثم يقول لي: لكن حدثنا فلان

ص: 248

عن فلان!!! أما آيات التوسل الثلاث التي أوردها في مقدمة الموضوع فهي مما التبس أمر التوسل فيها عليه، نقول باختصار شديد:

1 - الآية الأولي: قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ".

قال عنها: " وقد ثبت عند جميع المسلمين أن النبي وآله هم أقرب الخلق وسيلة إلي الله ".

وهذه دعوي مجردة من عنده، وليذكر لنا كيف أجمع المسلمون علي هذا، أما أنهم أقرب الخلق

إلي الله فهذا لا ينكره إلا جاهل بحقهم وفضلهم، وهذا لا يمس موضوعنا لا من قريب ولا من بعيد. وقد فهم الوسيلة علي غير ما فهمه المفسرون والواضح من سياق الآية، فهي تارة تأتي بمعني الدرجة التي في الجنة وأخري بمعني القربة بعمل الطاعات واجتناب المعاصي.

فابن كثير يقول: والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: " فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ".

والقرطبي يقول: يقول تعالي آمراً عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الإنكفاف عن المحارم، وترك المنهيات وقد قال بعدها: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

قال سفيان الثوري: عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس أي القربة.

وكذا قال مجاهد، وأبو وائل، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن كثير، والسدي وابن زيد وغير واحد.

وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.

ص: 249

وقرأ ابن زيد: أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة. وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.

والوسيلة هي التي يتوصل بها إلي تحصيل المقصود. والوسيلة أيضاً علم علي أعلي منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلي العرش، وقد ثبت في صحيح البخاري: من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة.

حديث آخر: في صحيح مسلم، من حديث كعب، عن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلي علي صلاة صلي الله عليه عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.

ويقول عنها الطبرسي مجمع البيان: أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات.

وفي جوامع الجامع: كل ما يتوسل إليه من الطاعات وترك المقبحات.

وفي تفسير شبر: أي ما تتوسلون به إلي ثوابه من الطاعة.

وللطباطبائي في الميزان: حقيقة الوسيلة إلي الله تعالي، مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة، وهي القربي. ولا رابط يربط بين العبد وربه إلا ذل العبودية، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلي جنابه تعالي. فهذه هي الوسيلة الرابطة.

ص: 250

وللسيد محمد الحسيني الشيرازي في تقريب القرآن: السبب الذي يقربكم إليه سبحانه من فعل الخيرات والأعمال الصالحة.

فهذه كلها تقول إن الوسيلة هي طاعة الله، وما ذهب إليه الأخ العاملي، غير صحيح.

الآية الثانية: قوله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما ".

أقول: الأحاديث التي ذكرها إن كانت هي العمدة في التفسير وجب علي كل مسلم الذهاب إلي قبره (صلی الله علیه و آله) والإستغفار عنده، لأن المسلم لا يخلو من ظلمه لنفسه في معظم أوقاته، وهذا مما لا يتيسر فعله، وعمل الأعرابي كما أسلفنا لا يحتج به، فتارة الحديث يرويه ابن العتبي ورؤيته للرسول (صلی الله علیه و آله) في المنام، وتارة أخري يسمع الأعرابي صوتاً من القبر يقول له: لقد غفر لك! وأيها صح فليس بشيء. والآية صريحة تقول: " واستغفر لهم الرسول " أي لا بد بعد استغفارهم، من أن يستغفر لهم الرسول، وهذا ما دفع بعض العلماء إلي القول بأن الآية نزلت تخصص جماعة من المنافقين، الذين كادوا لرسول الله

(صلی الله علیه و آله) وعرض الله عليهم التوبة. تفسير الكشاف لمحمد جواد مغنية.

وذهب الشعراوي والسيد محمد حسين فضل الله إلي أن المقصود بها طاعة رسوله، باعتباره ممثله في الأرض , من هدي القرآن لفضل الله.

الآية الثالثة: قوله: " قل ادعو الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً، أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ".

ففسر الآية من عنده ليوهم القارئ فقال: " وهذه الآية تدل علي مشروعية التوسل إلي الله تعالي بالأشخاص الأقرب إليه، فمن المتفق عليه بين المفسرين

ص: 251

أن قوله تعالي: يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب، مدحٌ لهؤلاء المؤمنين، بأنهم يطلبون التوسل إلي الله تعالي.. وإن اختلفوا في تعيين هؤلاء المتوسلين، والمتوسل بهم ".

أقول له: اتق الله ولا تفت بما لا تعلم نصرة لرأيك، فجمهور المفسرين أجمع علي أن المقصود من الآية هو أن هؤلاء الصالحين الذين يدعوهم المشركون، أقربهم إلي الله يبتغي الوسيلة إليه بالطاعة والقربة، فكيف بغير الأقرب!

وانظر إلي المفسرين من قومك كيف فسروا هذه الآية بما فتح الله عليهم من فضله:

الطبرسي في جوامع الجامع: أي يبتغي من هو أقرب منهم الوسيلة إلي الله فكيف غير الأقرب!

الصافي للكاشاني: أي أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة، هؤلاء الآلهة يبتغون إلي الله القربة بالطاعة أيهم أقرب، أي يبتغي من هو أقرب منهم إلي الله الوسيلة فكيف بغير الأقرب!

المعين للكاشاني: أي يبتغي من هو أقرب منهم إلي الله الوسيلة، فكيف بغير الأقرب.

تفسير شبر: أي يطلبون إلي ربهم الوسيلة بالقربة بالطاعة أيهم هو أقرب إليه.

وتمعن جيداً لئلا تختلط عليك الأمور فيما قاله السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القرآن:

والظاهر أن المراد من الوسيلة هي العمل الصالح، الذي أراده الله سبيلاً للقرب منه فيما يتقرب الناس إليه، لا الأشخاص الذين يتخذهم الناس وسائل!!

وختاماً أقدم الشاهد الأخير علي أنكم أخطأتم الطريق في التوسل إلي الله!! يقول أمير المؤمنين وسيد الموحدين ووصي رسول رب العالمين وحجة الله علي

ص: 252

الأولين والآخرين يعلمنا ويعلمكم كيف يكون أدب التوسل مع الله: " إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلي الله سبحانه وتعالي الإيمان به وبرسوله

والجهاد في سبيله فأنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقامة الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنساة في الأجل، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان ". فلستم أتقي لله منه، ولستم أعلم بكتابه منه ولا أنشط في طلب الوسيلة منه، فهلا أطعتموه وعملتم بمنهجه كما تدعون بأنكم أتباعه، وأهل ولايته؟!!!!! اللهم إني قد بلغت، اللهم فأشهد...

فكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الثالثة ظهراً:

أرجو أن تجيبني علي سؤالين:

هل تقبل، حديث عثمان بن حنيف، الذي رواه الترمذي، والطبراني وصححه، وفيه: " يا محمد إني توجهت بك إلي الله "؟ أم ترده؟

هل الذي يقول: " يا رسول الله أدركني "، أو " يا علي أدركني "، يعتقد أن المنادي أو المتوسل به أو المستغاث به، هو ربه أو شريك ربه والعياذ بالله؟!! فهو يريد العون منه؟ أم أنه يريد مساعدة المنادي، وشفاعته إلي الله، لأن له عنده مقاماً وشفاعة؟!

وكذا الذي انقطعت سيارته فينادي صاحبه من بعيد: يا سعود أدركني.. فهل يؤله سعوداً أو يعتقد أنه شريك لله تعالي؟!!

أما حديث أن علياًّ عليه السلام، أقرب الخلق وسيلة إلي الله تعالي بعد رسوله، فقد روته عائشة بسند صحيح، فهل تريده؟!

ص: 253

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 3 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

سؤاليك (كذا) أعلاه:

هل تقبل، حديث عثمان بن حنيف، الذي رواه الترمذي، والطبراني وصححه، وفيه: " يا محمد إني توجهت بك إلي الله "؟ أم ترده؟

أنت لا تبالي بآيات القرآن المحكمات! ولا تبالي بأدعية الأئمة وكلها لا تسعفك! ولم تجد بغيتك إلا في حديث الأعمي الذي سأل رسول الله صلي الله عليه وآله أن يشفيه! وأنت تعلم أنه لا يقف أي حديث أمام النص الإلهي المطهر، ولكننا سنجاريك.

روي الحديث أحمد في مسنده: " حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المديني، قال: سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت، يحدث عن عثمان ابن حنيف أن رجلاً ضريراً أتي النبي صلي اللهم عليه وسلم، فقال: يا نبي الله ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك. قال: لا بل ادع الله لي. فأمره أن يتوضأ، وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلي اللهم عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه فيَّ. قال: فكان يقول هذا مراراً. ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ ".

إن الأعمي طلب من النبي أن صلي الله عليه وسلم أن له ليرد إليه بصره فعلمه النبي صلي الله عليه وسلم دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه.

فهذا يدل علي أن النبي صلي الله عليه وسلم شفع فيه وأمره أن يسأل الله قبول شفاعته، فقوله: " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه في " فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه.

ص: 254

وقوله: " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي " هي كما يقول المصلي: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وكقولنا: " السلام عليك يا أبا عبد الله " فهو نداء يطلب به استحضار المنادي في القلب فيخاطب لشهوده في القلب، وليس فيه صيغة سؤال أو استعانة أو استغاثة!

بقي أن تعرف أن هذا الحديث مرفوع! وما ذهبت إليه يعارضه الحديث الصحيح الآخر الذي رواه الترمذي عن ابن عباس: " عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلي اللهم عليه وسلم

يوماً فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا علي أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت

الأقلام وجفت الصحف ". قال هذا حديث حسن صحيح!

قولك: " هل الذي يقول يا رسول الله أدركني، أو يا علي أدركني، يعتقد أن المنادي أو المتوسل به أو المستغاث به، هو ربه أو شريك ربه والعياذ بالله؟! فهو يريد العون منه؟ أم أنه يريد مساعدة المنادي وشفاعته إلي الله، لأن له عنده مقاماً وشفاعة؟! وكذا الذي انقطعت سيارته فينادي صاحبه من بعيد يا سعود أدركني.. فهو يؤله سعوداًَ أو يعتقد أنه شريك لله تعالي؟!! ".

لا، لا يعتقد أن له رباًّ غير الله ولا أن المنادي هو شريك لربه، لكنه يجهل حقيقة التوحيد، هل سمعت قوله تعالي: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون: الله.. فقل: أفلا تتقون ". فخبرني عن هؤلاء، إذاً؟ هل تشك في نياتهم؟ هم يعلمون من يدبر الأمر، فما علتهم؟ أترك لك الجواب

ص: 255

! إن الذي ينادي: " يا علي أدركني " يعتقد أن المنادي يسمعه وقادر علي تنفيذ طلبه، أدعو الله أن ييسر لك زيارة العتبات المقدسة في العراق لتري بأم عينيك دعاء الناس عند الأضرحة.. هذه تطلب منه الولد لأنها عاقر، والآخر يسأله الرزق، وآخر يسأله عن ولده المفقود أن يعيده إليه!!! فماذا تركتم لله؟!!

لم يفقهوا ولم ينبههم أحد ولم يذكرهم أحد بقوله " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم، فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ". وقد شرحت هذا وفصلته في الموضوع أعلاه، فدونكه. أما هذا الذي انقطعت سيارته في بيروت، فهل سينادي علي صاحبه الذي في دمشق: هلمَّ إلي؟! فهل يكون إلا معتوهاً؟! هل تنادي من لا يسمعك ولا يملك لك ضراًّ ولا نفعاً وتترك الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟! في كل القرآن تجد صيغة: " ويسألونك... فقل ". " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً ". " ويسألونك عن المحيض قل هو أذي "." ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع "." يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند ربي... " إلخ. إلا في موضع واحد، فهو الذي بادر في السؤال وقال: " وإذا سألك عبادي عني ". لم يقل له: " فقل " وإنما تولي الإجابة هو بنفسه جل وعلا فقال: " فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان "!!! عن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.

أما حديث أن علياًّ عليه السلام، أقرب الخلق وسيلة إلي الله بعد رسوله، فهذا، من جنس قوله تعالي: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " كما بينا سابقاً.

أليس الله بكافٍ عبده؟

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 10 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

ص: 256

الأخ الكريم محمد الهجري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأدعوه أن تكون بوافر من الصحة والعافية. أرجو المعذرة عن تأخري في الرد.. وذلك لعدم تيسر الوصول إلي الواحة إلا أسبوعياًّ أحياناً.

رأيت أن أنقل تساؤلك إلي هذه الوصلة باعتبارها الإمتداد الطبيعي للموضوع قيد البحث.

ما ذكرته سابقاً كان: " بالنسبة للحوار الجاري بيننا الآن، فقد لاحظت كما لم يخفي عليك أنه يدور في حلقة مفرغة، لذلك قررت الإقتصار علي أمثلة توضح المراد، ولك الرد بالأسلوب الذي يدعوك إليه العقل..

قال العاملي:

وأورد أحمد الكاتب.. كلام الأخ محمد الهجري المتقدم.. ثم أجاب:

أخي الكريم.. ما ذكرته أعلاه يصب في مجري واحد، وهو الإعتماد والإستغاثة بمن لا يسمع الدعاء والإستغاثة، وبوسعي أن أسوق لك المئات من الصيغ الأخري التي تؤيد نفس المعني، علي سبيل المثال قول أهلنا في العراق عندما يودعون أحداً: روح الله ومحمد وعلي معاك! أو عندما ينشط أحدهم

لمهمة ما يقول: يا علي يا أبو الحسن، وعندما تستفسر منه يجبك بصراحة: ناديته ليساعدني، ليقف لي!! هذا لا يعني أنهم مشركون يعتقدون بوجود إله آخر كما يلوح به أصحاب العقول الغليظة! هؤلاء الناس لشدة حبهم لرسول الله ولأهل بيته عليه وعليهم السلام اندرجت هذه الألفاظ علي ألسنتهم دون أن يعوا خطرها العقائدي، هؤلاء لا يعرفون الخطوط الحمراء بين الله وبين أولياؤه لضعف علاقتهم بالقرآن من جهة ولوجود تلك الطبقة التي تعيش علي لعق الدين ما بقي يدر معايشهم علي حسب تعبير سيد الشهداء! هناك فرق بين أن تقول: " أدركني يا علي " وبين أن تقول: " اللهم إني أسألك بحبك لعلي،

ص: 257

وبمنزلته عندك إلا قضيت لي حاجتي "! فالأولي يمنعها القرآن بصريح آياته التي يخاف البعض أن تتلي عليه! والثانية جائزة وصحيحة لأنك وجهت خطابك للذي يملك الضر والنفع ويسمعك أينما كنت وكيفما كنت.. الثانية صحيحة لأنك توجه كلامك لربك ورب علي، وتسأل الله بمنزلة هذا العبد الصالح، تلميذ الإسلام وربيب النبوة، ليس لأنه ابن عم رسوله، فأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أيضاً ابن عمه لكنه أسلم عام الفتح، وليس لأنه ختنه علي ابنته، فعثمان كان ختنه علي ابنته أيضاً. بل لأنه كان يجسد التقوي بكل معانيها، التقوي هي التي رفعت كرامته عند الله لأنه بلغ منتهي لآفاقها دون أن يوحي إليه، لأن عقله ومنهجه وطريقه كان القرآن ونبع النبوة من رسول الله صلي الله عليه وعليهم. إن حبنا لهؤلاء يكون صادقاً بطاعتهم واتباعهم، وهذا ما يكمل رسالتهم ويعطي ثمارها، قال تعالي: " قل إن كنتم تحبون الله.. فاتبعوني! يحببكم الله " وما أحسن ما قال الشاعر:

لو كان حبك صادقاً لأطعته... إن المحب لما يحب مطيع!

وتدبر بعمق في آفاق أحسن ما قيل في رثاء سيد الشهداء:

وحزناً عليك بحبس النفوس... علي نهجك النير المهيع

أما التلهج بأسمائهم وترك أعمالهم فهو كالإحتجاج بالشجرة وترك الثمرة، علي حد تعبير أمير المؤمنين حول مهزلة السقيفة! وفقنا الله وإياك لما يرضيه وحشرنا وإياكم في زمرة نبيه وأهل بيته الطاهرين.

أليس الله بكافٍ عبده؟

فأعاد له (العاملي) جوابه المتقدم في ست نقاط.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 11 - 5 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 258

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وجهت إليك مجموعة من الأمثلة المحددة المتعلقة بقاعدة " إنما الأعمال بالنيات " التي كنت أرجو أن لا ترد عليها بالقول: لا حاجة لطرح المبررات، لكنك لم تقل بذلك.. بل لمحت إليه بأمثلتك عن العمال في العراق!

فكل ما أقوله هو أن هذا العامل الذي ينادي أمير المؤمنين، استعمل الصيغة الأولي من الإستغاثة التي لا غبار عليها.

فالمطلوب هو توضيح إذا كانت هذه الإستغاثة تستلزم الصيغة الكاملة كما في المثال الرابع.

محمد الهجري.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13-5-2000، الثانية عشرة وعشرة دقائق صباحاً:

سلامتك يا أخ عاملي! والله بدأت أخشي عليك من هذا البعبع الذي اسمه أحمد الكاتب، الذي يبدو أنه يقض مضاجعكم! والله لقد شوقتني إليه وإلي ما يقول، فوالله لا أعرف عنه سوي ذلك المقال المليح الذي نشر هنا وحذف بعد ذلك! فليتك تدلنا علي موقعه إن كان له موقع أو ربما الأخوة

المشرفون هنا يستطيعون تزويدنا بحواراته معكم من الأرشيف.

نعود إلي موضوع الاستغاثة، وتعقيباً علي فقراتك أعلاه:

أولاً: أنت تتحدث عن عقيدتك في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أنهم أحياء عند ربهم ومنزلتهم فوق منزلة الشهداء - لا تستهينن بمنزلة الشهداء فتظن أنها لا تكفي الأئمة، وليس فوق الشهداء إلا الصديقين والأنبياء - ولا مشاحة في هذا كله. ثم تقول: " إنهم أسمع لكلامنا من الأحياء لنا "! هذه هي الطامة التي لا تجيبون عليها! ما دليلك؟ أنتم ترددون نفس الإدعاءات ومنذ

ص: 259

بداية الموضوع وبدون دليل! أخي، أنت تتحدث عن عقيدة إسلامية، وعقيدة تتعلق بعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله " عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحداً، إلا من ارتضي من رسول " النبيين والصديقين والشهداء كل ما نعرف عنهم أنهم أحياء عند ربهم، وبالتأكيد ليسوا عندنا، هذا ما أخبرنا به الله في كتابه، لكنه لم يخبرنا بمنحهم تلك القدرات الفائقة في سماع الدعوات من الخلائق! والدعوات علي مدار الساعة!

أما أن عقيدة عامة السنيين هي كذلك في النبي صلي الله عليه وآله، فهو جهل آخر منهم، هل تستدل بالجهل علي الجهل؟! ورسائل المصريين إلي مشهد الإمام الحسين في القاهرة لقضاء الحاجات أيضاً! وماذا يعني هذا؟!! هي حالة أخري من حالات الجهل، عجيب والله! هل تأخذ عقيدتك في علم الغيب من القرآن أم من أفواه الناس؟! إننا المسلمون، وأنتم منهم، نتحدي العالم بعقيدتنا وكلها مستمدة من كتاب الله الذي نتحدي العالم أن يثبتوا فيه عوجاً!

ثانياً: حديثك عن طوائف المسلمين، لا أخونا العزيز، أنا لست شيعياًّ ولا سنياًّ ولا وهابياًّ ولا تحريرياًّ كما أتحفنا بذلك مؤخراً أخونا العروة الوثقي! ولا غيرها من الأسماء التي ابتدعها المسلمون لأنفسهم، أنا مسلم، والإسلام يحويها كلها، ولا تحوي هي كل الإسلام!

وكل يدعي وصلاً بليلي! وليلي لا تقر لهم بذاكا!

أما إذا كنت تتحدث عن الولاء والبراء، فولائي لأهل البيت وبراءتي من أعداءهم كائناً من كان، وهذه نتيجة طبيعية لمن يفهم الإسلام ويكون حراًّ في تفكيره، وليس تابعاً للبيئة والتربية والنسب! ومفهوم أن كل شيعي موالي لهم، وليس كل موالي شيعي! أما حديثك عن ابن تيمية، البعبع الآخر الذي لو كان حياًّ لما ترددت أن ترميني به، فلا داعي لأن تنقل لي تناقضاته وآفاته، فأنا علي

ص: 260

علم بها ولله الحمد، فلا تنقل التمر إلي هجر! ولكن هذا لا يعني أن نحكم علي آرائه كلها بالسقم، حتي الصحيح منها! فالرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال! أليس كذلك؟ والله يقول: " ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوي ". وكلامك يكون أوفق في الحجة وأصوب في الرأي إذا ذكرت كلامه بنصه وبينت وجه الخطأ فيه، لا أن تلوح باسمه بين الفينة والأخري باعتباره العدو التقليدي للشيعة فتقول هذه آراء بن تيمية! ومرة أخري أكرر، لا تلق الكلام جزافاً، عندما تقول أمر الله بكذا وكذا، فعليك بالدليل من كتاب الله وكلي آذان صاغية وهذا ما طلبته منكم أول الأمر، فلا تنسب إلي الله ما لم يقله في كتابه، وكل الأحاديث التي تنقل في التوسل والإستشفاع بهم إن صحت فهي لقولنا: " اللهم إنا نسألك بحق نبيك " وهي لا تعارض الكتاب ويمكن أن يستأنس بها، أما قولك أن الإستغاثة نوع من الإستشفاع والتوسل، فهذا الكلام من عندك وبينا لك في أكثر من مرة بطلانه من وجوه! فكل كلامك الذي ذكرته من قبيل أن الله اتخذهم واسطة ووسيلة بينه وبين خلقه وأنه أمر بالإستشفاع بهم مما لا دليل لك عليه، ولو أن الله سكت عن هذه لسكتنا، كيف وآياته تصيح وتصرخ بما لا تقولون!

إن قلت: " أنهم أسمع لكلامنا من الأحياء لنا "!

فأنا أقول لك: إن الله أسمع لكلامنا منهم ومن الأحياء لنا! هل تناجي ربك بينك وبين نفسك أم تناجي الأئمة؟! أم تقول أن الأئمة يسمعون مناجاتك؟! أجبني عن هذه إن استطعت!

إن قلت: نعم يسمعون مناجاتك.

ص: 261

فقد أقررت بألوهيتهم من حيث لا تدري! والإله ليس بالضرورة أن يكون معلناً " أرأيت من اتخذ إلهه هواه " فهل رأيت أحداً يقول أنا أعبد هواي؟ وما أكثرهم!

وإن قلت: إنهم لا يسمعون مناجاتك.

فكيف تستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير؟!! كيف تتركون دعاء الذي يعلم السر وأخفي وهو معكم أينما كنتم، وتزعمون لمن دونه ما لا تعلمون؟! إن شئت الشفاعة لدعائك فأرفقه بالصلاة عليهم لأن الله يحب أن يصلي عليهم، وهو كريم، لا يجيبك لشئ هو يحبه ويترك حاجتك، ولا يرد خائباً عن بابه.

أما قولكم: أنهم الوسيلة إليه.

فادعائكم هذا قد نسفه الإمام السجاد نسفاً في مناجاة المطيعين! هل قرأتها؟ اسمع إليه يقول: " ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت "!! نفي يتبع استثناء يفيد الحصر! كقولنا لا إله إلا الله! هذا إمامكم كما تقولون، فرد عليه إن استطعت! وكل ما ذكرته لنا أعلاه في كفة، وعبارتك الأخيرة في كفة أخري!

قولك: " ومن الغريب أنك جعلت عنوان موضوعك الآخر أن القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وعلي، ولم تأت بآية ولا حديث في الموضوع! أليس هذا عجيباً؟!! "!!!!

فعلاً عجيب أخ عاملي! والأعجب من هذا كله أنك لم تقرأ الموضوع أساساً! ولو كنت قد فعلت لعلمت أني أوردت لك فيه عشرين آية من كتاب الله كلها تتحدث عن دعاء الله والطلب منه! وأوردت لك فيه حديثاً صحيحاً عن رسول الله! وحديثاً عن أمير المؤمنين! وحديثاً عن السجاد! وحديثاً عن الصادق عليهم السلام!!! كل هذا وتقول أني لم أت بآية أو حديث! والله لقد رأيت منك العجب!

ص: 262

أقول: عوداً علي بدء، عد إلي الموضوع أعلاه وأرجو أن تقرأه بتمعن حتي نهايته لتكفيني إعادة عرضه هنا مرة أخري.

الأخ محمد الهجري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مثال العامل في العراق الذي طرحته لك يماثل الصيغة الأولي التي قلنا عنها بأنها باطلة، وإنما أزحنا الغبار عن الصيغة الثانية وفيها:" اللهم إني أسألك بحق محمد وآله " وهذا ما لم يقله العامل!

فكتب (محمد الهجري) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ العزيز أبا الحارث: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

قلت: " مثال العامل في العراق الذي طرحته لك يماثل الصيغة الأولي التي قلنا عنها بأنها باطلة، وإنما أزحنا الغبار عن الصيغة الثانية وفيها: اللهم إني أسألك بحق محمد وآله. وهذا ما لم يقله العامل! ".

أولاً: عبارة العامل صحيحة وليست باطلة، لأنها صيغة مختصرة للمطولة.

ثانياً: قول العامل باطل في حالة واحدة، وهي الإعتقاد بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله. وهذا شئ لا تستطيع القطع به لأنه لم يقله ولا يظهر من كلامه ذلك، وحسن الظن يحتم خلافه.

ثالثاً: القاعدة المعروفة: إثبات الشئ لا ينفي ما عداه. تنطبق علي مثالك.

فالعامل أثبت بأنه يستغيث بأمير المؤمنين، ولم يقم بنفي دور الله في الأمر. فهل اطلعت علي باطنه؟!

رابعاً: عدم ذكر الصيغة المطولة لا يعني عدم قصدها. فقوله:" يا علي " يثبت إقراره بأمير المؤمنين، وإقراره بالإمرة إقرارٌ بكون الأمير من أولياء الله، والإقرار له بالولاية، إقرارٌ بدور الله في الأمور.

ص: 263

وهذا كلام معروف لدي كل شيعي إمامي. محمد الهجري.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الخامسة صباحاً:

الأخ الكريم محمد الهجري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يبدو أن هناك التباس بين الصيغ والأمثلة التي طرحناها، أسألك سؤالاً: هل تستطيع التمييز بين الصيغتين التاليتين:

1 - " أدركني يا علي " ومنها مثال العامل وأمثلتك الأربعة. 2 - " اللهم إني أسألك بحبك لعلي "؟

الأولي هي التي قلت عنها بأنها باطلة، والثانية جائزة.. ومثال العامل والأمثلة الأربعة التي صغتها أنت كلها تندرج تحت مدلولات الصيغة الأولي. أرجو أن يكون هذا واضحاً.

نعود إلي صيغة العامل التي قال فيها: " يا علي يا أبو الحسن " وأقر بأنه يريد عونه.

قلت أنت عنها: " أولاً: عبارة العامل صحيحة وليست باطلة، لأنها صيغة مختصرة للمطولة ".

نحن لم نجز المطولة أصلاً حتر ندرج فيها المختصرة.

" ثانياً: قول العامل باطل في حالة واحدة، وهي الإعتقاد بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله. وهذا شئ لا تستطيع القطع به لأنه لم يقله ولا يظهر من كلامه ذلك، وحسن الظن يحتم خلافه ".

قلنا سابقاً: إن النيات موكلة إلي رب العباد، والغاية هنا هي بحث مشروعية الإستغاثة بغيره بقطع النظر عن نية المستغيث! إذا اعتقد المستغيث بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله فقد ارتكب شركاً اعتقادياًّ، وهذا خطير! لأنه قد جمع العمل والنية بما لا يرضي الله! أما إذا كان اعتقاده غير ذلك، بنية

ص: 264

القربي حسب اعتقاده هو، فقد ارتكب شركاً عملياًّ، وجب تنبيهه عليه لأنه قد يفضي إلي الشرك الإعتقادي الأخطر، إقرأ قصة قوم نوح مع ود ويغوث ويعوق ونسر.

ثالثاً: القاعدة المعروفة: إثبات الشئ لا ينفي ما عداه. تنطبق علي مثالك. فالعامل أثبت بأنه يستغيث بأمير المؤمنين، ولم يقم بنفي دور الله في الأمر. فهل اطلعت علي باطنه؟ ".

أخي الكريم، لا ينفي أحد دور الله في الأمور، فهذه قضية أودعها الله في فطرة البشر، وقد قص الله لنا في كتابه هذه المسألة وذكرنا مثالاً واضحاً عليها في قوله: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون " مجرد الإعتقاد لا يكفي إذا كان العمل غير مشروع! كثيراً من الناس يحتجون بهذا علي تركهم الصلاة ويقول لك: " إلا من أتي الله بقلب سليم "!!

" رابعاً: عدم ذكر الصيغة المطولة لا يعني عدم قصدها. فقوله: يا علي. يثبت إقراره بأمير المؤمنين، وإقراره بالإمرة إقرار بكون الأمير من أولياء الله، والإقرار له بالولاية إقرار بدور الله في الأمور. وهذا كلام معروف لدي كل شيعي إمامي ".

عفواً أخي الكريم، ولكن لا أري رابطاً أو قرينة بين ما تقول، وبما أنه كلام معروف لدي كل شيعي إمامي كما تقول، فحبذا لو تبين لنا أكثر ما عنيته بسلسلة الإقرارات التي تبدأ بقوله: " يا علي " وتنتهي بإقراره بدور الله! وبالذات ما هو دور الله الذي أقر به؟ تقبل تحياتي.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الثامنة صباحاً:

ص: 265

اسمح لي يا أبا الحارث أن أصفك بالتذبذب وعدم الوقوف علي الجادة. فأنت تقول بأنك شيعي، ويتضح لنا بأنك غير ذلك.

ثم.. لم هذا التنقل من موضع لآخر؟! هل تريد تشتيت ذهن المحاور معك، فيعجز عن مناقشتك أم لغاية في نفس يعقوب..

أما قولك رداًّ علي الشيخ العاملي: " أما رسالة السقاف فسأتركها لك تجادل بها عن نفسك أمام الله يوم الحساب عندما يسألك عن كتابه!! أما أنا العبد الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين، فحسبي كتاب الله ".

فهو جواب عمر للنبي عندما منعه أن يكتب كتاباً للأمة لا تضل بعدها أبداً!!

ومن قال لك أن كتاب الله ينفعك وحده يوم حشرك، هل تدعي أنك تفهم كتاب الله؟؟؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 5 - 2000، التاسعة صباحاً:

الأخ أبا الحارث، أو أحمد الكاتب:

لا أحمد الكاتب بعبع، ولا ابن تيمية، ولا أئمتهما!!

والبعبع لا يولي هارباً.. أمام بعض طلبة الشيعة، ثم يتستر بأسماء أخري!!

وأكرر أن تبقي في الموضوع ولا تخرج عنه.. فقد جعلت عنوان موضوعك: أن القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وآله صلي الله عليه وآله.. وحشدت آيات وكلاماً لا دليل فيه..

فعدد الآيات التي تدل بزعمك علي دعواك بأن الإستغاثة بالنبي وآله شرك، آية آية.. واذكر وجه دلالتها بدقة.

والأحاديث كذلك.. ولا تقفز عن محور الموضوع ذات اليمين والشمال.. فهل تفعل؟

أم لا تستطيع!!

ص: 266

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ أبو زهراء: السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أرحب بمداخلتك، وكنت أحبذ أن تبدأها بالسلام كذلك.

لا أذكر أني قلت بأني" شيعي " كما تفضلت، بل ذكرت بأني مسلم والإسلام يحوي الجميع، فلا أدري وجه التذبذب الذي ظننت. ولم أفهم قصدك بالتنقل من موضع لآخر، موضوعنا هو الإستغاثة بغير الله ولا أري أني حدت عنه وليست عندي غاية أخري، فإن كنت قد فعلت فصوبني وقل لي أين.

أخي الكريم: اعتراضك علي " حسبي كتاب الله " ليس هذا موضعه، فلكل مقام مقال، هذه الكلمة التي قالها عمر وقحة لأنها قيلت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله وفي مقابل أمره الذي لا يرد، ولو قيلت في حضرة غيره لما اعترضنا عليها، والأخ العاملي ليس رسول الله، أما هل سينفعني كتاب الله

وحده يوم حشري؟ فما رأيك أنت؟ لا أظن أن الله تعالي سيأتي لي بصحيح البخاري أو الكافي أو غيرها ليقول لي ماذا عملت فيها! أما أني أفهم كتاب الله، فأفهمه بما يسره الله تبارك وتعالي لي، ولغيري، ولا يحاط بعلم الكتاب، وبالتأكيد هو ليس كتاب ألغاز أو طلاسم! بل قرآناً عربياًّ لقوم يعقلون، يسره الله ليفهمه عباده " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "؟! والسلام.

الأخ العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن تحدد الشخص الذي تود محاورته، وبإمكانك الإتصال بأحمد الكاتب واستحلافه وتصفية الحساب معه واسأله لماذا ولي هارباً! عند ذلك نستطيع مواصلة الحوار الذي يبدو أنه لم يبدأ بعد! فأنا لا أستطيع النيابة عن شخصين " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ". والسلام.

ص: 267

وكتب (العاملي) بتاريخ 13-5-2000، الثانية ظهراً:

الأخ أبا الحارث:

بحثي مع أبي الحارث الذي فتح موضوعين ليثبت حرمة الإستغاثة أو أنها شرك، في قول القائل:

" أدركني يا علي، أو يا رسول الله أدركني.. وما شابه ".

وقد ادعي في عنوان هذا الموضوع أن القرآن والعترة يحرمان ذلك..

فأرجو أن تذكر أدلتك من القرآن، أو المصادر المعتبرة عند مذاهب المسلمين علي تحريم هذا النوع من التوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله..

وأن يكون الإستدلال واضحاً دقيقاً، علي النحو المتعارف في كتابة علماء المذاهب وكتابهم، وكتابة الحقوقيين والباحثين.. وشكراً.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم..

لدي سؤال واحد وهو: هل لك أن تبين لنا الشيء الذي نطلبه من أحد المعصومين عندما نقول: " يا فلان أدركني "؟

بعبارة أخري: بماذا سوف يدركني؟ وخير الكلام ما قل ودل.

أما التي أطلقت عليها اسم: " سلسلة الإقرارات " فإن لها وقتاً آخر إن شاء الله.

محمد الهجري.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 5 - 2000، الثالثة ظهراً:

أين أنت يا أبا الحارث؟

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 19 - 5 - 2000، العاشرة ليلاً:

ص: 268

السلام عليكم ورحمة الله. أعتذر عن تأخري، فالحياة في المهجر لها همومها..

الأخ محمد الهجري:

المقصود من الإستغاثة بغير الله هو ما يقتضيه ظاهر اللغة من الإستعانة بغيره! وقلنا ليس لأحد أن يبحث النيات. فقد يظن المستغيث أن للولي قدرة ذاتية علي التغيير، مع الله أو بدونه، وهو باطل، وقد يظن أنه يستغيث به لأنه سيسمع كلامه وينقله بشفاعته إلي ربه، وهو ممتنع لإنعدام الدليل، بل لوجود موانع له من الكتاب والسنة. وأرجو أن تلاحظ التعقيب التالي فهو يشمل ما طرحته أيضاً.

الأخ العاملي والأخوة المتابعين:

الأدلة المطلوبة موضحة في بداية هذا الموضوع، وبينا فيها حكم القرآن الجامع المانع، وعززناه بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وعترته بما ذكرنا عن الإمام علي كرم الله وجهه والأئمة السجاد والصادق عليهم السلام أجمعين مما يعد تبياناً ودعماً وشرحاً وتطبيقاً لآيات التوحيد المختصة بدعاء الله والإستغاثة به أو بغيره. وهذه الأحاديث لم تأت بتشريع جديد، وأني لها، وإنما جاءت تطبيقاً لتشريع القرآن، فالحديث الصحيح لا ينسخ القرآن ولا يناقضه! لأن الله وعدنا بحفظ القرآن ولم يعدنا بحفظ الحديث!

ولاختصار القصة نوجزها بما يلي علي وجه العجالة: الدعاء مخ العبادة، والعبادة مبناها القرآن والسنة والاتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وقلنا بأنا نعبد الله بما يحبه هو وبما شرع فلا يعبد بالأهواء والبدع

" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله "؟! فلا نافع ولا ضار إلا الله " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ". إن الله بين لنا في قرآنه التناقض الشديد الذي يقع فيه الإنسان حين

ص: 269

تدهمه الكرب والملمات حيث يلجأ، بفطرته التي فطره الله عليها، فيدعو الله وحده ويخصه بالدعاء وحده، حتي إذا ما كشف الكرب عنه أعرض وجعل لله أنداداً، وكل شيء يضعه الإنسان بديلاً أو شريكاً لله فهو ند له، من دون فرق بين كون ذلك الند ملكاً أو نبياًّ أو ولياًّ أو صنماً! يقول تعالي: " وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه " هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول:" ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً "." فإذا مس الإنسان ضر دعانا ". هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول:" ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته علي علم ".. " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " هذا هو دعاء الفطرة، ثم يقول: " فلما نجاكم إلي البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً "." قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بغتة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين، بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إن شاء وتنسون ما تشركون "." وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "." فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر إذا هم يشركون "." وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر فمنهم مقتصد "." قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين "." وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلي ضر مسه ". وغيرها كثير " وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ". الروم - 33، ولم يترك الله هذه القضية العقدية للفقهاء حتي يختص بها أهل العلم، لأنها حجته علي الناس جميعاً، ولا تقليد في العقائد! بل بينها في أغلب مواضع القرآن وشدد عليها أكثر مما شدد علي الصلاة! كيف يستقيم الإخلاص لله إذا اشترك معه غيره، في الدعاء؟! أم كيف

ص: 270

يكون الإنقطاع إلي الله، إذا دعونا أحدا سواه؟! أم كيف تكون مناجاة الله والتضرع له الذي أمرنا به " ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين " إن أعظم الخلق قدراً ومنزلة هو رسول الله صلي الله عليه وآله، وأهل بيته وأصحابه هم أعلم الناس بأمره وقدره وأطوع الناس له وم يكن يأمر أحداً منهم عند الفزع أو الكرب أو الخوف أن يستغيث به فيقول يا سيدي يا رسول الله أغثني! وهو الذي الذي ما ترك طريقاً للفلاح والخير والرشاد إلا ودل أمته إليه، بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه، وروي عنه أنه علم ابنته الزهراء عليها السلام أن تقول:" يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين ولا إلي أحداً من خلقك ". إن الذي يملك الضر والنفع هو الله وحده، وأمرنا أن نتوجه إليه بعد أن نأخذ بالأسباب المتاحة لنا علي قاعدة:" إعقلها وتوكل " حتي إذا عجزت أسبابنا توجهنا إلي خالق الأسباب ومسببها، لقد أمر الله تعالي مريم البتول عليها السلام حينما أجاءها المخاض إلي جذع النخلة أن تهز بجذعها لتسقط عليها رطباً! فهل رأيت إنساناً هز نخلة من قبل لتسقط عليه رطباً؟! ناهيك عن هذه المرأة الضعيفة وهي بعد في أضعف حالاتها بين آلام الوضع! إنه الأخذ بالأسباب " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي "! ما هي معالم التوحيد في الإسلام؟ ما هي مدلولات لا إله إلا الله التي حاربها ويحاربها الناس؟ إنها لربط الإنسان مطلقاً بخالقه وإخراجه من عبودية

غيره، إن لا إله إلا الله لا تعني فقط لا خالق إلا الله، فهذه يعرفها حتي الذين يحاربون الإسلام! إن لها أبعادا لم يألفها البشر إلا في مناهج الرسل التي دأب البشر علي تحريفها وتشويهها بما ينسجم مع تصوراتهم المادية المحدودة، فاخترعوا الوسطاء بين الله وبين خلقه! وما قصة قوم نوح إلا مثالاً واضحاً عن كيفية تحول فئة من أولياء الله ك- (ود) و (يغوث) و (يعوق) و (نسر) إلي

ص: 271

آلهة تعبد وترتجي من دونه مع تعاقب الأجيال، ودونكم تصورات النصاري وعقائدهم في بنوة المسيح التي اخترعها لهم بطرس لتماشي عقائد الرومان في الآلهة! لا إله إلا الله تعني لا معبود في الكون بحق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا مدبر إلا الله، لا نخشي إلا الله، لا نتوكل إلا علي الله، لا نرجو إلا الله، لا نخاف إلا الله، لا نبكي إلا لله، رهبة منه ورغبة إليه، لا نلجأ إلا إليه، ولا نتضرع إلا إليه، لا نرفع أكفنا بالدعاء إلا إليه، فنقول يا رب أغثنا وأدركنا بلطفك، ولا نرفع أيدينا فنقول:" يا علي أدركنا "! لا نرفع أيدينا لغيره، لا لأنبيائه ولا لأوليائه! لأن حقهم علينا ليس دعاءهم والإستغاثة بهم، بل اتباع أثرهم والإقتداء بنهجهم والصلاة عليهم، وهذا هو السبيل لنصرتهم، وهذا هو ما يفرحهم ويعطي ثمرة جهادهم ودمائهم.. أرسل الله الرسل ليطاعوا لا ليستغاث بهم " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله " أرسلهم الله ليكونوا واسطة التبليغ عنه، لا ليكونوا واسطة التبليغ إليه! هم رسل الله إلينا، وليسوا رسلنا إلي الله! هم يبلغوننا ما يريده الله منا، ولا يبلغون الله ما نريده منه! هو الذي يسمع دعاء الخلائق وتضرعهم وليس بينه وبين دعائهم حجاب! إن آيات الله التي تدعوا لإخلاصه بالدعاء واضحة بأبلغ ما تكون، لا تحتاج لمصطلحات الفقهاء وتعابير الحقوقيين لتستدل علي معناها لأن الله خاطب به

الناس جميعاً: " قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون "." ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين "." ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين "." ولله الأسماء الحسني فادعوه بها "." إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين "." والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم. الأعراف 29، 55 - 56

ص: 272

، 180، 194، 197." قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً ". " الذين " جامعة مانعة لما هو من دون الله من جماد أو ملك أو نبي أو ولي " أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " وقد رأينا كيف فسر العلماء الوسيلة بأنها القربة بالطاعات، وكيف قال السجاد في مناجاة المطيعين: " ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت ".. " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ". الكهف - 28. " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقياًّ ". مريم - 48. " قال هل يسمعونكم إذ تدعون؟! ". الشعراء - 72. " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ". النمل - 62. " تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ". السجدة - 16." إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ". فاطر - 14." أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين ". الصافات - 125." فادعوا الله مخلصين له الدين ". غافر - 14.

وتمعن بقوله: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ". وقوله: " هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين " وقوله:" ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ". وقوله: " قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً ". هذا كلام الله وهذه آياته " فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون؟! ". وقال رسول الله: إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. وسيرة العترة وكلامهم جاء مصداقاً لكلام الله، وما مقدمة دعاء كميل لأمير

ص: 273

المؤمنين ببعيد عنا وقول صادق أهل البيت: عجبت لمن أدركه الهم... إلي آخر ما تقدم.

فهذا هو حديث القرآن وحديث العترة.. حديث الثقلين! فهل نتمسك بهما؟! أم أن لأهوائنا رأي آخر؟!!

إن قضية الإستغاثة بغير الله، بالأنبياء أو الأولياء، قضية أنكرها القرآن ولا شأن لها بالوهابية أو السلفية كما يسمون نفسهم، كل ما هنالك أنهم قد رفعوا عقيرتهم بها حين استهان بها الجمع الآخر من المسلمين، واستغل آل سعود هذه الثغرة وأفتي لهم علماء السوء بإباحة دماء المسلمین الأبرياء بحجة أنهم مشركون حتي يسهل لهم السلب والنهب خاصة إبان فترة اجتياحهم للجزيرة قبل قرنين تقريباً، وانبري الشيعة والصوفيون لتبريرها والدفاع عنها كنتيجة طبيعية للصراع العقائدي بينهم وبين السلفية، وكردة فعل لتشدد السلفيين وتطرفهم، حتي صار شعار السلفية التوحيد! وكأنه لا يوجد موحد سواهم! إن محاربة التطرف لا تتأتي (كذا) بتطرف آخر، يساويه في القوة ويعاكسه في الإتجاه! " قل أمر ربي بالقسط " والحكمة ضالة المؤمن وهو أولي بها! سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 19 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ أبا الحارث:

قلت: " المقصود من الاستغاثة بغير الله هو ما يقتضيه ظاهر اللغة من الإستعانة بغيره! وقلنا ليس لأحد أن يبحث النيات. فقد يظن المستغيث أن للولي قدرة ذاتية علي التغيير، مع الله أو بدونه، وهو باطل،

ص: 274

وقد يظن أنه يستغيث به لأنه سيسمع كلامه وينقله بشفاعته إلي ربه، وهو ممتنع لإنعدام الدليل، بل لوجود موانع له من الكتاب والسنة ".

1 - صرحت جنابك بعدم جواز البحث في النيات، لكن هذا مرفوض، والقاعدة معروفة.

2 - الأدلة التي استندت إليها ليست إلا الآيات التي تحدثت عن أهل الشرك، فلا وجه هنا للقرينة.

3 - سماع المعصوم للإستغاثة أمر شهدت به الروايات خصوصاً زيارات الإمام الحسين التي منها: " من الدخول في كفالتك ". و: " أشهد أنك تسمع الكلام وترد الجواب ". و: " المعترف بحقك جاءك مستجيراً ".

4 - طلب الإستغاثة من المعصوم خلاصته الطلب من المعصوم أن يقوم بالشفاعة المقرونة بالفعل لك عند الله، وهذه الشفاعة إغاثة لقضاء الحاجة.

محمد الهجري.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 5 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الأخ أبا الحارث: موضوعنا: ادعاؤك تحريم الاستغاثة بالنبي وآله صلي الله عليهم بندائهم..

كأن يقول المسلم: " يا محمد يا علي يا فاطمة يا حسن يا حسين، أو يا محمد أدركني، أو يا علي أدركني.. " إلخ.

وجوابي عليه من ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ملاحظات علي بعض ماورد في كلامك في الموضوعين اللذين فتحتهما أنت لهذا الموضوع.

ص: 275

والقسم الثاني: أردتك أن تكتب بصيغة الإستدلال الفقهي أو الجامعي.. لكنك كتبت بأسلوبك، فصار لزاماً علي أن أستخرج منه أدلتك وأنظمها، ثم أجيب عليها.

والقسم الثالث: تحرير مسألة الإستغاثة بالنداء وغيره، ناظراً إلي إشكالاتك، التي هي عين إشكالات ابن تيمية.

القسم الأول: ملاحظات علي بعض كلماتك:

1 - قلت: " وكل شئ يؤخذ منه ويرد إلا كتاب الله، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، وما عداه فهو معرض للجرح والتعديل ".

أقول: لا بد أن تضيف إليه ما ثبت بالتواتر في مصادر مذهب أهل البيت عليهم السلام.. إن كنت شيعياًّ. أو في مصادر السنيين.. إن كنت سنياًّ.

أما قولك: " أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها ".

وقولك: " أنا لا أنحي بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد إجماعها "!

فهو مذهب جديد يضيق علي صاحبه البحث، بل الخناق، لأن ما أجمع عليه الجميع قليل جداًّ.

وتحريم الإستغاثة مما لم يجمعوا عليه قطعاً!!

2 - قلت: " فجاء رد الأخ العاملي مستعرضاً روايات أهل السنة في حديث الأعمي الذي توسل برسول الله (صلی الله علیه و آله) وكأن الغبار يرتفع عن المسألة إذا أثبتها أهل السنة! ".

شكراً لك علي موافقتنا علي تقييم الإستدلال من مصادر السنيين.

فمذهبنا أن نستدل بمصادر أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، ونؤيد ذلك تأييداً بما ورد في مصادر السنيين. أو نورده لإلزام من يراه صحيحاً ويلتزم به.

ص: 276

3 - قلت: " وللأمانة بقي أخيراً أن أقول، أنه قد سأل أحد المراجع الكبار الحاليين عن: " أدركني يا علي " فأجاب... " إلخ.

وذكرت من جوابه: " أتصور أن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: أدركني يا علي أو نحو ذلك، لا يقصدون الإستعانة به بشكل مستقل، بل يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة إلي الله في تحقيق مطالبهم ".

وسؤالي: ما دمت لست مجتهداً وعندك [مرجع كبير] تأخذ برأيه في مسائل..

فلماذا لا تأخذ بفتواه المذكورة في تحليل الإستغاثة، وهل أنت مجتهد، وأعلم منه في هذه المسألة؟!

4 - قلت: " ليست هذه مسألة فقهية تعتمد أسس الإستنباط، أو تحتاج إلي ذوي الإختصاص حتي يختلف في تأويلها وتفسيرها، هذه من صلب عقيدة التوحيد.. إلخ ".

وسؤالي: من الذي يحدد أن هذه المسألة فقهية، أو عقيدية؟ أنت أم المراجع المسلم اجتهادهم وفقاهتهم عند الجميع؟

وهل تستطيع أن تذكر لي رأي عالم واحد منهم، قال إنها مسألة عقيدية، وليست فقهية؟!!

5 - قلت: " أولاً: أنت تتحدث عن عقيدتك في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أنهم أحياء عند ربهم ومنزلتهم فوق منزلة الشهداء، لا تستهينن بمنزلة الشهداء فتظن أنها لا تكفي الأئمة، وليس فوق الشهداء إلا الصديقين والأنبياء ".

ص: 277

وسؤالي: أنت تري أن منزلة الشهداء تكفي للأئمة.. وربما تري أنها كثيرة عليهم.. وقد جعلت منزلة جميع الصديقين وجميع الأنبياء أفضل منهم!! فهل هذه عقيدتك؟

وهل تتراجع عنها إذا أثبتنا لك من مصادر الشيعة أو مصادر الجميع أن منزلة الأئمة عليهم السلام هي جزء من منزلة النبي صلي الله عليه وآله، الذي هو سيد الأنبياء والمرسلين، وأفضل المخلوقات؟

6 – قلت:" لقد لاحظت أنك اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ، هذه القضية أول ما تطرح علي كتاب الله، فإن وافقته بحثنا تفصيلها في السنة والآثار، وإن خالفته رمينا بها عرض الحائط، ولا نلتفت لغيرها من الأحاديث وإن روتها الملائكة! قال صادق أهل البيت عليه السلام: كل ما خالف كتاب الله فهو زخرف ".

وسؤالي: من الذي يحدد أن هذا الحديث موافق لكتاب الله أو مخالف له؟ أنت أم المجتهدون؟

وهل تستطيع أن تذكرلي رأي عالم واحد منهم، قال إن أحاديث التوسل والإستغاثة بالنداء تخالف القرآن، وهي التي أفتي علماء جميع المذاهب باستحبابها عند زيارة قبر النبي، وفيها خطاب للنبي الذي لا يسمع الداعي ولا يفيده كما ذكرت؟!!

7 - قلت: " يبدو أن الصحابة عندك، وعند خصومك هم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن العاص!! أين أبو ذر والمقداد وعمار والبراء وابن مسعود وأبي وحذيفة وخزيمة وغيرهم من الذين ضاعوا بينك وبين خصومك؟! ألا تستحيي منهم؟! ".

ص: 278

أقول: يسرنا أن تعرف قدر هؤلاء الصحابة الذين ذكرتهم، وهم جميعاً مرضيون عند أئمتنا الطاهرين عليهم السلام، وأن تفضلهم علي أبي بكر وعمر وعثمان.

8 - قلت: " يقول أمير المؤمنين وسيد الموحدين ووصي رسول رب العالمين وحجة الله علي الأولين والآخرين يعلمنا ويعلمكم كيف يكون أدب التوسل مع الله..

وقلت: " كالإحتجاج بالشجرة وترك الثمرة علي حد تعبير أمير المؤمنين حول مهزلة السقيفة! " وقلت: " هذه الكلمة التي قالها عمر وقحة! لأنها قيلت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله، وفي مقابل أمره الذي لا يرد ".

وسؤالي: هل هذا اعتراف منك بأن علياًّ عليه السلام وصي النبي صلي الله عليه وآله وخليفته، واعتراف بمؤامرة السقيفة التي لبسوها فيما بعد اسم الشوري.. وبأن عمر رد علي رسول الله، فلزمه حكم الراد علي الله ورسوله؟!

9 - قلت: " أما حديثك عن ابن تيمية، البعبع الآخر الذي لو كان حياًّ لما ترددت أن ترميني به، فلا داعي لأن تنقل لي تناقضاته وآفاته، فأنا علي علم بها ولله الحمد، فلا تنقل التمر إلي هجر! ".

وطلبي: نرجو أن تتفضل علينا ببعض تناقضات ابن تيمية، وآفاته، لنستفيد منها، ونتعرف علي آرائك.

10 - قلت: " أما أني أفهم كتاب الله، فأفهمه بما يسره الله تبارك وتعالي لي ولغيري، ولا يحاط بعلم الكتاب، وبالتأكيد هو ليس كتاب ألغاز أو طلاسم! بل قرآناً عربياًّ لقوم يعقلون ".

وسؤالي: هل أنت مجتهد في تفسير القرآن؟ كما أنت مجتهد في العقائد؟ وهل عندك من المعرفة والتخصص باللغة العربية والسيرة والحديث والفقه، والأدوات العلمية والممارسة التي يحتاج إليها الإجتهاد في التفسير؟

ص: 279

11 - وردت في كلامك بعض الأخطاء النحوية واللغوية الفاحشة بالنسبة إلي مجتهد، أسجل منها ما يلي:

قلت: " ولا يغلطه كثرة السائلون ". والصحيح: " السائلين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " ناد عليه أغثني يا إمام بشفاعتك " و " سينادي علي صاحبه الذي ". والصحيح: " ناده وسيناديه ". لأن ناداه هنا متعد، ونادي عليه تستعمل لمن يراد بيعه أو نادي علي جنازته، أو يراد القيام بعمل به!

قلت: " إذا كان كل هذا ممتنع ". والصحيح: " ممتنعاً ". لأنه خبر كان.

قلت: " فهو من الأئمة أمنع ". وقصدك منها: أكثر امتناعاً، وقد اختلطت بأفعل التفضيل من المنعة.

قلت: " الرسل مبلغين، وأرسلهم الله لنطيعهم لا لنستغيث بهم ". والصحيح: " مبلغون ". لأنه خبر.

قلت: " أما.... دعوي أخري ". والصحيح: " فدعوي أخري ". لوجوب الفاء بعد أما.

قلت: " وكلا الصيغتان: إشفع لي، أو أدركني، غير جائزة يا إخواننا ". والصحيح: " كلا الصيغتين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " ولا يغلطه كثرة السائلون ". والصحيح: " السائلين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " وإن كان لتخفيف الوزن لم يثاب ". والصحيح: " لم يثب ". لأنه مضارع مجزوم.

قلت: " العباس أخي الإمام الحسين ". والصحيح: " أخ الحسين ". لأنه لا معني للياء هنا.

قلت: " أحكام الطهارة والأستحاظة ". والصحيح: بالضاد. لأنه من الحيض.

ص: 280

قلت: " فلم يخلو الطرفان ". والصحيح: " فلم يخل ". لأنه مضارع مجزوم.

قلت: " كل شيعي موالي لهم، وليس كل موالي شيعي ". والصحيح: " موال " في الموردين، بدون ياء. لأنه مفرد.

قلت: " التوسل الغير شرعي ". والصحيح: " التوسل غير الشرعي ".

قلت: " أو هوية أبو الحارث! " والصحيح: " أبي " بالكسر. وللصحة وجه إذا كان علماً..

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 22 - 5 - 2000، السابعة والنصف مساءً:

القسم الثاني من الجواب:

صياغة أدلة الكاتب علي تحريم الإستغاثة بالنداء، وردها:

الدليل الأول: أن الدعاء عبادة، والعبادة توقيفية، والأصل في الدعاء الحرمة حتي تثبت مشروعيته.

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب..

مثل قوله: " الأدلة المطلوبة موضحة في بداية هذا الموضوع، وبينا فيها حكم القرآن الجامع المانع، وعززناه بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وعترته بما ذكرنا عن الإمام علي كرم الله وجهه والأئمة.. الدعاء مخ العبادة، والعبادة مبناها القرآن والسنة والإتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وقلنا بأنا نعبد الله بما يحبه هو وبما شرع فلا يعبد بالأهواء والبدع. أم لهم شركاء، شرعوا لهم من الدين، ما لم يأذن به الله؟! ". انتهي.

والجواب:

أولاً: إن قولنا " يا محمد أدركني، يا علي أدركني " نداء، وليس دعاء.

ص: 281

فهو نداء للنبي وآله من أجل أن يشفعوا للمنادي المستغيث عند الله تعالي ويدعوا له الله تعالي، أو يعطوه مما أعطاهم الله وخولهم. فهو مقدمة للدعاء علي وجه وليس دعاء.

وثانياً: أن القاعدة المعروفة عند الفقهاء أن العبادات توقيفية..

يقصدون بها العبادات التي ورد لها صيغة وصورة معينة كالصلاة والصوم والحج.. فهذه تتوقف صيغتها علي الشرع، ويحرم فيها الزيادة والنقصان..

أما الدعاء والتضرع بمعناه العام، فصيغته الشرعية مفتوحة من الأصل، وكل آيات الأمر بالدعاء مطلقة من حيث صيغته..

فقد ورد عن النبي وآله صلي الله عليهم أنواع الأدعية، ونصت بعض الأحاديث علي أنه يستحب الدعاء وليس فيه شئ موظف، فيدعو المسلم بما شاء، وما جري علي لسانه.

نعم يحرم أن يكون الدعاء بحرام أو يتضمن حراماً، لأن الله لا يطاع من حيث يعصي.

فقاعدة توقيفية العبادة إذن، لا تثبت حرمة: " يا محمد أدركني " بل لا بد لمن يدعي حرمتها أن يثبتها من دليل آخر.. ولا يوجد!

الدليل الثاني: أنه يجب علي المسلم الموحد أن يدعو الله وحده. وقولنا: " يا محمد أدركني " وشبهه، يخالف توحيد الله في الدعاء. وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " إن الله بين لنا في قرآنه التناقض الشديد الذي يقع فيه الإنسان حين تدهمه الكرب والملمات حيث يلجأ، بفطرته التي فطره الله عليها، فيدعو الله وحده ويخصه بالدعاء وحده، حتي إذا ما كشف الكرب عنه أعرض وجعل لله أنداداً، وكل شئ يضعه الإنسان بديلاً أو شريكاً لله فهو ند له، من دون فرق

ص: 282

بين كون ذلك الند ملكاً أو نبياًّ أو ولياًّ أو صنماً! يقول تعالي: وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه. هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول: ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً ". انتهي.

والجواب:

أولاً: أن قولنا: " يا محمد أدركني " ليس دعاء، بل قد يكون طلباً من المنادي أن يدعو له الله، كما بينا.

وثانياً: موضوع كلامه والآية المذكورة فيه، والآيات المشابهة، دعاء غير الله تعالي، بمعني عبادته وجعله نداًّ لله تعالي أو شريكاً، والعياذ بالله!

وليس في قولك: " يا محمد أدركني " ادعاء شئ من ذلك.. لا في نية المنادي ولا في الفهم العرفي.. فلو سألت العراقي الذي يقول: يا الله، يا محمد، يا علي، أو المصري الذي يقول: يا حسين مدد، أو يا سيدي البدوي مدد، أو الإيراني أو الهندي الذي يقول يا علي مدد.. إلخ. عن معني هذا النداء لقالوا: إنهم ينادون النبي والأولياء، بما لهم من كرامة عند الله، ليشفعوا لهم، أو ليعطوهم مما أعطاهم الله.

فتشبيه ذلك بمن يدعو الأصنام والأوثان ويعبدها، أو يعبد أي مخلوق من دون الله، أو يزعم شراكتها لله في شئ من الألوهية.. تشبيه باطل ظالم.

فإن دعاءَ أولئك دعاءُ عبادة، وأهله كفار مشركون! وهؤلاء المسلمون موحدون، يشهدون كل يوم في صلواتهم ألا إله إلا الله، ويعتقدون أن النبي والأئمة والأولياء، عباد مخلوقون لله، لكنهم مكرمون عنده..

ص: 283

فهم يتوسلون إليه بهم، لأنه جعلهم وسائط إليه، وأمر بالتوسل بهم، وجعل عليه ثواباً. فكيف تقاس الواسطة المجعولة من عنده تعالي، بالواسطة المفتراة من دونه؟ وكيف يجعل التوسل بها اتخاذاً للأنداد من دونه، وشركاً به؟!!

وهل هذا إلا اتهام ظالم للمتوسلين من أتقياء الأمة، الموحدين لربهم، المتضرعين إليه بأنواع الطرق التي شرعها؟!!

الدليل الثالث: أن دعاء غير الله تعالي كفر به أو شرك للمدعو معه.. وقولنا: " يا محمد أدركني " دعاء لغير الله، فهو كفر أو شرك، وإن كان قائله لا يعلم ذلك لجهله!

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " كيف يستقيم الإخلاص لله إذا اشترك معه غيره في الدعاء؟! أم كيف يكون الإنقطاع إلي الله إذا إذا دعونا أحداً سواه؟! قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً.. الذين: جامعة مانعة لما هو من دون الله من جماد أو ملك أو نبي أو ولي.. فلا نافع ولا ضار إلا الله. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله.. إلخ ".

والجواب:

أولاً: إن قولنا: " يا محمد أدركني " ليس دعاء، بل قد يكون طلباً من المنادي، أن يدعو الله، كما بينا.

ثانياً: موضوع قوله تعالي: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً " وأمثاله من الآيات الشريفة التي أكثر الكاتب حشدها تبعاً لابن تيمية.. هو أن: من دون الله تعالي، علي وجه الألوهية أو الشراكة مع الله تعالي..

ص: 284

والمتوسلون بالنبي وآله صلي الله عليهم بمثل قولهم: " اللهم إني أتوجه إليك بمحمد، أو يا محمد إني أتوجه بك إلي الله، أو يا محمد أدركني " لم يدعوهم من دون الله تعالي.. بل دعوهم بأمره.

لأنهم أولياؤه وأقرب الخلق إليه، فهم بذلك امتثلوا أمر الله الذي جعل هؤلاء الوسيلة إليه، والشفعاء عنده، وأخبر أنه لا يرد شفاعتهم، ولا يقبل صلاة ولا دعاء إلا بالصلاة عليهم!!

فكيف يتجرأ أحد أن يجعل الوسيلة المأمور بها من الله تعالي كالوسيلة المجعولة نداًّ لله تعالي، أو المفتراة من دونه، التي لم ينزل بها سلطاناً؟!!

أما قوله تعالي: " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " وأمثالها..

فهي تدل علي أن التأثير في الكون ومنه كشف الضر مخصوص بالله تعالي، وأنه لا يجوز أن يُدعي غيره لذلك..

لكنها لا تحصر طريقة دعائه تعالي لكشف الضر بسؤاله مباشرة، بدون واسطة، بل طرق الدعاء متعددة..

وقد جعل منها التوسل إليه بأحب الخلق إليه محمد وآله الطاهرين، وجعل الصلاة عليهم والتوسل إليه بهم شرطاً لقبول التضرع إليه في الصلاة المفروضة..

بل جعل الصلاة عليهم شرطاً في قبوله دعاء الداعين وتضرع المتضرعين إليه لكشف الضر وغيره..

ومن الطريف أن مصادر السنيين روت عن عمر بن الخطاب أن دعاء العبد يبقي معلقاً ولا يصعد إلي السماء إلا بالصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله!!

فأي منافاة بين عقيدة اختصاص كشف الضر بالله تعالي، وبين التوسل إليه لكشف الضر بمحمد وآله، سواء كان بصيغة التوجه إليه بهم، أو بصيغة الإستشفاع، أو بصيغة ندائهم لكي يشفعوا له؟!!

ص: 285

الدليل الرابع: أن هذه المسألة عقيدية وليست فقهية، فلا يجوز التقليد فيها لأنه لايجوز التقليد في العقائد!

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " ولم يترك الله هذه القضية العقدية للفقهاء حتي يختص بها أهل العلم، لأنها حجته علي الناس جميعاً، ولا تقليد في العقائد! بل بينها في أغلب مواضع القرآن وشدد عليها أكثر مما شدد علي الصلاة! ".

والجواب:

أولاً: من الذي يقرر أن هذه المسألة فقهية أو أصولية أو عقيدية؟ ومن هم الذين صنفوا مسألة التوسل في العقائد؟

لقد كانت المسألة من فروع مسائل الحج وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله..

وبحثها علماء المسلمين من جميع المذاهب هناك، وهذه كتبهم شاهدة، حتي جاء ابن تيمية في القرن الثامن فنقلها من فروع الفقه إلي أصول العقائد.. كما تنقل قضية من المحكمة الحقوقية الجزائية إلي.. محكمة أمن الدولة!!

ثانياً: ما هو الفرق العلمي في النتيجة بين تصنيف المسألة في العقائد أو الفقه..

مع ملاحظة أنه كثيراً ما يترتب علي المسألة الفقهية حكم عقائدي، وعلي المسألة العقيدية، حكم فقهي؟ أليست مسائل العقائد واجبات شرعية؟ أليست مسائل الشريعة وأحكامها عقائد يجب الإعتقاد بها؟!

إنه مجرد اصطلاح من العلماء لتسهيل البحث والتصنيف، لا يغير من وحدة مسائل الإسلام وترابطها.

ثالثاً: أراك اشتبهت في فهم مقولة العلماء: " لا تقليد في أصول العقيدة " فعممتها من جهة، وحرمت علي العلماء أن يفيدوا المكلفين فيها!!

ص: 286

إن قاعدة: " لا تقليد في أصول العقائد ".. تعني أن الإسلام أوجب علي المكلف أن يفكر شخصياًّ ليصل بنفسه إلي الإعتقاد بالله تعالي، ونبوة نبيه صلي الله عليه وآله، فلا يصح أن يقول أعتقد أن الله موجود وأن محمداً رسول الله، لأن فلاناً العالم قال ذلك!

أما بعد أن يؤمن بالشهادتين وبما جاء به النبي صلي الله عليه وآله من عند ربه.. فإن طريق معرفة تفصيل ذلك هو أهل الخبرة..

والمكلف إما أن يكون مجتهداً أو يرجع إلي قول المجتهدين، سواء في ذلك الأحكام الشرعية وتفاصيل العقائد التي وصل إليها بنفسه، وبقية العقائد التي لم يصل إليها..

ومسألة التوسل بالنبي وآله وبالأولياء الصالحين، من مسائل الأحكام وفيها جنبة عقائدية، ولو سلمنا أنها من مسائل العقيدة فهي من تفاصيلها التي عليه أن يقلد فيها.

ولو صحت مقولة: " أنه لا شغل للفقهاء والعلماء في العقائد " لأنه لا تقليد فيها، فما معني بحوث العلماء فيها؟

وهل هو لغو، بما في ذلك ما كتبه ابن تيمية؟! وهل رأي الكاتب أبي الحارث في أنها عقيدية مما يجب

التقليد فيه؟

ثم.. ما معني إرجاع الأئمة عليهم السلام للمسلمين إلي العلماء لكي يأخذوا منهم " معالم دينهم " وهل معالم الدين هي الأحكام دون العقائد؟!!

ينبغي الإلفات إلي أن بعض المغرضين في عصرنا قد تسلحوا بهذه المقولة، لكي يبعدوا الشيعة عن مراجعهم في تلقي العقائد، ويجروهم إلي تلقي شبهاتهم وتضليلاتهم هم!

ص: 287

ورددها معهم بعض الشيعة كالببغاوات، ولم يعرفوا أنها فخ من المضللين!! يتبع.. إن شاء الله.

وكتب (أمين) بتاريخ 22 - 5 - 2000، الثامنة مساءً:

سؤالي إلي الأخ العاملي:

إذ قلنا أن المقصود من: " يا محمد أو أدركني يا مهدي، وغير ذلك ".. هو أدركني بجاهك الذي لا يغضي عنه، وبشفاعتك التي لا ترد، فما جوابكم علي هذا السؤال: أليس قولنا: " يا محمد أدعو لي و يا علي أدركني بجاهك وشفاعتك.. أبين، وأفصح من قولنا: " يا محمد أعطني، أو، يا علي هب لي؟؟؟ وكذلك نقول: أليس قولنا المقترح، ألصق بالعقيدة وإن لم يكن القول الذي تدفعون عنه منافياً بتمام المنافاة؟؟ ومرة ثالثة: أليس القول المقترح، يري العبد أن كل من الإله والمقربين له منزلته من حيث التقديم والتأخير.. وفي خصوص هذا الأخير فإن مدرسة الدعاء تأيده وتأكده، وفي صورة الإجابة عن هذه التساؤلات بنعم، كيف جاز علي المعصوم مجافاتها وتعليم الناس باللفظ والطريق الأبعد في أداء المعني؟!؟!؟!؟!؟!

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 5 - 2000، العاشرة مساءً:

الأخ أمين: البحث مع أتباع ابن تيمية ومن تأثر بفكرهم، إنما هو في جواز التوسل بالنبي والأئمة صلوات الله عليه، بالتوجه بهم إلي الله تعالي، وغيره من أنواع التوسل..

ومنه التوسل بنداء الإستغاثة: " يا محمد، يا علي ".

فهم يزعمون أن التوسل بالميت شرك، وأن التوسل به بالنداء شرك.. وقد أفتوا ويفتون بأننا بسبب ذلك مشركون..

ص: 288

وبعضهم مثل كاتب الموضوع يري أن عوامنا مشركون جهلة.. إلخ.

وغرضنا هنا..

أولاً: إثبات مشروعية أصل التوسل، وأن الأنبياء والأوصياء أحياء عند ربهم، وتشرع مخاطبتهم.

وثانياً: أن التوسل بندائهم من أنواع التوسل المشروعة عند جميع المسلمين.

أما موضوعك فهو في التفضيل بين أنواع التوسلات وصيغها بعد التسليم بمشروعيتها..

فاعلم يا أخي.. أن أئمتنا عليهم السلام علمونا أنواعاً من التوسل، وأهمها: ما ورد في افتتاح الصلاة " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك، نبي الرحمة، محمد وآله الطيبين الطاهرين، وأقدمهم بين يدي صلاتي.. إلخ ".

وأن سيرة كبار علمائنا وأتقيائنا رضوان الله عليهم أنهم لا يتوسلون بالنداء والإستغاثة إلا في حالات خاصة من الشدائد..

فإن أردت صيغة التوسل الأفضل في افتتاح الصلاة، فهي ما أفتي بها فقهاؤنا، وورد نظيرها في الأدعية المروية بسند صحيح.

وإن أردت المشروعية.. فإن أنواع التوسل المعروفة عند عوام الشيعة والسنة مشروعة ولا غبار عليها، وإن كان غيرها أفضل منها..

وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام تعديل لتوسل نبي الله يوسف عليه السلام الذي كان يدعو به في الجب..

كما في روضة الواعظين ص 327، قال:

إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن

ص: 289

تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه.

قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام، ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة، فإني أسألك بك فليس كمثلك

شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله.

قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام. انتهي.

وكتب (أمين) بتاريخ 22 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ العاملي دام توفيقه..

بهذا أفهم أنك أجبت بنعم، وأن المعصوم لم يعلم الناس هذه اللفظة المجافية والأبعد في أداء المعني، مع إقرارنا بمشروعية أصل التوسل.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 23 - 5 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ أمين:

كتبت لك: " سيرة كبار علمائنا وأتقيائنا رضوان الله عليهم، أنهم لا يتوسلون بالنداء والإستغاثة إلا في حالات خاصة من الشدائد ".

فكتبت لي: " بهذا أفهم أنك أجبت بنعم، وأنا المعصوم لم يعلم الناس هذه اللفظة المجافية والأبعد في أداء المعني، مع إقرارنا بمشروعية أصل التوسل "!!

وتفسير ذلك: أني أقول لك أن الإستغاثة بالنبي والأئمة صلوات الله عليهم، عمل مشروع، وأن خواص المتدينين يستعملونها عند الشدائد، ولا يبتذلونها

ص: 290

كما يفعل بعض العوام.. وأن صيغة التوسل بالتوجه هي المفضلة في افتتاح الصلاة..

وأنت تقول لي: وافقتني.. أن التوسل بالإستغاثة لفظة جافية، أو مجافية لا فرق، وأن الأئمة لم يعلموها.. إلخ.!!!

هل تقصد بذلك أنها محرمة، أو غير مناسبة؟ وكيف حكمت أن الأئمة لم يعلموها لشيعتهم؟

أنا لم أبحث عن ذلك.. لكني أعرف أنهم علموا شيعتهم، إذا حدث عليهم خطر في فلاة أن يستغيثوا حتي بالملائكة، ومؤمني الجن بالنداء!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 26 - 5 - 2000، التاسعة صباحاً:

أين أنت يا أبا الحارث؟

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 29 - 5 - 2000، العاشرة صباحاً:

يقول العاملي:

" والجواب: أولاً: أن قولنا: يا محمد أدركني، ليس دعاء بل قد يكون طلباً من المنادي أن يدعو له الله، كما بينا ".

أنظر يرحمك الله ل- " قد " التي سبقت الفعل المضارع " يكون " وهو ما يفيد التشكيك عند علماء اللغة، فتلك قاصمة الظهر له.. ولغيره ممن نحا نحوه.. ولف لفه. فإن كان قصد وضعه لكلمة " قد " فعقيدة أصحابه تحتمل وجهين، بتقريره هو!!

أما الأول: فهو ذلك الطلب، المتوهم لديه، ولست بصدد نقاشه الآن، فقد كفي ووفي فيه أبو الحارث. وأما الثاني: فهو الدعاء.. الذي يتفق معنا علي شرك من فعله!!

ص: 291

وأما إن كان قد وضع " قد " هنا خطأ مثلما يخطئ الجميع - ولا أظنها جاءت كذلك - إلا أن يكون العاملي إماماً معصوماً لا يخطئ!! فلعل هذا الخطأ أشد وقعاً.. وأضل ارتحالاً.. من كل أخطاء الأخ

الكريم أبي الحارث فأخطاء التشكيل.. ليست كأخطاء تعليق العقائد علي الإحتمالات!!

باب: أخطاء العاملي اللغوية.. واقتداءاً بسيرته في تتبع أخطاء الغير.. وليس ذلك بالأمر المحمود له.. إذ أنه قد يدفعنا لعرض بعض أخطائه الظاهرة التي ينضح بها كلامه بدلاً من تلك التي تحتاج لعدسة مكبرة.. واستقراء متحفز يحاول التقاط الأخطاء والبحث بين بواطن السطور عنها! مثل محاولته مع أبي الحارث.. فإليكم بعض أوابده..

1 - يقول: يقصدون بها العبادات التي ورد لها صيغة وصورة.. والصواب: التي وردت لها.

نوع الخطأ: تذكير المأنث!!

2 - يقول: أولاً: أن قولنا: يا محمد أدركني، ليس دعاء.. والصواب: إن قولنا.

فلا يصح أن تبدأ الجمل ب- (أن).. اللهم إلا إذا كانت عنده بادئة أولاً، جزءاً من الكلام!!!!

نوع الخطأ: سبق ذكره.

في نفس الجملة: ليس دعاء.. والصواب: ليس دعاءاً!!

والطريف أنه أنكر نفس هذا الخطأ علي أبي الحارث من قبل.. فعاد ليخطئه هو!

نوع الخطأ: رفع خبر ليس.

ص: 292

3 - يقول: فهم بذلك امتثلوا أمر الله.. والصواب: امتثلوا لأمر الله.

4 - يقول: وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك.. والصواب: أن يدعي غيره بذلك.

نوع الخطأ: تغيير كامل للمعني.. فالدعاء عنده مرادف.. للدعوة!! فيا للطامة!! ولعل صاحبنا قد استمات في موضوعه منذ البداية.. طمعاً في الدفاع عن الدعوة لغير الله!! وليس عن دعاء غير الله!!

5 - يقول: الدليل الرابع: أن هذه المسألة عقيدية.. والصواب: عقدية.

نوع الخطأ: استنتاج فاسد للمصادر.

6 - يقول: ويحرم فيها الزيادة.. والصواب: وتحرم فيها.

نوع الخطأ: لا زلنا مع مشكلة التأنيث والتذكير!!

7 - يقول: فقد ورد عن النبي وآله صلي الله عليهم أنواع الأدعية.. والصواب: وردت..

نوع الخطأ: إفراد الجمع!!

فأجابه (العاملي) بتاريخ 29 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

إسمك كبير يا حسام.. ويا ليتك كنت حسب اسمك مؤدباً.

قولنا: " يا محمد أدركني ".. ليس دعاء، بل نداء لغرض من أغراض النداء..

وقد بينت الوجه الثاني ل- " قد ". وأن غرض المنادي قد يكون أن يدعو له الله، أو غرضه أن يعطيه مما أعطاه الله تعالي..

فمن أين قولتني ما لم أقله وافتريت علي بأن " قد " الثانية تعني عبادة المنادي؟!!

ألا تري أن تأليه المنادي وعبادته خارجان عن مفهوم النداء وأغراضه في اللغة العربية؟!!

ص: 293

أما اعتراضك علي انتقادي أخطاء الكاتب اللغوية والنحوية، فهدفي منه كما بينته إثبات أنه لا يصح أن يدعي الإجتهاد في القرآن، بل يجب عليه أن يقلد عالماً في تفسيره..

وأما أخطائي التي أتعبت نفسك فيها!! فجوابي عن:

الأول والسادس والسابع: أن فعل المؤنث المجازي يجوز تأنيثه وتذكيره، وقد نص علي ذلك النحويون كلهم، مثل ابن عقيل: 1/777.

وقد ورد ذلك في في القرآن حتي جمع المؤنث الحقيقي قال تعالي: " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه ". فهل حسام الإسلام أفصح من القرآن!!

وعن الثاني: أن كلمة " أولاً " جزء من الكلام، فيصح فتح همزة أن.

وعن كلمة: " دعاء " أن رسم الإملاء الغالب في عصرنا كتابتها في حالة النصب بالتنوين بدون ألف أيضاً، كما تلا حظ في الكتب المعتبرة وأنهم يكتفون بالتنوين ولا يضيفون الألف إلي: " سواء وأبناء " وأمثالهما.

أما: " امتثل " فاستعمالها متعدية للأمر أكثر من استعمالها لازمة، وهل رأيتها وردت لازمة في الحديث؟ لا أظن!

أما قولي: " وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك " فمعناه لذلك السبب، ومتعلقه يجوز وليس يدعي، فانتبه.

أما النسبة إلي: " العقيدة " فتصح: " عقيدية وعقدية وعقائدية " وباب النسبة واسع. فلا تتعب نفسك يا حسام، ولا تسئ الأدب، وأجب إن استطعت عن أصل الموضوع لا عن سفسافه!!

وأين صاحبك كاتب الموضوع؟!

وكتب (some) بتاريخ 30-5-2000، التاسعة صباحاً:

ص: 294

الإخوة الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستأذنكم في التدخل ولو ببعض العبارات البسيطة.. أسأل الأخ أبو الحارث: كلنا نعلم أن أي طبيب لا يشفي مرضاه من دون الله، ولكن قد نتوعك ونذهب للطبيب قائلين: يا طبيب أنا مريض بكذا وأريد الشفاء من هذا الداء، فهل في سؤالي للطبيب - الشفاء - ما هو شرك بالله حيث أني سألت من لا ينفع ولا يضر من دون الله؟ الجواب ببساطة هو: لا.

ولكن إذا سألت الطبيب الشفاء وشفاني الله ماذا يعني هذا، يعني هذا أن الله سبحانه وتعالي قد

جعل هذا الطبيب هو السبب، وما كان علي إلا أن آخذ بالسبب فأخذت به وشفاني الله ولو لم آخذ به لم يكن ليتم الشفاء أليس صحيحاً. هذا الطبيب قد يكون علي أي ملة وعلي أي حال.

ستقول إنه حي.. وأنا أقول إن آل البيت أحياء بل والصالحين والأولياء أحياء، بل والمسلمين أحياء، بل وكل البشر مسلمهم وكافرهم أحياء، وليس أوضح علي ذلك من حديث قتلي بدر، وكلام سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله لهم.. ولكن الفارق هو نوع هذه الحياة، وهذا ما نعنيه هنا. قد تعتقد أن المنتقلين عن هذه الدنيا بمعزل عن هذا العالم.. خطأ.

إنهم يرون ويسمعون ويعون ولكن كل علي قدره.. فمنهم المحبوس، ومنهم الحر الطليق، ومنهم الذي لا يغيب عن الحضرة الإلهية.

وهكذا يتضح أن ليس كل المنتقلين علي قدم المساواة.. فمن المنتقلين من يتفاعل مع الدنيا، ومن يتفاعل ينفع ويضر.. يا أخي، ولكن كنفع الطبيب.. بإذن الله. فإذا حكَّمه الله في الأمر كان له، وإلا فلا. وعفواً للإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 295

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 31 - 5 - 2000، العاشرة مساءً:

علي نفسها جنت براقش!!

وقد فتحت علي نفسك باباً من الصعب أن تغلقه.. فاسمع وافهم: أولاً: وبخصوص إشكالية الدعاء.

1 - تقول: " ألا تري أن تأليه المنادي، وعبادته، خارجان عن مفهوم النداء، وأغراضه في اللغة العربية؟!! ". فهل الإشكالية يا ذكي.. في الإستخدام المجرد لأداء النداء " يا ". فلو كانت الإشكالية في النداء المجرد علي سكان الدار الآخرة.. لما رأينا شرك من يفعله.. ولكان اتهامه بالجنون والخبل.. أقرب عندها من اتهامه بالشرك. إنما الإشكالية فيما يأتي بعد أداة النداء.. من طلب النصرة والعون وغير ذلك من الأفعال التي لا يقدر عليها العباد المتصلون بالدنيا.. فكيف بالمنقطعين عنها!

وهل يترادف عندك النداء المجرد.. بالنداء المقرون بالطلب أو بالرجاء؟؟ وهل تعد هذا الأخير نداءاً مجرداً؟!! وهل تظن أن محاولتك للخلط ما بين النداء المجرد.. وما بين النداء المقرون بالطلب.. قد تنطلي علي أحد من رفع القلم عنهم؟؟ سمِّ ما شئت.. فلست أبالي بتسمياتك.. وإنما الأسماء لا تغني عن المسميات من شئ وإلا.. فما قولك في: " يا علي اشف ابنتي "؟ أهذا أيضاً نداء مجرد!! أم أنه دعاء محض وهل يملك الإمام علي أن يشفي نفسه.. فوق أن يشفي أحداً من الخلق! حتي ولو كان يمشي بين الناس في دار البوار؟ وما قولك في: " يا رسول الله أدركني "؟!

فإن قلت: هذا نداء.. وليس بدعاء.. كذباً وتدليساً.. وخلطاً للمفاهيم عند البسطاء، وإذا كان من عقيدتك أن الأئمة المعصومين أحياء.. وأن من ماهية تلك الحياة أنهم يسمعون وينقلون ما سمعوه إلي ربهم بدعواك فأطلب منك أن

ص: 296

تعرفنا بطبيعة هذه الحياة؟ وهل هي مثل حياة البشر؟ فيها تناكح وتغوط وعرق ونوم وغير ذلك؟؟ وهل هم يسمعوننا نحن أهل دار البوار؟ ومن أي مسافة؟ وبأي مقدار في مستوي علو الصوت؟ وهل هم حاضرون دوماً لسماع نداءات أصحابك؟ فإن قلت.. بل يسمعوننا عند قبورهم فقط.. فما دليلك علي هذا الحصر والقصر؟؟ ناهيك عن أنك تكون بذلك، قد كفرت نصف قومك.. إذ هم يقولون: " يا علي مدد " بمناسبة وبغير مناسبة.. فضلاً عن أن يكون عند قبره أو عند غيره، وماذا إن كان صوت المنادي بزعمك، عند قبر المنادي بزعمك، أيضاً منخفضاً بما لا يكفي لسماعه؟ بل ماذا إذا اختلطت نداءات الأقوام من الملتفين حول القبر أو الضريح، فلم يعرف طلب هذا من طلب ذاك؟ نعوذ بالله من الضلال والزيغ! وإن قلت.. بل وعند غيرها أيضاً - أي القبور - طمعاً في نفي التهمة عن قومك فأبشر.. فقد انتقصت من قدر معبودك.. إذ من صفات كماله وجماله وجلاله.. أنه يسمع الهمس والصخب.. ويعلم السر والعلن.. لا يغفل ولا ينام.. ويسمع دعاء من دعاه.. ونداء من ناداه.. في أي وقت وفي أي مكان وبأي صوت حتي لو كان ذلك.. مناجاة بالقلب وأئمتك عندها.. لا ينامون ولا يغفلون! وهو يضرون وينفعون!

وهم حاضرون علي الدوام لسماع نداءات المبتدعة واستغاثاتهم! وهم يسمعون الهمس والمخافتة بالصوت! وهم يستطيعون سماع أكثر من صوت في آن واحد.. بل والتمييز بين هذا وذاك!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. علي ضيعة الأفهام.. وهنات العقول، وهذا هو ديدن كل أهل البدع والضلالات.. ما إن حاولوا الخروج من حفرة.. إلا ووقعوا في مطب!

ص: 297

وقد سبقهم كفار قريش بقولهم: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي " فجاء هؤلاء وقالوا: ما نناديهم - وحقيقتها ندعوهم - إلا ليقربونا إلي الله زلفي!

ثانياً: بالنسبة لأخطائك اللغوية.. فقد كان يجدر بك الإعتراف بأنك تخطئ مثل باقي البشر بدلاً من أن تجادل وتنافح عن نفسك بالباطل!! والباطل، وبذا تنتهي المشكلة التي بدأتها أنت.. والبادي أظلم!

أما وإنك لا زلت مصراًّ علي أنك لم تخطئ.. فعلي نفسها جنت براقش.. واعلم أني لم أورد أخطاءك هنا إلا طمعاً في أن أسقط عنك هالات الغرور التي انتفخت منها أوداجك، وامتلأت بها أحشاؤك، فخذ نصيباً جديداً عله يقوم اعوجاج رقبتك المنتصبة علي لا شيء!! لعلك ترضي بما قسمه الله لك..

1 – تقول: " فجوابي عن الأول والسادس والسابع أن فعل المؤنث المجازي يجوز تأنيثه وتذكيره ". فقلت.. أما عن لفظة " نسوة " التي هي من جمع التكسير.. وليست من جمع المؤنث الحقيقي!!! مثلما توهمت.

فيجري عليها ما يجري علي اسم الجنس الجمعي مثل: " قوم " و " ثلة " و " فريق " و " إنس "

و " جن ".. إلخ. من جواز التذكيره والتأنيث..

فنقول: " قال نسوة ".. و.. " جاء جماعة ".. و.. " فاز فريق ". ولا أعرف من أين جئت بأن جمع المؤنث السالم.. بل والمفرد حتي غير المجموع!! بأنه يجوز تأنيث فعله أو تذكيره!

فإن استطعت أن تأتي لنا من القرآن، أو من غيره، مما في لغة العرب.. بلفظة مأنثة ذكرت.. وليست جمع تكسير أو اسم جنس جمعي.. فلك جائزة!! وهذا تحدٍّ مني لك.. ثم هل تستطيع الإدعاء بأن لفظة " أنواع " التي وضعت لها الفعل " ورد " اسم جنس جمعي؟؟ أو جمع مؤنث سالم؟؟

ص: 298

وهل هذا سوء فهم فوق ما عرفناه عن سوء فهمك؟ أم أنه لف ودوران! وهل تدعي أن لفظة " العبادات " التي وضعت لها الفعل " ورد "! اسم جنس فوق أن تكون جمع تكسير؟؟

ثم إلي قاصمة ظهرك.. هل تدعي أن لفظة " الزيادة " التي وضعت لها الفعل " يحرم "!! جمع أصلاً فوق أن تكون جمع تكسير؟؟ ويبدو أن صاحبنا، بارك الله فيه، قد وصل إلي درجة من التبجح بحيث أجاز تذكير المفرد المؤنث! وبناءا علي منطقه في الخلط والخبط..

فيجوز لنا إذن أن نقول: " ذهب خديجة ".. وجاء " زينب "!!! وسبحان من قسم العقول!

2 - أما عن " ليس دعاءاً " فأراك حاولت في حركة سريعة يسمونها في عالم السيرك: خفة اليد.. وأسميها في عالم الفكر: خفة عقل!! حاولت القيام بإثبات جواز استخدام " دعاء " بعد " ليس " بوضع التنوين مباشرة فوق الهمزة دون الحاجة لكتابة الألف.. وهو ما لا نخالفك فيه ولم تستطع ولا أظنك تستطيع نفي عدم جواز استخدامها مرفوعة كما فعلت أنت! ولعلك في موقفك الراهن قد استدعيت منطق أرسطو حين قال لصاحبه أنا لست أنت.. وأنا لست حماراً.. إذن فأنت حمار!!!!!

فأخبرني إذن يا علامة عصرك.. بالفرق ما بين هاتين الجملتين.. علَّ المسألة تتضح لك.

الأولي: " ليس دعاء " وهو ما ادعيت جواز كتابته بهذه الطريقة.

والثانية: " ليس بدعاء ".. وهو ما لا أظنك تستطيع إنكار صحته لغوياًّ، إذ أن خبر " ليس " شبه جملة.. جار ومجرور.. فإن قلت: نعم.. الأولي مثل الثانية..

ص: 299

وهو قولك الذي لم تتراجع عنه.. بل والآخذ بتلابيبك! فبذلك يستقيم عندك ما أضيف إلي حرف الجر مع ما لم يضف إليه!!

3 - تقول: " وعن الثاني أن كلمة: أولاً، جزء من الكلام، فيصح فتح همزة أن ".

فأقول لك.. وقعت في الفخ أيها الحاذق!! ويبدو أنك تتعامي عن أخطائك! فأنت في مقالك.. تارة تردف " إن " بعد " أولاً ".. وتارة تردف " أن ". وانظر إلي مقالك لعلك تري ما كنت غافلاًَ عنه!

وباستخدام منطقك أنت!! فاللغة تتلون إذن من حال إلي حال.. بل في ذات المقال الواحد!!

وعليه ف- " أولاً " جزء من الكلام تارة.. وليست جزءاً من الكلام تارة أخري!

وربما تلتمس لنفسك أو يلتمس لك مريدوك! عذراً في ذلك بدعوي أن الأعمال بالنيات.. تنكباً لمسيرتك في إثبات أن دعاء غير الله جائز بنفس قولة الحق التي إنما أريد بها الباطل! فتارة كانت نيتك جعلها جزءاً من الكلام وهو ما لا يصح لا لغة ولا منطقاً.. وتارة كانت نيتك جعلها مجرد بادئة!

ولو أن أهل اللغة والبلاغة اجتمعوا علي أذكي عقل رجل منهم لما توصلوا لتلك النتيجة المدهشة!

4 - أما عن " عقائدية ".. فمثلك كمن يختلق مشكلة.. ثم ينسبها لخصمه في سذاجة مفرطة ثم يأتي ليولول بعد ذلك علي ما وضعه هو في فمه من الكلمات! ولم أتكلم عن " عقائدية ".. حتي تذكرها لي.. بل ولم أكن لأتكلم عنها، ولكني تكلمت عن: " عقيدية ".. وهي نسبة لا تصح.. وطلاب المرحلة الإعدادية يعرفون ذلك جيداً مثل: " بدهي ".. وليس: " بديهي ".. و " عقدي ".. وليس " عقيدي ".. فتكلم عن ما هو محل للنزاع بيني وبينك..

ص: 300

5 - تقول: " أما قولي: وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك. فمعناه لذلك السبب ومتعلقه يجوز وليس يدعي ".

فلست أدري أين ذهبت جملتك التي قلت فيها ذلك! وهل يا تري مسحها المراقب حتي يخرجك مما أنت واقع فيه من ورطة!! فوق غرقك في أوحال البدعة والذب عنها. وأطالبك أن تعيد هذه الجملة.. حتي أثبت كذبك.. لك ولغيرك، وهذا حق أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله الذين أفضت في سبهم، وإن عدتم عدنا.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 31 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

أرجو أن تقرأ يا حسام هذا الموضوع لتعرف رأي المذاهب الأربعة في التوسل والإستغاثة..

وستوجه إشكالك إليهم، حيث جوزوا مخاطبة النبي صلي الله عليه وآله بعد انتقاله من هذه الدنيا، وحياته عند ربه في الملأ الأعلي..

فإن الجواب عن مخاطبة النبي، هو الجواب عن مخاطبة آله صلي الله عليه وعليهم.

وأما طلب المنادي عملاً من المنادي، فإنما يكون شركاً إذا اعتقد والعياذ بالله أنه إله أو شريك لله..

أما إذا طلب منه مما أعطاه الله تعالي وأكرمه، فليس فيه أي شائبة..

إقرأ رجاءً، وأخبرني علي أي مذهب أنت؟:

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/001721.html

وأما كلامك النحوي واللغوي، فافتح له موضوعاً مستقلاًّ..

ص: 301

وأعطيك فرصة لتعيد النظر فيما كتبته هنا من خبط، وتراجع مصادر النحو، ولتتراجع عن الخلط بين النسوة المؤنثة تأنيثاً حقيقياًّ ولو كانت جمع تكسير، وبين المؤنث المجازي..

ثم لتجد عبارتي التي أشكلت عليها بخطأ عود الضمير.. موجودة في مكانها، لم يحذفها المراقب ليستر علي خطئي، كما زعمت! وأين كاتب الموضوع؟!! أم أنت هو؟

فأجابه (حسام الإسلام) بتاريخ 2 - 6 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

دعك من اللغة ومن أخطائك فيها، بل وإذا أردت حتي أن أحذفها من الموضوع برمته.. فلا مانع عندي حتي لا تخرج بنا عن محور النقاش، وأحسب أن رسالتي من خلالها قد وصلت لك وحققت المرجو منها.. وهذا هو المهم عندي.

أما عن قراءة الموضوع.. فقد قمت بتسجيله وسوف أقرأه علي مهلي وسوف أعود إليك إن شاء الله حالما أنتهي من قراءتي له.. ونكمل عندها نقاشنا.

وأما عن كوني وكاتب الموضوع شخصاً واحداً.. فلا أدري.. أهي عقدة قديمة يا عاملي؟؟

مرة تقول له.. هل أنت أحمد الكاتب، ثم تعود لتقول لي الآن.. هل أنت أبو الحارث!! رغم أني لا أعرف كليهما.. ولا أظن أحداً منهما حتي يعرفني.. فدعك من الكاتب.. وكن مع الكتابة.. ودعك من الطارح.. وكن مع الطرح.. فهذا هو المهم.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 3 - 6 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاًَ:

لا بأس يا حسام.

ص: 302

فغرض المسلم العاقل إثبات ما يعتقد أنه حق والدفاع عنه.. وما عليه بالأشخاص.

وكتب (some) بتاريخ 4 - 6 - 2000، الواحدة صباحاً:

أين صاحب الموضوع؟

انتهي.

قال العاملي:

وغاب أحمد الكاتب ومناصروه، ولم يجيبوا!!

وكتب (الموسوي) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 1-3-2000، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد وفاته.. بين جمهور أهل السنة وابن تيمية)، قال فيه:

هذا الموضوع وإن كنت قد ذكرته بحذافيره في موضوع (أوجه الشبه بين ابن تيمية والوهابية) ولكن تسهيلاً لمن يريد الاطلاع علي المضمون من خلال العنوان، وأهمية لهذا المبحث أفردت له صفحة مستقلة، ليظهر عن قرب مدي بعد ابن تيمية وأتباعه عن مذهب أهل السنة أنفسهم.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 14/156:

اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد وفاته كقول القائل: اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك، علي أقوال:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة - إلي جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته (1).

ص: 303


1- شرح المواهب: 8/304. والمجموع: 8/274. والمدخل: 1/248 وما بعدها. وابن عابدين: 5/254. والفتاوي الهندية: 1/266، و: 5/318، وفتح القدير: 8/497 - 498، والفتوحات الربانية علي الأذكار النووية: 5/36.

قال القسطلاني: وقد روي أن مالكاً لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي، ثاني خلفاء بني العباس، يا أبا عبد الله، أأستقبل رسول الله وأدعو، أم أستقبل القبلة وأدعو؟

فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.

وقد روي هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه فضائل مالك بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه (1).

وقال النووي في بيان آداب زيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله): ثم يرجع الزائر إلي موقف قبالة وجه رسول الله (صلی الله علیه و آله) فيتوسل به ويستشفع به إلي ربه، ومن أحسن ما يقول، الزائر، ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له، قال: كنت جالساً عند قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله تعالي يقول: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلي ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه... وطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه... فيه العفاف و فيه الجود والكرم

وقال العز بن عبد السلام: ينبغي كون هذا مقصوراً علي النبي (صلی الله علیه و آله) لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم علي الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون مما خص به تنبيهاً علي علو رتبته.

وقال السبكي: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه.

ص: 304


1- شرح المواهب: 8/304 - 305. والمدخل: 1/248، 252. ووفاء الوفاء: 4/1371 وما بعدها. والفواكه الواني: 2/466. وشرح أبي الحسن علي رسالة القيرواني: 2/478. والقوانين الفقهية - 148.

وفي إعانة الطالبين: وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلي ربي (1) ما تقدم أقوال المالكية والشافعية. وأما الحنابلة:

فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي: ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمني..، إلي أن قال: ثم تأتي القبر فتقول:.. وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلي ربي.. ومثله في الشرح الكبير (2).

وأما الحنفية: فقد صرح متأخروهم أيضاً بجواز التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله).

قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: ثم يقول في موقفه: السلام عليك يا رسول الله.. ويسأل الله تعالي حاجته متوسلاً إلي الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وقال صاحب الإختيار فيما يقال عند زيارة النبي (صلی الله علیه و آله): جئناك من بلاد شاسعة.. والإستشفاع بك إلي ربنا.. ثم يقول: مستشفعين بنبيك إليك.

ومثله في مراقي الفلاح، والطحاوي علي الدر المختار، والفتاوي الهندية. ونص هؤلاء عند زيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله): اللهم.. وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك.

وقال الشوكاني: ويتوسل إلي الله بأنبيائه والصالحين (3).

وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي: (4).

أ - قوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ".سورة المائدة - 35.

ب - حديث الأعمي (5) المتقدم وفيه: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة..

فقد توجه الأعمي في دعائه بالنبي عليه الصلاة والسلام أي بذاته.

ص: 305


1- المجموع: 8/274. وفيض القدير: 2/134-135. وإعانة الطالبين: 2/31. ومقدمة التجريد الصريح بتحقيق الدكتور مصطفي ديب البغاص.
2- كشاف القناع: 2/68. والمبدع: 2/204. والفروع: 2/159. والمغني مع الشرح: 3/588 وما بعدها. والشرح الكبير مع المغني: 3/494- 495. والإنصاف: 2/456.
3- الإختيار: 1/174- 175. وفتح القدير: 2/337. ومراقي الفلاح بحاشية الطحاوي - 407. وحاشية الطحاوي علي الدر المختار: 1/562. والفتاوي الهندية: 1/266. وتحفة الأحوذي: 10/34. وتحفة الذاكرين للشوكاني - 37.
4- المراجع السابقة. المدخل: 1/248 وما بعدها. وشرح المواهب: 8/304. وجلاء العينين ص 433 وما بعدها. وقاعدة جليلة ص 65 وما بعدها. وحقيقة التوسل والوسيلة ص 38 وما بعدها لمؤلفه موسي محمد علي. والتوسل وأنواعه وأحكامه للألباني ص 51 وما بعدها.
5- حديث الأعمي سبق تخريجه ف / 8. وفي ص 154 الفرع 8 جاء ما يلي في الهامش: حديث عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر أتي النبي (صلی الله علیه و آله)... أخرجه الترمذي: 5/569 - ط. الحلبي، وقال: حديث حسن صحيح.

ج - قوله (صلی الله علیه و آله) في الدعاء لفاطمة بنت أسد: إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين (1).

د - توسل آدم بنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام: روي البيهقي في دلائل النبوة، والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي. فقال الله تعالي: يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟

قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب خلقك إليك.

فقال الله تعالي: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك (2).

ه - حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان (رضی الله عنه): روي الطبراني والبيهقي: أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان (رضی الله عنه) في زمن خلافته، فكان لا يلتفت، ولا ينظر إليه في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: إئت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ذلك، ثم أتي باب عثمان بن عفان (رضی الله عنه)، فجاء البواب فأخذ بيده، فأدخله علي عثمان (رضی الله عنه) فأجلسه معه، وقال له: اذكر حاجتك، فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما لك من حاجة فاذكرها. ثم خرج من عنده فلقي ابن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر لحاجتي حتي كلمته لي. فقال ابن حنيف: والله ما كلمته،

ص: 306


1- حديث دعاء النبي لفاطمة بنت أسد: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي: 9/257 - ط. القدسي، وقال: وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
2- حديث: لما اقترف آدم الخطيئة... أخرجه الحاكم: 2/615 - ط. دائرة المعارف العثمانية، وعنه البيهقي في دلائل النبوة: 5/489 - ط. دار الكتب العلمية، وقال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه، وهو ضعيف. وتعقب الذهبي تصحيح الحامن في تلخيص المستدرك بقوله: بل موضوع، وعبد الرحمن واه.

ولكن شهدت رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره (1).. إلي آخر حديث الأعمي المتقدم.

قال المباركفوري: قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة: ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث - حديث الأعمي - يدل علي جواز التوسل والإستشفاع بذاته المكرم في حياته، وأما بعد مماته، فقد روي الطبراني في الكبير، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان... إلي آخر الحديث.

وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين: وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله (صلی الله علیه و آله) إلي الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي، وأنه المعطي والمانع ما شاء كان، ومالم يشأ لم يكن (2).

القول الثاني في التوسل بالنبي بعد وفاته:

جاء في التاترخانية معزياً للمنقي: روي أبو يوسف، عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به - أي بأسمائه وصفاته - والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالي: ولله الأسماء الحسني فادعوه بها. سورة الأعراف - 180.

وعن أبي يوسف أنه لا بأس به، وبه أخذ أبو الليث للأثر.

وفي الدر: والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد، فيما يخالف القطعي، إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي (3).

أما التوسل بمثل قول القائل: بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك، أو بحق البيت فقد ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلي كراهته.

قال الحصكفي: وإنما يخص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه.

ص: 307


1- حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان أخرجه الطبراني في معجمه الصغير: 1 /183 - ط. المكتبة السلفية، وقد تكلم الذهبي في ميزان الاعتدال: 2/262 - ط. الحلبي، في رواية شعيب بن سعيد بما يقتضي تضعيف زيادته في هذا الحديث.
2- تحفة الأحوذي: 10/34.
3- ابن عابدين: 5/254، والفتاوي الهندية: 1/266 و: 5/318، وفتح القدير: 8/497- 498، وحاشية الطحاوي علي الدر المختار: 4/199.

قال ابن عابدين: قد يقال: إنه لا حق لهم وجوباًَ علي الله تعالي، لكن لله سبحانه وتعالي جعل لهم حقاًّ من فضله، أو يراد بالحق الحرمة والعظمة، فيكون من باب الوسيلة، وقد قال تعالي: وابتغوا إليه الوسيلة. سورة المائدة - 35. وقد عُدَّ من آداب الدعاء التوسل علي ما في (الحصن)، وجاء في رواية: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي إليك، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً (1) الحديث. ويحتمل أن يراد بحقهم علينا وجوب الإيمان بهم وتعظيمهم. وفي (اليعقوبية): يحتمل أن يكون الحق مصدراً لا صفة مشبهة، فالمعني بحقيقة رسلك، فليتأمل. ا ه. أي: المعني بكونهم حقاًّ لا بكونهم مستحقين. أقول - أي ابن عابدين -: لكن هذه احتمالات مخالفة لظاهر المتبادر من اللفظ، ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع... فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع، علي أن إرادة هذه المعاني مع هذا الإيهام فيها الإقسام بغير الله تعالي، وهو مانع آخر، تأمل. (2).

هذا ولم نعثر في كتب الحنفية علي رأي لأبي حنيفة وصاحبيه في التوسل إلي الله تعالي بالنبي (صلی الله علیه و آله) في غير كلمة " بحق ". وذلك كالتوسل بقوله: " بنبيك " أو " بجاه نبيك " أو غير ذلك إلا ما ورد عن أبي حنيفة في رواية أبي يوسف قوله: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به.

القول الثالث في التوسل بالنبي بعد وفاته:

ذهب تقي الدين وبعض الحنابلة من المتأخرين إلي أن التوسل بذات النبي (صلی الله علیه و آله) لا يجوز.

وأما التوسل بغير الذات، فقد قال ابن تيمية: ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور، أمران متفق عليهما بين المسلمين:

أحدهما: هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسل بالإيمان به (صلی الله علیه و آله) وبطاعته.

ص: 308


1- حديث: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك... " سبق تخريجه ف / 7. وجاء هناك ص 154، الهامش 2 ما يلي: حديث أبي سعيد الخدري: ما خرج رجل من بيته إلي الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك... أخرجه ابن ماجة: 1/256 - ط. الحلبي، وابن السني في عمل اليوم والليلة ص 24 - ط. دائرة المعارف العثمانية، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء.
2- نفس مصادر الهامش رقم (12).

والثاني: دعاؤه وشفاعته (صلی الله علیه و آله) - أي في حال حياته - وهذا أيضاً نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين.

ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداًّ.

ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين، وهذا معلوم بالإضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة، فمن أنكر هذا المعني فكفره ظاهر للخاصة والعامة.

وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو كافر أيضاً، ولكن هذا أخفي من الأول، فمن أنكره عن جهل عرف ذلك، فإن أصر علي إنكاره فهو مرتد.

أما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة، وأما الشفاعة يوم القيامة فمذهب أهل السنة والجماعة، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم، أن له شفاعات خاصة وعامة.

والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به، كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقد فيه الصلاح. وحينئذ فلفظ التوسل يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين، ويراد به معني ثالث لم ترد به سنة.

ومن المعني الجائز قول عمر بن الخطاب: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. أي بدعائه وشفاعته. وقوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ". سورة المائدة - 35. أي القربة بطاعته، وطاعة رسوله طاعته (1) ... إلي آخر استدلالاته السقيمة وآرائه السخيفة.

انتهي المتن الذي اخترته من الموسوعة الفقهية الكويتية.

ص: 309


1- قاعدة جليلة ص 51.

فانظر كيف يحرف ابن تيمية المعاني، ويتكلف أيما تكلف لتمرير هذه التمحلات، ويسعي لإعطاء معاني غريبة عن ظواهر واضحة، فيقول أن التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله يراد به التوسل بطاعته!!!!

إنه يحرف معني التوسل، ويقول إن التوسل له معانٍ عديدة، وهي التوسل بدعائه، والتوسل بطاعته وهذه معانٍ متفق عليها، أما التوسل بذاته فالسلف علي خلافه!!! مع أن محل الكلام في التوسل هو التوسل بالذات.

المهم من كل هذا، أن ابن تيمية وبعض الحنابلة المتأخرين - من أتباع ابن تيمية - والوهابية حالياًّ هم المانعون للتوسل بالنبي، أما بقية أهل السنة والجمهور منهم فلهم رأي آخر.

وإن هذا يبين أن الخلاف في التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) عبر المنع منه، بدأ من عند ابن تيمية، والحنابلة المتأخرين، أما قبل ذلك حيث يتمثل رأي أهل السنة والجماعة ورأي السلف الصالح فلا ذكر لمثل أقوال ابن تيمية.

ذكر الذهبي في ترجمة في ابن المقري: وروي عن أبي بكر بن أبي علي، قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله الجوع، فقال لي الطبراني: أجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين، فيهما شئ كثير، وقال: شكوتموني إلي النبي صلي الله عليه وآله، رأيته في النوم فأمرني بحمل شئ إليكم.

وذكر أيضاً في ترجمة ابن عبيد الله: قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط مضر، فلما وضع علي شفير القبر،

ص: 310

توسلوا به إلي الله في إغاثتهم، فسقوا في تلك الليلة مطراً وابلاً، وما اختلف الناس إلي قبره مدة الأسبوع إلا في الوحل والطين. قال ابن فرتون: ظهرت

له كرامات. انتهي.

أليس هؤلاء الحفاظ من سلفهم الصالح؟ أم أن السلف الصالح محصور بابن تيمية؟؟؟

فكيف يزعم أدعياء أتباع السلف الصالح، أن التوسل بذات النبي حرام، وموقف السلف الصالح معروف.

إن إضافة العشرات من أمثال محمد بن عبد الوهاب، وابن باز، وابن عثيمين، وأضرابهم لن يغير الحقيقة، ولن يجعل هؤلاء الشرذمة ممثلين لأهل السنة والجماعة.

وهؤلاء الوهابية أسهل ما يكون عندهم أن ينسبوا آراءهم لأهل السنة والجماعة وهم أبعد ما يكونون عن رأي أهل السنة!! انتهي.

ص: 311

ص: 312

قال العاملي:

ولم يجب أحد من أتباع ابن تيمية!!

وكتب (جايكل) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 14 - 8 - 1999، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (ما حكم دعاء الرسول الله صلي الله عليه وسلم، عند قبره؟)، قال فيه:

الجواب:

دعاء الرسول، صلي الله عليه وسلم، من دون الله شرك بالله، سواء عند قبره أو بعيداً عنه، لأن الدعاء عبادة خاصة لله، قال تعالي: " ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ويضرك ". وقال صلي الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله. ومن أراد شفاعة الرسول صلي الله عليه وسلم فيعمل بسنته، ويسأل الله أن يشفعه فيه يوم القيامة، فهذا شأن المحب للرسول صلي الله عليه وسلم، قال تعالي: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ".

وكتب (عمار) بتاريخ 14 - 8 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

ص: 313

كثيراً ما نقرأ ونسمع الوهابية تطعن بمن يزور قبر الرسول صلي الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام.

ويتهمونهم بعبادة تلك القبور، فهل يا تري حقاًّ هؤلاء الزوار، يذهبون لعبدة تلك القبور ويتوجهون إليها مع الله تعالي ويشركون بالله؟ أم يعبدونها من دون الله تعالي ويكونوا كفاراً؟ معاذ الله؟!

فقد أجمع المسلمون علي وجوب اجتناب عبادة غير الله، وأن يفرد الله تعالي وحده بالعبادة..

ولكن الخلاف هو في تحديد مفهوم العبادة وهو أهم شئ في هذا الباب.. لأنه المكان الذي نزلت فيه أقدام الوهابية.

فإذا قلنا أن: التوحيد الخالص هو صرف العبادة لله تعالي.. لا يكون له معني، إذا لم نحدد مفهوم العبودية، ونعرف حدودها وضوابطها، حتي يكون لنا معيار ثابت نعرف به الموحد من المشرك.. فمثلاً الذي يتوسل، ويزور مقابر الأولياء ويعظمهم، هل يعد مشركاً أم موحداً؟

وقبل الإجابة لا بد بنا من ضابط نكتشف به مصاديق العبادة في الواقع الخارجي.

مناقشة مفهوم الوهابية في مناط مفهوم العبادة:

اعتبرت الوهابية أن مطلق الخضوع والتذلل والتكريم عبادة، فكل من يخضع أو يتذلل لشئ يعتبر عابداً له، فمن يخضع ويتذلل لنبي من أنبياء الله تعالي، أو ولي من أوليائه، بأي شكل من أشكال الخضوع يكون عابداً له، وبالتالي مشركاً بالله تعالي..

ص: 314

فالذي يسافر ويقطع المسافات من أجل زيارة رسول الله صلي الله عليه وآله حتي يقبل ضريحه الطاهر ويتمسح به تبركاً يعتبر كافراً مشركاً.. وكذلك الذي يبني المشاهد والقبب علي الأضرحة لتكريمها وتعظيمها.

يقول بن عبد الوهاب في إحدي رسائله: فمن قصد شيئاً من قبر أو شجر أو نجم أو نبي مرسل لجلب نفع أو كشف ضر فقد اتخذ إلهاً من دون الله، فكذَّب بلا إله إلا الله، يستتاب وإلا قتل.

وإن قال هذا المشرك: لم أقصد إلا التبرك، وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر.

فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالي عنهم أنهم لما جاوزوا البحر أتوا علي قوم يعكفون علي أصنام لهم قالوا يا موسي اجعل لنا إلهاً كما لهم آله. فأجابهم بقوله:" إنكم قوم تجهلون ". عقائد الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب ص 26.

ويقول في رسالة أخري: أيضاً من تبرك بحجر أو شجر أو مسح علي قبر أو قبة يتبرك بهم فقد اتخذهم إلهاً.

لكي يتضح لنا الخلط الذي ارتكبته الوهابية لا بد لنا أن ننقض هذه القاعدة التي اعتمدوها مقياساً في معرفة العبادة، وهو الخضوع والتذلل والتكريم.

لا يمكن شرعاً وعقلاً حمل مطلق الخضوع والتذلل علي العبادة..

فنحن نري كثيراً من الأمور التي يمارسها الإنسان في حياته الطبيعية، يتخللها الخضوع والتذلل، مثل خضوع الجندي أمام قائده، والتلميذ لأستاذه، ولا يمكن أن يجترأ إنسان ويصف عملهم هذا بالعبادة، فقد أمرنا الله تعالي بإظهار الخضوع والتذلل للوالدين، قال تعالي: "

ص: 315

واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ". والخفض هنا كناية عن الخضوع الشديد، فلا يمكن أن نسمي هذا العمل عبادة..

بل إن شعار المسلم هو التذلل والخضوع للمؤمن، والتعزز علي الكفار. قال تعالي: " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكفار ".. وإذا كان التذلل عبادة يكون قد أمر الله تعالي المؤمنين أن يعبدوا بعضهم البعض، وهذا محال.

وهناك آيات أكثر وضوحاً في هذا الأمر، وتنفي تماماً ما ادعته الوهابية، منها:

سجود الملائكة لآدم عليه السلام، والسجود هو أعلي مراتب الخضوع والتذلل. قال تعالي: " إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.. ".

فإذا كان السجود لغير الله سبحانه وإظهار قمة الخضوع والتذلل عبادة كما تدعي الوهابية فيتحتم عليها أن تسمي الملائكة والعياذ بالله مشركين كفاراً، وأن تسمي آدم طاغوتاً، فما لهم لا يتدبرون القرآن؟ أم علي قلوبهم أقفالها؟

ومن هذه الآية نعرف أن قمة الخضوع ليس عبادة، ولا يعترض معترض بقوله إن السجود ليس بمعناه الحقيقي، أو أن المقصود من السجود لآدم (علیه السلام) هو جعله قبلة، كما يجعل المسلمون الكعبة المشرفة، قبلة، فإن كلا الاحتمالين باطل..

لأن السجود الظاهر من الآية هو الهيئة المتعارفة. ولا يجوز صرفه إلي غيره من المعاني، وأما كونه قبلة فهذا تأويل من غير مصدر ولا دليل..

كما أن السجود لآدم (علیه السلام) لو كان معناه أن آدم (علیه السلام) كان قبلة، لما كان لإبليس أي مبرر للإعتراض حيث السجود لا يكون لآدم بذاته..

ص: 316

وقد أكد القرآن الكريم خلاف ذلك بقول إبليس: " أأسجد لمن خلقت طيناً ". ففهم إبليس من الأمر الإلهي السجود لنفس آدم (علیه السلام).. لذلك اعترض بقوله: " أنا خير منه ". أي أفضل.. فكيف يسجد الأفضل للمفضول عليه.

وإذا كان المقصود من السجود هو اتخاذ آدم قبلة، فلا يلزم من ذلك أن تكن القبلة أفضل من الساجد، فبذلك لا يكون لآدم (علیه السلام) حظ من الفضل وهذا خلاف ظاهر الآية. والذي يؤكد ذلك قول إبليس: " أأسجد لمن خلقت طيناً ".

وإما أن يكون السجود هذا من أجلي مصاديق العبادة، وتكون الملائكة الساجدة مشركة، ولكنه شرك أذن الله به وأجازه، وهذا ما لا يقول به مسلم عاقل، وهو مردود بقوله تعالي: " قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون علي الله ما لا تعلمون ".

فلو كان السجود عبادة وشركاً لما كان الله سبحانه وتعالي يأمر به. وبهذا لا يمكن أن نسمي ذلك المسلم الموحد الذي يخضع ويتذلل أمام قبر الرسول صلي الله عليه وآله مشركاً عابداً للقبر، لأن الخضوع لا يعني العبادة..

ولو أن مثل هذا العمل عبادة للقبر، لكان عمل المسلمين في الحج من الطواف حول البيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الأسود أيضاً عبادة، لأن هذه الأعمال من حيث الشكل والظاهر لا تختلف عن الطواف بقبر رسوله صلي الله عليه وآله أو تقبيله أو التمسح به، ورغم ذلك نجد الله سبحانه وتعالي يقول: " وليطوفوا بالبيت الحرام ". ويقول جل شأنه: " إن الصفا والمروة من

شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". فهل تري أن الطواف بالحجارة والطين عبادة لها؟

لو كان مطلق الخضوع عبادة، للزم أن تكون هذه الأفعال عبادة، ولا مخرج هنا بالأمر الإلهي، لأن الأمر الإلهي لا يغير ماهية الفعل..

ص: 317

ولكن مشكلة الوهابية أنهم لم يفهموا العبادة ولم يعرفوا روحها وحقيقتها، فيتعاملون فقط بالظواهر والأشكال..

فعندما يروا ذلك الزائر يقبل مقام رسول الله صلي الله عليه وآله يذهب ذهنهم إلي ذلك المشرك الذي يقبل صنمه، فينتزع الحكم من تلك الحالة الذهنية، لينسبها إلي ذلك الموحد الذي يقبل مقام الرسول وهذا هو الإشتباه..

فلو كان مجرد الشكل الخارجي كافياً للحكم، لوجب عليهم أن يكفروا كل من يقبل الحجر الأسود، ولكن الواقع غير ذلك.

وكتب (عمار) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

تعريف العبادة بالمفهوم القرآني:

العبادة هي الخضوع اللفظي والعملي عن اعتقاد بألوهية المعبود أو ربوبيته أو الإعتقاد باستقلاله في فعله بأنه يملك شأناً من شؤون وجوده وحياته علي وجه الإستقلال.

فكل عمل مصحوب بهذا الإعتقاد يعد شركاً بالله.. ولذلك نجد أن مشركي الجاهلية كانوا يعتقدون بألوهية معبوداتهم وقد صرح القرآن بذلك.

قال تعالي: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاًّ ". أي كان هؤلاء يعتقدون بألوهية معبوداتهم. قال تعالي: " الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر، سوف يعلمون ".

فهذه الآيات ترد الوهابية علي أعقابهم، حيث تصرح أن الشرك الذي كان يقع فيه الوثنيون هو من باب إعتقادهم بألوهية معبوداتهم.

وقد نص الله تعالي علي هذا الأمر في قوله تعالي: " وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين

الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون ".

ص: 318

فهذه الآيات الملاك الأساسي في قضية الشرك، وهو الإعتقاد بألوهية المعبود، ولذلك استنكرو

واستكبروا علي عقيدة التوحيد التي جاء بها الرسول صلي الله عليه وآله.

قال تعالي: " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ". ولذلك كانت دعوة الأنبياء لهم محاربة اعتقادهم بإله غير الله سبحانه وتعالي.. حيث يمتنع عقلاً عبادة من لا يعتقد بألوهيته، فيعتقد أولاً ثم يعبد ثانياً.. قال تعالي: " يا قوم اعبدوا الله ما لكم إله غيره ".. فيبين القرآن الكريم بذلك انحرافهم عن الإله الحقيقي.

فإذاً المناط في الشرك، هو الخضوع المقترن بالإعتقاد بالألوهية، وقد يكون الشرك ناتجاً من الإعتقاد بربوبية المعبود، أي كونه مالكه ومسيطراً علي أمره من الخلق والرزق والحياة والممات، أو لكونه مالكاً للشفاعة والمغفرة..

فالذي يخضع لشئ معتقداً بربوبيته يكون عابداً له، ولذلك جاءت الآيات القرآنية تدعو الكفار والمشركين لعبادة الرب الحق.

قال تعالي: " وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم ". وقال تعالي: " إن هذه أمتكم

أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ".

وهنا مناط آخر وهو الإعتقاد بأن الشيء مستقل في ذاته أو فعله من غير أن يكون قائماً بالله، فالخضوع المقترن بهذا الإعتقاد يعد شركاً..

فإذا خضعتَ أمام إنسان باعتبار أنه مستقل في فعله سواء كان هذا الفعل عادياًّ مثل التكلم والحركة، أو كالمعجزات التي يقوم بها الأنبياء، يكون هذا الخضوع عبادة علي حد سواء..

ص: 319

بل لو اعتقد الإنسان أن حبة الصداع تشفي بصورة مستقلة عن الله تعالي يكون هذا الإعتقاد شركاً.

وبهذا نعرف أن الملاك في العبادة ليس فقط إظهار الخضوع والتذلل، وإنما الملاك الحقيقي هو الخضوع والتذلل بالقول أو الفعل لمن يعتقد بأنه إله أو رب أو مالك لشيء من شؤونه، علي وجه الإستقلال.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هذا.. الدكتور جايكل، مثل إمامه الحراني.. يبطن الحكم في مقدمة السؤال.. ويقول:

ماذا تقولون فيمن يدعو النبي؟ ويقصد: ماذا تقولون في من يدعو النبي بدل الله تعالي؟!

والجواب أعطاه هو، لأنه قال: أيها المسلمون الذين تزورون النبي وتتوسلون به إلي الله، لأنه عبده ورسوله، أنتم تدعونه وتعبدونه بدل الله!! فأنتم مشركون!!

وهذا أسوأ أنواع المصادرة والتزوير في البحث!!!

ثم أين مصدر هذا الحديث المكذوب الذي ذكره، الذي ينهي عن الإستغاثة إلي الله برسوله؟!!

إنه لا يوجد حتي.. في كيس أبي هريرة، فمن أي كيس أتيت به؟!!

وكتب (طالب العلم) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

السلام علي من اتبع الهدي:

أعتقد أن الدكتور جايكل له كيس.. قد فصله له إمامه ابن تيمية.. وخيطه ابن عبد الوهاب..

ص: 320

وهذا أكبر من أكياس أبي هريرة!!!

وكتب (جايكل) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

الجواب كان واضح أو وضح من الشمس، وأنتم فعلاً ما تفهمون! الآيات موجودة والأحاديث موجودة، بس ما تفهمون!

وكتب (العباسي) في الساحة الإسلامية بتاريخ 12 - 5 - 1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ما الفرق بين استغاثة النصاري بعيسي، واستغاثة الشيعة بالعباس أبو فاضل؟)، قال فيه:

بالله.. ما الفرق؟؟؟؟؟

وكتب (شامس 22) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

نفس الفرق بين عنبر أخو بلال، أو بلال أخو عنبر.. علي ما أظن.

وكتب (سلمان) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

روي الطبراني في معجمه الكبير من حديث عثمان بن حنيف:

أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له، فكان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك. فقال عثمان بن حنيف: ائتِ الميضاة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (صلی الله علیه و آله) نبي الرحمة. يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي لتقضي حاجتي. وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له. ثم أتي باب عثمان بن عفان، فجاءه البواب، فأخذه بيده فأدخله علي عثمان، فأجلسه معه علي الطنفسة فقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له. ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتي كانت الساعة. وقال: من كان لك من

ص: 321

حاجة فاذكرها. راجع تحقيق النصرة ص 114 - 155، رواه نقلاً عن الطبراني في معجمه الكبير.

وروي جماعة منهم الحاكم في المستدرك، من حديث عمر بن الخطاب:

أن آدم لما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي.

قال الله: يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟

قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ من روحك، رفعت رأسي، فرأيت علي قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال تعالي: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد لما خلقتك. وذكره الطبراني وزاد فيه: وهو آخر الأنبياء في ذريتك. راجع مستدرك الحاكم، كتاب التاريخ في آخر كتاب البعث: 2/615، ومجمع الزوائد: 8/253.

إذن ما الفرق بين توسل آدم (علیه السلام) بالنبي صلي الله عليه وآله، وتوسلنا بأبي الفضل العباس (علیه السلام)؟

وكتب (شامس 22) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

نقول لك الله موجود يجيب دعوة الداعي إذا دعاه. تقول: أبو فاضل! أبو فاضل مات، هم لاحقينه. الله يهداك بس.

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثامنة مساءً:

أولاً: يجب أن يعرف أن هناك فرق كبير بين التوسل بالمخلوقين.. دعاء الله بهم.. وبين دعائهم من دون الله. فالأول بدعة لم يفعله السلف، وهو يؤدي إلي الشرك كما هو مشاهد.. أما الثاني: فشرك صريح باتفاق العلماء.

ص: 322

ثانياً: القصة التي ذكرتها عن الطبراني ضعيفة جداًّ، وهي تختلف عن حديث توسل الأعمي بدعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم.

أنظر: هذه مفاهيمنا: في الرد علي محمد علوي المالكي، للشيخ صالح آل الشيخ ص 37.

أما الحديث الثاني فهو لا يصح، ولو صحَّ، وهذا بعيد جداًّ، لكان من التوسل بالمخلوقين وليس من دعائهم. والذي يفعله الشيعة وغيرهم من الصوفية هو دعاء صريح واستغاثة بالأموات.

وكتب المدعو (محب أهل البيت) بتاريخ 13 - 5 - 1999، السادسة صباحاً:

الفرق هو أن النصاري عندهم اثنان زيادة علي الله يدعونهم ويلتجؤون إليهم، وهم المسيح والروح القدس. والكاثلويك يضيفون العذراء مريم. لكن الشيعة عندهم اثنا عشر رجلاً يستعينون بهم. وعندي روايات كثيرة في هذا الباب تقشعر منها جلود المؤمنين، ويكفي المرء عجباً أن يري إنساناً يقر

ما يزيد علي 17 مرة في صلاته: " إياك نعبد وإياك نستعين " ثم يأتي ليقوم فيقول: " يا علي " أو تمرض بنته، فيذهب إلي مرقد فلان وفلان، ليدعو!!

وكتب (شامس 22) بتاريخ 14 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

المسيحيين عندهم اثنين أو ثلاثة، وهؤلاء عندهم درزن.. راهين! أليس كذلك؟؟؟؟؟

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 3 - 2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (حكم التوسل بالأولياء والصالحين)، قال فيه:

ص: 323

فإنه نتيجة لبعد كثير من المسلمين عن ربهم، وجهلهم بدينهم في هذا الزمن، فقد كثرت فيهم الشركيات والبدع والخرافات، ومن ضمن هذه الشركيات التي انتشرت بشكل كبير، تعظيم بعض المسلمين لمن يسمونهم بالأولياء والصالحين، ودعاؤهم من دون الله، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون،

فعظموهم وطافوا حول قبورهم. ويزعمون أنهم بذلك يتوسلون بهم إلي الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات، ولو أن هؤلاء الناس الجهلة رجعوا إلي القرآن والسنة، وفقهوا ما جاء فيهما بشأن الدعاء والتوسل لعرفوا ما هو التوسل الحقيقي المشروع؟

إن التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله، وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، وعن طريق التقرب إلي الله بالأعمال الصالحة، وسؤاله بأسمائه الحسني وصفاته العلا، فهذا هو الطريق الموصل إلي رحمة الله ومرضاته.

أما التوسل إلي الله عن طريق: الفزع إلي قبور الموتي والطرف حولها، والترامي علي أعتابها وتقديم النذور لأصحابها، لقضاء الحاجات وتفريج الكربات فليس توسلاً مشروعاً بل هذا هو الشرك والكفر بعينه والعياذ بالله..

وكتب (عراقي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، التاسعة مساءً:

أسألك سؤال.. يا عمر:

أنت عندما تطوف بالكعبة المشرفة، والتي هي في الواقع " أحجار " وتتمسح بجدرانها..

وعندما تمسك الحجر الأسود، أقول " الحجر " وتلثمه.. فهل أنت بعملك هذا تعبد الكعبة وتعبد الحجر، فإن قلت: نعم فقد أشركت بالله.

ص: 324

النبي.. يا حضرة عمر أشرف من الكعبة، بل أشرف الموجودات علي الإطلاق.. ويأتي بعده آله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم.

وإذا كنت تودع الحجر ميثاقك وتعتقد بحفظه للميثاق، فما بالك تستشكل بها عند وصولك لسيد الموجودات وآله الميامين، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، ولكن لا تشعرون.

وكتب (العاملي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

ما رأيك يا عمر.. لو كان المتوسل بقبر الشافعي هو أحمد بن حنبل؟! أو كانوا كبار أئمتك يتوسلون بقبر أحمد؟!!

وكتب (عمر) بتاريخ 26 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

لا تخلط شعائر الحج بالتمسح بالقبور " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ".

أما إلي العاملي: مع تحفظنا علي ما تذكر عن ابن حنبل، فهو لا يصل إلي ما تفعلوه وتعتقدوه بالقبور. وأعتقد بأن الله أقرب من صاحب القبر بتفريج الكربات.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

هل تعلم يا عاملي أحداً من أهل السنة توسل بمخلوق مثل توسلكم هذا: " كلمح البصر، أو هو أقرب يا محمد، يا علي، يا محمد، يا علي، اكفياني فإنكما كافيان، وانصراني فإنكما ناصران، يا مولانا يا صاحب الزمان، الغوث، الغوث، الغوث، أدركني، أدركني، أدركني، الساعة، الساعة، الساعة، العجل، العجل، العجل. يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين ".

ص: 325

وبالمناسبة ما تعليقك علي هذا التوسل هل هو مشروع، أم ممنوع؟ إن جئتنا بأحد من أهل السنة توسل بمثل هذا الكلام، فنحن علي استعداد للبراءة منه.

وكتب (خادم علي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

هل قولك هذا يخص، أو يعم؟ فإن كان يعم، فخذ هذه الهدية:

ذكر اليافعي في روض الرياحين، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال: بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمي قد دخل علينا...

قال العاملي:

ونقل قصة التوسل بلحية أبي بكر التي تقدمت عن الغدير، وقال:

" اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي. فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك، أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم، فإنك أرحم الراحمين ".

وكتب (سجاد) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

عن أنس، أن عمر بن الخطاب، كان إذا قحطوا استسقي بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل بنبيك فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فسقوا...

ضياء الصدور ص 11، استانبول، أفست 1986 م.

صحيح البخاري: 1/179 - 2/306.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

ما ذكرته عن توسل عمر (ض) بدعاء العباس (ض) فلقد علقنا عليه في بداية الموضوع، ومن ردك نري بأنك لم تقرأ ما كتبناه في بداية الموضوع.

ص: 326

وكتب (العاملي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والدقيقة الواحدة والثلث ليلاً:

لكن أنا قرأت يا عمر، فأجبني!!

ما لك رأيت أموراً تنقض كلامك، ومذهب إمامك ابن تيمية، فأغمضت عنها..

وهربت من جوابها!! ورأيت أمراً صغيراً من الأخ سجاد فتشبثت به؟!

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

عزيزي العاملي:

ما كتب خلط للأوراق.. فيه حقائق وبدع وضلال.

الرجاء تحديد المراد ومن ثم المناقشة، والأهم هو اتباع الكتاب والسنة في هذه الأمور المهمة. فإذ

كان لك ما يوافقك فهاته راجع الموضوع بالبداية لتري التوثيق بآيات الله، ولا رأي بعد كتاب الله.

وكتب (عراقي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، السابعة والنصف صباحاً:

أعود إلي موضوع أحجار الكعبة المشرفة والحجر الأسود.. فقد كان جوابك.. بأن لا أخلط بين مناسك الحج والتمسح بالقبور.

أقول: ليس من شروط الحج أن تتمسح بأحجار الكعبة.. وليس من شروط الحج التمسح بالحجر الأسود..

وأضيف لك معلومة أخري وهي أن المسلمين عندما يطوفون بالبيت العتيق يضمون بطوافهم قبر نبي الله إسماعيل وأمه المدفونين في حجر إسماعيل، فهل في طواف المسلمين إشكال، يا عمر؟؟؟؟؟

ص: 327

وكتب (حساوي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

يا عمر هذا حديث نقله إليك الأخ سجاد.. تهربت من الإجابة عليه: كيف يجوز لعمر ابن الخطاب ما لا يجوز لغيره؟ هل هذا حديث صحيح، أم لا؟

سؤال ثاني: هل تعبد الحجر الأسود؟؟ هل تعبد الكعبة؟؟ لماذا لا تدعو الله عن بعد؟؟ إن الله سميع بصير، لماذا تقبل القرآن الكريم، هل تعبده؟؟ لماذا تقبل أبنائك هل تعبدهم؟؟ إنما الأعمال بالنيات.

اللهم ارزقنا زيارة سيدي أبي عبد الله الحسين.

وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

والله لا أظن. بعد هذا الإفحام.. إفحام يا عمر.. أين أنت، لا تجيب.. أو أنك اكتفيت!

الله يهديك ويهدي جميع الإخوة السنة، الذين يغلطون فينا كل يوم.

اللهم لا أرجو إلا شفاعة أهل البيت عليم السلام.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

كيف أتهرب والجواب مذكور في بداية الموضوع! ولو كان عمر (رضی الله عنه) شيعياًّ لذهب لقبر الرسول (صلی الله علیه و آله) وترك العباس (رضی الله عنه)، لقد فضل عمر (رضی الله عنه) الحي علي الميت، وأخذ بدعاء العباس (رضی الله عنه) أي لم يتمسح بميت!! أعد قراءة الموضوع من البداية لتعرف الإجابة!

وكتب (حساوي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، التاسعة والربع مساءً:

يا أخ عمر.. لماذا يتوسل عمر ابن الخطاب بالعباس؟؟ لماذا كان يتوسل بالنبي؟

لماذا لا يتوسل إلي الله مباشرة؟ هل في هذا شرك بالله؟

ص: 328

هل يجوز التوسل بالأحياء الصالحين كما فعل عمر؟ الرجاء الإجابة وليس التعليق!

اللهم ارزقنا زيارة أبي عبد الله الحسين.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، العاشرة والثلث مساءً:

لا يجوز التوسل بالأحياء، بل التبرك بدعائهم أي نطلب منهم الدعاء باسمنا لمنزلتهم. أما الميت فلا يستطيع الإجابة.

وكتب (عراقي) بتاريخ 28 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

يظهر من كلامك.. أن العباس أفضل من عمر. ولهذا قلت: تبركاً بدعائهم لمنزلتهم.

والثانية: قولك إن الميت لا يستطيع الإجابة..

فالإجابة والإستجابة هي من الله، لا من المتوسل به!! ورسول الله صلي الله عليه وآله حرمته حي كحرمته ميت..

وأن الله سبحانه وتعالي قال: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فهل في الكون أحداً أشرف وأعلي منزلة من رسول الله صلي الله عليه وآله كي تعتبره ميتاً.

وكتب (عمر) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

العباس (رضی الله عنه) عم الرسول (صلی الله علیه و آله) وهو أقرب أقاربه ولو كانت الخلافة للأقارب لكان العباس (رضی الله عنه) دون علي (رضی الله عنه). أما دعاء الإستسقاء فيكون بأفضل المؤمنين ولقد اجتهد عمر (رضی الله عنه) بهذا الرأي ووجد أقرب الناس للنبي (صلی الله علیه و آله) هو العباس. يجب أن تفرق بين الدعاء والتوسل والتمسح بالقبور والتبرك بالأحياء والأموات. حدد ما تريد أن تناقش به.

ص: 329

وكتب (عراقي) بتاريخ 28 - 3 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

ليس الخلافة بالأقارب.. بل بما اختاره الله.

وقد اختار السلالة الطاهرة كما اختار لأنبيائه من قبل، كآل داوود وآل عمران وآل إبراهيم..

فلماذا انحرفت عندما وصلت إلي آل محمد صلوات الله عليهم.

وأما قولك: " أما دعاء الإستسقاء فيكون بأفضل المؤمنين ". فهذا تأكيد آخر منك علي أن العباس أفضل من عمر!!!!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الحادية عشرة مساءً:

فرق بين التوسل السني والتوسل البدعي.. أن التوسل السني الصحيح يتوجه المتوسل بدعائه إلي الله وليس إلي المخلوقين، فيقول مثلاً: اللهم إني أتوسل إليك.

أما البدعي فيدعو المتوسل المخلوقين مباشرة كأن يقول المتوسل: يا رسول الله، يا علي، يا حسين، فيدعوهم من دون الله تعالي. وهذا الذي لا يجوز وفاعله مشرك بالله تعالي، لأن الدعاء عبادة فلا يجوز صرفه لغير الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الثالثة والنصف ظهراً:

وماذا تصنع.. يا محب السنة بحديث الصحابي عثمان بن حنيف رحمه الله.

حيث علم مسلماً، كانت له حاجة إلي عثمان بن عفان في خلافته، أن يصلي ركعتين ثم يقول: اللهم إني أتوجه إليك بمحمد، يا محمد إني أتوجه بك إلي الله... إلخ.

وقد صححه الطبراني، وغيره؟!!

ص: 330

مشكلتكم.. أنهم ركبوا في أذهانكم أن التوسل والنداء طلب من المتوسل به والمنادي!!

ولو سألتم عربياًّ فصيحاً غير مدخول، لقال لكم: إن التوسل والنداء ليس تأليهاً، بل هو طلب مساعدة من الشخص نفسه أو من غيره، أو من ربه بواسطته؟!

وقد ضربت لك مثلاً.. سابقاً: لو أن سيارتك انقطعت في الصحراء.. وناديت صاحبك: " يا علي، يا عمر، أعني، ساعدني رجاء ".. فهل أنت بذلك تعبده؟!!!!

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

هذا هو طلب للمساعدة، يعني رأيت رجلاً فطلبت منه أن يعاونك أو يساعدك كما تذهب بسيارتك إلي الكراج مثلاً لتصليح العطل الذي بها، هذا لا بأس به. أو إذا مرضت تذهب إلي الطبيب للمعالجة، هذه الأمور معروفة، وجائزة إن شاء الله. ولكن أن يكون طلبك للميت وقد أكله الدهر، أو من مات للتو، هذا طبعاً، لا يجوز، أو تطلب منه أن يشفع لك عند الله، أو تقول أدركني، أو أغثني. فالدعاء هنا يكون لله تعالي، حيث قال: " فلا تدعوا مع الله أحداً ".. بل أقول: يا الله، يا رحمن، يا رحيم أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك.. بعد ذلك أدعو ما شئت من الدعاء. مثلاً: ارحمني، واغفر لي، وهكذا.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

لو تعطلت سيارتك ودعوت إنساناً ميتاً أو غائباً هل يسمعك أو ينفعك. أما إن استعنت بحي قادر فليس في ذلك بأس وهو سبب مباح. قال تعالي: " ومن أضل

ص: 331

ممن يدع من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ".

وكتب (العاملي) بتاريخ 31 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

روحي لك الفداء، يا رسول الله..

أشهد أنك حيٌّ.. عند ربك ترزق.. وتسمع كلام من سلم عليك.. وتوسل إلي الله بك.. وتكلم معك.. إلا أن تحجب ذنوبه توسله بك.. أو تمنع معاصيه سماعك صوته..

أشهد أنك أقرب الخلق إلي الله وسيلة، حياًّ في دنيانا، وميتاً في الملأ الأعلي فوقها..

وأشهد أننا ما عرفنا علوَّ مقامك عند ربك، ولا وقرناك كما أنت أهله، وأن الأذهان المسطحة والمشاعر الخشنة، والأرواح الغليظة، قد ظلمتك وقالت إن بدنك الطاهر قد بلي، وإنك لا تنفع ميتاً، وأن عصا شيخهم تنفع أكثر منك!!!

وأنك " طارش " أوصلت الرسالة.. وانتهي الأمر!!! ألا بعداً لهذه الجرأة الوحشية، وقلة الفهم الأعرابية!!

وأشهد أن حديث ابن حنيف عنك صحيح.. وأن الله أوحي إليك، أن تعلم أمتك، التوسل إلي ربها بك.. وأنك وأهل بيتك.. الوسيلة التي قال الله عنها: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقال عنها: " يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ".

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول "

وأن هذا المجئ إليك حياًّ وميتاً، واستغفارك لمن طلب منك حياًّ وميتاً.. صلي الله عليك وعلي آلك الأطهار، ووفقنا لمعرفة مقامكم، وحقكم العظيم.

ص: 332

وكتب (عمر) بتاريخ 31 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

عزيزي العاملي: كلامك يخالف القرآن في هذه الآية: سورة الأعراف - 188: " قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير

وبشير لقوم يؤمنون ". كيف لا يستطيع دفع السوء عنه ليدفعه عن غيره؟؟

انتهي.

قال (العاملي):

كثيراً ما يعرض المناقشون الشيعة عن مقولات عمر هذا.. لأنه يناقض نفسه.. ولا يتكلم بمنطق، ولا يعترف بخطأ إلا عندما يكون افتضاحه فاحشاً!!

وقد ناقض ما صح من مذهبه في هذا الموضوع بقوله إن عمر لم يتوسل بالعباس.. مع أن عمر نص علي ذلك في صلاة الإستسقاء!!

واعترف بذلك أن العباس أفضل من عمر، مع أن مذهبه لا يقبل ذلك.. إلخ.

وكتب (ذو الفقار) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (قال الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة. المائدة - 35)، قال فيه:

إن تحريم التوسل بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله، وبسائر الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وكذا بالأولياء الصالحين، هو من مبتدعات الوهابيين.

قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". المائدة - 35.

ص: 333

قال السمهودي الشافعي في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفي:

(قد يكون التوسل، به صلي الله عليه [وآله] وسلم، بطلب ذلك الأمر منه، بمعني أنه صلي الله عليه [وآله] وسلم قادر علي التسبب فيه بسؤاله وشفاعته إلي ربه فيعود إلي طلب دعائه وإن اختلفت العبارة ومنه قول القائل له أسألك مرافقتك في الجنة... الحديث. ولا يقصد به إلا كونه صلي الله عليه [وآله] وسلم سبباً وشافعاً).

وفي كتاب كشف الارتياب ص 252:

(روي النسائي والترمذي وغيرهما إنه صلي الله عليه وآله علم بعض أصحابه أن يدعو ويقول: اللهم إني أسئلك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها لي اللهم فشفعه بي).

ونقل السمهودي في وفاء الوفا: 2/422:

(عن القاضي عياض في الشفاء بسند جيد عن أبي حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في

مسجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم.

فقال مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالي أدب قوماً فقال: " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي.. " الآية، ومدح قوماً فقال: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله.." الآية، وذم قوماً فقال: " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات.. " الآية. وإن حرمته ميتاُ كحرمته حياًّ. فاستكان لها أبو جعفر.

فقال: يا أبا عبد الله، أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلي الله عليه وآله.

ص: 334

فقال: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله، قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم.. " الآية). انتهي.

وذكر صاحب كتاب خلاصة الكلام أن هذا الحديث أورده:

السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام.

والسمهودي في كتابه خلاصة الوفا.

والقسطلاني في المواهب اللدنية.

وابن حجر في تحفة الزوار، والجوهر المنظم.

وذكر كثير من مؤلفي كتب المناسك في آداب زيارة النبي صلي الله عليه وآله.

قال ابن حجر في كتابه الجوهر المنظم:

(رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه).

وقال الزرقاني في شرح المواهب:

(ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفا بإسناد صحيح رجاله ثقات، ليس في إسنادها وضاع، ولا كذاب. وقال: ومراده بذلك الرد علي من نسب إلي مالك كراهية استقبال القبر).

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر: أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:

آل النبي ذريعتي... وهم إليه وسيلتي

أرجو بهم أعطي غداً... بيدي اليمين صحيفتي

وزاد في كشف الإرتياب ص 260:

(أما أئمة أهل البيت الطاهر النبوي، فأدعيتهم المأثورة عنهم التي تبلغ حد التواتر طافحة بالتوسل بجدهم صلي الله عليه وآله وبآله وبحقه وحقهم والأقسام عليه تعالي

ص: 335

بهم. وهم أعرف بسنة جدهم وبأحكام ربهم من ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأتباعهما من أعراب نجد، فهم باب مدينة علم المصطفي، وورثة علمه الذين أمرنا بأن نتعلم منهم).

وقال في كشف الإرتياب ص 260:

(ومن أنواع التوسل به صلي الله عليه وآله، استقبال قبره الشريف، وقت الدعاء، فإنه في الحقيقة توسل به صلي الله عليه وآله، وبقبره الشريف، وقد جرت عليه سنة المسلمين خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وأفتي باستحبابه الإمام مالك، إمام دار الهجرة في قوله للمنصور: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك، ووسيلة أبيك آدم إلي الله تعالي، بل استقبله واستشفع به).

قال في كتاب خلاصة الكلام:

(ذكر علماء المناسك أن استقبال قبره الشريف صلي الله عليه وآله وقت الزيارة والدعاء، أفضل من استقبال القبلة).

قال في الجوهر المنظم:

(ويستدل لإستقبال القبر أيضاً، بأنا متفقون علي أنه صلي الله عليه وآله حي في قبره، يعلم زائره، وهو صلي الله عليه وآله لو كان حياًّ لم يسع الزائر إلا استقباله واستدبار القبلة، فكذا يكون الأمر حين زيارته في قبره الشريف..). ثم نقل قول مالك للمنصور المشار إليه آنفاً.

ثم قال قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب:

(إن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلاً له، مستدبراً للقبلة).

ثم نقل عن مذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور مثل ذلك وقال:

ص: 336

(وأما مذهب الإمام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه، والراجح عند المحققين منهم أنه يستقبل القبر

الشريف كبقية المذاهب).

وقال في ص 258، قال السمهودي:

(ذكر كثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبي صلي الله عليه وآله أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلي الله تعالي في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلي الله عليه وآله).

وفي ص 263:

(روي أبو حنيفة في مسنده، عن ابن عمر، قال: من السنة أن تأتي قبر رسول الله صلي الله عليه وآله من قبل القبلة، وتجعل ظهرك إلي القبلة وتستقبل القبر وتسلم).

وقال ابن جماعة في منسكه الكبير:

(ومذهب الحنفية... إلي أن قال: ثم يدور إلي أن يقف قبالة الوجه المقدس، مستدبر القبلة فتسلم).

إحذر يا ناصبي!!!!!

وكتب (الموسوي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2 - 2 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (من فمك أدينك - 1!! التنبيه علي ضعف حديث: " لا يستغاث بي ")، قال فيه:

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/010636.html

هذا هو بحث ل- (المنصور) في سحاب، حول بطلان الاستدلال بحديث: " لا يستغاث بي ".

ص: 337

الذي يكثر الوهابية الإستدلال به!

وهذه المرة آثرت أن أنقله أيضاً لأن الوصلة التي وضعتها لموضوع (الألباني ينصح الأمة بهدم الكعبة!) لا تظهر لي، لا في أنا المسلم، ولا في سحاب. ففضلت أن أنقل بحث المنصور أيضاً ولا أكتفي بالإشارة للوصلة فلعله يحذف أيضاً!!

بسم الله الرحمن الرحيم

في الليلة السابقة، وقع في خلدي، أن أقوم بتحرٍّ للحديث الذي أري أن البعض قد أكثر من تداوله والإستدلال به في باب العقيدة معتمداً علي ذكره في بعض الكتب من غير تحقيق، ولا مراجعة، وعمدتهم في ذلك ما ذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/ 159: إذ قال:

وعن عبادة بن الصامت، قال: قال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق.

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله عز وجل.

وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث. وقد رواه أحمد بغير هذا السياق، وهو في الأدب في باب القيام.

أقول وبالله التوفيق:

هذه العبارة ليست تحسيناً للحديث كما ظن البعض، بل هي عبارة ممجلة، حكم بها الهيثمي علي ابن لهيعة، وقد كررها في مواضع من كتابه. وحاله لا يخفي علي المهتمين بهذا العلم.

والجمهور من العلماء قد خالف الهيثمي في هذا، أو بالأحري فصَّل في ذلك، واعتبروا تحسين روايته

ص: 338

فقط في المتابعات والشواهد، كما فعل مسلم وغيره.

بل والأكثر من ذلك أن الهيثمي نفسه قد ضعفه مطلقاً، كما في المواطن التالية: 1/54، 1/89، 1/92، 1/202: ضعيف، وقد وثق.

وقال في: 10/375، وقد ضعفه الجمهور، وغيرها كثير.

وفي: 10/264 / قال: حديثه يعتضد.

وفي: 10/206، قال: وهو يدلس وفيه ضعف وقد وثق.

والصواب التفصيل كما سبق بيانه، وقد لخص وجمع الأقوال، الهيثمي نفسه كما في: 6/97، فقال عن ابن لهيعة: وقد ضعف، وحديثه حسن باعتبار الشواهد.

ونعود لحديثنا هنا، فنقول لا ينبغي أن يعتقد أن الهيثمي قد حسن الحديث، بل هذا خطأ محض من قائله للأسباب التالية:

أ - أن الهيثمي، قد صرح بأن مدار الحديث علي ابن لهيعة، ولو كان مصححاً للحديث أو لا يريد تنبيهك علي شئ، لقال: ورجاله ثقات أو نحو ذلك.

ب - وبقوله: " رجاله رجال الصحيح "، فإنه قد أحالك إلي متابعة دراسة السند من حيث الإتصال وغيره من إرسال خفي ونحوه.

وحديثنا هذا من الأمثلة علي أهمية اعتبار هذه النقطة، فللحديث علل ينبغي التنبه لها:

1 - أن ابن لهيعة نفسه، قد رواه بإسناد فيه رجل مجهول، وهذه الرواية هي التي بين أيدينا، وقد أشار إليها الحافظ الهيثمي هنا، ثم ذكرها في موطن آخر. وهي في مسند أحمد: 5/317: ثنا موسي بن داود، ثنا بن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلاً سمع..

ص: 339

وقال في مجمع الزوائد: 8 /40 رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسمَّ، وابن لهيعة. وتأمل كيف أرسل الهيثمي القول في ابن لهيعة لشهرة المقالة فيه. إضافة علي ذلك نقول: لعل رواية الطبراني فيها كذلك الرجل المجهول نفسه، لكن الهيثمي لم ينبه علي ذلك، خاصة بأن السياق قد لا يوحي بذلك، وفي بعض الأحايين لا يمكن التحقق من ذلك إلا بمراجعة طرق أخري للحديث، ولا ندري حتي الآن الراجح في ذلك! وحيَّهلا بباحث يأتينا بإسناد الطبراني ولفظه كاملاً، فإني قد حاولت جاهداً الوقوف عليها دون

جدوي، مع علمي بأن الهيثمي قد ذكرها، وتبعه السيوطي في الجامع الكبير.

2 - لفظ هذه الرواية وهي الأشهر مغاير، وليس فيها لفظ الإستغاثة بتاتاً، وقد مرَّ.

فلفظ أحمد: " عن عبادة بن الصامت قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقام لي إنما يقام لله تبارك وتعالي ".

ووجدته في الطبقات الكبري: 1/387: " أخبرنا موسي بن داود، أخبرنا بن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلاً سمع عبادة بن الصامت يقول: خرج علينا النبي صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقام لي إنما يقام لله ".

3 - إيراد ابن كثير الرواية بكاملها في تفسيره، وبإسنادها عند ابن أبي حاتم وضعفها.

ص: 340

قال رحمه الله ج 3 ص 174: " قال ابن أبي حاتم رحمه الله، ذكر عن زيد بن الحباب، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي، حدثني من شهد عبادة بن الصامت يقول: كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقرأ بعض القرآن فجاء عبد الله

بن أبي بن سلول ومعه نمرقة وزربية، فوضع واتكأ، وكان صبيحاً فصيحاً جدلاً، فقال: يا أبا بكر قل لمحمد يأتينا بآية كما جاء الأولون، جاء موسي بالألواح، وجاء داود بالزبور، وجاء صالح بالناقة، وجاء عيسي بالإنجيل وبالمائدة، فبكي أبو بكر رضي الله عنه، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم نستغيث به من هذا المنافق.

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنه لا يقام لي إنما يقام لله عز وجل.

فقلنا: يا رسول الله، إنا لقينا من هذا المنافق.

فقال: إن جبريل قال لي: أخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك وفضيلته التي فضلت بها فبشرني أني بعثت إلي الأحمر والأسود، وأمرني أن أنذر الجن، وآتاني كتابه وأنا أمي، وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر وذكر اسمي في الأذان، وأمدني بالملائكة، وآتاني النصر وجعل الرعب أمامي، وآتاني الكوثر، وجعل حوضي من أكثر الحياض يوم القيامة وروداً، ووعدني المقام المحمود، والناس مهطعون رؤوسهم، وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل في شفاعتي سبعين ألفاً من أمتي الجنة بغير حساب، وآتاني السلطان والملك، وجعلني في أعلي غرفة في الجنة في جنات النعيم، فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش، وأحل لي ولأمتي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلنا.

ص: 341

وقال: هذا الحديث غريب جداًّ، وهنا في هذه الرواية التصريح بالسماع من ذلك المجهول، وأنه واسطة في الإسناد.

4 - إنفراد ابن لهيعة، إذ لا يوجد له متابعة، ولا للفظه شواهد يرتقي بها.

فملخص المبحث أنه لا يجوز الإستدلال بهذا الحديث فيما يتعلق بالعقيدة. نسأل الله التوفيق.

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (هل سورة الزمر.. تنطبق علي الشيعة؟؟)، قال فيه:

لا أعرف لماذا توقفت عند قراءة هذه السورة الكاملة التي تبين التوحيد وتنقض الأوصياء أو الشفعاء. هذه السورة أكبر دليل علي الدعاء لله فقط دون غيره، وأتمني من الشيعة التبصر بهذه الآيات:

تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 5 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

عمر كان أفهم منك يا.. عمر، وإن كنت أنت خيراً منه..

ألا تفرق بين الشفعاء من دون الله، والشفعاء من الله؟!!

وبين الأولياء من دون الله، والأولياء من الله؟!!

وبين اتخاذ الناس شفعاء وأولياء من عند أنفسهم كما اتخذت أنت عمر..

ص: 342

وبين اتخاذنا محمداً وآله صلي الله عليه وعليهم شفعاء وأولياء.. لأن الله أمرنا بولايتهم.. وأمرنا باتخاذهم وسيلة إليه بقوله: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة "؟؟!

ثم..

ألا تفرق بين التوسل بالنبي إلي ربه تعالي، وبين عبادة النبي من دون الله؟!! هل اختلطت عليك الأمور إلي هذا الحد؟!! أم أن نوع ذهنك...؟!!

وكتب (صبي الشيعة) بتاريخ 5 - 2 - 2000، التاسعة صباحاً:

كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه!

وكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

أعتقد بأنكم من اختلطت الأمور لديكم، وما علاقة الشفاعة بالتوسل وما علاقة الشفاعة بشفاء الأمراض؟ وما علاقة الشفاعة بحضور الشفيع بالقبر، بل ما علاقة الشفاعة تفضيل أرض المشفوع علي بيت الله؟ كل هذه الأمور هي التي اختلطت عليكم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 5 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

ما ذكرته عن التوسل والإستشفاع بالنبي وآله صلي الله عليهم، صحيح نعتقد به.

وعندنا أدلتنا من أحاديثكم وأحاديثنا الصحيحة.. ويكفينا من أحاديثكم:

ما رواه الطبراني، وصححه، عن ابن حنيف رحمه الله، من تعليم النبي للمسلمين الإستشفاع والتوسل إلي الله تعالي به..

وفيه بعد أن تصلي ركعتين تقول: " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد.. يا محمد إني توجهت بك إلي الله.. ".

ص: 343

وقد علمه ابن حنيف لأحد المسلمين بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، في زمن عثمان بن عفان.. فراجع.

أما ما توهمته من تفضيلنا الزيارة المستحبة علي الحج الواجب.. فليس صحيحاً.

وكتب (العاملي) في هجر الثقافية، بتاريخ 13 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مختارات من كتاب: رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، للشيخ محمود سعيد ممدوح)، قال فيه:

مختارات من كتاب رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، بقلم الحافظ الشيخ محمود سعيد ممدوح:

قال في المقدمة:

وبعد: فإن مسألتي التوسل والزيارة من المسائل التي شغلت الناس كثيراً، وصنفت فيهما، خاصة مسألة التوسل، مصنفات متعددة وحصل أخذ ورد وجدل، وتزيد وتاجر بهما سماسرة الإختلاف بين المسلمين، ومما زاد الطين بلة أن سبكهما المتشددون في مسائل الإعتقاد!!

وقد حصل بسببهما الخوض في أعراض كثير من أئمة الدين، وتطاول في أعراض جماهير المسلمين.

ومن أحاط علماً بما ذكرت، علم كم صحب ذلك من النهي الشديد والتخويف والتهديد، وقد تلاحقت أقلام في ذلك كان من آخرها رسالة باسم: " الأخطاء الأساسية في توحيد الألوهية الواقعة في فتح الباري " شنع فيها صاحبها

ص: 344

علي الحافظ ابن حجر لتجويزه التوسل، وقوله باستحباب الزيارة، وهذا غاية في الغلو والتعصب والجهل!

فيا للعار والشنار، قاضي قضاة المسلمين وشيخ المحدثين، وإمامهم ومفخرة المسلمين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله، تصنف بدون حياء رسالة تحوي هذا المعني الذي لا يدل إلا علي مبلغ انحراف مصنفها المسكين ومن دله عليها، علي جماعة المسلمين.

ولكن أهل الفضل لا يكترثون بمصنف تألف، فغايته أنه صرير باب، أو طنين ذباب، ولا يضر البحر العظيم أمثاله.

ما يضر البحر أمسي زاخراً... أن رمي فيه غلامٌ بحجر.

ولو كتبت مثل هذه الرسالة في عصر انتشار العلم والعناية بأهله، لكان للقضاء وللعلماء موقف آخر من هذا المتطاول وأمثاله..

وقد استعنت بالله تعالي علي تحقيق الحق في الأحاديث الواردة في التوسل والزيارة، وأردت أن أسلك فيه سبيل الإنصاف، وبعدتُّ فيه عن المحاباة والتعصب والإعتساف وتقيدت بقواعد الحديث الشريف.

والغرض من هذا المصنف بعد بيان الحق في الأحاديث، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع، ومثله لا يصح أن يشنع أخ به علي أخيه أو يعيبه به.

وأن من قال به، وهو التوسل بالأنبياء والأولياء، متمسك بأدلة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي، وردها لا يجئ إلا من متعنت أو مكابر، فإن لم تقنع فاسكت وسلم ولا تشنع، فالخلاف في الفروع لا يحتمل هذا الإفراط، سلك الله بنا سواء السبيل.

ص: 345

وأما المقصود في مسألة الزيارة، فهو إثبات إطباق فقهاء الأمة علي استحباب أو وجوب زيارة المصطفي صلي الله عليه وآله بشد رحل أو بدونه، وأن من قال بتحريم الزيارة المستوجبة لشد الرحل قد ابتدع، وخالف النصوص الصريحة، وإطباق فقهاء مذهبه، فضلاً عن المذاهب الأخري.

فأولي بأولي النهي ترك الشاذ من القول والتسليم بالمعروف المشهور الذي أطبقت الأمة علي العمل به، والله المستعان.

أما من تعود أن يقول: عنزة ولو طارت، أو يا داخل مصر مثلك كثير، فهو مكابر أو متعنت فلا كلام لنا معه، فقد خالف صريح الدليل وخالف أعيان الأئمة وسرج الأمة!

وقد سميت هذا المصنف: رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة. أسال الله تعالي أن يتقبله بقبول حسن، ويجعله في صحيفة حسناتي. انتهي.

المقدمة الأولي في الكلام علي التوسل:

كان ابن تيمية، يري منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين، وقال: التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء، دعاء الحي فقط. وذكر ذلك في مواضع من كتابه التوسل والوسيلة ص 169.

وقال ابن تيمية ص 65، وهو الإعتراض الأول:

" السؤال به - أي بالمخلوق - فهذا يجوزه طائفة من الناس، لكن ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك كله ضعيف بل موضوع، وليس عنه حديث ثابت قد يظن أن لهم فيه حجة، إلا حديث الأعمي لا حجة لهم، فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم وشفاعته، وهو طلب من النبي صلي الله عليه وسلم الدعاء، وقد أمره النبي أن يقول: اللهم شفعه فيَّ.

ص: 346

ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا له النبي صلي الله عليه وسلم، وكان ذلك مما يعد من آيات النبي صلي الله عليه سلم، ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي صلي الله عليه وسلم بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله ". ا ه.

سيأتي إن شاء الله تعالي الرد علي هذا الكلام في تخريج الأحاديث، ففيها الصحيح والحسن والضعيف عند أئمة هذا الشأن، ووفق قواعد الفن.

أما قوله: " إلا حديث الأعمي لا حجة لهم فيه فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم وشفاعته، وهو طلب عن النبي صلي الله عليه وسلم الدعاء، وقد أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يقول: اللهم شفعه في. ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا النبي صلي الله عليه وسلم وكان ذلك مما يعد من آيات النبي صلي الله عليه وسلم ". ا ه.

قلت: فنظر ابن تيمية إلي أن التوسل من الأعمي كان بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم، وكلامه، فيه نظر ظاهر، لأن الناظر في حديث توسل الأعمي يجد فيه الآتي:

1 - جاء الأعمي للنبي صلي الله عليه وسلم فقال له: ادع الله أن يعافيني، فالأعمي طلب الدعاء.

2 - فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم قائلاً: " إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت " فخيَّره رسول الله صلي الله عليه وسلم وبين له أن الصبر أفضل.

3 - ولكن لشدة حاجة الأعمي التمس الدعاء من النبي صلي الله عليه وسلم.

4 - عند ذلك أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين.

ص: 347

5 - وزاد علي ذلك، هذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ي محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي فتقضي لي ". فدعا النبي صلي الله عليه وسلم بهذا الدعاء كما طلب الأعمي في أول الحديث، ودعا الأعمي بهذا الدعاء، كما علمه النبي صلي الله عليه وسلم.

6 - فعلمه النبي صلي الله عليه وسلم دعاء هو توسل به صلي الله عليه وسلم، وهو نص في التوسل به صلي الله عليه وسلم، لا يحتمل أي تأويل، وكيف يحتمل غير التوسل به صلي الله عليه وسلم، وفيه: " أتوجه إليك بنبيك ". " إني توجهت بك ". ومن رأي غير ذلك فقد استعجم عليه الحديث.

وابتهج الألباني في توسله بكلام ابن تيمية فردده قائلاً ص 72: " وعلي هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء - كما هو ظاهر - وليس فيها ذكر شئ مما يزعمون ". ا ه.

قلت: هذه مصادرة للنص وتعمية علي القارئ!

كيف لا يكون كذلك، والنبي صلي الله عليه وسلم علم الرجل دعاء فيه السؤال بالنبي صلي الله عليه وسلم.

نعم. الحادثة تدور حول الدعاء، ولكن السؤال هنا: ما هو الدعاء الذي دعا به النبي صلي الله عليه وسلم؟ وما هو الدعاء الذي علمه للرجل الأعمي؟

لا يستطيع أي منصف إلا الإجابة بأن هذا الدعاء هو الذي فيه نص بالتوسل به صلي الله عليه وسلم، فالأعمي جاء يطلب مطلق الدعاء برد بصره، وعلمه صلي الله عليه وسلم، وأمره بالتوسل به ليتحقق المطلوب.

7 - ثم قال صلي الله عليه وسلم: " اللهم شفعه في وشفعني في نفسي " أي تقبل شفاعته، أي دعاءه في وتقبل دعائي في نفسي. وهنا سؤال: أي دعاء هنا الذي يطلب قبوله؟

ص: 348

لا شك أن الإجابة عليه ترد بداهة في ذهن أي شخص إنه الدعاء المذكور فيه التوسل به صلي الله عليه وسلم، وهذا لا يحتاج لإعمال فكر أو إطالة نظر وتأمل!!

وهو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

ويمكن أن يقال: إن سؤال قبول الشفاعة، هو توسل بدعائه صلي الله عليه وسلم مع التوسل بذاته، وهذا منتهي ما يفهم من النص، والله أعلم.

8 - فسبب رد بصر الأعمي هو توسله بالنبي صلي الله عليه وسلم، وهذا ما فهمه الأئمة الحفاظ الذين أخرجوا الحديث في مصنفاتهم، فذكروا الحديث علي أنه من الأدعية التي تقال عند الحاجات.

فقال البيهقي في دلائل النبوة: 6/166: " باب: ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم

يصبر وما ظهر في ذلك من آثار النبوة ". ا ه.

ولا يخفي أن تعليمه للضرير، هو الدعاء، الذي فيه التوسل بالذوات، وعبارة البيهقي واضحة جداًّ، والبيهقي حافظ فقيه.

وهكذا، ذكره النسائي، وابن السني في عمل اليوم والليلة، والترمذي في الدعوات، والطبراني في الدعاء، والحاكم في المستدرك، والمنذري في الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد في صلاة الحاجة ودعائها، والنووي في الأذكار علي أنه من الأذكار التي تقال عند عروض الحاجات، وابن الجزري في العدة في باب صلاة الضر والحاجة ص 161.

وقال القاضي الشوكاني في تحفة الذاكرين ص 162:

" وفي هذا الحديث، دليل علي جواز التوسل برسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي وأنه المعطي المانع

ص: 349

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ". ا ه. واستقصاء الحفاظ، الذين فهموا أن الحديث علي عمومه، واستعمال الدعاء الوارد فيه، الذي فيه التوسل به صلي الله عليه وسلم، يطول.

9 - إن عثمان بن حنيف رضي الله عنه، وهو راوي الحديث فهم من الحديث العموم، فقد وجه رجلاً يريد أن يدخل علي عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلي التوجه بالدعاء المذكور في الحديث الذي فيه التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، إسناده صحيح سيأتي إن شاء الله تعالي.

وفهم الصحابي الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه هو ما لا يستقيم فهم الحديث إلا به.

10 - إن رواية ابن أبي خيثمة للحديث، من طريق حماد بن سلمة الحافظ الثقة فيها: " فإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك " وهي زيادة ثقة حافظ، فهي صحيحة مقبولة كما هو معلوم ومقرر في علوم الحديث. وهذه الرواية تدل علي العموم وطلب العمل بالحديث في الحياة وبعد الممات إلي قيام الساعة.

ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالي: " ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله ". ا ه.

وقال ابن تيمية في موضع آخر: " وكذلك لو كان أعمي توسل به صلي الله عليه وسلم ولم يدع له الرسول صلي الله عليه وسلم بمنزلة ذلك الأعمي لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمي، فعدولهم عن هذا إلي هذا دليل علي أن المشروع ما سألوه دون ما تركوه ". ا ه.

قلت: الجواب عليه ميسور، وكنت أود ألا أورد هذا الإيراد، لكنني رأيت جماعة أخذوا هذا الإيراد ونسبوه لأنفسهم، وكان الصواب ألا يذكر لفساده، أو

ص: 350

يذكر مع نسبته لقائله، ومن الذين نسبوه لأنفسهم الألباني، فإنه قال في توسله ص 76: " لو كان السر في شفاء الأعمي، أنه توسل بجاه النبي صلي الله عليه وسلم وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه صلي الله عليه وسلم، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة والإنس والجن أجمعين، ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا، خلال هذه القرون الطويلة بعد وفاته صلي الله عليه وسلم إلي اليوم ". ا ه.

وذكر نحو هذا الإيراد: صاحب " التوصل إلي حقيقة التوسل " ص 243.

وكذا المتعالم صاحب " هذه مفاهيمنا " ص 37.

والجواب علي هذا الإيراد بالآتي:

1 - إجابة الدعاء ليست من شروط صحة الدعاء. وقد قال الله تعالي: " أدعوني أستجب لكم ".

ونحن نري بعض المسلمين يدعون فلا يستجاب لهم، وهذا الإيراد يأتي علي الدعاء كله، فانظر إلي هذا الإيراد أين ذهب بصاحبه؟

2 - هذا الإيراد يرد عليه احتمال أقوي منه، وحاصله أن عدم توسل عميان الصحابة وغيرهم احتمال فقط لا يؤيده دليل، وهم إما توسلوا فاستجيب لهم، أو تركوا رغبة في الأجر، أو توسلوا وادخر ذلك أجراً لهم، أو تعجلوا فما استجيب لهم.

وقد صح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي ". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

ص: 351

وكم من داعٍ متوسلاً لله بأسمائه وصفاته ولم يستجب له، ويلزم هؤلاء إشكال هو أننا نري من يدعو ويتوسل بأسماء الله وصفاته أو بعمله الصالح، أو بدعاء رجل صالح، ولم نر إجابة الدعاء. هذا من تمام الحجة عليهم ونقض إيرادهم، فلا تلازم بين الدعاء والإجابة، فلا تلازم بين الدعاء والإجابة، والله أعلم بالصواب.

علي أن قول الألباني: " لا نعلم ولا نظن أحداً... إلخ ". تهاون وشهادة علي نفي، لا ينخدع به إلا مسلوب العقل.

تذنيب مفيد لكل لبيب:

بعد أن تبين لك دلالة الحديث الواضحة علي التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، وأن المخالف متسنم بيتاً من بيوت العنكبوت، تجد أن من هؤلاء المخالفين من لم يستطع تحت قوة الدليل إلا الإعتراف بجواز هذا التوسل، وأنه لا غبار عليه، فشكك في شبهاته، وأسقط كلامه، إنه الألباني الذي قال في توسله

ص 77:

" علي أنني أقول: لو صح أن الأعمي، إنما توسل بذاته صلي الله عليه وسلم، فيكون حكماً خاصاًّ به صلي الله عليه وسلم لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين، وإلحاقهم به، مما لا يقبله النظر الصحيح، لأنه صلي الله عليه وسلم سيدهم وأفضلهم جميعاً، فيمكن أن يكون هذا مما خصه الله به عليهم، ككثير مما يصح به الخبر، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات، فمن رأي أن توسل الأعمي كان بذاته صلي الله عليه وسلم، فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه، كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام رحمهما الله تعالي، هذا هو الذي يقتضيه البحث العلمي مع الإنصاف والله الموفق للصواب ". ا ه.

ص: 352

فقل لي بربك، لماذا كان كل هذا المراء من أساسه، وترك الدليل إلي التقليد؟

بيد أن عبارته فيها هنات، لا تخفي، فقصره بالتوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم فقط لا دليل عليه، وهو تخصيص بدون مخصص، فالخصوصية لا تثبت إلا بدليل، وإذا كان الإمام أحمد رحمه الله تعالي يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، فلم ينقل عنه المنع من التوسل بغيره، ومن نقل عنه ذلك يكون قد إفتأت عليه، والحنابلة وهم أعرف بإمامهم، لم يذهبوا إلي القصر الذي ادعاه الألباني.

فيقول ابن مفلح الحنبلي في الفروع: 1/595:

ويجوز التوسل بصالح، وقيل يستحب، قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي: إنه يتوسل بالنبي

صلي الله عليه وسله في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره ".

الإعتراض الثاني:

ثم قال ابن تيمية: " ودعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، في الإستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار، وقوله: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. يدل علي أن التوسل المشروع عندهم، هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته، إذ لو كان هذا مشروعاً، لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار، عن السؤال بالرسول صلي الله عليه وسلم إلي السؤال بالعباس ". ا ه. ص 66.

وقال في موضع آخر: " وكذلك، ثبت في الصحيح، عن ابن عمر، وأنس وغيرهما، أنهم كانوا إذا أجدبوا، إنما يتوسلون بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم واستسقائه، لم ينقل عن أحد منهم أنه كان في حياته صلي الله عليه وسلم سأل الله تعالي بمخلوق، لا به ولا بغيره، لا في الإستسقاء ولا غيره، حديث الأعمي،

ص: 353

سنتكلم عليه إن شاء الله تعالي، فلو كان السؤال به معروفاً عند الصحابة، لقالوا لعمر: إن السؤال والتوسل به أولي من السؤال والتوسل بالعباس، فلم نعدل عن الأمر المشروع

الذي كنا نفعله في حياته، وهو التوسل بأفضل الخلق إلي أن نتوسل ببعض أقاربه، وفي ذلك ترك السنة المشروعة، وعدول عن الأفضل وسؤال الله تعالي بأضعف السببين مع القدرة علي أعلاهما، ونحن مضطرون غاية الإضطرار في عام الرمادة الذي يضرب به المثل في الجدب، والذي فعله عمر فعل مثله

معاوية بحضرة من معه من الصحابة والتابعين، فتوسلوا بيزيد بن الأسود الجرشي كما توسل عمر بالعباس ". ا ه. ص 67.

قلت وبالله التوفيق: الناظر في كلام ابن تيمية يجده ينفي التوسل بالذوات مطلقاً، لأن الصحابة رضي الله عنهم، تركوا التوسل به صلي الله عليه وسلم بعد وفاته، لأنه مقصور علي الدعاء فقط، ودعاؤه بعد انتقاله غير ممكن، ولو كان توسلهم بذاته ممكناً، لما تركوه مع قيام المقتضي.

و الجواب علي هذا الإيراد يظهر في النقاط التالية:

1 - إن غايته ترك للتوسل به صلي الله عليه وسلم، مع قيام المقتضي وهو شدة الحاجة، والترك بمفرده لا يدل علي التحريم أو الكراهية، وإنما يفيد الترك أن المتروك جائز تركه فقط.

أما التحريم أو الكراهية، فهذا يحتاج لدليل آخر يفيد الحظر، وينبغي ألا ينسب لساكت قول، فتدبر. وقد حرر مسألة الترك تحريراً ما عليه مزيد، شيخنا العلامة المحقق سيدي عبد الله بن الصديق رحمه الله تعالي ونور مرقده، في رسالته المطبوعة باسم: حسن التفهم والدرك لمسألة الترك.

ص: 354

2 - لو كان الترك يدل علي التحريم، فإن الصحابة قد تركوا التوسل المتفق علي جلالته وفضله، وهو التوسل بأسماء الله وصفاته وهم مضطرون غاية الإضطرار لحال الشدة والقحط. كما يعلم من استسقاء عمر رضي الله عنه.

3 - إن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا ". لا يخرج عن كونه توسلاً بالنبي صلي الله عليه وسلم، فقد قال العباس في دعائه: " وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك ". ولذلك قال عمر بن الخطاب: " بعم نبيك ". ولم يقل بالعباس.

وكان الأحري بعمر، في شدة الضيق، أن يتوسل بمن هو أفضل من العباس من الصحابة، وهم متوافرون، ولكن عمر قال: " واتخذوه وسيلة إلي الله ".

فلم يعدل عن التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، فتوسل عمر بالعباس رضي الله عنهما، فيه إرضاء للنبي صلي الله عليه وسلم في الحين، والإقتداء به في إكرام عمه، واتخاذه وسيلة لقربه، ثم مع هذا رجاء دعائه لصلاحه.

قال الحافظ في الفتح: 2/47: " ويستفاد من قصة العباس استحباب الإستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس، ومعرفته بحقه ". ا ه.

أما قول الألباني في توسله ص 68:

" لو صحت هذه الرواية، فهي إنما تدل علي السبب الذي من أجله توسل عمر بالعباس دون غيره من الصحابة الحاضرين حينذاك، وأما أن تدل علي جواز الرغبة عن التوسل بذاته صلي الله عليه وسلم، لو كان جائزاً عندهم، إلي التوسل بالعباس أي بذاته، فكلاَّ، ثم كلاَّ، لأننا نعلم بالبداهة والضرورة - كما قال بعضهم - أنه لو أصاب جماعة من الناس قحط شديد، وأرادوا أن يتوسلوا بأحدهم، لما أمكن أن يعدلوا عمن دعاؤه أقرب إلي الإجابة وإلي رحمة الله

ص: 355

سبحانه وتعالي. ولو أن إنساناً أصيب بمكروه فادح، وكان أمامه نبي وآخر غير نبي، وأراد أن يطلب الدعاء من أحدهما، لما طلبه إلا من النبي، ولو طلبه من غير النبي وترك النبي لعُدَّ من الآثمين الجاهلين! فكيف يظن بعمر ومن معه من الصحابة أن يعدلوا عن التوسل به صلي الله عليه وسلم إلي التوسل بغيره؟ ". ا ه.

قلت: هذه الرواية: " واتخذوه وسيلة إلي الله " مقبولة الإسناد، وتفصيل الكلام عليها سيأتي إن شاء الله تعالي.

قوله: " فهي إنما تدل علي السبب الذي من أجله توسل بالعباس دون غيره من الصحابة ". ا ه.

قلت: هذا تسليم منه بالمطلوب، فكان يكفيه الوقوف عند ذلك، ولكن..

أما التوسل بالأدني مع وجود الأعلي والفاضل مع وجود المفضول، فله نظائر كثيرة بين الصحابة، معلومة في أماكنها.

قوله: " ولو طلبه من غير النبي صلي الله عليه وسلم وترك النبي لعُدَّ من الآثمين الجاهلين ".

قلت: هذا تهويل وتشويش وإيهام باطل، ولم يقل أحد بمقولته هذه التي لا دليل عليها وغاية الأمر أنه ترك، والترك يدل علي جوازه فقط وتركهم - إن سلم ذلك - له احتمالات كثيرة، ولا ينبغي أن ينسب لساكت قول، والبناء علي المجهول أفول.

4 - قول ابن تيمية: " وقوله: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. يدل علي أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته ". ا ه.

قلت: قوله هذا يخالف فهم الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعرف وأفهم من غيرهم، كيف لا وهم قد حضروا التوسل بالعباس وهم عرب لم تدخلهم عجمة

ص: 356

، فالفرق بين فهمهم وفهم مخالفهم كالفرق بين الأبيض والأسود، فالقول قولهم، والصواب حليفهم، ولا يرضي العاقل بغير فهمهم، لو أراد

الإنصاف! وممن فهم أن التوسل بالعباس هو توسل به، لا بدعائه حسان بن ثابت حيث قال:

سأل الأنام و قد تتابع جدبنا...فسقي الغمام بغرة العباس

عم النبي و صنو والده الذي... ورث النبي بذاك دون الناس

أحيا الإله به البلاد فأصبحت... مخضرة الأجناب بعد الياس

وصحابي آخر هو عباس بن عتبة بن أبي لهب، فقال:

بعمي سقي الله الحجاز و أهله... عشية يستسقي بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغباً... إليه فما رام حتي أتي المطر

ومنا رسول الله فينا تراثه فهل... فوق هذا للمفاخر مفتخر

فالأبيات السابقة تصرح بأن التوسل كان بالعباس، ومن يحاول أن يصرف اللفظ هنا عن ظاهره يكون قد كذب علي صاحبي الأبيات رضي الله عنهما، واتبع هواه.

5 - وعليه فإن قول بعضهم: إن الكلام ليس علي ظاهره ولا بد من تقدير مضاف محذوف في قول عمر: " وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا ". أي بدعاء عمِّ نبينا، قولهم هذا فيه صرف للنص عن ظاهره ولا دليل معهم إلا شبه متخيلة، فالواجب والحالة هذه إبقاء النص علي ظاهره، ذلك أن الحذف يكون علي خلاف الأصل، والواجب العمل بالأصل.

وتجد المخالف يقول: أراد عمر بدعاء عم نبيك، وهذا خطأ، لأن الإرادة محلها القلب فتعيين الإرادة علي خلاف الظاهر باطل.

ص: 357

وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه أجل من أن يلبس علي الناس دينهم فيكون ظاهر كلامه مخالفاً لما يريده.

6 - بقي بيان أن الإسترسال السابق، هو في دفع شبه فقط، وإلا فالصحابة رضي الله عنهم توسلوا بالنبي صلي الله عليه وسلم.

ثبت ذلك عن ابن عمر، وبلال بن الحارث المزن، وعائشة، كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

ثم لا يخفي علي اللبيب أن المتوسل لم يطلب من الميت أو الحي شيئاً، وإنما طلب من الله عز وجل فقط متوسلاً، أي متقرباً، إلي الله تعالي بكرامة هذا الميت أو الحي، أو عمله الصالح أو نحو ذلك!!

فهل في هذا ونحوه عبادة للميت أو تأليه له، نعوذ بالله من المجازفة، والهجوم علي أعراض المسلمين.

ص: 358

الفصل الخامس: تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي و أمثاله

ص: 359

ص: 360

تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي و أمثاله

كتب (سيف المزروعي) في الساحة العربية، بتاريخ 24 –6- 1999، الثالثة والربع عصراً، موضوعاً بعنوان (تأملات في المولد النبوي)، قال فيه:

لن يعود لهذه الأمة مجدها الثابت وعزها المستقر حتي تعود أفراداً وشعوباً إلي دينها الذي به عزتها وتطبق هذا الدين قولاً وعملاً وعقيدة وهدفاً علي ما جاء به محمد صلي الله علية وسلم وأصحابه الكرام، وإن من تمام تطبيقه أن لا يشرع شئ من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتاً عن النبي صلي الله عليه وسلم، فإن الناس أمروا أن يعبدون الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبد لله بما لم يشرعه الله فعلمه مردود عليه، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: " من عمل شيئاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".

وهو في نظر الشارع بدعة وكل بدعة ضلالة، وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في

ص: 361

الليلة الثانية عشرة منه في المساجد أو البيوت فيصلون علي النبي صلي الله عليه وسلم بصلوات مبتدعة ويقرؤون مدائح للنبي صلي الله عليه وسلم تخرج بهم إلي حد الغلو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم، وربما صنعوا لذلك طعاماً يسهرون عليه فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة

ولا المسلمون في الثلاثة قرون المفضلة ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ثم يأتي أناس في القرن الرابع الهجري فيحدثون تلك البدعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم:

ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصاري في ميلاد عيسي، وإما محبة للنبي صلي الله عليه وسلم وتعظيما له، من اتخاذ مولد النبي صلي الله عليه وسلم عيدا، مع اختلاف الناس في مولده.

فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي عليه له منا وهم علي الخير أحرص، وإنما كانت محبته تعظيماً في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهراً وباطناً، ونشر ما بعث به والجهاد في ذلك بالقلب واللسان واليد. وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء علي هذه البدع تجدهم فاترين في أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هو بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه. انتهي.

إن بدعة المولد التي تقام في شهر ربيع الأول في الليلة الثانية عشرة منه ليس له أساس من التاريخ، لأنه لم يثبت ولادة النبي صلي الله عليه وسلم كنت في تلك الليلة، وقد اضطربت أقوال المؤرخين في ذلك فبعضهم زعن إن ولادته في اليوم الثاني من الشهر، وبعضهم في الثامن وبعضهم في التاسع وبعضهم في

ص: 362

العاشر وبعضهم في الثاني عشر وبعضهم في السابع عشر وبعضهم قال في الثاني والعشرين.

فهذه أقوال سبعة ليس لبعضها ما يدل علي رجحانه علي الآخر فيبقي تعيين مولده صلي الله عليه وسلم من الشهر مجهولاً. إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه كان في اليوم التاسع.

وإذا لم يكن لبدعة المولد النبوي أساس من التاريخ فليس لها أساس من الدين أيضاً، فإن النبي صلي الله عليه وسلم لم يفعلها ولم يأمر بها، ولم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم، وقد قال صلي الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثة الأمور فإن كل بدعة ضلالة.

وكان صلي الله عليه وسلم يقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

وختاماً: أذكركم ونفسي بقول الله عز وجل: " وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ". كلمات لفضيلة الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ورعاه ومد في عمره. مع تحيات سيف المزروعي / أبو ظبي

و انظر لباز التقي العلم تبصره... بدون عينين قد أربي علي البشر

عبد العزيز الذي تهفو النفوس له... وتشتري نظرة في وجهه النضر

كالبحر في علمه السامي وذو خلق... كالمسك كالعنبر الفواح كالزهر

ص: 363

وكتب (أبو صالح)، في الساحة الإسلامية، بتاريخ 25 - 6 - 1999، السادسة صباحاً، وهو من مؤيدي السيد محمد علوي المالكي العالم المكي الذي أعلن مخالفته للوهابيين في المولد والتوسل وأفتي بجواز الإحتفال بالمولد، كتب موضوعاً بعنوان (هل سمعتم ماذا قال الطرف المقابل في المولد؟؟؟)،

قال فيه:

ها هو التاريخ يعيد نفسه.. وها هي نفس الأصوات التي نسمعها كل عام تعترض ممسكة بطرف واحد من الحوار، ولا أريد الإطالة، ولكني أترككم مع أقوال بعض العلماء الأفاضل في عمل المولد:

1 - قال السيوطي:

قد ظهر لي تخريجه علي أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي، عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب قد عق عنه، في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك علي أن الذي فعله النبي صلي الله عليه وسلم:

1 - إظهار للشكر، علي إيجاد الله تعالي إياه رحمة للعالمين.

2 - وتشريع لأمته، فيستحب لنا أيضاً إظهار الشكر بمولده صلي الله عليه وسلم، وقال تعالي مخاطباً رسوله الكريم: " وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ". فإذا كان الرسول الذي ملئ قلبه إيماناً محتاجاً إلي تثبيت القلب.. بما يقصه الله عليه من أخبار من تقدمه من الرسل، فيجد عزاء وسلوة بما يصيبه من قومه، فنحن أرباب الضعف، من الإيمان، أولي بالتثبيت وأحوج منه عليه الصلاة والسلام، لا سيما في هذا الزمان الذي بعد عنا نور النبوة، فأصبحنا نتخبط في دياجير مظلمة من الجهل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فتعمهم بركاته وخيراته، لا سيما إذا كان علي طريقة شرعية مرضية،

ص: 364

فرحم الله امرأ أظهر السرور والإبتهاج والفرح بمولده الشريف في كل الليالي والأيام، وخصوصاً في مناسبة ذكري مولده عليه الصلاة والسلام التي تتكرر في كل عام، والتي يجتمع الناس فيها علي حضور مولد سيد الأنام، فيذكرهم قارئ قصة المولد الشريف بسيرته وأخلاقه ويسرد لهم طرفاً من أعماله وأحواله فيحصل لهم التأسي المشار إليه بقوله عز وجل: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ".

2 - قال إمام القراء الحافظ شمس الدين الجزري في كتابه عرف التعريف بالمولد الشريف:

رؤي أبو لهب بعد موته في النوم، فقيل له ما حالك؟

فقال: في النار.. إلا أنه قد خفف عني كل يوم إثنين، فأمص من بين إصبعي هاتين ماء بقدر هذا، وأشار برأس إصبعيه، وإن ذلك بإعتاقي ثوبة جاريتي، عندما بشرني بولادة النبي صلي الله عليه وسلم وبإرضاعها له. رواه الإمام البخاري في صحيحه معلقاً.

قلت: بل هو موصول بالإسناد الذي قبله كما قال الحافظ ابن حجر.

فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه، جوزي في هذا بفرحه ليلة مولد النبي صلي الله عليه وسلم، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلي الله عليه وسلم الذي يعني بنشر مولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلي الله عليه وسلم، إننا لا نشك في أن الرجاء في الله أن يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.

وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدمشقي في كتابه مورد الصادي في مولد الهادي:

ص: 365

وقد صحَّ أن أبا لهب قد خفف عنه عذاب النار في يوم الإثنين بإعتاقه ثويبة سروراً بميلاد النبي صلي الله عليه وسلم، ثم أنشد:

إذا كان هذا كافراً جاء ذمه... بتبت يداه في الجحيم مخلد

أتي أنه في يوم الإثنين دائماً... يخفف عنه للسرور بأحمد

فما الظن بالعبد الذي كان عمره... بأحمد مسرورا ومات موحد

3 - الأصل الذي أصله الحافظ ابن حجر العسقلاني، حيث يقول:

قد ظهر لي تخريجه علي أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين، من أن النبي صلي الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجي موسي فنحن نصومه شكراً، فقال: نحن أولي بموسي منكم.

فيستفاد منه فعل الشكر علي ما منَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة.. ويعاد في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من بروز هذا النبي، نبي الرحمة، في ذلك اليوم قال تعالي: " لقد منَّ الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ". انتهي كلامه.

4 - باختصار، المرجع في الفتوي بخصوص هذا الموضوع، إنما يكون للعلماء. ومن أداه اجتهاده إلي جواز بل استحباب هذا العمل، أئمة أعلام، أولي بالإعتبار من غيرهم، وإليك بعض أسمائهم:

الحافظ أبو شامة الدمشقي، شيخ الإمام النووي.

الحافظ ابن الجزري، وإليه تنتهي أسانيد الدنيا اليوم في القراءات، فاحذر من الخطأ عليه!!!!!!

الحافظ ابن دحية.

ص: 366

الحافظ ابن رجب الحنبلي.

الحافظ ابن ناصر الدمشقي.

الحافظ العراقي.

الحافظ ابن حجر وخرجه علي أصل ثابت في الصحيحين.

الحافظ السيوطي وخرجه علي أصل آخر.

5 - قال الحافظ ابن تيمية: يثاب بعض الناس علي فعل المولد.

نسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه.

فأجابه (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الرابعة عصراً:

أما بعد. المولد بدعة زعم مبتدعوها حبهم للرسول صلي الله عليه وسلم، ولم يعلموا أنهم عصوه بها واتبعوا من لم يؤتيه (كذا) الله سلطاناً ونوراً.

ولم يعلموا أن محبته باتباعه وطاعته في ما أمر واجتناب ما نهي عنه وزجر. ولعل كل عاقل يعلم ويعي أن المولد لم يكن في الأولين من الصالحين ولم يجد له في السنة الشريفة أي دليل، وأنه قد أحدث في زمن الدولة الفاطمية الباطنية العبيدية، وأن من أقرهم بهذه البدعة فقد جانبه الصواب في طاعة نبيه، حيث ورد التهديد والوعيد لمن لا يطيعه في أمر أمره، ولقد تحدث معظم العلماء في ذلك ولم يجدوا دليلاً واحداً يقوم علي صحة هذه الفعلة، ولكن من أغفلوا عقولهم، وقيدوا أفكارهم ورهنوا أنفسهم للشيطان واتباع الهوي هم الذين يوافقون هؤلاء المبطلون (كذا).

وحسب رواية أحد الأخوة المصريين " سيبونا نسترزأ "، لأن فيها من الأشياء الدنيوية غير فرق الإنشاد والرقص، ما لا يخطر علي بالك من النصب والإحتيال، فكما احتالوا علي عقائدهم، فهم يحتالون علي أموالهم بحجة الصدقات و... و

ص: 367

... و يكفي لكل عاقل أن يترك هذه البدعة، أن مبتدعوها هم الفاطمين الباطنين العبيدين لعنهم الله جميعاً ومن اتبعهم. آمين. ولا أحب أن أطيل، والله أعلم.

فكتب (أبو صالح) بتاريخ 26 - 6 - 1999، السادسة مساءً:

فعلاً أثبت أنك لست بطالب علم!

وليتك تبدأ بسلوك سبيل الأدب، فهل يطلق علي مثل هؤلاء العلماء " هؤلاء المبطلون " ومن سار علي نهجهم وارتضي اجتهادهم أنه ممن " أغفلوا عقولهم وقيدوا أفكارهم ورهنوا أنفسهم للشيطان واتباع الهوي " إلي آخر الألفاظ البذيئة! لكنها ليست غريبة عليك! فيكفيك فخراً تبنيك لفظ " المخنثين ".

وإليك هذه القائمة المباركة فاستعد لمواجهتهم يوم القيامة:

الحافظ أبو شامة الدمشقي، شيخ الإمام النووي.

الحافظ ابن الجزري...

قال العاملي:

ثم عدد له الحفاظ المتقدمين.

وكتب (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 26 - 6 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

مسكين. لا عقل لك.

كل من أقر المولد أنه عبادة ومن السنة مبطل لا عقل له بل أحمق، سواء كان عالما من المتأخرين أو المتقدمين. يا مسكين يا داعية الضلال.

لِ- غير العرب: خنيث ومخنث، معناها المتأنث، وجمعها مخانيث، وفعلها تخنث، أي تأنث.

ص: 368

والخنثي هو المتأنث، رجل ولا يحمل صفة الرجولة، بل يميل إلي النساء، أي هو إلي النسوة أقرب.

ويا مسكين! أخبرتك بأني لست طالب علم للمرة الثالثة، وما زلت مصر (كذا) أني طالب علم. وكل يوم تقول فعلاً أثبت أنك لست طالب علم.

عجبي... جاهل وأحمق ومتكبر أي الصفات باقية لم تنطوي (كذا) تحت جناحك.

وتدعي العلم. يا مسكين.

فكتب (أبو صالح) بتاريخ 27 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

إلي أحباب المصطفي:

أظنني لا أحتاج التعليق علي ما سبق، فالإناء قد فاض بما فيه. فلا حاجة للرد.

لكن ليت كل الناس يطلعوا علي هذا الكلام، ليتعرفوا علي الجوانب الأخري لأمثال المذكور.

وإن كنت لا أشك في اطلاع الغالبية من الأمة علي ذلك سوي بعض المخدوعين.

ملاحظة: ليس لغير طالب العلم المناقشة في أمور الدين، إلا علي شكل إستفسار.

وكتب (أبو حمزة المكي) في الساحة الإسلامية، بتاريخ 17 - 10 - 1998، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (شيخ الأزهر والمفتي في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي!!!!! اقرأوا هذا الخبر!)، قال فيه:

ص: 369

في بلد الأزهر الذي أصبح ماضياً، وأنا غير متشائم بهذا بل هو واقع , حدث شيئاً غريباً.

وقد نقلته بالنص من جريدة الأهرام: حضر شيخ الأزهر الإحتفال بالليلة الختامية، من مولد العارف بالله السيد أحمد البدوي، بمرافقة الدكاترة نصر فريد واصل مفتي الجمهورية، وأحمد عبد الغفار محافظ الغربية، وفاروق التلاوي محافظ البحيرة، وأحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر، والشيخ حسن الشناوي رئيس الطرق الصوفية.

.. العلماء والوعاظ، لإحياء شهر رمضان القادم، للدول العربية. " نشراً للفكر الإسلامي الصحيح طبعاً "!!!

وأكد مفتي الجمهورية أن جهود الرئيس مبارك لحل الأزمة التركية السورية هي عمل قومي!

وجهاد في سبيل الله!!!!!

لأنه يدعو إلي نشر السلام في جميع أنحاء العالم حسبما يأمر الإسلام ويجب علي الرؤساء، والملوك أن يحذوا حذوه لإحلال السلام في المنطقة.

وقال المفتي " كنوع من ممارسة مهنته التي لا يظهر فيها إلا قليلاً ": إنه يصح قضاء المرأة فيما تصح شهادتها فيه، وأن تتولي جميع المناصب العامة، بشرط أن تتواءم مع طبيعتها.

وأكد ضرورة أن تتوحد الدول العربية " لاحظ لم يقل الإسلامية " لإعادة القدس الشريف بالطرق السلمية، واتخاذ كل ما شأنه استعادة الأراضي وتحريرها، وفي حالة عدم الإستجابة لنداء السلام يجب

عليهم استعادتها بالقوة.

إخواني في الله: تعليقات علي الخبر:

ص: 370

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، يظهر الله الحق ويظهر الباطل ويزهقه. ها هو إمام الجهلة الذي كفر أستاذه الشيخ محي إسماعيل لاعتراضه علي مقابلته للحاخام، ها هو الجاهل يحضر مولد سيده العارف بالله!!!!!

ويسحب معه ذلك المفتي الذي يضل الأمة بفتاويه الغريبة، الذي جعل حسني مجاهداً في سبيل الله، ولربما يجعله خليفة المسلمين... ويفتي بعمل المرأة كقاضية، مع أنه هو ذات نفسه كان

في بداية تنصيبه يقول إن عمل المرأة في مناصب ريادية لا يجوز، فنهشه العلمانيون في الجرائد فنشر تكذيباً للخبر.

وها هو شيخ الأزهر الذي خربه بعد مقابلته الحاخام " حشرهما الله سوياًّ يوم القيامة. قل آمين " يكفر عالماً من علماء الأمة الأفذاذ الذين ما فتئوا يدافعوا عن دين الحق، ويوجه له تهمة الخروج علي إجماع الأمة...؟ أي أمة هذه يا شيخ مشايخ الأزهر؟! والله إني أرجو الله أن يبتليه بما يكون له عبرة له ولغيره.. وهل مداهنة الحكام صارت جهاداً!!!

شيخ الأزهر الذي حلل كل شيء، ولكن مع الإسلاميون (كذا) يقول: المتطرفون المتعصبون المارقون عن الدين. الذي يحركه الكرسي من فوق بالريموت كنترول ليقول ما يريدون أن يقول...

2 - وها هو المفتي يظهر بفتاويه العجيبة وآخرها هو إباحة الإجهاض للمغتصبة، وليس ذلك فحسب بل أزاد (كذا) " أعطاه الله ما يستحق " أنه يجوز أن تقوم بعمل عملية ترجعها بكراً ثانية فيغير في خلق الله.

وبذلك إن شاء الله عما قريب ستجد مستشفيات الإجهاض الدولي في مصر المحروسة بلد الأزهر والألف مئذنة. والله إنني من أعماقي، أرجو الله أن ينتقم من هذا الرجل الذي أضاع هيبة العلماء وأضل أمته وسب مخالفيه، وأرجو الله "

ص: 371

غيرةً علي الإسلام " أن يبتليه فيكون عبرة. اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا. والسلام عليكم.

غاضب لله.

وكتب (الدكتور نبيل شرف الدين) بتاريخ 17 - 10 - 1998، السابعة صباحاً:

الأخ الذي يكني نفسه بأبي حمزة المكي:

هل أنت مكي فعلاًَ، أم هي مجرد كنية فحسب؟ وهل أنت مصري؟ قلبي يحدثني بذلك..

ولنأتِ لصلب الموضوع:

آلمني وصفك لشيخ الأزهر إمامنا الأكبر، وتطاولك عليه دون تدقيق أو تمحيص، وآلمني أكثر أن تدعو عليه بالجحيم، فليس هكذا نتحدث عن قطب له مكانته، مهما اختلفنا معه في الرأي ومهما كانت تحفظاتنا عليه، فهذا الشيخ الجليل هو في نهاية المطاف شيخ الأزهر.. قلعة العلوم الشرعية ومنارة الفقه الإسلامي منذ أكثر من عشرة قرون مضت.

وانظر للمسيحيين الذين يختلفون مع بطريرك كنيستهم، لكنهم لا يصفونه إلا بسيدنا.. والحبر الأعظم وغيرها من صفات التبجيل والإكبار احتراماً منه للمكانة وليس للشخص، ففي إهدار هذه المكانة فتنة أكبر من مجرد إبداء اعتراض أو تحفظ.

وقديماً قالوا أن درأ المفسدة مقدم علي جلب المنفعة، وأناشدك أن تغلق باب الفتنة هذا حتي لا نلتهم لحوم علمائنا ورموزنا المبجلين الذين نعرف بهم بين الأمم، وإلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. جزاؤنا جميعاً عنده ما دامت ظواهر الأمور لا توقع اليقين كما يقول علماء العقيدة.

ص: 372

وفي النهاية أرجوك.. وأشدد علي الرجاء، ألا يأتي ردك انتصاراً لرأيك وتشبثاً به، وألا تمضي في سب الشيخ الجليل بهذه الألفاظ، التي لا يقبل بها عبد أو خادم.. فما بالك بإمام له منزلته الرفيعة.

ثم أجبني بصدق يحاسبك الله عليه: هل كنت ستفعل هذا مع فقيه وهابي لو اختلفت معه في الرأي؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم: د. نبيل شرف الدين

وكتب (عبد الرحمن) بتاريخ 17 - 10 - 1998، الثامنة صباحاً:

ليس غريب (كذا) مثل هذا الكلام من إمام العلمانيين الأكبر.. وشيخهم ومفتيهم الجليل الذي يفتي لهم بكل ما تشتهيه نفوسهم الدنيئة.. وسابقهم إلي جهنم وبئس المصير.. حبيب اليهود..

وكتب (المراقب الرابع)، الثامنة والنصف صباحاً:

هونوا علي أنفسكم يرحمكم الله. لقد كنت متأكداً بأن هذا الموضوع سوف يجلب القيل والقال، ولكن أرجو أن لا يخرج الموضوع عن أدب الحوار. ومثلكم لا يحتاج إلي توجيه.

وكتب (نبيل شرف الدين) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ المراقب الرابع:

أشهدك علي الشتام الذي طالما تحرش بي، وأشهد الساحة عليك.. فأنت تراه يبدأ السباب وتصمت.. ولا توجه له سوي كلمات عتاب رقيقة..

أما أنت فاسمع يا هذا:

ص: 373

أنا لست شيعياًّ حتي تهددني وتبتزني كما تفعل معهم، أنا لست عاجزاً عن توجيه الصاع صاعين لك ولمن هم علي شاكلتك من الشتامين.

الجحيم والجنة هي من علم الله ومن فيض كرمه، فبأي حق تخوض فيما لا يعنيك؟!

كف أذاك عن خلق الله وإلا تفرغت لك.. وجعلتك عبرة لمن لا يعتبر.. وحتي تظهر حقيقتك علي الملأ..

فأنت عضو بما يسمي بتنظيم " الجماعة الإسلامية " الإرهابية التي تلوثت أيديكم بدماء الأطفال!!

ونحن في مصر نعرف كيف نعاملكم، وقد أدركنا الوسيلة المثلي لذلك، وكم وقفنا كصحفيين مدافعين عما يحدث لكم!

أما وقد رأينا فعلكم، فأنتم تستحقون ما ينزل بكم، بل وأكثر من هذا أيضاً!!

طفشتم الخلق كلها من الساحات وبقيتم فيها كالغربان والحدادي!!

لكن والله لن أتركها إلا مطروداً، فأنا أجيد قتال الخوارج وأجد فيه متعة لا تعادلها متعة، ولم يعد الكلم الطيب ينفع معكم والبادي أظلم.

عدوك اللدود.

وكتب (عبد الرحمن) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية عشرة والربع ظهراً:

مجنون ولا إيش!! هو أنا جبت إسمك.. قلت علماني، هو أنت اسمك علماني!!!

سبحان الله.. ولا اللي علي راسو بطحة يحسس بيها.. ثم أنا لست مصري.. يا دُك..

وليتك تتفرغ لي شوية!!

ص: 374

والمسلمين في مصر أحرص بكثير علي دماء الأطفال منكم يا من تقبلون أيادي ال-... حتي يسمحوا لكم أن تأكلوا فتات موائدهم... وإن كنت تجد متعة في قتال (الخوارج)!... فأنا أجد متعة لا تعادلها متعة في محاربة العلمانيين..!!

وكتب (الدكتور صلاح المغربي) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية صباحاً:

الأخ الفاضل الرابع: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إبحث في الموضوع، واحصر سطور وكلمات الموضوع، واحصر سطور وكلمات السب والدفاع.

إن الثانية تفوق الأولي عشرات المرات، ليس دفاعاً عن شيخ الأزهر ومرافقوه (كذا).. للدفاع عنهم أمام هاموش.. ليس تبربراً لأفعالهم أو اعتراضاً عليها، ولكن الغاية من الموضوع..؟

فلنبحث بعقلانية الغاية من الموضوع..

إذا أراد العالم أن يجتمع، فمن يتحدث باسم المسلمين؟ هل أطفال الهاموش الغير معلوم، عنهم داخل بيوتهم أي حجم، أم الرؤساء والملوك والعلماء؟

وشيخ الأزهر هذا يفسق آل سعود وخادم الحرمين، وذاك يفسق حسني مبارك، وهذا يسب لبنان، وذاك الإمارات؟! من قائد هذه الأمة؟!!

إخوة الإسلام.. درأ المفاسد مقدم علي جلب المصالح، وإذا كان في إعلان الأمر مفسدة فكتمه واجب ولو كان حقاًّ، فما بالكم وكل من الرواد يبخس كل من ليس منهم، أو من مذهبهم؟

أخي الرابع - ويا حبذا أن أسميه الأول والأخير - لأنني لا أجد نشاط معتدل (كذا) لسواه:

ص: 375

يا حبذا.. لو أغلق الموضوع أو حذف منه أي سب للأفراد أو البلاد..

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 18 - 10 - 1998، السابعة والثلث صباحاً:

شيخ الأزهر.. إمامنا الأكبر!! من أمم ذاك الرجل علينا يا دكتور نبيل؟! من جعل من هذا الرجل الذي يفتي لإرضاء الحكام وأنت تعلم ذلك أكثر مني.

من جعل منه شيخاً للأزهر؟! أهم علماء الأزهر الذين لا يزال الكثيرون منهم بخير؟! أم أنها السلطة التي تريد الشيخ المعمم الذي يفتي لها الذي يبرر لها أفعالها باسم الدين. لا يخفي علي عالم سياسي قدير مثلك أن منصب شيخ الأزهر منصب سياسي محض.

لقد اكتوينا يا دكتور نبيل، وأنت اكتويت أكثر مني، بمن يستغلون الإسلام لتحقيق أهداف سياسية! وأنت تعلم علم اليقين أن هذا الرجل للأسف الشديد يطوع الدين، ويصدر ألواناً من الفتاوي مستغل

بذلك ديننا.. أعز ما نملك!

إن كانت المسألة مسألة خلاف فكري مع الدكتور سيد طنطاوي يا دكتور صلاح.. فسأكون أول من يقف ضد كل من يهاجمه، وسأكون أول من يجعل من قلمه أضحوكة للجميع!!

وأنتم تعلمون جيداً، أني وبحمد الله أملك ذلك.. وأجيد ذلك، لكن يا سادة.. وأنتم مصريون وتعلمون ذلك.. فإن المسألة ليس لها علاقة بالدين ولا بالفقه!!

إن دولتنا المحترمة وللأسف الشديد، تعمد استفزازنا بالتأكيد، علي إبراز تلك المواليد.

يحاولون تصويرها للناس علي أنها الإسلام الصحيح.. وعلي أنها الصورة المثلي لما يجب أن ينحصر الإسلام فيه.

ص: 376

كل هذا من أجل الفصل بين الإسلام وبين السياسة.. كل هذا من أجل الحفاظ علي كراسيهم!!

وأنت تعلم يا دكتور نبيل بمدي خطورة هذا النهج الحقير، وأعلم أنك لا تستطيع تمالك نفسك من الضحك عند مشاهدة تلك الحضرات وتلك الحلقات الذكرية التي تسئ للدين.. وتعطي فكرة ممسوخة شائهة عن الإسلام.

إذا كنتم يا أهل السلطة تريدون فصل الدين عن السياسة من أجل الحفاظ علي كراسيكم.. فواجهونا مواجهة شريفة.. فكر أمام فكر.. منهج أمام منهج..

واجهونا حتي ولو مثل ما يواجهنا العلمانيون.. وعندها سنحترمكم وسنجلكم.. لأننا نحترم كل من يحمل شيئاً في رأسه حتي ولو كان مخالفاً لديننا.. بل ونلزم أنفسنا تجاهه بواجب الدعوة إلي الله.. وبواجب محاولة زحزحة خده عن مس نار جهنم له، والمعركة الفكرية بيننا وبين من يحمل فكر

هي معركة مسموحة بل ومستحبة..

إن كنتم لا تستطيعون أن مواجهتنا بالفكر الإسلامي الصحيح.. لأنكم توقنون أننا من يملكه..

حسناً واجهونا بالفكر اللااسلامي تلبسوا عباءة الشيوعية وواجهونا بها.. ارتدوا زي العلمانية وواجهونا به.. حتي ولو بالكذب، اكذبوا وقولوا أنكم تكرهون الإسلام ونكلوا بنا واجهونا بالتنكيل..

فاتقوا الله عباد الله.. وقولوا قولا سديداً..

وكتب (مسلم للأبد) بتاريخ 19 - 10 - 1998، الرابعة صباحاً:

لله درك يا حسام الإسلام.. نعم إنها لعبة معروفة..

صرف الأذهان عن الموضوع الرئيسي حتي نتناقش في أمور ليست ذات صلة.. فيضيع الحق.

ص: 377

إنني أنتظر رداًّ من الدكتور صلاح، أو الأستاذ نبيل.. دفاعاً عن شيخ الأزهر، فإن كان دفاعهما عن هيبته ومركزه، فردك كافٍ.. وإن كان دفاعهما عن شخصه فربما سردت لهما شيئاً من أفعاله التي لا يظن مسلم مهما كان مذهبه أنه يفعلها مقتنعاً بها.. وهو الحافظ لكتاب الله، الدارس لشرع الله، العالم بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم أن السلطان والقرآن سيفترقان والذي حدد لنا الجانب الذي نلزم. بل من يتعامل مع الدكتور طنطاوي، سيعلم من طباعه ومعاملاته مع مخالفيه في الرأي، الشيء العجيب.

وكتب (دكتور صلاح المغربي) بتاريخ 19 - 10 - 1998، الرابعة والنصف صباحاً:

الكلام واضح.. ليس من الحكمة أن نتكلم عن رمز الإسلام في المحافل الدولية وهو شيخ الأزهر بالصفة وليس محمد سيد طنطاوي أو غيره.

العالم كله يقول أنه شيخ الإسلام، ويتحدث باسم الإسلام..

ولذا ليس من المنطق.. أي أمر يخص شيخ الأزهر، أو تقصيره، أو صفاته أياًّ كانت، أن تنشر تلميحاً أو تصريحاً بالإنترنت أو أي وسائل إعلام.

ولست بحاجة أن أذكر لكم.. هل يحاب بابا الفاتيكان.. هل يحاب بابا الإسكندرية رغم الخلافات

الكثيرة جداًّ بينهم.. وإذا ما طلب أمر من المسلمين عامة، يتم مع شيخ الأزهر..

وعليه أرجو الإنتهاء من هذا الموضوع لوجه الله والإسلام.

ص: 378

وكتب (مالك الحزين) وهو نفسه الدكتور نبيل شرف الدين، في شبكة هجر، بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والربع ظهراً، موضوعاً بعنوان (لماذا يحتفلون بأعياد الجلوس والتأسيس.. ويحظرون الإحتفال بالمولد النبوي؟)، قال فيه:

ريم علي القاع بين البان والعلم... أحل سفك دمي.. في الأشهر الحرم..

فإذا سلمنا أن مولد نبينا ورسولنا وإمامنا وسيدنا وخير من وطأ الحصي (صلی الله علیه و آله) بدعة.. أليس أيضاً الإحتفالات بعيد الجلوس، وعيد التأسيس، وعيد التحرير، وعيد الإستقلال، وعيد أم قردان وأبو رجل مسلوخة، هي بدع ومحدثات؟ هه، هل هناك جواب؟

فكتب (محمد الهجري) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والثلث ظهراً:

الدكتور مالك..

المقولة التي حفظتها منهم: " ذاك رجال ومات، لكن الدولة وقادتها أحياء " و " هذا تشبه بالنصاري " و " هذه بدعة ".. وهلم جراًّ.

عزيزي، هذه مثل مقولتهم: " التصوير حرام "..

لكنهم أكثر الناس وجوداً في الصور، ويا ليتك تراهم عندما يكون المصور علي وشك التقاط الصورة، يا الله.. تجد " الهندزة " والتعديل علي أصولهما، خصوصاً " الغترة الهدد ". (رداء الرأس المسدل). وأهم شئ هو توجيه النظر إلي نقطة خيالية، لا إلي عدسة الكاميرا.

فكتب (السعودي) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

والله، إنك خطير، أفحمتهم.. يازينك ساكت!

وكتب (محمد الهجري)، الثالثة إلا ثلث ظهراً:

ص: 379

دكتور مالك.. مثلما تقولون في مصر: " طنش تعش ".

يا سعودي مع أن أخلاقك غير سعودية، ولا تستحق هذا اللقب، صحيح أنه أفحمك.

وأكبر دليل علي ذلك هو ردك البدائي المعبر عن عدم قدرتك علي النقاش الموضوعي.

بالعربي غير الفصيح: " روح موت، يا شيخ ".

فكتب (إبراهيم)، الثالثة إلا ربعاً ظهراً:

لقد سبقتني يا مالك بطرح هذا الموضوع.. فقد كنت أنوي طرحه بصيغة أخري هي في السعودية..

الإحتفال بمولد الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله بدعة وحرام لا يجوز!!! والإحتفال بالمئوية والعيد الوطني جائز بل واجب علي جميع المواطنين!!!

علي ما أظن أن جميع الدول العربية تحتفل بهذا المولد عدي السعودية!! فهل هذا صحيح؟

وكتب (محمد الهجري)، بعده بدقائق:

الأخ إبراهيم..

علي حسب علمي القاصر، فإن ما تكرمت به صحيح، حيث أن وزارة الأوقاف الكويتية صرحت بالجواز المطلق عام 1995، وسارت علي نهجها وزارة الشؤون الإسلامية في الإمارات.

أما في السعودية، فإن الإحتفالات الخاصة في مكة تتم علي يد السيد العلوي المالكي.

ص: 380

وفي المدينة علي يد الذين يسمون اشتهروا باسم " عبيد الحسن " حيث إنهم ينحدرون من سلالة خدم الإمام المجتبي.

بالنسبة للقطيف والأحساء، فإن احتفالاتهم معروفة ومشهورة، خصوصاً مع وجود الشيعة والمالكية في تلك الأنحاء بكثرة.

وما زلت أتذكر مولد الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله عام 1417 في حسينية الإمام الحسن الأحسائية، حيث قرأ الشيخ حسين الفهيد قصيدة:

صلوا علي أحمد... محمد زاهي المنظر... صلوا علي أحمد..

فكتب (البدوي) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة إلا عشرة دقائق ظهراً:

الأخ نبيل:

إن كنت تقصد، في الأحكام الإسلامية، فإن المشايخ في المملكة اعترضوا علي احتفالات المملكة بمرور 100 عام، وقالوا إنها بدعة. ولا عيد يحتفل به إلا عيدين الفطر والأضحي.

والمشايخ واضحين في هذا الموضوع وما عندهم مجاملات. لكن الدولة واصلت المهرجان ولم توقفه.

وكتب (الخزاعي)، الثالثة إلا خمس دقائق ظهراً:

ولد الهدي فالكائنات ضياء... وفم الزمان تبسم وثناء

فتح هذا الموضوع جاء في محله.

لنسمع ممن يمنع الإحتفال بمولد منقذ البشرية الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله).

هم يقولون بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.. لكن كيف يكون الإحتفال بمولد رسول الله (صلی الله علیه و آله) بدعة.

ص: 381

فالمعروف أن البدعة هي: إدخال ما ليس من الدين في الدين. وعدُّ ما ليس منه , منه..

فهل الإحتفال بالمولد النبوي وتعظيم الرسول مما هو ليس من الدين في شيء، أم هو من روح الدين؟

علماً أنهم يقسمون البدعة إلي قسمين حسنة وسيئة , ففي أيهما تقع مسألة الإحتفال بالمولد النبوي؟ فإن كان من البدع السيئة فأين السوء هنا؟ وإن كانت من البدع الحسنة , فلماذا المنع؟

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة وتسع دقائق ظهراً:

الأخ البدوي:

يعنيني رأي الساسة أكثر مما تعنيني خلافات العلماء، مع احترامي لهم. فالسياسية هي ما أفهم فيها، أما العلوم الشرعية فلست فيها من شيء يذكر.. ثم إن الناس علي دين " ملوكهم "، كما نعلم جميعاً.

الأخ الخزاعي: سأنقل لكم صورة لإحتفالات مصر، وأجواء القاهرة والأرياف بمناسبة المولد النبوي الشريف.. قبل حلوله يوم الخميس إن شاء الله.

محبتي واحترامي.

وكتب (غشمرة) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة والنصف ظهراً:

منوِّر يا دكتور، كله غير جائز، ولا معني له، أو كله جائز ومقبول، أنا مع الخيار الأول.

نشوفكم علي خير.

وكتب (قاسم جبر الله) بتاريخ 9 - 6 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 382

مبروك مقدماً وألف ألف مبروك للشعب المصري بمناسبة مولد الرسول الأعظم..

منتجات الحرمة والبدعة أصبحت غير مستساغة، ومدتها انتهت.

" لقد مات محمد ".. قديمة وهزيلة أيضاً. والسلام.

وكتب (عسل) بتاريخ 9 - 6 - 2000، العاشرة مساءً:

كله حرام.. يافندم، والسلام.

فكتب (مالك الحزين)، العاشرة وعشرة دقائق مساءً:

تحرم عليك عيشتك.. يا اللي أنت في بالي.

وكتب (حسن حسان) بتاريخ 10 - 6 - 2000، العاشرة والثلث صباحاًً:

أولاً: من الناحية الشرعية كل ما يفعله الناس من الإحتفال بعيد الجلوس، وعيد الإستغلال أقصد الإستقلال، وعيد المئوية، وعيد الجلاء، وغيرها من الأعياد لا يجوز وحرام شرعاً وبدعة في الدين.

وأقلها بدعة الإحتفال بالمولد النبوي.

ثانياً: لا يوجد في الإسلام بدعة حسنة وبدعة سيئة، وتقسيم بعض علماء الإسلام البدعة إلي حسنة وسيئة تقسيم لا دليل عليه. وقد قال به بعض العلماء الأجلاء مثل القرافي والعز بن عبد السلام.

والدليل في ذلك، أن كون الشئ حسن أو قبيح، من خصائص الشرع، فالشرع هو الذي يحسن ويقبح، لا كما تقول المعتزلة بأن العقل يحسن ويقبح.

إن لو كان التحسين والتقبيح من خصائص العقل، لما احتيج إلي إرسال الرسل، أو إنزال الشرائع.

ص: 383

إن الحديث الصحيح: " وكل بدعة ضلالة " حديث عام في جميع البدع، ولا يخصص فقط للبدعة السيئة. إن العلماء عرفوا البدعة ب-: طريقة مخترعة في الدين تضاهي الشرع يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد.

وكتبت (حوراء) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الحادية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ حسن حسان.. نحتاج لمترجم.

في الواقع لم أفهم شئ مما كتبته! ولم تأتِ بالمفيد!!

سؤالي وسؤال الأستاذ مالك: ما سبب كون الإحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وآله بدعة؟؟

كما فهمت من كلامك، بأنك تعبره بدعة كسائر البدع التي لا تعد ولا تحصي.. ما شاء الله.

هل يستوي في الحق من صاموا علي... ورع ومن هدروا الدماء وصاموا؟

ماذا جني المتكبرون، ومن جنوا؟... ظلماً علي أهل بيت النبي وهاموا؟!

وكتب (الخزاعي) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الحادية عشرة وثمان وأربعين دقيقة صباحاً:

الأخ حسن حسان:

كيف لا تقبل العلماء الذين ذكرتهم بتقسيم البدعة إلي حسنة وسيئة، وفي الوقت ذاته تقول: " وأقلها بدعة بدعة الإحتفال بالمولد النبوي "!!

فأنت هنا تجعل البدعة نسبية , فهناك البدعة الكبيرة وهناك البدعة الكبيرة , وكما لا دليل لدي العلماء علي التقسيم الأول، لا دليل لديك علي هذه النسبية في البدعة.. أم لا؟

ص: 384

وثانياً: لي سؤال هنا لك وللأخ غشمرة.. علي قولكما بعدم جواز الإحتفال بالمولد النبوي , يأتي القول بعدم جواز الإحتفال برأس السنة الهجرية , بينما نجد العكس، فلماذا؟؟

ومن الواضح إذا كان الإحتفال بالهجرة ورأس السنة الهجرية مشروع وجائز , كان من الأولي أن نحتفل بمولد صاحب هذه الهجرة , إذ لولا هذا المولد المبارك لما كانت هناك هجرة أصلاً.

ويا أخوتي: الإحتفال بمولد الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله) هو احتفال بالإسلام قرآناً وسنة واحتفالنا بمولد الرسول (صلی الله علیه و آله) هو احتفال بالهدي وبالوحي. " إن هو إلا وحي يوحي ".

وبهذا نصل إلي أن الإحتفال بالمولد النبوي المبارك هو تعظيم للشعائر فيكون مستحباًّ لا مباحاً وحسب.

وكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الثالثة والنصف عصراً:

شكراً لك يا أخ مالك علي هذا الموضوع.

وأصله يرجع إلي بحث في أصول الفقه يسمي أصالة البراءة وأصالة الحل.. والسؤال فيه: هل الأصل فيما لم يرد فيه نص، هو التحريم أو التحليل؟

عامة فقهاء المسلمين يقولون الأصل هو الحل، وأن الله تعالي حرم وحلل في نطاق اللزوم، وترك الباقي مفتوحاً للناس..

ويستشهدون بقوله تعالي: " لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " أي ما بين لها. وقوله تعالي: " وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون ".

وبالأحاديث الشريفة: " كل شئ لك حلال حتي تعلم أنه حرام ". " كل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي ".

ص: 385

ويستدلون بدليل العقل " قبح العقاب بلا بيان ". وأن العقل يحكم بأن العقاب علي فعل شيء لم يبينه الشرع محالٌ. ولهذا يفتون بحلية كل عمل لم يرد فيه نهي في الشريعة الإسلامية..

بينما توجد قلة ضئيلة لا تكاد تعثر عليها في تاريخ الفقه وأصوله تقول: إن الأصل في الأشياء التحريم، فلا يجوز لك أن تعمل عملاً إلا إذا نص الشرع علي حليته..

ولكنهم يتورطون في تصرفاتهم الكثيرة التي لم يرد فيها نص بالجواز، ومنها استعمال الوسائل الحديثة، وحتي في عملهم في وزارات الأوقاف التي لم يرد فيها نص..

وتراهم يحاولون وضع قواعد لما يجوز وما لا يجوز مما لم يرد فيه نص.. لا تسلم واحدة منها من الإشكالات!!

فكتب (حسن حسان) بتاريخ 20 - 6 - 2000، الثامنة مساءً:

الرجاء أن نتكلم بعلم أو لنصمت، عندما نقول بالبراءة الأصلية، والتي يعبر عنها العلماء بقاء ما كان علي ما كان، فإنهم يقصدون العادات وليس العبادات.

أما العبادات فالأصل فيها التحريم، فلا يقال إن الأصل بالعبادات الإباحة، لأن هذا يفتح باباً للبدع، فما قولكم في الصلاة السادسة، هل نقول أن الأصل فيها الإباحة؟

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 20 - 6 - 2000، التاسعة وخمسين دقيقة ليلاً:

مع عدم محبتي للدخول في الفقهيات، لما فيها من اختلافات وصلت إلي حد الخلافات، فأرجو أن يتسع قلب الأخ حسن لهذه الملاحظة البسيطة:

ص: 386

1 - قلت: " فما قولكم في الصلاة السادسة، هل نقول أن الأصل فيها الإباحة؟ ":

هناك فرق بين الواجبات والمستحبات. فالصلوات الخمس من الواجبات، لكن النوافل اليومية والليلية مستحبة. فلا يجوز أداؤها بقصد الوجوب، بل الإستحباب، مما يعني بطلان القرينة، حيث إن الصلاة السادسة - مع عدم صحة المسمي - تكون من النوافل، وليست من الواجبات، فإذا قال شخص

بوجوبها، فهو مخطئ.

وأما عن أوقات وجوب الصيام والصلاة عدا الواجبة أمثال اليومية، والآيات، وغيرها، فهي الوفاء بالنذور عندما يقول أحدنا: " في حال قضاء هذه الحاجة، فإنني سأصوم كذا ".

أما الصلوات المستحبة وصيام بعض الأيام في شعبان، فما من شخص قائل بحرمتها.

ونفس الأمر يجري مع الدعاء، والمناجاة، ومدح الرسول، فليس هناك من وقت لتلك الأمور.

فليس هناك من شئ اسمه " الأصل الحرمة في العبادات ". إلا في الموارد التي ورد فيها النهي، فلا اجتهاد مقابل النص. فهل ورد نص يحرم المولد؟

وفي حال القول: " لم يرد نص عن الرسول بجواز المولود ".

أجبناك: إن عدم ورود النص لا يعني الحرمة، من حيث إن الرسول شجعنا علي إحياء ذكره بالصلاة والثناء عليه، فليس هناك من ضرر ولا ضرار ناتج عن اجتماع أهل الإسلام في مجلس واحد لمدح الرسول والثناء عليه.

ص: 387

وهل ينكر أحدنا أن يوم مولده بركة؟ فلم لا نقوم بإحياء هذه البركة ونعممها وننشرها علي نطاق واسع؟ أليس من الأولي أن تنظم الأشعار في مدح الرسول وتلقي علي مسامع أكبر عدد من المسلمين؟

أم أن رؤساء الدول أحق بها عند قيام المؤتمرات الثقافية؟

وها هي الجهات في الخليج، تقيم احتفالات للأنشودة الإسلامية، وما من معترض ولا شخص يفتي بحرمتها، لكن الرسول لا نصيب له. انتهي.

وكتب (علاء الدين)، في شبكة هجر بتاريخ 3 - 8 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (الإحتفال بمولد السيدة زينب عليها السلام، في القاهرة)، قال فيه:

يحتفل المصريون كل عام بمولد السيدة زينب عليها السلام، وتجتمع الحشود لهذه الغاية في مسجدها بالألوف.

وقد كتب محرر مجلة (الغد) مقالاً خاصاًّ، بهذه المناسبة عن السيدة، في عدد فبراير، شباط سنة 1959، علي الصفحة 9، تحت عنوان مولد السيدة وأعياد الأمة العربية، جاء فيه:

طوال ثلاثة أسابيع، في الشهر الماضي، كانت حشود من الرجال والنساء والأطفال تتجه إلي حي السيدة، وتظل تلك الحشود الكبيرة ساهرة رغم البرد الشديد حتي الفجر.

وسط الأنوار الزاهية ألوف من الناس تستمتع فعلاً بالمولد الكبير لبطلة كربلاء.. زنيب أخت شهيد الإسلام الخالد الحسين بن علي.

ص: 388

وفي السرادقات، والمقاهي المتنقلة، وحول السيرك، ترتفع دقات الدفوف ونغمات الربابة، وإيقاع الطبول، وأصوات المطربين والمنشدين، وتهتز القلوب وتمتلئ بالبهجة العريضة.. وترتفع الأصوات من حناجر الألوف ممتلئة بالحب الحقيقي تنادي: يا رئيسة الديوان..!

إن السيدة زينب رئيسة الديوان.. رمز لشيء عميق الدلالة، إنها المرأة الباسلة الشجاعة التي ظلت تضمد جراح الرجال في معركة كربلاء من أبناء بيت الرسول وأتباع الحسين، حتي سقطوا جميعاً صرعي بين يديها.

لم يرهبها جنود يزيد بن معاوية الأنذال السفاحون، الذين اقتلع حكم يزيد الباطش المطلق من نفوسهم آخر خيط يربطهم بالإنسانية.. فكانوا يقطعون بسيوفهم رقاب الأطفال أمام السيدة زينب، ورأتهم يبقرون بطن غلام من أبناء الحسين، فلم يزدها ذلك إلا بسالة وتماسكاً ورغبة في النصر.

ورأت أخاها العظيم الباسل الحسين بن علي وقد وقف بمفرده أمام جنود يزيد وهو يرفض التسليم، وراح يقاتلهم بعد أن استشهد كل أتباعه وأهله.. ما عدا ولده زين العابدين الذي كان مريضاً، ونائماً في حضن عمته زينب، فتركوه ظناًّ منهم أنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة من المرض.. لكنه عاش.. وكان شوكة في عين الدولة الأموية، تلك الدولة التي أقامها معاوية بالدس والشر، والتنكر لأعظم مبادئ الإنسانية في ذلك الزمان.. لرسالة محمد رسول الله صلي الله عليه وآله.

واندفعت زينب من خبائها نحو أخيها... تصيح: واحسيناه.. ثم سقطت مغمي عليها من الحزن العميق.. كانت تري في نهاية الحسين، انهياراً لبناء هائل كبير أقامه جدها النبي في طول الأرض وعرضها، ليخلص البشرية من انحطاطها واندفاعها نحو الفوضي والشر.

ص: 389

ومع ذلك.. فإن مصرع الحسين كان نذيراً لدولة معاوية الأفاق، وانهارت الدولة بعد ذلك بنصف قرن وسط أفراح الشعب.

ظل الشعب يلعن يزيد بن معاوية وخلفاءه حتي سقطوا، بل إن الشعب انتقم من قادة الجيش الأمويين شر انتقام، فلقي أكثرهم مصرعه بعد أن استشهد الحسين علي أيديهم، وهو الإمام والقائد والزعيم السياسي المثالي لأمة العرب في ذلك الحين، والرجل الذي قام برحلته الدامية إلي العراق، وهو يعلم أن ألوف الجنود المرتزقة من جيش يزيد، سوف تلحق به وتحول بينه وبين الإتصال بالشعب.

وكان الحسين يعلم أنه يستشهد لا محالة، هو وأهل بيته، لكنه مضي في طريقه دون خوف أو تردد، وتلك صفات الزعماء الحقيقيين للشعوب.

طلبوا منه أن يسلم نفسه فأبي.. طلبوا منه البيعة ليزيد، فرفض أن يبايع شاباًّ فاسداً شريراً، لا يصلح أن يقود أمة حديثة في طريقها الطويل. وامتشق سيفه، وظل يقاتل جنود الشيطان يزيد، خليفة المسلمين الذي فرضه أبوه معاوية فرضا علي الأمة العربية. ولم يكن معه سوي العشرات من الرجال

والنساء والأطفال، كل جيشه كان يمكن لفصيلة من الجنود سحقها في لحظات..

لكن الجيش الصغير صمد أياماً طويلة وقاتل بقيادة الحسين ببسالة عجيبة مذهلة، لم يشهد تاريخ الشرق أو الغرب مثيلاً لها. كان الحسين عطشان جائعاً.. ورجاله يفتك بهم الظمأ مثله، وأطفاله يصرخون في طلب جرعة ماء.. كان الحصار من حوله في كربلاء محكماً جداًّ، ألوف من جنود الشيطان يمنعون عنه وعن عياله الماء..! ومع ذلك قاتل وصمد، ولم يترك سيفه ورمحه إلا بعد أن تمزق جسده بعديد من

ص: 390

السيوف والحراب.

وخلال ذلك كله.. خلال أعظم معركة في سبيل العقيدة، شهدها التاريخ القديم لأمة العرب، برزت شخصية السيدة زينب رئيسة الديوان كما نسميها نحن أبناء مصر.. بطلة باسلة مؤمنة شجاعة.. حتي أن يزيد بن معاوية الأفاق، لم يجرؤ علي مناقشتها عندما ساقوها إليه، ورفضت أن تبايعه، ولعنته، كما لعنت كل الذين يغدرون ويطعنون المؤمنين في ظهورهم!

ومن أجل ذلك نحن في مصر وفي كل الوطن العربي، نؤمن ببطولة السيدة زينب، كما نؤمن بذلك البطل الخالد الحسين بن علي أبي الشهداء جميعاً..

نؤمن بأمثال هؤلاء العظام ونحتفل بمولدهم... وننشد حول أضرحتهم، وذلك لأننا نحبهم، ولا أحد يستطيع أن يزيل من قلوبنا الحب الصادق لرائد البطولة الخارقة..

وقد نحيا ونمتلئ بالأمل فنعمل ونكافح، لأن مثل هذا الرمز يضئ لنا الطريق، ويشحننا بالرغبات الطيبة والإيمان بالشرف. ونحن لا نبالغ إذا اعتبرنا مولد السيدة زينب ومولد الحسين من الأعياد القومية لأمة العرب. ثلاث باقات محبة.. بين يدي السيدة زينب عليها السلام:

الباقة الأولي: من الشيخ عبد الرحمن الأجهوري (مصر)

آل طه.. لكم علينا الولاء... لا سواكم بما لكم آلاء

مدحكم في الكتاب جاء مبيناً... أنبأت عنه ملة سمحاء

حبكم واجب علي كل شخص... حدثتنا بضمنه الأنباء

شرفت مصرنا بكم آل طه... فهنيئاً لنا.. و حق الهناء

منكم بضعة الإمام علي سيف... دين لمن به الإهتداء

زينب فضلها علينا عميم... و حماها من السقام شفاء

ص: 391

كعبة القاصدين، كنز أمان... و هي فينا اليتيمة العصماء

وهي بدر بلا خسوف، وشمس... دون كسف، والبضعة الزهراء

وهي ذخري و ملجأي و أماني... ورجائي، و نعم ذاك الرجاء

من كراماتها الشموس أضاءت أين من... ها السها؟! و أين السماء؟!

من أتاها و صدره ضاق ذرعاً... من عسير أو ضاق عنه الفضاء

حلت الخطب مسرعاً وجلته... فانجلي عنه عسره و العناء

لا يضاهي آل الرسول و صيف... لا يوافي كمالهم أدباء

نوروا الكون بعد كان ظلاماً... إذ أضاءت ذراهم الغراء

الباقة الثانية: من السيد محمد جمال الهاشمي (العراق)

باب البطولات فالثمه، وقف وزر... واستوح روح العلي من جوه العطر

هنا القداسة في أسمي مراتبها... مصونة عن يد الأحداث و الغير

هنا الجهاد الذي من ذكره ارتعدت... فرائص الدهر في الأجيال و العصر

هنا الجلال، جلال الله تخشع... من جماله الفذ حتي أعين القدر

هنا لزينب أفق فيه قد ألقت... آلاؤه كائتلاق الأنجم الزهر

بنت الولاية، بل بنت النبوة من... سمت بأمجادها عن عالم البشر

أخت الحسين.. التي سارت متابعة... خطاه في كل درب للعلا خطر

ففي المواقف قد لاحت مكانتها... بهالة.. أين عنها هالة القمر؟!

مضي الحسين شهيد البغي وهي مضت... سبية كسبايا الروم و الخزر!

قد قاسمته وسام الخلد، فهو له... شطر، وشطر لها في كل مفتخر

لولا مواقفها في الطف ما خفقت... للدين فيه بنود الفتح و الظفر

الباقة الثالثة: من الأستاذ أحمد فهمي محمد المحامي (مصر)

ص: 392

لذ بالعقيلة بضعة الزهراء... متوسلاً بكريمة الآباء

فهناك مهبط رحمة تخظي بها... وهناك ما ترجو من الآلاء

وافتح بفاتحة الكتاب ضريحها... واقرأ سلامك ضارعاً بدعاء

حتي تنال الخير من نفحاتها... و تري شعاع جلالة و بهاء

فمزارها حرم، ومهبطها حمي... و هي اللياذ لنا من اللأواء

فجوارحي تصبو لزورة قبرها... و جوانحي تهفو لها بولاء

فالله شرف قدرها و مقامها... و الله يوفي الخير للسعداء

فكتب (فرات) بتاريخ 8 - 8 - 2000، الخامسة مساءً:

في الخامس من جمادي الأولي من السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة وضعت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وليدتها المباركة التي لم تولد مثلها امرأة في الإسلام إيماناً وشرفاً وطهارة وعفة وجهاداً.

وكيف لا تكون كذلك وهي وريثة جدها المصطفي صلي الله عليه وآله وأبيها المرتضي عليه السلام حيث جمعت ما امتازا به من صفات كريمة ونزعات شريفة.

فهي أول سيدة في دنيا الإسلام صنعت التأريخ وأقامت صرح العدل والحق ونسفت قلاع الظلم والجور وسجلت مواقفها المشرفة شرفاً للإسلام وعزاًّ للمسلمين علي امتداد التأريخ، فلقد نشرت الوعي السياسي والديني في وقت تلبدت فيه أفكار الجماهير وتخدرت وخفي عليها الواقع.

وقراءة تحليلية واعية ومنصفة لعصرها تكشف الجو العام الذي كان سائداً فبعد إقصاء العترة الطاهرة من مقامها وشؤون الخلافة آلت الأمور إلي بني أمية الذين هم الشجرة الملعونة في القرآن فاتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولاً وأشاعوا الجور والظلم بين الناس، واستهدفوا المصلحين ورجال الوعي بالإعدام والتنكيل!!

ص: 393

فقد أعدم معاوية بن أبي سفيان أعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهما، وتتبع أخوه اللاشرعي زياد بن أبيه هذا الإرهابي اللئيم الخواص من المؤمنين وسامهم أنواع العذاب ونفذ في معظمهم الإعدام وهكذا حتي رتب معاوية خلافة الحكم من بعده لولده يزيد.

ويزيد هذا أجمع المؤرخون علي أنه شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة وحاكم ظالم وجاهلي ما آمن بالله طرفة عين أبداً وقد خلد إلي الفسق والفجور واقترف كل ما حرم الله من إثم وقد أعلن كفره وإلحاده ومروقه عن الدين بقوله:

لعبت هاشم بالملك فلا... خبر جاء ولا وحي نزل

وقد استعان معاوية والأمويون إضافة إلي القتل والتهديد بسياسة خبيثة من خلال الإغراء بالمال والمساندة من قبل ضعاف النفوس من وضاع الحديث علي النبي صلي الله عليه وآله، ومن وعاظ السلاطين الذين ما خلا زمان منهم!

ففي ظل هذه الأجواء ليس هناك في العالم الإسلامي من يستطيع أن يقول كلمة الحق ويغير مجري التأريخ غير سبط الرسول صلي الله عليه وآله وريحانته ووارث علمه الإمام الحسين عليه السلام.

والحديث عن نهضته فيه الكثير من التفاصيل والدروس والعبر، ونحن نقتصر هنا بذكر شيء قليل من دور العقيلة زينب عليها السلام.

فقد ساهمت في الثورة الحسينية، وشاركت في جميع ملاحمها وفصولها مشاركه إيجابية وفاعلة وجاهدت جهادا لم يعرف التأريخ مثله في مرارته وأهواله وتبنت جميع مخططات الثورة وأهدافها وهي التي أبرزت قيم الثورة الأصيلة في خطبها التأريخية في أروقة الحكم الأموي فكشفت للعالم الإسلامي زيف الحكم الأموي وجرائمه وموبقاته وابتعاده عن الإسلام!

ص: 394

كما ودللت علي خيانته وعدم شرعية هذا الحكم وكيف أن هؤلاء المجرمين تسلطوا علي رقاب المسلمين بغير رضا ولا مشورة، لقد أعلنت ذلك كله بخطبها الثورية الرائعة فأوجدت وعياً أصيلاً كان من نتائجه الثورات الشعبية التي أطاحت بالحكم الأموي وأزالت كابوسه ونختم مقالتنا بقطعة مقتطعة من

خطبتها أمام طاغية عصرها الملعون يزيد بن معاوية:

(... فكد كيدك، واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المناد: ألا لعنة الله علي الظالمين...).

فالسلام عليها يوم ولدت، ويوم صعدت روحها الطاهرة إلي السماء، ويوم تبعث حية. اللهم ارزقنا شفاعة السيدة زينب يوم الورود عليك.

ص: 395

ص: 396

الفصل السادس: الاحتفال بالمولد النبوي.. و إهداء الزهور للمريض حرام !!

ص: 397

ص: 398

الاحتفال بالمولد النبوي.. و إهداء الزهور للمريض حرام !!

كتب (ابن الشاطئ)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29 - 7 - 2000، السادسة والربع عصراً، موضوعاً بعنوان (فتوي ملزمة لجميع أعضاء شبكة هجر)، قال فيه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إلي كل الأعضاء الحالمين بغدٍ مشرق.

إلي كل المتفائلين بالتطور والرقي في بلادنا الحبيبة.

أنقل إليكم هذه الفتوي، من موقع الساحة الإسلامية:

209. 39. 13. 51. www 81. alsaha. com

فتوي رقم 21409 تاريخ 21 / 3 / 1421

الحمد لله والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وبعد، فلقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء علي ما ورد إلي سماحة المفتي العام من المستفتي محمد عبد الرحمن العمر والمحال إلي اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 1330 وتاريخ 3 / 1420، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:

ص: 399

" لقد انتشرت في بعض المستشفيات محلات بيع الزهور، وأصبحنا نري بعض الزوار يصطحبون باقات - طاقات الورود - لتقديمها للمزورين، فما حكم ذلك؟

وبعد دراسة اللجنة للإستفتاء أجابت بما يلي:

ليس من هدي المسلمين علي مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو المصنوعة للمرضي في المستشفيات، أو غيرها.. وإنما هذه عادة وافدة من بلاد الكفر (؟؟؟)

نقلها بعض المتأثرين بهم من ضعفاء الإيمان (؟؟؟)

والحقيقة أن هذه الزهور لا تنفع المزور، بل هي محض تقليد وتشبيه بالكفار لا غير.

وفيها أيضاً إنفاق للمال في غير مستحقه، وخشية مما تجر إليه من الإعتقاد الفاسد بهذه الزهور من أنها من أسباب الشفاء! وبناء علي ذلك: فلا يجوز التعامل بالزهور علي الوجه المذكور بيعا أو شراء أو إهداء. انتهي.

رئيس اللجنة... التوقيع... الأعضاء...

ملحوظة:

- صورة لمنظمة السلام الأخضر.

- صورة لمحلات بيع الزهور.

- صورة للسفارة الهولندية.

- صورة للسيد كوفي أنان لتوزيعها علي الأعضاء العاملين في الأمم المتحدة.

- صورة لأحفاد المرحوم حضيري أبو عزيز، صاحب أغنية، عمي يا بياع الورد.

- صورة لجميع المرضي المتفائلين بشكل الورد.

ص: 400

- صورة لمحلات بيع المخلل (راح تعرفون لماذا لاحقاً).

فكتب (سليم) بتاريخ 29 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

رحم الله أيامك، يا خزاعي.

وكتب (البدوي) بتاريخ 29 - 7 - 2000، الثامنة مساءً:

جزاهم الله كل خير علي هذه الفتوي.

شخصياًّ أنا (أكره) تقديم الزهور للمرضي , ولكن أفضل إعطائهم الشوكولاته.

السبب أن بعض الزهور تحمل معها من الفيروسات التي تسبب الحساسية (Allergy) الشي الكثير للمرضي , وبالخصوص المرضي الخارجين من عمليات جراحية.

وهنالك صديق لي , وهو طبيب (جراح) يرفض دخول الزهور لمرضاه لمدة يوم بعد العمليات التي يقوم بها علي المرضي!

الغريب أن هذا الصديق (أمريكي , مسيحي).

وكتب (ابن الشاطئ) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

الأخ بدوي: السلام عليكم.

أخي العزيز أرجو أن لا يلتبس الأمر عليك، فلم تكن تحكمني نظرة طائفية أو مناطقية.

كل ما في الأمر أني أري من وجهة نظري - وهي بالمناسبة ليست ملزمة لأحد - أن هناك أشياء أهم من بيع الزهور! أشياء تهم الوطن من أقصاه إلي أقصاه، وبجميع شرائحه.

هل سأل أحدهم عن حكم بيع القدس مثلاً؟؟؟

ص: 401

أما قولك إنك تفضل الشوكولاته علي الزهور، فما رأيك، أن الشوكولاتة، لا تلائم كثيراً من المرضي.. أقولها بحكم عملي؟ وما رأيك لو صدرت فتوي بتحريم أخذ الشوكولاتة؟ فماذا سوف تأخذ لمريضك يا صاحبي؟؟ هل ستأخذ بطيخة مثلاً؟؟

وكتب (عرب) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة صباحاً:

أغاية الدين أن تحفو شواربكم. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، ماذا بقي ولم يحرموه؟؟!

بالأمس.. حرموا التلفاز... اليوم.. تحريم إهداء الورد

غداً.. تحريم الشوكولاته! وبعد غد.. تحريم الكمبيوتر!

حتي يصبح الحلال شيء غير طبيعي!

وكتب (أبو عمر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

الأخ البدوي: السلام عليكم.

هل استندت اللجنة في تحريمها لإهداء الزهور علي أسباب طبية مثل التي ذكرتها؟

لو كان مستند اللجنة أسباب طبية مثلاً لكانت الفتوي الصادرة مفهومة، ولها ما يبررها.

لكن أن تجعل إهداء الزهور تشبهاً بالكفار وخطراً علي الإعتقاد!

فهذه إحدي الكبر!

لكن عزاؤنا الوحيد.. أنها ليست الفتوة الوحيدة التي أتت بكل ما هي غريب وعجيب، فقد سبقت بفتاوي الله بها عليم..

ص: 402

أذكر في شهر رمضان المبارك قبل سنوات، عندما حدثت مذبحة الحرم الإبراهيمي، كان أحد أعضاء هذه اللجنة يلقي درساً في الحرم المكي وهو أشهر من نار علي علم، فبدأ درسه بالحديث عما حصل في الحرم الإبراهيمي، ودعا علي اليهود بدقيقة واحدة لم يتجاوزها أبداً! ثم انتقل للإجابة عن أسئلة الحضور. وكأن هذه الحادثة لا تستحق دروساً وخطباً كاملة!

وكان من بين الأسئلة التي وجهت له - وأرجو من المراقب عدم الحذف - سؤال حول حكم لبس الصدرية للمرأة وهل هي بدعة، أم لا!!!!

وسأكتفي بذلك ولن أذكر الإجابة المضحكة لكل عازب، المبكية لكل زوج!

وكتب (فارس) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

وقبل حضور المراقب، أقدم لكم " ممنوعات "!!! والله يستر!!

(ووضع صورة وردة متحركة)

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة وأربعين دقيقة صباحاً:

وبهذه الفتوي يتضح أن أقاربي الصعايدة من أكثر الناس التزاماً بالمقاصد العليا للشريعة، فالورد في الصعيد " عيب ". ومما يستوجب " العار " الذي لا بد أن تراق علي جوانبه الدم حتي يسلم الشرف الرفيع من الأذي..

لذلك تري الصعايدة " أحباب الله " يحملون معهم للمرضي كم كيلو برتقال، وبطيخة، وفرخة مشوية مؤخراً.. والشاب الصعيدي يقدم لفتاته " جعضيض ". وهذا أمر شرحه يطول وأنا الليلة مشغول..

ملحوظة: يمكن سؤال الدكتور المفكر العربي عن معني " الجعضيض "..

ص: 403

وكتب (غربي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

سبقني الجميل عرب... يا أمة... ضحكت.. من جهلها... الأمم.

سأشتري الزهور... وسأهديها لمن أحب... وسأهديها كعادتي.. لكل من يحتاج تلويحة ود... مشكلة الجوري، أنه يفقد رائحته مع السفر الطويل، فيصلنا هنا بدون رائحة، والزهور بدون رائحة، كالقهوة بلا هيل... إذن.. سأعتمد القرنفل فرائحته تدوم، وهي أقرب للتقوي، وهي أعظم أجراً!

وفي بالي سؤال: ربما لم يتسن للشيخ، سلمت براجمه من الأوخاز، أن يشم يوماً ورداً جورياًّ، أو قرنفلة بيضاء، أو حتي.. ورقة شجر! لذلك أفتي بالتحريم!! حافظوا علي القرنفل.

غربي - زمن الشم.

عش ألقاً... وابتكر قصيدة... وامض. زد سعة الأرض.

وكتب (المفكر العربي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة صباحاً:

يا صباح الجمال والمعننه، إيه رجعت من سويسرا؟؟

إن شاء الله تكون انبسطت والمزاج يكون عالي.

الجعضيض: من عائلة الخضروات الطازجة، أخوه السريس، وأخته الخبيزة. وقريب ونسيب عائلات البرسيم والملوخية والحلبة والفجل والكرات. وأكله حرام يوم الجمعة، وحلال باقي الأيام.

منقول من موسوعة الكومبيوتر الحديثة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة عصراً:

ص: 404

بقطع النظر عن البعد الإجتماعي لهذه الفتوي الغريبة.. فقد لاحظت أن الدليل الشرعي الذي استند عليه المُفتون، هو: " ليس من هدي المسلمين علي مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو الصناعية ".

ويسمي في أصول الفقه: الإستدلال بعدم فعل السلف. أو عدم فعل الصحابة. أو عدم فعل النبي صلي الله عليه وآله.

ولم يقل أحد من علماء الفقه بصحة الإستدلال بترك الفعل، فضلاً عن عدم فعله.

فالدليل الأصولي الذي أجمع عليه الفقهاء هو أن فعل المعصوم لشيء يدل علي أنه حلال، لا أن عدم فعله لشئ يدل علي أنه حرام!

والحكم الشرعي في مثل هذه الحالة الرجوع إلي الأصل، وهو قاعدة: " كل شئ لك حلال حتي تعلم أنه حرام بعينه.. وكل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي من الكاب أو السنة ".

ولو قلنا إن: " كل شئ حرام حتي يثبت أن الشرع أباحه، أو أن السلف فعلوه ".. فيجب تحريم كل وسائل الحياة الجديدة، وأنواع الفعاليات التي يقوم بها الناس، ومنهم هؤلاء المفتون!

فهل يلتزمون بذلك؟!!

وكتب (نادر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة وأربعين دقيقة مساءً:

غربي.. جميل أن تهدي من غير حساب!

يا صديقي، أكاد أفقد ثقتي، في القياس، لولا النسبية!

من أهداف زيارة المريض إدخال السرور إلي قلبه، ولعل لها أصلاً في الدين، والسرور هنا.. دخل عليها (ال-) لتفيد كل ما يدخل في السرور من شيء. فلو كان من السرور أن تزور المريض ومعك ملك الموت كان حسناً!!!

ص: 405

الأخ فرقد: شئ جميل، لو استطعت أن تعرض بأي طريقة للفضلاء أهل الفتوي ما سأقوله هنا، لعلهم يراجعوا فتواهم إن كانت وردت كما النص أعلاه!

في حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن الله... وسكت عن أمور، رحمة بكم من غير نسيان...). وكان عليه السلام يحب الطيب، ويهديه، وورد عنه أنه ندب في صرف بعض الكسب في شراء الطيب.

فلعل حمل الورد إلي المريض من باب إدخال السرور علي المريض، ولعلها من الفأل الذي كان يحبه أو هي علي الأقل من الأمور المسكوت عنها!!

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الخامسة مساءً:

كعادته كان دقيقاً وحاسماً شيخنا الجليل السيد العاملي.

فالأصل في الأشياء الإباحة حتي يرد نص قطعي، أو يقوم دليل شرعي علي التحريم، والقول بأن السلف لم يفعلوا ذلك هو قياس فاسد لا يمكن الإعتداد به، وإلا ستصبح كل حياتنا حراماً في حرام، فالسلف لم يستعملوا صنابير المياه، ولم يستخدموا السيارات، ولم يركبوا الطائرات، ولم يقتنوا الأنسر ماشين ولا الكمبيوتر ولا الإنترنت، ولم يأكلوا " الكافيار " ولا " البيتزا " ولم يستخدموا الكاسيت، ولم يقرؤوا الصحف ولا المجلات، ولم يتعاملوا مع البورصات والأسواق الدولية، ولم يتزلجوا علي الجليد، ولم يؤسسوا نظم الدفاع الجوي، ولم يشتروا الصواريخ ولا الطائرات..

يا خلق الله.. نحن أبناء هذا الزمان، ومن لا يريد أن يصدق ذلك فليلزم داره أو كهفه، ويريح ويستريح..

لماذا تريدون ظلم الإسلام ووصمه بأنه دين البداوة وعبادة الماضي.. ولا صلة له بالحاضر أو المستقبل.. هذا أشد خطراً علي الدين مما عداه من المخاطر

ص: 406

الأخري.. ثم هل انتهينا من كل أزماتنا ومشكلاتنا حتي نتفرغ لقضية الورد والفل؟

ونعود للجدل حول جنس الملائكة هل هم ذكور أم إناث.. أو نستفتي شيوخنا - أراحنا وإياهم وإياكم الله من الكدر والتنطع - حول رأي الدين في من توضأ ثم حمل علي كتفه قربة مملوءة بالفساء..

العقل والدين يا رب.

وكتب (مجموعة إنسان) بتاريخ 30 - 7 - 2000، السادسة مساءً:

لعن الله زارعها ومسقيه

وحارسها في لياليه

وقاطفها ومستحليه

وحاملها إلي السوق إلي أهليه

وبائعها وشاريها ومشتريه

وشامها و (مشميها)

ومن نظر إلي مشتريه

والفلبيني مزينها و (مزنيها)

وهاديها ومهديه

وأبو المستشفي الذي ولد فيه

من قال لها أن تكون وردة جميلة لمحبيه

وأن تكون بلا رائحة ومعني لحاقديه

تباًّ وسحقاً لألوانها، فهي ليست فينا... وفيها.

إمنين أجيب إحساس.. للي ما يحس؟

ص: 407

وكتب (عز الدين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

فتوي لا تمثل كل الإسلاميين، وخاصة الموجودين هنا. ومن الخطأ مناقشتها، لإيماننا جميعاً أنها لا تمثل أصلاً رأي الإسلام. وصدق رسول الله لما قال: " هلك المتنطعون ".

وكتب (أبو معتصم) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثامنة إلا خمس دقائق مساءً:

العلماء ورثة الأنبياء...؟؟؟

كنت أظن أن الزهور تفتح النفس، وأنها من خلق الله، وأنها من المتع الحلال... أوكل ما سبقنا به غربي أصبح حراماً؟؟ المرة القادمة التي أزور فيها أخ لي.. سوف آخذ معي نخلة...

محزن أن يسمع المرء بأمور مثل هذه... أين فقه الواقع منا...؟؟؟

وكتب (غشمره) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الحادية عشرة والربع ليلاً:

لو أراد إنسان أن يشوه الإسلام في عقول الناس لما زاد علي نشر أمثال هذه الفتاوي المضحكة التي لا تدل إلا علي ضيق الأفق وسخف التفكير..

مأساة حين يفتي من لا يفهم، ويقرأ من لا يعي، ويطبق من ديدنه إلغاء العقل باسم النقل.

نشوفكم علي خير.

وكتب (بحر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إذا الورد قدم كهدية لمريض يعتبر حرام.. أوكي.. " رأي وفتوي "..

السؤال الآن: عندما يأتي رئيس دولة لزيارة رئيس يقدم إليه الورد في المطار..

ص: 408

عندما يجلسون كبار الشخصيات ويلقون خطباً، أو اجتماعات علي مستوي الدولة أمامهم غابة من الورد..

عندما يموت أحد يقدمون إليه الورد.. الآن أصبح الورد حرام.. عجبي علي الفتوي..

غداً سيحرمون " الفانيلا " التي نلبسها وتصدر بها فتوي لأنها تشرب العرق..

وكتب (غربي) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

عفواً غشمرة.. سأتوقف، وأطيل الوقوف، علي عبارة واحدة أراك تكررها، ههنا، وهنا:

"... ويقرأ من لا يعي ".. لا أدري من المقصود بها.

ربما أنا ممن يحسبون كل صيحة عليهم، قاتلهم الله ورسوله.. أني يؤفكون!

يا غشمرة... هذه الفتوي، ومثيلاتها، هي الدلالة المؤلمة، علي ما نحن فيه من ضياع.. إن كانت هذه الفتوي، البذيئة، لها ملامح الغباء الواضحة، وبالتالي يسهل فردها والإعتراض عليها، بل والضحك.. فإن هناك من الفتاوي، والأفكار، الأكثر فحشاً، ما لا يمكن معرفة سخفها ببساطة، خاصة إذا تمكنت من عقول الناس، وموجداتهم، مما يصعب معه تعريضها للنقد، والعقل، خاصة في مواجهة الإيمان المطلق.. للبسطاء.

" لو أراد إنسان أن يشوه الإسلام في عقول الناس، لما زاد علي نشر أمثال هذه الفتاوي المضحكة ".

هذا غير صحيح.. يا غشمرة. بل إن في نشرها، الدليل الأعمق تأثيراً، علي مقدار ما نحن فيه من غلو في تقديس المنقولات، وتقديمها، وتركيع العقل والمنطق والحس السليم.. من أجلها.

ص: 409

يا غشمرة.. عندما تجد لنفسك حظاًّ في التدريس، فستري كم تضطر للأمثلة المبالغة في البساطة، والإضحاك، من أجل تبيان حقيقة علمية.. مهمة، ونقض مسلمة أضحت كالحقيقة غير القابلة للجدل، في عقول طلاب، حكم التعليم البذئ علي عقولهم.. بالقولبة.

هذه الفتوي، ويح غربي، هي بعض صغير مما خرج لنا من جراب الحاوي، وسمح لنا بالتندر عليه.. ويا ما في الجراب.. يا غشمرة!

فكتب (غشمره) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

لكنك ممن يعي يا غربي، أقصد من لا يعي لأنه لا يفكر أحياناً، ويأبي أن يفكر غالباً.

ويا ما في الجراب... يا غشمرة!

أي والله يا غربي، هذه أعرفها أكثر مما تظن، يقولون: " اسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك استغرب ". هذه بحذافيرها تضحكني يومياًّ هنا في هذه المدينة العجيبة الجامدة.. الرياض.

نشوفك علي خير.

وكتب (المفكر العربي) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الخامسة صباحاً:

ياريت أخونا الذي ذكر أنه توجد فتوي تخص مشدات الصدر للسيدات أن يتحفنا بنص الفتوي رقمها وتاريخها..

ويا ليت إن كانت الفتوي تضم قسماً لباقي الملابس الداخلية النسائية والرجالية أيضاً.. لأنه علي حد معلوماتي الموثقة أن العرب " ما عدا الحواضر " لم يعرفوا استخدام الملابس الداخلية إلي عهد اختلاطهم بالأجانب!

ص: 410

وما زال الكثير من البدو وأيضاً اليمنيين للآن لا يعرفونها، وكانوا يلبسون رجالا وسيدات ما يسمي الهاف، وهو قطعة قماش مفتوحة غير مخيطة، تلف حول الخصر، وتغطي منطقة العورة فقط.

وكتب (فرقد) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

إنها المهزلة: فتاوي غريبة..

كتاب مثقفين يتلقفون هفوات العلماء ويجعلونها لبانهم.. عامة وسوقة غير واعين تماماً لما يجري يرددون بسذاجة كالببغاوات.. والجميع في لجة البحر يتوسطون دوامة تشدهم إلي قعر البحر، غافلين عن

حالهم وبؤسهم.. أليس من الأجدر بكم أن تتعالوا عن السفاهات..

هؤلاء علماء، فهل وصلتم إلي معشار ما وصلوا إليه من العلم، لتقارعوهم بالحجة والبرهان!!

أنا لا أخص علماء بعينهم..

القرضاوي، استهزئ به علي الرغم من سعة علمه.. الغزالي رحمه الله، تناسوا محاسنه ودعوته وتهجموا عليه.. ابن باز، لم يسلم من ألسنتهم.. وغيرهم كثير..

متي يا أمة الإسلام نعود إلي رشدنا ونتروي في إطلاق الأحكام وندع العشوائية والتسرع والسذاجة.. أظن أننا تعدينا مرحلة المراهقة الفكرية.. ولا أظن أننا دخلنا مرحلة المراهقة المتأخرة بعد.. أنتم أكبر من هذا وأعقل.. أنتم من يعقد عليكم الآمال في إصلاح المجتمع بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والعفو عن الناس والله يحب المحسنين..

وكتب (حسن حسان) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع ظهراًَ:

ص: 411

وأعوذ بالله ممن استعاذت منه الإنس والشياطين، وبعد:

فقط اطلعت علي تعليقات لبعض الرواد، وباستثناء العاملي، الذي تناول الموضوع بالطريقة الشرعية وبقواعد الأصول، وهو أن الأصل في الأمور الإباحة وفي العبادات التحريم، وحيث أني لم أطلع بعد علي ما نشر في الساحة العربية حماها الله ممن تحميه الشياطين وبئس الحامي والمحمي والحماة التي تزوجه ابنتها، لا بأس.

كان يا مكان يا شياطين الإنس.. كان هناك شيخ يقرأ علي تلاميذه بعض من أمور الفقه التي لا تعلموها.. ولا تعلموا أنكم لا تعلموها..

فبينما هو يحدث تلاميذه إذا بزلة لسان يحدثها الشيخ أفاق علي أثرها من النوم أحد التلاميذ، وقال للشيخ ناكراً عليه مستنكراً قوله بحدة الغراب وحقد الجمل ومكر الثعلب: ماذا يا شيخ ماذا قلت، لا يا شيخ، هذا لا يجوز!!

فرد الشيخ عليه: قاتلك الله، ذهب حديث اليوم كله وأنت نائم لا أجد منك إلا شخيراً وتقلباً! والآن أخطأت فأفقت. أنت كالذباب لا تقع إلا علي الوسخ.

وكتب (عزام) بتاريخ 6 - 8 - 2000، السادسة مساءً:

الإخوة الكرام: السلام عليكم.

إني لأعجب حقيقة لهذه العقول، فهل كل ما لم يتعوده المسلمون يعد صنعه حراماً؟

فهل هذا أصل من أصول المسلمين لم نطلع عليه , ولو كان هذا أصل، فالمفروض أن نتمسك بذلك في جميع الأمور، فلا نصعد سيارة بل نصعد علي الجمال والحمير. ولا نستضئ بالكهرباء، بل يعتمد علي المصابيح الزيتية كما كان المسلمون آن ذاك وما إلي ذلك..

ص: 412

وكتب (الأبهاوي) بتاريخ 6 - 8 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

لكل شيخ طريقته.

إن شئت أن تعمل بهذه الفتوي فاعمل، وإن شئت أن تضرب عليها ستائر النسيان فلن تجد من يسلط السيف عليك، ويقول إعمل كما أمرناك!

التدخين محرم، ومع ذلك ندخن أمام نظرات العداء التي يطالعنا بها بعض صغار المشائخ، وتذهب نظراتهم تلك مثل نفخة الدخان من الفم.

وكتب (أبو معتصم) في هجر، واحة الحوار الإسلامي، بتاريخ 5 - 8 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (سبق وأن تم نشر فتوي تخص إهداء المرضي الزهور هل حذفت؟؟؟؟؟... لم أعد أراها...).

فأجابه (العاملي) بتاريخ 6 - 8 - 2000، الواحدة صباحاً:

هذه هي الفتوي الغريبة أيها الأخ، في واحة الحوار المعاصرة.

لقد حرموا عليك أن تأخذ معك إلي المريض الزهور.. وبقي أن يفتوا بأنه يستحب لك أن تأخذ له معك كفناً!!

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum3/004641.html

ص: 413

ص: 414

الفصل السابع: صيغة الصلاة علي النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين المواضيع :

 الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله في الصلاة وغيرها .

 ملاحظات العاملي على كلام المغربي والألباني .

ص: 415

ص: 416

صيغة الصلاة علي النبي صلی الله علیه و آله

كتب (المأمن بالله) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 8 - 12 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (لماذا عندما يذكر آل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) تذكر جملة " عليهم السلام "؟؟)، قال فيه:

روي العلامة القندوزي في ينابيع المودة نقلاً عن البخاري، وابن حجر في الصواعق المحرقة، في الباب الحادي عشر، الفصل الأول الآية الثانية:

كلهم رووا عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت هذه الآية، قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال (صلی الله علیه و آله): قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

وقال ابن حجر: وفي رواية الحاكم، فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

فراجع يا أخي كل المصادر ولأسهل عليك سأزيدك:

رواه الإمام الفخر الرازي في ج 6 في تفسيره الكبير ص 797.

ص: 417

كما روي ابن حجر في الصواعق ص 87: قال (صلی الله علیه و آله): لا تصلوا علي صلاة البتراء! فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللهم صل علي محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

ورواه أيضاً العلامة القندوزي، في مقدمة ينابيع المودة ص 6، عن الصواعق المحرقة وعن جواهر العقدين، وقال: وقد أخرج الديلمي أنه (صلی الله علیه و آله) قال: الدعاء محجوب، حتي يصلي علي محمد وأهل بيته، اللهم صل علي محمد وآله.

ولابن حجر، بحثٌ مفصلٌ ينقل آراء علمائكم وفقهائكم في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد (صلی الله علیه و آله) في التشهد في الصلوات اليومية، ثم يقول: وللشافعي رضي الله عنه:

يا أهل بيت رسول الله حبكم... فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم... من لم يصل عليكم لا صلاة له

وقد بحث الموضوع، السيد أبو بكر بن شهاب الدين، في كتابه رشفة الصادي، الباب الثاني، ص 29-35، ونقل دلائل في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد في الصلاة اليومية عن النسائي والدارقطني وابن حجر والبيهقي وأبي بكر الطرطوسي وأبي إسحاق المروزي والسمهودي والنووي والشيخ سراج الدين القصيمي..

وكل هذا وبعض إخواننا يقولون إنها بدعة.. فهذا برهان قوي علي رد هذه الأقاويل..

ومن الواضح أن الذين أمر النبي (صلی الله علیه و آله) أن تقرن أسماؤهم مع اسمه الشريف، ويصلي ويسلم عليهم في الصلوات اليومية، مقدمون علي غيرهم في الفضل والشرف! ومن السفاهة والجهل والتعصب والعناد أن نرجح الآخرين عليهم..

ص: 418

فأطلب منكم يا أخواني أن تبينوا لنا كيف أن الله يصلي ويسلم علي صحبه بقولكم " محمد صلي الله عليه وعلي آله وصحبه "؟

وكتب (محمد أبو الحسن) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2 - 12 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل الصلاة علي النبي وآله واجبة في كتب أهل السنة.. ولكن المبغضون منهم يبترون، أليس كذلك؟)، قال فيه:

وقال الرازي في تفسيره: 7/391: إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وقوله: اللهم صلي علي محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل، فكل ذلك يدل علي أن حب آل محمد واجب.

وقال: أهل بيته صلي الله عليه وآله ساووه في خمسة أشياء:

1 - في الصلاة عليه وعليهم في التشهد. 2 - وفي السلام. 3 - والطهارة. 4 - وفي تحريم الصدقة. 5 - وفي المحبة.

وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالي: " قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي ": كفي شرفاً لآل رسول الله صلي الله عليه وآله وفخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة. انتهي.

وروي محب الدين الطبري في الذخاير ص 19، عن جابر رضي الله عنه، أنه كان يقول: لو صليت صلاة لم أصل فيها علي محمد وعلي آل محمد، ما رأيت أنها تقبل.

ص: 419

وأخرج القاضي عياض في الشفا، عن ابن مسعود مرفوعاً: من صلي صلاة لم يصل علي فيها وعلي أهل بيتي لم تقبل منه.

وللقاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا: 3/500 - 505، فوائد جمة حول المسألة وذكر مختصر ما صنفه الإمام الخيصري في المسألة سماه: " زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض ".

وصور الصلوات المأثورة علي النبي وآله مذكورة في شفاء السقام لتقي الدين السبكي ص 181.

وأورد جملة منها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد: 10/163، وأول لفظ ذكره عن بريدة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال. قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك علي محمد وآله محمد، كما جعلتها علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أخرج الديلمي أنه صلي الله عليه وآله قال: الدعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وأهل بيته: اللهم صلي علي محمد وآله.

ورواه عنه ابن حجر في الصواعق ص 88.

وأخرجه الطبراني في الأوسط عن علي أمير المؤمنين عليه السلام: كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وآله محمد.

وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/160، وقال: رجاله ثقات.

وأخرج البيهقي وابن عساكر، وغيرهما عن علي عليه السلام مرفوعاً ما معناه: الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض لا يصعد إلي الله منه شئ حتي يصلي عليه وآله. شرح الشفا للخفاجي: 3/506.

لو لم يكونوا خير من وطأ الحصا... ما قال جبريل لهم تحت العب

ص: 420

وفي الأخير أقول: قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ". صدق الله العظيم.

وكتب (مدمر النواصب) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 3 - 2000، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا النواصب.. لا يكملون الصلاة علي محمد وآله)، قال فيه:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " لا تصلوا عليه صلاة البتراء ". أي الصلاة الناقصة..

فلماذا النواصب.. لا تكمل الصلاة علي أهل البيت.. ونسيانهم.. إن كانوا يحبونهم كما يزعمون.

وكتب (المنصف) بتاريخ 28 - 3 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

أزيد علي ما قلته يا أخي.. أن أكثر الروايات الواردة في صحاح أهل السنة.. في كيفية الصلاة، هي: " اللهم صل علي محمد وآل محمد ".

كما أنه لا توجد ولا رواية واحدة تقول: " اللهم صل علي محمد وآل محمد وأصحابه أجمعين " كما يفعل أهل السنة.

إضافة إلي ذلك: يذكر أهل السنة الصلاة علي آل محمد في التشهد في الصلاة، فلماذا لا يصلون عليهم خارج الصلاة؟!!!!!

ولا أنسي أن بعض فقهاء أهل السنة كالشافعي يقول بعدم صحة الصلاة إذا لم يذكر فيها آل محمد عليهم السلام.

ص: 421

كتب (العاملي)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 10 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (بحث في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

صيغة الصلاة علي النبي في الصلاة و غيره

خلاصة البحث: أن المذهب الوهابي قام علي قاعدتين في أصول الفقه، وكل ما تراه من فتاوي وملابسات ناتج عنهما.

الأولي: وجوب الأخذ بظاهر الألفاظ العربية وحرمة تفسيرها بالمعني المجازي، حتي في مثل: " يد الله " و" وجه الله ".

والثانية: قاعدتهم الخاطئة في وجوب الإتباع وحرمة الإبتداع.

حيث أن معناها عندهم: أن كل عمل ديني لم يرد فيه نص، فالأصل فيه أنه حرام، مثل: الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، وأخذ الصور الفوتوغرافية، ومراسم عزاء الإمام الحسين.. وصاحب هذه الأعمال مبتدع وخارج عن الدين.. إلي آخر أحكامهم!

أما في مذهبنا ومذهب أكثر فقهاء المسلمين، فإن الأصل أن يحمل اللفظ علي الحقيقة، ولكن إذا منع مانع، أو وجدت قرينة، فلا مانع من حمله علي المجاز وتفسيره بذلك.

كما أن الأصل في الأعمال الحلية والإباحة وأن كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي.

وفي هذا البحث نقول لهم: إن الإحتفال بالمولد الشريف وغيره، ليس فيه نص عندكم، فهو مثل إضافة اسم الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.. فإن حرمتم هذا فحرموا هذا، وإن حللتم هذا فحللوا هذا!!

ص: 422

فالواجب عليهم أن يقولوا حسب مذهبهم عند ذكر النبي: " صلي الله عليه وآله ". ثم يدعون بعده للصحابة بما شاؤوا، فيقولوا: " ورضي الله عن صحبه "، مثلاً..

وبذلك تكون جملة: " رضي الله عن صحبه " دعاء للصحابة، وليست بدعة وضماًّ لهم إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.

ونقصد بذلك أن نلزمهم بإعادة النظر في فتاويهم وتبديعاتهم، التي كانت وما زالت تسبب لهم المشاكل مع العالم الإسلامي!!

صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله في الصلاة وغيرها:

اتفقت مصادر الجميع، علي أن المسلمين سألوا النبي (صلی الله علیه و آله): كيف نصلي عليك؟

فعلَّمهم صيغة الصلاة عليه، التي تتضمن الصلاة عليه وعلي آله معاً، صلي الله عليه وآله..

وتسمي في مصادر السنيين: الصلاة الإبراهيمية، لأن فيها فقرة: " كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم ".

وقد تقيد أتباع المذاهب السنية بهذه الصيغة في صلواتهم عبر العصور المختلفة، إلي عصرنا هذا..

أما في غير الصلاة فكانت عادتهم إلي عصر العثمانيين، أن يصلُّوا علي آل النبي معه فيقولون: " صلي الله عليه وآله "، أو ما شابه..

كما نلاحظ ذلك في نصوص التاريخ، ومخطوطات المؤلفين السنيين، لا مطبوعاتها.

والذي حدث في عهد العثمانيين أنه حذفت كلمة " وآله " من غير فريضة الصلاة، واستبدلت بكلمة: " وسلم " مع أن التسليم في آية: " صلوا عليه وسلموا تسليماً "، بمعني سلموا لأمر الله وأمر رسوله، فهو سلموا تسليماً، وليس سلموا سلاماً. فما نراه في عصرنا موروث من العهد التركي العثماني!

ص: 423

والأمر الثاني: الذي حدث في صيغة الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله): إضافة الصلاة علي الصحابة إليها.

فصار يقال: " صلي الله عليه وآله وصحبه ".

وبعضهم يضيف وأزواجه أمهات المؤمنين.. أو تعبيرات أخري فيها ذكر الصحابة والأزواج.

والسؤال الذي يتوجه إلي فقهاء المسلمين، عن مشروعية هذه التغيير العثماني، وهل يجوز شرعاً حذف " آل محمد " من الصلاة عليه؟

وهل يجوز أن نضيف في الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) أحداً لم يأمر به الشرع، ولم يثبت به حديث شريف؟

والجواب: عند غير الظاهريين والوهابيين، أن صيغة الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله) في غير الصلاة مفتوحة شرعاً لعدم النهي عنها.

وكل ما لم يرد عنه نهي فهو حلال، فيجوز أن تضيف الصحابة وإن لم يرد فيهم نص. كما يجوز لك أن تصلي علي أهل البيت، إفراداً واتباعاً.. أي بإضافة اسمهم إلي اسم الرسول (صلی الله علیه و آله)، أو مستقلاًّ، كأن تقول فاطمة الزهراء صلي الله عليها، وعلي صلي الله عليه، أو صلوات الله عليه.

ويجوز لك عند بعضهم أن تصلي مستقلاًّ علي أي مؤمن، مشمول بعموم قوله تعالي: " أولئك عليهم صلوات من ربهم ".

أما عند الظاهريين، ومنهم المتشددون من الحنابلة، والوهابيون، فهو أن كل ما لم يرد فيه نص فهو ابتداع.. والواجب هو الإتباع.

ولذلك يحرمون مراسم المولد النبوي، ومراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام، بحجة أنها لم يرد فيها نص فهي بدعة حرام..

ص: 424

فلا بد لهم من الإعتراف بأن إضافة الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله)، بدعة في الدين وحرام أيضاً، لأنها لم يرد فيها نص، فيجب تركها!!

فإن جوزوها، فمعناه أنهم تنازلوا عن أصل من أصولهم الذي جعلوه سيفاً يحكمون فيه علي المسلمين بالإبتداع وترك الإتباع..

وإن حرموها فعليهم أن يتركوها، ويشنوا حملة علي من يضيف " الصحابة " للصلاة علي الرسول صلي الله عليه وآله!!

وقد هاجم الحافظُ المحدث الشيخ عبد الله الصديق الغماري المغربي، المحدثَ الشيخ ناصر الألباني.. وحكم عليه بأنه رجل مبتدع، لأنه يضيف الصحابة في صلاته علي النبي صلي الله عليه وآله.

فقد كتب المغربي رسالة سماها: " القول المقنع في الرد علي الألباني المبتدع " رد فيها علي إشكالات الألباني علي تخريجه لكتاب: " بداية السؤول في تفصيل الرسول ".

وأورد فيها هذا الموضوع.. وفيما يلي:

خلاصة كلام الصديق المغربي الغماري، ثم رد الألباني عليه:

قال الصديق المغربي في كتابه المذكور ص 9:

قال في لسان الميزان: وابن تيمية أكثر الطعن في أحاديث فضل علي عليه السلام، تجد ذلك في منهاجه واضحاً، فلا يعتمد عليه! وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحياناً إلي تنقيص علي رضي الله عنه. ا ه. ج 6 ص 319-320.

والألباني حريص كل الحرص، علي تلقيب ابن تيمية بشيخ الإسلام، مع أنه لقب مبتدع، لا أصل له عن السلف، إلا ما جاء بإسناد واهٍ عن عبد الله بن أبي، رأس المنافقين أنه رأي أبا بكر رضي الله عنه وجماعة من الصحابة، فقال

ص: 425

لأصحابه: انظروا كيف أصرف هؤلاء السفهاء. فتقدم إلي أبي بكر فصافحه، وسماه شيخ الإسلام، نفاقاً ومداهنة!

ثم إن الإسلام دين الله أنزله علي رسوله، فكيف يكون أحد شيخاً له؟!

والعجيب في أمر هذا الألباني أنه يحرص علي تلقيب ابن تيمية بهذا اللقب المبتدع، ويعيب علي الذين يسودون النبي عليهم السلام في الصلاة عليه، ويعتبر لفظ السيادة، بدعة؟! ويعتبر الذين يذكرونها متبدعة!

مع أن سيادته عليهم السلام ثابتة بالتواتر، ومعلومة بالضرورة لكل مسلم.

قال الفيومي في المصباح: وساد يسود سيادة، والإسلام السؤدد، وهو المجد والشرف، فهو سيد والأنثي سيدة.

قلت: فمعني قوله (صلی الله علیه و آله): علي سيد العرب، أنه ذو المجد والشرف فيهم، لأنه من أهل البيت الذين صح عن النبي صلي الله عليه وآله أنه جمع علياًّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، ثم أدخلهم ثوبه وجللهم بكساء كان عليه ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. فسر قول الله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.

ولهذا الحديث طرق، عن أم سلمة، وعائشة، وواثلة بن الأسقع، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم، فهو حديث مستفيض.

فعلي عليه السلام سيد العرب، لكونه من أهل البيت النبوي، وهذه خصوصية له خصه الله بها..

وخصوصية أخري لعلي رضي الله عنه، وهي أنه يقال له: عليه السلام.

لأن هذه الكلمة، تقال لأهل البيت، ولا تقال لغيرهم، وإن كان أفضل منهم كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما.

ص: 426

ولعلي عليه السلام خصوصية ثالثة، وهي أنه إذا صلي شخص علي النبي صلي الله عليه وآله، صلي علي آله معه، دخل علي دخولاً أولياًّ.

وننبه هنا علي خطأ، وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً، ولم يتفطن له إلا الشيعة.

ذلك أن الناس حين يصلون علي النبي صلي الله عليه وآله يذكرون معه أصحابه، مع أن النبي صلي الله عليه وآله حين سأله الصحابة، فقالوا: كيف نصلي عليك؟ أجابهم بقوله: قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وفي رواية: علي محمد وأزواجه وذريته كما صليت علي آل إبراهيم.

ولم يأت في شئ من طرق الحديث، ذكر أصحابه، مع كثرة الطرق وبلوغها حد التواتر.

فذكر الصحابة في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، زيادة علي ما علمه الشارع، واستدراك عليه، وهو لا يجوز.

وأيضاً، فإن الصلاة حق للنبي ولآله صلي الله عليه وآله، ولا دخل للصحابة فيها، لكن يترضي عنهم.

قال ابن عبد البر في التمهيد: استدل قوم بهذا الحديث علي أن آل محمد هم أزواجه وذريته خاصة، لقوله في حديث مالك عن نعيم المجمر، وفي غير حديث مالك: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد. وفي هذا الحديث: اللهم صل علي محمد وأزواجه وذريته.

قالوا: فجائز أن يقول الرجل، لكل من كان من أزواج محمد صلي الله عليه وآله، ومن ذريته: " صلي الله عليك " إذا واجهه. و" صلي الله عليه " إذا غاب عنه. ولا يجوز ذلك، في غيرهم. انتهي.

ص: 427

وروي مالك حديث أبي حميد الساعدي، أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟

فقال: قولوا: اللهم صل علي محمد وأزواجه..

وقال الغماري في ص 18: وتواتر عنه صلي الله عليه وآله تواتراً قطعياًّ معلوماً بالضرورة أنه كان يكتفي في إسلام المرء بالشهادتين، ولم يشترط شيئاً آخر غيرهما، وجري علي هذا صحابته الكرام، وتابعوهم بإحسان.

فما بال هذا الألباني المبتدع يفرق بين المسلمين ويضلل جمهورهم كالأشعرية، الذين منهم المالكية والشافعية وبعض الحنابلة، وكالماتريدية الذين هم الحنفية.

ولم يبق من المسلمين سني إلا هو ومن علي شاكلته من الحشوية، والمجسمة الذين ينسبون إلي الله تعالي ما لا يليق بجلاله.

وآية فساد عقيدته أن العلماء عابوا علي ابن تيمية قوله بإثبات حوادث لا أول لها.

ورجح حديث: كان الله ولم يكن شئ قبله، علي حديث: كان الله ولم يكن شئ غيره.

وكلاهما في صحيح البخاري، ليوافق الحديث قوله المخالف لقول الله تعالي: " الله خالق كل شئ ". و" خلق كل شيء فقدره تقديراً ". " إنا كل شئ خلقناه بقدر ". ولإجماع المسلمين علي أن الله كان وحده لا شيء معه، ثم أوجد العالم.

وابن تيمية لم يفهم الحديثين، فلجأ إلي الترجيح بينهما فأخطأ.. ولو أن تلك المقالة صدرت عن أشعري، أو صوفي، لرفع الألباني عقيرته بإنكارها وإكفار قائلها.

ص: 428

لكن حيث صدرت عن شيخ الإسلام ابن تيمية اكتفي بقوله: ليته لم يقله! نسأل السلامة والتوفيق. انتهي.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 10 - 6 - 1999، الحادية عشرة مساءً:

الأخ العاملي..

أشكركم علي هذا البحث القيم المفيد.. وقد كنت في حاجة إليه لسبب قراءتي أخيراً في كتب المجاز. وقد قام البحث بالإجابة علي بعض الأسئلة التي كانت تبحث عن أجوبة..

فأشكركم مرة ثانية، وأسأل شخصكم الكريم.. هل من مزيد؟ والسلام من الله خير تحية..

فكتب (العاملي) بتاريخ 11-6-1999، الواحدة صباحاً:

شكراً للأخ عبد الله.

وقد بحث مسألة: " الحمل علي الحقيقة والمجاز " كل الذين ناقشوا الظاهريين، الذين هم أجداد الوهابيين، وسوف أهدي إليك موضوعاً في ذلك.. وشكراً.

قال العاملي:

هنا توجد مداخلات لمشارك هرب فيها من الموضوع.. وتحامل فيها علي الشيعة.. وطرح مسألة أنهم يكفرون من خالف أهل البيت عليهم السلام.

وأساء الكلام، فقامت شبكة أنا العربي بحذف مواضيعه ومنعت اشتراكه.. خاصة أنه كان شامتاً في عملية التخريب التي تعرضت لها الشبكة!

ولكن لم يطل منع اشتراك مشارك، وعاد لمناقشاته، كما ستري في القسم الثاني من الموضوع.

ص: 429

ومما كتبه له (العاملي) بتاريخ 11 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ مشارك:

أرجو أن تقرأ القسم الثاني من الموضوع وفيه رد الشيخ الألباني.. ومناقشتي له وللصديق المغربي.

وقاعدة: " كل من أحدث في أمرنا هذا فهو رد " صحيحة عندنا. وإن لم تصح صيغتها التي ذكرت.

ولكنها علي أي حال.. خاصة فيمن أضاف شيئاً إلي الدين وادعي أنه جزء منه.. ولو كان ذرة.

وهو عندنا تشريع حرام، وفي بعض الحالات نحكم بكفر صاحبه إذا ادعي لنفسه حق التشريع مع الله والعياذ بالله.

ولكن ابن تيمية وابن عبد الوهاب عمماها للأعمال التي يفتي فقهاء المسلمين بأنها مباحة لأصالة الحل حتي يثبت نهي شرعي. وبذلك اتسع مجالها كثيراً كثيراً ونشأ منها التبديع والتكفير!!

أما الآيات والحديث التي ذكرتها، فنحن نستدل بها علي جواز الصلاة علي أهل البيت الطاهرين منفردين.. والصلاة علي كل مؤمن، لأنها وإن وردت في مورد خاص. ولكن عندنا قاعدة: " أن المورد لا يخصص الوارد ".

ولكن فقهاؤكم، لا يقبلون ذلك، ويقولون أن مورد الجميع خاص، ولا يجوز تعميم الخاص.

فالآية خاصة بمن أصابتهم مصيبة. والآية الثانية، والحديث أمرٌ للرسول صلي الله عليه وآله مختص به.

وعلي هذا، تبقي إضافة " الصحابة " إلي صيغة الصلاة النبوية مشمولة لحديث الرد عندكم.

ص: 430

فهي علي مبناكم - لا مبنانا - بدعة يجب علكم التوبة منها.. وإلا شملتكم بحكمها عصا التكفير التي تضربون بها أمة محمد صلي الله عليه وآله.. وشكراً. انتهي.

وكتب (هادي 2) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً.. مداخلةً رد فيها علي تهمة مشارك.. بأن الشيعة يكفرون من خالف أهل البيت عليهم السلام..

وأنهم إنما يكفرون النواصب الذين نص النبي صلي الله عليه وآله علي نفاقهم.. ويأتي موضوع حكم النواصب، إن شاء الله تعالي.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً.

ثم كتب (جميل 50) بتاريخ 13-6-1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً.. وكلامهما رد علي مشارك، في المواضيع الجانبية التي طرحها مشارك.. فراراً من الموضوع المطروح!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الإخوة مشارك، وهادي، وأبي زهراء: السلام عليكم..

تشابكت المسائل، ولعل أهم شئ في البحث فرز المسائل وتحديدها، وأهمها هنا ثلاثة:

الأولي: صيغة الصلاة الشرعية علي رسول الله صلي الله عليه وآله.

وهي موضوع بحثي مع الأخ مشارك. وسوف أكتب له فيها إن شاء الله، عند ملاحظاته الأخيرة علي القسم الثاني.

والثانية: مسألة تكفير الشيعة للسنة وبالعكس.

وهي مسألة بحثها الطرفان في فقههم، ومصادرهم الأخري، وما ذكره الأخ مشارك موجود في مصادرنا. ويوجد أشد منه في مصادرهم.

ص: 431

والسبب في أننا ألين من إخواننا السنيين في الحكم عليهم:

أن للمسألة عند فقهائنا ثلاث مستويات: الحكم الظاهري، والحكم الواقعي، والحكم عند الله يوم القيامة في استحقاق مخالفي أهل البيت النار أو عدم استحقاقهم.

والحكم الظاهري متفق عليه عندنا، وهو أنهم مسلمون.. لما ثبت في الصحيح أن الرسول صلي الله عليه وآله أخبر علياًّ عليه السلام بما سيكون بعده، ووجهه بتوجيهاته في مرات عديدة، منها أنه قال له ذات مرة: يا علي ستغدر بك الأمة، فقال له: يا رسول الله، أوَأنزلهم في ذلك بمنزلة ردة أم بمنزلة ضلالة؟ قال: بل بمنزلة ضلالة.

والضلالة: اسم عام للمسلم الذي يسير في طريق خطأ. وهي درجات من الخطأ، وليس فيها تكفير. فكل من خالف علياًّ والأئمة من أهل البيت عليهم السلام مخطئون في عقيدتنا، ولكنهم مسلمون لهم ما لشيعة أهل البيت، وعليهم ما عليهم وحسابهم علي الله تعالي.

أما هم، فيكفروننا لأنا خالفنا بيعة أبي بكر وعمر وعثمان، وفي نفس الوقت لا يكفرون فاطمة الزهراء عليها السلام التي كان موقفها شديداً جداًّ وقاطعاً مع أبي بكر وعمر..

ولا يكفرون علياًّ، وسعد بن عبادة، ونحو أربعين من شخصيات المهاجرين والأنصار الذين اعترضوا ورفضوا شهوراً ولم يبايعوا إلا مجبرين تحت التهديد بالقتل... إلخ.

المهم أن مقياسهم للإيمان والكفر صار عندهم هو الصحابة، كما أن مقياسنا للهدي والضلال كان أهل البيت.

ص: 432

ويوجد بحث عند بعض فقهائنا كالمجلسي، والشهيد الثاني وهو العاملي الذي ذكره الأخ مشارك، والمحقق البحراني وغيرهم، بحثوا فيه: هل أن الحكم الواقعي، في علم الله تعالي، هو كفر من خالف أهل البيت عليهم السلام، لأن الله تعالي جعل حبهم وبغضهم ميزاناً للإيمان والنفاق.. أم أن حكمهم، في واقع علم الله تعالي، هو الخطأ والضلال وليس الكفر؟

كما أن هناك بحثاً آخر في حكمهم يوم القيامة وهل يدخلون الجنة أو النار.

وينبغي القول، هنا أننا لسنا مسؤولين في هذه الدنيا عن معرفة الواقع في علم الله تعالي، ولا عن تصنيف المسلمين من يدخل منهم الجنة أو النار.. فذلك علمه المطلق، وعمله سبحانه.

ويصعب علي الإنسان الباحث أن يصل إليه.. بل نلاحظ أن نبي الله موسي عليه السلام كان مكلفاً بعلم الظاهر، ولم يكلفه الله تعالي بالواقع..

بل كلف عبده الخضر عليه السلام، وجعله من جنوده الخاصين وعلمه من لدنه من علم الباطن والواقع ما ينبغي له!

فالمتفق عليه عندنا أن الغلاة والنواصب كفار، أما غيرهم من الأمة فهم مسلمون، لهم مالنا، وعليهم ما علينا. وعلم باطنهم علي الله وحسابهم عليه.

فنحن لا نكفر إلا الغلاة، الذين يؤلهون أهل البيت، أو أي مخلوق.. وإلا النواصب الذين يعادون أهل البيت أي ينصبون لهم العداء في قلوبهم أو أعمالهم.

ومما يسهل الخطب علينا في تكفير إخواننا لنا، أنهم يرون أن شفاعة النبي صلي الله عليه وآله تشملنا يوم القيامة، فشكراً لهم..

وقد رأيت أن ابن تيمية يقول بشمول الشفاعة لعموم الخلق فيدخلون الجنة!!

ص: 433

ولهذا نتعجب من شدة مقلديه علينا في الدنيا، ما دام إمامهم يفتي، بأننا في الآخرة سنكون من أهل الجنة، إن شاء الله.

والمسألة الثالثة: حديث: " من مات وليس في عنقه بيعة، أو ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية "..

فالذي صحَّ عند إخواننا هو الصيغة الأولي، وصحت عندنا الصيغة الثانية..

وهي مسألة فيها تفصيل، وحاصلها وجوب البيعة عندهم فرضاً عينياًّ، ووجوب معرفة الإمام المعصوم وطاعته عندنا فرضاً عينياًّ.

والموتة الجاهلية لمن قصر في ذلك، مفسرة بوجوه منها: الكفر، ومنها غيره ولا يتسع الوقت لبيانها.. وشكراً.

وكتب (الشمري) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

للباحثين عن الحقيقة بدون تعصب ولأسباب: أورد البخاري صيغة الصلاة علي النبي.

إلي أحرار العقول هاكم البخاري يقول:

4797 - حدثني سعيد بن يحيي بن سعيد، حدثنا أبي، حدثنا مسعر عن الحكم، عن ابن أبي ليلي، عن كعب بن عجرة، رضي اللهم عنهم، قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟

قال: قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

راجع الأحاديث: 3369، 3370، 6357، 6358، 4798، 6360.

ص: 434

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الحادية عشرة صباحاً، راداًّ علي زعم مشارك أن الشيعة الشيخية لا يعتقدون بالإمام المهدي عليه السلام، فقال:

الزميل مشارك:

لفت انتباهي قولك في الشيخية: وما هو رأيكم في الشيخية الذين يعتقدون بعدم وجود صاحب السرداب الآن، وأنه سوف يولد من جديد من أب وأم، فمن هو إمامهم الآن؟

أم أنهم أيضاً ممن يموت ميتة جاهلية؟

هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، وما هو مصدر هذا الكلام؟

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 14 - 6 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الزميل مشارك: بالنسبة لموضوع الشيخية..

أنت قلت: " وما هو رأيكم في الشيخية الذين يعتقدون بعدم وجود صاحب السرداب الآن وأنه سوف يولد من جديد من أب وأم، فمن هو إمامهم الآن أم أنهم أيضاً ممن يموت ميتة جاهلية؟ ".

وأنا أعرف الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي عين المعرفة، وعندي عنه تصورات.. وأعرف أقوال العلماء فيه، وتنتسب إليه الجماعة الشيخية، وهم يعتقدون بوجود الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في زمن الغيبة، واستغرب من ادعائك بقولك: " أنهم لا يؤمنون بوجود الإمام المهدي في زمن الغيبة ". وأريد أن أعرف مصدر هذا القول لأنه مهم بالنسبة لي، أيها الزميل؟

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (صيغة الصلاة علي النبي - القسم الأخير)، قال فيه:

ص: 435

ردَّ الألباني في مقدمة كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة: 3/8، علي الصديق المغربي رداًّ مطولاً..

قال الألباني: قلت: ليس في هذا الكلام من الحق إلا قولك الأخير أنه لا تجوز الزيادة علي ما علمه الشارع.. إلخ. فهذا حق نقول به ونلتزمه ما استطعنا إلي ذلك سبيلاً.

ولكن ما بالك أنت وأخوك خالفتم ذلك، واستحببتم زيادة كلمة " سيدنا " في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله، ولم ترد في شيء من طرق الحديث؟!

أليس في ذلك استدراك صريح عليه صلي الله عليه وآله، يا من يدعي تعظيمه بالتقدم بين يديه؟!

أما سائر كلامك فباطل، لوجوه:

الأول: أنك أثنيت علي الشيعة بالفطنة، ونزهتهم عن البدعة، وهم فيها من الغارقين الهالكين. واتهمت أهل السنة بها وبالبلادة والغباوة، وهم والحمد لله مبرؤون منها، فحسبك قوله (صلی الله علیه و آله) في أمثالك: إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم. رواه مسلم.

الثاني: أنك دلست علي القراء، فأوهمتهم أن الحديث بروايتيه هو مختصر، كما ذكرته ليس له تتمة، والواقع يكذبك، فإن تتمته في الصحيحين وغيرهما: " كما صليت علي إبراهيم.. اللهم بارك علي محمد.. " إلخ. الصلوات الإبراهيمية المعروفة عند كل مصلٍّ، ومذكورة في صفة الصلاة.

الثالث: فإن قلت: فاتني التنبيه علي تمام الحديث. قلنا لك: هب أن الأمر كذلك - وما أظن - فاستدلالك بالحديث حينئذ باطل، لأن أهل السنة جميعاً الذين اتهمتهم بما سبق، لا يذكرون أصحابه (صلی الله علیه و آله) في هذه الصلوات الإبراهيمية!

ص: 436

فإن قلت: إنما أعني ذكرهم الصحابة في الصلاة علي النبي وآله في الخطب!

قلنا: هذا وإن كنت قد صرحت به في آخر رسالتك، ص 21، ونقلته عنك فيما سبق، ص 10. فإنه لا يساعدك علي إرادة هذا المعني استدلالك بالحديث، لكونه خاصاًّ بالصلاة لا الخطبة، كما بينت آنفاً. وقولك في آخر تنبيهك المزعوم: فذكر الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله) زيادة علي ما علمه الشارع، واستدراك عليه وهو لا يجوز.

حقاًّ إن ذلك لا يجوز، ولكن أين تعليمه الصلاة عليه، في خطبة الكتاب، الذي ذكر فيه هو " وآله " دون الأصحاب، حتي يكون ذكرهم زيادة واستدراكاً عليه، صلي الله عليه وعلي آله، وصحابته أجمعين؟!

الخامس: فإن قلت: إنما استدللت بالحديث لقوله (صلی الله علیه و آله): قولوا: " اللهم صل علي محمد.. " فعمَّ ولم يخص صلاة ولا غيرها.

فأقول: هذا العموم المزعوم أنت أول مخالف له، لأنه يستلزم الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) بهذه الصلوات الإبراهيمية كلما ذكر عليه الصلاة والسلام.

وما رأيتك فعلت ذلك ولو مرة واحدة في خطبة كتاب أو في حديث ذكر فيه النبي (صلی الله علیه و آله). ولا علمنا أحداً من السلف فعل ذلك، والخير كله في الإتباع.

والسر في ذلك أن هذا العموم المدعي إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة، كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري: 11/154 - 155. الطبعة السلفية. فليراجعه من شاء.

.. الإمام الشافعي في رسالته علي ما ذكره الحافظ السخاوي في القول البديع، والرافعي، والشيرازي والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن حجر، وغيرهم كثير وكثير جداًّ لا يمكن حصرهم، ما زال كل واحد منهم يصلي علي النبي (صلی الله علیه و آله) في خطبة كتبه، يصلي علي أصحابه معه كما أفعل أنا أحياناً اقتداءً بهم.

ص: 437

وبخاصة أن الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره الإجماعَ علي جوازه، ومع ذلك كله رميتني بسبب ذلك بدائك وبدعتني..

أفهؤلاء الأئمة مبتدعة عندك! ويحك... أم أنت تزن بميزانين وتكيل بكيلين؟!

ولذلك كنت اخترت الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) بهذه الصلوات الإبراهيمية في كل تشهد، وسط وأخير، وهو نص الإمام الشافعي كما تراه في " صفة الصلاة ص 185 " مشروحاً.

وكيف يمكن أن يكون هذا الإستدلال صواباً، وفيه ما سبق بيانه من المخالفات والمنكرات؟!

مع أنه لم يقل أحد من أهل العلم، ببدعية ذكر الصحابة معه (صلی الله علیه و آله) في الصلاة عليه تبعاً، كما تزعم أنت، بل ما زالوا يذكرونهم في كتبهم سلفاً وخلفاً.

وماذا تقول في أخيك الشيخ أحمد، فإنه أيضاً يفعل مثلي في خطب بعض كتبه، مثل كتابه مسالك الدلالة ورسالته في القبض، أتراه مبتدعاً أيضاً؟

يمكن أن يكون كذلك في غير هذه المسألة، أما فيها فلا.

وكذلك فعل أخوك الآخر المسمي عبد العزيز في خطبة كتابه التحذير، وكتابه تسهيل المدرج إلي المدرج، أمبتدع هو أيضاً؟!

ملاحظات العاملي علي كلام المغربي والألباني

محل الخلاف في موضوعنا مسألتان:

الأولي: هل يجوز، حذف الصلاة علي آل النبي، وإفراده بالصلاة، في غير الفريضة؟

ص: 438

والثانية: هل يجوز، اتباع الصلاة علي النبي وآله، بالصلاة علي صحابته، في الفريضة وغيرها؟

والجواب عن ذلك حسب فقهنا:

أن الصلاة توقيفية علي ما ورد به الشرع، لتوقيفية العبادات كلاًّ.

ولقوله صلي الله عليه وآله: " صلُّوا كما رأيتموني أصلي ". فلا يجوز الزيادة فيها ولا التنقيص منها.

وقد ثبت عندنا وجوب الصلاة عليه وعلي آله صلي الله عليهم، في التشهد والتسليم.

أما كيفيتها:

فقد وردت فيها صيغ متعددة، إحداها الصلاة الإبراهيمية..

أما فقهاء المذاهب السنية:

فالظاهريون منهم، الذين يتمسكون بحرفية النصوص الشرعية، ولا يجيزون لأنفسهم البحث عن مغزاها وملاكها والفتوي به مثل الشيخ الألباني وكافة الوهابيين، والسلفيين، وقسم من الحنابلة، وأتباع المذهب الظاهري..

فالأصل عندهم في الأحكام والموضوعات كلها أن تكون توقيفية، ولا عبرة عندهم بالملاك، ولو كان بحكم العقل قطعياًّ.

كما أن الأصل عندهم في الأشياء الحرمة حتي يثبت جوازها من الشرع، ولا يقولون مثلنا: " إن كل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي، وكل شئ حلال حتي تعلم أنه حرام.. ".

ولذلك تواجههم مشكلتان في إفراد الصلاة علي الصحابة أو إتباعها:

ص: 439

الأولي: أن الكيفية التي علمها النبي (صلی الله علیه و آله) للمسلمين مطلقة، فد سألوه كيف نصلي عليك، ونطبق الآية التي أمرنا الله بها بذلك؟ فعلمهم الصلاة عليه وآله ولم يذكر أصحابه.

ولم يقيد المسلمون سؤالهم بالصلاة. ولا قيد النبي (صلی الله علیه و آله) جوابه بالصلاة عليه فيها..

ولو كان الحكم يختلف في الصلاة وخارجها لبينه لهم (صلی الله علیه و آله) لأنه في مقام بيان ما أنزل إليه من ربه.

فلا بد لمفتيهم أن يفتي بحرمة ذلك، لأنه زيادة علي تعليمه (صلی الله علیه و آله) واستدراك عليه، فهو بدعة محرمة، وصاحبها مبتدع فاسق يجب تحذير المسلمين منه ومن بدعته!

وغاية ما يمكنهم قوله للخروج من البدعة، أن يدَّعوا وجود دليل آخر، يدل علي جواز ذلك.

كما قال الشيخ الألباني: " والسر في ذلك، أن هذا العموم المدعي، إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري ".

ولكنه لم يذكر هذه الأحاديث الصحيحة، التي يجب أن تكون علي درجة قوية من الدلالة والصحة، حتي تنهض بتقييد إطلاق التعليم النبوي، وتصلح للخروج عن التحريم الأصلي عندهم.

وهو هنا تحريمان: تحريم الزيادة والإستدراك علي النبي (صلی الله علیه و آله). وتحريم الصلاة علي أحد، إلا بنص شرعي!

والمشكلة الثانية: التي تواجه المصلين علي الصحابة، هي عدم جواز تعميم الصلاة عليهم جميعاً بدون تخصيص أو تقييد..

ص: 440

والدليل عليه أن مصطلح الصحابة عندهم يشمل أكثر من مئة ألف شخص.

وهؤلاء فيهم من شاركوا في محاولة اغتيال النبي (صلی الله علیه و آله) ليلة العقبة..

وفيهم من ثبت نفاقهم بنص القرآن ونص النبي (صلی الله علیه و آله)..

وفيهم جماعة شهد النبي (صلی الله علیه و آله) بأنهم سوف ينقلبون من بعده، ويمنعون من ورود حوضه ويؤمر بهم إلي النار!

فيكون حكم الصحابة حكم الشبهة المحصورة، كما لو اشتبه المال الحلال بالحرام، أو الظروف الطاهرة بالنجسة. والفتوي المتفق عليه فيها: إما اجتنابها جميعاً. أو وجوب تمييز الحلال من الحرام والطاهر من النجس منها، قبل التصرف فيها..

فلا بد للمصلين علي الصحابة، إذا استطاعوا أن يحلوا الإشكال الأول.. من تمييز الصحابة المصلَّي عليهم.. بالقول مثلاً عند ذكر النبي صلي الله عليه وعلي آله وأصحابه المؤمنين، أو المرضيين، أو ما شابه ذلك من تقييد، يُخْرِج أعداء الله ورسوله من الصلاة عليهم!

بل إن المشكلة الفقهية نفسها ترد عند السنيين، في آل الرسول صلي الله عليه وآله.

لأنهم يعممونهم إلي كل ذريته وذرية بني هاشم والمطلب.. إلي يوم القيامة.. وفي هؤلاء أشخاص، ثبت أنهم أعداء لله ورسوله (صلی الله علیه و آله) بفتواهم وفتوانا.. وفيهم اليوم نصاري وملحدون، وفيهم قتلة وأشرار!!

فكيف يجوز للمسلم أن يصلي علي الكفار والفجار ويقرنهم بسيد المرسلين (صلی الله علیه و آله)؟!

فلا بد لهم أيضاً أن يقيدوا صلاتهم عليهم في الصلاة وغيرها بمن آمن وصلح منهم.. أما حسب مذهبنا فلا مشكلة..

ص: 441

لأن " آله " عندنا هم المطهرون الذين حددهم هو (صلی الله علیه و آله) دون غيرهم، وهم أربعة فقط: علي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين، صلي الله علي رسوله وعليهم.

ولعل الشيعة الزيديين لا مشكلة عندهم أيضاً، لأنهم مع تعميمهم الآل لكل ذريته (صلی الله علیه و آله) لكنهم يشترطون فيهم شروطاً..

والحاصل: أن إشكال الصديق الغماري إشكال فقهي وعقائدي وارد علي الشيخ الألباني وأمثاله.

ولا يكفي للخروج منه الإستشهاد بفعل أحد من السلف..

أو بأن أخ الغماري أبدع في الدين، وقال: " سيدنا رسول الله ". فيجوز لنا أن نبدع ونقول: صلي الله عليه وآله وصحبه!

بل لا بد للمحدث الألباني أن يأتي بنص صحيح عنده، واضح الدلالة علي جواز إضافة الصحابة إلي الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله).

وبما قدمناه يتضح أن قول الغماري، في ص 10، من كتابه المذكور:

" وننبه هنا علي خطأ وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً ولم يتفطن له إلا الشيعة ". انتهي.

هو كلام علمي، مبني علي موازين فقهية صحيحة، وقد تفطن الشيعة إلي ذلك من صدر الإسلام وساروا عليه إلي يومنا هذا..

وحتي لو كان الشيعة برأي الألباني مبتدعين هالكين أو كافرين، فليس هذا موضوع البحث ليستطرد برشق الشيعة بهذه الصلية!

فالبحث في جواز اتباع الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله).

والأصل فيه عند الألباني والوهابيين أنه حرام وبدعة، حتي تقوم عليه الحجة القطعية من كتاب أو سنة!

ص: 442

وينبغي لنا أن نعطي الألباني وجماعته مهلة، حتي يجدوا لصلاتهم علي الصحابة حجة شرعية، أو يتوبوا من هذا العمل، الذي هو بدعة.. حسب مذهبهم!

وكتب (مشارك) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الثانية عشرة صباحاً:

أعيد لك ما سبق أن كتبت.

عموماً فإن أهل السنة والجماعة والحمد لله منهجهم قائم علي الكتاب والسنة، وهم يرون جواز أن يبدأ الإنسان كلامه بإحدي الصيغ التالية، أو ما في معناها:

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين.

وغيرها من الصيغ التي في نفس المعني، ومما نستدل به في ذلك قوله تعالي: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيماً ".

وأيضاً عن عبد الله ابن أبي أوفي، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلي علي آل أبي أوفي. النسائي كتاب الزكاة باب صلاة الإمام علي صاحب الصدقة حديث رقم 2307. وقال الألباني: صحيح.

فكيف تقول لم يرد في ذلك أي حديث؟!

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

ص: 443

وكتب (مشارك) بتاريخ 12 - 6 - 1999، التاسعة صباحاً:

سؤال: ذكرنا لك حجتنا في رأينا وهي الآية والحديث، فهل تنتهي المشكلة عندك إذا قلنا: " وصحبه المؤمنين " بدلاً من " وصحبه أجمعين ".

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

الأخ مشارك: بعد السلام عليكم..

الظاهر أن أمر الخلاف بين الشيعة والوهابيين.. لو كان بيدي ويدك لتوصلنا إلي اتفاق تاريخي!

فإني أقبل منك أن تصلي علي نبيك ونبيي بأي صيغة تطمئن إليها..

وأقول لك ما دمت مخلصاً.. وبحثت ووصل رأيك إلي هذا، فأسأل الله تعالي أن يتقبل منك. وسأطلب منك أن تعذرني في أن أستعمل الصيغة التي وصلت إليها في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله.

لكنك يا أخي.. باحث، وتعرف أن غرضي من البحث أن أثبت لإخواننا الوهابيين أن قاعدتكم في تعريف البدعة التي بدعتم بسببها أكثر المسلمين، قاعدة خاطئة.. وأنها أوقعتكم في التناقض..

فعليها تصير إضافة " الصحابة " بدون نص في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، بدعة.. تستحقون التكفير بسببها..

وقد ذكرت لك.. أن الآيات والأحاديث التي استدليت بها لا يقبلون هم دلالتها.. ويرونها خاصة بمواردها، وأن تعميمها إلي غير موردها بدعة!!

ص: 444

فالهدف إلفات المثقفين الوهابيين والمتفكرين منهم أن يعيدوا النظر في أصول مذهبهم لأنها متناقضة.

وأنا علي يقين.. أنهم لا يقبلون منك تقييد الصحابة في صيغة الصلاة بالمؤمنين، لأنه يشعر بأن فيهم غير مؤمنين.. فيكون تعريضاً بالصحابة وتستغله الرافضة!

ولذا.. سوف يحرِّمونه من باب سد الذرائع.. إلي آخر أسلوبهم في الإستدلال علي الأحكام الشرعية!

إن المشكلة أمامهم في مثل هذه المسألة مركبة من ثلاث:

الأولي: أصل إضافة أحد إلي صيغة الصلاة عليه صلي الله عليه وآله، غير الذين ورد فيهم النص وهم آله بالإجماع، وفي رواية ذريته وأزواجه.

والثانية: أن الصحابة، فيهم من ثبت عندهم في الصحيح أنه من أهل النار، وفيهم المطرودون عن الحوض وهم أكثرية الصحابة بالنص الصحيح، وفيهم بضعة عشر ائتمروا ليقتلوا الرسول في العقبة!

وفيهم من شهد بأنهم لن يروه ولا يراهم.. وفيهم.. وفيهم.. إلخ. إن وصف من تصلي عليهم بالمؤمنين يحل هذه المشكلة فقط، ولا يحل السابقة!

والثالثة: أن أهل البيت، عندهم.. هم كل بني هاشم وبني عبد المطلب وغيرهم.

وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!!

ص: 445

يمكن أن تقول لي: نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة.. ولكن تبقي المشكلة الأصلية وهي قاعدتكم المزعومة، في أصالة الحرمة وتعريف البدعة!!

إن هدفي أن أقدم معادلة علمية صحيحة للوهابيين: إما أن تتركوا تبديع المسلمين وتكفيرهم..

وإما أن تتركوا الصلاة علي الصحابة في صيغة الصلاة النبوية، لأنها بنفس قاعدتكم إبتداع في مقابل الإتباع..

وسبحان من يسلط القواعد علي أصحابها!! وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 199، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

وبعد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين. يبدو أن عدوي حوار الطرشان قد انتقلت إلينا.

عموماً سوف يكون الكلام في نقطتين:

الأولي: والتي كعادتك تأتي فيها بالعجائب، وهي عدم تناقض أهل السنة في صلاتهم علي الصحابة خارج الصلاة، وأعيد لك ما ذكرته من أن أهل السنة يثبتون ذلك للصحابة ولمن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين، ومن حججهم في ذلك الآية الكريمة: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم

من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيماً ". فماذا قال أهل السنة في الضمير في " عليكم " هل قالوا: أهل البيت؟؟

وأما بالنسبة للحديث عن عبد الله ابن أبي أوفي، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته، فقال: اللهم صلي علي آل أبي أوفي. النسائي كتاب الزكاة باب صلاة

ص: 446

الإمام علي صاحب الصدقة حديث رقم 2307. وقال الألباني: صحيح. فقد كنت تدعي في البداية أنه لا يوجد ذكر لأي حديث يثبت الصلاة علي الصحابة وأن ذلك مختص بالنبي وأهل بيته، وأن ما سوي ذلك بدعة، فهل تراجعت عن ذلك القول الآن بعد أن ثبت لك بالدليل من القرآن والسنة ورود طلب الصلاة لغير النبي والآل.

أقول يا صاحب الحوار العلمي هل تراجعت عن ذلك التقييد الآن، أم أنك ممن يؤمن ببعض ويكفر ببعض!!! ومن قال بالخصوصية في هذا الحديث من أهل السنة، وأين قال ذلك؟ أم أنك تؤلف ما تشاء يا صاحب الحوار العلمي!!

فالحديث عام في كل من أتي بصدقته، والآية عامة في المؤمنين فتأمل!!

وأما سؤالي لك: فهل تنتهي المشكلة عندك إذا قلنا: " وصحبه المؤمنين " بدلاً من " وصحبه أجمعين " فهو حجة عليك لا لك. لأن تعريف الصحابي عندنا هو من لقي النبي مؤمناً ومات علي ذلك.

فنحن لا ندخل المنافقين فيهم، ولسنا مثلكم، ولله الحمد الذين نري من آياتكم وزنادقتكم الكفر الصراح، ثم تقولون حب علي حسنة لا يضر معها سيئة!!!

ثم تأتي بمسألة أطم وتحاول أن تستدرك علي المصطفي صلي الله عليه وسلم، فالحديث الوارد في الصلاة علي الآل عام " اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد " ونحن نلتزم بذلك في صلاتنا.

وأما أنت فتقول: " والثالثة: أن أهل البيت عندهم هم كل بني هاشم وبني عبد المطلب وغيرهم، وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي

ص: 447

هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!! يمكن أن تقول لي نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة، ولكن تبقي الأصلية!! ".

ثم تحاول أن تفصح عن رأيك، في الصحابة وهو السؤال الذي طالما تهربتم ن الإجابة الصريحة عليه فتقول: " والثانية: أن الصحابة فيهم من ثبت عندهم في الصحيح أنه من أهل لنار، وفيهم المطرودون عن الحوض وهم أكثرية الصحابة بالنص الصحيح، فيهم بضعة عشر ائتمروا ليقتلوا الرسول في العقبة!

وفيهم من شهد بأنهم لن يروه ولا يراهم.... ". وسوف يكون الرد منفصلا علي هذه النقطة إن شاء الله.

وأما النقطة الثانية: فهي الكلام علي البدع ومذهب أهل السنة في البدع.

حقيقة يصعب الكلام معكم في مثل هذه النقطة، لأن دينكم كله ابتداع. أنتم تأخذون عن اليهود والمعتزلة والمرجئة والزنادقة و.. ثم تردون علي البدع!!!!

إذا أردت أن تتكلم عن البدع، فأولاً أذكر لنا ما هو تعريف البدعة وما أنواعها، وما حكم المبتدع، وضوابط البدعة وغير ذلك، وبعد ذلك تعال تفلفس ببضاعتك المزجاة.

وأما قولك: " الظاهر أن أمر الخلاف بين الشيعة الوهابيين لو كان بيدي ويدك لتوصلنا إلي اتفاق تاريخي! ". فأقول لك: لا، وألف لا، لن نصل لأي اتفاق مع من دينهم الكذب.

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه إذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

الزميل مشارك:

ص: 448

لن أدخل معك في تفاصيل النقاش، والأمر متروك للأخ الفاضل العاملي..

لكني أعقب علي قولك الشيعة: " دينهم الكذب " في ختام كلامك: " فأقول لك لا، وألف لا، لن نصل لأي اتفاق مع من دينهم الكذب ".

ماذا تقصد من ذلك.. وأي كذب. أعطني براهين علي ذلك وأدلة من كتبهم المعتمدة.

لا نريد قول جزاف أو من مصادركم التي تقدسونها: قال السلف وقال السلف!!

هذه دعوي وتحتاج إلي بينة؟ مع تحيات موسي العلي

فكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 1999، السادسة والثلث مساءً:

حسناً يا موسي: هلاَّ أجبتني علي هذه الأسئلة في البداية قبل أن أثبت لك ذلك! ما الفرق عندكم بين التقية والكذب والنفاق؟ ما هو قول جعفر والكاظم في غالبية الرواة عنهم؟؟

كيف يأتي القمي لأقوال ابن سبأ، وغيره من الغلاة التي كان الشيعة القدماء يتبرأون منها.. ثم يأتي ويقول: إنها أصبحت من ضرورات المذهب؟؟

كم من زعمائكم من ادعي البابية والنيابة عن المعصوم؟؟ كم منهم من اعترف بدور المال في قضية التواقيع والرقاع؟؟

هل صحيح في دينكم، أن من تمتع مرة كان كالحسين، ومرتين كالحسن، وثلاث كعلي، وأربع كالنبي؟ إذن ما ما منزلة من تمتع أكثر من ذلك بألف مرة، أليس هذا حديثاً عندكم؟

ألا توجد أحاديث في الكليني وغيره تجيز، بل تستحب رفع القول الوارد عن أحد أئمتكم إلي علي بل إلي النبي بل إلي الله؟ ألا يوجد الكثير من علمائكم من يثبت تحريف القرآن وأن الكفار المذكورين بأسمائهم في القرآن

ص: 449

سبعون، حذفوا جميعاً إلا أبي لهب، نكاية بالنبي لأنه عمه؟ هذه بعض الأسئلة التي من خلالها توقن بصحة الدعوي.

وكتب (سماحة) بتاريخ 13 - 6 - 1999، السادسة مساءً:

صحيح أنك هربت من الموضوع الأصلي يا مشارك.

لكن أحيي فيك عدم هروبك من النادي.. إجابة السؤال بسؤال هي من طرق الهرب.

فلو أجبناك علي أسئلتك، هل تستمر في الموضوع، أم تغير؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

إن أقوي شاهد علي أنه لا يوجد أي دليل علي جواز إضافة الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، هو أن الصديق المغربي قال عنها إنها: " زيادة علي ما علمه الشرع واستدراك عليه وهذا لا يجوز ".

فقال الألباني معقباً عليه: " حقاًّ إن ذلك لا يجوز ".

ثم حاول الألباني أن يثبت أن تعليم النبي صلي الله عليه وآله كان خاصاًّ في تشهد الصلاة..

فإضافتها في الصلاة فقط، بزعمه بدعة، توجب فسق فاعلها أو كفره.. أما في غير الصلاة فحلال!

ولكن يبقي الباحث يتساءل: لقد سأل المسلمون نبيهم صلي الله عليه وآله: كيف نصلي عليك؟ فعلمهم صيغة الصلاة عليه وآله، وأطلق ذلك لكل الأحوال.. ولم يقل لهم، هذا فقط في تشهد صلاتكم.. وأما في غيره فأضيفوا إليه أصحابي أو غيرهم!

ص: 450

فجواز الإضافة والتغيير، في الصيغة النبوية، يحتاج إلي دليل يخصص التعليم النبوي في حالة دون حالة. وإلا.. فإن كل تغيير فيها يكون بحكم قاعدتكم: استدراكاً علي ما علمه الشرع، وهو البدعة.. بعينها!!

وما ذكره الألباني، وذكرته أنت من آية، وصلاة الرسول صلي الله عليه وآله علي ابن أبي أوفي، وقوله في صلاته علي جنازة: صلي الله عليك، وأمثاله..

لا تصلح مخصصاً لعموم التعليم النبوي، لأنها كما ذكرنا موارد خاصة عندكم لا يجوز تجاوزها.

ثم إنها فعل الله تعالي ورسوله، فالله تعالي يصلي علي صاحب المصيبة، ويصلي علي من شاء، والرسول صلي علي من أعطي زكاته، أو علي الجنازة، لأنه مأمور من ربه أن يصلي عليهم..

أما فعلنا نحن المسلمين.. وكيف نصلي علي الرسول صلي الله عليه وآله.. فقد علمنا الرسول صيغته وأطلق تعليمه. ولا يصح أن نجعل هذه الحالات مخصصة لتعليمه الشريف، وهي عنه أجنبية!!

النقطة المركزية هنا يا مشارك: لا يمكنك أنت، ولا الألباني، أن تتخلصوا من عموم التعليم النبوي، وتثبتوا اختصاصه بتشهد الصلاة!

أما قول الألباني: إن فلاناً.. نقل عن فلان في حاشية الكتاب الفلاني! أن الصيغة النبوية خاصة بالتشهد..

فهو قول مضحك عند أهل العلم.. لأن العام النبوي إنما يتخصص بدليل نبوي.. لا بكلام فلان.. وفلان..

وإلا كان اجتهاداً في مقابل النص، وتخصيصاً حيث لا مخصص، وهو من نوع البدعة أيضاً!!!

ص: 451

المسألة الثانية: ما رأيك في باحث مناظر، إذا أخذ يقفز من موضوع إلي موضوع؟

أرجو أن تجيبني، وتستعين إن شئت برأي علماء النفس، والخبراء في إدارة البحوث، والمناظرات.

إن القفز من موضوع إلي موضوع، يضر صاحبه ولا يضر من يناظره، بل ينفعه!!

فما لك تحشر في موضوع بحثنا.. مواضيع عديدة؟!! وأذكرك مجدداً ببحثنا.. ونقطته المركزية حتي نفرغ منه!!

المسألة الثالثة: ما هو رأيك بالمناظر، أو بالداعية المسلم، إذا استعمل مع من يناظرهم التجريح، والإهانة، والسب، والأحكام المسبقة، وهو يدعي أنه يريد أن يناظرهم بأسلوب علمي هادئ ويدعوهم من ضلالهم إلي هداه؟

وتراه يختم كلامه " العلمي " معهم دائماً بآية أو كلام تجعلهم كفاراً أو ضلالاً؟!!

إن القفز والنط من موضوع إلي موضوع..

والتجريح بالشيعة.. واتهامهم، والشيخية جزء لا يتجزأ منهم..

وادعاء أن خطبة أمير المؤمنين علي عليه السلام، ووصفه مخالفيه.. أو شيعته غير المرضيين عنده في عصره بأنهم أشباه الرجال.. وادعاء أن ذلك رأيه في شيعته..

نوع من التهريج، يكفي لأن يسكتك الشيعي بقوله: إذا كان أولئك المسلمون الأقرب لعلي منك أشباه الرجال، فماذا تكون أنت؟

أو يقول لك: إقرأ رأي عمر في أهل الشوري، كيف فسق بعضهم، وكفر بعضهم، ثم جعلهم أعضاء في الشوري!! فماذا تقول له؟؟

الأفضل لك أن تكون هادئاً حتي نستمر في مخاطبتك..

ص: 452

وإن أبيت فيوجد في الشيعة من يكيل لك بمكيالك، ويقفز بك من موضوع إلي موضوع حتي تفقد صوابك!

المسألة الرابعة: أنا أخاطب الوهابيين.. وأنت منهم، فلماذا تصر دائماً علي أنك من أهل السنة والجماعة، مع علمك أن الوهابيين يكفرون أكثر المسلمين!

هل مصر وهابية.. يا مشارك، أم فلسطين، أم نيجيريا..؟ أرجو أن تتكلم باسم من تحمل فكرهم. فأكثر المسلمين السنة يعتقدون بأهل البيت عليهم السلام وبالأولياء، ويزورون قبورهم ويعمرونها، ويعتبرونكم أنتم المبدعين.. في تكفيرهم!!

فانظر إلي مشاهد الصالحين ومساجدهم وقبورهم في العالم السني من مصر إلي آخر الدنيا، كيف هي

عامرة بالزوار والمصلين والحمد لله، ومنها قبر هاشم جد النبي صلي الله عليه وآله في غزة بفلسطين الذي تزعمون أنه كافر.. فهل تتحدث عن هؤلاء؟!! أرجو أن تتكلم باسمك الشخصي.. أو بإسم الذين تحمل فكرهم.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 13 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

الأخ الفاضل العاملي: تحية طيبة مني إليك، وإلي الزميل مشارك.

لقد جلبني هذا الحوار، وعندي بعض المداخلات الثانوية.. كم أتردد في بسطها هنا حيث أري أنك تتكلم بإسهاب ممتع. ولا أريد أن أحرف الجادة بمداخلة بسيطة. لولا أني أحببت أن أذكر هذه النكتة المفردة:

الأحاديث الواردة في تعليم الأصحاب لكيفية التصلية عليه حازت علي عدة مواصفات ستكون نتيجتها عدم إضافة أمر آخر:

الأولي: أنها متكررة بلا تلك الإضافة، حداًّ لا يعتوره شبهة.

الثانية: أنها في الأغلب من سائل إلي مجيب.

ص: 453

والحكم في مقام الجواب، يعطي قرينة صافية علي أن المراد كيفما جاء به السائل.

وفي المقام لم يسأل الصحابة - كما في رواية كنز العمال عن علي ابن أبي طالب، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وموطأ مالك، ومسند أحمد، وسنن الدارمي كلهم عن ابن مسعود، وغير ذلك من الروايات - لم يسألوا عن التصلية داخل الصلاة!

فالإطلاق محكم كما يقولون، وإن أدرجها بعضهم في أبواب التشهد.

الثالثة: أن كون الروايات في معرض السؤال للتعلم والجواب للتعليم يجعل الرواية بيانية.

وهذا معروف في الأساليب الفقهية، فإذا جاءت رواية بيانية بالقرينة التي ذكرنا، وأقلت محتوي معين ومتكرر - لحسن الحظ طبعاً - فإن أية رواية لا تحمل هذه الصفة البيانية، لا يمكن أن ترجع إليها الرواية ذات البيان، فكيف بالروايات المتعددة؟!

الرابعة: في الروايات المتقدمة، كان النبي يبتدأ بنفسه ثم بإبراهيم ثم.. ثم.. فلماذا لم يقل هنا: اللهم صل علي، ثم ختم بصاحب الزكاة مثلاً..

فهذا إن دل علي أمر، فإنما تكون دلالته علي الإستفصال بين المقامين.

الخامسة: إن معني الصلاة لغة الذي هو التكثير والمتابعة، وإلي آخر ما ذكر أرباب اللغة، قابل لأن ينطبق علي أكثر من مورد، ولذا وردت في المصابين وغيرهم.

السادسة: أنه لا بد من التأكد من صحتها.

ص: 454

السابعة: أن هذه الرواية بعد كل ما ذكرنا، يدور معناها بين أن تريد الإضافة، أو التصرف الخاص من النبي الذي لا يتعدي مورده، خصوصاً عند أبناء العامة. والإحتمال مفسد للإستدلال؟!

الثامنة: إن النزاعات قد حصلت بين الصحابة أنفسهم وبين بعضهم وبعض التابعين.

وعلي كثرة إحتجاجهم، لم نجد من احتج بأن الرسول صلي عليهم، وأما أهل البيت فلا يخفي ذلك إلا علي المعاند.

وأؤكد ما قاله الأخ العاملي.. الرجاء عدم الغوص في مواضيع أخري حتي إكمال هذا الموضوع؟؟؟!!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

إلي صاحب الحوار العلمي: رمتني بدائها وانسلت.

تقول: " ما هو رأيك في باحث مناظر إذا أخذ يقفز من موضوع إلي موضوع؟ أرجو أن تجيبني، وتستعين إن شئت برأي علماء النفس والخبراء في إدارة البحوث والمناظرات. إن القفز من موضوع إلي موضوع يضر صاحبه ولا يضر من يناظره، بل ينفعه!! فما لك تحشر في موضوع بحثنا، مواضيع عديدة؟!! وأذكرك مجدداً ببحثنا ونقطته المركزية حتي نفرغ منه!! ".

لست أنا من تهرب من الموضوع الرئيسي ودخل في مواضيع أخري وإنما هو أنت.

فأنت من بدأ بالكذب علينا في أمر البدعة، وفي أصول الفقه وفي التكفير وأخذت تلمز بالصحابة، وتسخر بالعلماء وأنت لا تساوي ظفرهم، فهل هذه بضاعتك؟

لماذا لم ترد علي النقاط التي طرحتها لك:

ص: 455

فأولاً: ينبغي أن تثبت تراجعك عن كلامك السابق في عدم ورود حديث إلي كلامك الحالي في ورود حديث ولكنك تؤوله.

ثانياً: لماذا لا تلتزموا بالصلاة الإبراهيمية بنصها في كل خطبكم يأهل السنة والإتباع!!!!

ثالثاً: كما عودتنا علي الإستدراك علي العلماء، فها أنت تستدرك علي الرسول، ثم تأتي بمسألة أطم وتحاول أن تستدرك علي المصطفي صلي الله عليه وسلم.

فالحديث الوارد في الصلاة علي الآل عام " اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد " ونحن نلتزم بذلك في صلاتنا. وأما أنت فتقول " والثالثة: أن أهل البيت عندهم هم كل بني هاشم، وبني عبد المطلب وغيرهم، وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!! يمكن أن تقول لي نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة ولكن تبقي الأصلية!! ".

فهل تريدنا في الصلاة أن نقول: " وعلي آله المؤمنين " أو نقول: " وعلي آله الأئمة الإثني عشر المعصومين "؟!

رابعاً: وكعادتك تأتي بالعجائب والغرائب. تقول: " ثم إنها فعل الله تعالي ورسوله، فالله تعالي يصلي علي صاحب المصيبة ويصلي علي من شاء، والرسول صلي علي من أعطي زكاته أو علي الجنازة لأنه مأمور من ربه أن يصلي عليهم ".

ولي مع هذا الكلام وقفتان:

ص: 456

فقد كانت أصل المسألة عندك، ليست فقط أن نصلي علي الصحابة، أم لا نصلي، وإنما كانت المسألة أنه لا يجوز ذلك من الأساس..

ولما جئناك بالأدلة غيرت وبدلت كعادتك، وجعلت الأمر ليس في مشروعية جواز الصلاة عليهم لأنهم يستحقونها، وإنما هل نصلي عليهم، أم لا نصلي عليهم.. ولا أدري ماذا سوف يبقي أصل المسألة عندك مع استمرار النقاش.

الوقفة الثانية: تقول إن هذا فعل الرسول، فهل لهذا تعتبره بدعة؟؟!!

وأما نحن، فإن السنية لأمر تثبت من فعل الرسول ومن قوله. فسبحان من خلق العقول.

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة مساءً:

في اعتقادي.. أني لم أخرج عن موضوع بحثنا إلا إلي ما يتعلق به.

وبسبب مداخلاتك.. علي أي حال.. هبني خرجت عن الموضوع.. فما زال سؤالي قائماً:

ما هو دليلك علي أن التعليم النبوي لصيغة الصلاة عليه مختص بتشهد الصلاة؟!

وأرجو أن تقرأ كلامي مرة أخري.. فهناك أوامر للرسول صلي الله عليه وآله خاصة به.. مثل قوله تعالي: " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ".

فهل تقول: إن هذا الأمر شامل لك مثلاً، لكي تنزل السكينة علي المؤمنين بصلاتك عليهم؟!

وآل محمد الذين تجب الصلاة عليهم عندنا.. هم الذين حددهم بالأسماء.. وأدار عليهم الكساء وقال: " هؤلاء أهل بيتي ".. كما صرحت به صحاحكم. فلا نحتاج إلي إضافة " المؤمنين ".

ص: 457

أما عندكم.. فهم كل بني هاشم، وفي صلاتكم تصلون عليهم جميعاً، وهم اليوم كما ذكرت لك نحو أربعين مليوناً، وفيهم غير مسلمين!

بل إذا عممتم بني هاشم إلي كل ذرية الرسول من أبناء فاطمة الزهراء عليها السلام ومن بناتها.. فقد شملت صلاتكم غير المسلمين الذين ينتسبون إلي بني هاشم من الأم، مثل الملكة اليزابت! التي هي من بنات الإدريسية زوجة هنري الثامن!!

فهل يسرك أن تشمل صلاتك علي آل محمد، في وسط فريضتك أمثال هؤلاء، وتقرنهم بنبيك؟!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة ليلاً:

عفواً يا مشارك. لقد بدأت تفقد أعصابك شيئاً فشيئاً.. لماذا؟؟؟؟

وأما البدعة.. فهي مساقة في أصل الكلام، الذي جري بين الصديق المغربي والألباني، وما أدراك ما الألباني!!!

وأما المسألة الأصولية فكانت جواباً لك، وحقاًّ إنها الجواب.

وأما التكفير.. فلا أظن أن الأخ العاملي سبقك به حين نقلت عن الشهيد الثاني، والمرعشي وغيره، فهل تشخص لك.. من هي التي ترمي بدائها ثم تنسل؟!

وأما العدول من المنع إلي الجواز، فلا أدري كيف تقرأ الكلام الذي تخاطب به.. هداك الله؟

إن البحث إذا كان يقصد به التشريع فهو بدعة، ولا يجوز ولا تراجع في ذلك أبداً.

وأما إذا كان المراد منه استحبابه العام، بحيث لا يكون الصحابي في أمر التصلية عليه متميزاً، بل مثاله مثال من يدعي له، فلا حرمة إلا في قولكم.. بناءً علي الجمود في كل رواية حسب موردها؟! وبناءً علي مفهوم وتطبيق البدعة..

ص: 458

ورغم كل هذا سوف لا أحشر نفسي هنا وأترك البحث متسلسلاً ما بينك وبين العاملي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 15 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

إلي صاحب الحوار العلمي:

لكي يكون الحوار علمياًّ يجب أن ترد علي كلام المناظر لك ولا تتهرب منه!!

فأولاً..

قال العاملي:

وأعاد مشارك نفس نقاطه الأربع السابقة.. وأضاف في آخرها:

خامساً: أنت تعلم أن هذه المسألة خلافية عند أهل السنة والجماعة، والحق والحمد لله لا يخرج عنهم، وأنت تعرف أن الذي رجحه ابن القيم، وابن تيمية هو الإقتصار علي علي الرسول وآله وأزواجه وذريته.. وقد ذكر ابن القيم في جلاء الأفهام حجة كل مذهب، وانتصر للقول الأول. فسواء كان القول بشمولهم في الصلاة هو الأرجح أو العكس، فهو والحمد لله هو الصحيح، وليس مذهب أهل الرفض الذين ينكرون الرويات الثابتة، والتي جاء فيها ذكر أزواج النبي صلي الله عليه وسلم.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

أين ردك يا من تدعي أنني أتهرب؟ لماذا لم تعترف بفضيحتك في موضوع: " فضيحة واحد من الدكاترة الأكاديميين "! أم أنك تظن أنني الذي أتهرب وليس أنت! انتهي.

قال العاملي:

وظل مشارك يناور ويتهرب من الإجابة علي الموضوع، ويدعي الإنتصار!!

ص: 459

وكتب المدعو (هارون) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24-4-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل يكمل الشيعة الصلاة علي محمد وآله الأطهار؟)، قال فيه:

إن الشيعة تدعي علي أهل السنة بأنهم يصلون علي النبي الصلاة البتراء، ويستدلون من صحيح مسلم والبخاري أن الرسول قال: " قولوا: اللهم صل علي محمد، وعلي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم , وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ".

هذه هي الصلاة الكاملة. لكن السني يقول: " محمد صلي الله عليه وسلم " والشيعي يقول: " اللهم صل علي محمد وآل محمد " أليست كلاهما بتراء؟؟؟

وكتب (جنوبي) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

إن النبي إبراهيم ليس نبي عصرنا الحاضر..

والصلاة هي علي رسول عصرنا محمد (صلی الله علیه و آله) وآل بيته عليهم السلام كما كانت علي إبراهيم وآل بيته.

والمعلوم أن كل الأنبياء كانت تصلي علي رسولنا محمد وآل بيته.

الصلاة البتراء هي: عندما تصلي علي محمد ولا تذكر آل بيته. وهنا المقارنة هي: أن تذكر آل النبي كما ذكر آل إبراهيم.

وكتب (عزام) بتاريخ 25 - 4 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

الأخ الكريم هارون، السلام عليكم:

تعود الكثير من المسلمين - بدون قصد - أن يصلوا علي النبي بهذه الكيفية: " صلي الله عليه وسلم " دون ذكر آله الطاهرين.

ص: 460

والصحيح هو " صلي الله عليه وآله " وهو المتواتر عند الشيعة. وأما أدلتها من كتب إخواننا السنة أنفسهم فهي:

1 - في كنز العمال: عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله عليه وآله وسلم: قولوا اللهم صلي علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

2 - في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وموطأ مالك ومسند أحمد وسنن الدارمي: عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتي رسول الله فجلس معنا في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعيد وهو أبو النعمان بن البشير: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟

قال: فصمت رسول الله حتي تمنينا أنه لم نسأله! ثم قال: قولوا: اللهم صلي علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم.

3 - صحيح البخاري وسنن النسائي وابن ماجة ومسند أحمد:

عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله، هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة؟

قال: قولوا اللهم صلي علي محمد عبدك ورسولك كما صليت علي إبراهيم وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم.

4 - وفي معتبر الطبري ورد كذلك.

5 - سنن النسائي.

6 - مسند أحمد.

7 - كنز العمال.

ص: 461

8 - الدر المنثور.

ولكن للأسف البعض يبخل بالصلاة عليهم (آله)!

فهل هذا وفاء للنبي صلي الله عليه وآله حيث علمنا كيف نصلي عليه، وقال: لا تصلوا علي الصلاة البتراء. وهي الصلاة عليه دون آله الطاهرين.

جاء في الصواعق المحرقة قال:

ويروي لا تصلوا علي الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلي علي محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلي علي محمد وآل محمد.

وقال ابن حجر: أخرج الدارقطني، والبيهقي حديث من صلي الصلاة ولم يصل فيها علي وعلي أهل بيته لم تقبل منه.

وكتب (فرات) بتاريخ 26 - 4 - 2000، السابعة إلا ثلث مساءً:

الأخ الكريم هارون: السلام عليكم..

من الفضائل العظيمة والمناقب الجليلة لأهل البيت.. إن الدعاء محجوب حتي يصلي عليهم.

فقد أخرج ابن حجر في صواعقه ص 88 قال:

أخرج الديلمي أن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: الدعاء محجوب حتي تصلوا علي محمد وأهل بيته.

كما أخرج الطبراني ج 5 في الأوسط عن علي قال:

كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وآل محمد.

وقد نزل القرآن الكريم بها.. فقد أخرج البخاري ومسلم وكل المحدثين من أهل السنة والجماعة، بأن الصحابة جاؤوا إلي النبي عندما نزل قول الله تعالي: " إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ".

ص: 462

الأحزاب - 56، فقالوا: يا رسول الله عرفنا كيف نسلم عليك، ولم نعرف كيف نصلي عليك؟ فقال النبي: قولوا اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. صحيح البخاري: 4/128.

وزاد بعضهم قوله: ولا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء، يا رسول الله؟ قال: أن تقولوا اللهم صلي علي محمد وتسكتوا، وإن الله الكامل لا يقبل إلا الكامل.

مما حدا بالإمام الشافعي أن يصرح بأن الذي لا يصلي علي أهل البيت لا يقبل الله صلاته:

يا آل بيت رسول الله حبكم... فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنكم... من لم يصلي عليكم لا صلاة له

وفي سنن الدارقطني ص 136 بسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال:

قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: من صلي صلاة لم يصل فيها علي ولا علي أهل بيتي لم تقبل صلاته.

فيا لها من منزلة جليلة لأهل بيت محمد، بحيث أن البشر مهما بلغوا من الكمالات يبقي دعاءهم محجوب ما لم يصلوا عليهم!!

ومع هذا كله تجد الكثير من إخواننا السنة، حينما يذكر الرسول الكريم صلي الله عليه وآله عندهم، أو عند ذكرهم لإسم محمد، أو النبي صلي الله عليه وآله، يكتفون فقط بعبارة " صلي الله عليه وسلم ". وإذا ما اضطروا إلي إكمالها، فإنهم عندئذ يزيدون عليها " وعلي أصحابه أجمعين ".

وكتب (الحربي) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

ونحن نصلي علي محمد وآله بعد التشهد الأخير في كل صلاة. فقد عملنا بالأحاديث الواردة، فكيف تنفي ذلك.. وتدعي أن صلاتنا غير مقبولة.

ص: 463

وكتب (جنوبي) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ الحربي: السلام عليكم وعلي كل من أسلم لله..

الصلاة علي الرسول في الصلاة واجبة " اللهم صل علي محمد وآل محمد " وإن لم تذكر كاملة فقد بطلت الصلاة.

وكذلك الصلاة علي الرسول عند ذكر اسمه، أو أحد من أهل بيته، يجب أن تكون كما ذكر، وإلا الصلاة بتراء وباطلة. والسلام.

وكتب (موالي أمير المؤمنين) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الثالثة صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

كتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي الذين يقرنون نبيهم (صلی الله علیه و آله) في صلاتهم مع الفجار والكفار!!)، قال فيه:

سألت ناصبياًّ: عندما تصلي في صلاتك علي محمد وآل محمد.. فمن تعني بهم؟

قال: أعني بهم آل علي، وعقيل، وجعفر، والعباس، وعبد المطلب، وكل بني هاشم، وأزواج النبي وذريته جميعاً.

قلت له: هؤلاء في عصرنا ملايين!! وفيهم فساق وفجار وقتلة، وفيهم كفار.. فكيف تقرنهم بنبيك وتصلي عليهم معه؟! من باب المثال.. يوجد في لبنان خمس عوائل مسيحية أصلهم من بني هاشم؟! وهم: آل شهاب، ونخلة، وزوين، والحسيني، وهاشم!! فكيف.. تقرن الكفار في صلاتك مع نبيك؟!! وهل تكتب لك صلاة، أو جريمة وإهانة للنبي.. صلي الله عليه وآله؟!!

قال: لا أعرف، أنا أصلي علي النبي وآله، كما أمرني!!

ص: 464

والسؤال هنا: هل يمكن أن يأمرنا الله ورسوله بمعصية؟!

أليس هذا دليلاً علي أن آل محمد.. الذين أمرنا بالصلاة عليهم، هم مصطلح إسلامي خاص بالذين حددهم النبي فقط: علي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين، صلي الله علي رسوله وعليهم؟

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

الأخ العزيز العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومعذرة لهذه الفقرة الإعتراضية..

ولكن الرجاء الدخول علي الوصلة التالية، وانظر لو تكرمت لما يقوله الكربلائي:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002851.html

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر

وكتب (الفاروق) بتاريخ 20-3-2000، السابعة صباحاً:

تعرف أيها العاملي أن عقلك جبار.. وتملك من ذخائر المعرفة الشيء الكثير وتحسد عليه أيما حسد. حفظك الله ورعاك من كل سوء. وهل من الممكن تعلمنا من علمك الواسع وبحر علمك العميق: من هم آل إبراهيم عليهم السلام المعصومين.. حتي ننوي السلام عليهم والصلاة بأسمائهم، كي لا يدخل بها الفاجر والكافر.

فكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

وهذا من عبقريتك يا فاروق!!

فأنت تتصور أنك تصلي في صلاتك علي إبراهيم وآل إبراهيم!!

ألم تفهم أن الصلاة الإبراهيمية ليس فيها إلا.. صلاة علي محمد وآله فقط!!

ص: 465

وأن قولك: " كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم " ليس صلاة عليهم.. بل تشبيه لنعمة الله علي محمد وآله.. بنعمته علي إبراهيم وآله بالنبوة والإمامة؟!!

إنها شهادة منك يا فاروق.. أن امتداد إبراهيم وآل إبراهيم هو فقط بمحمد وآل محمد..

وليس بتحالف قبائل حاشِد وبَكيل القرشية، التي ورثت تحالف قبائل بني إسرائيل ضد آل إبراهيم.

إنها شهادة منك رغم أنفك.. بأن وراثة الكتاب الإلهي هي في آل محمد.. وإدانة منك لمحاولة أئمتك سلبها منهم، وجعلها في قبائل قريش!!

ورحم الله الكميت الأسدي حيث يقول:

يقولون لم يورث ولولا تراثه.. لقد شركت فيه بكيل وأرحب!!

وكتب (الفاروق) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

زادك الله علماً وبسطة في الإيمان، ونسأل الله لك أن تنال ما ترضي، ونتمني أن تكون آية عظمي مجتهد.. يقلدك من يقلدك وتخفف عنا عبء الصلاة الإبراهيمية، وببركاتك مولانا تسقطها بالصلاة، لأنها ما هي إلا امتداد للصلاة علي آل البيت (!!).

ومثلك يعرف أن آل البيت روحي لهم الفداء أعلي منزلة من الأنبياء، وخاصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فلماذا نصلي الصلاة الإبراهيمية وهي مهمشة في شرعك، مولانا العاملي قدس الله سرك، وسر سرك.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً:

أيها العربي، الذي يجادل في بديهيات اللغة العربية..

ص: 466

عندما تقول: أيها الملك.. أعطِ آل العتيبي كما أعطيت آل السديراوي.. فأنت تطلب لآل العتيبي فقط، وليس لآل السديراوي؟!!

وكتب (الفاروق)، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

مولانا أدام الله ظلك: تمهل علينا قليلاً لكي نفهم ما أنت ذاهب إليه، إن الصلاة الإبراهيمية مطلب لإتمام الصلاة الصحيحة، أم ليست مطلب؟؟

هنا إشكال طفيف.. قد لا يراه سوي العامة من أمثالنا، ولكن الآيات أمثالكم قد تعودوا عليه وهو: إذا كانت الصلاة حصلت لآل إبراهيم عليه السلام وتمت له من عند الله، وأن آل إبراهيم هم أقل مركزاً ومكاناً من آل محمد عليه الصلاة والسلام.. فلماذا يكون هذا المطلب بالصلاة عليهم، وهم أعلي شأناً من آل إبراهيم عليه السلام؟؟؟؟

إذ أن الله سوف يصلي عليهم بلا مطالبة ومقارنة، حيث أنهم أصل سدرة المنتهي روحي لهم الفداء، كما نشكر سماحتكم علي سعة الصدر.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم مشروعة ومستحبة.. صلي الله عليه وآله.

لكن صيغة الصلاة الشرعية في الإسلام علي نبينا وآله.. ليست صلاة علي إبراهيم وآله..

بل فيها إشارة إلي نعمة الله وصلاته عليهم، لتفهيمنا أن النبي وآله مثل إبراهيم وآله..

" ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم ".

فاعجب يا فاروق.. لظلم قبائل قريش، ومؤامراتها علي من أمرها ربها أن تقرنهم برسوله وتصلي عليهم، في صلاتها وغير صلاتها!!!

ص: 467

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 27-9-1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي أهل الخبرة بالحديث: هل يوجد حديث يحلل الصلاة علي الصحابة مع النبي؟!)، قال فيه:

وهذا الحديث مهم جداًّ.. لأنه إن وجد فلا مشكلة.

وإن لم يوجد.. فإن إضافة: " وصحبه " أو " وأصحابه أجمعين ".. تكون استدراكاً علي النبي صلي الله عليه وآله، وبدعة!!

وحكمها أن يستتاب صاحبها حسب فتوي ابن تيمية، فإن لم يتب يحكم بكفره ويقتل!!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 28 - 9 - 1999، الثامنة مساءً:

ما فتؤا يتسمون بأهل السنة و... وقد استقبلوا السنة ب-: الإجتهاد، الإضافة والإستدراك، الرد عليها، الدس فيها بما لا يقبله عقل عاقل متدين، ثم يحفظ كل ذلك في الصحاح..

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

إن لم يكن عندكم جواب، وكانت صلاتكم علي الصحابة بدعة حسب مذهبكم!!

فتوبوا عن بدعة إضافتهم في الصلاة علي النبي، صلي الله عليه وآله!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 29 - 9 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً:

ص: 468

نحن نشملهم جميعاً بالسلام. أما الصلاة فهي علي محمد وآل محمد جميعاً وليس (12) شخص فقط. إن أنت أتيت بدليل علي أن الصلاة علي آل محمد فقط علي الأئمة الإثني عشر.. جئناك بأدلتنا.

فكتب (العاملي) بتاريخ 29-9-1999، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

أفهم من كلامك أن السلام علي الصحابة جائز..

أما إضافتهم إلي الصلاة علي النبي وآله، فهو بدعة.. هل هذا ما قصدته؟

وكتب (عزام الربيعي) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الرابعة عصراً:

إلي الصارم المسلول:

لم أسمع منك ولا من أحد من أصحابك الصلاة علي النبي وآله!

ألا يعني هذا اعترافاً منكم بالإلتزام بالبدعة، وترككم للسنة التي أكد عليها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله؟؟؟!!!

وأنا ما زلت أنتظر منكم الإلتزام بأمره صلوات الله عليه وعلي آله الطيبين الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الخامسة مساءً:

إن إشراك الصحابة بالصلاة مع الرسول وآله يأتي من منطلق أن تعريف آل محمد يدخل من ضمنه أن الأصحاب من آل الشخص. هذا من ناحية. أما من ناحية أخري إن الإجماع قد وقع علي جواز ذلك والرسول (صلی الله علیه و آله) قال: لا تجتمع أمتي علي الخطأ. والإجماع عند السنة من مصادر التشريع، واستناداً لذلك كان ذلك جائزاً عندنا بالإجماع.

وكتب (العاملي) بتاريخ 3 - 10 - 1999، العاشرة ليلاً:

لم أقرأ لعلماء معتبرين أن مصطلح " آل محمد " يشمل أصحابه أبداً..

ص: 469

بل غاية ما قالوه أنه يشمل أزواجه، وقد توفين جميعاً.. ولم يبق مشمولاً للأمر بالصلاة علي آله، إلا بني هاشم عندكم، وفاطمة والإثني عشر إماماً عندنا.

وللزيديين مسلك بيننا وبينكم حيث يشترطون في آله الذين تشملهم الصلاة شروطاً.. علي أن كلامك التالي في الصحابة ينقض رأيك هذا..!!

فإن كان عندك أثارة من علم، أو مصدر لشمول آل محمد لأصحابه.. فأخبرنا عنه!!

أما الإجماع علي جواز الصلاة علي الصحابة فمشكوك فيه، ولم أجد نصاًّ عن أحد من الصحابة والجيل الأول من التابعين، أنه أضاف الصلاة علي الصحابة إلي الصلاة علي الرسول وآله..

فإن كان عندك أثارة من علم عنهم.. فآتنا بها!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

لقد امتد هذا الموضوع بضعة أيام ولم نرَ دليلاً يتناسب وهذا الإلتزام العملي في التصلية علي الرسول صلي الله عليه وآله، فماذا عسانا أن نعتبره... هل هو تحريف للسنة؟!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 4 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

وياما بمصر من المضحكات... ولكنه ضحك كالبك

عجباً والله يا أهل الرقاع أنتم تعلموننا السنة وتردوننا إليها؟! نتمني والله ذلك.

هل وقفتم علي أقوال أهل السنة في هذه المسألة وعرفتم أدلتهم، أم أنكم تتقولون عليهم وتحكمون بدافع من الجهل والهوي.

لقد فرق علماء أهل السنة استناداً منهم علي أدلة الكتاب والسنة علي الصلاة علي غير الأنبياء إذا كانت تبعاً أو استقلالاً، كما فرقوا بينها إذا اتخذت شعاراً

ص: 470

لشخص كلما ذكر اسمه صلي عليه، أو لم تتخذ شعاراً. وأهل السنة لا يصلون علي أحد استقلالاً ويتخذون ذلك شعاراً، كفعلكم مع آل البيت.

وما أوردتموه من اعتراضات تنبئ في الحقيقة عن جهل بالسنة وعدم معرفة بطرق الإستدلال وفهم للنصوص، بطريقة لا تتفق مع شرع أو لغة أو حتي عقل!

وعجباً لكم تخالفون صريح القرآن ولا تعرفون السنة أصلاً ثم تعترضون علي أهل السنة في مسألة لهم فيها أدلة، ويسوغ في الإجتهاد، وتحتمل اختلاف الآراء!

وإذا كتب أحدكم موضوعاً أيده الباقون بطريقة مضحكة تنبئ عن ضعف وهوي، وأخذوا يكيلون الإتهامات ويصدرون الأحكام كل من جهته، وهم لا يعرفون أدلة الطرف الآخر.

ورغم اختلافي معك يا عاملي فقد كنت أظنك باحثاً إسلامياًّ متخصصاً - في مذهبك طبعاً - ولذلك كنت أفضل مناقشتك، ولكن بعد سلسلة الموضوعات التي تطرحها والأحكام التي تصدرها، تبين لي أنك تنقل نقلاً تعتمد فيه في الغالب علي برامج الكمبيوتر، ودورك في الغالب لا يتعدي طريقة القص واللصق. وهذه بعض الأدلة التي تمسك بها أهل السنة، وإن شئتم المزيد أتيناكم بما تريدون.

روي البخاري: عن عبد الله بن أبي أوفي، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل علي آل أبي أوفي.

قال ابن حجر:

استدل به علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء. وكرهه مالك والجمهور. قال ابن التين: وهذا الحديث يعكر عليه. وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذ

ص: 471

الصدقة للتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث , وأجاب الخطابي عنه قديماً بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعو له , فصلاة النبي صلي الله عليه وسلم علي أمته دعاء لهم بالمغفرة , وصلاة أمته عليه دعاء له بزيادة القربي والزلفي ولذلك كان لا يليق بغيره. انتهي.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 4 - 10 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي العاملي:

أدلتنا كثيرة في هذا الخصوص ومنها الإجماع وبالله عليك كيف يكون الإجماع؟

ثم نحن إن لم نذكر الصحابة في الصلاة علي الرسول وآله لا نؤثم. لأن الصلاة جوازية، وعدم ذكرهم لا يمثل خطأ. ثم من تعاريف علماء اللغة أن آل الشخص: أقرباؤه، ويشمل ذلك الأزواج، والأصحاب، وكذلك العشيرة، والقبيلة. أم أنك لا تعلم باللغة؟

وكتب (جميل 50) بتاريخ 5 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

أسمع جعجعة ولا أري طحناً؟!!!!!

محب السنة كما ادعي لنفسه، وهو لا يعرف للحوار أدباً، مما تعج به السنة الشريفة، فهو يكثر من وصف الكلام، ويطور الأنغام بلا مراعاة ولا اهتمام بالدليل، فقهاً أو دراية..

ص: 472

ونصيحتي أن تقلع عن هذا الأسلوب الذي تري من خلاله في كل تعليقة، وأنت تؤكد علي جهل من يناقشك وتكثر العتاب من حيث أنك لا تفقه الجواب؟!

فلو أردت أن لا أجرحك ولكن ألمسك الواقع، فإن أبعد من يكون عن سنة رسول الله ووحيه والتصديق به هو أنتم، مع الأسف الشديد..

فإذا أردتَ.. أقرأ سيرة الصحابة وأطوار انقلابهم علي السنة الصريحة.. وأتبع ذلك بما قدمه علماؤك من التحليل والتبرير.

قالوا إيه..... قالوا، اجتهدوا، قالوا؟!!

وأما ما يرتبط بهذا المبحث: فكل ما وافيتنا به يضيع أوقات طالبي العلم، لأنه من الكلام الخطابي والحديث الشاعري الفارغ، الذي لا ينفع ولا يشفع!!!

ما هو مصدر هذه التفرقة التي ذكرتها وأنت من أنت... أي أنت الذي لا يخطو بلا سنة، خصوصاً في المحدثات الشرعية كالتصلية وغيرها. هذا إذا فهمت معني المحدثات الشرعية وحدودها التوقيفية...

والله يساعدك!

والسؤال الأخير إليك: إذا كان حديث أبي أوفي دليلك، فقد سبق أن سددته بثمانية إشكالات مع صاحبك مشارك قبل حادثة التخريب، التي لا شك تستند إلي سنة شريفة؟!!! ولكن للأسف أنني لم أحفظها، ولعلني أستطيع الحصول عليها بشكل وآخر..

ولكن هذا إشكالك الآن.. لماذا لا تلتزمون، لأنه المورد التطبيقي الصحيح للعمل بالحديث، بالتصلية

علي الصحابة كلما ذكرتموهم لوحدهم..

ص: 473

لأن الدعاء لهم يناسبه ذلك، لأنه أول مرتبة في ظهور الحديث بعد التسليم، وإنما جواز اتباعهم لمكان إطلاقه؟!!

وثانياً: ما دام هذا دعاء، لماذا يقف عند هذا الحد، بينما من الواضح في أدلة الدعاء، من السنة طبعاً، أنه كلما كان أوسع وأشمل، كلما كان أفضل وأقرب للإجابة..

فلماذا لا تضيفوا صالح المؤمنين خصوصاً وأنها إضافة.. فحبذا لو تتقن، لأن خير الأعمال أحمزها، ورحم الله امرئ عمل عملاً فأتقنه.

ولا شك أن هذا من درجات الإتقان، لأنه من باب ذكر العام بعد الخاص، وقد استخدمه القرآن للدعاء، قال تعالي: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ".

هل فهمت؟!!

وثالثاً: لم يكن الإشكال ذا وجهة واحدة، لأن ابتعادكم عن جو السنة ما يقضي عنه العجب. فأضفتم ما لم ينص عليه! وتخليتم عمن نص عليه كما هو مقتضي الأحاديث البيانية والإرشادية إلي طريقة التصلية، فأين إبراهيم وآل إبراهيم؟!!!

طبعاً.. أعرف البساطة والسذاجة التي ستجيبني بها في خصوص الإشكال الأخير ولكن هاتها...

وكتب (فرزدق) بتاريخ 7 - 10 - 1999، السادسة مساءً:

ملاحظة علي قول الصارم:

أولاً: " إن إشراك الصحابة بالصلاة مع الرسول وآله يأتي من منطلق أن تعريف آل محمد يدخل من ضمنه أن الأصحاب من آل الشخص... إلخ ".

ص: 474

وعلي قوله ثانياً: " ثم من تعاريف علماء اللغة أن آل الشخص أقرباؤه ويشمل ذلك الأزواج والأصحاب.. إلخ ".

أقول: إذا كان الأمر كما تقول يا صارم.. فلماذا تأتون بعبارة: " وصحبه " حين الصلاة علي النبي وآله..

فلو كان الصحب داخلاً في الآل كما تزعم، لما اقتضي ذلك إفراد الصحب بالذكر الذي هو آية الإختلاف بينهما وعدم الشمول. فافهم.

وملاحظة علي قوله أخيراً: " ثم نحن إن لم نذكر الصحابة في الصلاة علي الرسول وآله لا نؤثم لأن الصلاة جوازية وعدم ذكرهم لا يمثل خطأ ".

أقول: من قال لك إن عدم ذكرهم يمثل خطأ، حتي تقول بأن عدم ذكرهم لا يمثل خطأ لأن الصلاة جوازية...وإنما الكلام، كل الكلام هو في ذكرهم عند الصلاة علي النبي وآله، فذكرهم أمر وجودي وهو أمر تعبدي ندبي حسب الفرض، فيحتاج إلي دليل شرعي، ومتي انتفي الدليل صار العمل بدعة. والبدعة ضلالة و... إلخ.

وأما الإجماع المدعي فلم يثبت، لأن ذكر علمائكم للأصحاب عند الصلاة علي النبي وآله.. لو تم جدلاً، فإنه ليس بحجة، وإنما الحجة لو أجمع علماء المسلمين علي الإستدلال لصحة ومشروعية تلك الإضافة.. كيف وشطر من علماء المسلمين لم يروا مشروعيتها، وآخرون لم يستدلوا علي صحتها في كتبهم.. وأما مجرد التلفظ به عند عدد منهم فهو أقرب ما يكون إلي القول المعروف: " رب مشهور لا أصل له "! وهذا لا يثبت إجماعاً شرعياًّ.

وأما حديث آل أبي أوفي، فهو علي فرض صحته وتماميته، فعلٌ للنبي صلي الله عليه وآله، أو من نصبه النبي عند أخذ الصدقات، وقد أشار القرآن إلي ذلك: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ".

ص: 475

وأين هذا من مشروعية ذكر الأصحاب.. أجمعين، أكتعين، أبصعين عند الصلاة علي ذلك الوجود المقدس المبارك لرسول الله وآله الأطهار... فلاحظ هداك الله. والسلام علي من اتبع الهدي..

وكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الثامنة مساءً:

أحسنتما يا أخ جميل، ويا أخ فرزدق..

والقوم لا يملكون دليلاً علي هذه البدعة.. وقد عجز الألباني وغيره عن الجواب عنها!

وحسب قواعدهم.. يجب عليهم أن يستتابوا ويتوبوا، فإن لم يتوبوا يقتلوا!!!

ولكنهم يستحلون البدعة والإستدراك علي رسول الله صلي الله عليه وآله من أجل من يحبون من الصحابة!!

ويستحلونها لرد حق أهل البيت عليهم السلام.. مع أنهم صحابة وأهل بيت النبي!

وفي نفس الوقت تراهم يصدرون حكمهم علي مؤذن في المنطقة الشرقية بالإعدام لأنه " زاد " لا إله إلا الله مرة، في الأذان.. بزعمهم!!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

علي العموم إذا كنتم بالقرآن مطلعون.. ستجدون ما تبحثون عنه. فوالله، إن الله يصلي علي المؤمنين كما نصلي علي النبي الكريم، فالمؤمنون هم الصحابة. ومن غيرهم يصلح لهذه المكانة؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

لم يستدل قبلك أحد من علماء التفسير السنيين بقوله تعالي: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته " علي جواز إضافة الصلاة علي الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله!!

ص: 476

وذلك لأن صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله صيغة تعليمية توقيفية.. حيث علمها للمسلمين بعد سؤالهم بصيغتها المنصوصة.. واقتصر فيها عليه وعلي آله.

فكل استدراك علي ذلك بدعة!!

أما الإستدلال بصلاة الله وملائكته، فهو استدراك علي تعليم النبي، لأنه فعل خاص بهم، ولو كان له عموم يشمل المسلمين لاستدل به الرسول، ولم يحصر الصلاة به وبآله!! صلي الله عليه وآله.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8 - 10 - 1999، الواحدة صباحاً:

هذه المسألة لا تحتاج إلي كل هذه الجعجعة يا عاملي! فنحن ذكرنا أدلتنا، ونحن علي ثقة منها.

ويظهر أنك لا تفرق بين المسائل الكبري والصغري والتي لها أدلة والتي تخالف الأدلة. فمسألة تحريف القرآن لا تتبرأ ممن قال بها، ولا تحكم عليه بالكفر والقتل ردة. وهذه المسألة تجعلها من أصول الدين والأمر فيها ليس كذلك. فلا تظن أننا أغبياء إلي هذا الحد الذي لا نفرق فيه بين الأصول والفروع، وما يسوغ فيه الاختلاف وما لا يسوغ.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 8 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

إنما الجعجعة منكم وإليكم يا محب...

ولكن تهيأ الآن.. وأجبني علي آخر كلام ذكرته لك.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-10-1999، الخامسة مساءً:

يا (جميل 50):

ص: 477

الذي بيته من الزجاج لا يرمي الناس بالحجارة. وأفيدك بأني ولله الحمد لا يعجزني الرد علي شيء من كلامكم، ولكن يمنعني من مناقشة أكثركم ومنهم أنت، ضحالة أفكارهم واستدلالهم بالأدلة في غير موضعها، وعدم فهمهم للحق، وإذا فهموه فإنهم لا يقبلونه. وليس كل من تحمس لمذهبه وأشرب

حبه قادر علي المناقشة والمحاورة. أرجو أن تكون قد فهمت الآن ما يمنعني من الرد عليك.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب (جميل 50) بتاريخ 8 - 10 - 1999، التاسعة مساءً:

إلي محب...

كثير ما أشرت إليك بأن تترك الكلام العاري من الأدلة.. والقاضي فينا بلا علة..

علي أن من الظاهر أنني لم أصادر عن المطلوب في جوابي عليك، وكذا من بوركت يمناهم من الأخوة الذين تشاطروا أمر الإجابة علي دعاويكم، في الأغلب كذلك.

وحكمك أننا لا نفهم ولا نثقف هو حكم خصم من الجور أن يسمع إليه.. ومن قلة الفهم بأحكام الجدل والمناظرة، أن يعلن ذلك والمقام لم يختم بعد؟!!

والآن أكررها عليك، وهذه المرة تلو ما قد سبق: تهيأ للإجابة.. وأجب، واترك عنك الدعاوي الفارغة. انتهي.

قال العاملي:

ص: 478

وغاب المناقشون الثلاثة مشارك والمسلول ومحب السنة.. وهم من أقوي علماء الوهابيين.

وكتب (هاشم بني هاشم) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (محب أهل البيت، في سحاب يقيد حبه للصحابة بالمؤمنين فقط!!)، قال فيه:

الكاتب: (محب أهل البيت).

حرر بتاريخ: 6 - 16 - 1999، السادسة والنصف عصراً:

"... اللهم أمتنا علي الإسلام وعلي حبك وحب نبيك ومن آمن من أهل بيته وعلي أصحابه المؤمنين، إنك علي كل شئ قدير ".

للتذكير فقط يا محب أهل البيت!!

وكتب (طاهر) بتاريخ 17 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

أين ردك يا محب أهل البيت، هل نعتبر هذا.. قبول؟

وكتب المدعو (محب أهل البيت) بتاريخ 17 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

سبحان الله!

إذا كان هذا تقييد، فكيف يمكن أن أصف الصحابة إذا لم أرد التقييد؟!!

ألستم أنتم الشيعة تقولون أيضاً " وأهل بيته الطاهرين ".

فهل يعني ذلك أن بقية أهل البيت ليسوا طاهرين أو أنهم نجسين.. والعياذ بالله!! هناك فرق بين إرادة مفهوم المخالفة وعدم إرادته، وأظن أنكم تعرفون اللغة العربية.

ص: 479

أقترح عليك يا هاشم بدلاً من التصيد في كلامي أن تطرح شيئاً مفيداً!! قال تعالي: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ".. فإذا كان هذا في القرآن وهو كلام الله، ألا يمكن أن يأتي رجل في قلبه زيغ ليستخدم كلامي، وأنا بشر أصيب وأخطئ، في ابتغاء الفتنة. نسيت أن أذكر أن وصفي للصحابة بالمؤمنين لكوني أراهم مؤمنين.

لاحظ عبارتي: " ومن آمن من أهل بيته وعلي أصحابه المؤمنين ". فقصدي هو أن من أهل البيت من ليس بمؤمن كأبي لهب وغيره.

وهؤلاء ليسوا المعنين بدعائي، بل المراد هم أصحاب الكساء وأزواج النبي وباقي مؤمني أهل البيت رضوان الله عليهم. ثم قلت: " أصحابه المؤمنين ". للدلالة علي أن الصحابة مؤمنون.. وليس فيهم من ليس بمؤمن، فلماذا لبس الحق بالباطل؟!

وكتب (العاملي) في هجر الثقافية، بتاريخ 13 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أطلب من مشارك أن يترك البدعة ويتوب، ويرجع إلي الإسلام!!!)، قال فيه:

الأخ مشارك..

أنصحك أن تترك حساسيتك من أهل بيت نبيك وشيعتهم، التي أوغرت صدرك، وأعضلت أمرك، وجعلتك متأزماً.. لا تعرف ماذا تريد!!

يا أخي بصراحة نحن شيعة، شيعة، شيعة.. فناقشنا بالحجة إن سمحوا لك ولنا بالنقاش..

ص: 480

أو إقبل بنا علي علاتنا، كما نقبل بك علي علاتك.. ولا تفرض نفسك قيماً علي خلق الله وأتباع المذاهب، وتطلب منهم: يالله.. تعالوا تبرؤوا من هذا، وقولوا هذا، ولا تقولوا هذا، وأجيبوني علي سؤالي بهذه الصيغة، وقولوا عن فلان الصحابي كذا، ولا تقولوا كذا.

واتركوني أنا أسب من تحبونهم من الصحابة وأبيح قتلهم، وأسامح يزيد بن معاوية بدم سبع مئة منهم جزرهم في المدينة دفعة واحدة، واستباح أموالهم وأعراضهم!!

يا مشارك.. لو عملنا بمنطقك ووصايتك التي ما أنزل الله بها من سلطان علي المسلمين.. لقلنا لك إنك بحكم فتوي إمامك ابن تيمية مبتدع كافر مصر علي البدعة..

لأنك تقول: " صلي الله عليه وآله وصحبه "! مع أن نبيك أمرك كما ثبت في صحاحك أن تصلي عليه وعلي آله فقط!

ولا يوجد عندك حديث صحيح واحد، ولا نصف حديث، يجيز لك الإبتداع والإستدراك علي نبيك صلي الله عليه وآله، وتحريف صيغة الصلاة عليه!!

فإن لم تتب من ذلك، فأنت مبتدع مصر علي بدعته.. وحكمه بفتوي إمامك الكفر والقتل.

وأنت أيضاً بحكم إمامك ظالم لآل نبيك محمد صلي الله عليه وعليهم.. لأنك صادرت الحق الذي جعله الله لهم، فقسمته بينهم وبين الصحابة..

فما رأيك أيها العالم الغيور علي الإسلام، الناصب نفسه ولياًّ علي مذاهب المسلمين؟!

وكتب المدعو (حقيقة التشيع) بتاريخ 13 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 481

ممنوع إثارة النعرات الطائفية في شبكة هجر، هذا ما قاله المراقب. هل تراجعتم عن القرار؟!

وكتب (العاملي) بتاريخ 13-1-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

أهلاً بالأخ القديم.. هذا الموضوع لسد باب الإثارات، ولتسكيت مشارك في مطاليبه المتعددة منا.. فهل قرأت مطاليبه، وهل تشاركه فيها؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-1-2000، السادسة مساءً:

مضحك هو أسلوبك هذا يا عاملي! أراك دائماً تلجأ لمثل هذه الأساليب لإستفزازي!

ما رأيك أن تأتي معي إلي " شيعة لنك ". ونتناقش أولاً في الأمور التي استنكرها عليكم علماء السلف قديماً وحديثاً، ومن أجلها كفركم الكثير منهم، هل توافق؟

وكتب (لولوي) بتاريخ 13 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

الأخوة الأعزاء: نقطة نظام..

الرجاء عدم التطرق إلي أي موضوعي طائفي أو مذهبي، وإلا سيتم حذف هذا الموضوع.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

أسلوبك هو المضحك يا مشارك.. وأنت تعرف أن أسلوبي هذا.. جواب مفحم لك!!!

وهدفي منه أن أضع إصبعك علي أزمتك النفسية، وهي أنك تعطي لنفسك ولاية علي الناس، وتريدهم أن يخضعوا لآرائك!!

ص: 482

إن الجلاد العامي أعدل منك، وأطيب منك نفساً، وأصفي روحاً.. لأنه تنبه إلي خطئه ورجع عنه. ويظهر أنك مصر علي خطئك حتي ينبهك عليه منكر ونكير!!

إن كان هدفك أن تحصل علي ممسك من هجر لتقدمه إلي المسؤول عن.. " البروكسي الذي يحجب شبكات الإنترنت داخل السعودية ".. فلن تستطيع.

فكن عاقلاً.. وقدر أن رواد هجر عندهم ممسك عليك بتكفير آل فلان وفلان، ولم يقدموه ضدك!! أنت هاوي البحث عن المشاكل وإشباع الغيظ.. ولا ينفع معك النصح مع الأسف حتي تقع في البئر الذي تحفره.. فماذا نصنع لك؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 1 - 2000، التاسعة مساءً:

ألم أقل لك مضحك هو أسلوبك هذا يا عاملي!! ثم لماذا الإفتراء يا عاملي؟ عموماً يبدو أنك مصر علي استفزازي بشتي الوسائل!!!

وكتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 13 - 1 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

يا عاملي. هل هذا هو الذي أغضبك علي؟

إلي موسي آل علي مشرف شبكة هجر الثقافية: نشكركم علي وقف النقاشات المذهبية العقيمة التي لم تكن قائمة علي أساس صحيح في النقاش والتي لم نستفد منها الكثير.

وإكمالاً لذلك القرار البناء فإننا نطالب بمنع كل ما يثير مشاعر البغضاء عندنا لما يكتبه البعض منكم حول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، من مثل ما تقصدونه به في هذا الدعاء: " اللهم العن أول ظالم لآل محمد ". " ولأي الأمور تدفن ليلا بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟ ". وغيرها مما شابه ذلك. وذلك إذا كنتم صادقين في رغبتكم منع إثارة الكراهية الطائفية بيننا وبينكم.

ص: 483

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 13 - 1 - 2000، العاشرة إلا ثلث مساءً:

مشارك:

أرجوك توقف عن هذا الأسلوب الذي لن يفيد ولا يفيد ولم يفيد.

وهل كان أبو بكر ظالم.. لآل محمد حتي تغضب؟ وهل كان أبو بكر يكره فاطمة بنت محمد؟

أنت بهذا ألصقت التهم بأبي بكر الصديق.

أوردها سعد وسعد مشتمل... ما هكذا يا سعد تورد الإبل!!!

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

لست غاضباً يا مشارك.

ولكن أتعجب أنك عالم ولا تعرف أنه يوجد في الإسلام من بعد النبي صلي الله عليه وآله وجهتا نظر في فهمه.. إذا صح التعبير.

وجهة نظر أهل البيت ومن وافقهم من الصحابة. ووجهة نظر من خالفهم من الصحابة.

وتصر علي إلغاء أهل البيت وشيعتهم، وإصدار الأوامر إليهم..

فإن استمريت في إصدار أوامرك إلي هجر والشيعة، فلنا منك مطاليب يشهد مذهبك بأنها شرعية منطقية، فاستجب لها أولاً.. ثم تعال لنبحث شرعية أوامرك ومنطقيتها.

وهذا الموضوع الذي لن تستطيع أن تجيب عليه لا أنت ولا أساتذتك.. واحد من مطاليبنا منك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة إلا ثلث صباحاً:

ص: 484

يا عاملي. سبق أن أخبرتك إن أردت النقاش فتعال إلي: شيعة لنك.

وكتب (أبو المقداد) بتاريخ 14-1-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

إلي العاملي:

أري أنه من الأفضل لك أن تترك الأخ مشارك وشأنه، فهو كما قلت لديه من العلم الشرعي ما إن وزع علي الكثير من رواد هجر لأخرجهم من سلة الجهلاء.

لقد توقفنا عن المناقشات المذهبية فلا داعية لفتحها. وطريقتك هي الإستفزاز وهذا الشيء عرفته عندما ناقشتك حول حقيقة الإسلام، فإنك تحاول أن تستفز خصمك إلي ما لا يحمد عقباه، وهذا ناتج عن جهلك لكثير من أمور الدين.

اذهب إلي شيعة لنك وناقشنا هناك وليكن في علمك: لقد ناقشت الشيعة مدة من الزمان لم أهزم في واحدة قط! وإني أعرف كيف أناقشكم وكفي بك أنك لا تعرف حقيقة قوله تعالي: " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم ".

فكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ مشارك:

أنت تعرف أني انتظرتك شهوراً حتي تواصل بعض مواضيع نقاشك التي اقترحتها أنت وتركتها!!

لا مانع عندي من مناقشتك في موقع آخر، وسوف أشترك في (الموسوعة الشيعية) وقد سمعت بأن موقعاً آخر للحوار علي مستوي سيفتح قريباً إن شاء الله.

الأخ أبا مقداد: المتخرج حسب كلامه من جامعة قندهار للتفجيرات..

ص: 485

لا بأس أن تؤمن بعلمك الكثير وعلم مشارك الغزير الذي يصلح للتوزيع.. لكن لا داعي لأن ترمي الآخرين بالجهل.. راجع مواضيع نقاشي معك وانظر نتيجتها وآخر فقراتها!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

الزميل مشارك: صبحك الله بالخير كيف الحال ومن يعز عليك.

أوردت يا زميلي هذا القول:

" ولأي الأمور تدفن ليلاً... بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟! " باعتبار أنه يثير الطائفية، ولن أعلق علي قولك إلا بكلمة واحدة: الموضوع في شيعة لينك.

وكتب (أبو المقداد) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

عفواً، جامعة قندهار للعلوم التفجيرية.. تخصص: نصاري، عرب، قوميون، علمانيون، السولتي مان، وتذكر قوله تعالي: " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم ".

وكتب (مشارك) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثانية إلا ثلث صباحاً:

عندما تشترك في شيعة لنك، أخبرنا يا عاملي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

حسب اقتراحك اشتركت في موقع " شيعة لنك " يا مشارك، ووضعت الموضوع هناك.

فأجب إن أردت.. وشكراً. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب مشارك، لا هنا.. ولا هناك!!

ص: 486

وكتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30-3-2000، الواحدة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (من مناقشاتكم أيها الأبرار.. بدؤوا بالصلاة الصحيحة علي النبي)، قال فيه:

لقد أنست بكل ما رأيت في صفحة فيصل نور.. وزاد اعتقادي بأن النقاش أخذ يؤتي ثماره..

ومن علائمه أن مناقشاتكم أيها الإخوة الشيعة الفضلاء الأبرار أخذت تعطي ثمارها، فقد بدؤو

يصححون نطقهم بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، فأضافوا إليها آله الأطهار، والحمد لله..

لاحظوا عنوان: موقفهم من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله: http://www.khayma.com/fnoor/debates.htm

فكتب (الموحد) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الخامسة صباحاً:

السلام عليكم أخي العاملي:

لقد جرت محاورات قبل سنة ونصف في موقع الجارح بين فيصل نور ومجموعة من الأخوة الشيعة، تناول فيها رأي الشيعة في تمام القرآن الكريم وعدم نقصانه، ولكنه لم يكملها..

المحاورة كانت علي غرار ما دار في هذا المنتدي من حوار بين الشيعة وجبهان الكاتب الذي كان يجمع أدله حول مصحف فاطمة الزهراء عليها السلام..

لقد كنت موفقاً جداًّ باستشعارك للتقدم الحاصل في موقفهم وإضافة " وآله " بعد ذكرهم للنبي صلي الله عليه وآله، وندعو الله أن يؤمنوا بها حقاًّ لتحقق لهم بها المثوبة.. وأن يسدد خطي إخواننا المؤمنين في كل مكان، ويجزيهم بالأجر العظيم في الآخرة. ودمت سالماً..

ص: 487

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

أخي الكريم.. العاملي. سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته.

كم نتمني دائماً أن تثمر الحوارات وتصل إلي النتيجة الصحيحة، ونتبعها دون عناد وتكبر، فإن مشكلة الكثير ممن يحاورون أنهم قد يرون الحقيقة عين اليقين، إلا أنهم يأنفون عن إظهارها كي لا يعترفوا بالهزيمة.. والوصول إلي الحقيقة لا يعتبر هزيمة.. بل عدول إلي طريق الحق.

نتمني أن تأخذ الحوارات طابع الجد وإظهار الأدلة القوية، كي يهتدي بها المسلمون. تحياتي لكم ولكل المؤمنين.

وكتب (العاملي) في هجر الإسلامية، بتاريخ 23-7-1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (شروط الصحابة والتابعين الذين تجوز الصلاة عليهم عند أهل البيت)، قال فيه:

شروط صحابة الأنبياء الذين تجوز الصلاة عليهم عند أهل البيت عليهم السلام.

كان من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام، في الصلاة علي أتباع الرسل ومصدقيهم:

" اللهم وأتباع الرسل، ومصدقوهم من أهل الأرض بالغيب، عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب، والإشتياق إلي المرسلين بحقائق الإيمان، في كل دهر وزمان أرسلت فيه رسولاً، وأقمت لأهله دليلاً.. من لدن آدم إلي محمد صلي الله عليه وآله من أئمة الهدي، وقادة أهل التقي، علي جميعهم السلام.

فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان.

اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه، وأسرعوا إلي وفادته، وسابقوا إلي دعوته،

ص: 488

واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين علي محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وارضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم علي هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلي ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم.

اللهم وأوصل إلي التابعين لهم بإحسان، الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، خير جزائك.

الذين قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم، ومضوا علي شاكلتهم، لم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والايتمام بهداية منارهم، مكانفين وموازرين لهم، يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم.

اللهم وصل علي التابعين من يومنا هذا إلي يوم الدين، وعلي أزواجهم وعلي ذرياتهم وعلي من أطاعك منهم، صلاة تعصمهم بها من معصيتك، وتفسح لهم في رياض جنتك، وتمنعهم بها من كيد الشيطان، وتعينهم بها علي ما استعانوك عليه من بر، وتقيهم طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير، وتبعثهم بها علي اعتقاد حسن الرجاء لك، والطمع فيما عندك، وترك التهمة فيما تحويه أيدي العباد، لتردهم إلي الرغبة إليك والرهبة منك، وتزهدهم في سعة العاجل، وتحبب إليهم العمل للآجل، والإستعداد لما بعد الموت، وتهون عليهم كل كرب يحل بهم يوم خروج الأنفس من أبدانها، وتعافيهم مما تقع به الفتنة من

ص: 489

محذوراتها، وكبة النار وطول الخلود فيها، وتصيرهم إلي أمن من مقيل المتقين ".

وكتب ( مالك الأشتر ) بتاريخ 14 - 8 - 1999 ، الثانية عشرة والنصف صباحاً :

حفظك الله يا عاملي .

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

انتهى المجلد الخامس من كتاب :

الإنتصار - مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

ويليه المجلد السادس وموضوعه :

دفاعاً عن أمير المؤمنين علي علیه السلام.

ص: 490

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.