الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت المجلد4

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الرابع

دفاعاً عن الانبیاء و عن سید الانبیاء و خاتمهم

صلی الله علیه و آله و علیهم

دارالسيرة

بیروت - لبنان

ص . ب : 25/49 الغبیری

الطبعة الاولی - 1421ﻫ - 2000 م

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف

ص: 2

الباب الرابع: دفاعاً عن الأنبياء علیهم السلام

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: عصمة الأنبياء عليهم السلام ونزاهتهم عند الشيعة

الفصل الثاني: من إسرائيليات البخاري ومسلم

الفصل الثالث: مناقشات في عصمة الأنبياء عليهم السلام

الفصل الرابع: مناظرة بين التلميذ ومشارك في عصمة الأنبياء عليهم السلام

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

ص: 5

ص: 6

عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

من توفيقات الشيعة دفاعُهم عن عصمة الأنبياء عليهم السلام.. فمن العقائد التي يمتازون بها عن بقية المسلمين وعن اليهود، أنهم يؤمنون بعصمة جميع الأنبياء عليهم السلام عصمة كاملة، قبل بعثتهم وبعدها، عن الذنوب الصغيرة والكبيرة.

بينما نري اليهود كذبوا أكثر أنبيائهم أو قتلوهم!

والذي آمنوا بنبوته منهم عصَوْهُ وآذوه، ونسبوا إليه أنواع العيوب والمعاصي، من الكذب والتزوير والظلم، وشرب الخمر وارتكاب الزنا.. وحتي عبادة الأوثان والأصنام!!

أما النصاري فقلَّدوا اليهود في افتراءاتهم علي الأنبياء عليهم السلام.. وسرت قصصهم الموهنة إلي إنجيلهم! والشئ الوحيد الذي لم يقلُّدوهم فيه اعتقادهم بعصمة المسيح عليه السلام ونزاهته.

أما المسلمون غير أتباع أهل البيت عليهم السلام فقد تبنوا (نظرياًّ) عصمة الرسل من الأنبياء فقط، لكنهم حصروها في تبليغ الرسالة فقط.. ثم ما لبثوا أن تنازلوا (عملياًّ) عن هذه العصمة المحدودة وقبلوا كثيراً من افتراءات اليهود علي أنبيائهم، ودوَّنوا الإسرائيليات في صحاحهم!

ص: 7

فصرت تري فيها ما تري في مصادر اليهود من عيوب الأنبياء وأخطائهم حتي في تبليغ رسالة ربهم!!

وقد ساعد علي ذلك مضافاً إلي تأثرهم بالثقافة اليهودية، أنهم أحبُّوا الحزب القرشي الحاكم، وحاولوا رفع مكانة زعمائه، علي حساب شخصية النبي صلي الله عليه وآله..

فزعموا أن النبي كان يخطئ، وأن عمر بن الخطاب كان يصحح له أخطاءه، ثم ينزل الوحي علي النبي مؤيداً لعمر ومخطِّئاً لسيد الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وآله!!

وتمهيداً للمناقشات في عصمة الأنبياء عليهم السلام، نورد في هذا الفصل بعض نصوص عقيدتنا في العصمة، من أقوال علمائنا رضوان الله عليهم:

قال الصدوق رحمه الله في الإعتقادات ص 108:

اعتقادنا في الأنبياء والرسل والملائكة والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

ومن نفي العصمة عنهم في شئ من أحوالهم فقد جهلهم.

واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والعلم، من أوائل أمورهم إلي أواخرها لا يوصفون في شئ من أحوالهم بنقص ولا جهل.

وقال المفيد في المقنعة ص 30:

باب ما يجب من الإعتقاد في أنبياء الله تعالي ورسله عليهم السلام:

ويجب أن يعتقد التصديق لكل الأنبياء عليهم السلام، وأنهم حجج الله علي من بعثهم إليه من الأمم، والسفراء بينه وبينهم، وأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلي الله عليه وآله خاتمهم وسيدهم وأفضلهم، وأن شريعته ناسخة لما تقدمها من الشرائع المخالفة لها، وأنه لا

ص: 8

نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته، وكل من ادعي النبوة بعده فهو كاذب علي الله تعالي، ومن يغير شريعته فهو ضال، كافر من أهل النار، إلا أن يتوب ويرجع إلي الحق بالإسلام فيكفر الله تعالي حينئذ عنه بالتوبة ما كان مقترفاً من الآثام.

ويجب اعتقاد نبوة جميع من تضمن الخبر عن نبوته القرآن علي التفصيل، واعتقاد الجملة منهم علي الإجمال، ويعتقد أنهم كانوا معصومين من الخطأ، موفقين للصواب، صادقين عن الله تعالي في جميع ما أدوه إلي العباد وفي كل شئ أخبروا به علي جميع الأحوال، وأن طاعتهم طاعة لله ومعصيتهم معصية

لله وأن آدم ونوحاً، وإبراهيم، وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ويوسف، وإدريس، وموسي، وهارون وعيسي، وداود، وسليمان، وزكريا، ويحيي، وإلياس، وذا الكفل، وصالحاً، وشعيباً، ويونس، ولوطاً، وهوداً، كانوا أنبياء الله تعالي ورسلاً له، صادقين عليه كما سماهم بذلك، وشهد لهم به، وأن من لم يذكر اسمه من رسُلِه علي التفصيل كما ذكر من سميناه منهم، وذكرهم في الجملة حيث يقول: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل، ورسلاً لم نقصصهم عليك ".

كلهم أنبياء عن الله، صادقون وأصفياء له، منتجبون لديه، وأن محمداً صلي الله عليه وآله سيدهم وأفضلهم، كما قدمناه.

وقال السيد المرتضي في مقدمة تنزيه الأنبياء ص 15:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله كما هو أهله ومستحقه، وصلي الله علي خيرته من خلقه علي عباده، محمد وآله الأبرار الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

ص: 9

سألت أحسن الله توفيقك، إملاءَ كتابٍ في تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام عن الذنوب والقبائح كلها، ما سمي منها كبيرة أو صغيرة، والرد علي من خالف في ذلك، علي اختلافهم وضروب مذاهبهم.

وأنا أجيب إلي ما سألت علي ضيق الوقت، وتشعب الفكر، وأبتدئ بذكر الخلاف في هذا الباب، ثم بالدلالة علي المذهب الصحيح من جملة ما أذكره من المذاهب، ثم بتأويل ما تعلق به المخالف من الآيات والأخبار، التي اشتبه عليه وجهها، وظن أنها تقتضي وقوع كبيرة أو صغيرة من الأنبياء والأئمة عليهم السلام. ومن الله تعالي استمد المعونة والتوفيق، وإياه أسأل التأييد والتسديد.

بيان الخلاف في نزاهة الأنبياء عن الذنوب:

اختلف الناس في الأنبياء عليهم السلام: فقالت الشيعة الإمامية، لا يجوز عليهم شئ من المعاصي والذنوب كبيراً كان أو صغيراً، لا قبل النبوة ولا بعدها. ويقولون في الأئمة مثل ذلك.

وجوَّز أصحاب الحديث والحشوية علي الأنبياء الكبائر قبل النبوة، ومنهم من جوزها في حال النبوة سوي الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة.

ومنهم من جوزها كذلك في حال النبوة بشرط الإستسرار دون الإعلان!

ومنهم من جوَّزها علي الأحوال كلها!

ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة وفي حالها وجوَّزت في الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغاير.

ثم اختلفوا: فمنهم من جوز علي النبي صلي الله عليه وسلم الإقدام علي المعصية الصغيرة علي سبيل العمد، ومنهم من منع من ذلك وقال إنهم لا يقدمون علي الذنوب التي يعلمونها ذنوباً، بل علي سبيل التأويل.

ص: 10

وحكي عن النظام وجعفر بن مبشر وجماعة ممن تبعهما، أن ذنوبهم لا تكون إلا علي سبيل السهو والغفلة، وأنهم مؤاخذون بذلك، وإن كان موضوعاً من أممهم لقوة معرفتهم وعلو مرتبتهم.

وجوزوا كلهم ومن قدمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث علي الأئمة الكبائر والصغائر، إلا أنهم يقولون إن وقوع الكبيرة من الإمام تفسد إمامته، ويجب عزله والإستبدال به.

واعلم أن الخلاف بيننا وبين المعتزلة في تجويزهم الصغاير علي الأنبياء صلوات الله عليهم يكاد يسقط عند التحقيق لأنهم إنما يجوزون من الذنوب ما لا يستقر له استحقاق عقاب، وإنما يكون حظه نقص الثواب علي اختلافهم أيضاً في ذلك، لأن أبا علي الجبائي يقول: إن الصغيرة يسقط عقابها بغير موازنة، فكأنهم معترفون بأنه لا يقع منهم ما يستحقون به الذم والعقاب.

وهذه موافقة للشيعة في المعني، لأن الشيعة إنما تنفي عن الأنبياء عليهم السلام جميع المعاصي من حيث كان كل شئ منها يستحق به فاعله الذم والعقاب، لأن الإحباط باطل عندهم، وإذا بطل الإحباط فلا معصية إلا ويستحق فاعلها الذم والعقاب.

وإذا كان استحقاق الذم والعقاب منفياًّ عن الأنبياء عليهم السلام وجب أن تنتفي عنهم ساير الذنوب، ويصير الخلاف بين الشيعة والمعتزلة متعلقاً بالإحباط، فإذا بطل الإحباط فلابدَّ من الإتفاق علي أن شيئاً من المعاصي لا يقع من الأنبياء (علیه السلام) من حيث يلزمهم استحقاق الذم والعقاب.

ص: 11

لكنه يجوز أن نتكلم في هذه المسألة علي سبيل التقدير ونفرض أن الأمر في الصغائر والكبائر علي ما تقوله المعتزلة، ومتي فرضنا ذلك لم نجوِّز أيضاً عليهم الصغائر، لما سنذكره ونبينه إن شاء الله تعالي.

وقال أبو الصلاح الحلبي في الكافي ص 67:

ومن حق المبعوث أن يكون معصوماً فيما يؤديه من المصالح والمفاسد.

من حيث كان تجويز الخطأ عليه في شئ من ذلك عن سهو أو عمد ترفع الثقة بشئ مما جاء به، ويمنع من امتثاله، لوقوف الإمتثال علي علم المكلف كون ما أمر به صلاحاً وما نهي عنه فساداً، وتجويز الخطأ عليه يرفع الثقة بشئ مما أتي به. فوجب لذلك القطع علي عصمته فيما يؤديه.

ولهذا الإعتبار أجمع المسلمون علي عصمة الأنبياء عليهم السلام في الأداء، لعلمهم بأن تجويز الخطأ فيه يسقط فرض الشرائع فعلاً وتركاً.

ومن حقه أن يكون معصوماً من جميع القبائح صغائرها وكبائرها، لأن تجويز القبيح عليه يقتضي التنفير عنه، لأن من علم مواقعاً للقبيح أو جوز عليه ذلك تنفرُ النفوس عن اتباعه ولا تسكن إليه سكونها إلي من لا يجوز منه القبيح، إذا كان الغرض في بعثة النبي صلي الله عليه وآله العمل بما يأتي به، وكان ذلك فرعاً لصدقه، الموقوف علي النظر في معجزة، المتعلق بحصول داعٍ إليه، وجب تنزيهه عن كل شئ نفر عنه...

وقال الشيخ الطوسي في الإقتصاد ص 155:

ويجب أن يكون النبي معصوماً من القبائح صغيرها وكبيرها قبل النبوة وبعدها علي طريق العمد والنسيان وعلي كل حال.

يدل علي ذلك أن القبيح لا يخلو أن يكون كذباً فيما يؤديه عن الله أو غيره من أنواع القبائح.

ص: 12

فإن كان الأول فلا يجوز عليه، لأن المعجز يمنع من ذلك، لأنه ادعي النبوة علي الله وصدقه بالعلم المعجز، جري ذلك مجري أن يقول له صدقت، فلو لم يكن صادقاً لكان قبيحاً، لأن تصديق الكذاب قبيح لا يجوز عليه تعالي...

وأما الكذب في غير ما يؤديه وجميع القبائح الأخر، فإنا ننزههم عنها لأن تجويز ذلك ينفر عن قبول قولهم.

ولا يجوز أن يبعث الله نبياًّ ويوجب علينا اتباعه وهو علي صفة تنفِّر عنه، ولهذا جنَّب الله تعالي الأنبياء الفظاظة والغلظة والخلق المشينة، والأمراض المنفرة، لما كانت هذه الأشياء منفرة في العادة.

ومرادنا بالتنفير هو أن يكون معه أقرب إلي أن لا يقع منه القبول، ويصرف عنه، وإن جاز أن يقع علي بعض الأحوال، كما أن ما يدعو إلي الفعل قد لا يقع معه الفعل.

ألا تري أن التبشير إلي وجه الضيف داعٍ إلي حضور طعامه، وربما لم يقع معه الحضور.

والعبوس ينفر، وربما وقع منه الحضور.

وإن كان ذلك لا يقدح في كون أحدهما داعياً والآخر صارفاً، ولا يقع القبول من الواعظ الزاهد ويقع من الماجن السخيف ولا يخرج ذلك السخفَ من كونه صارفاً والزهد من كونه داعياً.

ودليل التنفير يقتضي نفي جميع القبائح عنهم صغيرها وكبيرها، والفرق بينهما مناقضة.

وقولهم: "حط الصغائر بتنقيص الثواب " ليس بصحيح، إذا سلمنا الإحباط، لأنها وإن نقصت الثواب فهي فعل قبيح وإقدام عليه ومع ذلك يزيل ثواباً حاصلاً

ص: 13

وفي ذلك من مرتبة عالية إلي ما دونها، وذلك لا يجوز علي الأنبياء كما لا يجوز أن يعزلوا عن النبوة بعد حصولها.

ثم يلزم عليه تجويز الكبائر قبل النبوة، لأن حطها نقصان الثواب، لأن عقابها قد زال بالتوبة والنبوة، وذلك لا يقوله أكثر من خالفنا.

وقال العاملي البياضي في الصراط المستقيم: 1/50:

الفصل الرابع في عصمة الأنبياء:

وهي لطفٌ يفعله الله تعالي بهم، لا يختارون معه فعل المعصية وترك الطاعة مع قدرتهم.

واتفق الإمامية علي اتصافهم بها عن كل نقيصة من أول عمرهم.

والفضيلية من الخوارج جوَّزوا ذنوبهم، واعتقدوا أن كل ذنب كفر فجوَّزوا كفرهم، وقال بعض الفضيلية بجواز أن يبعث نبي مع أنه سيكفر، ومنع بعضهم ذلك، ولكن قال بجواز بعث من كان كافراً قبل البعث، وهو منقول عن ابن فورك، ولكن قال: إنه لم يقع.

وقال بعض الحشوية بوقوعه وذهب أكثر أهل السنة إلي جواز الكبيرة عليهم قبل البعثة وجوَّز من عدا الإمامية الصغيرة مطلقاً.

وقال المجلسي في بحار الأنوار: 11/72:

باب عصمة الأنبياء عليهم السلام، وتأويل ما يوهم خطئهم وسهوهم:

أمالي الصدوق: الهمداني علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد البرمكي، عن أبي الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسي الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصاري والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحدٌ إلا وقد ألزم حجته، كأنه

ص: 14

قد ألقم حجراً.

فقام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الأنبياء؟

قال: بلي.

قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: وعصي آدم ربه فغوي؟

وقوله عز وجل: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه؟

وقوله في يوسف: ولقد همت به وهم بها؟

وقوله عز وجل في داود: وظن داود أنما فتناه؟

وقوله في نبيه محمد صلي الله عليه وآله: وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه؟

فقال مولانا الرضا عليه السلام: ويحك يا علي، اتق الله ولا تنسب إلي أنبياء الله الفواحش، ولا تتأول كتاب الله برأيك، فإن الله عز وجل يقول: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم.

أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام: عصي آدم ربه فغوي:

فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه، وخليفته في بلاده، لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل، فلما أُهبط إلي الأرض وجُعل حجة وخليفة عُصم بقوله عز وجل: إن الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين.

وأما قوله عز وجل: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه:

ص: 15

إنما ظن أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه، أي ضيق عليه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

وأما قوله عز وجل في يوسف: ولقد همت به وهم بها:

فإنها همت بالمعصية، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله: كذلك لنصرف عنه السوء، يعني القتل. والفحشاء، يعني الزنا.

أما داود: فما يقول من قبلكم فيه؟

فقال علي بن الجهم: يقولون: إن داود كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس علي صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلي الدار، فخرج في أثره فطار الطير إلي السطح، فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة

أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، وكان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته، فكتب إلي صاحبه أن قدم أوريا أمام الحرب، فقدم فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك علي داود، فكتب الثانية أن قدمه أمام التابوت، فقتل أوريا رحمه الله، وتزوج داود بامرأته.

فضرب الرضا عليه السلام بيده علي جبهته وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبياًّ من أنبياء الله إلي التهاون بصلاته حتي خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل!

فقال: يا بن رسول الله فما كانت خطيئته؟

ص: 16

فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكيْن فتسورا المحراب فقالا: خصمان بغي بعضنا علي بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلي سواء الصراط.

إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب.

فعجل داود عليه السلام علي المدعي عليه فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه.

فلم يسأل المدعي البينة علي ذلك، ولم يقبل علي المدعي عليه فيقول: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة حكمه، لا ما ذهبتم إليه!

ألا تسمع قول الله عز وجل يقول: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.. إلي آخر الآية.

فقلت: يا بن رسول الله، فما قصته مع أوريا؟

فقال الرضا عليه السلام: إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً، وأول من أباح الله عز وجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود، فذلك الذي شق علي أوريا.

وأما محمد نبيه صلي الله عليه وآله وقول الله عز وجل له: وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه:

فإن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا، وأسماء أزواجه في الآخرة، وأنهن أمهات المؤمنين، وأحد من سمي له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفي صلي الله عليه وآله اسمها في نفسه ولم يبده، لكيلا يقول أحد من المنافقين، إنه قال في امرأة في بيت رجل: إنها أحد أزواجه من أمهات

ص: 17

المؤمنين، وخشي قول المنافقين، قال الله عز وجل: والله أحق أن تخشاه، في نفسك.

وإن الله عز وجل ما تولي تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم، وزينب من رسول الله صلي الله عليه وآله، وفاطمة من علي عليه السلام.

قال: فبكي علي بن الجهم وقال: يا بن رسول الله أنا تائبٌ إلي الله عز وجل.

ص: 18

الفصل الثاني: من إسرائيليات البخاري و مسلم

ص: 19

ص: 20

من إسرائيليات البخاري و مسلم

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الرد علي شبهة لطم موسي لملك الموت.. يا رافضة.. لا تنقلوا من كتاب عبد الحسين فتفضحوا!)، وهو يقصد بعبد الحسين: صاحب كتاب المراجعات، السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره، قال مشارك:

إلي هاشم:

من شبكة سحاب، حديث: لطم نبي الله موسي عين ملك الموت، بين أهل السنة والرافضة الإثني عشرية.

هذا الموضوع هو ردٌّ علي موضوع الرافضي " ضال 2 " شبكة " أنا الرافضي ".

ويمكن الحصول علي الكتاب كاملاً من موقع أنصار الحسين رضي الله عنه:

استنكار عبد الحسين حديث لطم نبي الله موسي عين ملك الموت:

في ص (76) أورد عبد الحسين حديث لطم موسي عين ملك الموت:

ص: 21

أخرج الشيخان في صحيحيهما بالإسناد إلي أبي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلي موسي (علیه السلام) فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسي عين ملك الموت ففقأها.

قال: فرجع الملك إلي الله تعالي فقال: إنك أرسلتني إلي عبد لا يريد الموت ففقأ عيني.

قال: فرد الله إليه عينه، وقال ارجع إليه فقل له: الحياة تريد، فإن كنت تريد الحياة فضع يدك علي متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة.. الحديث. انتهي.

قال العاملي:

ثم أخذ يصول ويجول كعادته في إلقاء الشبهة علي هذا الحديث.. ويشكك فيه.

نذكر ما قاله باختصار:

" وأنت تري ما فيه مما لا يجوز علي الله تعالي ولا علي أنبيائه ولا علي ملائكته. أيليق بالحق تبارك وتعالي أن يصطفي من عباده من يبطش عند الغضب بطش الجبارين ويكره الموت كراهة الجاهلين؟

قلت: إن هذا الحديث قد أجاب عنه أهل العلم من قبل، فالمؤلف الفطن!! لم يأت بشئ جديد!!

قال ابن حجر: إن الله لم يبعث ملك الموت لموسي وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختياراً وإنما لطم موسي ملك الموت لأنه رأي آدمياً دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت...

وقد جاءت الملائكة إلي إبراهيم وإلي لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداءً، ولو عرفهم إبراهيم لم

ص: 22

قدم لهم المأكول ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.

وقال بعض أهل العلم: ثبت بالكتاب والسنة أن الملائكة يتمثلون في صور الرجال وقد يراهم كذلك بعض الأنبياء فيظنهم من بني آدم كما في قصتهم مع إبراهيم ومع لوط عليه السلام، اقرأ من سورة هود الآيات 69 - 80، وقال عز وجل في مريم عليها السلام: فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياًّ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياًّ. مريم - 17.

وفي السنة أشياء من ذلك، وأشهرها ما في حديث السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان، فمن كان جاحداً لهذا كله أو مرتاباً فيه فليس كلامنا معه، ومن كان مصدقاً علم أنه لا مانع أن يتمثل ملك الموت رجلاً ويأتي إلي موسي فلا يعرفه موسي.

وإليك بعض روايات أهل البيت التي تدل بأن ملك الموت، بل سائر الملائكة كانوا يأتون الأنبياء علي صورة بشر، وليست علي الصورة الحقيقية، لأن البشر بما فيهم الأنبياء لا يطيقون رؤية الملائكة علي الصورة الحقيقية.

ففي اللئالي: 1/91: في سلوك موسي: عن الصادق (علیه السلام)، قال: إن ملك الموت أتي موسي بن عمران، فسلم عليه، فقال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: ما حاجتك؟ قال له: جئت أقبض روحك...

حديث لطم نبي الله موسي عليه السلام لملك الموت في كتب الشيعة:

ثم إن حديث لطم موسي عليه السلام لملك الموت، قد رواه علامتكم في مصادرهم (كذا)، فهذا نعمة الله الجزائري أثبته في كتابه، ومحمد نبي التويسيركاني! أثبته في كتابه: باب في سلوك موسي عليه السلام، قال ما نصه:

(في سلوك موسي عليه السلام في دار الدنيا وزهده فيها، وفي قصة لطمه ملك الموت حين أراد قبض روحه، واحتياله له في قبضها.. وقد كان موسي عليه السلام

ص: 23

أشد الأنبياء كراهة للموت، قد روي أنه لما جاء ملك الموت، ليقبض روحه، فلطمه فأعور، فقال: يا رب إنك أرسلتني إلي عبد لا يحب الموت، فأوحي الله إليه أن ضع يدك علي متن ثور ولك بكل شعرة دارتها يدك سنة، فقال: ثم ماذا؟ فقال: الموت. فقال: انته إلي أمر ربك).

وقال محدثهم الكبير محسن الكاشاني، نقلاً من كلام علي بن عيسي الإربلي ما نصه:

(أن الطباع البشرية مجبولة علي كراهة الموت، مطبوعة عن النفور منه، محبة للحياة ومائلة إليها، حتي أن الأنبياء عليهم السلام علي شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم، أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه، وقصة آدم عليه السلام مع طول عمره وإمداد أيام حياته مع داود مشهورة، وكذلك حكاية موسي عليه السلام مع ملك الموت! وكذلك إبراهيم عليه السلام).

فأين أنتم يا أشباه العلماء من هؤلاء العلماء؟!

بل قد جاء في خبر مشهور علي ما رواه المجلسي في بحاره عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر، عن جعفر الصادق عليه السلام، في خبر طويل، قال المجلسي في شرحه:

(أقول لعله إشارة إلي ما ذكره جماعة من المؤرخين أن ملكاً من الملائكة بخت نصر (كذا) لطمه ومسخه وصار في الوحش في صورة أسد، وهو مع ذلك يعقل ما يفعله الإنسان، ثم رده الله تعالي إلي صورة الإنس...).

لطم جبريل البراق!!

وقبل أن أختتم هذا الفصل لسائل أن يسأل: قد علمنا ما في قصة لطمه ملك الموت حين أراد قبض روحه، واحتياله له في قبضها وقد كان موسي عليه السلام أشد

ص: 24

الأنبياء كراهة للموت، ولكن لم نفهم حكمة ضرب البراق، وإليك روايات القوم!!

فعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال: جاء جبريل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوي الآخر عليه ثيابه.

فتضعضعت البراق فلطمها قال لها: اسكني يا براق، فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله.

قال: فرقت به ورفعته ارتفاعاً ليس الكثير ومعه جبريل يريه الآيات...

وعن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبريل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم بدابة دون البغل وفوق الحمار، رجلاها أطول من يديها، خطوها مد البصر فلما أراد أن يركب امتنعت، فقال جبريل: إنه محمد، فتواضعت حتي لصقت بالأرض قال فركب.

ثم لا أدري كم مرة سقط النبي صلي الله عليه وآله من البراق، نسأل الله السلامة في العقل، والبعد عن التهور والجهل! لعل عبد الحسين اقتنع بما رواه أئمة أهل البيت!!

إن كان لا يعجبه ما رواه أبا (كذا) هريرة رضي الله عنه ".

فكتب المدعو (حقيقة التشيع) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

جزاك الله خير يا أخي مشارك، وأسال الله لك الثبات علي هذا الجهاد مع متعصبي الرافضة الذي لا يريدون الحق، إلا اتباع الهوي وما وجدوا عليه آبائهم " إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم علي آثارهم يهرعون " " وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ".

ص: 25

فأجابه (مشارك)، الثانية والثلث ظهراً:

وجزاك الله خيراً أيضاً يا أخي، وخاصة علي ما تنقله لنا من خطب للرافضة.

وكتب (عرباوي) في نفس اليوم، الرابعة مساءً:

إلي مشارك:

من الواضح من قول ملك الموت " إنك أرسلتني إلي عبد لا يريد الموت "، أن النبي موسي عليه السلام قد علم بأن الملك أتي لقبضه ولذلك ضربه والعياذ بالله، وإلا فاشرح لنا كلام الملك..

وما دليل تفسيركم بأنه (علیه السلام) لم يكن يعلم بأنه ملك الموت؟؟

أما عن وجود هذه الرواية في كتب الشيعة، فيا ليتك أتيت بمصدر معتبر عند الشيعة، فكما أنك لا تقبل روايات ابن أبي الحديد وغيره وتطلب مصادر موثوقة..

نحن أيضاً نطالبك بالمصادر الموثوقة!

فلا تأتي بكلام السيد نعمة الله الجزائري! ومحمد نبي التويسيركاني.. أول مرة أسمع به.

أما قول الشيخ الإربلي فلا دلالة فيه بأن المقصود من حكاية موسي مع ملك الموت قصة فقأ العين!!

وكتب (عقيل)، الثامنة مساءً:

الأخ مشارك:

من الجيد أن تبدأ بالتحليل العقلي للحديث.

وقد ارتكز تحليلك أن موسي (علیه السلام) لم يعرف أن القادم هو ملك الموت.

ص: 26

ولكن يتضح من صيغة الحديث جاء ملك الموت إلي موسي، فقال له: أجب ربك. قال: فلطم موسي عين ملك الموت ففقأها، أن ملك الموت قد بدأ الحديث مع موسي (علیه السلام)..

وأخبره عن غرضه بقوله: " أجب ربك "..

وأن موسي (علیه السلام) رفض تنفيذ الأمر واستهان بمبعوث الله سبحانه فضربه.

لذلك أري أنك أمام خياريْن:

1 - موسي عرف من القادم، وعرف غرضه، وعرف من أرسله، ثم استهان به وبمن أرسله، وأوامر من أرسله فضربه وعصي أمر ربه والعياذ بالله.

2 - ترد الحديث لصاحبه.. أو تقول أن أحد رواة الحديث قد ابتدعه.. خصوصاً أن الحديث ليس من متطلبات الإيمان بالله ورسله والإسلام.

أما أنا فقد اخترت، وأنت لك الخيار.. (لا داعي أن تخبرنا به).. وشكراً.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف مساءً:

لنبدأ بما أنكرتموه سابقاً، أولاً:

1 - لا حجة في اتهامكم لأبي هريرة بهذا الحديث.

2 - الحديث مروي عند السنة والرافضة، ولماذا لا تعترف بالجزائري يا عرباوي.

3 - الملائكة يمكن أن تتمثل بصورة بشر.

4 - الملائكة خلقت من نور، ولكن لها أجسام بأجنحة، فهل تراجعتم عن هذه النقاط أوْ لا..

قبل أن نكمل.

فكتب (العاملي)، التاسعة إلا ربعاً مساءً:

ص: 27

حتي لو وُجدَت روايات تقول إن نبي الله موسي علي نبينا وآله وعليه السلام، أو غيره من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام.. فقأ عين ملك كريم مرسل من الله تعالي.. فإشكالنا عليها نفس إشكالنا علي رواية البخاري!

وفرقنا عنكم: أنا نستطيع ردَّها لمخالفتها عصمة المعصومين عليهم السلام، وكذا كلُّ حديثٍ خالف كتاب الله تعالي وما ثبت أنه من ضرورات الإسلام.

أما أنتم فتقفون متحيِّرين بين أمور ثلاثة:

1 - ردَّها، الذي يعني رد شئ من البخاري، وهذا ينقض ادعاءكم أنه صحيح من الجلد إلي الجلد، وأصح كتاب بعد كتاب الله تعالي.

2 - قبولها، وهذا يعني قبولكم الطعن بأنبياء الله تعالي، من أجل حفظ البخاري وأبي هريرة!

3 - تأويلها. ولكنها لا تقبل التأويل، وإن قبلتْه فهو عندكم حرام، بل يجب قبول المعني الظاهر الحرفي لها!!

إن الحل لمشكلة الحديث عندنا وعندكم هو المنهج الذي نتبناه من صدر الإسلام إلي اليوم..

وهو ضرورة إخضاع جميع الأحاديث عند جميع المذاهب للبحث العلمي وإعطاء حرية البحث فيها للمتخصصين الأتقياء، لتصحيح ما صحَّ منها، وردِّ الباقي.. أو التوقف فيه.

وكتب (مشارك)، التاسعة مساءً:

لو أردت إخضاع أحاديث الروافض للبحث العلمي، فكم سيبقي منها يا عاملي؟ أربعة أم خمسة!!!

فأجابه (العاملي)، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 28

موضوع كلامي ضرورة حرية البحث العلمي لعلماء المسلمين، كلٌّ في مصادر مذهبهم، علي حسب الموازين العلمية الصحيحة عندهم، وبالشروط التي يشترطونها للباحث الكفوء العادل في نظرهم.

علي هذا.. فلم أطلب من أحد أن يقدم البخاري علي طبق لعلماء الشيعة.. ولا طلبت تقديم الكافي علي طبق لعلماء السنة ليبحثوه بموازينهم!

لقد طلبت حرية البحث داخل كل مذهب وبشروطها عنده.. يا مشارك.

وعليه.. فهل ستجد يا مشارك أحداً يقبل أن تكون حضرتك باحثاً حكماً، سواء من الشيعة أو أتباع المذاهب السنية، بل حتي من أتباع ابن تيمية؟؟

فلماذا تصدَّرت للقضاء والحكم علي مصادرنا.. وأنت لم تثبت صلاحيتك للحكم في مصادركم؟!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 30-6-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

كلامك أيها الأخ العاملي مفحِم في غاية الإفحام.

فإن المشكلة كل المشكلة في المنهج المتبع... المشكلة فيما حملوه أنفسهم من قبول البخاري ومسلم

حداًّ جعلوه فيه ثاني القرآن... وكم قد أذاعوا له الكرامات الحسان...

غير أني أضيف علي مليح كلامك أيها الأخ الفاضل: أن هذه الرواية بهذه الشناعة لم ترد عندنا في ضعاف الكتب، فضلاً عن صحاحها، وأقواها.

وأكثر ما تنادي به الرواة والمحدثون الإماميون، هي الرواية الأولي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، وهي كما ذكرها في أعلاه تقريباً في تخييره لملك الموت فيما يرجع إلي الموضع الذي يقبض منه روحه، حتي مر برجل يحفر قبراً...

ص: 29

وهنا ذكر جل علمائنا، معتمدين علي مصادرهم، أن من مرَّ به الكليم صلي الله عليه وآله هو ملك في صورة رجل، وأنه هو الذي دفنه فكان ذلك علة عدم معرفة قبره..

وهذا مما يؤكد أن خلافنا: ليس في أن النبي المرسل، هل بمستطاعه أن يعرف الملك، أو لا؟!

بينا يري القارئ كيف قد أطال (مشارك) في ذكر الروايات التي تبين أن من الأنبياء من دخل عليه الملك داره أو قصره أو.. ولم يميزه إلا بعد المسألة.. وهنا ملحوظات ثلاث:

الأولي: أن ما ذكره من التأويلات لا يقول به من له أدني حظ من العلم.

إذ إن قوله له: أجب ربك.. وأمر الله للملك بالرجوع إليه ثانية، وأن يضع يده علي ظهر ثور ويديرها، هذا دليل أنه علي معرفةٍ به أولاً، وأنه من عقبي فعلته مع عزرائيل، ولا أدلَّ علي ذلك من كلامه معه حين قال له: ثم ماذا؟ قال: ثم الموت.

فهل هذا جواب من لا يعرفه؟!

الله أكبر، كيف أن التعصب يعمي الفحول من العلماء!!

الثانية: أن عدم معرفته لرجل دخل داره بغير إذن - وهذا غير صحيح، إذ قال له: أجب ربك - لا يعني أن يسدد له هذه الضربة القاصمة، فإنه ليس من خلُق الأنبياء في شئ.

الثالثة: أن هذه الرواية جاءت ضمن سلسلة من الروايات بغية الإساءة للأنبياء والرسل لا سيما نبي الرحمة صلي الله عليه وآله.

وقد ذكرت قسماً منها ولم يجبني أحد.. كبعض نساء قريش حين ضربن عنده الدفوف ولم يخشينه وخشين عمر.

وكالذي يروي من أنه يلعن، وأن الله لا يأخذ الصحابة بلعنه.. ودواليك.

ص: 30

مما لسنا بصدده فعلاً.

وأما العلامة الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية، فقد ذكر الرواية التي أشرنا إليها عن الصادق صلي الله عليه وآله. ثم قال: " وفي حديث.. وجاء بما جاء به البخاري ومسلم ".

وقد أشار محقق الكتاب إلي ذلك!!

وعموماً فنقل روايات العامة في كتبنا غير المخصصة، ليس بعزيز.

وإن ألفاظ الرواية المتحدة مع ما جاء في كتابهم، وعدم ذكر أصل الرواية ولا الإمام الذي أخذها عنه، لدليلٌ علي ما ادعي.

وأما بقية الكلام الذي استعرضه الزميل (مشارك) فيعلم حاله كل من ألقي السمع وهو شهيد.

وها أنا آسف علي حال هذا العبد! ألا أصلحه الله، كيف لا يكف عن النقولات وعملية النسخ واللصق، كأنه يريد التعجيز لنا عن الإجابة!!!

فكتب (مشارك)، التاسعة صباحاً:

من فمك ندينك يا عاملي.

تقول: " موضوع كلامي ضرورة حرية البحث العلمي لعلماء المسلمين، كل في مصادر مذهبهم، علي حسب الموازين العلمية الصحيحة عندهم، وبالشروط التي يعتقدونها للباحث الكفوء العادل في نظرهم. علي هذا، فإني لم أطلب من أحد أن يقدم البخاري علي طبق لعلماء الشيعة، ولا طلبت

تقديم الكافي علي طبق لعلماء السنة ليبحثوه بموازينهم... ".

وقد تكلم علماء أهل السنة في منزلة الصحيحين كالدار قطني وابن حجر وغيرهم.

فلماذا تود أن تدخل نفسك فيما لست له بأهل يا عاملي.

ص: 31

فأجابه (جميل 50) في نفس اليوم، الواحدة والنصف ظهراً:

مشارك: إن في كلامي نقاطاً... أرجو أن تجيبني عليها؟!!

فرد (مشارك)، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

لا تكن تابعاً دائماً يا جميل... إن أردت أن يكون بيني وبينك نقاش فاختر موضوعاً، وأختار أنا موضوعاً، ونبدأ في كل منهما، نقطة نقطة.. فهل توافق؟

فأجابه (جميل 50)، الثانية ظهراً:

لست تابعاً يا هذا، وكان ينبغي عليك أن تنظر إلي ما قيل.. لا إلي من قال.. وكيف قال؟

ولولا أني لا أملك وقتي بالكامل لجعلت في قائمة عناوين هذه الساحة ما يبرز لك الحقائق.

وعموماً لأنك دعوتني هنا فسوف أجبر بخاطرك وانتظر سؤالي غداً، هل توافق؟

وكيف كان، فهذا تهرب فاضح يا مشارك...

فكتب (مشارك)، السادسة مساءً:

موافق يا جميل، مني سؤال ومنك سؤال وإلي الغد.

وكتب (العاملي):

نحن ننتقد روايات بخاريكم وصحاحكم.. لتناقضها مع القرآن.. أو مع العقل.. أو مع بعضها..

أو مخالفتها لمبانيكم المقررة منكم.. ولا نفرض عليكم مبانينا! فافعلوا ذلك إن شئتم!!

وانتهي الموضوع بهروب مشارك علي عادته!

ص: 32

كتب (ذو الفقار) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 8 - 1999، العاشرة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (فرار الحجر بثوب موسي)، قال فيه:

حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلي سوأة بعض وكان موسي صلي الله عليه وآله يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسي إلا أنه آدر، قال: فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه علي حجر ففر الحجر بثوبه، قال: فجمح موسي بأثره يقول ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتي نظرت بنو إسرائيل إلي سوأة موسي، قالوا: والله ما بموسي من بأس، فقام الحجر حتي نظر إليه.

قال: فأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضرباً.

قال أبو هريرة: والله إنه بالحجر ندب ستة أو سبعة (ضرب موسي بالحجر)!!

صحيح مسلم: 1/183، باب جواز الإغتسال عرياناً في الخلوة.

فكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 5 - 8 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

أما حديث الصخرة وتحركها، فأقول لك: إعلم أولاً أننا لا نرد الحديث بما سميته وتصورته بالعقل. فنحن نعبد رب العقل لا العقل.

فإن علمنا الحكمة من الشئ فنحمد الله علي ذلك وإن لم نعلم الحكمة لا نرد خبر رسولنا الكريم، لأن الله يقول مادحا المؤمنين بوصفه لهم: يؤمنون بالغيب.

فإن لم نعلم الحكمة من تحرك الحجر نقول آمنا بالخبر، ونكل أمر التفصيل لرب التفصيل.

قلي (كذا، وصحيحه قل لي) يا ذو الفقار.. ما الحكمة من كون صلاة الظهر أربع ركعات لا ركعتان؟؟؟

ص: 33

ما الحكمة من قضاء المرأة الصوم من رمضان بعد أن تطهر ولا تقضي الصلاة؟

هل تريدنا أن نترك الصلاة، ونجبر المرأة أن تقضي الصلاة، حتي نعلم ما الحكمة؟؟!

لا والله لا نترك خبراً صحيحاً لمجرد عدم الحكمة، لأن العقل له حدود في القدرة علي التفكير والتقبل للأمور. قال الله تعالي عن نفسه: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

لا نقول يا رب لن نصدق بهذا الخبر حتي تجيبنا ما الحكمة من تحرك الحجر.. ولنتأدب مع الله لأنه هو الذي سيسألنا لا العكس.

وأقول لك علي ما بينه بعض أهل العلم من سبب حدوث ذلك، والصواب كماله عند الله:

كان بنو إسرائيل يعيبون علي موسي صلي الله عليه وآله أنه ممكن أنه قد أصيب بمرض في عورته، وكانوا يريدون أن يروه ليتأكدوا من عيبه أو لا.

وقد كتب الله أن يتحرك الحجر ليتبعه موسي صلي الله عليه وآله لأن ثيابه عليه، وكان مكشوف العورة ولذلك لحق الحجر، ولعل الله أراد أن يبرئ رسوله مما نسبوه إليه، فعاينوا أن موسي صلي الله عليه وآله كان سليماً من هذا العيب، ولكن هذا لا يبرئ الذين آذوه بمثل ما تناقلوه بينهم.

هذا ما قاله بعض الذين حاولوا معرفة الحكمة من الأمر.

أما عن ضربه الحجر، فأقول لك: ولكن موسي صلي الله عليه وآله فعل ما هو أكبر من ذلك وهو عندما أتاه ملك الموت في صورة آدمي وظنه موسي غريب دخل الدار لطمه موسي فأذهب إحدي عينيه، وهذا

ص: 34

حصل لأنه كان في صورة آدمي لا علي هيئته الحقيقية فرد الله عينه... إلخ. الحديث الصحيح.

وكتب (عربي 1)، الواحدة ظهراً:

لا حول الله ولا قوة إلا بالله.

عذرٌ أقبح من ذنب، إنكم جاهدين بكل قواكم لتصحيح كتابكم الثاني البخاري، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!!

ولهذا ضممت حديثين من حديثي البخاري لتصحيحهما، ومعني هذا الكلام:

أنه إذا رماني أحد أو مجموعة من الناس بالعيب في عورتي سأكشف عورتي لإزالة هذه الشبهة.

وأن الله لم يعرف طريقة أخري والعياذ بالله إلا هذه الطريقة لإزالة شبهة بني إسرائيل..

ولم يستطع موسي أن يتزوج لإثباتها!!

ألا تري يا راشد ببصيرتك أن هذه إهانة عظيمة لنبي من أنبياء الله؟!!

وأما استدلالك الواهي في دفع الشبهة بما هي الحكمة..

أقول: دعنا من الحكمة الآن.. وقل لي: ما هي الفائدة من الصلاة؟ وما هي الفائدة من الصوم؟

بالطبع ستجيبني ب- (تنهي عن الفحشاء والمنكر).

فأقول: هناك فائدة إذا من الصلاة.

والآن أسألك: ما هي الفائدة من هذه الرواية، هل تستدلون بإباحة كشف العورة من هذه الرواية!!!

والثانية: هل تستنبطون منها أن الإنسان قادر علي ضرب ملك الموت وفقأ عينه كما تدَّعي؟!! والسلام. انتهي.

ص: 35

قال العاملي:

وقد طال النقاش في هذا الموضوع، بين الأخ ذي الفقار وراشد الإماراتي، وتشعب.. بما لا يتسع له المجال.

ص: 36

الفصل الثالث: مناقشات في عصمة الأنبياء علیهم السلام

ص: 37

ص: 38

مناقشات في عصمة الأنبياء علیهم السلام

كتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25 و 26 - 4 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (أدلة عصمة الأنبياء)، قال فيه:

الأدلة العقلية:

1 - إن من يدعي منصباً إلهياً لا بد أن يكون صادقاً أميناً ليؤدي رسالته علي أتم وجه وأكمل صورة، إذ يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالي أو يوسط بينه وبين خلقه من هو كاذب غير أمين.

إذن إن مدَّعي الوساطة لا بد أن يكون خالياً من كل رذيلة وذنب وبالخصوص الكبائر منها وكذلك كل منفِّر يجب أن يتصف به الوسيط رعاية من الله تعالي لنا ليقربنا إلي الطاعة أكثر ويبعدنا عن المعصية.

كذلك إن النفس تسكن وتطمئن لمن لم تصدر منه (المعصية) أصلاً أكثر ممن صدرت منه سواء تاب عنها، أم لا.

ونحن الشيعة نتمسك بتنزيههم عليهم السلام من كل منقصة من حين الولادة.

2 - لو صدر منه ذنبٌ، لزم اجتماع الضدين.

لأنه من باب يجب إطاعته لأن مقامه يقتضي هذا، ومن باب يجب عصيانه لأن ما جاء به ذنب بل يجب

ص: 39

منعه والإنكار عليه وردعه وزجره وهذا يولد إيذاء له وإيذاؤه حرام " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ".

3 - إذا أذنب كان فاسقاً ويلزم منه مثلاً رد شهادته.

4 - كذلك يشمله التوهين لقوله تعالي: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ".

هل العصمة محصورة في حال التبليغ والفتيا؟!!

فإذا حصروها في حال التبليغ والفتيا نقول لهم:

أولاً: إن العلماء كافة قدس سرهم أطلقوا وقالوا: إن النبي بشرٌ مثلنا له ما لنا وعليه ما علينا. وهو مكلف من الله تعالي بما كلف به الناس، إلا ما قدَّم الدليل الخاص علي اختصاصه ببعض الأحكام.

أما من جهة شخصه بذاته، وأما من جهة منصب الولاية.

فما لم يخرجه الدليل فهو كسائر الناس في التكليف، هذا مقتضي عموم اشتراكه معنا في التكليف.

فإذا صدر منه فعل ولم يعلم اختصاصه به، فالظاهر في فعله أن حكمه فيه حكم سائر الناس..

فيكون فعله حجة علينا وحجة لنا، بدليل عموم حسن التأسي به.

فلا مجال للتقيد والحصر لأنه لو لم يكن معصوماً في عموم أفعاله وكان حجة فيها علينا، فسنتبعه في الخطأ أيضاً، وهذا فيه اضطراب النظام ونقض للغرض.. ولا يمكن للمولي سبحانه أن يأمرنا باتباع الخطأ ويحاسبنا علي مخالفة الخطأ.

وثانياً: كيف نميز بين الفعل والقول والإقرار منه بحيث نعلم أن هذا تبليغ وأن هذا ليس كذلك؟

أم كيف يتم لنا تمييز ما هو تبليغ وفتيا.. عما هو فعل شخصي؟!

ص: 40

ولو قال قائل: إن عليه التنبيه، فعلي المعصوم أن يقول هذا الفعل فعل تبليغ وهذا الفعل ليس كذلك وهذا القول تبليغ وهذا ليس كذلك.. وهذا الإقرار تبليغ وهذا ليس كذلك.

ولو تنازلنا وقلنا إن هذا وقع منهم صلي الله عليه وآله، لبان لنا مع أنه لا نجد أي أثر لذلك في حياة الأنبياء والمرسلين.

وثالثاً: حتي لو قلنا أن العصمة تنحصر في التبليغ، فإننا نجد أن الروايات متضافرة وكثيرة في أن لله في كل واقعة حكماً.

وما من فعل من أفعال الإنسان الإختبارية إلا وله حكم في الشريعة الإسلامية من وجوب أو حرمة أو نحوهما من الأحكام الخمسة.

فعلي هذه المقدمة يكون كل تصرف من تصرفات المعصوم له حكمه، والمعصوم مبلغ لذلك الحكم.

وكتب (الرباني) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 9 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء)، قال فيه:

كثر جدل الناس حول موضوع عصمة الأنبياء، وما هو الحق فيها من الأماني.

هناك أولاً: الرسل الكرام الذين جاءوا برسالات من الله.

الأصل في البشر جميعاً أنهم غير معصومون لأنهم بشر، وقد خلقهم الله يخطئون ويندرج الخطأ عندهم إلي:

1 - خطأ ناتج عن النسيان.

2 - خطأ ناتج عن الغفلة.

3 - خطأ ناتج عن الإستكبار والعلو وحب الدنيا.

ص: 41

تقتضي مهمة الرسل الكرام أن يبلغوا ما أنزل الله عليهم بأمانة، وإذا حصل خلل في التبليغ فإن الرسالة كلها ستنقض ولهذا فإن الله سبحانه يقوم بعصمتهم وحفظهم من عدم تبليغ أي جزء من هذه الرسالة، وتكون العصمة هنا من كل ما يمكن أن يؤدي إلي نقص في التبليغ.

ويبقي السؤال عن الأنبياء: هل يندرج عليهم ما كان مع الرسل الكرام؟

النصوص القرآنية تشير بوضوح إلي حالات من الخطأ حدثت مع الأنبياء، وبالرغم من أن هذه الحالات كانت بسبب النسيان، إلا أن هذا ينفي العصمة عنهم.

وعلينا أن نتذكر أن الحالات التي حصل فيها الخطأ لم تكن في ما يمسهم في أخلاقهم ولا في عقائدهم، ومنها بعض الحالات التي يرويها اليهود في التوراة والتي تصور بعض الأنبياء كفجار ومتهتكين، فهم صلاة الله وسلامه عليهم بعيدين عن هذا من باب أن الله اختارهم علي الناس لخلقهم العالي أصلاً.

ولنا أن نتذكر الخطأ الأول الذي ارتكبه أبونا آدم وهو في الجنة.

وما قاله سيدنا نوح لرب العزة: " إن ابني من أهلي وأن وعدك الحق ".

إذن، الخلاصة: أن الرسل الكرام معصومون من الله في ما يتعلق برسالاتهم.. أما أنبياء الله فلا يندرجوا تحت هذا البند وهو العصمة المباشرة من الله، ولهذا فقد يخطئون كما يخطئ البشر العاديون، لكنهم لا يقعون في أخطاء تتعلق بأخلاقهم أو بدينهم. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

فكتب (مؤمن قريش) بتاريخ 9 - 1 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

الأخ الرباني:

إذا كان الرسل يخطئون أو يغفلون..

ص: 42

من أين الضمان أنهم لا يخطئون في التبليغ سيما وأن المسلمين يرون أن فعل النبي وقوله وتقريره حجة.

بعبارة أخري: كيف نثق بقوله وفعله وتقريره.. وهو غافل خاطئ؟

وأيضاً: الرسول ينطق عن المرسَل.. ولو كان الرسول خاطئ لعيب علي المرسَل أنه أرسل رسولاً فيه ما يوجب عدم الوثوق بقوله؟! ولم يكن موفقاً في اختيار الناطق عنه..

تعالي الله عما تصفون.

فرد (الرباني)، الرابعة عصراً:

لقد ذكرت في بداية الحديث أن الرسل الكرام معصومون في التبليغ والتبلغ وهم لا يخطئون ولا ينسون.

أما الأنبياء فقط كثر جدل الناس حول موضوع عصمتهم والرأي المنتشر بين الناس أنهم معصومون في كل شئ.

ولكن لم يفطن من قال بهذا الرأي إلي أنه قد ورد في القرآن الكريم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه - ورد فيه عن ذكر أخطاء حدثت معهم ولا يمكن أن نأتي ونقول أنهم معصومون عن كل خطأ، وقد ذكر الله أخطاء حصلت معهم.. حينها نكون كمن يرد القول علي رب العزة.

الأنبياء بشر.. وإمكانية الخطأ البشري - الذي لا يقدح في أخلاقهم - وارد.

ولكنهم يختلفون عنا أنهم إذا حصل هذا فإن الحق سبحانه يصححهم بالوحي فلا يظل الأمر علي ما هو عليه مثلنا نحن البشر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجاب (مؤمن قريش)، العاشرة ليلاً:

أخي الرباني:

ص: 43

ورد في القرآن ما ظاهره أنه خطأ، وواقعه ليس كذلك.

إذ القرآن لا يأتيه الباطل مبين يديه ومن خلفه، لماذا؟ لأنه كلام الله.

ودليل النبوة والأنبياء كذاك، أي كالقرآن من جهة انتفاء الباطل عنهم.

والباطل بمعناه العام الشامل يشمل حتي الخطأ، فكما لا نتعقل الخطأ والباطل في القرآن كذلك في الأنبياء، لماذا؟ لأنهم رسل الله.

ولو لم نقل بالعصمة المطلقة لما حصل للنوع الإنساني وثوق بكلامهم وفعلهم.

وما خالف بظاهره الثوابت العقلية ليس المراد الجدي ما ظهر لنا.. وإلا كيف نثق وكيف نميز أنه صادق فيما أخبرنا من شرائع وأحكام.

ومن أين نعلم أن لم تغلب الشقوة أو لم ينفث الشيطان علي لسانه كما عليه بعض المسلمين حاشا الأنبياء عن ذلك.

بل نري أن الأولياء والنساك والرواة يتحرزون علي اعتبارهم وناموسهم.. حتي أنهم يتركون المباح كي لا يقعوا في المكروه والمشتبه، فضلاً عن المحرم، فكيف بالأنبياء وهم سادات الكون؟!

تعالي الله عما تصفون وتحكمون.

وكتب (المحب لأهل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (عقيدتنا في عصمة النبي والإمام... ودلائلها)، قال فيه:

أعزائي في الحوار العام:

أحاول من خلال هذا الموضوع والمواضيع اللاحقة أن أسجل بعض المفاهيم والعقائد الإمامية التي حاول الكثيرون من المخالفين للمدرسة الجعفرية تشويه المذهب الشيعي وعلي الخصوص جماعات الهجرة والتكفير وعلي رأسهم

ص: 44

محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية التي حاولت علي مرور العقود السابقة التفريق بين المذاهب الإسلامية...

نعتقد أن الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة، عليهم جميعاً التحيات الزاكيات، وخالفنا في ذلك بعض المسلمين، فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء فضلاً عن الأئمة...

والعصمة هي التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً علي النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منزهاً حتي عما ينافي المروءة، كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عالٍ، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام...

والدليل علي وجوب العصمة: أنه لو جاز أن يفعل النبي أو الإمام المعصية، أو يخطأ وينسي، وصدر منه شئ من هذا القبيل، فإما أن يجب إتباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأ، أو لا يجب.

فإن وجب إتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالي بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل.

وإن لم يجب إتباعه فذلك ينافي النبوة والإمامة، التي لا بد أن تقترن بوجوب الطاعة أبداً.

علي أن كل شئ يقع منه من فعلٍ أو قولٍ، فنحن نتحمل فيه المعصية أو الخطأ.

فلا يجب اتباعه في شئ من الأشياء فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التي يتعمد عليها دائماً، كما لا تبقي طاعةٌ حتميةٌ لأوامره، ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله...

ص: 45

وهذا الدليل علي العصمة يجري عيناً في الإمام، لأن المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالي لهداية البشر خليفة للنبي... والحمد لله رب العالمين...

وكتب (student) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10-5-2000، العاشرة وعشرة دقائق مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي الشيخ رائد: الأنبياء معصومون في التبليغ)، قال فيه:

إلي الأخ العزيز الشيخ رائد:

لقد طالبتني أن أعرض لك المصادر التي تدل علي أن أهل السنه والجماعة يرون أن النبي معصوم في تبليغ الرسالة ولا يرون العصمة في غير ذلك.

والآن يوجد عندي عدة مصادر استدل بها علي ذلك، ولكن سأكتفي بالنقل عن مصدر واحد، وإن أردتَ بعد ذلك زدناك.

والمصدر هو: كتاب أضواء علي السنة المحمدية تأليف محمود أبو رية، صفحه 45 يقول:

(وما ذكره العلماء في ذلك إنما هو لأن الرسل غير معصومين في غير التبليغ. قال السفاريني في شرح عقيدته: قال ابن حمدان في نهاية المبتدئين: وإنهم معصومون فيما يؤدونه عن الله تعالي، وليسوا بمعصومين في غير ذلك من الخطأ والنسيان والصغائر.

وقال ابن عقيل في الإرشاد: إنهم عليهم السلام لم يعتصموا في الأفعال، بل في نفس الأداء ولا يجوز عليهم الكذب في الأقوال فيما يؤدونه عن الله تعالي. وهذا ينكره علماء الشيعة فإنهم أجمعوا علي أن الأنبياء لا يخطئون ولا يعتريهم السهو والنسيان. وهم مجمعون علي أنهم معصومون في الكبير والصغير حتي في أمور الدنيا.

ص: 46

وقد ثبت أن النبي كان يصدق بعض ما يفتريه المنافقون كما في غزوة تبوك وغيرها، وصدق بعض أزواجه، وتردد في حديث الإفك وضاق صدره به زمناً، حتي نزلت عليه الآية...

قال القاضي عياض: أما أحواله في أمور الدنيا فقد يعتقد الشئ علي وجه ويظهر خلافه، أو يكون منه علي شك أو ظن، بخلاف أمور الشرع.

عن رافع بن خديج - هذا الحديث رواه مسلم - قال: قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة وهم يؤبرون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه.

قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً، فتركوه فنفضت، فذكروا ذلك له، فقال: إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر. وفي رواية أنس: أنتم أعلم بأمور دنياكم. وفي حديث آخر: إنما ظننت ظناًّ فلا تؤاخذوني بالظن.

وفي حديث بن عباس في قصه الخرص، فقال رسول الله: إنما أنا بشر، فما حدثتكم عن الله فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي، فإنما أنا بشر أخطي وأصيب!!).

هذه مجموعة من الأدلة، وسأوافيك بأخري إن أردت، واعذرني دائماًَ علي التأخير.

وكتب (عمر)، العاشرة والنصف ليلاً:

عزيزي: تبحث بالكتب والقرآن به ما تريد.

ولك هذه الآية، وإذا لم تكفيك فهناك المزيد: سورة التحريم - آية 1: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. صدق الله العظيم.

وكتب (عراقي)، الحادية عشرة ليلاً:

ص: 47

ما شاء الله علي هذا التفسير يا عمر..

هل أدلك علي أشد منها بياناً وأكثر جلاءً.. وعصي آدم ربه فغوي.. هل تصدق يا عمر أن آدم معصوم، وما ذكر من العصيان بالآية.. هو ليس المعصية التي في ذهنك؟

يقولون عن إحدي مراتب الورع إنه: ترك شئ من الحلال خوفاً من الوقوع في الحرام، فعندما يتجنب الإنسان بعض الحلال - أي يحرِّم ذلك الفعل الحلال علي نفسه - خوفاً واحتياطاً، لا يعني أنه أفتي للناس أن يتجنبوا ذلك الفعل المباح، إن هو إلا ترويض نفسي لذات الشخص. فافهم.

وليس كل حلال مستساغ للجميع.. إذ كل ما ارتفع الإنسان مرتبةً، كلما ضاقت المباحات عليه.

ولتقريب المثل نقول: إذا أراد ابن تيمية أن يقود دراجة هوائية في الطرقات، فقد لا يرضي أتباعه علي فعله هذا، مع العلم أن ركوب الدراجة الهوائية أمر مباح!

فكيف بأشرف الخلق أجمعين، أتريد أن يقاس بباقي الناس؟!

إخجل من نفسك ومن نبيك، وأنت تنسب إليه الخطأ والعصيان، بتحريم حلال الله..

ثكلتك أمك يا عمر.

وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 11 - 5 - 2000، العاشرة صباحاً:

الأخ student:

لقد سبق وسألتك.. في موضوع الأخ رائد الشيخ جواد تحت عنوان (إخواننا أهل السنة، تعالوا وناقشونا..) أسئلةً عن العصمة، ولم تجب بشئ.

ص: 48

وها أنا أكرر نفس الأسئلة عسي أن يكون لديك جواب عنه هذه المرة: كيف وجب علينا الطاعة شرعاً وعقلاً لرسول من عند الله عز وجل، ما دمنا نعتقد بخطئه؟

إن غير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً وعقلاً، وما دمنا نعتقد بخطئه فلا تلزمنا طاعته..

كيف نطيع الخطأ.. إذا أخطأ؟ وكيف لنا أن نعرف الخطأ من الصواب بحضرته عليه الصلاة والسلام؟

لقد وجب وفرض علينا كمسلمين أن نتقبل أحكام النبي (صلی الله علیه و آله) بدون نقاش ولا جدال..

وقد قال الله في كتابه الكريم " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".. كيف كانوا يميزون بأن ما يقوله الرسول (صلی الله علیه و آله) هو من عند الله عز وجل؟

وأنه معصوم عن الخطأ بهذا فقط، وأن باقي أقواله يمكن أن تكون علي خطأ، طالما أنه غير معصوم، فالخطأ جائز عنه وفي أقواله - حاشاه أن يخطئ -؟!!

وكيف تأخذون بسنته (صلی الله علیه و آله) وتطلقون علي أنفسكم أهل السنة؟!

هل سنة الرسول (صلی الله علیه و آله) كانت اجتهاد منه؟ وقد قال الله في كتابه الكريم " لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي "؟

نرجو الإفادة من حضرتكم، والله علي ما تقولون شهيد، والسلام.

فكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

سورة المائدة - آية 99: ما علي الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون. صدق الله العظيم. هذه مهمة الرسل من القرآن. أما أن تقول: " إخجل من نفسك ومن نبيك وأنت تنسب إليه الخطأ والعصيان بتحريم حلال الله "

ص: 49

! أنا لم أقل.. بل القرآن بين لنا قضية مهمة في العصمة وحدودها أو الوحي ومهمته. سورة التحريم - آية 1: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم.

ولك هذه الآية الأخري سورة الأنفال - آية 67: ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة. والله عزيز حكيم. صدق الله العظيم.

سورة التوبة - آية 113: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. صدق الله العظيم.

الخلاصة: الشيعة لها مصلحة في هذا الأمر. والشيعة أول من جعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ بالتبليغ، وإليكم المواقف:

أولاً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ الوصاية علي هذا الدين، خوفاً من قريش وردَّ جبريل وهو يحمل التبليغ بالولاية والوصاية، مما جعل جبريل يعود بآية فيها الأمر بالتبليغ، مع العلم بأن الآية مدنية والشيعة نسبتها لهذا الموقف.

ثانياً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) أخطأ حين أرسل أبو بكر (صلی الله علیه و آله) للحج مما استدعي عودته مرة أخري وإرسال علي (ض) بدلاً منه.

ثالثاً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ وصيته خوفاً من عمر (ض)، وأخفي شيئاً مهماً من الدين. المهم هو الفرق واضح بين الشيعة وأهل السنة.

فالشيعة اعترفت بخطأ الرسول (صلی الله علیه و آله) في التبليغ وأهل السنة في الأمور الأخري.

ص: 50

ولكن لتنزيه الأئمة عن الخطأ دافعوا عن الرسول (صلی الله علیه و آله) دون الإلتفات إلي ما نسبوه إليه.

وكتب (رائد جواد)، الواحدة والثلث ظهراً:

سبحان الله! تنكرون عصمة الأنبياء يا عمر، وتقولون بعصمة عمر بن الخطاب!

إنا لله وإنا إليه راجعون!!

ثم أن القاضي عياض ذكر إجماعكم علي عصمتهم. فمن نصدق يا أهل لا أله إلا الله؟!!

فكتب (student)، الثالثة ظهراً:

إلي الأخوة المناقشين حول العصمة:

الآن أنا لا أريد أن أحكم رأي بالمسألة.

فالنصوص التاريخية الكثيرة الموجودة عندي تدل علي أن النبي غير معصوم في غير التبليغ، وهي تأخذ بعنقي ولا أستطيع أن أنكرها، والآيات القرآنية الكثيرة، فإن استطعتم الرد والتوضيح، فافعلوا.

وأيضاً ذكرتم أنتم كما أشار الأخ عمر أنه (صلی الله علیه و آله) تردَّد كثيراً وخاف في تبليغ الأمر المعهود إليه في يوم الغدير.. فأجيبونا جواب واضح ولكم الشكر.

ملاحظة: أرجو منكم إعطائي عنوان الموسوعة الشيعية الإنجليزية.

وكتب (عراقي)، الخامسة مساءً:

لا يا عمر... ليس نحن المستفيدين من العصمة..

بل أنتم المستفيدون من القدح بها كي تبرروا أعمال من خلَّف النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله!!

ص: 51

وأن الآيات التي أوردتَها لا تقدح بالعصمة، وهي عادتك أن تكتب ما لا تعلم وتستشهد بما لا تفهم.

لو كان النبي صلي الله عليه وآله غير معصوم، لوجب أن يذكر لنا التأريخ نوعين مختلفين من سيرته الطاهرة، واحدة معصومة وأخري غير معصومة، وهذا ليس موجوداً بين أيدي المسلمين، بل عرف عن النبي بشهادة ربه أنه " لعلي خلق عظيم "، وما تنسبون له من الطعن يخالف قول الله..

فاخجلوا ولا تعاودوا.

" ما علي الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ".. هذه الآية تشير إلي أن النبي ليس ملزماً أن يهدي الناس عنوةً بل عليه البلاغ..

" والله يعلم ما يبدون وما يكتمون ".. من الكفر والإيمان.. هذه مهمة الرسل من القرآن!!

" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ".. إذا كان الشرح الذي أوردتُه لك لم ينفع معك.. وإذا كنت يا عمر تعتقد بأن النبي معصوم في التبليغ فقط، فإن هذه الآية تدخل في حدود التبليغ..

فإن كان حرم ما أحل الله.. بمفهومك أليس في ذلك معصية، ونفي للعصمة في التبليغ..

نستنتج من هذا أن النبي عندك غير معصوم، لا في التبليغ ولا في غيره.

" ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض ".. وهذه الآية يا عمر كسابقتها لا أثر لها في القدح بالعصمة.

" ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي ".. وهذه أيضاً يا عمر تنفي أن يكون النبي والذين آمنوا استغفروا للمشركين.

وأما اتهامك الباطل بأن الشيعة أول من جعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ بالتبليغ..

ص: 52

فنحن نقول: بأن النبي معصومٌ منذ الولادة وحتي الوفادة.

أولاً: التخوف من النبي ليس معصية، وحدسه كان في مكانه، ولكن الله لا يعبأ بالقوم المفسدين وهو القائل لأملأن جهنم..

وهذا الذي حدث، لقد نكث الناكثون وتقلدها المبطلون وقسموها إلي ثلاث وسبعين، كلهم هالكون إلا من عصم الله من المخلصين.

ثانياً: وأما إرسال أبي بكر فلم تقل الشيعة بأن النبي أخطأ عند إرساله بل هو عين الصواب، إذ أراد أن يبين للناس بأن هذا الرجل لا يصلح لتبليغ سورة.. فانتبهوا، وأرسل من يصلح بأمر الله.

خلاصة القول: أن القول بعصمة أفراد ليس فيه مصلحة لمن ادعاه.. بل هو حسن الظن بالله تعالي بأنه أرسل لنا دينَه مع من لا تجوز عليهم الخطأ والخطيئة.

وأما الذي يقول عكس هذا، فله مصلحة، إذ كيف ينسب تبليغ دين الله من أناسٍ يجوز عليهم الخطأ بل العصيان أيضاً، إذ يحرمون ما أحل الله أيضاً.

عُدْ أدراجك واستغفر ربك، ولا تظن بنبيك إلا خيراً.

فكتب (عمر)، السابعة مساءً:

لدينا من كتاب الله، عتاب رباني لأفعال أتي بها النبي (صلی الله علیه و آله).. فلماذا العتاب إذا كان الله أمره؟؟؟

أما كثرة الكلام بدون دليل، فلا حاجة لنا بها.

والشيعة لها عدة مواقف كما بينَّا تجعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ لحسابات شخصية لزوم المذهب.

فكيف يخطئ الرسول (صلی الله علیه و آله) في أمور الحياة.. والأئمة لا تخطئ؟

لذلك نري الدفاع والتخبط لنصرة القضيتين.

ص: 53

كما بينا بأن الشيعة جعلته يعارض أمر الله في التبليغ، واحدة في الغدير، والأخري عند الوصية.

لا يستطيع الشيعة إنكار الأمر بل تأويله، كما هو الحال مع العصمة والتطهير والخمس.. إلخ.

عندما نحاججكم بالقرآن فيجب أن يكون الرد بالمثل، ولندع الكلام في غير كتاب الله.

فأجاب (عراقي)، الثامنة مساءً:

العتاب.. يا حضرة المفسر شفقةً عليه لا توبيخاً. " طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي ".

رسول الله صلي الله عليه وآله كلف نفسه فوق ما كلفه الله تعالي.. فيشق علي نفسه تارة، ويحرم نفسه من حلال تارة أخري.. فخاطبه الله بخطاب الشفقة عليه.

فرد (عمر)، الثامنة والربع مساءً:

عزيزي: ليكن السؤال والجواب واضحاً.

هل أخفي الرسول (صلی الله علیه و آله) وصيته يوم الخميس؟؟

وما هي الأسباب إن وجدت؟ هل تستطيع الإجابة عن هذين السؤالين؟

فأجابه (عراقي)، التاسعة مساءً:

لم يخفِ الرسول شيئاً، لا يوم الخميس ولا يوم السبت..

ولكنه أراد أن يكتب لهم الأمر الذي عهده الله لهم، والذي كان يذكرهم النبي به دائماً..

فأراد أن يكتبه كتابةً، أما أنه شئٌ جديدٌ فلا، بل هو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

ص: 54

ولكن خوف النبي صلوات الله وسلامه عليه من ضياع الحق.. أراد أن يكون حجته عليهم بالغة في كتابته، فمُنع من قبل حزبٍ يترأسه المتسمي به.

وكتب (أبو سمية) بتاريخ 12 - 5 - 2000، السابعة صباحاً:

إذا كان النبي معصوماً في الدين فقط، فعليك أن تسقط جميع روايات مدح الصحابة من الحجية..

لأنه قد يكون متوهماً أو منحازاً... إلخ.

فإن الإخبار عن دخول عمر الجنة ليس من الدين وغير ذلك.. وإذا قلت إنها من الدين فعليك إثبات ذلك بالدليل..

ثم إليك هذه الآية الشريفة: الأحزاب - 51: " ترجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدني أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن ".

أليس هذا التخويل له صلوات الله تعالي عليه وآله والأمر لهن بالقبول بما يقرره.. هو دلالة علي أنه عادل ولا يخطئ بكل ما يفعل.. وإلا لكان توجه إليه الأمر بما يفعل، بل خوَّله تعالي وأقر تصرفاته معهن قبل حصولها. انتهي.

قال العاملي:

وقد اختصرنا المداخلات هنا.. وكانت من عمر ورائد جواد والسيد محمد.

فكتب (student) بتاريخ 23 - 5 - 2000، الثالثة صباحاً:

عزيزي عمر.. السلام عليكم.

لقد كنا دائماً نستميت في خنادق يهجم فيها الشيعة علي الصحابة ونحن في موقع الدفاع.

فما أسوأ حالنا اليوم نهاجم نبي الإسلام والشيعة في موقع الدفاع.

ص: 55

يجب أن نستحي علي أنفسنا ونخجل من حالنا، ونعتذر إلي ربنا ونصحح عقيدتنا في حق نبينا.

فالحق أحق أن يتبع. والسلام.

فكتب (رائد جواد) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.. لمثل هذا فليعمل العاملون. وكتب (student) بتاريخ 25 - 5 - 2000، الخامسة صباحاً:

والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون

وكتب (student) أيضاً في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 6 - 2000، الخامسة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء بين السنة والشيعة)، قال فيه:

إن من المواضيع المهمة والحساسة التي طالما يدور الحوار حولها موضوع عصمة الأنبياء.

وذلك لأن هذا الموضوع يتعامل مع المصدر الثاني الذي يبني عليه الإنسان دينه وعقيدته ويسير عليه جميع شئون حياته وهو النبوة.

والاختلاف حول موضوع النبوة التي تعد من أصول الدين عندكل الموحدين يؤدي إلي اختلاف واسع في التفريعات الناشئة عن هذا الأصل.

ومن يبحث في موضوع النبوة يجد أن هناك خلاف بين المسلمين في هذا الموضوع ويظهر هذا الإختلاف بشكله الواضح حينما يدور الموضوع عن عصمة الأنبياء. فتجد السنة والشيعة اختلفوا في عصمة الأنبياء.

ص: 56

فقال أهل السنة: إن الأنبياء معصومون في تبليغ الأحكام الشرعية التي ينقلونها عن الله سبحانه وتعالي، وغير معصومين في غير ذلك، وجوَّزوا عليهم الخطأ والنسيان والتردد والمعاصي، وقد ذكرنا هذا الرأي في موضوع عصمة الأنبياء.

وقد وجد أن هنالك بعض علماء السنة يقولون بعصمة الأنبياء مطلقاًَ، وهذا علي المستوي النظري ولكنهم في نفس الحين يوردون روايات تدل علي نقض هذا الإعتقاد.

ومثال ذلك كتاب السيد سابق الذي يستدل فيه علي العصمة المطلقة، وفي آخر استدلاله يأتي بروايات تناقض هذا الكلام!!

وهناك أمثلة كثيرة.. وهذا الفعل ناتج عن خلفية تاريخية لا نريد البحث فيها الآن.

أما الشيعة فإنهم يقولون بالعصمة المطلقة حتي عن الخطأ والسهو والنسيان، وهذا هو إجماعهم ولم يشذ عنه إلا واحد من علمائهم إذ قال بجواز السهو علي النبي (صلی الله علیه و آله)، فردَّ عليه جماعة علماؤهم بأنه إن جاز السهو علي أحد من أصحاب المكانة العالية، فهو أولي بهذا العالم من النبي (صلی الله علیه و آله).

وخلال مباحثات طويلة أجريتها مع بعض العلماء، وبحث في الكتب ونقاش في ساحات الحوار وصلت إلي نتيجة وهي: أن الأنبياء معصومون مطلقاً.

ووجدتُ لهذه النتيجة أدلة من كتب كلا الفريقين، ووجدت أن اختلافنا مع الشيعة لا يمنع من الإقتناع من أدلتهم حول العصمة، من حيث أنها في صدد الدفاع عن الإسلام وفي صدد تنزيه الأنبياء ووصفهم بما يليق بهم من الصفات الكمالية، التي تليق بمقام من اختاره الله لهداية البشرية.

ص: 57

ووجدتُ أن اتباعنا لمذهب أهل السنة لا يلزمنا بأن نأخذ ما لا يتطابق مع الدليل الصحيح..

وخصوصاً إذا كان أخذُنا لمثل هذه الأمور ليس ناشئ عن اعتقادنا بها، وإنما ناشئ عن أنا لو رفضناها نكون قد طعنَّا في من نري نزاهته..

ونسينا أن مكانة الأنبياء أحق أن تحفظ، وأنه لا ينبغي أن نجامل أحد علي حساب الأنبياء، وينبغي أن نرفض كل فضيلة ومنقبة لأي شخص مهما كان خطره إذا كانت علي حساب الأنبياء.

وأنا الآن لست بصدد توضيح ما قصد.. لأنني أفترض في من يقرأ مثل هذا الكلام أن لديه الخلفية التاريخية الكافية، ومن أراد أمثلة تاريخية بعد ذلك أعطيناه.

فمن كان لديه أي اعتراض علي هذا الرأي فليداخل، وسوف أطرح الأدلة التي قادتني إلي هذا الرأي، ومن كان لديه رد عليها فليطرحه ليستفيد الجميع.

وأحب أن يعلم الجميع أني لست بصدد الدفاع عن مذهب علي حساب مذهب، وإنما أنا بصدد الدفاع عن مكانة الأنبياء التي أوجب الله علي كل المسلمين الدفاع عنهم.

وأرجو من كل من يعتقد أنه مسلم أن لا يتردد في الدفاع، وأري أن أكون آلة في أيدي الشيعة لدفاع عن نبي الإسلام (صلی الله علیه و آله) أحب إلي من أن أكون آلة في يد أعداء الإسلام للهجوم عليه صلي الله عليه

وسلم. والسلام.

وانتهي الموضوع الذي كتبه ستيودنت.. وهو شخص معقول ومنطقي، هداه الله الي الحق.

ص: 58

الفصل الرابع: مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

اشارة

ص: 59

ص: 60

مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

جرت هذه المناقشة في شبكة هجر، لكن ننقل نصَّها من شبكة سحاب.

حيث نشرها (مشارك) هناك، بتاريخ 25 - 11 - 1999، الواحدة صباحاً، بعنوان (مناظرة في عصمة الأنبياء انسحب من إكمالها كبير الروافض في شبكة هجر - التلميذ).

وقال (مشارك) متبجِّحاً، ولم يصدق في قوله: " هذه مناظرة حصلت بيني وبين التلميذ كبير الروافض وقد انسحب من إكمالها بحجة كثرة التشعبات!!! والمجال مفتوح لمن أراد أن يكملها معي من الروافض في ساحتهم ".

كتب (التلميذ) بتاريخ 15-8-1999، الثانية عشرة والنصف ليلاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء في القرآن الكريم)، قال فيه:

الدليل الأول: إن الله سبحانه وتعالي يطرح في كتابه العزيز عصمة الأنبياء ويضفي عليهم هذا الوصف ويشهد لذلك مجموعة من الآيات:

قال الله سبحانه وتعالي: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين. وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كلٌّ من الصالحين.

ص: 61

وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاًّ فضلنا علي العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم ". الأنعام: 84 - 88.

ثم إنه سبحانه يصف هذه الصفوة من عباده أي الأنبياء بقوله: " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكر للعالمين ". الأنعام: 90.

فهذه الآية تصف الأنبياء بأنهم مهديون بهداية الله سبحانه علي وجه يجعلهم القدوة والأسوة.

هذا من جهة، ومن جهة أخري نري أنه سبحانه يصرح بأن من شملته الهداية الإلهية لا مضل له.

فيقول: " ومن يضلل فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل ". الزمر: 36 - 37.

وفي آية ثالثة يصرح بأن حقيقة العصيان هي الإنحراف عن الجادة الوسطي بل هي الضلالة.

ويقول: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم. وقد أضل منكم جبلاًّ كثيراً أفلم تكونوا تعقلون ". يس: 60 - 62.

وبملاحظة هذه الطوائف الثلاث من الآيات تظهر عصمة الأنبياء بوضوح.

وتوضيح ذلك كالتالي: إنه سبحانه يصف الأنبياء في اللفيف الأول من الآيات بأنهم القدوة والأسوة والمهديون من الأمة.

كما يصرح في اللفيف الثاني بأن من شملته الهداية الإلهية لا ضلالة ولا مضل له.

ص: 62

كما أنه سبحانه يصرح في اللفيف الثالث بأن العصيان نفس الضلالة أو مقارنة وملازم له حيث يقول: " ولقد أضل منكم " وما كانت ضلالتهم إلا لأجل عصيانهم ومخالفتهم لأوامره ونواهيه.

فإذا كان الأنبياء مهديون بهداية الله سبحانه، ومن جانب آخر لا يتطرق الضلال إلي من هداه الله، ومن جهة ثالثة كانت كل معصية ضلالاً، فيستنتج من ذلك أن من لا تتطرق إليه الضلالة لا يأتي إليه العصيان ومن لا يأتي إليه العصيان فهو المعصوم.

فكتب (مشارك)، الواحدة صباحاً:

وماذا عن النسيان يا تلميذ؟ وماذا عن الآيات التي لا تستقيم مع تفسيرك للعصمة؟

وأجاب (التلميذ)، التاسعة صباحاً:

إلي المشارك: هل لديك نقض لهذا الدليل؟

بمعني أن تثبت أن هذا الإستدلال بهذه الآيات وبهذه الكيفية لا يدل علي العصمة.

أما النسيان - حسب قولك - والآيات التي ظاهرها لأول وهلة حصول المعصية من الأنبياء..

فسيأتي عليها الكلام إن شاء الله تعالي، وسنثبت في محله أنها لا تفيد عدم عصمة الأنبياء عليهم السلام. فكلامنا في هذا الدليل من القرآن، إذا كان لديك نقض له.. فهاته. وإلا سننتقل إلي الدليل الثاني.

وكتب (مشارك)، العاشرة صباحاً:

وكيف تجمع بين هذه الآيات وبين قوله تعالي: " ولا تكن كصاحب الحوت "

ص: 63

" قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه... إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك "

" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك "..

آمل أن تطرح عقيدتك كاملة، حتي نبين لك وجه الخطأ في استدلالك ببعض القرآن دون بعض.

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

إلي مشارك: أكرِّر.. هل عندك إشكال أو نقض علي استدلالي بالآيات أعلاه علي عصمة الأنبياء، غير الآيات التي ظاهرها أنها تدل علي عدم العصمة؟

إذا كان لديك نقض بغير ذلك.. فهاته.

أما الآيات التي ذكرتها وغيرها فسيأتي عليها الكلام إن شاء الله تعالي، وسنتثبت لك بأنها لا تدل علي عدم عصمة الأنبياء، ولا داعي للَّف والدوران.

سؤال محدد يحتاج منك فقط إلي شجاعة للإجابة عليه فأجب عليه..

لماذا تلف وتدور؟ ثم تلجأ إلي طرح سؤال عن عقيدتي، ماذا تريد من عقيدتي؟

وأنت تعلم أني شيعي اثنا عشري.. يا سبحان الله!

مساكين أنتم، تبدون الإستعداد للحوار والنقاش.. وهذا هو أسلوبكم في الحوار والنقاش..

لف.. ودوران.. وهروب من موضوع الحوار إلي مواضيع أخري لا علاقة لها بالحوار.

أجبني: هل عندك نقض لهذا الدليل غير الآيات التي ذكرتها؟

لن أستمر معك في اللف والدوران.. وسأطرح الدليل الثاني وأعتبرك أنك لم تأتِ بما ينقض هذا الدليل القرآني علي عصمة الأنبياء.

ص: 64

وكتب (عربي 1)، الواحدة ظهراً:

الأخ الأستاذ التلميذ: لن تنتهي قصة مشارك أبداً، أكمل جزاك الله خيراً.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (مشارك)، الواحدة والنصف ظهراً:

يا تلميذ: ما قصدتُّه بذكر عقيدتك كاملة أي ما يتعلق بالعصمة.

ولأني لا أحب اللف والدوران فاعتبر أن هذه هي عقيدتي، وإلي أن تنتهي من ذكر أدلتك وحتي قبل ذلك لو أحببت، فيمكنك أن تناقش عقيدتي.

هذه عقيدتنا في العصمة يا تلميذ:

الأنبياء هم صفوة البشر وأفضلهم معدناً: قال تعالي: " الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ". ولكنهم بشر مثل بقية البشر يحصل لهم ما يحصل للبشر من السهو والنسيان.

قال تعالي في قصة موسي والخضر: " قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً ".

" ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً ".

وقال تعالي عن يوشع بن نون: " وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ".

وفي الحديث الذي يرويه الترمذي والحاكم: ونسي آدم، فنسيت ذريته.

ومن ذلك نسيان الرسول صلي الله عليه وسلم في غير البلاغ وفي غير أمور التشريع حينما صلي بهم إحدي صلاتي العشي ركعتين نسياناً، ثم أتم الصلاة بعد ذلك حينما نبهه الصحابة.. والحديث متفق عليه.

وعن ابن مسعود، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ولكني إنما أنا بشر، أنسي كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال هذا بعد نسيانه في إحدي الصلوات.

ص: 65

ويحصل منهم الذنب قبل البعثة وبعدها، وكذلك من الممكن أن يخطأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويذنبوا بعض الذنوب.

ومن ذلك ما حكاه الله عن الأسباط أخوة يوسف والذين جاءتهم النبوة بعد قصتهم مع يوسف، ومما يدل علي نبوتهم قوله عز وجل: " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ".

والأسباط هم أبناء يعقوب الإثنا عشر الذين تفرعت منهم بنو إسرائيل، وقد حكي الله عنهم في القرآن قولهم لأبيهم " يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ".

وقد ذكر الله في القرآن أيضاً قصة قتل موسي للقبطي: " فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

" وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

وحتي بعد البعثة يمكن أن يحصل الذنب من النبي، والأدلة علي ذلك كثيرة:

ص: 66

منها قوله عز وجل: " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ".

وثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة: أن المسيح يقول: اذهبوا إلي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وفي الصحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوم حتي تورم قدماه. فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟

وقد قال تعالي: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ".

وفي الصحيحين: عن أبي موسي، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت ما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني

أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت علي كل شئ قدير.

وفي الصحيحين: عن هريرة أنه قال: يا رسول الله أرايت سكوتك بين التكبير والقراءة، ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد.

وفي صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول نحو هذا إذا رفع رأسه من الركوع.

وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعاء الإستفتاح: اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني

ص: 67

سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت.

وفي صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره أوله وآخره.

وفي السنن، عن علي أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي بدابة ليركبها وإنه حمد الله وقال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلي ربنا لمنقلبون. ثم كبره وحمده. ثم قال: سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك وقال: إن الرب يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر إلا أنا وغير ذلك كثير.

ومن قصة آدم: " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".

والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.

ولكن ييسر الله لهم التوبة من أخطائهم وذنوبهم في الدنيا، كما حكي الله عن أنبيائه ورسله في القرآن.

والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة بل يسارعون إليها ويسابقون إليها لا يؤخرون ولا يصرون علي الذنب بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمناً قليلاً كفر الله ذلك بما يبتليه به.. كما فعل بذي النون صلي

ص: 68

الله عليه وسلم هذا علي المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة. وأما من قال: إن إلقاءه كان قبل النبوة فلا يحتاج إلي هذا.

والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل، فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس مثله في الفضيلة.

وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها ومن اتبعهم علي ما أخبر الله به في كتابه، وما ثبت عن رسوله من توبة الأنبياء عليهم السلام من الذنوب التي تابوا منها وهذه التوبة رفع الله بها درجاتهم. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

وعصمتهم هي من أن يقروا علي الذنوب والخطأ، فإن من سوي الأنبياء يجوز عليهم الذنب والخطأ من غير توبة، والأنبياء عليهم السلام يستدركهم الله فيتوب عليهم ويبين لهم.

وقد ذكر الله تعالي قصة آدم ونوح وداود وسليمان وموسي وغيرهم كما تلونا بعض ذلك فيما ذكرناه من توبة الأنبياء واستغفارهم كقوله " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه ". سورة البقرة - 37.

وقول نوح: " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ". سورة هود 47.

وقول إبراهيم: " ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ". سورة إبراهيم - 41.

وقوله: " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ". سورة الشعراء - 82.

وقوله سبحانه: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ". سورة محمد - 19.

ص: 69

وقال تعالي: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ". سورة الأنبياء 87 - 88.

وقال تعالي: " واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق - إلي قوله: " ظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفي وحسن مآب - إلي قوله: " ولقد فتنا سليمان وألقينا علي كرسيه جسداً ثم أناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب.. " الآية. سورة ص 17 - 35.

وقول موسي: " أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك ".

وقوله: " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ".

ونحن نعتقد بعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله عز وجل، وقد اتفقت الأمة علي أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلا شيئاً قد نسخ.

" سنقرئك فلا تنسي إلا ما شاء الله ". " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ".

وكما أن الرسول صلي الله عليه وسلم معصوم فيما بلغه عن الله تعالي فهو معصوم في ما شرعه للأمة بإجماع المسلمين، وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة فإن النبي هو المنبئ عن الله والرسول هو الذي أرسله الله تعالي وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً.

والعصمة في ما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين.

ص: 70

قال تعالي: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. والله يعصمك من الناس ".

" لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ".

" وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي ".

" ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ".

وبعصمتهم أيضاً بما يستقر عليه أمرهم، فقد يجتهد النبي أو الرسول في أمر ما ثم يأتي حكم الله عز وجل بالتأييد أو التصحيح لما جاء عن الرسول، وعند ذلك لا يصح لنا الإقتداء بالسابق مما جاء عن الرسول إذا جاء ما ينسخه من الله.

ومن ذلك قوله عز وجل للنبي صلي الله عليه وسلم: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ".

فهل يجوز لنا تحريم ما أحل الله علي أنفسنا؟

" ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم " مع أن يونس نبي من أنبياء الله.

" ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عليم حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ".

وقال صلي الله عليه وسلم كما في البخاري عن أبي هريرة: كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلي داود، فقضي به للكبري، فخرجتا علي سليمان بن داود، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما. فقالت الصغري: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضي به للصغري.

ص: 71

وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالي أن يرسل لنا بشراً من أمثالنا وليس كما طلب المشركون عندما طلبوا أن يكون الرسول من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين لا يأكلون ولا يشربون.

قال تعالي: " وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم ".

" وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ".

شبهات والرد عليها:

الشبهة الأولي: هل هذا يقدح في الأنبياء وينقص من مكانتهم؟

وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح أو أنها توجب التنفير أو نحو ذلك من الحجج العقلية..

فهذا إنما يكون مع البقاء علي ذلك وعدم الرجوع، وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع به

صاحبها إلي أعظم مما كان عليه.. كما قال بعض السلف: كان داود صلي الله عليه وآله بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة.

وقال آخر: لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلي بالذنب أكرم الخلق عليه.

وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً.. إلخ.

وقد قال تعالي: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ".

وقال تعالي: " إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ".

ص: 72

وقد ثبت في الصحيح حديث الذي يعرض الله صغار ذنوبه ويخبئ عنه كبارها وهو مشفق من كبارها أن تظهر، فيقول الله له: إني قد غفرتها لك وأبدلتك مكان كل سيئة حسنة.

فيقول: أي رب إن لي سيئات لم أرها.

إذا رأي تبديل السيئات بالحسنات طلب رؤية الذنوب الكبار التي كان مشفقاً منها أن تظهر.

ومعلوم أن حاله هذه مع هذا التبديل أعظم من حاله لو لم يقع السيئات ولا التبديل.

والمقصود هنا أن ما تضمنته قصة ذي النون مما يلام عليه كله مغفور بدله الله به حسنات ورفع درجاته وكان بعد خروجه من بطن الحوت وتوبته أعظم درجة منه قبل أن يقع ما وقع.

قال تعالي: " فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين ".

وهذا بخلاف حال التقام الحوت فإنه قال: " فالتقمه الحوت وهو مليم ".

فأخبر أنه في تلك الحال مليم. والمليم: الذي فعل ما يلام عليه، فالملام في تلك الحال لا في حال نبذه بالعراء وهو سقيم.

فكانت حاله بعد قوله: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " أرفع من حاله قبل أن يكون ما كان.

ص: 73

والإعتبار بكمال النهاية لا بما جري في البداية والأعمال بخواتيمها، والله تعالي خلق الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً ثم علمه فنقله من حال النقص إلي حال الكمال.

فلا يجوز أن يعتبر قدر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الإعتبار بحال كماله.

ويونس صلي الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء في حال النهاية حالهم أكمل الأحوال.

ومن هنا غلط من غلط في تفضيل الملائكة علي الأنبياء والصالحين، فإنهم اعتبروا الملائكة كمالاً مع بداية الصالحين ونقصهم، فغلطوا، ولو اعتبروا حال الأنبياء والصالحين بعد دخول الجنان ورضي الرحمن، وزوال كل ما فيه نقص وملام، وحصول كل ما فيه رحمة وسلام حتي استقر بهم القرار.

" والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار ".

الشبهة الثانية: هل هذا يخالف التأسي بهم والإقتداء؟

والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار علي الذنوب مطلقاً.

والرد علي من يقول: إنه يجوز إقرارهم عليها.

وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل علي هذا القول. وحجج النفاة لا تدل علي وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء.

فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم مشروع وذلك لا يجوز إلا مع تجويز كون الأفعال ذنوباً. ومعلوم أن التأسي بهم إنما هو مشروع في ما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه.

ص: 74

كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم في ما لم ينسخ منه، فأما ما نسخ من الأمر والنهي فلا يجوز جعله مأموراً به ولا منهياًّ عنه فضلاً عن وجوب اتباعه والطاعة فيه.

وقولهم هذا يكون صحيحاً، لو بقيت معصية الرسول ظاهرة ومختلطة بالطاعة، أما وأن الله ينبه رسله وأنبياءه إلي ما وقع من مخالفات ويوفقهم إلي التوبة منها من غير تأخير، فإن ما أورده لا يصلح دليلاً، بل يكون التأسي بهم في هذا منصباًّ علي الإسراع في التوبة عند وقوع المعصية، وعدم التسويف في هذا تأسياًّ بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير.

تنبيه مهم: علي أنه لا يجوز لنا أن نأخذ في موضوع ذنوب الأنبياء إلا ما صح في الكتاب والسنة فقط، وأما ما يرويه اليهود والنصاري وبعض المنتسبين للإسلام من انتقاص للأنبياء ونسبة القبائح والزنا والكبائر، وأن وجوههم اسودت من الذنوب فهذا لا نقبل به.

وأيضاً:

1 - التائب من الذنب الذي لا يخص المخلوقين كمن لا ذنب له إذا قبل الله توبته، ودليل ذلك قوله تعالي: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ".

فالذي يتوب من ذلك ويصلح فإنه لا يعتبر فاسقاً باتفاق.

وأيضاً لأن التوبة الصادقة تجبُّ ما قبلها، وإلا لاعتبرنا أن الصحابة الذين كانوا كفاراً قبل البعثة

كفاراً لا ينفعهم الإسلام لأنهم كانوا كفاراً قبل ذلك وكانوا عصاة قبل ذلك.

ص: 75

2 - بالنسبة لآية " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده " فيجب أن نجمع بينها وبين قوله عز وجل: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم ". وقوله عز وجل: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم ".

وقد ذكرت لك سابقاً وجه الجمع بين هذه الآيات وأزيدك هنا بما يزيل الشبهة إن شاء الله.

يقول تعالي: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتي تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ".

فقد كان لإبراهيم مع أبيه موقفان:

الموقف الأول: هو موقف الإستغفار، وهو ما أثبتته آية " واغفر لأبي إنه كان من الضالين ". الموقف الثاني: التبرؤ، " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ".

فأما بالنسبة للموقف الأول فإننا لا نقتدي بإبراهيم صلي الله عليه وآله فيه، وذلك للأسباب التالية:

1 - أنه مستثني من الإقتداء والتأسي لقوله عز وجل " إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ".

ص: 76

2 - أن إبراهيم صلي الله عليه وآله اعتبره خطيئة " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ".

3 - أن إبراهيم صلي الله عليه وآله غير موقفه من أبيه وتبرأ منه.

4 - أننا نهينا عن الاستغفار للمشركين " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ".

وأما بالنسبة لموقف إبراهيم الثاني (التبرؤ) فإننا نقتدي به فيه وذلك للأسباب التالية:

1 - أن هذا هو آخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم، ونحن نعلم أن الأنبياء معصومون من الإقرار علي الخطأ.

2 - أن الله أثني عليه في ذلك.

3 - أن هذا هو ما أمرنا به في شريعتنا.

وعلي هذا فنحن نقتدي بإبراهيم عليه الصلاة والسلام هنا في أمرين:

الأول: في المسارعة إلي التوبة من الخطأ والإستغفار " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ". الثاني: في موقفه الأخير، وهو التبرؤ.

وبهذا القول يمكن الجمع بين جميع الآيات. ولله الحمد والمنة. فكتب (التلميذ)، الثانية والنصف ظهراً:

إلي مشارك:

إذا لم تأتِ بدليل ينقض دليلنا الأول من القرآن الكريم علي عصمة الأنبياء.. سوي الآيات التي ظاهرها أنها تدل علي عدم العصمة، وهذه سنتعرض لها لاحقاً إن شاء الله تعالي.. سأنتقل إلي الدليل القرآني الثاني.

ص: 77

وأما حول عقيدتي في عصمة الأنبياء.. فأظن أنك قد قرأت أقوال علماء الشيعة في عصمة الأنبياء من خلال نقل (فيصل نور) لها في موقعه.. والذي قصصت منه ونقلته هنا!

فراجع.. فما ذكره السيد المرتضي والشيخ المظفر وغيره.. هي عقيدتي في عصمة الأنبياء.

علماً أنني سأرد علي صاحبك (فيصل نور) من خلال سلسلة بعنوان:

(الحق المسطور في نقض شبهات فيصل نور) وسأفند كل مغالطاته وشبهاته.. فترقب ذلك.

وكتب (مشارك)، الثالثة ظهراً:

سنترقب ردك علي فيصل نور في سلسلتك.

وأما هنا فأنا أترقب ردك علي ما ذكرته لك من عقيدتي في العصمة، وأترقب إكمالك لعقيدتك.

ليبدأ النقاش بعد ذلك، علماً أن في جوابي السابق رداًّ علي ما تعتقده لو تأملته.

فكتب (التلميذ)، الرابعة عصراً:

إلي مشارك: سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل.

فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل، فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه.. نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني.

وعقيدتي باختصار: أن الأنبياء معصومون، قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم، من الخطأ، والذنب، والسهو، والنسيان، فلا يصدر منهم شئ من ذلك.

ص: 78

وكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

أرجو أن نكمل هنا ولا داعي لتكثير المواضيع وأنا في انتظارك عندما تنتهي من سرد عقيدتك وأدلتها.

فكتب (التلميذ)، السابعة مساءًَ:

رجاؤك مرفوض للأسباب التي ذكرتهُا لك في (الدليل الثاني).. فراجع هناك.

وكتب (جميل 50)، العاشرة مساءً:

أبت الوصال مخافة الرقباء... وأتتك تحت مدارع الظلماء

هذا هو وصف القرين الذي يحاذيك بمعتقداته أيها الأخ (التلميذ).. فقصة المماطلة، والتخريف في المنازلة، هو الخوف، والخوف خيرُ فاضح.

فأنت بموضوعيتك غانم، ولم لا؟ لأن الدليل يرده الدليل ذو الضوء السليط علي حدوده.

وتبقي أساليب المصادرات جانباً.. ترتع فيها العقول الضحلة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 16 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

سأنتظرك يا تلميذ بعد أن تنتهي، وأما إن أردت أن تناقشني فعلي الرحب والسعة لأنني قد انتهيت من ذكر عقيدتي بأدلتها.

فكتب (التلميذ)، العاشرة صباحاً:

ولماذا تنتظرني (يا المشارك) هيَّا للنقاش..

أدلتك.. دليلاً دليلاً علي أن الأنبياء يجوز عليهم الخطأ والنسيان والسهو؟

أرجو أن تطرح دليلك الأول للنقاش كل دليلٍ علي حدة.

ص: 79

أليس هذا هو الأسلوب الأمثل في نقاش الأدلة والبراهين؟ أنا أنتظر منك طرح دليلك الأول.

وكتب (مشارك)، العاشرة والنصف مساءً:

لقد طرحت لك عقيدتي بأدلتها فناقشني فيما شئت، وسأجيبك إن شاء الله.

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة ظهراً:

هل كل الأدلة التي ذكرتها أعلاه هي جميع الأدلة التي تستدل بها علي عقيدتك في عدم تنزيه الأنبياء عن الذنب والخطأ والنسيان والسهو في غير مقام التبليغ؟ أم هناك أدلة أخري؟

ثم إنه ذكرت الآيات دون كيفية الإستدلال بها.

ولم تفعل كما فعلت أنا حيث ذكرت الآيات القرآنية مع طريقة وكيفية الإستدلال بها علي عصمة الأنبياء.

فالمطلوب منك أن تنقل الدليل كاملاً - أعني أن تنقل الآية أو الرواية، ثم تنقل لنا كيفية الإستدلال بها علي عدم العصمة - لا أن تنقل روايات وآيات دون أن تذكر كيفية الإستدلال بها.

ولا داعي للمماطلة، هات أدلتك دليلاً دليلاً.. وستعرف عند نقض أدلتك أن عقيدتك باطلة وغير صحيحة، وذلك بعون الله إن شاء تعالي.

وكتب (مشارك)، الواحدة ظهراً:

لا ليست هذه كل أدلتي. ولكن اختر منها ما تشاء للمناقشة، وبيِّن وجهة اعتراضك وسأبين لك التفصيل فيها إن شاء الله، فتفضل يا تلميذ.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 17 - 8 - 1999، الرابعة مساءً:

ص: 80

المشارك: كفاك لفاًّ ودوراناً!!

أجبني علي سؤالي هذا: هل تعتقد أن الأنبياء يرتكبون المعاصي ويخالفون الله سبحانه وتعالي في أوامره غير الإرشادية؟ وهل يفعلون كبائر الذنوب؟ ومتي يصدر منهم ذلك؟

أجب علي هذا السؤال فكفاك لعباً ولفاًّ ودوراناً وتضييعاً للوقت وتهرباً من الأجوبة.

وكتب (مشارك)، الرابعة والنصف مساءً:

لا حول ولا قوة إلا بالله، ألم نتفق علي الإحترام المتبادل؟

عموماً هذا ما عندي يا تلميذ " المشارك كفاك لفاًّ ودوراناً ".. شكراً علي النصيحة!

" أجبني علي سؤالي هذا: هل تعتقد أن الأنبياء يرتكبون المعاصي ويخالفون الله سبحانه وتعالي في أوامره غير الإرشادية. وهل يفعلون كبائر الذنوب؟ ".

تحصل منهم الصغائر ويوفقهم الله للتوبة منها قبل الموت والتفصيل في الأعلي بالأدلة، وبالنسبة للكبائر فهم معصومون منها.

" ومتي يصدر منهم ذلك؟ ".

يحصل قبل البعثة وبعدها والتفصيل في الأعلي بالأدلة.

" أجب علي هذا السؤال فكفاك لعباً ولفاًّ ودوراناً وتضييعاً للوقت وتهرباً من الأجوبة ".

هذه الإجابة أعدتها لك، وشكراً علي النصيحة!

فأجابه (التلميذ)، التاسعة مساءً:

إلي مشارك:

ص: 81

قلت: " وقد ذكر الله في القرآن أيضاً قصة قتل موسي للقبطي: فوكزه موسي فقضي عليه، قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

فكيف تستدل بقوله تعالي هذا علي عدم عصمة موسي صلي الله عليه وآله؟ وهل قتل موسي صلي الله عليه وآله للقبطي معصية صغيرة، أم كبيرة؟

وكتب (مشارك)، العاشرة والنصف مساءً:

قلت لك: إننا نقول إن الأنبياء معصومون من الكبائر.

وما قام به موسي عليه الصلاة والسلام هو من قبيل القتل الخطأ، وهو لم يقصد قتله، وأنتم تعصمون الأنبياء حتي من مثل هذا الخطأ، وهذا حجة عليكم.

فموسي عليه الصلاة والسلام أقر بخطئه وظلمه لنفسه واستغفر ربه لذلك فغفر الله له ذلك وتاب عليه.

فكتب (التلميذ)، الحادية عشرة ليلاً:

إلي مشارك:

إذاً هذا العمل الذي صدر من موسي صلي الله عليه وآله - وحسب اعترافك - أنه لا معصية كبيرة ولا صغيرة بل هو من قبيل الخطأ.. فقوله تعالي هذا إذاً لا دلالة فيه عن أن موسي صلي الله عليه وآله فعل معصية لا صغيرة ولا كبيرة.

فليس فيه مستمسك لكم علي أن الأنبياء تجوز عليهم المعصية من خلال هذه الآية.

أليس كذلك يا المشارك؟

أما قولك إننا لا نجوِّز صدور مثل هذا الخطأ من الأنبياء كفعلهم شيئاً.. الأَوْلي أن لا يفعلوه.

ص: 82

فمن أين أتيت به؟ فنحن نقول: إن مخالفة الأَوْلي يصدر من الأنبياء وجميع ما يصدر من الأنبياء من أخطاء في هذا النطاق فقط.

أما الخطأ بمعني صدور الذنب منهم سواءً كان صغيراً أو كبيراً.. أو الخطأ في تبليغ الأحكام..

فهذا مما لا نقول به نحن أبداً، فلا حجة في ذلك علينا ولا شئ مما ذكرت.

فالمقدار الذي ذكرته يجوِّز وقوع الخطأ من الأنبياء.

الخلاصة: أنك اعترفت أن هذا العمل الصادر من موسي صلي الله عليه وآله ليس معصية وإنما هو من قبيل الخطأ، إذاً ليس في دليلك هذا ما يدل علي وقوع المعصية من الأنبياء، كما أنه ليس فيه حجة علينا، فنحن نقول بصدور مثل هذا الخطأ من الأنبياء بمعني مخالفتهم للأَوْلي.

وقد نقضنا دليلك هذا والحمد لله رب العالمين.

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة ليلاً:

أنا لم أنفي (كذا) أنه معصية صغيرة ولم أثبت ذلك.

بل نفيت أنه معصية كبيرة فقط، فكيف تقوِّلني ما لم أقل؟

ولكن إن أردت النقاش، فناقش هذا إن استطعت:

ومن قصة آدم " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".

ص: 83

فنحن نعتقد أن هذه معصية من آدم عليه الصلاة والسلام، لأنه خالف نهي الله الصريح بعدم الأكل من هذه الشجرة.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 18 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلي مشارك: لا تلف وتدر.

أسألك سؤال محدد: إن فعل موسي صلي الله عليه وآله وهو قتله للقبطي هل كان منه معصية لله سبحانه وتعالي، أم لا؟

فإذا كان معصية فما هو دليلك علي أنه كذلك؟

وأما الآية التي ذكرت حول آدم صلي الله عليه وآله، فسيأتي عليها الكلام.

ورد (مشارك)، العاشرة صباحاً:

نعم، نعتبر ذلك معصية وذنباً وصغيرة من الصغائر. ودليلنا موجود في الكتاب والسنة.

فمن الكتاب قوله تعالي: " فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

" وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون. فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

ص: 84

وكتب (التلميذ)، الرابعة عصراً:

إلي مشارك:

إذاً قد استقر الآن رأيك علي أن ما فعله موسي صلي الله عليه وآله هو ذنب ولكن صغير حسب زعمك! فنقول: إما أن يكون هذا الذي قتله موسي صلي الله عليه وآله ممن يجوز قتله، وإما ممن لا يجوز.

فإن كان ممن يجوز قتله فلا معصية إذا وقعت من موسي صلي الله عليه وآله.

وأما إذا كان ممن لا يجوز قتله، فقتله ليس من المعاصي الصغيرة بل هو كبيرة.. حيث قتل النفس المحرم قتلها هو من كبائر الذنوب وليس من صغائرها.

وعليه فإن قتل موسي صلي الله عليه وآله إما أنه كان جائزاً فلا ذنب عليه، وإما أنه غير جائز فيكون كبيرة من الكبائر.

وأنت طبعاً لا تقول بجواز وقوع الكبائر من الأنبياء.

وإذا قلت بأن قتله كان خطأ فإن قتل المرء للآخر خطأ لا يعد معصية لا صغيرة ولا كبيرة.

فليس في القضية ما يمكن أن يحمل فعل موسي صلي الله عليه وآله علي أنه ذنب صغير.

فمن أين استفدت أن هذا الفعل من موسي صلي الله عليه وآله كان ذنباً صغيراً؟

أما الآيات التي استشهدت بها فسيأتي عليها الكلام لاحقاً بعد أن تنقذ نفسك من إشكالي أعلاه.

فتفضل أيها المشارك.. جاوب علي هذا الإشكال وتخلص منه.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 8 - 1999، الثانية صباحاً:

إلي التلميذ:

ص: 85

الذنب الذي وقع فيه موسي عليه الصلاة والسلام هنا هو مناصرة اليهودي المجرم علي خصمه القبطي. وأما تطور المناصرة إلي قتل الخصم القبطي، فهذا حدث خطأ من موسي وهو لم يقصد ذلك، فهو لا يعتبر كبيرة.

ودليلنا في ذلك قوله عز وجل في آيات القصص " ودخل المدينة علي حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته علي الذي من عدوه فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم، قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين، فأصبح في المدينة خائفاً يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ".

فلن أكون ظهيراً للمجرمين: أي ناصراً لهم كما فعلت مع المجرم اليهودي عندما ناصرته وقتلت خصمه القبطي.

ويدلك علي مدي إجرام هذا اليهودي الذي هو من شيعة موسي، وما أدراك ما شيعة موسي!

أن موسي قال له " إنك لغوي مبين ".

وأيضاً أنه كشف أمر موسي للملأ حين كشف السر الذي لم يكن يعلم به غيره، رغم أن القبطي قتل لأجله.

فعجباً لذلك الشيعي المجرم الذي يتسبب في القتل، ثم يأتي ويطالب بالدم ويتهم موسي النبي الصالح بأنه جبار في الأرض!

ولكن هذه هي أخلاق اليهود وطبائعهم! فهذا جواب إشكالك. الله أعلم.

ص: 86

علي أننا لسنا مثل فرعون الزنديق الجاحد المعاند الذي أراد أن يستنكر أن يكون موسي نبياًّ لأنه ناصر اليهودي وقتل القبطي، فقال مستنكراً أن يكون موسي نبياً: " وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون. ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين.

ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

والآن دعني أطرح عليك إشكالاً لتجيب عليه أنت: أنت قلت إن موقف موسي عليه الصلاة والسلام في هذه القصة خلاف الأَوْلي، ومعني ذلك أن هذا الفعل جائز، ويجوز الإقتداء في موسي عليه الصلاة والسلام فيه.

فمعني ذلك، أن يجوز لنا تأسياً بالمعصوم إذا وجدنا اثنين يختصمان ويقتتلان أن ننصر الذي من شيعتنا حتي وإن كان غوياًّ مبيناً، حتي وإن أدي ذلك إلي ما أدي إليه من قتل للذي من عدونا، ولن يطالنا في ذلك أي عداوة دنيوية أو أخروية.

أعلم يا تلميذ أن هذا الأسلوب قد لا يعجبك، وأنا مستعد لتعديل ما بين السطور لو أنك تتلطف قليلاً في المناقشة والحدة، فلا نريد عبارات اللعب واللف والدوران.

حاول أن تكون ألطف قليلاً حتي نبقي علي تلطفنا معك ونكمل.

فكتب (التلميذ)، الرابعة والنصف مساءً:

إلي مشارك:

ص: 87

إذاً حسب قولك أعلاه إن قتل موسي صلي الله عليه وآله للقبطي كان خطأ محض.. ليس بذنب أبداً لا صغيرة ولا كبيرة وأن ذنب موسي - حاشاه أن يكون مذنباً - منحصر في مناصرته لليهودي فقط، وعليه نلاحظ علي ما أوردت التالي:

(1) حسب تتبعي - وأكرِّر حسب تتبعي - لم أجد من علماء أهل السنة من يقول بأن ذنب موسي صلي الله عليه وآله في هذه القضية منحصر في نصرته للقبطي، حيث أن المناقشة في مسألة الذنب في خصوص هذه القضية منصبة علي مسألة القتل.

والذي يريد أن يثبت عدم العصمة المطلقة للأنبياء من علماء أهل السنة يثبت الذنب لموسي صلي الله عليه وآله من خلال قتله للقبطي، لا من خلال نصرته للإسرائيلي [الذي من شيعته].

فهل هذا الرأي – أعني أن ذنب موسي هو نصرته للقبطي لا بسبب قتله للقبطي - هو رأيك فقط، أم هو رأي جمع من علماء أهل السنة أيضاً؟

إذا كان هناك من يقول بذلك فلا بأس أن ترشدنا إلي أسمائهم.

والظاهر أنك غير عارف أين يكمن الذنب - هذا حسب زعمكم أن موسي فعل ذنباً ومعصية ومخالفة لله سبحانه وتعالي - حيث يظهر من كلامك سابقاً أنك تدعي أن الذنب يكمن في القتل لا في نفس النصرة.

وهذا نص كلامك عندما سألتك عن موسي بقولي: " أسألك سؤال محدد: إن فعل موسي صلي الله عليه وآله وهو قتله للقبطي هل كان منه معصية لله سبحانه وتعالي، أم لا؟ فإذا كان معصية فما هو دليلك علي أنه كذلك؟ ".

حيث أجبتني قائلاً: " نعم نعتبر ذلك معصية وذنباً وصغيرة من الصغائر ودليلنا موجود في الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالي: (فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي

ص: 88

فغفر له إنه هو الغفور الرحيم). (وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين) ".

فكما هو ظاهر من نص سؤالي أنني سألتك عن قتل موسي للقبطي: هل هو ذنب، أم لا؟

فأجبتني أنه ذنب ولكن صغير.

ثم لما أني وجهت لك إشكالاً قوياًّ.. حرت الجواب عليه..

تنازلت عن القول بأن القتل هو الذنب، وقلت إن القتل هو خطأ وأن ذنب موسي هو نصرته للإسرائيلي.

فالظاهر أنك تناقش علي غير بصيرة ورؤية واضحة لديك حول هذه المسألة!

وذلك ظاهر من خلال التناقضات الموجودة في كلامك.

(2) لو كانت نصرة موسي للإسرائيلي [الذي من شيعته] غير جائزة، وذنباً، وقد تاب منه موسي - حسب زعمكم - فلماذا يكرر نصرته مرة أخري بإرادته البطش بالقبطي الثاني عندما استصرخه الإسرائيلي في هذه المرة؟

وذلك بصريح قوله تعالي: " فأصبح في المدينة خائفاً يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين. فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".

ص: 89

فقوله: " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما " دليل علي أن موسي قرر أن ينصر هذا الإسرائيلي مرة أخري.. وأراد أن ينتقم من القبطي الثاني، ولولا أن ذلك الإسرائيلي ظن - كما تشير بعض الروايات الواردة من طرق السنة - أن موسي صلي الله عليه وآله يقصده بالبطش - مع أنه لم يرده بذلك وإنما أراد القطبي - فقال " يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".. فتركا القتال والتقاتل لكان موسي صلي الله عليه وآله قد بطش بالقبطي الثاني.. وكان نصر هذا الإسرائيلي مرة أخري.

وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً.

ووصف موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي بأنه " غويٌّ مبين " لا دليل فيه علي أنه كان مجرماً.

لأن كلمة (الغي) تستعمل في معاني مختلفة تارة في خلاف الرشد وإظلام الأمر، وأخري في فساد الشئ.

قال ابن فارس: فالأول: الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل. يقال غوي يغوي غياًّ... إلخ. أنظر كتاب مقاييس اللغة المجلد الرابع ص 339.

فلعل وصف موسي صلي الله عليه وآله له بذلك يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين، أو معني آخر من معاني كلمة الغي أو الغواية، كذلك.

ولو كان قوله، أي موسي صلي الله عليه وآله الذي حكاه الله لنا " فلن أكون ظهيراً للمجرمين " هو: أي ناصراً لهم، كما فعلت مع المجرم اليهودي عندما ناصرته وقتلت خصمه اليهودي.. كما ذكرت أنت، لما كرَّر موسي صلي الله عليه وآله مناصرة

ص: 90

اليهودي مرة أخري.. لو كان فعلاً مجرماً وكان إجرامه معلوماً لموسي.. ولما أراد مرة أخري أن يعينه علي القبطي الثاني فيبطش به.

ومن هذا نعلم أن قوله " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " ليس فيه دليل علي ما ذهبت إليه من أنه يفيد أن اليهودي الذي من شيعته كان مجرماً وأن نصرته كانت ذنباً.

وأما قول موسي صلي الله عليه وآله الذي حكاه الله تعالي " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ". فيحتمل فيه أكثر من وجه:

الأول: أن يكون لفظ (هذا) إشارة إلي المناقشة التي دارت بين القبطي والإسرائيلي وانتهت إلي قتل الأول، وعلي هذا الوجه ليست فيه دلالة علي شئ مما تذهبون إليه...

وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: " هذا من عمل الشيطان ".

فأجابه الإمام الرضا صلي الله عليه وآله قائلاً: لإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله.

الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي.

وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضاً ساقه إلي عاقبة وخيمة، فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره ووقف بلاط فرعون علي أن موسي قتل أحد أنصار الفراعنة، لذلك ائتمروا عليه ليقتلوه، ولولا أن مؤمن آل فرعون أطلعه علي حقيقة الحال لأخذته الجلاوزة وقضوا علي حياته.

ص: 91

فلم تكن لهذا العمل أية فائدة فردية أو اجتماعية سوي إلجائه إلي ترك الديار وإلقاء الرحل في دار الغربة (مدين) والإشتغال برعي الغنم أجيراً عند شعيب صلي الله عليه وآله.

فكما أن المعاصي تنسب إلي الشيطان، قال تعالي: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " فكذلك الأعمال الخاطئة الناجمة من العجلة وسوء التدبير التي تسوق الإنسان إلي عواقب وخيمة تنسب إليه أيضاً.

وبهذا الوجه أيضاً لا دليل لك علي ما تريده من أن فعل موسي صلي الله عليه وآله سواء في مناصرته للإسرائيلي أو في قتله للقبطي علي أنه ذنب أوقعه فيه الشيطان!

وأنَّي للشيطان علي الأنبياء سبيل يوقعهم من خلاله في المعصية والذنب وهم من عباد الله المخلصين! والله سبحانه وتعالي يحكي عن هذا الطريد بأنه قال: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ".

وقوله: " ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ".

أليس موسي صلي الله عليه وآله من عباد الله المخلصين؟ فكيف يغويه الشيطان ويوقعه في المعصية؟

ويقول تعالي: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ".

ومعلوم أن من أخلص وأفضل عباد الله الذين هم حقيقة عباد لله قد استشعروا في نفوسهم حقيقة العبودية له هم لأنبياء عليهم السلام وأوصياؤهم.

والله سبحانه وتعالي ينفي أن يكون له علي عباده هؤلاء سلطان بأن يوقعهم في معصية ومخالفة لله سبحانه وتعالي مخالفةً منهي عنها بأمر تحريمي مولوي لا إرشادي تنزيهي.

ص: 92

وأما بالنسبة لإشكالك، فأقول لك: لقد أثبتنا لك أعلاه أن مناصرة موسي صلي الله عليه وآله للقبطي ليست معصية ولا ذنب ولا شيئاً من ذلك، فقط إن موسي صلي الله عليه وآله قد استعجل في القضاء علي القبطي المستحق للقتل باعتبار أنه من أتباع فرعون وكان الأَولي أن لا يقتله.. لا لأنه غير مستحق للقتل، بل لأن في قتله له صار موسي صلي الله عليه وآله مطالباً من قبل فرعون وسلطته، وعرض نفسه للخطر بل والموت إن قبض عليه حيث سيقتص منه بسبب قتله للقبطي.. إلي غيرها من الآثار السلبية التي حصلت ونجمت عن ذلك، كما يذكرها القرآن الكريم.

وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل.

فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي)، كان من قبيل الخطأ غير المقصود، أو من قبيل المخالفة للأَولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

ومجال الإقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي.

ونقاشنا ليس حول ذلك بل حول صدور المعصية من الأنبياء.

وكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

لم أقرأ كلامك السابق كلُّه بعد.. فأمهلني بعض الوقت، ولكن لفت نظري كلامك الأخير.

فردك غير صحيح بالمرة، فطالما أنه جائز فيجوز الإقتداء به فيه حتي وإن كان خلاف الأولي.

فلماذا كل هذا التناقض يا تلميذ؟ أجبني لو سمحت.

ص: 93

فأجاب (التلميذ)، الثامنة مساءً:

إلي مشارك:

عليك أن تقرأ كلامي كاملاً وترد عليه إن كان لك رد.

وأما جواب قولك: " فطالما أنه جائز فيجوز الإقتداء به فيه حتي وإن كان خلاف الأولي "..

ففي كلامي أعلاه الرد عليه، اقرأ كلامي بروية وتأني.. وستجد الجواب عليه.

وإن أردت توضيح أكثر فسأفيدك به خلال ردي علي مجموع ردك. انتظر الرد كاملاً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 8 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله، أسأل الله أن ينور قلبك ويشرح للدين صدرك، أتمني أن تقرأ الكلام هذا بتركيز أكثر:

قضية القتل العمد سواء أكان المقتول مسلماً أم كافراً تنطبق عليها أحكام التكليف الخمسة.

فقد يكون القتل واجباً وقد يكون سنة وقد يكون جائزاً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون محرماً. والمقتول وإن كان قتله واجباً فقد يثاب القاتل وقد يأثم، والمقتول وإن كان قتله محرماً فقد يثاب القاتل وقد يأثم.

وهذه الأمور تدخل فيها عوامل كثيرة جداً كقضية النيات والمصلحة والمفسدة وما يتعلق بالجهاد كالتترس وغير ذلك، ولكن ليست هذه قضيتنا.

هذا مع العلم أن موسي عليه الصلاة والسلام لم يقصد قتله، بل كان قتله خطأ، فلا يمكن الأخذ بها مجردة عن الدوافع والأحوال المتعلقة بها.

ص: 94

قضية نصرة اليهودي المجرم وأنها ذنب ومعصية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره، هذا مع العلم أنني لم أتتبع كثيرا مثل تتبعاتك وتبحراتك!

عموماً يا تلميذ:

أولاً: لا أدري لماذا تتعجب من كلامي السابق وتظن أنه متناقضاً.. مع أنه كله صحيح ولله الحمد، ولكن لا بأس، دعني أوضح لك المسألة بالتفصيل:

إعلم أن كل عمل وفعل يقوم به الإنسان فلا بد له من سبب وباعث وكذلك لا بد له من أثر ونتيجة، وفي هذه المسألة المتعلقة بقتل القبطي نلاحظ التالي:

1 - السبب أو الباعث: كان نصرة لذلك المجرم، ولذلك كان الفعل معصية.

2 - الفعل: وهو هنا الوكز، ويكون معصية إذا كان الباعث نصرة للمجرم.

3 - النتيجة: القتل لم يكن مقصوداً فهو خطأ، ولذلك أيضاً لا نقول إن الفعل كبيرة.

وعلي هذا يا تلميذ فكلامي السابق عندما قلت إن القتل كان معصية صحيح، وكذلك الوكز كان معصية صحيح، ونصرة المجرم كانت معصية صحيح. فهل اتضح لك الكلام الآن؟

وأرجو أن تعيد قراءة كلامي السابق بعد أن أوضحت لك هذه البديهيات، قبل أن تأتي بتناقضاتك الموهومة بعد ذلك، وأرجو أن تخبرني إن كان لابد أن أستخدم هذا الأسلوب التفصيلي المبسط معك دائماً.

ثانياً: أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدماً كلمة (لو)، أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان!

ص: 95

الجواب علي إشكالك هذا موجود في كلام ابن عباس رحمه الله الذي أعتقد أنه قد مر عليك في تبحراتك في كتبنا ولعلك قرأته.

ومعني كلامه رضي الله عنهما أن موسي صلي الله عليه وسلم لم يستثن عندما قال: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ". ومعلوم أهمية الإستثناء.

كما قال تعالي: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر بك إذا نسيت... ". وبالطبع هذه الآية تنقض عقيدة العصمة عندكم، ولكن نؤجل الكلام عنها.

وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم " وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: هذا من عمل الشيطان. فأجابه الإمام الرضا صلي الله عليه وآله قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله ".

فهذا من أعجب العجب، فحبذا لو فسرت لنا كلام معصومكم؟

ثالثاً: نأتي الآن إلي لب القصيد، ونري التناقضات الواضحة والصريحة والمضحكة التي عندكم:

أ) تقول يا تلميذ: " الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي، وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضا ساقه إلي عاقبة وخيمة فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره ".

فأنت وصفت عمل موسي هنا أنه من قبيل الخطأ المحض، وتقول في موضع آخر: " فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي)

ص: 96

كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

وأنت هنا وصفت ذلك بأنه خطأ غير مقصود، وهنا فرق بين هذا وذاك، ولكن علي كل الأحوال فهذا ينافي عقيدتكم في عصمة الأنبياء عن الخطأ والسهو أيضاً.. كما هو في كلامك التالي.

وتقول قبل ذلك أثناء ذكرك لعقيدتك:

" بسم الله الرحمن الرحيم. إلي مشارك: سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل. فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني. وعقيدتي باختصار: أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم من الخطأ والذنب والسهو والنسيان فلا يصدر منهم شئ من ذلك ".

هيا أيها التلميذ الحصيف أجبنا.

ب) ثم نأتي إلي المصطلح الطريف اللطيف الذي أتحفتمونا به وتفسيركم الأعجب لهذا المصطلح ألا وهو مصطلح (خلاف الأَولي).

فأنت تقول: " وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً ".

وتقول: " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداً علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل

ص: 97

الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

ونقول لك أيها التلميذ: ما كل هذه التناقضات والعجائب والغرائب؟ أهذه عقيدة تستطيعون إقناع أنفسكم بها؟ تقولون أن فعل موسي كان خطأ محضاً، أو خطأ غير مقصوداً.. فلماذا أراد تكراره إذن في المرة الثانية؟

تقولون إن فعل موسي.. " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل ". فلماذا أراد تكراره إذن في المرة الثانية؟

تقولون: " وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً " و " أو من قبيل المخالفة للأولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

فهل هناك عاقل يقول بأنه لا يجوز الإقتداء بالجائز من أفعال الأنبياء؟ إذا كانت أفعال الأنبياء الجائزة لا نقتدي بها، فبماذا نقتدي؟

إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أوتر بثلاث وبخمس و... وبأحد عشر، فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات، لأنه من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه، ولا ينبغي الإقتداء بذلك! أي دين هذا وأي عقيدة هذه؟!

وكتب (صاحب قديم)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

حسب علمي يا تلميذ أن الأخ مشارك لو تناقش معك في هذا الموضوع إلي أن يرث الله الأرض وما عليها لن يصل إلي نتيجة.

المسألة واضحة كالشمس في رابعة النهار ولا تحتاج إلي كل هذا التأويل.

ص: 98

الأنبياء معصومون في جانب تبليغ الرسالة، وقد يصدر منهم الذنب إلا أنهم سرعان ما يرجعون إلي الله ويتوبون منه.

وقال صلي الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطأ وخير الخطائين التوابون.

فكل البشر يصدر منهم الخطأ، حتي الأنبياء قد يصدر منهم الخطأ كما في الأدلة التي ساقها الأخ مشارك.

وأعتقد أن ذلك واضح لكل صاحب عقيدة صافية، أما أصحاب العقائد المنحرفة فلن يقتنعوا بذلك ولو جاءتهم كل آية، حتي يروا العذاب الأليم.

لأن ذلك يعارض ويهدم ما بنوا عليه أصولهم الفاسدة من قولهم بعصمة الأئمة، السبب الذي جعلوهم ينادون بعصمة الأنبياء المطلقة، كي لا يكون ذلك حجة عليهم فيكون الأئمة أفضل من الرسل.

والنقاش مع التلميذ بلا فائدة.. عنز ولو طارت.

ووالله لقد قرأت ما كتب الأخ مشارك فرأيت أنه وافي.. ولا يحتاج لمزيد تعليق.

وكأني بالتلميذ وهو يفكر ليل نهار في كيفية دفع باقي الآيات والأحاديث ما استطاع إلي ذلك سبيلاً، وهو يركض بخيله ورجله، شابه في ذلك صاحبه الأول الذي قال الله فيه: " إنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر. ثم نظر ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر ".

نحن بحاجة إلي مشاركة شباب أهل السنة وبحوثهم العلمية التي تعود علي الأمة بالنفع، وأما إقناع

ص: 99

التلميذ فذاك يحتاج إلي هدر للجهد والوقت، الذي نحن بحاجة إليه.

ط وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون ".

فكتب (التلميذ)، الرابعة صباحاً:

إلي مشارك:

لم تأتِ بشئ جديد، فكل ما أوردتَه تجد في كلامي أعلاه رداًّ عليه.. ولم تنقض شيئاً من أدلتي أعلاه، نعم ما أتيت به من جديد هو:

1 - كلام باللهجة المصرية تهاجمني فيه، والغرض منه معروف، وما أظن ذلك خفياًّ علي القارئ الكريم وهي حيلة المرجفين الذين يعوزهم الدليل فيستعيضون بالإرجاف ومهاجمة شخص المحاور، وإيهام القارئ أو المستمع بأنه ليس لديه معرفة وعلم وإلمام بموضوع المحاورة.. وهذا ما كنت تهدف إليه من كلامك ليس إلا.. وهو نفس الأسلوب الذي لجأ إليه صاحبك (صاحب قديم).

2 - أتيت بقول ثالث.. بعد أن قلت أولاً إن القتل هو معصية، ثم تراجعت عن قولك وقلت بأن المعصية مناصرة موسي لليهودي، وأن القتل كان فقط خطأ!

وإذا بك الآن تقول: إن القتل معصية، ومناصرة اليهودي معصية، فبدل أن كنتم تلصقون بنبي الله سبحانه وتعالي معصية واحدة، وإذا بك تلصق به معصيتين في آن واحد، ولكن قد رددت علي ذلك من قبل، ولا بأس أن أعيد:

فبالنسبة إذا كان القتل معصية.. فإما أن يكون قتله جائز.. أو غير جائز.

فإن كان جائزاً فلا معصية، وإن لم يكن جائزاً فهو كبيرة وليس صغيرة، وأنتم لا تقولون بالكبيرة علي الأنبياء!!

ص: 100

وأما بالنسبة للقول بأن المعصية هي مناصرة الإسرائيلي.. فنقول مرة أخري إن موسي صلي الله عليه وآله مرة أخري هب لنصرة الإسرائيلي، وقد سبق منه أن قال وأعطي الله عهداً صدره بلن التي تفيد النفي المؤبد أنه لن يعين مجرماً " فلن أكون ظهيراً للمجرمين "!

فهل موسي صلي الله عليه وآله نسي عهده هذا لله مع الله سبحانه وتعالي وأخلفه فهب لنصرة هذا المجرم مرة ثانية؟

فأكرر نفس كلامي السابق وأقول: إن نصرة اليهودي لم تكن معصية، وإلا لما كررها موسي صلي الله عليه وآله، خصوصاً بعد إعطائه العهد لله بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين.

3 - إن من الجديد في كلامك أيضاً أنك ترشدني إلي تعلم علم الأصول وأنا يا أستاذ الأصول أريد أن أتعلم علي يدك الأصول، فهل أنت مستعد لتعلمني الأصول وفي هذا الموقع؟

وابدأ معي بالدرس الأول وأنت الأستاذ وأنا التلميذ وسنري عندها معرفتك بعلم الأصول الذي تتبجح بمعرفتك له وأنني لا أعرفه.

وهنا أوجه لك سؤالاً في علم الأصول: فمن القواعد الموجودة في علم الأصول: قاعدة منجزية العلم الإجمالي.

فهل تتفضل وتشرح لي هذه القاعدة، وعليك أن تحدد أركان هذه القاعدة يا أستاذ الأصول.

الخلاصة: أن كل أدلتكم حول أن الذي صدر من موسي صلي الله عليه وآله معصية سواء في نصرته لليهودي أو قتله للقبطي أو كليهما، قد رددنا عليها، ولن يفيدك علم الأصول الذي لجأت إليه في شئ..

ص: 101

لأن المسألة لا علاقة لها بعلم الأصول أبداً، وأثبتنا أنه لم يصدر منه معصية، فثبت أن ما فعله موسي صلي الله عليه وآله من العجلة في قتل القبط هو فعل خطأ أدي إلي نتائج سلبية..

ولا أحد يقول بأن المسلم إذا علم بأن فعلاً ما إذا فعله يؤدي إلي نتيجة سلبية كبيرة، أنه يجوز له أن يفعله.

بعبارة أخري: لو حصل أن هناك شخصاً مسلماً كان يتقاتل مع كافر حربي في دولة الكفر، وأن هذا المسلم من رعايا هذه الدولة، ورآهما مسلم آخر أنهما يتقاتلان، وكان بإمكانه أن يخلصهما من هذا الإقتتال دون أن يقتل الكافر وليس في ذلك نتائج سلبية عليه، كما بإمكانه أن يقتل الكافر المستحق للقتل لعدائه وحربه للمسلمين، ولكن هناك نتائج سلبية خطيرة علي هذا المسلم..

فكل عاقل يقول بأنه عليه أن يسلك السبيل الأول، وهو فض الإقتتال بينهما دون اللجوء إلي القتل، ولا عاقل يقول بأنه عليه أن يختار السبيل الثاني اقتداءً بموسي صلي الله عليه وآله.. وذلك للعلم بأن نبي الله موسي وقع في خطأ واستعجل في القضاء علي ذلك القبطي، وأن ذلك الفعل أدي إلي نتيجة سلبية.

فأكرر وأقول: إن المطلوب من العبد أن يقتدي بالأنبياء في غير هذا المجال، لأنه ثبت أن مثل هذا الفعل الذي حصل من النبي أدي إلي نتيجة سلبية، وأنه إن اقتدي هو به فيه سيؤدي به أيضاً إلي نتائج سلبية، وما دام كذلك فلا مجال للإقتداء به.

وما ذكرت من المثال عن النبي صلي الله عليه وآله: " إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله أوتر بثلاث وبخمس وبأحد عشر ".

ص: 102

وقولك " فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات لأنه من قبيل خلاف الأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

تقول: إنه إذا ثبت فعلاً بدليل معتبر أن هذا الفعل الذي فعله النبي هو خلاف الأولي، فنقول: نعم، لا مجال للإقتداء به في هذا الفعل، لأنه خلاف الأولي وليس في ذلك أي إشكال.

وحسب المثال مثلاً، لو ثبت بدليل شرعي معتبر أن الوتر ركعة واحدة أفضل وأثوب، وثبت أن النبي أوتر بثلاث ركعات، وعلم بدليل معتبر شرعاً أن ما فعله النبي خلاف الأولي، فلا مجال للإقتداء به في مثل فعله هذا، لأنه خلاف الأولي وأن الوتر بركعة واحدة أفضل وأثوب، وأكثر مطلوباً لله.

هذا طبعاً حسب مثالك وإن كان هذا المثال في هذا المورد.. ناقص.

وقولنا إن الأنبياء لا يصدر منهم خطأ.. لا نريد منه أنه لا يصدر منهم خطأ حتي من قبيل ترك الأَولي كما صدر ذلك من أكثر من نبي، فليس الكلام علي إطلاقه لأن الخطأ من قبيل ترك الأَولي حسب عقيدتنا لا يتنافي مع عصمة الأنبياء عليهم السلام.

ومن قال لك إن هذا يتنافي مع عقيدتنا.. وكل علمائنا مجمعون علي أن كل ما يمكن أن يظهر منه من آيات قرآنية صدور فعل خطأ أو ذنب، إنما هو من قبيل ترك الأَولي الذي لا يتنافي مع العصمة.

لأنه ليس ذنباً ولا مخالفةً لأمر مولوي صادر من قبل الله سبحانه وتعالي، بحيث يكون فعلهم تجرؤاً علي المولي.

حاشا لهذه الصفوة والخيرة من الخلق أن يتجرؤوا علي الله فيمارسون ذنباً كبيراً أو صغيراً.

ص: 103

وأخيراً يالمشارك.. دعك من توجيه سهام النقد لي شخصياً وإيهام القارئ بضحالة معرفتي في المجال الذي نتناقش فيه.

وكذلك وصفك لما أوردته لك من أدلة وبراهين ونقاش أنه يحمل التناقضات مع أنه ليس كذلك، وإنما هو محاولة منك فقط لإيهام القارئ بوجود التناقضات فعلاً في كلامي.

الذي فعلاً متناقض هو أنت، ليقرأ القارئ كلامك أعلاه وردودك، يجد أنك لم تستقر علي رأي أبداً، في أين تكمن المعصية التي فعلها موسي صلي الله عليه وآله.. فمرة تقول بأنها في القتل.. وأخري في النصرة للإسرائيلي.. وثالثة في كليهما.

أما (صاحب قديم) فأقول له: هات ما تقنعني به.. وأنا علي استعداد أن أعتقد عقيدتك إذا أقنعتني، فلا توهم القارئ بأنني مكابر.

وكتب (مشارك)، الرابعة وعشر دقائق صباحاً:

يبدو أنك لم تسمع نصيحتي بقراءة ردي عليك أكثر من مرة.

فأسلوب ردك الأخير يختلف عن أسلوبك القديم، أعد قراءة ردي مرة أخري، ودعك مما استفززناك به أنا و (صاحب قديم).

وأتنا بعد ذلك برد علمي مقبول ولا تتعجل في الرد يا تلميذ فلايعقل أن يكون هذا هو ردك علي كلامي.

قال العاملي:

من هنا يبدأ ما حذفه مشارك من هذا النقاش، ولم ينشره في شبكة سحاب.

وكتب (صاحب قديم)، السادسة صباحاً:

إذا كانت قصة موسي صلي الله عليه وآله عملت لك كل هذه البلبلة، فخذ قصة آدم صلي الله عليه وآله، وقوله تعالي عنه: " وعصي آدم ربه فغوي " معصية.

ص: 104

صدق من قال: من تمنطق فقط تزندق، نسأل الله العفو والعافية.

وكتب (مشارك)، الثامنة صباحاً:

لقد عدَّلت ردي السابق وأرسلت رسالة اعتذار للتلميذ، ورجاء للأخ صاحب قديم.

قال العاملي:

وكان مشارك كتب هنا كلاماً فيه سخرية واستهزاء بالتلميذ كما هي عادتهم.

وكتب (عمار)، التاسعة صباحاً:

السلام عليكم..

عليه أن يخفف من استفزازه سواء شرح الله قلب التلميذ حسب اعتقادك أم لم يشرح.. وليلتزم بالشروط التي أنزلها الله تعالي في القرآن فيما يخص الدعوة والنقاش. والسلام عليكم.

فكتب (التلميذ)، العاشرة وعشر دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

صار الحوار معي ادعاء منك فقط.. وترديداً ل- " لم تفهم كلامي "، " لم تقرأ كلامي ".

وقولك: " ما زلت لم تفهم كلامي حول السبب والفعل والنتيجة ".

ص: 105

من قال لك إنني لم أقرأ كلامك؟ ومن قال لك إنني لم أفهم كلامك؟ ومن قال: إنني لم أفهم كلامك حول السبب والفعل والنتيجة؟ كلامك كله متناقض من أوله إلي آخره!

كلام مصفوف ليس فيه إشكالات ولا برهان ولا دليل واحد!

أظن أنني رددت عليك ولا داعي لكل هذا الإرجاف منك.. وأثبت لك أنه لا معصية من موسي صلي الله عليه وآله لا في القتل ولا في النصرة. وأدلتي في ذلك واضحة لم تنقض شيئاً منها.

وأما عن عدم إكمالي في المكان السابق فهو لسبب واحد هو أنني حاولت لصق الرد أعلاه هناك فلم أستطع حيث يظهر لي آخر رد هو رد (القديم).. فما أدري المشكلة من الموقع أم من عندي.

وأعلمك وأعلم صاحبك القديم أنه إن ثبت لي بطلان عقيدتي هذا علي فرض..

فوالله ثم والله لن أتبع عقيدتكم لأنه قد ثبت لي بطلانها منذ زمان، وسأبحث عن عقيدة أخري غير عقيدتكم، ولا تغرك عبارتي السابقة لصاحبك القديم، فأنا قلت له ذلك لأنني علي يقين من أنه ليس لديه ما يقنعني علي عقيدته، وأن بطلانها ثابت لدي.

ومتي ما ننتهي من مسألة موسي سنذهب إلي آدم صلي الله عليه وآله، ونجاوب علي القديم.

فلماذا يستعجل كل هذا الإستعجال.. ويكتب عشرات المرات كلمة (معصية).

ورد (مشارك)، العاشرة والدقيقة الحادية عشرة مساءً:

ص: 106

إلي التلميذ: لقد أخطأت في حقك، وأرجو أن تكون الأمور قد اتضحت الآن.

قال العاملي:

إلي هنا انتهي بعض ما حذفه مشارك وأوردناه!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 9 - 1999، الخامسة مساءً:

ها قد عدَّلت لك الرد مرة أخري يا تلميذ.

وأرجو الإجابة علي الإشكالات التي طرحتها عليك جميعها مع تفسير كلام الحسن العسكري، وأنا في انتظارك.

فكتب (التلميذ)، السابعة مساءً:

يا مشارك: هل ستتأدب أولا بآداب الحوار والمناقشة، أم لا؟

أجب.. فهو شَرطي كي أكمل الحوار معك، فأرجو أن تناقش أفكاري وكلامي، وما أطرحه من قول، لا أن تتهجم علي شخصياًّ.

فكتب (مشارك) بتاريخ 22 - 9 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

وأرجو أن تبدأ بنفسك أولاً يا تلميذ.

وتبتعد عن تلك الألفاظ من قبيل اللف والدوران والتهرب وما شابه ذلك، مما تحاول أن تلبس خصمك به، وأنت لست ببعيد عنه، وأنا مستعد أن ألتزم بما تلتزم به أنت أيضاً.

فكتب (كميل)، الثانية صباحاً:

إليكم رأي السيد الطباطبائي رحمة الله عليه حول الآية موضع الخلاف، من تفسيره الميزان في تفسير القرآن. قال عطر الله مرقده:

ص: 107

(والمعني فدفعه أو ضربه موسي بالوكز فمات وكان قتل خطأ، ولولا ذلك لكان من حق الكلام أن يعبر بالقتل. وقوله: " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ": الإشارة بهذا إلي ما وقع بينهما من الإقتتال حتي أدي إلي موت القبطي، والمعني هذا الذي وقع من المعاداة والإقتتال من جنس العمل المنسوب إلي الشيطان أو ناشئ من عمل الشيطان، فإنه هو الذي أوقع العداوة والبغضاء بينهما وأغري علي الإقتتال حتي أدي ذلك إلي مداخلة موسي وقتل القبطي بيده فأوقعه ذلك في خطر عظيم، وقد كان يعلم أن الواقعة لا تبقي خفية مكتومة، وأن القبط سيثورون عليه وأشرافهم وملؤهم وعلي رأسهم فرعون سينتقمون منه. فعند ذلك تنبه علي أنه أخطأ في ما فعله من الوكز الذي أورده مورد الهلكة، ولا ينسب الوقوع في الخطأ إلي الله سبحانه لأنه لا يهدي إلي الحق والصواب.

فقضي أن ذلك منسوب إلي الشيطان، وفعله ذاك وإن لم يكن معصية منه، لوقوع خطأ وكونه دفاعاً عن الإسرائيلي دفعاً لكافر ظالم. لكن الشيطان كما يدفع بوسوسته الإنسان في الإثم والمعصية كذلك يوقعه في أي مخالفة للصواب يقع بها في الكلفة والمشقة كما أوقع آدم وزوجه فيما أوقع من أكل الشجرة المنهية، فأدي ذلك إلي خروجهما من الجنة. وقوله: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ": عهد من موسي صلي الله عليه وآله أن لا يعين مجرماً علي إجرامه شكراً لله تعالي علي ما أنعم عليه. والمراد بالنعمة وقد أطلقت إطلاقاً الولاية الإلهية علي ما يشهد به قوله تعالي: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ". وهؤلاء أهل الصراط المستقيم مأمونون من الضلال والغضب لقوله تعالي: " إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ". وترتب الإمتناع عن إعانة المجرمين

ص: 108

علي الإنعام بهذا المعني ظاهرٌ لا سترة عليه، ومن هنا يظهر أن المراد بالمجرمين أمثال فرعون وقومه دون أمثال الإسرائيلي الذي أعانه.

فلم يكن في إعانته جرم حتي يتوب عليه منه، كيف وهو صلي الله عليه وآله من أهل الصراط المستقيم الذين لا يضلون بمعصيته، وقد نص تعالي علي كونه من المخلصين الذين لا سبيل للشيطان إليهم بالإغواء حيث قال: " إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياًّ ". وقد نص تعالي أيضاً آنفاً أنه: " آتاه حكماً وعلماً وأنه من المحسنين ". ومن المتقين من أمره أن لا تستخفه عصبية قومه أو غضب في غير ما ينبغي أو إعانة ونصرة لمجرم في إجرامه. ووصفه للإسرائيلي بأنه غوي مبين، قال موسي للإسرائيلي توبيخاً وتأنيباً: إنك لغوي مبين، لا تسلك سبيل الرشاد والصواب، لأنه كان يخاصم ويقتل قوماً ليس في مخاصمتهم والمقاومة عليهم إلا الشر كل الشر!).

وكتب (التلميذ)، الرابعة والنصف مساءً:

إلي مشارك:

قلت: " عموماً يا تلميذ، أولاً: لا أدري لماذا تتعجب من كلامي السابق وتظن أنه متناقض مع أنه كله صحيح ولله الحمد، ولكن يبدو أنك تحتاج لأخذ دورات في الأصول والقواعد الفقهية، ولكن لا بأس دعني أوضح لك المسألة بالتفصيل: إعلم أن كل عمل أو فعل يقوم به الإنسان فلا بد له من سبب وباعث وكذلك لا بد له من أثر ونتيجة وفي هذه المسألة المتعلقة بقتل القبطي، نلاحظ التالي: (1) السبب أو الباعث: كان نصرة لذلك المجرم ولذلك كان الفعل معصية. (2) الفعل: وهو هنا الوكز ويكون معصية إذا كان الباعث نصرة للمجرم. (3) النتيجة: القتل لم يكن مقصوداً فهو

ص: 109

خطأ، ولذلك أيضاً لا نقول إن الفعل كبيرة وعلي هذا يا تلميذ فكلامي السابق عندما قلت إن القتل كان معصية صحيح وكذلك الوكز كان معصية فصحيح ونصرة المجرم كانت معصية صحيح. فهل اتضح لك الكلام الآن؟ أرجو إن كانت عندك مشكلة متعلقة بالأصول أن تبدأ بتعلم الأصول ".

أقول:

أولاً: لن أرد علي الكلام الزائد الذي لا علاقة له بموضوع المناقشة.

ثانياً: ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي صلي الله عليه وآله له.. معصية؟

فإن قلت: قوله تعالي: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ".. نرده بأن هذا القول من موسي صلي الله عليه وآله وعد مطلق منه لله سبحانه وتعالي بأنه لن يعين مجرماً.. ولا دلالة فيه علي أن الإسرائيلي كان مخطئاً (مجرماً).

كما أن قتادة فسر (المجرمين) في قوله تعالي: " فلن أكون ظهيراً للمجرمين " بالمشركين، قال: " فلن أكون ظهيراً للمجرمين، يعني المشركين ". انظر تفسير الطبري / طبعة دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولي: 1412 ه - 1992 م، ج 10 ص 46.

كما أنني ذكرت لك سابقاً أن نصرة موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي لو كانت ذنباً ومعصية - كما تدعي - لما هبَّ لنصرة الإسرائيلي مرة أخري كما هو ظاهر قوله تعالي: " فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين. فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".. خصوصاً بعد أن أعطي الله سبحانه وتعالي عهداً وقطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين، فهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي

ص: 110

في ذاتها ليس فيها إشكال ولا أنها معصية، وإلا لما كرر موسي صلي الله عليه وآله ذلك - أي النصرة - بعد أن أعطي الله عهداً بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين.

ثالثاً: بعد أن أثبتنا أن نفس النصرة لم تكن معصية، فإن الوكزة أيضاً لم تكن معصية، لأن نصرة موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي إما أن تكون جائزة أو غير جائزة.

وقد أثبتنا بالدليل في [ثانياً] أعلاه أنها لم تكن محرمة، فبقي أنها جائزة، فإذا كانت جائزة لم يكن في فعلها معصية.

رابعاً: وأما القتل فعلي قولك " لم يكن مقصوداً فهو خطأ " فهو إذاً لا يكون معصية.

لأنه لا أحد يقول بأن القاتل الناشئ قتله من الخطأ وبدون قصد وإرادة منه للقتل يكون مرتكباً للذنب لا صغيراً ولا كبيراً.

وعلي قولنا أيضاً لا يكون القتل الصادر من موسي عليه السلام معصية، لأن القبطي كان مستحقاً للقتل، لأنه كان من أعوان وجنود فرعون بدليل قوله تعالي: " من عدوه " فهؤلاء الفرعونيون قد مارسوا مع الإسرائيليين أبشع الجرائم وأفظعها كما يحكي لنا القرآن الكريم ذلك.

ولكن الخطأ الذي وقع منه عليه السلام والإستعجال في قتله الذي كانت له نتائج سلبية كبيرة، حيث أصبح موسي عليه السلام مطارداً من قبل فرعون وجنوده، ومشرداً عن قومه الذين بعث إليهم، وغيرها من السلبيات الأخري.

فكان الأَولي منه أن لا يستعجل في القتل حتي ولو كان ذلك القبطي مستحقاً للقتل.. فقتله له كان مخالفة للأَولي فهو إذا ليس بمعصية.

قلت يا مشارك:

ص: 111

" ثانياً: أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدما كلمة (لو) أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان ".

أقول:

أولاً: ما هو الدليل عندك علي أن استخدام لفظة (لو) في افتتاح الكلام يكون الكلام من عمل الشيطان؟ من أين أتيت بذلك؟ نطلب الدليل.

ثانياً: إذا كان الأمر كما ذكر ت - أعني أن افتتاح الكلام بلفظة (لو) يصبح هذا الكلام أو العمل من عمل الشيطان - فهل قول عمر بن الخطاب: " لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت ". المستدرك: 4/302. ومسند ابن حنبل: 1/18. وطبقا ت ابن سعد: 3/300.

هل قوله هذا الذي افتتحه بلفظة (لو) من عمل الشيطان؟ وهل قول الرسول صلي الله عليه وآله: " لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه ". المستدرك: 4/267. ومسند ابن حنبل: 3/160.

ومسند أبي يعلي رقم 2831. هل قوله هذا من عمل الشيطان؟

وتوجد الكثير من أقوال النبي صلي الله عليه وآله التي ابتدأها بهذه اللفظة.. فهل هذه الأقوال الصادرة منه من عمل الشيطان؟ ما هكذا تورد يا سعد الإبل.

قلت يا مشارك:

" الجواب علي إشكالك هذا موجود في كلام ابن عباس رحمه الله الذي اعتقد أنه قد مر عليك في تبحراتك في كتبنا ولعلك قرأته، ومعني كلامه رضي الله عنهما أن موسي صلي الله عليه وسلم لم يستثن عندما قال: رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين. ومعلوم أهمية الإستثناء كما قال تعالي: ولا

ص: 112

تقولن لشئ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت.. وبالطبع هذه الآية تنقض عقيدة العصمة عندكم ولكن نؤجل الكلام عنها ".

أقول:

أولاً: الآية الأخيرة التي ذكرتها ليس فيها دلالة علي نقض عقيدة العصمة عندنا. وما دمت طلبت التأجيل فنحن سنؤجل معك.

ثانياً: ليس من الواجب شرعاً علي العبد عندما يريد أن يفعل شيئاً مثلاً.. كأن يريد أن يسافر غداً أن يقول سأسافر غداً إن شاء الله، بمعني أنه يجب عليه أن يتلفظ بعبارة: " إن شاء الله ".. ولا يعتبر عدم التلفظ بذلك معصية ومخالفة شرعية يستحق العبد عليها العقاب والعذاب من الله سبحانه وتعالي.

فكثيرٌ من الأشخاص يقولون بأنهم سيفعلون فعلاً ما في المستقبل دون أن يتلفظوا بعبارة وكلمة: " إن شاء الله ".. بل يضمرون هذه العبارة في نفوسهم.

والسؤال: ما هو الدليل علي أن موسي لم يضمر هذه العبارة؟ وما صحة نسبة هذا القول إلي ابن عباس؟

ثالثاً: لم تبين كيفية الرد بهذا الذي ذكرتَه علي كلامي وطريقة نقضه لما أوردتُه.

فهل تريد أن تقول بأن موسي عليه السلام لما أن قال: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " ولم يتلفظ بالإستثناء أي بالقول إن شاء الله مثلاً، عاقبه الله سبحانه وتعالي بأن جعله مرة أخري يسعي إلي نصرة الإسرائيلي؟ هل تريد أن تقول ذلك؟

إذا كنت تريد أن تقول ذلك لتنقض كلامي.. فعليك:

أولاً: أن تثبت أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء.

وثانياً: صحة نسبة قول ابن عباس الذي ذكرته إليه.

ص: 113

وثالثاً: إثبات أن الله سبحانه وتعالي عاقب موسي عليه السلام بذلك بأن جعله يسعي لنصرة الإسرائيلي لأنه لم يستثن. وهنا يرد إشكال أيضاً - إن كان قصدك ذلك - وهو هل أن الله سبحانه وتعالي عندما يريد أن يعاقب عبداً علي شئ يجبره علي فعل المعصية؟

أقول: إذا كان قصدك ذلك من إيراد قول ابن عباس هذا.. فردُّنا عليك هو هذا.

وأما إذا كان لك قصد آخر ونقض آخر لدليلنا وإشكالنا عليك.. فأورده وهاته.

قلت يا مشارك:

" وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم، وقد روي من طرقنا، أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن قوله تعالي: (هذا من عمل الشيطان) فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله. فهذا من أعجب العجب. فحبذا لو فسرت لنا كلام معصومكم؟ ".

أقول:

أولاً: مما لا شك فيه ولا شبهة عندنا أن الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام هو إمام معصوم وهو أحد خلفاء النبي صلي الله عليه وآله الإثني عشر حسب عقيدتنا ولنا علي ذلك أدلتنا.

ثانياً: لم تبين موضع العجب في كلام الإمام الرضا، حيث وصفته بأنه من أعجب العجب.. فلا بد منك أن تبين مواضع العجب في قول الإمام هذا؟

ثالثاً: كلامه عليه السلام واضح لا يحتاج إلي شرح أبداً، ومعناه أن قول موسي عليه السلام الذي حكاه الله سبحانه وتعالي في كتابه بقوله: " هذا من عمل الشيطان " راجعٌ

ص: 114

إلي نفس الإقتتال بين القبطي والإسرائيلي بمعني أن الإقتتال الذي حصل بينهما بسبب وسوسة الشيطان وإغوائه لهما، لا أنه راجع إلي ما فعله موسي عليه السلام. هذا هو المراد من قول الإمام الرضا عليه السلام.

قلت يا مشارك:

" ثالثاً: نأتي الآن إلي لب القصيد ونري التناقضات الواضحة والصريحة والمضحكة التي عندكم: (أ) تقول يا تلميذ: [الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي، وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضاً ساقه إلي عاقبة وخيمة فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره] فأنت وصفت عمل موسي هنا بأنه من قبيل الخطأ المحض، وتقول في موضع آخر: [فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك] وأنت هنا وصفت ذلك بأنه: خطأ غير مقصود وهنا فرق بين هذا وذاك، ولكن علي كل الأحوال فهذا ينافي عقيدتكم في عصمة الأنبياء عن الخطأ والسهو أيضاً كما هو في كلامك التالي وتقول قبل ذلك أثناء ذكرك لعقيدتك: [بسم الله الرحمن الرحيم، إلي المشارك، سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني، وعقيدتي باختصار أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم من الخطأ والذنب والسهو والنسيان فلا يصدر منهم شئ من ذلك. هيا أيها التلميذ الحصيف أجبنا] ".

أقول:

أولاً: أنا لا أريد أن أطبل أو أزمر وأقول بأن كلامك أضحكني أو أبكاني.

ص: 115

ولكن أقول: لا علاقة لوصفي فعل موسي عليه السلام بأنه خطأ محض بقولي: " كان من قبيل الخطأ غير المقصود " لأن القول الأخير ورد في مقام بيان أن مثل هذه الموارد ليست مورداً للإقتداء بها بعد ثبوت أنها أفعال خطأ أو من قبيل ترك الأَولي...

بعبارة أخري: يكون تفسير كلامي علي النحو التالي:

فما دام وضح وتبين أن الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود كما تقول أنت يا مشارك أو من قبيل المخالفة للأَولي حسب قولنا فإنه لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

هذا هو معني كلامي ومقصودي منه فأي علاقة بينه وبين قولي بأنه: " خطأ محض " حتي يكون هناك تناقض، أبداً لا تناقض في البين أبداً.

ثانياً: صحيح أنني قلت أن من عقيدتنا أن الأنبياء لا يصدر منهم الخطأ، ولكن لا نريد من هذا القول أنه لا يصدر منهم عليهم السلام خطأ من قبيل مخالفة الأَولي أو ترك الأَولي كما صدر ذلك من أكثر من نبي، فليس الكلام علي إطلاقه. ولو كنت قد قرأت ولو كتاباً واحداً للشيعة في عصمة الأنبياء لما أشكلت هذا الإشكال، لأن الخطأ من قبيل ترك الأَولي حسب عقيدتنا لا يتنافي مع عصمة الأنبياء عليهم السلام. وهذه المسألة عليها إجماع الشيعة.

قلت يا مشارك:

" (ب) ثم نأتي إلي المصطلح الطريف اللطيف الذي أتحفتمونا به وتفسيركم الأعجب لهذا المصطلح ألا وهو مصطلح (خلاف الأَولي) فأنت تقول: [وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً] وتقول: [وطبعاً لا أحد يقول أنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار

ص: 116

سلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك] ونقول لك أيها التلميذ الضعيف: ما كل هذه التناقضات والعجائب والغرائب؟ أهذه عقيدة تستطيعون إقناع أنفسكم بها؟ تقولون إن فعل موسي كان خطأ محضا أو خطأ غير مقصود، فلماذا أراد تكراره إذا في المرة الثانية؟ تقولون إن فعل موسي [وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداً علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل] فلماذا أراد تكراره إذا في المرة الثانية؟ تقولون [وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلا عن أن تكون ذنباً و أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء] إذا كانت أفعال الأنبياء الجائزة لا نقتدي بها، فبماذا نقتدي؟ ".

أقول:

أولاً: لا تناقض ولا عجائب ولا غرائب ولكن من لا يفهم الكلام يعتبر أن فيه تناقض.. ويعتبر أن فيه غرائب وعجائب.

ثم لنا أن نقول لك: إذا كانت النصرة معصية.. فلماذا أراد موسي أن يكررها ثانية، ويفعل معصية مرة أخري؟

وإذا كان الإسرائيلي مجرماً.. فلماذا ينصره مرة أخري ويرتكب جرماً ومعصية في نصرته وهو مجرم ويخالف عهداً قطعه علي نفسه لله أنه: " لن يكون ظهيراً للمجرمين " طبعاً حسب قولكم. والإشكالات التي أوردتها علينا تأتي عليك بكاملها.

ص: 117

علي أن تكرار ما هو مخالفة للأَولي أهون بكثير من تكرار فعل المعصية والتجرؤ علي الله سبحانه وتعالي بفعلها فتدبر ذلك.

ثانياً: نحن نقول بأن استعجال موسي عليه السلام في القضاء علي القبطي هو الخطأ فقط.. وهو الذي أدي إلي تلك النتائج السلبية وكان الأَولي أن لا يستعجل موسي عليه السلام في القضاء علي القبطي لما له من الآثار السلبية حيث سيصبح موسي عليه السلام ملاحقاً من قبل السلطة مشرداً بعيداً عن القوم الذين أرسل إليهم.

أما نصرة الإسرائيلي فليست خطأ في حد ذاتها فلا إشكال علينا في ذلك.

ثالثاً: ولتوضيح وبيان أنه ليس كل فعل هو جائز فعله وليس بحرام يكون مورداً للإقتداء، نقول:

إن الأفعال التي تصدر من العبد تنقسم حسب الأحكام الخمسة: 1 - الوجوب. 2 - الحرام. 3 - المستحب. 4 - المباح. 5 - المكروه.

والكل يعلم أن الواجب هو ما يجب علي المكلف فعله ويأثم إن تركه ولم يفعله ويثاب علي فعله. والحرام هو ما لا يجوز للمكلف فعله ويأثم في فعله ويثاب علي تركه. والمستحب هو الذي لا يجب علي المكلف فعله ولكنه يستحب له أن يفعله فإن فعله أثيب وإن لم يفعله لم يأثم. والمباح هو الفعل الذي لم يرد في الشريعة الإسلامية النهي عنه سواء كان نهي حرمة أو نهي كراهة ولم يرد الأمر به سواء كان أمر وجوب أو ندب فلا يثاب المرء علي فعله ولا يعاقب علي تركه. والمكروه هو الفعل الذي ورد التنفير منه في الشريعة الإسلامية لا علي سبيل الحرمة، فالعبد غير معاقب علي فعله ومثاب علي تركه، وذلك لأن المصلحة المترتبة علي تركه أكثر وأكبر من المصلحة المترتبة علي فعله إن كانت هناك مصلحة في فعله، وأن المفسدة الناشئة من فعله أكبر من المفسدة الناشئة من تركه إذا كانت هناك مفسدة في الترك.

ص: 118

وترك الأَولي مشابهة للمكروه من هذه الناحية، فكما أن فعل المكروه غير مورد للإقتداء بفاعله فيه فكذلك ترك الأَولي غير مورد للإقتداء بفاعله فيه أيضاً.

فمورد الإقتداء بالآخرين في أفعالهم هو في فعلهم للواجب والتزامهم به، أو تركهم للحرام أو تركهم للمكروه أو فعلهم للمستحب.

أما المباح فمباحٌ للمرء أن يقتدي في فعله بالآخرين أو لا يقتدي بهم، وبهذا نكون قد وضحنا أن ليس كل ما ليس بحرام وجائز فعله هو مورد للإقتداء.

قلت يا مشارك:

" إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله أوتر بثلاث أو بخمس و... وبأحد عشر.

فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة: أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات لأنه من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

أي دين هذا وأي عقيدة هذه ".

أقول:

إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي، وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو الوتر بركعة واحدة، فإن كل عاقل يعرف أنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك..

لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة، نعم لو كان الوتر بثلاث أو خمس أو... بإحدي عشرة.. إلخ. كالوتر بالواحدة في المطلوبية والثواب، أو كان أكثر ثواباً وأكثر مطلوبية وأفضلية عندها لا يكون فعل النبي هذا مخالفةً للأَولي بل فعلاً للمستحب، والأكثر مطلوبية من قبل المولي وعندها يكون فعله هذا مورد اقتداء.

ص: 119

وفي الختام:

أرجو منك أن ترد علي أدلتي وتناقش أفكاري وما كتبته بأسلوب الحوار الحضاري بعيداً عن تناول شخصيتي، ثم عليك أن ترد علي جميع ما أورده من رد إما إيجاباً أو سلباً.

فما كانت الحجة فيه واضحة وجلية فينبغي أن نقبله ونؤمن به ونذعن له دون أي مكابرة.

وما كان الحجة فيه غير قوية، علينا أن نناقشه ونوهنه ونبطله بالدليل والبرهان، لا أن ترد علي البعض.. وما كانت فيه الحجة قوية وجلية ولا تستطيع دفعه ورده تتجاهله.

حيث سأعتبر كل ما قد تتجاهله تسليماً منك به.

وكتب (شعاع)، الخامسة مساءً:

التلميذ:

ما معني قوله تعالي: " فعصي (كذا) آدم ربه فغوي "؟

وقوله تعالي " وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين "؟

وقوله تعالي: " ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر "؟

وهذا الخطاب موجه إلي أشرف الخلق. فلا أدري ما هي تفسيرات الرافضة لهذه الآيات؟

فكتب (التلميذ)، السابعة والنصف مساءً:

شعاع:

موضوع الحوار والمناقشة ليس معك وإنما مع مشارك.

ص: 120

ونحن الآن نناقش عصمة نبي الله موسي عليه السلام، فلا نريد خلطاً بين المواضيع.

وما ذكرته يا شعاع ليس فيه ما يدل علي صدور الذنب من أحد من الأنبياء.. وإن شاء الله عندما نصل أنا ومشارك إلي النقاش في هذه الآيات، سأثبت بالدليل القاطع صحة ما أقول.

الأخ موسي العلي حفظه الله ورعاه:

أخي العزيز لي رجاء واحد منك أن تمنع كل من يتدخل في هذا الحوار بيني وبين مشارك حتي لا يتشتت القارئ الكريم لكثرة تدخلات الأخوة.

فكتب (موسي العلي)، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ كميل، الزميل شعاع: تحية طيبة..

الرجاء منكما عدم التعليق أو كتابه المداخلات وسوف نحذف كل مداخلة لغير التلميذ ومشارك.

ونشكركما علي التعاون، مع تحيات - المشرف.

وكتب (مشارك) بتاريخ 23 - 9 - 1999، الواحدة صباحاً:

سأوافيك بردِّي في الغد إن شاء الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 24 - 9 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

وبعد: أسأل الله أن يريني وإياك الحق حقاًّ ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأشكرك حقيقة علي مواصلة الحوار، واتباعك لهذا الأسلوب الجميل في محاولة التعليق علي جميع ما أذكر.

واسمح لي بداية ببعض الوقفات المتعلقة بأصل الموضوع، قبل أن أعرج علي ردك الأخير فأقول وبالله التوفيق. رب يسر وأعن:

ص: 121

(أ) أحب أن أذكركم بما يقوله أحد علمائكم: " فلا يصح - والحال هذه - أن يهمل الإنسان نفسه في الأمور الإعتقادية أو يتكل علي تقليد المربين، أو أي أشخاص آخرين، بل يجب عليه - بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية - أن يفحص ويتأمل، وينظر ويتدبر في أصول اعتقاداته المسماة بأصول الدين التي أهمها: التوحيد، والنبوة، والإمامة، والمعاد. ومن قلد آباءه أو نحوهم في اعتقاد هذه الأصول فقد ارتكب شططاً، وزاغ عن الصراط المستقيم، ولا يكون معذوراً أبداً ".

وبالإختصار عندنا هنا ادعاءان:

الأول: وجوب النظر والمعرفة في أصول العقائد، ولا يجوز تقليد الغير فيها.

الثاني: إن هذا وجوب عقلي قبل أن يكون وجوباً شرعياًّ، أي لا يستقي علمه من النصوص الدينية، وإن كان يصح أن يكون مؤيداً بها بعد دلالة العقل.

وليس معني الوجوب العقلي إلا إدراك العقل لضرورة المعرفة، ولزوم التفكير والإجتهاد في أصول الإعتقادات.

(ب) لقد جاءت آيات كثيرة تثبت وقوع الخطأ والذنب والنسيان من الأنبياء.

وقد ذكرت لك منها الكثير في الأعلي، وكذلك وردت أحاديث كثيرة عندنا تثبت نفس الأمر، وكذلك ورد عندكم في حق الأنبياء وحق أئمتكم ما يثبت ذلك أيضاً.

وسأذكر لك هنا بعض ما تروونه وتستشهدون به وأنا أنقله هنا من موضوع قديم لأخيك العاملي عن الشرك، فهذه رواياتكم أنتم لا رواياتنا، ومنقولة منكم لا منا أيضاً فمن ذلك:

ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327:

ص: 122

أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام: ما كان دعاء يوسف في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟

قال: إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة، فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه.

قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله. قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام.

دعاؤه عليه السلام - يعني هنا الإمام السجاد (علیه السلام)؟ - في ذكر التوبة وطلبها: الصحيفة السجادية:1/216:

اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين، ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين، ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين، ويا من هو منتهي خوف العابدين، ويا من هو غاية خشية المتقين. هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب، وقادته أزمة الخطايا.... اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة. اللهم صل علي محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد علي سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك، وابسط علي طولك، وجللني بسترك، وافعل بي فعل عزيز تضرع إليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه. اللهم

ص: 123

لا خفير لي منك فليخفرني عزك، ولا شفيع لي فليشفع لي فضلك، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك...

الصحيفة السجادية: 1/402.

والحمد لله الذي يحلم عني حتي كأني لا ذنب لي، فربي أحمد، وهو أحق بحمدي. يا ذا المن ولا يمن عليك، يا ذا الطول، ويا ذ الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، إليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين، لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد إليه المقصرون، وآمل من لجأ إليه الخائفون. أسألك بأن لك الطول والقوة والقدرة والحول أن تحط عني وزري، وتعصمني وتجعلني من الذين انتجبتهم لطاعتك وأدخلتهم بالتقوي في سعة رحمتك ورضوانك، يا أرحم الراحمين، وصلي الله علي محمد النبي وآله وسلم.

الصحيفة السجادية: 1/408:

إلهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلي عفوك سميته التوبة فقلت: توبوا إلي الله توبة نصوحاً، فما عذر ن أغفل دخول الباب بعد فتحه؟! إلهي إن كان قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك. إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه، وتعرض لمعروفك فجدت عليه. يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليما بما في السر، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك إليك، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك فاستجب دعائي، ولا تخيب فيك رجائي، وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

وكذلك وفيما يتعلق بقضية السهو والنسيان.. تركتم ما قاله علماؤكم القدماء.

ويقول ابن بابويه القمي:

ص: 124

(إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة). المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234.

ويقول شيخه محمد بن الحسن:

(أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه وآله والإمام). المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234، شرح عقائد الصدوق ص 260.

وهذه من أعاجيبكم الكثيرة يا تلميذ. وأقول: تركتم هذا كله لدليل زعمتم أنه عقلي وهو أننا نتأسي بجميع أفعال الأنبياء فلذلك لا بد أن يكونوا معصومون (كذا) في كل شئ وإلا لشق علينا التأسي بهم لأنه قد نتأسي بهم في خطأ وقعوا فيه. فبهذا الدليل العقلي في نظركم تركتم جميع ما ذكر سابقاً.

والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد. وبيدك أنت لا بيد عمرو.

فأنت تقول: " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك. ومجال الاقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي ".

فمفهوم كلامك ومنطوقه يخالف وجه استدلالك السابق بآية: " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده " حين استدللت بها في التأسي المطلق.

وكذلك فكلامك هنا ينقض عقيدتكم ودليلكم العقلي من أساسه حين قلتم " الوثوق فرع العصم "، فعلي كلامكم ودليلكم العقلي كيف يتسني لنا بعد الآن

ص: 125

أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه.

ألا يخالف هذا مبدأ اللطف عندكم، فلا نستطيع بعد الآن التسليم بصحة الإقتداء والتأسي بالأنبياء، طالما أنه يجوز أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه! أليس هذا لازم كلامك يا تلميذ؟

(ج) أنتم تعتقدون أنكم بنفي هذه الأمور عن الأنبياء.

فعقيدتكم في الأنبياء أفضل من عقيدتنا وهذا باطل لا شك فيه. فعلي سبيل المثال ذكرت أنت أن فعل موسي عليه السلام جائز، ولا يحتاج أن يتوب منه وله أن يكرره، ومع ذلك فأنت تقول إنه لا يجوز لنا أن نفعل ذلك، فهل نحن أفضل من موسي حينما نستنكف أن نفعل ما يفعله موسي عليه الصلاة والسلام؟؟

نحن نقول إنه ذنب وقع فيه واستغفر ربه، وبدل الله سيئاته حسنات وانتهي الأمر. ونحن نقتدي بموسي عليه الصلاة والسلام في ترك هذا الأمر.

وأما أنتم فتثبتون إصرار موسي عليه، وأنه لم يتب منه، ومع ذلك لا تجيزون لنا فعل ذلك!

فواعجباً لكم كل هذا الإزراء بمقام الأنبياء.

(د) أتمني أن أحصل منك علي تعريف أصولي دقيق عندك فيما يتعلق بالذنب والمعصية ومخالفة الأَولي، وخاصة فيما يتعلق بقوله عز وجل: " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ".

وإن كنتم مثل الصوفية تقولون: حسنات الأبرار سيئات المقربين.. فأطالبك بذكر مثال واحد فقط لإثبات هذه القاعدة الباطلة. أي اذكر لي عملاً يعتبر حسنة عند الأبرار وسيئة عند المقربين.

ثم اشرع بعد ذلك في الرد علي كلامك الأخير.

ص: 126

(ه) الرد علي أولاً وثانياً: يبدو أنك اقتنعت بكلامي حول السبب والفعل والنتيجة.

وهذا شئ جيد يا تلميذ والحمد لله أن اتضحت لك الصورة الآن من الناحية الأصولية، واختفي التناقض الموهوم عندك.

(و) النصرة والإسرائيلي المجرم: يقول موسي عليه الصلاة والسلام " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين. وكلمة ظهيراً تعني: ناصراً.

وموسي عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الكلام في معرض كلامه بعد مناصرته للمجرم الإسرائيلي، فهو إنما ناصر الإسرائيلي ولم يناصر القبطي، وهذا الإسرائيلي غوي مبين بشهادة موسي وهو الذي نشر خبر القتل، بل من الأقوال المذكورة فيه أنه هو السامري.

وتقول يا تلميذ: " ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي عليه السلام له معصية ".

وأقول لك يا تلميذ إن لم يقنعك الكلام السابق كله، فقد تقتنع بما قاله إمامك في شأن الإسرائيلي.

وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم: " وقد روي من طرقنا، أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن قوله تعالي: (هذا من عمل الشيطان)، فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسي من قتله ".

فلو كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي مما يرضاه الله، فلم قال عنه إمامك إنه من عمل الشيطان؟

ص: 127

وها هو موسي عليه الصلاة والسلام ناصر اليهودي الذي فِعله من عمل الشيطان وليس من أجل الله، أوليس هذا لازم قول إمامك؟

قول قتادة كقول ابن عباس يحتاج إلي إثبات صحته أولاً.

(ز) تكرار النصرة للإسرائيلي: هذا يشكل عليكم أكثر مما يشكل علينا.

فبالنسبة لنا هناك احتمالان:

الأول: أنه ربما لم يستثن صلي الله عليه وسلم، وهذا مما روي عن ابن عباس كما في القرطبي، وأنا معك في أن هذا احتمال قد يكون صحيحاً أو خاطئاً، مع الإحتياج للتأكد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة، لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم.

فنحن نقول: إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهداً بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري، ثم التوبة منه بعد ذلك، وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم، وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنين، طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك.

(ح) الوكزة والقتل: ينطبق عليهما ما ذكر سابقاً لأنه كان نصرة للإسرائيلي المجرم.

(ط) (لو): وأما أن لو تفتح عمل الشيطان فهذا جزء من حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم. وأما عن الروايات التي ذكرتها وغيرها فهناك مبحث جميل ومفيد عن (لو) في أحد أعداد مجلة البحوث الإسلامية الصادرة

ص: 128

عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث الإسلامية والدعوة والإرشاد، ويمكنني أن أعثر علي رقم العدد، لو كان هذا مما يهمك، فقد ذكر الباحث أوجه استعمال لو الصحيحة والخاطئة.

(ي) ابن عباس والإستثناء: تقدم سابقاً.

(ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي من عمل الشيطان، طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟

(ل) لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر، مع حثكم بعدم الإقتداء به، فطالما أنك تعترف أنه خطأ، فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟

(م) الوتر: لقد حجرت واسعاً يا تلميذ، وأنتم بعقيدتكم هذه شددتم علي الناس أيما تشديد. فمفهوم كلامك ومنطوقه بقولك " إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي، وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو الوتر بركعة واحدة فإن كل عاقل يعرف أنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك، لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة ".

إننا نأخذ دائماً بالعزيمة والأكمل من حال أفعال النبي صلي الله عليه وسلم دون ما سواه.

وأنا أطالبك بالدليل علي دعواك بعدم الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في فعله المفضول إذا ثبت فعله للفاضل، فعندنا نقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم في الجميع، وأنت تقول هنا لا مجال للإقتداء بالنبي في المفضول!!!

شعاع: آمل تصحيح الآية يا أخي (وعصي آدم ربه فغوي).

فكتب (التلميذ) بتاريخ 25 - 9 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 129

إلي مشارك: شكراً جزيلاً علي الدعاء.

لقد نقلت كلاماً لأحد علماء الشيعة.. ولم تذكر من هو هذا العالم.. ولا أشرت إلي المصدر الذي نقلت منه هذا الكلام، مع أنه في موارد الإحتجاج والحوار يلزم أن ينقل المستشهد بقول شخص اسم صاحب القول ومصدر قوله، فالرجاء عندما تستشهد بقول أحد تذكر لي مصدره وقائله، ليتسني لي المراجعة. ثم بعد نقلك لقول هذا العالم..

قلت: " (ب) لقد جاءت آيات كثيرة تثبت وقوع الخطأ والذنب والنسيان من الأنبياء وقد ذكرت لك منها الكثير في الأعلي، وكذلك وردت أحاديث كثيرة عندنا تثبت نفس الأمر، وكذلك وردت عندكم في حق الأنبياء وحق أئمتكم ما يثبت ذلك أيضاً ".

أقول:

أولاً: هذه الآيات التي ذكرتها أو التي لم تذكرها، مما يظهر منه صدور وحصول خطأ أو معصية من بعض الأنبياء فهو محمول عندنا علي مخالفة الأَولي لا علي المعصية.

والمخالفة بمعناها المتعارف شرعاً، فالأنبياء معصومون من أي مخالفة شرعية، وإن طال بنا العمر واستمر هذا الحوار بيننا فسأثبت لك بالدليل عند الحديث عن هذه الآيات صحة قولنا هذا.

كما أن بعض هذه الآيات لا يظهر منه أصلاً ما يدل علي صدور ذنب أو خطأ، ولكن لعدم التدبر والفهم لهذه الآيات من قبلكم هو الذي جعلكم تتوهمون وتفهمون منها ذلك.

ص: 130

وبالنسبة لما ورد في بعض الآيات من حصول النسيان لبعض الأنبياء، فإنه ليس بالمعني المتعارف والظاهر من لفظة النسيان، بل بمعني الترك الذي هو أحد معاني لفظة النسيان.

فمثلاً قوله تعالي: " ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً " أي ترك آدم عهدنا إليه بعدم الأكل من الشجرة فأكل منها، ولم نجد له عزماً.

والدليل علي ذلك سيأتي في محله إن شاء الله تعالي عند البحث عن هذه الآية في مسألة عصمة نبي الله آدم عليه السلام.

ثانياً: بالنسبة للروايات التي وردت من طرقكم، فهي ليست بحجة علينا لعدم ثبوت صحة هذه الروايات عندنا.

وأما بالنسبة للروايات الواردة من طرقنا، فهي إما ضعيفة السند لجهة الإرسال فيها أو ضعف رواتها، وإما أنها لا تدل علي شئ من ذلك.

ولكن فهمكم غير الدقيق لها هو الذي جعلكم تفهمون منها ذلك.. ومتي ما احتججت علينا بشئ من هذه الروايات سنبين لك في حينها حقيقة القول فيها، وعدم قيام الحجة فيها علينا، إما بسبب ضعفها أو عدم دلالتها.

وإذا وجدت رواية واحدة صحيحة أو روايتين - هذا علي فرض وجودها - فلا تقومان مقام الأدلة الكثيرة العقلية والنقلية الدالة عندنا علي مطلق العصمة لهؤلاء الأنبياء.

قلت يا مشارك:

" وسأذكر لك هنا بعض ما تروونه وتستشهدون به وأنا أنقله هنا من موضوع قديم لأخيك العاملي عن الشرك فهذه رواياتكم أنتم لا رواياتنا ومنقولة منكم لا منا فمن ذلك:

ص: 131

ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام: ما كان دعاء يوسف في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟ قال: إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة، فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله. قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيرا ما أقوله عند الكرب العظام ".

أقول:

أولاً: مصدر هذه الرواية هو كتاب الأمالي للشيخ الصدوق عليه الرحمة ص 403 ونقلها عنه صاحب البحار في أكثر من مكان من كتاب بحار الأنوار ومنها في ج 12 ص 225 رواية 19 باب 9 والفتال النيسابوري نقلها عن أحدهما.

وهي رواية ضعيفة سنداً ففي سندها علي بن أبي حمزة البطائني وهو واقفي ملعون علي لسان الإمام الرضا عليه السلام لانحرافه، ضعيف عند علمائنا لا يعول علي مروياته.

ثانياً: ليس في الرواية شئ مما يدل علي أن معصية صدرت لا من نبي الله يوسف عليه السلام ولا من الإمام الصادق عليه السلام. وما ورد فيها من قولهما " اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي... إلخ ". فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم، ولا أنهم ليسوا بمعصومين ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام

ص: 132

المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه، وهذا يكون منهم لمزيد من الإنقطاع إلي الله سبحانه وتعالي والتقرب إليه.

بل هؤلاء يعتبرون أنفسهم مقصرين في حق الله مهما فعلوا من طاعة وعبادة ومارسوا من أوراد والتزموا بذلك لأنهم، يعتبرون انشغالهم بالأمور المباحة في الحياة غفلة منهم عن الله سبحانه وتعالي ولذلك ينزلون أنفسهم منزل المذنب وإن لم يكونوا في واقع الأمر كذلك.

ومن هذا يفهم الرد علي ما أوردتَه يا مشارك من مقاطع أدعية الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين من الصحيفة السجادية.

قلت يا مشارك:

" وكذلك فيما يتعلق بقضية السهو والنسيان تركتم ما قاله علماؤكم القدماء ويقول ابن بابويه القمي: إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة. المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234.

ويقول شيخه محمد بن الحسن: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه وآله والإمام. المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234، شرح عقائد الصدوق ص 260. وهذه من أعاجيبكم الكثيرة يا تلميذ ".

أقول:

أولاً: إن علماء الشيعة القدماء والمتأخرين ومتأخري المتأخرين مجمعون علي رأي واحد في هذه المسألة وشذوذ واحد أو اثنين لا يخرق هذا الإجماع.

وقولك بأننا تركنا ما قاله علماؤنا القدماء فيه إيهام للقارئ بأن قدماء الشيعة مجمعون أو أن أغلبهم علي خلاف رأي المتأخرين وهذا غير صحيح.

ص: 133

وأنت لم تأتِ إلا بالشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن لعلمك بأنه لا يوجد غيرهم من القدماء من يخالف الإجماع.

ثانياً: إذا كان مخالفة رأي عالم واحد أو اثنين من الطائفة والمذهب لمجموع علماء الطائفة يعتبر من الأعاجيب، فإن أعاجيبكم أكبر وأكثر!!

ففيما قدماء علمائكم مجمعون علي عدم الأخذ بظاهر الآيات التي تثبت الجهة والجارحة لله مثل اليد والعين وغيرها من الجوارح والمتأخرون منهم يؤولون ظاهرها ولا يقبلون به، تأتون أنتم - أعني أتباع ابن تيمية (الوهابية) - وتشذون عنهم فتأخذون بظواهر هذه الآيات وتثبون الجارحة والجهة لله سبحانه وتعالي، فخالفتم جل علماء أهل السنة بذلك، ووصل الأمر إلي أن كفر وضلل بعضكم البعض.

فكيف يكون مخالفة قول واحد أو اثنين من العجائب، ولا يكون مخالفة جل علماء المذهب من هذا القبيل؟ " تلك إذا قسمة ضيزي ".

ثالثاً: إن من يراجع كلام الشيخ الصدوق عليه الرحمة وقدس الله روحه الشريف يجد أن ما يقول بجوازه من السهو علي النبي صلي الله عليه وآله هو إسهاء الله له لمصلحة، كنفي الربوبية عنه، وإثبات أنه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثاله.

أما السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنه لا يقول به ولا يجوِّزه علي الأنبياء، فهم منه براء وهو ينزههم عنه، وليس للشيطان عليهم سلطان ولا سبيل.

يقول الشيخ الصدوق عليه الرحمة: " وليس سهو النبي صلي الله عليه وآله كسهونا، لأن سهوه من الله عز وجل، وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباًّ معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متي سَهُوا. وسهوُنا من الشيطان وليس للشيطان علي النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام سلطان، إنما سلطانه علي الذين يتولونه

ص: 134

والذين هم به مشركون وعلي من تبعه من الغاوين ". من لا يحضره الفقيه: 1/296.

قلت يا مشارك:

" تركتم هذا كله لدليل زعمتم أنه عقلي وهو أننا نتأسي بجميع أفعال الأنبياء، فلذلك لا بد أن يكونوا معصومون (كذا) في كل شئ وإلا لشق علينا التأسي بهم، لأنه قد نتأسي بهم في خطأ وقعوا فيه فبهذا الدليل العقلي في نظركم تركتم جميع ما ذكرنا سابقاً ".

أقول:

أولاً: الدليل العقلي هو أحد الأدلة التي تعتمد عليها الشيعة في عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام وليس هو الدليل الوحيد.

ثم من أين أتيت فيما سبق بما ينقض هذا الدليل لتأتي وتقول - كما يأتي في كلامك أدناه – " والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد وبيدك أنت لا بيد عمرو ".

أليس هذا ادعاء فارغ.. وما بينته وذكرته أعلاه قد رددنا عليه. فبقي دليلنا العقلي ثابت.. لا تهزه العواصف صامد.. أبد الدهر وإلي أن تقوم الساعة إن شاء الله تعالي.

ثانياً: إن أدلة الشيعة العقلية علي عصمة الأنبياء عديدة، فلا ينحصر دليلهم علي دليل واحد.

فليس دليل الأسوة والقدوة هو الدليل الوحيد حتي يكون نقضه نقصاً لعقيدة العصمة عند الشيعة بالمعني الذي يقولونه.

ص: 135

كما أن نقض هذه العقيدة (عند الشيعة) من أساسها يحتاج إلي نقض جميع الأدلة بكاملها، سواء العقلية والنقلية منها، ودون من يحاول ذلك خرط القتاد.. يا مشارك.

قلت يا مشارك:

" والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد وبيدك أنت لا بيد عمرو فأنت تقول:

[وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جدا علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك. ومجال الإقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي].

فمفهوم كلامك ومنطوقه يخالف وجه استدلالك بآية: (أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده) حيث استدللت بها في التأسي المطلق، وكذلك فكلامك هنا ينقض عقيدتكم ودليلكم العقلي من أساسه حين قلتم (الوثوق فرع العصمة)، فعلي كلامكم ودليلكم العقلي، كيف يتسني لنا بعد الآن أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم، إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه، ألا يخالف هذا مبدأ اللطف عندكم؟ فلا نستطيع بعد الآن التسليم بصحة الإقتداء والتأسي بالأنبياء طالما أنه يجوز أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه! أليس هذا لازم كلامك يا تلميذ؟ ".

أقول:

ص: 136

أولاً: إن استشهادي بقوله تعالي: " فبهداهم اقتده " كان ضمن مجموعة من الآية المترابطة فيما بينها والتي تشكل بمجموعها دليلاً كاملاً علي عصمة الأنبياء. ولم آتِ بهذه الآية كدليل بمفرده علي عصمة الأنبياء، فراجع دليلي هذا.

ثانياً: إذا ثبت بدليل قاطع أن الفعل الصادر من المعصوم كان خلاف الأَولي، فإنه كما ذكرنا يكون هذا الفعل ليس مورداً للإقتداء به فيه، لأنه خلاف الأَولي.

ولا ينافي هذا مسألة الإقتداء المطلق بهم، فخرج هذا المورد من هذه المسألة بالدليل، فبقيت المسألة علي إطلاقها إلا مثل هذا المورد.

مثل ما أنتم تقولون إنه إذا ثبت لنا أن الفعل الصادر من النبي هو معصية ومخالفة لله فليس لنا أن نقتدي به فيه، هكذا نقول نحن: إن الفعل المخالف للأَولي الصادر من المعصوم، إذا ثبت أنه كذلك فليس هو مورد للإقتداء.

لكننا نقول بأنه ليس دائماً يستطيع المرء أن يشخص أن هذا الفعل الصادر من النبي مخالف للأَولي أو أنه معصية، فعلي قولنا بعصمة الأنبياء المطلقة لن نقع في المعصية حتي لو فعلنا ما فعله النبي من مخالفة الأَولي لأن مخالفة الأَولي ليست معصية.

أما أنتم فتكونون حسب عقيدتكم قد ارتكبتم معصية وذنباً إذا ما اقتديتم بفعل للنبي، وكان هذا الفعل معصية لله سبحانه وتعالي.

فإذا كان القول بعصمة الأنبياء المطلقة ليس لطفاً، أهذا يكون لطفاً، يا مشارك.

ثالثاً: إن الأمر بالأخذ من الأنبياء والرسل تعاليم الدين وأحكام الشرع والإقتداء بهم والسير علي نهجهم وطريقهم في القرآن الكريم، وقبول أحكامهم وطاعتهم أمر مطلق غير مقيد بشئ وهو دليل العصمة.

ص: 137

فلم يقل الله سبحانه وتعالي أطيعوا الرسول إذا لم يكن ما يأمركم به فيه معصية، وأما إذا أمركم بمعصية فلا تطيعوه أو تثبتوا من أقواله ولا تأخذوا بشئ منها إلا بعد أن يثبت لكم أنها غير مخالفة لله!!

ولم يقل الله سبحانه وتعالي إذا حكم الرسول بحكم فلا تقبلوا حكمه إذا كان مخالفاً لتشريع الله!!

بل أمر بقبول الحكم من النبي بشكل مطلق.

فما يحكم به النبي أو يأمر به أو ينهي عنه لا مجال لأحد أن يرفضه أبداً وبتاتاً، ومن يرفض شيئاً من ذلك أو يتردد في قبوله يكون قد رد علي الله سبحانه وتعالي برده علي رسوله!!

رابعاً: قلت لي: " فعلي كلامكم ودليلكم العقلي كيف يتسني لنا بعد الآن أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم، إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه؟ ".

أقول:

وعلي كلامكم وقولكم القائل بجواز المعصية علي الأنبياء، يكون المحذور أشد وأعظم، فكيف يتسني لنا أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم إذا كان من الممكن أن يصدر منهم المعاصي والذنوب التي هي بلا شك ليست مورداً للإقتداء بأحد فيها؟

وأكرر علي أننا لو فعلنا مثل فعل النبي المخالف للأَولي غير الظاهر لنا أنه كذلك مقتدين به فيه، فإننا حتماً لم نقع في معصية ولا ارتكبنا ذنباً.

أما أنتم وحسب عقيدتكم تكونون قد فعلتم ذنباً ومعصية بالإقتداء به في مورد المعصية.

قلت يا مشارك:

ص: 138

" أنتم تعتقدون أنكم بنفي هذه الأمور عن الأنبياء فعقيدتكم في الأنبياء أفضل من عقيدتنا وهذا باطل لا شك فيه. فعلي سبيل المثال ذكرت أنت أن فعل موسي عليه السلام جائز ولا يحتاج أن يتوب منه وله أن يكرره ومع ذلك فأنت تقول إنه لا يجوز لنا أن نفعل ذلك، فهل نحن أفضل من موسي حينما نستنكف أن نفعل ما يفعله موسي عليه الصلاة والسلام؟ وأما أنتم فتثبتون إصرار موسي عليه وأنه لم يتب منه ومع ذلك لا تجيزون لنا فعل ذلك! فواعجباً لكم كل هذا الإزراء بمقام الأنبياء ".

أقول:

أولاً: يا مشارك نحن عندما ننفي عن الأنبياء المعصية إنما لأن الدليل العقلي والنقلي ساقنا إلي ذلك، فليست المسألة مسألة أننا أفضل منكم، أو أنتم أفضل منا، فنحن مع الدليل، والقول بعصمة الأنبياء المطلقة أليق بمقامهم ومكانهم ولطفاً من الله سبحانه وتعالي بعباده.

ثانياً: ما ذكرته أعلاه مغالطة.

فنحن نقول بأن فعل موسي هذا خلاف الأَولي يعني أنه ليس بمعصية، وما ليس بمعصية لا تجب منه التوبة، ولا نقول: بأن للنبي أن يكرره.

لكننا نقول إن النبي لو صدر منه ما هو خلاف الأَولي ثم إنه كرر هذا الفعل أو مثله مما يخالف الأَولي، فإنه لم يكرر فعل معصية ولا ذنب.

ثالثاً: أنتم القائلون بجواز وقوع المعاصي من الأنبياء.

تقولون أيضاً أنه لا يجوز ولا يصح الإقتداء بهم في ذلك، فهل عندما لا تفعلون تلك المعصية التي فعلها هذا النبي أو ذاك - طبعاً حسب عقيدتكم - تكونون أنتم أفضل من الأنبياء؟

ص: 139

بلا شك إنك ستجيب ب- (كلاَّ)، إذاً فنحن عندما يثبت لنا فعل صدر من نبي من الأنبياء أنه خلاف الأولي فلم نقتدِ أو لم نفعل هذا الفعل أو مثله، لا نكون أفضل من الأنبياء.

كيف نكون نحن أفضل من أولئك الصفوة المختارة المعصومة من الله؟ كيف يكون العاصي المذنب أفضل من المعصوم؟

قلت يا مشارك:

" (د) أتمني أن أحصل منك علي تعريف أصولي دقيق عندك فيما يتعلق بالذنب والمعصية ومخالفة الأَولي وخاصة فيما يتعلق بقوله عز وجل (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون)، وإن كنتم مثل الصوفية تقولون: (حسنات الأبرار سيئات المقربين) فأطالبك بذكر مثال واحد فقط لإثبات هذه القاعدة الباطلة، أي اذكر لي عملاً يعتبر حسنة عند الأبرار وسيئة عند المقربين ".

أقول:

لقد كررت كثيراً في كلامك في أحد ردودك السابقة أنني غير ملم بعلم الأصول ولا أفهمه، فكيف تطلب مني الآن أن أعرف لك من علم الأصول؟

أخي: المعصية معروفة شرعاً لا تحتاج إلي علم الأصول في تعريفها، ومخالفة الأَولي قد عرفتها في هذا الرد تعريفاً دقيقاً تجده في آخر هذا الرد، عند الحديث عن آخر نقطة في ردك السابق.

أما بالنسبة لقوله تعالي الذي حكاه عن لسان موسي عليه السلام بقوله: " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " معناه: أن فرعون وأعوانه يعتبرونني حسب نظرهم مذنباً بقتلي للقبطي، فأخاف أن يقتلوني بهذا الذنب الذي لهم علي.

ص: 140

وأما بالنسبة للقول المشهور بين العلماء: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " والذي وصفته بأنه قاعدة باطلة دون دليل ودون أن تعرف معناه، وحكمت عليه حكماً مسبقاً، فكان الأولي بك أن تسأل عنه أحد الصوفية.

لكن حسب فهمي للعبارة أنه يراد منه أن بعض الأعمال التي تصدر من الكثير من الناس ومنهم الأبرار والصالحين، هي في حد ذاتها تعتبر أموراً حسنة كالإنشغال بالأمور الحياتية مثلاً، بينما المقربون من أمثال الأنبياء يعتبرون أن هذه الأفعال وإن كانت ليست بمعاصي وذنوب حقيقة، ولكن بما أنها تشغلهم عن التوجه إلي الله في كل آن من آنات حياتهم، وفي جميع أحوالهم يعتبرون انشغالهم بذلك سيئة.. لا أنها سيئة في حقيقتها بالمعني المعروف شرعاً، بل هم يعتبرونها كذلك.

قلت يا مشارك:

" ثم أشرع بعد ذلك في الرد علي كلامك الأخير: (ه) الرد علي أولاً وثانياً: يبدو أنك اقتنعت بكلامي حول السبب والفعل والنتيجة وهذا شئ جيد يا تلميذ والحمد لله أن اتضحت لك الصورة الآن من الناحية الأصولية واختفي التناقض الموهوم عندك ".

أقول:

أولاً: لم أكن واهماً عندما قلت لك بأنك متناقض في كلامك.

فأنت أولاً جعلت ذنب موسي عليه السلام هو القتل، وبعد الإشكال عليك قلتَ بأن النصرة هي الذنب، وبعد أن أشرت إلي تناقضك هذا استنجدت بقول ثالث وقلتَ بأن النصرة ذنب والقتل ذنب.

ص: 141

ومعني كلامك هذا أن موسي عليه السلام ارتكب أكثر من ذنب، بل بالتحديد ارتكب معصيتين: الأولي أنه نصر من لا تجوز نصرته ففعل ذنباً، ثم قتل من لا يجوز قتله ففعل ذنباً ثانياً.

وهذا خلاف كلامك في المورد الأول حيث قلت: " أن الذنب يكمن في القتل ".

وأنا عندما أحجمت عن الرد عليك فيه، لا لأني سلمت بأنه ليس هناك تناقض، ولكن أنت تنفي وجوده مع أنه ظاهر من كلامك.

وعليه فعندها لن نصل أنا وأنت في المسألة إلي نتيجة.. ففضلت النقاش في لب الموضوع، لا في الجانبيات.

ولم ينقذك ما أتيت به من ما وصفته بأنه من علم الأصول - أعني السبب والفعل والنتيجة - وكأننا لا نعرف هذا الشئ، فجئت تخبرنا بشئ جديد من علم الأصول لم نكن نعرفه ولا نفهمه.

قلت يا مشارك:

" (و) النصرة والإسرائيلي المجرم: يقول موسي عليه الصلاة والسلام (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين). وكلمة ظهيراً تعني ناصراً، وموسي عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الكلام في معرض كلامه بعد مناصرته للمجرم الإسرائيلي، فهو إنما ناصر الإسرائيلي ولم يناصر القبطي، وهذا الإسرائيلي غوي مبين بشهادة موسي، وهو الذي نشر خبر القتل، بل من الأقوال المذكورة فيه أنه هو السامري ".

أقول:

ص: 142

أولاً: من ذكر أن هذا الإسرائيلي هو السامري؟ وما مدي صحة هذا القول؟ وما هو مصدره؟ الرجاء التفضل والتكرم علينا بذكر القائل ومصدر قوله مع الإشارة إلي ما يؤيد هذا القول من النصوص الصحيحة.

ثانياً: كلامك أن موسي عليه السلام قال هذا الكلام: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " عقيب حادثة النصرة وقتل القبطي أنه دليل علي أنه يشير إلي أن الإسرائيلي كان مجرماً.. لا دلالة فيه علي ما أشرت إليه.

فهو قول مطلق يحتاج إلي وجود دليل آخر يدل علي ذلك، والآيات القرآنية ليس فيها هذا الدليل. فهل عندك دليل آخر علي ذلك؟

ثالثاً: لقد ذكرت لك سابقاً أن وصف موسي عليه السلام للإسرائيلي بأنه " غوي مبين " لا دلالة فيه علي أنه كان مجرماً لأن كلمة (الغي) تستعمل في معاني مختلفة، تارة في خلاف الرشد وأخري في فساد الشئ.

قال ابن فارس: (فالأول الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال:

غوي يغوي غياًّ... إلخ).

ووصف موسي عليه السلام له بذلك لعله يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام ونزاع مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين وكان ينبغي لك أن تتجنب الدخول معهم

في الخصام والنزاع حتي وإن هم حاولوا منك مخاصمتك ونزاعك والإقتتال معك أو يريد منه معني آخر من معاني هذه الكلمة.

قلت يا مشارك:

" تقول يا تلميذ: [ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي عليه السلام له معصية].

ص: 143

وأقول لك يا تلميذ: إن لم يقنعك الكلام السابق كله فقد تقتنع بما قاله إمامك في شأن الإسرائيلي (وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم: [وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: هذا من عمل الشيطان. فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله. فلو كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي مما يرضاه الله فلم قال عنه إمامك إنه من عمل الشيطان؟ وها هو موسي عليه الصلاة والسلام ناصر اليهودي الذي فعله من عمل الشيطان وليس من أجل الله، أو ليس هذا لازم قول إمامك؟ ".

أقول:

أولاً: لم أجد في كلامك السابق ما يقنعني والله.. ولا دليل فيه علي شئ من ذلك.

ثانياً: إن السطحية في فهم الكلام هي التي جعلتك تفهم كلام الإمام هكذا أو تفسره بهذه الكيفية، بل إن كل ما أوردته هو من باب المغالطة.

فالإمام الرضا عليه وعلي آبائه آلاف التحية والصلاة والسلام، وصف الإقتتال الدائر بين القبطي والإسرائيلي بما هو قتال لا ثمرة من ورائه ولا فائدة، أنه من عمل الشيطان فهو الذي أوجد بين هذين الشخصين هذا الإقتتال والنزاع والخصام.

أما من هو المخطئ في هذا الإقتتال هل هو القبطي أم الإسرائيلي؟ من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ فليس في كلام الإمام عليه السلام تحديد ذلك أو الإشارة إليه!!

فقد يحصل اقتتال ونزاع بين شخصين يكون بفعل وسوسة الشيطان إلي أحدهما في قتال أخيه، فيكون هذا هو الظالم وذاك هو المظلوم.

ص: 144

ويصح أن يقال عن الإقتتال أنه من عمل الشيطان، حتي لو كان طرف واحد هو المخطئ فيه.

قلت يا مشارك:

" قول قتادة كقول ابن عباس يحتاج إلي إثبات صحته أولاً ".

أقول:

أولاً: كان عليك أن تثبت صحة قول ابن عباس من عدمه ليكون شاهداً قوياًّ لك، وهذا ما لم تفعله.

ثانياً: إن نسبة القول إلي قتادة صحيح السند، روي عنه بسند صحيح. فالرواية رواها الطبري في ج 10 ص 46 في تفسيره، وسندها هو كالتالي:

قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا: سعيد، عن قتادة: (...).

ف- (بشر) هو بشر بن معاذ العقدي، قال عنه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: 1/109: " صدوق من العاشرة ".

و (يزيد) هو يزيد بن زريع، قال عنه ابن حجر العسقلاني في نفس المصدر: 2/373 " ثقة ثبت ".

و (سعيد) هو سعيد بن أبي عروبة اليشكري، قال عنه ابن حجر العسقلاني في المصدر المذكور: 1/ 294: " ثقة حافظ وكان من أثبت الناس في قتادة ".

قلت يا مشارك:

" (ز) تكرار النصرة للإسرائيلي: هذا يشكل عليكم أكثر مما يشكل علينا، لنا هناك احتمالان: الأول: أنه ربما لم يستثن صلي الله عليه وسلم وهذا مما روي عن ابن عباس كما في القرطبي وأنا معك في أن هذا احتمال قد يكون صحيحاً أو خاطئاً مع الإحتياج للتأكيد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

ص: 145

الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم فنحن نقول إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهداً بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري. ثم التوبة منه بعد ذلك وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنتين طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك ".

أقول:

أولاً: نعم كما ذكرت يحتاج قول ابن عباس إلي إثبات هذا أولاً. وثانياً يحتاج قوله بعد ثبوت صحته إلي كيفية الإستدلال به. وثالثاً: إثبات أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء. ورابعاً: يحتاج إلي إثبات علاقة عدم الإستثناء بالوقوع في النصرة الغير جائزة حسب زعمكم والمحرمة في المرة الثانية.

ثانياً: تكرار النصرة ليس فيه أشكال علينا فضلاً عن أن يكون أكثر من الإشكال عليكم، لأننا لا نقول بأن النصرة في حد ذاتها إلا أنها جائزة، إن لم تكن واجبة عليه سلام الله عليه.

ثالثاً: ما أعجب قولك وأغربه: " لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم "!! وقولك: " وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين "!!

أتعرف ما معني قولك هذا؟ أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير.

رابعاً: أهؤلاء هم صفوة البشر وخيرته ومن اصطفاهم واجتباهم الله تعالي وجعلهم أنبياء ورسلاً، وقال عنهم بأنهم علي الصراط المستقيم وأن ليس

ص: 146

للشيطان عليهم سبيل و... و... يفعلون المعاصي ويكررونها ويتجرؤون علي المولي سبحانه وتعالي؟

أهؤلاء هم قدوة البشر والناس الذين أرسلوا إليهم لجعلهم يسلكون الطريق القويم ونهج الله هم يخالفون في بعض الأحيان هذا الصراط، وينهجون غير نهجه بفعل المعاصي والذنوب؟

خامساً: إن موسي عليه السلام وبعد أن قصد مرة أخري نصرة الإسرائيلي وعزم عليها لم يثبت أن ذكر القرآن أو الروايات أنه رجع إلي ربه بما يثبت أنه نادم علي قصده المعصية مرة أخري أو علي مخالفته للعهد الذي قطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين. وهذا دليل أيضاً علي أن النصرة لم تكن معصية ولا ذنباً.

قلت يا مشارك:

" (ط) لو: وأما أن لو تفتح عمل الشيطان فهذا جزء من حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم، وأما عن الروايات التي ذكرتها وغيرها فهناك مبحث جميل ومفيد عن (لو) في أحد أعداد مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارة البحوث الإسلامية والدعوة والإرشاد ويمكنني أن أعثر علي رقم العدد لو كان هذا مما يهمك، فقد ذكر الباحث أوجه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة ".

أقول:

أولاً: كان الواجب عليك، أن تنقل لنا، نص هذا الحديث الصحيح - حسب قولك الوارد فيه - أن (لو) تفتتح عمل الشيطان، وعليه نطالب بذكر هذا الحديث ونقله لنا كاملاً مع سنده.

ص: 147

ثانياً: إن الرسول صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين ومن أتي بعدهم في أقوالهم وخطاباتهم التي أثرت عنهم قد استخدموا هذه اللفظة (لو) في بداية أحاديثهم وأقوالهم وحتي المسلمون في يومنا هذا، فمن احتاج كلامه وخطابه أن يستخدم هذه اللفظة فيه يستخدمها دون أدني حرج أو مانع أو شئ من هذا القبيل سواء كان الإستخدام لها في بداية الكلام أو أثنائه.

ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه أنه صحيح عندكم، الوارد فيه ذلك، ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات.

ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله: إن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح

بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه؟

بعبارة أخري إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك.

وإذا أوجدت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان.. فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها.

رابعاً: إن الحديث الوارد فيه ذلك لم يرد من طرقنا، فلسنا ملزمين بالأخذ به ولا حجة فيه علينا لأنه لم تثبت صحته عندنا نحن الشيعة.

ص: 148

خامساً: اللازم عليك أن تذكر لنا ما ذكره الباحث من وجوه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة لنعرف هل أن استخدامنا ل (لو) في كلامنا يدخل في الوجوه الصحيحة أم في الوجوه الخاطئة؟

سادساً: لم نسمع بأحد من المسلمين من علماء السنة أو الشيعة من ينهي أو يحرم أو يفتي بعدم استخدام هذه اللفظة في بداية الكلام والإفتتاح بها.

إلا إذا كان هناك من علماء مذهبك أنت (الوهابية) من يذهب إلي هذا في فتواه فقوله ليس بحجة علينا وفتواه غير ملزمة لنا.

والخلاصة: وإن كان هذا البحث لا علاقة له بموضوع حوارنا ولكن أطالبك أولاً: بذكر الرواية، وثانياً: بكلام الباحث الذي أشرت إليه.

قلت يا مشارك:

" (ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي من عمل الشيطان طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟ ".

أقول:

لقد جاوبنا علي هذا أعلاه وقلنا هناك بما نختصره هنا أن هذه مغالطة منك.

فكلام الإمام عليه السلام كان وصفاً لنفس الإقتتال بما هو اقتتال، بغض النظر عن من هو المخطئ فيه ومن هو المصيب.

قلت يا مشارك:

" (ل) لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر مع حثكم بعدم الإقتداء به فطالما أنك تعترف أنه خطأ فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟ ".

أقول: إن نصرة موسي عليه السلام للإسرائيلي لم تكن خطأ في حد ذاتها حتي يكون تكرارها تكراراً للخطأ، فهذا الإشكال غير متوجه إلينا البتة، فالنبي

ص: 149

موسي عليه السلام عندما حاول نصرة الإسرائيلي مرة أخري ضد العدو الآخر، إنما فعله باعتباره جائز.. إن لم نقل أنه واجب عليه من باب نصرة المظلوم من ظالمه ".

قلت يا مشارك:

" (م) الوتر: لقد حجرت واسعاً يا تلميذ، وأنتم بعقيدتكم هذه شددتم علي الناس أيما تشديد فمفهوم كلامك ومنطوقه بقولك: [إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو وتر بركعة واحدة، فإن كل عاقل يقول إنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة] إننا نأخذ دائماً بالعزيمة والأكمل من حال أفعال النبي صلي الله عليه وسلم دون ما سواه. وأنا أطالبك بالدليل علي دعواك بعدم الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في فعله المفضول إذا ثبت فعله للفاضل، فعندنا نقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم في الجميع وأنت تقول هنا لا مجال للإقتداء بالنبي في المفضول!! ".

أقول:

أولاً: لم أحجر واسعاً، ولا عقيدتنا هذه عقيدة تشديد علي الناس ولا شئ من هذا القبيل.

وإنما عدم تدبرك في كلامي هو الذي جعلك تصل إلي هذه النتيجة.

ثانياً: إن هذا المثال أنت الذي أتيت به سابقاً - أعني مثال وتر النبي - للإشكال علي وهو في الحقيقة غير دقيق.

وذلك لأننا نعني بخلاف الأولي هو الفعل الذي لو فعله العبد كانت آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو تركه كان العكس، أو هو

ص: 150

الفعل الذي لو تركه العبد تكون آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليل أو معدومة ولو فعله كان العكس.

فلو وتر النبي صلي الله عليه وآله بأكثر من ركعة بثلاث أو خمس أو.. إلخ. مبيناً أن الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس ممكن وجائز ولا إشكال فيه.. فهذا حتي نحن نقول بأنه يجوز الإقتداء به في كل هذه الموارد، لأنه ليس في الإقتداء به في واحد من هذه الموارد ما يخالف الأولي.

وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً، فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولي، وأن له سلبيات كبيرة.

كما تقولون أنتم بأنه ما ثبت لنا أنه معصية ومخالفة لله من قبل الأنبياء، فلا مجال للإقتداء بهم فيه. وحاشاهم أن يصدر منهم ذنب ومخالفة لله بمعني تجرؤ علي أوامره الإلزامية.

وعليه فمطالبتي بالدليل ناشئ من عدم فهمك لكلامي، لأن موضوع المناقشة في خصوص هذه المسألة هو موضوع الإقتداء بالأنبياء في موارد مخالفة الأَولي، لا في الإقتداء بهم في فعلهم للفعل المفضول مع سبق فعلهم للفاضل أو لحوقه، أو ثبوت أن هذا الفعل مفضول، وأن هناك فعل فاضل له.

فنحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية أيضاً نقول بأن كلا الموردين مورد اقتداء.. فمن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي ومن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي.

وأنت لو دققت النظر في كلامي أعلاه الذي أشكلت به عليَّ لوجدت أنه جاء في سياقه كلمة:

(خلاف الأولي).

وكتب (مشارك) بتاريخ 1 - 10 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 151

وأشكرك حقيقة علي مواصلة الحوار، واتباعك لهذا الأسلوب الجميل في محاولة التعليق علي جميع ما أذكر. وإن كنت أتمني أن تبدأ كل فقرة جديدة في سطر جديد ومعذرة علي التأخير.. ولعلنا نحاول أنا وأنت الإختصار في الكتابة بما لا يخل - بعد الإنتهاء من موضوع موسي والقبطي - فهو أدعي للتواصل مع القراء، وهو أيسر لي من كتابة الردود الطويلة التي تأخذ وقتاً طويلاً مني وتكون سبباً في تأخير الرد أحياناً.

(أ) كنت أحسب أن هذا القول من المسلمات عندكم، وقد نشر في ساحتكم ومن أحدكم ولم أجد من يستنكره منكم، وعلي ما أتذكر فهو من نقولات (طالب العلم) عن شيخكم المظفر.

(ب) تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: هذه الآيات التي ذكرتها أو التي لم تذكرها مما يظهر منه صدور وحصول خطأ أو معصية من بعض الأنبياء فهو محمول عندنا علي مخالفة الأَولي لا علي المعصية والمخالفة بمعناها المتعارف شرعاً، فالأنبياء معصومون من أي مخالفة شرعية، وإن طال بنا العمر واستمر هذا الحوار بيننا فسأثبت لك بالدليل عند الحديث عن هذه الآيات صحة قولنا هذا، كما أن بعض هذه الآيات لا يظهر منه أصلاً ما يدل علي صدور ذنب أو خطأ ولكن لعدم التدبر والفهم لهذه الآيات من قبلكم هو الذي جعلكم تتوهمون وتفهمون منها ذلك ".

وأقول لك:

بل سأثبت لكم إشاء الله أنكم لا تأخذون عقيدتكم من القرآن وإلا فالآيات واضحة: " واستغفر لذنبك " " وعصي آدم ربه فغوي " وغيرها من الآيات.

(ج) النسيان: وهذا أيضاً مما سأثبته لك إن شاء الله أيها التلميذ.

ص: 152

لو كان القرآن والسنة مما تحتجون به فالله عز وجل يقول عن موسي " لا تؤاخذني بما نسيت ".

وعن محمد " واذكر ربك إذا نسيت " وغير ذلك من الآيات.

(د) تقول يا تلميذ:

" فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم ولا أنهم ليسوا بمعصومين، ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه وهذا يكون منهم لمزيد من الإنقطاع إلي الله سبحانه وتعالي والتقرب إليه بل هؤلاء يعتبرون أنفسهم مقصرين في حق الله مهما فعلوا من طاعة وعبادة ومارسوا من أوراد والتزموا بذلك لأنهم، يعتبرون انشغالهم بالأمور المباحة في الحياة غفلة منهم عن الله سبحانه وتعالي ولذلك ينزلون أنفسهم منزل المذنب وإن لم يكونوا في واقع الأمر كذلك، ومن هذا يفهم الرد علي ما أوردته يا مشارك من مقاطع أدعية الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين ".

وعلي هذا فمهما أتيت لك من آيات وأحاديث وأقوال لأئمتكم تثبت هذا الأمر فلا فائدة من ذلك لأنكم لا تأخذون عقائدكم منها، بل تؤولون ذلك كله علي ما يتفق مع أهوائكم.

وإلا فبيِّن لي كيف ترد علي هذا الكلام: " هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب، وقادته أزمة الخطايا، اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة.

ص: 153

اللهم صل علي محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد علي سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك " بدليل منطقي؟

ما هو دليلك في نفي الذنب والسيئات عنه وهو يثبتها علي نفسه؟

وهذا أيضاً يا تلميذ:" والحمد لله الذي يحلم عني حتي كأني لا ذنب لي ".

فهو يعترف أن له ذنباً وهو يعترف بالمعصية " إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه ".

وهو يطلب التوبة من الخطيئة " وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ".

وبعد هذا كله تأتي أنت لتنفي هذا كله بكلامك وتقول: " فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم، ولا أنهم ليسوا بمعصومين، ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه "!

وأنا أطالبك بالدليل الصحيح من كلامه هو لا من كلامكم أنتم.. أعطني قولاً له هو يؤيد كلامك هذا فيما حكاه عن نفسه.

وهذا أيضاً يا تلميذ ولعلي أبدؤكم بها:

(1) جاء في نهج البلاغة قول علي رضي الله عنه " لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه. فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي ". نهج البلاغة ص 335.

فهو رضي الله عنه لم يدَّعِ ما تزعم الشيعة فيه من أنه لا يخطئ، بل أكد أنه لا يأمن علي نفسه من الخطأ كما يعلن عدم استغنائه عن مشورة الرعية، فأين العصمة؟؟

ص: 154

(2) وجاء من دعائه رضي الله عنه:

" اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني، فإن عدت فعد علي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وشهوات الجنان وهفوات اللسان ". نهج البلاغة ص 104.

فها هو رضي الله عنه يقر علي نفسه بوقوع الذنب منه وبالعودة إليه بعد التوبة والإعتراف بسقطات الألفاظ. فأين العصمة؟؟

(3) قال أبو عبد الله: " إنا لنذنب ونسئ ثم نتوب إلي الله متاباً ". بحار الأنوار: 25/207.

فها هو يقر علي نفسه بالذنب والإساءة ثم التوبة. فأين العصمة؟

(4) وكان أبو الحسن موسي الكاظم يقول: " رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني، وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني، وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لأعقمتني، وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي ولم يكن هذا جزاك مني ". انظر بحار الأنوار: 25/203.

(ه-) ولعلي آتيك الآن يا تلميذ بما لا قبل لك به إن شاء الله، وهو: ما حكم من اعتقد أنه يمكنه أن يري الله بعينيه في مذهبكم؟ وهل تعتبرون هذا من خلاف الأولي فقط؟

يقول موسي عليه الصلاة والسلام " رب أرني أنظر إليك ".

ص: 155

وهذا السؤال نبع من إمكانية تحقق الرؤية في نظره، ومعني هذا أن اعتقاد موسي - ولو لفترة ما من حياته في نظركم علي أن رؤية الله ممكنة - وهذا علي مذهبكم من الضلال العظيم.

فهيا هات ما عندك يا تلميذ في هذا الإشكال.

(و) الدين المطور: تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: إن علماء الشيعة القدماء والمتأخرين ومتأخري المتأخرين مجمعون علي رأي واحد في هذه المسألة وشذوذ واحد أو اثنين لا يخرق هذا الإجماع، وقولك بأننا تركنا ما قاله علماؤنا القدماء فيه إيهام للقارئ بأن قدماء الشيعة مجمعون أو أن أغلبهم علي خلاف رأي المتأخرين وهذا غير صحيح وأنت لم تأتِ إلا بالشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن لعلمك بأنه لا يوجد غيرهم من القدماء من يخالف الإجماع ".

وأطالبك بذكر أقوال ثلاثة من القدماء في كتبهم الموجودة تخالف هذه العقيدة علي أن يكونوا في نفس الفترة الزمنية، فحسب قناعتي أن دينكم مطور ويتجه للغلو باستمرار.

(ز) الإفتراء والخروج عن مسار الموضوع:

تقول يا تلميذ:

" إذا كان مخالفة رأي عالم واحد أو اثنين من الطائفة والمذهب لمجموع علماء الطائفة يعتبر من الأعاجيب فإن أعاجيبكم أكبر وأكثر، ففيما قدماء علمائكم مجمعون علي عدم الأخذ بظاهر الآيات التي تثبت الجهة والجارحة لله مثل اليد والعين وغيرها من الجوارح، والمتأخرون منهم يؤولون ظاهرها ولا يقبلون به تأتون أنتم - أعني أتباع ابن تيمية (الوهابية) - وتشذون عنهم فتأخذون بظواهر هذه الآيات وتثبون الجارحة والجهة لله سبحانه وتعالي،

ص: 156

فخالفتم جل علماء أهل السنة بذلك ووصل الأمر إلي أن كفر وضلل بعضكم البعض، فكيف يكون مخالفة قول واحد أو اثنين من العجائب ولا يكون مخالفة جل علماء المذهب من هذا القبيل؟ تلك إذا قسمة ضيزي ".

فأهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً من عهد الصحابة إلي عصرنا هذا متفقون في العقيدة، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل، والنقولات عنهم في ذلك كثيرة جداً كما في كتب اللالكائي وابن خزيمة والعكبري وعبد الله ابن أحمد وغيرهم.

والآن نريدك أن ترجع عن افتراءك بهذا الإجماع الكاذب أو تثبته لنا.

(ط) النسيان مرة أخري: تقول يا تلميذ:

" ليس سهو النبي صلي الله عليه وآله كسهونا، لأن سهوه من الله عز وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباًّ معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متي سهوا، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان علي النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام سلطان، إنما سلطانه علي الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلي من تبعه من الغاوين ".

وأقول جواباً لك:

أريد إجابة محددة أولاً. هل حصل سهو ونسيان للأنبياء، أم لا؟

ونعلم أن الشيطان ليس له سلطان علي الأنبياء، ولكن هذا لا يتعارض مع قوله تعالي: " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما ". " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ". فلا تكونوا ممن يؤمن ببعض فقط.

(ي) الدليل العقلي: لم تأتِ بما ينقض كلامي بخصوص دليلكم العقلي يا تلميذ.

ص: 157

وأراك خلطت عن عمد أو عن جهل بكثير من الأمور، فكلامي كان محصوراً في الإقتداء بالأفعال التي يعملها الأنبياء، وأنت أتيت بقضية المعصية ومخالفة الأَولي وهي خارجة عن الموضوع، وأتيت بوجوب طاعة الأنبياء فيما يبلغونه وهو أيضاً خارج عن الموضوع، وكلامي معك بخصوص أفعال الأنبياء مثل قوله: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم ".

ولكي أزيد المسألة وضوحاً: أنتم تقولون لا بد أن يكون النبي والإمام معصوماً في جميع أفعاله لأنه محل القدوة، فلذلك لا بد أن يكون معصوماً حتي من الخطأ والنسيان وهذا من الغلو والتناقض.إن استطعت أن تميز محل النقاش فنستطيع أن نكمل هنا.

(ك) وتقول يا تلميذ:

" كما أن نقض هذه العقيدة - عند الشيعة - من أساسها يحتاج إلي نقض جميع الأدلة بكاملها سواء العقلية والنقلية منها ودون من يحاول ذلك خرط القتاد يا مشارك ".

وأقول لك:

بل عقيدتكم هذه لا يمكن أن تدخل أي عقل صحيح، والأدلة النقلية والعقلية في بطلانها أكثر من أن تعد أو تحصي. ولعلي أعيد لكم قريباً كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض عصمة أئمتكم في موضوع بعنوان (الوجوه الإثني عشر في نقض عصمة وإمامة أئمة الإمامية). فترقبه يا تلميذ.

(ل) الإزراء بالأنبياء: رمتني بدائها وانسلت يا تلميذ.

أو نحن الذين نزري بمقام الأنبياء يا تلميذ؟ أو أنتم الذين تحترمون مقام الأنبياء يا تلميذ؟

ألا تقرأ تفاسير علمائكم حول أخطاء الأنبياء وأنها بسبب رفض ولاية الأئمة؟

ص: 158

أوليس هذا ما نقله الحويزي في تفسير نور الثقلين: 3/435 أورد رواية في تفسيره أن يونس لقي ما لقي بسبب توقفه في ولاية علي رضي الله عنه، وفي تكملة الرواية أن علي بن الحسين قال:

(يا أيتها الحوت! قال فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك يا ولي الله!

فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي! قال: ايتنا بالخبر. قال: يا سيدي! إن الله تعالي لم يبعث نبياًّ من آدم إلي أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف فيها وتتعتع في حملها لقي ما لقي آدم من المصيبة، وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما لقي يوسف من الجب، وما لقي أيوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة، إلي أن بعث الله يونس فأوحي الله إليه أن يا يونس تولَّ أمير المؤمنين).

وروايات أخري في مقدمة البرهان ص 26 - 27. وأرجو منك إجابة هذا السؤال يا تلميذ: من أعظم منزلة عند الله في نظركم أئمتكم أم الأنبياء؟ ولماذا؟.

(م) علم الأصول: يا تلميذ خذها مني نصيحة حول علم الأصول، علم الأصول ليس بمحفوظات تحفظ، وإنما يحتاج لدربة ودراية وبصر ثاقب، وإن لم تفهم كلامي السابق فمعني هذا أن عندك مشكلة في فهم علم الأصول وتطبيقه.

وأما سؤالي لك عن تعريف المعصية فهذا تستطيع الجواب عنه بالرجوع إلي أحد كتبكم المتعلقة بهذا الموضوع.

(ن) الذنب: تقول يا تلميذ:

ص: 159

" أما بالنسبة لقوله تعالي الذي حكاه عن لسان موسي عليه السلام بقوله: (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون) معناه: أن فرعون وأعوانه يعتبرونني حسب نظرهم مذنباً بقتلي للقبطي فأخاف أن يقتلوني بهذا الذنب الذي لهم علي ".

فكيف تفسر معني الذنب في قوله عز وجل " واستغفر لذنبك "؟

(صلی الله علیه و آله) حسنات الأبرار سيئات المقربين: لم تستطع أن تأتي بمثال مقبول.

فالأبرار يمكن أن يعتبروا ذلك من السيئات علي حسب مفهومك، طالما أن الإنشغال بالأمور الحياتية مما يمكن أن يفعله الناس العاديون..

يتبع يا تلميذ فانتظرني لأكمل الرد علي بقية كلامك إن شاء الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 9 - 10 - 1999، السادسة مساءً:

نواصل بقية الرد علي كلامك يا تلميذ:

1 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: لم أكن واهماً عندما قلت لك: بأنك متناقض في كلامك، فأنت أولاً جعلت ذنب موسي عليه السلام هو القتل وبعد الإشكال عليك، قلتَ: بأن النصرة هي الذنب وبعد أن أشرت إلي تناقضك هذا استنجدت بقول ثالث، وقلت: بأن النصرة ذنب والقتل ذنب، ومعني كلامك هذا أن موسي عليه السلام ارتكب أكثر من ذنب بل بالتحديد ارتكب معصيتين: الأولي: أنه نصر من لا تجوز نصرته ففعل ذنباً ثم قتل من لا يجوز قتله ففعل ذنباً. ثانياً: وهذا خلاف كلامك في المورد الأول حيث قلت إن الذنب يكمن في القتل. وأنا عندما أحجمت عن الرد عليك فيه لا لأني سلمت بأنه ليس هناك تناقض ولكن أنت تنفي وجوده مع أنه ظاهر من كلامك، وعليه فعندها لن نصل أنا وأنت في المسألة إلي نتيجة ففضلت النقاش في لب الموضوع لا في الجانبيات. ولم ينقذك ما أتيت به من ما وصفته بأنه من علم الأصول أعني السبب والفعل والنتيجة وكأننا لا نعرف هذا الشئ

ص: 160

فجئت تخبرنا بشئ جديد من علم الأصول لم نكن نعرفه ولا نفهمه ".

وأقول لك:

بل الوصول إلي النتيجة أسهل مما تتصور، فقط أجبني علي هذه الأسئلة:

(أ) أوليس الفعل يأخذ حكم النية؟

(ب) لماذا وكز موسي القبطي؟

(ت) لماذا تاب موسي من هذا الفعل واستغفر؟

(ث) لماذا قال موسي بعد هذه الحادثة مباشرة: رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين؟

2 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: من ذكر أن هذا الإسرائيلي هو السامري وما مدي صحة هذا القول وما هو مصدره، الرجاء التفضل والتكرم علينا بذكر القائل ومصدر قوله مع الإشارة إلي ما يؤيد هذا القول من النصوص الصحيحة ".

وأقول لك:

هذا ما ذكره القرطبي كأحد الأقوال، وأما قضية التصحيح فيأتي الكلام عليها عند الرد عليك في قول قتادة إن شاء الله.

3 - تقول يا تلميذ:

" ثانياً: كلامك أن موسي عليه السلام قال هذا الكلام: (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين) عقيب حادثة النصرة وقتل القبطي أنه دليل علي أنه يشير إلي أن الإسرائيلي كان مجرماً لا

دلالة فيه علي ما أشرت إليه، فهو قول مطلق يحتاج إلي وجود دليل آخر يدل علي ذلك والآيات القرآنية ليس فيها هذا الدليل فهل عندك دليل آخر علي ذلك؟ ".

ص: 161

وأقول لك:

بل المسألة واضحة جداًّ، فموسي استغفر من مناصرة هذا الإسرائيلي الغوي المبين بعد هذه الحادثة مباشرة وتعهد ألا يناصر أمثاله، ودلالة السياق أوضح ما تكون، وإلا فما المقصود بهذه الآية إذاً؟ هل لديك تفسير مقبول؟

4 - تقول يا تلميذ:

" ثالثاًَ: لقد ذكرت لك سابقاً أن وصف موسي عليه السلام للإسرائيلي بأنه غوي مبين لا دلالة فيه علي أنه كان مجرماً لأن كلمة: (الغي) تستعمل في معاني مختلفة، تارة في خلاف الرشد وأخري في فساد الشئ قال ابن فارس: (فالأول: الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال: غوي يغوي غياًّ... إلخ). ووصف موسي عليه السلام له بذلك لعله يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام ونزاع مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين وكان ينبغي لك أن تتجنب الدخول معهم في الخصام والنزاع حتي وإن هم حاولوا منك مخاصمتك ونزاعك والإقتتال معك أو يريد منه معني آخر من معاني هذه الكلمة ".

وأقول لك:

من فمك أدينك، فهذا ما نقلته أنت: " قال ابن فارس: فالأول الغي وهو خلاف الرشد، والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال: غوي يغوي غياًّ... إلخ ".

ألا تعتبر الإنهماك في الباطل إجراماً؟ ألا تعتبر هذا إجراماً؟ ألا تعتبر الفتنة والوشاية بموسي إجراماً؟

ص: 162

ألا تعتبر كثرة فتنه ومخاصماته إجراماً؟ ألا تعتبر أن فعله طالما أنه من عمل الشيطان إجراماً؟

5 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: لم أجد في كلامك السابق ما يقنعني والله، ولا دليل فيه علي شئ من ذلك. ثانياً: إن السطحية في فهم الكلام هي التي جعلتك تفهم كلام الإمام هكذا أو تفسره بهذه الكيفية، بل إن كل ما أوردته هو من باب المغالطة، فالإمام الرضا عليه وعلي آبائه آلاف التحية والصلاة والسلام وصف الإقتتال الدائر بين القبطي والإسرائيلي بما هو قتال لا ثمرة من ورائه ولا فائدة أنه من عمل الشيطان، فهو الذي أوجد بين هذين الشخصين هذا الإقتتال والنزاع والخصام، أما من هو المخطئ في هذا الإقتتال هل هو القبطي أم الإسرائيلي؟ من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ فليس في كلام الإمام عليه السلام تحديد ذلك أو الإشارة إليه، فقد يحصل اقتتال ونزاع بين شخصين يكون بفعل وسوسة الشيطان إلي أحدهما في قتال أخيه، فيكون هذا هو الظالم وذاك هو المظلوم، ويصح أن يقال عن الإقتتال أنه من عمل الشيطان، حتي لو كان طرف واحد هو المخطئ فيه ".

وأقول لك:

ها قد ناقضت نفسك يا تلميذ في مسألة السبب والباعث المثارة سابقاً.

فالإقتتال حصل بين الإسرائيلي المؤمن المجرم وبين القبطي الكافر، واعتبرته أنت من عمل الشيطان , بينما الإقتتال الذي حصل بين موسي المؤمن وبين القبطي الكافر لم تعتبره أنت من عمل الشيطان.

لماذا فرقت بين الحالتين يا تلميذ.

ص: 163

وأنت لا تعترف بمسألة السبب والباعث والنية؟ أوليس هذا تناقضاً منك؟ لو كانت نية الإسرائيلي صادقة وشرعية. فلماذا اعتبرتم عمله من عمل الشيطان؟ أوليس يناله الأجر إن قتل القبطي؟ أوليس يكون شهيداً إذا كان القبطي هو القاتل؟ متي يكون الإقتتال بين المسلم والكافر من عمل الشيطان يا تلميذ إذاً؟

(6) تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: كان عليك أن تثبت صحة قول ابن عباس من عدمه ليكون شاهداً قوياًّ لك وهذا ما لم تفعله. ثانياً: إن نسبة القول إلي قتادة صحيح السند روي عنه بسند صحيح فالرواية رواها الطبري في ج 10 ص 46 في تفسيره، وسندها هو كالتالي قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا: سعيد، عن قتادة: (...) ف- (بشر) هو بشر بن معاذ العقدي، قال عنه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: 1/109: (صدوق من العاشرة) و (يزيد) هو يزيد بن زريع، قال عنه ابن حجر العسقلاني في نفس المصدر: 2/373: (ثقة ثبت) و (سعيد) هو سعيد بن أبي عروبة اليشكري قال عنه ابن حجر العسقلاني في المصدر المذكور: 1/294: (ثقة حافظ وكان من أثبت الناس في قتادة) ".

وأقول لك:

أوردها سعد وسعد مشتمل.. ما هكذا يا سعد تورد الإبل.

أين ذهبت موضوعيتك وأسسك في النقاش؟ وما هي الضوابط التي تستند إليها؟ ولماذا تكثر من التناقضات مع نفسك ومعي يا تلميذ؟ لن أشغل نفسي بتصحيح رواية ابن عباس، ولن أعلق علي تصحيحك لرواية قتادة بالرجوع لتقريب التهذيب فقط، وبالإكتفاء بقول صدوق من ابن حجر.

أقول: لن أشغل نفسي بشئ من ذلك حتي يكون لك أساس ومرجعية في المناظرة يا تلميذ.

ص: 164

فعندما ذكرتك بما عندنا من أحاديث مرفوعة إلي النبي صلي الله عليه وسلم وفي البخاري ومسلم وغيرهما كمثل ما ذكرته سابقاً..

وحتي بعد البعثة يمكن أن يحصل الذنب من النبي، والأدلة علي ذلك كثيرة، منها قوله عز وجل: " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ".

وثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة أن المسيح يقول: " اذهبوا إلي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ".

وفي الصحيح: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوم حتي تورم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً، وقد قال تعالي: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ".

وفي الصحيحين عن أبي موسي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت علي كل شئ قدير ".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: أقول " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد ".

وفي صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول نحو هذا إذا رفع رأسه من الركوع. وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان

ص: 165

يقول في دعاء الإستفتاح: " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي وعملت سوءاً فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ".

وفي صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: " اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره أوله وآخره ".

وفي السنن عن علي أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي بدابة ليركبها وأنه حمد الله وقال: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلي ربنا لمنقلبون. ثم كبره وحمده ثم قال: سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك وقال: إن الرب يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر إلا أنا ". وغير ذلك كثير.

وكقول الرسول صلي الله عليه وسلم فيما يحكيه عن قصة موسي والخضر " كانت الأولي من موسي نسياناً ". وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة الصحيحة..

كان جوابك يا تلميذ وفي نفس هذا الرد الأخير: " ثانياً: بالنسبة للروايات التي وردت من طرقكم فهي ليست بحجة علينا لعدم ثبوت صحة هذه الروايات عندنا ".

وأقول لك يا تلميذ:

أهكذا تكون المنهجية في الحوار والمناظرة؟ ترفض ما أذكره لك من أحاديث صحيحة وثابتة أوردها لكي أحتج بها، ثم تأتي لتصحح لي أثراً من قتادة من كتبنا حتي تحتج به؟!!

لو أنك ترضي بما عندنا لأرحتنا يا رجل، فحديث الشفاعة الطويل واعتذار موسي عن الشفاعة لقتله القبطي كاف في المسألة.

ص: 166

فهلاَّ حددت لنا منهجك الثابت والمستقر يا تلميذ، وتركت عنك هذا التناقض؟

(7) تقول يا تلميذ:

" أولاً: نعم كما ذكرت يحتاج قول ابن عباس إلي إثبات هذا أولاً، وثانياً يحتاج قوله بعد ثبوت صحته إلي كيفية الإستدلال به، وثالثاً: إثبات أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء، ورابعاً: إلي إثبات علاقة عدم الإستثناء بالوقوع في النصرة الغير جائزة حسب زعمكم والمحرمة في المرة الثانية ".

وأقول لك:

أولاً: تكلمنا عن المنهجية في التصحيح التي ينبغي أن تسلكها يا تلميذ

ثانياً: أوضحنا ذلك فيما سبق وسيأتي التفصيل بشكل أكبر إن شاء الله.

ثالثاً: لقد أثبت موسي عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة والسلام الذنب علي نفسه، واستغفر من ذلك الذنب، فليس نحن بالذي نفتئت علي الأنبياء، وإنما نحن نضع الإحتمالات الجائزة في ذلك، وأيهما كان الصحيح أخذنا به.

فليست القضية واردة عندنا في إثبات وقوع الذنب فهذا مثبت، وإنما في معرفة حقيقة الذنب بالضبط، وقد ذكرت لك احتمالان (كذا) في ذلك وأي منهما إذا ثبت كاف في المسألة، وبالنسبة للثاني فأنت لا تستطيع إنكاره كما سيأتي إن شاء الله.

رابعاً: الأصح لغوياًّ أن تقول (غير الجائزة) بدلاً من قولك (الغير جائزة).

وإضافة لذلك فإن الإنسان إذا قطع علي نفسه عهداً ألا يعود لأمر ما واستثني في ذلك الأمر، فهذا ليس كافياً لعدم عودته لذلك الأمر، فما بالك إذا لم يستثن؟

(8) تقول يا تلميذ:

ص: 167

" ثانياً: تكرار النصرة ليس فيه إشكال علينا فضلاً عن أن يكون أكثر من الإشكال عليكم لأننا لا نقول بأن النصرة في حد ذاتها إلا أنها جائزة إن لم تكن واجبة عليه سلام الله عليه ".

وأقول لك:

إذا كنت مصراًّ علي أن جميع ما فعله الأنبياء عن عمد وتابوا منه، أو ما فعلوه بغير قصد هو مما يجوز تكراره عمدا لجوازه فأجبنا عن حكم تكرار موسي لطلب الرؤية وفق عقيدتكم.

وأجبنا عن هذا أيضاً لو سمحت، وأنتم الذين تقولون في العصمة ما تقولون.. هل يجوز لك إلقاء المصحف من يدك علي الأرض؟

وهل تعتبر هذا العمل من موسي عليه الصلاة والسلام والذي فعله بغير قصد، من العمل الجائز تكراره عمداً من موسي " وألقي الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه " فهل تعتبر إلقاء الألواح التي فيها التوراة علي الأرض عملاً جائزاً من باب خلاف الأولي؟

(9) تقول يا تلميذ:

" ثالثا: ما أعجب قولك وأغربه: [لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم!] وقولك: [وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين!] أتعرف ما معني قولك هذا؟ أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير ".

وأقول لك:

من أين لك كل هذا الفهم؟ فكلامي يوضح بعضه بعضاً، وأنت إذا تأملته بكامله لزال سوء اللبس عندك. فكلامي كان:

ص: 168

" الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم. فنحن نقول إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهدا بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري ثم التوبة منه بعد ذلك، وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنتين طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك ".

والعبارة الأخيرة توضح ما أقصده من كلامي: "طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك". فلماذا تجاهلتها يا تلميذ؟ وهي التي توضح كل الكلام السابق؟ ولماذا تحمل كلامي علي ما لا يحتمل؟

فقد ذكرت لك عقيدتي كاملة فيما يتعلق بالأنبياء وأنهم صفوة البشر.

ومن كلامي السابق: " الأنبياء هم صفوة البشر وأفضلهم معدناً: قال تعالي: (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) ".

ومن كلامي السابق: " ولكن ييسر الله لهم التوبة من أخطائهم وذنوبهم في الدنيا، كما حكي الله عن أنبيائه ورسله في القرآن ".

فقولك هذا: " أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير " مردود يا تلميذ، وهو تقويل لي لما لم أقل، ولم أقصد، فكلامي ومن أوله واضح في الأنبياء يعودون عن أخطائهم.

وأقول لك أيها التلميذ: إن كنت من هواة الأخذ بمتشابه القول رغم أن النص علي خلاف ما تقصد موجود، فما رأيك بصريح القول من كلام علمائك وآياتك؟ كما سآتيك به في الفقرة التالية.

ص: 169

(10) ثم تقول يا تلميذ:

" رابعاً: أهؤلاء هم صفوة البشر وخيرته ومن اصطفاهم واجتابهم الله تعالي وجعلهم أنبياء ورسلاً وقال عنهم: بأنهم علي الصراط المستقيم وأن ليس للشيطان عليهم سبيل.. و.. و.. يفعلون المعاصي ويكررونها ويتجرؤون علي المولي سبحانه وتعالي؟ أهؤلاء هم قدوة البشر والناس الذين أرسلوا إليهم لجعلهم يسلكون الطريق القويم ونهج الله هم يخالفون في بعض الأحيان هذا الصراط وينهجون غير نهجه بفعل المعاصي والذنوب؟ ".

وأقول لك: عجباً لك ثم عجباً يا تلميذ، عقيدتنا في أفعال الأنبياء أننا نقر بأنها صواب وأنها للتأسي والإقتداء ما لم يأتنا من الله أو رسوله خلاف ذلك، ولسنا نأخذ إلا بالنقل الثابت في ذلك فليس للعقل طريق علي رد النقل الصحيح كما تفعلون أنتم.

ولسنا نحن من أتي بهذا القول في أفعال الأنبياء من عند أنفسنا بل هذا هو ما قاله الله عز وجل في كتابه وقاله صلي الله عليه وسلم في سنته.

فالله عز وجل ذكر ذنوب الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وأخطاءهم ونسيانهم كما مر معنا في عشرات الآيات السابقة، والله عز وجل ذكر توبة أولئك الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه من ذنوبهم وأخطائهم في الدنيا كما مر معنا في عشرات الآيات السابقة، والله عز وجل جعل أولئك الأنبياء للقدوة والأسوة الحسنة لبقية البشر كما مر معنا في الآيات السابقة، والله عز وجل خص ما تاب منه أولئك الأنبياء من موضوع القدوة والأسوة.

ص: 170

فنحن لا نقتدي بهم فيما تابوا منه " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم " وكما فصلته لك سابقاً في موضوع استغفار إبراهيم لأبيه ثم تبرؤه منه فراجعه بتفصيله في موضعه. فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما قاله الله وأثبته في كتابه؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته الأنبياء في حق أنفسهم؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته الرسول صلي الله عليه وسلم في حق نفسه " وأنسي كما تنسون "؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته أئمتك علي لسانهم؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته علماؤنا وقدماء علمائكم؟ أوتريدنا أن نترك كل ذلك يا تلميذ؟ فهل أنتم أعلم، أم الله؟ وأقول لك: أيها التلميذ إن كنت صادقاً في دفاعك عن الأنبياء وعن المصطفي صلوات الله وسلامه عليهم، فدافع عنهم ضد من يقول فيهم هذا الكلام.

يري جماعة من الشيعة أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد عصي في أخذ الفداء يوم بدر، أما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، لأن الرسول إذا عصي فالوحي يأتيه من قبل الله فينبهه علي وجه الخطأ فيتوب منه، والأئمة لا يوحي إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم من أجل ذلك معصومون لا يجوز أن يسهوا أو يغلطوا وإن جاز علي الرسول العصيان.

انظر كلامهم هذا علي ألسنة علمائك عند الأشعري في مقالات الإسلاميين ص 48، والشهرستاي في الملل والنحل: 1/185.

والآن أورد لك بعض الكلام علي لسان الخميني نائب المنتظر، وهو ينتقص الرسول صلي الله عليه وسلم وسائر الأنبياء ويجوز عليهم الفشل، فهو يري أن

ص: 171

الرسول صلي الله عليه وسلم فشل في أداء المهمة التي بعث من أجلها، وهي إقامة حكومة العدل الإلهي.

بل إن كل الأنبياء فشلوا في هذه المهمة، ويري أن الذي سينجح فيها هو الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر.

يقول الخميني بهذا الشأن: " لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم، لكنهم لم ينجحوا، حتي محمد خاتم الأنبياء، الذي جاء لإصلاح البشرية، وتنفيذ العدالة وتربية البشر، لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم الإنحرافات هو المهدي المنتظر ".

هذا النص جزء من خطاب ألقاه الخميني في ذكري مولد المهدي المنتظر، وقد ألقي الخطاب في (15 شعبان 1400 ه) ونقل عبر إذاعة طهران، وتناقلته بعض وكالات الأنباء والصحف، ومنها صحيفة الرأي العام الكويتية في عددها الصادر بتاريخ (21 - 6 - 1980 م) وقد انتظرت رابطة العالم الإسلامي تكذيباً أو توضيحاً من الجهات الرسمية في إيران بشأن هذا الخطاب، ولما لم يصدر شئ من هذا، أصدرت الرابطة بيانا بتاريخ (9 رمضان 1400 ه) استنكرت فيه هذا الكلام، واعتبرته طعناً في الرسول صلي الله عليه وسلم والإسلام.

ويؤكد هذا المعتقد في موضع آخر، حين يبدي أسفه لفشل الرسول صلي الله عليه وسلم، فيقول:

" إني متأسف لأمرين، أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلي يومنا هذا، وحتي في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغي ".

ص: 172

ضمن خطاب ألقاه الخميني في ذكري مولد الرضا الإمام السابع عندكم بتاريخ (9 - 8 - 1984 م) وقد استنكرت هذا الخطاب عدة جهات إسلامية.

ويعلل الخميني فشل الرسول صلي الله عليه وسلم - كما يدعي - إلي عجزه بسبب إحاطة المنافقين به، وغلبتهم. من نفس المصدر السابق.

كما وأن الخميني يتهم الرسول صلي الله عليه وسلم بالتهيب من تبليغ أوامر الله تعالي الخاصة بإمامة علي رضي الله عنه، ويدعي أن الرسول بقي محجماً عن هذا التبليغ إلي أن جاءه الأمر الرباني الصريح.

يقول الخميني في ذلك: " يتضح من مجموع هذه الأدلة ونقل الأحاديث بأن النبي كان متهيباً من الناس بشأن الدعوة إلي الإمامة، وأن من يعود إلي التواريخ والأخبار، يعلم بأن النبي كان محقاًّ في تهيبه، إلا أن الله أمره بأن يبلغ، ووعده بحمايته، فكان أن بلغ وبذل المجهود في ذلك حتي نفسه الأخير إلا أن الحزب المناوئ لم يسمح بإنجاز الأمر. في كتابه كشف الأسرار ص 150 ".

وبقي الرسول صلي الله عليه وسلم علي خوفه وتردده - كما يدعي الخميني - إلي أن نزل قوله تعالي: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ". المائدة - 67.

ويزعم أن هذه الآية نزلت بشأن إمامة علي، لأنها نزلت بعد أن كان الرسول قد بلغ كل أحكام الله تعالي إلا أمراً واحداً وهو إمامة علي التي عناها الله تعالي بقوله " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها ". النساء - 58.

قال الخميني عقب إيراده لهذه الآية: " يفسر آخرون الأمانة بالإمامة، وقد ورد ذلك في مضامين بعض الأحاديث إذ يبدي الإمام أن المقصود من هذه الآية نحن الأئمة، فقد أمر الله الرسول صلي الله عليه وسلم برد الأمانة، أي الإمامة

ص: 173

إلي أهلها وهو أمير المؤمنين عليه السلام، وعليه هو أن يردها إلي من يليه وهكذا ". الحكومة الإسلامية للخميني ص 81.

ولا يخفي ما في كلام الخميني من جرأة حين يدعي أن علياًّ صاحب الأمر والرسول مأمور برد الأمانة إليه، فضلاً عما في تفسير الأمانة بالإمامة من تحريف لكلام الله، وتجاهل لسبب نزولها المشهور.

ولم يقتصر تجاوز الخميني علي هذا الحد، ولكنه زاد الأمر قبحاً عندما وقع في تناقض، فزعم أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يبلغ أصلاً ما أمر به بشأن خلافة علي، مما أدي إلي وقوع خلافات بين المسلمين.

يقول الخميني في هذا الصدد: " وواضح بأن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به، وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الإختلافات والمشاحنات، ولما ظهرت في أصول الدين وفروعه ". كشف الأسرار للخميني ص 155.

ولكلام الخميني هذا مدلول واحد لا غير، وهو أن كل ما حدث من خلافات بين المسلمين عبر تاريخهم الطويل كان بسبب تقصير الرسول صلي الله عليه وسلم في التبليغ، وعدم بذله الجهد في بيان أحكام الله تعالي للمسلمين مما أدي إلي تخبطهم واختلافهم.

إنها لإساءة بالغة يوجهها الخميني للرسول صلي الله عليه وسلم لم يجرؤ علي مثلها الأعداء. وبعد هذا الذي ذكرت: ألا يفهم من كلام الخميني أن الأنبياء يجوز عليهم الخطأ والنسيان والسهو والمعصية؟!

وما رأيك في هذا يا تلميذ: يقول الخميني: " إن النبي أحجم عن التطرق إلي الإمامة في القرآن لخشية أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف ". كشف الأسرار - الخميني ص 14.

ص: 174

وهل النبي جاء بالقرآن من عند نفسه حتي يتطرق فيه لما يشاء ويحجم عما يشاء؟؟؟

هل النبي يخاف أن يحرف القرآن بعد وعد الله له بالحفظ؟؟

هل للنبي أن يحجم عن تنفيذ شئ من الدين بزعمكم ويفرط في ذلك؟؟

أهذه هي عقيدة نائب المعصوم عندكم؟ أهذه هي عقيدة الولي الفقيه عندكم؟

(11) تقول يا تلميذ:

" خامساً: إن موسي عليه السلام وبعد أن قصد مرة أخري نصرة الإسرائيلي وعزم عليها لم يثبت أن ذكر القرآن أو الروايات أنه رجع إلي ربه بما يثبت أنه نادم علي قصده المعصية مرة أخري أو علي مخالفته للعهد الذي قطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين وهذا دليل أيضاً علي أن النصرة لم تكن معصية ولا ذنباً ".

وأقول لك:

هذا إشكال جيد، جعلتني أتنبه فيه لقضية هامة فأشكر لك طرح هذا الإشكال علي.

وأقول لك: دعنا ننتهي من الكلام علي النصرة الأولي بجميع أبعادها ثم نتكلم عن النصرة الثانية. فالنصرة الأولي قال بعدها موسي واصفاً نفسه " رب إني ظلمت نفسي ". فهل يعتبر قتل الكافر من ظلم النفس؟

والنصرة الأولي طلب موسي من ربه أن يغفر له " فاغفر لي ". وهل يطلب الإنسان من ربه أن يغفر له قتله لكافر؟

والنصرة الأولي غفر الله لموسي فيها ما فعل " فغفر له ". وهل تغفر الحسنات؟

ص: 175

والنصرة الأولي قال موسي للإسرائيلي بعدها " إنك لغوي مبين ". والنصرة الأولي ما زال موسي يعتبرها ذنباً، ويتذكرها لسنوات..

فها هو موسي وبعد مرور عشر سنوات علي تلك القصة يتذكر ذلك الذنب الذي حصل قبل البعثة: " وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون. ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون. فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ". والسؤال: لماذا قال موسي عن نفسه " فعلتها إذا وأنا من الضالين "؟

أرجو ألا تأتيني بقول يقول إن المقصود " وأنا من الضالين " القبطي أو الإسرائيلي!!!

فإذاً قضية النصرة في المرة الأولي لا شك فيها ولا مرية فيها أنها مما يتاب منه ويستغفر وأنها معصية صغيرة، علي ما سبق تفصيله.

ونأتي الآن إلي الكلام علي النصرة الثانية، وهل كان الإسرائيلي ظالماً فيها، أم مظلوماً.

وهل كان ما فعله موسي صلي الله عليه وسلم فيها صحيحاً، أم غير صحيح؟

وأقول لك يا تلميذ: القرآن لم يفصل في موضوع النصرة الثانية، وهل كانت هذه المرة صحيحة أم خاطئة.

ص: 176

أما النصرة الأولي فقد فصل فيها القرآن وأثبت خطأ موسي عليه الصلاة والسلام فيها، ورجوعه عن هذا الخطأ وقبول توبته من الله عز وجل.

وأما النصرة الثانية فليس لنا أن نجزم فيها بشئ طالما أنه لم يثبت لنا شئ فيها من طريق النقل، فالإسرائيلي وإن كان مشهوراً بالغواية وكثرة المشاكل إلا أنه ربما كان في هذه المرة مظلوماً بحق وواجب النصرة.

فعند ذلك ليس هناك إشكال في نصرته في هذه المرة، بعكس المرة السابقة، وهذا احتمال قائم لا يمكن الجزم به ويبقي الإحتمال السابق قائماً، وأن موسي ربما كان مخطئاً في هذه المرة أيضاً، وهذا ما لم يجزم بذكره في القرآن، فكيف تطالب بذكر توبته منه؟

غاية ما قلناه أن هذا يبقي إحتمالاً قائماً، فإن كان ما حصل منه في المرة الثانية ذنباً فمن المحتم أن يتوب منه موسي عليه الصلاة والسلام، وإن لم يكن كذلك فلا حاجة للإستغفار.

وأقول لك: إن هذا كله كان قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، ومسألة العصمة قبل البعثة فيها خلاف كبير.

(12) تقول يا تلميذ:

" أولاً: كان الواجب عليك، أن تنقل لنا نص هذا الحديث الصحيح - حسب قولك - الوارد فيه أن (لو) تفتتح عمل الشيطان، وعليه نطالب بذكر هذا الحديث ونقله لنا كاملاً مع سنده ".

وأقول لك:

مع تحفظي السابق علي رفضك للأحاديث التي أوردتها من الصحاح، سأجيبك هذه المرة لطلبك لأنك كبرت الموضوع كثيراً.

ص: 177

ففي صحيح مسلم وفي آخر كتاب القدر، قال مسلم بن الحجاج: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيي بن حبان، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير أحرص علي ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان ".

وتجد هذا الحديث بمتن مقارب عند النسائي، وابن ماجة، والطحاوي، والطبري كما فصله ابن حجر في الفتح طبعة دار الفكر: 13/227 في كتاب التمني - باب ما يجوز من اللو والتي.. ذكر البخاري فيها أحاديث استعمل فيها النبي صلي الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلي 7245.

(13) تقول يا تلميذ:

" ثانياً: إن الرسول صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين ومن أتي بعدهم في أقوالهم وخطاباتهم التي أثرت عنهم قد استخدموا هذه اللفظة (لو) في بداية أحاديثهم وأقوالهم وحتي المسلمون في يومنا هذا فمن احتاج كلامه وخطابه أن يستخدم هذه اللفظة فيه يستخدمها دون أدني حرج أو مانع أو شئ من هذا القبيل سواء كان الإستخدام لها في بداية الكلام أو أثنائه ".

وأقول لك:

هذا صحيح، وأنا لا أنكر ذلك، بل إنني أستخدمها كثيراً في كلامي، وحتي في حواري السابق معك لو راجعته!

ص: 178

بل ولماذا لا تستشهد علينا بالقرآن الكريم في ذلك يا تلميذ والله عز وجل يقول: " لو كان فيهم

آلهة إلا الله لفسدتا " ويقول " ودوا لو تدهن فيدهنون ".. وسبق أن نقلت لك أن البخاري أورد باباً كاملاً في صحيحه في كتاب التمني باب ما يجوز من اللو والتي.. ذكر البخاري فيها تسعة أحاديث استعمل فيها النبي صلي الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلي 7245، والأحاديث في ذلك كثيرة جداًّ.

(14) تقول يا تلميذ:

" ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه؟ بعبارة أخري: إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجدت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله: أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها ".

وأقول لك:

أولاً: ليس فيما ثبت عندنا من روايات تناقض ولا تعارض، بل التناقض والتعارض هو أساس دينكم يا إمامية، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.

ص: 179

ثانياً: تقول يا تلميذ:

" ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام ".

وأقول لك:

لا، ليس هكذا قال النبي صلي الله عليه وسلم، فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام أو اختتامه أو أثناءه، وأما ما ذكرته لك سابقاً: " أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدما كلمة (لو)، أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان! ".

فإن الثابت منه عن الرسول صلي الله عليه وسلم هو قوله صلي الله عليه وسلم " فإن لو تفتح عمل الشيطان ".

وأما الباقي فهو من كلامي وكنت أقوله لك مازحاً بدليل أني وضعت لك علامة التعجب، وقلت لك أضحكتني يا تلميذ، وإلا فالصحيح فإن استعمال (لو) هو بحكم غرضه وسببه لا بحكم موضعه.

فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام بقدر ما هي متعلقة بالضابط المذكور في الحديث " احرص علي ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان " علي ما سيأتي تفصيله إن شاء الله. يتبع قريباً جداًّ إن شاء الله باقي الرد يا تلميذ فمعذرة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 10 - 10 - 1999، السادسة وعشر دقائق مساءً:

تقول يا تلميذ:

ص: 180

" ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة.

أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه بعبارة أخري إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجد ت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان، فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها ".

وأقول لك:

استخدامك (لو) في ذلك الموضع لا مشكلة فيه يا تلميذ، وأنا كنت أداعبك لأنك كنت تتحدث عن عمل الشيطان وبدأت بكلمة لو، وليس في رواياتنا تناقض أو تعارض كما سيأتي.

تقول يا تلميذ:

" رابعاً: إن الحديث الوارد فيه ذلك لم يرد من طرقنا فلسنا ملزمين بالأخذ به ولا حجة فيه علينا لأنه لم تثبت صحته عندنا نحن الشيعة ".

وأقول لك:

لقد فاتكم الكثير من أحكام الدين بهذا السبب، فأنتم لا تأخذون إلا عن قلة من الصحابة ومع ذلك فرجالكم وعلماؤكم لا أئمتكم يعتبرون عند علماء الجرح

ص: 181

والتعديل عندنا من الكذابين والوضاعين، وعلي ذلك فليست لو إلا نقطة في بحر.

ويكفي لنقض دينكم ما صرحتم به في روايتكم أن الشيعة كانت لا تعرف الحلال والحرام ومناسك الحج حتي جاء جعفر الباقر، وهذا يعني أنكم مكثتم أكثر من ثمانين سنة حتي عرفتم بعض ما علم من الدين بالضرورة.

ولا أدري ماذا كنتم تفعلون في تلك المدة، وأما بقية أحكام الدين فعليكم أن تنتظروا صاحب السرداب وبسبب تبنيكم لمخالفتنا دائماً كما في الروايات التي تنسبونها لأئمتكم، ومنها كما في التقية لفيصل نور (فنسبوا إلي الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.

وعن الحسن بن جهم أنه سأل الرضا يروي عن الصادق شيئاً ويروي خلافه، فبأيهما نأخذ؟ قال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه.

وعن الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه. وعنه أيضاً: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم.

وفي رواية: كيف يصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه.

وعن سماعة بن مهران أنه سأل الصادق: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالعمل به والآخر ينهانا عن العمل به ولا بد أن يعمل بأحدهما؟ قال: اعمل بما فيه خلاف العامة.

ص: 182

وعن زرارة أنه سأل الصادق عن الخبرين والحديثين المتعارضين، فبأيهما يأخذ، وکلاهما مشهوران مرويان مأثوران عن الأئمة؟ قال: انظر ما وافق العامة فاتركه وخذ ما خالفه، فإن الحق فيما خالفهم.

وعن علي بن أسباط قال: قلت له - يعني الرضا - حدث الأمر من أمري لا أجد بداًّ من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك. فقال: ايت فقيه البلد، فإذا كان ذلك فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه).

ذكَرَ هناك مصادر كل هذه الروايات وهو ما رجحه الخميني في رسالته عن التعارض والترجيح 71.

تقول يا تلميذ:

" خامساً: اللازم عليك أن تذكر لنا ما ذكره الباحث من وجوه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة لنعرف هل أن استخدامنا ل- (لو) في كلامنا هل يدخل في الوجوه الصحيحة أم في الوجوه الخاطئة؟

سادساً: لم نسمع بأحد من المسلمين من علماء السنة أو الشيعة من ينهي أو يحرم أو يفتي بعدم استخدام هذه اللفظة في بداية الكلام والإفتتاح بها، إلا إذا كان هناك من علماء مذهبك أنت (الوهابية) من يذهب إلي هذا في فتواه فقوله ليس بحجة علينا وفتواه غير ملزمة لنا. والخلاصة: وإن كان هذا البحث لا علاقة له بموضوع حوارنا ولكن أطالبك أولاً: بذكر الرواية، وثانياً: بكلام الباحث الذي أشرت إليه ".

وأقول لك:

لم يتيسر لي الوقوف علي كلام الباحث السابق، ولكن أنقل لك من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عندما أجاب علي مثل هذا السؤال، سئل عمن سمع

ص: 183

رجلاً يقول: لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شئ من هذا، فقال له رجل آخر سمع هذه الكلمة قد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عنها وهي كلمة تؤدي قائلها إلي الكفر. فقال رجل آخر: قال النبي صلي الله عليه وسلم في قصة موسي مع الخضر يرحم الله موسي وددنا لو كان صبر حتي يقص الله علينا من أمرهما، واستدل الآخر بقوله صلي الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف.. إلي أن قال: فإن كلمة (لو) تفتح عمل الشيطان فهل هذا ناسخ لهذا، أم لا.

فأجاب: الحمد لله، جميع ما قاله الله ورسوله حق، و (لو) تستعمل علي وجهين:

أحدهما: علي وجه الحزن علي الماضي والجزع من المقدور فهذا هو الذي نهي عنه كما قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم " وهذا هو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم حيث قال وإن أصابك شئ فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان، أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع، بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كما قال تعالي: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه " قالوا هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضي ويسلم.

والوجه الثاني: أن يقال: (لو) لبيان علم نافع كقوله تعالي: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ولبيان محبة الخير وإرادته كقوله: لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل ونحوه جائز وقول النبي صلي الله عليه وسلم: وددت لو أن

ص: 184

موسي صبر ليقص الله علينا من خبرهما هو من هذا الباب.. كقوله " ودوا لو تدهن فيدهنون ". فإن نبينا صلي الله عليه وسلم أحب أن يقص الله خبرهما فذكرهما لبيان محبته للصبر المترتب عليه فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يحب من الصبر علي المقدور، وقوله: وددت لو أن موسي صبر، قال النحاة: تقديره: وددت أن موسي صبر وكذلك قوله: " ودوا لو تدهن فيدهنون " تقديره: ودوا أن تدهن. وقال بعضهم: بل هي لو شرطية وجوابها محذوف والمعني علي التقديرين معلوم، وهو محبة ذلك الفعل وإرادته ومحبة الخير وإرادته محمود، والحزن والجزع وترك الصبر مذموم والله أعلم. مسائل في الحديث وعلومه - الفتاوي: 18/347.

وهناك زيادات في نفس الموضوع تجدها في فتح الباري تجدها في الموضع السابق المشار إليه سابقاً من الفتح.

والآن يا تلميذ: هل تبين لك أن استخدام (لو) ليس جائزاً علي إطلاقه وبنص القرآن؟

كما قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض أو كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم " وهذا هو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم، حيث قال: وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان. أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك.

هل تيقنت الآن أنه ليس عندنا تناقض ولله الحمد ولا تعارض؟

وهل تيقنت الآن أنه فاتكم في دينكم الأوجه الخاطئة في استخدام لو؟

ص: 185

ثم نأتي يا تلميذ إلي ما نريد إثباته عن أصول دينكم وأنها تناقض بعضها البعض.

وأنقل لك مثالاً من رسالة دكتوراه بعنوان (تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة) وبالطبع كان لكم نصيب كبير منها وأكتفي بذكر مثال واحد متعلق بالعصمة حتي لا تقول إنني من أصحاب التشعبات:

" 5 - ومن الأمثلة: - أن الشيعة تقول بمسألة الإمامة وربطها باللطف: يقول ابن المطهر:

(ذهبت الإمامية إلي أن الله عدل حكيم لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب وأن أفعاله إنما تقع لغرض صحيح وحكمة، وأنه لا يفعل الظلم ولا العبث وأنه رؤوف بالعباد يفعل ما هو الأصلح لهم والأنفع، وأنه تعالي كلفهم تخييراً لا إجباراً ووعدهم الثواب وتوعدهم بالعقاب علي لسان أنبيائه ورسله المعصومين بحيث لا يجوز عليهم الخطأ ولا النسيان ولا المعاصي وإلا لم يبق وثوق بأقوالهم وأفعالهم فتنتفي فائدة البعثة، ثم أردف الرسالة بعد موت الرسول بالإمامة فنصب أولياء معصومين ليأمن الناس من غلطهم وسهوهم وخطئهم فينقادون إلي أوامرهم لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته. منهاج السنة:1/124).

ومع ذلك يجعلون التقية ركناً من أركان الدين، فهي عندهم تسعة أعشار الدين، ويزعمون كذباً وافتراءً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: تارك التقية كتارك الصلاة. بحار الأنوار: 75/412.

فهم يعدون ترك التقية ذنباً لا يغفر، فزعموا أن الله يغفر للمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان، فجمعوا بين المتناقضات. فكيف يزعمون أن الأئمة معصومون من الغلط والسهو والخطأ حتي لا ينقاد الناس إلي أوامرهم، فماذا تعني التقية إلا المخالفة والخطأ

ص: 186

، وهذا يقتضي متابعة الآخرين وتقليدهم؟ يقول ابن حجر يرحمه الله: والتقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وتغيره للغير. فتح الباري: 12/ 314.

ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله: والمفهوم من كلامهم أن معني التقية عندهم كتمان الحق أو ترك اللازم، أو ترك المنهي خوفاً من الناس. رسالة في الرد علي الرافضة ص 21.

فدل ذلك علي أن التقية تستلزم إظهار خلاف المعتقد والوقوع في الأخطاء والذنوب، ومن ثم يقلد الأتباع الأئمة، فجمعوا في هذا المعتقد بين المتناقضات، فإما أن يقولوا بالعصمة وإما أن يقولوا بالتقية، أما الجمع بين الاثنين فهو تناقض واضح وبين.

ومن التناقض في هذه المسألة أن الشيعة يعتقدون أن الله ينصب أولياء معصومين لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته ومع ذلك فإنهم يقولون: إن الأئمة مقهورون مظلومون عاجزون ليس لهم سلطان ولا قدرة ولا تمكين، ويعلمون أن الله لم يمكنهم ولم يؤتهم ولاية ولا ملكاً كما أتي المؤمنين والصالحين، ولا كما أتي الكفار والفجار. منهاج السنة: 1/131. فقولهم الثاني يناقض قولهم الأول حيث إن الإمام مقهور مسكين، فكيف يقوم بالمصلحة والنفع للآخرين؟ ص 500.

البحار: 68/163، 74/ 229، 75/409-415. تفسير العسكري - 128. وسائل الشيعة: 11/474، 16/223. جامع الأخبار - 95. انتهي المثال يا تلميذ.

وأقول لكم كيف استطعتم الجمع بين العصمة والتقية؟ وما الفائدة من عصمة أئمتكم إذا كنتم لا تدرون صحة ما يقولونه ويعملونه طالما أن تسعة أعشار دينكم التقية!!!

تقول يا تلميذ:

ص: 187

" قلت يا مشارك: (ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي من عمل الشيطان طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟ ".

أقول:

لقد جاوبنا علي هذا أعلاه وقلنا هناك بما نختصره هنا: أن هذه مغالطة منك.

فكلام الإمام عليه السلام كان وصفاً لنفس الإقتتال بما هو اقتتال بغض النظر عن من هو المخطئ فيه ومن هو المصيب.

قلت:

" يا مشارك: لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر مع حثكم بعدم الإقتداء به فطالما أنك تعترف أنه خطأ فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟ ".

أقول:

إن نصرة موسي عليه السلام للإسرائيلي لم تكن خطأ في حد ذاتها حتي يكون تكرارها تكرار للخطأ فهذا الإشكال غير متوجه إلينا البتة، فالنبي موسي عليه السلام عندما حاول نصرة الإسرائيلي مرة أخري ضد العدو الآخر إنما فعله باعتباره جائزاً إن لم نقل أنه واجب عليه من باب نصرة المظلوم من ظالمه. وأقول لك: سبق الكلام علي هذا في الأعلي بما يغني عن إعادته هنا.

تقول يا تلميذ:

" أولا: لم أحجر واسعاً، ولا عقيدتنا هذه عقيدة تشديد علي الناس ولا شئ من هذا القبيل وإنما عدم تدبرك في كلامي هو الذي جعلك تصل إلي هذه النتيجة. ثانياً: إن هذا المثال أنت الذي أتيت به سابقاً - أعني مثال وتر النبي - للإشكال علي وهو في الحقيقة غير دقيق، وذلك لأننا نعني بخلاف الأَولي هو الفعل الذي لو فعله العبد كانت آثاره

ص: 188

السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو تركه كان العكس أو هو الفعل الذي لو تركه العبد تكون آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو فعله كان العكس، فلو وتر النبي صلي الله عليه وآله بأكثر من ركعة بثلاث أو خمس أو... إلخ مبيناً أن الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس ممكن وجائز ولا إشكال فيه، فهذا حتي نحن نقول بأنه يجوز الإقتداء به في كل هذه الموارد لأنه ليس في الإقتداء به في واحد من هذه الموارد ما يخالف الأولي. وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة، وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولي، وأن له سلبيات كبيرة كما تقولون أنتم بأنه ما ثبت لنا أنه معصية ومخالفة لله من قبل الأنبياء فلا مجال للإقتداء بهم فيه - وحاشاهم أن يصدر منهم ذنب ومخالفة لله بمعني تجرؤ علي أوامره الإلزامية - وعليه فمطالبتي بالدليل ناشئ من عدم فهمك لكلامي لأن موضوع المناقشة في خصوص هذه المسألة هو موضوع الإقتداء بالأنبياء في موارد مخالفة الأَولي، لا في الإقتداء بهم في فعلهم للفعل المفضول مع سبق فعلهم للفاضل أو لحوقه أو ثبوت أن هذا الفعل مفضول وأن هناك فعل فاضل له، فنحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية أيضاً نقول بأن كلا الموردين مورد اقتداء، فمن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي ومن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي، وأنت لو دققت النظر في كلامي أعلاه الذي أشكلت به علي لوجدت أنه جاء في سياقه كلمة (خلاف الأولي) ".

وأقول لك:

وأما نحن فنقتدي بجميع أفعال النبي صلي الله عليه وسلم جميعها ونحملها علي الإقتداء والتأسي إلا ما استثني علي لسان الشارع، وورد به النقل الصحيح الثابت في الكتاب والسنة، ولا نجعل أفعال النبي صلي الله عليه وسلم عرضة للبحث والتدقيق والنظر.. من باب ما تقوله " وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر

ص: 189

من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً، فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد، لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأَولي وأن له سلبيات كبيرة ".

نقول لك: لا مجال عندنا لدراسة أفعال النبي صلي الله عليه وسلم بآرائنا وبفقهنا، فهي تشريع عندنا يا تلميذ، ولا نستثني من ذلك إلا ما عاد منه النبي صلي الله عليه وسلم بنفسه أو بوحي من الله أو باعترافه صلي الله عليه وسلم أنه من قبيل النسيان أو مما نص الدليل علي أنه خاص به كالزواج من تسع، وما شابه ذلك.

وبعد، أيها التلميذ:

فقد ساءني إعلانك أنك تود إنهاء هذه المناظرة وقد كنت علي وشك أن أطلب منك البدء في قصة أكل آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة. فهذه القصة لا تستطيع إنكار معصية آدم فيها مهما حاولت فالآيات واضحة في إثبات الله المعصية لآدم " وعصي آدم ربه فغوي ".

وفي الحديث الصحيح عندنا: " وعصي آدم فعصت ذريته ". فالآيات واضحة في نهي الله لآدم الصريح بعدم الأكل من الشجرة " ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ". والآيات واضحة في تزيين الشيطان المعصية لآدم " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور ". والآيات واضحة في تبيان ما حدث لموسي مباشرة بعد عصيانه لأمر الله " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ". والآيات واضحة في عتاب الله لآدم لعصيانه أمر الله " وناداهما

ص: 190

ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ". والآيات واضحة في اعتراف موسي بذلك وطلب المغفرة من الله " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ". والآيات واضحة في قبول الله لتوبة آدم " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ".

وعموماً يا إمامية: ليتنا نجرب المناقشة عن طريق البريد الإلكتروني، وحتي بدون البريد الإلكتروني المعروف للشخص وبدون إعلام الشخص بنفسه من يكون، فهذا أدعي لقبول الحق، وأعدكم أني لن أقول أن فلان الفلاني راسلني واقتنع بهذه الجزئية من كلامي، فيعلم الله أني أهدف من ذلك إلي هدايتكم لما أعرفه من الإسلام وهذا بريدي: almosharek@ com. ayna

وأخيراً يا تلميذ:

احترت في موقفك، فهل أنت تريد الإكمال معي، أم لا؟

في كل الأحوال أرجو إخباري بقرارك عاجلاً، وبعد ذلك خذ ما شئت من وقت للرد علي ردي المطول، وفي كل الأحوال فقد سعدت بحواري معك وأعتذر عما بدر مني من إساءة.

قال العاملي:

إلي هنا انتهي ما نشره مشارك في شبكة سحاب.

ثم كتب (مشارك)، في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثانية ليلاً، موضوعاً بعنوان (إلي التلميذ: ها قد نشرت مناظرتنا هناك كاملة، ليطلع القوم علي بضاعتكم المزجاة)، قال فيه:

ص: 191

وقد تركت ردي الأخير كما هو في الأصل لأنك رفضت تعديل ردك، ولأنك افتريت علي الآن، وأنا أطلب من الجميع أن يحكموا علي تلك المناظرة التي عجز التلميذ أن يجيب فيها علي تناقضاته التي لا تنتهي.

فكتب (التلميذ)، الثامنة مساءً:

إلي مشارك:

أولاً: إذا خلي لك الجو - في منبر الحوار في شيعة لنك - فبيضي وفرخي.

ثانياً: إعلم أن من يتلقي علومه عن أهل البيت.. المصطفي والمرتضي والمجتبي والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي.. فلن تكون تجارته أبداً خاسرة، ولا بضاعته مزجاة، بل الذي يتلقي علومه من النواصب أمثال ابن تيمية فبلا شك إنه سيكون كذلك.

أيها الرجل، تجارتنا رابحة وإن رغمت أنوف النواصب، وأنا بدوري أقول ليحكم الأخوة في الموضوع أعلاه.

وهل تري إرجافك هذا ينطلي علي أهل البصائر وذوي العقول.

وما عناوينك الرنانة إلا تحمل تحتها الفشل والزيغ، الذي يصيبك في كل حوار مع أي شيعي.

ولكن هو الإرجاف، وقد سبقك غيرك في ذلك من أسلافك فلا عتب عليك أن ترجف أنت أيضاً.

وكتب (مشارك)، الثامنة والربع مساءً:

ولماذا تهربت أيها البطل الهمام من الرد علي كامل ما طرحته لك في ردي الأخير؟

لقد طرحت عليك إشكالات كثيرة ولكن.. ربما كان السكوت جواباً.

ص: 192

صدقني والله إني لا أعجب من كثرة هجركم للقرآن لأنه يفضحكم ويفضح زيف عقيدتكم.

ما زلت تلميذاً يا تلميذ، ثم إذن أن تعتبرنا من النواصب يا تلميذ، أهذه هي عقيدتكم فينا؟

إذاً، وبالطبع تفضلون علينا اليهود والنصاري.

فأجاب (التلميذ)، الثامنة والنصف مساءً:

نعم، شيخك ابن تيمية ناصبي تشهد كتاباته ضد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

أما أنت فأتمني أن لا تكون مثله. ونعم، أنا التلميذ وسأبقي عظماً في حنجرتك.

ولا علي من أراجيفك وهرجك وكثرة تخريفك وإشكالاتك.

تجد عليها الجواب في ردودي عليك أعلاه، في نفس موضوع الحوار.

وليس لي وقت كي أضيعه مع أمثالك، فأنت أحقر من أن تناقش مثلي وأنا لن أناقشك فقط من باب لا تماري جاهلاً. فما تقوم به أنت ليس سوي مكابرة ومماراة. فابحث عن غيري تلعب معه.

وكتب (مشارك)، التاسعة مساءً:

قبل قليل تخليت عن تقيتكم المعهودة وقلت إني ناصبي.

ولما وجدت نفسك قد حصرت وأظهرت السر المكنون والذي لأجله تفضلون اليهود والنصاري علينا اضطررت إلي تدارك الورطة التي أوقعت نفسك فيها وقمت بحذف عقيدتك الحقيقية فينا أهل السنة، وجئت الآن تلف وتدور وتقول: " أتمني ألا تكون من النواصب ". (يبه عرفناكم زين يبه).

ص: 193

عموماً: يبدو أنك لا تدري ما تقول، وتكثر من تناقضاتك بمناسبة وبلا مناسبة، فبينما تقول متحدياًّ " وسأبقي عظما في حنجرتك " إذا بك تفر بغبار كثير وبتعالي.. لم أجده في غيرك من قومك " فأنت أحقر من أن تناقش مثلي " وعجباً، ومن أنت أيها التلميذ؟ إن أنت إلا رافضي، وهذا يكفيك!

لقد هزلت حتي بدا من هزالها... كلاها وحتي سامها كل مفلس

إن كنت تراجعت تقية عن اتهامك لي بأني ناصبي فأقول لك: نحن ولله الحمد نتبرأ من الروافض والنواصب، وأنتم روافض و نواصب، لأنكم تناصبون آل البيت العداء.

عموماً: الحمد لله أن الكلام باقٍ ليثبت لكم أنكم تتناقضون عندما نحاججكم بالقرآن، وصدقني أنني أرثي لحالكم وأتذكر دائماً قول الله عز وجل: " وإذا تتلي عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ".

وأجابه (التلميذ)، التاسعة والنصف مساءً:

لا عليك.. لا أريد أن أشد عليك في الكلام.

فأنا أعلم أنك ستخرج من طورك وستلجأ إلي كلام السفهاء والسوقة!!

وربما تأخذ عليه إنذاراً من مراقب الساحة.. ولكن أقول: مسكين أنت أيها الأعرابي!

وكتب (مشارك)، الحادية عشرة ليلاً:

لا أدري لماذا تحرر كل موضوعاتك بهذه السرعة! يبدو أنك قد ألقمت حجراً أيها التليميذ!!

المشكلة أن لديك تلميذاً أيضاً.. ومتي يتتلمذ التلاميذ علي التلاميذ؟

ومن قال لك إني أخرج عن طوري أيها المسكين؟

ص: 194

إذا أردت السفاهة وكلام السوقة فلعلك قد تتلمذت عليه من كلام علمائكم العظام أمثال المجلسي والجزائري.

بل أيها المسكين أعتبر أن كل كلمة قلتها في حقكم هي بعض ما تستحقون وبعض ما نستطيع قوله لمن جعل محاربة الإسلام والمسلمين هي دينه، وجعل سب الصحابة شعاره، وعليك أن تراجع جميع ما حذف من كلامي، نعم لا ينبغي ذكرها في مقام المناظرة، ولكن هذا لا يعني أنكم لا تستحقونها وأنتم الذين أخذتم بأقوال الزنادقة واليهود.

عموماً: لا أتوقع أنك تستطيع أن تتفلسف وتدعي أنك لم تتناقض، وبورك لكم في العقنقل.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 9 - 1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

يا ليتكما بدل هذا الكلام تتناقشان في موضوع مهم.

ولكن مشاركاً أخذ علي نفسه أن لا يناقش هنا، وقد بقي في هذه الساحة لغير المناقشة!!

يعني لماذا؟!!

فكتب (التلميذ)، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أنا أخبرك يا أخي العاملي.. بقي كي يستفز الآخرين!!

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عجباً يا تلميذ: من الذي استفز الآخر؟

ألست أنت الذي أخذت تتفلسف مع شعاع، وتقول ما تقول؟

وعندما نشرنا بضاعتك المزجاة انقلب السحر علي الساحر.

ص: 195

رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وقدر معتقده، فيسر له الطريق الصحيح.

ردود التلميذ علي أباطيل فيصل نور

كتب (التلميذ) عدداً من البحوث تحت هذا العنوان، دافع فيها عن عصمة الأنبياء عليهم السلام، ورد علي مزاعم المدعو (فيصل نور) صاحب شبكة (الخيمة) السلفية، ولا يتسع المجال لنشرها.

وقد نشر بعضها في شبكة هجر والموسوعة الشيعية، وشبكة الحق، بعنوان (الحق المسطور في الرد علي أباطيل فيصل نور..)، قال في إحداها:

هذه هي الحلقة السابعة من سلسلة الردود علي المدعو فيصل نور حول ما كتبه تحت عنوان (نقد عقيدة العصمة عند الشيعة).. وقد سبقها ست حلقات...

ص: 196

الباب الخامس: دفاعاً هن نبینا صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: النبي صلي الله عليه وآله.. بشر لا كالبشر

الفصل الثاني: فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام!!

الفصل الثالث: مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي (صلی الله علیه و آله)!!

الفصل الرابع: أبو بكر وعمر عند بعضهم أفضل من النبي (صلی الله علیه و آله)!!

الفصل الخامس: رد افترائهم علي النبي (صلی الله علیه و آله) بأنه كان يؤذي ويسب ويضرب من لا يستحق!!

الفصل السادس: رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلي الله عليه وآله

الفصل السابع: افتراؤهم علي النبي (صلی الله علیه و آله) أنه كان يشك في نبوته!!!

الفصل الثامن: رد ما نسبوه إلي النبي (صلی الله علیه و آله) من العبوس في وجه المؤمنين!!

الفصل التاسع: هل مات النبي صلي الله عليه وآله مسموماً؟

ص: 197

ص: 198

الفصل الأول: النبي صلي الله عليه وآله... بشر لا كالبشر

ص: 199

ص: 200

النبي صلي الله عليه وآله... بشر لا كالبشر

كتب (كمال) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ، 19 - 6 - 2000، السادسة عصراً، موضوعاً بعنوان (هل النبي صلي الله عليه وآله.. كسائر البشر؟!)، قال فيه:

يحاول البعض إثبات بعض النقائص الخلقية للنبي صلي الله عليه وآله، بدعوي أنه بشر، يعاني ما يعانيه البشر ويتصرف ما تمليه عليه طبيعته البشرية!

ولإثبات هذا الكلام ونفيه، لا بد لنا من معرفة ما المقصود بالبشر في المصطلح القرآني.

فإن القرآن الكريم وردت فيه آيات ذكر فيها البشر، وإذا تابعنا هذه الآيات فسنجد أن ما يوصف به الإنسان من كمالات أو نقائص ليست لها علاقة بكونه بشراً.

قال تعالي: " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً ". الفرقان - 54. وقال تبارك اسمه: " إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين ". سورة صاد - 71.

قال جل شأنه: " ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ". الروم - 20.

ص: 201

وقال تبارك وتعالي: " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون ". الحجر - 28.

ومجموع هذه الآيات الشريفة يؤكد علي أن البشر هو المخلوق الذي أوجده الله تعالي من طين، ولم يشر القرآن الكريم إلي كون الخلقة البشرية تقتضي أكثر من ذلك.

أما الكمالات التي للإنسان فلم تنشأ من الطبيعة البشرية، بل لأمر آخر بينه الله تعالي: " يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين ". سورة ص - 75.

فكمالات الإنسان وتفضيله علي غيره من المخلوقات، لأنه مخلوق تجلت فيه صفات الجلال والجمال، ففاق بذلك بقية مخلوقات الله تعالي وفضل عليها.

وأما النواقص الخلقية وغيرها من النواقص غير التكوينية، فهي تأتي الإنسان من جهة ما يتمتع فيه من اختيار يكون منفذاً لحركة الشيطان وتأثيره في الإنسان، كما أشار إلي ذلك القرآن الكريم علي لسان إبليس لعنة الله: " قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين... إلا عبادك منهم

المخلصين ". الحجر - 38، 39.

فتلخص مما تقدم: أن الكمالات والنقائص الحاصلة للإنسان ليست تابعة نشأته البشرية، بل لأمور خارجة عن تلك النشأة، يشاركه فيها بقية المخلوقات درجات وكيفيات متفاوتة طبقاً لما أودعه الله تعالي فيها من كمالات.

وإذ نري أن الرسول صلي الله عليه وآله عندما يصف نفسه بالبشرية، لا يثبت بذلك وجود طبيعة ناقصة فيه، لأن النشأة البشرية ليس فيها إلا النقص الناشئ من الإمكان، لأنه مفتقر إلي الله تعالي في وجوده في جميع أدواره.

ص: 202

لذا قال تبارك وتعالي علي لسان رسول الله صلي الله عليه وآله: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ". الكهف - 11.

وقال تبارك وتعالي: أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقي في السماء ولن نؤمن لرقيك حتي تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً ". الإسراء - 93.

فإذن قد تبين أن البشرية التي تناولها القرآن الكريم إنما تتحدث عن أصل النشأة الخلقية، وأن الكمالات والمتحققة في الإنسان لا لكونه بشراً، بل لكونه مظهراً لأسماء الجمال والجلال، كما أن النقائص الحاصلة فيه ناتجة من تسليطه للشيطان علي نفسه واتباعه لهواه ومخالفته لمقتضيات كماله.

وقد أثبت القرآن الكريم أن الشيطان لا سلطنة له علي الكل من عباد الله تعالي حيث قال الشيطان في كلامه مع الله تعالي: " عبادك منهم المخلصين ". الحجر - 39. ومما لا شك فيه أن الرسول صلي الله عليه وآله سيد عباده المخلصين، وبالإضافة إلي ذلك قد أخبر الله تعالي عن الكمال التام لرسوله صلي الله عليه وآله حيث قال: " وإنك لعلي خلق عظيم ". القلم - 4.

وادعاء أن الرسول يتصف بالنقص الخلقي كما يتصف بذلك غيره من العباد تكذيب للإخبار الإلهي عن كمال الرسول صلي الله عليه وآله.

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 6 - 2000، الرابعة والربع عصراً:

النبي صلي الله عليه وآله: بشر لا كالبشر..

بشرٌ، لا يقاس به بشر..

بشرٌ، لا ينطق عن الهوي.. ولا يعمل عن الهوي..

ص: 203

بشرٌ، لكن حتي في تركيبه الفيزيوي يختلف عن البشر، فقد شرب رجل مسلم من دم حجامته.. فلم يمرض، ولم يشب.

بشرٌ، في عالمنا هذا.. أما قبله فقد كان نبياًّ وآدم منجدل بين الماء والطين.. ثم جعله الله في صلب آدم وحواء..

بشرٌ، في عالمنا هذا، أما في التكوين فأول نور خلقه الله تعالي من نوره كان نور محمد وآل محمد صلي الله عليه وآله.. والذين ينتقصون من مقامه صلي الله عليه وآله، هم المشركون والمنافقون، ثم الذين قلدوهم وأخذوا أفكارهم، من حكام الجور وأئمة الضلال..

وذلك لكي يبرروا مخالفة أوامره في أهل بيته بحجة أنه بشر.. ولكي.. يبرروا أخطاءهم وظلمهم.. ولكي يميعوا لعنه وذمه لهم، بحجة أنه بشر يغضب ويخطئ!

ولكي يثبتوا لأنفسهم مقاماً أنهم بمرتبة النبي وأنهم كانوا يصححون أخطاءه!!!

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 26 - 6 - 2000، الثالثة ظهراً:

لم يكتفوا بجعله كسائر البشر!! بل فضلوا عليه غيره!!!

اتهموه بالسهو والنسيان ونزهوا غيره عن ذلك!!

يقولون: أن عمر ما رآه الشيطان سلك فجاًّ إلا سلك فجاًّ غير فجه!!!

أما النبي فقد سلك الشيطان فجه لذلك فهو يسهو في صلاته وينسي و.. و.. و.. و.. و!!!

إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (الموحد)، الثالثة والربع ظهراً:

ص: 204

استوقفتني هذه الجملة في كلام الأخ الفاضل العاملي: " لكن حتي في تركيبه الفيزيوي.. يختلف عن البشر ".. وهذا صحيح.

في الإسراء والمعراج تقدم النبي صلي الله عليه وآله ووطأ حضرة القدس بنعليه.. ولو لم يكن طاهراً ومطهراً لأي شئ يمس جسده الشريف صلوات ربي وسلامه عليه وعلي آله المنتجبين.. لما جاز له ذلك.

وكتب (كمال)، الخامسة والربع مساءً:

الأخوة الأفاضل العاملي والموحد، السلام عليكم، وبعد:

لفت نظري كلام الأخ الموحد في عروج النبي صلي الله عليه وآله إلي السماء حيث ألاحظ في كتاب مفاتيح الجنان، وفي دعاء الندبة بالخصوص، عبارة مكتوبة بصورتين " وعرجت به إلي سمائك " وعرجت بروحه إلي سمائك ".

فلماذا هذا الإختلاف أولاً؟؟ ومن هو القائل باستحالة وعدم إمكانية العروج البدني؟؟

ومن هو القائل بإمكانه؟؟

فأجابه (الموحد) بتاريخ 27 - 6 - 2000، الواحدة ظهراً:

الأخ العزيز كمال:

سأرد علي جانب من سؤالك في الوقت الحاضر وهو ما يختص بالإختلاف الموجود في كتاب مفاتيح الجنان ص 636:

" وعرجت بروحه إلي سمائك ".. هكذا هي مكتوبة في المتن.. وفي الهامش " وعرجت به ".. وهي تصحيح لخطأ في الترجمة من الفارسية إلي العربية.

لقد ثبت بالنص إسراء ومعراج الرسول صلي الله عليه وآله ببدنه وروحه " سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ". صدق الله العلي العظيم.

ص: 205

القرطبي:

(واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيأة الصلاة، وهل كان إسراء بروحه أو جسده.

فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية، وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها، وهي أهم من سرد تلك الأحاديث.

وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله تعالي.

فأما المسألة الأولي: وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده.

اختلف في ذلك السلف والخلف، فذهبت طائفة إلي أنه إسراء بالروح، ولم يفارق شخصه مضجعه، وأنها كانت رؤيا رأي فيها الحقائق، ورؤيا الأنبياء حق. ذهب إلي هذا معاوية وعائشة، وحكي عن الحسن وابن إسحاق.

وقالت طائفة: كان الإسراء بالجسد يقظة إلي بيت المقدس، وإلي السماء الروح.

واحتجوا بقوله تعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي.

فجعل المسجد الأقصي غاية الإسراء.

قالوا: ولو كان الإسراء بجسده إلي زائد علي المسجد الأقصي لذكره، فإنه كان يكون أبلغ في المدح. وذهب معظم السلف والمسلمين إلي أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة، وأنه ركب البراق بمكة، ووصل إلي بيت المقدس وصلي فيه ثم أسري بجسده. وعلي هذا تدل الأخبار التي أشرنا إليها والآية.

ص: 206

وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلي التأويل إلا عند الإستحالة. ولو كان مناماً لقال: بروح عبده ولم يقل بعبده. وقوله: ما زاغ البصر وما طغي يدل علي ذلك.

ولو كان مناماً لما كانت فيه آية ولا معجزة، ولما قالت له أم هانئ: لا تحدث الناس فيكذبوك، ولا فضل أبو بكر بالتصديق، ولما أمكن قريشاً التشنيع والتكذيب، وقد كذبه قريش فيما أخبر به حتي ارتد أقوام كانوا آمنوا. فلو كان بالرؤيا لم يستنكر.

وقد قال له المشركون: إن كنت صادقاً فخبرنا عن عيرنا أين لقيتها؟

قال: " بمكان كذا وكذا مررت عليها ففزع فلان ".

فقيل له: ما رأيت يا فلان.

قال: ما رأيت شيئاً! غير أن الإبل قد نفرت.

قالوا: فأخبرنا متي تأتينا العير؟

قال: " تأتيكم يوم كذا وكذا ".

قالوا: أية ساعة؟

قال: " ما أدري، طلوع الشمس من هاهنا أسرع أم طلوع العير من هاهنا ".

فقال رجل ذلك اليوم: هذه الشمس قد طلعت.

وقال رجل: هذه عيركم قد طلعت!

واستخبروا النبي صلي الله عليه وسلم عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذلك.

روي الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كرباً ما كربت مثله قط.

ص: 207

قال: فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شئ إلا أنبأتهم به. الحديث.

وقد اعترض قول عائشة ومعاوية بأنها كانت صغيرة لم تشاهد، ولاحدثت عن النبي صلي الله عليه وسلم.

وأما معاوية فكان كافراً في ذلك الوقت غير مشاهد للحال، ولم يحدث عن النبي صلي الله عليه وسلم. ومن أراد الزيادة علي ما ذكرنا فليقف علي كتاب الشفاء للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء.

وقد احتج لعائشة بقوله تعالي: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس. فسماها رؤيا. وهذا يرده قوله تعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلاً. ولا يقال في النوم: أسري.

وأيضاً فقد يقال لرؤية العين: رؤيا، علي ما يأتي بيانه في هذه السورة.

وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة علي أن الإسراء كان بالبدن، وإذا ورد الخبر بشئ هو مجوز في العقل في قدرة الله تعالي فلا طريق إلي الإنكار، لا سيما في زمن خرق العوائد.

وقد كان للنبي صلي الله عليه وسلم معارج، فلا يبعد أن يكون البعض بالرؤيا، وعليه يحمل قوله عليه السلام في الصحيح: " بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان " الحديث...

المسألة الثانية: في تاريخ الإسراء، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضاً.

واختلف في ذلك علي ابن شهاب، فروي عنه موسي بن عقبة، أنه أسري به إلي بيت المقدس قبل خروجه إلي المدينة بسنة.

وروي عنه يونس عن عروة عن عائشة، قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة.

قال ابن شهاب: وذلك بعد مبعث النبي صلي الله عليه وسلم بسبعة أعوام.

ص: 208

وروي عن الوقاصي قال: أسري به بعد مبعثه بخمس سنين.

قال ابن شهاب: وفرض الصيام بالمدينة قبل بدر، وفرضت الزكاة والحج المدينة، وحرمت الخمر بعد أحد.

وقال ابن إسحاق: أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي وهو بيت المقدس، وقد فشا الإسلام بمكة في القبائل.

وروي عنه يونس بن بكير قال: صلت خديجة مع النبي صلي الله عليه وسلم. وسيأتي.

قال أبو عمر: وهذا يدلك علي أن الإسراء كان قبل الهجرة بأعوام، لأن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع.

وقول ابن إسحاق مخالف لقول ابن شهاب، علي أن ابن شهاب قد اختلف عنه كما تقدم.

وقال الحربي: أسري به ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة.

وقال أبو بكر محمد بن علي ابن القاسم الذهبي في تاريخه: أسري به من مكة إلي بيت المقدس، وعرج به إلي السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهراً.

أبو عمر: لا أعلم أحداً من أهل السير قال ما حكاه الذهبي، ولم يسند قول إلي أحد ممن يضاف إليه هذا العلم منهم، ولا رفعه إلي من يحتج به عليهم...).

فكتب (كمال) بتاريخ 28 - 6 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ الموحد، السلام عليك:

قد اطلعت علي موضوعك في المعراج وشكراً لجهدك مرة ثانية.

ولكن أعتقد أنك لم تجب حول النقاط الثلاثة التي ذكرتها لجنابك، فالنتيجة هل تؤيدني فيها، أم لك رأي ثانٍ.. أحب سماعه؟؟؟

ص: 209

وكتب (فرات) بتاريخ 1 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

الأخوة الكرام، السلام عليكم:

لا أزيد علي ما ذكره العلامة الطباطبائي حول قضية الإسراء والمعراج وأنقلها منه رحمه الله نصاًّ:

(قال في المناقب: اختلف الناس في المعراج فالخوارج ينكرونه. وقالت الجهمية: عرج بورحصدون جسمه علي طريق الرؤيا. وقالت الإمامية والزيدية والمعتزلة: بل عرج بروحه وبجسمه إلي بيت المقدس لقوله تعالي: " إلي المسجد الأقصي ". وقال آخرون: بل عرج بروحه وبجسمه إلي السماوات.

روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر وحذيفة وأنس وعائشة وأم هاني.

وقال قدس سره: وأما كيفية الإسراء. فظاهر الآية والروايات بما يحتف بها من القرائن ظهورا لا يقبل الدفع أنه أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي بروحه وجسده جميعاً.

ويقول قدس سره في ج 27 عند تفسيره للآيات من 1 - 18 من سورة النجم:

وأما من المسجد الأقصي إلي السماوات، فقد قال قوم: بكونه بالروح والجسم معاً أيضاً، ووافقهم كثير من الشيعة، ومال بعضهم إلي كونه بالروح ومال إليه بعض المتأخرين... وربما يقوي كونه بالروح والجسم معاً، لما روي في تفسير القمي بإسناده إلي ابن سنان في حديث: قال أبو عبد الله عليه السلام: وذلك أنه - يعني النبي - أقرب الخلق إلي الله تعالي، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلي السماء: تقدم يا محمد، فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا بني مرسل... فإن الوطأ لا يكون إلا بالحاسة، والروح لا تطأ شيئاً).

ص: 210

وكتب (عمر)، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23-12-1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (بشرية النبي صلي الله عليه وسلم)، قال فيه:

بشرية النبي صلي الله عليه وسلم:

سورة الكهف - 110: قال الله تعالي: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد.

سورة الأنعام - 50: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي قل هل يستوي الأعمي والبصير أفلا تتفكرون.

سورة الأعراف - 188: قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.

سورة الأنبياء - 134: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون.

سورة الزمر - 30: إنك ميت وإنهم ميتون.

ومضات: لقد كان محمد صلي الله عليه وسلم بشراً كسائر البشر وهذا ما صرح به وأعلنه مراراً علي قومه، ونفي عن نفسه ادعاء أي صفة من الصفات التي تخرجه عن طور البشرية إلي غيرها فما هو بملك وليس بإله ولكنه بشر رسول... وصل تفكير المشركين حداًّ من العقم جعلهم يشترطون علي الرسول محمد صلي الله عليه وسلم أموراً فوق حدود بشريته، وخارجة عن نطاق مهمته، فتارة يطالبونه بالمعجزات والأعطيات، وتارة يريدون منه أن يعلمهم بما يخبئه

ص: 211

لغيب لهم، ليستفيدوا من الفرص المتاحة لهم، ويتجنبوا المخاطر التي قد تحيط بهم، ويحظوا بالنعم دون تعب أو عناء أو ابتلاء...

رسل الله بشر يطرأ عليهم ما يطرأ علي البشر من يسر وعسر، وصحة ومرض، ونوم ويقظة، فإذا ما استوفوا آجالهم أمر الله ملك الموت بقبض أرواحهم، فيموتون كما يموت البشر.. ومحمد صلي الله عليه وسلم كان واحداً من هؤلاء الرسل، أدي الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح عباد الله، ثم انتقل إلي جوار ربه.. وتأكيداً لهذه الحقيقة وقف خليله الصديق يوم وفاته موقفاً ثابتاً أمام من أنكروا موت النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وهنا تتجلي روعة الإسلام الذي رقي بأتباعه من التعلق بشخص الرسول إلي التعلق بالمرسل ومصدر الرسالة، فكانت صلتهم بالله تعالي صلة وثيقة يتطلعون إليها، وعروة وثقي عقدها الرسول صلي الله عليه وسلم بينهم وبين خالقهم فتمسكوا بها. فموت الرسول صلي الله عليه وسلم لا يعني موت الإسلام، وإذا كان مصير الخليقة إلي فناء، فإن مصير العقيدة هو البقاء، ومنهج الله في الأرض مستقل بذاته عن الرسل والدعاة الذين يحملونه ويبلغونه إلي الناس، مهما علا شأنهم وجل قدرهم، وشعلة الهداية متوقدة متأججة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فكتب (فاتح) بتاريخ 27 - 12 - 1999، الخامسة والنصف صباحاً:

هل انتهيت من شتم أمير المؤمنين، وترقيت لشتم النبي صلي الله عليه وآله؟!

ونتوقع قريباً التعرض لله جل وعلا!!. انتهي.

ص: 212

وكتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 5 - 5 - 2000، الواحدة ليلاً، موضوعاً نقله من كتاب الكافي منتقداً، بعنوان (باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام)، قال فيه:

(باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام:

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيي الواسطي، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا.

2 - أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن محمد بن شعيب، عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لأحد في مثل

الذي خلقهم منه نصيباً إلا للأنبياء، ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلي النار.

3 - علي بن إبراهيم، عن علي بن حسان، ومحمد بن يحي، عن سلمة بن الخطاب وغيره، عن علي بن حسان، عن علي بن عطية، عن علي بن رئاب رفعه إلي أمير المؤمنين علي السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله نهراً دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره، وإن في حافتي

ص: 213

النهر روحين مخلوقين: روح القدس وروح من أمره، وإن لله عشر طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الأرض، ففسر الجنان وفسر الأرض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدي الروحين وجعل النبي صلي الله عليه وآله من إحدي الطينتين، قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: ما الجبل؟ فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عز وجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعاً فأطيب بها طيباً.

وروي غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنة عدن وجنة المأوي وجنة النعيم والفردوس والخلد وطين الأرض مكة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر. 4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن أبي نهشل قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلي عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لأنها خلقت مم

خلقنا، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين. وما أدراك ما عليون. كتاب مرقوم يشهده المقربون ". وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين. وما أدراك ما سجين. كتاب مرقوم ").. المصدر: الكافي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 5 - 5 - 2000، الواحدة والنصف ليلاً:

عمر وآل عمر خلقوا من طينة واحدة.

ومحمد وآل محمد صلي الله عليه وعليهم، خلقوا من نور واحد وطينة واحدة..

ص: 214

فإن استكثرت شيئاً علي أفضل الخلق والمرسلين، فاستكثره علي آله الطاهرين!!

وإن كنت أعرابياًّ.. فظاًّ غليظ القلب والذهن، لا تعرف قيمة الأنبياء وآلهم.. فقل: محمد طارش ومات!!

الله حسيبكم أيها... متي تعرفون قيمة نبيكم وآله الطاهرين.. وتتوبون عن إصراركم أن تجعلوهم في مصاف النجسين؟!!!

فكتب (عمر)، السادسة وعشر دقائق مساءً:

عزيزي العاملي: هذا الرد من كتبكم وهو يناسب هذا الموقف: قال الشيخ المظفر رضي الله عنه:

(لا نعتقد في أئمتنا عليهم السلام ما يعتقده الغلاة والحلوليين " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " بل عقيدتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. وإنما هم عباد مكرمون، اختصهم الله تعالي بكرامته، وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلي درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوي والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. قال إمامنا الصادق عليه السلام: ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا. وقال الشيخ كاشف الغطاء، في معرض حديثه عن الغلاة ومقالاتهم: أما الشيعة الإمامية وأئمتهم عليهم السلام فيبرأون من تلك الفرق براءة التحريم... ويبرأون من تلك المقالات ويعدونها من أشنع الكفر والضلالات، وليس دينهم إلا التوحيد المحض وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق).

المصدر: مودة أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم في الكتاب والسنة

ص: 215

وكتب (أبو سمية)، التاسعة ليلاً:

لو كنت تفهم ما يقوله الشيخ المظفر قدس سره الشريف لما نقلته.

وكتب (نصير المهدي)، الحادية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/003514.html

اللهم صل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر

وكتب (العاملي) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

الغلو.. يا عمر له معنيان:

الأول: ادعاءُ ألوهية أو شراكة في الألوهية لمخلوق مع الله تعالي.

والثاني: نصبُ مخلوق من دون الله إماماً وإطاعته.

ولهما حالات مختلفة في الناس، كلها كفر أو شرك.. أو تؤول إلي أحدهما، وإن لم يعرف ذلك صاحبها..

ونحن شيعة أهل البيت مبرؤون ولله الحمد منهما.

وعقيدتنا أن النبي وآله صلي الله عليه وآله مخلوقون مربوبون لا يملكون لأنفسهم مع الله شيئاً..

ولكنه سبحانه جعلهم خير عباده المكرمين، فهم وسائط فيضه وعطائه، ولهم مقامات لا يمكن لأمثال ذهنك أن يفهمها إلا بكاد وعسي..

ولا يمكن لروحيِّتك التي نراها أن تستوعبها وتتفاعل معها، إلا أن يشاء الله..

أما أنتم فقد ابتليتم بسبب ذنوبكم بالنوع الثاني من الغلو.. لأنكم نصَّبتم أئمة من دون الله ودون رسوله، وأوجبتم طاعتهم، وواليتم فيهم وعاديتم عليهم!!!

وسوف تسألون عن (عبادتكم لهؤلاء الآلهة)!!!

فكتب (فاعل خير) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الواحدة ظهراً:

ص: 216

من يعبد غير الله يا عاملي! دائماً نفس الأسلوب وهو الهروب!

تقولون بأننا نفهم وتفسرون اللغة العربية كما يحلو لك. أعطنا دليلك أننا نعبد غير الله، ولا تفتري بأقوال سوف تحاسب عليها. والله إنني لم أرَ أناس متعصبين بهذه الطريقة.. كل ما تفعلوه هو السب والشتم واللعن وتقولون: اللهم العن من يسب أهل البيت.

من يسب أهل البيت يا رجل؟! آتني بحديث واحد صحيح فيه سب ولعن لأهل البيت.. لكن عندما نعارضكم في أفكاركم دائماً تلجؤون إلي نفس الموال، وهو لعن من تدعون أنه يسب أهل البيت.. وتبدؤون بتحريك العواطف عند الناس بحجة الإسائة لأهل البيت والتي ليست موجودة إلا في عقولكم. أنتم تسبون الخلفاء والصحابة وتلعنونهم.. فهل رددنا عليكم بالمثل. لا والله، لأن هذا ليس من الإسلام بشئ، ونظل رغم ذلك نحاوركم ونحترمكم. أما أنتم فليس عندكم إلا اللعن، وكأن لكم الحق ولا لغيركم. نحن ندعو لكم بالهداية وأنتم تلعنوننا! وحتي إذا كنتم علي الحق ونحن المخطئين المفروض أن تلجؤوا للأساليب السليمة والأدبية لهدي الناس وليس بالأسلوب الهمجي الذي تتبعونه.

سوف أرد عليك.. أين الغلو في عقيدتكم، وكيف فيها مخالفة صريحة للقرآن الكريم.

وكتب (محب السنة)، الواحدة والنصف ظهراً:

يقول الله تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة... الآية.

ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: كلكم لآدم وآدم من تراب.. فلم يستثني أحد من الناس بما فيهم الأنبياء. ولا نعلم أحداً من أتباع الديانات السماوية يقول غير ذلك، إلا ما جاء في التلمود عن بعض اليهود.

ص: 217

وأما الوثنيون: فالبراهمة الهندوس يعتقدون أنهم خلقوا من ابراهما إله الهندوس، ولذلك فإن لهم قداسة خاصة. فمن أين تسربت تلك العقائد إلي الشيعة؟!

فكتب (العاملي)، الرابعة والنصف عصراً:

الأخ محب السنة: أرجو أن لا تعجل.

فإن أحاديث خلق النبي صلي الله عليه وآله، ونبوته قبل أن يودعه الله تعالي في صلب آدم، وردت عندنا وعندكم!!

وطبيعي أن آله جزء من نوره. ففي مصادركم أحاديث كثيرة صحح علماؤكم عدداً منها!!

تنص علي أن خلقه ونبوته صلي الله عليه وآله قد ت-مّا قبل خلق آدم عليه السلام..

?ففي مسند أحمد: 4/127:

(الكلبي، عن عبد الله بن هلال السلمي، عن عرباض بن سارية، قال: قال رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم: إني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسي بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يَرَيْنَ). انتهي.

ورواه في مستدرك الحاكم ج 2 ص 418 و ص 600.

وفي ص 608 وزاد فيه:

(وإن أم رسول الله [صلي الله عليه وآله] رأت حين وضعته له نوراً أضاءت لها قصور الشام.

ثم تلا: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلي الله بإذنه وسراجاً منيراً. هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه).

ص: 218

ورواه في مجمع الزوائد: 8/223 تحت عنوان: باب قدم نبوته صلي الله عليه [وآله] وسلم، أورده كما في الحاكم، وقال:

(رواه أحمد بأسانيد، والبزار، والطبراني بنحوه.

وقال: سأحدثكم بتأويل ذلك: دعوة إبراهيم دعا: وابعث فيهم رسولاً منهم.

وبشارة عيسي بن مريم قوله: ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.

ورؤيا أمي التي رأت في منامها أنها وضعت نوراً أضاءت منه قصور الشام.

وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان.

وعن ميسرة العجر قال: قلت يا رسول الله: متي كتبت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد. رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح.

وعن عبد الله بن شقيق، عن رجل قال: قلت يا رسول الله: متي جعلت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

وعن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله متي كتبت نبياًّ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد...

وعن أبي مريم قال: أقبل أعرابي حتي أتي النبي صلي الله عليه وسلم، وعنده خلق من الناس.

فقال: ألا تعطيني شيئاً أتعلمه وأحمله وينفعني ولا يضرك.

فقال الناس: مه، أجلس.

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: دعوه، فإنما يسأل الرجل ليعلم.

فأفرجوا له حتي جلس.

فقال: أي شئ كان أول نبوتك؟

ص: 219

قال: أخذ الميثاق كما أخذ من النبيين، ثم تلا: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسي وعيسي بن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً، وبشري المسيح عيسي بن مريم.

ورأت أم رسول الله صلي الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام.

فقال الأعرابي: هاه.

وأدني منه رأسه وكان في سمعه شئ.

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ووراء ذلك. رواه الطبراني ورجاله وثقوا).

وروي أحاديثه في كنز العمال: 11/409 وقال في مصادرها:

(ابن سعد، حل - عن ميسرة الفجر، ابن سعد - عن ابن أبي الجدعاء، طب - عن ابن عباس). وقال في هامشه:

أخرجه الترمذي كتاب المناقب - باب فضل النبي صلي الله عليه وسلم رقم (3609)، وقال: حسن صحيح غريب. ص.

وفي ج 11 ص 418 و ص 449 و ص 450، وقال في مصادره:

(حم، طب، ك، حل، هب - عن عرباض بن سارية).

(حم وابن سعد، طب، ك، حل هب - عن عرباض بن سارية)

(ابن سعد – عن مطرف بن عبد الله بن الشخير)

(ابن سعد - عن عبد الله بن شقيق عن أبيه أبي الجدعاء، ابن قانع - عن عبد الله بن شقيق عن أبيه، طب - عن ابن عباس، ابن سعد - عن ميسرة الفجر)

(ابن عساكر - عن أبي هريرة).

ص: 220

ورواها السيوطي عن المصادر المتقدمة وغيرها في الدر المنثور:1/139 و: 5/184و207و: 6/213.

كما روت مصادركم أحاديث متعددة عن اختيار الله تعالي لبني هاشم علي جميع الخلق، وهي تؤيد

هذه الأحاديث، وليس هذا مقام الكلام فيها.

ختاماً: يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزانٌ لوجود دين عند الإنسان وعدمه.. وشكراً.

فكتب (محب السنة) بتاريخ 17 - 5 - 2000، الخامسة بعد الظهر:

تقول يا عاملي: " يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزان لوجود دين عند الإنسان وعدمه ".

أقول: صدقت والله، فالكبر داء عضال يمنع صاحبه من قبول الحق ويمنعه من دخول الجنة ويهوي به في مهاوي الردي.

وقد فسره النبي صلي الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس، وهل منع فرعون ومشركي قريش وسواهم من كثير من المشركين من الإيمان لما جاءتهم البينات إلا الكبر.

ولكن الذي أعلمه من نفسي وأسأل الله تعالي أن أكون كذلك، أني أقبل الحق إذا تبين لي أنه الحق، بغض النظر عن قائله، لعلمي بأن من أتعصب لقوله المخالف للحق، لن يغني عني من الله شيئاً.

ص: 221

أما ما ذكرتَه من أحاديث فلا أنازع في صحتها، ولكني أخالف في تأويلها اعتماداً علي ما دلت عليه النصوص الشرعية التي جاءت مفسرة لها، بما يزيل الإشكال الذي يمكن أن يفهمه بعض الناس منها.

فأقول: الوجود نوعان هما: وجود عيني ووجود علمي. فبأي النوعين نفسر النصوص المذكورة؟

لا شك أننا نفسرها بالنوع الثاني.

فنبوته صلي الله عليه وسلم لم يكن وجودها حتي نبأه الله تعالي علي رأس أربعين سنة من عمره صلي الله عليه وسلم، وهذا هو الوجود العيني.

أما الوجود العلمي، فالأشياء معلومة لله قبل كونها، وكذلك هي مكتوبة عنده، كما دل علي ذلك الكتاب والسنة.

قال تعالي: ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض، إن ذلك في كتاب إن ذلك علي الله يسير.

وهذا هو تقدير الله السابق لخلقه.

وكما في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

وهذا هو معني الحديث الذي رواه أحمد في مسنده، عن ميسرة الفجر، قال: قلت يا رسول الله متي كنت نبياًّ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

فأخبر صلي الله عليه وسلم أنه كان نبياًّ، أي كتب نبياًّ، وآدم بين الروح الجسد.

ويدل علي هذا القول: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله متي وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

ص: 222

وما رواه الإمام أحمد عن ميسرة الفجر، قال: قلت: يا رسول الله متي كتبت نبياًّ؟

قال: وآدم عليه السلام بين الروح والجسد.

والمعلوم الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن الله خلق الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم من تراب.

والنبي صلي الله عليه وسلم خلق مما يخلق منه سائر البشر، ولم يخلق أحد من البشر من نور.

ولكن لا يعني هذا تفضيل بعض المخلوقات علي بعض باعتبار ما خلقت منه.. فقد يخلق المؤمن من كافر، والكافر من مؤمن، كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر.

وآدم خلقه الله من طين، فلما سواه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شئ وبأن خلقه بيديه، وبغير ذلك.. ومحمد صلي الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم علي الله وآدم فمن دونه تحت لوائه.

قال صلي الله تعالي عليه وسلم: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.

أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه، كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله

وشقي أو سعيد، إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه.

فالذي تبي-َّن أن القول بأن النبي صلي الله عليه وسلم خلق مما خلق منه سائر البشر لا يقلل من مكانته، ولا يعني أن من خلق من نور كالملائكة أفضل منه. ولو كان التفضيل باعتبار أصل الخلقة.

ص: 223

فماذا تقول في ابن نوح، ووالد إبراهيم، وأبي لهب.

وأخيراً أذكرك بما ذكرتني به، فأقول: يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزان لوجود دين عند الإنسان وعدمه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 5 - 2000، التاسعة والربع مساءً:

الأخ محب السنة: لماذا حصرت أقسام الوجود بالعيني والعلمي؟!

فهل ضاقت عينك عن أنواع وجود الموجودات الذي قد يصل إلي ستين نوعاً؟!!

ألا تقول الإنسان موجودٌ في جيناته.. والضوء موجود في الشلال..

والعالم كان موجوداً في السديم.. والخلق كان موجوداً في الماء، أو كما يسمونه الغاز السائل..

والماء كان موجوداً في النور... إلخ.

وعندما قال النبي صلي الله عليه وآله: كنت نبياًّ قبل آدم.. فكيف تفسره بِ-: أني كنت موجوداً في علم الله؟!!

فهل هذا إلا تأويل، وتأويل خلاف المتبادر، وتأويل منقوض يوجب لغو الكلام.. فالمتبادر من " كُنْتُ " نوع من الوجود الخارجي، لا الوجود في علم الله تعالي!

ولو كان الوجود العلمي هو المقصود لَلَزِمَ اللغو.. لأن آدم أيضاً كان موجوداً في علم الله تعالي.. وكل المخلوقات موجودة في علمه الأزلي..

فما معني القبلية والبعدية في الوجودات العلمية؟!!

ثم إن منهجكم تحريم التأويل، ووجوب الأخذ بالظاهر، فكيف يتحول أحدكم بقدرة قادر إلي مؤول من الدرجة المفرطة، وبالوجوه البعيدة؟!

ص: 224

أين منهجكم وقواعدكم العلمية التي تصرون عليها في الصفات، يا أتباع الشيخ أحمد الحراني؟!!

فكتب (محب السنة)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ليس ما فعلته من التأويل المذموم، ولكنه تفسير النص بالنص، فالحديث جاء بالألفاظ التالية:

متي كنت نبياًّ. متي كتبت نبياًّ. متي وجبت لك النبوة؟

ثم ما الذي تريد أن تقوله، هل تفهم من النصوص أن النبي صلي الله عليه وسلم وآل بيته ليسوا من بني آدم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لا يمكن يا أخي.. تفسير الحديث الشريف إلا بالقول إن خلقه ونبوته صلي الله عليه وآله قد سبقت خلق أبيه آدم عليه السلام..

وبما أنه من ولد آدم، فلا بد من القول بأنه خلق في عالم ما قبل عالم الأصلاب.

وقد ورد أنه عالم النور.. وأنه كان نوراً مسبحاً عند عرش الله تعالي.

وأن آدم رأي نوره فسأل الله عنه..

إن عدداً من الأحاديث الشريفة تدل علي وجود عدة عوالم كنا فيها، قبل عالمنا هذا، منها عالم الذر الذي أخذه الله من ظهر آدم وبنيه..

ومنها عوالم كانت فيها روح آدم قبل أن تحل في قالب التراب..

ومنها عالم النور والظلال، الذي كان قبل خلق روح آدم وجسده، وفيه خلق نور نبينا لي الله عليه وآله..

بل ورد أن أول شئ خلقه الله تعالي نور محمد صلي الله عليه وآله..

وبما أن كل ذلك غيبٌ، لا علم لنا فيه إلا ما أخبرنا المتصل بالغيب صلي الله عليه وآله..

ص: 225

فلا ننفيه، بل نبقيه في عالم الإمكان، ونعتقد بما ثبت منه..

وقد ثبت أن النبي جعل نبياًّ قبل خلق آدم، ويكفي حديثه للدلالة علي أنه خلقت روحه ونوره قبله، ثم أودعه الله في صلبه..

وهذا هو ظاهر الحديث موضوع البحث، وصريح الأحاديث التي فسرته..

ومنها ما روي عن العباس، ومنها عن عمر، ومنها كثير عن علي والعترة الطاهرة عليهم السلام.

فكتب (محب السنة)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

شرف محمد صلي الله عليه وسلم ليس من أجل المادة التي خلق منها، ولكن من أجل النبوة التي اختص بها، فهو أفضل خلق الله تعالي علي الإطلاق.

وكأني بك تريد أن تثبت الأفضلية للمادة التي خلق منها ليشمل ذلك آل بيته، فآل بيته يكفيهم شرفاً أنهم من بيت النبوة.

أما النور فالذي خلق منه الملائكة فقط، ومحمد صلي الله عليه وسلم لا شك أنه أفضل منهم.

ولتوضيح الصورة أكثر وبيان أن النسب لا يغني عن المرء شيئاً إن عُدِم الإيمان: هل تنكر أن أبا لهب عم النبي صلي الله عليه وسلم، وأنه يجتمع معه في النسب، فماذا نفعه ذلك.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 5 - 2000، التاسعة والربع صباحاً:

أراك يا محب السنة تركت النقل.. ولجأت إلي ظنون العقل دون يقينه..

أين تركت الأحاديث موضوع البحث؟

وأين دليلك علي أن النور خلقت منه الملائكة فقط، ولم يخلق منه نبينا صلي الله عليه وآله..؟! وأعجب منه أنك حاولت الإستدلال علي نفي تميز طينة النبي صلي الله عليه وآله.. فخلطت طينته بطينة عمه أبي لهب!!

ص: 226

فهل تريد القول: إن طينة خاتم النبيين فيها شرك؟!!!

وهل أحطتَ بقوانين خلق طينة الأنبياء وجيناتهم وتقلبهم في الساجدين؟!!

لا تعجل يا محب السنة.. فتنفي فضيلة لنبيك من أجل نفيها عن أهل بيته.. فلو كان عندك نصف حديث في أن عمر خلق من طينة النبي.. لتشبَّثتَ به!!

ولكن الله ابتلي القرشيين وأتباعهم بكره أهل البيت عليهم السلام! وكما قال صلي الله عليه وآله، إذا ذكر أهل بيتي أمامهم فكأنما يفقأ في وجوههم حب الرمان، أي الحامض!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 18 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

أمرك يحير يا عاملي. جئناك بأدلة النقل فلم تقبلها، وفسرنا لك النقل بالنقل فلم تقبل، واستدللنا بالعقل فلم تقبل. والله لا أدري ماذا تريد؟!

هل تريد منا أن نقول إن ما تقوله حقاًّ وإن خالف العقل والنقل؟ نعتذر عن هذا فليس بإمكاننا ذلك. وليتك تعلم أننا لا نحمل في أنفسنا لآل البيت إلا الإجلال والتقدير. وليس ذلك مجاملة للشيعة، ولكنه دين ندين الله به. لأن حب آل بيت نبينا صلي الله عليه وسلم قد أوجبه الله علينا " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي. ولكننا مع ذلك نقيد حبنا لهم بضوابط الشرع فلا نجفوا ولا نغلوا. ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي.

أما سوء فهمك لكلامي كقولك: " فهل تريد القول إن طينة خاتم النبيين فيها شرك " فهو ناتج عن أني حين أناقش العاملي أظن أني أناقش إنساناً عنده قدر من العلم بحيث لا أحتاج إلي ذكر المقدمات وشرح البديهيات، وأرجو أن لا أكون مخطئاً.

وكتب (جمال نعمة) بتاريخ 23 - 5 - 2000، السادسة والربع صباحاًَ:

ص: 227

تمتع بهذه الأحاديث من كتبكم فهي صحيحة السند.. ولقد ذكرنا وذكر لك الأخوة.. لا تفضح نفسك.

كشف الخفاء، الإصدار 4.01 للإمام العجلوني: حرف الهمزة مع الواو: الحديث رقم 827:

أول ما خلق الله نور نبيك، يا جابر. الحديث. رواه عبد الرزاق بسنده، عن جابر بن عبد الله بلفظ قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء.

قال: يا جابر، إن الله تعالي خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول: حملة العرش، ومن الثاني: الكرسي، ومن الثالث: باقي الملائكة، ثم قسم الجزء

الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول: السماوات، ومن الثاني: الأرضين، ومن الثالث: الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول: نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني: نور قلوبهم وهي المعرفة بالله، ومن الثالث: نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. الحديث.

كذا في المواهب. وقال فيها أيضاً: واختلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي، أم لا؟

فقال الحافظ أبو يعلي الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قدر الله مقادير

ص: 228

الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه علي الماء. فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم. فحديث صفحة 311، عبادة بن الصامت مرفوعاً: (أول ما خلق الله القلم.

فقال له: أكتب. فقال: رب، وما أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شئ). رواه أحمد الترمذي وصححه. وروي أحمد والترمذي وصححه أيضاً من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً: إن الماء خلق قبل العرش. وروي السدي بأسانيد متعددة إن الله لم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلي ما عدا النور النبوي المحمدي والماء والعرش. انتهي. وقيل الأولية في كل شئ بالإضافة إلي جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها. وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: كنت نوراً بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام. انتهي ما في المواهب.

تنبيه: قال الشبراملسي: ليس المراد بقوله من نوره ظاهره، من أن الله تعالي له نور قائم بذاته لاستحالته عليه تعالي. لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام.

بل المراد خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد، وأضافه إليه تعالي لكونه تولي خلقه. ثم قال ويحتمل أن الإضافة بيانية، أي خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالي لكن لا بمعني أنها مادة خلق نور نبيه منها، بل بمعني أنه تعالي تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شئ في وجوده. قال: وهذا أولي الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالي: ثم سواه ونفخ فيه من روحه، حيث قال: أضافه إلي نفسه تشريفاً وإشعاراً بأنه خلق عجيب وأن له مناسبة إلي حضرة الربوبية. انتهي ملخصاً.

ص: 229

وجدت في: حرف الكاف. الحديث رقم: 2007:

كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث.

قال في المقاصد: رواه أبو نعيم في الدلائل، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن لال، ومن طريقة الديلمي عن أبي هريرة مرفوعاً، وله شاهد من حديث ميسرة الفخر.

أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه والبغوي، وابن السكن، وأبو نعيم في الحلية وصححه الحاكم بلفظ: كنت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وفي الترمذي وغيره عن أبي هريرة، أنه قال للنبي صلي الله عليه وسلم: متي كنت أو كتبت نبياًّ؟

قال: كنت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الحاكم أيضاً.

وفي لفظ وآدم منجدل في طينته.

وفي صحيحي ابن حبان والحاكم، عن العرباض بن سارية، مرفوعاً: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.

وكذا أخرجه أحمد الدارمي وأبو نعيم.

ورواه الطبراني عن ابن عباس، قال: قيل يا رسول الله متي كنت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد.

ثم قال السخاوي كغيره: وأما الذي يجري علي الألسنة بلفظ: كنت نبياًّ وآدم بين الماء والطين، فلم نقف عليه بهذا اللفظ فضلاً عن زيادة: وكنت نبياًّ ولا آدم ولا ماء ولا طين.

ص: 230

وقال الحافظ ابن حجر في بعض أجوبته عن الزيادة: أنها ضعيفة والذي قبلها أقوي. وقال الزركشي: لا أصل له بهذا اللفظ.

قال السيوطي في الدرر: وزاد العوام ولا آدم ولا ماء ولا طين، لا أصل له أيضاً.

وقال القاري: يعني يحسب مبناه، وإلا فهو صحيح باعتبار معناه.

وروي الترمذي أيضاً عن أبي هريرة أنهم قالوا: يا رسول الله، متي وجبت لك النبوة؟

قال: وآدم بين الروح والجسد.

وفي لفظ: متي كتبت نبياًّ؟ قال: كتبت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وعن الشعبي، قال رجل: يا رسول الله متي استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق.

وقال التقي السبكي: فإن قلت: النبوة وصف لا بد أن يكون الموصوف به موجوداً، وإنما يكون بعد أربعين سنة، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله؟

قلت: جاء أن الله تعالي خلق الأرواح قبل الأجساد.

فقد تكون الإشارة بقوله: كنت نبياًّ، إلي روحه الشريفة أو حقيقته والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعرفها خالفها ومن أمده بنور إلهي.

ونقل العلقمي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، مرفوعاً أنه قال: كنت نوراً بين يدي ربي عزل وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام. انتهي.

ص: 231

وإليك الحديث بتمامه في كفاية الطالب: كفاية الطالب الباب 87 صفحة 280 - 283:

في أن علياًّ خلق من نور النبي صلي الله عليه وآله: أخبرنا إبراهيم بن بركات الخشوعي بمسجدة الربوة من غوطة دمشق، أخبرنا الحافط علي بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم هبة الله، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله العدل، أخبرنا أبو علي الحسن صفوان، حدثنا محمد بن سهل العطار، حدثني أبو ذكوان، حدثني حرب بن بيان الضرير من أهل قبسارية، حدثني أحمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن عبد الله عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي صلي الله عليه وآله: خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام فخلق منه نبيكم والنصف الآخر علي بن أبي طالب.

قلت - والكلام للمؤلف الكنجي - هكذا أخرجه إمام أهل الشام، عن إمام أهل العراق، كما سقناه وهو في كتابيهما.

وأخبرنا أبو إسحاق الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو غالب بن البنا، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيي، حدثنا أبو سعيد العدوي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن عدان، عن زاذان عن سلمان قال:

سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبح ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه فلم يزل في شئ واحد حتي افترقا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

ص: 232

قلت - والكلام للكنجي - هكذا أخرجه محدث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاثمائة قبل نصفه ولم يطعن في سنده ولم يتكلم عليه وهذا يدل علي ثبوته.

أخبرنا علي بن أبي عبد الله المعروف بابن المقير البغدادي بدمشق، عن أبي الفضل محمد الحافظ، أخبرنا أبو نصر بن علي، حدينا أبو الحسن علي بن محمد المؤدب، حدثنا أبو الحسن الفارصي (الفارسي أو الفارضي قبل آخر حرف ليس بكامل)، حدثنا أحمد بن سلمة النمري، حدثنا أبو الفرج غلام فرج الواسطي، حدثنا الحسن بن علي، عن مالك عن سلمة، عن أبي سعيد قال:

سأل أبو عقال النبي صلي الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله من سيد المسلمين؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: من تراك تظن يا أبا عقال؟

فقال: آدم. فقال: ها هنا من هو أفضل من آدم.

فقال: يا رسول الله، أليس خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه، وزوجه حواء أمته وأسكنه جنته، فمن يكون أفضل منه؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: من فضله الله عز وجل.

فقال: شيث؟ فقال: أفضل من شيث.

فقال: إدريس؟ فقال: أفضل من إدريس ونوح.

فقال: فهود؟ فقال: أفضل من هود وصالح ولوط.

قال: موسي؟ قال: أفضل من موسي وهارون.

قال: فإبراهيم إذن. قال: أفضل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.

قال: فيعقوب؟ قال: أفضل من يعقوب ويوسف.

قال: فداود؟ قال: أفضل من داود وسليمان.

قال: فأيوب إذن؟ قال: أفضل من أيوب ويونس.

ص: 233

قال: فزكريا إذن؟ قال: أفضل من زكريا ويحيي.

قال: فاليسع إذن؟ قال: أفضل من اليسع وذي الكفل.

قال: فعيسي، إذن؟ قال: أفضل من عيسي.

قال أبو عقال: ما علمت من هو يا رسول الله؟ ملك مقرب؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: مكلمك يا أبا عقال. يعني نفسه صلي الله عليه وآله.

فقال أبو عقال: سررتني والله يا رسول الله.

فقال النبي صلي الله عليه وآله: أزيدك علي ذلك؟ قال: نعم.

فقال: إعلم يا أبا عقال إن الأنبياء والمرسلين ثلاثمائة وثلاثة عشر نبياًّ لو جعلوا في كفة وصاحبك في كفة لرجح عليهم.

فقلت: ملأتني سروراً يا رسول الله فمن أفضل الناس بعدك؟ فذكر له نفراً من قريش.

ثم قال: علي بن أبي طالب. فقلت: يا رسول الله، فأيهم أحب إليك؟

قال: علي بن أبي طالب. فقلت: ولم ذلك؟

فقال: لأني خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد.

قال: فقلت: فلم جعلته آخر القوم؟

قال: ويحك يا أبا عقال، أليس قد أخبرتك أني خير النبيين، وقد سبقوني بالرسالة وبشروا بي من قبلي فهل ضرني شئ إذ كنت آخر القوم، أنا محمد رسول الله، وكذلك لا يضر علياًّ إذا كان آخر القوم،

ولكن يا أبا عقال، فضل علي علي سائر الناس كفضل جبرئيل علي سائر الملائكة.

ص: 234

قلت - والكلام للكنجي - هذا حديث حسن عال، وفيه طول أنا اختصرته ما كتبناه إلا من هذا الوجه.

أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي، أخبرنا أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، أخبرنا الحسين بن إدريس التستري، حدثنا أبو عثمان طالوت بن عباد الصيرفي البصري، حدثنا فضال بن جبير، حدثنا أبو أمامة الباهلي قال:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتي، وخلقني وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها، فمن تسلق بغصن من أغصانها نجي، ومن زاغ عنها هوي. ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام، ثم ألف عام لم يدرك صحبتنا أكبه الله علي منخريه في النار، ثم تلا " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي ".

قلت (والكلام للكنجي): هذا حديث حسن عال رواه الطبري في معجمه كما أخرجناه سواء ورواه محدث الشام في كتابه بطرق شتي. انتهي.

أقول: ومما يؤيد ما ذكره علماء السنة في الأحاديث السابقة هو:

فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2. 09 للإمام المناوي: وجدت في الجزء الرابع حرف العين. الحديث رقم: 5595:

" علي مني وأنا من علي " أي هو متصل بي وأنا متصل به في الإختصاص والمحبة وغيرهما، ومن هذه تسمي اتصالية، من قولهم: فلان كأنه بعضه متحد به لاختلاطهما.

ص: 235

" ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " كان الظاهر أن يقال لا يؤدي عني إلا علي، فأدخل أنا تأكيداً لمعني الاتصال في قوله: علي مني وأنا من علي.

وأخرج الطبراني عن وهب بن حمزة قال: صحبت علياًّ إلي مكة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت لأشكونك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلما قدمت، قلت: يا رسول الله رأيت من علي كذا وكذا. فقال: لا تقل هذا، فهو أولي الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني قال الهيثمي: فيه دكين ذكره أبو حاتم ولم يضعفه أحد وبقية رجاله وثقوا. انتهي.

كتب (محب السنة)، السابعة والربع صباحاً:

إلي جمال نعمة: ليس المقياس عندنا فيما نقبل ونرفض أن يكون في مصادرنا أو غيرها.

ولكن المقياس هو ما كان حقاًّ قبلناه وما كان باطلاً رددناه، بغض النظر عن قائله.

وما أوردته من روايات بعضها لم يثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم قالها.. وبعضها نختلف معك في تأويلها!

فإذا أردت مرة أخري أن تنقل من مصادرنا ما تحتج به علينا، فانقل ما صححه علماؤنا وقبلوه، ثم انظر بما فسروا به النصوص التي حكموا بصحتها، وبعد ذلك يمكنك الإحتجاج علينا.

فكتب (جمال نعمة)، التاسعة والربع صباحاً:

السلام عليكم: أما بعد: فكل أحاديث كفاية الطالب صحيحة السند.

جئنا بتفسير علمائكم، ومن ضعَّف أو قال بأن هذه الأحاديث موضوعة، لنناقشها؟

ص: 236

أما قولك: بأن علمائكم فسروا.. وأولوا.

أقول لك: لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم..

الراسخون في العلم هم أهل البيت عليهم السلام وأولهم علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. أنا في انتظار ردك فيما ذكرناه في الحديث السالف. وبانتظار تفنيدك لهذه الأحاديث.

وكتب (محب السنة)، الثانية عشرة ظهراً:

تقول: إن كل أحاديث كفاية الطالب صحيحة السند. فمن أنت حتي نقبل تصحيحك؟

أما قولك: لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم.

فأنا أردت بالتأويل التفسير، وبعض آل البيت وليس كلهم من الراسخين في العلم، كما أن في المسلمين من غير آل البيت من يشارك آل البيت في العلم، واقرأ ردودي السابقة علي العاملي فستجد فيها إجابة لما سألت عنه.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق ظهراً:

الأخ محب السنة:

صحِّح أنت أحاديث خلق نور النبي صلي الله عليه وآله قبل آدم.. أو اسأل من تثق بتصحيحه.. وأخبرنا عن النتيجة.

أيها الأخ: اسمع مني وسأشهد عليك يوماً ما:

يوجد فرق منهجي بيننا وبينكم في الإعتقاد بالنبي صلي الله عليه وآله، وتقييم شخصيته والنظرة إليه.. أرجو أن تتأمل فيه.

إن زعماء قريش أنقصوا من شخصية النبي وشخصية آله وعشيرته.. لأغراضهم السياسية..

ص: 237

وصوروه أنه شخص كان ينزل عليه وحي.. ولكنه كان يتصرف من عند نفسه ويظلم الناس فيسبهم ويلعنهم بغير حق!! وكان يحقد علي قريش ويكرههم ويلعنهم بغير حق!! فوبخه ربه وخطأه، لأنه كان في قريش ناسٌ يكادون يكونون أفضل منه!!

مثلاً: في بني عدي شخص أعقل منه وأفهم.. ولو لم يبعث هو لبعث ذلك العدوي.. وكان العدوي يصحح أخطاء محمد فينزل الوحي مؤيداً لرأي العدوي، مخطئاً لرأي النبي الهاشمي!!

ومن جهة أخري كان محمد يريد تسليط أهل بيته علي العرب، فنظرت قريش في أمرها فرأت أنه لا يجوز أن يستأثر بنو هاشم بالنبوة والخلافة، فأبعدتهم واختارت لنفسها.. ونِعم ما اختارت!!

ومن جهة أخري.. كان محمد يحب آله وعشيرته كثيراً، فيفتخر بجده المشرك عبد المطلب في معركة

حنين.. وبعمه المشرك أبي طالب.. ويطلب أن ينشدوا شعره له!!

وكان يقول إن بني هاشم أفضل العرب، وإنه هو أفضل من آدم، وإنه كان نوراً مخلوقاً قبل آدم.. وهذا كله غير صحيح، لأنه إنسان من تراب!!

والخلاصة: أن محمداً كان حامل رسالة " طارشاً " أدي الرسالة.. ومات!!

فلا تغالوا فيه.. ولا تخاطبوه لأنه مات وانتهي الأمر!

ولا تكونوا كعمار وأبي ذر وحذيفة وعلي وبعض الأنصار، الذين كانت قريش تصفهم بأنهم

يعبدون محمداً.. وقد قال أبو بكر لهم: من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات..

ص: 238

فلا تكثروا من فضائله وفضائل أهل بيته.. بل أكثروا من فضائل بني تيم وبني عدي وبني أمية، فهؤلاء هم الصحابة أفضل الخلق، فارووا فضائلهم، وزينوا مجالسكم بذكرهم!!! اللهم صلِّ علي بني تيم وعدي وأمية.. ثم علي محمد وحده.. دون آله!!!!

نعم، هذا هو منهجكم العملي في النظرة إلي النبي صلي الله عليه وآله!! ولا قيمة لقولكم خلافه بألسنتكم؟!!!

وإن كنت عالماً.. فتتبع الفقه والتفسير والحديث.. وإن كنت من أتباع ابن تيمية فتتبع كتبه، وما قاله من كلام سئ في أن النبي قد سحر وأثَّر عليه السحر، وإن السحر يؤثر علي قليلي الإيمان!!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع ظهراً:

مشكلة الشيعة العظمي هي عدم تفريقهم بين الحب والغلو، واعتبارهم أن الغلو أعلي درجات الحب، وقد أدي بهم هذا الفهم إلي المزج بين ما ينبغي أن يكون خاصاًّ بالله تعالي وما يختص به البشر.

ولذا غلو بالأئمة ورفعوهم فوق منزلتهم، ومن خالفهم في فهمهم الخاطئ اتهموه ببغض النبي صلي الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار عليهم السلام.

ولكي تطلع علي حقيقة موقف أهل السنة من النبي صلي الله عليه وسلم ارجع إلي ما جاء في كتبهم التي خصصوا أجزاء منها في المناقب، وما رووه من أحاديث في وجوب محبة النبي صلي الله عليه وسلم محبة تفوق محبة النفس والأهل والمال والولد، ولكنهم مع ذلك يقولون عنه: إنه بشر مثل سائر البشر ليس له شئ من خصائص الربوبية، ومن ثم لا يستحق شيئاً مما يجب أن يفرد الله به من العبادة.

ص: 239

أما سوء فهمك لما ورد عن الصحابة، فهذا ناتج عن البغض لهم والتحامل عليهم، وإلا لو جمعت هذه النصوص وفسرتها بما قاموا به من أفعال نصروا به النبي صلي الله عليه وسلم وقدموه علي أنفسهم وأهليهم، ونشروا دينه من بعده، لبانت لك الحقيقة.

والأمر في غاية الوضوح والظهور، ولكن الهداية فضل من الله يمن به علي من يشاء من عباده.

وكتب (جمال نعمة)، العاشرة والربع صباحاً:

كيف تقول إننا نغالي والأحاديث من مصادركم وكتبكم؟!

لو كانت هذه الأحاديث في كتب الشيعة لهان الأمر، ولكنها في كتبكم المعتبرة.

أما الأخ الذي عارض ما ذكره في صحة سند الأحاديث في كفاية الطالب، أقول لك:

1 - المؤلف سني شافعي.

2 - هو من علمائكم، فهذا الحديث دليل علي صحته، لأنه لو لم يكن صحيح.. لما ذكره.

3 – كفاية الطالب ليس كتاب تجميع الأحاديث - كالبخاري ومسلم وغيره - إنما هو كتاب بحث. والباحث قبل أن يفتضح.. يبحث عن صحة الأحاديث التي يوردها كي لا يكون مضحكة بين الناس. 4 - لماذا لا تورد لنا نصاًّ فيمن ضعف رواة أحادث كفاية الطالب.

ولك الأجر والثواب.. يعني بدل أن تقول هذا موضوع وغير موضوع.. برهن علي عدم صحة الحديث. ونحن بالإنتظار! انتهي.

قال العاملي:

ص: 240

وغاب محب السنة، ولم يناقش في تصحيح علمائهم لأحاديث خلق نور النبي وأهل بيته صلي الله عليه وعليهم!!

ص: 241

ص: 242

الفصل الثانی: فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

اشارة

ص: 243

ص: 244

فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، ساحة النقاش الإسلامية، بتاريخ 12 - 9 - 1999، موضوعاً بعنوان:

فرية الغرانيق اخترعتها قبائل قريش، ورواها البخاري ومسلم!!

قال فيه:

نزلت سورة النجم في مكة بعد مرحلة: " أنذر عشيرتك الأقربين ".. وبعد مرحلة: " فاصدع بما تؤمر "، وإعلان النبي صلي الله عليه وآله دعوته لجميع الناس، ودخول عدد من المستضعفين في الإسلام، وتضييق قريش عليهم وتعذيبهم، وهجرة بعضهم إلي الحبشة.

ومن الواضح أن تلك المرحلة كان يتفاقم فيها الصراع بين الإسلام والمشركين، وكان أهم ما يتسلح به المشركون ويطرحونه سبباً لمقاومتهم الإسلام هو: (أن محمداً قد سب آلهتنا وسفه أحلامنا).

وقد كان موقف النبي صلي الله عليه وآله من آلهتهم موقفاً صريحاً قوياًّ لا مساومة فيه.. ولا أنصاف حلول.. وقد اتضح ذلك من السور الأولي للقرآن وآياتها القاطعة في مسألة الأصنام..

ص: 245

وهذه السورة استمرار لذلك الخط الرباني الصريح المشرق، بل هي الحسم الإلهي في المسألة ووضع النقاط علي الحروف بتسمية أصنام قريش المفضلة (اللات والعزي ومناة) وإسقاطها إلي الأبد!

ومن الطبيعي أن تكون هذه الآيات أشد آيات علي قريش وأن تثير كبرياءها وعواطفها لأصنامها، وأن تتخذ ردة فعلها أشكالاً متعددة.

وقصة الغرانيق، ما هي إلا واحدة من ردات الفعل القرشية.. لكن متي وضعت ومن وضعها؟!

يغلب علي الظن أن أحد المشركين من عبدة هذه الأصنام الثلاثة لما سمع ذمها في آيات السورة وضع بعد أسمائها عبارة (تلك الغرانيق العلي، وإن شفاعتهن لترجي).

فأعْجَبَ ذلك القرشيين وتمني بعضهم لو يضاف هذا المديح لآلهتهم في السورة!

ولكن كيف يمكن ذلك، وكيف ينسجم مع السياق، والسياق كله حملة شديدة علي فكر الأصنام وأهلها!!

ولكن ثقل جريمة آيات الغرانيق ليس علي قريش المشركة، بل علي قريش المنافقة التي روجتها بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، لإثبات أنه لم يكن معصوماً عصمة مطلقة حتي تكون كل تصرفاته وأقواله حجة، بل كان يخطئ حتي في تبليغ الوحي!

وغرضها من ذلك الإلتفاف علي أوامر النبي صلي الله عليه، وتبرير أخطاء الخلفاء ومخالفاتهم لسنته!!

وهكذا سجلت مصادر إخواننا مع الأسف قصة الغرانيق التي تزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قد ارتكب خيانة - والعياذ بالله - في نص القرآن، وشهد بالشفاعة

ص: 246

لأصنام اللات والعزي ومناة وسجد لها لكي ترضي عنه قريش، وطار بها المنافقون فرحاً ثم الغربيون!! وآخرهم المرتد سلمان رشدي.

وقد روي السيوطي عدداً من روايات الغرانيق في الدر المنثور: 4/194 و 366، وبعضها صحيح السند! قال في ص 366:

(وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس! قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قرأ: أفرأيتم اللات والعزي ومنات الثالثة الأخري تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترتجي!

ففرح المشركون بذلك وقالوا: قد ذكر آلهتنا.

فجاء جبريل فقال: إقرأ علي ما جئتك به، فقرأ: أفرأيتم اللات والعزي، ومناة الثالثة الأخري تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترتجي!

فقال: ما أتيتك بهذا! هذا من الشيطان فأنزل الله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني.. " إلي آخر الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، بسند صحيح عن سعيد بن جبير...!!). انتهي.

وقد ورد في بعض رواياتهم الإفتراء علي النبي صلي الله عليه وآله بأنه سجد للأصنام!

(فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلي، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجي، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها. وقالوا: إن محمداً قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه. فلما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم آخر النجم، سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك، ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتي بلغت أرض الحبشة، فأنزل الله: وما أرسلنا من قبلك...).

وفي بعضها:

ص: 247

(ألقي الشيطان علي لسانه: وهي الغرانيق العلي، شفاعتهن ترتجي، فلما فرغ من السورة سجد، وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا أحيحة سعيد بن العاص، فإنه أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، وقال: قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير، فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة أن قريشاً قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا، واشتد علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي أصحابه ما ألقي الشيطان علي لسانه، فأنزل الله: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي.. الآية). انتهي.

ورواها الهيثمي في مجمع الزوائد: 6/32 و: 7/70.

وقد نقد الباحث السوداني عبد الله النعيم، في كتابه الإستشراق في السيرة النبوية - المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1417 - استغلالَ المستشرقين لحديث الغرانيق، ونقل في ص 51، افتراءَ المستشرق (بروكلمان) علي النبي صلي الله عليه وآله حيث قال:

(ولكنه علي ما يظهر اعترف في السنوات الأولي من بعثته بآلهة الكعبة الثلاث اللواتي كان مواطنوه يعتبرونهن بنات الله، وقد أشار إليهن في إحدي الآيات الموحاة إليه بقوله: تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترجي... ثم ما لبث أن أنكر ذلك وتبرأ منه في اليوم التالي)!!

ونقل عبد الله النعيم، في ص 96 زعم (مونتغمري وات) حيث قال:

(تلا محمد الآيات الشيطانية باعتبارها جزء من القرآن، إذ ليس من المتصور أن تكون القصة من تأليف المسلمين أو غير المسلمين، وإن انزعاج محمد حينما علم بأن الآيات الشيطانية ليست جزء من القرآن يدل علي أنه تلاها وإن

ص: 248

عبادة محمد بمكة لا تختلف عن عبادة العرب في نخلة والطائف.. ولقد كان توحيد محمد غامضاً (!) ولا شك أنه يعد اللات والعزي ومناة كائنات سماوية أقل من الله). انتهي.

ومع أننا تبعاً لأهل البيت عليهم السلام نرفض رواية الغرانيق من أصلها..

ونعتقد أنها واحدة من افتراءات قريش الكثيرة علي النبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد وفاته.. ونستدل بوجودها علي أن مطلب قريش كان الإعتراف بآلهتها وشفاعتهن وأن منافقي قريش وضعوا هذه الروايات طعناً في عصمة النبي صلي الله عليه وآله، فخدموا بذلك هدف قريش الخبيث وهدف أعداء الإسلام في كل العصور!

ومع أن المستشرقين لا يحتاجون إلي الروايات الموضوعة ليتمسكوا بها، فهم يكذبون علي نبينا وعلي مصادرنا جهاراً نهاراً، ولكن تأسفَّنا لأن مصادر إخواننا روت عدة افتراءات علي النبي صلي الله عليه وآله علي أنها حقائق، منها قصة الغرانيق، وقصة ورقة بن نوفل في بدء الوحي، وغيرها من الروايات المخالفة للعقل والتهذيب والإحترام الذي ينبغي للنبي صلي الله عليه وآله..

ولم تروِ ما في مصادرنا من بغض النبي لأصنام قريش منذ طفولته، ولا تكذيب رواية ورقة والتأكيد علي الأفق المبين الذي نصَّ عليه القرآن.. وبدأ الوحي عليه..

ولما رأي المستشرقون تلك الروايات فرحوا بها وحاولوا أن يشككوا بسببها في نبوة نبينا صلي الله عليه وآله!!

وذكر الباحث السوداني عبد الله النعيم، في هامش كتابه المذكور، المصادرَ التي روت حديث الغرانيق وهي: طبقات ابن سعد: 1/205، وتاريخ الطبري: 2/226، وتاريخ ابن الأثير: 2/77، وسيرة ابن سيد الناس: 1/157.

وقال في ص 97:

ص: 249

(يعتبر الواقدي أول من روج لهذه الفرية ثم أخذها عنه ابن سعد والطبري وغيرهم).

وقال في ص 98:

(ولم يروِ ابن إسحاق وابن هشام هذه الواقعة إطلاقاً. ومهما يكن من أمر فالواقدي هو أصلها. إن ما يدعو للتساؤل هو: كيف أمكن تمرير هذه الواقعة مع علم أصحابها بعصمة الرسل؟!). انتهي.

ثم نقل المؤلف نقد القاضي عياض في كتابه الشفا لحديث الغرانيق سنداً ومتناً.. وكذلك نقد القرضاوي في كتابه كيف نتعامل مع السنة النبوية..

ونقل عنه قوله في ص 93:

(ومعني هذا أن تفهم السنة في ضوء القرآن، ولهذا كان حديث الغرانيق مردوداً بلا ريب لأنه منافٍ للقرآن). انتهي.

ولكن البخاري و مسلما رويا فرية الغرانيق

دافع الرازي وغيره عن البخاري والصحاح فقالوا إنهم لم يرووا قصة الغرانيق!!

ولكنهم لم يقرؤوا الصحاح جيداً، وإلا لوجدوا فيها قصة الغرانيق بأكثر من رواية!

غاية الأمر أن أصحابها حذفوا منها أن النبي صلي الله عليه وآله زاد في السورة مدح أصنام المشركين، ولكنهم ذكروا دليلاً عليه وهو سجود المسلمين والمشركين، وحتي سجود أبي أحيحة، أو أمية بن خلف أو غيرهما علي كف من تراب أو حصي!!

فإن سجود المشركين بعد سماع القرآن لم ينقله أي مصدر علي الإطلاق في أي رواية علي الإطلاق، إلا في رواية الغرانيق!

ومضافاً إلي رواية البخاري الفظيعة التي ذكرها الرازي..

ص: 250

فقد روي البخاري أيضاً في ج 5 ص 7:

(عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه، غير أن شيخا أخذ كفاًّ من تراب فرفعه إلي جبهته، فقال: يكفيني هذا! قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً). انتهي. ورواه مسلم في: 2/88.

وروي البخاري أيضاً في ج 6 ص 52:

(عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم، قال: فسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وسجد من خلفه إلا رجلاً رأيته أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف).

وقال الحاكم في المستدرك: 1/221:

(عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله، قال: أول سورة قرأها رسول الله صلي الله عليه وآله علي الناس الحج، حتي إذا قرأها سجد فسجد الناس، إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه فرأيته قتل كافراً.

هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين بالإسنادين جميعاً، ولم يخرجاه، إنما اتفقا علي حديث شعبة عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلي الله عليه وآله قرأ والنجم، فذكره بنحوه، وليس يعلل أحد الحديثين الأخيرين، فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة علي ذكره النجم، غير قيس بن الربيع. والذي يؤدي إليه الاجتهاد صحة الحديثين، والله أعلم).

ومعني كلام الحاكم: أنه كان الأولي بالبخاري ومسلم أن يرويا رواية السجود في سورة الحج لأنها أصح، ولكنهما تركاها ورويا رواية سورة النجم!!

وقال البيهقي في سننه: 2/314:

ص: 251

(عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم سجد فيها، يعني والنجم، وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والأنس. رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر وغيره عن عبد الوارث.

ورواها في مجمع الزوائد: 7/115، أيضاً وصححها، قال:

(قوله تعالي " أفرأيتم اللات والعزي " عن ابن عباس، فيما يحسب سعيد بن جبير، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان بمكة، فقرأ: سورة والنجم حتي انتهي إلي " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " فجري علي لسانه: تلك الغرانيق العلي الشفاعة منهم ترتجي.

قال: فسمع بذلك مشركو أهل مكة فسرُّوا بذلك، فاشتدَّ علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالي: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ".

رواه البزار والطبراني وزاد إلي قوله " عذاب يوم عقيم "، يوم بدر.

ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن الطبراني قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم وقد تقدم حديث مرسل في سورة الحج أطول من هذا، ولكنه ضعيف الإسناد). انتهي.

ويقصد بالرواية الطويلة الضعيفة ما رواه في مجمع الزوائد: 7/70 وقد ورد فيها:

(حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها " والنجم إذا هوي " فقال المشركون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصاري بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر. فلما أنزل الله السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة

ص: 252

الثالثة الأخري " ألقي الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت، فقال: وإنهم من الغرانيق العلي، وإن شفاعتهم لترتجي، وذلك من سجع الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك، وذلقت بها ألسنتهم واستبشروا بها، وقالوا: إن محمداً قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم آخر السورة التي فيها النجم سجد، وسجد معه كل من حضره من مسلم ومشرك، غير أن الوليد بن المغيرة كان كبيراً فرفع ملء كفه تراب فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين من غير إيمان ولا يقين، ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقي الشيطان علي ألسنة المشركين، وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلي النبي صلي الله عليه وسلم، وحدثهم الشيطان أن النبي صلي الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتي بلغت الحبشة! فلما سمع عثمان بن مظعون وعبد الله بن مسعود ومن كان معهم من أهل مكة أن الناس أسلموا وصاروا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة علي التراب علي كفه، أقبلوا سراعاً! فكبر ذلك علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلما أمسي أتاه جبريل عليه السلام فشكا إليه، فأمره فقرأ له، فلما بلغها تبرأ منها جبريل وقال: معاذ الله من هاتين ما أنزلهما ربي ولا أمرني بهما ربك!! فلما رأي ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم شق عليه، وقال: أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه وشركني في أمر الله!! فنسخ الله ما يلقي الشيطان وأنزل عليه " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم، ليجعل ما يلقي فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد "

ص: 253

فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته، انقلب المشركون بضلالهم وعداوتهم. فذكر الحديث، وقد تقدم في الهجرة إلي الحبشة. رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة). انتهي.

فتبين من مجموع ذلك أن سند القصة في مصادر السنيين صحيح.

ولا يصح القول: بأن الواقدي تفرَّد بها، أو أن الصحاح لم تروِها!!

ويا ليت القرضاوي والرازي وغيرهما من الذين ردوا حديث الغرانيق بدليل مخالفته للقرآن، يتمسكون بهذا الدليل لرد غيره من المكذوبات التي وضعها منافقوا قريش وروجته الخلافة القرشية ورواتها وما زالت من الأحاديث الصحيحة أو الموثقة عند إخواننا!!

وأخيراً.. فقد طار أعداء الإسلام بهذه القصة وشنعوا بها علي الإسلام ورسوله، محتجين بأنها وردت في مصادر المسلمين! وكان آخر من استغلها المرتد سلمان رشدي!

وقد أخذها من المستشرقين بروكلمان ومونتغمري وأمثالهما، وأخذها هؤلاء من الصحاح والمصادر الصحيحة!!! مع الأسف!!

فكتب (مبضع الجراح) بتاريخ 13 - 9 - 1999، الثانية عشرة صباحاً:

كذبت ورب الحسن والحسين. ما أخرجها البخاري ومسلم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 9 - 1999، السابعة صباحاً:

أقسمتَ بعظيم.. رب سبطين عزيزين.. ولكن الأمر لا يحتاج إلي قسم!!

تأمل في الموضوع، ثم راجع البخاري ومسلماً، واقرأ فيهما الحديثين!!

وكتب (الشيباني)، السابعة والنصف صباحاً:

ص: 254

تباًّ لك يا عاملي علي هذا الإفتراء... أما تخجل من هذا العنوان؟؟!!

كذبت وافتريت وأثمت رد الله كيدك في نحرك، والله لم يروِ البخاري ولا مسلم حديث الغرانيق.

لكن قل لي: هل حديث الغرانيق أبشع، أم حديث الطينة عندكم؟؟!!

فأجاب (العاملي)، العاشرة صباحاً:

لا يحتاج الأمر إلي تبٍّ ولا سب.. أنا قلت هاتان الروايتان موجودتان في البخاري ومسلم..

وهما نفس رواية الغرانيق في المصادر الأخري!!

فأجبني بأن رواية البخاري لا تقصد قصة الغرانيق بدليل كذا وكذا..

وأن رواية مسلم لا تقصدها بدليل كذا وكذا..

فهل عندك جواب يقنع به الذين عندهم (عقول تميز بين الحق والباطل)؟!

فكتب (مبضع الجراح)، الثانية عشرة ظهراً:

ولا زال الدعي يكذب. إذا لم تستح فاكذب كما تشاء.

وكتب (عرباوي)، الواحدة ظهراً:

وفقك الله يا أخي العاملي لما يحب ويرضي..

الشيباني والبقية: هل نستنتج من ردودكم أن الحق مع العاملي؟!

لماذا لا تحللون كلامه.. وتبينون موضع الكذب و.. و..؟!؟ والسلام لمن هو أهله.

مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجي ومن تخلف عنها هوي

وكتب (الشيباني) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الرابعة صباحاً:

ص: 255

من أراد معرفة الحقيقة فليراجع كتاب مختصر سيرة الرسول (صلی الله علیه و آله) لمحمد بن عبد الوهاب ص 24. الحق يعلو ولا يعلي عليه.

فكتب (محب السنة)، السادسة صباحاً:

حقاًّ يا عاملي، إنك مثال للباحث غير المتجرد للحق الذي لا ينشد الإنصاف، ولا يريده..

الذي أعيته الحيل وبلغ به العجز مبلغاً فلم يستطع أن يثبت ما يدعيه بأدلة صحيحة صريحة، فعمد إلي التدليس والكذب والمخادعة وتحميل الألفاظ ما لا تحتمل.

وقد أخبرتك في غير هذا الموضع أنك مثال لأهل الأهواء والبدع الذين لا يتورعون عن الكذب والمخادعة واستغفال القراء.

ولكن حيلك وألاعيبك لا تنطلي علي أحد، بل كل من قرأ ما تكتب تبين له بالدليل العملي حقيقة الرافضة وضعف حججهم، وتهاوي أدلتهم.. وما ذلك إلا لهشاشة مذهبهم وأنه ملفق من ضلالات شتي جمعت من زبالة أفكار ملل منحرفة، حتي تشكل منها مذهب الرفض.

وربما دفعك إلي الكذب علي البخاري رحمه الله موقفه من الرافضة، حينما سئل لماذا تروي عن الخوارج ولا تروي عن الرافضة، فقال: إن الخوارج يعدون الكذب كفراً، بينما الرافضة يرون الكذب دين، أو كما قال رحمه الله.

فكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

ما هذا الأسلوب؟!!

لو فرضتني أسوأ الناس، وفرضت البخاري ومسلماً أحسن الناس.. تبقي روايتاهما اللتان ذكرتهما، لا تفسير لهما إلا بقصة الغرانيق.. فلماذا تتهرب منهما

ص: 256

ولا تجيب عليهما؟! فسِّر لنا نصهما من فضلك.. أو اسكت واستر علي من رواهما!

أما زعمك عن لسان البخاري أن لا يروي عن الشيعة، فهو غير صحيح.. وهو يُسْقِط كثيراً من بخاريك عن الحجية.. لأن نحو مئة من رجاله شيعة، نص البخاري أو غيره من أئمتكم في الجرح والتعديل علي أنهم رافضة!!!

فكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

هذا من الأسباب في عدم كتابة الحديث عن الروافض، لأنهم كذابون، وأنت أولهم يا رافضي.

وهل دينكم إلا الكذب.

فكتب (عرفج)، التاسعة مساءً:

الأخ العاملي: الإخوان لا يقرأون إلا المختصر الشديد.

وأنا فهمت الموضوع كما جاء في العنوان، والواضح أن البخاري لا يريد أن يذكر الغرانيق ولا يريد أن يرفض الرواية.. فهو يقوم بتلطيفها فقط..

ودافع الرازي وغيره عن البخاري والصحاح، فقالوا إنهم لم يرووا قصة الغرانيق!!

ولكنهم لم يقرؤوا الصحاح جيداً، وإلا لوجدوا فيها قصة الغرانيق بأكثر من رواية!

غاية الأمر أن أصحابها حذفوا منها أن النبي صلي الله عليه وآله زاد في السورة مدح أصنام المشركين، ولكنهم ذكروا دليلاً عليه وهو سجود المسلمين والمشركين وحتي سجود أبي أحيحة، أو أمية بن خلف أو غيرهما علي كف من تراب أو حصي!!

فإن سجود المشركين بعد سماع القرآن لم ينقله أي مصدر علي الإطلاق في أي رواية علي الإطلاق، إلا في رواية الغرانيق!

ص: 257

ومضافاًَ إلي رواية البخاري الفظيعة التي ذكرها الرازي..

?فقد روي البخاري أيضاً في ج 5 ص 7:

(عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه، غير أن شيخا أخذ كفاًّ من تراب فرفعه إلي جبهته فقال يكفيني هذا! قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً). انتهي. ورواه مسلم في: 2/88.

وروي البخاري أيضاً في: 6/52:

(عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم، قال: فسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف).

وقال الحاكم في المستدرك: 1/221:

(عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال: أول سورة قرأها رسول الله صلي الله عليه وآله علي الناس الحج، حتي إذا قرأها سجد فسجد الناس، إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه فرأيته قتل كافراً. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين بالإسنادين جميعاً ولم يخرجاه، إنما اتفقا علي حديث شعبة عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلي الله عليه وآله قرأ والنجم فذكره بنحوه، وليس يعلل أحد الحديثين الأخيرين فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة علي ذكره النجم غير قيس بن الربيع. والذي يؤدي إليه الاجتهاد صحة الحديثين، والله أعلم).

ومعني كلام الحاكم: أنه كان الأولي بالبخاري ومسلم أن يرويا رواية السجود في سورة الحج لأنها أصح، ولكنهما تركاها ورويا رواية سورة النجم!!

وقال البيهقي في سننه: 2/314:

ص: 258

عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم سجد فيها، يعني والنجم وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والأنس.

رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر وغيره، عن عبد الوارث.

ورواها في مجمع الزوائد: 7/115 أيضاً وصححها، قال:

(قوله تعالي: " أفرأيتم اللات والعزي " عن ابن عباس، فيما يحسب سعيد بن جبير، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة والنجم حتي انتهي إلي: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " فجري علي لسانه: تلك الغرانيق العلي الشفاعة منهم ترتجي، قال: فسمع بذلك مشركو أهل مكة فسروا بذلك، فاشتد علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالي " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ". رواه البزار والطبراني وزاد إلي قوله: " عذاب يوم عقيم " يوم بدر.

ورجال هما رجال الصحيح إلا أن الطبراني قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم، وقد تقدم حديث مرسل في سورة الحج أطول من هذا، ولكنه ضعيف الإسناد). انتهي. ويقصد بالرواية الطويلة الضعيفة ما رواه في مجمع الزوائد: 7/70، وقد ورد فيها:

حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها " والنجم إذا هوي ".

فقال المشركون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصاري بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر، فلما أنزل الله السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " ألقي الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال: وإنهم من الغرانيق العلي، وإن شفاعتهم لترتجي، وذلك من سجع

ص: 259

الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك وذلقت بها ألسنتهم واستبشروا بها، وقالوا: إن محمدا قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه...

وكتب (الراسل)، العاشرة مساءً:

العاملي وليس مثله من عاملي..

لقد قلت الحق ولكن لم يسمع الحق، وكتبت الكلام الذي لا غبار عليه.. ولكن ماذا أقول لمثل هؤلاء أنهم لو يريدون الحقيقة، لما كذبوك من حينها.. أنت تأتي لهم بالدليل ولكن هم يهربون علي طول ويكذبوك من أول وهله! لو هم صحيح أصحاب معرفة وأصحاب منطق، لرضوا بالواقع!!. انتهي.

قال العاملي:

وغاب المتعصبون.. واكتفوا بالسب، ولم يناقش واحد منهم نقاشاً علمياً!!

وكتب (عمار) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 13 - 1 - 2000، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ما هو تفسير الإخوة السنة لهذه الآية)، قال فيه:

قال تعالي: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلي صراط مستقيم ". صدق الله العظيم.

ص: 260

وكتب (محمد إبراهيم)، العاشرة والنصف صباحاً:

الرد علي عجالة ومعذرة من الزميل عمار:

من زبدة التفاسير: " من رسول ولا نبي ": قيل الرسول: الذي أرسل إلي الخلق بإرسال جبريل إليه عياناً ومحاورته شفاهاً، والنبي: الذي يكون الوحي إليه إلهاماً أو مناماً، وقيل: الرسول من بعث بشرع وأمر بتبليغه، والنبي من أمر أن يدعو إلي شريعة من قبله، ولم ينزل عليه كتاب.

" إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته ": قال جماعة المفسرين في سبب نزول هذه الآية: إن النبي محمد صلي الله عليه وسلم لما شق عليه إعراض قومه عنه، تمني في نفسه ألا ينزل عليه شئ ينفرهم عنه لحرصه علي إيمانهم، فكان ذات يوم جالساً في نادٍ من أنديتهم، وقد نزل عليه سورة: والنجم إذا هوي، فأخذ يقرؤها عليهم حتي بلغ قوله: أفرأيتم اللات والعزي. ومناة الثالثة الأخري، فجري علي لسانه مما ألقاه الشيطان عليه: تلك الغرانيق العلي، وإن شفاعتها لترتجي!!! فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين، فتفرقت قريش مسرورين بذلك، وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر!! فأتاه جبريل، فقال: ما صنعت؟ تلوت علي الناس ما لم آتك به عن الله؟!!! فحزن رسول الله صلي الله عليه وسلم وخاف خوفاً شديداً، فأنزل الله هذه الآية، هكذا قالوا. ولم يصح شئ من هذا. وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، وقال ابن خزيمة: إن هذه القصة من وضع الزنادقة. ومعني تمني: تلا وقرأ كتاب الله.

" ألقي الشيطان في أمنيته ": أي في تلاوته وقراءته، أي إن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا جري علي لسانه، أي لا يهولنك ذلك ولا يحزنك، فقد أصاب مثل هذا من

ص: 261

قبلك من المرسلين والأنبياء، فالمعني: أنه إذا حدث نفسه بشئ تكلم به الشيطان وألقاه في مسامع الناس من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا جري علي لسانه!

" فينسخ الله ما يلقي الشيطان ": أي يبطله ويجعله ذاهبا غير ثابت.

" ثم يحكم الله آياته " أي: يثبتها.

" والله عليم حكيم " أي: كثير العلم والحكمة في كل أقواله وأفعاله.

انتهي النقل من كتاب زبدة التفاسير.

وإن لزم الأمر نقلنا تفاسير أخري بإذن الله وفي انتظار تفسير الشيعة لهذه الآية.

وكتب (عمار)، الثانية عشرة ظهراً:

السلام عليكم.. أخي العزيز محمد: تقول: " ومعني تمني: تلا وقرأ كتاب الله. ألقي الشيطان في أمنيته: أي في تلاوته وقراءته ".

أي إن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم

ولا جري علي لسانه.

فما الذي ألقاه الشيطان في مسامع المشركين، زميلي العزيز؟

حبذا لو شاركنا بعض الأخوة السنة أيضاً، لمعرفة رأيهم في هذا الخصوص؟!. انتهي.

قال العاملي:

لكن لم يشارك منهم أحد، بل غاب الموجودون!!

ص: 262

الفصل الثالث: مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي صلی الله علیه و آله!!

ص: 263

ص: 264

مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي صلی الله علیه و آله!!

كتب (حسين الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 10 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الخليفة عمر بن الخطاب وعصمة النبي صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

أخرج البخاري، ومسلم، والترمذي، وأحمد بن حنبل حديثاً أسند إلي ابن عمر أنه قال:

لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له.

فأعطاه قميصه وقال له: إذا فرغت منه فآذنا. فلما فرغ منه آذنه به، فجاء صلي الله عليه وآله ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال له: أليس قد نهاك الله أن تصلي عن المنافقين فقال لك: " إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر... ". التوبة - 80.

فقال الرسول صلي الله عليه وآله: أخِّر عني يا عمر إني خيرت، قيل لي: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم بسبعين مرة فلن يغفر الله لهم، فلو أعلم أني إن زدت علي السبعين غفر الله له، لزدت، ثم صلي عليه، ومشي خلفه وقام علي قبره.

ص: 265

فهل غاب عن أبي حفص قوله تعالي " وما ينطق عن الهوي ".. كما غابت عنه أشياء أخري من قبل ومن بعد؟!!

أم أنه معتقد آنذاك بإمكان عصيان النبي صلي الله عليه وآله لأوامر ربه؟!!

أم أن ظن أن النبي صلي الله عليه وآله الذي أثبت القرآن عصمته قد نسي والعياذ بالله فأراد عمر أن يذكره؟! ولو أراد ذلك فهل يحصل بجذب ثوب النبي صلي الله عليه وآله.

وربما نجِد، وهو حاصل، البعض يحاول أن يكتب بكفَّيه ليبرر لنا ما قام به أبو حفص في نهيه للنبي صلي الله عليه وآله..

ولكنه نفسه حيث قال، معترفاً بخطئه: أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط!

أراد رسول الله صلي الله عليه وآله أن يصلي علي عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت له: والله ما أمرك الله بهذا...

والغريب أن أبا حفص يقر علي نفسه بأنه قد صدرت منه هفوات كثيرة، ولكن هذه الهفوة لم يصب مثلها قط، فهو لو لم يصب هفوات عديدة، لما صح له أن يقول: ما أصبت مثلها قط.

ثم إنه بعد ذلك يقسم بين يدي حضرة النبي بأن الله ما أمره بهذا.. وهكذا يجتهد أبو حفص أمام السنة الفعلية!!

وليت الأمر انتهي عند هذا الحد، فإن الخليفة أبا حفص يذهب أشواطاً بعيدة حيث يعترض علي النبي صلي الله عليه وآله بكل خشونة " فأخذت بثوبه ".

ونظن أن عمر كان يعلم أن القرآن قد نهي عن رفع الصوت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله، ولكنه ينهي النبي صلي الله عليه وآله عن فعل، بل ويأخذ بثوبه والله تعالي يقول: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ". الحشر - آية 7

ص: 266

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 11 - 6 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

ماذا تقول في قول الحق تبارك وتعالي: ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. وما هو سبب نزولها؟

وكتب (القطيف)، الثالثة ظهراً:

هذا الحديث ورد بألفاظ مختلفة.

هذا (عندهم) أحد الأحاديث التي يثبت جواز التبرك بملابس النبي وما لامس جسمه الشريف.

قميص النبي للبركة.. واحتفظ أحد الصحابة بنعال النبي.. والسيدة عائشة ببردة له. وأهل البيت بسيفه وعمامته وغيرهم بغيره.

أما أنت يا أبا عبد الرحمن، فلماذا لا تسأل الله أن يرسل لك من يفعل بك فعل الخليفة عمر بالنبي كل يوم؟!

وكتب (عرباوي)، الثانية ظهراً:

ماذا تقصد بذلك يا أبا عبد الرحمن؟؟؟

أتقصد بأن عمر كان محقاًّ في نهيه للنبي (صلی الله علیه و آله)؟؟ وهل هو أعلم من النبي؟

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، السادسة مساءً:

عزائي الوحيد، أن الشاعر قال:

وكم من عائب قولاً صحيحاً... وآفته من الفهم السقيم

ويقول آخر:

ومن يك ذا فم مر مريض.... يجد مراًّ به الماء الزلال

ص: 267

وفي المثل: كل يري الناس بعين طبعه...!؟

أسألك فأجب... أو اصمت... ولا تقوِّلني ما لم أقل...!؟

وكتب (علي عيسي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

إلي أبي عبد الرحمن:

لم تجب علي السؤال الذي وجه لك: هل كان النبي صلي الله عليه وآله مخطئاً وعمر علي صواب؟

يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال!

وكتب (علي عيسي) أيضاً، الثانية صباحاً:

إلي المائي: لماذا لا تجيب إجابة محددة وواضحة؟

هل أخطأ النبي صلي الله عليه وآله وعمر أصاب، فأنزل الله آية يسند فيها فعل وقول عمر؟!!

وهل تنبيه النبي صلي الله عليه وآله علي الخطأ والعياذ بالله وهو في مقام التشريع يتم بهذه الطريقة؟

تمعن في الحديث قبل الإجابة.

وكتب (العروة الوثقي)، الثامنة صباحاً:

حاذروا يا إخوة الولاية.. فأنتم تتكلمون عن المجتهد الند لاجتهاد رسول الله صلي الله عليه وآله!!

فلولا المجتهد لما نزلت آية الحجاب ولما سمعنا نداء الإذان!!

ص: 268

المضحك أن عقل المائي أصبح خارج منطقة النداء، فعقله لا يعمل، بل يرجح عمل ابن الخطاب علي عمل رسول الله صلي الله عليه وآله. ولكن نقولها لك عسي أن يشتغل وينتبه عقلك!!

وإن كان هذا طلب صعب.. فاسمع: الأمر لا يخلو من قلة أدب من ابن الخطاب ورد لعمل الرسول صلي الله عليه وآله.

وهل هي هفوة واحدة أم هفوات وأعمال، كالتي اعترف بها في صلح الحديبية، وبسبب أعماله خالف الصحابة أمر نبيهم صلي الله عليه وآله.

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الثانية عشرة ظهراً:

والله إنه ليشتد بي العجب.. ممن يلاحق غيره بأسئلة..

أولاً: ومن اللباقة أن ترد علي السؤال إن كان موجهاً لك، أو أن تجيب إن أردت أن تدخل في حوار. أما أن تسأل دائماً.. وتطلب الإجابة.. فهذا الذي لا ينقضي منه العجب..

ألزم نفسك بما تريده من الآخرين ثم اطلب منهم ذلك هذا هو الإنصاف.. ولكن..!

وأنا سأرد عليك بنفس طريقتك.. فهلاَّ أجبت علي السؤال؟

وكتب (حسين الشطري)، الخامسة مساءًَ:

جواب سؤالك يا أبا عبد الرحمن:

أن الروايات التي ذكرت سبب النزول.. متعارضة فيما بينها، أو مدفوعة بالآيات الكريمة دفعاً، لا مرية فيه.

أولاً: لظهور قوله تعالي: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة، فلن يغفر الله لهم ".. ظهوراً بيِّناً في أن المراد: بيان لغوية الإستغفار للمنافقين دون التخيير.

ص: 269

وأن العدد جئ به لمبالغة الكثرة، لا لخصوصية في السبعين بحيث ترجي المغفرة مع الزائد من السبعين.

والنبي أجلُّ من أن يجهل هذه الدلالة فيحمل الآية علي التخيير..

ثم يقول سأزيد علي سبعين.. ثم يذكِّره غيره بمعني الآية فيصر علي جهله حتي ينهاه الله عن الصلاة وغيرها، بآية أخري أنزلها عليه!

ثانياً: أن سياق الآيات التي منها قوله: " ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً ".. صريحٌ في أن هذه الآية إنما نزلت والنبي صلي الله عليه وآله في سفره إلي تبوك.. ولما يرجع إلي المدينة، وذاك في سنة ثمان، وقد وقع موت عبد الله بن أبي بالمدينة سنة تسع من الهجرة، وكل ذلك مسلَّم من طريق النقل.

فما معني قوله في هذه الروايات أن النبي صلي الله عليه وآله صلَّي علي عبد الله بن أبي، وقام علي قبره، ثم أنزل الله تعالي عليه " ولا تصلِّ "...!!!

وأعجب ما ورد في بعض الروايات.. نزول قوله تعالي: " سواء عليهم، استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم.. " والآية من سورة المنافقون وقد نزلت بعد غزوة بني المصطلق، وكانت في سنة خمس، وقد كان عبد الله بن أبي حياًّ.

وقد اشتملت بعض هذه الروايات علي أن سبب استغفار النبي والصلاة علي عبد الله بن أبي، هو استمالة قلوب رجال منافقين من الخزرج إلي الإسلام.

وهنا نسأل: كيف يستقيم ذلك، وكيف يصح أن يخالف النبي صلي الله عليه وآله النص الصريح من الآيات، استمالة لقلوب المنافقين ومداهنة.

وقد هدده الله تعالي علي ذلك بأبلغ التهديد، في مثل قوله: " إذاً لأذقناك ضعف الحياة، وضعف الممات ". الآية 75 سورة الإسراء.

فالوجه أن هذه الروايات موضوعة يجب طرحها بمخالفة الكتاب. والحمد لله رب العالمين.

ص: 270

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الحادية عشرة ليلاً:

فأما أنت يا عروة:

فإن كان تطاولك وسبك لعمر الفاروق تظنه خيراً.. فأقول لك: والله لن يضيره شيئاً.. ولن يغير شيئاً من الحقائق.. وإنما علي نفسها جنت براقش..!

الشطري:

لقد قلت " ثانياً: إن سياق الآيات التي منها قوله: ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً، صريح في أن هذه الآية أنما نزلت والنبي صلي الله عليه وآله في سفره إلي تبوك ولما يرجع إلي المدينة وذاك في سنة ثمان، وقد وقع موت عبد الله بن أبي بالمدينة سنة تسع من الهجرة، وكل ذلك مسلم من طريق النقل ". فهل أنت متأكد مما تقول ومن صحة هذا النقل!؟

بالنسبة للمداهنة.. حاشاه صلي الله عليه وسلم أن يداهن. ولكن يا حبذا أن تبحث معني المداهنة واستمالة القلوب.. وتفيدنا بالفرق..!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 14 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن المحترم: بعد التحية والسلام.

أقول: يلزمني حلمي بأن أسكت عن أدبك الرفيع!

أما سؤالك عن صحة قولنا ونقلنا فهو كذلك.. لأننا لا نمتلك جيوباً كما يمتلكها بعض رواتكم

لكي نخرج منها ما تضحك منه الثكلي ويندي له الجبين.

أما بخصوص المداهنة، فليتك تفهم ما كنا قد قلناه سابقاً ولا بأس بإعادته.. فقد كنا نتساءل ونحاكم بعض الروايات التي أكدت سبب استغفار النبي صلي الله عليه وآله والصلاة علي ابن أبي هو استماله قلوب رجال المنافقين..

ص: 271

حيث قلنا عن ذلك: كيف يستقيم ذاك، وكيف يصح أن يخالف النبي صلي الله عليه وآله النص الصريح لأجل استماله قلوب المنافقين ومداهنتهم؟؟

ولأنك لم تستوضح ما قلناه سابقاً.. ونحن مضطرون الآن لاصطحاب عدم استيضاحك لما نقوله الآن، فنقول لأجل أن تستوضح: إننا أردنا أن نكذب هذه الرواية المخالفة للوجدان والعقل من خلال مساءلتنا ومحاكمتنا لها.

أما الفرق بين الإستمالة والمداهنة، فهو خارج عن بحثنا تخصصاً لا تخصيصاً.

والآن نعتقد أنك قد عرفت: علي من جنت براقش؟

ولا ندري هل انتهيت من بحثك المعمق في أعلمية عمر علي النبي صلي الله عليه وآله!

أو أعلمية النبي صلي الله عليه وآله علي عمر.

وتذكر معني قولك أن القرآن جاء موافقاً ومؤيداً لعمر.. ولازمه أنه جاء علي خلاف ما فعله النبي!!

وقد ذكرت بعض الروايات أن عمر جذب النبي صلي الله عليه وآله من خلفه..

وأخري تقول أخذ بثوبه، وقال: ألم ينهك الله أن تصلي علي المنافقين؟! أو أتصلي عليه وقد نهاك أن تصلي عليه؟!

وهنا نسأل أن النهي إما أن يكون قد حصل قبل هذه الحادثة، وهذا ما نستظهره من سياق الروايات، وينتج عن ذلك:

1 - أن النبي صلي الله عليه وآله خالف النصوص الصريحة وهذا محالٌ لأنه مخالف للعقل والنقل.

2 - أن لا فضيلة لعمر حيث أن النهي سابق علي هذه الحادثة.

3 - هذه الروايات تثبت الذم لعمر لا المدح، لوضوح جرأته وتطاوله علي النبي صلي الله عليه وآله، وقد اعترف عمر بخطئه حيث قال: أصبت في الإسلام هفوة ما

ص: 272

أصبت مثلها قط، أراد رسول الله أن يصلي علي عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت له: والله ما أمرك الله بهذا، لقد قال لك:

استغفر لهم أو لا تستغفر لهم.

راجع ابن أبي حاتم من طريق الشعبي وأيضاً كنز العمال المطبوع بهامش المسند حديث 4404.

هذا كله إذا كان النهي حاصلاً قبل هذه الحادثة..

أما إذا افترضنا أن النهي قد جاء بعد الحادثة، فلا معني لكلام عمر للنبي بقوله: ألم ينهك، فيكون

عمر قد اخترع نهياً من عنده.

فإن قلت إن النهي قد حصل بآية: " إستغفر لهم أو لا تستغفر ". فنقول: إن هذا لا يدل علي المطلوب بدليل قول النبي في الروايات: إني خيرت!

نعم إلا إذا كان عمر يفهم القرآن والنصوص بصورة أفضل من النبي صلي الله عليه وآله! والسلام.

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 15 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن بعد التحية والسلام: أين أنت؟

وهل ارتج عليك الجواب؟! أو لم تنتهِِ.. من بحث الأعلمية بعد؟

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الخامسة مساءً:

لا يعجبني الصلف.. ولا تعجبني العجلة.. فاجعل للحلم مكاناً..!

أنا في بداية الأمر حين ناقشت، ظننت أن هذه الواقعة المثبتة.. مسلمة لديك.. ولكن تبين لي أنك ترفضها أصلاً وأنك تنكر صلاة الرسول علي ابن أبي، أليس كذلك؟ وأتساءل إن كنا مختلفين منذ البداية فهل يا تري سنجتمع.. لا أظن!؟

ص: 273

وأعود وأكرر ما هو سبب نزول الآية لديكم.. للعلم فقط!؟ أما النقاش حول باقي المسألة.. فلن يتم.. علي غير أصل واضح!؟

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 16 - 6 - 1999، السابعة صباحاً:

الشطري: هل من رد...!!!؟؟؟

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن: بعد التحية والسلام..

أود أن أخفف عنك بعض الشئ مما أقحمت نفسك فيه..

فالإعتراف بالخطأ فضيلة.. فلا معني للَّف والدوران بعد ما بينَّا بشكل مفصل كل النقاط التي تتعلق بالموضوع.

وأجمل لك الكلام مرة أخري:

1 - إننا لم ننكر الرواية في حديثنا، بل قلنا: أن الرواية ليس لها ربط بالآية، فإن الآية قد نزلت في السنة الثامنة للهجرة وموت عبد الله بن أبي، كان في السنة التاسعة، فليس للآية ربط بموت عبد الله بن أبي، فهي إذن لم تنزل تأييداً لعمر.

2 - أنه من المسلم لدينا أن النبي صلي الله عليه وآله عالم لا يعلم، وأنه لا وجه للمفاضلة والمقارنة بينه وبين أي مخلوق.. وبهذا نكون قد خففنا عنك الجواب الذي قد خفي عليك هذه المدة، وأني أحيي فيك عدم جرأتك علي النبي صلي الله عليه وآله، كما يفعل بعضهم ويتهم النبي بالجهل، وأن

عمر أعلم منه.

وأنك إذ لم تجب من أول الأمر.. لأنك لم تقبل ذلك للنبي صلي الله عليه وآله، ولكن ما في يديك من نصوص جعلتك متحيراً بين أن تخالف فطرتك واعتقادك بالنبي، وبين أن تنقاد وراء النصوص التي تجرك إلي ذلك.

ص: 274

فهذا موقف محمود منك.. ولعمري إنك قد أحسنت الحوار والحديث في ردك الأخير، فلم يكن فيه تهجم وسب كما عهدناه من بعض المحاورين، فنشكرك علي ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً:

أعود فأكرر ما هو سبب نزول الآية لديكم.. للعلم فقط...!؟. انتهي.

قال العاملي:

وبقي هذا (العالم) الوهابي، المتخصص في الحديث، يراوح مكانه!!

فهو يخاف إن قال: أخطأ النبي وأصاب عمر، أن يهاجمه الشيعة!

وإن قال أخطأ عمر والبخاري والنبي علي صواب، أن ينقض مذهبه!!

كتب (المعتز بالله) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 7 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (موافقات القرآن لآراء الخليفة عمر بن الخطاب " رض "؟؟!!)، قال فيه:

أحصي المؤرخون موافقات القرآن لآراء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضی الله عنه) فكانت أكثر من عشرين موافقة.

فقد كان (رضی الله عنه) يري الرأي فينزل القرآن موافقاً لرأيه.. حيث ذكر ذلك جملة من العلماء ك-:

ابن مردويه، عن مجاهد وابن عساكر، عن علي، وعن ابن عمر مرفوعاً.

ص: 275

والشيخان، عن عمر. وأخرج مسلم، عن عمر. وفي التهذيب للنووي.

حيث ذكروا موافقة القرآن لرأيه في:

الحجاب مقام إبراهيم أساري بدر في الغبرة قصة عبد الله بن أبي في الخمر.

وكذلك في الآيات:

" يسألونك عن الخمر " - البقرة. " سواء عليهم استغفرت لهم " - المنافقون.

" كما أخرجك ربك من بيتك بالحق " - الأنفال. " سبحانك هذا بهتان عظيم ".

" أحل لكم ليلة الصيام ". " من كان عدوا لجبريل " - البقرة.

" فلا وربك لا يؤمنون " - النساء. آية الإستئذان في الدخول.

قولهم في اليهود: أنهم قوم بهت. " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ".

ورفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا.

هذه من الكرامات التي يذكرها لنا التاريخ الإسلامي الذي يوضح الحقيقة الناصعة لخليفتنا الثاني الذي لم يختاروه للخلافة اعتباطاً بل كان جديراً وذا عقلية إسلامية قبل الإسلام.

وكتب (الموحد)، السابعة مساءً:

يا معتز:

لو سلمنا بصحة أخباركم في هذه الموافقات وقبلناها.. فإنها لن تكون في صالح أبو بكر الذي اعترض مراراً علي عمر بقوله: " إلزم غرزه ".. هذا أولاً.

ص: 276

ثانياً: ورد في أخباركم قول رسول الله صلي الله عليه وآله لعمر بما معناه: أنك محدث. والسؤال هو: ما هو تفسيرك لاعتراض ونهي أبو بكر؟؟

وكتب (العاملي)، التاسعة مساءً:

نعوذ بالله من الخذلان!!

لقد أشربوا حب عدوي خلطي تلميذ لليهود، كما أشرب اليهود حب العجل!!

وزعموا أن نبيهم صلي الله عليه وآله كان يخطئ!! وأن هذا العدوي كان يصحح أخطاءه!

وينزل الوحي مؤيداً لعمر، مخطئاً لسيد البشر وأفضل الرسل!

ألا تستحي يا معتزاً بعمر! من تفضيلك إياه علي نبيك.. وجعلك عمر بذلك في درجة عليا أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين؟!!!

والله إنه الضلال المبين، والإهانة لسيد المرسلين الذي لا ينطق عن الهوي، ولا يفعل عن الهوي!!

وقد يبلغ هذا الأمر بصاحبه كفراً!!

وكتب (أون لاين on line)، العاشرة مساءً:

الأخ العاملي: لماذا تري كرامات هذا الصحابي من الكفر والتقديم علي نبي هذه الأمة صلي الله عليه وآله؟؟؟ قليلاً من الحياد وترك التعصب الأعمي رعاك الله..

ولو نظرت بعين الفاحص الجاد، لرأيت أن هذه الأمور قد حدثت لكثير من الصحابة عندما كانوا يسألون عن أمور دينهم، بل والكفار أيضاً ولم تتغير طبيعة الكون بهذه المطالب، بل إنها من دلائل نبوة الرسول عندما يأتي القرآن الكريم عند تلبية احتياجات المسلمين ومسائلهم الكثيرة.

وعندما نقول لك: أن فلان وفلاناً صححوا حديث رد الشمس، أخذت تتبسم وتقبل بأنواع التبجيل ونسيت أنها هي فعلاً مطعناً للرسول بحيث ترد

ص: 277

الشمس وتتغير طبائع الكون لأجل الإمام علي كرم الله وجه حتي لا تفوته صلاة قط!!!!

فلماذا تنكر هناك علي عمر، وتؤيد هنا علي بن أبي طالب؟ أليس هذا تعصباً وتخبطاً؟؟؟

ثم أنتم من فضَّل غير الأنبياء علي الأنبياء، أنت من سنَّ هذه الفرية علي الله، وأنتم أول من اتخذ الغلو في البشر شرعاً.. فيجوز لنا كما يجوز لك أنت ترمي به غيرك ولكن مع الفارق نحن لا نغلوا في أحد، وأنتم جعلتم اثني عشر إمام.. أحسن وأفضل من الآلاف من الأنبياء والرسل.

وكتب (أبو حسين)، العاشرة والنصف ليلاً:

أما مخالفاته للقرآن فحدث ولا حرج..

وإذا أردنا أن نعدها لا يسعفنا وقت لسردها، بل يحار المرء من أيها يبدأ..

يا معتز: إن بين يديَّ الآن كتاب إسمه: من حياة الخليفة عمر بن الخطاب لمؤلفه السني عبد الرحمن أحمد البكري.. ويحتوي الكتاب علي 349 باباً، وفي كل باب توجد عورة من عورات عمر، ابتداء من شربه للنبيذ إلي الغناء إلي ما شاء الله من ال-...

وأهديك عورتين فقط للاطلاع: أليس هو القائل: حسبنا كتاب الله:

أي لا نريد النبي ولا قوله، أي سحقاً للسنة. والقرآن يقول: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول.. وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.. إن أول بدعة منكرة فرقت بين الكتاب والسنة، ورمت صاحب السنة صلي الله عليه وآله بالهجر!! كانت من نصيبهم وعلي يد عمر بن الخطاب.. حين كان رسول الله صلي الله عليه وآله يقول قبيل وفاته: ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي، فيمنع من ذلك عمر ويقول: " ما له؟ أهجر؟! حسبنا كتاب الله ".. فجاء أصحابه فلطفوا من قولته هذه،

ص: 278

فقالوا: إنه قال: " لقد غلب عليه الوجع "، ونقلوا بصحاحهم - بعد رواية هذه المصيبة - عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول: " الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلي الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ".

صحيح البخاري: 5/137 و: 7/9. ومسلم: 5/76. وأحمد: 1/323 و 324 و 336.

ومع هذا فقد زينت لهم أنفسهم صنيع عمر، فدافعوا عنه وتابعوه علي كلمته، رغم كل ما فيها، ثم قالوا إنهم هم أهل السنة!!

إن كلمة عمر هذه هي اللبنة الأولي، بل الأساس الذي قامت عليه مذاهبهم.. فإذا كانوا من هنا قد ابتدأوا فإلي أين سينتهون؟

حديث الأريكة:

تسنم أبو بكر الخلافة، فابتدأ بالمنع من التحدث بأحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله ومن الرجوع إلي السنة النبوية في أية قضية من القضايا، فقال ما نصه: إنكم تحدثون عن رسول الله صلي

الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. تذكرة الحفاظ، للذهبي: 1 / 2 - 3 في ترجمة أبي بكر... انتهي.

قال العاملي:

ثم أورد له (أبو حسين) نصوصاً عديدة من مصادرهم عن مخالفات عمر وأبي بكر للقرآن والسنة، لا يتسع لها المجال..

وختم بقوله: " ولدينا مزيد، ومن كتبكم فقط ".

فكتب (أون لاين)، الحادية عشرة والربع مساءً:

ص: 279

أما أنت يا أبو حسين، ليت شعري كم تحب أن توهم نفسك وغيرك بسقيم الأخبار وأضعفها.

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لِنبقَ في الموضوع يا أخ معتز، وأخ (علي الخط)..

بالله عليكما ألا تريان أن موافقات عمر حسب رواياتكم الصحيحة، ما هي في الواقع إلا تخطئة من

الله لرسوله، وتصويباً لرأي لعمر؟

وهل رويتم فضيلة لأحد من الصحابة فيها مدح له، وتخطئة للنبي والعياذ بالله، إلا لعمر..

ودع عنك النقض بحديث رد الشمس الذي إن صح فهو معجزة للنبي صلي الله عليه وآله.. قبل أن يكون معجزة لعلي عليه السلام..

وأعطني فضيلة نرويها نحن.. فيها مقابلة بين المخطئ والمصيب كما في موافقات عمر المزعومة!!

كفاكم انتقاصاً من سيد الرسل، من أجل مدح شخص ارتضاه زعماء قريش واليهود للوقوف في وجه النبي ومنعه من كتابة وصيته!! فنفَّذ الموقف بصلافة وخشونة، وقال إن نبيكم يهجر!!

قولوها بصراحة: إن نبينا: عمر!! فهو أفضل من محمد!!!

وقولوها كما صرح بها بعضكم وفاحت رائحة كفره: نحن لا نؤمن بمحمد بدون عمر!!

وقولوا (خان الأمين) لأن عمر أولي بالنبوة!!

أعوذ بالله من الضلال!! أعوذ بالله من الكفر!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 8 - 7 - 2000، الرابعة عصراًَ:

ص: 280

هناك تعاليق جمة علي ما ذكره الأخوة.. ولكن أوقفتني عبارة العاملي فأقول له: إن كان البعض منا قد قال كما قلت " نحن لا نؤمن بمحمد بدون عمر!! " فقد قلتم بأشد منها من قبل ومن بعد، فأنتم لا تؤمنون بالله من دون علي رضي الله عنه، ناهيك عن النبي صلي الله عليه وسلم والدين.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 2000، السادسة مساءً:

لا تهرب من الموضوع يا معتز!!

نحن نقول: إننا نؤمن بالرسول صلي الله عليه وآله بدون شروط..

وإنما اتبعنا أهل البيت عليهم السلام لأن الله ورسوله جعلاهم شرطاً للإيمان..

وجعلاهم عدل القرآن، وأمرانا باتباعهم..

ومن قال بتفضيل أحد علي رسول الله صلي الله عليه وآله، فهو ضال أو كافر.. حتي لو كان تفضيله عليه بأسلوبك وأسلوب عمر المبطن في موافقاته المزعومة!!!

أعاذنا الله من الضلال، ومن الكفر!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 9 - 7 - 2000، الخامسة مساءً:

الأخوة الأعزاء بالخصوص العاملي: لي ملاحظة علي أسلوب بعضكم.

أولاً: وهي تعديكم الخط الأحمر في التنابز بالألقاب، وهذا مما لم نعهده من الأخوة الشيعة هنا، خصوصاً إذا كان الطرف الآخر لا يبتدأهم بالتنابز هذا أولاً.

ولندخل مع العاملي العزيز في بعض تعليقاته فأقول: كيف تؤمنون بالنبي بشكل مطلق غير مشروط؟ فأنا أزيدك أنكم لا تؤمنون بالله إلا مشروطاً، ولدي الدليل وهي رواية ما تسمونها بالسلسلة الذهبية، واعتقد أنك تعرفها جيداً.

وثانياً: تعليقة لطيفة أخري: ما رأيك بحديث تروونه وتفضلون فيه السيدة فاطمة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم... وهو لولا فاطمة ما خلقتكما...

ص: 281

فكتب (العاملي) بتاريخ 9 - 7 - 2000، الثامنة مساءً:

الأخ معتز:

قلنا لك: إن كل من يفضل أحداً علي النبي صلي الله عليه وآله، فهو إما ضال وإما كافر..

وهذه المسألة من عقائد الإسلام القطعية.. وكل رواية تخالفها مردودة أو مؤولة.

وأنت تحاول الفرار من موضوعك الذي فتحته..

وتحتج علينا بمراسيل وأخبار آحاد.. تفهم حضرتك منها أنها تفضل أحد المعصومين من العترة الطاهرة علي النبي صلي الله عليه وعليهم.. وهيهات عنك ذلك!!

فابقَ في موضوعك الذي ينفر منه كل مسلم سويِّ الإيمان.. والذي روت فيه صحاحكم عن عمر زعمه أن النبي صلوات الله عليه وآله كان يخطئ حتي في التبليغ!

وأنه هو كان يصحح أخطاءه، فينزل الوحي مؤيداً لعمر مخطئاً لسيد الرسل صلي الله عليه وآله!!! فأخبرنا كيف تفسره، وتبقي مسلماً؟!!!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 13 - 7 - 2000، الرابعة عصراً:

الأخ العاملي: السلام عليك..

نفسر الأحاديث والروايات بما تفسرون أحاديثكم ورواياتكم، فكيف تفسرونها؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 7 - 2000، التاسعة مساءً:

الأخ معتز:

ص: 282

ليست المسألة اختلافاً في التفاسير.. بل هوي وتعصب لعمر، علي حساب النبي صلي الله عليه وآله!!

فلو قرأت أقوال عمر علي عاميٍّ سليم الفهم والفطرة، عما سماه عمر موافقات الله له (وتخطئته لنبيه صلي الله عليه وآله!!) لقال لك العامي: إذن عمر بمستوي النبي!!

بل إن الله تعالي رجح الله رأيه علي رأي نبيه عدة مرات!!!

فهو أكثر حكمة وأصح نظراً من محمد!!! فكن عاقلاً يا معتز.. ولا يغرنك تضخيم الحزب القرشي لعمر، وتنقيصهم من مقام محمد وأهل بيته، وكل بني هاشم!!!

وإنك أنت وعمر واردان علي الحوض ومسؤولان عن عترة نبيكم!!

ولن تنفعكما قبائل قريش المتحالفة لغصب الخلافة!!. انتهي.

قال العاملي:

فغاب (معتز).. ولم يجب!!

ص: 283

ص: 284

الفصل الرابع: ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 285

ص: 286

ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي صلی الله علیه و آله

كتب (مشارك) بتاريخ 13 - 8 - 1999، موضوعاً بعنوان (الروافض والتطاول علي مقام خاتم الأنبياء صلي الله عليه وسلم)، جاء فيه:

أورد العياشي والحويزي في تفسيريهما، رواية تدل علي علوِّ مكانة علي فوق نبي الله صلي الله عليه وسلم، فيكتبان تحت قول الله عز وجل (حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وقوموا لله قانتين) أن المراد من الصلوات: رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين، والوسطي أمير المؤمنين.

تفسير العياشي: 1 / 128، نور الثقلين: 1 / 238

فأجابه (مالك الأشتر) بتاريخ 13 - 8 - 1999:

إنها عملية تأكيد يا عالم.

لقد جعلتم عمر خير من النبي (صلی الله علیه و آله) وأبو بكر خير من النبي (صلی الله علیه و آله)، وعثمان خير من النبي (صلی الله علیه و آله) وعائشة خير من النبي (صلی الله علیه و آله)، وكل من تحبون جعلتموهم خير من النبي (صلی الله علیه و آله). (كذا، والصحيح: خيراً).

فكتب (مشارك):

ص: 287

يا أشتر أنا أنقل لكم رواياتكم، فإن كان عندك روايات فأتنا بها، وإلا فالسكوت من ذهب.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 14 - 8 - 1999:

في مسند أحمد 6/141:

(عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، قالت: فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض، قالت: فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحرث بن أوس يحمل مجنة...

فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة فوضع السلاح، وأمر بقبة من أدم فضربت علي سعد في المسجد.

قالت: فجاءه جبريل عليه السلام وإن علي ثناياه لنقع الغبار.

فقال: أقد وضعت السلاح، والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح، أخرج إلي بني قريظة فقاتلهم. قالت: فلبس رسول الله صلي الله عليه وسلم لامته، وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا، فخرج رسول الله... فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء، قيل لهم: أنزلوا علي حكم رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم: أنه الذبح!

قالوا: ننزل علي حكم سعد بن معاذ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنزلوا علي حكم سعد بن معاذ فنزلوا.

وبعث رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي سعد بن معاذ، فأتي به علي حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه، وحفَّ به قومه.

فقالوا: يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت.

ص: 288

قالت: وإني لئن رجع إليهم شيئاً ولا التفت إليهم، حتي إذا دنا من دورهم التفت إلي قومه، فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم.

قال: قال أبو سعيد: فلما طلع علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: قوموا إلي سيدكم، فأنزلوه.

فقال عمر: سيدنا الله عز وجل!!

قال: أنزلوه. فأنزلوه.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أحكم فيهم.

قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم أموالهم!

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله.

قالت: ثم دعا سعد، قال: اللهم إن كنت أبقيت علي نبيك صلي الله عليه وسلم من حرب قريش شيئاً فابقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك.

قالت: فانفجر كلمه وكان قد برئ حتي ما يري منه إلا مثل الخرص. ورجع إلي قبته التي ضرب عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم.

قالت عائشة: فحضره رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر.

قالت: فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر، وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل رحماء بينهم!!

قال علقمة: قلت: أي أمه، فكيف كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصنع؟

ص: 289

قالت: كانت عينه لا تدمع علي أحد!! ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته). انتهي.

وهذه الرواية نصٌّ صريح بأن النبي كان قاسي القلب!! وأن أبا بكر وعمر رحماء أرق قلباً منه!!

وقال في مجمع الزوائد: 6/137 عن هذا الحديث: (قلت في الصحيح بعضه، رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات). انتهي.

فما رأيك يا مشارك؟!!

ملاحظة:

وكلمة عمر (سيدنا الله) قصد بها تنبيه بني قريظة أن يقولوا سيدنا الله وليس سعد بن معاذ، حتي ينجوا من حكم سعد!!

فكتب (مشارك):

قاسي القلب!!!!! يبدو أن غرائبك في الإستنباط بلا حدود يا عاملي.

وكتب (جميل):

بالله عليك.. أهذا جواب تكتفي به للأخ العاملي.. ثم ماذا تريدنا أن نقول؟

أنقول هذا جواب الشيخ مشارك؟؟!!

فردَّ (مشارك):

ليست كثرة البكاء وقلته هي ما يقاس بها الفضل.

وإلا كان علي بن الفضيل بن عياض هو خير هذه الأمة لكثرة بكائه. ولكن لماذا تتهربون عن الجواب عن الشبهة التي طرحتها في تفضيل علي رضي الله علي النبي صلي الله عليه وسلم، أيعني هذا أنكم تقرون بذلك؟

ص: 290

وكتب (مشارك) في نفس اليوم:

أين ردكم علي هذا يا عاملي؟ أورد العياشي والحويزي في تفسيريهما رواية تدل علي علو مكانة علي فوق نبي الله صلي الله عليه وسلم..

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 15 - 8 - 1999:

إذن، لا تستطيعون إنكار أنكم تفضلون علياًّ رضي الله عنه علي الرسول صلي الله عليه وسلم؟

وكتب (القطيف) بتاريخ 16 - 8 - 1999:

نحذر الجميع أن مشارك هو من الكوكو الذين تطاولوا علي النبي صلوات الله عليه، وقالوا: إنه سُحر بضم السين، وإنه نطق كلمة الكفر، وإنه فقد عقله.

فكتب (العاملي) في نفس اليوم:

قال علي عليه السلام لشخصٍ.. فضَّله علي النبي صلي الله عليه وآله: ويحك، إنما أنا عبد من عبيد محمد!!

وكل رواية تقول: إن علياًّ أفضل من النبي صلي الله عليه وآله فهي عندنا مردودة!!

أما أنتم فتصححون روايات تدل علي أن عمر أفضل منه صلي الله عليه وآله!!

ولو لم يكن إلا مزاعيم أن الوحي نزل بتخطئة النبي وتصويب عمر لكفي!!. انتهي.

قال العاملي:

فغاب مشارك.. ولم يجب بشئ!!

تراهم أشد دفاعا عن ابن تيمية منهم عن النبي

ص: 291

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 28 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (زعم مشارك أن للنبي (صلی الله علیه و آله) أخطاء!! وجعل ابن تيمية معصوماً!!)، قال فيه:

ما هذا البلاء الذي ابتلي به مشارك وأمثاله؟!!

لقد أشربوا في قلوبهم حب هذا الشامي الحراني ابن تيمية، فلم يعودوا يرون غيره!!

تراهم يقبلون أن ينسب الخطأ إلي النبي صلي الله عليه وآله وأن فلاناً كان يصحح له أخطاءه، ولا يقبلون أن ينسب أي خطأ إلي ابن تيمية!!

وتراهم يردون أحاديث البخاري، ولا يردون كلام ابن تيمية!!

وإذا ناقش أحد ابن تيمية نقاشاً علمياً.. انتفخت أوداجهم واتهموه بالكذب والتجني..

وإذا وقفت سفينتهم عند " حديث العماء " الذي قبله ابن تيمية.. واستشهد به في كتبه خمس مرات أو أكثر.. قالوا له: هل صححت الحديث من مصادره؟!

وإذا جئت لهم بتصريح ابن تيمية بأن الله تعالي " جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه " صاروا مؤوِّلة للدفاع عن ابن تيمية، والتأويل في مذهبهم حرام!! أليس هذا زعماً بعصمة ابن تيمية؟!

وكيف تكون العصمة.. حمراء أو صفراء؟!!

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف صباحاً:

كاذب كذوب كذاب كبير الكذابين دجال مكابر معاند مستكبر كبير الدجاجلة وماذا أيضاً.

أين جعلت ابن تيمية معصوماً يا كبير الأبالسة. أكل هذا لأني طالبتك بنص الحديث!!!

ص: 292

وكتب (FullMoon)، الثانية عشرة ظهراً:

أنتم لا تقولونها صراحة.. ولكنكم لا تقبلون تخطئتهم، وتقبلون أن تخطئوا رسول الله صلي الله عليه وآله.. [عبس] حتي تبعدوا التهمة عن عثمان!!

بل إن عمر يصيب بأن لا يستغفر لهم رسول الله صلي الله عليه وآله.. والحبيب المصطفي يخطئ - حاشاه - عندما استغفر لهم.. (راجع فضائل عمر) والكثير الكثير.. إنا لله وإنا إليه راجعون. والسلام لأهله.

وكتب (العاملي)، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

المسألة بسيطة.. لا تحتاج إلي الحدة والإتهام!!

أنت متخصص في ابن تيمية، وقد درست كتبه الكثيرة، فإن كنت لا تعتقد بعصمته..

فاذكر لي فكرة أساسية خاطئة من أفكاره! وسأوافيك إن شاء الله ب- " حديث العماء " الذي اعتمد عليه وتفسيراته المختلفة له في كتبه!!

وكتب (مشارك)، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

يكفي ما تشبعتم به من حقد وأفكار علي ابن تيمية، وليس من عادتي ذكر أخطاء علمائنا وخصوصاً في مثل هذا الموقع، ولكن سبق أن سألتني سؤالاً قريباً من هذا وأجبتك: كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا المصطفي صلي الله عليه وسلم. فلماذا الإفتراء علي يا عاملي. ثق أني لن أسامحك في هذه أبداً ما لم تعتذر.

وكتب (العاملي)، الواحدة إلا عشر دقائق ظهراً:

الحمد لله أني لم أسبك.. أما أنت..

فإن شئت أكلف عاملاً بأن يلم لك كيساً من سبك وشتمك.. لي ولغيري!!

ثم ما هذا القضاء العادل يا شيخ مشارك:

ص: 293

أن المشتوم يجب أن يعتذر من الشاتم؟!! هل هذا من فتاوي ابن تيمية أيضاً؟!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً:

أحسنت أيها الأخ العاملي كثير الإحسان، ولعمري لقد أفحم مشارك يما إفحام. وأعتقد أنه لا يعود لمثلها إن كان ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

وكتب (مشارك)، السادسة صباحاً:

أنت افتريت علي يا عاملي بأن مكانة ابن تيمية عندي أكبر من مكانة النبي صلي الله عليه وسلم، وأني أقول أن ابن تيمية معصوم مع أني سبق أن أكدت لك هذا. وثق أني لن أسامحك في هذا حتي تعتذر وعند الله الحساب.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 5 - 7 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

نعم هكذا أنتم يا شيخ مشارك: كل شئ إلا بن تيمية هذا؟؟ كل شئ.

والسلام من الله خير تحية... سبحان الذي أذل عباده بالموت.

وانتهي الموضوع، وغاب مشارك ولم يعقب!

حساسيتهم علي عائشة أكثر منها علي النبي

الألباني يهين النبي.. والشيعة هم المسؤولون!!

كتب (محب السنة) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 25 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (المدعو مشعل الذي يشتم النبي، هل يعبر عن عقيدة الشيعة)، قال فيه:

ص: 294

كتب هذا الرافضي، تحت عنوان:

الألباني يقول بجواز إتيان نساء النبي للفاحشة. وقد كتب هذا المقال للإثارة فقط، ولم يرد عليه أحد من الشيعة! فهل يعني هذا أنه يعبر عما يعتقده الشيعة من جواز شتم النبي صلي الله عليه وسلم:

http://209,75,209,117,/muntada/Foru2/HTML/003061.html

فكتب (مشعل) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الرابعة صباحاً:

كان الأولي أن توجه هذا السَّفه.. إلي الألباني..

لرفع ضغط الحمقي... لعل وعسي...

فكتب (محب السنة)، التاسعة صباحاً:

إلي الرافضي: هلا أوردت كلام الإمام الألباني رحمه الله، إن كنت صادقاً فيما تقول موثقاً، حتي يمكن الرجوع إليه؟!

وكتب (مشارك) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

ولماذا سموا روافض إذن، يا محب السنة؟

فكتب (فيثاغورث)، التاسعة مساءًَ:

ونحن علي رغمك الرافضو.... ن لأهل الضلالة والمنكر. انتهي.

قال العاملي:

وكتب أحد الشيعة موضوعاً، أورد فيه نص الألباني علي أن الفاحشة محتملة في حق نساء النبي، ولسن معصومات عنها. فاقتنعوا وسكتوا!!

ص: 295

ص: 296

الفصل الخامس: رد افترائهم علي النبي صلی الله علیه و آله بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق !!

ص: 297

ص: 298

رد افترائهم علي النبي صلی الله علیه و آله بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق !!

كتب (الفاطمي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7 - 12 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي جميع الأخوة، دافعوا عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

إلي جميع الأخوة.. لعن الله من قال أو يقول:

بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أي من المسلمين دون وجه حق. آمين.

ورحم الله من قال: آمينا. قولوا: آمين، أكتبوها بأيديكم.. وقولوا آمين، وبانتظار ردكم.

السلام عليك يا رسول الله. السلام عليك يا خير خلق الله.

السلام عليك أيها البشير النذير. السلام عليك أيها السراج المنير.

السلام عليك وعلي بضعتك الزهراء، وعلي ابن عمك أمير المؤمنين.

وعلي سبطيك الشهيدين جميعاً، ورحمة الله وبركاته.

اللهم العن كلَّ طاعنٍ في خير خلقك محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله، وكل ساكت علي هذا الطعن وقائل به، والمصحح له. اللهم أشدد عليهم فإنهم لم يراعوا حق خير خلقك، وكان جزاؤه منهم هو الطعن في أخلاقياته العظيمة، والتي مدحتها في الذكر الحكيم.

ص: 299

آمين. ورحم الله من قال: آمينا.

وكتب (الفاروق)، الحادية عشرة صباحاً:

آمين يا رب العالمين.

وكتب (الموسوي)، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

آمين يا أعدل العادلين.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 8 - 12 - 1999، السادسة صباحاً:

بأبي وأمي أنت يا رسول الله صلي الله عليه وآله.

الأستاذ الفاطمي: هيا اشرع فيما كنت تعتزم الخوض فيه. ونحن إن شاء الله ممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه. والسلام علي أهله.

فكتب (الفاطمي)، الثامنة صباحاً:

إلي الأخ: الفاروق..

لن أشرع بالذي أود قوله إلا عندما تكتب هذه الجملة وتؤمن بعدها: " لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أياًّ من المسلمين بدون وجه حق أو استحقاق ".

آمين. ورحم الله من قال آمينا.

وكتب (علي 2100)، الثالثة ظهراً:

لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي عليه وآله شتم أو لعن أياًّ من المسلمين بدون وجه حق. اللهم العنه لعنة دائمة إلي يوم الدين. آمين.

وكتب (صبي الشيعة)، الرابعة وخمس دقائق عصراً:

ص: 300

لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أي من المسلمين بدون وجه حق. آمين

وكتب (السيف المشهور) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الواحدة ظهراً:

هذا دينكم الشتم واللعن يا أتباع ابن سبأ. لا يستغرب منكم هذا الكلام سب في سب. أي دين هذا الذي أغلب مصطلحاته سب! سببتم صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم وشتمتم التابعين وشتمتم أهل الفتوحات الإسلامية، وشتمتم الذين نشروا الدين في أنحاء المعمورة، وشتمتم الذين يدعون إلي التوحيد ونبذ الشرك ودعاء الموات، ما هو دينكم؟ والله الذي لا إله إلا هو أن صاحب الفطرة السليمة ليعلم أنكم علي ضلال مبين. وأن ضلالاكم أوضح من عين الشمس في رابعه النهار.

وكتب (الفاطمي)، السادسة مساءً:

إلي السيف المشهور:

لماذا لا تقول هذه الجملة دفاعاً عن النبي صلي الله عليه وآله؟؟؟ علي الأقل لا نطعن بصاحب الرسالة صلي الله عليه وآله..

يالسيف المكسور علي من يطعن في النبي صلي الله عليه وآله!!

وهل نسيت سبابكم وأقوال علماؤكم.. يالسيف المشهور علي من يطعن في معاوية، والمكسور علي من يطعن بالرسول صلي الله عليه وآله؟!!

ولا.. إذا لا تدافع عن الرسول، وتدافع عن من يطعن في معاوية؟؟

وهل معاوية أفضل من الرسول يالسيف المكسور؟؟؟ إن أنتم إلا في ضلال بعيد.

وشم سيفك ومتعنا بنفسك يا بو سيف العوج!!

ص: 301

وكتب (الموحد)، العاشرة ليلاً:

اللهم العن من كذب قولك العظيم في خلق الرسول صلي الله عليه وآله.

كتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14 - 2 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (تبرئة رسولنا (صلی الله علیه و آله) من دعاوي البعض له [كذا])، قال فيه:

هل وصل الأمر للإستهزاء بالرسول (صلی الله علیه و آله) والإفتراء عليه، بعد أن افتروا علي أزواجه وأصحابه وأهل بيته؟! لا بد للنقاش أن يكون له حدود وليس تأويل لمصالح شخصية، فبعد دعاوي البعض من ما نسب للرسول (صلی الله علیه و آله) بأنه يسب ويلعن دون تفكير بما يقولون أو دون فهم الحديث، فهذا افتراء واضح ضد رسولنا ورسولكم! كيف فهمتم من الحديث بأنه كانت به هذه الصفات، أو افتريتم علي من نسب هذا الحديث له بأنه أساء إليه؟! ولكم الحديث وأقوال العلماء حتي تكون الصورة واضحة، ويغلق باب الإستهزاء والإفتراء.

قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له - الدعوات - صحيح البخاري: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما مؤمن (سببته) فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

فتح الباري بشرح صحيح البخاري:

ص: 302

قوله: (اللهم فأيما مؤمن) الفاء جواب الشرط المحذوف لدلالة السياق عليه. قال المازري: إن قيل كيف يدعو صلي الله عليه وسلم بدعوة علي من ليس لها بأهل؟ قيل: المراد بقوله (ليس لها بأهل) عندك في باطن أمره، لا علي ما يظهر مما يقتضيه حاله وجنايته حين دعائي عليه، فكأنه يقول: من كان

باطن أمره عندك أنه ممن ترضي عنه فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضي حاله حينئذ طهورا وزكاة. قال: وهذا معني صحيح لا إحالة فيه لأنه صلي الله عليه وسلم كان متعبداً بالظواهر، وحساب الناس في البواطن علي الله. انتهي.

وهذا مبني علي قول من قال: إنه كان يجتهد في الأحكام ويحكم بما أدي إليه اجتهاده، وأما من قال: كان لا يحكم إلا بالوحي فلا يأتي منه هذا الجواب.

ثم قال المازري: فإن قيل: فما معني قوله: وأغضب كما يغضب البشر؟ فإن هذا يشير إلي أن تلك الدعوة وقعت بحكم سورة الغضب، لا أنها علي مقتضي الشرع، فيعود السؤال.

فالجواب: أنه يحتمل أنه أراد أن دعوته عليه أو سبه أو جلده كان مما خير بين فعله له عقوبة للجاني أو تركه والزجر له بما سوي ذلك، فيكون الغضب لله تعالي بعثه علي لعنه أو جلده، ولا يكون ذلك خارجاً عن شرعه.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق وتعليم أمته الخوف من تعدي حدود الله، فكأنه أظهر الإشفاق من أن يكون الغضب يحمله علي زيادة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما وقعت، أو إشفاقاً من أن يكون الغضب يحمله علي زيادة يسيرة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما زادت، ويكون من الصغائر علي قول من يجوزها، أو يكون الزجر يحصل بدونها.

ص: 303

ويحتمل أن يكون اللعن والسب يقع منه من غير قصد إليه، فلا يكون في ذلك كاللعنة الواقعة رغبة إلي الله وطلباً للإستجابة. وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير، فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، ولكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم: عقري حلقي وتربت يمينك، فأشفق من موافقة أمثالها القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة. انتهي.

وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه.

قوله: (جلدته)، فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد، وقد ساق الجميع مساقاً واحداً، إلا إن حمل علي الجلدة الواحدة فيتجه. ثم أبدي القاضي احتمالاً آخر، فقال: كان لا يقول ولا يفعل صلي الله عليه وسلم في حال غضبه إلا الحق، لكن غضبه لله قد يحمله علي تعجيل معاقبة مخالفه وترك الإغضاء والصفح، ويؤيده حديث عائشة: ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله. وهو في الصحيح.

قلت: فعلي هذا فمعني قوله: (ليس لها بأهل) أي من جهة تعين التعجيل. وفي الحديث كمال شفقته صلي الله عليه وسلم علي أمته وجميل خلقه وكرم ذاته، حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم، وهذا كله في حق معين وفي زمن واضح، وأما ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين حتي يتناول من لم يدرك زمنه صلي الله عليه وسلم فما أظنه يشمله، والله أعلم.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

بداية.. نود أن نذكِّر البعض بأن عصمة النبي صلي الله عليه وآله ثابتة عندنا ولا محل للنقاش فيها، بعكس بقية المذاهب الإسلامية ومذهبه.

ص: 304

وأتعجب من قول هذا البعض قوله " هل وصل الأمر للإستهزاء بالرسول (صلی الله علیه و آله) والإفتراء عليه ".. كأننا من روي هذا الحديث في كتبنا!!

وكأن الراوي هو الإمام الصادق عليه السلام لا أبو هريرة وأم المؤمنين!! وكأنه يريد إلصاق ما رواه علماؤه وأئمته وصحابته بالشيعة!! وبذلك ينفي طعنهم في خير خلق الله صلي الله عليه وآله!!

وكأن صاحبنا لا يدري أن مسلم روي هذا الحديث عن أم المؤمنين عائشة.. وفيه: " فأغضباه فلعنهما وسبهما ".

وفي لفظ آخر: " فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما "!

وهل كان خير خلق الله يسب ويلعن المسلمين بدون وجه حق؟!

وأستغرب من قول هذا البعض: " ولكم الحديث وأقوال العلماء حتي تكون الصورة واضحة ويغلق باب الإستهزاء والإفتراء ".

فلماذا لم يذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة وهو: " قوله: باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ". ويشمل 18 سطراً حذفه هذا البعض!!!

لماذا.. لا أدري.. فلعله يدري.. لماذا حذف قول ابن حجر؟ هل لأن كلام ابن حجر العسقلاني كان يحتوي علي بعض الأحاديث المتعلقة بهذا الباب وبمختلف متونه؟؟

أم لأن ابن حجر أورد رواية أم المؤمنين عائشة، وفيها صريح قول أم المؤمنين " فأغضباه وسبهما ولعنهما "؟!

أم لأن ابن حجر قال: " باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".. فلم يعرف كيف يرد علي هذا القول فحذفه؟!

ص: 305

ومن يريد أن تكون الصورة واضحة للجميع فعليه إيراد جميع الروايات المتعلقة بهذا الباب في البخاري ومسلم، وإيراد قول ابن حجر كلُّه.. لا بتره وتجزئته!!

فهل يفعلها هذا البعض، ويورد جميع الروايات ويذكر جميع ما قاله ابن حجر؟؟!

ومن يريد النقاش بهذا الموضوع فعليه أن يذكر جميع الروايات في الصحيحين ويورد أقوال علمائه، وبعدها يناقش لا أن يذكر رواية واحدة، ويبتر أقوال شارح البخاري!!!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

مضافاً إلي عدم الأمانة العلمية مع الأسف، كما ذكر الأخ الفاطمي..

فقد أصبت بالعجمة اللغوية يا عمر.. ف- " الدعاوي له " تعبير غلط هنا. وإليك هذه الفرية من مسلم صاحب الصحيح..

قال النووي في شرح مسلم بهامش الساري:10/34:

(وأما دعاؤه (صلی الله علیه و آله) علي معاوية أن لا يشبع حين تأخر... أحدهما: أنه جري علي اللسان بلا قصد!! والثاني: أنه عقوبة له لتأخره. وقد فهم مسلم من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه!!!). انتهي. يعني أن الحق علي النبي وهو المخطئ!!! والحق مع معاوية الطليق ابن قائد المشركين!!

هل فهمت يا عمر؟

فكتب (الفاطمي)، الثانية صباحاًَ:

ص: 306

نسيت أن أقول لهذا البعض: إختر أي تأويل من التأويلات الموجودة في فتح الباري لنناقشك به، فالموجود في فتح الباري هو: (يمكن، إحتمال، إحتمال آخر،، ويحتمل).. وأكرر لهذا البعض: إختر إحدي الإحتمالات لنبدأ النقاش، فهل تختار لنبدأ النقاش؟

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمر)، الثانية ظهراً:

من البديهي عندما تناقش أحد الأحاديث فيجب أن تنظر إلي السند وأقوال الرواة، لأن من جمع الحديث لم يفتي (كذا) أو يشرع، وهذه ملاحظة مهمة.

أما ما ذكره العاملي من البتر فهذا غير موجود، ويمكن أن يكون في حديث آخر، وبالإجابة علي قضية البتر، وهي أن الرسول (صلی الله علیه و آله) لعن أحد القوم.

فنقول للعاملي: هل تعرف لماذا لعنهم؟ وأعيد السؤال هل تعرف لماذا لعنهم؟؟؟ وكيف برأتهم من اللعن، وأنت تعترف بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) صاحب الخلق العظيم! أي يجب أن تقول بالطبع يستحقوا اللعن، إذا لم أدري لماذا لعنهم؟!

وأما العصمة المزعومة لدي الشيعة فقد داسها بعضهم عندما قال بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) قصر بالتبليغ، وأنه رد جبريل بأمر رباني بتولية

علي (رضی الله عنه)! هل هناك مقارنة بين التهمتين؟؟؟

أنصحك يا العاملي أن تفتح صفحة وتبرِّأ الرسول (صلی الله علیه و آله) مما نسب إليه من رد جبريل عليه السلام، ولنري دفاعك عن رسولنا ورسولك. كما نري مدي حرصكم علي تبرئته هنا.

وكتب (الفاطمي)، الرابعة عصراً:

إلي هذا البعض: قلت: " من البديهي عندما تناقش أحد الأحاديث فيجب أن تنظر إلي السند وأقوال الرواة أولاً ".

ص: 307

لا أظن بأنك تتجرأ وتقول بأنك أعلم من ابن حجر العسقلاني المشهور عندكم بالحافظ؟؟

أو إنك استدركت عليه ما فاته هو وبقية أئمة الأعلام من أهل السنة، ولم يفطن إلي هذا الإستدراك سواك.

فهل تطعن بالأحاديث والتي أوردها ابن حجر من صحيح مسلم؟؟ وهل تطعن في فهم واستدلال البخاري في ترجمة هذا الباب؟؟

وهل تريد أن تناقش في أسانيد ومتون أحاديث الباب، مع أنها مروية في البخاري ومسلم؟؟

وأما قولك: " وأما العصمة المزعومة لدي الشيعة فقد داسها بعضهم عندما قال بأن الرسول (صلی الله علیه و آله)

قصر بالتبليغ إلخ.. ". فادخل هنا لعلك تري ما تريد:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000126.htm

http://.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.htm

وإذا أردت المزيد فافتح صفحة مستقلة لتهمتك هذه لتري الرد عليها.. فهذه الصفحة فتحتها أنت وأوردت الرواية بالبخاري، وأوردت شرحها المبتور من قبلك.. وتريدنا أن نرد عليك فرددنا. ولا نريد تشعيب الموضوع أو تغييره.

إفتح صفحة خاصة لتهمتك هذه، لتثبت لنا هل أنت محق في قولك هذا، أم لا؟؟

ونعود إلي الأسئلة التي تهربت منها.. فلماذا لم تذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة وهو: قوله: " باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".. ويشمل 18 سطراً.. حذفته، ولماذا حذفت ما قاله ابن حجر في شرح ترجمة الباب؟

ص: 308

2 - إختر أي تأويل من التأويلات الموجودة في فتح الباري لنناقشك به، فالموجود في فتح الباري هو: " يمكن، احتمال،، احتمال آخر،، ويحتمل ".. وأكرر لهذا البعض: إختر إحدي الإحتمالات لنبدأ النقاش.

3 - هل من لعنهم رسول الله صلي الله عليه وآله بروايات هذا الباب كانوا مستحقين لهذا اللعن أم لا؟ ممكن.. جواب؟

وأخيراً.. نقول: أورِد جميع الروايات الواردة بهذا الباب من البخاري ومسلم، واذكُر بداية شرح ابن حجر العسقلاني والذي حذفته ولم تورده، واختر إحدي الإحتمالات الموجودة في الشرح لنثبت لك بعدها من الذي يطعن في خير خلق الله صلي الله عليه وآله، فهل أنت فاعل؟؟

وإلي الأخ العاملي:

لا ترد بخصوص قوله: " فقد داسها بعضهم عندما قال: بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) قصر بالتبليغ، وإنه رد جبريل بأمر رباني بتولية علي (رضی الله عنه) ".

فصاحبنا يريد تغيير الموضوع، وإن لم يفتح صفحة لقوله هذا فسوف أفتح له صفحة مستقلة لمناقشة قوله، ونأسف لذلك أخي الكريم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمر)، السابعة مساء:

إلي الفاطمي: هذه أول كذبة في الموضوع، وسوف أبين لك من الكاذب. أنت ادعيت بأني بترت الموضوع كما فعلت أنت. ولك العنوان ويمكنك مطابقة النصين، ولنري من هو الصادق والكاذب:

http://hadith.alislam.com/Display/Display.

ص: 309

أما موضوع كرامة الرسول (صلی الله علیه و آله) ومن داسها في مذهبكم، فلم أكن أقصد الخميني، فهو مردد لأقوال علمائكم بهذا الأمر، وما قاله من التقية ولم يكمل القصة كلها.

وسؤال واحد: هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل حين أمره بتبليغ الولاية؟

هل تستطيع الإجابة علي هذا السؤال فقط؟ ولم أجد في ردك إلا الإستهزاء فيما بترته.

والآن بعد هذا الدليل لا يحتاج الأمر إلي التعليق، بل أنتظر الإجابة علي سؤال واحد فقط.

وكتب (مدقق) بتاريخ 16 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

كعادتك.. خرجت عن موضوع اللعن ودخلت في موضوع آخر.. وقد أجبت عليه في السابق.

والسؤال عن رد النبي لجبريل.. وهو وليس كما تفهم، ولو كان كذلك لكان ما قاله موسي (علیه السلام) لله سبحانه عندما أمره الله بالتبليغ أكبر..

حيث كان رده علي الله وليس جبريل (علیه السلام): " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " الشعراء - 14. " قال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون ". القصص - 33.

ولو قلت إن موسي (علیه السلام) اعتذر وله عذره.. قلنا نفس الشئ بالنسبة لأفضل الأنبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله).

ثم ارجع وأجب عن الأسئلة التي سألوكها، ولا تخرج عن الموضوع كعادتك.

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

ص: 310

أنا بانتظار الأسئلة والأجوبة ولم أجد سؤالاً يوجه لي ولم أجب عليه. لقد بينت بأن الموضوع لم يبتر ولذلك تسقط الأسئلة التي بنيت عليه. أما موضوع رد جبريل فأنا لم أجد الجواب من أحدكم..

هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل في أمر تبليغ الولاية؟؟؟؟ والموضوع لا يبتعد عن موضوعنا الأصلي، وأنا تحديتهم بأن يجبوا علي هذا السؤال حتي نبدأ النقاش في صفحة أخري علي خلفية الجواب.

وكتب (الفاطمي)، الواحدة والنصف صباحاً:

إلي من قال: " إلي الفاطمي: هذه أول كذبة في الموضوع، وسوف أبين لك من الكاذب ".

أقول: إقرأ ما يلي.. لتعلم من الكاذب هل هو الفاطمي، أم الموقع الذي نقلت منه ردك..

إقرأ لتعرف من تتهم بالكذب:

34 - باب قول النبي صلي الله عليه وسلم " من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".

6361 - حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: الله فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

قوله: باب قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة.

كذا ترجم بهذا اللفظ، وأورده بلفظ " اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة ". أورده من طريق يونس وهو ابن يزيد، عن ابن شهاب.

وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه مثله، وظاهر سياقه أنه حذف منه شئ من أوله، وقد بينه مسلم من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه بهذا الإسناد بلفظ:

ص: 311

" اللهم إني اتخذت عندك عهداً لم تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة ".

ومن طريق أبي صالح، عن أبي هريرة بلفظ: " اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعل له زكاة ورحمة ".

ومن طريق الأعرج، عن أبي هريرة مثل رواية ابن أخي ابن شهاب، لكن قال: " فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ".

ومن طريق سالم عن أبي هريرة بلفظ: " اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً ". الحديث.. وفيه " فأيما مؤمن آذيته " والباقي بمعناه بلفظ (أو).

وأخرج من حديث عائشة بيان سبب هذا الحديث قالت: " دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فسبهما ولعناهما، فلما خرجا قلت له، فقال: أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً ".

وأخرجه من حديث جابر نحوه، وأخرجه من حديث أنس فيه تقييد عليه بأن يكون ليس لذلك بأهل ولفظه: " إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة ". وفيه قصة لأم سليم.

ما في أعلاه محذوف من الموقع الذي نقلت منه.

وبعدها يأتي ما نقلته أنت وهو قوله: " اللهم فأيما مؤمن ".. إلي آخر ما ذكرته..

ص: 312

فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الدعوات باب 34 ح 6361 ص 205 جزء 11 - دار السلام - الرياض.

فهل عرفت يا من تتهمنا بالكذب من هو الكاذب؟؟

وهل الإسلام والأمانة تجيز بتر أقوال علماؤكم؟؟ وتأتي بعدها وتتهمنا بالكذب؟؟

قلت: " والآن بعد هذا الدليل لا يحتاج الأمر إلي التعليق أي دليل يا من تدعي الدليل ".

وهل الدليل ببتر قول ابن حجر وحذف ترجمة الباب؟

ورقم الحديث عندي في فتح الباري هو 6361 بينما رقم الحديث في الموقع المذكور هو 5884..

علماً بأن الحديث هو في كتاب الدعوات في كتاب فتح الباري.

وفي الموقع أيضاً كتاب الدعوات، فلماذا الإختلاف في رقم الحديث؟

فهل الإختلاف ناتج عن اختلاف الطبعات، أم شئ آخر؟

فهل من يستطيع أن يحل هذا اللغز؟!

قلت: " وسؤال واحد هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل حين أمره بتبليغ الولاية؟ ".

أقول: إفتح صفحة مستقلة لنتناقش معك هذا الأمر لكي لا يضيع الموضوع الأصلي.

وهو قولك: " فبعد دعاوي البعض من ما نسب للرسول (صلی الله علیه و آله) بأنه يسب ويلعن، دون تفكر بما يقولون أو دون فهم الحديث فهذا افتراء واضح ضد رسولنا ورسولكم! ".

ص: 313

أنظر قولك " يسب ويلعن " فهذا هو الموضوع.. وما سواه فافتح صفحة مستقلة لكي نناقشك به، فهل تفعلها؟؟ ونعود إلي الأسئلة التي تهربت منها..

فلماذا لم يذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة.... إلخ.

قال العاملي:

وأعاد عليه أسئلته السابقة.. ثم ختم الفاطمي بقوله:

أثبت علي قولك يا من تتهمنا بالكذب، وقد قال خير خلق الله صلي الله عليه وآله: البينة علي من ادعي. أين بينتك علي اتهامك لي بالكذب؟؟ نريد البينة يا هذا؟؟ وهل عرفت من الكاذب؟؟ والآن يا من يتهمنا بالكذب: لماذا لم تنقل ما حذفته من قول ابن حجر؟؟ ولماذا حاولت إيهامنا بأن ما نقلته

هو الموجود بالموقع، ولا يوجد غيره من أقوال ابن حجر؟؟ ولماذا اتهمتنا بالكذب وأنت تعلم أن هناك من أقوال ابن حجر ما حذفته أنت وبترته؟؟ وهل تريد بذلك أن تتهرب من المناقشة؟؟ لماذا يا من تتهمنا بالكذب؟؟

وكتب (عمر)، السابعة صباحاً:

يا الفاطمي كفي كذباً وكثرة كلام، والأفضل أن تعترف بأنك مخطئ وينتهي الموضوع، ولا يحتاج الأمر للَّف والدوران.... ولنعود (كذا) للموضوع الأساسي.

لم تجب علي سؤالي الوحيد: هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل عندما أمره بتبليغ الولاية؟؟

أما سؤالك بأن من لعنهم الرسول (صلی الله علیه و آله) هل يستحقون اللعن، أم لا؟؟ فهذا سؤالي لك أنت ولم تجب عليه، وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق، ونحن نقول إذا لم نعرف السبب فيجب أن نحسن الظن ونقول بأنهم يستحقوا اللعن، ما لم يثبت الشيعة غير ذلك!!

ص: 314

وأخيراً لإثبات كذبك بالدليل لك ما كتبته أنت: " وهل الإسلام والأمانة تجيز بتر أقوال علماؤكم؟؟ وتأتي بعدها وتتهمنا بالكذب؟؟ ".

أين البتر يا الفاطمي أثبت ذلك. أما لماذا لم أذكر ما في عقلك، فأنا ليس بساحر حتي أعلم ما تريد.

فكتب (الفاطمي)، الثانية ظهراً:

بحثت في الموقع الذي نقل منه الذي يتهمنا بالكذب.

بحثت في ذاك الموقع فوجدت ما حذفه عمر:

hadith. alislam. com /Display./ /: http

فلماذا قلت: وعندما كتبت النص الذي تريده أنت بينت لك موقعه، ولا أود التعليق والدخول بمهاترات معك!.

وتقصد من ورائها - والله العالم - أن تضيع الموضوع.. وأكرر يا عمر: لعنة الله علي كل كاذب منافق. وهل تقول: آآآمين.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

قلت يا عمر:

" وأنت ادعيت بأننا نقول: بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق، ونحن نقول: إذا لم نعرف السبب فيجب أن نحسن الظن ونقول بأنهم يستحقوا اللعن، ما لم يثبت الشيعة غير ذلك ".

أقول يا عمر:

هذا ما نقلته أنت بالقول الثاني بعدما نقلته أنا قبلك. إقرأ ما نقلته جيداً.. فستري هذه الرواية:

ص: 315

وأخرجه من حديث أنس، وفيه تقييد المدعو عليه بأن يكون ليس لذلك بأهل.

ولفظه: [إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من

أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة].

هل عرفت صحة قولك: " وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق! ".

وهل عرفت من يقول بأن الرسول صلي الله عليه وآله يلعن من لا يستحق وليس لها بأهل!

وهل رسول الله صلي الله عليه وآله يدعو علي من ليس بأهل ذلك؟؟!

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

لن تفهم المقصود من الدعاء إلا إذا فسرت هذا الدعاء.

أنتم تدعون عصمة الأئمة، إذاً هل هذا الدعاء حقيقي لك، أم ماذا؟

سجود الإمام الباقر عليه السلام: عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وهو ساجد: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله إلا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبتني حساباً يسيراً. ثم قال في الثانية: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله إلا كفيتني مؤونة الدنيا وكل هول

دون الجنة. ثم قال في الثالثة: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل، وقبلت من عملي اليسير. ثم قال في الرابعة: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله لما أدخلتني الجنة، وجعلتني من سكانها، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك.

ص: 316

فلاح السائل - ابن طاووس: 243. ومستدرك الوسائل 4: 448. والآن ما هي الذنوب التي فعلها معصومكم؟؟ وللعلم هذا من كتبكم. والآن هل هناك فرق بين الدعائين، أم لا يوجد؟؟

وكيف تفترون علي أئمتكم بأن لهم ذنوب وسيئات ويتشفعون بالرسول (صلی الله علیه و آله) للجنة، وأنتم تتشفعون بهم، لنري كيف تحل هذه المعضلة؟؟

فأجاب (الفاطمي)، الواحدة والنصف صباحاً:

سوف أحل المعضلة - كما تراها أنت - عندما ترد علي ردي الأخير يا عمر.

ولن أرضي بأن تغير الموضوع.. فأنت الذي فتحته.. ويجب أن تثبت في النقاش حوله.. لا أن تحاول تغييره.

إفتح صفحة مستقلة لنرد عليك. نريد الرد المباشر لا أن تحاول أن تغير الموضوع.

وهذه المرة الثانية تريد أن تغير الموضوع!!

المرة الأولي عندما حاولت تغيير الموضوع من لعن النبي صلي الله عليه وآله لمن ليس بأهل لذلك (من لا يستحق) إلي عصمته صلي الله عليه وآله!

والآن تريد أن تغير الموضوع مرة أخري إلي عصمة الأئمة عليهم السلام.

إفتح صفحة جديدة للحوار ويكون بيني وبينك، لتري الإجابة حول قولك عن " المعضلة ".

وهل لك أن تفسر قول ابن حجر هذا:

" وأخرجه من حديث أنس وفيه تقييد عليه بأن يكون: ليس لذلك بأهل، ولفظه: إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة ". انتهي.

ص: 317

وهل عرفت صحة قولك: " وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق "؟!!

وكتب (عمر)، الثانية صباحاً:

لقد بينت لك في أول الموضوع في شرح الحديث ما تريد ولا يمكنني أن أعيد إذا لم تكن تريد الفهم.. أما أقوال العلماء فلقد نقلتها لك. وهنا مرة ثانية. أنت لا تريد الفهم، ولقد أجبت عليك أكثر من مرة وأنت تتهرب من الإجابة في كل مرة. كيف تدافع عن مذهبك بالهروب، وأعيد السؤال مرة

ثانية: هل تعرف لماذا لعن الرسول (صلی الله علیه و آله) في الحديث الذي أتيت به؟ والسؤال الثاني: من كتبكم نجد بأن الأئمة أذنبت وتوسلت بالرسول (صلی الله علیه و آله) لدخولها الجنة، هل لأنهم كذبوا عليكم، أم نحسن الظن؟

سؤالان فقط، ولن أطلب أكثر من هذا، وسوف أكمل معك إلي النهاية فقط عندما تجيب علي هذان السؤالان المتعلقان (كذا) بالموضوع هنا علاقة مباشرة.

فكتب (الفاطمي)، الثالثة صباحاً:

قلت يا عمر: " أما أقوال العلماء فلقد نقلتها لك وهنا مرة ثانية...... ".

أقول يا عمر: وهل انتهي قول ابن حجر؟؟ وتقول إنك لا تبتر الأقوال؟؟

وسوف أكمله لك لتعرف أن ما قلته هو خطأ، وأن ابن حجر رد هذا القول يا عمر..

ولهذا السبب بترت شرح ابن حجر في ردك الأخير. وخذ إكمال قول ابن حجر الأخير:

[فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، ولكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج

ص: 318

والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم: عقري حلقي وتربت يمينك، فأشفق من موافقة أمثالها القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك

القول رحمة وقربة. انتهي. وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله (جلدته). فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد].

أنظر بداية مساهمتك هذه يا عمر. أنظر إلي ما بين القوسين يا عمر.

أنظر إلي قول ابن حجر يا عمر: " وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله (جلدته) فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد "!! فهل فهمت خطأ قول المازري؟؟

ثانياً: وهذه هي محاولات المازري في شرح الروايات: فالجواب أنه:

.... (يحتمل) أنه أراد أن دعوته.

قال: (ويحتمل) أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق.

.... (ويحتمل) أن يكون اللعن والسب يقع منه.

فقال: (يحتمل) أن يكون ما ذكره من سب...

وهذا الإحتمال الذي رده ابن حجر العسقلاني والذي بترته يا عمر.

والآن إختر إحدي الإحتمالات الأخري لنناقشك فيها، ولا تحاول أن تغير الموضوع يا عمر، فالموضوع هو روايات اللعن عندكم في البخاري ومسلم.. ومن شرح ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، فلا تحاول أن تتجاوز هذه الكتب!

قلت: " هل تعرف لماذا لعن الرسول (صلی الله علیه و آله) في الحديث الذي أتيت به؟؟ ".

أقول يا عمر: أي حديث تقصد؟؟ عموماً.. سوف أوردها..

لفظ الحديث في صحيح مسلم ح 6557:

ص: 319

[دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما] [2 - ح 6558، فخلوا به، فسبهما ولعنهما وأخرجهما].

وإذا كانت أم المؤمنين عائشة لم تعرف!! فكيف أعرف أنا يا عمر؟؟

وفي البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. كتاب الدعوات - ج 8 - ص 4435 - ح 1230: (اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة). كتاب الدعوات ج 8 ص 435 ط - دار القلم.

وانظر يا عمر: " من آذيته " - والعياذ بالله - فهل كان رسول الله يؤذي المسلمين أو المؤمنين؟؟

فهذا جواب سؤالك الأول.

وأما السؤال الثاني: فلا يتعلق بالموضوع يا عمر. فكما قلت لك إفتح صفحة أخري لتري الرد فالموضوع هنا: (روايات اللعن في كتبكم البخاري ومسلم) ولا نريد أن يحيد أحدنا.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

ورد (عمر)، الرابعة صباحاً:

ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد، ولا أري أي اختلاف في قول ابن حجر والمازري. والرسول (صلی الله علیه و آله) لم يؤكد أي حادثة بعينها، وهو بشر، والموضوع ينقلنا لحدود العصمة، فنحن نري من القرآن داوود يقضي وسليمان يعيد الحكم ويصححه. ونجد رسولنا (صلی الله علیه و آله) بسورة التحريم يعاتبه الله ثم يعود الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتكفير عن القسم الذي قسمه، كما نري بأنه استغفر للمنافقين وأنزل الله التحريم الصريح بفعله. الموضوع لا يكون بهل سب

ص: 320

أو لعن، بل ما هي حدود العصمة؟؟؟؟ لنري ما هي حدود العصمة لديكم؟ وهل تصل إلي التبليغ ورد جبريل؟؟ الموضوع هو: تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) وما دمنا فيه فلنقارن التهمتين، وأيهما أشنع؟ أما أن تسأل وتستهزئ وأنتم تهينون الرسول (صلی الله علیه و آله)، فهذا غير منطقي وعادل. وأخيراً لا تنطق بالبتر والإتهام بأننا نبتر المواضيع، فهذا ما قلته: " وسوف أكمله لك لتعرف إن ما قلته هو خطأ، وإن ابن حجر رد هذا القول، يا عمر ولهذا السبب بترت شرح ابن حجر في ردك الأخير ". ولا زال التحدي قائماً إذا أردت أن تعرف جوابي علي هذه الإتهامات الكاذبة، ولا أري أي رد علي أسئلتي، فكيف تدافعون عن مذهبكم كما دافعتم عن الحسين (ض) عندما تهربتم منه في ساحة المعركة! فما أشبه اليوم بالأمس! هل تستطيع الإجابة علي أحد الأسئلة؟؟ ولماذا؟؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 23 - 2 - 2000، التاسعة صباحاً:

قلت يا عمر: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد ".

أقول: وهل هذا آخر ما تفتق عنه ذهنك يا عمر؟!

والظاهر أن قولك هذا كان ينقص ابن حجر والنووي في شرحهما هذه الروايات..

ولكن فاتك يا عمر أنك طعنت برسول الله صلي الله عليه وآله من حيث لا تشعر بقولك هذا!

وهل الجلد إلا عقوبة علي من جاوز حداًّ من حدود الله؟؟

فكيف يصفح الرسول صلي الله عليه وآله عمن جاوز حداًّ من حدود الله ويستحق العقوبة بذلك؟؟ وهل يتهاون رسول الله في تطبيق حدود الله وشرعه لكي تقول: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد ".

ومن أين أتيت بقولك هذا؟؟ ومن أي عالم من علمائكم، ومن أي كتاب نقلته يا عمر؟؟

ص: 321

قلت: " ولا أري أي اختلاف في قول ابن حجر والمازري ".

أقول: هذا ما قاله ابن حجر " وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله: (جلدته) فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد ". وهذا القول لم ينقل عن المازري، وإلا لما رد ابن حجر عليه بهذا القول.

ثانياً: وهذه هي محاولات المازري في شرح الروايات: فالجواب أنه:

... يحتمل أنه أراد أن دعوته.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق،

... ويحتمل أن يكون اللعن والسب يقع منه.

فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب..

وهذا الإحتمال الذي رده ابن حجر العسقلاني، والذي بترته يا عمر أقول يا عمر!

أي الإحتمالات الأربعة هي الصحيحة؟؟ نريد رداًّ منك يا عمر.

لا أن تحاول تشتيت الموضوع. ونريد إجابة من علي أسئلتنا فهل نري جوابك؟؟

ولا نريد أن ينطبق عليك قولك هذا: " أرأيت بأنكم لا تستطيعون الصمود أمام الحقيقة بل تسعون بالأرض فساداً ".

ثم تعال يا عمر.. ما تفعل بهذه الروايات من البخاري ومسلم؟؟

في البخاري عن أنس قال: لم يكن النبي سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً.

وعن أبي هريرة: قيل لرسول الله ادعُ علي المشركين قال: إني لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة.

فهل يأبي الرسول ويرفض صلي الله عليه وآله لعن المشركين، ثم يأتي والعياذ بالله ويلعن المؤمنين والمسلمين؟؟!!

ص: 322

وقال صلي الله عليه وآله لأم المؤمنين عائشة: وإياك والعنف والفحش! فهل ينهي الرسول صلي الله عليه وآله أم المؤمنين، ثم يأتي بالفعل الذي نهي عنه؟! أعوذ بالله من ذلك. ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

قلت: " الموضوع لا يكون بهل سب أو لعن ".

فهل تريد يا عمر تغيير الموضوع بعد أن تورطت؟؟!

قلت: " أما أن تسأل وتستهزئ وأنتم تهينون الرسول (صلی الله علیه و آله) "!

أقول: هل الروايات في كتبنا أم كتبكم؟ وقس علي هذا قولك أعلاه لتعرف يا عمر علي من ينطبق قولك؟

وأخيراً: نريد أجوبة علي ما رددت عليك، ولا نريد تهرباً من الموضوع الرئيسي وهو: (روايات اللعن في البخاري ومسلم).

وإذا لديك أسئلة أخري فافتح صفحة مستقلة لنناقشك فيه وحاضرين يا عمر.

سورة النساء - آية 115: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً. صدق الله العظيم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

لا أعتقد بأنك تريد الفهم، وكما قلت لك بأن تقلل من الأسئلة. أما ما أراه مناسباً فيجب وصف حادثتين من كتبنا وكتبكم ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين.. ما دمنا في تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) وهل تحدث منه أخطاء فهناك حادثة مشابهة. أنتم تدعون العصمة للأولياء بحيث لا يخطئون، وهنا يعترف الإمام الباقر بأنه كثير الذنوب، فكيف يذنب من تدعون عصمته؟؟؟ ولا تتهرب لأن الموضوع لا يفهم إلا بهذه الطريقة فإذا عرفت السبب ستعذر الآخر.. انتهي.

قال العاملي:

ص: 323

ثم أعاد عمر ما نقله عن سجود الإمام الباقر عليه السلام واستغفاره!

وكتب (الفاطمي)، الثانية ظهراً:

ما لك يا عمر..

ألا تريد أن تبرئ رسولنا صلي الله عليه وآله؟؟

ألم تجعل عنوان هذا الموضوع: " تبرئة رسولنا (صلی الله علیه و آله) من دعاوي البعض له "؟!

ألم تقل: " كما أجمعت تفاسير علماء أهل السنة والجماعة بأن العصمة للرسل فقط ".

فما لك الآن لا ترد؟؟

هل صحيح البخاري ومسلم عندك أفضل من خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

وهل حبك للبخاري ومسلم حداك أن تطعن برسول الله صلي الله عليه وآله؟؟

وتقول: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد "!! وأين أجوبتك يا عمر؟؟

وهل سكوتك إقرار منك بما تدعيه روايات اللعن في البخاري ومسلم؟؟

وهل تعتبر بالروايات أم بكلام الله؟

وهل توافق روايات اللعن أم تخالف الآيات القرآنية والتي أوردناها؟؟

إصحَ يا عمر، كفاك طعناً بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟!

ولماذا تحاول تغيير الموضوع؟

وهل أعيتك الحيل والجواب لكي تحاول مضطراً إلي تغيير الموضوع؟؟

وهل تريد أن تفهم أم تشاغب؟؟

ولو أنك جاوبت علي أسئلتي في كل رد لاحق للأسئلة لكنا انتهينا يا عمر.

ص: 324

وليس لك أن تدير النقاش علي هواك وتحاول تغيير موضوعه الأصلي لكي تقول: " أما ما أراه مناسباً فيجب وصف حادثتين من كتبنا وكتبكم ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين ".

أعطنا حادثة مشابهة للرسول صلي الله عليه وآله من كتبنا لكي تقول بعدها " ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين "!

فالإستشهاد يجب أن يكون من جنس العمل، وحصل لرسول الله صلي الله عليه وآله، ومن كتبنا ولا يكون الإستشهاد بالغير، وهل توجد في كتبنا مثل هذه الروايات؟؟

وأما أن تحاول تغيير الموضوع فهذا مرفوض، فأنت الذي فتحت الموضوع فعليك أن تثبت بالنقاش فيه، لا أن تغيره؟؟

وإذا لديك أي سؤال خارج الموضوع فالرجاء إفتح صفحة مستقلة لذلك؟؟

نريد رداًّ.. لا نريد لف ودوران.. نريد أجوبة! ممكن يا عمر؟!

ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً. صدق الله العظيم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (العاملي)، الثالثة ظهراً:

أحسنت أيها السيد الأصلي.. المدافع عن جده سيد المرسلين، الراد عنه افتراءات المنافقين.

وكتب (عمر)، السادسة مساءً:

النقاش معك يا فاطمي لا يأتي بنتيجة، والإستهزاء هو شعارك وشعار أصحابك. إرجع للموضوع من البداية، وسوف تري كم مرة جاوبنا علي الكثير من الأسئلة وأنت تتهرب من الرد علي سؤال واحد. الموضوع لا يفهم إلا بضرب المثل. لو قلنا تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) فأنا نقلت آراء العلماء من الحديث،

ص: 325

وكتبكم مليئة بالطعن بآل البيت، وأنتم تدعون عصمتهم سؤال يتعلق بالعصمة. هل الأولياء لهم من الذنوب الكثيرة التي تدخلهم النار؟ سيكون جوابك بالنفي. إذاً لماذا يقر الباقر بكثرة ذنوبه؟ العلاقة في صلب الموضوع، ولو كانت لك الجرأة في تبرئة آل البيت والرسول (صلی الله علیه و آله) لجاوبت علي السؤال، فها هي كتبكم تعترف بأن الباقر كثير الذنوب. لن أكمل معك النقاش إلا بعد الإجابة علي هذا السؤال الذي يتعلق بالموضوع: هل الباقر كثير الذنوب ولماذا يعترف في كتبكم بذنوبه؟ وما حدود عصمته؟

وكتب (الفاطمي)، الثامنة مساءً:

عسي ما شر يا عمر!! وما الذي حصل يا عمر؟! هل تورطت يا عمر؟؟

هل عرفت إنكم تطعنون بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

هل استصعبت عليك الأسئلة ولا تعرف كيف ترد ولذلك تقول: " النقاش معك يا فاطمي لا يأتي بنتيجة "؟؟

وتعال يا عمر: ألم تقولوا في بخاريكم ومسلمكم إن نبي الرحمة صلي الله عليه وآله كان يؤذي ويسب ويلعن ويجلد من ليس بأهل لذلك من المؤمنين والمسلمين..

وتناسيتم قوله سبحانه وتعالي " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً عظيماً "!!!

ثم تأتينا يا عمر وتقول: " والإستهزاء هو شعارك وشعار أصحابك ". كأننا يا عمر من روي أحاديث اللعن في كتبهم، ولستم أنتم يا عمر؟!!

فهل نسيت يا عمر إنكم تنسبون رسول الله صلي الله عليه وآله والعياذ بالله إلي الظلم بتقولكم هذا؟؟ صح يا عمر...

قلت: " لن أكمل معك النقاش إلا بعد الإجابة علي هذا السؤال الذي يتعلق بالموضوع ".

ص: 326

أقول يا عمر: وهل هذه هي الطريقة المثلي لهروبك؟؟ أبَعد أن تفتح موضوع وتهدد وترعد وبعدها تهرب؟؟ وأين تبرئتك لرسول الله صلي الله عليه وآله؟؟ أين وأين و.. و.. و.. أم إنك تورطت ولم تجد رداًّ لذلك. والظاهر إنك لم تجد إلا ردَّيْن..

الأول: أن تبرئ الرسول صلي الله عليه وآله من هذه الأقوال التي افتريتموها عليه، وتطعن في روايات الطعن، وبالتالي تسقط نظرية صحة جميع الروايات في البخاري ومسلم، والتي هي من المسلمات لديكم.

والثاني: هو أن تصحح تلكم الروايات وتطعن في خير خلق الله صلي الله عليه وآله، وتناقض القرآن بذلك!!

والظاهر أن أحسن وسيلة لك للتخلص من الرد هي محاولة تغيير الموضوع من روايات الطعن في البخاري ومسلم إلي موضوع العصمة!!

ونكرر إفتح صفحة مستقلة لأناقشك فيه. الله يعينك يا عمر ورطت نفسك، وقعدت!

وكان عمر فتح الموضوع، لكنه انتهي بهروبه علي عادته السيئة!

كتب (الفاطمي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 15 - 1 - 2000، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي حسام الشامي: هل كان النبي صلي الله عليه وآله يفعل هذا؟؟)، قال فيه:

الزميل الشامي.. حياك الله:

هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين، أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟

ص: 327

وهل تعتقد بأنه صلي الله عليه وآله كان يؤذي المسلمين؟؟ خصوصاً أنك قلت بأن الرسول صلي الله عليه وآله معصوم؟؟ وما هو حكم من يطعن في أخلاقيات الرسول صلي الله عليه وآله العظيمة؟؟

وإلي الأخوة الكرام: هذه الصفحة للحوار الثنائي بيني وبين الزميل الشامي، والشكر والإعتذار لكم.

فكتب (حسام)، الحادية عشرة والنصف مساءً:

هل كان النبي يضرب ويجلد ويسب ويلعن أحداً من المسلمين؟!!

سؤال سهل وبسيط جداًّ!

يجلد: نعم.

يسب: يعتمد علي نوعية السب الذي تقصده.

اللعن: اللعن اللي نسمعه من مثلكم: لأ.

يضرب أحداً من المسلمين: نعم لمن استحق ذلك.

ثانياً: هل كان النبي يؤذي المسلمين: لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين. إنما إن كان قصدك أن أحداً أراد النبي أن يقيم عليه الحد ليطهره به، وأنت رأيت في ذلك إيذاءاً، فأقول لك عندها: نعم.

ثالثاً: لا أدري ماذا تقصد بأخلاقياته العظيمة، لأننا ما عهدنا عليكم إلا لف ودوران.

فأقول: إن كان قصدك شتم النبي، فشاتم النبي كافر، أما غير ذلك فحدِّد!! أرجو أن أكون قد أجبتك الآن، ولكن هل أنت الذي تستجوبني فقط، أم أنه يحق لي أن أسأل يا فاطمي؟!! أرجو الإجابة!

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 16 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

ص: 328

أقول يالشامي: الظاهر إنك لم تدقق بالسؤال، وأعيد السؤال كما هو موجود: هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟

أنظر يا شامي (من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين).

ولم أقل يضرب لكي تقول " يضرب "، ولا نريد اللف والدوران بالجواب، فالله سبحانه وتعالي مدح الرسول صلي الله عليه وآله بقوله " وإنك لعلي خلق عظيم " بينما صحاحكم تقول بأنه بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من لم يكن أهلاً لذلك، وإليك الأحاديث الدالة علي ذلك والعياذ بالله من صحاحكم:

في صحيح مسلم كتاب البر والصلة، ج 16 ص 336، ط – دار المعرفة:

باب: من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك، كان له زكاة وأجراً ورحمة. وألفاظ الحديث كالآتي في صحيح مسلم:

1 - ح 6557، دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو، فأغضباه فلعنهما وسبهما.

2 - ح 6558، فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

فكيف تفسر قولك يا شامي: " اللعن: اللعن اللي نسمعه من مثلكم: لأ. " وما المقصود بلعنهما؟؟

3 - ح 6559: اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة.

فهذه الأحاديث تطعن في عصمته صلي الله عليه وآله الذي تعتقد بها وتناقض قول الله جل وعلا " وإنك لعلي خلق عظيم ".

ص: 329

فهل كان الرسول يسب ويلعن ويجلد من ليس هو أهلاً لذلك؟؟ وهل كان يسب ويلعن إذا غضب؟؟ وكيف تفسر هذه الأحاديث التي تطعن في أخلاقيات الرسول صلي الله عليه وآله التي مدحها الله سبحانه تعالي؟؟

قلت يا شامي: " لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين ".

أقول: وبماذا تفسر ما قاله البخاري في صحيحه؟؟ في البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. كتاب الدعوات: 8/435؟

فأنت قلت: لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين.

والبخاري يقول: قول النبي صلي الله عليه وسلم: " من آذيته "!

فمن نصدق.. أنصدق البخاري، أم أنت؟؟

قلت يا شامي: لا أدري ماذا تقصد بأخلاقياته العظيمة، لأننا ما عهدنا عليكم إلا لف ودوران.

أقول: هل عرفت من الذي يلف ويدور في أجوبته؟

أنا أقول من لا يستحق من المسلمين.. وأنت تقول: نعم لمن استحق ذلك!

فالرجاء مراجعة الأسئلة.. وردِّي عليك، والإجابة عليهما بدون لف ودوران.

قلت: " أرجو أن أكون قد أجبتك الآن، ولكن هل أنت الذي تستجوبني فقط أم أنه يحق لي أن أسأل يا فاطمي؟!! أرجو الإجابة! ".

أقول: لم تجاوب علي سؤالي الذي يقول: هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان (يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟).

وأكرر لاحظ (من لا يستحق من المسلمين) ما بين القوسين، ولا تستعجل بالرد.

ص: 330

وعندما ننتهي من هذا السؤال والردود المتعلقة به، سوف يكون لك الدور بالسؤال، وحاضرين يالشامي.

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 16 - 1 - 2000، السادسة صباحاً:

يعني أنت من يحدد بداية النقاش ونهايته؟ جميل... ما في مانع. وعلي العموم أنا أجبتك دون لف ودوران، ولكن سبحان الله من فهمك الكبير أنت.

فكتب (عمار)، السادسة وأربع دقائق صباحاً:

بارك الله فيك يا فاطمي فأنت والله لها. فأتنا مزيداً يا ابن الزهراء. سلام الله علي جدتك الطاهرة، ولعنته علي من آذاها وغصبها حقها.

وكتب (حسام الدين الشامي)، الثانية عشرة ظهراً:

بداية أود أن أقول لك يا فاطمي: كم أنكم محظوظون أنتم معاشر الشيعة بوجود مكتبات أهل السنة في كل مكان، وكتبهم تباع دون أن يمنع أحد من أهل السنة أي كتاب، لا بل وتجمع كتبهم المعتمدة في أشرطة الليزر وتباع للجميع مهما كانت ملتهم أو ديانتهم. لأننا والله الذي لا إله غيره عندم

ندخل إلي المكاتب الشيعية في أمريكا وغيرها، ونريد أن نشتري كتاباً، أول ما يرحبوننا به لعن الشيخين، ثم يقولون هذا الكتاب غير موجود! أو في بعض الأحيان يقولون هذا الكتاب لم نسمع به من قبل! أو يقولون هذا الكتاب ليس للشيعة... إلخ.

وقد دخلت منذ شهرين إلي مكتبة في ولاية أمريكية، لا أريد ذكر اسمها لسبب سأقوله لك في نهاية الحادثة، دخلت إلي هذه المكتبة وبها إيراني شيعي

ص: 331

يقرأ من كتاب تنقيح المقال للإمام المامقاني، وما إن رأيته حتي طرت فرحاً، فقد كنت أبحث عن هذا الكتاب في كل مكان ولم أحصل عليه، فقلت له:

كم سعر هذا الكتاب؟ فقال: هذا ليس للبيع! فقلت له: طيب لو تكرمت أعطني إياه أصوره عندكم هنا في المكتبة علي حسابي، فقال: لا هذا الكتاب قديم وقد يتأثر بالحرارة! فقلت له: طيب أريد أن أصور صفحة أو صفحتين، قال: تعال بعدين!! وبالطبع أعرف بأنني لن أستطيع أن أحصل عليه حتي لو أتيت بعدين! ولكننا طلبنا من أخ إيراني أن يأتينا به لربما يستطيع هو شراءه!

وهكذا دواليك يا فاطمي، إذا طلبنا كتاب: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للطبرسي، يضحكون ويقولون ليس له وجود! وإذا طلبنا تنقيح المقال: امتنعوا. وإذا طلبنا فرق الشيعة للنوبختي، يقولون لا تجده إلا في قم!

فاحمد الله يا فاطمي أنت وإخوانك أن السنة لا يخفون كتاباً مهماً كان ذلك الكتاب، ولا تجدوا أحداً يطردكم إذا ذهبتم إلي مكتباتهم، ويريدون أن يتهربوا من بيعكم للكتب، فليس عند أهل السنة ما يخجلوا منه، وهذه نعمة أفتخر بها أنا كسني، وأشهد الله أنني أؤمن بما جاء في صحيح البخاري ومسلم وأدين الله به، وأسأل الله عز وجل أن يحشرني مع البخاري يوم القيامة أينما ذهب.

وأتحداك يا فاطمي أن تدعو بهذا مع شيخك الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، هل تدعو أن يحشرك الله معه أينما ذهب يوم القيامة؟! لا أظنك!

ص: 332

المهم من هذا كله أنني ليس عندي إلا القلة من المراجع لكتب الشيعة، وإن شاء الله يغفل الشيعة يوماً ما وينشرون هذه الكتب علي الإنترنت حتي نستطيع مناقشتكم بالكامل من كتبكم...

اللهم آمين.

والآن لنأتي لرواياتك من الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي رحمة واسعة، وقد ظننت أنك ستناقشني في موضوع دسم، إلا أنني وبعد أن قرأت الموضوع بتمعن مثل ما نصحتني، اكتشفت أن الموضوع كله يدور حول عقدة العصمة!

يعني الموضوع كله ما يستاهل. ولكن بما أنني وعدتك فسأكمل معك. أنت نقلت الروايات من صحيح مسلم ونصها كالتالي:... ون-ق-ل ب-ع-ض م-ا ت-ق-دم...

وهذه الرواية المذكورة آخراً تبين المراد بباقي الروايات المطلقة، وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك، إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه، وكان مسلماً.

وإن أردت الجواب علي كيف أن النبي صلي الله عليه وآله فعل ذلك، فالجواب ما أجاب به

العلماء والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعليقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان:

أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو صلي الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولي السرائر.

ص: 333

والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله: تربت يمينك، عقري حلقي، وفي هذا الحديث " لا كبرت سنك " وفي حديث معاوية " لا أشبع الله بطنك " ونحو ذلك، لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء.

فخاف صلي الله عليه وسلم أن يصادف شئ من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالي ورغب إليه

في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة، وقربة وطهوراً وأجراً، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلي الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ولا لعاناً ولا منتقماً لنفسه، وقد سبق في هذا الحديث أنهم قالوا: ادع علي دوس، فقال: اللهم اهد دوساً. وقال: اللهم اغفر لقومي فإنهم ل

يعلمون. والله أعلم. ا. ه كلام الإمام النووي رحمه الله تعالي.

وأقول لك يا فاطمي: لقد فطنت والحمد لله للموضوع من أوله، فهو يدور كما قلت حول نقطة أو نقطتين لا ثالث لهما، وهي أنه لا يمكن أن يكون قد دعا علي معاوية رضي الله عنه ومعاوية ليس أهلاً لذلك (مع أنكم تجعلون معاوية بهذا الدعاء: لا أشبع الله بطنه كافر!!!) (كذا).

والثاني أن ذلك ينافي موضوع العصمة وهو الأهم في نظرك. وأما موضوع معاوية، فهذا قد عشعش في معتقداتكم، ولا أستطيع أن أغير منه أنا شيئاً، إن كان الله قد أراد غير ذلك.

وأما موضوع العصمة يا شاطر، فهذا مفروغ منه من زمان، فلا أنتم ولا نحن نقول بعصمة الأنبياء من كل شئ... أليس كذلك؟!

وكذلك فإن النبي صلي الله عيه وآله وسلم قد جلد رجلاً شرب الخمر مرتين أو ثلاث، وشتمه صحابي فقال النبي: ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله.

ص: 334

فهذا الرجل أراد له النبي أن يكون الحد أولا طهوراً له من الذنب، وكذلك دعاءه بأن تكون له رحمة، وذلك لعلمه صلوات الله وسلامه عليه بأن ذلك الرجل مؤمن. فليس كل من شرب الخمر أصبح كافراً اللهم إلا قول الخوارج!!

هذا من جهة، ومن جهة أخري فأنت يا فاطمي تحاول أن تجعل من ذلك فعلاً يفعله النبي صلوات الله وسلامه عليه دائماً!!

فالمعصوم يقول فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته. وأنت تقول: بينما صحاحكم تقول بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من لم يكن أهلاً لذلك!!!

ويبدو أنك تحتاج لدروس في اللغة العربية لأن النبي أصدق منك، وقد قال: آذيته، سببته، جلدته، ولم يذكر في صحاحنا أنه كان يسب.. لا حظ الياء علي ماذا تدل يا فاطمي!

ولا أنه من هوايته الجلد، وكذلك أن (يلعن)! نعم، قد يكون قد جلد أو لعن أو سب، ولكن أن تقول أنت أن الإمام مسلم رحمه الله ذكر أنه كان يسب ويلعن ويجلد، حرام عليك تفتري علي الإمام.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخري كذلك، أحب أن أتراجع في هذا المقام عن ما قلته سابقاً وأتوب إلي الله منه، ألا وهو أن النبي قد ضرب أحداً. فأستغفر الله العظيم من هذا، لأن أمي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وآله شيئاً قط بيده، وما نيل منه شئ قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم الله. رواه مسلم.

وبما أنني لست معصوماً، فأنا أخطئ وأصيب، وأتوب إلي الله عن قولي بأن النبي صلي الله عليه وآله، قد ضرب أحداً.

ص: 335

وخلاصة الكلام أن النبي قد يقيم الحد علي إنسان مؤمن، وقد أقام الحد عليه الصلاة والسلام علي المخزومية وقطع يدها، لأنها سرقت ليكون الحد بذلك طهرة لها من السرقة، وهذه المخزومية كانت بعد ذلك من خيرة النساء، وكانت تأتي عائشة، تسألها أن يجيب النبي صلي الله عليه وآله مسألتها، وكان النبي صلي الله عليه وآله يجيبها لذلك. فهذه المخزومية استحقت الحد، ولكنها مؤمنة دعا لها النبي أن يكون ذلك طهرة لها، وقد يكون أن النبي صلي الله عليه وآله كما قال الإمام النووي رحمه الله، قد سب أو شتم أحداً وهو ليس أهلاً لذلك، لأن النبي بشر، كما قال صلي الله

عليه وآله وسلم، وقد عاتبه الله تعالي في القرآن الكريم في غير ما مناسبة في كتبكم وفي كتبنا.

ولذا تذكر يا فاطمي أمراً، لا أنتم معاشر الشيعة، ولا نحن معاشر السنة.. نقول بالعصمة المطلقة للأنبياء.. مفهوم؟! والله اعتقدت عندك سالفة يا الفاطمي! بس ما عليه، قويها المرة القادمة!

وإلي لقاء قريب عن حديث المعصوم: فاطمة بضعة مني. خليكم معنا.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

إلي الشامي. قلت: " يعني أنت من يحدد بداية النقاش ونهايته ".

أقول: أولاً استأذنتك ووافقت أنت، فلماذا هذا الطعن الغير مباشر؟ وما تقصد بقولك هذا؟؟

قلت: " وعلي العموم أنا أجبتك دون لف ودوران، ولكن سبحان الله من فهمك الكبير أنت ".

أقول: هل تجاوب ثم تتراجع عنه؟ وهل فهمت من الذي ينطبق عليه قولك " سبحان الله من فهمك الكبير " يا شامي؟؟ وهذا قولك: " ومن ناحية أخري

ص: 336

كذلك، أحب أن أتراجع في هذا المقام عن ما قلته سابقاً وأتوب إلي الله منه، ألا وهو أن النبي قد ضرب أحداً.

قلت: " وهذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلي الله عليه وسلم من الشفقة علي أمته، والإعتناء بمصالحهم، والإحتياط لهم، والرغبة في كل ما ينفعهم ".

أقول: وهل من الشفقة علي أمته والإعتناء بمصالحهم أن يسب ويلعن ويجلد ويؤذي من لا يستحق منهم كما تتقولون عليه صلي الله عليه وآله؟؟!

هل الأحاديث [أدناه] توافق الأحاديث التي أوردناها؟؟

ففي البخاري عن أنس قال: لم يكن النبي سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً، وعن أبي هريرة: قيل لرسول الله ادعُ علي المشركين قال: إني لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة. وقال لأم المؤمنين عائشة: وإياك والعنف والفحش.

فهل كان النبي صلي الله عليه وآله يقول بشئ ويفعل نقيضه؟؟! وكيف يأمر أم المؤمنين بقوله: وإياك والعنف والفحش ثم يفعله؟؟

ألا تدل هذه الأحاديث علي عنف النبي والعياذ بالله؟؟ وهل كان النبي والعياذ بالله سباباً ولعاناً؟ مع أنه كما قال أنس عنه " لم يكن سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً "!!

قلت يا شامي: " فالجواب ما أجاب به العلماء، والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعليقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان: أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك ".

أقول: وكيف حكمتم بأنه ليس بأهل لذلك عند الله، وخفيت علي الرسول! وكيف عرفتم بما في السرائر.. والرسول لم يعرف؟!

ص: 337

وكيف يكون ليس بأهل لذلك عند الله وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له؟

وهل تستطيع أن تورد مثال علي ذلك؟ وما هو تفسيرك ل- (إمارة شرعية) وماهيتها؟؟

قلت: " والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله تربت يمينك، عقري حلقي، وفي هذا الحديث: لا كبرت سنك، وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنك، ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء ".

أقول يا شامي: ما تقصد بقولك " أن ما وقع من سبه ودعاؤه ونحوه ليس بمقصود "؟؟

وماذا تفعل بهذه الآيات المباركة " ما ضل صاحبكم وما غوي. إن هو إلا وحي يوحي. علمه شديد القوي ".

وراجع الحديث الأول: " فلعنهما وسبهما ".

والحديث الثاني: " فسبهما ولعنهما وأخرجهما " لتعلم أنه وحسب مضمون الحديث أنه والعياذ بالله سبهما وأخرجهما.

فكيف تقول ليس بمقصود؟؟ وما هو تفسيرك ل- (فسبهما ولعنهما وأخرجهما)؟

وأحيلك إلي ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، كتاب الدعوات - باب 35 - ح 6362 - ج 11 - ص 206 - ط - دار الرياض، قال ابن حجر:

(وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير، فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، لكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك

ص: 338

كقولهم: عقري حلقي، وتربت يميتك، فأشفق من موافقة أمثاله القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة). انتهي.

قال ابن حجر العسقلاني: (وهذا الإحتمال حسن، إلا إنه يرد عليه قوله: جلدته، فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد!!).

فهذا قول عالمك وإمامك وشيخ الإسلام وخاتمة حفاظ أهل السنة وشارح صحيح البخاري المعتمد لديكم ولدي ابن باز.

وراجع يا شامي فتح الباري لتري قول علمائكم والاحتمالات، وتفضل بالرد. ويا شامي: هل توافق هذه الروايات تلك الآيات التي أوردها بالأسفل منها؟؟ وهل تناقضها، أم لألأ؟؟

ح - 6557، دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما. في البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة، كتاب الدعوات، ج 8 - ص 435 ح 1230: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة، كتاب الدعوات - ج 8 - ص 435 - ط - دار القلم.

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً عظيماً "؟!

فكيف يقول البخاري عن الرسول " من آذيته "؟؟

وهل آذي الرسول صلي الله عليه وآله من المسلمين من ليس بأهل لذلك لكي يقول: من آذيته؟؟ وهل يوافق ما قاله البخاري " من آذيته " وتلك الروايات من مسلم، قولَ الله تعالي " وإنك لعلي خلق عظيم "؟

وهل هناك إنسان خلوق يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق؟؟ فما بالك يا شامي بمن وصفه جل وعلا بأنه: علي خلق عظيم؟؟!

ص: 339

فما بالك يا شامي بمن هو خير خلق الله، وتقول أنت عنه بأنه: معصوم؟!

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم ".

فالله سبحانه وتعالي يأمر نبيه صلي الله عليه وآله بالعفو والإستغفار لهم، فكيف يسبهم ويلعنهم ويؤذيهم! والعياذ بالله؟؟!

وهل يا تري بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يمتثل لأوامر الله سبحانه؟؟!

وهل هناك طعن بالنبي صلي الله عليه وآله أشد من هذا القول؟؟!

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي: " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون "؟

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي: " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "؟ فكيف تروون وتصححون هذه الرواية: ح - 6557، دخل علي رسول الله رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما!!

هل كان الرسول يلعن ويسب علي الغضب والعياذ بالله؟!!

وماذا تفعل يا شامي بقول أم المؤمنين عائشة " عندما سئلت عن خلق النبي قالت: خلقه القرآن؟!

وهل تعتقد وتقول بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يتعبد بالقرآن ولم يهتدِ بهداه؟؟؟

وهل تريد القول بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يتقيد بهذه الآية " خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين "، وبقية الآيات التي أوردتها أعلاه؟؟ وهل وهل وهل؟

ص: 340

هذا ردي علي ردك بخصوص الموضوع الأصلي، وأما بقية ما قلت سوف أرد عليه بعد هذا الرد لكي لا يتشعب الموضوع الأصلي. ونريد الإجابة علي جميع الأسئلة المتعلقة بردي علي ردك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (الشامي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم! وإنا لله وإنا إليه راجعون! ما أحلي من قال:

وكم من عائب قولاً صحيحاً... وآفته من الفهم السقيم!

يا فاطمي، كل ما سودت به ردك هنا بلا طعمة!! أتدري لماذا؟! لأنه تماماً نفس الموضوع الأول!! وأنا قلت لك ولكن يبدو أنك لم تقرأ جيداً! أقول: الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال إن النبي قد

يكون سب أو ستم أو لعن، مفهوم؟! يا الله ليش ما تدرسون لغة عربية؟!! هل يلعن أي مثل تماماً ما نراه هنا في الحوار دائماً والحمد لله، هل يلعن مثل أن يقول النبي صلي الله عليه وسلم: لعنته؟!! سبحان الله علي فهمك. هذا من ناحية. ومن ناحية أخري، أفرض أن النبي لعن أحداً ولم يكن هو أهلاً لذلك فماذا؟! المعصوم ليس معصوماً في كل ما يعتري النفس البشرية، وهذا لا أقوله أنا ولا أهل السنة، بل أنتم أيضاً.. مفهوم؟! ولا أعيد الكلام: لا نحن ولا أنتم يا فاطمي نقول بالعصمة المطلقة للأنبياء والرسل. فإذا عرفت ذلك، عرفت أن الله قد عاتبه في سروة التحريم، وقد عاتبه في مواضع أخري. بل إن الله قال له في سورة التحريم: " لم تحرم ما أحل الله لك " يا رب، أتكون فهمت الآن!

وبعدين يا فاطمي، أنا لست ممن يسمع الكلام مثل الذي يقوله المهاجر في التلفزيون السوري: إحنا والسنة مثل بعظ!! وينطلي علي هذا الكلام!! ولست

ص: 341

ممن يقال له: هل هذا يتماشي مع كونه علي خلق عظيم؟!! هذا التلبيس لا يمشي علي! إلعب غيرها. الفعل: يلعن: فعل مضارع يفيد الإستمرارية، وفي بعض الأحيان يفيد الديمومة علي اللعن إن صرحت الجملة بذلك. لعن: فعل ماضي مبني علي الفتح لا يفيد أبدا الديمومة، بل يفيد فعل اللعن لمرة واحدة أو أكثر.

لعنت (أنا): أي فعلت فعل اللعن مرة في كذا وكذا، ولا يفهم من هذا أبدا أنه يفيد: أنني أداوم علي لعن كذا. اللهم إلا أن تأتي جملة أخري تصرح بفعل مشابه للديمومة كفعل المضارع أعلاه. إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه. (قال العاملي: وهو تعريض بأن الشيعة يقولون: تاه جبريل!!) جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ، حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ.

يفيد هذا فعل اللعن أو السب لمرة واحدة فقط! ولا يفيد أنه عليه وعلي آله أفضل الصلاة والسلام كان يداوم علي اللعن.... ولكن ليت شعري!

وكتب (عمار) بتاريخ 18 - 1 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

لو سمحتم لي مداخلة بسيطة، وهي أن لا ننسي قوله تعالي: لا ينال عهدي الظالمين.

وجلد المسلم وسبه وهو ليس أهلاً لذلك، فيه ظلم لا ينكره إلا مكابر! ثم إنك يا أخي الشامي أقررت علي أن الرسول يشتم ويسب ويلعن ومن ثم بعد أن طُرح الموضوع بتفصيل أكثر ما أراك إلا ناكراً لما تفضلتم به في أول ردودكم!

ص: 342

إرسيلك علي بر.. أخي العزيز، وكفاك تلاعباً بالألفاظ فإنك تعلم الحق، لكنك تكابر.

أما قولك أنه جرت عادة العرب و.. إلخ من الكلام والحج التي هي أوهن من بيت العنكبوت يردها ما قاله الرسول " جلدته "، أم تراك جازماً أنه جرت عادة العرب علي الجلد أيضاً؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 19 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

قلت يا شامي: " الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال: إن النبي قد يكون سب، أو شتم، أو لعن، مفهوم ".

أقول: هل بدأت بالكذب؟؟

وهل أعيتك الإجابة والحيل حتي بدأت تكذب لتخرج من ورطتك؟؟

أين قول الإمام مسلم إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن، وفي أي صفحة وجزء من صحيح مسلم رأيت هذا القول؟؟؟ والمشكلة أنك تقول مفهوم!! وهل تريد أن تفهمنا بكذبك؟؟

ولماذا كررت كذبتك هذه وقلت يا شامي: " إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وأقول لك يا شامي: هل تدلنا في أي صفحة وفي أي جزء من صحيح مسلم أجد قولك هذا: " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

ص: 343

وقولك السابق: " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن ".

نريد رقم الصفحة وفي أي جزء،، مفهوم،، علي الأقل لتثبت صدق قولك!!

قلت: " هل يلعن مثل أن يقول النبي صلي الله عليه وسلم: لعنته؟!! سبحان الله علي فهمك! ".

أقول: قالت أم المؤمنين عائشة: فأغضباه فلعنهما وسبهما.

حديث رقم 6557، ص 366، ج 16، كتاب البر والصلة، صحيح مسلم، ط / دار المعرفة. وقالت أيضاً: فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما. حديث رقم 6558، نفس المصدر أعلاه!

فهل أنت أفهم من أم المؤمنين عائشة؟! يمكن؟! ليش لألألأ؟؟!! ما دمت بدأت تكذب فسوف تقول إنك الأفهم، وهل تفهمنا ما هو قصد أم المؤمنين عائشة من قولها: " فلعنهما "؟؟

قلت: " أفرض أن النبي لعن أحداً ولم يكن هو أهلاً لذلك، فماذا؟! "

أقول: وهل يعتبر اللعن بدون وجه حق من الظلم، أم لا؟؟ وهل تجوز علي نفسك أن تلعن من لم يكن أهلاً لذلك؟؟ فكيف يظلم النبي صلي الله عليه وآله؟

وقد روي عن الله جل وعلا إنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا. صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، ج 16، ص 348.

قلت: " يا الله ليش ما تدرسون لغة عربية؟!! ".

أقول يا شامي: راجع قولك هذا لتعرف من يحتاج لدراسة اللغة العربية " إحنا والسنة مثل بعظ!! " وهل (بعض) تكتب هكذا (بعظ)؟!

ص: 344

وأقول يا شامي: لماذا تجاوزت هذه الأسئلة ولم ترد عليها؟؟ وهل هي صعبة إلي هذا الحد لكي تلتف عليها وتهرب؟؟ وأعيد لك الأسئلة والمتعلقة بردي الأخير عليك والتي تجاوزتها وهربت.

قلت يا شامي: " فالجواب ما أجاب به العلماء والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعلقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان: أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك ".

أقول: وكيف حكمتم بأنه ليس بأهل لذلك عند الله وخفيت علي الرسول صلي الله عليه وآله؟؟ وكيف عرفتم بما في السرائر، والرسول صلي الله عليه وآله لم يعرف؟؟

وكيف يكون ليس بأهل لذلك عند الله وفي باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له؟؟

وهل تستطيع أن تورد مثال علي ذلك؟؟ وما هو تفسيرك ل- (إمارة شرعية) وماهيتها؟؟

قلت: " والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله تربت يمينك، عقري حلقي وفي هذا الحديث: لا كبرت سنك، وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنك. ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء ".

أقول يا شامي: ما تقصد بقولك " أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود "؟؟

وماذا تفعل بهذه الآيات المباركة " ما ضل صاحبكم وما غوي. إن هو إلا وحي يوحي. علمه شديد القوي ".

ص: 345

وراجع الحديث الأول: فلعنهما وسبهما. والحديث الثاني: فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

لتعلم إنه وحسب مضمون الحديث إنه والعياذ بالله سبهما وأخرجهما، فكيف تقول ليس بمقصود؟؟؟ وما هو تفسيرك ل- " فسبهما ولعنهما وأخرجهما ".

وأحيلك إلي ابن حجر العسقلاني في فتح الباري،، كتاب الدعوات - باب 35 - ح 6362 - ج 11 - ص 206 - ط / دار الرياض. قال ابن حجر:

(وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، لكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم عقري حلقي، وتربت يميتك، فأشفق من موافقة أمثاله القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة). انتهي.

قال ابن حجر العسقلاني: (وهذا الإحتمال حسن إلا إنه يرد عليه قوله: جلدته فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد!!).

فهذا قول عالمك وإمامك وشيخ الإسلام وخاتمة حفاظ أهل السنة وشارح صحيح البخاري المعتمد لديكم ولدي ابن باز، وهل تستطيع الرد علي قول ابن حجر العسقلاني أم إنك ستهرب، كالعادة؟؟

وراجع يا شامي فتح الباري لتري قول علماؤكم والإحتمالات وتفضل بالرد.

وأخيراً أقول يا شامي: نريد أن تقارع الحجة بالحجة لا أن تقارع الحجة بالكذب والتهرب!!

وهل نري ردك علي الأسئلة التي تهربت منها؟؟ أم ستستمر في هروبك؟؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 22 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

ص: 346

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 24 - 1 - 2000، العاشرة صباحاً:

يا فاطمي: أنت تحاول تلف وتدور حول نقطة تعتقد بأنك ما شاء الله صرت فطحل، وأنت مكانك راوح، وستبقي كذلك إلا أن تتغير عقيدتك. وأنا مستعد أن أجيبك إن أجبتني عن التالي:

فيمن نزلت هذه الآية: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. وهل تعتقد إن كنت تعتقد ذلك بأن المعصوم يحرم ما أحل الله لك؟!!!!

قوية ولا شلون؟!! مسكين يا فاطمي!! والله مسكين!!

فكتب (الفاطمي)، الحادية عشرة صباحاً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

(قال العاملي: وأعاد الفاطمي عليه أسئلته، وقال): هذا ما طلبته منك..

ولم أطلب منك أن تتفلسف وتحاول تغير الموضوع، وتقول " مسكين يا فاطمي!! والله مسكين!! " من المسكين يا حسام الكذب؟؟ هل المسكين من يقارع الحجة بالحجة أم من يقارع الحجة بالكذب؟ ولماذا تكذب يا الشأمي؟

والمشكلة مسمِّي نفسك حسام الدين! وهل حسام الدين يكذب؟ خوش دين اللي حسامه كذاب!

وهل قولك " وأنا مستعد أن أجيبك إن أجبتني عن التالي " هو للتهرب لأنك لم تجد ما قلت عنه في صحيح مسلم؟؟ وهل تريد أن تقنعنا بأكاذيبك؟؟ وهل علينا أن نلاحق أكاذيبكم؟؟

ويا سبحان الله كلما نناقش واحداً منكم يرد علينا بالكذب!!

ص: 347

أنت والفقيه والحوت والبعض، وهل تريدون إثبات مذهبكم بالكذب؟! يا حسام الكذب الشامي؟؟

دافع عن نفسك بنفي وتفنيد أكاذيبك بدل اللف والدوران.

يا حسام الكذب الشأمي؟؟ والظاهر أنك ما تدري إن آية المنافق إحداها الكذب؟؟

والمنافق في الدرك الأسفل من النار، وأتحداك أن تجد كذبتاك في صحيح مسلم!!

ووالله لو استطعت إيراد رقم الحديث ورقم الصفحة، وفي أي جزء من صحيح مسلم توجد كذبتاك، فسوف أنسحب من هذا المنتدي ومن هجر، ولن أكتب أبداً في أي ساحة!

وإذا أنت مَنت (ما أنت) قد النقاش، روح ارتاح بالبيت وبيع جهازك أحسن لك من أن تكذب وتصير منافق.

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، السابعة صباحاً:

يا فاطمي: ما كنت أريد أن أكون أنا من يتسبب في إخراجك من هذا الحوار العام، ولكن المسلمون عند عقودهم كما قال المعصوم صلي الله عليه وسلم. وأنت قلت: " أنك تتحداني إن أتيت لك بالأحاديث أنك ستخرج من الحوار العام إن أنا أتيت لك بالأحاديث!! ".

فيا فاطمي والله ما أخجّلك.. هذه هي الأحاديث: الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم كتب البر والصلة، باب من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه.

ص: 348

حديث 4705: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحي، عن مسروق عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا، قلت: يا رسول الله من أصاب من الخير شيئاً، ما أصابه هذان. قال: وما ذاك؟ قالت: قلت لعنتهما وسببتهما. قال: أوما علمت ما شارطت عليه ربي، قلتُ: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً. حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية، وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعاً، عن عيسي بن يونس كلاهما، عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير، وقال في حديث عيسي: فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

حديث 4706: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله، إلا أن فيه زكاة وأجراً. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسي بن يونس كلاهما، عن الأعمش بإسناد عبد الله بن نمير مثل حديثه غير أن في حديث عيسي جعل وأجراً في حديث أبي هريرة، وجعل ورحمة في حديث جابر.

حديث 4707: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة يعني ابن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين

ص: 349

آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

حدثناه ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد بهذا الإسناد نحوه، إلا أنه قال: أو جلده. قال أبو الزناد: وهي لغة أبي هريرة وإنما هي جلدته. حدثني سليمان بن معبد، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم بنحوه.

حديث 4608: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث، عن سعيد بن أبي سعيد عن سالم مولي النصريين، قال: سمعت أبا هريرة يقولا: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو

جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

حديث 4709: حدثني حرملة بن يحيي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

حديث 4710: حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد، قال زهير حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم، يقول: اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته

فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة.

حديث 4711: حدثني هارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر، قالا حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد

ص: 350

الله يقولان: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إنما أنا بشر وإني اشترطت علي ربي عز وجل أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجراً. حدثنيه ابن أبي خلف: حدثنا روح وحدثناه عبد بن حميد حدثنا أبو عاصم جميعاً، عن ابن جريج بهذا الإسناد مثله.

حديث 4712: حدثني زهير بن حرب وأبو معن الرقاشي واللفظ لزهير قالا: حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك، قال: كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأي رسول الله صلي الله عليه وسلم اليتيمة فقال: آنت هيه، لقد كبرت ل

كبر سنك فرجعت اليتيمة إلي أم سليم تبكي، فقالت: أم سليم، ما لك يا بنية قالت الجارية دعا علي نبي الله صلي الله عليه وسلم أن لا يكبر سني، فالآن لا يكبر سني أبداً، أو قالت: قرني فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتي لقيت رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما لك يا أم سليم؟ فقالت يا نبي الله أدعوت علي يتيمتي؟ قال: وما ذاك يا أم سليم؟

قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها. قال: فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال: يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي علي ربي، أني اشترطت علي ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة. وقال أبو معن: يتيمة بالتصغير في المواضع الثلاثة من الحديث.

والآن يا فاطمي: يالله إطلع برة! برة! برة!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 19 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

ص: 351

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

قلت يا شامي: " الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال إن النبي قد يكون سب، أو شتم، أو لعن، مفهوم ".

أقول: هل بدأت بالكذب؟؟ وهل أعيتك الإجابة والحيل حتي بدأت تكذب لتخرج من ورطتك؟؟ أين قول الإمام مسلم إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن وفي أي صفحة وجزء من صحيح مسلم، رأيت هذا القول؟؟؟ والمشكلة إنك تقول مفهوم!! وهل تريد أن تفهمنا بكذبك؟؟

ولماذا كررت كذبتك هذه وقلت يا شامي: " إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وأقول لك يا شامي: هل تدلنا في أي صفحة وفي أي جزء من صحيح مسلم أجد قولك هذا " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وقولك السابق " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن "؟

نريد رقم الصفحة وفي أي جزء، مفهوم، علي الأقل لتثبت صدق قولك.

هذا ما طلبته منك وباختصار رقم الصفحة ورقم الحديث وأي جزء من صحيح مسلم أجد قولك " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن ". وقولك هذا " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته ".

هذا ما طلبته يا حسام الكذب إيراد قولك " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن " لاحظ قولك إن النبي " قد يكون "!! فأين " قد يكون " في الأحاديث التي أوردتها؟! وفي أي الأحاديث أجد ويجد القارئ " اللهم من

ص: 352

كنت قد لعنته "؟! ومتي قال النبي صلي الله عليه وآله: اللهم من كنت قد لعنته؟ وقولك " قد يكون سب "؟؟ أنظر ما بين القوسين يا كاذب! وفي أي من الأحاديث التي أوردتها أجد كذبتاك؟؟ أعطنا رقم الحديث لنجد كذبتاك هذا؟؟ ولماذا تريد أن تكذب علي النبي صلي الله عليه وآله؟؟ وهل هذه عادتك؟؟

وهل أنت عبيط أم إنك تستعبط علي القراء، وتورد أحاديث أنا أوردت بعضها وليس فيها إن النبي صلي الله عليه وآله " قد يكون سب " وقولك: " اللهم من كنت قد لعنته " وما هو رقم الحديث أو الأحاديث التي أورتها ويوجد فيها كذبتاك هاتان؟؟ وهل تريد أن تفند كذبتاك بكذبة أخري؟؟

وهل تعتقد إن القراء بهذه السذاجة لكي تستطيع أن تلبس عليهم؟؟

وبكل صراحة أثبت أنك لا تستحي.. وأني لكذاب أن يستحي وهو منافق.. وهل يستحي المنافق؟؟!

ويا حسام الكذب فشلت وفضحت نفسك وأثبت إن وجهك ما يعرق أبداً بدليل أكاذيبك واحدة تلو الأخري.

والظاهر إنك كتبت ردك وأنت تحت تأثير أحلام اليقظة، وكنت تحلم بأنك راح تثبت لي صدق كلامك، وأنك راح تطردني! ولكن خاب ظنك..

ما فعلته أنت هو إضحاك القراء عليك وهم يرون محاولتك لتفنيد كذبك وتغطية فشلك بإيرادك كذبة أخري.

هاردْلك.. خاب ظنك، وننتظر ردك وتخبطك والمزيد من الأكاذيب!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمار) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

أنقل الكلام عدل يالشامي، وكفاك تدليس وبتر، ولا تخجل من كلام إمامك!

ص: 353

أم أن المسألة مزاج يا أستاذ؟

قلت: ملاحظة الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم... فلا تبتر الكلام، ولا تناقض نفسك، وإن كان فيك خير.. جاوب علي ما أوردته لك.

وكتب (عمار) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

الأخ الفاطمي: سلام عليك وسلمت يداك. أحسنت وأجدت وجزاك الله خير الجزاء. وليست هذه هي المرة الأولي للكذب والتدليس وتحريف الروايات ووضعها، وقد كنت فارسها كما عرفناك دوماً، وخنجر الشيطان الشامي هو الذي صار بره.. بره، هرب كالعادة ولن يعود.

ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسل فاكتبنا مع الشاهدين.

وكتب (شعلان الصلال)، الثانية عشرة ظهراً:

ساداتي أبناء الزهراء عليها السلام: الفاطمي وعمار، لله درُّكما، ورحم الله والديكما..

فقد فاحت (خيسته) هذا أبو حكي.. لا ما حكي.

والعجيب أنه يعلِّم باقي النواصب مثله علي كيفية نقاش الشيعة. وهو من الجولة الأولي ماصمد.. خيُّوه... هاردلك.

قال الوهابي اللعين د. عبد الله الغريب في تلموده المتولد من الطوفه الهبيطة (وجاء دور المجوس):

إن التشيع يسري حثيثاً في القبائل العربية البدوية كقبيلة شمر أعزها الله.

فنقول: اللهم لك الحمد والمنة علي نعمة الولاية، وهي سنام هذا الأمر.

وكتب (حسام) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف:

ها أنا قد عدت لكم من سفري!! وللأسف لم يغادر الفاطمي لأنه يلف ويدور مثل العادة!!

ص: 354

علي العموم لي نقاش آخر معه. علي كل حال يا عمار أريد أن أقول لك شيئاً ضعه حلقة في أذنك:

أنا أفتخر وأدين الله عز وجل بكل حديث في البخاري ومسلم، وأسأل الله عز وجل أن يحشرني معهم يوم القيامة أينما ذهبوا. ولذلك أنا أعكف علي تعلم كتاب الله عز وجل الذي لم يشوبه التحريف أو التغيير أو النقص أو التبديل، وكذلك علي كتابي الإمامين البخاري ومسلم. ولكن لأنكم تذهبون إلي أشرطة السي دي وتعتقدون أن هذه هو صحيح البخاري وذاك هو مسلم، فيصبح عندكم عقدة البحث في أشياء أنتم تظنونها مدينة ولكنها في الحقيقة تدينكم أنتم!! وأما بالنسبة لاعتراضك يا ذكي علي إيرادي اسم الباب بالشكل الذي ذكرته أنا واعترضت عليه أنت باعتقادك بأنه بغير ذلك، فأقول لك: يا جاهل هناك كتاب اسمه مختصر الإمام مسلم للإمام المنذري الدمشقي رحمه الله تعالي، وفي ذلك المختصر بوب الإمام المنذري رحمه الله تعالي هذا الباب الذي تدعي حضرتك المعرفة به!!

فقال: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة. مختصر الإمام مسلم للحافظ المنذري بتحقيق المحدث الألباني رحمه الله تعالي طبع المكتب الإسلامي 1987 ص 481.

فماذا تقول يا ذكي؟!!

علي كل حال، أتحداك يا عمار أن تقول هذه الجملة بالحرف الواحد: أنا أسأل الله أن يحشرني يوم القيامة مع الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب أينما ذهب!!

أتحداك وأتحدي كل شيعي أن يقولها... هل تقولها يا عمار؟!! ثم أبشركم أنني قطعت عهدا علي نفسي أن ألاحق الشيعة أينما ذهبوا!! وسيكون لي مقالات

ص: 355

قريباً جداً، فإلي المواضيع التي يكره الرافضة مناقشتها. كونوا معنا في الحوار العام!

حمداً لك اللهم أقولها.. في البؤس والإيسار والإعسار

وعلي النبي الهاشمي وآله.. ليلي أصلي دائباً ونهاري

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

قلت: " ها أنا قد عدت لكم من سفري!! ".

أقول: الحمد لله علي السلامة، ونرجو أنك قد تركت أكاذيبك هناك وعدت بدونها.

قلت: " وللأسف لم يغادر الفاطمي لأنه يلف ويدور مثل العادة!! علي العموم لي نقاش آخر معه ".

أقول: الفاطمي ما يلف ويدور، وأيضاً لا يكذب في قوله. والظاهر أنك ما زلت تحلم في يقظتك ومنامك. وأما بخصوص نقاشك فأرجو أن لا تتحفنا بأكاذيبك كعادتك يا حسام الك-؟؟ الشأمي!!

قلت: " ولذلك أنا أعكف علي تعلم كتاب الله عز وجل الذي لم يشوبه التحريف أو التغيير أو النقص أو التبديل وكذلك علي كتابي الإمامين البخاري ومسلم ".

أرجو أن تقرأ هذه الآية وتتمعن فيها: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. النحل – 105.

قلت: " وأما بالنسبة لاعتراضك يا ذكي علي إيرادي اسم الباب بالشكل الذي ذكرته أنا واعترضت عليه أنت باعتقادك بأنه بغير ذلك، فأقول لك: يا جاهل هناك كتا ب اسمه مختصر الإمام مسلم فلإمام المنذري الدمشقي رحمه الله تعالي، وفي ذلك المختصر بوب الإمام المنذري رحمه الله تعالي هذا الباب

ص: 356

الذي تدعي حضرتك المعرفة به!! فقال: باب: في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة. مختصر الإمام مسلم للحافظ المنذري بتحقيق المحدث الألباني رحمه الله تعالي طبع المكتب الإسلامي 1987 ص 481. فماذا تقول يا ذكي؟! ".

أقول: لماذا كذبت في المرة السابقة؟؟

وقلت في كذبتك: الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم، كتب البر والصلة باب: من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه، وعندما كشفك عمار أردت أن ترقع نفسك وقلت: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة.

وبغيت تكحلها عميتها بالمرة، فالفرق واضح وكبير بين قوليك يا كذاب.

وأيضاً نحن نقول صحيح مسلم، وأنت تقول مختصر صحيح مسلم!! فأيهما أصح وأكمل؟؟

ولماذا تنقل من مختصر صحيح مسلم؟؟

هل لأنك محرج من قراءة صحيح مسلم لوجود الطامات فيه؟؟

أم لأنك لا تعتقد بصحة ما أوردته من أحاديث الطعن بالرسول صلي الله عليه وآله؟؟

ويدل علي هذا إجابتك في بداية الموضوع ثم تغييرك الجواب!

ولماذا غير الإمام المنذري هذا الباب فقال: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة؟!

هل لأنه رأي العنوان الحقيقي لهذا باب في صحيح مسلم ثقيلاً عليه ويطعن في معتقده في رسول الله صلي الله عليه وآله، ولا يستطيع الجواب عنه، فأراد أن يحرف ويغير عنوان الباب الأصلي ليكون أقل وطأة علي القارئ؟!!

ص: 357

وهل بتغيير عنوان الباب يستطيع إخفاء هذا الطعن في نبي الرحمة صلي الله عليه وآله؟؟

وهل يستطيع إخفاء أو تغيير أحاديث الباب بمجرد تغيير عنوان الباب؟؟

وهل فعلكم هذا للتغطية علي طعنكم في خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟

فقد والله فضحت علماءك بكشفك عن محاولته بتغيير معالم صحيح مسلم!!

ونرجو المزيد منك يا حسام الكذب الشامي.

قلت: " ثم أبشركم أنني قطعت عهدا علي نفسي أن ألاحق الشيعة أينما ذهبوا! وسيكون لي مقالات قريباً جداً، فإلي المواضيع التي يكره الرافضة مناقشتها... كونوا معنا في الحوار العام ".

صلوا علي محمد وآل محمد يا شباب.. فلقد أتانا من يفضح علماءه بنقل أكاذيبهم هنا لكي نعريهم. وينك من زمان يا حسام الكذب.. فقد والله سهلت لنا مهمة تعريتكم أنتم وعلماؤكم.

والحمد لله إنك تلاحقنا بأكاذيبكم، والحمد لله الذي جعلك من ال-؟؟؟؟

وأرجو أن تكثر من الكذب مثلما فعلت، لتسهل علينا تعريتك، والذين تنقل عنهم! ويا حبذا أن تكتب مؤلف أكاذيبك السابقة واللاحقة. وأذكرك مجدداً بهذه الآية الكريمة: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. النحل - 105.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمار) بتاريخ 31 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

أشكر السيد حبيب ألبي الفاطمي فقد كفي ووفي.. ولكني أقول إلي الشامي: إن آخر شخص يتكلم عن كتب الحديث هو أنت، وإن أردت نقلت لك الوصل الذي تبحث من خلاله علي صفحة للأحاديث علي النت والذي كتبته في سحاب.

ص: 358

أنت الذي يحتاج إلي مراجعة الكتب يا أستاذ، وعيب عليك، الشيعة في حوزتهم كتبكم وأنت تتمسكن في صفحات الحوار تبحث عن لِنْك لأحاديث البخاري ومسلم. إن أريدت أعطيتك دار

النشر ورقم الطبعة والكتاب والباب مع رقم الصفحة من صحيح مسلم الذي في حوزتي، حتي لا تقول

أننا نستخدم السي دي!!

سبحان الله يا زميلي الشامي أنت في كل يوم تريد تكحلها تعميها بالزايد. الحمد لله الذي جعل

خصومنا من أمثالك. هدانا الله وإياكم إلي الطريق الحق آمين.

وأن تلاحق الشيعة، فهذا ما نتفهَّمه.. فهذه انفعالات المهزوم المنكسر، وإن كانت هوايتك أن تحيا في الفضائح والخزي والخذلان، فمن ذا الذي يستطيع أن يمنعك من أن تخزي نفسك؟! فهنيئاً لك.

أما الشيخ الطبرسي فخذ يا خنجر الفتنة: اللهم احشرني مع عبدك الصالح الشيخ الطبرسي عليه رحمتك ورضوانك!

فهل ستقول الآن يا سليل آل أبي سفيان: اللهم احشرني مع معاوية ويزيد وابن تيمية وابن باز؟

هل تستطيع أن تقول ذلك الآن يا شامي؟!

وعن كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، فهل تقول لنا يا باحث يا أكاديمي إن كنت رأيت هذا الكتاب بعينك أم أنك نقلت من ساحات بني عبد الوهاب ناصبية وفيصل ظلام؟!

ص: 359

قد انفضح الآن كذبهما وتزويرهما وتلفيقهما، وإذا كانا نقلا من كتاب.. فهذا يعني أنه موجود ومطبوع، فهل يمكن أن تظهر لنا الصفحة الأولي التي عليها اسم الكتاب والمؤلف ومحل وتاريخ الطباعة يا حباب؟

وبالمناسبة ماذا يا سليل بني أمية أنت تحشر في الزاوية فتقول: إنك نقلت من مختصر، وأخوك

عمر ينفضح فيقول إنه نقل من مختصر؟! هل تحبون المختصرات إلي حد الفضيحة؟!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2 - 2 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

هل سافرت من جديد يا ابن بطوطة؟ عفواً.. حسام الكذب الشامي.

ص: 360

الفصل السادس: رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 361

ص: 362

رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلی الله علیه و آله

كتب (أبو الفضل) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 29 - 3 - 2000، السابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي كل من يحب رسول الله - ص -)، قال فيه:

جنايات بحق رسول الله (صلی الله علیه و آله) الذي قضي حياته جهاداً وعبادة وتدريساً وتعليماً للأمة الإسلامية، فتأتي الروايات الموضوعة من قبل بلاط... لتبرير أفعالهم التي كانوا يمارسونها..

فقد كانوا يفتخرون علي بعضهم البعض بكثرة الجماع وقوة النكاح وكثرة النساء لإثبات رجولتهم، فوضعوا هذه الروايات للنيل من طهارة وقدسية الرسول (صلی الله علیه و آله) ولتبرير مجون الخلفاء والحكام..

فقد أخرجوا هذه الأحاديث وصححوها للمسلمين حتي لا يكون عليهم حجة فهم يقتدون بالرسول (صلی الله علیه و آله) فهو بشر مثلهم يحب الشهوات!! حاشي الرسول (صلی الله علیه و آله) من هذه الاتهامات وهذه الأحاديث التي وضعها الوضاعون!!

أخرج لبخاري: 1/75 و: 1/79: عن أنس بن مالك، قال كان النبي صلي اللهم عليه وسلم يدور علي نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدي عشرة، قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه. قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وقال سعيد عن قتادة: إن أنساً حدثهم تسع نسوة.

ص: 363

وأخرج أيضاً ج 7 ص 44: عن قتادة أن أنس بن مالك، حدثهم أن نبي الله صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة.

صحيح البخاري كتاب النكاح. الحديث رقم: 4680: عن قتادة، عن أنس رضي اللهم عنهم: أن النبي صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه في ليلة واحدة وله تسع نسوة..

وأخرج مسلم في صحيحه من كتاب الغسل. الحديث رقم: 467: وحدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، حدثنا مسكين يعني ابن بكير الحذاء عن شعبة، عن هشام ابن زيد، عن أنس أن النبي صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه بغسل واحد.

هذه الأحاديث وفظاعتها أيها المسلم العزيز لا تليق بالنبي (صلی الله علیه و آله) ولا بأزواجه وعرضه، فكيف يكتبون ويخرجون ما يحلو لهم؟... إلي آخر ما كتبه.

آه لوجدك يا رسول الله

كتب (جميل 50) في شبكة هجر، بتاريخ 13 - 8 - 1999، موضوعاً بعنوان (تطاولهم علي رسول الله صلي الله عليه وآله!!!) جاء فيه:

آه لوجدك يا رسول الله صلي الله عليك وآلك:

الترمذي: 2/293 في مناقب عمر:

(روي بسنده، عن عبد الله بن بريدة يقول: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت أن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغني،

ص: 364

فقال لها رسول الله: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب!! فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها، ثم قعدت عليه. فقال رسول الله: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر! إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف!

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة.

وقد رواه أبو داود في صحيحه، فيما يؤمر به من الوفاء من النذر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده باختلاف في اللفظ وباختصار. ورواه أحمد بن حنبل أيضاً في مسنده: 4/353، عن ابن أبي أوفي، باختلاف واختصار. وفي: 5/353 في حديث بريدة الأسلمي، كما تقدم عن الترمذي، باختلاف يسير. وذكره أيضاً المتقي في كنز العمال: 6/338، وقال: أخرجه أحمد وأبو يعلي وابن عساكر.

بلا تعليق!!!!!!!!!!

وروي البخاري - كتاب الأدب باب التبسم والضحك:

(عن محمد بن سعد، عن أبيه، قال: استأذن عمر ابن الخطاب علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب؟! فأذن له النبي وسلم فدخل والنبي يضحك، فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. فقال: عجبت من هؤلاء النسوة اللاتي كن عندي لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب. فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله.

ص: 365

ورواه في كتاب بدأ الخلق أيضاً من مناقب عمر بن الخطاب. ورواه مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب الفضائل، في باب فضائل عمر بطريقين، مرة عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، وأخري عن أبي هريرة باختلاف يسير. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: 1/171. وذكره المحب الطبري أيضاً في رياض النظرة: 1/207، وقال فيه: قال عمر: للنسوة يا عدوات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله! فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ. وقال أخرجه النسائي وأبو حاتم، وأبو القاسم في الموافقات وأحمد). انتهي.

هل يرضي عمر بهذه المنقبة علي حساب رسول الله صلي الله عليه وآله؟!

وأين الأفاضل أرباب العلم والتأويل الذين أمطرونا السؤالات، وجانبوا ما هم فيه غرقي من الخيالات والإختيالات؟

فكتب (مشارك):

كبر عقلاتك جميل. شو المشكلة عندك حتي نجيبك عليها؟

وكتب (جميل):

العجب من مثلك لا يري مشكلة في نزول النبي صلي الله عليه وآله إلي هذه المستويات الدانية، التي يلقي الحجاب أمامه، ولا يكون في الحديث حتي أنه أشار بالحجاب؟!!

بل علي العكس يجلس مستمعا لضحكاتهن، أو يقبل بالدفوف علي رأسه!!

أو يبول في سباطة قوم واقفاً!! أو يكون الصحابة أعرف منه بالمصلحة!! أو يسددوه، وما هو إلا رد عليه!! أو يلعن ويسب، ثم يتكفل الله أن يغفر لمن لعنهم؟!!

أجل لو لم يضع الوضاعون، ويكذب الكذابون بهذا الوجه للعنه وسبه، أي أن يكون الله قد غفر لمن لعنهم وكشف عنهم بلعنه وسبه، لما بقي لمن لعنهم

ص: 366

ذكر؟! ولكن هذا نبيكم يا مشارك.. وأما نبينا فقد عرفناه من كتاب الله " وإنك لعلي خلق عظيم " ومن قوله " لو كنت فظاًّ غليظ القلب.. ".

وعرفناه مما جاء به: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فلا يصدر عنه ما يصدر عن نبيكم من خشن اللسان وفظاظة الخلق!! ولا يصح التصديق بشهادة الله بعظمة خلقه وبيانه عن نفسه، ثم خلع أخلاق عليه لا تليق إلا بغضوب دؤوب اللعن والشتم.. ونبينا هو الذي " لا ينطق عن الهوي " بما لهذه الآية من إطلاق. ونبينا هو الذي وجهنا إليه بقوله تعالي: " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " بما لها من إطلاق أيضاً..

ثم إذا كان هذا الذي جاء الله ليفرده بوصف لم يسبق لرسول قبله هذا حاله من الخروج عن السيطرة علي النفس، فما حال الأنبياء من قبله؟!

هل هو الهتك والفتك؟! نستجير بالله.. نستجير بالله!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 14 - 8 - 1999:

أسأل الله تعالي يا جميل أن يحشرك مع محمد وآله الطاهرين، عليهم صلوات رب العالمين.

وكتب (مشارك):

تعال وناقش في موضوع العصمة مع تلميذكم يا جميل، لتعرف حقيقة هشاشة العقيدة التي هي أساس دينكم.

فأجابه (جميل):

أفهم من هذا أنه لا شئ وراء عرض العضلات، حيث قلت: " شو المشكلة عندك حتي نجيبك "؟

فكتب (مشارك):

ص: 367

تعال وناقش في موضوع العصمة مع تلميذكم يا جميل لتعرف حقيقة هشاشة العقيدة التي هي أساس دينكم. لا زال العرض سارياً يا جميل.

فكتب (عرباوي):

أحسنت يا أخ جميل.

وكتب (جميل):

تحية طيبة إلي الأخ العرباوي وأشكره علي متابعته هنا.

أما أنت يا مشارك فقد دسست أنفك في هذا الموضوع، وتريد الآن أن تخرجه مقطوماً؟!! لماذا لا تجيب؟! وقد طلبت إلي تشخص المشكل أولاً، وأجبتك بما حاصله أن الحديث كله مشكل!!

أذكرك هنا: إن وعد الحر دين.. وأن هذا الموضوع لا ربط له بالعصمة.. وأن الأخ التلميذ ليس بحاجة لي حتي تدعوني إلي هناك، وأنا واثق من أنه سيجعلك وفكرك في حالة من الهشاشة لا تحسد عليها. فأجبني هنا إن استطعت.

ومع هذا فلن أرد دعوتك إلا بالقبول فسآتي لأسمع، وأنقد ما سوف يدور حول محور العصمة..

وكتب (مشارك):

حسناً يا جميل، دع العصمة للتلميذ ولا تتدخل هناك، ولا تتدخل مع العاملي في الرزية، وستري إن شاء الله، والآن المطلوب منك ذكر رواية واحدة أشكلت عليك مع ذكر المصدر والكتاب الذي وردت فيه، والباب الذي وردت فيه، لأجيبك إن شاء الله، وأنا في انتظارك.

وكتب (جميل) بتاريخ 15 - 8 - 1999:

مشارك:

ص: 368

إن عنوان المقال، وطريقة العرض، والتعليق عليه، كل ذلك يخبر بالإشكال الذي يدور حول هذه المرويات، وعليه فسؤالك عما أشكل سؤال لا قيمة له..

وأيضاً: أذكرك أن المفهوم من قولك: " ما الذي أشكل عليك " هو: القضاء بصحة هكذا أخبار، فلا تتنازل إذا أشكلت عليك فيما بعد. ثم هات الإجابة ولا تماطل بذكر شروط وقيود فارغة.

فكتب (مشارك):

والآن المطلوب منك ذكر رواية واحدة أشكلت عليك مع ذكر المصدر والكتاب الذي وردت فيه والباب الذي وردت فيه لأجيبك إن شاء الله، وأنا في انتظارك. أعجزت عن هذا الشرط البسيط يا علامة يا فهامة. يا من هلكتنا بقولك: " قال جميل، قلت "! قليلاً من التواضع يا فهامة!. انتهي. قال العاملي:

وأجابه (جميل) بأن كل هذه الروايات مشكلة.. لكن مشاركاً بقي يجادل ويطلب منه أن يذكر رواية منها فيها إشكال.. دون أن يجيب علي الموضوع!!

وكتب (عبر البحار) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 27 - 7 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إقرأ عن محبي النبي (صلی الله علیه و آله)! ماذا يقولون عنه!!)، قال فيه:

إليكم بعض الأحاديث التي واقعاً يأسف الإنسان الغيور علي وجود أمثالها في كتب القوم:

ص: 369

النبي يحب الرقص والغناء:

روي البخاري في صحيحة من كتاب الجهاد باب الدرق، وكذلك مسلم في صحيحة في كتاب صلاة العيدين باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، عن عائشة قال: دخل علي رسول الله (صلی الله علیه و آله) وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع علي الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني

وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله؟! فأقبل عليه رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال: دعهما!! فلما غفل غمزتهما فخرجتا.

إذن فيصبح أبو بكر أفهم من رسول الله!! نعوذ بالله هذا!!

النبي يشرب النبيذ! نعوذ بالله:

روي البخاري في صحيحة كتاب النكاح باب قيام المرأة علي الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس، وكذلك في باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس.

عن أبو حازم عن سهل قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي وأصحابه، فما صنع لهم من طعاماً ولا قربه إليهم، إلا امرأته أم أسيد بلَّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي من الطعام أماثته له فسقته إياه، تتحفه بذلك.

وهذه كانت طريقة العرب في صنع الخمرة.. وهي إبلال التمر بالماء!! فهل ترضون بذلك علي أسيادكم؟؟؟؟ لكنكم ترضونه للنبي!!!!

النبي والإبتذال:

عن عائشة: حججنا مع النبي، فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية. فأراد النبي منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت يا رسول الله: إنها حائض!!

ص: 370

والله إني لأعجب لهذا النبي الذي يحب مجامعة زوجه علي مشهد وعلم من زوجته الأخري فتعلمه أنها حائض، بينما لا تعلم المعنية بالأمر من ذلك شيئاً.

النبي لا يستحي!!:

عن عائشة زوج النبي وعثمان، حدثاه أن أبا بكر استأذن علي رسول الله وهو مضطجع علي فراشه لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو علي تلك الحالة فقضي إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عمر فأذن له وهو علي تلك الحالة فقضي إليه حاجته ثم انصرف. ثم استأذنت عليه فجلس وقال: إجمعي عليك ثيابك، فقضيت له حاجتي. ثم انصرفت، فقال عائشة: يا رسول الله ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله: إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له علي تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته!!

ما هذا النبي الذي يستقبل ضيوفه وهو مضطجع؟!!

ونحن نعرف بأن من هو أدني من رسول الأخلاق والرحمة لا يفعل هذا، فكيف بالنبي الذي يقول:

أدبني ربي فأحسن تأديبي! ويقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق!! فأين هذا الفعل من الأخلاق.

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.

وكتب (عمار) بتاريخ 29 - 7 - 1999، السابعة صباحاً: ما هو رأي الأخوة بهذه الأحاديث، وكيف تؤلونها يا تري؟.

وكتب (FullMoon)، التاسعة صباحاً:

يا أخ عبر البحار ويا أخ عربي، هم لا يستطيعون الرد، أنظر كيف كان رد (العاشر من رمضان) في هذا الموقع: http://www.q8i.com/ubb/Forum4/HTML/001259.html

ص: 371

فلا يعرفون غير paste + copy

دون تعقل أو تدبر، وبعد ذلك يقولون عنا إننا نتهرب!!

فضائح البخاري في انتقاصه لرسول الله

كتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (فضائح البخاري وانتقاص رسول الله (صلی الله علیه و آله).. هدية لعمر ومحمد إبراهيم)، نذكر خلاصته:

أما بعد.. فإن الأخ محمد إبراهيم تمادي عندما وضعنا في خانة واحدة مع الملحد سلمان رشدي مما دفعني للرد علي كلامه، وكذلك المدعو عمر عندما يتهمنا بعمي الألوان، لنري من المصاب بهذا المرض يا عمر.

يقول محمد إبراهيم: " طبعاً أنت تعلم وجميع الشيعة يعلمون أن البخاري مسلم من أحسن الناس إسلاماً ".

ويقول أيضاً: " روايات البخاري موجودة عند جميع المسلمين، ولكن الشيعة وسلمان رشدي يلوون أعناق الحقائق ليحققوا مآربهم في النيل من أمهات المؤمنين لذلك فالبخاري بريء من افتراءات الشيعة وسلمان رشدي ".

أقول: هذه عادتكم يا محمد إبراهيم في الدفاع عمن انتقص من النبي مثل البخاري ومسلم وغيره، ولنورد الأحاديث التي تنال من أخلاق رسولنا العظيم وسلوكه القويم:

1 - روي البخاري في صحيحه ج 1، كتاب الوضوء، ص 167، حديث رقم 219 عن حذيفة، قال: رأيتني أنا والنبي (صلی الله علیه و آله) نتماشي، فأتي سباطة قوم

ص: 372

خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال!! فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته، فقمت عند عقبه حتي فرغ...

لا حول ولا قوة إلا بالله.. أنظروا كيف تمثل روايات البخاري الرسول الكريم، وتصوره بأنه يبول وهو واقف!

أذكر أن أحد زملائي في المدرسة رمي مدرساً مسيحياً لأنه كان يبول واقفاً عند مروره بالقرب من إحدي دورات المياه وضحك مستهزئاً منه!!

ولكن لو كان يعلم أن البخاري روي أن الرسول فعلها، لكان هناك حديث آخر من أجل عيون البخاري.

وسؤالي هنا إلي محمد إبراهيم: هل تبول واقفاً وأحد أصحابك واقفاً عند عقبيك؟! أرجو المعذرة من الأخوة، ولكن هذا ما يقتضيه البحث. فكيف يقدم عليها سيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين؟!!

النبي يسقط بعض آيات القرآن الكريم!!:

عن عائشة رضي اللهم عنها قالت: سمع النبي صلي اللهم عليه وسلم رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا!!

ها هو النبي الذي أرسله الله سبحانه بالقرآن وهو معجزته الخالدة، والذي كان يحفظه من يوم نزوله عليه جملةً قبل نزوله أنجماً، وقد قال له تعالي: " لا تحرك به لسانك لتعجل به ". وقال أيضاً: " وإنه تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين. وإنه لفي زبر

الأولين ". الشعراء آية 196.

ولكن الكذابين والدجالين والوضاعين يأبون إلا أن يلصقوا به كل الأباطيل وكل السفاسف والمخاريق التي لا يقبلها عقل ولا ذوق سليم!!

ص: 373

يسب ويشتم ويلعن ويجلد من لا يستحق!:

عن أبي هريرة، أنه قال: سمعت رسول الله صلي اللهم عليه وسلم يقول: اللهم إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن سببته أو جلدته، فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة!! كتاب البر والصلة - صحيح مسلم.

وبمثل هذه الأحاديث الموضوعة يصبح النبي يغضب لغير الله ويسب ويشتم ويلعن ويجلد من لا يستحق كل هذا.. أي نبي هذا الذي يعتريه الشيطان فيخرج من دائرة المعقول؟! وهل يسمح رجل دين عادي أن يفعل ذلك؟ أم هل يستقبح منه ذلك؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فهذا صحيح مسلم يخالف صريح القرآن " إنك لعلي خلق عظيم " ثم يصبح صحيحاً لا مجال في التشكيك فيه!!!!!

و لما رأيت الناس قد ذهبت بهم … مذاهبهم في أبحر الغي و الجهل

ركبت علي اسم الله في سفن النجا … وهم أهل بيت المصطفي خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم … كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل

وكتب (عمر)، الثانية عشرة والربع ظهراً:

كل هذا يهون عندما تعلم بأن جميع علمائكم انتقصوا من صورة رسول الله (صلی الله علیه و آله)، وجعلوه مقصراً ساعة، ومخالفاً لأمر الله ساعة، وخائفاً من أصحابه ساعة أخري. وهذا حصل عند آية: " بلغ ما أنزل إليك " وكيف رد الرسول (صلی الله علیه و آله) أمر الله بالتبليغ. أنتم كفرتم بالرسول (صلی الله علیه و آله) وجعلتموه يقصر في التبليغ، وخالفتم قول الله في آية " اليوم أكملت لكم دينكم "، وتتعجبون من هذه الأحاديث بعد ذلك. فالرجاء إعلان براءة الرسول من هذه الإدعاءات ومن بعد يمكنكم الدفاع عنه؟

ص: 374

فكتب (الأشتر)، الواحدة والنصف ظهراً:

توقعت هذا يا عمر منك!!

فبدلاً من أن تنظر إلي فداحة تلك الأحاديث وانتقاصها من رسول وتناقض بعضها مع القرآن الكريم تقول: بأن هذا هين!! تتقبل الطعن بالرسول (صلی الله علیه و آله) من أجل البخاري.. يا ناصبي يا وهابي!!

أثبت أنك عاجز عن التصدي لهذه الأحاديث، ولو أنك فعلاً علي حق لبينت ورددت ونقضت كل شبهة أوردناها، ولكنك لا ولن تفعل!

فلا يهمك الإنتقاص والنيل من رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالطريقة البشعة التي يتقنها البخاري!! بالفعل تجيد التهرب يا عمر، وهذا فن من فنونك التي أتحفتنا بها!!

أما ما ذكرته فهذا بفضل بتر وحذف بعض من أقوال علمائنا العظام، مثلما حدث تماماً في حديث الإمام الخميني في كتابه كشف الأسرار الذي تم تحريفه في الطبعة التي تم طبعها في الأردن.

فلا توهم نفسك بتلك الأشياء. وقلت يا عمر: " كل هذا يهون عندما تعلم... ". انتهي.

قال العاملي:

وطالت مناقشات الأشتر مع عمر، وواصل عمر هروبه عن الإجابة علي ما اقترفه البخاري!!

واتتهي الموضوع بهروب عمر علي عادته!

ص: 375

ص: 376

الفصل السابع: افتراؤهم علي النبي صلی الله علیه و آله أنه كان يشك في نبوته !!!

اشارة

ص: 377

ص: 378

الانتحار سنة معطلة

وكتب (الموحد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الإنتحار سنة معطلة)، قال فيه:

فَتَرَ الوحي حتي حزن النبي صلي الله عليه وآله فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردي من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفي بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدي له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاًّ، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفي بذروة جبل تبدي له جبريل فقال له مثل ذلك!! كتاب البخاري: 2/208.

في انتظار تعليق أتباع البخاري؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الواحدة والنصف:

أحسنت أيها الأخ الموحد، إن من الإفتراءات المؤلمة علي نبينا صلي الله عليه وآله، ما روته صحاح الحكومة من أنه كان يشك في نبوته!!

فالعجب كل العجب من هؤلاء الذين يردون كتاب ربهم بحديث فلان أو فلانة!!

الله تعالي يقول: " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رآه في وضوح وبصيرة.. وهم يقولون رآه بالأفق الضبابي، والشك، والحيرة، حتي جاء مذعوراً يقول:

ص: 379

دثروني دثروني.. إلي آخر الأسطوانة التي وصلوها بالعاميّ ورقة بن نوفل، وصارت مدخلاً للكفار للطعن في نبوة نبينا صلي الله عليه وآله!!

ومن مفتريات صحاحهم: هذا الحديث الذي نبرأ إلي الله ورسوله منه!!

لقد تبنت قريش وحكوماتها أسلوب التنقيص من شخصية النبي صلي الله عليه وآله، وتكبير الحكام، وتفضيلهم عليه كناية، وحتي صراحة!!

ألم يخطب الحجاج في مكة قائلاً: أيها الناس: رسول المرء خير أم خليفته؟ فقالوا: خليفته!

فقال: إن عبد الملك بن مروان خليفة الله في أرضه!! والخليفة أفضل من الرسول!!

ألم يقل لزوار قبر النبي صلي الله عليه وآله: ما لهم يطوفون حول رمة بالية.. هلاَّ طافوا بقصر عبد الملك؟!!! لعن الله من انتقص من رسوله!

وكتب (الموحد) بتاريخ 26 - 3 - 2000 السابعة صباحاً:

كنت أتمني لو أن واحداً من المخالفين للشيعة تعرض بالرد لدفع الشبهة التي أثارها البخاري ضد الرسول صلي الله عليه وآله، أو دفع شبهتي المثارة ضد البخاري وتثبيت صحة فرية البخاري ضد رسول الله! أو استغلال هذه الرواية كدليل علي وجود الله في السماء، واعتبار صعود الرسول للأعالي مدعم لمذهبهم!! وتدارك الأمر بأن الراوي اشتبه عليه فهم سبب الصعود وفوات الأمر علي البخاري.

أما إن كان سبب صمت المخالفين هو الرضا عن الرواية برغم شناعتها فتلك مصيبة، وإن كان صمتهم نابع من رفض وخجل من كتابات البخاري فالصمت عن الحق ليس بفضيلة.. بل حجة في عدم استحقاق البخاري لمكانته المزعومة والمتوهمة باطلاً.

ص: 380

أعيد رفع الرسالة.. ولن أقطع الرجاء في تجلية أسباب امتناع معتنقي فكر البخاري عن الإعتراض أو التأييد. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب أحد منهم علي هذا الحديث!!

احتجاج النصاري بمفتريات الصحاح علي النبي

وكتب (وعد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 12 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل كان محمد نصرانياًّ؟؟؟)، قال فيه:

هل كان محمد نصرانياًّ:

... إن سلسلة نسب نبي الإسلام تنفي الوثنية عن جدوده بدءاً من اسم أبيه، عبد الله الذي لا يعقل أن يتسمي به وثني، وانتهاءاً ب- (الياس) بن فهر الذي لا يمكن أن يكون إلا نصرانياًّ.

كذلك معروف عن قبيلة بني النجار، وهي القبيلة التي تنتسب إليها أمه، آمنة بنت وهب أنها من قبائل النصاري العرب. وأن أمه ماتت علي نصرانيتها، وأن نبي الإسلام حاول أن يستغفر لها، وأن يطلب لها الحياة مجدداً لفترة قصيرة وبما يكفي لها أن تتوب، لولا أن الله لم يسمح بذلك بحسب

الحديث المنسوب إليه. ولقد حاول نبي الإسلام أن يقنع عمه أبا طالب بهجر البدعة النصرانية التي كان عليها - وأعتقد أنها النسطورية - لكن التأريخ الإسلامي يذكر لنا أنه أبن ذلك.

بيد أن الدليل الحاسم علي نصرانية نبي الإسلام، قبيل اضطلاعه بالرسالة الإسلامية، يكمن في حادثة زواجه الأول من خديجة بنت خويلد. ذلك أنه من

ص: 381

الثابت تاريخياًّ أن القس ورقة بن نوفل هو الذي تولي عقد القرآن، بحضور عم محمد بن أبي طالب الذي ألقي قصيدة شهيرة في المناسبة!

والقس ورقة، ما يدل عليه لقبه، يتولي مسؤولية كهنوتية، وبغض النظر عن البدعة النصرانية التي ينتمي إليها - وسنبحث في تفصيل ذلك لاحقاً - فإن الرجل ولا شك كاهن نصراني، وينتمي إلي قبيلة أسد النصرانية والتي تنتمي إليها خديجة نفسها. هنا نصل منطقياًّ إلي تحديد تاريخي لا يمكن تجاهله أو الحياد عنه. وذلك للأسباب التالية:

1 - من الثابت أن الذي تولي عقد القرآن كان قسيس.

2 - وأن هذا القسيس هو ابن عم خديجة (العروس).

3 - وأن عقد القرآن تم قبل تكليف محمد بالرسالة بسنوات.

وهذا يعني أن كاهنا قسيساً سيزوج ابنة أخيه، وابنة عمه، هناك روايتان بهذا الصدد بشابٍ لم يكن مسلماً بعد، فإن كان نصرانياًّ تم تعميده في تاريخ سابق، فإنه لا مشكلة تعترض القسيس الكاهن لإتمام مراسم الزواج، وإن كان وثنياًّ وقتذاك - علي سبيل الإفتراض - فإن القس ورقة النصراني والكاهن ما كان يقبل إتمام مراسم الزواج قبل أن يعتنق العريس النصرانية وأن يتم تعميده أصولاً.

وفي كل الإحتمالات نجد أنفسنا مجبرين علي التأكيد بأن محمداً كان نصرانياًّ، عندما تزوج خديجة، ولا يمكن ترجيح احتمال آخر...

فكتب (بالدليل)، العاشرة صباحاً:

إعتقادنا في آباء النبي محمد (صلی الله علیه و آله) هو أنه ليس فيهم كافر ولا مشرك ولا في أمهاته زانية من أبيه عبد الله إلي آدم (علیه السلام) ومن أمه آمنة إلي حواء (علیه السلام).

دليلنا علي ذلك، قوله تعالي: " هو الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ".

ص: 382

فإن المروي في تفسيره في المتفق علي روايته بين الأمة هو: تقلبك في الموحدين.. أي انتقاله (صلی الله علیه و آله) من أصلاب الموحدين الساجدين إلي أرحام الموحدات الساجدات.

وقوله (صلی الله علیه و آله) في الصحيح المتفق عليه: نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلي الأرحام الزكية. والمراد أن آباءه كانوا مسلمين بدليل قوله تعالي: " إنما المشركون نجس ".

فأجابه (رحمة العاملي) بتاريخ 17 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً:

لقد أضحكتني أيها القس الضال فعلاً.

إذا كان ما تدعيه صحيحاً، لماذا أهلك الله أبرهة مع أنه جاء لهدم الكعبة لنصر دين النصاري، وتحويل العرب إلي نصاري؟ إذا كان بعض أهل مكة كانوا نصاري كما تدعي، فما علاقتهم بالكعبة التي رفع بنائها إبراهيم عليه السلام ولم تذكر في الإنجيل؟

مع أني لا أدري في أي إنجيل تقرأ لنناقشك فيه.. ولم يذكر التاريخ أنه عند فتح مكة كان هناك كنيس فيها أو كنيسة.

وعندما أخبر الله نبيه (صلی الله علیه و آله) لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم هذا تأكيد بأن النبي (صلی الله علیه و آله) كان من ملة والنصاري من ملة. وملة النبي هي ملة إبراهيم عليهم السلام هو الذي سمانا مسلمين قبل الدعوة المحمدية. وفريضة الحج معروفة منذ عهد إبراهيم عليه السلام ولا علاقة للمسيحية بها. وعلة عدم اختلاف ورقة مع آل هاشم، لأن ورقة عَلِمَ.. يا مدلس الرواية أن: محمد هو النبي الموعود في الإنجيل الحقيقي لا المزوَّر الذي تقرأ فيه، ولدي نسخة من إنجيل برنابا الذي يوافق عقيدة المسلمين في عيسي عليه السلام، وأنه لم يصلب وفيه بشارة بالنبي محمد (صلی الله علیه و آله). ولدي العهد القديم المحرف أيضاً. ولكن قل لي أيها القس، من

ص: 383

هو الفرقليط الذي ورد ذكره في الأناجيل؟ وقل لي أيها القس، عيسي عليه السلام كان نصرانياًّ، أم لا؟

وعيد الميلاد المعروف عندكم.. أوليس هو عيد الشمس عند الوثنيين الرومان؟

وكم ألغي بولس وبطرس من الشريعة، وخالفوا وغيروا وخلافاتهم مع باقي التلامذة؟

وهل تعرف علة وجود أهل الكتاب في الجزيرة العربية، وخاصة في مدينة يثرب، وبماذا كانوا يتطاولون علي الأوس والخزرج؟

علما بأن إنجيل برنابا كان قبل الدعوة المحمدية.. وكانت نسخة منه مخبئة في خزانة البابا سكتس الخامس، استخرجها الراهب فرامرينو، واعتنق علي أثرها الدين الإسلامي!

واسمع واقرأ هذا المقطع من إنجيل برنابا الفصل 208:

إذا كنت أفعل الإثم وبخوني يحببكم الله، لأنكم تكونون عاملين بحسب إرادته، ولكن إذا لم يقدر أحد أن يوبخني علي خطيئة، فذلك دليل علي أنكم لستم أبناء إبراهيم كما تدعون أنفسكم، ولا أنتم متحدون بذلك الرأس الذي كان إبراهيم متحداً به.

ولعمر الله إن إبراهيم أحب الله، بحيث أنه لم يكتفي بتحطيم الأصنام الباطلة تحطيماً، ولا بهجر أبيه وأمه، ولكنه كان يريد أن يذبح ابنه طاعة لله.

أجاب رئيس الكهنة: إنما أسألك هذا ولا أطلب قتلك. فقل لنا: من كان ابن إبراهيم هذا؟

ص: 384

أجاب يسوع: إن غيرة شرفك يا الله تؤججني، ولا أقدر أن أسكت. الحق أقول أن ابن إبراهيم هو إسماعيل الذي يجب أن يأتي من سلالته مسيا الموعود به إبراهيم أن به تتبارك كل قبائل الأرض. انتهي.

هل تمعنت أيها القس الضال المضل بما ورد في إنجيل برنابا، وقابلته بما جاء في القرآن الكريم من دعوة إبراهيم: " ربنا وابعث فيهم رسولاً... " الآية.

ولماذا لا يكون هذا الإنجيل هو الصحيح، والذي معك من هرطقات الكاذبين؟

إذا كان ميلاد السيد المسيح غير ثابت عندكم، فما الذي سيثبت في أناجيلكم المزورة: قانون الإرث، قانون التملك، قانون العقوبات، قانون..

ماذا يوجد في إنجيلك يا راهب الدير، أخبرني؟

ولماذا تتناسي أو تنسي قصة الراهب بحيرا؟! إن الرهبان الأوائل يؤكدون نبوة محمد (صلی الله علیه و آله) ودعوته، وأنت، كما حرفتم كتابكم وجعلتموه كتباً من قبل، تريد إلقاء شبهاتك اللعينة علينا؟!

أتحسب أن هناك من ينخدع بترهاتك السخيفة هذه في يومنا هذا؟!!!

ص: 385

ص: 386

الفصل الثامن: رد ما نسبوه إلي النبي صلی الله علیه و آله من العبوس في وجه المؤمنين !!

ص: 387

ص: 388

رد ما نسبوه إلي النبي صلی الله علیه و آله من العبوس في وجه المؤمنين !!

وكتب (بو علي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 23 - 7 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (عبس وتولي.. وتبرئة الرسول منها)، قال فيه:

لاحظت أن الكثير من الأخوان من أهل السنة والشيعة والنصاري يحتجون بهذه الآية الكريمة علي عدم عصمة الرسول صلي الله عليه وآله!

بل ومنها يستدلون ويوثقون أحاديث أخري تطعن في شخص الرسول صلي الله عليه وآله والتي وضعت من قبل أعداء الإسلام، لأسباب منها مثلاً: تبرير ظلمهم للعباد، كأن يقولوا أن محمد قد ظلم بعضاً من أصحابه وسبهم، فكيف بنا وما نحن إلا بشر نصيب ونخطئ؟! هذه الروايات وغيرها موجودة أخي الكريم ولا تتعجب..

فمنها تعذيبه أو سبه صلي الله عليه وآله - بزعمهم - لبعض المسلمين الذين لم يستحقوا التعذيب أو السباب من قبله، كما ورد ذلك في صحيح مسلم وغيره من كتب الصحاح، حاشا الذي لا ينطق عن الهوي والذي أخلاقه القرآن أن يظلم أحداً أو يسلب حق أحد.

بعد هذه المقدمة البسيطة، تعال معي عزيزي القارئ لنبحث في هذه السورة ونري الآراء التي وردت فيها ونذكر بعض الآراء الأخري ونخرج منها بنتيجة مقبولة إنشاء الله تعالي وما توفيقي إلا بالله العلي القدير.

ص: 389

لقد جاء في سبب نزول هذه السورة أن النبي صلي الله عليه وآله كان يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل والعباس بن عبد المطلب وأبياًّ وأمية ابني خلف، كما جاء - عن رواية - في مجمع البيان للطبرسي.

وجاء في الكشاف للزمخشري أنه كانت يناجي عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا جهل والعباس وأمية وخلف والوليد بن المغيرة ويدعوهم إلي الإسلام، فجاءه وهو في هذا الحال ابن أم مكتوم وهو مكفوف البصر، فقال: يا رسول الله أقرئني شيئاً من القرآن، والنبي مشغول معهم في الحديث عن الإسلام، فلم يلتفت إليه النبي، فألح ابن أم مكتوم في طلبه، ومضي يكرر ذلك علي النبي ويلح عليه، حتي ظهرت الكراهية علي وجهه الكريم، فانصرف عنه عابساً، فلما خلا بنفسه جعل يعاتبها علي موقفه من الأعمي، فنزلت عليه السورة.

بسم الله الرحمن الرحيم: عبس وتولي (1) أن جاءه الأعمي (2) وما يدريك لعله يزكي (3) أو يذكر فتنفعه الذكري (4) أما من استغني (5) فأنت له تصدي (6) وما عليك ألا يزكي (7) وأما من جاءك يسعي (8) وهو يخشي (9) فأنت عنه تلهي (10) كلا إنها تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في

صحف مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) بأيدي سفرة (15) كرام بررة.

وجاء في مجمع البيان - عن رواية - أن رسول الله صلي الله عليه وآله كان إذا رأي ابن أم مكتوم يستقبله ببشاشته المعروفة ويقول: مرحباً بمن عاتبني ربي من أجله.

وجاء في تنزيه الأنبياء للسيد المرتضي:

أن ظاهر الآية لا يدل علي أن الخطاب للنبي صلي الله عليه وآله ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب أحد، بل هو خبر محض لم يصرح فيها بالمخبر عنه، بل وفيها ما يدل بعد التأمل أن المعني فيها غير النبي صلي الله عليه وآله، لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفاته في قرآن أو خبر مع الأعداء المنابذين له فضلاً عن المؤمنين المسترشدين

ص: 390

، ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا صلي الله عليه وآله، ولا يشبه أخلاقه الواسعة وعطفه علي قومه. وكيف يقول: وما عليك ألا يزكي، والنبي صلي الله عليه وآله مبعوث للدعوة إلي الإسلام، وتوجيه الناس نحوها، وقوله سبحانه: " وما عليك ألا يزكي " ترخيص له بأن لا يحرص علي إسلام قومه!

أقول: إن ذلك أيضاً يضارب ما أنزل إلينا من الله تعالي في مواصفات نبينا نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه إذ نقرأ: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ". وقال تعالي: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضُّوا من حولك ". وقال تعالي:

" وإنك لعلي خلق عظيم ". وغيرها من الآيات البينات التي تنزه سيد الخلق أبي القاسم محمد بن عبد الله الصادق الأمين، المعروف بطيبة قلبه ورأفته مع غيره، حتي من قبل بعثته من أفعال يفعلها الذين لا صبر في قلوبهم ولا إيمان.

وأضاف السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء:

أن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله كان منه هذا الفعل مع سائل أعمي جاء يسأله شيئاً، كما جاء ذلك فيما روي عن الإمام الصادق (علیه السلام) ومضي السيد المرتضي يقول:

ونحن إذا شككنا في عين من نزلت فيه هذه الآية، فلا نشك أنها لا تعني النبي صلي الله عليه وآله، وأي تنفير أعظم من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالي نبييه عما دون ذلك فكيف يصفه بهذه الصفات.

ص: 391

وقال في مجمع البيان: إن الذي عبس وتولي رجل من بني أمية كان في مجلس النبي صلي الله عليه وآله فجاءه ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذره وجمع نفسه وثيابه وعبس في وجهه وابتعد عنه فحكي الله سبحانه ذلك وأنكر عليه التصرف.

وهذا لعمري هو القول الحق في أسباب نزول الآية وتفسيرها.

وكتب (شاعر العرب) بتاريخ 25 - 7 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ العزيز: إعلم رحمك الله أن الأنبياء ليسوا ملائكة وإنما هم بشر، قال تعالي عن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي ". إعلم أخي العزيز: أن العلماء اختلفوا في عصمة الأنبياء علي أقوال، والراجح والله أعلم أن الأنبياء معصومون في جانب تبليغ الرسالة فإذا عرفت ذلك، فاعلم أن الأنبياء يجري عليهم ما يجري علي غيرهم من البشر، كالمرض، والإذاء، والنسيان، وعدم علم الغيب إلا إذا أطلعهم الله عليه. واعلم أن الأنبياء قد يصدر منهم بعض الأخطاء، لكن سرعان ما يتوبون ويتوب الله عليهم لأنهم بشر. وفيما يلي بعض الأدلة التي تثبت أن الأنبياء ليسوا معصومون عصمة مطلقة:

فآدم عليه السلام أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها لكن تاب فتاب الله عليه " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ". البقرة - 37

وموسي عليه السلام قتل رجلاً خطأ وندم " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ". القصص - 16.

ويونس عليه السلام غضب علي قومه وتركهم، فأكله الحوت.. ثم تاب وتاب الله عليه، كما في سورة الأنبياء - 87.

ص: 392

ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم، لما جاءه الأعمي عبس في وجهه، فأنزل الله عز وجل " عبس وتولي أن جاءه الأعمي... ". سورة عبس. علماً أن الشيعة ينكرون ذلك وليس الجانب جانب تفصيل في ذلك.

وعندما أذن النبي صلي الله عليه وسلم للمنافقين التخلف عن غزوت تبوك، عاتبه الله بقوله: " عفا الله عنك لم أذنت لهم حتي يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ". سورة التوبة - 43. وعاتب الله نبينا صلي الله عليه وسلم عندما استغفر للمشركين، فقال تعالي: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ". التوبة - 113. وروي البخاري عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج وجهه حتي سال الدم، فقال: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعهم إلي ربهم؟ فأنزل الله تعالي قوله: " ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ". آل عمران - 128.

والأدلة في ذلك من القرآن كثيرة، لكن الحاصل هل هذا قدح في النبوة؟ الجواب: لا لا لا لا، لأنهم كما أسلفت بشر، والله عز وجل يعصموهم في تبليغ أمور الدين، وفي باقي الأمور يجتهدون ويصبهم ما يصيب الناس. وفي ذلك حكمة وهي: لو كان الأنبياء معصومون في جميع الأمور، لما كانوا قدوة لنا، لأننا نختلف عنهم تماماً وحاله حال من يقتدي بالملائكة.

وإذا أردت الإثبات من السنة والحديث.. وطبعاً أنتم لا تعترفون بذلك لكن للزيادة والتوضيح فقط.. روي البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صلي بنا رسول الله صلي الله عليه وسلم خمساًَ، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة؟ قال: لا. قالوا: فإنك قد صليت خمساً، فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم. ثم

ص: 393

قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسي كما تنسون. وزاد ابن نمير في حديثه: فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين.

فسبحان الله هل ينسي النبي؟ نقول: نعم ينسي. والدليل أيضاً من القرآن، انظر في سورة الكهف الآية 60 - 64 قصة موسي عليه السلام، يقول تعالي: " قال أرأيت إذ أوينا إلي الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً ". فأقول: مما سبق يتضح لك الجواب. وإضافة علي ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم مشرع وقدوة لنا، وفي نسيانه تبين لنا أمر فقهي وهو مشروعية سجود السهو. لأن النبي صلي الله عليه وسلم مشرع وهو خير من يقتدي به، والفعل أبلغ من القول. وليس في ذلك قدح لمقام النبوة لأنه بشر يجري عليه ما يجري علي الناس كما أسلفت. وقد جاء في حديث آخر عن أم سلمة قوله صلي الله عليه وسلم: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له علي نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذ، فإنما أقطع له قطعة من النار. رواه البخاري. فهذا دليل أيضاً علي أنه يخفي عليه أمور الغيب ولا يعلم ما في النيات وحاله حال القاضي الذي يقضي بما يسمع ولا شئ عليه.

ولعل السبب والله أعلم الذي جعل الشيعة، ينكرون سهو النبي، وإنكار قوله تعالي " عبس وتولي " لاعتقادهم أن ذلك قدح في جانب النبوة!! ولأنهم يدعون العصمة المطلقة للأئمتهم، فلو سلمنا جدلاً أن الأئمة كذلك لكانت عصمتهم أفضل من عصمة الأنبياء مما جعلهم يطلقون العصمة المطلقة حتي

للأنبياء!!! والسلام عليكم، وأسأل سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. اللهم آمين.

فكتب (عربي)، الثامنة مساءً:

ص: 394

شكراً للأخ بو علي علي طرح هذا الموضوع، وشكراً للأخ شاعر العرب علي أسلوبه المهذب في مناقشة العصمة.

أخي الكريم شاعر العرب:

هذا الموضوع يطول شرحه وأدلته كثيرة جداً وربما لا تحصي علي أن الأنبياء معصومين في التبليغ وفي السهو وفي النسيان، ولا أود الخوض في هذا الموضوع لأنه ربما يطول كثيراً، ويحتاج إلي الوقت الكثير فقط للطباعة. ولهذا أدعوك يا أخي الكريم أن تراجع كتب الشيعة لتطلع علي الأدلة التي عندهم ومن ثم تحكم علي ما تراه صحيحاً.

وهناك الكثير من البحوث التي تناولت هذا الجانب ومن هذه الكتب: الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي، وفيه ما تريده من أدله قرآنية وروائية وعقلية، وفيه شرح للآيات التي ذكرت مفصلاً.

علماً أني لا ألزمك بالإعتقاد بها ولكن للإطلاع.

وكتب (المصحح) بتاريخ 30 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

المشكلة يابو علي أن البعض عندما يقتنع بعقيدة خاطئة يحرص علي ليِّ النصوص وتحريفها عن معانيها لتتلائم مع عقيدته، ويدعي تضارب النصوص وتعارضها مع العقل وغير ذلك من طوام..

فإلي الله المشتكي، وبارك الله فيك يا شاعر العرب.

وكتب (الموحد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يعبس)، قال فيه:

ص: 395

لقد أنزل الله القرآن الكريم وفيه آيات بينات تهدي الناس إلي الصراط المستقيم، ومن ضمنها آيات تدل علي ما لرسول الهدي والرحمة محمد صلي الله عليه وآله من مقام ورفعة شأن عند الله سبحانه وتعالي.

لكن ما يثير الإنسان هو تجاهل المخالفين للشيعة لقول الله في تلك الآيات وتحريفهم لمقاصدها دون النظر إلي فداحة ما يسببه ذلك التحريف المفضوح من خدش في شخص الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله، فهم يصرون في تفسيرهم للآية الأولي من سورة عبس علي اتهام الرسول صلي الله عليه وآله بأنه هو الذي عبس في وجه ابن أم مكتوم، ويعتبرون أن عبوسه استحق أن ينزل الله سوره يعاتبه فيها برغم أن كتبهم تحوي كلمته العظيمة صلي الله عليه وآله في بيان حاله وصفات أخلاقه

حيث قال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.

إلا أنهم لم يلتفتوا إلي هذا القول أيضاً... وحقيق عليهم أن يسألوا أنفسهم الآن، ماذا سيقولون لربهم ونبيهم صلي الله عليه وآله يوم القيامة.

فكتب (الفاطمي)، الرابعة صباحاً:

الأخ الكريم: الموحد، السلام عليكم.

الظاهر أنت يا أخي تتعب نفسك علي لا شئ. الجماعة مستعدين يتذابحون علشان معاوية ولكن للدفاع عن سيد الخلق صلي الله عليه وآله دايخين ونايمين!!

يثبتون للرسول صلي الله عليه وآله ما لا يثبتون لأنفسهم؟؟ يثبتون له السب واللعن مع أنه صلي الله عليه وآله نهي عنهما؟؟

والله يهداك.. تنفي القول عبس عن الرسول صلي الله عليه وآله، لا تتكلم عن الصحابة وكفي، وأما رسول الله صلي الله عليه وآله عادي: عبس، وسب، ولعن!! الرسول بشر.. تصدر منه هذه الأمور كما يقولون!! والأحسن لا تتعب نفسك أكثر من لازم.. الصحابة وبس..

ص: 396

وأما النبي صلي الله عليه وآله.. آآآه لك يا رسول الله؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (محمد إبراهيم)، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

الزميل الموحد: كيف تري أن عبوس النبي صلي الله عليه وسلم في وجه رجل أعمي لا يري العبوس فيه إهانة للنبي صلي الله عليه وسلم؟

سؤال آخر: أيهما أشد: عبوس النبي صلي الله عليه وسلم في وجه رجل أعمي، أم تحريمه ما أحل الله له؟ هل طلب الله سبحانه وتعالي من الرسول صلي الله عليه وسلم التحلة من العبوس كما طلبها منه عندما حرم ما أحل الله له؟

فكتب (المستكشف) بتاريخ 8 - 12 - 1999، السابعة صباحاً:

أخي العزيز المسلم الحر: بارك الله فيك.

وما الذي تنتظره من قوم خصصوا كل طاقاتهم في التنقيص والإساءة لنبي الرحمة وأهل بيته صلوات الله عليهم وهو من وصفه الله تعالي في كتابه: " وإنك لعلي خلق عظيم ". وقال تعالي: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". وقال عز من قائل: " لو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". وقال جلا وعلا شأنه: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ". فهم ليس لديهم أي مانع لرفض هذه الآيات وغيرها، والتشبث بأقوال من يعارضها!! والقارئ المتتبع لكتاباتهم يتضح له ذلك.

وإن أحد ما تعرض لأبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية بأسلوب علمي فالويل له!

قل ما شئت في رسول الله وأهل بيته، أما هؤلاء فلا تتطاول عليهم، لأنك بذلك تصبح كافراً.

وكتب (عمر)، الثانية ظهراً:

ص: 397

الدجل والنفاق والكذب قليل عليكم. إذا كان بتفسير أهل السنة الرسول (صلی الله علیه و آله) عبس فأنتم جعلتم الرسول (صلی الله علیه و آله) عاصي لأجل علي والحادثة في آية (بلِّغ) عندما رد الرسول جبريل ولم يبلغ أمر الولاية ثم عاد مرة ثانية ورده ولم يبلغ وفي المرة الثالثة أنزل الله آية ليجبره علي التبليغ. ثم يأتي الخميني ويقول بأنه لم يبلغ ولم يشرح الآية. هذا الكفر، يا من تدعون عصمة الأولياء دون الأنبياء!! هل يستطيع أحد فيكم أن يفسر لنا كيف يرد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل وهو يحمل أمر الهي ومع كل هذا الكذب نكتشف بأن الآية مدنية ونزلت في المدينة وسبب النزول غير ما ذكره الدجالين. أين أنتم من الإسلام وعصمة

الأنبياء. أنتم تجادلون لأجل المجادلة.

وكتب (عمار)، الثانية والنصف ظهراً:

ما هذا يا أخ عمر؟ صدق، أنك أسرع من بن جونسن بالهروب.

ناقش الموضوع الحين، وبعدين افتح مواضيع تخص البقية.

وكتب (الفاطمي)، الثالثة ظهراً:

إلي الكذاب الأكبر والمنافق الأعظم عمر الكاذب المنافق:

تقول: " إلي الشيعة الكذابين أو أنهم لا يفهمون اللغة العربية "!

وتقول أيها الكذاب الأشر: " الدجل والنفاق والكذب قليل عليكم ".

كيف تقول هذا الكلام، وفاقد الشئ لا يعطيه. أنت أثبتَّ بنفسك إنك كذاب يا منافق، حتي الرواة من صحيح مسلم لم يسلموا من لسانك الكاذب، ولماذا الكذب؟؟ وهل تكذب لمجرد الكذب أم أن الكذب في دمك؟؟ وهل تشرب يومياً حليب الشياطين؟؟ ألا تستحي من كثرة الكذب؟؟

ألا تشعر بالخجل وأنت تكذب؟؟ وتكابر علي الكذب؟؟

ص: 398

فرد (عمر) بتاريخ 9 - 12 - 1999، الثانية والربع صباحاً:

إذا كنتم لا تقتنعوا بالعبوس فكيف تكفرون الرسول (صلی الله علیه و آله)؟ لقد بينا لكم من علمائكم كيف رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل مرتين وهو يحمل أمر إلهي حتي نبين الفرق بين العبوس والكفر، وأيهما أشد بالنسبة للشيعة. كيف يرد الرسول (صلی الله علیه و آله) أمر الله ولا يقبل بالتبليغ؟؟ ومن ثم يتبين لنا بأن من يدعي كفر الرسول (صلی الله علیه و آله) لا يمكن بأن يتحدث عن العبوس، أما آية: عبس وبسر، يا غبي فهي ليست بحق الرسول (صلی الله علیه و آله). وكما قلنا بأنكم لا تفهمون اللغة العربية، لقد استشهدتم بهذه الآية لشرح كلمة عبس من التفسير، ثم نري الشيعة تنسبها للرسول (صلی الله علیه و آله) وتضيف (بسر). أين الكذب منكم يا دجالين.

وكتب (محمد إبراهيم)، التاسعة صباحاً:

الأخ الكريم عمر: أحسنت بطرحك وأنا أترقب الجواب علي ما طرحته.

الزميل الكريم الموحد: لقد عاتب الله سبحانه وتعالي الرسول صلي الله عليه وسلم بأنه حرم ما أحل الله له، فلماذا لا يعاتبه في عبوسه في وجه أعمي رغم أن القرآن يخبرنا أن قصد الرسول صلي الله عليه وسلم هو أن يكسب أكابر قريش وجاء الأعمي يقاطعه. نحن لا نطعن في قصد الرسول صلي الله عليه وسلم، كما لا ننكر معاتبة الله سبحانه وتعالي له. فكما عاتبه الله سبحانه وتعالي علي تحريمه ما أحل الله له فإنه عاتبه علي عبوسه في وجه رجل أعمي. وإذا قبلت معاتبة الله سبحانه وتعالي للرسول صلي الله عليه وسلم في تحريم ما أحل الله له، فعليك أن تقبل بمعاتبته له في العبوس في وجه رجل أعمي لأن

الأولي أشد من الثانية.

فكتب (عمر)، التاسعة والنصف صباحاً:

ص: 399

مرحبا أخي محمد، ألا تري الغباء والتحدي علي الباطل عندما ينسب عبس وبسر للرسول (صلی الله علیه و آله).

لا أعرف كيف يقرؤون القرآن، ولا أعرف كيف يقتدون بالخميني، وهو لا يعرف العربية بل الفارسية دين المجوس، فأيهما أقرب إليه؟

وكتب (الموحد)، العاشرة والنصف صباحاً:

يا عمر:

يأبي الله أن يتهمه بعض المسلمين أنه سبحانه وتعالي أرسل أنبيائه (علیه السلام) وهم بشر لا يتحلون بالخلق الحسن.

القرآن يفسر بعضه، فإذا أردت أن تعرف من هو العابس عليك الرجوع إلي آيات أخري في موضع آخر من السورة، فتعرف أن الله سبحانه وتعالي لا يقبل أن يتهم المسلمون النبي صلي الله عليه وآله في خلقه.

الأخ محمد إبراهيم: أنت تريد فرض رأيك، وأنا لن يرضيني ما استقر عليه ضميرك. فأنت - كما يتضح من رسالتك - لا تريد التفريق بين العبوس الناشئ عن سوء الخلق، وحلف اليمين الذي يقصد به تجنب الأذي.

لكن يجب علي كل مسلم أن يسأل نفسه، هل يصح الإعتقاد بأن الله خلد الذكري السيئة لأنبيائه (علیه السلام) في القرآن.

وانتهي الموضوع، وغاب عمر ومحمد إبراهيم!

وكتب (المسلم المسالم) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24 - 2 - 2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (تفاسير الشيعة تقول: أن الذي عبس هو المصطفي - ص -)، قال فيه:

ص: 400

تعجبت غاية العجب ممن يتهم أهل السنة أنهم ينتقصون الرسول صلي الله عليه وسلم، عندما فسروا قوله تعالي:" عبس وتولي " بأن المخاطب بها هو المصطفي صلي الله عليه وسلم... ثم نسي أو تناسي أن حتي شيعة تقول بذلك بل هو المشهور عند الطرفين.

ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون: أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم، أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها. فمنهم: 1 - أمين الدين الطبرسي (مجمع البيان). 2 – سلطان عليشاه (بيان السعادة). 3 - فضل الله (وحي القرآن). 4 - ناصر مكارم (الأمثل)، حيث قال: (اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم، أنه أتي رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة...) انظر إلي

قوله أنه هو المشهور عند الطرفين السنة والشيعة. 5 - الشيخ محمد السبزواري (الجديد في تفسير القرآن). 6 - محمد الكرمي في كتابه (التفسير لكتاب الله المنير) حيث يقول في معرض رده علي من يقول أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي صلي الله عليه وسلم فلما جاء ابن أم مكتوم تقذر منه... قال: (ولكن سياق الآيات يتنافي بوضوح مع هذا الأثر...). 191 / 8. 7 - يعسوب الدين (البصائر) حيث نص علي أن الذي عبس هو المصطفي صلي الله عليه وسلم، ولم يذكر رواية أخري. فمما سبق يتبين لكل صاحب عقل منصف أن المخاطب في قوله تعالي: " عبس وتولي "، أن المخاطب بذلك هو المصطفي صلي الله عليه وسلم وليس في هذا انتقاص من مقامه ولا من عصمته. وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاًّ عند الشيعة قال

ص: 401

به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين ويسنده الرواية عن جعفر الصادق: أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي... فهل من متبع للحق؟؟!!

ثم كتب (المسلم المسالم) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

في نقولاتنا السابقة يتضح لكل ذي لب.. أن نسبة العبوس إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم ليس من أقول أهل السنة.. بل هو المشهور عند الشيعة كذلك كما نص علي ذلك غير واحد من المفسرين السابقين.. وإذا أضفنا إلي ذلك نقولات الزميل العاملي بأن من أهل السنة من يري نسبة العبوس لغير النبي صلي الله عليه وسلم.. نخرج بأن: أن نسبة العبوس للمصطفي صلي الله عليه وسلم قال به بعض الشيعة وبعض السنة.. وليس قولا لأحدهما دون الآخر. إن نسبة العبوس لغير النبي صلي الله عليه وسلم قال به بعض الشيعة وبعض السنة في خلاف من المقصود به.. وإن هذا القول ليس قولاً لأحدهما دون الآخر.

فكتب (العاملي) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

أيها المدعي النقاش العلمي:

أين الأمانة العلمية فيما نقلته؟! لقد رجعت إلي مجمع البيان للطبرسي فوجدته عكس ما تقول تماماً! وأظنك اعتمدت علي ناصبي مفترٍ علي تفاسير الشيعة..

فإن كنت صادقاً فانقل عبارة كل واحد منهم (غير فضل الله) مع اسم الكتاب وطبعته!!

فردَّ (المسلم المسالم)، الثانية والربع صباحاً:

ص: 402

أنا ذكرت لك ما قرأته، فإن كان في كلامي خطأ فبينه بنقلك الكلام الصحيح حتي يعرف القراء من الكاذب فينا؟؟ مع ذكر اسم الكتاب وتاريخ الطباعة!!

فأجاب (العاملي)، الثانية والنصف صباحاً:

أخبرني عن أي كاذبٍ نقلته، ويكفيك لإثبات كذبه ما كتبته عن تفاسيرنا في:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002571.html

وكتب (الموسوي)، الثالثة صباحاً:

الأخ العزيز العاملي:

لقد سبقتني جزاك الله خيراً لفضح افتراء المسلم المسالم. فقد راجعت بنفسي كتاب الجديد في تفسير القرآن للشيخ محمد السبزواري. الجزء السابع طبعة دار التعارف - بيروت - الطبعة الأولي سنة 1406 ه ص 314، فقد قال ما يلي:

(لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره، وهو أن عبد الله بن أم مكتوم... إلخ).

ثم ذكر الشيخ السبزواري الرواية الواردة عن طريق أهل السنة.

ثم نقل كلام السيد المرتضي في نفي ظهور الآية في النبي (صلی الله علیه و آله)، ثم قال الشيخ السبزواري: (فالظاهر أن قوله عبس وتولي المراد به غيره).

ثم نقل رواية الإمام الصادق (علیه السلام) في نزولها في رجل من بني أمية.

ثم قال الشيخ السبزواري:

(ومما لا شك فيه أن النبي أعلي من ذلك خلقاً، وأن تألف المؤمن وزيادته أولي من تأليف الكافر رغبة في إيمانه).

ص: 403

ورغم أن (المسلم المسالم) أراد التمويه حينما قال: " ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون: أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها ".

حيث أنه أراد أن يخلط بين القائلين في نزولها في النبي كفضل الله، وبين من عرض الرأيين كالشيخ الطبرسي..

إلا أنه كذب حينما نسب أن البعض يستشف من كلامهم ترجيح الرواية السنية، مع أن الشيخ السبزواري نفي صراحة الرواية السنية. والآن من هو الكاذب؟؟

وكتب (المسلم المسالم)، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

إلي العاملي: رجعت إلي الوصلة المذكورة لكن لم أجد ذكر لتفسير البصائر فإن كنت ذكرته ولم أره، فيا حبذا لو ذكرت كلامه هنا حتي نناقشه.

أما بخصوص تفسير الطبرسي فأراك خالفت العرف العلمي.. فنقلت من كلامه نقله كلام المرتضي علم الهدي ولم تنقل كلامه هو في التفسير... كما نقلها الشيخ فضل الله.. الذي نقل كلامه الراصد، فهل هذا تناقض مني، أم منك؟

وكتب (الموسوي)، العاشرة صباحاً:

ليس في كلام الطبرسي ما يدل علي تبنيه القول بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله).. فإن كنت علي بينة من أمرك فدلنا علي العبارة التي تفيد ذلك.

أما كلام الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، فسأسرد إليك قائمة بأسماء العلماء النافين نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) من القدماء والمتأخرين، ليتبين لك أنه أخطأ في

ص: 404

كلامه والسيد الخوئي كلامه واضح في هذا المجال. علماً بأن الشيخ ناصر مكارم لم يتبنَّ نزولها في النبي، لذا قال في نهاية كلامه بعد عرض القولين:

" ونأتي لنقول ثانية: إن المشهور بين المفسرين في شأن النزول هو نزولها في شخص النبي (صلی الله علیه و آله)، ولكن ليس في الآية ما يدل بصراحة علي هذا المعني ". تفسير الأمثل: 19/364.

وقد يقال: هل أنت أعلم أم الشيخ ناصر مكارم؟

أقول: وهل الشيخ ناصر مكارم أعلم أم السيد الخوئي؟؟

والباحث عن الحقيقة يمكن أن يعرض القائلين بكلا الرأيين، ليتبين أن الشهرة المدعاة في تفسير الآية هل هي لصالح السيد الخوئي أم الشيخ ناصر مكارم؟

وإذا أردت أن تدلي بدلوك فاذكر علي نحو الدقة والأمانة، وليس علي نحو التزوير كما في قائمتك هذه حيث نسبت مثلاً إلي الشيخ محمد السبزواري قوله أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) في أسماء القائلين من الشيعة في نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) مع ذكر الجزء والصفحة، وسأورد لك في المقابل بعدها أسماء الشيعة النافين لذلك.

وأنا في صدد إعداد هذه القائمة، وسأذكرها لاحقاً ريثما أنتهي منها.

وكتب (المسلم المسالم)، الحادية عشرة صباحاً:

إلي الموسوي، هل تريد أن تعرف من الكاذب؟

أولاً: ما كنت أظنك تجهل كلام المفسرين وتقولهم ما لم يقولوا.. فأنت تخلط بين كلام المرتضي وبين كلام السبزواري. فأنت تقول: " ثم قال: الشيخ السبزواري: فالظاهر أن قوله: عبس وتولي المراد به غيره. ثم نقل رواية الإمام الصادق (علیه السلام) في نزولها في رجل من بني أمية ".

ص: 405

وهنا لنا وقفات مع أصحاب النهج العلمي.. الذين انفضحوا.. عندما أرادوا فضح غيرهم. هل هذا الكلام من قول الشيخ السبزواري؟؟؟!! أم تراه من ما زال ناقلاً لكلام المرتضي!!!!

هلاَّ كلفت نفسك قليلاً وبحثت في بقية التفاسير التي بين يديك.. التي نقلت كلام المرتضي!!!

لأنك لو فعلت ذلك لعلمت أن هذا الكلام هو كلام المرتضي وليس كلام السبزواري.. فكل المفسرين الذين حكوا كلام المرتضي ذكروا هذا من ضمن كلامه! فإما أنك جاهل بكلام المفسرين ولا تعرف أقوالهم... أو أنك كا...!

وهذا يدل علي أنك لم تقرأ ما كتبه الراصد من نقل في هذا الكلام، حيث نقل كلام المرتضي بتمامه فراجعه!!! أنظر إلي الأمانة العلمية في النقل.. تقول: " قال السبزواري: ومما لا شك فيه أن النبي أعلي من ذلك خلقاً وأن تألف المؤمن وزيادته أولي من تأليف الكافر رغبة في إيمانه ".

ثم سكتَّ ولم تكمل نقل بقية الكلام حيث قال بعدها: " وقد روي عن الصادق أيضاً أنه قال: كان الرسول (صلی الله علیه و آله) إذا رأي ابن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً.. إلي آخر الرواية... ". ثم قال السبزواري: " والله أعلم بما قال ".

لم تنقل ما يناسبك فقط علي طريقة: ويلٌ للمصلين؟؟!!

ونحن نقلنا كلام السبزواري في تفسيره، لأمرين:

1 - قوله: " لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً.. ". فحكي أن هذا الأمر نسبة العبوس إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم هو قول المفسرين.

ص: 406

2 - أن السبزواري لم يكن مقتنعاً بما قاله المفسرون، ولكن لم يكن جازماً بتفسير دون تفسير، ولذلك نقل الروايتين جميعاً، ثم ختم كلامه بما يشعر بتوقفه في الأمر، وهو قوله: " والله أعلم بما قال ".

والغريب أنك ما زلت مصراًّ علي أن القول بهذا الأمر هو قول الشيخ فضل الله وحده فقط.. أين بقية المفسرين الذين ذكرتهم لك أمثال محمد الكرمي.. وأين قول ناصر مكارم " اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم.. "؟!

لماذا الإستماتة في نفي هذا التفسير عن الشيعة وهو المشهور عندهم علي قول ناصر مكارم؟؟؟

لماذا المحاولة وبشكل غريب تصوير الشيخ فضل الله أنه هو الوحيد القائل بهذا القول؟؟؟

وكتب (الموسوي)، الرابعة عصراً:

أنا لم أكذب ولم أجهل، بل عمدت إلي كلام السيد المرتضي مباشرة وقارنت أصل كلامه بما نقله الشيخ محمد السبزواري.. ففهمت أن كلام المرتضي ينتهي عند هذا الحد، لأنني عندما رجعت إلي المصدر الذي استقي منه المفسرون رأي المرتضي وجدت أن كلامه كالتالي:

(قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال علي توجهها إلي النبي (صلی الله علیه و آله) ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب له (صلی الله علیه و آله) بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه وفيها ما يدل عند التأمل علي أن المعني بها غير النبي صلي الله عليه وآله لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبي (صلی الله علیه و آله) في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، وتحننه علي قومه وتعطفه. وكيف يقول له " وما عليك ألا يزكي " وهو (صلی الله علیه و آله) مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون هذا القول ثم وصفه بأنه

ص: 407

يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه فليس هذا مشبهاً لأخلاقه (صلی الله علیه و آله) الواسعة عليه، وكأن هذا القول إغراء بترك الحرص علي إيمان قومه. وقد قيل: أن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها، ونحن إن شككنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي أن نشك في أنها لم يعن بها النبي (صلی الله علیه و آله)، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله عما دون هذا في التنفير بكثير).

انتهي كلام السيد المرتضي فيما يتعلق بمسألة العبوس. المصدر: تنزيه الأنبياء ص 119. لنقارن الآن بين هذا المصدر الأصلي وما ذكره الطبرسي في مجمع البيان عن السيد المرتضي - كما نقله الأخ الراصد حيث أنك استشهدت بنقله - قال المرتضي علم الهدي قدس الله روحه:

ليس في ظاهر الآية دلالة علي توجهها إلي النبي محمد (صلی الله علیه و آله)، بل هو خبر محض لم يصرح عنه، وفيها م

يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي (صلی الله علیه و آله) مع الأعداء المباينين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه (صلی الله علیه و آله): " وإنك لعلي خلق عظيم " وقوله: " ولو كنت فظ

غليظ القلب لانفضوا من حولك ". آل عمران - 159. فالظاهر أن قوله: " عبس وتولي " المراد به غيره. وقد روي عن الصادق (علیه السلام): أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله) فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه. انتهي.

ص: 408

وبمقارنة بين النقلين يتبين أن الكلام المتقارب بين النقلين ينتهي عند جملة: (ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة) كما في مجمع البيان.

وجملة: (ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه فليس هذا مشبهاً لأخلاقه (صلی الله علیه و آله) الواسعة). كما في تنزيه الأنبياء.

والنقلان يتفاوتان بعد ذلك، ولم يظهر علي نحو واضح أنه تتمة لكلام السيد المرتضي، فحملته علي أنه للشيخ السبزواري.

ومهما يكن من أمر فإن كلام السبزواري واضح وصريح حيث قال: (لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون، ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره).

ثم ذكر أولاً الوجه الذي صرح بأنه غير مقتنع به، أي كون العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله).

أما الرواية الواردة عن الإمام الصادق (علیه السلام)، فليست صريحة في أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل قال (صلی الله علیه و آله): لا يعاتبني الله فيك أبداً. وهذه العبارة لا تعني أن المعاتب هو النبي (صلی الله علیه و آله) إذ تحتمل أن هذا تعريض من النبي (صلی الله علیه و آله) بالشخص المعاتب.

أما أقوال بقية المفسرين فأنا لا أملك كل التفاسير التي أشرت إليها، وسأراجعها والقدر المتيقن بالنسبة لما راجعته بنفسي أن صاحب مجمع البيان وصاحب تفسير الأمثل لا يقولان أنها نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله). فإن كنت محقاًّ في ذلك فاذكر رأيهما. كما أن صاحب تفسير الجديد يصرح بعكس ما نسبته إليه.

ص: 409

أما قوله " ذكره المفسرون " لا يعني أن المقصود مفسرو الشيعة، وبيننا وبينك التفاسير. أما كلام الشيخ ناصر مكارم فقد قلت أنه يعارضه كلام السيد الخوئي. فيكون الحكم هو ذكرك لجميع التفاسير المصرحة بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). وسأعرض أنا أقوال النافين ليظهر أن الشهرة مع أي الطرفين.

إذن لم يبق من قائمتك باستثناء (من وحي القرآن) سوي ثلاثة تفاسير هي: بيان السعادة، والتفسير لكتاب الله المنير، والبصائر. وسأسعي لتحصيلها، وإن كانت موجودة عندك فاذكر عبارة كل واحد منهم كاملة، إن لم يتسبب ذلك في تضييع وقتك. وفي الحقيقة لم أجد في حدود بحثي من قال من القدماء أن المقصود بالآية: هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل وجدته حتي الآن في كلام فضل الله والشيخ مغنية، من المتأخرين فقط!!

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 6 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

لا بد من الإعتراف بالخطأ.. لأنه أول خطوة إلي الصواب. أنت اتهمتني زوراً وبهتاناً.. بأنني مزور.. وقبل ذلك بالإفتراء.. ثم لما بان تزويرك وافتراؤك علي الشيخ السبزواري.. وتقويله ما لم يقل.. تعتذر أنك حسبته من كلامه؟؟؟!!!

لماذا العجلة في الاتهام والسرعة في القدح في النيات.. أنا أستطيع أن أتهمك بالجهل.. أو التزوير أما اعتذارك بعدم الفهم.. فهو من باب الجهل. وهذا يدلنا علي أنك لا تقرأ ما يكتب.. فلو أنك قرأت ما كتبه الزميل الراصد في الموضوع.. لما احتجت أن تقرأ كتاب تنزيه الأنبياء.. إلا إذا كنت لا تثق بنقل الشيخ فضل الله لكلام المرتضي!! وخلاصة الموضوع: أنا سني لست محلاًّ للثقة عندك.. لكن نحب أن نسمع قولك في قول هؤلاء العلماء:

1 - ناصر مكارم (الأمثل) يقول " اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم، أنه أتي

ص: 410

رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة... ". فهو يدعي أنه هو المشهور عند الشيعة، فهل هو كاذب؟؟ نحب أن نسمع جوابك..

2 - جواد مغنية (الكاشف) يقول بعد أن ذكر الخلاف في من الذي عبس: " والمشهور بين المفسرين وغيرهم أن الذي عبس وتولي هو الرسول (صلی الله علیه و آله). فهو يقول المشهور بين المفسرين!!!!! هو يكذب كذلك؟؟؟؟ أرجو أن يكون ردك علي الشيخين ناصر مكارم - جواد مغنية، في دعواهما أن هذا القول هو المشهور بين المفسرين. نحب أن نسمع رأيك..

وأجاب (الموسوي)، الحادية عشرة ليلاً:

أما في نسبة الإفتراء علي الشيخ السبزواري فلم أعدل برأيي في ذلك.

وقد قلت لك: أنه يقول أنه غير مقتنع بما قيل أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) وهذا يعني اقتناعه بالرأي الآخر القائل: أن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله).

وهذا نص كلامه ثانية للتذكير: " لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره، وهو أن عبد الله بن أم مكتوم... إلخ ".

بل أحب أن أضيف إلي ما قلته افتراء آخر لك، فقد قلت في صدر هذه الصفحة ما يلي: " وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاً عند الشيعة قال به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين، ويسنده الرواية عن جعفر الصادق أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ".

مع أن الطبرسي يقول في مجمع البيان: (وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً). مجمع البيان: 10/664 طبعة دار المعرفة - بيروت.

ص: 411

والنقل الذي أوردته أنت يثبت أن المعاتب هو النبي حيث أنه جاء بصيغة الإثبات، أما ما نقله صاحب مجمع البيان فقد جاء بأسلوب النفي، وفيه تعريض بالمعاتب الواقعي الذي هو من بني أمية.

أما كلام السيد المرتضي، فهل تقدم أنت كلام المصدر الأصلي أم كلام الناقل أي الشيخ الطبرسي، وقد أخبرتك أن هناك تفاوتاً بين النقلين بما لا يمكن الجزم بما هو من كلام المرتضي إلا بالمقدار المقطوع به، وهو ما ذكرته والمنتهي عند قوله: " ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء ل

يشبه أخلاقه الكريمة ".

فمن أين لك أن تثبت أن باقي الكلام المذكور في مجمع البيان هو للمرتضي وليس للطبرسي؟!

بصراحة أنت لا عمل لك إلا اجترار الكلام الذي قلته.

ففي مجال الإفتراء لم تستطع أن تنفي تصريح الشيخ السبزواري في أنه غير مقتنع بما ذكره المفسرون من أن السورة قد نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله).

وفي مجال كلام الطبرسي لم تأتِ بأي عبارة تدل علي أنه يتبني نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) مع أن الطبرسي قدم القول بأن العابس هو النبي بكلمة (قيل).

وفي مجال كلام الشيخ ناصر مكارم الشيرازي قلت لك إن هناك قولاً يعارضه عن السيد الخوئي قدس سره بما لا يدع مجالاً للركون إلي قوله، فيكون المحك هو الرجوع إلي أقوال المفسرين، وقد طالبتك بالدليل وذكر أقوالهم إن كنت طالب حقيقة.. ولكنك تتهرب!!

أما في خصوص سؤالك حول كذب الشيخ ناصر مكارم والشيخ مغنية، فأقول لك ثانية: إنهما كانا علي خطأ، وهناك فرق بين الخطأ والكذب. ولكي

ص: 412

أثبت لك أنهما علي خطأ. سأورد لك قائمة بأسماء من قال أن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله) من القدماء والمعاصرين:

1 - علي بن إبراهيم القمي المتوفي سنة 307 ه في تفسيره: 2/404.

2 - السيد المرتضي المتوفي سنة 436 ه في تنزيه الأنبياء - 119.

3 - الشيخ الطوسي المتوفي سنة 460 ه في تفسيره التبيان: 10/268.

4 _ ابن شهرآشوب المتوفي سنة 588 ه في متشابه القرآن: 2/12.

5 - ابن إدريس الحلي - من أعلام القرن السادس - في المنتخب من تفسير القرآن: 2/360.

6 - السيد أحمد بن موسي بن طاووس المتوفي سنة 673 ه في بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ص 209.

7 - الفيض الكاشاني المتوفي سنة 1091 ه في تفسيره الصافي: 5/1405وفي تفسيره الأصفي: 2/1405.

8 - الشيخ نور الدين محمد بن مرتضي الكاشاني المتوفي بعد سنة 1115 ه في تفسيره المعين: 3/ 1635.

9 - السيد عبد الله شبر، المتوفي سنة 1342 ه في تفسيره المختصر ص 548، وفي تفسيره الجوهر الثمين: 6/363.

10 - الشيخ محمد جواد البلاغي، المتوفي سنة 1352 ه في الهدي إلي دين المصطفي: 1/158.

11 - السيد محمد التبريزي (مولانا) المتوفي سنة 1363 ه في التفسير الوجيز - 630.

12 - العلامة محمد حسين الطباطبائي، المتوفي سنة 1402 ه في تفسيره الميزان: 20/203.

ص: 413

13 - السيد أبو القاسم الخوئي، المتوفي سنة 1412 ه في صراط النجاة: 1/462.

14 - السيد مرتضي بن رضي الدين بن أحمد الموسوي الشهير بالمستنبط الغروي - لا أعلم بالضبط تاريخ وفاته - في تفسيره مواهب الرحمن: 30/58.

15 - السيد محمد رضا الكلبايكاني، المتوفي سنة 1414 ه في إرشاد السائل ص 198 السؤال رقم 737.

16 - السيد محمد الحسيني الشاهرودي (معاصر) في أجوبة المسائل العقائدية - 59.

17 - السيد محمد تقي الطباطبائي القمي (معاصر) في ردود عقائدي - 15.

18 - الميرزا جواد التبريزي في كتاب الحوزة العلمية تدين الإنحراف - 153.

19 - السيد محمد الشيرازي (معاصر) في تفسيره تقريب القرآن: 30/43.

20 - الشيخ محمد تقي بهجت الغروي (معاصر) في البرهان القاطع - 47.

21 - الشيخ محمد هادي معرفة (معاصر) في التمهيد لعلوم القرآن: 3/444.

22 - الشيخ جعفر السبحاني (معاصر) في سيد المرسلين: 1/481.

فأورد أنت في المقابل أسماء من قال بأن: العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) من مفسري الشيعة وعلمائهم، مع عباراتهم، لأنني بعد نسبتك إلي الشيخ السبزواري والشيخ ناصر مكارم الشيرازي ما لم يقولوه، بدأت أشك في نقلك!!

وانتهي الموضوع وغاب المسلم المسالم.

ص: 414

وكتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 11 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (الشيعة ضائعة بين سورة عبس وسورة التحريم)، قال فيه:

من مهازل الشيعة ادعائهم بأن سورة عبس نزلت في عثمان رضي الله عنه، والسبب بأنهم يرون الأنبياء والأولياء كالملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر. وفي آية ثانية تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ الولاية ورادد الله ثلاثاً، إلي أن نزلت آية: " بلغ ما أنزل إليك ". ولكن لا أعرف رد الشيعة في هذه السورة وهل الله يخاطب شخص آخر: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ". سورة التحريم -1. لنري رد الشيعة الآن؟!

فكتب (مدقق)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

يا خلوق، هل من الخلق أن أعبس بوجه الناس؟!

أم نسيت أنه: لعلي خلق عظيم. ولك رد حول هذه الآية عبس وموضوع سورة التحريم انتظره قليلاً.

ثم كتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

ما علاقة الشيعة باللغة العربية. آخر من يفسر القرآن الإيرانيين. لك ما تقول: " يا خلوق هل من الخلق أن أعبس بوجه الناس ". العبوس بوجه الأعمي الذي لا يري ليس هو سر عتاب الله العتاب هو في هذه الآية: " أما من استغني فأنت له تصدي ". أي وددت إرضاء المشركين، وأحببت دخولهم الإسلام وتركت من يريد السؤال والفائدة. أما سورة التحريم فنحن بانتظار الجواب.

ثم كتب (عمر)، الحادية عشرة صباحاً:

هل توقف الشيعة عن الإجابة؟!!

ص: 415

فأجابه (مدقق)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أولاً: لا يوجد ما يدل علي المقصود في هذه الآيات هو الرسول صلي الله عليه وآله، فلا يمكن الجزم علي أن الذي عبس هو الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله.

لا يمكن أن يكون المخاطب بهذه الآيات هو الرسول صلي الله عليه وآله للأسباب التالية:

1 - قال الله تعالي في رسوله الكريم صلي الله عليه وآله: " وإنك لعلي خلق عظيم ". سورة القلم - 4. وقد نزلت هذه الآية بعد سورة: " إقرأ بسم ربك الذي خلق ". العلق - 1. وقبل نزول سورة عبس. وقال أيضاً: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". فكيف يمكن لله أن يعظم خلقه في بداية البعثة، ثم يعاتبه علي بعض ما ظهر منه - علي فرض أنه ظهر منه هذا النوع من الخلق - في نهايته؟

2 - يبدو من الكلام أن حالة الرجل قبل العبوس هي المجئ وليس السؤال، وهذا ما يخالف الحديث الذي يقول فيه أن الأعمي كان يلح في سؤاله حتي عبس وجهه.

3 - ويقول سبحانه: " وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ". الشعراء - 215، وهذه آية مكية نزلت في بداية الدعوة. ويقول الله سبحانه أيضاً: " ولا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ". الحجر - 88. ويقول سبحانه

أيضاً: " و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". وهذه أوامر للرسول (صلی الله علیه و آله) قبل نزول سورة عبس، أليس الرسول أولي باتباع ما أمره الله من كل الناس؟

4 - ثم أنه تذكر الآيات أن الشخص الذي عبس إنما يتصدي للأغنياء، أو أنه يقبل إليهم بوجهه، وهذا ينافي أخلاق الأنبياء (صلی الله علیه و آله).

ص: 416

5 - ثم أنه كان من الممكن أن يطلب الرسول (صلی الله علیه و آله) تأخير الحديث إلي وقت آخر من غير أن يعبس في وجهه. وأهم نقطة هي:

في تفسير القرطبي: قال ابن العربي:

(أما قول علمائنا إنه الوليد بن المغيرة فقد قال آخرون إنه أمية بن خلف والعباس، وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة، ما حضر معهما ولا حضرا معه وكان موتهما كافرين، أحدهما قبل الهجرة والآخر ببدر، ولم يقصد قط أمية المدينة، ولا حضر عنده مفرداً، ولا مع أحد). انتهي.

نحن نعلم أن الآية مكية، وحسب كلام العربي كان ابن أم مكتوم في المدينة، فكيف تنزل آية مكية في حادثة حصلت في المدينة؟

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

بعد مراجعة تفسير القرطبي تبين الآتي: لم يستنكر نزول الآية في ابن مكتوم، ولكن استنكر بأسماء الكفار. وما نقلته من مدنية ومكية لم يذكره القرطبي، إذ القرطبي يؤكد بأن الشخص الذي عبس هو الرسول (صلی الله علیه و آله) وكما بينت بأن الشيعة تكلمت كثيراً بهذه الآية لنصرة الأئمة فقط، والدليل مراجعة الرسول (صلی الله علیه و آله) لأمر الله في الغدير. والآن ننتظر الجواب في سورة التحريم.

وكتب (محمد إبراهيم)، الثانية عشرة وعشر دقائق ظهراً:

أجمع المفسرون والتفاسير أن سورة عبس وتولي نزلت في الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مع عبد الله بن أم مكتوم.

لباب النقول في أسباب النزول:

ص: 417

أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة قالت: أنزل عبس وتولي في ابن أم مكتوم الأعمي، أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلي الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل علي الآخر، فيقول له: أتري بما أقول بأساً؟ فيقول: لا، فنزلت عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وأخرج أبو يعلي مثله عن أنس.

جاء في تفسير بن كثير:

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديماً، فجعل

يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن شئ ويلح عليه، وود النبي صلي الله عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته. وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل علي الآخر فأنزل الله تعالي: عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وما يدريك لعله يزكي.

تفسير فتح القدير للشوكاني:

وقد أجمع المفسرون علي أن سبب نزول الآية: أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلي الله عليه وسلم، وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يقطع عليه ابن أم مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت.

تفسير البيضاوي:

ص: 418

روي أن ابن أم مكتوم أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلي الإسلام فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله، وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله صلي

الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت. فكان رسول الله صلي الله عليه وسم يكرمه ويقول إذا رآه: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، واستخلفه علي المدينة مرتين.

تفسير القرطبي:

وذكر أن الأعمي الذي ذكره الله في هذه الآية، هو ابن أم مكتوم، عوتب النبي صلي الله عليه وسلم بسببه.

فأجابه (مدقق)، الثانية عشرة والربع ظهراً:

سواء استنكر القرطبي أم لم يستنكر، فيكفي أنه اعترف أن ابن مكتوم كان بالمدينة، والسورة مكية، فكيف تنزل سورة مكية في واقعة وقعت في المدينة؟!!

فكتب (عمر)، الواحدة إلا عشراً ظهراً:

إرجع للموضوع من الأول لتري بأنني لم أطلب المناقشة في عبس وكان القصد في سورة التحريم. وأعتقد بأن لو وصلنا إلي حل في سورة التحريم سيكون من السهل العودة لسورة عبس وإقناعك بها.

قرأت التفاسير، ولا حتي واحد من التفاسير يقول أن هذا كان ذنباً علي رسول الله (صلی الله علیه و آله)، ولا أعرف كيف عرفت أنه كان ذنباً، كل ما هنالك أن الرسول (صلی الله علیه و آله) حرم علي نفسه العسل (أو ماريا) لتطيب خاطر حفصة وعائشة وكانت العملية خاصة بالرسول (صلی الله علیه و آله) وكانت تحريمه علي نفسه بالحلفان جائز

ص: 419

قبل أن ينزل الله حكماً فيه، ولم يكن تحريمه تشريعياً أبداً. والعتاب كان علي حفصة وعائشة كما تعلم وخصوصاً أن الله انتهي إلي قوله: " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ".

فلا تخلط الأمور وتستسخف نفسك.

وكتب (عمر)، أيضاً:

يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. انطبق المثل علي الشيعة نعجة ولو طارت! الآية واضحة كما يقرأها أي عربي.. ل-مَ: أداة استفهام وهي تقديراً للرسول (صلی الله علیه و آله)، والسبب للتحريم مرضات الأزواج، ثم أمره الله بالتحلل من التحريم والحلف... ولو لم يكن هناك خطأ ما لما عاد الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتكفير عن القسم الذي قسمه لأنه رسول يجب أن يكون قدوة وعمله سنة. أي لو لم يعاتبه الله لأصبحت سنة اقتداء بالرسول (صلی الله علیه و آله). وهناك سورة أخري تبين بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) ليس ملاك، سورة التوبة - آية 80: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ". ويبين الله بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) مخير. وهذه أيضاً سورة التوبة - آية 84: " ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. " وهنا أمر إلهي بعدم الصلاة عليهم وهذه الآية تبين صفة البشرية لدي الرسول (صلی الله علیه و آله). سورة الإسراء - آية 94: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ". وهذه الآية تثبت بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) ليس ملاك أي بصفاته لأن الملاك قادر علي التشكل كبشر. سورة الإسراء - آية 95: " قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً ". وهذه الآية تبين بأن الشيطان يحاول مع الرسول ولكن الله يبعد ما يفعله الشيطان.

ص: 420

سورة الحج - آية 52: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ". وهنا يتبين لنا من هم الرسل. سورة الفرقان - آية 7: " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً ". كل هذه الصفات والآيات تثبت بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) بشر يحس كما البشر ويغضب ويتزوج ويصوم ويفطر. ونحن نبرؤه من الخطأ في الدين والتبلغ، أما ما ذكرنا في سورة عبس وسورة التحريم وسورة المائدة (بلغ)، فإنها ليس بالدين والعقيدة ولكنها من الصفات البشرية العادية كالغضب والضحك. حتي الآن لم نجد تبريراً للشيعة لسورة التحريم التي يصورونها بأنها لا يوجد بها عتاب من الرب والسورة اسمها التحريم. لا زلنا ننتظر، علي شرط أن لا يكون الجواب نعجة ولو طارت.

فكتب (مدقق)، الثانية والثلث ظهراً:

لحظة واحدة.. لا ترمي الآيات كما تشاء! لنأخذها واحدة واحدة..

ولا أري ما تري في التحريم! هل من الممكن تبين ما هو الذنب الذي وقع فيه الرسول.

وأخبرني عن ذنبه ولا تخبري عما تعتقد أنه ذنب، واستدل بالأدلة ولا تخرج عن الآية، ولا تأتِ بآيات أخري! وإذا أردت بعد ذلك.. نذهب إلي آية آية، حتي أرفع الشبهات عن تفكيرك.

ولا تنسَ أنك دائماً تفعل نفس الشئ، ترمي الآيات ولا تدري ما تقول، ثم آتيك بالتفسير وإذا العملية 180 درجة بعيدة عن رأيك الخاص. ولا أريد رأيك الخاص في الموضوع.

ص: 421

وأخيراً، لا تستعجل علي ردي، فأنا وقتي يذهب لأشياء أخري غيرك، وأنت أقل الموجودات أهمية عندي، فلذلك.. اصبر.

فرد (عمر)، السادسة مساءً:

الكلام طال.. المهم أن نعرف هل الرسول (صلی الله علیه و آله) معصوم عصمة الملائكة أي مصير وكل حركة يفعلها فهي أمر، وهذا قول الشيعة. أما قول السنة فإن الرسول (صلی الله علیه و آله) بشر يمرض ويغضب ويتذكر وينسي،

والفرق بينه وبين البشر بأنه يوحي إليه، وهذا مع سائر الأنبياء. وبالعودة لسورة التحريم فإنه غضب وحرم عليه مملوكته أو العسل، لأن هناك روايتان، ولهذا العمل عاتبه الله لأن عمله يكون قدوة للبشر وعمله سنة، أي يكون تحريم العسل أو المملوكة، وأمره بالتحلل من قسمه. ولو كان معصوماً كعصمة الملائكة كما تدعي الشيعة، لما عاتبه الله لأن الملائكة مصيرة (كذا).

ولهذا الشيعة تدعي العصمة المطلقة للنبي، حتي يكون الأئمة معصومين مثله أي كالملائكة. وفي موضع آخر تتجرأ الشيعة علي الرسول (صلی الله علیه و آله) وتقول بأنه لم يبلغ أمر الله في ولاية علي (ض). ولا بد من تجرأ علي الرسول (صلی الله علیه و آله) غاب عنه ما ذكرته الشيعة في سورة عبس. ونري بأن ما بني علي باطل فهو باطل أي إذا كان علمائكم بهذه الدرجة من العلم فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وأجاب (مدقق)، السابعة مساءً:

أولاً: لأبين نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الآية لا تتكلم عن أي نوع من الغضب، وهذا الكلام من عندك، والله يقول: " تبتغي مرضات أزواجك " وهذا كان سبب تحريمه ذلك الشئ علي نفسه.

ص: 422

ثانياً: أنا لم أتكلم عن العصمة، والعصمة موضوع طويل عريض، كل ما هنالك أنني أريد أن أبين أن الرسول في هذه الآية بالذات لم يذنب.

ثالثاً: العمل هذا كان لنفسه ولا علاقة له بالتشريع، وكما أن الله من الممكن أن يعاتبه علي ترك صلاة الليل لأنها واجبة عليه لا علي غيره، فهو يعامله هنا معاملة خاصة فوق البشر. وليست لها علاقة بأي ذنب.

رابعاً: أما بالنسبة للتحلل من الحلف، فحسب التفاسير أن الحلف من هذا النوع لم يكن محرماً وقتها، والله بين له كيف يتنازل عن هذا الحلف، وكما بينت أنه هذا الحلف للإمتناع كان خاصاًّ به ولا علاقة له بالتشريع. وإذا قلت أنه له علاقة بالتشريع فأصبح الرسول حتي في تبليغ الرسالة غير معصوم، وتصبح هذه مصيبة كبري!

خامساً: حسب التفاسير التي قرأتها أنه من الممكن أن الله يوجه العتاب للأنبياء لأشياء لا يوجه العتاب فيها إلي أي من عباده، وهذا طبيعي، فالمدرس الذي لديه تلميذ شاطر يحاسبه علي أقل الأمور التي لا يحاسب عليها باقي التلاميذ. والفرق.. أنه أريد أن أبين أنه لم يكن ذنباً، وهذا هو المهم.

سادساً: العتاب وإن كان موجهاً شكلياًّ إلي الرسول إنما كان لحفصة وعائشة بدليل أنه طلب منهما التوبة " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ". كما أن الله عندما خاطب النبي عيسي (علیه السلام): " وإذ قال الله يا عيسي ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ". فكما أن هذا يبدو عتاباً للنبي عيسي، ولكنه عتاب للناس فكذلك الآية الأخري.

سابعاً: لا تحاول الإنطلاق إلي موضوع عصمة الأئمة، وهذا ليس موضوعنا، ولا أريد التشتت في الفكر. أنت طلبت شرح الآية وأتيتك بها، وانتهي.

فكتب (عمر)، السابعة والنصف مساءً:

ص: 423

يا شاطر، الموضوع الأساسي كان عن مدي عصمة الأنبياء لدي الشيعة ولذلك قارنا بين سورة عبس وسورة التحريم وعندما خاطب الله رسوله: " لم تحرم ما أحل الله لك ". فهذا يبطل كلام الشيعة في عبس لأن الشيعة تقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لا يفعل شئ إلا بأمر الله ولا ينسي ولا يغضب. من هن

يتبين لكم أن علماء الشيعة كل يفسر علي هواه لمصلحة قضية خاسرة، وهي الإمامة.

سؤال: هل عندما حرم الرسول (صلی الله علیه و آله) ما أحله الله له كان بأمر الله، أم من تفكيره. إذا قلت بأنه من أمر الله. فلماذا يستفهم منه الله ويطلب منه التحلل من القسم، وإذا قلت بأنه من تفكيره فإنك خالفت علماء الشيعة. أي الجوابين تختار؟

وكتب (فاتح) بتاريخ 5 - 1 - 2000، السادسة مساءً:

يا عمر، لماذا الإصرار علي أنها نزلت في الرسول (صلی الله علیه و آله)؟

هل إثبات ذلك بدافع البحث عن الحقيقة، أم إرادة الإهانة للنبي (صلی الله علیه و آله)؟

وكتب (حسيني)، السابعة مساءً:

تقول: " من مهازل الشيعة ادعائهم بأن سورة عبس نزلت في عثمان "!

يا سبحان الله، غيرتك علي عثمان أصبحت أفضل من غيرتك علي الرسول (صلی الله علیه و آله)..

عثمان يفعلها.. هذا ادعاء.. ولكن رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو رسول الله (صلی الله علیه و آله) يفعلها فأمر وارد.

فإذا كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) لديكم يفعل هذه الأفعال الشنيعة.. فلماذا تقتدون به.. فلديكم عثمان إنه أفضل من الرسول، أليس كذلك حسب ما تؤمنون.. فها أنتم تستميتون للدفاع عن عثمان.

ص: 424

قول آخر: " والسبب بأنهم يرون الأنبياء والأولياء كالملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر "!

ومن قال لك إن الملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر؟! " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.. ". البقرة - 30.

فها هم أحسوا بالعطف والرحمة علي باقي المخلوقات من جراء ما سوف يجنيه الإنسان.

" من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ". البقرة - 98.

فإن كان الملائكة لا تحس ولا تشعر، فلماذا يراعي الله شعورهم في هذه الآية ويطمئنهم.

إن الرسل والملائكة تحس وتغضب وتشعر " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ".. ولكن هم تميزوا بالعصمة، أي أنهم قادرون علي السيطرة علي مشاعرهم وأحاسيسهم فلا يرتكبون المعاصي ولا يرتكبون حتي الذنوب الصغيرة.

فحاشا لرسول الله (صلی الله علیه و آله) أن يرتكب مثل هذا الفعل الشنيع، وهو العبس في وجه السائل والتولي عنه. إحذروا فإنكم كثيرا ما تتخبطون في أسألتكم، واعلموا أنكم محاسبون يوم القيامة علي ما تؤمنون.

ومع أن عمر فتح الموضوع، لكنه هرب هو ومحمد إبراهيم!

ص: 425

وكتب (الراصد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 2 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (من وحي القرآن - سورة عبس)، نقل فيه من الكتاب المذكور تفسير فضل الله للسورة وادعاءه أن المخاطب فيها هو النبي صلي الله عليه وآله، قال فيه:

سبب نزول الآية: وهناك مسألة مهمة أثارها المفسرون في سبب نزول الفصل الأول من السورة، ودخلوا في جدل حول الشخص الذي كان موضوعاً للحديث هل هو النبي (صلی الله علیه و آله)، أو شخص غيره؟ لأن الصفات التي توحي بها الآيات لهذا الشخص لا تتناسب مع خلق النبي (صلی الله علیه و آله)، وربما لا تتناسب مع عصمته...

فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنباً، أم لا؟

فالجواب: أن العبوس والإنبساط مع الأعمي سواء، إذ لا يشق عليه ذلك فلا يكون ذنباً، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (صلی الله علیه و آله) ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك علي عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم علي إيمانه أولي من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه...

وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً. وكان يصنع به من اللطف حتي كان يكف عن النبي (صلی الله علیه و آله) مما فعل به. مجمع البيان: 10/664...

فكتب (الموسوي)، التاسعة مساءً:

سؤال 1296: سيدي، ما قولكم في سورة عبس وتولي هل نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله)، أم لا؟

وإذا لم تكن نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، ففي من نزلت؟

ص: 426

الخوئي: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله)، وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله) وجاء ابن مكتوم فعبس الرجل.

راجع التفسير. المصدر: صراط النجاة: 1/462

وكتب (طبيعي)، التاسعة والنصف مساءً:

اللهم صل علي محمد وال محمد.

وكتب (المسلم المسالم)، الثامنة صباحاً:

إلي الموسوي: من قال لك إن الشيعة لا تراها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم؟؟!

وكتب (أبو حسين)، الثامنة والثلث صباحاً:

يا مسالم: أنت تعتقد أن النبي صلي الله عليه وآله هو الذي عبس...

ولماذا تعتقد هذا الإعتقاد المنحرف الذي ينافي قوله تعالي: " إنك لعلي خلق عظيم " وخصوصاً إذا عرفت أن الرجل الأعمي ما كان له ذنب متعمد عليه ليستحق بذلك العبوس، الذي وصل إلي درجة أنه نزلت به آية.

إذا كنت تعتقد هذا لأن أبناء جلدتك قالوا به، فعليك أن تصحح عقيدتك. أما قول فلان وفلان، فهؤلاء لا يمثلون بآرائهم سوي أنفسهم، وقول الله سبحانه وتعالي هو الفصل.

فكتب (طبيعي) بتاريخ 24 - 2 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

إن مداخلتك أخانا المسلم خارجة عن مسار البحث، يرجي مراعاة عدم ذكر أسماء، والإكتفاء بمناقشة الفكرة المطروحة من وجهة نظر إسلامية. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

ص: 427

وكتب (أبو حسين)، التاسعة صباحاً:

البشر خطاؤون ما عدا المعصومين عليهم السلام، أما إذا انفرد أحد برأي فهو يمثله.

ولكنكم أنتم لستم واحداً بل أجمعتم عن بكرة أبيكم بالإيمان بهذا القول المنحرف، وتريدون من غيركم الإقتداء به! بل وتدرسونه أولادكم!!

هذا هو الإنحراف الحقيقي. فهل لاحظت الفرق الآن!! فالشخص قد يعطي رأيه اليوم ويبدله غداً،

أما أنتم فقد توارثتموها أب عن جد، وستواصلون سعيكم علي هذا النهج. وإن سعيكم لشتي.

وكتب (ناصر حسين)، الحادية عشرة صباحاً:

المسالم:

لا يمكنك أن تحتج علي مذهب بشخص واحد، فاحصر احتجاجك بالإستدلال، واذكر ما يصحح تفسيرك دون أن تستأنس برأي أحد وتنسبه زوراً إلينا.

اعذرني أخي الناصر علي التعديل البسيط، ولكنه من أجل الحفاظ علي مسار البحث.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (بدر)، الثانية عشرة ظهراً:

يا أخي هذا التفسير من التفاسير الحركية المنفتحة علي ما يتفاعل وما لا يتفاعل مع الروايات!!

فلماذا حرق الأعصاب؟!

ص: 428

إن مشكلة إخواننا مع ما يطرح في هذا المنتدي بشكل مكثف ليست بالسند، وإنما بالدلالة، والعاقل

يفهم، والمطلع يدري، والراصد يعلم. اللهم نجنا من مضلات الفتن!!

ورحم الله السيد الحميري إذ يقول، ولو كان في مقاله شك لاعترض عليه الإمام الصادق عليه السلام:

قطع الله يدي ضاربها... ويد الراضي بذاك المتبع

لا عفا الله له عنه ولا... كف عنه هول يوم المطلع

فكتب (المسلم المسالم)، الثانية ظهراً:

تعجبت غاية العجب ممن يتهم أهل السنة أنهم ينتقصون الرسول صلي الله عليه وسلم عندما فسروا قوله تعالي: " عبس وتولي " بأن المخاطب بها هو المصطفي صلي الله عليه وسلم. ثم نسي أو تناسي أن حتي الشيعة تقول بذلك بل هو المشهور عند الطرفين. ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها. فمنهم:

1 - أمين الدين الطبرسي (مجمع البيان)......

قال العاملي: وعدد التفاسير المتقدمة، ثم قال:

وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاًّ عند الشيعة قال به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين، ويسنده الرواية عن جعفر الصادق أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي.. فهل من متبع للحق؟؟!!

ص: 429

وكتب (الموسوي)، الثالثة ظهراً:

سؤال 8: ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يري نزول آية " عبس وتولي " متعلق في الرسول (صلی الله علیه و آله) من مجيئ عبد الله بن أم مكتوم؟

جواب آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشاهرودي:

الروايات الواردة من طرقنا تفسر الآية بشكل آخر، وهو أن رجلاً ثرياًّ معروفاً لا نذكر اسمه عبس وتجهم عندما جلس ابن مكتوم بجانبه فنزلت الآية في حقه، ومن المعلوم أن مقام الرسول (صلی الله علیه و آله) وأخلاقه الكريمة السامية أجل وأعظم من نسبة هذه الأمور إليه وأن تنزل هذه الآيات في ذمه وتوبيخه، وهو الذي لا ينطق عن الهوي بل لا يصدر منه أي عمل عن الهوي، وقد قال الله تعالي في حقه: " وإنك لعلي خلق عظيم ". وقال تعالي: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". المصدر: أجوبة المسائل الإعتقادية - 59. الناشر: آل المرتضي - قم. الطبعة الأولي - شوال 1418 ه.

جواب آية الله العظمي السيد محمد تقي القمي:

يرد علي هذه المقالة عدة أمور نذكر ثلاثة منها علي نحو الإختصار:

الأمر الأول: أنه قد صرح في القرآن الكريم بعظمة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله حيث قال الله سبحانه وتعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم ". القلم - 4، إلي غير ذلك من الشواهد القرآنية الصريحة بعظمته صلي الله عليه وآله، وغيرها من الروايات المتظافرة. ومن تتبع سيرته صلي الله عليه وآله يجد ما قلناه عين الصواب، والحال أن هذا العمل المذكور أي العبوس قد يكون مستنكراً من أقل الناس، فما بالك بأشرف خلق الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله؟!

الأمر الثاني: أنه لا دليل علي هذه المقالة. وعلي فرض وجوده فلا بد من رده وذلك لمخالفته للقرآن الكريم.

ص: 430

الأمر الثالث: أن الأحاديث قد دلت علي أن الآية نزلت في عثمان بن عفان.

المصدر: ردود عقائدية ص 15 - دار الصديقة الشهيدة - مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي - دمشق - السيدة زينب.

جواب آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي:

المروي عن الأئمة نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (صلی الله علیه و آله)، والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (صلی الله علیه و آله).

المصدر: الحوزة العلمية تدين الإنحراف - 153، تأليف: محمد علي المشهدي - الطبعة الأولي - 1418 ه.

جواب آية الله العظمي الشيخ محمد تقي بهجت الغروي:

تقدم أن العصمة والحفظ بمباديهما اختياريان، وإن كانا معلومين في حق البعض.

والعدول في آية: " عبس وتولي " من الغيبة إلي الخطاب يوجب حمل أحدهما علي الآخر. فإن كان المضمون منافياً للعصمة العالية الواقعية تعين حمل الخطاب علي الغيبة، فالمورد حينئذ غير النبي (صلی الله علیه و آله). وإن لم يكن المضمون منافياً لهذه العصمة أمكن العكس وهو حمل الغيبة علي الخطاب. والرواية الخاصة عن أهل البيت (علیهم السلام) تعين الأول دون الثاني، وهو الموافق لمرتكزات وعقائد أهل الحق أعزهم الله تعالي.

المصدر: البرهان القاطع - ص 47 - دار الإيمان - الطبعة الأولي 1418 ه.

وكتبت (إيمان)، الثالثة والنصف ظهراً:

أعجب لمن يتبع الرسول صلي الله عليه وآله ويقول بعصمتهم سلام الله عليهم وأخلاقهم العظيمة.. وهم كذلك وأولي بها.. كيف يسهل عليه أن يغلظ القول علي إخوته لمجرد الإختلاف في الرأي؟!!

ص: 431

العصمة لهم عليهم السلام ثابتة عندنا في كل شئ ولكن معني ودرجات العصمة هي مدار الإختلاف.. فهل العبوس في وجه أعمي بالملابسات التي تحيط بالقضية - باطن الآية - يخالفها أو لا؟!

وأقول: لا، بالنسبة للمتجرد من الهوي والتقليد!!

وكيف يخالفها وبقية البشر مثلنا لا يطيقون سماع رأي مخالف، فيكفرون ويفسقون ويغلظون القول علي مخالفيهم!!

أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقاً صلي الله عليه وآله.. ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم علي عصمتهم وما يقدح فيها.. فهم معصومين (كذا) بأقصي ما يتهيأ للبشر من عصمة، وهذا يكفي!!

وأضيف أن العصمة تتكامل عندهم، كما يتكاملون سلام الله عليهم في كل شئ.. والرسول صلي الله عليه وآله يقول: أدبني ربي فأحسن تأديبي، فظاهر الآية إن كانت في رسول الله صلي الله عليه وآله لا تدل إلا علي أن الله تعالي يؤدب حبيبه بما يحب أن يكون عليه..

وما العبوس من أجل إعلاء كلمة الله تعالي ورغبة في نشر دينه لا لهوي النفس بذنب يعتني به لغيره،

ولكن الله تعالي يعتب عليه إرادة لتكميله. وحسنات الأبرار سيئات عند المقربين. والرسول أقرب إليه من كل مقرب! فلذلك لا داعي للتكلف في هذه المسألة والإصرار علي الرأي، وكأن من قال بشئ مخالف قد كفر!! ويكفينا أن نعرف لهم عليهم السلام منزلتهم وعصمتهم، وهي التي لا يبلغها أحد من الأولين والآخرين..

ص: 432

ونقول: أن ذنوبهم - إن كان لهم ذنوب - هي مما لا يمكن أن تقاس عليه ذنوبنا.. فهم في شأن وباقي الخلق كلهم في شأن آخر!! اللهم صل علي محمد وآل محمد وعرفنا حقهم ومنزلتهم.

وكتب (الموسوي)، الرابعة عصراً:

الأخت الفاضلة إيمان: لا أدري من تقصدين في التغليظ بالقول..

ولكن مما لا شك فيه إذا كان هناك مستند شرعي للتغليظ - وأنا أتحدث الآن علي سبيل الإفتراض - كما في المبدعين والضالين، فالأمر مختلف ولا يمكن اعتباره مجرد اختلاف في الرأي.

ونحن الآن نتكلم فيما هو الحق ولم نتهم أحداً بالتكفير، وإن حكمنا علي أحد بأحكام معينة فلأسباب مذكورة في محلها، يضاف إليها صفة الشذوذ الحاكمة علي المنهج. ويجب أن نفرق بين منهج الشذوذ وبين الرأي الشاذ في مسألة ومسألتين أو ثلاث. ولي ملاحظة علي قولك: " أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقاً صلي الله عليه وآله.. ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم علي عصمتهم وما يقدح فيها ". فهل يتصور هذا العبوس مع من تعبِّرين عنه أنه أعظم البشر أخلاقاً؟ وإذا حصلت لنا معرفة بأخلاقهم بما جاء في القرآن والحديث، فكيف لا نحكم علي ما جاء بما ينافي ذلك؟ كيف ترفضين أن النبي (صلی الله علیه و آله) لا يبول قائماً؟

أليس من حقي أن أسأل بنفس كلامك " ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم

علي عصمتهم وما يقدح فيها ". فكيف لك أن تعرفي أن هذا (البول قائماً) يقدح في عصمة النبي (صلی الله علیه و آله)؟؟ ولا منافاة بين تأديب الله لهم وبين عدم العبوس! بل إن الثاني مترتب علي الأول.

ص: 433

وللحديث بقية.

وكتب (الراصد)، العاشرة مساءً:

نحن أيها الإخوة الكرام لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها، بل نريد أن نثير المسألة حول إمكان نسبة القصة إلي النبي أو عدم إمكانه، لنتبني إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم، ولعصمته في عمله وذلك في ضمن نقاط:

النقطة الأولي: إن دراستنا لعلاقة النبي (صلی الله علیه و آله) بهذا الأعمي تدل علي أن هناك صلة وثيقة بينهما بحيث كان يدخل علي النبي (صلی الله علیه و آله) وهو جالس بين زوجاته، وقد اشتهرت الرواية التي تتضمن دخوله عليه، وعنده عائشة وأم سلمة، فقال لهما: احتجبا. فقالتا: إنه أعمي فقال: أنتما تريانه. وإذا كان ذلك قد حدث في المدينة، بالإضافة إلي استخلافه عليها عند خروجه إلي الغزو، فإنه يدل علي عمق الصلة منذ البداية، لا سيما إذا سلمنا بالرواية التي تتضمن سؤاله الملِح بأن يتلو عليه كتاب الله، ويعلمه مما علمه الله، مما يدل علي الروحية الإيمانية التي تستوعب المعرفة الدينية للقرآن وللإسلام بالمستوي الذي ينتهز فيه الفرصة الدائمة لاكتساب العلم. إن ذلك كله قد يوحي بوحدة الحال بينه وبين النبي (صلی الله علیه و آله) بحيث يغيب عن العلاقة أي طابع رسمي، مما يجعل إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) اعتماداً علي ما بينهما من الصلة التي تسمح له بتأخير الحديث معه إلي فرصة أخري، من دون أن يترك أي أثر سلبي في نفسه، لا سيما إذا كان ذلك لمصلحة الدين التي تجعل أي مسلم في زمن الدعوة الأول يفرح لنجاح النبي (صلی الله علیه و آله) في استمالته لأي شخص من كفار قريش الوجهاء في مجتمعهم، باعتبار أن ذلك يخفف العذاب والحصار علي المسلمين المستضعفين، ومنهم ابن أم مكتوم.. وبذلك يكون إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه أو عائلته، اتكالاً علي ما بينهما من صلات عميقة ووحدة صلة.. كما أن العبوس

ص: 434

لم يكن عبوس الإحتقار، بل قد يكون أقرب إلي عبوس المضايقة النفسية التي توجد تقلصاً في الوجه عندما يقطع أحد علي الإنسان حديثه الذي يرقي إلي مستوي الأهمية لديه.. فلا يكون في ذلك أي عمل غير أخلاقي، فلا يتنافي مع الآيات التي أكدت خلقه العظيم وسعة صدره.

النقطة الثانية: إن مدلول الآيات يوحي بأن النبي (صلی الله علیه و آله) كان يستهدف من حديثه مع هؤلاء الصناديد، تزكيتهم الفكرية والروحية والعملية بعيداً عن مسألة الإهتمام بغناهم من ناحية ذاتية في ما اعتاده الناس من الإهتمام بالغني تعظيماً لغناه ورغبة في الحصول علي ماله فيما يمثله ذلك من قيمة سلبية بالمستوي الأخلاقي الذي يؤكد علي تقييم الشخص لصفاته الفكرية، والعملية الإيجابية، وذلك هو قوله تعالي: " أما من استغني فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي " للإيحاء له بأن عدم حصوله علي التزكية، بعد إقامة الحجة عليه، من قبلك، مدة طويلة، لا يمثل مشكلة بالنسبة إليك لأنك لم تقصر في تقديم الفرص الفكرية بما قدمته من أساليب الإقناع، مما جعل من التجربة الجديدة تجربة غير ذات موضوع، لأنه يرفض الهداية من خلال ما يظهر من سلوكه، الأمر الذي يجعل من الإستغراق في ذلك مضيعة للوقت، وتفويتاً لفرصة مهمة أخري، وهي تنمية معرفة هذا المؤمن الداعية الذي يمكن أن يتحول إلي عنصر مؤثر في الدعوة الإسلامية. فأين هي المشكلة الأخلاقية المنافية للعصمة في هذا كله؟

النقطة الثالثة: إن السورة قد تكون واردة في مقام توجيه النبي (صلی الله علیه و آله) إلي الإهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشي الله وتؤمن به، لتعميق تجربتها الروحية، وتنمية معرفتها القرآنية الإسلامية، لأن ذلك هو الذي يمكن أن يقوي قاعدة المجتمع الإسلامي الصغير النامي الذي يملك أفراده الإيمان القوي والإلتزام الشديد، ويرفع من مستوي الدعوة في اهتمامات المؤمنين ليتحولوا إلي دعاة

ص: 435

أكفاء، كما أن هذه الفئة هي الأكثر استعدادا لبذل الجهد، وتحمل المسؤوليات وتقديم التضحيات، لأنهم الأقرب إلي روح الدعوة، ولأنهم لم يستغرقوا في خصوصيات الدنيا، ولم يأخذوا بامتيازاتها كما أخذ غيرهم، فهم لا يفقدون شيئاً من امتداد الإسلام، كما يفقد الأغنياء والمستكبرون، بل يستفيدون من ذلك. ولعل هذا ما نستوحيه من الظاهرة المعروفة، وهي أن أتباع الأنبياء والمصلحين هم الفئة المستضعفة المرذولة في المجتمع، لأن الدعوات الرسالية والإصلاحية تعالج مشاكلها، وتلتقي بتطلعاتها، وتحترم إنسانيتها المسحوقة لدي الآخرين من المستكبرين. أما الأغنياء، فإن هدايتهم قد تحقق بعض الربح، وبعض النتائج الإيجابية علي مستوي إزالة المشاكل، التي كانوا يثيرونها أمام الدعوة، عن الطريق، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من رواسبهم بشكل سريع، مما قد يجعل الإنصراف إليهم والإنشغال بهم عن غيرهم، موجباً لبعض النتائج الصغيرة، علي حساب النتائج الكبيرة. وعلي ضوء ذلك، فقد تكون هذه الآيات واردة للحديث عن المقارنة بين الإهتمام بتزكية المستضعفين من المؤمنين الذين هم القوة الحركية للدعوة، وبين الإهتمام بتزكية هؤلاء الذين قد يحتاج الموضوع لديهم إلي جهد كبير، لا يملك النبي (صلی الله علیه و آله) الوقت الكثير له في اهتماماته العامة، في الوقت الذي لم تكن فرص هدايتهم كبيرة، كما أنهم لن يؤثروا تأثيراً كبيراً لمصلحة الدعوة، مع ملاحظة مهمة، وهي أن قوة الدعوة التي يحققها المستضعفون، في جهدهم وجهادهم، سوف تحقق الإمتداد للإسلام، بحيث يدخل هؤلاء المستكبرون فيه بشكل سريع، لأن هؤلاء لا يخضعون للمنطق - عادة - بل للقوة، وهذا ما لاحظناه في فتح مكة الذي أفسح المجال لدخول الناس في دين الله أفواجاً، لأن الإسلام قد بلغ الذروة في القوة آنذاك.

ص: 436

النقطة الرابعة: أن القسوة الملحوظة في الآيات في الحديث مع النبي (صلی الله علیه و آله) تمثل ظاهرة واضحة في أكثر الآيات التي تتصل بسلامة الدعوة واستقامة خطها، سيما في قوله تعالي: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لا أخذنا منه باليمين. ولقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ". الحاقة - 43 - 47. وقوله تعالي في الحديث عن المحاولات التي يبذلها المشركون للتأثير عليه من أجل الإفتراء علي الله: " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلاً. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا به نصيراً " الإسراء 73 - 75. وقوله تعالي: " لئن أشركت ليحبطن عملك.. " وغير ذلك من الآيات، لأن القضية ترقي إلي المستوي الكبير من الأهمية، بحيث لولاها لانحرفت مسيرة الرسالة بانحراف الرسول أو القائد، للإيحاء بأن هذه القضية لا تقبل التهاون حتي في الموارد المستبعدة منها، وذلك، من أجل أن يفهم الدعاة من بعد النبي (صلی الله علیه و آله)، بأن عليهم أن يقفوا في خط الإستقامة، حتي بالمستوي الذي لا يمثل تصرفهم فيه عملاً غير أخلاقي، لأن الغفلة عن الخطوط الدقيقة في المسألة، قد تجر إلي الإنحراف بطريقة لا شعورية.

النقطة الخامسة: إن القرآن الكريم قد عمل علي تثبيت شخصية النبي (صلی الله علیه و آله) وتأديبه بأدب الله، فيما يريد الله له أن يأخذ به من الكمال الروحي والأخلاقي والعملي، مما يلقي إليه الله علمه، مما قد يختلف عن الخط المألوف عند الناس. ولعل هذه المسألة تدخل في هذه الدائرة، لأن المعروف هو الإهتمام بالأغنياء لقدرتهم علي التأثير في المجتمع بطريقة فاعلة كبيرة، بينما لا يملك المستضعفون الفقراء مثل ذلك، فتكون النظرة - علي هذا الأساس - نظرة رسالية

ص: 437

.. لكنها قد تترك تأثيراً سلبياً علي النظرة العامة لسلوك الرسول، لأنهم قد يفكرون بالجانب السلبي في القضية، وهو ملاحظة جانب الغني في الإهتمام بالأغنياء من جهة النظرة الذاتية إلي قيمة الغني في المجتمع، فتأتي الآيات لتثير الموضوع، وبهذه الطريقة، لإبعاد السلوك عن الصورة السلبية من حيث الشكل، حتي لو لم تكن هناك سلبية من حيث المضمون، مع ملاحظة مصلحة الدعوة في ذلك كله، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالي: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ". فإن هذه الآية توحي بأن الله يريد أن يخرج النبي (صلی الله علیه و آله) من الأجواء الضاغطة في العرف الإجتماعي، التي يمكن أن تترك تأثيرها الخفي علي نفسه بطريقة لا شعورية، فيلتفت إلي الأغنياء رغبة في الإمتيازات الحاصلة عندهم.. وربما كان ذلك علي طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة، ليكون الخطاب للأمة، من خلال النبي، ليكون ذلك أكثر فاعلية وتأثيراً إيحائياً في أنفسهم، لأن النبي إذا كان يخاطب بهذه الطريقة في احتمالات الإنحراف، فكيف إذا كان الخطاب يراد به غيره.

النقطة السادسة: إن الرواية المنسوبة إلي الإمام الصادق (علیه السلام) في أن الحديث عن رجل من بني أمية، لا تتناسب مع أجواء الآيات، لأن الظاهر من مضمونها، أن صاحب القضية يملك دوراً رسالياً، ويتحمل مسؤولية تزكية الناس، مما يفرض توجيه الخطاب إليه للحديث معه عن الفئة التي يتحمل مسؤولية تزكيتها باعتبارها القاعدة التي ترتكز عليها الدعوة وتقوي بها، في مقابل الفئة الأخري التي لم تحصل علي التزكية، ولا تستحق بذل الجهد الكثير.

وكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 438

راجعت أقوال المفسرين السنيين في تفسير " عبس وتولي " فوجدت:

عدداً منهم يوافقوننا علي أن المخاطب بها ليس النبي صلي الله عليه وآله، بل رجلٌ آخر.. ومنهم الفخر الرازي في عصمة الأنبياء، والزركشي في البرهان وغيرهما..

ووجدت عدداً منهم يميلون إلي أن المخاطب ليس النبي صلي الله عليه وآله..

وعدداً منهم يضعف الحديث المشهور الذي نسبه الترمذي إلي عائشة، ولم ينسبه مالك وغيره إليها، بل وقفوا به عند عروة، ورواه بعضهم عنه عن أبيه الزبير..

كما وجدت أن ما نقله بعض الأخوة عن مفسري الشيعة غير صحيح..

فعامة مفسري الشيعة يذكرون الأقوال وينفون أن يكون المخاطب هو الرسول، ثم يقولون ومع تسليمنا أنه المخاطب، فلا يدل علي ارتكابه حراماً.. إلخ.

ومنهم من شذ وروي تفسير السنيين، وكأنه قبِله..

والنتيجة:

أولاً: وجود خلاف بين المفسرين السنيين أنفسهم، وبين وبينهم وبين الأغلبية الساحقة من مفسري الشيعة، في أن المخاطب هو النبي صلي الله عليه وآله...

وثانياً: عندما يري الإنسان أن الثابت بنص القرآن أن النبي صلي الله عليه وآله علي خلق عظيم.

فهذا يقين. وأن صفات: العبوس، والكلوح، والتولي، وبقية الصفات الشديدة في السورة، لم يثبت بيقين نسبتها إليه، بل بالظن.. فكيف يجرأ علي ارتكاب العمل بالظن ونسبة هذه الصفات الذميمة إلي سيد الخلق صلي الله عليه وآله؟! ألا يكفينا ردعاً أنه لا يقين عندنا في هذه النسبة؟!!!

أكتفي بعرض أقوال المفسرين الشيعة والسنة في الشخص العابس في السورة، بدون توسع في التحليل:

ص: 439

المفسرون الشيعة:

قال السيد الخوئي في منية السائل ص 224:

س: سيدي، ما قولكم في سورة عبس وتولي، هل نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله)، أم لا؟

وإذا لم تكن نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، ففي من نزلت؟

ج: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم صلي الله عليه وآله، وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي وجاء ابن أم مكتوم فعبس الرجل. راجع التفسير.

وكذا أجاب الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة: 1/462

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: 2/404:

عبس مكية:

" بسم الله الرحمن الرحيم. عبس وتولي أن جاءه الأعمي " قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله صلي الله عليه وآله وكان أعمي، وجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدمه رسول الله صلي الله عليه وآله عليه، فعبس وجهه وتولي عنه! فأنزل الله عبس وتولي. يعني عثمان، أن جاءه الأعمي. " وما يدريك لعله يزكي " أي يكون طاهرا زكياً. " أو يذكر " قال يذكره رسول الله صلي الله عليه وآله. ثم خاطب عثمان فقال: " أما من استغني فأنت له تصدي " قال: أنت إذا جاءك غني تتصدي له وترفعه " وما عليك ألا يزكي " أي لا تبالي زكياً كان أو غير زكي إذا كان غنياً!! " وأما من جاءك يسعي " يعني ابن أم مكتوم.

ص: 440

" وهو يخشي فأنت عنه تلهي " أي تلهو ولا تلتفت إليه.

وقال السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء ص 166:

مسألة: فإن قيل: أليس قد عاتب الله تعالي نبيه صلي الله عليه وآله في إعراضه عن ابن أم مكتوم لما جاءه وأقبل علي غيره بقوله " عبس وتولي أن جاءه الأعمي وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري " وهذا أيسر ما فيه أن يكون صغيراً. قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال علي توجهها إلي النبي صلي الله عليه وآله، ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب له، بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه. وفيها ما يدل عند التأمل علي أن المعني بها غير النبي صلي الله عليه وآله، لأنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي صلي الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين!! ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه، ليس هذا مشبهاً مع أخلاقه الواسعة وتحننه علي قومه وتعطفه!

وكيف يقول له: " وما عليك ألا يزكي " وهو صلي الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون ذلك عليه؟! وكأن هذا القول إغراء بترك الحرص علي إيمان قومه. وقد قيل إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها.

ونحن وإن شككنا في عين من نزلت فيه، فلا ينبغي أن نشك أنها لم يعنَ بها النبي، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم، والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم؟!

وقد نزه الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله عما هو دون هذا في التنفير بكثير.

وقال الشيخ الطوسي في التبيان: 10/268:

ص: 441

واختلفوا فيمن وصفه الله تعالي بذلك، فقال كثير من المفسرين وأهل الحشو: إن المراد به النبي صلي الله عليه وآله، قالوا وذلك أن النبي صلي الله عليه وآله كان معه جماعة من أشراف قومه ورؤسائهم قد خلا بهم فأقبل ابن أم مكتوم ليسلم، فأعرض النبي صلي الله عليه وآله عنه كراهية أن تكره القوم إقباله عليه، فعاتبه الله علي ذلك. وقيل: إن ابن أم مكتوم كان مسلماً، وإنما كان يخاطب النبي صلي الله عليه وآله، وهو لا يعلم أن رسول الله مشغول بكلام قوم، فيقول يا رسول الله. وهذا فاسد، لأن النبي صلي الله عليه وآله قد أجل الله قدره عن هذه الصفات وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب، وقد وصفه بأنه: " علي خلق عظيم ". وقال: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالي: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "؟! ومن عرف النبي صلي الله عليه وآله وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالي به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتي قيل إنه لم يكن يصافح أحداً قط فينزع يده من يده، حتي يكون ذلك الذي ينزع يده من يده! فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمي جاء يطلب الإسلام؟!!

علي أن الأنبياء عليهم السلام منزهون عن مثل هذه الأخلاق، وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء إلي دعائهم. ولا يجوز مثل هذا علي الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.

وقال قوم: إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني أمية كان واقفاً مع النبي صلي الله عليه وآله، فلما أقبل ابن أم مكتوم تنفر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه فحكي الله تعالي ذلك وأنكره معاتبة علي ذلك.

وقال الطبرسي في مجمع البيان: 10/266:

قال المرتضي علم الهدي قدس الله روحه: ليس في ظاهر الآية دلالة علي توجهها إلي النبي (صلی الله علیه و آله)، بل هو خبر محض، لم يصرح بالمخبر عنه، وفيها ما

ص: 442

يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي (صلی الله علیه و آله)، مع الأعداء المباينين، فضلاًَ عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء، ويتلهي عن الفقراء، لا يشبه أخلاقه الكريمة. ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه (صلی الله علیه و آله) " وإنك لعلي خلق عظيم "! وقوله: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". فالظاهر أن قوله " عبس وتولي " المراد به غيره. وقد روي عن الصادق (علیه السلام) أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله)، فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه، وجمع نفسه، وعبر، وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه. فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنباً، أم لا؟ فالجواب: إن العبوس والإنبساط مع الأعمي سواء، إذ لا يشق عليه ذلك، فلا يكون ذنباً، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك علي عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم علي إيمانه، أولي من تأليف المشرك، طمعاً في إيمانه. وقال الجبائي: في هذا دلالة علي أن الفعل يكون معصية فيما بعد، لمكان النهي، فأما في الماضي فلا يدل علي أنه كان معصية قبل أن ينهي عنه، والله سبحانه لم ينهه إلا في هذا الوقت. وقيل إن ما فعله الأعمي نوع من سوء الأدب، فحسن تأديبه بالإعراض عنه، إلا أنه كان يجوز أن يتوهم أنه أعرض عنه لفقره، وأقبل عليهم لرياستهم، تعظيماً لهم، فعاتبه الله سبحانه علي ذلك. وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً، وكان يصنع به من اللطف حتي كان يكف عن النبي (صلی الله علیه و آله) مما يفعل به.

وقال الفيض الكاشاني في تفسير الصافي: 5/284:

ص: 443

قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله وكان أعمي وجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله علي عثمان فعبس عثمان وجهه وتولي عنه فأنزل الله: عبس وتولي، يعني عثمان، أن جاءه الأعمي. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام: نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه.

ونحوه في التفسير الأصفي: 2/1405، ونحوه في مجمع البحرين: 3/112.

وقال الطباطبائي في الميزان: 20/200:

وفي الآيات الأربع عتاب شديد، ويزيد شدة بإتيان الآيتين الأوليين في سياق الغيبة لما فيه من الإعراض عن المشافهة، والدلالة علي تشديد الإنكار وإتيان الآيتين الأخيرتين في سياق الخطاب، لما فيه من تشديد التوبيخ وإلزام الحجة بسبب المواجهة بعد الإعراض، والتقريع من غير واسطة.. الآيات غير ظاهرة الدلالة علي أن المراد بها هو النبي صلي الله عليه وآله بل خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، بل فيها ما يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي صلي الله عليه وآله مع الأعداء المباينين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، لا يشبه أخلاقه الكريمة كما عن المرتضي رحمه الله. وقد عظم الله خلقه صلي الله عليه وآله إذ قال، وهو قبل نزول هذه السورة: " وإنك لعلي خلق عظيم ". والآية واقعة في سورة (ن) التي اتفقت الروايات المبينة لترتيب نزول السور علي أنها نزلت بعد سورة إقرأ باسم ربك. فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه في أول بعثته ويطلق القول في ذلك، ثم يعود فيعاتبه علي بعض ما ظهر من أعماله الخلقية

ص: 444

ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا. وقال تعالي أيضاً: " وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ". الشعراء - 215، فأمره بخفض الجناح للمؤمنين. والسورة من السور المكية والآية في سياق قوله: " وأنذر عشيرتك الأقربين " النازل في أوائل الدعوة. وكذا قوله: " لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ". الحجر - 88، وفي سياق الآية، قوله: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ". الحجر - 94، النازل في أول الدعوة العلنية. فكيف يتصور منه صلي الله عليه وآله العبوس والإعراض عن المؤمنين، وقد أمر باحترام إيمانهم وخفض الجناح، وأن لا يمد عينيه إلي دنيا أهل الدنيا. علي أن قبح ترجيح غني الغني وليس ملاكاً لشئ من الفضل، علي كمال الفقير وصلاحه بالعبوس والإعراض عن الفقير والإقبال علي الغني لغناه، قبح عقلي مناف لكريم الخلق الإنساني، لا يحتاج في لزوم التجنب عنه إلي نهي لفظي. وبهذا وما تقدمه يظهر الجواب عما قيل: إن الله سبحانه لم ينهه صلي الله عليه وآله عن هذا الفعل إلا في هذا الوقت، فلا يكون معصية منه إلا بعده، وأما قبل النهي فلا! وذلك أن دعوي أنه تعالي لم ينهه إلا في هذا الوقت تحكم ممنوع، ولو سلم، فالعقل حاكم بقبحه، ومعه ينافي صدوره كريم الخلق، وقد عظم الله خلقه صلي الله عليه وآله قبل ذلك، إذ قال: " وإنك لعلي خلق عظيم " وأطلق القول.. والخلق ملكة لا تتخلف عن الفعل المناسب لها.

وقال ابن طاووس في سعد السعود ص 248:

(فصل) فيما نذكره من تعليق معاني القرآن، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النجاشي ووجدته بصيراً في كثير مما ذكر، فمما ذكره من الوجهة الثانية من القائمة الرابعة من الكراس قبل آخر كراس من الكتاب بلفظه: بسم الله

ص: 445

الرحمن الرحيم. عبس وتولي أن جاءه الأعمي. نزلت في ابن أم مكتوم إلي النبي، فقال أسيد: وعند النبي رجل من عظماء الكفار، فجعل النبي يعرض عنه ويقبل علي المشرك فيقول: يا فلان هل تري لما أقول بأساً؟ فيقول لا. فأنزلت عبس.

يقول علي بن موسي بن طاووس: هذا قول كثير من المفسرين ولعل المراد معاتبة كان علي الصفة التي تضمنها السورة، علي معني: إياك أعني واسمعي يا جارة، وعلي معني قوله تعالي في آيات كثيرة يخاطب به النبي والمراد بها أمته، دون أن تكون المعاتبة للنبي (صلی الله علیه و آله)، لأن النبي إنما كان يدعو المشرك بالله بأمر الله إلي طاعة الله، وإنما يعبس لأجل ما يمنعه من طاعة الله، وأين تقع المعاتبة علي من هذه صفته، وإلا، فأين وصف النبي الكامل قول الله جل جلاله: " أما من استغني فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي؟! وأما من جاءك يسعي وهو يخشي فأنت تلهي "؟!! فهل هذا القيل عنه تعالي: " وما ينطق عن الهوي هو إلا وحي يوحي "؟ وهل كان النبي أبداً يتصدي للأغنياء ويتلهي عن أهل الخشية من الفقراء، والله تعالي يقول عنه: بالمؤمنين رؤف رحيم. وقد تبني المجلسي في بحار الأنوار: 17/78، قول المرتضي والطبرسي.

ونقل الميانجي في مواقف الشيعة: 3/106، مناظرة بين علوي عباسي جاء فيها:

العلوي: ثم إن السنة ينسبون إلي رسول الله صلي الله عليه وآله ما لا يجوز حتي علي الإنسان العادي.

قال العباسي: مثل ماذا؟

قال العلوي: مثل أنهم يقولون إن سورة عبس وتولي نزلت في شأن الرسول!

قال العباسي: وما المانع من ذلك؟

ص: 446

قال العلوي: المانع قوله تعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم " وقوله: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". فهل يعقل أن الرسول الذي يصفه الله تعالي بالخلق العظيم ورحمة للعالمين. أن يفعل بذلك الأعمي المؤمن هذه العمل (اللانساني).

قال الملك: غير معقول أن يصدر هذا العمل من رسول الإنسانية ونبي الرحمة، فإذن أيها العلوي، فيمن نزلت هذه السورة؟

قال العلوي: الأحاديث الصحيحة الواردة عن أهل بيت النبي الذين نزل القرآن في بيوتهم تقول إنها نزلت في عثمان بن عفان، وذلك لما دخل عليه ابن أم مكتوم فأعرض عنه عثمان وأدار ظهره إليه. وهنا انبري السيد جمال الدين - وهو من علماء الشيعة وكان حاضراً في المجلس - وقال:

قد وقعت لي قصة مع هذه السورة وذلك: أن أحد علماء النصاري قال لي: إن نبينا عيسي أفضل من نبيكم محمد صلي الله عليه وآله.

قلت: لماذا؟

قال: لأن نبيكم كان سيء الأخلاق، يعبس للعميان ويدير إليهم ظهره، بينما نبينا عيسي كان حسن الأخلاق يبرئ الأكمه والأبرص.

قلت: أيها المسيحي، إعلم أننا نحن الشيعة نقول إن السورة نزلت في عثمان بن عفان، لا في رسول الله صلي الله عليه وآله، وأن نبينا محمد صلي الله عليه وآله كان حسن الأخلاق جميل الصفات حميد الخصال، وقد قال فيه تعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم " وقال: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".

قال المسيحي: لقد سمعت هذا الكلام الذي قلته لك من أحد خطباء المسجد في بغداد.

ص: 447

قال العلوي: المشهور عندنا أن بعض رواة السوء نسبوا هذه القصة إلي رسول الله ليبرئوا ساحة عثمان بن عفان، فإنهم نسبوا الكذب إلي الله والرسول حتي ينزهوا خلفاءهم وحكامهم!

وقال السيد جعفر مرتضي في الصحيح من السيرة: 3/155:

ويذكر المؤرخون بعد قضية الغرانيق، قضية عبس وتولي، وملخص هذه القضية:

أن النبي صلي الله عليه وآله كان يتكلم مع بعض زعماء قريش، ذوي الجاه والمال، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم - وكان أعمي – فجعل يستقرئ النبي صلي الله عليه وآله آية من القرآن قال: يا رسول الله، علمني مما علمك الله. فأعرض عنه رسول الله وعبس في وجهه، وتولي، وكره كلامه، وأقبل علي أولئك الذين كان قد طمع في إسلامهم، فأنزل الله تعالي: " عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وما يدريك لعله يزكي. أو يذكر فتنفعه الذكري، أما من استغني. فأنت له تصدي، وما عليك ألا يزكي. وأما من جاءك يسعي. وهو يخشي. فأنت عنه تلهي ". وفي رواية: أنه صلي الله عليه وآله كره مجيء، ابن أم مكتوم وقال في نفسه: يقول هذا القرشي: إنما اتباعه العميان والسفلة، والعبيد، فعبس صلي الله عليه وآله.. إلخ.

ونحن نري أنها قضية مفتعلة، لا يمكن أن تصح وذلك:

أولاً: لضعف أسانيدها، لأنها تنتهي إما إلي عائشة، وأنس، وابن عباس، من الصحابة، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً، لأنه إما كان حينها طفلاً، أو لم يكن ولد. أو إلي أبي مالك، والحكم، وابن زيد، والضحاك، ومجاهد، وقتادة، وهؤلاء جميعاً من التابعين فالرواية مقطوعة، لا تقوم بها حجة.

ص: 448

وثانياً: تناقض نصوصها حتي ما ورد منها عن راوٍ واحد، فعن عائشة في رواية: أنه كان عنده رجل من عظماء المشركين، وفي أخري عنها: عتبة وشيبة، وفي ثالثة عنها: في مجلس فيه ناس من وجوه قريش، منهم أبو جهل، وعتبة بن ربيعة. وفي رواية عن ابن عباس: إنه كان يناجي عتبة، وعمه

العباس، وأبا جهل. وفي التفسير المنسوب إلي ابن عباس: إنهم العباس، وأمية بن خلف، وصفوان بن أمية. وعن قتادة: أمية بن خلف. وفي أخري عنه: أبي بن خلف. وعن مجاهد: صنديد من صناديد قريش، وفي أخري عنه: عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف. هذا، عدا عن تناقض الروايات مع بعضه

البعض في ذلك، وفي نقل ما جري، وفي نص كلام الرسول صلي الله عليه وآله، ونص كلام ابن أم مكتوم. ونحن نكتفي بهذا القدر، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة.

وثالثاً: إن ظاهر الآيات المدعي نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه، وسجيته، وخلقه: أن يتصدي للغني، ويهتم به ولو كان كافراً ويتلهي عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكي، ولو كان مسلماً. وكلنا يعلم أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله، ولا من طبعه، وخلقه. كما أن العبوس في وجه الفقير، والإعراض عنه، لم يكن من صفاته صلي الله عليه وآله حتي مع أعدائه، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودائه، وهو الذي وصفه الله تعالي بأنه: بالمؤمنين رؤوف رحيم. بل لقد كان من عادته صلي الله عليه وآله مجالسة الفقراء، والإهتمام بهم، حتي ساء ذلك أهل الشرف والجاه، وشق عليهم. وطالبوه بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه، وأشار عليه عمر بطردهم، فنزل قوله تعالي: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". ويظهر: أن الآية قد نزلت قبل الهجرة إلي الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية أو حين بلوغهم أمر الهدنة،

ص: 449

ورجوعهم إلي مكة. ولكن يبقي إشكال: أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محله، لأنه لم يكن قد أسلم حينئذ لأنه إنما أسلم قبل الهجرة إلي المدينة بيسير كما سنري.

كما أن الله تعالي قد وصف نبيه في سورة القلم، التي نزلت قبل سورة عبس وتولي: بأنه علي خلق عظيم، فإذا كان كذلك، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق، والموجب للعتاب واللوم منه تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله، فهل كان الله - والعياذ بالله - جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيه؟ أم أنه يعلم بذلك، لكنه قال هذا لحكمة ولمصلحة اقتضت ذلك؟ نعوذ بالله من الغواية، عن طريق الحق والهداية.

ورابعاً: إن الله تعالي يقول في الآيات: " وما عليك ألا يزكي "، وهذا لا يناسب أن يخاطب به النبي صلي الله عليه وآله، لأنه مبعوث لدعوة الناس وتزكيتهم. وكيف لا يكون ذلك عليه، مع أنه هو مهمته الأولي والأخيرة، ولا شئ غيره. ألم يقل الله تعالي " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؟ " فكيف يغريه بترك الحرص علي تزكية قومه؟!

خامساً: لقد نزلت آية الإنذار: " وأنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " قبل سورة عبس بسنتين. فهل نسي صلي الله عليه وآله أنه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه؟ وإذا كان نسي، فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وإذا لم يكن قد نسي، فلماذا يتعمد أن يعصي هذا الأمر الصريح؟!

سادساً: إنه ليس في الآية ما يدل علي أنها خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، بل الله سبحانه يخبر عن رجل ما أنه: عبس وتولي. أن جاءه الأعمي، ثم التفت الله

ص: 450

تعالي بالخطاب إلي ذلك العابس نفسه وخاطبه بقوله: " وما يدريك لعله يزكي ".. إلخ.

سابعاً: لقد ذكر العلامة الطباطبائي: أن الملاك في التفضيل وعدمه ليس هو الغني والفقر، وإنما هو الأعمال الصالحة، والسجايا الحسنة، والفضائل الرفيعة. وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف، فكيف جاز له صلي الله عليه وآله أن يخالف ذلك، ويميز الكافر لما له من وجاهة علي المؤمن؟ والقول بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه، وعلي أمل أن يتقوي به الدين، وهذا أمر حسن، لأنه في طريق الدين، وفي سبيله. لا يصح، لأنه يخالف صريح الآيات التي تنص علي أن الذم له كان لأجل أنه يتصدي لذاك الغني لغناه، ويتلهي عن الفقير لفقره. ولو صح هذا، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه وإطرائه علي غيرته لدينه، وتحمسه لرسالته.. فلماذا هذا الذم والتقريع، إذن؟ ونشير أخيراً: إلي أن " البعض " قد ذكر: أنه يمكن القول بأن الآية خطاب كلي مفادها: أن النبي صلي الله عليه وآله كان إذا رأي فقيراً تأذي وأعرض عنه. والجواب:

أولاً: إن هذا يخالف القصة التي ذكروها من كونها قضية في واقعة واحدة لم تتكرر..

وثانياً: إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير.. فلماذا جاء التنصيص علي الأعمي؟!

وثالثاً: هل صحيح أنه قد كان من عادة النبي ذلك؟!!

فيتضح مما تقدم: أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي صلي الله عليه وآله ويؤيد ذلك: ما روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: كان رسول الله إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً، مرحباً، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً. وكان يصنع به من اللطف، حتي يكف عن النبي مم

ص: 451

كان يفعل به. فهذه الرواية تشير إلي أن الله تعالي لم يعاتب نبيه في شأن ابن أم مكتوم، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك المخالفة، إن لم نقل إنه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتي لإمكان صدور مثل ذلك عنه صلي الله عليه وآله، بحيث يستحق العتاب والتوبيخ، إذ لا معني لهذا النفي لو كان الله تعالي قد عاتبه فعلاً.

ولعلك تقول: إنه إذا كان المقصود بالآيات شخص آخر.. فما معني قوله تعالي: فأنت له تصدي؟! وقوله: " فأنت عنه تلهي " فإن ظاهره: أن هذا التصدي والتلهي من قبل من يهمه هذا الدين.. فيتصدي لهذا، ويتلهي عن ذاك؟

فالجواب: أنه ليس في الآيات ما يدل علي أن التصدي كان لأجل الدعوة إلي الله أو لغيرها، فلعل التصدي كان لأهداف أخري دنيوية، ككسب الصداقة، أو الجاه، أو نحو ذلك. وقوله تعالي: " لعله يزكي " ليس فيه أنه يزكي علي يد المخاطب، بل هو أعم من ذلك، فيشمل التزكي علي يد غيره

ممن هم في المجلس، كالنبي صلي الله عليه وآله، أو غيره. ثم لنفرض: أنه كان التصدي لأجل الدعوة، فإن ذلك ليس محصوراً به صلي الله عليه وآله.. فهم يقولون: إن غيره كان يتصدي لذلك أيضاً، وأسلم البعض علي يديه، لو صح ذلك!

وبعد ما تقدم، فإن الظاهر هو أن الرواية الصحيحة، هي ما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي فجاءه ابن أم مكتوم، فلما جاءه تقذر منه، وعبس في وجهه وجمع نفسه، وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك عنه، وأنكره عليه.

ويلاحظ: أن الخطاب في الآيات لم يوجه أولاً إلي ذلك الرجل.. بل تكلم الله سبحانه عنه بصورة الحكاية عن الغائب: إنه " عبس، وتولي، أن جاءه الأعمي ". ثم التفت إليه بالخطاب، فقال له مباشرة: " وما يدريك " ويمكن أن

ص: 452

يكون الخطاب في الآيات أولاً للنبي صلي الله عليه وآله، من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة. والأول أقرب، وألطف ذوقاً. وبعض الرويات تتهم عثمان بهذه القضية، وأنه هو الذي جري له ذلك مع ابن أم مكتوم. ولكننا نشك في هذا الأمر، لأن عثمان قد هاجر إلي الحبشة مع من هاجر. فمن أين جاء عثمان إلي مكة، وجري منه ما جري؟! إلا أن يقال: إنهم يقولون: إن أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلي مكة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدم، وكان عثمان منهم ثم عاد إلي الحبشة. وعلي كل حال، فإن أمر اتهام عثمان أو غيره من بني أمية لأهون بكثير من اتهام النبي المعصوم، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا علي الإطلاق. وإن كان يهون علي البعض اتهام النبي صلي الله عليه وآله بها أو بغيرها، شريطة أن تبقي ساحة قدس غيره منزهة وبريئة!!

ونسجل أخيراً: تحفظاً علي ذكر المؤرخين لرواية ابن مكتوم ونزول سورة عبس، بعد قضية الغرانيق. فإن الظاهر هو أن هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلي الحبشة لأن عثمان كان قد هاجر إلي الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون. إلا أن يكون عثمان قد عاد إلي مكة مع من عاد بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدعون. ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتخذ من قضية " عبس وتولي " وسيلة للطعن في قدسية نبينا الأعظم صلي الله عليه وآله، ولكن الله يأبي إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

من وافق الشيعة من المفسرين السنيين، أو مال إلي تفسيرهم:

قال الفخر الرازي في عصمة الأنبياء ص 108:

الشبهة الثامنة: تمسكوا بقوله تعالي " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " فعاتبه علي إعراضه عن ابن أم مكتوم. جوابه: لا نسلم أن هذا الخطاب متوجه إلي النبي عليه الصلاة والسلام. لا يقال: إن أهل التفسير قالوا: الخطاب مع الرسول،

ص: 453

لأنا نقول: هذه رواية الآحاد فلا تقبل في هذه المسألة ثم إنها معارضة بأمور: الأول: أنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي صلي الله عليه وسلم في قرآن ولا خبر مع الأعداء والمعاندين، فضلاً عن المؤمنين والمسترشدين. الثاني: وصفه بأنه تصدي للأغنياء وتلهي عن الفقراء وذلك غير لائق بأخلاقه. الثالث: أنه لا يجوز أن يقال للنبي: " وما عليك ألا يزكي "، فإن هذا الإغراء يترك الحرص علي إيمان قومه! فلا يليق بمن بعث بالدعاء والتنبيه. سلمنا أن الخطاب مع النبي صلي الله عليه وسلم، لكن لا نسلم كونه ذنباً، بيانه أنه تعالي وصف نبيه بحسن الخلق، فقال: " وإنك لعلي خلق عظيم ".

وقال الزركشي في البرهان: 2/243:

عفا الله عنك لم أذنت لهم.. معناه وسع الله عنك علي وجه الدعاء، ولم أذنت لهم: تغليظ علي المنافقين، وهو في الحقيقة عتاب راجع إليهم، وإن كان في الظاهر للنبي صلي الله عليه وسلم، كقوله: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ". وقوله: " عبس وتولي " قيل: إنه أمية وهو الذي تولي دون النبي صلي الله عليه وسلم! ألا تري أنه لم يقل: عبست، وقوله: " ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وقوله: " ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم ". وبهذا يزول الإشكال المشهور في أنه كيف يصح خطابه صلي الله عليه وسلم مع ثبوت عصمته عن ذلك كله. ويجاب أيضاً بأن ذلك علي سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض. والتحقيق أن هذا ونحوه من باب خطاب العام من غير قصد شخص معين، والمعني اتفاق جميع الشرائع علي ذلك، ويستراح حينئذ من إيراد هذا السؤال من أصله. وعكس هذا أن يكون المراد عاماًّ والمراد الرسول، قوله: " لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم " بدليل قوله في سياقها: " أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين ".

ص: 454

وقال القاضي عياض في الشفا: 2/161:

قوله " عبس وتولي " الآيات.. فليس فيه إثبات ذنب له صلي الله عليه وسلم، بل إعلام الله أن ذلك المتصدي له ممن لا يتزكي، وأن الصواب والأولي كان لو كشف لك حال الرجلين الإقبال علي الأعمي وفعل النبي صلي الله عليه وسلم لما فعل، وتصديه لذاك الكافر كان طاعة لله وتبليغاً عنه واستئلاف

له، كما شرعه الله له لا معصية ومخالفة له. وما قصه الله عليه من ذلك إعلام بحال الرجلين وتوهين أمر الكافر عنده والإشارة إلي الإعراض عنه بقوله " وما عليك ألا يزكي ". وقيل: أراد بعبس وتولي الكافر الذي كان مع النبي صلي الله عليه وسلم. قاله أبو تمام.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الرابعة والنصف مساءً:

جزي الله الأخ العزيز العاملي خير الجزاء، فقد كفي ووفي، والتدبر في الوجوه التي ذكرها هؤلاء المفسرون والعلماء تكفي في الإجابة ضمنياً علي كثير من الشبهات المطروحة حول الآية.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ العاملي: جزاكم الله خيراً.. لقد كفيتم ووفيتم فعلاً بذكر أقوال العلماء الأفاضل الذين وهبوا أنفسهم للدفاع عن العقيدة والذود عنها..

ولا شك في إخلاصهم وإخلاصكم عند الإصرار علي توجيه الآية لغير ظاهرها، من أجل تنزيه وإثبات عصمة الرسول صلي الله عليه وآله..

ص: 455

ولكني أري أن قول الطرف الآخر وأعني به تحديداً من يأخذ بظاهر الآية ولا يري فيها قدحاً في العصمة للرسول صلي الله عليه وآله - كما يذكر أخانا الراصد - قول وجيه، وله من الأدلة العقلية والنقلية ما لا يستهان به..

وأكرر بأني لست في صدد الترجيح لأحد القولين ولكن كما تعلمون بأن المفسرين اختلفوا في تأويل الكثير من الآيات، والآية لها وجوه محتملة، وما لم يكن الوجه الذي يقول به الطرف الآخر مخالفاً للعقل والشرع فعلينا أن نحتمله ولا نرفضه قطعياً دون دليل.. وإلا كان رفضنا تعصباً وتقليداً موروثاً يبغضه الله تعالي لعباده المؤمنين..

ونعلم يقيناً أن الأولي الأخذ بظاهر القرآن، إلا إذا امتنع ذلك قطعياً.. والأخ الراصد ذكر وجوه منطقية (كذا) لا يبقي هذا الإمتناع لا عقلياًّ ولا نقلياًّ..

ويحتمل أن بعض المفسرين المتقدمين غفلوا عن هذه الوجوه لذلك وجهوا الآية لغير ظاهرها، لذلك فلا مانع من إعادة النظر والبحث في مثل هذه الآيات مرة أخري بغرض الوصول إلي الحقيقة - والحقيقة مهما كانت فلن تكون ضد العصمة الثابتة عقلاً ونقلاً - فلماذا التكلف والإصرار علي ما ألفناه من تأويل للآيات؟!!

وأخيراً هناك تساؤل آخر وجيه يثيره الطرف المقابل - ولم يذكره الأخ الراصد - وأري أنه من المفيد بحثه وتحليله: تذكر بعض التفاسير المؤيدة بأن الآية أنزلت في غير النبي صلي الله عليه وآله بأن الشخص المقصود كان كافراً - أو منافقاً - حاضراً في مجلس الرسول صلي الله عليه وآله.. ألا ترون أن آية تنزل في عتاب كافر لأنه عبس أمر عجيب!! يعني قد نقول بأن العبوس في وجه أعمي يقدح العصمة ولكن هل هو أكبر ذنب لكافر بحيث يعاتبه الله تعالي وينزل في عتابه مثل هذه الآيات الكريمة؟!!

ص: 456

ألا ترون بأن هذه سابقة لم نعرفها في القرآن الكريم، بل وأراها ترفع شأن أي مقصود غير رسول الله صلي الله عليه وآله، أو ممن هو يقرب منه ومن صفاته؟!! بلي لو عاتبني الله تعالي علي مثل هذا لافتخرت بذلك!! فلي ذنوباً (كذا) تبلغ العنان بحيث إن أدبني بمثل هذا العتاب وعلي مثل هذا الأمر الهين - بالنسبة للبشر العاديين - لكنت فعلاً من السعداء!! هذا مجرد وجه للتأمل في القضية من زاوية أخري..

وفي النهاية أؤكد أن غرضي ليس التعرض لهذه الآية وتفسيرها بالذات، بل الإلفات إلي أهمية الإنفتاح علي الآراء المخالفة ومحاولة تفهمها، فلها في أحيان كثيرة منطقها الذي لا يستهان به، بل وقد تطابق الحق في بعض الأمور.. لذا فلا داعي للعجلة في الحكم ومصادرة كل رأي لمجرد مخالفته لما لم نألف

عليه... والله تعالي الموفق..

فكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخت إيمان: اسمحي لي أن أقول إن ذهنك مشبع بأن الآية عتاب فقط!! بسبب تلك الرواية التي سمعتها، وقد كذبتها روايات أهل البيت عليهم السلام!!

أولاً: إن الآيات أيتها الأخت حملة شديدة علي الذين مقياسهم في تقييم الناس مقياس مادي حسب الثروة.. وهي نفس المنطق المادي السائد في عصرنا الذي يسأل عن الإنسان كم هو؟ أي ماله!!

وثانياً: في ذهنك أن الآية ظاهرة في أنها خطاب للنبي صلي الله عليه وآله! مع أن السورة تبدأ مباشرة بهجوم لم يصرح باسم صاحبه، ومثل هذا الخطاب موجود في القرآن، فأين هذا الظهور؟!

أرجو أن تعيدي قراءة السورة مجردة الذهن..

ص: 457

وثالثاً: لقد خاض أهل البيت عليهم السلام معركة للدفاع عن التهم التي تبنتها الخلافة القرشية للتنقيص من شخصية النبي صلي الله عليه وآله، في أكثر من عشرين افتراء مشيناً، وفي موضوعات مختلفة تعرفين عدداً منها، وليس هذا موضع سردها!!

أفليس من حق الباحث المجرد أن يتوقف في قبول نسبة هذه الأخلاقية المدانة قرآنياً إلي النبي صلي الله عليه وآله، ويحتمل أنها من مفردات الإفتراءات القرشية؟!!

ورابعاً: قد رأيت أن عامة مفسري الشيعة عبر القرون ينفون نسبة ذلك إلي النبي صلي الله عليه وآله، ويؤيدونه بالنص والعقل.. ألا يكفي ذلك لأن نعرف أن في رأي مفسري الخلافة أمراً غير عادي!!

وقد رأيت أن نسبة ذلك إلي بعض مفسري الشيعة كان خطأ في فهم عبارتهم، أو كذباً عليهم.

خامساً: أشكرك علي تريثك في الحكم، لأن من يتوقف يسلم من ارتكاب نسبة ذلك إلي نبيه صلي الله عليه وآله.. وفي نسبة ذلك ما فيه حتي لو كان صاحبه يري الأمر سيئة عادية لا تنافي العصمة!

وكتبت (طبيعي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، العاشرة ليلاً:

لا بد أننا جميعاً نؤمن بإعجاز القرآن الكريم، وقد استوقفتني كثيراً كلمة الأعمي في هذه السورة، وما فتئت أفكر بأن القرآن وصف ابن مكتوم بالأعمي، علماً بأن له صفات أخري أليق بالتفاسير التي من الممكن أن تدفع للشك بأن المخاطب رسول الله صلي الله عليه وآله من فقير مثلاً أو مسكين أو مستضعف أو لحوح أو غير ذلك، ليوضح لنا القرآن سبب إدبار الرسول صلي الله عليه وآله عنه والعبوس في وجهه كصالح الدعوة مثلاً بإسلام الأغنياء، أو حتي لا يقال بأنه يتبعه العبيد والفقراء فقط، أو المعاني الأخري والتي لا أعرف كيف من الممكن أن تصب في عبوسه من جهة وخلقه العظيم من جهة أخري؟؟

ص: 458

وللحق إنني لم أجد في تعريف القرآن لابن مكتوم بالأعمي إلا دلالة علي خلق نبينا الكريم صلي الله عليه وآله، وصرفاًَ لأي معني قد يتبادر للذهن بأنه هو المخاطب، علماً بأن الآيات أصلاً لا تنقل لنا الحدث أو تأويله، بل إن ظاهر الآية لا ينقل لنا بأن نبينا صلي الله عليه وآله هو المعني بالعبوس كما تفضل أخانا العاملي أسعده الله، أعلاه.

ووالله يا إخوة إن رؤية أعمي بالطريق لتثير شفقتنا جميعاً، فكيف بمن خلقه القرآن. وإذا كان نبينا يا إخوة تعم رأفته الحيوان، حتي أنه خاطب أصحابه في طائر أخذوا فرخيه: " من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها ". فكيف يليق به العبس في وجه أعمي؟!

ولماذا يا إخوة، يجب أن أبحث في تأويل الرواية إن كان لا يوجد ما يبرر صرفها إلي نبينا، وإن كان يوجد ما يبرر صرفها إلي غيره، من الأسباب التي لا تقل وجاهة ومنطق عن أسباب من يدفعها إليه، وإن كان يوجد من الروايات الصحيحة لدينا بأنها مدفوعة عنه، وإن كان يوجد حتي من المخالفين من لا ينسب الوصف إليه.

يا إخوة: إن قلنا أن رسول الله عبس، وما هو بالعابس فإننا اتهمناه وقصرنا في حقه بأبي وأمي وهل يليق بنا الموالين ذلك؟؟ وإن لم نقل بأنه عابس وقد كان هو العابس فقد نزهناه وأليق بنا تنزيهه عن نسبة ما لسنا موثقين بصحته إليه.

يا أخوة: لماذا سمي مولانا أمير المؤمنين ابنه بالعباس؟؟ والله لشدة هذا الوصف علي الأعداء. فكيف بالله عليكم ينسب مثل هذا إلي نبينا صلي الله عليه وآله بغض النظر عن عصمته؟؟

أخيراً، أخي الفاضل الراصد لدي بعض الإستفسارات بخصوص النقاط التي أثرتها أخي.

ص: 459

1. هل توجد رواية صحت عندك أخي عن طريق آل البيت أئمتنا عليهم السلام بأن الآية تنسب حتماً إلي نبينا صلي الله عليه وآله؟؟

2. هل الرواية الصحيحة عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام بنسبة العبوس إلي رجل من بني أمية هي غير صحيحة سنداً عندك؟؟؟

4. قولك أخي: " ونحن لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها، بل نريد أن نثير المسألة حول إمكان نسبة القصة إلي النبي أو عدم إمكانه، لنتبني إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم، ولعصمته في عمله ". فهل أنت تقول أخي بنسبة العبوس إليه ولكن هذا لا يتنافي مع خلقه وعصمته؟؟

أو لا تقول بنسبة العبوس إليه وأنت تنزهه، ولكنك تقول بأنه في حالة صحة الرواية فإنها لا تنافي الخلق العظيم والعصمة؟؟

لأنه إن كان الثاني أخي وأن نبينا صلي الله عليه وآله لم يعبس ويتولي (كذا) فإن فعله إذاً هو عين الأخلاق وعين العصمة. فلماذا يجب أن أبحث عن مبررات لفعل لم يفعله نبينا صلي الله عليه وآله وأقول - إن فعله - لا يتنافي؟ فباعتباره لم يفعله أصلاً إذاً هو يتنافي كما أراه، والله أعلم.

اللهم صل علي محمد وآل محمد

وكتب (الموسوي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

في متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب المازندراني المتوفي سنة 588، ج 2 ص 12:

[قوله: عبس وتولي أن جاءه الأعمي. الآيات ظاهرها لا يدل علي أنها خطاب له بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، يدل عليه أنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي في قرآن ولا خبر مع الأعداء المباينين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، بل في القرآن: " وإنك لعلي خلق عظيم " ثم

ص: 460

إنه نفي عنه العبوس ونحوه بقوله: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضُّوا من حولك ". ثم إنه وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي بالفقراء! وهذا مما لا يوصف به النبي (صلی الله علیه و آله) لأنه كان متعطفاً متحنناً، وقد أمره الله تعالي بقوله: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". وكيف يقول: " وما عليك ألا يزكي " وهو مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف يجوز ذلك عليه، وكان هذا القول إغراء بترك حرصه علي إيمان قومه، وإنما عبس صحابي ذكرنا شرحه في المثالب]. كتاب لابن شهرآشوب غير مطبوع، وقد بلغني أن إحدي المؤسسات مشغولة بتحقيقه وأرجو أن يكون ما سمعته صحيحاً. وللحديث بقية.

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أحسنت أيتها الأخت المتثبتة..

وما ذكرته هو منهج علمائنا رضوان الله عليهم وهو يقوم علي إدراك المقام السامي لأشرف الموجودات وأكمل البشر، صاحب الخلق العظيم، والقلب الرحيم، والمسدد من صغره بملائكة الله المرافقين، والمؤيد بروح القدس من رب العالمين، صلي الله عليه وآله الذين هم من طينته ونوره..

ومنهج التعاطي مع مثل هؤلاء العظماء، يجب أن أن يكون باحتياط تام، وحذر من التسرع في نسبة نقص ولو صغير إلي حضراتهم المقدسة، ومقامهم السامي.. إلا ما ثبت بيقين لا شك فيه.

نحن نري أن المحبين لرئيس جمهورية يدافعون عنه ولا يتسرعون في نسبة العيوب إليه!! فما بالنا لا نحذر من ذلك في أشرف المخلوقات؟!!

ص: 461

ثم.. وها نحن نري في هذه الساحة من يدافعون بالمستحيل لكي يبعدوا العيوب والنقائص عمن يحبون من رؤساء قبائل قريش.. ويعملون المستحيل لتأويل شهادات النبي المعصوم ضدهم، وحتي لعنه إياهم!

فما بالهم يتسرعون ولا يحتاطون في نسبة العبوس في وجه الأعمي والتودد إلي الأغنياء، إلي صاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله؟!!

إنه والله أمر عجيب، نشأ من التلقين وعدم التأمل في الآيات، أو من الهوي لمن تسرع، أو افتري!!

وكتب (الراصد) بتاريخ 2 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

في البداية.. أود أن أشكر الأخوة الذين أشبعوا الموضوع بحثاً وتفصيلاً، لا سيما الأخ الفاضل العاملي والأخت الفاضلة إيمان، علي الطرح الراقي في الحوار وتوخي الحقيقة، ولا يخفي عليكم أن هناك كثير من اللفتات والنكات التي تستحق أن يقف عندها الإنسان المؤمن متأملاً وباحثاً عن الحقيقة بعيداً عن

كل المؤثرات التي تحول بينه وبين الحقيقة.

ونحن نعلم كما أنكم تعلمون أن التفسير التجزيئي اعتمد في التفسير علي الروايات الواردة في كتب الحديث خضع لكثير من المؤثرات الخارجية، وهذه المؤثرات قد تكون مذهبيه وقد تكون أحياناً التشبث برأي المشهور، دون أدني بحث أو تفكير بموضوعيه، وقد يكون للمفسر تبريراته في ذلك، وأضعف الايمان في ذلك أن يلقي المسؤليه علي عاتق التاريخ وما حمله لنا من أخبار وروايات.

وهذا المعني يبدو جلياًّ عندما نطلع علي الكثير من تفاسير المسلمين، نجد المفسر يبحث لعله يجد في بحثه رواية تدعم مذهبه أو توجهه الفكري. والأمثلة علي ذلك كثيرة عند السنة والشيعة ولا أريد التعرض لها أو ذكرها خوفاً من

ص: 462

عواقب الأمور! وقبل أن أبدأ بالشروع في تكملة الموضوع أود أن أجيب علي تساؤلات الأخت الكريمة الفاضلة طبيعي:

السؤال الأول: هل توجد رواية صحت عندك أخي عن طريق آل البيت أئمتنا عليهم السلام بأن الآية تنسب حتماً إلي نبينا صلي الله عليه وآله؟

الجواب: نعم، وهي التي أشرت إليها في مقدمة الموضوع وهناك من علماء الطائفة اعتمدوا عليها في تفاسيرهم مثل الطبرسي في تفسيره مجمع البيان، والشيخ مغنية في تفسيره التفسير المبين، وسماحة العلامة فضل الله في وحي القرآن.

السؤال الثاني: هل الرواية الصحيحة عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام بنسبة العبوس إلي رجل من بني أمية هي غير صحيحة سنداً عندك؟؟؟

الجواب: أنا لست محققاً حتي أتمكن من صحة الرواية أو عدم صحتها، ولكن أميل إلي الرأي الذي يقول إن الرجل المعاتب ليس من بني أمية.

أما بالنسبة إلي السؤال الثالث، فالإجابة واضحة من خلال ما طرحناه في الموضوع المتقدم في أن مسألة العبوس لا تتنافي مع عصمته (صلی الله علیه و آله) أو أخلاقه عليه السلام، لأن النبي كان في مقام المهم والأهم، وهذا ماسنقوم به من تكمله للموضوع.

الرسول بين المهم والأهم:

عبس وتولي: أي واجه الموقف بالعبوس الذي يتمثل في تقلص عضلات الوجه وقسوة النظرة، والإعراض عن هذا السائل الملحاح.

أن جاءه الأعمي: الذي عاش مسؤولية الإيمان في مسؤولية المعرفة، كما عاش مسؤولية الدعوة في حاجتها إلي الوعي الرسالي في كل مفردات الرسالة

ص: 463

في العقيدة والشريعة، فأراد أن ينتهز فرصة وجود النبي (صلی الله علیه و آله) مع المسلمين ليأخذ من علمه، مما أنزله الله عليه من كتاب، وما ألهمه من علم الشريعة

والمنهج والحياة.

ولكن النبي (صلی الله علیه و آله) لم يستجب له لأن هناك حالة مهمة يعالجها في دوره الرسالي المسؤول، في محاولة لتزكية هؤلاء الكفار من وجهاء المشركين، طمعاً في أن يسلموا ليتسع الإسلام في اتباع جماعتهم لهم، لأنهم يقفون كحاجز بين الناس وبين الدعوة، ولذلك أجل النبي (صلی الله علیه و آله) الحديث مع هذا الأعمي إلي وقت آخر، إذ كانت الفرص الكثيرة تتسع للقاء به أكثر من مرة، فتكون له الحرية في إغناء معلوماته بما يحب في جو هادئ ملائم، بينما لا تحصل فرصة اللقاء بهؤلاء دائماً، فكانت المسألة دائرة - في وعيه الرسالي - بين المهم في دور هذا الأعمي، وبين الأهم في دور هؤلاء الصناديد. ولكن الله يوجه المسألة

إلي ما هو الأعمق في قضية الأهمية في مصلحة الرسالة، باعتبار أن هذا الأعمي قد يتحول إلي داعية إسلامي كبير.

وما يدريك لعله يزكي: فيما يمكن أن يستلهمه من آيات القرآن التي يسمعها، مما يغني له روحه، فتصفو أفكاره، وترق مشاعره، وتتسع آفاقه، وتتعمق معرفته بربه، فيؤدي ذلك إلي عمق في الفكر، وسعة في الأفق، وغني في الشخصية، وحيوية في الحركة، مما يؤثر تأثيراً إيجابياً علي حركته في الدعوة فيحصل من ذلك علي خير كبير.

أو يذكر فتنفعه الذكري: في ما يمكن أن يعيشه من غفلة عن بعض الحقائق، أو جهل ببعض القضايا، فتأتي الكلمات القرآنية لترفع عنه حجاب الجهل، فإذا حدث له ذلك.. أمكن لهذا التطور في شخصيته أن يحقق النفع للخط الإسلامي المستقيم علي مستوي الإلتزام والدعوة والحركة.

ص: 464

أما من استغني: فلم تكن لديه أية ميزة إلا غناه، وكان يعتبر أن الغني يمثل عمق القيمة التي تمنحه موقعاً اجتماعياً متقدماً، وتغريه - دائماً - بأن يضع كل فكره وعمله وعلاقاته بالناس في خدمة غناه، حتي أن انتماءه إلي أي دين أو مذهب يتحرك في جهة الدين الذي يخدم غناه، والمذهب الذي يدعم ثروته.

فأنت له تصدي: لتحاول بجهدك الرسالي أن تمنحه زكاة الروح وطهارة الفكر، فيما تحسبه من النتائج الكبيرة لذلك علي مستوي امتداد الإسلام في قريش.

وما عليك ألا يزكي: فلن تتحمل أية مسؤولية من خلال ابتعاده عن الخط المستقيم، وتمرده علي تطلعات الروح إلي آفاق الطهارة وسماوات الصفاء، لأنك لم تقصر في الإبلاغ، ولم تدخر أي جهد فيما حركته من الوسائل التي تملكها، وفيما استخدمته من الأساليب التي تحركها في اتجاه التزكية للناس

جميعاً.. وقد سمعوا ذلك كله، وأصروا علي الإستكبار والتمرد، لا من موقع شبهة، ولكن من موقع القرار الذي أصدروه مع جماعتهم، في عدم الإستجابة إليك.. ولم يكن قدومهم إليك من أجل الهداية بل كان ذلك - ربما - من أجل الضغط عليك بطريقتهم الخاصة لتترك الرسالة، أو لتدخل معهم في حسابات التسويات، لتقدم التنازلات ضد مصلحة الرسالة. وهذا ما يريد الله أن يعرفك إياه من خلال ما يعلمه من خفايا هذا الإنسان وجماعته، وما قد تعرفه من خلال تجربتك الحسية في المستقبل.

وأما من جاءك يسعي: للحصول علي المعرفة، وهو يخشي، الله في نفسه وفي مسؤوليته في الدعوة، وفي المهمات الأخري الموكلة إليه مما قد يتوقف علي سعة المعرفة.

ص: 465

فأنت عنه تلهي: لأنك تحسب أن إيمان هؤلاء الصناديد قد ينفع الإسلام أكثر من نمو إيمان هذا الأعمي الذي يمكن أن يؤجل السؤال لوقت آخر.. ولكن المسألة ليست كذلك، لأن هذا الأعمي وأمثاله، قد يمثلون مسؤوليتك المباشرة كرسول يعمل علي تنمية خط الدعوة بتنمية الدعاة من حوله، من أجل أن يوفروا عليك بعض الجهد، أو يوسعوا ساحة الدعوة في مواقع جديدة. وهذا ما يريد الله أن يفتح قلبك عليه، فيما يريد لك من تكامل الوعي، وسعة الأفق وعمق النظرة للأمور.. ولا مانع من أن يربي الله رسوله تدريجياًّ، ويثبت قلبه بطريقة متحركة، في حركة الدعوة تبعاً لحاجتها إلي ذلك، تماماً كما كان إنزال القرآن تدريجياًّ من أجل الوصول إلي هذه النتائج. والحمد لله رب العالمين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ الراصد:

المستند الشرعي لبعض الشيعة الذين خالفوا جمهور مفسريهم ونسبوا صفة العبوس والصفات الأخري في السورة إلي نبينا صلي الله عليه وآله.. إنما هو الرواية التي لم يصححها أحد من العلماء عن الإمام

الصادق عليه السلام!!

ولا بد أنك رأيت أنه توجد مقابلها روايات عن الإمام الصادق وغيره، تبناها علماؤنا، وهي تعارض الرواية المذكورة، وتسقطها عن الحجية.

كما رأيت عدم صحة ما نسبوه إلي صاحب مجمع البيان وقولهم إنه تبناها، فقد تبني ضدها، وأوردها في آخر تفسيره، باعتبار أن بعضهم رواها.

والقاعدة في البحوث العلمية أن الأصل عدم جواز نسبة شئ إلي شخص عادي إلا بدليل، وعند الشك في ثبوت الدليل، فالأصل عدم جواز النسبة. وقد أتوفق لتتبع الرواية المذكورة.. وشكراً.

ص: 466

وكتب (طبيعي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

بارك الله فيك أخي الراصد، وللحق أن إجابتك أخي علي تساؤلاتي أوجدت أسئلة أخري، أرجو أن يسع صدرك للإجابة عنها:

1. ذكرت أخي الكريم أنك لست محققاً حتي تتمكن من صحة الرواية أو عدم صحتها، فكيف أمكن أن يصح عندك الحديث الأول بالمعني الذي أردته أخي ولا يصح عندك الحديث الثاني، بأن نبينا ليس هو المقصود بالعبوس؟؟

2. ذكرت أخي بأنك لا تميل لكون الرجل العابس هو من بني أمية، فهل تميل أخي لكونه رسول الله صلي الله عليه وآله من باب صحة الرواية الأولي عندك فقط؟؟

أو أن الأمر هو ميل شخصي للتحليل الذي أوردته في تفسير العبوس، وكونه لا يتعارض مع العصمة والأخلاق؟ وتقبل احترامي.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (الراصد)، الثامنة والربع مساءً:

أخي الفاضل العاملي: السلام عليكم ورحمة الله.

أنت تقول: " الأخ الراصد، مستندك الشرعي لنسبة العبوس والصفات السيئة في السورة إلي نبينا صلي الله عليه وآله، إنما هو الرواية التي لم يصححها أحد من العلماء عن الإمام الصادق عليه السلام!! ".

وأقول لك يا سيدي الفاضل: أنا لم أتطرق أبداً إلي مسألة الصفات السيئة والعياذ بالله لكي أنسبها إلي مقام النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله)، وحتي صفة العبوس أو الإعراض علي قول بعض التفاسير، فلا يعد ذلك ذنباً أو شيئاً آخر يعد خدشاً في أخلاق النبي والعياذ بالله. ولك الحق في مراجعة الموضوع والردود، لكي يتبين لك أنني لم أذكر هذه العبارة البتة.

ص: 467

أما مسألة الرواية الواردة عن الإمام الصادق لقد اعتمد عليها بعض العلماء في تفاسيرهم، ومع ذلك لا بأس للمؤمن أن يسأل ويبحث في ذلك توخياً للحقيقة. فأرجو منك يا صديقي أن لا تنسب إلي كلاماً أنا ليس بقائله!

وأن تتكرم بحذف عبارة " الصفات السيئة " من باب الموضوعية في الحوار والأمانة في النقل، كما عودتنا علي ذلك. وأنا لكم من الشاكرين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

الأخ الراصد المحترم:

صفات سورة عبس للشخص المخاطب مترابطة.. وفيها أسوأ من صفة العبوس، ولكن العبوس أظهر منها للعرف!!

فالذي يثبت صفة العبوس لسيد البشر وصاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله، فقد أثبت له البقية! ومع ذلك، فسأغير عبارتي بما لا يسئ إليك.

أما الرواية التي ذكر صاحب مجمع البيان رحمه الله نسبتها إلي الإمام الصادق عليه السلام ولم يعتمد عليها، فقد تتبعتها فلم أجد لها أصلاً في أي مصدر من مصادرنا، ولا في مصادر السنة منسوبة للإمام الصادق عليه السلام!! فهي إذن رواية مرسلة لا سند لها، فهي ساقطة..

ولم يذكر الطبرسي من أين أخذها، ومن عادته أن يأخذ من مصادر العامة كثيراً.

وقد وجدت أصلاً في مصادر العامة، شبيهاً بها منسوباً إلي سفيان الثوري، ولعله هو أصل مأخذ الطبرسي!!

ففي تفسير الثعالبي: 5/551:

ص: 468

قال سفيان الثوري: فكان بعد ذلك إذا رأي ابن أم مكتوم قال: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي عز وجل، وبسط له رداءه.

وفي أنساب السمعاني:1/191:

دخل علي النبي صلي الله عليه وسلم قال له رسول الله: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، وروي: مرحباً برجل عاتبني فيه ربي.. انتهي.

ونحوه في أسباب النزول للواحدي ص 297.

وكل هؤلاء متقدمون علي الطبرسي، وكانت كتبهم معروفة..

وبهذا يترجح أن أصل الكلام لسفيان الثوري، ونسبه بعضهم افتراء إلي الإمام الصادق عليه السلام!

ومما ينبغي ذكره هنا: أن العامة أكثروا الوضع علي لسان الإمام الصادق عليه السلام، لاشتهاره من جهة، ولتأييد مقولاتهم من جهة أخري!

ويكفيك أن تقرأ كتب تفسير المنام، وكتب صنعة الكيميا الشعبية، وقصص تحضير الجان والأرواح.. وأمثالها، لتري كمية المكذوب المنسوب إلي الإمام الصادق عليه السلام، من طرق العامة!!

وكتب (الموسوي) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الثالثة صباحاً:

الأخ الكريم الراصد:

هذه مناقشة سريعة للنقاط الستة التي ذكرها فضل الله في تفسيره:

النقطة الأولي: القول بأن الصلة وثيقة، مجرد ادعاء، ودخوله علي النبي (صلی الله علیه و آله) لا يمكن أن يدل علي وجود علاقة خاصة، فالنبي (صلی الله علیه و آله) كان بيته مفتوحاً للجميع بما فيهم عبد الله بن أم مكتوم.

كما أن استخلافه علي المدينة - علي فرض التسليم به - يدل علي الصلة فقط ولا يدل علي عمقها، ولا علي عمقها من البداية!!

ص: 469

أما القول " لا سيما إذا سلمنا بالرواية " فهذا أسلوب ألفناه! فهل يسلم بالرواية، أم لا؟

وعلي فرض التسليم فغاية ما تدل عليه هو حرصه علي اكتساب العلم، وهل يمكن أن نعتبر كل سائل عن مسألة، أو طالب معرفة آية ذا علاقة وطيدة بالنبي (صلی الله علیه و آله)؟؟

والحاصل: أن التفريع بالقول " وبذلك يكون إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه أو عائلته، اتكالاً علي ما بينهما من صلات عميقة ووحدة صلة " لا يعتمد علي برهان.

فضلاً أن العبوس فالإعراض إذا نظرا معاً يعدان صفة سلبية حتي لو كان مع أحد أفراد العائلة أو أحد

الأصحاب، وخصوصاً إذا نظرنا إلي باقي آيات السورة لما فيها وصف النبي (صلی الله علیه و آله) بالتصدي والتلهي. أما مسألة الإعراض، بتأخير الحدث، إلي وقت آخر، فهي لا تبرر العبوس والإعراض، فهو (صلی الله علیه و آله): و" بالمؤمنين رؤوف رحيم ". وكان بالإمكان إخبار ابن أم مكتوم من دون ذلك العبوس، والعبوس

والإعراض يناسب الفظاظة التي نزه الله تعالي نبيه عنها. هل يتصور في النبي (صلی الله علیه و آله) الذي كان يستحيي أن يطلب المؤمنين بالخروج من بيته كما في قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق ".. أن يعبس في وجه أعمي؟

ص: 470

أما العبوس فسواء كان عبوس احتقار، أو عبوس مضايقة فهو صفة غير لائقة عندما يكون الطرف الآخر مؤمناً، ويشتد الأمر عندما يكون أعمي وما يقتضيه العمي من الرفق والحنان.

نعم قد يكون للأمر تبريره إذا كان العبوس مع كافر يتعدي علي حرمات الله فيكون العبوس غضباً لله عز وجل، أما عندما يكون مع مؤمن من أجل كافر فالتبرير ساقط. أما التنافي مع أخلاقه العظيمة فهو حاصل بالعبوس لأنه يتنافي مع قوله تعالي: " وبالمؤمنين رؤوف رحيم ".

النقطة الثانية: إذا لم يكن للغني أي دخل في الآية، فلم تمت المقابلة بين شخصين من استغني وهو كافر مستكبر، ومن جاء يسعي وهو مؤمن يخشي الله، وهذه المقابلة تعني أن لكل عنوان تأثيره في هذا اللوم المذكور في الآية بالتصدي والتلهي. وهذا يعني أن السورة في صدد التعريض بالمتصدي للأغنياء والغافل عن الأتقياء. وفي هذا (إثبات) إساءة أخلاقية بلا شك لمن نزلت السورة فيه.

النقطة الثالثة: لا مانع أن تكون السورة في مقام توجيه النبي (صلی الله علیه و آله) إلي الإهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشي الله وعدم الإنشغال بالأغنياء، ولكن لا يعني ذلك أن تكون السورة نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، بل التوجيه يمكن القول به أيضاً لو قلنا أن السورة نزلت في غير النبي (صلی الله علیه و آله). فلا مشكلة في التوجيه المذكور في النقطة، بل في المحاذير الحاصلة لو قلنا: بأن المقصود من العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). والخلاصة: أنه لا ينبغي الخلط بين ما تهدف إليه السورة وبين من نزلت فيه السورة.

النقطة الرابعة: آيات سورة الحاقة في مقام بيان صدق النبي (صلی الله علیه و آله) فيما ينسبه إلي الله عز وجل، بحيث أنه لو تقول وافتري علي الله شيئاً لوقع عليه

ص: 471

العذاب، وهل يعقل في أي نبي من الأنبياء فضلاً عن الصادق الأمين وأفضل الأنبياء أن يفتري ويكذب شيئاً علي الله؟؟!!

يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان: 19/405:

فالآيات في معني قوله: " لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً ". الإسراء - 75. وكذا قوله في الأنبياء بعد ذكر نعمه العظمي عليهم: " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ". الأنعام - 88.

أما ما قاله عن آيات سورة الإسراء فهو ما يلي:

والمعني: لولا أن ثبتناك بعصمتنا، دنوت من أن تميل إليهم قليلاً، لكنا ثبتناك فلم تدن من أدني الميل إليهم فضلاً من أن تجيبهم إلي ما سألوا فهو (صلی الله علیه و آله) لم يجبهم إلي ما سألوا ولا مال إليهم شيئاً قليلاً ولا كاد أن يميل. الميزان: 13/173.

وبما مر يتبين حكم آية حبط العمل المعلق علي الشرك، وقد قال السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء ص 119:

مسألة: فإن قيل: فما معني قوله تعالي مخاطباً لنبيه صلي الله عليه وآله " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وكيف يوجه هذا الخطاب إلي من لا يجوز عليه الشرك ولا شئ من المعاصي؟

الجواب: قد قلنا في هذه الآية أن الخطاب للنبي (صلی الله علیه و آله) والمراد به أمته، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة. والأمر هنا في سورة عبس ليس علي نحو " لو " وعلي نحو " لئن "، وعلي نحو " الإفتراض "، بل هو علي نحو الحكاية والإخبار، وبالتالي المقارنة بين التحقق والافتراض غير صحيحة.

ص: 472

النقطة الخامسة: تأديب الله لنبيه يعني إلتزام النبي بما أدبه الله لا المخالفة، ومهما يكن هدف الآية فحاشا النبي (صلی الله علیه و آله) أن " تترك الأجواء الضاغطة تأثيرها الخفي علي نفسه بطريقة لا شعورية، فيلتفت إلي الأغنياء رغبة في الإمتيازات الحاصلة عندهم "، فهل نحن نتحدث عن زيد وعمر حتي تؤثر فيه بعض الأمور بطريقة لا شعورية، أم عن سيد الأنبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله)؟

والعجيب أن من يقول: " وربما كان ذلك علي طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة ليكون الخطاب للأمة، من خلال النبي "، لماذا لا يفرض أن الخطاب في السورة في بعض مقاطعها من الباب الذي يفترضه أي: إياك أعني واسمعي يا جارة!!!!

فيكون العابس هو شخص آخر ويتوجه الخطاب للنبي في بعض الآيات من باب الطريقة التي ذكرها.

وبهذا التوجيه يكون قد عالج بنفسه ما جعله معضلة في النقطة السادسة!!

النقطة السادسة: إن توجيه الخطاب إلي النبي (صلی الله علیه و آله) في بعض الآيات التي فيها الكلام علي نحو الحضور لا يعني أنه هو العابس في الآيات التي علي نحو الغيبة، وكما أشار بنفسه في النقطة الخامسة، فمن الجائز أن يكون الخطاب للنبي (صلی الله علیه و آله) من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، وكون التزكية من أعظم المسؤوليات التي يضطلع بها النبي (صلی الله علیه و آله) لا يعني أن هذه المسؤولية مرتفعة عن غير النبي (صلی الله علیه و آله) ولو بدرجة متدنية. للحديث بقية.

ثم كتب (الموسوي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الأخت الفاضلة إيمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 473

أعتذر في البداية عن التأخر في الرد بسبب بعض الإنشغالات وهذه بعض الملاحظات، أرجو أن يتسع لها صدرك.

قلت: " إن من العار علي مسلم يؤمن برسول الله صلي الله عليه وآله ويؤمن بعصمته أن يضع نفسه في موقع الحكم علي ما يخرج الرسول صلي الله عليه وآله من العصمة ".

أقول: هل يعني ذلك أن نعطل عقولنا لتبقي العصمة شيئاً معلقاً في الهواء لا تطبيق له، فلا يمكننا أن نحكم علي الهراء المنقول في كتب أهل السنة حول الأنبياء (علیه السلام) وما يشينهم.

ما الفائدة من اعتقاد يفتقد إلي تطبيق بل يحصل التطبيق فيه عكس الإعتقاد. وأين العار في تنزيه النبي من العبوس؟

قلت: " ومن قال بأن الآية أنزلت في الرسول صلي الله عليه وآله فلم يجرم في شئ إذ ظاهر الآية فيه والروايات اختلفت في التأويل ".

أقول: من أين استكشفت أنه ظاهر؟ وهل مجرد وجود الروايات كافٍ للأخذ بها؟ وهل يمكن أن تذكري رواية شيعية واحدة تصرح بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). نعم روايات أهل السنة ذكرت أنه النبي (صلی الله علیه و آله)!!!

قلت: " قد يكون هناك أيضاً تأويلات أخري لم تكشف لنا بعد ترفع هذا اللبس نهائياً.. ومن الخطأ تأويل كل آية لما يخالف ظاهرها لمجرد أن هناك أمور غامضة لم نفهمها بعد!! ".

أقول: إن اكتشفت شيئاً من تلك الوجوه فنحن مصغون لها ولكن حسب ما جاء في القرآن من خلق النبي (صلی الله علیه و آله) فإننا نرفض ما قيل في سبب نزولها بالنبي (صلی الله علیه و آله).

قلت: " وأما الحديث الذي تذكره ويبدو أنك تعتقد بأني علقت علي الموضوع سابقاً ولم أفعل!! " فإن حجية الأحاديث غير حجية آية صريحة من

ص: 474

القرآن.. والأولي في كل الحالات: أن لا يقف المسلم عند هذه الأحاديث من الطرفين، لأنها لا تليق بالذكر احتراماً لمقام الرسول صلي الله عليه وآله.

[صدقت أو كذبت].. وأزيد عليه أن إثارته لا يدل علي أن الحق عند أي من الطرفين!!

أقول: إن الحديث الذي أوردته - والذي يفيد بول النبي قائماً والعياذ بالله - قد جاء من طرق أهل السنة، وأنا أنزه النبي صلي الله عليه وآله عن ذلك، وقد أوردته من جهة أنه مروي ومستنكر، والجهة في استنكاره موجودة في العبوس..

ولكنني أسألك هل تعتقدين بما نسبوه إلي النبي من البول قائماً؟ هل ترين فيه ما يشين النبي (صلی الله علیه و آله)؟ ولماذا؟ أظن أن الإجابة علي هذا السؤال ستعين علي حل اللبس الحاصل في الآية.

قلت: " وأكرر بأني لست في صدد الترجيح لأحد القولين ولكن كما تعلمون بأن المفسرين اختلفوا في تأويل الكثير من الآيات والآية لها وجوه محتملة وما لم يكن الوجه الذي يقول به الطرف الآخر مخالفاً للعقل والشرع فعلينا أن نحتمله ولا نرفضه قطعياً دون دليل ".

أقول: ميلك إلي أحد الرأيين واضح، ولكن كما بينا فإن رفضنا للقول الآخر مستندٌ إلي الدليل لمنافاة العبوس والتصدي للأغنياء والتلهي عن المؤمنين مع ظواهر الأدلة في القرآن والحديث من خلق النبي العظيم.

قلت: " ونعلم يقيناً أن الأولي الأخذ بظاهر القرآن إلا إذا امتنع ذلك قطعياً.. والأخ الراصد ذكر وجوه منطقية لا يبقي هذا الإمتناع لا عقلياًّ ولا نقلياًّ ".

أقول: ظاهر القرآن لا يدل علي أن العتاب للنبي، بل أن ظاهر القرآن الذي يثبت اهتمام النبي بالمؤمنين ورأفته بهم وخلقه العظيم يدعو إلي القول بأن المراد

ص: 475

شخص آخر، ويعضد هذا الظاهر ما روي عن أهل البيت (علیهم السلام). والوجوه المذكورة قد تمت الإجابة عليها.

وللعلم فإن هذه الوجوه ليست للأخ الكريم الراصد بل هي لفضل الله!!!

قلت: " ويحتمل أن بعض المفسرين المتقدمين غفلوا عن هذه الوجوه، لذلك وجهوا الآية لغير ظاهرها، لذلك فلا مانع من إعادة النظر والبحث في مثل هذه الآيات مرة أخري بغرض الوصول إلي الحقيقة، والحقيقة مهما كانت فلن تكون ضد العصمة الثابتة عقلاً ونقلاً، فلماذا التكلف والإصرار علي ما ألفناه من تأويل للآيات؟!! ".

أقول:

أولاً: لا تأويل في الآيات، لأن التأويل حينما يكون هناك ظاهر لا يمكن قبوله، وهنا الظهور غير معلوم.

ثانياً: هناك روايات تصرح بأن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله) فليست المسألة مجرد تفسير بغض النظر عن سبب النزول، ومن ثم فلا تكلف، بل نقل للإستظهار الناشئ من القرآن والحديث.

قلت: " تذكر بعض التفاسير المؤيدة بأن الآية أنزلت في غير النبي صلي الله عليه وآله بأن الشخص المقصود كان كافراً - أو منافقاً - حاضراً في مجلس الرسول صلي الله عليه وآله.. ألا ترون أن آية تنزل في عتاب (كافر) لأنه عبس أمر عجيب!! ".

أقول: لم يقل أحد أن من نزلت فيه الآية كان كافراً وجميع كلامك الباقي مبتنٍ علي هذا الأصل، وهو إما غير ثابت، أو ثابت خلافه.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

السلام عليكم، الأخوة العاملي والموسوي.. شكراً علي ردودكم..

ص: 476

ذكرت سابقاً أني أكره أن أخوض في مثل هذا الحوار عن عصمة الرسول صلي الله عليه وآله، وذلك لأني أري أنه من العار لمن يعرف عظمة الرسول صلي الله عليه وآله ورفعة مقامه أن يقيم عصمته وما يخرج منها.. فالخوف كل الخوف أن يقدح أحد منا في هذه العصمة، من حيث لا أدري..

فمثلاً لنفترض جدلاً أن تكون الآية نزلت في الرسول صلي الله عليه وآله في علم الله تعالي، وقمنا بالإصرار علي نفي ذلك بدعوي أنها تنافي العصمة - بغير علم - ألا يكون قولنا هذا طعناً وقدحاً في عصمة الرسول صلي الله عليه وآله لو تبين أنه غير ذلك؟!!

فالقول باحتمالية - وليس القطع بدون أدلة ثابتة - بأنها أنزلت في الرسول صلي الله عليه وآله ولكن بمفهوم أنها لا تطعن في عصمته - بأي وجه من الوجوه المتقبلة عقلاً وشرعاً - هو أكثر أمناً، إذ لن يطعن في العصمة لو ثبت غير ذلك من أي طريق!! فتأملوا إخواني في هذا!!

ولقد ذكرت أن ظاهر الآيات تدل علي أن المقصود هو الرسول صلي الله عليه وآله لعدة أسباب أشير إليها موجزة هنا:

1 - الروايات التي تنكر أن الآية نزلت في الرسول صلي الله عليه وآله كان رجلاً من بني أمية، وبعضها تصرح باسم أحدهم وعلي هذا فقد احتملت أن يكون الشخص المقصود إما كافراً أو منافقاً..

ولقد ذكرت أن جرم المنافق أو الكافر أكبر بكثير من أن يعاتب في القرآن علي مثل العبوس في وجه أعمي لا يري عبوسه!!

2 - الآية تذكر: " وأما من جاءك يسعي وهو يخشي فأنت عنه تلهي " فهل جاء الشخص للرسول صلي الله عليه وآله أو للرجل المقصود بالعبوس؟!!

ص: 477

فإن قلنا للرسول صلي الله عليه وآله فيعني ذلك أن ضمير المخاطب يعود للرسول صلي الله عليه وآله في كل الآيات، إذ أن تنقل الخطاب من الرسول صلي الله عليه وآله إلي غيره في الآيات لا دليل عليه..

وأما إن قلنا بأنه جاء غير الرسول صلي الله عليه وآله، فإنه لا معني لخشية الأعمي وسعيه من أجل التذكر..

3 - الآية تذكر: " وما عليك ألا يزكي " أي: لن تحاسب إن لم يزكي من استغني. والتزكية كانت مسؤولية الرسول صلي الله عليه وآله خاصة دون غيره من المسلمين.. وكذلك الآية التي تذكر: " وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري "..

4 - الآية تستخدم أسلوب الخطاب المباشر للرسول صلي الله عليه وآله وبأسلوب المفرد وفي قضية محددة المعالم ولها سبب نزول واضح، ونحن نعلم يقيناً أن القرآن الكريم جاء لهداية البشر لا فتنتهم، فلا بد من سبب وجيه لاستخدام الأسلوب الخطابي المباشر غير: إياك أعني واسمعي يا جارة، وهذا ما لم يفسره أحد بصورة منطقية ومفهومة!!

5 - الآية استخدمت أسلوب الغائب في الآية الأولي " عبس وتولي " رغم أن الآيات اللاحقة تستخدم أسلوب المخاطب، ولا بد من سبب وجيه أيضاً لذلك قلت قد يكون للآية تأويل لم نعرفه بعد فإن كانت هذه الآية خاصة هي ما تثير الشك عند من يظن العبوس يقدح في العصمة، فقد تكون الآية

تذكر العبوس لغير الرسول صلي الله عليه وآله - أي لا تكون كذاك الذي يعبس في وجه الأعمي - ولكن تثبت العتاب له، أي إن موقفك في الإصرار علي تزكية المستغني - من أجل إعزاز الدين - ليس مما كلفت به بل عليك بمن: " جاءك يسعي وهو يخشي " فلا يجب أن تلتهي عنهم بغيرهم.. هذا مجرد

ص: 478

احتمال ولكنه وارد ويرفع الإشكال.. واحتمال آخر أن يكون الإبهام مراده عدم إلفات المسلمين للعبوس – لأنه غير ما يعرفون مما يقدح كمال الخلق - بل ما يعتبه هو تصديه لمن هو مستغن ٍعن الهداية - بقصد إعلاء الدين لا لماله!! -.. هذا آخر ما لدي في الموضوع. وأرجو العذر إذ أنني سأتوقف عن مواصلة الحوار في هذه المسألة إذ أن لا جديد لي فيها، ولا أحب المواصلة من منطلق الجدل وإثبات الرأي.. وفقكم الله تعالي وتقبل أعمالنا جميعاً..

وكتب (الموسوي) بتاريخ 6 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

في تفسير تقريب الأذهان: 30/43، للسيد محمد الشيرازي:

قد نزلت هذه السورة في عثمان بن عفان، حيث كان عند الرسول (صلی الله علیه و آله) مع جملة من أصحابه، فجاء أعمي وجلس قرب عثمان، فعبس عثمان وجهه وتولي عنه وجمع ثيابه وأقبل علي بعض الجالسين الآخرين الذين كان لهم ثراء، فنزلت الآيات. ومن غريب الأمر أن بعض بني أمية المبغضين للرسول (صلی الله علیه و آله) نسب هذا الأمر إلي الرسول لتبرئة ساحة قريبهم عثمان، وقال: إن الرسول هو الذي عبس وتولي مخالفاً بذلك نص القرآن العظيم: " إنك لعلي خلق عظيم " " وبالمؤمنين رؤوف رحيم " " وعزيز عليه ما عنتم حريص عليكم ". وغيرها. ثم جاء جماعة من الوهابيين فأخذوا يلحسون قصاع الأمويين في نسبة هذه السبة إلي الرسول بتزويقات وزخارف من القول، وقد صار ذلك حراباً في أيدي الصليبيين في الهجوم علي الرسول (صلی الله علیه و آله) حتي أن بعض كراريسهم كتبت أيهما خير المسيح أو محمد، فإن الأول: كان يبرئ الأعمي بنص كتابكم " يبرئ الأكمه والأبرص "، والثاني: كان يعبس ويتولي إذا جاءه الأعمي بنص كتابكم. للحديث بقية.

ص: 479

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (نسبوا الصفات السيئة في سورة عبس إلي نبيهم.. بدون حديث مسند أبداً!!)، قال فيه:

من عجائب ما وصلتُ إليه في البحث عن الأصل الذي اعتمد عليه مفسرو العامة في زعمهم أن المخاطب بسورة عبس هو سيد البشر، وصاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله، واعتمدوا عليه نسبتهم الصفات السيئة في السورة إلي مقامه السامي.. أني لم أجد أي أصل مسند علي الإطلاق لروايتهم التي تزعم أن النبي صلي الله عليه وآله كان يقول إذا جاءه الأعمي ابن أم مكتوم: مرحباً مرحباً بالذي عاتبني فيه ربي!!

فلا أصل مسنداً لها في مصادرنا، لا عن النبي صلي الله عليه وآله ولا عن الإمام الصادق عليه السلام!!

وكذلك لا أصل مسنداً لها في مصادر السنيين علي الإطلاق، في أكثر من ألف مجلد من مصادر الحديث التي فتشت فيها!!!

فابن الجوزي نسب هذا القول في زاد المسير إلي المفسرين بدون تعيين! قال في ج 8 ص 179:

قال المفسرون: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، وأمية وأبياًّ ابني خلف، ويدعوهم إلي الله تعالي، ويرجو إسلامهم فجاء ابن أم مكتوم الأعمي، فقال: علمني يا رسول الله مما علمك الله، وجعل يناديه ويكرر النداء، ولا يدري أنه مشتغل بكلام غيره، حتي ظهرت الكراهية في وجهه صلي الله عليه وسلم لقطعه كلامه، فأعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأقبل علي القوم يكلمهم، فنزلت هذه الآيات، فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكرمه بعد ذلك ويقول: مرحباً بمن عاتبني فيه

ص: 480

ربي. وذهب قوم، منهم مقاتل، إلي أنه: إنما جاء ليؤمن فأعرض عنه النبي صلي الله عليه وسلم اشتغالاً بالرؤساء فنزلت فيه...

والقرطبي نسبه في تفسيره: 19/213، إلي سفيان الثوري، قال:

قال سفيان الثوري: فكان النبي صلي الله عليه وسلم بعد ذلك إذا رأي ابن أم مكتوم يبسط له رداءه ويقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويقول: هل من حاجة؟

وكذلك قال الثعالبي في تفسيره: 5/551

أما الواحدي في أسباب النزول - 297، فلم ينسبه إلي أحد، لكن أرسله إرسال القبل، قال:

قوله تعالي: " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " وهو ابن أم مكتوم، وذلك أنه أتي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وعباس بن عبد المطلب وأبياًّ وأمية ابني خلف،

ويدعوهم إلي الله تعالي ويرجو إسلامهم، فقام ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله، علمني مما علمك الله، وجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل علي غيره، حتي ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم لقطعه كلامه، وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس رسول الله صلي الله عليه وسلم وأعرض عنه وأقبل علي القوم الذين يكلمهم، فأنزل الله تعالي هذه الآيات، فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه، وإذا رآه يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي. انتهي.

ونحوه السمعاني في الأنساب: 1/191.

ولم أجد في الصحاح الستة إلا رواية وردت فيها عبارة مشابهة، هي قول للراوي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وليست حديثاً مرفوعاً ولا مقطوعاً!!

ص: 481

ففي سنن النسائي: 6/210:

عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، قال:حدثنا أبي عن شعيب، قال: قال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن عمرو بن عثمان، طلق ابنة سعيد ابن زيد، وأمها حمنة بنت قيس البتة، فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالإنتقال من بيت عبد الله بن عمرو، وسمع بذلك مروان، فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلي مسكنها حتي تنقضي عدتها، فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة أفتتها بذلك، وأخبرتها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أفتاها بالإنتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي، فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلي فاطمة فسألها عن ذلك، فزعمت أنها كانت تحت أبي عمرو لما أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب علي اليمن خرج معه فأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها، فأمر لها الحرث بن هشام وعياش ابن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت إلي الحرث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها.

فقالا: والله مالها علينا نفقة، إلا أن تكون حاملاً، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا.

فزعمت فاطمة أنها أتت رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فصدقهما.

قالت: فقلت: أين أنتقل يا رسول الله؟

فقال: انتقلي عند ابن أم مكتوم، وهو الأعمي الذي عاتبه الله عز وجل في كتابه، فانتقلت عنده، فكنت أضع ثيابي عنده، حتي أنكحها رسول الله صلي الله عليه وسلم، زعمت أسامة بن زيد!!! انتهي.

ص: 482

وهذه الرواية لو صحت فلا حجة فيها، لأنها ليست من قول النبي صلي الله عليه وآله، ولا هي مسندة عنه! بل من تعليق الراوي أو الراوية صاحبة القصة!

ولهذا السبب رواها العظيم آبادي في عون المعبود بلفظ (قيل) ولم يستعمل حتي كلمة (روي) بسبب أنها قول، وليست حديثاً!

قال في ج 8 ص 107:

قيل إنه صلي الله عليه وسلم إنما ولاه الإمامة بالمدينة إكراماً له وأخذاً بالأدب فيما عاتبه الله عليه في أمره في قوله: " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " وقد روي أن الآية نزلت فيه. انتهي.

والسؤال: كيف تجرأ المفسرون السنيون علي نسبة هذه الصفات السيئة إلي رسول الله صلي الله عليه وآله!!

وهل يكفي أن يروا مفسراً يذكرها مرسل فيقلدونه؟!! ثم.. إن فعلوا هم ذلك!!

فهل يصح لنا نحن شيعة أهل البيت الطاهرين الذين ننزه رسولنا وآله صلوات الله عليهم عن النقائص التي نسبوها إليهم.. أن نقلد من ينتقص من مقامهم، ويفتري عليهم؟!!

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية والثلث ظهراً:

الأدلة من داخل السورة علي أن الشخص العابس ليس النبي صلي الله عليه وآله.

من يتأمل سورة عبس يقتنع بأنها تتحدث عن نموذج من الشخصيات السيئة المنافقة في مجتمع مكة!!

ولئن كان نزولها في مكة، فإن الآية 31 من سورة المدثر نزلت قبلها، وتحدثت عن الذين في قلوبهم مرض من المسلمين، وهم المنافقون!!

ص: 483

ومسألة وجود المنافقين في المرحلة المكية موضوع يحتاج إلي بحث مستقل..

لكن غرضنا هنا أن نبين أن المخاطب الموصوف في السورة، ليس نبينا صلي الله عليه وآله، وذلك:

أولاً: أن ظاهر صفاتها أنها عادة وسلوك دائم للشخص العابس.. وليست حالة نادرة، كما يريد من ينسبها إلي النبي صلي الله عليه وآله.

ثانياً: أن صفة: " تولَّي "، عندما تستعمل في القرآن مطلقة، تعني التولي عن الدين والإعراض عنه.. وهذا لا ينطبق علي النبي صلي الله عليه وآله.

ثالثاً: ظاهر صفة التصدي للأغنياء أنها عادةٌ ودأبٌ لذلك العابس.. والمعهود من صفة النبي صلي الله عليه وآله ضدها، حتي طلب منه الأغنياء إبعاد الفقراء من مجلسه!!

رابعاً: " فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي " لا يصح نسبتها إلي النبي بحال ووصفه بأنه يهتم بالشخص بشرط أن يكون غنياًّ فقط، ولا يبالي أن يتزكي ويؤمن، أم لا! وهو الذي وصفه الله تعالي بأنه يحرص علي هداهم أكثر مما أوجب عليه!! وكذلك التلهي عمن جاءه يخشي ويتذكر، حتي لو

لم يكن أعمي!!

خامساً: " كلا إنها تذكرة... " رد لذلك النموذج العابس في وجوه الفقراء المؤمنين، وبيان أن الحجة عليه تامة إن أراد أن يتذكر أو يتولي.. وهذا لا ينطبق علي النبي صلي الله عليه وآله!

سادساً: أن السورة قطعة واحدة في محورها ودوائره التي تدور حوله.. فهي تستمر في بيان أهمية التذكرة الإلهية التي يحملها سفرة كرام بررة من الملائكة والرسل، وموقف الإنسان المكذب بها..

ص: 484

ويلاحظ أن صفاتها استمرار لصفات الإنسان العابس، الذي يعيش بمقاييس مادية، ولا يهتم بالدين ولا بتزكية النفس البشرية وتكاملها..

وموقع نبينا صلي الله عليه وآله من هذه اللوحة أنه سيد سفراء الله إلي عباده.. فكيف يكون هو العابس المتولي المحترم للأغنياء المتلهي عن الفقراء، إلي آخر الصفات الشديدة لذلك الإنسان المادي الكافر بأنعم ربه؟!!

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

السلام عليكم أخي العاملي:

أشكرك علي هذا الموضوع المحترم، ووفقك الله للذود عن حياض الإسلام ونصرة محمد وآله الطاهرين (علیه السلام).

عندي تساؤل حول تفسير السورة الكريمة، فقد أشكل أحد الأشخاص علي في أن لغة المخاطب دائماً تستخدم للحديث مع الرسول الكريم (صلی الله علیه و آله)، فلا أدري كيف الرد علي هذا الإشكال، وخصوصاً أن الآيات تتكلم بلغة المخاطب لفرد.

أفيدونا أفادكم الله. ورحم الله والديك.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

أود أن أضيف هاتين الملاحظتين استكمالاً للبحث القيم الذي تفضل به الأخ العزيز العاملي:

1 - ذهب ابن العربي من أهل السنة إلي أن السورة قد نزلت في المدينة وليس في مكة. راجع نهاية المسألة الثانية من تفسير السورة في تفسير القرطبي.

وقد ذكر الطبري في تفسيره أن ابن أم مكتوم رجل من الأنصار. تفسير الطبري: 12/444 الحديث رقم 36325 - طبعة دار الكتب العلمية - 1992.

ص: 485

2 - إن أكثر ما جاء في سبب النزول هو عن طريق أهل السنة، ولم يأت من طريق الإمامية حسب تتبعي في كتب التفسير الروائية، كنور الثقلين والبرهان سوي ثلاثة روايات، الأولي في تفسير القمي وهي صريحة في أن العابس هو عثمان، وروايتان ذكرهما الطبرسي في مجمع البيان، ولم أعثر عليهما في غير هذا الكتاب، وهما مرويتان عن الإمام الصادق (علیه السلام)، وواحدة منهما تنص أن العابس رجل من بني أمية، والأخري تقول أن النبي (صلی الله علیه و آله) كان إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم يقول له: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً، وهذه الرواية كما أسلفنا لا تدل علي أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل الظاهر منها أنها تنفي وقوع العتاب علي النبي (صلی الله علیه و آله) وتعرض بالعابس.

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 6 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

إذا كنت تعتقد أنه لا يوجد أثر صحيح في كتب السنة، ولا كتب الشيعة في تحديد العابس، فلماذا تحمل السنة تبعة هذا القول.. لماذا لا يكون العكس هو الصحيح.. أن السنة يقلدون الشيعة في هذ

الأمر..

ثم ما معني قولك: " فهل يصح لنا نحن شيعة أهل البيت الطاهرين الذين ننزه رسولنا وآله صلوات الله عليهم عما النقائص التي نسبوها إليهم.. أن نقلد من ينتقص من مقامهم، ويفتري عليهم؟!! "

هل يفهم من كلامك أن كل يفسر أن العابس هو المصطفي صلي الله عليه وسلم ينتقص من مقامه؟؟

هل الشيخ فضل الله والشيخ مغنية وغيرهم من مفسري الشيعة ينتقصون من مقام النبي صلي الله عليه وسلم؟؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (الموسوي) بتاريخ 6 - 3 - 2000، العاشرة والثلث مساءً:

ص: 486

مع الإعتذار للأخ العزيز العاملي..

ومتي كان أهل السنة يرجعون إلي الشيعة ويقلدونهم؟؟؟؟

ونعم، من ينفي كون العابس هو الرسول فإنما ينفيه لكونه انتقاصاً للنبي (صلی الله علیه و آله).

ألم تقرأ حتي الآن أقوال النافين كالسيد المرتضي وغيره؟

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 7 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

ومتي كان الشيعة المبغضون للصحابة رضوان الله عليهم يقبلون روايات أهل السنة وينقلون عنهم؟

وهل من يثبت العبوس للمصطفي (صلی الله علیه و آله) منتقص له أمثال فضل الله وجواد مغنية وغيرهم؟

ثم ما حكم منتقص الرسول صلي الله عليه وسلم؟؟؟

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

إن الشيعة محبة ومبجلة للصحابة ولكن ليس كل الصحابة، فهل من آذي رسول الله صلي الله عليه وآله كمن كان وفياًّ له؟

إن صحابتكم طعنوا برسول الله صلي الله عليه وآله وهو علي فراش الموت، فهل تطلب منا إجلال من فعل ذلك؟

الذين طردهم من عنده صلي الله عليه وآله كالذين بقوا معه؟

الذين تركوا جنازته وذهبوا ينهبون حق أهل بيته، كالذين بقوا مع جنازته؟

لقد أعماكم حب الحزب القرشي المتمثل بأبي بكر وعمر حتي عن حب الرسول صلي الله عليه وآله! وأخذتم تلتمسون الأعذار لهم ضد النبي. ورحم الله أبا فراس الحمداني حين يقول:

يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركم... من معشر بيعهم يوم الهياج دم

ص: 487

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

الفرق واضح فافهم!

لم يقل أحد من قدماء الشيعة أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بينما اتفقت كلمة القدماء والمتأخرين من أهل السنة أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، ولا تجد القول بنسبة العبوس عند النبي (صلی الله علیه و آله) لدي الشيعة إلا عند المتأخرين منهم. وبالتالي فلا وجه لاحتمال اقتباس السنة من الشيعة. وإثبات العبوس والإعراض والتصدي للأغنياء والتلهي عن الفقراء للنبي (صلی الله علیه و آله) انتقاص له في نظر كبار علماء الطائفة كالسيد المرتضي وابن شهرآشوب المازندراني والشيخ الطوسي.

ولكن ليس كل انتقاص يستوجب تفسيق أو جرح من ينسبه للنبي (صلی الله علیه و آله)، فإنه يكون كذلك إذا كان عالماً بأن في قوله أو فعله هذا منتقص له مسئ إليه، أما مع جهله لشبهة طرأت في ذهنه.. فلا.

وانتهي الموضوع وغاب المسلم المسالم!

ص: 488

الفصل التاسع: هل مات النبي صلی الل علیه و آله مسموما؟

ص: 489

ص: 490

هل مات النبي صلی الل علیه و آله مسموما؟

كتب (عمار بن ياسر) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 18 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أريد الروايات.. التي تقول أن النبي (صلی الله علیه و آله) مات مسموماً، وخصوصاً من مصادر السنة؟)، قال فيه:

أحتاج إلي الأحاديث التي تقول أن النبي صلي الله عليه وآله قد مات علي أثر السم الذي سقته إياه المرأة اليهودية..

فهل من ملب لهذا الطلب وأجره علي الله. مع خالص تحياتنا وشكرنا مقدماً.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 4 - 2000، التاسعة صباحاً:

في البخاري: 3/141:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن يهودية أتت النبي صلي الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها، فقيل ألا نقتلها؟ قال: لا.

قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ونحوه في مسلم: 7/14، وفيه: عن أنس بن مالك يحدث أن يهودية جعلت سماًّ في لحم ثم أتت به رسول الله صلي الله عليه وسلم، بنحو حديث خالد.

وفي سنن أبي داود: 2 / 368:

ص: 491

أنس بن مالك، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجئ بها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك.

فقال: ما كان الله ليسلطك علي ذلك. أو قال: (عليَّ).

فقالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا.

فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلي الله عليه وسلم.

عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلي النبي صلي الله عليه وسلم شاة مسمومة، قال: فما عرض لها النبي صلي الله عليه وسلم.

قال أبو داود: هذه أخت مرحب اليهودية التي سمت النبي صلي الله عليه وسلم. 4510 - حدثنا سليمان بن داود المهري، ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: كان جابر بن عبد الله يحدث أن يهودية من أهل خيبر سمت شاة مصلية، ثم أهدتها لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم الذراع، فأكل منها وأكل رهط من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم: إرفعوا أيديكم.

وأرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي اليهودية فدعاها، فقال لها: أسممت هذه الشاة؟

قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: أخبرتني هذه في يدي، للذراع.

قالت: نعم. قال: فما أردت إلي ذلك؟

قالت: قلت: إن كان نبياًّ فلن يضره، وإن لم يكن استرحنا منه.

فعفا عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يعاقبها، وتوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة، واحتجم رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كاهله من

ص: 492

أجل الذي أكل من الشاة، حجمه أبو هند بالقرن والشفرة، وهو مولي لبني بياضة من الأنصار.

4511 - حدثنا وهب بن بقية، ثنا خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية..

نحو حديث جابر، قال: فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلي اليهودية: ما حملك علي الذي صنعت؟ فذكر نحو حديث جابر، فأمر بها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقتلت، ولم يذكر أمر الحجامة.

4512 - حدثنا وهب بن بقية، عن خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة.

وثنا وهب بن بقية في موضع آخر، عن خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ولم يذكر أبا هريرة، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة، زاد: فأهدت له يهودية بخيبر شاة.

[تم مسحه من قبل الملاحظ العام لمخالفته الصريحة لقوانين شبكة هجر!!]

[هذه المشاركة حررت بواسطة ملاحظ هجر في 21 - 4 - 2000].

قال العاملي:

والذي مسحه الملاحظ مراعاة لاعتراض (البدوي) هو: احتمال أن تكون وفاة النبي صلي الله عليه وآله، بسبب دواء مسموم لدوه به!!

فقد كانت امرأة من اليهود تدخل علي عائشة، ولعلها هي التي هيأت الدواء الذي أعطته إياه عائشة، في قضية اللد المعروفة.

وسيأتي العبارة الممسوحة في كلام عمار بن ياسر، وأحاديث لدِّ عائشة للنبي صلي الله مع نهيه وتشديده عليهم أن لا يلدوه إذا أغمي عليه!!

ص: 493

فكتب (الرباني)، العاشرة صباحاً:

أخي عمار:

يقول رب العزة وهو أصدق القائلين " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " يقول له رب العزة: " والله يعصمك من الناس " ونحن نشك في قدرة رب العزة علي عصمته؟!

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 19 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً:

الأخ الكريم الرباني: السلام عليكم.

إن الله سبحانه وتعالي قد عصم النبي من الناس في مسائل التبليغ، وعلي رأينا في مسألة تبليغ الإمامة وأخذ البيعة عليها والعهود علي عدم نكثها، وقد صدق الله وعده لرسوله.

أما أن يموت النبي صلي الله عليه وآله قتلاً في المعركة أو عن طريق السم، فهو أمر لا علاقة للآية به وخارج عن موضوعها تماماً.

فقولك: " يقول له رب العزة والله يعصمك من الناس ونحن نشك في قدرة رب العزة علي عصمته "، لا محل له في موضوعنا البتة.

أخي الكريم والأستاذ الكبير العاملي:

الروايات التي ذكرتها مشكوراً تشير إلي أن النبي صلي الله عليه وآله قد شرب السم، لكنها ل

تصرح بأنه قد مات علي أثر هذا السم.

وأذكر أنني قرأت رواية أو أكثر من كتب إخواننا السنة تقول: بأن النبي صلي الله عليه وآله قد قال لإحدي زوجاته بما معناه: أن أثر سم فلانة أخذ يسري في بدني.. أو هكذا عبارة.

فأرجو ممن وجدها أن ينقلها لنا ونحن له من الشاكرين.

ص: 494

أما عبارتك الأخيرة: " ولا تنسَ أيها الأخ أحاديث لد النبي صلي الله عليه وآله في مرضه، عندما أغمي عليه، رغم أنه نهاهن عن ذلك!!! فهو أمر يوجب الشك في أن اليهود أعطوا السم لعائشة، وكانت خادمتها يهودية!! ".

فلم أفهم ماذا تقصد بها، وهل هي إشارة إلي رواية ما، أم لا؟؟

فالعبارة غامضة أرجو التوضيح، ولكم الشكر.

فكتب (الرباني)، السابعة مساءً:

أخي الكريم: كيف حكمت أن لا علاقة للآية بما تقول.

وكيف يترك رب العزة رسوله تحت رحمه البشر، ولا تقبل بذلك أصغر دولة في العالم لسفير لها.

أرجو أن لا يكون ذلك لغاية في نفس يعقوب.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 4 - 2000، العاشرة مساءً:

الأخ الرباني:

كان النبي صلي الله عليه وآله يطلب من القبائل حمايته من قريش حتي يبلغ رسالة ربه..

وقد اتخذ الحرس إلي آخر عمره الشريف.. وهذا يدل علي أنه معرض للقتل..

فلو كانت العصمة كما تقول لما لزمه ذلك، بل كان منه نقص إيمان بعصمة الله له من القتل!!

ولما صح أن يقول الله تعالي: " فإن مات أو قتل "..

وأنت لو عرفت أنت أنك معصوم من القتل لرفعت عنك الحراسة!!

فلا بد أن يكون المقصود بعصمته من الناس عصمته من ارتدادهم في حياته.

الأخ عمار: نعم، أذكر عبارة من هذا النوع، ولعلي أجدها إن شاء الله.

ص: 495

فكتب (الرباني)، الحادية عشرة ليلاً:

أخي الكريم: من قال إن الرسول الكريم اتخذ حرساً في حياته؟ ومن كان حارسه الشخصي؟

إذن العصمة التي حددها رب العزة - ومعني العصمة معروف لا يحتاج إلي كثير جدال - هي متعلقة بالتبليغ، أما كقائد جيش فإنها أمر آخر..

ترك الله الباب مفتوحاً عنده، في كلامه: " أفإن مات أو قتل ".

ومن المعلوم، حسب الروايات أن الرسول الكريم تعرض لمحاولات اغتيال كثيرة كان رب العزة ينجيه منها، فهل تكون محاولة السم هذه محاولة لم يعلم بها رب العزة، حتي استطاعت تلك المرأة أن تنجح فيها!

لقد رفع الله المسيح بن مريم إلي السماء عندما كانت النتيجة ستؤول إلي قتله تكريماً له. فهل كرامة نبينا أقل عند الله من المسيح حتي يسمح ليهودية بأن تقتله سماًّ؟!

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ الرباني:

كنت أتصور أنك صاحب درك أكثر من هذا! كلامك عجيب غريب في هذا الموضوع!

لو أن قتل نبي هو إنقاص من كرامته، فلماذا قتلت الأنبياء؟! ولماذا سمح الله بقتل يحيي عليه السلام وغيره من الأنبياء؟!!

ولو كانت كرامة الأنبياء بالرفع إلي السماء كما رفع عيسي عليه السلام إلي السماء، فلماذا لم يرفع نبينا إلي السماء، وجعله يموت علي فراش الموت؟!!

ص: 496

لست أدري ما هو وجه النقص والإهانة في أن يموت النبي مقتولاً أو مسموماً، وخصوصاً إذا حان أجله ودنت ساعته، فبالإضافة إلي تحصيله درجة النبوة يحصل علي درجة الشهادة " فالقتل لنا عادة وكرامتنا عند الله الشهادة ".

فالله يعصم نبيه في تبليغ رسالته إلي أن ينتهي أجلها، وقد فعل ذلك ونجاه من محاولات القتل والسم الكثيرة لأن ساعته لم تدنُ بعد، ولكن إذا حان أجلها فلا موضوع للعصمة كي يمتنع السم عليه أو القتل.

والدليل علي ذلك - لو ثبت أنه مقتول بالسم - أنه لم يمت منه مباشرة لوجود الضرورة التي يجب أن يبقي فيها النبي صلي الله عليه وآله كي يبلغ تمام الرسالة الإلهية..

وعندما فعل ذلك ورضي الله تعالي بذلك، وقال: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لك الإسلام ديناً.. انتهي أمد العصمة من الناس، ومات علي أثر ذلك السم كما تقول الرواية. ولا منافاة بين الأمرين.

بل في الأمر دلالتان:

الأولي: هي البرهان علي نبوة النبي صلي الله عليه وآله ومعجزة له، لأنه لم يمت مباشرة.

الثانية: البرهان علي أن النبي صلي الله عليه وآله هو بشر كبقية البشر ويؤثر به ما يؤثر بالبشر. ولست أدري لماذا تقرع بعبارتك " لغاية في نفس يعقوب "!! فما هي الغاية من وراء هذا القول إذا كان يعتمد علي روايات تاريخية موجودة في كتب السيرة والتاريخ؟!

سامحك الله وهداك إلي طريقه المستقيم. وأشكر الأخ العاملي علي اهتمامه وآجركم الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الثالثة صباحاً:

في صحيح البخاري: 5/137:

ص: 497

أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم.

ورواه الحاكم في المستدرك: 3/58، وصححه علي شرط الشيخين.

وكتب (الرباني) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

أخي عمار:

1 - السطر الأول غير مفهوم لدي، وسأحاول أن أعتبر نفسي غير فاهم له حتي توضحه، إن كان خيراً، أو تعتذر لأخيك إن كان مقصدك سوءاً.

2 - أنا لم أقل إن قتل النبي انتقاص لكرامته، فإن كنت فهمت هذا فأنت حر في فهمك.

قلت: عيسي عليه السلام رسول ونبي ولم يرضَ الله له أن يقتل علي يد اليهود فرفعه إليه، فهل كرامة نبينا ورسولنا محمد أقل عند الله؟

المفاضلة كانت هنا بين نبيين رسولين لكل منهما كتاب، ولم أذكر أحداً سواهما من الأنبياء.

3 - لم أقل إن كرامة الأنبياء تنقص إذا ماتوا علي الأرض، وإن كنت فهمت هذا، فأنت حر مرة أخري، لكن لا تحمل كلامي نتيجة هذا الفهم، ولو عدت إلي كلامي مرة أخري لوجدت الفرق.

4 - أوقف الله مفعول السم فترة من الزمن، فلما ختمت الرسالة، أعاد الله مفعول هذا السم إلي العمل، سيناريو غريب جداًّ، إذا كنت فهمت منه ما أردت أن يفهمه الناس.

ص: 498

5 - أما الغاية التي في نفس يعقوب - فإني أظن واستغفر الله من هذا الظن - إنك أعلم بها مني، ولا أشك أنك لا تجهل ما في التاريخ من تزوير وتحريف يجعلنا مطالبون بأن نحقق فيه وندقق جيداً.

سامحني وإياك الله، وهدانا جميعاً إلي الحق، وأعاننا علي اتباعه.

وكتب (البدوي) بتاريخ 21 - 4 - 2000، الثانية صباحاً:

تعليقي.. الأستاذ العاملي:

نحن نعرف، وقلنا وذكرنا، وقالت قوانين هجر.. بأنه يجب أن يوقف ويمنع الحوار الطائفي!

[تم مسحها لمخالفتها قوانين الكتابة في هجر].

الأخ البدوي: لقد تم مسح الجملة المذكورة من قبل كاتبها الأخ العاملي لمخالفتها قوانين الكتابة في هجر، ونرجو منك مرة أخري التنبيه بوجود تجاوزات من بعض الرواد وعدم التعرض إلي أمور لا صلة لها بالموضوع وشكراً.

[هذه المشاركة حررت بواسطة ملاحظ هجر في 21 - 4 - 2000]

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 1 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (قضايا مبهمة في عصر النبي صلي الله عليه وآله.. لم تكشف حقيقتها!)، قال فيه:

توجد عدة أحداث مهمة في حياة النبي صلي الله عليه وآله لم تعطَ حقها من البحث والكشف عن حقيقتها!

ص: 499

لأن خلافة قبائل قريش من بعده.. تعمدت تغطيتها وتمييعها، خوفاً من.. انكشاف أبطالها!!

من ذلك: سبب هجر النبي لنسائه شهراً... وسكناه في بيت المؤمنة الطاهرة مارية القبطية!!

وقد حاولوا تصوير السبب بأنه أمور شخصية بين النبي ونسائه!!

ومن ذلك: سبب نزول سورة التحريم، والتي يدين الله تعالي فيها عائشة وحفصة بأنهما قد انحرفتا، ويهددهما بقوله " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير ".. وهو تهديد من رب العالمين، بجيش جرار، لا يهدد فيه إلا قوة كبري تواجه الرسول والإسلام!!

ثم يضرب لهما مثلاً بخيانة امرأتي نوح ولوط لزوجيهما ودخولهما النار!!! ومع ذلك حاولوا تصوير السبب.. بأنه أمور شخصية بين النبي ونسائه!!

ومن ذلك: المؤامرة علي حياة النبي صلي الله عليه وآله ومحاولة قتله في رجوعه من تبوك [مؤامرة ليلة العقبة] التي كان أبطالها سبعة عشر من شخصيات الصحابة، لم يكشفهم النبي، إلا لحوارييه المعتمدين لديه مثل: علي وعمار وحذيفة!!

وقد حرصت السلطة بعد النبي صلي الله عليه وآله علي أن تغطي عليهم، لأنهم كانوا من تحالف قبائل قريش الذي حكم!!

ومنها: حادثة غريبة في مرض النبي صلي الله عليه وآله، تقول.. إنه أحس بأنه من الممكن أن يعطوه [دواء] بالقوة في حال إغمائه من الحمي، فنهاهم عن ذلك، ولكنهم اغتنموا غياب بني هاشم وفعلوا!!

ولما أفاق النبي أو أحس بفعلهم، وبخهم بشدة، وأمر أن يسقي من ذلك الدواء الذين سقوه الدواء أو حضروا، إلا بني هاشم!!

ص: 500

وفيما يلي نذكر رواياتهم عن لد النبي، والبطل فيه عائشة وحفصة ومعهما رجال!!!

قال البخاري: 7/17:

عن ابن عباس، قالت عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني.

فقلنا: كراهية المريض للدواء.

فلما أفاق، قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!

قلنا: كراهية المريض للدواء.

فقال: لا يبقي في البيت أحد إلا لُدَّ، وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم!!

ورواه في: 8/40 و 42، وفيه أنه أحس باللد فنهاهم ولكنهم لم يمتنعوا فعاقبهم:

قالت عائشة: لددنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه. وجعل يشير إلينا لا تلدوني.

قال: فقلنا: كراهية المريض للدواء.فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!

ورواه الحاكم في المستدرك: 4/202، وفيه:

والذي نفسي بيده لا يبقي في البيت أحد إلا لد إلا عمي. قال: فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً.

قالت عائشة رضي الله عنها: ومن في البيت يومئذ فيذكر فضلهم، فلُدَّ الرجال أجمعون، وبلغ اللدود أزواج النبي فلددن امرأة امرأة!!

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وقال النووي في شرح مسلم: 14/198: قولها:

لددنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني...

ص: 501

قال أهل اللغة: اللدود: بفتح اللام هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقي،

أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك به. ويقال منه: لددته ألده. وحكي الجوهري: أيضا ألددته رباعياًّ والتددت أنا. قال الجوهري: ويقال للدود لديد أيضاً، وإنما أمر صلي الله عليه وسلم بلدِّهم عقوبة لهم حين خالفوه في إشارته إليهم، لا تلدوني. ففيه أن الإشارة المفهمة تصريح العبارة في نحو هذه المسألة. وفيه تعزيز المتعدي بنحو من فعله الذي تعدي به. انتهي.!!!

وقد ذكر المحدثون أن حادثة اللد هذه كانت يوم الأحد..

بعد تأكيد النبي صلي الله عليه وآله علي إنفاذ جيش أسامة، ولعنه من تخلف عنه!

وكان في جيشه كل زعماء تحالف قريش، وإنما تخلفوا عن سفرهم رغم أن النبي صلي الله عليه وآله أكد علي حركتهم ولعن من تخلف.. لأنهم حسبوا أنه لو مات في غيابهم لم يكن لعلي منازع، ولتم تنفيذ وصية النبي في أهل بيته بسهولة!! والأسئلة في هذه الحادثة كثيرة، منها:

هل يمكن نفي وجود محاولة لسم النبي صلي الله عليه وآله؟

وهل وجد اللوبي اليهودي طريقاً إلي بيت النبي صلي الله عليه وآله، وهيأ له [دواء] وأقنع بعض نسائه وأصحابه أن يلدوه به؟!!

هل أن عمل النبي صلي الله عليه وآله.. عقوبة؟

وهل يجوز معاقبة الجميع غير بني هاشم؟! أم هو إعلان عن شكه فيما سقوه إياه، فأمره جبرئيل أن يسجل هذا الشك بهذه الصورة، لعلم من يفهم من الأجيال فقط؟!! إلخ.

وكتب (بدون اسم) بتاريخ 21 - 1 - 2000، السادسة مساءً:

نعم.

ص: 502

وكتب (مالك الأشتر)، السادسة والنصف مساءً:

السلام عليكم أخي العاملي: جزاك الله خيراً.

هناك نقطة مهمة في الرواية التي تفضلت بنقلها وهي:

" وقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟! ".

لقد مات رسول الله وعائشة وحزبها لا يعتقدون بعصمته صلي الله عليه وآله!

فلو كانوا يعتقدون، لما قالت: فقلنا: كراهية الدواء.

إنهم لا يعتقدون بكلام الله حين يقول: وما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي!!

وكتب (الأشتر)، التاسعة مساءً:

بل الأكثر من ذلك أنها عصت أمر رسول الله كالعادة.

والسلام علي من اتبع الهدي

وكتب (عمر)، التاسعة والنصف مساءً:

سؤال إلي مالك الأشتر:

كيف استغفر النبي (صلی الله علیه و آله) علي ابن سلول بعد أن نزلت هذه الآية سورة التوبة - 80: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ". صدق الله العظيم.

وبعد هذه الحادثة نزل قول الله بالتحريم سورة التوبة - 84: " ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ". صدق الله العظيم.

ص: 503

ألا تعتقد بأن العصمة لها حيز معلوم بعد هذه الآيات؟ والعصمة بمفهومنا هي: التشريع، والعبادات، وأخبار الأولين.

أما الرسول (صلی الله علیه و آله) فهو بشر سورة إبراهيم - 11: " قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن علي من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلي الله فليتوكل المؤمنون ". صدق الله العظيم

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 1 - 2000، الحادية عشرة مساءً:

اللهم إني أبرأ إليك من هذا الذي أشرب حب العصاة لرسولك.. والدفاع عنهم!!

إن كنت، يا عمر تقول إن النبي أخطأ وأصابت عائشة في هذا الموضوع أو غيره.. وإن الذين عصوا النبي كانوا عل حق وكان الرسول علي خطأ..

فأنا أقول: اللهم العن من عصي رسولك عالماً عامداً، ولا تورده حوضه!!

وإن كنت تقول: إن عصمة الرسول محدودة، فقد كان يخطئ وينطق عن الهوي، وكان يسدده عمر أو غير عمر، وينزل الوحي بتخطئة النبي وتصويب غيره..

فإني أبرأ إلي الله منك، لأنك جعلت غير النبي أفضل منه.. وأسقطت وجوب إطاعته، وجوزت لغيره أن يجتهد في مقابله!!

وأدعوك أن تتوب إلي الله، ولا تكن مع المنافقين يا عمر!!!!!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

الرواية تقول: وقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!!!

نقول: هل هذه أول مرة يمرض فيها الرسول صلي الله عليه وآله؟

ص: 504

وهل سبق للرسول أن أعطي أي دواء وبدت منه كراهية لذلك، ثم لما شفي، قال العكس؟

وهل الرسول كغيره من البشر إذا مرض لا يعقل ما يقول؟

أم أن هذه الخطة التي كان متفق عليها " غلب عليه الوجع أو يهجر "؟!

أم أن في هذا اللد شئ أراد أن يفضحه الرسول صلي الله عليه وآله؟

أم أراد أن يخبر الناس بأن عائشة خالفته حتي وهو علي فراش الموت؟

وأخيراً، كل الرويات تقول إن النبي صلي الله عليه وآله مات مسموماً.. فمن سم النبي صلي الله عليه وآله؟

ص: 505

الفهرس

دفاعاً عن الأنبياء

عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

من إسرائيليات البخاري و مسلم

مناقشات في عصمة الأنبياء

مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

ردود التلميذ علي أباطيل فيصل نور

النبي بشر لا كالبشر

النبي بشر لا كالبشر

فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

ولكن البخاري و مسلما رويا فرية الغرانيق

مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي

ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي

تراهم أشد دفاعا عن ابن تيمية منهم عن النبي

حساسيتهم علي عائشة أكثر منها علي النبي

رد افترائهم علي النبي بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق

رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي

آه لوجدك يا رسول الله

فضائح البخاري في انتقاصه لرسول الله

افتراؤهم علي النبي أنه كان يشك في نبوته

الانتحار سنة معطلة

احتجاج النصاري بمفتريات الصحاح علي النبي

رد ما نسبوه إلي النبي من العبوس في وجه المؤمنين

هل مات النبي مسموما؟

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.