موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی المجلد 92

اشارة

سرشناسه : حسینی شیرازی، محمد

عنوان و نام پدیدآور : الفقه : موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی/ المولف محمد الحسینی الشیرازی

مشخصات نشر : [قم]: موسسه الفکر الاسلامی، 1407ق. = - 1366.

شابک : 4000ریال(هرجلد)

یادداشت : افست از روی چاپ: لبنان، دارالعلوم

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

موضوع : اخلاق اسلامی

موضوع : مستحب (فقه) -- احادیث

موضوع : مسلمانان -- آداب و رسوم -- احادیث

رده بندی کنگره : BP183/5/ح5ف76 1370

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 70-5515

ص:1

اشارة

الطبعة الثالثة

1420 ه_

قم المقدسة ، المطبعة العلمیة

تمتاز هذه الطبعة بالمراجعة والإضافات

من قبل الإمام المؤلف علی الطبعات السابقة

ص:2

مقدمة

((المقدمة))

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی محمد وآله الطاهرین، واللعنة علی أعدائهم إلی قیام یوم الدین.

منذ أن استنسخت رسالة الوالد (رحمه الله) المخطوطة المسماة ب_ (بدایة الأحکام) لتهیئتها للطبع والمذیلة لبیان المحرمات والأخلاقیات وما أشبه، کنت أفکر فی کتابة کتاب مستقل بإیجاز حول أدلة المحرمات، وحیث أتیحت لی هذه الفرصة فی الحال الحاضر بکتابة ذلک رأیت أن أذکر الواجبات أیضاً، وألحق هذا الکتاب بالفقه، فإن الوقت وإن کان لایسمح بالتفصیل والاستدلال الذی ینبغی، إلاّ أن (ما لا یدرک کله لا یترک کله).

والله المسؤول أن یوفقنی لما فیه رضاه، وأن یمنحنی إتمام الکتاب، وأن یجعله سبباً لهدایة الأنام ونشر الأحکام، ویثیبنی والعاملین به علی ذلک.

وقد استفدت فیه بالإضافة إلی کتب التفسیر والفقه والحدیث والأخلاق المشهورة من (البدایة) و(حدود الشریعة) و(المناهل) و(الواجبات والمحرمات) وغیرها.

والکتاب فی فصلین:

الفصل الأول فی الواجبات حسب الحروف الهجائیة.

والفصل الثانی فی المحرمات.

وهو الموفق المستعان.

قم المقدسة

15 / صفر / 1408ﻫ

محمد بن المهدی الحسینی الشیرازی

ص:3

ص:4

حرف الألف

1: إیتاء الاجر للمرضعات

حرف الألف

1: إیتاء الأجر للمرضعات

قال الله سبحانه وتعالی: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾((1))، ولا یخفی أن إیتاء أجر المرضعة لیس حکماً جدیداً فی مقابل إیتاء أجر الأجیر الذی هو داخل أیضاً فی أداء مال الغیر وحقه، والأجرة فی الآیة المبارکة من باب المثال، وإلا فالمراد الأعم من المال المصالح علیه وما أشبه ذلک، اللهم إلاّ أن یقال: إن المراد بها الأعم بالملاک، لکن الظاهر الأول.

لأنه هو المستفاد عرفاً، فلا فرق بین أن تکون الأجرة للرضاع لأجل إرضاعها بلبنها ذاتاً أو لبنها عرضاً بأن شربت شیئاً سبب در اللبن من ثدیها، فإنه مشمول بالملاک وإن کان الانصراف الابتدائی غیر ذلک، أو یتنازل الزوج عن ملک أن یملک، فإن کل ذلک مشمول للآیة الکریمة لفظاً أو بالملاک، والحاصل أنه یشمل کل أقسام المبادلة بأن یکون الأمر برضی الطرفین.

وعلی کل حال، فإنه یصح أن تجعل المرضعة لبنها هدیة بشرط هدیة الزوج لها مالاً فی قبال هدیتها للولد، أو فی قبال هدیة الزوج لها حقاً أو منفعةً أو انتفاعاً، بل أو یتنازل

ص:5


1- سورة الطلاق: الآیة 6

الزوج عن ملک أن یملک.

ولا یلزم أن یکون الرضاع فی حال الاختیار، فإن تعاقدا ثم أغمی علیها أو جنت أو ما أشبه ذلک وارتضع الولد منها استحقت الأجرة کسائر الأجراء، إذ الإطلاق والمناط شامل لکل تلک الأمور.

نعم إذا کانت أمة هی ملک لصاحب الولد لم یکن لها أجرة الرضاع.

ومن ذلک یعرف ما إذا کان الشرط علی المرأة ذلک، لأن الشرط أیضاً یکفی فی المقام.

2: إیتاء أجر الزوجات وصدقاتهن

2: إیتاء أجر الزوجات وصدقاتهن

قال الله تعالی: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَریضَةً﴾((1))، وقال سبحانه: ﴿فَانْکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾((2))، وقال تعالی: ﴿وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾((3)).

فالواجب إعطاء مهر الزوجة، وهو داخل فی إعطاء حقوق الناس إذا قرر لها المهر، بل وفی ما إذا لم یقرر علی التفصیل المذکور فی (الفقه) من المتعة ونحوها، کلاً أو بعضاً، إلاّ مع العفو ونحوه.

من غیر فرق بین کون المهر مالاً أو حقاً أو غیر ذلک، وقد ذکرنا فی (الفقه) مسألة جعل مهرها أن لا یتزوج علیها مثلاً.

وکذلک إذا کان المهر أن لا یدخل علی زوجته السابقة فیما إذا لم یکن الدخول واجباً، وکذلک عدد الدخول أو ما أشبه ذلک.

3: إتیان البیوت من أبوابها

3: إتیان البیوت من أبوابها

قال سبحانه: ﴿وَلَیْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلکِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقی وَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ

ص:6


1- سورة النساء: الآیة 24
2- سورة النساء: الآیة 25
3- سورة النساء: الآیة 4

أَبْوابِها﴾((1)).

وأمرهم بدخول البیوت من أبوابها، الظاهر أن عملهم کان بالنسبة إلی نسبة ذلک إلی الشرع حتی یکون بدعة، أما إذا کان عمل شخص من باب محذور أو وجه عقلائی أو ما أشبه ذلک لم یکن مشمولاً للآیة المبارکة.

ومن الواضح أن إتیان البیوت من أبوابها إنما هو أمر إرشادی بالنسبة إلی الأمور الأخلاقیة، وإلا فیجوز للإنسان أن یأتی بیته أو بیت من یجوز له ذلک من غیر بابه، اللهم إلاّ إذا کان بقصد البدعة کما کانوا یفعلون ذلک إذا أحرموا فی الجاهلیة.

وسواء کان المراد بالبیوت البیوت المسکنیة أو کل شیء، کما ورد فی تفسیر البرهان عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): Sیعنی أن یأتی الأمر من وجهه أیّ الأمور کانR((2))، فالآیة شاملة لکلا الأمرین، إما ظهوراً وإما ملاکاً.

وقد کان بعض الأعراب الجاهلین إذا أحرموا للحج لم یدخلوا بیوتهم من أبوابها، بل اتخذوا نقباً من ظهورها ودخلوا منه، فنهاهم الله سبحانه عن ذلک، وأمرهم بدخول البیوت من أبوابها.

وهل الإتیان واجب وترکه حرام، أو بالعکس، احتمالان، وقد ذکرنا فی (الأصول) عدم إمکان جعل حکمین واجب وحرام فی طرفی شیء واحد، للغویة أحدهما، فالثانی منهما إرشاد، علی کل حال.

أقول: لعدم معقولیة حکمین، إلا إذا کان الثانی من باب التأکید، فلیس حکماً جدیداً.

ولو کان فی أحدهما المصلحة الملزمة، وفی الآخر المفسدة المنفرة إلی حد المنع من النقیض.

4: إیتاء حق الحصاد

4: إیتاء حق الحصاد

قال سبحانه: ﴿وَ هُوَ الَّذی أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَیْرَ مَعْرُوشاتٍ وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُکُلُهُ وَ الزَّیْتُونَ وَ الرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَ غَیْرَ مُتَشابِهٍ کُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذا أَثْمَرَ وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ﴾((3)).

وقد ذکرنا فی (الفقه) أنه لا دلیل علی وجوب حق آخر غیر الزکاة، وإن وردت روایات، لکنها ناظرة إلی الندب لا الوجوب.

ثم إنه لو نذر الزکاة المعینة صار الأمر واجباً بجهتین،

بالوجوب الأصلی والوجوب النذری.

ص:7


1- سورة البقرة: الآیة 189
2- تفسیر البرهان: ج1 ص19 ح1
3- سورة الأنعام: الآیة 141

نعم إذا نذر الزکاة المندوبة صار الأمر واجباً بوجوب النذر، والمراد بالنذر أعم منه ومن الیمین والعهد، وهکذا إذا شرط، فإن Sالمؤمنون عند شروطهمR((1)).

وهل المراد بالآیة الأعم من الوجوب، حیث إنه ذکر ما لا یجب فیه الزکاة، فیجب فی الواجب ویستحب فی غیره، أو المراد بالآیة خصوص الزکاة الواجبة ویکون من ذکر الخاص بعد العام، احتمالان، وإن کان الاحتمال الأول أقرب.

قال فی الجواهر: (فإن عدم التقدیر وعدم الوجوب لو لم یحضروا، وعدم المؤاخذة به والتشبیه بالبذر الذی لم یقل أحد بوجوب الإعطاء منه والاختلاف فی الغایة وغیر ذلک مشعر بعدم الوجوب، کما نسب إلی أکثر العلماء فی محکی التذکرة، بل هو المشهور نقلا وتحصیلا، بل لا مخالف صریح أجده إلاّ الشیخ)((2)).

بل السیرة المستمرة علی عدمه، والآیة لا مانع من حملها علی الندب، وتفصیل الکلام فی الآیة المبارکة موکول إلی المفصلات.

5: إیتاء ذی القربی

5: إیتاء ذی القربی

قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَ إیتاءِ ذِی الْقُرْبی﴾((3)).

وفی الآیة الکریمة احتمال أن یکون المراد الأعم من الإعطاء الواجب لواجبی النفقة، فالإیتاء أعم من الواجب والمستحب، واستعمل فی الجامع بینهما، ویحتمل خصوص الواجب فالإیتاء واجب، لکن لا یبعد الأول، لأنه أقرب إلی الفهم العرفی.

ومنه یعرف الوجه فی قوله سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَالْمِسْکینَ وَابْنَ السَّبیلِ﴾((4)).

أما ما فی بعض الروایات من أن المراد من ذی القربی الإمام ومن الإیتاء إعطاء

ص:8


1- التهذیب: ج7 ص371
2- جواهر الکلام: ج15 ص12
3- سورة النحل: الآیة 90
4- سورة الإسراء: الآیة 26

الخمس((1))، فالظاهر أنه من باب المصداق((2))، حیث إن فی الروایات ذکرت المصداق کثیراً.

ثم لا إشکال فی شمول (ذی القربی) _ بالمعنی الأعم _ لولد الشبهة، ولا یبعد أن یشمل ولد الزنا، حیث قال بعض الفقهاء إنه ولد شرعاً وعرفاً ولغةً، هذا فی غیر ما استثنی قطعاً، مثل الإرث، ومحله (الفقه).

6: إیتاء الزکاة

6: إیتاء الزکاة

قال سبحانه: ﴿أَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ﴾((3)).

وقد ذکرنا فی (الفقه الاقتصاد) کیف أن الخمس والزکاة والخراج والجزیة کافیات لإقامة الأمور المالیة المرتبطة بالدولة الإسلامیة، إذ لا ضریبة فی الإسلام بعدها إطلاقاً.

والمنصرف من الآیة المبارکة الزکاة الواجبة، وإن احتمل إعطاء المال مطلقاً، لأن إعطاء المال زکاة، فالآیة تکون أعم من الواجب والمستحب.

وهکذا ذکروا فی الزیارات: Sأشهد أنک قد أقمت الصلاة وآتیت الزکاةR قالوا: بأنه یشمل الخمس أیضاً، لأن الخمس واجب علیهم (علیهم الصلاة والسلام) مع توفر الشرط، وقد ذکر جمع أن قوام الإسلام بهاتین الکلمتین، فالصلاة لجمع الرجال، والمال لتمویلهم حیث إن أیة حکومة تقوم تحتاج إلی أمرین: الرجال والمال.

7: إیتاء المکاتبین من مال الله سبحانه وتعالی

7: إیتاء المکاتبین من مال الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یَبْتَغُونَ الْکِتابَ مِمَّا مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ فَکاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فیهِمْ خَیْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذی آتاکُمْ﴾((4)).

وقد ذکرنا فی (الفقه) استحباب الکتابة، وهل أن الإعطاء للمکاتب من المال واجب أو مستحب.

ومن الواضح أن المراد ب_ (الذین) الأعم من الرجل والمرأة، کما أن ذلک أعم من کون

ص:9


1- مجمع البیان: ج6 ص410
2- أی المصداق الأظهر أو الأهم أو الأکمل أو ما أشبه ذلک
3- سورة الحج: الآیة 78
4- سورة النور: الآیة 33

المکاتب صغیراً یتولی المولی الکتابة عن قبله أو کبیراً، إلی غیر ذلک من الفروع.

ولا یخفی أن الصغیر والمجنون وما أشبه، وإن لم یکونوا ممن یبتغون الکتاب، إلا أن الملاک شامل للجمیع.

نعم لا یبعد أن یکون من یبتغی الکتاب أولی فی الاستحباب، ولا یبعد أن یکون قوله سبحانه: Pإنْ عَلِمْتُمْ فیهِمْ خَیْراًO أنه لا یستحب بدون علم الخیر، بل بعلم الشر، کما أنه إذا حرر یکون شراً علی الناس، وإن کان الظاهر أن القید من باب المستحب فی المستحب.

8: إیتاء أموال الیتامی

8: إیتاء أموال الیتامی

قال سبحانه: ﴿وَآتُوا الْیَتامی أَمْوالَهُمْ﴾((1)).

وهذا تأکید من جهة أن الیتیم لایتمکن من الطلب بنفسه، وان تمکن فالغالب عدم قدرته علی الولی فی انقاذ ماله وإلا فهو من أفراد إعطاء الناس أموالهم، وهل هو أعم من الحقوق أو خاص بالمال والتعدی إلی غیره من باب الملاک؟ احتمالان.

9: إیتاء النصیب

9: إیتاء النصیب

قال سبحانه: ﴿وَلِکُلٍّ جَعَلْنا مَوالِیَ مِمَّا تَرَکَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذینَ عَقَدَتْ أَیْمانُکُمْ فَآتُوهُمْ نَصیبَهُمْ﴾((2)).

ص:10


1- سورة النساء: الآیة 2
2- سورة النساء: الآیة 33

ولا یبعد أن یکون المراد بالآیة المیراث، فالمراد بالمولی من له ولایة علی أخذ المیراث، والمراد بالذین عقدت أیمانکم هم الأزواج والزوجات.

ویمکن أن یضاف إلیه ولاء ضمان الجریرة وولاء الإمامة وولاء العتق، والخطاب متوجه إلی من بیده المال أو الاختیار أو الحاکم الشرعی، فیجب علی من ینفذ کلامه إیتاء نصیب الأقربین والزوجین وغیرهم حسب ما بین فی کتاب الإرث.

والظاهر أن ما فی روایة الامام الکاظم (علیه السلام): Sإنما عنی الله بذلک الأئمة (علیهم السلام) بهم عقد الله عز وجل لأیمانکمR((1))، فهو من باب المصداق((2))، کما هو کثیر فی الروایات حول الآیات الکریمة.

10: إیتاء ما أنفقه الزوج الکافر علی زوجته المسلمة

10: إیتاء ما أنفقه الزوج الکافر علی زوجته المسلمة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا جاءَکُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإیمانِهِنَّ فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَی الْکُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ یَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ أنْ تَنْکِحُوهُنَّ إِذَا آتَیْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾((3)).

والظاهر من الآیة کون المراد بالنفقة خصوص المهر، لا ما أنفق الزوج علیها من الأکل والشرب وما أشبه ذلک، فإذا حرم إرجاع المؤمنة إلی الزوج الکافر بعد المهاجرة، یجب إعطاء ما أنفقه الزوج علیها.

وهل الوجوب متعلق بالحاکم الشرعی أو بالمؤمنین کفایة أو بمن یرید التزوج بها، احتمالات، والأول أقرب.

کما أنه لا یلزم إعطاء النفقة أولاً ثم التزوج بها، بل ذلک واجب غیر مرتبط بالتزویج، وإطلاق الدلیل یقتضی بقاء الحکم إلی الحال الحاضر.

وهل للهجرة خصوصیة فتشمل الآیة ولو بالملاک ما إذا لم تکن هجرة، بل أسلمت المرأة فی البلد عن زوج کافر، احتمالان، والأقرب الثانی فتویً، وإن کان ظاهر الآیة الأول، فإن

ص:11


1- تفسیر البرهان: ج1 ص366 ح1
2- أی المصداق الأظهر أو الأهم أو الأکمل أو ما أشبه ذلک
3- سورة الممتحنة: الآیة 10

الکلام یؤخذ حسب القصد لا حسب الظهور((1))، ولذا کان المجاز هو المقصود لا الظاهر فیما إذا أتی المتکلم الکلام مجازاً، وکذلک حال المشترک فیما إذا قصد أحدهما، وإن کان المقصود أحد المعنیین.

11: إیتاء مثل ما أنفقه الزوج المسلم علی زوجته الکافرة

11: إیتاء مثل ما أنفقه الزوج المسلم علی زوجته الکافرة

قال سبحانه: ﴿وَإنْ فاتَکُمْ شَیْ ءٌ مِنْ أَزْواجِکُمْ إلی الْکُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذینَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا﴾((2)).

والظاهر أن المراد بالنفقة المهر کما تقدم فی الآیة السابقة، فمعنی الآیة: إن ذهب منکم مهر من زوجاتکم بسبب لحوقهن بالکفار فأصبتم غنیمة منهم فی الحرب فأعطوا المؤمنین الذین ذهبت أزواجهم إلی الکفار مثل ما أنفقوا.

ولا یبعد أن یکون المستفاد من الآیة لزوم إعطاء المهر إلی الزوج من الحاکم الشرعی، وهل هو کل المهر أو بعضه حسب ما یراه العرف من بقاء المهر، لأن الزوج استفاد من المرأه مدة مدیدة مثلاً، احتمالان، ولعل الأقرب إلی الذهن العرفی الثانی، وإن کان ظاهر الآیة الأول.

کما أن مقتضی بقاء أحکام الله سبحانه وتعالی بقاء هذا الحکم أیضاً إلی الیوم، لا أنه خاص بأول الإسلام، وقد روی ابن أذینة وأبو سنان فی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام) قال: سألته عن رجل لحقت امرأته بالکفار، وقد قال الله تعالی فی کتابه: ﴿وإن فاتکم شیء من أزواجکم إلی الکفار﴾ ما معنی العقوبة هیهنا، قال: Sأن یعقب الذی ذهبت امرأته علی امرأة غیرها، یعنی یتزوجها بعقبها فإذا هو تزوج امرأة غیرها فإن علی الإمام أن یعطیه مهرها مهر امرأته الذاهبةR، قلت: فکیف صار المؤمنون یردون علی زوجها بغیر فعل منهم فی ذهابها وعلی المؤمنین أن یردوا علی زوجها ما أنفق علیها مما یصیب المؤمنین، قال: Sیرد الامام علیه، أصابوا من الکفار أم لم یصیبوا، لأن علی الإمام أن یجبر جماعة من تحت یده، وإن حضرت القسمة فله أن یسد کل نائبة تنوبه قبل

ص:12


1- أی الظهور الأولی مع وجود القرائن علی خلافه
2- سورة الممتحنة: الآیة 11

القسمة، وإن بقی بعد ذلک شیء یقسمه بینهم، وإن لم یبق لهم فلا شیء علیهR((1)).

ثم إن الآیة أعم من کون المرأة کافرة أو مسلمة، کما إذا تزوج المسلم بمسیحیة أو یهودیة أو مجوسیة علی القول بالجواز متعةً کما هو المشهور، أو دواماً کما ذهب إلیه جمع من الفقهاء، وهو الذی استظهرناه فی الفقه، ثم فاتت إلی الکفار کان الحکم کذلک.

وقد تقدم أن الظاهر من النفقة خصوص المهر، ویأتی مسألة تبعیض المهر فی المتمتع بها لو استفاد الزوج منها بعض الوقت حیث لا یلزم إعطاء کل المهر له، هذا کله إن أعطی الرجل المهر للمرأة الکافرة، وإن لم یعطها فالظاهر عدم الوجوب علیه لأنها صارت حربیة ومالها حلال، وحتی إذا لم تصر حربیة وإنما اعتصمت بالدول المعاهدة للمسلمین کما فی الزمان الحاضر فلا یبعد عدم وجوب إعطائها مهرها حیث التقاص، فإن التقاص حکم عقلی بالإضافة إلی کونه شرعیاً فیشمل المقام أیضاً.

12: الاستیجار لصلاة المیت وصومه وحجه

وهذا ما ذکرناه فی (الفقه) مفصلاً، فإن ظاهر الأدلة الوجوب، حیث إنه دَین، ودین الله أحق بالقضاء، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) لتلک المرأة: Sأرأیت لو کان علی أبیک دینR إلخ، هذا إذا لم یکن للمیت ولدکبیر یقضی عنه الصلاة، وإلا وجب علیه، کما أنه إذا لم یکن هناک متبرع وإلا لم یجب

ص:13


1- تفسیر البرهان: ج4 ص325 ح1

الاستیجار، کما أن الأمر فی غیر صورة الوصیة، وإلا فالواجب علی الوصی القیام بذلک.

13

13: أخذ الحذر

13: أخذ الحذر

قال الله تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَکُمْ﴾((1)).

الحذر بالکسر فالسکون علی وزن حبر: ما یحذر به وآلة الحذر کالسلاح، ولا یبعد أن یکون المراد بالآیة المبارکة الأعم من التهیؤ النفسی والتهیؤ السلاحی وما أشبه ذلک.

والظاهر أن وجوب ذلک غیری من جهة وجوب الجهاد وحفظ النفس ونحوهما، ولذا یری عرف المتشرعة أنه لو لم یأخذ حذره، لکنه لم یصبه شیء لم یزد علی التجری، لا أنه کمن شرب الخمر أو ترک الصلاة مثلاً.

فمن الواضح أن هذا الکلی مختلف مصداقاً فی الأزمنة المختلفة، کزماننا هذا والزمان السابق، حیث إن الزمان السابق کان الحذر یتحقق بالسیف والسهم والحجارة وما أشبه ذلک، أما فی زماننا فیحتاج إلی الآلات الحدیثة حتی تنتهی إلی الذرة.

14: أخذ الزینة عند المساجد

14: أخذ الزینة عند المساجد

قال الله سبحانه: ﴿یا بَنی آدَمَ خُذُوا زینَتَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ وَکُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفینَ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زینَةَ اللَّهِ الَّتی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾((2)).

ولا یبعد أن یکون الأمر علی سبیل الاستحباب، لأنه المنصرف إلی أذهان المتشرعة والتی جرت السیرة علیه، والمراد بالزینة الأعم من الملابس وغیرها، ولا یراد بالزینة الحلی ونحو ذلک، لأن المنصرف من الزینة غیرها، ولم ینقل عن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، ولا عن علی (علیه الصلاة والسلام) أخذ الزینة بمعناها العرفی وإنما الملابس النظیفة والتمشط ونحو ذلک.

ص:14


1- سورة النساء: الآیة 71
2- سورة الأعراف: الآیة 31

وفی روایة عبد الله، عن أبی الحسن (علیه السلام) قال فی تفسیر الآیة: Sمن ذلک التمشط عند کل صلاةR((1)).

وفی روایة ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): Sمن لم یشهد جماعة الناس فی العیدین فلیغتسل ولیتطیب بما وجد ولیصلّ وحده کما یصلی فی الجماعة((2))، وقال: ﴿خذوا زینتکم عند کل مسجد﴾ قال: العیدان والجمعةR((3)).

ومن الواضح أنه لا اختصاص بالأمر فی العیدین والجمعة، وإنما الأمر فیها آکد.

وهل المراد بالمسجد المسجد اصطلاحاً أو مکان الصلاة ولو لم یکن مسجداً، لا یبعد الثانی ولو بالملاک، وحیث فسرنا الزینة بما ذکرناه کان جاریاً حتی فی حرم الحسین (علیه الصلاة والسلام) حیث یستحب أن یذهب إلیه أشعث أغبر فی الجملة فتأمل.

ولا یبعد أن یکون سر ذلک التهیؤ للحضور أمام الله سبحانه وتعالی، وإن کان المتهیؤ وحده، ویؤیده ما تقدم من روایة ابن سنان، ولا خصوصیة لمن یرید الصلاة، بل علی من یرید الحضور أمام الله سبحانه وتعالی فی المسجد أو فی غیر المسجد أن یأخذ زینته، فلا یبعد أن یتعدی ذلک بالملاک إلی من یرید الدعاء ونحوه.

ثم إنه یتعدی بالملاک إلی من یدخل المسجد الحرام لأجل الطواف((4)) ونحو الطواف، وفی بعض الروایات استحباب أن تلبس المرأة زینتها عند الصلاة.

ولعل المراد بقوله: Pعند کل مسجدO عدم الفرق بین المساجد الخاصة کمسجد السوق ومسجد القبیلة، أو العامة کمسجد الجماعة والجمعة.

ولا فرق فی المسجد بین أن یکون خاصاً بطائفة من المسلمین کأحد المذاهب، أو الأعم للإطلاق والملاک.

ص:15


1- تفسیر البرهان: ج2 ص9 ح2
2- الوسائل: ج5 ص198 الباب 5 من صلاة العید ح1
3- الوسائل: ج5 ص78 الباب 47 من صلاة الجمعة ح1
4- هذا فی الطواف المستحب الابتدائی، أما الطواف الواجب فلابد من رعایة محرمات الإحرام والتی منها الزینة علی ما ذکره الفقهاء

15: أخذ الأسلحة

15: أخذ الأسلحةقال سبحانه: ﴿وَإذا کُنْتَ فیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ وَلْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْیَکُونُوا مِنْ وَرائِکُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَکَ وَلْیَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذینَ کَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِکُمْ وَأَمْتِعَتِکُمْ فَیَمیلُونَ عَلَیْکُمْ مَیْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ إِنْ کانَ بِکُمْ أَذیً مِنْ مَطَرٍ أَوْ کُنْتُمْ مَرْضَی أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَکُمْ وَخُذُوا حِذْرَکُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْکافِرینَ عَذاباً مُهیناً﴾((1)).

والکلام فی أخذ الحذر والأسلحة فی هذه الآیة المبارکة ما تقدم فی أخذ الحذر مما لا یبعد أن یکون الأمر للإرشاد، وعلیه فالملاک یأتی فی کل اتخاذ حذر، فیشمل الأمر الحروب الحاضرة التی لا شأن فی جملة منها لأخذ السلاح لبعد المسافة بین المتحاربین، کما فی ضرب المدن والمراکز الاقتصادیة والسیاسیة والعسکریة وغیرها.

والحاصل: إن الحذر أعم، مما یشمل کل ذلک، وهل یشمل مثل عدم أخذ الحذر فیما إذا کان حرکة لا عنفیة، لا یبعد ذلک، لأنه من الملاک أیضاً، وقد کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) لا یحمل السلاح ما دام کان فی مکة المکرمة، فإن حرکته کانت لا عنفیة، کما أشرنا إلیه فی کتابنا المرتبط بالتاریخ((2)).

16 :اتخاذ الشیطان عدواً

16 _ اتخاذ الشیطان عدواً

قال تعالی: ﴿إِنَّ الشَّیْطانَ لَکُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما یَدْعُوا حِزْبَهُ لِیَکُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعیرِ﴾((3)).

والظاهر أن الأمر إرشادی إلی ترک المحرمات والإتیان بالواجبات، أما أن الإنسان

ص:16


1- سورة النساء: الآیة 102
2- انظر کتاب (ولأول مرة فی تاریخ العالم) ج1و2 للإمام المؤلف
3- سورة فاطر: الآیة 6

یعتقد بأن الشیطان عدوه فغیر ظاهر اللزوم، لکن ربما یقال: ظاهر الأمر الوجوب ولا صارف عنه، وعدم ذکر الفقهاء له من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فإن التهیؤ النفسی مقدمة کالتهیؤ العملی، ولذا أکد فی الشرع علی النیة، وقال (صلی الله علیه وآله): Sإنما الأعمال بالنیاتR، وSلکل امرئ ما نویR، وقد أکد ذلک الفقهاء فی مختلف أبواب العبادات، حیث إن الإتیان بظاهر العمل بدون النیة لا یکفی قطعاً.

17: أخذ النبی (صلی الله علیه وآله) الصدقة

17: أخذ النبی (صلی الله علیه وآله) الصدقة

قال سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِها﴾((1)).

محل الابتلاء هو التأسی، وإلا فالنبی (صلی الله علیه وآله) کان أعرف بتکلیفه، وقد انقضی زمانه، والإمام المهدی (علیه الصلاة والسلام) حین ما یأتی أعرف بتکلیفه.

وعلی أی حال، فهل أخذ الفقیه الصدقة واجب مستقل، أو إنه کنایة عن وجوب الزکاة علی الناس وأن الفقیه بما هو الوالی یجب علیه من باب المقدمة، احتمالان، وإن کان ظاهر الأمر الوجوب.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: P تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِها﴾ لیس أمرین مستقلین، بل هما نیتجة أمر واحد وهو الأخذ من الأموال بعنوان الصدقة، وإنما ذکرا لبیان أن الأخذ یسبب هذین الأمرین التطهیر والتزکیة، وهما متقابلان، فإن التطهیر التنظیف، والتزکیة الإنماء.

18: أخذ العفو

18: أخذ العفو

قال سبحانه: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلینَ﴾((2)).

إذا فسرنا العفو فی الآیة المبارکة بالعفو عن المجرمین، لأن ذلک أقرب إلی نفوذ الإسلام، لم یبعد وجوبه، خصوصاً أنه وقع فی سیاق الأمر بالعرف، فالواجب علی الإنسان أن

ص:17


1- سورة التوبة: الآیة 103
2- سورة الأعراف: الآیة 199

یأمر بالمعروف الذی لا یبعد أن یکون المراد منه الأعم من النهی عن المنکر، لأنه أیضاً من أقسام الأمر بالمعروف، وأن یعرض عمن جهل علیه فلا یقابله بالمثل، ویعفو عنه فلا یعاقبه، لأن هذا هو طریق جلب الناس إلی الإسلام والفضیلة، وذلک واجب شرعی علی کل أحد فی نطاق مقدوره حسب ما جرت علیه السیرة منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، لکن الکلام بعدُ محل رد وأخذ، وفی الباب روایات یجدها من أرادها فی تفسیر البرهان وغیره((1)).

حیث إنه من المحتمل أن یکون المراد بالعفو أخذ عفو المال أی الزائد، أو أن اللفظ مشترک بین الأمرین، فإنه یجوز استعمال اللفظ المشترک فی أکثر من معنی إذا کانت هنالک قرینة أو غیرها من المناسبات، وهذا فی القرآن الحکیم کثیر، کما لا یخفی علی من راجع التفاسیر.

19: أخذ القرآن من ید الکافر

19: أخذ القرآن من ید الکافر

الظاهر وجوبه، کما أفتی به صاحب العروة وجمع من المحشین الساکتین علیه، فإنه لا یجوز إعطاء القرآن بید الکافر، وإن کان بیده یجب أخذه منه، لنهی النبی (صلی الله علیه وآله) أن یسافر بالقرآن إلی أرض العدو مخافة أن یناله العدو((2))، لکن الروایة ضعیفة، وإن کان المشهور یفتون بذلک.

وقد ذکرنا فی (الفقه) أن إرسال رسول الله (صلی الله علیه وآله) ببسم الله الرحمن الرحیم فی کتبه إلی الکفار یدل علی نوع من الکراهة، فی تمکین الکافر من القرآن، لأنه لا فرق بین بعض القرآن وکله.

اللهم إلاّ أن یقال بالفرق وأن البسملة مستثناة، وهذا القول غیر بعید، ولو بمعونة الشهرة فی الأمرین.

أما إذا کان إعطاء القرآن إلی الکافر أو بقاؤه عنده موجباً للهتک فلا اشکال فی وجوب الأخذ منه، کما لا إشکال فی حرمة إعطائه له((3))، والأمر کذلک بالنسبة إلی المسلم الهاتک للقرآن، إذ إعطاؤه بیده مقدمة للهتک، ومقدمة الهتک محرمة وإن کان ربما

ص:18


1- تفسیر البرهان: ج2 ص55
2- الوسائل: ج4 ص887 الباب 5 من قراء القرآن ح1
3- إذا کان هتکاً

یقال: إن المقدمة لیست محرمة، وإنما الهتک محرم علی ما ذکر تفصیله فی الأصول.

ومثل القرآن روایات الرسول والأئمة (صلوات الله علیهم أجمعین) لوحدة الملاک فی الأمرین، ومن ذلک یعرف حکم إعطاء القرآن أو الروایات المحترمة بید حائض أو جنب مما یوجب الهتک.

20: أخذ القاضی حق الناس لهم

20: أخذ القاضی حق الناس لهم

فإنه من الواجبات علی القضاة الشرعیین أخذ حق الناس وإرجاعه إلیهم، من الأموال والأعراض والدماء، لأن القاضی إنما نصب لأجل ذلک، وفی الحدیث: Sإنی قد جعلته علیکم قاضیاًR((1))، وفی حدیث آخر: SحاکماًR((2)).

ومن الواضح أن القضاء الشرعی کالقضاء العرفی فما هو شأن القاضی العرفی هو شأن القاضی الشرعی أیضاً، والأخذ یکون بالمباشرة تارةً وبالتسبیب أخری، ولو کان التسبیب بسبب تخویف من أکل الحق.

قال علی (علیه الصلاة والسلام) فی روایة (سلمة) لشریح: Sفخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع فیها العقار والدیار فإنی سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: مطل المسلم المؤسر ظلم للمسلم، ومن لم یکن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبیل علیهR((3)).

أقول: قال سبحانه: ﴿وَإِنْ کانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلی مَیْسَرَةٍ﴾((4))، وذکر المسلم فی طرفی القضیة فی کلام علی (علیه الصلاة والسلام) من باب المثال، وإلا فلا یجوز للمسلم أیضاً أکل حق الکافر وبالعکس، وکذلک حال الکافرین، فیما إذا لم یکن الکافر الذی أخذ حقه محارباً

ص:19


1- الوسائل: ج18 ص100 الباب 11 من صفات القاضی ح5
2- الوسائل: ج18 ص99 الباب 11 من صفات القاضی ح1
3- الوسائل: ج3 ص96 الباب 11 من الدین ح9
4- سورة البقرة: الآیة 280

وإلاّ فالمحارب یستباح حقه کما قرر فی کتاب الجهاد، ومن ذلک یعرف عدم جواز أخذ زوجة الناس حیث إنها عرض لهم، وحکم العرض فی المقام حکم المال إذا لم یکن أهم، وإلا فهو أهم حسب ما یستفاد من الشرع والعقل.

وفی الحدیث عن النبی (صلی الله علیه وآله): Sمن آذی ذمیاً فقد آذانیR((1)).

وکل ذلک علی وفق القاعدة، فلا یضر ضعف السند فی بعض روایات المقام.

21: اتخاذ الله وکیلاً

21: اتخاذ الله وکیلاً

قال سبحانه: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَکیلاً﴾((2)).

لکن الظاهر أنه للإرشاد إلی سائر الأحکام، وإلا فاتخاذه سبحانه وکیلاً بما هو هو لم یظهر من أحد وجوبه.

وإنما کان للإرشاد لإن الإنسان الذی یعرف الله سبحانه وأنه مشرف علی شؤونه مطلع علی أموره، یجعل الله وکیلاً عنه فی کافة الأمور، بمعنی أنه یکل علیه أمر نفسه وأمر ذویه وأمواله وحقوقه وغیر ذلک.

22: أخذ الکفار

22: أخذ الکفار

قال سبحانه: ﴿وَدُّوا لَوْ تَکْفُرُونَ کَما کَفَرُوا فَتَکُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِیاءَ حَتَّی یُهاجِرُوا فی سَبیلِ اللَّهِ فإنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِیًّا وَ لا نَصیراًO إلی أن قال: Pسَتَجِدُونَ آخَرینَ یُریدُونَ أنْ یَأْمَنُوکُمْ وَیَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ کُلَّما رُدُّوا إلی الْفِتْنَةِ أُرْکِسُوا فیها فَإنْ لَمْ یَعْتَزِلُوکُمْ وَیُلْقُوا إِلَیْکُمُ السَّلَمَ وَیَکُفُّوا أَیْدِیَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِکُمْ جَعَلْنا لَکُمْ عَلَیْهِمْ سُلْطاناً مُبیناً﴾((3)).

والظاهر أن الأخذ مقدمی من باب الإرشاد، لا أن له مدخلیة حتی یکون واجباً نفسیاً، لأن ذلک هو المستفاد من الآیة عرفاً، فإنه یحرم علی الإنسان أن یتخذ الکافر ولیاً، سواء بالنسبة إلی اتخاذه قلباً أو عملاً، وقد ورد فی

ص:20


1- شرح النهج: ج17 ص147
2- سورة المزمل: الآیة 9
3- سورة النساء: الآیة 89

الحدیث: Sلو أن إنساناً أحب حجراً لحشر معهR وإذا کان ذلک بالنسبة إلی الحب یکون بالنسبة إلی الولایة أولی، وکذلک الحال بالملاک اتخاذ الفاسقین والمنافقین.

23: أخذ ما آتاه الرسول (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿وَما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾((1)).

الظاهر أنه إرشاد، وإلا کان کل واجب واجبین، وهکذا بالنسبة إلی الحرام، ولعل المراد الأعم من الواجب والمستحب والمباح والحرام والمکروه، فالأخذ حسب ما قرره الشارع من الوجوب وسائر الأحکام الخمسة، لا أن المراد أخذه علی سبیل الوجوب حتی المستحب والمباح، أو علی سبیل الحرام حتی فی المکروه کما هو واضح.

وإن قلنا: إن الأحکام الوضعیة غیر الأحکام التکلیفیة کان الأمر شاملاً لها أیضاً، فإن الأحکام الوضعیة فیها خلاف، هل هی أحکام فی مقابل الأحکام التکلیفیة أم ملازم لها، کما ذکر فی الأصول مفصلاً.

24: أداء الأمانة

24: أداء الأمانة

قال سبحانه: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُکُمْ بَعْضاً فَلْیُؤَدِّ الَّذِی اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ﴾((2))، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُکُمْ أن تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إلی أَهْلِها﴾((3))، وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِکُمْ﴾((4)).

ووجوب رد الأمانة دل علیه متواتر الروایات، وقد ذکرنا بعضها فی کتاب الودیعة والعاریة وما أشبه مما لاحاجة إلی تکرارها، ویشمل النفس والعرض والمال والحق بأقسامه، بل وکذلک الدین، قال سبحانه: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ

ص:21


1- سورة الحشر: الآیة 7
2- سورة البقرة: الآیة 283
3- سورة النساء: الآیة 58
4- سورة الأنفال: الآیة 27

فَأَبَیْنَ أن یَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإنسان إنّه کانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾((1)).

وقوله سبحانه: Pإنه کان ظلوماً جهولاًO فلیس الظلم والجهل لأنه أخذ، وإنما بعد الأخذ ظلم وجهل عاقبة الأمر، فهو مثل قوله سبحانه: Pلیکون لهم عدوا وحزناO.

ویفهم من هذه الآیة وآیات أخر کثیرة أن الأرض والجبال والسماوات هی تشعر، أما کیفیة شعورها فهی مخفیة علینا.

وقد ذکرنا فی (کتاب الودیعة) أن الامانة مالکیة وشرعیة.

25: أداء الدیة علی المخلص

25: أداء الدیة علی المخلصفإنه واجب، وقد أفتی به جملة من الفقهاء، سواء کان دیة نفس أو دیة قوة أو دیة عضو.

فی صحیح زرارة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: سألته عن رجل قتل رجلاً عمداً، رفع إلی الوالی فدفعه الوالی إلی أولیاء المقتول لیقتلوه، فوثب علیه قوم فخلصوا القاتل من أیدی الأولیاء، قال (علیه السلام): Sأری أن یحبس الذین خلصوا القاتل من أیدی الأولیاء حتی یأتوا بالقاتلR، قیل: فإن مات القاتل وهم فی السجن، قال: Sإن مات فعلیهم الدیة یؤدونها جمیعاً إلی أولیاء المقتولR((2)).

لکن الظاهر أنه حق أولیاء المقتول، فلهم أن یعفوا عنه فلا یسجن، أو یعفوا عن الدیة أیضاً فلا تؤخذ منه، نعم إن کان الأمر حراماً وفعلوه عمداً کان للإمام تعزیرهم، وإن أشکلنا فی إطلاق التعزیر بالنسبة إلی المحرمات مما ذکره المشهور فی بعض مباحث (الفقه).

وقد استدلنا هناک علی أن الرسول وعلیاً (صلوات الله علیهما) حیث کانا مبسوطی الید لم یکونا یعزران کل فاعل حرام، وحمل عدم تعزیرهما علی محذور خارجی غیر ظاهر.

ص:22


1- سورة الأحزاب: الآیة 72
2- الوسائل: ج19 ص134 الباب 16 من القصاص فی النفس ح1

26: أداء الدین علی الإمام

26: أداء الدین علی الإمام

إن الإمام یجب علیه أداء الدین، سواء کان المدین حیاً أو میتاً إذا لم یتمکن هو من أداء الدین ولم یکن فی ترکته أداء، ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): Sمن مات وترک دیناً فعلینا دینه وإلینا عیاله، ومن مات وترک مالاً فلورثته، ومن مات ولیس له موال فماله من الأنفالR((1)).

وفی حدیث: إن الرسول (صلی الله علیه وآله) لما ذکر مثل ذلک أسلم عامة الیهود((2)).

والظاهر أن الفقیه القادر أیضاً مثل الإمام فی ذلک لأنه نائبه، فیدل علیه ما دل علی نیابته عنه فی کل الشؤون إلاّ ماخرج بالدلیل کونه من مختصاته (علیه الصلاة والسلام).

أما أداء غیر الإمام ونائبه من سائر المکلفین فلیس بواجب، إلا إذا انطبق علیه عنوان موجب من أمر بمعروف أو نهی عن منکر أو عنوان مستحب، مثل قوله (علیه السلام): Sعون الضعیف صدقةR، والتعاون علی البر وما أشبه ذلک.

والمراد بالدین فی المقام أعم من الحق والمال.

27: أداء الشهادة

27: أداء الشهادة

قال سبحانه: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهیدَیْنِ مِنْ رِجالِکُمْ، فَإِنْ لَمْ یَکُونا رَجُلَیْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَکِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرَی وَ لا یَأْبَ الشُّهَداءُ إذا ما دُعُوا﴾((3)).

فإنه یجب أداء الشهادة للشاهد فی حقوق الناس علی نحو الکفایة، کما قال سبحانه، إذا عرف من الشرع عدم إرادة تضییعه، أما إذا کان ضحلاً فلا، کما إذا کان حق زید علی عمرو بمقدار فلس أو احمرار الجسد مقدار أنملة من ضربه له أو ما أشبه ذلک، لانصراف الأدلة عن

ص:23


1- الوسائل: ج17 ص548 الباب 3 من ولاء الضمان ح4
2- البحار: ج27 ص244 الباب 13 من الإمامة
3- سورة البقرة: الآیة 282

مثله، وإنما قلنا علی نحو الکفایة، لأن المفهوم من الآیة إرادة وصول الحق إلی ذی الحق، وذلک یتحقق بالکفایة، أما حقوق الله سبحانه فلا دلیل علی الوجوب، ولا إطلاق للآیة، بقرینة السیاق حیث إنها فی حقوق الناس، نعم إذا عرف ولو من ارتکاز المتشرعة الأهمیة وجب.

وإنما أقول بالوجوب عند الارتکاز، لأن الارتکاز لا یکون إلا انعکاساً لحکم شرعی فیما إذا لم یعلم أن الارتکاز إنما حصل من فتوی الفقیه أو ما أشبه ذلک، حیث إن فتوی الفقیه قد یوجب الارتکاز فلا یکون دلیلاً علی الوجوب أو الحرمة فی مقامهما.

28: أداء مال الغیر

28: أداء مال الغیر

یجب أداء مال الغیر الذی حصل الإنسان علیه سواء بأمانة أو عاریة أو إجارة أو غصب أو غیر ذلک، لکن الأداء من باب حرمة حبس حقوق الناس والتصرف فی أموالهم، فإنه Sلا یحل مال امرئ إلاّ بطیب نفسهR((1)).

قال سبحانه: ﴿لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ إلاّ أن تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْکُمْ﴾((2)).

ومثل المال حقه کحق التحجیر علی المشهور، ومنفعته کإجارة الدار التی له، وانتفاعه کانتفاعه من غرفته الموقوفة فی المدرسة والحسینیة، وملک أن یملک کما لو منع الصیاد عن الاصطیاد أو ما أشبه ذلک، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الغصب.

وقد أشار إلی ذلک الشیخ المیرزا حبیب الله (رحمه الله) وبعض آخر، فإن (ملک أن یملک) نوع من الحق وإن لم یکن کسائر الأملاک العینیة.

29: الاستئذان فی الدخول

29: الاستئذان فی الدخولقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لِیَسْتَأْذِنْکُمُ الَّذینَ مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ وَالَّذینَ لَمْ یَبْلُغُوا الْحُلُمَ

ص:24


1- المستدرک: ج3 ص146 الباب 1 من الغصب ح5
2- سورة النساء: الآیة 29

مِنْکُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحینَ تَضَعُونَ ثِیابَکُمْ مِنَ الظَّهیرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَکُمْ لَیْسَ عَلَیْکُمْ وَلا عَلَیْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَیْکُمْ بَعْضُکُمْ عَلی بَعْضٍ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمُ الْآیاتِ وَاللَّهُ عَلیمٌ حَکیمٌ﴾((1)).

فإنه یجب علی العبید سواء بلغوا الحلم أو لم یبلغوا، وعلی الأطفال لکن بشرط التمییز فیهما کما هو المنصرف من الآیة، أن یستأذنوا إذا أرادوا الدخول.

والحاصل: إنه یعتبر أن یکون الأمر من باب العورة کما فی الآیة المبارکة، وغیر الممیز لا عورة بالنسبة إلیه، کما أن الممیز قبل البلوغ عورة بالنسبة إلیه، والظاهر أن الاستئذان فی الأوقات الثلاثة من باب المتعارف، وإلا الاعتبار بالعورة فمن ینام مثلاً فی الصباح أو فی العصر یکون حکمه کذلک، کما هو المتعارف عند مثل الذین ینامون فی هذه الأوقات بسبب عمل أو تعب أو ما أشبه ذلک.

ثم الظاهر أن الحکم عام بالنسبة إلی الأب والأم، وبالنسبة إلی الابن والبنت والأحفاد، فإن فی جملة منها الملاک وإن لم یکن النص شاملاً لها.

ولا فرق بین المسلم والکافر، وإن ورد فی الکافر أنه عورته کعورة الحمار، لکن احتملنا أن یکون ذلک من باب عدم الاحترام لا من باب النظر، ولذا لا تجد من یفتی بالنظر إلی عورة الکافر سواء کان رجلاً أو امرأةً.

وحیث إن المیزان العوریة کما عرفت فلا حد للامتداد فیه، بل المیزان هی، ولا فرق فی الأطفال بین ما للوالدین وغیرهم بعد ما عرفت من المیزان المذکور.

ص:25


1- سورة النور: الآیة 58

وفی الحدیث عن الصادق (علیه السلام): Sیستأذن الرجل إذا دخل علی أبیه ولا یستأذن الأب علی الابن،((1)) ویستأذن الرجل علی ابنته وأخته إذا کانتا متزوجتینR((2)).

ولعل قوله: (ولا یستأذن الأب علی الابن) من باب السالبة بانتفاء الموضوع حیث إنه لا یتعارف دخول الأب علی الابن.

أقول: لکن عدم استئذان الأب علی الابن یجب أن یخصص بعدم العوریة، لوضوح أنه مع العوریة یلزم الإذن، فکأن الإمام (علیه الصلاة والسلام) ذکر الغالب.

30: الاستئذان من النبی (صلی الله علیه وآله)

30: الاستئذان من النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإذا کانُوا مَعَهُ عَلی أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ یَذْهَبُوا حَتَّی یَسْتَأْذِنُوهُ إنَّ الَّذینَ یَسْتَأْذِنُونَکَ أُولئِکَ الَّذینَ یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوکَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ أن اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((3)).

فإن ظاهر الآیة وجوب الاستئذان نفسیاً عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی التفرق عن الأمر الجامع، ولا یبعد أن یکون المراد بالأمر الجامع ولو بالملاک الأعم مما یقتضی الإذن من الحاکم فی العرف، والنبی (صلی الله علیه وآله) مخیر فی الإذن وعدمه حسب ما یراه صلاحاً.

وتعدی ذلک إلی الإمام ظاهر، بل لا یبعد التعدی إلی کل حاکم عادل یحکم بحکمهم (علیهم الصلاة والسلام)، لأن فی التفرق بدون الإذن الخلل والفتور فی الأمر الجامع، بل ذکرنا فی کتبنا الفقهیة لزوم اتباع الأمة لشوری الفقهاء فی کل ما یصدرونه بأکثریة الآراء، لأن ذلک مقتضی قوله (علیه الصلاة والسلام): Sجعلته حاکماًR((4)) وغیره، سواء فی الأمور الاقتصادیة أو الاجتماعیة أو السیاسیة أو التربویة أو سائر الشؤون.

أقول: بل ذلک مقتضی قوله سبحانه: Pأمرهم

ص:26


1- الوسائل: ج14 ص158 الباب 119 من النکاح ح1
2- الوسائل: ج14 ص158 الباب 120 ح1
3- سورة النور: الآیة 62
4- الوسائل: ج18 ص98 الباب 11 ح1

شوریO((1))، وقوله سبحانه: Pشاورهم فی الأمرO((2))، فإن الملاک فی المقامین واحد.

کما أن القضاء من شؤون الحکم، کما أن الحاکم یجب علیه الأدب، فإن ذلک من شؤون الحکم، ویدل علی ذلک بالإضافة إلی القاعدة الکلیة جملة من الروایات:

مثل روایة أبی بصیر، قال: قلت له (علیه السلام): آکل الربا بعد البینة، قال: Sیؤدب فإن عاد أدب، فإن عاد قتلR((3)).

وقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أن القتل فی الرابع.

ومن الکلام هنا یعرف سائر أحکام التأدیب من الأولیاء بالنسبة إلی المولی علیهم الذین فوض الشرع أمورهم إلی أولئک الأولیاء.

نعم استشکلنا فی القتل حتی فی المرة الرابعة فی أمثال هذه الأمور، لأن أمر القتل شدید، ووصول النوبة إلیه من أشکل الأمور فی غیر زمان حضور الإمام (علیه السلام) أو غیبته مع وجود شوری المراجع وسائر الشرائط.

31: إیذاء فاعل الفاحشة

31: إیذاء فاعل الفاحشة قال سبحانه: ﴿وَاللاَّتی یَأْتینَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِکُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْکُمْ فإنْ شَهِدُوا فَأَمْسِکُوهُنَّ فِی الْبُیُوتِ حَتَّی یَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ یَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبیلاً، وَاللَّذانِ یَأْتِیانِها مِنْکُمْ فَآذُوهُما فإن تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إنَّ اللَّهَ کانَ تَوَّاباً رَحیماً﴾((4)).

فإن الظاهر من الآیة الثانیة بقرینة الآیة الأولی أن الأمر فی الزانی والزانیة، وإن احتمل أن یکون المراد بها الأعم من الزنا واللواط والسحق، وإذا أردنا إبقاء الآیة علی ظاهرها فاللازم القول بوجوب الأذیة الأعم من الحد والتعزیر حیث تکون الأذیة من أنواع النهی

ص:27


1- سورة الشوری: الآیة 38
2- سورة آل عمران: الآیة 159
3- الوسائل: ج18 ص580 الباب 7 من بقیة الحدود ح2
4- سورة النساء: الآیة 15

عن المنکر، فمن الواضح أن الضغوط الاجتماعیة باللسان ونحوه توجب ارتداع فاعل المنکر، سواء کان رجلاً أو امرأة، زناً أو لواطاً أو سحقاً عن منکره، بل ولعله کذلک حال سائر المناکیر.

فإن الأمر إذا کان من باب النهی عن المنکر وجب، وکذلک إذا کان من باب الأمر بالمعروف، ثم إنه قد ورد فی بعض الروایات أن الحکم کان قبل نزول الحد نوعاً من الإیذاء، وذلک مما یؤید ما ذکرناه.

ومباشرة المرأة والغلام بدون الزنا واللواط وإنما بالملامسة وما أشبه ذلک لها نفس الحکم، إما لوحدة المناط بالنسبة إلی الزنا واللواط والسحق، وإما من باب النهی عن المنکر ونحو ذلک.

32: الأکل من الذبیحة فی موسم الحج

32: الأکل من الذبیحة فی موسم الحج

قال سبحانه: ﴿وَأَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوکَ رِجالاً وَعَلی کُلِّ ضامِرٍ یَأْتینَ مِنْ کُلِّ فَجٍّ عَمیقٍ لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَیَذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ فی أَیَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلَی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهیمَةِ الْأَنْعامِ فَکُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقیرَ﴾((1)).

فإن الأکل علی ما ذکره جماعة من الأصحاب واجب، وفی الروایات دلالة علی ذلک، فقد قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) لمعاویة: Sإذا ذبحت أو نحرت فکل وأطعم، کما قال الله تعالی: ﴿فَکُلُوا مِنْها﴾((2))R.

لکنا ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) ظهور الاستحباب بالنسبة إلی تثلیث الذبیحة.

أما سائر الآیات التی أمرت بالأکل کقوله سبحانه: ﴿فَکُلُوا مِمَّا ذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ إنْ کُنْتُمْ بِآیاتِهِ مُؤْمِنینَ﴾((3))، وقوله: ﴿ما لَکُمْ ألاّ تَأْکُلُوا مِمَّا ذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَکُمْ ما حَرَّمَ عَلَیْکُمْ﴾((4))، وغیر ذلک، فالظاهر أنه للإرشاد إلی الحلیة لا وجوب الأکل.

نعم لو لم یأکل الإنسان تشریعاً، أو أکل تشریعاً کان حراماً من جهة التشریع.

ولا یخفی أن قوله سبحانه Pعلی

ص:28


1- سورة الحج: الآیة 27 و28
2- الوسائل: ج10 ص142 الباب 40 من الذبح ح1
3- سورة الأنعام: الآیة 118
4- سورة الأنعام: الآیة 119

ما رزقناهم من بهیمة الأنعامO هو من باب أحد المصادیق الظاهرة، وإلا فذکر اسم الله فی کل الأیام لیسر لرزقهم من بهیمة الأنعام.

ثم الظاهر أن الذکر علی ما رزقهم بهیمة الأنعام أعم من أن یکون الإنسان آکلاً لها أو غیر آکل لها، کالذین یبتلون بالأمراض مما یسبب لهم أکل الطیور والأسماک ویضرهم أکل الحیوانات کالشاة والإبل والبقر وما أشبه.

وأما قوله: Pما لکم ألاّ تأکلوا مما ذکر اسم الله علیهO فإن ذلک تنبیه علی بطلان عادة الجاهلیین حیث ما کانوا یأکلون مما ذبح الإنسان وإن ذکر اسم الله علیه ویقولون إنه میتة الإنسان، بینما الحیوان المیت یأکلون منه باعتباره میتاً من قبل الله سبحانه، حیث أماته اله بغیر سبب.

34: الأمر بالمعروف

34: الأمر بالمعروف

قال سبحانه حکایة عن لقمان لابنه: ﴿یا بُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَأنه عَنِ الْمُنْکَرِ﴾((1))، وقال سبحانه: ﴿الَّذینَ إنْ مَکَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّکاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾((2))، وقال سبحانه: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلینَ﴾((3)).

ص:29


1- سورة لقمان: الآیة 17
2- سورة الحج: الآیة 41
3- سورة الأعراف: الآیة 199

وظاهر هذه الآیات الوجوب، وهو الذی فهمه المشهور، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب (الفقه).

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pوأمر بالمعروف وانهَ عن المنکرO یشمل الأمر والنهی باللسان وبالقلم وبالإشارة، کما أن (المعروف) قد یراد أنه معروف عرفاً، لکن الظاهر تخصیصه بما عرفه الشارع معروفاً، وکذلک بالنسبة إلی المنکر، کما ذکره بعض الفقهاء فی کتبهم.

33: أمر الأهل بالصلاة

33: أمر الأهل بالصلاة

قال سبحانه: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَیْها﴾((1)).

الظاهر أن هذا من أفراد الأمر بالمعروف، والتخصیص بالأهل لأنه آکد، کما أن الاصطبار علیها أیضاً إرشاد.

وقوله Pواصطبر علیهاO باعتبار أن الصلاة واجبة علی الإنسان فی کل یوم فی ثلاثة أوقات، صباحاً وظهراً ومغرباً، ومثل هذا الشیء یحتاج إلی الصبر، وإن کان کل أوامر الله تعالی وترک نواهیه یحتاج إلی الصبر.

35: الائتمار بالمعروف

35: الائتمار بالمعروف قال سبحانه: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْئتَمِرُوا بَیْنَکُمْ بِالمَعْرُوفٍ﴾((2)).

الظاهر أن الائتمار إرشادی لأنه هو الذی یراه العرف حیث تُعرض علیه الآیة المبارکة، فالواجب التراضی بینهما فی أخذ الأجرة وإعطاء الأجرة کما هی القاعدة فی سائر العقود.

أقول: المذکور فی الآیة المبارکة وإن کان ذکر الأجور، إلاّ أن الواضح أن ذلک من باب المصداق، وإلاّ فمطلق التعامل بینهما سواء کان بنحو الإجارة أو الصلح أو غیر ذلک یلزم أن یکون الائتمار بینهما بالمعروف، ولعل ذکر الإجارة من باب المصداق الظاهر.

36: الإیمان

36: الإیمان

قال سبحانه حکایة عن المؤمنین: ﴿رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِیاً یُنادی لِلْإیمانِ أن آمِنُوا بِرَبِّکُمْ فَآمَنَّا﴾((3))، وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْکِتابِ الَّذی نَزَّلَ عَلی رَسُولِهِ وَالْکِتابِ الَّذی أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾((4))، وقال تعالی: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَما أُنْزِلَ إلی إِبْراهیمَ وَإِسْماعیلَ وَإِسْحاقَ وَیَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِیَ مُوسی وَعیسی وَما أُوتِیَ النَّبِیُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، فإن آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا، وَأن تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فی شِقاقٍ فَسَیَکْفیکَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمیعُ الْعَلیمُ﴾((5)).

ص:30


1- سورة طه: الآیة 132
2- سورة الطلاق: الآیة 6
3- سورة آل عمران: الآیة 193
4- سورة النساء: الآیة 136
5- سورة البقرة: الآیة 136

إلی غیرها من الآیات الکثیرة والروایات المتواترة.

ومن الواضح وجوب الإیمان بالأصول، وقد دل علی ذلک العقل والنقل، کما ذکر مفصلاً فی الکتب الکلامیة.

وللإیمان مرکزان القلب واللسان، فإذا کان لسان بلا قلب فهو نفاق، وإذا کان قلب بلا لسان فهو کفر، قال سبحانه: ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ﴾((1))، أما العمل فلیس إلاّ من توابع الإیمان.

ثم إن الإیمان قد یکون بمعنی الإسلام، وقد یکون أخص منه، والإسلام بالمعنی الأعم واجب أیضاً، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإسلام دیناً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ﴾(أماأأنتمنتیبمت(2)).

نعم لا ینفع الإسلام بدون الإیمان فی الآخرة إذا کان عن عمد، وربما نفع إذا لم یکن عن عمد بأن کان جاهلاً بالإیمان، کما هو حال کثیر من المسلمین فی کثیر من العصور.

ویظهر من ملاک بعض الروایات الامتحان فی الآخرة، فالمسلم غیر المؤمن القاصر یمتحن أیضاً هناک، ویدل علیه بالإضافة إلی تلک الروایات، آیات عدم التعذیب حتی یبعث الرسول، والعقل بل الإجماع أیضاً.

وقد ذکرنا القلب واللسان وإن کان المعنی الأعم أعم منهما، حیث یشمل الأرکان أیضا، لکن ما یأتیه الإنسان بالأرکان لیس من الإیمان بالمعنی القلبی واللسانی، وإنما بمعنی آثار الإیمان، کالصلاة الجارحیة والإنفاق وما أشبه، فإنها کلها من لوازم الإیمان.

وأما قوله سبحانه: Pیا أیها الذین آمَنوا آمِنواO أی أظهرتم الإیمان أبطنوا الإیمان، حتی یکون إیمانکم إیماناً حقیقیاً لا ظاهریاً فقط، کما فی التفاسیر.

37: الاستئناس

37: الاستئناس

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ بُیُوتِکُمْ حَتَّی تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلی أَهْلِها ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ، فإن لَمْ تَجِدُوا فیها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّی یُؤْذَنَ لَکُمْ وَإنْ قیلَ لَکُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْکی لَکُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلیمٌ، لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ

ص:31


1- سورة النمل: الآیة 14
2- سورة آل عمران: الآیة 85

أن تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ مَسْکُونَةٍ فیها مَتاعٌ لَکُمْ وَاللَّهُ یَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَکْتُمُونَ﴾((1)).

الظاهر أنه واجب إرشادی لا مولوی.

وقوله سبحانه: Pفیها متاع لکمO من باب أن الإنسان لا یدخل البیوت إلا إذا کان فیها له متاع، والمراد بالمتاع إما المادی أو المعنوی أو الأعم منهما بأن احتاج إلی الاستراحة فی الظل أو ما أشبه ذلک.

38: إیواء المحدث

38: إیواء المحدث

تحریم ایواء المحدث، ففی صحیح یونس، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sلعنة الله والملائکة علی من أحدث حدثاً أو آوی محدثاًR((2)) وتتمة الحدیث: Sوتولی العبد غیر مولاهR قرینة علی الوجوب.

وتولی العبد غیر مولاه یراد به إما العبید والإماء الاصطلاحیان، أو المراد تولی غیر من وجب تولیه کالرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام).

ومن المحتمل أنه یرید به کلیهما، ففی الروایات إشارة إلیهما، ولا یکون ذلک من باب استعمال اللفظ فی أکثر من معناه، بل من باب الکلی بمصادیقه المختلفة.

ص:32


1- سورة النور: الآیة 27 _ 29
2- الوسائل: ج19 ص15 الباب 8 من القصاص فی النفس ح2

حرف الباء

1: التبتل

حرف الباء1: التبتل

قال سبحانه: ﴿وَاذْکُرِ اسْمَ رَبِّکَ وَتَبَتَّلْ إِلَیْهِ تَبْتیلاً﴾((1))، وفی آیة أخری: ﴿ادْعُونی أَسْتَجِبْ لَکُمْ﴾((2)).

لکن الظاهر أنه لم یقل بوجوب الدعاء أحد علی ما نجده فی کتب الأدعیة والفقه، ولعل المراد بالتبتل فی الآیة الکریمة هو الدعاء لا الخصوصیات المذکورة فی بعض الروایات.

مثل ما رواه محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام) حیث قال فی روایة: Sالتبتل الإیماء بالإصبع، والتضرع تحریک الإصبع، والابتهال تمد یدیک جمیعاًR((3)).

کما أن الظاهر أن التضرع والابتهال أیضاً یطلق علی مطلق الدعاء، فالفرق إنما هو من باب المستحب فی المستحب، ولعل أصل التبتل بمعنی الانقطاع ومنه البتول.

والتبتل قد یراد به الانقطاع الکامل حتی لا یجعل له شریکاً، وقد یراد به إحضار القلب إلی الله سبحانه فی قبال من لا یحضر قلبه عند الدعاء والضراعة، فإن أحدهما کمی

ص:33


1- سورة المزمل: الآیة 8
2- سورة غافر: الآیة 60
3- تفسیر البرهان: ج4 ص397 ح6

والآخر کیفی.

2: بذل لوازم المیت علی الزوج فی الدائمة

یجب بذل کفن الزوجة وسائر تجهیزاتها إذا ماتت علی زوجها، ویدل علیه بالإضافة إلی بعض الروایات فی الجملة، أنه من النفقة عرفاً، فیشمله أدلة النفقة، وقد ذکرنا تفصیله فی (الفقه).

ولا فرق فی ذلک بین ما یکون واجباً علی المیت کالکفن والحنوط وما أشبه، أو غیر واجب، بل اخترعه القانون الوضعی مثل أجرة القبر، فإن القبر مباح فی الإسلام، کما کان متعارفاً فی زماننا، بل هو متعارف إلی الآن فی بلاد الخلیج وغیر الخلیج، فالأرض لله ولمن عمرها.

أما فی المتعة فلا تجب نفقتها حیاً ولا میتاً علی الزوج، فلو فرضت أن للمتعة نفقة لم یکن الزوج أولی بالوجوب بل تکون النفقة علی المسلمین.

3: بذل المال لحفظ النفس والعرض والمال

3: بذل المال لحفظ النفس والعرض والمال

یجب بذل المال الذی یتوقف صیانة الدم أو العرض أو المال الکثیر علیه من باب قاعدة الأهم والمهم، وقاعدة Sلا ضررR وما أشبه، لوضوح أنه إذا أرید عرض امرأة أو رجل ودفع المتعرض بالمال قدم إعطاء المال له علی بذل عرضه أو عرضها.

وکذلک بالنسبة إلی المالین إذا کان حفظ أحدهما أهم وجوباً شرعیاً، وهکذا فی ما إذا أرید قتله أو قطع یده أو نحو ذلک، أما إذا لم یحرز الأهمیة فلا، کما إذا أراد جرحه جرحاً صغیراً بحیث لا یری عرف المتشرعة أنه من الإلقاء فی التهلکة وما أشبه.

ولا فرق فی النفس والعرض والمال بین نفسه وبین سائر متعلقیه، کولده وزوجته وأقربائه، بل وکذا یلزم البذل فی ما إذا أرید نفس أو عرض إنسان آخر أو ماله مما عرف من الشرع أهمیة حفظه.

ولا یخفی أن المراد بالعرض والنفس کل ما یتعلق بهما أیضاً، من بدن أو روح، وهتک بدن أو روح أو شرافة الزوجة، وسائر الأقسام من العرض، وذلک لأن الدلیل یشمل کل ذلک.

ص:34

4: البراءة من الکفار

4: البراءة من الکفارقال سبحانه: ﴿وَما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهیمَ لِأَبیهِ إلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أنّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إنَّ إِبْراهیمَ لَأَوَّاهٌ حَلیمٌ﴾((1)).

لکن لم أظفر فی کتب الفقه والفتوی بوجوب البراءة من أعداء الله سبحانه وتعالی وجوباً ذاتیاً وإن تکررت فی الروایات، والآیة المبارکة لا تدل علی ذلک بالمولویة وإن دلت علیها علی نحو الإرشاد والأسوة، وقد کتب الرضا (علیه السلام) إلی المأمون کما فی حسنة الفضل: Sوحب أولیاء الله واجب، وکذلک بعض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهمR((2))، والمسألة بعد محتاجة إلی التتبع والتأمل.

ومثل البراءة من الکفار والمشرکین البراءة من أهل البدع ونحوهم.

ولا یخفی أن البر غیر البراءة، فالروایة والآیة لا تنافیان قوله سبحانه: ﴿لا یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ لَمْ یُقاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ أن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطینَ، إِنَّما یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ قاتَلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَأَخْرَجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ وَظاهَرُوا عَلی إِخْراجِکُمْ أنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((3)).

هذا ولکن اشتهار عدّها فی فروع الدین العشرة ظاهر فی وجوبها کوجوب سائر التسعة.

ولا یخفی أن المراد بالکافر هو المنکر للألوهیة، أو للرسالة مطلقاً، أو لرسالة محمد (صلی الله علیه وآله)، أو للمعاد، أو لرسالة نبی معلوم رسالته کنبوة موسی وعیسی وإبراهیم (علیهم السلام)، أو ما أشبه ذلک علی ما ذکروه فی باب الکفر، وکذلک لضروری من ضروریات الدین بما یرجع إلی تکذیب رسول الله (صلی الله علیه وآله) علی ما ذکرناه فی (الفقه).

أما إذا لم یرجع إلی تکذیب رسول الله (صلی الله علیه وآله) فلیس ذلک من الضروریات الموجب إنکارها الکفر.

ص:35


1- سورة التوبة: الآیة 114
2- الوسائل: ج11 ص443 الباب 17 من الأمر والنهی ح16
3- سورة الممتحنة: الآیة 8 و9

5: الاستبراء

5: الاستبراء

لا دلیل علی وجوب الاستبراء بالبول بعد الجنابة، ولا علی الاستبراء بالخرطات بعد البول وجوباً نفسیاً، بل لا وجوب غیری له أیضاً، إذا تمکن من الصلاة وسائر الواجبات المشترطة بالطهارة بدون ذلک.

نعم استبراء الأمة شرط فی جواز الدخول، کما دل علیه النص والفتوی:

6: استبراء الأمة قبل البیع

6: استبراء الأمة قبل البیع

ورد عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی روایة حفص: Sفی رجل یبیع الأمة من رجل، علیه أن یستبرئ من قبل أن یبیعR((1)).

قال صاحب العروة: (کل من ملک أمة یجب علیه استبراؤها أی طلب براءة رحمها من الحمل، بأی نحو کان التملک من الشراء أو الهبة أو الصلح أو الاستغنام أو الاسترقاق أو نحو ذلک من أنحاء التملک، لحکمة عدم اختلاط الأنساب، بالإجماع والنصوص المتواترة، وهی وإن کانت معبرة بالشراء إلاّ أن الظاهر ملاحظة حکمة الحکم وفهم العلماء أنه من باب المثال.

أقول: حیث إن المسألة خارجة عن محل الابتلاء لا نفصل الکلام فی ذلک، وإن کان من الواضح أن ذلک حیث تکون الأمة موطوءة، أما إذا لم تکن موطوءة بسبب أنها کانت لامرأة مثلاً، غیر محللة ولا مزوجة من رجل، أو کانت صغیرة أو ما أشبه ذلک لم یکن هذا الحکم.

والظاهر أنه شرط لجواز البیع تکلیفاً ووضعاً، لا أنه واجب ذاتی کما هو الحال فی ما یذکر فی باب المعاملات.

أما من یرید التزوج بامرأة کانت زوجة الغیر ودخل بها بدوام أو متعة فالواجب علیها حفظ نفسها فی عدتها، کما لا یجوز للرجل الثانی وطیها ولا نکاحها وهی فی العدة.

ص:36


1- الوسائل: ج13 ص36 الباب 10 من بیع الحیوان ح2

7: التبشیر

7: التبشیر

قال سبحانه: ﴿والَّذینَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أن یَعْبُدُوها وَأَنابُوا إلی اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْری، فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِکَ الَّذینَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِکَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾((1)).

ظاهر الآیة کآیات أخر وجوب التبشیر کوجوب الإنذار حیث عبر عنه بالتبشیر أیضاً من باب المشاکلة، قال سبحانه: ﴿بَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلیمٍ﴾((2))، وحیث یجب الاقتداء بالنبی (صلی الله علیه وآله) فی غیر مختصاته، ومختصاته مستثناة، فما لم یعلم أنها منها وجب علی الجمیع، فالأمر وإن کان ظاهراً فی التوجیه إلیه لکنه عام.

والظاهر أنه کفائی لا عینی، لوضوح أن العلة تقریب الطرف إلی الطاعة، وتبعیده عن المعصیة، ولعل منه یستفاد المقدمیة أیضاً، والله العالم.

ثم قوله سبحانه: Pیتبعون أحسنهO الظاهر أنه من باب الاستحباب اختیار الأفضل، وکذلک قوله سبحانه: Pوَأمُرْ قَوْمَکَ یَأخُذُوا بِأحْسَنِهاO((3)) وإلا فلیس من الواجب اختیار الأحسن فیما یکون الجمیع واحبات أو مستحبات، وإن کان بینها مراتب.

8: الاستبشار

8: الاستبشار

قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنینَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فی سَبیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَیُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْراةِ وَالْإِنْجیلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفی بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذی بایَعْتُمْ بِهِ وَذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظیمُ﴾((4)).

والمستفاد عرفاً من الآیة أنه إرشادی لا أنه واجب، ومثله بعض الآیات الأخر الواردة

ص:37


1- سورة الزمر: الآیة 17 و18
2- سورة آل عمران: الآیة 21
3- سورة الأعراف: الآیة 145
4- سورة التوبة: الآیة 111

بصیغة الأمر، مثل: ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾((1))، أما احتمال أن یکون واجباً تعبدیاً من جهة أن الاستبشار محفز للطاعة أکثر فأکثر ومنفر عن المعصیة کذلک فهو بعید.

لأن مثل هذا التحفیز للطاعة والتنفیر عن المعصیة لیس بواجب، ولم أجد من قال بالوجوب فی أحدهما أو فیهما، ولا لا تفصیل فی المسألة هنا.

9: بعث الحکمین

9: بعث الحکمین

قال سبحانه: ﴿وَإنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَیْنِهِما فَابْعَثُوا حَکَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَکَماً مِنْ أَهْلِها إنْ یُریدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللَّهُ بَیْنَهُما إنَّ اللَّهَ کانَ عَلیماً خَبیراً﴾((2)).

قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الطلاق، ولذا لا نفصل المسألة هنا.

أقول: ولذا لم یقل أحد بوجوب هذه الکیفیة ولا سیرة علی ذلک إلی یومنا هذا، والحکم سواء من أهله أو أهلها یمکن أن یکون رجلاً أو امرأة أو خنثی، ولو قیل بالانصراف إلی الرجل قلنا إنه بدائی.

10: بعث الزانیة الکتابیة إلی أهلها

10: بعث الزانیة الکتابیة إلی أهلها

ورد عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی موثقة السکونی، عن آبائه (علیهم السلام): Sإن محمد بن أبی بکر کتب إلی علی (علیه السلام) فی الرجل زنا بالمرأة الیهودیة والنصرانیة، فکتب إلیه: Sإن کان محصناًR إلی أن قال: Sوأما الیهودیة فابعث بها إلی أهل ملتها فلیقضوا فیها ما أحبواR((3)).

والظاهر أنه تخییری لا أنه تعیینی للأدلة العامة، حیث إن للحاکم أن یحکم فی أهل الکتاب علی نحو مذهبنا، أو علی نحو مذهبهم، أو أن یسلمه إلیهم حتی یحکموا فیه علی نحو مذهبهم کما ذکرنا ذلک فی بعض مباحث (الفقه).

ولا یبعد أن یکون الأمر کذلک فی کل أهل دین وإن لم یکن من أهل الکتاب، وذلک لقاعدة الإلزام وغیرها، وعلیه فلیس

ص:38


1- سورة فصلت: الآیة 30
2- سورة النساء: الآیة 35
3- الوسائل: ج18 ص360 الباب 8 من حد الزنا ح5

الأمر خاصاً بالزانیة، وإنما یجری فی الزانی منهم وغیرهما بالنسبة إلی سائر المعاصی والمنکرات.

أقول: ومن ذلک یعرف فی المجوسی وأصحاب القوانین، کما هو متعارف فی الحال الحاضر، لکن قاعدة الإلزام تقتضی عدم وجوب البعث فی أصحاب القوانین حیث تعارف عندهم الزنا.

11: بعث الهدی للمحصور

11: بعث الهدی للمحصور

قال سبحانه: ﴿وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَکُمْ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ﴾((1))، فإن من یعجز عن إتمام الحج والعمرة لابد له من بعث الهدی إلی منی فی الأول أو إلی مکة فی الثانی، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ثم من الواضح أن هذا الحکم لا یرتبط بالنساء حیث إنه لا حلق لهن، ولا یبعد أن یکون التقصیر فی من یرید التقصیر مثل الحلق، للاختیار بینهما حتی بالنسبة إلی الصرورة، کما قال سبحانه: Pمحلقین رؤوسکم ومقصرینO((2)) وقد ذکرنا ذلک فی کتاب الحج مفصلاً.

12: بغض أعداء الله

قد تقدم الکلام فی ذلک فی البراءة من الکفار، ومن الواضح أن البغض غیر البراءة، فالبغض قلبی والبراءة منصرفة إلی الظاهر، وإن کان مبعثها القلب.

ولا یخفی أن عدو الله یشمل منکر أصل من أصول الدین کالألوهیة أو الرسالة العامة أو الخاصة أو المعاد، کما یشمل کل من یخالف الضروری الذی یرجع إلی تکذیب رسول الله (صلی الله علیه وآله) کما حققه مصباح الفقیه وغیره.

13: ابتغاء الوسیلة إلی الله

13: ابتغاء الوسیلة إلی الله

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسیلَةَ﴾((3)).

والمراد بابتغاء الوسیلة عمل وقول وفکر ما یوجب البلوغ إلی مرضاة الله سبحانه

ص:39


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- سورة الفتح: الآیة 27
3- سورة المائدة الآیة 35

وتعالی، سواء کان بالواجبات أو المستحبات أو ما أشبه، أو بتسبیب الصالحین من أولیائه سبحانه کالأنبیاء والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) إلیه، وهل ذلک من الواجبات أو الأمر إرشادی، لا یبعد الأول بالنسبة إلی الثانی، والثانی بالنسبة إلی الأول للمناسبة المغروسة فی الأذهان، أما کونه مولویاً بالنسبة إلی توسیط الصالحین فلأنه یوجب الأمن من الضرر الکثیر، والعقل ملزم بذلک وإن کانت المسألة بعد محل تأمل.

ولا یخفی أن ابتغاء الوسیلة إرشادی، إذ لیس فوق ما ذکروه فی کتاب أصول الدین واجب مثل ابتغاء الوسیلة، ولهذا لم یذکر أحد وجوبه، والإرشادی فی الواجبات إرشادی واجب، وفی المستحبات إرشادی مستحب.

ولا یخفی أن ابتغاء الوسیلة أعم من الإیجابی والسلبی من الفعل والترک، وإن کان المنصرف منه حسب الظاهر الإیجابی، لکن العلة تکون أعم منهما.

14: الابتغاء من فضل الله

14: الابتغاء من فضل اللهقال سبحانه: ﴿فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾((1)).

الابتغاء من فضل الله علی نحو الإرشاد، حتی یکتسب کل کاسب ما یغنیه لأجل نفقاته، فهو من أبواب الکسب، وله حالته من الوجوب المقدمی أو الاستحباب.

ولا یخفی أن الکسب أعم من المعاملات، ومن حیازة المباحات کصید السمک أو الأخذ من الملح فی المعدن أو قطع الشجر أو الثمار فی الغابة، واللازم أن لا یکون ذلک بأکثر مما ذکر فی قوله سبحانه: Pخلق لکمO((2))، کما فصلنا ذلک فی کتاب الاقتصاد.

15: البکاء

15: البکاء

قال الله سبحانه: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَکَرِهُوا أن یُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فی سَبیلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِی الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ کانُوا یَفْقَهُونَ فَلْیَضْحَکُوا قَلیلاً وَلْیَبْکُوا کَثیراً جَزاءً بِما کانُوا یَکْسِبُونَ﴾((3)).

ص:40


1- سورة الجمعة: الآیة 10
2- سورة البقرة: الآیة 29
3- سورة التوبة: الآیة 81 _ 82

الظاهر أنه للتهدید والتخویف والإرشاد، لا أن ذلک من الواجبات، إلاّ أن یکون المراد بذلک التوبة فیکون کنایة عن وجوب التوبة علیهم، والظاهر أنه لا خصوصیة لذلک بالمخلّفین، بل لکل عاص، وإن کانت المراتب تختلف من معصیة إلی معصیة.

وکذلک بالنسبة إلی ترک الواجبات مع الاختلاف فی واجب عن واجب، لاختلاف مراتبها.

ثم إنی لم أجد من ذکر أن فرح المخلفون شیء حرام، بل هو صفة سیئة حیث تدل علی عدم الاعتناء بالله وأحکامه وبسوء المصیر، فتأمل.

16: إبلاغ المشرک إلی مأمنه

16: إبلاغ المشرک إلی مأمنه قال سبحانه: ﴿وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکینَ اسْتَجارَکَ فَأَجِرْهُ حَتَّی یَسْمَعَ کَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْلَمُونَ﴾((1)).

یجب إجارة الکافر مشرکاً کان أو غیر مشرک، وإنما ذکر المشرک فی الآیة المبارکة من باب المثال، للملاک المستفاد عرفاً من ذلک، لیسمع القرآن أو الأحکام لوحدة الملاک، فإن أسلم بعد ذلک فهو وإلا فلا یجوز قتله بعد إجارته، بل یجب إبلاغه إلی محل یأمن فیه علی نفسه من المسلمین، فإن بقی وغیرهم علی کفره کان حکم قتله ما ذکر فی باب الکفار.

ولا خصوصیة له بالنبی (صلی الله علیه وآله) فیلحق به الأئمة (علیهم الصلاة والسلام)، بل کل حاکم شرعی وإن لم یکن معصوماً بعد أن یکون نائباً عنهم (علیهم الصلاة والسلام) فیجب علیه إجارة من یطلب الحق.

وکما یحرم علی النبی (صلی الله علیه وآله) إیذاء الکافر وأخذ ماله وقتله حین کونه عندهم بدون الشرائط المتوفرة فی باب الجهاد، کذلک یحرم علی آحاد المسلمین ذلک.

ولا یلزم الإبلاغ إلی المأمن بخصوصه، بل إذا کان هو یرجع إلی مأمنه یکفی ذلک، ولعل الأمر بالابلاغ من جهة الخوف علیه إذا لم یکن معه بعض المسلمین أن یقتله أو یؤذیه بعض من فی الطریق ممن لا یعلم بذلک.

وبذلک یظهر أنه لا یجوز للذاهب إلی بلاد الکفر أن یأخذ من أموالهم غیلة، أو أن یطأ نساءهم بدون الموازین الشرعیة، لتوهم أنه یقصد تملکهم، أو یأخذ أولادهم أو نساءهم عبیداً

ص:41


1- سورة التوبة: الآیة 6

وإماءً وإن کان له سیطرة ذلک، لأن کل ذلک لا یجوز إلا بالموازین المقررة فی باب الجهاد.

نعم قد ذکرنا فی کتاب النکاح أنه یجوز أن ینکح الکتابیات ولو بدون اللفظ، مثل الکتابة عند محاکمهم أو ما أشبه ذلک إذا صدق النکاح علیه، کما هی عادتهم فی بعض البلاد.

والاحتیاط إجراء العقد إما بینهما وإن کان أحدهما کافراً، أو بالاستیکال منه لإجراء العقد بنفسه لهما أو ما أشبه ذلک بسبب الوصول إلی البلاد الإسلامیة بالمخابرة وتوکیل عالمین بإجراء العقد لهما أو ما أشبه.

17: تبلیغ ما أنزل علی النبی (صلی الله علیه وآله)

17: تبلیغ ما أنزل علی النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ﴾((1)).

والظاهر أن الحکم لیس خاصاً بالرسول (صلی الله علیه وآله)، بل التبلیغ واجب علی کل إنسان علی نحو الکفایة، لأن الغرض وصول الحکم إلی الناس، والآیة وإن کانت خاصة مورداً بنصب علی (علیه السلام) إلاّ أنها عامة وارداً، مثل قوله سبحانه: ﴿فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإلی رَبِّکَ فَارْغَبْ﴾((2))، إلی غیر ذلک.

و(الله یعصمک) لا یخصصها ولو من جهة الملاک، وعلی هذا فلا فرق بین تبلیغ المسلم والکافر، فإن المسلمین أیضاً محتاجون إلی التبلیغ لأصول الدین أو فروعه، ومثل ذلک قوله سبحانه: ﴿وَإنْ ما نُرِیَنَّکَ بَعْضَ الَّذی نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّیَنَّکَ فَإِنَّما عَلَیْکَ الْبَلاغُ وَ عَلَیْنَا الْحِسابُ﴾((3)).

ثم إن الظاهر أن التبلیغ الواجب منه هو القدر المتعارف، لا أنه یلزم علی الإنسان أن یذهب إلی کل بیت بیت ویبلغ، وإن کان ذلک جائزاً إذا لم یکن موجباً للوهن وما أشبه ذلک، کما یفعله المسیحیون فی بعض البلاد الغربیة علی ما نقل.

ولا فرق فی ذلک بین أن یکون الکافر کتابیاً أو غیر کتابی، وأن یکون المسلم صحیح العقیدة أو فاسد العقیدة، للإطلاق والملاک

ص:42


1- سورة المائدة: الآیة 67
2- سورة الشرح: الآیة 7 و8
3- سورة الرعد: الآیة 40

وجملة من الروایات.

18: ابتلاء الیتامی

18: ابتلاء الیتامی

قال سبحانه: ﴿وَابْتَلُوا الْیَتامی حَتَّی إذا بَلَغُوا النِّکاحَ فإن آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ﴾((1))، والظاهر أن ذکر الیتامی من باب المثال، وإلا فحتی الأب والجد إذا کان عندهما مال الطفل وجب دفعه إلیه عند بلوغه الرشد.

کما أن الظاهر أنه واجب غیری لا نفسی، لأن المیزان معرفة بلوغ الیتیم ورشده، فإذا عرفا من غیر ابتلاء کفی.

ثم الظاهر أنه لا یجب حفظ عین المال کالنقود مثلاً، کما ذکرنا مثل ذلک فی الفقه فی باب الأمانة، ولهذا تعد البنوک أمینة إذا ردت قدر المال وإن لم یکن عینها.

نعم فی بعض الأشیاء یعتبر عرفاً العین، کالدور والعقار والعیون وما أشبه ذلک.

أما القسم الثالث کالقماش ونحوها فلا یستبعد أن یکون کالنقد، وإن کان الاحتیاط ملاحظة العین.

وإذا شک فی البلوغ ولم یعرف بالاختبار فالاستصحاب یقتضی بقاء عدمه.

19: بناء الکعبة المشرفة وسائر الشعائر التی من قبیلها کالمسجدین والقدس ومسجد الکوفة وأضرحة الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)

19: بناء الکعبة المشرفة وسائر الشعائر التی من قبیلها کالمسجدین والقدس ومسجد الکوفة وأضرحة الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام).

والظاهر أنه واجب کفائی علی عامة المسلمین، لأن فی ذلک إبقاءً لشعائر الإسلام، قال سبحانه: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْکَعْبَةَ الْبَیْتَ الْحَرامَ قِیاماً لِلنَّاسِ﴾((2)).

بل یستفاد ذلک من بعض الروایات أیضاً: مثل قول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح عبد الله بن سنان: Sلو عطل الناس الحج لوجب علی الإمام أن یجبرهم علی الحج، إن شاؤوا وإن أبوا، فإن هذا البیت إنما وضع للحجR((3)).

وقال (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح هشام ومعاویة وغیرهما: Sلو أن الناس ترکوا

ص:43


1- سورة النساء: الآیة 6
2- سورة المائدة: الآیة 97
3- الوسائل: ج8 ص15 الباب 5 من وجوب الحج ح1

الحج لکان علی الوالی أن یجبرهم علی ذلک وعلی المقام عنده، ولو ترکوا زیارة النبی (صلی الله علیه وآله) لکان علی الوالی أن یجبرهم علی ذلک وعلی المقام عنده، فإن لم یکن لهم أموال أنفق علیهم من بیت مال المسلمینR((1)).

وذلک من تعظیم الشعائر، وهو واجب کما یستفاد من أخیر الآیة المبارکة، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَی الْقُلُوبِ﴾((2)).

والظاهر أن ذلک واجب علی الوالی ابتداءً لأنه المسؤول الأول عن الشعائر الإسلامیة العامة کما ذکرناه فی فقه السیاسة، وإنما یصیر واجباً کفائیاً إذا لم یقم الوالی به، وهو مثل غسل المیت وسائر أموره حیث یجب ابتداءً علی الورثة، فإن لم یقوموا قام به سائر الناس کفایةً، علی تفصیل ذکرناه فی غسل المیت.

ثم الظاهر أن کلاً من البناء المادی والمعنوی یجب أن یکون حسب المتعارف مع ملاحظة الزمان والمکان وسائر الشرائط، لأنه المنصرف من إطلاق الأدلة، فإذا لم یکن المتعارف أن یکون ثوب الکعبة من الجلود المدبوغة کما ربما ذکر من فعل هاجر (علیها السلام) لم یجز ذلک.

ثم الظاهر أنه لا یجوز بناء الکعبة المشرفة والمسجدین والقدس وما أشبه ذلک بسبب الکفار، وإن کانوا أکثر إتقاناً وأجمل بناءً، للأصل.

20: بهت أهل البدع

20: بهت أهل البدع

ورد فی الصحیح عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sإذا رأیتم أهل الریب والبدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم وأکثروا من سبهم والقول فیهم والوقیعة وباهتوهم کی لا یطمعوا فی الفساد فی الإسلام، ویحذرهم الناس ولا یتعلموا من بدعهم، یکتب الله لکم بذلک الحسنات، ویرفع لکم به الدرجات فی الآخرةR((3)).

ومن الواضح أن تلک من باب المقدمة، ولیست واجبات نفسیة، وذیل الحدیث وإن کان

دالاً علی الاستحباب إلاّ أنه من جملة أقسام النهی عن المنکر، فإن الواجب الوقوف أمام أهل البدع والریب لمنعهم عن النفوذ بکل وسیلة وسبب، والسبّ والوقیعة والبهت وإن کانت محرمات إلاّ أن الأمر دائر بین الأهم والمهم.

ص:44


1- الوسائل: ج8 ص16 الباب 5 من وجوب الحج ح2
2- سورة الحج: الآیة 32
3- الوسائل: ج11 ص508 الباب 39 من الأمر بالمعروف ح1

21: البیتوتة بمنی

21: البیتوتة بمنی

إنها واجبة علی الحاج أیام التشریق، وحیث ذکرنا المسألة مفصلة فی کتاب الحج لا داعی إلی تکرارها.

ومن غیر الخفی أن الأمر بالنسبة إلی الصغیر یعود إلی الولی فی ما لم یتمکن الصغیر العمل بنفسه، فإن الحج خصص فی الشریعة بجواز إتیانه من الصغیر حتی من أیامه الأول.

22: بیع الحیوان الموطوء

22: بیع الحیوان الموطوء

قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحدود، فلا داعی إلی تکراره.

23: البیتوتة عند الزوجة

23: البیتوتة عند الزوجة

فإنها واجبة علی تفصیل ذکرناه فی کتاب النکاح.

24: التبیین

24: التبیین

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا کَذلِکَ کُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَتَبَیَّنُوا﴾((1))، وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أنْ تُصیبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَی ما فَعَلْتُمْ نادِمینَ﴾((2)).

الظاهر أن التبیین فی الآیتین واجب غیری،

ص:45


1- سورة النساء: الآیة 94
2- سورة الحجرات: الآیة 6

لتوقف الواجب علیه، فإذا لم یتوقف الواجب علیه لم یکن واجباً بنفسه.

ومن ذلک یعرف أن قوله سبحانه: ﴿إِذا ضَرَبْتُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ﴾((1)) علی سبیل المثال لا الخصوصیة، وقد ذکرنا فی الأصول فی آیة النبأ تفصیلاً فمن شاء فلیرجع إلیه.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pتبتغون عرض الحیاة الدنیاO لیس علی نحو العمومیة، فالقول بأنک لست مؤمناً لا یجوز وإن لم یکن من جهة ابتغاء القائل عرض الحیاة الدنیا.

25: البیع

25: البیعالظاهر وجوب البیع والشراء وسائر أنواع الاکتساب والحیازة لأجل قوت نفسه وقوت واجبی النفقة وما أشبه من باب المقدمة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه).

26: بیع العبد المسلم علی الکافر

واجب کفائی حسب ما یستفاد مما ورد من الروایات التی ذکرنا بعضها فی الفقه، وحیث إنه واجب مقدمی لا فرق بین البیع وسائر أنحاء النقل، لأن المقصود عدم بقاء العبد المسلم عنده، وذلک یحصل بکل أنواع النقل.

والظاهر أنه إذا لم یستعد الکافر، لا لأن یسلم حتی ینقضی الموضوع، ولا لأن ینقل بأی نوع من النقل، ولم یکن کالمشرف علی الموت حیث تنتهی المشکلة، وجب إجباره بسبب الحاکم الشرعی.

ولا یخفی وجود العبید حتی فی زماننا، فقد رأیت إحصاءً فی عالم الیوم ملیون من العبید((2)).

والمراد الأعم من الأمة والرجل، کما أنه لا فرق فی العبد والأمة بین أن یکون کبیراً أو صغیراً، عاقلاً أو مجنوناً، لإطلاق الأدلة.

ص:46


1- سورة الحجرات: الآیة 1
2- ویکون الاستعباد الیوم عبر العصابات والدول الاستعماریة للشعوب المظلومة وبمختلف العناوین

حرف التاء

1: متابعة الإمام فی الصلاة

حرف التاء

1: متابعة الإمام فی الصلاة

هی من الواجبات الشرطیة، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الصلاة.

ولا یخفی أن المراد بکونه واجباً شرعیاً مع إرادة البقاء مأموماً، وإلاّ فمع العدول فی ما یجوز لم یکن ذلک واجباً شرعیاً

2: متابعة النبی الأکرم وآله المعصومین )صلوات الله علیهم أجمعین(

2: متابعة النبی الأکرم وآله المعصومین (صلوات الله علیهم أجمعین).

قال سبحانه: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ الَّذی یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَکَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ﴾((1))، وقال سبحانه: ﴿ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾((2)).

والظاهر أن ذلک مثل: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَ أَطیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الأمر مِنْکُمْ﴾((3)) للارشاد، لأنه لا حکم جدید سوی الأحکام الأولیة.

وقد ذکر فی الروایات أن المراد بأولی الأمر المعصومون (علیهم الصلاة والسلام) أما إطاعة حکام الشرع العدول کالشیخ المرتضی والمقدس الأردبیلی ومن أشبه فذلک من باب العمل بالأحکام الشرعیة، ولا خصوصیة للإطاعة.

کما أنه إذا ثبت ورود شیء عن سائر

ص:47


1- سورة الأعراف: الآیة 158
2- سورة الحشر: الآیة 7
3- سورة النساء: الآیة 59

الأنبیاء کموسی وعیسی (علیهم السلام) ولم یخالف ذلک فی الإسلام، بأن لم یکن الإسلام ناسخاً له وجب الاتباع.

کما أنه یستحب اتباع المستحبات الواردة عنهم، ولذلک أکثر فقهائنا فی الکتب الفقهیة والروائیة من النقل عنهم (صلوات الله علیهم أجمعین).

3: إتلاف مادة الفساد

3: إتلاف مادة الفساد

یجب إتلاف مادة الفساد، کالقمار وآلات اللهو والصلیب وما أشبه، کما یجب إتلاف الخمر وغیرها من المحرمات من باب النهی عن المنکر ودفعه.

وفیه بعض الروایات الخاصة، بالإضافة إلی الإطلاقات، کما ذکرنا ذلک فی مبحث الأمر بالمعروف وغیره، نعم ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أنه لو لم یرد الخمر للحرام بل للحلال کإلقائها فی بالوعته التی ملئت بالدیدان مما تقتلها الخمر ونحو ذلک، لم یجز التصرف فیها لا بالإتلاف ولا بغیره لحق الاختصاص بعد انصراف الأدلة عن مثل ذلک.

ومنه یعرف أنه لا یجوز إتلاف القمار وآلة اللهو والصلیب والخمر وما أشبه ذلک إذا کانت عند الکفار، فإن القانون بالنسبة إلیهم: Sألزموهم بما التزموا بهR.

وکذلک لا یجوز إتلافه فیما إذا کان مختلفاً فیه بین الفقهاء، وکان یری الذی یرید الإتلاف الحرمة، والحاصل: إنه یلزم موازین الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وما أشبه ذلک، ولیس الأمر علی إطلاقه.

4: إتمام الحج

4: إتمام الحج

یجب إتمام الحج، صحیحاً کان أو فاسداً، وکذلک العمرة بالأدلة التی ذکرناها فی کتاب الحج.

قال سبحانه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾((1)).

ولا یخفی أن قول بعض الفقهاء بأن الآیة دلیل علی وجوب العمرة کوجوب الحج غیر ظاهر، فإن الإتمام غیر الشروع.

ص:48


1- سورة البقرة: الآیة 196

5: إتمام الصلاة الواجبة

5: إتمام الصلاة الواجبة

یجب إتمام الصلاة الواجبة علی ما ذکرناه فی کتاب الصلاة، لکن لا یبعد أن لا یشمل ذلک مثل صلاة المیت، بل إنهم اختلفوا فی أنها هل هی صلاة أو دعاء وسمی صلاة توسعاً أو بالمعنی اللغوی.

کما أنه یشک فی شموله لمثل الصلاة المنذورة وما أشبه، وإنما التحقیق فی ما ذکر فی کتاب الصلاة من الفقه أن نذر الصلاة والصوم وما أشبه ذلک بالنسبة إلی المستحبات لا یوجب تغییر الأحکام الأولیة فیها، وإن نذر صلاة رکعتین ثم صلی بعضها وأبطل ثم أراد الاستئناف لم یکن فیه محذور.

6: إتمام الصوم الواجب

6: إتمام الصوم الواجب

قال سبحانه: ﴿وأَتِمُّوا الصِّیامَ إلی اللَّیْلِ﴾((1))، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصوم.

ولا یخفی أن إتمام الصوم إلی اللیل إنما هو فی المتعارف، أما فی الآفاق التی یمتد اللیل فیها أو التی یمتد النهار فیها فاللازم أخذ ذلک بالقدر المتعارف، لأن الأدلة نازلة علیه، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی بعض رسائلنا.

7: إتمام الاعتکاف

7: إتمام الاعتکافقد ذکرنا فی کتاب الاعتکاف أنه یجب إتمام الاعتکاف فی الیوم الثالث إذا اعتکف فی یومین، أما إذا کان الاعتکاف واجباً معیناً فالإتمام من جهة النذر ونحوه.

نعم الظاهر أنه لا اعتکاف بعد تعذر الصوم، کما إذا صار مریضاً أو کبیراً لا یتمکن علی الصیام، فإنه لا یجب علیه الإتیان بسائر أحکام الاعتکاف، لأنه لم یعرف أنه میسور من الاعتکاف، فالمیسور لا یترک بالمعسور لا یشمل المقام.

8: إتمام ما علی المیت

8: إتمام ما علی المیت

إذا کان شیء علی المیت مما مات ولم یتمه، وکان له وصی فی ذلک، أو کان مما جعله

ص:49


1- سورة البقرة: الآیة 187

الشارع علی الورثة وجب إتمامه علیهم بالأدلة العامة.

وکذلک حال ما إذا وجب علیه شیء ولم یأت به مما أوجبه الشارع علی أحد، کما إذا وجب علیه الحج أو الصلاة أو الصیام فجاء بها الولد الأکبر أو نحوه فإنه یجب علیه إتمامه.

9: إتمام العهد

9: إتمام العهد

لااشکال فی وجوب الوفاء بالعهد مع الله سبحانه وتعالی، مما ذکر فی کتاب الیمین والنذر والعهد.

ومع غیره من الدول، کافرة کانت أو غیر کافرة، لإطلاق أدلته مثل قوله سبحانه: ﴿إِلاَّ الَّذینَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِکینَ ثُمَّ لَمْ یَنْقُصُوکُمْ شَیْئاً وَلَمْ یُظاهِرُوا عَلَیْکُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَیْهِمْ عَهْدَهُمْ إلی مُدَّتِهِمْ أن اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَّقینَ﴾((1)).

وقوله تعالی: ﴿کَیْفَ یَکُونُ لِلْمُشْرِکینَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إلاّ الَّذینَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَکُمْ فَاسْتَقیمُوا لَهُمْ أن اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَّقینَ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَةً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنینَ﴾((3)).

هذا بالإضافة إلی جملة من الروایات المطلقة الشاملة لأقسام العهد مع الدول وغیرهم کالعشائر وهکذا.

أما العهد مع إنسان کأن یعاهد زیداً أن یأتی إلی داره مثلاً، أو یشتری له الشیء الفلانی، فلم أجد من تعرض لوجوب الوفاء به، بل لعل ظاهر بعضهم أنه من الوعد وهو مستحب الوفاء لا واجبه، وحیث ذکرنا هذا المبحث فی کتابی النذر والجهاد فلا داعی لتفصیل الکلام فیه.

وقد ذکرنا فی بعض مواضع (الفقه) الفرق بین الوعد والعهد، فإن کلیهما وإن کانا ینبئان من القلب واللسان، إلا أن العهد أوله القلب، والوعد أوله اللسان، کما هو المتعارف فی المستفاد منهما.

ولا فرق بین أن یکون العهد علی نحو المفاعلة وأن یکون من الطرفین، أو من طرف

ص:50


1- سورة التوبة: الآیة 4
2- سورة التوبة: الآیة 7
3- سورة الأنفال: الآیة 58

واحد، لأن العهد کالمعاهدة واجب التنفیذ((1)).

10: التوبة

10: التوبة

التوبة واجبة بالأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿وَتُوبُوا إلی اللَّهِ جَمیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا تُوبُوا إلی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَی رَبُّکُمْ أن یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَیُدْخِلَکُمْ جَنَّاتٍ﴾((3)).

وقال سبحانه حکایة عن النبی هود (علیه الصلاة والسلام): ﴿وَیا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْکُمْ مِدْراراً﴾((4)).

وقال تعالی حکایة عن صالح النبی (علیه الصلاة والسلام): ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إنَّ رَبِّی قَریبٌ مُجیبٌ﴾((5)).

وفی حکایته سبحانه عن نوح (علیه السلام): ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ إنّهُ کانَ غَفَّاراً﴾((6)).

والروایات فیها متواترة، والعقل یوجبها، والإجماع علیها مقطوع، واحتمال کون الأدلة إرشادیة خلاف الظاهر، وحیث إن المبحث من شؤون أصول الدین المذکورة فی الکتب المعنیة بهذا الشأن نترکه بفروعه إلی هناک.

ثم إنه ربما یستشکل فی أصل التوبة کالاستشکال فی الشفاعة والعفو ونحوها، بأنها توجب اطمینان العصاة ولو فی الجملة، وذلک مما یشجع علی المعصیة وهو نقض للغرض، وفیه: إنها حقیقة عند العقل والعقلاء، ویوجب الرجاء لا التعریض، فإن المعصیة کثیرة فلو لم تفتح باب التوبة والشفاعة لزم الیأس الذی ینجر إلی عصیان أکثر، فالمسألة علی تقدیر صحة الاعتراض فی الجملة من باب الأهم والمهم.

هذا بالإضافة إلی ما نشاهد من أن العلماء والصلحاء والعارفین بالتوبة والشفاعة من أشد الناس بعداً عن المعصیة، ونری فی المدارس والمعاهد والدول أنهم یحددون بعض الأمور کأول الدراسة أو الامتحان أو قبول الطالب فی وقت خاص ثم

ص:51


1- فی موارد الوجوب کما سبق
2- سورة النور: الآیة 31
3- سورة التحریم: الآیة 8
4- سورة هود: الآیة 52
5- سورة هود: الآیة 61
6- سورة نوح: الآیة 10

یجعلون وقتاً ثانیاً لمن لم یحضر فی الوقت الأول، أو لم یعط الامتحان الناجح فی الموعد الأول، فهل یقال: إن مثل ذلک یوجب فوات فائدة التوقیت، إلی غیر ذلک من الأمور العقلائیة المتعارفة عند جمیع العقلاء.

ولا یخفی أن قوله (علیه السلام): Sالاستغفار کفارة من لا کفارة لهR یشمل کل أقسام الکفارة حتی المالیة، فإذا کان خمس أو زکاة أو کفارة مالیة واجبة علیه ولم یتمکن إطلاقاً استغفر ربه وکفی عن الحق المالی.

والظاهر أن الکفایة إنما تکون حسب التعذر العرفی وإن تمکن بعد ذلک، مثلاً صار علیه ألف دینار خمساً ولم یتمکن منه لأکل ماله أو تلفه أو ما أشبه ذلک، ثم استغفر ربه فیما کان الظاهر أنه لا یقدر علیه حسب المتعارف، فإنه إذا قدر علیه بعد عشر سنوات أو ما أشبه ذلک لم تجب إعادته، لأن الاستغفار سد مسدها.

ثم الاستغفار کما یأتی للإنسان نفسه، یأتی فی الإنسان عن غیره بأن یستغفر الإنسان من ذنوب المذنبین الذین أذنبوا، وقد ذکر ذلک تفصیلاً فی بحث الاستغفار.

11: استتابة المرتد

11: استتابة المرتد

قد استظهرنا فی الفقه قبول توبة المرتد، ملیاً کان أو فطریاً، وما أشتهر بینهم من عدم قبول توبة الفطری لبعض الروایات محل نظر.

أما وجوب الاستتابة فلبعض الأدلة الخاصة والأدلة العامة فی باب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر ولزوم تبلیغ الإسلام والأحکام إطلاقاً أو مناطاً، فتأمل.

ثم لا یخفی أن استتابة المرتد هی علی النحو المتعارف مما یستدرج الإنسان فیه الشخص إلی الطاعة والابتعاد عن المعصیة، وهذا وإن کان البحث فی المرتد حینئذ لکنه أعم من المرتد وغیر المرتد کسائر العصاة، وقد ذکر الأنبیاء والأئمة (صلوات الله علیهم أجمعین) أروع الأمثلة للاستدراج إلی الطاعة والابتعاد عن المعصیة.

وهکذا الحال فی استقطاب الکفار إلی الإیمان وهدایتهم إلی الإسلام، فلا یختص الحکم بالمرتد واستتابته، وإنما ذکر ذلک فی العنوان من باب الإلماع.

ص:52

حرف الثاء

1: الثبات فی الجهاد

حرف الثاء

1: الثبات فی الجهاد

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا لَقیتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾((1)).

ولا یبعد أن یکون الثبات من أقسام الجهاد، فیکون محکوماً بحکم الجهاد فی العینیة والتخییریة، فإذا کان الجیش الإسلامی فوق القدر المحتاج إلیه جاز الرجوع فیما إذا بقی منهم قدر الکفایة، نعم بشرط أن لا یترتب علی ذلک محرم آخر من وهن الجیش أو جرأة العدو أو ما أشبه ذلک.

وعلیه فالفرار من الزحف أیضاً یکون من هذا القبیل، لا أنه حرام مطلقاً، وحیث إن المسألة مذکورة فی کتاب الجهاد لا داعی إلی تکرارها.

ولا یخفی أن الثبات فی الجهاد لا یراد به الجهاد بالسلاح مع العدو فی الساحة فقط، وإنما الأعم من ذلک ومن مختلف أقسام الجهاد مع المنحرفین سواء کانوا منحرفین عن الله أو عن أنبیائه أو عن الأئمة (علیهم السلام) أو عن الأحکام أو ما أشبه ذلک.

2: الثبات للحرب

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَکُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمیعاً﴾((2))، أی

ص:53


1- سورة الأنفال: الآیة 45
2- سورة النساء: الآیة 71

انفروا أفواجاً أفواجاً، أو مجموعاً فهو واجب تخییری، وهذا غیر أصل النفر، وهو مشتق من ثبی الشیء بمعنی جَمَعَه، و(الثبة) جَمْعُه ثبات وثبوت: الجماعة والعصبة من الفرسان، کما ذکروه فی اللغة.

ص:54

حرف الجیم

1: جبر الوالی علی الحج والزیارة والإقامة

حرف الجیم

1: جبر الوالی علی الحج والزیارة والإقامة

الظاهر من غیر واحد من الفقهاء وجوب ذلک علی الوالی، ومستنده جملة من الروایات:

کصحیح هشام ومعاویة وغیرهما، عن الصادق (علیه السلام): Sلو أن الناس ترکوا الحج لکان علی الوالی أن یجبرهم علی ذلک وعلی المقام عنده ولو ترکوا زیارة النبی (صلی الله علیه وآله) لکان علی الوالی أن یجبرهم علی ذلک وعلی المقام عنده، فإن لم یکن لهم أموال أنفق علیهم من بیت مال المسلمینR((1)).

وفی صحیح عبد الله بن سنان، قال الصادق (علیه السلام): Sلو عطل الناس الحج لوجب علی الإمام أن یجبرهم علی الحج إن شاؤوا وإن أبوا، فإن هذا البیت إنما وضع للحجR((2)).

ومن الواضح أن هذا غیر الحج بالاستطاعة وهو واجب کفائی، والظاهر لزوم تعمیر تلک الأماکن بالناس، فلا یکفی الواحد والاثنین والعشرة وما أشبه،

کما أن الظاهر من هذه الأحادیث وجوب زیارة النبی (صلی الله علیه وآله) کفائیاً بحیث لا یصیر مزاره متروکاً، والإنفاق یکون من بیت مال المسلمین.

کما أنه یجب المقام فی مکة والمدینة کفائیاً إذا لم یکن فیهما أهل

ص:55


1- الوسائل: ج8 ص16 الباب 5 من وجوب الحج ح2
2- الوسائل: ج8 ص15 الباب 5 من وجوب الحج ح1

ولا ساکن، ولا یبعد أن تکون مشاهد الأئمة (علیهم الصلاة والسلام) من هذا القبیل للملاک.

ومن الواضح أنه لا خصوصیة للإمام المعصوم (علیه الصلاة والسلام) فی الجبر فهو سار إلی الولاة الشرعیین، کما أن العلة فی هذه الروایات توجب أن یکون الأمر کذلک إذا لم یکن إمام معصوم حاضراً ولا نائب له، فإنه یجب علی عدول المسلمین ذلک، بل وإن لم یکن عدول المسلمین وصل الأمر إلی غیرهم.

وإذا لم یکن بیت المال کان من اللازم الإنفاق من النفس علی ذلک، ولا یبعد جواز ذلک من الزکاة وسهم السادة وسهم الإمام (علیه الصلاة والسلام) من الخمس.

2: جبر الإمام المؤلی

2: جبر الإمام المؤلی

وذلک کما ذکرناه فی کتاب الإیلاء مفصلاً، وقد ورد فی موثقة سماعة: سألته (علیه السلام) عن رجل آلی من امرأته، فقال: Sالایلاء أن یقول الرجل: والله لا أجامعک کذا وکذا، فإنه یتربص أربعة أشهر، فإن فاء، والإیفاء أن یصالح أهله، فإن الله غفور رحیم، وإن لم یفئ بعد أربعة أشهر حتی یصالح أهله أو یطلق جبر علی ذلکR((1)).

3: جبر الإمام المظاهر

3: جبر الإمام المظاهر

حیث ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الظهار نکتفی بما هناک.

ورد فی صحیح برید بن معاویة، عن الصادق (علیه السلام) فی حق المظاهر: Sفإن کان یقدر علی أن یعتق فإن علی الإمام أن یجبره علی العتق أو الصدقة من قبل أن یمسها ومن بعد ما یمسهاR((2)).

إلی غیرها من الروایات.

4: جبران الإمام خسارة

4: جبران الإمام خسارة الرعیة

یجب علی الإمام جبران ضعف الرعیة وخسارتهم، لما ورد عن علی (علیه الصلاة

ص:56


1- الوسائل: ج15 ص543 الباب 9 من الإیلاء ح4
2- الفقیه: ج3 ص342 ح6

والسلام) فی إجراء النفقة علی ذلک المسیحی المتکفف من بیت المال لما رآه فی الکوفة((1)). وقد قال الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sوإن علی الإمام أن یجبر جماعة من تحت یده وإن حضرت القسمة فله أن یسد کل نائبة تنوبه قبل القسمةR((2)).

وقد ذکرنا فی کتاب الزکاة من (الفقه) أن الزائد للإمام (علیه السلام) والمعوز علیه، والظاهر أن الفقیه یتحمل ذلک أیضاً بمقدار سعته، لأنه الحاکم من قبلهم (علیهم السلام) والثابت ولایته علی الناس.

لکن لا یخفی أن إدارة شؤون المسلمین متوقف علی شوری الفقهاء، کما ذکرنا ذلک فی بعض کتبنا، فإنه مقتضی الجمع بین أدلة الولایة وأدلة الشوری، وإذا لم یکن شوری کزماننا هذا فالواجب علی کل فقیه أن یعمل حسب قدرته، فإنه Pلا یکلف الله نفساً إلا وسعهاO((3))، وفی آیة أخری: Pلا یکلف الله نفساً إلا ما آتاهاO((4)).

5: الجدال

5: الجدال قال سبحانه: ﴿ادْعُ إلی سَبیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ﴾((5)).

والظاهر أن هذا لیس تکلیفاً للرسول أو الإمام (علیهما السلام) وحدهما، بل تکلیف کل مسلم یتمکن من ذلک، ولیس الأمر خاصاً بالکفار والمشرکین، بل یأتی فی کل منحرف عقیدةً أو عملاً، إما بالإطلاق أو بالملاک، والظاهر أنه لا فرق بین احتمال التأثیر أو القطع بالعدم، لأن عدم التأثیر لا یوجب الکف عن الحجة Pلئلا یکون للناس علی الله حجة بعد الرسلO((6)).

هذا بالإضافة إلی تراکم الأدلة حججاً أو مجادلات أو ما أشبه ذلک، کثیراً ما یوجب التأثیر، ولذا کما قلنا فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر یجب التراکم، وإن کان قاطعاً بأن

ص:57


1- الوسائل: ج11 ص49 الباب 19 من جهاد العدو ح1
2- انظر الوسائل: ج6 ص365 الباب 1 من الأنفال ح4
3- سورة البقرة: الآیة 286
4- سورة الطلاق: الآیة 7
5- سورة النحل: الآیة 125
6- سورة النساء: الآیة 165

هذا وحده لا یؤثر، فإذا قال لفاعل المنکر مائة من الناس: اترک المنکر، وکان الأثر بعد کمال المائة، کان الواجب علی کل واحد، باعتبار أنه جزء مؤثر، وکذلک إذا کان مؤثراً فی التخفیف، مثلاً یشرب الخمر فی کل یوم خمس مرات، فإذا قالوا له، شرب الخمر کل یوم أربع مرات، لأن قلة المنکر کانتفائه أیضا واجبة.

6: جلد من خلا بالمرأة

6: جلد من خلا بالمرأة

والمراد ضربه بالسوط الذی هو من الجلد، کما هو الظاهر من المقابلة بین الجلد والعصو والهرو ونحوها، حیث إن کل واحد منها مشتق من الأصل الذی کان الجلد أو العصی أو الحجر، وإن کان ربما یحتمل أن ما کان مثل الجلد فی جمیع الجهات عرفاً قائم مقامه بالملاک.

وقد ورد فی حدیث عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sإذا وجد الرجل مع امرأة فی بیت لیلاً ولیس بینهما رحم جلداR((1)).

لکن خصوصیة اللیل من باب أنه أکثر إثارة، وإلا فغیر المحرمین لا یجوز لهما الاختلاء، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی بعض مباحث (الفقه).

ولا یخفی أن کونهما من رجل وامرأة فی قبال کونهما امرأتین، أو رجلین، أو رجل وولد، أو رجل وبنت، أو امرأة وبنت مما یثیر الشبهة، فإن کل ذلک یوجب التعزیر، والبیت من باب المثال، فإن الخیمة کذلک.

إلی غیر ذلک من التفاصیل المذکورة فی کتب الفقه.

7: جلد رامی المحصنات

7: جلد رامی المحصنات

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانینَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ﴾((2)).

وحیث قد ذکرنا خصوصیة الآیة والأحکام المستفادة منها فی کتاب الحدود

ص:58


1- الوسائل: ج18 ص410 الباب 40 من حد الزنا ح1
2- سورة النور: الآیة 4

لاحاجة إلی التکرار.

8: جلد مَن زنا

8: جلد مَن زنا

قال الله سبحانه وتعالی: ﴿الزَّانِیَةُ وَالزَّانی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾((1)).

وتفصیل أحکام ذلک موکول إلی کتاب الحدود.

9: جلد الزانی الصغیر

9: جلد الزانی الصغیر

قد ورد فی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، فی غلام صغیر لم یدرک، ابن عشر سنین زنا بامرأة، قال: Sیجلد الغلام دون الحدR((2)).

وهذا الجلد إنما هو للممیز، فإذا لم یکن الغلام ممیزاً لم یکن علیه ذلک.

ومنه یعرف الحکم فی المجنون الممیز وغیر الممیز لملاک الأدلة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحدود.

10: جلد مَن لم یسمّ الحد

10: جلد مَن لم یسمّ الحد الذی یجب علیه بعد اعترافه بذلک

ففی الصحیح، عن الباقر (علیه السلام)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، فی رجل أقر علی نفسه بحد ولم یسم أی حد هو، قال: أمر أن یجلد حتی یکون هو الذی ینهی عن نفسه فی الحدR((3))، وخصوصیات المسألة مذکورة فی کتاب الحدود.

11: جلد من شرب الخمر

11: جلد من شرب الخمر أو مسکراً غیرها

روی الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): قلت له: أرأیت النبی (صلی الله علیه وآله) کیف یضرب فی الخمر، قال: Sکان یضرب بالنعال ویزداده إذا أتی بالشارب، ثم لم یزل الناس یزدادون حتی وقف

ص:59


1- سورة النور: الآیة 2
2- الوسائل: ج18 ص362 الباب 9 ح1
3- الوسائل: ج18 ص318 الباب 11 ح1

ذلک علی ثمانین، أشار بذلک علی (علیه السلام) علی عمر فرضی بهاR((1)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): Sإن علیاً (علیه السلام) کان یقول: إن الرجل إذا شرب الخمر سکر، وإذا سکر هذی، وإذا هذی افتری، فاجلدوه حد المفتریR((2)).

وفی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sمن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوهR((3)).

وحیث ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود، لا داعی إلی تکراره، کما أنا ذکرنا هناک أن القتل یکون فی الرابعة ولو علی سبیل الاحتیاط، لأن الحدود تدرء بالشبهات بعد وجود بعض الرویات الدالة علی ذلک.

ولا یخفی أنا ذکرنا فی کتاب (الفقه) أن شرط إجراء الحدود ونحوها أکثر من أربعین شرطاً، وذلک غالباً لا یتوفر.

12: الاجتناب عن عمل الشیطان

12: الاجتناب عن عمل الشیطان

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((4)).

والظاهر من الآیة وجوب الاجتناب عن کل عمل للشیطان، والأربعة المذکورة من باب المصادیق، ویؤیده ما ورد من الحدیث الناهی عن الخضخضة أو الاستمناء، حیث قال (علیه السلام): Sلأنها من عمل الشیطان، وقد قال: لا تعبدوا الشیطان إن الشیطان کان لکم عدواً((5))R((6)).

ص:60


1- الوسائل: ج18 ص467 الباب 3 ح3
2- الوسائل: ج18 ص318 الباب 11 ح4
3- الوسائل: ج18 ص467 الباب 11 ح1
4- سورة المائدة: الآیة 90
5- إشارة إلی قوله تعالی: P ألم أعهد إلیکم یا بنی آدم أن لا تعبدوا الشیطان إنه لکم عدو مبین O سورة یس: الآیة 60
6- الوسائل: ج18 ص575 الباب 3 ح4

لکن حیث إن المحرمات لا تحرم لأجل أمرین، کونه محرماً وکونه عمل الشیطان، فلا یبعد أن یکون ذلک من قبیل عکسه، مثل قوله سبحانه: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ﴾((1)).

13: الاجتناب عن الطاغوت

13: الاجتناب عن الطاغوت

قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فی کُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾((2)).

والظاهر بقرینة المقابلة الاجتناب عن عبادة الطاغوت، لکن یمکن أن یقال إنه أعم، فالمراد باجتناب الطاغوت کل أمر مربوط بالطاغوت من القول أو العمل أو العقیدة، مثل قوله سبحانه: ﴿وَلا تَرْکَنُوا إلی الَّذینَ ظَلَمُوا﴾((3))، إلی غیر ذلک.

14: الاجتناب عن الظن

14: الاجتناب عن الظن إذا کان إثماً أو کان فی الشبهة المحصورة أو ما أشبه ذلک

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثیراً مِنَ الظَّنِّ إنّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾((4)).

وهذه الآیة تدل علی الاجتناب فی مورد الیقین والاحتیاط.

15: الاجتناب عن الأوثان

15: الاجتناب عن الأوثان وقول الزور

قال سبحانه: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾((5))، علی ما ذکر فی الأصول والفروع، لأن اجتناب الرجس من الأوثان شامل للعقیدة وما أشبهها، کما أن الاجتناب عن قول الزور شامل لکل قول زور سواء کان من قبیل الکذب أو الغیبة أو النمیمة أو الغناء أو غیر ذلک.

ومنه یعلم أن ما ورد فی صحیح هشام، عن الصادق (علیه السلام)، قال: Sالرجس من الأوثان

ص:61


1- سورة النساء: الآیة 59
2- سورة النحل: الآیة 36
3- سورة هود: الآیة 113
4- سورة الحجرات: الآیة 12
5- سورة الحج: الآیة 30

الشطرنج، وقول الزور الغناءR((1))، من باب بعض المصادیق أو بالملاک.

16: الاجتناب عن الرایات الباطلة

16: الاجتناب عن الرایات الباطلة

عن أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام) قال: Sکل رایة ترفع قبل قیام القائم فصاحبها طاغوت یعبد من دون الله عز وجلR((2))، والمراد ولو بقرینة الجمع بینها وبین الروایات الأخر لیست رایة الحق.

وقد ذکرنا فی جملة من کتبنا السیاسیة تفصیل ذلک، وإلا فرایة زید وغیرها رفعت قبل قیامه (علیه السلام) وقد ورد أن أجر الشهید معه أجر شهیدین، إلی غیر ذلک.

17: الجنوح إلی السلم

17: الجنوح إلی السلم قال سبحانه: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَیْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّکُمْ وَآخَرِینَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ یَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَیْءٍ فِی سَبِیلِ اللهِ یُوَفَّ إِلَیْکُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ * وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَکَّلْ عَلَی اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ * وَإِنْ یُرِیدُوا أَنْ یَخْدَعُوکَ فَإِنَّ حَسْبَکَ اللهُ هُوَ الَّذِی أَیَّدَکَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِینَ﴾((3)).

ومن هذه الآیة یظهر أن السلم هو الحکم الأولی والحرب ضرورة، کما هو کذلک عند العقلاء، فإذا لم تکن ضرورة لسبیل الله وإنقاذ المستضعفین لم یکن وجه للحرب، قال سبحانه: ﴿وَما لَکُمْ لا تُقاتِلُونَ فی سَبیلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفینَ﴾((4)).

أما ما نقل عن جمع من المفسرین من أن الآیة نسخت بآیة القتال فغیر ظاهر، وقد تأملنا فی أصل النسخ بالمعنی

ص:62


1- تفسیر البرهان: ج3 ص91 ح9
2- الوسائل: ج11 ص37 الباب 13 ح6
3- سورة الأنفال: الآیة 60
4- سورة النساء: الآیة 75

المشتهر فی بعض کتبنا التفسیریة.

ولا یخفی أن قوله: Pوإن یریدوا أن یخدعوک فإن حسبک اللهO معناه أن الإنسان الحاکم یجب أن لا یعیر بالاً بإرادة ذلک الطرف الخدعة، وإنما علیه أن یتوکل علی الله حتی ینصره الله، ویکون المؤمنون حوالیه حتی لا یمکن وصول العدو إلیه.

18: إجابة الخاطب

18: إجابة الخاطب

ذکر غیر واحد من الفقهاء وجوب إجابة الخاطب إذا کان مؤمناً قادراً علی النفقة کفؤاً، وبعضهم استدل علی ذلک بقوله تعالی: ﴿وَأَنْکِحُوا الْأَیامی مِنْکُمْ وَالصَّالِحینَ مِنْ عِبادِکُمْ وَإِمائِکُمْ﴾((1)).

وبصحیحة علی بن مهزیار، قال: کتب علی بن أسباط إلی أبی جعفر (علیه السلام) فی أمر بناته وأنه لا یجد أحداً مثله، فکتب إلیه أبو جعفر (علیه السلام): Sفهمت ما ذکرت من أمر بناتک وأنک لا تجد أحداً مثلک، فلا تنظر فی ذلک رحمک الله، فإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: إذا جاءکم من ترضون خلقه ودینه فزوّجوه، إن لا تفعلوه تکن فتنة وفساد کبیرR((2)).

لکن لا یبعد عدم الوجوب إلاّ إذا کان النکاح مقدمة لواجب أو ترک حرام، فإن المرکوز فی أذهان المتشرعة ذلک، وبذلک ینصرف الأمر عن ظاهره الذی هو الوجوب، وحیث ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح لا داعی إلی تکراره.

19: إجابة الشریک للقسمة

19: إجابة الشریک للقسمة

إذا طلب أحد الشریکین أو الشرکاء القسمة أو التخلص من الأمر المشترک وجب علی

ص:63


1- سورة النور: الآیة 32
2- الوسائل: ج14 ص50 الباب 28 ح1

الآخر إجابته مع عدم الضرر، ومع الضرر یلاحظ کیفیة التخلص، وذلک لأنه لا یجوز التصرف فی أموال الناس أو منعهم عن أموالهم، فإن ذلک خلاف سلطنة الناس علی أموالهم، وقد حکی غیر واحد الاتفاق علی ذلک، وحیث ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الشرکة فلا وجه لتکراره.

20: إجابة کل من الزوجین

20: إجابة کل من الزوجین للآخر

تجب إجابة کل من الزوجین للآخر فی أمر الفراش الواجب علیه، وحیث ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح فلا داعی إلی التکرار.

ولا یخفی أنا ذکرنا فی کتاب النکاح وجوب إجابة الزوج لزوجته إذا لم یکن خارجاً عن المتعارف، فإن ذلک مقتضی المعاشرة بالمعروف، أما إجابة الزوجة لزوجها فذلک هو المشهور.

21: الاستجابة لله والرسول (صلی الله علیه وآله)

21: الاستجابة لله والرسول (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اسْتَجیبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعاکُمْ لِما یُحْییکُمْ وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأنّهُ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ﴾((1)).

والظاهر أنه إرشاد إلی وجوب قبول الأحکام، لا أنه شیء زائد، فهو مثل قوله سبحانه: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ﴾((2))، إلی غیر ذلک.

22: إجارة الکافر

22: إجارة الکافر

قال سبحانه: ﴿وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکینَ اسْتَجارَکَ فَأَجِرْهُ حَتَّی یَسْمَعَ کَلامَ اللَّهِ﴾((3)).

وقد تقدم أنه لا خصوصیة للمشرک وإنما هو من باب المثال، کما أنه لا خصوصیة لسماع کلام الله وآی القرآن، بل هو أعم من معرفة الأحکام، وقد ورد فی الصحیح عن

ص:64


1- سورة الأنفال: الآیة 24
2- سورة النور: الآیة 54
3- سورة التوبة: الآیة 6

الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) إنه قال: Sأیما رجل من أدنی المسلمین أو أفضلهم نظر إلی أحد من المشرکین فهو جار حتی یسمع کلام الله، فإن تبعکم فأخوکم فی الدین، وإن أبی فأبلغوه مأمنه واستعینوا باللهR((1)).

لکن من الواضح أن ذلک إذا لم یکن کیداً للتجسس ونحوه، وإلا لم یکن مشمولاً للآیة المبارکة، وکلام بعض من أراد استفادة حق اللجوء السیاسی من هذه الآیة محل نظر.

نعم یمکن استفادته من وجوب القتال فی سبیل المستضعفین.

23: الاجتهاد

23: الاجتهاد

الاجتهاد واجب کفائی کما ذکرناه فی کتاب الاجتهاد والتقلید، علی التفصیل المذکور هناک، ویدل علیه بالإضافة إلی العقل، جملة من الأدلة، کقوله (علیه الصلاة والسلام): Sعلینا الأصول وعلیکم الفروعR((2))، إلی غیر ذلک.

وهو عبارة عن استفراغ الوسع فی تحصیل الحجة علی الأحکام الشرعیة، علی ما ذکر فی الأصول، وهو واجب کفائی تخییری مع توفر شروطهما، ولم أجد فی الروایات لفظ الاجتهاد بهذا المعنی، وإنما ورد بمعنی الاجتهاد فی العلم أو العمل، کقوله علیه الصلاة والسلام: Sولایؤدی حقه المجتهدونR.

ثم إنه ربما یقال بأن الأصول والفقه المبسوط لم یکن فی زمانهم (علیهم السلام) فأیة حاجة إلیهما فی زماننا، بل یکفی مراجعة الوسائل والبحار مثلاً للعمل بالحکم.

وفیه نقضاً: إن حتی مثل

ص:65


1- الکافی: ج5 ص27 ح9
2- الوسائل: ج18 ص41 الباب 6 من صفات القاضی ح51

الکافی والفقیه لم یکن فی زمانهم (علیهم السلام) فأیة حاجة إلیها، بل نأخذ أصلاً من الأصول کالجعفریات ونعمل علیه، والطرف لا یقول بذلک.

وحلاً: إن الفقه دین الله سبحانه، وقد تفرق فی الکتب، حاله حال الطب المتفرق فی الکتب، فإذا أردنا الوصول إلی ذلک الدین علینا بالفقه المبسوط، حال ذلک حال ما إذا أراد الإنسان أن یکون طبیباً، وحیث إنا لا نتمکن من أخذ الفروع التی نبتلی بها ولم نجدها فی الأحادیث من مصادر الوحی (علیه السلام) نحتاج إلی الأصول، لنری هل الأمر للوجوب والنهی للتحریم، والمطلق یحمل علی المقید مطلقاً، وأن قید الاستطاعة للوجوب أو الواجب، لیظهر أثره فی المقدمات، إلی غیر ذلک احتجنا إلی (الأصول).

هذا بالإضافة إلی أن کثیراً من الفروع المشکلة بحاجة إلی قوة فی الاستنباط، والأصول بدقته الواصل إلیها یعین قوة الاستنباط، فنحتاج إلی الدقة فی الأصول، وتفصیل الکلام فی ذلک فی محله.

وبذلک یظهر جواب الإشکال عن أن أصحاب الرسول (صلی الله علیه وآله) الأخیار، کأمثال أبی ذر ونحوه لم یکن لهم هذا الاتساع فی الفقه فی مختلف أبواب العبادة والمعاملات وما أشبه ذلک، فإذا لم یکونوا کذلک لم نکن نحن نحتاج إلیه أیضاً.

هذا بالإضافة إلی أنه ثبت الأحکام تدریجیاً، فما فی زمان الإمام الصادق (علیه السلام) لم یکن بجمیعه واضحاً فی زمان رسول الله (صلی الله علیه وآله)، وهکذا یکون حال سائر العلوم، کالطب والهندسة وغیرهما. هذا بالإضافة إلی الروایات التی وردت علی أن التکلیف علی الجاهل أسهل من التکلیف علی العالم.

24: الجهاد

دلت الأدلة الأربعة علی وجوب الجهاد فی الجملة کوجوب الصلاة والصیام والحج والزکاة، بل ذلک من ضروریات دین الإسلام، والآیات والروایات فیه متواترة، وحیث ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الجهاد من (الفقه) لا داعی إلی التفصیل.

ثم الجهاد کما یجب بالبدن کذلک یجب بالمال، لا للملاک فقط، بل للأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ

ص:66

الَّذینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فی سَبیلِ اللَّهِ أُولئِکَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِکُمْ وَأَنْفُسِکُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ﴾((2)).

وعلی هذا فإذا وجب الحرب ولم یکن مال بیت المال کافیاً لزم علی الکل حسب الکفایة، والتعیین بید الفقیه، وإنما کان بید الفقیه لأنه المنصوب من قبلهم (علیهم السلام) فقد قالوا: Sمن کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً لهواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام أن یقلدوه، وذلک بعض فقهاء الشیعةR. وغیره من سائر الروایات التی تؤدی هذا المعنی.

هذا إذا لم یکن سواه فقیه مرجع، وإلا فبید شوری المراجع علی ما ذکرنا تفصیله فی کتبنا السیاسیة وغیرها.

25: التجهیز للحج

25: التجهیز للحج من استطاع ولم یحج ثم عرض له مرض أو حصر أو أمر آخر مما کان عذراً شرعیاً أو عقلیاً، فعلیه أن یجهز إنساناً آخر عنه علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الحج.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sإن أمیر المؤمنین (صلوات الله علیه) أمر شیخاً کبیراً لم یحج قط ولم یطق الحج لکبره أن یجهز رجلاً یحج عنهR((3)).

وفی صحیح معاویة بن عمار، عنه (علیه الصلاة والسلام): Sإن علیاً (علیه السلام) رأی شیخاً لم یحج قط ولم یطق الحج لکبره، فأمره أن یجهز رجلاً فیحج عنهR((4)).

لکن لا یبعد أن یکون التجهیز من باب الغلبة، وإلا فلو حج عنه متبرع کفی، وقد ذکرنا فی کتاب الوکالة أن الأصل صحتها مطلقاً إلاّ فی ما خرج.

ولا یخفی أن قوله (علیه السلام): (یجهز رجلا) فی الروایتین، المراد به المثال، وإلا فتجهیز المرأة أیضاً

ص:67


1- سورة الحجرات: الآیة 15
2- سورة التوبة: الآیة 41
3- الوسائل: ج8 ص45 الباب 24 من وجوب الحج ح6
4- الوسائل: ج8 ص43 الباب 24 من وجوب الحج ح1

کاف، کما أن الرجل عن المرأة کاف أیضاً، وفی حدیث رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sأرأیت إذا کان علی أبیک دین فقضیتیهR.

ص:68

حرف الحاء

1: حب الله ورسوله وأولیائه (علیهم السلام)

حرف الحاء

1: حب الله ورسوله وأولیائه (علیهم السلام)

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾((1))، وقال تعالی: ﴿قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی﴾((2)).

وفی حسنة الفضل، عن الرضا (علیه السلام) فی کتابه إلی المأمون، قال: Sوحب أولیاء الله واجب، وکذلک بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهمR((3)).

ثم الحب والبغض وإن کانا قهریین فی کثیر من الأحیان، لکنهما أیضاً یمکن تحصیلهما بالتلقین والتوجه إلی الفوائد والمضار المترتبة علی حب المحبوب وبغض المکروه، وحیث لا یعرف الإنسان الأنبیاء (علیهم السلام) إلاّ بالعنوان الکلی، ولایعرف العوام الأئمة (علیهم السلام) بالتفصیل یکفی الحب الإجمالی، وکذلک بالنسبة إلی بغض أعداء الله سبحانه.

ویدل علی الکفایة الإجمالیة بالإضافة إلی بعض الروایات المشیرة إلی ذلک، ما نراه من السیرة القطعیة المستمرة من زمانهم (علیهم الصلاة والسلام) إلی زماننا، حیث إن العوام یحبون ویبغضون علی سبیل الإجمال.

ولا یخفی الفرق بین الحب والود، وإن کان کلاهما بنتیجة واحدة، فإن الحب قلبی، والود بالإضافة إلی القلبیة خارجیة أیضاً، حیث إن إظهار الحب بید

ص:69


1- سورة البقرة: الآیة 165
2- سورة الشوری: الآیة 23
3- الوسائل: ج11 ص443 الباب 17 من الأمر والنهی ح16

أو لسان أو ما أشبه ذلک.

2: حبس الآمر بالقتل

2: حبس الآمر بالقتل

قال الباقر (علیه السلام) فی صحیح زرارة: فی رجل أمر رجلاً بقتل رجل فقتله، فقال: Sیقتل به الذی قتله، ویحبس الآمر بقتله فی الحبس حتی یموتR((1)).

أقول: لم نستبعد فی کتاب الفقه عدم أبدیة الحبس إن رآه الحاکم الشرعی صلاحاً، فالحکم هنا وفی أمثاله من باب الحق للحاکم لا من باب الحکم، کما ذکرنا جواز عفوه عن المجرم هناک.

وقد ذکرنا فی کتاب (الفقه الدولة) خصوصیات الحبس المستفادة من الشریعة فی موارده، ولعل بعض المعتاد حدیثاً فی العالم الغربی من الحبس فی البحر بسبب السفینة، أو الحبس فی المنزل بسبب علامة علی ید المحبوس أو ما أشبه حیث إذا خرج من الدار تخبر العلامة مرکز الشرطة فیأتون ویردونه إلی الحبس، من مصادیق الحبس بقول مطلق.

3: حبس مخلص القاتل

3: حبس مخلص القاتل

فی صحیح حریز، عن الصادق (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً عمداً، فرفع إلی الوالی فدفعه الوالی إلی أولیاء المقتول لیقتلوه فوثب علیه قوم فخلصوا القاتل من أیدی الأولیاء، قال: Sأری أن یحبس الذین خلصوا القاتل من أیدی الأولیاء حتی یأتوا بالقاتلR، قیل: فإن مات القاتل وهم فی السجن، قال: Sإن مات فعلیهم الدیة یؤدونها جمیعاً إلی أولیاء المقتولR((2)).

وفی بعض النسخ إضافة: (أبداً) بعد قوله (علیه السلام): (أری أن یحبس الذین خلصوا القاتل من أیدی الأولیاء). والتأبید کما ذکرناه فی السابق.

ولا یبعد أن یکون أمثال هذه بید شوری الفقهاء زیادة ونقیصة، شدة وضعفاً، فإنه مقتضی

ص:70


1- الوسائل: ج19 ص32 الباب 13 من القصاص ح1
2- الوسائل: ج19 ص34 الباب 16 ح1

قوله (علیه السلام): Sجعلته حاکماًR وما أشبه ذلک بعد الرجوع إلی العرف فی کیفیة الحاکم، وتفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه).

4: حبس المرأة المرتدة

4: حبس المرأة المرتدة

فی صحیح حریز، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: Sلا یخلد فی السجن إلا ثلاثة: الذی یمسک علی الموت، والمرأة ترتد عن الإسلام، والسارق بعد قطع الید والرجلR((1)).

وفی موثق عباد بن صهیب، عنه (علیه السلام): Sالمرتد یستتاب فإن تاب وإلا قتل، والمرأة تستتاب فإن تابت وإلا حبست فی السجن وأضرّ بهاR((2)).

وفی صحیح غیاث، عن الصادق، عن أبیه، عن علی (علیهم السلام)، قال: Sإذا ارتدت المرأة عن الإسلام لم تقتل ولکن تحبس أبداًR((3)).

وفی بعض الروایات التضییق علیها فی حبسها.

ویظهر من بعض الروایات جواز استخدامها خدمة شدیدة بدون الحبس مما ظاهره التخییر.

ففی صحیح حماد، عنه (علیه السلام)، فی المرتدة عن الإسلام قال: Sلا تقتل وتستخدم خدمة شدیدة وتمنع الطعام والشراب إلاّ ما یمسک نفسها وتلبس خشن الثیاب وتضرب علی الصلاةR((4)).

أقول: فهو کما یقال فی الحال بالأعمال الشاقة لبعض المجرمین، وتفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه).

وقد ذکرنا فی بعض المباحث المرتبطة بالمرأة أن الشارع خفف علی المرأة بأکثر من

ص:71


1- الوسائل: ج18 ص550 الباب 4 من الحدود ح3
2- الوسائل: ج18 ص550 الباب 4 من الحدود ح4
3- الوسائل: ج18 ص550 الباب 4 من الحدود ح2
4- الوسائل: ج18 ص550 الباب 4 من الحدود ح1

الرجل، لأن المرأة خلقت عاطفیة ولیست کالرجل، وذلک یناسب التخفیف، وقد قال علی (علیه السلام): Sالمرأة ریحانة ولیست بقهرمانةR.

5: حبس الشاهدین

5: حبس الشاهدین

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا شَهادَةُ بَیْنِکُمْ إذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ حینَ الْوَصِیَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَیْرِکُمْ إنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَأَصابَتْکُمْ مُصیبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَیُقْسِمانِ بِاللَّهِ إنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَری بِهِ ثَمَناً وَلَوْ کانَ ذا قُرْبی وَلا نَکْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إذا لَمِنَ الْآثِمینَ﴾((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه)، لکن الظاهر أن المراد بالحبس هنا الحفظ لا الحبس المصطلح.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pإذا حضر أحدکم الموتO من باب المصداق، وإلا فالأمر أعم من ذلک، کما أن المنصرف من قوله سبحانه: Pأو آخران من غیرکمO رجلان لا امرأتان أو امرأة ورجل، وإن کان لا یبعد التعدد فی الامرأة إذا کن أربعة أو کان رجل وامرأتان، وتفصیل الکلام فی (الفقه) وفی آیات الأحکام.

6: حبس فاعل الفاحشة

6: حبس فاعل الفاحشة

فی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام) قال: Sجاء رجل إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) فقال: إن أمی لا تدفع ید لامس، فقال: فاحبسها، قال: قد فعلت، قال: فامنع من یدخل علیها، قال: قد فعلت، قال: قیدها، فإنک لا تبرها بشیء أفضل من أن تمنعها محارم الله عز وجلR((2)).

والمستفاد من ذیل الروایة جریان الحکم بالنسبة إلی الأقرباء، وبالنسبة إلی غیر الزنا کشرب الخمر، بل لا یبعد أن یکون ذلک جائزاً بالنسبة إلی غیر الحاکم الشرعی إذا لم یکن

ص:72


1- سورة المائدة: الآیة 106
2- الوسائل: ج18 ص414 الباب 48 من حد الزنا ح1

هناک حاکم شرعی یقوم بمثل هذا الأمر فی ما إذا لم یکن محذور فیه، فإنه من مراتب النهی عن المنکر، وإذا کان حاکم شرعی لا یتمکن من القیام ویتمکن القریب ونحوه فالاحتیاط فی الاستیذان منه، وذلک لأن أمثال هذه الأحکام أحکام بالنسبة إلی السلطة وإن کان الأمر یعم غیرها فیما إذا کان من باب النهی عن المنکر.

7: حبس الممسک للقتل

7: حبس الممسک للقتل

فی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، فی رجلین أمسک أحدهما وقتل الآخر قال: Sیقتل القاتل ویحبس الآخر حتی یموت غماً کما حبسه کما مات غماًR((1)).

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام): Sإن ثلاث نفر رفعوا إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام)، واحد منهم أمسک رجلاً وأقبل الآخر فقتله والآخر یراهم، فقضی فی صاحب الرؤیة أن تسمل عیناه، وفی الذی أمسک أن یسجن حتی یموت کما أمسکه، وقضی فی الذی قتل أن یقتلR((2)).

والظاهر أن المراد بالذی یراه الذی کان عیناً لهما لا الرؤیة الخارجیة، ولذا قال فی أول الحدیث: Sإن ثلاث نفر رفعوا إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام)R.

ولا یخفی أن کونهم ثلاثة، لعله من باب المثال، فإن کان هناک أربعة أو خمسة أو ما أشبه ذلک جری الحکم فی جمیعهم وإن کانت الحدود تدرأ بالشبهات.

وفی موثقة سماعة قال: Sقضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی رجل شد علی رجل لیقتله والرجل فار منه فاستقبله رجل آخر فأمسکه علیه حتی جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذی قتله، وقضی علی الآخر الذی أمسکه علیه أن یطرح فی السجن أبداً یموت فیه لأنه أمسکه علی الموتR((3)).

ص:73


1- الوسائل: ج19 ص35 الباب 17 ح1
2- الوسائل: ج19 ص35 الباب 17 ح3
3- الوسائل: ج19 ص35 الباب 17 ح2

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود، ثم إن موارد الحبس فی الروایات متعددة ذکرنا أغلبها فی بعض کتب (الفقه) بالمناسبة، ولعلها تصل إلی عشرین موضعاً، أما کیفیة الحبس وخصوصیاته فقد ذکرنا بعضها هناک.

8: التحجب

8: التحجب

یجب التحجب علی المرأة البالغة عن الأجانب بالأدلة الأربعة، وفی الوجه والکفین خلاف ذکرنا تفصیله فی کتاب النکاح.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إلاّ أن یُؤْذَنَ لَکُمْ إلی طَعامٍ غَیْرَ ناظِرینَ إِناهُ وَلکِنْ إذا دُعیتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسینَ لِحَدیثٍ إنّ ذلِکُمْ کانَ یُؤْذِی النَّبِیَّ فَیَسْتَحْیی مِنْکُمْ وَاللَّهُ لا یَسْتَحْیی مِنَ الْحَقِّ وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِکُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِکُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما کانَ لَکُمْ أن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أن تَنْکِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إنّ ذلِکُمْ کانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظیماً﴾((1)).

والآیة وإن کانت ظاهرة فی نساء النبی (صلی الله علیه وآله) بقرینة السیاق إلاّ أن عدم اختصاصهن بحکم إلاّ عدم الزواج بعده (صلی الله علیه وآله) یدل علی الإطلاق.

ثم إذا قلنا بجواز الوجه والکفین وظاهر القدمین، فالظاهر أنه لا یجوز لأحد من الرجال الأجانب النظر إلیها نظراً بریبة وتلذذ وشهوة، وإنما یجوز إن وقع النظر إلیها.

کما أن الأمر کذلک بالنسبة إلی العکس، فإن المرأة تنظر إلی وجه الرجل ورقبته وما أشبه ذلک، کما کن النساء یحضرن مجلس رسول الله (صلی الله علیه وآله) ومجلس علی (علیه السلام) وهما علی المنبر، ومن الواضح أنهما (علیهما السلام) کانا بادیا الوجه والرقبة ونحوهما.

9: الحج عقوبة

9: الحج عقوبة

فی صحیح زرارة، قال: سألته (علیه السلام) عن محرم غشی امرأته وهی محرمة، قال: Sجاهلین أو عالمینR، قلت: أجبنی عن الوجهین جمیعاً، قال: Sإن کانا جاهلین استغفرا ربهما ومضیا

ص:74


1- سورة الأحزاب: الآیة 53

علی حجهما ولیس علیهما شیء، وإن کانا عالمین فرق بینهما من المکان الذی أحدثا فیه وعلیهما بدنة، وعلیهما الحج من قابل، فإذا بلغا المکان الذی أحدثا فیه فرق بینهما حتی یقضیا نسکهما ویرجعا إلی المکان الذی أصابا فیه ما أصاباR، قلت: فأی الحجتین لهما، قال: Sالأولی التی أحدثا فیها ما أحدثا، والأخری علیهما عقوبةR((1)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

أما ما ذکره بعض الفقهاء من أنه یجب الحج مرتین((2)) مرة عقوبة ومرة حجاً إسلامیاً ونحوه فالظاهر أن الدلیل قاصر عنه.

ولا فرق فی ذلک بین الدخول والإمناء، أو الدخول بلا إمناء، أو کون الدخول فی القبل أو فی الدبر.

ومن الحکم فی الروایة یظهر ما إذا کان أحدهما عالماً والآخر جاهلاً، من غیر فرق بین أن یکون العالم الرجل أو المرأة، ولا یبعد أن یکون الناسی کالجاهل.

10: الحج عن المیت

10: الحج عن المیت المستطیع الذی لم یذهب إلی الحج

فإنه إذا کان علیه حج واجب ولم یذهب إلیه وجب الحج عنه بماله، فإذا لم یکن له مال لم یجب الحج علی أحد، ویدل علی ذلک متواتر الروایات:

کموثق سماعة، عن الصادق (علیه السلام)، عن الرجل یموت ولم یحج حجة الإسلام ولم یوص بها وهو موسر، فقال: Sیحج عنه من صلب ماله لا یجوز غیر ذلکR((3)).

وفی صحیحة ابن أبی یعفور، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): رجل نذر لله إن عافی الله ابنه من وجعه لیحجنه إلی بیت الله الحرام، فعافی الله الابن ومات الأب، فقال: Sالحجة علی الأب یؤدیها عنه بعض ولدهR، قلت: هی واجبة علی ابنه الذی نذر فیه، فقال: Sهی واجبة علی الأب من ثلثه أو یتطوع ابنه فیحج عن أبیهR((4)).

إلی غیر ذلک من الروایات التی

ص:75


1- الوسائل: ج9 ص257 الباب 3 من الکفارات ح9
2- أی بالإضافة إلی إتمام الحج الذی أفسده، فیکون ثلاثة حجج
3- الوسائل: ج8 ص50 الباب 28 من وجوب الحج ح3
4- الوسائل: ج8 ص52 الباب 29 من وجوب الحج ح3

فصلناها بفروعها وخصوصیاتها فی کتاب الحج.

11: حجة الإسلام

11: حجة الإسلام

فإنها تجب علی کل مستطیع بالشروط المقررة فی الفقه، قال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبیلاً وَمَنْ کَفَرَ فإنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمینَ﴾((1)).

والظاهر أن المراد بالکفر الکفر العملی، لأنه ینقسم الکفر إلی کفر اعتقادی یوجب خروج الإنسان عن حوزة المسلمین، وکفر عملی مما کرر فی الآیات والروایات کهذه الآیة، وکقوله سبحانه: ﴿لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزیدَنَّکُمْ وَلَئِنْ کَفَرْتُمْ أن عَذابی لَشَدیدٌ﴾((2)).

وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: Sیا علی کفر من هذه الأمة عشرة ...R((3)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

وعلی أی حال، ففی صحیح ابن أذینة، قال: کتبت إلی أبی عبد الله (علیه الصلاة والسلام)، إلی أن قال: فجاء الجواب بإملائه: Sسألت عن قول الله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ عَلَی النَّاسِ﴾، یعنی به الحج والعمرة جمیعاً لأنهما مفروضتانR، وسألته عن قول الله عز وجل: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾((4))، قال: Sیعنی بتمامهما أداءهما واتقاء ما یتقی المحرم فیهماR، وسألته عن قول الله تعالی: ﴿الْحَجِّ الْأَکْبَرِ﴾((5))، فقال: Sالحج الأکبر الوقوف بعرفة ورمی الجمار، والحج الأصغر العمرةR((6)).

ص:76


1- سورة آل عمران: الآیة 97
2- سورة إبراهیم: الآیة 7
3- الوسائل: ج8 ص20 الباب 7 من وجوب الحج ح3
4- سورة البقرة: الآیة 196
5- سورة التوبة: الآیة 3
6- الوسائل: ج8 ص3 الباب 1 من وجوب الحج ح1

12: الحج بالنذر ونحوه

12: الحج بالنذر ونحوه إذا نذر الإنسان الحج أو حلف أو عاهد الله سبحانه وتعالی وجب علیه الحج، وقد ذکرنا فی (الفقه) عدم تقدم النذر علی الواجب الأصلی فی مسألة من نذر أن یزور الحسین (علیه السلام) کل یوم عرفة ثم استطاع.

وکذلک کل نذر ینافی الواجب الأصلی، کما إذا نذر أن یقرأ القرآن من أول الظهر إلی المغرب، فإنه لا یتمکن من ذلک والحال أن علیه الصلاة الواجبة، وإن کان النذر قبل الوصول إلی الظهر.

13: الحدیث بنعمة الله سبحانه وتعالی

13: الحدیث بنعمة الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ﴾((1)).

أقول: الظاهر أنه حکم استحبابی لعدم القول بوجوبه فی ما وجدت من کتب الفقهاء، وربما یقال إن الآیة أعم من الواجب والمستحب، إذ بعض أقسام الحدیث واجب کحدیث النبی (صلی الله علیه وآله) عن نعمة الله سبحانه له بإرساله نبیاً لیتبعه الناس، وکذلک بالنسبة إلی الإمام، بل والعالم الدینی، بل ومثل الطبیب الذی یحتاج إلی طبه الناس مما إذا لم یحدث لم یراجعه الناس فیقعون فی عسر وحرج ویختل النظام إلی غیر ذلک.

بالإضافة إلی أن الوقوع فی العسر والحرج غیر صحیح، وفرق بین العسر والحرج فإن العسر بدنی والحرج نفسی إذا ذکرا معاً، أما إذا ذکر أحدهما فهو یشمل الأمرین، ولذا ذکرنا أن الضیف لو خجل خجلاً شدیداً إلی حد الحرج من الاغتسال حیث یظن به الظن وما أشبه ذلک جاز له التیمم، وإن کنت لم أر الفقهاء ذکروا ذلک.

14: الحداد علی المتوفی عنها زوجها

14: الحداد علی المتوفی عنها زوجها

قد ذکرنا فی کتاب الطلاق وجوب الحداد علی المتوفی عنها زوجها کما فی القرآن

ص:77


1- سورة الضحی: الآیة 11

الحکیم، ودل علیه الأخبار المستفیضة، ودعوی الإجماع علیه متواتر.

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ فیما فَعَلْنَ فی أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ﴾((1)).

ولا یخفی أن المرأة إذا کانت غیر مؤمنة وکان فی دینها عدم الحداد، لا یجب الحداد ولا جناح بالنسبة إلی من یتزوجها لقاعدة الإلزام، کما أن الحداد عندهم إذا کان أقل من الحداد عندنا أو أکثر لزم اتباع ما عندها لنفس القاعدة.

15: تحریض المؤمنین علی القتال فی سبیل الله

15: تحریض المؤمنین علی القتال فی سبیل الله

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنینَ عَلَی الْقِتالِ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿فَقاتِلْ فی سَبیلِ اللَّهِ لا تُکَلَّفُ إلاّ نَفْسَکَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنینَ﴾((3)).

والظاهر أن الحکم لیس خاصاً بالرسول (صلی الله علیه وآله)، بل هو أسوة، فیجب ذلک وجوباً کفائیاً کما هو المستفاد من الآیة عرفاً، وهل هو من مصادیق الأمر بالمعروف أو حکم مستقل، احتمالان، وإن لم یستبعد الأول.

16: إحراق الحیوان الموطوء

16: إحراق الحیوان الموطوء

قد ذکرنا فی کتاب الحدود تفصیل الکلام فی ذلک، وذلک لبعض الروایات الدالة علیه والشهرة المحققة فیه.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) کما فی صحیح ابن سنان: Sفی الرجل یأتی البهیمة إن کانت البهیمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار، ولم ینتفع بها، وضرب هو خمسة وعشرون سوطاً ربع حد الزانی، وإن لم تکن البهیمة له قومت وأخذ ثمنها منه ودفع إلی صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ینتفع بها وضرب خمسة وعشرون سوطاًR، فقلت: وما ذنب البهیمة، فقال: Sلا ذنب لها ولکن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فعل هذا وأمر به لکی

ص:78


1- سورة البقرة: الآیة 234
2- سورة الأنفال: الآیة 65
3- سورة النساء: الآیة 84

لا یجرأ الناس بالبهائم وینقطع النسلR((1)).

أقول: الحرق نوع ردع کما فی الآیة الکریمة بالنسبة إلی السامری وعجله: ﴿قالَ فَاذْهَبْ فإنَّ لَکَ فِی الْحَیاةِ أنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإنَّ لَکَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إلی إِلهِکَ الَّذی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاکِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِی الْیَمِّ نَسْفاً﴾((2)).

وقد جرت العادة عند العقلاء بأنهم إذا أرادوا التأدیب أغرقوا متاع المجرم أو أحرقوه، فإن مثل ذلک نوع إلقاء الرعب، لأن لا یرتکب مثل ذلک، وقد یکون إهانة للمجرم، قال تعالی: ﴿إِنَّکُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾((3)).

17: إحراق اللائط والملوط

17: إحراق اللائط والملوط

المشهور بین الفقهاء إن الإمام (علیه السلام) یخیر فی قتلهما بین ضربهما بالسیف أو تحریقهما أو رجمهما أو إلقائهما من الشاهق أو إلقاء جدار علیهما أو الجمع بین أحد هذه الأمور وبین الحرق.

ویدل علی الحکم فی الجملة صحیح الغزرمی، قال الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sوجد رجل مع رجل فی إمارة عمر فهرب أحدهما وأخذ الآخر فجیء به إلی عمر... إلی أن قال: ما تقول یا أبا الحسن، قال: اضرب عنقه فضرب عنقه، ثم أراد أن یحمله، فقال (علیه السلام): مه إنه قد بقی من حدوده شیء، قال: أی شیء بقی، قال: أدع بحطب، فدعی عمر بحطب، فأمر به أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) فأحرق بهR((4)).

لکنا ذکرنا فی کتاب (الفقه) أن للإمام العفو عن کل ذلک إذا رآه صلاحاً، ویدل علیه ما روی عن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) من أنه عفا عن ذلک الرجل اللائط بعد أن لم یحترق بالنار فی قصة مشهورة((5)).

ص:79


1- الوسائل: ج18 ص570 الباب 1 من نکاح البهائم ح1
2- سورة طه: الآیة 97
3- سورة الأنبیاء: الآیة 98
4- الوسائل: ج18 ص420 الباب 3 من حد اللواط ح4
5- الوسائل: ج18 ص423 الباب 5 من حد اللواط ح1

18: تحریم ما حرم الله

18: تحریم ما حرم الله

قال سبحانه: ﴿قاتِلُوا الَّذینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَلا یُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ﴾((1))، مما یستفاد منه أنه یجب علی الإنسان تحریم ما حرم الله، لکن المراد بالتحریم العملی لا القلبی، وقد ذکر الشیخ المرتضی (رحمه الله) فی أول الرسائل ما ینفع المقام.

ولا یستبعد أن لایکون هذا حکماً جدیداً، بل هو من قبیل Pأطیعوا الله وأطیعوا الرسولO((2))، فإنه لیس هناک محرمان فی کل محرم کما هو واضح، وإن اجتمع فی مکان محرمان أو واجبان فالثانی تأکید وتشدید لا أنه حکم وحکم.

ومن ذلک یعرف أن حلیة اللحم إذا کان بحریاً للمُحرم، وحرمته إذا کان محرماً بالنسبة إلی الوحش ونحوه، کما قال سبحانه: Pوطعامه متاعاً لکم وللسیارة وحرم علیکم صید البر ما دمتم حرماO((3)) یکون من باب الامتحان، کمن امتحن عکسه بالنسبة إلی الذین کانوا یصطادون فی السبت، فکان محرماً علیهم صید البحر بینما یحل لهم صید البر.

فإن الأحکام قد تکون لوجه فی متعلق الحکم لضرر أو ما أشبه ذلک، وقد یکون لوجه خارجی، ولذا حرم الله علی بین إسرائیل بعض الأشیاء المحللة فی دیننا ولم یکن ذلک لضرر فی المحرم وإنما کان بالاعتبار الخارجی، حیث قال سبحانه: Pفبظلم من الذین هادوا حرمنا علیهمO((4)) الآیة.

19: الحذر عن مخالفة الأمر

19: الحذر عن مخالفة الأمر قال سبحانه: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَیْنَکُمْ کَدُعاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الَّذینَ یَتَسَلَّلُونَ مِنْکُمْ لِواذاً فَلْیَحْذَرِ الَّذینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أنْ تُصیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصیبَهُمْ عَذابٌ أَلیمٌ﴾((5)).

والظاهر أنه أمر إرشادی، إذ لیس هناک محرمان کما تقدم، بل المراد به الحذر العملی فی الأعمال، فإنه لا یلزم الحذر القلبی، مثلاً من لا یشرب الخمر لکنه لا یحذر عنها قلباً لم یأت بالمحرم، وقد تکرر فی الآیات الکریمة لفظ الحذر وهی کذلک، فلا داعی إلی

ص:80


1- سورة التوبة: الآیة 29
2- سورة المائدة: الآیة 92
3- سورة المائدة: الآیة 96
4- سورة النساء: الآیة 160
5- سورة النور: الآیة 63

ذکرها بالتفصیل.

20: محاسبة النفس

20: محاسبة النفس

قال الکاظم (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح إبراهیم الیمانی: Sلیس منا من لم یحاسب نفسه فی کل یوم، فإن عمل حسناً استزاد الله، وإن عمل سیئاً استغفر الله منه وتابR((1)).

والظاهر أنه واجب غیری مقدمة لترک المعاصی والإتیان بالواجبات وقضاء ما فات، لا أنه واجب من جملة الواجبات المولویة.

وفی الحدیث: Sحاسبوا أنفسکم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنواR((2)).

والفرق بینهما أن الوزن لمعرفة الإنسان أن نفسه علی أی قدر من الأقدار، إذ من الممکن أن یکون إنسانان لا یفعلان الحرام ویأتیان بالواجب لکن وزنهما یختلف من حیث القرب والبعد من الله سبحانه وتعالی، فإن الأمر فی المعنویات کالمادیات، مثلاً مثقال من الذهب ومثقال من الفضة کلاهما مثقال، لکن أحدهما یسوی ألفاً والآخر مائة، وکذلک الأمر فی العکس کمثقال من الذهب وعشرین مثقالاً منه.

ویؤید ما ذکرناه ما ورد فی بعض الأحادیث من اختلاف الناس وإن کانوا متساوین فی العمل حسب قدر عقولهم، وقصة ذلک العابد الذی تمنی أن یکون لله حمار، دلیل علی ذلک، بالإضافة إلی متواتر الروایات علی أن جزاء الأعمال بقدر العقول.

21: الإحسان

21: الإحسان

قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإیتاءِ ذِی الْقُرْبی﴾((3)).

وهل الإحسان واجب أم لا، ظاهرهم عدم الوجوب، لکن لا یبعد ذلک فی الجملة، فإن النظام الاجتماعی لا یکون متکاملاً إلاّ بالإحسان، فیکون واجباً بقدر قیام النظام

ص:81


1- الوسائل: ج11 ص377 الباب 96 من جهاد النفس ح1
2- الوسائل: ج11 ص380 الباب 96 من جهاد النفس ح9
3- سورة النحل: الآیة 90

الاجتماعی، ولهذا نشاهد أن مثل بناء المساجد والمدارس والحسینیات وما أشبه ذلک یسبب قیام النظام الاجتماعی الدینی، فإذا فقد بلد أمثال هذه الأمور یکون البلد بعیداً عن موازین الله سبحانه وتعالی.

فالعدل واجب مطلقاً، والإحسان واجب فی الجملة، أما قوله Pإیتاء ذی القربیO((1)) فهو واجب فی مورد الوجوب ومستحب فی مورد الاستحباب، وفی الحدیث: Sلا صدقة وذو رحم محتاجR((2)).

 ویؤیده السیاق فی الآیة المبارکة، بل وسائر الآیات کقوله سبحانه: ﴿وَأَحْسَنُوا﴾((3)) إلی غیر ذلک.

22: الإحسان إلی الأسیر

22: الإحسان إلی الأسیر

فی روایة عن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام): Sإاطعام الأسیر والإحسان إلیه حق واجب وإن قتلته من الغدR((4)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

ویؤید ذلک أمر أمیر المؤمنین (علیه السلام) بإطعام ابن ملجم، وفعل الحسن (علیه السلام) ذلک، مع العلم أنه کان من أشد الأعداء الذی یجب قتلهم.

ثم لا یخفی أن للإمام (علیه السلام) وصیتین بالنسبة إلی ابن ملجم، وصیة بأنه لا یقتل إلا بضربة، ووصیة بأن یعفی عنه، بل أکد ذلک بقوله سبحانه: Pألا تحبون أن یغفر الله لکمO((5))، والمشهور الذین یقرؤون القصة إنما یقرؤون الموضوع الأول، أما الموضوع الثانی فهو مغفول عنه مع أنه موجود فی نهج البلاغة کما لا یخفی.

23: حسن الظن بالله

23: حسن الظن بالله

قال سبحانه: ﴿وَیَوْمَ یُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إلی النَّارِ فَهُمْ یُوزَعُونَO إلی قوله: Pوَما کُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن یَشْهَدَ عَلَیْکُمْ سَمْعُکُمْ وَلا أَبْصارُکُمْ وَلا جُلُودُکُمْ وَلکِنْ ظَنَنْتُمْ أنّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ کَثیراً مِمَّا

ص:82


1- سورة النحل: الآیة 90
2- مستدرک الوسائل: ج7 ص196 ب18 ح12
3- سورة المائدة: الآیة 93
4- الوسائل: ج11 ص69 الباب 32 من جهاد العدو ح3
5- سورة النور: الآیة 22

تَعْمَلُونَ وَذلِکُمْ ظَنُّکُمُ الَّذی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّکُمْ أَرْداکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرینَ﴾((1)).

وفی صحیح ابن رئاب، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: Sیؤتی بعبد یوم القیامة الظالم لنفسه فیقول الله: ألم آمرک بطاعتی، ألم أنهک عن معصیتی، فیقول: بلی یا رب، ولکن غلبت علی شهوتی فإن تعذبنی لم تظلمنی، فیأمر الله به إلی النار، فیقول: ما کان هذا ظنی بک، فیقول: ما کان ظنک بی، قال: کان ظنی بک أحسن الظن، فیأمر الله به إلی الجنة، فیقول الله وتبارک تعالی: لقد نفعک حسن ظنک بی الساعةR((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات الظاهرة فی وجوب ذلک، وإنما عبر بذلک لأنه لا یقین للإنسان بالنجاة غالباً، ولا یصح له أن یبقی فی الوهم أو الشک إذا کان واهماً أو شاکاً، بل ینمی فی نفسه ملکة حسن الظن بالتلقین والتفکر فی لطف الله سبحانه وتعالی، لکنی لم أجد أحداً من الفقهاء ذکر ذلک فی عداد الواجبات، ولعله من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

ولا یخفی أنه کما یحسن حسن الظن، یقبح سوء الظن، وقد تقدم فی الآیة المبارکة: Pوذلکم ظنکم الذی ظننتم بربکم أرداکمO وذلک یدل علی أن الظن السیء هو المردی لا أنه مقدمة للعمل، وإن کان مقدمة للعمل أیضاً.

ثم معنی الظن هو أن یرجح فی نفس الإنسان معاملة الله معه معاملة حسنة، أو معاملة الله معه معاملة سیئة، وکلا الأمرین فی ید الإنسان بالتفکر والملاحظة، وإن کان بعض الناس بطبعهم حسن التفکیر، وبعض الناس بطبعهم سیء التفکیر.

24: الإحسان بالوالدین وبغیرهم

24: الإحسان بالوالدین وبغیرهم

قال سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئاً وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَبِذِی الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینِ وَالْجارِ ذِی الْقُرْبی وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبیلِ وَما مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ

ص:83


1- سورة فصلت: الآیة 19 _ 23
2- الوسائل: ج11 ص182 الباب 16 من جهاد النفس ح9

إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ مَنْ کانَ مُخْتالاً فَخُوراً﴾((1)).

ظاهر الآیة الوجوب، لکن ذلک یقید بالمتعارف من الإحسان مما لم تقم السیرة علی خلافه، فاللازم اتباع سبیل المؤمنین منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی کیفیة الإحسان إلی هؤلاء.

ولا یبعد شمول ذلک حتی لمثل ما إذا کان الولد لغیر رشده فإنه ولد، ولذا یحرم نکاحه إلی غیر ذلک مما ذکرناه فی (الفقه) مفصلاً، أما ولد الشبهة فهو ولد حلال.

لکن ذلک من باب الاقتضاء لا من باب العلیة فهو ولد حلال، فقد یکون من کلا الطرفین وقد یکون من طرف واحد.

أما ولد الحرام فقد ذکرنا فی (الفقه) أنه ولد لغةً وشرعاً وعرفاً، فهو محکوم بجمیع الأحکام من صلة الرحم والنفقة وما أشبه، باستثناء ما أخرجه الشارع من مثل الإرث والقضاء والتقلید وما أشبه ذلک.

25: حصر المشرکین

25: حصر المشرکین

قال سبحانه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِکینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ کُلَّ مَرْصَدٍ فَإنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّکاةَ فَخَلُّوا سَبیلَهُمْ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((2)).

والظاهر من الحصر حبسهم فی مکانهم حتی لا یتمکنوا من الانتشار والاستنصار، والأخذ عبارة عن إلقاء القبض علیهم لیکونوا تحت إشراف المؤمنین، والقعود لهم لأجل ملاحظة تحرکاتهم.

وکل ذلک من الطبیعی بین طرفین متحاربین، فکما یفعل المشرکون بالمؤمنین ذلک یقابلون بالمثل، لکن مع وضوح الشفقة فی طرف المؤمنین کما فعلها رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حروبه وغزواته، والمشرکون من باب المثال وإلا فکل کافر وباغ حکمه

ص:84


1- سورة النساء: الآیة 36
2- سورة التوبة: الآیة 5

نفس الحکم مع تفصیل ذکر فی (الفقه).

وقوله سبحانه: Pفاقتلوا المشرکینO لیس بمعنی الاستیعاب بل بمعنی المتعارف، کما کان منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، کما أن قوله سبحانه: Pواقعدوا لهم کل مرصدO هو حسب المتعارف، فإن من الألفاظ ما یراد به المعنی الحقیقی، ومنه ما یراد به المعنی العرفی حسب قوله تعالی: Pما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومهO((1))، وحسب قوله (صلی الله علیه وآله): Sإنا معاشر الأنبیاء أمرنا أن نکلم الناس علی قدر عقولهمR((2)).

26: إحصاء العدة

26: إحصاء العدة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾((3)).

والظاهر أن إحصاء العدة لیس أمراً خارجاً عن الالتزام بأحکام العدة، بل هو مقدمی لأخذها العدة من عدم جواز التزویج وغیره مما ذکر فی (الفقه).

ومن الواضح أن الإحصاء لیس بواجب ذاتاً ولا مقدمةً، فإن فعل ما یوجب العدة بلا إحصاء عمل باللازم علیها، وإن کانت غیر مبالیة ترید الزواج فی العدة بل تعمل لأجله، نعم ذلک یکون من التجری، وقد ذکر فی الأصول أن التجری لیس بمحرم.

وعلیه فلو أخذت العدة کاملة بدون علم بأعداد یومها أو مع القطع بالنقیصة بحیث کانت مطابقة للواقع کانت کافیة.

27: الحض علی إطعام المسکین

27: الحض علی إطعام المسکین

قال سبحانه: ﴿أَرَأَیْتَ الَّذی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ فَذلِکَ الَّذی یَدُعُّ الْیَتیمَ وَلا یَحُضُّ عَلی طَعامِ الْمِسْکینِ﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّهُ کانَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظیمِ وَلا یَحُضُّ عَلی طَعامِ الْمِسْکینِ﴾((5)).

وقال سبحانه: ﴿کَلاَّ بَلْ لا تُکْرِمُونَ الْیَتیمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلی طَعامِ الْمِسْکینِ﴾((6)).

وظاهر الآیات المذکورة وجوب الحض علی طعام المساکین، فإن

ص:85


1- سورة إبراهیم: الآیة 4
2- الکافی: ج1 ص23
3- سورة الطلاق: الآیة 1
4- سورة الماعون: الآیة 1 _ 3
5- سورة الحاقة: الآیة 33 _ 34
6- سورة الفجر: الآیة 17 _ 18

المسکین طبیعة ساریة فی المجتمع والحض واجب حسب المتعارف، فهو کفائی یقصد به الوصول إلی طعامهم ونحوه، فیشمل ما یصل إلی هذه النتیجة.

وإذا وجب الحض وجب الإطعام بطریق أولی إذا کان شبعهم متوقفاً علی ذلک، والسیرة من الرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) والعلماء الراشدین تدل علی حدود الحض، کما أن السیرة منهم تدل علی کیفیة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر، فلا یجب علی الإنسان أن یذهب کل یوم إلی دور الناس یدق علیهم الأبواب لیعلمهم ویأمرهم وینهاهم، وإن کان علم أن کثیراً منهم لا یعلم أو لا یعمل.

ومن المحتمل أن یکون المراد بالحض علی طعام المسکین هو المعنی المتعارف من إقامة شؤونهم کاللباس والمسکن والدواء، بل وحتی الزواج فی مستحقه ذکراً أو امرأة.

ولا یراد بالمسکین هنا ما یقابل الفقیر کما فی آیة الزکاة، فإن کل واحد منهما إذا ذکر منفرداً شمل کلیهما، وإذا ذکرا مجتمعین أرید بکل واحد معنی غیر المعنی المراد بالآخر.

ومن الواضح أن قوله سبحانه فی هذه الآیة المبارکة مشتمل علی الواجب والمستحب، کما ذکر کل واحد فی موضعه من الفقه، لکن لو فرض أن جماعة من المؤمنین أخذوا بالدوران علی الناس فی بیوتهم بدون إزعاج أو منقصة کان ذلک أمراً حسناً، کما کان یأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله) بالدوران فی الأسواق بتبلیغ الأحکام، وکذلک کان یفعل علی (علیه السلام) بنفسه، وهکذا بعض العلماء کما نقل عنهم.

28: حضانة الأطفال

28: حضانة الأطفال قال سبحانه: ﴿وَالْوالِداتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کامِلَیْنِ لِمَنْ أَرادَ أن یُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَی الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُکَلَّفُ نَفْسٌ إلاّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَی الْوارِثِ مِثْلُ ذلِکَ فإن أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَیْهِما وَإنْ أَرَدْتُمْ أن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَکُمْ فَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ إذا سَلَّمْتُمْ ما آتَیْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أنَّ

ص:86

اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصیرٌ﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی باب الرضاع من کتاب النکاح.

29: حضانة اللقیط

29: حضانة اللقیط یجب حفظ اللقیط أو تسلیمه إلی الحاکم الشرعی أو إلی محل أمین کدور الحضانة فی الحال الحاضر، ولا یبعد لزوم الاحتیاط بالاستئذان من الحاکم الشرعی فی تسلیمه إلی المحل المذکور، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب اللقطة.

وإنما قلنا لا یبعد لزوم الاحتیاط، ذلک لأن الحاکم ولی أمثال هؤلاء، فالتصرف فیهم بدون إذنه محل إشکال.

30: حفظ الترتیب

30: حفظ الترتیب

یجب علی من یبتلی بالناس حفظ الترتیب بینهم، فلا یحق له أن یقدم المتأخر ولا عکسه، لأنه خلاف الحق، وفی الأحادیث: إن حق المسلم لا یبطل((2))، فاذا جاء إلی الفقیه الواجب علیه بیان الحکم نفران لم یحق له تقدیم المتأخر منهما إلاّ بإجازة المتقدم، وکذلک فی بحث القضاء وغیره، کما ذکرنا تفصیله هناک، واذا جاءا متساویین لزم القرعة، وفی الروایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) إنه لم یقدم المتأخر من النفرین الذین جاءا إلیه إلاّ بعد إجازة المتقدم به.

لکن الظاهر أنه إذا لم یکن تضییعاً لحق المتقدم بتأشیر المتأخر لم یکن ذلک واجباً، وإنما یکون من الآداب المستحبة، ولذا إذا لم یعلم المتقدم والمتأخر جاز أن یؤدی حق أحدهما وإن لم یعلم بأنه المتقدم.

ص:87


1- سورة البقرة: الآیة 233
2- الوسائل: ج18 ص248 الباب 18 من الشهادات ح3

31: حفظ حمامة الحرم

31: حفظ حمامة الحرم

فی صحیح زرارة: إن الحکم سأل أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل أهدی له فی الحرم حمامة مقصوصة، فقال: Sانتفها وأحسن علفها حتی إذا استوی ریشها فخل سبیلهاR((1)).

والمسألة موکولة إلی کتاب الحج، فإن الحکم وإن کان وارداً فی الحمامة لکن الظاهر أنه أعم من الحمامة وغیر الحمامة من سائر أقسام الطیور.

32: المحافظة علی الصلوات

32: المحافظة علی الصلوات

قال سبحانه ﴿حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطی وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتینَ﴾((2)).

والظاهر أن الأمر إرشادی، إذ المحافظة علی الصلاة لا تزید عن نفس الصلاة، وهذه الأوامر الإرشادیة إنما هی للتأکید.

ولا یخفی أنا ذکرنا فی (الفقه) أن بعض الروایات یدل علی کون الظهر هو المراد بالصلاة الوسطی، وذلک لأنه وسط بین طرفی النهار، ولعل وجه التأکید هو أن غالب الناس فی هذا الوقت یشتغلون بکسبهم وسائر أعمالهم ولا یذهبون إلی الصلاة فرادی أو جماعة، وإنما یؤخرون الصلاة إلی آخر الوقت، کما هو المشاهد إلی هذا الیوم.

33: حفظ الفرج

33: حفظ الفرج قال سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنینَ یَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَیَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِکَ أَزْکی لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبیرٌ بِما یَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَیَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها﴾((3)) الآیة.

إطلاق حفظ الفرج شامل للزنا واللواط والسحق والاستمناء ووطی البهائم، فاعلاً أو

ص:88


1- الوسائل: ج9 ص199 الباب 12 من کفارات الصید ح2
2- سورة البقرة: الآیة 238
3- سورة النور: الآیة 30 _ 31

مفعولاً، رجلاً أو امرأة، ولمس فرج الغیر ورؤیته، وإظهار حجمه، أو النظر إلی حجمه ولو من تحت ستر أو صبغ أو نحو ذلک، وما فی آخر الآیة من قوله سبحانه: ﴿ذلِکَ أَزْکی﴾ لا یدل علی الاستحباب، فإن کثیراً من آیات القرآن یبین الحکمة فی الحکم مثل: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِکْری﴾((1)) و﴾لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ﴾((2)) فی آیة الصوم، إلی غیرهما.

ومن ذلک یظهر حرمة النظر إلی عورة المجنون والطفل الممیز، فإن ذلک ینافی حفظ الفرج، إذ حفظ الفرج شامل لفرج نفسه وفرج غیره، فهو مثل ﴾لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ﴾((3)) ونحوه، أما تفصیل المسألة فقد ذکرناه فی (الفقه).

لکن النظر إلی الفرج المصنوع من البلاستیک فالظاهر أنه لیس بحرام إذا لم یکن بریبة ولذة وإثارة شهوة، أما الإدخال فی فرجها أو فی فرجه، أو إدخال عورة الرجل فی فرج نفسه المطاط، وإن کان الرجل مصنوعاً من البلاستیک فمشکل، لکن لا یبعد حرمة الثانی إذا کان مثیراً کما هو الغالب.

34: حفظ المال

34: حفظ المال

قال سبحانه: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَکُمُ الَّتی جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ قِیاماً وَارْزُقُوهُمْ فیها وَاکْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((4)).

قد ذکرنا فی (الفقه) فی باب النفقات وجوب حفظ المال المعتنی به، فإن عدم حفظه من الإسراف والتبذیر وذلک منهی عنه، ولا فرق بین المال الذی یکون للإنسان نفسه أو یکون الإنسان متولیاً علیه فی الوقف ونحوه، فإنه بالإضافة إلی ذلک ارتکاز من الواقف فی الوقف فیشمله Sالوقوف علی حسب ما وقفها أهلهاR((5))، وکذلک الأموال التی تحت ید الإنسان لقطة

ص:89


1- سورة طه: الآیة 14
2- سورة البقرة: الآیة 183
3- سورة البقرة: الآیة 188، سورة النساء: 29
4- سورة النساء: الآیة 5
5- الوسائل: ج13 ص295 ح2

أو لمن هو متول علیه أو ما أشبه ذلک.

وفی الحدیث: Sحرمة ماله کحرمة دمهR((1))، ولذا ذهب بعض الفقهاء کالشهید الثانی وغیره إلی وجوب حفظ مال الغیر، لکنا ناقشنا فی ذلک فی موضعه إلاّ إذا کان له من الأهمیة بحیث علم من الشرع وجوبه.

35: حفظ النفس

35: حفظ النفس

یجب علی الإنسان حفظ نفسه وقواه وأعضائه، نعم الضرر الیسیر غیر المعتد به جائز، ولذا نری أن الرسول (صلی الله علیه وآله) وکذلک الزهراء (علیه السلام) وبعض الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) وقفوا علی أقدامهم حتی تورمتا، والإمام الحسن (علیه السلام) کان یحج حافیاً حتی تنجرح قدماه، وهکذا ورد بالنسبة إلی الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف): Sلأندبنک صباحاً ومساءً، ولأبکین علیک بدل الدموع دماًR((2)).

ومن المعلوم أن البکاء إلی أن یخرج الدم من العین ضرر، لکنه ضرر غیر محرم، فلا یشمل أمثال ذلک دلیل Sلا ضررR، ولذا تعارف بین الناس المشی راجلاً أو المشی فی الشمس أو ما أشبه ذلک مما یضر بالصحة فی الجملة.

ولا یقال: إن وقوف النبی (صلی الله علیه وآله) وبکاء الإمام (علیه السلام) مستحب.

إذ الضرر بمثل ذلک لو کان حراماً کان اقتضائیاً، ولا یقاومه الحکم اللااقتضائی، کما قرر فی الأصول والفقه.

وکذلک یجب حفظ نفس الآخر وقواه وأعضائه، وفی الحدیث: Sإن التارک لمداواة الجریح کالجارح لهR((3)).

کما أشرنا إلی ذلک فی کتاب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، بالإضافة إلی أنه المرتکز فی أذهان المتشرعة مما یعرف أنه انعکاس عن الشرع، ولذا یلومون وینسبون التارک إلی أنه فعل الحرام إذا لم ینقذ الناس فی الزلازل أو السیول أو الحرائق أو الغرق أو من أیدی الظالمین مع التمکن

ص:90


1- انظر الغوالی: ج3 ص473 ح4
2- البحار: ج98 ص320 الباب 41 من المزار ح8
3- انظر الوسائل: ج11 ص401 الباب 2 من الأمر والنهی ح5

أو ما أشبه ذلک.

وأحادیث حق المؤمن علی المؤمن((1)) ونحوها یدل علیه أو یؤیده.

نعم إذا توقف الدفاع علی القتل ونحوه جاز، ولذا یجوز إسقاط الأم جنینها إذا کان بقاؤه موجباً لهلاکها أو ما یشبه الهلاک فإنه نوع دفاع.

ولا یقال: إن الطفل لا یرید القتل.

لأنه یقال: لاحاجة إلی الإرادة بعد تحقق القتل به إذا بقی، فهو کما إذا هاجم مجنون غیر شاعر إنساناً یرید قتله، فإنه یجوز له الدفاع عن نفسه حتی بقتله، وکذلک السکران ونحوه.

أما قوله سبحانه وتعالی حکایة عن هابیل (علیه السلام): ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنی ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ﴾((2)) فالمراد أنه لا یتقدم إلیه بالقتل کما هو یرید أن یتقدم إلیه بالقتل، لا أنه لا یدافع عن نفسه ولو بقتل من یرید قتله، وعلی کل فمسألة الدفاع واضحة مذکورة فی کتب الفقه.

ومنه یظهر وجه النظر فی قول صاحب الجواهر فی الجنین حیث أفتی بوجوب الانتظار قال: (وأما لو کانا معاً حیین وخشی علی کل منهما فالظاهر الصبر إلی أن یقضی الله ولا ترجیح شرعاً والأمور الاعتباریة من غیر دلیل شرعی لا یلتفت إلیها).

فإن کلامه واضح النظر، هذا بالإضافة إلی الأدلة الثانویة، مثل: ﴿ما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ﴾((3))، و(لاضرر ولاضرار)((4))، و﴿یُریدُ اللَّهُ بِکُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُریدُ بِکُمُ الْعُسْرَ﴾((5)) وغیر ذلک.

نعم یجوز للإنسان تعریض نفسه للهلاک فی مثل ما إذا رکبوا سفینة تشرف علی الغرق إذا لم یلق بعضهم نفسه فی البحر، سواء کان ذلک بالاقتراع أو بدونه، إلی غیر ذلک من أمثاله، ومساهمة یونس (علیه الصلاة والسلام) حتی ألقی فی البحر

ص:91


1- الکافی: ج2 ص169 باب حق المؤمن علی أخیه
2- سورة المائدة: الآیة 28
3- سورة الحج: الآیة 78
4- الوسائل: ج17 ص340 الباب 12 من إحیاء الموات ح1
5- سورة البقرة: الآیة 185

والتقمه الحوت مذکورة فی القرآن الحکیم.

وکذلک فی کل مورد یدور الأمر بین الأهم والمهم.

أما احترام القوة کالباصرة والسامعة ونحوهما أو العضو کالعین والید والأنف فلدلیل Sلا ضررR وغیره، ولأنه من المثلة فی تلف العضو.

36: حفظ الودیعة

36: حفظ الودیعة

یجب علی المستودع أن یحفظ الودیعة حسب ما یکون الحفظ عرفاً، وقد أمر بذلک کتاباً وسنةً، ویدل علیه العقل والإجماع، فإن الخیانة محرمة والأمانة واجبة، وقد ذکرنا فی کتاب الودیعة أنه لا یمکن أن یکون هناک واجب ومحرم فی طرفی شیء واحد، فلابد أن یکون فی أحدهما الإرشاد إلی الآخر.

وقد ورد جملة من الروایات فی جواز الحلف کذباً لحفظ الودیعة من ید الظالم، وهو مقتضی القاعدة أیضاً.

قوله بحیث علم من الشرع((1))، أما المستثنی منه فللأصل، وأما المستثنی فلما ذکرناه من العلم من الشعر فی جواز الحلف کذباً، وکذلک مثل الحلف العهد والیمین وذلک للأهمیة، فإن الأمر إذا دار بین الأهم والمهم قدم الأهم، ومعنی جواز الحلف لیس الجواز بمعنی تساوی الطرفین، بل قد یجب إذا کانت الودیعة مهمة جداً.

37: حفظ أموال الناس

37: حفظ أموال الناس حفظ أموال الناس التی عند الإنسان بسبب إجارة أو عاریة أو رهن أو مضاربة أو شرکة أو وصیة أو غیرها واجب شرعاً، ویدل علیه الأدلة الأربعة أیضاً.

ومنه یعرف وجوب حفظ المال الذی ألقی فی صندوق الإنسان أو فی یده أو فی داره أو ما أشبه ذلک.

38: حفظ الأیمان

38: حفظ الأیمان

قال سبحانه: ﴿لا یُؤاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فی أَیْمانِکُمْ وَلکِنْ یُؤاخِذُکُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ فَکَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساکینَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلیکُمْ أَوْ کِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْریرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ ثَلاثَةِ أَیَّامٍ ذلِکَ کَفَّارَةُ أَیْمانِکُمْ إذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَیْمانَکُمْ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آیاتِهِ لَعَلَّکُمْ

ص:92


1- الظاهر أن فی العبارة سقط، ولکن المعنی واضح

تَشْکُرُونَ﴾((1)).

ومعنی حفظ الیمین العمل بما حلف علیه والجری علی مقتضاه، وقد قال سبحانه: ﴿وَلا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْکیدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَیْکُمْ کَفیلاً﴾((2)).

ولعل الآیة المبارکة تشمل النذر والعهد أیضاً، وإن کان لکل واحد منهما أیضاً دلیل مستقل، وقد ذکرنا أدلتها مع تفاصیل الکلام فیها فی کتاب الأیمان والنذور والعهد.

والمراد بقوله سبحانه: Pبعد توکیدهاO أی بعد وجودها، وإنما جیء بهذا اللفظ لأن الیمین هو مؤکد، وکأنه إشارة إلی الدلیل العقلی بأن الیمین بعد کونها مؤکدة کیف تنقضها.

39: حکم الحاکم الشرعی

39: حکم الحاکم الشرعی

یجب أن یحکم الحاکم الشرعی فی الموارد المبتلی بها للناس علی طبق الموازین الشرعیة، لأنه المنصوب عن قبلهم (علیهم السلام) لذلک، بالإضافة إلی وجوب الأسوة بالأنبیاء والأئمة (علیهم السلام).

قال سبحانه: ﴿یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناکَ خَلیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْکُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوی فَیُضِلَّکَ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ إنَّ الَّذینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ﴾((3)).

نعم ذلک علی نحو الکفایة، فإذا کان هناک حاکمان لا یجب علی کل واحد منهما عیناً، وإنما یجب کفایةً، کما أن ذلک أیضاً شامل للفقهاء الذین یحکمون بما أنزل الله فی الفتاوی، فإنه أیضاً نوع من حکم الله سبحانه، وقد ورد فی الدلیل وجوب إظهار العلم وأنه یجب إخراج الناس من الحیرة، إلی غیر ذلک من الأدلة العامة.

ولا یخفی أن الفصول العشائریة المتعارفة فی العراق وغیرها إذا کانت توجب الأحکام

ص:93


1- سورة المائدة: الآیة 89
2- سورة النحل: الآیة 91
3- سورة ص: الآیة 26

غیر الشرعیة کما فی بعض الأحیان کان ذلک محرماً، أما إذا کان یوجب حکماً شرعیاً بنحو المصالحة وما أشبه فلا بأس به.

40: الحکم بما أنزل الله

40: الحکم بما أنزل الله

قال سبحانه: ﴿فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿وَأنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَإنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿فَاحْکُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوی﴾((4)).

وقد ذکرنا فی کتاب (الفقه) أنه إذا راجع الکفار المسلمین یجوز لهم أن یحکموا علی طبق دین الله سبحانه، وأن یحکموا علی طبق أدیانهم، وکذلک بالنسبة إذا ما راجع العامی حاکم الخاصة، وقد ورد فی ذلک بعض الأدلة الخاصة.

ولذا ورد فی بعض الروایات أن الإمام (علیه السلام) قال لبعض أصحابه أن یجلس ویحکم حسب المذهب الراجع إلیه، فإن کان ممن یمیل إلیهم (علیهم السلام) حکم علی مذهب الخاصة، وإن کان من غیرهم حکم علی طبق أهوائهم. لکن لا یخفی أن ذلک إنما یجوز فیما إذا لم یکن الحکم علی طبق أهوائهم حراماً قطعیاً، کما إذا حکم بوجوب شرب الخمر أو الزنا أو اللواط أو ما أشبه ذلک.

41: حلق رأس الزانی

41: حلق رأس الزانی

ورد فی جملة من الروایات ذلک، بل نسبه بعضهم إلی أکثر المتأخرین أو إلی الشهرة أو عدم الخلاف فیه أو الإجماع علیه.

ویدل علیه بعض الروایات، مثل خبر علی بن جعفر، سأل أخاه (علیه السلام) عن رجل تزوج امرأة ولم یدخل بها فزنی ما علیه،

ص:94


1- سورة المائدة: الآیة 48
2- سورة المائدة: الآیة 49
3- سورة المائدة: الآیة 42
4- سورة ص: الآیة 26

قال: Sیجلد الحد ویحلق رأسه ویفرق بینه وبین أهله وینفی سنةR((1)).

وفی خبر حنان بن سدیر، عن الصادق (علیه السلام)، فی من تزوج ففجر قبل أن یدخل بأهله، فقال: Sیضرب مائة ویجز شعره وینفی من المصر حولاً ویفرق بینه وبین أهلهR((2)).

ولا یخفی أن هذا الحکم خاص بالزنا، أما الملامسة أو اللواط فلیس له هذا الحکم، کما أن وجود هذا الحکم إنما هو فی ما إذا کان وضعه للشعر من الزینة، أما إن کان ممن یحلق رأسه کل أسبوع مرة أو ما أشبه ذلک، فالظاهر أنه لیس بواجب، إذ الحلق لأجل المثلة والتنفیر وما أشبه ذلک، کما أنه إنما یکون إذا لم یکن الحلق موجباً لمرض أو ما أشبه کما فی بعض الناس المبتلین برؤوسهم.

وقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) احتمال جواز أن یحبس الحاکم مکان النفی، وعلیه دلالة فی بعض الروایات، وفی المسألة طول موکول إلی محله.

42: الحلق

42: الحلق

یجب الحلق أو التقصیر فی الحج، وجماعة من الفقهاء ذهبوا إلی وجوب الحلق تعییناً فی الصرورة، لکنا ذکرنا فی کتاب (الفقه) باب الحج أنه أفضل الفردین، قال سبحانه: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنینَ مُحَلِّقینَ رُؤُسَکُمْ وَمُقَصِّرینَ﴾((3)).

والواو للتقسیم مثل قولهم: (الکلمة اسم وفعل وحرف)، مما یؤل إلی التخییر، لکن من الواضح أنه إذا لم یتمکن من أحدهما لمرض أو عرض تعین الآخر.

هذا بالنسبة إلی الرجل، أما فی المرأة فیتعین التقصیر، إذ لا حلق علیها.

والنتف والماکنة الناعمة والدواء کلها من الحلق.

ص:95


1- الوسا ئل: ج18 ص359 الباب 7 من حد الزنا ح8
2- الوسائل: ج18 ص359 الباب 7 من حد الزنا ح7
3- سورة الفتح: الآیة 27

43: الاستحلال من المظلوم

43: الاستحلال من المظلوم هل یجب الاستحلال من المظلوم مطلقاً حتی أنه إذا لاط بولد مثلاً ظلماً وجب الاستحلال منه، أو زنی بامرأة وجب الاستحلال من زوجها، أو لا یجب مطلقاً، أو یفصل فی ذلک، احتمالات.

وقد ورد فی بعض المحرمات لزوم الاستحلال کما فی بحث الغیبة، وإذا لم یحله المظلوم هل یجب التوصل إلی ذلک ولو بإعطاء المال أم لا، احتمالان، لکن یجب أن یعرف أنه إنما یجب الاستحلال إذا لم یلزم مفسدة لا یریدها الشارع، کما أنه إذا أراد الاستحلال من زوج المزنی بها صار بینهما قتل ومقاتلة وما أشبه ذلک.

نعم لا شک أنه لا یجب الاستحلال من الملوط به إذا فعل ذلک باختیاره، أو من المزنی بها إذا فعل ذلک باختیارها، وکذلک لا یجب الاستحلال من الزوج إذا کان الزوج راضیاً، إذ الحق ساقط حینئذ، وإنما یبقی الأمر بینه وبین الله تعالی.

ویأتی الأمر بالعکس بأن أجبرت المرأة فی زنا الرجل بها، حیث إن اللازم علیها الاستحلال منه، وکذا إذا کان الملوط جبراً لأُبنة أو ما أشبه ذلک.

والأمر کذلک إذا کان واقعاً لا ما إذا کان تصوریاً، کما أن الرجل إذا فعل بها بتصور أنها زنی بها، بینما هی زوجته واقعاً، وکذلک العکس.

44: تحلة الأیمان

44: تحلة الأیمان قال سبحانه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَکُمْ تَحِلَّةَ أَیْمانِکُمْ وَاللَّهُ مَوْلاکُمْ وَهُوَ الْعَلیمُ الْحَکیمُ﴾((1)).

حرّم النبی (صلی الله علیه وآله) علی نفسه ماریة أو شرب العسل علی اختلاف فی تفسیر الآیة، لأجل توطئة حصلت بین عائشة وحفصة ضده (صلی الله علیه وآله)((2))، والظاهر أنه کان مع الیمین، لظهور الآیة فی ذلک، وإن احتمل أن المراد فی الآیة البناء لا الحلف المتعارف، فإن کون الیمین بمعنی القوة والبرکة وما أشبه هو الأصل، وحیث یضاف إلی اسم الله سبحانه یکتسب معنی

ص:96


1- سورة التحریم: الآیة 2
2- تفسیر البرهان: ج4 ص352

الحلف، ولذا یقال: أیمن الله ویمین الله، کما أن النذر بمعنی الفرض علی ما ذکرناه فی کتاب النذر.

وعلی أی حال، فإن أرید بالآیة الیمین المتعارفة کان فرض التحلة بمعنی الحل، من باب أن الله سبحانه لا یرید الحلف بما هو حکم اقتضائی أی یلزم بقائه حلالاً، وکان هذا المورد منه، ولذا أوجب الله علیه (صلی الله علیه وآله) عدم الاعتناء بیمینه ذلک.

والظاهر أن الحکم عام حتی بالنسبة إلینا، فإذا حلف إنسان أن لا یقرب جاریته لمؤامرة، لغت یمینه بدون کفارة أو معها، وکذلک حال ما إذا حلف لمؤامرة أن لا یستعمل حلالاً، إن صح قصة المغافیر.

وإن أرید بالیمین معناه اللغوی بأنه کان منه (صلی الله علیه وآله) مجرد تحریم لفظی وبناء قلبی، لم یکن فی البناء علی عدمه أی شیء یحتاج إلی التوجیه، فإن خلاف البناء جائز مطلقاً، وذلک جارٍ فینا أیضاً.

ومن المحتمل أنه من باب (رأی غیره خیراً منه) کما ذکرناه فی کتاب النذر.

أما لماذا فعل ذلک التحریم الرسول (صلی الله علیه وآله)، فلتعلیم الأمة بأنهم إذا حرموا شیئاً حلالاً لا یلزم الالتزام به، أما کفارة رسول الله (صلی الله علیه وآله) کما فی بعض التفاسیر، فإن تمت فقد کانت أمراً ظاهریاً حتی لا یقال إنه حنث بلا کفارة.

أو إنه حکم ثالث.

فالأول: ما لا یعقد فلا کفارة إطلاقاً.

والثانی: ما یعقد ویبطله، ففیه الکفارة.

والثالث: ما لا یعقد وفیه الکفارة، وفی جملة من الروایات التی ذکرناها فی کتاب النذر وغیره أن من حلف ثم رأی أن غیره خیر منه عدل إلیه، ولعله کان المورد منه.

وکلما یذکر فی الحلف یذکر فی النذر والعهد، فإذا نذر شیئاً ورأی أن غیره خیر منه جاز العدول إلی ذلک، وقد أشرنا إلی ذلک فی (الفقه) فی کتابها.

ویمکن أن تکون السورة نزلت لأمور:

الأول: الحکم الجاری حتی فینا.

والثانی: التنبیه علی لزوم کون رئیس الدولة بحیث یظهر حتی أعماله الخفیة العائلیة،

ص:97

فلا تکون مؤامرات ضد الناس کما یعتاده الحکام حتی من یسمی بالدیمقراطیین منهم.

الثالث: تبیین منزلة الزوجتین عند الله وعند رسوله (صلی الله علیه وآله)، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتب التفاسیر.

45: تحنیط المیت

45: تحنیط المیت

یجب تحنیط المیت غیر المحرم والشهید بالکافور، بأن یجعل علی مساجده السبعة التی هی عبارة عن الجبهة والیدین والرکبتین وإبهام الرجلین، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی بحث الأموات.

ولا فرق فی ذلک بین الرجل والمرأة، والکبیر والصغیر، والمسلم والمنافق والمخالف، إذا کان من دینه ذلک، وإلا فلا یجب لقاعدة الإلزام، أما فی الکافر فلا یجب إطلاقاً.

وإذا لم یمکن الکافور فلا بدل له، وإن کان ربما یحتمل أن العطر یقوم بدله للمناط، لکنه احتمال غیر وارد.

46: وجوب الاحتیاط

46: وجوب الاحتیاط

یجب الاحتیاط فی الشبهة المحصورة والشبهة البدویة قبل الفحص علی ما ذکرنا تفصیله فی (الأصول) بالشروط المقررة هناک، والتی منها عدم خروج بعض أطراف الشبهة عن محل الابتلاء، إلی غیر ذلک.

لکن إذا لم یحتط ولم یکن الواقع محکوماً کان قد عمل بالتجری لفرض أن الاحتیاط طریقی لا موضوعی.

أما قوله (علیه السلام): Sأخوک دینک فاحتط لدینکR فالمراد به العمل بالدین لا الاحتیاط الاصطلاحی.

47: الاحتیاط فی النکاح

47: الاحتیاط فی النکاح

الظاهر أن الاحتیاط فی باب النکاح آکد من غیره، وإن لم یکن واجباً، نعم ذهب بعض الفقهاء إلی وجوبه لجملة من الروایات:

ص:98

کصحیح شعیب الحداد، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): رجل من موالیک یقرؤک السلام وقد أراد أن یتزوج امرأة وقد وافقته وأعجبه بعض شأنها، وقد کان لها زوج فطلقها علی غیر السنة، وقد کره أن یتقدم علی تزویجها حتی یستأمرک فتکون أنت تأمره، قال أبو عبد الله (علیه السلام): Sهو الفرج وأمر الفرج شدید ومنه یکون الولد ونحن نحتاط فلا یتزوجهاR((1)).

وصحیح مسعدة بن زیاد، عن جعفر (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام): Sإن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: لا تجامعوا فی النکاح علی الشبهة، وقفوا عند الشبهة، یقول: إذا بلغک أنک قد رضعت من لبنها وأنها لک محرم وما أشبه ذلک، فإن الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی التهلکةR((2)).

والمشهور بین الفقهاء عدم الوجوب فی الموردین، لأن طلاق السنی علی غیر السنة یوجب انفصال المرأة، وإن کانت المرأة شیعیة لقانون الإلزام، کما أنه إذا شک فی الرضاع الکامل وعدمه أو أصل الرضاع وعدمه فالأصل العدم مما یجوز النکاح.

نعم ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أن الشبهات الموضوعیة أیضاً تحتاج إلی الفحص، وإن ادعی الشیخ الإجماع علی العدم، لکن یظهر من جملة من الفقهاء ومنهم أستاذه شریف العلماء وغیره الوجوب، کما أنهم ذکروا وجوب الفحص فی مثل الخمس والزکاة والحج وغیرها.

وعلی أی حال، فالدلیل علی وجوب الفحص فی الأحکام آت فی الفحص فی الموضوعات أیضاً، وتفصیله فی (الأصول)، ومن ذلک یعرف الوجه فی صحیح أبی بصیر، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل تزوج امرأة فقالت: أنا حبلی وأنا أختک من الرضاعة وأنا علی غیر عدة، قال: Sإن کان دخل بها وواقعها فلا یصدقها، وإن کان لم یدخل بها ولم یواقعها فلیحتط ولیسأل إذا لم یکن عرفها قبل ذلکR((3)).

وإذا تعارض احتیاطان واجبان

ص:99


1- الوسائل: ج14 ص193 الباب 157 من مقدمات النکاح ح1
2- الوسائل: ج14 ص193 الباب 157 من مقدمات النکاح ح2
3- الفقیه: ج3 ص301 باب النوادر ح25

فی طرفی المسألة أخذ بالأهم منهما إذا لم یمکن الفحص الموجب لذهاب الشک.

48: الاحتیاط فی الفتوی

48: الاحتیاط فی الفتوی

لا شک فی أن الفتوی بغیر دلیل شرعی من کتاب أو سنة أو إجماع أو عقل یکون فی سلسلة العلل حسب ما ذکروه فی قاعدة الملازمة، محرم شرعاً، فإن طابق الواقع کان من التجری علی الاختلاف فی أنه هل هو حرام أو لا، وإن لم یکن مطابقاً للواقع کان حراماً قطعیاً، وربما یکون من الافتراء علی الله ورسوله (صلی الله علیه وآله).

وربما یقال بشمول قوله (علیه الصلاة والسلام): Sورجل قضی بالحق وهو لا یعلمR((1)) له، وکذلک قوله (علیه الصلاة والسلام): Sمن فسر القرآن برأیه فأصاب فقد أخطأR((2)).

وفی صحیحة عبد الرحمن قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجلین أصابا صیداً وهما محرمان، الجزاء بینهما أو علی کل واحد منهما جزاء، قال: Sلا بل علیهما أن یجزی کل واحد منهما الصیدR، قلت: إن بعض أصحابنا سألنی عن ذلک فلم أدر ما علیه، فقال: Sإذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعلیکم بالاحتیاط حتی تسألوا عنه فتعلمواR((3)).

وهذا الاحتیاط الوارد فی مثل هذه الروایة یراد به عدم الفتوی بغیر العلم، ولیس هو من الاحتیاط الاصطلاحی، وقد قال بعض الفقهاء: خیر الأساتیذ من علم تلمیذه کلمة (لا أعلم).

کما أن علی المجتهد أن لا یکون جریئاً فی مخالفة المشهور إلاّ فی ما إذا تبین له صواب نظره قطعاً وذلک قلیل جداً، فإنه کیف یجرأ علی ذلک وهو یری أن الفقهاء العدول الذین هم فی قمة العلم والورع ینسبون إلی الله ورسوله حکماً، وکثیر منهم أکثر منه

ص:100


1- الوسائل: ج18 ص11 الباب 4 من صفات القاضی ح6
2- الوسائل: ج18 ص151 الباب 13 من صفات القاضی ح79
3- الوسائل: ج9 ص210 الباب 18 من کفارة الصید ح6

علماً وأدق فهماً وأحسن فحصاً، والله العالم العاصم.

49: التحیة

یجب رد التحیة فی الجملة بلا خلاف ولا إشکال، ویدل علیه الأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿وَإذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّةٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إنَّ اللَّهَ کانَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ حَسیباً﴾((1)).

والمشهور بین الفقهاء عدم وجوب رد مطلق التحیة، نعم یجب رد السلام بلا إشکال، ویستحب رد سائر التحایا، کما إذا قال: صبحکم الله بالخیر، أو حیاه بکتاب أو مأکول أو فاکهة أو ما أشبه ذلک.

وحیث قد ذکرنا بعض مسائل السلام فی کتاب الصلاة لا نکرره، وإن کان البحث الکامل عن ذلک بحاجة إلی رسالة مستقلة، وقد کتب ابن العم (رحمه الله)((2)) رسالة مستقلة فی ذلک أنهاها إلی ألف مسألة کما سمعت.

ومعنی السلام السلامة من المکاره، وقد یستعمل تحیة مجردة، کما فی سلامنا علی المعصومین (علیهم الصلاة والسلام) بعد موتهم، لأنه لا مکروه علیهم هناک، أو یقال إنه أیضاً دعاء لإمکان ورود المکروه علیهم من قبل العصاة، حیث یتألمون بمعصیتهم فی العالم الآخر.

و(علی) من باب تشبیه المعقول بالمحسوس، فهو مثل (علیه دین)، کأن السلامة تغمره من فوق رأسه من العلو، أما قول ابن مالک (علی للاستعلا ومعنی فی وعن) ففیه ما لا یخفی، إذ لا معنی لباب الاستفعال فی المقام.

ومما ذکر یظهر وجه النظر فی قول مجمع البحرین، حیث قال: (اختلفت الأقاویل فی معنی (السلام علیک) فمن قائل معناه الدعاء أی سلمت من المکاره، ومن قائل معناه اسم السلام علیک، ومن قائل اسم الله علیک، أی أنت فی حفظه، کما یقال: الله معک، وإذا قلت: السلام علینا، والسلام علی الأموات فلا وجه لکون المراد به الإعلام بالسلامة، بل الوجه أن یقال هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنیا ومن عذاب الآخرة)((3)) انتهی.

ولا یخفی أن (علی) فی هذا الموضع لیس بمعنی الضرر، بل بمعنی الجریان علی الشخص من رأسه، فلا یقال لماذا یقال: السلام علیک، ولا یقال: السلام لک، نعم رأیت فی کتاب

العهدین کلمة (السلام لک).

ص:101


1- سورة النساء: الآیة 86
2- آیة الله العظمی السید عبد الهادی الشیرازی (قدس سره الشریف)
3- مجمع البحرین: ج6 ص87 مادة سلم

والظاهر کفایة لفظة السلام بدون أن یتعلق به شیء من (علیک) أو (لک) أو ما أشبه ذلک فی وجوب الجواب. وفی القرآن الحکیم: Pقالوا سلاماً قال سلامO((1)).

ولا یبعد أن یجب الجواب فیما إذا قال: (سلام لک) أو (سلام إلیک) أو ما أشبه ذلک، والظاهر عدم وجوب الجواب فیما إذا قال: (تحیة لک) أو ارتفاع إلیک أو لک أو ما أشبه ذلک، لأنه لیس من السلام الوارد فی الأدلة.

ولیس أمثال هذه الألفاظ من الجواب، کما إذا قال لک: (سلام علیک)، فقلت له: (تحیة علیک)، أو ارتفاع، أما إذا قال: (السلام علیک)، فقلت: (وعلیک)، فلا یستبعد أن یکون ذلک جواباً کافیاً، فإنه من قیل قوله:

وفی جواب کیف زید قل دنف

فزید استغنی عنه إذ عرف

ص:102


1- سورة هود: الآیة 69

حرف الخاء

1: الختان

حرف الخاء

1: الختان

یجب الاختتان علی الرجل، فإن اختتنه ولیه فهو، وإلا یجب علیه بنفسه إذا لم یکن هنالک خوف شدید علیه کما یقال بالنسبة إلی بعض الأمراض، أما بالنسبة إلی المرأة فالاختتان مستحب، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب (الفقه).

ففی صحیح محمد بن جعفر الأسدی، فی ما ورد علیه من التوقیع، عن محمد بن عثمان العمری فی جواب مسائله عن صاحب الزمان (عجل الله تعالی فرجه الشریف): Sوأما ما سألت عنه من أمر المولود الذی تنبت غلفته بعد ما یختن هل یختن مرة أخری، فإنه یجب أن تقطع غلفته، فإن الأرض تضج إلی الله عز وجل من بول الأغلف أربعین صباحاًR((1)).

وفی روایة الفضل، عن الرضا (علیه السلام)، إنه کتب إلی المأمون: Sوالختان سنة واجبة للرجال ومکرمة للنساءR((2)).

والمراد بالسنة الواجبة ما سنه رسول الله (صلی الله علیه وآله) ولم ینزل به القرآن، ومن المعلوم أن ما یسنه الرسول (صلی الله علیه وآله) علی نحو الوجوب واجب، فقد قال سبحانه: ﴿ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ

ص:103


1- الوسائل: ج15 ص167 الباب 57 من أحکام الأولاد ح1
2- الوسائل: ج15 ص163 الباب 52 من أحکام الأولاد ح9

وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾((1)).

وفی صحیح غیاث، عن الصادق، عن أبیه، عن علی (علیهم السلام): Sلا بأس بأن لا تختتن المرأة، فأما الرجل فلابد منهR((2)).

وقد ثبت فی العلم الحدیث أن الغلفة تجتمع تحتها القذارات من جهة وجود بعض الشحم هناک، ومن لم یختتن أمکن أن یبتلی بسرطان فی رأس الحشفة، کما أمکن أن تنقل جرثومته إلی رحم المرأة عند الجماع فتبتلی المرأة به أو الطفل.

لا یقال: کیف یکون ختانهن مستحباً مع أنه لم یرد عن الأئمة (علیهم الصلاة والسلام) ختان بناتهم.

لأنه یقال: عدم وجداننا لا یدل علی عدم الوجود، وقد محیث کثیر من آثارهم کما لا یخفی، کما أنه لم یرد أنهم اختتنوا العبید الذین کانوا کفاراً واشتروهم فأسلموا، مع أن بعد إسلامهم ختانهم واجب.

ولا یخفی أن ختان المرأة إنما یکون علی الحشفة بین الشفرتین، والختان یسبب لها کثرة اللذة کما ثبت علمیاً، ولا یکون الختان إلا برفع جلدة صغیرة من الحشفة.

2: إخراج الزانی

2: إخراج الزانی

فی موثقة سماعة، عن الصادق (علیه السلام): Sإذا زنا الرجل ینبغی للإمام أن یخرجه من الأرض التی جلد فیها إلی غیرها، فإنه علی الإمام أن ینفیه من المصر الذی جلد فیهR((3)).

وفی صحیح محمد بن قیس، عن الباقر (علیه السلام) قال: Sقضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی الشیخ والشیخة أن یجلدا مائة، وقضی للمحصن الرجم، وقضی فی البکر والبکرة إذا زنیا جلد مائة

ص:104


1- سورة الحشر: الآیة 7
2- الوسائل: ج15 ص163 الباب 52 من أحکام الأولاد ح8
3- الوسائل: ج18 ص393 الباب 24 من حد الزنا ح3

ونفی سنة إذا زنیا فی غیر مصرهما، وهما اللذان قد أملکا ولم یدخل بهاR((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی بعض مباحث (الفقه).

وهذا الحکم بالدلیل الخاص مختص بالزانی ولا یشمل المزنی بها، من غیر فرق بین أن یکون زنا بإکراه أو برضا منه أو منها أو منهما، کما أنه لا یتعد الحکم إلی اللواط فاعلاً أو مفعولاً، ولا فرق فی الزانی أن یکون زانیاً من الأمام أو من الخلف، أما إذا لم یحصل دخول وإن حصل الملامسة بینهما لم یکن زانیاً له أحکامه أو لها أحکامها.

والإخراج إنما یکون فیما إذا لم یکن هناک محذور، کما أنه إذا أخرج إلی بلد آخر فعل مثل ذلک، حیث إن الغربة قد توجب انطلاق الإنسان أکثر فأکثر، ولذا قد تکثر الأعمال المشینة بین الغرباء من سرقة أو زنا، فاعلاً أو مفعولا أو ما أشبه ذلک،  فإن الإنسان فی بلده له ماء وجه لم یکن له ذلک فی بلد غریب.

3: استخدام المرأة المرتدة

3: استخدام المرأة المرتدة

قد تقدم صحیح حماد، عن الصادق (علیه السلام) فی المرتدة عن الإسلام، قال: Sلا تقتل، وتستخدم خدمة شدیدة، وتمنع الطعام والشراب إلاّ ما یمسک نفسها، وتلبس خشن الثیاب، وتضرب علی الصلاةR((2)).

وقلنا هناک: إن الجمع بین الدلیلین یقتضی التخییر، لا أنه یجب الجمع بینهما بالاستخدام فی السجن کما ذکره غیر واحد.

ولا یخفی أن قوله (علیه السلام): (وتضرب علی الصلاة) أی لأن تصلی، وذلک بأن ترجع عن ارتدادها، لا الضرب وقت الصلاة تبرعاً، وإذا قلنا بذلک فهو خاص بحالات غیر الحیض والنفاس وما أشبه، إذ لا صلاة علیها فی تلک الأحوال.

ص:105


1- الوسائل: ج15 ص347 الباب 1 من حد الزنا ح2
2- الوسائل: ج15 ص549 الباب 4 من حد المرتد ح1

4: اخراج المحبسین لأداء الواجبات

4: اخراج المحبسین لأداء الواجبات

فی روایة عبد الرحمن بن سیابة، عن الصادق (علیه السلام): Sإن علی الإمام أن یخرج المحبسین فی الدین یوم الجمعة إلی الجمعة، ویوم العید إلی العید، ویرسل معهم فإذا قضوا الصلاة والعید ردهم إلی السجنR((1)).

وفی روایة الصدوق، عن عبد الله بن سنان، زیادة: Sحبس الإمام بعد الحد ظلمR((2)).

وقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) احتمال جواز تقسیط السجن، مثلاً من قرر علیه الحاکم الشرعی سنة من السجن أن یقسط سجنه فی سنتین، بأن یسجن یوماً لا یوماً، أو أسبوعاً لا أسبوعاً وهکذا، وحیث نری أن الحاکم یعمل حسب المصلحة الموکولة إلیه لم نستبعد ذلک، فالانصراف لیس مقطوعاً به، وإن کانت المسألة بعد بحاجة إلی التأمل أصلاً وفرعاً.

أما من یسجن أبداً فقد تقدم هنا وفی بعض مباحث (الفقه) أن للحاکم العفو عنه مطلقاً، أو فی بعض الأوقات، فیکون مشمولاً لهذا الکلام أیضاً.

ثم مع قطع النظر عن ذلک، فإن کان علیه واجب أهم لا یمکن داخل السجن أخرج إلیه، وإن کان حق قسم زوجته فأمکن إدخالها السجن، کما ورد فی إجازة الإمام أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) زوجة المسجون أن تدخل معه، فهو وإلا فهل یقدم هذا أو هذا، احتمالان، ویحتمل التخییر.

أما إذا نذر ما لا یمکن إلاّ فی خارج السجن، فحیث اخترنا فی کتاب النذر تقدیم الواجبات علیه قدم السجن علی النذر.

وإن کان مستطیعاً أو صار ولم یخف الحاکم انفلاته، أطلق سراحه لأهمیة الحج، ثم إذا رجع سجنه إن کان مستحقاً له أکثر من المدة المنقضیة قبل الحج، فتأمل.

ص:106


1- الوسائل: ج18 ص221 الباب 32 من کیفیة الحکم ح2
2- الوسائل: ج18 ص221 الباب 32 من کیفیة الحکم ح3

ولا یخفی أن فعل بعض الحکام الغافلین عن الله ممن یسمون بالمسلمین، سواء فی الزمان القدیم کبنی أمیة وبنی العباس والعثمانیین، أو فی زماننا هذا، من التعذیب للسجین أو التضییق علیه لم یکن ولیس من الإسلام شیء، وإنما هم یؤاخذون علی ذلک فی الدنیا والآخرة، کما قال سبحانه: Pوأن لیس للإنسان إلا ما سعی وأنَّ سعیه سوف یری ثم یجزاه الجزاء الأوفیO((1)).

5: إخراج القمیص من القدم

5: إخراج القمیص من القدم

قد ذکرنا فی کتاب الحج الاختلاف ولو فی الجملة فی جواز لبس المحرم المخیط، فعلی المشهور من عدم جوازه، ففی بعض الروایات إنه یخرجه من القدم فیما إذا نسی أو ما أشبه فلبس المخیط.

ففی صحیح معاویة بن عمار، عن الصادق (علیه السلام): Sإذا لبست قمیصاً وأنت محرم فشقه وأخرجه من تحت قدمیکR((2)).

وفی صحیح آخر، عنه (علیه السلام)، فی رجل أحرم وعلیه قمیصه، فقال: Sینزعه ولا یشقه، وإن کان لبسه بعد ما أحرم شقه مما یلی رجلیهR((3)).

وإذا قلنا بذلک فلیس الحکم خاصاً بالقمیص، وإنما یشمل غیره من سائر الملابس المخیطة التی لا یمکن إخراجه إلاّ بالشق ونحوه.

وکذلک فیما إذا لم یکن الإخراج من طرف القدم کما فی بعض المصنوعات کلبد وما أشبه.

6: إخراج الکفار فی الجملة

6: إخراج الکفار فی الجملة قد ورد فی بعض الأحادیث إخراج الیهود أو مطلق الکفار عن جزیرة العرب، لکن ذلک

ص:107


1- سورة النجم: الآیة 39 _ 41
2- الوسائل: ج9 ص125 الباب 45 من تروک الإحرام ح1
3- الوسائل: ج9 ص125 الباب 45 من تروک الإحرام ح2

غیر ثابت سنداً، أما قوله سبحانه: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَیْثُ أَخْرَجُوکُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾((1)) فلا یبعد أن یکون ذلک من باب الاعتداء بالمثل، لا أنه واجب، فإن ظاهر الآیة الکریمة إخراج مشرکی مکة منها کما أخرجوا المسلمین منها، وذلک إلی الاعتداء بالمثل أقرب من الوجوب.

وإذا قلنا بذلک وأنه من باب الاعتداء بالمثل فلا خصوصیة لمکة، وإنما یجوز للمسلم إخراج الکافر من بلده عند التمکن منه إذا هو أخرج المسلم منه، فإن دلیل الاعتداء عام، قال سبحانه: ﴿فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ﴾((2))، والخارج منه ما یعلم خروجه نصاً أو إجماعاً أو ضرورةً، کما لو زنی بزوجته أو فعل معه الفاحشة حیث لا تجوز المقابلة.

کما أن الأمر کذلک فیما إذا فعل معه أو معها حراماً بملامسة أو إدخال یده فیه أو فیها، أو قبلة أو نحو ذلک، کما ورد فی حدیث ضعیف قال الرجل بأن تقابل المرأة التی قبّلها بالاعتداء، فلیس بحجة وإن سکت النبی (صلی الله علیه وآله) کما فی الحدیث عن جواب الرجل القائل بذلک.

7: إخراج الولد من بطن أمه

7: إخراج الولد من بطن أمه

لو ماتت الأم وبقی الولد حیاً فی بطنها یجب شق بطنها وإخراج الولد منه، بخلاف ما إذا مات، ویدل علیه بالإضافة إلی الأدلة العامة بعض الروایات الخاصة، کصحیحة علی قال: سألت أبا الحسن موسی (علیه السلام) عن المرأة تموت وولدها فی بطنها یتحرک، قال: Sیشق عن الولدR((3)).

وفی موثقته، قال: سألت العبد الصالح (علیه السلام) عن المرأة تموت وولدها فی بطنها، قال:

ص:108


1- سورة البقرة: الآیة 191
2- سورة البقرة: الآیة 194
3- الوسائل: ج2 ص674 الباب 46 من الاحتضار ح6

Sیشق بطنها ویخرج ولدهاR((1)).

وفی موثقة محمد بن مسلم: إن امرأة سألته فقالت: لی بنت عروس ضربها الطلق فما زالت تطلق حتی ماتت والولد یتحرک فی بطنها ویذهب ویجیء فما أصنع، قال: قلت: یا أمة الله سئل محمد بن علی الباقر (علیه السلام) عن مثل ذلک فقال: Sیشق بطن المیت ویستخرج الولدR((2)).

ولا یبعد الاستصحاب لو شک فی حیاة الولد إن علم بحیاته قبل ذلک، ولو شک فالمرجع أهل الخبرة، وحیث إن الوجوب غیری کما هو المتبادر فی مثل المقام لأجل حفظ النفس، فإذا علم أنه بالإخراج یموت لم یجز ذلک((3))

8: خشوع القلب

8: خشوع القلب

 قال سبحانه: ﴿أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذینَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِکْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا یَکُونُوا کَالَّذینَ أُوتُوا الْکِتابَ﴾((4)).

والظاهر أنه إن لم یکن مقدمیاً مستحب لا أنه من الواجبات النفسیة.

ولا یخفی إمکان تحصیل خشوع القلب کإمکان حصول سائر الصفات النفسیة بالتفکر والتذکر والمطالعة وما أشبه ذلک، فإن الصفات النفسیة قابلة للنمو کالأرض القابلة للزراعة حیث إن الاستعداد موجود فی النفس.

9: الخشیة من الله سبحانه

9: الخشیة من الله سبحانه

قال سبحانه: ﴿إِلاَّ الَّذینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنی﴾((5)).

وقال تعالی: ﴿فَلا تَخْشَوُا

ص:109


1- الوسائل: ج2 ص673 الباب 46 من الاحتضار ح2
2- الوسائل: ج2 ص673 الباب 46 من الاحتضار ح8
3- نعم مع أقل الاحتمال فی خروجه حیاً وجب الإخراج
4- سورة الحدید: الآیة 16
5- سورة البقرة: الآیة 150

النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾((1)).

والظاهر أن الأمر هنا للإرشاد أیضاً إلاّ أن یکون مقدمة لواجب أو ترک حرام حیث یجب عقلاً مقدمة.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pفلا تخشوهمO إنما یکون بسبب تذکر عدم الخشیة منهم بعد استیلاء الله سبحانه علیهم، فإن المقدمات تنتهی إلی النتائج سواء فی المطلوبة منها أو غیر المطلوبة، کما ذکرنا مثل ذلک فی خشوع القلب.

10: إخفات الصوت علی النساء

10: إخفات الصوت علی النساء

الظاهر عدم وجوب إخفات الصوت علی النساء عند الأجانب، فقد کانت السیرة القطعیة منذ زمان رسول الله (صلی الله علیه وآله) إلی الیوم فی حضور النساء الاجتماعات وسؤالهن ومبادلة الکلام بینهن وبین الرجال((2))، فما عن بعض الفقهاء من التحریم غیر ظاهر الدلیل، وما فی بعض الروایات محمول علی الکراهة، جمعاً بین الأدلة.

نعم إذا کان الصوت بوجب الفتنة والریبة وما أشبه وجب عدم الخضوع فیها، قال سبحانه: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذی فی قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾((3)).

أقول: فإذا لم یکن هناک من فی قلبه مرض، أو لم یکن مورداً للطمع حیث إن من فی قلبه المرض اکتفی قبل ذلک أو ما أشبه بما یوجب عدم رغبته إطلاقاً، فهل یکون الخضوع بالقول حراماً إذ الظاهر من الحرمة التلازم بین الخضوع وبین الطمع، احتمالان.

11: خفض الجناح علی النبی (صلی الله علیه وآله)

11: خفض الجناح علی النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَکَ

ص:110


1- سورة المائدة: الآیة 44
2- مع حفظ الموازین الشرعیة
3- سورة الأحزاب: الآیة 32

لِلْمُؤْمِنینَ﴾((1)).

وهل کان واجباً أو مستحباً علیه، احتمالان.

وقال سبحانه فی آیة اخری: ﴿وَاخْفِضْ جَناحَکَ لِمَنِ اتَّبَعَکَ مِنَ الْمُؤْمِنینَ فإن عَصَوْکَ فَقُلْ إِنِّی بَری ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾((2)).

نعم إذا توقف الهدایة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر علی ذلک وجب، بل لا یستبعد أن یکون ذلک بالنسبة إلی الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) ونوابهم، بل بالنسبة إلی کل مرشد وهاد ولو کان علی نحو الکفایة.

12: خفض الجناح للوالدین

12: خفض الجناح للوالدین قال سبحانه: ﴿وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما کَما رَبَّیانی صَغیراً﴾((3)).

والظاهر أنه أخلاقی فی غیر مضاد العقوق والإحسان المأمور به، ویمکن أن یراد بالآیة المبارکة الأعم من الواجب والمستحب، وإن کانت تتمة الآیة تدل علی الأخلاقیة البحتة.

13: خلع ثیاب الزانی عند الجلد

13: خلع ثیاب الزانی عند الجلد

هل هو واجب مطلقاً أو فی الجملة أو لا یجب مطلقاً، احتمالات، ولا یبعد التفصیل بین ما إذا وجد مجرداً أو لابساً، وتفصیل الکلام فی (الفقه).

قال الکاظم (علیه الصلاة والسلام) فی روایة إسحاق، حیث سأله عن الزانی کیف یجلد، قال: Sأشد الجلدR، قلت: فمن فوق ثیابه، قال: Sبل تخلع ثیابهR((4)).

ص:111


1- سورة الحجر: الآیة 88
2- سورة الشعراء: الآیة 215
3- سورة الإسراء: الآیة 24
4- الوسائل: ج18 ص369 الباب 11 من حد الزنا ح2

وفی روایة أخری: فقلت: من فوق الثیاب، قال: Sبل یجردR((1)).

نعم إذا کان الثوب الذی وجد علیه کثیراً بحیث لا یؤثر فیه الجلد یلزم أن یخفف بلا إشکال.

وهل یلزم حسه بالألم أو یکفیه الجرح والإهانة الحاصلان من الجلد أمام الناس بأن کان استعمل دواءً یوجب عدم حسه، احتمالان، أما إذا استعمل وضرب ثم تنبه الحاکم لذلک لم یجز له الإعادة لدرء الحدود بالشبهات، وکذلک الکلام فی القصاص.

وکما احتملنا جواز ما یخفف الألم أو نحوه، کذلک احتملنا فی کتاب القصاص جواز إعادة الأذن التی قلعت أو العین کذلک، وقد دل علی ما ذکرناه قطع علی (علیه السلام) أذن ذلک الجانی، کما فی الوسائل وغیرها.

أما الزانیة فلا تخلع ثیابها وإن کانت بین النساء، وکذلک لا یخلع ثوب اللاطی والملوط لعدم الدلیل.

14: تخلیة الحیوان علی المحرم

14: تخلیة الحیوان علی المحرم قد ذکرنا ذلک مفصلاً فی کتاب الحج، مما لا داعی إلی تکراره.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح حفص، فی من أصاب طیراً فی الحرم، قال: Sإن کان مستوی الجناح فلیخل عنه، وإن کان غیر مستوی نتفه وأطعمه وسقاه، فإذا استوی جناحاه خلی عنهR((2)).

وللمسألة فروع مذکورة هناک.

15: الخمس

15: الخمس

قال سبحانه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینِ وَابْنِ السَّبیلِ﴾((3)).

والخمس کما ذکرناه فی کتابه علی المعادن والغنیمة وأرباح المکاسب وغیرها،

ص:112


1- الوسائل: ج18 ص369 الباب 11 من حد الزنا ح3
2- الوسائل: ج9 ص199 الباب 12 من کفارات الصید ح1
3- سورة الأنفال: الآیة 41

وحیث إن المسألة مذکورة مفصلاً فی کتاب الخمس فلا داعی إلی التکرار، وقد ذکرنا هناک أنه لا یجوز أخذ الحاکم الشرعی الخمس ممن لا یعتقد الخمس من الکافر والعامة، لقاعدة الإلزام وغیرها، نعم یؤخذ من الکافر الجزیة.

نعم علی الکافر الخراج، ولیس علیه الزکاة، لأنه لا یعتقد بالزکاة کما لا یعتقد بالخمس، والجزیة والخراج خارجان عن قاعدة الإلزام للنص الخاص.

16: الخوف

16: الخوف من الله تعالی

لایبعد أن یکون واجباً مقدمة، أما إذا أتی بکل الواجبات وترک کل المحرمات فهل یلزم علیه الخوف زائداً علی ذلک فمحل تأمل، نعم ما ذکرناه لیس إلاّ مجرد فرض، فإنه لا یمکن ذلک إلاّ بالخوف، اللهم إلاّ فی ما إذا أسلم وقبل أتیانه بشیء قتل فی سبیل الله أو مات أو جن مثلاً، کما صار ذلک بالنسبة إلی الیهودی الذی أسلم فی زمانه (صلی الله علیه وآله) ثم قاتل بین یدیه حتی قتل بدون أن کان عمل بشیء من أحکام الإسلام إطلاقاً.

أما قوله سبحانه: Pخافون إن کنتم مؤمنینO((1))، وPإنما یخشی اللهَ من عباده العلماءُO((2))، فالظاهر أنه من باب التلازم بین العمل بالأحکام قلباً ولساناً وبین الخوف من الله.

17: الخراج

17: الخراج

یجب إعطاء الخراج من الأراضی المفتوحة عنوة، وتسمی بالمقاسمة أیضاً، باعتبار أنها قسمة بین من عمّر وبین الحاکم النائب عن الإمام (علیه السلام).

وقدره حسب العدل والإنصاف بین الطرفین، فربما زاد وربما نقص، والدولة الإسلامیة لقلة موظفیها حیث تکثر الحریات فلا حاجة إلی موظفین یکبتون الناس، ولزهد الموظفین القلیلین فی الحیاة اقتداءً بالرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) فلا یملؤون الأکیاس من الأموال ولا یسرفون، والرقابة علیهم شدیدة من هذه الجهة، ولکون کل الأمور بید الناس من المدارس والمعاهد والمطارات والقطارات والمصانع والمعامل والمستشفیات وغیرها، حیث لا ترهق کاهل

ص:113


1- سورة آل عمران: الآیة 175
2- سورة فاطر: الآیة 28

الدولة بالأموال، وإنما تکون الدولة مشرفة فقط لإدارة أمور البلاد وتقدیمها إلی الأمام، تکفی هذه الضرائب الأربع وهی الخمس والزکاة والجزیة والخراج لإدارة شؤونها علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الاقتصاد وغیره.

ولا یخفی أن الحکومات القاجاریة والعثمانیین کانوا یخلطون بین الأحکام الإسلامیة من المالیات وبین غیر الأحکام الإسلامیة مما اتخذوه من الغرب، أما بعد القاجار والعثمانیین فحکومات بلاد الإسلام ترکوا الإسلام کلاً، وأخذوا بالغرب لا فی القوانین الاقتصادیة فحسب بل فی کل القوانین، بینما نشاهد أن فرنسا لما وضعت قوانینها أخذت کثیراً من کتاب (شرائع الإسلام)، کما أن بعض البلاد الاسکندنافیة أخذ الخمس والزکاة حتی بهذین الاسمین عن الإسلام فضرائبها منحصرة فی الخمس والزکاة مع تغییر، کما هو ظاهر لمن راجع أحکامهم.

ص:114

حرف الدال

1: التدبر

حرف الدال

1: التدبر

قال الله سبحانه: ﴿أَفَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها﴾((1)).

وهل یجب التدبر نفسیاً أو غیریاً أو الأمر إرشادی، احتمالات، لا یبعد الوجوب کفایةً غیریاً، إذ بدونه لا یستقیم فهم الإسلام فهو کالاجتهاد.

والظاهر أن الفرق بینه وبین التفکر أن الثانی ملاحظة عمق الشیء، والأول ملاحظة خلفه لأنه مأخوذ من الدبر، وإن کان یطلق کل واحد منهما علی الآخر کالفقیر والمسکین إذا افترقا.

أما التعقل الوارد فی الآیات أیضاً فهو ملاحظة جوانب الشیء مطلقاً لا فقط عمقه وخلفه إذا أطلق وحده.

وعلی أی حال، فالکل من جهه الوجوب کما ذکرناه.

ثم إن القرآن له ظاهر وباطن، ولبطنه باطن، بل إن لظهره ظاهراً فهو ظاهر وظاهر، وباطن وباطن، ولا یفهم القرآن حق الفهم إلا من خوطب به منهم (صلوات الله علیهم أجمعین).

وقوله سبحانه: Pأفلا یتدبرون القرآن أم علی قلوب أقفالهاO أی عندهم إمکان الفهم لکنهم لا یتدبرون، أم لیس لهم إمکان الفهم لأن علی القلب قفلاً، وکأن المراد به الطبع حیث إن الإنسان إذا تعامی عن فهم الأحکام طبع علی قلبه فیکون کأنه علی القلب قفل.

2: الدخول فی السلم

2: الدخول فی السلم

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ کَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ﴾((2)).

ص:115


1- سورة محمد: الآیة 24
2- سورة البقرة: الآیة 208

والظاهر من الآیة أن السلم هو الأصل، وهو کذلک عقلاً وسنةً وإجماعاً، وإنما الحرب حالة ضطراریة شاذة لا یجنح إلیها عاقل إلاّ للدفاع عن الحق ونحوه، ویجمع ذلک کلا (الجهاد) الذی یسمی بالابتدائی وهو لیس بابتدائی حقیقة، وإنما لإنقاذ الناس من براثن المستغلین سواء کانوا من الحکام أو من أصحاب العقیدة المزیفة، و(الجهاد) الدفاعی و(جهاد) البغاة، علی ما ذکر تفصیل ذلک فی الفقه کتاب الجهاد.

3: الدعاء إلی الخیر

3: الدعاء إلی الخیر

قال الله تعالی: ﴿وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إلی الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ﴾((1)).

ولا یخفی أن الدعاء إلی الخیر غیر الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر إذا ذکر فی قبالهما، وإن کان لو ذکر کل واحد منهما مستقلاً شمل الآخر، کالظرف والجار والمجرور أو الفقیر والمسکین، فإن الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ربما یکونان أخص من الدعاء إلی الخیر، فالدعوة إلی بناء المساجد والمدارس والحسینیات والمکتبات وما أشبه من الدعوة إلی الخیر ولیس من الأمر بالمعروف بمعناه الأخص، ولا من النهی عن المنکر.

وعلی أی حال فهی أمور ثلاثة عرفیة، وإن کانت الدقة تقتضی أنها أمر واحد حتی أن الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر هما شیء واحد لطرفی أمر، فإذا أمر الناس بالصلاة کان أمراً بالمعروف، وإذا نهاهم عن ترک الصلاة کان نهیاً عن المنکر، وهکذا بالنسبة إلی المحرمات.

ثم أن دعوة الکفار إلی الإسلام، والمنحرفین إلی الفضلیة والإیمان واجب علی کل مسلم وجوب کفایة حسب التمکن، بلا إشکال ولا خلاف، والأدلة علی ذلک متواترة.

ص:116


1- سورة آل عمران: الآیة 104

قال سبحانه: ﴿ادْعُ إلی سَبیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾((1)).

والمسلمون الأولون إنما تقدموا بالإضافة إلی (صحة مبادئهم) و (بساطتها) و (جمعهم للکلمة)، لأجل دعوتهم جمیعاً الناس إلی الإسلام حتی فی البلاد الکافرة، کما ذکرنا قسماً من ذلک فی کتاب (کیف انتشر الإسلام) وغیره.

وقد ذکرنا فی جملة من کتبنا أن الإسلام لا یعود إلی الحیاة إلاّ ب_ (شوری المرجعیة) و (تعدد التنظیمات الإسلامیة الحرة) المنتهیة إلی الشوری المذکورة التی تجمع شباب المسلمین من کلا الصنفین، و (نشر الوعی الواسع) بین صفوف المسلمین بملیارات من الکتب التوعویة، نسأل الله أن یوفق المسلمین لذلک وهو المستعان.

أقول: قد ذکرنا فی بعض کتبنا أن الأمور اللازمة أربعة:

الأول: ملیار من الکتب باللغات المختلفة لأجل هدایة الکفار.

الثانی: جعل منظمة عالمیة لأجل حمل الکتب إلیهم وهدایتهم.

الثالث: ملیاران من الکتب لأجل إرجاع المسلمین إلی الإسلام، خصوصاً بالنسبة إلی الأحکام التی سقطت عند المسلمین، مثل (الأمة الواحدة) و(الأخوة الإسلامیة) و(الحریة الإسلامیة).

الرابع: جعل منظمة عالمیة فی البلاد الإسلامیة لأجل إلزام المسلمین بأحکام الإسلام وتفهیمهم لها.

فإن تمکنا من جعل هذه الأمور الأربعة کنا قد أدینا بعض الواجب علینا، نسأل الله أن یوفقنا لذلک وهو المستعان.

4: دعاء الأدعیاء لآبائهم

4: دعاء الأدعیاء لآبائهم

قال سبحانه: ﴿وَما جَعَلَ أَدْعِیاءَکُمْ أَبْناءَکُمْ ذلِکُمْ قَوْلُکُمْ بِأَفْواهِکُمْ وَاللَّهُ یَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ یَهْدِی السَّبیلَ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فإن لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَمَوالیکُمْ

ص:117


1- سورة النحل: الآیة 125

وَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ فیما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلکِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُکُمْ وَکانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحیماً﴾((1)).

وهذه الآیة المبارکة فی قبال التبنی الذی کان سائداً فی الجاهلیة قبل الإسلام، ویسود العالمین الغربی والشرقی فی هذا الحال، فإنهم کانوا یتبنون بنتاً أو ولداً ثم یعاملون معه معاملة الأولاد فی المحرمیة والإرث والنکاح وغیر ذلک، وهذا مما نفته الآیة المبارکة والروایات المتواترة والإجماع، بل والعقل أیضاً، وقد وردت السنة بتغلیظ الأمر فیه، قال (علیه السلام): Sمن انتسب إلی غیر أبیه أو انتمی إلی غیر موالیه فعلیه لعنة اللهR.

أما بالنسبة إلی النداء، فإن علم أب المتبنی دعی باسم أبیه، مثلاً علم أن زیداً أبوه عمرو فیقال: یا زید بن عمرو، وإلا فإن لم یعرف أبوه نودی باسمه أو دعی باسم یا أخ وغیره، ودعوتهم باسم آبائهم المتبنین لهم حرام کما هو ظاهر الآیة المبارکة، ولا داعی إلی حمل الأمر علی الإرشاد فی المقام، وإلا أمکن حمل کل أمر علیه.

ثم من الغریب أن بعض بلاد الإسلام وهی تدعی الإسلام لأیضاً رجعوا إلی عادة التبنی، فإذا وجدوا ولداً فی الشارع أو ما أشبه ذلک اتخذوه ولداً وجعلوه کالولد فی جمیع الشؤون حتی المحرمیة والزواج وغیر ذلک، وهو حرام أصلاً وفرعاً.

5: الدعاء إلی سبیل الله سبحانه وتعالی

5: الدعاء إلی سبیل الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿ادْعُ إلی سَبیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ﴾((2)).

وسبل الله کل أمر یأمر به الله بالمعنی الأعم، سواء کان أمراً واجباً أو مستحباً أو محرماً أو مکروهاً أو مباحاً، فدعوة الداعی إلی أن یجعلوا الناس الماء مباحاً أو یحرموا ما حرمه الله سبحانه وتعالی من الدعوة إلی سبیل الله تعالی، وکذلک الدعوة إلی

ص:118


1- سورة الأحزاب: الآیة 4
2- سورة النحل: الآیة 125

بناء المساجد والقناطر والمستشفیات وما أشبه، إلی غیر ذلک مما اشتمل علیه الدین، فإن کل ذلک دعوة إلی سبیل الله سبحانه وتعالی.

6: دعاء الله سبحانه وتعالی

6: دعاء الله سبحانه وتعالی قال سبحانه: ﴿وَقالَ رَبُّکُمُ ادْعُونی أَسْتَجِبْ لَکُمْ إنَّ الَّذینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرینَ﴾((1)).

لایخفی أنه لا یجب الدعاء فی نفسه علی المشهور، أما أن یکون عدم الدعاء من جهة الاستکبار فهو محرم قطعاً ومن الکبائر جزماً.

وحیث إن الدعاء نوع من العبادة ذکر سبحانه فی آخر الآیة قوله: ﴿إِنَّ الَّذینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتی﴾، أما عدم دعاء إبراهیم (علیه السلام) حین ألقی فی النار علی ما ورد من قوله (علیه السلام): Sعلمه بحالی کفی عن مقالیR، فذلک کان فی موضع خاص لعلة مخصوصة، وإلا فإن إبراهیم (علیه السلام) کان أواهاً کما فی القرآن الحکیم، أی دعّاءً کما ورد فی التفسیر((2))، ولعل حکمة عدم دعائه فی ذلک الحال کان للترکیز علی عدم احتیاج الله سبحانه إلی اللفظ والدعاء بعد علم الله سبحانه ورؤیته للأمور، وکان تعلیماً منه (علیه السلام) للملائکة الذین أشرفوا علی القصة کما فی التفاسیر.

ولا یخفی أن الدعاء من الأسباب لا أنه کل شیء، ولذا کثیراً ما یدعی فلا یستجاب، وقد ذکر فی الروایات أسباب استجابة الدعاء وعدم استجابته، نعم لا إشکال فی أن الاستکبار عن عبادة الله کالاستکبار علی الله کلاهما من أشد المحرمات.

7: دعاء الرسول (صلی الله علیه وآله) بتوقیر

7: دعاء الرسول (صلی الله علیه وآله) بتوقیر

یلزم أن یکون نداؤه (صلی الله علیه وآله) بتوقیر واحترام، مثل: یا رسول الله، ویا سید الأمة، ویا خاتم النبیین، وما أشبه ذلک، لکن لا یلزم ذلک ابتداءً وإنما هو لازم شرطی، نعم یحرم دعاؤه بما

ص:119


1- سورة غافر: الآیة 60
2- انظر تفسیر العیاشی: ج2 ص154 ح51

یکون بدون احترام وتوقیر.

قال سبحانه: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَیْنَکُمْ کَدُعاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿الَّذینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ الَّذی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَالْإِنْجیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتی کانَتْ عَلَیْهِمْ فَالَّذینَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذی أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾((2)).

وتتمة الآیة تدل علی أن من لم یفعل ذلک لم یکن مفلحاً وهو دلیل الوجوب.

ولا یخفی أن الآیة دلت علی أن مهمة الرسول (صلی الله علیه وآله) هی ثلاثة أشیاء:

فالأول: الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

والثانی: تحلیل الطیبات وتحریم الخبائث.

والثالث: تحریر الإنسان من الإصر والأغلال.

وقد ذکرنا الحریة الإسلامیة فی الکتب المتعددة والتی فقدها المسلمون منذ جاء الغرب إلی بلادهم وملک أمورهم الحکام الذین هم عملاء لهم، وإنی أذکر قبل ستین سنة الحریات التی کانت متوفرة للمسلمین مما لیس لها الآن عین ولا أثر، وقد ألغیت الحریات الإسلامیة فی العراق منذ الحرب العالمیة الثانیة، حیث صارت السیطرة الغربیة علی العراق شدیدة جداً.

ولا ترجع إلی المسلمین الحال الطبیعی الإسلامیة إلا بعد الرجوع إلی هذه الأحکام المذکورة فی هذه الآیة المبارکة، نسأل الله التوفیق لما یحب ویرضی.

8: دعاء الله سبحانه وتعالی بأسمائه الحسنی

8: دعاء الله سبحانه وتعالی بأسمائه الحسنی قال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذینَ یُلْحِدُونَ فی أَسْمائِهِ سَیُجْزَوْنَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ﴾((3)).

والحسنی صفة توضیحیة، لوضوح أن الله سبحانه وتعالی لیس له أسماء علی قسمین

ص:120


1- سورة النور: الآیة 63
2- سورة الأعراف: الآیة 157
3- سورة الأعراف: الآیة 180

حسنی وغیر حسنی، والدعاء بنفسه وإن لم یکن واجباً کما تقدم وإنما هو علی نحو الشرط، لکن لا یجوز دعوة الله سبحانه وتعالی باسم غیر حسن، مثلاً یقول الإنسان: یا کریم، یا رحیم، یا عفو، یا الله، یا غفور وما أشبه.

ولا یجوز الإلحاد فی أسمائه والمیل إلی الباطل بأن یقول مثلاً: یا مضل، وما أشبه ذلک، وإن کان ورد فی القرآن الکریم والأدعیة توصیف الله سبحانه وتعالی بمثل ذلک فی غیر اسم الفاعل ونحوه، مثلاً ورد: ﴿وَمَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ﴾((1)) وما أشبه ذلک، والظاهر أن من الإلحاد أیضاً أن یدعی الله سبحانه وتعالی ب_: یا معلم، ویا زارع، ویا قاتل ونحو ذلک، وإن ورد: ﴿وَیُعَلِّمُکُمُ اللَّهُ﴾((2))، و ﴾أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾((3))، و ﴾لکِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ﴾((4)).

أما توصیفه سبحانه بواجب الوجود کما فی جملة من الکتب الفلسفیة والکلامیة وغیرهما فهو للإشارة إلی واقع الأزلیة والأبدیة وعدم الإمکان، لا أنه من باب الاسم،

أما قوله سبحانه: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾((5))، وقوله: ﴾مُخْلِصینَ لَهُ الدِّینَ﴾((6)) فإن کانت الدعوة فیهما بمعنی العبادة کالصلاة والصیام والحج وغیرها فلا حکم جدید فیها، بل هی من قبیل: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ﴾((7))، وإن کانت بمعنی النداء فالأمر للاستحباب علی ما عرفت.

9: الدفاع عن الدین

قال سبحانه: ﴿وَما أَصابَکُمْ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِیَعْلَمَ الْمُؤْمِنینَ وَلِیَعْلَمَ الَّذینَ

ص:121


1- سورة النساء: الآیة 88
2- سورة البقرة: الآیة 282
3- سورة الواقعة: الآیة 64
4- سورة الأنفال: الآیة 17
5- سورة الأعراف: الآیة 56
6- سورة الأعراف: الآیة 29
7- سورة النساء: الآیة 59

نافَقُوا وَقیلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فی سَبیلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاَتَّبَعْناکُمْ هُمْ لِلْکُفْرِ یَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإیمانِ یَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَیْسَ فی قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما یَکْتُمُونَ﴾((1)).

الدفاع عن الدین واجب بکل الوسائل والسبل المشروعة کما یجب الدفاع عن المؤمنین أیضاً وعن أحکام الله سبحانه وتعالی.

من غیر فرق بین أن یکون الدفاع بالجهاد علی حسب شروطه، أو الدفاع بالحکمة والموعظة الحسنة والمجادلة، أو الدفاع بسبب تهیئة الأسباب کما إذا أعطی المال للناس التفوا حول الدین وعملوا بأحکامه فإن ذلک أیضا نوع من الدفاع.

والدفاع وإن کان ظاهره الثانویة، لکنه أعم من الأولیة والثانویة، بأن یعمل شیئاً حتی یلتزم بالدین، کما إذا هدی غیر البالغ وکانت الهدایة سبباً لالتفافه حول الدین وعمله به، وذلک لوضوح وحدة الملاک.

10: الدفاع عن النفس

10: الدفاع عن النفس

قال سبحانه: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَیْدیکُمْ إلی التَّهْلُکَةِ﴾((2)).

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sمن قتل دون مظلمته فهو شهیدR((3)).

إلی غیرها من الروایات الدالة علی أن من قتل دون نفسه أو ماله أو عرضه فهو شهید، کما أنه یجب الدفاع عن نفس الغیر المحترم وعرضه وماله إذا کان زائداً، أما الدفاع عن المال القلیل فلا دلیل علی وجوبه، فإن رأی إنسان أن حیواناً یأکل فاکهة إنسان آخر لا یجب المنع عن ذلک، وهکذا فی سائر الأمور غیر المهمة التی لم یستفد من الشرع وجوب الدفاع عنه، وقد فصلنا البحث فی ذلک فی کتاب (الفقه)، کما ألمعنا إلیه هنا.

ولکن لا یخفی أن قوله: Sمن قتل دون نفسه أو ماله أو عرضه فهو شهیدR إنما هو فیما إذا لم

ص:122


1- سورة آل عمران: الآیة 166 _ 167
2- سورة البقرة: الآیة 195
3- الوسائل: ج11 ص92 الباب 46 من جهاد العدو ح8

یکن الأمر من باب الأهم والمهم، بأن لم یکن الدفاع عن المال أو العرض أو النفس أقل أهمیة من الشهادة، وإلا لم یجز، فإذا أراد رجل أن یلوط بالشاب فدافع عن نفسه فقتل کان شهیداً، أما إذا أراد رجل أن یقبّل شاباً فلم یجز الدفاع إلی حد الشهادة الشاب.

وکذلک إذا أراد رجل الزنا بالمرأة حق لها الدفاع إلی الشهادة، أما إذا أراد النظر إلیها أو ما أشبه ذلک لم یجز الشهادة فی قباله.

11: دفع المنکر

11: دفع المنکر

الظاهر وجوبه کالنهی عن المنکر للملاک وغیره، فإذا رأی الإنسان مجنوناً یجبر المرأة بالزنا معها فحال دون ذلک کان دفعاً للمنکر لا نهیاً عنه، وکذلک إذا رأی حیواناً أو طفلاً یرید إحراق السوق بأن کان الحیوان معلماً من قبل الأعداء بذلک، أو یرید الحیوان قتل طفل أو ما أشبه، وکذلک إذا رأی خمراً لإنسان غائب إذا لم یرقها جاء وشربها وهو لا یقدر علی النهی عنه عند مجیئه، إلی غیر ذلک.

وکذلک إذا رأی رجلاً یرید الزواج بذات محرم له فأسرع فی زواجها بإنسان یجوز الزواج به، فإنه من الدفع عن المنکر.

ولا یبعد أن یجوز ذلک وإن لم یکن متولیاً کالأب والجد، وکان الأمر یحتاج إلی التولی فی غیر هذه الصور، لمکان الأهمیة فیما ذکرناه، ومثل ذلک لو أرادت الزوجة الحائض أن لا یقربها الزوج بالجماع معها بإشرابه مرقداً أو ما أشبه ذلک حتی یأخذه النوم((1)).

12: دفع مال الیتیم

12: دفع مال الیتیم إلیه بعد رشده

قال سبحانه: ﴿وَابْتَلُوا الْیَتامی حَتَّی إذا بَلَغُوا النِّکاحَ فإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ﴾((2)).

ص:123


1- وفی بعض المصادیق لابد من إذن الحاکم الشرعی
2- سورة النساء: الآیة 6

وحیث قد تقدم الکلام فی هذه الآیة المبارکة بوجوب دفع مال کل إنسان إلیه أو إلی ولیه، یتیماً کان أو غیر یتیم، فإذا کان رشیداً بالغاً دفعه إلیه، وإلا دفعه إلی ولیه الخاص کالأب، أو العام کالحاکم الشرعی، فلا حاجة إلی التکرار، وقد تعرضنا لتفصیل ذلک فی کتاب الودیعة وغیره.

وإذا لم یتمکن من الدفع إلی الولی الشرعی جاز دفعه إلی غیر الولی بحیث یکون محفوظاً عنده لأهمیة الحفظ حینئذ.

وورد فی صحیح عیص، عن الصادق (علیه السلام) قال: سألته عن الیتیمة متی یدفع إلیها مالها_ قال: إذا علمت أنها لا تفسد ولا تضیعR((1)).

إلی غیرها من الروایات.

أما البلوغ والرشد، فقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحجر.

والدفع فوری عرفی لا بالدقة العقلیة، لأنه هو المتبادر کما فصلناه فی کتاب الودیعة.

13: دفن الشهید بثیابه

13: دفن الشهید بثیابه

یجب أن یدفن الشهید بثیابه، وینزع منه الفرو والخفان، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه).

روی زرارة فی الصحیح، عن الباقر (علیه السلام)، قلت له: کیف رأیت الشهید یدفن بدمائه، قال: Sنعم فی ثیابه بدمائه، ولا یحنط ولا یغسل ویدفن کما هوR((2)).

نعم تجب الصلاة علیه للنص والإجماع، بالإضافة إلی إطلاق الأدلة، والظاهر أن قوله (علیه الصلاة والسلام): SبدمائهR لا یراد بذلک أن دماءه أیضاً یدفن، فإن کان الدم مراقاً علی الأرض لا یجب أخذه من الأرض ودفنه معه، نعم یجب دفن أعضائه معه، والظاهر وجوب أن یکون کل عضو فی مکانه عند الدفن، لا أن تکون مبعثرة مثلاً یوضع رجله عند

ص:124


1- الوسائل: ج13 ص142 الباب 1 من الحج ح3
2- الوسائل: ج2 ص700 الباب 14 من غسل المیت ح8

رأسه إذا کانت الرجل مقطوعة، إلی غیر ذلک.

وإذا کان معه نقد أو ما أشبه وقد لطخ بدمه لا یدفن معه، وکذلک مثل خاتمه وما أشبه، لانصراف الأدلة عن مثل ذلک، کما أنه إذا کانت له أجزاء اصطناعیة ملحقة به کرجل أو ید أو عین أو أسنان أو نحو ذلک لا یجب الدفن معه، بل قد لا یجوز إذا کان من السرف.

ولا یخفی أنی لم أجد فی کتب المقاتل أن الإمام السجاد (علیه السلام) صلی علی أبیه وعلی الشهداء (صلوات الله علیهم أجمعین)، لکن عدم الوجدان لا یدل علی عدم الوجود، کما أن من المحتمل أن الإمام الحسین (علیه السلام) صلی علی الشهداء قبله حین جلبهم إلی الخیمة أو نحوها.

14: دفن المیت المسلم

14: دفن المیت المسلم

لا إشکال فی وجوب دفن المیت المسلم علی ما ذکرنا تفصیله فی بحث الأموات، أما دفن غیر المسلم فإذا کان عدم الدفن سبباً لأذیة الناس أو ما أشبه ذلک وجب، لا لأن الدفن واجب بل لدفع الضرر، وإذا لم یکن کذلک لم یجب.

وهل یجوز الدفن فی العمارة، کالحائط ونحوه، وقد وجدت جنازات فی حیطان الصحن الصغیر للإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام) حینما هدموا الصحن المذکور، احتمالان.

والظاهر أنه لا یجوز رش مبید علی المیت یبیده سریعاً کما یفعل ذلک فی بلاد الغرب وبعض بلاد الإسلام، فإن ذلک من الإهانة.

وهل یجوز تحنیط المیت ووضعه علی الأرض فی زجاجة بحیث یراه الناس، کما فعلوا ذلک بالفراعنة فی مصر، و (ماو) رئیس الصین، أم لا، احتمالان، ولا یبعد الأول مع الصدق، کما لا یبعد الثانی بالنسبة إلی مَن دینه ذلک من باب قاعدة الإلزام، أما بالنسبة إلی المسلم فالمسألة مشکلة، ولم أجد من تعرض لها.

ولو فرض أن بعض عباد الله الصالحین من الأنبیاء والأئمة (علیهم الصلاة والسلام)

ص:125

والعلماء والزهاد نبش قبورهم ولو لأمر حلال، کما نقل موسی (علیه الصلاة والسلام) یوسف (علیه الصلاة والسلام)، أو کما نقل فی زماننا جسد حذیفة صحابی رسول الله (صلی الله علیه وآله) من قبره، حیث کانت دجلة تجرف به إذا لم ینقل، إلی قرب قبر سلمان الفارسی (رضوان الله تعالی علیهما)، فهل یجوز دفنه فی زجاجة لیراه الناس ویعتبروا به، احتمالان، وإن کان الفتوی بذلک فی غایة الاشکال((1)).

15: دفن من یرجم

15: دفن من یرجم

من یراد رجمه فإن کان رجلاً یدفن إلی حقویه، وإن کانت امرأة تدفن إلی وسطها، ثم یرجم کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحدود، لکن هل هو واجب تعبدی أو من جهة أن لا یهرب أو نحو ذلک، فیجوز إذا کان شللاً مثلاً عدم دفنه، وکذلک إذا ربط بحائط أو نحو ذلک، فیه احتمالان، وإن لم أر من تعرض له.

16: دفن حمام الحرم

16: دفن حمام الحرم

دلت بعض لروایات علی وجوب دفن حمام الحرم إذا ذبحها المکلف عمداً آثماً أو اشتباهاً، کما إذا أغلق الباب علیه بدون علم منه، أو ذبحه بزعم أنه دجاج یجوز ذبحه، ثم تبین أنه من حمام الحرم وطیره، والمسألة مذکورة فی کتاب الحج مفصلاً.

17: إدناء الجلابیب علی النساء

17: إدناء الجلابیب علی النساء

قال الله سبحانه وتعالی: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِأَزْواجِکَ وَبَناتِکَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنینَ یُدْنینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلاَبِیبِهِنَّ ذلِکَ أَدْنی أن یُعْرَفْنَ فَلا یُؤْذَیْنَ وَکانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحیماً﴾((2)).

جسد المرأة کانت مستورة فی الجاهلیة بالملابس کجسد الرجل بلا إشکال، والرأس

ص:126


1- ومع فرض الهتک والإهانة فلا یجوز قطعاً
2- سورة الأحزاب: الآیة 59

غالباً کانت مکشفة کالرجال، فإن عادة غیر المتشرعین قدیماً وحدیثاً التشابه بین الرجل والمرأة فی اللباس، وکان الرجل یلبس القباء والمرأة الجلباب وهو ثوب واسع طویل، فکن یجعلنه إلی حول الرقبة، فالأمر بإدناء الجلابیب أدناؤها من الرأس لیستر بها الرأس والشعر، فیکون فوق الرأس وهو إدناؤه إلی نفسه، ولذا قال سبحانه: ﴿عَلَیْهِنَّ﴾ حیث إن (علی) للعلو حتی یغمر الجلباب رأسها وشعرها ورقبتها، أما الوجه فقد بقی مکشفاً.

بینما الإماء کن لا یسترن رؤوسهن، ولذا قال سبحانه: ﴿ذلِکَ أَدْنی أن یُعْرَفْنَ﴾ أی بأنهن حرائر، ﴾فَلا یُؤْذَیْنَ﴾ کما کانت تؤذی الإماء، فإنهم کانوا یمازحون الإماء، کما هی عادة المبتذلین حیث یحتشمون النساء الصالحات ویلعبون بغیرهن.

ویؤید عدم إرادة ستر الوجه صحیح عبد الرحمن، قال: سألت أبا إبراهیم (علیه السلام) عن الجاریة التی لم تدرک متی ینبغی لها أن تغطی رأسها ممن لیس بینها وبینه محرم، ومتی یجب علیها أن تقنع رأسها للصلاة، قال: Sلا تغطی رأسها حتی تحرم علیها الصلاةR((1)).

وفی صحیح البزنطی، عن الرضا (علیه الصلاة والسلام): Sیؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنین، ولا تغطی المرأة منه شعرها حتی یحتلمR((2)).

وفی صحیحه الآخر عنه (علیه الصلاة والسلام): Sلا تغطی المرأة رأسها من الغلام حتی یبلغ الغلامR((3)).

وقد ذکرنا مسألة الحجاب فی کتاب النکاح مفصلاً، وإدناء الجلابیب واجب مقدمی یقصد منه عدم النظر من الرجال إلیهن، فلو کان الرجل أعمی أو غیر مبصر لشد عینیه أو نحو ذلک، أو لم یکن رجل أصلاً، أو کانوا فی اللیل المظلم لم یجب الستر.

ص:127


1- الوسائل: ج14 ص169 الباب 126 من مقدمات النکاح ح2
2- الوسائل: ج14 ص169 الباب 126 من مقدمات النکاح ح3
3- الوسائل: ج14 ص169 الباب 126 من مقدمات النکاح ح1

والظاهر عدم تعدی الحکم إلی شاب جمیل یوجب الإثارة، أما ما کان یفعله بعض أولاد الأئمة (علیهم السلام) من النقاب کذلک، فلا دلالة فیه علی الوجوب.

ص:128

حرف الذال

1: ذبح الحیوان الموطوء

حرف الذال

1: ذبح الحیوان الموطوء

إذا وطأ شخص حیواناً وجب علیه ذبحه إن کان مما یؤکل لحمه لا مثل الدابة.

ففی صحیح یونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، وعن صباح الحذاء، عن الکاظم (علیه السلام)، وعن الحسین بن خالد، عن الرضا (علیه السلام):

فی الرجل یأتی البهیمة، فقالوا جمیعاً: Sإن کانت البهیمة للفاعل ذبحت، وإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ینتفع بهاR إلی أن قال: فقلت: وما ذنب البهیمة، فقال: Sلا ذنب لها، ولکن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فعل هذا وأمر به لکی لا یتجرأ الناس بالبهائم وینقطع النسلR((1)).

وقد ذکرنا هذا الحدیث فی مبحث سابق، کما ذکرنا الکلام فی ذلک مفصلاً فی مبحث الحدود.

وهل الحکم کذلک فیما إذا فعل الکافر أو المخالف الذی لا یعتقد بهذا الحکم، بأن یبقی الحیوان حلالاً لنا، احتمالان، من قاعدة الإلزام، ومن استظهار وضعیة الحکم، لکن لا یبعد الأول، فلا یحرم الحیوان الموطوء لهم حتی لنا ویجوز أکله بعد التذکیة الشرعیة، کما أنهم إذا أسلموا أو استبصروا یحل لهم لحدیث الجب، ولما دل علی عدم إعادة المستبصر إلاّ

ص:129


1- الوسائل: ج18 ص570 الباب 1 من نکاح البهائم ح1

الزکاة مما یشتمل ملاکه المقام.

وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فیما أسلم الکافر أو استبصر المخالف وتحتهما أخت رضاعی لهما بما کانا لا یحرمانها فی حالهما السابق، فإن مقتضی الجب ونحوه _ فی غیر ضروری الاستثناء، کما إذا کان المجوسی متزوجاً أخته _ البقاء علی الحالة السابقة، هذا مقتضی الصناعة، أما الاحتیاط فسبیله واضح، وإن کانت المسألة بعد بحاجة إلی التأمل والتتبع.

2: ذبح الهدی علی واجده

2: ذبح الهدی علی واجده

إذا وجد الإنسان الهدی الذی کان للحج، فربما یجب علیه ذبحه علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الحج.

ففی صحیح ابن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال: Sوإذا وجد الرجل هدیاً ضالاً فلیعرفه یوم النحر والثانی والثالث، ثم یذبحها عن صاحبها عشیة الثالثR((1)).

وفی صحیح منصور، عن الصادق (علیه السلام): Sإن کان نحره بمنی فقد أجزأ عن صاحبه الذی ضل عنه، وإن کان نحره فی غیر منی لم یجز عن صاحبهR((2)).

وهکذا حال ما إذا وجد الإنسان حیواناً منذوراً لیذبح فی العتبات المقدسة أو نحوها، فإنه إذا یئس عن صاحبه ذبحه عنه.

ص:130


1- الوسائل: ج10 ص127 الباب 28 من الذبح ح1
2- الوسائل: ج10 ص127 الباب 28 من الذبح ح2

3: ذکر الله تعالی

3: ذکر الله تعالی قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللَّهَ ذِکْراً کَثیراً﴾((1)).

والظاهر أنه أعم من الواجب والمستحب، فذکر الله فی نحو الصلاة والحج وما أشبه واجب، أما ذکره بالتسبیح والتحمید والتهلیل والتکبیر والمدح والثناء ونحو ذلک مستحب، وقد یکون مستحباً بصورة خاصة کتسبیح فاطمة الزهراء (صلوات الله علیها) وغیره.

کما أن الذکر القلبی منه واجب کعقد القلب علی توحیده وصفاته، ومنه مستحب فیما هو بمعنی الالتفات إلیه دائماً، قال سبحانه: ﴿اذْکُرُونی أَذْکُرْکُمْ﴾((2)),

والذکر فی الصلاة واجب فی مکان وجوبه کذکر الرکوع والسجود والتسبیحات الأربع فی الرکعتین الأخیرتین وما أشبه، أما ذکر الله عند الغضب فهو مستحب کما دل علی ذلک الدلیل، حیث لا دلیل علی وجوبه إلاّ إذا کان مقدمة لعدم المعصیة فهو واجب مقدمی وکفائی علی غیرهما، قال سبحانه: ﴿فَذَکِّرْ إن نَفَعَتِ الذِّکْری﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿فَذَکِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخافُ وَعیدِ﴾((4))، ویراد به أنه المفید، مثل Pهدی للمتقینO، وإلا فالتذکر بالقرآن واجب لمن یخاف ولمن لا یخاف، فإن التبلیغ بالقرآن واجب حتی بالنسبة إلی الکفار کما فعل رسول الله (صلی الله علیه وآله).

4: التذکیر علی النبی (صلی الله علیه وآله)

4: التذکیر علی النبی (صلی الله علیه وآله)

الظاهر وجوب التذکیر علی النبی والإمام (علیهما السلام) والعالم، بل کل أحد، حیث إن تبلیغ الإسلام

ص:131


1- سورة الأحزاب: الآیة 41
2- سورة البقرة: الآیة 152
3- سورة الأعلی: الآیة 9
4- سورة ق: الآیة 45

بأصوله وفروعه واجب عینی علی النبی والإمام (علیهما السلام، وکفائی علی غیرهما.

وهو علی ما ذکرناه سابقاً، لأن میزان الکفائی أن یکون ذا تأثیر ولو کان باجتماع مائة فی تذکیر شخص واحد بالتراکم عنده، ولو من باب الاحتمال العقلائی.

ولا فرق بین أن یکون التعدد من إنسان واحد أو من أفراد متعددین.

ص:132

حرف الراء

1: التربص علی المطلقات

حرف الراء

1: التربص علی المطلقات

قال سبحانه: ﴿وَالْمُطَلَّقاتُ یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا یَحِلُّ لَهُنَّ أنْ یَکْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فی أَرْحامِهِنَّ إنْ کُنَّ یُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ﴾((1)).

ویدل علی الحکم فی الجملة بالإضافة إلی الکتاب، روایات متواترة، والإجماع المقطوع به والمتواتر فی کلامهم، والخروج عن العدة إنما یکون بالدخول فی الحیض الثالث، وبذلک تتم القروء.

فقد روی زرارة فی الصحیح، عن الباقر (علیه السلام)، قلت له: أصلحک الله رجل یطلق امرأته علی طهر من غیر جماع بشهادة عدلین، فقال: Sإذا دخلت فی الحیض الثالثة فقد انقضت عدتها وحلت للأزواجR، قلت له: أصلحک الله إن أهل العراق یروون عن علی (صلوات الله علیه) أنه قال: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحیضة الثالثة، فقال: SکذبواR((2)).

ولا یخفی أنه إذا کان بعض العامة یعتقدون بخلاف ما یتعقده الإمامیة أخذ بقولهم بقانون الإلزام، وکذلک بالنسبة إلی الکافرة المجاز لنا عقدها((3))، فإنه لا فرق فی قانون الإلزام بین المسلمة المخالفة وبین الکافرة الجائزة نکاحها.

وحیث قد ذکرنا الکلام فی ذلک مفصلاً فی کتاب الطلاق لا داعی إلی تکراره.

ص:133


1- سورة البقرة الآیة 228
2- تفسیر البرهان: ج1 ص219 ح5
3- وهی الکتابیة المسیحیة والیهودیة والمجوسیة، دون غیرها

2: التربص علی المتوفی عنها زوجها

2: التربص علی المتوفی عنها زوجها

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً﴾((1)).

ولا یخفی أن الأشهر إذا کانت هلالیة فی بدایتها فهی المعیار، أما إذا کانت الوفاة فی أثناء الشهر فالاعتبار بالأیام أو بقدر أربعة أشهر وعشر، الظاهر کفایة القدر وإن کان الأحتیاط بالأیام.

ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی باب العدة.

3: التربص علی المفقود عنها زوجها

3: التربص علی المفقود عنها زوجها

فی صحیحة برید بن معاویة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المفقود کیف تصنع امرأته، فقال: Sما سکتت عنه وصبرت فخل عنها، وإن رفعت أمرها إلی الوالی أجلها أربع سنین، ثم یکتب إلی الصقع الذی فقد فیه فلیسأل عنه، فإن خبر عنه بحیاة صبرت، وإن لم یخبر عنه بحیاة حتی تمضی الأربع سنین دعا ولی الزوج المفقود، فقیل له: هل للمفقود مال، فإن کان للمفقود مال أنفق علیها حتی یعلم حیاته من موته، وإن لم یکن له مال قیل للولی أنفق علیها، فإن فعل فلا سبیل لها إلی أن تتزوج ما أنفق علیها، وإن أبی أن ینفق علیها أجبره الوالی علی أن یطلق تطلیقة فی استقبال العدة وهی طاهر فیصیر طلاق الولی طلاق الزوج، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضی عدتها من یوم طلقها الولی فبدا له أن یراجعها فهی امرأته وهی عنده علی تطلیقتین، وإن انقضت العدة قبل أن یجیء ویراجع فقد حلت للأزواج ولا سبیل للأول علیهاR((2)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک وأن للوالی الحق فی تطلیقها حتی قبل أربع سنوات إذا کان بقاؤها عسراً أو حرجاً أو ضرراً علیها أو ما أشبه ذلک فی کتاب الطلاق، وهکذا حال من سجن زوجها سجناً طویلاً ولا تتمکن من الاتصال به، إلی سائر فروع المسألة.

ص:134


1- سورة البقرة الآیة 234
2- الوسائل: ج15 ص389 الباب 23 من أقسام الطلاق ح1

ویأتی هنا الکلام فی المخالفة والکافرة إذا کان أحکامهن علی طبق مذهبهن غیر موافق لأحکامنا، فإن قانون الإلزام هو الملزم، لأن هذا القانون استثناء عن القوانین الأولیة کما ذکرنا تفصیل ذلک فی بعض کتب الفقه.

4: المرابطة

4: المرابطة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((1)).

والمرابطة عبارة عن البقاء فی الثغور مدة للنظر إلی تحرک الأعداء، فإن بلاد الإسلام کلها بلد واحد، وأطرافها بینها وبین بلاد الکفر الثغور، والمرابطة مستحبة وأحیاناً تکون واجبة علی سبیل الکفایة، وقد ألمعنا إلی ذلک فی کتاب الجهاد.

ولکن إذا کانت البلاد الإسلامیة متفرقة کما فی الحال الحاضر، وکان بعضها لها ثغور فی بلاد الکفر یکون الحکم کذلک أیضاً. لکن لا حکم للبلاد المتفرقة حسب السیاسات المجزئة، ولا فرق بین المرابط بین أن یکون من ذلک البلد أو من سائر بلاد الإسلام.

5: تربیه الأولاد

5: تربیه الأولاد

یجب علی الوالدین تربیة الأولاد بما یرید الشارع منهم لأنهما ولیان لهم، وقد قال القرآن الحکیم: ﴿قُوا أَنْفُسَکُمْ وَ أَهْلیکُمْ ناراً﴾((2))، فاللازم تربیتهم حتی لایؤذوا الناس ولایفعلوا المناکیر کالزنا واللواط والسحق وما أشبه، وقد عقد الوسائل والمستدرک باباً فی هذا الشأن فیه روایات متعددة، وألمعنا إلی ذلک فی کتاب النکاح بالمناسبة.

من غیر فرق بین الأب والأم، فإن الأم أیضاً ولی فی الجملة، وقد قال سبحانه: Pوأولو الأرحام بعضهم أولی ببعض فی کتاب اللهO((3))، کما أنه لا فرق فی الأولاد بین الذکور والإناث، بل یمکن أن یقال إن الأبوین شاملان للجد والجدة الأبی والأمی، وإن کان للأبی الولایة علی بعض التقادیر.

6: الترتیل

6: الترتیل

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّیْلَ إلاّ قَلیلاًO إلی قوله سبحانه: Pوَرَتِّلِ الْقُرْآنَ

ص:135


1- سورة آل عمران: الآیة 200
2- سورة التحریم: الآیة 6
3- سورة الأنفال: الآیة 75، وسورة الأحزاب: الآیة 6

تَرْتیلاً﴾((1)).

وفی الحدیث عن علی (علیه الصلاة والسلام): Sبیّنه بیاناً ولا تهذّه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل، ولکن افزعوا قلوبکم القاسیة، ولا یکن همّ أحدکم آخر السورةR((2)).

ولایخفی أن الترتیل فی الصلاة بمعنی تبیین الحروف علی التوالی بحیث یصدق قراءة القرآن حسب المنصرف عنه واجب، أما فی غیر الصلاة فلیس الحکم إلزامیاً، بل هو محمول علی الندب.

7: رجاء الوقار لله

7: رجاء الوقار لله

قال سبحانه حکایة عن نوح (علیه السلام) قال لقومه: ﴿ما لَکُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً﴾((3))، وحیث کان الاستفهام إنکاریاً دل علی وجوب التوقیر لله سبحانه وتعالی، أی تعظیمه حق عظمته بجعله فی مکان الربوبیة، وخلع الأنداد عنه، علی ما ثبت فی العقائد الحقة.

وحینئذ یکون التوقیر قلبیاً ولسانیاً وعملیاً، حسب ما دل علیه الدلیل فی کل من الثلاثة.

ومن الواضح أن من ذلک ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، فاللازم إتیان الواجب منه کما یستحب إتیان المستحب منه، وذلک لأن اللفظ قد یکون بصدد بیان کلیهما علی نحو الجامع، ولیس ذلک من استعمال المشترک فی أکثر من معنی علی ما ذکره الأصولیون.

والأمر أعم من الإیجاب والسلب، بأن یأتی بموجب الوقار إیحاباً ویترک ما هو ضد الوقار سلباً.

8: إرجاع البصر

8: إرجاع البصر

قال سبحانه: ﴿ما تَری فی خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَری مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ کَرَّتَیْنِ یَنْقَلِبْ إِلَیْکَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسیر﴾((4)).

ص:136


1- سورة المزمل: الآیة 1_ 4
2- تفسیر البرهان: ج4 ص397 ح1
3- سورة نوح: الآیة 13
4- سورة الملک: الآیة 3 _ 4

والظاهر أن الأمر إرشادی لیمتلئ الإنسان من عظمة الله سبحانه وتعالی، وإلا فالمعتقد بالله سبحانه وتعالی حسب ما بین فی القواعد الحقة لا یجب علیه أن ینظر إلی السماء أو إلی الکون وأن یداق فیهما.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pیرجع البصر کرتینO یراد به کرة بعد کرة، لا العدد الخاص، ویرجع البصر من باب المصداق، وإلا فیرجع القلب أیضاً من مصادیق ذلک إما بشمول اللفظ له أو شمول الملاک.

9: الرجوع من البیوت

9: الرجوع من البیوت

قال سبحانه: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فیها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّی یُؤْذَنَ لَکُمْ وَإنْ قیلَ لَکُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْکی لَکُمْ﴾((1)).

من الواضح أن دخول بیت الغیر بدون إذنه محرم، وکذلک البیت الذی هو موقوف بدون إذن المتولی، ولا خصوصیة لقول المالک ارجعوا، فإن عدم إذنه کاف لحرمة التصرف فیه بدخول أو غیر دخول، وإنما سیق الکلام مساق المتعارف، حیث إذا لم یرض صاحب البیت قال لمن یرید الدخول ارجع، ولا خصوصیة للبیت وإنما البیت من باب المثال الغالب.

وإذا خالف اللفظ القصد، فهل الاعتبار باللفظ أو القصد، لا یبعد أن یکون بالقصد، لأن الأعمال بالنیات، وقد قالوا: المأخوذ حیاءً کالمأخوذ غصباً، وإنما اللفظ دلیل فیما لا دلیل سواه، وإذا کان البیت مشترکاً احتاج الأمر إلی رضی جمیعهم.

10: الرجم

10: الرجم

لم یذکر حکم الرجم فی القرآن الحکیم وإنما دل علی ذلک النص والإجماع.

ففی صحیح محمد بن قیس، عن الباقر (علیه السلام): Sوقضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) للمحصن الرجمR((2)).

وفی صحیحة محمد بن مسلم وزرارة، عن الباقر (علیه السلام): Sفی المحصن والمحصنة جلد

ص:137


1- سورة النور: الآیة 28
2- الوسائل: ج18 ص347 الباب 1 من حد الزنا ح2

جلد مائة ثم الرجمR((1)).

وفی الأحادیث: إن النبی (صلی الله علیه وآله) أمر برجم ماعز((2)).

إلی غیر ذلک مما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحدود.

11: رد تراب المسجد وحصاه

11: رد تراب المسجد وحصاه

رد تراب المسجد وحصاه إذا کان من جزء الوقف ولم یکن قمامة واجب، من جهة أنه لا یجوز التصرف فی الوقف بغیر الجهة الموقوفة، فإنه خلاف Sالوقوف علی حسب ما وقفها أهلهاR، ومن ذلک یتبین أنه لا خصوصیة للمسجد، بل کل موقوفة کذلک.

وقد روی زید الشحام، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): أخرج من المسجد وفی ثوبی حصاة، قال: Sفردها أو اطرحها فی مسجدR((3)).

وکأن الثانی من باب الارتکاز وعدم الخصوصیة، أو فی صورة عدم تمکنه من المسجد المخرج حصاه منه، فإن الارتکاز وجوب صرفه فی مسجد مماثل علی ما ذکروه فی کتاب الوقف من اتباع الارتکاز إن لم یمکن نفس الکیفیة الموقوفة علیها، وتفصیل المسألة فی باب المساجد.

لکن الرد للتراب والحصاة فیما إذا لم یکن من النفایات، وإلا کان إخراج ذلک من المسجد مستحباً فهو نوع من التنظیف.

12: رد المتنازع فیه إلی الشارع

12: رد المتنازع فیه إلی الشارع

قال سبحانه: ﴿فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إلی اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ﴾((4)).

ص:138


1- الوسائل: ج18 ص347 الباب 1 من حد الزنا ح8
2- الوسائل: ج18 ص376 الباب 15 من حد الزنا ح1
3- الوسائل: ج3 ص506 الباب 26 من أحکام المساجد ح3
4- سورة النساء: الآیة 59

والمراد بالشیء الحکم، وکذلک الموضوع ذو الحکم فیما إذا اختلف فی المراد منه، کالتی تسمی بالموضوعات المستنبطة، وذکر الله من باب أنه المشرع، وذکر الرسول (صلی الله علیه وآله) من باب أنه المرشد إلی حکم الله سبحانه وتعالی، ووجوب الرد إلی الله والرسول لیس حکماً مستقلاً فی قبال اتباع أحکام الله سبحانه وتعالی، بل هو من مصادیقه.

والفقهاء خلفاء الرسول، ولذا یجب فی عصر الغیبة الرد إلیهم، نعم یشترط فی ذلک أن یکونوا عدولاً، لأنه لا اعتبار بغیر العادل، وقد قال (علیه السلام): Sوذلک بعض فقهاء الشیعةR، بعد قوله (علیه السلام): Sمن کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً لهواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام أن یقلدوهR.

والقضاء والفتوی والإمامة کلها بحاجة إلی العدالة، فقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) وجه قولهم (علیهم السلام) بالأربعة المذکورة، اثنان سلبی واثنان إیجابی.

13: رد طیر مکة إلیها

13: رد طیر مکة إلیها

روی علی بن جعفر فی الصحیح، عن أخیه موسی (علیه الصلاة والسلام)، قال: سألته عن رجل خرج بطیر من مکة حتی ورد به الکوفة کیف یصنع، قال: Sیرده إلی مکة فإن مات تصدق بثمنهR((1)).

أقول: هذا مع الإمکان، أما بدون إمکان الرد فهل یتصدق بنفسه أو بثمنه، احتمالان، وإن کان لا یبعد الأول، لأن الشیء أقرب إلی نفسه من غیره، بل هذا التعبیر من ضیق المجال، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

وقوله: (بطیر) یشمل الحمام والعصفور وغیرهما علی سعة فی مصادیق کل من اللفظین.

ولا یبعد أن یکون التصدق أعم من إعطائه للهاشمی وغیر الهاشمی، أما ما ورد من منع الإعطاء للهاشمی بالنسبة إلی کون المعطی غیر هاشمی فذلک خاص بالزکاة المفروضة

ص:139


1- الوسائل: ج9 ص204 الباب 14 من کفارات الصید ح1

علی ما حقق فی محله.

14: رد الغیبة

14: رد الغیبة

دل علی وجوب رد الغیبة جملة من الأخبار، وفسره الشیخ بأن (المراد الانتصار للغائب بما یناسب تلک الغیبة، فإن کان عیباً دنیویاً انتصر له بأن العیب لیس إلاّ ما عاب الله من المعاصی، وإن کان عیباً دینیاً وجهه بالمحامل التی تخرجه عن المعصیة، فإن لم یقبل التوجیه انتصر له بأن المؤمن قد یبتلی بالمعصیة فینبغی أن یستغفر له)، انتهی.

وفی وجوب ذلک تأمل، وإن کان الاحتیاط یقتضیه، ولا یبعد فهم الملاک بالنسبة إلی التهمة ونحوها، فیرد الإنسان التهمة الموجهة إلی أخیه المؤمن وذلک للملاک، فإنه یشمل کل نوع من النقص والعیب بأقسامه الکثیرة، وقد عدّها بعض الفقهاء حتی أنهاها إلی مائتین.

15: رد جواب الکتاب

المشهور

15: رد جواب الکتاب

المشهور علی عدم وجوبه وأنه مستحب، لقول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیحة عبد الله بن سنان: Sرد جواب الکتاب واجب کوجوب رد السلام، والبادی بالسلام أولی بالله ورسولهR((1)).

بضمیمة المرتکز فی أذهان المتشرعة من عدم الوجوب، وکفی به دلیلاً لصرف النص عن ظاهره، بل لو کان رد الجواب واجباً لصار لعموم الابتلاء به من الضروریات، فیکف یختفی ذلک علی المشهور من المتدینین فلا یحملونه إلاّ علی الاستحباب.

وقد ورد لفظ الوجوب فی کثیر من الروایات علی المستحبات، کوجوب زیارة الحسین (علیه السلام) وغیره((2))، فإن معناه اللغوی الثبوت، والثبوت کما یکون بالواجب المانع من النقیض یکون بالمستحب غیر المانع منه.

ثم لا یبعد کون الأمر غیر خاص بالکتاب فی أزمنتنا، فیعم مثل رد اللاسلکی والتلفون

ص:140


1- الوسائل: ج8 ص437 الباب 13 من العشرة ح1
2- البحار: ج98 الباب 1 ح10

وما أشبه ذلک، لوجود المناط فی الجمیع.

16: رمی الجمار

16: رمی الجمار من الواجب فی الحج رمی الجمار علی التفصیل المذکور فی کتاب الحج، والظاهر أنه إذا رفعوا الجمرة طولاً، أو ضخموها حصل الرمی من الطبقة العلیا، وبرمی المتسع منها، وکذلک إذا جعلوها نازلاً فی سرداب للصدق عرفاً، وقد ألمعنا إلیه فی کتاب (لکی یستوعب الحج عشرة ملایین).

ویأتی مثله فی الطواف والصلاة خلف مقام إبراهیم (علیه السلام) والسعی، وفی عرفات والمشعر ومنی وغیرها، فهو کما إذا قیل اذهب إلی دار زید، فذهب إلی داره وقد توسعت أو ارتفعت أو صنع لها سرداب أو ما أشبه ذلک.

وبالنسبة إلی منی وعرفات والمشعر کما إذا بنوا أحدها طبقات عالیات أو سرادیب أو نحو ذلک.

واحتمال الخصوصیة لأنه المتلقی من اشرع احتمال بدائی.

17: رد مال المؤمن

من المحرم حفظ مال المؤمن عند الإنسان إلاّ برضاه، فإنه Sلا یحل مال امرئ إلاّ بطیب نفسهR((1)).

قال سبحانه: ﴿لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ إلاّ أن تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْکُمْ﴾((2)).

وقال الباقر (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الحذاء: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sمن اقتطع مال مؤمن غصباً بغیر حقه لم یزل الله معرضاً عنه ماقتاً لأعماله التی یعملها من البر والخیر لا یثبتها فی حسناته حتی یرد المال الذی أخذه إلی صاحبهR((3)).

الی غیرها من الروایات، بل ذلک من الضروریات، وقد دل علیه الأدلة الأربعة.

ص:141


1- الوسائل: ج17 ص309 الباب 1 من الغصب ح4. والغوالی: ج1 ص222 ح98
2- سورة النساء: الآیة 29
3- المستدرک: ج3 ص146 الباب 1 من الغصب ح8

ولا خصوصیة للمؤمن، وإنما المؤمن من باب المثال، بل کل محترم المال حکمه کذلک، سواء کان ذمیاً أو محایداً أو معاهداً، نعم مال الحربی مباح، وقد ذکرنا فی کتاب الودیعة أن الحربی لو أودع عند الإنسان مالاً هل یجب رده أم لا.

نعم إذا کان للإنسان حق فی ماله وصار مصداقاً للتقاص جاز عدم الرد، لأن التقاص حاکم.

18: رزق الوالدة علی الزوج

18: رزق الوالدة علی الزوج

قال سبحانه: ﴿وَعَلَی الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾((1))، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی الرضاع من کتاب النکاح.

والمراد به الأعم من المسکن وذلک للملاک، کما لا یبعد شمول ذلک للدواء المتعارف.

19: رزق السفهاء

19: رزق السفهاء

قال سبحانه: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَکُمُ الَّتی جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ قِیاماً وَارْزُقُوهُمْ فیها وَاکْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((2)).

فإنه لا یجوز تسلیم السفیه ماله، بل یبقی عند الولی، ویجب أن یرزقه من ذلک المال حسب الموازین المقررة فی العرف من المأکل والمشرب والمسکن والتزویج إذا کان محتاجاً إلیه، إلی غیر ذلک.

ویراد بالزواج الأعم من الزوجة للرجل، والزوجل للمرأة، بل والدواء حتی غیر المتعارف، لأن المال ماله فاللازم إدارته بماله زواجاً وولادةً ودواءً وغیر ذلک من شؤونه، بل لا یبعد تسفیرهم بالأسفار المتعارفة کسفر الزیارة والحج والتنزه وما أشبه ذلک بالقدر المتعارف.

20: رزق أولی القربی من الإرث

20: رزق أولی القربی من الإرث قال سبحانه: ﴿وَإذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ

ص:142


1- سورة البقرة: الآیة 233
2- سورة النساء: الآیة 5

وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((1)).

المشهور بین الفقهاء استحباب ذلک، ولعله یدل علیه السیاق أیضاً کما قاله بعض، وکذلک حال رزق الیتامی والمساکین الذین یحضرون قسمة الإرث، والظاهر عدم جواز رزقهم من مال الصغار ونحوهم، بل من مال الکبار، إذ لا یدل دلیل علی رزقهم من أصل الترکة بحیث یوجب خللاً فی مال الصغیر ونحوه، کما أن الثلث المعین لشأن غیر شأن الرزق لا یؤخذ منه لذلک.

والظاهر أن قوله: Pقولاً معروفاًO فی قبال أن یطردوا ویسبّوا، وإلا فقول المعروف لیس بواجب، بل ولا مستحب فتأمل، کما لم أشاهده فی ما ذکره الفقهاء.

21: إرسال الصید علی المحرم

21: إرسال الصید علی المحرم یجب إرسال الصید علی المحرم لزوال ملکه عنه، ویدل علیه روایات متعددة أشرنا إلیها فی کتاب الحج.

والظاهر أنه لا یجب الإرسال فیما إذا کان الصید خطراً، فإن المنصرف من الصید الصید المتعارف کالغزال والأیل ونحو ذلک.

22: إرشاد الذی أضله

اذا أضل إنسان إنساناً کان من جزء توبته إرجاع الذی ضل علی المضل، وقد دلت بعض الروایات علی عدم قبول توبته إن لم یرشده إلی الطریق.

لکن لا یبعد أن یکون ذلک حیث یتمکن، أما حیث لا یتمکن فلا، بل عموم قبول التوبة حیث قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أن یُشْرَکَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ﴾((2)) وغیره دال علی أن ذلک مع الإمکان.

ولا فرق فی من ضله بین أن ضله عن الأصول أو عن الفروع، کالألوهیة أو التوحید

ص:143


1- سورة النساء: الآیة 8
2- سورة النساء: الآیة 48

أو مطلق الرسالة أو الرسالة الخاصة أو المعاد، أو عن أحکام الله کما له أضله بترک الصلاة أو الصوم، وهکذا بالنسبة إلی الأخلاق الواجبة والمحرمة.

23: إرشاد الناس إلی الأحکام

23: إرشاد الناس إلی الأحکام

الظاهر أن الإرشاد غیر الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، بل هو عبارة عن بیان الإحکام الشرعیة للجاهلین، کما یفعله الخطباء والوعاظ فی کافة الأزمنة، ومن الواضح أن وجوبه کفائی توصلی.

قال سبحانه: ﴿فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ﴾((1)).

وحیث إن الغالب أن الإرشاد لا یکون إلاّ بالتحذیر من نار جهنم ونحو ذلک من العقوبات الدنیویة والأخرویة یلزم ذلک، فلا یکفی بیان الأحکام مجرداً عن التحذیر والترغیب المؤدیین إلی الحذر.

لوضوح أن الخوف هو الذی یسوق الإنسان إلی الطاعة ویبعّده عن المعصیة، ولهذا نشاهد أن استحباب صلاة اللیل لم یسبب مجیء غالب الناس بها، بینما وجوب صلاة الظهر سبب إتیان الناس بها، وهکذا فی غیر ذلک من المستحبات والمکروهات والواجبات والمحرمات.

24: رد المظالم

24: رد المظالم

دل علی ذلک الأدلة العامة والخاصة، کما ذکرنا ذلک فی کتاب اللقطة.

ویؤید ذلک ما نقل عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) من أنه قبل موته قال: من له علی مظلمة فلیأخذها، فقام إلیه شخص وقال: إنی أطلب منک أربعة دراهم، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله) لأحد أصحابه أن یعطیها إیاه، فقام الآخر وقال: إن عصاک ضرب بطنی، فاستعد رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن یقتص منه.

لکن الظاهر أن سوادة القائل بذلک کان کاذباً، والرسول (صلی الله علیه وآله) لم یرد أن یرده حتی یقال إنه طلب مظلمته ولکنه رده، لوضوح أن الرسول (صلی الله علیه وآله) لم یکن عامداً ولا ساهیاً، أما عامداً فواضح، وأما ساهیاً فلأن

ص:144


1- سورة التوبة الآیة 122

الرسول (صلی الله علیه وآله) مبرؤ عن السهو الغفلة والنسیان وما أشبه ذلک، وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب السیرة((1)).

25: إرضاع الأولاد علی الأم

25: إرضاع الأولاد علی الأم

قال سبحانه: ﴿وَالْوالِداتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کامِلَیْنِ لِمَنْ أَرادَ أن یُتِمَّ الرَّضاعَةَ﴾((2))، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

کما ذکرنا أن إرضاع (اللبئ) علی وزن (عنب) لیس بواجب، وإن ذکر وجوبه جمع من الفقهاء.

وقد احتملنا فی کتاب النکاح وجوب الإرضاع علی الإم فی صورة فقدان الأب وعدم المال للولد وعدم وجود متبرع ونحوه، لأن کلاً من الوالدین والأولاد یجب علیهم نفقة الآخر مع جمع الشرائط، والرضاع من جملة النفقة.

والحکم کذلک فی ولد الشبهة، أما فی ولد الزنا ففیه احتمالان، کما ذکرناه فی جملة من مباحث (الفقه)، لکن لا یبعد الوجوب، لأن حکم ولد الزنا حکم ولد الحلال فی کل جهة باستثناء الأحکام المستثناة، کالإرث والقضاء والمرجعیة وإمامة الجماعة وما أشبه ذلک، وهذا الحکم لم یستثن فی الشریعة.

ومنه یتبین الحال لو کان الولد من أحد الجانبین زنا ومن الآخر حلالاً ولو بالجبر وحالة النوم أو ما أشبه ذلک، وقد بحثنا فی کتاب النکاح کون الأجرة علی الأب.

26: الرضا بالحلف

26: الرضا بالحلف

یجب علی الإنسان أنه إذا حلف له وهو لا یعلم الکذب أن یرضی بالحلف، نعم إذا علم بأن الحلف مکذوب لا یلزم الرضا، لأنه لا یقف أمام العلم شیء، اللهم إلاّ فی المال الذی ورد أنه إذا حلف بالله ذهب بالمال، قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الخزاز: Sمن حلف بالله فلیصدق ومن لم یصدق فلیس من الله فی شیء، ومن حلف له بالله فلیرض ومن لم یرض

ص:145


1- انظر کتاب (ولأول مرة فی تاریخ العالم) ج2، للإمام المؤلف
2- سورة البقرة: الآیة 233

فلیس من اللهR((1)).

ومثل هذه الروایة غیرها مما ذکرناها فی کتاب القضاء وکتاب الأیمان.

وإذا کان المراد بالروایات أن الإنسان یرضی بالحجة الشرعیة فیما لا یعلم بالخلاف، فلیس ذلک مخصوصاً بالیمین وإنما یکون الیمین من باب المثال، فیکون کذلک البینة وقول الثقة، حیث قال (علیه الصلاة والسلام): Sالأشیاء کلها علی ذلک حتی تستبین أو تقوم به البینةR، إلی غیر ذلک من الحجج.

ولا یخفی أن الحلف خاص بالله سبحانه، أما الحلف بالأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) والقرآن الکریم والکعبة المشرفة والمشاهد المعظمة فلیست حلفاً بمعنی وجوب العمل به، وإن کان الاحترام یقتضی العمل، وفی القرآن الحکیم: Pلعمرک إنهم لفی سکرتهم یعمهونO((2)).

27: الرضا بقضاء الله

27: الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالی

ورد فی الروایات مکرراً الرضا بالقضاء((3)) کما فی بعض الأدعیة وغیرها، وهل ذلک علی سبیل الوجوب أو من الأمور الأخلاقیة، احتمالان.

لکن العلامة الحلی (رحمه الله) قال: اجتمعت العصابة علی وجوب الرضا بقضاء الله تعالی.

وتفصیل البحث فی الکتب الکلامیة، وإن کان الظاهر أن القضاء إن کان المراد به حکمه سبحانه أو تقدیره للأشیاء، لأنه یطلق کل واحد منهما علی الآخر إذا افترقا کالمسکین والفقیر، کان الرضا به رضا بفعله سبحانه وهو من لوازم الإیمان، فإن الله قدر الکون کما یقدر المهندس العمارة قبل بنائها ثم حکم بالعمل طبق المصلحة وهو عبارة عن قضائه سبحانه، أما ما یوجد فی بعض الروایات من تقدیم القضاء علی القدر فلیس معناه أن القضاء مقدم علی القدر خارجاً، وإنما ذلک من باب اللف والنشر.

ص:146


1- الوسائل: ج16 ص125 الباب 6 من الإیمان ح3
2- سورة الحجر: الآیة 72
3- الوسائل: ج12 ص60 الباب 4 مما یکتسب به ح4

وکما یجب الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالی، کذلک یجب الرضا بقدره سبحانه، وقد قال (علیه السلام): Sلا محیص عن یوم خط بالقلمR.

إلی غیره من الروایات الدالة علی هذا الشأن.

28: الرکوع

28: الرکوع

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّکُمْ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿ارْکَعُوا مَعَ الرَّاکِعینَ﴾((2)).

والظاهر أن الوجوب لیس استقلالیاً، بل لم أجد من أفتی بذلک، وإنما هو ضمنی فی ضمن الصلوات الواجبة، حاله حال السجود وسائر أجزاء الصلاة.

نعم لا إشکال فی استحباب الرکوع مستقلاً، والسجود مستقلاً، وقد کان أصحاب رسول الله (صلی الله علیه وآله) یعملون ذلک، کما روی بالنسبة إلی أویس أنه کان مع أصحابه یسجدون لیلة بعد قول بعضهم لبعض: إنها لیلة السجود، وکذلک بالنسبة إلی قول بعضهم لبعض: إنها لیلة الرکوع.

ولا یبعد استحباب القنوت مستقلاً أیضا بأن یرفع یدیه ویدعو الله سبحانه وتعالی.

29: رمی الإمام والبینة (فی الرجم)

29: رمی الإمام والبینة (فی الرجم) إذا وجب الرجم فی مثل الزانی المحصن ونحوه فقد قال جماعة بوجوب رجم البینة ابتداءً ثم الإمام ثم الناس، لکن الظاهر عدم وجوب ذلک، وتفصیل الکلام فی کتاب الحدود.

وقد ورد: أن الرسول (صلی الله علیه وآله) لما أمر برجم ماعز لم یحضر هو((3)).

وعلی کل حال، فإذا قیل بالوجوب کان الحاکم الشرعی فی عصر الغیبة قائماً مقام الإمام، لأنه نائبه فله أحکامه إلاّ ما خرج بالدلیل ولیس المقام مما خرج.

ولا یخفی أنه لو قیل بوجوب حضور الإمام (علیه السلام) لم یجب إذا کان فی بلد آخر إذ الدلیل

ص:147


1- سورة الحج: الآیة 77
2- سورة البقرة: الآیة 43
3- الوسائل: ج18 ص376 الباب 15 من حد الزنا ح1

منصرف عنه، وکذلک إذا أجری الأحکام غیر الفقیه، کما ذکرناه فی کتاب القضاء، فإنه لا یجب علی الفقیه الذی فی البلد أن یحضر سائر البلاد، خصوصاً إذا کانت بعیدة، فالحکم یحمل علی القدر المتیقن.

ص:148

حرف الزاء

1: الزکاة

حرف الزاء

1: الزکاة

وجوب الزکاة من الضروریات الإسلامیة، ودل علیه الکتاب والسنة والإجماع، بل العقل فی الجملة.

وفی بعض الاحادیث بناء الإسلام علی جملة أمور منها الزکاة، وفی بعض الروایات قال (علیه السلام): Sدمان فی الإسلام حلال من الله عز وجل لا یقضی فیها أحد حتی یبعث الله قائمنا أهل البیتR، إلی أن قال: Sالزانی المحصن یرجمه، ومانع الزکاة یضرب عنقهR((1))، ولعله بموازین فاعل المنکر، ومسائلها مذکورة فی کتاب الزکاة.

وقد أشرنا إلی أن بعض البلاد الغربیة أخذوا بقانون الخمس والزکاة فی بلادهم، لأنه من الواضح أن من مقومات الدولة المال، والمال فی الشریعة الإسلامیة عبارة عن الزکاة والخمس، أما الجزیة فلا وجود لها مع عدم الکافر، وأما الخراج فلا وجود له مع عدم الأراضی المفتوحة عنوة، وقد قال بعض غیر المسلمین: إن مقوم الحکومة: أقیموا الصلاة، وآتوا الزکاة، فالصلاة جمع الرجال والزکاة تمویلهم.

2: زکاة الفطرة

2: زکاة الفطرة

زکاة الفطرة واجبة أیضاً کالزکاة المالی، ودل علی ذلک الکتاب المفسر بذلک والسنة والإجماع، بل ربما قیل بأن علیه إجماع المسلمین إلاّ من شذ من العامة.

قال الصادق

ص:149


1- الکافی: ج3 ص503 باب منع الزکاة ح5

(علیه الصلاة والسلام) فی صحیح هشام: Sنزلت الزکاة ولیس للناس أموال وإنما کانت الفطرةR((1)).

ولا یخفی أن مصارف الدولة فی القانون الإسلامی قلیلة، حیث إن الدولة لیس لها هذه الکثرة من الموظفین، کما أشرنا إلی ذلک فی جملة من کتبنا، وعلیه فزکاة الفطرة علی قلتها فی نظر بعض الناس هی کثیرة فی النظرة الإسلامیة بجهازه البسیط.

3: زیارة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله)

3: زیارة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله)

تقدم وجوب زیارته (صلی الله علیه وآله) فی المدینة المنورة بالوجوب الکفائی، وأنه إذا لم یزره الناس وجب علی الوالی جبرهم وإعطاء النفقة لهم من بیت المال.

والمراد زیارته (صلی الله علیه وآله) فی المواسم المتعارفة، لا زیارته طول السنة، بأن یجب علی الحاکم الإسلامی أن یملأ المدینة بالزوار طول السنة، فإن اللفظ منصرف إلی ذلک.

4: زیارة الحسین (علیه السلام)

4: زیارة الحسین (علیه السلام)

لقد دلت جملة من الروایات علی وجوب زیارة الحسین (علیه السلام) علی المستطیع کوجوب الحج((2))، لکن الضرورة الشرعیة علی العدم، فالمراد بالوجوب الثبوت، لکن لایبعد الوجوب الکفائی کزیارة الرسول (صلی الله علیه وآله) علی ما تقدم الکلام فیه.

والظاهر من الزیارة هو حضور الزائر عند المزور، أما التسلیم وقراءة الزیارات الماثورة والصلاة والأدعیة بل والغسل ومثل ذلک فلا لزوم فیها، وإنما هی من المستحب فی المستحب، أما الکفائیة فیها فلا تجب قطعاً لعدم الدلیل علی أکثر من ذلک.

ولا یخفی أن زیارة بقیة المعصومین (صلوات الله علیهم أجمعین) حالها حال زیارة الحسین (علیه السلام) مع تفاوتها فی شدة الاستحباب وعدم شدته، وما فی بعض الروایات من أن زیارة الرضا (علیه السلام) آکد، محمول علی بعض مراتب الفضل کما ذکره العلماء، لا أن زیارة الرضا (علیه السلام) أفضل من زیارة الحسین (علیه السلام) مطلقاً علی کل حال.

ص:150


1- الوسائل: ج6 ص220 الباب 1 من زکاة الفطرة ح1
2- البحار: ج98 الباب 1 فی فضل زیارة سید الشهداء (علیه السلام)

حرف السین

1: السؤال عن اهل الذکر

حرف السین

1: السؤال عن اهل الذکر

قال سبحانه: ﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ إلاّ رِجالاً نُوحی إِلَیْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَیِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَیْکَ الذِّکْرَ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿وَما أَرْسَلْنا قَبْلَکَ إلاّ رِجالاً نُوحی إِلَیْهِمْ فَاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾((2)).

والسؤال من أهل الذکر من باب المقدمة لأجل إراءة الطریق، وهو وإن کان من جهة التنزیل یراد به السؤال من أهل الکتاب ونحوهم، إلاّ أن ملاکه وعمومه شامل لسؤال کل جاهل عن کل عالم.

ولعل قوله سبحانه: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ﴾((3)) أیضاً من هذا القبیل، حیث إنه لا یلزم حضور الرسل، بل المراد سؤال أممهم أو الاستطاع عنهم من کتبهم أو ما أشبه ذلک علی سبیل التوسع.

ولا یخفی أن قوله تعالی: Pفاسألوا أهل الذکرO أُوّل بالأئمة الطاهرین (علیهم السلام) لأنهم أهل ذکر حقیقة، کما أن الآیة المبارکة Pواسأل من أرسلنا من قبلک من رسلناO فسرت بلیلة المعراج وسؤال الرسول (صلی الله علیه وآله) عن الأنبیاء السابقین (علیهم السلام) الذین اجتمعوا بالرسول (صلی الله علیه وآله)، کما لا یخفی ما ذکرناه لمن راجع البرهان ونحوه من التفاسیر.

ص:151


1- سورة النحل: الآیة 43
2- سورة الأنبیاء: الآیة 7
3- سورة الزخرف: الآیة 45

2: السعی

2: السعی

من الواجبات فی باب الحج السعی، وکذا فی باب العمرة، علی التفصیل المذکور فی کتاب الحج.

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا الفقهیة وغیرها صحة السعی من الطابق الثانی المبنی فوق المسعی، بل هکذا لو بنیت طوابق عدیدة، کما یصح السعی من الطابق التحنانی إذا بنی طابق تحت الأرض، وقد أشرنا إلی دلیل ذلک فی مسألة رمی الجمار.

ولا یخفی أن الأمر غیر خاص بالمسعی، بل کذلک المطاف ووعرفات ومنی والمشعر، فإن کل مترفع أو منخفض((1)) یکون من ذلک، وقد ذکرنا هذا تفصیلاً فی کتاب (لیحج خمسون ملیون).

3: سؤال الحل عن مالک المزنی بها

3: سؤال الحل عن مالک المزنی بها

فی روایة: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): رجل مسلم فجر بحاریة أخیة فما توبته، قال: Sیأتیه ویخبره ویسأله أن یجعله فی حل ولا یعودR، قلت: فإن لم یجعله من ذلک فی حل، قال: Sیلقی الله عز وجل زانیاً خائناًR((2)).

لکن الظاهر أن لقاءه الله سبحانه وتعالی زانیاً خائناً إنما یکون إذا لم یتب، وإلا فإن الله سبحانه وتعالی یقبل التوبة عن عباده إذا کانت توبة نصوحاً، کما أنه إذا لم یرض منه لم یکن علیه إلاّ إعطاؤه المهر، وقد تقدم فی الزنا بزوجة الناس أن اللازم الاستحلال علی قول جمع من الفقهاء، لکن ذلک فی ما إذا لم یترتب علیه مفسدة أخری کما هو الغالب، وإلا یقدم الأهم منهما من باب مسألة الأهم والمهم.

ومنه یعلم الحال فیما إذا کانت الجاریة لامرأة، إذ لا فرق فی الملک بین الرجل والمرأة.

کما أن منه یعلم أنه لو لاط بغلام رجل أو امرأة کان الحکم کذلک، نعم لا مهر هنا، کما یظهر من سکوت المشهور عن مثل ذلک فی اللواط إذا وقع بجبر، فإنهم لم یذکروا

ص:152


1- المرتفع أی الطبقات العلویة، والمنخفض أی الطبقات السفلیة تحت الأرض
2- الوسائل: ج18 ص414 الباب 46 من حد الزنا ح1

إعطاء شیء للولد المفعول به، وإن کنا احتملنا ذلک فی بعض مباحث (الفقه) احتمالاً.

وکذلک کل حق لإنسان علی إنسان، فاللازم علی من الحق علیه أن یرضی من له الحق، سواء بالمال أو بالهبة أو بما أشبه ذلک.

4: تسبیح الله سبحانه وتعالی

4: تسبیح الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللَّهَ ذِکْراً کَثیراً وَسَبِّحُوهُ بُکْرَةً وَأَصیلاً﴾((1)).

إن کان المراد بذلک التسبیح فی الرکوع ونحوه فهو واجب، وإن کان المراد الأعم من ذلک فهو بین واجب ومستحب.

والأفضل أن یلتزم الإنسان بتسبیح الله سبحانه بکرة وأصیلاً، فإن ذکر الله حسن مطلقاً، خصوصاً فی الأوقات المذکورة.

5: المسابقة للمغفرة

5: المسابقة للمغفرة

قال سبحانه: ﴿سابِقُوا إلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها کَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾((2)).

وفی آیة أخری: ﴿وَلِکُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّیها فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلکِنْ لِیَبْلُوَکُمْ فیما آتاکُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ﴾((4)).

وفی آیة أخری: ﴿وَسارِعُوا إلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ﴾((5)).

والظاهر أن آیة المسارعة للوجوب، حیث إن تحصیل الغفران واجب فوری، وتحصیله إنما یکون بالإتیان بسبب الغفران، من إتیان الواجبات وترک المحرمات والاستغفار عن المعاصی وإعطاء الکفارات وحقوق الناس وغیر ذلک.

أما المسابقة فاللازم أن یحمل علی الاستحباب لأنه لا یلزم التسابق إلی الواجب أو ترک الحرام أو

ص:153


1- سورة الأحزاب: الآیة 41 _42
2- سورة الحدید: الآیة 21
3- سورة البقرة: الآیة 148
4- سورة المائدة: الآیة 48
5- سورة آل عمران: الآیة 133

ما أشبه ذلک، اللهم إلاّ أن یراد به السبقة أیضاً فی المورد الواجب.

وعلی أی حال، فالمراد إما الوجوب فی مورده أو الأعم، فالوجوب فی ضمنه أیضاً.

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا أن الغالب فی مثل هذه الآیات والروایات أن تحمل علی الکلی فیشمل الواجب والمستحب، وهذا هو المفهوم عرفاً، أما استعمال اللفظ فی معنیین فلیس مما نحن فیه.

6: ستر العورة

6: ستر العورة

قد تقدم الکلام فی ذلک فی حفظ العورة فی هذا الکتاب کما ذکرنا تفصیله فی (الفقه) شرح العروة.

ولا یخفی أن الستر یحصل بالماء والظلام والتراب وما أشبه ذلک، کما أن ستر العورة غیر واجب بالنسبة إلی الأعمی، وإن کان أحیاناً یستحب التستر منه، لما ورد من قولها (علیها السلام): إنها تراه.

کما لا یخفی أن الستر لا یجب أن یکون بالمتعارف کالثیاب ونحوه، بل إذا کان بسبب الطین وما أشبه ذلک کان ستراً.

7: السجود

7: السجود

ورد فی آیات متعددة الأمر بالسجود، مثل قوله سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّکُمْ وَافْعَلُوا الْخَیْرَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((1)).

وحیث إن الفلاح واجب تحصیله، فالظاهر أن الأمر بالسجود واجب، لکن حیث لا یجب السجود وحده إلاّ فی التلاوة والسهو والسجود فی ضمن الصلاة وما أشبه فلابد أن یکون المراد بالسجود ذلک.

وهکذا فی قوله سبحانه: ﴿وَإذا قُرِئَء عَلَیْهِمُ الْقُرْآنُ لا یَسْجُدُونَ﴾ أی لا یعبدون الله عبادة فیها سجدة، وإلا یلزم أن یحمل علی الاستحباب أو علی المعنی اللغوی أی الخضوع، ولعل المعنی اللغوی أقرب إلی سیاق الآیة، حیث قال سبحانه:

ص:154


1- سورة الحج: الآیة 77

﴿فَما لَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ وَإذا قُرِئَ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنُ لا یَسْجُدُونَ، بَلِ الَّذینَ کَفَرُوا یُکَذِّبُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما یُوعُونَ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلیمٍ إِلاَّ الَّذینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ﴾((1)).

أقول: أی غیر مقطوع، لأن أجر الآخرة مستمر، کما قال سبحانه مکرراً: Pخالدین فیهاO((2)).

أما قوله سبحانه: Pوإذا قرئ علیهم القرآن لا یسجدونO فلیس المراد أنه إذا قرئ القرآن وجب علی الإنسان السجود المتعارف، بل المراد أنهم لا یخضعون لله سبحانه، حیث إنهم لا یؤمنون بالله، وحتی إذا قرئ علیهم القرآن وبین لهم إعجازه مما یدل علی صدق الرسول (صلی الله علیه وآله).

8: سجدة التلاوة

8: سجدة التلاوة

تجب سجدة التلاوة لورود الروایات الدالة علی ذلک بالنسبة إلی العزائم الأربع، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الصلاة مبحث السجدة.

قال الصادق (علیه السلام) فی صحیح عبد الله بن سنان: Sإذا قرأت شیئاً من العزائم التی یسجد فیها فلا تکبر قبل سجودک، ولکن تکبر حین ترفع رأسک، والعزائم أربع: حم السجدة وتنزیل والنجم وأقرأ باسم ربکR((3)).

وفی صحیح ابن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل سمع السجدة تقرأ، قال: Sلا یسجد إلاّ أن یکون منصتاً لقراءته متسمعاً لها، أو یصلی بصلاته، فأما أن یکون یصلی فی ناحیة وأنت تصلی فی ناحیة أخری فلا تسجد لما سمعتR((4)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه).

ولا یخفی أن فی القرآن سجدات واجبة أربع، وسجدات مستحبة کما ذکر فی الفقه، والسجدة المستحبة تتأتی بأیة کیفیة کانت، والکلام فی أن السجدة الواجبة مع الاستماع أو مطلقا حتی مع السماع مذکور فی الفقه بما لانحتاج إلی تفصیله هنا.

ص:155


1- سورة الانشقاق: الآیة 20 _ 25
2- سورة آل عمران: 15، آل عمران: 136، آل عمران: 198، النساء: 13، النساء: 57، النساء: 122، المائدة: 85، المائدة 119، التوبة: 22، التوبة: 72، التوبة: 89، التوبة: 100، هود: 108، إبراهیم: 23، النحل: 29، الکهف: 108، طه: 76، الفرقان: 76، العنکبوت: 58، لقمان: 9، الأحقاف: 14، الفتح: 5، الحدید: 12، المجادلة: 22، التغابن: 9، الطلاق: 11، البینة: 8
3- الوسائل: ج4 ص880 الباب 42 من القراءة ح1
4- الوسائل: ج4 ص882 الباب 43 من القراءة ح1

9: سجدة السهو

9: سجدة السهو

لا خلاف بین الفقهاء فی وجوب سجدتی السهو فی الجملة، وإنما الخلاف فی بعض الخصوصیات المرتبطة بذلک مما ذکرنا تفصیله فی کتاب (الفقه) بحث الخلل.

وفی صحیح الأعرج، قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی حدیث: Sوسجد سجدتین لمکان الکلامR((1)).

وفی صحیح ابن أبی یعفور، عنه (علیه السلام): Sوإن تکلم فلیسجد سجدتی السهوR((2)).

وقد اشتهر بین المتأخرین وجوب السجدتین للسلام والکلام والسجدة المنسیة والشک بین الأربع والخمس والرکعة المنسیة، وقد ورد فی بعض الروایات: لکل زیادة ونقیصة، وقد ذکرنا تفصیلها فی کتاب الصلاة فی (الفقه).

10: تسریح الزوجة

10: تسریح الزوجة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا نَکَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أن تَمَسُّوهُنَّ فَما لَکُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمیلاً﴾((3)).

والظاهر أن ذکر المؤمنة من باب المثال الغالب، وإلا فاللازم علی الزوج المعاشرة بالمعروف أو التسریح بإحسان حتی بالنسبة إلی الکافرة، بدون أذیة وتهمة وبهت وسب وغیر ذلک، کما قال سبحانه: ﴿فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْریحٌ بِإِحْسانٍ﴾((4))، والظاهر أنه لا حکم جدید فی المسألة وإنما ذلک إشارة إلی الأحکام الأخر المعروفة فی هذه المسألة.

والمراد بالمعروف المعروف شرعاً، ومن المعروف شرعاً المعروف عرفاً فی الجملة، کما أن التسریح بالإحسان الواجب عبارة عن إعطائها حقوقها، فإنه إحسان إلیها، والمنصرف من الإمساک بالمعروف أو تسریح بالإحسان فی الدائمة، أما المتعة فلیست هذه

ص:156


1- الکافی: ج3 ص357 باب من تکلم فی الصلاة ح6
2- الوسائل: ج5 ص323 الباب 11 من الخلل ح2
3- سورة الأحزاب: الآیة 49
4- سورة البقرة: الآیة 229

الآیة شاملة لها إلا بالملاک، فإن الإنسان إذا حفظ المرأة یجب أن یمسکها بمعروف، وإذا سرحت بهبة أو ما أشبه یسرحها بإحسان.

11: مساعدة الحاکم

11: مساعدة الحاکم

تجب مساعدة الناس للحاکم الإسلامی((1))، ووجوبه علی الکفایة، وإنما تجب مساعدته لأنه بدونها لا یتمکن من إقامة الإسلام ونشر الأحکام وهما من أوجب الواجبات، فمساعدته واجب مقدمی لا ذاتی، ولا یلزم أن تکون المساعدة مجاناً، بل مثلها مثل الصناعات التی یؤخذ علیها الأجر کما قرر فی کتاب المکاسب، بل ظاهر الجواهر عدم الخلاف فی أصل المسألة، فإنه قال: (لا إشکال ولا خلاف فی وجوب مساعدة الناس لهم) أی للفقهاء (علی ذلک، نحو مساعدتهم للإمام علیه السلام، ضرورة کونه من السیاسات الدینیة التی لا یقوم الواحد بها، ومن البر والتقوی الذین أمر بالتعاون علیهما)((2)) إلی آخره.

وإن کان بعض ما ذکر له من الدلیل فیه ضعف، لوضوح أن المساعدة علی البر والتقوی لیس واجباً علی إطلاقه، إلاّ أن یقال إن المساعدة علی البر والتقوی تشمل الواجب والمستحب، ففی کل مورد یجب تکون واجبة، وفی کل مورد یستحب تکون مستحبة، وذلک کما ذکرنا سابقاً أن أمثال هذه الآیات مما استعمل فی الکلی وله مصادیق.

ومنه یعرف أن المراد بالحاکم الإسلامی أعم من الحاکم الأصلی أو نائبه أو نائب نائبه، مثل الفقیه فی زمن الغیبة ونوابه فی البلاد المختلفة، فقد جرت العادة علی أن الفقیه یجعل لنفسه نواباً فی سائر البلاد، وقد قرأت فی بعض الکتب أن علیاً (علیه السلام) کان له ألف والٍ فی البلاد المختلفة، کما کان له ألف قاضٍ فی تلک البلاد، فلکل والٍ قاضٍ.

12: السعی إلی ذکر الله

12: السعی إلی ذکر الله

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلی ذِکْرِ اللَّهِ

ص:157


1- الجامع للشرائط
2- جواهر الکلام: ج21 ص398

وَذَرُوا الْبَیْعَ ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ أن کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾((1)).

ومن الواضح أن السعی واجب مقدمی، وإلا فلا خصوصیة له فیما إذا تمکن الإنسان من إقامة الصلاة، کما إذا اجتمعت الشرائط وأقام عنده إماماً أو مأموماً أو کان حاضراً فی المصلی قبل الصلاة.

وقد رأینا فی (الفقه) أن الصلاة واجبة تخییراً بین الجمعة والظهر فی زمن الغیبة، فلکل إنسان أن یصلی الجمعة أو أن یصلی الظهر إذا قامت الجمعة بشرائطها المقررة، وتفصیل الکلام فی صلاة الجمعة فی (الفقه).

13: السفر الواجب

13: السفر الواجب

قد یکون السفر واجباً مقدمةً لطاعة واجبة، کالسفر إلی تحصیل العلم الواجب ونحوه، أو للفرار عن معصیة، وقد یکون مستحباً، ففی الشعر المنسوب إلی علی (علیه الصلاة والسلام):((2))

تغرب عن الأوطان فی طلب العلی *** وسافر ففی الأسفار خمس فوائد

تفرج همّ واکتساب معیشة *** وعقل وآداب وصحبة ماجد

فإن قیل فی الأسفار ذل ومحنة *** وقطع الفیافی وارتکاب شدائد

فموت الفتی خیر له من قیامه *** بدار هوان بین واش وحاسد

والفرق بین تحصیل العقل وتحصیل الآداب، أن الآداب تکون فی المستحبات کأدب المجلس وأدب الکلام وأدب السلام وأدب الزواج وغیر ذلک، فإن کلها وإن کانت عقلیة شرعیة إلا أن المراد بالعقل غیر ذلک مثل العلم والعقیدة وما أشبه ذلک.

14: السقی

14: السقی

یجب سقی الأسیر کما تقدم، وکذلک یجب السقی مقدمة إذا توقف علیه إنقاذ المسلم

ص:158


1- سورة الجمعة: الآیة 9
2- الدیوان المنسوب: ص63

ونحوه.

وفی الصحیح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، سألته عن قول الله عز وجل: ﴿وَیُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ﴾((1)) الآیة، قال: Sهو الأسیرR، وقال: Sالأسیر یُطعَم وإن کان یقدم للقتلR((2)).

إلی غیرها من الروایات، والإطعام شامل للماء أیضاً کما قال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فإنه مِنِّی﴾((3))، ولذا قال فی الجواهر ممزوجاً مع الشرائع: (ویجب أن یُطعم الأسیر ویُسقی وإن أرید قتله فی ذلک الوقت الذی یحتاج فیه إلی الإطعام کما صرح به غیر واحد، بل نسب إلی ظاهر الأصحاب، بل نفی الخلاف عنه عدا شاذ من المتأخرین) ((4)).

أقول: وفی عمل ذلک مع عدم الجمع کما فی الروایات الواردة عن علی (علیه السلام) والحسن (علیه السلام) من الأدلة علی ذلک، فإن عملهم وإن کان لا یظهر منه الوجوب لکنه من المصادیق لقوله تعالی: Pویطعمون الطعام علی حبه...O الآیات.

15: إسکان المطلقات

15: إسکان المطلقات

قال سبحانه: ﴿أَسْکِنُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ سَکَنْتُمْ مِنْ وُجْدِکُمْ﴾((5))، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی کتاب الطلاق.

والسکنی یجب أن یکون حسب الشأن من ناحیة، وحسب الحر والبرد وسائر الشرائط من ناحیة ثانیة، ویفهم ذلک من إطلاق Pأسکنوهن من حیث سکنتمO.

ومن الواضح أنه لا یجب أن یکون سکنی لذاتها بل بأن یعطی الرجل المال لسکناها.

16: التسلیم للنبی (صلی الله علیه وآله)

16: التسلیم للنبی (صلی الله علیه وآله)

لا إشکال فی وجوب التسلیم لرسول الله (صلی الله علیه وآله) فی أوامره ونواهیه، فإن ذلک من

ص:159


1- سورة الإنسان: الآیة 8
2- الوسائل: ج11 ص69 الباب 32 من جهاد العدو ح2
3- سورة البقرة: الآیة 249
4- جواهر الکلام: ج21 ص130
5- سورة الطلاق: الآیة 6

الإطاعة الواجبة، لکن ذلک لیس واجباً غیر الواجبات المعهودة، أما قوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلیماً﴾((1)) فالظاهر بقرینة السیاق أن المراد بالتسلیم هو السلام المعهود، ولذا یکون من الأمر المستحب لأنه لم نجد من أفتی بوجوب السلام علیه (صلی الله علیه وآله).

نعم القدر المتعارف: (اللهم صل علی محمد وآل محمد) أو (صلی الله علی محمد وآله محمد).

وذکر الآل إنما هو لنص النبی (صلی الله علیه وآله) به، ولذا فالذین یذکرون النبی (صلی الله علیه وآله) ولا یذکرون الآل یکون الأمر عندهم اشتباه.

17: التسلیم علی الناس

17: التسلیم علی الناس

قال سبحانه: ﴾فَإِذا دَخَلْتُمْ بُیُوتاً فَسَلِّمُوا عَلی أَنْفُسِکُمْ تَحِیَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَکَةً طَیِّبَةً﴾((2))، وهذا محمول علی الاستحباب لأنه لم یقل أحد بوجوبه، فهو کالسلام علی من لقیه الإنسان مما هو مستحب، والشهرة المحققة بل الإجماع المدعی صالحان لصرف الظواهر عن الوجوب والتحریم إلی الاستحباب والکراهة کما لا یخفی، نعم جواب السلام واجب کما ذکر فی محله من کتاب الصلاة.

وقد ذکرنا فی الفقه أن ذلک یحصل بأن یقول: علیکم السلام، وعلیک السلام، والسلام علیک، والسلام علیکم، بل بمجرد لفظ السلام مجرداً عن المتعلق، کما قال سبحانه: Pقالوا سلاماً قال سلامO((3)) ولذا یصح أن یأتی بالسلام مرفوعاً أو منصوباً أو موقوفاً.

18: الإسلام

18: الإسلام

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإسلام دیناً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرینَ﴾((4)).

وقال تعالی: ﴿إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام﴾((5)).

وقال سبحانه: ﴿وَأَنیبُوا إلی

ص:160


1- سورة الأحزاب: الآیة 56
2- سورة النور: الآیة 61
3- سورة هود: الآیة 69
4- سورة آل عمران: الآیة 85
5- سورة آل عمران: الآیة 19

رَبِّکُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾((1)).

والإسلام هو عبارة عن مجموع الأحکام المتعلقة بالقلب واللسان والجوارح وهو واجب بلا إشکال ولا خلاف، والظاهر أنه یطلق علی الإیمان تارةً، وعلی الأعم منه تارة أخری، قال سبحانه: ﴿قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلکِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا یَدْخُلِ الْإیمانُ فی قُلُوبِکُمْ﴾((2)).

وقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أن إسلام المنافق یقبل منه، ولذا قبل منهم الرسول (صلی الله علیه وآله) مع علمه بنفاقهم.

أما إظهار الکافر الشهادتین بدون التزام بأی من لوازمهما لتمشیة أمر یقصده، کما إذا أراد التجسس علی المسلمین ولا یتاح له ذلک إلاّ بإظهارهما، بأن علمنا منه ذلک فهو لیس بالإسلام الذی له أحکام فی الظاهر.

ولذا لا یصح تزویجه ببنت مسلمة أو تزویجها فیما إذا لم تکن کتابیة بمسلم، إلی غیر ذلک من الأحکام، هذا مع قطع النظر عن إجراء أحکام الجواسیس علیه أو علیها، ولا یخص الأمر بالجاسوس والجاسوسة بل الأمر کذلک إذا أراد التفرج أو التمشی أو ما أشبه ذلک.

ومنه ما إذا أظهر الإسلام کیفاً لأنه یرید الاستفادة من أموال المسلمین المقررة بمثل ذلک، کما ورد بالنسبة إلی السید المرتضی من أنه أعطی لیهودی أظهر الإسلام المعاش ثم أسلم الیهودی، لا ینافی ما ذکرناه، لإن الإحسان إلی أهل الکتاب وإلی غیر أهل الکتاب جائز شرعاً، کما قال سبحانه: Pلا ینهاکم الله عن الذین لم یقاتلوکم فی الدین ولم یخرجوکم من دیارکم أن تبروهم وتقسطوا إلیهمO((3))، وفی فعل رسول الله وعلی والحسین (صلوات الله علیهم) دلالة علی ذلک کما ذکرناه فی بعض کتبنا.

19: السلام

19: السلام

السلام واجب فی الصلاة کما هو معروف، وکذلک یجب السلام جواباً، أما السلام

ص:161


1- سورة الزمر: الآیة 54
2- سورة الحجرات: الآیة 14
3- سورة الممتحنة: الآیة 8

الابتدائی فهو مستحب، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصلاة، وألمعنا إلی ذلک فی بحث سابق.

وقد ذکرنا هناک أنه لا یجب التطابق بین الجواب والسؤال، بل إذا قال: السلام علیکم، جاز أن یقول المصلی له: علیکم السلام، وعلیک السلام، والسلام علیک، والسلام علیکم، أو سلاماً، أو سلامٌ، أو ما أشبه ذلک، فإن إطلاق الأدلة یشمل کل ذلک، أما رد سائر أقسام التحیة فمشکل علی ما ذکرنا تفصیله هناک.

20: السماع

20: السماع

قال سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطیعُوا﴾((1)).

والظاهر أنه لیس بواجب نفسی، وإنما هو عبارة أخری عن تقبل الأحکام الشرعیة بإتیان الواجبات وترک المحرمات، فلو علم بذلک من دون السماع کالقراءة فی الکتب وما أشبه وعمل کفی.

ولعل السماع یراد به الخضوع النفسی لا السماع بالأذن.

أقول: وعلیه یحمل قوله سبحانه: Pوقالوا لو کنا نسمع أو نعقل ما کنا فی أصحاب السعیرO((2))، بأن کنا سمعنا کلام الأنبیاء والمصلحین أو کنا نعقل بأنفسنا، فإن العقل یرشد إلی أولیات العقائد والأحکام، مثل کون الإله للکون، وأنه واحد، وأنه عادل، وأن الأنبیاء (علیهم السلام) مبعوثون، وأن یوم القیامة قائم وما أشبه ذلک، ولهذا استدلوا فی کتب أصول الدین علیها بالأدلة السمعیة والأدلة العقلیة وإن کان الوصول إلی الأدلة العقلیة بحاجة إلی صفاء من الذهن واستقامة من الفکر.

21: الاستماع للقرآن

21: الاستماع للقرآن

قال سبحانه: ﴿وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ﴾((3)).

ص:162


1- سورة التغابن: الآیة 16
2- سورة الملک: الآیة 10
3- سورة الأعراف: الآیة 204

والمشهور عدم الوجوب إلاّ فی الصلاة الواجبة فیما یسمع صوت الإمام ولو همهمة.

ففی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): Sوإن کنت خلف إمام فلا تقرأ شیئاً فی الأولیین وأنصت لقراءتهR إلی أن قال: Sفإن الله عز وجل یقول: ﴿وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ یعنی فی الفریضة خلف الإمام ﴾فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ﴾ R((1)).

ولا یخفی أن المراد ب_ Pفاستمعوا له وأنصتواO أمران، الاستماع وهو إعطاء القلب نحو ما یقرأ، بالإضافة إلی الإنصات والسکوت، وإلاّ فکثیراً ما یتمکن الإنسان من الاستماع وعدم الإنصات بأن یشغل قلبه بالأمرین، تارة هذا وتارة هذا، وإن کانا فی ضمن کلام واحد.

نعم لا إشکال فی استحباب الاستماع والإنصات مطلقاً، سواء فی الصلاة أو فی غیر الصلاة، وقد ورد أن علیاً (علیه السلام) سمع إنساناً یقرأ القرآن وهو فی الصلاة، فسکت حتی أتم الرجل القراءة فاستمر فی الصلاة، ثم قرأ مرة ثانیة فاستمع حتی أتم، فاستمر علی (علیه السلام) فی القراءة.

ولعل الظاهر أنه لا یجوز الاستماع والإنصات فی ما إذا کان السکوت من القارئ موجباً لبطلان الصلاة، لامتداد قراءة ذلک الإنسان الخارج، علی المشهور حیث قالوا بعدم جواز إبطال الصلاة فی الصلوات الواجبة کما ذکرنا تفصیل ذلک فی الفقه.

22: استماع خطبتی الجمعة

22: استماع خطبتی الجمعة

یجب استماع خطبتی الجمعة علی المشهور، لصحیح محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام): Sلا بأس أن یتکلم الرجل إذا فرغ الإمام من الخطبة یوم الجمعة ما بینه وبین أن یقام الصلاة، وإن سمع القراءة أو لم یسمع أجزأهR((2)).

فإن المفهوم من هذه الروایة الوجوب، بالإضافة إلی بعض الروایات الأخر، وقد ذهب المشهور إلی ذلک، وتتمة الکلام فی بحث الصلاة.

من غیر فرق بین أن یکون المصلی

ص:163


1- الوسائل: ج5 ص422 الباب 31 من صلاة الجماعة ح3
2- الوسائل: ج5 ص29 الباب 14 من صلاة الجمعة ح3

یصلی الجمعة تخییراً أو تعییناً، ومن غیر فرق بین أن یکون رجلاً أو امرأة، حاضراً أو مسافراً، إذا قلنا بأن صلاة الجمعة تصح من المسافر، کما ذکرناه فی الفقه.

23: سوق البدنة

23: سوق البدنة

سوق البدنة فی حج القران واجب فی الجملة، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

24: التسویة بین المترافعین

24: التسویة بین المترافعین

مساواة القاضی بین الخصمین واجب فی الجملة، کما أشرنا إلیه فی کتاب القضاء.

ففی روایة سلمة، قال: سمعت علیاً (علیه الصلاة والسلام) یقول لشریح، إلی أن قال: Sثم واس بین المسلمین بوجهک ومنطقک ومجلسک حتی لا یطمع قرببک فی حیفک، ولا ییأس عدوک من عدلکR((1)).

ویدل علی أن الأمر علی سبیل الاستحباب، فإن تعلیل الحکم یدل علی أن المناط هی العلة وجوداً وعدماً، وذلک لا ینافی الاستحباب مطلقاً، ولهذا لم یقل بالوجوب إلی هذا الحد أحد، ولا فرق فی أن یکونا رجلین أو امرأتین، أو رجلاً وامرأة، کبیراً أو صغیراً، أو کبیرین أو صغیرین.

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، قال: Sمن ابتلی بالقضاء فلیواس بینهم فی الإشارة وفی النظر وفی المجلسR((2)).

وعنه (علیه الصلاة والسلام): Sإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نهی أن یضاف الخصم إلاّ ومعه خصمهR((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب القضاء.

25: التسویة بین المسلمین

25: التسویة بین المسلمین

یجب التسویة بین المسلمین فی کافة القوانین الأولیة والثانویة، فإن المسلم العربی والعجمی والهندی والترکی والإندنوسی والإفریقی وغیرهم متساوون فی کافة الأحکام،

ص:164


1- الوسائل: ج18 ص155 الباب 1 من آداب القاضی ح1
2- الوسائل: ج18 ص157 الباب 3 من آداب القاضی ح1
3- الوسائل: ج18 ص157 الباب 3 من آداب القاضی ح2

_ إلاّ ما خرج بالدلیل، کعدم تساوی الرجل والمرأة فی الإرث، إذ قد یزید إرث الرجل، وقد یزید إرث المرأة، وقد یتساویان کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الارث _ .

مثل العبادات والمعاملات والنکاح والطلاق والإرث والحدود والحریات وغیرها، فما اعتادته غالب بلاد الإسلام فی الحال الحاضر من جعل قوانین تقتضی عدم التساوی ثم تنفیذ ذلک بالحدید والنار، فأولئک المقنون والمنفذون مشمولون لقوله سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ... الظَّالِمُونَ... الْفاسِقُونَ﴾((1)).

وقد ذکرنا فی کتاب (المرض والعلاج) أن مشکلة المسلمین (القانون)، وعلاجهم رفض القانون والرجوع إلی أحکام الله سبحانه النابعة من الأدلة الأربعة.

أقول: المراد بالقانون هی القوانین الوضعیة المخالفة لنصوص الإسلام کتاباً وسنةً وإجماعاً وعقلاً، مثل عدم الأمة الواحدة، وعدم الأخوة، وعدم الحریة، علی ما ذکرنا تفصیل کل ذلک فی جملة من کتبنا.

26: السیر فی الأرض

26: السیر فی الأرض

ورد السیر فی الأرض فی جملة من الآیات القرآنیة، کقوله سبحانه: ﴿سیرُوا فِی الْأَرْضِ﴾((2))، وقوله سبحانه: ﴿فَامْشُوا فی مَناکِبِها وَکُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾((3)) وما أشبه ذلک.

والظاهر أن المراد بها الاعتبار والاتعاظ وإمعان النظر، لا أنه واجب تعبدی، إلاّ إذا کان السیر مقدمة لواجب، أو سبباً للفرار من الحرام علی ما تقدم الإلماع إلیه.

والظاهر أن بین السیر والسفر عموماً من وجه، إذ لو سافر فی داخل المدینة أو أطرافها للعبرة سمی سیراً لا سفراً، ولو سافر فی سیارة مغلقة لا یری مکاناً ولا یعرف شیئاً کان سفراً لا سیراً بمعناه المنصرف عنه، فإن المعنی المنصرف من السیر الاعتبار، وقد یجتمعان فی ما إذا کان السفر واجباً کما إذا کان

ص:165


1- سورة المائدة: الآیة 44 و45 و47
2- سورة العنکبوت: الآیة 20
3- سورة الملک: الآیة 15

مقدمة للحج أو لتحصیل العلم، أو مستحباً فی ما إذا کان للتنزه وما أشبه.

أما إذا کان حراماً لأنه مقدمة للحرام کذهابه لقتل إنسان أو الزنا أو ما أشبه ذلک، فلم یکن من مصادیق ما ذکره سبحانه وتعالی.

ص:166

حرف الشین

1: شد الوثاق

حرف الشین

1: شد الوثاق

قال سبحانه: ﴿فَإِذا لَقیتُمُ الَّذینَ کَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّی إذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها﴾((1)).

والظاهر أن شد الوثاق من باب المقدمة لا أنه نفسی، فهو کنایة عن ضبطهم حتی لا ینهزموا أو لا یجتمعوا مرة ثانیة ویهجموا علی المسلمین، فإن ذلک هو المنصرف منه، أما بقیة الأحکام فقد ذکرنا تفصیله فی کتاب الجهاد، کما ذکرنا فیه وفی غیره أن الإمام (علیه السلام) مخیر بین (الاسترقاق) و(القتل) و(السجن) و(إطلاق السراح مجاناً) أو (فی قبال أخذ الفدیة) أو (التسفیر) حسب ما یراه صلاحاً.

کما ذکرنا فی بعض کتبنا أن المحصین عدّوا القتلی من المسلمین والکفار فی کل حروب رسول الله (صلی الله علیه وآله) فکانوا بین الألف وثمانیة وبین الألف وأربعمائة شخص، کما أن کل حروب علی (علیه الصلاة والسلام) بعد الرسول (صلی الله علیه وآله) کانت فی شهرین ونصف فقط، شهران وثلاثة عشر یوماً حرب صفین، ویوم واحد حرب الجمل، ویوم واحد حرب النهروان.

ولا یخفی أن الآیة وإن کانت خاصة بالذین کفروا، لکن مناطها أعم من البغاة والحروب الدفاعیة والحروب الهجومیة، وإذا لم یر الإمام (علیه السلام) شد الوثاق کما ورد فی قصة علی (علیه السلام) فی الحروب الثلاثة فهو کما یری، لأن الأمر موکول إلیه، ومثله الحاکم الشرعی.

ص:167


1- سورة محمد: الآیة 4

2: تشرید الکفار

2: تشرید الکفار

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ یَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فی کُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا یَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِی الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ﴾((1)).

والظاهر أن المراد بالتشرید التهریب، فإذا ظفر الرسول أو القائم مقامه فی الحرب بالکفار المناقضین عهدهم قتلهم ونکل بهم بما یعتبر به من خلفهم من الکفار بحیث یخافون نقض العهد أو قتال المسلمین.

ولذا یلزم أن یلاحظ فی الحروب الإسلامیة إذا تحقق هذا الموضوع إسقاط قوة المحاربین والسیطرة علیهم وفعل ما یوجب تخویف غیرهم وهروبهم.

لکن لا یخفی لزوم أن یکون التخویف کنفس الحرب بموازین الإسلام النظیفة والمذکورة فی سیرة الرسول وعلی (علیهما الصلاة والسلام)، وقد ذکرنا بعض ذلک فی کتاب الجهاد.

ثم إن قوله سبحانه فی الآیة المبارکة: Pالذین عاهدتO لا یراد بالحکم هذا الموضوع فقط، بل موضوع المحاربة سواء تحقق فی ضمن ما ذکر فی الآیة أو فی ضمن غیره، فإن کل حرب لها هذه الشأن.

3: الشکر لله وللوالدین

3: الشکر لله وللوالدین

قال سبحانه: ﴿أَنِ اشْکُرْ لی وَلِوالِدَیْکَ﴾((2))، وفی آیات أخر أیضاً الأمر بشکر الله سبحانه وتعالی، والظاهر أنه لیس زائداً علی سائر الواجبات وترک المحرمات المذکورة فی الأدلة الأخر، لا أنه یلزم أن یقول الإنسان الشکر لله أو یعمل الشکر أو یعقد قلبه علی الشکر خارجاً عن تلک الأمور الواجبات.

قال سبحانه: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُکْراً وَقَلیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّکُورُ﴾((3))، والمراد بعمل الشکر

ص:168


1- سورة الأنفال: الآیة 56
2- سورة لقمان: الآیة 14
3- سورة سبأ: الآیة 13

فی مقابل الشکر اللسانی کقوله: (شکراً لله)، وعقد قلبه بالشکر.

وعلی أی حال، فلم أجد من الفقهاء من أوجب ذلک بعنوان مستقل.

ولا فرق بین أن یکون الوالدان بعقد دائم أو بعقد متعة أو بشبهة وحتی بالزنا، لأنا ذکرنا فی جملة من الکتب أن أحکام ولد الزنا بالنسبة إلیه وإلی الأبوین کل أحکام ولد الحلال إلا ما أخرج بالدلیل کالإرث ونحوه.

4: الشهادة فی حد الزنا

4: الشهادة فی حد الزنا

قال سبحانه: ﴿وَلْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنینَ﴾((1)).

وظاهر المشهور الوجوب، کما أن ظاهرهم أیضاً لزوم التعدد بما یصدق علیه الطائفة.

أما ما فی صحیح غیاث الوارد حول الآیة المبارکة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sوالطائفة واحدR((2))، فلعل المراد به المجموعة الواحدة، فإنه یقال للمجموع واحد، وتفصیل الکلام فی ذلک فی باب الحدود.

ولکن الظاهر أن الطائفة واحد، وقول الإمام (علیه السلام) یراد به الواحد فی مقابل الأکثر منه والثلاثة وما أشبه ذلک، ویکون ذلک حینئذ مثل قولهم: راجعنا الأطباء أو المفسرین أو ما أشبه، حیث لا یرید المجموع أو الاثنین بل هذا الجنس، فإن الجنس والجمع ینوب أحدهما مقام الآخر بالقرینة، کما ذکرناه فی کتب الأدب.

5: الإشهاد والاستشهاد

5: الإشهاد والاستشهاد

قال سبحانه: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهیدَیْنِ مِنْ رِجالِکُمْ فإنْ لَمْ یَکُونا رَجُلَیْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَکِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْری وَلا یَأْبَ الشُّهَداءُ إذا ما دُعُواO إلی أن قال: Pوَأَشْهِدوا إذا تَبایَعْتُمْO((3))، إلی أن قال: Pوَلا تَکْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ یَکْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾((4)).

ص:169


1- سورة النور: الآیة 2
2- تفسیر البرهان: ج3 ص123 ح2
3- سورة البقرة: الآیة 282
4- سورة البقرة: الآیة 283

الظاهر أن الحکم للإرشاد أو للأعم من الواجب والمستحب، لأنه قد یجب الاستشهاد والإشهاد کما ذکرنا ذلک فی کتاب الودیعة، وهناک موارد أخر للوجوب کما یأتی، وقد یستحب کالإشهاد عند عقد النکاح.

ولا یخفی أن المستفاد من هذه الآیة ومن وقوله سبحانه: Pولا یأب الشهداء إذا ما دعواO((1))، أن الأمر إذا کان متوقفاً علیها _ أی الشهادة _  وجب علی الشاهد الحضور، ولا نرید بالحضور معناه اللفظی بل بما ینتج سماع الحاکم الشهادة بأیة کیفیة کانت.

6: الاستشهاد علی الزانیة

6: الاستشهاد علی الزانیة

قال سبحانه: ﴿وَاللاَّتی یَأْتینَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِکُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْکُمْO إلی قوله: Pفَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِکُوهُنَّ فِی الْبُیُوتِ﴾((2))، لا یبعد وجوب مثل ذلک لأنه طریق النهی عن المنکر، لکن ربما یقال بأنه واجب تعبدی فی نفسه لحکمة إقامة الحدود، وربما یقال لأنه شرط لتحقق الحدود لا أنه واجب، لکن الذی ذکرناه أوفق بالصناعة.

ولا یخفی أن رؤیة الشاهد الزنا یسبب رؤیته للعورتین وما أشبه ذلک، فکان مستثنی عن التحریم، لأنه الظاهر من الأدلة، لکن لا یخفی أن الضرورة تقدر بقدرها فاللازم أن لا یکون النظر أکثر من الاحتیاج.

7: الإشهاد علی الطلاق

7: الإشهاد علی الطلاق

قال سبحانه: ﴿فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْکُمْ﴾((3)).

لا یخفی أن الاشهاد فی الطلاق واجب شرطی، إذ بدون الإشهاد لا یصح الطلاق کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الطلاق.

ص:170


1- سورة البقرة: الآیة 282
2- سورة النساء: الآیة 15
3- سورة الطلاق: الآیة 2

أما إذا کان عند العامة أو غیر المسلمین فلا یتوقف الطلاق علی الإشهاد لقانون الإلزام.

8: مشاورة الأمة

8: مشاورة الأمة

قال سبحانه: ﴿وَ لَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلیظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِی الأمر فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَی اللَّهِ﴾((1)).

الظاهر من الآیة وجوب المشورة علی الرسول (صلی الله علیه وآله) فی الموضوعات المرتبطة بشؤون الأمة، ویؤیده ما ذکره علی (علیه الصلاة والسلام) من أن إعطاءهم المشورة له من حقهم علیه((2))، وحیث یلزم الاتباع کان اللازم أن یستشیر الحاکم الإسلامی الأمة فی أمور الحکم، ومنه أصل کونه حاکماً دون غیره، وهو ما یعبر عنه فی العصر الحاضر بالانتخابات الحرة، أو کما فی روایة علی (علیه الصلاة والسلام): Sأن یختارواR، فإذا کان المتوفر فیه الشروط الشرعیة من العلم والعدالة وغیرهما متعدداً کان للأمة اختیار هذا دون ذاک، أو اختیار مجموعة منهم((3)).

وقد ذکرنا فی کتبنا السیاسیة عدم حق استبداد فقیه واحد بالحکم إذا قلد الناس جملة من الفقهاء بحیث کانوا مراجع الأمة، بل اللازم أن یکون علی رأس الحکم (شوری المراجع).

أما المشورة فی سائر الأمور الجزئیة ونحوها فهی مستحبة کما هو المشهور، وقد ألمع إلیها القرآن الحکیم بقوله تعالی: ﴿وَما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَأَبْقی لِلَّذینَ آمَنُوا وَعَلی رَبِّهِمْ یَتَوَکَّلُونَ وَالَّذینَ یَجْتَنِبُونَ کَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإذا ما غَضِبُوا هُمْ یَغْفِرُونَ وَالَّذینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُوری بَیْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ﴾((4))، فالآیة أعم من الواجب والمستحب، ویعرف مورد کل واحد منهما من الخارج.

ولا یخفی أن العفو والاستغفار أیضاً واجبان، لأنهما مقدمة لتقویم الأمور وإن لم یکن

ص:171


1- سورة آل عمران: الآیة 159
2- نهج البلاغة: الخطبة 177
3- ولایخفی أن حق الاختیار هو بالنسبة إلی غیر المعصوم (علیه السلام) کالفقهاء المراجع، أما المعصوم (علیه السلام) فهو المعین من قبل الله عزوجل ولابد من طاعته کطاعة الله
4- سورة الشوری: الآیة 36 _ 38

العفو بدون المقدمیة وکذلک الاستغفار بدونها واجباً، وإذا لم یکن واجباً فهو مستحب، أما تفصیل التفسیر فهو موکول إلی التفاسیر.

ص:172

حرف الصاد

1: الصبر

حرف الصاد

1: الصبر

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((1)).

لکن الظاهر أن الصبر من الفضائل الأخلاقیة لا من الواجبات الشرعیة، فإذا أتی الإنسان بالواجبات وترک المحرمات لکنه لم یصبر لم یکن فاعلاً للحرام.

والصبر علی المشهور منقسم إلی الصبر علی الطاعة، وعلی المعصیة، وعلی المصیبة، أما ﴾صابِرُوا﴾ فیحتمل أن یراد به أن یصبّر بعضهم بعضاً، أو أن یعتمد بعضهم علی صبر بعض، فیتخذه أسوة أو نحو ذلک.

ولا یخفی أن الموارد الأربعة فی هذه الآیة کلها صبر، أما Pاصبروا وصابرواO فواضح، وأما PرابطواO فإن المرابطة من أشد أقسام الصبر علی ما کان متعارفاً سابقاً حیث یربط فرسه فی الثغور، وهناک المشاکل الکثیرة من الغذاء والحیوانات والأعداء وغیر ذلک، و(التقوی) هو نوع من الصبر بأن یتجنب الإنسان المحرمات.

2: مصاحبة الوالدین بالمعروف

2: مصاحبة الوالدین بالمعروف

قال سبحانه: ﴿وَصاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً﴾((2)).

الظاهر أنه لیس شیئاً زائداً علی أصل ما یجب علی الولد فی قبال الوالدین، أی یأتی

ص:173


1- سورة آل عمران: الآیة 200
2- سورة لقمان: الآیة 15

یأتی بالنسبة إلیهما ما یجب علیه شرعاً بالأدلة الخاصة أو العامة.

ولا یخفی أن المراد بالمعروف هو الذی یعرفه الناس، ومن الواضح أن الشریعة الإسلامیة إنما یرید عمل الناس بما هو معروف لدیهم ولیس بمنکر، وقد قال الأصولیون: کلما حکم به العقل حکم به الشرع، وبالعکس، فقد استدلوا علی ذلک بما یفید المقصود إلیه فی الأصول.

3: الصدع بالحق

3: الصدع بالحق

قال سبحانه: ﴿فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِکینَ﴾((1)).

الظاهر أن ذلک لم یکن خاصاً بالرسول (صلی الله علیه وآله) وإنما یجب علی کل أحد أن یصدع بما یؤمر به، من غیر فرق بین الأئمة (علیهم الصلاة والسلام) وأفراد المؤمنین، لکن ذهب بعض إلی أنه یستفاد من الآیة عدم جواز التقیة علیه (صلی الله علیه وآله) فی بیان الحکم، ونقل عن المحقق الطوسی أنه مذهب أصحابنا، لکن ذلک محتاج إلی التأمل.

إذ من الدلیل العقلی أن یتقی الإنسان عما یخافه علی نفسه أو عرضه أو ماله، ولعل من التقیة بالنسبة إلیه أنه کان إذا أراد أن یذهب إلی الحرب لا یذهب فی الطریق المستقیم إلیه بل یذهب فی الطریق الذی لا ینتهی إلیه حتی لا یعرف الناس مسیره ومصیره ثم توجه فی وسط الطریق حیث لا أحد یعرف إلی حیث مقصده.

وقد استدل بعضهم علی خصوصیة الأمر بالنبی (صلی الله علیه وآله) ببعض الروایات، لکنها لا تدل علی المقصود.

4: تصدیق الحالف

4: تصدیق الحالف

فی صحیح الخزاز، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: Sمن حلف بالله فلیصدق، ومن لم یصدق فلیس من الله فی شیء، ومن حلف له بالله فلیرض، ومن لم یرض فلیس من اللهR((2)).

ص:174


1- سورة الحجر: الآیة 94
2- الوسائل: ج16 ص125 الباب 6 من تحریم الحلف ح3

ومثل هذه الروایة غیرها، وقد ذکرنا فی بحث الرضا أن الحالف بالله سبحانه وتعالی إذا کان فی مقام الدعوی یجب تصدیقه علی الموازین الشرعیة، أما من حلف بالله سبحانه وتعالی فی غیر مواقع الدعوی فلا دلیل علی وجوب تصدیقه.

لکن من المحتمل أن الإنسان الذی یحلف بالله یجب علی طرفه أن لا یکذبه فیما إذا لم یکن داع شرعی علی ذلک، فقوله: Sومن لم یرض فیس من اللهR أی یجب علیه إظهار الرضا لا الرضا القلبی.

5: تصدیق الله سبحانه وتعالی والرسول (ص) وما جاء به

5: تصدیق الله سبحانه وتعالی والرسول (ص) وما جاء به

قال سبحانه: ﴿نَحْنُ خَلَقْناکُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ﴾((1)).

إن من الواضح وجوب تصدیق الله سبحانه وتعالی ورسله وأنبیاءه والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)، وإلاّ لم یکن الشخص مؤمناً.

والمراد بالتصدیق القلبی واللسانی، أما التصدیق العملی فذلک شأن الواجبات والمحرمات، فلو صدق الإنسان فی قلبه لکنه لم یصدق بلسانه کان کافراً، ولذا قال سبحانه: ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ﴾((2))، کما أنه لو صدق بلسانه ولم یصدق بقلبه کان منافقاً.

ولو صدق بلسانه وقلبه لکنه لم یصدقه بعمله بأن لم یأت بالواجبات ولم یترک المحرمات کان فاسقاً، فإن أمثال هذه الشؤون مرتبطة باللسان والقلب والجوارح، ولذا قال سبحانه: Pاعْمَلوا آلَ داودَ شُکراًO((3)) فإنه شامل للقلب واللسان والأرکان، وکما أن الکفران أیضاً یأتی علی الثلاثة.

6: الصدق واجب والکذب حرام

6: الصدق واجب والکذب حرام

وحیث إنهما طرفا شیء واحد ولا یمکن جعل حکمین فی طرفین لشیء واحد، لما تقدم من لزوم اللغویة فی أحدهما، فأحدهما الوجه والآخر نقیضه، وأما السکوت بلا صدق ولا کذب فلا دلیل علی أنه من المحرمات إلاّ إذا کان الکلام واجباً، وقد أمر بالصدق فی

ص:175


1- سورة الواقعة: الآیة 57
2- سورة النمل: الآیة 14
3- سورة سبأ: الآیة 13

روایات کثیرة بعد الآیات المبارکات.

7: الکون مع الصادق

7: الکون مع الصادق

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقینَ﴾((1)).

والمراد عدم الانضواء تحت لواء غیر الصادقین من الأنبیاء والأئمة الراشدین (علیهم السلام) والذین هم خلفاؤهم، أو المراد بذلک الأعم، وعلی أی حال فذلک واجب بلا اشکال.

وهذه الآیة کما تشمل ما ذکرناه تشمل عمل الإنسان قلباً ولساناً وجارحة بما یکون اتباعاً للصادقین، من غیر فرق فی کلا الأمرین بین أن یکون رجلاً أو امرأة.

8: تصدیق الصادق

8: تصدیق الصادق

قال سبحانه: ﴿وَالَّذی جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾((2)).

فإنه یجب تصدیق الصادق، لکن الظاهر أن المراد به فیما یرتبط الإنسان من العقائد والأعمال لا أنه بنفسه من الواجبات إلاّ إذا کان مقدمة لواجب.

وکما أنه یجب تصدیق الصادق یجب تکذیب الکاذب فی الجملة، لأنه نوع من النهی عن المنکر، بالإضافة إلی عدم العمل بکذبه.

9: التصدق الواجب علی المحرم

9: التصدق الواجب علی المحرم

إن بعض المحرمات فی حال الإحرام وفی الحرم إذا ارتکبها المحرم یجب علیه التصدق له.

ففی روایة سلیمان، قال: سألته (علیه السلام) عن الرجل یقطع من الأراک الذی بمکة، قال: Sعلیه ثمنه یتصدق به ولا ینزع من شجر مکة شیئاً إلاّ النخل وشجر الفواکهR((3)).

ولا یخفی

ص:176


1- سورة التوبة: الآیة 119
2- سورة الزمر: الآیة 33
3- الوسائل: ج9 ص301 الباب 18 من بقیة الکفارات ح2

أن شجر الفواکه وإن کان منصرفاً إلی الفاکهة العادیة لکن المقصود من شجر الفواکه أعم من أن یکون نبتاً وإن لم یسم شجراً، أو لم تکن من الفواکه المعهودة مثل أوراق الحناء وما أشبه ذلک، للمناط فیهما.

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

10: التصدق بثلث الذبیحة

10: التصدق بثلث الذبیحة

ذهب جماعة من الفقهاء إلی أن الذبیحة فی منی تثلث، فثلث لأکله وثلث إهداء للمؤمن وثلث للتصدق، لکن بعضهم رأی ذلک من المستحب.

قال العقرقوفی: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): سقت فی العمرة بدنة فأین أنحرها، قال: SبمکةR، قلت: فأی شیء أعطی منها، قال: Sکل ثلثاً وأهد ثلثاً وتصدق بثلثR((1)).

ومن الواضح أنه لا یجب أکل الثلث، کما أن رسول الله وعلیاً (صلوات الله علیهما) فی حجهما لم یأکلا ثلث ما ذبحاه، فقد ورد فی الحدیث: Sإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نحر مائة بعیر وأخذ من کل بعیر شیئاً وطبخها واحتسی هو وعلی (علیه السلام) من ذلک المرقR، ومعنی ذلک علی تقدیر الوجوب أن یکون الأکل من الثلث لا أکثر وإن کان أقل.

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

11: التصدق بثمن الهدی

11: التصدق بثمن الهدی

فی وجوب ذلک احتمال، وإن کان المشهور العدم، قال الحلبی: سألته (علیه السلام) عن الهدی الواجب إذا أصابه کسر أو عطب أیبیعه صاحبه ویستعین بثمنه علی هدی آخر، قال: Sیبیعه ویتصدق بثمنه ویهدی هدیاً آخرR((2)).

لکن المفتی به إنما هو الهدی الآخر لا التصدق، ولعله لذلک یحمل علی الاستحباب.

12: التصدق بثمن الطیر

12: التصدق بثمن الطیر

فی الصحیح عن الکاظم (علیه الصلاة والسلام)، عن رجل أخرج حمامة من حمام

ص:177


1- الوسائل: ج10 ص146 الباب 40 من الذبح ح18
2- الوساةل: ج10 ص126 الباب 27 من الذبح ح1

الحرم إلی الکوفة أو غیرها، قال: Sعلیه أن یردها، فإن ماتت فعلیه ثمنها یتصدق بهR((1)).

وهل یشمل التصدق فی مثل بناء مسجد أو مدرسة أو ما أشبه ذلک، أو الإعطاء للفقیر فقط، الاحتیاط الثانی وإن کانت الصدقة بلفظها أعم.

وقد ذکرنا تفصیل هذا البحث کالبحث السابق فی کتاب الحج، ومثلهما التصدق علی قاتل الصید.

13: التصدق بمجهول المالک واللقطة تخییراً

13: التصدق بمجهول المالک واللقطة تخییراً

فی صحیحة ابن راشد، قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) قلت: جعلت فداک اشتریت أرضاً إلی جنب ضیعتی بألفی درهم، فلما وفرت المال خبرت بأن الأرض وقف، فقال: Sلا یجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة فی ملکک، ادفعها إلی من أوقفت علیهR قلت: لا أعرف لها رباً، قال: Sتصدق بغلتهاR((2)).

وفی صحیحة یونس، عن الرضا (علیه السلام)، رفیق لنا بمکة رحل منها إلی منزله ورحلنا إلی منزلنا، فلما أن سرنا فی الطریق أصبنا بعض متاعه معنا، فأی شیء نصنع به، قال: Sتحملونه حتی تحملوه إلی الکوفةR، قلت: لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف کیف نصنع، قال: Sإذا کان کذا فبعه وتصدق بثمنهR، قلت له: علی من جعلت فداک، قال: Sعلی أهل الولایةR((3)).

إلی غیرها من الروایات التی ذکرناها مفصلاً فی کتاب اللقطة.

وهل المراد بالتصدق للفقراء أو الأعم، لا یبعد أن یکون المراد الأعم، فإن التصدق مشتق من الصدق بأحکام الله وموازینه، فإذا لم یکن دلیل علی وجوب التصدق إلی الفقیر کان الأصل العدم، لکن المسألة تحتاج إلی التأمل.

14: التصدق علی الحاج غیر الحالق

14: التصدق علی الحاج غیر الحالق

ذکرنا تفصیل الکلام حول ذلک فی کتاب الحج.

ص:178


1- الوسائل: ج9 ص204 الباب 14 من الکفارات ح2
2- الوسائل: ج13 ص303 الباب 6 من الوقوف ح1
3- الوسائل: ج17 ص357 الباب 7 من اللقطة ح2

ولا یخفی أنا ذکرنا فی کتاب الحج عدم وجوب الحلق، بل یتخیر بین الحلق والتقصیر کما قال سبحانه: Pلقد صدق الله رسوله الرؤیا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنین محلقین رؤوسکم ومقصرینO((1)) أی إما هذا وإما هذا، والتقیید یحتاج إلی الدلیل فهو مثل قولهم: الکلمة إسم وفعل وحرف.

15: التصدق بالمدة علی المستمتع بها

15: التصدق بالمدة علی المستمتع بها

فی روایة إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبی الحسن موسی (علیه السلام): رجل تزوج امرأة متعة ثم وثب علیها أهلها فزوجوها بغیر إذنها علانیةً، والمرأة امرأة صدق کیف الحیلة، قال: Sلا تمکن زوجها من نفسها حتی ینقضی شرطها وعدتهاR، قلت: إن شرطها سنة ولا یصبر لها زوجها ولا أهلها سنة، فقال: Sفلیتق الله زوجها الأول ولیتصدق علیها بالأیام فإنها قد ابتلیت والدار دار هدنة والمؤمنون فی تقیةR، قلت: فإنه تصدق علیها بأیامها وانقضت عدتها کیف تصنع، قال: Sإذا خلا الرجل بها فلتقل هی: یا هذا إن أهلی وثبوا علیّ فزوجونی منک بغیر أمری ولم یستأمرونی وإنی الآن قد رضیت فاستأنف أنت الآن فتزوجنی تزویجاً صحیحاً فیما بینی وبینکR((2)).

أقول: من الواضح أنها إذا کانت مدخولة یلزم أن یکون العقد الجدید بعد انقضاء العدة، لکن الکلام فی أنه هل یجب علی الزوج الأول التصدق من جهة عدم وقوع الزنا وعدم ذهاب ماء وجه المرأة، بل ذهاب ماء وجهه هو بنفسه أیضاً، وربما أوجب الفضیحة التی توجب القتل ونحو ذلک، احتمالان، ولم أجد من أصحاب المجامیع التعرض له، نعم لا شک فی وجوبه إذا کان الأمر دائراً بینه وبین حرام أهم أخذاً بالمهم، والمسألة بحاجة إلی تتبع أکثر وتأمل أعمق.

ولا یخفی أن المشهور أنه لا یقبل قول أحدهما لا الزوجین ولا المتبایعین ولا غیرهما من أشباههما بعد انتهاء العقد، فإذا قالت قبل العقد إنی متزوجة لم یجز عقدها، وکذلک الرجل إذا قال قبل العقد إنه متزوج بأربع دائماً، أما إذا قال أحدهما ذلک القول بعد العقد

ص:179


1- سورة الفتح: الآیة 27
2- الوسائل: ج14 ص493 الباب 41 من المتعة ح1

لا یکون علی الآخر حجة ولا یجب علیه جعل الأثر فی قول طرفه.

16: التصدق علی من یشق علیه الصوم

16: التصدق علی من یشق علیه الصوم

یجب التصدق علی الشیخ والشیخة وذی العطاش والحامل المقرب والمرضعة القلیلة اللبن علی الشروط المذکورة فی کتاب الصوم.

ففی صحیح محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): Sالشیخ الکبیر والذی به العطاش لا حرج علیهما أن یفطرا فی شهر رمضان، ویتصدق کل واحد منهما فی کل یوم بمد من طعام ولا قضاء علیهما، وإن لم یقدرا فلا شیء علیهماR((1)).

لکن لا یبعد أن یجب علیهما الاستغفار لقوله (علیه السلام): Sالاستغفار کفارة من لا کفارة لهR.

أما تحقق الشیخ والشیخة بعد کونهما عرفیاً بنظر نفس الشخص، فإذا رأی أنه شیخ أو شیخة لا یجب علیه الصیام وکذلک ذو العطاش.

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی کتاب الصوم.

17: التصدق علی المفطر المعسر

17: التصدق علی المفطر المعسر

ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصوم.

18: التصدق علی من لا یقضی رمضان

18: التصدق علی من لا یقضی رمضان

ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصوم، فی من لم یصم قضاء رمضان إلی رمضان آخر عذراً أو عمداً.

19: الصفح عن الکفار

19: الصفح عن الکفار

قال سبحانه: ﴿وَدَّ کَثیرٌ مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ لَوْ یَرُدُّونَکُمْ مِنْ بَعْدِ إیمانِکُمْ کُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾((2)).

إن کان الصفح سبباً لعدم إراقة الدماء أو تقدیم الإسلام إلی الأمام أو ما أشبه ذلک من الواجبات کان واجباً مقدمیاً کما هو الغالب فی الصفح عن المذنب والمجرم، وإلاّ کان من الإرشاد أو الاستحباب. وبذلک یظهر أن الأمر لا یخص أهل الکتاب وحدهم وإنما ذکر

ص:180


1- الوسائل: ج7 ص150 الباب 15 من أبواب من یصح منه الصوم ح1
2- سورة البقرة: الآیة 109

ذلک من باب المورد أو المثال.

والفرق بین العفو والصفح أن الصفح إبداء أنه لم یر، والعفو أنه بعد أن أظهر الرؤیة یعفو عن الذنب، وحیث إن الغالب أن الإنسان إذا عفا صفح قدم علیه فی السیاق.

ومنه یظهر الکلام فی قوله سبحانه بالنسبة إلی سائر المجرمین: ﴿وَلا یَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْکُمْ وَالسَّعَةِ أن یُؤْتُوا أُولِی الْقُرْبی وَالْمَساکینَ وَالْمُهاجِرینَ فی سَبیلِ اللَّهِ وَلْیَعْفُوا وَلْیَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَکُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

کقوله سبحانه خطاباً للنبی (صلی الله علیه وآله): ﴿وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلی خائِنَةٍ مِنْهُمْ إلاّ قَلیلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنینَ﴾((2)).

ولا یخفی أن العفو غیر الصفح، لأن العفو عبارة عن أن یعفو عن المذنب کما سبق، والصفح عبارة عن أن یعطیه صفحه بدون النظر إلیه للانتقام والسب وما أشبه ذلک.

ومن الواضح أن العفو والصفح یسببان جواً من الهدوء وعدم الانتقام، لأن الانتقام یعقبه انتقام آخر.

 

20: الصلب

20: الصلب

یجب الصلب تخییراً فیما ذکرته الآیة الکریمة: ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((3)).

وقد ذکرنا البحث فی ذلک وکیفیة الصلب فی کتاب الحدود.

أما ما ربما یقال من أن المراد بالصلب هو ربط الیدین بالخشب بنحو المسمار، وربط الرجلین بمسمار علیه، ویقال: إن ذلک هی کیفیة صلب المسیح (علیه السلام) المزعوم، فالظاهر أن فی

ص:181


1- سورة النور: الآیة 22
2- سورة المائدة: الآیة 13
3- سورة المائدة: الآیة 33

الإسلام لا یکون کذلک لأنه تعذیب فوق التعذیب، والإسلام یخفف حتی فی عقوباته.

وأما المسیح (علیه السلام) فلم یصلب کما ذکر ذلک الله تعالی بقوله: Pوما قتلوه وما صلبوه یقیناًO((1))، نعم شخص آخر شبه بالمسیح (علیه السلا) فصلب.

21: الإصلاح بین الأخوین

21: الإصلاح بین الأخوین

قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ﴾((2)).

والظاهر أن الإصلاح من المستحبات لا من الواجبات، فقوله (صلی الله علیه وآله): Sإصلاح ذات البین خیر من عامة الصلاة والصیامR((3))، یحتمل أن یراد فی الثواب مع التفاوت فی الواجب والمستحب، ویحتمل أن یراد الإصلاح المستحب خیر من الصلاة والصیام المستحبین، إلی غیر ذلک من الاحتمالات فی الحدیث المذکور.

نعم إذا کان بدون الإصلاح ینتهی الأمر إلی المحرمات کان واجباً من باب النهی عن المنکر أو دفع المنکر.

وعلی أی حال، فالأمر محمول علی الوجوب أو الاستحباب أو الإرشاد أو الأعم، فلکل مورده.

ومنه یعرف الکلام فی قوله سبحانه: ﴿یَسْأَلُونَکَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِکُمْ﴾((4))، فإن الإصلاح سواء کان بین المسلمین أو بین الأخوین شیء محبوب.

فإنهم أثاروا النزاع فی الأنفال ولذا أمر الله سبحانه أن یصلحوا ذات بینهم.

وهل الإصلاح خیر حتی بالنسبة إلی الکافرین غیر المحاربین أو خاص بالمؤمنین، لا یبعد الأول للإطلاقات، نعم إن قوله (صلی الله علیه وآله): Sخیر من عامة الصلاة والصیامR ظاهر فی الإصلاح بین المؤمنین.

ص:182


1- سورة النساء: الآیة 157
2- سورة الحجرات: الآیة 10
3- الوسائل: ج13 ص163 الباب 1 من الصلح ح6
4- سورة الأنفال: الآیة 1

22: الإصلاح بین المقاتلین

22: الإصلاح بین المقاتلین

قال سبحانه: ﴿وَإنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتی تَبْغی حَتَّی تَفی ءَ إلی أَمْرِ اللَّهِ، فإنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطینَ﴾((1)).

لا شک فی وجوب هذا الإصلاح، لکن هل هو مقدمی أو واجب نفسی، احتمالان، أما وجوبه فی الجملة فلأنه سبب لعدم إراقة الدماء ونهب الأموال وهتک الأعراض وتخریب المدن إلی غیر ذلک من ویلات الحرب والمحرمات، وقد اتفق مقاتلة طائفتین مسلمتین فی زمنه (صلی الله علیه وآله) فنزلت هذه الآیة کما ورد فی التفاسیر.

أما مقاتلة من تبغی حتی تفیء إلی أمر الله فالظاهر أنه واجب، لأنه ظاهر الأمر، ولعل الفرق بین قوله: (فأصلحوا) و(أقسطوا) أن الإصلاح بالعدل بالنسبة إلی غیر المال، أما الإقساط فهو بالنسبة إلی المال، وقد ذکروا ذلک فی الروایة المرویة حول الإمام الحجة (علیه السلام).

ولا یخفی إذا قلنا الفرق بینهما بأن العدل هو فی غیر المال والقسط فی المال، فإنما ذلک حیث جُمعا، وأما إذا ذکر أحدهما فالمراد به الأعم من المعنیین فی غیر مثل قوله (القسطاس المستقیم)((2)) فإن المیزان یسمی قسطاساً لأنه من العدل فی الأموال.

23: الصلاة علی معطی الزکاة

23: الصلاة علی معطی الزکاة

قال سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَیْهِمْ إنَّ صَلاتَکَ سَکَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمیعٌ عَلیمٌ﴾((3)).

والظاهر وجوب الصلاة، لأن الأمر ظاهر فیه، والصلاة الدعاء لهم بقبول الصدقة، والأحوط أن یکون بلفظ الصلاة، کما روی أن النبی (صلی الله علیه وآله) کان یفعل ذلک بلفظ الصلاة.

ولا فرق بین أن یکون الآخذ النبی أو الإمام (علیهما السلام) أو العالم، أما الفقیر فعن جماعة من الفقهاء إنه یستحب

ص:183


1- سورة الحجرات: الآیة 9
2- إشارة إلی قوله: P وزنوا بالقسطاس المستقیم O سورة الشعراء: الآیة 182
3- سورة التوبة: الآیة 103

له بغیر خلاف، ویؤید الاستحباب أنه لیس من السیرة صلاة الفقیر للمعطی.

ثم إذا کان وکیل المالک هو الذی یعطی الصدقة یصلی الآخذ علی مالک الأموال لا علی المعطی الذی هو وکیل، والظاهر أن الساعی ونائب الفقیه ووکیله المطلق أیضاً یجب علیهم ذلک.

کما أن الظاهر أنه لا یجب فی أخذ الخمس ذلک، نعم لا یبعد الاستحباب خصوصاً بقرینة أخیر الآیة، فإن العلة عامة وإن لم یکن قطع بالمناط.

ومن المحتمل أن یکون الأمر کذلک بالنسبة إلی آخذ الخمس، فیصلی علی المخمس، لأنه ورد أن الخمس بدل الزکاة، والمناط جار فیه.

أما فی الجزیة فلا، وکذلک بالنسبة إلی الخراج حیث إن الخراج نوع تعامل، والتعامل لا یحتاج إلی الصلاة ونحوها، وکذلک بالنسبة إلی الکفارات وإعطاء النذور وما أشبه ذلک.

24: الصلاة علی النبی وآله (صلوات الله علیهم أجمعین)

24: الصلاة علی النبی وآله (صلوات الله علیهم أجمعین)

قال الله تعالی: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلیماً﴾((1)).

وظاهر الآیة وإن کان الوجوب، وکذلک ورد بذلک بعض الروایات، مثل صحیحة زرارة، عن الباقر (علیه السلام): Sإذا أذنت فأفصح بالألف والهاء، وصل علی النبی (صلی الله علیه وآله) کلما ذکرته أو ذکره ذاکر عندک فی أذان أو غیرهR((2)).

وفی حسنة الفضل، عن الرضا (علیه السلام) فی کتابه إلی المأمون، قال: Sوالصلاة علی النبی (صلی الله علیه وآله) واجبة فی کل موطن وعند العطاس والذبایح وغیر ذلکR((3)).

لکن شهرة الاستحباب والسیرة علی عدم الصلوات غالباً، بل عن المحقق والعلامة وغیرهما الإجماع علی عدم الوجوب فی غیر الصلاة، تدل علی عدم الوجوب مما یوجب الحمل علی الاستحباب، بل حکی أن فی أدعیة الإمام السجاد (علیه الصلاة والسلام) ذکره (صلی الله علیه وآله) بدون الصلاة علیه.

ص:184


1- سورة الأحزاب: الآیة 56
2- الکافی: ج3 ص303 باب بدء الأذان والإقامة ح7
3- عیون أخبار الرضا (علیه السلام): ج2 ص121 الباب 35 ح1

ویستحب ضم الآل أیضاً، لموثقة أبان، عن الباقر (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sمن صلی علی ولم یصل علی آلی لم یجد ریح الجنة، وإن ریحها لیوجد من مسیرة خمسمائة عامR((1)).

وقد ذکرنا هذا المبحث فی (کتاب الصلاة).

والمشهور الصلاة علی النبی وآله فی وقت ذکر اسمه بمحمد (صلی الله علیه وآله)، أما إذا ذکر بسائر الأسماء کأحمد والمصطفی، وکذلک إذا ذکر بالضمیر فاستحباب الصلاة غیر بعید، لإطلاق الأدلة، وإن لم یکن المتعارف عند أکثر الناس الصلاة علیه حینئذ.

25: الصلوات الواجبات

25: الصلوات الواجبات

وهی الصلاة الیومیة، والصلاة علی الأموات، وصلاة القضاء عن المیت، وصلاة العیدین والجمعة مع شروطهما، وصلاة الآیات، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصلاة.

أما البحث عن وجوب صلاة اللیل علی النبی (صلی الله علیه وآله) فهو خارج عن محل الابتلاء، ومحله فی ما یذکرونه من خواصه (صلی الله علیه وآله).

أقول: وقد ذکره الشرائع فی کتاب النکاح، کما ذکره غیره، وذکرناه فی باب معرفة أحواله (صلی الله علیه وآله).

ثم المراد بصلاة القضاء الأعم من الواجب علی الإنسان کالذی قضیت الصلاة علیه، وکالولد بالنسبة إلی الوالد، أما بالنسبة إلی الصلاة المستأجرة علیها فهی واجبة بالعقد کالصلاة المنذورة والمحلوفة علیها وما أشبه ذلک((2)).

26: صلاة الجمعة

26: صلاة الجمعة

وهی من الصلاة الیومیة، لأنها بدل عن صلاة الظهر کما هو واضح، کما أن صلاة القضاء أیضاً هی الأداء فی غیر وقتها، أما صلاة الاحتیاط والإجارة وصلاة النذر والعهد والیمین فهی غیر واجبة ابتداءً، وإنما بالعنوان الثانوی.

فصلاة الاحتیاط ربما تکون مستحبة فی الواقع کما دل علی ذلک بعض الروایات، بالإضافة إلی أنه لو کان الاحتیاط غیر مطابق للواقع بأن لم یفت منه شیء وإنما صلی احتیاطاً فهی

ص:185


1- تفسیر البرهان: ج3 ص336 ح17
2- حیث وجبت بالنذر وما أشبه

صلاة من غیر واجبه وإن کان فی الظاهر واجبه باعتبار جعله للواقع.

27: الصناعات

27: الصناعات

الصنعة واجبة وجوباً کفایةً، کما ذکروه فی الفقه وألمع إلیه الشیخ المرتضی (رحمه الله) فی المکاسب، والدلیل علی ذلک العقل لأنه فی سلسلة العلل، وما علم من الشرع من إرادة بقاء النظام، ومن الواضح أن النظام الصحیح بحاجة إلی الصنعة کما أنها بحاجة إلی جملة من الأعمال الأخر کالزراعة والتجارة وغیرهما مما لا یصطلح علیها بالصنعة، وفی حدیث تحف العقول وغیره إشارة إلیه.

وحیث قد تقدم الکفار علی المسلمین فی هذا القرن، وذلک لا یرفع إلاّ بالصناعات المعقدة وغیرها، فاللازم تعلم المسلمین لها، وتوفیر المناخ المناسب حتی لا یکون المسلمون أقل من الکفار مما یسبب بقاء سیطرتهم علی المسلمین، والله المستعان.

ولا یخفی أن هذه العلة أعم من الصناعات والتدریبات وما أشبه ذلک، فإن اللازم أن یفعل المسلمون ما یسبب أن یکونوا بمستوی الکفار لا أنزل منهم، أما قوله (علیه السلام): Sالإسلام یعلو ولا یعلی علیهR فإنه یدل علی ندبیة أن یکون المسلمون أعلی من الکفار، وربما یقال بالوجوب.

وقد ذکر جمع کالعلامة وغیره لزوم ارتفاع المسلمین علی الکفار حتی فی بنایاتهم.

28: الصوم

28: الصوم

الصوم الواجب أقسام عدیدة ذکرنا أکثرها فی (الفقه).

منها: صوم شهر رمضان، قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمُ الصِّیامُ کَما کُتِبَ عَلَی الَّذینَ مِنْ قَبْلِکُمْ﴾((1)) إلی أن قال سبحانه: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْکُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُ﴾((2)).

والبقاء علی صوم شهر رمضان إذا أفطر عمداً

ص:186


1- سورة البقرة: الآیة 183
2- سورة البقرة: الآیة 185

فإنه لا یحق له الإفطار ثانیاً نصاً وإجماعاً.

وصوم أذی الحلق، قال سبحانه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فإن أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَکُمْ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ فَمَنْ کانَ مِنْکُمْ مَریضاً أَوْ بِهِ أَذیً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْیَةٌ مِنْ صِیامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُکٍ﴾((1)).

وصوم بدل النذر فی صحیحة علی بن مهزیار، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: یا سیدی رجل نذر أن یصوم یوماً من الجمعة دائماً ما بقی فوافق ذلک الیوم یوم عید فطر أو أضحی أو أیام التشریق أو سفر أو مرض هل علیه صوم ذلک الیوم أو قضاؤه وکیف یصنع یا سیدی، فکتب إلیه: Sقد وضع الله عنه الصیام فی هذه الأیام کلها ویصوم یوماً بدل یوم إن شاء اللهR. وکتب إلیه یسأله: یا سیدی رجل نذر أن یصوم یوماً فوقع ذلک الیوم علی أهله ما علیه من الکفارة، فکتب إلیه: Sیصوم یوماً بدل یوم وتحریر رقبة مؤمنةR((2)).

وصوم بدل الیمین والعهد والشرط وما أشبه ذلک کذلک، لکنها بعناوین ثانویة بخلاف الصوم الواجب کشهر رمضان حیث إنه بعنوان أولی.

نعم لا یجب صوم رمضان إذا کان مخیراً شرعاً بین الأخذ وترکه، کما ذکر مثاله صاحب العروة وغیره.

کما أن من لا یتمکن من تحریر رقبة مؤمنة لا شیء علیه من هذه الجهة، وإن تمکن من إعطاء بدل الرقبة لخیر أو فقیر أو ما أشبه، وهل یحتاج إلی الاستغفار لقوله (علیه السلام): Sالاستغفار کفارة لمن لا کفارة لهR، الظاهر العدم، وإن کان الاحتیاط یقتضیه.

29: الصوم بدل الهدی

29: الصوم بدل الهدی

قال سبحانه: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلی الْحَجِّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ

ص:187


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- الوسائل: ج16 ص194 الباب 10 من النذر ح1

ثَلاثَةِ أَیَّامٍ فِی الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ تِلْکَ عَشَرَةٌ کامِلَةٌ ذلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾((1)).

ولا یخفی أنا ذکرنا تفصیل ذلک فی الحج، وأن السبعة فی أی أیام، وأن الثلاثة فی أیة أیام.

30: صوم الاعتکاف فی ثالثه

30: صوم الاعتکاف فی ثالثه

فی صحیحة محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): Sإذا اعتکف یوماً ولم یکن اشتراط فله أن یخرج ویفسخ الاعتکاف، وإن أقام یومین ولم یکن اشتراط فلیس له أن یفسخ اعتکافه حتی یمضی ثلاثة أیامR((2)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الاعتکاف بما لا حاجة إلی تکراره.

31: صوم قضاء شهر رمضان

31: صوم قضاء شهر رمضان

قال سبحانه: ﴿أَیَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ کانَ مِنْکُمْ مَریضاً أَوْ عَلی سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَیَّامٍ أُخَرَ﴾((3)).

ولا یخفی أنه لو کان مریضاً لا یتمکن من الصیام فی الأیام الأخر فالظاهر سقوط الصوم عنه، فلا یجب علیه أن یوصی بعدة الأیام بعده.

32: صوم کفارة جز الشعر

32: صوم کفارة جز الشعر

ففی روایة خالد، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل شق ثوبه علی أبیه أو علی أمه أو علی أخیه أو علی قریب له، فقال: Sلا بأس بشق الجیوب، قد شق موسی بن عمران علی أخیه هارون، ولا یشق الوالد علی ولده، ولا زوج علی امرأته، وتشق المرأة علی زوجها، وإذا شق زوج علی امرأته أو والد علی ولده فکفارته حنث یمین فلا صلاة لهما حتی یکفرا أو یتوبا من ذلک، فإذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ففی جز الشعر عتق رقبة أو صیام شهرین متتابعین أو إطعام ستین مسکیناً، وفی الخدش إذا أدمیت

ص:188


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- الوسائل: ج7 ص404 الباب 4 من الاعتکاف ح1
3- سورة البقرة: الآیة 184

وفی النتف کفارة حنث یمین، ولا شیء فی اللطم علی الخدود سوی الاستغفار والتوبة، ولقد شققن الجیوب ولطمن الخدود الفاطمیات علی الحسین بن علی (علیه السلام)، وعلی مثله تلطم الخدود وتشق الجیوبR((1)).

کما ذکره بعض الفقهاء فی الکتب المرتبطة بالإمام الحسین (علیه السلام).

وهل الأمر کذلک بالنسبة إلی علی أمیر المؤمنین وسائر الأئمة الطاهرین وهکذا الرسول والزهراء (صلوات الله علیهم أجمعین) لا یبعد، لأنهم نور واحد ولهم حکم واحد إلا ما خرج قطعاً.

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی (کتاب الکفارات).

33: صوم کفارة الحلف بالبراءة

33: صوم کفارة الحلف بالبراءة

علی اختلاف فیه.

34: صوم کفارة الصید

34: صوم کفارة الصید

کما مر فی کتاب الحج.

35: صوم کفارة الظهار

35: صوم کفارة الظهار

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ یَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْریرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أن یَتَمَاسَّا ذلِکُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ، فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ مِنْ قَبْلِ أن یَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکیناً﴾((2)).

36: صوم کفارة الاعتکاف

36: صوم کفارة الاعتکاف

ففی صحیح زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن المعتکف یجامع أهله، قال: Sإذا فعل فعلیه ما علی المظاهرR((3)).

37: صوم کفارة العهد

37: صوم کفارة العهد

کما ذکرنا تفصیله فی کتابه.

38: صوم کفارة الإفاضة من عرفات

38: صوم کفارة الإفاضة من عرفات

ففی صحیح ضریس الکناسی، عن الباقر (علیه السلام)، سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل

ص:189


1- الوسائل: ج15 ص583 الباب 31 من الکفارات ح1
2- سورة المجادلة: الآیة 3 _ 4
3- الوسائل: ج7 ص406 الباب 6 من الاعتکاف ح1

أن تغیب الشمس، قال: Sعلیه بدنة ینحرها یوم النحر، فإن لم یقدر صام ثمانیة عشر یوماً بمکة أو فی الطریق أو فی أهلهR((1)).

39: صوم کفارة إفطار شهر رمضان

39: صوم کفارة إفطار شهر رمضان

ففی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، فی رجل أفطر من شهر رمضان متعمداً یوماً واحداً من غیر عذر، قال: Sیعتق نسمة أو یصوم شهرین متتابعین أو یطعم ستین مسکیناً، فإن لم یقدر تصدق بما یطیقR((2)).

ولا إشکال فی أن ما ذکره المیرزا القمی (رحمه الله) لفتحعلی شاه من وجوب أن یصوم ستین یوماً حیث أفطر یوماً کان من السیاسات الشرعیة، ولذا لما قیل له إن له أن یعطم ستین مسکیناً أو یعتق نسمة، قال: إذا انفتح هذا الباب لم آمن أن یفعله لسهولة الأمرین بالنسبة إلیه.

40: الصوم فی کفارة الجمع لمن أفطر بالحرام

40: الصوم فی کفارة الجمع لمن أفطر بالحرام

کما ذکرنا تفصیله فی کتابه.

41: صوم إفطار القضاء

41: صوم إفطار القضاء

ففی صحیحة هشام بن سالم، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): رجل وقع علی أهله وهو یقضی شهر رمضان، فقال: Sإن کان وقع علیها قبل صلاة العصر فلا شیء علیه، یصوم یوماً بدل یوم، وإن فعل بعد العصر صام ذلک الیوم وأطعم عشرة مساکین، فإن لم یمکنه صام ثلاثة أیام کفارة لذلکR((3)).

42: صوم کفارة قتل الخطأ

42: صوم کفارة قتل الخطأ

قال سبحانه: ﴿وَما کانَ لِمُؤْمِنٍ أنْ یَقْتُلَ مُؤْمِناً إلاّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْریرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلی أَهْلِهِ إلاّ أن یَصَّدَّقُوا فإن کانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْریرُ رَقَبَةٍ

ص:190


1- الوسائل: ج10 ص30 الباب 23 من الوقوف بعرفة ح3
2- الوسائل: ج7 ص28 الباب 8 مما یمسک عنه الصائم ح1
3- الوسائل: ج7 ص254 الباب 29 من شهر رمضان ح2

مُؤْمِنَةٍ وَإنْ کانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ میثاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلی أَهْلِهِ وَتَحْریرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَکانَ اللَّهُ عَلیماً حَکیماً﴾((1)).

43: صوم کفارة القتل

43: صوم کفارة القتل

قال الصادق (علیه السلام) فی صحیحة عبد الله بن سنان: Sکفارة الدم إن قتل الرجل مؤمناً متعمداً فعلیه أن یمکن من نفسه أولیاءه، فإن قتلوه فقد أدی ما علیه إذا کان نادماً علی ما کان منه عازماً علی ترک العود، وإن عفی عنه فعلیه أن یعتق رقبة ویصوم شهرین متتابعین ویطعم ستین مسکیناً وأن یندم علی ما کان منه ویعزم علی ترک العود، ویستغفر الله أبداً ما بقی، وإذا قتل خطأً أدی دیته إلی أولیائه ثم أعتق رقبة، فمن لم یجد فصیام شهرین متتابعین، وإن لم یستطع فإطعام ستین مسکیناً مداً، وکذلک إذا وهب له دیة المقتول فالکفارة علیه فیما بینه وبین ربه لازمةR((2)).

44: صوم کفارة حنث النذر

44: صوم کفارة حنث النذر

کما ذکرنا فی کتابه.

45: صوم کفارة حنث الیمین

45: صوم کفارة حنث الیمین

قال سبحانه: ﴿لا یُؤاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فی أَیْمانِکُمْ وَلکِنْ یُؤاخِذُکُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ فَکَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساکینَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلیکُمْ أَوْ کِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْریرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ ثَلاثَةِ أَیَّامٍ ذلِکَ کَفَّارَةُ أَیْمانِکُمْ إذا حَلَفْتُمْ﴾((3)).

یراد بالأیمان الأولی التی یتلفظ بها الإنسان حسب العادة لا أنه عقد القلب علیه.

وإذا حلف أن لا یؤتی القربی والمساکین والمهاجرین لا یستبعد عدم انعقاد حلفه لأن الله سبحانه لا یرید ذلک الحلف، أما إذا نذر فلوضوح أن النذر لا یتعلق بغیر الراجح، وهذا لیس براجح، لکنی لم أطلع علی قول بذلک.

46: صوم المیت علی ولیه

46: صوم المیت علی ولیه

ففی صحیحة الصفار، قال: کتبت إلی الأخیر (علیه السلام)، رجل مات وعلیه قضاء من شهر

ص:191


1- سورة النساء: الآیة 92
2- التهذیب: ج8 ص322 الباب 6 ح12
3- سورة المائدة: الآیة 89

رمضان عشرة أیام وله ولیان هل یجوز لهما أن یقضیا عنه جمیعاً، خمسة أیام أحد الولیین وخمسة أیام الآخر، فوقع (علیه السلام): Sیقضی عنه أکبر ولییه عشرة أیام ولاءً إن شاء اللهR((1)).

وقوله (علیه السلام) علی سبیل الحکم الأولی، وإلاّ فیجوز للأولاد ونحوهم أن یوزعوا الصیام باختیارهم فیصوم کل واحد بعضه، کما یجوز له أن یستنیب عنه فلا یفعله بنفسه.

47: صوم النذر وما أشبه

47: صوم النذر وما أشبه

أما إذا نذر أو عاهد أو حلف أن یصوم، أو صار أجیراً بقضاء صیام المیت فهی واجبات لکنها بعنوان ثانوی.

کما أن من الصوم الواجب غیر المبتلی به صوم کفارة وطی الأمة المحرمة کما ذکروه فی کتاب الحج.

ص:192


1- الوسائل: ج77 ص240 الباب 23 من شهر رمضان ح3

حرف الضاد

1: ضرب المحدث فی المسجد الحرام

حرف الضاد

1: ضرب المحدث فی المسجد الحرام

ففی صحیح الکنانی، عن الصادق (علیه السلام) قال: Sما تقول فی من أحدث فی المسجد الحرام متعمداًR، قال: قلت: یضرب ضرباً شدیداً، قال: Sأصبت، فما تقول فی من أحدث فی الکعبة تعمداًR، قلت: یقتل، قال: SأصبتR((1)).

وفی موثق سماعة: Sولو أن رجلاً دخل الکعبة فبال فیها معانداً أخرج من الکعبة ومن الحرم وضربت عنقهR((2)).

والمنصرف من الحدث البول والغائط، أما الریح فالحدیث منصرف عنه.

کما هو منصرف عن مثل الاستغفار والجماع وما أشبه ذلک.

وکیف کان فاللازم الاقتصار علی القدر المتیقن خصوصاً والحدود تدرأ بالشبهات.

2: ضرب الخمار علی النساء

2: ضرب الخمار علی النساء

قال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَیَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلی جُیُوبِهِنَّ﴾((3)).

ولا یخفی أن قوله Pإلا ما ظهر منهاO أی بلا اختیار بسبب ریح أو ما أشبه ذلک.

وضرب الخمار علی جیوبهن، لأنهن کن یختمرن حول الرقبة فقط ویظهر الصدر بدون

ص:193


1- الوسائل: ج18 ص579 الباب 6 من بقیة الحدود ح1
2- الوسائل: ج18 ص579 الباب 6 من بقیة الحدود ح4
3- سورة النور: الآیة 31

ستر، ولذا أمر الشارع بأن یضربن بخمرهن علی جیوبهن حتی لا تظهر صدورهن، وضرب الخمار علی الجیب من باب أحد المصادیق، وإلا فاللازم الستر بأیة کیفیة کان.

3: ضرب المرتد والمرتدة

3: ضرب المرتد والمرتدة

فی موثقة أبان، عن الصادق (علیه السلام)، فی الصبی إذا شب فاختار النصرانیة وأحد أبویه نصرانی أو مسلمین، قال: Sلا یترک ولکن یضرب علی الإسلامR((1)).

وفی صحیح حماد، عن الصادق (علیه السلام)، فی المرتدة عن الإسلام، قال: Sلا تقتل وتستخدم خدمة شدیدة وتضرب علی الصلواتR((2)).

وقد ذکرنا تفصیل الارتداد فی کتاب الحدود، کما ذکرنا أنه لا فرق بین الفطری والملی حسب الصناعة، وإن کان المشهور یفرقون بینهما.

کما أنا ذکرنا هناک أنه إذا کانت لشبهة واقعیة((3)) أو جیل ارتداد((4)) ونحوه کما فی زمان علی (علیه السلام) لا تکون هذه الأحکام.

4: ضرب قاتل العبد

4: ضرب قاتل العبد

فی صحیحة أبی بصیر، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: قلت له: قول الله عز وجل: ﴿کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِصاصُ فِی الْقَتْلی الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثی بِالْأُنْثی﴾((5))، فقال: Sلا یقتل حر بالعبد ولکن یضرب ضرباً شدیداً ویغرم دیة ثمن العبدR((6)).

والضرب من باب التعزیر کما هو واضح، ولذا فمقتضی القاعدة أنه لا عدد له إلاّ بما یرتئیه الحاکم الشرعی.

ولا یخفی أن اللازم أن یکون العبد عبداً بالموازین الشرعیة لا بالموازین التی کانت معتادة فی الغرب، أو فی بعض الأقویاء من العشائر حیث إنهم یستولون علی عشیرة

ص:194


1- الوسائل: ج18 ص546 الباب 2 من حد المرتد ح2
2- الوسائل: ج18 ص549 الباب 4 من حد المرتد ح1
3- أیْ شبهة وقعت للمرتد حقیقة
4- أی ارتداد جماعی، فالجیل لغة الصنف من الناس
5- سورة البقرة: الآیة 178
6- الوسائل: ج19 ص70 الباب 40 من القصاص فی النفس ح1

أخری ضعیفة أو ما أشبه ذلک فیستعبدونها، وإلا فذلک لیس بعبد.

کما أن قوله: Pوالأنثی بالأنثیO أیضاً یشمل الحرة والأمة، فالحرة فی مقابل الحرة، والأمة فی مقابل الأمة.

5: ضرب الزوج الصائم المکره

5: ضرب الزوج الصائم المکره

إذا استکره الزوج الصائم زوجته الصائمة فعلیه کفارتان وضرب خمسین سوطاً،  کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصوم.

لکن الظاهر أنها لو کانت فی الأول راضیة ثم کرهت أو کانت فی الأول مکرهة ثم رضیت کان الحکم علیها أیضاً لرضاها وعلیه لإکراهها، إذ لا یلزم أن یکون الإکراه أو الرضا من أول الأمر إلی آخره، فتأمل.

ولا فرق فی الأمر بین أن یکون من الأمام أو من الخلف، کما أنه لا فرق بین الإمناء وعدم الإمناء، وإنما الحکم فی الدخول.

6: ضرب قاتل الطیر فی الکعبة

6: ضرب قاتل الطیر فی الکعبة

إذا قتل المحرم الطیر فی الکعبة یضرب دون الحد، لما ذکرناه فی کتاب الحج.

7: ضرب الناشزة

7: ضرب الناشزة

قال سبحانه: ﴿الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَیْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتی تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَکُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبیلاً إنَّ اللَّهَ کانَ عَلِیًّا کَبیراً﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه)، وذکرنا هناک أنه لا یستبعد حق المرأة فی ضرب الرجل إذا فعل المنکر لأنه لا دلیل علی الخروج عن إطلاقات أدلة النهی عن المنکر عند من یرون الوصول إلی حد الضرب.

ولا یخفی أن الضرب یجب أن یکون خفیفاً، حتی أن بعضهم ذکروا أنه بالسواک ونحوه، وهذا نوع إهانة لا إیلام، فإذا فعل ذلک لأجل إرجاعها إلی الطاعة کان خیراً من التنازع والذهاب إلی المحاکم وما أشبه ذلک.

ص:195


1- سورة النساء: الآیة 34

8: ضرب من أتی بهیمة

8: ضرب من أتی بهیمة

فی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، فی رجل أتی بهیمة فأولج، قال: Sعلیه الحدR((1)).

وفی صحیح ابن سنان، عنه (علیه الصلاة والسلام): Sیضرب هو خمسة وعشرون سوطاً ربع حد الزانیR((2)).

وهل یشمل البهیمة کل البهائم حتی یشمل مثل وطی الحمام والدجاج وما أشبه، أم لا، احتمالان، ولو شک کان من التعزیر الثابت فی کل محرم، علی إشکال ذکرناه فی بعض مباحث (الفقه).

ولا فرق بین أن تکون البهیمة محللة کالشاة أو محرمة کالکلب، وتکون أنثی أو ذکراً.

أما الوطی فی بهیمة مصطنعة ولو کان بشکل البهیمة الحقیقیة فلا یوجب إلا التعزیر حسب ما یراه الحاکم صلاحاً، سواء کان مع الاستمناء أو بدون الاستمناء، ذکراً أو أنثی، وکذا العکس بأن فعلت المرأة بنفسها بسبب بهیمة مذکرة، أو فعل الولد بنفسه بسببها اللواط، وکذلک الفرق یأتی فی المساحقة.

9: الضمان فی من أتلف مال الغیر

9: الضمان فی من أتلف مال الغیر

کما ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه)، فمن أتلف مال الغیر فهو له ضامن.

ولا یخفی أن الإتلاف أعم من إبادته أو إلقائه فی الحبر أو فی حفرة لا تصل الید إلیه أو ما أشبه ذلک.

ص:196


1- الوسائل: ج18 ص572 الباب 1 من نکاح البهیمة ح8
2- الوسائل: ج18 ص572 الباب 1 من نکاح البهیمة ح3

حرف الطاء

1: طرح المیت فی البحر

حرف الطاء

1: طرح المیت فی البحر

إذا مات إنسان فی السفینة ونحوها ولم یتمکن الراکبون من إبقائه إلی أن یصلوا إلی الیابسة من خوف أن یتعفن فیضر الرکاب، أو لا یتمکنون من حفظه لجهة من الجهات ولو من جهة ثقل السفینة، طرحوه فی البحر علی التفصیل الذی ذکرناه فی (الفقه).

ففی صحیح أیوب، قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وهو فی السفینة فی البحر کیف یصنع به، قال: Sیوضع فی خابیة ویوکأ رأسها وتطرح فی الماءR((1)).

والظاهر أن الحکم کذلک إذا کانوا راکبین فی قطار لا یقف أو فی طائرة کذلک.

ویأتی الکلام فی أنه لو تمکن فی القمر الصناعی أن یلقی المیت فی الفضاء معلقاً، أو أن یلقیه بحیث یصل إلی الأرض أو البحر، هل یکون أحدهما أولی أو مخیراً، لا یبعد التخییر.

2: طلب ذی الحق

2: طلب ذی الحق

إذا کان عند الإنسان حق لغیره من مال أو ولد أو ما أشبه ذلک فغاب وجب علیه طلبه وجوباً غیریاً لیرد الحق إلی أهله.

ففی صحیحة معاویة، قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل کان له علی رجل حق ففقد

ص:197


1- الوسائل: ج2 ص866 الباب 40 من الدفن ح1

ولا یدری أحی هو أم میت، ولا یعرف له وارث ولا نسب ولا بلد، قال: SاطلبهR قال: إن ذلک قد طال فأصّدّق به، قال: SاطلبهR((1)).

ومن الواضح أنه لو یأس من الطلب یفعل فعل اللقطة به، وقد ذکرنا بعض ما یرتبط بهذا المبحث فی کتاب اللقطة.

3: إطعام الأسیر والسجین

3: إطعام الأسیر والسجین

یجب القیام بشؤون الأسیر وإن کان کافراً، من الإطعام والسقی وتهیئة الملبس والمحل وغیر ذلک، لصحیح أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، سألته عن قول الله عز وجل: ﴿وَیُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ﴾((2)) الآیة، قال: Sهو الأسیرR، قال: Sوالأسیر یطعم وإن کان یقدم للقتل، وقال: إن علیاً (علیه السلام) کان یطعم من خلد فی السجن من بیت مال المسلمینR((3)).

إلی غیر ذلک من الأخبار الواردة فی هذا الباب.

وإنما عممنا الأمر لغیر مورد الروایات أیضاً للملاک، وبنفس الملاک یجب تطبیبه إذا مرض وإحضار القابلة لها إذا کانت امرأة کالمرتدة مثلاً، إلی غیر ذلک.

وقد ذکرنا أن الإسراء کانوا مطلقی السراح، ولذا قال تعالی: Pویطعمون الطعام علی حبه مسکیناً ویتیماً وأسیراًO کما أنا ذکرنا فی کتاب (الفقه الدولة الإسلامیة) أحکام السجین.

4: إطعام الجباة

4: إطعام الجباة

هل إطعام الجباة واجب أو أمر أخلاقی، فیه احتمالان.

فی صحیح الحلبی، عن

ص:198


1- الوسائل: ج13 ص110 الباب 22 من الدین ح2
2- سورة الإنسان: الآیة 8
3- الوسائل: ج11 ص68 الباب 32 من جهاد العدو ح2

الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: Sینزل علی أهل الخراج ثلاثة أیامR((1)).

وفی صحیح ابن سنان، عنه (علیه الصلاة والسلام): Sالنزول علی أهل الخراج ثلاثة أیامR((2)).

وفی صحیح مسعدة بن زیاد، عن جعفر، عن أبیه (علیهما السلام): Sإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أمر بالنزول علی أهل الذمة ثلاثة أیامR، وقال: Sإذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائعR، وقال: Sإن لی أرض خراج قد ضقت بهاR((3)).

لکن هذه الروایات لا یستفاد منها الوجوب، بل هی إلی الأخلاقیة أقرب، ویدل علیها الروایات الواردة فی الضیف.

کما أنه إذا رضی صاحب المحل بأکثر من ثلاثة أیام لم یکن به بأس للأدلة العامة.

کما أنه یستفاد من هذه الروایات أن الجابی لو کان علی أکثر من قریة أو ما أشبه کان علی الجمیع وجوباً أو استحباباً.

ولا یبعد أنه إذا مرض الجابی کان علیهم دواؤه، لکن هل یجوز إعطاؤه الدواء من نفس الخراج، لا یبعد ذلک لأنه شأن من شؤونه.

5: إطعام الجائع

5: إطعام الجائع

یجب إطعام الجائع الذی یخاف علیه التلف أو یخاف علی عضو منه السقوط أو علی قوة من قواه مثل باصرته وسامعته الذهاب، وذلک لقوله (صلی الله علیه وآله): Sحرمة ماله کحرمة دمهR((4)).

ولغیره من الروایات الدالة علی ذلک، لکن لا یلزم أن یکون الإطعام مجاناً، بل یجوز بالمال جمعاً بین الحقین، کما ذکروا ذلک فی مسألة المخمصة، ومثل الطعام الشراب واللباس وآلة الدفء فی البرد، والدواء فی المرض، إلی غیر ذلک.

ص:199


1- الوسائل: ج13 ص217 الباب 21 من المزارعة ح2
2- الوسائل: ج13 ص217 الباب 21 من المزارعة ح1
3- الوسائل: ج12 ص163 الباب 54 مما یکتسب به ح1
4- الغوالی: ج3 ص473 ح4

وحیث إن الإطعام ونحوه علی سبیل الوجوب علی خلاف القاعدة فاللازم أن یقتصر علی أقل القدر الممکن، نعم یلزم أن لا یکون الطعام بحیث لم یکن مقویاً یوجب له المرض والضعف المتزاید أو ما أشبه ذلک.

6: الإطعام علی الحالف الحانث

6: الإطعام علی الحالف الحانث

قال سبحانه: ﴿لا یُؤاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فی أَیْمانِکُمْ وَلکِنْ یُؤاخِذُکُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ فَکَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساکینَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلیکُمْ أَوْ کِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْریرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ ثَلاثَةِ أَیَّامٍ ذلِکَ کَفَّارَةُ أَیْمانِکُمْ إذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَیْمانَکُمْ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آیاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأیمان.

ثم إن تحریر الرقبة لو لم یکن ممکناً کما فی عصرنا هذا سقط، ولا یبدل ذلک بصدقة أو ما أشبه، ولا یخفی أنه إن لم یتمکن من الإطعام لم ینتقل إلی مثل الإلباس ونحوه، لأن الدلیل إنما هو فی الإطعام ولا دلیل علی بدله.

7: الإطعام علی جملة من الطواف

7: الإطعام علی جملة من الطواف

کإطعام المحرم قاتل الصید، وإطعام المظاهر العائد، وإطعام المعتکف المجامع، وإطعام المفطر فی رمضان، وإطعام المفطر قضاء رمضان، وإطعام القاتل الخاطئ والمتعمد، بل وشبههما الذی هو شبه العمد ویسمی أیضاً بشبه الخطأ، وکلها قد ذکرت فی (الفقه) فی کتب الحج والظهار والاعتکاف والصیام والدیات، وألمعنا إلی بعضها هنا.

8: إطعام الفقیر

8: إطعام الفقیر

قال سبحانه: ﴿وَأَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوکَ رِجالاً وَعَلی کُلِّ ضامِرٍ یَأْتینَ مِنْ کُلِّ فَجٍّ

ص:200


1- سورة المائدة: الآیة 89

عَمیقٍ لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَیَذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ فی أَیَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهیمَةِ الْأَنْعامِ فَکُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقیرَ﴾((1)).

قد ذکرنا ذلک فی کتاب الحج من الفقه فی مسألة تثلیث الهدی إلی ثلاثة أقسام، وأن جماعة من الفقهاء ذهبوا إلی الوجوب، وأن بعضهم قال بالاستحباب ونحن إلیه أمیل.

أما أصل إطعام الفقراء ونحوهم فهو علی سبیل الاستحباب، إلاّ أن تکون حیاته أو عضو من أعضائه أو قوة من قواه متوقفاً علی ذلک، فإنه یجب حینئذ، لکن اللازم أن نقول کونه واجباً إنما یلزم بالبدل لأنه من الجمع بین الحقین، إلا إذا لم یکن للفقیر بدل فإنه یجب علی المطعم.

ومثل الإطعام الدواء وإعطاء الملبس وإعطاء المسکن وما أشبه ذلک.

9: طلب الرزق

9: طلب الرزق

الظاهر إنه واجب غیری بالنسبة إلی ما یحفظ به نفسه أو ینفق علی واجبی النفقة علیه، أو یحفظ به إنساناً أو حیواناً محترماً بحیث إذا لم یطلب ماتا أو ما یشبه الموت کما تقدم فی بعض المباحث.

لکن إذا أطعم إنساناً فاللازم الإطعام لا إعطاء البدل، وإنما البدل یجب علیه من ذلک المطعَم بالفتح، وکذلک إذا فعله لحیوان مملوک لإنسان، أما إذا کان فعله لحیوان محترم فلا یتمکن من صیده، کان واجباً من کیسه.

10: طلب العلم

10: طلب العلم

طلب العلم واجب غیری.

وفی الحدیث: Sطلب العلم فریضة علی کل مسلم ومسلمةR((2)).

إلی غیرها من الروایات

ص:201


1- سورة الحج: الآیة 27 _ 28
2- البحار: ج1 ص177 الباب 1 ح54

الأخر الواردة فی هذا الباب، فإن کان العلم من الأصول والمحتاج إلیه من الفروع وجب عیناً، وإن کان لجهة الاجتهاد أو إقامة النظام بالصنعة ونحوها وجب کفایة.

ولا یخفی أن قوله (صلی الله علیه وآله): Sطلب العلم فریضة علی کل مسلم ومسلمةR یشمل علوم الدین وسائر العلوم من الفلک والهندسة والفیزیاء والطب وغیرها، لکن الوجوب فی غیر الدین کفائی، وقد ذکرنا ذلک فی شرح المکاسب فی باب الصناعات المتوقفة علیها إقامة النظام.

11: الطلاق

11: الطلاق

یجب طلاق الزوجة إذا لم یتمکن الزوج من القیام بشؤونها الشرعیة الواجبة وطلبت هی الطلاق، لقوله سبحانه: ﴿فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْریحٌ بِإِحْسانٍ﴾((1)).

وکذلک یجب علی المؤلی فی الجملة علی ما ذکرناه فی کتاب الإیلاء.

وهکذا إذا طلبت زوجة الغائب مع تمام الشرائط من الحاکم الطلاق، لأنه مقتضی الآیة المبارکة بعد وحدة الملاک.

وذلک یقتضی عدم الفرق بین الدائمة والمتمتع بها، وإنما ذکرنا الحاکم الشرعی لأنه هو الولی فی ما إذا لم یکن ولی غیره.

12: تطهیر الثیاب

12: تطهیر الثیاب

قال سبحانه: ﴿وَثِیابَکَ فَطَهِّرْ﴾((2)).

والظاهر أنه أعم من الواجب والمستحب، فالواجب هو لأجل الصلاة ونحوها، وهو واجب مقدمی، لکن ورد فی بعض الروایات أن المراد بالتطهیر التشمیر، والظاهر أنه من باب المصداق.

فإن تطویل الثوب یوجب الوساخة لتلوثه بالنجاسات والموسخات، وذلک یشمل الأمرین، فکلاهما یسمی بالتطهیر.

والتطهر قد یکون شرعیاً

ص:202


1- سورة البقرة: الآیة 229
2- سورة المدثر: الآیة 4

عن النجاسة، وقد یکون عرفیاً عن التلوث، أما ما یتعارف عند بعض الناس من تطهیر الثوب فلا یبعد أن یکون ذلک مستحباً أیضاً لما دل من استحباب التعارف فی أمور الناس، کما ذکرنا جملة من روایاته فی کتاب الآداب والسنن.

13: إطّهار الجنب

13: إطّهار الجنب

قال سبحانه: ﴿وَإنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا﴾((1)).

ومن الواضح أنه أمر مقدمی للصلاة والطواف ونحوهما، وإلا فلیس هو واجباً نفسیاً، وإن کان ذهب جماعة من الفقهاء إلی وجوبه النفسی.

ومن المحتمل أن یکون التطهر إذا کان جنباً مستحب نفسی لأنه نوع من التنظیف وإن لم یکن وقت الصلاة، أو لم تکن الصلاة علیه لحیض أو ما أشبه.

والطهر یشمل الماء والتراب، لأن التراب أیضاً فی موضعه نوع من الطهارة.

14: تطهیر المسجد

14: تطهیر المسجد

ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی بحث المساجد، والظاهر الإجماع من الفقهاء علی ذلک، ویدل علیه بعض الأدلة أیضاً، والمشاهد المشرفة للأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) فی حکم المساجد کما ذکرنا تفصیله هناک.

أما غیر هذین کمراقد أولاد الأئمة (علیهم السلام) ومن أشبههم مثل سلمان وأبی ذر وعمار وأویس القرنی ومن أشبه (رضوان الله علیهم) فلا وجوب.

نعم یمکن أن یکون مستحباً باعتبار أنه تنظیف، والنظافة من الإیمان، وباعتبار إرادة الشارع احترام أمثال هؤلاء والتطهیر نوع من الاحترام.

ص:203


1- سورة المائدة: الآیة 6

15: تطهیر بدن المیت وکفنه

15: تطهیر بدن المیت وکفنه

إذا تنجس بدن المیت أو کفنه بعد الغسل والتکفین یجب تطهیرهما، وإذا کان بدن المیت نجساً قبل تطهیره یجب تطهیره أیضاً مقدمة، لبعض الأدلة المذکورة فی بابه، والتی منها موثقة روح عن الصادق (علیه السلام): Sإن بدا من المیت شیء بعد غسله فاغسل الذی بدا منه ولا تعد الغسلR((1)).

وفی روایة أخری عنه (علیه الصلاة والسلام): Sإذا خرج من منخر المیت الدم أو الشیء بعد الغسل وأصاب العمامة أو الکفن قرّضه بالمقراضR((2)).

وذلک فی ما إذا استلزم الإخراج والتطهیر أو التبدیل تعطیل المیت، وإلا إن أمکن وجب الإخراج والتبدیل أو التطهیر، وتفصیل الکلام فی بابه.

16: طاعة الزوج علی الزوجة

16: طاعة الزوج علی الزوجة

الثابت من الوجوب إنما هو بالنسبة إلی الفراش والخروج من الدار فی ما إذا قام الزوج بواجبه، أما ما عدا ذلک فأقرب إلی الاستحباب.

ففی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه (علیه السلام)، سألته عن المرأة ألها أن تخرج بغیر إذن زوجها، قال: SلاR، وسألته عن المرأة ألها أن تصوم بغیر إذن زوجها، قال: Sلا بأسR((3)).

وعن محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): Sجاءت امرأة إلی النبی (صلی الله علیه وآله) فقالت: یا رسول الله ما حق الزوج علی المرأة، فقال لها: أن تطیعه ولا تعصیه، ولا تصدق من بیته إلاّ بإذنه، ولا تصوم تطوعاً إلاّ بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن کان علی ظهر قتب، ولا تخرج من بیتها إلاّ بإذنهR((4)).

ص:204


1- الوسائل: ج2 ص723 الباب 32 من غسل المیت ح1
2- الوسائل: ج2 ص723 الباب 32 من غسل المیت ح4
3- الوسائل: ج14 ص113 الباب 79 من مقدمات النکاح ح5
4- الوسائل: ج14 ص111 الباب 79 من مقدمات النکاح ح1

إلی غیرها من الروایات، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

ولا یخفی أنا ذکرنا هناک أن الخروج المتعارف إما أن یکون من مصادیق الإمساک بالمعروف فلیس خروجاً بغیر إذن، مثل الذهاب إلی الحمام أو إلی بیت الأقرباء خصوصاً الواجب منهم، وکذلک الذهاب إلی المراقد المقدسة أو ما أشبه ذلک.

وقد أفتی بذلک بعض الفقهاء المعاصرین.

أما الروایة التی وردت عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) بالمنع عن الذهاب إلی الأب وإن کان مریضاً أو میتاً، فذلک قصة عمل ولا دلالة فیها، ولیس من باب الأمر والنهی الشرعیین کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح وغیره.

17: إطاعة الله والرسول وأولی الأمر (علیهم السلام)

17: إطاعة الله والرسول وأولی الأمر (علیهم السلام)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الأمر مِنْکُمْ فإن تَنازَعْتُمْ فی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إلی اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ ذلِکَ خَیْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْویلاً﴾((1)).

فعلی الإنسان أن یطیع أوامر الله الواجبة، وکذلک أوامر الرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام)، والعلماء الراشدین الذین هم نوابهم علی تفصیل ذکر فی محله.

من غیر فرق بین أن یکون الأمر بالأحکام أو بالموضوعات، نعم دائرة إطاعة الفقهاء العدول أضیق من دائرة إطاعة الله والرسول وأولی الأمر (علیهم السلام) وقد بحثنا ذلک مفصلاً فی بعض کتبنا الفقهیة، مثل کتاب البیع فی باب ولایة الفقیه، وغیره.

18: الطواف

18: الطواف

یجب الطواف للعمرة تمتعاً أو إفراداً.

وکذلک طواف الزیارة وطواف النساء للحج بلا إشکال ولا خلاف، ویدل علیها متواتر الروایات، وقد ذکرنا البحث مفصلاً فی کتاب الحج، وقد

ص:205


1- سورة النساء: الآیة 59

ذکرنا هناک أنه فی عمرة التمتع لا طواف للنساء.

وطواف النساء بمعنی المرتبط بالنساء حتی إذا کان الطائف امرأة أو رجلاً أو صغیراً، فإنه حکم شرعی کما قرر فی کتاب الحج.

ص:206

حرف الظاء

1: الظن الحسن بالله

حرف الظاء

1: الظن الحسن بالله

إنه من أصول الدین((1))، وقد ورد فی ذلک روایات کثیرة((2)).

2: الظن الحسن بالأنبیاء والأئمة (علیهم السلام)

2: الظن الحسن بالأنبیاء والأئمة (علیهم السلام)

هو أیضاً من أصول الدین کذلک.

3: الظن الحسن بالمؤمنین

3: الظن الحسن بالمؤمنین

الظاهر أنه لیس بواجب فی نفسه إذا احتمل کلاً من الخیر والشر، مثلاً قال المؤمن شیئاً فتردد بین السلام والسب فلا یجب أن یظن به أنه لم یسب، نعم لا یجوز إظهار الظن السیء، إذ لا دلیل علی أن مجرد الحمل النفسی علی السیء محرم، أو أن مجرد الحمل النفسی علی الحسن واجب.

ویؤید ذلک عدم الوجوب والحرمة فی الصفات النفسیة غیر الظاهرة

ص:207


1- أی بالمعنی الأعم
2- انظر الکافی: ج2 ص71

بالنسبة إلی ما عدا أصول الدین، مثلاً الحسد لیس بحرام إذا کان فی القلب وإنما إظهاره حرام، کما قال سبحانه: ﴿وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ﴾((1)).

وقال (صلی الله علیه وآله): Sإذا لم یظهر بید ولا لسانR((2)).

أما قوله سبحانه: ﴿لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَیْراً وَقالُوا هذا إِفْکٌ مُبینٌ﴾((3)) فلم یظهر أنه واجب نفسی، والمسألة بعد بحاجة إلی التأمل والتتبع.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خیراًO إنما یراد بذلک هو الطرف المتهم، ومن الواضح أن الإنسان إذا ظن به خیراً کان ظناً بنفسه.

4: إظهار البراءة من أهل البدع

4: إظهار البراءة من أهل البدع

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sإذا رأیتم أهل الریب والبدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم وأکثروا من سبهمR((4)).

وقد تقدم ذلک فی بعض مباحث هذا الکتاب.

والظاهر أن المراد بأهل الریب والبدع أعم ممن یبدع، فیشمل الحکام الظلمة الجائرین ونحوهم وإن لم یکن حاکماً مثل رئیس العشیرة أو من أشبه ذلک.

وهذا هو نوع من النهی عن المنکر، فإن مثل ذلک یوجب تخفیفه عن منکره، ویوجب عدم التفاف الناس حوله، أما جواز ذلک بدون کونه النهی عن المنکر فمحل تأمل.

والظاهر من الخطبة الشقشقیة أن ذلک واجب ولیس ذلک علی سبیل الاستحباب فإنه أمر بالمعروف ونهی عن المنکر.

ص:208


1- سورة الفلق: الآیة 5
2- الوسائل: ج11 ص295 الباب 56 من جهاد النفس ح3
3- سورة النور: الآیة 12
4- الوسائل: ج11 ص508 الباب 39 من الأمر والنهی ح1

5: إظهار العلم

5: إظهار العلم

فی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال: Sإذا ظهرت البدع فی أمتی فلیظهر العالم علمه فمن لم یفعل فعلیه لعنة اللهR((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یَکْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَالْهُدی مِنْ بَعْدِ ما بَیَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِی الْکِتابِ أُولئِکَ یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَیَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾((2)).

فإن إظهار العلم الواجب علی الناس علمه أو عمله واجب کفایة بهذه الأدلة ولأنه من الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وإرشاد الجاهل وتنبیه الغافل، إلی غیر ذلک.

قال علی (علیه الصلاة والسلام) فی الخطبة الشقشقیة: Sلولا حضور الحاضر وقیام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله علی العلماء أن لایقاروا علی کظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقیت حبلها علی غاربها ولسقیت آخرها بکأس أولهاR((3)).

6: إظهار الکراهة لأهل المعاصی

6: إظهار الکراهة لأهل المعاصی

یجب إظهار الکراهة لأهل المعاصی إذا کان ذلک من مراتب النهی عن المنکر بلا اشکال ولا خلاف.

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، قال أمیر المؤنین (علیه السلام): Sأمرنا رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن نلقی أهل المعاصی بوجوه مکفهرةR((4)).

والمراد بوجوه غاضبة منقبضة.

ولا یخفی أن الوجوه من باب المصداق، وإلاّ فذلک قد یتحقق فی کل عضو.

ص:209


1- الوسائل: ج11 ص508 الباب 40 من الأمر والنهی ح1
2- سورة البقرة: الآیة 159
3- نهج البلاغة: الخطبة 3
4- الوسا ئل: ج11 ص413 الباب 6 ح1

7: الظهر

7: الظهر

صلاة الظهر واجبة بالضرورة، وقد تقدم ذلک فی بحث الصلاة.

أما الآفاق الرحویة کالقطبین فصلاة الظهر لیست مرتبطة بوقت الظهر، إذ لا ظهر حینئذ، بل ینقسم الوقت فی کل اربع وعشرین ساعة إلی الصلوات الخمس، وقد ذکرنا ذلک مفصلاً فی بحث سابق.

ص:210

حرف العین

1: عبادة الله سبحانه وتعالی

حرف العین

1: عبادة الله سبحانه وتعالی

قال تعالی: ﴿إِنَّ هذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّکَ حَتَّی یَأْتِیَکَ الْیَقینُ﴾((2)).

والمراد بالیقین مشاهدة أحوال الآخرة بالموت کما هو واضح.

والعبادة واجبة لکنها لیست عامة، بل یراد بها أنحاء العبادة الواجبة من الصلاة والصوم والحج ونحوها، ولا دلیل علی وجوب العبادة فی غیرها، وهی توقیفیة فلا یجوز الاختراع، نعم ذکر بعض الفقهاء کالعلامة فی کتاب النذر جواز بعض العبادات التی لم یرد بها الشرع تمسکاً بالإطلاقات، لکنا ذکرنا هناک ضعف هذا القول.

نعم لا إشکال فی استحباب تکثیر العبادات رکعتین رکعتین((3))، أو مثل صلاة الأعرابی، وکذلک الرکوعات المتعددة المنفصلة أو السجودات المتعددة المنفصلة، فإن Sالصلاة خیر موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استکثرR.

2: الاعتبار

2: الاعتبار

قال سبحانه: ﴿فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ﴾((4)).

ص:211


1- سورة الأنبیاء: الآیة 92
2- سورة الحجر: الآیة 99
3- بأن یصلی رکعتین رکعتین نافلة ابتدائیة ویکثر منها
4- سورة الحشر: الآیة 2

والظاهر أنه أمر إرشاد لا أنه واجب بنفسه وهو من العبور، لأن الإنسان یعبر عن العظة إلی ما ورائها، أو أنه عبور من هذه الحالة إلی الحالة الثانیة.

3: إعداد القوة لمقابلة الکفار

3: إعداد القوة لمقابلة الکفار

قال سبحانه: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَیْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّکُمْ وَآخَرینَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ یَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَیْ ءٍ فی سَبیلِ اللَّهِ یُوَفَّ إِلَیْکُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾((1)).

وهذا واجب مقدمی کما هو واضح، والمراد بالقوة کل قوة یوجب غلبة المسلمین علی الکفار من القوة العلمیة والمالیة والسلاحیة وغیرها.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pترهبون به عدو الله وعدوکمO یفید أن الأهم الإرهاب بانقلاع الطرف عن قصده فلا یهم السلاح، وإنما السلاح یکون مقدمة للإرهاب.

4: الاعتداد علی المرأة

4: الاعتداد علی المرأة

یجب علی المرأة إذا طلقت أو فسخ نکاحها أو توفی زوجها أن تعتد حسب ما ذکرناه فی باب العدد من کتاب الطلاق، فلا داعی إلی تکراره.

ولا عدة للزنا، أما وطی الشبهة ففیه عدة کما ذکرناه هناک.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا نَکَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أن تَمَسُّوهُنَّ فَما لَکُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمیلاً﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾((3)).

وقال: ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّکاحِ حَتَّی یَبْلُغَ الْکِتابُ أَجَلَهُ﴾((4)).

ولا یخفی أنه لو لم یمسها بالدخول وإنما أنزل منیه فی رحمها بسبب القذف أو ما أشبه

ص:212


1- سورة الأنفال: الآیة 60
2- سورة الأحزاب: الآیة 49
3- سورة الطلاق: الآیة 1
4- سورة البقرة: الآیة 235

ذلک فالواجب علی الحامل العدة، وکأن ذکر Pمن قبل أن تمسوهنO للغلبة.

ولو أدخل من غیر إنزال إطلاقاً وجبت العدة، ولا یلزم أن تکون العدة لأجل الماء بل شیء من العدة لأجل الاحترام کما فی عدة الوفاة.

5: العدل

5: العدل

قال سبحانه: ﴿اِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإیتاءِ ذِی الْقُرْبی﴾((1)).

ولا شک أن العدل فی الجملة واجب کما فی القضاء والحکم ونحوهما، أما أن یعدل الإنسان بین زوجتیه فی الملبس والمأکل والمشرب وما أشبه، أو بین ولدیه أو بین جاریه أو بین تلمیذیه أو بین أستاذیه أو ما أشبه فذلک أفضل ولیس بواجب، وقد تقدم الکلام فی الإحسان عند ذکر کلمته.

ولا یخفی أن ذکر إیتاء ذی القربی للأهمیة، وإلاّ فهو داخل فی العدل أو فی الإحسان فهو من ذکر الخاص بعد العام.

6: الاعتداء

6: الاعتداء

قال سبحانه: ﴿الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ﴾((2)).

وحیث إن الظاهر من الآیة کونه فی الجهاد، فالاعتداء بالمثل إذا کان من أقسام الجهاد کان واجباً بدلیل وجوب الجهاد، وإذا لم یکن فی باب الجهاد کان جائزاً بل یجوز العفو.

ویمکن أن تکون الآیة أعم من القسمین کما فی کثیر من الآیات القرآنیة، فیجب أن یعرف من الخارج مورد الوجوب ومورد الاستحباب، بل ومورد کون الاستحباب العفو الذی هو عدم الاعتداء.

قال تعالی: ﴿وَإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ

ص:213


1- سورة النحل: الآیة 90
2- سورة البقرة: الآیة 194

لِلصَّابِرینَ﴾((1)).

ولا یخفی أن الصبر إنما یکون خیراً فیما إذا لم یوجب تجرؤ المجرم، وإلا لم یکن ذلک خیراً، فالإطلاق لأنه متعارف.

7: تعریف اللقطة

7: تعریف اللقطة

قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب اللقطة.

ففی صحیح محمد، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: سألته عن اللقطة، قال: Sلا ترفعوها، فإن ابتلیت تعرفها سنة، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها فی عرض مالک یجری علیها ما یجری علی مالک إلی أن یجیء لها طالبR((2))، وقد ذکرنا هناک أن الواجب إلی حد الیأس لا إلی السنة کما هو المشهور.

8: تعریف الهدی الضال

8: تعریف الهدی الضال

إذا وجد الإنسان هدیاً ضالاً وجب علیه التعریف علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیحة ابن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: Sوإذا وجد الرجل هدیاً ضالاً فلیعرفه یوم النحر والثانی والثالث ثم لیذبحها عن صاحبها عشیة الثالثR((3)).

وإذا قسم الهدی یکون بین الفقراء والمؤمنین المهدی إلیهم، ویجوز له أن یأکل، أما تثلیث ذلک فلا دلیل علیه، ولا فرق بین أن یعلم من ضل عنه لکنه لا یتمکن من الوصول إلیه أو لا یعلم کما هو الغالب.

9: الإعراض عن المنحرف

9: الإعراض عن المنحرف

یجب الإعراض عن الکافر والمنافق والعاصی فی ما إذا کان الإعراض خیراً من

ص:214


1- سورة النحل: الآیة 126
2- الوسائل: ج17 ص350 الباب 2 من اللقطة ح3
3- الوسائل: ج10 ص127 الباب 28 من الذبح ح1

المقابلة ولم تکن للنصیحة فائدة، فإن الجمع بین الأدلة یقتضی ذلک.

وعلیه یحمل قوله سبحانه: ﴿وَإذا رَأَیْتَ الَّذینَ یَخُوضُونَ فی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ، وَإِمَّا یُنْسِیَنَّکَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّکْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمینَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِر﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إلی الَّذینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ یُریدُونَ أن یَتَحاکَمُوا إلی الطَّاغُوتِO إلی أن قال: Pأُولئِکَ الَّذینَ یَعْلَمُ اللَّهُ ما فی قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فی أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلیغاً﴾((3)).

لکن لا یخفی أن ذلک إنما هو فی صورة عدم إمکان الإرشاد ولا الأمر بالمعروف ولا النهی عن المنکر بموازینهما التی قد تصل إلی حد الضرب.

10: التعزیر

10: التعزیر

قد یطلق التعزیر فی قبال الحد علی ما لیس فیه حد مقرر من الشریعة، وقد یطلق التعزیر علی الأعم من الحد والتعزیر، والمراد به ما یکون سبباً لاستتباب النظام وإقامة الأحکام ودفع الظلمة والفساق، ولا یبعد أن یشمل معناه السجن والنفی والغرامة وما أشبه مما یراه الحاکم الشرعی الجامع للشرائط صلاحاً مقیداً بموازین الإسلام.

وقد ذکرنا لذلک فی کتاب (الفقه) بعض الأمثلة، مثلاً إذا کان الحاکم الشرعی أمر بقوانین خاصة للمرور بدونها تکون الأضرار الکثیرة، ومن الواضح أن فی کل یوم یکون ألوف من المخالفین فی المدن الکبیرة، فإذا أرید جلدهم شوه ذلک سمعة الإسلام، بالإضافة إلی لزوم صرف أموال کثیرة من بیت المال لأجل الموظفین للجلد وغیر ذلک، فیجعل الحاکم علی کل مخالف کمیة من المال مثلاً حتی لا یستهان بقانون المرور فیتلف الأموال الکثیرة والأنفس المحترمة.

ومثل ذلک قوانین الشرطة والنجدة والموظفین المخالفین للدوام غیاباً، أو تعطیلاً

ص:215


1- سورة الأنعام: الآیة 68
2- سورة السجدة: الآیة 30
3- سورة النساء: الآیة 60 و63

لأعمال الناس وقوانین المستشفیات وسائر المصحات والمعاهد العلمیة والطرق بأن لا تسد بالباعة ونحوها وما أشبه ذلک، لکن ذکرنا مکرراً وجوب أن یکون الأمر حسب شوری الفقهاء إذا کان المراجع فی الأمة متعددین، وقد ورد فی الحدیث: Sإن الله جعل لکل شیء حداً وجعل لمن تعدی ذلک الحد حداًR((1))، لکنا ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أنه لا دلیل تاماً علی التعزیر علی کل حرام، وإن کان بعض الأدلة یدل علی ذلک، لکنه محل تأمل.

ویؤید ذلک أو یدل علیه فعل النبی والوصی (صلوات الله علیهما) فإنهما لم یفعلا ما سبب تشوه الإسلام، ولا ما أوجب تعطل الأحکام.

وذلک حسب نظر شوری الفقهاء ، کما ذکرناه مکرراً.

ولعل الشرائط والأزمنة والأمکنة مختلفة، وقد ذکرنا فی بعض الکتب حول أعمال الأئمة الطاهرین (صلوات الله علیهم أجمعین) أنهم إنما اختلفوا باختلاف الزمان والمکان والشرائط.

11: تعزیر الله سبحانه وتعالی

11: تعزیر الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿إِنَّا أَرْسَلْناکَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذیراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُکْرَةً وَأَصیلاً﴾((2)).

وتعزیر الله وهو احترامه واجب شرعاً قلباً ولساناً وعملاً، بما هو واجب بالأدلة الخاصة، فالتعزیر أعم من کل ذلک، فلا حکم جدید فی الآیة من جهة التعزیر والتوقیر، کما فی قوله سبحانه: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ﴾((3)) علی ما ذکرناه فی هذا الکتاب وغیره.

والتوقیر جعله کبیراً فی المجتمع، وهو غیر الاحترام فربما یحترم الإنسان شخصاً لکن لا یجعله کبیراً فی الاجتماع.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pوَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُO المجموع لله

ص:216


1- الوسائل: ج18 ص309 الباب 2 من مقدمات الحدود ح1
2- سورة الفتح: الآیة 8 _ 9
3- سورة النساء: الآیة 59

وللرسول (صلی الله علیه وآله)، والتعزیر والتوقیر والتسبیح کلها لله، أما الرسول (صلی الله علیه وآله) فالتعزیر والتوقیر له، أما التسبیح فخاص بالله سبحانه وتعالی.

وهل معنی أن سبحه بکرة وأصیلاً خصوص التسبیح، أو الأعم کالتهلیل والتحمید والتکبیر وما أشبه ذلک، ظاهر اللفظ خصوص التسبیح، لکن المناط یشمل الجمیع.

12: اعتزال الحائض

12: اعتزال الحائض

قال سبحانه: ﴿وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْمَحیضِ قُلْ هُوَ أَذیً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِی الْمَحیضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّی یَطْهُرْنَ﴾((1)).

فإن الجماع مع الحائض حرام بلا إشکال ولا خلاف، وإنما اختلفوا فی المأتی الثانی هل هو حرام أو لا، وقد ذکرنا المسألة فی (الفقه) مفصلاً.

أما ملامسة الحائض واللعب بها بدون المدخلین فذلک مما لا إشکال فیه، بمثل القبلة والتفخیذ واللمس وما أشبه ذلک حتی إذا کان مقترنا بالإمناء.

والظاهر أن قولهم (علیهم السلام): Sألزموهم بما التزموا بهR لا یصحح وطی الحائض من أهل الکتاب إذا کانت زوجة لمسلم وإن کانت الزوجة ملتزمة به، وقد ذکرنا فی بعض الکتب أن الالتزام بما التزموا قد یکون جائزاً قطعاً، وقد یکون غیر جائز قطعاً کالزنا واللواط بالولد الکافر والمرأة الکافرة وإن أجازا ذلک والتزماه، وقد یکون مشکوکاً.

13: عزل الدَین عند الوفاة

13: عزل الدَین عند الوفاة

قد ذکرنا فی کتاب (الفقه) أن الواجب إیصال الدَین إلی صاحبه سواء کان بالعزل أو بالکتابة أو ما أشبه ذلک، فقولهم بوجوب العزل إن لم یحمل علی التخییر بکونه أحد المصادیق کان محل تأمل.

ولا یلزم ذلک فی الدَین فقط بل یشمل کل حق ومال لآخر عند الإنسان المشرف علی الموت لأن الدلیل فی الجمیع واحد.

ص:217


1- سورة البقرة: الآیة 222

14: معاشرة الزوجات بالمعروف

14: معاشرة الزوجات بالمعروف

قال سبحانه: ﴿وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾((1)).

والظاهر أن المعروف موضوع عرفی یؤخذ حدوده من العرف، وذلک شیء معلوم فی المجتمع ولیس مجرد تهیئة الأکل والشرب والمسکن والملبس والمقاربة فقط، بل التکلم والبشاشة والإذن فی الخروج من البیت وزیارة الأقارب وزیارة الجیران لها وغیر ذلک، کلها یدخل فی المعروف، وقد استبعدنا فی کتاب النکاح کفایة المباشرة کل أربعة أشهر مرة، بل اللازم أن یکون ذلک حسب المعروف أیضاً.

کما أشار إلیه السید فی العروة فی کتاب النکاح وبعض الفقهاء الآخرین.

15: الاعتصام بحبل الله جمیعاً

15: الاعتصام بحبل الله جمیعاً

قال سبحانه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمیعاً﴾((2))، والمراد بالحبل ما یقرره سبحانه وتعالی من النبی والإمام (علیهما السلام) والقرآن والشریعة، والمراد التمسک بما أوجب والابتعاد عما حرم، بل یشمل ذلک المستحبات والمکروهات والمباحات بالمعنی الأعم للشمول.

وعلی أی حال فلیس هذا حکماً جدیداً بل هو إرشادی مثل: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ﴾((3)).

وإنما سمی حبلاً لأن الحبل کما هو متصل بین إنسان فی الفوق وإنسان فی السفل، کذلک أحکام الله تعالی کالحبل بین الله وبین الناس، وإذا تمسک الإنسان به رفعه الله إلی المنزلة الرفیعة، وإذا لم یتمسک به سقط فی هوّة سحیقة.

16: إعطاء دیة من لم یعلم قاتله

16: إعطاء دیة من لم یعلم قاتله

الظاهر وجوب إعطاء الإمام من بیت المال دیة من لم یعلم قاتله، سواء علمنا بأن قتله

ص:218


1- سورة النساء: الآیة 19
2- سورة آل عمران: الآیة 103
3- سورة النساء: الآیة 59

عمد أو خطأ أو شبه خطأ، لکن یستثنی من ذلک من قتل فی الحرب فإنه لا یجب علی الإمام إعطاء دیته، للسیرة القطعیة من النبی والإمام (صلوات الله علیهما).

أما إعطاء الدیة فقد روی عبد الله بن سنان وابن بکیر فی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام) قال: Sقضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی رجل وجد مقتولاً لا یدری من قتله، قال: إن کان عرف له أولیاء یطلبون دیته أعطوا دیته من بیت مال المسلمین، ولا یبطل دیة امرئ مسلم، لأن میراثه للإمام فکذلک تکون دیته علی الإمامR، إلی أن قال: Sوقضی فی رجل زحمه الناس یوم الجمعة فی زحام الناس مات أن دیته من بیت مال المسلمینR((1)).

أما تفصیل المسألة ففی کتاب الدیات.

ولا یبعد أن یکون الأمر کذلک بالنسبة إلی ما لو فقد عضواً أو قوة فی الزحام وما أشبه بالملاک، بل لعله یشمله Sلا یبطل دم امرئ مسلمR((2)).

وحیث إن الذمی دمه محترم یلزم أن یکون الأمر کذلک بالنسبة إلیه، ولا یقال: إن بیت المال للمسلمین، لأن بیت المال لمصالح الدولة الإسلامیة والمسلمین، والتی من جملتها حفظ ذممهم، وقد ورد أن علیاً (علیه الصلاة والسلام) أجری من بیت مال المسلمین لذلک المسیحی الذی وجده فی الکوفة یتکفف راتباً((3)).

إذ بذلک یظهر عدم الفرق فی الکافر المحترم بین أهل الذمة والمعاهد والمحاید وإنما الخارج هو الحربی.

17: الاستعفاف فی المال

17: الاستعفاف فی المال

قال سبحانه: ﴿وَابْتَلُوا الْیَتامی حَتَّی إذا بَلَغُوا النِّکاحَ، فإن آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْکُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أنْ یَکْبَرُوا وَمَنْ کانَ غَنِیًّا فَلْیَسْتَعْفِفْ وَمَنْ کانَ فَقیراً فَلْیَأْکُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَیْهِمْ وَکَفی بِاللَّهِ حَسیباً﴾((4))

والظاهر حقه فی أجرة المثل لأنه لیس للإنسان إلاّ ما سعی وأن سعیه له، ولا دلیل علی أن الأمر خارج عن القاعدة الأولیة.

ص:219


1- الوسائل: ج19 ص109 الباب 6 من دعوی القتل ح1 و2
2- تفسیر العیاشی: ج1 ص56 ح160
3- الوسائل: ج11 ص49 الباب 19 من جهاد العدو ح1
4- سورة النساء: الآیة 6

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی موثقة ابن عیسی حول الآیة: Sمن کان یلی شیئاً للیتامی وهو محتاج لیس له ما یقیمه فهو یتقاضی أموالهم ویقوم فی ضیعتهم فیأکل بقدر الحاجة ولا یسرف، وإن کانت ضیعتهم لا تشغله عما یعالج لنفسه فلا یذر من أموالهم شیئاًR((1)).

وفی صحیح ابن سنان، عنه (علیه الصلاة والسلام): Sالمعروف هو القوت وإنما عمل الوصی لهم والقیم فی أموالهم وما یصلحهمR((2)).

وعلی کل حال، فمحل المسألة کتاب الوصیة من (الفقه).

وقوله سبحانه: Pوابتلوا الیتامیO استدل به جماعة من الفقهاء علی صحة معاملة الصغیر إذا کانت حسب الموازین العرفیة بالنسبة إلی الأشیاء التی من شأن الصغار، وأما الرشد فهو الرشد الطبیعی، والمراد به الرشد العقلی الذی یحفظ المال((3)) لا الرشد البدنی.

ثم لا یخفی أن الرشد عرفی، وذلک عقلی قبل أن یکون جسمیاً، وإن کان الغالب التلازم بین الرشد الفکری والرشد الجسمی.

18: الاستعفاف فی النکاح

18: الاستعفاف فی النکاح

قال سبحانه: ﴿وَلْیَسْتَعْفِفِ الَّذینَ لا یَجِدُونَ نِکاحاً حَتَّی یُغْنِیَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾((4)).

والظاهر أنه إرشاد إلی ترک المحرم فلیس واجباً نفسیاً، والاستعفاف بأن لا یستعمل نفسه فی الحرام من زنا أو لواط أو سحق أو ما أشبه ذلک بل یطلب العفة المنتهی إلیها.

ولا یخفی أن من لا یجد نکاحاً أعم ممن لا یجد نکاحاً دائماً أو متعةً أو أمةً، فإن کل ذلک نکاح فی الشریعة الإسلامیة ویوجب العفة فلا یفعل إنسان خلاف العفة کالزنا واللواط والسحق والاستمناء وما أشبه ذلک من المحرمات، وکما أن الحکم کذلک فی

ص:220


1- تفسیر البرهان: ج1 ص343 ح6
2- تفسیر البرهان: ج1 ص343 ح7
3- ورد فی (الفقیه) ج4 ص222: قال علیه السلام: S إیناس الرشد حفظ المال R
4- سورة النور: الآیة 33

الرجل کذلک الحکم بالنسبة إلی المرأة، لوحدة الملاک فیهما.

19: العقیقة

19: العقیقة

الظاهر استحباب العقیقة، کما ذکرنا ذلک فی کتاب النکاح.

وبعض الروایات الدالة علی وجوبها محمولة علی الاستحباب الأکید، للسیرة المقطوع بها بین المسلمین من قدیم الزمان إلی الیوم، وقد ادعی جماعة من الفقهاء الإجماع علی عدم الوجوب.

والعقیقة جاریة للذکر والأنثی وحتی لنفس الإنسان حتی فی کبره، وحتی بعد الموت کما ذکرنا تفصیل ذلک فی الفقه.

20: التعقل

20: التعقل

قد ورد فی بعض آیات القرآن الحکیم الأمر بالتعقل، وقد ألمعنا إلی ذلک فی بحث التدبر فلیرجع إلیه.

والمراد بالتعقل إعمال العقل لأن الإنسان قد یکون له عقل لکن لا یعمله فی الوصول إلی الهدف، وهذا خلاف الموازین الإسلامیة.

ولا یخفی أن العقل هو المنطبق للشریعة، أما ما لا یکون مطابقاً للشریعة فذلک النکراء کما ورد فی الحدیث بالنسبة إلی معاویة.

21: اعتکاف الیوم الثالث

21: اعتکاف الیوم الثالث

یجب للمعتکف استحباباً فی یومیه الأولین أن یبقی علی اعتکافه فی الیوم الثالث.

ففی صحیحة أبی عبیدة، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): Sمن اعتکف ثلاثة أیام فهو یوم الرابع بالخیار إن شاء زاد ثلاثة أیام أخر، وإن شاء خرج من المسجد، وإن أقام یومین بعد الثلاثة فلا یخرج من المسجد حتی یتم ثلاثة أیام أخرR((1)).

وفی صحیح ابن مسلم، عنه (علیه السلام): Sإذا اعتکف یوماً ولم یکن اشترط فله أن یخرج ویفسخ الاعتکاف، وإن أقام یومین ولم یکن اشترط فلیس له أن یفسخ اعتکافه حتی تمضی ثلاثة

ص:221


1- الوسائل: ج7 ص404 الباب 4 من الاعتکاف ح3

أیامR((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات التی ذکرناها فی کتاب الاعتکاف، وقد اختلفوا فی أنه هل السادس والتاسع وهکذا أیضاً واجبات، أو الوجوب خاص بالیوم الثالث بعد الیومین الأولین، وإن کان الظاهر من صحیح أبی عبیدة الوجوب فی کل ثالث مطلقاً.

ولا یخفی أنه لو لم یصم الثالث ولم یعمل بشروط الاعتکاف عمداً أو سهواً أو نسیاناً أو اضطراراً لم یستبعد وجوب قضائه لقوله (علیه السلام): Sمن فاتته فریضة فلیقضها کما فاتتهR، والقول بأنه منصرف إلی الفریضة الابتدائیة ولا تشمل مثل ذلک، غیر ظاهر.

22: العلم

22: العلم

فی جملة من الآیات المبارکات الأمر بالعلم، مثل: ﴿فَاعْلَمْ أنه لا إِلهَ إلاّ اللَّهُ﴾((2)).

﴿وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلیمٌ﴾((3)).

﴿وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما فی أَنْفُسِکُمْ﴾((4)).

﴿وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ سَمیعٌ عَلیمٌ﴾((5)).

﴿وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ حَمیدٌ﴾((6))، إلی غیر ذلک.

والعلم بالأصول واجب مطلقاً حسب ما ذکروه فی کتب الکلام، أما العلم بالفروع فهو واجب کفائی بالنسبة إلی الاجتهاد، وإلا فیجوز التقلید، نعم عدم العلم لا اجتهاداً ولا تقلیداً ولا بسبیل الاحتیاط حرام، لکن العلم بالفروع مقدمی کما هو واضح.

23: إعلام المالک

23: إعلام المالک

یجب علی المؤتمن سواء کان مؤتمناً شرعاً أو مؤتمناً مالکیاً إعلام المالک بماله عنده من

ص:222


1- الوسائل: ج7 ص404 الباب 4 من الاعتکاف ح1
2- سورة محمد: الآیة 19
3- سورة البقرة: الآیة 235
4- سورة البقرة الآیة 235
5- سورة البقرة: الآیة 244
6- سورة البقرة: الآیة 267

مال أو ولد أو حق، والإعلام مقدمی، وقد ذکرنا تفصیل هذا البحث فی کتاب الودیعة.

24: الإعلام بالنجس والحرام

24: الإعلام بالنجس والحرام

یجب إعلام المشتری والضیف ونحوهما بالنجس إذا کان معرضاً لاستعماله له استعمال الطاهر مما لم یرده الشارع، کاستعماله فی صلاته وأکله وما أشبه ذلک، کما أن الأمر کذلک بالنسبة إلی الحرام، فإذا کان لحم حیوان محرم یکون فی معرض أکل الضیف أو المشتری وجب إعلامه، أما إذا لم یکن کذلک بأن کان یرید إطعام هره به لم یجب.

والأصل فی الوجوب وجوب دفع المنکر ورفعه والنهی عنه، فکلما انطبق الأمر علی ذلک وجب وجوباً مقدمیاً وإلاّلم یجب.

ولا فرق بین النجس أن یکون نجساً ذاتاً أو نجساً عرضاً، کما أنه لا فرق بین الحرام أن یکون من المأکول والمشروب أو من الموطوء ونحو ذلک، فکل شیء حرام علم به إنسان ولم یعلم به إنسان آخر وجب علی الإنسان العالم تعلیم الجاهل.

25: تعلیم العقائد والأحکام

25: تعلیم العقائد والأحکام

یجب تعلیم العقائد والأحکام للأهل ومن کان تحت سیطرة الإنسان، قال سبحانه: ﴿قُوا أَنْفُسَکُمْ وَأَهْلیکُمْ ناراً﴾((1))، وهو من التعلیم العام الواجب کفایة مقدمة، وهنا آکد.

وهل یجب تعلیم الأطفال قبل البلوغ الأصول وبعض الفروع، احتمالان، والسیرة جاریة علی تعلیمهم الأصول والفروع فی الجملة.

ولا یخفی أن الأهل إذا کانوا کفاراً، مثلاً کانت الزوجة مسیحیة أو ما أشبه، کان قانون الإلزام حاکماً فلا یجب تعلیمها أحکام الشیعة، وهکذا بالنسبة إلی العبد أو الخادم أو ما أشبه ذلک،

ص:223


1- سورة التحریم: الآیة 6

غیر مسلم کان أو غیر مؤمن.

26: تعلم الأحکام

26: تعلم الأحکام

الظاهر وجوب تعلم الأحکام وجوباً مقدمیاً للعمل بقدر ما یحتمل ابتلاؤه به احتمالاً عقلائیاً، والسیرة جاریة علی ذلک، کما أن السیرة جاریة علی عدم تعلم ما هو خارج عن محل الابتلاء، والتعلم هو طریق العبید بالنسبة إلی الموالی، فإن لم یتعلم ووقع فی الخطأ کان معاقباً عقلاً، وحیث إنه فی سلسلة العلل یکون واجباً شرعاً أیضاً، بالإضافة إلی بعض الروایات الدالة علی ذلک.

ففی صحیحة مسعدة بن زیاد، قال: سمعت جعفر بن محمد (علیهما السلام) وقد سئل عن قوله تعالی: ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾((1))، فقال: Sإن الله تعالی یقول للعبد یوم القیامة عبدی کنتَ عالماً، فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت، وإن قال: کنت جاهلاً، قال: أفلا تعلمت حتی تعمل، فیخصمه فتلک الحجة البالغةR((2)).

لکن الظاهر أن طریق التعلم هو المتعارف منذ زمن الرسول (صلی الله علیه وآله) حیث کانوا یتعلمون بالمناسبات وتدریجاً.

فلا یجب علی الإنسان أن یصرف کل وقته حتی یتعلم العلم فی زمان خاص، بل یتعلمه لکل یوم ساعة أو ما أشبه ذلک، وهکذا یکون تعلمه بالمناسبات مثل یوم الجمعة وأیام التعطیل والأعیاد والوفیات وما أشبه ذلک.

27: تعلم القرآن وقراءته

27: تعلم القرآن وقراءته

قال سبحانه: ﴿إِنَّ رَبَّکَ یَعْلَمُ أَنَّکَ تَقُومُ أَدْنی مِنْ ثُلُثَیِ اللَّیْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذینَ مَعَکَ وَاللَّهُ یُقَدِّرُ اللَّیْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَیْکُمْ فَاقْرَؤُوا ما تَیَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أنْ

ص:224


1- سورة الأنعام: الآیة 149
2- تفسیر البرهان: ج1 ص560 ح2

سَیَکُونُ مِنْکُمْ مَرْضی وَآخَرُونَ یَضْرِبُونَ فِی الْأَرْضِ یَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ یُقاتِلُونَ فی سَبیلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا ما تَیَسَّرَ مِنْهُ وَأَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِکُمْ مِنْ خَیْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَیْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

والظاهر أن تعلم القرآن واجب کفائی، کما أن قراءته کذلک، لظهور الأمر فی الآیات المبارکة وسائر الأدلة فی الوجوب، وحیث لیس بواجب عینی قطعاً کان کفائیاً، وإنما لا یجب وجوباً عینیاً للسیرة منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله).

ومما تقدم یعرف الکلام فی معرفة تفسیر القرآن أیضاً، فلیس تعلم تفسیر القرآن أو تأویله أو ما أشبه ذلک من الواجبات العینیة بل من الواجبات الکفائیة کما هی العادة منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) إلی هذا الیوم.

أما قوله سبحانه Pواستغفروا اللهO فهو واجب عینی علی کل إنسان یبدر منه بعض المخالفات کما هو الغالب فالواجب علی الإنسان أن یستغفر ربه، نعم الزیادة علی ذلک مستحب ولیس بواجب، وفی الحدیث عن النبی (صلی الله علیه وآله): Sوإنی أستغفر الله فی کل یوم سبعین مرة من غیر ذنبR، ولعل استغفاره کاستغفار علی وعلی بن الحسین ووسائر الأئمة (صلوات الله علیهم أجمعین) إنما کان للجهات الإمکانیة((2))، کما ذکرنا ذلک فی بعض الکتب.

28: تعلم عدد السنین والحساب

28: تعلم عدد السنین والحساب

قال سبحانه: ﴿هُوَ الَّذی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنینَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِکَ إلاّ بِالْحَقِّ یُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ﴾((3)).

الظاهر من الآیة وجوب ذلک، لکن بقرینة الخارج الوجوب کفائی لحفظ الأهلة، أمثال رمضان وشوال وذی الحجة، ولحفظ أوقات التکلیف والیأس وغیر ذلک.

فالتکالیف الشرعیة

ص:225


1- سورة المزمل: الآیة 20
2- أی ما یقتضیه ممکن الوجود ویلازمه من نقص أمام واجب الوجود جل جلاله
3- سورة یونس: الآیة 5

علی الأشهر القمریة إلاّ فی مثل زکاة الأنعام والغلات فالاعتبار بالأشهر الشمسیة.

وهکذا الأمور المستحبة بالنسبة إلی الوفیات والأعیاد وما أشبه ذلک، وقد کانت هی عادة المسلمین قبل دخول الکفار فی بلادهم، وحیث دخل المستعمرون غیروا الأشهر، ففی أفغانستان حوت والثور وما أشبه ذلک، وفی إیران فروردین وأردیبهشت، وفی العراق کانون وتشرین، وفی مصر نوفمبر وما أشبه، وذلک حتی تتحطم وحدة المسلمین کما حطمت وحدتهم فی باب الحج.

29: العمرة

29: العمرة

العمرة واجبة کوجوب الحج، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

ففی موثقة الفضل، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی قوله تعالی: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾((1))، قال: Sهما مفروضانR((2)).

وفی صحیح معاویة وزرارة، عنه (علیه السلام): Sالعمرة واجبة علی الخلق بمنزلة الحج علی من استطاع، لأن الله عز وجل یقول: ﴾وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ وإنما أنزلت العمرة بالمدینةR، قال: قلت له: فمن تمتع بالعمرة إلی الحج أیجزی ذلک عنه، قال: SنعمR((3)).

وعمرة التمتع لا طواف نساء له، کما أن عمرة الإفراد له طواف النساء، فإذا اعتمر عمرة التمتع ولم یتمکن من الحج فهل یجب علیه طواف النساء، لم أجد من تعرض له، لکن الظاهر عدم الوجوب لأنه لا دلیل علیه، واحتمال أنه یجب حینئذ لأنه إنما لم یجب فی العمرة من جهة إتیانه فی الحج، فإذا لم یأت بالحج عذراً کان الواجب علیه ذلک، خلاف ظاهر أدلة حلیة جمیع المحللات للمقصر عن عمرة التمتع، فإن إطلاقه یشمل

ص:226


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- الوسائل: ج8 ص3 الباب 1 من وجوب الحج ح1
3- الوسائل: ج8 ص3 الباب 1 من وجوب الحج ح5

المقام.

والعمرة لدخول مکة أیضاً تفصیلها مذکور فی باب الحج.

نعم لا إشکال فی أن ذلک احتیاط فی من لم یتمکن من الحج وتمکن من العمرة.

30: العمل بالأدلة

30: العمل بالأدلة

العمل بالأدلة الأربعة من الکتاب والسنة والإجماع والعقل واجب وجوباً مقدمیاً بالنسبة إلی الأحکام، لأنه لا دلیل علی الوجوب النفسی، وقد ذکروا ذلک مفصلاً فی (الأصول).

نعم لا إشکال فی أن جمیع الأحکام لیس لجمیع الأفراد بل لمن تحقق الموضوع بالنسبة إلیه.

کما لا إشکال فی أن بعض الأحکام المستفادة من هذه الأدلة هی واجبات نفسیة علی حسب الموازین المذکورة فی الفقه والأصول.

31: الاستعاذة من الشیطان

31: الاستعاذة من الشیطان

قال سبحانه: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلینَ وَإِمَّا یَنْزَغَنَّکَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أنه سَمیعٌ عَلیمٌ﴾((1)).

لا یبعد وجوب ذلک مقدمیاً إذا کان مقدمةً للانقلاع عن الحرام کما هو الغالب، وعلیه لیس المراد اللفظ، بل المعنی بالتوجه إلی الله والعون منه والاستمداد حتی یتغلب علی الشیطان، أما أن یقول: أعوذ بالله من الشیطان الرجیم مثلاً، فالظاهر عدم وجوبه کعدم وجوبه عند قراءة القرآن، وإن کان مستحباً، قال سبحانه: ﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجیمِ﴾((2))، ولعل الإتیان بلفظ الرجیم هنا حتی یرجم فلا یأتی إلی المستعیذ.

أقول: بیان أنه مرجوم من قبل الله سبحانه حتی لا یعمل علی طبق أوامره العاملون.

ولعل قوله سبحانه: Pإما ینزغنک من الشیطان نزغO بیان أنه إذا لم تأخذ العفو ولم تأمر

ص:227


1- سورة الأعراف: الآیة 199 _ 200
2- سورة النحل: الآیة 98

بالعرف ولم تعرض عن الجاهلین فهو من نزغات الشیاطین، فهو تأکید للأوامر المتقدمة.

وهل المراد بأخذ العفو هو العفو عن المال أو الزائد أو هو العفو المطلق مثل قوله سبحانه: Pفلیعفوا ولیصفحواO احتمالان، أو أن المراد الأعم من ذلک لا أنه من استعمال اللفظ المشترک فی المعنیین بل من استعمال الکلی فی مصادیقه، والثانی غیر بعید کما هو الشأن فی کثیر من الکلمات القرآنیة.

32: التعاون

32: التعاون

قال سبحانه: ﴿تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَالتَّقْوی وَلا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ﴾((1)).

و(البر) هو العمل المتعدی إلی الغیر کبناء المسجد والمدرسة وإعطاء الفقیر وما أشبه، و(التقوی) هو ما یرتبط بالإنسان نفسه کصلاته وصیامه وحجه ونحو ذلک.

والظاهر أن الأمر مستعمل فی مطلق الطلب الشامل للواجب والمستحب، لأن بعض أقسام التعاون واجب، وبعض أقسامه مستحب، والتعاون الواجب لا یلزم أن یکون بغیر أجر، إذ لا منافاة بین الأمرین کما ذکروا فی أکل المخمصة، مثلاً أخذ سواق السیارات للحجاج إلی الحج واجب حتی إذا لم یستعدوا لذلک یلزم إجبار الوالی لهم، لکن ذلک لا یلزم أن یکون بلا أجرة، فإذا کان الأمر منحصراً کان واجباً عینیاً، وإلاّ کان واجباً کفائیاً.

وإنما نقول بلزوم إعطاء الأجرة للسایق ونحوه لأنه من الجمع بین الدلیلین کما قال الفقهاء بوجوب عمل الصناعات.

33: الاستعانة

33: الاستعانة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اسْتَعینُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرینَ﴾((2)).

والظاهر أن الأمر بالاستعانة من جهة الإرشاد لا أنها واجبة کفایة أو عیناً مولویاً، لأنه

ص:228


1- سورة المائدة: الآیة 2
2- سورة البقرة: الآیة 153

هو المتلقی من ذلک عرفاً.

وهل المراد بالصبر الصیام کما فی بعض الروایات((1))، ویؤید ذلک أنه ذکر مع الصلاة، أو أن المراد به مطلق الصبر، لا یبعد الثانی، کما هو شأن کثیر من الکلمات القرآنیة حیث تستعمل فی الجامع.

وإنما سمی الصوم صبراً لأنه صبر عن تجنب محرمات الصیام، فهو من أول الصباح إلی اللیل صبر وصبر وصبر، خصوصاً وهذا الصبر شاق علی النفس بجهة الأکل والشرب والمباشرة وغیرها مما ذکر فی باب الصیام.

34: العهد

34: العهد

قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ کانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا یُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَکانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً﴾((2)).

والعهد الدولی وما أشبه کالعهد الذی یذکر فی سیاق النذر والیمین واجبان بلا إشکال ولا خلاف وقد ذکرناهما فی کتابی الجهاد والنذر.

أما إذا قال إنسان لإنسان آخر: إنی أعاهدک أن أفعل کذا، فالظاهر عدم وجوبه، نعم إذا ذکر الله سبحانه وتعالی بأن کان طرفی المعاهدة هو الله تعالی کان واجباً، وأما عدم الوجوب فی غیر هذه الصورة فللأصل بعد عدم وجود الدلیل علی الوجوب.

35: العتق

35: العتق

العتق واجب فی موارد الکفارات تعییناً أو تخییراً، أما غیره فلا، وقد ذکرنا جملة من مباحث ذلک فی کتاب النذر والعهد وکتاب العتق.

کما أنه أحیاناً یعتق العبد بدون مباشرة المولی له، کما إذا نکل بالعبد أو ما أشبه ذلک کما تجد تفصیله هناک.

وقد ذکرنا فی کتاب العتق وغیره أن نظام العبید والإماء الذی هو من مخلفات الحرب الصحیحة نظام صحیح یلزم العمل به فی موضعه ولیس الأمر کما فعله الغربیون من

ص:229


1- الکافی: ج4 ص63 ح7
2- سورة الأحزاب: الآیة 15

الاستعباد بدون کونه من مخلفات الحرب علی ما ذکره الإسلام من إلغاء العبید کما فعله (لنکولن) ونحوه، وسری إلی البلاد الإسلامیة، فإن ذلک لا یشبه حکم الإسلام، وحیث ذکرنا تفصیله هناک لا حاجة إلی إعادة التفصیل هنا.

ص:230

حرف الغین

1: الغسل

حرف الغین

1: الغسل

یجب الأغسال المعروفة المذکورة فی کتاب الطهارة، مما لا حاجة إلی تفصیل الکلام فی ذلک.

کما یجب الغسل علی الذی یرجم أو یقتص منه.

ففی روایة مسمع کردین، عن الصادق (علیه السلام): Sالمرجوم والمرجومة یغسلان ویحنطان ویلبسان الکفن قبل ذلک ثم یرجمان ویصلی علیهما، والمقتص منه بمنزلة ذلک یغسل ویحنط ویلبس الکفن ثم یقاد ویصلی علیهR((1)). وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

فقد ذکرنا فی کتاب (الفقه الدولة الإسلامیة) أن شرائط أمثال هذه الحدود ستة وأربعون شرطاً، وهذا ما وصلنا إلیه، ولعل الشروط أکثر، ولذا لم یکن الرجم وما أشبه إلا نادراً جداً فی زمان الرسول وعلی (علیهما السلام) علی سعة الدولة الإسلامیة.

أما غسل الجمعة والإحرام فهما مستحبان، کما اخترنا ذلک فی بابه، وإن کان جماعة من الفقهاء ذهبوا إلی وجوبهما لبعض الروایات الدالة علی ذلک، التی یکون الجمع بینها بین غیرها یقتضی ما ذکرناه.

کما أنا ذکرنا فی الشرح أیضاً غسل المولود.

وقد ذکرنا فی الفقه قول بعض الفقهاء باستحباب الطهارة من الوضوء والغسل والتیمم مطلقاً لا فی موارد خاصة فقط، أما بالنسبة إلی التیمم فقد ورد استحباب التیمم علی اللحاف عند المنام.

ص:231


1- الوسائل: ج2 ص703 الباب 17 من غسل المیت ح1

2: غسل الوجه والیدین

2: غسل الوجه والیدین

قال سبحانه: ﴿إِذا قُمْتُمْ إلی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إلی الْمَرافِقِ﴾((1))، والوضوء واجب وإن کان مقدمة للصلاة کما ذکره الفقهاء هناک، فغسل الوجه والید أیضاً فی ضمن ذلک.

أما الوضوء والغسل الواجبان بالنذر ونحوه فهو ملحق بباب النذر والیمین والعهد لا أنها واجبات نفسیة کما هو محل الکلام فی المقام.

وقد ذکرنا فی الفقه أنه لو نذر عبادة مستحبة انقلب واجباً بالنذر، لکن العبادة تکون علی الحالة السابقة، مثلاً لو نذر الصلاة رکعتین فإنه یجوز له أن یصلیهما بدون سورة أو ما أشبه ذلک، کما أنه یصح له أن یصلی الرکعتین فی الطریق ولو مخالفاً للقبلة إلی غیر ذلک، فالمستحب بما هو مستحب صار واجباً لا بتغیر الکمیة والکیفیة.

3: الغض من الأبصار

3: الغض من الأبصار

قال سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنینَ یَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَیَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِکَ أَزْکی لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبیرٌ بِما یَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَیَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها﴾((2)) إلی آخر الآیة.

والغض غیر الغمض، فالغمض عبارة عن إطباق الجفن علی الجفن، أما الغض فهو الخفض بحیث لا یری، ولذا قال سبحانه: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِکَ إنَّ أَنْکَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمیرِ﴾((3))، فإن ذلک لیس عدم الصوت وإنما الصوت المنخفض.

والمراد کما هو المستفاد من الروایات بل المنصرف من الآیة المبارکة عدم النظر إلی ما لا یجوز النظر إلیه، سواء من طرف النساء إلی النساء، أو من طرف الرجال إلی الرجال، أو من طرف أحدهما إلی الآخر علی التفصیل المذکور فی کتاب النکاح.

وقد ذکرنا هناک أن ما فی بعض الروایات من

ص:232


1- سورة المائدة: الآیة 6
2- سورة النور: الآیة 30 _ 31
3- سورة لقمان: الآیة 19

جواز النظر إلی عورة الکافر لا یمکن العمل به خصوصاً بالنسبة إلی نظر الرجال إلی عورة النساء، أو نظر النساء إلی عورة الرجال، بل هو کنایة.

4: تغطیة الرأس علی المرأة

4: تغطیة الرأس علی المرأة

قد تقدم وجوبها بحیث لا یبدو رأسها وأذناها ورقبتها وشعرها فی مادة الإدناء، حیث قال سبحانه: ﴿یُدْنینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلاَبِیبِهِنَّ﴾((1)).

نعم یجوز للنساء النظر إلی وجه الرجل ورقبته کما إذا کان فوق المنبر، کما کن النساء یجلسن تحت منبر رسول الله (صلی الله علیه ویله) وتحت منبر علی (علیه السلام).

لکن یجب أن لا یکون ذلک بریبة ولذة وما أشبه.

5: الاستغفار

5: الاستغفار

فی آیات متکررة الأمر بالاستغفار، کقوله سبحانه حکایة عن نوح (علیه السلام): ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ إنّهُ کانَ غَفَّاراً یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْکُمْ مِدْراراً﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَأنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((4)).

وقال تعالی: ﴿فَاسْتَقیمُوا إِلَیْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَیْلٌ لِلْمُشْرِکینَ﴾((5))، إلی غیرها.

والظاهر أنه من مصادیق التوبة، فوجوبه وجوب التوبة، کما أن الظاهر أنه لا یکفی العزم علی العدم توبة، بل یلزم الاستغفار باللفظ أیضاً، وما فی بعض الروایات من کفایة التوبة بالعزم یجب أن یحمل علی أحد شقی الأمر، فهما شقان کآیة الاستغفار الظاهر فی کفایة اللفظ، فهناک لفظ وقلب وهو من شعب الإیمان أیضاً، کما أن الإیمان لفظ وعقیدة علی ما ذکرناه فی مبحث سابق.

والفرق بین الاستغفار والتوبة إن اجتمعا کما فی سورة هود فی

ص:233


1- سورة الأحزاب: الآیة 59
2- سورة نوح: الآیة 10 _ 11
3- سورة هود: الآیة 3
4- سورة المزمل: الآیة 20
5- سورة فصلت: الآیة 6

الآیة المتقدمة، أن الأول طلب ستر الذنب والثانی الرجوع إلیه سبحانه بالقلب واللسان والجوارح.

وأما إذا ذکر أحدهما بدون الآخر فهو شامل لهما، فالاستغفار یطلق علی التوبة، والتوبة تطلق علی الاستغفار، وکذلک لفظ (إنابة)، فإنه معنی یراد به الرجوع، لکن الرجوع إنما یکون بالتوبة والاستغفار وما أشبه ذلک.

وعلی أی حال، فالتوبة واجبة بالأدلة الأربعة.

ثم إن جمعاً ذکروا أن الموجب لمحو الذنوب أمور، هی عفو الله سبحانه وتعالی ومغفرته وشفاعة النبی الأکرم (صلی الله علیه وآله) وعترته الطاهرة (علیهم السلام)، والابتلاء بالغم والابتلاء بالمصائب، وإجراء الحد إذا تاب قلباً، أما إذا لم یتب فیؤخذ فی الآخرة أیضاً، والإقرار والاعتراف بالذنب عند الله سبحانه وتعالی، أما الإقرار بالذنب عند الناس فغیر جائز شرعاً، أما عند الحاکم فالأفضل العدم کما فی بعض الروایات الواردة فی باب الحدود، واجتناب الکبائر التی توجب محو الصغائر علی قول مشهور، والرجوع عن الشرک إلی الإیمان والعمل الصالح والتقوی والحسنات، وإلیک جملة من الآیات والروایات فی ذلک:

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحیماً﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَما کانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فیهِمْ وَما کانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ یَسْتَغْفِرُونَ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً یُضاعِفْهُ لَکُمْ وَیَغْفِرْ لَکُمْ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللَّهَ یَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقاناً وَیُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَیَغْفِرْ لَکُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَیُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ﴾((5)).

ص:234


1- سورة النساء: الآیة 110
2- سورة الأنفال: الآیة 33
3- سورة التغابن: الآیة 17
4- سورة الأنفال : الآیة 29
5- سورة الفتح: الآیة 14

وقال تعالی: ﴿قُلْ یا عِبادِیَ الَّذینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمیعاً إنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحیمُ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ﴾((2)).

إلی غیر ذلک مما ذکره العلماء فی کتب الأحادیث والأخلاق، والروایات فی ذلک کثیرة جداً.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pإن الله یغفر الذنوب جمیعاًO یراد بذلک مع الشرائط، وإلا فالله لا یغفر لأن یشرک به ولا یغفر لکل مذنب مهما کان ذنبه وتفصیل الکلام فی ذلک ظاهر من الروایات.

6: الاستغفار للحلف بالبراءة

6: الاستغفار للحلف بالبراءة

الحلف بالبراءة غیر جائز علی المشهور، وإن ذکرنا کلاماً فیه فی کتاب الحلف، وهل فیه کفارة أو لا، فیه خلاف ذکرنا تفصیله هناک.

کتب محمد بن الحسن إلی أبی محمد (علیه السلام)، رجل حلف ببراءة من الله ورسوله فحنث ما توبته وکفارته، فوقع (علیه السلام): Sیطعم عشرة مساکین لکل مسکین مد ویستغفر الله عز وجلR((3)).

لکن المشهور لا یقولون بذلک علی نحو الوجوب، وإنما یقولون باستحباب ذلک، وهذا غیر بعید.

7: الاستغفار للمظلوم

7: الاستغفار للمظلوم

الظاهر وجوب طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالی لمن ظلمه الإنسان وفاته.

ففی صحیح الفضیل بن یسار، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sمن ظلم أحداً وفاته فلیستغفر الله له فإنه کفارة لهR((4)).

ص:235


1- سورة الزمر: الآیة 53
2- سورة النساء: الآیة 31
3- الوسائل: ج15 ص572 الباب 20 من الکفارات ح1
4- المستدرک: ج1 ص387 الباب 21 من الذکر ح3

ومن الواضح أن کونه کفارة بمعنی الجهات الأخرویة، أما الجهات الدنیویة فاللازم التدارک إذا کان له تدارک، کما إذا أکل ماله فإنه حتی إذا لم یجده یجب إعطاؤه للحاکم الشرعی فی ما لا یعرف ورثته مثلاً، إلی غیر ذلک، وقد ذکر الشیخ بعض الکلام فی ذلک فی باب الغیبة فی استغفار المغتاب لمن اغتابه.

ونحو ذلک إذا أفطر صیامه أو منع صلاته أو منع ذهابه إلی الحج أو ما أشبه ذلک، ولم یتمکن إلی أن مات، أو مات فوراً فلا یبعد أن یقال إن الصوم والصلاة والحج واجبات علی المانع، فقوله: Sفلیستغفر الله فإنه کفارة لهR إنما هو فی غیر ما ذکرناه.

وفی روایة أخری: Sالاستغفار کفارة من لا کفارة لهR.

فإن ظاهره وإن کان شاملاً لنفس الإنسان لکن لا یبعد تعدیه إلی المظلوم بالملاک ونحوه.

8: الاستغفار علی العاجز عن الکفارة

8: الاستغفار علی العاجز عن الکفارة

إذا وجب علی الإنسان الکفارة وعجز عنها وجب علیه الاستغفار، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الکفارات.

فعن أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، قال: Sکل من عجز عن الکفارة التی تجب علیه من صوم أو عتق أو صدقة فی یمین أو نذر أو قتل أو غیر ذلک مما یجب علی صاحبه فیه الکفارة، فالاستغفار له کفارة ما خلا یمین الظهار، فإنه إذا لم یجد ما یکفر به حرمت علیه أن یجامعها، وفرّق بینهما إلاّ أن ترضی المرأة أن یکون معها ولا یجامعهاR((1))، وقد ذکرنا الحکم فی الظهار فی کتابه.

وفی بعض الروایات: Sإن الاستغفار أفضل الکفارة وأقصاه وأدناه ولیستغفر الله ویظهر توبة وندامةR((2)).

بل الظاهر وجوب الاستغفار أیضاً مع الکفارة للجمع بین الدلیلین.

ثم إنه ورد فی جملة من المحرمات الاستغفار.

أما الروایات الواردة بالأمر بالاستغفار، منها واجب ومنها مستحب، ومنها لمطلق الطلب

ص:236


1- الوسائل: ج15 ص554 الباب 6 من الکفارات ح1
2- انظر الکافی: ج7 ص453

الشامل لهما، ویعرف ذلک من القرائن الخارجیة، وقد ورد عنه (صلی الله علیه وآله): Sوإنی لأستغفر الله فی کل یوم سبعین مرة من غیر ذنبR((1)).

والظاهر أنه من جهة أن الاشتغال بغیر الله سبحانه وإن کان واجباً شرعاً نوع من الابتعاد الموجب للتدارک، وقد حملنا علی ذلک، أی کون الواجب موجباً لعدم الاشتغال بالله سبحانه وتعالی، وعلی ضروریات الجسم، ما صدر عنهم (علیه السلام) من الاستغفار ونحوه، وإلاّ فهم منزهون حتی عن ترک الأولی، فهو کما إذا کان رِجل الإنسان مکسورة فلا یتمکن من جمعها فی المجلس حیث یعتذر عن الجالسین وهم یعلمون عدم قدرته، وإنما یرید بذلک تدارک هذا النقص الذی لیس بیده تکمیله العملی، وتفصیل الکلام فی محله.

وکذلک مثل الاستغفار الصادر منهم (علیهم الصلاة والسلام) ومعذرتهم عما لا یلیق بشأنهم، فإن ذلک یجب أن یحمل علی مثل ما ذکرناه، کما یجده المتتبع فی دعاء کمیل ودعاء أبی حمزة ونحوهما، والدلیل علی عصمتهم (صلوات الله علیهم) مانع عن حمل أمثال هذه الألفاظ علی حقیقتها، ولذا فإنا نری أن لا ترک أولی لهم (علیهم السلام)، أما ترک الأولی بالنسبة إلی الأنبیاء (علیهم السلام) فإن لنا فی ذلک کلاماً، لاحتمالنا أن تکون أیضاً من قبیل ما فی المعصومین الأئمة (علیهم السلام).

9: الغیرة

9: الغیرة

الغیرة هو أن یهتم الإنسان لئلا یمس بسوء شیء من دینه وعرضه، أو دین مؤمن أو عرضه، فإذا أراد إنسان التعرض لولده أو بنته أو زوجته بعمل سیء أو هکذا بالنسبة إلی المؤمنین، أو أراد أن یمس دینهم هاج ومنع عن ذلک.

وهکذا یحتفظ علی الدین والعرض کی لا یصاب بمکروه، فیمنع زوجته عن الخروج عن الدار فی محل الخوف حذراً علی عرضه أن یستباح، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

وهذا واجب مقدمی، والصفة الباعثة علی ذلک فی نفس الإنسان

ص:237


1- المستدرک: ج1 ص387 الباب 22 من الذکر ح2

تسمی غیرة وهی ممدوحة.

أما أن یفعل ذلک بالنسبة إلی الحلال فهی مذمومة، مثلاً المرأة تحفظ نفسها عن زوجها فإن هذه غیرة مذمومة، وکذلک بالنسبة إلی ما یشبه ذلک کمنع الوالد بنته من الزواج غیرة علیها.

وفی روایة عن الصادق (علیه السلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sکان أبی إبراهیم (علیه السلام) غیوراً وأنا أغیر منه، وأرغم الله أنف من لا یغار من المؤمنینR((1)).

وفی صحیح جمیل، عنه (علیه الصلاة والسلام): Sلا غیرة فی الحلال بعد قول رسول الله (صلی الله علیه وآله): لا تحدثا شیئاً حتی أرجع إلیکما، فلما أتاهما أدخل رجلیه بینهما فی الفراشR((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات التی نذکر جملة منها فی باب الآداب والأخلاقیات من الفقه بإذن الله سبحانه وتعالی.

ولا یخفی أن إدخال الرسول (صلی الله علیه وآله) رجلیه بینهما (علیهما السلام) لا یراد بذلک التأسی فکل أب یعمل ذلک، فإن مقام الرسول (صلی الله علیه وآله) ومقامهما (علیهما السلام) غیر مقام سائر الناس، کما نقول بمثل ذلک فی بعض قضایا الرسول والأئمة (علیهم السلام)، فلا یقال: إنه (صلی الله علیه وآله) أسوة فیؤخذ بکل شیء منه، فإنه بالقرینة یخصص.

ولا یخفی أن عمل مثل ذلک بالنسبة إلی غیر المؤمنین إذا کان الطرف یبیح ذلک لا دلیل علی أنه مشمول لقاعدة الإلزام، وقد ألمعنا إلی ذلک فی بعض المباحث السابقة.

ص:238


1- الوسائل: ج14 ص109 الباب 77 من مقدمات النکاح ح7
2- الوسائل: ج14 ص176 الباب 135 من مقدمات النکاح ح1

حرف الفاء

1: الفتوی

حرف الفاء

1: الفتوی

الفتوی بالنسبة إلی المحتاج إلیها واجبة وجوباً کفایة، والظاهر أنه وجوب مقدمی ومن باب إرشاد الجاهل وتبلیغ الإسلام وتعلیم الضال وتنبیه الغافل، وهی حجة شرعیة بالنسبة إلی من جمع شرائط التقلید علی ما قرر فی کتاب التقلید.

قال سبحانه: ﴿قُلِ اللَّهُ یُفْتیکُمْ﴾((1)).

ومن الواضح أن الفتوی من الله لیست عن الاجتهاد، وإنما الفتوی منا یجب أن یکون عن الأدلة الشرعیة.

قال الباقر (علیه الصلاة والسلام) لأبان بن تغلب: Sاجلس فی مسجد المدینة وأفت الناس فإنی أحب أن یری فی شیعتی مثلکR، فجلس((2)).

وفی حدیث الصادق (علیه الصلاة والسلام) المروی فی الاحتجاج: Sوأما من کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً لهواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام أن یقلدوهR((3)).

ص:239


1- سورة النساء: الآیة 176
2- رجال النجاشی: ج1 ص73 باب الألف رقم 6
3- الوسائل: ج18 ص94 الباب 10 من صفات القاضی ح20

وحیث إن الامتناع عن الحرام والإتیان بالواجب قلبی وجوارحی فهما أربع صفات، وقال الإمام (علیه الصلاة والسلام) أربع کلمات لبیان تلک، کما ذکرنا تفصیله فی بعض المباحث.

وعن الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sإنما علینا أن نلقی إلیکم الأصول وعلیکم أن تفرعواR((1)).

وعن الرضا (علیه الصلاة والسلام): Sعلینا إلقاء الأصول وعلیکم التفریعR((2)).

وعن معاذ بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام)، قال: Sبلغنی أنک تقعد فی الجامع فتفتی الناسR، قلت: نعم، وأردت أن أسألک عن ذلک قبل أن أخرج، إنی أقعد فی المسجد فیجیء الرجل فیسألنی عن الشیء فإذا عرفته بالخلاف لکم أخبرته بما یفعلون، ویجیء الرجل أعرفه بمودتکم وحبکم فأخبره بما جاء عنکم، إلی أن قال: فقال (علیه الصلاة والسلام): Sاصنع کذا، فإنی کذا أصنعR((3)).

إلی غیرها من الروایات المذکورة فی الوسائل فی کتاب القضاء، وقد ذکرنا بعض ذلک فی کتاب التقلید فی الشرح.

ولا یخفی أنه لیس خاصاً بالنسبة إلی العامة فقط، بل کذلک یجوز بالنسبة إلی الکفار، سواء کانوا أهل الکتاب أو غیر أهل الکتاب، لأن الباطل باطل علی أی حال.

والتحدید بذلک جائز، وهو متعارف فی البلاد الإسلامیة  وغیر الإسلامیة، کالهند بالنسبة إلی المسلمین والهندوس، ولبنان بالنسبة إلی المسلمین والمسیحیین وهکذا فی غیر تلک البلاد، وقد أشرنا إلی بعض الأحکام من هذا القبیل فی کتاب القضاء وغیر القضاء، وتفصیله هناک.

2: فدیة الحلق

2: فدیة الحلق

قال سبحانه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فإن أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ وَلا تَحْلِقُوا

ص:240


1- الوسائل: ج18 ص40 الباب 6 من صفات القاضی ح51
2- الوسائل: ج18 ص40 الباب 6 من صفات القاضی ح52
3- الوسائل: ج18 ص108 الباب 11 من صفات القاضی ح36

رُؤُوسَکُمْ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ فَمَنْ کانَ مِنْکُمْ مَریضاً أَوْ بِهِ أَذیً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْیَةٌ مِنْ صِیامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُکٍ﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

أما قوله سبحانه: Pفما استیسر من الهدیO فالظاهر أنه لا یشمل سوی الأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم علی قسمی البقر وقسمی الغنم.

وظاهر Pفما استیسرO أنه غیر مشروط بشروط ذکروها مستفادة من الروایات، فإن الجمع بین الروایات یدل علی أفضلیة الجامع للشرائط لا شرطیته کما ذکرنا ذلک هناک.

3: فدیة الصوم

3: فدیة الصوم

قال سبحانه: ﴿فَمَنْ کانَ مِنْکُمْ مَریضاً أَوْ عَلی سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَیَّامٍ أُخَرَ وَعَلَی الَّذینَ یُطیقُونَهُ فِدْیَةٌ طَعامُ مِسْکینٍ﴾((2)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الصوم.

ثم إنه قد ذکر لفظ (الفدیة) فی روایات متعددة فی باب الحج، وحیث إن الکلام مفصل فی کتابه لا داعی إلی تکراره.

وإنما سمی فدیة لأنه فدی من النقص الوارد علیه، فإن الفدیة کما تکون عن الکل تکون عن البعض أیضاً.

4: الفرح بفضل الله سبحانه وتعالی

4: الفرح بفضل الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِکَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ﴾((3)).

والظاهر أن الأمر للإرشاد لا للوجوب، عیناً أو کفایةً، نفساً أو مقدمةً، فإن ذلک هو المتلقی عرفاً عند إلقاء مثل هذا الکلام إلیه.

ص:241


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- سورة البقرة: الآیة 184
3- سورة یونس: الآیة 58

أما قوله: Pبفضل الله ورحمتهO لعل الجمع بینهما یفید أن الله یرحم ثم یُفضل کما هی العادة، أو أن الفضل مقترن بالرحمة، فإن الإنسان قد یتفضل علی إنسان لکنه لا لأجل أن یرحمه، بل لأجل هدف آخر.

أما أنه Pهو خیر مما یجمعونO فلوضوح أن ما یجمع الإنسان للدنیا یکون زائلاً کما ورد: Sلدوا للموت وابنوا للخرابR بینما ما یکون من فضل الله ورحمته دائم بدوام الله سبحانه وإرادته.

5: الفرض فی المال

5: الفرض فی المال

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ فی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾((1)).

وقد روی سماعة، عن الصادق (علیه السلام)، قال فی روایة: Sولکن الله عز وجل فرض فی أموال الأغنیاء حقوقاً غیر الزکاة، فقال عزوجل: ﴿فی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾، فالحق المعلوم غیر الزکاة، وهی شیء یفرضه الرجل علی نفسه فی ماله یجب أن یفرضه علی قدر طاقته ووسعة ماله فیؤدی الذی فرض علی نفسه إن شاء فی کل یوم وإن شاء فی کل جمعة وإن شاء فی کل شهرR((2)).

والمشهور عدم وجوب شیء فی المال غیر الزکاة والخمس، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الزکاة، وحمل الأمر فی الآیة والروایة علی الاستحباب بقرینة الروایات الأخر.

والفرق بین السائل والمحروم مع أنهما إشارة إلی شیء واحد، أن المحروم قد یکون سائلاً وقد لا یکون سائلاً، ولعله قدم السائل لأنه أهم، حیث بالإضافة إلی کونه محروماً یسأل.

من غیر فرق بین الرجل والمرأة، والکبیر والصغیر، بل والمسلم والکافر المحترم.

6: تفریق الإمام بین الزوجین

6: تفریق الإمام بین الزوجین

إذا لم یقم الزوج بحقوق الزوجة، خیره الحاکم الشرعی بین أن یقوم أو یطلق، فإن لم

ص:242


1- سورة المعارج: الآیة 24
2- الوسائل: ج6 ص27 الباب 7 من ما یجب الزکاة فیه ح2

یفعل أیاً منهما، فالظاهر أن الحاکم الشرعی له الحق فی الحبس توصلاً إلی التزامه بأحدهما، فإن لم یر فائدة فی ذلک طلق الحاکم الشرعی زوجته.

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ﴾((1)).

وفی الصحیح، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی تفسیر الآیة: Sإن أنفق علیها ما یقیم ظهرها مع کسوة، وإلاّ فرق بینهماR((2)).

وفی روایة أخری عنه (علیه الصلاة والسلام): Sإذا أنفق الرجل علی امرأته ما یقیم ظهرها مع الکسوة، وإلاّ فرق بینهماR((3)).

والظاهر أن ما ذکر فی الروایات: إما یقیم ظهرها مع الکسوة، من باب المثال الغالب، وإلا فالمسکن أیضاً من المحتاج إلیه، وکذلک الدواء عند الحاجة، وما یستلزمها عند الولادة، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

نعم الحکم ذلک إذا راجعت المرأة الحاکم الشرعی، وإلاّ فإن رضیت هی بدون النفقة وبدون الملامسة الواجبة فلا شیء لأنه حق لا أنه واجب ابتدائی، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

7: التفریق بین الزوجین فی الحج

7: التفریق بین الزوجین فی الحج

إذا جامع الزوج زوجته فی حال الحج یجب علیهما الحج فی المستقبل، ویفرق بینهما من محل الجماع عقوبة.

ویدل علیه صحیحة معاویة بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل محرم وقع علی أهله، فقال: Sإن کان جاهلاً فلیس علیه شیء، وإن لم یکن جاهلاً فإن علیه أن یسوق بدنة ویفرق بینهما حتی یقضیا المناسک ویرجعا إلی المکان الذی أصابا فیه وعلیه الحج من قابلR((4)).

وحیث ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج لا وجه للتکرار.

ص:243


1- سورة الطلاق: الآیة 7
2- الوسائل: ج15 ص223 الباب 1 من النفقات ح1
3- الوسائل: ج15 ص223 الباب 1 من النفقات ح12
4- الوسائل: ج3 ص225 الباب 3 من کفارات الإستمتاع ح2

والظاهر کفایة الحجة الثانیة، وقول بعض الفقهاء بوجوب حجة ثالثة غیر ظاهر.

وظاهر هذه خصوصیة الحج لهذا الحکم، فلا حکم للعمرة إذا فعل فیها مثل ما فعل فی الحج.

کما أن الظاهر أن الزوج إذا کان مجبوراً من زوجته کان الحکم بینهما کذلک، أما إذا أُجبرا أو أُجبر الزوج من قبل ثالث فلا دلیل علی جریان هذا الحکم فیه لأنه لیس محل العقوبة.

وقوله (علیه السلام): (من قابل) یدل علی أنه لا یجوز له التأخیر إلی سنتین بعد ذلک أو ما أشبه.

8: التفریق بین الزانی من الزوجین وبین الزوج الآخر

8: التفریق بین الزانی من الزوجین وبین الزوج الآخر

الظاهر أنه مستحب ولیس بواجب، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود، والمستند صحیح حنان، قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السلام) وأنا أسمع، عن البکر یفجر وقد تزوج ففجر قبل أن یدخل بأهله، فقال: Sیضرب مائة ویجز شعره وینفی من المصر حولاً ویفرق بینه وبین أهلهR((1)).

لکن الحکم علی سبیل رؤیة الحاکم المصلحة فی ذلک، فإن رأی مصلحة فی ذلک فعل، وإلا فلا، إذ فی صحیح رفاعة قلت: هل یفرق بینهما إذا زنا قبل أن یدخل بها، قال: SلاR.((2))

ومنه یعلم الحکم فی العکس، والذی یدل علیه موثقة السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)، فی المرأة إذا زنت قبل أن یدخل بها، قال: Sیفرق بینهما ولاصداق لهاR((3))، لأن الحدث کان من قبلها.

والمشهور لا یفتون بأی من الحکمین علی سبیل الوجوب.

وإنما کان الاختیار بید الحاکم، لأنه بیده المصلحة فی التفریق وعدم التفریق، حیث اختلف المرتکبون بما یوجب شدة احتمال بعضهم دون بعض، بل فی الغالب أن أمثال هذه

ص:244


1- الوسائل: ج3 ص225 الباب 3 من کفارات الاستمتاع ح7
2- الوسائل: ج18 ص358 الباب 7 من حد الزنا ح2
3- الوسائل: ج18 ص358 الباب 7 من حد الزنا ح8

الأحکام یکون التخییر فیها بید الحاکم مثل ما فی القوانین الوضعیة من جعل الغرامة دینار إلی خمسین دیناراً، وجعل الحبس من عشرة أیام إلی شهرین أو ما أشبه ذلک.

9: التفریق بین الأطفال

9: التفریق بین الأطفال

الظاهر عدم وجوب التفریق بین الأطفال إلاّ مع الخوف، وما ورد مما ظاهره التفریق محمول علی ذلک أو علی الاستحباب، وإن أفتی بوجوب التفریق بعض الفقهاء، فیکون الحکم فی مورد الخوف مقدمیاً.

ففی صحیح عبد الله، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sالصبی والصبی، والصبی والصبیة، والصبیة والصبی، یفرق بینهم فی المضاجع لعشر سنینR((1)).

وفی بعض الروایات: Sلست سنینR((2)).

وفی روایة ابن القداح، عن الصادق (علیه السلام): Sیفرق بین الغلمان وبین النساء فی المضاجع إذا بلغوا عشر سنینR((3)).

ولأجل ما ذکرناه من عدم کون الحکم وجوبیاً نری جریان السیرة المستمرة بین المؤمنین باجتماع البنات والأولاد بعضهن مع بعض، وبعضهم مع بعض فی المضاجع فی کثیر من الأحیان من غیر إنکار، وتفصیل الکلام فی کتاب النکاح.

ولا یخفی أن ذکر عشر سنین فی روایات، وست سنین فی روایة للتخییر، أو لمراتب الشدة حیث یختلف الأولاد والبنات فی الخوف علیهما من الوالدین ومن أشبههم.

ومن الواضح أن التفریق بین الولد والبنت إذا لم یعقد أحدهما للآخر، کما هی العادة فی بعض

ص:245


1- الوسائل: ج15 ص182 الباب 74 من أحکام الأولاد ح2
2- الوسائل: ج15 ص182 الباب 74 من أحکام الأولاد ح3
3- الوسائل: ج15 ص182 الباب 74 من أحکام الأولاد ح6

الآباء حیث یعقدون الأطفال بعضهم مع بعض من أقربائهم تحذراً من الخطر.

والمراد بالمضاجعة أعم من المضاجعة لیلاً أو نهاراً، فإن کثیراً من الناس ینامون قبل الظهر قیلولة أو بعد الغداء.

10: الفسح فی المجالس

10: الفسح فی المجالس

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا قیلَ لَکُمْ تَفَسَّحُوا فِی الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا یَفْسَحِ اللَّهُ لَکُمْ﴾((1)).

وهو توسیع المجلس لیسع المکان غیره، والظاهر أنه إذا کان المجلس للجمیع کالعتبات المقدسة والمساجد وما أشبه وجب الفسح لأنه تصرف فی أکثر من حقه حسب ارتکاز الواقف، وإلا لم یکن الأمر واجباً وإنما هو مندوب.

وسواء کان واجباً فی مکان الواجب أو مستحباً فی مکان الاستحباب فیکون قوله سبحانه وتعالی: ﴿قیلَ لَکُمْ﴾ من باب المورد لا الخصوصیة.

نعم إذا کان المجلس لشخص ولم یرض بقاءهم فیه وجب الانصراف، لأنه لا یتصرف فی ملک أحد إلا بإذنه.

11: التفقه فی الدین

11: التفقه فی الدین

قال سبحانه: ﴿وَما کانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا کَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ﴾((2)).

وقد ذکرنا فی کتاب (الفقه) وجوب التفقة کفائیاً مقدمیاً، لأنه هو المنصرف من مثل هذا الأمر لا أنه من الواجبات النفسیة أو العینیة.

نعم إذا قلنا إن التفقة فی الدین عبارة عن معرفة المسائل والأحکام اجتهاداً أو تقلیداً

ص:246


1- سورة المجادلة: الآیة 11
2- سورة التوبة: الآیة 122

یکون الأمر واجباً عینیاً بالنظر إلی أن معرفة الأحکام واجب علی کل أحد، وإذا قلنا بأن قوله سبحانه: ﴿لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ﴾ یشمل أصول الدین وفروعه یکون الحکم فی أصول الدین أیضاً واجباً اجتهاداً کفائیاً فی الجملة.

وهل یجب علی الکل أن یکون عن دلیل ولو إجمالی، أو لا یجب الدلیل بل یکفی التقلید، احتمالان، وان ادعی العلامة الوجوب اجتهاداً علی کافة المسلمین، لکنه محل تأمل.

وکما أن الأمر کذلک فی الأحکام کذلک بالنسبة إلی الموضوعات کما ذکره الفقهاء فی مسألة الصناعات، والمراد بالصناعات کلما یحتاج إلیه المسلم لأجل حاجته أو لأجل عدم تقدم الکفار علیه، کما نشاهده فی الحال الحاضر.

ولا یخفی أن التدبر والتعقل إذا جمعا کان کل واحد منهما مختلفاً عن الآخر، فالتدبر ملاحظة دبر المطلب، أما إذا ذکر کل واحد منهما مستقلاً فهو یشمل کلیهما کالظرف والجار والمجرور.

12: التفکر

12: التفکر

ذکرنا فی باب التدبر والتعقل ما یفید الحکم فی التفکر أیضاً.

13: فک رقبة

13: فک رقبة

قال سبحانه: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَما أَدْراکَ مَا الْعَقَبَةُ * فَکُّ رَقَبَةٍ﴾((1)) الآیة، وهی بقرینة قوله سبحانه: ﴿أُولئِکَ أَصْحابُ الْمَیْمَنَةِ * وَالَّذینَ کَفَرُوا بِآیاتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَیْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾((2)) یفید الوجوب.

ولا یبعد أن یکون أعم، فالواجب فی موارد الواجبات، والمستحب فی موارد المستحبات بالقرائن الخارجیة، وقد ذکرنا فی کتاب الکفارات والعتق التفصیل.

ص:247


1- سورة البلد الآیة 11 _ 13
2- سورة البلد الآیة 18 _ 20

ولا یخفی أن ملاک فک رقبة موجود فی الشخص الذی یکون تحت قید آخر، ولو کان التقیید بسبب نفسه بعقد أو شرط أو ما أشبه ذلک، فإن الله سبحانه یحب إطلاق الناس عن القیود الشدیدة، ولعل قوله سبحانه: Pیضع عنهم إصرهم والأغلال التی کانت علیهمO((1)) تفید مثل ذلک.

ص:248


1- سورة الأعراف: الآیة 157

حرف القاف

1: قبول حکم الحاکم

حرف القاف

1: قبول حکم الحاکم

لا إشکال فی حجیة قول الحاکم الشرعی فی فتواه للمقلدین، وفی قضائه للمتقاضیین، وفی الأمور العامة إذا کان متصدیاً للأمور المرتبطة بالعموم، وقد ذکرنا فی کتاب القضاء إمکان مراجعة حاکم آخر من باب التمییز والاستیناف، کما ذکرنا فی کتبنا المرتبطة بالحکم وجوب استشاریة الحکم حسب ما یستفاد من الأدلة إذا کان المراجع متعددین، فلا یجب قبول قول مرجع واحد وهم متعددون إلاّ لمقلدیه، بل لا یجوز لأحدهم التصدی بدون الآخرین، فإذا کانوا متعددین کان حکم البلاد والعباد حسب أکثریة الآراء کما یدل علیه حکومة دلیل الشوری علی دلیل الفتوی.

قال (علیه الصلاة والسلام): Sفإذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه فإنما علینا ردR((1)).

لکن الوجوب فی الموارد الثلاثة إنما هو إذا لم یعلم الإنسان بأنه مخالف للواقع، وإلا فلا دلیل علی القبول إلاّ فی مثل ما إذا حلف الطرف، حیث ذکرنا فی کتاب القضاء أن الحلف یذهب بالحقوق حسب الأدلة، وتفصیل الکلام فی کتب التقلید والقضاء والحکم.

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا وجوب أن تکون هناک أحزاب متعددة إلی جانب شوری المرجعیة، وأن الأحزاب المتعددة للموضوع فهم أهل الخبرة، وشوری المرجعیة للحکم

ص:249


1- الوسائل: ج18 ص98 الباب 11 من صفات القاضی ح1

ومن الواضح أن الأحزاب المتعددة فائدتها المراقبة والمنافسة، وذلک مما یوجب تقدم المسلمین إلی الأمام کما تقدم الغرب فی القضایا المادیة إلی الأمام للتنافس الحادث فیهم.

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قسم المسلمین إلی مهاجرین وأنصار، وإلی أحزاب وإلی جمعیات عشرائریة، وبهذا الوجه أمکن المنافسة بین المسلمین وتقدمهم.

2: قبول ماله عند الغیر

2: قبول ماله عند الغیر

إذا کان لإنسان دین علی غیره أو ودیعة، ولو کانت الودیعة ولداً أو ما أشبه، أو کان وقفه عند غیره وهو متول علیه إلی أمثال ذلک، فأراد الطرف إرجاعه إلیه وجب علیه قبوله، إذ Sالناس مسلطون علی أنفسهمR((1)) حاکم علی أنه لصاحب الحق أو المال عدم القبول، فلا یخدش من علیه الحق فی سلطانه.

ولو فرض عدم قبوله عصیاناً أو ما أشبه ذلک، کان لمن علیه الحق أن یضعه أمامه أو یسلمه إلی الحاکم الشرعی، إلی غیر ذلک مما ذکر مفصلاً فی کتاب (الفقه).

ومن ذلک قبول القیمة علی الزوجة فی ما إذا مات الزوج وورثت منه البناء والشجر ونحوهما، فإن ذلک یقوم ویدفع إلیها ثمن القیمة أو ربعها، بخلاف الأرض حیث لا ترث منها إطلاقاً، والمنقول حیث ترث منها إطلاقاً باستثناء الحبوة ونحوها.

والظاهر أنه إذا عصی الورثة فی دفع القیمة کان لها من الإیجار بقدر حقها، کما ألمعنا إلی ذلک فی کتاب الإرث.

نعم ذلک فیما عصی الورثة عن البیع ونحوه وأجّروا، أما إذا لم یؤجروا ولم یبیعوا لعدم القدرة من جهة الدولة کما هو المتعارف فی الحال الحاضر بسبب الدول الجائرة المسلطة علی بلاد الإسلام، أو نحو الدولة لم یکن لها شیء علیهم، لکن من المحتمل قریباً حقها فی السکنی بقدر حقها أو إیجارها إذا تمکنت هی من ذلک.

وإذا لم تُرد أن تسکن هی فلها أن تجعل بعض الناس بقدر حقها یسکنونه، إذ Sلا یطل حق امرئ مسلمR.

وإذا کانت غیر مسلمة

ص:250


1- الغوالی: ج3 ص208 ح49

کالمسیحیة والیهودیة والمجوسیة حیث یجوز نکاحها علی ما ذکرناه فی کتاب النکاح ولو دائماً، عُمل معها معاملة قانون الإلزام، نعم لو تعارض حق المسلم وحق غیر المسلم قدم حق المسلم لقانون Sالإسلام یعلو ولا یعلی علیهR وتفاصیل المسألة فی الفقه.

3: قبول الوصیة

3: قبول الوصیة

ذکرنا فی کتاب الوصیة أنه یستظهر من الأدلة عدم وجوب قبول الوصیة، لأنه خلاف دلیل السلطنة إلاّ فی بعض الموارد الخاصة کالأب والابن، کما یستظهر عدم وجوب قبول التولیة، کما إذا وقف وجعله متولیاً، وهکذا بالنسبة إلی النذر فلو نذر أن یعطیه دیناراً لم یجب علیه القبول فإذا لم یقبل ظهر بطلان نذره.

وهذا شائع بین الناس فی نذرهم إطعام الجماعة الفلانیة، فإذا لم یقبل أحدهم أو جمیعهم بطل نذره بقدر عدم القبول.

وما ذکرنا فی عدم وجوب قبول الوصیة إنما یکون إذا لم یسبق القبول من قبل ثم بعد الموت رد، فإن رده غیر صحیح.

ولا فرق فی عدم وجوب القبول بین أن یکون یتولی تجهیزه أو ما أشبه ذلک، لأن الجمیع من باب واحد، وإن (لکم علی أموالهم من أنفسهم) حاکم علیه.

وإذا فرض أن إنساناً وقف مدرسة وجعل المتولی زیداً و أولاد زید نسلاً بعد نسل فأحد أفراده لم یرد حقه، له أن لا یقبل ویکون الحق حینئذ للحاکم الشرعی.

4: القتل والقتال

4: القتل والقتال

مادة القتل فی الإسلام قلیلة جداً، والغالب أن القتل فی مورده تخییری ومشروط بشروط صعبة، وهنا نذکر ما وجدناه فی الأدلة من موارده:

الأول: قتل المحارب، وهو تخییری کما فی الآیة الکریمة.

الثانی: قتل اللص المهاجم فی الجملة.

الثالث: القتل فی الجهاد بأقسامه الثلاثة من الابتدائی والدفاعی وقتال البغاة.

الرابع: قتل القاتل عمداً، وهو تخییری أیضاً من جهة ولیه.

الخامس: قتل السارق ونحوه بعد تکرار أربع مرات من السرقة وإقامة الحد علیه، وقد ذکرنا فی کتاب (الممارسة) خمسة وأربعین شرطاً لإجراء الحد علی السارق.

ص:251

السادس: الزانی المکرِه والکافر بالمسلمة، والشخص بالمحارم، والزانی المحصن والزانیة المحصنة.

السابع: المرتد علی شروط.

الثامن: مدعی النبوة لا عن شبهة ونحوها.

التاسع: ساب النبی والإمام (علیهما السلام) عالماً عامداً.

العاشر: الساحر علی خلاف.

الحادی عشر: المساحقة بعد تکرار الحد علیها علی خلاف.

الثانی عشر: اللائط والملوط المختار.

وقد ذکرنا فی کتاب (الفقه) حق الإمام فی العفو، کما عفا رسول الله (صلی الله علیه وآله) عن الوحشی((1)) وهبار((2))، وکما عفا علی (علیه الصلاة والسلام) عن اللاطی وعن السارق إلی غیر ذلک((3)).

ومن الواضح أن زهاء اثنتی عشرة مادة للقتل وبعضها مختلف فیها کما عرفت، وبعضها تخییری، وستة منها جرائم وجنایات حتی عند ما یسمی بأرقی القوانین العالمیة حیث یری القتل فیها کالمهاجم وفی الحرب وما أشبه، شیء قلیل جداً.

وإنما یبقی أقل من نصف الاثنتی عشرة مما لا یری القوانین عقوبة القتل لها، لکن المنطق دل علی أفضلیة القتل فیها، علی تفصیل مذکور فی الکتب المتعرضة لفلسفة الأحکام.

هذا مع أن الحدود إنما تجری بعد تطبیق أحکام الإسلام، کما ذکرنا تفصیل ذلک وأدلته فی کتاب الممارسة، فاتهام الإسلام من بعض غیر المسلمین بأنه دین القسوة، تهجم خال عن الدلیل.

کما أنه قد أشیع عند بعض من لا اطلاع له أن تطبیق الإسلام عبارة عن إجراء الحدود، بینما الحدود شیء قلیل بالنسبة إلی سائر الأحکام، بل الإسلام إذا طبق وفر کل

ص:252


1- راجع کتاب (ولأول مرة فی تاریخ العالم)
2- البحار: ج19 ص352
3- الوسائل: ج18 ص331 الباب 18 من مقدمات الحدود ح3 و4

الحریات المعقولة للناس، کما ذکرنا جملة منها فی کتاب (الصیاغة).

کما أن الإسلام یسبب حسن الأخلاق وترفیع المجتمع إلی المعالی، ویسبب قلع جذور الفقر والمرض والجهل والعداء والاستبداد بین الناس، ویعیش کل الناس مسلمین وغیر المسلمین فی أمن وسلام ورفاه ورخاء، فتقل الجرائم فی المجتمع الإسلامی فی قلة قلیلة.

وهکذا بالنسبة إلی بتر الأعضاء وقلع بعضها والضرب وما أشبه ذلک، فإنه لو لاحظ الإنسان الموارد المختلفة وفی قبالها ما تصدقه قوانین أوجبوها رآها أقل قسوة من القوانین المقابلة کسجن مدی الحیاة أو خمساً وعشرین سنة أو الأعمال الشاقة أو ما أشبه ذلک.

وقد أشار إلی بعض الروایات الأخ السید صادق فی کتابه (عقوبات الإسلام) کما أشرنا إلی بعض ذلک فی کتبنا المتفرقة.

5: تقدیم الصدقة علی النجوی

5: تقدیم الصدقة علی النجوی

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا ناجَیْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواکُمْ صَدَقَةً ذلِکَ خَیْرٌ لَکُمْ وَأَطْهَرُ فإنْ لَمْ تَجِدُوا فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

والمشهور أنها نسخت بقوله سبحانه وتعالی بعد ذلک: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواکُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَیْکُمْ فَأَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَأَطیعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبیرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾((2)).

والظاهر أن الحکم کان امتحانیاً فقط، ولتأدیب المسلمین بإذهاب شح النفوس، فإن الأمور التعلیمیة العملیة أکثر تأدیباً وأقرب إلی إثارة النفس نحو الفضیلة والخیر.

وتفصیل الکلام فی التفاسیر، وعلی کل حال فهو خارج عن محل الابتلاء.

ولا یخفی أن قوله تعالی: Pإذا ناجیتم الرسولO یراد به الأعم من المناجاة عند المجتمع أو أخذ الرسول (صلی الله علیه وآله) إلی ناحیة والتکلم معه ولو بکلام جهر خفی علی الناس، لأن النص

ص:253


1- سورة المجادلة: الآیة 12
2- سورة المجادلة: الآیة 13

أو الملاک شامل له.

والحکم وإن لم یکن محل الابتلاء لکن یفهم من مناطه أن نجوی الشخص مع الآخر فی المجلس أو علی ما ذکرناه أیضاً غیر محبوب شرعاً بقطع النظر عما ذکر فیه من الأدلة.

6: تقدیم الرمی علی الذبح وهو علی الحلق

6: تقدیم الرمی علی الذبح وهو علی الحلق

ذکر ذلک فی أعمال منی، وهذا هو المشهور بین الفقهاء، لکن غیر واحد من الفقهاء ذهبوا إلی عدم وجوب الترتیب المذکور، ومحل الکلام کتاب الحج.

والظاهر أنه إذا لم یتمکن من الرمی لا بنفسه ولا بنائب، ولا من الذبح لا بنفسه ولا بذابح، ولا من الحلق لمرض أو عرض سقط ذلک، نعم یبقی حکم Pثلاثة أیام فی الحج وسبعة إذا رجعتمO((1))، إلا إذا کان مریضاً أو نحو مرض لا یتمکن من الصیام لذلک، فإنه ساقط أیضاً.

والظاهر أنه لا یجب وصیته بتنفیذه من بعده لعدم الدلیل علیه.

7: تقدیم الصلوات الیومیة علی الکسوف

7: تقدیم الصلوات الیومیة علی الکسوف

إذا تزاحمت الیومیة والکسوف بحیث یستلزم إتیان إحداهما فی وقتها قضاء الأخری قدم الیومیة، وهذا من فروع تقدیم کل أهم علی مهم، والبحث فی ذلک فی کتاب الصلاة.

وإذا قدم الیومیة علی الکسوف وفات الکسوف أو الخسوف، قضی بعد ذلک صلاته لعموم Sمن فاتته فریضة فلیقضها کما فاتتهR، وإذا فرض أنه قدم الکسوف وفی الأثناء علم تزاحمها بالیومیة فالظاهر وجوب إبطالها والشروع فی الیومیة، لأنه زعم التکلیف بالخسوف ولم یکن فی الواقع تکلیف به.

8: تقدیم الکفن علی الدَین وغیره

8: تقدیم الکفن علی الدَین وغیره

ذکرنا ذلک فی کتاب الطهارة فی بحث الأموات.

ففی صحیح زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وعلیه دین بقدر کفنه، قال: Sیکفن بما ترک، إلاّ أن یتجر علیه إنسان فیکفنه فیقضی بما ترک دینهR((2)).

وفی موثقة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، عن أبیه (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): Sإن أول ما یبدأ به

ص:254


1- سورة البقرة: الآیة 196
2- الوسائل: ج13 ص98 الباب 12 من الدین والقرض ح1

من المال الکفن ثم الدین ثم الوصیة ثم المیراثR((1)).

وتعارف فی بعض البلاد من أخذ ثمن القبر لا یبعد أن یکون ذلک أیضاً مقدماً من حیث الترکة وإن لم یکن ذلک جائزاً بل محرماً، لأن الأرض لله ولمن عمرها، وکذلک حال الدفن وما أشبه، وإنما أخذ المال بدعة جاء به الغرب وقبلها حکام المسلمین المنحرفین.

9: القراءة

9: القراءة

هل کانت القراءة واجبة علی النبی (صلی الله علیه وآله)، حیث قال سبحانه له: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذی خَلَقَ﴾((2))، أم کانت مستحبة، احتمالان.

أما قراءة النبی (صلی الله علیه وآله) علی الناس فکان واجباً بلا إشکال، لقوله سبحانه: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُکْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزیلاً﴾((3))، فإنه کان تبلیغاً وهدایةً وإرشاداً مما بعث النبی (صلی الله علیه وآله) لها، وقد ذکرنا فی ما سبق حکم قراءة القرآن علی الناس، کما ذکرنا حکم تبلیغه علی المبلغین.

ولکن لا إشکال فی وجوب قراءة القرآن فی الصلوات الواجبة باعتبار قراءة الحمد والسورة بالنسبة إلی الرکعتین الأولیین، واستحباب قراءتهما فی الصلاة المستحبة إذا أرید تحقق الصلاة المستحبة، إذ Sلا صلاة إلا بفاتحة الکتابR.

ونشر القرآن ولو بدون قراءة بسبب الشریط أو الانترنیت أو ما أشبه ذلک واجب فی مقام الوجوب، ومستحب فی مقام المستحب.

10: القراءة فی الصلاة

10: القراءة فی الصلاة

تجب القراءة فی الصلاة بالنسبة إلی السور القرآنیة والأذکار، فإن کل ذلک من القراءة، وتفصیلها مذکور فی کتاب الصلاة.

11: قرار نساء النبی (ص) فی بیوتهن

11: قرار نساء النبی (ص) فی بیوتهن

قال سبحانه: ﴿یا نِساءَ النَّبِیِّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِO إلی أن قال: Pوَقَرْنَ فی بُیُوتِکُنَّ

ص:255


1- الوسائل: ج13 ص406 الباب 28 من الوصایا ح1
2- سورة العلق: الآیة 1
3- سورة الإسراء: الآیة 106

وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الأولی﴾((1)).

الظاهر أن المراد حرمة التبرج شرعاً لا لأن البقاء فی البیت من الواجبات علیهن، بل الظاهر أن نساء النبی (صلی الله علیه وآله) فی زمانه وبعد زمانه کن کسائر النساء فی الخروج عن البیوت.

ویؤید ذلک قوله سبحانه: Pولا تبرجن تبرج الجاهلیة الأولیO فإن الجاهلیة الأولی کانت أکثر فساداً من الجاهلیة الثانیة، إذا قلنا بأن الأولی فی قبال الثانیة.

وإذا قلنا بأن الأولی صفة توضیحیة للجاهلیة فلا أولی ولا ثانیة لها، وتفصیل ذلک فی کتب التفسیر.

12: الإقرار بالشهادتین

12: الإقرار بالشهادتین

یجب الإقرار بالشهادتین علی کل مکلف، بالإضافة إلی اعتقاده القلبی، وإلا لا یتحقق الإسلام بدونهما کما تقدم الکلام فی ذلک سابقاً.

وهل یجب علی الممیز من الأطفال، لا یبعد ذلک، وقد ذکرنا هذا المبحث فی بعض کتب (الفقه)، کما ذکرنا أن الطفل الکافر لو أقر بالشهادتین صار مسلماً وجری علیه کل أحکام الإسلام، وإذا کفر طفل المسلم کان الأمر بالنسبة إلیه مشکلاً من جهة زواجه بالمسلمة أو دفنه فی مقابر المسلمین أو ما أشبه ذلک.

أما لو أقر شخص بإحدی الشهادتین کشهادة أن لا إله إلا الله، دون محمد رسول الله، أو شهادة محمد رسول الله، دون شهادة أن لا إله إلا الله، فلا ینفع ذلک فی إسلامه.

ولا فرق فی کفایة الشهادتین لإجراء أحکام الإسلام بین أن یکون معتقداً بهما، أو منافقاً فیهما، أو فی إحداهما، لأن المنافق یقبل إسلامه وإن علمنا بنفاقه، کما أن المنافقین فی زمان رسول الله (صلی الله علیه وآله) کانوا مقبولی الإسلام وإن علموا نفاقهم.

13: القرض

13: القرض

قال سبحانه: ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾((2)).

إن أرید بذلک الحقوق الواجبة فلا شک فی وجوبه، وإن أرید الأمور المستحبة فلا شک

ص:256


1- سورة الأحزاب: الآیة 32 _ 33
2- سورة الحدید: الآیة 18

فی استحبابها، أما إذا أرید الأعم فلکل موضع حکمه، نعم القرض الخاص مما یصطلح علیه بهذا اللفظ والمذکور فی کتب الفقه، المشهور بین الفقهاء بل المجمع علیه استحبابه، ویؤیده السیرة المستمرة، والأدلة التی تدل علی أنه لا حق مالی علی الإنسان غیر الحقوق المذکورة من الخمس والزکاة والجزیة فی الکفار والخراج بالنسبة إلی الأراضی المفتوحة عنوة وما أشبه ذلک من الکفارات ونحوها مما هی أمور ثانویة.

فهو القرض الحسن الذی لا ربا فیه، أما إذا کان القرض ربویاً فلیس بقرض حسن، والظاهر أن أصل القرض صحیح والربا باطل، فلو افترضنا أن قرض ألف دینار یرد علیه ألف ومائة کان قرض الألف صحیحاً وزیادة المائة محرمة.

14: القسم علی الزوج

14: القسم علی الزوج

اختلف الفقهاء فی وجوب القَسم علی الزوج فی ما إذا کانت له زوجتان أو ثلاث أو أربع، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

ولا شک أن وجوب القسم علی القول به إنما هو فی الدائمة لا المتمتع بها، وکذلک لا الأمة، وإن کان الواجب علیه بالنسبة إلیهما بعض الأحکام.

والدائمة یصح لها هبة المدة((1)) أو إعطاؤها لضرة أو نحوها.

15: قصة القصص علی النبی (ص)

15: قصة القصص علی النبی (ص)

قال تعالی: ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ﴾((2)).

والظاهر وجوب ذلک وأنه داخل فی قراءة القرآن، لا أن المراد ذکر النبی (صلی الله علیه وآله) قصصاً أخری، إلاّ إذا کان من جزء التبلیغ، والحکم لیس خاصاً بالنبی (صلی الله علیه وآله) علی ما ذکرناه فی قراءة القرآن والتبلیغ، فإن ذلک من صغریاتهما.

ولا یخفی أن التبلیغ إذا کان واجباً کان علی المبلغ أن یقص القصص التی لها مدخلیة فی

ص:257


1- أی مدة القسم
2- سورة الأعراف: الآیة 176

التبلیغ وفق ذلک، وربما یکون مستحباً إذا کان وجه للاستحباب.

16: قصر الصلاة فی السفر

16: قصر الصلاة فی السفر

وهو واجب کما ذکره القرآن الحکیم، ودلت علیه السنة المطهرة، قال سبحانه: ﴿وَإذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إنْ خِفْتُمْ أنْ یَفْتِنَکُمُ الَّذینَ کَفَرُوا إنَّ الْکافِرینَ کانُوا لَکُمْ عَدُوًّا مُبیناً * وَإذا کُنْتَ فیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاة ﴾ إلی قوله سبحانه: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقیمُوا الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ کانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنینَ کِتاباً مَوْقُوتاً﴾((1)).

ولا یخفی أن الإنسان إذا اطمأن لا یجب علیه أن یقیم الصلاة التی صلاها، خارج الوقت ولا داخل الوقت، بأن صلی قصراً لخوف حسب ما هو مذکور فی الآیة السابقة ثم اطمأن الإنسان بذهاب الخوف.

ومنه یعلم أنه لا یجب تأخیر الصلاة إلی آخر الوقت، وإن کان علم أنه سوف یطمئن، فهو کالمسافر الذی یعلم أنه یرد محله قبل تمام الوقت، فإنه جائز علیه أن یأتی بالصلاة قصراً، وکذلک عکسه، بأن کان أول الوقت فی محله وهو یرید السفر، فإنه لا یجب علیه تأخیر الصلاة حتی یصلیها قصراً، بل تجوز له الصلاة أول الوقت، بل هو مستحب، فإن الصلاة فی أول الوقت جزور وفی آخر الوقت عصفور.

17: قضاء التفث

17: قضاء التفث

إذا أرید بقضاء التفث _ وهو الوسخ، یقال قضی تفثه أی أزاله _ الحلق أو التقصیر کان واجباً، وإلا کان مستحباً، قال سبحانه وتعالی: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتیقِO((2))، علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الحج.

ولا یخفی أن الوفاء بالنذر هنا إنما هو المنذور الذی ینافی الإحرام ونحو ذلک، وإلاّ جاز أن یأتی بالمنذور وهو محرم، ولا یخص ذلک بالنذر بل هو جار فی العهد والیمین.

ص:258


1- سورة النساء: الآیة 101 _ 103
2- سورة الحج: الآیة 29

18: قضاء الدین

18: قضاء الدین

یجب علی الإنسان قضاء دین نفسه إذا کان له مال، وإذا لم یکن له مال فالواجب علی بیت المال قضاء دینه، کما ذکر فی کتاب الزکاة، وکذلک یجب علی ورثة المیت قضاء دین المیت إن کان له مال، فإن لم یکن له مال وجب ذلک علی بیت المال.

وفی روایة موسی بن بکر، عن الکاظم (علیه السلام)، قال: Sفلیستدن علی الله وعلی رسوله ما یقوت به عیاله، فإن مات ولم یقضه کان علی الإمام قضاؤه، فإن لم یقضه کان علیه وزره، إن الله عز وجل یقول: ﴿إنَّمَا الصَّدَقاتُ﴾((1)) الآیة، فهو فقیر مسکین مغرمR((2)).

والدین الذی یجب علی بیت المال أداؤه لا فرق فیه بین أن یکون استدان لواجبات عیاله أو مستحباتهم مثل أن یذهب بهم إلی الزیارة ونحو ذلک مما هو من شؤونهم علی نحو التوسط، بل أکثر من ذلک إذا لم یکن إسرافاً وما أشبه ذلک من المحرمات، إذ لا یجب علی الإنسان أن یضیق علی نفسه وعلی عائلته بالقدر الواجب فقط.

19: قضاء العبادات

19: قضاء العبادات

یجب علی الإنسان قضاء الصلاة والصوم والحج إذا فاته الأداء، سواء وجبت ابتداءً أو بالنذر، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب النذر، وکذا یجب علیه قضاء السجدة والتشهد المنسیین بعد الصلاة، وهکذا یجب قضاء الصلاة والصوم والحج والنذر إذا حصل النذر فی زمانه عن المیت بالشروط المقررة فی الفقه، أما إذا لم یحصل النذر فی زمانه فالظاهر عدم وجوب القضاء علی الوارث، مثلاً نذر إن جاء إلی یوم الجمعة ولده یصوم یوماً ثم مات قبل یوم الجمعة ثم جاء ولده إلی یوم الجمعة، لأن التکلیف بعد مجیء الولد وقد فرض أنه کان میتاً فلا تکلیف علیه، وقد ذکرنا تفصیل هذه المباحث فی کتاب (الفقه).

ومثل الصوم سائر المحذورات، کما إذا صار مجنوناً أو ما أشبه ذلک، وفی

ص:259


1- سورة التوبة: الآیة 60
2- الوسائل: ج13 ص191 الباب 9 من الدین ح2

الحدیث: Sما غلب الله علیه فالله أولی بالعذرR((1)).

20: قضاء الحقوق

20: قضاء الحقوق

یجب قضاء حق الأقرباء والإخوان والزوجین الواجب، ویستحب قضاء المستحب، والمراد بالقضاء هنا الأداء مثل: ﴿فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ﴾((2)).

وذلک للأدلة الدالة علی حقوق الوالدین والأولاد وسائر الأقرباء والزوجین کل علی الآخر، وحقوق المؤمن مما ذکر فی باب الحقوق من کتب الروایات والأخلاق، وبعضها ذکرت فی الفقه.

کما یجب قضاء حقوق الإنسان بما هو إنسان وإن کان کافراً حتی قال علی (علیه الصلاة والسلام): Sأو نظیر لک فی الخلقR((3))، وحق الحیوان وحق الشجر وحق المال الجامد، وقد ذکر جملة منها فی کتاب النکاح بمناسبة النفقات.

فقد أجری علی (علیه السلام) علی کافر النفقة من بیت المال، کما ألمحنا إلیه قبل ذلک، وقد ورد فی الروایات حق الجار الکافر.

21: القضاء

21: القضاء

یجب القضاء علی من اجتمعت فیه شروط القضاء کفایةً، وان لم تکن مجتمعة الشروط فی إنسان ولم یکن هناک من یکفی یجب تحصیلها حتی یقوم به، وإذا کان هناک إنسان واحد مجتمعاً فیه الشروط وجب بالوجوب العینی، وذلک من الضروریات لتوقف النظام علی ذلک، وقد ذکرنا تفصیله والدلیل علیه فی کتاب القضاء، کما یجب علی والی المسلمین تعیین القضاة فی المناطق بقدر الکفایة.

ولا یخفی أن قدر الکفایة هو علی حسب المنهج الإسلامی لا علی حسب المنهج الغربی السائد الآن حتی فی کثیر من بلاد المسلمین، لقد کان فی الکوفة علی سعتها قاض واحد من أیام عمر إلی أیام عبد الملک حتی انقضی سبعة منهم والقاضی قاض واحد.

أما ما نقل فی بعض الروایات من أن شریح أفتی بقتل الإمام الحسین (علیه السلام) فقد وجدناه فی کتب المتأخرین

ص:260


1- الکافی: ج3 ص412
2- سورة الجمعة: الآیة 10
3- نهج البلاغة: الکتاب 53

کالسبزواری قبل مائة سنة، ولم أطلع علی ذلک فی کتب السابقین.

22: قضاء النذر ونحوه

22: قضاء النذر ونحوه

والمراد بالقضاء هنا الأداء، ففی صحیح محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الأیمان والنذور والیمین التی هی لله طاعة، فقال: Sما جعل لله علیه فی طاعة فلیقضهR((1)).

وتفصیل الکلام فی النذر وأخویه مما ذکرناه فی الفقه مفصلا.

ولا یخفی أن قول الإمام (علیه السلام): Sمن فاتته فریضة فلیقضها کما فاتتهR لا یدل علی عدم وجوب الیمین فی ما إذا لم یکن طاعة، وإنما کان مباحاً، نعم فی النذر یلزم أن یکون متعلقه راجحاً.

23: قطع ید السارق

23: قطع ید السارق

قال سبحانه: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما﴾((2))، وقد ذکرنا فی کتاب (الممارسة) خمساً وأربعین شرطاً لقطع ید السارق، فلیلاحظ هناک، کما ذکرنا فی کتاب الحدود تفصیل المسألة.

وقوله: Pفاقطعوا أیدیهماO لیس خطاباً لعامة المسلمین، فإن الحدود الشرعیة لا یجریها إلا الحکام المأمورون من قبل المسلمین((3)) المنصوبون شرعاً، ولو تساوت الأدلة العامة مثل قوله (علیه السلام): Sمن کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً لهواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام أن یقلدوهR.

والمشهور أن یکون القاضی مجتهداً، لکن فی الجواهر ذکر عدم وجوب الاجتهاد مع وجود العلم والعدالة فی القضاء ولم نستبعده فی الجملة کما ذکرناه هناک.

24: القعود للکفار

24: القعود للکفار

قال سبحانه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِکینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ کُلَّ مَرْصَدٍ، فإن تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّکاةَ فَخَلُّوا سَبیلَهُمْ إنَّ اللَّهَ

ص:261


1- الوسائل: ج16 ص151 الباب 23 من الیمین ح1
2- سورة المائدة: الآیة 38
3- فهم المأمورون بالأمر الشرعی ویقومون بإجراء الحد من قبل المسلمین فیصدق الخطاب فی قوله تعالی P فاقطعوا O علیهم

غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

وقد ألمعنا إلی ذلک فی مادة الحصر.

ولا یخفی أن استثناء أمثال Pأقاموا الصلاة وآتوا الزکاةO من باب المصداق الظاهر، وإلا فدخولهم فی الذمة أیضا کاف.

25: التقلید

25: التقلید

 یجب علی العامی التقلید إما وجوباً تعیینیاً إذا لم یمکن الاحتیاط، أو تخییریاً بینه وبین الاحتیاط إن تمکن منه، وقد قال (علیه الصلاة والسلام): Sأما من کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً لهواه، مطیعاً لأمر مولاه فللعوام أن یقلدوهR((2)).

إلی غیر ذلک مما ذکرناه فی کتاب التقلید.

أما لزوم أن یکون أعلم فقد أشکلنا علی ذلک فی الفقه، کما أشکل علی ذلک جماعة من عظماء الفقهاء أمثال صاحب المسالک وصاحب الفصول وصاحب الجواهر وغیرهم.

نعم لا شک فی أن کون مرجع التقلید أعلم هو الأحوط.

26: قطع مادة الفساد

26: قطع مادة الفساد

یجب قطع مادة الفساد وجوباً کفائیاً، فإن ذلک من باب النهی عن المنکر ودفعه، وکلاهما واجب کما ذکرناه فی مورده.

وقد سبق فی هذا الکتاب وفی روایات کثیرة الإلماع إلیه مما یفهم منه الملاک والمناط والقاعدة الکلیة، مثل ما ورد من أمر رسول الله (صلی الله علیه وآله) الولد بالحیلولة دون زنا أمه((3))، ومثل إحراقه (صلی الله علیه وآله) لمسجد ضرار((4))، ومثل تزویج علی (علیه الصلاة والسلام) البغیة((5)) إلی غیر ذلک.

ص:262


1- سورة التوبة: الآیة 5
2- الوسائل: ج18 ص94 الباب 10 من صفات القاضی ح20
3- الوسائل: ج18 ص414 الباب 48 من حد الزنا ح1
4- تفسیر البرهان: ج2 ص161 ح2
5- حیث زوجها أمیر المؤمنین (علیه السلام) من شخص

ومن الواضح أن اللازم قطع مصداق الفساد فی المادة ولا خصوصیة لأفراده، وإن کان هناک فرد یحتاج إلی الأکثر مؤنة وفرد یحتاج إلی الأقل مؤنة قدم الثانی وإن جاز الأول أیضاً، وإنما یقدم الثانی لأن ذلک أقطع لمادة الفساد.

27: إقامة الحدود

27: إقامة الحدود

یجب إقامة الحدود علی النبی والإمام (علیهما الصلاة والسلام) وعلی نوابهم الذین یتمکنون من الإقامة، لأنهم منصوبون من قبلهم، وقد قال (علیه الصلاة والسلام): Sإنی قد جعلته علیکم حاکماًR((1)).

وإقامة الحدود من جملة شؤون الحکم، وقد ورد بذلک روایات ذکرناها فی کتبنا المرتبطة بالحکم والحدود.

وفی خبر حفص بن غیاث، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) من یقیم الحدود السلطان أو القاضی، فقال: Sإقامة الحدود إلی من إلیه الحکمR((2)).

وفی صحیح محمد بن مسلم، فی الرجل یؤخذ وعلیه حدود أحدها القتل، فقال: Sکان علی (علیه السلام) یقیم علیه الحدود ثم یقتله ولا تخالف علیاً (علیه السلام)R((3)).

نعم بعض الحدود فوض إلی غیر الحاکم، مثل قتل ساب النبی (صلی الله علیه وآله) وتأدیب الزوجة والولد وما أشبه ذلک.

والظاهر أن قوله (علیه السلام): Sإلی من إلیه الحکمR بدون ذکر القاضی أی إن القاضی لا یتمکن، والمراد به القاضی الذی لا یستند إلی الحاکم، أما إذا کان مستنداً إلی الحاکم فهو یأتی بالحدود کما کان فی زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) بالنسبة إلی البلاد البعیدة عنه، وکذلک فی زمن علی (علیه السلام)، بالإضافة إلی إطلاق الأدلة، کما أن قول الذی فوض إلی غیر الحاکم إنما هو بموازین محدودة لا إطلاقاً خصوصاً مثل الزوجة والولد والعبد بالنسبة إلی مولاه وما أشبه ذلک.

ص:263


1- الوسائل: ج18 ص99 الباب 11 من صفات القاضی ح1
2- الوسائل: ج18 ص220 الباب 31 من کیفیة الحکم ح1
3- الوسائل: ج18 ص326 الباب 15 من مقدمات الحدود ح4

والقاضی والحاکم أعم قدرة من زوج الزوجة ووالد الولد وسید العبد، وقد ذکرناه فی ذلک أن ولایة الفقیه أو شوری الفقهاء کما نری لیس معناه التعدی عن حدود الله بل فی ضمن حدود الله.

28: إقامة الحکومة الإسلامیة

28: إقامة الحکومة الإسلامیة

یجب إقامة الحکومة الإسلامیة علی کافة المسلمین للفقهاء المراجع الذین هم نواب الأئمة (علیهم الصلاة والسلام) فی زمان الغیبة، وذلک لا یکون إلاّ بالشوری المرجعیة إذا کان الفقهاء المراجع متعددین کما فی أزمنتنا هذه، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتبنا السیاسیة، وذلک:

1: بتکوین (الأمة الواحدة) حسب ما قاله الله سبحانه: ﴿وَإنّ هذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً واحِدَةً﴾((1))، ولا یکون ذلک إلاّ بوحدة الحکومة علی کل بلاد الإسلام ذات ألف وخمسمائة ملیون مسلم، وبذلک تسقط الحدود الجغرافیة التی صنعها المستعمرون والجهال.

2: وبإحیاء (الأخوة الإسلامیة) فکل المسلمین إخوة شاؤوا أم أبوا، فی کل الحقوق والواجبات، لا فرق بین عربی وعجمی وأحمر وأبیض، وفی القرآن الحکیم: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾((2)).

3: وبتوفیر (الحریات الإسلامیة) من حریة الزراعة والتجارة والصناعة والسفر والإقامة والعمارة وحیازة الأرض وحیازة المباحات، وإبداء الرأی والکتابة وجعل المطابع والمصانع والمطارات والقطارات والإذاعات والتلفزیونات وغیرها، فغیر الحرام المنصوص علیه الإنسان فیه حر، قال سبحانه: ﴿یَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتی کانَتْ عَلَیْهِمْ﴾((3))، والقاعدة المعروفة تقول: Sالناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهمR((4))، وإنما کانت قاعدة،

ص:264


1- سورة المؤمنون: الآیة 52
2- سورة الحجرات: الآیة 10
3- سورة الأعراف: الآیة 157
4- الغوالی: ج3 ص208 ح49

لأن نصفها الأول روایة کما ذکرنا تفصیله فی کتاب المکاسب، ونصفه الثانی مستفاد من قوله سبحانه: ﴿النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾((1)).

نعم بعض ما یتوقف علیه النظام یجب ملاحظته کقوانین المرور ونحوها، فإن ذلک وإن لم یکن منصوصاً فی الشربعة بالنص الخاص لکنه نص علیه بالنصوص المطلقة، مثل Sلا ضررR وما أشبه، علی ما ذکرنا تفصیله فی بعض مباحث (الفقه).

4: وبتطبیق سائر قوانین الإسلام، فقد قال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ﴾((2))، وفی آیة: ﴿الظَّالِمُونَ﴾((3))، وفی آیة: ﴿الْفاسِقُونَ﴾((4))، وتفصیل الکلام فی ذلک فی المفصلات.

فإن تلک لا تنحصر فی الآیات الثلاث، بل مثل قوله (صلی الله علیه وآله): Sالأرض لله ولمن عمرهاR((5))، وقوله (صلی الله علیه وآله): Sمن سبق إلی ما لم یسبق إلیه مسلم فهو أحق بهR((6))، وما أشبه ذلک هی من الأحکام الإسلامیة التی سببت تقدم المسلمین بالأخذ بها جمیعاً، ویوم ترکوها سقطت عزتهم بعد أن سقطت دولتهم.

29: إقامة الدین بمعنی العمل به

29: إقامة الدین بمعنی العمل به

قال سبحانه: ﴿شَرَعَ لَکُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّی بِهِ نُوحاً وَالَّذی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ وَما وَصَّیْنا بِهِ إِبْراهیمَ وَمُوسی وَعیسی أنْ أَقیمُوا الدِّینَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فیهِ﴾((7)).

30: إقامة الدین بمعنی إشاعته بین الناس

30: إقامة الدین بمعنی إشاعته بین الناس

سواء کانوا متدینین بالالتزام به، أو غیر متدینین بدعوتهم إلیه،

ص:265


1- سورة الأحزاب: الآیة 6
2- سورة المائدة: الآیة 44
3- سورة المائدة: الآیة 45
4- سورة المائدة: الآیة 47
5- الکافی: ج5 ص279
6- مستدرک الوسائل: ج17 ص111 وفیه: S من سبق إلی ما لا یسبقه ... R
7- سورة الشوری: الآیة 13

من الواجبات القطعیة بل من الضروریات، وأدلة التبلیغ والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر وما أشبه، بالإضافة إلی الآیة السابقة کلها مؤیدة له.

ومن الواضح أن معنی إقامة الدین لیس بمعنی فهم أحکامه فقط، بل فهم الأحکام والعمل بها فی مختلف شؤون الحیاة من العائلیة والفردیة وغیرهما، مما هو معروف عند المتدینین، وهذا هو معنی الزیارة: Sأشهد أنک قد أقمت الصلاةR وإقامة الصلاة بمعنی إشاعتها والعمل بها لا بمعنی أنه صلی، وهکذا معنی Sوآتیت الزکاةR، والمحتمل أن یراد بالزکاة کل مال واجب فی الشریعة فیشمل الخمس أیضاً.

31: الإقامة فی الحرمین

31: الإقامة فی الحرمین

ذکرنا هذا المبحث فی مادة (الجبر) فلیراجع هناک.

32: الإقامة بمکة

32: الإقامة بمکة

یجب عند غیر واحد من الفقهاء الإقامة بمکة علی من أفسد عمرته المفردة بالجماع إلی الشهر المقبل، فیخرج إلی بعض المواقیت ویعتمر ثانیاً، وقد دل علی ذلک بعض الروایات، وتفصیله فی کتاب الحج.

33: إقامة الوجوه

33: إقامة الوجوه

قال سبحانه: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّی بِالْقِسْطِ وَأَقیمُوا وُجُوهَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصینَ لَهُ الدِّینَ کَما بَدَأَکُمْ تَعُودُونَ﴾((1)).

وظاهر الآیة عدم التفرقة فی المساجد بأن یکون هذا المسجد لهذه الجماعة وهذا المسجد لهذه الجماعة وهکذا، بل کل المساجد لله سبحانه وتعالی، کما قال: ﴿وَأنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ﴾((2)).

والظاهر أن اقامة الوجوه عند کل مسجد لیس حکماً جدیداً، وإنما المراد به الإتیان بالعبادات فی کل المساجد علی سبیل الاستحباب المذکور فی سائر الروایات.

ص:266


1- سورة الأعراف: الآیة 29
2- سورة الجن: الآیة 18

ومن ذلک یظهر أنه لا یحق لشخص أو جماعة أن یبنوا مسجداً لجماعة خاصة، مثلاً یبنون فی محلة مسجداً لأهل محلتهم فقط، أو یبنون فی مدینتهم مسجداً لأهل المدینة فقط، أو للعرب فقط أو للعجم فقط أو للترک فقط أو ما أشبه ذلک، فإن ذلک خلاف حکم الله سبحانه وتعالی، فإن المساجد لله.

34: القول الحسن

34: القول الحسن

قال سبحانه: ﴿وَإذْ أَخَذْنا میثاقَ بَنی إِسْرائیلَ لا تَعْبُدُونَ إلاّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَذِی الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إلاّ قَلیلاً مِنْکُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾((1)).

والآیة وإن کان المخاطب بها بنو إسرائیل، إلاّ أن الحکم واحد لکل الأمم، ویدل علی ذلک السیاق، فإن کل ما ذکر فی الآیة المبارکة دین الله الثابت علی کل الأمم بالنص والإجماع بل والضرورة، والظاهر أن المراد بالقول الحسن أعم من الواجب فی الواجب، والمستحب فی المستحب، فلیس حکماً جدیداً.

وفی آیة أخری: ﴿قُلْ لِعِبادی یَقُولُوا الَّتی هِیَ أَحْسَنُ﴾((2)) فإن کان المراد الأحسن فی قبال الحسن فلا إشکال فی استحبابه، وإن کان المراد فی قبال السیء کما قد یفضل بمثل ذلک مثل: ﴿أَوْلی لَکَ فَأَوْلی﴾((3)) وقول الفقهاء (هو أحوط) یراد به الاحتیاط، لا أن الطرف الآخر أیضاً فیه احتیاط، کان واجباً.

ولا یبعد إرادة الأعم بما لا یستلزم استعمال اللفظ فی أکثر من معناه، فإن ذلک وإن کان جائزاً إلاّ أنه خلاف الظاهر، لا یصار إلیه إلاّ بالقرینة، لا کما ذکره الآخوند من الاستحالة، کما حققنا ذلک فی (الأصول)، ومن الکلام فی ذلک یعرف المعنی فی قوله تعالی: ﴿وَإذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((4)).

ص:267


1- سورة البقرة: الآیة 83
2- سورة الإسراء: الآیة 53
3- سورة القیامة: الآیة 34
4- سورة النساء: الآیة 8

وقوله سبحانه: ﴿وَلْیَخْشَ الَّذینَ لَوْ تَرَکُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ فَلْیَتَّقُوا اللَّهَ وَلْیَقُولُوا قَوْلاً سَدیداً﴾((1)).

وقوله سبحانه: ﴿یا نِساءَ النَّبِیِّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إنْ اتَّقَیْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذی فی قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((2)).

وقوله سبحانه: ﴿وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً کَریماً﴾((3)).

ولا یخفی أن قوله تعالی: Pیقولوا التی هی أحسنO معنی ذلک الأعم من الأحسن التفضیلی والحسن فی مقابل السیء، أو المراد بذلک أن الأحکام وإن کانت کلها حسنة لکن علی الإنسان أن ینتخب الأفضل منها، مثلاً الصلاة کلها حسنة لکن صلاة اللیل من الأحسن فی قبال سائر الصلوات المندوبة، فإن Sالصلاة خیر موضوع فمن شاء استقلّ ومن شاء استکثرR، وهکذا بالنسبة إلی إعطاء المال وما أشبه، وهذا تحرض لارتفاع الإنسان إلی الذی یتمکن منه من الدرجات الرفیعة.

35: القیام فی الصلاة

35: القیام فی الصلاة

القیام فی الصلاة واجب بلا إشکال، ودل علیه النص والإجماع.

أما قوله سبحانه: ﴿وَإذا کُنْتَ فیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ﴾((4))، فالمراد الإتیان بالصلاة جماعة.

ولا یخفی أن قوله تعالی: Pوَإذا کُنْتَ فیهِمْO لا یراد بذلک أنه خاص بالنبی (صلی الله علیه وآله) بل کل جماعة تقع فی الحرب علی الشرائط المذکورة فی کتاب الصلاة فی باب

ص:268


1- سورة النساء: الآیة 9
2- سورة الأحزاب: الآیة 32
3- سورة الإسراء: الآیة 23
4- سورة النساء: الآیة 102

صلاة الخوف.

36: القیام للیتامی

36: القیام للیتامی

قال سبحانه: ﴿وَیَسْتَفْتُونَکَ فِی النِّساءِ قُلِ اللَّهُ یُفْتیکُمْ فیهِنَّ وَما یُتْلی عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ فی یَتامَی النِّساءِ اللاَّتی لا تُؤْتُونَهُنَّ ما کُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أن تَنْکِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفینَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأنْ تَقُومُوا لِلْیَتامی بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ فإنَّ اللَّهَ کانَ بِهِ عَلیماً﴾((1)).

ومن الواضح أن القیام للیتامی لیس حکماً جدیداً، وإنما هو الأحکام المتفرقة المتعلقة بالیتامی من إدارة شؤونهم الدینیة والبدنیة والمالیة والعرضیة، ومثل ذلک جملة من الألفاظ المشابهة الواردة فی القرآن الحکیم والسنة المطهرة.

وقوله سبحانه: Pوما یتلی علیکم فی الکتابO لا یراد به خصوص القرآن الحکیم، بل ما فی القرآن وما بینه الرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة الطاهرون (علیهم السلام)، کما قال (صلی الله علیه وآله): Sإنی مخلف فیکم الثقلین، کتاب الله وعترتی أهل بیتیR، ومن الممکن أن یرجع ذلک إلی الکتاب باعتبار Pولا رطب ولا یابس إلی فی کتاب مبینO((2))، وباعتبار قوله تعالی: Pما آتاکم الرسول فخذوه وما نهاکم عنه فانتهواO((3)).

37: القوام بالقسط

37: القوام بالقسط

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامینَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلی أَنْفُسِکُمْ أَوِ الْوالِدَیْنِ وَالْأَقْرَبینَ إنْ یَکُنْ غَنِیًّا أَوْ فَقیراً فَاللَّهُ أَوْلی بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوی أنْ تَعْدِلُوا وَإنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فإنَّ اللَّهَ کانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبیراً﴾((4)).

والظاهر أن المراد به المبالغة باعتبار کثرة أفراد القیام بالقسط، فإن المسلم یجب أن

ص:269


1- سورة النساء: الآیة 127
2- سورة الأنعام: الآیة 59
3- سورة الحشر: الآیة 7
4- سورة النساء: الآیة 135

یقوم بالعدل فی کل شؤونه، والقسط والعدل إن ذکرا معاً أرید بالأول القضایا المالیة وبالثانی غیرها، کما ورد فی الحدیث حول الإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه الشریف): Sیملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملأ ظلماً وجوراًR((1))، وإن ذکر کل منهما بانفراده أرید به الأعم من الآخر کالفقیر والمسکین.

وعلی هذا ف_ (قسطاً وعدلاً) یراد بمقابلهما الظلم والجور علی سبیل اللف والنشر المشوش، فجوراً فی المال، وظلماً فی الأعم من المال وغیر المال، أو فی خصوص غیر المال.

والغالب أن یکون الجور فی قبال الغیر، والظلم یشمل حتی النفس، مثل قوله سبحانه: Pولکن الناس أنفسهم یظلمونO((2))، فمن ترک الصلاة یقال له ظلم نفسه، ولا یقال له جار، وإن کان علی نحو المجاز بأن یقال جار علی نفسه، لکن المنصرف غیر ذلک.

38: قیام اللیل

38: قیام اللیل

قال سبحانه لنبیه (صلی الله علیه وآله): ﴿یا أَیُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّیْلَ إلاّ قَلیلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلیلاً * أَوْ زِدْ عَلَیْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتیلاً﴾((3)).

ومن المشهور أن قیام اللیل کان واجباً علی رسول الله (صلی الله علیه وآله)، مستحباً علی غیره من المؤمنین، ولعل الأحکام الموجهة إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) غیر مثل جواز التزوج بأکثر من أربع، إنما ذکر فی القرآن الحکیم لبیان خصوصیات القائد للمسلمین وإن لم یکن نبیاً، فهی فیه((4)) أولی من غیره، مثلاً صلاة اللیل فی القائد أولی من صلاة اللیل بالنسبة إلی سائر المؤمنین، وحتی مثل آیة النجوی حیث نسخت علی المشهور، ذکرت لتعلیم المسلمین الابتعاد عن نجوی القائد أمام الناس.

کما أنها ربما ذکرت وحتی بالنسبة إلی أکثر من الأربع من جهة التعریف بالرسول (صلی الله علیه وآله) فلا یقال ما فائدة ذکر هذه الأحکام ولا شأن للمسلمین بها.

نعم تزویج

ص:270


1- إکمال الدین: ج1 ص259 الباب 24 ح2
2- سورة یونس: الآیة 44
3- سورة المزمل: الآیة 1 _ 4
4- أی فی القائد

أکثر من الأربع دواماً خاص به (صلی الله علیه وآله) فلا یجوز لغیر من الناس مهما کانت الظروف.

ومعنی عدم الجواز التکلیفی والوضعی، فإذا عقد علی الخامسة دواماً کان فعله حراماً، بالإضافة إلی أنها لا تکون زوجة له.

39: الاستقامة

39: الاستقامة

الاستقامة تارة واجبة علی الإنسان بنفسه، بالنسبة إلی نفسه وأصحابه وذویه، وتارة واجبة بالنسبة إلی غیره، قال سبحانه: ﴿أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقیمُوا إِلَیْهِ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿فَاسْتَقِمْ کَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَکَ﴾((2)).

أما بالنسبة إلی الغیر فقد قال سبحانه: ﴿کَیْفَ یَکُونُ لِلْمُشْرِکینَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إلاّ الَّذینَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَکُمْ فَاسْتَقیمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَّقینَ﴾((3)).

وعلی أی حال، فالمراد بالاستقامة فی المقامین اتباع الشریعة وعدم الانحراف عنها، فلیس حکماً جدیداً فی المقام.

وإنما نبه علی ذلک لأن بقاء الإنسان مستقیماً علی طریق الشریعة أمر صعب للغایة، فإن کثیراً من الناس یعملون بالأحکام فی مدة معینة ثم تضعف الإرادة عندهم فی البقاء مستقیماً إلی آخر المقام.

40: القیام

40: القیام

قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّما أَعِظُکُمْ بِواحِدَةٍ أنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنی وَفُرادی ثُمَّ تَتَفَکَّرُوا ما بِصاحِبِکُمْ مِنْ جِنَّةٍ إنْ هُوَ إلاّ نَذیرٌ لَکُمْ بَیْنَ یَدَیْ عَذابٍ شَدیدٍ﴾((4)).

والمراد أنه إن تمکن الفرد من التفکر بنفسه بما یوصله إلی الحق قام فرداً، وإن لم یتمکن

ص:271


1- سورة فصلت: الآیة 6
2- سورة هود: الآیة 112
3- سورة التوبة: الآیة 7
4- سورة سبأ: الآیة 46

إلاّ بالتعاطی والأخذ والرد قام مثنی مع صدیق له یتداولان الکلام والرأی حتی یصلا إلی نتیجة.

وعلی أی حال فهو إرشاد ولیس حکماً جدیداً، کما أن الموضوع فی الآیة المبارکة لیس له خصوصیة وإنما هو من باب المثال، لوحدة الملاک فی المقام وفی غیره من سائر أصول الدین، بل والفروع أیضاً.

وذلک واضح لأن الغالب أن الأمم خصوصاً المستکبرین منهم کانوا یرمون الأنبیاء (علیهم السلام) بأمرین، السحر والجنون، وإلی الیوم نشاهد أن المصلحین یرمون بالجنون، نعم لا یرمون بالسحر لأنه لا یظهر منهم خلاف الموازین الطبیعیة.

وقوله سبحانه: Pسخرها لکم لتکبرواO((1)) معنی ذلک أنه علامة کبر الله سبحانه، لأنه أتی بما لا یتمکن الإتیان به أحد من خلق هذا الحیوان وتسخیره للإنسان، وإلا فأی أحد یتمکن من أن یسخر حیواناً ولو صغیراً للإنسان.

ص:272


1- سورة الحج: الآیة 37

حرف الکاف

1: التکبیر

حرف الکاف

1: التکبیر

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّکَ فَکَبِّرْ﴾((1)).

هل المراد تکبیره وتعظیمه فی أصول الدین حتی یکون واجباً، أو أن التکبیر مستحب، أو المراد به الأعم منهما الواجب فی مقامه والمستحب فی مقامه، احتمالات، لایبعد الأول، ویمکن أن یکون الثالث.

ومثله قوله سبحانه: ﴿لَنْ یَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلکِنْ یَنالُهُ التَّقْوی مِنْکُمْ، کَذلِکَ سَخَّرَها لَکُمْ لِتُکَبِّرُوا اللَّهَ عَلی ما هَداکُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنینَ﴾((2)).

2: الکتابة

2: الکتابة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا تَدایَنْتُمْ بِدَیْنٍ إلی أَجَلٍ مُسَمًّی فَاکْتُبُوهُ وَلْیَکْتُبْ بَیْنَکُمْ کاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾((3)).

والمشهور بین الفقهاء أن الکتابة إرشاد أو مستحب، أما الإرشاد فلحفظ الحق، وأما الاستحباب فلأنه مأمور به شرعاً، وإن کانت العلة أیضاً ذلک، وعلی کل حال فلیست بواجبة.

ویؤیده السیرة المستمرة بین المتدینین من عدم الکتابة، بل فی قروض رسول الله (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه الصلاة والسلام) لا تظهر الکتابة، فقد اقترض رسول الله (صلی الله علیه وآله) من الیهودی،

ص:273


1- سورة المدثر: الآیة 1 _3
2- سورة الحج: الآیة 37
3- سورة البقرة: الآیة 282

وکذلک اقترض علی (علیه الصلاة والسلام) الأصوع لإفطاره((1))، إلی غیر ذلک، فإنهم لو کانوا قد کتبوا لظهر فی الروایات، فعدمه دلیل عدمه من باب لو کان لبان، فتأمل.

ولا یخفی أن هذه الآیة المبارکة هی أطول آیة فی القرآن، وقد اشتملت علی خمسین حکماً کما ذکر فی التفاسیر.

3: کتابة العبید

3: کتابة العبید

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یَبْتَغُونَ الْکِتابَ مِمَّا مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ فَکاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فیهِمْ خَیْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذی آتاکُمْ﴾((2)).

المشهور بین الفقهاء استحباب الکتابة فلیست بواجبة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب العتق.

وقوله تعالی: Pإنْ عَلِمْتُمْ فیهِمْ خَیْراًO هل هو علی نحو الشرط، أو إنه المصداق الأفضل، لا یبعد الأول، وإن کان الظاهر الثانی.

4: الکسب

4: الکسب

یجب علی الإنسان الکسب لأجل معاشه ومعاش واجبی النفقة علیه، والمراد بالکسب أعم من حیازة المباحات ونحوها، وفی الحدیث: Sلعن الله من ضیع من یعولR((3)).

وهو واجب مقدمی، إذ لا دلیل علی وجوبه نفسیاً، وقد ذکر الفقهاء تفصیل ذلک فی کتاب المکاسب.

کما یجب علی مجموع المسلمین الاکتساب لأجل ارتفاعهم عن غیر المسلمین باعتبار أن Sالإسلام یعلو ولا یعلی علیهR، بل بعض الفقهاء تعدی إلی کل شیء حتی فی مثل بناء الدار، وأنه یجب علی المسلم أن یبنی داره بحیث تکون أعلی من دار غیر المسلم، لکن هذا الإطلاق محل نظر، کما ذکرناه فی بعض مباحث (الفقه).

ص:274


1- انظر البحار: ج43 الباب 3 ص30
2- سورة النور: الآیة 33
3- الوسائل: ج15 ص251 الباب 21 من النفقات ح5

5: : کسوة السفهاء

5: : کسوة السفهاء

قال سبحانه: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَکُمُ الَّتی جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ قِیاماً وَارْزُقُوهُمْ فیها وَاکْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((1)).

قد یراد بذلک الوجوب، وقد یراد بذلک الاستحباب، وقد یراد بذلک الأعم منهما، فلیس ذلک حکماً جدیداً وإنما هو إلماع إلی الحکمین کل فی مورده.

والمراد بالرزق والکسوة الأعم منهما، حتی الإسکان والدواء وما أشبه ذلک، وإنما ذکر الرزق والکسوة باعتبار أنهما الغالب.

6: التکفف

6: التکفف

الظاهر أنه یجوز للفقیر الذی لا یتمکن من قوت سنته وسائر شؤونه قوةً ولا فعلاً التکفف، إذا لم یکن عنده ولم یتمکن من العمل الجائز لأجل معاشه وسائر شؤونه، وإلا لا یجوز له التکفف لإطلاق أدلة المنع، خرج منه ما ذکرناه فبقی الباقی تحته.

وإنما یکون ذلک إذا لم یکن بیت مال یقوم بأموره، وإلا فهو واجب علی بیت المال، للروایات المتعددة الدالة علی ذلک، وذلک لأن للإنسان أن یعیش حسب المتوسط حتی فی سفره وزواج ولده وهدیته وصدقته وحجه وما أشبه ذلک، بل یجب علیه بقدر سد الرمق.

وقد کانت بریرة تتکفف فی زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) وأحیاناً تهدی إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) بعض ما تکففت کما فی قصة هدیتها لعائشة اللحم، وقول الرسول (صلی الله علیه وآله): Sإنها لها صدقة ولنا هدیةR((2)).

وکما فی قصة علی (علیه الصلاة والسلام) حیث أتاه مکاتب یتکفف لأجل سد مال کتابته، بل لم ینکر علی (علیه الصلاة والسلام) علی الذی کان یتکفف فی الکوفة وإنما أمر بإجراء الراتب له من بیت المال((3))، ولذا کان للفقیر اشتراء دار لنفسه وعائلته من

ص:275


1- سور ة النساء: الآیة 5
2- البحار: ج93 ص74 الباب 7 من الزکاة ح7
3- الوسائل: ج11 ص49 الباب 19 من جهاد العدو ح1

التکفف وکذلک إدارة سائر شؤونه المنزلیة.

نعم إذا کان له مقدار معیشة السنة زائداً عن مستثنیات الدین لا یحق له التکفف، للروایات الناهیة عن ذلک، خرج منها ما ذکرناه بالدلیل وبقی الزائد تحت الدلیل الناهی.

وقد کان فی زمان الإسلام الفقراء بقلة، ووجه ذلک أن الحریات کانت ممنوحة لکل المسلمین، والکل یکتسبون بسبب الحریات من أسماک الأنهار والبحار وأملاح المعادن، والأرض کانت مباحة لمن عمرها، إلی غیر ذلک مما ذکرنا تفصیله فی کتبنا المعنیة بهذه الشؤون((1)).

7: الکفر بالطاغوت

7: الکفر بالطاغوت

قال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إلی الَّذینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ یُریدُونَ أنْ یَتَحاکَمُوا إلی الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أن یَکْفُرُوا بِهِ وَیُریدُ الشَّیْطانُ أنْ یُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعیداً﴾((2)).

فمن الواجب الکفر بالطاغوت قلباً کالإیمان بالله، فعدم الکفر به من أشد المحرمات، أما عدم الکفر العملی به فهو فسق.

واللسان یجب أن یطابق القلب فلا یقول الإنسان: إنی أومن بالطاغوت کلیة أو طاغوت خاص کفرعون ونمرود وفلان وفلان مما یرتبط بأصول الدین.

أما أن یقول: إنی أعتقد بهذا الحاکم فی قضائه فنراجعه، فذلک أیضاً لا یجوز شرعاً.

والحاصل: إن ما کان من شؤون الإیمان فمربوط بالقلب واللسان، وما کان من شؤون العمل فمربوط بالجوارح والتی منها اللسان.

والطاغوت مصدر بمعنی کثیر الطغیان، کالجبروت والملکوت، وربما یراد به اسم الفاعل مبالغة.

ومقتضی الآیة وجملة من الروایات عدم جواز مراجعة حکام الجور ولو کان یثبت الحق فی نصابه، وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی أول التقلید وفی کتاب القضاء.

ففی صحیحة أبی بصیر، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): قول الله عز وجل فی کتابه: ﴿لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إلی الْحُکَّامِ﴾((3)

ص:276


1- انظر کتاب (بقایا حضارة الإسلام کما رأیت) للإمام المؤلف
2- سورة النساء: الآیة 60
3- سورة البقرة: الآیة 188

فقال: Sیا أبا بصیر إن الله عز وجل قد علم أن فی الأمة حکاماً یجورون، أما أنه لم یعن حکام العدل ولکنه عنی حکام الجور، یا أبا محمد إنه لو کان لک علی رجل حق فدعوته إلی حکام أهل العدل فأبی علیک إلاّ یرافعک إلی حکام أهل الجور لیقضوا له لکان ممن حاکم إلی الطاغوت، وهو قول الله تعالی: ﴿أَلَمْ تَرَ إلی الَّذینَ﴾((1)) الآیةR((2)).

والمشهور بین الفقهاء أن مراجعة حاکم الجور لإنقاذ حقه جائز، بل أحیاناً واجب، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی الفقه، وقد راجعت الزهراء (علیها السلام) لإثبات حقها إلیهم کما لا یخفی((3))، وکذلک ورد فی الروایات رجوع بعض الأئمة (صلوات الله علیهم) وأصحابهم إلی حکام الجور.

8: الکفارات

8: الکفارات

قد ذکرنا أحکام الکفارات فی أبوابها فی (الفقه)، مثل کفارة الإیلاء، وکفارة الظهار، وکفارات المحرمات فی حال الإحرام، وکفارة حلف العهد والنذر والیمین، وکفارة الدخول بالحائض، وکفارة الإفطار فی شهر رمضان أو قضائه، وکفارة القتل خطأً أو عمداً، إلی غیرها.

وهناک کفارات واجبة ومستحبة ذکرناها فی کتاب الکفارات.

ثم لا یخفی أن الکفارة لا تؤدی مفعول الاستغفار فاللازم علی الإنسان الذی یأتی بالمحرم الاستغفار والإنابة إلی الله تعالی أیضاً.

9: تکفین المیت

9: تکفین المیت

یجب تکفین المیت المسلم الذی لم یستشهد فی ساحة الجهاد علی الشروط الشرعیة، وإلا فملابسه هو کفنه، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی باب الأموات، کما ذکرنا هناک تکفین المرجوم والمقتص منه قبل إجراء الحد علیهما وکیفیة کفنهما.

ولا یخفی أن کفن المیت یخرج من أصل ماله، والذی نری التوسط فی الکفن، بخلاف بعض الفقهاء فقالوا بلزوم أن یأخذوا الکفن من أخس الأکفان مراعاة لحق الورثة، لکنه غیر

ص:277


1- سورة النساء: الآیة 60
2- تفسیر البرهان: ج1 ص188 ح2
3- مضافاً إلی إتمام الحجة علیهم وفضحهم

ظاهر، نعم لا یحوز أخذ الکفن الغالی إلا برضایة الورثة الکبار بالنسبة إلی الزائد علی المتوسط.

10: الکون من وراء المصلین فی الحرب

10: الکون من وراء المصلین فی الحرب

قال سبحانه: ﴿فإِذا کُنْتَ فیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَکَ وَلْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْیَکُونُوا مِنْ وَرائِکُمْ﴾((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الصلاة، وهل ذلک علی سبیل الوجوب أو إرشاد لحفظ النفس، احتمالان، وإن کان لا یبعد الثانی لأنه المتلقی عند المتشرعة.

11: الکون مع الصادقین

11: الکون مع الصادقین

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقینَ﴾((2)).

وقد ذکرنا ذلک سابقاً بوجوب الانضواء تحت لواء الصادقین من الأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) والحکام الصالحین والعلماء الراشدین بأخذ الأحکام منهم واتباعهم فیما أمر الشرع بالاتباع فیه، فلیس هو حکماً جدیداً وإنما إلماع إلی الأحکام المعلومة نصاً أو إجماعاً أو عقلاً.

ص:278


1- سورة النساء: الآیة 102
2- سورة التوبة: الآیة 119

حرف اللام

1: لبس ثوبی الإحرام

حرف اللام

1: لبس ثوبی الإحرام

یجب علی من یحرم أن یلبس ثوبین، یرتدی بأحدهما ویأتزر بالآخر، علی ما ذکرنا تفصیله فی باب الحج.

ولکن الحکم خاص بالرجال علی المشهور، وإن قال بعض الفقهاء بوجوب الثوبین علی المرأة((1)) لکنه غیر مشهور.

2: إلباس المرتدة الثیاب الخشن

2: إلباس المرتدة الثیاب الخشن

هل یجب ذلک أو أنه من طرق إذلالها، احتمالان، قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الحلبی فی المرتدة عن الإسلام: Sلا تقتل وتستخدم خدمة شدیدة، وتمنع الطعام والشراب إلاّ ما یمسک نفسها، وتلبس خشن الثیاب، وتضرب علی الصلواتR((2)).

والظاهر أن الأمر متوجه إلی الحاکم الشرعی، وإذا لم یکن الحاکم الشرعی فعلی الولی کالأب والجد ونحوهما التأدیب بالنسبة إلیها.

إذ الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر واجب خصوصاً علی الأولیاء، وذلک فی ما إذا لم یکن الارتداد من شبهة ولا کان الارتداد تیاراً، حیث لا حکم للمرتد فی هذا الحال، کما ذکرنا تفصیله فی باب الارتداد.

ص:279


1- تلبسهما علی ثیابها
2- الوسائل: ج18 ص549 الباب 4 من حد المرتد ح1

3: التقاط اللقیط

3: التقاط اللقیط

إذا کان اللقیط فی موضع خطر، مجنوناً کان أو طفلاً أو إنساناً کبیراً لا یتمکن من نجاة نفسه وجب علی الناس کفایة التقاطه، وکذلک إذا کان عرضه فی محل الخطر، وإلا فلا دلیل علی الوجوب، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب اللقطة.

والظاهر أن الحکم لیس خاصاً بالمؤمن، بل یشمل الکافر المحترم، کما إذا کان ذمیاً أو معاهداً أو محایداً، علی تفصیل ذکرناه فی باب الکفر.

ص:280

حرف المیم

1: تمتیع المطلقة

حرف المیم

1: تمتیع المطلقة

قال سبحانه: ﴿لا جُناحَ عَلَیْکُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَریضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَی الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَی الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُحْسِنینَ﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الطلاق.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pحقاً علی المحسنینO لیس معناه أن الحق خاص بالمحسن، حتی أن غیر المحسن لا حق علیه، بل الحکم واجب بالنسبة إلی من طلق المرأة فی ما إذا لم تکن المرأة مخالفة أو کافرة لا تری هذا الحق، وإلا فقانون الإلزام هو المحکم علی ما ذکرنا تفصیله فی بابه.

2: امتحان المهاجرات

2: امتحان المهاجرات

قال الله تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا جاءَکُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإیمانِهِنَّ فإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلی الْکُفَّارِ﴾((2)).

والظاهر أن اعترافها بالإسلام کاف فی قبول إسلامها کما فی غیرها، ووجوب الامتحان

ص:281


1- سورة البقرة: الآیة 236
2- سورة الممتحنة: الآیة 10

إنما هو لعدم جواز الإرجاع حسب المعاهدة بین الجانبین ولأجل إیتاء مهرها لزوجها الکافر.

وأما إذا لم تکن معاهدة بین الطرفین فلا یجوز الإرجاع إلی الکفار علی أی حال، لأنها مسلطة علی نفسها.

ونقل عن عبد الله بن عباس أن امتحانهن أن یستحلفن ما خرجت من بغض زوج ولا راغبة عن أرض إلی أرض ولا التماس دنیا، وما خرجت إلاّ حباً لله ولرسوله (صلی الله علیه وآله)((1)).

ولما جاءت سبیعة بنت الحارث إلی النبی (صلی الله علیه وآله) استحلفها الرسول (صلی الله علیه وآله) ما خرجت بغضاً لزوجها ولا عشقاً لرجل منا، وما خرجت إلاّ رغبة فی الإسلام((2)).

والظاهر أنه من باب المصداق، لا أن له خصوصیة من هذه الجهة، وذلک لأن عمل الرسول (صلی الله علیه وآله) حجة کقوله وتقریره، إلا إذا علم الإنسان بخروج ذلک عن القاعدة الأولیة، ولم یعلم فی القصة الخروج عن القاعدة الأولیة حسب العرف، کما أشار إلی ذلک صاحب العروة فی کتاب النکاح وبعض المحشین، ومحل الکلام التفاسیر.

3: مس الزوجة بالجماع

3: مس الزوجة بالجماع

ذکرنا فی کتاب النکاح وجوب مس الزوجة بالمعروف، لقوله سبحانه: ﴿فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْریحٌ بِإِحْسانٍ﴾((3))، وما اشتهر بین الفقهاء ودل علیه بعض الروایات من أن الواجب فی کل أربعة أشهر مرة علی الخصوصیات الذی ذکروها محل نظر، وإنما اللازم المعاشرة معها بالجماع ونحوه حسب العرف.

4: المسح فی الوضوء والتیمم

4: المسح فی الوضوء والتیمم

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا قُمْتُمْ إلی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیْدِیَکُمْ إلی الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ إلی الْکَعْبَیْنِ﴾((4)).

ص:282


1- روح المعانی: ج28 ص76
2- التفسیر الکبیر (للرازی): ج29 ص305
3- سورة البقرة الآیة 229
4- سورة المائدة الآیة 6

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُکاری حَتَّی تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إلاّ عابِری سَبیلٍ حَتَّی تَغْتَسِلُوا، وَإن کُنْتُمْ مَرْضی أَوْ عَلی سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَأَیْدیکُمْ إنَّ اللَّهَ کانَ عَفُوًّا غَفُوراً﴾((1)).

ومن الواضح أن المراد بالوجه الجبهة، وبالأیدی من الزند إلی أطراف الأصابع، حسب ما ذکر فی الروایات، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الطهارة.

5: الإمساک عن المفطرات

5: الإمساک عن المفطرات

إذا أفسد الإنسان صومه عمداً أو جهلاً بسبب بعض المفطرات فی ما إذا کان الصوم واجباً معیناً علیه کشهر رمضان والنذر المعین، أو بعد الظهر من قضاء رمضان وجب علیه الإمساک عن المفطرات فی بقیة الیوم، کما یجب علیه الإمساک عن المفطرات وإن علم بالسفر أو بمفاجأة الحیض أو ما أشبه ذلک فی أثناء النهار ما لم یحصل المفطر.

نعم إذا سافر من مکان کان علیه الاستمرار فی الصیام إلی محل مختلف الأفق بأن دخل اللیل، لا یجب علیه الاستمرار وإن کان فی محله الأول إذا بقی وجب علیه الاستمرار، وکذلک حال العکس، بأن سافر من محل یدخل اللیل بعد ساعة مثلاً إلی محل یدخل اللیل بعد ساعات، فإن الواجب علیه البقاء علی الصیام إلی اللیل مع سائر الشرائط.

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الصوم.

6: إمساک الزانیة فی البیت

6: إمساک الزانیة فی البیت

قال سبحانه: ﴿وَاللاَّتی یَأْتینَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِکُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْکُمْ فإنْ

ص:283


1- سورة النساء: الآیة 43

شَهِدُوا فَأَمْسِکُوهُنَّ فِی الْبُیُوتِ حَتَّی یَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ یَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبیلاً﴾((1)).

لکن هذا الحکم کان موقتاً إلی جعل السبیل، ولما جعل الله السبیل فی الجلد ونحوه لم یکن موضع لذلک الحکم السابق، وقد ذکرنا وجه بقاء مثل هذا الحکم فی القرآن الحکیم مع أنه لا عمل علیه کبعض الآیات الواردة فی اختصاصاته (صلی الله علیه وآله). لوضوح أن القرآن هو المجموع من أحکام الجمیع أو البعض استمر أو لم یستمر، لأن ذلک یبین قسماً من تاریخ الإسلام، بالإضافة إلی أن الحکم لو کان مستمراً وجب إبقاؤه لأن یتخذ استمراراً.

7: المشی فی مناکب الأرض

7: المشی فی مناکب الأرض

قال سبحانه: ﴿هُوَ الَّذی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فی مَناکِبِها وَکُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَیْهِ النُّشُورُ﴾((2)).

والظاهر أن المراد بالمشی فی المناکب الأعم من الواجب والمستحب، فهو کالآیات الدالة علی السیر فی الأرض، بأنه قد یکون واجباً إذا کان مقدمة لواجب کالنظر والعبرة الواجبة وتحصیل الرزق وتحصیل العلم وما أشبه، وقد یکون مستحباً کالتنزه أو تحصیل العلم المستحب أو توسعة الرزق أو نحو ذلک، وکذلک قد یجب مقدمة لواجب کالفرار عن المحذور المحرم.

وهذا بالنسبة إلی المشی، وأما الأکل من الرزق فیکون واجباً بالنسبة إلی حاجة الإنسان سواء دواءً أو غذاءً، وإلی ما یکون مستحباً، وما یکون مکروهاً، وما یکون حراماً، کما قسم الفقهاء الرزق إلی هذه الأقسام حسب کلیاتها.

ص:284


1- سورة النساء: الآیة 15
2- سورة الملک: الآیة 15

8: إمضاء حکم الحکمین

8: إمضاء حکم الحکمین

یجب علی الزوجین إمضاء حکم الحکمین حینما یحکمان، قال سبحانه وتعالی: ﴿فَابْعَثُوا حَکَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَکَماً مِنْ أَهْلِها إنْ یُریدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللَّهُ بَیْنَهُما﴾((1)).

ولا یخفی أن بعض حکم الحکمین هو الطلاق، کما أن للزوجة طلب الخلع، فلیس الحکم نفسیاً، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

9: التمکین من استیفاء الحق

9: التمکین من استیفاء الحق

هل یجب علی المجرم التمکین من نفسه لاستیفاء الحق منه عند الحاکم الشرعی، بقتل أو قصاص أو جلد أو نحو ذلک، احتمالان، الذی یظهر من المشهور الوجوب.

واستدلوا لذلک بقول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیحة عبد الله ابن سنان: SفعلیهR  _ الضمیر عائد إلی القاتل المتعمد _ Sأن یمکن نفسه من أولیائه، فإن قتلوه فقد أدی ما علیه إذا کان نادماً علی ما کان منه عازماً علی ترک العودR((2)).

وربما احتملنا عدم الوجوب، ویؤیده بعض الروایات، مثل أن السجاد (علیه الصلاة والسلام) لم یقل ذلک للزهری حین کان قتل عمداً وإنما أمره بإعطاء الدیة((3))، إلی غیر ذلک من الأدلة التی یمکن أن یستدل بها علی عدم الوجوب.

نعم یحرم تفلیت المجرم من القضاء، ویدل علیه قصة النجاشی فی شربه الخمر وتفلیت بعض الناس له عن عقاب علی (علیه الصلاة والسلام)((4))، وأصل المسألة بحاجة إلی تتبع أوسع وتعمق أکثر.

ص:285


1- سورة النساء: الآیة 35
2- الوسائل: ج15 ص579 الباب 28 من الکفارات ح2
3- المستدرک: ج3 ص252 الباب 10 من القصاص ح3
4- المستدرک: ج3 ص234 الباب 7 ح3

أما الاستدلال علی ذلک بالفرق بین ما هو موجب للعسر والحرج فلیس بواجب، وما لیس بموجب لهما فهو واجب، وکذلک فی إدخال الضرر والإضرار فی المسألة، فضعیف.

10: تمکین الزوجة من زوجها

10: تمکین الزوجة من زوجها

یجب علی الزوجة تمکین الزوج من نفسها وطیاً أو تقبیلاً أو لمساً، ویدل علی ذلک جملة من الروایات التی ذکرناها فی کتاب النکاح، التی منها صحیح الکنانی، عن الصادق (علیه السلام): Sإذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحجت بیت ربها وأطاعت زوجها وعرفت حق علی (علیه السلام) فلتدخل من أی أبواب الجنان شاءتR((1)).

أما أن یجب علیها تمکین الزوج من وطیها دبراً فی ما إذا قلنا بکراهته لا بحرمته، فمحل تأمل.

وقد ذکرنا فی کتاب النکاح حدود طاعة الزوجة للزوج.

11: إملاء الدَین

11: إملاء الدَین

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا تَدایَنْتُمْ بِدَیْنٍ إلی أَجَلٍ مُسَمًّیO إلی قوله: Pفَلْیَکْتُبْ وَلْیُمْلِلِ الَّذی عَلَیْهِ الْحَقُّ وَلْیَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا یَبْخَسْ مِنْهُ شَیْئاً، فإنْ کانَ الَّذی عَلَیْهِ الْحَقُّ سَفیهاً أَوْ ضَعیفاً أَوْ لا یَسْتَطیعُ أنْ یُمِلَّ هُوَ فَلْیُمْلِلْ وَلِیُّهُ بِالْعَدْلِ﴾((2)).

أقول: الحکم محمول علی الاستحباب کما تقدم فی مسألة الکتابة، وأملل إملالاً من باب أکرم إکراماً، وأملی إملاءً الکتاب علی الکاتب ألقاه علیه فکتبه عنه.

ولا یخفی أن الأحکام المذکورة فی الآیة المبارکة مشتملة علی الواجب والمستحب، وما یکون حکماً مولویاً وما یکون إرشاداً.

ص:286


1- الوسائل: ج14 ص113 الباب 79 من مقدمات النکاح ح4
2- سورة البقرة: الآیة 282

12: منع الجانی من السوق إذا فر إلی الحرم

12: منع الجانی من السوق إذا فر إلی الحرم

إذا أحدث الشخص فی غیر الحرم ثم فر إلی الحرم یمنع من السوق ولا یباع إلی أن یخرج فیؤخذ کما فی الصحیح.

أما إذا أحدث فی نفس الحرم فإنه لهتکه الحرم قد هتک احترام نفسه فیجری علیه الحد هناک.

أما إذا أحدث خارج الحرم مما تکون نتیجته فی الحرم، کالرمی من خارج الحرم إلی داخل الحرم فهو محکوم بهتک الحرم، کما أنه إذا رمی من داخل الحرم إلی خارج الحرم فهو محکوم أیضاً بهتک الحرم، لأن کلیهما هتک له، وتفصیل ذلک فی کتاب الحج.

13: المنع عن دخول الکفار المساجد

13: المنع عن دخول الکفار المساجد

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أنْ یُذْکَرَ فیهَا اسْمُهُ وَسَعی فی خَرابِها أُولئِکَ ما کانَ لَهُمْ أنْ یَدْخُلُوها إلاّ خائِفینَ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((1)).

دلت الأدلة الشرعیة علی حرمة دخول الکفار المساجد، ومعنی ذلک أن المسلمین یجب علیهم منعهم من مساجد الله سبحانه وتعالی، کما أنهم منعوا مساجده أن یذکر فیها اسمه، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی باب المساجد من (الفقه).

ولا یخفی أن الآیة حاکمة علی قانون Sألزموهم بما التزموا بهR. کما أنه لیس یجوز للمسلم أن یزنی أو یلوط بالکافرة والکافر وإن کان فی دینهما جائزاً، وکذلک لا یجوز للمسلمة أن تعطی نفسها للکافر فیما إذا جاز الزنا عنده، وقد ذکرنا أن قانون الإلزام علی ثلاثة أقسام کما تقدم.

14: تمهیل الکافرین

14: تمهیل الکافرین

قال سبحانه: ﴿فَمَهِّلِ الْکافِرینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً﴾((2))، وفی آیة أخری: ﴿ذَرْنی وَالْمُکَذِّبینَ

ص:287


1- سورة البقرة: الآیة 114
2- سورة الطارق: الآیة 17

أُولِی النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلیلاً﴾((1)).

والمراد إما الإرشاد إلی أنهم لا یعیشون فی الحیاة إلاّ قلیلاً، فلا یضر کفرهم المسلمین ولا یضرون الله سبحانه وتعالی شیئاً، وإما الأمر بعدم التعرض لهم إلاّ فی الموارد الواجبة، کما قال سبحانه: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾((2))، والظاهر أن هذه الآیة بالنسبة إلی الدنیا.

ص:288


1- سورة البقرة: الآیة 109
2- سورة المزمل: الآیة 11

حرف النون

1: نبذ العهد إلی الکفار

حرف النون

1: نبذ العهد إلی الکفار

قال سبحانه: ﴿وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَةً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنینَ﴾((1)).

إذا وفی الکافر بعهده إلی المسلم وفی المسلم أیضاً، لأن العهد حتی مع الکفار مسؤول عنه نصاً وإجماعاً وعقلاً.

وإذا نقض الکافر نقضه المسلم أیضاً ولا حرج علیه فی ذلک، لأن البادئ هو الکافر، وإذا خاف المسلم من نقض الکافر عهده لظهور قرائن تدل علی إرادته النقض فاللازم علی المسلم إحکام أمره حتی لا یخدع ویغر، وحتی لا یقع فی محذور نقض العهد، بل یطرح علی الکافر أنه إن أراد البقاء فالمسلم باق أیضاً، وإن أراد النقض فهو ناقض أیضاً مقابلاً بالمثل، وبذلک یظهر الکافر نیته ویکون المسلم فی حل من النقض إن أراد الکافر النقض.

وقوله سبحانه: Pإنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنینَ﴾ لیس معناه أنه لا یحبهم بل معناه أنه یکرههم فهو تعبیر عرفی لا دقی فلسفی.

ص:289


1- سورة الأنفال: الآیة 58

2: نتف ریش حمامة الحرم وریش الحمامة فی حال الإحرام

2: نتف ریش حمامة الحرم وریش الحمامة فی حال الإحرام

لا یجوز للمحرم ولو فی غیر الحرم، ولا فی الحرم ولو للمحل نتف ریش الحمام، علی تفصیل مذکور فی کتاب الحج.

ولا یبعد أن نتف الریش مصداق، والمصداق الآخر قرضه أو إلقاؤه بسبب دواء أو حرقه أو ما أشبه ذلک.

3: النحر

3: النحر

قال سبحانه: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ﴾((1))، والمراد به النحر فی الحج علی ما ذکرنا تفصیله هناک.

وربما یقال فی الآیة تفاسیر أخر، مثل رفع الید إلی النحر فی حال الصلاة، فإذا کان الأمر کذلک فلیس من الواجبات.

بینما إذا أرید النحر فی مثل حج القران فهو من الواجبات لا أنه عبادة مستحبة، فقد روی أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نحر مائة من الإبل فی حجه.

4: نحر البدنة فی الحج

4: نحر البدنة فی الحج

یجب علی الحاج نحر البدنة فی منی أو الذبح علی تفصیل مذکور فی الحج، کما یجب نحر البدنة أیضاً کفارة فی بعض الموارد، قال سبحانه: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَکُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَکُمْ فیها خَیْرٌ فَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَکُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ کَذلِکَ سَخَّرْناها لَکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ﴾((2)).

کما أنه یجب نحر البدنة الضالة علی تفصیل مذکور فی کتاب الحج.

ولا یخفی أن ذکر القانع والمعتر لیس حصراً بل المراد به المسکین، سواء کان قانعاً أو غیر قانع، وسواء کان معتراً أو غیر معتر. ولا فرق فیه بین الرجل والمرأة، والکبیر والصغیر، والبالغ

ص:290


1- سورة الکوثر الآیة 2
2- سور ة الحج الآیة 36

وغیر البالغ.

ولا یبعد أن یشمل الحکم من غیر أصحاب مذهب الناحر، بأن یکون مخالفاً للإطلاق، هذا بالإضافة إلی أن الإمام الحسین (علیه السلام) سقی المخالفین الذین جاؤوا لقتله، وکذلک فعل رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی بدر، وفعل علی (علیه السلام) فی صفین، إلی غیر ذلک من الأدلة.

5: الندم علی الذنب

5: الندم علی الذنب

الواجب علی المذنب الندم من ذنبه بقلبه، وإلاّ فمجرد لقلقة لسانه بالاستغفار بدون الندم لیس توبة قطعاً، وقد ألمعنا إلی ذلک فی بعض المباحث السابقة.

ولا یخفی أن الإنسان إنما یندم إذا فکر فی العاقبة، وإلاّ فالندم أمر قلبی لا یأتی من الإنسان بدون التفکر، وهکذا سائر الأعمال القلبیة.

6: الإنذار علی العلماء

6: الإنذار علی العلماء

قال سبحانه: ﴿وَما کانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا کَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ﴾((1)).

والظاهر أنه للإرشاد حتی یهتدی الناس، وإلا فلیس هو واجب خارجی من جملة الواجبات کالصوم والصلاة، ولذا إذا کان الناس یحذرون لم یجب ذلک، والأمر کفائی کما لا یخفی.

ومنه یعلم وجه الإنذار علی النبی (صلی الله علیه وآله) حیث تکرر فی القرآن الحکیم ذلک، والتی منها قوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشیرَتَکَ الْأَقْرَبینَ﴾((2)).

وهل یجب علی الفقیه والواعظ الإنذار، یحتمل ذلک حتی مع أخذ الناس منهما ومن نحوهما الأحکام، لإن الإنذار یوجب تخوف الإنسان عن الله سبحانه، وشدة تعلقه بالحکم،

ص:291


1- سورة التوبة: الآیة 122
2- سورة الشعراء: الآیة 214

ولذا قال سبحانه: Pوخافونِ إن کنتم مؤمنینO((1))، إلی غیر ذلک مما یؤید ما ذکرناه.

7: الانتشار فی الأرض

7: الانتشار فی الأرض

قال سبحانه: ﴿فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾((2)).

الأمر للإرشاد بأن ینتشر الناس إلی مشاغلهم وأعمالهم بعد تمام صلاة الجمعة، ویحتمل أن یکون لمنع توهم الحضر فهو للإباحة.

لکن لا یبعد أن یکون ذلک مستحباً، لأن الإسلام یصر علی عمل الإنسان واکتسابه لئلا یبقی جامداً أو یتأخر، بل یکون دائم التقدم، ولذا یقول البعض: إن التعطیل فی یوم الجمعة یحتاج إلی الدلیل.

8: الانتشار بعد الطعام

8: الانتشار بعد الطعام

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إلاّ أن یُؤْذَنَ لَکُمْ إلی طَعامٍ غَیْرَ ناظِرینَ إِناهُ وَلکِنْ إذا دُعیتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسینَ لِحَدیثٍ إنَّ ذلِکُمْ کانَ یُؤْذِی النَّبِیَّ فَیَسْتَحْیی مِنْکُمْ وَاللَّهُ لا یَسْتَحْیی مِنَ الْحَقِّ﴾((3)).

والانتشار بالخروج عن بیت رسول الله (صلی الله علیه وآله)، بل بیت کل من یکره بقاء الإنسان فی داره أو محله واجب، وإنما ذکر الرسول (صلی الله علیه وآله) من باب المورد.

ولا یخفی أن إذن الفحوی والتعارف کافیان فی استفادة الإنسان أن اللازم الخروج أو لا.

والاستیناس لحدیث کما فی الآیة المبارکة غیر شرط، بل لأنه الغالب حیث یجلس بعضهم مع بعض ویأخذون فی الحدیث الاقتصادی والاجتماعی وما أشبه، لا أحادیث الدین والإیمان والفضیلة والتقوی والأمر والنهی وما أشبه ذلک من الأمور الشرعیة.

ص:292


1- سورة آل عمران: الآیة 175
2- سورة الجمعة: الآیة 10
3- سورة الأحزاب: الآیة 53

9: النشوز عن المجالس

9: النشوز عن المجالس

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا قیلَ لَکُمْ تَفَسَّحُوا فِی الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا یَفْسَحِ اللَّهُ لَکُمْ وَإذا قیلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَالَّذینَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ﴾((1)).

إذا کان المجلس لإنسان فقال: اذهبوا، وجب الذهاب منه، وقول (انشزوا) من باب المقدمة، بل الأمر کذلک إذا کانوا جالسین فقال صاحب المحل: انشزوا، لأنه لا یرید جلوسهم ویرضی ببقائهم قائمین.

ومنه یظهر أنه لو کان لا یحب بقاءهم جالسین أو متکئین أو لم یرض لبقائهم غیر جالسین وإنما رضی ببقائهم جالسین، فهو حسب الرضا، ومع الشک کما ذکرناه فإن المعیار هو العرف وإذن الفحوی علی ما ذکروا تفصیله فی بابه.

10: النصب بعد الفراغ

10: النصب بعد الفراغ

قال سبحانه: ﴿فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾((2))، والظاهر من الآیة أنه إذا فرغ من الواجبات الملقاة علیه فلینصب نفسه بالعبادة والدعاء والضراعة.

وفی الآیة تفاسیر التی منها: فإذا فرغت من وظائف نبوتک فانصب علیاً (علیه السلام)، والظاهر أنه من البطن والتأویل لا من الظاهر والتفسیر.

وإذا کان المراد کذلک کان ذلک واجباً علیه (صلی الله علیه وآله).

وعلی کل حال، فظاهر الآیة الاستحباب علی کل أحد، ولا یخص الرسول (صلی الله علیه وآله) بذلک، فهو تحریض للمسلم أن لا یبقی فارغاً، بل إذا فرغ من أمر واجب دخل فی أمر آخر مستحب وهکذا دوالیک.

والحاصل: إنه لیس للإنسان الفراغ حتی ساعة، بل یشتغل بین واجب ومستحب

ص:293


1- سورة المجادلة: الآیة 11
2- سورة الشرح: الآیة 7

وترک مکروه إذا کان یحتاج إلی العمل وما أشبه ذلک، فإن الزمان مهما طال للإنسان قصیر، والفراغ المطلق خسارة، وقد سئل نوح (علیه السلام) کیف وجدت الدنیا، قال: مثل انتقالی من الشمس إلی الظل، فی قصة مشهورة.

وفی الآیة الکریمة حیث یسأل عن الناس یوم القیامة: Pقالوا کَمْ لَبِثْتُمْ فی الأَرْضِ عَدَدَ سِنین * قالوا لَبِثْنا یَوْماً أوْ بَعْضَ یَوْمٍO((1))، فإن الدنیا قصیرة مهما کانت طویلة.

11: نصب العامل لقبض الصدقات

11: نصب العامل لقبض الصدقات

علی الحاکم الشرعی أن ینصب العامل لقبض الصدقات من الناس، تأسیاً بالنبی (صلی الله علیه وآله) والوصی (علیه الصلاة والسلام)، وذلک لغلبة عدم إعطاء الناس صدقاتهم إلاّ بالأخذ منهم، ولو فرض نادراً أن فی مکان هم یعطون بدون الإرسال علیهم سقط الوجوب، لأنه مقدمی کما لا یخفی، وملاکه موجود فی الأخماس والجزیة والخراج.

والحاصل إن اللازم الوصول إلی الهدف، سواء کان بنصب العامل أو غیر ذلک من الطرق القدیمة أو الحدیثة أو ما أشبه ذلک.

12: الإنصات عند قراءة القرآن

12: الإنصات عند قراءة القرآن

قال سبحانه: ﴿وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ﴾((2)).

وقد ذکرنا فی (الفقه) أن الإنصات لا یجب مطلقاً، بل إنما هو مستحب حسب الروایات الواردة فی المسألة، وأن الوجوب خاص علی المأموم عند قراءة الإمام القرآن جهراً فیما یسمع قراءته.

والظاهر أن الإنصات أکثر من الاستماع حیث إن الأول لا یکون إلاّ بالسکوت، والثانی ممکن حتی مع تکلم المستمع بأن یسرق السمع فی أثناء تکلمه مع الآخر، ولعله لذا

ص:294


1- سورة المؤمنون: الآیة 112 _ 113
2- سورة الأعراف: الآیة 204

تأخر عنه، والإنصات أکثر من النصت مجردة، لقاعدة زیادة المبنی تدل علی زیادة المعنی، ولکنه من اللازم حسب الروایات الواردة الاستماع إلی صوت القرآن احتراماً فی المجلس الذی یقرأ فیه، أما ما یفعله بعض الناس من التکلم أو التدخین وشرب الشای أو ما أشبه فکل ذلک خلاف الآداب.

13: نصح المؤمنین

13: نصح المؤمنین

الظاهر وجوب نصیحة المؤمن إذا استشار فی ما إذا کان فی أمر مهم، لا مثلاً یستشیره أن یعطی فلساً لهذا الفقیر أم لا، لأن المهم هو المنصرف من الأدلة الدالة علی نصح المستشیر، کما أنه إذا لم یستشره ورآی العرف عدم نصحه خیانة وجب نصحه أیضاً، کما إذا رآه یذهب إلی طریق فیه قاتل یقتله مثلاً أو یهتک عرضه أو یسرق أمواله الکثیرة أو یسجنه الظالم أو ما أشبه ذلک، فإن کل ذلک یعد فی العرف خیانة فأدلة حرمة الخیانة شاملة له، بالإضافة إلی أنه کما یجب النهی عن المنکر یجب دفع المنکر، کما ذکرناه فی بعض المباحث السابقة، والروایات الواردة فی ذلک کثیرة.

ففی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام): Sیجب للمؤمن علی المؤمن النصیحة له فی المشهد والمغیبR((1)).

وفی صحیحة الحذاء، عن الباقر (علیه السلام): Sیجب للمؤمن علی المؤمن النصیحةR((2)).

وفی موثقة سماعة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): Sأیما مؤمن مشی فی حاجة أخیه فلم یناصحه فقد خان الله ورسولهR((3)).

ص:295


1- الکافی: ج2 ص208 باب نصیحة المؤمن ح2
2- الوسائل: ج11 ص595 الباب 35 من فعل المعروف ح3
3- الوسائل: ج11 ص596 الباب 36 من فعل المعروف ح2

ومن ذلک یعرف أیضاً الحال فی النصیحة لله ولرسوله وللمؤمنین، فإنه یجب علی المسلم النصیحة لهم کما ورد فی أحادیث متعددة، ودل علی ذلک ما ذکرناه من کون عدمها خیانة فی بعض الأقسام.

والنصح قد یکون بالقلم وقد یکون باللسان، وقد یکون بالعمل أو بالإشارة، وإذا کان النصح مستلزماً لحرام کالغیبة ونحوه لوحظ الأهم من الأمرین، فإذا کانا متساویین أو شبه متساویین لم یجب ولم یحرم، أما إذا کان أحدهما أهم بحیث یمنع من النقیض قدم، والمعیار فی الأهمیة عرف المتشرعة.

لکن الغالب أن تکون الشوری أهم، والمتعارف عند المتدینین الشوری إذا کان مع النصح أو ما أشبه ذلک.

14: نصرة المؤمن

14: نصرة المؤمن

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ آمَنُوا وَلَمْ یُهاجِرُوا ما لَکُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا وَإنْ اسْتَنْصَرُوکُمْ فِی الدِّینِ فَعَلَیْکُمُ النَّصْرُ إلاّ عَلی قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ میثاقٌ﴾((1)).

لا إشکال فی وجوب نصرة المؤمن فی ما إذا کان الشارع لا یرید وقوع الضرر علی المؤمن، کما إذا کان هناک عدو یرید قتله أو هتک عرضه أو سلب ماله الکثیر أو ما أشبه ذلک، ولم یکن ضرر علی الناصر، فإن عدم النصرة حرام للأدلة فی المقام، وأدلة دفع المنکر ومنعه من غیر فرق بین أن یستنصره أم لا.

أما إذا أراد ظالم مثلاً أن یسبه سباً عادیاً، أو یأخذ مالاً قلیلاً من أمواله أو ما أشبه ذلک مما لا ینطبق علیه الأدلة العامة أو الخاصة فلا دلیل علی وجوب النصرة.

والحاصل: إن الأهمیة هنا ملحوظة أیضاً کما ذکرناها فی نصح المؤمن، وتفصیل الکلام فی المستثنی والمستثنی منه موکول إلی التفاسیر.

ص:296


1- سورة الأنفال: الآیة 72

ثم الظاهر عدم اختصاص ذلک بزمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) لأن الآیة عامة، فهی جاریة إلی الحال الحاضر، ومن الواضح أن من نصرة المسلمین هو نصرة المسجونین والمعذبین والمطاردین والمشردین والمأسورین والذین هم محصورون فی بلاد الکفار مما یخشی علی دینهم أو علی دنیاهم کالمسلمین المحصورین فی بلاد الشیوعیین وما أشبه ذلک.

والنصرة تکون بالقلم تارة وباللسان أخری وبالمال ثالثة وهکذا.

وإذا تمکن جماعة من النصرة ولم یتمکن الفرد یکون الواجب علی الجماعة، حال ذلک حال ما ذکرناه من الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر فیما سبق، وهکذا یکون الأمر بالدعوة إلی الخیر وإن کانت الدعوة إلی الخیر مستحبة.

15: النظر

15: النظر

قال سبحانه: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِکُمْ سُنَنٌ فَسیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُروا کَیْفَ کانَ عاقِبَةُ الْمُکَذِّبینَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿فَلْیَنْظُرِ الْإنسان إلی طَعامِهِ﴾((2))، إلی غیر ذلک من الآیات.

والظاهر أن لا حکم جدید، بل هو طریقی أو إرشادی لأجل حصول الإیمان أو العبرة.

والنظر قد یکون بتحصیل الدقة والمباحثة والمجادلة بالتی هی أحسن، وقد یکون بمجرد النظر بالعین أو اللمس أو ما أشبه ذلک مما یسمی فی العرف بالنظر.

16: النظر إلی الهلال لیلة الصیام والفطر وذی الحجة

16: النظر إلی الهلال لیلة الصیام والفطر وذی الحجة

یجب الاستهلال فی اللیالی المذکورة لتوقف الأحکام الشرعیة علی رؤیة الهلال، وهو واجب مقدمی علی سبیل الکفایة کما لا یخفی، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه).

ولا یخفی أن الاستهلال بواسطة المجهرات وما أشبه ذلک لیس من النظر إلی الهلال عرفاً

ص:297


1- سورة آل عمران: الآیة 137
2- سورة عبس: الآیة 24

فاللازم النظر حسب المتعارف بالعین المجردة، نعم إذا تمکن تشخیص الموضع فی المجهر ونحوه ثم النظر بالعین المجردة فعل مثل ذلک.

ویعتبر اتحاد الأفق، ومع اختلاف الأفق لا یکون أحد الآفاق حجة علی الأفق الآخر إلا أن یکون الأفق المرئی فیه فی شرق أفق لا یری فیه أو لم یر فیه لعلة أو ما أشبه، فإن الأفق الشرقی حجة علی الأفق الغربی بینما الأفق الغربی لیس حجة علی الأفق الشرقی کما هو واضح.

17: الندم علی الذنب

17: الندم علی الذنب

قد ذکرنا فی ما تقدم وجوب الندم علی الذنب، وهو قلبی بینما الاستغفار ظاهر فی اللفظی.

ولا یخفی أن الندم القلبی أهم من الاستغفار اللفظی، بل لا حکم للاستغفار اللفظی بوحده، وإنما الحکم علی الندم القلبی فی الجملة، کما ذکر فی الفقه وفی تفسیر الآیات المرتبطة بهذا الشأن.

18: النظر إلی المیسرة

18: النظر إلی المیسرة

قال سبحانه: ﴿وَإنْ کانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلی مَیْسَرَةٍ﴾((1))، أی إذا کان المدیون لا یتمکن من أداء الدین لعسره وجب علی الدائن إنظاره حتی یتمکن منه، فلا یجوز حبسه أو عقوبته أو مخاشنته فی الکلام أو ما أشبه ذلک، أما أن یقول له: أعطنی دینی بهدوء ولطف، فلا دلیل علی حرمة مثله وإن علم أنه لا یملک.

ففی موثقة السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن علی (علیهم السلام): Sإن امرأة استعدت علی زوجها أنه لا ینفق علیها وکان زوجها معسراً فأبی أن یحبسه وقال: إن مع العسر یسراًR((2)).

ص:298


1- سورة البقرة: الآیة 280
2- الوسائل: ج13 ص148 الباب 7 من الحجر ح2

أما ما ورد فی صحیح إبراهیم، عن الباقر، عن أبیه (علیهما السلام): Sإن علیاً (علیه السلام) کان یحبس فی الدین فإذا تبین له حاجة وإفلاس خلی سبیله حتی یستفید مالاًR((1)).

فالظاهر أنه لاستصحاب الغنی حتی لا یتلف مال الناس، حیث کان الأمر دائراً بین الأهم والمهم من تلف مال الناس أو حبسه حتی یتبین فقره.

ولا یخفی أن الأمر غیر خاص بالدین، بل المعاملة الفاسدة والإتلاف والمعاملة الصحیحة الموجبة للضمان، والضامن للخیانة والغصب والسرقة والإتلاف العمدی وأکل مال الیتیم وغیر ذلک کلها مشمولة للحکم المذکور.

وما فی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): Sکان أمیر المؤمنین (علیه السلام) لا یحبس فی الدین إلاّ ثلاثة: الغاصب، ومن أکل مال الیتیم ظلماً، ومن أوتمن علی أمانة فذهب بها، وإن وجد شیئاً باعه غائباً کان أو شاهداًR((2))، فالظاهر أنه من باب الأهمیة لهذه الثلاثة لا خصوصیتها، أو أنها من باب المورد المتفق فی زمانه (علیه السلام)، ومثلها ما ذکر من بعض الموارد المهمة دون غیرها کروایات باب الصوم وغیرها فلا دلیل علی الحصر.

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا موارد الحبس وقد أنهاها بعضهم إلی عشرین مورداً، لکن الظاهر أن الموارد تکون مختلفة حسب الزمان والمکان والشرائط کما یستفاد من الروایات ومن أدلة الحسبة وما أشبه ذلک.

وقد روی أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان یحبس فی القتل ستة أیام، فإن ثبت عدم کونه قاتلاً أطلق سراحه، وقد ذکرنا فی بعض کتبنا الفقهیة أن حبس رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان إیقافه فی غرفة وما أشبه، وإن أول بیت خصص للحبس فی الإسلام کان فی زمان الثانی، وفی زمان علی (علیه السلام) بنی حبساً فی الکوفة حیث کان الفساد مستشریاً،

ص:299


1- الوسائل: ج13 ص148 الباب 7 من الحجر ح1
2- الوسا ئل: ج18 ص181 الباب 11 من کیفیة الحکم ح2

إلی غیر ذلک مما ذکرناه فی باب الحبس.

19: إنفاذ الوصیة علی الوصی

19: إنفاذ الوصیة علی الوصی

إذا قبل الوصی الوصیة أو کانت الوصیة واجبة علیه وجب علیه إنفاذها إذا لم یکن فیها حیف.

قال سبحانه: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَی الَّذینَ یُبَدِّلُونَهُ﴾((1)).

أما إذا لم یوص الموصی إلی شخص خاص، کما إذا قال: أوصیت بأن یصلی عنی، أو یعطی دینی أو ما أشبه ذلک، فالظاهر أنه إذا کان له أولیاء من ورثة ونحوهم وجب علیهم، فإذا لم یکن ذلک کان واجباً علی الحاکم الشرعی، وإذا لم یکن الحاکم الشرعی کان واجباً علی المؤمنین، کما ذکر فی ولایة الفقیه تفصیله.

ولا یخفی أن الوصیة ممکنة بالکلام وبالکتابة وبالإشارة کما ذکر کل ذلک فی کتابها.

وإذا لم یعلم هل أنه وصیة أو إظهار مجرد رغبة، لم یحکم علیه بالوصیة لأن الأصل العدم.

وإذا شک فی أطراف الوصیة کان اللازم العمل بالاحتیاط إلا أن یکون فی المال والحق، فهو یفرق بین الأمرین، کما إذا لم یعلم أنه وصی سنة صلاة أو شهراً صوماً، وکان کل واحد منهما خمسین ألف تومان، فإن الخمسین ألفاً یقسم بینهما، وقد ألمعنا إلیه فی کتاب الخمس تبعاً لصاحب الجواهر.

والمراد بقوله سبحانه: Pبعد ما سمعهO بعد ما علمه، سواء کان بالسمع أو بالبصر أو بغیرهما.

20: النفر

قال سبحانه: ﴿وَما کانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا کَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ﴾((2)).

ص:300


1- سورة البقرة: الآیة 181
2- سورة التوبة: الآیة 122

الظاهر أنه صدر الآیة لیس علی سبیل التحریم بأن یحرم نفر المؤمنین کافة من صقع أو قریة أو ما أشبه ذلک وإنما هو تخفیف من الله سبحانه وتعالی، ولأن الأمر لا یحتاج إلی ذلک لأنه علی سبیل الکفایة، ویجب النفر مقدمة لتحصیل العلم وتعلیمه لأنه لیس بواجب نفسی کما ذکرناه فی بعض الموارد السابقة.

أما قوله سبحانه: ﴿إِلاَّ تَنْفِرُوا یُعَذِّبْکُمْ عَذاباً أَلیماً﴾((1))، فالظاهر منه أنه لعدم حصول ذلک الأمر المنفر لأجله، لا أن عدم النفر بنفسه یوجب العقاب، فهو کتارک نصب السلّم الذی یعاقب علی عدم الکون علی السطح لا علی عدم نصب السلم وإن کان فی العرف یطلق العقاب علی کل منهما.

ولا یخفی أن قوله تعالی: Pمن کل فرقة منهم طائفةO((2)) من باب الطریقیة، وإلا فإن ذهب من فرقة من الفرق طائفة تکفی للوعظ والإرشاد کان کافیاً، ولم یجب علی سائر الفرق من الطوائف، کما أنه قد یکفی استماع الناس إلی الأشرطة ونظرهم إلی الانترنیت وما أشبه ذلک، لأن المقصود النتیجة ولا خصوصیة للطرق.

21: الانفاق

21: الانفاق

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناکُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا بَیْعٌ فیهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْکافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((3)).

والظاهر أنه أعم من الإنفاق الواجب فی مورده والمستحب فی مورده، ولیس حکماً جدیداً خارجاً عن المذکورات.

من غیر فرق بین أن یکون الإنفاق فی سبیل الله کالذهاب إلی

ص:301


1- سورة التوبة: الآیة 39
2- سورة التوبة: الآیة 122
3- سورة البقرة: الآیة 254

الجهاد المتوقف علیه أو کبناء المسجد المستحب شرعاً، أو کون الإنفاق لواجبی النفقة أو لغیرهم، من أقسام الواجب والمستحب.

کما أنه لا فرق بین کون المنفق هو الواجب علیه کالزوج أو من کان ولیاً أو وصیاً أو وکیلاً أو حاکماً کإنفاق الولی علی زوجة الغائب وإنفاق الحاکم من بیت المال، إلی غیره من أقسام الإنفاق الواجب.

کما أن فی المورد الذی هو راجح یکون من أقسام الإنفاق المستحب، لأن الحاکم الشرعی بالنسبة إلی بیت المال کالمالک بالنسبة إلی ماله من هذه الحیثیة حیث قد یجب علیه الإنفاق وقد یندب، وذلک مأخوذ من سیرة النبی والوصی (علیهما السلام) بالإضافة إلی عمل الحکام الدنیویین بالنسبة إلی توزیعهم بیت المال إلی الموارد، والموضوع یؤخذ من العرف کما ذکرناه ولا خصوصیة فی مکان دون مکان ولا بحالة دون حالة.

22: نفی الزانی

22: نفی الزانی

قد ذکرنا ذلک فی کتاب الحدود، فإن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال فی صحیح الحلبی: Sفی الشیخ والشیخة جلد مائة والرجم، والبکر والبکرة جلد مائة ونفی سنة، والنفی من بلد إلی بلد، قال: وقد نفی أمیر المؤمنین (علیه السلام) من الکوفةR((1)).

وقد ورد فی بعض الروایات الحبس بدل النفی، ولا یبعد ذلک إذا فهم الملاک أو رآه الحاکم الشرعی صلاحاً، کما ألمعنا إلیه فی بعض مباحث (الفقه).

وقد ذکر أنه إذا لم یمکن النفی لخوف شرعی أو عقلی یسقط، ویبدل ذلک إلی مثل الحبس ونحوه مما یراه الحاکم الشرعی صلاحاً.

ولا یخفی أن قولنا إذا رأی الحاکم الشرعی الصلاح، إنما هو فیما إذا قال بذلک شوری الفقهاء أو الحاکم الشرعی المنصوب من قبلهم (علیهم السلام) کما ألمعنا إلی ذلک فی مباحث شوری الفقهاء.

23: النفی فی غیر الزانی

23: النفی فی غیر الزانی

إذا رأی الحاکم الشرعی الصلاح فی نفی بعض جاز ذلک، کما نفی رسول الله (صلی الله علیه وآله) مروان

ص:302


1- الوسائل: ج18 ص348 الباب 1 من حد الزانی ح9 و10

وأباه((1))، وکما نفی هو أیضاً (صلی الله علیه وآله) بعض الحمقاء الذین کانوا یتشببون بالنساء.

وکما نفی علی (علیه الصلاة والسلام) شریحاً إلی (بانقیا).

ولا یبعد أن یکون ذلک من أقسام التعزیر، إذ قد ذکرنا فی (کتاب الحدود) وغیره أن التعزیر عبارة عن التوقیر بالحیلولة بین العاصی والمعصیة أو نحو ذلک، وذلک کما یحصل بالجلد یحصل بالغرامة وبالنفی، وکذلک یحصل بضرب النطاق الاجتماعی حول الإنسان المجرم، ک_ Pالثلاثة الذین خلفوا حتی إذا ضاقت علیهم الأرض بما رحبت وضاقت علیهم أنفسهمO((2)) فی قصة مشهورة، وکما أمر علی (علیه الصلاة والسلام) بتلطیخ أحد بالمخرئة، إلی غیر ذلک من الروایات الواردة عن النبی والوصی (صلوات الله علیهما).

24: النکاح

24: النکاح

یجب النکاح علی الإنسان إذا کان ترکه موجباً لوقوعه فی الحرام، من غیر فرق بین الرجل والمرأة خصوصاً بالنسبة إلی الأب، حیث نقل سلمان الفارسی عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه إذا لم یزویجها وزنت کان العقاب علیه((3))، ومن الواضح أن معناه الاشتراک لا أن الزنا لا یکتب فی عقابها.

 وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

25: نکاح الأیامی

25: نکاح الأیامی

قال سبحانه: ﴿وَأَنْکِحُوا الْأَیامی مِنْکُمْ وَالصَّالِحینَ مِنْ عِبادِکُمْ وَإِمائِکُمْ إنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾((4))، والظاهر أنه لمطلق الرجحان الشامل للواجب والمستحب.

وقد ذکرنا فی بعض الکتب المعنیة بالنکاح أن قوله تعالی: Pإنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِO من باب الطبیعة أیضاً((5))، بمعنی أن طبیعة الإنسان إذا کان مکلفاً بغیره أیضاً یکون أنشط فی العمل وأکثر اهتماماً وجدیة، وقد روی عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن قال لمن أراد منه شیئاً: تزوج، فلما تزوج استغنی بإذن الله فی قصة طویلة.

ص:303


1- سرح النهج: الخطبة 3 ص29
2- سورة التوبة: الآیة 118
3- رجال الکشی: ص16، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: S تزوج سلمان امرأة من کندة فدخل علیها فإذا لها خادمة وعلی بابها عباءة، فقال سلمان إن فی بیتکم هذا لمریضا أو قد تحولت الکعبة فیه، فقیل إن المرأة أرادت أن تستر علی نفسها فیه. قال فما هذه الجاریة، قالوا کان لها شی ء فأرادت أن تخدم،قال إنی سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول أیما رجل کانت عنده جاریة فلم یأتها أو لم یزوجها من یأتیها ثم فجرت کان علیه وزرها R
4- سورة النور الآیة 32
5- أی مضافاً إلی الجانب المعنوی والغیبی

26: النهی عن المنکر

26: النهی عن المنکر

یجب النهی عن المنکر بلا إشکال ولا خلاف، قال سبحانه: ﴿وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إلی الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾((1)).

وتفصیله فی کتاب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

وقد ذکرنا هناک أن النهی عن المنکر إذا حصل بجماعة وجب علی الجمیع بحیث إنهم جمیعاً یؤثرون بالانقلاع، وکذلک فی الأمر بالمعروف، وکذلک الحال إذا اختلفت الکیفیة، مثلاً إذا أمره جماعة بأن یصلی، صلی صلاة واحدة من الصلوات الخمس کان واجباً، أو قلل من شرب الخمر مرة فی الیوم حیث کان یشرب فی الیوم أکثر من ذلک، لأنه أیضا مطلوب للشارع، ویشمله دلیل الأمر والنهی.

27: الانتهاء عند نهی النبی (صلی الله علیه وآله)

27: الانتهاء عند نهی النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿وَما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾((2)).

من الواضح وجوب الانتهاء عند نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) إذا کان النهی تحریمیاً، أما إذا لم یکن تحریمیاً لم یجب الانتهاء وإنما یستحب.

ویؤیده قولها لرسول الله (صلی الله علیه وآله) أتأمرنی یا رسول الله، قال: Sلا، إنما أنا شافعR.

فلم تأتمر بأمره (صلی الله علیه وآله)، والأمر جار بالنسبة إلی الإمام (علیه السلام) قطعاً، کما هو جار بالنسبة إلی الفقیه فیما یجب إطاعته فیه من مسائل القضاء أو المسائل العامة عند تولیه الحکم بالشروط المقررة.

لکن من الواضح أن أمر النبی والإمام (علیهما السلام) لیست بمنزلته أوامر الفقهاء، فإن الوجوب یختلف، کما أن أمر الصدیقة الطاهرة (علیها السلام) یکون کأوامرهم (علیهم الصلاة والسلام) فإن کلهم نور واحد، والدلیل الجاری فیهم جار فیها، بل فی روایة أو أکثر أن علیاً (علیه السلام) معادل للزهراء (علیها السلام) والعکس، کما فی کتاب (معالم الزلفی) وغیره.

ص:304


1- سورة آل عمران: الآیة 104
2- سورة الحشر: الآیة 7

28: الإنابة إلی الله سبحانه وتعالی

28: الإنابة إلی الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿وَأَنیبُوا إلی رَبِّکُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أنْ یَأْتِیَکُمُ الْعَذابُ﴾((1)).

والإنابة عبارة عن التوبة والرجوع إلی الله سبحانه وتعالی، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی لفظ التوبة.

ولا یخفی أن الإنابة والتوبة إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا کان لکل واحد معنی الکل، کما قالوا فی الظرف والجار والمجرور.

29: الاستنابة للحج

29: الاستنابة للحج

یجب الاستنابة للحج بالنسبة إلی الإنسان الذی لا یتمکن من الحج وهو مستطیع، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج، وکذلک عن المیت.

وکذلک تصح النیابة عن صاحب الزمان (عجل الله تعالی فرجه) کما قالوا، وإن کان هو یحضر الموقف کما فی بعض الروایات، وهکذا یکون النیابة مستحبة عنه (علیه السلام) فی زیارات الرسول والزهراء والأئمة (صلوات الله علیهم أجمعین) وما أشبه ذلک فی قراءة القرآن ونحوها عنه.

30: النیة

30: النیة

من الواجب فی العبادات النیة، کما دل علیه النص والإجماع، کما أن المعاملات والإیقاعات وما أشبه تتوقف علی النیة فإذا وجب وجبت.

والوجوب بالنسبة إلی العمل الواجب لا ینافی عدم الوجوب بالنسبة إلی غیر الواجب لکنه شرط فی التحقق، فالمعاملات إیقاعاً ووقوعاً متوقف علی النیة حتی إذا لم ینو لم تتحقق، فإنما الأعمال بالنیات، ولکل امرئ ما نوی، کما فی الحدیث.

31: نیة أداء القرض

31: نیة أداء القرض

یجب علی الإنسان نیة أداء القرض، علی ما ذکره غیر واحد من الفقهاء، وذکرنا ذلک فی

ص:305


1- سورة الزمر: الآیة 54

کتاب الدین، لکن الظاهر أنها مقدمیة، فإن أدی لم یکن علیه غیر ذلک.

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل یکون علیه الدین لا یقدر علی صاحبه ولا علی ولی له ولا یدری بأی أرض هو، قال: Sلا جناح علیه بعد أن یعلم الله منه أن نیته الأداءR((1)).

لکن وجود الجناح بدون نیة الأداء إذا أدی لا ظهور له فی الحرمة، لأن الجناح أعم من ذلک، وإن قیل بانصرافه إلی الحرمة قلنا کأن المسلّم عند المتشرعة هو أن عدم النیة من جهة التجری، فیأتی الکلام فیه هنا، لا أنه حرام مستقل حتی إذا لم یؤد بنیة عدم الأداء کان علیه عقابان، وتفصیل الکلام فی محله.

نعم ورد أن الإنسان إذا تزوج امرأة وهو لا ینوی أداء مهرها کان عند الله زانیاً((2))، وکذلک إذا استدان دیناً ولا ینوی إعطاءه کان سارقاً((3))، لکن لعل المسألة من ذلک فیما إذا لم یؤد أخیراً، أما إذا أدی أخیراً هل هذا الدلیل یشمله أو لا، احتمالان، وإن کان عدم الشمول لعله أقرب إلی الفهم العرفی.

ص:306


1- الوسائل: ج13 ص109 الباب 22 من الدین ح1
2- انظر الوسائل، باب وجوب أداء المهر ونیته مع العجز
3- انظر التهذیب: ج10 ص153 ب10 ح42، وفیه: قال أبو عبد الله (علیه السلام): S السراق ثلاثة مانع الزکاة ومستحل مهور النساء وکذلک من استدان دیناً ولم ینو قضاءه R

حرف الهاء

1: التهجد

حرف الهاء

1: التهجد

قال سبحانه: ﴿وَمِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَکَ﴾((1))، إن أرید به رسول الله (صلی الله علیه وآله) وحده کان إشارة إلی الواجب علیه من صلاة اللیل، کما قاله جمع من المفسرین.

وإن أرید به الأعم منه (صلی الله علیه وآله) ومن غیره، أرید به الأعم من الواجب والمستحب.

وعلی کل حال فهو إشارة إلی ما ثبت من الحکم حول هذا الموضوع.

وقد ذکر المفسرون تفسیر الآیة فی الکتب التفسیریة فلا حاجة إلی تفصیل الکلام فیه، والظاهر أن غیر رسول الله (صلی الله علیه وآله) من الزهراء (علیها السلام) والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) لا یجب علیهم التهجد بالمعنی المذکور، فإن الحکم استثناء لرسول الله (صلی الله علیه وآله) کسائر استثناءاته.

2: هجر الرجز

2: هجر الرجز

قال سبحانه: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾((2))، الرجز هو التتابع، ولذا یقال للشعر رجز، وإنما یستعمل فی القبیح لأنه یتبعه ما یکره الإنسان کما یقال للعصیان ذنب، لأنه کالذنب التابع

ص:307


1- سورة الإسراء: الآیة 79
2- سورة المدثر: الآیة 5

للحیوان.

والرجس بالسین ما یعافه النفس وکل عمل قبیح، ولذا یستعمل فی هدیر البعیر وصوت الرعد لأنهما أمران یصکان الأسماع.

والمراد بالرجز إما مطلق القبیح أو ما یکرهه الإنسان، ولذا قال سبحانه: ﴿فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آیاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَکْبَرُوا وَکانُوا قَوْماً مُجْرِمینَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَیْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا یا مُوسَی ادْعُ لَنا رَبَّکَ بِما عَهِدَ عِنْدَکَ لَئِنْ کَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَکَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَکَ بَنی إِسْرائیلَ فَلَمَّا کَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إلی أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إذا هُمْ یَنْکُثُونَ﴾((1)).

وعلی أی حال، فلیس حکماً جدیداً، بل هو شامل للمحرمات، لکن لا یبعد أن یکون شاملاً للمحرمات الشدیدة لا المحرمات الخفیفة، فإن الحرام أقسام ومراتب کما أن الواجب کذلک حسب ما یستفاد من النص والإجماع.

3: هجر الکافر وفاعلی المنکر

3: هجر الکافر وفاعلی المنکر

قال سبحانه: ﴿وَاصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمیلاً﴾((2))، هو بعض مراتب النهی عن المنکر. وقال سبحانه: ﴿فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ﴾((3))، فلیس حکماً جدیداً، سواء کان بالنسبة إلی الکفار أو بالنسبة إلی فاعل المنکر.

ولا یخفی أن قوله سبحانه: Pفلا تقعدوا معهمO لا یراد به خصوص القعود، بل حتی إذا کانا متماشیین أو ما أشبه ذلک کما فی التلفون ونحوه، فلا یراد به إلا الانقطاع عنه وإنما ذکر القعود لأنه المصداق الظاهر.

ص:308


1- سورة الأعراف: الآیة 133 _ 135
2- سورة المزمل: الآیة 10
3- سورة النساء: الآیة 140

4: هجر الناشزة

4: هجر الناشزة

قال سبحانه: ﴿وَاللاَّتی تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَکُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبیلاً﴾((1))، لکنه إرشاد ولیس بواجب.

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الطلاق، کما ذکرنا أنه ینعکس أیضاً بالنسبة إلی الرجل إذا فعل المنکر، فی هجر المرأة له من جهة النهی عن المنکر.

نعم ذکر بعض الفقهاء عدم الانعکاس، وکأنه لعدم الدلیل علیه، لکن الإطلاقات تشمله.

5: الهجرة

5: الهجرة

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِکَةُ ظالِمی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فیمَ کُنْتُمْ قالُوا کُنَّا مُسْتَضْعَفینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَکُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فیها فَأُولئِکَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصیراً﴾((2)).

قد تجب الهجرة من بلاد الکفار إذا لم یتمکن المسلم من إقامة دینه فیها، وکذلک بلاد المسلمین إذا سیطر علیها الکفار أو الفاسقون المانعون عن إقامة الشعائر، والظاهر أنه لیس حکماً جدیداً، بل هو من باب المقدمة.

وذلک فیما إذا تمکن من الهجرة، أما إذا لم یتمکن فلا، والمراد بالتمکن العرفی لا الدقی العقلی أو الاضطرار الشرعی البالغ أقصی الحد.

والمراد بإقامة الدین إقامة دین نفسه أو عائلته أو من الشارع فوضه إلیه، مما یکون البقاء فی تلک البلاد سبباً لانحرافهم عقیدةً أو عملاً.

ومن الواضح أن الآیة المبارکة إنما هی فی ما إذا تمکن

ص:309


1- سورة النساء: الآیة 34
2- سورة النساء: الآیة 97

من الهجرة، أما إذا لم یتمکن کالاتحاد السوفیتی أو بعض البلاد المشابهة فی الدکتاتوریة، فلم یکن وجوب حتی تقول له الملائکة: فیم کنتم... إلی آخره.

وقد ألمعنا إلی ذلک فی کتاب الجهاد.

6: هدم بعض الرکعات عند الشک

6: هدم بعض الرکعات عند الشک

یجب هدم بعض الرکعات، کما ذکر فی مبحث الشک فی کتاب الصلاة، کما إذا أتی بالرکعة زائدة فإنه قبل الرکوع إذا التفت إلی ذلک هدم الرکعة وجلس وأتی ببقیة الصلاة.

من غیر فرق أن تکون الرکعة عن قیام أو عن قعود أو ما أشبه، وقد یکون الهدم بتغییر النیة.

7: هدم أبنیة الضلال

7: هدم أبنیة الضلال

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَکُفْراً وَتَفْریقاً بَیْنَ الْمُؤْمِنینَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَیَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنا إلاّ الْحُسْنی﴾ الآیة((1)).

وقد بعث رسول الله (صلی الله علیه وآله) إلی مسجد ضرار فهدمه((2))، کما هدم رسول الله (صلی الله علیه وآله) الکعبات((3)) التی بنیت أطراف الکعبة المعظمة بیوتاً للأصنام، وهکذا تبع المسلمون الرسول (صلی الله علیه وآله) فی هدم بیوت الأصنام أو تبدیلها إلی المساجد ونحوها.

وذلک واجب تخییری، لکن ذلک إذا کانت بیوت الأصنام ونحوها سبباً للإضرار.

نعم لم نستبعد فی الفقه کتاب الجهاد وغیره أن قانون الذمة فی الإسلام جار حتی فی الکفار غیر الکتابیین، فإذا سیطر المسلمون علیهم ترکوهم وشأنهم بدون أن یمس عقیدتهم أو عملهم حتی مثل نکاح الأخت والأم، قال سبحانه: ﴿لَکُمْ دینُکُمْ وَلِیَ دینِ﴾((4))، وقال

ص:310


1- سورة التوبة: الآیة 107
2- انظر البحار: ج1 ص254، وتفسیر البرهان: ج2 ص1
3- الکعبة فی اللغة: الغرفة والبیت المربع
4- سورة الکافرون: الآیة 6

تعالی: ﴿لا إِکْراهَ فِی الدِّینِ﴾((1))، وفی الروایات: Sالزموهم بما التزموا بهR((2))، إلی غیر ذلک.

ولکن لا یخفی أنا ذکرنا فی شروط الذمة عدم إظهار المناکیر، فإن کان ظهر من العبید والإماء وما أشبه ذلک من المناکیر المشمولة لهذه القاعدة یجب عدم ظهورها أمام الناس، والأمر أسهل بالنسبة إلی المعاهدة، وإن کنت لم أر تحقیقاً حول ذلک بالنسبة إلی الأمرین.

8: مهادنة الکفار ونحوهم

8: مهادنة الکفار ونحوهم

یجب علی المسلمین الهدنة مع الکفار والصلح معهم إذا رأی الحاکم الإسلامی ذلک صلاحاً للمسلمین، کما فعله رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی الحدیبیة((3))، وفعله الإمام الحسن (علیه السلام) مع معاویة((4))، فیتر کان الحرب مدة معینة حسب ما یراه الحاکم، ولا تخصص بسنة أو أکثر أو أقل.

نعم إذا صالحا ثم تبدل رأی الحاکم لا یحق له نقض العهد والصلح، کما هو مذکور فی باب المعاهدات.

9: إهداء ثلث الأضحیة علی الحاج

9: إهداء ثلث الأضحیة علی الحاج

قد تقدم هنا وفی کتاب الحج أن الأضحیة فی منی تقسم علی ثلاثة أقسام: ثلث للأکل، وثلث للهدیة، وثلث للصدقة.

وفی صحیح شعیب، قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): سقت فی العمرة بدنة فأین أنحرها، قال: SبمکةR، قلت: فأی شیء أعطی منها، قال: Sکل ثلثاً وأهد ثلثاً وتصدق بثلثR((5)).

وتفصیل

ص:311


1- سورة البقرة: الآیة 256
2- الاستبصار: ج3 ص292 الباب 170 من الطلاق
3- البحار: ج20 ص334
4- البحار: ج44 ص33
5- الوسائل: ج10 ص146 الباب 40 من الذبح ح18

المسألة وکونه هل هو واجب أو مستحب مذکور فی کتاب الحج.

وقد تقدم أن معنی أکله الثلث الأکل منه، وله الحق أن یأکل إلی حده لا أن یأکل فوق ذلک.

10: الهوی للرکوع

10: الهوی للرکوع

من الواجبات المقدمیة الهوی للرکوع فی الصلاة الواجبة علی تفصیل مذکور فی کتاب الصلاة.

ص:312

حرف الواو

1: توجیه المحتضر إلی القبلة

حرف الواو

1: توجیه المحتضر إلی القبلة

یجب توجیه المحتضر المسلم إلی القبلة فی ما إذا کان معتقداً بذلک کالمؤمن، أما إذا لم یکن معتقداً بذلک فالظاهر أن قانون الإلزام شامل له.

وهیئته بحیث لو جلس کان وجهه إلی القبلة، ووجوبه علی نفسه إن تمکن، وإن لم یتمکن فهو کفائی علی المسلمین کما عن المشهور، وقد ذکرنا تفصیله فی أحوال المحتضر.

2: توجیه المیت إلی القبلة

2: توجیه المیت إلی القبلة((1))

ذکر جمع من الفقهاء وجوب توجیه المیت إلی القبلة.

ففی صحیح سلیمان، عن الصادق (علیه السلام): Sإذا مات من أحدکم میت فسجوه اتجاه القبلة، وکذلک إذا غسل یحفر له موضع المغتسل اتجاه القبلة فیکون مستقبل باطن قدمیه ووجهه إلی القبلةR.

وفی موثقة عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المیت، فقال: Sاستقبل بباطن قدمیه القبلةR((2)).

ص:313


1- الوسائل: ج2 ص661 الباب 35 من الاحتضار ح2
2- الوسائل: ج2 ص661 الباب 35 من الاحتضار ح4

أی علی النحو المتعارف، وإذا کان مکسور الرجل أو ما أشبه ذلک مما لم یمکن علی النحو المتعارف فبما أمکن.

من غیر فرق فی ذلک بین الرجل والمرأة، والکبیر والصغیر، والبالغ وغیر البالغ.

وتفصیل الکلام فی ذلک مذکور فی باب الاحتضار.

3: مودة ذوی القربی

3: مودة ذوی القربی

قال سبحانه: ﴿قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی﴾((1)).

ولا إشکال فی وجوب ذلک، بل الروایات والإجماع المدعی فی ذلک متواترة، بل هو من أصول الدین، فإذا أطاع إنسان الرسول (صلی الله علیه وآله) والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) بدون أن یحبهم کان فاعلاً للحرام، بل یشک فی إسلامه بالنسبة إلی الرسول (صلی الله علیه وآله)، وفی إیمانه بالنسبة إلی الزهراء (علیها السلام) والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)، والمحبة القلبیة إذا کانت فهو، وإذا لم تکن فاللازم علی الإنسان تحصیلها بمقدماتها، فإن الصفات النفسیة أیضاً تحصل بسبب المقدمات.

والآیة وإن کانت نازلة فی أهل البیت (علیهم الصلاة والسلام) إلاّ أن الرسول (صلی الله علیه وآله) کذلک قطعاً، إما بالدخول فی نفس الآیة مثل: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهیمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمینَ﴾((2))، حیث إن إبراهیم (علیه السلام) أیضاً داخل فی الآیة، وفی قباله قوله سبحانه: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾((3)) حیث إن فرعون أیضاً منهم بالتغلیب، أو بالملاک القطعی أو بالضرورة من الدین أو بالروایات المتواترة.

وفی روایة: Sوهل الدین إلاّ الحبR((4)).

بل یفهم ذلک من مثل قوله سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً یُحِبُّونَهُمْ کَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذینَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ یَرَی الَّذینَ ظَلَمُوا إذ

ص:314


1- سورة الشوری: الآیة 23
2- سورة آل عمران: الآیة 33
3- سور ة غافر: الآیة 46
4- المستدرک: ج2 ص366 الباب 10 من الأمر بالمعروف ح5

یَرَوْنَ الْعَذابَ أنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمیعاً وَأنَّ اللَّهَ شَدیدُ الْعَذابِ﴾((1)).

ولا یخفی أن آیة Pإن الله اصطفیO إنما ذکر فیها بعض من اصطفی من الناس ظاهرین، وإلا فاصطفاء الله سبحانه للأنبیاء کثیر، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتب أصول الدین.

4: وذر الإثم

4: وذر الإثم

قال سبحانه: ﴿وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ﴾((2))، هو من وذر یذر وذراً الشیء بمعنی ترکه، والمشهور بینهم أنه لا یستعمل منه سوی المضارع والأمر، فتقول ذره ویذره، وفی القرآن الحکیم: ﴿وَیَذَرَکَ وَآلِهَتَکَ﴾((3)).

لکنا نستشکل فی عدم جواز استعمال غیرهما، کالماضی من یدع ویذر علی ما ذکره الأدباء، فإن اللغة العربیة قیاسیة((4))، کما فصلنا ذلک فی بعض مباحثنا، وحتی إذا لم نسمع أن العرب استعمله ولو مرة واحدة.

وعلی أی حال، فلعل المنصرف من الآیة المبارکة الإثم الظاهر والإثم الباطن، سواء کان باطناً فی داخل الإنسان نفسه کالنفاق وما أشبه، أو باطناً بمعنی عدم ظهوره للناس کأن یشرب الخمر فی داخل بیته.

وعلی أی حال، فلیس هذا حکماً جدیداً، بل هو إشارة إلی أقسام الإثم المقررة فی الشریعة.

فمن الناس من یترک الإثم الظاهر، ومن الناس من یترک الإثم الباطن، بینما اللازم علی الإنسان أن یترک کلیهما، لأن الله مطلع علی ظاهره وباطنه، وعدم اطلاع الناس علی باطنه لا یکفی فی ترک الظاهر فقط، کما أن کثیراً من الناس هکذا فیصححون ظاهرهم دون باطنهم.

ص:315


1- سورة البقرة: الآیة 165
2- سورة الأنعام: الآیة 120
3- سورة الأعراف: الآیة 127
4- إلا فی ما خرج بالدلیل

5: وذر البیع عند أذان الجمعة

5: وذر البیع عند أذان الجمعة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلی ذِکْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَیْعَ﴾((1)).

وقد قرر فی (الفقه) أن المبایعة الموجبة لفوت صلاة الجمعة والخطبتین محرم ولیس بمبطل للبیع، کما أن مثل البیع سائر المعاملات کالرهن والإجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة وغیر ذلک، فالهدف الوصول إلی الجمعة بخطبتیها.

وذلک یکون واجباً تعییناً فی حال وجوبه التعیینی، وواجباً تخییراً فی حال وجوبه التخییری، وقد ذکر جماعة من الفقهاء أن الجمعة واجبة تخییراً فی حال غیبة الإمام (علیه السلام) کما ذکرنا ذلک فی بحث الصلاة الجمعة.

6: وذر الکفار والمنافقین والفاسقین

6: وذر الکفار والمنافقین والفاسقین

قال سبحانه: ﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فی خَوْضِهِمْ یَلْعَبُونَ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿وَذَرُ الَّذینَ یُلْحِدُونَ فی أَسْمائِهِ﴾((3)).

 وقال سبحانه: ﴿وَذَرِ الَّذینَ اتَّخَذُوا دینَهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً﴾((4)).

والظاهر من الآیات المذکورات عدم اتباع طریقتهم وإنما یتبع الإنسان طریق المؤمنین.

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبیلِ الْمُؤْمِنینَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصیراً﴾((5)).

والظاهر وحدتهما حیث إن مشاق الرسول متبغ غیر سبیل المؤمنین وبالعکس، وإنما ذکرا لأن الأمر من المخالف قد یکون موجهاً إلی مشاقة الرسول وقد یکون موجهاً إلی اتباع غیر سبیل المؤمنین.

وقوله تعالی: Pنوله ما تولیO أی نوجهه إلی ما توجه إلیه من الأحکام المرتبطة بذلک.

ص:316


1- سورة الجمعة: الآیة 9
2- سورة الأنعام: الآیة 91
3- سورة الأعراف: الآیة 180
4- سورة الأنعام: الآیة 70
5- سورة النساء: الآیة 115

والظاهر أن هذا لیس شیئاً جدیداً وإنما هو إشارة إلی سائر الأحکام المقررة فی الشریعة المقدسة.

7: وذر الربا

7: وذر الربا

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِیَ مِنَ الرِّبا إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ فإنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُوسُ أَمْوالِکُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾((1)).

ومعنی ترک ما بقی من الربا أن الربا الذی جاءه قبل العلم بالحرمة وأکله لا بأس به، وإنما یحرم علیه أن یأخذ ما بقی من الربا له علی الناس.

فإن الربا قُسّم فی الفقه إلی ربا معاملی وربا قرضی، فإذا لم یکن فی المعاملة ربا ولم یکن فی القرض ربا لم یکن ربا، وإن کان بعض الناس یرونه ربا، والعکس بالعکس، وتفصیل الکلام فی المسألة فی (الفقه).

8: الورع

8: الورع

ورد فی جملة من الروایات ذکر الورع ولزوم التزام المؤمن به، ولیس هو حکماً جدیداً وإنما هو عبارة عن ترک المحرمات المذکورة فی الشریعة المقدسة.

والفرق بین الورع والتقوی أن الأول عبارة عن الابتعاد، والثانی عن التحرز والتحفظ، فإن کلیهما وإن کانا یطلقان علی شیء واحد لکن ذلک باعتبارین، وإذا جمعا قیل: اتقی فورع، کما یقال اتقی من الأسد فابتعد عنه.

وعلی هذا فیکون الاتقاء قلبیاً والابتعاد عملیاً، ویمکن بیان بعض الفروق بینهما.

9: الوزن بالقسطاس المستقیم

9: الوزن بالقسطاس المستقیم

قال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا الْکَیْلَ إذا کِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقیمِ﴾((2)).

والمراد عدم أکل أموال الناس بالباطل، وإلا فلو کال بالقسطاس غیر المستقیم فأکمل الزائد ثم قبضه المشتری ونحوه مثلاً، لم یکن فاعلاً للحرام، والحاصل إنه لیس بواجب جدید.

ص:317


1- سورة البقرة: الآیة 278 _ 279
2- سورة الإسراء: الآیة 35

ولا یخفی أن الفرق بین الکیل والوزن هو المتعارف حیث یکال بعض الأشیاء ویوزن بعضها.

10: المساواة بین الخصمین

10: المساواة بین الخصمین

تقدم ذلک فی بعض الأحادیث، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب القضاء.

ومن الواضح أن من ذلک واجب ومنه مستحب، وقد قال علی (علیه الصلاة والسلام) فی روایة سلمة لشریح: Sثم واس بین المسلمین بوجهک ومنطقک ومجلسک حتی لا یطمع قریبک فی حیفک، ولا ییأس عدوک من عدلکR.

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): Sمن ابتلی بالقضاء فلیواس بینهم فی الإشارة وفی النظر وفی المجلسR((1)).

وعن الصادق (علیه السلام): Sإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نهی أن یضاف الخصم إلاّ ومعه خصمهR((2)).

إلی غیر ذلک مما ورد فی هذا السبیل.

ولا یخفی أن المساواة منها واجب ومنها مستحب، فلیس المساواة بینهما فی الإشارات وفی النظر وفی المجلس وفی نوع التکلم وما أشبه ذلک من الواجبات، بل من المستحبات، خصوصاً إذا کانت جهة للاختلاف، وإنما المساواة فی القضاء سماعاً وفتوی هی المساواة الحقیقیة وتفصیل ذلک فی القضاء.

11: الوصیة

11: الوصیة

قال سبحانه: ﴿کُتِبَ عَلَیْکُمْ إذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ إنْ تَرَکَ خَیْراً الْوَصِیَّةُ لِلْوالِدَیْنِ وَالْأَقْرَبینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقینَ﴾((3)).

ذکرنا فی کتاب الوصیة أن الوصیة الواجبة هی إنما تکون بحقوق الناس وحقوق الله

ص:318


1- الوسائل: ج18 ص157 الباب 3 من آداب القاضی ح1
2- الوسائل: ج18 ص157 الباب 3 من آداب القاضی ح2
3- سورة البقرة: الآیة 180

سبحانه وتعالی، أما غیرهما فهی مستحبة، وفی بعض الروایات Sالوصیة حق علی کل مسلمR((1))، ومن الواضح أن الوجوب إنما یکون إذا کان عدم الوصیة سبباً لضیاع الحق، أما إذا لم یکن سبباً لضیاع الحق فلا تجب، بل إنما تکون مستحبة، وقد ورد فی الحدیث: Sمن مات بلا وصیة مات میتة الجاهلیةR لأن الجاهلیین کانوا یموتون بلا وصیة لعدم اعتبارهم للحقوق، لا واجبها ولا مستحبها.

وقولنا: أما إذا لم یکن سبباً لضیاع الحق فلا تجب، یؤید ذلک مما یجب علیه ومما یحرم علیه وهو تعبیر عرضی لا أن له خصوصیة خاصة، وکذلک ذکره جملة من الفقهاء کما لا یخفی علی من راجع التفاسیر، ولا یدل علیه قوله سبحانه: Pما ننسخ من آیة أو ننسها نأت بخیر منها أو مثلهاO((2))، فإن ذلک محتمل بالنسبة الی الدینین وبالنسبة إلی الدین الواحد فیما إذا انتهی الحکم وشرع حکم غیره.

12: الوصیة للازواج

12: الوصیة للازواج

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِیَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إلی الْحَوْلِ غَیْرَ إِخْراجٍ﴾((3))، أی لیوصوا وصیة لأزواجهم.

والظاهر أن الوصیة للأزواج کالوصیة لغیرها، إن کان عدم الوصیة سبباً لضیاع حقها تجب الوصیة، وإلا فلا تجب، وجماعة ذکروا أن الآیة منسوخة بآیة عدة الوفاة، وقد تکلمنا حول ذلک فی (الفقه) کما ذکرنا فی بعض کتبنا أن النسخ فی القرآن بالمعنی المتعارف محل تأمل.

13: الوضوء

13: الوضوء

یجب الوضوء للصلاة الواجبة ونحوها کالطواف الواجب، قال سبحانه: ﴿إِذا قُمْتُمْ إلی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إلی الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ إلی

ص:319


1- الوسائل: ج13 ص351 الباب 1 من الوصایا
2- الوسائل: ج13 ص351 الباب 1 من الوصایا
3- سورة البقرة: الآیة 240

الْکَعْبَیْنِ﴾((1)).

ولا یخفی أن الوضوء منه واجب ومنه مستحب، ومنه ما لیس بواجب ولا مستحب، کوضوء الجنب بعد غسله الجنابة أو قبله، حیث ورد لا وضوء قبله ولا بعده، کما أن الوضوء إذا کان ضاراً کان محرماً، کما ورد مثل ذلک فی باب الغسل حیث قال (صلی الله علیه وآله): Sقتلوه قتلهم الله، ألا یمّموهR حیث مات بسبب غسله کما هو مذکور فی باب الغسل.

وتفصیل الوضوء موکول إلی کتاب الطهارة.

14: الوطی

14: الوطی

یجب وطی الزوجة فی کل أربعة أشهر مرة علی المشهور، وقد استشکلنا فی المدة المذکورة فی کتاب الفقه، وقلنا: بأن اللازم المعاشرة بالمعروف، کما دلت علیه الآیة والروایة.

وإذا لم یتمکن من العمل لمرض أو عرض أو حرم لم یکن متمکناً من المعاشرة بالمعروف، فیکون حقها بین البقاء والطلاق، وتفصیل الکلام فی کتاب النکاح.

15: الوعظ

15: الوعظ

قال سبحانه: ﴿الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَیْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتی تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَکُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبیلاً إنّ اللَّهَ کانَ عَلِیًّا کَبیراً﴾((2)).

لا إشکال فی وجوب الوعظ فیما إذا کان داخلاً فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر

ص:320


1- سورة المائدة: الآیة 6
2- سورة النساء: الآیة 34

والهدایة والإرشاد، ویستحب إذا لم یکن من الأقسام المذکورة، وفی المقام إنما یجب الوعظ إذا کانت المرأة خارجة عن جادة الشریعة، وأما إذا کانت غامطة لحق الزوج فقط فالوعظ مستحب لإرجاعها إلی الجادة، وإلا فیجوز للزوج التنازل عن حقه، فإن ذلک حق لا حکم کما هو مذکور فی کتاب النکاح، وکذلک کثیر من الحقوق بین الزوجین حق هذا علی هذه، أو حق هذه علی هذا.

16: الوفاء مع الحربی بالشرط

16: الوفاء مع الحربی بالشرط

إذا اشترط الکفار علی المسلمین شرطاً فی ضمن عقد الهدنة أو ما أشبه وجب علی المؤمنین الوفاء بذلک الشرط، فإن الوفاء بالعهد من الواجب شرعاً، کما دل علی ذلک النص والإجماع.

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی باب العهد، نعم إذا نقض الکافر فسح المجال لنقض المسلم، کما یحکی من فعل رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی معاهدة أهل مکة، فقد ذکرنا ذلک فی تاریخه (صلی الله علیه وآله)((1)).

17: الوفاء بالشرط

17: الوفاء بالشرط

فی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): Sمن اشترط شرطاً مخالفاً لکتاب الله فلا یجوز له، ولا یجوز علی الذی اشترط علیه، والمسلمون عند شروطهم مما وافق کتاب الله عز وجلR((2)).

وفی موثقة إسحاق، عن الصادق (علیه السلام)، عن أبیه (علیه السلام): إن علی بن أبی طالب (علیه السلام) کان یقول: Sمن شرط لامرأته شرطاً فلیف به فإن المسلمین عند شروطهم إلاّ شرط حرم حلالاً أو أحلّ حراماًR((3)).

ولا یخفی أن ذکر علی (علیه السلام) مسألة المرأة لأن کثیراً من الرجال لا یهتمون بشؤون نسائهم،

ص:321


1- انظر کتاب (ولأول مرة فی تاریخ العالم) ج1 و2، للإمام المؤلف
2- الوسائل: ج12 ص353 الباب 6 من الخیار ح1
3- الوسائل: ج12 ص353 الباب 6 من الخیار ح5

بل یعدّونهن خارجاً عن دائرة الشخصیة((1)) والمقابلة بالمثل((2))، بینما قال سبحانه: Pولهن مثل الذی علیهن بالمعروفO((3))، فالأحکام مشترکة بینهما إلاّ ما أخرجه الشارع مما هو مذکور فی محله.

والمراد بتحریم الحلال، الحلال الذی یرید الله سبحانه وتعالی بقاءه حلالاً، وإلا فإن الشرط کالنذر والعهد والیمین دائماً یغیر الجائز إلی الواجب والمحرم، وتفصیل ذلک مذکور فی الفقه فی کتاب البیع.

18: الوفاء بالعقد

18: الوفاء بالعقد

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾((4)).

والظاهر أن الوفاء بالعقد تکلیفی ووضعی، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب البیع.

19: الوفاء بأمان المستؤمن

19: الوفاء بأمان المستؤمن

فی موثق السکونی، عن الصادق (علیه السلام) قال: قلت له: ما معنی قول النبی (صلی الله علیه وآله): یسعی بذمتهم أدناهم، قال: Sلو أن جیشاً من المسلمین حاصروا قوماً من المشرکین فأشرف رجل فقال: أعطونی الأمان حتی ألقی صاحبکم وأناظره، فأعطاهم الأمان وجب علی أفضلهم الوفاء بهR((5)).

وقوله (صلی الله علیه وآله): SأدناهمR أی حق الأدنی من جهة المال والعشیرة والشخصیة یجوز له السعی بذمتهم فلا یلزم أن یکون الواجب بالنسبة إلی ذمتهم رئیس الجیش أو شخصیة ذات نفوذ ومال وقدرة وما أشبه ذلک.

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

ص:322


1- أی حفظ شخصیتها وکرامتها
2- أی مقابلة المعروف بالمثل کما ورد فی الآیة الکریمة
3- سورة البقرة: الآیة 228
4- سورة المائدة: الآیة 1
5- الوسائل: ج11 ص49 الباب 20 من جهاد العدو ح1

20: الوفاء بالعهد

20: الوفاء بالعهد

قال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ کانَ مَسْؤُولاً﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْکیدِها﴾((2)).

من الواضح أن الوفاء بالعهد الذی هو قسیم للنذر واجب نصاً وإجماعاً، کما أن الوفاء بالعهد فی المعاهدات بین الطرفین أیضاً واجب نصاً وإجماعاً، أما إذا قال إنسان لإنسان: علی عهدتی کذا بدون أن یکون هناک عقد أو ما أشبه فالوفاء به لا دلیل علی وجوبه، وقد ذکرنا الفرق بین العهد والعقد فی کتاب البیع، فالعهد ینشأ من القلب أولاً ثم یجری علی اللسان، بینما العهد ینشأ من اللسان أولاً ثم یجری علی القلب، والحاصل أن کلیهما مشترکان فی القلب واللفظ، لکن أحدهما أخذ باعتبار القلب والآخر أخذ باعتبار اللفظ.

21: الوفاء بالنذر

21: الوفاء بالنذر

قال سبحانه: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتیقِ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿یُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَیَخافُونَ یَوْماً کانَ شَرُّهُ مُسْتَطیراً﴾((4)).

وفی صحیح سعید: Sما جعل لله فهو واجب علیهR((5)).

وفی صحیح الحلبی، فی رجل جعل علیه نذراً ولم یسمه، قال: Sإن سمی فهو الذی سمی، وإن لم یسم فلیس علیه شیءR((6)).

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة فی باب النذر بالإضافة إلی الإجماع المقطوع به،

ص:323


1- سورة الإسراء: الآیة 34
2- سورة النحل: الآیة 91
3- سورة الحج: الآیة 29
4- سورة الإنسان: الآیة 7
5- الوسائل: ج16 ص184 الباب 1 من النذر ح8
6- الوسائل: ج16 ص184 الباب 1 من النذر ح1

ومن الواضح قوله: Sإن لم یسم فلیس علیه شیءR یراد به إن لم یکن له متعلق، وإلا فإن کان له متعلق علی نحو التردید أو الکلی وجب الوفاء أیضاً بالنسبة إلی أحد المردد بینهما، وبالنسبة إلی أحد أفراد الکلی کما ألمعنا إلی ذلک فی کتاب النذر، وهکذا یکون حال العهد وحال القسم وحال الشرط.

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی وجوب الوفاء بالنذر فی کتابه.

22: الوقوف عند الشبهة

22: الوقوف عند الشبهة

یجب الوقوف عند الشبهة فی موضعین:

الأول: الشبهة فی باب العلم الإجمالی.

والثانی: الشبهة الحکمیة قبل الفحص، وقد ذکرنا فی (الأصول) وجوب الوقوف عند الشبهات الموضوعیة إلاّ ما خرج کباب الطهارة والنجاسة، وتفصیل الکلام هناک.

فی صحیح جابر، عن الباقر (علیه السلام): Sإذا أشتبه الأمر علیکم فقفوا عنده وردوه إلینا حتی نشرح لکم من ذلک ما شرح لناR((1))، یراد بذلک فی حال الحضور، أما فی حال الغیبة فاللازم أن یعملوا حسب الموازین المذکورة فی الأصول.

23: وقایة النفس والأهل

23: وقایة النفس والأهل

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَأَهْلیکُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ﴾((2)).

وفی صحیح أبی بصیر، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: ﴿قُوا أَنْفُسَکُمْ﴾ الآیة، هذه نفسی أقیها فکیف أقی أهلی، قال: Sتأمرهم بما أمر الله به، وتنهاهم عما نهاهم الله عنه، فإن أطاعوک کنت قد وقیتهم، وإن عصوک کنت قد قضیت ما علیکR((3)).

والروایات الواردة حول حفظ الأهل کثیرة، والظاهر أنه من مراتب الأمر بالمعروف

ص:324


1- البحار: ج2 ص258 الباب 31 ح5
2- سورة التحریم: الآیة 6
3- تفسیر البرهان: ج4 ص355 ح7

والنهی عن المنکر مع الأولویة، وإلا فلا وجوب زیادة علی ذلک، نعم یمکن أن یکون الوجوب آکد.

ولا یخفی أن قوله (علیه السلام): (وإن عصوک کنت قد قضیت ما علیک) إنما هو فیما إذا لم یتمکن من أکثر من ذلک، وإلا وجب علیه حسب الموازین المذکورة فی کتاب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

24: الاتقاء

24: الاتقاء

تکررت فی الآیات والروایات الاتقاء، والمراد منه حفظ النفس عن المحرمات، حتی لا یبتلی بمشاکل الدنیا وعذاب الله سبحانه وتعالی فی الآخرة، وقد ذکرنا فیما تقدم الفرق بین التقوی والورع.

أما قوله سبحانه: Pفلیحذر الذین یخالفون عن أمرهO((1)) فالمراد بالحذر أحد الأمرین: إما التقوی وإما الورع، کما ذکرنا الفرق بینهما فی السابق.

25: التقیة

25: التقیة

دل علیها الأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکافِرینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنینَ وَمَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فی شَیْ ءٍ إلاّ أنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَیُحَذِّرُکُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإلی اللَّهِ الْمَصیرُ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿مَنْ کَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إیمانِهِ إلاّ مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإیمانِ وَلکِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْکُفْرِ صَدْراً فَعَلَیْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((3)).

ص:325


1- سورة النور: الآیة 63
2- سورة آل عمران: الآیة 28
3- سور ة النحل: الآیة 106

وفی صحیح ابن أبی یعفور، عن الصادق (علیه السلام): Sالتقیة ترس المؤمن، ولا إیمان لمن لا تقیة لهR((1)).

وفی صحیح عبد الله الکنانی، عنه (علیه السلام): Sأبی الله إلاّ أن یعبد سراً، أبی الله عز وجل لنا ولکم فی دینه إلاّ التقیةR((2)).

وفی موثق أبان، عنه (علیه السلام): Sلا دین لمن لا تقیة لهR((3)).

والإجماع القطعی قائم من عامة طوائف المسلمین علی وجوب التقیة عند تحقق موضوعها.

والعقل یدل علی تقدیم الفاسد درءاً للأفسد، والبحث فی ذلک موکول إلی الرسائل الخاصة المعنیة بهذا الشأن، وقد نقل صاحبا الوسائل والمستدرک روایات متواترة حول هذا الموضوع.

وقد جرت السیرة القطعیة من العقلاء، کفاراً أو مسلمین، سنة أو شیعة علی العمل بالتقیة، فمن لم یعمل بالتقیة فی المال والعرض والدم یکون خارجاً عن موازین العقلاء.

26: الوقوف

26: الوقوف

یجب الوقوف بعرفات وبالمشعر الحرام، قال سبحانه: ﴿لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّکُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْکُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْکُرُوهُ کَما هَداکُمْ، وَإنْ کُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّینَ﴾((4)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی الوقوفین فی کتاب الحج.

ص:326


1- الوسائل: ج11 ص460 الباب 24 ح6
2- الوسائل: ج11 ص462 الباب 24 ح10
3- الوسائل: ج11 ص462 الباب 24 ح22
4- سورة البقرة: الآیة 198

27: ولایة الأب والجد

27: ولایة الأب والجد

لا شک فی ولایة الأب والجد الأبی علی الصغار فی کل شؤونهم، فیتصرفان فیها بما لم یکن مفسدة.

والواجب علیهما منع الأطفال بنین وبنات عن کل ما فیه ضرر علیهم أو علی غیرهم من الناس، وعن کل ما علم من الشرع إرادة عدم وجوده فی الخارج، لما فیه من الفساد کالزنا واللواط والسحق وما أشبه ذلک، أما لبس الحریر والذهب فالظاهر عدم حرمته علی الأطفال الذکور.

وعلی أی حال، فتفصیل المسألة فی بابه، حیث تعرض له السید الطباطبائی، وتعرضنا فی الشرح إلی الکلام فیه.

والظاهر أن الإنسان إذا کان ولیاً علی یتیم کان علیه ذلک الحق أیضاً.

ففی صحیح غیاث، عن الصادق (علیه السلام)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): Sأدب الیتیم مما تؤدب منه ولدک، واضربه مما تضرب منه ولدکR((1)).

والأب والجد والولی لهم الحق فی تفویض الصغیر إلی المعلم ونحوه، فله أن یؤدبه حسب المتعارف، وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی (الفقه).

28: ولایة الحسبة

28: ولایة الحسبة

الحسبة من الاحتساب والحساب، کأن الفاعل هنا یفعل ما یفعله قربة إلی الله تعالی واحتساباً لأجله سبحانه، وهذا لا ینافی ارتزاق المحتسب فهو کارتزاق القاضی وارتزاق المؤذن وغیرهما.

والولایة تفوض إلی المحتسب من قبل الفقیه الجامع للشرائط للرقابة علی الناس وإصلاح الفاسد، والأصل فیه ما کان یفعله علی (علیه الصلاة والسلام) من الدوران فی أسواق الکوفة وإرشاد الناس وهدایتهم وتأدیبهم، فی قصص مذکورة فی التواریخ والروایات، ولعله (علیه الصلاة والسلام) کان اتخذ ذلک من الرسول (صلی الله علیه وآله) فقد کان

ص:327


1- الوسائل: ج15 ص197 الباب 85 من الأولاد ح1

الرسول (صلی الله علیه وآله) یرسل بعض أصحابه لأجل إعلام حکم أو ما أشبه ذلک.

وإن کان المحتسب بنفسه فقیهاً عالماً عادلاً لم یحتج إلی الإجازة من أحد، کما أن فعل المحتسب لو کان مجرد الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر وإرشاد الناس من دون تطبیق ما هو من شأن الفقیه کالتعزیر ونحوه کان لکل مسلم ذلک.

وعلی أی حال، فهی واجبة النصب علی الفقیه من جهة أن فیه إقامة أحکام الإسلام وإصلاح المجتمع الذی وضع الفقیه حاکماً لأجله، کما یجب علی کل مسلم کفایةً بالنسبة إلی ما هو واجب کفائی.

29: ولایة الفقیه

29: ولایة الفقیه

قد جعل الشارع الفقیه العادل فی زمن غیبة الإمام (علیه الصلاة والسلام) ولیاً علی المسلمین، فإن کان واحداً فهو الولی وحده، وإن کانوا متعددین لزم بینهم الشوری وتمشیة الأمور بأکثریة الآراء، کما ألمعنا إلی ذلک فی بعض مباحث هذا الکتاب وفی (الفقه) مفصلاً، وکذلک ذکرناه فی بعض کتبنا السیاسیة، فیقوم الفقیه أو شوری الفقهاء بالشؤون السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والتربویة والفکریة وغیرها مما یرتبط بإبقاء المسلمین وتقدیمهم إلی الأمام، کما کان یفعله الرسول والإمام أمیر المؤمنین والإمام الحسن (علیهم الصلاة والسلام).

30: الولایة من قبل من له الولایة

30: الولایة من قبل من له الولایة

إذا ولی المالک أو الحاکم إنساناً لتولی شأن من الشؤون، کولایة القیم من قبل الأب والجد، وولایة الوصی من قبل الموصی، وولایة المتولی من قبل الواقف، وولایة الوکیل من قبل الحاکم، إلی غیر ذلک کانت له الولایة علی ذلک الشیء حسب التعیین أو حسب الارتکاز، فالواجب علی الولی الحفظ من الفساد والتقدیم إلی الأمام علی ما هو مذکور فی الکتب الفقهیة

ص:328

فی الأبواب المناسبة.

31: الولایة علی المیت

31: الولایة علی المیت

للورثة الولایة علی المیت، فأولاهم بمیراثه أولاهم بأحکامه، علی ما ذکرنا تفصیله فی باب الأموات.

32: التوکل علی الله

32: التوکل علی الله

قال سبحانه: ﴿وَعَلَی اللَّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾((1)).

وفی آیة أخری: ﴿وَعَلَی اللَّهِ فَتَوَکَّلُوا إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ﴾((2)).

إلی غیرهما من الآیات المتعددة والروایات الکثیرة الدالة علی التوکل.

والفرق بین (وکل) مجرداً، و(أوکل) و(وکّل) و(توکّل) أن الأول بمعنی التفویض، والثانی هو الأول بزیادة فی التفویض، فإن زیادة المبنی تدل علی زیادة المعنی، والثالث جعل الموکل إلیه وکیلاً، والرابع استسلم إلیه.

ومن الواضح أنه لیس فی الثلاثة الأول معنی الاستسلام، فالتوکل تفویض واستسلام معاً، والإنسان یعمل ما فی دائرة وسعه وقدرته ویفوض ما لیس فی دائرة وسعه إلیه سبحانه، ولذا قال الرسول (صلی الله علیه وآله): Sاعقل وتوکلR((3)).

نعم یصح التوکل فیما فی دائرة الوسع أیضاً إلیه سبحانه، بمعنی أنه أمره فیطیع أمره، وأن صحته وتمامه وثوابه وأجره بیده، ومنه یظهر أن السعی إلی جمیع الأمور التی بید الإنسان لا ینافی التوکل، بل إن الله سبحانه وتعالی أمر بذلک،

قال سبحانه: ﴿وَأنْ لَیْسَ لِلْإنسان إلاّ ما سَعی﴾((4))، وقال: ﴿قُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَکُمْ وَرَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ﴾((5)) فلیس معنی

ص:329


1- سورة إبراهیم: الآیة 11
2- سورة المائدة: الآیة 23
3- الغوالی: ج1 ص75 ح149
4- سورة النجم: الآیة 39
5- سورة التوبة: الآیة 105

التوکل البناء علی عدم تأثیر الوسائط والعلل والأسباب المادیة.

والظاهر أن التوکل أیضاً من الأسباب المعنویة التی جعلها الله سبحانه وتعالی لبلوغ الأهداف، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَیَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ، وَمَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِکُلِّ شَیْ ءٍ قَدْراً﴾((1)).

والتوکل بمعناه المرتبط بأصول الدین واجب، لأن القلب یجب أن یکون متوجهاً إلی الله سبحانه وتعالی بأنه مسبب الأسباب وأنه الخالق الرازق البارئ، أما بغیر ذلک فلیس من الواجب، بل هو من المستحبات والملکات الرفیعة.

ص:330


1- سورة الطلاق: الآیة 2 _ 3

حرف الیاء

1: الیقین

حرف الیاء

1: الیقین

إذا أسلم الإنسان أو کان مسلماً فالواجب علیه تحصیل الیقین بالله سبحانه وتعالی وسائر شؤونه المرتبطة بأصول الدین، إذا لم یکن متیقناً أی کان شاکاً قلباً، أو ظاناً أو واهماً، بل بدون الیقین لا یکون إیمان، فهو من أهم شعب الأصول.

والآیات والروایات والإجماع، بل العقل أیضاً علی ذلک دلیل.

قال سبحانه: ﴿رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَیْنَهُمَا إنْ کُنْتُمْ مُوقِنینَ﴾((1)).

إلی غیر ذلک.

2: التیمم

2: التیمم

التیمم من الواجبات علی ما ذکر تفصیله فی (الفقه).

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُکاری حَتَّی تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إلاّ عابِری سَبیلٍ حَتَّی تَغْتَسِلُوا وَإنْ کُنْتُمْ مَرْضی أَوْ عَلی سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَأَیْدیکُمْ إنَّ اللَّهَ کانَ عَفُوًّا غَفُوراً﴾((2)).

ولا فرق فی کون التیمم بدل الغسل أو بدل الوضوء، فالواجب منه التیمم البدل من واجب منهما، والمستحب منه التیمم البدل من مستحب منهما.

ص:331


1- سورة الشعراء: الآیة 24
2- سورة النساء: الآیة 43

3: تیمم المیت بشروطه

3: تیمم المیت بشروطه

یجب أن ییمم المیت الفاقد للماء أو الذی لا یمکن استعمال الماء له، من قبل الأحیاء، وتیممه کتیمم الحی، لکن بواسطة ید الحی بإمرارها علی جبهته ویدیه، وإذا یمم کذلک کان من مسه لا یجب علیه غسل المس، کما ذکرنا ذلک فی کتاب الطهارة.

4: التیمم علی المحتلم فی المسجد

4: التیمم علی المحتلم فی المسجد

فی صحیح أبی حمزة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: Sإذا کان الرجل نائماً فی المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلی الله علیه وآله) فاحتلم فأصابته جنابة فلیتیمم، ولا یمر فی المسجد إلاّ متیمماً، ولا بأس أن یمر فی سائر المساجد، ولا یجلس فی شیء من المساجدR((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی الشرح، وأنه لیس بخاص بالاحتلام، فلو جامع مثلاً حلالاً اشتباهاً أو حراماً کان کذلک.

5: قاعدة التیسیر

5: قاعدة التیسیر

لم یذکرها الفقهاء اقتناعاً منهم بقاعدة المیسور، والأولی من مصادیق الثانیة، وإن کانت بحاجة إلی شیء من التوضیح.

فإن قوله سبحانه: Pیرید الله بکم الیسرO((2))، یستفاد منه التیسیر أیضا بالنسبة إلی النفس وإلی الغیر، کما یشمله أیضاً قوله (صلی الله علیه وآله): Sجئتکم بالحنفیة السمحاءR((3)) وما أشبه ذلک، فإنه یشمل الموضوع والحکم.

کما یشملها قوله (صلی الله علیه وآله) لذلک الشاب الذی أنهکته العبادة: Sإن هذا الدین متین فأوغل فیه برفق، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقیR((4)).

والتیسیر بین واجب ومستحب.

هذا بالإضافة إلی أن التعسیر الذی هو خلاف التیسیر ولید جملة من الصفات الذمیمة، محرمة أو مکروهة، مثل:

1: سوء الظن.

2: التهمة.

ص:332


1- الوسائل: ج1 ص485 الباب 15 من الجنابة ح6
2- سورة البقرة: الآیة 185
3- انظر بحار الأنوار: ج30 ص548 وفیه: قال رسول الله صلی الله علیه وآله: S بعثت إلیکم بالحنفیة السمحة السهلة البیضاء R
4- انظر الکافی: ج2 ص87

3: الوسوسة.

4: التدقیق فی الموضوع أو الحکم، وقد ورد إن التدقیق فی الشیء زندقة.

أقول: لأنه ینتهی إلی الزندقة عادة والإفراط والتفریط.

5: تصعیب الأمور ذهنیاً أو خارجیاً، حیث إن للتصعیب تأثیراً نفسیاً، بالإضافة إلی التأثیر الخارجی.

6: الدقة فی التنظیم بحد الإفراط.

7: إرادة تطبیق الحیاة والأحیاء علی نفسه لا کما أرادها الله سبحانه، حیث خلق الأحیاء والحیاة بصورة خاصة، فإن مثل هذه الإرادة بالإضافة إلی أنها لا تنتهی إلی نتیجة، توجب الهم والحزن والغضب وسوء الأخلاق وتوتر الأعصاب فی الإنسان.

8: الیأس.

9: القنوط.

10: والإحباط.

مما أشیر إلیها فی النصوص لفظاً أو معنی.

((من مظاهر التعسر))

وللتعسیر مظاهر فی کل أبواب الحیاة, وضدها التیسیر، ولعل ما ورد عن النبی (صلی الله علیه وآله) أنه قال: Sیسروا ولا تعسرواR((1)) إشارة إلی ذلک، فإنه من فصل الخطاب الشامل لکل شیء، ونذکر منها أمور:

أ: التدقیق فی الوضوء والغسل والتیمم والصلاة، مثل إخراج الألفاظ عن المخارج بدقة غیر عرفیة، وکذلک فی قراءة القرآن والأدعیة والتسبیحات والذکر وما أشبه، وفی أغسال المیت وتجهیزه، والاعتکاف بأن لا یخرج من المسجد حتی فی أشد الحاجات الدینیة والدنیویة وما أشبه ذلک.

ب: وهکذا التدقیق فی إخراج ألفاظ العقود والإیقاعات من مخارجها الدقیقة، وفی قیم الأشیاء فی المعاملات، وفی عدالة الشهود والإمام ونحوهم إلی حد الإفراط.

ج: وفی الحفظ علی النساء إلی حد الوسوسة والاتهام، وکذلک الحال فی الحفظ علی

ص:333


1- غوالی اللئالی: ج1 ص381

الأولاد والأقرباء.

د: والتدقیق فی النظافة جسداً أو أثاثاً أو غیر ذلک بما یکون من الوسوسة الشرعیة أو العرفیة، وفی الأکل والشرب، وفی اللباس وفی المرکب، وفی المسکن وفی الدکان والبستان، وما إلی ذلک فإنه قد یدقق الإنسان فی کل هذه الأمور وقد یتساهل.

ه_: وهکذا التدقیق فی اتخاذ الزوجة أو الزوج، بالنسبة إلی الأخلاق والسلوک((1)) والتبعیة وما إلی ذلک، وفی خصوصیات المباشرة والمعاشرة، وفی تربیة الأولاد وإدارة البیت، وحفظ نفسه وعائلته عن الحر والبرد ونحوهما، وفی حفظ الصحة الزائد.

و: وفی الأمور السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والتربویة وغیرها، وقد ورد فی الحدیث: Sإن المؤمن سهل البیع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاءR((2)).

وهذا من باب المثال، وإلا فالمؤمن سهل النفاذ، سهل الإمضاء، سهل الرضا، سهل الإرضاء، سهل البقاء، سهل الإبقاء، سهل المعاملات الفردیة والمعاملات الاجتماعیة، إلی غیرها.

ز: وفی التدقیق علی النفس، فإن اللازم التسهیل علیها، فإن من یصعّب علی نفسه یصیبه الحرج والعنت بدون فائدة، بل یوجب ذلک تنفیره عن الأمور، ولذا قال علی (علیه السلام): Sإن هذه القلوب تمل کما تمل الأجسام فابتغوا لها طرائف الحکمةR((3)).

ح: وفی التدقیق علی أخطاء الناس وعدم نسیان سوء سوابقهم فی قبال: Pخذ العفوO((4))، حیث قد یدقق النظر فی أمر الجار والصدیق والتلمیذ والأستاذ والشریک وغیرهم، وقد یعمل بما یتساهل معهم، فإنه أفضل حتی من الوسط.

ط: وفی التدقیق فی أمور المستقبل والاهتمام الزائد به بدون مبرر.

ی: وفی التدقیق فیما بیده من الأعلی والأدنی، مثل الأخذ بالحد الأعلی من التعزیرات وما أشبه ذلک.

نعم فی الواجبات والمحرمات المحددة شرعاً لا تسهیل، إلا فی موارد الحرج والضرر والضرورة والاضطرار علی ما ذکر فی حدیث الرفع وغیره.

ص:334


1- أی إذا کان أکثر من المتعارف المأمور به شرعاً
2- الفقیه: ج3 ص196
3- نهج البلاغة: الحکمة 197
4- سورة الأعراف: الآیة 199

لا یقال: إنا رأینا النبی (صلی الله علیه وآله) والوصی (علیه السلام) یسهلان فی تلک الأمور، واحتمال أنها من باب الولایة خلاف الأصل الذی یقول کلما شک فی أنه من باب الحکم أو الولایة لابد وأن یحمل علی الحکم لأن الولایة بحاجة إلی أمر زائد.

لأنه یقال: لابد وأن یحمل مثل تلک الأمور علی قاعدة الأهم والمهم والاضطرار والضرورة وما أشبه ذلک، بالإضافة إلی ما ذکرنا فی الفقه من أن لهم (علیهم السلام) حق العفو، بل وکذلک بالنسبة إلی الفقیه.

مثلاً الرسول (صلی الله علیه وآله) عفی عن الفارین من الزحف أی لم یعاقبهم، وکذا عمن لم یقبل حکمه فی متعة الحج فلم یعاقبه، وأنه لم یتعرض لمن قال: لیهجر. وعفی عمن کان مهدور الدم فهدر دمه ثم جعله محقون الدم.

وعلی (علیه السلام) عفی عن أهل البصرة اتباعاً للنبی (صلی الله علیه وآله) بعفوه عن أهل مکة، وقال (علیه السلام) لمن شکت زوجها فی معصیة: إنه یحقق فإن ثبت حدّ الزوج، وإن لم یثبت أدّب الزوجة، ثم قام وصلی مما سبب هرب الشاکیة بعد أن رأت أن کلا الطرفین فی ضررها، إلی غیر ذلک.

وکلما حصل لإنسان، فقیه أو غیر فقیه، تلک الاستثناءات کان فی یسر، وإلا کان علیه التطبیق فی الأحکام الاقتضائیة، وقد ذکرنا فی بعض المباحث کیفیة الجمع بین Pیرید الله بکم الیسرO((1)) وبین Sأفضل الأعمال أحمزهاR((2))، وکذلک بین إتعابهم (علیهم السلام) أنفسهم فی العبادة وما إلی ذلک، وبین (أوغل فیه برفق)((3)).

وأن المراد بالأحمز الأصعب ذاتاً لا الأصعب فرداً.

وأنهم (علیهم السلام) حیث کان بیدهم الحکم والأسوة کان اللازم أن یسلکوا ذلک المسلک، کما قال علی (علیه السلام) بالنسبة إلی (أخ علاء) فی البصرة.

سبحان ربک رب العزة عما یصفون، وسلام علی المرسلین، والحمد لله رب العالمین، وصلی الله علی محمد وآله الطاهرین.

ص:335


1- سورة البقرة: الآیة 185
2- بحار الأنوار: ج67 ص191 ط بیروت
3- انظر الکافی: ج2 ص87

ص:336

المحتویات

المحتویات

المقدمة. 3 [1]

حرف الألف.. 5 [2]

1: إیتاء الاجر للمرضعات.. 5 [3]

2: إیتاء أجر الزوجات وصدقاتهن. 6 [4]

3: إتیان البیوت من أبوابها 6 [5]

4: إیتاء حق الحصاد 7 [6]

5: إیتاء ذی القربی. 8 [7]

6: إیتاء الزکاة 9 [8]

7: إیتاء المکاتبین من مال الله سبحانه وتعالی. 9 [9]

8: إیتاء أموال الیتامی. 10 [10]

9: إیتاء النصیب.. 10 [11]

10: إیتاء ما أنفقه الزوج الکافر علی زوجته المسلمة. 11 [12]

11: إیتاء مثل ما أنفقه الزوج المسلم علی زوجته الکافرة 12 [13]

12: الاستیجار لصلاة المیت وصومه وحجه. 13 [14]

ص:337

13: أخذ الحذر. 14 [1]

14: أخذ الزینة عند المساجد 14 [2]

15: أخذ الأسلحة. 16 [3]

16 _ اتخاذ الشیطان عدواً 16 [4]

17: أخذ النبی (صلی الله علیه وآله) الصدقة. 17 [5]

18: أخذ العفو. 17 [6]

19: أخذ القرآن من ید الکافر. 18 [7]

20: أخذ القاضی حق الناس لهم 19 [8]

21: اتخاذ الله وکیلاً.. 20 [9]

22: أخذ الکفار. 20 [10]

23: أخذ ما آتاه الرسول (صلی الله علیه وآله) 21 [11]

24: أداء الأمانة. 21 [12]

25: أداء الدیة علی المخلص.... 22 [13]

26: أداء الدین علی الإمام 23 [14]

27: أداء الشهادة 23 [15]

28: أداء مال الغیر. 24 [16]

29: الاستئذان فی الدخول. 24 [17]

30: الاستئذان من النبی (صلی الله علیه وآله) 26 [18]

31: إیذاء فاعل الفاحشة. 27 [19]

32: الأکل من الذبیحة فی موسم الحج. 28 [20]

33: أمر الأهل بالصلاة 29 [21]

ص:338

34: الأمر بالمعروف.. 29 [1]

35: الائتمار بالمعروف.. 30 [2]

36: الإیمان. 30 [3]

37: الاستئناس.. 31 [4]

38: إیواء المحدث.. 32 [5]

حرف الباء. 33 [6]

1: التبتل. 33 [7]

2: بذل لوازم المیت علی الزوج فی الدائمة. 34 [8]

3: بذل المال لحفظ النفس والعرض والمال. 34 [9]

4: البراءة من الکفار. 35 [10]

5: الاستبراء. 36 [11]

6: استبراء الأمة قبل البیع. 36 [12]

7: التبشیر. 37 [13]

8: الاستبشار. 37 [14]

9: بعث الحکمین. 38 [15]

10: بعث الزانیة الکتابیة إلی أهلها 38 [16]

11: بعث الهدی للمحصور. 39 [17]

12: بغض أعداء الله.. 39 [18]

13: ابتغاء الوسیلة إلی الله.. 39 [19]

14: الابتغاء من فضل الله.. 40 [20]

ص:339

15: البکاء. 40 [1]

16: إبلاغ المشرک إلی مأمنه. 41 [2]

17: تبلیغ ما أنزل علی النبی (صلی الله علیه وآله) 42 [3]

18: ابتلاء الیتامی. 43 [4]

19: بناء الکعبة المشرفة وسائر الشعائر التی من قبیلها کالمسجدین والقدس ومسجد الکوفة وأضرحة الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام). 43 [5]

20: بهت أهل البدع. 44 [6]

21: البیتوتة بمنی. 45 [7]

22: بیع الحیوان الموطوء. 45 [8]

23: البیتوتة عند الزوجة. 45 [9]

24: التبیین. 45 [10]

25: البیع. 46 [11]

26: بیع العبد المسلم علی الکافر. 46 [12]

حرف التاء. 47 [13]

1: متابعة الإمام فی الصلاة 47 [14]

2: متابعة النبی الأکرم وآله المعصومین (صلوات الله علیهم أجمعین). 47 [15]

3: إتلاف مادة الفساد 48 [16]

4: إتمام الحج. 48 [17]

5: إتمام الصلاة الواجبة. 49 [18]

6: إتمام الصوم الواجب.. 49 [19]

ص:340

7: إتمام الاعتکاف.. 49 [1]

8: إتمام ما علی المیت.. 49 [2]

9: إتمام العهد 50 [3]

10: التوبة. 51 [4]

11: استتابة المرتد 52 [5]

حرف الثاء. 53 [6]

1: الثبات فی الجهاد 53 [7]

2: الثبات للحرب.. 53 [8]

حرف الجیم 55 [9]

1: جبر الوالی علی الحج والزیارة والإقامة. 55 [10]

2: جبر الإمام المؤلی. 56 [11]

3: جبر الإمام المظاهر. 56 [12]

4: جبران الإمام خسارة الرعیة. 56 [13]

5: الجدال. 57 [14]

6: جلد من خلا بالمرأة 58 [15]

7: جلد رامی المحصنات.. 58 [16]

8: جلد مَن زنا 59 [17]

9: جلد الزانی الصغیر. 59 [18]

10: جلد مَن لم یسمّ الحد الذی یجب علیه بعد اعترافه بذلک.. 59 [19]

11: جلد من شرب الخمر أو مسکراً غیرها 59 [20]

ص:341

12: الاجتناب عن عمل الشیطان. 60 [1]

13: الاجتناب عن الطاغوت.. 61 [2]

14: الاجتناب عن الظن إذا کان إثماً أو کان فی الشبهة المحصورة أو ما أشبه ذلک.. 61 [3]

15: الاجتناب عن الأوثان وقول الزور. 61 [4]

16: الاجتناب عن الرایات الباطلة. 62 [5]

17: الجنوح إلی السلم 62 [6]

18: إجابة الخاطب.. 63 [7]

19: إجابة الشریک للقسمة. 63 [8]

20: إجابة کل من الزوجین للآخر. 64 [9]

21: الاستجابة لله والرسول (صلی الله علیه وآله) 64 [10]

22: إجارة الکافر. 64 [11]

23: الاجتهاد 65 [12]

24: الجهاد 66 [13]

25: التجهیز للحج. 67 [14]

حرف الحاء. 69 [15]

1: حب الله ورسوله وأولیائه (علیهم السلام) 69 [16]

2: حبس الآمر بالقتل. 70 [17]

3: حبس مخلص القاتل. 70 [18]

4: حبس المرأة المرتدة 71 [19]

5: حبس الشاهدین. 72 [20]

ص:342

6: حبس فاعل الفاحشة. 72 [1]

7: حبس الممسک للقتل. 73 [2]

8: التحجب.. 74 [3]

9: الحج عقوبة. 74 [4]

10: الحج عن المیت المستطیع الذی لم یذهب إلی الحج. 75 [5]

11: حجة الإسلام 76 [6]

12: الحج بالنذر ونحوه 77 [7]

13: الحدیث بنعمة الله سبحانه وتعالی. 77 [8]

14: الحداد علی المتوفی عنها زوجها 77 [9]

15: تحریض المؤمنین علی القتال فی سبیل الله.. 78 [10]

16: إحراق الحیوان الموطوء. 78 [11]

17: إحراق اللائط والملوط. 79 [12]

18: تحریم ما حرم الله.. 80 [13]

19: الحذر عن مخالفة الأمر. 80 [14]

20: محاسبة النفس.. 81 [15]

21: الإحسان. 81 [16]

22: الإحسان إلی الأسیر. 82 [17]

23: حسن الظن بالله.. 82 [18]

24: الإحسان بالوالدین وبغیرهم 83 [19]

25: حصر المشرکین. 84 [20]

26: إحصاء العدة 85 [21]

ص:343

27: الحض علی إطعام المسکین. 85 [1]

28: حضانة الأطفال. 86 [2]

29: حضانة اللقیط. 87 [3]

30: حفظ الترتیب.. 87 [4]

31: حفظ حمامة الحرم 88 [5]

32: المحافظة علی الصلوات.. 88 [6]

33: حفظ الفرج. 88 [7]

34: حفظ المال. 89 [8]

35: حفظ النفس.. 90 [9]

36: حفظ الودیعة. 92 [10]

37: حفظ أموال الناس.. 92 [11]

38: حفظ الإیمان. 92 [12]

39: حکم الحاکم الشرعی. 93 [13]

40: الحکم بما أنزل الله.. 94 [14]

41: حلق رأس الزانی. 94 [15]

42: الحلق. 95 [16]

43: الاستحلال من المظلوم 96 [17]

44: تحلة الأیمان. 96 [18]

45: تحنیط المیت.. 98 [19]

46: وجوب الاحتیاط. 98 [20]

47: الاحتیاط فی النکاح. 98 [21]

ص:344

48: الاحتیاط فی الفتوی.. 100 [1]

49: التحیة. 101 [2]

حرف الخاء. 103 [3]

1: الختان. 103 [4]

2: إخراج الزانی. 104 [5]

3: استخدام المرأة المرتدة 105 [6]

4: اخراج المحبسین لأداء الواجبات.. 106 [7]

5: إخراج القمیص من القدم 107 [8]

6: إخراج الکفار فی الجملة. 107 [9]

7: إخراج الولد من بطن أمه. 108 [10]

8: خشوع القلب.. 109 [11]

9: الخشیة من الله سبحانه. 109 [12]

10: إخفات الصوت علی النساء. 110 [13]

11: خفض الجناح علی النبی (صلی الله علیه وآله) 110 [14]

12: خفض الجناح للوالدین. 111 [15]

13: خلع ثیاب الزانی عند الجلد 111 [16]

14: تخلیة الحیوان علی المحرم 112 [17]

15: الخمس.. 112 [18]

16: الخوف من الله تعالی. 113 [19]

17: الخراج. 113 [20]

ص:345

حرف الدال. 115 [1]

1: التدبر. 115 [2]

2: الدخول فی السلم 115 [3]

3: الدعاء إلی الخیر. 116 [4]

4: دعاء الأدعیاء لآبائهم 117 [5]

5: الدعاء إلی سبیل الله سبحانه وتعالی. 118 [6]

6: دعاء الله سبحانه وتعالی. 119 [7]

7: دعاء الرسول (صلی الله علیه وآله) بتوقیر. 119 [8]

8: دعاء الله سبحانه وتعالی بأسمائه الحسنی. 120 [9]

9: الدفاع عن الدین. 121 [10]

10: الدفاع عن النفس.. 122 [11]

11: دفع المنکر. 123 [12]

12: دفع مال الیتیم إلیه بعد رشده 123 [13]

13: دفن الشهید بثیابه. 124 [14]

14: دفن المیت المسلم 125 [15]

15: دفن من یرجم 126 [16]

16: دفن حمام الحرم 126 [17]

17: إدناء الجلابیب علی النساء. 126 [18]

ص:346

حرف الذال. 129 [1]

1: ذبح الحیوان الموطوء. 129 [2]

2: ذبح الهدی علی واجده 130 [3]

3: ذکر الله تعالی. 131 [4]

4: التذکیر علی النبی (صلی الله علیه وآله) 131 [5]

حرف الراء. 133 [6]

1: التربص علی المطلقات.. 133 [7]

2: التربص علی المتوفی عنها زوجها 134 [8]

3: التربص علی المفقود عنها زوجها 134 [9]

4: المرابطة. 135 [10]

5: تربیه الأولاد 135 [11]

6: الترتیل. 135 [12]

7: رجاء الوقار لله.. 136 [13]

8: إرجاع البصر. 136 [14]

9: الرجوع من البیوت.. 137 [15]

10: الرجم 137 [16]

11: رد تراب المسجد وحصاه 138 [17]

12: رد المتنازع فیه إلی الشارع. 138 [18]

13: رد طیر مکة إلیها 139 [19]

ص:347

14: رد الغیبة. 140 [1]

15: رد جواب الکتاب.. 140 [2]

16: رمی الجمار. 141 [3]

17: رد مال المؤمن. 141 [4]

18: رزق الوالدة علی الزوج. 142 [5]

19: رزق السفهاء. 142 [6]

20: رزق أولی القربی من الإرث.. 142 [7]

21: إرسال الصید علی المحرم 143 [8]

22: إرشاد الذی أضله. 143 [9]

23: إرشاد الناس إلی الأحکام 144 [10]

24: رد المظالم 144 [11]

25: إرضاع الأولاد علی الأم 145 [12]

26: الرضا بالحلف.. 145 [13]

27: الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالی. 146 [14]

28: الرکوع. 147 [15]

29: رمی الإمام والبینة (فی الرجم) 147 [16]

حرف الزاء. 149 [17]

1: الزکاة 149 [18]

2: زکاة الفطرة 149 [19]

3: زیارة الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله) 150 [20]

4: زیارة الحسین (علیه السلام) 150 [21]

ص:348

حرف السین. 151 [1]

1: السؤال عن اهل الذکر. 151 [2]

2: السعی. 152 [3]

3: سؤال الحل عن مالک المزنی بها 152 [4]

4: تسبیح الله سبحانه وتعالی. 153 [5]

5: المسابقة للمغفرة 153 [6]

6: ستر العورة 154 [7]

7: السجود 154 [8]

8: سجدة التلاوة 155 [9]

9: سجدة السهو. 156 [10]

10: تسریح الزوجة. 156 [11]

11: مساعدة الحاکم 157 [12]

12: السعی إلی ذکر الله.. 157 [13]

13: السفر الواجب.. 158 [14]

14: السقی. 158 [15]

15: إسکان المطلقات.. 159 [16]

16: التسلیم للنبی (صلی الله علیه وآله) 159 [17]

17: التسلیم علی الناس.. 160 [18]

18: الإسلام 160 [19]

19: السلام 161 [20]

ص:349

20: السماع. 162 [1]

21: الاستماع للقرآن. 162 [2]

22: استماع خطبتی الجمعة. 163 [3]

23: سوق البدنة. 164 [4]

24: التسویة بین المترافعین. 164 [5]

25: التسویة بین المسلمین. 164 [6]

26: السیر فی الأرض.... 165 [7]

حرف الشین. 167 [8]

1: شد الوثاق. 167 [9]

2: تشرید الکفار. 168 [10]

3: الشکر لله وللوالدین. 168 [11]

4: الشهادة فی حد الزنا 169 [12]

5: الإشهاد والاستشهاد 169 [13]

6: الاستشهاد علی الزانیة. 170 [14]

7: الإشهاد علی الطلاق. 170 [15]

8: مشاورة الأمة. 171 [16]

حرف الصاد 173 [17]

1: الصبر. 173 [18]

2: مصاحبة الوالدین بالمعروف.. 173 [19]

ص:350

3: الصدع بالحق. 174 [1]

4: تصدیق الحالف.. 174 [2]

5: تصدیق الله سبحانه وتعالی والرسول (ص) وما جاء به. 175 [3]

6: الصدق واجب والکذب حرام 175 [4]

7: الکون مع الصادق. 176 [5]

8: تصدیق الصادق. 176 [6]

9: التصدق الواجب علی المحرم 176 [7]

10: التصدق بثلث الذبیحة. 177 [8]

11: التصدق بثمن الهدی.. 177 [9]

12: التصدق بثمن الطیر. 177 [10]

13: التصدق بمجهول المالک واللقطة تخییراً 178 [11]

14: التصدق علی الحاج غیر الحالق. 178 [12]

15: التصدق بالمدة علی المستمتع بها 179 [13]

16: التصدق علی من یشق علیه الصوم 180 [14]

17: التصدق علی المفطر المعسر. 180 [15]

18: التصدق علی من لا یقضی رمضان. 180 [16]

19: الصفح عن الکفار. 180 [17]

20: الصلب.. 181 [18]

21: الإصلاح بین الأخوین. 182 [19]

22: الإصلاح بین المقاتلین. 183 [20]

23: الصلاة علی معطی الزکاة 183 [21]

ص:351

24: الصلاة علی النبی وآله (صلوات الله علیهم أجمعین) 184 [1]

25: الصلوات الواجبات.. 185 [2]

26: صلاة الجمعة. 185 [3]

27: الصناعات.. 186 [4]

28: الصوم 186 [5]

29: الصوم بدل الهدی.. 187 [6]

30: صوم الاعتکاف فی ثالثه. 188 [7]

31: صوم قضاء شهر رمضان. 188 [8]

32: صوم کفارة جز الشعر. 188 [9]

33: صوم کفارة الحلف بالبراءة [10]. 189 [11]

34: صوم کفارة الصید [12]. 189 [13]

35: صوم کفارة الظهار. 189 [14]

36: صوم کفارة الاعتکاف.. 189 [15]

37: صوم کفارة العهد 189 [16]

38: صوم کفارة الإفاضة من عرفات.. 189 [17]

39: صوم کفارة إفطار شهر رمضان. 190 [18]

40: الصوم فی کفارة الجمع لمن أفطر بالحرام 190 [19]

41: صوم إفطار القضاء. 190 [20]

42: صوم کفارة قتل الخطأ 190 [21]

43: صوم کفارة القتل. 191 [22]

44: صوم کفارة حنث النذر. 191 [23]

ص:352

45: صوم کفارة حنث الیمین. 191 [1]

46: صوم المیت علی ولیه. 191 [2]

47: صوم النذر وما أشبه. 192 [3]

حرف الضاد 193 [4]

1: ضرب المحدث فی المسجد الحرام 193 [5]

2: ضرب الخمار علی النساء. 193 [6]

3: ضرب المرتد والمرتدة 194 [7]

4: ضرب قاتل العبد 194 [8]

5: ضرب الزوج الصائم المکره 195 [9]

6: ضرب قاتل الطیر فی الکعبة. 195 [10]

7: ضرب الناشزة 195 [11]

8: ضرب من أتی بهیمة. 196 [12]

9: الضمان فی من أتلف مال الغیر. 196 [13]

حرف الطاء. 197 [14]

1: طرح المیت فی البحر. 197 [15]

2: طلب ذی الحق. 197 [16]

3: إطعام الأسیر والسجین. 198 [17]

4: إطعام الجباة 198 [18]

5: إطعام الجائع. 199 [19]

6: الإطعام علی الحالف الحانث.. 200 [20]

ص:353

7: الإطعام علی جملة من الطواف.. 200 [1]

8: إطعام الفقیر. 200 [2]

9: طلب الرزق. 201 [3]

10: طلب العلم 201 [4]

11: الطلاق. 202 [5]

12: تطهیر الثیاب.. 202 [6]

13: إطّهار الجنب.. 203 [7]

14: تطهیر المسجد 203 [8]

15: تطهیر بدن المیت وکفنه. 204 [9]

16: طاعة الزوج علی الزوجة. 204 [10]

17: إطاعة الله والرسول وأولی الأمر (علیهم السلام) 205 [11]

18: الطواف.. 205 [12]

حرف الظاء. 207 [13]

1: الظن الحسن بالله.. 207 [14]

2: الظن الحسن بالأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) 207 [15]

3: الظن الحسن بالمؤمنین. 207 [16]

4: إظهار البراءة من أهل البدع. 208 [17]

5: إظهار العلم 209 [18]

6: إظهار الکراهة لأهل المعاصی. 209 [19]

7: الظهر. 210 [20]

ص:354

حرف العین. 211 [1]

1: عبادة الله سبحانه وتعالی. 211 [2]

2: الاعتبار. 211 [3]

3: إعداد القوة لمقابلة الکفار. 212 [4]

4: الاعتداد علی المرأة 212 [5]

5: العدل. 213 [6]

6: الاعتداء. 213 [7]

7: تعریف اللقطة. 214 [8]

8: تعریف الهدی الضال. 214 [9]

9: الإعراض عن المنحرف.. 214 [10]

10: التعزیر. 215 [11]

11: تعزیر الله سبحانه وتعالی. 216 [12]

12: اعتزال الحائض.... 217 [13]

13: عزل الدَین عند الوفاة 217 [14]

14: معاشرة الزوجات بالمعروف.. 218 [15]

15: الاعتصام بحبل الله جمیعاً 218 [16]

16: إعطاء دیة من لم یعلم قاتله. 218 [17]

17: الاستعفاف فی المال. 219 [18]

18: الاستعفاف فی النکاح. 220 [19]

19: العقیقة. 221 [20]

ص:355

20: التعقل. 221 [1]

21: اعتکاف الیوم الثالث.. 221 [2]

22: العلم 222 [3]

23: إعلام المالک.. 222 [4]

24: الإعلام بالنجس والحرام 223 [5]

25: تعلیم العقائد والأحکام 223 [6]

26: تعلم الأحکام 224 [7]

27: تعلم القرآن وقراءته. 224 [8]

28: تعلم عدد السنین والحساب.. 225 [9]

29: العمرة 226 [10]

30: العمل بالأدلة. 227 [11]

31: الاستعاذة من الشیطان. 227 [12]

32: التعاون. 228 [13]

33: الاستعانة. 228 [14]

34: العهد 229 [15]

35: العتق. 229 [16]

حرف الغین. 231 [17]

1: الغسل. 231 [18]

2: غسل الوجه والیدین. 232 [19]

3: الغض من الأبصار. 232 [20]

ص:356

4: تغطیة الرأس علی المرأة 233 [1]

5: الاستغفار. 233 [2]

6: الاستغفار للحلف بالبراءة 235 [3]

7: الاستغفار للمظلوم 235 [4]

8: الاستغفار علی العاجز عن الکفارة 236 [5]

9: الغیرة 237 [6]

حرف الفاء. 239 [7]

1: الفتوی.. 239 [8]

2: فدیة الحلق. 240 [9]

3: فدیة الصوم 241 [10]

4: الفرح بفضل الله سبحانه وتعالی. 241 [11]

5: الفرض فی المال. 242 [12]

6: تفریق الإمام بین الزوجین. 242 [13]

7: التفریق بین الزوجین فی الحج. 243 [14]

8: التفریق بین الزانی من الزوجین وبین الزوج الآخر. 244 [15]

9: التفریق بین الأطفال. 245 [16]

10: الفسح فی المجالس.. 246 [17]

11: التفقه فی الدین. 246 [18]

12: التفکر. 247 [19]

13: فک رقبة. 247 [20]

ص:357

حرف القاف.. 249 [1]

1: قبول حکم الحاکم 249 [2]

2: قبول ماله عند الغیر. 250 [3]

3: قبول الوصیة. 251 [4]

4: القتل والقتال. 251 [5]

5: تقدیم الصدقة علی النجوی.. 253 [6]

6: تقدیم الرمی علی الذبح وهو علی الحلق. 254 [7]

7: تقدیم الصلوات الیومیة علی الکسوف.. 254 [8]

8: تقدیم الکفن علی الدَین وغیره 254 [9]

9: القراءة 255 [10]

10: القراءة فی الصلاة 255 [11]

11: قرار نساء النبی (ص) فی بیوتهن. 255 [12]

12: الإقرار بالشهادتین. 256 [13]

13: القرض.... 256 [14]

14: القسم علی الزوج. 257 [15]

15: قصة القصص علی النبی (ص) 257 [16]

16: قصر الصلاة فی السفر. 258 [17]

17: قضاء التفث.. 258 [18]

18: قضاء الدین. 259 [19]

19: قضاء العبادات.. 259 [20]

ص:358

20: قضاء الحقوق. 260 [1]

21: القضاء. 260 [2]

22: قضاء النذر ونحوه 261 [3]

23: قطع ید السارق. 261 [4]

24: القعود للکفار. 261 [5]

25: التقلید 262 [6]

26: قطع مادة الفساد 262 [7]

27: إقامة الحدود 263 [8]

28: إقامة الحکومة الإسلامیة. 264 [9]

29: إقامة الدین بمعنی العمل به. 265 [10]

30: إقامة الدین بمعنی إشاعته بین الناس.. 265 [11]

31: الإقامة فی الحرمین. 266 [12]

32: الإقامة بمکة. 266 [13]

33: إقامة الوجوه 266 [14]

34: القول الحسن. 267 [15]

35: القیام فی الصلاة 268 [16]

36: القیام للیتامی. 269 [17]

37: القوام بالقسط. 269 [18]

38: قیام اللیل. 270 [19]

39: الاستقامة. 271 [20]

40: القیام 271 [21]

ص:359

حرف الکاف.. 273 [1]

1: التکبیر. 273 [2]

2: الکتابة. 273 [3]

3: کتابة العبید 274 [4]

4: الکسب.. 274 [5]

5: : کسوة السفهاء. 275 [6]

6: التکفف.. 275 [7]

7: الکفر بالطاغوت.. 276 [8]

8: الکفارات.. 277 [9]

9: تکفین المیت.. 277 [10]

10: الکون من وراء المصلین فی الحرب.. 278 [11]

11: الکون مع الصادقین. 278 [12]

حرف اللام 279 [13]

1: لبس ثوبی الإحرام 279 [14]

2: إلباس المرتدة الثیاب الخشن. 279 [15]

3: التقاط اللقیط. 280 [16]

حرف المیم 281 [17]

1: تمتیع المطلقة. 281 [18]

ص:360

2: امتحان المهاجرات.. 281 [1]

3: مس الزوجة بالجماع. 282 [2]

4: المسح فی الوضوء والتیمم 282 [3]

5: الإمساک عن المفطرات.. 283 [4]

6: إمساک الزانیة فی البیت.. 283 [5]

7: المشی فی مناکب الأرض.... 284 [6]

8: إمضاء حکم الحکمین. 285 [7]

9: التمکین من استیفاء الحق. 285 [8]

10: تمکین الزوجة من زوجها 286 [9]

11: إملاء الدَین. 286 [10]

12: منع الجانی من السوق إذا فر إلی الحرم 287 [11]

13: المنع عن دخول الکفار المساجد 287 [12]

14: تمهیل الکافرین. 287 [13]

حرف النون. 289 [14]

1: نبذ العهد إلی الکفار. 289 [15]

2: نتف ریش حمامة الحرم وریش الحمامة فی حال الإحرام 290 [16]

3: النحر. 290 [17]

4: نحر البدنة فی الحج. 290 [18]

5: الندم علی الذنب.. 291 [19]

6: الإنذار علی العلماء. 291 [20]

ص:361

7: الانتشار فی الأرض.... 292 [1]

8: الانتشار بعد الطعام 292 [2]

9: النشوز عن المجالس.. 293 [3]

10: النصب بعد الفراغ. 293 [4]

11: نصب العامل لقبض الصدقات.. 294 [5]

12: الإنصات عند قراءة القرآن. 294 [6]

13: نصح المؤمنین. 295 [7]

14: نصرة المؤمن. 296 [8]

15: النظر. 297 [9]

16: النظر إلی الهلال لیلة الصیام والفطر وذی الحجة. 297 [10]

17: الندم علی الذنب.. 298 [11]

18: النظر إلی المیسرة 298 [12]

19: إنفاذ الوصیة علی الوصی. 300 [13]

20: النفر. 300 [14]

21: الانفاق. 301 [15]

22: نفی الزانی. 302 [16]

23: النفی فی غیر الزانی. 302 [17]

24: النکاح. 303 [18]

25: نکاح الأیامی. 303 [19]

26: النهی عن المنکر. 304 [20]

27: الانتهاء عند نهی النبی (صلی الله علیه وآله) 304 [21]

ص:362

28: الإنابة إلی الله سبحانه وتعالی. 305 [1]

29: الاستنابة للحج. 305 [2]

30: النیة. 305 [3]

31: نیة أداء القرض.... 305 [4]

حرف الهاء. 307 [5]

1: التهجد 307 [6]

2: هجر الرجز. 307 [7]

3: هجر الکافر وفاعلی المنکر. 308 [8]

4: هجر الناشزة 309 [9]

5: الهجرة 309 [10]

6: هدم بعض الرکعات عند الشک.. 310 [11]

7: هدم أبنیة الضلال. 310 [12]

8: مهادنة الکفار ونحوهم 311 [13]

9: إهداء ثلث الأضحیة علی الحاج. 311 [14]

10: الهوی للرکوع. 312 [15]

حرف الواو. 313 [16]

1: توجیه المحتضر إلی القبلة. 313 [17]

2: توجیه المیت إلی القبلة() 313 [18]

3: مودة ذوی القربی. 314 [19]

ص:363

4: وذر الإثم 315 [537]

5: وذر البیع عند أذان الجمعة. 316 [538]

6: وذر الکفار والمنافقین والفاسقین. 316 [539]

7: وذر الربا 317 [540]

8: الورع. 317 [541]

9: الوزن بالقسطاس المستقیم 317 [542]

10: المساواة بین الخصمین. 318 [543]

11: الوصیة. 318 [544]

12: الوصیة للازواج. 319 [545]

13: الوضوء. 319 [546]

14: الوطی. 320 [547]

15: الوعظ. 320 [548]

16: الوفاء مع الحربی بالشرط. 321 [549]

17: الوفاء بالشرط. 321 [550]

18: الوفاء بالعقد 322 [551]

19: الوفاء بأمان المستؤمن. 322 [552]

20: الوفاء بالعهد 323 [553]

21: الوفاء بالنذر. 323 [554]

22: الوقوف عند الشبهة. 324 [555]

23: وقایة النفس والأهل. 324 [556]

24: الاتقاء. 325 [557]

25: التقیة. 325 [558]

26: الوقوف.. 326 [559]

27: ولایة الأب والجد 327 [560]

28: ولایة الحسبة. 327 [561]

29: ولایة الفقیه. 328 [562]

30: الولایة من قبل من له الولایة. 328 [563]

31: الولایة علی المیت.. 329 [564]

22: التوکل علی الله.. 329 [565]

حرف الیاء. 331 [566]

1: الیقین. 331 [567]

2: التیمم 331 [568]

3: تیمم المیت بشروطه. 332 [569]

4: التیمم علی المحتلم فی المسجد 332 [570]

5: قاعدة التیسیر. 332 [571]

المحتویات.. 337 [572]

ص :364

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.