الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت المجلد3

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الثالث

رد اتهامهم للشیعة بأنهم یقولون بتحریف القرآن

دارالسيرة

بیروت - لبنان

ص . ب : 25/49 الغبیری

الطبعة الاولی - 1421ﻫ - 2000 م

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف

ص: 2

الباب الثالث: رد اتهام الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: القرآن معصوم عن التحريف

الفصل الثاني: روايات نقص القرآن وزيادته في مصادر السنيين

الفصل الثالث: المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر والبخاري!!

الفصل الرابع: سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر!

الفصل الخامس: محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي!!!

الفصل السادس: آيات زعم عمر وعائشة أنها من القرآن!

العمل السابع: إضافة سورتي الخلع والحفد إلي القرآن!

الفصل الثامن: حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

الفصل التاسع: مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي عليه السلام

الفصل العاشر: روايات نقص القرآن وزيادته في مصادر الشيعة

الفصل الحادي عشر: اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

الفصل الثاني عشر: الثقلان.. القرآن والعترة

الفصل الثالث عشر: اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن!

الفصل الرابع عشر: زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: القرآن معصوم عن التحريف

اشارة

ص: 5

ص: 6

القرآن معصوم عن التحريف

كتب (العاملي) في شبكة الساحات العربية، في الشهر الخامس (مايو) سنة 1999، موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم من التحريف)، وحذفوا الموضوع بعد أيامٍ، ومما جاء فيه:

أحبُّ أولاً، أن أطمئن الإخوة الأعزاء من جميع المذاهب والإتجاهات.. إلي أن هذه الأمة المرحومة المباركة، قد امتازت عن غيرها من الأمم فيما امتازت بكتاب الله عز وجل، حيث لا يوجد علي وجه الأرض كتابٌ سماويٌّ محفوظُ النسخةِ جيلاً عن جيل، وحرفاً بحرف، غير القرآن!

وإلي أن الأحاديث في مصادر هذه الطائفة أو تلك، التي توهم وقوع التحريف فيه، ليس لها قيمة علمية ولا عملية، حتي لو كانت أسانيدها صحيحة..

ذلك أن الله تعالي قد تكفل بحفظ كتابه بقوة نصه الذاتية، ثم بالمحافظين عليه عليهم السلام.

إن القرآن كلام الله تعالي.. وهي حقيقة يقف عندها الذهن لاستيعابها، ويتفكر فيها العقل لإدراك أبعادها، ويخشع لها القلب لجلالها..

ص: 7

وهي تعني فيما تعني أنه عز وجل قد انتقي معاني القرآن وألفاظه، وصاغها بعلمه وقدرته وحكمته.. وهي حقيقة تفاجئ كل منصف يقرأ القرآن، فيجد نفسه أمام متكلم فوق البشر، وأفكار أعلي من أفكارهم، وألفاظ لا يتمكن إنسان أن ينتقيها أو يصوغها!!

يجد.. أن نص القرآن متميز عن كل ما قرأ وما سمع.. وكفي بذلك دليلاً علي سلامته عن تحريف المحرفين وتشكيك المشككين.

إن القوة الذاتية لنص القرآن هي أقوي سند لنسبته إلي الله تعالي.. وأقوي ضمان لإباءِ نسيجِه عما سواه، ونفيه ما ليس منه!

فقد جعل الله هذا القرآن أشبه بطبقٍ من الجواهر الفريدة، إذا وضع بينها غيرها انفضح!

وإذا أخذ منها شئ إلي مكان آخر، نادي بغربته حتي يرجع إلي طبقه!

وعندما يتكفل الله عز وجل بحفظ شئ أو بعمل شئ فإن له طرقه وأساليبه ووسائله في ذلك، وليس من الضروري أن نعرفها نحن، ولا أن تفهمها أكبر عقولنا الرياضية!

فحفظ الله تبارك وتعالي لكتابه كأفعاله الأخري لها وسائلها وجنودها وقوانينها!

ومن أول قوانينها: قوة بناء القرآن، وتفرده، وتعاليه علي جميع أنواع كلام البشر.. الماضي منه والآتي!

بل تدل الآيات الشريفة علي أن بناء القرآن قد أتقنه الله تعالي بدقة متناهية وإعجاز كبناء السماء!

ص: 8

قال الله تعالي: " فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم ". الواقعة: 75 - 77.

والتناسب بين المقسم به والمقسم عليه الذي تراه دائماً حاضراً في القرآن، يدل علي التشابه في حكمة البناء ودقته بين سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه، وبناء مجرَّات السماء ومواقع نجومها..!

وإلي اليوم لم يكتشف العلماء من بناء الكون إلا القليل، وكلما اكتشفوا جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!

وكذلك لم يكتشفوا من بناء القرآن إلا القليل، وكلما اكتشفوا منه جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!!

كما أن التاريخ لم يعرف أمة اهتمت بحفظ كتاب وضبطه، والتأليف حول سوره وآياته وكلماته وحروفه، فضلاً عن معانيه، كما اهتمت أمة الإسلام بالقرآن..

وهذا سند ضخم، رواته الحفاظ والقراء والعلماء وجماهير الأجيال سنداً متصلاً جيلاً عن جيل..

إلي جيل السماع من فمِ الذي أنزله الله علي قلبه صلي الله عليه وآله.. ولكن سند القرآن الأعظم هو قوته الذاتية ومعماريته الفريدة!!

هذا هو اعتقاد المسلمين بالقرآن سواءٌ منهم الشيعة والسنة.. وسواء استطاع علماؤهم وأدباؤهم أن يعبِّروا عنه، أم بقي حقائق تعيش في عقولهم وقلوبهم وإن عجزت عنها ألسنتهم والأقلام..!

ولا يحتاج الأمر إلي أن ينبري كتَّاب آخر الزمان فينصحوا الشيعة بضرورة الإيمان بكتاب الله تعالي وسلامته من التحريف..

ص: 9

فنحن الشيعة نفتخر بأن اعتقادنا بالقرآن راسخ، ورؤيتنا له صافية، ونظرياتنا حوله واضحة، لأنها مأخوذة من منبع واضح صافٍ، منبع أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، وباب مدينة علمه!

وإذا كانت بعض المصادر الشيعية فيها ما يخالف ذلك، فإن المصادر السنية فيها أكثر وأعظم!!

إن الذين يتصورون أن المشكلة خاصة بمصادر الشيعة متوهِّمون..

وفيما يلي نقدم بعض ما في مصادر هم من مصائب حول القرآن، وفيها أحاديث صحيحة تنص علي وقوع تحريف في نسخة القرآن الفعلية... … إلي آخر ما كتبه العاملي.

قال (العاملي):

وهنا ثارت ثائرة المخالفين وحذفوا الموضوع، بدل أن يعالجوا مصائب أحاديثهم!!

وكتب (رائد جواد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 8-2-2000، الرابعة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (الشيعة، والقول بتحريف القرآن! هديتي لكل غيور.. شيعياً كان، أم سنياً)، ومما جاء فيه:

وبعد، نسمع بين الآونة والأخري اتهامات توجه للشيعة الإمامية بالقول بتحريف القرآن!!!

بل ونقل البعض إجماع الشيعة علي ذلك!!

و ما عسانا أن نقول غير.. كبرت كلمة تخرج من أفواههم!

ص: 10

نحن لا ننكر وجود بعض الروايات التي يضرب بها وبأمثالها عرض الجدار، علماً أن مثل هذه الروايات نجدها في كتب أهل السنة أيضاً، وعلي الرغم من ذلك فنحن لا نقول بالتحريف ولا نتهم غيرنا به، وها نحن نقدم لأخواننا الشيعة والسنة أقوال بعض علماء الشيعة في هذه المسألة.

كما وذكرنا رأيين لعالمين من أعلام السنة حول عقيدة الشيعة في القرآن.

وقد استعرضنا ههنا آراء علماء الطائفة التي وقفنا عليها في المصادر التي بين أيدينا من تفاسير وكتب عقائدية وما شاكل، ونسأل المولي عز اسمه أن نكون قد وفقنا في بحثنا هذا الذي شرعنا فيه قربة وطاعة لوجهه الكريم فنسأله جل وعلا القبول.

نقول بعد التوكل علي الله:

جواب مسائل الطرابلسيات للشريف المرتضي علم الهدي:

(إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب، فإن العناية اشتدت والدواعي توافرت علي نقله وحراسته وبلغت إلي حدٍّ لم تبلغه فيما ذكرناه لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد).

الرسالة المعروفة باعتقادات الصدوق، لشيخ المحدثين محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي الملقب بالصدوق، وهو صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه:

ص: 11

(اعتقادنا في القرآن الذي أنزله الله تعالي علي نبيه محمد (صلی الله علیه و آله) هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك - إلي أن قال - ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب).

التبيان لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي شيخ الطائفة وهو صاحب كتابي التهذيب والإستبصار:

(وإنا له لحافظون: قال قتادة: لحافظون من الزيادة والنقصان ومثله قوله: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).

مجمع البيان لأمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي:

(وإنا له لحافظون: عن الزيادة والنقصان والتحريف والتغيير).

جامع الجوامع لأمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي:

(إنا نحن: فأكدَّ عليهم أنه هو المُنْزِل للقرآن علي القطع والثبات وأنه حافظه من كل زيادة ونقصان وتغيير وتحريف بخلاف الكتب المتقدمة فإنه لم يتولَّ حفظها إنما استحفظها الربانيين، ولم يكِل القرآن إلي غير حفظه).

تفسير الصافي للمولي محسن، الملقب بالفيض الكاشاني:

(إنا نحن نزلنا الذكر: ردٌّ لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكدَّه من وجوه. وإنا له لحافظون: من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان).

المعين للمولي نور الدين بن مرتضي الكاشاني:

(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون: من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان).

كنز الدقائق للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي:

ص: 12

(إنا نحن نزلنا الذكر: ردٌّ لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكده من وجوه وقرره بقوله: وإنا له لحافظون، أي: من التحريف والزيادة والنقص بأن جعلناه معجزاً مبايناً لكلام البشر بحيث لا يخفي تغيير نظمه علي أهل اللسان أو نفي تطرق الخلل إليه في الدوام بضمان الحفظ له).

تفسير شبر للسيد شبر عبد الله شبر:

(وإنا له لحافظون: عند أهل الذكر واحداً بعد واحد إلي القائم).

الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي:

(وإنا له لحافظون: بما له من صفة الذكر، بما له من العناية الكاملة به، فهو ذكرٌ حيٌّ خالدٌ مصونٌ من أن يموت وينسي من أصله، مصونٌ من الزيادة عليه بما يبطل به كونه ذكراً، مصونٌ من النقص كذلك مصونٌ من التغيير في صورته وسياقه بحيث يتغير به صفة كونه ذكراً لله مبيناً لحقائق معارفه. فالآية تدل علي كون كتاب الله محفوظاً من التحريف بجميع أقسامه من جهة كونه ذكراً لله سبحانه فهو ذكر حي خالد).

المنير، لمحمد الكرمي:

(وإنا له لحافظون: من أن تنالوا به التحوير والتطوير والتغيير لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يعني لا حين نزوله ولا من بعد إتمامه. لا حين أنت موجود ولا من بعد موتك. ولا يصيبه تحريف أو تشويش وكذلك خارج الأمر فإن الكتب السماوية التي لا مرية في نزولها - حين نزولها – من الله علي أنبيائه كالتوراة والإنجيل نراها، ونحن نستجليها الآن متغلغلة بالهنات والمؤاخذات لما طرأ عليها في مسافة عمرها من الزيادة والنقصان أما القرآن فعلي طول الشقة في عمره من لدن نزوله لحد الآن نراه مخفوراً بالمسلمين جميعاً لم يستطع أحد أن

ص: 13

يمد إليه يد التزوير علي وجود المقتضي لذلك بكثرة، والمسلم اليوم عندما يتناول القرآن يتناول عين السور والآيات الموجودة قبل ألف وأربعمائة سنة ومن هنا صينت الشريعة الإسلامية المكفولة بالقرآن نفسه من كل تذبذب).

آلاء الرحمن في تفسير القرآن للشيخ العلامة محمد جواد بلاغي:

(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون: وقوله في سورة القيامة: إنا علينا جمعه وقرآنه. ولئن سمعت في الروايات الشاذة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزناً، وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها، وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن).

أصل الشيعة وأصولها للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء قدس سره:

(إن الكتاب الموجود بين المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه - رسول الله - للإعجاز والتحدي وإنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة وعلي هذا إجماعهم).

أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين:

(لا يقول أحد من الإمامية لا قديماً ولا حديثاً مزيد فيه قليل أو كثير فضلاً عن كلهم بل كلهم متفقون علي عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون علي أنه لم ينقص منه).

الفصول المهمة للسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي رحمه الله:

(والقرآن الحكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا سينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة، ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل

ص: 14

تواتراً قطعياً إلي عهد الوحي والنبوة، وكان مجمعاً علي ذلك العهد الأقدس، مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، وكان جبريل (علیه السلام) يعارض رسول الله (صلی الله علیه و آله) مراراً عديدة، وهذا كله من الأمور المعلومة لدي المحققين من علماء الإمامية ولا عبرة بالحشوية فإنهم لا يفقهون).

البحار: 9/113 لباقر علوم الأئمة العلامة المجلسي:

(وإنا له لحافظون: عن الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف).

عقائد الإمامية ص 48 للشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله:

(لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل علي النبي، ومن ادعي غير ذلك فهو مختلق أو مغالط أو مشتبه وكلهم علي غير هدي، فإنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).

السيد محسن الأعرجي - المحقق البغدادي:

(الإجماع علي عدم الزيادة: والمعروف بين علمائنا حتي حكي عليه الإجماع عدم النقيصة).

السيد الخوئي قدس سره في البيان في تفسير القرآن ص 278:

(إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به، والحب يعمي ويصم، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته).

الأنوار النعمانية: 1/97 للسيد نعمة الله الجزائري:

ص: 15

(القرآن الذي أنزله الله تعالي علي رسوله وجعله معجزة باقية له إلي يوم القيامة هو القرآن الموجود بين أيدينا الآن لا زيادة فيه ولا نقصان ولا تحريف ولا تغيير وكل ما ورد).

وقد ألف العديد من الشيعة كتباً في الرد علي القائلين بالتحريف، منها مثلاً:

1 - التبديل والتحريف: للشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي.. رد فيه علي أهل التبديل والتحريف في ما وقع من أهل التأليف، والظاهر منه أنه رد علي الحشوية وأصحاب الحديث العاملين بمضامين أخبار الآحاد التي ذكرت فيها عدة من السور والآيات فألصقوها بكرامة القرآن الشريف واعتقدوا فيه التبديل والتحريف. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 3 /311.

2 - النقد اللطيف في نفي التحريف عن القرآن الشريف: للأستاذ مؤلف الذريعة إلي تصانيف الشيعة آقا بزرك الطهراني. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 11/188.

3 - الكامل في الصناعة: أي صناعة التجويد وهي أرجوزة مبسوطة للشيخ جعفر بن كمال الدين بن محمد البحراني الأوالي المعروف بالشيخ جعفر كمال البحراني المتوفي سنة 1088، وهي أرجوزة مرتبة علي ثلاثين باباً الموجود منه في مكتبة المشكات في طهران ثلاثة أبواب: أ - فضل القرآن. ب - نفي التحريف. ج - تواتر القراءات. الذريعة إلي تصانيف الشيعة ج 17 ص 256.

4 - نزاهة المصحف الشريف عن النسخ والنقص والتحريف: لهبة الدين الشهرستاني. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 24/105.

إلي غير ذلك من المؤلفات التي ألفها أصحابها لإثبات عدم التحريف للمصحف الشريف.

ص: 16

وتجدر بنا الإشارة إلي التنبيه علي نقطة مهمة ألا وهي كتاب الكافي للشيخ الكليني أعلي الله مقامه، فقد تعالت بعض الأصوات للتشكيك بعقيدته رحمه الله تجاه القرآن الكريم، لوجود بعض الأحاديث التي اشتبهوا بدلالتها أو لعدم النظر إلي حال رواتها متهمين ثقة الإسلام رحمه الله بالقول بالتحريف.

وقد ألف سماحة السيد الفاضل ثامر هاشم العميدي حفظه الله كتاباً أسماه دفاع عن الكافي، حيث أبان أدامه الله بالأدلة القاطعة اشتباه من نسب هذه الفرية لثقة الإسلام، وقد تحدثنا مع سماحته يوم أمس الأول وشكرناه علي ما قدمه من جهد لا يوصف في سبيل خدمة محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

هذا ما أردنا إيراده في هذه العجالة وقد ارتأينا ختم بحثنا في هذه المسألة بذكر بعض الآراء لأخواننا أهل السنة والجماعة حول عقيدة الشيعة في القرآن.

ولله درُّ الأستاذ محمد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية إذ كتب يقول:

" وأما أن الإمامية يعتقدون نقص القرآن فمعاذ الله وإنما هي روايات رويت في كتبهم كما روي مثلها في كتبنا، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيفوها، وبينوا بطلانها وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك، كما إنه ليس في أهل السنة من يعتقده ". مع الصادقين ص 120.

يا لها من كلمة رائعة يخشع لها قلب القارئ لعظمتها، وهي إن دلت علي شئ فإنما تدل علي تحلي قائلها بأخلاق الإسلام بعيداً عن التعصب والحقد والكراهية فأثابه الله تعالي عن المسلمين كل خير.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 4 - 4 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

ص: 17

أحسنت أخي رائد.

لقد أسمعت لو ناديت حياًّ … ولكن لا حياة لمن تنادي

أين الغيرة علي الإسلام والقرآن عند من يبحث عما يشنع به علي الشيعة؟!!

http:/ www. shialink. net / muntada / Forum 2 / HTML / 002786. htm

http:/ www. shialink. net / muntada / Forum 2 / HTML / 002819. htm

اللهم صل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

ضمان الله نفي تحريف المحرفين بآل نبيه صلی الله علیه و علیهم

كتب (علي 2000) في شبكة هجر، بتاريخ 2 - 1 - 2000، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين)، قال فيه:

روي ابن حجر في صواعقه ص 128:

(في كل خلفٍ من أمتي عدولٌ من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلي الله تعالي فانظروا من توفدون).

وقال النبي صلي الله عليه وآله، كما رواه الحاكم في المستدرك: 3/148:

(ومن أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربي وهي جنة الخلد، فليتول علياًّ وذريته من بعدي، فإنهم لن يخرجوكم من هدي ولن يدخلوكم باب ضلالة).

ص: 18

الفصل الثاني: روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

اشارة

ص: 19

ص: 20

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 6 - 1999، التاسعة ليلاً، أيضاً موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم عن التحريف)، قال فيه:

كنا نأمل أن تتوقف موجة التهمة لنا بأنا نعتقد بتحريف القرآن والعياذ بالله..

أو أن يقف بعض علماء السنة فيجيبوا أصحاب هذه التهمة، وينصحوا الذين يرفعونها شعاراً وينبزون بها الشيعة... ولكنا لم نرَ شيئاً من ذلك مع الأسف..

فكان لا بد أن نستخرج نماذج من الأحاديث والنصوص في مصادر السنيين في هذه الصفحات، راجين أن يعالجوها معالجة علمية كما نعالج نحن الروايات المشابهة في مصادرنا، وأن ينتهي هذا التنابز والقول بأن الشيعة أو السنة لا يؤمنون بالقرآن.. حتي تتوجه جهودنا وجهودهم إلي بحوث القرآن وتعريف المسلمين بجواهره وكنوزه.. ودعوة العالم إلي هداه.. فذلك خير لنا عند الله وعند الناس.

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة عمر

اشارة

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً

ص: 21

محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين. قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/163، وقال: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث، ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات. ورواه في كنز العمال: 1/517، وقال عن مصادره ط ص، عن عمر.

ورواه في: 1/541 وعن طس، وابن مردويه وأبو نصر السجزي في الإبانة عن عمر. قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن، وفيه زيادة علي ما بين اللوحين، ويمكن حمله علي ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم). انتهي.

وبما أن عدد حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرفٍ وكسر، وهي لا تبلغ ثلث العدد الذي قاله الخليفة في الرواية، فيكون مقصوده ضياع أكثر من ثلثي القرآن بعد النبي صلي الله عليه وآله!

ولا يمكن قبول رواية السيوطي بأن ما نسخ من القرآن أكثر من الثلثين!!

وقال ابن حجر في لسان الميزان: 5/276:

(عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني: تفرد بخبر باطل، قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبيد، قال حدثنا أبي، عن جدي، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف،

فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين. قال الطبراني في معجمه الأوسط: لا يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد). انتهي.

ص: 22

ولكن قول ابن حجر إن الحديث باطل ليس له مستند علمي، بعد أن مال الهيثمي إلي توثيقه وقال إن محمد بن عبيد من شيوخ الطبراني، وبقية رجال السند ثقات.. وقد نقل السيد الخوئي توثيقهم لمحمد بن عبيد.

مضافاً إلي كثرة مؤيداته من الروايات التي يقول فيها الخليفة:

فقد فيما فقدنا من القرآن..

أسقط فيما أسقط..

- قرآن كثير ذهب مع محمد..!

- رفع فيما رفع..!!!

قال السيوطي في الدر المنثور: 5/179:

(وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد...).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد في ما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها. قال: أسقط في ما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع!).

وفي ج 6 ص 208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر

ص: 23

بكم؟ فقال: بلي، ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر.. فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال: بلي!). انتهي.

سورة الأحزاب، ضاع منها أكثر من 200 آية

روي في كنز العمال: 2/480:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن حذيفة، قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم تعدون سورة الأحزاب؟ قلت: ثنتين أو ثلاثاً وسبعين، قال: إن كانت لتقارب سورة البقرة، وإن كان فيها لآية الرجم. ابن مروديه. وروي نحوه أحمد في مسنده: 5/132، ولكن عن أبي بن كعب. وكذا الحاكم في المستدرك: 2/415، و:4/359: وقال في الموردين: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه البيهقي في سننه: 8/211 كما في رواية الحاكم الثانية). انتهي.

وروي في كنز العمال: 2/567:

(عن زر قال: قال لي أبي بن كعب: يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب؟

قلت: ثلاثاً وسبعين آية.

قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة، أو هي أطول من سورة البقرة،

وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم.

وفي لفظ: وإن في آخرها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم، فرفع فيما رفع!!

عب ط ص عم، وابن منيع ن، وابن جرير وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، قط في الإفراد، ك وابن مردويه، ص.

ص: 24

ورواه السيوطي في الدر المنثور: 5/180، ثم قال: وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال: كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، وكان فيها آية الرجم). انتهي.

وبما أن سورة البقرة 286 آية.. فيكون الناقص من سورة الأحزاب حسب رأي عمر أكثر من 200 آية!!

سورة براءة ضاع أكثرها

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 5/302:

(وعن أبي موسي الأشعري قال: نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت، فحفظت منها: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وفيه ضعف، ويحسن حديثه لهذه الشواهد).

وقال في: 7/28:

(عن حذيفة قال: تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها.

رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات).

وقال الحاكم في المستدرك: 2/330:

(عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن حذيفة رضي الله عنه قال: ما تقرؤون ربعها - يعني براءة - وإنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

وقال السيوطي في الدر المنثور: 1/105:

ص: 25

(وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسي الأشعري قال: نزلت سورة شديدة نحو

براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم!).

وقال في: 3/208:

(وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها!!). انتهي.

والظاهر أن أصل ادعاء هذه السورة من أبي موسي الأشعري، وأن آيات وادي التراب المزعومة منسوبة إليها!

وأما آية أبي موسي عن تأييد الدين بالفجار فقد يكون هدفها تبرير إعطاء مناصب الدولة إلي المنافقين والفساق!!

ولا بد أن تكون هذه السورة المزعومة موجودة في مصحف أبي موسي الذي صادره منه حذيفة بأمر الخليفة عثمان وكان أبو موسي يترجاه أن يترك له الإضافات ولا يمحوها، وسيأتي ذكره في بحث جمع القرآن!

وهذا يضعف رواية نقص سورة براءة عن حذيفة، وإن صحت عنه فقد يكون قال: إنكم لا تقرؤونها حق قراءتها، فحرف الرواة كلامه.. لأن حذيفة كان يحذر من المنافقين الذين كشفتهم السورة وحذرت منهم!!

ص: 26

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 1)، قال فيه:

من قال بتحريف القرآن من أكابر سلف أهل السنة وصحابتهم وأفاخم علمائهم:

الأول: عمر بن الخطاب

أعتقد الآن بعد ما ذكرناه وكررناه طويلاً من الجمل الركيكة والكلمات الغريبة التي أخذ عمر بن الخطاب ينسبها للقرآن الكريم والتي بعضها نقطع من أنها قول للرسول صلي الله وآله وسلم كالولد للفراش وللعاهر الحجر التي دعمناها بأقوال الصحابة والتابعين، يكون قولنا إن ابن الخطاب إن لم يكن

هو سيد رجالات التحريف فلا أقل أنه من أوائلهم ويدخل في زمرة من نسب شيئاً للقرآن وليس منه جهلاً أو عدواناً وبغياً..

الدر المنثور: 6 /216:

(أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر، قال: رأي معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله.

فقال: من أملي عليك هذا؟

قلت: أبي بن كعب.

قال: إن أبياًّ أقرؤنا للمنسوخ، قرأها: فامضوا إلي ذكر الله.

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: قيل لعمر إن أبيا يقرأ: فاسعوا إلي ذكر الله قال عمر: أبي أعلمنا بالمنسوخ، وكان يقرؤها: فامضوا إلي ذكر الله).

ص: 27

تعني هاتين الروايتين أن عمر بن الخطاب يعتقد أن ما يقرؤه المسلمون شرقاً وغرباً ليس كما أراده الله عز وجل ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم!

فيكون المسلمون في نظره قد غيروا في القرآن وجعلوه علي خلاف ما أنزله الله تعالي.

فمن الذي تلاعب في القرآن وحرف وغير مراد الله ورسوله؟!

الثاني: عثمان بن عفان

وهذا ابن عفان يدعي أن في مصحفنا أخطاء وأغلاط وهو ما يسمي في كلمات أهل الإختصاص اللحن!

وهو كما قال صاحب المفردات الأصفهاني: لحن: اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه إما بإزالة الإعراب أو التصحيف. المفردات للراغب ص 449.

وقال الطريحي في الصحاح: اللحن: الخطأ في الإعراب. الصحاح للطريحي: 6/2193..

ومن تلك الأمثلة:

- قوله تعالي: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون.

فإنهم ادعوا أن فيها لحناً وخطأ، وحتي تكون سليمة من التحريف يجب أن تكتب (والصابئين) بالياء،

وكذا قوله تعالي: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة.

ويجب أن تكتب (والمؤتين الزكاة) بالياء ليكون القرآن سالماً من تحريف الكتاب!

الروايات:

ص: 28

كتاب المصاحف لابن أبي داود: 1/232 وما بعدها. تحقيق محب الدين واعظ:

عن عكرمة قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئاً من لحن فقال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا.

وأخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلي بن عبد الله بن عامر القرشي قال: لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم أري شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها.

أخرجه من طريقين.

وأخرج ابن أبي داود عن قتادة: أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها.

وأخرج ابن أبي داود عن يحيي بن يعمر قال: قال عثمان: إن في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها. أخرجه من طريقين.

الثالث: الإمام علي عليه السلام (؟!)

هذا المورد وغيره من باب الإلزام، ولا نسلم نحن الإمامية بهكذا موارد، فتنبه!

الدر المنثور: 6/157:

(وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قيس بن عباد، قال: قرأت علي علي عليه السلام: (وطَلْحٍ مَنْضود)، فقال علي: ما بال الطلح! أما تقرأ (طلع)؟ ثم قال: (طلعٌ نضيدٌ).

فقيل له: يا أمير المؤمنين أنحكها من المصاحف؟ فقال: لا يهاج القرآن اليوم).

ص: 29

وفي تفسير الطبري: 27/104:

(فهذا أمير المؤمنين عليه السلام عدل القرآن الأوحد وسيد العترة الطاهرة، المعلم الأول للقرآن لمن هو دون الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم يحكم بأن مصحفنا فيه تحريف. أو ليس علي بن أبي طالب عليه السلام من سلفهم الصالح وهذه مروياتهم؟!).

وكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

حي علي البقية!.. حي علي البقية!

أزدنا لا فض فوك.. أزدنا لا فض فوك ثم لا فض فوك ثم لا فض فوك!

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

وكتب (غشمرة) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

أي حق الذي جاء؟ وأي باطل الذي زهق؟ نشوفك (م) علي خير.

وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

أرحنا بالباقي يا فخر الرازي وأحسنت علي هذا الكلام الجميل، ولا تتأخر بمتابعة الموضوع.

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (مدمر النواصب) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

نوّرنا أكثر عن أعمالهم الإرهابية!

ص: 30

وكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

حقاًّ أشكر سدنة الموقع الذين أعادوا نشر هذا البحث.

أما - الغشمرة - فلسنا من أهلها، وهي دليل علي العجز والتهالك، كالعادة!

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الخامسة عصراً:

أليس هذا المصحف الذي بين أيدينا من جمع أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان رضي الله عنهم؟ إذا كان هؤلاء يحرفون القرآن، فكيف تثقون بنقلهم؟ هل تقبلون أن ينقل لكم كلام ربكم كافر؟

قال (العاملي):

يراجع موضوع أن مصحفنا الفعلي كتب عن نسخة علي عليه السلام.

وتابع (الفخر الرازي):

الرابع: مرجع الصحابة في القرآن، عبد الله بن مسعود

عند ابن مسعود كلام طويل لو أردنا استقصاءه، ولكنا نستقصر علي المهم كإنكاره قرآنية المعوذتين وبعض مواقفه.

فهو بنفي قرآنية المعوذتين يكون قد تجاهر بتحريف القرآن ودعا إليه غيره، في قوله: لا تخلطوا فيه ما ليس منه. وكان يمحوهما من المصحف، فهو إذاً محرف للقرآن بالنقيصة والمسلمون حرفوا القرآن بالزيادة في نظره!

وصحة هذه النسبة لابن مسعود لا يمكن التردد فيها بعد شياعها عنه حتي وردت في كتب الشيعة الإمامية.

ووردت رواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في الوسائل تنص علي ذلك.

وسائل الشيعة للحر العاملي رضوان الله تعالي عليه: 4/786:

ص: 31

(عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه سئل عن المعوذتين، أهما من القرآن؟

فقال الصادق عليه السلام: هما من القرآن.

فقال الرجل: إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: أخطأ ابن مسعود - أو قال -: كذب ابن مسعود وهما من القرآن. فقال الرجل: فأقرأ بهما في المكتوبة؟ فقال: نعم).

الوسائل: 4/787:

(عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف.

فقال: كان أبي يقول: إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآن).

والدر المنثور: 4/416:

(أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه، إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما.

قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف).

والمشكلة في مخالفة ابن مسعود وعناده، أن روايات إخواننا أهل السنة المخرجة في الصحاح تجعل ابن مسعود هو الموصي عليه من قبل النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليتصدي لتعليم الصحابة القرآن وأنه مرجعهم في العرضة الأخيرة للقرآن إذ كان هو المتفرد من بين الصحابة بتلقي العرضة الأخيرة للقرآن التي عرضها

ص: 32

جبريل عليه السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعلي حد تعبير ابن عباس يكون ابن مسعود عَلِم: " ما نُسخ وما بُدل ".

النتيجة:

أن من سلم بهذه الروايات المخرجة في صحيح البخاري ومسلم من خصوصيات ابن مسعود ومكانته ومرجعيته، ويقطع بعدالة ابن مسعود وأنه لا يدعي الكذب أو يتعمد خيانة الأمة، ويري ابن مسعود مصراً مؤكداً علي أن المعوذتين ليستا من القرآن، وبقي علي عناده إلي أن استشهد رضوان الله تعالي عليه، يلزمه أن يذهب مذهب ابن مسعود من إنكار المعوذتين أو علي الأقل الظن القوي في عدم كونهما من القرآن، لأنه تفرد بعلم ما نسخ وما بدل من القرآن.

فلم لا تكون مما قد نسخ؟ أو لم يعرضها عليه الرسول صلي الله عليه وآله وسلم لأنهما عوذتان في الأصل! هذا بالنسبة للمعوذتين.

وما بالك بابن مسعود وقد جاء حين جمع القرآن يريد إدخال آيات قرآنية - في نظره - ويرده عمر بن الخطاب ويرفض طلبه!

الدر المنثور: 1/303:

(قال عبد الله بن مسعود: اكتبوا: والعصر إن الإنسان ليخسر وإنه فيه إلي آخر الدهر.

فقال عمر: نحوا عنا هذه الأعرابية).

فكيف نجمع بين ما أخرجه البخاري ومسلم من أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم الصحابة بأخذ القرآن من ابن مسعود وأن من أراد أن يقرأ القرآن غضاًّ طرياًّ ليقرأ علي قراءته،

ص: 33

وأنه صلي الله عليه وآله وسلم رضي لأمته ما رضي لها ابن مسعود ويكره ما كرهه ابن مسعود وبين رفض عمر شهادته ورده خائباً حاسراً!؟

وكذلك هذا المورد الذي وافق فيه ابن مسعود ابن الخطاب وحكموا علي أمتنا الإسلامية اليوم بأنها تدين لله عز وجل بقرآن محرف!

الدر المنثور: 6/219:

(وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود إنه كان يقرأ: فامضوا إلي ذكر الله.

قال: ولو كانت " فاسعوا " لسعيت حتي يسقط ردائي!).

فابن مسعود يخطئ قرآننا اليوم، ويصرح بأن الآية ليست هكذا: فاسعوا إلي ذكر الله.

أيتبع إخواننا أهل السنة قول النبي صلي الله عليه وآله بمتابعة ابن مسعود؟ أم يخالفونه!؟

وهذه أيضاً نفس الكلام يعاد فيها.

الدر المنثور: 4/19:

(وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ: إني أراني أعصر عنباً.

وقال: والله لقد أخذتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا.

أنثق بابن مسعود، أم أنه كان يحرف القرآن؟!).

الخامس: سيد القراء أبي بن كعب

الدر المنثور: 6/378:

ص: 34

(وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: قلت: يا أمير المؤمنين إن أبياًّ يزعم أنك تركت من آيات الله آية لم تكتبها!

قال: والله لأسألن أبياًّ فإن أنكر لتكذبن.

فلما صلي صلاة الغداة غدا علي أبيّ فأذن له وطرح له وسادة.

وقال: يزعم هذا أنك تزعم أني تركت آية من كتاب الله لم أكتبها!

فقال: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغي إليهما وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب.

فقال عمر: أفأكتبها؟ قال: لا أنهاك!

قال - يقصد الرواي -: فكأن أبياًّ شك أقول من رسول الله صلي الله عليه وسلم أو قرآن منزل.

والقول الأخير لا يعدو مجرد احتمال هو للتخرص أقرب من الحس، فكيف يعلم الراوي عما في ضمير الغير؟!

بل وأزيد من ذلك هو عاري من الصحة أيضاً لمعارضتها مع رواياتهم الصحيحة الحاكية مفاخرة أبيّ بن كعب بأن الله عز وجل أمر نبيه أن يقرأه هذه المقاطع من القرآن فكيف يشك فيها!؟

عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله قد أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، ومن بقيتها: لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيته سأل ثانياً وإن سأل ثانياً فأعطيته سأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب

ص: 35

وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره).

أخرج في المستدرك علي الصحيحين: 2/224 علق عليه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

وكذا روي في مسند أحمد: 5/117 الطبعة الميمنية، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/141 سورة لم يكن:

(قال ابن عباس، فقلت: صدق الله ورسوله: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغي الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب.

قال عمر: ما هذا؟

فقلت: هكذا أقرأنيها أبيّ. قال: فمر بنا إليه.

قال: فجاء إلي أبيّ، فقال: ما يقول هذا؟

قال أبي: هكذا أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم). انتهي.

والرواية الأخيرة تصرح أن عمر سأل أبي بن كعب " أأثبتها؟ ".

فلم تذكر رأي أبي بن كعب، وإنما اقتصرت علي الإخبار بإثبات عمر لها في المصحف!

وعلي تلك الرواية: أبي بن كعب يخبر الصحابة أن عمر قد ترك من القرآن ما لم يكتب في المصحف ومن غير ومن غير المقبول نسبة الكذب والإفتراء لابن عباس!

وعند المواجهة مع ابن الخطاب لم يعترف أبيّ بما أخبر به الصحابة ولكنه لا يمانع من دمجها في المصحف كغيرها من الآيات! هذا مورد النقيصة.

ص: 36

أما الزيادة فهو ما كتبه في مصحفه واشتهر عنه أنه كان يقول بأن هاتين السورتين من القرآن " الخلع " و " الحفد ".

هذا نص سورة الخلع المزعومة:

بسم الله الرحمن الرحيم

(الَّلهُمَّ إنَّا نَسْتَعينُك ونَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِي عَلَيْكَ الخَيْر ولا نَكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك).

نص سورة الحفد المزعومة:

بسم الله الرحمن الرحيم

(اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُْد ولَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُد وَإِليْكَ نَسْعَي نَحْفَدْ نَرْجُو رَحْمَتَك ونَخْشَي عَذابَكَ اَلَجَد إِنّ عَذَابَك بالكُفّارِ مُلْحَقٌ).

الدر المنثور: 6/420 ط. دار المعرفة بالأوفست:

(قال ابن الضريس في فضائله، أخبرنا موسي بن إسماعيل، أنبأنا حماد، قال: قرأنا في مصحف أبيّ بن كعب: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ".

قال حماد هذه الآن سورة. واحسبه قال: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نخشي عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق).

الإتقان في علوم القرآن:1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

(وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، عن أبي بن كعب، أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه).

الإتقان في علوم القرآن: 1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

ص: 37

(وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع).

ولعل ذلك وأمثاله هو الذي جعل العلامة السيوطي يضعهما في آخر تفسيره الدر المنثور كباقي سور القرآن!! نعوذ بالله من غضبه!

ونحبذ نقل ما قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن:

تأويل مشكل القرآن ص 33، لابن قتيبة، تحقيق سيد أحمد صقر ط. الحلبي.

(وأما نقصان مصحف عبد الله بحذفه أم الكتاب والمعوذتين وزيادة أبي سورتي القنوت فإنا لا نقول: إن عبد الله وأبياًّ أصابا وأخطأ المهاجرون والأنصار!).

السادس: حبر الأمة عبد الله بن عباس

الكاتب ناعس!!

ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: 18/136:

(عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها: أ فلم يتبين الذين آمنوا.

قال: كتب الكاتب الأخري وهو ناعس!).

يقصد بالأخري التي أخطأ بها الكاتب الناعس! أفلم ييأس، هي الموجودة في مصحفنا اليوم!

التصاق الواو!!

وعن الدر المنثور: 4/170:

(أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:

ص: 38

وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه، قال: إلتزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها: وقضي ربك.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل الله هذا الحرف علي لسان نبيكم صلي الله عليه وسلم: ووصي ربك أن لا تعبدوا إلا إياه، فالتصقت إحدي الواوين بالصاد فقرأ الناس: وقضي ربك. ولو نزلت علي القضاء ما أشرك به أحد).

ابن حجر يقر بصحة روايات التحريف

وهذه الروايات لا يمكن ردها من جهة السند لدعوي ضعفها سنداً فهي مدعمة بشهادة من قيل عنه في التقيد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح - التمهيد -:

(وحيد عصره وإمام الدنيا بأسرها في أيامه في علوم الحديث والفقه والجرح والتعديل وجميع الفنون وهو صاحب فتح الباري حيث اعترض علي من طعن في تلكم الروايات وأصر علي أن رواية ابن عباس السابقة الواردة في الطبري رجالها رجال الصحيح فكيف ترد مثلها؟! بل ذهب إلي لزوم تأويلها لا رفضها).

وهذا ما قاله في فتح الباري:

(وروي الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها: أفلم يتبين. ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس!!).

قال ابن حجر:

ص: 39

(وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته - إلي أن قال -: هي والله فرية ما فيها مرية، وتبعه جماعة بعده والله المستعان! وقد جاء نحو ذلك في قوله تعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه، قال: ووصي، التزقت الواو في الصاد. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه، وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد ولكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس دأب أهل التحصيل، فلينظر في تأويله بما يليق به). الإنصاف في مسائل الخلاف:1/18-19، نقلاً عن فتح الباري: 8/475.

وفي الإتقان: (التصقت الواو بالصاد).

تصحيح ابن حجر العسقلاني لمثل هذه الروايات في غاية الإشكال وقوله في آخره: " فلينظر في تأويله بما يليق " إنما هي لرفع العتب وعدم المؤاخذة، وإلا كيف نؤول " التزقت الواو في الصاد "!

مرة أخري، أخطأ الكاتب

الدر المنثور: 5/38:

(وأخرج الفريابي وسعيد ابن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا وتسلموا علي أهلها.

قال: أخطأ الكاتب! إنما هي: حتي تستأذنوا!!).

الكاتب، يعيدها

الدر المنثور: 5/48:

ص: 40

(وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: مثل نوره، قال: هي خطأ من الكاتب! هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، قال: مثل نور المؤمن كمشكاة).

وهكذا يتجاهر ابن عباس في القول بتحريف القرآن في موارد عدة.. ولا أدري كيف يؤول إخواننا أهل السنة جملة " أخطأ الكاتب "!

ابن عباس يدعو لتحريف القرآن

الدر المنثور: 4/320:

(أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ: ولقد آتينا موسي وهارون الفرقان وضياء. ويقول: خذوا هذه الواو واجعلوها ههنا: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. الآية.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: ولقد آتينا موسي وهارون الفرقان وضياء. قال: انزعوا هذه الواو واجعلوها في: الذين يحملون العرش ومن حوله.

والروايتان تبينان أن ابن عباس لم يكن يحبذ وجود هذه الواو التي تفصل بين (الفرقان) و (ضياء)، ويري أن الأفضل التخلص منها بإزالتها عن مكانها!!).

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 3)، قال فيه:

السابع: أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر:

ص: 41

عائشة تتجاهر بتحريف القرآن!

الدر المنثور: 2/246:

(وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر عن عروة قال: سألت عائشة عن لحن القرآن: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون. والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. قالوا إن هذان لساحران.

فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب).

الدر المنثور: 5/12:

(وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن اشته وابن الأنباري معاً في المصاحف والدارقطني في الإفراد والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن عمير، أنه سأل عائشة.

كيف كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: " والذين يؤتون ما أتوا " أو " والذين يؤتون ما آتوا ".

فقالت: أيتهما أحب إليك؟

قلت: والذي نفسي بيده لأحداهما أحب إلي من الدنيا جميعاً.

قالت: أيهما؟

قلت: " الذين يأتون ما أتوا "!

فقالت: أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرّف!).

الدر المنثور: 6/321:

ص: 42

(وأخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال: كان أبي يقرؤها: وما هو علي الغيب بضنين.

فقيل له في ذلك، فقال: قالت عائشة: إن الكتاب يخطئون في المصاحف).

متتابعات.. فقدت

عن سنن الدار قطني مجلد 2 ص 192 ح 60 علق عليه: هذا إسناد صحيح.

(والذي بعده أيضاً: بسنده عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: نزلت: فعدة من أيام أخر متتابعات. فسقطت متتابعات!).

المصدر نفسه ح 61 بسنده عن ابن شهاب قال:

(قالت عائشة: نزلت: فعدة من أيام أخر متتابعات. فسقطت متتابعات! سقط لم يقل غير عروة).

وتذكر الروايات التي مرت سابقاً أن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وربيع بن خيثم كلهم كتبوها في مصاحفهم بهذه الزيادة وكانت هي قراءتهم الدائمة حتي أن ابن مسعود لم يكن يترك آية فيها ثلاثة أيام إلا بتعقيبها بمتتابعات! وهذا يقوي مذهب عائشة في التحريف!!

عائشة تحرف القرآن عملياً!

الدر المنثور: 1/302:

(وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن أبي يونس مولي عائشة قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي.

ص: 43

فلما بلغتها آذنتها فأملت عليّ: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. وقالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد عن زياد بن أبي مريم إن عائشة أمرت بمصحف لها إن يكتب. وقالت: إذا بلغتم: حافظوا علي الصلوات، فلا تكتبوها حتي تؤذنوني، فلما أخبروها أنهم قد بلغوا. قالت: اكتبوها: صلاة الوسطي صلاة العصر).

الدر المنثور: 1/303:

(وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق نافع عن حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم إنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتي أخبرك بما سمعت

من رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأخبرها قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وهي صلاة العصر).

وبقي تحريف عائشة لمصحفها إلي زمن متأخر بعد وفاتها لما روي الدر المنثور: 1/302:

(وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود عن هشام بن عروة قال: قرأت في مصحف عائشة: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين).

ص: 44

لأن هشام بن عروة بن الزبير قرأ ذلك التحريف في مصحفها وقد ولد سنة إحدي وستين وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين للهجرة، فلم ترَ عائشة هشاماً وليداً، ومعلوم أن قارئ المصحف لا يقرأ في أول سنيِّ عمره.

الثامن: أم المؤمنين حفصة بنت عمر:

حفصة تشهد لإدخال زيادة في القرآن!

الدر المنثور: 1/303، والسند فيه ضعف:

(أخرج ابن الأنباري في المصاحف إلي - قوله - فقالوا: أصبت، فجمعوا القرآن وأمر أبو بكر منادياً فنادي في الناس من كان عنده من القرآن شئ فليجئ به قالت: حفصة إذا انتهيتم إلي هذه الآية فأخبروني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي. قالت: اكتبوا: والصلاة الوسطي وهي صلاة العصر.

فقال لها عمر: ألك بهذا بينة؟

قالت: لا!

قال: فوالله لا ندخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا إقامة بينة).

حفصة تحرف القرآن عملياًَ بعد أن لم تستطع إدخال الزيادة في قرآن المسلمين فعلت ذلك في مصحفها!!

وأخرج عبد الرزاق والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف عن أبي رافع مولي حفصة قال:

(استكتبتني حفصة مصحفاً، فقالت: إذا أتيت علي هذه الآية فتعال حتي أمليها عليك كما أقرئتها، فلما أتيت علي هذه الآية: حافظوا علي الصلوات. قالت: أكتب: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

ص: 45

وأخرج مالك وأبو عبيد وعبد بن حميد وأبو يعلي وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن عمرو بن رافع قال:

(كنت أكتب مصحفاً لحفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي. فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. وقالت: أشهد أني سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم).

وأخرج عبد الرزاق عن نافع:

(أن حفصة دفعت مصحفاً إلي مولي لها يكتبه وقالت: إذا بلغت هذه الآية: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي فآذني. فلما بلغها جاءها فكتبت بيدها: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

الدر المنثور: 1/302-303:

(وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق نافع عن ابن عمر، عن حفصة أنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني، حتي أخبرك ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلما أخبرها قالت: أكتب إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

وأخرج البيهقي في السنن الكبري: 1/462 ح 2009:

(عن عمر بن رافع مولي عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه قال: كنت أكتب المصاحف في زمان أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فاستكتبتني حفصة بنت عمر مصحفاً لها فقالت لي: أي بني، إذا انتهيت إلي هذه الآية: حافظوا

ص: 46

علي الصلوات والصلاة الوسطي، فلا تكتبها حتي تأتيني فأمليها عليك كما حفظتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم.

فلما انتهيت إليها حملت الورقة والدواة حتي جئتها فقالت أكتب: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي هي صلاة العصر وقوموا لله قانتين).

ولا تعجب في موافقة حفصة لعائشة..

فإن قصة ريح المغافير التي لعبت كل منهما دوراً فيها بإزعاج النبي صلي الله عليه وآله وسلم حتي أنزل الله عز وجل بهما قوله: " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً.. ".

كشف أن المرأتين كانتا في حالة وفاق علي ما تقومان به، ولا أقل من تشاورهما في تلكم الحوادث العظام.

وكيف يستبعد أن تعلم إحداهما عملها في مصحفها ورأيها في آيات الله عز وجل!

ولا أكاد أعقل أن يدخل أحدهم شيئاً في القرآن ويشهد علي أنه منه ويعاود الكرة مرة بعد مرة، ولا يعتقد بأن هذا الشئ من القرآن!

فإن كان من القرآن في نظر حفصة فهو تحريف بالنقيصة إذ لا وجود لهذه الزيادة في مصحفنا، وإن لم يكن من القرآن في نظرها فهو تحريف بالزيادة، إذ كيف تشهد علي شئ أنه من القرآن وليس هو منه!!

التاسع: عبد الله بن عمر:

وهذا أعطي الناس زبدة المخاض وقصرها من طويلة..

ص: 47

فلخص كل ما نسبه أبوه وأمثاله لكتاب الله عز وجل حيث قال فيما قال:

الدر المنثور: 1/106:

(أخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله! ما يدريه ما كله؟!

قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه.

وما يحضرني من قول هنا إلا أن جوزيت يا ابن عمر عن أبيك خيراً!).

العاشر: مروان بن الحكم:

مزاج مروان!!

الدر المنثور: 6/5:

(وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مروان " وجعلوا الملائكة عند الرحمن إناثاً "، ليس فيه " الذين هم "!).

ما أنزله الله تعالي هي الآية المباركة "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ".. ليست موافقة لمزاج مروان بن الحكم!

ولا غرابة فالله بعظمته ورسوله بسماحته ليسا علي مزاج هذا وآله!

الحادي عشر: عبد الله بن الزبير:

كل المسلمين صبيان!

الدر المنثور: 6/312:

(أخرج الفراء، عن ابن الزبير، أنه قال علي المنبر: ما بال صبيان يقرؤون " نخرة "؟ إنما هي " ناخرة "!).

الدر المنثور: 1/38:

ص: 48

(أخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عمرو بن دينار قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول: صبياناً ههنا يقرؤون - إلي قوله - ويقرؤون " في عين حمئة " وإنما هي " حامية "!).

جماهير الصحابة والتابعين صبيان عند ابن الزبير!

كيف يجتمع إنكاره لما في المصحف مع كونه مكتوب كما أنزله الله تعالي، وسليم من التحريف؟

وكتب (مختار) بتاريخ 27 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

بسم الله قاصم الجبارين فاضح الوهابيين.

الأخ العزيز (الفخر الرازي).. أحسنت وأجدت.. وبارك الله في جهودك..

ولكن حبذا لو أنك تترك مهلة بين حلقة وأخري، حتي يكون بالإمكان المتابعة الدقيقة للموضوع، ويكون هناك فرصة للحوار.. وشكراً لك.

فكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 27 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

أستاذي العزيز:

شكراً لقراءتك، وإني أنزلتها دفعة واحدة أملاً مني بأن أمثالكم ومن سار علي نهجكم، أن يحفظوه عندهم لوقت الحاجة، ورجاء مني أن تسروه بضاعة مزجاة، فلشدَّ ما لاكت بهذا الموضوع الألسن هي غير نظيفة، وهرجت عليه أناس ذوي عقول طائشة خفيفة.

وإني ليس علي الدوام هنا.. فقد آليت علي نفسي أن لا أنظر في هذه الشاشة إلا بعد كل ثلاث ليال مرة، وقلت إن الأمد بعيد، فرجائي أن تحتفظ به فإنه لا يوجد عند علمائنا مثله.

وما ينبئك مثل خبير!!

ص: 49

قال (العاملي):

هل يصح أن هذا البحث لا يوجد عند علمائنا مثله كما يقول الكاتب؟!

وكتب (مختار) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثانية إلا عشراً صباحاًَ:

أخي العزيز.. مأجور إن شاء الله.. والموضوع صار محفوظاً..

وكتب (صبي الشيعة) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثانية صباحاً:

الأخ المؤمن فخر الرازي:

صراحة إن المواضيع (وايد مفيدة) وقيمة.. ولكني أتمني أن ترد علي أي استفسار يتعلق بها بحيث تبقي مداوماً علي المتابعة.. وكثر الله من أمثالكم.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

الأستاذ الفاضل الفخر الرازي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية... أود أن أشكر لك الجهد الملحوظ علي هذا البحث، وإن كان لا يعتبر بحثاً موضوعياً من جهتنا، ولكن يعد بحثاً من جهتكم.

أستاذنا الفاضل: الروايات التي تفضلت بها وقمت بالتعليق عليها هل هي صحيحة السند؟؟

وهل تسمح لي بإيراد جميع روايات التحريف التي تضمنتها كتبكم كالكافي وبحار الأنوار عن الأئمة عليهم السلام جميعاً التي تصرح بالتحريف علناً؟؟؟

رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هي رواية صحيحة السند ولكن لم تصب سهام بحثك حقيقة الشرح السليم.

وهي من ضمن الناسخ والمنسوخ كما صرح به الكثير من كبار علماء الإمامية المتقدمين والمتأخرين.

ص: 50

التحريف بمعناه اللفظي جاء صريحاً بجميع الروايات التي من طرقكم، ولكن أنت تعلم يا أستاذنا الفاضل أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون بتحريف القرآن الكريم.

بما أنك أحد الباحثين عن الحقيقة.. هل مرّ عليك قول عالم من علماء أهل السنة قال صراحة بتحريف القرآن والإعتقاد به؟

كما لا يخفي عليك هناك الكثير من أقوال علمائكم بالتحريف والإعتقاد به.

ويمكننا أن نثبت لك هذا إن أردت.

قضية الروايات وصحة أسانيدها - والله أعلم - أنها من قبيل الناسخ والمنسوخ.. وإلا سوف تجد من يصرح بالتحريف من علماء أهل السنة والجماعة، لكون صحة الروايات التي وصلتهم ولقالوا باعتقادهم قاطعين كل شك في ذلك كما يفعل علماء المذهب الإمامي بين حين وآخر.

أخيراً، وفقنا الله وإياكم إلي ما يحب ويرضي.

فكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

ذكرت حفظك الله ورعاك وعرفك من الآن في القيامة مثواك.. بعض الملاحظات علي ما كتبناه، وأحب أن ألفت نظركم ونظر من سواكم أن طريقة الرد السلفية غير مجدية في مثل هذه المقامات، والرد السلفي المنتشر بين أوساط إخواننا أهل السنة أوضحه بمثال: أحد العلماء يكتب كتاباً مملوءاً بالأدلة والبراهين في شتي الجوانب والمقامات والمقالات، فيدون ما صرح، ويبرهن ما خفي، وفي موضع واحد فقط استشهد العالم بکتاب ابن قتيبة المسمي بالإمامة والسياسة!

ص: 51

فيأتي من يتبني الفكر السلفي ويقول في مقام الرد، إن كتاب ابن قتيبة منسوب له ودليلك باطل، والحمد الله رب العالمين!!!

أتمني أن لا تكون هاتيك الطرق قد ابتني عليها تفكيرك.

فإنني عندما أذكر كل تلك الأدلة والروايات لا تقل لي إن آخر رواية أو التي بجنبها أو التي فوق الجدار.. ضعيفة بفلان أو مؤولة!!

فإما إن تردوا كل الروايات وإما أن تنتظروا الفرج علي يد غيركم!

ثم أجيبك، نحن ما أردنا اتهام أهل السنة أنهم يقولون بتحريف القرآن معاذ الله!

ولكنا نقول إن منهم من ذهب إلي القول بتحريف القرآن وكذلك أعاظم سلفهم الصالح!

هذا كل ما أردناه، وهذا ليتضح لكم أننا معشر الإمامية نفترق كثيراً عنكم، وبين أسلوب تفكيرنا وإياكم بون شاسع ومجال واسع، فما من طبعنا تصيد كلمة عالم ونيف من الفرقة الأخري يقول برأي معين انفردوا به، فنقيم الدنيا ولا نقعدها وننشر الكتيبات وتدور المطابع وتنتثر المحابر ونرفع المنابر ولا تفتأ دور النشر تهدر حتي نقول.. إن أهل السنة يقولون كذا وكذا، والدليل فلان وفلان!!

فهذا طبع غيرنا والحمد لله وأنتم أعلم به!

فمتي كان فلان وفلان هم الشيعة أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون!!

ثم قولك: إن قول ابن عمر من النسخ أقرب منه إلي التحريف!

فإنه ينم عن قلة اطلاع أو بعد عن تلك الديار... فإن النسخ المزعوم الموسوم بنسخ التلاوة، مناقشٌ مبنيً، وفي بعض الأحيان بناءً أيضاً، بل هو مردود بنفس كلمات علماء أهل السنة، ولا أريد الإطالة والتوضيح فلكل مقام مقال!

ص: 52

الجواب: إن علماء السنة الذين قالوا بجواز نسخ التلاوة أجمعوا علي أن هذا النسخ لا يتحقق بلا بدل، فما ينسخه الله ويرفعه يجب ولازم أن ينزل بدلاً عنه ما يقوم مقامه من آيات القرآن، وهو المستفاد من قوله تعالي: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها.

فيجب أن يأتي بخير منها أو بمثلها، فالبدل لازم وإلا لا يكون هذا المورد من المنسوخ تلاوة.

وقول ابن عمر صريح في عدم كونه من باب النسخ المزعوم!

لأنه قال: قد ذهب منه كثير. وهذا القول لا ينسجم مع ما قيل من أن النسخ هذا يلزم أن يحل بدلاً عنه آيات أخر.

فكيف يقول ابن عمر إن تلك الآيات فقدت وذهبت!! فلا نسخ، فما هو؟!

هو التحريف لا محالة!! ثم! ما لنا وما لابن عمر؟!!

كيف تؤول: " أخطأ الكتاب " أو " كتبها الكاتب وهو ناعس ".. " إن الكتاب يخطؤون في المصاحف ".. " قد ضاع قرآن كثير يوم اليمامة "؟!

وفقكم الله لمراضيه، آليت علي نفسي أن لا أري هذه الشاشة إلا بعد يومين، واصبر إن الله مع الصابرين.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

ص: 53

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 – 1- 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 4)، قال فيه:

الآن نتكلم عمن لم يكن من الصحابة، فالأحري لك أن ترجع لتراجم هؤلاء الأعلام لتري أنهم من الطراز الفخم جداً والمستوي الرفيع القدر، ومنهم من أقيمت عليه أركان مذهب إخواننا أهل السنة والجماعة فراجع واجتهد:

الثاني عشر: عروة بن الزبير:

الدر المنثور: 6/321:

(وأخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال كان أبي يقرؤها: وما هو علي الغيب بظنين (كذا). فقيل له في ذلك فقال: قالت عائشة: إن الكتاب يخطئون في المصاحف).

وهذا تبعاً لخالته عائشة يري خطأ كتّاب المصحف عند كتابته وهو التحريف الصريح.

وبكونه مطيعاً واثقاً بخالته ومحباً لها، فسيأخذ ما أخبرته به من وجود لحن في المصحف وكان سببه خطأ الكتاب وقد مرت الرواية فيما سبق.

الثالث عشر: ابن شهاب الزهري:

يوم اليمامة

المصاحف لأبي بكر بن أبي داود ص 31 ونقل عنه في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ط 1: 2/50:

(حدثنا أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب - الزهري - قال:

ص: 54

بلغنا أنه كان قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة، الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب.

فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم، وذلك فيما بلغنا حملهم علي أن يتتبعوا القرآن، فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن، فيذهبوا بما معهم من القرآن، ولا يوجد عند أحد بعدهم، فوفق الله عثمان فنسخ تلك الصحف في المصاحف، فبعث بها إلي الأمصار وبثها في المسلمين).

هذا يعني فقدان جموع من القرآن الله يعلم ما قدرها ولم تصلنا، وذلك لأن شهداء يوم اليمامة هم فقط من حفظها من المسلمين، ولم توجد عند غيرهم فحين استشهدوا فقدت تلكم الآيات إلي الأبد، وهذا الذي دفع أبا بكر لجمع القرآن حتي لا يزداد الشق بذهاب القرآن بذهاب رجاله!

وعلي القرآن السلام!

وليس هذا ببعيد عن الزهري فإنه كان يتهاون في أمر القرآن حتي كان يجوز أن يتلاعب في آيات القرآن بالتقديم والتأخير لمفرداتها كما يتلاعب في ألفاظ الحديث!

فقد روي الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث (121 - 140 ه-) ص 241:

(وقال يونس بن محمد، ثنا أبو أويس، سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث، فقال:

هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث إذا أصيب معي الحديث فلا بأس).

ص: 55

هذه منزلة القرآن عنده!

الرابع عشر: عكرمة مولي بن عباس:

الدر المنثور: 6/396:

(أخرج ابن جرير عن عكرمة أنه كان يعيب " لإيلاف قريش " ويقول: إنما هي " لتألف قريش " وكانوا يرحلون في الشتاء والصيف إلي الروم والشام، فأمرهم الله أن يألفوا عبادة رب هذا البيت).

وهذا أيضاً يخطئ قرآن المسلمين ويعيبه!

وعليه فما أنزله الله عز وجل غير ما هو في مصحفنا اليوم وإلا لما عاب الآية الله عز وجل وادعي أن آيته الفذة هي القرآن!

الخامس عشر: أبان بن عثمان بن عفان:

الدر المنثور: 2/253:

(أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن الزبير بن خالد، قال: قلت لأبان بن عثمان بن عفان: ما شأنها كتبت: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة؟ ما بين يديها وما خلفها رفع وهي نصب.

قال: إن الكاتب لما كتب: لكن الراسخون، حتي إذا بلغ قال: ما أكتب؟

قيل له اكتب: والمقيمين الصلاة. فكتب ما قيل له.

يقصد أنه كتبها خطأ، وهو بذلك سار علي درب أبيه عثمان!!).

السادس عشر: مجاهد بن جبر:

يوم اليمامة!

ص: 56

قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في التمهيد في شرح الموطأ: 42/275 شرح حديث 21:

(وروي أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا سيف عن مجاهد قال: كانت الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، ولقد ذهب يوم مسيلمة قرآن كثير، ولم يذهب منه حلال ولا حرام!).

الدر المنثور: 2/47:

(أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة. قال: هي خطأ من الكتاب!).

السابع عشر: سعيد بن جبير:

خطأ في القرآن!

وأخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف: 1/236 تحقيق د. محب الدين واعظ، إصدار وزارة الأوقاف في قطر:

(عن سعيد بن جبير قال: في القرآن أربعة أحرف لحن " الصابئون "، " والمقيمين "، " فأصدق وأكن من الصالحين " و " إن هذان لساحران ").

الثامن عشر: شبيه أبي بكر وعمر في زمانه سفيان الثوري:

راجع ترجمته في الجرح والتعديل لتعلم قدره.

يوم اليمامة!

قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في المصنف: 7/330 ذيل حديث 13363: قال الثوري:

ص: 57

(وبلغنا أن أناساً من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن).

التاسع عشر: الضحاك بن مزاحم:

الدر المنثور: 5/170-171:

(وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه، أنه قرأها: ووصي ربك. قال: إنهم ألصقوا إحدي الواوين بالصاد فصارت قافاً).

العشرون: ابن أبي مليكة:

عائشة أعلم!

الدر المنثور: 5/33-34:

(وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن أبي مليكة قال: كانت عائشة تقرأ: إذ تقلونه بألسنتكم. وتقول: إنما هو ولق القول، والولق الكذب.

قال: ابن أبي مليكة: هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها.

ابن مليكة يؤيد مدعي عائشة في أن النص الموجود في المصحف " إذ تلقونه بألسنتكم " ليس هو القرآن وإنما أنزل الله عز وجل هو: " إذ تقلونه بألسنتكم ").

ومدعي عائشة صحيح في تغليط نص المصحف في نظر ابن مليكة لأن هذه الآية نزلت فيها وهي أعلم بحقيقة الحال!

الحادي والعشرون: عبد الله بن رزين الغافقي:

الدر المنثور: 6/421:

ص: 58

(وأخرج محمد بن نصر عن يزيد بن أبي حبيب قال: بعث عبد العزيز بن مروان إلي عبد الله بن رزين الغافقي، فقال له: والله إني لأراك جافياً ما أراك تقرأ القرآن!

قال: بلي والله إني لأقرأ القرآن وأقرأ منه ما لا تقرأ به.

فقال له عبد العزيز: وما الذي لا أقرأ به من القرآن!

قال: القنوت، حدثني علي ابن أبي طالب إنه من القرآن).

لاحظ أنه لا مجال - علي هذه الرواية - للقول أن السورتين مما نسخت تلاوته في نظر رزين الغافقي وإلا لما كان يقرأ بها كقرآن ويتفاخر بأنه يقرأ بما هو ثابت القرآنية ولا يقرأ به عبد العزيز بن مروان نفسه!

وتصرح الرواية بأنه قرأ بها تبعاً لقول الإمام علي عليه السلام، وتركنا ذكرها في موارد التحريف التي نسبت للإمام علي عليه السلام لأنها غير صريحة في أنها - علي مباني إخواننا أهل السنة - في التحريف، إذ يمكن تأويلها بأنها مما نسخت تلاوته.

أما رزين فلا يمكنه ذلك، إذ لا يجوز عندهم قراءة ما نسخت تلاوته علي أنه قرآن، فافهم!

الثاني والعشرون: أمية بن عبد الله بن أسيد:

مجمع الزوائد: 7/157 وعلق عليه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وعن الإتقان في علوم القرآن: 1/65:

(عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان، فقرأ بهاتين السورتين:

" إنا نستعينك ونستغفرك ").

ص: 59

لا يخفي عليك أن أمية كان يقرأ سورتي الحفد والخلع علي أنهما من القرآن.

ولو لم يعتقد بأنهم قرآن منزل غير منسوخ، لما استطاع أن يؤم الناس بالسورتين، إذ إن قراءة منسوخ التلاوة في الصلاة تبطلها كما عليه علماء إخواننا أهل السنة!

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 5)، قال فيه:

الثالث والعشرون: إمام المالكية:

وهذا غني عن التعريف، وتجاهره بتحريف القرآن ثابت عن العلماء من السلف، وعليه فإنه مرجع تقليد للمالكية، فهل نضع المالكية كلهم في بوتقة مالك بن أنس، أم لا؟!!

المصحف العثماني ذهب

الإمام مالك بن أنس الأصبحي يري أن المصحف العثماني فُقد، وأن الموجود بين الدفتين ليس هو المصحف الذي جمعه عثمان ونشره في البلدان بل هو غيره.

قال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف ص 44:

(حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب قال: سألت مالكاً عن مصحف عثمان رضي الله عنه فقال: ذهب).

ص: 60

وقول مالك هنا بأن مصحف عثمان قد ذهب.. لا يعني أن عين مصحف عثمان الذي كتبه زيد بن ثابت بيده فُقد وضاع وبقيت النسخ الأخري موافقة له في الرسم.. كما توهم ذلك بعض علماء الشيعة الإمامية حفظهم الله..

وإنما قصد به الآيات وألفاظها دونها زيد بن ثابت في زمن عثمان في المصحف قد فقدت واختلف رسمها وأصابها التغيير عما كان موجوداً في المصحف العثماني.

ويقرَّب هذا باستشهاد الزركشي بقول الإمام مالك عن اختلاف قراءات المصحف المتداول وبيان جواز التعبد بالقراءات الشاذة المخالفة لنص المصحف العثماني.

فقال الزركشي في البرهان: 1/222:

(قال: وذكر ابن وهب في كتاب الترتيب من " جامعه ".

قال: قيل لمالك: أتري أن تقرأ مثل ما قرأ عمر بن الخطاب: فامضوا إلي ذكر الله؟!

قال: جائز، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنزل القرآن علي سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه.

قال: ومثل " يعلمون " و " تعلمون "؟

قال مالك: لا أري باختلافهما بأساً.

وقد كان الناس ولهم مصاحف.

قال ابن وهب: سألت مالكاً عن مصحف عثمان، قال لي: ذهب.

وأخبرني مالك: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلاً " إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ".

فجعل الرجل يقول: " طعام اليتيم "، فقال: " طعام الفاجر ".

ص: 61

فقلت لمالك: أتري أن يقرأ بذلك؟

قال: نعم، إن ذلك واسعاً. قال أبو عمر: معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة وإن لم تجز القراءة به في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه، وإنما يجري مجري خبر الآحاد. ولكنه لا يقدم أحد علي القطع في رده).

سورة التوبة سقط أولها

وقد وردت كلمات علي لسان علماء أهل السنة تصرح بسقوط أول براءة وأنها كانت تعدل البقرة لطولها.

ومثل هذه الكلمات ما ذكره الزركشي في البرهان عن الإمام مالك بن أنس في أسباب سقوط البسملة من أول براءة.

فقال الزركشي: البرهان في علوم القرآن: 1/263:

(وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة).

وذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: 1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

(وعن مالك: أن أولها لما سقط سقط معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها.

فهذا مالك بن أنس وهو إمام من الأئمة الأربعة عند أهل السنة يجزم بكونها كانت تعدل البقرة في الطول وأن كل تلك الآيات فقدت وسقطت!).

أليس هو التحريف الصريح.. للقرآن؟!!

الرابع والعشرون: الإمام ابن عجلان:

قال أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: 2/87، ط. الحلبي تحقيق علي محمد البجاوي:

(قال: فصلٌ: القول بسقوط بسم الله الرحمن الرحيم:

ص: 62

وفي ذلك للعلماء أغراض جماعها أربعة:

الأول: قال مالك بن أنس فيما روي عنه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم - تلاميذه -:

إنه لما سقط أولها - يقصد سورة التوبة – سقط بسم الله الرحمن الرحيم سقط معه.

وكذلك يروي عن ابن عجلان أنه بلغه أنه سورة براءة كانت تعدل البقرة أو قربها فذهب منها!!

فلذلك لم يكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وهذا حتي تعلم أن القول بالتحريف كان مشتهراً بين السلف والقدماء من علماء إخواننا أهل السنة).

الخامس والعشرون: أبو بكر بن أبي داود:

وهو ابن أبي داود السجستاني صاحب السنن المعروف بسنن أبي داود والمكني بأبي بكر السجستاني. صنف سفر جليل أسماه بالمصاحف كان مرجع العلماء في معرفة ما اختلفت فيه مصاحف السلف من الصحابة والتابعين.

وقد عقد فصلاً في كتابه المصاحف قال في ص 130: (باب ما غير الحجاج في مصحف عثمان).

وفصلاً آخر في ص 59 وهو: (باب ما كتب الحجاج بن يوسف في المصحف).

ولنأخذ نبذ من هذاالمصنف لبيان مضمون كلا الفصلين:

عن المصاحف لأبي بكر بن أبي داود في ص 59 و ص 130:

(حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثنا عباد بن صهيب، قال فيه أحمد بن حنبل: ما كان صاحب كذب. وقال أبو داود: صدوق قدري، فالخبر معتبر علي

ص: 63

شرط أبي داود، عن عوف بن جميلة: أن الحجاج بن يوسف غير في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً.

قال: كانت في البقرة: " لم يتسن وانظر " بغير هاء، فغيَّرها " لم يتسنه ".

وكانت في المائدة " شريعة ومنهاجاً " فغيَّرها " شرعة ومنهاجاً ".

وكانت في يونس " هو الذي ينشركم " فغيرها " يسيركم ".

وكانت في يوسف " أنا آتيكم بتأويله " فغيرها " أنا أنبئكم بتأويله ".

وكانت في المؤمنين " سيقولون لله لله لله " ثلاثتهن فجعل الأخريين " لله، لله ".

وكانت في الشعراء في قصة نوح " من الخرجين " وفي قصة لوط " من المرجومين " فغيرقصة نوح " من المرجومين " وقصة لوط " من الخرجين ".

وكانت في الزخرف " نحن قسمنا بينهم معايشهم " فغيرها " معيشتهم ".

وكانت في الذين كفروا " من ماء غير ياسن " فغيرها " من ماء غير آسن ".

وكانت في الحديد " فالذين آمنوا واتقوا لهم أجر كبير " فغيرها " وأنفقوا ".

وكانت في إذا الشمس كورت " وما هو علي الغيب بظنين " فغيرها " بضنين ").

وأظن اتضح لك أيها الأخ الكريم والقارئ المدقق أن بعض من ذكر في جملة محرفي القرآن عند إخواننا أهل السنة، قدره يعلو شرفاً ويتلألأ فضلاً عن كل علماء الإخبارية من الشيعة!!

فلاحظ حينئذ!

جهل من قال: لا يوجد من يقول بتحريف القرآن من علماء أهل السنة.. إضحك وتمدد!!

إعلم أخي:

ص: 64

أن هذه المقاطع لم تجمع هكذا وبسهولة، وإنما جهد ومثابرة وتتبع علي متون الصفحات وبين كلمات الأسطر، فاهتم بها وأطبعها، وإن شئت فانشرها، وبإذنه تعالي سوف تطبع ككتاب بعد أيام قليلة، وهناك موارد للتحريف أشنع وأبشع غيرها وقد استقصيناها لا كلها ولكن الأغلب وستطبع كاملاً، لعل الله يلقم هؤلاء المتهتكون المهرجون حجراً إثر آخر، بحق محمد وآل محمد.

ولكم سلامنا... الفخر الرازي..

فكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

ينصر دينك يا فخر. أنت فخر في هذه القناة..

كان المفروض أن يظهر هذا الموضوع منذ زمن، بل وينشر في كتاب ليخرس أعداء العترة فيما يفترونه علي الشيعة لمجرد وجود ما يوهم بالتحريف من روايات غير معتمدة أو مؤولة..

فالأعداء فعلا يستحقون أن يجابهوا بمثل هذا الكلام.. والبادي أظلم!

حبيبي الفخر: لا تنسَ أن تذكر كتاب الفرقان للخطيب أحد علماء الأزهر الذي صرح بالتحريف!

لا تنسَ! بارك الله في مساعيك..

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أسأل الله الذي من عليك بولاية محمد وآله عليهم السلام أن يحشرك معهم في الدنيا والآخرة، وأن ينفعك كما ينفع بك إنه سميع مجيب. قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

ص: 65

وكتب (الفخر الرازي) 1 - 2 - 2000، التاسعة مساءً:

العسقلاني بهذه الكلمات.. سيغير نظرتي السوداوية عن كل بني عسقلان التي سودها ابن حجر، حصبه الله في جهنم بحجارة.

والأخ كلماته علي رأسي وهي لإعزازي بمحل، فنرجو أن لا نستمر بهذا المنوال من المدح والثناء، فإن من مدحك ذبحك، نسأل الله القبول برضي قلب صاحب الزمان الشريف عنا.

وانتهي الموضوع وانسحب غشمرة والمسلم المسالم، ولم يعودا!

وكتب (جعفري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف مساء، موضوعاً بعنوان (روايات تحريف القرآن عند أهل السنة)، قال فيه:

الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصالحين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين. والحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين. والصلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الأرض أرواحنا لتراب مقدمه الفداء واللعن الدائم المؤبد علي أعدائهم وظالميهم وسالبي حقهم إلي يوم الدين.

الروايات التي ذكرت سورا أو آيات

زُعم أنها كانت من القرآن وحذفت منه، أو زعم البعض نسخ تلاوتها، أو أكلها الداجن.

نذكر منها:

الأولي: أن سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة:

ص: 66

1 - روي عن عائشة: أن سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في مائتي آية، فلم نقدر منها إلا علي ما هو الآن (1) وفي لفظ الراغب: مائة آية (2).

2 - وروي عن عمر وأبي بن كعب وعكرمة مولي ابن عباس: أن سورة الأحزاب كانت تقارب سورة البقرة، أو هي أطول منها، وفيها كانت آية الرجم (3).

3 - وعن حذيفة: قرأت سورة الأحزاب علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها (4).

الثانية: لو كان لابن آدم واديان:

روي عن أبي موسي الأشعري أنه قال لقراء البصرة: كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب (5).

الثالثة: سورتا الخلع والحفد:

روي أن سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب وابن مسعود، وأن عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة، وأن أبا موسي الأشعري كان يقرأهما.. وهما:

1 - " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك ".

2 - " اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، نرجو رحمتك ونخشي عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق ". (6).

الرابعة: آية الرجم:

ص: 67


1- الإتقان: 3/82، تفسير القرطبي: 14/113، مناهل العرفان:1/27، الدر المنثور: 6/560.
2- محاضرات الراغب 2: 4 / 434.
3- الإتقان: 3/82، مسند أحمد: 5/132، المستدرك: 4/359، السنن الكبري: 8/211، تفسير القرطبي: 14/113، الكشاف: 3/518، مناهل العرفان: 2/111، الدر المنثور: 6/559.
4- الدر المنثور: 6/559.
5- صحيح مسلم 2: 726 - 1050.
6- مناهل العرفان: 1/257، روح المعاني: 1/25.

1 - روي بطرق متعددة أن عمر بن الخطاب، قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم.. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فإنا قد قرأناها (1).

2 - وأخرج ابن أشتة في (المصاحف) عن الليث بن سعد، قال: إن عمر أتي إلي زيد بآية الرجم، فلم يكتبها زيد لأنه كان وحده (2).

الخامسة: آية الجهاد:

روي أن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة، فأنا لا أجدها؟ قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن (3).

السادسة: آية الرضاع:

روي عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن (4).

السابعة: آية رضاع الكبير عشراً:

روي عن عائشة أنها قالت: نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها (5).

الثامنة: آية الصلاة علي الذين يصلون في الصفوف الأولي:

عن حميدة بنت أبي يونس، قالت: قرأ علي أبي، وهو ابن ثمانين سنة، في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا

ص: 68


1- المستدرك: 4/359 و 360، مسند أحمد: 1/23 و 29 و 36 و 40 و 50، طبقات ابن سعد: 3/334، سنن الدارمي: 2/179.
2- الإتقان: 3/206.
3- الإتقان: 3/84، كنز العمال: 2/567 حديث 4741.
4- صحيح مسلم: 2/1075 - 1452، سنن الترمذي: 3/456، المصنف للصنعاني: 7/467 و 470.
5- مسند أحمد: 6/269، المحلي: 11/235، سنن ابن ماجة: 1/625، الجامع لأحكام القرآن: 14/113.

عليه وسلموا تسليماً وعلي الذين يصلون في الصفوف الأولي. قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف (1).

التاسعة: عدد حروف القرآن:

أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب، قال: القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف (2).

بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار.

استدراك علي الطائفة الأولي

1 - وقال مالك عن سورة براءة: إن أولها لما سقط، سقط معه البسملة فقد ثبت: أنها تعدل سورة البقرة. (3).

2 - قال حذيفة عن سورة براءة: ما تقرءون ربعها، وفي رواية: إلا ثلثها (4).

3 - وعن ابن عمر: ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله! وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر (5).

4 - روي أيضاً عن أبي بكر وعمر آية: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم. أو: إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم (6).

5 - وهناك الآيتان اللتان تذكران جزاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم (7).

6 - زيادة كلمة (وصلاة العصر) في بعض الآيات من مصحف عائشة (8).

7 - اختلف ابن مسعود وأبو موسي في آية من سورة البقرة، قرأ هذا: وأتموا الحج والعمرة للبيت. وقرأ هذا: وأتموا الحج والعمرة لله... الحديث (9).

ص: 69


1- الإتقان: 3/82.
2- الإتقان: 1/242.
3- الإتقان للسيوطي: 1/65 وراجع البرهان للزركشي: 1/263.
4- مجمع الزوائد: 7/28 عن الطبراني في الأوسط وقال رجاله ثقات. ومستدرك الحاكم: 2/331 والدر المنثور: 3/208 عن الطبراني والحاكم وعن ابن شيبة وأبي الشيخ وابن مردويه. والإتقان: 2/26. روح المعاني: 1/24. ومصنف ابن أبي شيبة: 10/509.
5- الإتقان: 2/25. والدر المنثور: 1/106 عن أبي عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف. ومناهل العرفان: 1/279.
6- فواتح الرحموت بهامش المستصفي: 2/73. والدر المنثور: 1/106 كلاهما عن التمهيد لابن عبد البر.
7- مسند أحمد: 1/47، وصحيح البخاري: 4/115، والبرهان للزركشي: 2/39، وصحيح مسلم: 5/116، والدر المنثور: 1/106، والبداية والنهاية: 5/245، والجامع لأحكام القرآن: 2/66، والإتقان: 2/25.
8- المصنف لعبد الرزاق: 1/ 578 ط. سنة 1390 ه-.
9- فتح الباري: 9/15. والتمهيد: 1/278.

الطائفة الثانية: الروايات الدالة علي الخطأ واللحن والتغيير

الأولي: روي عن عثمان أنه قال: إن في المصحف لحنا، وستقيمه العرب بألسنتها.

فقيل له: ألا تغيره؟ فقال: دعوه، فإنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً (1).

الثانية: روي عن ابن عباس في قوله تعالي: حتي تستأنسوا وتسلموا. النور - 27.

قال: إنما هو " حتي تستأذنوا "، وأن الأول خطأ من الكاتب (2).

الثالثة: روي عروة بن الزبير عن عائشة: أنه سألها عن قوله تعالي: لكن الراسخون في العلم. النساء -62: ثم قال: والمقيمين. وفي المائدة: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون. المائدة - 69.

إن هذان لساحران. طه - 63.

فقالت: يا بن أختي، هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب (3).

الرابعة: روي أن الحجاج بن يوسف غير في المصحف اثني عشر موضعاً، منها:

1 - كانت في سورة البقرة - 59 " لم يتسن " فغيرها " لم يتسنه " بالهاء.

2 - وكانت في سورة المائدة - 48 " شريعة ومنهاجاً " فغيرها " شرعة ومنهاجاً ".

3 - وكانت في سورة يونس - 22 " هو الذي ينشركم " فغيرها " هو الذي يسيركم " (4).

وهذه الأمثلة، وسواها منقولة من مصاحف السجستاني (5).

ص: 70


1- الفرقان - 157.
2- الإتقان: 2/327، لباب التأويل: 3/324، فتح الباري: 11/7.
3- الإتقان: 2/320.
4- الفرقان - 50.
5- المصاحف - 49.

الطائفة الثالثة: الروايات الدالة علي الزيادة

1 - روي عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال: كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله (1).

2 - وروي عن عبد الله بن مسعود أنه لم يكتب الفاتحة في مصحفه، وكذلك أبي بن كعب (2).

ويقول الآلوسي في تفسيره أن أحاديث التحريف فوق الإحصاء. راجع روح المعاني: 1/25.

هذا مقدمة فقط.. ولئن لم ينتهي المرجفون والحاقدون في كيل السب والشتم ولصق تهمة التحريف بالطائفة الإمامية الاثني عشرية قاطبة.. لنواصل البحث والتنقيب.. ونخرج ونذكر ما أهملناه من بقية الروايات والآراء المصرحة بالتحريف عند أهل السنة.... والحمد لله أولاً وآخراً.

ص: 71


1- مسند أحمد: 5/129، الآثار: 1/33، التفسير الكبير: 1/213، مناهل العرفان: 1/268، الفقه علي المذاهب الأربعة: 4/258، مجمع الزوائد: 7/149.
2- الجامع لأحكام القرآن: 20/251، الفهرست لابن النديم - 29، المحاضرات 2: 4 / 434، البحر الزخار - 249.

ص: 72

ص: 73

ص: 74

الفصل الثالث: المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر و البخاري

اشاره

عناوين المواضيع:

المؤامرة علي سورتي المعوذتين!

أتباع المذاهب الأربعة يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك!

ص: 75

ص: 76

المؤامرة علي سورتي المعوذتين

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 6 - 1999، التاسعة ليلاً، موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم عن التحريف)، قال فيه:

تدل روايات سورتي المعوذتين في مصادر السنيين أنه كانت توجد مؤامرة لحذفهما من القرآن، ولكنها فشلت والحمد لله، وحفظ الله المعوذتين جزءاً من القرآن عند كل المسلمين!

وهو سبحانه القائل: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".

ولكن لماذا هذه المؤامرة.. ولماذا؟ ومن هو أصلها؟!

الإحتمال الأول:

أن المعوذتين لم تعجبا السليقة العامة للعرب!

كما يفهم مما رواه البيهقي في سننه: 2/394 عن عقبة بن عامر الجهني قال:

(كنت أقود برسول الله صلي الله عليه وسلم ناقته فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟

قلت: بلي يا رسول الله. فأقرأني قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.

ص: 77

فلم يرني أعجب بهما، فصلي بالناس الغداة فقرأ بهما، فقال لي: يا عقبة، كيف رأيت؟

كذا قال العلاء بن كثير. وقال ابن وهب عن معاوية عن العلاء بن الحارث وهو أصح.

ثم رواه برواية أخري جاء فيها: فلم يرني سررت بهما جداً...

ثم رواه برواية أخري تدل علي أن عقبة هو الذي سأل النبي صلي الله عليه وآله عنهما، وأن النبي أراد تأكيد أنهما من القرآن فصلي بهما.

عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المعوذتين، فأمهم بهما رسول الله صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر). انتهي.

الإحتمال الثاني:

أن محاولة حذفهما من القرآن كانت بسبب ارتباطهما بالحسن والحسين عليهما السلام!!

فقد روي أحمد في مسنده: 5/130:

(عن زر قال قلت لأبي: إن أخاك يحكهما من المصحف. فلم ينكر!

قيل لسفيان: ابن مسعود؟ قال: نعم. وليسا في مصحف ابن مسعود.

كان يري رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته، فظن أنهما عوذتان وأصر علي ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه!)

وروي نحوه ابن ماجة في سننه ولكن لم يذكر الحسن والحسين، قال في: 2/1161:

ص: 78

(عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزل المعوذتان أخذهما وترك ما سوي ذلك).

وروي الترمذي في سننه: 3/267:

(أن النبي كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتي نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما).

ورواه في كنز العمال: 7/77، عن (ت ن ه-)، والضياء عن أبي سعيد.

وروي البخاري في صحيحه تعويذ النبي للحسنين عليهما السلام، بدعاء آخر غير المعوذتين، قال في: 4/119:

(عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة).

وروي ابن ماجة في: 2/1165:

(عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.

قال: وكان أبونا إبراهيم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق. أو قال إسماعيل ويعقوب).

ومثله أبو داود في: 2/421. والترمذي في سننه: 3/267. والحاكم في المستدرك: 3/167 و: 4/416 وقال في الموردين: صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ص: 79

ورواه أحمد في مسنده: 1/236 و ص 270. والهيثمي في مجمع الزوائد: 5/113 بعدة روايات، وإحداها عن عبد الله بن مسعود فيها تفصيل جميل قال:

(كنا جلوساً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ مر به الحسين والحسن وهما صبيان فقال: هاتوا ابني أعوذهما مما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، قال: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة ومن كل شيطان وهامة.

رواه الطبراني وفيه محمد بن ذكوان وثقة شعبة وابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات).

ورواه في كنز العمال عن عمر، في: 2/261 و: 10/108 قال:

(عن عمر بن الخطاب أن النبي صلي الله عليه وسلم، كان يعوذ حسناً وحسيناً يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة (حل). انتهي.

وروي البخاري ذلك بعدة روايات عن عائشة بتفاوت في الدعاء، لكنها لم تسم فيهما الحسنين!!

وقال في: 7/24:

(حدثني سليمان عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمني ويقول: الله رب الناس أذهب الباس واشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً.

قال سفيان حدثت به منصوراً فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة نحوه...).

ص: 80

وقال في: 7/26:

(عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه...

أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً.

فذكرته لمنصور فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها بنحوه. وروي نحوه أحمد في مسنده: 6/44 و 45.. إلخ).

من هذه الروايات نعرف أن النبي صلي الله عليه وآله كان يهتم اهتماماً خاصاً بولديه الحسن والحسين عليهما السلام وتعويذهما بكلمات الله تعالي لدفع الحسد والشر عنهما، وأنه كان يفعل ذلك عمداً أمام الناس لتركيز مكانتهما في الأمة والتأكيد علي أنهما ذريته وامتداده.. كما كان إسحاق وإسماعيل بقية إبراهيم وامتداده عليهم السلام!

وأنه بعد نزول المعوذتين كان يعوذهما دائماً بهما!

وبهذا ارتبطت السورتان في ذهن الأمة بالحسنين وسري إليهما الحسد منهما.. أو الحب!!

وتحاول الروايات تصوير عبد الله بن مسعود بأنه حامل راية العداء للمعوذتين وتنقل إصراره علي حذفهما من القرآن!

ولكن توجد أمور توجب الشك في ذلك.

اتباع المذاهب يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك

أمام هذه التشكيكات في المعوذتين في مصادر السنيين، يبقي عندهم عدد من الروايات التي تثبت جزئيتهما من القرآن الكريم.

وعمدتها ما رووه عن عقبة بن عامر الجهني كما في مسلم: 2/200، فقال:

ص: 81

(عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألم تر آيات أنزلت الليلة، لم ير مثلهن قط، قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس...

عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط، المعوذتين.

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح، وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو أسامة، كلاهما عن إسماعيل بهذا الإسناد، مثله).

ورواها الترمذي: 5/122 و: 4/244 وقال في الموردين:

(هذا حديث حسن صحيح، ثم روي عن عقبة: أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة. وقال هذا حديث حسن غريب. ثم كرر رواية ابن كعب. ورواه البيهقي في سننه: 2/394).

وقال الشافعي في كتاب الأم: 7/199:

(أخبرنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا به ما ليس منه - ثم قال عبد الرحمن - وهم يروون عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في صلاة الصبح وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع علي عهد

أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل، وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي).

وروي الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/148 عدة روايات في إثبات أن المعوذتين من القرآن.

أما البخاري فقد اختار أن يقف في صف المشككين في المعوذتين!

ص: 82

فقد كان روي رواية عقبة في تاريخه الكبير: 3/353 ثم تراجع عن روايتها في صحيحه، فلم يرو إلا روايات أبي ابن كعب المتزلزلة المشككة!

مع أنه عقد في صحيحه عنوانين للمعوذتين لكنه اكتفي بروايات التشكيك دون غيرها!

وقد ألف البخاري تاريخه قبل صحيحه كما في تذكرة الحفاظ: 2/555!

قال في صحيحه: 6/96:

(سورة قل أعوذ برب الفلق... عن زر بن حبيش، قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين.

فقال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: قيل لي فقلت.

فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم...

سورة قل أعوذ برب الناس... وحدثنا عاصم عن زر، قال: سألت أبي بن كعب:

قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا.

فقال أبيّ: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لي: قيل لي فقلت.

قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم). انتهي.

فيكون البخاري متوقفاً في أنهما من القرآن لعدم ثبوت دليل علي ذلك عنده!!

ص: 83

عالم سني يحاول الدفاع عن البخاري

فكتب (محب السنة) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 16 - 9 - 1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (تدليس العاملي وافترائه علي الإمام البخاري رحمه الله)، قال فيه:

روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الآية:

هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب.

قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمي الله، فاحذروهم.

ويدخل في اتباع المتشابه وتجاهل المحكم محاولة العاملي مغالطة القراء بمقالته التي حاول فيها الإفتراء علي الإمام البخاري رحمه الله تعالي، وادعائه بأنه يرجح القول بأن المعوذتين ليستا من القرآن.

وفيما يلي نقول من مواضع متعددة من صحيح البخاري يصرح فيها البخاري عند ذكر بعض الآيات من هاتين السورتين بقوله: قال تعالي.. ما يؤكد أن الإمام البخاري يري أنهما من القرآن كما هو قول جميع أهل السنة.

فيقول في كتاب القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء: (وقوله تعالي: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق).

وهذا شرح ابن حجر:

ص: 84

قوله: باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء، تقدم شرح ذلك في أوائل الدعوات.

قوله: وقوله تعالي: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق، يشير بذكر الآية إلي الرد علي من زعم أن العبد يخلق فعل نفسه، لأنه لو كان السوء المأمور بالإستعاذة بالله منه مخترعاً لفاعله لما كان للإستعاذة بالله منه معني، لأنه لا يصح التعوذ إلا بمن قدر علي إزالة ما استعيذ به منه.

وفي كتاب الطب يقول:

(باب السحر وقول الله تعالي: ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتي يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق. وقوله تعالي: ولا يفلح الساحر حيث أتي. وقوله: أفتأتون السحر وأنتم تبصرون.وقوله: يخيل إليه من سحرهم أنها تسعي. وقوله: ومن شر النفاثات في العقد والنفاثات السواحر تسحرون تعمون.

وفي كتاب الأدب: باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر، وقوله تعالي: ومن شر حاسد إذا حسد).

قال ابن حجر قوله: باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر. وقوله تعالي: ومن شر حاسد إذا حسد. أشار بذكر هذه الآية إلي أن النهي عن التحاسد ليس مقصوراً علي وقوعه بين اثنين فصاعدا، بل الحسد مذموم ومنهي عنه ولو وقع من جانب واحد، لأنه إذا ذم مع وقوعه مع المكافأة فهو مذموم مع الأفراد بطريق الأولي.

ص: 85

وفي كتاب التوحيد: باب قول الله تعالي: ملك الناس، فيه ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم:

وقال ابن حجر قوله: باب قول الله تعالي ملك الناس، قال البيهقي: الملك والمالك هو الخاص الملك، ومعناه في حق الله تعالي القادر علي الإيجاد، وهي صفة يستحقها لذاته، وقال الراغب: الملك المتصف بالأمر والنهي وذلك يختص بالناطقين، ولهذا قال: ملك الناس، ولم يقل ملك الأشياء، قال: وأما قوله: ملك يوم الدين، فتقديره الملك في يوم الدين، لقوله: لمن الملك اليوم. انتهي.

ويحتمل أن يكون خص الناس بالذكر في قوله تعالي: ملك الناس.

أما ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من أنهما ليستا من القرآن. فقد قال عنه ابن كثير:

وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء، وأن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه واعتذر له بقوله: فلعله لم يسمعهما من النبي صلي الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلي قول الجماعة، فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة ونفذوها إلي سائر الآفاق كذلك، ولله الحمد والمنة.

وقال البزار: ولم يتابع ابن مسعود علي ذلك أحد من الصحابة.

وقال ابن حجر:

وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الإنتصار وتبعه عياض وغيره ما حكي عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يري أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن

ص: 86

كان النبي صلي الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً. وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول إنهما ليستا من كتاب الله. نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله علي المصحف فيتمشي التأويل المذكور.

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيتهما وإنما كان في صفة من صفاتهما. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي. ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأما قول النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منهما شيئاً كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر.

وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم فقال في أوائل المحلي: ما نقل عن ابن مسعود من إنكار قرآنية

المعوذتين فهو كذب باطل. وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب علي الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل.

قال ابن حجر: بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإن أراد استقراره فهو مقبول.

وقد قال ابن الصباغ في الكلام علي مانعي الزكاة: وإنما قاتلهم أبو بكر علي منع الزكاة ولم يقل إنهم كفروا بذلك، وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن يستقر. قال: ونحن الآن نكفر من جحدها.

ص: 87

قال: وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوذتين، يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الإتفاق بعد ذلك.

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال: إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواتراًَ في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرها، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة. وأجيب باحتمال أنه كان متواتراً في عصر ابن مسعود لكن لم يتواتر عند ابن مسعود فانحلت العقدة بعون الله تعالي.

قوله: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: قيل لي قل: فقلت.

قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم. القائل فنحن نقول.. إلخ. هو أبي بن كعب.

ووقع عند الطبراني في الأوسط أن ابن مسعود أيضاً قال مثل ذلك، لكن المشهور أنه من قول أبي بن كعب، فلعله انقلب علي راويه.

وليس في جواب أبيّ تصريح بالمراد، إلا أن في الإجماع علي كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد، والله سبحانه وتعالي أعلم بالصواب.

والخلاصة: أنه لم يقل أحد من أهل السنة بزيادة شئ من القرآن كما يدعي العاملي.

والذين قالوا إن ابن مسعود رضي الله عنه لم يثبتهما في مصحفه اعتذروا له بأعذار تقدم ذكرها، وبينوا أنه لم يتعمد المخالفة لإجماع الصحابة، ولكن لا شك أنه خفي عليه الأمر.

ص: 88

إن عذر ابن مسعود لا يكون لغيره حيث استقر الأمر فيما بعد، وأثبتت السور في المصاحف التي أرسلت إلي الأمصار ولم يكن لأحد عذر في الجهل بكونهما من القرآن.

وإن هذه المقالة لا تقارن بوجه من الوجوه بقول كبار علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين الذين يصرحون بأن القرآن محرف.

وأخيراً: يظهر لكل منصف أن العاملي متحامل علي الإمام البخاري رحمه الله، ولم يكن منصفاً ولا متجرداً للحق في مقالته، وقد تعمد التدليس ومخالفة الحق عن علم.

حب الصحابة كلهم لي مذهب ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (شعاع) بتاريخ 16 - 9 - 1999، السادسة صباحاً:

جزاك الله خير. يقول الله تعالي: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه. فماذا ننتظر من شيعة ابن سبأ؟؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 16 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

ما ذكرته يا محب البخاري وهولت به، وفتحت له هذا الموضوع.. يدل علي أنك:

ظالم، أو غير مطَّلع علي الإختلاف في مصادركم قبل البخاري وبعده، في أن المعوذتين هل هما من القرآن أم زائدتان؟!!

المسألة يا هذا.. مطروحة عندكم، والبخاري يعلم بذلك، وقد تعمد أن يروي رواية التشكيك في المعوذتين فقط!

ويترك الروايات التي تثبت أنهما من القرآن، وقد ترك أحاديث صحيحة علي شرطه روي بعضها الحاكم!! فأين أنت؟!!!

ص: 89

وإن كابرت، فانظر إلي ما قال ابن خزيمة وهو أستاذ البخاري، وقد درس عنده صحيحه!!

قال ابن خزيمة في صحيحه: 1/266:

(باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن أخبرنا...).

وأورد الرواية التي تركها البخاري!!!

ثم... انظر ما قاله ابن نجيم المصري في البحر الرائق: 2/68:

(وما وقع في السنن وغيرها من زيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد وابن معين، ولم يخترها أكثر أهل العلم، كما ذكره الترمذي. كذا في شرح منية المصلي). انتهي.

فما هي السنن التي تقول بزيادة المعوذتين؟! إلا رواية البخاري التي رواها غيره أيضاً؟!

ولكن الفرق أن غيره روي معها ما يثبت أنهما من القرآن، بينما هو اقتصر علي رواية التشكيك!!

ولماذا يحتاج إمامك أحمد أن ينكر القول بزيادتهما إن لم يكن له وجود؟!

وأين هو هذا القول إن لم يكن ما رواه البخاري يا محب البخاري؟!!

ثم.. تعال وانظر الفتوي التي نقلها ابن نجيم المصري في اختلاف فقهائكم في كفر من سخر بآيات المعوذتين!

قال في البحر الرائق: 5/205:

(ويكفر إذا أنكر آية من القرآن أو سخر بآية منه إلا المعوذتين ففي إنكارهما اختلاف!!

ص: 90

والصحيح كفره، وقيل لا، وقيل إن كان عامياًّ يكفر، وإن كان عالماً لا). انتهي.

فمن هم هؤلاء الذين قالوا " لا يكفر من سخر بآياتهما " لأنهما لم يثبت أنهما من القرآن!

وهل هم من الشيعة؟!!

ثم.. انظر إلي أن قراءة المعوذتين في الصلاة كانت عند أتباع الخلافة أمراً مستنكراً، وأن أول من جهر بقراءتهما عبيد الله بن زياد بعد نحو أربعين سنة من وفاة النبي صلي الله عليه وآله!!

قال ابن أبي شيبة في المصنف: 7/216:

(عن مغيرة عن إبراهيم، قال: أول من جهر بالمعوذتين في الصلاة عبيد الله بن زياد). انتهي.

فهل كانت هذه الأولية لابن زياد تؤرخ لولا أنه خالف العرف المسيطر؟!

ومن أين جاء هذا العرف عند عامة الناس، إلا من القول بزيادتهما، أو التشكيك فيهما؟!!

ثم.. انظر إلي ابن حبان وغيره من الذين وافقوا البخاري، فجوزوا أن يضم إلي قراءة المعوذتين سورة أخري، لأنهما مشكوك في قرآنيتهما!!

قال ابن حبان في صحيحه: 6/201:

(ذكر الإباحة للمرء أن يضم قراءة المعوذتين إلي قراءة قل هو الله أحد في وتره الذي ذكرناه...).

ثم.. انظر إلي مصيبة الرازي صاحب المحصول إذ يقول في: 4/480:

ص: 91

(أنكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن، فكأنه ما شاهد قراءة الرسول صلي الله عليه وسلم لهما ولم يهتدِ إلي ما فيهما من فصاحة المعجزة، أو لم يصدق جماعة الأمة في كونهما من القرآن.

فإن كانت تلك الجماعة ليست حجة عليه فأولي أن لا تكون حجة علينا، فنحن معذورون في أن لا نقبل قولهم......... إلي آخره!!).

وأخيراً.. فهذه عبارة فتح الباري التي نقلتها علي طريقتك، وأنت تتهم الشيعة بالتدليس!!

فاحذر أن تقع فيما تتهمنا فيه!!:

قال في فتح الباري: 8/570:

(قوله: سألت أبي بن كعب قلت: أبا المنذر - هي كنية أبي بن كعب وله كنية أخري أبو الطفيل - قوله يقول: كذا وكذا - هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً وكان بعض الرواة أبهمه استعظاماً له –

وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك علي الإبهام.

وكنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاري لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان ولفظه: قلت لأبي: إن أخاك يحكها من المصحف.

وكذا أخرجه الحميدي عن سفيان ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج.

وكأن سفيان كان تارة يصرح بذلك وتارة يبهمه.

وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ أن عبد الله بن مسعود، كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه.

ص: 92

وأخرج أحمد، عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بلفظ أن عبد الله يقول في المعوذتين: وهذا أيضاً فيه إبهام.

وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله.

قال الأعمش وقد حدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب: فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي، وقد أخرجه البزار وفي آخره يقول: إنما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما.

قال البزار: ولم يتابع بن مسعود علي ذلك أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأهما في الصلاة.

قلت: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر وزاد فيه بن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر، فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل.

وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة أن النبي صلي الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين، وقال له إذا أنت صليت فأقرأ بهما. وإسناده صحيح.

ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين.

وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الإنتصار وتبعه عياض وغيره ما حكي عن بن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يري أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلي الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في

ص: 93

ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً.

وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك، حيث جاء فيها ويقول: أنهما ليستا من كتاب الله، نعم، يمكن حمل لفظ كتاب الله علي المصحف فيتمشي التأويل المذكور.

وقال غير القاضي:لم يكن اختلاف بن مسعود مع غيره في قرآنيهما وإنما كان في صفة من صفاتهما). انتهي.

وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي، ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأما قول النووي في شرح المهذب:

(أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منهما شيئاً كفر، وما نقل عن بن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر).

وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم، فقال في أوائل المحلي:

(ما نقل عن بن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين فهو كذب باطل).

وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره:

(الأغلب علي الظن أن هذا النقل عن بن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل والإجماع الذي نقله أم أراد شموله لكل عصر، فهو مخدوش وإن أراد استقراره فهو مقبول).

وقد قال ابن الصباغ في الكلام علي مانعي الزكاة:

(وإنما قاتلهم أبو بكر علي منع الزكاة، ولم يقل إنهم كفروا بذلك وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن استقر، قال: ونحن الآن نكفر من جحدها! قال:

ص: 94

وكذلك ما نقل عن بن مسعود في المعوذتين يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك ثم حصل الإتفاق بعد ذلك).

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال:

(إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر بن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر بن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة، وأجيب باحتمال أنه كان متواتراً في عصر ابن مسعود، لكن لم يتواتر عند بن مسعود، فانحلت العقدة بعون الله تعالي.

قوله: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: قيل لي فقلت. قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم. القائل: فنحن نقول.. إلخ. هو أبي بن عب.

ووقع عند الطبراني في الأوسط أن بن مسعود أيضاً قال مثل ذلك.

لكن المشهور أنه من قول أبي بن كعب فلعله انقلب علي راوية. وليس في جواب أبي تصريح بالمراد إلا أن في الإجماع علي كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد. والله سبحانه وتعالي أعلم بالصواب..). انتهي.

فانظر كيف دلست في نقل شروح السنة! يا من يزعم أنه.. محبٌّ السنة!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 17-9-1999 الحادية عشرة والنصف ليلاً:

قد بينت لك يا عاملي بما لا يحتاج مزيد بيان.. أن القول بأنهما ليستا من القرآن قد اشتهر عن ابن مسعود فقط. وقد بينت لك أنه معذور في قوله في ذلك الوقت.

ولو أنك علي علم بالقراءات وطرق الرواية للقرآن لما أوردت هذه الشبهات.

ص: 95

ثم إني قد أوردت لك من كلام البخاري رحمه الله تعالي ما يصرح به أنهما من القرآن.. وذلك حين يقول: قال الله تعالي: ثم يذكر الآية من إحدي السورتين، فهل بعد هذا البيان بيان.

إن الكلام الذي يرد مجملاً في موضع يبينه الكلام المفصل في موضع آخر، كما هو معروف عند الأصوليين. نسأل الله الهداية السداد.

حب الصحابة كلهم لي مذهب... ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 17 - 9 - 1999، الثانية عشرة ليلاً:

إلي محب السنة: ألا تعلم طريقة العاملي في المراوغة؟

واعلم أن قصده من ذلك هدم الإسلام، فهو يحاول إيجاد عذر لعلمائه القائلين بالتحريف عن طريق إثباته لدي أهل السنة، ولكن خيب ظنه وظن أسياده. والحمد لله رب العالمين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الثامنة والنصف صباحاًَ:

لو كان عندك إنصاف يا محب السنة لاعترفت بأن النصوص المتقدمة تدل علي أنه يوجد عندكم قائلون بزيادة المعوذتين، غير البخاري.

وأنهم يتمسكون بالروايات التي اقتصر عليها البخاري..

وأن البخاري وقع في مفارقة حيث ظهر من بعض كلامه أنه يقول بجزئيتهما من القرآن، بينما اقتصر في روايته علي ما تمسك به النافون لجزئيتهما!!

إلي الصارم المسلول:

هل الذي ينتقد خطأ وقع فيه معاوية أو البخاري يهدم الإسلام؟!

وهل الإسلام متوقف علي عصمة البخاري؟!!

لا تخف علي الإسلام يا صارم!! فقد كان قبل معاوية والبخاري وابن تيمية..

ص: 96

ويبقي بعدهم!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 18 - 9 - 1999، التاسعة والنصف صباحاً:

الأخ الفاضل: العاملي.

أحسنت وجزاك الله خير ما يجزي به عباده الصالحين العاملين.

إن مجموع الكلام الذي نقلته في صدر الموضوع والتعليقة عليه، والمدعم بالمصادر، لا يمكن أن يجاب عليه.

فالخلاف كان متحققاً بينهم في شأنها، وليس المسألة مسألة رواية فقط...

أضف إلي أن الروايات الأخري في شأن طرو الزيادة والنقصان علي كتاب الله الكريم أفظع بكثير من أن تتصور، لولا أنهم وجدوا لها دثاراً وهو (اجتهد فلان) أو (هذا مما طاله النسخ)..

ولا يخفي أن فكرة النسخ والإجتهاد الذي يعذر معه الصحابة في مخالفتهم النصوص أكبر أكذوبة داخل حيز الروايات والتشريع، وما طعن الإسلام إلا بهذه الأفكار المفتراة من أولها إلا آخرها...

وهذه الموضوعات من الأسس والأصول التي أري أهمية أن تبحث..

ولا محالة سوف ينكسر القوم فيها؟!!

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الخامسة والنصف عصراً:

الرد علي العاملي:

سبحان الله هذا العاملي له أبعاد نظر شيطانية، ولكن مع الأسف نسي هذا المسكين أن الشئ لا يثبت بدون برهان، فنحن عندنا شئ هو يعلمه جيداً، ولكنه عمداً يتناساه ألا وهو إجماع الصحابة مثلاً في عصرهم.

ص: 97

فهو يتكلم وكأن الإجماع هو ما قال به ابن مسعود رضي الله عنه فقط!!

فليتك يا عاملي تقول لنا من هو سلفك في هذه المقولة من مراجع الشيعة، لكي لا نتهمك بالشذوذ عن ما هو معلوم لعلماء الشيعة عنا؟

وسابقاً سمعتك تفتري أن عمر ومعه تلاميذ جمة يذهبون لمدرسة يهودية ويتعلمون الكفر عندهم، وأنت تتكلم وتستنبط، والله كلام يضحك الذي لا يفكر بالضحك.

وأنت تسترسل وكأن عمر وأصحابه لهم جدول حصص ومدرسة، وهناك حضور وغياب، ولهم إجازة يوم الأحد!

وأنت كنت تتكلم وكأن اليهود يريدون أن يساعدهم عمر لإقناع الرسول صلي الله عليه وسلم بأفكارهم الكفرية.

وأنت افتريت وبينت أن عمر كل ما نهاه الرسول عن كتابة مقاطع وحكم من التوراة فهو ينافق بالإنفاد للأمر، ولكنه قبض عليه الرسول صلي الله عليه وسلم كذا مرة بعدها، وهو يعود لنفس الفعل!!

مسكين يا عاملي.

هل من الممكن أن تقول لنا من هو سلفك من علمائك الشيعة الذين قالوا بهذا الكلام، لكي لا نزعم أنك تخترع كلاماً لا يقول به الشيعة عنا؟!

سؤال بسيط للعاملي لكي لا يستهبل:

يا عاملي أنتم لا تكفرون أبيّ (كذا، والصحيح أبياًّ) رضي الله عنه، وكان أبي من طرق أحاديثنا يري أن المال الزائد عن الحاجة يجب أن ينفق في سبيل الله، لأنه يعتبره كنزاً حرام إبقائه حتي ولو أخرجت زكاته.

ص: 98

المعروف أن الصحابة خالفوا أبيّ (أبياًّ) رضي الله عنهم أجمعين، وكلهم احترم اجتهاد أبي، ولم يكفروه، ولم يقولوا له أنت تفتري علي الرسول صلي الله عليه وسلم.

فنحن نسألك يا عاملي:

هل تعلم أن الشيوعيين هم فقط الذين عملوا برأي أبي، لأنهم يعطون الناس حاجتهم ويأخذون كل ما فاض عن حاجتهم ويملكونها الدولة.

أتي كاتب شيوعي ملحد وألف كتاباً يؤيد فيه رأي أبي رضي الله عنه، وزعم أن الإسلام يؤيد الشيوعية، ولكن بين أن المسلمين وقفوا في وجه أبي، ومنعوه من هذا المبدأ الثوري، و و و.. إلخ.. الكتاب.

لماذا يا عاملي لا تتهمنا أيضاً أننا شيوعيين.. بسبب أن من الصحابة من قال بمثل قولهم في عدم جواز إبقاء المال الزائد عن الحاجة، كما قال أبي.

رغم أن شبهتك أهون من هذه الشبهة؟!؟! ألم تسمع باختلاف وجهات النظر الإجتهادية؟!

ألم يقولوا لك إنه لم ينكر أنهما من القرآن، وإنما أراد إذناً ودليلاً لإضافتهما في المصحف بين الدفتين.

ثم حتي لو لم يعتقد أنهما ليستا من القرآن اجتهاداً منه، هل أنت تلزم كل الصحابة وتوجب عليهم وتشترط عليهم أن يعلموا كل حكم دفعة واحدة وفي نفس الوقت؟!

هل أنت توجب وتفرض علي الرسول صلي الله عليه وسلم أن لا يأمر ولا ينهي إلا إن جمع كل المسلمين 100 % ويسمعوا أمره في وقت واحد، ودفعة واحدة؟!

ص: 99

لو كان هذا واجباً لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: وليبلغ الشاهد منكم الغائب.

وما العيب في أن لم يبلغ ابن مسعود إن صح. ما العيب إن لم يبلغه الأمر أصلاً!؟!؟

العلم الكامل لله وحده، أما البشر فيفوتهم الكثير.

ألم يكن زيد رضي الله عنه يجمع القرآن مما كتب عليه ويقارنه بما في صدور الصحابة؟!

هل كان زيد رضي الله عنه يأخذ القرآن من صحابي واحد كابن مسعود رضي الله عنه أم من جمعهم الغفير من الحفاظ وممن كتبوه؟!

لو كان كلامك حقاًّ لأخذ فقط من ابن مسعود رضي الله عنه، ولكن زيد رضي الله عنه يعلم أن العصمة والقوة في التثبت هو في مقارنة حفظهم كلهم ومقارنة المكتوب كله.

ثم هل تعلم يا عاملي أن زيد رضي الله عنه أمره الصديق أن يكتب من المكتوب؟

فزيد رضي الله عنه يحفظ القرآن وكان يستطيع أن يكتبه من صدره مباشرة، ولكنها أمانة يخاف أن يحملها لأنه لا يجمع كلام البشر بل كلام رب البشر، الذي سيبقي للأجيال القادمة، فأراد أن يجعل الموضوع نوراً علي نور، وأصبح إذا وجد المكتوب يقارنه بما في الصدور ويكتبه، لأن الأصل ما كتب لأنه أثبت، أما ما في الصدور فالإنسان قد ينسي كلمة أو يسهي.

ص: 100

وكان زيد رضي الله عنه يسمع بعض الآيات وهو يعلمها جيداً، ولكن لم يكتبها إلا بعد أن وجدها مكتوبة علي جريد أو عظم مثلاً، فهل يعني هذا أن زيد رضي الله عنه جحد في البداية أن تلك الآيات من القرآن؟!

لا والله، لأن التثبت أمانة قد يصل إليها بعض الناس وقد لا يصل للتثبت أناس.

فابن مسعود رضي الله عنه أراد البينة علي جواز ضم المعوذتين في المصحف، مع أنه يعلم أنهما من كلام الله عز وجل.

ومنهم من قال أنه ظنهما دعاء وليس قرآناً، فهذا أيضاً لا يعيبه إن صح، لأن المعصوم من عصمه الله والجهل جائز علي البشر، وفوق كل ذي علم عليم، والعبرة بما أجمع عليه المسلمون وإن جهل منهم أحد، لأن ذاك النقص يكمله غيره من الكثرة الكاثرة.

وهنا أنا أضيف شيئاً آخر مهماًّ ألا وهو: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قد كتبوا علي المكتوب من الأشياء آيات منسوخة اللفظ كآية الرجم مثلاً... ولكنهم لم يضيفوا هذه الآيات لكتاب الله بين الدفتين، فهل هذا يعني أننا ننكر أن الآيات المنسوخة هي من كلام الله عز وجل؟!

لا والله بل هي من كلامه، ولكننا أمرنا أن لا نضمها لكتاب الله، لأنه عز وجل بين لنا نسخ تلاوتها وإبقاء حكمها. وكثير من الصحابة كان يقرؤوها وهو لا يعلم نسخ تلاوتها حتي بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم، ولكن عندما بلغه أقلع.

فهل أنت تفرض عليهم جميعاً أن يعلموا حكم الله من بداية الأمر؟!

هل أنت يا عاملي تريد أن تكلف الناس فوق ما يطيقون؟!

ص: 101

أما أنت يا جميل 50 فأقول لك:

العجيب أنك تهاجمنا بموضوع الإجتهاد، ونسيت أن من علماء الشيعة من كفر الخميني لأنه اجتهد بما لم يفعله الشيعة من قبله قاطبة وأتي بما يسمي بولاية الفقيه، فهو هجومك تستثني منه الخميني أم أن للخميني مرسوم رباني نزل من السماء؟!

ولماذا لم تنكر علي علماء التفسير عندك في قولهم بنسخ التلاوة وتكفرهم؟!

إبدأ بقومك لأن الأقربون أولي بالتطهير من هذا الكلام، إن كان حقاًّ كما زعمت.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، العاشرة ليلاً:

الأخ راشد: موضوعنا هنا محدَّد.

هو: هل أن البخاري أو غيره منكم قالوا بتحريف القرآن.. وأن سورتي المعوذتين زائدتان..

أو شككوا في كونهما من القرآن؟

والنصوص التي أتينا بها من البخاري وغيره تدل بوضوح علي وجود مشككين فيهما منكم.

فإن كنت تستطيع البقاء في الموضوع وعدم الخروج عنه..

فاكتب رأيك في حدود هذا الموضوع. وإلا فلا تتعب نفسك بأمور خارجة عنه!

وكتب (شعاع) بتاريخ 18 - 9 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

ذكرنا لك يالعاملي أنه وضع باب اسمه: تفسير سورة قل أعوذ برب الفلق.

وآخر: باب تفسير سورة قل أعوذ برب الناس.

ص: 102

وأورد تفسيرات لهذه الآيات، وادعيت أن هذا الكلام ليس من كلام البخاري!

فأنا أطلب منك طلب بسيط، أثبت ما قلت؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

نعم يا شعاع.. كلامك في هذه النقطة صحيح، فالظاهر أن البخاري وقع في تناقض!

حيث ذكر أن المعوذتين سورتان من القرآن في مواضع من كتابه..

ولكنه عندما وصل إلي الأحاديث التي تثبت أنهما من القرآن، وعمدتها في الصحاح وعند أستاذه ابن خزيمة حديث الجهني.. لم يروِه!

وروي بدله الأحاديث التي تقول بأنهما وحيٌ علمه جبريل للنبي صلي الله عليه وآله ليتعوذ بهما ويعوذ الحسنين، ولكن جبرئيل لم يقل له إنهما من القرآن!!!

ألا يكفيك أن البخاري اقتصر علي هذه الروايات النافية لجزئيتهما؟!

مع علمه بوجود خلاف فيهما وأحاديث تثبت جزئيتهما؟!!

وهل لا تدرك أن أقل تشكيك في جزئية سورة من القرآن.. نفيٌ لقرآنيتها؟!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

قد قلت لك يا عاملي قبل هذا إن المجمل يبينه المفصل، ولكنك لا تريد أن تعترف بالحقيقة وذلك حتي لا ينفرد أئمتكم بالقول بتحريف القرآن، وهيهات أن يتحقق لك ذلك.

ص: 103

فموقف البخاري رحمه الله واضح ليس فيه لبس ولا إشكال، ولكن لمن كان منصفاً ومتجرداً للحق، فهل تقارن موقفه بموقف علمائكم ممن ذكرت لك أسماءهم سابقاً؟

وهل تريد أن نورد لك من سوركم المختلقة التي زعمتم أن الصحابة جحدوها، حتي تقتنع؟

ولعلمك يا عاملي لم يعرف في الإسلام من ألف كلاماً من عنده وزعم أنه من القرآن إلا علماء الشيعة ومسيلمة الكذاب، فلتقر أعينكم بموافقة مسيلمة.

حب الصحابة كلهم لي مذهب... ومودة القربي بها أتوسل

فكتب (شعاع) بتاريخ 19 - 9 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

العاملي:

كلام البخاري ليس فيه تناقض، وإلا لقال: باب ترجيح أن المعوذتين ليستا من القرآن.

أما لماذا أورد هذه الروايات وترك غيرها، فإما لأنها لم تصله، أو لم تنطبق علي شرطه..

وأنا أطلب منك دليلاً علي افتراءاتك علي الإمام البخاري.

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الرابعة عصراً:

العمل أبلغ من القول.. يا شعاع!

البخاري لم يقل: ترجيح أنهما ليستا من القرآن.

ولكنه لم يروِ حديث إثبات أنهما منه، مع أنه موجود ويعرفه!!

بل روي في صحيحه حديثين في نفي أنهما منه!!

أعد قراءة ما كتبه البخاري وغيره رجاء ً..

ص: 104

ورحم الله من كانت عنده شجاعة الإعتراف بالحق ولم يكابر!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 19 - 9 - 1999، السابعة مساءً:

ليتك تطبق ما تقول يا عاملي علي نفسك، فتعيد قراءة ما كتبه البخاري حتي لا تفتري عليه.

هل تظن أنك ممن تدعو لهم بقولك: ورحم الله من كانت عنده شجاعة الإعتراف بالحق ولم يكابر!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 20 - 9 - 1999، السادسة صباحاً:

إلي الإماراتي:

لست كثير دخول في الساحة في الفترة الأخيرة.. وقد أعلنت عن ذلك مسبقاً.

ولكن من باب الإتفاق لفت انتباهي جوابك العاجز عن معالم ضلالكم:

- الإجتهاد في مقابل النص.

- نسخ التلاوة.

فإشكالك علي الخميني قدس الله نفسه الشريفة الذي فقأ عين الفتنة في أم رؤوسكم، وكسر عضد البطش المقيت في سواعد المستكبرين، ممن دخلوا هذا العالم بواسطة حكامكم..

فهذا الإشكال يدفعه أولاً: أنك جاهل بمنشأ القول بولاية الفقيه ووجود هذا القول عند الطبقات المتقدمة من العلماء الإمامية، والخميني مقتبس له بما يؤدي إليه اجتهاده علي الطريقة المثلي المعروفة عند العلماء، ومن أشكل عليه فإنما من باب مقابلة الإجتهاد بالإجتهاد... لا من باب البدعية.

ص: 105

وثانياً: ما لك تهرف بما تسمع... أفهل عهدت أحداً من العلماء الإمامية يقر له بحق إبداء النظر الشرعي، وله المرتبة القاصية بين العلماء طبعاً، قال بكفر الخميني؟!

علي أنني أعلم بمن عاداه وما ذلك إلا لأغراض الهوي والبؤس...

وإشكالك علي القول بنسخ التلاوة... فهذا من أعجب العجب، وقد سبقت فيه بموضوع وتلا ذلك الموضوع نقاش كانت نتيجته خذلان صاحبك شعاع مع الأخ محمد العلي..

وخلاصة الخلاصة مما بين هناك، أن علماءنا حيث اعتنوا في دواوينهم الفقهية والتفسيرية بذكر الرأي الآخر.. كما ترانا هنا لا نطرد أمثالك من المفترين.. فقد أجروه كذلك فقط.

ولكن لكي تتعلم جيداً أقول لك أنا لدينا الجرأة الكافية أن نرفض القول عندما يبين بطلانه بالدليل كائن من كان القائل به!!

ولكن كم نقلنا لكم من أقوال علماء المسلمين في الرد علي ابن تيمية، فهل نجع معكم ذلك؟!

ص: 106

الفصل الرابع: سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر

اشاره

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

أعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة!

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن؟

القنوت في فقه الشيعة

ص: 107

ص: 108

سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر!

كتب (العاملي) في شبكة هجر بتاريخ 28 - 8 - 1999، موضوعاً، جاء فيه:

من أعجب ما تجد في مصادر السنيين قصة (سورتي) الخلع والحفد!

وقد زعمت رواياتهم أن الخليفة كان يقرؤهما في صلاته علي أنهما سورتان من القرآن. أو دعاء في القنوت!

وذكرت المصادر أنهما كتبتا في مصاحف عدد من الصحابة المقربين من الخليفة عمر.

ولو أن أحداً غير الخليفة وجماعته روي سورة غير موجودة في القرآن، أو قرأها في إمامته في الصلاة، لكان للرواة أصحاب الغيرة علي القرآن كلام آخر معه، وحساب آخر، ولكنه الخليفة عمر!

ويتوقف فَهْمُ قصة سورتي الخلع والحفد أو سورتي الخليفة عمر، علي معرفة قصة قنوت النبي صلي الله عليه وآله ودعائه في قنوته علي أئمة الكفر وقادة الأحزاب، الذين هم بالدرجة الأولي زعماء قريش، ثم علي بقية أعداء الله ورسوله من المشركين والمنافقين..

ص: 109

لذلك نحن مضطرون إلي بحث القنوت في فقه الشيعة والسنة.. ليتضح أمر السورتين المزعومتين

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

من المعروف في سيرة النبي صلي الله عليه وآله أنه كان يقنت في صلاته، أي يرفع يديه أثناء الصلاة ويدعو الله تعالي.. وقد يدعو علي أعداء الله ورسوله من المشركين والمنافقين، وقد يلعنهم ويسميهم بأسمائهم..!

ومن الطبيعي أن ذلك كان ثقيلاً عليهم، خاصة علي رؤساء قريش..!

وتذكر روايات السيرة أن الله تعالي استجاب دعاء رسوله صلي الله عليه وآله، وأنزل بقريش ضائقة اقتصادية ألقت بثقلها علي مكة، حتي أكلوا العلهز أو العلهس الذي كانوا يضطرون لأكله أحياناً في الجاهلية، وهو وبر الجمال يخلطونه بالدم ويشوونه ويأكلونه!! ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا بالنبي صلي الله عليه وآله..

اللهم إلا بعد أن نزل بساحتهم مباغتة في عشرة آلاف مقاتل من المسلمين، فاضطروا إلي التسليم وإلقاء السلاح، فجمعهم النبي في المسجد الحرام وخيرهم بين الإسلام والقتل، فأسلموا تحت السيف أو استسلموا، فعفا عنهم ولم يحررهم بل أطلقهم وسماهم الطلقاء..

وبعد أسبوع أخذهم معه كجزء من جيشه إلي حرب هوازن في حنين!

ومع أنهم انهزموا في أول معركة حنين.. إلا أن النبي أكرمهم مادياً وأعطاهم أكثر غنائم حنين!

وهكذا انحلت أزمة قريش الإقتصادية بفتح مكة، كما انحلت مشكلة لعن النبي لهم بأسمائهم!

وإن بقيت ذكراها تاريخاً يطاردهم! وعقدة تتراءي لهم!

ص: 110

وعيَّن النبي حاكماً علي مكة، وأطمع شخصيات قريش بأنهم يستطيعون أن يأخذوا مواقع قيادية في دولة الإسلام، فهاجر قليل منهم إلي المدينة، وبقي أكثرهم في مكة.

وبدؤوا ينسون مرارة الهزيمة بحلاوة الطمع، لولا أن النبي صلي الله عليه وآله واصل دعاءه علي المنافقين والمشركين عامة ولعنهم، لكن بدون تسمية!!

وطال أمر مشكلة القنوت واللعن نحو سنتين بعد فتح مكة.. إلي وفاة النبي صلي الله عليه وآله.

وكان لله تعالي ولرسوله خلالها مع المنافقين آيات وقرارات، بلغت أوجها في سورة براءة، التي سموها (الفاضحة)، لأنها فضحت نواياهم وأفكارهم ونفذت إلي أعماقهم، ورسمت صوراً حية لمجموعاتهم وأشخاصهم.. لم يبق إلا أن توضع عليها أسماؤهم!!

اعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين

اشارة

وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله قام محبو قريش والمنافقين بأعمال سبعة مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين علي لسان النبي:

العمل الأول:

وضعوا أحاديث مفادها أن النبي صلي الله عليه وآله قد اعترف بخطئه في لعن الذين لعنهم ودعا عليهم، لأنه بشر!

فدفع كفارة خطئه بأن دعا الله تعالي أن يجعل لعنته علي من لعنه أو سبه أو آذاه " صلاة وقربة، زكاة وأجراً، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا، بركة ورحمة ومغفرة وصلاة، فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح " علي حد تعبير رواياتهم!

ص: 111

فقد روي البخاري في صحيحه: 7/157:

(عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة).

وروي مسلم في صحيحه: 8/26:

(عن أبي هريرة أيضاً: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة).

وروي مسلم سبع روايات أخري من هذا النوع!!

وروت ذلك أغلب مصادرهم مثل:

مسند أحمد: 2/390 و 488 و 496 و 3/384، و: 5/437، و 439، و: 6/45.

وسنن الدارمي: 2/314. وسنن البيهقي: 7 م 60. وكنز العمال: 3/609...

في عشرات الروايات التي تصوِّر النبي صلي الله عليه وآله جالساً علي كرسي الإعتراف بأنه سباب لعان فحاش، مؤذ للناس يضربهم بالسوط ويهينهم! ولذا فهو يعلن توبته ويدعو لمن ظلمهم وأساء إليهم من الفراعنة والأبالسة، بهذا الخير الطويل العريض!!

وقد حيرت هذا الروايات بعض الفقهاء مثل البيهقي..

لأن لعن الذين لعنهم النبي صلي الله عليه وآله ما دام بأمر الله تعالي فهو طاعة وليس معصية، لأن الطرد من رحمة الله تعالي إنما هو جزاء من الله تعالي تابع لقوانين عادلة يتحمل مسؤوليتها الملعون نفسه..

فلا يحتاج لعنُهُ إلي توبة.. كما لا يجوز الدعاء له بالخير والبركة والرحمة...

ص: 112

وقد نصت بعض روايات اللعن والدعاء علي أن النبي صلي الله عليه وآله قال: والله ما أنا قلته ولكن الله قاله.

كما في مسند أحمد: 4/48 و ص 57 و ص 420 و ص 424.

ومجمع الزوائد: 10/46.

وكنز العمال: 12/68.

ومستدرك الحاكم: 4/82.

أما إذا كان اللعن بسبب غضب وخطأ بشري كما تقول الروايات، فهو معصية كبيرة توجب خروج صاحبها عن العدالة، بل تجعله هو ملعوناً!

وقد نصت علي ذلك روايات رواها السنة أيضاً.. منها أن لعن المؤمن كقتله..

ومنها إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكاً في الذي وجهت إليه، وإلا عادت إلي الذي خرجت منه. وقد عقدت بعض مصادر الحديث عندهم باباً لروايات النهي عن اللعن وتحريمه، كما في كنز العمال: 3/614 و 616 وغيره.

ولكن البيهقي حاول أن يجد حلاًّ يحفظ كرامة نبيه كما حفظت هذه الروايات كرامة الملعونين!

قال في سننه: 7/60:

(باب ما يستدل به علي أنه جعل سبه للمسلمين رحمة وفي ذلك كالدليل علي أنه له مباح. انتهي!

يعني أن اعتراف النبي بأنه لعن أناساً بغير حق، أو دعا عليهم بغير حق، أمر ثابت، ولا يمكن انسجامه مع عصمة النبي صلي الله عليه وآله إلا بالقول بأن الله قد أحل لنبيه هذه المحرمات..).

ص: 113

وأطلق لسان نبيه ويده في أعراض المسلمين!! وبقيت علي أمته حراماً!!

لقد تصور البيهقي أنه قدم حلاًّ للجانب الفقهي من المسألة..

ولكن وقع هو وغيره في محذورها الأخلاقي، الذي يدعي أن النبي صلي الله عليه وآله قد ارتكب هذا السلوك السئ الذي لا يليق بشخص عادي من أسرة عادية مؤدبة!!

بل وقعوا في محذور أخلاقي بالنسبة إلي الله سبحانه وتعالي الذي حلل لنبيه هذا السلوك!!

ولكنهم يجدون أنفسهم مضطرين إلي نسبة هذا النقص الأخلاقي إلي النبي صلي الله عليه وآله!

لأنه الضريبة الوحيدة لتبرئة من يحبونهم من الملعونين علي لسانه!

العمل الثاني:

من أعمال معالجة اللعن، أحاديث أكثر جرأة علي مقام النبي صلي الله عليه وآله لأنها تصرح بأن النبي قد أخطأ وأساء الأدب في لعنه من لعنهم!

فبعث الله تعالي إليه جبرئيل فوبخه وقال له: إن الله يقول لك إني لم أبعثك سباباً!

بل بعثتك رحمة للعالمين، والقرشيون قومك وأهلك أولي بالرحمة الإلهية من غيرهم.

فلماذا تسبهم وتلعنهم؟!

ثم علمه جبرئيل دعاء عاما يقوله في قنوته ليس فيه ما يمس قريش!

وكان ذلك الدعاء: " سورتي الخلع والحفد العمريتين "!!

ف-(السورتان) عند أصحابهما نسخة إلهية بدل دعاء اللعن والسب غير المناسب الذي كان يتلوه النبي صلي الله عليه وآله في قنوت صلاته!!

ص: 114

أي: نسخة موضوعة لمصلحة زعماء قريش والمنافقين بدل الدعاء عليهم ولعنهم!

قال البيهقي في سننه: 2/210:

(... عن خالد بن أبي عمران، قال: بينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر - يعني قريش - إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونرجو رحمتك ونخشي عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق).

ثم قال البيهقي:

هذا مرسل وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيحاً موصولاً..

عن عبيد بن عمير أنه عمر رضي الله عنه قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعي ونحفد ونخشي عذابك الجد ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق.

ص: 115

رواه أبو سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزي، عن أبيه، عن عمر، فخالف هذا في بعضه.

عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع من يكفرك. كذا قال قبل الركوع. وهو إن كان إسناداً صحيحاً، فمن روي عن عمر قنوته بعد الركوع أكثر...). انتهي!

العمل الثالث:

أحاديث تفسير قوله تعالي: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. آل عمران - 128، فإنك تجد العجاب في تفسيرهم لهذه الآية!

فالروايات فيها من كل حدب وصوب في رد أفكار النبي صلي الله عليه وآله وآلامه من طغاة قريش وتخطئته في دعائه عليهم ولعنه إياهم!

وكأن أصحاب هذه الروايات وجدوا بغيتهم من القرآن ضد النبي صلي الله عليه وآله لمصلحة مشركي قريش ومنافقيها!!

قال الترمذي في: 4/295:

(عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أمية، قال فنزلت: ليس لك من الأمر شئ، أو يتوب عليهم، فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم!!.

ص: 116

هذا حديث حسن غريب يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم، وكذا رواه الزهري عن سالم عن أبيه...

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يدعو علي أربعة نفر فأنزل الله تبارك وتعالي: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، فهداهم الله للإسلام!

هذا حديث حسن غريب صحيح يستغرب من هذا الوجه من حديث نافع عن ابن عمر.

ورواه يحيي بن أيوب عن ابن عجلان.). انتهي.

اما البخاري فقد عقد للآية أربعة أبواب

روي فيها كلها أن الله تعالي رد دعاء نبيه علي المشركين والمنافقين أو لعنه إياهم، ولم يسمِّ البخاري الملعونين في أكثرها، حفظاً علي (كرامتهم)!!!

قال في ج 5 ص 35: باب ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

(قال حميد وثابت عن أنس: شج النبي صلي الله عليه وسلم يوم أحد فقال: كيف يفلح قوم شجّوا نبيهم؟ فنزلت: ليس لك من الأمر شئ..

عن الزهري حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ إلي قوله فإنهم ظالمون).

وقال في ص 171: باب ليس لك من الأمر شئ:

ص: 117

(سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله ليس لك من الأمر شئ، إلي قوله فإنهم ظالمون. رواه إسحاق بن راشد عن الزهري.

ثم أورد البخاري رواية أخري تجعل فلاناً وفلاناً الملعونين، أحياء من قبائل العرب وليسوا قادة من قريش!

قال: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو علي أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: اللهم ربنا لك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة، اللهم أشدد وطأتك علي مضر واجعلها سنين كسني يوسف، يجهر بذلك.

وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب حتي أنزل الله: ليس لك من الأمر شئ... الآية).

وقال في ج 8 ص 155: باب قول الله تعالي ليس لك من الأمر شئ:

(عن ابن عمر أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول في صلاة الفجر رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة، ثم قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً. فأنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون). انتهي.

والمرة الوحيدة التي سمي فيها البخاري بعض الملعونين رواية رواها عن حنظلة بن أبي سفيان، ومن الطبيعي أن يحذف منها اسم أبيه!!

قال في ج 5 ص 35:

ص: 118

(وعن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحرث بن هشام فنزلت: ليس لك من الأمر شئ إلي قوله فإنهم ظالمون)!

وأورد في: 7/164، روايات يوهم تسلسلها أن الآية نزلت رداًّ علي دعاء النبي علي أبي جهل، مع أن أبا جهل قتل في بدر والآية نزلت علي أقل تقدير بعد بدربسنة!

قال البخاري: باب الدعاء علي المشركين:

(وقال ابن مسعود قال النبي صلي الله عليه وسلم: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.

وقال اللهم عليك بأبي جهل.

وقال ابن عمر دعا النبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة اللهم العن فلاناً وفلاناً حتي أنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ!...

عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم: كان إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنج عياش بن ربيعة، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك علي مضر اللهم اجعلها سنين كسنيِّ يوسف). انتهي.

والنتيجة من روايات البخاري فقط:

أن الآية نزلت عدة مرات.. من أجل أشخاص أو فئات متعددين.. وفي أوقات متفاوتة!!

ص: 119

أما إذا جمعنا أسباب نزولها عند البخاري وغيره، فقد تبلغ عشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين!!

راجع أيضاً:

سنن النسائي: 2/203.

ومسند أحمد: 2/93 و 104 و 118 و 147 و 255.

وسنن الدارمي: 1/374.

وسنن البيهقي: 2/197.

وكنز العمال: 2/379.

والدر المنثور: 2/70.

ولكن مسلماً.. كان أقل تشدداً من البخاري!

فقد روي أن نهي الله لرسوله عن لعن قريش تأخر عدة سنوات.. وأن الآية نزلت بعد غزوة بئر معونة وشهادة قراء القرآن..

قال في ج 2 ص 134:

(سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنهما سمعا أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده

ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك علي مضر واجعلها عليهم كسني يوسف. اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله.

ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ص: 120

ثم برأ مسلم ذمته وروي رواية أخري ليس فيها ذكر نزول الآية..

قال: عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم إلي قوله: واجعلها عليهم كسنيِّ يوسف ولم يذكر ما بعده!!

عن أبي سلمة أن أبا هريرة حدثهم أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت بعد الركعة في الصلاة شهراً إذا قال سمع الله لمن حمده يقول في قنوته: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد اللهم نج سلمة ابن هشام اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك علي مضر، اللهم اجعله

عليهم سنين كسني يوسف.

قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد، فقلت أري رسول الله صلي الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم؟

قال: فقيل: وما تراهم قد قدموا؟!

ثم برأ مسلم ذمته مرة أخري.

فقال:... عن أبي سلمة أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما هو يصلي العشاء إذ قال سمع الله لمن حمده ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، ثم ذكر بمثل حديث الأوزاعي إلي قوله كسني يوسف ولم يذكر ما بعده!!

ثم روي مسلم رواية تنفي أن النبي ترك لعن الكفار من صلاته إلي آخر حياته!

فقال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار). انتهي.

ص: 121

العمل الرابع:

فتوي المفتين بالجنة للمنافقين!!

عندما تقرأ القرآن تجد فراعنة قريش والمنافقين وجوداً بارزاً خطيراً بشخصياتهم ومواقفهم وخططهم ضد النبي صلي الله عليه وآله ودعوته ودولته وأمته..

لكن عندما تقرأ السيرة والحديث من مصادر أتباع الخلافة.. تجد الصورة تخف.. وتصغر.. وتخفي ملامحها.. وأحياناً تغيب كلياًّ.. فتجبرك علي البحث والتنقيب لتعرف من هذا الشخص أو الجماعة الذين نزلت فيهم هذه الآية أو الآيات الكاسحة..! ومن هؤلاء الجهنميون الخبثاء الذين حذر الله تعالي منهم واعتبرهم مجرمين علي مستوي الأمم والشعوب..؟!

لقد اختفوا وغابوا، كما غاب قنوت النبي بالدعاء عليهم ولعنهم!

قد يقال إن النبي صلي الله عليه وآله كان يعرفهم أو يعرف أكثرهم بما علمه الله تعالي، فكانوا في عصره معروفين مميزين.. أما بعد وفاته وانقطاع الوحي فقد صار أمرهم إلي الله تعالي.

ولكن لو سلمنا ذلك، فإنا نسأل عن أولئك الذين كانوا مكشوفين في زمن النبي صلي الله عليه وآله، أين صاروا، ولماذا اختفوا..؟!

وأين غاب أبطال الكفر والنفاق في تاريخ البعثة والمرحلة المكية والمدنية وأحداث نزول القرآن..؟!

وأين غابت أسماء الذين كان يدعو عليهم النبي صلي الله عليه وآله في صلاته طوال نبوته تقريباً؟!!

ص: 122

وأين أسماء أولئك العتاة الذين لم يسعهم حلم الله العظيم، ضاق بهم صدر رسوله الرحب صلي الله عليه وآله، فكشفهم النبي بأمر ربه، وسماهم في المسجد واحداً واحداً وطرد بعضهم من مسجده!!

وقال لآخرين في أنفسهم قولاً بليغاً؟!!

لقد اختفي تاريخ أكثر مشركي قريش ومنافقيها من المصادر!!

ولولا آيات القرآن القارعة الهادرة لكان اختفي كل تاريخهم!!

إنها ظاهرة ذات دلالة علي وجود موقف مقصود مدروس في التغطية علي تاريخ القرشيين، أعداء الله ورسوله بالأمس، والمنافقين اليوم.. لأنهم صاروا جميعاً من شخصيات مجتمع المدينة، عاصمة دولة الخلافة الإسلامية الكبري!!

فقد صدر مرسوم خليفي بقبول المنافقين واعتبارهم مسلمين من أهل الجنة!!

وكتب رواة الخلافة تحته توقيع النبي صلي الله عليه وآله، فظهرت الروايات التي تشهد بذلك!

ومن أجل عيون مشركي قريش ومنافقيها صدرت الفتاوي باستحقاق الجنة حتي لمنافقي المدينة من غير قريش!!

روي أحمد في مسنده: 3/135، قصة مالك بن الدخشم الذي كان رأس المنافقين بعد ابن أبي سلول فقال:

(فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي وأصحابه يتحدثون بينهم، فجعلوا يذكرون ما يلقون من المنافقين فأسندوا أعظم ذلك إلي مالك بن دخشم، فانصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟

فقال قائل: بلي، وما هو من قلبه؟

ص: 123

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار. ونحوه في ج 5 ص 449!!).

أما في ج 4 ص 44:

فاكتفت الرواية بشهادة التوحيد فقط دون النبوة! قال:

(ذكروا المنافقين وما يلقون من أذاهم وشرهم حتي صيروا أمرهم إلي رجل منهم يقال له مالك بن الدخشم وقالوا: من حاله ومن حاله، ورسول الله صلي الله عليه وسلم ساكت.

فلما أكثروا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟

فلما كان في الثالثة قالوا إنه ليقوله.

قال: والذي بعثني بالحق لئن قالها صادقاً من قلبه لا تأكله النار أبداً!

قالوا: فما فرحوا بشئ قط كفرحهم بما قال)! انتهي!

إذن يكفي لضمان الجنة أن يشهد الشخص بالتوحيد، ولا يضره أن يكون كافراً بالنبي صلي الله عليه وآله، أو منافقاً يكيد للإسلام ورسوله وأمته!

وقد احتاط البخاري وغيره قليلاً في ضمان الجنة للمنافق، فاشترطوا أن يشهد شهادة التوحيد يريد بها وجه الله تعالي!

ثم لا مانع بعد ذلك أن يكفر برسول الله ويقصد بأعماله وجه الشيطان!

قد روي في صحيحه رواية ابن الدخشم وغيره في: 2/56 و:6/202 وفيهما أن النبي صلي الله عليه وآله قال: فإن الله قد حرم علي النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله.

رواه أحمد نحوه في مسنده: 4/44!

ص: 124

أما مسلم فلم يستعمل الإحتياط، بل روي في صحيحه: 1/122، كيفية نجاة المنافقين يوم القيامة ودخولهم الجنة، يوم " يتجسد! " الله سبحانه وتعالي و " يضحك! " للمؤمنين والمنافقين ويمشي أمامهم.. إلخ!! قال مسلم:

(أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود فقال... فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون؟

فيقولون: ننظر ربنا. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: حتي ننظر إليك، فيتجلي لهم يضحك!

قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه وعلي جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء، ثم كذلك ثم تحل الشفاعة ويشفعون حتي يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتي ينبتوا نبات الشئ في السيل ويذهب حراقه، ثم يسأل حتي تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها). انتهي.

ومع أن (بركات) هذه الأحاديث شملت المنافقين من أهل المدينة، لكن المقصود بها بالأساس مشركو قريش ومنافقوها.. فقد أكد الخليفة عمر أن الظالم من قريش مغفور له ويدخل الجنة!

روي الذهبي في ميزان الإعتدال: 3/355:

ص: 125

(عن أبي عثمان النهدي، سمعت عمر، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: سابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له!).

وهو يقصد بذلك قريشاً.

وقال السيوطي في الدر المنثور: 5/251:

(وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية: ثم أورثنا الكتاب...، قال: ألا أن سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له!!).

وأخرج العقيلي، وابن لال، وابن مردويه، والبيهقي من وجه آخر عن عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له، وقرأ عمر فمنهم ظالم لنفسه... الآية). انتهي.

وما أدري كيف يمكن الجمع بين هذه الروايات وبين آية واحدة من آيات المنافقين في القرآن مثل قوله تعالي: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار؟!

بل كيف يمكن الجمع بينها وبين ما روته نفس هذه المصادر..

كالذي رواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 1 / 108:

(عن عبد الله يعني ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن كان فيه خصلة ففيه خصلة من النفاق: إذا حدث كذب، وإذا أوتمن خان، وإذا وعد أخلف.

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

وعن ابن مسعود قال: اعتبروا المنافقين بثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر. فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله... إلي آخر الآية.

ص: 126

رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح). انتهي.

والذي رواه الترمذي في سننه: 5/298:

(عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب.

هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد).

وأحاديث الحاكم الصحيحة في المستدرك: 3/129:

(عن أبي ذر رضي الله عنه قال ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه). ?وفي ص 138:

(عن علي بن أبي طلحة قال حججنا فمررنا علي الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج، فقيل للحسن إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي، فقال علي به، فأتي به فقال: أنت الساب لعلي؟ فقال ما فعلت. فقال والله إن لقيته وما أحسبك تلقاه يوم القيامة لتجده قائما علي حوض رسول الله صلي الله عليه وآله يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج. حدثنيها الصادق المصدوق صلي الله عليه وآله، وقد خاب من افتري. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). انتهي.

العمل الخامس:

إعطاء مناصب الدولة الهامة للمنافقين!

وأول من فتح هذا الباب وأعطي مناصب الدولة للمنافقين هو الخليفة عمر..

ص: 127

وكان يبرر ذلك تبريراً عصرياً فيقول إن مسألة الدين أمر بين الإنسان وربه.. والمنافق إثمه عليه!!

فقد روي في كنز العمال: 4/614:

(عن عمر قال: نستعين بقوة المنافق، وإثمه عليه!).

وفي ج 5 ص 771:

(عن الحسن أن حذيفة قال لعمر: إنك تستعين بالرجل الفاجر فقال عمر: إني لاستعمله لأستعين بقوته ثم أكون علي قفائه - أبو عبيد). انتهي.

هذا مع أنه روي عن الخليفة قول النبي صلي الله عليه وآله: من استعمل فاجراً وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله. كنز العمال: 5/761.

وقد برر البيهقي إعطاء المناصب للمنافقين بأنهم منافقون لينون.

فقال في سننه: 9/36:

(عن عبد الملك بن عبيد قال: قال عمر رضي الله عنه: نستعين بقوة المنافقين وإثمهم عليهم.

وهذا منقطع، فإن صح فإنما ورد في منافقين لم يعرفوا بالتخذيل والإرجاف، والله أعلم!). انتهي.

ولكن محاولة البيهقي للتخفيف لا تنفع في الترقيع، لأن البخاري روي في صحيحه: 8 / 100، أن المنافقين في زمن الخليفة عمر كانوا – بسبب بسط أيديهم - وقحين متجاهرين!! حتي أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي صلي الله عليه وآله أطلق صيحة التحذير من خطرهم فقال: إن المنافقين اليوم شر منهم علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون!!). انتهي.

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

ص: 128

العمل السادس:

انتقام الخلفاء من القنوت!

فقد قررت الخلافة وأتباعها التخلص من القنوت في كل فريضة وحصره في صلاة الفجر والوتر..

أو فيما إذا نزلت نازلة بالناس فيدعو الإمام بشأنها، وجوز الإمام أحمد أن يقنت الأمراء فقط في صلاتهم ويدعوا، أما عامة المسلمين فلا..!

ومع أن القنوت بقي عندهم جزئياً، لكنك تشعر وأنت تقرأ فتاواهم فيه.. أنه ما زال في أنفسهم منه شئ، وكأنهم لم يستوفوا حقهم من قنوت رسول الله صلي الله عليه وآله!

ثم تراهم لا يحبونه ولا يعلمونه لعوامهم!

وإذا علموهم اقتصروا علي سورتي الخلع والحفد، أو دعاء القنوت الذي يروونه عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، وهو دعاء عام لا أثر فيه لذكر الكفار والمنافقين..

وهو الدعاء الشائع عندهم في عصرنا أكثر من سورتي الخليفة، بسبب أن نصه أقوي من نصهما..

قال في فتح العزيز: 4/250:

(واستحب الأئمة منهم صاحب التلخيص أن يضيف إليه " القنوت " ما روي عن عمر رضي الله عنه.. ثم ذكر " السورتين ").

ويبدو أن ترك القنوت وتحريمه كان مذهب الأكثرية في زمن بني أمية!

ص: 129

حتي تصاعد غيظ الفقهاء منه وأفتوا بأنه كان من أصله تصرفاً شخصياً من النبي صلي الله عليه وآله لمدة شهر فقط، ثم نهاه الله عنه، أو كان مشروعاً لكنه نسخ، وهو الآن حرام وبدعة!!

قال النسائي في سننه: 2/203:

(عن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً، قال شعبة: لعن رجالاً، وقال هشام: يدعو علي أحياء من أحياء العرب، ثم تركه بعد الركوع. هذا قول هشام.

وقال شعبة عن قتادة عن أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت شهراً يلعن رعلاً وذكوان ولحيان.

باب لعن المنافقين في القنوت... عن سالم عن أبيه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً يدعو علي أناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ترك القنوت... عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يقنت!

وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت.

وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان، فلم يقنت.

وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال يا بني إنها بدعة!). انتهي.

وقد يكون المقصود بالقنوت هنا لعن الكفار والمنافقين، لأن القنوت صار علماً علي اللعن.

وهو يؤكد ما ذكرناه!

ص: 130

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة

ومع كل هذه الحملة علي قنوت النبي صلي الله عليه وآله، استطاعت بعض رواياته أن تعبر حواجز تفتيش السلطة والرواة وتصل إلي أيدينا!!

وبعضها يشهد أن النبي صلي الله عليه وآله كان يدعو في صلاته علي الكفار والمنافقين حتي توفاه الله تعالي!

وأن بقايا عمل المسلمين بهذه السنة الشريفة كانت موجودة إلي فترة من عهد بني أمية!

روي مالك في الموطأ: 1/115:

(عن داود بن الحصين، أنه سمع الأعرج، يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة، في رمضان... في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلي الله عليه وآله في القنوت).

وروي البخاري في صحيحه: 1/193:

(عن أبي هريرة قال لأقربن صلاة النبي صلي الله عليه وسلم فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الأخري من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار).

رواه مسلم في صحيحه: 2/135

والنسائي في سننه: 2/202

وأبو داود في سننه: 1/324.

وأحمد في مسنده: 2/255 و337 و470.

والبيهقي في سننه: 2/198 و 206،

والسيوطي في الدر المنثور: 1/307، وقال أخرجه الدارقطني.

وروي أحمد في مسنده: 1/211:

ص: 131

(عن الفضل بن عباس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الصلاة مثني مثني، تشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع وتمسكن ثم تقنع يديك - يقول ترفعهما إلي ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك - تقول يا رب يا رب، فمن لم يقل ذلك، فقال فيه قولاً شديداً!).

ورواه في: 4/167 وروي في آخره (فمن لم يفعل ذلك فهي خداج) أي صلاته ناقصة.

ورواه الترمذي في سننه: 1/238 وروي في آخره: (ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا).

قال أبو عيسي (الترمذي): وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث: من لم يفعل ذلك فهو خداج).

وروي البيهقي في سننه: 2/198:

(عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها! ومحمد هذا هو ابن أنس أبو أنس مولي عمر بن الخطاب، ومطرف هو ابن طريف).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 2/138:

(وعن البراء أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون. وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنما أقنت لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم... وعن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت حتي مات، وأبو بكر

حتي مات، وعمر حتي مات. رواه البزار ورجاله موثقون). انتهي.

ومن آراء فقهاء السنة الملفتة في القنوت رأي ابن حزم الظاهري ودفاعه العلمي المطول عن سنة رسول الله صلي الله عليه وآله في القنوت:

ص: 132

قال في المحلي: 4/138-146:

(مسألة: والقنوت فعل حسن.. في آخر ركعة من كل صلاة فرض، الصبح، وغير الصبح، وفي الوتر، فمن تركه فلا شئ عليه في ذلك.. ويدعو لمن شاء ويسميهم بأسمائهم إن أحب فإن قال ذلك قبل الركوع لم تبطل صلاته بذلك... عن البراء بن عازب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب).

وقال في هامشه:

(في النسائي: 1/ 164. ورواه الطيالسي ص 100 رقم 737 عن شعبة، ورواه الدارمي ص 198 ولم يذكر فيه المغرب،ورواه أيضاً مسلم: 1/188، والترمذي وصححه: 1/81، والطحاوي: 1/142، وأبو داود: 1/540 و 541، والبيهقي: 2/198).

ثم قال ابن حزم:

(عن أبي هريرة قال: والله إني لأقربكم صلاة برسول الله صلي الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الصبح، بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار... عن البراء ابن عازب: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة إلا قنت فيها!!).

ثم قال:

(أما الرواية عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم بأنهم لم يقنتوا فلا حجة في ذلك في النهي عن القنوت، لأنه قد صح عن جميعهم أنهم قنتوا، وكل ذلك صحيح قنتوا وتركوا، فكلا الأمرين مباح، والقنوت ذكر لله تعالي، ففعله حسن،

وتركه مباح، وليس فرضاً، ولكنه فضل.

ص: 133

وأما قول والد أبي مالك الأشجعي إنه بدعة، فلم يعرفه، ومن عرفه أثبت فيه ممن لم يعرفه، والحجة فيمن علم لا فيمن لم يعلم!

وقال بعض الناس: الدليل علي نسخ القنوت ما رويتموه من طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الأخيرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، دعا علي ناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

قال علي (ابن حزم): هذا حجة في إثبات القنوت، لأنه ليس فيه نهي عنه، فهذا حجة في بطلان قول من قال: إن ابن عمر جهل القنوت، ولعل ابن عمر إنما أنكر القنوت في الفجر قبل الركوع، فهو موضع إنكار، وتتفق الروايات عنه فهو أولي، لئلا يجعل كلامه خلافاً للثابت عن رسول الله صلي

الله عليه وسلم، وإنما في هذا الخبر إخبار الله تعالي بأن الأمر له لا لرسوله صلي الله عليه وسلم، وأن أولئك الملعونين لعله تعالي يتوب عليهم، أو في سابق علمه أنهم سيؤمنون فقط..

وأما أبو حنيفة ومن قلده فقالوا: لا يقنت في شئ من الصلوات كلها إلا في الوتر، فإنه يقنت فيه قبل الركوع السنة كلها، فمن ترك القنوت فيه فليسجد سجدتي السهو.

أما مالك والشافعي فإنهما قالا: لا يقنت في شئ من الصلوات المفروضة كلها إلا في الصبح خاصة.

ص: 134

قال علي (ابن حزم): أما قول أبي حنيفة: فما وجدناه كما هو عن أحد من الصحابة نعني النهي عن القنوت في شئ من الصلوات، حاشا الوتر فإنه يقنت فيه، وعلي من تركه سجود السهو.

وكذلك قول مالك في تخصيصه الصبح خاصة بالقنوت، ما وجدناه عن أحد من الصحابة ولا عن أحد من التابعين.

وكذلك تفريق الشافعي بين القنوت في الصبح وبين القنوت في سائر الصلوات، وهذا مما خالفوا فيه كل شئ روي في هذا الباب عن الصحابة رضي الله عنهم، مع تشنيعهم علي من خالف بعض الرواية عن صاحب لسنة صحت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم!

قال علي: وقولنا هو قول سفيان الثوري. وروي عن ابن أبي ليلي: ما كنت لأصلي خلف من لا يقنت، وأنه كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع). انتهي كلام ابن حزم.

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن

اشارة

العمل السابع:

إضافة سورتي الخلع والحفد إلي القرآن!

فكل أصل (سورتي) الخلع والحفد هو الرواية المتقدمة التي تقول إن النبي كان يصلي ويدعو علي قريش في قنوته ويلعنهم، فنزل جبرئيل وأمره بالسكوت، وقطع عليه صلاته، وبلغه توبيخ الله تعالي له.. وقال له: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً!! ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ص: 135

ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد، ونرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق. انتهي!!

وما دام جبرئيل علم ذلك للنبي فهو كلام الله تعالي، وهو من القرآن!!

أما لماذا صار هذا النص سورتين ببسملتين؟ فالأمر سهل!!

أولاً: لأنهما فقرتان تبدأ كل منهما ب- " اللهم ".

وثانياً: لأنه يجوز للخليفة عمر أن يضع آيات القرآن في سورة مستقلة!

قال السيوطي في الدر المنثور: 3/296:

(وأخرج ابن إسحاق وأحمد بن حنبل وابن أبي داود عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتي الحرث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم... إلي قوله وهو رب العرش العظيم، إلي عمر، فقال: من معك علي هذا؟

فقال: لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها.

فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم، لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة علي حدة، فانظروا سورة من القرآن فألحقوها، فألحقت في آخر براءة).

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/35

ص: 136

(وثالثاً: لأنهم إذا أسقطوا من القرآن سورتي المعوذتين باعتبار أنهما عوذتان نزل بهما جبرئيل علي النبي صلي الله عليه وآله ليعوذ بهما الحسن الحسين عليهما السلام، ولم يقل له إنهما من القرآن!

فلا بد لهم من وضع سورتين مكانهما لا سورة واحدة.. فيجب جعل النص قسمين!

يبقي السؤال: من الذي ارتأي أن يسمي هذا القنوت المزعوم " سورتين "؟

هنا تسكت الروايات عن التصريح!

ومن الذي أمر أن تضاف سورتان ركيكتان إلي كتاب الله تعالي وتكتبا في المصاحف..؟

هنا تسكت الروايات عن التصريح!

ولكنها تنطق صحيحة متواترة صريحة بأن الخليفة عمر هو الذي عرفهما للمسلمين بقراءته لهما في صلاة الصبح دائماً أو كثيراً!

إما بنية الدعاء وإما بنية سورتين من القرآن!

ومن الطبيعي أن تكون السورتين الحبيبتين موجودتين في مصحف عمر الذي كان عند حفصة، إلي.. أن أحرقه مروان بن الحكم بعد دفنها مباشرة! حتي لا يقال إنه يختلف عن مصحف عثمان!!

ويشك الإنسان كل الشك في نسبة السورتين المزعومتين إلي مصحف ابن مسعود وابن كعب).

احاديث سورتي الحفد والخلع المتواترة بالمعني

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/420: ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد:

ص: 137

(قال ابن الضريس في فضائله، أخبرنا موسي بن إسماعيل، أنبأنا حماد، قال: قرأنا في مصحف أبي بن كعب: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك.

قال حماد: هذه الآية سورة، وأحسبه قال: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، نخشي عذابك ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكفار ملحق ".

وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق ".

وفي مصحف ابن عباس قراءه أبي وأبي موسي:

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. وفي مصحف حجر: اللهم إنا نستعينك. وفي مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسي: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد، نخشي عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق.

وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات، عن أبان بن أبي عياش، قال: سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت، فقال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.

ص: 138

قال أنس: والله إن أنزلتا إلا من السماء!!

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين: اللهم إياك نعبد، واللهم إنا نستعينك.

وأخرج محمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن أبزي، قال: قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين.

وأخرج محمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، أن عمر قنت بهاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك.. واللهم إياك نعبد..

وأخرج البيهقي عن خالد بن أبي عمران، قال: بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن أسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً، وإنما بعثك رحمة للعالمين ولم يبعثك عذاباً ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه، عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود.

ص: 139

وأخرج ابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر عن ميمون بن مهران قال: في قراءة أبي بن كعب: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

وأخرج محمد بن نصر عن ابن إسحاق قال: قرأت في مصحف أبي بن كعب بالكتاب الأول العتيق:

بسم الله الرحمن الرحيم. قل هو الله أحد إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الفلق إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الناس إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لا تنزع ما تعطي ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك وغفرانك وحنانيك إله الحق. [يلاحظ في هذه الرواية أن السورتين أولدتا بنتاً فصرن ثلاثة].

وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال: كان أبو عبد الرحمن يقرئنا: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.

ص: 140

وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقرئهم إياها.

وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي، قال: قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب هاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك، والأخري، بينهما بسم الله الرحمن الرحيم. قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من المفصل.

وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد.

وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال: يقرأ في الوتر السورتين: اللهم إياك نعبد اللهم إنا نستعينك ونستغفرك.

وأخرج محمد بن نصر عن خصيف قال: سألت عطاء بن أبي رباح: أي شئ أقول في القنوت؟

قال: هاتين السورتين اللتين في قراءة أبي، اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد.

وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو علي الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات). انتهي.

وروي في كنز العمال: 8/74 و 75 و 78 وغيرها، الكثير من روايات الخلع والحفد!! منها:

(عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين: اللهم إنا نستعينك، اللهم إياك نعبد - ش ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة والطحاوي.

ص: 141

عن عبد الرحمن بن أبزي قال: صليت خلف عمر بن الخطاب الصبح، فلما فرغ من السورة في الركعة الثانية قال قبل الركوع: اللهم إنا نستعينك... إلخ. - ش وابن الضريس في فضائل القرآن، هق وصححه.

وقال في هامشه: ملحق: الرواية بكسر الحاء: أي من نزل به عذابك ألحقه بالكفار. ويروي بفتح الحاء علي المفعول: أي عذابك يلحق بالكفار ويصابون به. النهاية 4 / 238 - ب.

عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع في صلاة الغداة، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد.. إلخ.

وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف ابن مسعود - عب ش ومحمد ابن نصر والطحاوي هق.

عن عبد الرحمن بن ابزي أن عمر قنت في صلاة الغداة قبل الركوع بالسورتين: اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد - الطحاوي.

ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين قال: صليت الغداة ذات يوم، وصلي خلفي عثمان بن زياد فقنت في الصلاة، فلما قضيت صلاتي قال لي: ما قلت في قنوتك؟

فقلت: ذكرت هؤلاء الكلمات: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن

ص: 142

عذابك بالكفار ملحق، فقال عثمان: كذا كان يصنع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - ش). انتهي.

وقال ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1009:

(حدثنا عبد الأعلي قال، حدثنا هشام، عن محمد: أن أبي بن كعب كتبهن في مصحفه خمسهن:

أم الكتاب والمعوذتين والسورتين، وتركهن ابن مسعود كلهن، وكتب ابن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين، وترك السورتين.

وعلي ما كتبه عمر رضي الله عنه مصاحف أهل الإسلام، فأما ما سوي ذلك فمطرح، ولو قرأ غير ما في مصاحفهم قارئ في الصلاة، أو جحد شيئاً منها استحلوا دمه بعد أن يكون يدين به). انتهي.

وتعبيره " علي ما كتبه عمر " يعني أن ما كتب في عهده كان بأمره وموافقته، وأن من قرأ سورتي الخلع والحفد لا يستحل دمه لأنهما مما كتبه عمر.

والظاهر أن اسم عمر في الرواية جاء خطأ بدل اسم عثمان.

فتكون فتوي باستحلال دم من يكتب سورتي الخليفة عمر في قرآنه!

روي الشافعي في كتاب الأم ج 7 ص 148، الحديث المتقدم عن البيهقي، أي حديث (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً) وسورتي الخلع والحفد، وأفتي باستحباب القنوت بهما!

وقال مالك في المدونة الكبري: 1/103:

(قال ابن وهب: قال لي مالك لا بأس أن يدعي الله في الصلاة علي الظالم ويدعو لآخرين وقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم في الصلاة لناس، ودعا علي آخرين.

ص: 143

ابن وهب، عن معاوية بن صالح عن عبد القاهر عن خالد بن أبي عمران قال:

بينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن أسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

قال ثم علمه القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق). انتهي.

وقال النووي في المجموع: 3/493، عن القنوت:

(والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضي عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت، لما روي الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر فقال قل: اللهم اهدني فيمن هديت.. إلي آخره.

وإن قنت بما روي عن عمر رضي الله عنه كان حسناً...

وهو ما روي أبو رافع، قال: قنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد الركوع في الصبح فسمعته يقول: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك أن عذابك الجد بالكفار ملحق.

اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات

ص: 144

وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثبتهم علي ملة رسولك وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم

علي عدوك وعدوهم آله الحق واجعلنا منهم. ويستحب أن يصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم بعد الدعاء..).

وقال في ص 498:

(ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله تعالي عنه كان حسناً وهو الدعاء الذي ذكره المصنف، رواه البيهقي وغيره، قال البيهقي هو صحيح عن عمر، واختلف الرواة في لفظه، والرواية التي أشار البيهقي إلي اختيارها رواية عطاء عن عبيد الله بن عمر رضي الله عنهم قنت بعد الركوع، فقال:

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونخشي عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق). هذا لفظ رواية البيهقي. انتهي.

وعندما رأي النووي أن الخليفة حصر دعاءه بكفرة أهل الكتاب ليبعد الأمر عن كفرة قريش الوثنيين، علق بقوله:

ص: 145

وقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب، إنما اقتصر علي أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر وأما الآن فالمختار أن يقال عذب الكفرة، ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة إلي الدعاء علي غيرهم أكثر. والله أعلم). انتهي!

ولكن النووي نسي المنافقين الذين نسيهم الخليفة!!

وقد حاول بعض الرواة أن يقوي أمر سورتي الخلع والحفد بأن علياً عليه السلام أيضاً وافق الخليفة عمر وقرأهما في قنوته!

فقد روي السيوطي ومالك في المدونة الكبري: 1/103:

(عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي أن علياًّ قنت في الفجر: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك...)!!

ولكنها رواية شاذة، فقد روت مصادر السنيين عن قنوت علي ضد ذلك، وأنه كان يدعو علي خصومه المنافقين!).

ففي كنز العمال: 8/79:

(عن إبراهيم النخعي قال: إنما كان علي يقنت لأنه كان محارباً وكان يدعو علي أعدائه في القنوت في الفجر والمغرب - الطحاوي).

وفي ص 82:

(عن عبد الرحمن بن معقل قال: صليت مع علي صلاة الغداة، فقنت، فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبي الأعور السلمي وأشياعه، وعبد الله بن قيس وأشياعه - ش). انتهي.

ابن حزم يفضح (سورتي) عمر! و يفتي أنهما كلام غير مأثور

قال في المحلي: 4/148:

ص: 146

(وقد جاء عن عمر رضي الله عنه القنوت بغير هذا، والمسند أحب إلينا. فإن قيل: لا يقوله عمر إلا وهو عنده عن النبي صلي الله عليه وسلم.

قلنا لهم: المقطوع في الرواية علي أنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أولي من المنسوب إليه عليه السلام بالظن الذي نهي الله تعالي عنه ورسوله عليه السلام.

فإن قلتم ليس ظناًّ، فأدخلوا في حديثكم أنه مسند فقولوا: عن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم! فإن فعلتم كذبتم، وإن أبيتم حققتم أنه منكم قول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم بالظن، الذي قال الله تعالي فيه: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً).

وقال في المحلي: 3/91:

(ويدعو المصلي في صلاته في سجوده وقيامه وجلوسه بما أحب، مما ليس معصية، ويسمي في دعائه من أحب. وقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي عصية ورعل وذكوان، ودعا للوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، يسميهم بأسمائهم، وما نهي عليه السلام قط عن هذا ولا نهي هو عنه)!! انتهي.

وكلامه الأخير تكذيب لحديث الشافعي والبيهقي (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً)!

هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة

أكبر نجاح حققته سورتا الخلع والحفد أنهما سببتا التشويش علي سورتي المعوذتين!

وأنهما دخلتا في فقه السنيين علي أنهما دعاء قنوت مأثور عن النبي صلي الله عليه وآله!

ص: 147

أما أكبر نجاح لهما فكان علي يد السلطة الأموية، التي تبنت قراءتهما مدة لا تقل عن نصف قرن علي أنهما سورتان من القرآن!

وذلك بالمقويات من رواة الخلافة الأموية.. ثم ماتتا؟!

روي السيوطي في الإتقان: 1/227:

(وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان

فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك، ونستغفرك)!! انتهي.

وعندما يقول أحد: صلي فلان بنا فقرأ بسورتي كذا وكذا، فمعناه قرأهما علي أنهما قرآن، فقرأ إحداهما في الركعة الأولي والثانية في الركعة الثانية.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/157 وصححه، قال:

(وعن أبي إسحاق قال أمنا أمية ابن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بها من السورتين إنا نستعينك ونستغفرك قال فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح!). انتهي.

قال ابن الأثير في أسد الغابة: 1/116:

(وأما أمية بن عبد الله فإن عبد الملك استعمله علي خراسان، والصحيح أنه لا صحبة له.. وقد ذكر

مصنفوا التواريخ والسير أمية وولايته خراسان وساقوا نسبه كما ذكرناه.

وذكر أبو أحمد العسكري عتاب بن أسيد بن أبي العيص ثم قال: وأخوه خالد بن أسيد وابنه أمية بن خالد. ثم قال في ترجمة منفردة: أمية بن خالد بن أسيد ذكر بعضهم أن له رواية وقد روي عن ابن عمر).

ص: 148

وترجم له البخاري في تاريخه الكبير: 2/7، والرازي في الجرح والتعديل: 2/301.

والمزني في تهذيب الكمال: 3/334، وقال:

(عن سعيد بن عبد العزيز: دعا عبد الملك بغدائه فقال: أدع خالد ابن يزيد بن معاوية، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال أدع ابن أسيد، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال أدع روح بن زنباع، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال إرفع، إرفع.

قال أبو مسهر: فحدثني رجل قال: فلما ركب تمثل هذين البيتين:

ذهبت لداتي وانقضت آثارهم... وغبرت بعدهم ولست بغابر

وغبرت بعدهم فأسكن مرة... بطن العقيق ومرة بالظاهر

قال خليفة بن خياط: وفي ولاية عبد الملك، مات أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. وقال الحافظ أبو القاسم: بلغني أن أمية بن خالد، وخالد بن يزيد بن معاوية وروح بن زنباع، ماتوا بالصنبرة في عام واحد. وبلغني من وجه آخر أن روحاً مات في سنة أربع وثمانين. وقال أبو بشر الدولابي: حدثني أحمد بن محمد بن القاسم، حدثني أبي، حدثني أبو الحسن المدائني، قال: سنة سبع وثمانين، فيها مات أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. روي له النسائي وابن ماجة حديثاُ واحداً). انتهي.

ويظهر من ترجمة أمية أنه نشأ في مكة كغيره من بني أمية، ثم وفد علي عبد الملك فجعله من ندمائه وسكن في الشام حتي عدوه في الشاميين، ثم ولاه عبد الملك خراسان..

فالقصة التي يرويها الطبراني عنه بسند صحيح كما يشهد السيوطي، لا بد أن تكون بعد أكثر من نصف قرن من وفاة الخليفة عمر!!

ص: 149

وهذا يعني أن السلطة الأموية تبنت سورتي الخليفة عمر كسورتين أصيلتين من القرآن، وتبنت كتابتهما في المصحف بدل المعوذتين اللتين ليستا في رأيهم أكثر من عوذتين كان النبي صلي الله عليه وآله يعوذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام!!

لكن هذه الجهود الرسمية لدعم هذين النصين الركيكين، قاومتها قوة القرآن الذاتية حتي نفتهما عنه كما تنفي النار عن الذهب الزبد والخبث..

وتجلي بذلك أحد مصاديق قوله تعالي: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

وكفي الله المسلمين شر سورتي الخلع والحفد والحمد لله، ولم يبق منهما إلا الذكري السيئة لهما، ولمن أراد أن يزيدهما علي كتاب الله تعالي!!

نعم بقيتا كدعاء في فقه السنة، والحمد لله أنهما صارتا دعاء من الدرجة الثانية، لأن الدعاء الذي روته صحاحهم عن الإمام الحسن عليه السلام أبلغ منهما، فتري عامتهم يرجحونه عليهما!

وقد تقدم قول النووي في المجموع: 3/493:

(والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت... لما روي الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر). انتهي.

القنوت في فقه الشيعة

القنوت في فقهنا جزء مستحب مؤكد من صلاة الفريضة والنافلة..

ويدعو المصلي فيه بالمأثور أو بما جري علي لسانه، لنفسه أو للمؤمنين ولو بأسمائهم، ولا يجوز الدعاء علي المؤمنين ولا لعنهم. ويجوز أن يدعو علي أئمة الكفر والنفاق ولو بأسمائهم، ويجوز أن يلعنهم..

قال المحقق الحلي المتوفي سنة 624 في المعتبر: 2/238:

ص: 150

(اتفق الأصحاب علي استحباب القنوت في كل صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مرة، وهو مذهب علمائنا كافة، وقال الشافعي: يستحب في الصبح خاصة بعد الركوع، ولو نسيه سجد للسهو لأنه سنة كالتشهد الأول، وفي سائر الصلاة إن نزلت نازلة قولاً واحداً، وإن لم تنزل فعلي قولين.

وبقوله قال أكثر الصحابة، ومن الفقهاء مالك قال: وفي الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وقال أبو حنيفة: ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلا في الوتر خاصة فإنه مسنون.

وقال أحمد: إن قنت في الصبح فلا بأس، وقال: يقنت أمراء الجيوش.

لنا: أن القنوت دعاء فيكون مأموراً به لقوله تعالي: أدعوني أستجب لكم، وقوله: وقوموا لله قانتين. ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافياً للصلاة.

وما رواه أحمد بن حنبل عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: الصلاة مثني مثني، وتشهد في كل ركعتين، وتضرع، وتخشع، ثم تضع يديك ترفعهما إلي ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقول يا رب..

وعن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها.

ورووا عن علي عليه السلام: أنه قنت في الصلاة المغرب علي أناس وأشياعهم.

وقنت النبي صلي الله عليه وآله في صلاة الصبح فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة واشدد وطأتك علي مضر ورعل وذكوان وأرسل عليهم سنين كسني يوسف.

ومن طريق أهل البيت عليهم السلام روايات، منها رواية زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع.

ص: 151

وروي محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أيضاً قال: القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة.

وروي صفوان الجمال قال: صليت مع أبي عبد الله أياماً فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها). انتهي.

وهكذا.. تمسك الفقه الشيعي بسنة النبي صلي الله عليه وآله في القنوت باعتبار أنه تشريع ثابت مفتوح إلي يوم القيامة، يدعو فيه الفرد المسلم أو الحاكم المسلم إن شاء لنفسه وإخوانه، ويدعو فيه إن شاء علي المنافقين والكافرين..

وهكذا.. أدان الأئمة من عترة النبي اتهام رسول الله صلي الله عليه وآله من أجل تبرئة الملعونين علي لسانه!

وتمسكوا بشهادة الله سبحانه بحق نبيه وما ينطق عن الهوي.. إن هو إلا وحي يوحي، واعتقدوا بأن النبي لا يمكن أن يلعن غير المستحق..

بل تدل الروايات عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام علي أن لعنة الأنبياء أو بعض أنواعها تجري في ذرية الملعون!

لأن اللعن لا يصدر منهم إلا بعد علمهم بنضوب الخير من الملعون ومن صلبه!

فقد روي الكليني في الكافي: 5/569:

(عن سدير قال: قال لي أبو جعفر - الإمام محمد الباقر عليه السلام -: يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع، فقلت: قد أصبتها جعلت فداك، فلانة بنت فلان ابن محمد بن الأشعث بن قيس.

ص: 152

فقال لي: يا سدير إن رسول الله صلي الله عليه وآله لعن قوماً فجرت اللعنة في أعقابهم إلي يوم القيامة!

وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار)! انتهي.

وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالي: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم: (وقال أبو جعفر عليه السلام: أما داود عليه السلام فإنه لعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم، وكان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة علي الحقوين فمسخهم الله قردة، وأما عيسي فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة، ثم كفروا بعد ذلك)! انتهي.

وكتب (عرفج) بتاريخ 28 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

الأخ العاملي حفظه الله:

كنت في مدينة نيويورك قبل أسبوع تقريباً، وجمعنا حديث عابر في بيت أحد الأخوة، مع أحد طلبة العلم - كما سمي نفسه - وامتد الحديث إلي حرب القوقاز، فقال (طالب العلم) وبكل ثقة:

إن مشكلتنا ليست في القوقاز بل بالقضاء علي الطابور الخامس.

وهز الحضور رؤوسهم علامة الموافقة!

فقاطعته: من هم الطابور الخامس يا شيخ؟

قال: هم الروافض، لعنهم الله، أولئك المحرفون للقرآن.

قلت: أنا رافضي يا شيخ، وعقيدتي بالقرآن أنه مصان من التحريف.

وسكت، والحضور ينتظرون جوابه.

قال: ربما تقول هذا تقية!!

قلت: ولماذا أتقيك، هل أنت حاكم هذه المدينة أم أنا موظف في شركتك؟

ص: 153

قال: آسف.. ولكن علماء (دينكم) يقولون أنه محرف، وهم يخفون عنكم عقيدتهم!

وطال الحديث، ووعدته أن أرسل له بعض الكتب والمقالات... وفعلت.

ونقل لي أنه أوصي أحد الأخوة في نيويورك بأن يبلغوا فلاناً (أنا) بأن فلاناً (هو) قد غادر المدينة فلا يرسل لي أي شئ! وقيل لي أنه (أي الشيخ) حذر جماعته ممن يحسنون التقية ويجيدون التمثيل (وضرب لهم مثلاً بعرفج). هذا مثال واحد فقط.

لا يكذب الرائد أهله.

ص: 154

الفصل الخامس: محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

ص: 155

ص: 156

محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

كتب (العاملي) بتاريخ 21-2-2000، العاشرة ليلاً، في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً بعنوان (عملية عمر الفاشلة لتحريف آية في القرآن، لمصلحة قريش ضد الأنصار!!)، قال فيه:

قال الله تعالي: الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله علي رسوله والله عليم حكيم. ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء، والله سميع عليم. ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم. التوبة 97 – 100.

روي الحاكم في مستدركه: 3/305:

(عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه.. إلي آخر الآية.

ص: 157

فوقف عليه عمر، فقال انصرف.

فلما انصرف، قال له عمر: من أقرأك هذه الآية؟!

قال أقرأنيها أبي بن كعب.

فقال: انطلقوا بنا إليه فانطلقوا إليه فإذا هو متكئ علي وسادة يرجل رأسه فسلم عليه فرد السلام. فقال: يا أبا المنذر!

قال: لبيك.

قال: أخبرني هذا أنك أقرأته هذه الآية؟!

قال: صدق، تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله.

قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله؟!

قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله. ثلاث مرات كل ذلك يقوله.

وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله!! لقد أنزلها الله علي جبريل وأنزلها جبريل علي محمد، فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه!!

فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: الله أكبر الله أكبر)!!

ورواه في كنز العمال: 2/605 وقال:

(أبو الشيخ في تفسيره، ك، قال الحافظ ابن حجر في الأطراف: صورته مرسل.

قلت: له طريق آخر عن محمد بن كعب القرظي مثله أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ، وآخر عن عمر بن عامر الأنصاري نحوه، أخرجه أبو عبيد في فضائله، وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه هكذا. صححه، ك). انتهي.

ولكن ابن شبة روي القصة في تاريخ المدينة: 2/707، بنحو آخر فقال:

ص: 158

(حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال: حدثني أبي عن أبيه عن الحسن: قرأ عمر رضي الله عنه: والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان، " بدون واو ".

فقال أبي: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان!!

فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان!

وقال عمر: أشهد أن الله أنزلها هكذا!!

فقال أبي: " أشهد أن الله أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه "!!

وقال في هامشه: في منتخب كنز العمال: 2/55: عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين...

وروي في نفس المرجع: 2/56: عن أبي سلمة، ومحمد بن إبراهيم التيمي، قالا.. برواية الحاكم المتقدمة، ثم قال: وانظر تفسير ابن كثير: 4/228). انتهي.

وروي في كنز العمال: 2/597:

(عن عمرو بن عامر الأنصاري، أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان.

فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين، فقال زيد: والذين اتبعوهم بإحسان.

فقال عمر: الذين اتبعوهم بإحسان.

فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم!!

فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك.

ص: 159

فقال أبي: والذين اتبعوهم بإحسان، فجعل كل واحد منهما يشير إلي أنف صاحبه بإصبعه.

فقال أبي: والله أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنت تتبع الخبط!!

فقال عمر: نعم إذن، فنعم إذن فنعم إذن، نتابع أبياًّ!!

أبو عبيد في فضائله، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.

وقال في هامشه: الخبط بفتح الخاء والباء: الورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن). انتهي.

وقال السيوطي في الدر المنثور: 3/269:

(قوله تعالي: والسابقون الأولون... الآية.

أخرج أبو عبيد، وسنيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان. فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين!

فقال له زيد بن ثابت: والذين.

فقال عمر: الذين؟

فقال زيد أمير المؤمنين أعلم!

فقال عمر رضي الله عنه: ائتوني بأبي بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك.

فقال أبي: والذين.

فقال عمر رضي الله عنه: فنعم إذن نتابع أبياًّ).

وقد حذف منه المشادة بينهما كما رأيت!!

ثم قال السيوطي:

ص: 160

(وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: مر عمر رضي الله عنه برجل يقرأ: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟

قال: أبي بن كعب.

قال: لا تفارقني حتي أذهب بك إليه.

فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟

قال: نعم.

قال: وسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

قال: لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا!!

فقال أبي: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم.

وفي سورة الحشر: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.

وفي الأنفال: والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي أسامة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقرأ والسابقون الأولون... وأورد رواية الحاكم). انتهي.

نفهم من هذه الروايات الصحيحة عندهم، أن الخليفة يري أن قريشاً كلها فوق الجميع، ولا يجوز أن يساوي بها أحد!! " لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ".

وكان يري أن وجود الواو في الآية يجعل الأنصار علي قدم المساواة مع المهاجرين!

ص: 161

فالحل أن تقرأ الآية المئة من سورة التوبة:

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان..

فترفع كلمة الأنصار وتحذف الواو بعدها وتكون جملة " الذين اتبعوهم " صفة للأنصار، ليكون المعني: أن الله رضي عن المهاجرين وعن أتباعهم من الأنصار!!

وقد أثار هذا التحريف حفيظة الأنصار ولا شك، لأن الله تعالي جعلهم علي قدم المساواة مع المهاجرين وإن ذكر اسمهم بعدهم.

والخليفة عمر يريد أن يجعلهم تابعين لهم!!

أما زيد بن ثابت (الأنصاري؟) فقد سلم للخليفة: " فقال له زيد بن ثابت: والذين. فقال عمر: الذين. فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم! ".

ولو وقف زيد في وجه الخليفة ولم يخف من سطوته، لربح المعركة، لأن كل الأنصار سيقفون إلي جانبه، وسيؤيدهم أهل البيت عليهم السلام، وعدد من المسلمين الذين لا يسمحون للخليفة أن يحرف آية من كتاب الله تعالي!!

ولكن زيداً صغير السن ضعيف الشخصية، وقد وبخه عبد الله بن مسعود يوماً بأنه نشأ مع صبيان اليهود وكان يلعب معهم!

بل المرجح عندي أن يكون أبوه يهودياً وأمه أنصارية، لأنه كان يعرف العبرية.

ولأن ابن شبة قال في تاريخ المدينة: 3/1008:

(حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن ابن إسحاق، عن أبي الأسود - أو غيره - قال:

قيل لعبد الله: ألا تقرأ علي قراءة زيد؟

ص: 162

قال: ما لي ولزيد ولقراءة زيد، لقد أخذت من في رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان!!). انتهي.

أما أبي بن كعب فمع أنه يخاف سطوة الخليفة عمر ويداريه كثيراً.. لكنه أكبر منه سناًّ، وله مكانته في الأنصار، وهو من صحابة النبي المقربين، وحافظ القرآن من عهده، ولذا استطاع أن يقف مقابل الخليفة في مسألة تمس كيان الأنصار!

وقد يحاول البعض الدفاع عن الخليفة بأنه وقع في اشتباه، ورجع عنه عندما شهد له أبي بن كعب! ولكن التغيير الذي أراده الخليفة في الآية.. ومواقف الخليفة من الأنصار في حياة النبي صلي الله عليه وآله، وفي السقيفة وبعدها، وتأكيده وشهادته أن الآية نزلت بدون واو.. كلها تدل علي أن المسألة كانت جدية وحامية، وأن أبياًّ كان يتكلم وهو مسنود بإجماع الأنصار واستعدادهم للدفاع عن هذا الإمتياز الذي منحهم إياه الله تعالي حتي لو احتاج الأمر إلي السلاح، كما تذكر بعض المصادر!

ومما يوجب الدهشة هنا شهادة عمر بأن الآية نزلت بدون واو، وأن الله مدح الأنصار فيها بأنهم تابعون للمهاجرين!!

(قال عمر: " أشهد أن الله أنزلها هكذا ". ابن شبة: 2/707).

فإذا كان قول عمر هذا اجتهاداً من عنده، لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلي من مكانة الأنصار، فوامصيبتاه من هذه الجرأة علي تحريف آية من كتاب الله!!

وإن كان صادقاً، فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبي بن كعب وتأكيده؟!

ص: 163

إن قول أبي شهادة في مقابل شهادة، والشهادتان المتعارضتان تتكافآن وتتساقطان، ويجب الرجوع إلي شهادات الصحابة..

فلماذا لم يسأل عمر عدداً من المهاجرين والأنصار عن الآية التي نزلت بالأمس قبل وفاة النبي صلي الله عليه وآله بشهور؟!

وكيف خضع لشهادة أبي بن كعب؟

ثم كيف أمر بكتابتها في القرآن علي ما قال ابن كعب ولم يطلب حتي شاهداً آخر معه عليها؟!

علي كلٍّ، هذه واحدة من أمثلة جرأة عمر علي كتاب الله تعالي، ومحاولة تحريفه جهاراً نهاراً!! ولولا موقف أبي بن كعب لقام الخليفة بتغيير آية في كتاب الله تعالي بضربة فنية.. وحذف واو واحدة!!!!

ولكن الله تعالي حفظ كتابه، وهو القائل: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

بما أنك استشهدت بتفسير ابن كثير، فلك التفسير منه:

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم.

يخبر تعالي عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم.

قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية.

ص: 164

وقال أبو موسي الأشعري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سرين والحسن وقتادة: هم الذين صلوا إلي القبلتين مع رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي الله عليه وسلم.

وقال محمد بن كعب القرظي: مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده.

فقال: من أقرأك هذا؟

فقال: أبي بن كعب.

فقال: لا تفارقني حتي أذهب بك إليه.

فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟

قال: نعم. قال: وسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

قال: لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.

فقال أبي: تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم.

وفي سورة الحشر: والذين جاءوا من بعدهم.. الآية. وفي الأنفال: والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا معكم.. الآية. ورواه ابن جرير، قال: وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤوها برفع الأنصار عطفاً علي (والسابقون الأولون) فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم!!

ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم عياذاً بالله من ذلك.

ص: 165

وهذا يدل علي أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم؟

وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، فيسبون من سبه الله ورسوله ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون.. بدلاً من تتبع الزلات فلتقرأ الشرح كاملاً.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

أشهد أنك يا عمر ما فهمت قصة الآية!!

وأنك نقلت عن ابن كثير الذي بتر روايتها، فصار نقلك حجة عليك لا لك!

كل العلم يا عمر في (الواو) الذي أراد أن يحذفه صاحبك عمر، لتصير كلمة الأنصار مجرورة، وتصير اتبعوهم صفة للأنصار، يعني الأنصار الذين اتبعوا المهاجرين!!

حتي لا يكونوا بزعمه في صف المهاجرين!!

أراد أن يجعل الأنصار أتباع المهاجرين، ويلغي موضوع التابعين كلياًّ..

وحلف أن الآية نزلت هكذا!! هل فهمت؟!!

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

لا أدري من أدخلك بعقله حتي تفهم ما يجهله هو؟ والآية صريحة في رضي الله عن السابقين من المهاجرين والأنصار. ومن يكره الخير للآخرين إذا كان الله رزقهم جميعاً هذا الفضل؟!

وعموما من تبعهم أي السابقون هم الذين يرضي الله عنهم.

ص: 166

وأنتم جعلتموهم كفار وتركتم هداهم وطريقهم. ألا تري بأنها معضلة كبيرة؟

أما اتهامك لأحدهم فهذا تعدي علي حدود المغفرة والرضي الإلهي لهم!

وابحث لك عن موضوع مفيد، بدل من هذه الإدعاءات الساقطة التي تدينكم أكثر من مما تفيدكم.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 22 - 2 - 2000، السابعة إلا ربعاً صباحاً:

عفواً... الآية المباركة: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم.

أتيت بتفسير لها عن ابن كثير وقلت: يخبر تعالي عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم، قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية.

وأريد أن أذكرك بأن الله سبحانه وتعالي لم يطلق هذا الرضي إلي نهاية حياتهم، فلا دليل علي ذلك، وليس لأحد أن يدعيه، والله سبحانه وتعالي يقول: وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري.

وفي الوقت الذي هنالك آيات نزلت في وقت معين وخصصت في وقت آخر، كقوله تعالي: ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري.

ثم جاء الإجتناب الكلي للخمر بعد ذلك، كذلك الآية المباركة أعلاه والتي جعلت بها الأمة كلها مبشرة بالجنة وليس عشرة أنفار كما يدعيه المخالفون،

ص: 167

وهؤلاء العشرة ليس من بينهم سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين، علي كل حال...

قال الله تعالي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً. صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح - 10...

فالقيد هنا في عبارة (فمن نكث) والذي ينكث يكون قد حكم علي نفسه بالخروج من وعد الله له بالرضي والجنة...

وقد ثبت نقلاً وعقلاً واستدلالاً وتاريخاً وسيرة وحديثاً بأن هنالك من نكث.

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

ما معني أعد لهم الله جنات؟؟ هل الوعد الإلهي مجازي؟؟ أم أن هناك إله آخر يوقف وعده؟؟

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 23 - 2 - 2000، السادسة صباحاً:

قال الله تعالي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً. صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح - 10..

الآية واضحة وصريحة بتقسيمها المهاجرين والأنصار الذين بايعوا بيعة الرضوان إلي قسمين:

1 - " فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه " وهذا القسم خارج عن وعد الله، لنكثه.

ص: 168

2 - " ومن أوفي بما عاهد عليه الله " وهذا القسم سيؤتيه الله أجراً عظيماً. انتهي.

قال (العاملي):

وهكذا، قام عمر المأموم بتحريف الموضوع، ليغطي محاولة إمامه عمر تحريف كتاب الله تعالي!!!

ص: 169

ص: 170

الفصل السادس: آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

اشارة

ص: 171

ص: 172

كتب (العاملي)، في شبكة أنا العربي، موضوعاً بعنوان:

آيات زعم عمر وعائشة أنها من القرآن!

آية الرجم، و آية الشيخ والشيخة

روي البخاري في صحيحه: 8 /25:

(عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتي يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق علي من زني وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف... إلخ.

وعن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمني وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبد الرحمن.

فقال: لو رأيت رجلاً أتي أمير المؤمنين اليوم.

ص: 173

فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان، يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً! فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت!

فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن

يغصبوهم أمورهم!

قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون علي قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشي أن تقوم فتقول مقالة، يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها علي مواضعها، فأمهل حتي تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكناً، فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها علي مواضعها.

فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلنا الرواح حين زاغت الشمس حتي أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلي ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟!

فجلس عمر علي المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثني علي الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي.

ص: 174

إن الله بعث محمداً صلي الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله..

والرجم في كتاب الله حق علي من زني إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف.

ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم. أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم "...

ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت!

ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقي شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.

من بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا). انتهي.

ومعني قوله تغرة أن يقتلا: مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره في هذه الخطبة!

آية لا ترغبوا عن آبائكم

مضافاً إلي ما تقدم في صحيح البخاري: 8/24 وغيره.. فقد روي الهيثمي في مجمع الزوائد: 1/97:

(عن أيوب بن عدي بن عدي عن أبيه أو عمه: أن مملوكاً كان يقال له كيسان، فسمي نفسه قيساً وادعي إلي مولاه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلي عمر

ص: 175

بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين ابني ولد علي فراشي، ثم رغب عني وادعي إلي مولاي ومولاه!

فقال عمر لزيد بن ثابت: أما تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟

فقال زيد: بلي.

فقال عمر بن الخطاب: إنطلق فاقرن ابنك إلي بعيرك، ثم انطلق فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً حتي تأتي به أهلك!

رواه الطبراني في الكبير، وأيوب بن عدي وأبوه أو عمه لم أرَ من ذكرهما.

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من ادعي إلي غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاماً، أو من مسيرة سبعين عاماً.

قلت: رواه ابن ماجة إلا أنه قال من مسيرة خمسمائة عام. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).

ورواه في كنز العمال: 2/480 و 567، و: 5/428 - 433 بعدة روايات.

وفي ص 429:

(ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم - عب، ش، حم، والعدني، والدارمي خ م د ت ن ه-، وابن الجارود وابن جرير وأبو عوانة، حب، ق.

وروي مالك بعضه.

ثم رواه في ص 649 بعدة روايات وقال في رموزها: مالك والشافعي وابن سعد والعدني، حل، ق - مالك وابن سعد ومسدد، ك - عب – ابن الضريس).

ص: 176

آية: حق جهاده في آخر الزمان

قال السيوطي في الدر المنثور: 4/371:

(أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي عمر: ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ: وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله؟

قلت: بلي، فمتي هذا يا أمير المؤمنين؟

قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء!!

وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة).

وقال في: 5 / 197:

(وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله، فقال: أرأيت قول الله تعالي لأزواج النبي صلي الله عليه وسلم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي، هل كانت الجاهلية غير واحدة؟

فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما سمعت بأولي إلا ولها آخرة.

فقال له عمر رضي الله عنه: فأنبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك؟

قال: إن الله يقول وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة.

فقال عمر رضي الله عنه: من أمرنا أن نجاهد؟

قال: بني مخزوم وعبد شمس!

ورواه في كنز العمال: 2/480 وقال في مصادره: أبو عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

ص: 177

وفي ج 2 ص 567: من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها!

قال: أسقط في ما أسقط من القرآن - أبو عبيد). انتهي.

ولو كانت هذه الروايات تفسيراً للآية بدون ادعاء أن الزيادة الواردة فيها من القرآن، لكانت مقبولة عندنا.. فإنها تتناسب مع اعتقادنا بأن الله تعالي أوجب الجهاد علي تأويل القرآن، كما أوجبه علي تنزيله..

وأن النبي صلي الله عليه وآله أخبر أمته بأن علياًّ عليه السلام هو الذي يقاتل من بعده علي تأويله، وكان ذلك معروفاً عند الصحابة..

ونقلت نصوصه مصادر إخواننا السنة ومن أشهرها حديث: خاصف النعل.

الذي رواه الترمذي في سننه: 5/298:

(عن ربعي بن حراش، قال: أخبرنا علي بن أبي طالب بالرحبة، فقال: لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو، وأناس من رؤساء المشركين.

فقالوا: يا رسول الله خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس لهم فقه في الدين، وإنما خرجوا فرارا من أموالنا وضياعنا، فارددهم إلينا، فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم!

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف علي الدين، قد امتحن الله قلوبهم علي الإيمان.

قالوا من هو يا رسول الله؟

فقال له أبو بكر: من هو يا رسول الله؟

ص: 178

وقال عمر: من هو يا رسول الله؟

قال: هو خاصف النعل، وكان أعطي علياًّ نعله يخصفها، قال ثم التفت إلينا علي، فقال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي).

ورواه الحاكم في المستدرك: 2/138 و: 4/298 وقال في الموردين: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، ولم يخرجاه!!

آية: الولد للفراش

روي في كنز العمال: 6/208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ من كتاب الله أن: انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟

فقال: بلي.

ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟ فقد في ما فقدنا من كتاب الله؟

قال: بلي - ابن عبد البر في التمهيد). انتهي.

هذا مع أن مصادر الشيعة والسنة روت أن قاعدة الولد للفراش وللعاهر الحجر هي حديث للنبي صلي الله عليه وآله، كما في وسائل الشيعة: 13/376، وسنن الترمذي: 2/313، عن أبي هريرة.

وقال:

ص: 179

(وفي الباب عن عمر وعثمان وعائشة وأبي أمامة، وعمرو بن خارجة، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد رواه الزهري عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة. والعمل علي هذا عند أهل العلم).

ورواه النسائي في سننه: 6 / 180، وأحمد: 1 / 25 و: 4 / 186، بأربع روايات.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 5/14 وفيه:

(عن البراء وزيد بن أرقم قالا: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم، ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه فقال: إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي. لعن الله من ادعي إلي غير أبيه، ولعن الله من تولي غير مواليه. الولد للفراش وللعاهر الحجر. ليس لوارث وصية). انتهي.

وفي كتاب الأم: 6/213:

(قال الشافعي رحمه الله تعالي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه قال: أرسل عمر إلي رجل من بني زهرة كان ساكناً معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية.

فقال: أما الفراش فلفلان، وأما النطفة فلفلان.

فقال رضي الله تعالي عنه: صدقت ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضي بالفراش...). انتهي.

وهذا يؤيد أن النص حديث، ويتناقض مع روايات أنه آية، ولكن الروايات عن الخليفة التي تقول إنه آية أكثر!!

آية: لو كان لابن آدم واديان

ص: 180

روي البخاري في صحيحه: 7/175:

(عن ابن عباس رضي الله عنهما، يقول سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب.

وروي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب).

وروي مسلم في صحيحه: 3/100، حديث أنس ولكن بنص حديث ابن عباس الذي تذكر روايته أن النص هو حديث شريف وليس آية.

لكن مسلماً روي بعد ذلك عن أبي الأسود عن أبيه قال:

(بعث أبو موسي الأشعري إلي قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن.

فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها!! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.

وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات فأنسيتها! غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة!).

وروي أحمد في مسنده نص أنس علي أنه حديث عن النبي صلي الله عليه وآله ج 3 ص 238، وكذا في: 5/219:

ص: 181

(عن أبي واقد الليثي قال: كنا نأتي النبي صلي الله عليه وسلم إذا أنزل عليه، فيحدثنا، فقال لنا ذات يوم: إن الله عز وجل قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله علي من تاب. وقريباً منه عن عائشة في ج 6 ص 55).

ورواه أيضاً في ج 3 ص 122، بصيغة الشك بين الحديث والآية:

(عن أنس، قال: كنت أسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: فلا أدري أشئ نزل عليه أم شئ يقوله، وهو يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب. وقريب من ذلك في ج 3 ص 272).

ورواه أحمد في ج 4 ص 368، بصيغة الجزم بأنه آية...

(عن زيد بن أرقم قال: لقد كنا نقرأ علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم: لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغي إليهما آخر، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب.. إلخ).

ص: 182

التسبيحات الأربع من القرآن

روي أحمد في مسنده: 5/11:

(عن سمرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن عليه.

وقال: أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ثم قال: لا تسمين غلامك أفلحاً ولا نجيحاً ولا رباحاً ولا يساراً).

وفي ج 5 ص 20:

(عن سمرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر).

وروي النسائي في سننه: 2/143:

(عن ابن أبي أوفي، قال: جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن فعلمني شيئاً يجزئني من القرآن فقال: قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله). انتهي.

وهذه الروايات الصحيحة عند إخواننا مناقضة لما ورد في مصادرهم ولما اتفق عليه المسلمون من أن التسبيحات الأربع حديث شريف وليست قرآناً!!

ورواية النسائي تحتمل أن يكون متعلق الجار والمجرور (يجزئني) وأن تكون من بمعني عن، لكن المرجح أنه صفة أخري للشئ، بقرينة الروايات المتقدمة.

ص: 183

آية: ألا بلغوا قومنا..

روي البخاري في صحيحه: 3/204، و 208، و: 4/35، و:5/42، عدة روايات:

(أن آية " ألا بلغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا " نزلت في شهداء بئر معونة الذين بعثهم النبي صلي الله عليه وآله إلي نجد، فغدرت بهم قبيلتا رعل وذكوان وعصية من بني لحيان، وأن المسلمين قرؤوا هذه الآية!).

ورواها مسلم في صحيحه: 2/135، وأحمد في مسنده، بعدة روايات: 3/109، و 210، و 215،

و 255، و 289، والبيهقي في سننه: 2/199، وغيرهم كثيرون...

وفي أكثر الروايات أنها نسخت بعد ذلك، وفي بعضها أنها رفعت.

وفي رواية أحمد: 3/109:

(" ثم رفع ذلك بعد "، وقال ابن جعفر: ثم نسخ!!). انتهي.

ولا بد لهؤلاء القائلين بأنها كانت آية ونسخت، أن يفترضوا أنه كان يوجد قبلها أو بعدها كلام آخر! حتي لا تكون مقتصرة علي مقول القول فقط!!

فيقولوا إن الآية كانت مثلاً: إن المؤمنين الذين قتلهم أهل نجد المشركون قالوا ألا بلغوا قومنا... إلخ!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

آية عائشة التي أكلتها السخلة

من الأحكام الشرعية المتفق عليها بين المسلمين: أن الرضاعة تشبه النسب، فلو أرضعت امرأة طفلاً لغيرها صارت أماًّ له وحرمت عليه، وصارت بناتها أخواته وحرمن عليه.. إلخ.

ص: 184

وبعد اتفاق المسلمين علي هذا الأصل الذي نص عليه القرآن، اختلفوا في شروطه، فقال الأئمة من أهل البيت عليهم السلام: يشترط أن يرضع الطفل من تلك المرأة رضاعاً متصلاً خمس عشرة رضعة، أو يكون الرضاع بحيث ينبت به لحم الطفل ويشتد عظمه، وأن لا يكون للطفل غذاء آخر غير

الحليب، وأن يكون الطفل في سن الرضاعة لا أكبر.. فإذا اختلت الشروط فلا أثر للرضاع.

أما المذاهب الأخري فتساهلوا في شروط الرضاعة، وكان أول المتساهلين في عدد الرضعات عبد الله بن عمر ولا يبعد أن يكون ذلك مذهب أبيه، فقال إن الرضعة الواحدة توجب التحريم..

قال السيوطي في الدر المنثور: 2/135:

(وأخرج عبد الرزاق، عن ابن عمر، أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يؤثر عن عائشة في الرضاعة: لا يحرم منها دون سبع رضعات.

قال: الله خير من عائشة، إنما قال الله تعالي: وأخواتكم من الرضاعة ولم يقل رضعة ولا رضعتين.

وأخرج عبد الرزاق، عن طاوس: أنه قيل له إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك إلي خمس. قال قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم.

وأخرج بن أبي شيبة عن ابن عباس قال: المرة الواحدة تحرم.

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: المصة الواحدة تحرم). انتهي.

أما أم المؤمنين عائشة فقالت: نزل في القرآن آية تحدد الرضاعة بعشر رضعات، ثم نسخت ونزلت آية تكتفي بخمس رضعات!

ص: 185

وأن تلك الآية كانت حتي توفي النبي صلي الله عليه وآله تقرأ في القرآن!!

وكانت مكتوبة عندها علي ورقة وموضوعة تحت سريرها، ولكنها انشغلت بوفاة النبي وبعدها فدخلت سخلة ملعونة وأكلت الورقة، فخسر المسلمون إلي يوم القيامة هذه الآية!!

ويضاف إلي مشكلة الآية عند أم المؤمنين، مشكلة تعميمها الرضاع لغير الأطفال!

وفتواها بأنه يصح أن يرضع الرجل الكبير من أي امرأة فيكون ابنها!! ويصير أقاربها أقاربه، ويصير من محرما عليهن فيدخل عليهن وهن بدون حجاب!

وقد رووا أنها أرضعت عدة رجال بهذه الطريقة من زوجة أخيها وأختها، ليصيروا محرماً عليها!!

وإن كان غرضنا هنا في آية الخمس رضعات التي كانت في القرآن ثم ضاعت!!

قال مسلم في صحيحه: 4/167:

(عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة أنها قالت: كان في ما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهن في ما يقرأ من القرآن!! ورواه الدارمي في سننه: 2/157.

ورواه ابن ماجة في سننه: 1/625 وروي بعده... عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلي الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). انتهي.

ص: 186

ومعني الداجن: الحيوان الأهلي الذي يربي في المنزل وكان السائد منه في المدينة الماعز، ولذلك جعلنا العنوان: أكلتها السخلة!

وفي هذه الرواية دليل علي أن مرض النبي ووفاته لم يكن في غرفة عائشة وإلا لما دخلتها السخلة، وبحث ذلك خارج عن موضوعنا... إلخ.

ثم ختم (العاملي) بقوله:

وبعد، فهذه أحاديث تدعي زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي، وكثير منها بمقاييس إخواننا أحاديث صحيحة علي شرط البخاري ومسلم، أو شرط غيرهما، أو موثقة..

فهل يمكن لأحد أن يقبلها ويضيف هذه الآيات والزيادات المزعومة في كتاب الله والعياذ بالله بحجة التمسك بالحديث إذا صح سنده!!

أم أن علماء إخواننا يردونها كما نفعل نحن الشيعة، فيقلدوننا في هذا الموضوع من أجل الحفاظ علي كتاب الله تعالي؟!

فكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 4 - 6 - 1999 الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ العاملي سلمه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأيم الحق إن عيني لتكتحلان بمقالاتكم الهادفة، الساعية للذب عن حياض الدين والقرآن الكريم.

كيف لا وأنتم بذرة أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه، فبارك الله سعيكم، ورحم والديكم، والسلام.

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 187

إلي العاملي: باختصار: عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن كما يلي: من يعتقد أن هناك مصحفاً آخر غير الذي بأيدينا فهو كافر. هل توافقون علي ذلك؟ نعم، أو لا؟

فكتب (موسي العلي) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الواحدة والربع صباحاً:

إلي مشارك: نعم نوافق، ولا يوجد لدينا قرآن كريم غير الذي هو موجود عندكم وبين ظهراني المسلمين، ومن ادعي غير ذلك، متعمداً، مقراً، فهو كافر نتبرأ منه.

وكتب (أبو جابر) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

أنا لا أعتقد بتحريف القرآن، أما من يعتقد بتحريفه فهو في نظري مخطئ حتماً. ولكن لا علم لي ما حكمه الشرعي من حيث التكفير. ولكن علي أية حال إن كان يقول بالتحريف انتقاصاً من قدر القرآن، وتشكيكاً بصحة آياته فهو لا شك فاسق، وربما يكون كافراً.

وكتب (العاملي):

إلي مشارك:

أولاً: لماذا تكتب (إلي العاملي) وتقلِّد الذين يبخلون علي الشيعي بكلمة (الأخ)!

فإذا كنت لا تراه أخاً لك في الإسلام، فهو أخ لك في النسب إلي آدم وحواء...!!

إنكم تخاطبون الأجنبي غير المسلم بالأخ والصاحب والسيد!! فما المانع أن تستعملوها للمسلمين؟!

ص: 188

أما نحن فنري أن كل من أعلن الشهادتين ولو تحت السيف مثل أبي سفيان والطلقاء، أو طمعاً في الدنيا مثل غيرهم.. نراهم مسلمين تجري عليهم أحكام الإسلام العامة، وتصان أموالهم ودماؤهم إلا بحقها.

ثانياً: أجبتك مع إخوانك الذين سخِرتُم في شبكات الحوار المختلفة بقارورة تربة كربلاء المقدسة، وبينت لكم أن حديثها صحيح علي شرط البخاري ومسلم، أي في أعلي درجات الصحة عندكم، فلم يظهر واحد منكم أسفه علي ما فعل!!

ومع ذلك نحملكم علي الأحسن ونقول لعلهم تابوا إلي ربهم بينهم وبينه، وكان ثقيلاً عليهم الإعتراف بالخطأ!!

ثالثاً: أجابكم عدد من الإخوة الشيعة عن اتهامكم لنا بالإعتقاد بتحريف القرآن في موقع الساحات والعربي والمنتدي والجارح وغيرها، وأثبتنا لكم أننا نعتقد بعصمة القرآن عن التحريف، وأن الروايات الموجودة في مصادرنا (نقطة في بحر) مما يوجد في مصادركم في هذا الموضوع..

فلم نر من أصحابك إلا السكوت.

ثم تصديت أنت بطرح السؤال علينا.. كأنك إلي الآن في شك هل يؤمن الشيعة بهذا القرآن وحده، أم يشركون معه غيره؟!!

فنقول لكم أيها الإخوان: إن الشيعة يؤمنون بهذا القرآن وحده، ومن يؤمن بقرآن آخر بدله أو معه فهو كافر.

أما نسخته الثانية التي روت مصادركم ومصادرنا أنها توجد عند أهل البيت وعند الإمام المهدي عليهم السلام، فهي ليست قرآناً آخر، وهي من مسؤولية الإمام المهدي الموعود، ولم نرها حتي نعرف فرقها عن هذه النسخة، ولا نقبل ادعاء

ص: 189

أحد يدعي نسخة أخري للقرآن غير الإمام المهدي عليه السلام، ونحكم ببطلان نسخته، وبكفره إن كان يعتقد بها.

فكونوا مثلنا شجاعة وجرأة واحكموا ببطلان هذه السور والآيات والمصاحف المزعومة التي ترويها صحاحكم، ومنها نسخة حفصة التي ظلت متمسكة بها حتي توفيت بعد خلافة عثمان!

فأخذها عثمان وأحرقها!!

نحن نقول: كان عند فاطمة الزهراء عليها السلام (مصحف) ليس قرآناً، بل كتاب مصحف مجلد، فيه علوم، فالمصحف في اللغة العربية هو اسم للمجلد أيها العرب، ولذا يفتي الفقهاء بأنه يستحب قراءة القرآن في المصحف.

وأنتم تروون أن حفصة كان عندها القرآن في مصحف وهو قرآن الخليفة عمر، وأن عثمان أصر علي مصادرته منها ليحرقه، فلم تعطه إياه وتمسكت به حتي توفيت!!

فمن الذي يؤمن بقرآنين.. بالله عليكم؟!!

رابعاً: يعلم الجميع أن مذهب التشيع لأهل البيت النبوي قام من أول يوم علي وصية الرسول صلي الله عليه وآله بركنين (القرآن والعترة).

وحديث الثقلين ثابت عند الجميع بأعلي درجات الصحة!!

وهذا معناه أن القرآن كان مجموعاً موجوداً عند العترة وعند المسلمين حتي تصح وصية الرسول به.. ومعناه: أن القرآن والعترة في مذهبنا ركنان أساسيان مثل الأوكسيجين والهيدرودجين لا يتم أحدهما إلا بالآخر..

أسأل الله تعالي أن يحشرنا علي الوفاء لرسوله بوصيته، وأن يوفقنا جميعاً لإطاعة القرآن والعترة، ويحقق وعده بمهديهم الموعود عليه السلام.

ص: 190

محاولتهم التخلص من روايات التحريف بأسطورة نسخ التلاوة

كتب (عبد الحسين البصري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آيات مزعومة.. وهي عندهم صحيحة السند.. لكنها مردودة النسب.. مقطوعة الذنب!!)، قال فيه:

هذا ما كنت أحتفظ به والموضوع للأخ العاملي حفظه الله وسدد خطاه، وأعدت نشره لغرض الإفادة والاستفادة.

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة عمر... إلخ

قال (العاملي):

وقد تقدم أكثره.. وجاء فيه:

فهذه أحاديث تدعي زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي، وكثير منها بمقاييس إخواننا أحاديث صحيحة علي شرط البخاري ومسلم، أو شرط غيرهما، أو موثقة...

فهل يمكن لأحد أن يقبلها ويضيف هذه الآيات والزيادات المزعومة في كتاب الله والعياذ بالله بحجة التمسك بالأحاديث الصحيحة؟!!

أم يردونها كما نفعل نحن الشيعة، فيقلدوننا في هذا الموضوع من أجل الحفاظ علي كتاب الله تعالي؟!

فكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الرابعة صباحاً:

الزميل الكريم عبد الحسين البصري:

أرجو أن توضح لنا شيئاً عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم.

سواء أنت أو رحمة العاملي. في انتظار جوابكما.

ص: 191

فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الرابعة والنصف صباحاً:

أنا حاضر، وسأقوم بإفراد موضوع في الناسخ والمنسوخ، وإذا كان لديك أي شبهة علي ما نقلت فتفضل بها وسأرد عليها ثم متي قرأتها حتي ترد بمثل ما رددت!

وكتب (عبد الحسين البصري) أيضاً بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

تم رفعه لأهميته ولمناسبة الحديث عن التحريف. وللبحث والمدارسة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً:

الأخ محمد إبراهيم:

مهما فسرت الناسخ والمنسوخ، فإن عدداًَ من الروايات الصحيحة عندكم صرحت بأن هذه الآية لم تنسخ..

وقد لاحظت في آية عائشة التي أكلتها السخلة أنها أصرت علي أنها من القرآن ولم تنسخ حتي توفي النبي صلي الله عليه وآله.. فهل نزل الوحي بعده عليها ونسخها؟!!

ولو تنازلنا عن كل هذه الآيات التي زعمت صحاحكم أنها حذفت من القرآن.. فإن رواياتكم الصحيحة والموثقة تصرح بأن القرآن الفعلي ناقص كثيراً، وأنه لا يبلغ نصف القرآن المنزل!

وإن شئت أتيت لك بها!!

والمشكلة عندكم أن روايات التحريف صحيحة لا يمكنكم رد سندها!

بينما الروايات التي في مصادرنا ردها علماؤنا وضعفوها.

ص: 192

ومهما يكن، فإن (مشكلة) القول بتحريف القرآن مشكلة نظرية صرفة، وليست عملية، لا عندنا ولا عندكم، والحمد لله.

والمشكلة الحقيقية أن بعضكم طبّل في روايات مصادرنا وزمّر، لكي يدلس علي المسلمين بأن الشيعة يقولون بالتحريف!

بينما أغمض عينيه عن روايات أشد منها وأخطر، في مصادركم!!

وكتب (المفيد) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

وفقكم الله يا أخوان، أين الناسخ والمنسوخ مما ذكر؟!

رمتني بدائها وانسلت.

وكتب (JaCKoN) بتاريخ 26 - 1 - 2000، الرابعة والنصف صباحاً:

السيد عبد الحسين البصري المحترم:

لا يليق بأمثالك ومن بعلمك أن يورد آيات منسوخة ثم يدعي أنها زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي الحالي.

فمن غير المعقول أنك لم تسمع بالنسخ أو الآيات المنسوخة في حياتك.. أليس هذا غريباً؟

أما إذا كنت تناسيت فهذا أمر آخر.. فإن موضوع حذف الآيات التي ذكرتها يطرح مسألة النسخ بإلحاح؟؟

لكن مقالتك لا ترقي إلا أن تكون كلام للتهييج.. ولكونها تافهة من جذورها..

فأنت لم تكلف نفسك عناء الرد علي من ادعي أنها آيات منسوخة لتكسب إطراء الجهلاء بالناسخ والمنسوخ وأحكام الآيات بالمنتدي، وما أكثرهم.

ص: 193

فهل تريد أن تقول بالتحريف؟؟؟ كمن وصم به القرآن قبلك لكي يعيب أئمة الجور؟؟؟

فهل نزل مليكنا عبد الحسين إلي رعيته... وتفضل مشكوراً بتلاوة أحكام النسخ وأنواعه؟

وهل تدخل هذه الآيات ضمنها، أم لا؟ وبالله التوفيق..

فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 26 - 1 - 2000، الخامسة صباحاً:

الزميل JaCKoN: هناك قاعدة تقول البينة علي من ادعي.

أبِن يا زميلي العزيز.. إن كانت ناسخة قبل أن تصفها بالتفاهات؟!

فإن ما تتهموا به الشيعة هي التفاهات، لا عليك، ربما ما تفوهت به من أثر الصدمة.

لكن أذكرك ونفسي بالتزام الأخلاق وآداب الحوار. إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

أبن أين الناسخ والمنسوخ؟! وسأدخل معك في حوار لتري من هو الجاهل بهما.

وانتهي الموضوع بهروب محمد ابراهيم وجاكون!

وكتب (الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 25 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ماذا يعني نسخ التلاوة؟!)، قال فيه:

من النسخ في القرآن نسخ التلاوة بأن تسقط آية من القرآن الحكيم، كانت تقرأ وكانت ذات حكم تشريعي ثم نسيت ومحيت عن صفحة الوجود، لكن حكمها مستمر غير منسوخ وهذا المعني مرفوض عند الشيعة الإمامية، ويقول بهذا النوع من النسخ أكثر أهل السنة ومن هذه الآيات المزعومة النسخ

ص: 194

المذكور: آية الرجم.

فقد ذكر ابن حزم الأندلسي بهذا الشأن: أن من لا يري الرجم أصلاً فقول مرغوب عنه، لأنه خلاف الثابت عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد كان نزل به قرآن ولكنه نسخ لفظه وبقي حكمه.

ثم يروي عن سفيان عن عاصم عن زر، قال: قال لي أبي بن كعب كم تعدون سورة الأحزاب؟

قلت: إما ثلاثاً وسبعين آية أو أربعاً وسبعين آية.

قال إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها. وإن كان فيها لآية الرجم.

قلت: أبا المنذر وما آية الرجم؟

قال: إ ذا زني الشيخ والشيخة فارجموهما البتة وكان من الله عزيز حكيم.

وقد تسأل: أن هذا القول لا يلزم منه التحريف؟

والجواب: أن النسخ إما أن يكون عن النبي (صلی الله علیه و آله) فيحتاج إلي إثبات، وقد اتفق العلماء أجمع علي عدم جواز نسخ الكتاب بخبر واحد، كالشافعي وأصحابه وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وعلي ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلي النبي (صلی الله علیه و آله) بأخبار هؤلاء الرواة، وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي (صلی الله علیه و آله) فهو عين القول بالتحريف، فإن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة، لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة، سواء نسخ الحكم أم لم ينسخ، بل تردد الأصول منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته، وفي جواز أن يمسه المحدث واختار بعضهم عدم الجواز.

فحكم عقلك، ولا تتبع الآخرين في أمور الدين. هداك الله إلي سبيل الرشاد.

ص: 195

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

لما وجد علماء الخلافة القرشية روايات في صحاحهم عن خلفائهم تقول بتحريف القرآن.. ووجود الزيادة والنقص فيه.. حاولوا أن يستروا عليهم بابتداع مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان.

مثل نزول القرآن من عند الله تعالي علي سبعة أشكال (الأحرف السبعة).. وقد أجاب الأئمة من أهل البيت عليهم السلام بأن القرآن واحد نزل من عند الواحد علي نبي واحد!

ومن بدعهم في ذلك القول ب- (نسخ التلاوة) مع بقاء الحكم!!

ولكن هذه البدع لم تحل ولن تحل مشكلتهم!!

لأن عائشة مثلاً تصرح كما في البخاري بأن آية الرضاعة التي أكلتها السخلة لم تنسخ!!

وكذلك توجد تصريحات عمر، وغيره!!

وكتب (الشطري) بتاريخ 25 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

الأخ العاملي المحترم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسنت كثير الإحسان، فقد أوضحت الحق بأحسن بيان زاد الله في توفيقاتك، وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 25 - 7 - 1999، العاشرة مساءً:

السلام عليكما: وجزاكما الله خير الجزاء. قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وانتهي الموضوع ولم يدخل المخالفون لنقاشه!

ص: 196

وكتب (جميل 50) في شبكة هجر بتاريخ 4 - 9 - 1999، الخامسة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (القول بنسخ التلاوة.. باطل) مستلٌّ من كتاب الدفاع عن القرآن للسيد محمد رضاء الجلالي حفظه الله، قال فيه:

وقد اعترض العلماء المحققون علي نسخ التلاوة بوجوه نلخصها:

الوجه الأول: أن نسخ التلاوة، مصطلح جديد، لم يعهد في التراث الإسلامي، ولم يجرِ علي لسان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ولا أي أحد من الصحابة أو التابعين.

ولا دليل علي ذلك من القرآن ولا السنة، لأن كلمة آية في قوله تعالي: ما ننسخ من آية أو ننسها.

لا تعني الآية القرآنية التي هي كلام الله، بل المراد المعاجز المودعة عند الأنبياء، والتي كانت معهم للدلالة علي رسالاتهم.

ثم إن ألفاظاً من قبيل: ذهب، أو سقط، أو رفع مما استعمل في أحاديث الآيات، ليست دالة إلا علي معانيها اللغوية، وهي تقتضي ثبوت هذه الآيات الخبرية، بعنوان النزول والآية والسورة، يعني أنها كانت قرآناً، ثم سقط أو رفع أو ذهب، فيثبت قرآنيتها، علي عكس ما يريد أصحاب نسخ التلاوة،

لأن ذلك يعني إثبات قرآنيتها قبل النسخ، وإذا لم تثبت شرعية النسخ فلا بد من الحكم ببقاء الآية علي قرآنيتها حتي يعلم بارتفاعها، ومع الشك تبقي علي حالها.

الوجه الثاني: أن القرآن كما أن أصله يحتاج إلي التواتر في إثباته كذلك نسخه يحتاج إلي تواتر برفعه، فهذه الأحاديث كما أنها لا تدل علي إثبات القرآنية، فليست كافية في نسخ التلاوة أيضاً.

ص: 197

فوجود الآية المنسوخة في بعض المصاحف لا أثر له في إثبات القرآنية المنسوخة، كما أن ما دل علي زيادة بعض ما في المصحف الكريم من السور، كالحمد والمعوذتين، علي ما نسبه أهل الحديث إلي ابن مسعود، وكذلك الكلمات والجمل، كما سبق ذكره، لا يمكن الإستناد إليه لنفيها، لأن ما ثبت بالتواتر القطعي، لا يرتفع بالحديث الظني.

الوجه الثالث: أن أهم اعتراض علي القول بالتحريف هو سقوط مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية، وفقدانها، وهذا يعني ذهاب أحكام ومعارف إلهية بقدر تلك الآيات، من دون أن يكون هناك ما يعوض عنها، لعدم التصريح في شئ من النصوص بالتعويض المذكور.

وهذا الإعتراض لا يندفع بالقول بنسخ التلاوة، حيث إن الأحاديث تدل كما أسلفنا علي سقوط مجموعة كبيرة من الآيات، وعدم وجود بديل عنها. وحتي لو كانت منسوخة التلاوة، ولم تكن فعلاً من القرآن، إلا أن المفروض نزولها وكونها سابقاً قرآناً ولا وجود لها ولا لبديلها.

لكن أين أحكامها ومعارفها؟

فنظرية (نسخ التلاوة) تتضمن الإعتراف بأن المحذوفات، كانت قرآناً. وإذا نسخ تلاوتها لم تنسخ أحكامها.. فأين أحكام تلك المجموعة المفقودة؟

فبهذا تتساوي النتيجة الخطيرة المترتبة علي القول بالتحريف الباطل، والمترتبة علي القول بنسخ التلاوة، من حيث فقدان مجموعة من الأحكام كانت في القرآن، فلا بد أن يكون النسخ المذكور أيضاً باطلاً.

الوجه الرابع: أن الآية المنسوخ تلاوتها، إذا فرض نزولها أولاً، وفرض بقاء حكمها أخيراً، كما يزعمون في آية الرجم. المحلي لابن حزم 11/235، وآية

ص: 198

الرضاع. المحلي 10/14و16، وآية صيام ثلاثة أيام أصول السرخسي: 2/80، فما هي الحكمة في رفع تلاوتها؟

مع أن الهدف من نزول الآية هو الحكم، والمفروض أن النزول قد تحقق، والحكم باقٍِ.

فليس هناك أي معني في (رفع التلاوة) المزعوم.

وقد عبر بعضهم عن هذا الإعتراض بأن القرآن يقصد منه إفادة الحكم، فما هي المصلحة في رفع آية منه مع بقاء حكمها؟

إن ذلك غير مفهوم، وأري أنه ليس ما يدعو إلي القول به.

ونقل الشيخ علي حسن العريض مفتش الوعظ بالأزهر الشريف بالقاهرة في كتابه فتح المنان في نسخ القرآن ص 223 - 230:

إن الحق أن هذا النوع من النسخ (نسخ التلاوة) غير جائز، لأن الآثار التي اعتمدوا عليها لا تنهض دليلاً لهم، ولأنه يفتح ثغرة للطاعنين في كتاب الله تعالي من أعداء الإسلام الذين يتربصون به الدوائر، وينتهزون الفرصة لهدمه، وتشكيك الناس فيه.

الوجه الخامس: أن النصوص المذكورة بما أنها كانت قرآناً، قد عبروا عنها بقولهم: كتبت في المصحف، وكنا نقرأ، ونزلت، وكان في المصحف...

فهذه تقتضي وجودها سابقاً في القرآن، وكونها قرآناً منزلاً، وكذلك تعبيرهم عنها بأنها رفعت، وأسقطت، ونسيت، وأخفي من المصحف، أو ذهب منه، وما أشبه ذلك، كله يدل علي الرفع بعد الوجود في المصحف. وبقطع النظر عن مجهولية الشخص الرافع والمسقط، حيث لم نجد في مورد واحد نسبة الرفع إلي الله تعالي أو النبي صلي الله عليه وآله وسلم، حتي يعتبر الحديث بذلك مسنداً متصلاً

ص: 199

بالشارع فيكون حجة، فليس شئ من الأمرين، ثبوت القرآنية ورفعها مبتنياً علي دليل شرعي.

ومع كل هذا فلو فرضنا أن الحديث يكفي لإثبات القرآنية علي مباني السلفية فوجود الآية في القرآن يقتضي أموراً ثلاثة:

1 - القرآنية وكونها كلام الله المنزل للإعجاز.

2 - والتلاوة ودخولها في المصحف.

3 - والحكم الشرعي المدلول بها.

ونسخ التلاوة يقتضي رفع الثاني فقط، مع بقاء الأول والثالث. أما الأول وهو القرآنية فتبقي غير منكرة، فهل يعتقد القائلون بنسخ التلاوة بقرآنيتها،كما هو ظاهر الأحاديث الدالة بالفرض علي كونها سابقاً آيات بنصوصها المروية؟! مع بعدها عن روح القرآن ونفس كلام الله، ولا تقرب من روعته ولا بيانه ولا بلاغته ولا إعجازه، فكيف يعتقد أنها كانت قرآناً؟!

ثم هي أخبار آحاد لا يثبت بها قرآن، حتي لو كان منسوخ التلاوة، لأن نسخ التلاوة فرع كونه قرآناً سابقاً، ولا يثبت بهذه الأخبار، كما سبق.

الوجه الأخير:

قال ابن الخطيب المصري في (الفرقان - 157):

أما ما يدعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه، ويقدر ما وهبه الله تعالي من نعمة العقل، إذ ما هي الحكمة في نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها؟

وما الحكمة في صدور قانون واجب التنفيذ، ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه؟

ص: 200

ثم أورد زعمهم أن آية (الشيخ والشيخة) من القرآن المنسوخ التلاوة، ويقول: لو كانت من القرآن لما أغفلها الصحابة رضوان الله تعالي عليهم، ولرواها السلف الصالح في مصاحفهم، ولو أراد عمر كتابتها ما استطاع منعه إنسان. وهكذا نجد أن اللجوء في حل مشكلة الأحاديث المحتوية علي الآيات المزعومة إلي نسخ التلاوة لا يجدي شيئاً، لبطلانه وتفاهته، وعدم مقبوليته، عند علماء أهل السنة والشيعة. لاحظ كتاب الهدي إلي دين المصطفي للبلاغي: 1/336. لكن المتعصبين للحديث من السلفية، يصرون علي قبوله، بل وينسبونه إلي الشيعة الذين هم نفاة التحريف! فيقول أحدهم: إن السيد الشريف المرتضي لما كان ينكر التحريف رأيناه يقر بنسخ التلاوة.

ففي كتابه الذريعة: 1/428، قال: فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دونه، ثم تكلم عن ذلك. انتهي نقل السلفي.

لكنه، بتر كلام السيد المرتضي في ذلك الفصل ولم ينقله بنصه وتمامه، ولو نقله كله لوجده يصرح بضد ما ادعاه السلفي من الإقرار بنسخ التلاوة! فإن السيد المرتضي قال: ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به، لأنه من جهة خبر الآحاد، وهو ما روي أن من جملة القرآن: والشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة، فنسخت تلاوة ذلك. الذريعة: 1/249.

هذا كلام المرتضي عن نسخ التلاوة، ومن المعلوم أنه لم يلتزم ولم يقر به، بل صرح بعدم القطع به لكونه مروياً بطرق الآحاد، التي لا توجب علماً ولا عملاً عنده وعند كل الشيعة، فلا يقطع بقرآنية: (الشيخ والشيخة...) والحكم بالنسخ فرع القطع بالقرآنية.

ص: 201

لكن السلفي قطع أوصال كلامه ليستفيد من بعضه كما هو دأب السلفية مع النصوص التي ينقلونها عن مصادر الشيعة فهم غير مأمونين في ذلك إطلاقاً! والسلفية وأهل الحديث من العامة، الذين يقطعون بالقرآنية، ثم يحكمون بنسخ التلاوة عما كان قرآناً!!

ولو فرضنا تنازلاً بصحة نسخ التلاوة كما ينسبه السلفية إلي المرتضي وإلي الفيض الكاشاني أو غيرهما، فهلاّ حملوا جميع ما ورد عند المسلمين من الأحاديث المحتملة، علي نسخ التلاوة، ولم يهاجموا الطوائف الأخري بالتحريف! كما صنعوا مع الأحاديث التي عندهم، حتي يسلم القرآن من هذه التهمة!

لو كنتم أيها السلفية تحبون الله ورسوله والقرآن والإسلام وعزة المسلمين؟

لكن السلفية من العامة يرون أن نسخ التلاوة حل خاص بأحاديثهم المروية في كتبهم، دون الأحاديث المروية في كتب المسلمين من الطوائف الأخري، فهم يحتكرون هذا الحل لأنفسهم! بقطع النظر عن بطلانه بالوجوه السابقة! ورفض العلماء له، وعدم وجود أصل عقلي يلزمه، ولا دليل شرعي يثبته.

ثم هم لا يقبلون حل التأويل، الذي يتفق عليه سائر المسلمين، مع أن حل التأويل له أصل إسلامي تحدث عنه القرآن والحديث النبوي وقبله الأئمة والعلماء والمحققون كما سبق.

فانظر أيها الأخ المسلم إلي هذا التعنّت السلفي، وإلي هذا الإحتكار، وإلي هذا الإستبداد؟

ثم كتب (جميل) بتاريخ 6 - 9 - 1999، السابعة مساءً: مخاطباً المدعو (شعاع)، عطفاً علي بحث سابق:

ص: 202

زيادة علي ما تذكرون أن الكاشاني والمرتضي.. فاقرأ ما يقوله شيخ الطائفة في النسخ.

يقول في تفسيره:

لا يخلو النسخ في القرآن الكريم من ثلاثة أقسام:

أحدهما: ما نسخ حكمه دون لفظه..

والثاني: ما نسخ لفظه دون حكمه، كآية الرجم فإن وجوب الرجم علي المحصنة لا خلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف، وهي قوله (والشيخ والشيخة إذا زنيا...).

والثالث: ما نسخ لفظه وحكمه، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة، أنه كان فيما أنزل الله عشر رضعات. التبيان في تفسير القرآن - الطوسي 1/13.

وفي موضع آخر يدافع عن نسخ التلاوة ويرد علي المنكرين له:

وقد أنكر قوم جواز نسخ القرآن وفيما ذكرناه دليل علي بطلان قولهم، وجاءت أخبار متظافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها. نفس المصدر: 1/394، نقلاً عن موسوعة الشيعة.

فهاهم علمائكم يقولون بنسخ التلاوة ويؤكد أنه لا خلاف في المسألة..

أما ما يخص السلفية، فهناك فرق بين من يطعن في القرآن الموجود بين أيدينا، والذي أجمع عليه الصحابة والمسلمون إلي عصرنا الحاضر ويقول: أن الآية كانت كذا ثم حرفت أو بدلت.

وهذا هو الموجود في كتبكم: والقائلين بهذا كفرهم أهل السنة وسائر المسلمين غير الرافضة.

ص: 203

أقول: وبين من يقول بأن الآية نسخها الله.. فإن من قال بالنسخ من أهل السنة مجمعون علي أن القرآن الذي بين أيدينا هو ما نزله الله لا نقص فيه ولا زيادة ولا تبديل، وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله. فأين الطعن في كتاب الله في هذا القول..

وكتب (محمد العلي) بتاريخ 7 - 9 - 1999، الواحدة ظهراً:

مع أني أستنكر كل كلام من هذا القبيل يعرض القرآن للتشكيك، وأعتبر الذي يثير هكذا بحوث، إما متعمداً إلي الإثارة ضد القرآن؟!! أو جاهلاً يحسب أنه يحسن صنعاً؟! ويعتبر عمله دفاعاً عن القرآن وهو يعرضه للشك والريب؟!

ولو كان القرآن عزيزاً عليه، لسكت عن مثل هذا الكلام حوله!

لا أن يحاول إثبات وجود التشكيك فيه، ولو بنسبة ذلك إلي غيره ممن يعارضه في مذهبه؟؟!!

ولو كان محباًّ للقرآن لم يلجأ إلي هذه الطريقة لإبطال مذهب الخصم، بأن يعرض أقدس نص عنده للشك؟!!

فمثله كمثل من يريد ضرب عدوه فيرميه بأعز ما يملك فيعرضه للتلف؟؟!

مع أن الخصوم ينكرون بشدة ما ينسب إليهم من الكلام الباطل حول القرآن! ويستنكرون نسبة ذلك إليهم.

فمع ذلك يصر هذا الشعاع وأمثاله من السلفية الوهابية أن ينسبوا إليهم ذلك؟!

فهل العاقل يعتبر هذا دفاعاً عن القرآن؟ أم هو في الحقيقة عداءٌ صارخ للقرآن؟؟

ص: 204

ولو كانت أمُّ أحدهم معرضة للقذف بباطل.. وكان المتهم منكراً للقذف.. ويأتي بالأدلة علي براءة أمه.. فهل كان يحاول أن يكذب المتهم! ويستخرج الأدلة والشواهد علي صدق التهمة لأن المتهم عدوه؟؟

فليكن القرآن أعز عليكم من الأمهات والآباء؟

ثم هو يعلم أن الخصم لا يسكت له وأنه ليس عاجزاً عن الكلام!

ويعلم أنه سيقول له: أن كتبكم الصحاح، التي تعتبرونها أصح الكتب ولا تناقشون بل لا تسمحون لأحد أن يناقش فيما ورد فيها! هي مليئة بروايات الآيات الساقطة من القرآن المنزل؟!

فكأنه بالتحرش به يريد أن يسمع العالم مثل هذا الكلام!! وهذا الكلام نفسه تعريض آخر للقرآن إلي الشك!!

وإن قال: أنا أنكر كون ذلك تحريفاً!

قال له الخصم: كما ننكر كون ما عندنا تحريفاً!

فإن قال: صرح منكم بعض بكلمة التحريف؟!

قال له: وهل الكلام في الأسماء.. أم في واقع الأمر الذي هو سقوط ما كان قرآناً وعدم وجوده في هذا الذي بين أيدينا.. وهو ما تدعونه بنسخ التلاوة؟

وقبل أن يصل البحث إلي النسخ: فهل - بالله عليكم - ليس هذا الحوار إهانة للقرآن وتعريضاً له للريب، وهو لا ريب فيه؟!!

ثم دعوي نسخ التلاوة، ورفع القرآنية من نص كان قرآناً فترة من الزمان لا توجب تفريغ الكلام المنزل من البلاغة والفصاحة التي كانت عليها الآيات!

فبالله عليكم هل تجدون في شئ مما تقولون بنسخ تلاوته أقل ما يلزم من ذلك في أدني كلام عربي؟؟

ص: 205

ثم النسخ لا بد عليه من دليل، والدليل هنا لا بد أن يكون إما من كلام الله تعالي، أو من كلام الرسول (صلی الله علیه و آله)، كما اعترف بذلك شعاع لما ادعي فقال: " أقول وبين من يقول بأن الآية نسخها الله.. وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله ".

ولكن هو يعلم وكل الذين ادعوا والتجأوا إلي نسخ التلاوة أنه:

أولاً: ليس في كلام الله ما يدل علي نسخ التلاوة أصلاً، كما لم يستدل أحد من علمائه علي نسخ التلاوة إطلاقاً! فهذا تقوّل خطير علي الله قام به هذا الشعاع!

وهكذا ليس في الحديث الشريف ما يروي مرفوعاً إلي النبي (صلی الله علیه و آله) يدل علي مزعومة نسخ التلاوة!! ولم يذكر أحد نسبته إلي الرسول!! وهذا تقول من شعاع علي الرسول (صلی الله علیه و آله)!

فهل يعرف شعاع حكم من تقول علي الله ورسوله، أمراً؟

ثم إن كلامه متناقض، فاسمعه يقول: " أقول: فإن من قال بالنسخ من أهل السنة مجمعون علي أن القرآن الذي بين أيدينا هو ما نزله الله لا نقص فيه ولا زيادة ولا تبديل ".

ولا يفهم أن القول بالنسخ هو عين التحريف، عند خصومه.

فكيف يجمع بين القول (بالنسخ) والإجماع علي (عدم نقصه وزيادته وتبديله)؟؟

ثم إن المسلمين أيضاً مجمعون علي عدم تحريف القرآن وعدم زيادته وعدم تبديله، ويقولون عن الكلمات المنقولة عنهم أنها (تأويل)، فإذا كان (النسخ) مخلصاً لكم عن التحريف فليكن (التأويل) كذلك، وإلا فاحكموا علي كل ما يتضمن شبهة ذلك بالبطلان، فإنه من أحاديث الآحاد التي لا يمكن أن تقف في

ص: 206

مواجهة القرآن المبني علي التواتر والعلم واليقين وعدم الريب فيه، وهذه الأخبار موجبة للريب؟؟ حتي لو وردت في أصح الصحاح؟؟!!

وإذا كان أهل السنة أجمعوا علي سلامة القرآن حسب دعواهم، فالشيعة مجمعون علي سلامة القرآن بأقوي شكل. وإذا كان إجماعكم حجة فإجماعهم حجة.

وكما تدعون أن القول بالنسخ لا يضر، فالقول بالتأويل لا يضر.

وإلا، كيف باءكم تجر! وباؤهم لا تجر؟؟ والعجب أن كلاًّ من الشيعة والسنة يقولونه في بحوثهم. فأين الطعن في كتاب الله في هذا القول؟؟ ومع هذا يتقاذفون الإتهامات؟؟!!

إنه والله الجهل والعصبية المقيتة وحب الذات.. واتخاذ القرآن سبيلاً للوصول إلي الأغراض الدنيئة من المقام والوجاهة عند الملوك والأمراء والأعيان، والذين اتخذوهم أرباباً من دون الله؟!!

والذين يستأكلون الأموال بهذه الأعمال، والله تعالي يقول: ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً..

فكفوا يا أعراب.. عن القرآن الذي أي مسلم في شرق الأرض وغربها من شيعي وغيره، لا يشك في كونه كلام الله من أوله إلي آخره لا ريب فيه.. ولا زيادة فيه ولا نقص فيه. وكتب السيد.

فكتب (شعاع) بتاريخ 7 - 9 - 1999، الثانية والربع ليلاً:

محمد العلي: وجه هذا الكلام الذي ذكرته لشيخ الطائفة وغيره من علمائكم الذين ينكرون التحريف ويثبتون النسخ..

ص: 207

لماذا تهاجمني وتهاجم أهل السنة ولا تهاجم شيخ الطائفة.. انظر ما نقلته عنه.. فإنه كان ينكر التحريف حسب زعمكم.. ولكنه يثبت نسخ التلاوة.. ويقول لا خلاف في ذلك..

فيا تري لماذا كل هذا الهجوم علي أهل السنة؟

إنكم والله لما رأيتم كتبكم تغص بروايات التحريف قلتم لنبحث في كتب غيرنا حتي يكونون مثلنا حسداًً من عند أنفسكم.. مع أن الفرق بين النسخ والتحريف قد أقره كثير من علمائكم الذين ينكرون التحريف.. وأنت وبقية الرافضة تقومون بذلك كما يقوم بعض بني جلدتك بالتفريق بين أهل السنة والسلفية أو الوهابية.

وأنتم تفعلون ذلك لأن أهل السنة كفروكم من عهد الأئمة الأربعة حتي العصر الحديث وترغبون أن نكون من أمثالكم!!!!!

نعم.. أشباه الرجال ولا رجال، حلوم أطفال عقول ربات الحجال.

فكتب (عقيل) بتاريخ 7 - 9 - 1999، التاسعة والنصف صباحاً:

لقد سبق لنا أن ذكرنا لك: لم يكفرنا أحد وخصوصاً في العصر الحديث.

فالأزهر يعتبر الإثني عشرية المذهب الخامس. وكافة علماء السعودية يصرحون بإسلامهم، ولا يعترضون علي دخولهم مكة والمدينة.

وكتب (محمد العلي) بتاريخ 7 - 9 - 1999، العاشرة والربع صباحاًَ:

الحمد لله الذي وفقك هذه المرة للإعتراف بأن شيخ الطائفة - وهو الإمام محمد بن الحسن الطوسي المتوفي عام 460 ه- - وهو صاحب التفسير العظيم: التبيان في تفسير القرآن - وغيره من علمائنا ينكرون التحريف.

ص: 208

وأما إثباتهم للنسخ، فنعم. قد جاء ذكره في تفاسيرهم، كما جاء ذكر كثير من الأقوال والآثار التفسيرية المنقولة عن عكرمة وقتادة و و و و و... ممن يعتمد عليهم الآخرون، ولا وزن لها عند الشيعة.

والهدف من إيرادها ليس بمعني القبول لها، وإنما عرضها علي العقلاء إلي جنب القول الصحيح، ليختاروا بكل حرية ما يرونه صحيحاً موافقاً للمنطق الحر السليم.

وقد أشير إلي وجه ذكر أصحابنا لنسخ التلاوة في أصل الكلام المنقول في مبدأ النقاش، ويبدو أنك لم تفهمه، أو لم تلتفت إليه لأنك.. صاحب حاجة لا تري إلا قضاها..

فلا بد من توضيحه لك:

إن علمائنا الكرام رضي الله عنهم يهدفون في أعمالهم - خاصة القرآنية - إلي أمرين مهمين:

الأول:

الدفاع عن الحق، بدفع الشبه عن الإسلام ومصادره، في مواجهة اليهود والنصاري والخارجين عن الملة الحنيفية، فهم ينفون كل أشكال التحريف عن القرآن الشريف ويؤكدون علي أن المسلمين كلهم كذلك ينفون التحريف، كيلا يستدل الكفار بالروايات التي يتشبث بها المغرضون للتحريف،

فهم يردونها - جملة واحدة - بأنها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فلا حجية لها، سواء كانت عند العامة السنة أو عند الخاصة الشيعة؟؟!!

فاقرأ كلام الشيخ الطوسي بكامله في بداية التفسير. إن كنت قارئاً!

ص: 209

ولكن حيث أن العامة من أهل السنة ولشدة حبهم للروايات الواردة في الصحيحين - علي الأقل - يرونها حجة قاطعة ولا يتنازلون عن حجيتها ولا عن دلالاتها الظاهرة في سقوط آيات قرآنية منزلة وعدم وجودها في المصحف الشريف؟!!

وهو عبارة عن التحريف لأول نظرة، فدفعاً لذلك لجأوا إلي القول بنسخ التلاوة، فإن علماء الشيعة قبلوا منهم هذا العذر، ليسكتوا الكفار عن التهجم علي القرآن، بنسبته إلي تلك الروايات..

فيقول أحدهم: إن روايات أهل السنة تدل علي التحريف!

فالجواب أن تلك الروايات هي عند القائلين بحجيتها من باب نسخ التلاوة، فلا قائل بالتحريف بين المسلمين.

وبهذا يتحقق الذي يريده علماء الشيعة من إثبات إجماع المسلمين علي نفي التحريف عن القرآن الشريف.

فالجواب عن تهمة التحريف علي أساس تلك الروايات، يتكون من ثلاثة أمور:

1 - الرد لجميع تلك الروايات بأنها أخبار آحاد لا حجية لها، وباطلة لأنها تمس كرامة القرآن، وما كان كذلك فهو مردود ومطروح يضرب به عرض الجدار.

2 - الحمل الشيعي لرواياتهم علي التأويل.

3 - الحمل السني لرواياتهم علي نسخ التلاوة.

وهنا يكمن الفرق الذي خفي عليك.. بين شيخ الطائفة وسائر علمائنا، وبينكم؟!

ص: 210

فإنكم تحجرون القرآن لأنفسكم وتقولون أن الجواب هو نسخ التلاوة، ولا جواب غيره، وتتهمون الآخرين بالتحريف، ولا تقبلون عذرهم في رواياتهم بحملها علي التأويل.

ويأتي جاهل فيقول لكم: أنتم أهل التحريف بسبب هذه الروايات؟

وهذا الإتهام المتبادل يكون حجة للمسيحي.. وهو الذي يفسح المجال له أن يتطاول علي القرآن، ويقول: إن المسلمين مختلفون فيما بينهم في القرآن، ويتهم بعضهم بعضاً بالقول بتحريفه!!

ويقول لكم: كلكم أهل التحريف؟!!

بينما شيخ الطائفة وسائر العلماء الكرام - وباعترافك!! – ينفون التحريف، سداًَّ لهذه الذريعة كي لا يتشبث بها الكفار، ضد القرآن.

فإثباتهم لنسخ التلاوة ليس بمعني القبول لها بقدر ما هو للتوصل إلي إثبات إجماع المسلمين علي نفي التحريف بالإجماع المركب من التأويل أو نسخ التلاوة.

وهل وجدت في كلام شيخ الطائفة رداًّ علي التأويل ونفياً له؟؟؟

كلاّ، بل لو قرأته لوجدت فيه الإعتماد علي التأويل بشكل أساسي.

فإنما ذكر نسخ التلاوة، لهذا الوجه وللدفاع عن القرآن لإثبات أنه لا يوجد بين المسلمين من يقول بالتحريف وإنما كل طائفة تنفي التحريف بالطريقة الخاصة بهم.

ولكنك والسلفية الوهابية معك لا تفكرون إلا بضرب الشيعة واتهامهم بالتحريف حتي لو عرضتم القرآن الكريم إلي التشكيك والريب.

ص: 211

ولا تقبلون منهم أي تخريج أو عذر أو تأويل، وهم ينادون بأعلي أصواتهم بنفي التحريف ويؤلفون علي ذلك الكتب والمقالات.

وأنتم تقولون: لا. لا. لا؟ إلاّ.. التحريف!!

وتحاولون أن تجدوا أقوالاً من هنا وهناك، يثبت مرادكم ويفيد مرامكم!!

فمن هذا الذي يعجبه أن يكون جماعة من المسلمين قائلين بالتحريف؟؟ ومن هو الذي يؤكد بكل وسيلة وبكل طريقة أن يجد قرآناً فيه سورة زائدة؟؟ ليكون وسيلة لتكفيرهم!!!

ومن يفتعل كلمات باسم السور وينسبها إلي الشيعة ويفرح، بتصوره أنه ضربة للشيعة بينما هو يضرب القرآن؟؟؟

إن علماءنا الكرام أبوا الإنصياع لهذه الإستفزازات، بل قاموا بالدفاع عن القرآن وصد الكفار عنه، كما شرحنا.. وحسبكم هذا التفاوت بيننا.

الهدف الثاني لعلمائنا في أعمالهم العلمية والقرآنية:

هو التأليف بين قلوب أهل الإسلام، ومحاولة جمعهم علي كلمة واحدة هي كلمة التقوي، والسعي في التأليف بين عقولهم وأفكارهم، في جميع العلوم، فهم ألفوا كتب الفقه المقارن الذي ظهرت في العصر الحاضر فوائده الواضحة، بينما علماء الشيعة لهم كتب فيه منذ القرن الرابع والخامس وحتي اليوم.

فهم لا يهابون من نفل آراء المخالفين لهم في المذاهب المختلفة، وقد ألفوا في فقه الخلاف كتباً عديدة، بينما أهمل جهلة العامة فقه الشيعة بل لا يزيدون علي أنه لا فقه لهم!!

وكذلك يدأب علماؤنا علي قراءة كتب المخالفين من دون حرج أو فزع أو خوف ويتداولونها ويستفيدون من الطيب منها، كما يناقشون فيها، ثم يلفظون

ص: 212

الخبيث والردي منها، وهذا من أهم مرجحات مذهب الشيعة، أن جميع ما عند أهل السنة موجود عندهم، فهم لا يعادون الكتب والعلم، بل يستنفذون الوسع في المراجعة والبحث في كتب العامة للوقوف علي ما يفيد، وينقلون منها ويستفيدون مما فيها من خير.

فهم لا ينظرون إلي من قال، وإنما ينظرون إلي ما يقال.

وأنت - يا شعاع - تعيب هذا وتقول: " قلتم: لنبحث في كتب غيرنا "؟؟؟

نعم، نبحث ونبحث، كما كان علماؤنا الأبرار يبحثون، حتي نستفيد ونتم الحجة لأنفسنا وعلي غيرنا.

لا كأنتم، حيث تحجرون علي أنفسكم.. ولا ترون أبعد من محط أقدامكم، ولا تقرؤون آراء الآخرين.

بل يؤلف أحدكم: " كتب حذر العلماء منها " يزعم أنها كتب ضلال.

ولكن لا تعلمون أنكم كلما منعتم الناس عن معرفة الحقيقة، فإنها لا بد أن تنكشف، ويكون الناس أحرص علي تحصيلها، لأنهم يعلمون أنكم لا تمنعون إلا ما فيه خير وهدي.

وأنتم إذا حاولتم أن تقرؤوا شيئاً فإنما بنوايا خبيثة وبنظرات حقد.. وهذا لا يفيدكم من العلم شيئاً، لأن العلم نور ومن يطلبه لقضاء حاجة هو أعمي لا يري النور.

وأما الفرق بين النسخ والتحريف فهو أمر واضح، كما أن الفرق بين التأويل والتحريف أيضاً واضح.

ص: 213

ولكنكم لماذا تتهمون أهل التأويل بالتحريف؟ ولا تقبلون عذرهم وتبطلونه؟ مع أن للتأويل أصلاً إسلامياً، فهو مذكور في القرآن الكريم في مواضع متعددة.

وهو مذكور في السنة النبوية الشريفة، كذلك، كما جاء في كتاب دفاع عن القرآن.

لكن نسخ التلاوة:

فقد ادعيت أنت ولم يسبقك في هذه الدعوي أحد فيما أعلم من العلماء، وقلت: " إن الآية نسخها الله " وقلت: " وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله ".

وطلبت منك: آية قرآنية، أو رواية مرفوعة إلي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فيه اسم (نسخ التلاوة)؟

فلماذا لم تأت به؟!

ولماذا ذهبت إلي بحث آخر؟ عن كلام شيخ الطائفة؟ وعن مسألة التكفير؟ و.. و.. و؟

أين قول الله بنسخ التلاوة؟؟ وأين الحديث المرفوع بنسخ التلاوة عن نفس الرسول (صلی الله علیه و آله)؟؟

هات؟؟ ولا تلفّ وْلا تْدُور؟؟

وأما التفريق بين أهل السنة الكرام من جانب، وبين السلفية والوهابية من جانب فلسنا نحن الذين نقوم به، بل إنما قام به الأعلام من أهل السنة أنفسهم، هم رعاهم الله، قاموا بهذا الواجب المهم.

أفما قرأت كتاب شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام للإمام الشافعي تقي الدين علي السبكي المعاصر لابن تيمية صاحب الدعوي (السلفية).

ص: 214

أوما قرأت كتاب فصل الخطاب في الرد علي بدع محمد بن عبد الوهاب وهو للإمام الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، أخ صاحب الدعوي (الوهابية).

فإن لم يكونا عندك فإني مستعد لإرسالهما بشكل ملفات علي بريدك، قربة إلي الله تعالي.

وأما مسألة التكفير:

فإن تكفير من يقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله أمر غير مقبول من قبل العلماء الأجلاء، ومن قام به فهو يبوء بإثمه.. ومن اعتدي فإنما يعتدي علي نفسه، حيث يفتح باب التكفير للمسلمين.

فمن يؤمنكم من هذا السلاح إذا شهر؟؟

ثم ما هي حجية كلام هؤلاء إذا لم يتقوا الله.. وبعد حديث: كيف تصنع بلا إله إلا الله..

الذي رواه مسلم في الإيمان:1/97، وهو في الجمع بين الصحيحين للحميدي: 1/392..

فلا علينا ضير من هؤلاء وكلامهم الباطل، فإنه لا يسوي عفطة عنز في سوق الحدادين!!

ثم ما بالك لو سمعت تكفير بعضكم لبعض؟

وهل سمعت أن منكم من كفر السلفية بالذات من أعاظم أهل السنة الكرام؟

فإن كنت لا تدري: فهاك من كتاب دفع شبه التشبيه للإمام الحصني الدمشقي المتوفي 829 ه-:

يقول في ابن تيمية:

ص: 215

زنديق مطلق (ص 125). زنديق حران (ص 131). أكفر ممن تمرد وجحد (ص 20).

زندقته بتجرئه علي الإفك علي العلماء (ص 189).

وحكم علي أقواله بما يلي:

كفر بيقين وزندقة محققة (ص 131). كفر صراح لا تردد فيه (ص 128). كفر محقق (ص 32). لا دين له يعتمد عليه (ص 188). مبتدع من زنادقة حران (ص 168). من أعظم الزائغين (ص 99).

وفي (ص 130) أثبت زيغ ابن تيمية وحزبه.

وهذا الأخير تشملك لعنته، فدافع بما شئت، بلعنه أو بسيف التكفير الذي رفعته.

وقديماً قيل: من حفر بئراً لأخيه وقع فيه؟!

وملفات هذا الكتاب أيضاً موجودة عندنا، لو شئت بعثتها إليك، لكن إحذر أن يطلع عليك أحد من أصحاب حسن مشهور، فإن هذا الكتاب من " الكتب التي حذر العلماء!!! منها!؟ ".

هل يعجبك هذا الأسلوب؟!

وأما رغبتنا أن تكونوا من أمثالنا: فنعم والله، نرغب أن تسكتوا عن القرآن، وهذا رجاؤنا منكم، أن الكلام عن القرآن وحي الله والمعجزة الإسلامية الخالدة التي تحتوي علي البراهين الساطعة والأدلة القاطعة، فهذا الأسلوب الذي تعتمدونه لضرب الشيعة.. حرام.. والله حرام.

لأن الحربة تصيب القرآن شئتم أم أبيتم؟!

ص: 216

نريد منكم ما أراد شيخ الطائفة وعلماؤنا رضي الله عنهم أن لا تفسحوا المجال لليهود والنصاري أن يستغلوا كلام بعضنا في بعض حول القرآن، فيتطاولوا عليه؟!

نريدكم أن تظهروا إجماع المسلمين علي سلامة القرآن كما فعل الإمام شيخ الطائفة الطوسي في القرن الخامس الهجري، وكما فعله الإمام رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق في الرد علي النصاري في القرن الرابع عشر؟؟

ولن نخضع لاستفزازاتكم، مهما تطاولتم علينا بالسب والقذف، فلن نضحي بالقرآن والإسلام ولو حرصتم.. فلا نجعله - كما أنتم تفعلون – عرضة لأيمانكم، تبتغون بذلك عرض هذه الدنيا، ورغبة في تنفيذ أوامر أسيادكم؟

ولا نرفع اليد عن هذا القرآن، والدعوة إلي سلامته مما يريبه، وندعوكم إلي مثل هذا، ولو أبيتم..

وأنتم.. يا شعاع.. ويا من تركبون السحاب المنقشع بعون الله، إرجعوا إلي أنسابكم وأحسابكم، إن كنتم عرباً كما تزعمون..

فلا تعرضوا هذا القرآن أكثر من هذا للهجمات.. وحافظوا عليه كما تحافظون علي أعراضكم إن كنتم صادقين..

وأخيراً: أحذرك يا شعاع من استعمال الألفاظ البذيئة في كلامك، فأنت تعلم أن من أسهل الأمور تكرارها وردها عليك بأضعاف أمثالها، ولكن نربأ بألسنتنا أن يكون مثل لسانك.

فأنت تقول: يا أشباه الرجال ولا رجال.. هل تعلم أن من السهل أن يرد عليك هذا الكلام..

لكن بتبديل الراء زاياً وتبديل الجيم ميماً؟ فكيف حالك، إذن؟

ص: 217

وأما ذكرك لربات الحجال: فوالله لربات الحجال أعقل منك وأفهم لكلام العلماء.. وإذا لم تصدق فانظر إلي كلام الآنسة المؤمنة شجرة الدر لتتعلم منها أدب الحوار، وأدب الكلام، وهي من بنات أهل السنة الكرام. وحينئذ تعرف أن أسلوبك لا يليق ولا بأبناء الشوارع.

ولهذا أطلب منك أن تتأدب في الحوار، فإن الساحة مفتوحة للجميع، ونحن نتكلم كمسلمين فلا يقولوا عنا إلا ما يليق بالإسلام، والسلام. وكتب السيد.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 7 - 9 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي شعاع..

لقد أجزل وأوفي الأخ الفاضل محمد العلي..

وكفاك تهرباً وفراراً.. لم أدعُك لكي تحيلني إلي كلام الشيخ الطوسي وغيره..

أجب علي بطلان النسخ بتصحيحه، وإلا فسوف يجرفك اليم وتبقي لدينا العصي لتبطل السحر والساحر؟!؟!؟!

فكتب (شعاع) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثانية والثلث ظهراً:

آسف.. نسيت الموضوع.. وجيد أنك يا جميل ذكرتني.. وسأرد علي كل نقطة بالتفصيل إن شاء الله خلال هذا الأسبوع..

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثامنة والنصف صباحاً:

عجل بما عندك، فقد أزف الترحل!!!!!!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، قريب التاسعة صباحاً:

الملاحظ هنا الكل يتكلم وكأنه عالم فقيه!

ص: 218

وأنا الصارم المسلول سلطت علي من ينكر القرآن ويجحده.

أيها الرافضة، ألم تقرؤوا قول الله تعالي: وما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها.

وبعد هذا تنفون النسخ بالقرآن!!

قد أجمع أهل العلم أن تحريف القرآن متواتر من الشيعة الأوائل وما نفيه اليوم إلا من باب التقية. والدليل: قول الصادق: التقية ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، التاسعة صباحاً:

إرجافك يعرب عن عدم قراءتك للمقال وتفصيلاته.. لكن ما من بأس.

إذا أنت عالم بالنسخ.. أجبني؟؟ متي خلط صحابي وادعي أن: الولد للفراش وللعاهر الحجر..

آية من القرآن.. ثم رد عليه الصحابة ذلك؟!

هل هنا من موارد النسخ المزعوم؟!! وكيف يمكن تطبيقه؟! رجاءً بلا لف ودوران!!

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، العاشرة صباحاً:

أيها الرافضي، لا تعبث بكلام الله، فالله قد بلغنا بذلك وأنتم الشيعة المعاصرة تنكرون النسخ.

أما الشيعة المتأخرة لا ينكرونه.. فيا لهذا التناقض؟؟

ثم إن الصحابة بشر يخطئون، فما لي وقول صحابي قد يكون الأمر التبس عليه!!

ص: 219

وإني سائلك هل أنت ممن يجحدون قول الله تعالي؟! أعتقد أن إجابتك النفي.

وسؤالي لك الآن: لما جحدت قول الله تعالي: وما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها؟؟؟ أجبني بالله عليك!

أم أنكم وجدتم أن القول بالنسخ فيه طعن علي الصحابة، ولكن هيهات إنكم تنكرون القرآن وتكفرون به بقولكم تحريفه!

والفرق بينكم وبين أصحاب الرسول أنهم مؤمنون بالقرآن، أما أنتم فأصحاب اليهود والنصاري.

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

ها قد دللت مرة أخري علي أنك.. لا تدري ما طحاها..

فقد أجبتني بخلاف ما أجاب به أعلامك؟!!!!!

وهل تدري من هذا الصحابي الذي خلط - كما هو استعراض الرواية - بين الآية والحديث؟!!!

وأما الآية فلسنا ننكرها، ولكن إقرأ الموضوع من رأس، لكي تتعرف علي ما يغنيك..

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الحادية عشرة وعشرين دقيقة صباحاً:

جميل 50: لكلامي معك بقيه، ولولا أني مضطر للخروج لأكملت.

ولك باختصار: إن النسخ يكون واقعاً علي الحكم والتلاوة، وللموضوع بقية. والسلام. انتهي.

قال (العاملي):

ص: 220

ولم تأتِ البقية، لا من المسلول ولا غيره!!

ص: 221

ص: 222

الفصل السابع: ظلم المذاهب السنية للبسملة ، ومحاولاتها إنكارها !

ص: 223

ص: 224

ظلم المذاهب السنية للبسملة ، ومحاولاتها إنكارها !

- كتب (فاتح) في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 4-2-2000 ، الحادية عشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان (سؤال إلى محمد إبراهيم) ، قال فيه :

هذا سؤال للإستفسار فقط : هل البسملة جزء من سورة الفاتحة ، أم لا ؟ وإذا كان الجواب بنعم ، لماذا لا تقرؤونها في صلواتكم ، حيث إني أرى الإخوة من السنة لا يفتتحون بالبسملة ؟!

- فكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 6-2-2000 ، 1 ا، التاسعة مساء : الزميل الكريم فاتح :

أعتذر عن التأخر في الرد على رسالتك الكريمة ، حيث أنه شغلتني بعض المشاغل الأسرية .

سأرد عليك الآن بشكل مختصر فيما أعرفه ، وسأورد لك الأدلة على كلامي لاحقاً حيث أنني مشغول بعدة محاورات مهمة جداً مع بعض الزملاء في هذا المنتدى وغيره، وإن شاء الله لن أتأخر عليك .

ص: 225

وإن حصل ونسيت أن أرد عليك وهذا ما يحصل عادة للأسف فأرجو أن تستمر بتذكيري .

البسملة جزء من سورة الفاتحة وتقرأ في الصلاة ، سواء كانت الصلاة جماعة أم مفردة ، كما أنه يقرؤها الإمام والمأموم .

ولكن في الصلوات الجهرية الفجر والمغرب والعشاء ، فإن الإمام يقرأ البسملة في السر وبعدها يقرأ سورة الفاتحة جهراً .

فكتب (فاتح) بتاريخ 8 - 2 - 2000 ، الحادية عشرة مساء : شكراً يا عزيزي محمد إبراهيم .

لكن أريد المصدر ، لأن كثير من الإخوة السنة الذين سألتهم لا يقرؤون البسملة ، وحين سألتهم كانوا يقولون إن أئمة جماعتنا لا تقرؤها ! فأريد مصادر من فقهكم السني تشير لذلك ، حيث أن الأخوة من أتباع أبي حنيفة .

وكتب (العسكري) بتاريخ 18 - 2 - 2000 ، الخامسة صباحاً :

سؤال بلا جواب - إلى محمد إبراهيم !!!

وكتب (فرات) بتاريخ 21 - 5 - 2000 ، السابعة والنصف مساءً ، موضوعاً بعنوان (البسملة ومشروعيتها في الصلاة) ، قال فيه :

من الأمور التي اختلفنا بها مع أبناء السنة هي مسألة البسملة .

ص: 226

فذهب مالك والأوزاعي إلى أنها ليست من القرآن الكريم ومنعا من قراءتها في الفرائض مطلقاً ، سواء كانت في افتتاح الحمد أم في افتتاح السورة بعد الحمد ، وسواء قرئت جهراً أم إخفاتاً .

أما أبو حنيفة الثوري وأتباعهما فقرؤوها في افتتاح أم الكتاب ، وأوجبوا إخفاتها حتى في الجهريات .

لكن الشافعي قرأها في الجهريات جهراً وفي الإخفاتيات إخفاتاً وعدها آية من فاتحة الكتاب .

وهذا قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وأبي عبيدة .

أما نحن معاشر الإمامية فقد أجمعنا تبعاً لأئمة الهدى على أنها آية تامة من المثاني ، ومن كل سورة من القرآن الكريم، وأن من تركها عمداً في الصلاة بطلت صلاته .

والأحاديث بذلك كثيرة ومتواترة بل أنكروا على من نفاها ...

كقول الإمام الصادق التالية : ما لهم ؟! عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله عز وجل فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها ، وهي ب- ، بسم الله الرحمن الرحيم !! وتوجد أيضاً حجج من طريق العامة وفي صحاحهم وهي كثيرة ، نذكر بعضها كي لا يطول بنا المقام :

1- عن ابن جريح ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ، قال : فاتحة الكتاب وهي : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين .. وقرأ السورة . فقلت لأبي : لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس أنه قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، آية ؟ قال : نعم .

ص: 227

وهذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك ، وأورده الذهبي في تلخيصه وصرحا بصحة إسناده .

وراجع تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير من المستدرك ، ومن تلخيصه للذهبي - ص 257.

2 - ما صح عن ابن عباس أيضاً قال : أن النبي (صلی الله علیه و آله) كان إذا أجاءه جبرائيل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم أنها سورة .

أخرجه الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه ص 231 من جزئه الأول .

- عن أم سلمة ، قالت : كان النبي له يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين إلى آخرها ، يقطعها حرفاً حرفاً .

أخرجه الحاكم في المستدرك ، وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحين بصحه راجع : 232/1 ، وغير ذلك الأحاديث . من ولا أعلم حجة للقوم في حذف البسملة إلا ما وصلنا من أنهم احتجوا بوجوه : أحدها : أنها لو كانت آية من الفاتحة للزم التكرار فيها بالرحمن الرحيم . ولو كانت جزءاً من سورة للزم تكرارها في القرآن الكريم مئة وثلاث عشر مرة .

ويرد على هذه الحجة : أن التكرار موجود في الكتاب الكريم ، وذلك اهتماماً ببعض الشؤون العظمى وتأكيداً لها ، وقد جاء التكرار في سورة الرحمن والمرسلات والكافرون .

وأي شئ أهم من بسم الله الرحمن الرحيم ؟! وهل بعثت الأنبياء والرسل وهبطت الملائكة ونزلت الكتب السماوية إلا ببسم الله الرحمن الرحيم .

ص: 228

ثانيها : ما جاء عن أبي هريرة مرفوعاً ، إذ قال : يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، نصفين، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين ، يقول الله تعالى: حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، يقول الله تعالى: أثنى علي عبدي .. إلخ . فلم يذكر البسملة .

والجواب أن هذا معارض بخبر ابن عباس مرفوعاً وفيه : قسمت الصلاة بيني عبدي، فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى : دعاني عبدي ... الحديث .. وهو طويل .

وشاهدنا فيه أنه قد اشتمل على البسملة .

هذا مع أن أبا هريرة نفسه .. روى عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان هو يجهر بها ويقول إني لأشبهكم صلاة برسول الله (صلی الله علیه و آله).

أخرجه الحاكم في المستدرك بعد حديث أم سلمة ، وأورده الذهبي مصرحين بصحته

ولا أدري بماذا يعتمد السنة في التشريع ، ويكون حجة بينهم وبين الله والحال هذي .

وهل يوجد عندهم أدلة أخرى غير التي ذكرناها ؟

يا حبذا لو نطلع على آرائهم في هذه الساحات المباركة ونستفيد ، والله ولي التوفيق .

وكتب (علي بن يقطين) في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 9-12- 1999 ، الحادية عشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان (إثبات أن قراءة البسملة كجزء من السورة) ، قال فيه :

ص: 229

مما قرره القرآن أن البسملة جزء من كل سورة تبتدئ بها ، فهي آية منها ... ولهذا جاءت في عرض سورة النمل : إنه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم، ولم تبلدى صورة براءة لأنها لم تكن آية منها .

أما قراءة البسملة وعدم قراءتها في الصلاة ، فقد وردت روايات ، منها ما يقرر قراءتها ، ومنها ما لا يقرر !

ومما يقرر كذلك أنها آية من آيات سورة الفاتحة السبع ، ما جاء : في القرآن نفسه ، في سورة الحجر آية 78 : (ولقد آتيناك سبعاً من

المثاني والقرآن العظيم) .

ومما في كتب السنة :

ما جاء في مستدرك الحاكم على صحيحي البخاري ومسلم ، في باب التفسير : 2/ 257 ونحوه في تلخيص الذهبي ، مؤكداً على صحة ذلك بسند معتمد عن ابن عباس (رضی الله عنه) عن النبي (صلی الله علیه و آله) :

(فاتحة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين .. إلى آخر السورة .

قال ابن جريح ، عن أبيه ، أنه قال لسعيد بن جبير (رضی الله عنه) قلت لأبي : لقد أخبرك سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : إن البسملة آية .. ؟ قال : نعم . وأما بالنسبة للسور الأخرى ، فإن البسملة آية لكل سورة) . فقد أخرج المستدرك المذكور بسند معتمد . أيضاً في كتاب الصلاة :) عن ابن عباس عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه كان إذا جاءه جبرائيل وقرأ البسملة علم أنها سورة ، وأنه (صلی الله علیه و آله) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل البسملة) .

ص: 230

وكذلك كان المسلمون (لاحظ ص 231 و 232 من الكتاب المذكور أعلاه) يقرأون بعد الفاتحة سورة تامة من ابتدائها بالبسملة حتى انتهائها .

كما ذكر ذلك فيمن ذكر الإمام الشافعي في مسنده ص13:

(وأن عبد الله بن عمر كان لا يدع البسملة !) .

ونحو ذلك ذكروا ...

إضافة إلى ما ذكره صاحب المستدرك :

(أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً كانوا لا يدعونها ، وكذلك أم سلمة وعائشة .. وأن النبي كان يقرؤها ..) . ونحوه ما جاء في المستدرك أيضاً : بسند عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أنه قال :

(صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فكانوا يقرؤونها و يجهرون بقراءتها ... إلخ) . مما لا يجعل أهمية لما ذكروا عن أنس من مجاملته لبني أمية على خلاف ذلك.

لقد جاء فيما جاء في المستدرك للحاكم وتلخيصه للذهبي عن أنس بن مالك نفسه :

(أن معاوية صلى في المدينة صلاة جهر فيها بالقراءة للبسملة في الفاتحة ، ولم يقرأ البسملة للسورة التي بعدها !

فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار : يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت .. ؟!

فلما صلى معاوية بعد ذلك قرأ البسملة للسورة التي بعد الفاتحة !!) .

ص: 231

ومما يذكر هنا ما ذكره الإمام الرازي في تفسيره : 106/1 :

(أن بني أمية بالغوا في المنع من الجهر بالبسملة سعياً في إبطال آثار علي بن أبي طالب (علیه السلام) في مبالغته في الجهر بها) .

وكان قد قال في ص 105.

(إن البيهقي في سننه روى الجهر بالبسملة عن عمر وابن عباس وابن عمر وابن الزبير - إلى قوله : وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ي- يجهر بها وقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى بدينه بعلي فقد اهتدى ، واتبع ذلك بقوله : والدليل على ذلك قول رسول الله (صلی الله علیه و آله) : اللهم أدر الحق معه حيث ما دار) .

إلى هذا الحد يكفي عزيزي القارئ اللبيب ...

ومما يذكر هنا مما حدث - وليس كطرفة - أن سوقياً حضر صلاة جماعة لأول مرة ، فلما انتهى الإمام من قراءة الفاتحة تحول رأساً إلى سورة من قصار السور بدون بسملة .

فناداه بلهجته الشعبية : ليش ماجبت بسم الله الرحمن الرحيم ، أتخاف بيها مكروب ، لا سمح الله ! وهذه القضية بقدر ما تدعو إلى الضحك تعرب عن إحساس حتى السوقي أو القروي البسيط ، أن البسملة لا يستساغ تركها ! هذا مع الإحترام للآخرين .

وكتب (المتعلم (في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 2-1-2000،

الثانية عشرة ظهراً ، موضوعاً بعنوان (البسملة جزء من كل سورة) ، قال فيه: أخرج أبو عبيد ، وابن سعد في الطبقات ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبو داود ، وابن خزيمة ، وابن الأنباري في المصاحف ، والدار قطني ، والحاكم

ص: 232

وصححه ، والبيهقي ، والخطيب ، وابن عبد البر كلاهما في كتاب المسألة ، عن أم سلمة :

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، ملك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قطعها آية آية ، وعددها عد الاعراب ، وعد بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يعد عليهم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، والدار قطني ، والبيهقي في سننه بسند ضعيف عن بريدة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري. قال : فمشى ، وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد ، فأخرج إحدى رجليه من أسكفة المسجد ، وبقيت الأخرى في المسجد .

فقلت بيني وبين نفسي : نسي ذلك .

فأقبل علي بوجهه ، فقال : بأي شئ تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ؟ قلت : بسم الله الرحمن الرحيم . قال : هي هي ... ثم خرج .

وأخرج ابن الضريس، عن ابن عباس قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية. وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، وابن خزيمة في كتاب البسملة ، والبيهقي عن ابن عباس قال :

استرق الشيطان من الناس .

ص: 233

وأخرج أبو عبيد ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس قال : أغفل الناس آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن يكون سليمان بن داود : بسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج الدار قطني بسند ضعيف عن ابن عمر أ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي : بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الواحدي ، عن ابن عمر قال : نزلت بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة .

وأخرج أبو داود ، والبزار ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم . زاد البزار والطبراني : فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت ، واستقبلت ، أو ابتدأت سورة أخرى .

وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت .

وأخرج أبو عبيد ، عن سعيد بن جبير أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى .

ص: 234

وأخرج الطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، علم أنها سورة .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، والواحدي عن ابن مسعود قال : كنا لا تعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا ختم السورة قرأها ، يقول : ما كتبت في المصحف إلا لقرأک

وأخرج الدارقطني، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : علمني جبريل الصلاة فقام فكبر لنا ، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، فيما يجهر به في كل ركعة .

وأخرج الثعلبي ، عن علي بن يزيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، يجهرون بها . عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير .

وأخرج الثعلبي ، عن أبي هريرة قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ، إذ دخل رجل يصلي ، فافتتح الصلاة ، وتعوذ ثم قال الحمد الله رب العالمين .

فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد ، فمن تركها فقد ترك آية . ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته .

ص: 235

وأخرج الثعلبي ، عن علي أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول من ترك قراءتها فقد نقص وكان يقول هي تمام السبع المثاني .

وأخرج الثعلبي ، عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله . وأخرج الشافعي في الأم ، والدار قطني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي عن معاوية أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يكبر إذا خفض ، وإذا رفع .

فناداه المهاجرون والأنصار حين سلم : يا معاوية أسرقت صلاتك ؟! أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير ؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجداً .

وأخرج البيهقي ، عن الزهري قال : من سنة الصلاة أن تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وإن أول من أسر بسم الله الرحمن الرحيم ، عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة، وكان رجلاً حياً.

أخرج أبو داود ، والترمذي ، والدارقطني ، والبيهقي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج البزار ، والدارقطني ، والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب ، وعماراً يقولان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات . بیسم الله الرحمن الرحيم ، في فاتحة الكتاب .

ص: 236

وأخرج الطبراني في الأوسط ، والدارقطني ، والبيهقي عن نافع أن ابن عمر إذا افتتح الصلاة يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ، في أم القرآن وفي السورة التي تليها ، ويذكر أنه سمع ذلك من رسول الله .

وأخرج الدارقطني، والحاكم ، والبيهقي عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ب- (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة .

وأخرج الدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي وصححه عن نعيم المجمر قال: كنت وراء أبي هريرة فقراً : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين ، قال : آمين . وقال الناس : آمين . ويقول كلما سجد: الله أكبر ، وإذا قام من الجلوس قال : الله أكبر ، ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني الأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الدار قطني ، عن علي بن أبي طالب قال : كان النبي يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، في السورتين جميعاً .

وأخرج الدار قطني ، عن علي بن أبي طالب قال : قال النبي : كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟

قلت : الحمد الله رب العالمين ، قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني ، والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟

قلت : أقرأ الحمد لله رب العالمين . قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني ، عن ابن عمر قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم .

ص: 237

وأخرج الدار قطني ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمني جبريل (علیه السلام) المالية عند الكعبة ، فجهر ببسم ا الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني . ، عن الحكم بن عمير وكان بدرياً قال : صليت خلف النبي فجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم، في صلاة الليل ، وصلاة الغداة ، وصلاة الجمعة .

وأخرج الدار قطني ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بیسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج أبو عبيد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : فاتحة الكتاب سبع آیات، ببسم الله الرحمن الرحيم .

المصدر : الدر المنثور في التفسير بالمأثور للشيخ جلال الدين السيوطي .

الجزء الأول في أول تفسير سورة الفاتحة ط . دار الفكر .

فأنت ترى صراحة الروايات في وجوب البسملة ، فلماذا لا يلتزم السنة بالبسملة في الصلاة ؟!!! انتهى .

- قال (العاملي) :

المتتبع يرى أن القوم تركوا البسملة في غير الفاتحة حتى في صلواتهم !!

وزادوا الطين بلة بأن جعلوا نزولها مرة واحدة ونفوا أنها جزء من كل سورة !!

وزادوا البلة طيناً .. بأن شككوا في أنها جزء من سورة الحمد !!

وعليه يلزم إنها إضافية زائدة في القرآن !!

وكل هذا لأن بني أمية كان عندهم حساسية منها !!

لأن أمير المؤمنين الليلة وشيعته جهروا بها حتى صارت شعاراً لهم !

ص: 238

وهذا يدلك على أن فقه المذاهب الذي تكون بأمر الخلافة .. وأموال الخلافة .. وكتبوا مصادره .. بحبرها .. يرجع في بعض أسسه إلى أفكار بني أمية (الكرام) ! قادة الشرك في الجاهلية ، وقادة النفاق في الإسلام !!

ص: 239

ص: 240

الفصل الثامن: حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

ص: 241

ص: 242

حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 6 - 1 – 2000، السابعة مساء، موضوعاً بعنوان (إلي الأخ الفاروق.. هذا جواب الروايات التي تقول بنقص القرآن)، قال فيه:

الأخ الفاروق.. نعم.

توجد هذه الرواية وروايات أخري في الكافي وغيره، تدل علي أن القرآن الفعلي فيه نقص عن قرآن علي عليه السلام.

وموقف غالبية علمائنا أنه لا بد من تأويل كل رواية تدل علي وجود نقص أو زيادة في القرآن.

فإن صح سندها ولم يمكن تأويلها وجب ردها، لمخالفتها للمُجمع عليه عند كافة الأمة من سلامة القرآن من التحريف..

ويمكن تأويل هذه الرواية:

بأن مصحف علي عليه السلام كان فيه القرآن وتفسيره الذي سمعه من النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 243

وقد كان من عادتهم أن يكتبوا تفسير الآية مع الآية أو تحتها، كما صح عن مصحف ابن عباس وابن مسعود.

أو يقال بأن في الرواية خطأ من النساخ، وأنها كانت سبعة آلاف فصارت سبعة عشر آلاف..

إلي غير ذلك من الوجوه المذكورة في البحث الذي أرشد إليه الأخ عمار..

والمشكلة عندنا سهلة، لأنا نخضع كل روايات الكافي وكتبنا للبحث العلمي..

أما عندكم فهي صعبة لأنكم لا تقبلون تضعيف روايات البخاري، وتوجبون الإعتقاد بصحتها حتي ولو كانت تنص علي تحريف القرآن..

والذي يسهل الخطب كلياًّ في هذا الموضوع:

أن دعوي التحريف دعوي نظرية محصورة في بطون الكتب.. أما عملياًّ فلا يوجد أحد من السنة أو الشيعة يقول بها والحمد لله.

وأقدم لك جزءاً من بحث كنت نشرته في شبكة (أنا العربي) بعنوان: القرآن معصوم من التحريف...

فكتب (الفاروق) بتاريخ 6 - 1 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

الأخ العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يسعدني أنك أعرتني اهتماماً وأجبتني إجابة واضحة، وإني أحكّم عقلي في ما ذكرت، وأعترف لك بأن كل الذي كتبته صحيح، ولذلك فإن إجاباتك لا تحتاج إلي رد، طالما أنتم تقولون بعدم التحريف فلا نستطيع تثبيته، والحمد لله لست متعصباً حتي أقول إن ما كتبته في مقالتك هو غير صحيح،

ص: 244

بل هو ثابت في كتبنا، بعد أن اطلعت عليه، ويوجد من يقول بالتحريف ومن يقول بعدمه، لقد أقنعتني في هذه المسألة، بارك الله فيك..

والآن إلي سؤالي الثاني:

هناك عدة آيات تتحدث عن عدم الشرك بالله ويقال - لأني في الحقيقة لم أشاهد - بأن الشيعة يتوسلون بعلي وبمحمد ويستغيثون بهما وبآله.

فهل لديكم إجابة شافية علي هذه الأمور أدامكم الله لما فيه الخير والصلاح لي ولك... والسلام.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 6 - 1 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

أخي الفاروق: حياك الله.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (الفاروق) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

حياك الله أخي الفاطمي، صار لي زمان ما شفت ها لإسم الحلو. حبيبي يا أخي وتقبل الله الأعمال.

وكتب (عمار) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

أخي الفاروق..

لماذا لا تفتح موضوعاً جديداً لسؤالك الجديد للأخ العاملي.. لتعم الفائدة علي الجميع؟

وبارك الله فيكم.

وكتب ملاحظ هجر (محرر عام) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الرابعة والنصف صباحاً:

ص: 245

يرجي من الجميع ملاحظة قرار الشبكة بخصوص منع النقاش المذهبي، وشكراً.

الملاحظ العام.

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (سؤال هام للعاملي.. وإلي من يرغب من الشيعة!)، قال فيه:

تتمة لموضوعنا السابق يا عاملي:

فهمت من كلامك أنك تحكم بكفر من كتب سورتي الولاية والنورين ونسبهما للقرآن الكريم. وسؤالي الثالث والأخير هو: من الذي كتبهما؟

السورتان مذكورتان في كتب المذهب الشيعي فمن أين أتت (كذا)، ومن الذي كتبهما..

أرجو أن تذكر اسمه أو تقول لا أدري فقط.

وأرجو عدم ذكر أي تفاصيل قبل الإجابة علي هذا السؤال، وبعد الإجابة فأنا مستعد لقراءة كل ما تكتب، والإجابة عن كل أسئلتك..

فقط أجب عن هذا السؤال.. قل هو فلان، أو قل لا أدري.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 22 - 3 - 2000، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

والله يا أخي.. لا أعرف من كتبهما وافتراهما علي كتاب الله تعالي، لعنه الله، ولعن الله من كتب سورتي الحفد والخلع في مصادركم!

أظن أن السورتين المكذوبتين في مصادرنا ظهرتا في القرون الأخيرة، وكتبهما الحشوية أو الكفار، من عباد علي عليه السلام.

ص: 246

أما المكذوبتان في مصادركم فهما قديمتان من زمن عمر!

وكان يقرأ بهما في صلاته، وقيل يقرؤهما بنية القنوت، وليس بنية القرآن.

فكتب (السعودي) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الثامنة صباحاً:

الحمد لله فقد حكمت علي شيوخك بالكفر، لأنه ثبت قطعياً أنهم أو أحدهم هو الذي كتب سورتي الولاية والنورين.. وإلا من أين جاءت في كتبهم الموجودة بين أيدينا..

هل كتبت نفسها؟؟

طبعاً نسبة كتابة هذه السور لهؤلاء العلماء قطعي، لأنها موجودة في كتبهم وهذه الكتب موجودة بين أيدينا الآن بلاحاجة لأي سند، فنسبتها لهم قطعية، هل فهمت؟

فكتب (بالدليل) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

ما هذا يا سعودي؟

http: / / 209. 164. 120. 218 / vip / ubb / Forum 2 / HTML / 000614. html ? 3272363

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24 - 3 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال وجواب)، قال فيه:

س: القرآن الذي بين أيدي الرافضة الآن هو نفسه القرآن الذي لدي المسلمين. فكيف يقال بأنهم لا يؤمنون بأنه القرآن المنزل من الله وأن لديهم قرآناً آخر؟

ج: يقول المحدث الرافضي نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية: إن الأئمة أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل

ص: 247

بأحكامه، حتي يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من بين أيدي الناس إلي السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، ويعمل بأحكامه.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

هذا قول الجزائري أحد علماء الشيعة.. ولم يكن مرجعاً، ولا يأخذ أحد من الشيعة بكلامه..

فهل عرفت قول إمامك عمر في القرآن.. وأن أكثر من نصفه مفقود، وأن فيه زيادة، وأن قرآنك الفعلي فيه عدة أغلاط يجب أن تصححها؟!

وكتب (ناصر) بتاريخ 24 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

وماذا عن عائشة وقرآنها، الذي أكلت نصفه الدواجن، حسب ما ورد بالبخاري علي ما أعتقد!!!!!

ثم اعلم يا هذا.. أن كل شئ يؤخذ ويرد، إلا كتاب الله وسنة نبيه، والعصمة عندنا للنبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين فقط، فهم الذين أمرنا الله بطاعتهم.

أما غيرهم فما وافق القرآن والسنة أخذناه، وما خالف القرآن والسنة ضربنا به عرض الحائط.

وهذا القول ليس لي.. بل هو قول الإمام الصادق (علیه السلام).

أما أنتم فالكل عندكم معصوم! عدا النبي وأهل بيته فهم يخطئون!!

وهذه قائمة بمن تقولون بعصمتهم: كل الصحابة عدا علي عليه السلام.

البخاري ومسلم والترمذي... إلخ.

محمد بن عبد الوهاب معصوم.

ابن تيمية معصوم.

ابن باز معصوم.

ص: 248

إدارة البيت الأبيض وعلي رأسها كلينتون معصومة.

ابن س-... معصوم.

أم أحمد الخطابة معصومة.

محماس بن خنيفير - راعي الدكان - معصوم.

خالة مدير بلدية نجران معصومة.

والسبب في ذلك … لأنها رأت بالحلم عبد الوهاب فعز الله شأنها … فهي لم تخطئ أبداً منذ ذلك الوقت!!

سؤال: ممكن أن أشتري عصمة لأحد الأصدقاء، لأن ما إن يفتح فمه، حتي قال له الربع: اسكت يا كذاب.. وأنا نصحته بالدخول إلي الدين الوهابي.. فربما كان يوماً كأبا (كذا) قتادة.. ولكنه لم يطع!

وكتب (السعودي) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

العاملي:

" هذا قول الجزائري أحد علماء الشيعة، ولم يكن مرجعاً، ولا يأخذ أحد من الشيعة بكلامه ".

ناصر:

" أما غيرهم فما وافق القرآن والسنة أخذناه وما خالف القرآن والسنة ضربنا به عرض الحائط ".

بالتأكيد كلامكم تقية.

لأنه لو كان لديكم ذرة إيمان بدين الإسلام لتبرأتم من المجوس واليهود الذين كتبوا سورتي الولاية والنورين وألصقوها بدينكم...

ص: 249

بينما الحاصل الآن أنكم تكرمونهم وتقدرونهم علي ما عندهم من الكفر والنفاق والزندقة..

ولسنا أغبياء بدرجة كافية.

وكتب (مدمر النواصب) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة والنصف ظهراًَ:

آنه أقولك يالسعودي.. بيع كوتك واشترلك كوت ثاني.

كفاك نصب وافتراء.. إن كان عندك دليل علي المراجع الشيعية تكلم به..

ونصيحة.. غيّر المارلبورو.

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

هل توافق يا سعودي.. علي أن كل من قال بتحريف القرآن، ولو آية واحدة منه فهو كافر؟

وكتب (حساوي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

موضوع تحريف القرآن الكريم موضوع عقيم.

لا الشيعة ولا السنة يملكون قرآناً غير هذا القرآن.. وكل فريق لديه أدلة في نقص وزيادة القرآن.

وأتحدي أي شخص شيعي أم سني أن يأتيني بقرآن غير الذي بين أيدينا.

قلت: يأتيني بقرآن وليس برواية.

فلو كان أي الفريقين مقتنعين (كذا) بإحدي الروايات التي يتحاذفها الفريقان، لوجدنا قرآناً مكتوباً علي حسب الروايات المذكورة!!

من رأي منكم قرآناً ينقص أو يزيد علي هذا القرآن فليتقدم. الله.. الله في القرآن. انتهي.

ص: 250

قال (العاملي):

فغاب الناصبي المدعو سعودي.. ولم يجب!!

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 3 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً، موضوعاً بعنوان (للشيعة فقط: من يقوم بهذا العمل، هل يعتبر مسلم أو كافر؟ (كذا))، قال فيه:

سأعيد السؤال.. لأن هناك من استغل دخول (كربلائي) علي الخط وغير الموضوع..

السؤال هو: لو قام إنسان ما، وكتب من عنده كلاماً، وقال: إن هذا الكلام من القرآن.

مع أنه من تأليفه هو وينسبه لله تعالي.. فهل تعتبرونه مسلماً، أم كافراً؟

رجاءً الإجابة.. رجاءً الإجابة.. من الشيعة فقط.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

إذا كان الذي يقول بالزيادة والنقصان عمر بن الخطاب والبخاري.. فذلك يدل علي زيادة إيمانهما.

أما غيرهما.. فيكون كافراً لعنه الله!

وكتب (كربلائي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية وعشر دقائق ظهراً:

؟؟

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي السؤال بشكل جدي بلا سخرية.

ص: 251

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الخامسة عصراً:

هل من جواب؟!

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السادسة عصراً:

هذا غيض من فيض مقولات عمر في القرآن!!: " ضاع من القرآن أكثره ".. برأي عمر!!

ونقل (العاملي) بعض أقوال عمر في تحريف القرآن.. منها:

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف...).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف:

ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها.

قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع!).

وفي ج 6 ص 208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب، قال لأبي:

أوليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟

فقال: بلي.

ص: 252

ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟.. فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟

قال: بلي!).

… إلي آخر ما كتبه العاملي.

فكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة إلا ربعاًَ مساءً:

خذ الجواب الذي تريد، ولن ينفعك:

من كذب بآية من كتاب الله تعالي فهو كافر.

ومن قال أو كتب كلاماً من عنده، من غير القرآن والأحاديث القدسية عن النبي وآله صلي الله عليه وآله، ونسبه إلي الله تعالي، فهو كافر.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

ممتاز.. وأتمني أن تكون بهذا الوضوح حتي النهاية.. والآن: هل تستثني أحداً من هذا الحكم؟

أنا لا أستثني أحداً أبداً كائناً من كان من البشر.. من جاء بكلام من عنده ونسبه للقرآن فهو كافر كفراً مخرجاً من الملة.. هل تستثني أحداً؟؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة والربع مساءً:

ص: 253

لا نقاش في الكبري يا سعودي، فاذكر الصغري.. التي تريد أن تفتح بها الشيشان!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة والثلث مساءً:

وسؤالي الثاني هو: أنتم تقولون الآن إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر، أم مسلم؟

أجب بإحدي الكلمتين: كافر، أم مسلم؟؟

وكتب (سيف الله المسلول) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

كاااااافر والعياذ بالله، لا أخاف في الله لومة لائم.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

في انتظار إجابة العاملي!!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة إلا عشراً مساءً:

؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

كل من كتب سورتي الولاية أو سورتي الحفد والخلع المزعومات، ونسبها إلي القرآن فهو كافر.

وناقل الكفر ليس بكافر.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة والدقيقة السابعة والثلاثين مساءً:

لا تخلط! ولا تغير السؤال. فأنا من طرحه لا أنت!

ص: 254

أجب علي سؤالي، ثم ادخل في أي موضوع شئت بعد الإجابة رجاء: أنتم تقولون إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر أم مسلم؟ أجب بإحدي الكلمتين كافر أم مسلم؟

أنا أسأل عمن قام بالكتابة، ودعنا من الناقل الآن! أهو كافر، أم مسلم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

أيها السعودي المحترم:

السورتان الملعونتان " بتاعكم " سندهما صحيح وقد قرأ بهما عمر في صلاته، وبعض حكام بني أمية.

والملعونتان " بتاعنا " لا سند لهما، ولم يقرأ بهما في صلاته إمام ولا مأموم!

وكل من قرأ نصهما يسخر منهما ويعرف أنهما تسفيط..

فكل حكم تصدره علي الروايات المكذوبة في مصادرنا، فهو يشمل الروايات المكذوبة في مصادركم، وقد روي بعضها أئمة كبار عندكم!!

فانظر بعينين... يا ساكناً في أرض الحرمين.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

يا عاملي... هداك الله. يا عاملي... أصلحك الله.

سأستمع إليك حتي النهاية.. لا تستعجل في التفصيل..

أجب علي سؤالي ثم اذكر التفصيل الذي ترغبه، السؤال سهل وجوابه بكلمة واحدة.

أجب عليه ثم اذكر التفاصيل: أنتم تقولون إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

ص: 255

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر، أم مسلم؟

أجب بإحدي الكلمتين كافر، أم مسلم؟ أهو كافر أم مسلم؟؟ فقط!

فكتبت (طبيعي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.. لا تعتقد أنك ذكي بتحديد الإجابة بمسلم أو كافر.

فقد أجابك العاملي وانتهي الأمر. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ينبغي أن يكون المراقب محايداً!! في انتظار جوابك يا عاملي...

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

كما قالت الأخت طبيعي.. فقد أجبتك.

فرتب ما تريد ترتيبه علي جوابي، واذكر لي سند السورتين المزعومتين من مصادرنا.. حتي أذكر لك السورتين المزعومتين من مصادركم.

وتري العجب العجاب من إمامك عمر، وأئمتك الأمويين!!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

هل تقصد أنك تعتقد أن كاتب سورتي الولاية والنورين، كافر؟

أرجو أن تكون الإجابة بنعم، أو لا.

وكتب (السعودي) بتاريخ 22-3 -2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

؟؟

فكتب (علي بن يقطين) بتاريخ 22 - 3 - 2000 الواحدة إلا ثلثاً ظهراً:

السعودي = سيف المشلول، لكن علي من تتلو أكاذيبك يا (.....)!

ص: 256

إلعب غيرها ياااااااا شاااااطر.

ابحث عن نفسك جيداً واعلم أنك أنت الصارررررررررررم المكسورررررررررر.

وكتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (يا فقيه... تفضل)، قال فيه:

بما أنك تقطع ألسنة من يقول بالتحريف...

يقول الرافعي صاحب كتاب إعجاز القرآن ما نصه:

فذهب جماعة من أهل الكلام ممن لا صناعة لهم إلا الظن والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كل حكم ومن كل قول، إلي جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شئ، حملاً علي ما وصفوه من كيفيه جمعه. إعجاز القرآن ص 41 لمصطفي صادق الرافعي.

فهل قطعتم ألسن هؤلاء؟؟؟

يقول الشعراني: وهو من فقهاء وأعاظم الحنفية.. راجع ترجمته في الشذرات: 8/372.. وهو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني:

ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبينت جميع ما سقط من مصحف عثمان. الكبريت الأحمر - المطبوع علي هامش اليواقيت والجواهر ص 143 - لعبد الوهاب الشعراني.

ماذا عن هذا؟؟؟ هل قطعت لسانه أيضاً؟؟

وعن الثوري، وهو سفيان بن سعيد الثوري الملقب عند أهل السنة بأمير المؤمنين في الحديث... والموصوف بسيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوي.

ص: 257

أنظر ترجمته في حلية الأولياء: 6/356، وتهذيب التهذيب لابن حجر: 4/111. قال:

بلغنا أن أناساً من أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله) كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة الكذاب، فذهبت حروف من القرآن... الدر المنثور للسيوطي: 5/179.

ماذا عن الثوري.. شلون قطعتم لسانه وهو صرح بهذا القول الخطيييييير!!؟

لا تنسَ ابن الخطيب مؤلف كتاب الفرقان المطبوع بمطبعة دار الكتب المصرية سنة 1948، وهو المشتمل علي أبحاث تدل علي أن القرآن فيه خطأ، ويجب أن يتم تغيير رسمه.. إلخ.

قال ابن الخطيب في كتابه - بعد البحث في لحن الكتاب في المصحف - ما يلي:

ومما لا شك فيه أن كتّاب - الكتاب الذين كتبوا القرآن - المصحف من البشر يجوز عليهم ما يجوز علي سائرهم من السهو والغفلة والنسيان. والعصمة لله وحده ومثل لحن الكتاب كلحن المطابع، فلو أن إحدي المطابع طبعت مصحفا به بعض الخطأ، وكثيراً ما يقع هذا. الفرقان ص 41 إلي ص 46.

وأخيراً.. ماذا عن الرازي؟؟

وأما قوله تعالي: والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة. ففيه أقوال:

الأول: روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا: إن في هذا المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها.

واعلم: أن هذا بعيد لأن المصحف منقول بالنقل المتواتر عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟؟؟؟ التفسير الكبير: 11/105. انتهي.

ص: 258

لا تدري كم مسكين أنت! يا من تدعي نصرة الحسين، وما أنت بناصر له. انتهي.

قال (العاملي):

والفقيه المخاطب هو الذي سمي نفسه " محب أهل البيت "!

وهو ناصبي، وعنده موقع اسمه: أنصار الحسين.. للطعن بالشيعة ومذهبهم، والتنقيص من مقام أهل البيت عليهم السلام، ورفع مقام مخالفيهم من حساد قريش للنبي وآله صلي الله عليهم!!

وكتب (الأشتر) أيضاً، بتاريخ 17 - 4 - 2000، الرابعة صباحاً:

نقول هرب؟؟؟؟

فكتب (الفقيه) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً:

لا تتهرب يا الأشتر، وتفتح موضوع جديد لأرد عليك فيه..

وكأنك أنت صاحب التحدي!

ها أنذا أتحداك أنت وقومك كلهم أمام الناس.. أن تقولوا بأن من طعن في القرآن كافر!!

يا من تدعون اتباع العترة! أم أن القرآن هيّن عليكم.. حتي صار الخلاف فيه مستساغ!

وكتب (الأشتر) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة والثلث صباحاً:

إعلم يا من تدعي نصرة الحسين ومحبته..

أن مسألة تكفير هؤلاء ليست مسألة اعتيادية كما هو الحال عندكم.

فالتكفير عندكم فما شاء الله.. أقل شئ مشرك... كافر... شرك... بدعة..

ص: 259

إن هذه المسألة لا تتعدي شبهات وافتراءات افتريتم بها علي هؤلاء.

فأكثر هؤلاء براء من هذه الشبهة وقد سبق لنا التطرق والرد علي هذه الشبهات وبينا مدي كذب وزور أخيك المدعو جاكون.

أما مسألة القلة القليل.. فهي لا تتعدي شبهة وقعوا فيها، وقد أثبتنا أن هذه الشبهة خاطئة..

لكن.. إحنه أوردنا لك.. ما يعتقده مشايختك حول القرآن.. أوردنا لك ما كان يعتقد به أميرك عمر بن الخطاب.. أخذت الأمر بكل بساطة وكأن المسألة شئ تافه.

أما ما تورده حول علمائنا.. تملأ الدنيا ضجيجاً..

الأجدر بك أن تتطرق إلي ما وقع فيه مشايختك.. أولاً. والله الموفق.

وكتب (الفقيه) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة والنصف صباحاً:

نحن نكفر من كفره الله عز وجل.

من اعتقد الغلو ودان الله به، ومن أشرك بالله.. وجعل زيارة قبور المخلوقين أعظم من هكذا حجة وعمرة! ومن كفر صحابة رسول الله وقال بارتدادهم، فالقول بردته هو أجدر وأصح!

ومن جعل الأئمة أعظم من الأنبياء والمرسلين، فالقول بكفره لا شك فيه!

أما أن التكفير سلعتنا، فإن شاء الله سآتيك بحقائق تريك من منا يكفر دون ضوابط ولا قرآن ولا سنة!

ولا تضيع الموضوع، ارجع للمقالة الرئيسية.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 17 - 4 - 2000، السادسة صباحاً:

ما جاوبتني!

ص: 260

أنت قلت في موضوعك الرئيسي إنك تقطع لسان كل عالم يقول جذي (يعني هكذا)!!

هل هؤلاء قطعت ألسنتهم أم ماذا؟؟؟

ص: 261

ص: 262

الفصل التاسع: مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

اشارة

ص: 263

ص: 264

مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 19 - 9 – 1999، العاشرة مساء، موضوعاً بعنوان (النسخة الأم التي دونوا عنها المصحف الإمام، المعروف بمصحف عثمان؟)، قال فيه:

توجد أربعة احتمالات للنسخة الأم التي أملي منها سعيد بن العاص المصحف علي زيد بن ثابت وغيره من الكتاب:

الإحتمال الأول: أن تكون صحف حفصة، أي نسخة الخليفة عمر التي جمعها هو وزيد في عهد أبي بكر ثم في عهده.. كما ذكرت أكثر الروايات في مصادر السنيين.

الإحتمال الثاني: أن تكون نسخة عائشة، كما ذكرت بعض الروايات.

الإحتمال الثالث: أن تكون نسخة علي عليه السلام، كما يفهم من صفات النسخة.

الإحتمال الرابع: أن يكون سعيد، أو هو وبقية أعضاء اللجنة رأوا عدة نسخ وقايسوا بينها وناقشوا فروقاتها واستمعوا إلي شهودها، ثم راجعوا الخليفة عثمان وعلياًّ عليه السلام وغيرهما من الصحابة الخبيرين بالقرآن، واختاروا الكلمة أو الصيغة

ص: 265

الأكثر وثوقاً عندهم، كما يفهم من بعض الروايات.. وفيما يلي نفحص ما يملكه كل واحد من هذه الإحتمالات.

لم يكتبوا المصحف الإمام عن صحف حفصة أو نسخة عمر

ينبغي الإلتفات إلي أن توحيد الخليفة عثمان لنسخة القرآن كان عملية جراحية لمرض في الأمة هو اختلاف المسلمين في قراءات القرآن، وانقسامهم إلي أحزاب دينية متعارضة!!

وقد كان عدد كبير من الأشخاص يعيشون علي هذه الإختلافات والتعصبات، فلما قام عثمان بجمع القرآن.. سحب البساط من تحت أقدامهم بضربة فنية، فأسقط في أيديهم، وفقدوا مكانتهم وجمهورهم! لقد صارت قراءتهم مثل غيرها، وصاروا هم مثل غيرهم..

وانتهي عهد الأحرف السبعة الذي بدأه الخليفة عمر، وصار علي الجميع أن يقرؤوا بحرف واحد هو حرف الخليفة عثمان في المصحف الإمام!!

لهذا ارتفعت اعتراضات زعماء الأحرف السبعة أو الأحرف العشرين وجمهورهم، وكان سلاحهم ضد الخليفة عثمان وضد حذيفة، هو الأحرف السبعة التي سلحهم بها عمر!!

وكان الجواب المنطقي للدولة أن تقول لهم: إن الخليفة عمر أخطأ في طرح الأحرف السبعة، فهذا الواقع الخطير الذي نعانيه إنما هو ثمرتها، ولو تركناه بلا معالجة جذرية لاختلفت الأمة في كتابها إلي فرق ومذاهب متناحرة إلي يوم القيامة! ولكن الناس كانوا متعلقين بسياسة الخليفة عمر، وقد سجلوا نقاط ضعف علي سياسة الخليفة عثمان..

ص: 266

لذلك لم يكن عثمان يستطيع أن يخطئ عمر، بل كان يري نفسه محتاجاً لإثبات (الشرعية) لأعماله بالإحتجاج بأعمال عمر وأقواله!! لهذا نراه يحتج علي المعترضين..

أولاً: بأن عمر كان ينوي توحيد القرآن.

وثانياً: بأنه كتب مصحفه الإمام عن نسخة الخليفة عمر أو الصحف التي عند بنته حفصة!

لذلك يجب أن ننظر إلي جميع الروايات التي تقول إنهم نسخوا المصحف الإمام عن صحف حفصة بأنها كلام سياسي للدفاع عن الخليفة عثمان، وليس بالضرورة أن يكون هو الذي حصل!

وكذلك كثير من دفاعات الخليفة عثمان عن نفسه فيما خالف فيه عمر، كما يظهر للمتتبع!

قال ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1136:

(حدثنا علي بن محمد، عن يزيد بن عياض، عن الوليد ابن سعيد، عن عروة بن الزبير قال:

قدم المصريون، فلقوا عثمان رضي الله عنه.

فقال: ما الذي تنقمون؟

قالوا: تمزيق المصاحف.

قال: إن الناس لما اختلفوا في القراءة خشي عمر رضي الله عنه الفتنة.

فقال: من أعرب الناس؟

فقالوا: سعيد بن العاص.

قال: فمن أخطهم؟

ص: 267

قالوا: زيد بن ثابت.

فأمر بمصحف فكتب بإعراب سعيد وخط زيد، فجمع الناس ثم قرأه عليهم بالموسم.

فلما كان حديثاً كتب إلي حذيفة: إن الرجل يلقي الرجل فيقول قرآني أفضل من قرآنك حتي يكاد أحدهما يكفر صاحبه، فلما رأيت ذلك أمرت الناس بقراءة المصحف الذي كتبه عمر رضي الله عنه وهو هذا المصحف، وأمرتهم بترك ما سواه، وما صنع الله بكم خير مما أردتم لأنفسكم). انتهي.

والجميع يعرفون أن الخليفة عمر لم يقم بهذا العمل، ولم يقرأ علي المسلمين قرآناً في موسم الحج!!

وقال ابن شبة في: 3/1005:

(عن توبة بن أبي فاختة، عن أبيه قال: بعث عثمان رضي الله عنه إلي عبد الله أن يدفع المصحف إليه، قال: ولم؟

قال: لأنه كتب القرآن علي حرف زيد.

قال: أما أن أعطيه المصحف فلن أعطيكموه، ومن استطاع أن يغل شيئاً فليفعل، والله لقد قرأت من في رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيداً لذو ذؤابتين يلعب بالمدينة!). انتهي.

ولم يَدَّعِ أحد غير عثمان وابن مسعود - خصم زيد بن ثابت - بأن قرآن عثمان كتب علي حرف زيد، ولكن غرض ابن مسعود من ادعاء ذلك أن يبرر تمسكه بقراءته، وغرض عثمان من ذلك إن كان قاله، أن يسكت المعترضين لعمر، لأنهم يعرفون ثقة عمر بزيد!

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/426:

ص: 268

(الواقدي: حدثنا الضحاك بن عثمان، عن الزهري، قال: قال ثعلبة ابن أبي مالك: سمعت عثمان يقول: من يعذرني من ابن مسعود؟ غضب إذ لم أوَلِّه نسخ المصاحف!

هلاّ غضب علي أبي بكر وعمر إذ عزلاه عن ذلك ووليا زيداً، فاتبعت فعلهما!). انتهي.

والجميع يعرف أن أبا بكر وعمر لم يوليا ابن مسعود علي نسخ المصاحف حتي يعزلاه، ولا وليا زيداً إلا علي جمع القرآن مع الخليفة عمر وبرأيه، ولكن الخليفة عثمان يريد الدفاع عن نفسه وإثبات أن سياسته نفس سياسة الشيخين التي يريدها الناس! هذا هو الدليل الأول..

والدليل الثاني:

أن قراءات عمر التي كانت في نسخته التي عند حفصة لا توجد في المصحف الإمام..

ويكفي أن ترجع إلي ما قدمنا من قراءاته المروية عنه بأحاديث صحيحة، والتي كان يأمر بإثباتها في المصاحف ومحو ما عداها، مثل قراءة: وامضوا إلي ذكر الله.. وغيرها، وغيرها..

فإنك لا تجد لها أثراً في قرآننا الفعلي الذي هو المصحف الإمام، والحمد لله.

والدليل الثالث:

إصرار الدولة علي مصادرة مصحف حفصة وإحراقه.

ولا يمكن أن يكون سبب ذلك إلا أن حفصة أو غيرها.. أشاعوا أن مصحف عثمان.. فيه نقص أو خلل.. الأمر الذي جعل الدولة تلح علي أخذ النسخة.

ص: 269

ولكن حفصة وقفت في وجه الدولة وقاومت إلي أن توفيت.. لكن الدولة ما أن فرغت من تشييع جنازة حفصة حتي وضعت يدها علي النسخة و.. أحرقتها!!

فلو كان المصحف الإمام نسخة عن مصحف عمر، لما استطاعت حفصة أو غيرها أن تتكلم بكلمة، ولما كان معني لإصرار الدولة وافتعالها أزمة طالت أكثر من عشرين سنة مع حفصة القوية بنت الخليفة القوي!!

قال في كنز العمال: 2/573:

(عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله وخارجة، أن أبا بكر الصديق كان جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك، فأبي حتي استعان عليه بعمر ففعل.

فكانت الكتب عند أبي بكر حتي توفي، ثم عند عمر حتي توفي، ثم كانت عند حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها، حتي عاهدها ليردنها إليها فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان هذه المصاحف، ثم ردها إليها فلم تزل عندها.

قال الزهري: أخبرني سالم بن عبد الله أن مروان كان يرسل إلي حفصة يسألها الصحف التي كتب فيها القرآن، فتأبي حفصة أن تعطيه إياها، فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلي عبد الله بن عمر ليرسل إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذا المصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان فيها شئ لم يكتب - ابن أبي داود). انتهي.

ص: 270

والمتأمل في هذه الرواية يطمئن بأن مصحف عمر كان فيه زيادة عن مصحفنا، كما صرح أبو موسي الأشعري عن مصحفه!

وقال عمر بن شبة في تاريخ المدينة: 3/1003:

(عن ابن شهاب قال: حدثني أنس رضي الله عنه، قال:

لما كان مروان أمير المدينة، أرسل إلي حفصة يسألها عن المصاحف ليمزقها وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضاً، فمنعتها إياه...

عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما ماتت حفصة أرسل مروان إلي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعزيمة، فأعطاه إياها، فغسلها غسلاً.

قال الزهري: فحدثني سالم، قال:

لما توفيت حفصة أرسل مروان إلي ابن عمر رضي الله عنهما بعزيمة ليرسلن بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر رضي الله عنهما، فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان رضي الله عنه!!).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/156: (باب ما جاء في المصحف):

(عن سالم بن مروان، كان يرسل إلي حفصة يسألها عن المصحف الذي نسخ منه القرآن فتأبي حفصة أن تعطيه إياه، فلما دفناّ حفصة أرسل مروان إلي ابن عمر: أرسل إليّ بذلك المصحف، فأرسله إليه!

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح). انتهي.

بل إن أزمة الدولة مع حفصة وإصرار حفصة الشديد! تجعلنا نشك في أنها أعطتهم النسخة أول الأمر، وإن كانت أعطتهم فلا بد أنهم رفضوا الكتابة منها لاختلافها عن القرآن المتداول!

ص: 271

ولذلك شاع في المدينة أن مصحف عثمان لم يكتبوه عن مصحف عمر، وأن في مصحف عمر زيادات لم يكتبوها في القرآن!

الدليل الرابع:

وهو من أدلة جمع القرآن من عهد النبي صلي الله عليه وآله.. من أن حفصة نفسها لم تكن تقرأ بمصحف أبيها الذي هو عندها أو عنده لا فرق، بل استكتبت لنفسها مصحفاً متداولاً!

كما في مجمع الزوائد: 6/320 و: 7/154.

(إن كل المؤشرات بل والأدلة تدلنا علي أن مصحف عمر كان مشروع مصحف يحمل اجتهادات الخليفة عمر المتجددة، وكان ينتظر أن يكتمل عمله فينشره.. ولكن الأجل عاجله، ثم عاجل مروان نسخته فأحرقها!).

و لم يكتبوا المصحف الإمام عن مصحف عائشة

تفاجئنا في روايات جمع القرآن وثيقة تاريخية مهمة وسارة، يقول فيها الخليفة عثمان إن لجنة جمع القرآن كتبت المصحف الإمام عن مصحف كتبه النبي صلي الله عليه وآله!!

وقد أعلن الخليفة عثمان ذلك في رسالته إلي الأمصار التي أرسلها مع المصاحف!

قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة: 3/997:

(عن أبي محمد القرشي: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلي الأمصار: أما بعد فإن نفراً من أهل الأمصار اجتمعوا عندي فتدارسوا القرآن، فاختلفوا اختلافاً شديداً، فقال بعضهم قرأت علي أبي الدرداء، وقال بعضهم

ص: 272

قرأت علي حرف عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم قرأت علي حرف عبد الله بن قيس.

فلما سمعت اختلافهم في القرآن والعهد برسول الله صلي الله عليه وسلم حديث ورأيت أمراً منكراً، فأشفقت علي هذه الأمة من اختلافهم في القرآن، وخشيت أن يختلفوا في دينهم بعد ذهاب من بقي من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم الذين قرأوا القرآن علي عهده وسمعوه من فيه، كما اختلفت النصاري في الإنجيل بعد ذهاب عيسي بن مريم، وأحببت أن نتدارك من ذلك.

فأرسلت إلي عائشة أم المؤمنين أن ترسل إلي بالأدم الذي فيه القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد وأنزله عليه، وإذا القرآن غض، فأمرت زيد بن ثابت أن يقوم علي ذلك، ولم أفرغ لذلك من أجل أمور الناس والقضاء بين الناس، وكان زيد بن ثابت أحفظنا للقرآن، ثم دعوت نفراً من كتاب أهل المدينة وذوي عقولهم، منهم نافع بن طريف، وعبد الله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، فأمرتهم أن ينسخوا من ذلك الأدم أربعة مصاحف وأن يتحفظوا). انتهي.

كما أكد علي ذلك عبد الله بن الزبير الذي كان عضواً في لجنة جمع القرآن.

وقال عبد الله بن الزبير كما في ج 3 ص 991:

(فجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف، ثم بعثني إلي عائشة رضي الله عنها فجئت بالصحف التي كتب فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم القرآن فعرضناها عليها حتي قومناها، ثم أمر بسائرها فشققت). انتهي.

فما عدا مما بدا.. حتي صار القرآن مدوَّناً في مصحف كامل من عهد النبي صلي الله عليه وآله؟؟!!

ص: 273

وأين وسائل الكتابة البدائية من " العسب والرقاق واللخاف وصدور الرجال "..

والمأساة التي يرويها البخاري؟!!

وأين جلوس الإستعطاء علي باب المسجد لتجميع الآيات والسور من المسلمين؟!

وأين قصة جمع القرآن علي يد الخليفة أبي بكر وعمر؟!

وأين عشرات الروايات وعشرات النظريات؟!

والتاريخ الذي بنوه عليها.. إلي آخر الأسئلة الكبيرة؟!

علي أي حال.. إن الذي يهمنا الآن هو النتيجة التي تقول إن المصحف الإمام كتب عن نسخة مكتوبة في عهد النبي وتحت نظره صلي الله عليه وآله.

وذلك نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله تعالي عليها.. ولتسقط كل الروايات المخالفة لها، وليكن ما يكون!

قرآننا الفعلي هو نسخة علي بن أبي طالب

والحمد لله أن كل المؤشرات تدل علي صحة ذلك..

من أوَّلِها أن أوصاف المصاحف التي كانت موجودة عند تدوين المصحف الإمام لا تنطبق عليه..

لا مصحف عبد الله بن مسعود، ولا مصحف أبي بن كعب، ولا مصحف أبي موسي الأشعري، ولا مصحف عمر، ولا مصحف زيد بن ثابت..

بل يكفي أن نرجع إلي عدد السور والقراءات التي ذكرت في مصاحفهم لنري أنها تختلف عن عدد سور مصحفنا الفعلي.. إلا مصحف علي عليه السلام!

وحتي قراءة عثمان لا تنطبق عليها النسخة الفعلية إذا صح أن عثمان كان له اعتراض علي عدد من جمل أو كلمات المصحف الذي كتبته اللجنة..

ص: 274

فقد قال في كنز العمال: 2/586:

(عن عبد الأعلي بن عبد الله بن عامر القرشي قال:

لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أري شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها. ابن أبي داود وابن الأنباري.

عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها - ابن أبي داود وابن الأنباري.

عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيي بن يعمر، قال: قال عثمان: إن في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها – ابن أبي داود.

عن عكرمة، قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئاً من لحن، فقال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا - ابن الأنباري وابن أبي داود). انتهي.

والحمد لله أنه لم يكن في المصحف الإمام لحن ولا خطأ!!

وما أقامت العرب (لحنه) بألسنتها!!

بل قوَّم هو ألسنة العرب وأقام لحنها، لأنه كما وصفه الخليفة عثمان:

" القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد وأنزله عليه، وإذ القرآن غضّ... " انتهي.

وانتهي الأمر!

يبقي هنا سؤال هام:

ص: 275

وهو أنه لم يُعرَف عن أم المؤمنين عائشة أنها كانت تملك هذه الثروة العظيمة.. ولو كانت عندها لحدثت عنها عشرات الأحاديث، قبل كتابة المصحف الإمام عنها وبعده، وهي التي تحدثت عن كل ما يرتبط بها من النبي صلي الله عليه وآله حتي في الأمور الشخصية، وافتخرت بكل ما يمكن أن يكون حظوة لها عند النبي صلي الله عليه وآله، أو أثراً منه عندها؟!

ولو كانت عندها لحلَّت بها مشكلة أبيها وعمر المزعومة، في البحث عن سور القرآن وجمعه!!

والجواب: نعم هذا صحيح، وأحاديث عائشة تنفي أن تكون عندها مثل هذه النسخة..

فلو كانت عندها لاشتهرت، ولاحتجَّت بها علي نساء النبي صلي الله عليه وآله عندما خالفنها في مسألة رضاع الكبير، وفي مسألة كفاية خمس رضعات..

ثم لو كانت نسخة القرآن عند عائشة لما استكتبت نسخة من القرآن المتداول..

كما في رواية مسلم: 2/112:

(عن أبي يونس مولي عائشة، أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني، حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي، فلما بلغتها، آذنتها، فأملت عليَّ حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين). انتهي.

ما الحقيقة إذن؟

هل نستطيع القول إن عثمان يكذب في ادعائه أن اللجنة كتبت المصحف الإمام عن مصحف غض كُتب بإملاء النبي صلي الله عليه وآله؟!

ص: 276

كلاَّ.. فليس للخليفة مصلحة في إخبار أهل الأمصار بذلك، إلا أنه يريد أن يطمئنهم ويفتخر لهم بثقته بالنسخة التي كتب عنها القرآن.. وقرائن وصفه للنسخة وثقته بها تأبي أن يكون قوله افتراء!

كل ما في الأمر أنها نسخة علي عليه السلام، وقد أراد عثمان أن يبتعد عن حساسيتهم من عليٍّ.. فنسبها إلي عائشة، ولعله أشرك عبد الله بن الزبير ابن أخت عائشة في اللجنة وأرسله إليها وأحضر نسخة مصحفها العادية، لكي ينسب التدوين إليها!!

أرانا ملزَمين بهذه الفرضية، لأنها تملك مؤيدات كثيرة، ولأن كل فرضية أخري للنسخة الأم تواجهها مضعِّفات كثيرة!!

ولا بد أن نستذكر هنا أن وجود سعيد بن العاص في مشروع تدوين المصحف الإمام بصفته معرباً ومملياً للمصحف، وبصفته أموياً من أقارب الخليفة، ومن أسرة موالية لعلي بن أبي طالب عليه السلام.. ووجود حذيفة الذي له مكانة مميزة بين الصحابة، بصفته رائد مشروع توحيد القرآن، ومن خاصة أصحاب علي عليه السلام.. يجعل لمصحف عليٍّ في اللجنة أسهماً وافرة في أن تكون نسخته هي النسخة الأم التي كتب عنها المصحف الإمام.

وقد روي الشيعة والسنة أن علياًَّ عليه السلام، كتب نسخة القرآن علي أثر وفاة النبي صلي الله عليه وآله..

روي ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/197:

(حدثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا ابن عون عن محمد، قال: لما استخلف أبو بكر قعد علي في بيته فقيل لأبي بكر، فأرسل إليه: أكرهت خلافتي؟

ص: 277

قال: لا لم أكره خلافتك، ولكن كان القرآن يزاد فيه، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم جعلت علي أن لا أرتدي إلا إلي الصلاة حتي أجمعه للناس.

فقال أبو بكر: نعم ما رأيت).

وروي في كنز العمال: 13/127:

(عن محمد بن سيرين، قال: لما توفي النبي صلي الله عليه وسلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا الجمعة حتي يجمع القرآن في مصحف، ففعل، وأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟

قال: لا والله، إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا الجمعة! فبايعه ثم رجع. ابن أبي داود في المصاحف).

وقال ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/204:

(عن ابن جريج، وعن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: القراءة التي عرضت علي النبي صلي الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم فيه). انتهي.

ومن الذي عرض علي النبي صلي الله عليه وآله نسخته قبيل وفاته، غير علي عليه السلام؟!

بل لم يدَّع ذلك أحد من المسلمين غيره! وكفي بذلك دليلاً شرعياً!

وقد تقدم في تعداد أعضاء لجنة التدوين قول ابن سيرين: " كانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه حتي ينظروا آخرهم عهداً بالعرضة الأخيرة فكتبوه علي قوله ".

فهذا الكلام ولو كان ظناًّ من ابن سيرين، لكنه يدل علي أن المسلمين بمن فيهم اللجنة، كانوا يعرفون قيمة النص ممن سمع العرضة الأخيرة من النبي صلي الله عليه وآله.. ومن يكون ذلك غير علي عليه السلام!

ص: 278

ثم إن من المعروف أن مصحفنا الفعلي الذي جمعه الخليفة عثمان، بقراءة عاصم، التي هي قراءة علي عليه السلام!

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/426:

(حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف علياًّ في شئ من قراءته، وكنت أجمع حروف علي، فألقي بها زيداً في المواسم بالمدينة، فما اختلفنا إلا في التابوت.

كان زيد يقرأ بالهاء، وعليّ بالتاء). انتهي.

وهذه الرواية تكشف أن الذي صحح " التابوت " وجعله بالتاء هو علي عليه السلام!

وأن زيداً بقي يقرؤها بالهاء إلي آخر عمره!

ليس في قرآننا الفعلي لحن و لا غلط

في مصادر إخواننا السنة روايات يفهم منها أن ترتيب القرآن الفعلي كان اجتهاداً من الخليفة عثمان.. أو الصحابة الذين جمعوه، أو أنهم تدخلوا جزئياً في ترتيبه.

كالذي رواه أبو داود في سننه: 1/182:

(عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتُّم إلي براءة وهي من المئين، وإلي الأنفال وهي من المثاني، فجعلتموهما في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم؟

قال عثمان: كان النبي صلي الله عليه وسلم لما تنزل عليه الآيات، فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان، فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها

ص: 279

شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم).

ورواه الترمذي في سننه: 4/336.

وأحمد في مسنده: 1/57 و69.

وابن شبة في تاريخ المدينة المنورة: 3/1015.

والحاكم: 2/230 و221 وقال: (هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه).

والبيهقي في سننه: 2/42.

والهندي في كنز العمال: 2/579.

ولا يمكن قبول أمثال هذه الروايات، لأنها:

تنافي أوصاف النسخة المذكورة في رسالة الخليفة إلي الأمصار.

وتنافي الروايات الأخري التي تدل علي أن الخليفة عثمان لم يتدخل فنياًّ في جمع القرآن، بل ترك الأمر للمُملي الموثوق سعيد بن العاص.

كما وردت روايات أخري تدعي أن الكتّاب عندما جمعوا القرآن اشتبهوا في الكتابة ودخلت أغلاطهم في نسخة القرآن!

كالتي رواها ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1014:

(عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن: إن هذان لساحران وقوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصاري. والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة، وأشباه ذلك؟

فقالت: أيْ بُنيّ، إن الكتاب يخطئون!). انتهي.

وهي روايات مرفوضة لأن تدوين القرآن كان أدق مما يتصوره أصحاب هذا الكلام..

وقد وجدت روايةً يظهر أنها أصدق وصف لعملية التدوين، وأن كتّاب القرآن كانوا مقيدين حرفياً بما يمليه المملي سعيد بن العاص..

ص: 280

وهي ما رواه ابن شبة في المكان نفسه عن أبان بن عثمان، قال:

(عن الزبير أن، خاله قال: قلت لأبان بن عثمان وكان ممن حضر كتّاب المصحف: كيف كتبتم " والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة "؟

فقال: كان الكاتب يكتب، والمملي يملي، فقال: اكتب. قال: ما أكتب؟

قال: أكتب والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة). انتهي.

وإنما قال له المملي ذلك لأنه يملي من نسخة دقيقة ولا يتصرف فيها بحرف.

وينبغي الإشارة إلي أن تمييز أحد المعطوفات عن المعطوفات الأخري في الإعراب، له دلالة في اللغة العربية، كما تضع تحت كلمة خطاًّ أو تكتبها بحرف كبير.

كذلك لا يمكن لباحث مدقق أن يقبل الروايات التي تقدمت عن الخليفة عثمان، التي تدعي أن في القرآن خطئاً أو لحناً، وأن العرب ستقومه بألسنتها! سواء كانت صادرة عن الخليفة.. أو مكذوبة عليه..

لأنها تتنافي مع واقع القرآن الذي قرأه ملايين العرب بعد جمعِِهِ وفيهم الفصحاء والأدباء، وفيهم العدو الذي يبحث عن نقطة ضعف في القرآن، ولم يستطيعوا أن يأخذوا علي نسخته التي بأيدينا.. غلطاً أو لحناً..

ولأنها تتنافي مع ثقة الخليفة بالمملي والنسخة التي أملاها كما قدمنا.

ومما يؤيد ضعف كل الروايات التي تنتقد نسخة المصحف الإمام، أن المعارضين لتوحيد القرآن قاموا بحملة كبيرة، واتهموا النسخة التي جمعها الخليفة عثمان بأن فيها نقاط ضعف، من أجل تبرير بقائهم علي قراءاتهم السابقة!

ص: 281

ولا شك أن بعض هذه الروايات - إن لم يكن كلها - من مقولاتهم وموضوعاتهم!

وقد برّأ ابن تيمية الخليفة عثمان من هذه الروايات.. ولكنه لم يبرئ أم المؤمنين عائشة!

قال في تفسيره: 5/207:

(وهذا ما يبين غلط من قال في بعض الألفاظ إنه غلط من الكاتب...

قال الزجاج، في قوله: المقيمين الصلاة: قول من قال إنه خطأ بعيد جداً، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والقدوة، فكيف يتركون شيئاً يصلحه غيرهم، فلا ينبغي أن ينسب هذا إليهم.

وقال ابن الأنباري: حديث عثمان لا يصح لأنه غير متصل، ومحال أن يؤخر عثمان شيئاً ليصلحه من بعده). انتهي.

وكتب (شعاع) بتاريخ 19 - 9 - 1999، العاشرة مساءً:

أنا لم أقرأ الموضوع بكامله.. ولكن لدي استفسار...

إن كان هذا المصحف الذي بين أيدينا هو مصحف عليّ.. فيا تري ألا يكفر من قال بالتحريف، لأن في هذا طعن (كذا) في علي رضي الله عنه، ومن يطعن بأحد الأئمة فهو كمن طعن ببقية الأئمة... وأنت أعلم مني بحكم من طعن بالأئمة في مذهبكم... أنا أقصد الذين قالوا بالتحريف وصرحوا به كالمجلسي والنوري الطبرسي والجزائري وغيرهم ممن صرح بالتحريف.

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ما حكمت به علي عمر وأبي موسي الأشعري والبخاري وغيرهم، فاحكم به عليهم.

ص: 282

لأن ما صح عندكم عن هؤلاء من طامَّات أضعاف ما ذهب إليهم اليه أولئك!

وإن أردت طرفاً منه ذكرناه.

وكتب (طالب الحقيقة) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الثالثة صباحاً:

أعتقد أن الأخ شعاع ليس لديه موضوع سوي تحريف القرآن.

فكان في الملتقي العربي يكرر هذا الموضوع، وفي هذه الساحة يعيد نفس الكلام، ويحكم علي من قال بالتحريف بالضلالة الكفر والخروج عن الإسلام!!

فيا ليته يكون منصفاً ويترك هذه المواضيع الفارغة، والتي أكل عليها الدهر وشرب..

فقرآننا هو قرآن المسلمين، واذهب إلي مساجد الشيعة لتري بعينيك ذلك...

لكن بعد جريان حكم التكفير علي أمثال البخاري وعمر وأبي موسي الأشعري وغيرهم، فإنه سوف يتراجع عن هذا الحكم.. والله العالم بحقائق الأمور..

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية صباحاً:

والله إنكم الفرقة الوحيدة التي تطعن بالصحابة، ويكفي شذوذكم هذا لكي نعلم أين مضيع الحق.

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 19 - 9 - 1999، العاشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (قرآننا الفعلي هو قرآن علي عليه السلام.. وعند علي نسخة أخري!)، قال فيه:

نسختان من القرآن عند علي

ص: 283

ورد في مصادرنا ومصادر إخواننا حول مصحف علي عليه السلام، ما يدل علي ذلك:

فقد روي ابن سعد في الطبقات مجلد 2 قسم 2 ص 101:

(عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن علياًّ أبطأ عن بيعة أبي بكر، فلقيه أبو بكر.

فقال: أكرهت إمارتي؟

قال: لا، ولكن آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا إلي الصلاة حتي أجمع القرآن.

قال: فزعموا أنه كتبه علي تنزيل. قال محمد: فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم.

قال ابن عون: فسألت عكرمة عن ذلك الكتاب فلم يعرفه. ورواه في كنز العمال: 2/588).

وقال ابن عبد البر في الإستيعاب: 3/974:

(حدثنا أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، قال: لما بويع أبو بكر الصديق أبطأ عليٌّ عن بيعته وجلس في بيته فبعث إليه أبو بكر: ما أبطأ بك عني، أكرهت إمارتي؟

قال علي: ما كرهت إمارتك، ولكني آليت ألا أرتدي ردائي إلا إلي صلاة حتي أجمع القرآن.

قال ابن سيرين: فبلغني أنه كتب علي تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير.

ص: 284

ورواه عبد الرزاق في مصنفه: 5/450، وقال في هامشه: رواه البلاذري عن ابن سيرين موقوفاً مختصراً، راجع أنساب الأشراف: 1/587). انتهي.

وقال ابن جزي في التسهيل: 1/6:

(وكان القرآن علي عهد رسول الله متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله قعد

علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته فجمعه علي ترتيب نزوله. ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد).

وقال عن تميز علي عن الصحابة في علمه بالقرآن ص 13:

(واعلم أن المفسرين علي طبقات، فالطبقة الأولي الصحابة رضي الله عنهم وأكثرهم كلاماً في التفسير ابن عباس، وكان علي بن أبي طالب رضي الله يثني علي تفسير ابن عباس، ويقول: كان ينظر إلي الغيب من ستر رقيق. وقال ابن عباس: ما عندي من تفسير القرآن فهو من علي بن أبي طالب، ويتلوهما عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وكلما جاء من التفسير من الصحابة فهو حسن).

وقال ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب:1/319:

(ومن عجب أمره في هذا الباب أنه لا شئ من العلوم إلا وأهله يجعلون علياًّ قدوة، فصار قوله قبلة في الشريعة، فمنه سمع القرآن.

ذكر الشيرازي في نزول القرآن، وأبو يوسف يعقوب في تفسيره، عن ابن عباس في قوله: لا تحرك به لسانك:

كان النبي يحرك شفتيه عند الوحي ليحفظه، وقيل له لا تحرك به لسانك يعني بالقرآن، لتعجل به من قبل أن يفرغ به من قراءته عليك. إن علينا جمعه

ص: 285

وقرآنه، قال: ضمن الله محمداً أن يجمع القرآن بعد رسول الله علي بن أبي طالب. قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب عليٍّ وجمعه عليٌّ بعد موت رسول الله بستة أشهر.

وفي أخبار ابن أبي رافع، أن النبي قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي:

يا علي هذا كتاب الله، خذه إليك، فجمعه علي في ثوب فمضي إلي منزله فلما قبض النبي صلي الله عليه وآله جلس علي عليه السلام فألفه كما أنزله الله وكان به عالماً.

وحدثني أبو العلاء العطار، والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح أن النبي صلي الله عليه وآله أمر علياًّ بتأليف القرآن فألفه وكتبه جبلة بن سحيم، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

لو ثني لي الوسادة وعُرِف لي حقي لأخرجت لهم مصحفاً كتبته وأملاه علي رسول الله صلي الله عليه وآله...

أبو نعيم في الحلية، والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي، عن عبد خير، عن علي عليه السلام، قال:

لما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله أقسمت أو حلفت أن لا أضع ردائي عن ظهري حتي أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتي جمعت القرآن.

وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أنه آلي أن لا يضع رداءه علي عاتقه إلا للصلاة حتي يؤلف القرآن ويجمعه، فانقطع عنهم مدة إلي أن جمعه، ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع التيه، فقالوا: لأمرٍ ما جاء أبو الحسن! فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم.

ثم قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة.

ص: 286

فقام إليه الثاني فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما!

فحمل عليه السلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة... إلخ.

ومنهم العلماء بالقراءات:

أحمد بن حنبل، وابن بطة، وأبو يعلي في مصنفاتهم عن الأعمش، عن أبي بكر بن أبي عياش في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف، فاختلفا في قراءتهما.

فقال ابن مسعود: هذا خلاف ما أقرؤه، فذهبت بهما إلي النبي صلي الله عليه وآله فغضب، وعلي عنده.

فقال علي: رسول الله صلي الله عليه وآله يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم، وهذا دليل علي علم علي بوجوه القراءات المختلفة.

وروي أن زيداً لما قرأ (التابوه)، قال علي عليه السلام اكتبه (التابوت) فكتبه كذلك.

والقراء السبعة إلي قراءته يرجعون:

- فأما حمزة والكسائي فيعوِّلان علي قراءة علي عليه السلام وابن مسعود، وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنما يرجعان إلي عليٍّ ويوافقان ابن مسعود فيما يجري مجري الإعراب.

وقد قال ابن مسعود: ما رأيت أحداً أقرأ من علي بن أبي طالب للقرآن.

- فأما نافع، وابن كثير، وأبو عمرو فمعظم قراءتهم ترجع إلي ابن عباس، وابن عباس قرأ علي أبي بن كعب وعلي عليه السلام، والذي قرأه هؤلاء القراء يخالف قراءة أُبي، فهو إذا مأخوذ عن علي عليه السلام.

ص: 287

- وأما عاصم، فقرأ علي أبي عبد الرحمن السلمي، وقال أبو عبد الرحمن: قرأت القرآن كله علي عليٍّ بن أبي طالب عليه السلام، فقالوا أفصح القراءات قراءة عاصم، لأنه أتي بالأصل، وذلك أنه يظهر ما أدغمه غيره، ويحقق من الهمز ما ليَّنه غيره، ويفتح من الألِفات ما أماله غيره.

والعدد الكوفي في القرآن منسوب إلي علي عليه السلام، ليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره، وإنما كتب عدد ذلك كل مصرٍ عن بعض التابعين.

ومنهم المفسرون كعبد الله بن العباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وهم معترفون له بالتقدم).

تفسير النقاش:

(قال ابن عباس: جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب عليه السلام، وابن مسعود.

إن القرآن أنزل علي سبعة أحرف، ما منها إلا وله ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب عليه السلام علم الظاهر والباطن.

فضائل العكبري: قال الشعبي: ما أحد أعلم بكتاب الله، بعد نبي الله من علي بن أبي طالب عليه السلام.

تاريخ البلاذري وحلية الأولياء: قال علي عليه السلام: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت، أبليلٍ نزلت، أم بنهار نزلت، في سهلٍ أو جبل، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً.

قوت القلوب: قال علي عليه السلام / لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الكتاب. وما وجد المفسرون قوله إلا ويأخذون به. انتهي. ورواه المجلسي في بحار الأنوار: 40/155 و: 89/51).

ص: 288

وروي العياشي في تفسيره: 1/14:

(عن الأصبغ بن نباتة قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة، صلَّي بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم: سبح اسم ربك الأعلي.

قال فقال المنافقون: لا والله ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن! ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقر

بنا غير هذه السورة! قال: فبلغه ذلك.

فقال: ويلٌ لهم! إني لأعرف ناسخه من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، وفصله من فصاله، وحروفه من معانيه، والله ما من حرف نزل علي محمد صلي الله عليه وآله إلا أني أعرف فيمن أنزل وفي أي يوم وفي أي موضع! ويلٌ لهم! أما يقرؤون: إن هذا لفي الصحف الأولي صحف إبراهيم وموسي. والله عندي، ورثتهما من رسول الله صلي الله عليه وآله، وقد أنهي إليَّ رسول الله صلي الله عليه وآله من إبراهيم وموسي عليهما السلام، ويلٌ لهم! والله أنا الذي أنزل الله في: " وتعيها أذن واعية " فإنما كنا عند رسول الله صلي الله عليه وآله فيخبرنا بالوحي فأعيَهُ أنا ومن يعيه، فإذا خرجنا، قالوا: ماذا قال آنفاً؟!). انتهي.

وروي الكليني في الكافي: 1/62:

(عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: إني سمعت من سلمان، والمقداد وأبي ذرٍّ، شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلي الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلي الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفتري الناس يكذبون علي رسول الله صلي الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟!

ص: 289

قال: فأقبل عليٌّ، فقال: قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله علي عهده حتي قام خطيباً، فقال:

أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده. وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلي الله عليه وآله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله! وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ". ثم بقوا بعده فتقربوا إلي أئمة الضلالة والدعاة إلي النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم علي رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجل، سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله علي وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذباً، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله، فلو علم المسلمون أنه وهْمٌ لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث، سمع من رسول الله صلي الله عليه وآله شيئاً أمر به، ثم نهي عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهي عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

ص: 290

وآخر رابع، لم يكذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلي الله عليه وآله، لم ينسه بل حفظ ما سمع علي وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.

فإن أمر النبي صلي الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله صلي الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه: " ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا "، فيشتبه علي من لم يعرف ولم يدرِ ما عني الله به ورسوله صلي الله عليه وآله.

وليس كل أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتي أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلي الله عليه وآله حتي يسمعوا. وقد كنت أدخل علي رسول الله صلي الله عليه وآله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة

فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلي الله عليه وآله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه فلا يبقي عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بنيَّ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت

ص: 291

آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل علي أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنسَ حرفاً واحداً، ثم وضع يده علي صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً.

فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل). انتهي.

ورواه الصدوق في الخصال ص 255، والعياشي في تفسيره: 1/14، والنعماني في الغيبة ص 59، والمجلسي في بحار الأنوار: 36/273 و: 36/139.

وأصل هذه الرواية أكبر مما نقله الكليني، وقد أوردت المصادر بقية أجزائها..

ومن ذلك ما رواه العياشي في تفسيره: 1/253:

(عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياًّ عليه السلام: يقول ما نزلت علي رسول الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فأكتبها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ فكتبته بيدي علي ما دعا لي، وما نزل شئ علمه الله من حلال ولا حرام، أمر ولا نهي كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته فلم أنس منه حرفاً واحداً، ثم وضع يده علي صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً فلم أنس شيئاً ولم يفتني شئ لم أكتبه.

ص: 292

فقلت: يا رسول الله أتخوفت علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لست أتخوف عليك نسياناً ولا جهلاً، وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟

قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي، فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "، الأئمة.

فقلت: يا رسول الله، ومن هم؟

فقال: الأوصياء مني إلي أن يردوا علي الحوض كلهم هادٍ مهتدٍ لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن، والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أمتي، وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم، وبهم يستجاب دعاؤهم.

فقلت: يا رسول الله سمِّهم لي.

فقال لي: ابني هذا، ووضع يده علي رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده علي رأس الحسين، ثم ابن له يقال له علي، وسيولد في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة إلي اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي وأمي أنت، سمِّهم.

فسماهم لي رجلاً رجلاً، فيهم والله يا أخا بني هلال مهديُّ أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم. وذكر الحديث بتمامه). انتهي.

ص: 293

وهي روايات صريحة في أن القرآن كله كان مكتوباً عند علي عليه السلام من عهد النبي صلي الله عليه وآله، وأن النبي كان حريصاً علي أن يكتب عنه عليٍّ، أو مأموراً من الله تعالي أن يبلغ القرآن وما يوحيه إليه الله تعالي إلي من يعيه ويبلغه من بعده.

ويأتي هنا سؤال، وهو أنه يفهم من روايات مصادر إخواننا السنة أن علياًّ لم يكن عنده نسخة القرآن، بل كتبها بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وأن ذلك كان سبب تأخره عن بيعة أبي بكر.

والجواب: أن علياًّ عليه السلام كان في اليوم الأول لوفاة النبي صلي الله عليه وآله مشغولاً بمراسم جنازته ودفنه..

أما الأيام التي تلت ذلك، فقد كانت مليئة بالأحداث السياسية المهمة التي روتها مصادر الشيعة والسنة، ولا بد أن علياًّ كان مشغولاّ بها..

ويكفي أن بيته الذي كان يعرفه المسلمون ببيت فاطمة عليهما السلام، كان مركز اعتصام المعزين بوفاة النبي صلي الله عليه وآله والمعارضين لبيعة أبي بكر من أنصار ومهاجرين، وقد ذكرت المصادر أسماء عدد منهم..

وفي تلك الأيام قامت السلطة الوليدة بالهجوم علي بيت فاطمة مطالبين بأن يبايع المعتصمون وإلا أحرقوا البيت عليهم بمن فيه..

وبالفعل جمعوا الحطب علي باب البيت وأضرموا النار وأحرقوه... إلي آخر الأحداث!

وقد اختلف المؤرخون والمحدثون في تاريخ بيعة علي لأبي بكر، وذهب المحققون منهم إلي أن فاطمة غضبت ولم تبايع، وأن علياًّ لم يبايع إلا بعد وفاتها عليهما السلام.

قال ابن الأثير في أسد الغابة: 3/222:

ص: 294

(وتخلف عن بيعته علي وبنو هاشم والزبير ابن العوام وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن عبادة الأنصاري. ثم أن الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم، إلا سعد بن عبادة فإنه لم يبايع أحداً إلي أن مات، وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر علي القول الصحيح، وقيل غير ذلك). انتهي.

لكن مع ذلك يطمئن الإنسان بأن علياًّ كتب نسخة من القرآن في المرحلة الأولي من خلافة أبي بكر وقدمها لهم، لأن روايتها وردت في مصادر السنة كما تقدم، وفي مصادرنا أيضاً.

كالذي رواه الكليني في الكافي: 2/633:

(عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل علي أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس علي ما يقرؤها الناس.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: كفَّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتي يقوم القائم، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل علي حده.

وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام، وقال: أخرجه علي عليه السلام إلي الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه وآله، وقد جمعته بين اللوحين.

فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه.

فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً! إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه!).

والذي رواه الطبرسي في الإحتجاج: 1/225:

(وفي رواية أبي ذر الغفاري، أنه قال: لما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد

ص: 295

أوصاه بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله. ورواه المجلسي في البحار: 96/42 - 43، والحويزي تفسير نور الثقلين: 5/226).

ويفهم من هذه الروايات وغيرها أن علياًّ عليه السلام كان عنده نسختان من القرآن:

نسخة كتبها في عهد النبي بإملائه صلي الله عليه وآله وهي النسخة الموروثة المذخورة للإمام المهدي عليه السلام.. وقد تظافرت الروايات عنها في مصادرنا وفيها روايات صحيحة.. وأن الله تعالي يظهرها علي يده فيما يظهر من معجزات أحقية الإسلام وتأويل آيات القرآن، وقد تكون هي التي تحدث عنها ابن سيرين وابن سعد وعاصم وابن جزي، بأن تأليفها علي حسب التنزيل.

أما النسخة الأخري، فقد كتبها علي عليه السلام بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وهي بأسلوب التأليف الذي بين أيدينا، ولا بد أن النبي صلي الله عليه وآله قد علمه أسلوب تأليفها أيضاً وأوصاه بعرضها عليهم كما نصت رواية الطبرسي: " وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله ".

والظاهر أنها النسخة التي يصفها الخليفة عثمان بافتخار في رسالته إلي الأمصار بأنها " القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد، وأنزله عليه، وإذا القرآن غض!! ".

ولا يبعد أن يكون الرواة خلطوا أحياناً بين النسختين..

أما الفرق بينهما فهو في الترتيب فقط.. وقد نصت مصادر إخواننا علي أن ترتيب نسخة علي عليه السلام علي حسب النزول كما تقدم.

ص: 296

فما المانع من أن يكون المقصود بها النسخة التي كتبها في عهد النبي صلي الله عليه وآله والتي هي مذخورة عند أهل البيت للإمام المهدي عليه السلام. ونصت مصادرنا الشيعية أيضاً علي ذلك..

قال المفيد في الإرشاد: 2/360:

(وروي جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلِّم الناس القرآن علي ما أنزل الله عز وجل، فأصعب ما يكون علي من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف. ورواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 265، والمجلسي في بحار الأنوار: 52/339، وغيرهم).

فكتب (محب السنة) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الخامسة مساءً:

ماذا تريد يا عاملي بقولك عند علي نسخة أخري من القرآن؟

هل تعني النسخة التي عند (المعدوم المنتظر) الذي في السرداب؟

وهل الهدف مما أوردته القول بأن علياًّ رضي الله عنه انفرد برواية القرآن وجمعه دون سائر الصحابة؟

حب الصحابة كلهم لي مذهب.. ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (محب السنة) أيضاً بتاريخ 21 - 9 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

لماذا لا تجيب علي أسألتي يا عاملي؟ وحبذا لو تخليت عن طريقة القص واللصق، كما اقترح الأخ الجبهان، وأتيت بكلام مختصر مفيد، لأن خير الكلام ما قل ودل.

حب الصحابة كلهم لي مذهب ومودة القربي بها أتوسل.

اسرار ترتيب القرآن لم تكتشف بعد

ص: 297

وواصل (العاملي) نشر بحثه، بتاريخ 7 - 10 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

مع أن ما كُشف لنا من أسرار القرآن إلي الآن كافٍ لكل منصف لأن يؤمن بأنه كلام الله تعالي، فإن أكثر أسرار القرآن لم تكتشف بعد، ومنها أسرار ترتيبه.. سواء في ذلك ترتيب سوره وآياته..

بل ترتيب حروفه ونظمها في السور والآيات والكلمات!!

وعلي كثرة الحقائق والشواهد التي قدمها العلماء والباحثون في إعجاز القرآن وبنائه الفريد، فإني أذكر حقيقة واحدة وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام، تخضع لها الأفكار والأعناق..

فقد روي القاضي المغربي المصري من علماء القرن الرابع في كتابه القيم دعائم الإسلام: 2/146 قال:

(عن عليٍّ عليه السلام أنه قال: اعتلّ الحسين فاشتد وجعه، فاحتملته فاطمة فأتت به النبي صلي الله عليه وآله مستغيثة مستجيرة، فقالت: يا رسول الله أدعُ الله لابنك أن يشفيه، ووضعته بين يديه.

فقام صلي الله عليه وآله حتي جلس عند رأسه، ثم قال: يا فاطمة يا بنية إن الله هو الذي وهبه لك هو قادر علي أن يشفيه!

فهبط عليه جبرئيل فقال: يا محمد، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن، إلا فيها فاء، وكل فاء من آفة! ما خلا " الحمد لله " فإنه ليس فيها فاء، فادعُ بقدحٍ من ماء فاقرأ فيه الحمد أربعين مرة، ثم صبه عليه، فإن الله يشفيه! ففعل ذلك، فكإنما أنشط من عقال!). انتهي.

يعني ذلك: أن ما يبدو لنا من القرآن عادياًّ بسبب سذاجتنا، وراءه حساب، بل حسابات.. حسابات إلهية لا بشرية!

ص: 298

وأن هذه الحروف الثمانية والعشرين في القرآن عوالم من الرياضيات والعلوم والحقائق..

وليست حروفُ كتابٍ بشري!

فوجود الحرف له دلالة بل دلالات، وعدم وجوده، وعدده، وتوزيعه في الآية، وفي السورة..

وفي كل القرآن!!

الله أكبر.. فحيثما كانت الفاء في سورة أو موضوع، فهي تدل علي وجود آفة.. وحيثما وجدت الباء، والسين.. وكل الحروف.. تدل علي حقائق أخري؟

ثم ما معني الآفة؟ وما معني خلو سورة الحمد منها؟

وما معني قراءة كلام الله الذي ليس فيه آفة علي قدح ماء؟ وماذا يؤثر تكرار القراءة؟

وهل يتغير تركيب الماء بذلك؟

ثم هل تؤثر فيزياؤه المطورة في بدن المريض وتذهب منه الآفة..؟!

من المؤكد أنه يوجد ارتباط بين النظام الفيزيائي والروحي للكون، وبين نظام القرآن، وأن للقرآن إمكانات تأثير متنوعة علي عالميْ الروح والمادة، هي لونٌ أو ألوان من فاعليات الله تعالي في الكون، لأن القرآن كلامه سبحانه!!

ومن المؤكد أن النبي صلي الله عليه وآله أُعطي من معرفة ذلك أقصي ما يمكن أن يعطاه إنسان ويحتمله، لأنه صلي الله عليه وآله أفضل بني الإنسان، بل أفضل المخلوقات.. فهو المصطفي منها جميعاً، ولقد أجاد الشاعر الأزري بقوله:

قلب العالمين ظهراً لبطن … فرأي ذات أحمد فاصطفاه

ص: 299

ولكن النبي صلي الله عليه وآله لم يكن يستعمل ذلك إلا بأمر الله تعالي أو إجازته.. وهذه قضية مهمة في شخصيته وسلوكه صلي الله عليه وآله..

حيث أعطي وسائل العمل الإعجازي، ومع ذلك كان يعمل في كل أموره بالأسباب والقوانين الطبيعية العادية، ولا يستعمل الإعجاز إلا عندما يؤمر، أو عند (الضرورة).

إن الفرق بينه وبين موسي والخضر، أن الخضر أعطي العلم اللدني أو علم الباطن فهو يعمل بموجبه، وموسي أعطي الشريعة أو علم الظاهر فهو يعمل بموجبها..

أما نبينا صلي الله عليه وآله فقد أعطي العلمين معاً، ولكنه يعمل بالظاهر، إلا عندما يؤمر أو عند الضرورة!!

وهذه هي سنة الله تعالي، فهو لا يطلع علي غيبه أحداً إلا من ارتضاه.. ولا يرتضيه إلا إذا استوعب مسألة العمل بالقوانين الطبيعية والغيبية وسلم لإرادة الله فيها..

ثم يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً!!

والقرآن أكبر، أو مِن أكبر، تلك الوسائل التي أعطاها الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله..

وقد كان له ترتيب نزل به منجَّماً في بضع وعشرين سنة، وكان يؤدي فيه إدارة أحداث النبوة وصناعة الأمة وتوجيه النبي والأمة، وتسجيل كل ذلك للأجيال..

ثم صار له ترتيب ككتاب تقرؤه الأجيال، كتاب له مقدمة وفصول وفقرات..

أحدث من كل ما أنتجه وينتجه المؤلفون في منهجة التأليف والأسلوب!!

ص: 300

فما المانع أن يكون للقرآن ترتيبٌ ثالث، ورابع، وخامس، أملاه النبي صلي الله عليه وآله علي علي عليه السلام، وادخره عنده مع وصيته المحفوظة وعهده المعهود إلي ولده المهدي الذي بشر به الأمة والعالم؟

والذي يُظِهر الله علي يديه صدق دين جده علي الدين كله، فتخضع لبراهينه العقول والأعناق.. أرواحنا فداه وعجل الله ظهوره.

أما نحن الشيعة فنعتقد بأن ذلك حدث، وأن نبينا صلي الله عليه وآله قد ورث علومه ونسخة القرآن المؤلفة تأليفاً يؤثر تأثيراً معجزاً في المادة والروح، ويظهر بها إعجاز القرآن وتأويله، إلي عليٍّ والحسن والحسين.. إلي أن وصلت إلي يد خاتم الأوصياء الموعود علي لسان خاتم الأنبياء، الإمام المهدي

أرواحنا فداه ونور نواظرنا بطلعته المباركة.

وماذا نصنع إذا كانت النصوص في مصادرنا تصرِّح بذلك، وفي مصادر إخواننا تؤيده؟!

فهل نغمض أعيننا عنها ونقول لا يوجد شئ.. حتي يرضي عنا زيد أو عمرو؟!

وهل نفع الأمم السابقة إغماضهم عن نصوص أنبيائهم ووصاياهم.. حتي نقلدهم، ونقول: كلاَّ، كلاَّ.. لم يقل نبينا شيئاً، ولم يوصِ بشئ، ولم يورث شيئاً؟!!

وهل إذا قلنا إن النبي صلي الله عليه وآله رتب القرآن بأكثر من ترتيب.. وإن الروايات تدل علي أن النسخة المعهودة منه إلي ولده الإمام المهدي يختلف ترتيبها عن النسخة الموجودة بأيدينا.. صرنا من الكافرين بالقرآن الذي بين أيدينا، والقائلين بتحريفه؟!!

ص: 301

علي أيِّ حال، نحن أتباع النص الثابت عن نبينا وأهل بيته، صلي الله عليه وعليهم..

وليقل عنا الناس ما يقولون!

وكتب (الصارم) المسلول بتاريخ 8 - 10 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الرابعة صباحاً:

إن روايات الشيعة تؤكد بالإجماع أن القرآن الذي جمعه علي موجود عند المهدي المنتظر.

فهل تريد أن تخدعنا نحن يا عاملي، أم تخدع القراء؟؟ هل تريدني أن أذكر لك رواياتكم في ذلك؟؟ انتهي.

قال (العاملي):

وسيأتي في باب مواضيع الإمام المهدي عليه السلام، بحث معني أنه يأتي " بأمرٍ جديد وقرآنٍ جديد.

ص: 302

الفصل العاشر: روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

اشارة

ص: 303

ص: 304

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

طبَّل أتباع ابن تيمية وزمَّروا باتهام الشيعة بأنهم لا يؤمنون بالقرآن!

وأنهم يعتقدون أنه محرَّف.. وأن عندهم قرآناً آخر هو مصحف فاطمة عليها السلام، أو مصحف علي المودع عند إمامهم الغائب المهدي عليه السلام!!

فأنَّي اتجهت في صفحات الإنترنت تجد مواضيعهم وكلامهم المكرور حول هذه التهمة..

وتجدهم حذفوا إجابات الشيعة المتعددة والمفصلة عليها.. وهذه نماذج من مواضيعهم في ذلك:

كتب (سيف الله المسلول) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30 – 3 - 2000، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص)، قال فيه:

أسماء علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص:

1 - علي بن إبراهيم القمي.

2 - نعمة الله الجزائري.

3 - محمد الفيض الكاشاني.

ص: 305

4 - أحمد بن منصور الطبرسي.

5 - محمد باقر المجلسي.

6 - محمد بن النعمان (المفيد).

7 - أبو الحسن العاملي.

8 - سلطان الخرساني.

9 - عدنان البحراني.

10 - يوسف البحراني.

11 - النوري الطبرسي.

12 - حبيب الله الهاشمي الخوئي.

13 - الميثم البحراني.

وإذا كنت تريدون الشرح الكامل لهذا الموضوع، الرجاء قراءة كتاب الشيعة الإثنا عشرية وتحريف القرآن للأخ محمد عبد الرحمن السيف، الذي يعتقد البعض أني هو. وشكراً...

فكتب (عمار) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

جاكون بنظارات سميكة..

لقد شبعنا من هذه السخافات، ولم تأتِ بجديد اذهب إلي (بحث) وستجد أن هذا الموضوع قد زارنا في هذا المنتدي عشرات المرات، وقد أجاب عنه الإخوة إجابات شافية، وأنت نسيت أن تذكر مؤلفات هؤلاء.

وأقسم قسماً عظيماً أنك لا تعرف عنهم أكثر مما تقرأ في مخازن الكذب والتزوير، وتنقله هنا.

وبالمناسبة.. أضف إلي هؤلاء:

ص: 306

عمر بن الخطاب.

عبد الله بن عمر.

أم المؤمنين عائشة.

أبو موسي الأشعري.

عروة بن الزبير.

أبي بن كعب.

المسور بن مخرمة.

مسلمة بن خالد الأنصاري.

أبو سفيان الكلاعي.

البخاري.

مسلم.

ابن أبي داود.

ابن الأنباري.

ابن شهاب.

زر.

الزمخشري.

السيوطي.

أبو خرب بن أبي الأسود.

حميدة بنت أبي يونس.

وكتب (أبو سمية) بتاريخ 1 - 4 - 2000، التاسعة مساءً:

ليقرأ الأخ.. الدر المنثور، وهناك يعرف من قال بتحريف القرآن!!

ص: 307

وكتب (فرات) بتاريخ 2 - 4 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ المسلول: السلام عليكم.

لقد قام علماؤنا بالرد علي جميع الروايات والأقوال الشاذة التي تدعي القول بتحريف القرآن.

ولكن ما هو رأيكم بالأحاديث الصحيحة التي عندكم والتي يظهر منها حصول التحريف بالقرآن والتي منها:

1 - عن الخليفة عمر أنه قال وهو علي المنبر: إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم. فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيظلوا بترك فريضة أنزلها الله... صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب رجم الحبلي من الزنا.

فأين آية (الرجم) وآية (أن لا ترغبوا عن آبائكم) الآن؟!

2 - وقال أبو موسي الأشعري: وإنا كنا نقرأ سورة كُنَّا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي واديا ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات غير أني حفظت: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة. صحيح مسلم - باب لو أن لابن آدم واديان لابتغي ثالثاً.

3 - وعن السيدة عائشة أنها قالت: كان في ما أنزل من القرآن: عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلوماتٍ، فتوفي رسول الله وهُنَّ فيما يقرأ من القرآن. صحيح مسلم كتاب الرضاع.

4 - روي أحمد في مسنده عن أبي بن كعب: كم تقرؤون سورة الأحزاب؟

ص: 308

قال: بعضاً وسبعين آية.

قال: لقد قرأتها مع رسول الله مثل البقر أو أكثر وإن فيها آية الرجم!!

وأخيراً.. يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي بعد أن ذكر رواية من الكافي يظهر منها تحريف القرآن:

" ولدينا نحن معشر أهل السنة في بعض كتبنا التي نعتز بها آراء من هذا القبيل تصل بصاحبها والعياذ بالله إلي شفا حفرة من النار والكفر، فمن ذلك مثلاً ما يذكره السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن من قول بأن القرآن الكريم هو معاني الآيات فحسب وأما ألفاظها فمن الرسول عليه الصلاة والسلام. فكما لا يصح أن يحاسبنا أحد علي مثل هذه الأقوال التي نحكم ببطلانها لا يصح أن نحاسب الجعفرية علي ما ذكره الكليني... ويقاس علي ذلك جميع الآراء التي وردت في مؤلفاتهم أو عن شيوخهم، ويحكمون بعدم صحتها ولا يعدونها من مذهبهم ". انتهي كلامه. المصدر بين الشيعة وأهل السنة ص 30 - 31.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 6 - 4 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً، محولاً له علي بعض الكتب في شبكة رافد الثقافية:

http://rafed.net/salama/index.html

http:/209/164/120/218/vip/ubb/Forum 2/HTML/000670.html?4544333

http:/209/164/120/218/vip/ubb/Forum 2/HTML/000532.html

وكتب (أبو محمد الدوسري) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 7 - 5 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (صورة لسورة الولاية من مصحف إيراني هدية لمحمد محمد محمد وأهل الحق)، قال فيه:

ص: 309

أما بعد:

(إن أحد كبار علماء النجف وهو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي - الذي بلغ من إجلالهم له عند وفاته سنة 1320 ه- أن دفنوه في بناء المشهد المرتضوي بالنجف في إيوان حجرة بانو العظمي بنت السلطان الناصر لدين الله، وهو ديوان الحجرة القبلية عن يمين الداخل إلي الصحن المرتضوي من باب القبلة في النجف الأشرف بأقدس بقعة عندهم - هذا العالم النجفي ألَّف في سنة 1292 ه- وهو في النجف عند القبر المنسوب إلي الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، ولعنة الله علي من عاداه، كتاباً سماه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور، بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه - طبعاً المصحف الذي بين يدينا الآن - وقد طبع كتاب الطبرسي هذا في إيران وعند طبعه قامت حوله ضجة،

لأنهم كانوا يريدون أن يبقي التشكيك في صحة القرآن محصوراً بين خاصتهم، ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد تطبع منه ألوف النسخ ويطلع عليه خصومهم، فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار الجميع.

ولما أبدي عقلاؤهم هذه الملاحظات، خالفهم فيها مؤلفه وألف كتاباً أخر سماه رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب.

وقد كتب هذا الدفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين!

ص: 310

وقد كافؤوه علي هذا المجهود في إثبات أن القرآن الكريم محرف، بأن دفنوه في ذلك المكان الممتاز من بناء المشهد العلوي في النجف.

ومما استشهد به هذا العالم النجفي علي وقوع النقص بالقرآن إيراده في الصفحة 180 من كتابه سورة تسميها الشيعة سورة الولاية، مذكور فيها ولاية علي رضي الله عنه وأرضاه ولعنة الله علي من عاداه، وهو ما يثبت تحريفهم للقرآن! النص:

يا أيها الذين آمنوا آمنوا ا بالنبي والولي اللذين بعثنا هما يهديانكم إلي الصراط المستقيم. نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير. إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم. والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون. إن لهم في جهنم مقاماً عظيماً إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون

المكذبون للمرسلين. ما خلفتهم المرسلين إلا عني وما كان الله ليظهرهم إلي أجل قريب وسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين.. إلخ. تعالي الله عم يقولون ويفترون.

منقول من كتاب الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية.

هذا ما يثبت أن عندهم مصحف غير الذي لدينا، فيه سور كاملة وليس آيات، وللمعرفة ممكن الرجوع إلي:

1 - كتاب الشيعة والقرآن - إحسان إلهي ظهير رحمه الله.

2 - كتاب الشيعة وتحريف القرآن - محمد مال الله جزاه الله خيراً.

3 - كتاب الخطوط العريضة - السيد محب الدين الخطيب رحمه الله.

ص: 311

ملاحظة: حاولت نقل الصورة إلي الساحة ولم أستطع، دلوني علي ذلك حتي أرفقها لكم، الصورة موجودة في وورد سحبتها بالماسح... ولكن لم تنتقل بعد نسخها ولصقها بالساحة.

وكتب (شامس 22) بتاريخ 7 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

ما قصرت.. جزاك الله خير.

وكتب (نسيم الهواء) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الواحدة صباحاً:

الأخ ابن الوادي: تحية طيبة:

لا تتصور أن استلهام موضوع كهذا يتأتي بهذه البساطة، ولكن خذ لنفسك شيئاً من الشجاعة.. وراجع موضوعاً بعنوان: كلمة أخيرة في تحريف القرآن، علي صفحة الموقع التالي:

www. rafed. net

وكتب (سماحة) بتاريخ 8 - 5 - 1999، السادسة مساءً:

من المؤسف أن نقرأ بين الحين والآخر إثارات من قبل جهات متطرفة تريد التشكيك بعقائد طائفة كبيرة من المسلمين، فهذه التشكيكات منقوضة بمثلها في كتب أهل السنة والجماعة.

إذ جاء عن عائشة:

إن سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي (صلی الله علیه و آله) في مائتي آية، فلم نقدر منها إلا علي ما هو الآن.

المصدر: الإتقان: 3/82. تفسير القرطبي: 14/113. مناهل العرقان: 1/273. الدر المنثور: 6/560.

ص: 312

وغيرها مما يشير وجود نقولات عن الحشوية عن الطرفين، فرأي شخص لا يجسم عقيدة طائفة.

فلو صح خبر السورة المفتعلة علي الشيعة فَلِمَ لا نجد تفسيرها في أي تفسير من تفاسير الشيعة.

اتفق الشيعة وغيرهم علي أن ما في الدفتين هو الكتاب المنزل.. فلماذا تثيرون أمور لا يستفيد منها إلا الأجنبي؟

وكتب (أبو إبراهيم) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

في الحقيقة إنني لست شيعياً، ولكن للأمانة العلمية أحب أن أذكر أمراً سمعته بأذني من اثنين من علماء إيران في إذاعة طهران في وقتين مختلفين ينفيان وبكل صراحة وجود أي تحريف في القرآن.

وذكر أحدهما أن القائلين بهذا يفتحون أمام المستشرقين وأعداء الإسلام الباب للتشكيك في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن جميع المسلمين متفقون علي حفظ كتاب الله من التحريف.

وذكر أن بعض كتب الشيعة قد يفهم منها خطأ هذا الأمر، ولكن لا قداسة لمن قال بمثل هذا.

وأقول قد يكون من قال هذا من غلاة الشيعة.

وأدعو جميع المسلمين إلي التعاون ضد أعداء الإسلام وأن لا يشنع بعضهم علي بعض، وألا يثيروا مثل هذه القضايا، والله أعلم.

وكتب (الموالي) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

أما إنك قد ذكرت في مقالك العجائب، وقصصت علي القراء قصصاً من رأسك نسجتها أوهامك مدعياً تحريف القرآن عند الشيعة.

ص: 313

ولكن هناك سؤال من حق كل قارئ للموضوع أن يسألك فيه وهو: ما دليلك علي ما قلت؟

أي آية قمت بتأليفها وطرحها بهدف الضحك علي الذقون؟!!

وإن كنت مصراًّ علي ما تقول.. ببحث علمي معتبر مرفق بالمصادر، ليطلع عليه البشر.

وكتب (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

أما بعد:

إن ما نسبته إلي ليس صحيحاً، وللتأكد من ذلك ضع البريد الإلكتروني الخاص بك، وسأرسل لك صورة من سورة الولاية منسوخ من المصحف الإيراني ومترجمة بالفارسية تحت العربية.

ثم لتعلم أن هذه الأدلة الكثيرة التي خصص لها أبواب في بعض الكتب، وألِّف بها كتب تبيِّن عقيدتكم بتحريف القرآن، ولقد شهد بذلك علامتكم الدكتور موسي الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح في باب تحريف القرآن الكريم صفحة 131 - 136، طبعة عام 1408 ه- 1988 م.

ومن جملة ما قال:

إن للإمام الخوئي كتاب تفسير اسمه البيان ذكر فيه في صفحة 222، عن وجود مصحف للإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، وجميع علماء الشيعة يستدلون علي ذلك حسب ما أورد براوية يذكرها الطبرسي في كتاب الإحتجاج وهي أن الإمام قال: يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم عندي بإملاء رسول الله وخط يدي، وتأويل كل آية أنزلها الله تعالي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم وكل حلال وحرام أو حكم تحتاج إليه الأمة إلي يوم القيامة، فهو عندي بإملاء

ص: 314

رسول الله وخط يدي حتي أرش الخدش. من تفسير البيان الإمام الخوئي صفحة 222.

أرجو عدم الحكم بهذه السرعة، الأمر يحتاج إلي دراسة وبحث وللحديث بقية مفصله بجميع الشواهد قريباً.

الأخ أبو إبراهيم:

لا تستمع حتي لا تصدق كل هذه الخرافات إلا بعلم جازم يفصل بين الحق والباطل، ولا يتزعزع صاحبه عن الحق مهما زيِّن للباطل.

سؤال: هل يستطيع أحد أن يطفئ نور الشمس بالنفخ من الأرض؟!

وكتب (أوكمان 23) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

أما بعد: يا أبا محمد الدوسري، أقدر حرصك علي كتاب الله العزيز.

أخي الكريم.. لو افترضنا أن ما تقوله تقول به كل الشيعة، فهل من الأدب مع القرآن أن تنشر كل إساءة إليه وتأتي إلينا بها فرحاً مبتهجاً... وكأنك توصلت إلي ما ينهي الشيعة بالضربة القاضية.

هداك الله يا أخي أقول لك وأنا متأكد مما أقول:

هذه الكتابة - والتي تسميها أنت آية وكأنك تنفذ رغبة واضعها - هي موجودة في كتاب اسمه دبستان مذاهب.. وكُتِبَت أيام الإحتلال البريطاني للهند لإثارة الفتنة بين المسلمين.. وليس لها أصل سابق.

أما أخْذُ النوري بها.. ليس حجة علي الشيعة.

لأنه شخص واحد بين آلاف العلماء الذين أنكروا عليه أشد النكير.

الآن سوف تقفز من مكانك وتقول ولكنهم دفنوه في...

أقول لك أيضاً: الرجل تراجع عن أقواله.. ومن علم حجة علي من جهل.

ص: 315

وسوف تقول إنها تقية.. لا وأنا خوك.. ما هي تقية..

ولِعِلْمك الخاص: فالنوري الطبرسي أشار إلي شئ يسميه أمثالك آية وهي الخلع والحفد.

فلماذا لا تستنكرها أيضاً.. وتوزع صورتها علي الناس …

رأفةً بأنفسكم.. فإن الإفتراء عظيم العواقب.

وكتب (إكسبلوتد) بتاريخ 8 - 5 - 1999 الخامسة مساءً:

الأخ الدوسري:

من أصول الأدب والإحترام والتبجيل للقرآن الكريم، هو تنزيهه من الشبهة أي كانت وهو ما اتفق عليه المسلمون بجميع فرقهم ومشاربهم...

والعجيب والملفت للنظر أن الشيعة أنفسهم يقدسون القرآن ويعتبرونه معجزة خالدة..

وأنت تكذبهم وتطعن بالقرآن وتقول كلاَّ أنتم تحرفونه.. فهل الأمور تجري بالقوة وإلقاء التهم.

وإن كان رجل واحد من المسلمين سنة كانوا أم شيعة.. يطعن بالقرآن.. فهل يصبح حجة علي الإسلام، بملايينه الكثيرة؟

وهل كان سلمان رشدي وهو مسلم سني بطعنه بالقرآن والنبي (صلی الله علیه و آله) حجة علي المذهب السني؟ الجواب: كلاَّ!

وهكذا فالمارقين من الفريقين كُثْر، وليس من الأدب الطعن بالقرآن الكريم..

وما هو ردك إن كنت بالخارج وتناظرت مع أحد الغير مسلمين وقال لك: إن دينك محرف وإن هناك مسلم شيعي أو سني يقول بذلك، فهل ستقول له: نعم،

ص: 316

إنه محرف، والمذهب الفلاني أصدقه فهو يقول بالتحريف!! أم أنك ستقول إنه حجة الله الخالدة، والمسلمون يؤمنون بخلِّوه من التحريف؟!!

فاتق الله في كتابه وخلقه.. وبلاش مزايدات كلها تصب ضد الإسلام والقرآن.

وانتهي الموضوع وغاب الدوسري، ولم يرجع.

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (تحريف القرآن.. حقيقة سورة الولاية..!!؟)، قال فيه:

اللهم إنا نبرأ لك من هذا... سبحانك هذا بهتان عظيم.

http://WWW.alsaha.com/cgibin/sahat?13@54.iq3caVJEcOB^0@.ee7350a

فماذا بعد الحق إلا الضلال...

فكتب (هادي 2) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

العجب من هذا الرجل.. كيف يتجرأ علي رمي الناس والكذب عليهم، ويستدل علي مؤاخذاته بأقوال أعدائهم، وكأنه لم يقرأ أحاديث الرسول!!

ولكن لا عجب.. فهذه سنة أميرهم عمر، الذي كثر منه الإفتراء علي رسول الله.. وهذا حفيده يفتري علي عترة رسول الله (صلی الله علیه و آله).

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة إلا عشراً صباحاً:

هذه ليست إلا شرحاً للسورة.. ولو أنها فعلاً موجودة لرأيتها إلي يومنا هذا في كل قرآن متداول عند الشيعة، وخصوصاً في إيران.. ولكنه الحقد والتعصب!!

ص: 317

فلو أنك كلفت نفسك وبحثت عن الحقيقة لوجدتها، ولكنك حشوي مجسم، وكفي..

والسلام من الله خير تحية.. سبحان الذي أذل عباده بالموت.

وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 18 - 6 - 1999 الواحدة صباحاً:

يسب الفاروق رضي الله عنه! لا حول ولا قوة إلا بالله.

يا حبيبي يا رسول الله ألست القائل: اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين.. سبحانك ربي لا إله إلا أنت رحم الله الخلفاء الراشدين المهديين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 6 - 1999 الواحدة والربع صباحاً:

الإخوة الكرام:

الإفتراء حرام، وليس عندنا نحن الشيعة قرآن آخر غير قرآننا نحن المسلمين جميعاً.

والحمد لله أنه مصون معصوم عن التحريف.

وهذه السورة المزعومة نكفر بها.. وهي تكفر بنفسها لركاكتها.

وكذلك كل محاولة لتحريف كتاب الله تعالي بالزيادة أو نقيصة.. سواء زعمها وافتراها من يزعم أنه شيعي أو سني!

ولكن جواب الإفتراء - يا أخ هادي - لا يصح أن يكون بالمساس بشخصية الخليفة عمر ومشاعر الملايين الذين يحبونه!! إن كان عندك شئ علمي تنقله من مصدر معتبر، فلا بأس.

أما هذا الأسلوب الذي يستعمله بعضهم ضدنا فلا يصح أن نستعمله نحن.

ص: 318

وأنا أعتذر لمن أساء إليهم كلام الزميل هادي. وأستغفر الله..

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة وعشرين دقيقة صباحاً:

صحيح يا شجرة الدر.. المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فهل سلم الناس من لسان ويد معاوية والذين أتوا من بعده؟؟

فلتعلمي / أو فلتعلم.. أن ما نحن فيه الآن من لعن وسب وشتم قد ابتدأ به معاوية..

ولم أرك تقول / أو تقولين يسب علي رضي الله عنه!! لا حول ولا قوة إلا بالله...

بل اعتذرتم لصاحبكم واجتهدتم أيما اجتهاد في نصرته، وهذا يرجع فضله لقائد مسيرتكم المظفرة ابن تيمية.. فقد علمكم ما تقولون وما تعملون إلي قيام يوم الدين، وأوصد ابن عبد الوهاب أبواب عقولكم وألجمها بتعاليمه.. فهل من منصفٍ منكم... والسلام من الله خير تحية...

سبحان الذي أذل عباده بالموت.

فكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

يبدو أنني بدأت الإنجرار إلي النقاش الطائفي.

أولاً: لماذا بعد كل فترة وأخري يكلمني شخص بصيغة المذكر؟!

هل من يستعمل اسم مؤنث يجب عليه أن يثبت أنه أنثي بينما من يستعمل اسماً رجالياً لا يسأله أحد ولا يقول له شيئاً؟! ما هذه العنصرية أيها الرجال؟ لماذا التشكيك يا عبد الله الشيعي؟!

الزميل العاملي:

ص: 319

شكراً، وهذا ما قصدته من مداخلتي، فالأمر لا يستدعي إقحام عمرنا الحبيب رضي الله عنه وشتمه بدون سبب وها أنتم تخطئون علينا!

الزميل عبد الله الشيعي:

ما دخل معاوية رضي الله عنه وأرضاه، هنا؟ وأنا قد رددت علي سب المدعو هادي للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟! أم أنها فرصة لك لتنال من معاوية رضي الله عنه، هنا فتقحمه هنا بلا سبب وتشتمه؟ أين المراقب؟

ثم من قال إني أسكت عن سب علي كرم الله وجهه؟ دع أحداً يتجرأ عليه، وسأريه.

الحمد لله أني منذ أن دخلت أنا العربي قبل حوالي أسبوعين وأنا لم أشتم أي إنسان ولا حتي الخميني وإن اختلفت معه، وضميري والحمد لله مرتاح وذمتي بيضاء إن شاء الله.

أتساءل عن ذمم من يشتمون الناس - من كلا الطرفين - كيف هي؟

وماذا سيقولون لله حين يسألهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

فكتب مراقب الساحة بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثانية والنصف صباحاً:

أخي الكريم: هادي، نرجو أن تراعي الإلتزام بمنهج الحوار العلمي، ونرفض منك عدم التزامك بتعاليم أهل البيت (علیهم السلام) ونحن لا نقبل قولك هذا:

" ولكن لا عجب فهذه سنة أميرهم عمر الذي كثر منه الافتراء علي رسول الله ".

ص: 320

الموضوعية والمنهج العلمي في النقاش أساس نجاح الساحة واحترام مشاعر ومعتقدات الآخرين الغاية التي نطمح إليها من خلال الحوار العلمي الرصين. مع تمنياتي لك بالنجاح، أخوكم مراقب الساحة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

لم يثبت أن أحداً من أهل السنة والجماعة قال إن القرآن الذي بين أيدينا ليس كامل (كذا)!!

فهل من يعتقد بذلك كافر، أم أنه هو الذي علي حق!!

المشكلة عندكم أنكم تحاولوا أن تقيسوا الروايات التي جاءت في القراءات والمنسوخ، بالروايات التي جاءت عندكم في إثبات التحريف بعد موت النبي، وأن الصحابة زادوا منها ونقصوا، ثم لما رأيتم أنكم بهذا القول تنقضون دينكم كله بدأ علماءكم المتأخرين يردون هذا القول تقية.

وإلا فما معني إصرار الكثير من علماء الرفض كالطبرسي علي ذلك، وذكر العدد الكبير في تأييد هذا الأمر؟

وكتب (الأشتر) بتاريخ 18 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

" لم يثبت أن أحداً من أهل السنة والجماعة قال إن القرآن الذي بين أيدينا ليس كامل!! "

مشارك.. إليك هذه الهدية:

قال الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني وهو من فقهاء الحنفية له مؤلفات كثيرة في الحديث والمواعظ والتراجم وغيرها من العلوم توفي سنة 973 تجد ترجمته في الشذرات: 8/372، قال:

ص: 321

" ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبينت جميع ما سقط من مصحف عثمان " انتهي.

قوله مذكور في كتاب الكبريت الأحمر المطبوع علي هامش اليواقيت والجواهر ص 143. والله الموفق.

وانتهي الموضوع ولم يرجع (عبدالرحمن المائي)و(شجرة الدر) و(مشارك)!

وكتب (أبو فراس) في شبكة الموسوعة، بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (أسماء العلماء الأجلاء وتصريحاتهم بتحريف القرآن)، قال فيه:

- وممن صرح بالتحريف من علمائهم: مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير الصافي، قال في مقدمة تفسيره.. ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية، قال:

وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه كان روي روايات في هذا المعني في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي رضي الله عنه فإن تفسيره مملوء منه، وله غلوٌّ فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي رضي الله عنه فإنه أيضاً نسج علي منوالهما في كتاب الإحتجاج. تفسير الصافي: 1/51.

ص: 322

- وممن صرح بالتحريف أيضاً هو أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي المتوفي سنة 620 ه-، روي الطبرسي في الإحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال:

لما توفي رسول الله (صلی الله علیه و آله) جمع علي عليه السلام القرآن، وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله)، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم. فوثب عمر وقال: يا عليّ، اردده فلا حاجة لنا فيه.

فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قارئاً للقرآن.

فقال له عمر: إن علياًّ جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكاً للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلي ذلك..

فلما استخلف عمر سأل علياًّ أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم. الإحتجاج للطبرسي: 1/ 155.

ولم يكتف الطبرسي بتحريف القرآن، بل أخذ يؤول معاني القرآن تبعاً لهوي نفسه فزعم أن في القرآن الكريم رموزاً فيها فضائح المنافقين، وهذه الرموز لا يعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه..

هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن، وما أظهره لا يعد شيئاً مما أخفاه في نفسه، وذلك تمسكاً بمبدأ التقية يقول:

ص: 323

ولو شرحت لك كل ما أسقط وحرف وبدل، مما يجري هذا المجري لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء، ومثالب الأعداء. الإحتجاج للطبرسي: 1/254.

ويقول في موضع آخر محذراً الشيعة من الإفصاح عن التقية:

وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته علي ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الإصطلاح علي الإئتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عدداً من أهل الحق. الإحتجاج للطبرسي: 1/249.

- وممن صرح بتحريف القرآن هو محمد باقر المجلسي.. والمجلسي يري أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلي إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة علي حد زعمهم، فيقول في كتابه مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول: 12/525، في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:

إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلي محمد (صلی الله علیه و آله) سبعة عشر ألف آية، قال عن هذ

الحديث: موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح.

ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معني، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا

ص: 324

يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر..؟ مرآة العقول للمجلسي: 12/525.

- ثم يأتي الشيخ محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد الذي يعد من مؤسسي المذهب ما شاء الله فقد نقل إجماعهم علي التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة، قال في كتاب أوائل المقالات ص 48، 49:

واتفقت الإمامية علي وجوب رجعة كثير من الأموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معني الرجعة اختلاف، واتفقوا علي إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالي، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس، واتفقوا أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن

موجب التنزيل وسنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأجمعت المعتزلة، والخوارج، والزيدية، والمرجئة، وأصحاب الحديث علي خلاف الإمامية في جميع ما عددناه.

ملاحظة: هذا دليل أن هناك مشابهة لليهود بالنسبة لأمر الرجعة سأتطرق لها لاحقاً.

وقال أيضاً: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدي من آل محمد (علیه السلام) باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين (كذا) فيه من الحذف والنقصان... أوائل المقالات: 12/525.

وقال أيضاً حين سئل في كتابه المسائل السروية: ما قولك في القرآن.. أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس، أم هل ضاع مما أنزل الله علي نبيه منه شئ، أم لا؟

وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين (علیه السلام) أم ما جمعه عثمان علي ما يذكره المخالفون؟

ص: 325

وأجاب: إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالي وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر، وهو جمهور المنزل، والباقي مما أنزله الله تعالي قرآناً عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام لم يضع منه شئ.

وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جُمع، لأسباب دعته إلي ذلك، منها قصوره عن معرفة بعضه، ومنها ما شك فيه ومنها ما عمد بنفسه، ومنها ما تعمد إخراجه.

وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلي آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي علي المدني والمنسوخ علي الناسخ ووضع كل شئ منه في حقه، ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام): أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، إلي أن قال: غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة ولا نقصان منه إلي أن يقوم القائم (علیه السلام) فيقرئ الناس القرآن علي ما أنزل الله تعالي وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام، ونهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد علي الثابت في

المصحف لأنها لم تأت علي التواتر وإنما جاء بالآحاد - الشيعة لا يثبتون التواتر إلا بنقل أهل السنة فيكون القرآن كله عندهم آحاد - وقد يغلط الواحد في ما ينقله ولأنه متي قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف وأغري به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا (علیه السلام) من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين.

- وممن صرح بتحريف القرآن النوري الطبرسي المتوفي (كذا) 1320 ه- وكتابه فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب، أنعم به من شيخ:

ص: 326

قد كانت روايات وأقوال الشيعة في التحريف متفرقة في كتبهم السالفة التي لم يطلع عليها كثير من الناس حتي أذن الله بفضيحتهم علي الملأ، عندما قام النوري الطبرسي أحد علمائهم الكبار في سنة 1292 ه- وفي مدينة النجف حيث المشهد الخاص بأمير المؤمنين بتأليف كتاب ضخم لإثبات

تحريف القرآن سماه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب.

وقد كتب في هذا الكتاب حشداً هائلاً من الروايات لإثبات دعواه في القرآن الحالي أنه وقع فيه التحريف وقد اعتمد في ذلك علي أهم المصادر عندهم من كتب الحديث والتفسير، واستخرج منها مئات الروايات المنسوبة للأئمة في التحريف.

وأثبت أن عقيدة تحريف القرآن هي عقيدة علمائهم المتقدمين.

نسأل الله السلامة في ديننا ومعتقداتنا من شرور هؤلاء المصرحين بتحريف القرآن. اللهم آمين.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

أنت تكرر المواضيع يا أبا فراس.. وتهرب منها!

لقد حكمت بكفر من قال بتحريف القرآن لأي سبب، ولعنتهم.

وسألتُك.. هل يشمل حكمك ولعنتك من قال بتحريف آيات أو كلمات، أو زيادة سورة..

وأن قرآنيَّتها لم تثبت عن الرسول صلي الله عليه وآله؟ فخِفْتَ وجَبُنْتَ ولم تُجِبني!!

فلله درُّ يقينك وبصيرتك في دينك!! ولله درُّ المكيالين اللذيْن تكيل بهما!!

لا يوجد في علمائنا رضوان الله عليهم من يقول بوجود زيادة في القرآن.

بينما يوجد عندكم من يقول بزيادة المعوذتين كالبخاري وعمر!!

ص: 327

وجمهور علمائنا يقولون بعدم وجود نقص فيه، وقلة منهم يقولون بذلك..

وهو قول إمامكم عمر وكثيرين من علمائكم.

فما الذي اختصت به مصادر الشيعة وعلمائهم، حتي تهرجوا به؟!!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

أما وصفك إياي بالجبن، فقد أخطأ حدسك بذلك.

وإذا تريد أن تلعن.. فالعن القمي والكليني ونعمة الله الجزائري والعاملي يا عاملي، وكذلك الفيض الكاشاني. إلعنهم ونحن نؤمن من ورائك. ثم إلعن من يريد إضافة سورة إلي القرآن الكريم.

وأما قولك: وسألتك هل يشمل حكمك ولعنتك من قال بتحريف آيات أو كلمات، أو زيادة سورة وأن قرآنيتها لم تثبت عن الرسول؟

فأجيب لك (كذا): أنت أول من بدأ باللعن، وإنني لم ألعن أحداً حتي علمائكم المصرحين بتحريف القرآن.. لم ألعنهم، فتركت لعنهم عليك، إلعنهم كما يحلو لك.

علي فكرة.. ليس من طبعي أن ألعن.. إن كان اللعن طبعاً لديك أو من أساس الذي نشأت عليه، فإنني لم أنشأ علي ذلك.

ملاحظة أخري: قلت في كلامك بأنني حكمت بكفر من يقول بتحريف القرآن، وهذا كذب منك عليَّ.. إنني ما قلت هذا وما أفتيت بذلك، ولكنني ذكرت لك فتاوي العلماء بتكفير من يدعي بأن القرآن محرف أو ناقص أو زائد أو من يدعي بأن الصحابة غيروا فيه وبدلوا، وهذا ما يقوله علماؤك. فهذا كفر.. وقال تعالي بأن لعنته علي الكافرين فاجعل لعنتك عليهم إذن، وأرحني.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

ص: 328

كل محاولة للتشكيك أن الشيعة يقولون بالتحريف باطلة.

فآراء وأقوال العلماء المعتمدين محفوظة في أمهات الكتب. فتمعن هذا الموضوع (الشيعة والقرآن).

لم نعرف طائفة قد تعرضت للتهم كما تعرضت لها الشيعة وكذلك سيرة الحق..

فإن كل قوي الشر تتكاتف ضدَّه وتقف في وجهه، لأنها تشعر بالخطر يهددها والسيل يجرفها وإعصار الحق يحرقها.. فتحاول صدَّه باتهامه بما هو برئ منه وطاهر الذيل من أدرانه.

إن الشيعة بما تحمل من حقّ وتعقد قلبها عليه.. أراد أخصامها الحطَّ من شأنها ولو بتلفيق التهم، ونسج الأباطيل..

وليس أدل علي ذلك وأقوي برهاناً من أقوال الزور التي أطلقها المفترون والمعاندون للحق وقد كانت مسألة تحريف القرآن بنقصان شئ منه هي إحدي التهم التي نسبت إلي الشيعة..

حيث إن الخصم عثر علي بعض الأخبار الضعيفة فتشبث بها ورفعها في وجوه الناس وأمام الملأ معلناً صارخاً متهماً الشيعة أنهم يقولون بتحريف القرآن ونقصانه..

إن هؤلاء الأخصام نسوا.. أو تناسوا ما عندهم من الأخبار والآثار، سادلين دونه ستراً مشهرين بالشيعة بها.

وإذا كان لهذه التهم من رواج فيما مضي.. ولها فيما سلف سوق، فإنها اليوم لا تنفق ولا تقبل بعد أن ارتفعت الأغشية عن العيون وأصبح الحق وحده هو الحاكم والمنطق هو المسيطر.

ص: 329

لقد كان للتهم فيما مضي رواج ونفاذ.. ولكن اليوم وأمام انطلاقة الفكر من عقاله لم يعد لها أي وزن أو مقدار، بل تتبخر كلها وتذوب مع من افتراها وصدق الله تعالي حيث يقول: فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

ونحن سنبين الرأي الصحيح المعتمد لدي الشيعة وسنتعرض لبعض ما ورد من طرق المخالفين من الأخبار القائلة بتحريف القرآن عندهم ونصل بعدها إلي القول الفصل في المسألة.

رأي الشيعة

القرآن الكريم هو كلام الله المنزل علي رسوله محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله) خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وقد نزل عليه بألفاظه وحروفه فبلغه النبي إلي أمته كما نزل دون زيادة أو نقيصة، فأدي الأمانة واجتنب الخيانة وأطاع الله فكان رسولاً نبياً..

وإن القرآن الكريم قد تكفل الله بحفظه وصيانته من التحريف والتبديل.

إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

إنه تعهد من الله بحفظ كتابه، حفظه من الزيادة والنقصان، وقد تناقله المسلمون من الجيل الأول حتي وصل إلينا بالتواتر جيلاً بعد جيل، ولم يهتم بشئ كما اهتم به ولم يعني بأمر كما اعتني به، فقد أولاه المسلمون من الإهتمام ما جعلهم يعرفون كل آية أين موضعها بل كل كلمة أين محلها.

إنه نقل بالتواتر المفيد للعلم الذي حصل لنا من خلاله أن لا زيادة فيه ولا نقصان منه - ولو حرفاً واحداً - وهذا هو رأي الشيعة والذي عليه المعتمد عندهم ومعه لا يلتفت إلي قول الشاذ منهم، فإن الشاذ ليس حجة ولا يكشف عن رأي

ص: 330

المجموع خصوصاً بعد أن سبقه الإجماع ولحقه، كما لا يلتفت إلي بعض الأخبار الغريبة القائلة بنقصانه فإنه لا يجوز التعويل عليها ولا الإستشهاد بها فإن عند المخالفين مثلها وسوف نستعرضها كردٍّ عليهم وإسكاتاً لهم دون قصد الإيمان بها أو الإعتقاد بمضمونها.

ممن يؤخذ رأي الشيعة؟

إن رأي أي فرقة من فرق المسلمين لا يمكن أخذه من عوامهم والرعاع منهم.

كما لا يمكن أخذه من أنصاف المتعلمين أو المتطفلين علي العلم أو الشاذ منهم، بل استكشاف رأي الطائفة ونسبته إليها لا يكون إلا بالإطلاع علي آراء المتضلعين منهم والممثلين لوجهة نظرهم، ألا وهم العلماء القادة الذين تبحروا في أعماق مذهبهم واستكنهوا دخائله بما توصلوا إليه من بحث ونظر.

فكما لا يمكن استكشاف رأي المخالف من بعض الأفراد الذين ينتمون إلي مذهبه صورياً كذلك لا يمكن استكشاف ذلك من المستشرقين الذين لا يدركون عمق وأسرار التشريع ومنطلقاته التي منها يحكم بهذا الحكم أو يرفضه.

وإن إخواننا من أبناء السنة قد اعتمدوا في الحكم علي الشيعة في كثير من الأحيان علي أمور لا تصح أن تكون لهم أو مبرراً لقضائهم، فلذا جاءت أحكامهم بعيدة كل البعد عن الحق، مجانبةً الصواب.

لقد اعتمدوا في كثير من الأحيان علي أمورٍ، أهمها:

1 - اعتمدوا علي من كتب من الفِرق، وهم في الغالب أصحاب أهواء وميول، إن أحبوا أشادوا، وإن أبغضوا أسقطوا ونفروا، إن كتبوا عن فرقهم

ص: 331

رفعوها ومدحوها وذكروا محاسنها، وإن كتبوا في عقائد غيرهم أهانوا وحقروا وجاؤوا بأشياء غريبة عنها.

2 - اعتمدوا علي قول شاذٍ لأحد أبناء هذه الفرقة وإن كان واحداً وأهملوا أقوال سائر الأفراد سيراً مع أهوائهم التي تخدم مصلحتهم وتروي حقدهم.

3 - اعتمدوا علي المستشرقين وأبحاثهم وهذه نغمة مستحدثة قد استشهد فيها الكثير من أبناء المسلمين وقلما نجد كتاباً من إخواننا السنة إلا ويستعرض أقوال بعض المستشرقين لتأييد حكم أو نفيه، وكأن عقول المسلمين والمفكرين من أبناء الإسلام بحاجة إلي متطَّفل دخيل يعتمد عليه أو يركن إلي حكمه

ونحن نبصر بأعيننا كيف أن هؤلاء المستشرقين يزيفون الحقيقة ويبغون من وراء كتاباتهم الحطَّ من شأن الإسلام والمسلمين والطعن في أحكام هذا الدين وصلاحيته.

إن هؤلاء المستشرقين بما يحملون من حقدٍ علي الإسلام تارة وبما يحملون من نفس مادية غريبة أخري وبما يعتمل في نفوسهم من إثارة الحساسيات بين المسلمين نراهم يعمدون إلي بعض الفوارق المذهبية ليدرسوها بالعقلية الحاسدة اللئيمة التي تبغي الشر للإسلام والمسلمين ويأخذون بزرع بذور الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة تحقيقاً لآمال أسيادهم المستعمرين الذين عزَّ عليهم أن يروا أمة الإسلام تجتمع علي كلمة واحدة ورأي واحد.

ولن ننسي الأب لامنس الحاقد علي كل ما يسمي إسلام وعلي كل رجالات الإسلام الذين صنعهم هذا الدين.

ولن ننسي صاحب قصة الحضارة التي وصف بها النبي محمد والإسلام بما ينبو منه الذوق ويتجافي عنه قلم الغيور.

ص: 332

إن هؤلاء المستشرقين لا يعكسون الحقيقة ولا يعلمون رأي الفرقة التي يكتبون عنها إلا من خلال أنانياتهم وتوجيهات أسيادهم المستعمرين.

فكما أن المسلم الشيعي عندما يريد أن يحتج علي أخيه المسلم السني يجب أن يعتمد علي كتبه المعتمدة عنده وعلي آراء علمائه الذين يمثلون رأي مذهبه، كذلك يجب علي الأخ السني إذا كان مريداً للخير طالباً للحق أن يعتمد علي كتب الشيعة المعتمدة وآراء علمائها المراجع.

إن رأي الشيعة لا يؤخذ من فقيهٍ واحد ينفرد برأيه أو يخطئ في اجتهاده، بل الرأي الشيعي الذي يصح أن ينسب إلي الشيعة هو ما يؤخذ من وجوه الطائفة والمعتمدين فيها من أهل التحقيق والتدقيق من كبار مراجعها وأهل الفتيا عندها.

وإن رأي الشيعة الذي تعلنه وتدين الله به وتعتمد عليه في مسألة القرآن هو أنه ما بين الدفتين الموجود بين الناس حالياًّ المتداول بينهم دون زيادة فيه أو نقصان منه.

وهذه آراء أعاظم الشيعة ورجالاتها تقول بذلك وتتبناه وهذه شهاداتهم.

رأي الشيخ الطوسي

شيخ الطائفة وفقيهها الكبير مؤسس الجامعة الدينية في النجف، وصاحب كتابي الإستبصار والتهذيب في الأخبار، المولود سنة 385 والمتوفي 460 ه- يقول:

أما الكلام في زيادته ونقصانه - القرآن - فمما لا يليق به أيضاً لأن الزيادة فيه مجمع علي بطلانها والنقصان منه فالظاهر أيضاً أنه من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضي وهو الظاهر من الروايات.

ص: 333

رأي السيد المرتضي علم الهدي

يقول: إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت علي نقله وحراسته، وبلغت إلي حدٍّ لم تبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيَّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد.

رأي الشيخ الصدوق

رئيس العلماء المحققين وإمام الشيعة المدققين وشيخ مشايخ الحديث ودرايته، حامل الفقه وصاحب التصانيف، من جاد به الزمن فجمع روايات أهل البيت في كتاب من لا يحضره الفقيه، لقد قال هذا العظيم في رسالته اعتقادات الشيعة:

اعتقادنا في القرآن أنه ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس وليس بأكثر من ذلك ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك، فهو كاذب.

إن هذا المحدِّث العظيم والفقيه الكبير من أوائل الشيعة وعظمائهم ينقل في رسالته ما تعتقده الشيعة وتؤمن به ما تدين لله به وتعترف أنه الحق وهذا تصريحه وهذه أقواله.

رأي الطبرسي في مجمع البيان

مجمع البيان أشهر من أن يعرف، إذ ملأ الخافقين وعم القطبين ومصنفه لا يحتاج إلي البيان، فهو التفسير الذي استوعب آراء الشيعة والسنة وسرد الأقوال والمحتملات وهذا المفسر العظيم يقول:

ص: 334

أما الزيادة في القرآن فمجمع علي بطلانها، وأما النقصان فروي جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة - السنة - أن في القرآن نقصاناً والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه..

رأي سيدنا المجاهد الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي

قال قدس سره: والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواتراً قطعياً إلي عهد الوحي والنبوة، وكان مجموع

علي ذلك العهد الأقدس مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، وكان جبرئيل عليه السلام يعارض رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالقرآن في كل عام مرة وقد عارض به عام وفاته مرتين..

رأي الشيخ المظفر

ذكر الشيخ المظفر في كتابه عقائد الإمامية في فصل عقيدتنا في القرآن قال:

نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالي علي لسان نبيه الأكرم فيه تبيان كل شئ وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفي ما احتوي من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتغير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا هو نفس القرآن المنزل علي النبي ومن ادعي فيه غير ذلك فهو مختلق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم علي غير هدي فإنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

هذه بعض آراء علماء الشيعة في القرآن وهم أقطاب المذهب وأدري الناس بما فيه.

ص: 335

لم أسرد بعضها إلا تدليلاً علي ما يذهبون إليه ولم أُرِد الإستيعاب في ذلك فإن عدم الزيادة والنقصان هو رأي الشيعة كلهم.

وبما نقلت من آراء لهؤلاء العظام كفاية لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد.

إن فيه الكفاية لمن أراد الحق والصدق وأما من استحوذ عليه الشيطان واستولي علي قلبه الشك والريب فإن ألف حجة وبرهان وألف قسم وإيمان لا يحوله عن غيه ولا يرده عن باطله.. أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله علي علم..

إن مثل هذا الإنسان جرثومة الفساد قد استولي عليه التعصب الذميم فراح يسعي في بذر التفرقة والشقاق بين الإخوة المسلمين.. أخذ يشكك بكل معتقدات غيره وأقوال سواه، وبات لا يصدق إلا نفسه، فإذا كان لا يصدق غيره في أقواله وكلامه، فمن ذا الذي يصدقه هو..

إن مثل هذا الإنسان الذي لا يقبل أقوال غيره، ولا يرضي بكشفها عن نواياهم وطوايا قلوبهم فهو إنسان أحمق ضال محسوب في جملة المجانين خارج عن دائرة العقلاء.. فإن الله قد اكتفي من الإنسان بإقراره ورسوله الكريم ارتضي إسلام الإنسان ودخوله في حظيرة المسلمين بمجرد أن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وأن حرية الرأي مفتوحة لكل إنسان خصوصاًَ في هذا الزمن، فإننا نري دعاوي الإلحاد تنتشر والفساد والإنحراف تستشري، وكل إنسانٍ يعبر عن رأيه دون حياء أو خجل، ولو كانت الشيعة تذهب إلي خلاف ما قلناه لأعلنه علماؤهم وأذاعوه في الملأ دون رهبة من سلطان أو سيف حاكم أو جلاد.

ص: 336

إننا في عصر الإنطلاق وحرية الرأي والتعبير، ولو كان رأينا علي خلاف ذلك لما توانينا عن إذاعته ونشره، ولكن ما قلناه عن علمائنا القدامي منهم والمحدثين هو رأي الشيعة قلباً وقالباً حقيقة وظاهراً به نعتقد وعليه نحي ونموت. إنتهي. شبهات حول الشيعة - عباس علي الموسوي.

وكتب (الهاشمي) بتاريخ 11 - 3 - 2000، العاشرة ليلاًَ:

جزاك الله خير الجزاء يا أبا غدير.. عن الثقلين ومن اتبع الثقلين.

وإنك لترد بالحق علي من افتري الباطل.. وأود أن أضيف إلي ما تفضلت بكتابته.. رأي الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها - إصدار مؤسسة الأعلمي - بيروت، ص 63 - فصل النبوة:

وأن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلي هذا إجماعهم ومن ذهب منهم أو من فرق المسلمين إلي وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ نص الكتاب العظيم، إن

نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإما أن تؤوَّل بنحوٍ من الإعتبار أو يضرب بها عرض الجدار، ويعتقد الإمامية أن كل من اعتقد أو ادعي نبوة بعد محمد صلي الله عليه وآله أو نزول وحي أو كتاب فهو كافر يجب قتله.

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة والربع عصراًَ:

يقول نعمة الله الجزائري ويصرح بأن الذين يقولون من الشيعة بعدم أو إنكار تحريف القرآن ليس عن عقيدة، بل لأجل مصالح أخري. وأنا أقول ربما من أجل سد باب الطعن فيهم.

ص: 337

مع أن كبار علمائكم بما فيهم الطوسي والقمي والكليني والفيض الكاشاني ونعمة الله الجزائري والبحراني وغيرهم مقرين عن اعتقاد بتحريف القرآن.

قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية: 2/357 - 358:

إن تسليم تواترها - القراءات السبع - عن الوحي الإلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلي طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا علي صحتها والتصديق بها، نعم قد خالف فيها المرتضي والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل.

وقال أيضاً: والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها.

وكتب (فجر) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة والنصف مساءً:

(صيانة القرآن من التحريف)

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002819.html

فصل من كتاب الإمام الخوئي طيب الله ثراه، البيان في تفسير القرآن - الطبعة الثالثة 1974 - المطبعة العلمية - قم.

وكتب (جعفري) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصُّوا علي أن الذي بين الدفتين هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان، ومن الواضح

ص: 338

أنه لا يجوز إسناد عقيدة أو قول إلي طائفة من الطوائف إلا علي ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة، وفي ما يلي نقدم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الإمامية منذ القرون الأولي وإلي الآن، لتتضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي... … إلخ ما كتبه.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 22 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً:

للأسف بسبب الإمتحانات الجامعية لم أستطع سرد جميع العلماء الذين دلَّس عليهم المدعو جاكون، لكن إن شاء الله سأكمل الردود في المستقبل القريب.

أما الآن أتمني من الزميل أبو فراس التمعُّن والرد علي المواضيع إن استطاع.

إلي جاكون ومن هم علي شاكلته من الخشب المسندة!!!

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002363.html

هديتي إلي كل شيعي غيور... بقلم الأخ الشيخ رائد جواد

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002247.html

علي بن إبراهيم القمي والكذب والإفتراء عليه 1 - 2

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002430.html http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002442.html

نعمة الله الجزائري والرد عليه

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002511.html

الرد علي جاكون بخصوص الفيض الكاشاني 1 - 2

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002728.html http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002771.html

القول الفصل بخصوص القرآن.

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002787.html

انتهي.

وانتهي الموضوع الذي شرع بكتابته أبوفراس، وهرب منه جاكون، ولم يعودوا!

ص: 339

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً عن فريضة الولاية والبراءة ووجوب لعن من لعنهم الله تعالي ورسوله وآله صلي الله عليه وآله.. سوف يأتي في محلِّه إن شاء الله.

وكتب (المدمرة) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 2-4- 1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الرافضة الحلقة السابعة - سورة الولاية المزعومة)، قال فيه:

يتبع للجزء الثاني.. قولهم:

يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتولاه من بعدك يظهرون. فأعرض عنهم إنهم معرضون. إنا لهم محضرون. في يوم لا يغني عنهم شئ ولا هم يرحمون. إن لهم جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسي وهارون بما استخلف فبغوا هارون. فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلي يوم الدين. فاصبر فسوف يبصرون. ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين. وجعلنا لك منهم وصياًّ لعلهم يرجعون. ومن يتولي (كذا) عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين.

انتهي الجزء الثالث.

وهو كما ذكرت منقول بالنص من كتابهم العمدة عندهم فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب - طبعة إيران ص 180.

ص: 340

فكتب (عمار) بتاريخ 2 - 4 - 1999 العاشرة والنصف صباحاًَ:

من ضَحِك عليك وقال.. إن كتاب فصل الكتاب.. عمدة عندنا؟

وإن كان عمدة.. وهذه الرواية يأخذها الشيعة ويتعبدون بها..

فلماذا لا نجد هذه الآيات في قرآن الشيعة؟! فالآية موجودة كما تزعمون..

فما هو المانع من عدم اعتبارها آية كما تحاولون إيهام البسطاء من الناس؟!

يا سيدي، إننا نجد معظم المصاحف الشيعية في مساجدهم مطبوعة في السعودية وبيروت وهي متطابقة ولا تختلف في كلمة واحدة.

وإن قلت إن لنا قرآن غير هذا.. أقول لك لعنة الله علي الكاذبين.

إن أردت أن تقرأ كتاب عمدة.. أنصحك أن تقرأ كتاب البيان في تفسير القرآن للإمام الخوئي رحمة الله عليه وكتاب الميزان للطباطبائي، هذه الكتب تستطيع تسميتها بعمدة، والعمدة ليس ما تقروه أنتم وتنتخبونه، بل العمدة ما أجمع عليه علماؤنا وأخذوا به، فإنكم تأخذون الضعيف والمتروك من

الأحاديث والآراء وتعتبرونها عمدة لأغراض في أنفسكم!!

أنا أستطيع أن أقول إن تفسير الطبري عمدة أيضاً وأورد لكم ما نقله عن الآيات الشيطانية، التي أخذ منها رشدي اللعين خيوط أبحاثه وزاد عليها، فافهم. والسلام.

وانتهي الموضوع الذي فتحته المدمرة، وغابت ولم تعد!

وكتب (مشارك)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (مهما فعلت الإثني عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن)، قال فيه:

ص: 341

مهما فعلت الإثني عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن.

الإثبات:

1 - هذه هي عقيدة كثير من علمائهم الذين صرحوا بها، وقالوا إن من أنكر التحريف فهو من باب التقية.

2 - الذين قالوا بالنفي لا يمكن التأكد أن هذه هي عقيدتهم الأصلية مهما قالوا ومهما حلفوا، طالما أن عقيدة التقية عندهم بمثابة تسعة أعشار الدين، وطالما أنه يجوز الكذب علي المخالف، وأنا أتحدي أن يستطيع أحد الإثني عشرية أن يستطيع إثبات تبرؤ الإثني عشرية من تحريف القرآن.

اللهم إلا إذا تبرأوا من عقيدة التقية.. ولكن هما أمران أحلاهما مر!

ولكن كيف نستطيع أن نحكم أن تبرؤهم من التقية.. ليس تقية؟

إذن نرجع إلي الموضوع الأساس مهما فعلت الإثني (كذا) عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن.

وفي انتظار ما سوف تأتينا به يا عاملي ويا جميل 50.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

إن صحَّ ما تقول فيكونون مقلدين جزئياًّ لإمامك عمر بن الخطاب!!

إن قولُه بالتحريف أوسع من قول من قاله به منهم، في الكمية والكيفية!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

أرأيت يا عاملي أنك لا تستطيع؟

وأما نحن والحمد لله فلن تجد منا من يقول بالتحريف، ودعك من الروايات الكاذبة، أو التي لا تتعلق بموضوعنا، ولا تتهرب من الموضوع الأساس كعادتك.

ص: 342

وأجب: هل تستطيع إثبات تبرؤ الإثني عشرية من عقيدة التحريف؟؟

وكتب (الكويتي) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثالثة والنصف ظهراً:

مسكين أنت يا مشارك، تقول للأخ العاملي دعك من الروايات المكذوبة.

إذن صحيح مسلم كاذب؟!!! شكراً علي اعترافك الخطير وأرجو ألا يهدر دمك!!

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا.

انتهي.

قال (العاملي):

فغاب مشارك بعد ذكر روايات البخاري ومسلم في تحريفات عمر للقرآن!

وكتب (المخبر) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 31 - 3- 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هذه أدلة تحريف القرآن عند الشيعة)، قال فيه:

إليك أخي المسلم بعض من أقوال شيوخهم الذين يكنون إليهم كل تقدير وإجلال.

قال الخميني في معرض كلامه عن الإمامة والصحابة:

فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلي الأبد، ويلصقون

ص: 343

العار وإلي الأبد بالمسلمين وبالقرآن، ويثبتون علي القرآن ذلك العيب الذي يأخذه المسلمون علي كتب اليهود والنصاري. كشف الأسرار - الخميني ص 131.

ويذكر صاحب الكافي:

رفع إلي أبو الحسن مصحفاً وقال: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه: لم يكن الذين كفروا.

فوجدت فيها - السورة - اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، فبعث إلي أن ابعث إلي بالمصحف. الكافي: 2/261.

والبحراني في شرحه لنهج البلاغة:

أن عثمان بن عفان جمع الناس علي قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لا شك أنه من القرآن المنزل. شرح نهج البلاغة - هاشم البحراني: 1/11.

ويقول المحدث الشيعي نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية:

إن الأئمة أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتي يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من بين أيدي الناس إلي السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، ويعمل بأحكامه.

ويقول محدثهم النوري الطبرسي:

إن الأخبار الدالةعلي - ذلك التحريف – يزيد علي ألفي حديث وادعي استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد والعلامة المجلسي وغيرهم، واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات

ص: 344

الأحكام الشرعية والآثار النبوية. فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب - 227 - النوري الطبرسي.

وينقل الإجماع علي التحريف الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية، كما يذكر ذلك صاحب كتاب فصل الخطاب:

إن الأصحاب قد أطبقوا علي صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن. فصل الخطاب ص 30.

ويقول المفسر الشيعي محسن الكاشاني:

إن القرآن الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة. تفسير الصافي - المقدمة - محسن الكاشاني.

ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه علي تفسير القمي علي بن إبراهيم:

ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين، المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والعلامة الفتوني والسيد البحراني، وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات

والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها. تفسير القمي - المقدمة ص 23.

والمجلسي يصرح قائلاً:

أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي، وأهل البيت، وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية: يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلاً. تذكرة الأئمة المجلسي ص 9.

ويقول علي أصغر البروجردي:

ص: 345

والواجب أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير وتبديل، مع أنه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي ألفه بعض المنافقين والقرآن الأصلي موجود عند إمام العصر. عقائد الشيعة ص 27 للبروجردي.

وغيرهم كثير يضيق المقام عن حصر أقوالهم.

وأما تبجحه بعدة من علمائهم أنكروا التحريف فهم أنفسهم يردون عليهم، فيقول أحد علمائهم رداًّ علي الشريف المرتضي قوله بعدم التحريف:

فإن الحق أحق أن يتبع، ولم يكن السيد علم الهدي - المرتضي - معصوماًَ حتي يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه. الشيعة والسنة ص 133 إحسان ظهير.

والجزائري يردُّ عليهم أيضاً:

نعم قد خالف فيها المرتضي، والصدوق، والشيخ الطوسي، وحكموا بأن ما بين الدفتين هو المصحف المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف أو تبديل... والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم، لأجل مصالح كثيرة.. كيف وهؤلاء الأعلام رووا في مؤلفاتهم أخباراً كثيرة تشمل علي وقوع تلك الأمور في القرآن، وأن الآية هكذا ثم غيرت إلي هذا. الأنوار النعمانية - الجزائري.

والخوئي في تفسيره يثبت لعلي مصحفاً مغايراً لما هو موجود، وإن كان هذا المصحف لا زيادة فيه ولا نقصان، ولكنه يشرح معني مغايرة مصحف علي رضي الله عنه للمصحف الذي بين أيدينا فيقول:

إن هذه الزيادات هي تنزيل من الله شرحاً للمراد. البيان في تفسير القرآن - الخوئي.

ولم يبين لنا كيف أن هذه الزيادات تنزيل من الله، هل هي بوحي، أم ماذا؟

ص: 346

وأما الأمثلة علي ما يعتقدونه من تحريف، فقد جمع النوري الطبرسي مرجعهم الكبير الذي توفي أوائل هذا القرن في كتابه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، ما يقرب من ألفي حديث ورواية دالة بصريحها كما هو واضح من عنوان الكتاب علي اعتقادهم الإعتقاد الجازم الذي هو جزء من صميم عقيدتهم علي وقوع التحريف في كتاب الله العزيز.

وقد كوفئ بأن دفنوه في بقعة مقدسة عندهم في الصحن الرضوي، أي قرب قبر علي رضي الله عنه.

وهذا مقطع مما أورده المذكور في كتابه من سورة الولاية، والتي يزعمون أنها من جملة ما حذف الصحابة من القرآن، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكما آياتي ويحذراكم عذاب يوم عظيم. نوران بعضهما من بعض وأن

السميع العليم... إلي آخر هذا الهراء.

فهذا دأب الضلال المنافقين، تشكيك في أصل الإسلام وهو كتاب الله عز وجل، وتشويه لأئمة هذا الدين كما مر معنا، وتلميع وتمجيد للزناديق المرتدين القائلين بالتحريف.

فلا نقول إلا: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم اهدِ كل من خدع بهم وتبع طريقهم، ولك الحمد يا ربنا أن عافيتنا مما ابتليتهم به. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب (المتيم بآل الرسول) بتاريخ 31 - 3 - 1999 الثانية إلا خمس دقائق ظهراً:

ص: 347

ابتداءً أقول.. لمعرفة المعتقد الحقيقي لأي مذهب، فإنه لا يرجع إلي الآراء الشاذة لأفراد ذلك المذهب، ولا يمكن الإحتجاج بقولهم في مقابل الأكثرية الساحقة من علماء المذهب، ولا بد من الرجوع إلي ما هو مسلَّم عند الأكثرية من علماء ذلك المذهب.

وبالنسبة لتحريف القرآن فقد صرح كبار علماء الشيعة بالقول بعدم تحريف القرآن، كالشيخ الصدوق والطوسي والمفيد والشريف الرضي والشريف المرتضي وابن طاووس وغيرهم، وعلماء هذا العصر جميعهم.. وقد خالفهم عددٌ قليل من العلماء لا يمكن الإحتجاج بقولهم.

ولمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلي كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي.

فكتب (المخبر) بتاريخ 1 - 4 - 1999، الثانية والربع ظهراً:

فما زلنا مع كتاب الشيعة وتحريف القرآن.

ويورد المؤلف اليوم قائمة أخري من أسماء حاخامات القوم الذين قالوا بالتحريف وهذا آخر جزء في هذه السلسلة التي قمنا بنشرها علي 9 حلقات متتالية:

(17) أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار.

فقد روي الصفار عن أبي جعفر الصادق (كذا) أنه قال: ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده (1).

ص: 348


1- الصفار (بصائر الدرجات) ص 213 - منشورات الأعلمي - طهران.

الصفار، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء (1).

(18) العالم الشيعي المقدس الأردبيلي.

قال: إن عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره علي ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه علي قراءة ذلك المصحف الذي ألَّفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره، وقال البعض: إن عثمان أمر مروان بن الحكم، وزياد بن سمرة الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله ما يرضيهم ويحذفا منه ما ليس بمرضي عندهم ويغسلا الباقي (2).

(19) الحاج كريم الكرماني الملقب بمرشد الأنام.

قال: إن الإمام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله علي محمد والذي حرف وبدل (3).

(20) المجتهد الهندي السيد دلدار علي الملقب بآية الله في العالمين.

قال: وبمقتضي تلك الأخبار أن التحريف في الجملة في هذا القرآن الذي بين أيدينا بحسب زيادة الحروف ونقصانه بل بحسب بعض الألفاظ وبحسب الترتيب في بعض المواقع قد وقع بحيث مما لا شك مع تسليم تلك الأخبار (4).

(21) ملا محمد تقي الكاشاني.

قال: إن عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه هو وعدواًّ لعلي، أن يجمع القرآن ويحذف منه مناقب آل البيت وذم أعدائهم، والقرآن الموجود حالياً في أيدي الناس والمعروف بمصحف عثمان هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان (5).

ص: 349


1- الصفار (بصائر الدرجات) ص 213 - منشورات الأعلمي - طهران.
2- حديقة الشيعة: للأردبيلي ص 118 - 119 ط إيران فارسي نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان إلهي ظهير ص 114.
3- إرشاد العوام: 3/221. فارسي ط. إيران نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان إلهي ظهير ص 115.
4- استقصاء الافحام: 1/11. ط. إيران نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة ص 115.
5- هداية الطالبين ص 368. ط.إيران 1282، فارسي نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان ص 94.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 1 - 4 - 1999، الواحدة ظهراً:

أما والله تعبت من دحض افترائكم بخصوص تحريف القرآن، وأنت يا شامس أدري...

لكن لا حياة لمن تنادي.. قومٌ بعقول كالحجارة. إفعلوا ما بدا لكم وقولوا ما تشاؤون.

ونحن باقون طول الدهر نحامي عن المعتقد والمذهب. الساكت عن الحق شيطان أخرس.

فكتب (شامس 22) بتاريخ 26 - 4 - 1999، السادسة صباحاً:

وأنا أدري في ماذا يا سيد؟

وعلي هامش أنا أدري: ما قصة القارورة التي بها تراب الحسين وتتحول إلي دم في كربلاء؟!!

ص: 350

هذه لا أدري عنها، وقد عرفت عنها علي لسان المهاجر، خطيب التطبير واللطم عندكم..

بالرأي العام - 24 أبريل. والسلام.

فكتب (موسي العلي) بتاريخ 26 - 4 - 1999، التاسعة صباحاً:

بعد التحية والإحترام:

للرد علي كتَّاب الشيعة وتحريف القرآن يوجد كتاب دفاع عن القرآن الكريم الجامع لكلمة المسلمين علي التوحيد تأليف السيد محمد رضا الجلالي الحسيني.

فمن أراد أن ينشد حقيقة معرفة هذه الشبهة المثارة ضد الشيعة من قبل البعض، فبإمكاني أن أبعث له في بريده الإلكتروني.

فكتب (عرفج) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الواحدة ظهراً:

يشهد الله أنني كنت أقرأ المقالات في هذه الساحة منذ شهر نوفمبر 1998 ولم أرغب بالتسجيل والمناقشة إلا منذ فترة... وسجلت رغبة بتبيان بعض ما أعرف من الحق، ولا توجد عندي رغبة في الدخول في مهاترات لا يرجي من ورائها خير.

وليعلم واضع المقال بأن التحريف الذي يذكر موجود في مكتبته إن كان يقرأ.. أعطني بريدك وسوف تعرف من هو المحرف. وأعطيك أدناه عينة، وإذا رغبت زدناك.

ملاحظة للأخ المراقب:

ص: 351

إذا تم حذف النقل التالي، فسوف أعرف أنك حذفته تعصباً لأحد الأطراف أما إذا كانت الحُجَّة: التعدي علي كتاب الله.. فقد فعلها الأخ.. والأولي أن تحذف مقاله.

إليك مثالين فقط.. وأنا علي يقيني بأن هؤلاء مختلطٌ عليهم الأمر ولا أظنهم مؤمنون بما يكتبون عن كتاب الله..

1 - قال أبو عبد الله الحاكم في المستدرك: حدثنا أبو علي الحافظ، أنبأنا عبدان الأهوازي، حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن شعبة، عن جعفر بن أياس، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالي: لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا.

قال: أخطأ الكاتب " حتي تستأذنوا ". قال الحاكم: هذا صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وقال الذهبي في التلخيص: علي شرط البخاري ومسلم. المستدرك علي الصحيحين: 2/430 حديث 3496، ط. دار الكتاب العلمية.

وهذا الخبر أخرجه أبو عبيد، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والطبري بعدة طرق، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، والبيهقي في شعب الإيمان، والمقدسي في الضياء المختارة.

الدر المنثور للسيوطي: 5/69. شعب الإيمان: 6/427، ح 8801، 8802، 8803، 8804. تفسير الطبري: 18/109.

2 - قال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في فضائل القرآن: حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، عن قوله: إن هذان لساحران. وعن قوله: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. وعن قوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون.

ص: 352

فقالت: هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب. فضائل القرآن: 2/103، ح 563.

قال السيوطي بعد إيراد هذا الخبر في الإتقان: هذا إسناد صحيح علي شرط الشيخين. الإتقان في علوم القرآن: 1/388، النوع 41.

وهذا الخبر أخرجه أيضاً: أبو بكر بن أبي داود، عن عمر بن عبد الله الأودي، عن أبي معاوية إلي آخر الإسناد والمتن المتقدم. المصاحف لابن أبي داود ص 43. وأخرجه الحافظ عمر بن شبة النميري بإسناد آخر في تاريخ المدينة المنورة. تاريخ المدينة المنورة لابن شبة: 3/1103.

وقال أبو عبيد: ويروي عن حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام، قال: قلت لأبان بن عثمان: ما شأنها كتبت " والمقيمين "؟ فقال: إن الكاتب لما كتب، قال: ما أكتب؟

قيل له: أكتب " والمقيمين الصلاة ". فضائل القرآن: 2/104، ح 565.

وقال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف: حدثنا إسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال: أخبرنا حماد، عن الزبير أبي خالد، قال: قلت: لأبان بن عثمان: كيف صارت " لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة " ما بين يديه

ومن خلفها رفع، وهي نصب؟

قال: من قبل الكتاب، كتب ما قبلها، ثم قال: أكتب؟

قال: أكتب " والمقيمين الصلاة "، فكتب ما قيل له. كتاب المصاحف ص 42.

أقول: وذهب إلي خطأ قراءة قوله تعالي: إن هذان لساحران، من علماء السنة: أبو عمرو وهو زبان بن العلاء التميمي أحد القراء السبعة.

ص: 353

قال فيه الذهبي: وكان من أهل السنة وقال يحيي بن معين: ثقة. راجع سير أعلام النبلاء: 1/241 رقم 1012. وعيسي بن عمر الهمداني الأسدي الكوفي، وهو أحد كبار القراء عند السنة.

نقل ذلك عنهما عدة من المفسرين منهم: الطبري، والقرطبي، والفخر الرازي. تفسير الكبير للفخر الرازي: 22/74. تفسير الطبري: 16/181. تفسير القرطبي: 11/226.

أقول: اللهم اغفر لقومنا إنهم لا يعلمون. والله ليس قصدي الإصطياد في الماء العكر وملاحقة زلات الناس، ولكنك تُجبر أحياناً علي موقف لا تريد أن تري نفسك فيه.

وكتب (شامس 22) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الواحدة وعشرين دقيقة ظهراً:

وأيضاً حزب الله يمنع التطبير واللطم، وتقولون إنها من شعائر الله.

فمن هو الذي يكذب، لا بد أن أحد (كذا) من الشيعة يكذب.. مجموعة تمنع التطبير واللطم.. ومنها نصر الله رئيس حزب الكتائب (كذا) وهو عندكم سيد يلبس عمامة سوداء من آل البيت وقوله قال أبي عن جدي عن الباري.. ومجموعته تعتقد بأن التطبير واللطم من شعائر الله ومنهم سادة كبار وكذلك كما ذكرت لكم المهاجر شيخ خطبة التطبير واللطم، وكذلك في مواقع الشيعة تجد لهم أشرطة التطبير واللطم، وكان الشريط الذي عرض كتابته عن الشيخ الفالي شيخ التطبير واللطم يحرضون علي اللطم ويعتبرونه من شعائر الله.. وهم أقوالهم عندكم أي السادة، عن أبي عن جدي عن الباري!

ص: 354

أما أقوال السنة فما كان يطابق القرآن ثم السنة فيرجع عليهم. البشر بشر وليس عندنا أحد أعلي من البشر!! أنتم أقوالكم بالقرآن أقوال سادة، قال أبي عن جدي عن الباري!! أنظروا ما تكتبون أولاً عن الباري! دخلتوا الباري معاكم في قصصكم.. وأنتم تدعون أنها أقوال معصومين عن الباري!!

هذا هو الفرق.. أنظر وقارن ودقق. والسلام.

ملاحظة: أحتاج معلومة عن القارورة من زمن آدم التي فيها تراب الحسين، ثم تصبح دماً في كربلاء في عاشوراء. وشكراً.

قال (العاملي):

أجبناهم عن الحديث النبوي الصحيح عن تربة كربلاء والقارورة التي فيها ترابها..

وأودعها النبي صلي الله عليه وآله عند أم سلمة رضي الله عنها.. وعندما قتل الحسين عليه السلام صار التراب دماً! وقد روتها مصادرهم، وستأتي في بابها.

ولكن النواصب يكرهون أهل البيت عليهم السلام، ويكذبون قول نبيهم فيهم!

فكتب (القطيفي الوطني) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الثانية إلا عشراً ظهراً:

حزب الكتائب هو حزب مسيحي تعامل مع إسرائيل خلال غزو لبنان، ومن مموليه الرئيسيين كانت حكومة بلادنا السعودية، ولكن السوريين قضوا عليه تماماً من الناحية العسكرية.

حزب الله وأمل هما الوحيدان اللذين لا زالوا في حالة حرب حقيقية مع إسرائيل.

وبينما أنت تتبجح.. هُم يقتلون جنرالات إسرائيل، ويقدمون أنفسهم قرابين في زمن الذل العربي.

ص: 355

لا أعتقد أنك يمكن أن تنكر أنهم الوحيدون الذين يقاتلون إسرائيل.

هم الذين أجبروا إسرائيل علي الإنسحاب من لبنان وهذا ما لم يقدر عليه أحد من العرب.

بالنسبة لقارورة أم سلمة والدم، فهذا موجود أيضاً في كتب السنة..

وهل ستقبل بها إذا أعطيناك المصادر لتراجعها بنفسك؟

بالنسبة ل- " حدثني أبي عن جدي عن الباري ".. فأين المشكلة؟

الإمام الصادق حدثه أبوه محمد الباقر، عن أبيه زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي، عن الرسول، عن الله.. أنا أتصور أنك لا تعرف معني حدثني! عسي أن لا أكون مخطئاً.

الرجاء الإهتمام بالنقاط أعلاه حتي نصل إلي نتيجة.

وكتب (مظاهر) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الثانية ظهراً:

أدلة نفي تحريف القرآن عند الشيعة:

إن مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعني النقيصة هي من الأمور البديهية الثابتة علي صفحات الواقع التاريخي، والتي لا تحتاج إلي مزيد استدلال وتوضيح وبيان، حتي أن بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم.

فالأستاذ لوبلو يقول:

إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر.

ويقول السير وليام موير:

إن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتي وصل إلينا بدون تحريف، وقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر، بل

ص: 356

نستطيع القول أنه لم يطرأ عليه أي تغيير علي الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة.

وبمثل ذلك صرح بلاشير أيضاً.

وقد استدل العلماء المحققون علي عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الأدلة الحاسمة، هي من القوة والمتانة بحيث يسقط معها ما دل علي التحريف بظاهره عن الإعتبار، لو كان معتبراً، ومهما بلغ في الكثرة، وتدفع كل ما ألصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف وتفند القول بذلك

وتبطله حتي لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلة النادرة الشاذة.

وفيما يلي نذكر أهمها... … … … وأخيراً:

فإن عقيدة الإمامية بمجردها دليل علي نفي التحريف في كتاب الله العزيز، لأنهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب في كل من الركعة الأولي والركعة الثانية من الفرائض الخمس، سورة واحدة تامة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين.

وفقههم صريح بذلك، فلولا أن سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم، علي ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسني لهم هذا القول، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل..

وكتب المدعو (محب شيعة آل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 3 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال خطير يحتاج إلي إجابة.. ماذا أجيب من سألني عنه؟)، قال فيه:

1 - قال الشيخ المفيد:

ص: 357

إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدي من آل محمد صلي الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان. أوائل المقالات ص 91.

2 - أبو الحسن العاملي:

اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم شئ من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات. المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 وطبعت هذه كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.

3 - نعمة الله الجزائري:

إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلي طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن كلاماً، ومادةً، وإعراباً، مع أن أصحابنا قد أطبقوا علي صحتها والتصديق بها. الأنوار النعمانية: 2/357.

4 - محمد باقر المجلسي:

في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلي محمد صلي الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية.

قال عن هذا الحديث: موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن

ص: 358

الأخبار في هذا الباب متواترة معني، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر؟ مرآة العقول:12/ 525.

أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟

5 - سلطان محمد الخراساني:

قال: اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك. تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة مؤسسة الأعلمي ص 19.

6 - العلامة الحجة السيد عدنان البحراني:

قال: الأخبار التي لا تحصي - أي أخبار التحريف - كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر. مشارق الشموس الدرية - منشورات المكتبة العدنانية - البحرين ص 126.

كبار علماء الشيعة يقولون بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة.

ومن هؤلاء العلماء:

1 - أبو الحسن العاملي: إذ قال: وعندي في وضوح صحة هذا القول - تحريف القرآن وتغييره - بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وإنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة. المقدمة الثانية الفصل الرابع لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار وطبعت كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.

ص: 359

2 - العلامة الحجة السيد عدنان البحراني: إذ قال: وكونه: أي القول بالتحريف من ضروريات مذهبهم، أي الشيعة. مشارق الشموس الدرية ص 126 منشورات المكتبة العدنانية - البحرين.

أقول أنا؟؟؟؟؟ لا أدري ما أقول إذا كانت هذه الأقوال موثقة. وقد رجعت أيها الأحبة لأكثر هذه الكتب ووجدت النقولات صحيحة..

فأجابه (جعفري) بتاريخ 16 - 3 - 2000، السادسة عصراً:

أخي الكريم:

إذا كان مقصدك من ما نقلت خيراً - ونحمل المؤمن علي اثنين وسبعين محملاً - فقد أخطأت الهدف، غفر الله لك كما فعل غيرك من قبل، إذ نقل عبارة السيد الخوئي عليه الرحمة: إن الأخبار الواردة تفيد الإطمئنان إلي وقوع التحريف.. بما معني هذا الكلام ولم أنقُل النص.. فأخذها وراح يطبل بها.. وتناسي ما كتبه المرحوم بعد ذلك من نفي التحريف. هذه عجالة ردٍّ..

وأعِدُ أن أبحث عن نص أقوال من ذكرت من العلماء، وموقفهم من التحريف بشكل صريح.

والسلام علي من اتبع الهدي.

فكتب المدعو (محب شيعة آل البيت) بتاريخ 16 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

والله ما زدتني إلا شكاًّ إلي شكي. ووالله لا أجد في نفسي مخرجاً من هذه الأقوال مجتمعة!!!!!!!!!

هل يعني هذا كفر من قال بهذا القول؟؟ وإذا كانوا كفاراً بهذا القول!!!! ماذا ينبني عليه.

ص: 360

والله أني جادٌّ جادٌّ في كلامي، وأحسِن الظن في أخيك الذي يجد هذا الحرج في نفسه منذ شهور، ولم يشفِ هذا الأمر شافٍ حتي الآن. أنصفني ولا تظلمني.

فكتب (أبو غدير) بتاريخ 16 - 3 -2000، التاسعة إلا خمس دقائق مساءً:

لا تظن بأنك إذا اخترت لنفسك إسماً ك- (محب شيعة آل البيت) فإننا لن نعرف حقيقتك؟؟

إلعب لعبة أخري يا شاطر.. اللهم العن المنافقين.. اللهم العن المنافقين.

وكتب (جمال نعمه) بتاريخ 16 - 3 - 2000، التاسعة مساءً:

1 - إذا كنت ترمي إلي أن القرآن محرَّف.. فقد أخطائت التقدير.

2 - وإذا كنت ترمي إلي أن الشيعة يقولون بالتحريف.. فقد أخطأت التقدير.

لأن كتب السنة مملؤة بالأحاديث في تحريف القرآن.. وكلا الطرفان اللذان يقولان بتحريف القرآن باطلان بصريح كلام القرآن. فاتكل علي الله.. لأنه ليس في هذا النقاش إلا وجع رأس.

هذا يأتي من كتب السنة بأحاديث تقول بتحريف القرآن.. والآخر يأتي بأحاديث من الشيعة تقول بتحريف القرآن. وكلاهما في هذه الأحاديث باطل. والسلام.

فكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 16 - 3 - 2000، التاسعة وخمس دقائق مساءً:

الفاضل جمال نعمه:

ص: 361

الأقوال التي ذكرها الرجل ليست أحاديث.. بل هي أقوال علماء في مذهب الشيعة.. تصرح بوجود التحريف في القرآن.. ما موقفك منهم هل تصدقهم في كلامهم؟ هل هم كاذبون؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

أجمع علماء الشيعة علي أن القرآن الموجود ليس فيه زيادة.. وجمهورهم يري أنه ليس فيه نقيصة.. وبعضهم القليل يري أن فيه نقيصة.

ورأي عمر والبخاري أن القرآن فيه سورتان زيادة وهما سورتا المعوذتين!! وفيه نقيصة أكثر من ثلثه!!

وفيه آيات غَلَط.. يجب أن تُصحَّح في سورة الحمد والجمعة.. وغيرها!!

وكل ذلك ثابتٌ في صحاحكم، أو بسند موثق عندكم!!

ونحن نقول إن القول بالزيادة والنقيصة قولٌ شاذ.. وإن أصرَّيتَ علي تكفير القائلين به، فابدأ بعمر والبخاري، ثم نري رأينا في القائل به من الشيعة!!

فكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 17 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

يكفينا من الشيعة أن تقول إن من اعتقد أن القرآن زيد فيه أو أنقص منه فهو كافر.. فهذا اعتقاد أهل السنة في القرآن. هل تستطيع أن تقول ذلك.. دون أن تذكر أسماء.

فكتب (جعفري) بتاريخ 17 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصوا علي أن الذي بين الدفتين هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان.

ص: 362

ومن الواضح أنه لا يجوز إسناد عقيدة أو قول إلي طائفة من الطوائف إلا علي ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة.

وفيما يلي نقدم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الإمامية منذ القرون الأولي وإلي الآن، لتتضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي:

1 - يقول الإمام الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه القمي، المتوفي سنة 381 ه- في كتاب الإعتقادات:

اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه صلي الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو م

في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب. الإعتقادات - 93.

2 - ويقول الإمام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، المتوفي سنة 413 ه- في أوائل المقالات: قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مُثْبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه علي حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالي الذي هو القرآن المعجز، وعندي أن هذا القول أشبه - أي أقرب في النظر - من مقال من ادعي نقصان كلم من نفس القرآن علي الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل. أوائل المقالات - 55.

3 - ويقول الإمام الشريف المرتضي، علي بن الحسين الموسوي، المتوفي سنة 436 ه- في المسائل الطرابلسيات... … إلي آخر ما كتبه جعفري... حول تفسير علي بن إبراهيم القمي …

ص: 363

حول تفسير علي بن إبراهيم القمي

وكتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17 - 2- 2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (إلي المدعو جاكون بخصوص علي بن إبراهيم القمي)، قال فيه:

إلي جاكون: بخصوص... علي بن إبراهيم القمي:

قرأت مقالة في صفحة الدفاع عن الحقيقة.. وهي ردٌّ علي رئيس منظمة أهل السنة في باكستان تتعلق بخصوص افترائهم علي الشيخ علي بن إبراهيم القمي.. وهذا نصه:

وأما نسبته القول بالتحريف إلي الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، فإنما اعتمد في هذه النسبة إليه علي ما ورد في مقدمة التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم من إشارة بالقول إلي وجود نقص وتحريف في القرآن الكريم، ولتضمن هذا التفسير بعض الروايات الدالة علي التحريف، ولكن:

أولاً: إن المقدمة الموجودة في هذا التفسير غير مقطوع بها أنها لعلي بن إبراهيم، فلا يمكن الحكم والحال هذه و الإدعاء علي علي بن إبراهيم بأنه يقول بالتحريف والنقصان في كتاب الله، خصوصاً وأن هذا التفسير قد زيد وبُدِّل فيه.

وثانياً: أن هذا التفسير المطبوع والمتداول ليس كله لعلي بن إبراهيم، بل هو ملفَّقٌ مما رواه علي بن إبراهيم وما رواه تلميذه بسنده عن أبي الجاورد زياد بن المنذر.

ولا يبعد أن يكون هذا التفسير قد تلاعبت به الأيدي غير الأمينة، لما أورده بعض أهل التحقيق من أن النسخة المطبوعة هذه تختلف عما نقل عنه في بعض الكتب.

ص: 364

يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال ص 317، وهو في معرض كلامه عن هذا التفسير:

وقد ذهب بعض أهل التحقيق، إلي أن النسخة المطبوعة تختلف عما نقل عن ذلك التفسير في بعض الكتب، وعند ذلك لا يبقي اعتماد علي هذا التوثيق الضمني أيضاً، فلا يبقي اعتماد لا علي السند ولا علي المتن.

والخلاصة: أنه من المجانبة للحق والصواب أن ينسب أحد لعلي بن إبراهيم القول بتحريف القرآن الكريم من خلال ما ورد في هذا التفسير.

وكتب (جاكون) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

الأخ الفاضل الأشتر: السلام عليكم ورحمة الله.

الحقيقة أن كلامك في تفسير القمي لم أسمع به من قبل، لكن ما عساي أن أقول وقد قيل كهذا الكلام من قبل في روايات الكافي، وفي صحة نسبة الروضة إليه، وكتاب سليم بن قيس، والبحار، وكتب الطوسي، وغيرها. السؤال المطروح: ما هي الحجة عليكم؟

وكتب (العسكري) بتاريخ 19 - 2 - 2000، السادسة صباحاً:

والسؤال لجاكون: هل رأيت الكافي بنفسك؟ أم نُقِل إليك ما في الكافي؟

هل رأيت المصادر التي تدرجها بنفسك؟ أم أنك تطَّلِع عليها من طرف ثالثٍ.. غير مؤتمن؟

لقد سُئلتَ عن العنوان الكامل لمنهاج البراعة.. فكان جوابك ذكرُ دار النشر!

والكتاب يعرف باسمه لا باسم دار النشر! وهذا دليلٌ قاطع بأنك.. لم ترَ الكتاب!

ص: 365

وكتب (الأشتر) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

هل نقول ببراءة علي بن إبراهيم من هذه التهمة؟؟؟ هل اقتنعت، أم ماذا؟؟؟؟

انتهي.

قال (العاملي):

أتحفَّظ علي ما قيل في تفسير علي بن إبراهيم القمي وصاحبه رحمه الله.

ص: 366

الفصل الحادي عشر: اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

اشارة

ص: 367

ص: 368

اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

كتب (JaCKoN، جاكون) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 12 - 1999، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الإمام الخوئي ومسألة تحريف القرآن)، قال فيه:

دعا الإمام الخوئي إلي الإعتقاد بتحريف القرآن، وتصديق الروايات التي وردت عن أئمة آل البيت بالقول بالتحريف والتبديل وبتلاعب أئمة الجور به، واعتبار ذلك من الأسس العقائدية الهامة للشيعة!

وقد بين رأيه هذا في البيان ص 226، حين قال:

إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر. ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.

فكتب (الموسوي) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الرابعة والنصف عصراً:

لماذا الإفتراء.. يا مزوِّر؟!

لماذا لا تكمل بقية كلام السيد الخوئي قدس سره؟

أولاً: السيد الخوئي لم يقل إن الروايات الصحيحة هي من أي قسم من الطوائف التي قسم روايات التحريف إليها؟

ص: 369

ثانياً: لم يقُلْ بلزوم الإعتقاد بها حتي علي فرض صحتها سنداً.. حتي تريد فرض كلامك عليه.

لقد عقد باباً باسم صيانة القرآن من التحريف أورد أدلته لنفي التحريف، من الصفحة 197 إلي الصفحة 235!!

وهذا المزوِّر يفتري علي السيد الخوئي، وينسب إليه الدعوة للإعتقاد بتحريف القرآن!!!

وكتب (خطير) بتاريخ 23 - 12 - 1999، السادسة مساءً:

هذا قول الإمام الخوئي قدس سره بالنص:

" المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله) ".

ولمعرفة أقوال بقية علماء الشيعة: راجع:

http://fadak.org/MOSHARAK/9.htm

وكفاكم افتراء!!

وكتب (جاكون) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

الموسوي: الجملة تامة المعني، وأترك التكملة لك إن كانت لزومية.

ثم إن الخوئي قال: إن بعض روايات التحريف " صحيحة "..

وأنت قلت: لم يقل بلزوم الإعتقاد بها حتي علي فرض صحتها..

وأنا أتساءل عن وظيفة أقوال الأئمة؟.. هل الأئمة يكذبون؟ أم الشيعة ينتقون؟ أم أن بعض الروايات عنهم تفتقد إلي الرشد كهذه الروايات؟

ص: 370

ثانياً: قال السيد الخوئي: " المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله) ".. وهذا لا يعبر عن رأي الخوئي؟

بقي أن أقول إن ما تدعيه لا ينبع من قواعد أصلية.. وأضم صوتي إلي المفيد في كتابه أوائل المقالات: 48 - 49، حين قال: واتفقوا - أي الإمامية - علي أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة الرسول (صلی الله علیه و آله).

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 23-12-1999، التاسعة مساءً:

من كتاب تدوين القرآن: قصة اتهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن.

وهو مقال طويل، جاء فيه:

التهمة الجديدة القديمة

تعوَّدنا - نحن الشيعة - علي تلقي التهم.. وتحملها.. فقد بدأت محنتنا من يوم وفاة النبي صلي الله عليه وآله.. فنحن في تاريخ الإسلام معارضة، والمعارضة لا بد أن تتحمل ضريبة إعلام الدولة واضطهادها وأذاها.. وتتحمل من عوام الدولة تهمهم ومضايقاتهم وأذاهم.. ولم تختلف علينا العصور إلا في شدة الحملة وخفتها.. فأحياناً تحدث عوامل تخفيف فيقل الإتهام والإضطهاد، وأحياناً تحدث عوامل توجب شدة الموجة، أو حدوث موجة جديدة!

والذي حدث في عصرنا أن الشيعة ارتكبوا ذنباً كبيراً ومعصية يصعب غفرانها.. فقد ثار شيعة إيران علي شاههم بفتوي مرجع ديني، فغضب لذلك الغرب واليهود، وغضب كثير من حكام المسلمين.. وبدؤوا الصراع مع الدولة الشيعية.

ص: 371

ثم ما لبث الكتاب والباحثون من خصوم الشيعة أن غضبوا أيضاً..

فحدثت موجة جديدة من التهجم علي مذهب التشيع تكرر التهم القديمة، وتبحث عن جديد إن استطاعت..

ومن التهم المؤذية التي وجهوها إلينا: أن الشيعة لا يعتقدون بالقرآن الكريم!

والسبب أنه توجد في مصادرهم روايات تدعي أن القرآن وقع فيه تحريف، ولا بد أنهم يعتقدون بها! وقد روج مبغضو الشيعة لهذه التهمة، وبالغوا فيها وشنعوا بها علينا، ونشروا حولها الكتب والمناشير، حتي زعم بعضهم أن الشيعة ليسوا مسلمين، لأن من أنكر القرآن وادعي أن القرآن الذي نزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله قرآن آخر، فهو كافر بالقرآن، وخارج عن الإسلام.

نموذج من نصوص التهمة

قال الكاتب الوهابي الهندي إحسان إلهي ظهير في كتابه الشيعة والسنة صفحة 65 تحت عنوان: الشيعة والقرآن:

من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله علي نبينا صلي الله عليه وسلم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله إلي الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل.

وليس هذا فحسب، بل إنه لن يتغير ولن يتحرف إلي أن تقوم الساعة وهو الموجود بين دفتي المصاحف لأن الله قد ضمن حفظه وصيانته من أي تغيير وتحريف وحذف وزيادة، علي خلاف الكتب المنزلة القديمة السالفة، من صحف إبراهيم وموسي، وزبور وإنجيل وغيرها، فإنها لم تسلم من الزيادة والنقصان بعد وفاة الرسل، ولكن القرآن أنزله سبحانه وتعالي وقال: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. الحجر – 9. وقال: إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا

ص: 372

قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه.

القيامة: 17 - 19. وقال: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. حم السجدة - 42.

وإن عدم الإيمان بحفظ القرآن وصيانته يجرُّ إلي إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه وسلم، لأنه حينذاك يحتمل في كل آية من آيات الكتاب الحكيم أنه وقع فيها تبديل وتحريف، وحين تقع الإحتمالات تبطل الإعتقادات والإيمانيات، لأن الإيمان لا يكون إلا باليقينيات وأما بالظنيات والمحتملات فلا.

وأما الشيعة فإنهم لا يعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس، والمحفوظ من قبل الله العظيم، مخالفين أهل السنة، ومنكرين لجميع النصوص الصحيحة الواردة في القرآن والسنة، ومعارضين كل ما يدل عليه العقل المشاهدة، مكابرين للحق وتاركين للصواب. إلخ..

الهدف من تحويل المسألة النظرية إلي مسألة عملية

ما هو الهدف من هذه العشرات من الكتب والمنشورات التي كتبها بعض الكتاب من قلوب تفيض ببغض الشيعة، وقام آخرون بطباعتها وتوزيعها ونشرها في أنحاء العالم..

ومن أبرزها كتب هذا المؤلف الهندي التي يوزعونها مجاناً خاصةً علي الحجاج في موسم الحج.

ويبيعونها في المكتبات بثمن بخس، ومعها أشرطة مسجلة تكفر الشيعة وتخرجهم من الإسلام!

ص: 373

إن الطبعة التي نقلنا منها فقرات التهمة للشيعة هي الطبعة الثلاثون من كتاب يتهمنا بالكفر وعدم الإعتقاد بالقرآن، وقد طبعت في لاهور - باكستان، وذكر فيها عناوين ثلاث عشرة مكتبة للتوزيع في السعودية!

هل إن السبب في تبني خصوم الشيعة لهذا (الباحث) وكتُبِه أكثر من غيره، أنه أفتي بكفر الشيعة وهدر دمائهم وإباحة أعراضهم، وأسس مع إخوانه منظمة إرهابية في باكستان لقتل الشيعة باسم (ميليشيا الصحابة) تخصصت بمهاجمة مساجد الشيعة، وقتلت أكبر عدد ممكن منهم في حال

صلاتهم في مساجدهم! أو في حال إقامتهم مجالس التعزية في حسينياتهم في ذكري شهادة الإمام الحسين عليه السلام؟!

أم السبب أنهم وجدوا أن كتب هذا المؤلف هي أقوي ما كتب ضد الشيعة بأسلوب (علمي) فأحبوا أن يطلع الناس علي حقيقة الشيعة من قلم هذا المؤلف القدير ونتاجه الموضوعي؟!

وآخر ما قرأت في هذه التهمة ما توصل إليه (دكتور) وهابي من أن الشيعة في مسألة تحريف القرآن قسمان: قسم يعتقد بتحريف القرآن ونقصه، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين، وهؤلاء تنطبق عليهم فتاوي إحسان ظهير وأمثاله.

وقسم يوافق السنة علي الإعتقاد بعدم تحريف القرآن، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين.

وهؤلاء لا يصح تكفيرهم من هذه الجهة، وإن صح تكفيرهم لمغالاتهم في أهل البيت وما يوجبه ذلك من شرك وخروج عن الإسلام!

ماذا يمكن أن يكون هدف هؤلاء الكتاب، وأولئك الناشرين؟

ص: 374

وهل كُتِبَ علينا نحن الشيعة أن ندفع دائماً الثمن، وتتوالي علينا سهام الإفتراءات والتهم؟

وأن يكون جواب دعوتنا إلي الوحدة مع إخواننا السنة في مقابلة موجة العداء العالمية للإسلام، أن نفاجأ بتحالف النواصب والأجانب، ثم يقال لنا: اعترفوا بالكفر والخروج عن الدين، أو تبرؤوا من أهل بيت النبي الطاهرين، الذين أوصي بهم النبي صلي الله عليه وآله إلي جانب القرآن!!

خلاصة ردود علماء الشيعة

صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة علي تهمة القول بتحريف القرآن، نذكر خلاصة أفكارها بما يلي:

1 - أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة:

فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية أو مجتمع مقفل، حتي يخفي قرآنهم الذي يعتقدون به ويقرؤونه!

بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين، يعيشون في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه بلادهم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا تجد فيها إلا نسخة هذا القرآن.. ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه أو معه، فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره؟!

2 - مذهب التشيع مبني علي التمسك بالقرآن والعترة:

قام مذهب التشيع لأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله علي الإعتقاد بأن الله تعالي أمر نبيه صلي الله عليه وآله بأن يوصي أمته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي، لأنه اختارهم

ص: 375

للإمامة وقيادة الأمة بعد نبيه صلي الله عليه وآله. وحديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة.

فقد رواه أحمد في مسنده: 3/17:

(عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال: إني أوشك أن أدعي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي،كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلي الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟!).

وقد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث أن أحد علماء الهند ألَّف في أسانيده وطرقه كتاب عبقات الأنوار من عدة مجلدات.

وعندما يقوم مذهب طائفة علي التمسك بوصية النبي بالثقلين، الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر أهل بيت نبيهم.. فكيف يصح اتهامهم بأنهم لا يؤمنون بأحد ركني مذهبهم؟!

إن مثل القرآن والعترة - الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة في مذهبنا - كمثل الأوكسجين والهيدروجين، فبدون أحدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع..

ولم تقتصر تأكيدات النبي صلي الله عليه وآله علي التمسك بعترته علي حديث الثقلين، بل كانت متكررة وممتدة طوال حياته الشريفة، وكان أولها مبكراً في مرحلة دعوة عشيرته الأقربين - التي يقفز عنها كتَّاب السيرة في عصرنا ويسمونها مرحلة دار

ص: 376

الأرقم - يوم نزل قوله تعالي: وأنذر عشيرتك الأقربين، فجمع بني عبد المطلب ودعاهم إلي الإسلام، وأعلن لهم أن علياًّ وزيره وخليفته من بعده!

قال السيد شرف الدين في المراجعات ص 187:

(فدعاهم إلي دار عمه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة، وفي آخره قال رسول الله صلي الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شاباًّ في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني علي أمري هذا علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها غير علي - وكان أصغرهم - إذ قام فقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ رسول الله برقبته وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!). انتهي.

وتواصلت تأكيدات النبي صلي الله عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة، كان منها حديث الثقلين، وكان منها تحديد من هم أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس..

ثم كان أوجها أن أخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعي غدير خم.. وقد روت ذلك مصادر الفريقين أيضاً، وألَّف أحد علماء الشيعة كتاب الغدير من عدة مجلدات في جمع أسانيده وما يتعلق به.

3 - والشيعة عندهم قاعدة عرض الأحاديث علي القرآن:

ص: 377

من مباحث أصول الفقه عند الشيعة والسنة: مسألة تعارض الأحاديث مع القرآن، وتعارض الأحاديث فيما بينها.. وفي كلتا المسألتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن أكثر من إخوانهم السنة.

فعلماء السنة مثلاً يجوِّزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتي لو رواه صحابي واحد.. ولذلك صححوا موقف الخليفة أبي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث صادر منها (فدك) التي نحلها إياها النبي صلي الله عليه وآله وكانت بيدها في حياة أبيها، ثم منعها إرثها من أبيها صلي الله عليه وآله بدعوي أنه سمع النبي يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، يقصد أن ما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة..

واحتجت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام بالقرآن، وقالت له كما روي النعماني المغربي في شرح الأخبار: 3/36: يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي..؟! لقد جئت شيئاً فرِياًّ.

فقال علماء السنة إن عمل أبي بكر صحيح، وآيات الإرث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواه

أبو بكر وحده، ولم يروها غيره!

أما إذا تعارض الحديثان، فقد وضع العلماء لذلك موازين لترجيح أحدهما علي الآخر، ومن أولها عند الفريقين ترجيح الحديث الموافق لكتاب الله تعالي علي الحديث المخالف... إلخ.

وزاد علماء الشيعة علي ذلك أنه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الأحاديث أو عدم وجوده، فإنه يجب عرض كل حديث علي كتاب الله تعالي، والأخذ بما وافقه إن استكمل بقية شروط القبول الأخري، ورد ما خالفه وإن

ص: 378

استجمع شروط القبول الأخري، ورووا في ذلك روايات صحيحة عن النبي وآله صلي الله عليه وآله..

ففي الكافي: 1/69:

(عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن علي كل حقٍّ حقيقة، وعلي كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه..

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب النبي صلي الله عليه وآله بمني فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله..

عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟ قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلي الله عليه وآله، وإلا فالذي جاءكم به أولي به...

عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلي الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف).

وفي تهذيب الأحكام للطوسي: 7/275:

(فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب الله، وكل حديث ورد هذا المورد فإنه لا يجوز

العمل عليه، لأنه روي عن النبي صلي الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام أنهم قالوا: إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه علي كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا. وهذان الخبران مخالفان علي ما تري..). انتهي.

ص: 379

فكيف يتهم الشيعة بعدم الإعتقاد بالقرآن، والقرآن هو المقياس الأول في مذهبهم، وهم يخوضون معركة فكرية مع إخوانهم السنة ويكافحون من أجل تحكيم نصوص القرآن، وقد اشتهرت عنهم إشكالاتهم علي اجتهادات الخلفاء في مقابل نص القرآن والسنة، وما زال علماء السنة إلي عصرنا يسعون للإجابة علي هذه الإشكالات!

4 - وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنيان علي القرآن:

والشيعة ليسوا طائفة مستحدثة، بل جذورهم ضاربة إلي زمن النبي صلي الله عليه وآله، حيث كان عدد من الصحابة يلتفون حول علي عليه السلام، فشجعهم النبي صلي الله عليه وآله علي ذلك، ومدحهم، وأبلغهم مدح الله تعالي لهم، كما ترويه مصادر السنة والشيعة..

فقد روي السيوطي في الدر المنثور: 6/379:

(في تفسير قوله تعالي: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، فقال: وأخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله قال: كنَّا عند النبي صلي الله عليه وسلم، فأقبل علي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ونزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. فكان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم إذا أقبل عليٌّ قالوا: جاء خير البرية.

وأخرج ابن عدي، وابن عساكر، عن أبي سعيد مرفوعاً: علي خير البرية.

وأخرج ابن عدي، عن ابن عباس قال: لما نزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي: هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.

ص: 380

وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك. وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب، تدعون غراًّ محجلين). انتهي.

فعليٌّ وشيعته كانوا وجوداً مميزاً في زمن النبي صلي الله عليه وآله، وهم الذين كانوا مشغولين مع عليٍّ بجنازة النبي صلي الله عليه وآله، عندما بادر الآخرون إلي السقيفة ورتبوا بيعة أبي بكر، فأدان عليٌّ وفاطمة وشيعتهم هذا التصرف، واتخذوا موقف المعارضة..

وعندما بويع علي بالخلافة كانوا معه في مواجهة الإنحراف وتنفيذ وصية النبي صلي الله عليه وآله بالقتال علي تأويل القرآن.. ثم كانوا مع أبنائه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام..

وعبر القرون كان الشيعة قطاعاً كبيراً حيوياًّ واسع الإمتداد في الأمة تمثل في مجتمعات ٍودولٍ، وتاريخٍ معروف مدون.. وثقافتهم ومؤلفاتهم كثيرة وغزيرة، وقد كانت وما زالت في متناول الجميع، ومحورها كلها القرآن والسنة، ولا أثر فيها لوجود قرآنٍ آخر!!

5 - وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن:

يمكن القول بأن عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كان خُمْس عدد الأمة الإسلامية، وبقية المذاهب السنية أربعة أخماس.. فالوضع الطبيعي أن تكون نسبة مؤلفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الأخري خمس مجموع مؤلفات إخوانهم السنة.

ص: 381

وإذا لاحظنا ظروف الإضطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون، نكون منصفين إذا توقعنا من علمائهم عُشْر ما ألفه إخوانهم السنة حول القرآن بل نصف العشر.. بينما نجد أن مؤلفات الشيعة حول القرآن قد تزيد علي الثلث!

وقد أحصت دار القرآن الكريم في قم التي أسسها مرجع الشيعة الراحل السيد الكلبايكاني رحمه الله، مؤلفات الشيعة في التفسير فقط في القرون المختلفة، فزادت علي خمسة آلاف مؤلف..

فكيف يصح أن نعمد إلي طائفة أسهموا علي مدي التاريخ الإسلامي أكثر من غيرهم في التأليف في تفسير القرآن وعلومه.. ونتهمهم بعدم الإيمان بالقرآن، أو بأن عندهم قرآناً آخر!!

6 - وفقه الشيعة في احترام القرآن أكثر تشدداً:

توجد مجموعة أحكام شرعية عند الشيعة تتعلق بوجوب احترام نسخة القرآن الكريم وحرمة إهانتها..

فلا يجوز عندنا مسُّ خط القرآن لغير المتطهر، ولا يجوز القيام بأي عمل يعتبر عرفاً إهانة للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخة القرآن في مكان غير مناسب، أو يرميها رمياً غير لائق، أو ينام ونسخة المصحف في مكان مواجه لقدميه، أو يضعها في متناول طفل يسئ إلي قداستها.. إلي آخر هذه الأحكام التي تشاهدها في كتب الفقه العملي الذي يعلم الناس الصلاة والوضوء والأحكام التي يحتاجها الشيعي في حياته اليومية..

فأي قرآن تقصد هذه الأحكام التي تعلمها نساء الشيعة لأطفالهن..؟ هل تقصد قرآن الشيعة المزعوم الذي لا يعرفه الشيعة ولا رأوه؟!

7 - وفتاوي علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن:

ص: 382

الذين يمثلون الشيعة في كل عصر هم علماؤهم، فهم الخبراء بمذهب التشيع لأهل البيت عليهم السلام، الذين يميزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه.. وعندما نقول علماء الشيعة نعني بالدرجة الأولي مراجع التقليد الذين يرجع إليهم ملايين الشيعة ويقلدونهم، ويأخذون منهم أحكام دينهم في كيفية صلاتهم وصومهم وحجهم، وأحكام زواجهم وطلاقهم وإرثهم، معاملاتهم..

فهؤلاء الفقهاء، الذين هم كبار المجتهدين في كل عصر، يعتبر قولهم رأي الشيعة، وعقيدتهم عقيدة الشيعة. ويليهم في الإعتبار بقية العلماء، فهم يعبرون عن رأي الشيعة نسبياً... وتبقي الكلمة الفصل في تصويب آرائهم وأفكارهم لمراجع التقليد.

وقد صدرت فتاوي مراجع الشيعة في عصرنا جواباً علي تهمة الخصوم فأجمعوا علي أن اتهام الشيعة بعدم الإعتقاد بالقرآن افتراءٌ عليهم وبهتان عظيم، وأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه القرآن المنزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله دون زيادة أو نقيصة..

وهذه نماذج من فتاوي عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين ننقلها ملخصة من كتاب البرهان علي صيانة القرآن للسيد مرتضي الرضوي ص 239، فما بعدها.

رأي الشيخ الصدوق:

(إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.

ص: 383

وعندنا أن " الضحي " و " ألم نشرح " سورة واحدة، و " لإيلاف " و " ألم تر كيف " سورة واحدة - يعني في الصلاة - ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك، فهو كاذب).

رأي الشيخ المفيد:

(وأما الوجه المجوّز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متي وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع علي كون ذلك، بل أميل إلي عدمه وسلامة القرآن عنه).

رأي الشريف المرتضي:

(المحكي أن القرآن كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان حتي عين علي جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض علي النبي صلي الله عليه وآله ويتلي عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل: عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن علي النبي صلي الله عليه وآله عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدني تأمل علي أنه كان مجموعاًَ مرتباً غير منثور، ولا مبثوث).

رأي الشيخ الطوسي:

(وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع علي بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضي رحمه الله وهو الظاهر في الروايات.. ورواياتنا متناصرة بالحث علي قراءته، والتمسك بم

ص: 384

فيه، ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وآله رواية لا يدفعها أحد أنه قال: إني مخلف فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض. وهذا يدل علي أنه موجود في كل عصر. لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر علي التمسك به. كما أن أهل البيت عليهم السلام ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت. وإذا كان الموجود بيننا مجمعاً علي صحته، فينبغي أن نتشاغل بتفسيره، وبيان معانيه، ونترك ما سواه).

رأي الشيخ الطبرسي:

(فإن العناية اشتدت، والدواعي توفرت علي نقله وحراسته، وبلغت إلي حدٍّ لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيَّراً، أو منقوصاً مع العناية الصادقة، والضبط الشديد).

رأي الشيخ جعفر كاشف الغطاء:

(لا زيادة فيه من سورة، ولا آية من بسملة وغيرها، لا كلمة ولا حرف، وجميع ما بين الدفتين مما يتلي كلام الله تعالي بالضرورة من المذهب بل الدين، وإجماع المسلمين، وأخبار النبي صلي الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وإن خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم

القرآن... لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر).

رأي السيد محسن الحكيم:

ص: 385

(وبعد، فإن رأي كبار المحققين، وعقيدة علماء الفريقين، ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلي اليوم علي أن القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بالأيدي، لم يقل الكبار بتحريفه من قبل، ولا من بعد).

رأي السيد الميلاني:

الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي. أقول بضرس قاطع إن القرآن الكريم لم يقع فيه أي تحريف لا بزيادة ولا بنقصان، ولا بتغيير بعض الألفاظ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعني بآراء وتوجيهات وتأويلات باطلة، لا تغيير الألفاظ والعبارات. وإذا اطَّلع أحد علي رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطأ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً).

رأي السيد الكلبايكاني:

(وقال الشيخ لطف الله الصافي دام ظله: ولنعم ما أفاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد، ذلك الكتاب لا ريب فيه، والمجموع المرتب في عصر الرسالة بأمر الرسول صلي الله عليه وآله، بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان،

وإقامة البرهان عليه: أن احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به، واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل، وهو مستقل بامتناعه عادة).

رأي السيد الخوئي:

إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به،

ص: 386

والحب يعمي ويصم. وأما العقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته.. إلخ).

قال (العاملي):

وقد أورد آراء عدد من كبار علماء الشيعة القدماء والمعاصرين..

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

موقف الخليفة عمر من القرآن والسنة...

قال (العاملي):

وهو مقال طويل أيضاً من كتاب تدوين القرآن.

وكتب (JaCKoN جاكون) بتاريخ 24 - 12 - 1999، الثانية والربع صباحاً:

يا جماعة.. أنا قلت إن الخوئي يؤمن بالتحريف وذكرت هذه الجملة بالحرف: " إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن ورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر ". فهل هذه جمله تحتمل التأويل؟؟

توقعت أن تكون الإجابة هي.. نعم، الخوئي يعتقد بالتحريف!

ثم إنه لم يرد علي العلماء الذين قالوا بالتحريف، ولم يفند؟ فعلام يدل هذا؟!

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 24 - 12 - 1999، العاشرة ليلاً:

أعتقد أنك مدلس وانتقائي في النقل، وهذا أسلوب الضعيف.

ص: 387

أرجو أن تكون موضوعي في مناقشتك لأي موضوع، بعيداً عن الأهواء الطائفية.

http:/www.rafed.net/resala/salama2.html

قال السيد الخوئي: " إن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه، فلا بد من حمل هذه الروايات علي أن ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسنة والأدلة المتقدمة علي نفي التحريف.

وعلي فرض عدم الحمل علي التفسير، فإن هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في الكافي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول

وأولي الأمر منكم. النساء - 59. قال: فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام. فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم علياًّ وأهل بيته في كتاب الله؟

قال عليهما السلام: فقولوا لهم إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمِّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتي كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هو الذي فسر لهم ذلك.

فتكون هذه الرواية حاكمة علي جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها، ويضاف إلي ذلك أن المتخلفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجوا بذكر اسم الإمام علي عليه السلام في القرآن، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة، فهذا من الأدلة الواضحة علي عدم ذكره في الآيات ".

السيد الخوئي يؤكد علي عدم التحريف، وإنما في اعتقادي أن التحريف المذكور في بعض الروايات إن صحت فالمقصود هو في التأويل والتفسير وليس في التنزيل.

ص: 388

وهذا مصداق الحديث عندما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): أنا حاربت قريش علي التنزيل وأنت يا علي، تحاربها علي التأويل.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 25 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً:

الأخ الكريم JaCKoN: جزاك الله خير، وسدد خطاك.

يا أخينا.. أنت تكلم الشيعة عن التحريف، وهم يتكلمون عن التأويل وشتان بين الإثنين.

والله إنهم لا يفقهون معني التحريف أصلاً وإلا لما ناقشوا هذا، وعلي كل حال لا بد لهم أولاً أن يكفروا من يعتقد بأن القرآن محرف ثم يدافعون!!

ولكن الحقيقة واضحة جلية فإنهم يطنطنون ويشنشنون علي عدم التحريف مع عدم التصريح بكفر من يعتقد بتحريف القرآن. بالله عليكم هل هذا منطق أو حجه يمكن الأخذ بها؟؟

وأخيراً: عسي الله يهديهم، ويهدينا لما يحب ويرضي.

وكتب (JaCKoN جاكون) بتاريخ 26 - 12 - 1999، الثانية صباحاً:

ردَّ الإخوة، وأطالوا وخرجوا عن الموضوع كثيراً، وليتهم ركزوا علي القضية بدل هذه المقدمات التي شرحوا فيها نواياي من طرح القضية.. مع أنه كان بإمكانهم أن يسألوني عن ذلك؟؟

وكل ما أطالوا شرحه يمكن الرد عليه باختصار:

أولاً: السنة تشرح القرآن.. أما أن.. ما هو شرح للقرآن؟.. فلم يقله أحد.

ثانياً: التحريف هو في اختلاف المتن.. أما ما هو اختلاف في التفسير، فلا يسمي تحريف إطلاقاً؟؟

ص: 389

ثالثاً: أحاديث التحريف موجودة ومتناثرة بالكتب ويمكنك الإطلاع عليها.. لم تقل بتحريف التفسير بل دائماً تكون بأسلوب: والله ما نزلت هكذا.. نزل جبرائيل بالآية هكذا.. إلخ.

لهذا فإني أعود لذي بدء، الخوئي قال: " هناك روايات في التحريف - هكذا تحريف - مقطوع صدورها عن الأئمة "! فأي تبريرات يضعها الإخوة فالجملة أوضح من الشمس في كبد السماء! ثم إن الطبرسي وغيره قد سبقوه في ما ذهب إليه!

فرجاء الإلتزام بالحوار العلمي وعدم اللف والدوران، لنصل إلي نتيجة، ولكم جزيل الشكر.

أخي العزيز الفاروق: أشكرك علي ردك، وأتمني من الله لك التوفيق وديمومة مشاركاتك المفيدة.

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 26 - 12 - 1999، السادسة مساءً:

لماذا لا تكمل كلام السيد الخوئي إذا كنت محقاًّ في دعواك؟!

كفاك تدليساً!!

ثم ما رأيك في هذا؟ أجب بصراحة هل تعتقد بما يعتقد عمر:

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف

ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين).

ص: 390

قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/163، وقال:

(رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث، ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات..).

قال (العاملي):

إلي آخره، وقد تقدم شبيهه..

وما رأيك في هذا:

قال السيوطي في الدر المنثور: 5/179:

(وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد..).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها.

قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:.. فرفع فيما رفع!).

وكتب (جاكون) بتاريخ 27 - 12 - 1999، الخامسة مساءً:

ص: 391

أخي العلوي: كل ما ذكرت هي آيات منسوخة، سماها الخوئي " تحريفاً ".

فهل ترضي عن سعي الخوئي هذا في إثبات ال- " تحريف "؟

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 27 - 12 - 1999، السابعة مساءً:

أنا أتحداك.. أن تنقل كلام السيد الخوئي كله لا ما تفهمه أنت، وليس قطع الجمل وعدم إكمال السياق.

عموماً هذا عمر وهو عندكم ليس كما الخوئي عندنا، وهو يدعي تحريف القرآن - معاذ الله - أن يكون محرف.. فما تقول؟

وكتب (جاكون) بتاريخ 28 - 12 - 1999، الثانية والنصف صباحاً:

أخي.. يبدو أنك تؤيد كلام الخوئي في إثباته " تحريف " الكتاب.. بقي أن تقبل باستنتاجه الذي توصل إليه في أن روايات المعصومين عن التحريف صحيحة؟؟

أما ما ذكرته فقد غضيت عنه الطرف لتركيزي علي قضية الخوئي.. إلا أني أرد هنا:

- الطبراني عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين.

هذه رواية مكذوبة علي عمر. ضعيف الجامع للألباني، رقم الرواية 4133.

- السيوطي عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن

ص: 392

كثير ذهب مع محمد.. أوردها السيوطي في كتابه الإتقان تحت عنوان: ما نسخ تلاوته دون حكمه: 2/718.

- السيوطي من مسند عمر رضي الله عنه عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد في ما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها. قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع! أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان: ما نسخ تلاوتها دون حكمه: 2/720.

وقول الراوي: أسقطت في ما أسقط من القرآن، أي نسخت تلاوتها في جملة ما نسخت تلاوته من القرآن.

بينما أورد الخوئي هذه الروايات في البيان ص 202 و ص 203 و ص 204 مقراًّ ب- " تحريف " كتاب الله ومثبتاً نظريته التي ذكرها فيما بعد عن المعصومين في " التحريف "..

أما ما تقول من تكملة الجملة، فأنت وغيرك يعلم أن الجملة تامة المعني.

ولو كنت قد قطعت المعني مدلساً لبادرت أنت إلي ذلك، وانتهي الحوار.. وأنا أعرف أن نيتك من المراوغة هو أن تطيل وأن تشوش.. بعدما تبين الحق.

والجملة كالآتي: " إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك وفيها ما روي بطريق معتبر ".

ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم. لهذا... فأنا أتحداك أن تثبت أن الجملة مقطوعة؟

وبقي أن تعترف أنك بدفاعك عنه هنا تدافع عن التحريف.

ص: 393

وكتب (جاكون) أيضاً بتاريخ 29 - 12 - 1999، الثانية ظهراً:

بقي أن نعرف أن قذف القرآن بالتحريف ليس عيباً عندهم.. فقد قالها كبار مشايخ وآيات الشيعة.. نقلاً عن أئمة آل البيت.. المتواترة لكثرتها... والتي لا تقبل التأويل... وكثير من مدرسة الإخباريين يتبني هذا الإتجاه علانية... وليس الطبرسي وهاشم البحراني هم الأوائل... بل إن المعارضين لهؤلاء لا يملكون الدليل علي عصمة القرآن..

فالتراث الشيعي لا يملك دليلاً فاصلاً بعصمة القرآن... مروي من معصوم...

وإلا صار حجة يبطل به تيار " التحريف " داخل المذهب للأبد.

فالمدافعين عن القرآن يعرفون أن روايات الكليني والمجلسي لا تسعفهم.. بل حتي كتب الطوسي وابن بابويه لها نصيب في روايات التحريف.. فلهذا هم يعرفون أن التحريف يمثل رأي آل البيت والمشايخ عندهم.. بل ويعرفون أن نقض التحريف نقض لمذهب الإمامية..

ولأن العامة من الشيعة قد اندرست مع تيارات أهل السنة في اتجاه صيانة القرآن.. وكون الشيعة لا تملك بديلاً جاهزاً متفقاً عليه.. كما أنها لا تستطيع أن تحرف القرآن.. علي الأقل ما وصلها من روايات المعصومين.. كون ذلك يؤدي إلي خروجها عن الملة بنظر المسلمين.. وتضم إلي الملل الخارجة عنه صراحة.. فإنهم آثروا تغطيته بالتقية فهم علي دين من نشره فضحه الله..

فلهذا تجد أن تيار المدافعين عن القرآن يقولون كلمات خطابية في هذا الموضوع.. لأنهم لو امتلكوا دليلاً يؤيدهم.. لاتجهوا به إلي الداخل.. إلي المنادين بالتحريف أولاً.. قبل أن يلمعوا صورتهم بنفي التحريف أمام أهل السنة..

ص: 394

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 30 - 12 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عندما يكمل أي طالب للحقيقة ما بعد الجملة التي سردتهَّا يا أخ JaCKoN حول روايات التحريف، يتبين له مدي بعدك عن الحقيقة.. والتدليس الذي وقعت فيه والذي يخالف روح الإسلام ومنهج محمد المصطفي (صلی الله علیه و آله).

فالصفحات من 226 إلي 235.. تبين له أن السيد الخوئي يثبت أن لا يوجد تحريف في نص القرآن. وقد قسم روايات التحريف إلي أربع طوائف من الروايات.

الطائفة الأولي

وهي الروايات التي دلت علي التحريف بعنوانه، وأنها تبلغ عشرين رواية.. إلخ.

ص 229: أن الظاهر من الرواية الأخيرة تفسير التحريف باختلاف القراء، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات.

ثم يسترسل في شرح كلامه وفي نفس الصفحة يقول: أما بقية الروايات، فهي ظاهرة في الدلالة علي أن المراد بالتحريف حمل الآيات علي غير معانيها، الذي يلزم إنكار فضل أهل البيت (علیهم السلام) ونصب العداوة لهم وقتالهم.

الطائفة الثانية

هي الروايات التي دلت علي أن بعض الآيات المنزلة من القرآن وقد ذكرت فيها أسماء الأئمة (علیهم السلام) وهي كثيرة.

الجواب ص 230: إنا قد أوضحنا في ما تقدم أن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه فلا بد من حمل هذه الروايات علي أن

ص: 395

ذكر أسماء الأئمة (علیهم السلام) في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب، والسنة، والأدلة المتقدمة علي نفي التحريف.. إلخ.

الطائفة الثالثة

هي الروايات التي دلت علي وقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان، وأن الأمة بعد النبي (صلی الله علیه و آله) غيرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخري.

والجواب في ص 233 عن الإستدلال بهذه الطائفة.. بعد الإغضاء عما في سندها من الضعف، أنها مخالفة للكتاب، والسنة، ولإجماع المسلمين علي عدم الزيادة في القرآن ولا حرفاً واحداً، حتي من القائلين بالتحريف.. إلخ.

الطائفة الرابعة

هي الروايات التي دلت علي التحريف في القرآن بالنقيصة فقط.

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة - الصفحة ذاتها -: أنه لا بد من حملها علي ما تقدم في معني الزيادات في مصحف أمير المؤمنين (علیه السلام) وإن لم يمكن ذلك الحمل في جملة منها، فلا بد من طرحها لأنها مخالفة للكتاب والسنة.. إلخ.

علي أن أكثر هذه الروايات بل كثيرها ضعيفة السند. وبعضها لا يحتمل صدقه في نفسه.

وقد صرح جماعة من الأعلام بلزوم تأويل هذه الروايات أو لزوم طرحها.. إلخ.

انتهي كلام السيد الخوئي رحمة الله عليه. وهو برئ مما ادعي الأخ.

ص: 396

وإن كان الأخ طالب حق، فهذا هو الحق. وإن كان طالب فتنة، وعدو للحقيقة، فالحكم بيننا وبينه الله ورسوله.

فكتب (جاكون) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

هل هناك إهانة للقرآن أشد من أن يوصف بالتحريف؟!

الخوئي اعترف بالتحريف من حيث لا يعلم بتوثيق دعاء صنمي قريش!!

ثم إنه لا يجوز أن يكون المنافس حكماً، ولا المجني عليه قاضياً؟؟

فنظريته في تحكيم أحاديث التحريف للقرآن لم يسبق إليها؟ بل وتضحك الثكلي.

والأدهي أنه استدار لأهل السنة ليخفف من وطأة المصيبة، مع أن مقالة التحريف هذه سمع بها النصاري في زمان ابن حزم في أقصي الأرض في الأندلس وقبل أن يولد البحراني والمجلسي والنوري الطبرسي، فعن ماذا يدافع؟ ومما يوضح إفلاسه.. أنه استدار إلي أهل السنة.. وصار يوجه الإتهامات بكل اتجاه.. فسمي النسخ والقراءات تحريفاً... مخالفاً علماء الشيعة أنفسهم.

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، التاسعة مساءً:

ما هذا الكلام؟!!!

السيد الخوئي يناقش الموضوع بصورة علمية وليس عاطفية، ولا من أجل تسجيل نقاط عليكم في ذكره لأحاديث التحريف عندكم، فالسيد الخوئي ليس من عشاق كرة القدم!!

فهو ناقش قضية الأحرف السبعة، وهذا خلاف بيننا وبينكم قديم، وفيه مقالات للإمام الصادق عليه السلام أن القرآن نزل علي حرف وليس سبعة!

ونقاش السيد الخوئي هنا علمي بحت، والمنصف يقدر أسلوبه..

ص: 397

أما من يريد الفتنة ومن يقرأ الكلام بالمقلوب، فهذه مشكلته الشخصية مع شيعة محمد وآله..

أما دعاء صنمي قريش، فأرجو منك أن تقرأ بعد التوثيق ماذا قال.. يث فسر التحريف في المعني.

وقلت: " فالنوري الطبرسي أحصي 1800 رواية في التحريف عند الشيعة ".

وعليه.. وبحسبة بسيطة 90 بالمئة.. تسع أضعاف 10 بالمئة.. فمعناه أن لدي أهل السنة 16200 رواية.. فأين وجدها؟؟ وهم الذين لم يؤلفوا كتاباً ولا باباً في هذا المعني كله.

أنت قلت: " الطبرسي قال أن هناك 1800 ".

الرجاء ذكر المصدر الأصلي، وليس الرد السعودي والطبعة ورقم الصفحة.. ولكل حادثة حديث.

الرجاء منك عدم استخدام ألفاظ غير مؤدية كقولك " إفلاسه "! بإمكانك استخدام آلاف الكلمات المؤدبة، بدل هذه الكلمة الغير مهذبة.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

إلي JACKON صاحب الإفتراء، وإلي الفاروق الذي لم يفرق بين الحق والباطل:

ستجدان رداًّ كافياً وشافياً علي الإفتراء في موضوع:

(أتحداك يا JACKON ولعنة الله ورسوله علي الكاذبين) علي العنوان التالي:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002411.html

ص: 398

وأختم بقول الله سبحانه وتعالي: ومن أظلم ممن افتري علي الله كذباً، أولئك يعرضون علي ربهم، ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا علي ربهم، ألا لعنة الله علي الظالمين.

وانتهي الموضوع ولا من جاكون وفاروق!

وكتب المدعو (نصير آل البيت) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 22 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعا بعنوان (علماء الرافضة يقولون بتحريف القرآن.. علماء معاصرون نموذجاً)، قال فيه:

أ - السيد محسن الحكيم.

ب - السيد أبو القاسم الخوئي.

ج - روح الله الخميني.

د - الحاج السيد محمود الحسيني الشاهرودي.

ه - الحاج السيد محمد كاظم شريعتمداري.

و - العلامة السيد علي تقي التقوي.

طعنهم بالقرآن بسبب توثيقهم لدعاء صنمي قريش الذي يحوي الطعن بالقرآن.

ونذكر مقدمه الدعاء:

اللهم صل علي محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وصيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك، وقلّبا دينك وحرّفا كتابك.. اللهم العنهم بكل آية حرفوها...

فكتب (هاشم) بتاريخ 23 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

ص: 399

أنقل لكم كلام السيد الخوئي تغمده الله برحمته في توضيح المقصود من تحريف الكتاب.. قال:

" وأما بقية الروايات التي جاء فيها تحريف القرآن بعنوانه فهي ظاهرة في الدلالة علي أن المراد بالتحريف حمل الآيات علي غير معانيها ". البيان ص 229.

فالسيد الخوئي رحمه الله يقول بأن التحريف المقصود في الروايات هو حمل الآيات علي غير معانيها.. وهذا النوع من التحريف واقع قطعاً..

والسيد الخوئي قد خصص في تفسيره القيم باباً كاملاً يزيد عن (30) صفحة في إثبات صيانة القرآن عن التغيير..

والسيد الخميني رحمه الله وجميع العلماء المعاصرين ينفون التحريف أيضاً، ولا دليل في توثيقهم لدعاء صنمي قريش - إن صح ادعاؤك - علي اعتقادهم بتحريف القرآن بالزيادة والنقصان..

لأن التحريف تارة يقصد به التحريف اللفظي بالزيادة والنقصان، وأخري يقصد به التحريف المعنوي بحمل الآيات علي غير معانيها. راجع بحث نفي التحريف في تفسير البيان.

وقد قال السيد الخميني: إن الواقف علي عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه، قراءة وكتابة، يقف علي بطلان تلك الروايات المزعومة... والسلام.

فكتب (عرباوي) بتاريخ 23 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

أين أنت يا مفترٍ.. لم لا تدافع عن رأيك؟!!

مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوي.

وكتب (هاشم) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الثانية والربع ظهراً:

ص: 400

إضافةً: قال الإمام السيد محسن الحكيم في فتواه:

" فإن رأي كبار المحققين وعقيدة علماء الفريقين ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلي اليوم علي أن

القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بين الأيدي لم يقل الكبار بتحريفه من قبل ولا من بعد ".

فيظهر بطلان قول (نصير) في اتهامه الإمام السيد محسن الحكيم بالإعتقاد بتحريف القرآن. والسلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

هذه روايتك عن علماء الشيعة..كذَّبها الأخوة الأعزاء.

ولكن روايتكم لرأي عمر القاطع بتحريف القرآن ليس بإمكانك تكذيبها، لأن راوي عدد منها البخاري!!

فهل تريد نموذجاً من أقواله في التحريف، برواية البخاري ومسلم؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

باختصار: ما هو حكم من اعتقد أن القرآن الذي بين أيدينا محرف؟

وما حكم من اعتقد أن القرآن الصحيح هو الموجود مع صاحب السرداب؟

وكتب (الدكتور جايكل) 7 - 8 - 1999، الثالثة ظهراً:

هكذا أنتم تتباكون دائماً عند كشف الحقيقة... وهي حقيقة من حقائق، فلماذا؟

شدوا حيلكم أيها الروافض، والحمد لله أن شرككم باين.

فكتب (القطيف) بتاريخ 7 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 401

وهل سمعتم عن الكتاب السري الذي يحتفظ به كبار (الكوكو) وهو مكتوب في لندن.. وترجمه أحد جواسيس بريطانيا، والكتاب هو الأساس لمذهب (الكوكو) واسمه: تغيير المسار.. وهدفه تدمير الإسلام ومحاربته من الداخل؟

ومن محصلة تلك الحرب تدمير المذهب الشافعي في الأحساء علي يد (الكوكو).. والدور علي المذهب المالكي.

ومن علامات الحرب الخفية الطعن في الأزهر الشريف وعلمائه والتقليل من شأنهم، كما حدث للمرحوم الشيخ الغزالي حين تطاول عليه (الكوكو) وكفروه، وبعضهم أحل دمه.

إن الخطر (الكوكوي) مدعوم بريطانياًّ في السابق، وأمريكياًّ - CIA - بالتحديد.. حالياً، عبر الدعم الخفي للطالبان للسيطرة علي أفغانستان وتشكيل صورة مشوهة ومنحرفة للإسلام، وذلك لإعاقة تحركه وانتشاره.

ويقول محلل سابق للمخابرات الأمريكية: إن الغرب يخافون من الإسلام التقدمي، ولذلك وضعوا خطة لتشكيل صورة مشوهة لاستقطاب الشباب المسلم بدلاً صمن الحركة الإسلامية الصافية.

إن (الكوكو) مذهب أنشئ علي أساس محاربة الإسلام وتدمير الخلافة الإسلامية - السنية - فلهذا يجب علي المنتمين له وأغلبهم بحسن نية.. ندعوكم لترك هذا الفكر المنحط.. والذي لم يخرج مفكراً واحداً حتي الآن! دلالة علي عقمه عن استخدام العقل.

الله الله في أنفسكم.. أتباع (الكوكو).

أتركوا هذا الفكر والذي لن يجني إلا الدمار لدين محمد (صلی الله علیه و آله).

ص: 402

الفصل الثاني عشر: الثقلان.. القرآن والعترة

اشارة

ص: 403

ص: 404

الثقلان.. القرآن والعترة

كتب (مشارك) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17 - 2 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل هناك فرق بين الثقل الأكبر والقرآن الموجود بأيدينا يا إمامية)، قال فيه:

هل تعتقدون أن هناك فرق بينهما؟ ما هي الفروقات؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

وهل ستدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله ضد من يقول بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من ليس بأهل لذلك من المسلمين؟؟ أرجو ذلك.

فالموضوع كان الدفاع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، وكل من يطعن به صلي الله عليه وآله يجب الوقوف بوجهه وفضحه والطعن به، سواء أكان الإمام الخميني كما تعتقد أنت، أو غيره من أئمتك وصحابتك.. أم إنك تري الدفاع عنه صلي الله عليه وآله يكون ضد الإمام الخميني فقط..

ومن يطعن فيه من أئمتك وصحابتك يجب السكوت عنهم ولا يجوز الدفاع عنه صلي الله عليه وآله؟! إصحَ يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 17 - 2 - 2000 - الثامنة والنصف مساءً:

ص: 405

أين العاملي؟

أين الموسوي؟

أين جعفري؟

أين رؤوف؟

أين رحمة العاملي؟

أين التلميذ الحقيقي؟

أين رائد جواد؟

أين البقية؟

هل هذا السؤال صعب عليكم إلي هذا الحد؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

وهل صعب عليك أن تدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

أم أنك تتحفظ علي كرامة علمائكم بالسكوت عن طعنهم بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟!

وهل علماؤكم وصحابتكم عندكم أفضل من خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟

سكوتك يا مشارك ينطق بالجواب ويدل عليه.

إيه يا مشارك، كشفتم عن عقيدتكم والتي طالما كنتم تخفونها!

والمشكلة إنك تتهم الشيعة بالباطنية وأنتم تخفون عقيدتكم هذه لا تتجرؤون بالحديث عنه!

وبعد هذا تزعمون أنكم أهل السنة؟؟

يا أخي أي سنَّة.. أنتم تطعنون بصاحبها صلي الله عليه وآله وهو خير خلق الله؟؟!

وكيف تقبلون بسنة وأنتم تطعنون بصاحبها صلي الله عليه وآله؟؟!

ص: 406

الله يستر عليك يالمشارك، واصحَ يا مشارك!

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

فكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

أهلاً بك يا مشارك.

سؤالك عن أحد الثقلين.. فإن كنت تعترف بصحة حديثهما..

وأنهما حجة عليك بعد نبيك.. أجبناك، وإلا...

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الواحدة ليلاً:

مساك الله بالخير يا مشارك.. ولا تنسَ تردّ علي هالموضوع..

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001915.html

ننتظر الرد يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

يا فاطمي:

تذهب وتتباكي للمشرف البصري عندما كتب أخونا عمر تعليقاً علي أحد مواضيعك خارج عن الموضوع الأساس، فيحذف المراقب تعليق عمر، وتأتي الآن لتفعل نفس الشئ معي بأسلوب الكذب والبهتان الذي تدينون الله به! وعندما أتجاهل الرد عليك، تقول لنا ما لم نقل كعادة الزنادقة في وضع الروايات، والآن هل من مجيب؟

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

الزميل مشارك.. حياك رب الناس حياكا!

ص: 407

قلت: " تذهب وتتباكي للمشرف البصري.. إلخ ".

أقول يا زميلي الألد: هل تريد أن تعرف من الذي يتباكي؟؟

إدخل هنا لتعرف يا اللدود يا لدود.

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/001024.html

قلت: " وتأتي الآن لتفعل نفس الشئ معي بأسلوب الكذب والبهتان الذي تدينون الله به ".

أقول: يا مشارك، ما قلته أنا هو مجرد تذكير لك لأن تدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، والمفروض إنك تفرح وتبين همتك للدفاع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، لا أن.. تزعل وتمدّ بوزك.. بس فالح تردّ علي البغدادي. وأشكرك علي ردك عليه.

وإذا أردت أن تعرف أسلوب الكذب والبهتان.. فراجع هذه العناوين يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

وكتب (الفاطمي) أيضاً بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

الزميل مشارك.. صبحك الله بالخير:

تكملة الرد.. ونأسف للخلل الغير مقصود يا زميلي الألد.

وإذا أردت أن تعرف أسلوب الكذب والبهتان، فراجع هذه العناوين يا مشارك.

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002039.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001648.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/000996.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002036.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001346.html

ص: 408

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002222.html

أدخل هنا لتعرف من الذي يستعمل أسلوب الكذب والبهتان.

وأنتم تفترون علي سيدة نساء أهل الجنة سلام الله عليها، وعندما نردُّ علي افتراءاتكم تهربون من النقاش إلي غير رجعة!!

بل ويصر البعض علي الإفتراء عليها سلام الله عليها، مثل الناصبي جاككككون!!

بل وتفترون علي من خير منها أبوها صلي الله عليه وآله!!

والذي إلي الآن ترفض الدفاع عنه يا مشارك، " هارد لك ".. مشارك، وحظاًّ أوفر المرة القادمة.

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

وكتب (العسكري) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة إلا عشر دقائق صباحاً:

هذه لك أخي الفاطمي الحبيب:

إذا شئت أن ترضي لنفسك مذهباً … ينجيك يوم البعث من لهب النار

فدع عنك قول الشافعي ومالك … وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووالِ أناساً قولهم و حديثهم … روي جدنا عن جبرئيل عن الباري

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة ظهراً:

يبدو أنكم لا تريدون الجواب علي هذا السؤال الحساس، وعليه فلا بأس أن نطرح هذه الإجابة وهي من إجابات المرجع الديني آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي، وهو أحد أبرز مراجع التقليد وأساتذة الأبحاث العليا في الحوزة العلمية:

ص: 409

س 21: هناك رأي يقول: إن أهل البيت (علیهم السلام) أفضل عند الله من القرآن الكريم، فما هو تعليقكم؟

ج 21: القرآن يطلق علي أمرين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

وأهل البيت (علیهم السلام) الثقل الأصغر، وأما القرآن بالمعني الأول الذي يطلق علي كل نسخة فلا يقاس منزلته بأهل البيت (علیهم السلام) بل الإمام قرآن ناطق، وذاك قرآن صامت، وعند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (علیه السلام) أو يتحفظ علي بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة، فلا بد من اتباع الإمام (علیه السلام) كم

وقع ذلك في قضية صفين، والله العالم.

والآن هل هناك من يبين لنا حقيقة الفروق بين القرآن الذي بأيدينا، والثقل الأكبر حسب عقيدتكم؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

وهذا هو مكان الموضوع الأساس:

http://www.tabrizi.org/htm/rd/a/r.htm

وكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الخامسة إلا ربعاً مساءًَ:

يا مشارك.. لا يشكك في حديث الثقلين إلا جاهلٌ أو ناصب..

فاختر لنفسك!

وجواب الميرزا التبريزي حفظه الله جواب عميق، لو فهمته!!

ص: 410

وكأنك تحتاج إلي تفكير يوم.. حتي تفهم الفرق بين القرآن ونسخة القرآن؟!

فالنبي صلي الله عليه وآله أوصي بالقرآن الذي أنزل وسماه الثقل الأكبر.. ولم يوصِ بنسخ معينة مخطوطة أو مطبوعة!

وقد ضحي الأئمة عليهم السلام من أجل القرآن، وليس من أجل نسخ مخطوطة أو مطبوعة!

أما درست الكلي، والمصداق؟!

وكتب (فرزدق) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السادسة مساءً:

أحسنت يا شيخنا العاملي.

ولكن هل تظن بأن مشارك يفهم هذه الأمور.

وما هو سوي " واحد بتاع كمبيوتر!! " كما قالها لك في (هجر) يوم كانت (أنا العربي).

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السابعة مساءً:

لماذا لا توضح عقيدتك أكثر يا عاملي في الفرق بين القرآن الذي بأيدينا والثقل الأكبر.

والسؤال بطريقة أوضح:

هل تعتقدون بوجود آيات في الثقل الأكبر قام الصحابة بحذفها منه، فأصبح القرآن الذي بأيدينا يفتقد لتلك الآيات؟ أو أن إمامكم المهدي سوف يقرأها بغير القراءة الحالية؟

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السابعة والنصف مساءً:

ص: 411

حبيب ألبو يا مشارك..

أين ردك يا جبان، وألم أقل لك: أبو طبيع.. ما يترك طبعه!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثامنة إلا خمس دقائق مساءً:

ما هو الفرق بين القرآن ونسخة القرآن؟

القرآن هو كلام الله تعالي الذي حفظه من التحريف، والموجود في المصاحف التي هي بين أيدي المسلمين في جميع أنحاء العالم.

ولذلك فإن نسخة القرآن يجب أن تكون هي القرآن بالضبط، وإلا فإنها ليست نسخة القرآن.

جواب التبريزي يقول أن هناك قرآنان!!! قرآنان وليس واحد.. يا سلام سلِّم!

لا ندري أين التبريزي هذا عن النصاري الذين يقولون بأن هناك إصدارات عديدة من كتابهم المقدس!

هل التبريزي هذا يبغي أن يجر الشيعة إلي وضعية أقرب إلي النصاري من الإسلام.. تقديس الأئمة كما يقدس النصاري المسيح، ومن ثم تعدد الكتب كما هو عند النصاري!

القرآنان الذين يزعم التبريزي هذا وجودهما هما: أحدهما: هو القرآن الموجود بين يدي الناس، وهذا القرآن هو الذي موجود بين أيدي المسلمين ويؤمنون بأن الله سبحانه وتعالي حفظه من التحريف كما تعهد بنفسه جل وعلا.

الثاني: هو ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة حسب قول التبريزي...

ص: 412

أي أن التبريزي يؤمن بأن القرآن الذي هو موجود عند المسلمين والذي نقرأ مصاحفه كل يوم، هو غير القرآن الذي نزل علي النبي صلي الله عليه وسلم بواسطة جبرئيل!

والدليل علي ذلك أنه قال أن هناك قرآنان، بينما المسلمون جميعاً يؤمنون بأن القرآن الموجود بين يدي الناس هو نفسه الذي أنزله الله جل وعلا علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وتعهد بحفظه أيضاً. التبريزي قال:

إن الثقل الأكبر المذكور في حديث الثقلين - بغض النظر في مسألة صحة الحديث - هذا الثقل الأكبر ليس هو القرآن الموجود عند المسلمين الآن حسب قول التبريزي، ولكنه قرآن آخر غيره - بغض النظر عن أن التبريزي هذا يكون بذلك أحد القائلين بتحريف القرآن الكريم - وهذه مصيبة.

إن الثقل الأكبر الذي تتنادي به الشيعة لا يعرفه المسلمون ولم يطلعوا عليه في يوم من الأيام - حسب ما يستنتج من كلام التبريزي - فكيف يتمسك الناس بشئ لم يطلعوا عليه في حياتهم أبداً؟!

هل يتمسكون بأوهام، أم بحقائق مؤكدة موجودة أمامهم.. هذه إشكالية أخري من إشكاليات عقائد الشيعة.

وكتب (أوال) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

الزميل مشرك..

لقد تبين مدي التدليس والكذب الذي وقعت فيه!

مسكين.. نقلت لنا الوصلة التي نقلت منها الكلام للمرجع التبريزي وورطت نفسك.. لأنك دجال!

وأراد الله أن يوقعك في شر أعمالك.

ص: 413

لماذا اقتطعت الكلام التالي وتركت السالف رغم أن الموضوع متتالي، وهذا هو كما هو مكتوب في الوصلة التي أرسلها مشرك:

س 19: ما رأيكم في من يعتقد بتحريف القرآن الكريم ويعتمد علي روايات متعددة في البحار والكافي وغيرهما من الكتب؟

بسمه تعالي

ج 19: التحريف له معانٍ: منها ما يطلق علي المحل غير حقيقته.. ومنها التحريف بعنوان الزيادة والنقصان. فالقسم الثاني باطل كما ذكرنا في البحث. والرواية الواردة في التحريف إما راجعة إلي التحريف بالمعني الذي ذكرناه، أو أنها ضعيفة سنداً لا يمكن الإعتماد عليها ولا يسع المجال للتوضيح بأزيد من ذلك، والله العالم.

القرآن الذي بين أيدينا صحيح

س 20: هل صحيح بأن القرآن المتداول بين أيدي المسلمين غير الحقيقي، والقرآن الحقيقي هو عند الإمام الحجة عجل الله فرجه؟

بسمه تعالي

ج 20: هذا غير صحيح، إنما الوارد هو أنه (علیه السلام) بعد ظهوره يقرأ هذا القرآن في بعض الموارد علي خلاف القراءة الفعلية، ويبين بعض الموارد التي فسرت علي خلاف الواقع، ولو في التفاسير المشهورة، والله العالم.

علاقة أهل البيت (علیهم السلام) بالقرآن

س 21: هناك رأي يقول إن أهل البيت (علیهم السلام) أفضل عند الله من القرآن الكريم، فما هو تعليقكم؟

ص: 414

بسمه تعالي

ج 21: القرآن يطلق علي أمرين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه، وأهل البيت (علیهم السلام) الثقل الأصغر.

وأما القرآن بالمعني الأول الذي يطلق علي كل نسخة فلا يقاس منزلته بأهل البيت (علیهم السلام) بل الإمام قرآن ناطق، وذاك قرآن صامت وعند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (علیه السلام) أو يتحفظ علي بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة، فلا بد من اتباع الإمام (علیه السلام) كما وقع ذلك في قضية صفين، والله العالم.

أرأيت التدليس؟ فالجواب موجود.. ولكنك تريد أن تكذب وحسب.

ثم تعال.. لماذا تسمي نفسك مشرك (كذا) هل تتبرك بالشرك؟ هل تشرك الطغاة.. من تسمونهم ولاة الأمر، مع الله؟ أستغفر الله.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 18 - 2 - 2000، العاشرة إلا عشراً مساءً:

لم تحل شيئاً من غموض ما يقوله التبريزي؟

جميع المسلمين يؤمنون بأن القرآن الموجود في المصاحف التي هي عند المسلمين هو نفسه القرآن المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ومن يؤمن بغير ذلك فهو زنديق يقول بتحريف كلام الله عز وجل.

التبريزي يفرق بين قرآنين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

ص: 415

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

لا تزال الإشكالية موجودة في كلام التبريزي رغم أنه ينكر التحريف، ولكنه يقر به ضمنياً في كلامه هذا، عندما يفرق بين القرآن الموجود بين أيدي الناس وبين القرآن الذي نزل علي سيدنا محمد.. ويسميه الثقل الأكبر ويدعو الناس للتمسك به.. كيف يتمسك الناس بذاك القرآن الذي هو غير القرآن الذي هو بين أيديهم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، العاشرة مساءً:

لله أبوك.. كيف يشتغل ذهنك العبقري؟!

فلو أردنا أن نفكر مثلك لقلنا: محمد إبراهيم.. شخص من كارتون!

والدليل علي ذلك أن صورته من كارتون، وهو عين صورته!!

هذا هو منطقك الهوائي، الذي لا يفرق بين القرآن الذي أنزله الله تعالي علي رسوله..

وبين نسخه المخطوطة والمطبوعة!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الخامسة مساءً:

لا زال السؤال قائماً يا روافض:

ما هو الفرق بين القرآن الموجود بأيدينا والثقل الأكبر في عقيدتكم؟

لماذا تتهربون من الإجابة علي هذا السؤال؟

وكتب (فرزدق) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الخامسة والنصف مساءً:

ص: 416

لله درُّك يا شيخنا العاملي.. فخير الكلام ما قل ودل..

ولكن كيف يفهم من لم يقرأ من المنطق صفحة واحدة؟!

وحقك.. لقد كنت أظن بأن محمد إبراهيم يمتلك مقداراً من العلم.. ولكن خاب ظني.

فهو لم يفهم معني: الحاكي.. ولم يفرق بين المفهوم الكلي والمصداق.

فكيف سيفهم معني الحمل الشائع الصناعي!!!

والذي يكون بين المتحدين في الوجود والمصداق، المختلفين في المفهوم والتعريف!!

وهو محل الكلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

لعل محمد إبراهيم انتبه إلي خطئه، والحمد لله.

فخلفه مشارك مصراًّ في الخلط بين الكلي والمصداق!!

أهلاً بك يا مشارك، وسأجيبك بما أعتقد، وهو أثقل عليك من جواب سماحة المرجع الشيخ جواد التبريزي دام ظله:

فاعلم: أن المقايسة بين النبي والقرآن.. غلط!

فهي تشبه المقايسة بين الدستور والحاكم.. فكلاهما ضرورة.

والنظر إليهما يكون من جوانب:

فمن ناحية التطبيق: لا نفع للدستور بلا حاكم ينفذه، ولا نفع للحاكم بلا دستور.

ومن ناحية حاجة الناس: لو دار أمرُ بلدٍ أن يخسر حاكمه أو دستوره، فقد يفضل خسارة الحاكم علي الدستور!

ص: 417

إنها مقايسات بين موجودين من نوعين، ولذلك ليست دقيقة!!

وإن أبيت إلا الإصرار واللجاج، فأقول:

الرسول صلي الله عليه وآله أفضل من القرآن، سواء أخذناه بمعني الوحي الذي أنزله الله تعالي علي رسوله صلي الله عليه وآله، أو بمعني النسخ والكلام الموجود بأيدينا.

والأئمة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم، هم امتدادٌ ربانيٌّ للنبي، وهم معه أينما فرضته، فوجودهم جزءٌ متصلٌ من وجوده..

والصلاة عليهم فريضةٌ علي الأمة مع الصلاة عليه..

وهم معه ملحقون بدرجته يوم القيامة.. وهم معه حكام المحشر.. ومعه في درجة الوسيلة في أعلي الفردوس.. وإن رغم أنف من رغم!!

وحديث الثقلين عندما جعل القرآن الثقل الأكبر.. وجعل العترة الثقل الأصغر، ليس معناه أنه فضل القرآن عليهم، بل معناه أن الله تعالي شدد علي الأمة في الإيمان بالقرآن أكثر، لأنه الأساس والمدخل إلي الإيمان بالله تعالي وبالنبي وآله.. وهذا أمرٌ غير الأفضلية.

فأهل البيت عليهم السلام، هم مبيّنو القرآن الشرعيون، وبهم تفهم عقيدته وأحكامه، ولا يكون حجةً إلا بهم.

ثم.. إليك جواباً أعمق منه وأثقل أيها ال-...:

ثَبُتَ عندنا بالأحاديث الصحيحة الصريحة أن الله تعالي أول ما خلق نور محمد وآله صلي الله عليهم.. فهم أفضل المخلوقات، ومنها الملائكة والأنبياء والقرآن والكتب المنزلة المخلوقة.

وبهذا النور أفاض الله الوجود علي ما خلقه بعدهم.. أما كيف ذلك؟

فلا نحن ولا أنت نعرف قوانين خلقه تعالي للكون.

ص: 418

وكل ما نعرفه أن الصادق الأمين أخبرنا عنه، فصدقناه.

وإلي الأمس يا مشارك كانت النظرية العلمية السائدة أن بداية الكون من سديم.

ثم قالوا إن مائعاً كان قبل السديم..

ولعلهم يصلون إلي النور الذي أخبرنا عنه الله تعالي علي لسان الصادق الأمين صلي الله عليه وآله!!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

أهلاً بالأخ العزيز الفرزدق.. أشكر لطفك، وأرجو دعاءك.

وقد ذكرتني بأيام (أنا العربي)، وقبلها رأيتك أسداً في (الساحة العربية) عندما صاحت بي وبك الأرانب!

جعله الله ذخراً لك ولي في ميزان حسناتنا، يوم يدعي كل أناس بإمامهم..

ونري (مشارك) هذا محشوراً مع يزيد بن معاوية، إن شاء الله. آمين.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 19 - 2 - 2000، العاشرة ليلاً:

عزيزي العاملي:

لا أقول محاولة ذكية، بل محاولة ملعوبة للإلتفاف حول الموضوع المثار في هذه الصفحة.

لم تحل شيئاً من غموض ما يقوله التبريزي..

جميع المسلمين يؤمنون بأن القرآن الموجود في المصاحف التي هي عند المسلمين هو نفسه القرآن المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

ومن يؤمن بغير ذلك فهو زنديق، يقول بتحريف كلام الله عز وجل.

ص: 419

التبريزي يفرق بين قرآنين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

لا تزال الإشكالية موجودة في كلام التبريزي رغم أنه ينكر التحريف، ولكنه يقر به ضمنياً في كلامه هذا عندما يفرق بين القرآن الموجود بين أيدي الناس وبين القرآن الذي نزل علي سيدنا محمد..

ويسميه الثقل الأكبر ويدعو الناس للتمسك به.

لأبسط لك الأمر: هل الكلام المكتوب في المصاحف التي بين أيدي المسلمين اليوم، هو نفسه الكلام المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم؟

إذا كان هو نفس الكلام المنزل علي سيدنا محمد، فهذا هو نفسه الثقل الأكبر.. ولا داعي أن يأتي محرف أو غيره يدعي باختلاف كلام الله وتحريفه عما نزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

وإن لم يكن هو نفس الكلام المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، فإن معني كلامكم أن قرآننا هذا هو محرف. هذا ما يجب عليك أن توضحه أولاً.

أما ثانياً: إذا سايرنا التبريزي في تحريفه المرفوض عند المسلمين طبعاً: قولكم إن الثقل الأكبر هو ليس الكلام المنسوخ في المصاحف، فكيف يتبع الناس الثقل الأكبر - كلام الله المنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم - وهم لا يعلمون ما هو؟

ص: 420

كيف يتمسك الناس بذاك القرآن الذي هو غير القرآن الذي هو بين أيديهم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

إنها إثنينية إعتبارية بين الكلي والمصداق..

فهما شيئان من جهة، وشئ واحد من جهة..

وقد تصورتها أنت ثنائية حقيقية، وحبكت في ذهنك!!

ثم.. لو سلمنا بإشكالك، وقلنا: إن النبي وآله صلي الله عليه وعليهم أفضل من القرآن.

وقلنا إن تسمية القرآن بالثقل الأكبر، ولعترته بالثقل الأصغر، ليس بمعني تفضيله عليهم..

فبماذا تجيب؟

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال حقيقة...

وذلك لأنني لا أعلم إن كان يجوز أن نقول أن أحداً خير من القرآن حتي لو كان نبينا محمد صلي الله عليه وسلم خير البرية.

وذلك لأن القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالي: أي أنه شئ منسوب لله سبحانه وتعالي، لذلك لا أستطيع أن أقول بتفضيل أحد عليه حتي لو كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

أرجو أن تبحث لنا عن مخرج آخر ليس فيه هذا الإشكال، حتي لا نخوض في ما لا يجوز الخوض فيه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

ص: 421

نعم، لقد وصلت نفسك إلي طريق مسدود.. يا أخ محمد!!

والسبب: أن أئمتك يقولون إن القرآن قديم وليس مخلوقاً، فهو كلام الله، فهو كالجزء من الله!!

أما نحن فنقول إنه مخلوق، ولا قديم مع الله تعالي، وصفاته سبحانه عين ذاته لا غيرها.

ومن جهة أخري: يقول أئمتك إن القرآن حجة الله علي خلقه.. والصحابة حجة الله بعد رسوله، وأنت تقول " لا حجة بعد الرسل "!!

فقد ضربت القرآن والصحابة! من حيث تريد أن تضرب عقيدتنا الطبيعية في عترة النبي صلي الله عليه وآله بأنهم أوصياء النبي الخاتم وامتدادُ الحجة الإلهية علي البشر بعده صلي الله عليه وعليهم.

وهداك الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

يا عاملي: لماذا تتهرب من سؤالي؟

سألتكم عن الفروقات بين القرآن الموجود بأيدينا والثقل الأكبر؟

هل تعتقدون أن الثقل الأكبر محفوظ فقط عند إمامكم المعصوم، وأن الصحابة حذفوا منه ما يخص أهل البيت؟

وأما مسألتك التي تتهرب بها فنحن لا نقارن بين صفات الله وبين خلقه يا مسكين.

ولكن لا تتهرب بهذه المسألة عن إجابتك فتستطيع أن تفتح لها موضوعاً آخر.

ص: 422

فأجاب (العاملي) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الرابعة والنصف عصراً:

بحثنا معك سابقاً يا مشارك ومع غيرك.. تهمتكم للشيعة بأنهم يعتقدون بتحريف القرآن!

وأثبتنا أن القول بالتحريف مسألة نظرية، ولا توجد إلا في بطون الكتب فقط.

وأن الجميع والحمد لله يؤمنون بعصمة القرآن الموجود عن التحريف..

وأن ما في مصادركم منها أضعاف ما في مصادرنا!!

وإن أردت أن أضع لك نماذج منها هنا.. فعلت. والآن أقول لك بخلاصة:

اتفق المسلمون بجميع مذاهبهم ومشاربهم علي أن هذا القرآن الموجود بين أيدينا معصوم عن التحريف فلا زيادة فيه ولا نقصان، والحمد لله..

وشذ منهم بعض علماء الشيعة كالميرزا النوري فقال بنقصان بعض آياته.

كما شذ بعض أئمة العامة كعمر والبخاري، فقالا بنقصان أكثر من نصف القرآن، وزيادة سورتي المعوذتين! وقالا بوجود غلط في بعض آياته:

مثل " فاسعوا إلي ذكر الله " فيجب أن تكون " فامضوا ".

ومثل " صراط الذين أنعمت " فيجب أن تكون " صراط من أنعمت ".

و" غير المغضوب عليهم ولا الضالين " فيجب أن تكون " وغير الضالين ".

وعندنا أن هذا خطأ وغلط فاحش!!

وبعض الناس مثل مشارك يري وجوب تكفير من قال بنقص القرآن أو زيادته وإعلان البراءة منه!!

فإن طبق فتواه وتبرأ من عمر والبخاري، بحثنا مسألة البراءة من النوري وأمثاله..

فإن رأيناهم يستحقون الحكم بالكفر أو الضلال، حكمنا به!!

ص: 423

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

يا عاملي، سؤالي واضح: ما الفرق بين القرآن الذي بأيدينا والثقل الأكبر؟

أرجو أن تكون إجابتك علي هذا السؤال؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثانية صباحاً:

الثقل الأكبر: هو القرآن الذي نزل علي الرسول صلي الله عليه وآله.

والذي في أيدينا نسخته المخطوطة أو المطبوعة.

فوصية النبي بالكلي، وما في يدك أو يدي أو يد الآخرين من نسخه، هي مصاديق..

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

نسيت أن أخبرك أنني لا أحفل كثيراً بالرد علي أكاذيبك فيما تفتريه علي أهل السنة.

ويكفينا في ذلك ما فضحتك به قديماً أنا والأخ راشد الإماراتي.

نحن نسألكم عن عقائدكم أنتم يا عاملي.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

إلي محمد إبراهيم.. وإلي المشارك.. وإلي كل من التبس عليه كلام الشيخ التبريزي حفظه الله:

إن نسخ القرآن المتداولة بين أيدي المسلمين ونتيجة الإستعمال المستمر، فإن ورقها يتلف شيئاً فشيئاً، نتيجة تمزقها وتبعثر أوراقها حتي تصل إلي مرحلة يصعب معها القراءة.

ص: 424

فهذه النسخ وخصوصاً القديمة منها، يتم التخلص منها عادة إما بإعادة تصنيع ورقها أو دفنها، وليس حرقها كما فعل عثمان! فحرق القرآن لا يجوز..

أقول هذه النسخ المخطوطة هي قرآن، ولكن ما هي قيمتها أثناء القيام بإتلافها، هل قيمتها أكبر من الثقل الأصغر؟

وهل عندما نقوم بإتلافها فإننا بذلك نقوم بإتلاف القرآن؟ أم أننا نقوم بإتلاف نسخة مخطوطة؟

وهل عثمان عندما حرق المصاحف كان يقصد حرق كلام الله؟ أم نسخ مخطوطة؟!

فإن كان جوابك نعم، إن عثمان حرق كتاب الله!! فحينئذ نقول إن إشكالك علي كلام سماحة الشيخ فيه نظر.

وأما إذا قلت: لا، إن عثمان لم يحرق كتاب الله، وإنما أحرق نسخه المخطوطة، قلنا لك إذن أنت تقول إن هنالك قرآنان.. فهل يعجبك هذا الجواب؟

كن ناضجاً يا أخي.. فقد كنت سابقاً أحسب لك حساب.. فلماذا غيرت صورتك في نظري..

وانتهي الموضوع، ولم يجب محمد إبراهيم ومشارك لي أبو حسين رغم دعوته لهم!

تهمتهم للشيعة بأنهم لا يرون حجية القرآن.

كتب (التلميذ) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي مشارك في افترائه علي الشيعة: القرآن ليس بحجة)، قال فيه:

إلي مشارك: لقد قلت لي مرة في ردٍّ لك علي أحد مواضيعي:

ص: 425

" فمن مصائبكم أن القرآن ليس بحجة إلا بقيِّم ".

أرجو أن تذكر لي الأدلة من أقوال علماء الشيعة في ذلك؟

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

يا مشارك: طولت الغيبة، يا مشارك هيا أسرع.. هات دليلك.

يا مشارك.. عسي ما شر.. أنا في انتظار ردك علي أحر من الجمر.

أنا أنتظر، فهيَّا أذكر لي قول عالم شيعي قال: إن القرآن ليس بحجة إلا بقيم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

وهل تنتظر جواباً من مشارك، أيها التلميذ الأستاذ؟!

أما رأيت فراره الذي أدمن عليه؟!!

إن مشاركاً يعتقد أن عمر بن الخطاب له حق الولاية الشرعية، وحق النقض علي النبي صلي الله عليه وآله! وأنه عمل بحقه الشرعي ومنعه من كتابة وصيته!

وساعده الأوباش من اتحاد قبائل قريش وصاحوا في وجه النبي: يا محمد لا نريد أن تكتب وصيتك، فالقول ما قاله عمر!!

ويعتقد مشارك أن عمر له الولاية الشرعية وحق النقض علي القرآن أيضاً!

لأنه عندما رفع شعار "حسبنا كتاب الله " في وجه النبي المظلوم صلي الله عليه وآله، كان معناه: أن القرآن يكفينا، ونحن نفسره، فلا تكتب شيئاً، ولا تعين للقرآن مفسراً شرعياًّ من عترتك!!

فتفسيره من حق اتحاد قبائل قريش، الذين أمثلهم أنا فقط.. وفقط!!

فالقرآن ليس حجة عند مشارك حتي ينضم إليه تفسيره من اتحاد تلك القبائل البائسة، وخليفتها!!

ص: 426

وكتب (بي بي تو) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

إلي الأخ التلميذ..

أحب أن أقول واللسان يعجز عن القول لما تقوم به من عمل الخير ونصرة مظلومية أهل البيت عليهم السلام.

فقُل كلمة الحق ولو كرهه المنافقون.. بدون زعل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السابعة صباحاً:

أعانك الله علي حر الجمر يا تلميذ.

أنا أفضل أن تسألني هنا ما تشاء وأجيبك بإذن الله، وفي نفس الوقت أفتح لك موضوعاً خاصاًّ بك أسألك وتجيب هناك علي أسئلتي، فهل اتفقنا علي ذلك؟ أم ستنسحب كما انسحب جميل وسلمان والعاملي؟

وكتب (كلمة حق) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

روي الكليني في أصول الكافي: إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم.

الكافي: 1/188. رجال الكشي - 420. علل الشرائع للصدوق - 192.

المحاسن للبرقي - 268. وسائل الشيعة للحر العاملي: 18/141.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

إلي مشارك:

أردت أن تتهرب ولكن نزلت لك من السماء.. فها قد أعانك من سمي نفسه بكلمة حق، حيث أتي برواية منقولة في أكثر من مصدر من مصادر الشيعة، مع أنني كنت أطالبك بذكر قول عالم من علماء الشيعة يقول بذلك، لا ذكر رواية.

ص: 427

والرواية التي أشار إليها " كلمة حق " والمنقولة في أكثر من مصدر شيعي: الكافي، رجال الكشي، علل الشرائع للصدوق، المحاسن للبرقي، وسائل الشيعة للحر العاملي.. هي من روايات الآحاد..

أعني أنها وإن ذكرت في أكثر من مصدر، إلا أن طريقها إلي الإمام عليه السلام في جميع هذه المصادر هو واحد.

كما أن فهمكم السقيم العليل المريض لهذه الرواية، هو الذي جعلكم تشنعون علي الشيعة بذلك، وتعتبرون أن ما ورد في الرواية من قول منصور بن حازم الراوي: " فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".. يعني أن كتاب الله ليس بحجة، وأن الحجة هو قول الإمام كما ذهب إلي ذلك الدجال ناصر القفاري، في كتابه أصول مذهب الشيعة!!

ولكي يتضح الأمر للأخوة القراء أكثر، أورد هنا الرواية كاملة.. لنري ونعلم ويعلم الجميع ما هو المقصود من هذه العبارة؟

هل هو فعلاً ما فهمتموه أنتم، ليكون ذلك مصيبة كما تقول يا مشارك، ويستحق أن يطبل به ويزمر ويشنع علي الشيعة؟ أم أن المعني المراد من هذه العبارة.. هو شئ آخر؟

? روي الشيخ الكليني عليه الرحمة في كتابه الكافي، قال:

(محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيي، عن منصور بن حازم قال:

قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله.

قال: صدقت.

ص: 428

قلت: إن من عرف أن له رباًّ فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضاً وسخطاً، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي، أو رسول، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل، فإذا لقيهم عرف الحجة، وأن لهم الطاعة المفترضة.

فقلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، كان هو الحجة من الله علي خلقه؟

قالوا: بلي.

قلت: فحين مضي صلي الله عليه وآله وسلم، من كان الحجة؟

قالوا: القرآن.

فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته!! فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شئ كان حقاًّ.

فقلت لهم: فمن قيم القرآن؟

قالوا: ابن مسعود، قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم.

قلت: كله؟

قالوا: لا.

فلم أجد أحداً يقال أنه يعلم القرآن كله إلا علياًّ صلوات الله عليه، وإذا كان الشئ بين القوم، فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري. فأشهد أن علياًّ عليه السلام كان قيِّم القرآن وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة علي الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، وأن ما قال في القرآن فهو حق.

فقال - أي الإمام الصادق عليه السلام -: رحمك الله.

ص: 429

فقلت: إن علياًّ عليه السلام لم يذهب حتي ترك حجة من بعده، كما ترك رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي، وأشهد علي الحسن أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده، وأن الحجة بعد الحسن الحسين، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

فقبَّلت رأسه وقلت: وأشهد علي الحسين عليه السلام أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده علي بن الحسين، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

فقبلت رأسه وقلت: وأشهد علي علي بن الحسين أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

قلت: أعطني رأسك حتي أقبله، فضحك.

قلت: أصلحك الله، قد علمت أن أباك لم يذهب حتي ترك حجة من بعده كما ترك أبوه، وأشهد أنك أنت الحجة، وأن طاعتك مفترضة.

فقال: كف رحمك الله.

قلت: أعطني رأسك أقبله. فقبلت رأسه، فضحك.

وقال: سلني عما شئت فلا أنكرك بعد اليوم أبداً). انتهي.

وإذا نظرنا إلي قول منصور بن حازم في الرواية: " فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".. فما قال فيه من شئ كان حقاًّ، لا نجد فيه شيئاً مما أنتم فهمتموه من هذه الرواية لتشنعوا علينا به.

ص: 430

فما يعنيه الرواي منصور بن حازم هو أن في كتاب الله سبحانه وتعالي من الآيات ما قد يستفاد منه أكثر من معني ودلالة.

ولذلك فإن الكثير من أصحاب المذاهب المنحرفة مع أنهم علي عقيدة باطلة وانحراف عن كتاب الله سبحانه وتعالي، إلا أنهم يستندون في إثبات عقائدهم الباطلة ومذاهبهم إلي كتاب الله سبحانه وتعالي، بل قد يغلبون من يحاججهم ويخصمونة بآيات القرآن الكريم، مع أن مذاهبهم هذه باطلة.. مع أن القرآن الكريم لم يأتِ بعقائد ومسالك شتي وإنما هي عقيدة واحدة لا ثاني لها.

ومن هذا المنطلق لا بد من وجود شخص لديه المعرفة الكاملة بالقرآن الكريم وتفسيره ومقاصده ومعاني آياته ليقطع علي كل هؤلاء الضُلاَّل حجتهم به ويكون تفسيره الصحيح لهذه الآيات حجة علي الناس.

هذا هو مراد الراوي منصور بن حازم، فهو لا ينفي حجية آيات كتاب الله سبحانه وتعالي، ولم يقل إن آيات كتاب الله لا حجة فيها، ولا يظهر ذلك من كلامه!

بل هو يؤكد حجية القرآن في قوله: " فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".

فغاية ما يقصده ويريد أن يقوله أن هذه الآيات تكون حجة علي الناس عندما يتضح معناها ويعلم مقصودها ومرادها وتفسيرها التفسير الصحيح السليم، الذي لا لبس معه، بحيث يفهم منها بعد ذلك معني واحد ومراد واحد.. عندها تكون حجة علي العبد، ليس له أن يتملص من الإلتزام بما في مضمونها، بعدما وضحت وتبيت لديه بما لا لبس معه.

ص: 431

والذي له القدرة في إعطاء المعني الواقعي لآيات القرآن الكريم والتفسير الصحيح لها حسب ما أراد الله سبحانه وتعالي هو المعصوم، فكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في حياته، ومن بعده هم الأئمة الطاهرون المعصومون من أهل البيت عليهم السلام الذين هم عدل القرآن، ومع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم.

فهل في هذا المعني يا مشارك ما يعتبر مصيبة، ولكن المصيبة عندكم، وهي أنكم لا تفهمون ولا تعون ما تقرؤون!

وكتب (إسلام) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

إلي التلميذ:

تقول: " ولكن المصيبة عندكم وهي أنكم لا تفهمون ولا تعون ما تقرؤون ".

الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم، ولم يجعل عقولنا كعقولكم التي مثل الإسفنجة تتشرب كل شئ سواء كان حقاًّ أو باطلاً، ولا تكتفي بذلك بل تقوم بترقيع هذه الخرافات وتظهرها للناس أنها من الدين، وهي ليست من الدين في شئ، ثم بعد ذلك تدافع عن الخرافات التي تشربتها، ثم تأتي تحاول أن تقنع العقلاء بها.. عجباً.

ثم يا تلميذ، هل لك أن ترقع هذا الكلام أيضاً وتفسره لنا.. فنحن عقولنا لا ترقي إلي هذا المستوي المتقدم من التفكير الذي اختصكم الله به بعد أئمتكم المعصومين..

يروي الشيعة عن جعفر أنه قال: لما ولد النبي صلي الله عليه وسلم وآله مكث أياماً ليس له لبن، فألقاه أبو طالب علي ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبناً، فرضع منه أياماً حتي وقع أبو طالب علي حليمة السعدية فدفعه إليها. الأصول من الكافي كتاب الحجة: 1/458 ط. طهران.

ص: 432

ومثل ذلك ما ذكروا لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثي، كان يؤتي به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث! الأصول من الكافي: 1/465.

وافتروا علي باقر بن زين العابدين أنه قال: قيل لرسول الله صلي الله عليه وآله: إنك تلثم فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك فتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك، فقال: إن جبريل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها وتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشم بها رائحة الجنة. علل الشرائع: 1/ 183.

ولما كانت فاطمة هكذا لا بد أن يكون علي مثلها في ذلك، فاختلقوا في علي وولادته قصة تشابهها.

ولقد أورد الفتال في كتابه: أن أبا طالب أتي بطبق من فواكه الجنة رطبة ورمان فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحاً من ساعته حتي رجع إلي منزله فأكلها فتحولت ماء في صلبه فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي. روضة الواعظين للفتال: 1/87 ط. قم - طهران.

وكذلك كذبوا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء علي صفائح الذهب فإذا دقت الحلقة علي الصفيحة طنت وقالت يا علي. روضة الواعظين: 1/111.

سؤال هل كتابكم الكافي هذا، كل الكلام الذي فيه من هذا القبيل؟

الحمد لله الذي أظهر الحجة وأبان المحجة.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، العاشرة صباحاً:

أولاً: كان الأجدر بك إذا أردت أن توجه لي أسئلة أن تضعها في موضوع مستقل.

ص: 433

ثم سبق وأن نشرت هذا الموضع، وتجاهلت الرد عليك ورد عليك بعض الأخوة بخصوص مسألة الزهراء عليها السلام.

ثانياً: بالنسبة لما ذكرته من كتاب الكافي حول مسألة تلقيم أبي طالب ثدي نفسه للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، ورد في روايةٍ بها كذاب من أشهر الكذابين وهو علي بن أبي حمزة البطائني.

وقد علق علي الرواية محقق كتاب الكافي نفس الطبعة التي نقلت أنت منها في الهامش بقوله: " علي بن أبي حمزة البطائني كذاب متهم ملعون روي الكشي في ذمه أخباراً كثيرة ".

وروضة الواعظين كتاب غير مسند فلا نعتمد علي ما فيه.

وأما أصحاب العقول الإسفنجية فهُمْ غيرنا، نعم هم الذين يفهمون الكلام مقلوباً منكوساً لا يعون ولا يفهمون ما يقرؤون.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

هل أنت موافق علي هذا يا تلميذ؟

أنا أفضل أن تسألني هنا ما تشاء، وأجيبك بإذن الله.

وفي نفس الوقت أفتح لك موضوعاً خاصاًّ بك أسألك وتجيب هناك علي أسئلتي، فهل اتفقنا علي ذلك أم ستنسحب كما انسحب جميل وسلمان والعاملي؟

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

إلي مشارك:

ص: 434

إذا كانت عندك إشكالات علي مذهب الشيعة فهيَّا اطرحها بدون لف أو دوران أو مراوغة.

ثم متي هرب الأخوة جميل والعاملي وسلمان؟!

فمن خلال متابعتي لما كتبوا وردودهم عليك أنهم هم الغالبون، وأن الفارّ هو أنت لا هم.

وأنك لم تأتِ بما يقارع دليلاً من أدلتهم التي طرحوها في الإحتجاج عليك.. بل كل ما كنت تقوله نصفه كلام ونقل عن ابن تيمية وغيره!!

فمتي هرب الأخوة؟ ما هذا التضخيم والإدعاء الفارغ؟!

ولكن هذه عادتكم أيها الوهابية تدعون النصر وأنتم مهزومون! وتدعون فرار الغير وأنتم الفارُّون!

وفي الختام أقول: هات ما عندك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

حسناً.. المواضيع التي تهرب من إكمالها إخوانك كثيرة لا أستطيع حصرها الآن.

من ضمنها وهو الأول الذي أريدك أن تكمل فيه:

- عقيدتكم في مكان الثاني عشر.

- لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي وقل يا الله.

- طينة الروافض، وغيرها.

فهل توافق علي البدء في الرد علي الموضوع الأول، أم تكون أنت الفار؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

ص: 435

قائمة بما أذكره من المواضيع التي فرّ منها الشيخ مشارك.. وذهب بها عريضة وطويلة!

وأرجو من الإخوة أن يضيفوا إليها ما يتذكرونه:

1 - فراره من الإعتراف ببدعتهم في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، حيث خالفوا التعليم النبوي المطلق الشامل للتشهد وغيره.. وأضافوا الصحابة في صيغتها في غير الصلاة، وقرنوهم بالرسول صلي الله عليه وآله بدون أي دليل حتي نصف حديث!

2 - فراره من تحديد من هم آل محمد الذين يصلون عليهم يومياًّ في صلاتهم، وهل يشملون كل بني هاشم في عصرنا، والذين فيهم فساق وفجار ونصاري؟!

3 - فراره من الإعتراف بمواجهة عمر للنبي صلي الله عليه وآله، وسوء أدبه معه، ومنعه من كتابة وصيته، وشعاره في وجهه " حسبنا كتاب الله "!!

4 - فراره من الجواب علي أحاديث عمر وابنه وكعب الأحبار عن وجود الأعور الدجال، وأنه يبقي حياًّ يرزق، ربما في سرداب، أو بئر، أو أنه يسكن في شقة.. حتي يخرج.

5 - فراره من الجواب عن حياة الخضر عليه السلام، الذي يقول أكثر علماء السنة إنه حيٌّ يرزق.

6 - فراره من إعطاء رأيه في أحاديث تحريف عمر للقرآن، وأحاديثها صحيحة في الصحاح.

7 - فراره من تحديد من هم المتهوِّكون الذين كانوا معجبين بالثقافة اليهودية وكانوا مرتبطين باليهود!!

ص: 436

والذين حذر النبي صلي الله عليه وآله منهم أمته!!

8 - فراره من تعريف النواصب، وبيان حكمهم عند أئمة المذاهب.

9 - فراره من تعداد الأئمة الربانيين الاثني عشر الذين بشر بهم النبي صلي الله عليه وآله.

وخاصة من سؤال: هل بين النبي هؤلاء الأئمة الربانيين الهداة الإثني عشر للأمة، أم قصَّر في بيانهم؟!

10 - فراراته الكثيرة في مناقشة الصفات، وقد تزيد عن عشر فرارات..

وارتكابه أخيراً محاولة تحميل الفخر الرازي تجسيم ابن تيمية!!

تلك عشرة كاملة، تذكرتُّها فعلاً.. ولعل ما ارتكبه في نقولاته من الأمانة العلمية، أكثر مما كشفه الإخوة!!!

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الرابعة عصراً:

إلي مشارك.. ها، لقد أعطاك الأخ العاملي وفقه الله لكل خير، قائمة بالمواضيع التي فررت منها حسب تذكره فقط.

وأما بالنسبة لعقيدتنا في مكان وجود الإمام الثاني عشر، فنحن نعتقد أنه حيٌّ يرزق ويعيش بين الناس، ولكن غير معروف ولا مشخص لديهم. فهات ما عندك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الخامسة مساءً:

1 - كذاب، لقد وضحت لك يا عاملي اختلاف السنة في هذه المسألة واحتجاجات كل فريق فيها وأدلته فدعك من البهتان.

2 - آل محمد هم قرابته صلي الله عليه من بني هاشم وبني عبد المطلب وأهل بيته وأزواجه.

ص: 437

3 - كذاب، بل هو سوء أدب منك يا رافضي، وقد رددنا عليكم في موضوع الرزية، الرزية فيكم يا أهل الرزية.

4 - قد أوضحت لك أن هذا خارج موضوع النقاش، لأنكم توجبون بيعة المعدوم الآن، ولكن الدجال موجود في جزيرة، كما هو ثابت في حديث الجساسة.

5 - قد أوضحت لك أن هذا خارج موضوع النقاش، لأنكم توجبون بيعة المعدوم الآن، ولكن لم يثبت أي أثر صحيح أن الخضر عليه الصلاة والسلام ما زال حياًّ، بل ما رجحه الحافظ ابن حجر في رسالته الزهر النضر، أنه قد مات وأنه نبي.

6 - كذاب، وقد رددنا عليكم أنا وإخوتي كثيراً في هذه المسألة.

7 - كذاب، قد نشرت موضوعاً كاملاً يثبت أنكم تلاميذ عبد الله بن سبأ وميمون القداح الديصاني.

8 - كذاب، فقد نشرت عقيدتي وفيها: ويتبرؤون من طريقة النواصب المبغضين لآل البيت.

9 - قد بينت لك رأينا في هذه المسألة، ولكني لم أجد لك جواباً في مواضيع الوجوه الإثني عشر في إبطال عصمة أئمة الرفض الإثني عشر.

10 - كذاب، بالعكس أنتم الذين تفرون، أو تكررون ما سبق أن أجبناكم عليه، وأما موضوع الفخر الرازي، فالحمد لله علي نعمة العقل إن كان هذا هو عقلك.

وأما فراراتكم الكثيرة فيكفينا منها الثلاثة الماضية الآن، ويا تلميذ أريد الجواب علي أسئلتي الخمسة كلها.

ص: 438

ويا عاملي دعك من الفرار المعتاد، وأجبني عن أحاديث طينة أتباع المذهب الإثني عشري.

وكتب (الشطري) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

بوركت أيها التلميذ وبورك يراعك الذي يقطر جواهر ودرراً، ولعمري إن مشاركاً هذا لم يثبت لنا في موقع نقاش أبداً، وإليك قائمة بالمواضيع التي هرب فيها، ولم يجب:

1 - ابن تيمية ورأس الحسين عليه السلام.

2 - ابن تيمية باختصار.

3 - ابن تيمية وحديث الطائر.

4 - ابن تیمیة وعدائه للإمام علي عليه السلام.

5 - ابن تيمية وسبي أهل البيت عليهم السلام.

6 - ابن تيمية يتخبط.

7 - تأييده للمفسر الكبير والعبقري الشهير (محب أهل البيت) الذي فسر الآية الكريمة: لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل.. فسرها خطأ برأيه وهواه، وأيده مشارك وجماعته وطبلوا وزمروا وكأنهم فتحوا فتحاً.. وعندما بيَّنا لهم الجواب الصحيح والتفسير الصحيح للآية، وضعوا رؤوسهم في التراب، وهربوا إلي يومك هذا.

فليس غريباً أيها التلميذ المبرور أن يروغ مشارك بين يديك، فهذا ديدنه..

جزاك الله خير الجزاء وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 439

أولاً: شكراً للأخ الحبيب الشطري.

ثانياً: يا مشارك، نحن ليس من عادتنا خلط الحابل بالنابل.

طرحت مجموعة من الإستفسارات وحتي لا يكون هناك تداخل في المواضيع بعضها ببعض، فإني أجبتك علي الإستفسار الأول.

وعندما ننتهي منه ننتقل للثاني، فإن كان لديك أي إشكال علي جوابي حول إستفسارك الأول أيها الوهابي فهاته، وإلا فأخبرني حتي أجيب عن استفسارك الثاني.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة إلا خمس دقائق مساءً:

الحقيقة أن الفرصة ليست مؤاتية لي لارتياد الساحة في كل وقت وكل آن.

فوفق الله إخوتي وأساتذتي المشتغلين بذلك وأدامهم الله فخراً وعزاًّ للإسلام الحقيقي كما أراده الله ورسوله في كتابه وعترة نبيه.

ولكن عندما جئت هذا اليوم رأيت هذا الموضوع وتكرار مشارك بأني أتهرب!!!

وقد أفحمته في حديث الإثني عشر، وأجبته عن حديث الثلاثة عشر، وأجبته عن حديث أبي هريرة وفقأ عين ملك الموت بيد نبي من أولي العزم، وأجبته بثمانية وجوه علي الحديث الذي جاء به للرد علي العاملي في موضوع التصلية علي النبي، وهو بين عدم الرد أصلاً أو الرد بالتمتمة والأدب الرفيع المتمثل في كلماته: كذاب، دجال...

ولما ضاق به الذرع.. طلب مني ما يطلب من الأخ التلميذ الآن، فنزلت عند رغبته، وأنا محيط بألاعيبه، وطرحت له أربعة أسئلة حول حديث الثقلين يترتب

ص: 440

بعضها علي البعض الآخر، ولكن أجاب بسطر أو نصف سطر، وطرح سؤالاً حول حديث الطينة!! الذي لا يقنعه فيه جواب أبداً..

وعلي عموم، فالمدعو مشارك موظف للنسخ واللصق، وليس بخبير تحليلي! فهو لا يجيد بدون عملية النسخ واللصق، سوي عباراته المشومة: كذاب، دجال..

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة مساءً:

يا شطري، ويا حسين الشطري، هناك بيت من الشعر لو قلته لربما أخذت إنذاراً جديداً، فلا داعي لذكره.

ولكن الشاهد لا تتوقع مني القدرة علي الرد علي كل من يكتب، وخاصة إذا كانت الكتابات تدل علي مستوي صاحبها فكما قيل: يكفيك من شر سماعه.

وأما أنت يا تلميذ فالأسئلة مترابطة، وإن شئت التأخير، فابدأ من الأخير، من السؤال الخامس.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

يا مشارك نحن لسنا لعبة عندك، تلعب بنا كما تشاء.. إذهب والعب مع غيرنا..

واعلم أنني ليس لي.. وقت فاضي.. أضيعه معك، ولكن أقول لك: أيها الوهابي لو تعرضت لمذهب الشيعة بشئ فستجدني لك بالمرصاد، وابحث عمن تريد أن تلعب معه ليرد علي إستفساراتك بهذه المراوغات.

وكتب (مشارك) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

أرأيت من هو الفار يا تلميذ؟

ص: 441

فكتب (التلميذ) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الواحدة وسبع دقائق صباحاً:

بل الفار أنت.. يا مشارك. وهذا الموضوع يشهد لمن يتابعه من أوله.

ص: 442

الفصل الثالث عشر: اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

اشارة

ص: 443

ص: 444

اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

كتب (الفاروق) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30 - 12 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آيات قم والقرآن المجيد!!)، قال فيه:

شهادات علماء ومسؤولي وكبار الشيعة.

يقول الدكتور جعفر الباقري في كتابه ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية يقول:

(من الدعائم الأساسية التي لم تلق الإهتمام المنسجم مع حجمها وأهميتها في الحوزة العلمية هو القرآن الكريم، وما يتعلق به من علوم ومعارف وحقائق وأسرار، فهو يمثل الثقل الأكبر، والمنبع الرئيسي للكيان الإسلامي بشكل عام، ولكن الملاحظ هو عدم التوجه المطلوب لعلوم هذا الكتاب الشريف، وعدم منحه المقام المناسب في ضمن الإهتمامات العلمية القائمة في الحوزة العلمية، بل وإنه لم يدخل في ضمن المناهج التي يعتمدها طالب العلوم الدينية طيلة مدة دراسته العلمية، ولا يختبر في أي مرحلة من مراحل سعيه العلمي بالقليل منها ولا بالكثير، فيمكن بهذا لطالب العلوم الدينية في هذا الكيان أن يرتقي في مراتب العلم، ويصل إلي أقصي غاياته وهو درجة الإجتهاد من دون أن يكون قد تعرف علي علوم القرآن وأسراره، أو اهتم به ولو علي مستوي التلاوة وحسن

ص: 445

الأداء، هذا الأمر الحساس أدي إلي بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار). ص 109.

ويقول آية الله الخامنئي:

(مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلي حين استلام إجازة الإجتهاد، من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة!!! لماذا هكذا؟؟؟ لأن دروسنا لا تعتمد علي القرآن!!). نفس المرجع - 110.

ويقول آية الله محمد حسين فضل الله:

(فقد نفاجأ بأن الحوزة العلمية في النجف أو في قم أو في غيرهما لا تمتلك منهجاً دراسياً للقرآن!!). نفس المرجع - 111.

ويقول آية الله الخامنئي:

(إن الإنزواء عن القرآن الذي حصل في الحوزات العلمية وعدم استئناسنا به، أدي إلي إيجاد مشكلات كثيرة في الحاضر، وسيؤدي إلي إيجاد مشكلات في المستقبل... وإن هذا البعد عن القرآن يؤدي إلي وقوعنا في قصر النظر!!). نفس المرجع ص 110.

التعليق: يبدو والله أعلم أن الشيعة تتدارس شئ آخر غير القرآن، فيا تري ما هو؟؟

وكتب (العلوي) بتاريخ 30 - 12 - 1999، السادسة صباحاً:

مشكلتك يا فاروق أنك موتور، وقد بان نصبك اليوم جلياًّ.

فلم تجد إلا التفاهات تختتم بها هذه الليلة المباركة من الشهر الكريم!

لو كانت المسألة: قالت الكتب، فإنها لن تنتهي عند حد.. وبينك وبين من تناصبهم العداوة كتاب الله.

ص: 446

حسبك يا فاروق أن خصومك آل بيت الرسول، وما كنت من قبل أصدق ما يقال من نصب النواصب لآل البيت، حتي اطلعت علي ساحاتهم.

إن أردت أن تنتصر لأنك تخوض معركة (صح يا رجال... أيوه صح)!

فقارع الحجة بالحجة والدليل بالدليل.. فهدئ من روعك وأطفئ غضبك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واطرح ما ينفع الناس لأنه يمكث في الأرض، أما هذا الزبد الذي تأتي به كل لحظة فسيذهب جفاء.

لقد ذكرت رواية القنابر وجئتك بأختها رواية الأباقر، وهي معتبرة عند السنة خلافاً لرواية القنابر، التي لا يأخذ بها أحد. فقل لي ما رأيك بهذه الرواية التحفة.. يا فاروق.

إن كان رفضاً حب آل محمد... فليشهد الثقلان أني رافضي

وكتب (عمر) بتاريخ 30 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

السلام عليكم:

لكم هذه الآية تدعيماً لموقف علماء الشيعة من القرآن:

سورة الإسراء - آية 41: " ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً ". صدق الله العظيم.وكتب (الفاروق) بتاريخ 31 - 12 - 1999، الثانية صباحاً:

الأخ عمر جزاه الله خيراً.

أما أنت أيها الرافضي، فلا تستحق حتي النظر فيما تكتب أو الرد عليك، والسبب ببساطة أنك...!! نحن ننتظر عقلاء الشيعة فقط، وليس أذنابها. والسلام علي أهله.

قال العاملي: وأهمل الكتاب الشيعة عمر وفاروق لأنهما لم يتكلما علمياً! وستري جوابي علي تمسكهم بهذا الكلام المبهم في نقد برامج الحوزات!

ص: 447

وكتب (أبو فراس) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (آداب الشيعة)، قال فيه:

وبعد، إليكم بعضاً من الآداب جمعها أحد الإخوة وإليكم ما يلي:

ولا زلنا نتحدث عن اهتمام الشيعة بالقرآن الكريم، وهل الشيعة فعلاً تحب القرآن وتهتم به وتوقره وترعاه أم أن لديها ما يغنيها عنه!!

علماء التفسير الشيعة و كيف تعلموا القرآن

يقول الدكتور جعفر الباقري:

وأما العلماء الذين برزوا في مجال التفسير من هذا الكيان - أي الحوزات - وعلي رأسهم العلامة محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان فقد اعتمدوا علي قدراتهم ومواهبهم الخاصة وابتعدوا بأنفسهم عن المناهج العلمية المألوفة في الحوزة العلمية وتفرغوا إلي الإهتمام بالقرآن الكريم وعلومه والإشتغال بأمر التفسير. ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية - جعفر الباقري ص 111.

ما هو موقف الحوزات من المهتمين بالقرآن و علومه

يقول آية الله الخامنئي:

إذا ما أراد شخص كسب أي مقام علمي في الحوزة العلمية كان عليه أن لا يفسر القرآن حتي لا يتهم بالجهل حيث كان ينظر إلي العالم المفسر الذي يستفيد الناس من تفسيره علي أنه جاهل ولا وزن له علميا، لذا يضطر إلي ترك درسه، ألا تعتبرون ذلك فاجعة؟!. ثوابت ومتغيرات الحوزة ص 112.

ويقول الدكتور الباقري:

وكان ربما يعاب علي بعض العلماء مثل هذا التوجه والتخصص - أي في القرآن وعلومه - الذي ينأي بطالب العلوم الدينية عن علم الأصول ويقترب به

ص: 448

من العلم بكتاب الله ولا يعتبر هذا النوع من الطلاب من ذوي الثقل والوزن العلمي المعتد به في هذه الأوساط. ص 112.

أقول: إذا كان القرآن ليس من الأصول فما هي الأصول!! نعوذ بالله من الخذلان!!!

ويقول آية الله الخامنئي:

مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلي حين استلام إجازة الاجتهاد من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة!!! لماذا هكذا؟! لأن دروسنا لا تعتمد علي القرآن. ص 110.

أقول: لا تراجع علماء الشيعة القرآن ولو مرة واحدة.. لماذا هكذا؟؟

ويقول الدكتور الباقري راداًّ عليك:

ويصل الطالب إلي أقصي غاياته وهو الإجتهاد من دون أن يكون قد تعرف علي علوم القرآن وأسراره أو اهتم به ولو علي مستوي التلاوة وحسن الأداء إلا ما يتعلق باستنباط الأحكام الشرعية منه خلال التعرض لآيات الأحكام ودراستها من الزوايا الفقهية، وفي حدود العقلية الأصولية الخاصة. ص 110.

أقول: أي أن التعرض لهذه الآيات جاء عرضا وليست مقصودة في نفسها.

يقول آية الله خامنئي:

قد ترد في الفقه بعض الآيات القرآنية ولكن لا تدرس ولا تبحث بشكل مستفيض كما يجري في الروايات. ص 110.

وأخيراً يقول الدكتور الباقري ملجماً كل متعصب وجاهل:

هذا الأمر الحساس أدي إلي بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار. ص 110.

ص: 449

أقول: فالأمر جلي وواضح أن الشيعة مع الأسف لا تهتم بالقرآن.

وكتب (الشيخ) بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثامنة صباحاًَ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: آية الله الخامنئي بنفسه كانت له دروس في تفسير القرآن وشرحه وبيان رأيه في مفاد الآيات، وهذه الدروس كانت تعرض بالتلفزيون ليطلع عليها الخاص والعام، وقد رأيت بعضها بنفسي.

ثانياً: إن كاتب السطور طالب في الحوزة العلمية، وما كتبه (أبو فراس) هو مجرد افتراء علي المدارس الدينية الشيعية.. الحوزات.

صحيح إن المدارس العلمية تدرس الفقه والأصول، ولكنها تهتم وتدرس بالإضافة إلي ذلك علوم القرآن وعلوم الرجال والعربية والمنطق والعقائد وعلم الكلام والفلسفة..

تجد في الحوزات مجموعة من الكتب المعدة لكل هذه العلوم وغيرها. فلماذا الإفتراء؟!!

والله أسأل أن يغفر لنا ولكم. والسلام عليك.

وكتب (جمال نعمه) بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

الذي ذكرته عن قائد الثورة الإيرانية فهو إن دل علي شئ، فإنما يدل علي مدي اهتمام قائد الثورة في تعليم وتدريس القرآن.. وكذلك يدل علي أن الناس مهما ظنوا أنهم فهموا القرآن فإنهم قاصرون فعليهم من زيادة التعلم، لأن القرآن هو المعصوم ومعه أهل البيت الذين يعلمون تأويله.

وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم..

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 22 - 4 - 2000، الثانية صباحاً:

ص: 450

حقيقةً وهابيٌّ مبتدئ.. أبو فراس..

http:/www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/003616.html

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 2 - 12 - 1999، في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً بعنوان (قضية تحريف القرآن بين السنة والشيعة)، ونَشَرَ فُصولاً من كتاب تَدْوِين القُرْآن..

فكتب (جبهان الكاتب) بتاريخ 15 - 12 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (اهتمام الشيعة بالقرآن)، قال فيه:

هذه نبذة من كتب شيعية تبين مدي اهتمام الشيعة وتقديسهم للقرآن.

يقول الشيخ محمد جواد مغنية، عن هذا المجهود الجبار الذي يقوم به الشيعة في خدمة القرآن والدفاع عنه: " وقد حرفت إسرائيل بعض الآيات، مثل: ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه.. فأصبحت: ومن يبتغي غير الإسلام ديناً (يقبل) منه. وقد اهتز الأزهر لهذا النبأ، ووقف موقفاً حازماً ومشرفاً فأرسل الوفود إلي الأقطار الآسيوية والإفريقية، وجمع النسخ المحرفة وأحرقها. ثم طبع المجلس الإسلامي الأعلي في القاهرة أكثر من أربعة ملايين نسخة من المصحف... ووزعها بالمجان.

أما النجف وكربلاء وقم وخراسان فلم تبدر من أحدهما أية بادرة، حتي كأن شئ لم يكن، أو كأن الأمر لا يعنيها.. وصح فيه قول القائل: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة.. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. المرجع: كتاب من هنا وهناك - ضمن مجوعة المقالات للشيخ الشيعي المعروف محمد جواد مغنية ص 213.

ص: 451

أما الإهتمام بتدريس القرآن وعلومه وحفظه والإقتداء بفضائله.. فهذا هو أقوال علمائهم:

ولكي نكون منصفين في بيان حقيقة اهتمام الشيعة بالقرآن لا بد من أمور:

(1) أن تكون تلك الشهادة موثقة من مصادر شيعية.

(2) أن يسند هذا الإهتمام إلي مؤسسات وجامعات دينية مختصة، ولا يلتفت إلي إهمال الأفراد.

(3) أن تكون هذه الشهادة صادرة عن أشخاص مسؤولين وكبار، حتي تكون لها قيمة.

ومن خلال هذه الشروط نقول: إن للشيعة جامعات عريقة مخصصة لتدريس العلوم الدينية وهي تسمي عندهم بالحوزات العلمية.

يقول الدكتور جعفر الباقري في كتابه ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية يقول...

ويقول آية الله الخامنئي...

ويقول آية الله محمد حسين فضل الله...

ويقول آية الله الخامنئي...

علماء التفسير وتعلمهم للقرآن...

قال (العاملي):

إلي آخر ما تقدم عن كتاب الباقري: ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية - جعفر الباقري ص 111.

وختم الجبهان بقوله

ملحوظة: أرجو أن لا يطرح مثل هذه المواضيع مطلقاً. أرجو أن يكون لرجائي مكاناً فسيحاً.

ص: 452

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الواحدة صباحاً:

إلي جبهان الكاتب:

يبدو أنك لم تقرأ مقدمة الموضوع جيداً، فإننا لم نطرحها لإثبات تحريف القرآن..

وإنما نطرحها لبيان أن ما عند القوم أكثر مما عندنا، وعلماؤنا الأبرار قد أجابوا عن هذه الأقاويل التي تأتينا في كل زمان ومكان، مع عدم وجود دليل مقنع يدل علي ذلك.

والكلام الذي طرحته في الرد الأول ليس جديداً فإنه كتب باسم أحمد الكاتب سابقاً، وقد قلنا إن هذا الأمر لا يدل علي عدم الإهتمام بالقرآن الكريم..

ويكفيك دليلاً علي أن الأقوال التي نقلتها هي لعلماء الشيعة.. والإعتراف بالذنب فضيلة.

ثم إن عدم اهتمام الحوزة بتدريس علوم القرآن.. هذا لا يدل علي إهمال نفس العلماء للقرآن الكريم.

ولو أردنا أن نحسبها رياضياً لوجدنا أن الشيعة هم أكثر اهتماماً بالقرآن من السنة، وذلك لأن عدد تفاسير القرآن عند الشيعة بالنسبة إلي عددهم في العالم الإسلامي يكون أكثر نسبياً من عدد تفاسير علماء السنة.. وأظنك تقول إنهم ألفوا كل هذه التفاسير الكبيرة.. تقية!!!

فدائماً تتذرعون علينا بالتقية، فهل تعرف مفهوم التقية عند الشيعة الإمامية؟؟

لا أظن أنك تعرف، لأنك لم تتعب نفسك في الإطلاع عليها.. وإنما تتبجح بما تبجح به السابقون من غير دليل ولا نظر.

وتطلب مني أن أتوقف عن عرض مثل هذه المواضيع.. فمن الذي بدأ بها؟

ص: 453

نحن أم أنتم.. أوقِفوها حتي نقف..

ثم العجب منك أنك تنصحني الآن.. ألم تدرك ذلك عندما كتبت حول هذا الموضوع باسم أحمد الكاتب، أو غيره الذي يكتب بهذا الموضوع..

والآن تقول لي بأن العدو لم يفرق بين سني وشيعي، ثم قبل أن تجعل فاصلاً للإستراحة حتي نستوعب نصيحتك بدأت بعرض عضلاتك وطرحت أموراً أكل الدهر عليها وشرب..

تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم!

إنني لا أسب ولا أشتم.. وقد قلت في المقدمة أيضاً أنني لا أتهم إخواننا السنة بالتحريف كما أنتم تفعلون بنا.. ولكن إحمل أخاك علي سبعين محملاً حسناً.. وأنت بالذات آخر من يتكلم..

لأن أساليبك في طرح المواضيع غير أخلاقية ولا علمية. انتهي.

منهج الدراسة في الحوزات العلمية الشيعية

قال (العاملي):

لا بد من هذه الكلمة الموجزة عن المعاهد والحواضر العلمية الدينية عند الشيعة، التي غلب عليها اسم: (الحوزات العلمية)، لأن هذا الموضوع الذي طرحوه في شبكات النت يرتبط بمحاولات لتحديث مناهج الدراسة فيها، وجعلها مثل كليات الجامعات العصرية.

يعرف الجميع أن الحوزات العلمية الشيعية تمتاز عن مثيلاتها بأمرين جوهريين:

? استقلالها المالي والسياسي.

? ومنهج الدراسة فيها.

ص: 454

فماليتها من الأخماس والزكوات والتبرعات، التي يدفعها الشيعة في العالم إلي مرجع التقليد الذي يعتقدون بأنه الأعلم بالفقه، والأتقي في العلماء المعاصرين.

وقد عملت الدول قديماً وحديثاً علي تغيير عقيدة الشيعة في ذلك، وتحويل مركز استلام الحقوق الشرعية إلي وزارات أو هيئات، فلم تنجح! لأن الحكم الشرعي الثابت أن المكلف يعطي الحقوق الشرعية التي في ذمته إلي مرجع تقليده الذي يثق به.

أما مناهج الدراسة في الحوزات العلمية، فهي تختلف عن مناهج الجامعات والكليات..

لأنها تقوم علي نظام الإجازات الإسلامي، الذي يحفظ إلي حد كبير حرية اختيار الأستاذ والتلاميذ، ويعتمد علي الإجازات العلمية (الشهادات) من مرجع التقليد وكبار العلماء مثل: إجازة الإجتهاد، وإجازة الرواية..

كما يعتمد علي الإجازات الوظيفية، مثل إجازة القضاء، وإجازة الوكالة عن المرجع، وإجازة التبليغ، وإمامة الجماعة.. إلخ.

والوضع السائد في الحوزات أن الطالب بعد أن يقبل في إحدي مدارس الحوزة، يدرس كتب المنهج المقررة التي تبدأ بالنحو والصرف ثم البلاغة، والمنطق، والفقه، وأصول الفقه.

وتسمي هاتان المرحلتان مرحلة المقدمات، ومرحلة سطوح الكتب، وتستغرقان نحو تسع سنوات..

ثم يواصل الطالب بعدها مرحلة البحوث العالية في الفقه والأصول، حتي يصل إلي درجة الإجتهاد.

ص: 455

وبعضهم يكتفي بدراسة السطوح، ويتجه إلي الخطابة، أو التفسير، أو الحديث، أو إلي فروع أخري من فروع المعرفة والعمل. وبعضهم يدرس الكلام والفلسفة.. إلخ.

وقد تمسك المراجع في عصرنا وقبله بهذا المنهج، لأنه الطريقة الحلقية الأصيلة، التي تتصل في امتدادها التاريخي الضارب إلي حلقات الدرس في مسجد النبي صلي الله عليه وآله، وحلقات الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وتلاميذهم.. وسلسلة السلف الصالح من علمائنا.

ولأنها تضمن حرية الطالب والأستاذ، وتؤصل في الطلبة التعمق في فهم النصوص الشرعية.. إلخ.

وفي المقابل طرح عديدون من داخل الحوزات العلمية وخارجها، مشاريع في المنهج الدراسي والإدارة لتحديث الحوزة وتطويرها، وكانت كلها تواجه بالتحفظ أو الرفض من المراجع وكبار العلماء.. وأسباب ذلك عندهم:

أولاً: خوفهم من مصادرة الدولة للحوزة، وتحويلها إلي كليات عادية تابعة للدولة كما حدث لحوزة الأزهر في مصر، والزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، حيث تم تحويلها إلي كليات باسم أصول الدين والشريعة.. إلخ.

ثانياً: خوفهم من استبدال العمق العلمي الحوزوي، إلي سطحية المعاهد والكليات المنتشرة في العالم الإسلامي.

ثالثاً: خوفهم من تسييس الحوزة وسيطرة الدولة عليها، أي دولة، حتي لو كانت دولة شيعية.

رابعاً: يعتبر الفقهاء أن مهمة الحوزات وهدفها الأساسي هو ضمان وجود مبلِّغين للدين من خطباء وعلماء مناطق، ووجود مجتهدين علي مستويات عالية

ص: 456

يقومون بدور التدريس والتوجيه ويكون من بينهم مرجع التقليد أو مراجع التقليد حسب قناعة عموم الشيعة.

بينما تطرح هذه المشاريع إضافة علوم أخري للحوزة والتقليل من التركيز علي الفقه وأصول الفقه.. الأمر الذي يشعر معه الفقهاء أنه انحراف بالحوزة عن هدفها الأساسي، وصرف لطلبتها عن التعمق الضروري في الفقه وأصوله.

خامساً: أنهم يرون أن مواد المناهج الدراسية المقترحة مواد ضعيفة، لا تصل إلي مستوي المواد المقررة في الحوزة، سواء في أدبيات اللغة العربية، أو في المنطق والبلاغة، أو في الفقه والأصول..

وهذه المواد من شأنها أن تربي طلاباً سطحيين، لا يمكن أن تكون لهم أهلية الإجتهاد، ولا الكفاءات العلمية الأخري.

فالمتن الدرسي الحوزوي له مواصفات خاصة في عبارته ومطلبه العلمي، لا يمكن للكراسات المعدَّة، والكتب المقترحة أن تسد مسدَّه.

في هذا الجو طرحت بعد الثورة الإسلامية في إيران عدة مشاريع لتطوير الحوزات العلمية الشيعية، ولم تلق قبولاً من العلماء، للأسباب المتقدمة كلاًّ أو بعضاً.. وكان من المبررات التي طرحها أصحاب مشاريع التحديث:

أن الحوزة العلمية يجب أن تساير العصر، وتلبي حاجات الثورة والدولة والنهضة الإسلامية العالمية، وذلك بأن تدرس علوماً أخري مثل علم النفس والإجتماع والتاريخ والسياسة.. بدل التركيز الشديد علي الفقه والأصول..

وأن الحوزة يجب أن تركز علي تدريس القرآن بفنونه وعلومه، ولا تقتصر علي تعمق الفقهاء والمفسرين في آياته.. إلي آخر ما ذكره أصحاب المشاريع التحديثية.

ص: 457

ومن أبرز هذه المشاريع وأكثرها جدية، المشروع الذي طرحه آية الله خامنئي.. فلاقي بروداً من المراجع، ولم يمكن تطبيقه إلا علي الطلبة غير الإيرانيين، مع اعتراضات منهم علي المناهج، ومطالبات مستمرة أن يتركوا لهم حرية الدراسة في الحوزة.. كما طبق الجانب الإداري منه بشكل جزئي علي الطلبة الإيرانيين..

وقد رافق هذا الطرح انتقادات مبالغ فيها لمناهج الحوزة، نشرت منها الصحف الإيرانية عدة مقالات، وقام الدكتور جعفر باقري المتحمس للمشروع بنشرها في كتاب، أملاً أن يكون عوناً لإقناع الحوزة بتطبيق مشروع آية الله خامنئي، الذي تحفظ عليه المراجع، للأسباب المتقدمة.

وقد نسب الباقري في كتابه كلاماً شديداً إلي آية الله خامنئي ضد منهج الحوزة، لا نعرف مدي دقة ترجمته عن الفارسية، فرفعه بعض السلفيين النواصب قميص عثمان، باعتبار أنه إقرار من الشيعة بعدم اهتمامهم بالقرآن الكريم وعلومه!!!

مع أن القضية المطروحة بين السيد الخامنئي ومراجع الحوزة أمر آخر كلياًّ!

وكتاب الدكتور الباقري ليس كتاباً علمياً بل كتاب إعلامي.. استعمل المبالغة مع الأسف وذم المنهج العلمي ومواد الدراسة في الحوزة العلمية لإثبات ضرورة المشروع الذي يدعو إليه!!

كالذي يقول إن برنامج هذه المدرسة خراب وطلبتها فاشلون، فسلموها لي لكي أطبق فيها برنامجاً يحييها!!

ص: 458

مع أن المؤلف والجميع يعرفون أن الحوزة العلمية الشيعية مفخرةٌ المسلمين، في صمودها وحرصها علي استقلالها عبر القرون.. وفي عمقها العلمي وتخريجها للنوابغ الأفذاذ.

وهذا يلفتنا إلي أن من أول واجبات الذين يريدون إصلاح الحوزة: أن ينصفوها، وينطلقوا من إيجابياتها العظيمة، لا أن يفرطوا في ذمها!!

ص: 459

ص: 460

الفصل الرابع عشر: زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

اشارة

ص: 461

ص: 462

زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 21 - 6 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (نقاش في بضاعة الرافضة في التفسير)، قال فيه:

العجيب والغريب في تفاسير الرافضة للقرآن، تفسيرهم لأغلب الآيات القرآنية وكأنها نزلت لإقرار مذهبهم في الإمامة، أو ذم الصحابة، وخاصة أبي بكر وعمر.

وهنا نريد أن نعرف بضاعة الرافضة في التفسير من خلال تفسيرهم لآية: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

فحبذا لو يأتوا بما عندهم من التفسير لهذه الآية من كتبهم المعتمدة.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 21 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

راجع تفسير الميزان للسيد الطباطبائي عليه الرحمة الجزء 18 ص 42، وما بعدها.

وكتب (مشارك):

هل يمكن أن تنقل لي شيئاً مما ورد فيه؟

ص: 463

فكتب (أبو عمار) بتاريخ 21 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

نقلاً عن تفسير القرطبي:

الأول: قوله تعالي: قل لا أسألكم عليه عليه أجراً، أي قل يا محمد: لا أسألكم علي تبليغ الرسالة جعلاً إلا المودة في القربي.. إلخ.

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

الزميل أبو عمار: كنت أريد تفسير الآية من كتبكم لا من القرطبي، وآسف إن كنت فهمتني خطأ.

وكتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

هل بضاعتكم في التفسير خاصة بأصحاب الطينة المقدسة، أم أنها بضاعة مزجاة؟!

وكتب (حقيقة التشيع) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثالثة ظهراً:

الأخ مشارك:

ألم تقرأ قول الله تعالي: " وإذا خلا بعضهم إلي بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون. أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون ما يعلنون. ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ".

وألم تقرأ قوله تعالي: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدي هدي الله أو يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ".

ص: 464

إن المتأمل لعقيدة الرافضة يجد لا فرق بينها وبين عقيدة أهل الكتاب من حيث الخفاء، فهم يخفون عقائدهم عن أهل الحق حتي لا يروا سخافاتهم.. ألا تري الإسماعيلية ليس لكتبهم وجود إلا ما ندر؟

ولذلك لا تجد من يدلك علي المواقع التي تنشر المعتمد من كتبهم أو يذكروا لنا عقائدهم.

كلاَّ.. حتي تكتشف ذلك بنفسك، فإذا كشفت عقيدتهم انهالت عليك الردود بأن ما وقعت عليه هو الحق، وأصبحوا يؤولون الضلال، والله المستعان. وهذه طريقتهم الملتوية.

فكتب (مشارك) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

قد كشفتم لنا بضاعتكم في الحديث، عند ذكركم لحديث الكذب: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة، فهل بضاعتكم في التفسير من نفس النوع؟

اطمئنوا فأنا أريد الظاهر والباطن الأول فقط، ولا أريد بقية الأبطن السبعة.

ثم كتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 22 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

صحيح أنكم روافض، وصدقوني لم أجد لكم أفضل من هذا الإسم الذين تزعمون أن الله سماكم به، فكل يوم ويوم أجد لكم سبباً في التسمية بهذا الإسم، ولنحصر ما عندنا حتي الآن:

1 - رفضتم زيد بن علي بن الحسين.

2 - ترفضون ما جاء عن الصحابة من أحاديث.

3 - ترفضون السنة.

4 - ترفضون عرض عقيدتكم.

5 - ترفضون أن تدلونا علي مواقع كتبكم علي الإنترنت.

ص: 465

6 - ترفضون أن تعرضوا بضاعتكم في التفسير.

7 - ترفضون أن تقولوا أن من الاثني عشرية من يكفر بعضهم بعضاً.

8 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الحسن ومعاوية.

9 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الخميني والخوئي.

10 - ترفضون الكلام عن عصمة الأئمة.

11 - ترفضون الكلام عن طينتكم المقدسة.. من يزيد؟!!!

ثم كتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 24 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

أنحن من نفر أيها التلميذ الحصيف!!!!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الواحدة صباحاً:

حسب طلبك يا مشارك..

وضعت في هذا الموقع بحثاً حول مصطلح أهل البيت في الإسلام، وفيه تفسير ثلاث آيات منها آية المودة في القربي. فأرجو أن تقرأه..وتخبرني.

وعندي نموذج من تفسير الشيعة لآية: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي..

إن أردت أرسلته لك.

ولكن أُخبرُك.. أنه كلُّه مناقشة لرأي الخليفة عمر.. لأنه يقول إن يوم نزولها يستحق أن يكون عيداً، ولكنها نزلت في يوم عيد.. فاصطدم العيد النازل بالموجود.. وحصل ما حصل!

فإن تحمَّلت أن يناقش أحد إمامك عمر بالدليل، أرسلتُ لك تفسير الآية، إن شاء الله تعالي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

ص: 466

أنا أريد النقاش من خلال هذه الآية، لأني حسب طلبكم لم أكتف بما جاء عند ابن تيمية بل قرأت لغيره أيضاً.

قال (العاملي):

تشرتُ في شبكة أنا العربي، بتاريخ 25 - 6 - 1999، عدة بحوث في تفسير آية التطهير وآية المباهلة وآية المودة في القربي، بعنوان (عمليات علماء البلاط علي آيات أهل البيت عليهم السلام).

كما نشر الأخ (الأشتر) وغيره من كتَّاب الشيعة.. مواضيع في تفسير هذه الآيات أيضاً..

وناقش (مشارك) وغيره في بعضها، وفرُّوا من أكثرها!!

وسنوردها في باب مصطلح أهل البيت في الإسلام، وموضوع صيغة الصلاة الشرعية علي النبي وآله، صلي الله عليه وعليهم.

اول و آخر ما نزل من القرآن

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 2 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (بحث في تحقيق آخر سورة وآية نزلت من القرآن الكريم)، قال فيه:

ليس من العجيب أن يختلف المسلمون في أول آيات نزلت علي النبي صلي الله عليه وآله، لأنهم لم يكونوا مسلمين آنذاك..

ثم إنهم باستثناء القلة، لم يكتبوا ما سمعوه من نبيِّهم في حياته، فاختلفوا بعده في أحاديثه وسيرته.

ص: 467

ولهذا لانعجب إذا وجدنا أربعة أقوال في تعيين أول ما أنزله الله تعالي من كتابه:

أنه سورة اقرأ.

وأنه سورة المدثر.

وأنه سورة الفاتحة.

وأنه البسملة.. كما في الإتقان للسيوطي: 1/91.

ولكن العجيب اختلافهم في آخر ما نزل من القرآن، وقد كانوا دولة وأمة ملتفة حول نبيها، وقد أعلن لهم نبيهم صلي الله عليه وآله أنه راحلٌ عنهم عن قريب، وحجَّ معهم حجة الوداع، ومرض قبل وفاته مدة، وودعوه وودعهم!

فلماذا اختلفوا في آخر آية، أو سورة نزلت عليه صلي الله عليه وآله؟!!

الجواب: إن الأغراض الشخصية والسياسية لم تدخل في مسألة أول ما نزل من القرآن، كما دخلت في مسألة آخر ما نزل منه.. كما سوف تري!!

سورة المائدة آخر ما نزل من القرآن

يصل الباحث في مصادر الحديث والفقه والتفسير إلي أن سورة المائدة آخر سورة نزلت من القرآن.. وأن آية " اليوم أكملت لكم دينكم " الواقعة فيها، نزلت بعد إكمال نزول جميع الفرائض..

وأن بعض الصحابة حاول أن يجعل بدل سورة المائدة سوراً أخري!!

رأي أهل البيت

قال العياشي في تفسيره: 1/288:

(عن عيسي بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضاً، وإنما كان يؤخذ من أمر رسول الله صلي الله عليه وآله بآخره، فكان من

ص: 468

آخر ما نزل عليه سورة المائدة، فنسخت ما قبلها ولم ينسخها شئ. لقد نزلت عليه وهو علي بغلته الشهباء، وثقل عليه الوحي، حتي وقفت وتدلي بطنها، حتي رأيت سرتها تكاد تمس الأرض، وأغمي علي رسول الله صلي الله عليه وآله حتي وضع يده علي ذؤابة شيبة بن وهب الجمحي، ثم رفع ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وآله، فقرأ علينا سورة المائدة، فعمل رسول الله صلي الله عليه وآله وعملنا). انتهي.

ويقصد علي عليه السلام بذلك: أن المسح علي القدمين في الوضوء هو الواجب، وليس غسلهما، لأن المسح نزل في سورة المائدة، وعمل به النبي صلي الله عليه وآله والمسلمون ولم ينسخ.

ورواه في تفسير نور الثقلين: 1/582 و: 5/447.

وفي الكافي: 1/289:

(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي؟

فأمر الله محمداً صلي الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله صلي الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم، وأن يكذبوه، فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحي الله عز وجل إليه: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس "، فصدع بأمر الله تعالي ذكره،

ص: 469

فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فنادي الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب.

قال عمر بن أذنية: قالوا جميعاً - غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخري وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي.

قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض).

وفي تاريخ اليعقوبي: 2 / 43:

(وقد قيل إن آخر ما نزل عليه: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً "، وهي الرواية الصحيحة، الثابتة الصريحة).

مصادر السنيين الموافقة لرأي أهل البيت

الدر المنثور: 2/252:

(وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، عن أبي ميسرة قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة، وإن فيها لسبع عشرة فريضة).

المحلي: 9/407:

(روينا من طريق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أن سورة المائدة آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها حلالاً فحللوه، وما وجدتم فيها حراماً فحرموه. وهذه الآية في المائدة فبطل أنها منسوخة، وصح أنها محكمة).

المحلي: 7/389:

ص: 470

(فإن هذا قد عارضه ما رويناه عنها من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح عن جري بن كليب، عن جبير بن نفير قال: قالت لي عائشة أم المؤمنين: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم.

قالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها حراماً فحرموه.

ورواه أحمد في مسنده: 6 / 188.

ورواه البيهقي في سننه: 7/172 عن ابن نفير، ونحوه عن عبد الله بن عمرو.

ورواه في طبقات الحنابلة: 1/427.

ورواه الحاكم: 2/311، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ثم روي عن عبد الله بن عمرو، أن آخر سورة نزلت سورة المائدة، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه). انتهي.

وسوف تعرف أنهما لم يخرجاه مراعاة لعمر حيث ادعي أن آخر ما نزل من القرآن غير المائدة.

وفي مجمع الزوائد: 1/256:

(وعن ابن عباس، أنه قال: ذكر المسح علي الخفين، وعند عمر سعد، وعبد الله بن عمر، فقال عمر: سعدٌ أفقه منك. فقال عبد الله بن عباس: يا سعد إنا لا ننكر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مسح، ولكن هل مسح منذ نزلت المائدة، فإنها أحكمت كل شئ، وكانت آخر سورة نزلت من القرآن، ألا تراه قال... فلم يتكلم أحد. رواه الطبراني في الأوسط. وروي ابن ماجة طرفاً منه، وفيه عبيد بن عبيدة التمار وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب). انتهي.

ص: 471

يقصد الهيثمي أن الرواية ضعيفة بهذا الراوي، الذي هو ثقة عند ابن حبان ولكنه يروي روايات غريبة، أي مخالفة لمقررات المذهب الرسمي الذي يقول إن الواجب هو غسل الرجلين في الوضوء، ويقول إن المائدة ليست آخر سورة نزلت!

وفي الدر المنثور: 2/252:

(وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: المائدة من آخر القرآن تنزيلاً، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها). انتهي.

ويشك الإنسان في كلمة [من] التي تفردت بها هذه الرواية، وكأن راويها أضافها للمصالحة بين الواقع وبين ما تبنته السلطة، وجعلته مشهوراً.

وفي تفسير التبيان: 3/413:

(وقال عبد الله بن عمر: آخر سورة نزلت المائدة).

وفي الغدير: 1/228:

(ونقل ابن كثير من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عايشة: أن المائدة آخر سورة نزلت). انتهي.

ويتضح من مجموع ذلك أن المتسالم عليه عند عند أهل البيت عليهم السلام أن آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة.. وأنه مؤيد برواياتٍ صحيحة وكثيرة، في مصادر إخواننا..

بل يمكن القول بأن آية " اليوم أكملت لكم دينكم " وحدها تكفي دليلاً علي أنها آخر سورة نزلت في آخر ما نزل من كتاب الله تعالي، لأنها تنصُّ علي أن نزول الفرائض قد تمت بها، فلا يصح القول بأنه نزل بعدها فريضة، علي أنه

ص: 472

وردت نصوص بذلك كما تقدم عن الإمام الباقر عليه السلام، وكما سيأتي من رواية الطبري والبيهقي وقول السدي.

وعليه، فكل ما نزل بعدها من القرآن، لا بد أن يكون خالياً من الفرائض والأحكام، لأن التشريع قد تم بنزولها، فلا حكم بعدها!

الآراء المخالفة و المتناقضة

ولكن هذا الأمر المحدد الواضح، صار غير واضح ولا محدد عندهم!!

وكثرت فيه الروايات وتناقضت! وزاد في الطين بلَّة.. أن المتناقض منها صحيحٌ بمقاييسهم!

وأنها آراء صحابة كبار لا يجرؤون علي ردهم!

ولعل السيوطي استحي من كثرة الأقوال في آخر ما نزل من القرآن، فأجملها إجمالاً، ولم يعددها أولاً وثانياً كما عدد الأقوال الأربعة في أول ما نزل!! ونحن نعدها باختصار، لنري أسباب نشأتها!

1 - أن آخر آية هي آية الربا، وهي الآية 278 من سورة البقرة.

2 - أن آخر آية هي آية الكلالة، أي الورثة من الأقرباء غير المباشرين، وهي الآية 176 من سورة النساء.

3 - أنها آية " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ".. البقرة - 281.

4 - أنها آية " لقد جاءكم رسول من أنفسكم ".. التوبة - 128.

5 - أنها آية " وما أرسلنا من قبلك من رسول ".. الأنبياء - 25.

6 - أنها آية " فمن كان يرجو لقاء ربه ".. الكهف - 110.

7 - أنها آية " ومن يقتل مؤمناً متعمداً ".. النساء - 93.

8 - أن آخر سورة نزلت هي: سورة التوبة.

ص: 473

9 - أن آخر سورة نزلت هي: سورة النصر.

هذا ما جاء فقط في إتقان السيوطي: 1/101.

وقد تبلغ أقوالهم ورواياتهم ضعف هذا العدد، لمن يتتبع المصادر!!

كيف نشأت هذه الآراء المتناقضة؟!

القصة التالية تعطينا ضوءاً علي نشأة هذا الإضطراب والضياع:

سئل الخليفة عمر ذات يومٍ عن تفسير آية الربا وأحكام الربا، فلم يعرفها!

فتأسف لأن هذه الآية آخر آية نزلت.. وأن النبي (صلی الله علیه و آله) توفي ولم يفسرها لنا!

ومن يومها دخلت آيات الربا علي الخط، وشوشت علي سورة المائدة، وصار ختام ما نزل من القرآن مردداً بين المائدة، وبين آيات الربا!

ولكن الربا ذكر في أربع سور من القرآن:

في الآيتين (275 – 276) من سورة البقرة.

والآية (161) من سورة النساء.

والآية (39) من الروم.

والآية (130) من آل عمران...

وبعض هذه السور مكيٌّ وبعضها مدني! فأي آية منها قصد الخليفة؟

وتبرع المتبرعون.. وقالوا إن مقصوده الآية 278 من سورة البقرة!

فصار مذهبهم أن آخر آية نزلت من القرآن وضعت في سورة البقرة، التي نزلت في أول الهجرة!

وصار مذهبهم أن تحريم الربا تشريعٌ إضافي، لأنه نزل بعد آية إكمال الدين!

ص: 474

ولعلهم يتصورون أنه لا بأس بهذه المفارقة في نزول القرآن والوحي، ما دام هدفهم هدفاً شرعياً صحيحاً هو الدفاع عن الخليفة عمر بن الخطاب!!

قال السرخسي في المبسوط: 2/51 و: 12/114:

(فقد قال عمر رضي الله عنه: إن آية الربا آخر ما نزل، وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل أن يبين لنا شأنها!).

وقال الإمام أحمد في مسنده: 1 / 36:

(عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه: إن آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن رسول الله صلي الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها، فدعوا الربا والريبة!!

ورواه في كنز العمال: 4/186 عن ش وابن راهويه حم - وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل).

وقال السيوطي في الإتقان: 1/101:

(وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت آية الربا. وروي البيهقي عن عمر مثله... وعند أحمد وابن ماجة عن عمر: [من] آخر ما نزل آية الربا). انتهي.

ولكن إضافة [من] في رواية البيهقي لا تحل المشكلة، كما لم تحلها في سورة المائدة..

لأن الروايات الأخري ليس فيها [من] وهي نص علي أن آية الربا آخر ما نزل!

قصة ثانية

ص: 475

وذات يومٍ سئل الخليفة عمر عن معني الكلالة فتحير فيها، واستعصي عليه فهمها.

والكلالة هم ورثة الميت غير القريبين..

فقال الخليفة: إنها آخر آية نزلت، وتوفي النبي قبل أن يبينها له، أو بينها له بياناً ناقصاً!

ففي البخاري: 5/115:

(عن البراء رضي الله عنه قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة... ونحوه في: 5/185).

وقال السيوطي في الإتقان: 1/101:

(فروي الشيخان عن البراء بن عازب قال: آخر آية نزلت: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، وآخر سورة نزلت براءة).

وفي مسند أحمد: 4/298:

(عن البراء قال: آخر سورة نزلت علي النبي صلي الله عليه وسلم كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يستفتونك... إلي آخر السورة... إلي آخره!).

ومن يومها دخلت آية الكلالة علي الخط، وشاركت في التشويش علي سورة المائدة!

وصار ختام ما نزل من القرآن مردداً بين آيات الربا والكلالة، وبقية المائدة بما فيها آيتا العصمة من الناس، وإكمال الدين!

ص: 476

وقد راجعت ما تيسر لي من مصادر إخواننا في مسألة الربا والكلالة، فهالتني مشكلة الخليفة معهما، خاصة مسألة الكلالة، حتي أنه جعلها من القضايا الهامة علي مستوي قضايا الأمة الإسلامية الكبري، وكان يطرحها من علي منبر النبي صلي الله عليه وآله ويدعو المسلمين إلي مساعدته علي حلها!

ففي صحيح البخاري: 6/242:

(عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطب عمر علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل. والخمر ما خامر العقل. وثلاث وددت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يفارقنا حتي يعهد إلينا عهداً: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا). انتهي.

ورواه مسلم في: 2/81، بتفصيل أكثر.

وروي نحوه في: 5/61 و: 8/245.

ورواه ابن ماجة في: 2/910.

وقال عنه السيوطي في الدر المنثور: 2/249:

(وأخرج عبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر عن عمر... ويدل هذا الصحيح المؤكد، علي أن عمر لم يسأل النبي صلي الله عليه وآله عن الكلالة.

وقد صرح بذلك صحيح الحاكم الذي رواه في المستدرك: 2/303، فقال:

محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أكون سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إلي من حمر النعم: عن الخليفة بعده، وعن قوم قالوا نقر بالزكاة في أموالنا ولا نؤديها إليك،

ص: 477

أيحل قتالهم؟ وعن الكلالة. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه). انتهي.

ولكن في صحيح مسلم أن عمر سأل النبي صلي الله عليه وآله عنها مراراً!!

قال مسلم في: 5/61:

(عن معدان بن أبي طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله صلي الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة! ما راجعت رسول الله صلي الله عليه وسلم في شئ ما راجعته في الكلالة! وما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيه، حتي طعن بإصبعه في صدري وقال: يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟!

وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن). انتهي.

يعني أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله عنها مراراً فوضحها له مراراً، ولكنه كرر سؤاله حتي غضب عليه النبي صلي الله عليه وآله لعدم فهمه لشرحه إياها!

بل يدل الصحيحان التاليان علي أن النبي صلي الله عليه وآله أخبر عمر أنه سوف لن يفهم الكلالة طول عمره، أو دعا عليه بذلك!

ففي الدر المنثور: 2/250:

(وأخرج العدني والبزار في مسنديهما، وأبو الشيخ في الفرائض، بسند صحيح عن حذيفة قال: نزلت آية الكلالة علي النبي صلي الله عليه وسلم في مسيرٍ له، فوقف النبي صلي الله عليه وسلم، فإذا هو بحذيفة فلقاها إياه، فنظر حذيفة فإذا عمر، فلقاها إياه. فلما كان في خلافة عمر، نظر عمر في الكلالة

ص: 478

فدعا حذيفة فسأله عنها، فقال حذيفة: لقد لقانيها رسول الله صلي الله عليه وسلم فلقيتك كما لقاني، والله لا أزيدك علي ذلك شيئاً أبداً). انتهي.

وفي كنز العمال: 11/80 حديث 30688:

(عن سعيد بن المسيب، أن عمر سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم: كيف يورث الكلالة؟

قال: أوليس قد بيَّن الله ذلك.

ثم قرأ: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة... إلي آخر الآية.

فكأن عمر لم يفهم!

فأنزل الله: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة.. إلي آخر الآية، فكأن عمر لم يفهم!

فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله صلي الله عليه وسلم طيب نفس، فاسأليه عنها.

فقال (رسول الله): أبوك ذكر لك هذا؟ ما أري أباك يعلمها أبداً!!

فكان يقول: ما أراني أعلمها أبداً، وقد قال رسول الله ما قال!!

وذكر في مصدره أنه صححه ابن راهويه أو ابن مردويه).

بل روي السيوطي في الدر المنثور: 2/249 أن النبي صلي الله عليه وآله قد كتبها لعمر في كتفٍ!

قال: (وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن مردويه، عن طاوس، أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الكلالة. فسألته فأملاها عليها في كتف.

وقال: من أمرك بهذا؟ أعمر؟ ما أراه يقيمها!! أو ما تكفيه آية الصيف؟!!

ص: 479

قال سفيان: وآية الصيف التي في النساء " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ".

فلما سألوا رسول الله صلي الله عليه وسلم، نزلت الآية التي في خاتمة النساء). انتهي.

فانظر إلي هذه التناقضات في أحاديث عمر والكلالة، وكلُّها صحيحة!!

ولاحظ أن الكلالة هي إحدي المسائل الثلاث التي قال البخاري إن النبي صلي الله عليه وآله لم يبينها للأمة، ولا سأل عمر النبي عنها!

مع أن روايتهم الصحيحة تقول إن النبي صلي الله عليه وآله قد بينها مرات وكتبها في كتفٍ..

والكتابة علي الكتف كانت لما يهتم به أكثر لأن الكتف هو الجلد، وهو أدوم من القرطاس!

وأما المسألة الثانية التي هي الخلافة:

فقد روي البخاري نفسه أيضاً أن النبي صلي الله عليه وآله دعا بدواة وكتف ليكتب للأمة الإسلامية كتاباً لا تضل بعده أبداً، ولكن عمر أبي ذلك ومنع منه، وساعده عليه مؤيدوه من قبائل قريش!

وأما المسألة الثالثة، وهي أبواب الربا:

فيستحيل أن لا يكون النبي صلي الله عليه وآله قد بينها وشرحها للمسلمين أيضاً، وقد يكون كتبها لعمر أو غيره في كتفٍ أيضاً!!

إن الإنسان هنا يقف بين أن يتهم النبي صلي الله عليه وآله بأنه قصَّر في بيان ما أنزل الله إليه..

وبين أن يتهم الله تعالي بأنه أخذ نبيه قبل أن يكمل مهمة البيان التي أمره بها..

ص: 480

وبين أن يتهم عمر بالنسيان مثلاً..

ولا يمكن لمسلم أن يجرأ علي تهمة الله تعالي ورسوله صلي الله عليه وآله!!

دلالة هاتين القصتين

تدل هاتان القصتان علي أن صحاح إخواننا فيها متناقضات لا يمكن لباحث أن يقبلها جميعاً..

بل لا بد له أن يرجح بعضها.. ويرد بعضها!

فكيف يمكن لعاقل أن يقبل في موضوعنا أن عمر لم يسأل النبي صلي الله عليه وآله عن الآية لأنها آخر آية نزلت.. وأنه سأله عنها مراراً! حتي دفعه بإصبعه في صدره، وغضب منه، إلخ..!!

وكيف يقبل أن الكلالة آخر آية، وآيات الربا آخر آيات...

إلي آخر المصائب التي ذكرناها، والتي لم نذكرها!

وتدل القصتان في موضوعنا علي أن آيات الربا وإرث الكلالة، وربما غيرهما، حسب رأي الخليفة قد نزلت بعد آية إكمال الدين!

ومعني ذلك أن الله تعالي قال للمسلمين: " اليوم أكملت لكم دينكم "، ولكنه لم يكن أكمل أحكام الإرث والربا وأحكام القتل!! فهل يقبل أحدٌ ذلك؟!!

بقية الأقوال

لا نطيل في ذكر بقية الأقوال، وأحاديثها الصحيحة عندهم، بل نجملها إجمالاً:

ففي صحيح البخاري: 5/182:

ص: 481

(قال سمعت سعيد بن جبير قال: آية اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت فيها إلي ابن عباس، فسألته عنها فقال: نزلت هذه الآية: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم. النساء - 93. هي آخر ما نزل، وما نسخها شئ).

وفي البخاري: 6/15:

(عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيه إلي ابن عباس فقال: نزلت في آخر ما نزل، ولم ينسخها شئ).

وفي الدر المنثور: 2/196:

(وأخرج عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيها... هي آخر ما نزل وما نسخها شئ. وأخرج أحمد، و سعيد بن منصور، و النسائي، و ابن ماجة، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و النحاس في ناسخه، و الطبراني من طريق سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس... قال: لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شئ حتي قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم، وما نزل وحي بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي؟ قال: وأني له بالتوبة؟!).

وفي مجموع النووي: 18/345:

(قوله تعالي: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها. الآية. في صحيح البخاري... هي آخر ما نزل وما نسخها شئ. وكذا رواه مسلم والنسائي من طرق عن شعبة به. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الآية فقال: ما نسخها شئ). انتهي.

ص: 482

فهل يمكن لمسلم أن يقبل هذه الروايات الصحيحة من البخاري أو غيره..

ومن ابن عباس أو غيره..

ويلتزم بأن تحريم قتل المؤمن تشريعٌ إضافيٌّ في الإسلام، نزل بعد آية إكمال الدين؟!

وفي مستدرك الحاكم: 2/338:

(عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: آخر ما نزل من القرآن: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه). انتهي.

وهذه الرواية الصحيحة علي شرط الشيخين نقصد الآيتين 128 - 129، من سورة التوبة.

وفي الدر المنثور: 3/295:

(وأخرج ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وابن منيع في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، من طريق يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن أبي

بن كعب قال: آخر آية أنزلت علي النبي صلي الله عليه وسلم - وفي لفظ أن آخر ما نزل من القرآن - لقد جاءكم رسول من أنفسكم. إلي آخر.. الآية.

وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائله، وابن أبي دؤاد في المصاحف: وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والخطيب في تلخيص المتشابه، والضياء في المختارة، من طريق أبي العالية، عن أبي بن كعب، أنهم جمعوا القرآن في

ص: 483

مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجالٌ يكتبون ويملي عليهم أبيُّ بن كعب، حتي انتهوا إلي هذه الآية من سورة براءة: " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم... قوم لا يفقهون ".

فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن.

فقال أبي بن كعب: إن النبي صلي الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ". فهذا آخر ما نزل من القرآن.

قال: فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ".

وأخرج ابن أبي دؤاد في المصاحف عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس، فقال: من كان تلقي من رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به.

وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتي يشهد شهيدان، فقتل وهو يجمع ذلك إليه.

فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده شئ من كتاب الله فليأتنا به، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتي يشهد به شاهدان.

فجاء خزيمة بن ثابت، فقال: إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما!

فقالوا: ما هما؟

قال: تلقيت من رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم.. " إلي آخر السورة.

ص: 484

فقال عثمان: وأنا أشهد أنهما من عند الله، فأين تري أن نجعلهما؟

قال: أختم بهما آخر ما نزل من القرآن. فختمت بهما براءة). انتهي.

وشبيه به في سنن أبي داود: 1 / 182

وفي صحيح مسلم: 8/243:

(عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال لي ابن عباس: تعلم - وقال هارون تدري - آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً؟

قلت: نعم، إذا جاء نصر الله والفتح. قال: صدقت.

وفي رواية ابن أبي شيبة: تعلم أي سورة، ولم يقل آخر).

وفي سنن الترمذي: 4/326:

(وقد روي عن ابن عباس أنه قال: آخر سورة أنزلت: إذ جاء نصر الله والفتح).

وفي الغدير: 1/228: وروي ابن كثير في تفسيره: 2/2:

(عن عبد الله بن عمر أن آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح يعني النصر).

وفي الدر المنثور: 6/407:

(وأخرج ابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر، عن أبي هريرة في قوله: إذا جاء نصر الله والفتح، قال: علم، وحد حده الله لنبيه صلي الله عليه وسلم، ونعي إليه نفسه، إنك لا تبقي بعد فتح مكة، إلا قليلاً. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس قال: آخر سورة نزلت من القرآن جميعاً: إذا جاء نصر الله والفتح).

وفي المعجم الكبير للطبراني: 12/19:

ص: 485

(عن ابن عباس قال: آخر آية أنزلت: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله). انتهي.

وهي الآية 281 من سورة البقرة!

ونذكر في آخر مصائبهم في هذا الموضوع:

أن معاوية بن أبي سفيان أدلي بدلوه في هذا الموضوع، ونفي علي المنبر أن تكون آية " اليوم أكملت لكم دينكم " آخر ما نزل..

وأفتي للمسلمين بأن آخر آية نزلت هي الآية 110 من سورة الكهف..

وأنها كانت تأديباً من الله لنبيه!!

ففي المعجم الكبير للطبراني: 19/392:

(عمرو بن قيس، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان علي المنبر نزع بهذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم.. قال: نزلت يوم عرفة في يوم جمعة، ثم تلا هذه الآية: فمن كان يرجو لقاء ربه.. وقال: إنها آخر آية نزلت... تأديباً لرسول الله..). انتهي.

وقد التفت السيوطي إلي أن كيل التناقض قد طفح لإبعاد آية إكمال الدين عن ختم القرآن.. وحجة الوداع، وغدير خم.. فاستشكل في قبول قول معاوية وعمر!

ولكنه مرَّ بذلك مروراً سريعاً، علي عادتهم في التغطية والتستير، والروغان!

قال في الإتقان: 1/102:

(من المشكل علي ما تقدم قوله تعالي " اليوم أكملت لكم دينكم " فإنها نزلت بعرفة في حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها. وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي، فقال:

ص: 486

لم ينزل بعدها حلال ولا حرام مع أنه ورد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعدها!

وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال: الأولي أن يتأول علي أنه أكمل لهم الدين بإفرادهم بالبلد الحرام، وإجلاء المشركين عنه حتي حجه المسلمون، لا يخالطهم المشركون!). انتهي.

ومعني كلام ابن جرير الطبري الذي ارتضاه السيوطي:

أن حل التناقض في كلام الصحابة بأن نقبله ونبعد إكمال الدين وإتمام النعمة عن التشريع، وتنزيل الأحكام والفرائض، ونحصره بتحرير مكة فقط!!

حتي تسلم لنا أحاديث عمر عن الكلالة والربا، وحديث معاوية في أن آخر آية قد نزلت في توبيخ الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله!!

إنها فتوي تتكرر أمامك من علماء الخلافة القرشية بوجوب قبول كلام الصحابة - ما عدا أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله - حتي لو استلزم ذلك تفريغ الآيات والأحاديث من معانيها!

فالمهم عندهم درجة العصمة (العملية) للصحابة، وأن يكون كلامهم حاكماً علي كلام الله تعالي وكلام رسوله صلي الله عليه وآله!!

ثم يفرضون عليك أن تقبل ذلك وتغمض عينيك، وتصم سمعك عن صراخ ضحاياهم من الآيات الظاهرة والأحاديث الصحيحة!!

و نتيجة هذا المنطق

أن آية اليوم أكملت لكم دينكم ليست آخر آية.. ولا سورتها آخر سورة..

ولا معناها أكملت لكم الفرائض والأحكام، بل أكملت لكم فتح مكة!

ص: 487

وأن معني اليوم في الآية ليس يوم نزول الآية، بل قبل سنتين من حجة الوداع!

وسوف تعرف أن الخليفة عمر أقرَّ في جواب اليهودي أن معني اليوم في الآية: يوم نزولها، وليس يوم فتح مكة!

بل قال القرطبي إن اليوم هنا بمعني الساعة التي نزلت فيها الآية، كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

ستكون لي وقفات مع بحثك هذا يا عاملي:

الوقفة الأولي: تقول: " فصار مذهبهم أن آخر آية نزلت من القرآن وضعت في سورة البقرة، التي نزلت في أول الهجرة! وصار مذهبهم أن تحريم الربا تشريع إضافي، لأنه نزل بعد آية إكمال الدين ".

ماذا تقصد بأن تحريم الربا تشريع إضافي، ومن قال بهذا من العلماء، حتي ننظر في قيمة بحثك.

وكتب (الشمري) بتاريخ 3 - 7 - 1999، الرابعة صباحاً:

شكراً يا عاملي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 7 - 1999، السابعة صباحاً:

لماذا لم تجب يا عاملي؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

لا بد أنك قرأت قوله تعالي: " فلا تدخلوها حتي يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكي لكم ".

ص: 488

فهل رأيت أحداً يقول لمن طرق بابه إرجع؟! إن عدم جوابه قول!

وأنت عندما تقبل أن آخر آية نزلت هي آية الربا أو الكلالة، أو غيرها من آيات الفرائض والأحكام قد نزلت بعد آية إكمال الدين، فمعناه أنك جعلتها تشريعات إضافية بعد تمام الدين!!

إن آية إكمال الدين صريحة لا تقبل التأويل عند من يجوزونه.. يا مشارك.

أما عندكم فهو من الأصل حرام، فكيف تصحِّح حديثاً يقول إن هذا التشريع وهذا الجزء من الدين، نزل بعدها؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

عندما لا يستطيع الإنسان أن يجد مطعناً في مذهب أهل السنة والجماعة، يأخذ في نسبة أقوال لم تنسب إليهم، ويكذب ويقول إنهم قالوا به، وعندما يطالب بالبينة يعجز عن ذلك!

وهذا حال أهل البدع قديماً وحديثاً، ويبدو أنه لا فائدة من...

فكتب (العاملي) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الخامسة عصراً:

كلَّمتُك بكلام علمي مستدلٌّ عليه بآية كريمة..

فلم يكن لك جواب عليه إلا أن ادعيت أنك أهل السنة والجماعة..

واتهمتنا بأننا أهل بدع عاجزون عن الجواب!!

فمن العاجز يا مشارك؟ إسأل شخصاً ثالثاً محايداً؟!

أما أنكم أتباع ابن تيمية.. فنعم، وأما أهل السنة والجماعة.. فلا..

لأنكم تكفرون كل من خالف رأيكم من المسلمين من أهل السنة والشيعة!!

ص: 489

إن البلاد الإسلامية السنية من مصر والمغرب إلي إفريقيا وإندونيسيا.. وكلها عامرة والحمد لله بمشاهد وضرائح أهل البيت عليهم السلام والأولياء الصالحين وهم يزورونهم، وأنتم تكفرونهم بسبب ذلك.. فكيف تتكلم باسمهم.. يا مشارك؟!

نعم، يصح أن تتكلم باسم من تمثل فكرهم، وهم فئة من الأقلية الوهابية الآخذة بالتناقص يوماً فيوماً والحمد لله.

وإن يكن فيك خير يأتِ بك الله تعالي، إلي التوحيد والتنزيه الذي عليه المسلمون السلف والخلف، ويخرجك من العجز عن الجواب علي حديث العماء!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 6 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

وليس العجز في حديث العماء، فقط وإنما العجز في حديث الإثني عشر، والعجز في حديث فقأ موسي لعين... والعجز في حديث الثقلين... فقد عاد مخصوماً في كل ذلك.

ثم العجز عن الخُلُق الرفيع.. فنري أيسر كلمة علي لسان السلف والإسلام و... كذاب، كافر، ماجن!!! فيالحلم الله.. ويالممسك غضبه أن يسبق رحمته..

وكتب (ايتو) بتاريخ 6 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

لك النصر دائماً يا أخي العاملي. اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

نص الآية الكريمة وسياقه

ثم واصل (العاملي) نشر بحثه في شبكة أنا العربي، بتاريخ 2 - 7 - 1999، الثامنة مساءً، بعنوان (بحث في وقت نزول آية اليوم أكملت لكم دينكم)، قال فيه:

ص: 490

يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً، وإذا حللتم فاصطادوا، ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله

شديد العقاب.

حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، وما ذبح علي النصب وأن تستقسموا بالأزلام، ذلكم فسق، اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون - اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً - فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم. المائدة 2 - 3.

آية إكمال الدين و.. اللحوم المحرمة

أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين.. غرابة مكانها في القرآن!

فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون فيها، أنها نزلت في حجة الوداع، آية مستقلة لا جزء آية..

ثم يجدها في القرآن جزءاً من آية اللحوم المحرمة..

وكأنها حشرت في وسطها حشراً، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شئ..

بل لاتَّصل السياق!

فما هي الحكمة من هذا السياق؟

وهل كان هذا موضعها الأصلي من القرآن، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة؟!

ص: 491

نحن لا نقبل القول بوقوع تحريف في كتاب الله تعالي..

لكن نتساءل.. عسي أن يعرف أحد الجواب: ما هو ربط آية إكمال الدين باللحوم المحرمة؟

فهل وجدها الذين جمعوا القرآن في وقت متأخر، فوضعوها هنا؟!!

فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الصحابة اجتهدوا في مكان وضع الآيات في المصحف!!

ثم.. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم..

ولكن هل يمكن أن ينزلها الله تعالي في وسط أحكام اللحوم؟!

فإذا قال الله تعالي: " أكملت لكم دينكم ".. فقد تمت الأحكام، فكيف يقول بعدها مباشرة:

" فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم "؟!

ثم يقول بعدها مباشرة: " يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم... " إلي آخر أحكام الدين.. الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أكمله وأتمه؟!!!!

قال في الدر المنثور: 2/259:

(وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم، قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرام ولا حلال). انتهي.

وقال في: 2/257:

(وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس... فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أكملت

ص: 492

لكم دينكم، يقول حلالكم وحرامكم، فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام). انتهي.

والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة، وقد مرَّ بعضها، ولا تحتاج إلي استقصائها بعد أن كان ذلك يفهم من الآية نفسها.. ويؤيده ما ذكره اللغويون في معني الكمال والتمام.

وقال الزبيدي في تاج العروس: 8 / 103:

(الكمال: التمام وهما مترادفان كما وقع في الصحاح وغيره، وقد فرق بينهما بعض أرباب المعاني، وأوضحوا الكلام في قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي "، وبسطه في العناية، وأوسع الكلام فيه البهاء السبكي في عروس الأفراح.

وقيل: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه، كما سيأتي، وفيه ثلاث لغات: كمل كنصر، وكرم وعلم، قال الجوهري والكسر أردؤها، وزاد ابن عباد: كمل يكمل مثل ضرب يضرب، نقله الصاغاني كمالاً وكمولاً فهو كامل وكميل، جاؤوا به علي كمل).

وقال في 212:

(وتمام الشئ وتمامته وتتمته ما يتم به. وقال الفارسي: تمام الشئ ما تم به - بالفتح - لا غير، يحكيه عن أبي زيد. وتتمة كل شئ ما يكون تمام غايته، كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة، وتتمة هذه المائة. قال شيخنا: وقد سبق في كمل أن التمام والكمال مترادفان عند المصنف وغيره، وأن جماعة يفرقون بينهما بما أشرنا إليه. وزعم العيني أن بينهما فرقاً ظاهراً ولم يفصح عنه. وقال جماعة: التمام الإتيان بما نقص من الناقص، والكمال الزيادة علي التمام، فلا

ص: 493

يفهم السامع عربياً أو غيره من رجل تام الخلق إلا أنه لا نقص في أعضائه، ويفهم من كامل، وخصه بمعني زائد علي التمام كالحسن والفضل الذاتي أو العرضي. فالكمال تمام وزيادة، فهو أخص. وقد يطلق كل علي الآخر تجوزاً. وعليه قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ". كذا في كتاب التوكيد لابن أبي الأصبع.

وقيل التمام يستدعي سبق نقص، بخلاف الكمال، وقيل غير ذلك، مما حرره البهاء السبكي في عروس الأفراح، وابن الزملكاني في شرح التبيان، وغير واحد. قلت، وقال الحراني: الكمال: الإنتهاء إلي غاية ليس وراءها مزيد من كل وجه. وقال ابن الكمال: كمال الشئ: حصول ما فيه الغرض منه، فإذا قيل: كمل، فمعناه حصل ما هو الغرض منه). انتهي.

الاقوال في تفسير الآية

بعد السؤال عن مكان الآية يواجهنا السؤال عن معناها، وسبب نزولها..

وفي ذلك ثلاثة أقوال:

قول أهل البيت

أنها نزلت يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة في الجحفة، في رجوع النبي صلي الله عليه وآله من حجة الوداع.

عندما أمره الله تعالي أن يوقف المسلمين في غدير خم، قبل أن تتشعب بهم الطرق، ويبلغهم ولاية علي عليه السلام من بعده، فأوقفهم وخطب فيهم وبلغهم ما أمره به ربه.

وهذه نماذج من أحاديثهم:

فقد روي الكليني في الكافي: 1/289:

ص: 494

(عن الإمام محمد الباقر عليه السلام فقال: وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخري، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض.

وعن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده جالساً، فقال له رجل: حدثني عن ولاية علي، أمن الله أو من رسوله؟

فغضب ثم قال: ويحك كان رسول الله صلي الله عليه وآله أخوف لله من أن يقول ما لم يأمره به الله! بل افترضه الله كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج). انتهي.

وفي الكافي 1 / 198:

(أبو محمد القاسم بن العلاء رحمه الله، رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا عليه السلام بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها. فدخلت علي سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم عليه السلام ثم قال:

يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه صلي الله عليه وآله حتي أنزل الحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عز وجل: " ما فرطنا في الكتاب من شئ "، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلي الله عليه وآله: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ". وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمضِ صلي الله عليه وآله حتي بين لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم علي قصد سبيل الحق، وأقام لهم علياًّ عليه السلام علماً وإماماً، وما ترك شيئاً

ص: 495

تحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به. هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟! إن الإمامة أجل قدراً، وأعظم شأناً، وأعلي مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم. إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة، مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها، وأشاد بها ذكره فقال: إني جاعلك للناس إماماً، فقال الخليل عليه السلام سروراً بها: ومن ذريتي؟ قال الله تبارك وتعالي: لا ينال عهدي الظالمين. فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلي يوم القيامة، وصارت في الصفوة. ثم أكرمه الله تعالي بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاًّ جعلنا صالحين. وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ". فلم تزل في ذريته، يرثها بعض عن بعض، قرناً فقرناً، حتي ورثها الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله فقال جل وتعالي: " إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "، فكانت له خاصة فقلدها صلي الله عليه وآله علياًّ عليه السلام بأمر الله تعالي علي رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان، بقوله تعالي: " قال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلي يوم البعث "، فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلي يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد صلي الله عليه وآله.

فمن أين يختار هؤلاء الجهال!). انتهي.

قول السنيين الموافق لقول أهل البيت

ص: 496

وأحاديثهم في بيعة الغدير تبلغ المئات، وفيها صحاح من الدرجة الأولي عندهم.

وقد جمعها عدد من علمائهم القدماء، منهم الطبري المؤرخ في كتابه الولاية فبلغت طرقها ونصوصها عنده مجلدين.

وتنص رواياتها علي أن النبي صلي الله عليه وآله أصعد علياًّ معه علي المنبر، ورفع يده حتي بان بياض إبطيهما، وبلغ الأمة ما أمره الله فيه... إلخ.

وقد انتقد الطبريَّ بعضُ المتعصبين السنيين لتأليفه هذه الكتاب في أحاديث الغدير، التي يحتج بها الشيعة عليهم، ويجادلونهم بها عند ربهم!

وتنص بعض روايات الغدير عندهم علي أن آية إكمال الدين نزلت في الجحفة يوم الغدير بعد إبلاغ النبي صلي الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام.

لكن ينبغي الإلتفات إلي أن أكثر السنيين الذين صحت عندهم روايات الغدير، لم يقبلوا الأحاديث القائلة بأن آية إكمال الدين نزلت يوم الغدير، بل أخذوا بقول الخليفة عمر ومعاوية، أنها نزلت يوم عرفة، كما سيأتي.

وقد جمع أحاديث بيعة الغدير عدد من علماء الشيعة القدماء والمتأخرين، ومن أشهر المتأخرين النقوي الهندي في كتاب عبقات الأنوار، والشيخ الأميني في كتاب الغدير، والسيد المرعشي في كتاب شرح إحقاق الحق، والسيد الميلاني في كتاب نفحات الأزهار.

وقد أورد صاحب الغدير عدداً من الروايات من مصادر السنيين، ذكرت أن آية إكمال الدين نزلت في يوم الغدير، بعد إعلان النبي صلي الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام..

وهذه خلاصة ما ذكره في الغدير: 1/230:

ص: 497

(ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ").

ثم ذكر الأميني رحمه الله عدداً من المصادر التي روتها، نذكر منها:

(1 - الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفي 310، روي في كتاب الولاية، بإسناده عن زيد بن أرقم، نزول الآية الكريمة يوم غدير خمٍّ في أمير المؤمنين عليه السلام..

2 - الحافظ ابن مردويه الأصفهاني، المتوفي 410، روي من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري.. ثم رواه عن أبي هريرة..

3 - الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، المتوفي 430، روي في كتابه ما نزل من القرآن في علي..

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلي الله عليه وسلم دعا الناس إلي علي في غدير خم، أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس فدعا علياًّ فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتي نظر الناس إلي بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرقوا حتي نزلت هذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم ".

4 - الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، المتوفي 463، روي في تاريخه: 8/290...

عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم... قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولي كل مسلم، فأنزل الله: " اليوم أكملت لكم دينكم.. " الآية.

ص: 498

5 - الحافظ أبو سعيد السجستاني، المتوفي 477، في كتاب الولاية بإسناده، عن يحيي بن عبد الحميد الحماني الكوفي، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري...

6 - أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي، المتوفي 483، روي في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السماك، قال: حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثني علي بن سعيد بن قتيبة الرملي، قال:.. عن أبي هريرة...

7 - الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني... عن أبي سعيد الخدري: إن رسول الله صلي الله عليه وآله لما نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم، قال: الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضي الرب برسالتي، وولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

8 - الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعي الدمشقي، المتوفي 571، روي الحديث المذكور بطريق ابن مردويه، عن أبي سعيد وأبي هريرة، كما في الدر المنثور: 2/259.

9 - أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفي 568، قال في المناقب - 80، عن أبي سعيد الخدري إنه قال: إن النبي صلي الله عليه وآله يوم دعا الناس إلي غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقُمَّ، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلي علي، فأخذ بضبعه فرفعها حتي نظر الناس إلي إبطيه، حتي

نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية. وروي في المناقب - 94، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الوارق... إلي آخر ما مر عن الخطيب البغدادي سنداً ومتناً.

ص: 499

10 - أبو الفتح النطنزي روي في كتابه الخصايص العلوية - عن أبي سعيد الخدري بلفظ مرَّ - 43، وعن الخدري وجابر الأنصاري..

11 - أبو حامد سعد الدين الصالحاني، قال شهاب الدين أحمد في توضيح الدلايل علي ترجيح الفضايل: وبالإسناد المذكور عن مجاهد رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية: " اليوم أكملت لكم "، بغدير خم، فقال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وبارك وسلم: الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام

النعمة، ورضي الرب برسالتي، والولاية لعلي. رواه الصالحاني.

12 - شيخ الإسلام الحمويني الحنفي، المتوفي 722، روي في فرايد السمطين في الباب الثاني عشر، قال: أنبأني الشيخ تاج الدين... إلخ.). انتهي.

قول عمر بأنها نزلت في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة

وهذا هو القول المشهور عند السنيين.

فقد رواه البخاري في صحيحه: 1/16:

(عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً!!

قال: أي آية؟

قال: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.

قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة، يوم جمعة).

وفي البخاري: 5/127:

ص: 500

(عن طارق بن شهاب إن أناساً من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً.

فقال عمر: أية آية؟

فقالوا: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.

فقال عمر: إني لأعلم أي مكان أنزلت، أنزلت ورسول الله صلي الله عليه وسلم واقف بعرفة..

عن طارق بن شهاب:

قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية، لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً!

فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت وأين أنزلت، وأين رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أنزلت. يوم عرفة وأنا والله بعرفة - قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا - اليوم أكملت لكم دينكم).

وفي البخاري 8 / 137:

(عن طارق بن شهاب قال:

قال رجل من اليهود لعمر: يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.. لاتخذنا ذلك اليوم عيداً!

فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة في يوم جمعة.

سمع سفيان من مسعر، ومسعر قيساً، وقيس طارقاً). انتهي.

وقد روت عامة مصادر السنيين رواية البخاري هذه ونحوها بطرق متعددة..

ص: 501

وأخذ بها أكثر علمائهم، ولم يديروا بالاً لتشكيك بعضهم في أن يكون يوم عرفة في حجة الوداع يوم جمعة، مثل سفيان الثوري والنسائي!

ولا لرواياتهم المؤيدة لرأي أهل البيت عليهم السلام، التي تقدمت..

وذلك بسبب أن الخليفة عمر قال إنها لم تنزل يوم الغدير بل نزلت في عرفات قبل الغدير بتسعة أيام، وقوله مقدمٌ عندهم علي كل اعتبار.

قال السيوطي في الإتقان: 1/75: عن الآيات التي نزلت في السفر: منها:

(" اليوم أكملت لكم دينكم " في الصحيح عن عمر، أنها نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع، وله طرق كثيرة. لكن أخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري: أنها نزلت يوم غدير خم.

وأخرج مثله من حديث أبي هريرة وفيه: أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة مرجعه من حجة الوداع. وكلاهما لا يصح). انتهي.

وقال في الدر المنثور: 2/259:

(أخرج ابن مردويه، وابن عساكر بسند ضعيف، عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله صلي الله عليه وسلم علياًّ يوم غدير خم، فنادي له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم ". وأخرج ابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة، قال: لما كان غدير خم وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، قال النبي صلي الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: اليوم أكملت لكم دينكم). انتهي.

وموقف السيوطي هو الموقف العام للعلماء السنيين..

ص: 502

ولكنه ذلك لا يعني أنهم يضعفون حديث الغدير كما تقدم، بل يقولون إن حديث الغدير صحيح، ولكن الآية نزلت قبل ذلك اليوم، تمسكاً بقول الخليفة عمر الذي روته صحاحهم، مع أنهم رووا في مقابله أحاديث صحيحة أيضاً.

ومن المتعصبين لرأي عمر: ابن كثير.. وهذه خلاصة من تفسيره: 2/14:

(قال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام.

وقال ابن جرير وغير واحد: مات رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوماً، رواهما ابن جرير).

ثم ذكر ابن كثير رواية مسلم وأحمد والنسائي والترمذي المتقدمة وقال:

(قال سفيان: وأشكُّ كان يوم الجمعة أم لا: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية.

وشكُّ سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك، أم لا.

وإن كان شكاًّ في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما أخاله يصدر عن الثوري رحمه الله، فإن هذا أمر معلوم مقطوع به، لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ولا من الفقهاء،

وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة، لا يشك في صحتها، والله أعلم.

وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر.

وقال ابن جرير: عن قبيصة يعني ابن أبي ذئب، قال: قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه!!

ص: 503

فقال عمر: أي آية يا كعب؟

فقال: اليوم أكملت لكم دينكم.

فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.. ورواه في مختصر تاريخ دمشق مجلد2 جزء 4صفحة 309.

وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية بن أبي سفيان علي المنبر ينتزع بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم " حتي ختمها.

فقال: نزلت في يوم عرفة، في يوم جمعة..

وقال ابن جرير: وقد قيل ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس!!

ثم روي من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: " اليوم أكملت لكم دينكم "، يقول ليس بيوم معلوم عند الناس.

قال: وقد قيل إنها نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مسيره إلي حجة الوداع..

ثم قال ابن كثير: قلت: وقد روي ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم، حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه.

ثم رواه عن أبي هريرة، وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه عليه السلام من حجة الوداع.

ولا يصح لا هذا ولا هذا، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية، أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة، كما روي ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان، وترجمان

ص: 504

القرآن عبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب رضي الله عنه، وأرسله الشعبي، وقتادة بن دعامة، وشهر بن حوشب، وغير واحد من الأئمة والعلماء، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله). انتهي.

وتلاحظ أن ابن كثير لا يريد الإعتراف بوجود تشكيك في أن يوم عرفة كان يوم جمعة..

لأن ذلك يخالف قول عمر، وقد صعب عليه تشكيك سفيان الثوري الصريح..

فالتف عليه ليخربه!!

ومما يدل علي أن الرواة كانوا في شك من أن يوم عرفات كان يوم جمعة:

ما رواه الطبري في تفسيره: 4/111، مما لم يذكره ابن كثير، قال:

(حدثنا ابن المثني، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، قال: قلت لعامر: إن اليهود تقول: كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه؟!

فقال عامر: أوما حفظته؟

قلت له: فأي يوم؟

قال: يوم عرفة أنزل الله في يوم عرفة!!

وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية أعني قوله " اليوم أكملت لكم دينكم " يوم الإثنين، وقالوا: أنزلت سورة المائدة بالمدينة.

ذكر من قال ذلك: حدثني المثني، قال: ثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد بن حرب، قال: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش عن ابن عباس: ولد نبيكم صلي الله عليه وآله يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، ودخل المدينة يوم

ص: 505

الإثنين، وأنزلت سورة المائدة يوم الإثنين " اليوم أكملت لكم دينكم "، ورفع الذكر يوم الإثنين.

ثم قال الطبري: وأولي الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده ووهي أسانيد غيره). انتهي.

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

بإمكان الباحث أن يفتش عن الحقيقة في سبب نزول الآية الكريمة في أحاديث حجة الوداع..

لأن هذا الوداع الرسولي المهيب قد تمَّ بإعلان رباني مسبق، وإعداد نبوي واسع..

وقد حضره ما بين سبعين ألفاًَ إلي مئة وعشرين ألفاً من المسلمين..

ونقلوا العديد من من أحداث حجة الوداع، وأقوال النبي صلي الله عليه وآله وأفعاله فيها، بشئ من التفصيل.. ورووا أنه خطب في أثنائها خمس خطب أو أكثر..

وسجلوا يوم حركته من المدينة، والأماكن التي مرّ عليها أو توقف فيها، ومتي دخل مكة، ومتي وكيف أدي المناسك..

ثم رووا حركة رجوعه وما صادفه فيها.. إلي أن دخل إلي المدينة المنورة وعاش فيها نحو شهرين بقية عمره الشريف صلي الله عليه وآله.

وعلي هذا، فإن عنصر التوقيت والتاريخ حاسمٌ في المسألة، وهو الذي يجب أن يكون مرجَّحاً للرأي الصحيح من الرأيين المتعارضين.

وعنصر التوقيت هنا يرجح قول أهل البيت عليهم السلام والروايات السنية الموافقة لهم، مضافاً إلي المرجحات الأخري المنطقية، التي تنضم إليه كما يلي:

ص: 506

أولاً: إن التعارض هنا ليس بين حديثين أحدهما أصح سنداً وأكثر طرقاً كما توهموا.. بل هو تعارض بين حديث عن النبي صلي الله عليه وآله وبين قول للخليفة عمر.

فإن الأحاديث التي ضعفوها هي أحاديث نبوية مسندة، بينما أحاديث البخاري وغيره هي قول لعمر، لم يسنده إلي النبي صلي الله عليه وآله!

فالباحث السني لا يكفيه أن يستدل بقول عمر في سبب نزول القرآن، ويرد به الحديث النبوي المتضمن سبب النزول، بل لا بد له أن يبحث في سند الحديث ونصه، فإن صح عنده فعليه أن يأخذ به ويترك قول عمر..

وإن لم يصح رجع إلي أقوال الصحابة المتعارضة، وجمع بين الموثوق منها إن أمكن الجمع، وإلا رجح بعضها وأخذ به وترك الباقي..

ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأن عمر عندهم معصوم عملياًّ، وإن قالوا غير معصوم نظرياًّ!

ثانياً: لو تنزلنا وقلنا إن أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سبب نزول الآية والأحاديث السنية المؤيدة لها ليست أكثر من رأي لأهل البيت ومن أيدهم في ذلك..

وأن التعارض يصير بين قولين لصحابيين في سبب النزول، أو بين قول صحابي وقول بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام..

فنقول: إن النبي صلي الله عليه وآله أوصي أمته بأخذ الدين من أهل بيته عليهم السلام ولم يوصها بأخذه من صحابته.. وذلك في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع.

وهو كما في مسند أحمد: 3/14:

ص: 507

(عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض). انتهي.

ورواه أيضاً في: 3/17 و26 و59 و: 4/366، و371.

والدارمي: 2/431.

ومسلم: 7/122.

والحاكم، وصححه علي شرط الشيخين وغيرهما في: 3/109 و148.

والبيهقي في سننه: 2/148، وغيرهم.

وهذا الحديث الصحيح بدرجة عالية، يدل علي حصر مصدر الدين بعد النبي صلي الله عليه وآله بآله عند تعارضه مع قول غيرهم!

ثالثاً: أن الرواية عن الخليفة عمر نفسه متعارضة، وتعارضها يوجب التوقف في الأخذ بها..

فقد رووا عنه أن يوم عرفة في حجة الوداع كان يوم خميس، وليس يوم جمعة.

قال النسائي في سننه: 5/251:

(أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قال يهودي لعمر: لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذناه عيداً " اليوم أكملت لكم دينكم ".

قال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والليلة التي أنزلت، ليلة الجمعة ونحن مع رسول الله صلي الله عليه وسلم بعرفات!).

والطريف أن النسائي روي عن عمر في: 8/114: أنها نزلت في عرفات في يوم جمعة!

ص: 508

رابعاً: تقدَّم قول البخاري في روايته أن سفيان الثوري وهو من أئمة الحديث والعقيدة عندهم، لم يوافق علي أن يوم عرفة كان يوم جمعة. " قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة، أم لا "..

وهناك عدد من الروايات تؤيد شك سفيان، بل يظهر أن سفياناً كان قاطعاً بأن يوم عرفة في حجة الوداع لم يكن يوم جمعة..

وإنما قال أشك مداراةً لجماعة عمر، الذين رتبوا كل الروايات لأحداث حجة الوداع، بل وأحداث التاريخ الإسلامي كلها.. علي أساس أن يوم عرفات كان يوم جمعة، كما ستعرف.

خامساً: إن عيد المسلمين هو يوم الأضحي، وليس يوم عرفة..

ولم أجد رواية تدل علي أن يوم عرفة عيدٌ شرعيٌّ، فالقول بذلك مما تفرد به الخليفة عمر، ولم يوافقه عليه أحد من المسلمين! وهو عند السلفيين يدخل في باب البدعة!

أما إذا أخذنا برواية النسائي القائلة إن عرفة كان يوم خميس، وأن الآية نزلت ليلة عرفة..

فلا يبقي عيد حتي يصطدم به العيد النازل من السماء، ولا يحتاج الأمر إلي قانون إدغام الأعياد الإلهية المتصادمة، كما ادعي الخليفة!

فيكون معني جواب الخليفة علي هذه الرواية أن يوم نزول آية إكمال الدين يستحق أن يكون عيداً، ولكن آيته نزلت قبل العيد بيومين، فلم نتخذ يومها عيداً! وهذا كلام متهافت!

سادساً: إن قول عمر يناقض ما رووه عن عمر نفسه بسند صحيح أيضاً..

ص: 509

فقد فهم هذا اليهودي من الآية أن الله تعالي قد أكمل تنزيل الإسلام وختمه في يوم نزول الآية، وقبل عمر منه هذا التفسير..

فلا بد أن يكون نزولها بعد نزول جميع الفرائض، فيصح علي رأيه ما قاله أهل البيت عليهم السلام وما قاله السدي وابن عباس وغيرهما من أنه لم تنزل بعدها فريضة ولا حكم.

مع أن الخليفة عمر قال إن آية إكمال الدين نزلت قبل آيات الكلالة، وأحكام الإرث وغيرها، كما تقدم..

فوجب علي مذهبه أن يقول لليهودي: ليس معني الآية كما ظننت، بل كان بقي من الدين عدة أحكام وشرائع نزلت بعدها، وذلك اليوم هو الجدير بأن يكون عيداً!

وعندما تتعارض الروايات عن شخص واحد وتتناقض، فلا بد من التوقف فيها جميعاً، وتجميد كل روايات عمر في آخر ما نزل من القرآن، وفي وقت نزول آية إكمال الدين!

ومن جهة أخري، فقد أقرَّ الخليفة أن اليوم في الآية هو اليوم المعين الذي نزلت فيه، وليس وقتاً مجملاً ولا يوماً مضي قبل سنة.. كفتح مكة، أو يأتي بعد شهور مثلاً. فهو يستوجب رد قول الطبري الذي تعمد اختياره ليوافق عمر..

ويستوجب رد كل الروايات التي تريد تعويم كلمة [اليوم] في الآية، أو تريد جعله يوم فتح مكة.

قال القرطبي في تفسيره: 1/143:

(وقد يطلق [اليوم] علي الساعة، منه قال الله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم " وجمع يوم أيام، وأصله أيوام فأدغم).

ص: 510

وقال في: 2/61:

(اليوم قد يعبر بجزء منه عن جميعه، وكذلك عن الشهر ببعضه تقول: فعلنا في شهر كذا كذا، وفي سنة كذا كذا، ومعلوم أنك لم تستوعب الشهر ولا السنة، وذلك مستعمل في لسان العرب والعجم.

سابعاً: إن جواب الخليفة لليهودي غير مقنع لا لليهودي ولا للمسلم!

فإن كان يقصد الإعتذار بأن نزولها صادف يوم عيد، ولذلك لم نتخذ يومها عيداً!

فيمكن لليهودي أن يجيبه: لماذا خرب عليكم ربكم هذا العيد وأنزله في ذلك اليوم؟!

وإن كان يقصد إدغام عيد إكمال الدين بعيد عرفة، حتي صار جزءاً منه!

فمن حق سائل أن يسأل: هذا يعني أنكم جعلتم يوم نزولها نصف عيد، مشتركاً مع عرفة..

فأين هذا العيد الذي لا يوجد له أثر عندكم، إلا عند الشيعة؟!

وإن كان يقصد أن هذا اليوم الشريف والعيد العظيم، قد صادف يوم جمعة ويوم عرفة، فأدغم فيهما وذاب، أو أكلاه وانتهي الأمر!

فكيف أنزل الله تعالي هذا العيد علي عيدين، وهو يعلم أنهما سيأكلانه!

فهل تعمد الله تعالي تذويب هذا العيد، أم أنه نسي والعياذ بالله فأنزل عيداً في يوم عيد..

فتدارك المسلمون الأمر بقرار الدمج والإدغام، أو التنصيف!!

ثم من الذي اتخذ قرار الإدغام؟

ص: 511

ومن الذي يحق له أن يدغم عيداً إلهياً في عيد آخر، أو يطعم عيداً ربانياً لعيد آخر!

وما بال الأمة الإسلامية لم يكن عندها خبر من حادثة اصطدام الأعياد الربانية في عرفات..

حتي جاء هذا اليهودي في خلافة عمر..ونبَّهَهُم!

فأخبره الخليفة عمر بأنه يوافقه علي كل ما يقوله، وأخبره وأخبر المسلمين بقصة تصادم الأعياد الإلهية في عرفات!

وأن الحكم الشرعي في هذا التصادم هو الإدغام لمصلحة العيد السابق، أو إطعام العيد اللاحق للسابق!

وهل هذه الأحكام للأعياد أحكام إسلامية ربانية، أم استحسانية شبيهاً بقانون تصادم السيارات..

أو قانون تصادم الأعياد الوطنية والدينية؟!!

إن المشكلة التي طرحها اليهودي، ما زالت قائمة عند الخليفة وأتباعه، لأن الخليفة لم يقدم لها حلاًّ.. وكل الذي قدمه أنه اعترف بها وأقرها، ثم رتب عليها أحكاماً لا يمكن قبولها..

ولم يقل إنه سمعها من النبي صلي الله عليه وآله، فقد اعترف خليفة المسلمين بأن يوم نزول الآية يوم عظيم ومهم بالنسبة إلي المسلمين، لأنه يوم مصيري وتاريخي أكمل الله فيه تنزيل الإسلام، وأتم فيه النعمة علي أمته، ورضيه لهم ديناً يدينونه به، ويسيرون عليه، ويدعون الأمم إليه.

ص: 512

وأن هذا اليوم العظيم يستحق أن يكون عيداً شرعياًّ للأمة الإسلامية تحتفل فيه وتجتمع فيه، في صف أعيادها الشرعية الثلاث: الفطر والأضحي والجمعة، وأنه لو كان عند أمة أخري يوم مثله لأعلنته عيداً ربانياًّ وكان من حقها ذلك شرعاً.

لقد وافق الخليفة محاوره اليهودي علي كل هذا، وبذلك يكون عيد إكمال الدين في فقه إخواننا عيداً شرعياًّ سنوياًّ، يضاف إلي عيديْ الفطر والأضحي السنويين وعيد الجمعة الأسبوعي.

إن الناظر في المسألة يلمس أن الخليفة عمر وقع في ورطة آية علي بن أبي طالب من ناحيتين:

فهو من ناحية ناقض نفسه في آخر ما نزل من القرآن..

ومن ناحية فتح علي نفسه المطالبة بعيد الآية إلي يوم القيامة!!

وصار من حق المسلم أن يسأل أتباع عمر من الفقهاء عن هذا العيد الذي لا يري له عيناً ولا أثراً ولا إسماً في تاريخ المسلمين، ولا في حياتهم، ولا في مصادرهم.. إلا عند الشيعة!

ثم.. إن الأعياد الإسلامية توقيفية، فلا يجوز لأحد أن يشرع عيداً من نفسه..

وحجة الشيعة في جعل يوم الغدير عيداً، أن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم رووا عن النبي صلي الله عليه وآله أن يوم الآية أي يوم الغدير عيدٌ شرعيٌّ، وأن جبرئيل أخبره بأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يأمرون أممهم أن تتخذوا يوم نصب الوصي عيداً.

فما هي حجة الخليفة في تأييد كلام اليهودي، وموافقته له بأن ذلك اليوم يستحق أن يكون عيداً شرعياًّ للأمة الإسلامية!

ثم أخذ يعتذر له بأن مصادفة نزولها في عيدين أوجبت عدم إفراد المسلمين ليومها بعيد.. إلخ.

ص: 513

فإن كان الخليفة حكم من عند نفسه بأن يوم الآية يستحق أن يكون عيداً، فهو تشريع وبدعة..

وإن كان سمعه من النبي صلي الله عليه وآله، فلماذا لم يذكره، ولم يروِ أحد من المسلمين شيئاً عن عيد الآية، إلا ما رواه الشيعة؟!!

فكتب (جميل 50) بتاريخ 2 - 7 - 1999، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

سماحة الأخ الفاضل العاملي:

شكراً لك علي جهودك الغالية، وجزاك الله عن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين خير الجزاء، وأحسن الجزاء، وأوفي الجزاء...

قد جاء عن اليهود - كما نقلت في الرواية - أن هذه الآية لو نزلت فيهم لاتخذوا ذلك اليوم عيداً، وإنا نعلم أنه عيد، وأما من خالفنا فيحاججون ويلاججون بأحاديث لا تصل معشار ما وصل إليه هذا الحديث في قوة سنده، وصراحة متنه، وبعد شأوه.

فما هو الأمر الخطير الذي يوقف مسيرة الحجيج، ولا شئ يظلهم أو يقيهم حرارة الشمس الوهاجة، أم ماذا ألقي في يراع الشعراء الذين هتفوا بهذا الحدث في مصارع بلاغتهم وأبيات أراجيزهم وقوافيهم، وكان في من كان الصحابي الجليل حسان بن ثابت؟!

ولو علم معشر اليهود بأن مشكلة هذا الحديث هو عدم توافقه مع السكة الحديدية للخلافة السياسية لدي المسلمين آنذاك، لما تعمقوا في استغراباتهم من مجانبة المسلمين بعضاً ممن جثم علي جسد الأمة!!!

وأما تساؤل عمر فلم يكن أبداه هو ولا من بعده حين احتج به علي نفسُه، وحين احتجت به فاطمة، وكثير من الصحابة كعمار بن ياسر، وقد ذكرت هذه

ص: 514

الإحتجاجات بحديث الغدير وجمعت، وصنف لها، وكفانا ما جاء في كتاب الغدير...

وكتب (الشمري) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

اسمح لي يا أخ عاملي أن أؤكد كلامك بنص لحديث من مسند أحمد بن حنبل..

جدير أن يذكر هنا: " فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة ".

17749 - حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلي الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلي الظهر، وأخذ بيد علي رضي اللهم تعالي عنهم، فقال: ألستم تعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم.

قالوا: بلي.

قال: ألستم تعلمون أني أولي بكل مؤمن من نفسه.

قالوا: بلي.

قال: فأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة. قال أبو عبد الرحمن، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عدي بن

ثابت، عن البراء بن عازب عن النبي صلي اللهم عليه وسلم نحوه.

ص: 515

وشكراً لإتاحتك الفرصة لنا.

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 5 - 7 - 1999، السابعة مساءًَ:

أحسنت وأجدت يا أخي العاملي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.

قال (العاملي):

ولم يعلق مشارك ومشاركوه علي هذا الموضوع!!!

وكتب (إسلام) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 17 - 7 - 1999، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال بسيط في التفسير!)، قال فيه:

قال جل وعلا: " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري. قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين. سلام علي إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين ".

السؤال: ما هو تفسيركم لقوله تعالي: وفديناه بذبح عظيم؟

فكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

إلي الأخ إسلام: السلام عليكم.

ص: 516

إن سؤالك عن الآية المباركة: وفديناه بذبح عظيم.. أي وفدينا ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وكان كبشاً أتي به جبرائيل من الله سبحانه وتعالي فداءً، علي ما في الأخبار.

والمراد بعظمة الذبح عظمة شأنه بكونه من عند الله سبحانه وتعالي، وهو الذي فدي به الذبيح.

وإن شئت المزيد راجع تفسير الميزان ج 17 ص 161.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة والنصف مساءً:

الآية تتحدث عن الإمتحان الإلهي والفداء الرمزي، في إبراهيم وذريته.. وبعد إبراهيم لم يبعث الله تعالي نبياً ولا وصياً إلا من ذريته..

وسنة الله تعالي في إبراهيم جارية في رسول الله صلي الله عليه وآله وذريته..

امتحانهم في أنفسهم، وامتحان الأمة بهم..

وهذه الأمة امتحانها الإلهي أعظم الإمتحانات، لأنها خاتمة الأمم..

فتكلم ما تريد يا (إسلام).

فكتب (إسلام) بتاريخ 17 - 7 - 1999، العاشرة ليلاً:

إلي حسين الشطري، شكراً علي إجابتك علي السؤال.

وفعلاً كما ذكرت الذبح العظيم هو الكبش الذي أنزله الله فداء لإسماعيل علية السلام، كما هو مذكور في كتب التفسير..

لكن قل لي.. ما هو رأيك في كلام شيخكم المهاجري التالي.. فقد ذكر في معرض حديثه عن قصة مقتل الحسين رضي الله عنه هذه الآية، ثم فسرها بأن الذبح العظيم هو الحسين.

ص: 517

وكلامه بالحرف: وفديناه بذبح عظيم: الذبح العظيم هو الحسين!! سلام الله عليه، وإلا الكبش لا يوصف بأنه عظيم. انتهي؟؟!!

ولا أدري أيكما أكثر علماً؟!! أو بالأصح أيكما أكثر جهلاً!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأدب عنوان الإنسان.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً:

أعرف أخلاقك ومستوي علمك من زمان يا (إسلام)!

ولو أن أخلاق ديننا الإسلام الحنيف السهل السمح مثل أخلاقك، لوقعت في العالم كارثة!

وكلام خطيب عالم ليس نصاًّ..

فهل عندك نصٌّ علي أن الله تعالي جعل فداء إسماعيل رمزياً هو الكبش..

وأن الله تعالي جعل ثأره سبحانه، وثأر أنبيائه ودينه في العالم: السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام؟

أم تريد أن نأتي لك بنص لتناقشنا فيه، وتثبت لنا أنا مغالون في حق الإمام الحسين وأهل البيت الطاهرين عليهم السلام، الذين اختارهم الله تعالي رغم حسد الحاسدين من أئمتك..

وتثبت لنا أننا مقصرون في حق إمامك الذي تزعم أنه أمير المؤمنين المظلوم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وكأن الله تعالي قال عنه أنه إمام ابن إمام أخ إمام..!!!

فقلتم أنتم إن الله اشتبه في تسميتهم أئمة الكفر.. ورسوله اشتبه في لعنه إياهم!

ص: 518

وجعلتموهم أئمة المسلمين من أمثالكم؟!!

وكتب (عرفج) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

الأخ إسلام:

الشيخ المهاجري، كما تسميه، رجل خطيب كأي خطيب مسلم في أي مسجد في بلاد المسلمين، وليس عالماً يحتج بقوله. فهل تريدنا أن نتتبع عثرات الخطباء، وليس العلماء من السلف؟

وزرت الصفحة التي أسسها أحدهم ورصّ بها قائمة بأسماء الخطباء وهم: الشيخ عبد الحميد المهاجر. الشيخ الشاهرودي. السيد الفالي. السيد جاسم الطويرجاوي. وغيرهم من الخطباء.

هؤلاء خطباء يا إخوان.. فعليكم بذكر المصدر هداكم الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ليس قصد الأخ عرفج الإنتقاص من علم ومكانة الخطباء الكرام المذكورين، فكلهم معروفون بالعلم والفقاهة والإطلاع وحسن العقيدة، والحمد لله.

وكفي المسلم فخراً أنه يقوم بتوعية الناس علي قضية أهل البيت المظلومين صلوات الله عليهم، خاصة الإمام الحسين عليه السلام مظهر ظلامة أوصياء الله في أرضه، ومثال النور الإلهي في مقابل الضلال البشري.

بل قصده أن الإحتجاج علي الشيعة يجب أن يكون موثقاً من مصادرهم المعتمدة المحكوم بصحتها عند علمائهم.

وللمناسبة فإن الحديث الذي ذكره المدعو (إسلام) موجود في مصادرنا، وقد يكون سنده صحيحاً. ولكنه لم يذكره من مصدر، فنبهَّهُ الأخ عرفج.

ص: 519

وكتب (إسلام) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الواحدة صباحاً:

نستنتج من هذا الكلام أن خطباءكم جهال لا يحتج بكلامهم..

إذاً شيخكم المهاجري خطيب جاهل وليس خطيب عالم!! ويخطب فيكم!

وإلا هل يقول هذا الكلام ومثله عاقل.. " علي وجه رب الكون "؟!!

وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

أنا لم أحب أن أشارك في هذا الموضوع، ولكن اتهام المهاجر بالجهل قد أثارني.

حسناً.. فلنسمع ما يقوله خطباؤكم ولن أقول علماؤكم: " الرافضة في الأحساء يتكاثرون بمعدلات كبيرة، تصوروا أنهم يقومون بتنظيم حفلات الزواج الجماعي لكي يكثروا من النسل، تصوروا أنهم يقومون بتزويج أبنائهم وبناتهم وهم أقل من عشرين سنة، تصوروا أنهم يدخلون الجامعات ويتخرجون بمعدلات عالية، تصوروا أنهم يقومون بالإلتحاق بالعمل في المؤسسات الحكومية "!!

بذمتكم هذا منطق، أليس هذا كلام الجهال؟ وعلي نفس المنوال أقول أنا:

تصوروا أن البعض فخور بهذا المستوي في الطرح، لدرجة أنهم نشروه علي الإنترنت؟

وكتب (عرفج) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الأخ العاملي.. أعزه الله ونصر به الإسلام.

لم أقصد الإساءة لأحد، وأردت فقط التنبيه إلي أن الأخوة السلفيين يلتقطون أي كلمة يشعرون أنها وسيلة ممتازة للتشنيع علي الشيعة.

ص: 520

ولو أردنا اتباع أسلوبهم هذا لاحتجنا إلي (10 جيجا بايت) من هذا السيرفر حتي يفي بغرض سرد الخرافات والخزعبلات التي يذكرونها، وخاصة هنا في الشمال الأمريكي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

دعونا من اللف والدوران، هل من يقول أن المقصود بالآية هو الحسين رضي الله عنه مخطئ في ذلك، أم لا؟ وهل من ينفي ذلك يعتبر من النواصب المبغضين لآل البيت، كعادتكم معنا إذا أنكرنا هذا التفسير؟

وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

تعريفنا للنواصب واضح، هم: من يبغض علياًّ وآل البيت ويتهجم عليهم، وينصر أعداءهم.

وإنكار هذا التفسير لا يجعلك ناصبي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

لماذا يبحث مشارك دائماً عن فضائل أعداء أهل البيت عليهم السلام..

ويحاول مستميتاً التشكيك في فضائل أهل بيت نبيه صلي الله عليه وعليهم!!

ولو قيل له توجد رواية عن كعب الأحبار.. تقول إن مروان بن الحكم اللعين بن اللعين الوزغ ابن الوزغ.. الذي قتلته زوجته وخنقته بالمخدة لأمور أخلاقية.. هو شهيد هذه الأمة، وأن الله تعالي نجي إسماعيل من الذبح ليكون مروان بدله.. فإن مشاركاً يفرح بها وينظر لها!!

سبحان الله، لقد أُشْرِب حب هؤلاء الملعونين علي لسان نبيه الأمين، فصاروا أئمته الربانيين!!

ص: 521

حتي كأنه ابن أبي سفيان لصلبه!!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

أهذه بضاعتك يا عاملي؟ خبت وخسرت.

وكتب (إسلام) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

إلي العاملي: كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

موت بغيضك.. فالحاسد يصاب بالهزال من سمنة الآخرين!!

أما الوزغ ابن الوزغ فهو أشرف من الوطواط ابن الوطواط، أتعرف من هو؟!

عليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين إلي يوم الدين..

وكتب (طالب العلم) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الخامسة عصراً:

يا (إسلام).. لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك!

أهكذا تريد أن تستفيد؟!!

أترك الكلام البذئ وأجب علي أسئلة الآخرين، فوالله لم أرَ فيها إلا العدل والإنصاف.

فلماذا لا تقبل كلام الحق؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

الحمد لله لسنا من الزنادقة الذين يفسرون القرآن بأهوائهم، ليأكلوا به ثمناً قليلاً وخمساً كبيراً. انتهي.

قال (العاملي):

من الملاحظ أنهم يتهمون الشيعة بأنهم لا بضاعة لهم في التفسير..

وعندما يفحمون ولا يستطيعون نقاش طلبة الشيعة في تفسير آيات القرآن..!

ص: 522

يلجؤون إلي أسلوب الشتم، ويتهمون علماء الشيعة بأنهم يفسرون القرآن لمصلحة أهل البيت عليهم السلام، من أجل أن يعطيهم الشيعة أموالاً!!!

وهذا تأكيد علي إفلاسهم العلمي.

فتوي عمر: تفسير القرآن والبحث العلمي فيه حرام

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 20 - 7- 1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (السؤال عن تفسير آيات القرآن، والبحث العلمي فيه حرام عند الخليفة عمر!)، قال فيه:

فضربه بالدرة وقال: ما لك نقبت عنها؟!

قال السيوطي في الدر المنثور: 2/227:

(وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر بن الخطاب: إني لأعرف أشد آية في كتاب الله.

فأهوي عمر فضربه بالدرة، وقال: ما لك نقبت عنها؟!

فانصرف حتي كان الغد.

قال له عمر: الآية التي ذكرت بالأمس.

فقال: من يعمل سوءاً يجز به، فما منا أحد يعمل سوء إلا جزي به.

فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب، حتي أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال:

" من يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً "). انتهي.

وروي الدارمي في سننه: 1/50:

ص: 523

(عن عمرو عن طاوس قال: قال عمر علي المنبر: أحرج بالله علي رجل سأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن). انتهي.

وبمقتضي فتوي الخليفة يجب أن يصبر الحاكم والقضاة والناس حتي تقع الحوادث..

فيسألون أو يبحثون عن حكمها، ولا يجوز افتراض حادثة لم تقع وبحث حكمها الشرعي!!

محنة صبيغ التميمي!!!

وثائق القضية

1- روي الدارمي في سننه: 1/54:

(عن سليمان بن يسار، أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن.

فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل.

فقال: من أنت؟

قال: أنا عبد الله صبيغ.

فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه.

وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل يضربه حتي دمي رأسه.

فقال: يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي!

2 - عن نافع مولي عبد الله، أن صبيغ العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتي قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلي عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه.

فقال: أين الرجل؟

ص: 524

فقال: في الرحل.

قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني به العقوبة الموجعة!

فأتاه به.

فقال عمر: تسأل محدثة!!

فأرسل عمر إلي رطائب من جريد فضربه بها حتي ترك ظهره دبرة!!

ثم تركه حتي برأ، ثم عاد له!

ثم تركه حتي برأ، فدعا به ليعود له!!

قال فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً، وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت!!

فأذن له إلي أرضه وكتب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين!

فاشتد ذلك علي الرجل، فكتب أبو موسي إلي عمر أن قد حسنت توبته، فكتب عمر أن يأذن للناس بمجالسته!!).

3 - ورواه في كنز العمال: 2/331 وقال:

(الدارمي، وابن عبد الحكم، كر ورواه بروايات أخري مختلفة، منها عن السائب بن يزيد قال:

أتي عمر بن الخطاب فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل مشكل القرآن.

فقال عمر: اللهم أمكني منه.

فبينما عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاء وعليه ثياب وعمامة صفراء، حتي إذا فرغ.

ص: 525

قال: يا أمير المؤمنين، والذاريات ذرواً، فالحاملات وقراً.

فقال عمر: أنت هو، فقام إليه، وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتي سقطت عمامته.

فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثياباً واحملوه علي قتب، وأخرجوه حتي تقدموا به بلاده، ثم ليقم خطيب، ثم يقول: إن صبيغاً ابتغي العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعاً في قومه حتي هلك، وكان سيد قومه.

ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، واللالكائي، كر.

ورواه عن سليمان بن يسار كرواية الدارمي الأولي، وقال الدارمي ونصر والأصبهاني معاً في الحجة وابن الأنباري واللالكائي كر).

4 - (عن أبي العديس قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل.

فقال يا أمير المؤمنين: ما الجوار الكنس؟

فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل، فألقاها عن رأسه.

فقال عمر: أحروري؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجدتك محلوقاً لأنحيت القمل عن رأسك. الحاكم في الكني).

5 - (عن أبي عثمان النهدي عن صبيغ، أنه سأل عمر بن الخطاب، عن المرسلات والذاريات والنازعات.

فقال له عمر: ألق ما علي رأسك. فإذا له ضفيرتان.

فقال له: لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك.

ثم كتب إلي أهل البصرة: أن لا تجالسوا صبيغاً!

ص: 526

قال أبوعثمان: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا عنه. نصر المقدسي في الحجة كر).

6 - (عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب إلي أبي موسي الأشعري: أن لا تجالسوا صبيغاً وأن يحرم عطاءه ورزقه. ابن الأنباري في المصاحف كر).

7 - (عن إسحاق بن بشر القريشي، قال: أخبرنا ابن إسحاق، قال: جاء رجل إلي عمر بن الخطاب.

فقال: يا أمير المؤمنين، ما النازعات غرقاً.

فقال عمر: من أنت؟

قال: امرؤٌ من أهل البصرة من بني تميم، ثم أحد بني سعد.

قال: من قوم جفاة، أما إنك لتحملن إلي عاملك ما يسوؤك.

ولهزه حتي فرت قلنسوته، فإذا هو وافر الشعر.

فقال: أما إني لو وجدتك محلوقاً ما سألت عنك.

ثم كتب إلي أبي موسي: أما بعد: فإن الأصبغ بن عليم التميمي تكلف ما كفي وضيع ما ولي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه.

ثم التفت إلي القوم فقال: إن الله عز وجل خلقكم وهو أعلم بضعفكم فبعث إليكم رسولاً من أنفسكم

وأنزل عليكم كتاباً، وحد لكم فيه حدوداً أمركم أن لا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض أمركم أن تتبعوها، وحرم حرماً نهاكم أن تنتهكوها، وترك أشياء لم يدعها نسياناً، فلا تكلفوها وإنما تركها رحمة لكم!

ص: 527

قال: فكان الأصبغ بن عليم يقول: قدمت البصرة فأقمت بها خمسة وعشرين يوماً، وما من غائب أحب إلي أن ألقاه من الموت، ثم إن الله ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فأتيت أبا موسي وهو علي المنبر، فسلمت عليه فأعرض عني.

فقلت: أيها المعرض، إنه قد قبل التوبة من هو خير منك ومن عمر، إني أتوب إلي الله عز وجل مما أسخط أمير المؤمنين وعامة المسلمين، فكتب بذلك إلي عمر، فقال: صدق، إقبلوا من أخيكم!!).

8 - وروي في كنز العمال: 2/510:

(عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلي عمر بن الخطاب.

فقال يا أمير المؤمنين: أخبرني عن الذاريات ذرواً.

فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن الحاملات وقراً.

قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن الجاريات يسراً.

قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن المقسمات أمراً.

قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

ص: 528

ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخري، وحمله علي قتب، وكتب إلي أبي موسي الأشعري: إمنع الناس من مجالسته، فلم يزالوا كذلك حتي أتي أبا موسي فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئاً، فكتب في ذلك إلي عمر، فكتب عمر ما أخاله إلا قد

صدق فخل بينه وبين مجالسة الناس. البزار قط في الافراد وابن مردويه - كر).

9 - وفي كنز العمال: 11/296:

(مسند عمر، عن صبيغ بن عسل، قال: جئت عمر بن الخطاب زمان الهدنة، وعلي غديرتان وقلنسوة.

فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: يخرج من المشرق حلقان الرؤوس يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، طوبي لمن قتلوه وطوبي لمن قتلهم!

ثم أمر عمر أن لا أداوي ولا أجالس - كر).

10 - وفي الدر المنثور: 2/7:

(وأخرج الدارمي في مسنده، ونصر المقدسي في الحجة، عن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل...

وأخرج الدارمي عن نافع أن صبيغا العراقي...). إلخ.

11 - (وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن أنس، أن عمر بن الخطاب جلد صبيغاً الكوفي في مسألة عن حرف من القرآن حتي اطردت الدماء في ظهره).

ص: 529

12 - (وأخرج ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، وابن عساكر، عن السائب بن يزيد أن رجلاً قال لعمر: إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن!

فقال عمر: اللهم أمكني منه.

فدخل الرجل يوماً علي عمر فسأله.

فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده!

ثم قال ألبسوه تباناً واحملوه علي قتب وأبلغوا به حيه، ثم ليقم خطيب فليقل إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعاً في قومه بعد أن كان سيداً فيهم).

13 - (وأخرج نصر المقدسي في الحجة، وابن عساكر، عن أبي عثمان النهدي أن عمر كتب إلي أهل البصرة أن لا يجالسوا صبيغاً، قال: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا).

14 - (وأخرج ابن عساكر، عن محمد بن سيرين، قال: كتب عمر بن الخطاب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالس صبيغاً، وأن يحرمه عطاءه ورزقه).

15 – (وأخرج نصر في الحجة، وابن عساكر، عن زرعة قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير أجرب يجئ إلي الحلقة ويجلس وهم لا يعرفونه، فتناديهم الحلقة الأخري عزمة أمير المؤمنين عمر، فيقومون ويدعونه).

16 - (وأخرج نصر في الحجة، عن أبي إسحاق، أن عمر كتب إلي أبي موسي الأشعري: أما بعد فإن الأصبغ تكلف ما خفي، وضيع ما وُلي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه).

ص: 530

17 - (وأخرج الهروي في ذم الكلام، عن الأم للشافعي رضي الله عنه، قال: حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ أن يضربوا بالجريد ويحملوا علي الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادي عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل علي علم الكلام!!).

18 - وفي الدر المنثور: 3/161:

(وأخرج مالك، وابن أبي شيبة، وأبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن جرير، والنحاس، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال.

فقال: الفرس من النفل والسلب من النفل.

فأعاد المسألة.

فقال ابن عباس ذلك أيضاً.

قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه، ما هي؟

فلم يزل يسأله حتي كاد يحرجه.

فقال ابن عباس: هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر.

وفي لفظ فقال: ما أحوجك إلي من يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي، وكان عمر ضربه حتي سالت الدماء علي عقبيه!).

19 - وفي الدر المنثور: 6/111:

(وأخرج البزار، والدار قطني في الإفراد، وابن مردويه، وابن عساكر، عن سعيد بن المسيب، قال: جاء صبيغ التميمي إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فقال: أخبرني عن الذاريات ذرواً... إلخ).

ص: 531

20 - (وأخرج الفريابي، عن الحسن، قال: سأل صبيغ التميمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الذاريات ذرواً، وعن المرسلات عرفاً، وعن النازعات غرقاً.

فقال عمر رضي الله عنه: إكشف رأسك. فإذا له ظفيرتان.

فقال: والله لو وجدتك محلوقاً لضربت عنقك!

ثم كتب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالسه مسلم ولا يكلمه!).

21 - وفي إكمال الكمال: 5 /221:

(وأما صبيغ بالصاد المهملة وغين معجمة، فهو صبيغ بن عسل، الذي كان يسأل عمر عن غريب القرآن).

22 - وفي إكمال الكمال: 6/206:

(وعسل بن عبد الله بن عسل التميمي، حدث عن عمه صبيغ بن عسل قال: جئت عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه - وهو الذي كان يتتبع مشكل القرآن - فأمر عمر رضي الله تعالي عنه أن لا يجالس.

وقال يحيي بن معين: هو صبيغ ابن شريك من بني عمرو بن يربوع روي خالد بن نزار عن عمر بن قيس عن عسل.

وقال في هامشه: في الأصل كتب، وفي الإصابة روي الخطيب من طريق عسل بن عبد الله بن عسيل كذا التميمي عن عطاء بن أبي رباح، عن عمه صبيغ بن عسل، قال: جئت عمر، فذكر قصة، ثم قال: الضمير في قوله عن عمه يعود علي عسل.

وربيعة بن عسل أحد بني عمرو بن يربوع بن حنظلة، ذكره ابن الكلبي في جمهرة بني تميم.

ص: 532

وأما عسل بفتح العين والسين فهو عسل بن ذكوان، أخباري). انتهي.

والأخباري في ذلك الوقت هو المؤرخ في عصرنا.

23 - وفي معجم البلدان: 4/124:

(عسل: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره لام، يقال: رجل عسل مال كقولك ذو مال.

وهذا عسل هذا وعسنه أي مثله.

وقصر عسل: بالبصرة بقرب خطة بني ضبة.

وعسل: هو رجل من بني تميم من ولده صبيغ بن عسل الذي كان يتتبع مشكلات القرآن فضربه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأمر أن لا يجالس!!).

الصيغة القضائية لقضية صبيغ

المتهم:...

قال (العاملي):

إلي آخر البحث، ولا يتسع المجال لإيراده.. وقال في آخره:

النتيجة:

أن صبيغاً دفع في حياته ثمن أسئلته غالياً..

ثم خسر سمعته علي يد الفقهاء لأجل تبرير عمل الخليفة، فصار صاحب بدعة، وصار خارجياً مستحقاً للعقوبة قبل ظهور الخوارج وتسميتهم خوارج بربع قرن أو أكثر.. كل ذلك بدون دليل عند أحد من هؤلاء الفقهاء إلا عمل الخليفة..

ص: 533

ويمكن أن يصير صبيغ بعد مدة رافضياً خبيثاً، مع أني لم أجد له إشارة مدح واحدة في مصادر الشيعة!

ولكن لا يختلف الحال في غرض بحثنا..

فسواء اعتبرنا قضية صبيغ قضية علمية أو عقائدية أو شخصية أو سياسية.. فإنها قضية تخدم تحريم البحث العلمي في القرآن والسؤال عن غوامضه وحتي عن معاني ألفاظه ومفرداته..

كما نري في نهي الخليفة عن البحث في معني: " وفاكهة وأباًّ ".. وغيرها، وغيرها!

وإذا أردنا تطبيق أحكام الخليفة علي صبيغ في عصرنا فيجب علي الحاكم المسلم أن يجمع كتب التفسير ويحرقها، ثم يقيم الحد الشرعي علي المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، فيجلدهم حتي تسيل دماؤهم علي رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم، والأحوط أن يكون ذلك بجريد النخل الرطب، ثم يسجنهم حتي

يبرؤوا، ثم يضربهم مرة ثانية وثالثة..

ثم يلبسهم تبابين ويركبهم في شاحنات ويطوفهم في مدنهم وقراهم..

ويحذر الناس من شرهم.. إلي آخر أحكام الخليفة.

هذا إذا كانت أسئلتهم بمقدار أسئلة صبيغ، أما إذا كانت أسئلتهم أكثر مثل طلبة المعاهد والجامعات الدينية في عصرنا، فيجب أن يحكم عليهم بالإعدام حتي يخلص الأمة من شرهم!!

فكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

رحم الله والديك، وحشرهما وما ولدا مع عترة المصطفي صلي الله عليه وآله.

ص: 534

وكتب (جميل 50) بتاريخ 20 - 7 - 99، الثانية عشرة إلا خمس دقائق ليلاً:

الأخ الفاضل العاملي:

بارك الله في يراعك، وكثر فينا من أمثالك وما أبلغ الحجج التي تداور بها علي رؤوس القوم فيحسبونها المنايا!!

انتهي.

قال (العاملي):

وغاب علماء السلف المتبجحون، بأنهم وحدهم علماء بالحديث والتفسير..

ولم يجب أحد منهم بشئ!!!

ص: 535

الفهرس

الباب الثالث: رد اتهام الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن

القرآن معصوم عن التحريف

القرآن معصوم عن التحريف

ضمان الله نفي تحريف المحرفين بآل نبيه

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة عمر

سورة الأحزاب، ضاع منها أكثر من 200 آية

سورة براءة ضاع أكثرها

ابن حجر يقر بصحة روايات التحريف

مرة أخري، أخطأ الكاتب

الكاتب، يعيدها

ابن عباس يدعو لتحريف القرآن

متتابعات.. فقدت

المصحف العثماني ذهب

سورة التوبة سقط أولها

الروايات التي ذكرت سورا أو آيات

المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر و البخاري

المؤامرة علي سورتي المعوذتين

اتباع المذاهب يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك

عالم سني يحاول الدفاع عن البخاري

سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

اعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين

اما البخاري فقد عقد للآية أربعة أبواب

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن

احاديث سورتي الحفد والخلع المتواترة بالمعني

ابن حزم يفضح (سورتي) عمر! و يفتي أنهما كلام غير مأثور

هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة

القنوت في فقه الشيعة

محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

آية الرجم، و آية الشيخ والشيخة

آية لا ترغبوا عن آبائكم

آية: حق جهاده في آخر الزمان

آية: الولد للفراش

آية: لو كان لابن آدم واديان

التسبيحات الأربع من القرآن

آية: ألا بلغوا قومنا..

آية عائشة التي أكلتها السخلة

محاولتهم التخلص من روايات التحريف بأسطورة نسخ التلاوة

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة عمر... إلخ

حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

لم يكتبوا المصحف الإمام عن صحف حفصة أو نسخة عمر

و لم يكتبوا المصحف الإمام عن مصحف عائشة

قرآننا الفعلي هو نسخة علي بن أبي طالب

ليس في قرآننا الفعلي لحن و لا غلط

نسختان من القرآن عند علي

اسرار ترتيب القرآن لم تكتشف بعد

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

حول تفسير علي بن إبراهيم القمي

اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

التهمة الجديدة القديمة

نموذج من نصوص التهمة

الهدف من تحويل المسألة النظرية إلي مسألة عملية

خلاصة ردود علماء الشيعة

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة

الثقلان.. القرآن والعترة

القرآن الذي بين أيدينا صحيح

اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

علماء التفسير الشيعة و كيف تعلموا القرآن

ما هو موقف الحوزات من المهتمين بالقرآن و علومه

منهج الدراسة في الحوزات العلمية الشيعية

زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

اول و آخر ما نزل من القرآن

رأي أهل البيت

مصادر السنيين الموافقة لرأي أهل البيت

الآراء المخالفة و المتناقضة

كيف نشأت هذه الآراء المتناقضة؟!

دلالة هاتين القصتين

بقية الأقوال

و نتيجة هذا المنطق

آية إكمال الدين و.. اللحوم المحرمة

الاقوال في تفسير الآية

قول أهل البيت

قول السنيين الموافق لقول أهل البيت

قول عمر بأنها نزلت في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

فتوي عمر: تفسير القرآن والبحث العلمي فيه حرام

محنة صبيغ التميمي!!!

الصيغة القضائية لقضية صبيغ

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.