الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت المجلد2

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الثانی

مناظرات فی التوحید و صفات الله تعالی

ص: 3

ص: 4

الباب الثانی: مناظرات في التوحيد وصفات الله تعالي

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: مذهب الوهابيين وإمامهم ابن تيمية في التوحيد

الفصل الثاني: عائشة تحكم بكفر ابن تيمية وأسلافه!!

الفصل الثالث: أهل البيت (علیهم السلام) يردون علي مذهب المجسمين اليهود

الفصل الرابع: عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

الفصل الخامس: التجسيم عند اليهود والنصاري

الفصل السادس: تناقضات ابن تيمية وأتباعه في التوحيد والصفات!

الفصل السابع: تحدِّي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد!!

الفصل الثامن: إفتضاح المجسمة الحشوية!!

الفصل التاسع: من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية

الفصل العاشر: الأشاعرة متاولة أيضاً.. يؤلون الصفات

الفصل الحادي عشر: الأباضية يقفون إلي جانبنا في التنزيه أيضاً

الفصل الثاني عشر: أصوات حُرَّة في غابة الإرهاب الفكري!!

ص: 5

ص: 6

الفصل الأول: مذهب الوهابيين و إمامهم ابن تيمية في التوحيد

اشاره

عناوين المواضيع:

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية!

ابن تيمية وأتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية!!

قصة حديث: خلق الله آدم علي صورته!!

صفات معبود الوهابيين وإمامهم!!

يحاولون عبثاً التبرؤ من عقيدة التجسيم

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي!!

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية.. تسوء أخلاقهم!

ص: 7

ص: 8

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية

اشارة

كتب العاملي في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10- 3-2000، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (أخذ ابن تيمية عقيدة التجسيم من التوراة، وحاول فرضها علي المسلمين باسم التوحيد!)، قال فيه:

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون.. وأنهم وحدهم أصحاب العقيدة الصحيحة.. وأهل السنة والجماعة!!

وأن بقية المسلمين الذين يخالفون رأيهم، هم أهل البدع والضلالة، وأكثرهم كفار مشركون!!

لكنك عندما تنظر إلي عقيدة ابن تيمية وأتباعه، يأخذك العجب، لأنها تقوم علي أسس بعيدة كل البعد عن التوحيد الذي عليه المسلمون!!

فالتيميون يشبهون الله تعالي بخلقه! ويجسمون ذاته المقدسة! ويقولون إن صفات التجسيم لله الموجودة في التوراة المحرفة كلها صحيحة!!

والله عندهم علي صورة البشر، وهو موجود في مكان خاص من الكون، وينزل إلي الأرض ويصعد، ويفرح ويضحك ويغضب!!.. إلخ.

فمعبودهم جسم من نوع الطبيعة المخلوقة، وهو خاضع لقوانين الزمان والمكان اللذيْن خلقهما!! وإذا قلت لهم: إن الله تعالي منزه عن أن يحويه مكان

ص: 9

أو زمان، لأنه قبلهما، وهو في نفس الوقت في كل مكان وزمان، مهيمنٌ عليهما وعلي كل الموجودات لا يقبلون ذلك، ويتهمون قائله بأنه ينفي صفات الله تعالي ووجوده!!

رؤية الله تعالي بالعين محال

نعتقد بأن الله تعالي لا يمكن أن يري بالعين لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه ليس كمثله شئ، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يحيطون به علماً.. إلي آخر الآيات الصريحة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين، بل يري بالعقل والقلب، وهي أعمق وأصحُّ من رؤية العين.

وقد استدل أئمتنا عليهم السلام، وعلماؤنا رضي الله عنهم، علي نفي التجسيم والرؤية بالكتاب والسنة والعقل.. واعتبروا أن ذلك من ضرورات مذهبنا، بل هو كالبديهيات حتي عند عوامنا.

وأول ما ظهر القول برؤية الله تعالي بعد النبي صلي الله عليه وآله من كعب الأحبار وأمثاله، فوقف أهل البيت عليهم السلام وجمهور الصحابة في وجه ذلك، وكافحوا ضد نسبة الرؤية بالعين إلي الإسلام، وما تستلزمه من التشبيه والتجسيم! ومنهم أم المؤمنين عائشة، وأحاديثها في ذلك صريحة مدوَّنة في الصحاح!

والدليل البسيط علي نفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين:

أن ما تراه العين لا بد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان، والله تعالي وجود متعالٍ علي الزمان والمكان، لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم، فكيف تفرضه محدوداً خاضعاً لقوانينهما؟!

ص: 10

لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان حتي ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانينهما، وحتي أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء!

وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع.. وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيْها!

لكن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجبب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان، وأن الإنسان بإمكانه أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلي من الزمان والمكان ويؤمن به، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين.

وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين في نظرتنا إلي وجود الله تعالي، لا أن نحاول جرُّه إلي محيط وجودنا ومألوف أذهاننا، كما فعل اليهود عندما شبّهوه بخلقه وادَّعوا تجسده في عزَير وغيره، أو كما فعل النصاري علي أثرهم فشبهوه بخلقه، وادعوا تجسّده بالمسيح وغيره!

السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي.. سؤالٌ غلطٌ، فالمكان والزمان لم يكونا ثم كانا.. بدليل أن لهما آخر، والخيط الذي له آخر لا بد أن يكون له أول!

المكان هو ظرف المخلوقات، والزمان حركتها.. وقد بدأ الله تعالي شريطهما من العدم عندما أوجد ظرفاً وأوجد داخله موجوداً متحركاً!

أما هو سبحانه فوجود من نوع آخر ليس من نوع هذا الظرف ولا المظروف ولا الحركة.. إنه خالقها جميعاً، وخالق قوانينها.. ولو كان يخضع لقوانينها لكان مخلوقاً مثلهما!!

ص: 11

فكل سؤال يجعل تعالي داخل المخلوقات سؤال غلط.. ولا يوجد في القرآن ولا في السنة أبداً!

وإن رأيته مقبولاً في مصدر من مصادر المسلمين فاعرف أنه غريب متسلِّل!!

وأحاديث ابن تيمية التي بني عليها عقيدته، مثل حديث أم الطفيل، وحديث الحيوانات التي تحمل عرش الله تعالي، وحديث العماء.. من هذا النوع الغريب، لأنه يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال عن الله تعالي ب- (أين)، مع أنه أمرٌ مستحيلٌ لأنه تعالي كان قبْل الأين والكيف، وهو الذي أيَّن الأيْن وكيَّف الكيْف، ومكَّن المكان وزمَّن الزمان، وخلق المكين والزَّمين!

وهذا الدليل يكفي للحكم بأن حديث أبي رزين هو تصوُّرٌ من عالم أبي رزين، أو من عالَم الراوي الذي روي عنه، وأن أصله من تصورات كعب الأحبار أو ثقافة وثنيات العرب!!

يزعم أبو رزين أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟

أي قبل جميع الخلق بما فيه المكان والزمان والفضاء والهواء والسحاب..

فقال له: كان في عماء، تحته هواء، وفوقه هواء!!

فزعم علي لسان النبي صلي الله عليه وآله وجود الأيْن والهواء والسحاب قبل الله تعالي أو معه!! والعياذ بالله!!

وقد أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال.

فقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟

قال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي لا وجود لها في ثقافة المسلمين.. وأينما وجدتَّها فابحث عن أصلها من ثقافة اليهود والنصاري، أو غيرهم!!

ص: 12

إن كل الضلال في مذاهب العقيدة، من عدم التوازن بين الحمد لله وسبحان الله، فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم، فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشببيه، فعطلوا..

والمشبهة لله تعالي أرادوا (الإثبات) بزعمهم، فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله) وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو مذهب نبينا وأهل بيت نبينا، صلي الله عليه وعليهم.

أما ابن تيمية فتصور أن صفات الله تعالي كصفات الأشياء الطبيعية، لا يمكن إثباتها لله تعالي الا بأن يكون سبحانه جسماً لا جسداً!!

فوقع في التشبيه وفي الثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. فخالفه لذلك جمهور المسلمين، وبقي يدافع فيما تخبط فيه!!

ذلك أن جعْل الذات الإلهية غير الصفات.. يعني وجود شيئين: الله تعالي وصفاته، وهذا يوجب السؤال: من كان قبْل الآخر؟

وهي شبيهةٌ جداً بثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

كما صحح ابن تيمية أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وأم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، وحديث (العماء) وأمثاله، فكانت نتيجة تفكيره: أن الله تعالي

ص: 13

جسم! وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته! وأن الإنسان شبيهه وليس مثيله! فوقع في التشبيه كالنصاري، ولم يستطع أن يخرج منه!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 11- 3-2000، الواحدة صباحاً:

رداًّ علي مقولة العاملي في نفيه لصفات الله تعالي:

إن من أساس التوحيد الإيمان والإثبات بما وصف الله نفسه، وما تحدَّث فيه القرآن الكريم أو تحدَّثت عنها الأحاديث النبوية الشريفة في إثبات الصفات لله تعالي. وسوف أذكر منها أشياء وليس كلها ولكن قدر ما أستطيع.

وإليك الآتي:

1 - لله ذات:

قال تعالي: قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد. ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد. وسبب هذه الآية أن كفار قريش قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم: صِفْ لنا ربك. فنزلت هذه الآية... مرويَّة في جميع كتب التفاسير.

وذات الله لا تشبه ذوات المخلوقين كما أن صفاته لا تشبه شيئاً من صفات المخلوقين، فلله الكمال الذي لا كمال بعده. وقال تعالي منافياً المشابه بينه وبين خلقه، حيث قال: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. سورة الشوري – 11.

2 - وجه الله سبحانه:

لله وجه، ووجهه لا يشبه وجوه المخلوقين من خلقه، نصدق بذلك ونؤمن به، لأن الله تعالي أخبرنا بذلك في كتابه ونصَّ عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحاديثه.

قال تعالي: ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام. الرحمن - 27. ويقول ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: وذو الجلال والإكرام نعت الوجه، فلذلك رُفِع.

ص: 14

وقد نفي بعض الناس صفة الوجه لله تعالي، وزعموا أن وصف ذو الجلال والإكرام: إنما هو للرب فالمنعوت عندهم الرب، لا الوجه.

ردَّ عليهم الإمام ابن خزيمة فقال: هذه دعوي يدَّعيها جاهلٌ بلغة العرب، لأن الله جل وعلا قال: ذو الجلال والإكرام. فذكر الوجه مضموماً في هذا الموضع، مرفوعاً، ولو أراد وصف نفسة لقال: ذي الجلال والإكرام.

ذكر أثر الإيمان بوجه الله تعالي:

إذا عملنا عملاً صالحاً إنما نقصد وجه ربنا بأعمالنا كما أرشد الله إلي ذلك في محكم كتابه، فأي عمل لا يقصد وجهه باطل، قال تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه. وبذلك إنفاق المال ابتغاء وجه الله، قال تعالي: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون. سورة الروم - 39.

وقد وصف الله عباده الصالحين بأنهم يريدون وجهه ولا شئ غير وجهه: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً. سورة الإنسان - 9.

قال أيضاً: وما لأحدٍ عنده من نعمة تجزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي سورة الليل 19 - 20. وقال جلّ وعلا: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. سورة الكهبف - 28.

وكذلك روي ابن جرير وابن خزيمة في كتاب التوحيد، والنسائي، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله بوجهه الكريم.

عن عمرو بنِ دينارٍ، عن جابرٍ، قال: لماّ نزلتْ: قُلْ هُوَ القادِرُ عَلي أن يبْعَثَ عَلَيْكُم عَذَاباً مِنْ فوقِكُمْ. قال النبِيُّ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. قال: أوْ مِنْ تَحْتِ أرْجُلِكُمْ. قال النبِيُّ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. قال: أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً. قالَ النبِيُّ: هَذَا أيْسَرُ.

3 - لله يدان سبحانه:

ص: 15

ولله يدان ولا يشبهان شيئاً من أيدي مخلوقاته، قال تعالي: بل يداه مبسوطتان. سورة المائدة - 64. وقال لإبليس اللعين: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ. سورة ص - 75.

4 - محبة الله تعالي:

جاء في الكتاب والسنة أن الله تعالي يحب الأعمال الصالحة كما يحب من الكلام معيناً. قال تعالي: إن الله يحب المحسنين. وقال: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاًّ كأنهم بنيان مرصوص. سورة الصف - 4.

وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: كلمتان خفيفتان علي اللسان حبيبتان إلي الرحمن ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

5 - رؤية الله تعالي:

قال تعالي: وجوهٌ يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة. سورة القيامة.

وجاء في كتاب العقيدة في الله، لعمر الأشقر، أن الإمام مالك رضي الله عنه سئل عن الرحمن علي العرش استوي، وكيف يكون استواؤه؟

قال: الإستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.. ص 168. فكل صفة من صفات الله معلومة والكيفية مجهولة لأن ليس كمثله شئ، ولكن الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

وأما قصة التجسيم: قال الإمام ابن القيم الجوزية في كتاب الروح:

فصْلٌ في الفرق بين حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل:

ص: 16

قال الإمام أحمد بن حنبل ووافقه من أئمة الهدي: أن التشبيه والتمثيل أن تقول: يد كيديَّ أو سمع كسمعي أو بصر كبصري ونحو ذلك. وأما إذا قلت: يدٌ وسمع وبصر ووجه واستواء، لا يماثل شيئاً من صفات المخلوقين.

وقال أحمد: فأيُّ تمثيل وأي تشبيه لولا تلبيس الملحدين، فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل علي أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل.

وقال أحمد أيضاً: إثبات الصفات ونفي مشابهة المخلوقات، فمن شبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه فقد كفر، ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات ونفي عنه مشابهة المخلوقات فقد هُدي إلي الصراط المستقيم.

هذا قول الإمام أحمد بن حنبل والإمام مالك بن أنس، وهذا نقل ابن القيم واستشهاده. فعلام يلام ابن تيمية إذن؟؟ فما قول ابن تيمية يختلف عما سبقه من العلماء. هل هذا لأنه تعبير لحقدكم عليه وذلك لأنه أفحم إمامكم ابن مطهر الحلي، إن كان كذلك فلا لوم عليكم.

وكتب (جمال نعمة) بتاريخ 11- 3-2000، الثامنة صباحاً:

إذا سلَّمنا بأن الله له وجه والعياذ بالله.

ودليل أبي فراس: أن كل شئ هالك إلا وجهه.

نقول وقع أبو فراس في مشكلة عويصة. لأن إذا هلك كل شئ إلا وجه الله، معناها: أن جسم الله والعياذ بالله، هو من الهالكين.

فماذا يبقي لدي أبي فراس من ربه.

ص: 17

قبل أن تتصدي لموضوع، شغِّل عقلك قليلاً بين فترة وأخري، حتي لا يصيبه الصدأ. وتفسير ما ذكرت يا أبو (كذا) فراس أن كل عمل لا يراد به الله وحده فهو باطل، لأن الذي يعمل العمل لغير الله فقد أشرك.

المراء هو الشرك الأصغر. إن العمل يجب أن يكون خالصاً لله فقط. وإلا يوم القيامة سيقال له: خُذْ أجرك ممن عملت العمل لأجله.

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 11- 3-2000، الرابعة مساءً:

الرد علي جمال: فقد قلت: " إذا سلمنا بأن الله له وجه والعياذ بالله، ودليل أبي فراس أن كل شئ هالك إلا وجهه. نقول وقع أبو فراس في مشكلة عويصة. لأن إذا هلك كل شئ إلا وجه الله معناها أن جسم الله والعياذ بالله هو من الهالكين. فماذا يبقي لدي أبي فراس من ربه ".

الجواب بعد الإستعانة بالله تعالي: نري الناس يؤلون الأشياء علي حسب أهوائهم وعقلياتهم، تدل علي خبثهم بأسلوبٍ يكشفون عن وجوههم قناع الحياء والأدب لربهم والإيمان به، ويظهرون عكسه لقلة عقلهم علي قدر تفكيرهم.

وقد جاء قوله تعالي: لمن الملك اليوم، لله والواحد القهار. ومن صفاته أنه حي لا يموت، ويوم القيامة يموت جميع خلقه ويبقي وحده هذا في النفخة الأولي ثم النفخة الثانية فإذا هم قيامٌ ينظرون. فكيف أوَّلت الآية أن يد الله وساقه وبصره يهلك إلا وجهه؟؟

إنما المقصود: ذاته تعالي، فعبّر بالوجه عن ذاته.

جاء في تفسير ابن كثير قوله: كل شئ هالك إلا وجهه، إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم، الذي تموت الخلائق ولا يموت، كما قال تعالي: كل من

ص: 18

عليها فانٍ. ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فعبَّر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله ههنا: كل شئ هالك إلا وجهه، أي إلا إياه.

وقد ثبت في الصحيح من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد: ألا كل شئ ما خلا الله باطلُ. وقال مجاهد والثوري في قوله:كل شئ هالك إلا وجهه أي: إلا ما أريد به وجهه، وحكاه البخاري في صحيحه كالمقرِّر له، قال ابن جرير: ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر:

أسْتَغْفِرُ اللّهَ ذَنْباً لَسْتُ مُحْصِيَهُ *** رَبُّ العِبادِ إلَيْهِ الوَجْهُ والعَمَلُ

وهذا القول لا ينافي القول الأول، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالي من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة، والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالي وتقدَّس، فإنه الأول والآخر الذي هو قبل كل شئ وبعد كل شئ.

وكذلك تفسير القرطبي يوافقه تفسير ابن كثير وتفسير ابن جرير الطبري وتفسير الرازي وتفسير سيد قطب في كتابه في ظلال القرآن، وكذلك تفسير الشوكاني وتفسير الزجاج وتفسير البيضاوي والنسفي وغيرهم، كلهم أجمعوا أن معني الآية كل شئ هالك إلا ذات الله تعالي بما فيه من صفاته تعالي.

فمن أين جئت بهذا الكلام يا فهيم؟ أفدلَّ عقلك وأرشدك علي هذا الأمر؟ هنيئاً لك بهذا العقل النيّر.

اللهم صل علي محمد وعلي أزواجه وذريته.

وكتب (علي علي)، الخامسة إلا ربعاً عصراً:

ص: 19

في البحار - باب الجنة ونعيمها: من سرّه أن ينظر إلي الله بغير حجاب وينظر الله إليه بغير حجاب، فليتولَّ آل محمد...

وفي كتاب لآلي الأخبار لعمدة العلماء والمحققين محمد التوسيركاني 4/410 في باب: أن أهل الجنة يسمعون صوته: يسمعون صوته تعالي ويخاطبهم... فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك، فيتجلي لهم سبحانه وتعالي حتي ينظرون إلي وجهه تعالي..

ونفس الحديث موجود في البحار، باب الجنة ونعيمها، وكتاب البحار مليء بالأدعية التي يسألون فيها الله تعالي رؤية وجهه.. واقرؤوا الآتي..

يقول فيلسوف الشيعة الملقب بصدر المتألهين محمد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي في تفسيره القرآن الكريم: ألا تري صدق ما قلناه، لا تزال النار متألمة لما فيها من النقيص وعدم الإمتلاء حتي يضع الجبار قدمه فيها كما ورد في الحديث، وهي أحد تينك القدمين المذكورتين في الكرسي.

وهذا الأمر ثابت لدي السنة، ولكن الشيعة كذبوه لأن راوي الحديث عندنا أبو هريرة رضي الله عنه..

هدانا الله وإياكم الي طريق الصدق، إنه علي كل شئ قدير.

فكتب العاملي بتاريخ 11- 3-2000، التاسعة مساءً:

تكلَّمت من عندك يا أبا فراس.. فأين المصدر من كلام إمامك؟!!

تفضَّل وقارن بين ما قلته، وبين هذا الكلام الذي يصرح فيه إمامك بأن الله تعالي جسم موجود في مكان، وله أعضاء، وله شبيه!

قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 543:

ص: 20

وأما التمثيل فقد نطق القرآن بنفيه عن الله في مواضع كقوله: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله: فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً، أي نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال مسامياً يساميه، وهذا معني ما يروي عن ابن عباس: هل تعلم له سمياً: مثيلاً، أو شبيهاً... وإن عنيت به ما يشار إليه أو يتميز منه شئ عن شئ لم نسلم أن مثل هذا ممتنع، بل نقول إن كل موجود قائم بنفسه فإنه كذلك، وأن ما لا يكون كذلك فلا يكون إلا عرضاً قائماً بغيره، وأنه لا يعقل موجود إلا ما يشار إليه!! أو ما يقوم بما يشار إليه!!!

وقال في ص 814:

لكن الإعتقاد الذي يدعوهم إلي رفع أيديهم لا يجب أن يكون من التمثيل الباطل إذ لا يختص أهله بالرفع إلي الله. وإذا كان كذلك لم يكن مستند الناس كلهم في الرفع إلي الله باطلاً، وإذا لم يكن مستندهم كلهم باطلاً بل كان مستند بعضهم حقاً، ثبت أن الله يرفع إليه الأيدي، وأن فاعل ذلك يكون اعتقاده صحيحاً، وذلك يقتضي صحة الإشارة الحسية إليه إلي فوق وهو المطلوب!!! انتهي.

وانظر كيف زعم ابن تيمية أن النبي (صلی الله علیه و آله) ارتضي عقيدة اليهود وتلقي منهم!!

قال في منهاج سنته 2/562:

وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً! يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل، وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً!

ص: 21

ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك!! ولا قالوا أنتم مجسمون!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك!!

وذكر ما يصدقه كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه، من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. ولو قدر بأن النفي حق، فالرسل لم تخبر به!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 12- 3- 2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

أما القول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية مفحم شيخكم ابن مطهر الحلي، أخذ هذه العقيدة من اليهود، فأين إثباته علي هذا؟؟

أما احتجاجك بمقولة ابن تيمية في منهاج السنة في الرد علي الشيعة في نفيهم للصفات وهو: " وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً، يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك ولا قالوا أنتم مجسمون!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه،

ص: 22

من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. ولو قدر بأن النفي حق فالرسل لم تخبر به!!! ".

فهو يريد ومفهوم من كلامه أن الصفات كما هي موجودة في القرآن الكريم موجودة في كتاب اليهود، وهم يتلونه عند رسول الله صلي الله عليه وسلم من صفات الله تعالي، فلم ينكرها عليهم صلوات الله وسلامه عليه.

وهذا إقرار من رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أن لله صفات وقد أثبتها في كتابه الكريم، كما هي ثابتة في كتاب التوراة.

وقال تعالي: وأنزلنا التوراة فيها هدي ونور. ومن الإيمان أن تؤمن بكتبه تعالي ومن كتبه كتاب التوراة.. ولكن ليس هذا الكتاب الذي بين أيديهم اليوم، لأنه محرف.

ولكن ابن تيمية لم يصرح أن صفات الله موجودة في التوراة كي يستشهد عليها ضدكم، بل يستشهد من كتاب الله القرآن الكريم، ولكن وجد وعلم أن في كتاب التوراة من الصفات لله كما هي موجودة بالقرآن الكريم. فعلم أن الرسل كذلك أثبتوا الصفات، ولكن الصفات المثبتة لايوجد بها تشبيه أو تمثيل.

أما أن يقول لله يد، صحيح لله يد.. وهذا ثابت في الكتاب والسنة، وأما يقول لله ذات، أجل لله ذات، ولكن هل قال: يد الله مثل يد كذا أو يشبه كذا؟؟ هذا لم يقله وما تلفظ به لأن هذا لا يجوز، لا يجوز التشبيه والتمثيل، لأن الله تعالي ليس كمثله شئ.

ومن المعلوم أن هناك يوجد توافق بين كتاب الله تعالي القرآن الكريم وما يوجد في كتبهم من التوراة، مثل قصص الرسل، خلق آدم ولكن هناك توجد زيادات في كتبهم في التوراة فنحن لا نصدقه ولا نكذبه.

ص: 23

ولكن صرح العلماء أن يجوز أن نستشهد من كتبهم أمر يوافق عليها القرآن الكريم والسنة النبوية هذا هو الشرط. ولكن لا نؤمن بها ونقرها بأنها هي الحق فنكون مخالفين أمر الله وهو اتباع ما جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وهذا ما أقره القرآن، أن اليهود يقرون بصفاته جل وعلا، حيث قال في كتابه الكريم: وقالت اليهود يد الله مغلولة. سورة المائدة. فقال تعالي: غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. سورة المائدة -64.

هذا إقرار منه تعالي علي أنهم يثبتون أن لله يد (كذا) فقد أثبت جل وعلا علي نفسه أن له يدان (كذا) فلم ينكرها عليهم بل لعنهم لأنهم وصفوه بصفة ليست من صفاته، وهي البخل حيث قالوا: يد الله مغلولة، فأجابهم: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. هذا دليل علي صفته وهي الكرم فهو الكريم. أثبت صفة اليد له ونفي صفة البخل.

أما من ناحية التجسيم، كما تدعي أنت والفرقة الضالة، فأقول:

الكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما أناّ نثبت ذاتاً لا يشبه الذوات، وكذلك نقول إن من صفاته لا تشبه الصفات، فليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فلا نشبه صفات الله بصفات مخلوقاته، ولا نُزيل صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين وتلقيب المفترين، ولا نجحد صفة من صفات ربنا تبارك وتعالي لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسمة، فأقول كما قال الشاعر:

فإن كان تجسيماً ثبوت صفاتِهِ لديكم فإني اليوم عبدٌ مجسم

ملاحظة: الآية التي ذكرت جوابها بالآية التي ذكرتها أنا. أنظر أعلاه.

فأجاب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، الواحدة صباحاً:

أولاً: لم تجُِبْ علي بدعتك في مسألة: صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 24

ثانياً: هل قرأتَ كتاب منهاج الكرامة للعلامة الحلي، الذي كتب ابن تيمية منهاج السنة رداًّ عليه، حتي تحكم أنه أفحمه؟!

ثالثاً: تغاضيْتَ عن تصريحات ابن تيمية بصفة الجسم، وأنه يشار إليه حسياًّ، وأن له شبيهاً، وأن صفات الله عند اليهود صحيحة.

لقد أبهمت وأفرطتَّ في إبهامك، واستعملت التقية في معبودك أكثر من إمامك..

و إليك مالا تستطيع الفرار منه، ولا الإبهام معه:

قال ابن تيمية في كتابه العقل في فهم القرآن صفحة 88 بلفظه:

" ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال فنحاص بن عازورا، أو هو وغيره!!

وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس.

كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم فإن فيها من ذلك ما تكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات الجهة، وتكلم الله بالصوت، وخلق آدم علي صورته وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته، كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك، وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك!!

فكيف والمنصوص عنه موافقٌ للمنصوص في التوراة!!

فإنك تجد عامة ماجاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!

ص: 25

وقد قلنا قبل ذلك إن هذا كله مما يمتنع في العادة توافق المخبرين به من غير مواطأة وموسي لم يواطئ محمداً، ومحمد لم يتعلم من أهل الكتاب، فدل ذلك علي صدق الرسولين العظيمين وصدق الكتابين الكريمين!!

وقلنا إن هذا لو كان مخالفاً لصريح المعقول لم يتفق عليه مثل هذين الرجلين اللذين هما وأمثالهما أكمل العالمين عقلاً، من غير أن يستشكل ذلك وليهما المصدق ولا يعارض بما يناقضه عدوهما المكذب، ويقولان إن إقرار محمد صلي الله عليه وسلم لأهل الكتاب علي ذلك من غير أن يبين كذبهم، فيه دليل علي أنه ليس مما كذبوه وافتروه علي موسي مع أن هذا معلوم بالعادة فإن هذا في التوراة كثير جداً، وليس لأمةٍ كثيرة عظيمة منتشرة في مشارق الأرض ومغاربها غرض في أن تكذب من تعظمه غاية التعظيم بما يقدح فيه وتبين فساد أقواله، ولكن لهم غرض في أن يكذبوا كذباً يقيمون به رياستهم وبقاء شرعهم والقدح فيما جاء به من ينسخ شيئاً منهم. كما لهم غرض في الطعن علي عيسي بن مريم وعلي محمد صلي الله عليهما وسلم. فإذا قالوا ما هو جنس القدح في عيسي ومحمد كان تواطؤهم علي الكذب فيه ممكناً، فأما إذا قالوا ما هو من جنس القدح في موسي فيمتنع تواطؤهم علي ذلك في العادة، مع علمهم بأنه يقدح في موسي!! " انتهي.

فلا تستعجل يا أبا فراس، واكتب تعليقك علي هذه المصيبة اليهودية!!

فكتب (عمر) بتاريخ 12- 3-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

لنقارن من (الكافي) وصف السماء والأرض، لتري الخزعبلات.

حديث: الحوت علي أي شئ هو.

ص: 26

55 – محمد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الأرض، علي أي شئ هي؟ قال: هي علي حوت، قلت: فالحوت، علي أي شئ هو؟ قال: علي الماء، قلت: فالماء علي أي شئ هو؟ قال: علي صخرة، قلت: فعلي أي شئ الصخرة؟ قال: علي قرن ثور أملس، قلت: فعلي أي شئ الثور؟ قال: علي الثري، قلت: فعلي أي شئ الثري؟ فقال: هيهات عند ذلك ضل علم العلماء.

56 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق الأرض ثم أرسل عليها الماء المالح أربعين صباحاً والماء العذب أربعين صباحاً، حتي إذا التقت واختلطت أخذ بيده قبضة فعركها عركاً شديداً جميعاً ثم فرقها فرقتين، فخرج من كل واحدة منهما عنق مثل عنق الذر فأخذ عنق إلي الجنة وعنق إلي النار.

فأجاب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الحديث الأول يا عمر: لا نصحِّحُه.

والثاني: يوجد في صحاحكم مثله أو شبيه به جداً.

إن أردته استخرجته لك..

وما ربْط ذلك بدعوة ابن تيمية إلي التوراة المحرفة المجسمة لربها، وتبنِّيه ل- (توحيدها)!!

أم تريد تضييع الموضوع، ومساعدة أبي فراس؟!!!

أرجو أن لا تكرر هذه المداخلة الخارجة عن الموضوع.

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 12- 3-2000، الثانية صباحاً:

ص: 27

عقيدة ابن تيمية لا تخالف عقيدة من سبقوه من العلماء الأجلاء. ولكن في نقلك هذا، فلا أستطيع أن أتكلم فيه، ليس هذا لأني أشكك في ابن تيمية، ولكن لأني لا أريد أن أخوض في أمر أنا أجهله، هذا فقط.

أتكلم في أمر، وأنا علي بينه فيه.

فكتب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، السادسة مساءً:

شكراً لك يا أخ أبا فراس، علي توقفك في الموضوع، وعدم الكلام فيه بغير علم.. ولكن اعلم يا أخي أن ابن تيمية هو هذا!!

إنه مغرمٌ بعقيدة اليهود وأحاديث حاخاماتهم، وهو يستشهد بها دائماً في كتبه!! وهذا النص هو قنبلة في عقيدة ابن تيمية!!

فهو يدعو المسلمين صراحةً إلي الأخذ بعقيدة التوراة التي هي مملوءة من التجسيم والإفتراء علي الله تعالي.. وسوف أكتب لك نمادج منها، إن شاء الله.

وكتب (متي اللقيا) بتاريخ 19- 3-2000، السادسة مساءً:

للرفع.

الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقي.

وكتب العاملي بتاريخ 21- 3-2000، الثانية عشرة صباحاً:

أتعجب من أتباع ابن تيمية، كيف يروْنَ أنه يدعوهم إلي التجسيم اليهودي واتباع التوراة!!! ثم يسموَّنه شيخ الإسلام!

وكتب (الفاروق)، السادسة والنصف مساءً:

مولانا العاملي: مرة أخري يا مرحباً يا مرحباً.

ص: 28

عزيزي، ما رأيك بكلام القائد الراحل قدس الله سره في كتابه التعليقة علي الفوائد الرضوية: وتعدد الأنفس ومصدرها العقل الواحد.

فأجاب العاملي:

يظهر أنه أعيتْك الحيَل يا فاروق لتخليص إمامك من تقليد اليهود.. فتحيلت بهذا المهرب؟!!

ص: 29

ابن تيمية يدعو المسلمين إلي الإيمان بمعبود اليهود حسب التوراة

اشارة

كتب العاملي بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (ابن تيمية يجاهر بأنَّ أكثر التوراة صحيحة، وأن كل ما فيها من تجسيم لله، فهو صحيح!!)، جاء فيه:

وجدتُ لابن تيمية تصريحاً خطيراً يكشف عن حقيقة عقيدته!!

فقد صرح بأن الذين كفروا من اليهود هم فقط الذين قالوا: عزير ابن الله، وأن هؤلاء قلة قليلة، أما عامة اليهود فعقيدتهم صحيحة وتوراتهم صحيحة!!

وتجسيم الله الذي فيها، وأنه يجلس علي كرسي ويحمل عرشه حيوانات.. وأنه.. وأنه.. كل ذلك صحيح!!

وزعم ابن تيمية أن الحاخامات جاؤوا إلي النبي صلي الله عليه وآله وعرضوا عليه ذلك فأقرَّه كلُّه وصدَّقه!!

فتطابقت العقيدة الإسلامية بالعقيدة اليهودية في تجسيم الله تعالي!

ولذلك فإن التوراة عند ابن تيمية صحيحة وحُجَّة علي المسلمين، وعليهم أن يأخذوا عقيدتهم بالله تعالي منها!!

قال في كتابه المسمّي: العقل في فهم القرآن، صفحة 88 بلفظه:

ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال: فنحاص بن عازورا، أو هو وغيره!!

ص: 30

وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات الجهة وتكلم الله بالصوت وخلق آدم علي صورته وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود، وبدلته كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك، وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك!!

فكيف والمنصوص عنه موافقٌ للمنصوص في التوراة!!

فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!

وقد قلنا قبل ذلك إن هذا كله مما يمتنع في العادة توافق المخبرين به من غير مواطأة، وموسي لم يواطئ محمداً، ومحمد لم يتعلم من أهل الكتاب، فدلّ ذلك علي صدق الرسولين العظيمين وصدق الكتابين الكريمين!!

وقلنا إن هذا لو كان مخالفاً لصريح المعقول لم يتفق عليه مثل هذين الرجلين اللذين هما وأمثالهما أكمل العالمين عقلاً، من غير أن يستشكل ذلك وليهما المصدق ولا يعارض بما يناقضه عدوهما المكذب، ويقولان إن إقرار محمد صلي الله عليه وسلم لأهل الكتاب علي ذلك من غير أن يبين كذبهم، فيه دليل علي أنه ليس مما كذبوه وافتروه علي موسي، مع أن هذا معلوم بالعادة. فإن هذا في التوراة كثير جداً، وليس لأمةٍ كثيرة عظيمة منتشرة في مشارق الأرض ومغاربها غرض في أن تكذب من تعظمه غاية التعظيم بما يقدح فيه وتبين فساد أقواله، ولكن لهم غرض في أن يكذبوا كذباً يقيمون به رياستهم وبقاء شرعهم،

ص: 31

والقدح فيما جاء به من ينسخ شيئاً منهم.كما لهم غرض في الطعن علي عيسي بن مريم وعلي محمد صلي الله عليهما وسلم. فإذا قالوا: ما هو جنس القدح في عيسي ومحمد كان تواطؤهم علي الكذب فيه ممكناً، فأما إذا قالوا: ما هو من جنس القدح في موسي فيمتنع تواطؤهم علي ذلك في العادة، مع علمهم بأنه يقدح في موسي!! " انتهي.

و واقع اليهود يفضح ابن تيمية

قال الباحث الدكتور الشلبي في كتابه مقارنة الأديان 1/267:

" يروي التلمود: أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود علي لسان الله قوله: تُب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة علي بني إسرائيل فاستولي عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم علي ذلك بعد أن هدأ بيغضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. ويقرر التلمود: أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير... ".

وقال الدكتور الشلبي في ص 192 تحت عنوان: اليهود والألوهية عموماً:

" علي أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلي أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية: طوبي للخائفين للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موشي ديان ".. إلي آخر ماكتبه..

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

ص: 32

نحن نؤمن بما في القرآن والسنة يا عاملي، فإن كان ما في التوراة المحرفة موافقاً لما عندنا أخذنا به، لأنه أصلاً من عندنا! هل فهمت؟

وكتب (عرباوي 4) بتاريخ 11-7-1999:

كنْت فاكرهم نواصب.. طلْعوا يهود...!

لا لوم عليكم بعد اليوم إذا طعنتم بأهل البيت عليهم السلام، وعلي رأسهم بطل الإنسانية الخالد علي بن أبي طالب، حيث أطار سيفه ذو الفقار برؤوس أسيادكم وحاخاماتكم في بدر وحنين، وخيبر والخندق...

مساكين!

وكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:

لقد شهد إمامك ابن تيمية بأن كل ما في التوراة من تجسيم فهو مطابق لما في (السنة)!!

وهذا يعني أن كل ما يعارضه يجب رده، وهذا هو مسلككم عملياً.

فأنتم تردُّون كل الأحاديث التي تنفي الرؤية بالعين، وتنفي تجسيم الله تعالي والشبيه له!! وتأخذون بما!! ثبت ذلك ولو كان ضعيفاً.

كحديث لقيط العقيلي في العماء.

وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد، الأجعد الشعر، المدلل، اللابس نعلين من ذهب!

وحديث الأوعال والأسد والثور التي تحمل عرشه، كما في التوراة، وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد!

ص: 33

وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع، حتي يقعد معبودكم فيها إلي جانبه من يحبه.. إلخ.

فأنتم دائماً ترجحون الأحاديث المطابقة لما في التوراة وتردون غيرها!!!

فالتوراة في عقيدتكم هي الأساس يا مشارك، والسنة يجب أن تخضع لها!! بل إنكم تردُّون آيات القرآن من أجل التوراة!!

وعندما لا تستطيعون تأويلها تستعينون بالطلمنكي وبيزيد بن هارون، كما استعنت أنتَ هنا لتفسير " تكالبت حججك " براشد الهندي، المسمي الإماراتي!!

فحدثني بصراحة يا مشارك، عن نصوص التوراة التي أخذتم منها عقيدتكم ودع عنك القرآن والسنة لأهلهما!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11- 7-1999:

كثير مما تتلبس به ليس مما نعتقد به ولم يثبت، ولكن أسلوبك قد تم فضحه سابقاً، يا عاملي.

وكتب (محب أهل البيت) بتاريخ 11- 7-1999:

أولاً: أول مرة أسمع بكتاب كهذا: العقل في فهم القرآن! الأخ مشارك هل سمعت به من قبل؟ هل ثبت أن لابن تيمية كتاب (كذا) كهذا، حتي ندخل في النقاش أصلاً؟

وكتب (الغالب) بتاريخ 12-7-1999:

ليس لإبن تيمية (رضی الله عنه) كتاب بهذا الاسم يا عاملي.. مَن مِن الناس لا يعرف كتب شيخ الإسلام الذي هدم دين اليهود كما هدم دين إخوانهم. يبدو أن الكتاب من تأليف: جورج عبد السميع لنكون الطرسوسي ابن إليزبث الثالثة!!

ص: 34

فكتب العاملي بتاريخ 12- 7-1999:

الحمد لله أن كتاب إمامكم صار برأيكم مثل مؤلفات جورج، وإيتان، ونتنياهو، لأنه مفرط في أفكاره اليهودية!!

إسألوا أهل الخبرة بكتب إمامكم، وتأكدوا من كتبه قبل أن تنفضحوا!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 13-7-1999:

السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته. أحسنت أيها العاملي، وجزاك الله خير الجزاء، وسدد الله رميتك، وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

جائزة! لمن يعرف أي كتاب من كتب ابن تيمية جاء فيه هذا الإعتراف القنبلة!! ومن حقَّقه من الوهابيين، وأين طبع؟!!

وإذا عرفه مشارك المتخصص في كتب إمامه.. فجائزته أكبر!

واسم الكتاب: دَرْءُ التعارض بين العقل والقرآن، وقد طبعوه في السعودية طبعة محققة باسم: العقل في فهم القرآن، وهو موجود في برنامج مجموعة كتب ابن تيمية!

فكتب (مشارك) بتاريخ 13- 7-1999:

يبدو أنك تجحد ردود شيخ الإسلام ابن تيمية علي المجسمين الأول من أجدادك الروافض كهشام بن عبد الحكم وغيرهم، فلا تفضح نفسك أكثر من هذا كما فضحناك سابقاً في موضوع القفاري.

ص: 35

الثابت من كتب ابن تيمية جميعها أنه ينكر التجسيم يا عاملي، وأما دعواك وافتراءك أن ابن تيمية يثبت صحة ما في التوراة المحرفة إلا قصة عزير، فأنا مستعد أن أدعو علي نفسي أن كلامك كذب. فهل تستطيع أن تفعل نفس الشئ؟

وأما هذه الروايات فأنت قبل غيرك تعرف أنها ضعيفة عندنا: " وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد الأجعد الشعر المدلل اللابس نعلين من ذهب! وحديث تحمل عرشه الأوعال والأسد والثور الذي هو في التوراة! وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد! وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع حتي يقعد معبودكم فيها إلي جانبه من يحبه.! إلخ ".

ولكن متي كان صاحب الهوي، منصفاً؟

فكتب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

لقد نقلت لك من كتب ابن تيمية نصوصاً فيها الكفاية لكل منصف!! وأعيد لك هنا بعضها، وحكم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!

ابن تيمية يصرح بأن الله تعالي جسم موجود في مكان وله أعضاء وله شبيه

قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 624-626:

" قلت: أبو عبد الله الرازي: من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها

ص: 36

مجسماً بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإنبسي الجسم في اللغة هو البدن... ".

و معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

قال في كتيب الإستقامة ص 126:

" فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً!!!

لثبوت النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً، فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء. وكذلك قال ذلك لغيرها.

وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء، ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل...!! ونقول قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان فلا يصح نفيه مطلقاً، وزعم ابن تيمية أن النبي (صلی الله علیه و آله) أقر عقيدة اليهود بالله تعالي وأخذ منهم!! ".

وقال ص 128:

" وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً، يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك ولا قالوا أنتم مجسمون!!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً

ص: 37

من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك، وذكر ما يصدقه كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض، المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره.. الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وغيرهما ".

و زعم ابن تيمية أن السلف كلهم مجسمة، مثله

قال في منهاج السنة 2/563:

" فهذا المصنف الإمامي - يقصد العلامة الحلي في كتابه منهاج الكرامة، الذي ألف ابن تيمية منهاج السنة رداًّ عليه - اعتمد علي طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الإعتماد في تنزيه الرب عن النقائص علي نفي كونه جسماً، ومعلوم أن هذه الطريقة لم (يرد) بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع...!! ".

معبود ابن تيمية ليس جسدا، ولكنه جسم

قال في (تلبيس الجهمية) ص 619:

" قال بعضهم: قد قال الله تعالي: واتخذ قوم موسي من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً. فقد ذم الله من اتخذ إلهاً جسداً والجسد هو الجسم فيكون الله قد ذم من اتخذ إلهاً هو جسم، فيقال له هذا باطل من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يدل علي نفي أن يكون جسداً لا علي نفي أن يكون جسماً، والجسم في اصطلاح نفاة الصفات أعم من الجسد... ".

ص: 38

معبود ابن تيمية ليس له كفء و مثيل.. ولكن له شبيه

وقال في ص 543 منه:

" وأما التمثيل فقد نطق القرآن بنفيه عن الله في مواضع كقوله: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله: فاعبدوه واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً، أي: نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال مسامياً يساميه! " انتهي!

فهل يكفيك هذا يا مشارك؟ أم تريد أضعافه؟!!!

أما الأحاديث الضعيفة وغير المعقولة التي أقام عليها ابن تيمية عقيدته، فهي كثيرة، وكلها صحَّحها.

ومنها: حديث العماء.

ومنها: خلق الله آدم علي صورته.

ومنها: أحاديث العرش التي تشبه نصوص التوراة.. إلخ.

فماذا تريد منها، حتي أخبرك في أي كتابٍ اعتمد عليه ابن تيمية؟!!!

أعود فأقول: حكّم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14-7-1999:

أغلب ما ذكرته هنا يا عاملي هو من عقيدتنا الصحيحة التي نثبتها، ولنبدأ بالنقل الأول الذي نقلته: " قال في كتاب تلبيس الجهمية: 624 - 626: قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسماً

ص: 39

بطريق اللزوم إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن ". فما المشكلة في هذا النقل عندك؟

ابن تيمية يذكر هنا رأي الرازي ورأي نفاة الصفات، وأنت علي مذهب شيخك الحافظ المحدث السقاف تنسب هذا الكلام لابن تيمية لأنه نقله عنهم! أهذا منطق يا عاملي؟ إذا استخدمنا هذا المنطق فنقول إنك أيضاً تقول بهذا الكلام لأنك نقلت الكلام! هل توافقني في ضعف استدلالك بهذا الكلام ضد ابن تيمية؟

فأجاب العاملي بتاريخ 14-7-1999:

الحمد لله الذي كشف لي أنك لا تقوي لك!!

وأنك اتهمت الشيعة بما تتصف أنت به!

لقد حاولت الهروب من الإعتراف بالحق باستعمال التدليس!

فكان هروبك غالياً عليك!!

فقد نسبت الكلام في إثبات الجسمية إلي الرازي، وجعلت ابن تيمية ناقلاً له فقط!! مع أنك، وكل من راجع الكتاب يعرف أن الرازي أورد وجوهاً عديدة في نفي الجسمية والصفات المادية لله تعالي..

وأن إمامك ابن تيمية حاول إبطالها وإثبات أنه جسم!!

وقد ذكر إمامك في أول كتابه فقرات من إهداء الرازي كتابه أساس التقديس إلي صلاح الدين الأيوبي، ومما جاء فيه:

" فأتحفته بهذا الكتاب الذي سميته بأساس التقديس، علي بعد الدار وتباين الأقطار، وسألت الله الكريم أن ينفعه به في الدارين بفضله وكرمه ورتبته علي

ص: 40

أربعة أقسام: القسم الأول: في الدلائل علي أنه تعالي منزه عن الجسمية والحيز، وفيه فصول الفصل... " انتهي.

أما كلام ابن تيمية الذي أردت تلبيسه علينا فهو في صفحة 625 من الكتاب المذكور، وهذا نصه:

" قال الشيخ رحمه الله - يعني ابن تيمية - قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك، وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال: ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم، لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسماً بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن، وهم يسمون كل ما يشار إليه جسماً، فيلزم علي قولهم أن كل ما جاء به الكتاب والسنة وما فطر الله عليه عباده وما قاله سلف الأمة وأئمتها تجسيماً، وهذا لا يختص بطائفة لا الحنابلة ولا غيرهم، بل يطلقون لفظ المجسمة والمشبهة علي أتباع السلف كلهم. " انتهي.

فاسمح لي أن أقول: إنك أردت أن تموِّه علينا.. بدون خجل..

وتريد أن تنسب عبارة ابن تيمية التي فيها إثبات أنه جسمٌ إلي الرازي؟!!!

والعجيب.. أنك ما زلتَ تتهم الشيعة.. بما هو فيك!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14-7-1999:

صدقني كل يوم أزداد بأنكم لا عقل ولا نقل، وإنما عقنقل.

ذكر ابن تيمية: أن الرازي ونفاة الصفات يقولون: إن من أثبت الصفات فهو من المجسمة، ويرد ابن تيمية أن من أثبت الصفات ليس من المجسمة. فالرازي

ص: 41

يقول: [أن من أثبت الصفات مجسم، ومن لا يثبت الصفات فهو ليس مجسم (كذا)]. وابن تيمية يقول: أن من أثبت الصفات ليس مجسماً. فهو يثبت الصفات ولا يقول عمن أثبت الصفات أنه مجسم.

فكتب العاملي بتاريخ 14- 7-1999:

أسألك: هل الكلام الذي جعلته بين قوسين ونسبته إلي الفخر الرازي هو كلامه، وقد نقله ابن تيمية، أم هو كلام ابن تيمية نفسه؟!!!

أما الفخر الرازي فهو مثبت للصفات، لكنه ينفي تجسيم إمامك، وهو كبقية المسلمين يقول إن إثبات الصفات لله تعالي لا يستوجب إثبات الجسمية له!! فلماذا جعلت الرازي معطِّلاً كالجهمية؟!!

وكتب (الشمري) بتاريخ 14- 7-1999:

رحم الله والديك يا عاملي، لقد بينته علي حقيقته التي ينكرها!

وكتب (الاماراتي راشد) بتاريخ 15-7-1999:

أتحداك يا عاملي يا من تتهرب كثيراً وكثيراً، أن تثبت أن ابن تيمية أو أحداً من السلف يقول لفظة جسم، لله تعالي مع ذكر المصدر بالضبط لكتبه أو لمصدر من الصحاح عندنا.. ثم يجب أن تعلم أن كثرة الكلام ينسي بعضهم بعضها (كذا)، فالرجاء أن تبدأ بالموضوع نقطة نقطة، ولا تتفرع كثيراً، إن أردت جواباً كاملاً.

فكتب العاملي بتاريخ 15- 7-1999:

اقرأ ما نقلتُه من كلام ابن تيمية من كتبه في موضوع خاص، في هذا الموقع.. ففيه تصريح بذلك في أكثر من مكان.

ص: 42

وانظر بشكل خاص كتابه تلبيس الجهمية والعقيدة الحموية، وكتابه درء التناقض..

فهي والحمد لله غنية بتجسيمه، ومحاولتِه رد أدلة الرازي والحلي وغيرهما علي نفي الجسمية والأين والمكان والجهة والأعضاء، عن الله تعالي!!!

فكتب (الشمري) بتاريخ 15- 7-1999:

أحسنت يا عاملي.

انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب مشارك.

ص: 43

ابن تيمية و أتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية

يزعم أتباع ابن تيمية أن الله تعالي جسم وله أعضاء وجوارح حقيقية!

ويفسرون آيات وأحاديث صفاته عزَّوجل بظاهر اللفظ الحرفي الحسي، فيقولون إن لله تعالي يداً، بل أيدي، وأعين، وأرجل!!

لأنه تعالي قال: يد الله فوق أيديهم. وقال لموسي: فإنك بأعيننا!!

إلي آخره..

ولا يقبلون تفسير عامة المسلمين لليد بالقدرة والقوة والنعمة، لأن القرآن نزل بلغة العرب، واستعمل التعبيرات المجازية المتعارفة في لغتهم، بل في لغات العالم!! وقد جري حوارات متعددة مع علمائهم في هذا الموضوع..

وهذه نماذج منها:

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-6-1999، موضوعاً بعنوان (الحقيقة والمجاز في اللغة العربية)، جاء فيه:

من الواضح أن الأساس التنظيري الذي قام عليه مذهب المجسمة القدماء والجدد، هو مقولة: ضرورة حمل الألفاظ علي ظاهرها، فهذه هي كل الأساس التنظيري لمذهبهم، وقد أخذوا هذا التنظير في فترةٍ متأخرة من المذهب الظاهري الذي أسسه داود الأصفهاني، وروَّج له في المغرب وبقيت آثاره في مؤلفات ابن حزم الظاهري.

وبما أن وجود التجسيم كأفكار ومذهب كان قبل المذهب الظاهري، فيكون الأساس العلمي الذي تبنوه لمذهبهم مولوداً بعد المذهبب! وبالتعبير العلمي (أساساً إلتقاطياً) شبيهاً بالمذهب الشيوعي الذي وُلِد أولاً وتعصب له أتباعه،

ص: 44

وبعد مدة تبنُّوا التنظير له بالمادية التاريخية (الديلكتيك) فالتقطوها وجعلوها (أساساً علمياً) للشيوعية...

فقد أفرط ابن تيمية في تشبيه الله تعالي بخلقه فقال: هب أن هذا المعني قد يسمي في اصطلاح بعض الناس تشبيهاً، فهذا المعني لا ينفيه عقل ولا سمع، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية!

وهكذا يقرر ابن تيميه أن تشبيه الله تعالي بخلقه لامانع منه!

والتفسير بالتجسيم يجب أن يكتم!!

وأن معبوده موجود في منطقة فوق السماء التي نراها، وأنه وجودٌ ماديٌّ جالس علي العرش، وأنه متناهٍ من جهة تحت، أما من جهة فوق فليس فوقه شئ إلا الهواء! وأنه يتحرك وينزل بذاته إلي الأرض! ولا يقول إنه يصعد كما قال أستاذه ابن خزيمة.. إلي آخر مقولاته الغريبة!

تعالي الله وتقدس عنها!!

قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/382:

" الصحيح الذي عليه المحققون (أي محققين ياشيخ؟!) أنه ليس في القرآن مجاز علي الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله. " انتهي.

وما أدري كيف يجرؤ عالم علي إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلي المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم!

ص: 45

بل كيف يستطيع أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله علي الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرَّت عينُك؟ فهل يفتي بجلده لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!!.... الي آخر ماجاء في مقاله.

وكتب (القطيفي) بتاريخ 11-6-1999:

أخي العاملي: شيعة أبي ذر، أحفاد الشهيدين الأول والثاني، أحفاد شرف الدين والصدر، السلام عليكم جميعاً.

ذكرتَ: " هل يقولون كما قال أكثر المسلمين: إن كلمة وَجْهُهُ هنا مجازية، بمعني ذاته، أو بمعني رسله وأوصيائهم؟ أم يصرون علي أن معني الوجه هو الوجه الحقيقي المادي، ويلتزمون بأن كل الله تعالي يفني ويهلك إلا وجهه؟! سبحانه وتعالي عما يصفون هنا تقف سفينة الوهابيين وكل المجسمين، وتتعطل محركاتها بالكامل، وتعصف بهم العواصف، ويغرقون إلي الأذقان، ولكنهم مع ذلك يصرون علي منطقهم مهما كانت النتيجة "!

حصلت لي قصة وتحاورت مع أحد خريجي جامعة الامام محمد بن سعود، وهو حاصل علي درجة الدكتوراه في مسألة الصفات، وتمسك الرجل بحرفية القرآن والتجسيم، فألقيتُ عليه الآية المباركة: كل شئ هالك إلا وجهه. فكأنه لم يسمعها من قبل!! سكت الرجل ولم يتكلم!! قلت له: تصبح علي خير، يا أخي، وغادرت المكان.

قال العاملي: وغاب أتباع ابن تيمية.. ولم يجب منهم أحد!

ص: 46

صفات معبود الوهابيين و إمامِهم

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 6-7-1999، عدة موضوعات تحت عنوان (معبود الوهابيين)، وهذه بعض ما جاء فيها:

قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/131:

" التأويل في الصفات منكر ولا يجوز، بل يجب إقرار الصفات كما جاء ت علي ظاهرها اللائق بالله جل وعلا، بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وعلي هذا سائر أهل العلم من أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله) ومن بعدهم أئمة المسلمين كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. انتهي.

وليت الشيخ ابن باز سمي لنا واحداً من الصحابة أجري الصفات علي ظاهرها الحسي، وليته ذكر نصاً عن واحداً للتابعين أو تابعي التابعين الذين سماهم، فقد تتبعنا أقوالهم في الصفات فلم نجد فيها مسألة الحمل علي الظاهر الحسي! إلا عند قدماء المجسمة من اليهود، مثل كعب الأحبار ووهب ومقاتل، ومن قلدهم "!

وقد سأل أحد المسلمين مرجعهم في الحديث الشيخ ناصر الدين الألباني، السؤال التالي كما ورد في فتاوي الألباني ص 509:

" سؤال: هل العقيدة التي يحملها السلفيون هي عقيدة الصحابة؟ وإن هناك من الناس من يزعم إنها كانت عقيدة الصحابة، فأتونا ولو بصحابي واحد يقول في الصفات نؤمن بالمعني ونفوض الكيف.

جواب: هل هناك صحابي تأول تأويل الخلف، نريد مثالاً أو مثالين؟!

ص: 47

وقاليس البغوي في تفسير قوله: ثم استوي علي العرش، قال الكلبي ومقاتل: استقر، وقال أبو عبيدة: صعد، وأوّلت المعتزلة الإستواء بالإستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الإستواء علي العرش صفة الله بلا كيف، يجب علي الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلي الله. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: الرحمن علي العرش استوي، كيف استوي؟ فأطرق مالك رأسه ملياً وعلاه الرحضاء ثم قال: الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالاً، ثم أمر به فأخرج ". انتهي.

فانظر إلي جواب هذا العالم الوهابي لهذا السائل العادي، فهو يناقش سائله بأنك إن قلت لا يوجد صحابي حمل الصفات علي الظاهر الحسي كالوهابيين، فإنه لا يوجد صحابي وافق مذهب المتأولين!

وللسائل أن يجيبه: ما دام الصحابة لم يوافقوا الوهابيين ولا المتأولين، فالصحيح إذن هو مذهب التفويض؟!

ثم كيف ينكر الألباني تأويل الصحابة كعائشة وابن عباس وابن مسعود، فضلاً عن أهل البيت عليهم السلام، وتأويل التابعين، ومنه تأويل أبي سعيد لنزول الله تعالي بنزول رحمته كما تقدم، وتأويل مالك لذلك بنزول أمره، كما سيأتي.

وأخيراً، لم يجد الألباني مؤيداً لمذهبه الوهابي إلا مقاتلاً الفارسي المجوسي تلميذ اليهود المجسمين، وابن الكلبي المشهود عليه من الجميع بعدم الوثاقة!

فانظر إلي بؤس هذا المذهب الذي يدعي أنه وارث السلفية وحامل رايتها والضارب وجوه المسلمين بسيفها، كيف فتش مرجعه في الحديث وبحث في المصادر وطرق أبواب السلف من الصحابة والتابعين، فلم يجد أحداً منهم يؤيد

ص: 48

رأيه إلا أمثال هذه النظائر.. مقاتل وابن الكلبي، هذان كل السلف الذي هم ورثته!!!

وقال الألباني في فتاويه ص 516:

" سؤال: هل أن مذهب السلف هو التفويض في الصفات؟

جواب: قال ابن حجر العسقلاني وهو أشعري: إن عقيدة السلف فَهْم الآيات علي ظاهرها دون تأويل ودون تشويش، إذا آمنا برب موجود لكن لا نعرف له صفة من الصفات... وحينئذٍ كفرنا برب العباد حينما أنكرنا الصفات بزعم التفويض ". انتهي.

ويلاحظ أن سؤال السائل عن تفويض السلف، وينبغي أن يكون الجواب بذكر رأي أحد من السلف يفسر بالصفات بالظاهر ولا يفوضها، ولو كان شخصاً واحداً، ولكن الألباني لم يأت له بمثال من السلف، لأنه لا يوجد كما رأيت في نصوصهم!

وجاء بدل ذلك بشهادة ادعاها لأحد علماء خلف خلف الخلف، لأن ابن حجر متوفي سنة 582 ه- يعني في أواخر القرن السادس!

ثم من حقنا أن نطالب الألباني بنص شهادة ابن حجر ومصدرها؟؟!

فقد ذكرها بلا مصدر وخلطها بكلامه!

أما ابن حجر فرأيه مخالف لما ذكره عنه الألباني، ومعروف عنه حملته الشديدة علي أجداد الألباني من الحنابلة المجسمين.

هذا عن أكبر عالمين عند الوهابيين في عصرنا!!

أما إمام الوهابيين محمد بن عبد الوهاب، فلم أطلع له علي بحث معمق في التوحيد أو الصفات، وكتابه المسمي التوحيد يبدو أنه ألفه علي عَجَل، حيث

ص: 49

سرد فيه أحاديث في موضوعات متعددة تتعلق بموضوعات متنوعة من التوحيد، ووضع بعد كل حديث أو أكثر فهرساً مختصراً لما استفاده من أفكار، وسمي ذلك (مسائل)!

ولم أجد فيه حول الصفات إلا موردين فقط، ولكنهما كافيان لإثبات أنه يعتقد مادية معبوده، أعاذنا الله!

المورد الأول:

في ص 130، ونذكر نصه كاملاً لاختصاره، قال:

" باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات وقول الله تعالي: وهم يكفرون بالرحمن.. الآية. قال البخاري في صحيحةِ عليٍّ: حدِّثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله. وروي عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه رأي رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال: ما فرّق هؤلاء، يجدون رقةً عند محكمه ويهلكون عند متشابهه. انتهي.

ولما سمعت قريش رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: وهم يكفرون بالرحمن، فيه مسائل:

الأولي: عدم الإيمان بجحد شئ من الأسماء والصفات.

الثانية: تفسير آية الرعد.

الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع.

الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلي تكذيب الله ورسوله ولو لم يتعمد المنكر.

الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئاً من ذلك وأنه أهلكه " انتهي.

ص: 50

ويبدو بالنظرة الأولي أن استشهاده بحديث علي عليه السلام، وحديث ابن عباس أمر عاديّ.

ولكن المطَّلع علي عقائد المجسمين واستدلالهم يطمئن بأنه يقصد التجسيم المحض الوارد في خبر أم الطفيل، الذي حكم بكذبه عدد من علماء الجرح والتعديل من إخواننا السنة، وبعضهم صححه فتأوّله أو فوّضه، ولكن المجسمة صححوه واعتبروه من العلم الذي يكتم عن العامة، ويبقي محصوراً بين خاصة الخاصة!!

قال الذهبي في سيره 10/602:

" فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره: حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أن مروان بن عثمان حدثه، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر أنه رأي ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جداً، أحسن النسائي حيث يقول: وَمَنْ مروان بن عثمان حتي يُصَدَّقَ علي الله! وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسي التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.

قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال، وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلي الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري، ولئن جوزنا أن النبي صلي الله عليه وسلم قاله، فهو أدري بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره صلي الله عليه وسلم، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله علي

ص: 51

ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأي رِئِيَّة بياء مشددة، وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون. وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثاً كثيراً مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شئ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب علي الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء " انتهي.

وما قاله الذهبي هو الذي يقصده إمام الوهابيين.

فقد عقد الباب تحت عنوان: باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات. ليقول: إن الإيمان بكل صفات الله تعالي واجب وإنكار شئ منها كفر.

وبما أن عدداً من صفات الله تعالي علي مذهبه يلزم منها التجسيم، لذا تحدث عن وجوب كتمان ذلك إلا عن أهله، واستشهد بروايتين عن علي عليه السلام وابن عباس تجوِّزان كتمان هذا العلم!!

وهو أيضاً نفس ما قاله الذهبي عن " العلم المباح " أي المحظور، من تسمية الشئ بضده.. ثم أفتي الذهبي بوجوب حصره بأهله وهم خواص العلماء بزعمه فقال: " والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء "!

وذلك شبيه بالعلم الذي يحصره اليهود والنصاري برؤساء الاكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات!!

ص: 52

والنتيجة التي يهدفون إليها من توظيف هذه الأحاديث أن النبي صلي الله عليه وآله وعلياً عليه السلام، وابن عباس، وأبا هريرة، كلهم مجسمون كالوهابيين وأنهم كانوا يكتمون صفات الله تعالي ويأمرون بكتمانها!!

ومن الواضح لمن له إطلاع علي الحديث والتاريخ أن الأحاديث الثلاثة التي استشهد بها إمام الوهابيين والذهبي لا يصلح شئ منها شاهداً.

أما حديث أبي هريرة:

فقال عنه الناشر في هامش سير أعلام النبلاء في نفس الموضع: " أخرجه البخاري 1/191 - 192، وفي طبعتنا 1/8: في العلم: باب: حفظ العلم:

من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. قال الحافظ: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه علي الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفاً علي نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلي خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين للهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة ". انتهي.

فقصد أبي هريرة بشهادة ابن حجر وشهادة النصوص الأخري المشابهة والقرائن، أنه كان يكتم ما قاله النبي صلي الله عليه وآله في انحراف الأمة من بعده، وسبب كتمانه خوفه من السلطة! وأين هذا من كتمان صفات الله الحسية إلا عن خواص العلماء كما زعموا؟!!

وأما حديث علي عليه السلام:

ص: 53

فقد علق عليه في هامش سير النبلاء أيضاً بقوله: " أخرجه عنه البخاري في صحيحه 1/199، وفي طبعتنا 1/41: في العلم. باب: حفظ العلم: باب: من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا. من طريق عبيد الله بن موسي، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن علي ". انتهي. ورواه أيضاً في كنز العمال 10/ 247 و 301 و 304.

وهو يقرر قاعدة عامة هي أن التعليم والمخاطبة ينبغي أن يكونا متناسبين مع مستوي المخاطبين، ولا دلالة فيه ولا إشارة علي ارتباطه بصفات الله تعالي أو بغيرها من المواضيع، وإن كنت أرجِّح أيضاً أن معناه قريب من معني الحديث المتقدم.. فمن أين حكموا أن علياً عليه السلام يقصد كتمان الصفات، وأنه كان وهابياً مجسماً يكتم لوازم مذهبه عن المسلمين كما يفعلون!!

وأما حديث ابن عباس:

فقد تفرَّد به عبد الرزاق في مصنفه 11/422 ولم أجده في أي مصدر غيره علي كثرة ما راجعت، ورواه بعد حديث أبي هريرة في قصة المناظرة المزعومة بين الجنة والنار، قال:

" عن معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين. وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعرّتهم؟ فقال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد، فلا تمتلئ حتي يضع رجله، أو قال قدمه فيها، فتقول: قط، قط، قط، فهنالك تملأ وتنزوي

ص: 54

بعضها إلي بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها ما شاء.

أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا، فقام رجل فانتقض، فقال ابن عباس: ما فرّق من هؤلاء يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه ". انتهي ما في مصنف عبد الرزاق بلفظه.

ولكن عبارة إمام الوهابية هي: [عن ابن عباس أنه رأي رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال..]

وقصده بالصفات أن الرجل المستمع لم يؤمن بأن الله تعالي له رجل ويضعها في النار، واستنكر ذلك فوبخه ابن عباس!

فمن أين له العلم بذلك، فقد يكون الرجل صحابياً جليلاً استنكر علي راوي الحديث هذا التجسيم، وقام من المجلس اعتراضاً.

ثم إن قول ابن عباس مُجْمَل لا يدل علي أنه قصد بالهلاك ذلك الرجل الذي انتفض أو تأفف ونكت ثيابه، تبرئاً! فقد يكون قصد بعض رواة الحديث.

وهل يستحق صحابي أو تابعي الحكم بالهلاك والكفر لأنه نهض ونكت ثيابه حتي لا يتحمل مسئولية حديث يراه كاذباً أو يشك فيه؟!

ثم إن عبارة ابن عباس التي في مصنف عبد الرزاق فيها كلمة (من) وليس فيها كلمة (رقة) التي نقلها إمام الوهابيين.

ولو قلنا إن أصلها: يجدون رقة لم يستقم المعني أيضاً، لأن مقتضي مقابلتها بقوله: ويهلكون عند متشابهه أن يقول: يرقون عند محكمه.

لا أن يقول: يجدون رقة عند محكمه.

ص: 55

كما أنه لا معني مفهوماً لقوله: ما فرق من هؤلاء.. إلخ.

فإن في كلام ابن عباس تصحيفاً وإبهاماً.

ولكن مع ذلك ينبغي أن نشهد لإمام الوهابيين بأنه في هذا الموضوع أذكي من الذهبي، لأن حديث ابن عباس الذي استشهد به أكثر قرباً من هدفه، وإن كان لا دلالة فيه عليه!

المورد الثاني:

تبني إمام الوهابيين عدداً من أحاديث التجسيم خاصة حديث الحاخام، الذي ادعت بعض مصادر إخواننا أن النبي صلي الله عليه وآله صَدَّقَهُ، وقد أوردها ابن عبد الوهاب في آخر كتابه التوحيد وعقد لها باباً خاصاً، فقال:

" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات علي إصبع، والشجر علي إصبع، والماء علي إصبع، والثري علي إصبع وسائر الخلق علي إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتي بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة. الآية. وفي رواية لمسلم والجبال والشجر علي إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الله. وفي رواية للبخاري: يجعل السموات علي إصبع والماء والثري علي إصبع وسائر الخلق علي إصبع...

إلي آخره " انتهي.

وراجع إن شئت في المجلد الثاني من العقائد الإسلامية روايات هذه القصة المزعومة التي تدعي أن أحد حاخامات اليهود علَّم نبينا صلي الله عليه وآله التجسيم!!

ص: 56

تبني إمام الوهابية هذه الأحاديث وتعمَّق في الغوص علي معانيها، واستخراج لآليها، فاستنبط منها تسعَ عشرةَ مسألةً عقائديةً، قدمها إلي المسلمين ليوحدوا الله تعالي علي أساسها فقال:

" فيه مسائل:

الأولي: تفسير قوله: والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة.

الثانية: أن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه لم ينكروها ولم يتأولوها.

الثالثة: أن الحبر لما ذكر ذلك للنبي (صلی الله علیه و آله) صدقه، ونزل القرآن بتقرير ذلك!

الرابعة: وقوع الضحك الكثير من رسول الله (صلی الله علیه و آله) عنده، لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم.

الخامسة: التصريح بذكر اليدين، وأن السموات في اليد اليمني والأرضين في الأخري.

السادسة: التصريح بتسميتها الشمال.

السابعة: ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك.

الثامنة: قوله: كخردلة في كف أحدهم.

التاسعة: عظمة الكرسي بنسبته إلي السماوات.

العاشرة: عظمة العرش بنسبته إلي الكرسي.

الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.

الثانية عشرة: كم بين كل سماء إلي سماء.

الثالثة عشرة: كم بين السماء السابعة والكرسي.

ص: 57

الرابعة عشرة: كم بين الكرسي والماء.

الخامسة عشرة: أن العرش فوق الماء.

السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.

السابعة عشرة: كم بين السماء والأرض.

الثامنة عشرة: كثف كل سماء خمسمائة سنة.

التاسعة عشرة: أن البحر الذي فوق السموات، بين أسفله وأعلاه مسيرة خمسمائة سنة " انتهي!

وهكذا أصدر إمام الوهابية حكمه بأن علوم اليهود هذه عن تجسيم الله تعالي بقيت سليمة لم تنلها يد التحريف.

وأن النبي صلي الله عليه وآله ضحك كثيراً لهذا العلم العظيم.

وأن الله تعالي أنزل بتصديقه قرآناً، وقد يكون الله تعالي ضحك أيضاً مثل رسوله تصديقاً للحبر اليهودي، وارث هذا العلم المخزون العظيم ومبلغه إلي خاتم النبيين!!

والنتيجة عنده:

أن الله تعالي له يدان وأصابع بالمعني المادي الحسي.

وأن النبي صلي الله عليه وآله أقرَّ هذا المعني المادي ليديْ الله تعالي وأصابعه ولم يتأوله.

وأن الله تعالي موجود في منطقة فوق العالم علي عرشه.

وأن المسافة بيننا وبين (ذات الله) محددة بكذا سنة من السير، مشياً علي الأقدام!! بل يمكن لنا بناء علي رأي إمام الوهابية أن نحسب المسافة إلي عرش الله تعالي ومكان وجود ذاته والعياذ بالله، بالكيلومتر ونرسل إليها سفينة فضائية!! ونترك الفتوي في ذلك الي محدث العصر الشيخ ناصر الألباني!!!

ص: 58

ومن الطريف أن هذا الحديث الذي أقام عليه ابن عبد الوهاب توحيده، قد تضمنت رواياته أن عرش الله تعالي تحمله أوعال!

وهو نسخة عما وصف اليهود به ربهم في التوراة المحرفة!

من هذين النصين لإمامهم ابن عبد الوهاب والنصوص الكثيرة لأتباعه، يطمئن الباحث بأن مذهبهم في التوحيد هو نفس مذهب مجسمة اليهود، ثم مجسمة الحنابلة وابن تيمية والذهبي، فهم:

أولاً: يرفضون التأويل لأنه لا مجاز بزعمهم في القرآن والسنة، فكل الألفاظ يجب أن تحمل علي معناها اللغوي المادي ولا يجوز أن تحمل علي معانٍ مجازية، أو تؤول أو تشوش علي حد تعبيرهم! فعندما يقول القرآن أو الحديث: يد الله وعين الله ووجه الله. فمعناه عندهم: أن الله تعالي له يدٌ وعينٌ ووجهٌ حقيقةً لا مجازاً! وعندما يقول: كل شئ هالكٌ إلا وجهه. فمعناه عندهم: أن الله يفني ويبقي وجهه فقط، كما سيأتي!!

? قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/382: " الصحيح الذي عليه المحققون (؟) أنه ليس في القرآن مجاز علي الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله " انتهي.

وما أدري كيف يجرؤ عالم علي إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلي المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم!

بل كيف يستطيع إنسان أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله علي الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرَّت عينك؟

فهل يسبُّه لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!

ص: 59

وغاية ما وصلتْ إليه أساليبهم الجدلية في الإستدلال علي نفي المجاز في القرآن ماتقدم من كلام ابن تيمية، ومفاده: أن ظاهر الآية إن كان غير مرادٍ فهو باطل، ولا يجوز أن نقول إن ظاهر القرآن باطل، فلا بد أن يكون مراداً!! ولكنها مغالطة مكعبة، في معني الظاهر، ومعني البطلان، ومعني الوجود في القرآن! ذلك لأنا بقولنا ظاهر الآية غير مراد نكون نفينا هذا المعني عن القرآن فكيف يكون موجوداً فيه؟! ولأن الباطل هو تصورنا الخاطئ لمعني الآية وليس شيئاً موجوداً في القرآن. ولأن الظاهر المنفي بقرينة لفظية أو عقلية لا يبقي ظاهراً، بل يصير خيالاً، بل إن الظاهر الحقيقي للكلام هو المعني المتبادر المستقر، أما الظاهر بنظرة أولي الذي يزول بالقرينة، فهو كالفجر الكاذب الذي ما يلبث أن يزول ويعم الظلام ثم يظهر الفجر الصادق. فالقرينة اللفظية أو العقلية ذات دور مصيري في تعيين ما هو الظاهر المستقر. وهذه النقطة مهمة في معرفة الخلل عندهم في فهم الظاهر والحمل علي الظاهر. ولكن المسكونين بالظاهر الحسي والفهم المادي يستعملون لإثبات مزاعمهم الجدل المكعب، بل قد يستعملون المسدس!

ثانياً: أنهم يحرِّمون السكوت عن تفسير هذه الصفات وتفويض أمرها إلي الله تعالي، لأن ذلك يؤدي بزعمهم إلي التعطيل والإلحاد.

وقد تقدم قول ابن تيمية: فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!

وهذا معناه أنهم يحرمون أي تأويل أو تفسير معنوي لآيات الصفات، ويحرمون تفويضها أيضاً ويوجبون عليالمسلمين تفسيرها بالمعني الحسي

ص: 60

المادي! وهذا الإصرار العجيب يفتح علي الوهابيين بابين كبيرين من الإشكالات:

الباب الأول: باب الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم.

فعندما يلتزمون بوجوب التفسير بالظاهر وحرمة التأويل، ويفسرون قوله تعالي: وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة، بأن الله وجود منظور مرئي تنظر إليه العيون وتراه، فمن حقنا أن نسألهم: ماذا تصنعون بمثل قوله تعالي: لا تدركه الأبصار. وقوله تعالي: لن تراني. وقوله تعالي: ليس كمثله شئ؟

ولكنهم يجيبونك بأن المسألة سهلة، لأنا نتحول هنا إلي متأولين ولكن بطرق ملتوية لا يكون فيها ممسك علينا بأنا صرنا متأولة، فنؤول كل ما يخالف مذهبنا بغير ظاهره، ونحرم تفسيره بالظاهر!

فنقول إن الأبصار لا تدركه، يعني لا تحيط به، أو لا تدركه لصغر حجمنا وكبر حجمه، فلا نري إلا جزءاً منه. أو نقول: إن المنفي بقوله تعالي: ليس كمثله شئ، هو المثل وليس الشبيه، ونحن ننفي المثل والند والكفء ولا يجب علينا نفي الشبيه لله تعالي لا بنقل ولا بعقل، علي حد تعبير إمامهم ابن تيمية!

وإذا قلت لهم: إذا فسرتم قوله تعالي: استوي علي العرش، بأن الله تعالي موجودٌ جالسٌ علي العرش، فماذا تصنعون بقوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم؟ فإن هذه الآية تنقض مقولتكم بأنه تعالي موجود في مكان محدد من الكون، وتدل علي أن وجوده من نوع آخر غير نوع الكون!

بل كما قال علي عليه السلام: مع كل شئ لا بملابسة، وغير كل شئ لا بمباينة.

ص: 61

فيقولون لك: المسألة سهلة، نهرب من الإعتراف بالمعية و من تأويلها معاً، ونتهم الذين يحتجون بها بأنهم ينكرون علو الله تعالي علي عرشه ويريدون إثبات سفوله..

وهذا ما فعله مفتيهم الشيخ ابن باز فقال في فتاويه 2/89:

" والذي عليه أهل السنة في ذلك أن الله سبحانه موصوف بالمعية علي الوجه الذي يليق بجلاله، مع إثبات استوائه علي عرشه وعلوه فوق جميع خلقه وتنزيهه عن مخالطته للخلق، ولما كانت الجهمية والمعتزلة يحتجون بآيات المعية علي إنكار العلو ويزعمون أنه سبحانه بكل مكان، أنكر عليهم السلف ذلك وقالوا: إن هذه المعية تقتضي علمه بأحوال عباده وإطلاعه عليهم، مع كونه فوق العرش " انتهي.

وقد تَعَلَّمَ ابن باز من الذهبي وابن تيمية فأوَّل صفة المعية بالعلم، و حمّل مسؤولية تأويلها للسلف حتي لا يسجل أحدٌ عليه أنه صار متأولاً، ثم برَّرَ تأويل السلف بأنهم اضطروا إلي ارتكاب التأويل الحرام، ليردوا علي الذين أنكروا علوّ الله تعالي وأرادوا إثبات سفوله!!

بل لقد توفق المفتي هنا فوجد هندياً وحمَّله مسؤولية تأويل الآية التي تنقض قاعدة تحريم التأويل في مذهبه! وهذا الشخص اسمه: الطلمنكي، فتمسك به ابن يباز واحترمه وأكرمه ولبَّسه تأويل الآية في عنقه.

قال في فتاويه 1/ 148:

"... وإذا تبين هذا فإنه لا يؤخذ من قوله: وهو معكم. وما جاء في معناها في الآيات، أنه مختلط وممتزج بالمخلوقات، لا ظاهر ولا حقيقة، ولا تدل لفظ (مع) علي هذا بوجه من الوجوه، وغاية ما تدل عليه المصاحبة والموافقة،

ص: 62

والمقارنة في أمر من الأمور وهذا الإقتران في كل موضع بحسبه، قال أبو عمر الطلمنكي رحمه الله تعالي: أجمع المسلمون من أهل السنة علي أن معني قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم. ونحو ذلك من القرآن، أنه علمه وأن الله فوق السماوات بذاته مستوٍ علي عرشه كما نطق به كتابه ". انتهي.

وهكذا حلّ ابن باز مشكلة الآية فلم تمس يده التأويل، بل وجد شخصاً يؤول له وارتضي تأويله والحمد لله، وهو الطلمنكي!

ثم أيد فتواه بالإجماع الذي نقله الطلمنكي علي أن جميع المسلمين من أهل السنة يعتقدون بأن الله تعالي وجودٌ محسوسٌ قاعدٌ فوق عرشه! أي كما يقول اليهود بلا أدني فرق!

وإذا تكلم الطلمنكي الذي قدمه الشيخ ابن باز إلي العالم الإسلامي فعلي الجميع أن يقبلوا ويسكتوا ويغمضوا عيونهم عن جميع الآيات والأحاديث، وآراء جميع العلماء وألوف المصادر!!

والباب الثاني: من الإشكالات أكبر وأعظم، وهو باب التجسيم:

فعندما يقولون: إن الله تعالي له يدٌ وعينٌ ووجهٌ، وهو جالسٌ علي عرشه بهذه الصفات المادية، فقد جعلوه جسماً وصاروا عابدين لجسم!

يقولون لك: لا، نحن لسنا مشبِّهة ولا نشبه الله تعالي بخلقه، لأنه من شبهه بخلقه فقد جسمه وقد كفر!

تقول لهم: ما دمتم رفضتم التأويل، والتفويض، والمجاز، وأوجبتم التفسير بظاهر اللغة الحسي، فقد وقعتم في التشبيه والتجسيم، شئتم أم أبيتم!

ص: 63

يقولون: لا، نحن مصرون علي تفسير صفات الله تعالي بالمعني الظاهري الحسي، وفي الوقت نفسه نرفض التجسيم الذي تقولون إنه يلزم من هذا التفسير، لأن الله تعالي ليس كمثله شئ!

تسألهم: بالله عليكم أرشدونا كيف تؤمنون برب جالس علي كرسي وله يدٌ ورجلٌ ووجهٌ وعين، وينزل إلي السماء الدنيا بذاته، ويفرح ويضحك ويغضب، وخلق آدم علي صورته فهو علي صورة آدم... إلي آخر الصفات التي تعدونها، وكل ذلك بالمعني الظاهر الحسي، ثم لا يكون شبيهاً بالموجودات المادية المحسوسة المحدودة بزمان ومكان!!

يقولون لك: الأمر سهل، نضيف إلي كل صفة عبارة: كما يليق بجلاله فنقول: له عينٌ بالمعني المادي الظاهر، ولكن ليست مثل عيون مخلوقاته، بل كما يليق بجلاله! وله يدٌ ورجلٌ ووجهٌ، وكلها بالمعني الظاهر الحسي، ولكن ليست مثل جوارحنا، بل كما يليق بجلاله!

وهكذا يتصورن أن حلّ الإشكالات العلمية والفلسفية يتم بمسحة المسيح بقولهم كما يليق بجلاله، كما حلوا التأويل بالطلمنكي! ولكن أي جلالٍ أبقوا لمعبودهم الذي جعلوا له أعضاء مادية، وجعلوه محدوداً بزمان ومكان وحركة، بل قالوا: إنه يفني إلا وجهه؟! سبحانه وتعالي عما يصفون.

علي هذا الأساس استحق الوهابيون أن يقال عنهم: إن مذهبهم مبني علي أساسٍ هشٍّ ومغالطة.. تسمي في علم المنطق: قبول المقدمات ورفض النتيجة وتسمي في علم الكلام: عدم الإلتزام بلوازم المذهب.

وتسمي في لغة عصرنا: تبني التشبيه والتجسيم الفرار من اسمه.

ص: 64

محاولاتهم إخفاء عقيدتهم في تجسيم معبودهم

اشارة

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (من فعاليات كعب الأحبار وأتباعه لنشر عقيدة التجسيم بين المسلمين)، جاء فيه:

روي ابن خزيمة في كتابه التوحيد ص 225 - 230:

" عن عبد الله بن الحارث قال: اجتمع ابن عباس وكعب، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمداً رأي ربه مرتين، قال: فكبر كعب حتي جاوبته الجبال! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسي صلي الله عليهما وسلم! " انتهي.

ومن الواضح أن تكبير كعب الأحبار: حتي جاوبته الجبال!

يدل علي أن إثبات رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه كان مطلباً مهماً عند كعب، وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد.. فلما وافقه ابن عباس كما تزعم الرواية، صرخ بصوت عالٍ من فرحه، لأن ذلك يوافق مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالي، وجلوسه علي عرشه، ونزوله إلي الأرض، ومصارعته ليعقوب! إلي آخر افتراءات اليهود علي الله تعالي!!

والأحاديث عن ابن عباس في نفي التشبيه والرؤية، ثابتةٌ وكثيرةٌ، فلا بد أن يكون هذا الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه، فقد كان عكرمة معروفاً بالكذب علي ابن عباس في حياته وبعد وفاته، حتي ضربه ابن عباس وأولاده وحبسوه بسبب ذلك في المرحاض، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل.

ص: 65

وكان عكرمة ناصبياً يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب، وغيرهما من اليهود، والنصب والتجسيم توأمان.

ويؤيد ذلك أن السهيلي روي هذا الحديث في الروض الأنف 2/156 عن كعب وليس عن ابن عباس.

وقد اشتغل الوضاعون بوضع أحاديث التجسيم، لأن الدول كانت تشجعها! واعترفت مصادر الجرح والتعديل بوضع عدد كبير منها!

احاديث التجسيم والتشبيه دسها في لحيته مجوس عبادان

قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 3/15:

" حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال: كان حماد بن سلمة لا يعترف بهذه الأحاديث، أي في الصفات، حتي أخرج مرة إلي عبادان فجاء وهو يرويها، فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون: إنها دسّت في لحيته. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه " انتهي.

و أنكر الإمام مالك كل أحاديث التشبيه والتجسيم

قال الذهبي في سيره 8/103:

" أبو أحمد بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر، حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر، قال: قال ابن القاسم: سألت مالكاً عمن حدث بالحديث الذين قالوا: إن الله خلق آدم علي صورته.

ص: 66

والحديث الذي جاء: إن الله يكشف عن ساقه، وأنه يدخل يده في جهنم، حتي يخرج من أراد.. فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً، ونهي أن يحدث بها أحد!

فقيل له: إن ناساً من أهل العلم يتحدثون به. فقال: من هو؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد. قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالماً.

وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتي مات " انتهي.

وهذا النص يدل بوضوح علي أن الحكام الأمويين كانوا يتبنون أحاديث الرؤية والتجسيم، وأن الإمام مالك ذمَّ الراوي بأنه كان عاملاً مطيعاً لهم حتي مات.. فأحاديثه ليست حجة لأنه كان موظفاً ينشر أحاديث الدولة!!

وقد حاول الذهبي تمييع إنكار مالك، فاتهمه بالجهل بالأحاديث! مع أنه أقدم من كل أصحاب الصحاح!

قال الذهبي بعد ما تقدم: " قلت: أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور، كما أن صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك، أعني الحديث الأول والثاني لثبوت سندهما، وأما الحديث الثالث فلا أعرفه "! انتهي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

تريد أن تثبت شيئاً علي كعب من خلال حديث، ثم تقوم بتضعيف الحديث وتبقي الإستدلال علي كعب، فهنيئاً لك عقلك، ولكني سامحتك في الدقيقتين التي استغرقتها في قراءة دررك وافتراءاتك، ولكن لم أجد حكاية أخري من حكايات ألف ليلة وليلة، فلماذا!؟

فأجابه العاملي بتاريخ 11-7-1999:

ص: 67

إنما أوردت حديث كعب، لأنه ثبت عندي أن ابن عباس كان ضد التجسيم.

وكان ينفي رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه بالعين.

والرواية التي يصححها إمامك ابن خزيمة ليست صحيحة، وإن كنت تقبل تصحيحاته فاقبل حكمه عليكَ بالضلال.

لأنك تقول إن الضمير في: صورته، عائدٌ إلي الشخص المشتوم الذي قال له النبي صلي الله عليه وآله: لا تقبح صورته فإن الله خلق آدم علي صورته. أي علي صورة من تقبح وجهه، لا علي صورة الله سبحانه.

ثم ما رأيك بتكذيب الإمام مالك لكل أحاديث الرؤية والتجسيم؟

لماذا قفزت عن ذلك؟!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

من أين أخذت من كلامي ما قولتني به، أيها الكذاب؟

فأجاب العاملي:

إنها التقية التي تشنع بها علي الشيعة!

والحمد لله أنه اضطرك لأن تستعملها في معبودك!!!

فكتب (الشمري):

أحسنت يا عاملي.

فكتب (مشارك):

هذا ما قاله ابن تيمية، أيها الكذاب:

ص: 68

والكلام الجملي أن مثل هذا الكلام يشتمل علي أمور باطلة من جهة النقل، كقوله: إن في الصحيح: إن الله خلق آدم علي صورة الرحمان. وقوله: علي صورته ليس في الصحيح، فهذا من أبين الباطل، فإن اللفظ الذي في الصحيح من غير وجه: علي صورته. وأما قوله: علي صورة الرحمان، فيروي عن ابن عمر، وفيه كلام قد ذكرناه مع ما قاله عامة طوائف الناس، في هذا الحديث في غير هذا الموضع، ويشتمل علي أمور باطلة، وهي في أنفسها مخالفة للشرع والعقل، مثل ما فيه من أن ملكاً من الملائكة وهو العقل الفعال مبدع لجميع ما تحته من المخلوقات، أو أن الملائكة يسمونها العقول والنفوس أبدع بعضها بعضاً، أو أن عالم الشهادة هو المحسوسات، وعالم الغيب المعقولات، أو أن تفسير القرآن هو مثل تعبير الرؤيا، وأمثال ذلك.

ارجع لكتاب بغية المرتاد لتجد التفصيل هناك، فكيف تفتري علينا، ألا تعلم عاقبة الكذب، وإن الكذب يهدي إلي الفجور، وإن الفجور يهدي إلي النار!

فكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:شسيب

أولاً: هذِّب لسانك، وصحح العبارة التي نقلتها عن ابن تيمية وانقلها كاملة، قبل أن أنقلها أنا!

ثانياً: إن ابن تيمية، وابن باز، والألباني، صححوا رواية: علي صورة الرحمن!! فإن كنت تخالفهم، فالحمد لله..

وإليك هذه الهدية اليهودية الأب والأم من عقائد إمامك.

حيث يدافع عن تجسيم اليهود ويقول إن الله تعالي لم يعب عليهم تجسيمهم فهو حق! بل عاب عليهم فقط قولهم إن عزيراً ابن الله، وهو قول جماعة قليلة منهم!!

ص: 69

قال ابن تيمية، في كتابه العقل في فهم القرآن ص 89:

" ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال فنحاص بن أزورا، أو هو وغيره. وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة: إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً، بل فيها إثبات الجهة، وتكلم الله بالصوت، وخلق آدم علي صورته، وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته، كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك، فكيف والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!! " انتهي.

فهل رأيت أنه يعتبر كل أنواع التجسيم الموجودة في التوراة حقاًّ!!

ماعدا أن عزيراً ابن الله!

ويزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قد أقرَّ ذلك؟!!

يا مشارك.. بالله عليك، هل تعرف نسب ابن تيمية.. وإلي أي قبيلة عربية ينتمي.. أريده منك بسندٍ صحيح!

وأعرف أنك لا تجيب!!!

فكتب (مشارك):

لماذا تتهرب من النقاش أيها الحبر الأعظم؟ هل تريدنا أن نبدأ بالصفات؟ توحيد الألوهية؟ لا يخلو منه مكان!! حدد نقطة للنقاش، ولا تهرب كعادتك.

ص: 70

وكتب (عرباوي 4):

بارك الله فيك أيها الأخ العاملي.

كنت فاكرهم نواصب من قبل. الجماعة.. طلعوا يهود!! سبحان الله.

وكتب (عقيل):

ويقولون: الشيعة تأخذ من اليهود!!!

وابن تيمية يقول: والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة! يظهر أنه دارس للتوراة بشكل مستفيض!!

وكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:

هذه عبارة ابن تيمية التي بترها مشارك وزعم أن إمامه لا يصحح حديث: علي صورته!!

قال ابن تيمية في (بغية المرتاد) ص 214:

" قلت: ليس المقصود هنا الكلام المفصل علي ما في هذا الكلام وأمثاله، فإن علماء المسلمين قد بينوا من ذلك ما فيه كفاية، وقد تكلمنا في غير هذا الموضع علي ما شاء الله تعالي من ذلك... والكلام الجملي... إلخ ".

إن ابن تيمية هنا في معرض رد من يضعِّف (علي صورته).

ويشهد لذلك أنه صححه في مواضع عديدة من كتبه!

فانظر إلي مشارك (الثقة الأمين) كيف حوّر كلام إمامه.. ووصل موضوعاً بموضوع.. ليوهمنا أن ابن تيمية يضعف رواية: علي صورته!!

ص: 71

وفي أسوأ الحالات، فابن تيمية تكلم هنا بما يشعر التضعيف، ولكنه صححه دائماً وبني عليه عقائده، فهل أن مشاركاً لايعرف ذلك؟!!

ويقول الكذابون: إن الشيعة يكذبون!!!

ونقول: بعض الناس يكذبون، وعيونهم من زجاج، لا تنكسر!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 12-7-1999:

أحسنت أيها العاملي، وشدد الله وطأتك علي هذا المتغطرس أمام الحقائق! ولم يزعجني منه تهريجه وتخريفه، وإنما أزعجني تربيته وتأديب من أدبه علي هذا الخلق الرفيع! فإذا خاطب الرجال قال كذاب.. منافق، ودون أن يحير جواباً صادقاً!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، مساء:

يا عاملي حتي لا أتهمك بما أنت أهله من الكذب، أثبت لي بالكتاب والجزء والصفحة تصحيح ابن باز، والألباني، وابن تيمية، لحديث: صورة الرحمن، وشرحهم له.

فأجاب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

رأيت طلبك وسوء أخلاقك في وقت متأخر..

فخذ إليك - فعلاً - رأي إمامك ابن باز، والرأي المضاد له لإمامك المجسم الكبير ابن خزيمة.. ويصلك الباقي إن شاء الله تعالي..

ولا ينفع معك لا دليل ولا حسن أخلاق.. فأسأل الله أن يؤدبك بما أنت أهله:

قال ابن باز في فتاويه 4/368 فتوي رقم 2331:

ص: 72

" سؤال 1: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال: خلق الله آدم علي صورته ستون ذراعاً، فهل هذا الحديث صحيح؟

الجواب: نص الحديث: خلق الله آدم علي صورته طوله ستون ذراعاً. ثم قال: اذهب فسلم علي أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع فيما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة علي صورة آدم طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلي الآن. رواه الامام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح، ولا غرابة في متنه فإن له معنيان (كذا):

الأول: أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته، ثم نما وطال حتي بلغ ستين ذراعاً، بل جعله يوم خلقه طويلاً علي صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً.

والثاني: أن الضمير في قوله: علي صورته، يعود علي الله، بدليل ما جاء في رواية أخري صحيحة: علي صورة الرحمن، وهو ظاهر السياق، ولا يلزم علي ذلك التشبيه، فإن الله سمي نفسه بأسماء سمي بها خلقه ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه. وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه، لأن الإشتراك في الإسم وفي المعني الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالي: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " انتهي.

وهكذا تقول فتوي الشيخ ابن باز بأن آدم علي صورة الله تعالي، والله علي صورة آدم، وأن هذا ليس تشبيهاً أبداً أبداً!!

ص: 73

ويمكنك يامشارك أن تفتي بمثلها، فتنفي شخصاً عن أولاد آدم فتقول: إن فلاناً علي صورة آدم، وآدم علي صورته، ولكنه لا يشبه آدم أبداً أبداً!!

بل يمكنك أن تخلص بهذه الفتوي مجرماً فتقول: هذه الصورة صورته ولكنها لا تشبهه أبداً أبداً!!

إن أصل مشكلة الوهابيين أنهم مضطرون في إثبات مذهبهم إلي قلب معاني كلمات اللغة العربية!

فالأمر دائر عندهم بين أن يقلبوا ألفاظ اللغة، أو ينقلب مذهبهم!!

ويا لبؤس مذهبٍ إذا اعتدلت الكلمات.. انقلب، وإذا انقلبت معانيها اعتدل!!

قصة حديث (فإن الله خلق آدم علي صورته)

روت العامة، أن النبي صلي الله عليه وآله سمع شخصاً يقول لآخر: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك. فقال له: لا تقبح وجهه، فإن الله خلق آدم علي صورته. وقد تمسك بعضهم بهذا القول وزعم أنه موافق لما عند اليهود من أن الله تعالي خلق آدم علي صورته، وأنه تعالي علي صورة البشر!

أما نحن، فروينا عن أئمتنا عليهم السلام أن مقصود النبي صلي الله عليه وآله أن: صورة أخيك هي الصورة التي اختارها الله تعالي لأبيك آدم عليه السلام، فلا تقبحها. فالضمير في: صورته، يرجع إلي المشتوم، لا إلي الله تعالي.

وقد وافقنا عدد من علماء السنيين في تفسير الحديث، ومن أشهرهم ابن خزيمة المجسم المحبوب عند ابن تيمية، صاحب الهجوم علي عائشة لنفيها رؤية الله تعالي، الذي يسمونه إمام الأئمة، لأنه أستاذ البخاري ومسلم وغيرهم!!

قال في كتابه التوحيد، طبعة مكتبة الكليات الأزهرية ص 37:

ص: 74

" قال أبو بكر - يعني بذلك نفسه -: توهم بعض من لم يتحرَّ العلم أن قوله: علي صورته يريد صورة الرحمن، عزّ ربنا وجلّ عن أن يكون هذا معني الخبر، بل معني قوله: خلق آدم علي صورته، الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم، أراد صلي الله عليه وسلم أن الله خلق آدم علي صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه فزجره صلي الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، كان مقبحاً وجه آدم صلوات الله وسلامه عليه الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم، فتفهموا رحمكم الله معني الخبر، لا تغلطوا ولا تغالطوا فتضلوا عن سواء السبيل وتحملوا علي القول بالتشبيه الذي هو ضلال.

وقد رويت في نحو هذا لفظة أغمض معني من اللفظة التي ذكرناها في خبر أبي هريرة، وهو ما حدثنا يوسف بن موسي، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق علي صورة الرحمن. وروي الثوري هذا الخبر مرسلاً غير مسند، حدثناه أبو موسي محمد المثني، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عطاء قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقبح الوجه، فإن ابن آدم خلق علي صورة الرحمن. قال أبو بكر: وقد افتتن بهذه اللفظة التي في خبر عطاء عالمٌ ممن لم يتحرَّ العلم، وتوهموا أن إضافة الصورة إلي عبد الرحمن في هذا الخبر من إضافة صفات الذات، فغلطوا في هذا غلطاً بيناً، وقالوا مقالة شنيعة مضاهية لقول المشبِّهة، أعاذنا الله وكل المسلمين من قولهم!

ص: 75

والذي عندي في تأويل هذا الخبر إن صح من جهة النقل موصولاً فإن في الخبر عللاً ثلاثاً: إحداهن: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري ولم يقل عن ابن عمر. والثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت. والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس، لم يعلم أنه سمعه من عطاء. فإن صح هذا الخبر مسنداً بأن يكون الأعمش قد سمعه من حبيب بن أبي ثابت، وحبيب قد سمعه من عطاء بن أبي رباح، وصح أنه عن بن عمر علي ما رواه الأعمش، فمعني هذا الخبر عندنا: أن إضافة الصورة إلي الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه، لأن الخلق يضاف إلي الرحمن إذ الله خلقه، وكذلك الصورة تضاف إلي الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عز وجل: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه، فأضاف الله الخلق إلي نفسه إذ الله تولي خلقه.. إلي آخر كلامه، وكذاك قوله عز وجل: هذه ناقة الله لكم آية، فأضاف الله الناقة إلي نفسه، وقال: تأكل في أرض الله، وقال: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، وقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، فأضاف الله الأرض إلي نفسه، إذ الله تولي خلقها فبسطها، وقال: فطرة الله التي فطر الناس عليها، فأضاف الله الفطرة إلي نفسه إذ الله فطر الناس عليها، فما أضاف الله إلي نفسه علي مضافين (كذا) إحداهما إضافة الذات والأخري إضافة الخلق، فتفهموا هذين المعنيين لا تغالطوا، فمعني الخبر إن صح من طريق النقل مسنداً: فإن ابن آدم خلق علي الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح، قال الله جل وعلا: ولقد خلقناكم ثم صورناكم.

ص: 76

والدليل علي صحة هذا التأويل أن أبا موسي محمد بن المثني قال: ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمر قال: ثنا المغيرة وهو ابن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن موسي بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم علي صورته، وطوله ستون ذراعاً... إلخ. انتهي كلام ابن خزيمة!

ونحن نقبل منه تأويله لهذا الحديث لأنه موافقٌ للمنطق ومذهبنا، لكن الوهابيين تبنوا نص الحديث الذي فيه: علي صورة الرحمن، ونسبوا إلي الخليفة عمر أنه قبل مقولة اليهود بأن الله تعالي خلق آدم علي صورة الله سبحانه وتعالي! وبذلك اختاروا أن يكون (إلههم) علي صورة البشر!! " انتهي.

قال العاملي:

ومع أن الشيخ مشارك هو الذي طلب رأي ابن تيمية وابن باز في الحديث المزعوم، لكنه غاب هو ومشاركوه! ولم يجيبوا بشئ..

علي عادتهم، عندما يحشرهم الحق!

ص: 77

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي

كتب (شعاع) في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 28-9-1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي من زعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: بقدم العالم... ها هو يكفر من قال بذلك)، قال فيه:

من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوي):

1 - فكان ما احتج به أئمة الفلاسفة علي قدم العالم لا يدل علي قدم شئ من العالم، بل إنما يدل علي أصول أئمة السنة والحديث المعتنين بما جاء به الرسول وكان غاية تحقيق معقولات المتكلمين والمتفلسفة، يوافق ويعين ويخدم ما جاءت به الرسل، ومن لم يقل بذلك من المتكلمين، بل قال: بامتناع دوام الحوادث، لم يكن عنده فرق بين قبوله لها وقدرته عليها، وكان قول الذين قالوا من هؤلاء بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاماً يقوم بذاته، أقرب إلي المعقول والمنقول ممن يقول أن كلامه مخلوق، أو أنه يقوم به كلام قديم، من غير أن يمكنه أن يتكلم بقدرته أو مشيئته وكل قول يكون أقرب إلي المعقول والمنقول، فإنه أولي بالترجيح مما هو أبعد عن ذلك من الأقوال، والله تعالي أعلم. 6/283.

2 - ومن هنا يظهر أيضاً أن ما عند المتفلسفة من الأدلة الصحيحة العقلية فإنما يدل علي مذهب السلف أيضاً، فإن عمدتهم في قدم العالم علي أن الرب لم يزل فاعلاً، وأنه يمتنع أن يصير فاعلاً بعد أن لم يكن، وأن يصير الفعل ممكناً له بعد أن لم يكن، وأنه يمتنع أن يصير قادراً بعد أن لم يكن، وهذا وجميع ما

ص: 78

احتجوا به إنما يدل علي قدم نوع الفعل، لايدل علي قدم شئ من العالم لا فلك ولا غيره. 6/300.

3 - فقد تبين ولله الحمد، أن عمدتهم علي قدم العالم إنما تدل علي نقيض قولهم وهو حدوث كل ما سوي الله، ولله الحمد والمنة. 6/366.

4 - فقد سلم لهم ما ادعوه من قدم العالم كالأفلاك وجنس المولدات ومواد العناصر وضلوا ضلالاً عظيماً، خالفوا به صرائح العقول وكذبوا به كل رسول، فإن الرسل مطبقون علي أن كل ما سوي الله محدث مخلوق كائن بعد أن لم يكن، ليس مع الله شئ قديم بقدمه، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام. 9/281.

5 - ثم يقال لهؤلاء إن كنتم تقولون بقدم السموات والأرض ودوامها فهذا كفر وهو قول بقدم العالم، وإنكار انفطار السموات والأرض وانشقاقهما، وإن كنتم تقولون بحدوثهما، فكيف كان قبل خلقهما هل كان منتشراً متفرقاً معدوماً ثم لما خلقهما صار موجوداً مجتمعاً، هل يقول هذا عاقل. 2/188.

6 - وكان ما علم بالشرع مع صريح العقل أيضاً راد لما يقوله الفلاسفة الدهرية من قدم شئ من العالم مع الله، بل القول بقدم العالم قول اتفق جماهير العقلاء علي بطلانه، فليس أهل الملة وحدهم تبطله بل أهل الملل كلهم وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين، مشركي العرب ومشركي الهند وغيرهم من الأمم وجماهير أساطين الفلاسفة كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث. 5 / 565.

7 - وبين أن قول الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأنه صادر عن موجب بالذات متولد عن العقول والنفوس الذين يعبدون الكواكب العلوية ويصنعون لها

ص: 79

التماثيل السفلية كأرسطو وأتباعه أعظم كفراً وضلالاً من مشركي العرب الذين كانوا يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام بمشيئته وقدرته ولكن خرقوا له بنين وبنات بغير علم وأشركوا به ما لم ينزل به سلطاناً. 8/457.

8 - ثم زعم هؤلاء الفلاسفة أن العالم قديم بناء علي هذه الحجة، ومن سلك سبيل السلف والأئمة أثبت ما أثبتته الرسل من حدوث العالم بالدليل العقلي الذي لا يحتمل النقيض، وبيّن خطأ المتكلمين من المعتزلة ونحوهم الذين خالفوا السلف والأئمة بابتداع بدعة مخالفة للشرع والعقل، وبيّن أن ضلال الفلاسفة القائلين بقدم العالم ومخالفتهم العقل والشرع أعظم من ضلال أولئك، وبيّن أن الإستدلال علي حدوث العالم لا يحتاج إلي الطريق التي سلكها أولئك المتكلمون، بل يمكن إثبات حدوثه بطرق أخري عقلية صحيحة لا يعارضها عقل صريح ولا نقل صحيح، وثبت بذلك أن ما سوي الله فإنه محدث كائن بعد أن لم يكن، سواء سمي جسماً أو عقلاً أو نفساً أو غير ذلك. 12/217.

9 - كما أن الله إذا كفر من أثبت مخلوقاً يتخذ شفيعاً معبوداً من دون الله فمن أثبت قديماً دون الله يعبد ويتخذ شفيعاً كان أولي بالكفر، ومن أنكر المعاد مع قوله بحدوث هذا العالم فقد كفره الله، فمن أنكره مع قوله بقدم العالم فهو أعظم كفراً عند الله تعالي. 17/292.

ومن أراد المزيد فليرجع إلي (مجموع الفتاوي) أو غيرها من كتبه...

فكتب العاملي بتاريخ 28-9-1999، الحادية عشرة ليلاً:

الظاهر أنك لم تفهم مذهب ابن تيمية في قدم العالم يا شعاع.

ص: 80

وعَبَرَت عليك عباراته إنه لا يقبل حديث: كان الله ولم يكن شئ معه. والشئ الذي ينفي قدمه هو هذا العالم. أو فَقُل قدم العالم بعينه.

وليس قدمه بنوعه، لأنه يقول بقدم العالم النوعي لا العيني..

ومعني هذا أن أنواع العالم تتجدد.. ولكن العالم قديم مع الله تعالي.. وسبب شبهته أن يقول إن قدرة الله لا يصح أن تكون بلا مقدور.

وكذلك مذهبه في العرش، فهو بزعمه قديم مع الله ولكنه يتجدد، فهو قائل بقدم العرش النوعي لا العيني.

وهذا نفس ما يقوله الفلاسفة الذين كفرهم علماء المسلمين، لأنهم يثبتون موجوداً واجب الوجود قديماً مع الله تعالي!!

فتأمل في كل ما نقلته عنه يا شعاع، ولاحظ أن هجومه علي القائلين بالقدم العيني فقط، لا النوعي!!

وكتب (شعاع) بتاريخ 29-9-1999، الثامنة مساءً:

لا أدري ما هو المصدر الذي تنتقي منه كلامك.. عموماً كلام الشيخ واضح وتلفيقاتك وشبهاتك مردودة من كلامه.. وكلام الشيخ معروف وهو مذهب أهل السنة.. أن صفات الله قديمة أزلية.. بمعني أنه خالق قبل وجود مخلوق ونحوه.. وعالم قبل وجود المعلوم ونحوه.. ولم يكتسب شيئاً من الصفات بعد خلق الخلق.. أما باقي أقوالك فأتحداك أن تثبتها من أقوال شيخ الإسلام.. وأين ضعف الحديث؟

وإن كنت صادقاً فيما تقول فهات دليلك علي كل نقطة تدعيها.. واذهب إلي السقاف لعله يفيدك..

ص: 81

فكتب العاملي بتاريخ 29-9-1999، العاشرة ليلاً:

مما كتبتُه إلي محب السنة في موضوع ابن حجر:

أيها الخبير بكتب ابن تيمية كخبرة أهل مكة بشعابها..

هذا الشِّعب لابن تيمية اسمه: شِعب قدم العالم ووجوده مع الله تعالي!!!

? قال في (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) المطبوع بهامش منهاج السنة 1/245:

" قلت هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث ".

وقال في 2/5:

" وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم، فإنهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً ".

وقال في (شرح حديث عمران بن حصين) صفحة 193:

" وإن قدر أن نوعها لم يزل معه!! فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل!!

بل هي من كماله!! " انتهي.

فهل تقنع، يا شعاع، أم تطير نفسك شعاعاً؟!

وكتب (الصارم المسلول)، الحادية عشرة ليلاً:

يا عاملي قد شرح شيخ الإسلام مقصوده، فهل أنت أفهم منا بعلمائنا؟

وما بالك لو أن شيخ الإسلام لم يشرح مقصوده، هل كنت تكفره؟؟

وكتب (شعاع) بتاريخ 30-9-1999 السابعة مساءً:

وكالعادة يالعاملي.. دوماً ما تثبت جهلك وأنك تنقل ما لا تعلم معناه..

ص: 82

وهل تفهم معني قدم نوع العالم؟؟ يعني أن الله خالق قبل وجود الخلق وعليم قبل وجود المعلوم، وهكذا.

فأجاب العاملي:

قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوي 16/366):

" وإذا كان الخلق فعله فهو بمشيئته، إذ يمتنع أن يكون فعله بغير مشيئة، وما كان بالمشيئة امتنع قدم عينه، بل يجوز قدم نوعه....

والثاني: أنه يمتنع حدوث ذلك، فإن من لا يكون متكلماً يمتنع أن يجعل نفسه متكلماً، ومن لا يكون عالماً يمتنع أن يجعل نفسه عالماً، ومن لا يكون حياً يمتنع أن يجعل نفسه حياً، فهذه الصفات من لوازم ذاته وكذلك من لا يكون خالقاً يمتنع أن يجعل نفسه خالقاً، فإنه إذا لم يكن قادراً علي أن يخلق فجعله خالقه أعظم فيكون هذا ممتنعاً بطريق الأولي...... وهذا يبطل أصل الجهمية، وهذا مما يدل علي أنه لم يزل حياً عليماً قديراً مريداً متكلماً فاعل إذ لا مقتضي لهذه الأشياء إلا ذاته، وذاته وحدها كافية في ذلك، فيلزم قدم النوع، وأنه لم يزل متكلماً إذا شاء لكن أفراد النوع تحصل شيئاً بعد شئ بحسب الإمكان والحكمة ". انتهي.

وحتي لو سلمنا تأويلات المؤولين لكلام ابن تيمية، فإن تبنيه لحديث أبي رزين صريح في قدم العالم مع الله تعالي، بالذات لا بالنوع!!!

قال العاملي:

وغاب أتباع ابن تيمية شعاع والصارم، ولم يجب منهم أحد!

ص: 83

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية تسوء أخلاقهم

وبعد أن عجز مشارك عن الدفاع العلمي عن ابن تيمية وأكثر من التهويل علي العاملي، وفتح موضوعات عديدة ضدَّه بأنه يكذب علي ابن تيمية!!

كتب العاملي موضوعاً بعنوان (إثبات أن ابن تيمية مجسّم، مشبّه، يزعم أن مع الله غيره قبل خلق جميع الخلق)، جاء فيه:

قال الشيخ مشارك بتاريخ 19-7-1999، رداً علي موضوعي عن تجسيم ابن تيمية والوهابيين:

" كعادتك في الكذب والإفتراء يا عاملي تقول: قالوا: كان الهواء قبل معبودهم أو معه! ولكن قال ابن تيميه في (مجموعة الرسائل 2-4-95): حديث أبي رزين العقيلي.. أنه سأل النبي (صلی الله علیه و آله)، فقال يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء، ما فوقه هواء ما تحته هواء. فلماذا هذا الكذب والإفتراء يا صاحب الهوي، من أين أثبتَّ أن أهل السنة والجماعة يقولون أن الهواء كان موجوداً قبل الله " انتهي.

ثم نقل مشارك جزءاً من كلام ابن تيمية وتبناه، ومنه قوله:

" ولا ريب أن الله تعالي ليس كمثله شئ، ولكن ليس مقصودهم إلا أن حقيقة التشبيه منتفية عنه حتي لا يثبتون أمراً متفقاً عليه، وتحقيق هذا الموضع بالكلام في معني التشبيه والتمثيل، أما التمثيل فقد نطق الكتاب بنفيه عن الله في غير موضع كقوله تعالي: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله فلا تضربوا له الأمثال ".

ص: 84

وكتبتُ له بنفس التاريخ: الحمد لله أنك اعترفت بأن الله تعالي له شبيه والعياذ بالله، وحجتك أن القرآن نفي المثل ولم ينفِ الشبيه!!

وهو قول إمامك ابن تيمية الذي كفره علماء المسلمين بسبب هذا الكلام وأمثاله!!

وكذلك اعترفت بأنك تعتقد بصحة حديث أم الطفيل الذي صححه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر كتاب التوحيد..!!

وسؤالي: بالله عليك.. ألا أخبرتني بدون تقية في صفات ربك؟!!

أولاً: من هو شبيه الله تعالي، برأيك؟؟

وثانياً: هل تعرف نص حديث أم الطفيل من المصادر المختلفة يا مشارك؟ وما أدراك ما حديث أم الطفيل؟!...

فأجاب (مشارك) بتاريخ 20-7-1999:

هل أقريت (كذا) بكذبك عندما لم ترد علي هذا كعادتك في الكذب والافتراء، يا عاملي؟ تقول: " وقالوا كان الهواء قبل معبودهم أو معه!! قال ابن تيميه في مجموعة الرسائل 2-4-95: حديث أبي رزين العقيلي.. أنه سأل النبي (صلی الله علیه و آله)، فقال يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء، ما فوقه هواءٌ ما تحته هواءٌ ".

فلماذا هذا الكذب والإفتراء يا صاحب الهوي. من أين أثبتَّ أن أهل السنة والجماعة يقولون أن الهواء كان موجوداً قبل الله.

قال العاملي:

ص: 85

ثم هاجمني مشارك شاتماً علي عادته.. بسبب أني نقلتُ عن ابن بطوطة مشاهدته التي رواها في رحلته، مع أنه روي شبيهاً بها ثلاثة مؤلفين غيره عن ابن تيمية وأن ابن تيمية قال بالتجسيد...

ثم قال مشارك: " فالحمد لله علي نعمة الإسلام.. يا أهل الرفض والتعطيل.. يا أجهل الناس بمن تزعمون أنه لكم إله، يقول تعالي: لما خلقت بيدي. فهنا في هذه الآية ذكر يدان (كذا)، فلا تستقيم أن تؤولوها بالقدرة، فهل تقول بقدرتيْ، وهل لله بزعمكم قدرتان؟ لم تعترف بهذا كله ولكنك زدت في البهتان زيادة لم أعهدها في مخلوق!!!! ألا تستحي من الله، أتظن أن من يقرأ هذا الكلام غبي لا يقرأ ولا يفهم.. " انتهي.

وهذه عادة في المجسمين المشبهين وأسلوبهم في المناظرة، فهم يستعملون التقية مع المسلمين في معبودهم!!

وعندما يرون عدة أدلة تدينهم يسكتون عن الأدلة القوية التي لا يستطيعون التنفس في مقابلها، ويتشبثون بما يظنونه نقطة هروب في أحدها!!

ولهذا أخذ مشارك حديث: العماء، ونتفاً من غيره، وترك الأدلة الساطعة علي تجسيمهم، ومنها:

تصحيح الألباني لحديث أم الطفيل..

وحديث الحاخام..

وبقية نصوص ابن تيمية الصريحة بأن الله تعالي جسم وله شبيه، وأنه موجود في مكان، وأن الأيْن بزعمه ثابت له!! وهي جميعاً موجودة في مقالاتي في هذا الموقع لمن أراد معرفة الحق!

ص: 86

وزيادة في الإستدلال، ومن أجل أن تتضح الحقيقة لمن كان له قلبٌ، فقد حققت حديث العماء وبيَّنتُ أن عمدة علماء الجرح والتعديل السنيين ضعفوه، أو حكموا بوضعه، وأنه من خيالات البدوي أبي رزين، واسمه: لقيط بن فلان العقيلي!!

وغرضي هنا أن أثبت أن عقيدة ابن تيمية بالله تعالي مأخوذة من تصورات اليهود، ومن الأعراب الذين أخذوا من اليهود، مثل أبي رزين!!

لقد آن الأوان لأن يعي المسلمون واقع من يصدرون عليهم أحكام التكفير والشرك لأدني سبب.. بينما هم يأخذون صفات معبودهم من غير المسلمين!!

ص: 87

ص: 88

الفصل الثاني: عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

اشارة

ص: 89

ص: 90

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 15-6-1999، موضوعاً بعنوان (أم المؤمنين عائشة تحكم بكفر ابن تيمية!!)، جاء فيه:

تدل نصوص الحديث والتاريخ علي أن الجوَّ الذي كان سائداً في صحابة النبي في عهده صلي الله عليه وآله وعهد الخليفة أبي بكر، أن الله تعالي ليس من نوعِ ما يُري بالعين أو يُحسَّ بالحواس الخمس.. لأنه وجودٌ أعلي من الأشياء المادية فلا تناله الأبصار، بل ولا تدركه الأوهام وإنما يدرك بالعقل ويري بالبصيرة.. ورؤيتها أرقي وأعمق من رؤية البصر.

ثم ظهرت أفكار الرؤية والتشبيه، وشاعت في المسلمين في عهد الخليفة عمر وما بعده، فنهض أهل البيت عليهم السلام وبعض الصحابة لردِّها وتكذيبها.

وقد فوجئت أم المؤمنين عائشة كغيرها بهذه المقولات الغريبة عن عقائد الإسلام، المناقضة لما بلَّغهُ النبي صلي الله عليه وآله عن ربه تعالي!

فأعلنت أن هذه الأحاديث مكذوبة علي رسول الله، بل هي فِرْيَةٌ عظيمة علي الله تعالي وسوله، ويجب علي المسلمين ردها وتكذيبها.

روي البخاري في صحيحه 6/50:

ص: 91

" عن مسروق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أُمَّتَاه، هل رأي محمد صلي الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قَفَّ شعري مما قلت!

أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً صلي الله عليه وسلم رأي ربه فقد كذب، ثم قرأت: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ، فقد كذب، ثم قرأت: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. الآية، ولكنه رأي جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين.. " انتهي.

ولا يبعد أن يكون أصل تعبير: الفرية علي الله، نبوياً.

فقد روي أحمد شبيهاً له في مسنده 3/491 عن واثلة بن الأسقع قال:

" سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم، يقول: إن أعظم الفرية ثلاث... إلخ ".

كما لا يبعد أن يكون في أصله وصفاً لليهود.

فقد روي الهيثمي في مجمع الزوائد 4/122:

" أن عبد الله بن رواحة قاله ليهود خيبر: فلما طاف في نخلهم فنظر إليه، قال: والله ما أعلم من خلق الله أحداً أعظم فرية عند الله وعداءً لرسول الله صلي الله عليه وسلم منكم " انتهي.

وأوضح من ذلك الرواية التالية التي تدل علي أن اليهود منبع (الفِرَي) علي الله تعالي!

فقد روي المجلسي في (بحار الأنوار) 36 /194:

ص: 92

" عن ابن عباس، أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر، إذ قال (عمر): يا كعب، أحافظ أنت للتوراة؟ قال كعب: إني لأحفظ منها كثيراً. فقال رجل من جنبة المجلس: يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه، ومِمَّ خلق الماء الذي جعل عليه عرشه؟

فقال عمر: يا كعب، هل عندك من هذا علم؟

فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالي كان قديماً قبل خلق العرش، وكان علي صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه!

قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضراً، فَعَظَّمَ عليٌّ ربه، وقام علي قدميه، ونفض ثيابه!

فأقسم عليه عمر لمَاَ عاد إلي مجلسه، ففعله.

قال عمر: غص عليها يا غواص، ما تقول يا أبا الحسن، فما علمتك إلا مفرجاً للغم.

فالتفت علي عليه السلام إلي كعب، فقال: غلط أصحابك، وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه!!

يا كعب ويحك! إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قدمته، وعزّ الله وجلّ أن يقال له مكان يومي إليه، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان، بحيث لا تبلغه

ص: 93

الأذهان، وقوْلي: [كان] عجز عن كونه، وهو مما عَلَّم من البيان، يقول الله عز وجل: خلق الإنسان علمه البيان. فقوْلي له: [كان] ما علمني من البيان لأنطق بحججه وعظمته، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً علي ما يشاء، محيطاً بكل الأشياء، ثم كَوَّنَ ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد، وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شئ، ثم خلق منه ظلمة، وكان قديراً أن يخلق الظلمة لا من شئ، كما خلق النور من غير شئ، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماءً مرتعداً ولا يزال مرتعداً إلي يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره وجعله علي الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخري، وكان العرش علي الماء من دونه حجب الضباب، وذلك قوله: وكان عرشه علي الماء ليبلوكم.

يا كعب ويحك، إنَّ من كانت البحار تَفلته علي قولك، كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حلّ فيه! فضحك عمر بن الخطاب وقال: هذا هو الأمر، وهكذا يكون العلم، لا كعلمك يا كعب. لا عِشتُ إلي زمانٍ لا أري فيه أبا حسن " انتهي.

فهذه النصوص القوية وغيرها، تجعل الباحث يطمئن إلي أن وجود إصبع الثقافة اليهودية في المسألة هو الذي أوجب كل هذا الإستنفار والموقف الحاسم من أهل البيت عليهم السلام وعائشة!

فكتب (ياسين داود):

جزيت خير الجزاء، وجعله الله في ميزان أعمالك.

ص: 94

وكتب (سماحة):

هذه عقائدهم، فماذا عن فقههم؟!

وكتب العاملي بتاريخ 14-6-1999:

رفع مشارك وجماعته شعار: واغيرتاه.. واغيرة الدين.

لأن الشيعة أدانوا خروج عائشة علي أمير المؤمنين عليه السلام!

واتهمونا بأنا - والعياذ بالله - نتهم عائشة بأمر أخلاقي!!

فإن كانوا صادقين في إخلاصهم لأم المؤمنين عائشة، فهذه هي تحكم بكفر ابن تيمية، لأنه يتبني في عقيدته فريةً عظيمةً علي الله تعالي علي حد تعبيرها!!! فما رأيك بقولها يا مشارك؟!!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

هل تعتبرونها أم المؤمنين حقيقة أم تقية؟ أجبني عن هذا، أولاً؟

فأجاب العاملي:

إعتقادي الشخصي أن الحصانة الربانية التي منحها الله تعالي لنساء النبي صلي الله عليه وآله، لها جانبان: جانب الحساب في الآخرة، والجانب التشريعي الحقوقي علي المسلمين.

ولعل أهم ما في الأخير: لقب أم المؤمنين. ومن البعيد أن الله تعالي جعله مطلقاً بدون أي شرط.

فمن المفيد أن نبحث عن شرطه الشرعي الذي يدور الإستحقاق مداره، وهل توفر فيهن إلي أن توفين، أو انتفي عنهن؟

ص: 95

من جهة أخري، رأيت في بعض مصادرنا أن رسول الله صلي الله عليه وآله أوصي نساءه بطاعة علي عليه السلام من بعده.. وأعطاه حق نزع اللقب عن التي تستوجب ذلك منهن!!

وهذه المسألة تحتاج إلي بحث أيضاً.. ولم أبحثها إلي الآن.

ربما أني لا أعلم يقيناً بنزع اللقب عنها شرعاً، فيجوز لي أن أسميها أم المؤمنين، وإن كانت ممسؤولة عند الله عن دماء عشرين ألفاً، سبَّبت قتلهم من أبنائها! ولم تعلن ندمها ولا توبتها من ذلك، ولا دفعت دياتهم!!

وكتب (الأحسائي) في نفس اليوم:

ثم.. لا تهرب يا مشارك عن الواقع، وعن الموضوع!

فكتب (مشارك):

كاد المريب أن يقول خذوني. لماذا لا تكون شجاعاً مثل العروة الوثقي يا عاملي، فقد أعلنها صريحة. وإلي أن تصل إلي قناعة في موضوع أم المؤمنين عائشة، فبعد ذلك تستطيع أن تستدل بكلامها، أليس كذلك يا عاملي ويا أحسائي، وبعد هذا نستطيع أن نناقشك فيما توصلت إليه بفهمك.

فكتب العاملي:

لم يبقَ لك عذر، فدافع عن ابن تيمية وأجب عن:

الفرية العظيمة علي الله تعالي ودينه.. التي حكمتْ بها أم المؤمنين عائشة علي من زعم أن الله تعالي يري بالعين!

قال العاملي:

وغاب مشارك ولم يجب هو ولا غيره علي تكفير أمِّهم لإمامهم!!

ص: 96

الوهابيون و عصمة ابن تيمية

كتب العاملي بتاريخ 28-6- 1999، موضوعاً بعنوان (زعم مشارك أن للنبي (صلی الله علیه و آله) أخطاء!! وجعل ابن تيمية معصوماً!!)، جاء فيه:

ما هذا البلاء الذي ابتلي به مشارك وأمثاله؟!! لقد أُشرِبوا في قلوبهم حب هذا الشامي الحرَّاني ابن تيمية، فلم يعودوا يروا غيره!!

تراهم يقبلون أن ينسب الخطأ إلي النبي صلي الله عليه وآله! وأن فلاناً كان يصحِّح له أخطاءه، ولا يقبلون أن ينسب أي خطأ إلي ابن تيمية!!

وتراهم يردُّون أحاديث البخاري، ولا يردون كلام ابن تيمية!

وإذا ناقش أحدٌ ابن تيمية نقاشاً علمياً، انتفخت أوداجهم واتهموه بالكذب والتجنِّي..

وإذا وقفت سفينتهم عند (حديث العماء) الذي قبِلَهُ ابن تيمية واستشهد به في كتبه مرات عديدة..

قالوا له: هل صحَّحتَ الحديث من مصادره؟!!

وإذا جئتَ لهم بتصريح ابن تيمية بأن الله تعالي: جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. صاروا مؤوِّلة للدفاع عن إمامهم، والتأويل عند إمامهم حرام!! أليس هذا زعماً بعصمة ابن تيمية؟

وكيف تكون العصمة حمراء.. أو صفراء؟!!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

ص: 97

كاذب كذوب كذاب كبير الكذابين، دجال مكابر معاند مستكبر كبير الدجاجلة، وماذا أيضاً. أين جعلت ابن تيمية معصوماً يا كبير الأبالسة، أكُلُّ هذا لأني طالبتك بنص الحديث!!

فأجابه (FULLMOON)، في نفس اليوم أيضاً:

أنتم لا تقولونها صراحةً، ولكنكم لا تقبلون تخطئته، وتقبلون أن تخطئوا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وتنسبون إليه أنه المقصود بقوله تعالي: عبس وتولي.. حتي تبعدوا التهمة عن عثمان!

وتقولون إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أخطأ عندما استغفر لمنافق وعمر أصاب عندما اعترض عليه!

راجع فضائل عمر، والكثير الكثير!

إنا لله وإنا إليه راجعون! والسلام لأهله.

فأجاب العاملي:

المسألة بسيطة لا تحتاج إلي الحدَّة والاتهام!

أنت متخصص في ابن تيمية وقد درستَ كتبه الكثيرة..

فإن كنت لا تعتقد بعصمته، فاذكر لي فكرة أساسية خاطئة من أفكاره!

وسأوافيك إن شاء الله بحديث العماء الذي اعتمد عليه، وتفسيراته المختلفة له في كتبه!!

فكتب (مشارك) مساءً:

يكفي ما تشبعتم به من حقد وأفكار علي ابن تيمية، وليس من عادتي ذكر أخطاء علمائنا وخصوصاً في مثل هذا الموقع، ولكن سبق أن سألتني سؤالاً قريباً

ص: 98

من هذا وأجبتك: كل يؤخذ من قوله ويرد، إلا المصطفي صلي الله عليه وسلم، فلماذا الإفتراء عليّ، يا عاملي. ثق أني لن أسامحك في هذه أبداً ما لم تعتذر.

فأجابه العاملي:

الحمد لله أني لم أسبُّك.. أما أنت، فإن شئت كلفتُ عاملاً بأن يلمَّ لك كيساً من سبك وشتمك لنا!!!

ثم.. ما هذا القضاء العادل يا شيخ مشارك: أن المشتوم يجب أن يعتذر من الشاتم؟! فهل هذا من فتاوي ابن تيمية أيضاً؟!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 29 –6-1999:

أحسنت أيها الأخ العاملي كثير الإحسان، ولعمري لقد أفحم مشارك أيما إفحام.. وأعتقد أنه لا يعود لمثلها، إن كان ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

وكتب (مشارك):

أنت افتريت عليَّ يا عاملي بأن مكانة ابن تيمية عندي أكبر من مكانة النبي صلي الله عليه وسلم، وأني أقول أن ابن تيمية معصوم، مع أني سبق أن أكدت لك هذا.

وثق أني لن أسامحك في هذا حتي تعتذر، وعند الله الحساب. حسبي الله ونعم الوكيل.

وكتب (عبد الله الشيعي) في هذا الموضوع بتاريخ 5-7-1999:

نعم هكذا أنتم يا شيخ مشارك: كل شئ إلا بن تيمية.

هذا كل شئ.. والسلام من الله خير تحية..

سبحان الذي أذل عباده بالموت. انتهي.

ص: 99

قال العاملي: وغاب مشارك.. ولم يجب!

ص: 100

الفصل الثالث: اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

اشارة

ص: 101

ص: 102

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

كتب العاملي (سيأتي في مناظرته مع مشارك):

روي الكليني في الكافي 1/295:

" عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيي، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله علي أبي الحسن الرضا عليه السلام، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتي بلغ سؤاله إلي التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بيْن نبيِّيْن، فقسم الكلام لموسي ولمحمد الرؤية.

فقال أبو الحسن عليه السلام: فمَن المبلغ عن الله إلي الثقلين من الجن والإنس: لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ، أليس محمد! قال: بلي. قال: كيف يجئ رجل إلي الخلق جميعاً، فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلي الله بأمر الله، فيقول: لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ، ثم يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علماً، وهو علي صورة

ص: 103

البشر! أما تستحيون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون يأتي من عند الله بشئ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟!

قال أبو قرة: فإنه يقول: ولقد رآه نزلة أخري.

فقال أبو الحسن عليه السلام: إن بعد هذه الآية ما يدل علي ما رأي، حيث قال: ما كذب الفؤاد ما رأي، يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأي، فقال: لقد رأي من آيات ربه الكبري، فآيات الله غير الله، وقد قال الله: ولا يحيطون به علماً، فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة!

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات! فقال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها. وما أجمع المسلمون عليه أن لا يحاط به علماً، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شئ " انتهي.

وقال محققه في هامشه:

" وقد أفرد العلامة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره كتاباً أسماه: كلمة حول الرؤية فجاء شكر الله سعيه وافياً كما يهواه الحق ويرتضيه الإنصاف، ونحن نذكر منه بعض الأدلة العقلية منها: أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا يمكن وقوعها ولا تصورها إلا أن يكون المرئي في جهة ومكان ومسافة خاصة بينه وبين رائيه، ولا بد أن يكون مقابلاً لعين الرائي، وكل ذلك ممتنع علي الله تعالي مستحيل بإجماع أهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم.

ومنها: أن الرؤية التي يقول الأشاعرة بإمكانها ووقوعها، إما أن تقع علي الله كله فيكون مركباً محدوداً متناهياً محصوراً يشغل فراغ الناحية المرئي فيها،

ص: 104

فتخلو منه بقية النواحي، وإما أن تقع علي بعضه فيكون مبعضاً مركباً متحيزاً، وكل ذلك مما يمنعه ويبرأ منه أهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم.

ومنها: أن كل مرئي بجارحة العين مشار إليه بحدقتها، وأهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم ينزهون الله تعالي عن أن يشار إليه بحدقة، كما ينزهونه عن الإشارة إليه بإصبع أو غيرها.

ومنها: أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما لم تتصل أشعة البصر بالمرئي، ومنزهو الله تعالي من الأشاعرة وغيرهم مجمعون علي امتناع اتصال شئ ما بذاته جل وعلا.

ومنها: أن الإستقراء يشهد أن كل متصور لا بد أن يكون إما محسوساً أو متخيلاً، من أشياء محسوسة أو قائماً في نفس المتصور بفطرته التي فطر عليها، فالأول كالأجرام وألوانها المحسوسة بالبصر وكالحلاوة والمرارة ونحوهما من المحسوسة بالذائقة. والثاني: كقول القائل: أعلام ياقوت نشرن علي رماح من زبرجد، ونحوه مما تدركه المخيلة مركباً من عدة أشياء أدركه البصر. والثالث: كالألم واللذة والراحة والعناء والسرور والحزن ونحوها مما لا يدركه الإنسان من نفسه بفطرته، وحيث أن الله سبحانه متعالٍ عن هذا كله، لم يكن تصوره ممكناً " انتهي. وروي النيسابوري في روضة الواعظين - 33 حديث أبي قرة المتقدم.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 4/36، وقال في ص 37:

" قوله تعالي: ما كذب لفؤاد ما رأي، يحتمل كون ضمير الفاعل في رأي راجعاً إلي النبي صلي الله عليه وآله وإلي الفؤاد. قال البيضاوي: ما كذب الفؤاد ما رأي ببصره من صورة جبرئيل، أو ما كذب الفؤاد بصره بما حكاه له، فإن الأمور القدسية تدرك أولاً بالقلب، ثم تنقل منه إلي البصر، أو ما قال فؤاده لما رآه: لم أعرفك،

ص: 105

ولو قال ذلك كان كاذباً، لأنه عرفه بقلبه كما رآه بصره، أو ما رآه بقلبه والمعني لم يكن تخيلاً كاذباً. ويدل عليه أنه سئل عليه السلام: هل رأيت ربك؟ فقال: رأيته بفؤادي، وقرأ: ما كذب، أي صدقه ولم يشك فيه. أفتمارونه علي ما يري: أفتجادلونه عليه، من المراء وهو المجادلة " انتهي كلام المجلسي.

الامام الكاظم والإمام الرضا: يكشفان تحريف حديث النزول

قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 183:

" عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم موسي بن جعفر عليهما السلام قال: ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالي ينزل إلي السماء الدنيا، فقال: إن الله تبارك وتعالي لا ينزل ولا يحتاج إلي أن ينزل، إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد، ولم يحتج بل يحتاج إليه، وهو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم.

أما قول الواصفين: إنه تبارك وتعالي ينزل، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلي نقص أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلي من يحركه أو يتحرك به، فظن بالله الظنون فهلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له علي حد، فتحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود، فإن الله جل عن صفة الواصفين، ونعت الناعتين، وتوهم المتوهمين ".

وقال الصدوق في كتابه التوحيد ص 176:

" عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، أنه قال: إن الله تبارك وتعالي ينزل كل ليلة إلي السماء الدنيا؟

ص: 106

فقال عليه السلام: لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه، والله ما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذلك، إنما قال صلي الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالي ينزل ملكاً إلي السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي: هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتي يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلي محله من ملكوت السماء. حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلي الله عليه وآله ". انتهي.

وصدق رسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم.

ص: 107

ص: 108

الفصل الرابع: عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

اشارة

ص: 109

ص: 110

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

كتب العاملي بتاريخ 9-7-1999، موضوعاً طويلاً بعنوان (عوامل نشأة التجسيم في عقيدة المسلمين)، جاء فيه:

يصل المتأمل في المسألة إلي أن مشكلة التجسيم عند بعض السنيين، نشأت من العوامل التالية:

العامل الأول: ميلُ العوام إلي التشبيه والتجسيم.

فللذِّهن البشري حالة ابتدائية طفولية يتصور فيها كثيراً من الأمور تصوراً خاطئاً، حتي إذا تعمق في الفكر والتجربة تصححت نظرته!...

العامل الثاني: الخوف من أن يؤدي التنزيه إلي التعطيل.

فقد أفرط بعضهم في التأكيد علي الصفات السلبية وتنزيه الله تعالي، فخاف الآخرون من سلب فاعليته تعالي وتأثيره في الوجود، فوقعوا في الإفراط من الجهة الأخري في الصفات الثبوتية! فتصوَّروا أن فاعلية الله تعالي وتدبيره للكون يتوقف علي أن يكون وجوداً محدوداً، يتجول في سماواته وينزل إلي أرضه ويتجسد في صورة إنسان... إلخ.

ص: 111

ونلاحظ أن هذين الخطَّيْن من الإفراط والتفريط موجودان عند المتكلمين والفلاسفة من الأمم السابقة، كما هما في هذه الأمة!

وقد أخذ الأشاعرة موقع الدفاع عن التحميد ومقاومة التعطيل، كما أخذ المعتزلة موقع الدفاع عن التنزيه ومقاومة التشبيه.

ونفس الكلام يرِد أيضاً في أفعال الإنسان، أو الجبر والإختيار، أو القضاء والقدر، فقال الأشاعرة بالجبر للدفاع عن فاعلية الله تعالي في الوجود.. بينما قال المعتزلة بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله للدفاع عن عدل الله تعالي وتنزيهه عن الظلم.

أما أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم فلهم موقفٌ ثالث، يمثل أصالة الدين الإلهي من آدم عليه السلام إلي محمد صلي الله عليه وآله، في تنزيه الله تعالي وتحميده في آن واحد، فنفوا عنه التشبيه والتجسيم والرؤية، كما نفوا عنه الظلم والإجبار، وأثبتوا فاعليته تعالي وهيمنته الشاملة علي الوجود، ومسؤولية الإنسان عن عمله، كما ستري إن شاء الله تعالي.

العامل الثالث: مضاهاة بعض المسلمين لليهود.

فقدكان الجدل بين المسلمين واليهود كثيراً في عهد النبي صلي الله عليه وآله وفي صدر الإسلام، ومن أبرز مسائله: المفاضلة بين نبينا صلي الله عليه وآله وبين النبي موسي عليه السلام.

وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها لموسي عليه السلام بإثبات فضيلة مقابلها من نوعها لنبينا صلي الله عليه وآله.. وكأن المسألة مغالبة بين نبيين، وكأن أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياء وتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة! ولهذا عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالي لموسي عليه السلام

ص: 112

التي نص عليها القرآن، باختراع حديث رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين الأنبياء عليهم السلام، ويكون الترجيح لفضائل نبينا صلي الله عليه وآله!!

العامل الرابع: تأثير ثقافة اليهود.

فقد بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالي بخلقه، وأنه محدود بشكل مادي، ثم جعلوا له ولداً، فقالوا: عزير ابن الله، بل قالوا: إن كل اليهود أبناء الله وأحباؤه وشعببه المختار.. إلي آخر ما حكي الله تعالي عنهم في القرآن.

وفي ما يلي نصوص من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم والجديد، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت:

جاء في العهد القديم 4/ 27:

" فخلق الله الإنسان علي صورته. علي صورة الله خلقه ذكراً وأنثي خلقهم ".

وجاء في ص 6:

" وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة. فنادي الرب الإله آدم وقال له أين أنت؟ فقال: سمع صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت. فقال: من أعلمك أنك عريان. هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها. فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة، فأكلت ".

وجاء في الإنجيل ص 42:

" فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه. ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه. ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه... " إلي آخره!!

ص: 113

وأترك التعليق علي عقائد ابن تيمية للقارئ، وأكتفي بسؤال مشارك: بالله عليك، ألا تجد شبهاً إلي حدِّ وحدةِ الحال، بين هذه النصوص اليهودية والمسيحية، وبين عقائد ابن تيمية؟!!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 12-7-1999:

الأخ العاملي المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أحسنت وجزاك الله خير الجزاء.

وكتب (الشمري) بتاريخ 13-7-1999:

أحسنت يا عاملي.

قال العاملي:

فلم يعلق أحد من أتباع ابن تيمية علي هذا الموضوع بشئ!!

ص: 114

الفصل الخامس: التجسيم عند اليهود والنصاري

اشاره

عناوين المواضيع:

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد..!

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان!!

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام!!

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية!

ص: 115

ص: 116

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد

كتب العاملي بتاريخ 23-1-2000، موضوعاً بعنوان (يزعم اليهود أنهم موحِّدون.. وهم أول من حرفوا التوحيد وشبَّهوا الله بخلقه!!)، قال فيه:

بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالي بخلقه، وأنه محدود بشكل مادي، ثم جعلوا له ولداً، فقالوا: عزير ابن الله، بل قالوا: إن كل اليهود أبناء الله وأحباؤه وشعبه المختار. إلي آخر ما حكي الله تعالي عنهم في القرآن.

في ما يلي نصوص ننقلها من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم والجديد، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت:

جاء في العهد القديم ص 431:

" وعاد الرب يتراءي في شيلوه، لأن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب. فأرسل الشعب إلي شيلوه وحملوا من هناك تابوت رب الجنود الجالس علي الكروبيم ".

وفي ص 491:

ص: 117

" وقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة يهوذا، ليصعدوا من هناك تابوت الله الذي يدعي عليه بالإسم، اسم رب الجنود الجالس علي الكروبيم ".

وفي ص 579:

" فقال: رأيت كل إسرائيل مشتتين علي الجبال كخراف لا راعي لها. فقال الرب: ليس لهؤلاء أصحاب فليرجعوا كل واحد إلي بيته بسلام. فقال ملك إسرائيل ليهوشافاط: أما قلت إنه لا يتنبأ علي خيراً بل شراً. وقال: فاسمع إذاً كلام الرب. قد رأيت الرب جالساً علي كرسيه، وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره. فقال الرب: من يغوي أخآب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد؟ فقال: هذا هكذا، وقال: ذاك هكذا ".

وفي ص 799:

" يا راعي إسرائيل اصغ، قائد يوسف كالضأن، يا جالساً علي الكروبيم أشرق قدام أفراي وبنيامين ومنسي، أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا ".

وفي ص 840:

" الرب في هيكل قدسه، الرب في السماء كرسيه، عيناه تنظران، أجفانه تمتحن بني آدم. الرب يمتحن الصديق، أما الشرير ومحب الظلم فتبغضه نفسه. يمطر علي الأشرار فخاً ناراً وكبريتاً، وريح السموم نصيب كأسهم ".

وفي ص 998:

" في سنة وفاة عز الملك رأيت السيد جالساً علي كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة. باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير. وهذا نادي ذاك، وقال: قدوس قدوس

ص: 118

قدوس رب الجنود مجده ملأ كل الأرض. فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً. فقلت: ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود ".

وفي ص 1186:

" وكان بينما هم يقتلون وأبقيت أنا، أني خررت علي وجهي وصرخت وقلت: آه يا سيد الرب. هل أنت مهلك بقي إسرائيل كلها بصب رجزك علي أورشليم فقال لي: إن إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماء وامتلأت المدينة جنفاً. لأنهم يقولون الرب قد ترك الأرض والرب لا يري ".

وفي الإنجيل ص 42:

" فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه. ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه ".

وفي ص 280:

" فالرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الشيطان. لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل ".

وفي ص 321:

ص: 119

" فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلي نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس ".

وفي ص 325:

" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا. الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة ".

وفي ص 366:

" ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً، بالخزي، فجلس في يمين عرش الله ".

وفي ص 399:

" من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه. من له أذن فليسمع ما يقول الروح للكنائس ".

وفي ص 399 -400:

" بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً: إصعد إلي هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا. وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلي العرش جالس. وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد. وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً.

ورأيت علي العروش أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلي رؤوسهم أكاليل من ذهب.

ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات.

ص: 120

وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله ".

وفي ص 400:

" وشكراً للجالس علي العرش إلي أبد الآبدين ".

وفي ص 401:

" ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف. وكل خليقة مما في السماء وعلي الأرض وتحت الأرض وما علي البحر كل ما فيها سمعتها قائلة: للجالس علي العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلي أبد الآبدين ".

وفي ص 403:

" من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمون نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس علي العرش يحل فوقهم ".

وفي ص 417:

" والأربعة والعشرون شيخاً، والأربعة الحيوانات، وسجدوا لله الجالس علي العرش ".

وجاء في ص 419:

" وقال الجالس علي العرش: ها أنا أصنع كل شئ جديداً. وقال لي: أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة ".

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان

قال الدكتور أحمد شلبي في كتاب مقارنة الأديان 2 / 243، طبعة مكتبة النهضة المصرية 1973، تحت عنوان: الله عند اليهود:

ص: 121

" لم يستطع بنو إسرائيل في أي فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا علي عبادة الله الواحد الذي دعا له الأنبياء، وكان اتجاههم إلي التجسيم والتعدد والنقيصة واضحاً في جميع مراحل تاريخهم، وعلي الرغم من ارتباط وجودهم بإبراهيم إلا أن البدائية الدينية كانت طابعهم، وكثرة أنبيائهم دليل علي تجدد الشرك فيهم، وبالتالي تجدد الحاجة إلي أنبياء يجددون الدعوة إلي التوحيد، وكانت هذه الدعوات قليلة الجدوي علي أي حال، فظهروا للتاريخ بدائيين يعبدون الأرواح والأحجار، وأحياناً مقلدين يعبدون معبودات الأمم المجاورة التي كانت لها حضارة وفكر قلدهما اليهود.

ويقول: إن اليهود كانوا في مطلع ظهور التاريخ بدواً رحلاً تسيطر عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين، والإعتقاد في الأرواح، وكانوا يعبدون الحجارة والأغنام والأشجار، ويقول: إن اليهود اتخذوا في بيوتهم أصناماً صغيرة كانوا يعبدونها ويتنقلون بها من مكان إلي مكان (1)وقد ظل بنو إسرائيل علي هذا الإعتقاد حتي جاء موسي وخرج بهم من مصر. ولكن بني إسرائيل كما يقول ول ديورانت (2) لم يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش والحمل، ولم يستطع موسي أن يمنع قطيعه من عبادة العجل الذهبي.

عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمناً طويلاً يتخذون هذا الحيوان القوي آكل العشب رمزاً لإلههم.

وتقرر التوراة قصة العجل الذي عمله لهم هارون فعبدوه بعد أن تأخر موسي في العودة إليهم، وكيف خلعوا ملابسهم وأخذوا يرقصون عراة أمام هذا الرب، وقد أعدم موسي ثلاثة آلاف منهم عقاباً لهم علي عبادة هذا الوثن (3) وقد بقيت عبادة العجل تتجدد في حياة بني إسرائيل من حين إلي حين، فقد عمل

ص: 122


1- 176.
2- قصة الحضارة ص 338.
3- خروج 32: 18 26 والقرآن الكريم يقرر: أن السامري هو الذي عمل العجل.

يربعام بن سليمان عجليْ ذهب ليعبدهما أتباعه حتي لا يحتاجوا إلي الذهاب إلي الهيكل (1).

وقد عبد أهاب ملك إسرائيل الأبقار بعد سليمان بقرن واحد (2).

وقال الدكتور شلبي في 1/174:

" وبعد موسي وفي عهد القضاة، تأثر بنو إسرائيل بمعبودات الكنعانيين تأثراً كبيراً، ويوضح أن إله الكنعانيين (بعل) أصبح معبوداً لبني إسرائيل في كثير من قراهم، وفي أحوال كثيرة أصبح للطائفتين معبد واحد به تمثال يهوه وتمثال بعل، بل أصبح يهوه ينادي بعل، وقد ظل ذلك إلي عهد يوشع ".

وقال في هامشه:

PPOPEL HEPREW THE OF HISTERY: FOSTER CHARLES

وقال الدكتور شلبي في 1/187:

" ويوضح الكتاب المقدس أن بني إسرائيل عبدوا أنواعاً من هذه الآلهة، وقد ندد بها أرميا في سفره، ومنه نقتبس بعض النصوص:

ص: 123


1- الملوك الأول 12: 26 28.
2- ویل ديورانت 2/339.

اسمعوا كلمة الرب يا بنات يعقوب وكل عشائر بيت إسرائيل، هكذا قال الرب: ما ذا وجد في آباؤكم من جور حتي ابتعدوا عني وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً (1).

وحين تقولون: لماذا صنع الرب إلهنا كل هذه أقول لكم: كما أنكم تركتموني وعبدتم آلهة غريبة في أرضكم (2).

يقول الرب: أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلف كذباً، وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أخري (3).

يقول الرب: قد تركوني وذهبوا وراء آلهة أخري، وعبدوها وسجدوا لها، وإياي تركوا وشريعتي لم يحفظوها، وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم، وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير، حتي لا تسمعوا لي (4).

وعلي هذا فمع وجود إلهين في عهد سليمان كانت عبادة آلهة الأجانب منتشرة، وينسب العهد القديم لسليمان نفسه أنه أقام مذابح للآلهة الخارجية التي كانت تعبدها زوجاته الأجنبيات، فبني مذبحاً لعشتروت رجاسة الصيدونيين، ولكموش رجاسة المؤابيين، ولملكوم إلهة بني عمون (5) وعقب موت سليمان انقسم ملكه بين ابنيه يربعام ورحبعام، وهذا التغيير في تاريخ العبرانيين صحبه تغير في عقيدتهم، فإسرائيل في الشمال كانت دولة غنية حظي سكانها بالإستقرار، وقبلوا عادات الكنعانيين وعبدوا آلهتهم (بعل)، أما دولة يهوذا في الجنوب فكانت دولة فقيرة يشتغل سكانها بالزراعة والرعي وظلوا علي تبعيتهم لإلههم يهوه، إله الفقراء، وإلي هذه الفترة ينسب الأنبياء (6) وقد صنع يربعام عجلين من ذهب ووضع أحدهما في بيت إبل وثانيهما في دان، وبني عندهما

ص: 124


1- أرميا 2: 4 5.
2- أرميا 5: 19 20.
3- أرميا 7: 9 10.
4- أرميا 13.
5- الملوك الثاني 33: 12.
6- 33 - 32 PP WERLED THE OF IRINS BERRY.

مذابح وقال لشعبه: هذه آلهتكم التي أصعدتكم من مصر، فاذبحوا وعيدوا عندها ولا تصعدوا إلي أورشليم، فاستجاب له الشعب (1).

وقال الدكتور شلبي في 1 / 267:

" يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود علي لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي.

وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة علي بني إسرائيل فاستولي عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم علي ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

ويقرر التلمود أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطي الإنسان طبيعة رديئة وسن له شريعة لم يستطع بطبيعته الرديئة أن يسير علي

ص: 125


1- إقرأ الإصحاح الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني.

نهجها، فوقف الإنسان حائراً بين اتجاه الشر في نفسه، وبين الشريعة المرسومة إليه، وعلي هذا فإن داود الملك لم يرتكب خطيئة بقتله أوريا واتصاله بامرأته، لأن الله هو السبب في كل ذلك ". التلمود شريعة إسرائيل: 17-19.

وقال ص 192 تحت عنوان: اليهود والألوهية عموماً:

" علي أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلي أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية طوبي للخائفين، للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موششي ديان، يجد أحد أبطالها (إيفري) ينصح ابنه الطفل بأن يتخلي عن الذهاب للكنيسة، وأن يحول اهتمامه لإلهه الجديد: تراب فلسطين ".

ونقتبس في ما يلي سطوراً من هذه الرواية:

" الصبي يحب أن يذهب إلي الكنيس مع أمه، ولكنه عندما عاد مرة من المعبد الذي لا يذهب إليه إلا القليلون، ثار أبوه في وجهه بحديث له مغزي عميق، قال له: أيام زمان حين كنا يهوداً في روسيا وغيرها، كان من الضروري بالنسبة لنا أن نطيع التعليمات ونحافظ علي ديننا، فقد كان الدين اليهودي لنا وسيلتنا لنتعاون ونتعاطف ونذود عنا الردي، أما الآن فقد أصبح لدينا شئ أهم هو الأرض، أنت الآن إسرائيلي ولست مجرد يهودي، إني قد تركت في روسيا كل شئ، ملابسي ومتاعي وأقاربي وإلهي، وعثرت هنا علي رب جديد، هذا الرب الجديد هو خصب الأرض وزهر البرتقال، ألا تحس بذلك؟

ص: 126

وأخذ إيفري حفنة من تراب الأرض وسكبها في كف ابنه، وقال له: إمسك هذا التراب، إقبض عليه، تحسسه، تذوقه، هذا هو ربك الوحيد، إذا أردت أن تصلي للسماء فلا تصلِّ لها لكي تسكب الفضيلة في أرواحنا، ولكن قل لها: أن تنزل المطر علي أرضنا، هذا هو المهم، إياك أن تذهب مرة أخري إلي المعبد ".

انتهي.

ص: 127

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام

اشارة

كتب (عرفج) بتاريخ 3-7-1999، موضوعاً بعنوان (إلي هواة التجسيم)، قال فيه ما يلي: نص مترجم عن التوراة منسوب إلي سليمان (علیه السلام) وهو يصف ربه:

رأسه ذهب ابريز.

قصصه مسترسلة.

حالكة كالغراب.

عيناه كالحمام.

علي مجاري المياه..

خداه كخميلة الطيب.

والام رياحين ذكية.

شفتاه سوسن.

تقطران مراً رائعاً.

يداه حلقتان من ذهب.

مرصعتان بالزبرجد.

بطنه عاج أبيض.

مغلف بالياقوت الأزرق.

ساقاه عمودا رخام.

مؤسستان علي قاعدتين من إبريز. انتهي.

أستغفر الله ربي وأتوب اليه... هل هذا تجسيم أم (بلا كيفية)؟

ص: 128

إذا عرف السبب...

وسأله (سماحة):

المصدر؟

فأجابه (عرفج):

المصدر: Holy Bible Songs of Solomons - chapter 5 p 680

وتوجد إشارات كثيرة في كتاب أحد المؤرخين الأوروبيين.

وعنوانه: الحقيقة والأسطورة في التوراة.

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-7-1999:

نحن نؤمن بالكتاب والسنة وبما جاء فيهما، ولا نأخذ ديننا مما جاء في التوراة المحرفة، وأيضاً لا نأخذ ديننا من الفلاسفة والزنادقة، الذي (كذا) أرادوا تنزيه الله حتي جعلوه كالعدم، وهذا حال أهل البدع.

وأنا أسألك يا عرفج: ماذا تعرف عن ربك، وهل أنت من المعطلة الذين لا يستطيعون إثبات أي شئ لله.

فكتب العاملي في مساء 4-7-1999:

إعتقادنا بالله تعالي أنه شئٌ لا كالأشياء.. ولا نقول جسمٌ لا كالأجسام كالوهابيين!

وقولنا (شئ) لكي نخرجه عن الحدين: حدِّ التعطيل، وحدِّ التشبيه. فالتعطيل مساوقٌ لنفي وجوده، وهو كفرٌ به والعياذ بالله.

والتشبيه جعله جسماً خاضعاً للزمان والمكان، وهو تَوثينٌ وتصنيمٌ له، والعياذ بالله!

ص: 129

ونقول: إن الصفة والموصوف في عالمَه تعالي لا تشبه الصفة والموصوف في عالمنا المخلوق الخاضع للزمان والمكان..

فصفاته تعالي عين ذاته ولا ثنائية بينهما، فلو كانت ثنائية لكانت إثنينية، ووقع السؤال: أيهما كان قبل الآخر، شبيه الأب والإبن!!

واليهود والنصاري بدل أن يرتقوا بفكرهم وذهنهم إلي الإيمان بمن هو فوق قوانين الزمان والمكان والموجودات فيهما، لأنه قَبْلهما عز وجل.. حاولوا أن يجروا ربهم إلي داخل الزمان والمكان، وأضفوا عليه صفات المكين والزمين!! وهي طفولة ذهنية، ونزعة مادية، بسبب حبهم للماديات وتأثرهم بالوثنيات التي حولهم!

وفي هذه الأمة من وافقهم علي هذا التصور لله تعالي، فقالوا: إن إثبات الصفة للشئ، حتي لله تعالي غير ممكنة، حتي يكون جسماً!!

فإذا لم تقل إن الله جسم له صفات فأنت معطِّل، يعني ملحد تنفي وجود الله تعالي! لأنه حسب ذهنهم يستحيل أن يكون الشئ موجوداً إذا لم يكن جسماً!!

وإذا لم يجسم المسلمون ربهم تعالي مثل هؤلاء، قالوا عنهم: معطِّلة، جهمية، ينفون صفات الله تعالي!!

يعني إما أن تكون مجسماً، والا فأنت ملحد!!

هل عرفتم هذه العصا العلمية التي يستعملونها؟!!

سئل علي عليه السلام: متي وجد الله تعالي؟

فقال: ويحك! أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!

فالسؤال عندنا عن الله تعالي بأدوات الزمان والمكان.. غلطٌ، لأنه هو الذي أَيَّن الأين، وكيَّف الكيف، وخلق الزمان والمكان..

ص: 130

فكيف يسأل عنه بأدوات ظرف هو خلقها؟

وعندهم أنه تعالي متَّصفٌ من الأوَّل بالأيْن! وأنه كان قبل خلق جميع الخلق في عماءٍ (سحاب) تحته هواء وفوقه هواء، فكان معه المكان والغيم والهواء! وإذا كانت هذه الثلاثة من الأزل مع الله تعالي، فهي والعياذ بالله آلهة معه، أو قبله!!

وهكذا يصير توحيدهم تربيعاً، ورحم الله التثليث، بالأب والإبن والروح القدس!

فكتب (عرفج) في مساء اليوم نفسه:

الحمد لله الذي أجري الحق علي يديك أيها الجليل العاملي. وكفي الله المؤمنين شر القتال. كان غرضي الأساس هو تبيان منبع هذا الفكر الذي تسلل إلي عقائد المسلمين. والحمد لله الذي باعد بيني وبين المجسمة والمعطلة.

وكتب العاملي في ذلك المساء أيضاً:

قال القفاري، في كتابه الظالم عن عقائد الشيعة 1 /530، 531:

" إذن تشبيه الله سبحانه بخلقه كان في اليهود وتسرب إلي التشيع، لأن التشيع كان مأوي لكل من أراد الكيد للإسلام وأهله، وأول من تولي كبره هشام بن الحكم، ثم تعدي أثره إلي آخرين عرفوا بكتب الفرق بمذاهب ضالة غالية، ولكن شيوخ الإثني عشرية يدافعون عن هؤلاء الضلال الذين استفاض خبر فتنهم واستطار شرهم، ويتكلفون تأويل كل بائقة منسوبة إليهم أو تكذيبها، حتي قال المجلسي: ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة.

ص: 131

وأقول: أما إنكار بعض الشيعة لذلك فقد عهد منهم التكذيب بالحقائق الواضحات، والتصديق بالأكاذيب البينات، وأما دفاعهم عن هؤلاء الضلال فالشئ من معدنه لا يستغرب، فهم يدافعون عن أصحابهم، وقد تخصص طغام منهم للدفاع عن شذاذ الآفاق، ومن استفاض شره وتناقل الناس أخبار مروقه وضلاله " انتهي.

ولو أن هذا القفاري، قرأ الأحاديث التي يصححها أئمته، لَلَمَسَ بيديه قبل عينيه أن مقولة التجسيم ظهرت في الناس في زمن عائشة، وقد استنكرها أهل البيت عليهم السلام، واستنكرتها عائشة، وقالت عنها: إنها فرية عظيمة علي الله تعالي!! ولكن الذين يتباكون عليها لايسمعون كلامها!

و لا يؤمنون به حتي لو رواه البخاري

أما أفكار هذه الفرية فقد ظهرت علي يد كعب الأحبار وجماعته في زمن الخليفة عمر، يعني قبل أن يولد جد هشام بن الحكم، أو جدُّ جدِّه!

فقد روت مصادرهم حديث أطيط العرش وصريره وأزيزه من ثقل الله تعالي بروايات صحيحة عندهم. منها:

ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/83:

" عن عمر رضي الله عنه، أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم، فقالت: أدع الله أن يدخلني الجنة، فَعَظَّمَ الرب تبارك وتعالي، وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ".

وقال عنه في مجمع الزوائد 10/159:

ص: 132

رواه أبو يعلي في الكبير ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن خليفة الهمذاني وهو ثقة ".

وقال عنه في كنز العمال - 373:

" ع، وابن أبي عاصم، وابن خزيمة، قط في الصفات، طب في السنة، وابن مردويه، ص ".

وقال عنه في 2/466:

" ابن مردويه خط ص. و: 6/152، وقال الخطيب: من طريق أبي إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة الهمداني ".

وقال السيوطي في الدر المنثور 1/328:

" وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي عاصم في السنة، والبزار، وأبو يعلي، وابن جرير، وأبو الشيخ، والطبراني، وابن مردويه، والضياء المقدسي في المختارة، عن عمر، أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: أدع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب تبارك وتعالي، وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله، ما يفضل منه أربع أصابع ".

وقال الديلمي في فردوس الأخبار 3/86:

" عمر بن الخطاب: علي العرش استوي، حتي يسمع أطيط كأطيط الرحل " انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب مشارك ولا غيره بشئ!!

ص: 133

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 9-7-1999، العاشرة والنصف مساءً، بعنوان (عوامل نشأة التجسيم في عقيدة المسلمين)، قال فيه:

قال ابن حزم في (الملل) 1/140:

" قال في التوراة: إن الله عز وجل قال لبني إسرائيل: لقد رأيتموني كلكم من السماء فلا تتخذوا معي آلهة الفضة، ثم قال بعد ذلك: ثم صعد موسي وهارون. ونظروا إله إسرائيل...

ذكر في هذا المكان من التوراة أن يعقوب صارع الله عز وجل! حتي قالوا: إن الله عز وجل عجز عن أن يصرع يعقوب، أن يعقوب قال: رأيت الله مواجهة وسلمت عليه ".

وقال في ص 212:

" ونقل في توراتهم وكتب الأنبياء بأن رجلاً اسمه إسماعيل، كان إثر خراب البيت المقدس سمع الله يئن كما تئن الحمامة، ويبكي وهو يقول: الويل الويل لمن أخرب بيته.. أخربت من بيتي، ويلي علي ما فرقت من بيتي، وبناتي ".

وقال في ص 218:

" وفي بعض كتبهم: إن الله تعالي قال لبني إسرائيل: من تعرض لكم فقد تعرض حدقة عيني ".

وقال في ص 221:

" وفي كتاب لهم يسمي شعر توما من كتاب التلمود. ففي الكتاب المذكور أن تكسير جبهة خالقهم من أعلاها إلي أنفه خمسة آلاف ذراع ".

ص: 134

وجاء في هامش المطالب العالية 2/25:

" في التوراة: أن الله إله واحد. وفي التوراة: أن الله ليس كمثله شئ. ففي الإصحاح السادس من سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها اليوم في قلبك، وكررها علي بنيك وكلمهم بها إذا جلست في بيتك، وإذا مشيت في الطريق، وإذا نمت وإذا قمت، واعقدها علامة علي يدك، ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها علي عضائد أبواب بيتك وعلي أبوابك. تثنية 6: 49 ترجمة اليسوعيين.

وفي الإصحاح الثالث والثلاثين سفر التثنية: لا كفء لله. وفي ترجمة البروتستانت: ليس مثل الله. ت: 26.

وقال موسي بن ميمون في دلالة الحائرين: إن ما ورد في التوراة مما يوحي بأن الله شبه إنسان بأعضائه وبصفاته، فذلك مؤول علي معني: أن الله يقرب ذاته إلي عقول الخلق، حديثه عن نفسه كأنه واحد منهم. أما هو فليس مثل إنسان وليس كمثله شئ، وذلك ليفهم الخلق ذات الله علي نحو قريب من تصوراتهم.

وما جاء عن مشبهة اليهود: أن الله يبكي علي خراب هيكل سليمان ويلعب مع الحيتان، فهو قول قال به سفهاء من اليهود لا وزن لهم عند الله ولا عند الناس " انتهي.

والمتأمل في التوراة يقبل مقولة هذا الباحث اليهودي القديم بأنها تشتمل علي عبارات في التوحيد شبيهة بالتوحيد الخالص الذي يقدمه القرآن، ولكن نصوص التشبيه والتجسيم فيها أكثر من نصوص التوحيد..

ص: 135

وهذا من الأدلة علي وقوع التحريف فيها، وأن أيدي سفهاء اليهود الذين ذكرهم وصلت إلي نصوص التوراة وملؤوها من تجسيمهم وتشبيههم.

وقد وجدنا في نسخة التوراة المذكورة النصوص التالية في التوحيد:

جاء في العهد القديم ص 98:

" فقال موسي لفرعون: عيّن لي متي، أصلي لأجلك ولأجل عبيدك وشعبك لقطع الضفادع عنك وعن بيوتك، ولكنها تبقي في النهر. فقال: غداً. فقال كقولك لكي تعرف أن ليس مثل الرب إلهنا. فترتفع الضفادع عنك وعن بيوتك وعبيدك وشعبك ".

وفي ص 100:

" لأني هذه المرة أرسل جميع ضرباتي إلي قلبك وعلي عبيدك وشعبك، لكي تعرف أن ليس مثلي في كل الأرض ".

وفي ص 493:

" لذلك قد عظمت أيها الرب الإله، لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا ".

وفي ص 530:

" مثلك، ولا إله غيرك، حسب كل ما سمعناه بآذاننا ".

وجاء في 2/43:

" أذكروا الأوليات منذ القديم، لأني أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي ".

ص: 136

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية

كتب العاملي موضوعاً بعنوان (البابا ينتقد الإسلام، لأنه ليس فيه تجسيم!!)، قال فيه:

البابا في عصرنا يصر علي التجسيم وينتقد التوحيد عند المسلمين!!

ويبحث عن (إله) مثل معبود ابن تيمية!!

حبذا لو أجابه الشيخ مشارك!

جاء في كتاب العبور إلي الرجاء، للبابا يوحنا بولس الثاني - والعبور إلي الرجاء هو: التسجيل الكامل لأول وأشمل حوار مع البابا للصحافي الإيطالي الكبير فيتوري ميسوري، لمناسبة ذكري مرور خمس عشرة سنة علي اعتلائه السدة البابوية - قال في الكتاب المذكور:

" بين (خلفاء القديس بطرس) يظهر أمام آلات التصوير والتسجيل ليجيب علي أسئلة ترك اختيارها لمبادرة حرة من قبل صحافي. وبعدما حصر البث بالمحطة الأولي ليلة الذكري، عرضت تلك المقابلة في كبريات المحطات العالمية. ويروي فيتوري ميسوري قصة المقابلة التي تمت بعدما قدم عشرين سؤالاً خطياًّ تشمل مختلف الموضوعات والقضايا الكبري، وتلقي مخطوطة الأجوبة عليها من مكتب البابا في نهاية شهر نيسان 1994. كما أن البابا وضع عنوان هذا الكتاب بنفسه.

الوثيقة:

نقتطف هنا جواب الحبر الأعظم علي سؤالين، يتصل أولهما بالعلاقة مع الدين الإسلامي، في حين يتصل الثاني بعلاقة المسيحية بالدين اليهودي، وقد

ص: 137

رأينا فيهما أكمل رأي للبابا في هذا المجال، خصوصاً وأنه بقلمه مباشرة. السؤال الأول: ما الفرق بين إله المسلمين وإله المسيحيين؟

الجواب: لا شك في أن القارية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالكنيس والمسجد حيث مجتمع الذين يعبدون الإله الواحد. نعم، صحيح ما تقوله، فالأمر يختلف في ما يتعلق بهاتين الديانتين التوحيديتين.

ففي الإعلان المجمعي (في عصرنا) الآنف الذكر، يمكننا أن نقرأ ما يأتي:

وتنظر الكنيسة أيضاً بتقدير إلي المسلمين الذين يعبدون الله الواحد، الحي القيوم، الرحمن القدير، الذي خلق السماء والأرض.

إن المؤمنين بالتوحيد هم بنوع خاص الأقرب إلينا. أتذكّر حدثاً من أحداث شبابي يوم كنا نزور دير القديس مرقس في فلورنسا، فقد وقفنا مندهشين معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو. في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا إعجابنا بذلك الراهب والفنان العظيم، غير أنه ما لبث أن أضاف: ولكن ما من شئ هنا يبلغ مدي جمال توحيدنا الإسلامي!

لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل زيارتنا برفقة ذلك الرجل، وأن نتابع معه نقاشاً ودياً.

لقد تذوقت سلفاً في تلك المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام والذي حاولنا أن نطوره منهجاً منذ المجمع.

من يطالع القرآن، وكان ملماً بالعهدين القديم والجديد يتبين له جلياً ما وقع فيه للوحي الإلهي من اختزال. ومن المستحيل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته بلسان الأنبياء أولاً في العهد القديم، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في

ص: 138

العهد الجديد. الغني الذي يتجلي في كشف الله لذاته، والذي يشكل تراث العهدين القديم والجديد، كل ذلك قد تغاضي عنه الإسلام!!

بالفعل، القرآن يصف الله بأجمل ما عرفه اللسان البشري من الأسماء الحسني، ولكنه في النهاية إلهٌ متعال عن العالم ذو جلال، لا (إلهنا معنا عمانوئيل).

ليس الإسلام دين فداء، فلا مجال فيه للصلب! يذكر عيسي، ولكن ليس إلا بوصفه نبياً، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد. كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول، ولكن لا ذكر لمأساة الفداء. لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية، لا علي الصعيد اللاهوتي فحسب، بل أيضاً علي الصعيد الإنتروبولوجي.

بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير، فلا يمكننا مثلاً إلا نعجب بالأمانة علي الصلاة. إذ أن الذي يسمي الرب (الله) يجثو علي ركبته غير آبه بالزمان أو بالمكان، مستغرقاً في الصلاة مرات عديدة في النهار. هذه الصورة تبقي نموذجاً لمن يعترفون بالله الحق، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم الرائعة ويصلون قليلاً، أو لا يصلون مطلقاً " انتهي.

أقول: السبب في تهمة البابا للإسلام بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب اليهود والنصاري عن الله تعالي، بل بيتُ القصيد عنده وإشكاله الأساسي علي الإسلام: أن القرآن يقرر أن الله تعالي ليس كمثله شئ، وأنه غير متجسد في وجود مادي في السماء أو الأرض، وبتعبيره:

لكنه في النهاية، إلهٌ متعال عن العالم، ذو جلال، لا " إلهنا معنا عمانوئيل ".

ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ البخاري وكتب ابن تيمية!! ليري أن ما يريده من نزول الله تعالي وصعوده وتجسده موجود فيها، وأن هذا البلاء الذي ابتلي به اليهود والنصاري، قد سري إلي أمتنا الإسلامية!!

ص: 139

فكتب (مشارك) بتاريخ 10-7-1999:

اليهود والنصاري كفار يا عاملي. ولكن الجهمية والحلولية أشد كفراً منهم، فتأمل!

فكتب العاملي في اليوم نفسه:

ليس كلامنا في الجهمية والحلولية، بل في البابا الذي يريد معبوداً مجسماً، كما يقول عمانوئيل!!! فقدِّمْ له معبود إمامك ابن تيمية، فقد يعجبه فيصير معك، أو تصير معه يا مشارك!!

فكتب (مشارك):

ليس عندنا إلا ما في كتاب الله وسنة رسوله يا عاملي، واطرح موضوعك عن الصفات وستري من يعرف الله، ومن يعرف العدم.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا أبي مشارك أن يدخل في بحث الصفات مقارنةً بما عند البابا، لأن صفات معبوده عين ما يطلبه البابا!! ولأن البابا أخذ توحيده من اليهود، وابن تيمية أخذه منهم أيضا ً!!

ص: 140

الفصل السادس: تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

اشاره

عناوين المواضيع:

تناقضات الألباني وابن تيمية!

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع!

قول ابن تيمية بفناء النار ودخول أهلها الجنة!!

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة!!

قول ابن تيمية بأن الله يُقعد النبي الي جنبه علي العرش!!

ابن تيمية يُكذب حديثاً متفقاً علي صحته في علي عليه السلام!!

ابن تيمية يُنكر المجاز في اللغة!!

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان!!

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه!

الألباني يخالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم!

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي!!

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي!!

الألباني يخالف ابن تيمية في التوسل إلي الله بالنبي والأولياء

ص: 141

ويخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله

ويخالفه في تجويز استعمال السبحة!

تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب!

الألباني يجوز الزنا علي نساء النبي صلي الله عليه وآله!

الخاتمة

ص: 142

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

كتب (عرفج) بتاريخ 21-8-1999، التاسعة صباحاً:

الأخ العزيز العاملي أعزه الله وأدام توفيقه: ما هو رأيكم بعلم السيد السقاف؟ حيث أجد جنابكم تهتمون بكتاباته ومؤلفاته. والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 22-8-1999، العاشرة ليلاً:

الأخ عرفج المحترم، بعد السلام عليكم:

العلامة حسن السقاف حافظ وباحث علي المذهب الأشعري، الذي يمثل أكثرية المسلمين في العالم.. وأتباع ابن تيمية يرددون دائماً أنهم يمثلون المسلمين وأهل السنة والجماعة! والسلف الصالح!!

وأبحاث السقاف ردود تخصصية عليهم، تُظهر أمرين مهمين:

الأول: أنهم لا يمثلون السلف ولا أهل المذاهب السنية حتي الحنابلة، بل هم امتداد لخط ضعيف في تاريخ المسلمين بدأ بكعب الأحبار ووهب بن منبه، ثم نما في عهد بني أمية، ثم التف أفراده حول مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعُرفوا فيما بعد بمجسمة الحنابلة! ثم كاد وجودهم ينتهي فأحياه ابن تيمية!

الثاني: أن فكرهم العقائدي والفقهي لا يقوم علي منهج وأصول مدونة مستدل عليها.. بل هو مذهب عقيدي وفقهي إلتقاطي تكثر فيه التناقضات.. ولذا

ص: 143

يضطر أصحابه إلي الكذب في نقولاتهم، والمراوغة في مؤلفاتهم، والجدل والمكابرة في مناظراتهم..

والشيخ سفر الحوالي في كتابه منهج الأشاعرة، مثلٌ لواحد من علمائهم الكذابين.

انتهي.

راجع ما كتبه العاملي بتاريخ 21-8-1999 تحت عنوان: السقاف يفضح المستوي العلمي لإمامهم الشيخ سفر الحوالي.

ص: 144

تناقضات الألباني و ابن تيمية

كتب العاملي موضوعاً في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 21- 8- 1999 الخامسة عصراً، بعنوان (السقاف يكشف التناقض بين الألباني وابن تيمية! فهل الحق مع الإمام القديم أو الجديد؟!)، قال فيه:

اطَّلعتُ علي موضوع كتبه السقاف، في تناقضات الألباني مع إمامه ابن تيمية! وهو أمرٌ لم يجرأ عليه أحد من أتباع ابن تيمية قبله!

وبما أن مسائل العقيدة ليست كمسائل الفقه التي لا يضرُّ اختلاف المجتهدين فيها.. فإن علي أتباع الإماميْن ابن تيمية والألباني، أن يحددوا موقفهم ويأخذوا بعقيدة الإمام القديم أو الإمام الجديد!

وأن يفسروا سبب هذه الجرأة الألبانية علي إمامهم السوري!

في ما يلي نص رسالة " البشارة والإتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الإختلاف ":

" أما بعد: فهذه رسالتنا المسماة ب- (النقول الواضحة الجلية في عرض إنكار الألباني في العقيدة علي ابن تيمية) أعرض فيها بعض ما وقفت عليه من مسائل عقائدية في التوحيد وقع الخلاف فيها بين ابن تيمية والألباني بشكل خاص وغيرهما من باقي أصحابهما بشكل عام. كما أعرض فيها بعض مسائل الفروع التي وقع الخلاف فيها بين من ذكرنا وهي قليلة هنا.

وكان السبب في تأليفها أنني التقيت بشاب ألباني المشرب فقال لي: لماذا تخالف الإمام ابن تيمية في بعض مسائل العقيدة وتشنع عليه؟!

ص: 145

فقلت له: هذا السؤال يجب أن توجهه إلي شيخك الألباني قبل أن توجهه لي، فإنه هو من جملة المشنعين والرافضين لبعض عقائد ابن تيمية في مسائل عديدة، ربما لو جمعها الإنسان زادت علي مائتي مسألة!

فقال: معقول؟! يا ليتني أقف عليها.

فقلت له: أنا أكتب لك رسالة في بعضها، ثم أتفرغ بإذن الله تعالي لتجميعها كلها ووضعها في كتاب كبير، أعرض لك فيه جميع المسائل العقائدية التي وقع الخلاف فيها بين مثل ابن تيمية وابن القيم والشوكاني ومن يقلدهم، أو كان علي مشربهم كالألباني وبعض من يدعي السلفية!!

هداهم الله تعالي إلي الحق وإلي الطريق المستقيم..

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع

فصل في عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية والألباني في قضية قدم العالم بالنوع وحوادث لا أول لها وهي من مسائل أصول الإعتقاد.

ذكر ابن تيمية في عدة مواضع من كتبه بأن الحوادث لا أول لها مع كونها مخلوقة لله تعالي!! من تلك المواضع الكثيرة قوله:

1 - في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله) علي هامش (منهاج سنته 1/245) ما نصه: قلت: هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث. انتهي.

2 - وفي كتابه شرح حديث عمران بن حصين صحيفة 193 ما نصه:

وإن قدر أن نوعها لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل بل هي من كماله. انتهي.

ص: 146

3 - وقال ابن تيمية أيضاً في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله 2/75) ما نصه: وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً. انتهي.

قلت: وقد أثبت العلماء ذلك علي ابن تيمية (1) ومنهم الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري 13/410، إذ قال عند ذكره لحديث: كان الله ولا شئ معه، ما نصه: وهو أصرح في الرد علي من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له علي هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب علي غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه علي التي في بدء الخلق لا العكس، والجمع يقدم علي الترجيح بالاتفاق. انتهي من (الفتح) فتأمل.

وقال في هذه المسألة الحافظ ابن دقيق العيد أيضاً كما في (الفتح 12/202) ما نصه: وقع هنا ممن يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلي الفلسفة (2) فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الإجماع، وتمسك بقولنا إن منكر الإجماع لا يكفر علي الإطلاق حتي يثبت النقل بذلك متواتراً عن صاحب الشرع، قال: وهو تمسك ساقط إما عن عمي في البصيرة أو تعامٍِ، لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل. انتهي من (الفتح) فتأمل.

ص: 147


1- ولا يمكن التفلت من هذا الأمر أو إنكاره وقد بسطناه بسطاً موسعاً في رسالتنا: التنبيه والرد علي معتقد قدم العالم والحد. فارجع إليها فإنها مهمة جداً.
2- ينبغي التنبيه هنا الي أن ابن تيمية كان معاصراً للحافظ ابن دقيق العيد قائل هذه العبارة، لا سيما والحافظ الذهبي يقول في رسالته زغل العلم - 23 عند الكلام علي المنطق والفلسفة وما أشبه ذلك: فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجر والتضليل والتكفير والتكذيب بحق وبباطل فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منوراً مضيئاً علي محياه سيما السلف ثم صار مظلماً مكسوفاً. انتهي.

وقد أنكر ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع – 168) أن يكون هناك إجماع علي أن الله لم يزل وحده ولا شئ معه غيره. وقد رد كلام ابن تيمية هذا الإمام المحدث العلامة الكوثري رحمه الله تعالي هناك بما يليق به.

رد الألباني عقيدة ابن تيمية بقدم العالم:

قال الألباني في (صحيحته 1/ 208) عن حديث: إن أول شئ خلقه الله تعالي القلم. ما نصه:

وفيه رد أيضاً علي من يقول بحوادث لا أول لها، وأنه ما من مخلوق الا ومسبوق بمخلوق قبله، وهكذا إلي ما لا بداية له، بحيث لا يمكن أن يقال: هذا أول مخلوق، فالحديث يبطل هذا القول ويعين أن القلم هو أول مخلوق، فليس قبله قطعاً أي مخلوق.

ولقد أطال ابن تيمية الكلام في رده علي الفلاسفة إثبات حوادث لا أول لها، وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول، ولا تقبله أكثر القلوب.

ثم قال الألباني بعد ثلاثة أسطر: فذلك القول منه غير مقبول، بل هو مرفوض بهذا الحديث، وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية. هذا المولج، لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام. فتأمل!!

ص: 148

وقال الألباني في شرحه المختصر للعقيدة الطحاوية، طبع المكتب الإسلامي، الطبعة الأولي 1398 ه- - 1978 م، ص 35 ما نصه:

فإني أقول الآن: سواء كان الراجح هذا أم ذلك، فالإختلاف المذكور يدل بمفهومه علي أن العلماء اتفقوا علي أن هناك أول مخلوق، والقائلون بحوادث لا أول لها مخالفون لهذا الإتفاق، لأنهم يصرحون بأن ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق، وهكذا إلي ما لا أول له، كما صرح بذلك ابن تيمية في بعض كتبه، فإن قالوا العرش أول مخلوق، كما هو ظاهر كلام الشارح، نقضوا قولهم بحوادث لا أول لها. وإن لم يقولوا بذلك خالفوا الإتفاق. فتأمل هذا فإنه مهم، والله الموفق. انتهي.

فالآن لمن نصغي في تصحيح هذه المسألة العقائدية التي هي من أصول الدين؟ لابن تيمية أم للألباني؟!! ومن الذي أخطأ منهما؟

وهل أدركتم الخلاف الواقع بينهما في هذه المسألة التوحيدية؟

قول ابن تيمية بفناء النار و دخول أهلها الجنة

ابن تيمية يقول (إن النار تفني) والألباني يخطئه فيها ويقول (إنها لا تفني)

وهي مسألة عقائدية خطيرة.

ثبت أن ابن تيمية يقول بفناء النار ويدعي أن في المسألة نزاعاً معروفاً عن التابعين ومن بعدهم فيها، والكل منا يعرف أن هذه المسألة من مسائل العقيدة لأنها لا تذكر في باب الوضوء من كتب الفقه ولا في باب الحيض والنفاس ولا في غير ذلك من الأبواب كالإجارة والنكاح وغيرها!! فإذن هي من مسائل

ص: 149

أصول الإعتقاد ومع ذلك جري الخلاف فيها بين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من جهة وبين الألباني من جهة أخري. وإليك ذلك باختصار:

1 - قال الألباني في مقدمة كتاب رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار لمحمد بن إسما عيل الأمير الصنعاني ص 7 ما نصه:

فأخذت في البطاقات نظراً وتقليباً، عما قد يكون فيها من الكنوز بحثاً وتفتيشاً، حتي وقعت عيني علي رسالة للإمام الصنعاني، تحت اسم: رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار. في مجموع، رقم الرسالة فيه: (2619)، فطلبته، فإذا فيه عدة رسائل، هذه الثالثة منها، فدرستها دراسة دقيقة واعية، لأن مؤلفها الإمام الصنعاني رحمه الله تعالي رد فيها علي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ميلهما إلي القول بفناء النار، بأسلوب علمي رصين دقيق، من غير عصبية مذهبية، ولا متابعة أشعرية ولا معتزلية، كما قال هو نفسه رحمه الله تعالي في آخرها.

وقد كنت تعرضت لرد قولهما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في (سلسلة الأحاديث الضعيفة في المجلد الثاني منه ص 71 - 75) بمناسبة تخريجي فيه بعض الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة التي احتجا ببعضها علي ما ذهبا إليه من القول بفناء النار، وبينت هناك وهاءها وضعفها، وأن لابن القيم قولاً آخر، وهو أن النار لا تفني أبداً، وإن لابن تيمية قاعدة في الرد علي من قال بفناء الجنة والنار.

وكنت توهمت يومئذ أنه يلتقي فيها مع ابن القيم في قوله الآخر، فإذا بالمؤلف الصنعاني يبين بما نقله عن ابن القيم أن الرد المشار اليه إنما يعني الرد علي من قال بفناء الجنة فقط من الجهمية دون من قال بفناء النار! وأنه هو نفسه أعني ابن تيمية يقول بفنائها، وليس هذا فقط!

ص: 150

بل وأن أهلها يدخلون بعد ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار!!

وذلك واضح كل الوضوح في الفصول الثلاثة التي عقدها ابن القيم لهذه المسألة الخطيرة في كتابه حادي الأرواح إلي بلاد الأفراح 2/167- 228.

وقد حشد فيها من خيل الأدلة ورجلها، وكثيرها وقلها، ودقها وجلها، وأجري فيها قلمه، ونشر فيها علمه وأتي بكل ما قدر عليه من قال وقيل، واستنفر كل قبيل وجيل، كما قال المؤلف رحمه الله.

ولكنه أضفي بهذا الوصف علي ابن تيمية، وابن القيم أولي به وأحري، لأننا من طريقه عرفنا رأي ابن تيمية، في هذه المسألة، وبعض أقواله فيها.

وأما حشد الأدلة المزعومة وتكثيرها، فهي من ابن القيم وصياغته، وإن كان ذلك لا ينفي أنه تلقي ذلك كله أو جله من شيخه في بعض مجالسه. انتهي. فتأملوا!!

وقال الألباني أيضاً في مقدمة (رفع الأستار) ص 25 ما نصه:

فكيف يقول ابن تيمية: ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة!

فكأن الرحمة عنده لا تتحقق إلا بشمولها للكفار المعاندين الطاغين!

أليس هذا من أكبر الأدلة علي خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسالة الخطيرة؟!. انتهيكلام الألباني.

قلت: ومن رجع إلي كتاب الأرواح لابن القيم، وما كتبه الألباني في مقدمة (رفع الأستار) يتحقق أن الألباني مخالف لابن تيمية وابن القيم ومن تبعهما في هذه المسألة العقائدية التي وصفها بأنها خطيرة، لا سيما وقد صرح بقوله كما تقدم.

ص: 151

(أليس هذا من أكبر الأدلة علي خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة؟!)

ومن العجيب الغريب أننا رأينا في هذه الأيام كتاباً لرجل معاصر مقلد لابن تيمية وهو يرد فيه علي الألباني تعديه بزعمه علي ابن القيم وابن تيمية سماه:

القول المختار لبيان فناء النار. واسم مؤلفه: عبد الكريم صالح الحميد طبع مطبعة السفير - الرياض الطبعة الأولي 1412 ه-!!

ويمكننا أن نجمل ما في الكتاب بنقل خلاصته المهمة وهي من ص 13- 14: قال عبد الكريم صالح الحميد - مقلد ابن تيمية - في رده علي الألباني ما نصه:

فصل: الباعث لكلامنا في هذه المسألة: كنت أسمع من يقول: في كتب ابن القيم أشياء ما تصلح مثل (حادي الأرواح) وغيره، والبعض يقول: لعل ذلك قبل اتصاله بشيخه أو أنه دخل عليه من ابن عربي، ولا أدري ما المراد ولكني أنفي أن يكون في كتب ابن القيم شئ ما يصلح! حتي وصلت إلي نسخة (رفع الأستار) للصنعاني وفيها مقدمة الألباني وتعليقه، فلما قرأت المقدمة عرفت السر الذي من أجله تكلم من تكلم بكتب ابن القيم فقد رأيت تهجماً عنيفاً من الألباني علي الشيخ وتلميذه لا صبر عليه، حيث قال: سقطا بما سقط به أهل البدع والأهواء من الغلو في التأويل وأن ابن القيم انتصر لشيخه في ذلك. وأن ابن تيمية يحتج لهذا القول بكل دليل يتوهمه ويتكلف في الرد علي الأدلة المخالفة له تكلفاً ظاهراً.

وقال: حتي بلغ بهما الأمر إلي تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل المعتزلة تماماً. حتي زعم أن تأويل المعتزلة والأشاعرة لآيات وأحاديث الصفات

ص: 152

كاستواء الله علي عرشه ونزوله إلي السماء ومجيئه يوم القيامة وغير ذلك من التأويل أيسر من تأويل ابن القيم النصوص من أجل القول بفناء النار.

وقال: فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية زلت به القدم فقال قولاً لم يسبق إليه ولا قام الدليل عليه. وغير ذلك من طعن الألباني وقدحه علي الشيخ وتلميذه في مقدمة (رفع الأستار).

فلذلك كتبت في المسألة دفاعاً عنهما وبياناً بأن الحق معهما وأنا علي بصيرة من ذلك حيث دعوت للمباهلة من أول المسألة.

وهناك خصم آخر لعبد الكريم صالح الحميد يدرس في جامعة أم القري بمكة صنف رسالة سماها: كشف الأستار لإبطال ادعاء فناء النار!!

حاول أن ينفي فيها القول بفناء النار عن ابن تيمية، مع أنه ثابت عنه كالشمس كما قال الألباني حفظه الله!!

ومنه يتبين أنهم يموجون في العقيدة ويضطربون كاضطراب الريح!! وهم متنازعون في هذه المسألة الإعتقادية!! فنقول الآن:

أين الحق في هذه المسألة العقائدية هل هو عند ابن تيمية وابن القيم القائلين بفناء النار؟ أم عند الألباني القائل ببقائها؟!!

ولماذا يختلف هؤلاء في أصول العقيدة فيما بينهم، وينعون علي غيرهم الإختلاف والمباينة عنهم في أصول عقيدتهم؟!!

تنبيه مهم:

ينبغي أن نعلم أن القول بفناء النار هو رأي الجهم بن صفوان كما تجد ذلك في (لسان الميزان 2/334 السطر الرابع من أسفل الطبعة الهندية في ترجمة أبي مطيع البلخي)، فالجهم بن صفوان هو سلف من يقول بفناء النار!

ص: 153

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة

فصل: ابن تيمية يثبت استقرار الله علي العرش ويجوز استقراره علي ظهر بعوضة والألباني يخالف عقيدة الاستقرار هذه ويعتبرها بدعة!!

إعلم أن ابن تيمية يقول باستقرار الله سبحانه وتعالي عما يقول، علي العرش، والألباني يخالف ذلك فيقول بأنه لا يجوز اعتقاد الإستقرار وإليك ذلك مختصراً:

قال ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية 1/568):

ولو قد شاء لاستقر علي ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف علي عرش عظيم أكبر من السموات والأرض، فكيف تنكر أيها النفاج أن عرشه يقله....

هامش: لا يستطيع أي انسان عاقل أن ينكر ذلك، ولا أن يقول ليس هذا كلام ابن تيمية إنما هو نقل، وذلك لأن ابن تيمية مقر مقرر لهذا الكلام لم ينكره بل هو حاض عليه!!

فقد ذكر ابن القيم في كتابه إجتماع الجيوش الإسلامية - 88 طبعة هندية ما نصه:

كتابا الدارمي: النقض علي بشر المريسي، والرد علي الجهمية، من أجلّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف علي ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية... يوصي بهما أشد الوصية ويعظمهما جداً، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما.

ص: 154

انتهي.. وقد أثبت هذه الفقرة حامد الفقي علي خلف صفحة الغلاف الداخلي لكتاب رد الدارمي علي بشر المريسي، فتنبه.

وكذلك صرح بلفظة الإستقرار التي لم ترد في كتاب ولا في سنة ابن عثيمين، حيث قال في (شرح لمعة الإعتقاد -41): هو استواء حقيقي معناه العلو والإستقرار... انتهي.

ردُّ الألباني علي ذلك:

قلت: وقد رد الألباني عقيدة الإستقرار هذه التي يقول بها ابن تيمية ومقلدوه بكل صراحة في مقدمة مختصر العلو - 17 الطبعة الأولي 1401 ه-، حيث قال:

ولست أدري ما الذي منع المصنف عفا الله عنه من الإستقرار علي هذه القول، وعلي جزمه بأن هذه الأثر منكر كما تقدم عنه، فإنه يتضمن نسبة القعود علي العرش لله عز وجل، وهذا يستلزم نسبة الإستقرار عليه لله تعالي وهذا مما لم يرد، فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلي الله عز وجل. انتهي.

فتأملوا جيداً!!

فهل الحق في هذه المسألة والصواب مع ابن تيمية الذي يثبت الإستقرار أم مع الألباني الذي ينفيه؟!! ولماذا يختلفان في هذا الأصل العقائدي الخطير؟! ومن منهما الذي أصابه في توحيد الأسماء والصفات، الإختلال؟!!

قول ابن تيمية بأن الله يقعد النبي الي جنبه علي العرش

فصل: ابن تيمية وابن القيم يقولان بقعود الله علي العرش والألباني ينكر عقيدة القعود.

ص: 155

قال الحافظ أبو حيان في تفسيره (النهر الماد 1/254) (1) ما نصه:

وقرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرنا وهو بخطه سماه كتاب العرش: أن الله تعالي يجلس علي الكرسي وقد أخلي منه مكاناً يقعد فيه معه رسول الله صلي الله عليه وسلم تحيل عليه التاج محمد بن علي بن عبد الحق البارنباري وكان أظهر أنه داعية له حتي أخذه منه وقرأنا ذلك فيه. انتهي. فتأمل!!

قلت: كتاب العرش هذا غير الرسالة العرشية المطبوعة.

وقد أثبت هذه العقيدة ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد 4/39.

حيث قال: فائدة: قال القاضي: صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي

صلي الله عليه وسلم وذكر فيه إقعاده علي العرش...

ثم قال ابن القيم بعده: قلت: وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير وهو قول أبي الحسن الدارقطني، ومن شعره فيه:

حديث الشفاعة عن أحمد *** إلي أحمد المصطفي مسنده

وجاء حديث بإقعاده *** علي العرش أيضاً فلا نجحده

أمروا الحديث علي وجهه *** ولا تدخلوا فيه ما يفسده

ولا تنكروا أنه قاعد *** ولا تنكروا أنه يقعده (2).

انتهي كلام ابن القيم من كتابه بدائع الفوائد.

ص: 156


1- طبع دار الفك - معتمد الطباعة والنشر والتوزيع: دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولي 1407 ه 1987 م.
2- ما شاء الله علي هذه العقيدة!! وهنيئاً لك يا ابن القيم بها!.

ألا يعتبر هذا من الإطراء المذموم الذي ينهي من يدعي السلفية غيرهم عنه؟! والذي نهانا عنه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ والذي فيه التشبيه بعقيدة النصاري القائلين أن لله ولد!!

ورحم الله البوصيري حيث قال:

دع ما ادعته النصاري في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

ومن المؤسف له جداً أن بعض المعاصرين الذين لا يميزون بين النقير والفتيل!! يذكر هذا عن ابن القيم ويعتبرها خصوصية عجيبة وغريبة!!

فيا للغرابة ويا للعجب!! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

إنكار الألباني لذلك ورده عليه:

إعلم أن الألباني رد هذه العقيدة في مقدمة (مختصر العلو - 20)، حيث قال: قلت: وقد عرفت أن ذلك لم يثبت عن مجاهد، بل صح عنه ما يخالفه كما تقدم.

وما عزاه للدار قطني لا يصح إسناده كما بيناه في (الأحاديث الضعيفة - 870) (1) وأشرت إلي ذلك تحت ترجمة الدار قطني الآتية.

وجعل ذلك قولاً لابن جرير فيه نظر.

ثم قال الألباني في آخر تلك الصحفية وخلاصة القول: أن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة، ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فيا ليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للإحتجاج به، ولم يتردد فيه. انتهيكلام الألباني فتأمل!!

ص: 157


1- قلت: الصواب برقم (865) من الطبعة الثانية سنة 1404 ه- والنظر التعليقات علي كتاب البرهان في رد البهتان والعدوان الذي نشره المكتب الإسلامي - زهير الشاويش - بإشراف أعضاء قسم التصحيح في المكتب الإسلامي - الطبعة الأولي 1413 ه- ص 37. وتأمل.

فالآن من هو المحق: ابن تيمية وابن القيم اللذان يثبتان قعود الله علي العرش وإقعاد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يوم القيامة بجنبه؟

أم الألباني النافي لذلك الذي يقول: لا يجوز أن يتخذ هذا ديناً وعقيدة؟! تفكروا في الأمر جيداً!! وأفيدونا يرحمكم الله؟!

ابن تيمية يكذب حديثا متفقا علي صحته في علي

فصل: الألباني يصف ابن تيمية بأنه جريء علي تكذيب الحديث الصحيح.

أورد ابن تيمية حديثاً في (منهاج سنته 4/86) فيه فضل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فادعي بأنه لم يصح اعتماداً علي ابن حزم حيث قال ابن تيمية: وأما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته.

ثم قال نقلاً عن ابن حزم بزعمه قال: وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً. انتهي.

قلت: هذا الحديث متواتر، نص الذهبي علي ذلك في سير أعلام النبلاء 8/335).

ص: 158

رد الألباني علي ابن تيمية في هذه المسألة:

قال الألباني في (صحيحته 5/263):

فمن العجيب حقاًّ أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية علي إنكار هذا الحديث وتكذيبه في (منهاج السنة 4/104) كما فعل بالحديث المتقدم هناك.

ثم قال في الأخير: فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث، إلا التسرع والمبالغة في الرد علي الشيعة.... انتهي كلام الألباني فتأمل!!

تنبيه مهم جداً:

الألباني لا يعول علي تصحيح ابن تيمية ولا علي تضعيفه للأحاديث بل ينصح طلاب العلم أن ليعولوا عليه أيضاً ويؤكد الألباني عليهم ذلك!

ومن أمثلته: قوله في (صحيح الكلم الطيب) لابن تيمية صحيفة (4) الطبعة الرابعة 1400 ه- ما نصه:

أنصح لكل من وقف علي هذا الكتاب أو غيره أن لا يبادر إلي العمل بما فيه من الأحاديث إلا بعد التأكد من ثبوتها، وقد سهلنا له السبيل إلي ذلك بما علقناه عليها، فما كان ثابتاً منها عمل به وعض عليه النواجذ وإلا فاتركه. انتهي. فتأمل!!

فالألباني يقول بصراحة: ارجعوا لي في الحديث ولا ترجعوا إلي شيخ الإسلام! ابن تيمية!! فيا للعجب!!

فعلي من ينبغي أن يعول طلاب العلم؟ علي تصحيحات وتضعيفات ابن تيمية أم الألباني؟! انتهي.

ابن تيمية ينكر المجاز في اللغة

ص: 159

فصل: ابن تيمية ينكر المجاز وبعض المتعصبين له يبالغون فينكرون المجاز في القرآن والألباني يثبته.

إعلم يرحمك الله تعالي أن ابن تيمية أنكر المجاز وبين بطلان تقسيم اللفظ إلي حقيقة ومجاز كما أثبت بطلان قول من قال: إن اللفظ إذا لم يكن معه قرينة دل علي أنه حقيقة وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز.

وله في ذلك نصوص كثيرة منها قوله في كتاب الإيمان - 109:

وقولهم: اللفظ إن دل بلا قرينة فهو حقيقة، وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز، فقد تبين بطلانه. انتهي.

وتلميذ ابن تيمية وهو ابن القيم يعتبر المجاز في كتابه الصواعق المرسلة علي الجهمية والمعطلة، طاغوتاً، فيقول، كما في مختصر الصواعق المرسلة أول الجزء الثاني ما نصه:

فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز!

مع أن اسم كتاب ابن القيم مجازي لأن كتابه ليس صواعق!!

ومن راجع قواميس اللغة لن يجد أن معني صواعق هو كتاب أو مصنف لابن القيم!! مع أن ابن القيم متناقض في هذه المسألة لأنه أثبت المجاز في القرآن وجاء له بأمثلة، وكذا في لغة العرب بكل توسع في كتابه الفوائد المشوقة الي علوم القرآن وعلم البيان.

أنظر الفوائد المشوقة -10، 12 وما بعدها! وتأمل! فيا للعجب!!

مخالفة الألباني لابن تيمية في هذا:

قال الألباني في مقدمة مختصر العلو – 23 في الحاشية ما نصه:

ص: 160

قرائن المجاز الموجبة للعدول إليه عن الحقيقة ثلاث:

العقلية: كقوله تعالي: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها أي أهلهما. ومنه: واخفض لهما جناح الذل.

الثانية: الفوقية مثل: يا هامان ابن لي صرحاً. أي مُر من يبني، لأن مثله مما يعرف أنه لا يبني.

الثالثة: نحو: مَثَلُ نوره. فإنها دليل علي أن الله غير النور.

قال أهل العلم: وإمارة الدعوة الباطلة تجردها عن أحد القرائن.

أنظر إيثار الحق علي الخلق - 166، 167 للعلامة المرتضي اليماني. انتهي. فتأمل!!

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان

فصل: في عرض اختلافهم في اثبات الصورة في حديث (خلق الله آدم علي صورة الرحمن).

إعلم يرحمك الله تعالي أن ابن تيمية يقول بثبوت حديث أن الله خلق آدم علي صورة الرحمن. بهذا اللفظ في كتابه التأسيس في رد أساس التقديس. وهذا الذي يتبناه أتباعه أو مقلدوه الآن حتي ألّف أحدهم وهو حمود التويجري كتاباً في إثبات ذلك سماه: عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم علي صورة الرحمن (1) وقرظه له عبد العزيز بن باز كما يجده مطالع الكتاب في الصفحات الأولي.

ص: 161


1- ولا أتصور أن هناك منزه أو موحد يتخيل أن سيدنا آدم عليه السلام وبالتالي ذريته التي تشبهه مخلوقة علي صورة الرحمن سبحانه وتعالي!! وإذا لم تكن هذه العقيدة هي التشبيه والتجسيم بعينه، فما أدري ما هو التشبيه والتجسيم بعد ذلك!! نسأل الله تعالي الهداية منه!! وعلي كل حال فالذي ينبغي علمه هنا أن حمود التويجري رد علي الألباني تضعيفه لهذا اللفظ الوارد في الحديث الذي فيه: علي صورة الرحمن، وأثبته حيث قال ص 21 من الكتاب الآنف الذكر: وقد ادعي الألباني في تعليقه علي كتاب السنة لابن أبي عاصم أن هذا المرسل أصح من الموصول، وهذه دعوي لا دليل عليها فلا تقبل. انتهي.

وقال التويجري ص 22 أيضاً:

والجواب عن هذ التعليل من وجوه أحدها أن يقال: إن العلل التي ذكرها ابن خزيمة والألباني واهية جداً. وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في كتابه الذي سماه نقض أساس التقديس، ما رواه الخلال عن إسحاق بن راهوية، ثم قال: فقد صحح إسحاق حديث ابن عمر مسنداً خلاف ما ذكره ابن خزيمة. انتهي.

قال في ص 25:

فلا ينبغي أن يلتفت إلي تضعيف ابن خزيمة له فضلاً عن تضعيف الألباني له تقليدا لابن خزيمة... انتهي.

ردُّ الألباني علي ذلك صريحاً:

قلت: أورد هذا الحديث الألباني في (ضعيفته) المجلد 3 برقم (1175) و (1176) وحكم علي الأول بأنه منكر وعلي الثاني بأنه ضعيف ثم ختم بحثه في الحديث الثاني بقوله:

وهو ضعيف من طريقيه، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة. انتهي. فتأملوا!!

ص: 162

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه

فصل: في عرض الخلاف بينهم في معية الله تعالي فبعضهم يقول هو مع خلقه حقيقة وبعضهم ينفي ذلك ويراه بدعة.

أثبت ابن تيمية ومن تبعه بأن صفة العلو أو الفوقية فوقية حقيقية وأن معية الله تعالي لخلقه بالعلم، فقال في كتابه الرد علي أساس التقديس 1/111: والباري سبحانه وتعالي فوق العالم فوقية حقيقية ليست فوقية الرتبة. انتهي.

وقد اختلف في ذلك اثنان من أتباع ابن تيمية أو مقلديه وإليك ذلك:

قال ابن عثيمين في كتابه الذي سماه عقيدة أهل السنة والجماعة - 9 (1) ما نصه:

ومن كان هذا شانه كان مع خلقه حقيقة وان كان فوقهم علي عرشه حقيقة، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. انتهي.

وقال في فتوي له - ابن عثيمين - بتاريخ 24-6-1403 ما نصه: فعقيدتنا أن لله تعالي معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي احاطته بكل شئ علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً... الخ.

ثم قال: قال مقرراً له ومنشرحاً له صدره ولله الحمد محمد الصالح العثيمين في 24-6- 1403 ه-.

وقد رد عليه المدعو علي بن عبد الله الحواس في رسالة سماها: النقول الصحيحة الواضحة الجلية عن السلف الصالح في معني المعية الإلهية الحقيقية، وهو مطبوع في الرياض مطابع الخالد!!

ص: 163


1- طبع مكتبة المعارف - الرياض توزيع: دار الكتب السلفية بالأزهر القاهرة. وفي مقدمتها تقريظ لابن باز وقد بلغنا أن مؤلف كتاب عقيدة أهل الايمان، له كتاب في تحريم الأكل بالملاعق!! فسبحان قاسم العقول!!.

وكذلك رد عليه عبد الله بن إبراهيم القرعاوي في رسالته الأقوال السلفية النقية ترد علي من قال ان معية الله ذاتية، مطبوعة في مطابع الخالد للأوفست الرياض. فتأملوا!

رد الألباني علي ذلك:

قال الألباني في شرحه وتعليقه!! علي العقيدة الطحاوية ص 28 ما نصه: المعطلة الذين ينفون علوه تعالي علي خلقه، وأنه بائن من خلقه. بل يصرح بعضهم بأنه موجود بذاته في كل الوجود! انتهي.

قلت: فتأملوا الآن كيف يثبت بعضهم لله تعالي معية ذاتية لخلقه وبعضهم ينفيها ويرد علي من يقول بها!! فسبحان الله تعالي وبحمده!!

الالباني يحالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

فصل: في عرض اختلافهم في سماع الأموات ابن القيم يثبت ذلك تبعاً لشيخه ابن تيمية والألباني ينفي ذلك.

ذكر ابن القيم في كتابه الروح، في المسألة الأولي منه أن الميت يسمع سلام من يسلم عليه واحتج له بأحاديث منها الحديث الصحيح المشهور الذي فيه: إن

ص: 164

الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه. وهو في صحيحي البخاري ومسلم.

ثم قال: فإن السلام علي من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال، وقد علم النبي صلي الله عليه وسلم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية.

وهذا السلام والخطاب والنداء الموجود يسمع، ويخاطب، ويعقل، ويرد، وان لم يسمع المسلم الرد، وإذا صلي قريباً منهم شاهدوه، وعلموا صلاته، وغبطوه علي ذلك. انتهي كلام ابن القيم.

رد الألباني علي هذا الأمر واختلافه مع ابن القيم وابن تيمية فيه:

قال الألباني في مقدمة كتاب نعمان الآلوسي الآيات البينات في عدم سماع الأموات، الذي حققه! وقدم له! صفحة (أ) ما نصه:

أما بعد فهذه هي الطبعة الثالثة من كتاب الآيات البينات للشيخ نعمان الآلوسي بتحقيقي وتخريجي، في ثوب جديد قشيب، قام عليها الأخ الفاضل الأستاذ زهير الشاويش، جزاه الله خيراً، رغبةً منا في توسيع دائرة نشره وتوزيعه في البلاد الإسلامية، بعدما تبين للعديد من أهل الفضل والعلم أهمية موضوعه، واحتياج الجماهير إلي الإطلاع عليه، لا سيما من كان منهم لا يزال يعيش في أوحال الجاهلية الأولي، من الإستغاثة بغير الله والإستعانة بالأنبياء والصالحين الأموات وغيره من عباد الله، متوهمين أنهم يسمعونهم حين ينادون...!! انتهي كلام الألباني.

ص: 165

فهل يا أستاذ ألباني تعتبر وتعد ابن القيم أيضاً ممن كان يعيش في أوحال الجاهلية الأولي؟!! وهل كان الحق مع ابن القيم حينما أثبت سماع الأموات بالأحاديث الصحيحة، أم الحق معك حينما نفيت سماع الأموات وأولت تلك الأحاديث؟!! راجعوا رسالة الإغاثة بأدلة الإستغاثة!!

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم

فصل: ابن تيمية يدعي بأن المشبهة طائفة غير مذمومة والألباني يتظاهر بذم هذه الطائفة.

من أعجب ما قرأنا قول ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية، أو نقض أساس التقديس!! 1/ 109، ما نصه:

وإذا كان كذلك فإسم المشبهة ليس له ذكر بذم في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين... انتهي.

وقال قبل ذلك ص 100 - 101 ناقلاً مقراً: والموصوف بهذه الصفات لا يكون إلا جسماً فالله تعالي جسم لا كالأجسام.

وقال ص 101: وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم، وأن صفاته ليست أجساماً وأعراضاً، فنفي المعاني الثابتة بالشرع بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل جهل وضلال انتهي.

تظاهر الألباني بمخالفة ابن تيمية في هذه العقيدة:

قلت: خالف الألباني ابن تيمية في هذه العقيدة فقال في شرحه وتعليقه!! علي العقيدة الطحاوية ص 28 ذاماًّ المشبهة والمجسمة ما نصه:

ص: 166

والمشبهة إنما زلوا لغلوهم في إثبات الصفات وتشبيه الخالق بالمخلوق سبحانه وتعالي (1)، والحق بين هؤلاء وهؤلاء إثبات بدون تشبيه، وتنزيه بدون تعطيل. وما أحسن ما قيل: المعطل يعبد عدماً، والمجسم يعبد صنماً. انتهي.

وله عبارات غير ذلك يجدها من يبحث عنها!!

فهل أصاب ابن تيمية حينما نفي ذم السلف للمجسمة، أم أصاب الألباني عندما قال والمجسم يعبد صنماً؟!! فاللهم هداك!!

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي

فصل: ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي والألباني ينفيها مدعياً عدم ثبوتها.

قال ابن تيمية في كتابه موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 2/4 المطبوع علي هامش سنته، ما نصه:

وأئمة السنة والحديث علي إثبات النوعين وهو الذي ذكره عنهم من نقل مذهبهم كحرب الكرماني وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهما، بل صرح هؤلاء بلفظ الحركة، وأن ذلك هو مذهب أئمة السنة والحديث من المتقدمين والمتأخرين.

ص: 167


1- كقولهم إن صورة آدم علي أو مثل صورة الرحمن تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً و سبحان ربك رب العزة عما يصفون.

ثم قال: وقال عثمان بن سعيد وغيره إن الحركة من لوازم الحياة فكل حي متحرك، وجعلوا نفي هذا من أقوال الجهمية نفاة الصفات الذين اتفق السلف والأئمة علي تضليلهم وتبديعهم. انتهي.

أقول: فهذا كلام صريح بسبك وترتيب غريب يبرهن علي أن ابن تيمية يقول بعقيدة الحركة وأن ذلك مذهب أهل السنة وأن كل من نفاها فهو ضال مبتدع جهمي!! ويا هل تري ما موقف الألباني من عقيدة الحركة هذه؟!

تصريح الألباني بعدم ثبوت الحركة ورده لهذه العقيدة:

قال الألباني في مقدمة كتاب مختصر العلو - 16، ناقلاً كلام العلامة المحدث الكوثري مقراً له ما نصه:

ويقولون في الله ما لا يجوزه الشرع ولا العقل من إثبات الحركة له تعالي والنقلة، ويعني بهما النزول. والحد والجهة، يعني العلو. والقعود والإقعاد فيعني هذا الذي نحن في صدد بيان عدم ثبوته. انتهي. فتدبروا!!

فهل يعتقد أحد ثبوت لفظ الحركة صفة لله تعالي؟! والسلف يقولون: لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه؟! وأين لفظة الحركة في القرآن الكريم، أو السنة المطهرة؟!! اللهم هداك!!

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي

فصل: في عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية والذهبي والألباني في مسألة الحد.

كان الذهبي في أول حياته أيام شبابه في سن (العشرينات) قد تأثر بابن تيمية فصنف بعض التصانيف التي فيها ما يؤيد فكر ابن تيمية، ثم رجع عن أكثر ذلك

ص: 168

في كتبه المتأخرة وخاصة سير أعلام النبلاء، أما كتابه العلو، فقد ألفه وهو ابن خمس وعشرين سنة أي قبل وفاته بنحو خمسين سنة، ولذلك نجده يخالف ما فيه كما يخالف أيضاً ابن تيمية بل يرد عليه ويخطئه في كثير من المواضع في (سير أعلام النبلاء)، وما رسالة زغل العلم والطلب، و النصيحة الذهبية، عنا ببعيد.

وهذه الرسالة ثابتة رغم أنف من يحاول نفيها!! ورغم أنف من يقول بأنها ليست من تصانيف الذهبي!! وهي تقع في ورقة واحدة وهي مشهورة باسم القبان. ذكرها الحافظ السخاوي في كتابه الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ طبعة دار الكتب العلمية ص 307.

ومن تلك المسائل التي وقع الخلاف أخيراً فيها بين ابن تيمية ومقلده الألباني وبين الذهبي مسألة إثبات الحد لله سبحانه وتعالي عما يقولون ويصفون.

فابن تيمية يثبتها ويكفر منكر الحد لله تعالي والذهبي ينكرها في آخر حياته بل ويعتبر اثارتها قبل ذلك بدعة. وإليك ذلك موضحاً:

قال ابن تيمية في (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 2/29) المطبوع علي هامش (منهاج سنته) ما نصه:

فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل علي الحد ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله.

فهذا نص صريح من ابن تيمية فيه تكفير كل من لم يعترف أو يؤمن بالحد، ومقابل هذا نجد الحافظ الناقد الذهبي يقول في سير أعلام النبلاء 16/97) ما نصه:

ص: 169

وتعالي الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعني الذي أراد بلا مثل ولا كيف، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. انتهي. فتأملوا!!

وتحايد الألباني المسألة لأنه لم يفهمها جيداً فمر بها في تخريجه (لشرح الطحاوية) فلم يعلق بشئ!! والمنقول لنا عنه من طرق عن بعض مريديه!! أنه ينكر الحد كالحافظ الذهبي، فالله تعالي أعلم!!

الالباني يخالف ابن تيمية في التوسل الي الله بالنبي والأولياء

فصل: في عرض الخلاف الواقع بين هذه الطائفة في التوسل، ابن تيمية اختلف قوله فيه، والشوكاني يجيزه والألباني يحرمه.

أما مسألة التوسل فقد اختلف آراء دعاة السلفية فيه بشكل ملحوظ مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد! وليست كذلك قطعاً.

أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، التوسل - ومرادنا التوسل بالذوات - ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير في البداية والنهاية 14/45 حيث قال:

قال البرزالي (1): وفي شوال منها شكا الصوفية بالقاهرة علي الشيخ تقي الدين وكلموه في ابن عربي وغيره إلي الدولة، فردوا الأمر في ذلك إلي القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعي عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شئ، لكنه قال: لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي إستغاثة بمعني العبارة - ولعلها العبادة -، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلي الله، فبعض الحاضرين قال ليس عليه

ص: 170


1- هو الحافظ ابو محمد القاسم بن البهاء محمد الدمشقي البرزالي ترجم في (طبقات الحفاظ) للسيوطي ص 256.

في هذا شئ، ورأي القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب. انتهي. فتأمل!!!

وأما الشوكاني فقد أجاز التوسل في كتابه تحفة الذاكرين، كما يعلم ذلك القاصي والداني.

ففي صحيفة 37 من كتاب الشوكاني تحفة الذاكرين، طبع دار الكتب العلمية، عقد باباً سماه: وجه التوسل بالأنبياء وبالصالحين، ثم قال:

قوله: ويتوسل إلي الله سبحانه بأنبيائه والصالحين. أقول: ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي. انتهي.

وأصرح من هذا ما ذكره الشوكاني ص 138 في: باب صلاة الضر والحاجة حيث قال ما نصه:

وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الله عز وجل مع إعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي. انتهي.

وقد نص الشوكاني أيضاً علي جواز التوسل ورد علي ابن تيمية في كتابه الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، فليرجع إليه من شاء.

وأما الألباني فمنع ذلك واعتبره من الضلال في كتابه التوسل أنواعه وأحكامه، كما هو مشهور ومعلوم مع أنه قال في مقدمة (شرح الطحاوية ص 60 الطبعة 8) أن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة وهذا خلاف ما يقوله كثير من أدعياء السلفية. فتأملوا يا ذوي الأبصار!!

ص: 171

و يخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي

فصل: ابن تيمية يمنع زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم والذهبي يخالف ذلك في (السير) ويرد عليه.

ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/66) عند الكلام علي حديث: لا تشد الرحال:

أن تيمية يقول بتحريم شد الرحل إلي زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم!!

وذكر ابن حجر أنه أنكر ذلك علي ابن تيمية وأن ذلك من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية، وإليك نصه بحروفه من الموضع المشار إليه آنفاً:

والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلي زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية!!

ومن جملة ما استدل به علي دفع ما ادعاه غيره من الإجماع علي مشروعية زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلي الله عليه وسلم!! وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلي ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلي الصواب. انتهي.

وقال الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء 4/484) راداً علي ابن تيمية ما نصه:

ص: 172

فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلاً مسلماً، مصلياً علي نبيه، فيا طوبي له فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذليل والحب، وقد أتي بعبادة زائدة علي من صلي عليه في أرضه أو في صلاته، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط.

فمن صلي عليه واحدة صلي الله عليه عشراً، ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة، أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع، فهذا فعل حسناً وسيئاً فيعلم برفق والله غفور رحيم، فوالله ما يحصل الإنزعاج لمسلم، والصياح وتقبيل الجدران، وكثرة البكاء، إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار. فزيارة قبره من أفضل القرب، وشد الرحال إلي قبور الأنبياء والأولياء، لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: لا تشدوا الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد، فشد الرحال إلي نبينا صلي الله عليه وسلم مستلزم لشد الرحل إلي مسجده، وذلك مشروع بلا نزاع، إذ لا وصول إلي حجرته إلا بعد الدخول إلي مسجده، فليبدأ بتحية المسجد، ثم بتحية صاحب المسجد، رزقنا الله وإياكم ذلك آمين. انتهي.

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط معلقاً علي كلمة الذهبي هذه في سير أعلام النبلاء 4/485 ما نصه:

قصد المؤلف رحمه الله بهذا الإستطراد الرد علي شيخه ابن تيمية الذي يقول بعدم جواز شد الرحل لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم ويري أن علي الحاج أن ينوي زيارة المسجد النبوي كما هو مبين في محله.

انتهي. فتأملوا!!

و يخالفه في تجويز استعمال السبحة

ص: 173

فصل: عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية في استعمال السبحة ونصه علي أنها حسنة وبين الألباني التي يراها بدعة ضلالة.

هذه المسألة من الفرعيات وليست من الأصول، أحببت أن أوردها في هذه الرسالة الصغيرة المتواضعة، لكي ألفت أنظار طلاب العلم إلي أنه كما اختلف رأي ابن تيمية والألباني وغيرهما من دعاة السلفية في أصول الإعتقاد كذلك اختلفوا في فروع المسائل الفقهية، فلا ندري بعد ذلك لماذا يحارب الألباني!! ويعادي!! ويشتم!! ويضلل!! كل من يخالفه في أي مسألة سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ويتناسي الخلاف العقائدي القائم بينه وبين ابن تيمية في الرأي!! وما الذي أسكته عن تضليل ابن تيمية كما يضلل باقي خصومه ولا يتلطف معهم تلطفه مع ابن تيمية وأمثاله.

أهو الدرهم والدينار العائد من العمليات التجارية في البلدان التي تعشق ابن تيمية وتعتبره إمام الأئمة، أم ماذا؟!! نأمل أن يجيب الألباني المسلمين عن هذا الإشكال الذي يقول لسان حاله فيه: دارهم ما دام كتابك يشتري في دارهم!! وهل فقد الألباني الشجاعة العلمية والأدبية لأن يصرح في حق ابن تيمية ما يصرح في حق خصومه الآخرين؟!!

مسألة السبحة:

قال ابن تيمية في (فتاواه 22 /506) ما نصه:

وعد التسبيح بالأصابع سنة، قال النبي للنساء: سبحن، واعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات مستنطقات. وأما عده بالنوي والحصي ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، وقد رأي النبي أم المؤمنين تسبح بالحصي، وأقرها علي ذلك. وروي أن أبا هريرة كان يسبح به. وأما

ص: 174

التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فقال فيه هو حسن غير مكروه. انتهيكلام ابن تيمية.

وقال الشوكاني في كتابه نيل الأوطار 2/53 ما نصه:

والحديثان الآخران - أي حديث السيدة صفية وسيدنا سعد - يدلان علي جواز عد التسبيح بالنوي والحصي، وكذا بالسبحة، لعدم الفارق، لتقريره صلي الله عليه وسلم للمرأتين علي ذلك وعدم إنكاره، والإرشاد إلي ما هو أفضل لا ينافي الجواز. انتهي.

إنكار الألباني للسبحة أشد الإنكار:

لقد اعتبر الألباني السبحة بدعة منكرة ووصف من ألف في بيان سنيتها بأنه من أهل الأهواء! كما تجد ذلك أثناء كلامه وتخريجه! لحديث: نعم المذكر السبحة. المجلد الأول من (ضعيفته 1/ 110 - 117 من الطبعة القديمة، و 1/ 4 - 193 من الطبعة الجديدة)!!

فتأملوا كيف لا يعد ابن تيمية والشوكاني من أهل الأهواء ويعد العلماء المعاصرين الذين يقولون بسنيتها اليوم من أهل البدع والأهواء!!!

فلماذا المحاباة؟!! عافي الله الألباني من هذه المحاباة (1).

عرف من هو المحابي حقاً! ولله في خلقه شؤون.

ص: 175


1- ومن رجع إلي مقدمته الجديدة للجزء الأول من (ضعيفته - 35) ورأي كيف عاب علي الشيخ إسماعيل الأنصاري محاباته كما يدعي!! لابن عمه حماد الأنصاري وتأمل في باقي أعمال هذا اللوذعي!!.

تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب

فصل: فائدة مهمة: تضليل الألباني لسيد قطب، بعدما أثني عليه!

كان الألباني قد أثني علي سيد قطب في مقدمة (مختصر العلو -60 الطبعة الأولي - المكتب الاسلامي) فقال عنه هناك ما نصه:

ولقد تنبه لهذا أخيراً بعض الدعاة الإسلاميين، فهذا هو الأستاذ الكبير سيد قطب رحمه الله تعالي فإنه بعد أن قرر تحت عنوان: جيل قرآني جديد.

انتهي. وهذا الكلام كتبه الألباني في دمشق - 8 جماد سنة 1392 ه- ويوافق ذلك سنة 1972 م تقريباً.

كما تجد ذلك في صحيفة رقم (78) من مقدمة (مختصر العلو)!!

ثم عاد ذاماَّ له بل مضللاً! ونسخ كلامه السابق الآنف الذكر (1) حيث رمي سيد قطب بالحلول والإتحاد وب- (وحدة الوجود) وذلك أنه نشرت مقابلة مع الألباني في مجلة المجتمع العدد (520) المؤرخ في 11 جمادي الأولي سنة 1401 ه- يقول فيها:

إن قول سيد قطب في تفسيره سورة الإخلاص وأول سورة الحديد، هو عين قول القائلين بوحدة الوجود. حيث قال ما نصه كما في ص 23 - مجلة المجتمع:

ظاهر كلامه تماماً انه لا وجود الحق، وهذا هو عين القائلين بوحدة الوجود، كل ما تراه بعينك فهو الله، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات ليست شيئاً غير الله، وعلي هذا تأتي بعض الروايات التي تفصل هذه الضلالات الكبري بما يري بعض الصوفيين. انتهي. فتأملوا.

وهذا الكلام حصل من الألباني بعد الثناء علي سيد قطب بعشر سنوات تقريباً، فيكون تضليله لسيد قطب وطعنه فيه ناسخاً لثنائه عليه حسب التاريخ وحسبما

ص: 176


1- كما نسخ كلامه في الثناء عن الشاويش بذمه في كتبه الجديدة المبينة تواريخها! فتأملوا!.

تقتضيه قواعد علم أصول الفقه في باب الناسخ والمنسوخ!! وقد رد علي الألباني الشيخ عبد الله عزام في مجلة المجتمع في ثلاثة أعداد وهي 526 و527 و528 وافتتح مقاله الأول في العدد 526 بقوله:

هزني من أعماقي: ولقد هزني في أعماقي أن تنشر المجتمع علي صفحاتها هذا الكلام لقرائها في العالم. والمجتمع بالهيئة المشرفة عليها تدرك أن قراءها هم تلاميذ الأستاذ سيد قطب.

ولقد حز في النفوس أن ينسب هذا الكلام (القول بوحدة الوجود) إلي الأستاذ سيد قطب الذي جلي حقيقة التوحيد من كل غبش... انتهي.

وقال عبد الله عزام في العدد التالي (للمجتمع) رقم 527 صحيفة 23 - 24:

هذه العبارات تشبه عبارة سيد قطب التي حملوها فوق ما تحمل، وفسروها تفسيراً يفضي إلي الكفر، كما يقول الألباني: نحن لا نحابي في دين الله أحداً نقول هذا الكلام كفر. انتهي. فتأملوا (1).

الالباني يجوز الزنا علي نساء النبي

ص: 177


1- فمن تأمل هذا جيداً وقرأ تلك الأعداد المشار إليها من مجلة المجتمع عرف يقيناً أن ما أملاه الألباني علي بعض غلمانه في الرد علينا في كتاب أسماه بالإيقاف لا قيمة له وفيه تدليس وتغرير لا يخفي!! والله المستعان! وعلي نفسها جنت براقش!!.

فصل: الألباني يقول بأن أمهات المؤمنين وزوجات الأنبياء غير محفوظات من الزنا والفاحشة وتلميذه القديم الشيخ محمد نسيب الرفاعي ينكر ذلك ويرد عليه في كتاب مستقل.

زعم الألباني أن أمهات المؤمنين وزوجات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجوز عليهن الزنا والعياذ بالله تعالي (1).

وقد استغربنا صدور ذلك منه جداً وتعجبنا من إثارته هذه المسألة حيث أن زوجات النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم توفاهن الله تعالي قبل نحو 1400سنة تقريباً، فما فائدة إثارة هذا الموضوع الآن مع أنهن مبرآت بنص القرآن الكريم ومنه قوله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، ومن أهل بيته زوجاته بلا شك ولا ريب.

ولقد أثار الألباني هذه المسألة سنة 1387 ه- - 1967 م وتصدي له الشيخ محمد نسيب الرفاعي جزاه الله تعالي خير الجزاء وناقشه بدفاعه عن زوجات الأنبياء وأمهات المؤمنين فرد عليه فيها.

ثم فارقه وصنف كتاباً في الرد عليه في هذه المسألة سماه: نوال المني في إثبات عصمة أمهات وأزواج الأنبياء من الزنا (2) يقول في آخره بعد أن أورد الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم في الرد علي الألباني ما نصه:

وإنني لأذكر أن الأخ الكبير الشيخ ناصر الألباني فارق بعض إخوانه لأسباب شخصية بحتة، فلماذا يري نفسه محقاً في مفارقة إخوانه لأسباب شخصية، ولا يراني محقاً في مفارقته هو ومن معه لأسباب يعلم الله أنها مفارقة في الله وغضباً له وغضباً لرسول الله، وإن الشيخ الألباني ليعلم ذلك تماماً ولا ينكره.

فأين من يقر بالحق ولو علي نفسه؟؟!!. انتهي.

ص: 178


1- وقد وقفت علي كلام له في ذلك في أحد كتبه إلا أنني نسيت الموضع الآن وإذا لقيته أثبته بإذنه تعالي.
2- ويقع الكتاب في 198صفحة وهو مكتوب بخط الشيخ محمد نسيب ولدي نسخة منه.

وهذه صورة بعض صفحات الكتاب فليتأملها طالب الحق وهي من 184 - 188 بخط مؤلفه الألباني يقول في تخريج حديث ان كلام ابن تيمية فيه: لا ينبغي أن يلتفت إليه.

قال الألباني في إرواء غليله 3/13أثناء تخريج حديث رقم 564 ما نصه: وأما إنكار شيخ الإسلام ابن تيمية اللفظ الثاني في أول كتاب الإيمان. فمما لا يلتفت إليه بعد وروده من عدة طرق بعضها صحيح كما سلف. انتهي. فتأملوا!

الخاتمة

فعلي العاقل أن يكون منصفاً وأن لا يتعصب ممقوتاً في الباطل يجره إلي الإغضاء عن مخالفه من أهل نحلته من أصحابه ومحبيه الذين يخالفونه في بعض المسائل الإعتقادية فلا يصفهم بالضلال في حين أنه يضلل مخالفه من غير أصحابه ومحبيه ولو في مسالة فرعية جداً ويشنع عليه!! وهذه الرسالة لا تدع مجالاً للشك في أن الألباني يخالف الشيخ ابن تيمية في مسائل أصلية في العقائد والتوحيد، فما هو جواب المتعصبين لذلك؟!! ".

ص: 179

ص: 180

الفصل السابع: تحدي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد

اشاره

عناوين المواضيع:

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون!

التحدي الخشن!!

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام

حديث العماء.. بل حديث العمي!!

هرهرة وتخليط لقيط العقيلي الذي أخذوا منه دينهم!!

حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية!!

السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي.. سؤال خطأ!

أتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. وتكالبها لا حقيقة ولا مجاز!!

لا يحويه مكان.. ولا يخلو منه مكان...

أصحاب الأذهان يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي

تفسير: إلا وحياً أو من وراء حجاب

معبودهم.. جسمٌ ينزل ويصعد!! وبقية صفاته..

المجسمون.. فقدوا أعصابهم!

سؤالهم: أين الله؟!

ص: 181

ص: 182

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون.. وأنهم وحدهم أصحاب العقيدة الصحيحة.. وأهل السنة والجماعة!!

وأن بقية المسلمين الذين يخالفون رأيهم، هم أهل البدع والضلالة، وأكثرهم كفار مشركون!!

لكنك عندما تنظر إلي عقيدة ابن تيمية وأتباعه، يأخذك العجب، لأنها تقوم علي أسس بعيدة كل البعد عن التوحيد القرآني الصافي الذي عليه المسلمون! فالتيميون يشبهون الله تعالي بخلقه!

ويجسمون ذاته المقدسة!

ويعتمدون علي روايات الحاخامات ونصوص التوراة!

ويقولون إن صفات التجسيم لله الموجودة في التوراة كلها صحيحة، ماعدا قول القليل منهم: عزير ابن الله!!

ويقولون: إن معبودهم علي صورة البشر، وهو موجود في مكان خاص من الكون، وينزل الي الأرض كل ليلة، ويفرح ويضحك ويغضب!!

... إلخ.

ص: 183

وبذلك يجعلون الله تعالي جسماً من نوع الطبيعة المخلوقة، خاضعاً لقوانين الزمان والمكان اللذين خلقهما!!

وإذا قلت لهم: إن الله تعالي منزَّه عن أن يحويه مكان أو زمان، لأنهما مخلوقان له وهو قبلهما.. وإنه تعالي في نفس الوقت في كل مكان وزمان مهيمنٌ عليهما وعلي كل الموجودات.. تراهم يرفضون ذلك، ويتهمون قائله بأنه: معطِّل ينفي صفات الله تعالي ووجوده!!

ص: 184

التحدي الخشن

كتب المدعو (مشارك)، وهوعالم وهابي يسكن في جدة، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 20-6-1999، قائلاً:

طلبتُ مناقشتكم في عقائدكم في التوحيد والشرك، والأسماء والصفات، ولكنكم جبناء، فلم يتقدم أحدٌ حتي الآن!

ثم زاد (مشارك) تحديه الخشن فكتب بتاريخ 22-6-1999، موضوعاً بعنوان (بالله عليك يا عاملي هل لك عقيدة تؤمن بها!! إذن لماذا لا تذكرها!!!!)، وكرَّر مشارك، هذا السطر عشر مرات!

ثم كتب بعد ساعتين:

لقد أسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن ضاع نفخك في الرماد!

ثم كتب (حقيقة التشيع):

الأخ مشارك: جزاك الله كل خير علي نصرة دين الله، وأسأل المولي سبحانه لي ولك الإخلاص.

أما من جهة العاملي ومن تبعه، فالمشكلة أن القوم لديهم عقائد كثيرة، وتختلف باختلاف الزمان والمكان، ولا يدري أي عقيدة منها يكتب.

أما العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، فهي تمتاز بخصائص من أهمها ما يلي:

1 - أنها توقيفية: فلا إعتقاد، ولا يتكلم إنسان في مجال الإعتقاد إلا بالدليل من الكتاب والسنة.

ص: 185

2 - أنها ثابتة: فمصادر التشريع عندها لا تتغير، وعقيدتها ثابتة علي خلاف غيرهم، فإنهم في كل زمان ومكان لهم عقيدة، أو تتغير بتغير الزمان والمكان، وتأمل اختلاف عقائد الشيعة الإثنا (كذا) عشرية والإسماعيلية والزيدية؟؟؟!!

3 - أنها عقيدة ربانية: مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم، فليس فيها خرافة ولا تناقض، لقوله: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. أرجو أن تطلب من التلميذ أن يكتب لنا عقيدته، فهو كبيرهم الذي علمهم...

ثم كتب (إسلام) ظهراً:

لا، كأني بالعاملي غارقٌ بين الكتب والمجلدات يبحث له عن عقيده..!! ويتساءل: أيوه صحيح أنا اش عقيدتي!!

وربما أتي - إن أتي - ليختصر عقيدته في كلمه أو كلمتين! والباقي معروف! فهم يفصلون في مكان الإجمال، ويجملون في مكان التفصيل!!

ثم كتب (إسلام) عصر ذلك اليوم:

العاملي (عج)؟؟؟.

انتهي.

قال العاملي:

وهذه الكلمة من هذا الناصبي سخرية! يقصد بها أن العاملي غائب لا يرجي مثل الإمام المهدي الذي لا يعتقدون به، صلوات الله عليه، وعجل الله فرج العالم به، وحرم من بركته النواصب!

ص: 186

وقد أجبتُ مشاركاً بما سيأتي، وبدأتُ معه النقاش، ومع ذلك واصل مطالباته وتحدياته للشيعة!

ومما كتبه (مشارك) في مواصلة تحديه:

هل منكم أحد مقتنع بعقيدته في التوحيد والشرك، والأسماء والصفات ويستطيع أن يتناقش فيها؟؟

أنا أود أن أسمع الإجابة، وخاصة منك يا موسي أنت والتلميذ، وأما من لم يكن منكم مقتنعاً بعقيدته ف-....

ثم كتب (مشارك) في نفس اليوم مساءً، 22-6-1999:

ما هذا؟!! ألا يوجد من هو مقتنع بعقيدته فيكم!!!

ثم كتب في نفس ذلك المساء أيضاً!

صحيح أنكم روافض، وصدقوني لم أجد لكم أفضل من هذا الإسم الذي تزعمون أن الله سماكم به! فكل يوم ويوم أجد لكم سبباً في التسمية بهذا الإسم، ولنحصر ما عندنا حتي الآن:

1 - رفضتم زيد بن علي بن الحسين.

2 - ترفضون ما جاء عن الصحابة من أحاديث.

3 - ترفضون السنة.

4 - ترفضون عرض عقيدتكم.

5 - ترفضون أن تدلونا علي مواقع كتبكم علي الإنترنت.

6 - ترفضون أن تعرضوا بضاعتكم في التفسير.

7 - ترفضون أن تقولوا أن من الإثني عشرية من يكفر بعضهم بعضاً.

ص: 187

8 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الحسن ومعاوية.

9 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الخميني والخوئي.

من يزيد!!!!

فأجابه (موسي العلي) في ذلك المساء، 22-6-1999:

الزميل مشارك، ماهذا الإنفعال والتهكم، أيها الزميل؟!

ماذا تريد بالدقة، حدد مرادك.

عقائدنا في التوحيد والصفات معروفة وقد ذكرها لك العاملي..

فماذا تريد إذن؟!

إذا كان عندك سؤال حول نقط معينة من النقاط، أكتبها لي وأجيبك عنها بخصوص التوحيد والصفات.

أما أن تستهلك وقتي في بحوث طويلة ومتعبة بدون جدية وجدوي، فهذا غير مقبول، وأنا ألاحظ هذا فيك جلياً من خلال نقاشاتك مع الأخوة!!

وأما أسلوبك الإستفزازي الذي تستعمله مع محاوريك، فهذا غير صحيح في منهج الحوار العلمي، وقد ذكرني أسلوبك هذا بشخص تحاورت معه في (الساحة العربية)، لم يستطع أن يحاورني بهدوء واحترام، وكان دائم التهكم ولم يواصل معي، تعاملت معه بكل احترام، فتهجم علي شخصي واتهمني بالعمالة!!

وأنا أقول لك وبكل صراحة: أيها الزميل إن كنت تريد الحوار الموضوعي والعلمي، فأهلاً وسهلاً، وعليك أولاً بالإلتزام بأدب الحوار مع من تريد الحوار معه، مِن ترك أسلوب التهكم والتهجم والإستفزاز، وبالنسبة لي شخصياً الجدية في الحوار لأنني علي أثر الحوار أتعب وأراجع الكتب والمصادر، وهذه عملية شاقة لا يعرفها إلا الباحث، وفي غير هذه الصورة فلا! ثم لا!

ص: 188

فأنا أعلن لك من خلال هذا المنبر أنني وبكل صراحة واحترام لك، غير مستعد للنقاش معك لأنني أعتبر ذلك، صرخة في وادٍ!

فأجابه (مشارك) في اليوم التالي، 23 -6-1999، صباحاً:

أنا لا أتهمك بالعمالة يا موسي، ولكني أتهمك أنك مثل أمريكا في سياسة الكيل بمكيالين. فلو تأملت كلام أصحابك عن عقائدنا لوجدت أكثره الكذب وأقله التدليس، وكله اتهام وافتراء، فهل من عقائدنا أن الله ينزل كل جمعة علي حمار أسود، وهل نحن نشبه الله بخلقه، وهل نحن نقول: إن الهواء كان موجوداً قبل الله، وهل وهل وهل.. كلام كله كذب وافتراء، بل والعياذ بالله بعضه زندقة. كذلك الكلام الذي كان موجوداً في (الساحة الدينية)، ثم تقولون إننا مجسمة وحشوية وما شابه.

هذا كله لم نجاريكم (كذا) فيه مثل ما فعلتم معنا، وما أريده هنا هو الحوار الجاد والموضوعي لإيضاح دين الله والمذهب الحق وبأسلوب موضوعي لا كأسلوب (عبد الله الشيعي)، ومن علي شاكلته.

وقد بدأنا أنا والعاملي حواراً أسأل الله أن يكون جاداً وبناءً، فإذا كان عندك أي ملاحظة علي أسلوبي هناك فعجل لي بها، وما زلت أدعوا (كذا) من هو مقتنع بعقيدته منكم أن يناظرني فيها هنا علي نفس نمط الحوار مع العاملي علي أن تكون هنا في التوحيد والشرك، بدلاً من الأسماء والصفات.

انتهي.

قال العاملي:

ومع أني أجبته في يوم 22، وبدأتُ معه النقاش..

ص: 189

فقد كتب مشارك في يوم 23 عصراً: " لماذا لا يوجد أحد!!! وتتهموننا بما تتهموننا به!!!! ".

وأجابه العاملي بتاريخ 23- 6- 1999، مساءً:

إذا أردتَّ أن تفهم معني الإسلام والإيمان والشرك، فعليك أن تفهم أولاً التفسير الصحيح لقوله تعالي: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون.

فمن هم هؤلاء الأكثرية (المشركة) بمفهوم الآية الشريفة، من المسلمين في عهد النبي صلي الله عليه وآله؟! وأين صاروا بعده؟؟!!

وإذا أردتَّ أن تفهم سبب الخلاف في الأمة بعد نبيها صلي الله عليه وآله، فلا بد لك أن تفهم آياته تعالي عن اختلاف الأمم بعد أنبيائهم.. (بَغْياً بَيْنَهُمْ)!!

وإذا أردتَّ أن تفهم مخططات اليهود وفعالياتهم في حياة النبي صلي الله عليه وآله، والتي استمرت بعد وفاته.. فلا بد لك أن تفهم أحاديث المُتَهَوِّكين الذين جمعهم النبي صلي الله عليه وآله في المسجد، وحاصرهم بسيوف الأنصار وهددهم!!

هل يكفيك هذه المسائل الثلاث المصيرية لعقيدتك وآخرتك، يا مشارك؟

وبحثي المستمر معك في آيات الصفات وأحاديثها..

وعشرات الأبواب التي تفتحها وتقفز من موضوع الي موضوع؟!

ثم تريد البحث الجديد، كالمُنبَت.. لا ظهراً أبقي، ولا أرضاً قطع!!

فأجاب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، ظهراً:

قد نشرت لكم عقيدتي في التوحيد وأستطيع أن أجيب علي أي أسئلة فيها إن شاء الله، ولكن طالما أنكم أهل التوحيد كما تزعمون، فلماذا تخافون أن

ص: 190

أناقشكم فيها، أم أنكم خفتم من النقاط الخمس التي طرحتها للعاملي عندما طرح لنا عقيدته في الأسماء والصفات.

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 25-6-1999، مساءً:

أين أصحاب العقيدة النقية.. أيها التلميذ الأريب؟

فأجابه (عبد الله الشيعي) بتاريخ 26-6-1999، الثالثة صباحاً:

مشارك... أنت تريد أن تنفي التجسيم والحشو والتشبيه عنكم، ثم تقول إني غير موضوعي... إذا كنت أنت الموضوعي.. اشرح لي ما يعنيه الدارقطني في أبياته هذه:

فلا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تجحدوا أنه يقعده

وأورده ابن القيم في بدائع الفوائد: 4/48، هكذا:

ولا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تنكروا أنه يقعده

والسلام من الله خير تحية... انتهي.

قال العاملي:

فسكت مشارك، ولم يجب هو ولا غيره بشئ!!

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

اشارة

كتب العاملي جواباً علي ثلاثة أقسام علي تحدي مشارك، بتاريخ 22-6-1999:

خلاصة اعتقادنا في التنزيه ونفي التشبيه

ص: 191

(قسم أول)

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

نعتقد نحن الشيعة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه ليس كمثله شئ، ولا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يُحيطون به علماً.. إلي آخر الآيات الصريحة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين، بل يُري بالعقل والقلب وهي أعمق وأصح من رؤية العين.

وقد استدل أئمتنا عليهم السلام وعلماؤنا رضي الله عنهم، علي نفي التجسيم والرؤية بالكتاب والسنة والعقل.. واعتبروا أن ذلك من ضرورات مذهبنا، بل هو كالبديهيات حتي عند عوامّنا.

أما القول برؤية الله تعالي فقد جاء من تأثر المسلمين باليهود والنصاري والمجوس، وقد وقف أهل البيت عليهم السلام وجمهور الصحابة في وجهه، وكافحوا نسبة الرؤية بالعين إلي الإسلام، ونفوا كل ما تستلزمه من التشبيه والتجسيم.

والدليل البسيط علي ذلك أن ما تراه العين لا بد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان، والله تعالي وجودٌ متعالٍ علي الزمان والمكان، لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم، فلا يصح أن نفترضه محدوداً بهما، خاضعاً لقوانينهما!

لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان، حتي ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانين الزمان والمكان، وحتي أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء! وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع، وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيها!

ص: 192

لكن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان، وأن الإنسان بإمكانه أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلي من الزمان والمكان ويؤمن به، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين.

وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين بالنسبة إلي وجود الله تعالي، لا أن نجره إلي محيط وجودنا ومألوف أذهاننا، كما فعل اليهود عندما شبهوه بخلقه، وادَّعَوا تجسده في عزير وغيره!! وكما فعل النصاري فشبهوه بخلقه، وادعوا تجسده بالمسيح وغيره!!

الرسول يعلم الأمة التوحيد

قال الصدوق رحمه الله في كتابه التوحيد ص 107:

" حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: مرّ النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجلٍ وهو رافع بصره إلي السماء يدعو، فقال له رسول الله: غض بصرك، فإنك لن تراه.

وقال: ومر النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجلٍ رافع يديه إلي السماء وهو يدعو، فقال رسول الله: أقصر من يديك، فإنك لن تناله ".

وفي الكافي: 1/ 93:

" علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابنا، عن عبد الأعلي مولي آل سام، عن أبي عبد الله قال: إن يهودياً يقال له: سبحت، جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله.

فقال: يا رسول الله جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه، وإلا رجعت؟ قال: سل عما شئت.

ص: 193

قال: أين ربك؟

قال: هو في كل مكان، وليس في شئ من المكان المحدود.

قال: وكيف هو؟

قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق، والله لا يوصف بخلقه.

قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟

قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك، إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا سبحت إنه رسول الله!

فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ".

و أقصي ما يمكن أن يري الإنسان نور عظمة الله تعالي

وفي بحار الأنوار: 4/38:

" التوحيد: أبي، عن محمد العطار، عن ابن عيسي، عن البزنطي، عن الرضا (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما أسري بي إلي السماء بلغ بي جبرئيل (علیه السلام) مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكُشِفَ لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب ".

وفي نهج البلاغة: 2/99:

" ومن كلام له وقد سأله ذعلب اليماني فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟

فقال: أفأعبد ما لا أري! فقال: وكيف تراه؟! فقال: لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا

ص: 194

يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته ". ورواه في بحار الأنوار 4/27 عن (التوحيد) و (الأمالي)...

لم يحلل في الأشياء.. و لم ينأ عنه

في نهج البلاغة: 1/112:

" ومن خطبة له عليه السلام: الحمد لله الذي لم يسبق له حال حالاً، فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً. ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً.

كل مسمي بالوحدة غيره قليل، وكل عزيز غيره ذليل، وكل قوي غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك، وكل عالم غيره متعلم، وكل قادر غيره يقدر ويعجز، وكل سميع غيره يصمُّ عن لطيف الأصوات ويصمه كبيرها، ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمي عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن، وكل باطن غيره غير ظاهر.

لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة علي ند مثاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر، ولكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون.

لم يَحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن. لم يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز عما خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قدر، بل قضاء متقن وعلم محكم، وأمر مبرم. المأمول مع النقم، والمرهوب مع النعم... ".

ص: 195

لا تقدر عظمة الله سبحانه علي قدر عقلك

في نهج البلاغة: 1/160:

" ومن خطبة له عليه السلام تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خُطبه، وكان سأله سائل أن يصف الله حتي كأنه يراه عياناً، فغضب عليه السلام لذلك:

الحمد لله الذي لا يَفِرهُ المنع والجمود، ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معط منتقص سواه، وكل مانع مذموم ما خلاه، وهو المنان بفوائد النعم، وعوائد المزيد والقسم. عياله الخلق، ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم، ونهج سبيل الراغبين إليه، والطالبين ما لديه، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل. إلي آخر الخطبة الشريفة ". وروي هذه الخطبة الصدوق في التوحيد - 48.

وفي نهج البلاغة: 2/116:

" ومن خطبة له عليه السلام في التوحيد، وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة:

ما وحّده من كيّفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عني من شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه. فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الأدوات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والإبتداء أزله... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

اول الدين معرفته.. و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه

وفي نهج البلاغة: 1/14:

" ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم:

ص: 196

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون. الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور مَيَدَان أرضه..

أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فيم فقد ضمّنه، ومن قال علام فقد أخلي منه... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونه

التوحيد لشيخ الصدوق ص 31:

" حدثنا أبي (رضی الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر وغيره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوماً خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق فقلت للحارث: أَوَمَا حفظتها؟ قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه:

ص: 197

الحمد لله الذي لا يموت، ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن، من إحداث بديع لم يكن. الذي لم يولد فيكون في العز مشارَكاً، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلاً، الذي ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولم يوصف بأين ولا بمكان، الذي بطن من خفيات الأمور، وظهر في العقول بما يري في خلقه من علامات التدبير. الذي سُئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص، بل وصفته بأفعاله، ودلت عليه بآياته، ولا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لأن من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن هو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته..".

إلي آخر الخطبة الشريفة.

اميرالمؤمنين يرد علي تجسيم اليهود

قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 77:

" حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر المعروف بأبي سعيد المعلم بنيسابور، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: حدثنا علي بن سلمة الليفي، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيي بن عبد الله، عن عبد الله بن طلحة بن هجيم، قال: حدثنا أبو سنان الشيباني سعيد بن سنان، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، قال: جاء يهودي إلي علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال: يا أمير المؤمنين متي كان ربنا؟

قال: فقال له علي: إنما يقال: متي كان؟ لشئ لم يكن فكان، وربنا تبارك وتعالي هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيف يكون، كائن لم يزل بلا لم

ص: 198

يزل، وبلا كيف يكون، كان لم يزل ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل وبلا غاية ولا منتهي، غاية ولا غاية إليها، غاية انقطعت الغايات عنه، فهو غاية كل غاية.

أخبرني أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي فيما أجازه لي بهمدان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي لفظاً من كتابه سنة خمس وثلاثمائة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثني عمارة بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن العلا، قال: حدثني صالح بن سبيع، عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان، قال: حدثني أبي، عن أبي المعتمر مسلم بن أوس، قال: حضرت مجلس علي في جامع الكوفة، فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه وننظر إليه، فسبح عليٌّ ربه وعظمه عز وجل وقال:

الحمد لله الذي هو أول بلا بد مما، ولا باطن فيما، ولا يزال مهما، ولا ممازج مع ما، ولا خيال وهما، ليس بشبح فيري، ولا بجسم فيتجزي، ولا بذي غاية فيتناهي، ولا بمحدث فيبصر، ولا بمستتر فيكشف، ولا بذي حجب فيحوي. كان ولا أماكن تحمله أكنافها، ولا حملة ترفعه بقوتها، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن تكيف المكيف للأشياء ومن لم يزل بلا مكان، ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا ينقلب شاناً بعد شان... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

ص: 199

و يوجه المسلمين إلي التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس

نهج البلاغة: 2/70:

" ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس، والنملة، والجرادة:

ابتدعهم خلقاً عجيباً من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، فأقام من شواهد البينات علي لطيف صنعته وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله علي وحدانيته. وما ذرأ من مختلف صور الأطيار، التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها، ورواسي أعلامها، من ذات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة، مصرفة في زمان التسخير، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح، والفضاء المنفرج كَوَّنها بعد أن لم تكن، في عجائب صور ظاهرة، وركبها في حقاق مفاصل محتجبة، ومنع بعضها بعبالة خلقة، أن يسمو في السماء خفوفاً، وجعله يدف دفيفاً، ونسقها علي اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته، ودقيق صنعته، فمنها مغموس في قالب لونٍ لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لونٍ صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه، وذنب أطال مسحبه. إذا درج إلي الأنثي نشره من طيّه، وسما به مطلاً علي رأسه، كأنه قلع داري عَنَجَه نوتيه، يختال بألوانه، ويميس بزيفانه، يفضي كإفضاء الديكة، ويؤر بملاقحة أر الفحول المغتلمة في الضراب. أحيلك من ذلك علي معاينة، لا كمن يحيل علي ضعيف إسناده، ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه،

ص: 200

فتقف في ضفتي جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثم تبيض لا من لقاح فحل، سوي الدمع المنبجس، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب.

تخال قصبه مداري من فضة، وما أنبت عليها من عجيب داراته، وشموسه خالص العقيان، وفلذ الزبرجد، فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جني جني من زهرة كل ربيع، وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل، أو مونق عصب اليمن، وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل.

يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكاً لجمال سرباله، وأصابيغ وشاحه، فإذا رمي ببصره إلي قوائمه، زقا معولاً بصوت يكاد يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه، لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية، وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفية. وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة، ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلي حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر أسحم، إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به، ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان، أبيض يقق، فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق، وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه، وبصيص ديباجه ورونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع، ولا شموس قيظ، وقد يتحسر من ريشه، ويعري من لباسه، فيسقط تتري، وينبت تباعاً، فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثم يتلاحق نامياً حتي يعود كهيئته قبل سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه، ولا يقع لون في غير مكانه. وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة وردية، وتارة خضرة زبرجدية، وأحياناً صفرة عسجدية. فكيف تصل إلي صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه

ص: 201

قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنة أن تصفه، فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون، فأدركته محدوداً مكوناً، ومؤلفاً ملوناً، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته، وقعد بها عن تأدية نعته. وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة، إلي ما فوقهما من خلق الحيتان والأفيلة، ووأي علي نفسه أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح، إلا وجعل الحمام موعده، والفناء غايته ". راجع أيضاً نهج البلاغة: 2/115.........

إلي آخر ما كتبه العاملي. وختمه بقوله:

هذا يا مشارك ومشاركوه، غيضٌ من فيض من توحيد أهل البيت الطاهرين، الذين أمر الله ورسوله المسلمين أن يأخذوا دينهم منهم فلم يفعل أكثرهم، وتركوا النهر الرباني العظيم، وأخذوا يمصون الثماد!!

أرجو أن تقرؤوها قراءة تفهم، ثم تناقشوا مفاهيمها واحدة واحدة، بدقة وتحديد.. وبصفاء ذهن أبي ذر الغفاري، ونقاء هواء نجد الذي يقول فيه البهائي العاملي:

سري البرق من نجد فجدد تذكاري.. عهوداً بحُزوي والعُذيب وذي قار وبدون سب وشتم وتهريج.. وبدون غلاظة ذهن وتسطيح فهْم.. فهل أنتم فاعلون؟!!

ثم كتب العاملي في اليوم نفسه القسم الثاني من عقيدة الشيعة، بعنوان: من اعتقادات الشيعة بالله تعالي من الآيات والأحاديث الشريفة

وهذا بعض ما جاء فيه:

ص: 202

قال الإمام زين العابدين عليه السلام في أدعيته المعروفة بالصحيفة السجادية، الدعاء الأول: " الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً، واخترعهم علي مشيَّته اختراعاً.. ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته.. لا يملكون تأخيراً عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدماً إلي ما أخرهم عنه، وجعل لكل روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد.

ثم ضرب له في الحياة أجلاً موقوتاً، ونصب له أمداً محدوداً، يتخطي إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام دهره.. حتي إذا بلغ أقصي أثره، واستوعب حساب عمره، قبضه إلي ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه.

ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني، عدلاً منه تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، لا يُسأل عما يَفعل وهم يُسألون... ".

وفي الصحيفة السجادية، الدعاء الثاني والثلاثون: وكان من دعائه عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل:

" اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود والسلطان، الممتنع بغير جنود ولا أعوان، والعز الباقي علي مر الدهور وخوالي الأعوام، ومواضي الأزمان والأيام، عز سلطانك عزاً لا حد له بأولية، ولا منتهي له بآخرية.. واستعلي ملكك علواً فسقطت الأشياء دون بلوغ أمده. ولا يبلغ أدني ما استأثرت به من ذلك أقصي نعت الناعتين، ضلت فيك الصفات، وتفسخت دونك النعوت، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام.

كذلك أنت الله الأول في أوليتك، وعلي ذلك أنت دائم لا تزول.

ص: 203

وأنا العبد الضعيف عملاً، الجسيم أملاً.. خرجت من يدي أسباب الوصلات إلا ما وصلته رحمتك، وتقطعت عني عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك.

قلَّ عندي ما أعتد به من طاعتك، وكثر علي ما أبوء به من معصيتك، ولن يضيق عليك عفو عن عبدك وإن أساء، فاعفُ عني... "...

إلي آخر ما كتبه العاملي...

وكتب (سماحة) بعد ظهر ذلك اليوم:

ها وقد ألَّف لك كتاباً في بابين من العقيدة وقد يزيدك بعدها. وأنت تشكك فيه. التشيّع وحبّ علي من زمن الرسول صلوات الله عليه وآله، بل هو من الرسالة، وتريد أن تقول بلا عقيدة؟!! فما أنت إلا مغرض!

فهل يكون مذهب (أي مذهب) بلا عقيدة؟!

وكتب العاملي بعد ظهر ذلك اليوم أيضاً بعنوان القسم الأخير من عقيدة الشيعة في توحيد الله تعالي وتنزيهه: من كلمات علمائهم، جاء فيه:

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت

اشارة

الإعتقادات للصدوق: 3 / 9:

" إعلم أن اعتقادنا في التوحيد: أن الله تعالي واحد أحد ليس كمثله شئ، قديم لم يزل ولا يزال، سميعاً بصيراً عليماً حكيماً حياً قيوماً عزيزاً قدوساً عالماً قادراً غنياً، لا يوصف بجوهرٍ ولا جسمٍ ولا صورة، ولا عرضٍ ولا خطٍ ولا سطح، ولا ثقل ولا خفة ولا سكون ولا حركة، ولا مكان ولا زمان.

ص: 204

وأنه تعالي متعالٍ من جميع صفات خلقه، خارج عن الحدين حد الأبطال وحد التشبيه. وأنه تعالي شئ لا كالأشياء، صمدٌ، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفواً أحد، ولا نِدَّ له ولا ضد ولا شبه، ولا صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك له، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا الأوهام وهو يدركها. لا تأخذه سنة ولا نوم وهو اللطيف الخبير. خالق كل شئ، لا إله إلا هو، له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.

ومن قال بالتشبيه فهو مشرك، ومن نسب إلي الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب، وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوعٌ مخترع، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس.

والأخبار التي يتوهمها الجهال تشبيهاً لله تعالي بخلقه فمعانيها محمولة علي ما في القرآن من نظائرها، لأن ما في القرآن، كل شئ هالك إلا وجهه، ومعني الوجه: الدين، والوجه الذي يُؤتي الله منه ويتوجه به إليه.

وفي القرآن: يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون الي السجود فلا يستطيعون والساق: وجه الأمر وشدته.

وفي القرآن: أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله، والجنب: الطاعة.

وفي القرآن: ونفخت فيه من روحي، وهو روح مخلوقة جعل الله منها في آدم وعيسي، وإنما قال: روحي، كما قال: نبيي وعبدي وجنتي، أي: مخلوقي، وناري وسمائي وأرضي.

وفي القرآن: بل يداه مبسوطتان، يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.

ص: 205

وفي القرآن: والسماء بنيناها بأيدٍ، والأيدِ: القوة، ومنه قوله تعالي: واذكر عبدنا داود ذا الأيد، يعني: ذا القوة.

وفي القرآن: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، يعني: بقدرتي وقوتي.

وفي القرآن: والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، يعني ملكه ولا يملكها معه أحد.

وفي القرآن: والسماوات مطويات بيمينه، يعني: بقدرته.

وفي القرآن: وجاء ربك والملك صفاً صفاً، يعني: وجاء أمر ربك.

وفي القرآن: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، يعني: عن ثواب ربهم.

وفي القرآن: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، أي: عذاب الله.

وفي القرآن: وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة، يعني: مشرقة تنظر ثواب ربها.

وفي القرآن: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوي، وغضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

وفي القرآن: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، أي: تعلم غيبي ولا أعلم غيبك.

وفي القرآن: ويحذركم الله نفسه، يعني: انتقامه.

وفي القرآن: إن الله وملائكته يصلون علي النبي، وفيه: هو الذي يصلي عليكم وملائكته، والصلاة من الله: رحمة، ومن الملائكة: استغفار وتزكية ومن الناس: دعاء.

ص: 206

وفي القرآن: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.

وفي القرآن: يخادعون الله وهو خادعهم.

وفيه: الله يستهزئ بهم و: سخر الله منهم. وفيه: نسوا الله فنسيهم.

ومعني ذلك كله أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر وجزاء المخادعة وجزاء الإستهزاء، وجزاء النسيان وهو أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا يستهزئ ولا يسخر ولا ينسي تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً. وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والإلحاد إلا بمثل هذه الألفاظ ومعانيها معاني ألفاظ القرآن ".

وفي الكافي - 38، لأبي الصلاح الحلبي المتوفي سنة 447:

" وثبوت كونه تعالي قديماً مقتض لكونه سبحانه غنياً تستحيل عليه الحاجة، (لأن) الحاجة لا تكون إلا لاجتلاب نفع أو دفع ضرر من حيث علمنا استحالة الحاجة علي من يستحيل عليه الضرر والنفع كالموات والجماد. والنفع والضرر لا يجوزان إلا علي من يلذ ويألم، لأن الحي إنما ينتفع بما يلذ به أو يسر له، ويستضر بما يألم به أو يغتم لأجله، واللذة والألم لا يجوزان إلا علي ذي شهوة ونفور، إذ معني ملتذ: أنه أدرك ما يشتهيه، ومعني متألم: أنه أدرك ما ينفر عنه، ومعني مسرور: أنه اعتقد أو ظن وصول نفع إليه أو إلي من يجري مجراه واندفاع ضرر، ومعني مغتم: أنه اعتقد أو ظن وصول ضرر إليه أو إلي من يجري مجراه أو فوت نفع، فعاد معني السرور والغم إلي النفع والضرر.

إذا تقرر هذا وكانت الشهوة والنفار معاني تفتقر إلي محل استحال تخصيصها. وكونه تعالي لا يشبه شيئاً يحيل إدراكه سبحانه بشئ من الحواس، لاختصاص

ص: 207

الإدراك المعقول بالجواهر وأجناس من الأعراض، وليس هو من الجنسين، فاستحال إدراكه تعالي.

ولأنه لو كان مما يصح أن يدرك بشئ من الحواس لوجب أن ندركه الآن، لأنا علي الصفة التي معها يجب أن يدرك كلما يصح إدراكه بشرط ارتفاع الموانع، وهو سبحانه موجود والموانع مستحيلة عليه، لأنها اللطافة والرقة وتفاوت البعد والقرب والحجاب والكون في غير جهة المقابلة وذلك أجمع من صفات المتحيزات، وقد دللنا علي كونه سبحانه بخلافها، فلو كان مما يصح أن يدرك لأدركناه الآن، ولو أدركناه لعلمناه ضرورة، من حيث كان العلم بالمدرك من كمال العقل، وفي عدم العلم به سبحانه ضرورة دليل علي عدم إدراكه... وثبوت كونه تعالي لا يشبه شيئاً يحيل عليه التنقل والإختصاص بالحياة والمجاورة، لأن ذلك من أحكام المتحيزات وليس بمتحيز. ويحيل عليه سبحانه الحلول وإيجاب الأحوال والأحكام، لأن ذلك من خواص الأعراض، فتسقط لذلك مذاهب الثنوية والمجوس والصابئين وعباد الأصنام والمنجمين والنصاري والغلاة، لإثبات هؤلاء أجمع إلهية الأجسام، أو كونها مؤثرة ما يستحيل من الجسم تأثيره، علي ما سلف بيانه ".

وفي كشف المراد للعلامة الحلي ص 320:

" المسألة العشرون: في أنه تعالي ليس بمرئي. أقول: وجوب الوجود يقتضي نفي الرؤية أيضاً.

واعلم أن أكثر العقلاء ذهبوا إلي امتناع رؤيته تعالي، والمجسمة جوزوا رؤيته لاعتقادهم أنه تعالي جسم ولو اعتقدوا تجرده لم يجوزوا رؤيته عندهم. والأشاعرة خالفوا العقلاء كافة هنا وزعموا أنه تعالي مع تجرده يصح رؤيته.

ص: 208

والدليل علي امتناع الرؤية أن وجوب الوجود يقتضي تجرده ونفي الجهة والحيز عنه فتنتفي الرؤية عنه بالضرورة، لأن كل مرئي فهو في جهة يشار إليه بأنه هناك أو هنا، ويكون مقابلاً أو في حكم المقابل، ولما انتفي هذا المعني عنه تعالي انتفت الرؤية... "...

إلي آخر ما كتبه العاملي...

فكتب (مشارك) مساء يوم 22-6-1999:

الزميل العاملي: إليك هذا الرد الهادئ، ليكن (كذا) فاتحة حوار هادئ وبنّاء إن شاء الله، وبعد:

1 - معذرة علي الأسلوب الإستفزازي الذي خاطبتك به حتي جعلتك تكتب عقيدتك، فتقبل أسفي علي هذا الأسلوب.

2 - هل أنت مقتنع بكل ما كتبت من عقيدة؟

3 - هل تسمح لي بمناقشتك في ما كتبت؟

في انتظار ردك لنبدأ الحوار الهادئ.

فأجابه العاملي مساء ذلك اليوم أيضاً:

أسأل الله تعالي أن يعطيك وإياي وكلُّ طالبِ حقٍّ لكي يدين به ربه: هدوءَ الأولياء وفهمَ الفقهاء..

ما كتبته لك، بعضُه كنت كتبته سابقاً، وبعضه اليوم، وأصوله كلها أعتقد بها بيني وبين ربي عز وجل، وأسأله أن يثبتني عليه حتي ألقاه.. وكل تفاصيله أعتقد بها أيضاً، وقد يتغير اعتقادي في بعضها حسب الدليل..

ص: 209

أما مناظرتك يا مشارك، فإني أقبل بها وإن كنت لا أحب أسلوبك في الإنكار والتهجم والتعصب لموروثاتك وتحقير خصومك.. إلي آخر الصفات الحسنة التي فيك..

ولا أقول إني خير منك في المناظرة، فَجَلَّ من لا عيب فيه، وصلوات الله علي من عصمهم الله.

وإنما أقبل لأني عندي شبهة وجوب في إرشاد الضال الذي تؤمل هدايته ولو أملاً ضعيفاً.

ولأن فيك حالات يقظة فكرية وروحية، حيث تفكر في كلام خصمك وتستعيده، ولو بعد أيام.

تفضل باسم الله تعالي، وفِِ بوعدك بحفظ العقلانية والهدوء والإنصاف.. ومتي رأيتك صرتَ خشن الذهن أو التعامل، أقول لك: سلاماً..

فأجاب (مشارك) بتاريخ 23-6-1999، صباحاً:

شكراً يا عاملي علي قبولك بمبدأ المناظرة، ونسأل الله عز وجل أن يهدي الضال إلي الحق، وبعد: تقول: " أما مناظرتك يا مشارك، فإني أقبل بها وإن كنت لا أحب أسلوبك في الإنكار والتهجم والتعصب لموروثاتك وتحقير خصومك.. إلي آخر الصفات الحسنة التي فيك، ولا أقول إني خير منك في المناظرة، فجلّ من لا عيب فيه، وصلوات الله علي من عصمهم الله.. وإنما أقبل لأني عندي شبهة في وجوب إرشاد الضال الذي تؤمل هدايته ولو أملاً ضعيفاً ".

وأقول: اللهم اهدِ العاملي، ثم أقول: لي بعض الملاحظات علي ما ذكرته في عقيدتك، وأرجوا (كذا) أن تجيب عليها نقطة نقطة إن أمكن، وهذه هي البداية فحسب:

ص: 210

النقطة الأولي: لم أراكم (كذا) تستدلون في عقيدتكم بأي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم فلماذا؟؟؟ وهذا بالطبع يعني أنك لن ترضي أن أحاججك بأي حديث ورد في كتب السنة، أم أنك ترضي بذلك؟؟

النقطة الثانية: بالنسبة للخطب التي ذكرتها فإن لي عليها الملاحظات التالية:

1 - العبارات الواردة في كثير منها هي العبارات التي شاعت في القرن الثالث وما بعده، وما كان يعرف في القرن الأول والثاني مثل هذا الكلام الفلسفي عن الحركة والسكون وما شابه.

2 - طول هذه الخطب، وتعقيداتها الفلسفية تجعل المرء يفكر كيف يمكن لراوي (كذا) سمع هذه الخطبة أن ينقلها كما هي، رغم ما احتوته من ألفاظ دقيقة وتفريعات فلسفية.

النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: " الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد - توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال: لي أبو الحسن عليه السلام: ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة، قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه ".

ص: 211

وأقول لك يا عاملي: أليس هذا هو منهجنا منهج أهل السنة والجماعة؟

أليس هذا هو عقيدتي التي ذكرتها لك؟

فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالي بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة. هل تجد فرقاً بين الكلامين؟؟؟

النقطة الرابعة: هل يتناقض المعصومين (كذا)؟؟؟

أذكر لك مثالاً علي ما ورد في عقيدتك من تناقض:

1 – " الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد:

توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن الله عز وجل شئ هو أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا عليه السلام: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه ".

2 - " أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا عليه السلام علي هذا الأمر جمع بني هاشم فقال: إني أريد أن أستعمل الرضا علي هذا الأمر من بعدي، فحسده بنو

ص: 212

هاشم وقالوا: أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة، فابعث إليه رجلاً يأتنا فتري من جهله ما يستدل به عليه، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه، فصعد عليه السلام المنبر، فقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً، ثم انتفض انتفاضة واستوي قائماً، وحمد الله وأثني عليه وصلي علي نبيه وأهل بيته. ثم قال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتران، وشهادة الإقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عني من شبهه، ولا له تذلل من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه ". أيهما نصدق؟

1 - فمذهب النفي لا يجوز. أو 2 - ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، أليس بين القولين تناقضاً (كذا)؟

النقطة الخامسة: نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا أين الله، نقول في السماء، أي في العلو فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها وسأذكر لك بعض الآيات فقط:

يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن

ص: 213

يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور. أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير.

فما هي عقيدتكم وكيف تفسرون هذه الآيات، وخاصة الآية الأخيرة؟

عموماً: كانت هذه النقاط هي بداية الحوار، وفي انتظار ما عندك من ردود.

ملاحظة: إن كان هناك أي اعتراض علي أسلوبي في النقاش هنا فأرجو

(كذا) بيانه. إن أحببت أن تناقشني في عقيدتي فعلي الرحب والسعة في الموضع الذي ذكرت فيه عقيدتي كاملة.

فأجابه العاملي مساء ذلك اليوم:

أشكرك علي دعائك لي بالهداية، وعلي هدوئك في طرح المسائل.

جواب النقطة الأول

قلت: " النقطة الأولي: لم أراكم (أركم) تستدلون في عقيدتكم بأي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم، فلماذا؟ وهذا بالطبع يعني أنك لن ترضي أن أحاججك بأي حديث ورد في كتب السنة، أم أنك ترضي بذلك؟ " انتهي كلامك.

وكيف تقول هذا مع أني افتتحتُ البحث بثلاثة أحاديث بليغة مليئة شريفة، عن النبي صلي الله عليه وآله، فحبذا لو أعدتَ قراءتها، خاصة حديثه صلي الله عليه وآله مع سُبْحتْ اليهودي.

أما عن قبولنا الأحاديث من صحاحكم ومصادركم الأخري..

فمن ناحية عملية أغنانا الله تعالي بطرقنا إلي أحاديث النبي عن أهل بيته صلي الله عليه وعليهم، وقد ثبت عندنا وعندكم أنه صلي الله عليه وآله أًرْجَعَ الأمة إليهم من بعده، والحمد لله.

ص: 214

مضافاً إلي أن عندنا طرقنا الأخري عن الرواة الثقات علي موازيننا.

وأما عن قبولي منك روايات مصادركم، فيحق لي المقابلة بالمثل وأن لا أقبلها، لأنك لا تقبل مني ما صح علي موازيننا.. ولكن غرضي معك ليس هو المغالبة والإفحام، بل أن أفهم وتفهم، وتقتنع وأقتنع..

لذا أخبرك بأننا معشر الشيعة لا نشترط في الراوي العدالة بل الوثاقة. ونقبل رواية السني غير الناصبي بشرط عدم مخالفتها للقرآن ولما صحَّ عندنا، بل نقبل قول الخبير الثقة كالطبيب واللغوي، حتي لو كان غير مسلم.

ولكن الفرق بيننا وبينكم أنكم تأخذون بحرفية موازينكم في الجرح والتعديل، وتكتفون بها فقط!

وقد شاع هذا المنهج عندكم في السنوات الأخيرة، وصار الحديث الصحيح بموازينكم أسداً لا يغلب، وحجةً لا ترد، وهو منهج خطير بدأ يسبب لكم المشاكل العلمية والعملية، وسوف تتفاقم..

والسبب في ذلك هو:

1 - تناقض الأحاديث الصحيحة في أحيان كثيرة. أذكر مثالاً واحداً عليه هو: آخر ما نزل من القرآن..

حيث صح فيه عندكم عدة أحاديث كل منها يقول: إن الآية الفلانية آخر ما نزل منه!! مع أن آخر ما نزل آية واحدة لا أكثر!

2 - تناقض الرواة الموثقين في أقوالهم، وفي أعمالهم.

3 - تناقض الثقات في جرحهم وتعديلهم. ولا أطيل في أمثلة ذلك!

وهذا هو البذرة القوية لأن تنشأ منكم فئات مخالفة لبعضها البعض، بل ومذاهب، وسلاح كل منها أحاديث صحيحة باعتراف الجميع!!

ص: 215

وهي مشكلة تغذي قيامكم بفتح باب الإجتهاد وتعويمكم شروطه، حيث أخذتم بذلك بفكرة دعاة التحرر المصريين الذين عملوا لتقويض الأزهر وضرب مركزيته ومركزية المذاهب الأربعة في الفتوي.. ففتحوا الباب وولج فيه من هب ودب، ونتج عندهم ما يسمونه: مجتهدو الشقق ومراجع الشقق. وكل منهم يفتي في كل أمور الإسلام (عقيدته وشريعته وطريقة العمل له) ويجد له أتباعاً من العوام يتعصبون له، ويجد منهم من يحمل السلاح معه! وليس هذا من صلب موضوعنا.

المهم هنا: أن مقياس صحة الحديث عندنا هو مجموعة أمور، وصحة السند غالباً ما تكون أحدها. والميزان في صحته في اعتقادي هو: اطمئنان العالم العادل الجامع للشروط العلمية بينه وبين ربه بصدور الحديث من رسول الله صلي الله عليه وآله، بحيث يقول لربه يوم القيامة: اللهم إني اطمأننت علمياً بسبب مجموعة أمور تعاضدت، فجعلتني أحكم أن رسولك قال ذلك وبلَّغه عنك، أو فعل ذلك.

هذا جوابي عن النقطة الأولي، وأرجو أن تجيبني، هل اقتنعت بها؟

وأظنك ستندفع بالحديث والإثارات الفكرية وغير الفكرية، فيتأخر جواب النقطة الثانية مدة من الزمن! أما أنا فليس عندي غرض أستعجل به علي نتيجة، ما دمت متفهماً هادئاً في البحث.

فأجاب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، ظهراً:

شكراً علي تصحيح الخطأ اللغوي.

معذرةً لأني لم أنتبه لأحاديثكم التي ذكرتها.

ص: 216

ما فهمته من جوابك علي السؤال الثاني في النقطة الأولي أنه يمكنك قبول أو رد ما جاء عندنا في مصادرنا، لأنه يوجد عندكم ما يغنيكم عنه، ولأنه ليس علي موازينكم.

حسناً، قد أوضحت وجهة نظرك في النقطة الأولي، وأظن أنه بالإمكان الإنتقال إلي النقطة الثانية.

فأجابه العاملي بتاريخ 26-6-1999، صباحاً:

شكراً لك علي الإعتراف بالحق، وأنك اشتبهت ولم تكن رأيت الأحاديث النبوية الشريفة التي افتتحت بها عقيدتنا في صفات الله تعالي.

والظاهر أنك مشغول في الموضوعات الأخري بشدة، حتي لا تري ثلاثة أحاديث مهمة في صدر موضوعٍ أنت طلبتَه بإلحاح!

واسمح لي أن أقول إنك دخلت مع الشباب من غير أهل العلم في مهاترات ستخسر فيها!

لأنك تستعمل لغة الهجوم والحدة والشتم والإتهام بالكذب والزندقة والخباثة.. إلخ. وغالباً ما تكون أنت البادئ، وهذا طريق غير لائق، يوصلك إلي مزالق، ويحشرك في مضائق..

أقرأ لك أحياناً فأقول: يا تري هل هذا هو مشارك الشيخ العالم الهادئ؟! فيظهر أن لك شخصيتين: شخصية عالم وشخصية عامي، وهكذا ابن تيمية! علي كل، لقد وعدتك بمواصلة الحوار، وسأتحمل منك ما استطعت.. وأسال الله أن يصلح قلبك حتي يصلح لسانك.

جواب النقطة الثانیة

ص: 217

قلت أنت: " النقطة الثانية: بالنسبة للخطب التي ذكرتها فإن لي عليها الملاحظات التالية:

1 - العبارات الواردة في كثير منها هي العبارات التي شاعت في القرن الثالث وما بعده وما كان يعرف في القرن الأول والثاني، مثل هذا الكلام الفلسفي عن الحركة والسكون وما شابه.

2 - طول هذه الخطب، وتعقيداتها الفلسفية تجعل المرء يفكر كيف يمكن لراوي (كذا) سمع هذه الخطبة أن ينقلها كما هي رغم ما احتوته من ألفاظ دقيقة وتفريعات فلسفية ". انتهي كلامك.

والجواب:

أولاً:حتي لو استثنيتَ خطب الإمام علي عليه السلام التي أوردتها لك، فإنه لا يتغير من أصل الموضوع شئ يذكر..

لأن موضوعات الخطب وموضوعات الأحاديث عن النبي والأئمة صلي الله عليه وعليهم واحدة تقريباً.

ثانياً: إن لله علي عباده حجتين: حجة ظاهرة هي الرسل، وحجة باطنة هي العقول. وحتي لو فرضت أن الأحاديث التي أوردتها لك ليست أحاديث النبي وعلي والأئمة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم.. فإنها كلام منطقي يمكنك أن تحاكمه عقلياً. والحقيقة الموضوعية تملك القدرة علي إثبات ذاتها، وغير الموضوعية تعجز!

ثالثاً: إن الإستدلال علي رد نص أو قبوله بأن عباراته من عبارات القرن الأول أو ليست منها، ليس استدلالاً دقيقاً علي إطلاقه!!

ص: 218

فقد كنتُ مثلك أستبعد تعابير وكلمات حتي رأيتها في روايات الفتوحات التي بدأت بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله مباشرة!

نعم إن المسلمين استوردوا الفلسفة من اليونانيين وترجموها واستفادوا منها، وتأثروا بها مع الأسف! ولكن هذه التعابير التي رأيتها في الخطب كانت عندهم، فاستعانوا بها علي ترجمتهم.

ولو أن شخصاً قال لك قال النبي صلي الله عليه وآله: الكلام إسم وفعل وحرف.. لتعجبت وقلت هذا من تعابير القرون المتأخرة! وربما حكمت بكذب الحديث! ولكن هذا التقسيم للغة العربية ثبت أنه لعلي عليه السلام تلميذ النبي صلي الله عليه وآله!! فلا تستبعد ما تراه من علوم في خطبه!!

رابعاً: إن الكلام في سند نهج البلاغة مفيد، ولكنه خارج عن موضوعنا، وخلاصته: أن خطبه عليه السلام لها أسانيد عن غير طريق الشريف الرضي الذي جمعه في القرن الثالث.. وقد شهد بعض السنيين أنه رأي بعض الخطب بخط علماء توفوا قبل أن يولد الشريف الرضي!!

وقد ألف الباحثون كتباً في إثبات أسانيد نهج البلاغة، وجمعوا خطب علي عليه السلام من المصادر، واستدركوا كثيراً من الخطب والكلمات التي فاتت الشريف الرضي!

أما كيف يحفظ الراوي هذه الخطب الطويلة.. فقد كانوا يكتبون يا مشارك، وأنتم تروون أن معيدياً اسمه أبو شاه، طلب من النبي صلي الله عليه وآله أن يكتبوا له خطبته فقال: اكتبوا لأبي شاه!! في البخاري ومسلم.

ص: 219

وهذا بحث طويل في تدوين القرآن والسنة ومنع إمامك عمر منها، ومخالفة علي وأهل البيت وشيعتهم له، فقد كانوا رغم المنع والعقوبة يأمرون الناس بالكتابة، وكان الشيعي تحت منبر النبي وعلي يسمع ويكتب، يا مشارك!!

جواب النقطة الثالثة

قلت: " النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: الإمام الرضا عليه السلام يُعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد: توحيد الصدوق ص 107... إلي آخر حديث محمد بن عيسي بن عبيد، عن الإمام الرضا عليه السلام ". انتهي كلامك.

والجواب: أن هذا المقطع قريب من معني الحديث الذي ذكرته لك عن الإمام الرضا عليه السلام، ولكن كلامكم أنتم في التوحيد عامٌ مجمل، يقبل التفسيرات المتعددة!

فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم، فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشبيه، فعطلوا.. والمشبهة لله تعالي الذين تَبْرَؤون أنتم منهم أرادوا (الإثبات) بزعمهم، فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله). وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء، ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو ما يقصده الإمام الرضا عليه السلام، وهو مذهبنا.

أما أنتم فتصورتم أن إثبات الصفات لا يكون الا بأن تجعلوا الله تعالي جسماً لا جسداً! فوقعتم في التشبيه والثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. وخالفكم جمهور المسلمين، وبقيتم تدافعون عما تخبطتم فيه! لأن جعل الذات الإلهية غير الصفات، يعني وجود شيئين: الله تعالي وصفاته، وهذا يوجب السؤال: مَن

ص: 220

منهما كان قبل الآخر؟! وهي نفس ثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

ومن ناحية أخري، صححتم أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وأم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، فقلتم: إذن، فالله تعالي جسم، وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته فالإنسان شبيهه، وليس مثيله!! فوقعتم في التشبيه كالنصاري، ولم تستطيعوا أن تخرجوا منه!!

واعلم يا شيخ مشارك أن الضلال العقائدي الذي وقع فيه المسلمون كله قد جاءهم من الطرق الخاطئة التي تصوروا أنها تحقق التنزيه أو الإثبات!

فهم ما بين جانحٍ في التنزيه متجه نحو التعطيل.. أو جانحٍ في الإثبات متجه نحو التشبيه.. ولا نجاة لهم إلا بالتمسك بالثقلين كما أمرهما رسول الله صلي الله عليه وآله.. فأهل البيت هم المفسرون الشرعيون للكتاب، وطريقتهم في التنزيه والإثبات هي الوحيدة الصحيحة، والحمد لله.

وهذا معني قوله صلي الله عليه وآله: نحن الصراط ونحن النمرقة الوسطي!

فكتب (مشارك) بتاريخ 26-6-1999، مساءً:

أنا لست شيخاً يا عاملي، لا سناً ولا علماً، بل أنا " واحد بتاع كمبيوتر "، وإن كنتُ لست عامياً ولله الحمد، وأنا لست صاحب شخصيتين بل شخصيتي واحدة أعلنتها بوضوح: أنا مع الحوار العلمي الجاد والموضوعي والصادق والمتجرد، لكن بعض الناس كما يقول شيخ الأزهر هداه الله، لا يصلح معهم إلا الجزمة.

وعموماً سامحك الله، فأنا لا أبدأ بالسب الشخصي، ولكن كنت أنتظر تدخلكم أو تدخل المراقب ليحذف السباب الشخصي كما كان يفعل القطيف،

ص: 221

وإن رددت عليه فمن حقي الرد، لقوله تعالي: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح.. وقوله صلي الله عليه وسلم: المُستبّان ما قالا، فعلي البادئ ما لم يعتد المظلوم. رواه مسلم.

ولكن عموماً شكراً علي النصيحة يا عاملي، وسأحاول أن لا أرد، ولكن حاول أنت أيضاً أن تقنع هذه الفئة بتعلم الأدب مع الصحابة، ومع بقية الناس. وطالما أنك أهديتني نصيحة يا عاملي، فأنا أيضاً أهديك نصائح:

1 - لا تنسب لنا شيئاً تستنتجه بنفسك دون أن نقول به نحن (الهواء).

2 - إقرأ كلام من تنتقده كاملاً بتمعن قبل أن تنتقده في أنه قصر في النقل عنكم (القفاري).

3 - لا تلبس علي الناس بذكر أشياء أنت أول من علم ببطلانها (ابن بطوطة).

4 - تكلم عن ابن تيمية بالعدل: ولايجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا.

5 - الرجوع إلي الحق خير من التمادي في الباطل، فإن أخطأت في أمر فليس هناك عيب أن تعتذر منه، والمفترض أن تمدح علي تراجعك لا أن تُلام. أرجوا (كذا) أن تخبرني بملاحظاتك علي هذه النصائح.

ثم نعود لما ذكرت فأقول: أكمل يا عاملي بقية النقاط، ولكن حبذا إن أردت أن تنقل شيئاً عن عقيدتنا أن تنقله مسنداً موثقاً، وعموماً أود أن يكون النقاش بعد انتهائك من المسألة الخامسة، وهي الأهم عندي، وأنا في انتظارك.

فأجابه العاملي بتاريخ 26-6-1999، مساءً:

الأخ مشارك.. بعد السلام عليكم:

أشكرك علي قبول نصيحتي ولو كانت ثقيلة.

ص: 222

وأشكرك علي نصائحك وأقبلها ولصاحبها الفضل ولو ناقشته في بعضها، وفي الأثر: رحم الله من أهدي إليَّ عيوبي.. وقد كان أستاذي رحمه الله يقول لي عندما أمدحه: يا فلان لا تمدحني فتساعد نفسي عليَّ، بل انتقدني واهدِ إليَّ عيوبي، لتساعدني علي نفسي!

وبالنسبة إلي القفاري فثق أني لم أظلمه، دقق في كلامي وفي كتابه.. ثم هو ليس وحده المؤلف، بل معه عجم يا مشارك، ففي كتابه أخطاء لغوية في استعمال (أل) لا يمكن أن تصدر من عربي!!

وبالنسبة لاتهام إمامكم ابن تيمية بأنه يقول إن الهواء كان مع الله تعالي أو قبله، فهو أمر من اللوازم القطعية لكل من يصحح الحديث الذي يزعم أنهم سألوا النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟ فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء، أو بمعناه!!

فالسؤال كان عما قبل الخلق، وهذا العماء والهواء كانا قبل الخلق!!

فإما أن يكونا مع الله تعالي، أو قبله، والعياذ بالله!!

أرجو أن تقنع ابنك أو طفلاً مميزاً أو عامياً فهيماً سليم الفطرة، بمعني هذا الحديث، لتري أن من لوازمه أنه كان يوجد شئ مع الله تعالي أو قبله!!

بل إن الحديث يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال بأين عن الله تعالي! ومعناه أنه اعترف بوجود الأين قبله!! مع أنه تعالي هو أيَّن الأين، وكيَّف الكيف، وخلق شريط المكان والزمان!!

فهذا هو حكم العقل.. وكذلك أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال يا مشارك، وقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟

قال له: ويحك! أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

ص: 223

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي، لا توجد في ثقافة المسلمين، بل هي من ثقافة اليهود والحاخامات، يا مشارك!!

ختاماً، أقبل منك طلبك أن أوثق ما أنقله من عقائدكم من مصادره، وأرجو منك ذلك.

أما عن الساخرين الغوغائيين منا فلا أبرر فعلهم، ولكن البادي أظلم!

وأما قضيتك مع القطيفي فلم أعرفها، وسأقرؤها وأخبرك برأيي، مع جواب بقية النقاط إن شاء الله تعالي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 26-6-1999، مساءً أيضاً:

أشكرك علي قبول النصائح قبولاً مجملاً، وإن كنت أريد أن أعلق هنا علي نقطة واحدة فقط حتي أدع لك الفرصة لتكمل ما عندك.

هناك فرق ياعاملي بين أن تقول إن هذا من لازم كلامه، وبين أن تقول أن ابن تيمية قال بذلك نصاً، فمن العدل أن تتحري العبارة فيما تقول يا عاملي، وكما تعلم أن لازم المذهب ليس بمذهب، كيف وقد نقلت لك نصوصاً صريحة من كلام ابن تيمية تثبت تبرؤه من القول بقدم العالم، وأنه ليس قول أحد من المسلمين.

والعجيب أن بعض من يردون علي ابن تيمية يتركون كلامه الواضح الصريح، ويأخذون كلاماً يقوله ابن تيمية عن الخصوم أثناء رده عليهم، فينسبونه إلي ابن تيمية، فإلي الله المشتكي.

وأما في اللازم الذي عندك فأقول لك: ليس فيه أي حجة لمن قال: إن الهواء كان قبل الله، وهذا ما قولتنا إياه، ولم تتب منه حتي الآن يا عاملي.

ص: 224

ثم أحيلك إلي لوازم الجهمية والفلاسفة الذين رد عليهم ابن تيمية ب- 29 وجهاً في إبطال لوازمهم.

وأحيلك إلي رد ابن تيمية علي البراهين العشرة للرازي في مباحثه المشرقية، كما في منهاج السنة الجزء الأول، ولكن دعنا نعود إلي إكمال ما بدأناه.

فأجاب العاملي بتاريخ 26-6-1999، مساءً أيضاً:

قلت لك: إن القول بوجود مكان اسمه: العماء، تحته هواء وفوقه هواء. كان الله تعالي فيه قبل خلق جميع الخلق، يلزمه أن يكون المكان والعماء والهواء موجودات مع الله تعالي، أو قبله!!

وحينئذٍ يأتي سؤال المسلمين للمسيحيين عن الأب والإبن: من كان قبل الآخر، ومن خلق الآخر؟؟!!

وقد أجبتني بما يفهم منه أنك تسلم أن ذلك لازم للقول بالعماء والهواء، ولكن ابن تيمية يقبل الإعتقاد بالملزوم دون اللازم!!

ثم ادعيت عليَّ أني أعلم أن: لازم المذهب ليس بمذهب!!

سبحانك اللهم، وأعوذ بك أن أدعي هذه الفرية التي لا يقبلها عقل، فلا تسألني غداً عنها!!

هل تعرف يا أخ مشارك أن قاعدة ابن تيمية هذه التي يتهرب بها في المناقشة، لو قبل بها الناس، لخربت الأرض؟!!

فمن المقرر فقهياً أن من أقر بشئ فقد أقر بلوازمه - بشرط أن تكون لوازم حقيقية لا وهمية - ولا ينفعه أن يقول لا أقرُّ بلوازمه.

ص: 225

هذا في الحقوق، والشريعة، والقوانين، في كل محاكم العالم ومجتمعاته. وكذلك الأمر في القوانين الطبيعية يا مشارك.. فلا يمكن أن تقطع الكهرباء عن جهاز ولا يلزم منه انقطاعها عنه!

فقوانين الطبيعة مترابطة، لا يمكن لأحد التفكيك فيها بين وجود السبب والمسبب، وأن يقبل العلة وينكر المعلول!!

إنها الملازمات البديهية التي لا تنفك عن ملزوماتها، فلا يمكن لأحد أن يقبل اللازم دون الملزوم! والا لقبل الجاني فعله لجنايته وأنكر أن يلزم منه تحقق الجناية!

وكذا حركة الطبيعة وفيزياؤها، فيها متلازمات لا يمكن التفكيك بينها، لأن قانون خلقتها كذلك.. والأمور الفكرية والعقائدية كذلك، فإن اعتقدت برسولٍ لزم أن تعتقد برسالة.. وإن قلت عن شخص هذا مسلم، فمعناه أنه طاهر، ولا يمكنك التفكيك بين الأمر ولوازمه..

وعندما تقبل السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي، ولا تقول إن صيغته خاطئة، بل تقول إنه سؤال صحيح، وتجيب عنه بأن الله كان موجوداً قبل الخلق في مكان أو زمان أو هواء.. فقد اعترفت أن الزمان والمكان والهواء كانت معه قبل الخلق، وأنها ليست جزءً من الخلق الذي خلقه، ولزمك، شئت ذلك أم أبيت أن تكون هذه الأشياء آلهة مع الله تعالي، والعياذ بالله!! ولا ينفعك بعد ذلك قولك أعتقد بوجودها مع الله قبل الخلق، ولا أعترف بأنها آلهة.. لأنك فرضتها قبل خلق جميع الخلق!!

إن مقولة ابن تيمية: إني أعترف بالشئ ولا أعترف بلوازمه، وأن لوازم المذهب ليست مذهباً.. ما هي إلا محاولةٌ للفرار مما يترتب منطقياً علي تشبيهه

ص: 226

وتجسيمه، وإنكارٌ للتلازم البديهي بين الأمور المتلازمة بحكم العقل، التي يقرها الناس بفطرتهم مؤمنهم وكافرهم.. فأرجو أن تعيد النظر في هذه المقولة المتهورة!

فكتب (مشارك) بتاريخ 27-6-1999، صباحاً:

هل لك أن تذكر لنا روايات حديث العماء من مصادرها الأصلية، لأبين لك أين خطؤك!

حديث العماء.. بل حديث العمي

اشارة

وكتب العاملي بتاريخ 29-6-1999:

نصوص حديث العماء في مصادر السنيين:

رواه أحمد في مسنده: 4/11:

" حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يزيد بن هرون، أنا حماد ابن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء، ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ".

وفي: 4/12:

" حدثني أبي، قال ثنا حماد بن سلمة، قال أخبرني يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي، أنه قال يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ".

ورواه ابن ماجة: 1/64/181-182:

ص: 227

" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح قالا: ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟.... ".

ورواه الترمذي: 4/351/5109:

" حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه علي الماء. قال أحمد: قال يزيد: العماء، أي ليس معه شئ. هكذا يقول حماد بن سلمة: وكيع بن حدس، ويقول شعبة وأبو عوانة وهشيم: وكيع بن عدس. هذا حديث حسن ".

ورواه الطبراني في المعجم الكبير: 19/207:

" حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال، حدثنا المقدام بن داود، ثنا أسد بن موسي، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال قلت: يارسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماء والأرض؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء.. ". ورواه الأصبهاني في كتاب العظمة - 365. والطبري في تاريخه: 1/31، وفي تفسيره: 7/7.

وقال الهندي في كنز العمال: 1/236/1185:

" كان في عماء تحته هواء ثم خلق عرشه علي الماء. ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي رزين، قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض قال: فذكره ".

ص: 228

في كنز العمال 10/370:

" كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء. حم، وابن جرير، طب، وأبو الشيخ في العظمة عن أبي رزين، قال: قلت:

يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

قال:... فذكره. وقال في هامشه: أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق باب ما جاء في قوله تعالي: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده.

4-129ص 2: عماء، في حديث أبي رزين قال: يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء. العماء بالفتح والمد: السحاب. قال أبو عبيد: لا يدري كيف كان ذلك العماء. وفي رواية: كان في عما، بالقصر، ومعناه: ليس معه شئ.

النهاية: 3/304 ".

ورواه آخرون أيضاً، لكن كل رواياتهم عن أبي رزين المذكور!!

نماذج من الذين تبرؤوا من الحديث و قالوا رواته أعراب لا فهم لهم

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث صفحة 206:

" قالوا: رويتم في حديث أبي رزين العقيلي من رواية حماد بن سلمة أنه قال النبي صلي الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ فقال: كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء، قالوا وهذا تحديد وتشبيه!!

قال أبو محمد: ونحن نقول إن حديث أبي رزين هذا مختلف فيه، وقد جاء من غير ذا الوجه بألفاظ تستشنع أيضاً!! والنقلة له أعراب!! ووكيع بن حدس، الذي روي عنه حديث حماد بن سلمة أيضاً لا يعرف، غير أنه قد تكلم في

ص: 229

تفسير هذا الحديث أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا عنه أحمد بن سعيد اللحياني، أنه قال: العماء السحاب، هو كما ذكر في كلام العرب إن كان الحرف ممدوداً، وإن كان مقصوراً كأنه كان في عمي، فإنه أراد كان في عمي عن معرفة الناس، كما تقول عميت عن هذا الأمر فأنا أعمي عنه عمي إذا أشكل عليك فلم تعرفه ولم تعرف جهته، وكل شئ خفي عليك فهو في عمي عنك.

وأما قوله: فوقه هواء وتحته هواء، فإن قوماً زادوا فيه ما فقالوا ما فوقه هواء وما تحته هواء، استيحاشاً من أن يكون فوقه هواء وتحته هواء، ويكون بينهما!! والرواية هي الأولي، والوحشة لا تزول بزيادة ما، لأن فوق وتحت باقيان، والله أعلم!! ".

وقال ابن حبان في صحيحه: 14/10:

" قال أبو حاتم رضي الله عنه: وهم في هذه اللفظة حماد بن سلمة من حديث: في غمام، إنما هو في عماء. يريد به أن الخلق لا يعرفون خالقهم من حيث هم، إذ كان أين زمان وأين مكان، ومن لا يعرف له زمان أو مكان معه لأنه خالقها، كان معرفة الخلق إياه كأنه كان في عماء عن علم الخلق، لا أن الله كان في عماء، إذ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين!! ".

وفي شرح سنن ابن ماجة للسيوطي وعبد الغني والدهلوي - 16:

" قوله كان في عماء بالفتح والمد سحاب. قال أبو عبيدة لا ندري كيف كان ذلك العماء. وفي رواية كان في عمي بالقصر، ومعناه ليس معه شئ، وقيل هو أمر لا تدركه عقول بني أدم، ولا يبلغ كنهه الواصف الفطن.

قال الأزهري: نحن نؤمن به ولا نكيف، أي نجري اللفظ علي ما جاء عليه من غير تأويل، كذا في (الدر النثير).

ص: 230

قوله كان في عماء: قال القاضي ناصر الدين بن المنير: وجه الإشكال في الحديث الظرفية والفوقية والتحتية. قال: والجواب: أن "في" بمعني "علي"، وعلي بمعني الإستيلاء، أي كان مستولياً علي هذا السحاب الذي خلق منه المخلوقات كلها، والضمير في فوقه يعود إلي السحاب، وكذلك تحته، أي كان مستولياً علي هذا السحاب، الذي فوقه الهواء وتحته الهواء. وروي بلفظ القصر في عمي، والمعني عدم ما سواه، كأنه قال: كان لم يكن معه شئ، بل كل شئ كان عدماً عمي لا موجوداً ولا مدركاً، والهواء الفراغ أيضاً العدم،كأنه قال: كان ولا شئ معه، ولا فوق ولا تحت " انتهي.

وقال الهروي في غريب الحديث - 7:

" قال أبو عبيد: في حديث النبي عليه السلام حين سأله أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء.

قوله: في عماء، في كلام العرب: السحاب الأبيض، قال الأصمعي وغيره: هو ممدود، وقال الحارث بن حلزة اليشكري:

كأن المنون تردي بنا أعصم ينجاب عنه العماء

يقول: هو في ارتفاعه قد بلغ السحاب ينشق عنه، يقول: نحن في عزنا مثل الأعصم، فالمنون إذاً أرادتنا فكأنما تريد أعصم. وقال زهير يذكر ظباءً وبقراً:

يشمن بروقه ويرش أري.... جنوب علي حواجبها العماء

وإنما تأولنا هذا الحديث علي كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء وما مبلغه، والله أعلم. وأما العمي في البصر فإنه مقصور وليس هو من معني هذا الحديث في شئ ".

ص: 231

وقال الزمخشري في الفائق 2/26:

" السحاب الرقيق، وقيل السحاب الكثيف المطبق، وقيل شبه الدخان يركب قدم عليه الجبال. وعن الجرمي الضباب. ولا بد في قوله: أين كان ربنا، من مضاف حذف، مثل قوله تعالي: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ونحوه ".

وفي كتاب العرش لابن أبي شيبة - 54:

" وقال: حدثنا عبد الله بن مروان بن معاوية، قال سمعت الأصمعي يقول، وذكر هذا الحديث، فقال: العماء في كلام العرب السحاب الأبيض الممدود، وأما العمي المقصور فالبصر ".

وفي إصلاح غلط المحدثين للبستي - 108:

" وأما حديث أبي رزين العقيلي، أنه قال: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

قال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء.

يرويه بعض المحدثين كان [في] عمي مقصور علي وزن عصا وقفا، يريد أنه كان في عمي عن علم الخلق، وليس هذا بشئ، وإنما هو [في] عماء ممدود، هكذا رواه أبو عبيد وغيره من العلماء، والعماء السحاب، قال غيره: الرقيق من السحاب، ورواه بعضهم في غمام، وليس بمحفوظ.

بعض أهل العلم: قوله أين كان ربنا؟ يريد أنه: أين كان عرش ربنا تعالي، فحذف اتساعاً واختصاراً، كقوله تعالي: واسأل القرية، يريد أهل القرية. وكقوله تعالي: وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم، أي حب العجل، ويدل علي صحة هذا قوله تعالي: وكان عرشه علي الماء، قال: وذلك أن السحاب محل الماء، فكني به عنه! " انتهي.

ص: 232

وقد اضطر الألباني إلي تضعيف الحديث في كتابه ضعيف ابن ماجة ص 17، برقم 181، ولكنه في الوقت نفسه أعلن إيمانه به!

حتي لا يغضب عليه من يقدسون ابن تيمية، أمثال مشارك!!

قال الألباني: " ضعيف ".

ظلال الجنة - 612. مختصر العلو - 193، 250.

ثم قال في هامشه: " العماء: السحاب. قال العلماء: هذا من حديث الصفات، فنؤمن به من غير تأويل ولا تشبيه، ونكل علمه إلي عالمه!!! ".

الذين أخذوا بحديث أبي رزين رغم تكذيب النقاد له

في توضيح المقاصد: 1/430:

" قوله: ولقد رواه أبو رزين إلخ... عن أبي رزين العقيلي، قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق العرش ثم استوي عليه.

رواه الترمذي وابن ماجة. قال الذهبي: وإسناده حسن ".

وفي توضيح المقاصد: 1/531:

" رواه الترمذي وابن ماجة وإسناده حسن، وقد رواه شعبة وغيره، عن يعلي، وقالوا: عدس بدل حدس، ورواه إسحاق ابن راهويه عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد، وعنده: ثم كان العرش فارتفع علي عرشه!!

وروي حرب عن ابن راهويه: تحته هواء وفوقه هواء، يعني السحاب، وقال أبو عبيد: العماء الغمام.

ص: 233

وقال الحسن ابن عمران الحنظلي الهروي: سمعت أبا الهيثم خالد بن يزيد الرازي يقول: أخطأ أبو عبيد، إنما العما مقصور، ولا يدري أين كان الرب، يعني قبل خلق العرش. ويروي عن أبي رزين حديث طويل بإسنادين مدنيين في الباب، لكنه ضعيف. انتهيكلام الذهبي.

قلت: هذا كلام الذهبي، وقد ساقه بتمامه الناظم في كتاب الهدي.

وقال: هذا حديث كبير جليل الشأن، ينادي جلالته وفخامته وعظمته علي أنه قد خرج من مشكاة النبوة!! إلي أن قال: ولم يطعن أحد فيه، وفي أحد من رواته!!

فممن رواه الإمام بن الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، في مسند أبيه، وفي كتاب السنة، ومنهم الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة له، والحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد الغسال في كتاب المعرفة، وحافظ زمانه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، والحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان، وأبو الشيخ الأصبهاني في كتاب السنة، وحافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وجماعة من الحفاظ يطول ذكرهم.

قال ابن مندة: روي هذا الحديث محمد بن إسحاق الصغاني، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع من العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد! ولم يتكلم في إسناده، بل رووه علي سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاهل أو مخالف للكتاب والسنة!!

هذا كلام أبي عبد الله بن مندة. انتهي كلام الناظم ملخصاً " انتهي.

ص: 234

وكتب (مشارك) في نفس اليوم، عصراً:

أشكرك علي ذكر الروايات، ولكن كما تعلم فإن الروايات مختلفة والحديث أصله واحد، ولو استطعنا الوصول إلي الرواية الراجحة لزال الإشكال الموجود عندك، وهذا ما حدا بي للطلب منك ذكر الروايات، خاصة لو جمعنا هذا الحديث مع الأحاديث الأخري مثل حديث: كان الله ولا شئ قبله. كان الله ولا شئ معه.

فإذا أردنا الجمع بين كل هذه الأحاديث لعلمنا أن الرواية الصحيحة في البخاري تتحدث أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض. وبهذا يزول الإشكال يا عاملي.

تخليط لقيط العقيلي.. الذي أخذوا منه دينهم

اشارة

واصل العاملي نشر بقية بحثه في حديث أبي رزين، فكتب:

من هو أبو رزين راوي حديث (العماء):

اسمه: لقيط بن عامر، أو لقيط بن صبرة.

تكلم فيه أهل الجرح والتعديل وحملوه مسؤولية وضع حديث العماء.

وفيما يلي صورة عن لقيط بن عامر أو ابن صبرة - علي اختلاف في اسم أبيه - لكي تعرف أن شخصيته ليست بعيدة عن قبول الجرح في وثاقته!

قال المزي في تهذيب الكمال:

" 24 - 248 - 5012 - بخ 4: لقيط بن صبرة، وهو لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة

ص: 235

، أبو رزين العقيلي، له صحبة، عداده في أهل الطائف. هكذا نسبه غير واحد من الأئمة، ومنهم من جعل لقيط بن عامر، غير لقيط بن صبرة. قال أبو عمر بن عبد البر: وليس بشئ.

وقال عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ: أبو رزين العقيلي، وهو لقيط بن عامر المنتفق، وهو لقيط بن صبرة، وقيل إنه غيره، وليس بصحيح.

روي أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يكره المسائل، فإذا سأله أبو رزين أعجبته مسألته.

روي عن: النبي صلي الله عليه وسلم (بخ 4).

روي عنه: ابنه عاصم بن لقيط بن صبرة (بخ 4) وعبد الله بن حاجب بن عامر (د)، وعمرو بن أوس الثقفي، وابن أخيه وكيع بن عدس، ويقال: ابن حدس. روي له البخاري في (الأدب)، والباقون سوي مسلم ". وفي هامشه: " وقال ابن حجر في (التهذيب): تناقض في هذا المزي فجعلها هنا واحداً وفي الأطراف اثنين، وقد جعلهما ابن معين واحداً وقال: ما يعرف لقيط غير أبي رزين، وكذا حكي الأثرم عن أحمد بن حنبل، وإليه نحا البخاري، وتبعه ابن حبان وابن السكن، وأما علي بن المديني، وخليفة بن خياط، وابن أبي خيثمة، وابن سعد، ومسلم، والترمذي، وابن قانع، والبغوي، وجماعة فجعلوهما اثنين. وقال الترمذي: سألت عبد الله بن عبد الرحمان عن هذا فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، والله أعلم ".

وقال في أسد الغابة: 4/267:

" وقد قيل إن لقيط بن عامر غير لقيط بن صبرة وليس بشئ، روي عنه وكيع بن عدس وابنه عاصم بن لقيط، وعمرو بن أوس وغيرهم قال أبو عيسي في

ص: 236

كتاب العلل، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أبو رزين العقيلي هو: لقيط بن عامر وهو عندي لقيط بن صبرة، قال: قلت: أبو رزين العقيلي هو لقيط بن صبرة؟ قال: نعم. قلت: فحديث أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه هو عن أبي رزين العقيلي؟ قال: نعم.

قال أبو عيسي: وأما أكثر أهل الحديث، فقالوا: لقيط بن صبرة هو: لقيط بن عامر. قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا، فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر. وأما مسلم بن الحجاج فجعلهما في كتاب الطبقات اثنين. والله أعلم ".

ابو رزين يزعم أنه وفد إلي النبي ممثلا قبيلة المنتفق

قال في أسد الغابة: 4/266:

" (لقيط) بن صبرة أبو عاصم عداده في أهل الحجاز، روي عنه ابنه عاصم روي إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه، قال: كنت وافد بني المنتفق إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلم نجده فأطعمتنا عائشة تمراً وعصدت لنا عصيدة، إذ جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: هل طعمتم من شئ؟ قلنا: نعم. فبينا نحن علي ذلك، دفع الراعي الغنم إلي المراح وعلي يده سخلة، فقال: هل ولدت؟ قال: نعم. ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لا تحسبن أنا ذبحنا الشاة لأجلكم، لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد عليها، إذا ولدت بهمة ذبحنا شاة ".

وقال في أسد الغابة: 5/44:

ص: 237

" وحدثني أيضاً أبو الأسود بن عبد الله بن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة ".

زعم أبو رزين أن النبي كان يكره السؤال إلا منه

وقد تقدم ذلك في تهذيب الكمال.

وفي كنز العمال: 7/146:

" أن النبي صلي الله عليه وآله كان يكره المسائل ويعيبها، فإذا سأله أبو رزين أجابه وأعجبه! (طب عن أبي رزين) ".

زعم أبو رزين أنه سمع النبي يقول: لعمر إلهك

قال في تهذيب التهذيب: 5 /9150:

" (أبي داود) عاصم بن لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي. قيل: إنه ابن صبرة وقيل غيره. عن لقيط بن عامر أنه خرج وافداً إلي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر حديثه، فيه قال النبي صلي الله عليه وسلم: لعمرُ إلهك.

قاله عبد الرحمن بن عياش السمعي، عن دلهم بن الأسود عن أبيه عنه. أخرجه أبو داود مختصراً كما هنا.

قلت: ورواه أبو القاسم الطبراني مطولاً، وهو حديث غريب جداً ".

وقال في تهذيب الكمال: 17/332:

ص: 238

" عن دلهم بن الأسود (د)، عن أبيه، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر العقيلي، وعن دلهم (د)، عن أبيه، عن عاصم بن لقيط، عن لقيط بن عامر أنه خرج وافداً إلي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر حديثاً فيه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: لعمر إلهك.

قاله إبراهيم بن حمزة الزبيدي (د) عن عبد الرحمان بن المغيرة بن عبد الرحمان الحزامي عنه. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات...

قال دلهم: وحدثنيه أيضاً أبو الأسود، عن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم... فذكر الحديث بطوله، وقال فيه: لعمر إلهك.

هكذا وقع في هذه الرواية عن دلهم، عن جده، والمحفوظ عن أبيه، عن جده كما تقدم التنبيه عليه ".

وفي ميزان الإعتدال: 2/580:

" عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر المنتفقي... هو صاحب حديث: لعمر إلهك ".

وراجع أيضاً تهذيب الكمال د: 13/541 و14/391

و هو راوي حديث: أن الله تعالي يضحك، و يظل يضحك

روي ابن ماجة: 1/ 64:

" 181: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره. قال:

ص: 239

قلت: يا رسول الله! أَوَيضحك الرب؟ قال: نعم، قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً.

في الزوائد: وكيع ذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجاله احتج بهم مسلم " انتهي.

ورواه في مسند أحمد 4/11، وسيأتي قوله: ويظل يضحك!!

و هو راوي حديث أن الكرسي موضع قدمي الله تعالي

في كنز العمال: 1/390:

" ومن مسند أبي رزين العقيلي عن ابن عباس عنه عليه السلام في قوله: وسع كرسيه السموات والأرض، قال: الكرسي موضع القدمين ولا يقدر قدر العرش شئ. الدار قطني في (الصفات) ".

و هو راوي حديث البخاري: ترون ربكم يوم القيامة

مسند أحمد: 4/11:

" ثنا وكيع، ثنا شعبة عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي، أنه أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر، قال حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يزيد بن هرون، قال أنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت يا رسول الله أكُلّنا يري الله عز وجل يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين أليس كلكم

ص: 240

يري القمر مخلياً به؟ قال: قلت: بلي يا رسول الله. قال: فالله أعظم ". ورواه في سنن ابن ماجة 1/64، ورواه أحمد 4/11.

وفي مسند أحمد: 4/12:

" عن عاصم بن لقيط، أن لقيطاً خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال لقيط: فخرجت أنا وصاحبي حتي قدمنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداء، فقام في الناس خطيباً فقال: أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام! ألا لأسمعنكم. ألا فهل امرؤ بعثه قومه فقالوا إعلم لنا ما يقول رسول. لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه , أيلهيه الضلال.. ألا إني مسؤول، هل بلغت ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا. قال: فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتي إذا فرغ لنا فؤاده وبصره.

قلت: يا رسول الله ما عندك من علم الغيب؟

فضحك لعمر الله وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه.

فقال: ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله. وأشار بيده.

قلت: وما هي؟

قال: علم المنية، قد علم منية أحدكم ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمون، وعلم ما في غد، وما أنت طاعم غداً ولا تعلمه، وعلم اليوم الغيث، يشرف عليكم آرلين آدلين مشفقين، فيظل يضحك، قد علم أن غيركم إلي قرب. وعلم يوم الساعة.

ص: 241

قال لقيط: لن نعدم من رب يضحك خيراً. قلت: يا رسول الله علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحد من مذحج، التي تربو علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها.

قال: تلبثون ما لبثتم ثم يتوفي نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصائحة لعمر إلهك، ما تدع علي ظهرها من شئ إلا مات، والملائكة الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك عز وجل يطيف في الأرض وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل يطيف في الأرض وخلت عليه البلاد،، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع علي ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه، حتي تجعله من عند رأسه فيستوي جالساً. فيقول: ربك مهيم، لما كان فيه، يقول: يا رب أمس اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه حديثاً بأهله.

فقلت: يا رسول الله كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلي والسباع؟ قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرقت عليها وهي مدرة بالية، فقلتَ لا تحيا أبداً، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياماً حتي أشرفت عليها وهي شرية واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر علي أن يجمعهم من الماء علي أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم.

قال: قلت: يا رسول الله وكيف نحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟

ص: 242

قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر علي أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما.

قلت: يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟

قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفي عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطي وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود. ألا ثم ينصرف نبيكم صلي الله عليه وسلم ويفترق علي أثره الصالحون فيسلكون جسراً من النار، فيطأ أحدكم الجمر فيقول حس! يقول ربك عز وجل أوانه! ألا فتطلعون علي حوض الرسول علي أظمأ والله ناهلة عليها قط، ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذي، وتحبس الشمس والقمر ولا ترون منهما واحداً.

قال: قلت: يا رسول الله فيما نبصر؟

قال: بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال.

قال: قلت: يا رسول الله فيما نجزي من سيئاتنا وحسناتنا؟

قال: الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يعفو.

قال: قلت: يا رسول الله إما الجنة وإما النار؟

ص: 243

قال: لعمر إلهك إن للنار لسبعه أبواب، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً، وإن للجنة لثمانية أبواب، ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً.

قلت: يا رسول الله فعلي ما نطلع من الجنة؟

قال: علي أنهار من عسل مصفي، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة.

قلت: يا رسول الله، ولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟

قال: الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم، غير أن لا توالد.

قال لقيط: فقلت: أقصي ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟

فلم يجبه النبي صلي الله عليه وسلم.

قلت: يا رسول الله أبايعك؟

قال: فبسط النبي صلي الله عليه وسلم يده وقال: علي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وزيال الشرك، وأن لا تشرك بالله إلهاً غيره.

قلت: وأن لنا ما بين المشرق والمغرب؟

قال: فقبض النبي صلي الله عليه وسلم يده وظن أني مشترط شيئاً لا يعطينيه.

قال: قلت: نحل منها حيث شئنا ولا يجني امرؤ إلا علي نفسه.

فبسط يده وقال: ذلك لك، تحل حيث شئت ولا يجني عليك إلا نفسك.

قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: إن هذين لعمر إلهك من أتقي الناس في الأولي والآخرة!!

ص: 244

فقال له: كعب بن الخدرية أحد بني بكر بن كلاب، منهم يا رسول الله؟ قال: بنو المنتفق أهل ذلك!!! ".

و هو راوي حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية

اشارة

حديث الأعرابي أبي رزين الكذاب علي حد تعبير ابن قتيبة، والأعرابي الضعيف بشهادة غيره من علماء السنة.. تجده في مؤلفات ابن تيمية سيداً محترماً!!

بل تجده أصلاً يبني عليه ابن تيمية عقيدته التي ينادي بها، ويكفر المسلمين من أجلها، لأنهم لم يجسموا الله تعالي مثله ومثل أبي رزين!!

أبو رزين.. حاضر في أكثر مؤلفات ابن تيمية!!

وحديثه مقدسٌ مكررٌ عند هذا الشامي الحراني، وأحياناً يكرره بنفس العبارة من كتاب إلي كتاب!!

فهل عرفتم من أين تعلم مشارك وجماعته أسلوب (القص واللصق)؟!!

لقد استدل ابن تيمية بحديث العماء في منهاج سنته مراراً..

وفي كتاب تلبيس الجهمية ص 54 و184و286و343.

وفي كتاب المباينة ص 316.

وفي كتاب العقل ص 117.

وفي العقيدة الصفدية ص 79.

وفي العقيدة الحموية.. وغيرها.. وغيرها من سلسلة كتبه وكتيباته التي تراها مكررة فكراً وموضوعاً وتعبيراً!

حتي كأنها صنعت في معمل ولم تنضج في ذهن، ولا كتبت بقلم!

وهذه نماذج من اعتماداته علي هذا الحديث:

ص: 245

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون (محلة العماء)

قال في كتاب الإستقامة ص 126:

" فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً! لثبوت النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً، فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء، وكذلك قال ذلك لغيرها. وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء. ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل!!... ومن نفي الأين قال: لأن الأين سؤال عن المكان، يقول: والله ليس في المكان لأن المكان لا يكون إلا للجسم والله ليس بجسم، لأن الجسم لا يكون إلا محدثاً ممكناً... وبيان الحق في ذلك من الباطل مثل أن يقال: المكان يراد به ما يحيط بالشئ، والله لا يحيط به مخلوق، أو يراد به ما يفتقر إليه الممكن، والله لا يفتقر إلي شئ. وقد يراد بالمكان ما يكون الشئ فوقه، والله فوق عرشه فوق سماواته، فلا يسلم نفي المكان عنه بهذا التفسير! ونقول: قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان، فلا يصح نفيه مطلقاً...!!! ".

وقال في تلبيس الجهمية - 154:

" عن وكيع بن عدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟

ص: 246

قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء..

قال يزيد بن هارون: العماء أي ليس معه شئ!!

فهذا الحديث فيه بيان أنه خلق العرش المخلوق قبل السموات والأرض.

وأما قوله: في عماء. فعلي ما ذكره يزيد بن هارون، ورواه عنه أحمد بن منيع وقرره الترمذي في أن معناه: ليس معه شئ، فيكون فيه دلالة علي أن الله تعالي كان وليس معه شئ وسيأتي الكلام علي ذلك إن شاء الله تعالي ".

وما ذكره ابن تيمية عن يزيد بن هارون تأويل للحديث خلاف الظاهر، وهو عند ابن تيمية بدعة!!

ولكنه يستعين بتأويل غيره عندما يحتاج إلي ذلك، حتي لا يؤول هو!!

ثم قال ابن تيمية:

" ثم لو دل علي وجود موجود، علي قول من يفسر العماء بالسحاب الرقيق، لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه.

ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده! " انتهي.

فقد قبل ابن تيمية وجود المكان والغيم مع الله تعالي قبل أن يخلق شيئاً من الخلق! ولكنه حاول أن يفرق بين مذهبه وبين مذهب الملحدين القائلين بقدم العالم قبل الله تعالي أو معه!!

وقال في الفتوي الحموية - 55:

" ذكر حديث أبي رزين العقيلي: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟

قال: في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء.

ص: 247

قال محمد: العماء السحاب الكثيف المطبق فيما ذكره الخليل، وذكر آثاراً أخر ثم قال: باب الإيمان بالكرسي.

قال محمد بن عبد الله: ومن قول أهل السنة أن الكرسي بين يدي العرش وأنه موضع القدمين... ".

ثم ذكر حديث أنس الذي فيه التجلي يوم الجمعة في الآخرة وفيه:

" فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين علي كرسيه، ثم يحف الكرسي علي منابر من ذهب مكللة بالجواهر، ثم يجيء فيجلسون عليها!! ".

وذكر ما ذكره يحيي بن سالم صاحب التفسير المشهور:

" حدثني العلاء بن هلال عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إن الكرسي الذي وسع السموات والأرض لموضع القدمين!! ".

وذكر من حديث أسد بن موسي، ثنا حماد بن سلمة، عن زر، عن ابن مسعود قال:

" ما بين السماء الدنيا والتي تليها، مسيرة خمسمائة عام... ".

ثم قال في باب الإيمان بالحجب:

" قالوا من قول أهل السنة أن الله بائن من خلقه يحتجب عنهم بالحجب، فتعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا!!! " انتهي.

وهذا نصٌّ صريح من كلام ابن تيمية علي مادية الله تعالي، وتكفير لمن قال: إنه تعالي غير ما نراه بأعيننا!!

ونختم بثلاثة أسئلة إلي مشارك وإمامه ابن تيمية:

ص: 248

الأول: كيف يبني عقيدته بالله تعالي التي هي أعظم عقائد الإسلام، علي حديث مهزوز في سنده ومتنه، كحديث العماء؟!!

والثاني: أنه قَبِل أن تكون صيغة السؤال: أين كان الله قبل خلق الخلق. فقد استدل بها في عدة من كتبه، فلا مجال للقول بأن الأمور الثلاثة المزعومة مع الله تعالي: العماء، أي السحاب، والهواء والمكان، هي من الخلق، وأن الخلق تمّ علي مرحلتين، كما حاول أن يقول ذلك مشارك!!

والثالث: أن التأويل عند ابن تيمية حرام وبدعة! وهذا يعني أنه لا يمكن له أن يتحرك في تفسير حديث أبي رزين وتأويله.. وإلا كان مبتدعاً ضالاً بحكم فتواه! فالحمد لله الذي جعله يكتِّف نفسه بحبل نفسه!!

والنتيجة: أن الله تعالي عند مشارك وإمامه ابن تيمية:

كان قبل أن يخلق أي شئ من خلقه علي الإطلاق: موجوداً في مكان، يجلس علي سحاب وفوقه هواء وتحته هواء!! وذلك المكان والسحاب والهواء ليست من المخلوقات، بل هي موجودة مع الله تعالي وشريكة له! أو أنها كانت قبله وهي التي خلقته وأجلسته في تلك الغمامة، فهي الإله دونه.. والعياذ بالله تعالي!!

فيا أيها المشارك والمشاركون: خففوا من غلوائكم الفارغة، وادعائكم العلم والتوحيد الحقيقي العلمي، وتكفيركم لمن هم أفهم منكم من المسلمين، وأمتن توحيداً، وأصدق عبادة.

عالجوا مصيبتكم الكبري أولاً، وخلصوا أنفسكم من تصورات اليهود لربهم علي كرسيه في السماء، أو في الغمام كما ترون توراتهم مليئة به!!

ص: 249

وإذا أصررتم علي أن السحاب والهواء والغيوم، من غير مخلوقات الله تعالي، فهي شريكةٌ له!!

ومعني ذلك أن (ألِف) " مشارك " و" مشاركين".. تطير، مع همزة العماء!!!

فأجاب (مشارك) بتاريخ 4-7-1999:

تتعبني بطول مواضيعك يا عاملي علي قلة ما فيها من حجة، وكثرة ما فيها من تلبيس وتدليس، فأنت دائماً ما تتهمنا بما لا نقول ولا نعتقد، وسأفرد لذلك موضوعاً إن شاء الله فاصبر، وأنقل لك هنا رد ابن تيمية علي الجهمية والزنادقة والملاحدة علي حديث العماء وهو طويل، وإن شئت أن نتناقش نقطة نقطة في ما عندك من شبه، فأيضاً علي الرحب والسعة......

انتهي.

قال العاملي:

ونشر مشارك نحو عشرين صفحة من كلام ابن تيمية، من كتاب تلبيس الجهمية المتقدم، في رد كلام الفخر الرازي وغيره ممن قالوا باستحالة التحيز علي الله تعالي! وهو كلام بأسلوب ابن تيمية المعقد، الذي يتعمد فيه الغموض! كما تعمد ابن تيمية أن يخلط كلامه بكلام الرازي بحيث يصعب تمييزهما، إلا لمن كان مستوعباً للموضوع مدققاً فيه!!

وأسوأ ما في أسلوب ابن تيمية أنه يوهم القارئ أنه ضد المطلب، ثم في النهاية يقرره خفية مختصراً!!

وكان فيما نقله مشارك هذه الفقرة التي نقلناها:

ص: 250

" ثم لو دل علي وجود موجود علي قول من يفسر العماء بالسحاب الرقيق، لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه، ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين " انتهي.

وقد وعد ابن تيمية أن يفسر حديث العماء قريباً، ولكنه لم يزد علي ما ذكره هنا!

فقال: " قال الشيخ رحمه الله: وحديث أبي رزين رواه أحمد والترمذي وغيرهما.. ثم لو دل علي وجود موجود علي قول لم يفسر العماء بالسحاب الرقيق لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه، ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده، وأخبر بخلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام في غير موضع وجاءت بذلك الأحاديث الكثيرة " انتهي.

ثم ختم مشارك نقل الصفحات الطويلة من كلام إمامه ابن تيمية، بقوله:

" فإن كان هذا يكفيك، وإلا أتينا بالمزيد ".

فأجابه العاملي بتاريخ 4-7-1999:

وهل هذا جواب يا مشارك؟!!

قصصتَ لي مقطعاً مطولاً من كتاب ابن تيمية، كنتُ نقلتُ لك خلاصته من كتابه تلبيس الجهمية ص 154، وغيرها!

ثم إن هذا المقطع إدانةٌ لك ولإمامك، لأنه ارتكب فيه التأويل الذي هو حرام في مذهبه، ويا ليته كان تأويلاً معقولاً يقبله المتأولة؟!

فقد فسر أن الله تعالي كان: في عماء.. بأنه كان وليس معه شئ!

مع أن أهل اللغة فسروا العماء، بالغيم أو الغيم الأبيض!

ص: 251

وزيادةً في افتضاح ابن تيمية حاول أن يتهرب من التأويل، ويلقي مسؤوليته علي عاتق يزيد بن هارون، فما الفرق بين أن يؤول هو، أو يقبل تأويل مؤول غيره؟!!

وهكذا يفعل أئمتك يا مشارك عندما يتضايقون ويثبت بطلان تجسيمهم ورفضهم المجاز في القرآن، ويواجههم أحد بمثل قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، وقوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه..

ويقال لهم كيف تفسرون أمثال هذه الآيات بظاهرها، بدون تأويل؟!!

فيقولون نحن أهل الأخذ بظاهر اللفظ الحسي، والتأويل عندنا حرام!

ولكنهم وجدوا هندياً اسمه (الطلمنكي) فقالوا إنه هو أوَّل هذه الآيات.. ووجد ابن تيمية هنا (طلمنكياً) آخر، فلبَّسه تأويل العماء في رقبته؟!!

أعود فأسألك الأسئلة التي ختمتُ بها موضوعي، فأجبني عليها، أو قُلْ لا أريد أن أجيب!

أما أن تجيب بالسب، وتكيل التهم بالرفض والبدعة وأمثاله، فهذا جواب العاجز، والحمد لله.

فكتب (مشارك) بتاريخ 5-7-1999:

هذا جواب أسئلتك يا عاملي:

الأول: " كيف يبني عقيدته بالله تعالي التي هي أعظم عقائد الإسلام، علي حديث مهزوز في سنده ومتنه كحديث العماء؟!!! ".

الجواب: عقيدتنا يا عاملي لم نأخذها من آية واحدة، يا عاملي أو حديث واحد، عقيدتنا ياعاملي أخذناها من مئات الآيات ومئات الأحاديث، قال تعالي: يخافون ربهم من فوقهم، فكيف تفسر لنا هذه الآية يا عاملي، هل هي من

ص: 252

الاسلام الأموي، أم من عند الحاخامات!!!!! آيات كثيرة وأحاديث كثيرة كلها تثبت معتقد أهل السنة والجماعة.

والثاني: " أنه قبِل أن تكون صيغة السؤال: أين كان الله قبل خلق الخلق. فقد استدل بها في عدة من كتبه، فلا مجال للقول بأن الأمور الثلاثة المزعومة مع الله تعالي: العماء، أي السحاب، والهواء والمكان.. هي من الخلق، وأن الخلق تم علي مرحلتين كما حاول أن يقول ذلك مشارك!! ".

الجواب: ورد حديث العماء بعدة روايات يا عاملي، فلو جمعنا بين هذه الروايات مع الأحاديث الأخري مثل: كان الله ولا شئ قبله، أو كان الله ولا شئ معه، لرجحنا رواية أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض، وقد أجبتك بهذا الجواب من قديم ولكنك لم تعلق عليه، وكما تعلم أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

والثالث: " أن التأويل عند ابن تيمية حرام وبدعة! وهذا يعني أنه لا يمكن له أن يتحرك في تفسير حديث أبي رزين وتأويله.. وإلا كان مبتدعاً ضالاً بحكم فتواه!! فالحمد لله الذي جعله يكتف نفسه بحبل نفسه!! ".

الجواب: لن أتهمك هذه المرة بالكذب لعل هذا الأسلوب يفيد، فأقول إنك أخطأت في نسبة هذا القول لابن تيمية، ويبدو أنك جاهل بكلام ابن تيمية، وجاهل بمذهب أهل السنة والجماعة، وجاهل باللغة العربية، فالتأويل يأتي بثلاث معانٍ:

1 - التفسير، كقولك هذا تأويل الآية أي تفسيرها، وكما تعلم فإسم كتاب الطبري في التفسير: جامع البيان في تأويل آي القرآن.

ص: 253

2 - ما تؤول إليه حقيقة الأمر، قال تعالي: هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله..

3 - التحريف، كمن فسر قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي، بمعني استولي، فهذا تحريف لمعني الآية، وكأن العرش لم يكن لله ثم استولي عليه الله بعد ذلك، تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، وقد نبهتك يا عاملي ألا تنسب قولاً لعالم بدون مصدره، ووعدتني بذلك، ولكن...

إضافة: أهل السنة والجماعة ينفون التعارض بين ما جاء في الكتاب والسنة، ولكنهم أيضاً لا يحرفون الكلم عن مواضعه، بل يجمعون بين النصوص، ولو قرأت كتاب الحازمي في طرق الجمع بين الأحاديث لوجدته أوصلها إلي أكثر من مائة طريقة، ونحن نعلم أن القرآن منه المحكم ومنه المتشابه، ونحن نرد المتشابه إلي المحكم.

وأجابه العاملي بتاريخ 5-7-1999:

أولاً: تتكلم عن معتقد إمامك ابن تيمية علي أنه معتقد أهل السنة والجماعة، فلماذا هذا الإصرار؟!

أليس البيهقي من أهل السنة والجماعة، إقرأ كتابه الأسماء والصفات لتري أنه يكفر أمثال إمامك!

أما كفاك علماء السنة الذين نشرتُ لهم في هذا الموقع ردودهم علي عقيدة إمامك؟!!

وهل تريد المزيد منهم من الماضين والمعاصرين، من مصر إلي تركيا، إلي آخر أفريقيا وآسيا؟؟!

ص: 254

أرجو أن تكون موضوعياً وتتكلم باسم ابن تيمية وأتباعه فقط، وليس باسم أهل السنة والجماعة.

ثانياً: لو كان عندكم مئتا حديث وآية تدل علي صفات التجسيم والتشبيه والأين لله تعالي، التي تعتقدون بها.

فلماذا لم يعرف إمامك ابن تيمية هذه الثروة مثلك، فتراه استدل بحديث العماء نحو ثلاثين مرة في كتبه؟!! ويستدل بحديث الحاخام مرات، وأمثاله من حديث أم الطفيل، والأوعال؟!!

ثالثاً: تكلمت في صيغ حديث العماء، وتريد أن تجمع بينها بأنه يقصد أنه لم يكن مع الله شئ، ولكن إمامك استدلَّ في كتبه مرات عديدة بصيغة الحديث النكراء، التي تسأل عن الله تعالي " قبل خلق الخلق " يعني جميع الخلق، فأجابه أنه كان جالساً علي العماء وتحته هواء وفوقه هواء!!

فهل يصح أن يقال لهذا.. إنه لم يكن معه شئ؟!!

إن النسبة بين حديث العماء ودلالة السمع والعقل علي أنه لم يكن معه شئ، نسبة تناقض!

ولا بد فيها من طرح أحدهما، وليست نسبة تعارض حتي يمكن الجمع!

رابعاً: ذكرت مذهبكم في الحقيقة والمجاز والتفسير والتأويل، ووصفتني بأني جاهلٌ به وبالعربية.. إلخ.

شكراً، ولكن لا تنسَ أن إمامك الذي يطيل في ذكر التفسير والتأويل، وله كتاب في الحقيقة والمجاز.. ويصرح أنه ليس في القرآن مجاز!!

ثم يدعي أنه يقبل التأويل والمجاز، ويدعي أن خلافه مع بعضهم لفظي.

ص: 255

ثم يعود فيشترط للتأويل والمجاز أن يرجع إلي المعني الذي يعطيه ظاهر الكلمة، ولا يخرج عنه!!

وبذلك يهدم كل ما حاول أن يقرب بينه وبين أهل اللغة وعلماء الإسلام، القائلين بأن الحقيقة والمجاز حقيقة!

هل تعرف معني كلامه؟

معناه أنه يقبل أن تفسر العماء والهواء والمكان، بأي تفسير أو تأويل بشرط أن يرجع إلي المعني المحسوس الظاهر من الكلمات!

أليس كذلك يا مشارك؟!

ولعلك بعد هذا تجادل، وتقص لي مقطعاً جديداً من كتب إمامك، فالرجاء أن تحدد لي بسطرين معني حديث العماء بصيغته النكراء التي قبلها إمامك، وهل تقبلها أنت؟!

خامساً: سألتني عن معني: فوقهم، في صفات الله تعالي، وقد شرحت لك سابقاً:

أن الفوقيه لله تعالي يستحيل أن تكون من عالم المكان والزمان المخلوق، بل هي فوقية من نوع آخر، ولذا لا بد من تأويلها في صفاته سبحانه بأنها غير الفوقية الحسية. وهكذا فسرها العلماء السنيون كالبيهقي وغيره، وحتي الطبري الذي ذكرته!

لكن أسألك عن قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم. وقوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه. هل يمكنك تفسيرهما بالمعني الحقيقي بظاهر اللفظ الذي يفهمه الناس للمعية، والهلاك، والوجه؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999:

ص: 256

لا أدري لماذا لا تريد إكمال موضوع العقيدة يا عاملي، أكمل وسأجيبك علي ما تريد إن شاء الله.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا ظلَّ مشارك يتهرب من الإجابات علي الأسئلة التي تكشف ضلال عقيدة إمامه ابن تيمية!!

وقد أراد مني أن أغض النظر عن مناقشة آرائه، وأن أنتقل إلي النقطة الخامسة التي يزعم فيها مشارك تناقض الأحاديث عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في العقيدة بالله تعالي..

ليتخلص من البحث في تناقضات مذهبه وإمامه!!

ولكني أصررتُ عليه أن يجيب علي الأسئلة المتعلقة بحديث العماء وتجسيم ابن تيمية لمعبوده، وإشراكه معه المكان والهواء والسحاب!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999:

أعانك الله علي حيرتك واسترسالتك يا عاملي، ما أريد تلخيصه هنا عن عقيدتنا كالتالي:

1 - كان الله ولا شئ معه.

2 - ثم بعد ذلك خلق الله ما يشاء، كالهواء والعماء والعرش والقلم.

3 - ثم بعد ذلك خلق الله السموات والأرض. فلو سئلنا أين كان الله قبل خلق السموات والأرض، لقلنا بقول النبي صلي الله عليه وسلم كان في عماء... ونعني بهذا رقم (2) وهي الأشياء التي خلقها الله قبل السموات والأرض، ولكنها

ص: 257

أشياء محدثة خلقها الله، فهي ليست موجودة قبل الخلق، بل هي من الخلق ولكنها موجودة قبل السموات والأرض.

وقد ذكرت لك سابقاً قول ابن تيمية الصريح في نفي وجود موجودات مع الله قبل الخلق، ثم أحيلك إلي لوازم الجهمية والفلاسفة الذين رد عليهم ابن تيمية ب- 29 وجهاً في إبطال لوازمهم، وأحيلك إلي رد ابن تيمية علي البراهين العشرة للرازي في مباحثه المشرقية، كما في منهاج السنة الجزء الأول.

فأجابه العاملي بتاريخ 6-7-1999 بعد الظهر:

المذكور في حديث العماء الذي يتبناه إمامك ابن تيمية هو: العماء: أي السحاب، والهواء، والمكان طبعاً..

وهذه الثلاثة هي جزءٌ من السماوات والأرض وليست غيرها!

وإن أبيْتَ ذلك، فإن السؤال في عدة صيغ من الحديث استشهد بها إمامك وقبلها: أين كان الله " قبل أن يخلق الخلق؟ " أو " يخلق خلقه؟ ".

فكيف تكون هذه الثلاثة جزءاً من الخلق، إلا بتأويل، وهو عندكم حرام وخطأ!!

إن سؤال الراوي يا مشارك عما قبل الخلق، وهو جمعٌ محلَّي بالألف واللام، يفيد العموم والشمول لجميع أنواع المخلوقات!! فلا تؤوِّل!

وحقِّ جدِّك وجدِّ ابن تيمية يا مشارك، إنك أمام ثلاث خيارات لا رابع لها:

إما أن تقبل بظاهر حديث العماء الذي يدل علي وجود موجودات مع الله تعالي قبل الخلق! وبهذا تفقد (الألف) من اسمك!!

فاحذر فإنه الحرف الوحيد الذي يتوقف عليه إسلامك!!

ص: 258

وإما أن تؤول الحديث العزيز علي قلب إمامك ابن تيمية، فتصير متأوِّلاً، وفي بلادنا يسمونك.. متوالي.

وإما أن تحكم بضعف الحديث كما فعل علماء كثيرون سنة وشيعة، فتثبت أن ابن تيمية غير معصوم عندك، كما قلت.. وأطمئنك بأنك لو ضعفت الحديث وخطأت ابن تيمية في تبنيه له، فلن تقع السماء علي الأرض، ولن يلحقك ذنب!

انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب مشارك بشئ، وواصل فتح مواضيع، وتكرار قوله إن العاملي يكذب ويفتري علي ابن تيمية!!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999، صباحاً:

ما زلت منتظراً إكمال النقطة الرابعة والخامسة، يا عاملي.

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999، ظهراً:

أكمل هنا يا عاملي، وعد الحر دين عليه.

فأجابه العاملي عصر ذلك اليوم:

لا بأس يا مشارك..

فقد طلبت مني أن أستخرج لك حديث العماء، وشغلتني فيه وفي كتب إمامك ابن تيمية يومين مع أني صاحب خبرة بها، والحمد لله أني ازددت يقيناً بأن الرجل ليس عنده منهجية مطردة أبداً.

ص: 259

وقد أعطيتك عدداً من الموارد التي استشهد فيها بحديث العماء، وسألتك أسئلة أريد جوابها قبل النقطتين الباقيتين..

لأن " قصة العماء " مهمة، لا بد من الوصول فيها إلي نتيجة.

وكتب (مشارك) صباح يوم 6-7-1999:

قد أجبتك علي أسئلتك الآن يا عاملي، فهيا أكمل.

ثم كتب (مشارك) 6-7-1999، صباحاً أيضاً:

أين أنت يا عاملي؟

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 7-7-1999، صباحاً:

ما بالك يا عاملي؟ هل السؤال الخامس صعب إلي هذا الحد؟

ثم كتب (مشارك) ظهر اليوم نفسه:

ها قد انتظرناك كثيراً ولم تكمل فهيَّا، هات ما عندك يا عاملي!!

فأجابه العاملي في عصر ذلك اليوم:

يا مشارك، ما معني هذا الإصرار؟

لقد أجبتك عن حديث العماء بموضوع، وما زال البحث فيه جارياً.. وهناك عدة موضوعات ما زال البحث فيها معك مفتوحاً..

ثم إنك لم تجبني، ولا أجبت غيري علي أكثر أسئلتنا، إن لم نَقُلْ كلها! وكل يوم عندك (عَملة) ضد الشيعة للتهريج، وليس للبحث العلمي، فينبري لك شباب الشيعة، وتنبري لهم بلحيتك وعصاك وتشمر عن سواعدك ولسانك الفصيح المليح!!

ومع ذلك إذا تأخرتُ عليك عن جوابٍ أمرتَ به!

ص: 260

أخذت ترسل البرقيات وتتابع الأوامر!!

سبحان الله.. مع أنك لا تقول بولاية الفقيه علي أهل بلده الذين اختاروه حاكماً! ومع أنك لست فقيهاً والحمد لله..

ولكنك تعتقد أن لك الولاية والأمر والنهي علينا من وراء الفيافي والجبال والبحار؟!!

أسأل الله أن لا يبتلي مسلماً بولايتك وأمرك ونهيك، لأنه لن يجد فرصة ليحك رأسه!

فأجابه (مشارك) بتاريخ 8 – 7- 1999، عصراً:

يا عاملي: بإمكانك أن تعلن عجزك وحيرتك في جواب السؤال الخامس، ولذلك سأطرحه للبقية الباقية، الذين تكالبت عليهم حجج أهل السنة، ولله الحمد.

فأجابه العاملي بتاريخ 9-7-1999، ظهراً:

ما زلنا معك في حديث العماء يا مشارك..

أما إن أردتَّ أن تهرب منه فاهرب. واطرح ما شئت لمن شت، وما أراك إلا ستستنجد بي وبغيري!!

وقد أخطأت في وصف حججك بخطأين:

أولهما: أنك سميتها حجج أهل السنة، وقد أثبتُّ لك بما لا مزيد عليه، أنك تمثل فكر ابن تيمية فقط، وأهل السنة وحججهم وكتبهم ضده، من البيهقي.. إلي السقاف!

وثانيهما: أنك وصفت حججك بأنها " تكالبت "!

ص: 261

وحججك بنظرك حسنة، وهذا وصف مجازي استعاره العرب من تكاثر الكلاب وهجومها علي شخص أو شئ!

فإن قلت: إن وصفك لحججك بأنها " تكالبت " وصفٌ حقيقي.. قبلنا منك حكمك عليها!!

وإن قلت: إنه وصف مجازي استعاره العرب من تكاثر الكلاب، قبلنا منك تبرئة حججك من هذا الوصف.

ولكنك إذا قبلت المجاز لتبرئة حججك، فلمإذا لا تقبله في صفات الله تعالي ولا تفسر يد الله تعالي بقدرته؟ وتخلص نفسك من ضلالة التجسيم، والزعم أن له يداً حقيقية! سبحانه وتعالي عما تصف!

فأجابه (مشارك) بتاريخ 9 – 7- 1999، مساءً:

يبدوا (كذا) أنك لم تستطع التهرب بحجة مقنعة، فاعذرني سأطرح الموضوع للجميع.

فأجابه العاملي 10-7-9991، صباحاً:

كيف تقول حجة مقنعة وتسميها تهرباً؟

فصاحب الحجج المقنعة محق، والمتهرب مبطل؟!

ثم إنك فتحت الموضوع الأخير للجميع، ولكن لم تجبني عن " تكالُب " حججك يا مشارك علي عادتك!!

فأجابه (مشارك) في نفس اليوم صباحاً:

دعك من هذه السفسطة، وأكمل إذا كنت مقتنعاً بعقيدتك!

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 11 –7- 1999، مساءً:

ص: 262

ممكن أن نكمل هنا بالأسلوب الهادئ لو أحببت!

انتهي.

قال العاملي:

ولم يجبه العاملي، وفتح موضوعاً يطالبه فيه أن يجيب عن " تكالبت "، وذلك لأن الوهابيين بنوا عقيدتهم في تجسيم الله تعالي علي إنكار المجاز في القرآن والسنة، بل حتي في اللغة العربية!!

ولذلك تهرَّب مشارك من الجواب، لأنه كيفما أجاب نقض عقيدته!!

ص: 263

السؤال عن الله تعالي بأين و كيف و متي.. سؤال غلط

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29-6-1999، موضوعاً بعنوان (رد زعم ابن تيمية وجود موجودات مع الله تعالي قبل الخلق!!!)، جاء فيه:

المكان والزمان لم يكونا ثم كانا.. بدليل أن لهما آخِر.

والخيط الذي له آخر له أول! فالمكان هو ظرف المخلوقات، والزمان حركتها.. وقد بدأ شريطهما من العدم عندما أوجد الله تعالي ظرفاً وموجوداً فيه متحركاً!

أما هو سبحانه فوجود من نوع آخر ليس من نوع هذا الظرف ولا المظروف ولا الحركة.. إنه خالقها جميعاً، وخالق قوانينها..

ولو كان يخضع لقوانينها لكان مخلوقاً مثلهما!! فكل سؤال يجعله تعالي داخل المخلوقات سؤال غلط.. ولا يوجد في القرآن ولا في السنة أبداً!

وإن رأيته مقبولاً في مصدر من مصادر المسلمين.. فاعرف أنه غريب متسلل! وحديث (العماء) من هذا النوع المتسلل، لأنه يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال عن الله تعالي ب- (أين) مع أنه أمر مستحيل!! لأنه تعالي كان قبل الأين والكيف، وهو الذي أيَّن الأين وكيَّف الكيف، ومكَّن المكان وزمَّن الزمان، وخلق المكين والزمين!

وهذا الدليل يكفي للحكم بأن حديث العماء من خيالات أبي رزين، وأن أصله من تصورات كعب الأحبار أو وثنيات العرب!

ص: 264

إنه يزعم أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟ أي قبل جميع الخلق بما فيه المكان والزمان والفضاء والهواء والسحاب.. فكيف يصح أن يقبل النبي صلي الله عليه وآله سؤاله ويقول: كان في عماء، تحته هواء وفوقه هواء!!

فيعترف بوجود الأين والهواء والسحاب قبل الله تعالي أو معه!! والعياذ بالله!

وقد أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال، فقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟ قال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي لا وجود لها في ثقافة المسلمين! وأينما وجدتها فابحث عن أصلها من ثقافة اليهود والنصاري، أو غيرهم!!

إن كل الضلال في مذاهب العقيدة، من عدم التوازن بين (الحمد لله)، و (سبحان الله)! فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشبيه، فعطلوا، والعياذ بالله!

والمشبهة لله تعالي أرادوا (الإثبات) بزعمهم فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين سبحان الله و الحمد لله، وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء، ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو مذهب نبينا وأهل بيت نبينا صلي الله عليه وعليهم.

أما ابن تيمية فتصور أن صفات الله تعالي كصفات الأشياء الطبيعية، لا يمكن إثباتها لله تعالي إلا بأن يكون سبحانه جسماً لا جسداً!!

ص: 265

فوقع في التشبيه وفي الثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. فخالفه بذلك جمهور المسلمين وانتقدوه وردوه، وبقي يدافع في ثنائيته التي تخبط فيها بين ذات الله وصفاته!!

وهي شبيهة جداً بثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

ومن ناحية أخري صحح ابن تيمية أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وحديث أم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، وحديث العماء وأمثاله، فكانت نتيجة تفكيره: أن الله تعالي جسم! وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته! وأن الإنسان شبيهه وليس مثيله! فوقع في تشبيه اليهود والنصاري، ولم يستطع الخروج منه!!

فكتب (عقيل) بتاريخ 29-6-1999:

الأخ العاملي: حديثك لطيفٌ، ينعش الروح.

لي بعض الإستفسارات. لقد قلت: وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله).

فهمتُ علاقة التنزيه وكلمة سبحان الله، ولكن ماذا تعني بالإثبات، وما علاقتها بكلمة الحمد لله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 29-6-1999، مساءً:

أشكرك علي ذكر الروايات ولكن كما تعلم فإن الروايات مختلفة والحديث أصله واحد ولو استطعنا الوصول إلي الرواية الراجحة لزال الإشكال الموجود عندك، وهذا ما حدا بي للطلب منك ذكر الروايات، خاصة لو جمعنا هذا

ص: 266

الحديث مع الأحاديث الأخري مثل حديث: كان الله ولا شئ قبله. كان الله ولا شئ معه.

فإذا أردنا الجمع بين كل هذه الأحاديث لعلمنا أن الرواية الصحيحة في البخاري تتحدث أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض. وبهذا يزول الإشكال يا عاملي.

يا عاملي كيف تريد أن تنقد كلام ابن تيمية وأنت لم تذكر قوله كما قال، بل افتريت عليه ما أنكره هو. أهكذا يكون الحوار العلمي، قد دللتك علي المواضع التي تكلم فيها ابن تيمية علي حديث العماء وهو ينفي هناك ما تريد نسبته إليه هنا، أفلا تتقي الله وتذكر كلام الرجل كما هو لا كعادتك، ثم بعد ذلك أرنا وقفاتك وصولاتك.

فأجاب العاملي مساء ذلك اليوم أيضاً:

الأحاديث التي مضمونها: كان الله تعالي ولا شئ معه.. صحيحة.

وهي منسجمة مع عقيدة الإسلام، لأنها تنص علي وجوده عز وجل قبل جميع الخلق.. فكلمة: ولا شئ معه.. تشمل حتي الزمان.

أما كلمة (كان) في هذه الأحاديث فهي لا تدل علي وجود الزمن معه سبحانه، بل هي ضرورة في التفهيم لأنك لا يمكنك أن تعبر عن وجود موجود حتي قبل الزمان إلا بأن تقول: كان قبل الزمان!!

ولا عما هو خارج الفضاء إلا بأن تقول: خارج الفضاء.

مع أن كلمة: خارج هي للفضاء!!

بل لا يمكنك أن تتصور خارج الفضاء إلا بأنه فضاء!!! وكذا الحديث عن العدم بضمير يعود إليه، أو تصوره بصورة موجودة في الذهن.. إلخ.

ص: 267

إنها جميعاً دلالات علي أن الذهن البشري يصل إلي مرحلة يعرف أن فوقها وجوداً يتعقله، ولكنه لا يمكنه أن يتصوره.

لقد صنع جهازاً، تصوّرَه خصيصاً للعمل داخل المكان والزمان.

أما خارجهما فإن عقله يعمل، ولكن ذهنه يتعطل ويضطر إلي التكيف مع مدركات العقل، فيصورها بصور من عالمه الزماني المكاني!!

ولعمري لو تأملت في هذا الموضوع يا مشارك وأنصفت، لعرفت الخلل في تصور ابن تيمية عن الله تعالي. أما حديث العماء.. فهو ينص علي وجود مكان وسحاب وهواء، وكلها قبل الخلق!!

وهنا يأتي السؤال: إذا كانت هذه الموجودات من الخلق، فالسؤال عما قبل الخلق! وإن كانت من غير الخلق فهي آلهة مع الله والعياذ بالله!!!

الأخ عقيل:

معني: سبحان الله: تنزيهاً له.. وهي كلمة مطلقة، تشمل نفي كل نقص عنه سبحانه، ومن هذا النقص تحديد وجوده في زمان أو مكان خلقهما، أو في أي صفة من صفات المخلوقين المحدودين بالزمان والمكان وغيرهما من الحدود..

وإذا استرسل الإنسان مع إطلاق التنزيه لكي ينفي النقص عن الله تعالي.. يخشي أن يفرط ذهنه في ذلك، وينفي والعياذ بالله وجوده الحقيقي عزوجل، أو صفاته الحسني، أو فاعليته المستمرة في الوجود، في كل آناته وجميع ذراته!!

ومعني: الحمد لله: أن كل موجود يقوم به سبحانه.. والحمد أوسع من الشكر، لأن الشكر علي النعم التي تخصك، والحمد علي كل النعم في جميع الكون.

ص: 268

وإذا استرسل الذهن البشري في فهم فاعلية الله تعالي في الوجود، يصل إلي أن: الذرّة.. تحتوي علي مركز اتصال بالغيب، تتموّن منه بالحياة والحركة.. وإلي أن الأسماءَ الحسني ألوانُ فاعلياته عز وجل في الوجود.. وأن عالم الإنسان الداخلي وعقله وقلبه في تصرف الله عز وجل الدائم.. الذي لا ينقطع...

من هنا يأتيه خطر الإنحراف في التنزيه فيقول: بعدم وجود شئ إلا الله والعياذ بالله، كما قال أهل الحلول ووحدة الخالق والمخلوق!!

أو يأتيه خطر الإنحراف في الاثبات، فيحاول (جرّ) الوجود الإلهي الأعلي من المكان والزمان، إلي وجود من نوع ما هو محكوم للمكان والزمان!

وهذا ما وقع فيه اليهود بسبب ماديتهم التي جعلتهم يثَّاقلون إلي الأرض حتي في تصورهم لربهم عز وجل. وأمتنا الإسلامية اتبعت سنن اليهود حَذْو النعل بالنعل، كما أخبر به الصادق الأمين صلي الله عليه وآله!!

فأجاب (عقيل):

شكراً يا أخ العاملي علي توضيحك. وحقاً هذا هو ربي.

ص: 269

اتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. و تكالبها لا حقيقة و لا مجاز

كتب العاملي في 10-7-1999 موضوعاً بعنوان (حجج مشارك " تكالبت " عليه، فساعدوه ساعدكم الله)، جاء فيه:

أرجو المعذرة من هذا العنوان وهذا التحدي، فقد أجازه الشرع لإثبات الحق وإبطال الباطل.

والقصة هي: أن ابن تيمية وأتباعه يزعمون أن الله تعالي له أعضاء حقيقية! يدان ورجلان ووجه وعينان بل عيون.. إلخ.

وقد تحججوا لذلك بالآيات الكريمة مثل قوله تعالي: يد الله فوق أيديهم. ورفضوا تفسير المسلمين لها بأن معناها: قدرة الله فوق قدرتهم، وقالوا: يجب حمل ألفاظ القرآن والسنة كلها علي المعاني الظاهرية الحقيقية الحسية، والمعني في الآية وأمثالها: أن الله تعالي له يد وهي عضو الجارحة المعروفة!

وعلي هذا بنوا مذهبهم، وأصروا علي التجسيم!! وتورطوا في مثل قوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه.. وهو معكم أينما كنتم.. وغيرها.. لكنهم ظلوا مصرين!!

وفي بحثي مع مشارك وتهرباته المتواصلة من الأجوبة، ومطالباته المتكررة بأجوبتنا قال في موضوع: " يا عاملي هل لك عقيدة: بإمكانك أن تعلن عجزك وحيرتك في جواب السؤال الخامس، ولذلك سأطرحه للبقية الباقية الذين تكالبت عليهم حجج أهل السنة، ولله الحمد ".

ص: 270

فأجبته: ما زلنا معك في حديث العماء يا مشارك، أما إن أردت أن تهرب منه فاهرب، واطرح ما شئت لمن شئت، وما أراك ألا ستستنجد بي وبغيري! وقد أخطأت في وصف حججك بخطأين... إلي آخره..

فكتب (مشارك):

إن منهجنا في إثبات الصفات قائم علي إثبات ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله صلي الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تكييف، ولا تشبيه ولا تعطيل، مثلاً:

1 - الله عز وجل يَرحم والمخلوق يَرحم، فهل ننفي الرحمة عن الله حتي لا نشبه الله بالمخلوق؟؟

2 - الله عز وجل يقول: الرحمن علي العرش استوي. وأنتم تقولون استوي يعني: استولي، فهل كان العرش في ملك غير الله ثم استولي عليه الله بعد ذلك؟؟؟

3 - تقولون عن الله: ولا يخلو منه مكان، ولا يشتغل بمكان. فهلا فسرت لنا هذه الطلاسم؟؟

4 - يقول عز وجل: يخافون ربهم من فوقهم. وأنتم تنفون هذا لأنه يستلزم عندكم ما يستلزم؟ فهل نصدقكم أم نصدق الله؟

هيا أيها البطل أرنا حججك العقلية التي لو استخدمتها في نقض عصمة أئمتك لما بقي لك دين؟ فعجباً لمن يقدم العقل القاصر في تأويل مئات من آيات الصفات، ثم يقفل هذا العقل أمام الأحاديث الموضوعة والكاذبة في عصمة أئمته ويطلب النقل الكاذب في ذلك. فهيا أرنا ما عندك يا عاملي؟

ص: 271

فأجابه العاملي:

سؤالي محدد وصغير: هل قصدتَّ من كلمة " تكالبت " معناها الحقيقي، أم المجازي؟

وأنصحك أن تجيب بأنها صفة مجازية لكي تسلم حججك من نباح الكلاب! والظاهر أنك لن تجيب علي السؤال إجابة مستقيمة!

فكتب مشارك:

ما هذا الهروب يا عاملي؟

وكتب (العاشر من رمضان):

يا أخ عاملي: منهج أهل السنة والجماعة واضح ومحدد في مسألة الصفات، لأنك بين أحد ثلاثة أمور لا ثالث (الصحيح: رابع) لها عندما تتعرض لآيات الصفات، دعني أضرب لك مثالاً: قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي، أنت الآن بين أحد ثلاثة احتمالات لا رابع لها من حيث القسمة العقلية.

الأول: أن تنفي الصفة تماماً وتقول لا ينبغي أن نصف الله بهذا فتعطل الصفة تماماً، وهذا لا يعقل لأن الله ذكرها ولم يكن ذكره للصفة هزواً ولعباً تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

الثاني: أن تثبت الصفة وتضع لها كيفية فتقول: استوي بالشكل الفلاني وبالطريقة الفلانية، وبهذا تكون قد وقعت في التجسيم والتكييف والتمثيل، وهذا لا ينبغي في حق الله أن نقول استواؤه بالشكل الفلاني، ويده صفتها كذا وكذا.

ص: 272

الإحتمال الثالث: أن تثبت الصفة لأن الله أثبتها في القرآن، ولكن تقول أثبت لله الصفة علي النحو الذي يليق بجلاله وعظمته سبحانه، فلا تنفي الصفة تماماً لأنك لا تستطيع ذلك لأن الله أثبتها، ولا تتجرأ فتبدأ في تكييفها وتشبيهها بصفات البشر، لأن ذلك لا يليق بجلال الله وعظمته، بل تثبتها لله علي النحو الذي يليق بعظمته. ونكمل بعد الصلاة. نصر من الله وفتح قريب.

فكتب العاملي:

ما شئت الآن فَقُلْ..

ما أريده منك فقط هو الجواب هل أن كلمة " تكالبت " في عبارتك حقيقة، أو مجاز؟ أو قل: لا جواب عندي.

وقل رأيك أنت، ولا تقل لي: قال الطلمنكي أو يزيد بن هارون!

(للتوضيح: يقوم مذهب ابن تيمية وتلاميذه علي وجوب الأخذ بالظاهر الحسي للآيات والأحاديث وحرمة تأويلها.. ولكنهم عندما يصلون الي آية تنقض مذهبهم مثل قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، وكل شئ هالك إلا وجهه.. يستعملون طريقة ملتوية ويحتجون بكلام شخص أولها غيرهم!! وأكثر ما احتج ابن تيمية بتأويلات شخص اسمه يزيد بن هارون والطلمنكي، وأكثر ما يحتج ابن باز بالطلمنكي)!!

وكتب (راشد الإماراتي) بتاريخ 11-7-1999:

الرد علي العاملي: لو كان قول الله تعالي لإبليس: وما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي يحمل علي المجاز، لكان لإبليس حجة علي الله في أن يقول: وأنا كذلك خلقتني بيدك، فلماذا خص الله آدم بالذكر؟؟!!

ص: 273

ثانياً: استخدم الله عز وجل صيغة التثنية في كلمة بيدي الدالة علي الحقيقة، والتثنية لا تجوز في المجاز. وأنا أعطيك مليون سنة وأكثر لكي تأتي بمثال فيه تثنية في المجاز، وابدأ من الآن..

انتهي.

قال العاملي:

أجبته أنا وغيره في موضوع مستقل، بأن اليد في العربية مفرداً ومثني وجمعاً، تستعمل بمعني القدرة والنعمة، مثل: لا أنسي أياديك عندي... لكن الإماراتي أطال في إصراره علي أن يد الله تعالي في آية: يد الله فوق أيديهم، وغيرها، بمعني اليد الحقيقية، وليست مجازاً، ودليله أن اليد وإن استعملت عند العرب مفردة بمعني القدرة والنعمة، فهي لم تستعمل مثنَّاةً بهذا المعني!!

وأخيراً وجد له الإخوة الشيعة شاهداً من شعر العرب، استعملت فيه اليدان بمعني النعمة!!

أما مشارك فغاب ولم يجب هل أن حججه المتكالبة استعمال حقيقي أم مجازي! وذلك لأنه إن قال إنها متكالبة حقيقة، فقد صارت حججه كلاباً حقيقية وسقطت!! وإن قال مجازاً، فلماذا يقبل المجاز في حججه، ولا يقبله في: يد الله فوق أيديهم.. ويقول إنها مجازية بمعني قدرته؟!!

ص: 274

لا يحويه مكان.. و لا يخلو منه مكان..

كتب العالم الوهابي (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، موضوعاً بعنوان (سؤال واحد فقط لمن يثبت أن الله بذاته في كل مكان!)، قال فيه:

نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف - ولكنكم تقولون إن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟

فأجابه (الطالب):

أعتقد أن مفتاح معرفة هذه الأمور هو أن تعرف الفرق بين المجرد والمادي، وما هي أحكام كل منهما، ولا أدري مدي علمك بهذه الأمور؟ فإذا فهمتها وتعقلتها فسوف يسهل علينا محاورتك، والله من وراء القصد.

فكتب (مشارك):

هذا أسلوب جديد في التهرب لم نعهده ولا من العاملي! إذا لم تستطع الجواب فاسكت أفضل لك، أو اسأل عن الشئ الصحيح حتي نجيبك. ما هو تعريف العدم عندك؟

فكتب (طالب العلم):

بما أن هذه أول مشاركة لي فأنا لا أزعجكم إن شاء الله، وأقول لك أيها الأخ المشارك، هل تعتقد أن المكان كان قبل الله تعالي؟ إذا قلت بذلك، فهو أنك قد حدَّدت الله تعالي وهو منزه عن ذلك؟!

ص: 275

وأعتقد أن سؤالك هو كما سئل الأئمة من قبل، فقد سئلوا إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين النار إذن، إذا قدرت أن تجيب علي هذا السؤال، فأنا أعتقد أنك أهل للحوار، وإلا فسأتركك من البداية!!

وكتب العاملي:

أنت يا مشارك وضعت في ذهنك معني واحداً للظرفية التي تستعمل فيها كلمة [في] وأخذت تسألنا عنه!!

والجواب: أنا لا نعتقد بهذه الظرفية التي في رأسك!

فالظرفية في لغتنا العربية يا عربي، علي أنواع كثيرة.. تقول: مشارك في الغرفة، مشارك في الشبكة، مشارك في الصلاة، مشارك في همٍّ وغَم، مشارك في تسبيح، مشارك في ورطة، مشارك في لجاجة... إلخ.

إن (في) تستعمل لحضرتك بعشرين معني، وأنت تريدها تعبيراً عن صلة الله تعالي بمخلوقاته بمعني الظرفية المكانية! مثل حديث العماء الذي بنيتم عليه عقيدتكم، والذي يزعم أن الله كان قبل خلق المكان في عماء، تحته هواء وفوقه هواء!!!

وكتب (مشارك):

ألهذه الدرجة صعب عليكم هذا السؤال؟

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 12-7-1999:

أرنا إجابتك يا شاطر!

فكتب (مشارك):

وهل عجزتم كلكم يا أبناء الدليل؟

ص: 276

حسناً.. لماذا لا تسألوا (كذا) المعدوم الموجود في جابلقا أو جابرسا أو جنة الهورقلياء، كما يزعم شيخكم الحلولي.

فكتب (حازم لؤي):

لا أظن أن مسلماً قط يقرأ القرآن الكريم ويتناسي وصف الله سبحانه وتعالي ذاته بقوله تعالي: فأينما تولوا فثم وجه الله. وقوله تعالي: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. وقوله تعالي: هو معكم أينما كنتم. فهل يكون الله سبحانه جسماً ولا يخلو منه جهة أو مكان، كما هو صريح القرآن، سبحان الله عما تصفونه أنتم يا معشر المجسمة.

ص: 277

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، موضوعاً آخر بعنوان (تناقضات أهل الحلول والإتحاد وعباد العدم)، قال فيه:

ما أكثر حسرة وتيه الفلاسفة الذين ضلوا في هذا الباب، لأنهم اعتمدوا علي عقولهم القاصرة في هذا الباب، والذي يتأمل كلام العاملي يضحك والله علي مثل هذه الإعتقادات، وأنا أتحداه أن يجيب علي هذا السؤال: تزعمون أن الله في كل مكان، فهل تثبت وجود الله داخل جسمك أم لا. إن قلت: نعم فأنت من أهل الحلول والإتحاد، وإن قلت: لا، فأنت كاذب في دعواك أن الله في كل مكان!

فأجابه العاملي بتاريخ 13-7-1999:

في كم مكان فتحت هذا الموضوع؟! فما هذا الولع بالتهريج؟

لقد أجبتُك في مكانين وهذا الثالث، وهذا يناسب اعتقادك بالتثليث: الله، والمكان، والزمان، اللذان يحتاج إليهما في أصل وجوده، بزعم إمامك ابن تيمية! لأن وجوده عنده مادي، في مكان محدود!! وكل ذلك هرباً من مقولة أنه موجود في كل مكان، وكأن [في] عنده وعندك بمعني واحد لا تستعمل بغيره، وهو الدخول الحقيقي في الشئ علي نحو الحلول أو التمازج!! لله ذهنك ما أوسعه يا مشارك!

فعندما نقول رأيت مشاركاً في كتابه، يعني أن حضرتك بلحمك ودمك مخلوطٌ بكتابك؟!! وعندما نقول: رأيت الله في بديع خلقه، فهل معناه رأيت ذاته بعيني؟!

ص: 278

إن [في] في اللغة العربية للظرفية، والظرفية تختلف باختلاف الحالات والأشياء، وقد تصل إلي ثلاثين وجهاً.. كل هذا في المادة!!

أما في مَنْ هو فوق المادة سبحانه، فإن [في] بالنسبة إليه بمعني يناسب وجوده ولا يناسب المادة!! وإنما نستعملها فيه، لأنه ليس عندنا ألفاظٌ تناسب حقيقة صفته وحالته! وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو، وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا، ولذا نشير إليه بما عندنا. وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء وأن حقيقية المادة هناك نوع أرقي منها هنا، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

نكمل في عقيدتك يا عاملي.

فكتب (مشارك) ثانية:

نكمل في عقيدتك يا عاملي.

ولكن كم موضوعاً فتحته أنت لكي تتهمنا كذباً وبهتاناً في عقيدتنا؟

وكتب (راشد الإماراتي) بتاريخ 13-6-1999:

الرد علي العاملي: جزاك الله خيراً يا أخي مشارك، كلامك ذكرني بهذا الكلام، وكما قيل كم من أخ لك لم تلده أمك... أخوك الإماراتي يحبك في الله لا غير.

أنت قلت يا عاملي: " وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا.. فنحن نشير إليه بما عندنا. وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟!! ".

ص: 279

إذن، فما المانع أن تقول: إن الله موجود في خلقه في جسمك وجسم غيرك، لكن بدون أن نعرف كيف، لأنه فوق مجال العقل لإدراكه. تماماً كما نؤمن جميعاً أن في أجسامنا أرواح، ولكن لا نعرف كيفيتها، وهي تخرج من جسم الإنسان فيموت دون أن تسحب شئ (كذا) من لحمه ودمه وعظمه. وبالتالي يكون فرعون علي حق عندما قال: أنا ربكم الأعلي، لأن الله يوجد فيه، وموسي عليه السلام علي الباطل!!!

تعالي الله عما يقودنا إليه كلامك يا عاملي من الباطل.

فأجاب العاملي في نفس اليوم:

مشارك أكثرُ فهماً منك يا راشد، لأنه فهم تعدد معاني [في] والظرفية، وأنها في المخلوقات متعددة فكيف في الخالق؟!! وأنت تصر علي استعمالها بمعني الظرفية المادية والحلول الحقيقي، وتريدنا أن نستعملها بهذا المعني لله!!

سبحانه وتعالي عن تجسيمكم، وتجسيم أساتذتكم محرفي التوراة.

وكتب (الطالب) في نفس اليوم:

لا أدري بأي لغة يجب فيها الكلام حتي يفهم المشارك والإماراتي.

إن كلام العاملي واضح وصريح وليس فيه لبس، فعندما يقول: إن الله تعالي لا يحتويه مكان، والزمان والمكان لا يقيدانه، فالمعني واضح لمن له عقل سليم. والدليل العقلي كما هو يبطل التجسيم، فهو يبطل الحلول. ولكنكما تأبيان إلا أن تنسبا إليه القول بالحلول، وهو لم يذكره.

وعندما نقول: إنا لم نعرف حقيقة الله تعالي، لا يعني أنا لم نعرف عنه شيئاً علي الإطلاق، فكيف لنا أن نعبده؟ بل عرفناه بصفاته الحقة التي وصف بها

ص: 280

نفسه، وبعقولنا التي لم تناقش في البديهيات، وبإرشاد أئمتنا الذين أرادوا لشيعتهم أن يوحدوا الله عز وجل التوحيد الخالص عن الزيف والباطل. والله من وراء القصد.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-6-1999:

أحبك الله الذي أحببتني فيه يا راشد.

وبعد، أيها الرفيق! العاملي: تقول: " وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا.. فنحن نشير إليه بما عندنا، وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟! ".

إذن لماذا تقحمون عقولكم القاصرة في نفي صفات رب العالمين؟

وأما جدالك في كلمة [في]، فطالما أنك تقصد أن المقصود ب- [في] هنا معني غير المتبادر في الذهن من كلمة [في]، فالمطلوب ببساطة أن تقول: إن الله ليس بذاته في كل مكان، علي المعني المتبادر لكلمة [في].

فهل تستطيع أن تقولها؟

فأجابه العاملي في نفس اليوم:

نحن لا نرضي بإقحام العقل القاصر فيما لا يعلم عن ذات الله وصفاته عز وجل.. بل أنتم الذين أقحمتموه في إثبات الجسم والمكان والزمان والجهة والأعضاء الحسية، وما لكم به من علم إلا اتباع الظن، والوهم، وظواهر المتشابه!

ص: 281

إفهم يا مشارك: مدركات العقل عندنا قطعية وغير قطعية، فغير القطعية لا تغني من الحق شيئاً، سواءً كانت قريبةً من العلم القطعي إلي 99 درجة، أو ظناًّ، أو شكاًّ، أو وهماً، أو خيالاً.. أما القطعيات العقلية والذهنية (البديهيات والكسبيات اليقينية ولوازمها القطعية) فهي حجة لله تعالي علي عباده، وبها يفهم العباد ربهم، وبها أفكر وأصل إلي نتائج، وأناقشك وتناقشني..

ومن هذه اليقينيات أن الله تعالي ليس من نوع المادة، وليس خاضعاً للزمان والمكان وقوانينهما وقوانين ما فيهما، وإلا لكانا معه أو قبله، وكانا آلهةً معه أو قبله! وهذه اليقينية تستلزم نفي صفات المادة عنه، وتنزيهه عن الخضوع لما تخضع.. وتفتح أبواباً من العلم به عز وجل.

يا مشارك: أَثبِت لله تعالي ما شئت مما أثبته لنفسه، ولكن لا تخضع ذاته ولا صفاته لقوانين المادة والأجسام!!

أما أنتم فعندما رأيتم الذين سيطر عليهم هاجس " التنزيه " فأفرطوا في السلوب حتي وصلوا إلي شبيه العدم ومقولات الجهمية.. أصابتكم من أفكارهم ردة فعل، فأفرطتم في الإثبات وجسمتم الله تعالي! لتصوركم أنه لا يمكن إثبات الصفات له إلا بتجسيمه سبحانه! وعندما جسمتم وقعتم في التناقض، لأنكم أخضعتم ذاته سبحانه للمكان والزمان وقوانين المادة!

ثم أردتم أن تعدلوا (المايلة) فقلتم إنه جسم، لكنه لا كيف لذاته وصفاته!! فوقعتم في حيص بيص.. فكيف يكون جسماً تثبتون له الأين والزمان وبقية صفات المادة، ثم يكون كيف ذاته، وكيف صفاته غير مادي؟!!

وهل يكون الإنسان (أكوس) لا لحية له، ثم تكون لحيته عريضة؟؟

ص: 282

أما نحن فلم نقع في نفي الجهميين، ولا في تجسيم المثبتين، وهذا هو التوسط الإسلامي.. ولن تستطيعوا أن تخلصوا من إشكال التناقض في عقيدتكم حتي ترجعوا إلي أهل بيت نبيكم صلي الله عليه وعليهم، الذين ثبت عندكم أنه أمركم بالرجوع إليهم، فلم تفعلوا!

فاهدأ يا مشارك، وأَعد قراءة خطب علي عليه السلام، باب مدينة علم نبيك، قراءة متفهم يريد أن يعرف ماذا يقصد صاحب هذا الكلام، لا قراءة شخص تشبع بروحية ابن تيمية، وهمّه أن يعثر علي كلمة في عقائد الشيعة ليجادلهم بها!

وأما [في] وغيرها من أدوات اللغة وكلمات المخلوقين في ظروف المحيط المادي، فاستعمل ما ثبت وروده منها في ذاته وصفاته تعالي، وفسرها بما يصل إليه عقلك، بشرط أن لا تخضع من هو فوق المادة وقوانينها سبحانه، لظروف خلقه وقوانينها.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-6-1999:

ما زلت في تناقضك وافتراءاتك.

أولاً: نحن لا ننفي الكيف وإنما التكييف، وهو إدراك الكيف، وإذا لم تفهم الفرق بينهما، فارجع إلي موضوعي مع (هادي) طالما أنك أنت مقتنع بكل كلمة في هذا الكلام: " ومن هذه اليقينيات أن الله تعالي ليس من نوع المادة، وليس خاضعاً للزمان والمكان وقوانينهما وقوانين ما فيهما، وإلا لكانا معه أو قبله. وهذه اليقينية تستلزم نفي صفات المادة عنه وتنزيهه عن الخضوع لما تخضع.. وتفتح أبواباً من العلم به عز وجل. يا مشارك: أثبت لله تعالي ما شئت مما أثبته لنفسه، ولكن لا تخضع ذاته ولا صفاته لقوانين المادة والأجسام!! ".

ص: 283

إذن، لماذا تخضع صفات الباري لقوانين المادة ثم تنفيها عنه بعد ذلك. ما الفرق بين ذات الله وصفات الله أيها الشاطر. إذا كنت مقتنعاً أن ذات الله ليست مِثل ولا تشبه ذوات الناس، فلماذا لا تقول أيضاً: إن صفات الله ليست مثل ولا تشبه صفات الناس، لماذا تلجأ بعقلك القاصر إلي وجوب تشبيه صفات الله بصفات الناس، ثم تحكم بعد ذلك بنفيها، لماذا لا تثبتها بنفس الطريقة التي تثبت بها الذات

(صدقني ما زلت أشك حقيقة أنك تثبت الذات!)

ثم ما رأيك في هذا السؤال اللطيف: أين الخلق؟ إذا كان الله في كل مكان!

ثم كتب (مشارك):

سأضطر آسفاً لنقل السؤال للملتقي الإسلامي، وأقول إن الإثني عشرية في (أنا العربي) عجزوا عن الإجابة!

قال العاملي:

وهذه عادة مشارك عندما لا يجد في الجواب نقطة ضعف.. أن يصر علي أنه لم يلق جواباً ويهدد وينقل الموضوع إلي شبكة أخري ولكنه هنا لم يناقش الجواب ولا نقل الموضوع إلي الملتقي العربي كما قال.

ص: 284

كتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (عقيدة العاملي حسب أسلوب العاملي)، قال فيه:

هذه هي عقيدة العاملي التي لا يستطيع إنكارها إذا استخدمنا أسلوبه الفريد: يدعي العاملي أن الله موجود في كل مكان، وعلي هذا فأنت الله والله أنت، وصدق الشاعر حين قال:

العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب أو قل-ت رب أني يكلف

وإذا مر العاملي بجيفة كلب ميت فهو لا يستطيع أن ينفي أن الله أيضاً موجود داخل هذا الكلب والعياذ بالله، ولذلك فهو لا يستغرب قول الشاعر:

وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا عابد في كنيسة

وما المانع في ذلك إذا علمنا أن الله عز وجل يقول: وهو معكم أينما كنتم. وعلي هذا إذا كان العبد هو الرب وكان الرب هو العبد، فيصبح ما قالته حبيبة العاملي: قرة العين، هو عين الحقيقة!

وأما قرة العيون وما أدراك ما قرة العيون، زعيمة فرقة القرتية من فرق الرافضة الإثني عشرية كما صرح بذلك آل طعمة في كتاب مدينة الحسين، وهي تقول في مؤتمر بدشت: إعلموا أن أحكام الشريعة المحمدية قد نسخت الآن بظهور الباب... وإن اشتغالكم الآن بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتي به محمد كله عمل لغو وفعل باطل ولا تحجبوا حلائلكم عن أحبابكم إذ لا ردع الآن ولا حد، ولا منع ولا تكليف ولا صد، فخذوا حظكم من الدنيا فلا شئ بعد الممات. مفتاح باب الأبواب ص180.

ص: 285

ملاحظة: إن قلتم إن قرة العيون تركت مذهب الرفض إلي البابية، فنقول هذا يثبت أن الرفض مطية الزندقة، فهي رافضية اثني عشرية سابقاً، بل وكانت تعقد الدروس في النجف!! ولذلك كان دفاعه المستميت عنها وعن الإسماعيلية، فهنيئاً لك هذه الزندقة.

ثم كتب (مشارك) قائلاً:

ذكرنا العقيدة، وبقي أن نذكر اللوازم:

1 - لا يوجد عذاب ولا حساب ولاجنة ولا نار، إذاً كيف يعذب الله نفسه؟ وهل يعقل أن تكون هناك نار، ويكون الله في هذه النار.

" ولا يخلو منه مكان ".

2 - لا يوجد خلق ولا مخلوقين (كذا) لا في القديم ولا في الحديث، ولا حتي نحن لا نعتبر من الخلق إذ طالما أن الله لا يخلو منه مكان، إذاً لا يوجد مكان للخلق.

3 - وبالطبع نستنتج مما سبق أنه لا يوجد مسلم ولا كافر، ولا إبليس ولا عتريس.

4 - أكمل الباقي يا عاملي، فأنت أدري بعقيدتك.

ثم كتب (مشارك):

وهل تستطيعون نفي هذه العقيدة عنكم بدون تقية؟

فأجابه العاملي بتاريخ 11-7-1999:

ص: 286

العجيب من مشارك هذا.. مع أني كنتُ شرحتُ له أن نوع وجود الله تعالي يختلف عن كل المخلوقات الخاضعة للزمان والمكان، فهو سبحانه الذي بدأ شريط المكان والزمان والزمين والمكين وفلقها من عدم!!

ولذا لا يصح أن يسأل عنه بأين وكيف ومتي، وغيرها من أدوات الزمان والمكان، وما فيهما!!

ذلك أن وجوده سبحانه أساساً من نوع فوق هذه كلها.. وأنه يمكن للعقل البشري أن يدرك أصل وجوده، لكن لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته سبحانه، حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه، وهي غير الله تعالي!

وقد أفهمت مشاركاً أن عدداً من الأشياء يكلُّ الذهن البشري عن تصورها، وقد جعلها الله تعالي آيةً وحجة..

فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء إلا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك، وهي وجود!!

وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور..

فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي، فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

إلي آخر ما تكلمنا فيه، وأوردت له الحجج البليغة، والجواهر المضيئة، عن النبي وآله صلي الله عليه وآله.. إلخ.

ولكن.. مشكلة مشارك أن ذهنه مقلِّدٌ لأذهان اليهود، فاليهودي من شدة ماديته لا يستطيع أن يتصور إلا الماديات، ويصر علي أن ربه موجودٌ ماديٌ

ص: 287

محسوسٌ خاضعٌ للزمان والمكان! وإذا قلت له إنه موجود في كل مكان، فمعناه أنه موجود مادي يخضع لقوانين المادة..

يا مشارك: موجودٌ من نوع آخر.. أعلي من الوجود الذي تتصوره، والبشر يدركون أنه موجود ولا يدركون كُنْه ذاته.

ولذا يختلف معني وجوده في كل مكان عن وجود حضرتك، وعن كل أنواع الوجود الفيزيائي، وصلته بالمكان والزمان والمخلوقات (لا بملابسة)، وبعده عنها (لا بمباينة).

لقد تطورت العلوم الطبيعية يا مشارك، وعرفتْ وجودَ أنواعٍ أخري من الضوء والأمواج وغيرها من المخلوقات..

أفلا تستطيع أن تستعين بها علي إقناع عقلك وذهنك بأن وجود الله تعالي من نوع آخر، وتترك الإصرار أن يكون جسماً مادياً يشبه بدن الإنسان، كما قالت اليهود؟!!

ولذا نقول لك: لو كان تصورنا لله تعالي تصوراً يهودياً مثل تصورك، لوَرَدت علينا إشكالاتك، ولكنه سبحانه جل وعلا أن يكون من نوع ما زعمت حلوله، أو ما زعمت الخلو منه، سواء!

فكتب (مشارك):

عفواً يا عاملي.. هذه نظرية جديدة قديمة، أسسها كارل ماركس اليهودي في العصر الحديث، وقديماً أسسها الدهريون: موجود وغير موجود في كل مكان وليس في مكان. محسوس وغير محسوس. مادي وغير مادي عدم وغير عدم...،... صدق العلماء في وصفكم قديماً:

ما أنتم إلا جهمية تعبدون العدم المحض!

ص: 288

وكتب (مشارك) في ذلك اليوم أيضاً:

ولكنك أيضاً لم تستطع نفي الحلولية يا حلولي! فأنت ما زلت تثبت أنه في كل مكان! فطالما أنك أثبت ذلك فيلزمك ما يلزمهم! يا صاحب الأزلام أو الإلزام.

فأجابه العاملي في ذلك اليوم:

دعك من التهريج، وأجبني علي هذا السؤال بنعم، أو لا:

هل تعتقد أن كل موجود لا بد أن يكون خاضعاً لقوانين الزمان والمكان؟

فكتب (مشارك):

وهل تسمي كلام الرفيق الأعظم كارل ماركس تهريج (كذا)؟

أوليس هو القائل: إن الطبيعة هي التي تخلق كل شئ ولا حد لقدرتها، هل هناك فرق بين تعريف الرفيق ماركس للطبيعة، وتعريف الرفيق العاملي لربه؟

ثم تقول إن الله موجود في كل مكان، ولكنه لم يحل في أحد من البشر، ولكن بناء علي تأصيلاتك وتقعيداتك يلزمك أن تقول أن مادة البشر المحسوسة داخلة تحت ذات الله غير المحسوسة، وبالعامية (تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي).

فأجابه العاملي في اليوم نفسه:

مازلت تهرج مع الأسف..

أنا أتكلم عن: قل هو الله أحد، وعن ليس كمثله شئ، وعن (كاف) كمثله، الذي يكفي لو فهمته لبطلان مذهبك.

وأوضح لك عقيدة كل المسلمين ماعدا ابن تيمية ومن شاكله..

ص: 289

وأنت تتحدث عن نظريات الكافر كارل ماركس!!

أنت تتصور أن كل موجود بما في ذلك إلهك خاضعٌ لقوانين المكان والزمان، ومن هنا جاء ضياعك!!

قل لي: هل تعتقد أن الله تعالي فوق قوانين الزمان والمكان، أم لا؟ لماذا تَجبن عن الجواب بنعم، أو لا؟!!

وكتب (مشارك):

هل تسمي أسلوبك تهريجاً؟ أليس هذا هو أسلوبك الذي اعتمدته معي ومع ابن تيمية؟ أتغضب إن استخدمنا أسلوبك مرة واحدة؟ ما الذي تقصده بقوانين الزمان والمكان، وأنت تقول: ولا يخلو منه مكان. أليس هذا هو قول أهل الحلول والإتحاد؟

فكتب العاملي:

يا مشارك.. عندما قبلتَ أن الله تعالي خلق الزمان والمكان، فهذا يعني أنه فوق قوانينهما، لأنه كان قبلهما.

والموجود فوق الزمان والمكان، لا يمكن أن يكون وجوده فيهما من نوع وجودهما، ولا من نوع وجود ما خلقه فيهما..

يعني أن الفارق في نوعية الوجود وقوانينه.. يا فاهم.

يعني موجود فيهما وليس من نوعهما، يا فاهم! لله درُّ ذهنك ما أقواه!

إذا كان معني الوجود عندك محصوراً بالموجود المادي فقط، فأنت لا تؤمن بإله فوق المادة!!

ص: 290

وإذا آمنت به فوق المادة، فلا يصح أن تقيس وجوده فيها بقوانينها، ولا انفراده عنها بقوانينها!!

يا مشارك: الزمان هو حركة المادة، وله آخِر، هو اللحظة التي أنت فيها، أو التي تفرضها..

وما كان له آخر كان له أول! كالخيط عندما يكون له طرف من جهتك يكون له أول، لأنك إذا سحبته انسحب!

فالزمان لم يكن ثم كان.. والمكان لم يكن ثم كان.. وقبلهما كان الأول ولا آخر له سبحانه، وهو الذي بدأ شريط وجودهما ووجود كل المخلوقات فيهما.

وإن فرضته خاضعاً لقوانينهما فقد صار مخلوقاً، ولم يعد خالقاً!!

بل هو مهيمنٌ عليهما وعلي ما فيهما، ومموِّنٌ لجميع ذلك بالوجود والإستمرار.. وهو عز وجل نوعٌ من الوجود أعلي من الجميع، فلا تقِسْه بشئ منها فتَضِلَّ وتهلك!! إنما قالت ذلك اليهود، تأثُّراً بالوثنيات!!

ثم، هل تعرف سبب عجزك عن جوابي؟

سببه أنك إن قلت: لا، وأنه كل موجود يجب أن يخضع لقوانين المادة، فقد خصمت نفسك، وأجبت أنت علي إشكالاتك بنفسك!!

وإن قلت: إنه لا بد أن يخضع لقوانينها، فقد صرحت بأن إلهك مادي، أو كفرت.. وأنت تريد الهرب من الإثنين!! هداك الله إن كان فيك خير!

وكتب (مشارك):

يا عاملي: مهما حاججت، فإنك بإثبات أن الله في كل مكان، فأنت أدخلت العباد داخل ذات الله والعياذ بالله، وهذا ما تحاول أن تؤمن به وتنفيه في نفس

ص: 291

الوقت، وأما نحن فلله الحمد عقيدتنا أوضح من الشمس، لأنها مستمدة من الكتاب والسنة.

فأجاب العاملي بتاريخ 12-7-1999:

لو أني أخذت عقيدتي بالله تعالي من تجسيم التوراة، وجعلت معبودي مثل معبود إمامك ابن تيمية موجوداً مادياً محدوداً يجلس علي كرسي في مكان.. لَصَحَّ أن تقول: كيف يكون في كل مكان، وكيف لا يخلو منه مكان؟! ولكني أخذت عقيدتي من القرآن الكريم: لا تدركه الأبصار، ليس كمثله شئ، قل هو الله أحد.

فآمنتُ أنه سبحانه وجود ليس من نوع المخلوقات، ولا يخضع لقوانين المادة، وأن وجوده في كل مكان لا يوجب الحلول، لأنه وجود أرقي ومختلف نوعياً، فهو وجود مهيمنٌ عالمٌ مدبر!

أعرف أنه موجودٌ ولا أعرف كُنْهه، ولن أستطيع أن أعرف.

أعرف وجودَه، وأن ذاته من نوع آخر غير كل الصور التي ترد علي الذهن البشري المحدود الكليل العليل، المحصور التصور في المادة الخاضعة للزمان والمكان..

ولا أعرف ما هي ذاته، ولا يعرف ذاته إلا هو عز وجل..

فارتقِ بعقلك وذهنك يا مشارك، ولا تصغِّر قدر الله تعالي فتجعله ضمن المكان والزمان، اللذين خلقهما من عدم، وكان قبلهما.

ولا تتبع اليهود الذين صغروا قدره وجادلوه، وعصوه، وقتلوا أنبياءه، وحرفوا كتابه حتي صفاته، وجسموه وجعلوه موجوداً مادياً، والعياذ بالله!!

ص: 292

وكتب الذي سمي نفسه (حقيقة التشيع) وهو وهابي، في نفس اليوم:

جزاك الله خير (كذا) يا أيها العاملي، ها قد نطقت ببعض الحق بقولك:

ذلك أن وجوده سبحانه أساساً من نوع آخر فوق هذه كلها.. وأنه يمكن للعقل البشري أن يدرك أصل وجوده، ولا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!... فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء الا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!! وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي، فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

أخي الكريم: ونحن نؤمن بأن الله تعالي له ذات حقيقية لا تماثل ذوات المخلوقات، وله أيضاً صفات تليق بجلاله ولا تماثل صفات المخلوقين، ونحن نثبت فقط ما وصف الله تعالي به نفسه في كتابه من صفات الكمال، وما صفه بها رسوله صلي الله عليه وسلم، وننفي صفات النقص التي نفاها عن نفسه.

فتأمل يا أخي: في عقيدة أهل السنة فإنهم لا يتكلمون في باب الأسماء والصفات إلا بدليل من كتاب أو سنة، ولا يجعلون العقل هو المقياس للنفي والاثبات، لأن العقل قاصر عن إدارك حقيقة تلك الصفات، كما قلت أنت:

فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

لذلك أخي العزيز: من قال إن إثبات الأسماء والصفات لله تعالي يستلزم التشبيه له بالمخلوقات، فقد جانب الصواب، لأن التشابه في قدر مشترك قد

ص: 293

يكون من جهة اللفظ وليس الحقيقة، ولكي يتضح لكم الأمر، أضرب مثلين: الأول: هو الجنة، فقد أخبرنا الله سبحانه وتعالي: أن فيها لبناً وعسلا وخمراً وماءً ولحماً وفاكهة وحرير (كذا) وذهباً وفضة وحوراً وقصوراً، وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: ليس في الدنيا شئ مما في الجنة إلا الأسماء. فإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها، هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا، وليست مماثلة لها... فالخالق سبحانه وتعالي أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق... إذ المخلوق أقرب إلي المخلوق الموافق له في الإسم من الخالق إلي المخلوق. ثم لنعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالي لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، وأن الذي يستعمل في حقه تعالي هو " المثل الأعلي " وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولي به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولي بالتنزيه عنه.

المثل الثاني: مما يدل علي أن الأشياء تشترك في الأسماء وتختلف في الحقيقة، هذا المثل البسيط، وهو: رأس الجمل - رأس الجبل - رأس المال. فهل رأس الجمل مثل رأس الجبل، وهل كلا (كذا) منهما مثل رأس المال.

الجواب: لا، وبهذين المثلين يتبين لنا أن إثبات الأسماء والصفات لله تعالي وإن تشابهة (كذا) في اللفظ لا يلزم من ذلك المماثلة بالمخلوقات، بل نثبت ذلك من غير تمثيل ولا تعطيل. ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.

والذين خالفوا أهل السنة في نفيهم الصفات، شُبهتهم في ذلك أن الإثبات يستلزم التمثيل بالمخلوقات، فإذا كان الله تعالي من صفاته: الرضي - والغضب - والكلام - والسمع - والبصر - وإثبات اليدين.. وغيرها من الصفات. فقد شبهنا الله تعالي بخلقه، فلا بد من نفيها من باب التنزيه.

ص: 294

ونرد علي ذلك بما قال تعالي: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. فهي قاعدة مهمة في هذا الباب، وإذا كنتم تثبتون الوجود لله تعالي وتقولون: أن وجوده سبحانه أساساً من نوع آخر.

فكذلك صفاته في الحقيقة من نوع آخر أيها العاملي.

ولو أنكم علمتم وأيقنتم أن الله تعالي ليس كمثله شئ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، لزال الإشكال وتوهم التشبيه لديكم فليس كمثله شئ، لا في ذاته، ولا صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل صفات سائر الذوات.

وكما أننا لا نعلم كيفية الذات فكذا الصفات.. إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف.

فخلاصة الموضوع أن عقيدة أهل السنة هي: إثبات ما أثبته الله له من الصفات والأسماء وما أثبته له رسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتعطيل، ونفي ما نفاه الله عنه وما نفاه عنه رسوله، وما لم يرد فيه النص من القرآن والسنة، فمذهب أهل السنة والجماعة التوقف فيه والتفصيل، فما كان فيه من حق أثبتوه، وما كان فيه من باطل نفوه.

فإن قال سائل: كيف استوي علي العرش؟ قيل له: كما قال مالك وربيعة وغيرهما: الإستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، لأنه سأل عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.

ومثل ذلك: إذا قيل كيف ينزل ربنا إلي سماء الدنيا؟ قيل: كيف هو؟ أي: الله تعالي، فإذا قال: أنا لا أعلم كيفيته! قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ

ص: 295

العلم بكيفية الصفة، يستلزم العلم بكيفية الموصوف. فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه ونزوله واستوائه، وأنت لا تعلم كيفيه ذاته؟!

فهل بعد هذا تنفون جميع الصفات الواردة في القرآن والسنة النبوية لمجرد شبهة التجسيم التي تصورتموها في أذهانكم، ولقد وصل الحال بأن جعلتم الله تعالي كالعدم ليس له صفة، وأنتم تعلمون الله تعالي.. لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!... فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء إلا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!!

وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!! لقد نطقت بكلام جميل يا أخي العاملي.. يكتب بماء الذهب... لقد رددت علي نفسك.

إضافة: قد ذكرت أنت في ردك السابق علي جواز رسم الأنبياء والصحابة، قولك: وقد تفنن أحد الرسامين الشيعة فرسم صورة معبود ابن تيمية، فتي أمرد يجلس علي عرش في السحاب، ويحمل عرشه أوعال ونسر وأسد وثور.. فمن أرادها من أتباع ابن تيمية أعطيناه اسم الرسام ليشتريها منه!!

فما الذي جعل الرسام هنا يرسم الله تعالي معبود بن تيمية ويمثله بما ذكرت، إلا أنه تصور ذات الله وصفاته ومثلها بما يراه في الواقع من صفات المخلوقين، ونرد عليه بما سبق.

وقولك: لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!.... فأنت لا يمكنك أن

ص: 296

تتصور ما وراء الفضاء الا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!! وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

نسأل الله تعالي أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويزقنا اجتنابه.

فأجابه العاملي بتاريخ 12-7-1999:

ابن تيمية يثْبِت لمعبوده: الجسم، والشبيه، والأين، والأعضاء، والحركة.. إلخ. فهل تثبت ذلك أم تنفيه؟

وأرجو أن تجيبني عن سؤالي: هل أن معبودك موجود داخل الزمان والمكان، أم خارجهما؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999:

يا عاملي، بإمكانك أن تسألنا عن عقيدتنا ما شئت في موضوع مستقل، ولكن في هذا الموضوع نحن نتحدث عن عقيدتك عقيدة الحلول والإحاد، وبالمناسبة هل تعرف الفرق بينهما؟

أجبنا علي هذا السؤال يا عاملي، ودعك من الهروب الزئبقي:

هل المكان الذي توجد فيه ذاتك توجد فيه ذات الله، أم لا توجد؟

وكتب (مشارك) أيضاً:

وسؤال آخر خفيف لطيف ظريف يا عاملي: نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه، ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف -

ص: 297

ولكنكم تقولون أن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟. سؤال لبقية الإثني عشرية: هل توافقون العاملي في عقيدة الحلول والإتحاد هذه، أم لا؟

ثم كتب (مشارك):

يبدوا (كذا) أنكم جميعاً علي نفس عقيدة زنادقة الباطنية والجهمية!

فأجابه العاملي:

أولاً: أعيد جوابي لك في موضوعك الذي فتحته لهذا السؤال:

لقد حفرت في ذهنك يا مشارك معني واحداً (للظرفية) التي تستعمل فيها كلمة [في] وعنه تسألنا!!

والجواب: أنا لا نعتقد بهذه الظرفية التي في رأسك!

فالظرفية في لغتنا العربية يا عربي علي أنواع كثيرة.. تقول: مشارك في الغرفة، مشارك في الشبكة، مشارك في هَمٍّ وغَم.. إلخ.

إن [في] تستعمل لحضرتك بعشرين معني، وأنت تريدها تعبيراً عن صلة الله تعالي بمخلوقاته بمعني الظرفية المكانية، مثل حديث عمائكم؟!!

ثانياً: ما هذا التهريج علينا قبل أن نجيبك وقبل أن تفهم منا؟!

أنت في بعض حالاتك تطلب العلم والفهم وتكون هادئاً، لكنك تندم بسرعة وتعود إلي شخصيتك الأخري؟!!

تذكُر عندما طلبت مني بيان عقيدتنا بأسلوب التهريج والصراخ، ثم عدتَ إلي الهدوء.. واعتذرت عن أسلوبك.. وقبِلنا عذرك.. فلماذا لا تفتأ ترجع إلي هذا الأسلوب؟!

ص: 298

ثالثاً: كتبتُ لك عدداً وافراً من أحاديث النبي صلي الله عليه وآله، وخطب أمير المؤمنين وسيد الموحدين بعد رسول الله، ومؤسس علم التوحيد في الإسلام، وقد تضمنت فقرات عن نوع وجود الله تعالي في كل مكان، ومباينته لكل مكان ومكين وزمان وزمين.. فهل الآن عرفت أن هذا من عقائدنا، وكأنك وجدت حربة مهمة تضرب بها ذات اليمين والشمال، وأعلي وأسفل!! أعيد لك بعض ما كتبت لك:

قال الصدوق رحمه الله في كتابه التوحيد ص 107:

حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: مر النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجل وهو رافع بصره إلي السماء يدعو، فقال له رسول الله: غض بصرك، فإنك لن تراه. وقال: ومرَّ النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجل رافع يديه إلي السماء وهو يدعو، فقال رسول الله: أقصر من يديك، فإنك لن تناله.

وفي الكافي: 1/93:

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابنا، عن عبد الأعلي مولي آل سام، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن يهودياً يقال له: سبحت، جاء إلي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال: يا رسول الله جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه، وإلا رجعت؟ قال: سل عما شئت. قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان، وليس في شئ من المكان المحدود. قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق، والله لا يوصف بخلقه. قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلَّم بلسان عربي مبين: يا سبحت إنه رسول الله!

ص: 299

فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

وفي نهج البلاغة: 2/99:

ومن كلام له عليه السلام: وقد سأله ذعلب اليماني، فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام: أفأعبد ما لا أري! فقال: وكيف تراه؟! فقال: لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته... إلي آخر ما كتبتُه لك.

أيها المستفهِم: هذا الموضوع العظيم الدقيق يحتاج إلي فهم وتعقُّل، وهل تعرف الفرق بينهما؟

وقبل ذلك يحتاج إلي نية و جدّية، فهل تعرف الفرق بينهما؟

فاخرج من حالة التهريج إلي الهدوء، لكي تستطيع أن تفهم، إن شاء لك الله ذلك. واعلم أن أصل مصيبتك من فرض الظرفية في صفات الله تعالي كالظرفية في الماديات!!

وكيف يصح في الوجود غير المادي أن تستعمل له الظرفية المادية؟! بل الظرفية فيه مجازية، فهي نوع آخر، نوع شمول وجوده وهيمنته تعالي، يعبر عنها ب- [في] لإيصال المعني إلي الذهن!

ص: 300

لقد روي صاحبك عن ابن عباس أن الجنة لا يوجد منها في الدنيا إلا الأسماء، يعني عندما يقول الله تعالي فيها (رمان) فهو يعني ثمراً (جَنَّتياً) وأن أقرب شئ لتوضيحه لكم من محيطكم: ثمر الرمان!

هذا في المخلوقات يا مشارك، أما في خالقها، فالأمر أعظم!

ومعني [في كل مكان] أنه تعالي موجود بنوع من الوجود، أقرب تعبير عنه من لغتكم [في]!!

تأمل شرح الظرفية فيما قدمت لك من أحاديث وخطب!

وخلاصة الكلام: أنا نقول بتنزيهه سبحانه عن صفات المادة وأدواتها، وأنه موجود مهيمن يصح التعبير عنه مجازاً ب- [في]، ولا نعلم كيفية كونه في الكون، لأن ذلك من صفاته التي هي كذاته غير مادية!!

ولكن المصيبة فيكم يا مشارك، حيث فرضتم وجوده تعالي مادياً محدوداً بالأين والأعضاء، وتريدون جعل كيفياته غير مادية!! فوقفت سفينتكم وأذهانكم!! لأنكم تريدون أن تثبتوا للمادة صفات ما فوق المادة!!

فكتب (مشارك):

هل الرفيق كارل ماركس من الإثني عشرية؟ لأنه يقول بنفس القول! لماذا لم تجب علي هذا السؤال! وسؤال آخر خفيف لطيف ظريف يا عاملي: نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه، ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف - ولكنكم تقولون إن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟ والسؤال الذي قبله!

ص: 301

فأجاب العاملي:

أنا علي يقين أنك لو قرأت جيداً لفَهِمْت..

كان الله تعالي ولم يكن معه شئ، لا مكان ولا زمان ولا مخلوق، وقولن

[كان] لبيان المعني فقط!

ثم خلق الخلق في مكان وزمان، فهو داخل فيه لا كشئ في شئ داخل، وخارج عنه لا كشئ من شئ خارج!

وأي تصور تصورتَه غير ذلك فقد حددته في مكان وزمان، فإن كنت تعتقد غير هذا فقُلْ، ولا أظنك تفعل، لأنك تبحث فقط عن باب للإشكال علي عقيدتنا، ولا تفهم الحل، وليس عندك حل!!

وأخيراً: أقول لك للإفحام وإظهار زيف أفكارك:

حسناً، سلمنا أن تصورنا هذا لله تعالي غلط وزندقة، كما يحلو لك، فما هو التصور الصحيح؟

قلْهُ لنا بسطر أو سطرين، ولا تقُص وتلصق من كلام إمامك، الذي هو حروف عربية.. وأفكار عجمية!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-7-1999:

لم أري (كذا) وصفاً أبلغ من هذا للعدم.. أيها الرفيق العاملي!

ولا أظنك تفهم شيئاً مما ذكرت، المشكلة الأساسية عندكم أنكم تظنون أن هذا الكلام ثابت عن أئمتكم ولذلك تقدسونه، ويشهد الله أن من تدعونه أئمة يبرئون (كذا) إلي الله من عقيدتكم الفاسدة التي زورها عليهم أمثال المفضل والقداح.

ص: 302

نحن نثبت أن الله عز وجل فوق الخلق مستوي (كذا) علي عرشه بائن من خلقه، قال تعالي يخافون ربهم من فوقهم. وقال: الرحمن علي العرش استوي. وقال: تعرج الملائكة والروح إليه. وإذا كان الله في كل مكان، فلماذا في حادثة الإسراء والمعراج عرج به إلي السماء؟ هل أجد عندك الإجابة؟

فكتب العاملي:

يعني أنك تعتبر أن كل وجود غير جسم، فهو عدم!

أو كما تخيَّل إمامك لا يمكن إثبات الصفات الإلهية إلا لجسم!!

أما نحن فنعتقد أن وجوده سبحانه يستحيل أن يكون جسماً، لأنه سيخضع للزمان والمكان اللذين خلقهما، وفي نفس الوقت فإن وجوده سبحانه أقوي من وجود كل المخلوقات!

لقد سيطر علي ذهنك نوع الوجود المادي، فلا تريدون تصور وجود من نوع آخر.. وهذه عينها مادية اليهود.. وهي عينها ذهنية الجائع..

يقولون له: واحد زائد واحد، كم يساويان؟ فيقول: رغيفان!! ويسألونه: القمر ماذا يشبه؟ فيقول الرغيف!!

أنت تعرف معني النور الحسي، فإذا قيل لك يوجد نور النور، فتقول يعني أنه نور، فيقال لك: لا، ليس من نوع الشعاع الذي تعرفه، ولكنه نوره الذي منه يتنور.. فلا تكاد تصدق!!

هذا مثل بسيط لمشكلتك الذهنية، ولهذا غضبت عندما قال لك الأخ (الطالب) لا بد أن تعرف معني المادي، ومعني المجرد عن شكل المادة وصفاتها!!

ص: 303

أرجو أن تتأمل قوله تعالي: الله نور السماوات والأرض. ثم قال: مَثَلُ نُورِهِ. ولم يقل: مَثَلُهُ!!

وتتأمل قوله تعالي: ليس كمثله شئ. ولماذا لم يقل: ليس مثله!!

وكتب (مشارك):

هل تعرف ماذا قال عمرو بن عبيد عندما سمع حديث ابن مسعود: حدثنا الصادق المصدوق؟ وهل ستقول مثل قوله؟ لماذا تهربت من بيان عقيدتك، وتفسيرك للآيات في السؤال الخامس؟ لماذا لم تجب علي حديث الاسراء والمعراج؟

والسؤال: لماذا تفرقون بين الذات والصفات؟ ونحن نؤمن أن الله ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، ليس مثله شئ سبحانه وتعالي.

فكتب (عقيل) بتاريخ 13-7-1999:

أخي العاملي: والله إنك تُفهم الحجر، ولو نطق الحجر.. لقال: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

مشارك: سلاماً..

فكتب (الشمري) بتاريخ 14-7-1999:

قست القلوب فلم تمل لهداية تبَّاً لهاتيك القلوب القاسية.

رحم الله والديك يا عاملي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19-7-1999:

لماذا تتهرب من الإجابة، يا عاملي؟

فأجابه العاملي بتاريخ 19-7-1999:

ص: 304

العجيب أنك تسمح لنفسك بالإصرار علي أني لم أجِبْك!!

إن غرضك من سؤالك: أن القول بأن الله تعالي إن كان لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، فهو موجود في الهواء والجبال وفي لحمنا ودمنا!!

وقد أجبتك بأن السؤال عن الله تعالي بهذه الطريقة وهذه الصيغة غلط، لأن السؤال يستبطن افتراض أن وجوده عز وجل من نوع وجود الماديات، وأنه خاضع لقوانين الزمان والمكان ولمعني الظرفية فيها!

وعلي هذا الأساس وبهذا الشرط تسأل عنه، وهذا غلط!

فلا بد أن يكون الجواب ببيان خطأ صيغة سؤالك، ورفض الجواب الباطل الذي تريد انتزاعه بصيغة سؤالك الخاطئة!!

وجوابي مأخوذٌ من جواب أمير المؤمنين عليه السلام لمن سأله: متي كان الله تعالي؟ فقال له: ويحك أخبرني متي لم يكن، أخبرك متي كان!!

إن سؤالك يا مشارك هو من نوع سؤال شخص يقول لك: يا مشارك عرفت أنك أسود البشرة من السنغال، فمن أي مدينة منها أنت؟!!

أجب أجب أجب، ولا تهرب!

وقد شرحت لك بما لا مزيد عليه أن عقيدتنا أن السؤال عن الله تعالي بأي أداة من أدوات الزمان والمكان غلط، إلا أن يكون السؤال بذلك مجازياً.

بينما سؤالك عن المكان الحقيقي والظرفية الحقيقية، يا فاهم!!

وختاماً إليك هذه النكتة: أصيب شخص بالواهمة والخوف من الدجاجة! فكان يعتقد أنها تتصوره حبة حنطة وتريد أن تأكله! فكان كلما رأي دجاجة يهرب منها ويصرخ!! وعالجه الطبيب وأقنعه بأنه إنسانٌ وليس حبة حنطة، ولا

ص: 305

يمكن للدجاجة أن تأكله.. فاقتنع وشفي. وبعد مدة عادت إليه حالته! فأخذوه إلي الطبيب، فقال له: ألم أشرح لك... واقتنعت؟!

قال: نعم يا حضرة الدكتور أنا مقتنع، ولكن الدجاجة غير مقتنعة!!

فهل تريدني يا مشارك.. أن أقْنِع الدجاجة؟!!

فكتب (عقيل) بتاريخ 19-7-1999:

زادك الله من علمه يا عاملي. المثل الأخير كان في الصميم.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19-7-1999:

ولماذا إذن تنكر الصفات يا شاطر بحجة الزمان والمكان، طالما أنك تقول: أن الله عز وجل لا تطبق عليه مفاهيم الزمان والمكان، أليس هذا تناقضاً يا شاطر؟

فأجابه العاملي بتاريخ 19-7-1999:

ومن ينكر صفات الله تعالي من المسلمين، يا مشارك؟!!

دَعَكُم من هذا السيف الباطل الذي رفعتموه ضد المسلمين، فصرتم تتهمون كل من لم يقل بتجسيمكم بأنه ينفي الصفات!!

وملأتم كتبكم ووسائل إعلامكم بوصف أنفسكم بالمثبتين، ووصف غيركم بالنفاة!!

إن ذهن الطفل الصغير يتصور أن ربه موجود مادي، لكي يستطيع بزعمه أن يثبت له الصفات التي يُعلِّمها إياها أبواه..

فإذا كبر قليلاً عرف أن (عالمَ) الله تعالي مختلف تماماً عن عالم المادة والطبيعة، لأنه سبحانه كان قبلها وأنشأها من عدم، ويكون بعدها!

ص: 306

وهي تفني وهو يبقي!!

وأنتم ما زلتم في ذهن الأطفال: تقولون أثبتوا صفات الله.. أثبتوا صفات الله.. أثبتوا صفات الله.. فلا بد أن يكون جسماً في مكان من العالم وله أعضاء.. إلي آخر عقيدة اليهود والتلمود!!

ومن لم يَقُلْ ذلك فهو بزعمكم جهمي معطِّل، ينفي صفات رب العالمين ويكفر به!!

لقد انكشف للمسلمين أن تهُمتُكم لهم بالمعطِّلة والجهمية (سيف خشبي) وانفضح أمرها. فنحن وجميع المنزهين من المسلمين، نثبت له سبحانه كل الصفات الحسنة، وكل ما جاء به رسوله صلي الله عليه وآله، بأعمق من إثباتكم.. ولكن موضوع الصفات عندنا هو ذاتُه ووجوده الأعلي من المادة، وعندَكم.. ذاتُه المادية، التي ابتليتم بالقول بها!!

وأخيراً: خذها مني صادقةً يا مشارك:

أُقسم لك بالله تعالي أنك في شك من عقيدتك، وأنك متحير في يد الله العضو التي تزعمها: هل هي بلا كيف، أم هي بكيف لا نعرفه!

وأنك ستبقي في دوامة التناقض بين تجسيمك لله تعالي من جهة، وبين نفي الكيف عن أعضائه وبدنه من جهة.. حتي يهديك الله إليه إن كنت أهلاً، أو تلقاه فتعرف في أي بئر وقوقعة كنت!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 20-7-1999:

ما هذا الكلام العلمي يا عاملي: والله الذي لا إله إلا هو أنا مستيقن من عقيدتي ولله الحمد، التي تأخذ بما في الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح، ولا أشعر فيها بأي تناقض ولله الحمد، وأما أنتم فتناقضاتكم لا تنتهي وتفرقون

ص: 307

بين الذات والصفات بلا حجة ولا برهان، وتفرون من التجسيم إلي التعطيل إلي الإلحاد والعياذ بالله.

فأجابه العاملي:

حسناً.. عرفنا أن دليلك علي إثبات اليد والأعضاء لله تعالي، هو أنك تحمل ألفاظ آيات الصفات وأحاديثها علي المعني الحقيقي لهذه الأعضاء وترفض المجازي.. فهل تقول إنها بلا كيف، أم لها كيفٌ.. لا تعلمه؟ وما هو دليلك؟

وكتب العاملي بتاريخ 21-7-1999:

عسي خيراً يا مشارك؟

انتهي.

قال العاملي:

وغاب مشارك ولم يجب! لأنه لا يعرف أن يد معبوده لها كيف، أم هي بلا كيف!!

ص: 308

اصحاب الأذهان المسطحة.. يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي

اشارة

كتب (محب السنة) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 4-12-1999، الحادية عشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (سؤال للشيعة فقط: هل تثبتون هذه الصفات لله تعالي أم تنفونها عنه) قال فيه:

هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي، أم تنفونها عنه؟

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب العاملي، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

سؤالك يا أخ محب السنة: هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي أم تنفونها عنه؟

والجواب: أن جميع المسلمين متفقون علي إثبات هذه الصفات له تعالي، ولكن البحث في نوعية الإثبات وتصوره في أذهانهم. فأتباع ابن تيمية يتصورون أن إثباتها يتوقف علي القول بالجسم والأين.

ونحن وباقي المسلمين نقول لا يتوقف علي ذلك، لأن الأين والكيف من صفات المكان والزمان، وهو تعالي أيَّن الأين وكيَّف الكيف، فوجوده من نوع فوق الطبيعة الخاضعة لقوانين الزمان والمكان.. ولذا قال النبي صلي الله عليه وآله في جواب اليهودي الذي سأله: هل ربك يحمل العرش أم العرش يحمله، فقال صلي الله عليه وآله: تعالي ربي أن يكون حالاً أو محلاً!!

وكتب (محب السنة) في اليوم التالي، السابعة مساءً:

ص: 309

المخلوقين (كذا) لهم حياة وعلم وقدرة. ألا يعني أن من يثبت هذه الصفات لله تعالي مع أنها تثبت للمخلوقين أن يوصف من يثبتها لله تعالي بأنه مشبه ومجسم؟

فكتب العاملي، التاسعة مساءً:

حياة المخلوقين يتفاوت معناها، فكيف ب- (حياة) الخالق.. سبحانه وتعالي عن ضعف المخلوقين، والخضوع لمكانهم وزمانهم؟!

يروي عن ابن عباس أنه قال: إن الجنة ليس فيها من الدنيا إلا الأسماء.. ففاكهة الرمان فيها نوع من الفاكهة، أقرب اسم في الدنيا لتقريبها إلي أذهانكم هو الرمان.

وحياته وعلمه وقدرته تعالي هي صفات من نوع وجوده الذي هو فوق المادة، وليست كصفات المخلوقين، وإن صحت عليها هذه الأسماء.. ليقرِّبها سبحانه إلي ذهننا.. فهو تعالي ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته.

هل توافق علي هذه الجملة الأخيرة؟

وكتب (محب السنة)، التاسعة والنصف مساءً:

أوافق علي كل ما قلت يا عاملي، وهذا هو ما نقوله في صفات الله تعالي وتتهموننا من أجل ذلك بالتجسيم، ما عدا العبارة التالية فلم أفهم معناها وهي قولك: " هو فوق المادة ".

فأجابه العاملي، العاشرة مساءً:

الحمد لله أننا اتفقنا، وحبذا لو ثَبَتَّ علي هذا الكلام، لأن ابن تيمية يقول شيئاً آخر تماماً!!

ص: 310

معني أن الله تعالي فوق المادة: أنه ليس من نوع المادة، ولا خاضع لقوانين الزمان والمكان.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 6-12-1999، العاشرة صباحاً:

ابن تيمية لا يخرج كلامه عما أثبته، لكن ربما حمله بعض من لا يفهم كلامه ما لا يحتمل من المعاني الباطلة. وحبذا لو ذكرت لنا مثلاً من كلام ابن تيمية مما تراه يناقض ما اتفقنا عليه.

فكتب العاملي، الحادية عشر والربع صباحاً:

لعلك اطلعت علي مناقشاتي السابقة في هذا الموضوع في: أنا العربي و هجر. وهذه إحدي فقراتها:

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

قال في كتيب الإستقامة ص 126:

فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً!!! لثبوت النصوص الصحيحة لصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال: للجارية أين الله؟ قالت: في السماء. وكذلك قال ذلك لغيرها. وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل...!!!... وأورد له العاملي بعض ما تقدم من تصريحات ابن تيمية...

ثم قال العاملي:

ص: 311

أما الأحاديث الضعيفة وغير المعقولة التي أقام عليها ابن تيمية عقيدته فهي كثيرة، وكلها صححها، ومنها: حديث العماء. ومنها: خلق الله آدم علي صورته. ومنها: أحاديث العرش التي تشبه نصوص التوراة.. إلخ.

هذا يا محب السنة غيض من فيض من تجسيم ابن تيمية، ويكفي في إثبات ذلك عليه تصحيحه لحديث العماء وبناؤه عقيدته عليه!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 7-12-1999، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يؤيد قوله بالدليل، فما تعيب عليه؟

ثم إن كنت تري في قوله تجسيماً، فذلك لأنك تظن أن الاتفاق في الإسم يعني الإتفاق في حقيقة الصفة، وهذا يخالف ما اتفقنا عليه.

فكتب العاملي بتاريخ 7-12-1999، الثالثة ظهراً:

كيف توافق علي أن الله تعالي لا يخضع لشئ من قوانين المكان والزمان، لأنه خالقهما.. ثم توافق ابن تيمية علي أنه يوصف بالأين، وبالمكان (الجهة)، وأنه جسم، وأنه كان قبل أن يخلق الخلق في عماء فوقه هواء وتحته هواء!

والعماء هو: السحاب، أي الغيوم.. وليس شبكة سحاب!

وأن كل ما قاله أحبار اليهود من تجسيم.. فهو صحيح!

وما هو موجود في التوراة المحرفة الفعلية عن الله تعالي وجلوسه علي كرسيه والحيوانات التي تحملها.. فهو صحيح!!

فأي أينٍ وكيفٍ ومكانٍ يتحدث عنه ابن تيمية والأحبار والتوراة، ويجعلون معبودهم فيه؟

ص: 312

هل هما الزمان والمكان المعروفان؟! أم يوجد مكان وزمان غيرهما؟!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-12-1999 الحادية عشرة مساءً:

الإشكال الذي عندك يا عاملي سببه أنك تقيس صفات الله بصفات البشر، وهذا القياس جري في ذهنك وإن ظننت أنك تنزه الله.

أما الأين فهذا ثبت به الحديث الصحيح في أكثر من موضع، والله تعالي يقول: أأمنتم من في السماء. يخافون ربهم من فوقهم. إني رافعك إلي، والأدلة أكثر من أن تحصر.

أما ابن تيمية فهو لا يحتج بالتوراة المحرفة لكنه يقر ببقايا الوحي التي في التوراه ودليله علي ذلك: تصديق القرآن لها فأصل التوراة من الله تعالي، وإن نفيت هذه الصفات فيلزمك نفي القدرة والحياة والعلم، لأن المخلوق له مثل هذه الصفات والذي تظنه تجسيماً في كلام شيخ الإسلام توهم ليس إلا، فبين ألفاظ صفات الله ومعانيها وما يختص بالبشر إشتراك في المعني الكلي، أما الحقيقة فالله منزه عن مشابة الخلق. قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

فكتب العاملي بتاريخ 9-12-1999، الواحدة صباحاً:

ما هذا يا أخ محب السنة؟؟

يعني أنك تثبت الأين والمكان والزمان والجسم والشبيه لله تعالي.. ثم تقول هو منزه عن الخضوع لظروف الزمان والمكان وصفات المخلوقين؟!!

وتقول إنه خالق كل شئ حتي المكان والزمان والمكين والزمين..

ص: 313

ثم تثبت له صفة المخلوقين وتقول إنها ضرورية لإثبات صفة الحياة والعلم والقدرة له، وإلا فلا يمكن إثباتها له؟!!

وقد سألتك عن الأين والمكان والزمان التي يوجد فيها الله تعالي عند ابن تيمية.. فأثبتَّ أنها نفس المكان والزمان التي توجد فيها المخلوقات!!

ثم نفيت ذلك في آن؟!!

إذا كنت تقصد معاني كلماتك فهي متناقضة.. وإن قصدتَ معاني أخري من عالمٍ آخر فلا بأس..

ولكن إنفِ ظروف المكان والزمان وصفات ما فيهما عنه تعالي.. حتي لا تظلمه، وحتي لا تقع في التناقض..

علي أي حال أنت تودعنا ونودعك لنتفرغ لشئ من عبادة ربنا عز وجل.. ونسألك الدعاء.. ولكن أرجو وأنت في عبادتك أن تعيد النظر فيما يوجب التشبيه والتجسيم، وتتأمل أكثر في (سبحان الله).. عن أن يشْبًهَ خلقه، وعن أن تكون ذاته أو صفاته خاضعة لما تخضع له ذواتهم وصفاتهم، من محدودية المكان والزمان.. وشكراً.

ثم نشر (محب السنة) موضوعه السابق في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4-12-1999، الحادية عشرة ليلاً، وبنفس العنوان، قائلاً:

هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي أم تنفونها عنه؟

فأجابه (الفاطمي) بتاريخ 5-12-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً: الجواب موجود في شبكة هجر، وشكراً.

ولأي الأمور تدفن ليلاً؟ بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟

ص: 314

وكتب (السبطين) بتاريخ 5-12-1999، الواحدة ظهراً:

الحمد لله أننا لا نثبت التجسيم لله كما تقولون وتسمونها صفات، كالإنبطاح والعين واليد والمشي والهرولة واللهاة والشم، وغيرها من أمور التجسيم الذي تضحك منه الثكلي!!!

حب آل البيت قربه وهوأسمي الحب رتبه

والذي يبغضهم لا يسكن الايمان قلبه

علمه والنسك رجس عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو الآلِ إبليس وحزبه

وكتب (اللواتي)، الرابعة عصراً:

الأخ محب السنة:

إن الصفات التي ننسبها إلي الباري عز وجل هي جميعها عين الذات، فنحن لا نقول بأن هذه الصفات من القدامي، كما قالت بعض فرق المسلمين. ولكن العقل النظري لا يدرك الكمال المطلق، فيصف لنا الصفات حسب إدراكه البسيط. فيقسم الفلاسفة الصفات إلي:

1 - صفات تنتزع من مقام الذات، فهناك صفات ذات تنتزع عند التأمل في الذات الإلهية (القدرة، الإرادة، الإختيار...).

2 - صفات منتزعة من مقام الفعل (محي، مميت، رازق …).

فكل الصفات هي من عين الذات لا كثرة فيها، وهذه المفاهيم المحدودة انتسبت إلي الله بسبب العقل الإنساني الذي هو عاجز تمام العجز عن إدراك الكمال والإطلاق. فالله تعالي هو مبدأ واحد لا تعدد فيه بأي لون. فإذاً ما يفهمه

ص: 315

العقل من الكمال موجود لدي المبدأ الأعلي، ولكن ما يفهمه من الكمال المحدود فهو هناك مطلق.

فكتب (محب السنة)، السادسة مساءً:

أنا سألت مجرد سؤال والإجابة تكون بنعم أو لا، وتبين لي من ردود بعض الزملاء أنهم لا يرغبون بالنقاش العلمي الجاد، بل يميلون إلي تحويل النقاش إلي تبادل اتهامات.

قال العاملي:

واكتفي الاخوة الشيعة بتحويله علي نقاشاتهم لموضوعه في شبكة هجر.

ص: 316

هل يقال لله سيد؟

كتب (سليل المجد) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 3-12-1999 الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مجرد سؤال للرافضة)، قال فيه:

هل يقال لله سيد، مع ذكر الدليل؟

أسلم تسلم، والسلام.

فكتب العاملي، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

جواب للناصبي: ورد في مصادرنا في الأدعية تعبير: يا إلهي وسيدي. وورد في مصادر السنيين علي لسان عمر في قصة بني قريظة عندما طلب منهم النبي صلي الله عليه وآله أن يحضروا سيدهم، قال لهم عمر: قولوا سيدنا الله!!

فكتب (سليل المجد)، الثانية عشرة مساء:

الشكر لأهله.

أسلم تسلم، والسلام.

فكتب له العاملي بتاريخ 4-12-1999، الواحدة صباحاً:

شعارات الإنسان تدل علي تفكيره..

الشكر لله تعالي.. أنا قد أسلمنا بالفطرة بالولادة، ثم بالعقل والدليل، ونرجو أن نسلم من عقاب الله تعالي، ونفوز برضاه، لأنا أطعنا رسوله في اتباع أهل بيته، صلي الله عليه وعليهم..

أما منك ومن أمثالك يا سليل.. فلا يهمنا أن نسلم، أو لا نسلم!!

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 4-12-1999، الثامنة صباحاً:

ص: 317

وينك يالسليل؟ افتقدناك في (شيعة لينك).........

حُرِّرَ الموضوع لمخالفته الشروط. اللجنة العامة

انتهي.

قال العاملي:

ملاحظة:

كان عمر معجباً بثقافة اليهود، وكان يحضر دروسهم كل سبت!

وله علاقات حسنة مع يهود بني قريظة، وقد عرَّبوا التوراة وأعطوه إياها ليعرضها علي النبي صلي الله عليه وآله ليعترف بها!!

وبعد أن حاصر النبي صلي الله عليه وآله حصون بني قريظة أياماً، وجاؤوه للمفاوضة والنزول علي حكمه سألهم عن سيدهم الذي يمثلهم لأنهم حلفاؤه، وهو سعد بن عبادة، وقد أراد النبي اعترافاً منهم بأن سعداً يمثلهم ليحضره ويحكم فيهم.. لأنه كان جريحاً في المدينة، وكان رأيه فيهم سيئاً.. فتصدي عمر، وقال لهم: لا ترضوا بسعد وقولوا سيدنا الله!!

ولكن هذه الحيلة لم تنطلِ علي النبي صلي الله عليه وآله ولم يقبل منهم إلا حليفهم الرسمي، وأرسل في إحضار سعد، وحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية.. ونزل الوحي مصدقاً لحكمه!!

ص: 318

تفسير قوله تعالي: إلا وحيا أو من وراء حجاب

كتب (مشارك) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 1-10-1999 العاشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا: أو من وراء حجاب.. يا إمامية؟)، قال فيه:

قال تعالي: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء.

أجيبوا علي السؤال وفق عقيدتكم في الله عز وجل.

فكتب العاملي بتاريخ 1-10-1999، الواحدة ظهرا:

لا تدل الآية علي ما تريده من تجسيم الله تعالي!!

فالحجاب الذي يكلم الله الرسل من ورائه ليس حجاب ذاته المقدسة..

بل هو حجاب نوره الذي لا يستطيع أن يتحمله البشر..

وأقصي ما استطاع بشر أن يصل إليه ويتحمله هو ما وصل إليه نبينا صلي الله عليه وآله، وهو قاب قوسين أو أدني من مركز الحجب النورانية، ولم يرَ ربه كما زعمتم، بل رأي من آيات ربه الكبري.. وموقف عائشة أم المؤمنين حجةٌ عليكم.. فقد حكمت بكفر من قال: إنه رأي ربه!!

وهذه الأمور والحقائق العظمي فوق قدرة أذهاننا يا مشارك، فلا تقسْها علي الأمور المادية التي تعرفها.. ولا تقِسْ ربك علي الأجسام المادية الخاضعة للزمان والمكان، فتضل ضلالاً بعيداً!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 1-10-1999، الثالثة من بعد الظهر:

ص: 319

إلي العاملي الألمعي: دعك من كذبك وافتراءاتك علي عقيدتنا فما عرفت منك إلا الكذب والتدليس.

إن كانت لك عقيدة توقن بها من غير شك فأجبني، ولا تخلط عقيدتك بالكذب علي عقيدتنا وتتهرب كعادتك. ما زال السؤال قائماً علي ذات الله يا عاملي، وما معها من نور، هل كلاهما من وراء حجاب، أم فقط نور الله هو من وراء حجاب؟ رجاء لا تتهرب كعادتك بالإفتراء علي عقيدتنا وأجبني عن عقيدتكم فقط.

فأجابه العاملي بتاريخ 3-10-1999، الثامنة والنصف صباحاً:

نحن نقول في تفسير الآية.. يا مشارك:

وحياً:

بأن يلقي عليه المعلومات الموحي بها بأسلوب نعرف إجماله ولا نعرف حقيقته، كما كان يوحي إلي نبينا محمد صلي الله عليه وآله.

من وراء حجاب:

هو حجاب لنور تجليه للمخلوق، الذي لا يتحمله ملك ولا بشر، فيخلق الله تعالي بينه وبين الرسول حجاباً، فيفهم عن الله ويعرف ما يريد تفهيمه له وتكليفه به. ويستحيل أن يكون حجاباً لذاته تعالي، لأن الحجاب والمحجوب مخلوقان خاضعان لقوانين الزمان والمكان، والمحجوب بهما كذلك.

ولك أن تلاحظ ما حدث للسبعين رجلاً من بني إسرائيل عندما تجلي الله للجبل فماتوا، أما موسي فصعق، ربما لأن درجة تحمله أقوي منهم.

يرسل رسولاً:

ص: 320

علي صورة بشر فيكلم رسوله، كما ورد عن مجئ جبرئيل لنبينا صلي الله عليه وآله.هذا تفسيرنا، فما هو تفسيرك التيمي.. يا مشارك؟

فأرنا من هو العاجز، والمتخبط؟!

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-10-1999، السابعة وعشرين دقيقة مساءً:

عاجز ومتخبط!!!

لنحاول هذه المرة ألا نتكلم علي بعضنا يا عاملي، وسأبدأ من الآن إن شاء الله، جميل منك، أنك لم تتكلم عن مذهبنا هذه المرة، وإنما سألتني عن ذلك. وفي رأيي الشخصي فإني أفضل أن تجيب علي أسئلتي المتعلقة بهذا الموضوع وبإمكانك أن تفتح لي موضوعاً مستقلاً لو أحببت لأجيبك فيه حول هذا الموضوع.

تقول يا عاملي: " عندما تجلي الله للجبل فماتوا، أما موسي فصعق، لأن درجة تحمله أقوي منهم ". فما معني التجلي هنا؟

هل من الممكن أن تزيد المسألة تفصيلاً وإيضاحاً، بخصوص الذات والحجاب والنور لكي أستطيع مناقشتك فيها بشكل أكبر؟

وكتب (أبو زهراء القطيفي) بتاريخ 4-10-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

قل لنا يا مشارك أيهما أعظم الله عز وجل أم الروح. فالله سبحانه يقول: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً الإسراء - 85.

وأنت لا تستطيع أن تري روحك، فكيف تريد أن تري ربك؟!

ص: 321

وكتب العاملي بتاريخ 4-10-1999، الثالثة والنصف من بعد الظهر:

الأخ أبا زهراء.. أما علمت أن معبود الجماعة هو معبود التوراة؟

وهو جسم يري في الدنيا والآخرة؟!!

ومن صغَّر قدرَ ربِّه ولم يقدِّر الله تعالي حقَّ قدره، فجعله خاضعاً لقوانين مخلوقاته.. وفسَّر قوله تعالي: ولا يحيطون به علماً. لكبر جثته.. يسهل عليه أن يدعي أن يحيط بعلم الروح الذي هو من أمر الله، بل ويدعي أنه رآه!!

و يا أخ مشارك.. سأجيبك عن أسئلتك عن مذهبنا إن شاء الله، ولا أريد أن أسألك عن مذهبك، لأني أعرف جوابك..

الذي سرعان ما ينتهي بالمكابرة والسب والشتم!!

معني تجلي الله تعالي لنبيه موسي وغيره:

أنه يخلق في المكان الذي يريده نوراً وجواًّ خاصاًّ، من شأنه أن يرفع مستوي الإيمان والشعور بالله تعالي من مستوي العلم العقلي المجرد (الحدس) إلي مستوي (الحس) أي العلم العقلي والذهني القوي.

وهو حس بالله تعالي عن طريق الحس بظروف التجلي التي خلقها وليس الحس بذاته تعالي.

والدليل علي ذلك روايات أهل البيت عليهم السلام، وأن أي تفسير للتجلي بما يوجب التجسيم يعني إخضاع الله تعالي لقانون محدودية مخلوقاته في مكان وزمان، وهو مستحيل لأنه تعالي ليس كمثله شئ.

وأرجو أن تلاحظ الكاف في " كمثله ".

ص: 322

والدليل عليه من آية التجلي أيضاً، فقد نفي سبحانه إمكان رؤية موسي له، ثم أخبره أنك لا تتحمل رؤية نور أخلقه وأتجلي به، فكيف يتخيل قومك اللجوجون.. الذين هم خيرةُ صحابتِك.. أنهم يمكنهم رؤيتي!!

وإن أردت التفسير التفصيلي للآية.. أوردتُه لك.

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-10-1999، الرابعة والنصف عصراً:

قرأت بداية ردك فقط الذي تفتري فيه علينا كعادتك أيها الرافضي، ولم أكمل الباقي. أطالبك بألا تعلق علي مواضيعي بعد ذلك مثلي مثل المقدام، وأرجوا (كذا) ألا تعلق علي مواضيعي بعد ذلك.

فأجابه العاملي بتاريخ 4-10-1999، العاشرة مساءً:

كان ينبغي لك أن تسألني عن إثبات ما قلته عن تجسيم إمامك ابن تيمية.. وأنا حاضر أن أثبته من مصادره!! فإن كان عندك غضب.. فاغضب علي إمامك الذي قبِلَ كل تجسيم التوراة ماعدا عزير ابن الله!!

أما طلبك وطلب (المقدام) أن لا أجيب علي تهمكم وشبهاتكم لأهل البيت ومذهبهم وشيعتهم.. فتقديره يعود لي..

وأحمد الله أني أعرف تكليفي الشرعي والأخلاقي، ولا أحتاج إلي أن يأمرني أو ينهاني مقدام ولا محجام!!

ص: 323

معبودهم.. جسم ينزل و يصعد!! و بقية صفاته..

كتب العاملي بتاريخ 7-7-1999، موضوعاً بعنوان (إلي مشارك: أقنعنا أولاً بمعبودك، ثم بعصمة نبيك، ثم ادعنا إلي التفاصيل!!)، جاء فيه:

أتعجب من أتباع ابن تيمية، وهم بمعني من المعاني (عباد ابن تيمية)، كيف يصرون علي أن معبودهم: جسم.. جسم.. جسم!!

بالنص والحروف والثلاثة!!

وأنه له شبيه هو آدم وطوله ستون ذراعاً!!

وأنه موجود في مكان من الكون محدد يشار إليه!!

وأنه دائماً ينزل ويصعد (ساعده الله)!!

وأنه يصح السؤال عنه بأدوات الزمان والمكان التي يسأل به عن المخلوق ضمن الزمان والمكان!! مثل: أين هو؟ ومتي كان؟ وكم حجمه؟

وأنه كان قبل خلق جميع الخلق راكباً علي غيوم بيضاء (العماء) وتحته هواء وفوقه هواء، وهذه الأشياء كانت معه قبل خلق الخلق، أو كانت قبله!! فمجموع ما كان قبل الخلق عندهم أربعة، لا ثلاثة، فهم أهل تربيع لا تثليث!! والذين يصرون علي أن نبيهم أخطأ أخطاءً كثيرة..

فقد كان يلعن ويسب من لا يستحق ذلك!

وكان يخطئ حتي في تبليغ الأحكام!

أو يبلغ حكماً من عنده لم ينزله الله عليه!!

أو يأمره الله بأمر في آية من القرآن فيخالفه!! حتي قيض الله له شخصاً ربانياً عاقلاً، فكان يصحح له أخطاءه، ويوجهه إلي الخط الصحيح!

ص: 324

ومع ذلك كان النبي يناقشه ولا يعرف قدره! فكانت الآيات تنزل مؤيدة لرأي ذلك الشخص، ومؤنبة للنبي صلي الله عليه وآله!!

هؤلاء الذين لم يعالجوا مصيباتهم وبلاواهم في صفات معبودهم، ولا في صفات نبيهم!

كيف يحق لهم أن ينصحوا المسلمين ويقولوا لهم: قولوا كذا، ولا تقولوا كذا! وهذا العمل فيه شرك، وهذا فيه مخالفة لسنة رسول الله صلي الله عليه وآله؟!!

أيها التيميون المساكين: أصلحوا أولاً عقيدتكم بالله تعالي ورسوله، وأقنعونا بها.. ثم ابحثوا في الإمامة والعبادة والأحكام!!

أما قبل ذلك، فلا يمكن لمسلم أن يقبل شيئاً ولا يرجو خيراً، ممن يعبد جسماً، ويخطِّئ نبيه!!

فكتب (مشارك):

نعوذ بالله من الإفتراء والكذب والبهتان.

ما رأيك يا مراقب الساحة فيمن يصفنا بأننا (عباد بن تيمية)!!!!!

يا عاملي: سألتك خمسة أسئلة، ولم تستطع حتي الآن الإجابة علي السؤال الخامس الذي مر عليه أكثر من خمسة عشر يوماً، فلماذا التهرب، دعنا نكمل هناك، وستري! وإن أنت قد انقطعت بك الحجة هناك، فدع الحجة تنقطع بغيرك في موضوع آخر.

فأجاب العاملي:

ص: 325

قلت: إنكم بمعني من المعاني: (عباد ابن تيمية) وجعلتها بين قوسين، فلماذا جردتها من القيدين، وحملتها إلي المراقب؟!

ونحن وأنتم يا مشارك نروي هذا المضمون: أن من أصغي إلي عالم فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله تعالي فقد عبد الله، وإلا فقد عبده هو... إلخ.

ونحن وأنتم نروي في تفسير قوله تعالي: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.. أن النبي صلي الله عليه وآله قال ما مضمونه: والله ما عبدوهم، ولو أنهم دعوهم إلي عبادتهم لما أطاعوهم، ولكنهم حللوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً فأطاعوهم، فعبدوهم من حيث لا يشعرون!!

فأرجو أيها العالم المحدث، ولعلك تملك لقب (الحافظ) أن تلتفت إلي ما يقال لك! ثم هل هذا هو الشئ الوحيد الذي وجدتَه في كلامي؟!!

فكتب (مشارك):

حسبنا الله ونعم الوكيل. لماذا لم تكمل جواب أسئلة العقيدة يا عاملي.

فأجابه العاملي في اليوم التالي:

وما الفائدة من إجاباتي لك يا مشارك، وأنت ما زلت مؤمناً بحديث العماء وعاجزاً عن الجواب عنه، لأنه يثبت ثلاثة شركاء لله تعالي معه، وربما قبله، والعياذ بالله!!

ثم أنت وإمامك ابن تيمية تزعمان أن معبودكما جسمٌ موجودٌ في مكان وزمان، وتصرَّان علي ذلك رغم كل الأدلة! وتسخران من المسلمين لأنهم يقولون: " لا يخلو منه مكان ولا يحويه مكان ".

ص: 326

ثم إنك لم تجبني ولا غيري علي سؤالٍ.. إلا بالهروب والتحايل والتهمة والصياح والسب، الذي يبدو أنك تركته أخيراً.. والحمد لله!!

أوفِنا شيئاً من قرضنا عليك، حتي نسلِّفك جديداً.. يا مشارك!

ولا يكفي أن تقول لي: أجبني علي أسئلتي وأنا سوف أجيبك بعدها!!

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 7-8-1999 الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (مناظرة مع مشارك حول: أن يد الله هل هي عنده بلا كيف، أم لها كيف لا يعرفه؟!)، قال فيه:

اتِ ما عندك يا مشارك.

فكتب (المشارك)، الرابعة عصراً:

اختر هذه، أو الرزية.

أجاب العاملي، السادسة مساءً:

إذا وافقت علي صيغة النقاش في موضوع منع النبي صلي الله عليه وآله من كتابة وصيته، نبدأ به.

قال العاملي:

وامتد تهرب مشارك شهوراً من بحث موضوع الرزية.. ثم بدأ ببحثه مع العاملي في شبكة الموسوعة الشيعية.. وبعد إفحامه انسحب ولم يكمله!

ص: 327

المجسمون الحشويون.. فقدوا أعصابهم

كتب (التلميذ) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 23-6-1999، الخامسة عصراً، موضوعاً بعنوان (بارك الله فيكم أيها الأخوة.. فالوهابية فقدوا السيطرة علي أعصابهم)، قال فيه:

أحيي الأخوة الشيعة الكرام علي ردودهم العلمية الموثقة علي الوهابية، وكما قلت لكم سابقاً أنهم أصبحوا يحاربون مذهب أهل البيت من خلال عناوين المواضيع التي يطرحونها فمواضيعهم لا تحوي سوي السب والشتم والتجريح بالكلام والإتهام بالزندقة واليهودية والكفر وغيرها..

وقد فقد القوم أعصابهم فأخذوا يأتون بمواضيع قد كتبوها ونشروها في ساحات ومواقع مختلفة وأكثر من مرة يأتون لينشرونها هنا، وعملية القص واللصق عند القوم مستمرة، وأعصابهم وصلت درجة الحرارة فيها إلي 99% وهي قريبة إلي درجة الغليان، وطبعاً هذا الأسلوب هو أسلوب العاجز الذّي يعجز عن مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل فيلجأ إلي السب والشتم والفوضي والتضليل والتحايل إلي ما هنالك، ومن يفحَم منهم يغالط ويعد بالرد ثم يهرب كما فعل (محب أهل البيت)، وكما يفعل (مشارك).

وكتب (الدبوس)، السابعة مساءً:

كم أشفق عليك أيها الرافضي الصغير؟ لم تجد موضوعاً تكتبه إلا هذا؟ هذه والله الهزيمة.

وكتب (جميل 50)، السابعة والنصف مساءً:

ص: 328

الأخ التلميذ: بارك الله فيك وظافر الله من جهودك الميمونة والحقيقة أنك هنا تعظ أولئك الذين ما أحسنوا إلا الرمي بالزندقة. والاتهام بالكذب والوضع، ولكن علنا نجد متسعاً من الوقت نسبر فيه الصحاح وغيرها سبر مغوار عنيف، ونعرض ما هناك مما يخيف والله الهادي إلي سواء السبيل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، العاشرة ليلاً:

هل لك أن تجيب علي هذه الأسئلة أيها التلميذ الحصيف:

" النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن: ما تقول إذا قيل: لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو، أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة، قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه.

وأقول لك يا عاملي: أليس هذا هو منهجنا منهج أهل السنة والجماعة؟

أليس هذا هو عقيدتي التي ذكرتها لك:

فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل

ص: 329

هم الوسط في فرقة الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالي بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة.

هل تجد فرقاً بين الكلامين؟؟؟

النقطة الرابعة: هل يتناقض المعصومين (كذا)؟

أذكر لك مثالاً علي ما ورد في عقيدتك من تناقض.

1 - الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور؛ قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن: ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو، أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه.

2 - أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا علي هذا الأمر جمع بني هاشم فقال: إني أريد أن أستعمل الرضا علي هذا الأمر من بعدي، فحسده بنو هاشم وقالوا: أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة، فابعث إليه رجلاً يأتنا فتري من جهله ما يستدل به عليه، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه، فصعد المنبر، فقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً، ثم انتفض انتفاضة واستوي قائماً، وحمد الله وأثني عليه وصلي

ص: 330

علي نبيه وأهل بيته. ثم قال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتران، وشهادة الإقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عني من شبّهه، ولا له تذلل من بعّضه، ولا إياه أراد من توهمه.

أيهما نصدق: 1 - فمذهب النفي لا يجوز. أو 2 - ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، أليس بين القولين تناقضاً؟؟؟؟

النقطة الخامسة: نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا: أين الله؟ نقول: في السماء، أي في العلو فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها: وسأذكر لك بعض الآيات فقط:

يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. ياهامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير.

فما هي عقيدتكم، وكيف تفسرون هذه الآيات، وسنري من يتهرب؟ "

وكتب (عربي 1) بتاريخ 24-6-1999، الحادية عشرة ليلاً:

أيها التلميذ: بارك الله فيك وجعلك من المتصدين لإشكالات المخالفين.

ص: 331

أما أنت يا مشارك.. فأنا أستغرب منك يا رجل!!

وكأن العاملي لم يجبك في موضوعك، بالله عليك..

وكأنك لم تطرح هذه الأسئلة في موضوع عقائد المجسمين في الله.

أعتقد أن حقاًّ ما قاله (التلميذ) بخصوص القص واللزق.

وكتب (مشارك) بتاريخ 25-6-1999، الثانية عشرة ودقيقة واحدة صباحاً:

لا، لم يجب عليها العاملي بعد يا باشا، ولا أنت. فدع التلميذ يجرب حظه.

وكتب (عربي 1)، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أنا لست باشا يا مشارك. وأتمني ان تلتزم بالقوانين التي وضعتها أنت في موضوعك إلي الجميع، والتي قلت فيه لا داعي للتنابز بالألقاب وغيرها، وأعتقد أنني لم أسيء إليك حتي الآن ولم ولن أنبزك بأي لقب.

علي العموم بالنسبة للموضوع، فلك الحق في أن تطرحه لأي شخص أردت. والسلام.

فكتب (مشارك)، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

حسناً، ومتي سترد علي يا عربي 1؟

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلي مشارك:

1 - إن العقيدة التي ذكرها الإمام الرضا عليه السلام ضمن كلامه وهي: إثبات لا تشبيه.

ص: 332

هي عقيدة الشيعة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام وعقيدة أئمتهم وهي العقيدة الصحيحة في الله سبحانه وتعالي، أمّا عقيدتك يا مشارك فهي عقيدة التجسيم والتشبيه، وأنت تقر بها في كلامك أعلاه حيث تقول:

أن الله سبحانه وتعالي فوق في أعلي السماوات، إذاً فهو في مكان (ما) وبهذا أنت جعلت الله محتاجاً للمكان الذي هو فيه، والله غني مطلق غير محتاج لا يحده مكان ولا زمان.

2 - أما عن قولك أن هناك تناقض في كلام الرضا عليه السلام، فأقول: بما أنت حاطب بليل لا تعي ما يقال ولا تدري ما تقول، لم تفهم كلام الإمام الرضا عليه السلام وما يعنيه بقوله: (فمذهب النفي لا يجوز) وما يعني من قوله (ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه).

فالإمام سلام الله عليه يعني في قوله: فمذهب النفي لا يجوز: أي أنه لا يجوز نفي الشيئية عن الله سبحانه وتعالي بمعني أننا نقول عن الله أنه لا شئ وهو واضح من قوله سلام الله عليه في الرواية: إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه.

وأما معني قوله: ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه: فالمراد به أن من توحيد الله سبحانه وتعالي أن لا نقول أن صفاته زائدة علي ذاته بل صفاته هي عين ذاته لأنه لو كانت هذه الصفات زائدة علي الذات لاحتاجت الذات إلي هذه الصفة، والله غير محتاج فلا بد إذاً من أن تكون صفاته غير زائدة علي ذاته بل عينها، وهو نفس المعني الذي يريده الإمام علي عليه السلام في قوله في خطبة له:

... وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ومن جهله فقد

ص: 333

أشار إليه ومن أشار إليه فقد حدّه ومن حدّه فقد عدّه ومن قال فيما فقد ضمّنه ومن قال علام فقد أخلي منه... إلخ.

وفي الأخير أنا مشفق عليك يا مشارك فما أتيت من باب تريد أن تدخل منه في التشهير بمذهب أهل البيت وشيعة آل محمد صلي الله عليه وآله وسلّم إلاّ رددناك منه خايباً، أما آن لك الإنصياع إلي الحق وترك المكابرة فها نحن " صار حقنا أبلج وباطلك لجج وقذفنا عليه - أي علي باطلك – بالحق فزهق باطلك والحمد لله رب العالمين ".

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة والدقيقة الخامسة والثلاثين صباحاً:

أكمل أيها التلميذ النجيب، ودع القوم يطلعون علي بضاعتكم في العقيدة والتفسير إن كنتم ممن يفسرون القرآن، فهيا فسر لنا المقصود من الآيات التي ذكرتها لك ودعك من التهرب واللف والدوران، لتعلم أن الحق أبلج والباطل لجلج بإذن الله، هيا، طالما أنك بدأت فأكمل.

وكتب (حقيقة التشيع)، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

ليس لهم بضاعة في التفسير إلا اتباع الظن وما تهوي الأنفس، وانظر مثلاً إلي قول السيد عبد الحميد المهاجري وهو يحدث الجهلة من أتباعه حول تفسير قوله تعالي في قصة إبراهيم: وفديناه بذبح عظيم. يقول المقصود بالذبح هنا الإمام الحسين، وليس فداء لإبراهيم بل للإسلام والقرآن، ويبرر قوله بان الكبش لا يسمي عظيم (كذا)؟

ص: 334

فانظر إلي هذا الإفتراء الذي أتمني من التلميذ لو بين لنا موقفه من قول المهاجري هذا فهو مدافع عن الحقيقة فهل هذه حقيقتكم وعقيدتكم، وهل قال به آل البيت، أم هو مجرد افتراء من هذا الرجل ولا يمثل قول الشيعة.

ثم أليس هذا يعد من التحريف لكلام الله، فليس التحريف مجرد التحريف اللفظي فحسب بل أن التأويل جزء من التحريف بل هو أشنع منه لأنه تحريف لحقيقة الكلام مع بقاء اللفظ وهو التأويل المذموم الذي حذر منه العلماء. وهو الباب الذي ولجت منه جميع فرق أهل الأهواء وعلي رأسهم الرافضة لهدم الإسلام ومصادمة النصوص أو رد دلالتها. فأف ثم تف لمن كان عقيدته التحريف لكلام الله.

فكتب (التلميذ)، الواحدة إلا خمس دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

الحمد لله رب العالمين، لقد ثبت الحجر في فيكَ قليلاً، فلم تستطع أن تعلّق علي النقطة الأولي ولا الثانية.

أما بالنسبة للآيات فأنا أجبت عليها لو كنت تعي ما يقال وتفهمه، ولم ألف ولم أدور (كذا)..

فهذه الآيات لا يمكن أخذها علي ظاهرها لأن أخذها علي ظاهرها يؤدي إلي عقيدة فاسدة وهي إثبات الجهة إلي الله والمكان والحاجة إليه والله منزّه عن كل ذلك، فلا بد من تأوليها بما لا يؤدي إلي مثل هذه العقيدة الفاسدة.

وفي قول أمير المؤمنين عليه السلام إشارة إلي ذلك يقول:... ومن أشار إليه فقد حدّه...

ص: 335

فليس كل آية في القرآن تؤخذ علي ظاهرها، فإذا كان تفسير الآية حسب ظاهرها يؤدي إلي عدم تنزيه الله سبحانه وتعالي فلا بد من تأويلها، فإذا كنت تريد من سردك لهذه الآيات أن تثبت أن الله سبحانه وتعالي فوق وفي السماء فأنت من المجسّمة المشبهة غير المنزهين لله وذلك بأن جعلت الله في مكان وحددته به، والّذي يشغل حيّزاً من المكان هو الجسم والذي يكون في جهة هو الجسم والذي يشغل مكاناً يكون محتاجاً إليه، وأنت تثبت لله تعالي كل ذلك، فأنت مجسّم وغير منزّه لله تعالي.

فلماذا عندما يقول عنك الأخوة بأنك كذلك تغضب وتزعل وتفقد أعصابك.

وكتب (مشارك)، الواحدة صباحاً:

فسر لنا الآيات أيها العالم الهمام، افترض أني مسكيناً (كذا) يريد أن يتعلم التفسير، هل أنت ممن يكتم العلم؟

فأجاب (التلميذ)، الواحدة وعشر دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

لقد ذكرت لك تفسير الآيات ضمن كلامي أعلاه، وإن أردت المزيد عنها وعن معناها فعليك بكتب التفسير عند الشيعة وستجد بغيتك، إقرأ تفسير هذه الآيات علي مهلك، وإذا وجدت شيئاً قد أشكل عليك فهمه، فأنا مستعد أن أفهمك إياه، وتأكد سأخدمك في ذلك، فسأشرح لك كل ما يصعب عليك فهمه أذكره لنا هنا ونكون بالخدمة إن شاء الله تعالي.

وما يصير خاطرك إلاّ طيب.

أما أن تريدها بيضة مقشرة - وهي عادتكم - فلا.

ص: 336

إشرَح... وضِّح... أذكُر... بيِّن... فسِّر... كل شئ تريدونه.. جاهزاً، وتحاججون بالمغالطات فقط.

أكرر وأقول: كتب التفسير عند الشيعة كثيرة وإن أردت أن أرشدك علي أسمائها فمستعد لذلك، ولا بأس أن تذكر لنا خلاصة ما قرأته في هذه التفاسير عن هذه الآيات ومدي قناعتك بها، وما هو إشكالك علي تفسيرها إن كان هناك إشكال.

وكتب (مشارك)، الواحدة والثلث صباحاً:

ليس عندي شئ منها أيها التلميذ، فهلاّ كلفت أحد تلاميذك النجباء بذلك. وسؤال: هل أنتم تقولون بقول فرعون في الآية علي موسي: وإني لأظنه كاذباً.. لا تتهم الناس بما أنت أهله.

فكتب (التلميذ)، الثالثة صباحاً:

إلي مشارك:

إنني أفهم من كلامك أعلاه أنك تدّعي أن نبي الله موسي عليه السلام قال لفرعون: إن الله سبحانه وتعالي في السماء، وفرعون أراد من بنائه الصرح أن يصل إلي الله في السماء. وقوله: وإني لأظنه كاذباً: أي أظنّه كاذباً في ادعائه أن ربّه في السماء.

فوالله إذا كان هذا تفسيرك للآية الكريمة، فقد جعلت نبي الله موسي عليه السلام مشبّهاً.

ص: 337

ثم من أين علمت أن موسي قال لفرعون: إن الله في السماء؟ ومن أين علمت أن قول فرعون: وأني أظنه كاذباً.. يعني أظنه كاذباً في قوله بأن الله في السماء؟ فليس في الآية شئ من ذلك.

إضافة إلي كل ذلك، تعال معي لنسمع ما يقول بعض المفسرين من أهل السنة في تفسير الآية فهم لا يفسرونها بشئ مما تقصده أنت. يقول الشوكاني في (فتح القدير) في تفسير قوله تعالي: وإني لأظنه كاذباً، أي: وإني لأظن موسي كاذباً في ادعائه بأن له إلهاً أو فيما يدعيه من الرسالة.

ويقول وهبة الزحيلي - عالم سني معاصر - في تفسيره التفسير المنير عند تفسير قوله تعالي: فأطلع إلي إله موسي: أنظر إليه متأثراً بدين المشبّهة الذين يعتقدون أن الله في السماء لا أنه سمع من موسي عليه السلام. وقال في تفسير قوله: وإني لأظنه كاذباً: لأظن موسي كاذباً في دعوي الرسالة أو في ادّعاء إله غيري. وقال القرطبي في تفسيره في تفسير قوله:

وإني لأظنه كاذباً: أي: وإني لأظن موسي كاذباً في إدّعائه إلهاً دوني.

ومن علماء الشيعة يقول الشيخ الفيض الكاشاني رحمة الله عليه في تفسيره الصافي في تفسير: وإني لأظنه كاذباً: في دعوي الرسالة.

ويقول السيد عبد الله شبّر في تفسيره الجوهر عند تفسير قوله: وإني لأظنه كاذباً: في أن له إلهاً غيري أرسله.

أما أنت أيها المشبّه فتفسر الآية حسب عقيدتك عقيدة التشبيه. هذه بضاعتنا في التفسير وهي بضاعة ثمينة وغالية. وظهر من بضاعته في التفسير زهيدة رخيصة.

ص: 338

أما بالنسبة لكتب التفاسير الشيعية فالمكتبات ملأي بها، فقط تحتاج إلي شئ من الدراهم أو الدنانير، وما أظن من أمثالك لا يملك ما يشتري به مثل هذه التفاسير.

وكتب (عربي1)، الرابعة صباحاً:

جزاك الله خيراً يا أستاذ (التلميذ) لقد أزهقت الباطل. جعلك الله من أنصار الإمام عجل الله فرجه، ولو أني أعتقد أنه لا فائدة، ولكن الفائدة بعيني هي إقامة الحجة عليهم لكي لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين. السلام علي من اتبع الهدي.

وكتب (عرباوي 4)، التاسعة صباحاً:

الأخ العزيز الأستاذ (التلميذ)، وفقكم الله وحفظكم.

أسال الله أن يجعل لكم في كل حرف تكتبونه ثواباً وفرجاً ونصراً عزيزاً.

أشدّ علي أيديكم، وجعلكم الله ممن ينتصر به علي أعدائه..

جزاك الله خير الجزاء.

وكتب (العروة الوثقي)، العاشرة صباحاً:

أحسنت وبارك الله فيك يا قرة أعيننا (التلميذ)، ورحم الله والديك.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 25-6-1999، الثانية ظهراً:

شكراً كثيراً وتحية زاكية للأخوة (عربي1) (عرباوي4) (والعروة الوثقي). وما نقدمه من نصرة لأهل البيت عليهم السلام ودحض لإفتراءات المفترين عليهم وعلي شيعتهم إلاّ شئ قليل جداً. فغيرنا بذل الدم في سبيلهم كأنصار أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وغيرهم من أنصار بقية الأئمة عليهم السلام، وما عندنا فإنه من الله

ص: 339

سبحانه وتعالي وبسببهم وبركاتهم، ودعوات إمامنا الحجة المنتظر عجل الله تعالي فرجه الشريف.

أخوكم في الدين والعقيدة والمذهب.

وكتب (جميل 50)، الرابعة عصراً:

الأخ الأعز: التلميذ (الأستاذ). السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعتقد وانت في هذه المرحلة الطويلة من التجربة أن تغفل عن دهاء القوم! وإنها الشنشنة التي ورثوها خلفاً عن سلف، وأنا مطمئن إلي أن أكثرهم لا يشعرون هذا في أنفسهم، وعلي العموم هنا بدأ يظهر التحيل الصريح.

فمستهل الكلام كان التحدي، وعرض الرواية عن رضا آل محمد كان علي سبيل النقض لا البيان.

ولما جاءه الجواب منك - زاد الله في توفيقك - مشفعاً ببعض التحدي والإشكال عليه، أعرض عنه وكأنك لم تعترضه بشئ واكتفي بأن: بيّن... وضح... فسر.

وهكذا يجعلون انتقادات أهل العلم عليهم أدراج الرياح لا بالإبطال والمناقشة؟!!!!

والمأمول عندي، أن تتخذ الأسلوب العلمي الرصين الذي لمسته شخصياً من الأخ العاملي فلا زال يلاحق الزميل مشارك ببعض الأسئلة التي لم يجب عليها وهذا أكفل الأساليب لحفظ إخفاقاتهم...

وأيضاً هجم هجوم عالم فاهم علي موضوع نفي التحريف، لكتاب العلامة السيد محمد الجلالي.

ولما أجابه الأخ: موسي العلي.. ترك الهامش الذي بدأه بياضاً...

ص: 340

بل دخلت عليه - ولكم أعاني من ضيق الوقت - في موضوع الأئمة الإثني عشر ببضعة استفهامات، غالطني في واحدة منها، ولم يجبني علي البقية وقد رددت عليه المغالطة ولم يدفع بشئ... وما يدريك لعله يزكي.

فرجائي من الأخوة الأفاضل وأنا أصغركم جميعاً أن لا يعطوه مناه في الإنتقال من حريم موضوع إلي آخر قبل أن يجيب علي الإستفهامات ووالله إنه ليزعجه الإستفهام، فمن القديم وهم يهاجمون الشيعة، والشيعة تدافع ولكن لو هوجموا لباؤوا بالفشل الذريع.

فمجاميع الروايات لديهم، ودواوين التأريخ عندهم، وحملة التفسير فيهم.. كلها تنقل الشهادات ذات الوجه الإيجابي للشيعة، والسلبي للسنة.

وقد رأيتم منذ بدأنا معهم: كم من عالم ذكرنا عنه فما وجدوا سبيل (كذا) غير إنكار كونه في عداد السنة، مثل: ابن أبي الحديد.. والتفتازاني..

بل إن المدعو YMS في شبكة الجارح العربية، وفي خضم نقاش قديم أنكر علي علماء الأزهر أن يكون من السنة المعتمد عليهم.. ولقد جمعت كل هذا وسوف أضيف عليه الكثير لأنه مفيد في بيان حقيقتهم في المستقبل.

هذا وآخر دعواهم، أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب المدعو (أوتو)، السادسة مساءً:

السلام عليكم أيها الأحبة: من تلميذ تلميذ التلميذ إلي تلاميذ حزب الله، لكم مني كل تقدير واحترام وأشكركم من كل قلبي. دمت حجاجاً لنا. اللهم انصرهم علي أعدائهم النواصب، آمين آمين آمين.

وكتب (مشارك)، الثامنة مساءً:

ص: 341

شكراً علي هذه الإفادات القيمة أيها التلميذ الحصيف، ويبدو أن القوم مسرورين بعلمك الغزير، ولكن كنت أريد ألا أعلق علي كلامك إلا بعد أن تذكر تفسير الآيات، وكنت أريدها من كتبكم التي ليست عندنا ولا تتوفر هنا عندنا بسهولة ودعك من القرطبي والزحيلي، فهلا أكملت لنا تفسيرك بدون تهرب، أنا لا أريد أن أطرح عليك المزيد من الإشكالات كقضية الإسراء والمعراج وعروج النبي إلي السماء السابعة، فطبعاً ستقول لمقابلة الملائكة، ولا يمكن أن نقول أنه عرج به حتي يكلمه الله من فوق سبع سموات لأن ذلك يستلزم الجهة، ولماذا ينزل جبريل بالقرآن من السماء، ومن عند من؟ ومن هم الملأ الأعلي؟ وأين يوجدون؟

أنا لا أريد الآن منك إلا إكمال ما طرحته عليك في السابق:

نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا: أين الله؟ نقول: في السماء أي في العلو، فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها، وسأذكر لك بعض الآيات فقط: يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي اله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير. فما هي عقيدتكم، وكيف تفسرون هذه الآيات؟

وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب. وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب.

ص: 342

فها أنت قد علقت علي آيتين وبقيت ثلاثة (كذا)، وبقي أن تذكر لنا عقيدتك بوضوح في هذه المسألة، ثم يكون التعقيب مني علي كلامك كله يا كبير القوم، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب.

فكتب (عربي1)، الثامنة والربع مساءً:

الأخ التلميذ:

لتعلم أنني جئت لهذا الرجل بنص تفسير الميزان للآية المباركة في سورة الملك، وها هو يوجه سؤاله لك مرة أخري، لا أعلم لماذا وربما للعب، وأعتقد يا مشارك هناك أسئلة في موضوعنا يجب عليك أن ترد عليها إذا كنت قادراً.

ولا يوجد أي داعي (كذا) للهروب، وشكراً لك، وأنا في انتطارك للإجابة يا مشارك علي أسئلتي في موضوعنا.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف مساءً:

يا عربي 1: ألم تقل: علي العموم بالنسبة للموضوع، فلك الحق في أن تطرحه لأي شخص أردت.

وكتب (عربي1)، التاسعة مساءً:

صدقت يا مشارك ولك مني الإعتذار، وستعلم أننا لا نتناقض حتي لو طرحت هذا السؤال علي مئة واحد من عقلاء الشيعة.

ولكن بالفعل أريد جواباً لأسئلتي.

وكتب (مشارك)، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 343

أنا لا أبحث عن التناقض، وإنما فكرت.. لو اقتنع كبير القوم فستقتنعون أنتم أيضاً. هلا أعدت لي أسئلتك هناك باختصار، يا عربي.

فكتب (عربي 1) بتاريخ 26-6-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ مشارك:

إن الأسئلة موجودة وواضحة في موضوع عقائد المجسمين في الله، وللعلم أن مع احترامنا الكبير للتلميذ وغير التلميذ من العلماء، فهذا لا يمنعنا من أن نسألهم من أين جاؤوا بأي عقيدة بالدليل. وصدقني يا مشارك لا يمكن لأي عاقل أن يتبع الكلام من غير تفحص وتدقيق في ما جاء عن الرسول (صلی الله علیه و آله)

لأن هذه السالفة فيها جنة ونار، مو لعب أطفال.

وعلي فكرة، حاول أن تقنع التلميذ ونحن نراقبكم ونري من يتعصب ومن يسلِّم. مع تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح. السلام علي من اتبع الهدي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 27-6-1999، الحادية عشرة صباحاً:

أين أنت أيها التلميذ اللبيب؟ أين أين أين!!!

إن كان فرعون كاذباً، فهل كان محمد صلي الله عليه وسلم كاذباً حين عرج به إلي السماء لأن هذا يستلزم الجهة، هلاّ أكملت لنا عرض بضاعتك الثمينة يا بروفسور، أو هلاّ أذنت لشيعي بسيط من تلامذتك النجباء أن يكمل معي ويفسر لي الآيات من كتب أهل الرفض والتعطيل لأريكم بضاعتكم الكاسدة والفاسدة.

وكتب (FULLMOON)، الواحدة ظهراً:

تحية إلي (الأستاذ) التلميذ، وأحيي صبرك علي بعض الجهال المعاندين الذي ليس لهم في هذا المنتدي سوي السب والشتم والتكفير، ووفقك الله عز

ص: 344

وجل لما فيه الخير والصالح لنا ولهم، ورزقك الله وإيانا شفاعة محمد وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وتقبلوا منا فائق الإحترام والتقدير لجهودكم النابعة عن السمو الفكري والعلو الخلقي.. وليس كبعضهم من الإنحطاط الفكري ل- (مشارك) والسلام عليكم.

وكتب (عقيل)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الأخ مشارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد أعجبني استشهادك ببعض الآيات القرآنية الخاصة بمكان تواجد الله سبحانه وتعالي. ولكن هناك إشكالية بسيطة سنواجهها مع الآيات الكريمة في حال اعتمادنا علي التفسير اللفظي للقرآن الكريم، وهي تعارض الآيات الكريمة التي ذكرتها مع الآية التالية: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. ق - 16، حيث إن هذه الآية تعني عند التفسير اللفظي أن الله يحل في الأجساد البشرية والعياذ بالله.

إلا إذا كان هناك مكان أقرب من ذلك حسب رأيك. لذا يرجي التكرم بإبداء وجهة نظرك بهذا الخصوص وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 28-6-1999، السادسة صباحاً:

لا تعارض في القرآن يا عقيل. وقد سبق أن طرحت عقيدتي كاملة في موضوع حواري مع العاملي، وإن كنت تريد أن تستفسر عن شئ منها فعلي الرحب والسعة وسأجيبك إن شاء الله علي ما تريد، وأما هنا فدعنا نكمل مع التلميذ العجيب.

قال العاملي:

ص: 345

وتهرب مشارك من جواب عقيل بحجة أنه بين عقيدته في بحثه مع العاملي.

ص: 346

سؤالهم: أين الله؟!

كتب (شعاع) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 24-9-1999، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي الشيعة.. أين الله؟)، قال فيه:

مذهب أهل السنة أن الله في السماء أي في العلو وليس معني ذلك أن السماء تحويه ونحوه... ولكنه في السماء حيث لا مكان... وورد ذلك في صحيح مسلم:

فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها. فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها، فإنها مؤمنة. ما هو مذهب الإمامية في ذلك؟؟.

فكتب (نبراس)، الثامنة مساءً:

مذهب الإمامية في ذلك: أن الله لا أين له، ولا يسأل: أين الله..

وكتب (شعاع)، الثامنة والربع مساءً:

ولكن الله يقول: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض. عجيب لكم لا تعرفون أين ربكم؟ باختصار هل هو خارج العالم أم داخله؟ أم ماذا ما هو اعتقادكم في ذلك؟

وكتب (عربي 1)، الثامنة والثلث مساءً:

رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت لا شك أنت أنت

أنت الذي حزت كل أين *** بحيث لا أين ثم أنت

وليس للأين منك أين *** فيعلم الأين أين أنت

وليس للوهم فيك كيف *** فيعلم الوهم كيف أنت

ص: 347

أحطت علماً بكل شئ *** فكل شئ أراه أنت

وفي فنائي يفني فنائي *** وفي فنائي وجدت أنت

تمعن في الأبيات حرف (كذا) حرف، وكلمة كلمة.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عربي 1) أيضاً، الثامنة والنصف مساءً:

وإن كنت مشغول (كذا) ولكن.. ذكر بعض المفسرون (كذا) أن من في السماء.. الملائكة. وقال تعالي: وما أنزلنا علي قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

فكتب (شعاع)، الثامنة وأربعين دقيقة مساءً:

نحن نعلم أن كل موجود إما أن يكون داخل العالم أو خارج العالم.. فأين الله إذا لم يكن داخل العالم؟ إن كان لا داخل العالم ولا خارجه.. فهذه صفة لشئ معدوم وليست من صفات رب العالمين..

وكتب (عمار)، الثامنة والخمسين دقيقة مساءً:

من خلق المكان، ومن خلق الزمان؟

فأجابه (شعاع)، التاسعة مساءً:

عمار... أنت تقول أن الله خالق الزمان والمكان...

فيا تري خلق ذلك في ذاته أم خارج ذاته؟

نحن نقول: أن الله خارج العالم حيث لا مكان.. وليس معني كلامنا أنه في السماء أي أنها تحويه أو أنه داخل السماء ونحوه.. والأدلة كلها تشير إلي ذلك..

ص: 348

الرحمن علي العرش استوي. ءأمنتم من في السماء. يخافون ربهم من فوقهم. يا هامان ابني (كذا) لي صرحاً لعلي ابلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي أتني لأظنه كاذباً. إني متوفيك ورافعك إلي.

والآيات كثيرة في ذلك.

وكتب (عقيل)، العاشرة مساءً:

يا شعاع: يظهر أن مقدار فهمك هو نفس مقدار فهم فرعون.

بالمناسبة: لقد قال فرعون أيضاً: أنا ربكم الأعلي، فهل تؤمن بصحة كلامه؟ أما آية: ورافعك إلي.. فهل هو رفع مادي أم معنوي؟.

ثانياً: بخصوص تساؤلك: إن كان لا داخل العالم ولا خارجه... فهذه صفة لشئ معدوم وليست من صفات رب العالمين..

إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض، فأين تكون النار؟؟

الأخ عربي: أبياتك لذيذة. تغذي الروح وتشبع العقل. من هو قائلها؟

وكتب (قاصد خير) بتاريخ 26-9-1999، الثانية عشرة ظهراً: أنت يا شعاع خير لك تغير اسمك من شعاع إلي ظلام؟!

لا نامت عيون الجبناء والموت الموت للطغاة.

فكتب العاملي بتاريخ 26-9-1999، الخامسة إلا ربعاً عصراً:

لاحظت أن أتباع ابن تيمية خرجوا عن مذهب إمامهم.. ولم يحفظوا درسهم!!

فهو يعتقد أن معبوده جسم ويؤكد علي صفة الجسم!

وأنه له شبيه هو آدم لأنه خلقه علي صورته!

ص: 349

وله عيون متعددة!!

وأيدي متعددة!!

وله كافة الأعضاء، ماعدا التناسلية! فهو يقسم أعضاء الإنسان إلي ما هي كمال، ويقول بثبوتها لله تعالي، وما هي غير كمال كالفرج فلا يثبتها!!

وأنه موجود في أعلي السماء وليس فوقه شئ، ولكن تحته بقية العالم!

ويحمل عرشه أوعال كبيرة، وربما أسد ونسر وثور!

ويفضل من عرشه أربعة أصابع، يجلس عليها النبي إلي جنبه يوم القيامة!

وأنه قبل العرش كان يسكن في (العماء) وهو الغيم الخفيف الأبيض!

وأن العالم قديم كان مع الله تعالي!

وهو ينزل كل ليلة ويخلو منه العرش!!

وأنه يظهر يوم القيامة ويضع ساقه في جهنم لكي تمتلئ!

وأنه يظهر للمسلمين فلا يعرفونه إلا إذا كشف عن ساقه.. ربما كانت هي التي وضعها في جهنم!

ويقول ابن تيمية: إن جميع صفات التجسيم في التوراة صحيحة!!

والنتيجة أن معبودهم جسم خاضع للزمان والمكان!!

فهو يحتاج إلي من يخلقه!!! تعالي الله عما يصفون ويفترون!

وكتب (شعاع)، الخامسة عصراً:

إلي جميع الشيعة.. سؤالي واضح ولكنه التهرب، فأنتم شبهتم الله بالمعدوم.. فإن كان لا داخل العالم ولا خارجه فهذه ليست بصفة إلا لمعدوم. أقول مرة أخري وأتمني أن يجاوب واحد بكل وضوح:

ص: 350

كان الله ولا شئ معه فخلق الله الخلق.. فيا تري أين خلقهم.. في ذاته، أم خارج ذاته وغير هذه (كذا) الإجابتين محال.. فما هي عقيدة الشيعة في ذلك؟

إلي من جاء بالكذب في الصفات ولفقه علي أهل السنة... من له موضوع في صفات الله فله أن يطرحه في موضوع مستقل، وسوف نشارك فيه نحن والإخوان.

وكتب (نبراس)، التاسعة مساءً:

الله ليس بجسم حتي يسأل أين الله، والتعابير القرآنية فيها النص وفيها المتشابه فاثبت لنا أن ما يدل علي أينية الله - تعالي عن ذلك علواً كبيراً - في القرآن الكريم هو من باب النص لا المتشابه، ونحن نقول أنه من المتشابه ونرجع فيه إلي النص كالآية الكريمة: ليس كمثله شئ.

فكتب العاملي بتاريخ 27-9-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

إذا لم تستطع أن تفهم يا شعاع أن السؤال عن الله تعالي غلط.. بأين وكيف.. ومتي، وأمثالها من أدوات الزمان والمكان.. فعلي ذهنك العفا! سأل أحدهم علياً عليه السلام: متي كان الله؟

فقال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

يعني سؤالك عنه بمتي غلط!! وسؤالك عنه بأين.. غلط.

وسأحاول أن أفهمك، إن كان فيك خير وأراد الله أن يسمعك:

المكان له نهاية وله طرف.. مكان غرفتك التي أنت فيها، والأرض التي أنت عليها، والكون..

وما كان له طرف ونهاية فلا بد أن يكون له بداية، يا فاهم..

ص: 351

فالخيط الذي له طرف إن سحبته ينسحب، فله إذن بداية!

وما دام المكان هكذا، فيصح أن يقال عنه (لم يكن ثم كان) يعني:

أن الله قال له كن فكان..

وعندما لم يكن المكان كان الله تعالي، فاسأل نفسك أين كان الله قبل المكان.. لنخبرك أين هو الآن!!!

وكتب (شعاع) بتاريخ 27-9-1999، العاشرة والنصف ليلاً:

إلي العاملي: نحن لا نقول أن الله محصور في مكان أو أن السماء تحويه ونحوه، وصدقت عندما قلت: إن الله كان قبل خلق المكان... ولكن نحن نقول: إن الله خارج العالم وفوق العرش حيث لا مكان... وهذا الذي نقول به ويقول به السلف الصالح... وأنا أسألك سؤالاً... لتوضيح المسألة:

كان الله ولا شئ معه فخلق الله الخلق... فيا تري أين خلقهم في ذاته، أم خارج ذاته، وغير هذه (كذا) الإجابتين محال... فما هي عقيدة الشيعة في ذلك؟ وإن كان لك إجابة غير هاتين الإجابتين فزودنا بها لنقاشها...

فأجاب العاملي، الحادية عشرة ليلاً:

ما قلته يا شعاع هو مذهب المنزهين.. وهو مخالف لمذهب إمامك ابن تيمية!!

فهو يقول: إنه موجود في جهة، وله حدٌّ، ويسأل عنه بأين.. ولا يقول: إنه كان ولا شئ معه.. فافهم مذهب إمامك، وآتني بدليل علي ما زعمت من كلامه رجاء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 28-9-1999، الواحدة صباحاً:

لا تستطيع أن تكتب بدون أن تكذب كذب الروافض يا عاملي.

ص: 352

ما أنتم إلا جهمية يا أتباع ابن سبأ وشيطان الطاق.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا، عندما لا يجد خصومنا دليلاً، يلجؤون إلي.. التهمة والسب!!

ص: 353

ص: 354

الفصل الثامن: افتضاح المجسمة الحشوية

اشارة

ص: 355

ص: 356

افتضاح المجسمة الحشوية

كتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 28-6-1999، موضوعاً بعنوان (الشيخ المجسم الحشوي المشبه الوهابي مشارك.. ماذا تقصدون؟؟؟)، قال فيه:

ماذا تقصدون بهذه الأبيات؟

قال الدارقطني:

فلا تنكروا أنه قاعد ولا تجحدوا أنه يقعده

قال بن القيم:

ولا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تنكروا أنه يقعده..

لقد مللت من هذا السؤال، فأين الإجابة..؟؟؟

والسلام من الله خير تحية.

ثم كتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 2-7-1999:

أين الجواب أيها المجسمة الحشوية المشبهة الوهابية؟

والسلام من الله خير تحية.

فكتب له مراقب الساحة في اليوم نفسه:

ص: 357

أخي الكريم: عبد الله الشيعي.

نرجو ملاحظة النقطة رقم 26 و 27، من ضوابط ساحة النقاش، لأن موضوعكم يشتمل علي مخالفة للنقطتين أعلاه، ونرجو منكم الإلتزام بضوابط الساحة وشكراً.

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي بتاريخ 2-6-1999، الثانية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (إلي الحشوي عبد الله الشيعي)، قال فيه:

أيها الحشوي الشيعي، يا من تهرف بما لا تعرف، هل أنت مثل فرعون أم مثل موسي: وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً.

فأجابه (القطيف) بتاريخ 25 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

ليش تسرق كلامي؟! لا تقول هذه الكلمة: لا تهرف بما لا تعرف، فأنت لم تستخدمها إلا بعد أن كتبتها أنا.

المهم يبدو أنك مرة أخري تهرف بما لا تعرف.

ما ردك علي الآية: كل شئ هالك إلا وجهه؟

هل معني ذلك أن الحشوية المجسمة يعتقدون أن الله تهلك أعضاؤه، ولا يبقي سوي الوجه؟!! تعالي الله عما يصفون.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 26-6-1999، الثالثة والنصف صباحاً:

لماذا الغضب يا مشارك... ألست مجسم حشوي مشبه ووهابي (كذا)؟!

ص: 358

أي تتبع أفكار بن عبد الوهاب؟؟ فاهدأ... وأنا فعلاً أهرف بما لا أعرف، فأنا والله لا أعرف أن لله ساقاً ولا... إلخ.. تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.. السلام من الله خير تحية.

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-7-1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي مشارك: هل هذه صفات معبود ابن تيمية؟!)، قال فيه:

هل هذه صفات معبودك يا مشارك؟!

فتي أمرد جعد الشعر

ميزان الإعتدال: 1/593:

عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلي ربه للجبل.

قال: أخرج طرف خنصره وضرب علي إبهامه فساخ الجبل.

فقال حميد الطويل لثابت: تُحدِّث بمثل هذا؟!

قال: فضرب في صدر حميد، وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأكتمه أنا؟!! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي.

إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: رأيت ربي جعداً أمرد، عليه حلة خضراء.

وقد يكون له أذن، و قد يكون ممسوح الأذن

فقد تحير الألباني في هذه المسألة وتوقف فيها! راجع فتاواه ص 344.

و قالوا: إنه يمشي و قد يركض و يهرول

ص: 359

فتاوي الألباني ص 506:

سؤال: حول الهرولة، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالي؟ جواب: الهرولة كالمجيء والنزول، صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها.

و قالوا: إنه يلبس قباء وجبة، و يركب علي جمل

لسان الميزان: 2/238:

ومما رواه في الصفات له (حدثنا) أبو حفص بن سلمون، ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، ثنا شعيب بن بيان الصفار، ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب عليه: إنني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه، فإذا سلّم الإمام صعد إلي السماء. وروي عن ابن سلمون بإسناد له: رأيت ربي بعرفات علي جمل أحمر عليه إزار! انتهي. ورواه في ميزان الإعتدال 1/512.

و قالوا: إنه يضحك و يظل يضحك

قال النويري في (نهاية الأرب) مجلد 7 جزء 14 ص 292، عن لقيط بن عامر العقيلي - وهو أبو رزين صاحب حديث العماء! - قال:

أتينا رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما انصرف من صلاة الغداة فقام خطيباً، فقال أيها الناس: يشرف عليك فيظل يضحك، قد علم أن غوثكم قريب. قال لقيط له: لن نعدم من رب يضحك خيراً. وروي نحوه المنذري في الترغيب والترهيب /434 و 436 و4/503.

و قالوا: منطقه كالرعد، و ضحكه كالبرق

ص: 360

فردوس الأخبار للديلمي 5/366:

أبو هريرة: ينشئ الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه، لا شئ أحسن من ضحكه، ولا شئ أحسن من منطقه، منطقه الرعد وضحكه البرق!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7 -1999، الواحدة والربع صباحاً:

بدأنا أنا و (هادي2) نقاشاً في مسألة الصفات، تستطيع أن تشاركنا فيه، أو نبدأ أنا وأنت في موضوع مستقل، لو أحببت فهل توافق؟

فأجابه العاملي، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

جزي الله هادياً وجميع الهادين خيراً، وإن لم تجبني علي سؤالي عن " تكالبت حججك " فسأظل أوجه الأسئلة إليك، أو أطرحها موضوعاً بلا سؤال.

وكتب (مشارك)، الثانية إلا عشر دقائق صباحاً:

بإمكانك أن تتهرب كما تشاء لو أردت، ولكن حتي أقفل عليك الطريق، هل ستكمل معي موضوع العقيدة وتجيب علي السؤال الرابع والخامس هناك لو أجبتك علي: تكالبك. أم أنك سوف تتهرب وتأتي بسؤال جديد تتهرب به من إكمال تلك الإجابات بعد أن أحسست بالورطة التي أوقعتك فيها!!

فأجابه العاملي، الثانية وعشر دقائق صباحاً:

سوف أجيبك إن شاء الله عن كل الأسئلة التي في ذهنك، ولكن بعدم إجابتك لي عن أي سؤال، يكون لي الحق أن أختار أسلوب الإجابة.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف صباحاً:

لم أفهم ما تقصد يا عاملي، ولكن ألم تعِد أكثر من مرة أنك ستكمل تلك الأسئلة، إذاً لماذا تتهرب الآن؟

ص: 361

وكتب (الشمري)، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

أحسنت يا عاملي جزاك الله خيراً.

ما هذه العقيدة يا مشارك؟!

ص: 362

الفصل التاسع: من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية و أئمته التوراتيين

اشاره

عناوين المواضيع:

رد الفخر الرازي

رد ابن حجر العسقلاني

رد الشيخ محمد أبو زهرة

ص: 363

ص: 364

رد الفخر الرازي

كتب العاملي في شبكة أنا العربي بتاريخ 14–7-1999، موضوعاً بعنوان (من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية وأئمته التوراتيين)، جاء فيه:

في نقاشي في صفات الله تعالي مع المدعو (مشارك) أراد أن يلبِّس تجسيم ابن تيمية للفخر الرازي، ويعتبر ابن تيمية ناقلاً كلام الرازي فقط!

نعم هكذا جهاراً نهاراً!

وهو وغيره يعلم أن الرازي حمل حملة مركزة علي المجسمين والمشبهين والقائلين بوجود الله تعالي في مكان.. وأن ابن تيمية حاول أن يرد أدلته القوية التي هي أدلة من قبله ومن عاصره من علماء المسلمين السنة والشيعة.. فكانت ردود ابن تيمية ضعيفة، وأحياناً مضحكة!

لذلك احتجنا إلي نقل الموضوع من كتاب الرازي: المطالب العالية.

الذي لا أظن مشاركاً رآه، وفيما يلي قسم منه.

والكتاب بتحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا، نشر دار الكتاب العربي، بيروت، الجزء الثاني، صفحة 57، قال:

الفصل السادس: في حكاية شبهات مثبتي الجسمية والمكان

ص: 365

إعلم: أن القوم عولوا علي وجوه من الكلمات: فالشبهة الأولي: - من شبهات مثبتي الجسمية - أن قالوا: لما خلق الله تعالي العالم. فإما أن يقال: إنه خلقه في ذاته، أو في خارج ذاته. والأول باطل بالإتفاق لأنه يلزم أن تكون ذاته مخالطة للقاذورات. والثاني: يقتضي كون العالم واقعاً خارج ذات الله تعالي، مبايناً عن ذاته، فيكون الله تعالي مبايناً للعالم بالحيز والجهة، فأما القول بأن العالم واقع لا في ذات الله، ولا في خارج ذات الله تعالي، فهذا مما لا يقبله العقل البتة.

الشبهة الثانية: قالوا: لا شك أن هذا العالم موجود، وذات الله تعالي موجودة أيضاً، وكل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما سارياً في الآخر، أو مبايناً عنه بجهة من الجهات الست. وأما الذي لا يكون سارياً ولا مبايناً عنه في شئ من الجهات، فهذا هو العدم المحض، والنفي الصرف. فالقول به تصريحٌ بنفي الصانع، وذلك باطل، ألا تري أنا إذا قلنا في الشئ: إنه غير حاصل في الدار، وغير حاصل أيضاً خارج الدار، كان هذا تصريحاً بكونه عدماً محضاً، ونفياً صرفاً، فيثبت أنه تعالي لو لم يوجد خارج العالم كان معدوماً محضاً، وذلك باطل. فوجب القول بكونه موجوداً خارج العالم... إلي آخر الشبهات الثمانية التي أوردها الرازي وأجاب عنها. وقد حاول ابن تيمية أن يرد كلام الرازي، ويثبت أن الله تعالي يري بالعين في الدنيا والآخرة!!!

قال العاملي:

وهنا أيضاً غاب مشارك، ولم يجب بشئ، ولكن ظل يكتب موضوعات مستقلة، ويتهمنا أننا نكذب علي ابن تيمية!!

ص: 366

رد ابن حجر العسقلاني

وكتب العاملي أيضاً، في شبكة أنا العربي بتاريخ 14-7-1999، موضوعاً بعنوان (من ردود علماء المسلمين علي تجسيم الوهابيين)، جاء فيه:

رد الحافظ ابن حجر العسقلاني:

قال ابن حجر في فتح الباري: 3/23:

استدل به من أثبت الجهة، وقال هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور، لأن القول بذلك يفضي إلي التحيز تعالي الله عن ذلك. وقد اختلف في معني النزول علي أقوال: فمنهم من حمله علي ظاهره وحقيقته وهم المشبهة، تعالي الله عن قولهم! ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة، وهو مكابرة.

والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث، إما جهلاً وإما عناداً.... إلي آخر الموضوع.

قال العاملي:

فلم يجب أحد منهم مع أنهم يتفاخرون بابن حجر، ويعدونه منهم!!

ص: 367

رد الشيخ محمد أبو زهره

وكتب العاملي بتاريخ 21-6-1999، موضوعاً بعنوان (الشيخ محمد أبو زهرة يرد علي تجسيم ابن تيمية ومدعي السلفية)، قال فيه:

قال الشيخ محمد أبو زهرة في تاريخ المذاهب الإسلامية: 1/225:

سنناقش بعض آرائهم من حيث كونها مذهب السلف، وأولئك ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا من (الحنابلة) وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلي الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف وحارب دونها! ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجري، أحياه شيخ الإسلام ابن تيمية وشدد في الدعوة إليه، وأضاف إليه أموراً أخري قد بعثت إلي التفكير فيها أحوال عصره، ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري، أحياها محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وما زال الوهابيون ينادون بها، ويتحمس بعض العلماء من المسلمين لها، ولذلك كان لا بد من بيانها. وقد تعرض هؤلاء الحنابلة للكلام في التوحيد وصلة ذلك بالأضرحة، كما تكلموا في آيات التأويل والتشبيه، وهي أول ما ظهروا به في القرن الرابع الهجري، ونسبوا كلامهم إلي الإمام أحمد بن حنبل، وناقشهم في هذه النسبة بعض فضلاء الحنابلة.

وقد كانت المعارك العنيفة تقوم بينهم وبين الأشاعرة، لأنهم كانوا يظهرون حيث يكون للأشاعرة سلطان قوي لا ينازع، فتكون بين الفريقين الملاحاة الشديدة وكل فريق يحسب أنه يدعو إلي مذهب السلف، وقد بينّا مذهب الأشاعرة في ذاته وإن كنا لم نبين مقدار صلته بالآراء التي أثرت عن السلف،

ص: 368

وفي هذا الجزء سنتعرض لتمحيص العقيدة السلفية في أثناء عرضنا لتفكير هؤلاء الذين نحلوا أنفسهم ذلك الإسم موازنين بين الإسم والحقيقة.

وقال أبو زهرة في: 1/232:

وهكذا يثبتون كل ما جاء في القرآن أو السنة من أوصافه سبحانه أو شؤونه، فيثبتون له المحبة والغضب والسخط والرضا والنداء والكلام والنزول إلي الناس في ظلل الغمام، ويثبتون له الإستقرار علي العرش والوجه واليد من غير تأويل ولا تفسير بغير الظاهر... فابن تيمية بهذا يري أن مذهب السلف يثبت لله اليد من غير كيف ولا تشبيه، والوجه من غير كيف، والفوقية والنزول وغير ذلك من ظواهر النصوص القرآنية، ويقصد الظواهر الحرفية لا الظواهر ولو مجازية، وهو يعد ذلك المذهب ليس مجسماً ولا معطلاً ويقول في ذلك:

" ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل فلا يمثلون صفات الله تعالي بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذات بذوات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، فيعطلوا أسماءه الحسني وصفاته العليا ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله وآياته، وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل جامع بين التعطيل والتمثيل ".

ويكرر هذا المعني فيقول مؤكداً: إن الله ينزل ويكون في فوق وتحت من غير كيف، ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولاعن أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والإختلاف، حرفٌ واحدٌ يخالف ذلك لا نصاً ولا ظاهراً، ولم يقل أحد منهم إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس علي العرش، ولا أنه في كل مكان ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا

ص: 369

متصل ولا منفصل، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها. (الحموية الكبري في مجموعة الرسائل الكبري ص 419).

كذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن من فوقية وتحتية واستواء علي العرش ووجه ويد ومحبة وبغض، وما جاء في السنة من ذلك أيضاً من غير تأويل وبالظاهر الحرفي، فهل هذا هو مذهب السلف حقاً؟

نقول في الإجابة عن ذلك: لقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بيَنّا وادَّعوا أن ذلك مذهب السلف، وناقشهم العلماء في ذلك الوقت، وأثبتوا أنه يؤدي إلي التشبيه والجسمية لا محالة، وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة؟!

ولذا تصدي لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي، ونفي أن يكون ذلك مذهب السلف، ونفي أيضاً أن يكون ذلك رأي الامام أحمد، وقال ابن الجوزي في ذلك: " رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح... فقد كتبوا كتباً شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلي مرتبة العوام فحملوا الصفات علي مقتضي الحس، فسمعوا أن الله خلق آدم علي صورته، فأثبتوا له صورة، ووجهاً زائداً علي الذات، وفماً، ولهوات، وأضراساً، وأضواء لوجهه، ويدين وإصبعين، وكفاً، وخنصراً، وإبهاماً، وصدراً، وفخذاً، وساقين، ورجلين، وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس! وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلي النصوص الصارفة عن الظواهر إلي المعاني الواجبة لله تعالي، ولا إلي إلغاء ما توجبه الظواهر من صفات الحدث. ولم يقنعوا أن يقولوا:

ص: 370

صفة فعل حتي قالوا: صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا لا نحملها علي توجيه اللغة، مثل اليد علي النعمة والقدرة، ولا المجيء والإتيان علي معاني البر واللطف، ولا الساق علي الشدة، بل قالوا نحملها علي ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين! والشئ إنما يحمل علي حقيقته إن أمكن، فإن صرف صارف حمل علي المجاز. ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة!! وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، وقد نصحت التابع والمتبوع وقلت: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتِّباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل، فإياكم أن تبتدعوا من مذهبه ما ليس منه. ثم قلتم في الأحاديث: تحمل علي ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن قال: استوي بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجري الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالي وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه علي الظاهر قبيح فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه! ".

وقال ابن الجوزي في بيان بطلان ما اعتمدوا عليه من أقوال...

ولقد قال ذلك القول الذي ينقده ابن الجوزي: القاضي أبو يعلي الفقيه الحنبلي المشهور المتوفي سنة 457 وكان مثارَ نقدٍ شديدٍ وجه إليه، حتي لقد قال فيه بعض فقهاء الحنابلة: لقد شان أبو يعلي الحنابلة شيناً لا يغسله ماء البحار!!!

وقال مثل ذلك القول من الحنابلة: ابن الزاغوني المتوفي سنة 527، وقال فيه بعض الحنابلة أيضاً: إن في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه.

ص: 371

وهكذا استنكر الحنابلة ذلك الإتجاه عندما شاع في القرن الرابع والقرن الخامس! ولذلك استتر هذا المذهب حتي أعلنه ابن تيمية في جرأة وقوة...

ونري هنا أنه يجب أن نذكر أن ادعاء أن هذا مذهب السلف موضع نظر، وقد نقلنا رأي ابن الجوزي في ذلك الرأي عندما شاع في عصره.

ولنا أن ننظر نظرة أخري وهي من الناحية اللغوية: لقد قال سبحانه: يد الله فوق أيديهم. وقال: كل شئ هالك إلا وجهه. أهذه العبارات يفهم منها تلك المعاني الحسية، أم أنه تفهم منها أمور أخري تليق بذات الله تعالي، فيصح أن تفسر اليد بالقوة أو النعمة، ويصح أن تفسر الوجه بالذات، ويصح أن تفسر النزول إلي السماء الدنيا بمعني قرب حسابه، وقربه سبحانه وتعالي من العباد.

إن اللغة تتسع لهذه التفسيرات، والألفاظ تقبل هذه المعاني، وكذلك فعل الكثيرون من علماء الكلام ومن الفقهاء والباحثين، وهو أولي بلا شك من تفسيرها بمعانيها الظاهرة الحرفية والجهل بكيفياتها كقولهم إن لله يداً ولكن لا نعرفها، وليست كأيدي الحوادث، ولله نزولاً وليس كنزولنا إلي آخره، فإن هذه إحالات علي مجهولات لا نفهم مؤداها ولا غاياتها! بينما لو فسرناها بمعان تقبلها اللغة وليست غريبة عنها، لوصلنا إلي أمور قريبة، فيها تنزيه وليس فيها تجهيل.

فكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 24 –6-1999:

أحسنت وبارك الله فيك، ورحم الله والديك.

وكتب (حسين الشطري):

الأخ العاملي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 372

حُييت أيها البطل المغوار وبارك الله فيك وفي ما تبذله من جهد جبار، وجعلك الله ممن ينتصر به لدينه، قال الله تعالي: لينصرن الله من نصره.

قال العاملي:

ولم يعلِّق أحد من أتباع ابن تيمية علي هذين الموضوعين بشئ!!

ص: 373

ص: 374

الفصل العاشر: الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات و لا يحملونها علي ظاهر اللفظ

اشارة

ص: 375

ص: 376

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات ولا يحملونها علي ظاهر اللفظ

كتب (حسن الحداد) وهو سني غير وهابي، في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 27-1-1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (النقول الصريحة في ثبوت تفويض السلف وتأويلهم بالأسانيد الصحيحة)، قال فيه:

أما بعد فهذه بعض النصوص المنقولة عن السلف رضوان الله عليهم في إثبات تفويضهم لبعض النصوص وتأويلهم للبعض الآخر.

كما أننا سنذكر لكم بعض الآيات والأحاديث التي يجب تأويلها، لبيان أن التأويل حاصل في الكتاب والسنة وذلك علي مقتضي اللغة العربية التي نزل بها القرآن، وهی مليئة بالإستعارات والمجازات.

وقد بينّا معني التفويض والتأويل وثبوت هذان (كذا) المذهبان عند العلماء كالنووي وغيره. راجع: التنبيه إلي عقيدة التنزيه.

ص: 377

أولاً: التأويل في القرآن الكريم: قول الله تعالي: نسوا الله فنسيهم، وقوله تعالي: إنا نسيناكم.

فبهذه الآية لا نثبت لله تعالي صفة النسيان، وإن ورد صفة النسيان في القرآن الكريم، ولا يجوز لنا أن نقول أن لله نسياناً ولكنه ليس كنسياننا، وذلك لأن الله عز وجل قال: وما كان ربك نسياً.

والنسيان في الآيتين السابقتين يؤول بالترك، وكذلك لا يجوز لعاقل أن يقول يضحك لا كضحكنا، أو تتبعه بقولك: (بلا كيف) أو (كما يليق بجلاله)، ونقول:

إن الله لا يخاطبنا إلا بما نفهم، ونحن لا نفهم الضحك الذي تطلقه حقيقة علي الله إلا بالانفعال أو التبسم أو القهقهة كما تفهم العرب! وهذا محال علي الله إلا إذا أوّلت ذلك بالرحمة، كما أولها البخاري اتباعاً للسان العربي في مجازه. ولا يقاس علي قولنا: سميع لا كسمعنا، بصير لا كبصرنا، بقولهم: ينزل لا كنزولنا ويتحرك لا كحركتنا، فهذا قياس باطل، لأن المراد بقولنا هذا: إثبات صفة السمع مع نفي كون ذلك بجارحة أو آلة السمع وهي الأذن لأنه سبحانه منزه عن الأدوات والأعضاء.

ولكننا نفهم من الخطاب صفة السمع، وتفويض علم ذلك إلي الله تعالي لأننا لا ندركها.

وكذلك في البصر نثبت الصفة مع نفي الآلة، وتفويض علمه إلي الله مع الإيمان به.

أما عن الحركة والهرولة والنزول الذي يطلقه البعض دون تروٍّ أو بصيرة علي الله تعالي، لا يتصور فيها وجود شئ يمكن إثباته بعد نفي عنصر التشبيه منها،

ص: 378

وتفويض معناه إلي الله عز وجل، كما فعلنا في صفتي السمع والبصر، فالحركة لا يفهم منها إلا الإنتقال من محل إلي آخر ولا تعقل إلا بذلك، فإن نفي الإنتقال بعد إثباتها لم تعد حركة، فيبطل ما أثبته من البداية وناقض نفسه، لأنه لم يبق شئ يمكن إثباته، خلافاً للسمع والبصر، فالمرض والنسيان المضافان لله تعالي لا يمكن اعتبارهما صفة لله تعالي للقاعدة التي ذكرناها.

وبذلك يتبين لك بطلان كلام من يقول: يملّ لا كمللنا، ويدٌ لا كيدنا. لأن هذا الكلام إنشائي مجمل، بعيد عن التحقيق العلمي المستند لنص الكتاب والسنة.

ثانياً: الحديث في صحيح مسلم: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك أنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مريضاً (كذا) فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده. الحديث.

فهل يجوز لنا أن نثبت بهذا الحديث أن لله تعالي صفة المرض ولكن ليس كمرضنا، وهل يجوز أن نعتقد أن الله عند العبد المريض حقيقة، لا والله، إن هذا محال علي الله وهو الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، ولا يقول بهذا أحد تمكنت في قلبه عقيدة التنزيه، مع كون التاء المضمومة تدل علي أن المرض متعلق بالمتكلم، وهذا محال! إذ إن الظاهر غير مراد، وهو مصروف مؤول عند جميع المسلمين. وهذا دليل أن السنة جاءت بالتأويل، ولا ينكره إلا مكابر.

ومعني الحديث كما قال الإمام النووي في شرحه 16 - 126:

ص: 379

قال العلماء: إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالي، والمراد العبد تشريفاً للعبد وتقريباً له، قالوا: ومعني وجدتني عنده أي وجدت ثوابي وكرامتي.. ا.ه- فتبصر.

وعلي هذا سار الصحابة والتابعون، ومن تبعهم، ولننقل لك بعض من تأويلاتهم:

أوّل سيدنا ابن عباس، قوله تعالي: يوم يكشف عن ساق، فقال: يكشف عن شدّة، فأوَّلَ الساق بالشدة.

ذكر الحافظ في الفتح: 13/428 والطبري في تفسيره: 29/38 حيث قال في صدر كلامه عن هذه الآية:

قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد.

اه-.

وقد نقل ذلك الطبري عن: مجاهد وسعيد بن جبير، وقتادة وغيرهم من السلف.

وأوّل سيدنا ابن عباس، قوله تعالي: والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون قال: بقوة. الطبري: 7/27.

ولفظة أيدٍ: هي جمع يد وهي الكف، كما في (القاموس المحيط) في مادة يدي، حيث جاء فيه: اليد: الكف، أو من أطراف الأصابع إلي الكتف وانظر تاج العروس شرح القاموس 10- 417- 418.

ومنه: أم لهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، وتستعمل لفظة: أيدٍ مجازاً وتؤول في عدة معان منها: القوة، كقوله تعالي: والسماء بنيناها بأيدٍ:

ص: 380

أي بقوة. ومنها: الأنعام والتفضل، ومنه قوله تعالي: واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. اه-.

وأول ابن عباس، النسيان: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم، بالترك. الطبري: 8/201.

قال الحافظ الطبري: أي ففي مثل هذا اليوم، وذلك يوم القيامة ننساهم، يقول نتركهم في العذاب.

فقد أوّل الحافظ ابن جرير الطبري النسيان بالترك، وهو صرف لهذا اللفظ عن ظاهره لمعني جديد مجازي، ونقل هذا التأويل الصارف عن الظاهر.

ورواه بأسانيده عن ابن عباس ومجاهد وغيرهم من الصحابة والتابعين، إذن ثبت التأويل فيما يتعلق بالأخبار الإضافية أو بما يسمي بالصفات بلا شك ولا ريب.

وعلي ذلك سار الأشاعرة الذين استعملوا التأويل، فمن الظلم تضليلهم وهم علي الحق سائرون بهدي الكتاب والسنة. والحمد لله رب العالمين.

وقد أول الإمام أحمد رحمه الله قوله تعالي: وجاء ربك: أنه جاء ثوابه.

نقله الحافظ ابن كثير في البداية: 10/327 عن الحافظ البيهقي في كتابه مناقب الإمام أحمد - وهو مخطوط - ثم قال البيهقي:

وهذا إسناد لا غبار عليه. انتهي كلام ابن كثير.

وقال ابن كثير أيضاً في نفس الصفحة:

وكلامه - أي أحمد - في نفي التشبيه وترك الخوض في الكلام والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي وأصحابه.

تأويل الإمام البخاري:

ص: 381

نقل الحافظ البيهقي في (الأسماء والصفات-470) عن البخاري أنه قال: معني الضحك: الرحمة. اه-.

وقال الحافظ البيهقي ص 298:

روي الفربري، عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي أنه قال: معني الضحك فيه - أي الحديث - الرحمة.

وقد نقل هذا التأويل الحافظ ابن حجر في الفتح: 6/40.

تأويل النضر بن شميل: وهو من رجال السنة، المولود سنة 122 ه-: ذكر البيهقي (الأسماء والصفات-352) وابن الجوزي (دفع شبه التشبيه) أن النضر قال:

إن معني حديث: حتي يضع الجبار قدمه: أي من سبق في علمه، أنه من سبق في علمه أنه من أهل النار.

وقاله الإمام أبو منصور الأزهري كما في دفع الشبه لابن الجوزي.

وقال ابن الجوزي أيضاً: وقد حكي أبو عبيدة الهروي صاحب كتاب غريب القرآن والحديث، عن الحسن البصري أنه قال: القدم، هم الذين قدمهم الله تعالي من شرار خلقه وأثبته لهم.

تأويل الطبري في تفسيره: 1/192 عند تأويل قوله تعالي: ثم استوي إلي السماء، ما نصه:

والعجب ممن أنكر المعني المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ثم استوي إلي السماء، الذي هو بمعني العلو والإرتفاع، هرباً من عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك، أن يكون إنما علا و ارتفع بعد أن كان تحتها، إلي أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينجُ مما هرب

ص: 382

منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله استوي: أقبل، أفكان مدبراً عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال.

فاتضح بهذا أن السلف كانوا يؤولون الإستواء بعلو الملك والسلطان والقهر وهو علو رتبة (معنوي)، لا علو حسي حقيقي، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

أوّل الحافظ ابن حبان، ت354 ه-، في صحيحه 1 - 502، حديث: حتي يضع الرب قدمه فيها: أي جهنم، فقال:

هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقي في النار من الأمم والأمكنة التي يعصي الله فيها فلا تزال تستزيد حتي يضع الرب جل وعلا موضعاً من الكفار والأمكنة فتمتلئ فتقول: قط قط، تريد: حسبي حسبي، لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم علي الموضع، قال الله جل وعلا: لهم قدم صدق عند ربهم، يريد: موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جلّ ربنا وتعالي عن مثل هذا وأشباهه اه-.

تأويل الإمام مالك رحمه الله تعالي:

روي الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: 7/143 وذكر الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: 8/105:

أن الإمام مالك أوّل النزول الوارد في الحديث بنزول أمره وهذا النص من السير:

قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن أيوب، حدثنا حبيب ابن أبي حبيب، حدثني مالك قال: يتنزل ربنا تبارك وتعالي أمره،

ص: 383

فأما هو فدائم لا يزول. قال صالح: فذكرت ذلك ليحيي بن بكير، فقال: حسن والله، ولم أسمعه من مالك.

ورواية ابن عبد البر، من طريق أخري، وهذا التأويل مشهور عن الإمام مالك، غني عن الإسناد فيه ولذلك نقله الإمام النووي في شرح مسلم 6/37 عنه.

ذكر الحافظ الترمذي في سننه: 4/692 بعد حديث الرؤية الطويل الذي فيه لفظة: فيعرفهم نفسه. فقال: ومعني قوله في الحديث: فيعرفهم نفسه يعني يتجلي لهم. اه-.

ذكر الذهبي في السير: 7/274 في ترجمة إمام حفاظ عصره سفيان الثوري، أن: معدان سأل الثوري عن قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم فقال: بعلمه.

وهذا تأويل ظاهر وصرف للفظ عن ظاهره ولا سيما أن لفظة (هو) الواردة في قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، تعود علي الذات لا علي الصفات أصلاً، ومع ذلك لما كان ظاهرها مستحيلاً صرفت إلي المجاز. فأولت. اه-.

خاتمة: وبعد أن أوردنا صوراً من تأويلات السلف، لم تعد هناك حجة للمنكر علي الأشاعرة الذين هم في حقيقة الأمر متبعين (كذا) للسلف في تأويلهم وتفويضهم.

وخوفاً من الإطالة ذكرنا لكم صوراً من أقوال السلف في التفويض، وهو تفويض المعني والكيف بلا شك ولا ريب. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجبه أحد من أتباع ابن تيمية، مع أن الشبكة لهم!

ص: 384

الفصل الحادي عشر : الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه والرد علي المجسمين

اشارة

ص: 385

ص: 386

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه و رد التجسيم

كتب (الشاري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6-2- 2000، الثامنة والنصف مساء، موضوعاً بعنوان (وقفات مع أدعياء السلفية)، قال فيه:

بمشيئة الله تعالي سنحاول عرض مواضيع عن بعض العقائد الفاسدة التي تتعلق بالذات الإلهية، والتي يتمسك بها بعض أدعياء السلفية تحت عنوان (وقفات مع أدعياء السلفية)، وستكون علي النحو التالي:

الوقفة الأولي: وقوع المجاز في القرآن الكريم.

الوقفة الثانية: نفي العلو الحسي.

الوقفة الثالثة: نفي الجلوس و الإستقرار.

الوقفة الرابعة: نفي الجوارح.

الوقفة الخامسة: نفي النزول الذاتي.

نبين فيها بالأدلة النقلية والعقلية، بأقوال علماء المذاهب الأربعة بطلان هذه العقائد.

ص: 387

وكتب (الشاري) بتاريخ 8-2-2000، الثامنة وأربعين دقيقة مساءً، موضوعاً بعنوان (وقفات مع أدعياء السلفية: 3- نفي الجلوس والإستقرار)، قال فيه:

هذا جواب من شريط سمعي بعنوان: لقاء مع إذاعة صوت العرب لسماحة شيخنا بدر الأمة الخليلي حفظه الله تعالي، مفتي عمان عن معني قوله تعالي: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية. وقوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي. وإليكم الجواب:

العلماء يقولون: إن العرش أعظم مخلوقات الله تعالي، ويقولون أنه محيط بجميع خلقه، وحملوا قوله سبحانه تعالي: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية، علي أن العرش محمول لملائكة الله بحسب ما أراد سبحانه وتعالي، وعلي الكيفية التي أرادها عز وجل، ولا نعرف هل هؤلاء ثمانية آلاف، أو ثمانية صفوف، وعلم ذلك يوكل إلي الله تعالي، ويعد ذلك من المتشابه الذي لا يمكن أن يتبين وجه معناه بالقطع، كل ذلك محتمل.

أما قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي: فالمقصود: أنه سبحانه وتعالي مُستَوْلٍ علي كل شيء في هذا الكون، قاهر لكل موجود فيه، فإن العرش هو أعظم مخلوقات الله علي العرش فقد استولي علي غيره فمخلوقات الله سبحانه وتعالي يصرفها كيف يشاء، ومجيء استوي بمعني استولي موجود في اللسان العربي، فقد نص علي ذلك أئمة اللغة، فقد نص علي ذلك صاحب القاموس وشارحه وصاحب التاج، ونص علي ذلك صاحب لسان العرب. ونص علي ذلك عدد كبير من أئمة العربية واستشهدوا له بشواهد من ذلك:

قد استوي بشر علي العراق.... من غير سيف ودم مهراق

ص: 388

وهكذا قوله: الرحمن علي العرش استوي، معناه: بأن الله سبحانه وتعالي مستولٍ علي مخلوقاته، وبما أن العرش هو أعظم هذه المخلوقات، فهو سبحانه وتعالي أخبر عن استيلائه علي مخلوقاته بالأخبار عن استيلائه علي العرش، الذي هو أعظم مخلوقاته.

وذهب بعض العلماء إن هذا من باب الكناية، لأنه يقال: جلس الحاكم علي السرير. وإن لم يكن له سرير، أو قعد علي العرش، وإن لم يكن له عرش. وإنما يقصد بذلك أن الحاكم قهر واستولي علي ملكه، وهذا من باب الكناية كما يقال: زيد طويل النجاد: كناية عن طول قامته وإن لم له نجاد، وكما يقال: حاكمٌ جبان الكلب. وإن لم يكن له كلب، وإنما المقصود بذلك وصفه بالكرم، بحيث يغشي بيته الناس حتي تجبن كلابه عن نباح الناس، لأنها ألفت غشيانهم ذلك البيت. ويقال أيضاً في الكريم: كثير الرماد. وإن لم يكن له رماد، ولكن ذلك كناية عن كرمه، لأن من شأن الكريم أن يكثر الطبخ للضيوف فيكثر رماده.. وهكذا يقال في الكريم: مهزول لفصيل. لأن من شأن الكريم أنه يذبح الذبائح الكثيرة فتهزل أولادها، فلذلك يقال: في الكريم: مهزول الفصيل، وإن لم يكن له فصيل.

أما أن يكون الله سبحانه وتعالي جالساً علي العرش كما يزعم المبطلون، فذلك ما ترده النصوص القاطعة الدالة علي أن الله لا يتحيز في مكان، فالله تعالي يقول: وهو معكم أينما كنتم. فأينما تولوا فثم وجه الله. وهو في السماء إله وفي الأرض إله، إلي غير ذلك من الآيات.

ويقول الله سبحانه وتعالي في وصف نفسه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وهو القائل: بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد، الله الصمد، لم

ص: 389

يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. ويقول سبحانه: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد.

وجاء في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يدل علي هذا المعني، فالرسول صلي الله عليه وسلم عندما سمع ضجيجاً بالدعاء، قال لأصحابه الذين كانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء: إنكم لا تدعون أصم إن الذي تدعونه أقرب إليكم من عنق رواحلكم. ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله سبحانه بينه وبين قبلته. فهل يقال: بأن الله سبحانه وتعالي بذاته أمام قبلة كل مصلٍ، وهذا يتنافي مع تحيزه في جهة العرش عند الذين يقولون بأن الله سبحانه وتعالي متحيز في الجهة العلوية.

فإذا ثبت تأويل الحديث ثبت الآية الكريمة، بل الأولي أن تؤول الآية لأن الله سبحانه وتعالي أخبر عن أمر وقع، حيث قال: الرحمن علي العرش استوي. فقال أيضاً: ثم استوي علي العرش.

ولا يعترض علينا بأن ثم تفيد المهلة الزمنية، وأن الله تعالي ذكر الإستواء علي العرش عقب ذكر خلق السماوات والأرض: الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش.

لأن ثم ليس للمهلة الزمنية وإنما للمهلة الرتبية وقد نص كثيراً (كذا) من علماء اللغة العربية بأن ثم إذا جاءت عاطفة علي جملة فهي للمهلة الرتبية وليست للمهلة الزمنية، ونحن لا نقول بإطلاق ذلك، إلا إننا نقول: بأن ورود ثم في حالة عطفها جملة علي جملة، فهي للمهلة الرتبية معروف ومشهور في القرآن الكريم ولغة العرب، والله سبحانه يقول: ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أبعث حياً أو لاً يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً، فوربك لنحشرنهم

ص: 390

والشياطين، ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً، ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد علي الرحمن عتياً ثم لنحن أعلم بالذين هم أولي بها صلياً.

فهل يقال إن الله لم يعلم بالذين أولي بها صلياً إلا بعد ما وقع مما ذكره من إنكار الكفار دخول النار؟ لا والله، وإنما ذلك للمهلة الرتبية، فثم هنا، دالة علي المهلة الرتبية، وليست دالة علي المهلة الزمنية.

ونحو هذا قوله سبحانه وتعالي: ثم ننجي الذين اتقوا. وكذلك قول الحق تبارك وتعالي: ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم. فهذه الآية تدل علي أن قول الله سبحانه وتعالي للملائكة متأخر علي خلقه وتصويره إن حملت فيه ثم علي المهلة الزمنية، وذلك يتنافي مع قوله تعالي: وإذ قلنا للملائكة إني خالق بشراً من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. وإنما يجمع ما بين الآيتين إن، ثم في قوله: ولقد خلقناكم ثم صورناكم، للمهلة الرتبة وليست للمهلة الزمنية.

وكذلك يقال في قوله تعالي: ثم استوي علي العرش. والأدلة واضحة جلية في أن الإستواء هنا بمعني الإستيلاء والقهر، وليس بمعني القعود.

والأدلة العقلية والنقلية دالة علي ذلك من استحالة أن الله سبحانه وتعالي متحيزاً (كذا) إذ لو كان الله عز وجل متحيزاً للزم أن يكون محدوداً، وإذا كان محدوداً يتوجه السؤال:

هل يمكن أن يزيد في ذاته أو لا، يمكن أن يزيد في ذاته؟

وإن قيل: لا يمكن أن يزيد في ذاته فهو عاجز، والعاجز ليس بإله، وإن قيل: يمكن أن يزيد في ذاته فهو متغير، وكل متغير ليس بإله، لأن كل متغير حادث.

ص: 391

ثم إن الفضاء الذي يزيد فيه هل هو عينه، أو غيره؟

فإن قيل: هو غيره، فالشيء لا يزيد في نفسه، وإن قيل: هو غيره فلزم افتقاره إلي غيره تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

فالله قد كان قبل خلق الزمان والمكان، وهو الآن علي ما عليه كان، فكما أنه لا يجري عليه زمان كذلك لا يحل في مكان.

فالله سبحانه وتعالي لو كان حالاًّ في مكان للزم أن يكون ذلك المكان سابقاً قبل وجود ذات الله سبحانه فيكون أحق بالألوهية منه سبحانه، تعالي الله عن ذلك، وأما أن يكون موجوداً مع الله تعالي مشاركاً له في القدم، فيكون مشاركاً لله سبحانه في الألوهية لمشاركته في القدم.

وإما أن يكون حادثاً، وإذا كان حادثاً يتوجه السؤال عن المكان الذي كان فيه قبل خلق ذلك المكان، فيقال أين كان قبل خلق المكان، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

انتهي جواب سماحته، وعذراً إذا كانت هناك أخطاء في الكتابة.

وإلي لقاء مع الوقفة الرابعة: نفي الجوارح......

الي آخر بحث (الشاري)......

ص: 392

الفصل الثاني عشر: اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

اشارة

ص: 393

ص: 394

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

توجد ظاهرة جديدة تبشِّر بِخيْر في المملكة العربية السعودية، وهي صيحات من علماء وباحثين تطالب بحرية الفكر والبحث العلمي.. بعد عهود من الإرهاب الفكري وتحريم الرأي المخالف، حتي علي مستوي البحث بين العلماء وفي الجامعات!!!

وأول المنادين بذلك أستاذ العلوم الشرعية في المسجد الحرام، العالم المعروف السيد محمد علوي المالكي.

ثم تبعه باحث من الرياض هو الأستاذ حسن بن فرحان المالكي.

ثم ظهر في هذا السنَة عالم معروف من جدة سمي نفسه في شبكات الحوار (سيف التوحيد).

وكل واحد من هؤلاء العلماء أمّة برأسه، وقصته تختلف عن قصة الآخر..

وهذا الموضوع في بابنا للمدعو (العربي) أحد تلامذة سيف التوحيد، وقد تعرضا كلاهما لحملة من شبكة سحاب و شبكة القلعة، السلفيتين المتعصبتين، وحذفوا موضوعاتهما واتهموهما بالرفض!!

ص: 395

وسيأتي موضوع (سيف التوحيد) في باب الدفاع عن الإمام الحسين عليه السلام، حيث انتقد نصْب بني أمية وطغيانهم، ودافع عن أهل البيت النبوي صلي الله عليه وعليهم..

كما حذفوا هذا الموضوع لصاحبه (العربي)، فنشره في شبكة هجر:

كتب (العربي) بتاريخ 16-12-1999، السابعة صباحاً، في شبكة

هجر الثقافية موضوعاً بعنوان (عقيدة الله.. أم عقيدة المذهب؟!)، جاء فيه:

ظهرت الفرق الإسلامية - أو غالبها - في أواخر عصر الخلافة الراشدة، وفي عصر بني أمية. ثم في عصر بني العباس استقرت أصول هذه المذاهب، وظهر التمايز الواضح بين هذه الفرق؛ فبدأت كل فرقة تدعي أنها وحدها - الفرقة الناجية - وما سواها فهالك وفي النار!

ورووا في ذلك حديثاً لعلي، أفرد له بحثاً لبيان بطلانه سنداً ومتناً، وتوضيح أثره السيء علي المسلمين.

وفي سبيل سعي هذه الفرق إلي ترسيخ وجودها خاضت كل فرقة حروباً شرسة مع الفرق المخالفة لها، واستعملت - في بعض الأحيان - أسلحة غير أخلاقية ولا نزيهة! مثل تشويه الخصم، ورميه بالتهم والأقوال المستبشعة، ومحاولة اضطهاده والتضييق عليه ولو بالإستعانة بالسلطة!

فمثلاً (أهل السنة) كانوا يصدرون فتاوي بقتل المناوئين لهم في الفكر، كما فعلوا بغيلان والجعد والجهم - مع ملاحظة أن هؤلاء كانوا من المعارضين للسلطة في زمانهم - ومن فتاوي أهل السنة: الفتوي المشهورة للإمام مالك بن أنس أن المبتدع الداعية، يقتل.

ص: 396

وأهل السنة (يرون) الصلاة خلف الولاة من أهل الظلم والفجور والفسق والإبتداع، و (لا يرون) الصلاة خلف (أهل الأهواء) من غير الولاة، وإن كانوا من أتقي الناس!

أما المعتزلة فمع ادعائهم التسامح واحترام العقل، فإنهم لا يتوانون إذا وجدوا الفرصة، في اضطهاد خصومهم، كما حصل في محنة خلق القرآن، أو قصة المنصور عبد الله بن حمزة مع المطرِّفية، وهذا تحت شعار (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي هو الأصل الخامس من أصولهم.

وهذا الواقع جعل العلماء المنتمين إلي هذه الفرقة أو تلك يخشون مخالفة المذهب الذي ورثوه عن آبائهم ومشايخهم، واقتصر بحثهم علي تأييد قواعد مذهبهم (الفرقة الناجية)، عوضاً عن البحث عن الحقيقة، مما قاد إلي جمود في الفكر العَقَدي، وظهور أدواء عدة منها:

أولاً: التقليد:

وللتقليد في العقائد حديث عجيب، فإنه لا يخلو منه مذهب من المذاهب، بل لم ينجُ منه إلا أفراد قلائل، مثل: ابن حزم وابن الوزير والمقبلي، وبيان ذلك:

أن علماء كل فرقة كانوا يرسخون في أذهان أتباعهم أنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة المتبعة للحق، وأما من عداهم فضالٌ مبتدع أو كافر، وعند مناقشتهم للمذاهب الأخري فإنهم يستوفون حجج مذهبهم ويبالغون في تقويتها، أما حجج المذاهب الأخري فإنهم يسمونها (شبهاً) ولا يعرضون منها إلا ما يستطيعون الجواب عنه، وأيضاً فعرضهم للحجة يكون عرضاً مشوهاً، يخلطون فيه بين القول ولازمه.

ص: 397

ويحاول هؤلاء العلماء أن يرسخوا في أذهان تلاميذهم أن أئمة مذهبهم كانوا من العلماء الفضلاء المتقين، المرتفعين عن الدوافع البشرية. أما أئمة المذاهب المخالفة فهم مجموعة من الضلال الفساق الزنادقة الإنتهازيين...

ويخرج الطالب بعد هذه التربية يظن أنه وطائفته وارثو الحق المطلق، وأما من سواهم ففي ضلال بعيد، ويري هذا الطالب في نفسه أنه بلغ مرتبة العلم والإجتهاد.

كيف لا؟ وهو يعرف حجج مذهبه أتم معرفة، ويعرف كيف يناضل عنها، ويعرف أيضاً (شُبه) خصومه، ويعرف كيف يجيب عنها.

ولكنه للأسف لا يعلم أنه لايعلم شيئاً، فلا حجج مذهبه درسها بإنصاف وبُعدٍ عن هالة التعظيم التي أحاطها بها مشايخ مذهبه، ولا (شبه) خصومه قرأها بإنصاف وعدل حتي ينظر إن كان يقدر علي الإجابة عنها أوْ لا، وهو يري في نفسه أنه ليس في حاجة إلي قراءة كتب (المبتدعة) لأن حججهم استوفي ذكرها علماء مذهبه، وهم أهل الإنصاف والعدل والصدق والتقوي والفهم، فلن يميلوا علي خصومهم، وأيضاً فإن (الشُّبه خطافة، والقلوب ضعيفة)!

وهو قبل ذلك وبعده يعيش حالة (برمجة) يقوم فيها بالدفاع عن مذهبه، لا الحق.. ويبحث عن حجج تؤيد مذهبه، لا الحق.. وعن حجج للرد علي خصومه، لا الباطل.

والتعلم علي وسائل مغالطة الخصوم إذا أحكموا الحجة عليه عند النقاش، لا التسليم للحق واتباعه. ويظن مع ذلك أنه يحسن عملاً.

لكن المذاهب تختلف عن بعضها في أساليب التقليد، وترسيخ مفهومه عند أتباعها، ولا بأس من ذكر أمثلة علي ذلك:

ص: 398

أهل السنة والحديث:

وعندهم يظهر التقليد جلياً، لا سيما وهم لا يرضون أن يفهم أحد الكتاب والسنة إلا علي ضوء فهم (السلف)، وطرقهم في ترسيخ التقليد كثيرة، فمن ذلك:

أ - تقديس علماء مذهبهم، وأن بهم تعرف السنة، ويوصل إلي الحق، فمن طعن في حماد بن سلمة، أو الأوزاعي، أو الأعمش، أو أبي مسهر... فهو مبتدع، ومن طعن في أحمد فهو كافر، ومن ذم أهل الحديث فهو طاعن في السنن والآثار، زنديق، مبغض للرسول.

وفهْم هؤلاء السلف مقدم علي فهمنا، ومن خالفهم فليتهم نفسه، ومن أوضح النصوص علي هذا: النص المنسوب إلي عمر بن عبد العزيز - وهو في ذم القول بالقدر.. فتنبه! - وفي هذا النص يقول عمر: فارْضَ لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، وقِفْ حيث وقفوا، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفُّوا، ولَهُم كانوا علي كشف الأمور أقوي، وبفضل فيه لو كان أحري، فإنهم هم السابقون. ولئن كان الهدي ما أنتم عليه، لقد سبقتموهم إليه (أي: وهذا مستحيل!) ولئن قلت: حَدَث بعدهم حدث. فما أحدثه إلا من تبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم. ولقد تكلموا، فما دونهم مقْصَر، وما فوقهم محْسَر، لقد قصر دونهم قوم فجفوا، وطمح عنهم آخرون فغلوا، وإنهم مع ذلك لعلي صراط مستقيم. فلئن قلت: فأين آية كذا؟ ولم قال الله كذا وكذا؟ لقد قرأوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم. انتهي.

ومن شعارات مذهب أهل السنة والحديث: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.

ص: 399

هذه حال السلف عندهم، أما مخالفو هؤلاء السلف، فهم مبتدعة، أهل سوء، تكتب الكتب والأبواب في ذمهم، وزيادة في التنفير من مذاهبهم نقرأ أبواباً مثل: (سياق ما روي من المأثور عن الصحابة، وما نقل عن أئمة المسلمين من إقامة حدود الله في القدرية).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (ما روي في منع الصلاة خلف القدرية، والتزويج إليهم، وأكل ذبائحهم، ورد شهادتهم).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (ما ذكر من مخازي مشايخ القدرية، وفضائح المعتزلة).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (سياق ما رؤي من الرؤيا السوء أي: في الحلم! من المعتزلة).

وهذا الباب شبيه بباب سابق عنوانه: (سياق ما رؤي من الرؤيا السوء لمن قال بخلق القرآن).

ب - النهي عن الجدل والبحث، ونجد لهذا المعني فصولاً كثيرة في كتبهم، فمن ذلك باب: (كراهية التنطع في الدين، والتكلف فيه، والبحث عن الحقائق، وإيجاب التسليم).

وباب: (ذم المراء والخصومات في الدين، والتحذير من أهل الجدل والكلام).

ومن أعجبها باب: (التحذير من طوائف تعارض سنن النبي، صلي الله عليه وسلم، بكتاب الله، عز وجل)!

ص: 400

ج - النهي عن مجالسة المخالفين من أهل الأهواء، وعن مناظرتهم والكلام معهم، ووجوب هجرهم. فكيف لا يخرج الطالب بعد هذا كله متبعاً لأقوال أئمة مذهبه، متجانفاً عن غيرهم؟

ومما تعلمناه.. أن من كَتبَ في العقيدة وهو يظن أنه سيأتي بجديد، فإنه لن يأتي إلا البدعة، ومن كتب في مسائل الإعتقاد بتجرد، فإنه إنما يتجرد من عقيدته، ليصبح شخصاً لا عقيدة له!!..

ثانياً: التكفير والتبديع:

والمراد عدم عذر المتأولين، والغريب أن الفرق الإسلامية تعذر في الإختلاف في المسائل الفقهية، أما المسائل العقدية - أو المتوهم أنها عقدية - فلا عذر فيها، عند هذه الفرق، وهذا تناقض لا برهان عليه إلا تحكيم الأهواء، وهذا التفريق وإن رده بعضهم نظرياً، فإن غالب أهل الفرق يلتزمونه عملياً.

وأدلة عذر المتأول والمخطئ والجاهل كثيرة جداً، فمنها قوله تعال: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وقوله: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. وقبل الله هذا الدعاء.

ومثل حديث: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهو

عليه، وهم يقبلون هذه الأدلة في الفقه ويحتجون بها، أم في العقيدة فلا يرفعون بها رأساً، والسبب في ذلك:

أ - التقليد. فإنه يورث التعصب، وظن مُلك الحقيقة المطلقة، كما تقدم.

ب - ظنّ أتباع المذاهب أن أدلة الفقه ظنية، وأن أدلة العقائد قطعية، ومخالف القطعي ليس كمخالف الظني. وهذا يعرف خطأه من له أدني ممارسة لكتب العقائد.

ص: 401

ج - دخول الحسابات السياسية في الحكم علي الفرق والمذاهب والأشخاص، وذلك أن الساسة استغلوا بعض الفرق لإصدار فتاوي بتكفير وتبديع بعض المخالفين السياسيين لهم، للتمكن من اضطهادهم باسم الذب عن العقيدة.

ومثال ذلك:

استغلال بني أمية وبني العباس والعثمانيين الخلاف بين أهل السنة والشيعة

- وهو خلاف ليس في أصول الدين القطعية - لإصدار فتاوي بتكفير وتبديع

(الروافض) وهو لقب للشيعة المخالفين سياسياً لهؤلاء الولاة.

ولما خرج الجهم بن صفوان مع الحارث بن سريج علي بني أمية، وظفر به سلم بن أحوز، قال له سلم لما قدمه ليضرب عنقه: إني لا أقتلك لخروجك علينا، ولكني أقتلك لإنكارك تكليم الله لموسي.

وكذا فليكن استغلال الدين والعقيدة للقضاء علي الخصوم، والتلبيس علي الناس واللعب بمشاعرهم.

وهؤلاء الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة، مما يعدها المتأخرون من العقائد ولم يكفروا أو يبدعوا بعضاً، ومن ذلك:

اختلافهم في صفة الساق، والكرسي.

ورؤية النبي لله في الإسراء.

وسماع الموتي في قبورهم.

والتفضيل بين الصحابة، وغيرها كثير.

وقد كتب علماء منصفون في عذر المتأولين، وقطع الطريق علي استغلال السياسة باسم الدين، ليس هذا موضع ذكرهم. وفي الختام فهناك تنبيهات:

ص: 402

1 - غالب الكتب المصنفة في العقيدة - سوي الكتب المدرسية، بالطبع - هي كتب الردود، والردود علي الردود، للذود عن حياض المذهب، وسبب ذلك أن أسلوب التفكير العَقَدي عند أصحاب المذاهب مبني، في غالبه، علي (ردود الأفعال)، لذا نجد الإمام أحمد، مثلاً، كان يقول: القرآن كلام الله، ولا يزيد، فلما قال المعتزلة: إنه مخلوق. زاد هو في عقيدته: القرآن كلام الله غير مخلوق، فلما خوطب في ذلك قال: لما زادوا زدنا!! وقال أيضاً: إذا سكتوا سكتنا.

2 - وجوب التجرد في البحث عن الحقيقة، وعدم التسليم بما عليه الآباء والمشايخ.

3 - وجوب إحسان الظن بالمخالفين، وعدم المبادرة بعدائهم وهجرهم في وقتٍ المسلمون فيه في أمس الحاجة إلي الإتحاد والتضامن.

4 - وجوب السعي إلي حل الخلافات بين المسلمين بعيداً عن جو التعصب والتحزب، و (مذهبنا ومذهبكم)، بل المسلمون جميعاً ملة واحدة.

5 - التفطن لمواطن الإتفاق بين المسلمين، والسعي لتوسيعها ونشرها، والتنبه لمواطن الإختلاف، والسعي لتضييق دائرتها، وجعلها ضمن الخلاف المحتمل.

6 - قطع الطريق أمام المتعصبين والجهال والمقلدين من شتي المذاهب الساعين إلي نشر العداء والفرقة بين المسلمين باسم (العقيدة).

7 - الواجب علي طالب الحق إصلاح عقيدته علي ضوء كتاب الله، وما ثبت عن رسول الله، والبحث عن مراد الله، ولا يجعل همه تأييد مذهبه، ولو علي حساب الحق، قناعة بالتقليد، أو لنيل رضي أئمة هذا المذهب.

ص: 403

بل يقول كما قال الإمام الشافعي: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، علي مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، علي مراد رسول الله.

فكتب (سيف التوحيد) بتاريخ 16- 12- 1999، الثامنة صباحاً:

وإذا الحبيب أتي بذنب واحد... جاءت محاسنه بألف شفيع

أخي الحبيب: العربي... سلمه الله.

عاطر التحية لشخصك لك، وكل عام وأنت بخير.. ورمضان كريم.

ها أنت قد أنخت رحلك هنا.. ولما تضع عنك عناء السفر الفكري في

(القلعة)...

لا أزال أعجب منذ أول حرف دبجته يراعكم الكريمة في الإنترنت.. نشوء وترقي (كذا).. ولكنه في الفكر..

آفتنا الإستعجال... إستعجال البحث قبل استكمال أدواته، إستعجال النتيجة قبل إحكام القضايا وفقه مدلولاتها.. هروب من ضيق الأفق إلي ضيق الحكم والوصف...

جاء الوقت الذي يجب أن نتحاور فيه.. طويلاً حول تيك الأفكار التليدة، التي تشنف بها مسامعنا... كنت أحسبها... قفشات داخل الصف خلافاً في المذهب كما اعتدنا، ولكن الأمر تجاوز إلي الربط والتحليل واللاإنتماء...

لا عليك ما دمت تعتقد أنه الحق.. ولكن.. إتئِدْ.. فإني أرجو لك

الخير...

إذا كنت قد كتبت هذا الموضوع بعينه في القلعة، فتابع معي هنالك..

وليكن الحوار بيننا في موضوع مستقل خاص...

ص: 404

قرأت بعناية.. كالعادة ما تكتبه هنا وهناك علي الإنترنت كما كنت أقرأ بعناية أيضاً ما نشر لك في خارج النت... سأنتظر منك... فتح موضوع في القلعة حول مسألة المسائل كما يحلو لي تسميتها.. ما يحرز المرء من أطرافها طرفاً إلا وفاجأه النقصان من طرف!!

ولتسلم لمحبك: سيف التوحيد.

ليت شعري..

أي طير.. يسمع الأحزان تبكي.. بين أعماق القلوب.

ثم لا يهتف في الفجر.. برنات النحيب.

بخشوع واكتئاب!!! لست أدري!

أي أمر أخرس العصفور عني.. أتري مات الشعور؟

في جميع الكون حتي.. في حشاشات الطيور

أم بكي خلف السحاب!

فأجابه (العربي) بتاريخ 16-12-1999، الرابعة والنصف مساءً:

أخي العزيز سيف التوحيد سلمه الله.. آمين.

أشكر لك يا أخي هذه الأريحية، وكنت دائماً سباقاً إلي الخير.

ولقد أرسلت لك رسالتين عبر البريد الإلكتروني، لكن لعل المانع عن إجابتك عنهما، خير.

وبالنسبة للقلعة فلعلك رأيت ما وصل إليه الوضع هناك [...].

أخي الحبيب أنا في غاية الشوق إلي قراءة ما ستكتبه، فالله يعلم أني لا أريد إلا الوصول إلي الحق. [...] وبالنسبة لهذا الموضوع فأنا كتبته منذ سنة تقريباً، وأرجأت نشره، وهذه أول نشرة له.

ص: 405

وبانتظار تعليقاتك أنت والأخوة جميعاً. المحب العربي.

وكتب (العربي) أيضاً بتاريخ 4-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ حكيم العرب: ها أنا قربت الموضوع إليك، لتحكم أنت والأخوة بيني وبين ساحة سحاب.

وكتب (حكيم العرب) بتاريخ 4-1-2000، الرابعة والربع عصراً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العربي!!!

وتسألُ لمَ طردوك؟! يا أخي هذا الكلام يخالف كل ما يمكن أن يفهمه أكثرهم تهاوداً في موضوع العقيدة.... راجع ما يُكتب في سحاب أولاً، ثمّ راجع فكرهم المذهبي، تعرف ما أعني!

وهذا ليس انتقاصاً لهم! فلا أنا أجرؤ، ولا أريد أن أنتقصهم.

الآن، بعيداً عن سحاب أقول... يا أخي هذا الكلام، عجيبٌ بعض الشّئ، يدلُّ علي رؤيةٍ جريئة، لحال الأمة، إنّما يشير في الوقت نفسه فيما أري، إلي قراءةٍ مجزوءة ناقصة يا صديقي!

أخي الكريم، في عجالةٍ أقول: هذا التّعميم المبالغ فيه، من أخطر الأمور، لأنك لا تضع فيه يدك علي الجرح تبلسمه، لكنّك تدخلها فيه بعنفٍ فتوسّعه... ثمّ علينا دائماً أن نتذكّر: أنّه ما خوطب النّاس بأكثر مما تحتمله عقولهم، إلا حدثت فتنة! وأنت يُفهم من موضوعك انتقاصٌ لكل من اشتغل في علم الكلام، وهذا تعميمٌ كما قلت لك، لا تفيه جملة صغيرة تستبعد التّعميم بطريقة غير واضحة أيضاً.

أخي الكريم: الكلام أو الحوار مع مثلك، وفي هذا الموضوع، يحتاجُ إلي تأصيل، وكلامٍ علميّ، لكن لا يمكن أن يكون هذا منّي اليوم، فأنا أكثر من

ص: 406

مشغول، مع نهاية شهر رمضان! أعتذر مع وعدٍ بألاّ أترك الموضوع، فيجب أن نتحاور فيه، وما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه... إنما، في فترة العيد، بإذن الله... جزاك الله خيراً...

اللهمّ علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علماً، وآتنا الحكمة وافتح لنا أبواب الفهم يا كريم.

فكتب العاملي بتاريخ 7 -1-2000، العاشرة مساءً:

محور الموضوع ما يلي:

من البديهي أنه يجب علي المسلم الإعتقاد بكل عقائد الإسلام التي ثبت أنه من ضرورياته، كالإيمان بالشهادتين والقرآن واليوم الآخر والبعث والحساب والجنة والنار.. إلي آخره.

أما تفاصيل هذه العقائد، فنري أهل المذاهب يعدون تفسيراتهم من ضروريات الدين، ويفرضون علي المسلم الإيمان بها، وإلا فقد يعدونه خارجاً عن الدين.

والسؤال:

أن الشاب المسلم، هل يجب عليه البحث والتحقيق عن تلك التفاصيل وتحصيل الإيمان بها علي أساس المذاهب؟

أم يجوز له تقليد من يثق بعلمه وتقواه من الصحابة أو أئمة المذاهب أو العلماء؟

وهل يجوز له أن يقول:

اللهم إني لست مسؤولاً إلا عن ضروريات الدين.. والباقي لا أريد تكوين رأي فيه، ولا تقليد أحد فيه، وأنا أعتقد بالواقع الذي هو في علمك؟

ص: 407

فهل تكون ذمته بريئة عند ربه؟

أرجو من الإخوة الكرام المشاركة.. وشكراً.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 8-1-2000، السابعة صباحاً:

الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله.

أفضل أن نجزئ الموضوع إلي خطوات ونسير خطوة، خطوة... لتسهل المتابعة والتدقيق.

العقيدة الإسلامية: هي ما طلب الله من الناس الإيمان به، وامتدح فاعله، ووصفه بالمؤمن ووعده بالخلود في الجنة...

وأيضاً فقد ذم الله منكره أو الشاك فيه، ووصفه بالكافر والمنافق ووعده الخلود في النار.

الإيمان في النصوص الإسلامية: التصديق الجازم المطابق للواقع بناء علي دليل عقلي. تفصيل التعريف أعلاه:

- التصديق الجازم: لا يقبل الشك في الإيمان، فالشك في العقيدة هو النفاق، وهو يهدم الإيمان.

- المطابق للواقع: هذا الجزء مرتبط مع الجزء الأخير من التعريف، والمعني أن لا تقوم للعقل حجة بإنكاره... كمن قال: بأن الصنم الذي لا يضر ولا ينفع إله.

- بناء عن دليل عقلي: أي له دليل إثبات عقلي قطعي.

وهذا التعريف مشتق من آيات القران التي تجعل الشك هادماً للإيمان، وتجعل عدم مطابقة الواقع دليلاً هادماً لجميع عقائد الكفر، وتجعل فقدان القدرة علي إثبات صحة المعتقد دليلاً علي بطلان جميع ما يعتقده الكفار.

ص: 408

ويفهم من ذلك:

1 - أنه لا يعذر الإنسان بالجهل في أيا (كذا) من المواضيع التي تشكل العقيدة الإسلامية، فهو لا يعد مؤمناً في الأصل.

2 - أن ما لم يقم عليه دليل عقلي قطعي، لا يطلب الإيمان به، ولا يعتبر من العقيدة.

ويجب أن يطلق علي ذلك القسم مسمي آخر، يميزه عن مواضيع

العقيدة... فلو أطلق عليه اسم المواضيع المتعلقة بالعقيدة، لجازت التسمية.

- أمثلة علي ما يطلب الإيمان به ولا مجال للظن أو الإجتهاد فيه: (مواضيع العقيدة): وحدانية الله، الجنة والنار، البعث، الحساب...

- أمثلة علي ما لا يطلب الإيمان به، ويجوز فيه تغليب الراجح من الإجتهاد وغلبة الظن (المواضيع المتعلقة بالعقيدة): مصير أولاد الكفار الذين يموتون علي دين آبائهم. مصير أهل الفترة الذين لم يدركوا الرسل. رؤية الرسول ربه. (تفسير الآيات في سورة النجم وفي سورة الإسراء).

وجزاكم الله خيرا أيها الإخوة، والسلام عليكم ورحمة الله.

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

فكتب العاملي بتاريخ10-1-2000، الثامنة والنصف صباحاً:

الأخ الكريم أبا هاجر:

هذا المنهج لا بأس به، بشرط أن يكون كلامنا محدداً، فالكلام في العقائد لا يتحمل العموم والإبهام..

نحن نعرف أن رسول الله صلي الله عليه وآله عامل الناس علي الظاهر، وقبل إسلام من نطق بالشهادتين حتي تحت السيف..

ص: 409

وهذا معناه: أن الذي يعلن قبوله للإسلام يصبح جزءاً من الأمة الإسلامية، ويكون مصون الدم والعرض والمال، إلا بحقه المقرر المجمع عليه، وحسابه علي الله.. والعقيدة الإسلامية المجمع عليها هي ما ثبت أنه من ضروريات الدين..

فبيِّن لنا هذه الضروريات التي لا يعذر المسلم إلا بالإيمان بها، مع دليلها الواضح من الكتاب والسنة.. وشكراً.

فأجاب (أبو هاجر) في 10-1-2000، العاشرة والنصف صباحاً:

الأخ الكريم العاملي:

كل ما كان قطعي الثبوت قطعي الدلالة فهو من العقيدة ويطلب الله منا الإيمان به، ولا مجال للشك أو للإجتهاد فيه... وهو ما عبرت عنه أنت بضروريات الدين.

أمثلته: وحدانية الله. وجود الجنة والنار والحساب والملائكة. إرسال الرسل. فأي جاهل أو شاك أو منكر لهذه الأمور لا يعد مسلماً.

أما ما كان ظنيّ الدلالة أو ظنيّ الثبوت فهو عرضة للإختلاف والإجتهاد، ولم يطلب الله الإيمان به... بل علي المسلم اتباع ما يغلب علي ظنه أنه صواب فيه (بعد التدقيق والتحري)، ويقبل فيه الشك.

أمثلته: تفسير المتشابه في القرآن الذي يحتمل أكثر من معني (فأنا مثلاً، لا أ دري ما هو مصير أولاد الكفار الذين ماتوا علي دين آبائهم، ولا عن مصير أهل الفترة). فالجاهل أو الشاك أو المنكر لرأي معين لم يقتنع به، معذور شرعاً.

ص: 410

والأمثلة من الحديث، هي أنه من حكم بردَّتهم علي عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، كانوا قد أنكروا وجحدوا مسائل في العقيدة (القرآن من عند الله. رسالة محمد...).

أما في المواضيع المتعلقة بالعقيدة، وليست من العقيدة، فأنظر إلي إختلاف الصحابة في فهم وتفسير بعض الآيات المتشابهة (كرؤية الرسول لله، هل كان الإسراء بالجسد والروح أم بالجسد فقط).

أرجو أن أكون قد وضحت المقصد. وجزاك الله خيراً. والسلام عليكم.

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

وكتب (العربي) بتاريخ 10-1-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

الأخوة، السلام عليكم: سيكون تعليقي علي كلام أبي هاجر الذي أوافقه في كثير مما قال، في نقطتين:

الأولي: كانت العقيدة الإسلامية في عهد النبي، صلي الله عليه وسلم، واضحة سهلة ميسرة مستمدة من الكتاب والسنة، لا يستغلق فهمها علي الأعرابي الأمي، ولا تتطلب معرفة المضائق العقلية.

وكانت هذه العقيدة هي أركان الإيمان، وهي: الإيمان بالله، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر. ولكن بعد وفاة النبي، وظهور الخلاف في الأمة، أضيف إلي هذه العقيدة متطلبات أخري أصبحت تزداد من عصر إلي عصر، فلا يصح الإيمان (ولا يمكن دخول الجنة) إلا بعد التصديق بها، وصار المخالف لهذه الإضافات متردداً بين الكفر والبدعة عند الفرق الإسلامية، والقارئ لكتب العقائد من شتي الفرق يجد مباحث كثيرة (مضافة) ليست من أركان الإيمان يبدَّع أو يكفَّر المخالف فيها.

ص: 411

وهذه الإضافات تختلف من مذهب إسلامي إلي آخر، فهي عند المعتزلة غيرها عند الأشاعرة، وسواها عند أهل السنة، وكذلك هي عند الشيعة ليست موافقة لما عند الزيدية أو السنة أوالإباضية.

بل إنك تجد محض الإيمان عند فرقة هو محض الكفر عند فرقة أخري!

لذا فالتبديع والتكفير يجب أن يقتصر علي أصول الإسلام فقط، أما ما عداها فلا تبديع فيه ولا تكفير، وليس من العقائد، فليبحث في مكان آخر سوي العقيدة.

أما مَن اقتصر علي (الإيمان الجملي) فهو أسلم له، ولا يعاب علي ذلك.

الثانية: في الفرق بين الإسلام والإيمان:

سأذكر تصوراً استقرأته من نصوص الكتاب والسنة، لكنه بحاجة إلي النقد ليصل إلي درجة أعلي من الكمال، وهو: الإيمان، وهو الإعتقاد الجازم، لا يكون إلا عن قيام البرهان، فلا يصح فيه تقليد أو شك غالب.

أما الإسلام، فهو التسليم بأحكام الشريعة وعقائدها، دون قيام برهان ملزم بذلك. وهذا يكون عن:

1- التقليد: كحال أكثر العامة الذين لم يقم عندهم البرهان علي صحة أصول عقائد أهل الإسلام، ولكنهم قبلوها بالتلقين والتقليد.

2 - الشاك: وأعني به مَن استفرغ وسعه في طلب الحق، لكن قامت عنده شبهة قوية حالت بينه وبين الإيمان بأصل من أصول الدين، لكنه مع ذلك سلّم لهذا الأصل، مع شكه الغالب فيه.

3 - مَن آمن عن طريق البراهين الإقناعية، كما يقول شيخ المعرة: قال المنجم والطبيب كلاهما: لن يبعث الأموات.

ص: 412

قلت: إليكما إن صح قولكم، فلست بنادم... أو صحّ قولي، فالخسار عليكما.

العلم للرحمن جل جلاله *** وسواه في جهلاته يتغمغم

ما للتراب وللعلوم وإنما *** يسعي ليعلم أنه لا يعلم

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 10-1-2000، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ الكريم العربي:

كلامك عن الفرق بين الإسلام والإيمان غير دقيق.

فالإسلام هو الظاهر لنا، والإيمان هو ما يكنه الشخص في نفسه من معتقد.

والمؤمن هو مسلم، ولكن من تظاهر بالإسلام حكمنا له بالإسلام وأوكلنا أمر إيمانه إلي الله... فهو ممكن أن يكون منافق (كذا)، والمنافق هو كافر لا نستطيع الحكم عليه بالكفر بسبب استتار نيته.

(قالت الأعراب آمنا...) أتمني أن أكون قد أوضحت الفرق.

والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 10-1-2000، العاشرة ليلاً:

الأخوة الكرام:

أرجو أن يكون هدفنا أن نضع بعض القواعد التي تنفع المسلمين في نظرتهم لبعضهم، وأرانا نقترب من ذلك..

وما ذكرته يا أخ أبا هاجر هو قاعدة تقول: " إنما يجب علي المسلم بما هو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة من عقائد الإسلام، دون غيره مما هو اجتهادي مختلف فيه ".

ص: 413

حسناً.. وما دام ثبوت السند والدلالة أمر نسبي، فهل يجب علي من ثبيت عنده أن يعذر من لم يثبت عنده، أم يجوز له أن يفرض عليه اجتهاده ويحاسبه عليه؟

فأجاب (أبو هاجر) بتاريخ 10-1-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

الأخ الكريم العاملي:

قولك: وما دام ثبوت السند والدلالة أمر نسبي، فهل يجب علي من ثبت عنده أن يعذر من لم يثبت عنده، أم يجوز له أن يفرض عليه اجتهاده ويحاسبه عليه؟

غير صحيح.. فالقطعي المحكم غير الظني الثبوت والمتشابه...

فالظني هو عرضة لتفاوت الأفهام، بينما القطعي ليس فيه مجال للإجتهاد... والقطعي ليس نسبي (كذا) وإلا لما كان قطعياً. والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 10-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

قلت يا أبا هاجر: " فالقطعي المحكم غير الظني المتشابه، والقطعي ليس نسبي (نسبياً) وإلا لما كان قطعياً ".

فإن كنت تقصد بالقطعي: المجمع عليه بين جميع المسلمين لصح قولك.. وإلا فإن القطعي نسبي أيضاً، وكما يقول المناطقة " مقولة مشككة "، لأنه قد يكون قطعياً عند شخصٍ، وظنياً عند آخر.. وكذا المحكم.

مثلاً: دائرة عصمة الرسول صلي الله عليه وآله حتي في غير تبليغ الرسالة، قطعية عند البعض وظنية عند آخرين.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 11-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 414

الأخ الكريم العاملي:

قولك: " فإن كنت تقصد بالقطعي: المجمع عليه بين جميع المسلمين لصح قولك.. ".

يا أخي القطعي.. هو القطعي الثبوت القطعي الدلالة: المحكم من آيات القرآن، الصريح من الأحاديث المتواترة...

وهو مطلوب الإيمان به من الجميع، ولا يعذر فيه بالجهل، بل لا يعتبر المسلم مسلماً إذا لم يؤمن به. مثاله: لا إله الا الله... هل في ذلك من نسبية أو شك؟؟

قولك: " وإلا فإن القطعي نسبي أيضاً، وكما يقول المناطقة: مقولة مشككة، لأنه قد يكون قطعياً عند شخصٍ وظنياً عند آخر.. وكذا المحكم ".

خطأ.. هل هناك نسبية أو تشكك في لا إله الا الله؟؟؟

قولك: " مثلاً: دائرة عصمة الرسول صلي الله عليه وآله حتي في غير تبليغ الرسالة، قطعية عند البعض وظنية عند آخرين ".

الرجاء عدم الخلط بين تبليغ الرسالة وعند عدم تبليغ الرسالة، ومن ثم الخروج بهذا الإستنتاج الممزوج... فعصمة الرسول فيما يتعلق بتبليغ الرسالة قطعية... أما عصمة الرسول في غير المتعلق بتبليغ الرسالة فهي غير ثابتة.

الرجاء تحري منتهي الدقة عند البحث. والسلام عليكم.

فأجابه العاملي بتاريخ 11-1-2000، التاسعة صباحاً:

لم تذكر تعريفاً جامعاً مانعاً للقطعي المحكم.

ومثال (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ليس محل كلامنا، لأنه قطعي مجمع عليه بين المسلمين! وتكرر أن المحكم هو قطعي الثبوت..

ص: 415

ولم تحدد عند من؟ هل قصدك عند جميع المسلمين، أم عندك؟

وقطعي الدلالة.. عند من؟

فكم قطعي عندك، ظني عند غيرك، وبالعكس.

ألا تري أن صحة السند ودلالة النص نسبية، فكيف تنكر ذلك؟!

وما رأيك في هذا المثال: نسبة الجهة والجسم إلي الله تعالي، هل هي برأيك من القطعي المحكم، أم الظني الإجتهادي؟

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 11-1-2000، العاشرة صباحاً:

الأخ الكريم العاملي:

سأنقل لك ما ذكرته في موضوع سابق عن الدليل النقلي:

الدليل النقلي حتي يكون دليلاً قطعياً يؤخذ به في العقيدة ويطلب الإيمان به يجب أن يقوم برهان عقلي علي صحة ثبوته، وبرهان عقلي علي قطعية معناه..

فإذا لم يقوم (كذا) دليل عقلي قاطع علي ثبوت النص أنه من عند الله، لا يدخل هذا النص في العقيدة وتنزل درجته إلي دليل ظني يقبل فيه الخلاف في الإجتهاد، ولا يطلب الإيمان به...

وأيضاً إذا كان المدلول اللغوي للنص يحتمل أكثر من معني، فإن معناه يصبح ظني الدلالة ولا يدخل في العقيدة ويقبل فيه الخلاف في الإجتهاد، ولا يطلب الإيمان به.

وحتي نبسط هذه النقطة، لأهمية فهمها، أرتبها بالشكل التالي:

قطعي الثبوت قدس سره قطعي الدلالة = هو من العقيدة.

ومخالفه كافر قطعي الثبوت قدس سره ظني الدلالة = لا يؤخذ في العقيدة، ويقبل اختلاف الإجتهادات فيه.

ص: 416

ظني الثبوت قدس سره قطعي الدلالة = لا يؤخذ في العقيدة، ويقبل إختلاف الإجتهادات فيه.

هذا هو مفهوم الدليل النقلي عندي... الرجاء الإطلاع عليه وذكر أية ملاحظات.

أما قولك: " ألا تري أن صحة السند ودلالة النص نسبية، فكيف تنكر ذلك ".

لا يوجد نسبية في الأمور القطعية يا أخي، وسبب استنكارك يعود للطريقة التلقينية التي تربينا عليها... القطعي ليس نسبي (كذا) والنسبي ليس قطعي (كذا)... فهما نقيضان لا يجتمعان.

قولك: " وما رأيك في هذا المثال: نسبة الجهة والجسم إلي الله تعالي، هل هي برأيك من القطعي المحكم، أم الظني الإجتهادي؟ ".

نسبة الجسم إلي الله هي مسألة ظنية خاطئة، لأنها عارضت مسألة قطعية تضادها.

التفصيل: توهم البعض تجسم الله سبحانه وتعالي من خلال فهم بعض الآيات التي ذكرت اليد والإستواء والمجيء والعين علي المعني الحقيقي، لا المجازي...

ولكن هذه الآيات وردت فيها تلك الصفات بصيغة لغوية تحتمل التجسد وعدمه (حقيقة أو مجاز)... ولكن الآية المحكمة المعني (ليس كمثله شيء) عارضت المعني الحقيقي لتلك الآيات وأبقت فقط علي المعني المجازي.

ونفس الشيء يقال عن مسألة الجهة، فمعناها مجازي وغير معلوم لدينا.

وأخيراً، لم تكن هذه هي طريقة الرسول والصحابة في فهم الآيات، بل كانت تفهم الآيات من سياقها... غير أن في ذلك تفصيل.

ص: 417

أرجو أن أكون قد شرحت بطريقة مقبولة. والسلام عليكم.

وكتب العاملي بتاريخ 11-1-2000، الثانية والنصف ظهراً:

شكراً علي توضيحك يا أبا هاجر مقصودك ب- (قطعي الثبوت، قطعي الدلالة).

وبهذا ثبت أنك تتبني قاعدة أصولية في ميزان العقائد الإسلامية، قد تتفق نتيجتها مع هذا العالم أو ذاك، وهذا المذهب أو ذاك..

كما أني أوافقك علي تنزيه الله تعالي عن الجهة والجسمية الحقيقية، وتفسيرالآيات الموهمة لهما بالمجاز.

وسؤالي الآن: إذا كان الدليل علي عقيدة ما في رأيك قطعي الثبوت والدلالة، وفي رأي غيرك ظنياً في أحدهما أو كِليهما.. فهل تعذره في ذلك؟...

ص: 418

الفهرس

مناظرات في التوحيد وصفات الله تعالي

مذهب الوهابيين و إمامهم ابن تيمية في التوحيد

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية

رؤية الله تعالي بالعين محال

ابن تيمية يدعو المسلمين إلي الإيمان بمعبود اليهود حسب التوراة

و واقع اليهود يفضح ابن تيمية

ابن تيمية يصرح بأن الله تعالي جسم موجود في مكان وله أعضاء وله شبيه

و معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

و زعم ابن تيمية أن السلف كلهم مجسمة، مثله

معبود ابن تيمية ليس جسدا، ولكنه جسم

معبود ابن تيمية ليس له كفء و مثيل.. ولكن له شبيه

ابن تيمية و أتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية

صفات معبود الوهابيين و إمامِهم

محاولاتهم إخفاء عقيدتهم في تجسيم معبودهم

احاديث التجسيم والتشبيه دسها في لحيته مجوس عبادان

و أنكر الإمام مالك كل أحاديث التشبيه والتجسيم

قصة حديث (فإن الله خلق آدم علي صورته)

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية تسوء أخلاقهم

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

الوهابيون و عصمة ابن تيمية

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

الامام الكاظم والإمام الرضا: يكشفان تحريف حديث النزول

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

التجسيم عند اليهود والنصاري

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام

و لا يؤمنون به حتي لو رواه البخاري

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

تناقضات الألباني و ابن تيمية

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع

قول ابن تيمية بفناء النار و دخول أهلها الجنة

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة

قول ابن تيمية بأن الله يقعد النبي الي جنبه علي العرش

ابن تيمية يكذب حديثا متفقا علي صحته في علي

ابن تيمية ينكر المجاز في اللغة

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه

الالباني يحالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي

الالباني يخالف ابن تيمية في التوسل الي الله بالنبي والأولياء

و يخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي

و يخالفه في تجويز استعمال السبحة

تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب

الالباني يجوز الزنا علي نساء النبي

الخاتمة

تحدي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون

التحدي الخشن

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

الرسول يعلم الأمة التوحيد

و أقصي ما يمكن أن يري الإنسان نور عظمة الله تعالي

لم يحلل في الأشياء.. و لم ينأ عنه

لا تقدر عظمة الله سبحانه علي قدر عقلك

اول الدين معرفته.. و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه

كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونه

اميرالمؤمنين يرد علي تجسيم اليهود

و يوجه المسلمين إلي التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت

جواب النقطة 1

جواب النقطة 2

جواب النقطة 3

حديث العماء.. بل حديث العمي

نماذج من الذين تبرؤوا من الحديث و قالوا رواته أعراب لا فهم لهم

الذين أخذوا بحديث أبي رزين رغم تكذيب النقاد له

تخليط لقيط العقيلي.. الذي أخذوا منه دينهم

ابو رزين يزعم أنه وفد إلي النبي ممثلا قبيلة المنتفق

زعم أبو رزين أن النبي كان يكره السؤال إلا منه

زعم أبو رزين أنه سمع النبي يقول: لعمر إلهك

و هو راوي حديث: أن الله تعالي يضحك، و يظل يضحك

و هو راوي حديث أن الكرسي موضع قدمي الله تعالي

و هو راوي حديث البخاري: ترون ربكم يوم القيامة

و هو راوي حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون (محلة العماء)

السؤال عن الله تعالي بأين و كيف و متي.. سؤال غلط

اتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. و تكالبها لا حقيقة و لا مجاز

لا يحويه مكان.. و لا يخلو منه مكان..

اصحاب الأذهان المسطحة.. يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

هل يقال لله سيد؟

تفسير قوله تعالي: إلا وحيا أو من وراء حجاب

معبودهم.. جسم ينزل و يصعد!! و بقية صفاته..

المجسمون الحشويون.. فقدوا أعصابهم

سؤالهم: أين الله؟!

افتضاح المجسمة الحشوية

افتضاح المجسمة الحشوية

فتي أمرد جعد الشعر

وقد يكون له أذن، و قد يكون ممسوح الأذن

و قالوا: إنه يمشي و قد يركض و يهرول

و قالوا: إنه يلبس قباء وجبة، و يركب علي جمل

و قالوا: إنه يضحك و يظل يضحك

و قالوا: منطقه كالرعد، و ضحكه كالبرق

من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية و أئمته التوراتيين

رد الفخر الرازي

رد ابن حجر العسقلاني

رد الشيخ محمد أبو زهره

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات و لا يحملونها علي ظاهر اللفظ

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات ولا يحملونها علي ظاهر اللفظ

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه والرد علي المجسمين

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه و رد التجسيم

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.