جامع المقاصد فی شرح القواعد المجلد 11

اشارة

سرشناسه:محقق کرکی ، علی بن حسین ، - 940ق .

عنوان قراردادی:قواعد الاحکام فی معرفة الحلال و الحرام . شرح

عنوان و نام پدیدآور:جامع المقاصد فی شرح القواعد/ تالیف علی بن الحسین الکرکی ؛ تحقیق موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث.

مشخصات نشر:قم: موسسه آل البیت (ع ) لاحیاء التراث ‫، 1411ق . = 1991م. ‫= 1370.

مشخصات ظاهری:14ج.

یادداشت:کتاب حاضر شرحی بر کتاب " قواعدالاحکام فی معرفه الحلال والحرام تالیف حسن بن یوسف علامه حلی " است.

یادداشت:کتابنامه .

مندرجات:الجزء الاول الطهاره .--الجزءالثانی الصلاه .--الجزءالثالث الزکاة والحج.--الجزء الرابع المتاجر.--الجزء الخامس الدین.--الجز ءالسابع الاجارة.--الجزء الثامن الوکالة.--

موضوع:علامه حلی ، حسن بن یوسف ، ‫648 - 726ق. . قواعد الاحکام فی معرفة الحلال و الحرام -- نقد و تفسیر

موضوع:فقه -- قواعد

موضوع:فقه جعفری -- قرن ‫8ق.

شناسه افزوده:علامه حلی، حسن بن یوسف، 648-726ق. قواعد الاحکام فی معرفة الحلال و الحرام. شرح

شناسه افزوده:موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث ‫ (قم)

رده بندی کنگره: ‫ BP182/3 ‫ /ع8ق90217 1370

رده بندی دیویی: ‫ 297/342

شماره کتابشناسی ملی:2500873

ص:1

اشارة

جامع المقاصد فی شرح القواعد

ص :2

جامع المقاصد فی شرح القواعد

تالیف علی بن الحسین الکرکی

تحقیق موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث.

ص :3

سرشناسه:محقق کرکی ، علی بن حسین ، - 940ق .

عنوان قراردادی:قواعد الاحکام فی معرفة الحلال و الحرام . شرح

عنوان و نام پدیدآور:جامع المقاصد فی شرح القواعد/ تالیف علی بن الحسین الکرکی ؛ تحقیق موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث.

مشخصات نشر:قم: موسسه آل البیت (ع ) لاحیاء التراث ‫، 1411ق . = 1991م. ‫= 1370.

مشخصات ظاهری:14ج.

یادداشت:کتاب حاضر شرحی بر کتاب " قواعدالاحکام فی معرفه الحلال والحرام تالیف حسن بن یوسف علامه حلی " است.

یادداشت:کتابنامه .

مندرجات:الجزء الاول الطهاره .--الجزءالثانی الصلاه .--الجزءالثالث الزکاة والحج.--الجزء الرابع المتاجر.--الجزء الخامس الدین.--الجز ءالسابع الاجارة.--الجزء الثامن الوکالة.--

موضوع:علامه حلی ، حسن بن یوسف ، ‫648 - 726ق. . قواعد الاحکام فی معرفة الحلال و الحرام -- نقد و تفسیر

موضوع:فقه -- قواعد

موضوع:فقه جعفری -- قرن ‫8ق.

ص :4

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :5

تنبیه النسخة المعتبرة التی اعتمدناها فی تحقیقنا لکتاب القواعد هی النسخة التی اعتمدها المحقق الکرکی فی شرحه للکتاب،و هناک اختلافات بینة لا تخفی فی القاریء اللبیب

ص :6

تتمة کتاب الوقوف و العطایا

اشارة

تتمة کتاب الوقوف و العطایا

تتمة المقصد الرابع:فی الوصایا

اشارة

تتمة المقصد الرابع:فی الوصایا

تتمة الفصل الثانی:فی الأحکام

اشارة

تتمة الفصل الثانی:فی الأحکام

تتمة المطلب الثالث:فی الأحکام المتعلقة بالحساب
اشارة

تتمة المطلب الثالث:فی الأحکام المتعلقة بالحساب:

البحث الثانی:فیما اشتمل علی الاستثناء

البحث الثانی:فیما اشتمل علی الاستثناء:

قاعدة

قاعدة:إذا اوصی بمثل نصیب وارث إلاّ جزءا معینا فأبسط المسألة أولا علی سهام ضحاح،یخرج منه صاحب الفرض و الورثة بسهام صحاح،ثم تضیف إلیها للموصی له مثل سهام من اوصی له بمثله،و تضربها فی مخرج المستثنی.ثم تعطی کل من استثنی له من نصیبه ما استثنی،و تعطی کل واحد من باقی الورثة بحساب ذلک من المستثنی،و ما بقی قسمته علی جمیع سهام الورثة و سهام الموصی له،لکل واحد منهم بقدر سهامه.

و انظر إن کان من استثنی یستغرق الجملة،أو أکثر حتی لا تصح القسمة علی الباقی فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح.

و لک طرق فی بیان استخراج ما یرد فی قوله: (إذا أوصی بمثل نصیب وارث إلا جزءا معینا فابسط المسألة أولا علی سهام صحاح،تخرج منه صاحب الفرض و الورثة بسهام صحاح، ثم تضیف إلیها للموصی له مثل سهام من أوصی له بمثله و تضربها فی مخرج المستثنی،ثم تعطی کل من استثنی له من نصیبه ما استثنی،و تعطی کل واحد من باقی الورثة بحساب ذلک من المستثنی،و ما بقی قسمته علی سهام جمیع الورثة،و سهام الموصی له لکل واحد منهم بقدر سهامه و انظر إن کان من استثنی یستغرق الجملة أو أکثرها حتی لا تصح القسمة علی الباقی فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح.و لک طرق فی بیان استخراج ما یرد فی

ص:7

هذا الباب.

هذا الباب).

هذا هو البحث الثانی من البحثین فی الأحکام المتعلقة بالحساب و هو معقود للمسائل الحسابیة المشتملة علی الاستثناء.

و قد ذکر المصنف قاعدة لمسائل هذا الباب هی فی الحقیقة طریق من طرق استخرجها،فقول المصنف آخرا:و لک طرق فی بیان استخراج ما یرد فی هذا الباب یراد به:و لک طرق غیر ما ذکره،لأنه من المعلوم أن طریق الجبر طریق بالاستقلال غیر هذه القاعدة،فلا یراد إلا ما ذکرناه.

و تحقیقها:إنه إذا أوصی بمثل نصیب أحد ورثته إلا جزءا معینا من المال کثلث المال و ربعه،قال المصنف:فابسط المسألة أولا علی سهام صحاح،یخرج منه صاحب الفرض و الورثة بسهام صحاح،و المراد من ذلک:تصحیح مسألة الورثة قبل الشروع فی تصحیح مسألة الوصیة،بحیث یخرج سهم کل واحد من الورثة من المسألة صحیحا لا کسر فیه:سواء کان الوارث صاحب فرض أولا،فأراد بالمسألة مسألة الورثة،و ببسطها علی سهام صحاح تصحیحها علی قلناه.

و مرجع الضمیر فی قوله:(منه)هو ما دل علیه قوله:فابسط أی:من ذلک المبسوط،أو من ذلک البسط،فأن المصدر مذکور فی الفعل ضمنا.

و المراد بقوله:-(و الورثة)-بعد قوله:(صاحب الفرص سائرهم)،أی:یخرج منه صاحب الفرض من الورثة و سائر الورثة،أی:باقیهم بسهام صحاح هی استحقاقه،ثم تضیف إلی مسألة الورثة للموصی لهم مثل سهام ذلک الموصی بمثل سهامه من الورثة و تضرب المجموع فی مخرج الکسر المستثنی،فضمیر له فی قوله:

(من أوصی له)یعود إلی الموصی له.

ص:8

..........

و الضمیر فی قوله:(بمثله)یعود إلی من الذی یراد به الوارث الموصی بمثل نصیبه،کالابن فی المسألة الاولی و الثانیة الآتیتین،ثم تنظر حاصل الضرب فتعطی الموصی بمثل نصیبه،و استثنی منه الجزء المعین قدر ما استثنی،فإذا کان الموصی بمثل نصیبه هو الابن،و الجزء المستثنی هو الربع،دفعت إلیه ربع المال،و تنظر کم نسبة هذا المدفوع إلی نصیبه فی أصل الفریضة.

ففی المسألة الأولی تدفع ثمانیة و نصیبه فی أصل الفریضة-التی هی ستة-اثنان، و الثمانیة أربعة أمثاله،فیعطی کل واحد من باقی الورثة بحساب نصیبه من المستثنی، فمن کان له سهمان فی أصل الفریضة دفعت إلیه أربعة أمثاله أربعة،فالمشار إلیه ب (ذلک)فی قوله:(بحساب ذلک)یحتمل أن یراد به نصیب کل واحد من باقی الورثة، و إن لم یجر له ذکر فإنه مدلول علیه بنظیره،و هو نصیب من استثنی من نصیب.

و یحتمل أن یراد به نصیب الموصی بمثل نصیبه،و التقدیر علی الأول:و یعطی کل واحد من باقی الورثة بحساب نصیبه الذی فی أصل الفریضة من المستثنی،و علی الثانی:و یعطی کل واحد من باقی الورثة بحساب نصیب الموصی بمثل نصیبه الذی فی أصل الفریضة من المستثنی،فالمساوی له فی النصیب یعطی مثله و الآخر بالحساب، و هذا حسن.

و الجار فی قوله:(من المستثنی)متعلق ب(حساب)لا ب(یعطی)،لأن الإعطاء من المال لا من المستثنی،فإذا أعطی الورثة کلهم کذلک فما بقی من حاصل الضرب یقسم علی جمیع سهام الورثة،و السهام المزیدة علی أصل الفریضة للموصی له لکل واحد منهم بقدر سهامه إن کان الباقی بقدر الجمیع کما فی المسألة الأولی،أو بحسبها إن کان زائدا کما فی الثالثة

ص:9

..........

و قوله:(و انظر إن کان من استثنی یستغرق الجملة أو أکثرها حتی لا تصح القسمة علی الباقی فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح)أراد به الإرشاد إلی ضابط تعرف به صحة الوصیة بمثل النصیب مع اشتمالها علی الاستثناء.

و محصل المراد من ذلک من غیر التفات إلی خصوص ألفاظه،هو أنه إذا وقع الاستثناء فی الوصیة بمثل النصیب،فانظر قدر المستثنی إن کان بحیث یستغرق النصیب،کما لو کان له ابنان فأوصی لأجنبی بمثل نصیب أحدهما إلا نصف المال فإن الوصیة باطلة،لأنک إذا دفعت إلی المستثنی من نصیبه نصف المال،و دفعت إلی الوارث الآخر مثله،لأنه یساویه فی النصیب لم یبق للموصی له شیء.

و أراد المصنف ب(من)فی قوله:(من استثنی الشیء المستثنی)علی أن من بمعنی ما،و أراد بالجملة علی ما یظهر جمیع الترکة و بالأکثر أکثرهما.و لما رأی أن إطلاق الأکثر لا یستقیم،فإنه لو ترک ابنا و زوجة و أوصی بمثل نصیب الابن إلا ثلثی المال، فإن الاستثناء یستغرق أکثر الجملة،و مع ذلک یصح،فلذلک قید بقوله:(حتی لا تصح القسمة علی الباقی)،(لیعلم)أن مناط صحة الوصیة و فسادها صحة القسمة علی باقی الورثة،بعد إعطاء من أوصی بمثل نصیبه ما استثنی،سواء کان الاستثناء أکثر الجملة أم لا.و لا یخفی ما فی هذا العبارة من الخشونة و التعقید الموجب لبعد المراد عن الفهم.

و انظر إلی قوله:(فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح)و عدم دلالته علی المقصود من بطلان الوصیة.و تأمل ان هذا الذی ذکره آخرا،و هو قوله:(و انظر.)کان حقه أن یجعل فی أول القاعدة،فبسبب تأخیره کیف حصل إیهام أن الأمر بالنظر المذکور بعد

ص:10

..........

العمل السابق،و لیس بمراد جزما،فإنه مع بطلان الوصیة،لعدم صحة القسمة کیف یمکن العمل السابق؟ و قریب من هذا ما وقع فی تقریر القاعدة من الألفاظ الغریبة مثل قوله:أولا:

(فابسط المسألة علی سهام صحاح)،فإن المراد تصحیحها علی ما ذکرنا.و کذا جمعه بین صاحب الفرض من الورثة،فلذلک احتجنا إلی تقدیر باقی الورثة،و لو قال صاحب الفرض و غیره،لأن الفریضة قد یخرج منها الفرض صحیحا،و یحتاج سهام غیر ذی الفرض إلی زیادة عمل.

و کذا قوله:ثم تعطی کل من استثنی له من نصیبه.)فإن المستثنی من نصیبه فی المسألة متحد،فلا معنی لإدخال کل فی العبارة،إلا أن یقال التعدد حاصل باعتبار آحاد المسائل المستخرجة علی القاعدة.و کذا قوله:(بحساب ذلک من المستثنی)،فإن المشار إلیه غیر معلوم،و لخفائه یتوهم أن الإعطاء من المستثنی.

و اعلم انه قد أورد هنا سؤالا حاصله:إنه قد سبق فی کلام المصنف فی أوائل الباب:انه إذا أوصی بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة و ینقص منه نصیب زوجته تصحح الفریضة،تجدها من أربعة و عشرین،للزوجة الثمن ثلاثة و لکل ابن سبعة،انقص سهم الزوجة من نصیب ابن یبقی أربعة هی الوصیة،زدها علی أربعة و عشرین.

و هذا المذکور هناک لا یطابق ما ذکره هنا فی هذه القاعدة،فإن نصیب الزوجة هو ثمن المال،فهذه الوصیة فی معنی ما لو أوصی بمثل نصیب ابنه إلا ثمن المال.

و مقتضی ما ذکره من البیان هناک انه إذا أوصی بمثل نصیب ابن إلا ربع المال،و له ابنان و بنت و أب یؤخذ نصیب الابن من ستة-و هو سهمان-و ینقص منه ربع المال

ص:11

..........

یبقی نصف سهم تزیده علی الفریضة یکون ستة و نصفا،تبسطها من جنس الکسر تبلغ ثلاثة عشر،و معلوم أن هذا مخالف لما هنا.

و جوابه یظهر بأدنی تأمل،و هو أن الوصیة هناک بمثل نصیب الابن إلا مثل نصیب الزوجة،و حق مثل هذا أن تزاد سهام الموصی له علی أصل الفریضة،لأن الوصیة بمثل نصیب الابن من أربعة و عشرین إلا قدر نصیب الزوجة منها،و ذلک لا یبلغ ثمن جمیع المال بعد إضافة الوصیة،و الوصیة هنا فی الصورة المذکورة بمثل نصیب ابن إلا ربع المال وصیة بمثل نصیب ابن الا ربع جمیع المال،و لهذا تأخذ ربع جمیع حاصل الضرب فتدفعه إلی الموصی بمثل نصیبه،و لا کذلک فی مسألة الزوجة نعم لو أوصی بمثل نصیب الابن إلا ثمن المال،و البنون ثلاثة مع زوجة،فإنک تزید سبعة علی أربعة و عشرین،و تضربها فی ثمانیة تبلغ مائتین و ثمانیة و أربعین،فتدفع إلی الموصی بمثل نصیبه الثمن أحدا و ثلاثین،و کذا کل من الابنین الآخرین،و تدفع إلی الزوجة ثلاثة عشر و سبعین و جملة ذلک مائة و ستة و سبعان،یبقی مائة و أحد و أربعون و خمسة أسباع،یقسم علی أحد و ثلاثین-سهام الجمیع-فلکل ابن اثنان و ثلاثون،و کذا للموصی له،و للزوجة ثلاثة عشر و خمسة أسباع،فتجمع لکل ابن ثلاثة و ستون،و للموصی له اثنان و ثلاثون هی مثل نصیب الابن الا ثمن المال،و للزوجة سبعة و عشرون.

و إن أردت أن یزول الکسر فاضرب سبعة فی المبلغ یصیر ألفا و سبعمائة و ستة و ثلاثین و حینئذ فیقسم صحیحا فی کل مرتبة.

ص:12

و یشتمل هذا البحث علی مقامات

و یشتمل هذا البحث علی مقامات:

الأول:إذا کان الاستثناء من أصل المال،و فیه مسائل

الأول:إذا کان الاستثناء من أصل المال،و فیه مسائل:

أ:لو ترک أبا و ابنین و بنتا

أ:لو ترک أبا و ابنین و بنتا،و اوصی لأجنبی بمثل نصیب الابن إلا ربع المال فالفریضة من ستة لکل من الأب و البنت سهم،و لکل ابن سهمان.فتضیف سهمین للأجنبی فتضرب الثمانیة فی أربعة یصیر اثنین و ثلاثین تعطی کل ابن ثمانیة،لأنها الربع المستثنی،و تعطی البنت بحساب ذلک من هذا الاستثناء أربعة،و للأب أربعة.

قوله: (و یشتمل هذا البحث علی مقامات،إذا کان الاستثناء من أصل المال،و فیه مسائل:لو ترک أبا و ابنین و بنتا،و أوصی لأجنبی بمثل نصیب ابن إلا ربع المال فالفریضة من ستة،لکل من الأب و البنت سهم، و لکل ابن سهمان فنضیف سهمین للأجنبی،فنضرب الثمانیة فی أربعة یصیر اثنین و ثلاثین و یعطی کل ابن ثمانیة،لأنها الربع المستثنی،و تعطی البنت بحساب ذلک من هذا الاستثناء أربعة.) أنما کانت الفریضة من ستة،لأنها مخرج السدس نصیب الأب،و الباقی و هو خمسة بقدر سهام الابنین و البنت و قوله:(و یعطی کل ابن ثمانیة،لأنها الربع المستثنی تنقیحه:إن الوصیة بمثل نصیب ابن إلا ربع المال،و کل ابن صالح لأن یکون هو الموصی بمثل نصیبه،فیدفع إلیه ربع المال،و تعطی البنت بحساب نصیب الابن من هذا الاستثناء،أو بحساب نصیبها من هذا الاستثناء،علی ما ذکرناه من الاحتمالین فی المشار الیه بذلک فی القاعدة.

ص:13

و بالجملة أربعة و عشرون للورثة غیر الموصی له،و الباقی و هو ثمانیة تقسم علی سهام الورثة و الموصی له،لکل ابن سهمان،و لکل من البنت و الأب واحد،و للموصی له اثنان.فلکل من الابنین فی أصل المستثنی ثمانیة،و فی الباقی سهمان فهی عشرة و للبنت فی الأصل أربعة و فی الباقی سهم،و للأب کذلک.فللموصی له إذا مثل ما للابن عشرة أسهم إلا ربع المال،و الربع ثمانیة،یبقی له سهمان أو نقول:ندفع نصیبا من مال،ثم نسترد منه ربع المال،یبقی مال و ربع مال إلا نصیبا یعدل أنصباء الورثة،فهی ثلاثة تصیر بعد الجبر مال و ربع مال یعدل أربعة أنصباء فالمال یعدل ثلاثة أنصباء و خمسا.

فإذا بسطت صارت ستة عشر و النصیب خمسة نسترد منه أربعة هی ربع المال،یبقی للموصی له سهم،و لکل ابن خمسة،و لکل من البنت و الأب اثنان و نصف.فإذا أردت الصحاح بلغت اثنین و ثلاثین و النصیب عشرة

ب:لو اوصی له بمثل نصیب ابن و له ثلاثة إلا ربع المال

ب:لو اوصی له بمثل نصیب ابن و له ثلاثة إلا ربع المال فالوصیة قوله: (أو نقول:ندفع نصیبا من مال ثم نسترد منه ربع المال،یبقی مال و ربع مال إلا نصیبا یعدل أنصباء الورثة،و هی ثلاثة تصیر بعد الجبر مال و ربع مال یعدل أربعة أنصباء،فالمال یعدل ثلاثة أنصباء و خمسا) إنما کان المال معادلا لثلاثة أنصباء و خمس:لأنک إذا بسطت المال من جنس الکسر کان المجموع خمسة،و أجزاء المال أربعة أخماسها فمعادلة أربعة أخماس أربعة أنصباء،و ذلک ثلاثة أنصباء و خمس نصیب.

و إن شئت ضربت أجزاء المال-و هی أربعة-فی المعادل الأخر-و هو أربعة- تبلغ ستة عشر،نقسّمها علی خمسة تبلغ ثلاثة و خمسا فیه معادل المال،و ذلک ظاهر قوله: (لو أوصی بمثل تصیب ابن و له ثلاثة إلا ربع،فالوصیة

ص:14

صحیحة،و لا تتوهم أن الاستثناء مستغرق من حیث أنه لولاه لکان له الربع و قد استثناه،لأنا نقول:حقیقة هذه الوصیة انه فضّل کل ابن علی الموصی له بربع المال،فتجعل المال أربعة أسهم،و تسلّم لکل منهم ربع المال من غیر مزاحم.

و هو الذی ینبغی أن تفضل به کل واحد علی الموصی له،فیبقی واحد یقسّم علی الأولاد و الموصی له بالسویة فتضرب أربعة فی الأصل فهی ستة عشر،لکل ابن أربعة،تبقی أربعة تقسم أرباعا،فلکل ابن سهم، و للموصی له سهم،فکمل لکل ابن خمسة فیفضل علی الموصی له بأربعة هی الربع إذا ضمت إلی سهم الموصی له صار مثل نصیب ابن،فالسهم مثل النصیب إلا ربع المال، صحیحة،و لا یتوهم أن الاستثناء مستغرق من حیث أنه لولاه لکان الربع و قد استثناه،لأنا نقول:حقیقة هذه الوصیة انه فضّل کل ابن علی الموصی له بربع المال.) أشار المصنف بهذا الکلام إلی ضابط تعرف به صحة الوصیة و فسادها،بسبب استغراق الاستثناء و عدمه.

و تحقیقه:إنّ الوصیة بمثل نصیب وارث إلاّ جزءا معیّنا من المال،حقیقتها تفضیل ذلک الوارث و من ماثله مع تعدده علی الموصی له بذلک الجزء من المال،و من لم یماثله من الورثة یفضل علی الموصی له بنسبة نصیبه من نصیب الموصی له بمثل نصیبه،فمتی بقی من الترکة وراء ما وقع التفضیل به شیء یقسّم بین الورثة و الموصی له،و إن قل فالوصیة صحیحة،و إن لم یبق شیء أصلا فالوصیة باطلة فلو کان له ابنان و أوصی بمثل نصیب أحدهما إلاّ ثلث المال فالوصیة صحیحة، فإنک إذا فضّلت الابنین بثلثین یبقی ثلث یقسّم بینهما و بین الموصی له،حتی انه لو

ص:15

و بالجبر کالأولی.

و لو کان له ابن فأوصی له بمثل نصیبه إلا نصف المال،فقد فضله علی الموصی له بالنصف،فاجعل المال نصفین و خص الابن بأحدهما،و تقسّم الآخر علیهما،فللموصی له ربع المال و هی سهم من أربعة،فهو مثل نصیب الابن إلاّ نصف المال.

و لو کان له ابنان فاوصی بمثل نصیب أحدهما إلاّ نصف المال فالوصیة باطلة،لاستغراق الاستثناء،إذ قد فضّل کل واحد بنصف المال، کان معهما زوج فصحة الوصیة بحالها،فان تفضیل الابن بثلث یقتضی تفضیل الزوج بتسعی المال،فیبقی من المال تسع.

و لو أوصی بمثل نصیب أحد الابنین إلا نصف المال فقد فضّل کلا من الابنین بنصف المال،و بعد إخراج نصفی المال لا یبقی منه شیء فلا تصح الوصیة،فمن هذا یعلم أنه إذا أوصی بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة إلا ربع المال فالوصیة صحیحة و لا یتطرق توهم البطلان لتوهم أن الموصی به هو ربع المال،لأن الموصی له بمنزلة واحد من البنین الثلاثة لولا الاستثناء،فیکون لکل واحد منهم ربع المال، فالوصیة بربع،فإذا استثنی منها ربعا کان مستغرقا،لما عرفت من حقیقة هذه الوصیة، و أنها تقتضی تفضیل الوارث بالجزء المذکور.

فإذا فضل کل ابن بربع المال بقی ربع یقسم بین الجمیع،و تنقیحه:إنّ الوصیة إنما تتحقق بالاستثناء،فالموصی به هو ما بعد الاستثناء،و لا شک أن الباقی بعده لیس هو ربع المال.و الاستثناء لیس من الوصیة،إنما هو من النصیب الذی یکون بعد الوصیة،و استغراقه إنما یتحقق بأن لا یبقی وراء ما وقع به التفضیل لجمیع الورثة شیء کما حققناه،و سیأتی فی کلام المصنف هذا صریحا عن قریب.

قوله: (و بالجبر کالأولی).

أی:و بیانه بالجبر کالذی قبله،فنقول:ندفع نصیب من مال و نسترد منه ربع

ص:16

فإذا سلّمنا إلی کل واحد ما فضل به نفد المال،و کذا لو اوصی بمثل أحدهم و هم أربعة إلا ربع المال.

و لو قال:إلاّ سدس المال،ضربت خمسة هی العدد فی مخرج الاستثناء تبلغ ثلاثین،لکل ابن خمسة،هی ضرب العدد فی نصیبه،و هو واحد من أربعة قبل الوصیة،تبقی عشرة تقسّم بینهم أخماسا،فیکمل لکل ابن سبعة،و للموصی له اثنان،فله أیضا سبعة إلاّ سدس المال.

أو نقول نخرج من المال نصیبا و نسترد منه سدسه فیبقی مال و سدس مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة،فبعد الجبر یبقی مال و سدس مال یعدل خمسة أنصباء،فالمال یعدل أربعة أنصباء و سبعی نصیب، فللموصی له اثنان،و لکل ابن سبعة.

المال،یبقی مال و ربع مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة-و هی ثلاثة-فإذا جبرت صار مال و ربع مال یعدل أربعة أنصباء فالمال یعدل ثلاثة أنصباء و خمسا،فإذا بسطت کان ستة عشر،لکل ابن خمسة،و للموصی له سهم،و ذلک نصیب إلاّ ربع المال.

قوله: (فإذا سلمنا إلی کل واحد ما فضل له نفد المال).

نفد-بالدال المهملة مکسور العین-معناه فنی و لم یبق منه شیء.

قوله: (و کذا لو أوصی بمثل أحدهم-و هم أربعة-إلاّ ربع المال).

أی:و کذا تکون الوصیة باطلة لو أوصی بمثل أحد البنین الأربع إلاّ ربع المال، لأن تفضیل کل واحد بربع المال یقتضی أن لا یبقی من المال شیء فیتحقق الاستغراق.

قوله: (فبعد الجبر یبقی مال و سدس مال یعدل خمسة أنصباء،فالمال یعدل أربعة أنصباء و سبعی نصیب،فللموصی له اثنان،و لکل ابن سبعة).

إنما کان المال یعدل أربعة أنصباء و سبعی نصیب،لأنک تبسط المال من جنس

ص:17

ج:لو ترک أبویه و ابنا و ثلاث بنات

ج:لو ترک أبویه و ابنا و ثلاث بنات،و اوصی له بمثل نصیب الأب إلاّ ثمن المال،فالفریضة من ثلاثین،و تضیف إلیها خمسة و تضرب المجموع فی ثمانیة تصیر مائتین و ثمانین،فلکل من الأبوین ما استثنی و هو الثمن خمسة و ثلاثون،و هو سبعة أمثال نصیبه من الأصل،إذ له فی أصل المسألة خمسة،و تعطی الابن سبعة أمثال نصیبه أیضا ستة و خمسین سهما،و لکل بنت ثمانیة و عشرون.

یبقی سبعون تقسّم علی سهام الورثة و الموصی له،و هی خمسة و ثلاثون،لکل سهم اثنان،فلکل من الأبوین عشرة،و للابن ستة عشر، و لکل بنت ثمانیة،و للموصی له عشرة،فله ما لأحد الأبوین إلاّ ثمن المال، لأن کلا من الأبوین له فی أصل المستثنی،و فی الباقی خمسة و أربعون.

و للموصی له خمسة و أربعون إلاّ ثمن المال،و هی خمسة و ثلاثون فیبقی له عشرة،و للابن فی أصل المستثنی و فی الباقی اثنان و سبعون،و لکل بنت فی الأصل و الباقی ستة و ثلاثون.

أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه نصیبا،و نسترد من النصیب ثمن المال،یبقی مال و ثمن مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة و هی ستة یصیر المال بعد الجبر و المقابلة و حذف الثمن الزائد یعدل ستة أنصباء و تسعی نصیب،فالوصیة السدس یکون المجموع سبعة،فأجزاء المال ستة أسباع فیکون معادلها ستة أسباع خمسة أنصباء و ذلک ما ذکره،فإذا بسطتها کانت ثلاثین،و الأمر ظاهر.

قوله: (یبقی مال و ثمن مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة و هی ستة، یصیر المال بعد الجبر و المقابلة و حذف الثمن الزائد یعدل ستة أنصباء و تسعی نصیب،فالوصیة

ص:18

تسعا نصیب.

د:لو وصّت بمثل نصیب زوجها مع أب و ابنین و ثلاث بنات الاّ سدس المال فالفریضة من اثنی عشر

د:لو وصّت بمثل نصیب زوجها مع أب و ابنین و ثلاث بنات الاّ سدس المال فالفریضة من اثنی عشر،و نضیف ثلاثة و نضرب الجمیع فی ستة یصیر تسعین،فللزوج ما استثنی و هو السدس بثلاثة أسهم خمسة و عشر و هو خمسة أمثال نصیبه،و للأب عشرة،و کذا لکل ابن،و لکل بنت خمسة تبقی ثلاثون تقسّمه علی الورثة و للموصی له بقدر سهامهم و هی خمسة عشر،لکل سهم اثنان،فللزوج من الباقی ستة،و للأب أربعة.

و کذا لکل ابن،و لکل بنت سهمان و للموصی له ستة فکمل للزوج فی القسمین أحد و عشرون،و للموصی له مثله إلاّ سدس المال و سدسه خمسة عشر فیتخلف ستة.

تسعا نصیب).

قد عرفت غیر مرة أنه لا مقابلة فی مثل هذا الموضع،إنما الجبر هنا بالاستثناء فیکون مال و ثمن مال یعدل سبعة أنصباء،فمعادل المال ستة أنصباء و تسعا نصیب، لأنک تبسط المال فیکون المجموع تسعة،و اجزاء المال ثمانیة أتساع و معادلها ثمانیة أتساع سبعة أنصباء،و ذلک ستة أنصباء و تسعا نصیب فالوصیة تسعا نصیب،لأن أنصباء الورثة ستة علی ما ذکر،و هی أصل الفریضة.

فإذا أردت القسمة و بسطتها من جنس الکسر بلغت ستة و خمسین،للموصی له اثنان،و للأبوین السدسان ثمانیة عشر،یبقی ستة و ثلاثون لا ینقسم علی خمسة سهام الابن و البنات و تباینها،فتضرب خمسة فی ستة و خمسین یبلغ مائتین و ثمانین،فیقسم کما سبق.

قوله: (لو أوصت بمثل نصیب زوجها مع أب و ابنین و ثلاث بنات إلاّ سدس المال فالفریضة من اثنی عشر،و تضیف إلیها ثلاثة و تضرب الجمیع فی ستة یصیر تسعین فللزوج ما استثنی و هو السدس بثلاثة أسهم خمسة عشر و هو خمسة أمثال نصیبه).

إنما کانت الفریضة من اثنی عشر،لأن للزوج الربع،و للأب السدس،

ص:19

ه:لو خلّف أبوین و زوجة،فاوصی بمثل الأب إلاّ خمس المال،فالفریضة اثنی عشر

ه:لو خلّف أبوین و زوجة،فاوصی بمثل الأب إلاّ خمس المال، فالفریضة اثنی عشر،فیزاد علیها خمسة للموصی له،ثم تضرب المجموع فی خمسة،فکل من کان له قسط من سبعة عشر اعطی مضروبا فی خمسة.ثم تأخذ سبعة عشر من الموصی له هی خمس المال،و تبسطها علی الجمیع بالنسبة،فله ثلاثة عشر،و للأب ثلاثون،فله مثل نصیبه إلاّ خمس المال.

و مخرجهما اثنا عشر،و سهام البنین و البنات سبعة،و نصیبهم من اثنی عشر أیضا سبعة، و الجار فی قوله:(بثلاثة أسهم)یتعلق بما تعلق به الجار فی قوله:(فللزوج)،فإنه خبر ما فی قوله:(ما استثنی)،و یجوز أن یکون معنی الباء للسببیة فإن قیل:لیس استحقاق الزوج خمسة عشر بسبب ثلاثة أسهم التی هی الربع فی أصل الفریضة،بل استحقاقه بسبب ذلک الربع.

قلنا:من استحق مجموعا بسبب فقد استحق أبعاضه بذلک السبب،و یجوز أن یکون للمقابلة إذ بعض المقابل مقابل.

قوله: (لو خلف أبوین و زوجة فأوصی بمثل الأب إلاّ خمس المال فالفریضة اثنا عشر،فزد علیها خمسة للموصی له،ثم تضرب المجموع فی خمسة،فکل من کان له قسط من سبعة عشر أعطی مضروبا فی خمسة،ثم تأخذ سبعة عشر من الموصی له هی خمس المال و تبسطها علی الجمیع بالنسبة، فله ثلاثة عشر،و للأب ثلاثون،فله مثل نصیبه إلاّ خمس المال).

إنما کانت الفریضة اثنی عشر،لأن للزوجة الربع،إذ لا حاجب لها،و الفرض أن لا حاجب للام،و إلاّ لم یکن للأب خمسة من اثنی عشر،فیکون لها الثلث،و مخرجهما اثنا عشر،و الباقی-و هو خمسة-للأب،فلذلک زید للموصی له بمثل الأب خمسة.

و قد ارتکب المصنف هنا طریقا فی القسمة خلاف ما قرره فی القاعدة،و هو قسمة حاصل الفریضة علی الورثة و الموصی له،و دفع مثل نصیب الوارث الموصی له

ص:20

و:لو اوصی له بمثل نصیب ابن إلاّ نصف سدس المال

و:لو اوصی له بمثل نصیب ابن إلاّ نصف سدس المال،و خلّف ابنین و زوجة و أبوین و بنتا و خنثی،فالفریضة من أربعة و عشرین،للزوجة ثلاثة،و لکل من الأبوین و الابنین أربعة و للبنت سهمان،و للخنثی ثلاثة، تضیف إلیها أربعة و تضربها فی اثنی عشر مخرج نصف السدس تصیر ثلثمائة و ستة و ثلاثین،فتعطی الورثة ما استثنی لکل واحد بحصته،فلکل ابن بحصته فی المستثنی لأربعة ثمانیة و عشرون،و ذلک سبعة أمثال حقه،و هو بمثل نصیبه إلیه ثم استرداد الجزء المستثنی مما دفع إلیه،و قسمته علیه و علی الورثة علی نسبة فریضتهم،و ذلک أن حاصل الفریضة و هو مضروب خمسة مخرج الجزء المستثنی فی سبعة عشر خمسة و ثمانون،للزوجة ثلاثة من سبعة عشر مضروبة فی خمسة و ذلک خمسة عشر،و للأم أربعة مضروبة کذلک عشرون،و للأب خمسة مضروبة کذلک خمسة و عشرون،و کذا للموصی له.

ثم نسترد منه خمس المال-و هو سبعة عشر-و نقسّمه علی الجمیع،للزوجة ثلاثة فیجتمع لها ثمانیة عشر،و للأم أربعة فیجتمع لها أربعة و عشرون،و للأب خمسة فیجتمع له ثلاثون،و للموصی له خمسة و بقی معه بعد الاسترداد ثمانیة فاجتمع له ثلاثة عشر، فکان له مثل الأب إلاّ خمس المال.

قوله: (لو أوصی له بمثل نصیب ابن إلاّ نصف سدس المال،و خلّف ابنین و زوجة و أبوین و بنتا و خنثی،فالفریضة من أربعة و عشرین،للزوجة ثلاثة و لکل من الأبوین و الابنین أربعة،و للبنت سهمان،و للخنثی ثلاثة، نضیف إلیها أربعة و نضربها فی اثنی عشر مخرج نصف السدس یصیر ثلاثمائة و ستة و ثلاثین،فیعطی الورثة ما استثنی لکل واحد بحصته،فلکل ابن لحقه فی المستثنی لأربعة ثمانیة و عشرون،و ذلک سبعة أمثال حقه،و هو نصف

ص:21

نصف سدس المال.

و کذا لکل من الأبوین و لکل من الزوجة و الخنثی أحد و عشرون، و للبنت أربعة عشر،تقسم الباقی و هو مائة و ثمانیة و ستون علی الجمیع و الموصی له،و سهامهم ثمانیة و عشرون،لکل سهم ستة فلکل ابن أربعة و عشرون.

و کذا لکل من الأبوین و لکل من الزوجة و الخنثی ثمانیة عشر، و للبنت اثنا عشر،و للموصی له أربعة و عشرون،فلکل ابن اثنان و خمسون من الأصل المستثنی و من الباقی،و للموصی له کذلک إلاّ نصف سدس المال و هو ثمانیة و عشرون یبقی أربعة و عشرون.

سدس المال،و کذا لکل من الأبوین،و لکل من الزوجة و الخنثی أحد و عشرون و للبنت أربعة عشر یقسم الباقی و هو مائة و ثمانیة و ستون علی الجمیع،و الموصی له سهامهم ثمانیة و عشرون،و لکل سهم ستة،فلکل ابن أربعة و عشرون،و کذا لکل من الأبوین،و لکل من الزوجة و الخنثی ثمانیة عشر،و للبنت اثنا عشر،و للموصی له أربعة و عشرون،فلکل ابن اثنان و خمسون من الأصل المستثنی و من الباقی،و للموصی له کذلک إلاّ نصف سدس المال و هو ثمانیة و عشرون،یبقی له أربعة و عشرون).

إنما کانت الفریضة من أربعة و عشرین،لأن للزوجة الثمن،و للأبوین السدسان،و المخرج المشترک للسدس و الثمن أربعة و عشرون،و سهام الأولاد ثلاثة عشر،بناء علی أن للخنثی نصف نصیب ذکر و نصف نصیب أنثی،و هو الطریق الثانی من طرق توریثه الأربعة،فللانثی سهمان لیکون نصیبها نصف،و للابنین ثمانیة لکل أربعة،و للخنثی ثلاثة نصف النصیبین،و مجموع ذلک ثلاثة عشر و الباقی من أربعة و عشرین بعد الثمن للزوجة،و السدسین للأبوین ثلاثة عشر.

ص:22

ز:لو أوصی له بمثل نصیب أحد ابنیه مع زوجة إلاّ ربع المال فالفریضة من ستة عشر

ز:لو أوصی له بمثل نصیب أحد ابنیه مع زوجة إلاّ ربع المال فالفریضة من ستة عشر،و تضیف إلیها سبعة و تضرب المجتمع فی مخرج الربع فیصیر اثنین و تسعین،و منها تصح،للموصی له اثنا عشر،و لکل ابن خمسة و ثلاثون،و للزوجة عشرة،لأنا نأخذ مالا و نخرج منه نصیبا و نستثنی منه و قوله:(فیعطی الورثة ما استثنی لکل واحد بحصته)المراد منه:انک تعطی الموصی بمثل نصیبه الجزء المستثنی و باقی الورثة بالحساب نظرا إلی حصته فی أصل الفریضة،ففی قوله:(فیعطی الورثة ما استثنی)توسع اعتمادا علی ما سبق بیانه.

و قوله:(فلکل ابن لحقه فی المستثنی لأربعة ثمانیة و عشرون)المراد منه:إنّ المستثنی-و هو نصف سدس المال و ذلک ثمانیة و عشرون-مما صارت إلیه الفریضة حق لکل من الابنین،لأن الوصیة بمثل نصیب ابن إلاّ نصف سدس المال،و لا اختصاص لأحد الابنین بذلک فمتعلق اللام الاولی و الباء واحد،و متعلق(فی)من قوله: (فی المستثنی)محذوف،علی أن الجار و المجرور حال من المضاف فی قوله:(بحقه).

فان قیل:لیس حقه فی المستثنی،و إنما جمیع المستثنی حقه.

قلنا:لا امتناع فی أن یکون الشیء مملوکا و حق المالک ثابت فیه،و لهذا یحسن أن نقول:حق المالک فی ملکه اقتضی تقدیمه علی غیره.

و قوله:(فلکل ابن اثنان و خمسون من الأصل المستثنی و من الباقی)المراد ب (الأصل المستثنی)هو نفس المستثنی و هو المدفوع أولا،و کأنه إنما سمّاه أصلا لدفعه أولا.

قوله: (لو أوصی له بمثل أحد ابنیه مع زوجة إلاّ ربع المال فالفریضة ستة عشر،و تضیف إلیها سبعة و تضرب المجتمع فی مخرج الربع فیصیر اثنین و تسعین و منها تصح،للموصی له اثنا عشر،و لکل ابن خمسة و ثلاثون، و للزوجة عشرة،لأنا نأخذ مالا و نخرج منه نصیبا و نستثنی منه الربع،یبقی

ص:23

الربع،یبقی مال و ربع مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة،و هی نصیبان و سبعا نصیب.

فإذا جبرت و قابلت یصیر مالا و ربع مال،یعدل ثلاثة أنصباء و سبعی نصیب،فالمال یعدل نصیبین و خمسی نصیب و أربعة أخماس سبعی نصیب،فالنصیب خمسة و ثلاثون،لأنه مضروب سبعة فی خمسة،فالمال اثنان و تسعون،فإذا استثنیت ربعه-و هو ثلاثة و عشرون من النصیب- مال و ربع مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة،و هی نصیبان و سبعا نصیب، فإذا جبرت و قابلت یصیر مالا و ربع مال یعدل ثلاثة أنصباء و سبعی نصیب، فالمال یعدل نصیبین و خمسی نصیب و أربعة أخماس سبعی نصیب،فالنصیب خمسة و ثلاثون،لأنه مضروب سبعة فی خمسة،فالمال اثنان و تسعون.فإذا استثنیت ربعه-و هو ثلاثة و عشرون-من النصیب یبقی اثنا عشر) (1).

ص:24


1- 1)بما أن حصة الزوجة فنفرض أن المال 8 حصص،1 حصة للزوجة،و الباقی 7 لا یقسم علی الابنین، فنضرب المالx2-16 حصة،2 للزوجة و 7 لکل ابن. بما أن حصة الموصی له هی مثل حصة أحد الأبناء إلاّ ربع المال،فنضیف 7+16-23 نضربهاx4 هی مخرج ربع المال 23x4-92 مجموع الحصص. نفرض أن حصة کل ابن-س،فتکون حصة الموصی له-س-23،و حصة الزوجة سبع حصة الابنین- (2 س7). 2 س+(2 س7)+س-23-92. 3 س+(2 س7)-115. (23 س7)-115-س-((115x7)23)-35 فتکون حصة کل ابن 35. حصة الزوجة((35x2)7)-10. حصة الموصی له-35-23-12.

بقی اثنا عشر.

یبقی اثنا عشر.

إنما کانت الفریضة ستة عشر لأن للزوجة الثمن و مخرجه ثمانیة،و الباقی-و هو سبعة-لا ینقسم علی ابنین،فتضرب عددهما فی أصل الفریضة یبلغ ستة عشر،تضیف إلیها سبعة للموصی له هی مثل سهام من أوصی بمثل نصیبه،و یرتقی بالضرب إلی اثنین و تسعین.

و منها یصح،لأنک إذا دفعت إلی کل ابن ربع المال-ثلاثة و عشرین هی ثلاثة أمثال نصیبه فی أصل الفریضة-و سبعا مثل،فقد دفعت إلی الزوجة بهذا الحساب ستة و أربعة أسباع فیبقی تسعة و ثلاثون و ثلاثة أسباع،تقسمها علی ثلاثة و عشرین نصیب، کل ابن اثنا عشر،و کذا الموصی له.و نصیب الزوجة ثلاثة و ثلاثة أسباع فیجتمع لکل ابن خمسة و ثلاثون،و للزوجة عشرة،فیکون للموصی له مثل نصیب ابن إلاّ ربع المال.

و إن شئت أن تستخرجها بالجبر،فکما ذکر المصنف تأخذ مالا و تخرج منه نصیبا،و تستثنی منه ربع المال یکون مال و ربع مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة، و هی نصیبان و سبعا نصیب،فإن للزوجة بقدر سبعی ما لکل واحد من الابنین،فإذا جبرت کان مال و ربع مال معادلا لثلاثة أنصباء و سبعی نصیب.

فإذا أردت معادل المال أخذت أربعة أخماس ثلاثة أنصباء و سبعی،لأن أجزاء المال بعد البسط أربعة هی أربعة أخماس المجموع،و ذلک-أعنی أربعة أخماس ثلاثة أنصباء و سبعی نصیب-نصیبان و خمسا نصیب و أربعة أخماس سبعی نصیب،هی خمس و سبع خمس،و ذلک لأن مخرج خمس و سبع خمسة و ثلاثون،و أربع أخماس سبعی نصیب هی سبع و ثلاثة أخماس سبع،و هی أیضا خمس و سبع خمس،لأنها ثمانیة من خمسة و ثلاثین.

و کان الأولی أن یقول المصنف:إنّ معادل المال نصیبان و ثلاثة أخماس نصیب و سبع خمس،فالنصیب خمسة و ثلاثون،لأنها مخرج الکسر کما قلنا،فیکون المال اثنین و تسعین فیقسّم کما تقدم.و لا یخفی أن فی قوله:(فإذا جبرت و قابلت)مسامحة،إذ لا

ص:25

لکن معین الدین المصری قال:فإذا أعطت کل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنی من هذه المسألة و هو ثلاثة و عشرون انکسرت السبعة فی ثلاثة و عشرین،لأنه لا یمکن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة علی هذا الحساب صحیحا،فاضرب جمیع المسألة فی سبعة فتصیر ستمائة و أربعة و أربعین،لکل ابن بسهامه السبعة الربع مائة و أحد و ستون،و تعطی الزوجة بحساب سهمها ستة و أربعین،یبقی مائتان و ستة و سبعون تقسّم علی سهام الورثة و الموصی له،و هو ثلاثة و عشرون،لکل سهم اثنا عشر،فیکون للزوجة أربعة و عشرون و لکل واحد من الابنین أربعة و ثمانون،و للموصی له أربعة و ثمانون،فله مثل ما لأحد الابنین إلا ربع المال. مقابلة هنا علی ما قد علم.

قوله: (لکن معین الدین المصری قال:فإذا أعطیت کل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنی من هذه المسألة و هو ثلاثة و عشرون،انکسرت السبعة فی ثلاثة و عشرین،لأنه لا یمکن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة علی هذا الحساب صحیحا،فاضرب جمیع المسألة فی سبعة فیصیر ستمائة و أربعة و أربعین،لکل ابن بسهامه السبعة الربع مائة و أحد و ستون،و تعطی الزوجة بحساب سهمها ستة و أربعین،یبقی مائتان و ستة و سبعون یقسّم علی سهام الورثة و الموصی له،و هی ثلاثة و عشرون،لکل سهم اثنا عشر فیکون للزوجة أربعة و عشرون،و لکل واحد من الابنین أربعة و ثمانون،(و للموصی له أربعة و ثمانون)،فله ما لأحد الابنین إلاّ ربع المال).

لما کان تقسیم المسألة الحاصل بالعمل بالطریقین اللذین ذکرهما مشتملا علی کسر أشار الی طریق التخلص منه،و إنما أسنده إلی معین الدین المصری-و هو بدر ابن سالم من علماء أصحابنا رحمهم الله-لأن مثل هذا الکسر غیر قادح فی صحة

ص:26

..........

الفریضة،فإن الفریضة الصحیحة هی عبارة عن أقل عدد یخرج منه سهام ذوی الاستحقاق صحیحة لا کسر فیها،و هی هنا کذلک،لأن ذوی الاستحقاق هنا الابنان و الزوجة و الموصی له،و کل منهم سهامه من اثنین و تسعین صحیحة.و إنما یحصل الکسر إذا أعطیت کل ابن ربع المال و أردت إعطاء الزوجة بالنسبة،فإنه یلزم الکسر کما سبق.

و کذا إذا قسمت الفاضل من الفریضة علی الابنین و الزوجة و الموصی له،إلاّ أنک إذا ضممت الحاصل من القسمة فی المرتبتین کان الجمیع صحاحا،و مثل هذا لا یخل بصحة الفریضة،لأن الکسر واقع فی الطریق.علی أن التخلص منه ممکن باستعمال الطریق المذکور فی الخامسة،و کذا المسألة التی ذکرناها فی آخر البحث قبل المقام الأول.

و قوله:(فإذا أعطیت کل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنی من هذه المسألة، و هو ثلاثة و عشرون،انکسرت السبعة فی ثلاثة و عشرین،لانه لا یمکن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة علی هذا الحساب)تحقیقه معلوم مما سبق،لأن سهم الزوجة باعتبار ثلاثة و عشرین ستة و أربعة أسباع،فلم یخرج صحیحا،و کذا من فاضل الفریضة الذی یقسم بین الورثة و الموصی له کما بینّاه.

إلاّ أن قوله:(انکسرت السبعة فی ثلاثة و عشرین)لا یخلو من توسع،لأن المنکسر هو نصیب الزوجة من ثلاثة و عشرین فی مخرج السبع لا السبعة.

و یمکن أن یکون مراده بذلک:إنه إذا کان لکل ابن ثلاثة و عشرون کان للزوجة من ثلاثة و عشرین سبعة منکسرة،لأن لها ستة و بعض السابع.أو ان المراد أن للزوجة مثل سبعی ما للابن،فلا بد من تجزئة ثلاثة و عشرین علی سبعة لیخرج منها ما للزوجة،و لا یمکن تجزئتها صحاحا فانکسرت السبعة الأجزاء المطلوبة فی ثلاثة و عشرین إذا لم تخرج منها صحیحة.

ص:27

ح:لو اوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة إلاّ مثل ما ینقص نصیب أحدهم بالوصیة

ح:لو اوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة إلاّ مثل ما ینقص نصیب أحدهم بالوصیة،جعلنا المال ثلاثة أنصباء و وصیة،فندفع إلی الموصی له نصیبا و نسترجع منه ثلث وصیة،لأن نقصان کل نصیب ثلث وصیة،فیبقی من المال نصیبان و وصیة و ثلث یعدل أنصباء البنین و هی ثلاثة أنصباء،فتقابل نصیبین بمثلهما،فیبقی نصیب یعدل وصیة و ثلثا،فالنصیب أربعة و الوصیة ثلاثة،فللموصی له ثلاثة من خمسة عشر،و لکل ابن أربعة.

أو إن هذا من مقلوب الکلام،و المراد فانکسرت ثلاثة و عشرون فی سبعة التی هی مخرج السبع،عندما أرید أخذ سبعیها،و کیف کان فالمراد ظاهر و الخطب فی ذلک یسیر.

و أما تقسیم ستمائة و أربعة و أربعین فظاهر،لأن کل من کان له شیء من اثنین و تسعین أخذه مضروبا فی سبعة فی المرتبة الاولی و الثانیة.

قوله: (لو أوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة إلاّ مثل ما ینقص نصیب أحدهم بالوصیة جعلنا المال ثلاثة أنصباء و وصیة،فندفع إلی الموصی له نصیبا،و نسترجع منه ثلث وصیة،لأن نقصان کل نصیب ثلث وصیة فیبقی من المال نصیبان و وصیة و ثلث یعدل أنصباء البنین-و هی ثلاثة أنصباء- تقابل نصیبین بمثلهما،فیبقی نصیب یعدل وصیة و ثلثا،فالنصیب أربعة و الوصیة ثلاثة فللموصی له ثلاثة من خمسة عشر،و لکل ابن أربعة).

هذه و إن لم تکن علی نهج المسائل السابقة،إذ لیس الاستثناء فیها بجزء معین من المال،إلاّ أن الباب لیس معنونا بذلک،و إن کان تقدیم القاعدة مشعرا بکونه عنوان الباب،و لیس بلازم،إذ یکفی لتقدیم القاعدة کون معظم المسائل کذلک، لیتوقف علیها،فکأنها هی المقصودة دون ما سواها.لکن یرد علیه إن مسائل المقام الثانی لا یتخرج شیء منها علی القاعدة المذکورة،ففی کلامه شیء.

ص:28

المقام الثانی:أن یکون الاستثناء من الباقی

المقام الثانی:أن یکون الاستثناء من الباقی،و فیه مسائل:

أ:لو اوصی له بمثل نصیب أحد ولدیه إلاّ ثلث ما یبقی بعد إخراج النصیب

أ:لو اوصی له بمثل نصیب أحد ولدیه إلاّ ثلث ما یبقی بعد إخراج النصیب،فطریقه أن نجعل المال کله ثلاثة أسهم و نصیبا مجهولا.

و إنما جعلناه ثلاثة أسهم لیکون له ثلث بعد النصیب،ثم نسترد إذا عرفت ذلک فقوله:(لو أوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الثلاثة إلا مثل ما ینقص نصیب أحدهم بالوصیة)یسأل عند فیقال:إن النصیب الموصی بمثله إن کان هو النصیب الحاصل بعد إخراج الوصیة فهذا لا ینقص بالوصیة شیئا،لأنه معتبر بعدها،و إن کان هو النصیب الثابت لکل منهم لولا الوصیة-و هو ثلث المال-لم یستقم أن یکون للموصی له ثلاثة من خمسة عشر،إذ لیس ذلک مثل النصیب الذی هو الثلث إلا ثلث الوصیة،مع أن المتبادر من النصیب هو الثابت بعد إخراج الوصیة.

و یجاب بأن المراد بمثل النصیب الثابت بعد الوصیة و المستثنی،قدر ما ینقص هذا النصیب بالوصیة عن النصیب الثابت بدون الوصیة،و ذلک ثلث وصیة لا محالة، و لذلک فرض المال ثلاثة أنصباء و وصیة،و دفع نصیبا من هذه الثلاثة التی مع الوصیة و استرجع ثلث وصیة.

و قوله:(لأن نقصان کل نصیب ثلث وصیة)المراد نقصان کل نصیب من هذه الأنصباء عن الأنصباء المستحقة لولا الوصیة.و المراد من و قوله:(نقابل نصیبین بمثلهما)إسقاط النصیبین بمثلهما،کما قد علم غیر مرة.و إنما کان النصیب أربعة،لأن معادله إذا بسط کان أربعة فتکون الوصیة ثلاثة.

قوله: (أن یکون الاستثناء من الباقی،و فیه مسائل:

الأولی:لو أوصی له بمثل نصیب أحد ولدیه إلا ثلث ما یبقی بعد إخراج النصیب،فطریقه أن یجعل المال کله ثلاثة أسهم و نصیبا مجهولا، و إنما جعلناه ثلاثة أسهم لیکون له ثلث بعد النصیب،ثم نسترد من النصیب

ص:29

من النصیب سهما کاملا،فإنه ثلث باقی المال،و نضمه الی السهام الثلاثة فیصیر معنا أربعة أسهم،فنقسمها بین الولدین،فظهر أن النصیب المجهول سهمان،لأنه بقدر النصیب.

ثم نعود فنقول:إن المال کان خمسة أسهم،و النصیب منه سهمان، فنصرف الی الموصی له سهمین یبقی ثلاثة فنسترد منه مثل ثلث الباقی بعد النصیب و هو سهم،فإن الباقی بعد النصیب ثلاثة،و نضمه إلی الثلاثة، فیصیر معنا أربعة بین الابنین،لکل واحد سهمان مثل النصیب المخرج ابتداء.

سهما کاملا فإنه ثلث باقی المال،و نضمه إلی السهام الباقیة فیصیر معنا أربعة أسهم،نقسمها بین الولدین،فظهر أن النصیب المجهول سهمان،لأنه بقدر النصیب،ثم نعود فنقول:إن المال کان خمسة أسهم و النصیب منه سهمان، فنصرف إلی الموصی له سهمین یبقی ثلاثة،نسترد منه ثلث الباقی بعد النصیب-و هو سهم-فإن الباقی بعد النصیب ثلاثة،و نضمه إلی الثلاثة فیصیر معنا أربعة بین الابنین،لکل واحد سهمان مثل النصیب المخرج ابتداء).

الاستثناء من النصیب هنا بقدر جزء من باقی المال بعد النصیب و هو ثلث الباقی،و حاصل الوصیة انه فضّل کل ابن علی الموصی له بقدر ثلث الباقی بعد إخراج قدر نصیب الابن،و طریقه ما ذکره.

و أراد بقوله:(ثم نسترد من النصیب سهما کاملا)استرداد قدر ثلث الباقی بعد النصیب من النصیب،فان ثلثه سهم کامل.و أراد بقوله:(فإنه ثلث المال)إن السهم الکامل ثلث المال الباقی،إذ لا یراد انه ثلث المال کله لظهور انه لیس کذلک.

و قوله:(فظهر أن النصیب المجهول سهمان،لأنه بقدر النصیب)المراد به:إن

ص:30

ب:لو قال:أعطوه مثل نصیب أحدهما إلا ثلث ما یبقی بعد الوصیة لا بعد النصیب

ب:لو قال:أعطوه مثل نصیب أحدهما إلا ثلث ما یبقی بعد الوصیة لا بعد النصیب،-و الوصیة هی التی یتقرر الاستحقاق علیها بعد الاستثناء- فطریقه أن نجعل المال سهمین و نصیبا مجهولا،و إنما جعلناه سهمین و نصیبا بحیث إذا أخرجنا النصیب یبقی من المال ما إذا زید علیه مثل نصفه یصیر ثلاثة،حتی نسترد من النصیب مثل نصف الباقی بعد النصیب،فیکون قد النصیب المجهول بقدر نصیب الابن الحاصل له بعد الوصیة،و قد علم أن نصیب الابن سهمان،فالنصیب المجهول یجب أن یکون سهمین أیضا.

و فائدة قوله:(ثم نعود و نقول.)تقسیم الترکة علی الابنین و الموصی له،و ذلک انه لما فرض المال ثلاثة أسهم و نصیبا مجهولا و ساق الکلام إلی آخره،تبین به قدر النصیب المجهول،فکان الغرض الأقصی منه معرفة قدر النصیب.و أما تقسیم المال علی الوارث و الموصی له علی وجه یطابق مراد الموصی،فهو مفاد قوله:(ثم نعود فنقول).

و إن أردت استخراجه بالجبر فخذ مالا و ادفع منه نصیبا إلی الموصی له، و استرجع من النصیب بقدر ثلث الباقی من المال بعده،و هو ثلث مال إلا ثلث نصیب، فیصیر مالا و ثلث مال إلا نصیبا و ثلث نصیب یعدل أنصباء الورثة-و هی نصیبان-، فإذا جبرت کان مال و ثلث مال یعدل ثلاثة أنصباء و ثلثا،فالمال اثنان و نصف إذا بسطتها کانت خمسة.

قوله: (لو قال:أعطوه مثل نصیب أحدهما إلا ثلث ما یبقی بعد الوصیة لا بعد النصیب،و الوصیة هی التی یتقرر الاستحقاق علیها بعد الاستثناء،فطریقه أن یجعل المال سهمین و نصیبا مجهولا،و إنما جعلناه سهمین و نصیبا بحیث إذا أخرجنا النصیب یبقی من المال ما إذا زید علیه مثل نصفه یصیر ثلاثة،حتی نسترد من النصیب مثل نصف الباقی بعد النصیب،فیکون قد استرجعنا مثل ثلث الباقی بعد الوصیة،فإذا جعلنا المال

ص:31

استرجعنا مثل ثلث الباقی بعد الوصیة.

فإذا جعلنا المال سهمین و نصیبا مجهولا استرجعنا من النصیب سهما کاملا،فصار معنا ثلاثة و نصیب مجهول،فنقسم الثلاثة علی الاثنین فلکل واحد سهم و نصف،فظهر لنا أن النصیب المقدر أولا کان سهما و نصفا، فنعود و نقول:ظهر أن المال کله قد کان ثلاثة أسهم و نصفا،فنبسطها انصافا تصیر سبعة،و النصیب منها ثلاثة،فنصرف الی الموصی له،و نسترد مثل نصف الباقی بعد النصیب،فالباقی بعد النصیب أربعة و مثل نصفه سهمان، فنستردهما و نضمهما إلی الأربعة و فقسمهما علی الاثنین،لکل واحد ثلاثة،فقد حصل الموصی له علی ثلاثة إلا مثل ثلث الباقی بعد تجرد الوصیة و هو سهمان،فیبقی له واحد.

سهمین و نصیبا مجهولا استرجعنا من النصیب سهما کاملا،فصار معنا ثلاثة و نصیب مجهول،فنقسم الثلاثة علی الاثنین،فلکل واحد سهم و نصف،فظهر لنا أن النصیب المقدر أولا کان سهما و نصفا،فنعود و نقول:

ظهر أن المال کله قد کان ثلاثة أسهم و نصفا،فنبسطها أنصافا تصیر سبعة،و النصیب منها ثلاثة فنصرف إلی الموصی له،و نسترد مثل نصف الباقی بعد النصیب،و الباقی بعد النصیب أربعة،و مثل نصفه سهمان،فنستردهما و نضمهما إلی الأربعة و نقسمهما علی الاثنین،لکل واحد ثلاثة،فقد حصل الموصی له علی ثلاثة إلا مثل ثلث الباقی بعد تجرد الوصیة،و هو سهمان، فیبقی له واحد).

الفرق بین هذه المسألة و بین التی قبلها:إن الاستثناء فی السابقة من النصیب بقدر ثلث ما یبقی بعد إخراج النصیب،و فی هذه بقدر ثلث ما یبقی بعد إخراج الوصیة.

و النصیب أکثر من الوصیة،لأن الوصیة هی ما یتقرر علیها الاستحقاق،بخلاف

ص:32

..........

النصیب،فان ما یبقی بعد إخراج المستثنی منه هو الوصیة،و لا شک أن الباقی بعد الوصیة أکثر من الباقی بعد النصیب،فالوصیة الثانیة أقل من الاولی.و قد أشار المصنف إلی هذا الفرق بقوله:(و الوصیة هی التی یتقرر الاستحقاق علیها).

و قوله:(و إنما جعلناه سهمین و نصیبا،بحیث إذا أخرجنا النصیب یبقی من المال ما إذا زید علیه مثل نصفه یصیر ثلاثة،حتی نسترد من النصیب مثل نصیب الباقی بعد النصیب،فیکون قد استرجعنا مثل ثلث الباقی بعد الوصیة)المراد منه بیان وجه جعل المال سهمین نصیبا مجهولا،و معناه:إنا جعلناه کذلک لیکون بحیث إذا أخرجنا النصیب یبقی من المال ما إذا زید علیه زیادة لا کسر فیها،تکون الزیادة ثلث المجموع-أعنی المزید علیه و الزیادة-فإن الزیادة فی مثل هذا یجب أن تکون قدر نصف المزید علیه،فلا بد أن یکون له نصف صحیح.

و إنما قلنا إنها یجب أن تکون قدر نصف المزید علیه،لأن کل عدد حذفت منه ثلاثة فإن المحذوف بقدر نصف الباقی،و کل عدد زدت علیه مثل نصفه فان المزید ثلث المجموع الحاصل بعد الزیادة،فقوله:(بحیث)وقع موقع التعلیل،و قوله:(حتی نسترد.)غایة لما قبله و فائدته المترتبة علیه.

و قوله-:(فصار معنا ثلاثة و نصیب مجهول)-فیه تسامح،فان النصیب لا یبقی بعد إخراج السهم الکامل منه،إنما یبقی من النصیب ما زاد علی السهم المخرج، و لعله أراد بالنصیب المجهول الوصیة،لأن الباقی بعد السهم هو الوصیة المستحقة.

و قوله:(فظهر)لنا أن النصیب المقدر أولا کان سهما و نصفا معطوف علی ما قبله،فیکونان معا نتیجة السابق،فإنه إذا قسم الثلاثة علی الابنین کان لکل منهما سهم و نصف،و کان النصیب المفروض مثل نصیب أحدهما أیضا سهما و نصفا،و حیث حصل المطلوب بالبیان-و هو معرفة قدر النصیب المجهول-وجب العود إلی بیان تقسیم المال علی الوارث و الموصی له علی الوجه المطابق المراد الموصی،فکذلک قال:

ص:33

و لو أطلق و قال:أعطوه مثل نصیب أحد ولدی إلا ثلث ما یبقی من المال و لم یقتل بعد الوصیة أو بعد النصیب نزل علی الوصیة فإنها الأقل و اللفظ متردد.

(فنعود و نقول.).

و قوله آخرا:(فقد حصل الموصی له علی ثلاثة.)حصل فی معنی استولی، و فی بعض النسخ:حصل للموصی له ثلاثة،و کل منهما صحیح.

و إن أردت استخراجه بالجبر أخذت مالا و دفعت منه نصیبا إلی الموصی له، و استرجعت من النصیب قدر ثلث الباقی بعد الوصیة-و هو قدر نصف الباقی بعد النصیب،و هو نصف مال إلا نصف نصیب-فیصیر مالا و نصف مال إلا نصیبا و نصف نصیب یعدل أنصباء الورثة،و هی نصیبان.

فإذا جبرت کان مال و نصف مال یعدل ثلاثة،أنصباء و نصفا،فالمال یعدل نصیبین و ثلثا و الثلث هو الوصیة،و بعد البسط یکون الجمیع سبعة و الوصیة واحدا.

و إن شئت أخذت نصیبین و أضفت إلیهما قدر نصیب إلا ثلث النصیبین،و ذلک ثلث نصیب،لأن نصیبا إلا ثلث نصیبین ثلث نصیب لا محالة،فیکون الجمیع نصیبین و ثلثا،فالنصیبان للابنین،و الثلث المزید علیهما للموصی له،و بعد البسط فالجمیع سبعة.

قوله: (و لو أطلق و قال:أعطوه مثل نصیب أحد ولدی إلا ثلث ما یبقی من المال،و لم یقل:بعد الوصیة أو بعد النصیب،نزل علی الوصیة فإنها الأقل،و اللفظ متردد).

قد علم فیما سبق أنه إذا أوصی بمثل نصیب أحد الورثة،و فیهم من نصیبه أقل و لم یعیّن،کان للموصی له مثل الأقل نصیبا،و مقتضاه تنزیل الوصیة هنا علی الأقل، لأن اللفظ هنا متردد بین الأمرین و صالح لهما من غیر ترجیح لأحدهما علی الأخر، فیتمسک بأصالة عدم استحقاق الزائد.

ص:34

ج:لو استثنی جزء مقدّرا من جزء مقدّر

ج:لو استثنی جزء مقدّرا من جزء مقدّر کأن یقول:أعطوه مثل نصیب أحد أولادی الثلاثة إلا ثلث ما یبقی من الثلث بعد إخراج النصیب، فطریقه أن یجعل ثلث المال ثلاثة و نصیبا مجهولا،ثم نسترد من النصیب المجهول سهما کاملا،فیحصل معنا أربعة أسهم نضمها إلی ثلثی المال-و هو ستة أسهم و نصیبان-یصیر عشرة أسهم و نصیبین،فنصرف النصیبین إلی الابنین،تبقی عشرة أسهم للابن الثالث،فعرفنا أن النصیب کان عشرة، فنعود و نقول:کنا قد جعلنا ثلث المال ثلاثة أسهم و نصیبا،و قد ظهر أن ثلث المال ثلاثة عشر سهما،فالنصیب عشرة و ثلثاه ستة و عشرون،و جملة المال تسعة و ثلاثون،فنأخذ عشرة من الثلاثة عشرة سهما لصاحب النصیب، و لا یخفی أن مثل نصیب أحدهما إلا ثلث ما یبقی بعد الوصیة،أقل من مثل النصیب إلا ثلث ما یبقی بعد النصیب،لأن الباقی فی الأول أکثر من الباقی فی الثانی، فیکون الاستثناء فی الأول أکثر،و الموصی به أقل فینزل علیه.

قوله: (لو استثنی جزءا مقدرا من جزء مقدر،کأن یقول:مثل نصیب أحد أولادی الثلاثة إلا ثلث ما یبقی من الثلث بعد إخراج النصیب، فطریقه أن یجعل ثلث المال ثلاثة و نصیبا مجهولا،ثم یسترد من النصیب المجهول سهما کاملا فیحصل معنا أربعة أسهم نضمها إلی ثلثی المال-و هو ستة أسهم و نصیبان-یصیر عشرة أسهم و نصیبین،فیصرف النصیبین إلی الابنین فیبقی عشرة للابن الثالث،فعرفنا أن النصیب کان عشرة،فنعود و نقول:کنا جعلنا ثلث المال ثلاثة أسهم و نصیبا،و قد ظهر أن ثلث المال ثلاثة عشر سهما،و النصیب عشرة،و ثلثاه ستة و عشرون،و جملة المال تسعة و ثلاثون،فنأخذ عشرة من الثلاثة عشر سهما لصاحب النصیب،و نسترد منه

ص:35

و نسترد منه ثلث ما بقی من الثلث بعد النصیب و هو واحد،لأن الباقی ثلاثة، فیصیر معنا أربعة،نضمها إلی ثلثی المال فیصیر ثلاثین،لکل ابن عشرة مثل النصیب المخرج ابتداء.

و لو قال:ثلث ما یبقی من الثلث بعد الوصیة،فنجعل ثلث المال سهمین و نصیبا مجهولا و نسترد من النصیب سهما،و نضمه الی سهمین فیصیر ثلاثة أسهم،فنضمها إلی ثلثی المال و هو أربعة و نصیبان فیصیر سبعة و نصیبین،نعطی النصیبین الابنین،فتبقی سبعة لابن واحد.

فظهر أن النصیب کان سبعة،فنرجع و نقول:ثلث المال کان تسعة،و النصیب سبعة نخرجه الی الموصی له،و نسترد من النصیب ما إذا ضم إلی الباقی کان ثلاثة،و هو سهم واحد،و نضمه الی السهمین الباقیین یصیر ثلاثة،و نضمها إلی ثلثی المال و هو ثمانیة عشر فیصیر أحدا و عشرین،لکل ثلث ما یبقی من الثلث بعد النصیب و هو واحد،لأن الباقی ثلاثة فیصیر معنا أربعة نضمها إلی ثلثی المال فیصیر ثلاثین،لکل ابن عشرة مثل النصیب المخرج ابتداء.

و لو قال إلا ثلث ما یبقی من الثلث بعد الوصیة،فنجعل ثلث المال سهمین و نصیبا مجهولا،و نسترد من النصیب سهما و نضمه إلی سهمین فیصیر ثلاثة أسهم،فنضمها إلی ثلثی المال-و هو أربعة و نصیبان-فیصیر سبعة و نصیبین،نعطی النصیبین ابنین،فیبقی سبعة لابن واحد،فظهر أن النصیب کان سبعة،فنرجع و نقول:

ثلث المال کان تسعة و النصیب سبعة نخرجه الی الموصی له،و نسترد من النصیب ما إذا ضم إلی الباقی کان ثلاثة و هو سهم واحد،و نضمه إلی السهمین الباقیین یصیر ثلاثة،و نضمها إلی ثلثی المال-و هو ثمانیة عشر-

ص:36

ابن سبعة،و هو مثل النصیب المخرج ابتداء،و الباقی فی ید الموصی له ستة، و هو مثل نصیب الابن إلا ثلث ما یبقی من الثلث بعد الوصیة،و ذلک ما أردنا أن نبین. فیصیر أحدا و عشرین،لکل ابن سبعة،و هو مثل النصیب المخرج ابتداء، و الباقی فی ید الموصی له ستة،و هو مثل نصیب الابن إلا ثلث ما یبقی من الثلث بعد الوصیة،و ذلک ما أردنا أن نبین).

أی:لو أوصی بمثل نصیب وارث و استثنی منه جزءا مقدرا من جزء مقدر،کثلث ما یبقی من ثلث المال بعد النصیب،فالجار فی قوله:(من جزء مقدّر)متعلق بمقدر أو أجزاء من قوله:(لو استثنی جزءا مقدّرا)لا باستثنی،بل صلته محذوفة کما بیّناه.

و الفرق بین هاتین المسألتین و ما قبلهما:ان الاستثناء فی المسألتین السالفتین من الباقی من المال بعد النصیب أو بعد الوصیة،و هنا من الباقی من الثلث بعد أحدهما، و من ثم فرض المال فی الأولی ثلاثة أسهم و نصیبا مجهولا،و فی الثانیة سهمین و نصیبا، و هنا جعل الثلث فی الفرض الأول ثلاثة و نصیبا مجهولا،و فی الفرض الثانی سهمین و نصیبا مجهولا،و باقی ما ذکره ظاهر.

فإن أردت استخراج الفرض الأول بالجبر أخذت ثلث مال و دفعت منه نصیبا إلی الموصی له،و استرجعت من النصیب قدر ثلث الباقی بعد النصیب،و هو تسع مال إلا ثلث نصیب،فتضم ذلک کله إلی الباقی من المال،فیصیر مالا و تسع مال إلا نصیبا، و ثلث نصیب یعدل أنصباء الورثة،و هی ثلاثة.

فإذا جبرت کان مال و تسع مال یعدل أربعة أنصباء و ثلثا،فالمال ثلاثة أنصباء و أربعة أخماس نصیب و نصف خمس،إذ بسطت کانت تسعة و ثلاثین و النصیب عشرة.

و فی الفرض الثانی نأخذ ثلث مال و ندفع منه نصیبا إلی الموصی له،و نسترجع من النصیب قدر ثلث الباقی بعد الوصیة-و هو قدر نصف الباقی بعد النصیب،و ذلک سدس مال إلاّ نصف نصیب-،فنضم باقی الثلث و المسترجع من النصیب إلی باقی

ص:37

أو نقول:نجعل المال ثلاثة أنصباء و وصیة،فنأخذ ثلث ذلک نصیبا و ثلث وصیة،و ندفع إلی الموصی له نصیبا،فیبقی معنا ثلث وصیة،نسترجع من النصیب نصف الباقی سدس وصیة فیحصل معنا نصف وصیة و هو الباقی من الثلث بعد الوصیة.و نزید ذلک علی الثلثین،فیحصل معنا نصیبان و وصیة و سدس وصیة تعدل ثلاثة أنصباء،ألق نصیبین بنصیبین فیبقی وصیة و سدس تعدل نصیبا،فالوصیة ستة،و النصیب سبعة و المال کله سبعة و عشرون.

المال یکون مالا و سدس مال إلاّ نصیبا و نصف نصیب یعدل أنصباء الورثة-و هی ثلاثة.

فإذا جبرت کان مال و سدس مال یعدل أربعة أنصباء و نصفا،فالمال ثلاثة أنصباء و ستة أسباع نصیب،إذا بسطت کانت سبعة و عشرین.

و قد بیّن المصنف الفرض الثانی بطریق الجبر لکن بوجه آخر،و هو ما أشار إلیه بقوله:(أو نقول:نجعل المال ثلاثة أنصباء و وصیة،فنأخذ ثلث ذلک نصیبا و ثلث وصیة،و ندفع إلی الموصی له نصیبا فبقی معنا ثلث وصیة،نسترجع من النصیب نصف الباقی سدس وصیة،فیحصل معنا نصف وصیة،و هو الباقی من الثلث بعد الوصیة، و نزید ذلک علی الثلثین فیحصل معنا نصیبان و وصیة و سدس وصیة یعدل ثلاثة أنصباء، ألق نصیبین بنصیبین فیبقی وصیة و سدس یعدل نصیبا،فالوصیة ستة،و النصیب سبعة و المال کله سبعة و عشرون).

و إنما جعل المال ثلاثة أنصباء و وصیة:لأن الأنصباء حق البنین و الوصیة حق الموصی له،و هو ظاهر،و إنما کان ما یحصل بعد زیادة نصف الوصیة علی الثلثین نصیبین و وصیة و سدس وصیة،لأن الثلثین نصیبان و ثلثا وصیة،فإذا ضممت نصف وصیة إلی ثلثیها کان ما ذکره.

و إنما کان النصیب سبعة و الوصیة ستة،لأنک إذا بسطت الوصیة من جنس السدس کان المجموع سبعة،و ذلک کله ظاهر.

ص:38

و لو قال:مثل نصیب أحدهم إلا ما أنقصت الوصیة أحدهم من الثلث،فاجعل ثلث المال نصیبا و شیئا،و الشیء هو ما انقص کل ابن من الثلث،و المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة أشیاء،و انقص من المال الوصیة و هو نصیب إلا شیئا،یبقی نصیبان و أربعة أشیاء تعدل أنصباء البنین و هی ثلاثة أنصباء،فألق نصیبین بنصیبین،یبقی نصیب یعدل أربعة أشیاء،فالشیء یعدل ربع نصیب،فاجعل النصیب أربعة أسهم و الشیء سهما.

و قد کنا جعلنا المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة أشیاء،فهو إذن خمسة عشر سهما،للموصی له من ذلک نصیب إلا شیئا،و هو ثلاثة أسهم،و الشیء هو ما انتقص أحدهم من الثلث سهم واحد إذا استثنیته من نصیب أحدهم بقی ثلاثة أسهم و هو الوصیة،فانقص الوصیة من المال یبقی قوله: (و لو قال:مثل نصیب أحدهم إلا ما أنقصت الوصیة أحدهم من الثلث،فاجعل ثلث المال نصیبا و شیئا-و الشیء هو ما انقص کل ابن من الثلث-،و المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة أشیاء،و انقص من المال الوصیة- و هو نصیب إلا شیئا-یبقی نصیبان و أربعة أشیاء یعدل أنصباء البنین- و هی ثلاثة أنصباء فألق نصیبین بنصیبین یبقی نصیب یعدل أربعة أشیاء، فالشیء یعدل ربع نصیب،فاجعل النصیب أربعة أسهم و الشیء سهما،و کنا قد جعلنا المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة أشیاء،فهو إذن خمسة عشر سهما، للموصی له من ذلک نصیب إلا شیئا-و هو ثلاثة أسهم-،و الشیء هو ما انتقص أحدهم من الثلث سهم واحد،إذا استثنیته من نصیب أحدهم بقی ثلاثة أسهم و هو الوصیة،فانقص الوصیة من المال یبقی

ص:39

اثنا عشر للبنین.و إن شئت أخذت مالا و نقصت منه نصیبا،و استرجعت من النصیب ثلث مال إلا نصیبا،و هو ما انقص أحدهم من الثلث،و زدت ذلک علی المال،فیکون مالا و ثلث مال إلا نصیبین یعدل أنصباء البنین و هی ثلاثة.

اثنا عشر للبنین.) لو کان له ثلاثة بنین،و أوصی لأجنبی بمثل نصیب أحدهم إلا ما أنقصت الوصیة أحدهم من الثلث،فمعناه:إنه أوصی بمثل نصیب أحدهم بعد الوصیة إلا ما أنقصت الوصیة أحدهم من نصیبه،الذی کان یصیبه بدون الوصیة،و هو الثلث.

و الحاصل انه فضل کل ابن علی الموصی له بمقدار التفاوت بین نصیب الابن بدون الوصیة و بین نصیبه معها،و هذه المسألة هی الثامنة المذکورة قبل المقام الثانی.

قوله: (فاجعل ثلث المال نصیبا و شیئا)إنما جعل کذلک،لأن الثلث مشتمل علی نصیب بعد الوصیة و ما نقص بها عن النصیب بدونها.و إنما بقی نصیبان و أربعة أشیاء بعد إخراج الوصیة من المال،لأن الوصیة نصیب إلا شیئا،فإذا استرجعت من النصیب شیئا و زدته علی نصیبین و ثلاثة صار ما ذکره.

و قد أعادها المصنف بعنوان مغایر للأولی،إلا أن الفرض و حاصل بیانه واحد، و کأنه إنما أعادها لیزیدها بیانا بذکر الطرق المختلفة،و یبنی علیها أیضا الفرض الذی ذکره آخرا.

و اعلم أن(نقص)جاء لازما و متعدیا کما نص علیه فی القاموس و غیره، و یعدّی بالهمزة و التضعیف،قال فیه:و انقصه و انتقصه و نقصته فانتقص (1)،فقول المصنف:(إلا ما أنقصت الوصیة أحدهم.)عربی صحیح.

قوله: (و إن شئت أخذت مالا و نقصت منه نصیبا و استرجعت من النصیب ثلث مال إلا نصیبا،و هو ما انتقص أحدهم من الثلث و زدت ذلک علی المال فیکون مالا و ثلث مالا إلا نصیبین یعدل أنصباء البنین-و هی ثلاثة-

ص:40


1- 1)القاموس المحیط 2:320« [1]نقص».

فإذا أجبرت صار مالا و ثلث مال یعدل خمسة أنصباء،فرد ما معک إلی مال واحد،بأن تنقص من الجمیع مثل ربعه،یبقی مال یعدل ثلاثة أنصباء و ثلاثة أرباع نصیب،فأبسطه أرباعا تکون خمسة عشر سهما، فالنصیب أربعة أسهم.

فإذا استثنیت من النصیب ثلث مال إلا نصیبا بقی ثلاثة أسهم و هو الوصیة، فإذا جبرت صار مالا و ثلث مال یعدل خمسة أنصباء فزد ما معک إلی مال واحد،بأن تنقص من الجمیع مثل ربعه،یبقی مال یعدل ثلاثة أنصباء و ثلاثة أرباع نصیب،فابسطه أرباعا یکون خمسة عشر سهما،و النصیب أربعة أسهم،فإذا استثنیت من النصیب ثلث مال إلا نصیبا یبقی ثلاثة أسهم،و هو الوصیة).

هذا بیان ثان للفرض السابق،و تنقیحه:إن النصیب المنقوص من المال المراد به النصیب الذی یکون بعد الوصیة،و إنما استرجعت منه ثلث مال إلا نصیبا لیکون الباقی بعد ذلک هو الوصیة فقط.

و بیانه:إنّ ثلث المال إذا أخرجت منه النصیب المذکور لم یبق منه إلا قدر ما نقص بالوصیة عن النصیب الثابت بدونها،فإذا استرجعت قدر هذا الباقی من النصیب المنقوص کان الباقی بعده هو الوصیة،فإذا زدت هذا المسترجع-و هو ثلث مال إلا نصیبا-علی المال إلا نصیبا صار مالا و ثلث مال إلا نصیبین و هو ظاهر،و ذلک حق البنین لا محالة،فبعد الجبر یکون المجموع مالا و ثلث مال یعدل خمسة أنصباء.

و طریق معرفة معادل المال:أن تنقص من الأنصباء الخمسة ربعها-و ذلک معادل ثلث المال-لأنک إذا بسطت المال من جنس الثلث کان المجموع أربعة،فالمال ثلاثة أرباع،و معادل ثلاثة أرباع خمسة أنصباء و هو ما ذکره.و إنما کان النصیب أربعة، لأن خمسة عشر إذا قسمت علی ثلاثة و ثلاثة أرباع کان لکل واحد أربعة.

ص:41

فإن أوصی لآخر بربع ما یبقی من الثلث،فخذ ثلث مال و انقص منه نصیبا،و استرجع من النصیب ما انتقص أحدهم من الثلث،و هو ثلث مال إلا نصیبا،و زد ذلک علی باقی الثلث،فیصیر ثلثی مال إلا نصیبین، فادفع ربع ذلک إلی الموصی له بربع باقی الثلث،و ذلک سدس مال إلا نصف نصیب،یبقی من الثلث نصف مال إلا نصیبا و نصف نصیب،زده علی ثلثی المال یکون مالا و سدس مال إلا نصیبا و نصف نصیب یعدل أنصباء البنین و هی ثلثه.

فإذا جبرت صار مالا و سدس مال یعدل أربعة أنصباء و نصفا، فانقص سبع ما معک لیرجع إلی مال واحد یکون مالا یعدل ثلاثة أنصباء و ستة أسباع نصیب،فابسطه أسباعا یکون سبعة و عشرین و النصیب سبعة.

قوله: (فإن أوصی لآخر بربع ما یبقی من الثلث،فخذ ثلث مال و انقص منه نصیبا،و استرجع من النصیب ما انتقص أحدهم من الثلث- و هو ثلث مال إلا نصیبا-،و زد ذلک علی باقی الثلث یصیر ثلثی مال إلاّ نصیبین،فإذا دفع ربع ذلک إلی الموصی له بربع باقی الثلث،و ذلک سدس مال إلا نصف نصیب،یبقی من الثلث نصف مال إلا نصیبا و نصف نصیب، زده علی ثلثی المال یکون مالا و سدس مال إلا نصیبا و نصف نصیب،یعدل أنصباء البنین و هی ثلاثة،فإذا جبرت صار مالا و سدس مال یعدل أربعة أنصباء و نصفا،فأنقص سبع ما معک لیرجع إلی مال واحد،یکون مالا یعدل ثلاثة أنصباء و ستة أسباع نصیب،فابسطه أسباعا یکون سبعة و عشرین، و النصیب سبعة).

المراد انه لو أوصی لآخر بربع ما یبقی من الثلث بعد الوصیة الاولی و هی مثل

ص:42

..........

نصیب أحد الورثة إلا قدر ما أنقصت الوصیة أحدهم من الثلث.

و إنما نقصت نصیبا من ثلث مال،لأن الوصیة الثانیة من الثلث،إذ هی ربع الباقی منه بعد الوصیة الأولی،و من ثم استرجعت من النصیب المنقوص ما انتقص أحدهم من الثلث،لیکون الباقی بعد المسترجع هو قدر الوصیة الأولی.

و قد عرفت فیما مضی أن ما انتقص أحدهم من الثلث هو ثلث مال إلا نصیبا، فإذا زدته علی الباقی من الثلث بعد النصیب-و ذلک ثلث مال إلا نصیبا أیضا- کان المجموع ثلثی مال إلا نصیبین،ربعه سدس مال إلا نصف نصیب،إذا دفعته إلی الموصی له الثانی بقی نصف مال إلا نصیبا و نصفا،فإذا زدت ذلک علی ثلثی المال بلغ ما ذکره المصنف.

و(ما معک)من قوله:(فانقص سبع ما معک لیرجع إلی مال واحد)المراد به:

الأربعة الأنصباء و النصف،و إنما کان رجوعه إلی المال بنقص سبعة،لأن المجموع معادل لمال و سدس مال.

و إذا بسطت المال من جنس السدس کان المجموع سبعة،فالمال ستة أسباع أربعة أنصباء و نصف،و ذلک ثلاثة أنصباء و ستة أسباع نصیب،لأن سبع المجموع أربعة أسباع نصیب و نصف سبع نصیب إذا أسقطتها من المجموع بقی ما ذکره.

ص:43

المقام الثالث:أن یکثر الاستثناء

المقام الثالث:أن یکثر الاستثناء:

قاعدة

قاعدة:إذا کانت الوصیة لاثنین فما زاد،تبسط المسألة علی سهام الورثة،و تضیف إلیه لکل واحد من الموصی لهم مثل سهام من ذکر له مثله کما تقدم،و تضربها فی مخرج المستثنی الأول،فما بلغ تضربه فی مخرج المستثنی الثانی،فما بلغ تضربه فی مخرج المستثنی الثالث،و هکذا بالغا ما بلغ.

ثم تأخذ جمیع المستثنیات و تجمعه جملة واحدة،و تقسمه علی من استثنی له من سهامه بنسبتهم،و تعطی کل من لم یستثن له من الورثة من باقی السهام بنسبة ما أعطیت المستثنی له بسهامه،و ما بقی بعد ذلک تقسمه علی الجمیع و علی الموصی لهم أجمعین کما فعلت فی المستثنی المفرد،و تجمع سهام الموصی لهم جملة.

قوله: (المقام الثالث:أن یکثر الاستثناء:

قاعدة:إذا کانت الوصیة لاثنین فما زاد،تبسط المسألة علی سهام الورثة،و تضیف إلیه لکل واحد من الموصی لهم مثل سهام من ذکر له مثله کما تقدّم،و تضربها فی مخرج المستثنی الأول،فما بلغ تضربه فی مخرج المستثنی الثانی،فما بلغ تضربه فی مخرج المستثنی الثالث،و هکذا بالغا ما بلغ،ثم تأخذ جمیع المستثنیات و تجمعه جملة واحدة،و تقسّمه علی من استثنی له من سهامه بنسبتهم،و تعطی من لم یستثن له من الورثة من باقی السهام بنسبة ما أعطیت المستثنی له بسهامه،و ما بقی بعد ذلک تقسّمه علی الجمیع و علی الموصی لهم أجمعین-کما فعلت فی المستثنی المفرد-و تجمع سهام الموصی لهم جملة.

ص:44

ثم تنظر فی سهام واحد واحد ممن استثنی من حقه شیء فتسقطه، و ما بقی من جملة سهامه فهو لمن أوصی له بمثل ما له فتعطیه من تلک الجملة التی عقدتها للموصی لهم واحدا واحدا إلی آخرهم.

ثم تنظر فی سهام واحد واحد ممن استثنی من حقه شیء فتسقطه،و ما بقی من جملة سهامه فهو لمن أوصی له بمثل ماله،فتعطیه من تلک الجملة التی عقدتها للموصی لهم واحدا واحدا إلی آخرهم).

المراد ببسط المسألة علی سهام الورثة تصحیحها،بحیث یخرج کل سهم منها صحیحا.و الضمیر فی(إلیه)من قوله:(و تضیف إلیه.)یعود إلی ما دل علیه الکلام السابق،و هو الحاصل المبسوط،لأن البسط یقتضی مبسوطا.

و الضمیر فی(له)من قوله:(من ذکر له مثله)یعود إلی واحد من قوله:(لکل واحد)،و فی(مثله)یعود إلی الموصول،أعنی(من)فی قوله:(من ذکر له مثله)،و قد سبق فی القاعدة السالفة مثل ذلک.

و الضمیر فی(تجمعه)من قوله:(و تجمعه جملة واحدة)یعود إلی(جمیع)من قوله:

(جمیع المستثنیات).

و الضمیر فی(له)من قوله:(و تقسّمه علی من استثنی له من سهامه بنسبتهم) یعود إلی(من)،و هو الموصی بمثل نصیبه،و ضمیر(سهامه)یعود إلی الموصی له،فإنه المستثنی من سهامه،و لو قال:من سهامهم لکان أولی،لأنهم متعددون.

و الضمیر فی قوله:(بنسبتهم)یعود إلی(من)،أعنی الموصول باعتبار المعنی،لأن الفرض أن الموصی بمثل نصیبهم مع الاستثناء متعددون،بدلیل انه سیأتی فی المسألة الخامسة أن یتحد المستثنی من مثل نصیبه و یتعدد الموصی لهم،فأعاد المصنف الضمیر إلی(من)متحدا علی اللفظ و متعددا علی المعنی،و ذلک شائع.

و المعنی أنک إذا أخذت جمیع المستثنیات من حاصل الضرب،قسمته بین من کان من الورثة موصی بمثل نصیبه بالسویة مع استوائهم،کما لو أوصی بمثل نصیب

ص:45

..........

ابن إلا کذا مرتین فصاعدا و له ابنان.

و أما من کان من الورثة غیر موصی بمثل نصیبه،کأب مع ابنین مثلا،فإنک تدفع إلیه من باقی سهام الفریضة بعد المستثنیات بنسبة نصیبه إلی نصیب الموصی بمثل نصیبه،و الباقی بعد ذلک تقسّمه علی الجمیع،أی علی کل واحد من جمیع الورثة، کل واحد بنسبة نصیبه من الفریضة،و علی الموصی لهم أجمعین،کما فعلت فی المستثنی من نصیبه المفرد فی المسائل السابقة،إلا أنک هنا تجمع سهام الموصی لهم جملة.

و إنما تجمع سهامهم جملة،لتفاوتهم فی الاستحقاق،فتنظر فی قدر استحقاق کل واحد بهذا الطریق فتدفعه الیه من تلک الجملة،و ذلک بأن تنظر فی سهام واحد واحد ممن استثنی من حقه بشیء،و هم الورثة الموصی بمثل سهامهم.

هکذا یجب أن تنزّل العبارة بدلیل قوله:(و ما بقی من جملة سهامه فهو لمن أوصی لهم بمثل ماله)،فعلی هذا یجب أن یحمل قوله:(من حقه)علی أن المراد:من مثل حقه،فان الاستثناء إنما هو من حق الموصی له الذی سمّی له قبل الاستثناء،لا من حق الوارث،و حینئذ فیسقط مقدار المستثنی من سهامه،أی من سهام واحد،و ما بقی من جملة سهامه بعد الاسقاط فهو لمن أوصی له بمثل ماله إلا الجزء المستثنی المعین،فتدفع إلیه ذلک من الجملة التی عقدتها للموصی لهم،و لا تزال تفعل ذلک مع واحد واحد منهم حتی تأتی علی آخرهم،و سیأتی مثاله فی المسائل.

ففی الأولی بعد قسمة المستثنیات علی الابنین قسّمت الباقی علی الجمیع، فأصاب الموصی لهما ثمانیة و ستین،فکان نصیب أحدهما منها ثلاثین،هی مثل نصیب ابن إلا سدس المال،و للآخر ثمانیة و ثلاثون،هی مثل ابن إلا ثمن المال.

و اعلم أن فی بعض النسخ واحدا واحدا بالنصب فی قوله:(للموصی لهم واحدا واحدا إلی آخرهم)و هو الأحسن،و نصبه علی الحال من الضمیر فی(فتعطیه)،الراجع

ص:46

هذا إذا کانت الکسور لا یدخل بعضها تحت بعض،فإن دخل بعضها تحت بعض من غیر کسر،مثل أن المستثنی من وصیة أحد الموصی لهما ثمن و من وصیة الآخر سدس،فإن مخرج السدس یدخل فیه مخرج الثمن،و یدخل فیه أیضا الربع و الثلث و النصف إذا کانت سهام الورثة و الموصی لهم أزواجا،و غایة ما ینکسر فی مخرج النصف تضربها فی اثنین أو فی الربع تضربها فی أربعة.

فلا یحتاج إلی أن تضرب فی جمیع المخارج،لکن التقسیم و تمییز السهام باق علی حاله کما ذکرناه، إلی ما رجع إلیه ضمیر(لهم)فی قوله:(فهو لمن أوصی لهم بمثل ماله).و فی بعض النسخ واحد واحد مجرورا بدلا من الضمیر فی قوله:(للموصی لهم)،و هو أیضا صحیح.

قوله: (هذا إذا کانت الکسور لا یدخل بعضها تحت بعض،فإن دخل بعضها تحت بعض من غیر کسر،مثل أن المستثنی من وصیة أحد الموصی لهما ثمن و من وصیة الآخر سدس،فإن مخرج الثمن یدخل فیه مخرج السدس،و یدخل فیه أیضا الربع و الثلث و النصف إذا کان سهام الورثة و الموصی لهم أزواجا،و غایة ما ینکسر فی مخرج النصف تضربها فی اثنین،أو فی الربع تضربها فی أربعة،فلا یحتاج إلی أن تضرب فی جمیع المخارج،لکن التقسیم و تمیز السهام باق علی حاله کما ذکرناه).

أشار بقوله هذا إلی ما ذکره فی القاعدة،و المراد به فی الحقیقة هو ما ذکره من ضرب مسألة الورثة و الموصی لهم فی مخرج المستثنی الأول،ثم المرتفع فی مخرج الثانی، ثم المرتفع فی مخرج الثالث،و هکذا بالغا ما بلغ،بدلیل قوله آخرا:(لکن التقسیم و تمیّز السهام باق علی حاله کما ذکرناه).

و المعنی أن ما ذکرناه من البیان إنما هو حیث لا تکون الکسور المستثناة بحیث

ص:47

و فی هذا المقام مسائل

و فی هذا المقام مسائل:

الاولی:لو خلّف ابنین و أوصی لواحد بمثل نصیب أحدهما إلا سدس المال،و الآخر بمثل ما للآخر إلا ثمن المال

الاولی:لو خلّف ابنین و أوصی لواحد بمثل نصیب أحدهما إلا سدس المال،و الآخر بمثل ما للآخر إلا ثمن المال،فأصل الفریضة سهمان و تضیف إلیهما للوصیتین اخرین.

ثم تضربها فی ستة،ثم تضرب المجتمع فی ثمانیة فتکون مائة و اثنین و تسعین،ثم تأخذ سدسه و ثمنه جملة،تعطی کل ابن نصفها و هو ثمانیة و عشرون،یبقی مائة و ستة و ثلاثون تقسم أرباعا لکل ابن أربعة و ثلاثون.

یدخل بعضها تحت بعض،فان دخل بعضها تحت بعض من غیر کسر-مثل أن یکون المستثنی من وصیة أحد الشخصین الموصی لهما ثمنا و من وصیة الآخر سدسا-اکتفیت بضرب الفریضة فی ذلک المخرج،و لا تحتاج إلی أن تضرب فی جمیع المخارج،فجزاء الشرط فی العبارة محذوف یدل علیه سیاق الکلام،و قوله:(و غایة ما ینکسر.).

إذا عرفت ذلک فاعلم أن قوله:(فانّ مخرج الثمن یدخل فیه مخرج السدس) جار علی خلاف المتعارف،لأن المتعارف أن المتداخلین هما العددان اللذان إذا طرح أقلهما من الأکثر مرارا أفناه،و لا کذلک مخرج الثمن بالنسبة إلی مخرج السدس،و کذا العکس.

و کأنه یرید هنا معنی آخر،و هو ان ضرب أصل الفریضة للورثة و الموصی لهم فی مخرج السدس یغنی عن ضربها فی مخرج الثمن،لأن الحاصل له ثمن صحیح کما أن له سدسا صحیحا،فکنّی عن حصول المطلوب من ضربه بضرب المخرج الآخر، لدخوله فیه.و أرشد إلی هذا المعنی بقوله:(من غیر کسر)،فإنه لا معنی لهذا القید إلاّ إذا أرید بالدخول ما ذکرناه.

لکن علی هذا کان الأولی أن یقول:فإن مخرج الثمن یدخل فی مخرج السدس،کما فعل فی التذکرة،لأن الذی یغنی ضربه فی أصل الفریضة منهما هو

ص:48

و للوصیتین ثمانیة و ستون،فللمستثنی منه سدس المال ثلاثون،لأن لنظیره من الوالدین فی القسمین اثنین و ستین،فله مثله إلاّ سدس المال و سدسه اثنان و ثلاثون-یتخلف له ثلاثون،و للمستثنی منه الثمن ثمانیة و ثلاثون،لأن لنظیره اثنین و ستین،فله مثله إلاّ ثمن المال-و ثمنه أربعة و عشرون-یختلف له ثمانیة و ثلاثون.

مخرج السدس دون الثمن،إذ لو ضربه فی أصل الفریضة لم یکن للحاصل سدس صحیح.و کأنه أراد بدخول أحدهما فی الآخر:الاکتفاء بأحدهما عن الآخر فی الجملة، علی أن فی بعض نسخ القواعد مثل ما فی التذکرة.

و قوله:(و یدخل فیه أیضا الربع و الثلث و النصف إذا کانت سهام الورثة و الموصی لهم أزواجا)معناه انه کما کان أحد المخرجین السابقین یدخل فی الآخر بالمعنی السابق،فکذلک مخرج الربع و الثلث و النصف،بمعنی أنه یکون حاصل ضرب هذه الکسور صحیحة،لکن بشرط أن تکون سهام کل من الورثة و الموصی لهم أزواجا،فإنها إذا کانت أفرادا للفریقین أو لأحدهما لم یکن للمرتفع هذه الأجزاء صحاحا،کما لو کانت ستة أو عشر أو أربعة عشر أو ثمانیة عشر أو اثنین و عشرین، و نحو ذلک.

و قوله:(و غایة ما ینکسر فی مخرج النصف تضربها فی اثنین،أو فی الربع تضربها فی أربعة)،معناه انه إذا حصل ضرب الفریضة فی المخرج المذکور سابقا-أعنی عن الضرب فی المخرج الآخر،بل فی المخارج الآخر المذکورة بالشرط المذکور،و غایة ما ینکسر فیه الفرض هو مخرج النصف-فتضربها فی اثنین،أو مخرج الربع فتضربها فی أربعة،و حینئذ فیقسم حاصل الضرب علی الورثة و الموصی لهم صحیحا،و یظهر ذلک بالعیان عند ملاحظة الأمثلة الاتیة،لکن علی هذا الکلام إشکالان:

الأول:قد ذکر انه إذا حصل الانکسار فی مخرج الربع تضرب الفریضة فی أربعة،و لیس ذلک بمطرد،فإن المسألة التی فرضها أولا بعد قوله:(و یمکن قسمتها

ص:49

و یمکن قسمتها من ستة و تسعین،بأن تضرب ستة فی أربعة،و تأخذ ثمن المرتفع و سدسه،و هو سبعة لا تنقسم علی الوالدین،تضرب اثنین فی المرتفع تبلغ ثمانیة و أربعین،ثمنه و سدسه أربعة عشر،یتخلف أربعة و ثلاثون لا تنقسم أرباعا،تضرب اثنین فی ثمانیة و أربعین تصیر ستة و تسعین،لکل ابن من الثمن و السدس أربعة عشر،و له من الباقی سبعة عشر سهما، و للمستثنی منه السدس خمسة عشر،لأنها مثل نظیره الذی اجتمع له من القسمتین أحد و ثلاثون إلاّ سدس المال،و هو ستة عشر سهما،و یبقی تسعة عشر سهما للآخر،لأنه مثل نظیره إلاّ ثمن المال و هو اثنا عشر.

أو نقول:تأخذ مالا و تخرج منه نصیبین،و تسترد منهما إلیه سدسه و ثمنه،یصیر مالا و سدسه و ثمنه إلاّ نصیبین یعدل نصیبین.

من ستة و تسعین)قد انکسر فیها أربعة و ثلاثون علی أربعة،و المضروب فی أصل الفریضة إنما هو اثنان،و هو وفق الأربعة مع الأربعة و الثلثین،فأن بینهما توافقا بالنصف،فکان علیه أن یقول:فتضربها فی وفق الأربعة.

الثانی:انه قد یکون الانکسار علی أزید من أربعة کثمانیة و نحوها،فلا تکون غایة الانکسار فی اثنین أو أربعة کما ذکره،بل علی القاعدة المذکورة إشکالان أیضا:

الأول:ان المعروف أن المخارج إذا اجتمعت نظر فیها لتحصیل المخرج المشترک،فإن تماثلت أو بعضها اکتفی بأحد المتماثلین،و إن تداخلت أو بعضها اکتفی من المتداخلین بأکثرهما،و إن توافقت أو بعضها اکتفی بالوفق من أحد المتوافقین عنه، و إن تباینت اعتبر کل منهما.

فإذا حصل المخرج المشترک بملاحظة ذلک ضرب فی أصل الفریضة،و لا یعتبر ضرب کل منهما علی إطلاقه،لأنه یلزم منه زیادة عمل لا یحتاج إلیها،و ذلک غیر مستحسن،لکن المصنف قد استعمله فی مسائل الباب.و إذا اعتبر ما ذکرناه لم یتحقق

ص:50

فإذا جبرت صار الجمیع-و هو مال و ثمنه و سدسه-یعدل أربعة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و المجموع أحد و ثلاثون،و النصیب سبعة و ثلاثة أرباع،فللأول ثلاثة و ثلاثة أرباع،و للثانی أربعة و ثلاثة أرباع،و تصح من غیر کسر من ستة و تسعین.

للعمل طریقان کما ذکره فی القاعدة،بل طریق واحدة.

الثانی:أنّ التداخل الذی ذکره فی الطریقة الثانیة خلاف التداخل المتعارف، و معناه المراد لا یکاد یهتدی إلیه إلاّ بتکلّف کثیر،و ارتکاب مثل ذلک فیما یجعل طریقا لبیان المشکلات یکاد یکون مفوّتا للغرض المطلوب.

و اعلم أن المذکور فی القاعدة واحد من طرق مسائل هذا الباب،و قد یستخرج بغیرها کالجبر و المقابلة کما ذکره.و اعلم أیضا أنک إنما تقسم المستثنیات علی ما ذکره فی القاعدة بین الورثة الموصی بمثل نصیبهم إذا کانوا بعدد الموصی لهم،فإن کانوا أکثر کما لو کان البنون ثلاثة أعطیت المستثنیات لابنین،و أعطیت الثالث مثل أحدهما من باقی السهام و أکملت باقی العمل،و قد ذکر ذلک فی المسألة الثانیة،و إن کانوا أقل فالطریق کما فی المسألة الخامسة و السادسة.

و قوله فی آخر المسألة الأولی:(فإذا جبرت صار الجمیع و هو مال و ثمنه و سدسه یعدل أربعة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و المجموع أحد و ثلاثون،و النصیب سبعة و ثلاثة أرباع).

إنما کان المال أربعة و عشرین،لأن ذلک هو المخرج المشترک لسدس المال و ثمنه،و إنما کان الجمیع أحدا و ثلاثین،لأنک إذا ضممت إلی مجموع اجزاء المال-و هی أربعة و عشرون-سدسه و ثمنه-و ذلک سبعة-بلغ المجموع أحدا و ثلاثین.

و إنما کان النصیب سبعة و ثلاثة أرباع،لأن أحدا و ثلاثین إذا قسمت علی أربعة خرج لکل واحد سبعة و ثلاثة أرباع،فیکون المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة أجزاء من أحد

ص:51

الثانیة:لو أوصی له بمثل نصیب أحد أولاده الثلاثة إلاّ سدس المال

الثانیة:لو أوصی له بمثل نصیب أحد أولاده الثلاثة إلاّ سدس المال،و لاخر بمثل آخر إلاّ ثمن المال،تضیف سهمین إلی ثلاثة أصل الفریضة.

ثم تضرب المجتمع فی ستة،ثم المرتفع فی ثمانیة تصیر مائتین و أربعین، ثم تأخذ سدسه و ثمنه،للولدین لکل ابن خمسة و ثلاثون و للآخر کذلک، و تقسم الباقی-و هو مائة و خمسة و ثلاثون-أخماسا،لکل ابن سبعة و عشرون،فیکمل له بالقسمتین اثنان و ستون،و للمستثنی منه السدس اثنان و عشرون،لأن له مثل نظیره إلاّ سدس المال و سدسه أربعون،و للآخر اثنان و ثلاثون،لأن الثمن-و هو ثلاثون-إذا أسقط من اثنین و ستین بقی ما قلناه.

و قد تصح من مائة و عشرین،بأن تضرب وفق أحد مخرجی الاستثناء فی الآخر،ثم تضرب الخارج فی أصل الفریضة تبلغ مائة و عشرین،تقسم أخماسا،ثم یؤخذ من المستثنی منه السدس-عشرون-تقسم أخماسا، و یؤخذ من المستثنی منه الثمن-خمسة عشر-یقسم کذلک فیکمل لکل ابن أحد و ثلاثون،و للأول أحد عشر هی مثل النصیب إلاّ سدس المال، و للآخر ستة عشر هی مثل النصیب إلاّ ثمن المال.

و ثلاثین جزءا من النصیب.

قوله: (فی المسألة الثانیة:و قد تصح من مائة و عشرین،بأن تضرب وفق أحد مخرجی الاستثناء فی الآخر،ثم تضرب الخارج فی أصل الفریضة.).

الظاهر انه یرید بما ذکره هنا ما ذکره فی آخر القاعدة،و سیأتی فی کلامه أنه

ص:52

أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه نصیبین،و نسترد السدس و الثمن، فالمجموع أحد و ثلاثون،و النصیب ستة و خمس،فللأول اثنان و خمس، و للثانی ثلاثة و خمس و نسقط سبعة.

الطریقة الثانیة علی ما فیه.

و مع ذلک فالمذکور هنا غیر مطابق لما فی القاعدة،لأن الذی قرّره هناک هو الاکتفاء بأحد المخرجین المخصوصین،و ضرب مخرج ما یحصل الانکسار فیه بعد ذلک من نصف و ربع،و المذکور هنا هو ضرب الوفق من أحد المخرجین فی الآخر،و ضرب المرتفع فی أصل الفریضة،و هذا جید،لکن المناسب أن یکون هذا هو الطریق خاصة دون ما ذکره أولا.

قوله: (أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه نصیبین،و نسترد الثمن و السدس،و المجموع أحد و ثلاثون،و النصیب ستة و خمس،فلأول اثنان و خمس،و للثانی ثلاثة و خمس،و نسقط سبعة).

أی:و نسترد من النصیبین ثمن مال و سدس مال-و هما المستثنیات-فیکون مالا و سدس مال و ثمن مال إلاّ نصیبین یعدل أنصباء الورثة،و هی ثلاثة.

فإذا جبرت کان مال و سدسه و ثمنه معادلا لأربعة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و السدس و الثمن سبعة،و مجموع ذلک أحد و ثلاثون إذا قسطتها علی خمسة أنصباء کان النصیب ستة و خمسا.

فإذا أسقطت ما زاد علی مال-و هو سبعة-بقی أربعة و عشرون،هی ثلاثة أنصباء و سبعة و عشرون جزءا من أحد و ثلاثین جزءا من نصیب،للبنین الأنصباء الثلاثة،و للموصی له الأول مثل ابن إلاّ سدس المال و ذلک اثنان و خمس،للثانی مثل ابن إلاّ ثمن المال و ذلک ثلاثة و خمس.

ص:53

الثالثة:لو اوصی له بمثل نصیب أحد أولاده الثلاثة إلاّ ربع المال

الثالثة:لو اوصی له بمثل نصیب أحد أولاده الثلاثة إلاّ ربع المال، و للثانی بمثل آخر إلاّ سدس المال،و لثالث بمثل آخر إلاّ ثمن المال،فلنضف ثلاثة إلی ثلاثة أصل الفریضة.

ثم تضرب المجتمع فی أربعة،ثم المرتفع فی ستة،ثم القائم فی ثمانیة تصیر ألفا و مائة و اثنین و خمسین.

ثم تأخذ المستثنیات-و هی الربع و السدس و الثمن-نقسمها علی البنین أثلاثا فلکل ابن مائتان و ثمانیة أسهم.

و نقسم الباقی-و هو خمسمائة و ثمانیة و عشرون-علی ستة،النصف للبنین لکل ابن ثمانیة و ثمانون،فیکمل له من القسمین مائتان و ستة و تسعون،و للمستثنی منه الربع ثمانیة أسهم،و للمستثنی منه السدس مائة و أربعة أسهم،و للمستثنی منه الثمن مائه و اثنان و خمسون.

و قد یقوم علی الطریقة الثانیة التی ذکرناها فی أول هذا المقام من مائة و أربعة و أربعین.

قوله فی المسألة الثالثة:(و قد یقوم علی الطریقة الثانیة التی ذکرناها فی أول هذا المقام من مائة و أربعة و أربعین).

أراد بالطریقة الثانیة المذکورة فی أول هذا المقام ما ذکره فی آخر القاعدة،و هو الاکتفاء بضرب الفریضة فی المخرج المشترک،و هو هنا أربعة و عشرون حاصلة من ضرب وفق الثمانیة مع الستة،و تسقط مخرج الربع،لأنه داخل،فتضرب ستة فی أربعة و عشرین یبلغ ما ذکره،فتأخذ المستثنیات-و هی ثمانیة و سبعون-و تقسّمها بین البنین،فیصیب کل واحد ستة و عشرون،ثم تقسّم الباقی-و هو ستة و ستون-فیصیب کل ابن أحد عشر،فیجتمع للابن سبعة و ثلاثون،و تعطی الموصی له الأول واحدا-

ص:54

أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه ثلاثة أنصباء و نسترد منها ربعه و سدسه و ثمنه،فالمجموع بعد الجبر یعدل ستة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و المجموع سبعة و ثلاثون،و النصیب ستة و سدس،للأول سدس، و للثانی سهمان و سدس،و للثالث ثلاثة و سدس.

فإذا أردت التصحیح ضربت ستة فی أربعة و عشرین،و یرجع کل منهم الی ثمن ما کان له فی و هو مثل ابن إلاّ ربع المال-و الثانی ثلاثة عشر مثل ابن إلاّ سدس المال،و الثالث تسعة عشر مثل ابن إلاّ ثمن المال،و جملة ذلک ثلاثة و ثلاثون.

و لقائل أن یقول:إن هذا الذی أراده هنا خلاف ما ذکره فی القاعدة،لأن المذکور هناک هو الاکتفاء بضرب أحد المخرجین بصحة الأجزاء من حاصل الضرب، و ذلک لا یستقیم هنا،لأنک لو ضربت ستة فی ستة لم یکن للحاصل تلک الکسور صحیحة.

و لو تکلّف متکلف بالحمل لکلامه هناک علی ضرب أحد المخرجین کائنا ما کان،یمکن ضرب الفریضة فی مخرج الثمن،فیکون للحاصل تلک الکسور صحیحة لم تکن قسمة المستثنیات علی البنین صحیحة،لأنها ستة و عشرون و البنون ثلاثة.و لو ضربتها فی ثلاثة لتصح لم یتم قوله هناک:(و غایة ما ینکسر فی اثنین أو فی أربعة).

قوله: (أو نأخذ مالا و نخرج منه ثلاثة أنصباء،و نسترد منها ربعه و سدسه و ثمنه،فالمجموع بعد الجبر یعدل ستة أنصباء المال أربعة و عشرون،و المجموع سبعة و ثلاثون،و النصیب ستة و سدس،للأول سدس، و للثانی سهمان و سدس،و للثالث ثلاثة و سدس،فإذا أردت التصحیح ضربت ستة فی أربعة و عشرین،و یرجع کل منهم إلی ثمن ما کان له فی

ص:55

المسألة الأولی.و لو کان معهم بنت،و أوصی لواحد بمثل نصیب ابن إلا ربع ما یبقی من المال بعد إخراج جمیع الوصایا،و لاخر بمثل البنت إلاّ ثمن ما یبقی من ماله بعد نصیب البنت،فنقول:الباقی بعد جمیع الوصایا أنصباء الورثة و هی سبعة،فخذ ربعه-و هو نصیب-و ثلاثة أرباع نصیب فانقصه من نصیب ابن و هو نصیبان،یبقی ربع نصیب و هو وصیة الأول.

المسألة الأولی).

إنما کان المجموع بعد الجبر یعدل ستة أنصباء،لأن مالا و ما استرد من الأنصباء الثلاثة المخرجة منه و هو ربعه و سدسه و ثمنه یعدل ثلاثة أنصباء الورثة و هی ثلاثة، فإذا جبرت ذلک بثلاثة أنصباء،کان مالا و ربعه و سدسه و ثمنه یعدل ثلاثة أنصباء،و لما کان مخرج الکسور أربعة و عشرین کان المال أربعة و عشرین.

و إنما کان المجموع سبعة و ثلاثین،لأن الکسور ثلاثة عشر من أربعة و عشرین،إذا أضفتها إلی المال بلغ المجموع ما ذکر.و إذا قسطت المجموع علی ستة أنصباء کان النصیب ستة و سدسا،و المال ثلاثة أنصباء و ثلاثة و ثلاثین جزءا من سبعة و ثلاثین جزءا من نصیب.

و إنما رجع کل منهم إلی ثمن ما کان له فی المسألة الأولی،لأن الأول کان له ثمانیة فرجع هنا إلی واحد،و للثانی مائة و أربعة فرجع هنا إلی ثلاثة عشر،و للثالث مائة و اثنان و خمسون فرجع هنا إلی تسعة عشر.

قوله: (و لو کان معهم بنت،و أوصی لواحد بمثل ابن إلاّ ربع ما یبقی من المال بعد إخراج جمیع الوصایا،و لاخر بمثل البنت إلاّ ثمن ما یبقی من ماله بعد نصیب البنت،فنقول:الباقی بعد جمیع الوصایا أنصباء الورثة -و هی سبعة-فخذ ربعه-و هو نصیب و ثلاثة أرباع نصیب-فانقصه من نصیب ابن-و هو نصیبان-یبقی ربع نصیب،و هو وصیة الأول.

ص:56

ثم خذ مالا و انقص منه نصیب بنت یبقی مال إلاّ نصیبا،ثم استرجع من نصیب البنت ثمن باقی المال بعد نصیب البنت،و ذلک ثمن مال إلاّ ثمن نصیب،و زده علی المال یکون مالا و ثمن مال إلاّ نصیبا و ثمن نصیب،انقص منه ربع النصیب الذی هو وصیة صاحب الابن یبقی مال و ثمن مال إلاّ نصیبا و ثلاثة أثمان نصیب،یعدل أنصباء الورثة و هی سبعة أنصباء.

فإذا جبرت صار مالا و ثمن مال یعدل ثمانیة أنصباء و ثلاثة أثمان نصیب،فإذا ضربته فی مخرج الکسر-و هو ثمانیة-یکون سبعة و ستین سهما، و منها تصح.و النصیب تسعة،و هو ما کان معک من عدد اجزاء المال و الثمن.

ثم خذ مالا و انقص منه نصیب بنت یبقی مال إلاّ نصیبا،ثم استرجع من نصیب البنت ثمن باقی المال بعد نصیب البنت،و ذلک ثمن مال إلاّ ثمن نصیب،و زده علی المال یکون مالا و ثمن مال إلاّ نصیبا و ثمن نصیب،انقص منه ربع نصیب الذی هو وصیة صاحب الابن،یبقی مال و ثمن مال إلاّ نصیبا و ثلاثة أثمان نصیب،یعدل أنصباء الورثة و هی سبعة أنصباء،فإذا جبرت صار مالا و ثمن مال یعدل ثمانیة أنصباء و ثلاثة أثمان نصیب،فإذا ضربته فی مخرج الکسر-و هو ثمانیة یکون سبعة و ستین سهما و منها یصح،و النصیب تسعة، و هو ما کان معک من عدد اجزاء المال و الثمن).

أی:لو کان مع البنین الثلاثة المفروضین فی المسألة السابقة بنت،و أوصی لواحد بمثل نصیب ابن إلا ربع ما یبقی من المال بعد إخراج الوصایا.

و المراد بجمیع الوصایا هذه:الوصیة و التی بعدها،و هی الوصیة لاخر بمثل البنت إلا ثمن ما یبقی من ماله بعد نصیب البنت فقط،بحیث لا یخرج من المال سواه،فان استخراج هذه المسألة بطریق آخر غیر ما سبق،فإنها لیست من فروع القاعدة المذکورة فی أول هذا المقام فان الاستثناء من النصیب الموصی به هناک بجزء

ص:57

و امتحانه:أن تخرج من المال نصیب البنت تسعة یبقی ثمانیة و خمسون،نأخذ ثمنه،و هو سبعة أسهم و ربع أسهم،انقصها من نصیب البنت یبقی سهم و ثلاثة أرباع سهم،و هو وصیة صاحب البنت،فأخرجها من المال،ثم اخرج ربع نصیب و هو وصیة صاحب الابن،و ذلک سهمان و ربع، یبقی من المال ثلاثة و ستون للبنت تسعة،و لکل ابن ثمانیة عشر،فاضرب الفریضة فی أربعة للکسر تکون مائتین و ثمانیة و ستین.

من أصل المال،و هنا بجزء من الباقی بعد الوصایا و بعد النصیب،و لهذا لو صحت فریضة الورثة و أضفت إلیها سهمین للموصی لهما،و ضربت ذلک فی المخارج إلی آخره، لم یکن ذلک طریقا إلی استخراج الفریضة،و إنما طریق استخراجها ما ذکره.

و إنما ینقص من مال و ثمن مال إلاّ نصیبا،ربع النصیب الذی هو وصیة الموصی له بمثل ابن إلاّ ربع ما یبقی بعد الوصایا،لأن الفرض أن یبقی معادل أنصباء الورثة وحدهم،لیعلم بعد الجبر معادل المجموع کم هو نصیبا،فإذا نقصت ربع نصیب و بسطته من جنس الثمن کان المجموع مالا و ثمن مال إلاّ نصیبا و ثلاثة أثمان نصیب.

و إنما ضربت مجموع الأنصباء الثمانیة و الثلاثة إلاّ ثمان بعد الجبر فی مخرج الثمن،لیزول الکسر و یصیر الجمیع صحاحا،فإذا ضربته فی ذلک بلغ حاصل الضرب سبعة و ستین،فتصح بالقلب و التحویل،بأن تجعل ذلک هو الفریضة،و تجعل النصیب هو عدد ما کان معک من أجزاء المال و الثمن،و ذلک تسعة،و هو الذی ذکره فی آخر الرابعة من مسائل المقام الثانی من البحث الأول،و فی الثالثة عشر،و نبّه علی اطراده فی جمیع المسائل فی العاشرة،فیکون المال سبعة أنصباء و أربعة أتساع نصیب.

و إن شئت ضربت ثمانیة-هی أجزاء المال-فی المعادل الآخر-و هو ثمانیة و ثلاثة أثمان-و قسمت الحاصل علی تسعة-هی أجزاء المال و ما معه-یخرج ما ذکرناه، فیکون النصیب تسعة.أو أخذت ثمانیة أتساع ثمانیة أنصباء،و ثلاثة أثمان نصیب،

ص:58

الرابعة:لو أوصی له بنصیب أحد أبویه مع أربعة بنین الاّ ثمن المال و سدس ثمن المال

الرابعة:لو أوصی له بنصیب أحد أبویه مع أربعة بنین الاّ ثمن المال و سدس ثمن المال،فالفریضة من ستة،و تضیف آخر للوصیة و تضربها فی ثمانیة،ثم تضرب المرتفع-و هو ستة و خمسون-فی مخرج سدس الثمن-و هو ثمانیة و أربعون-تبلغ ألفین و ستمائة و ثمانیة و ثمانین،فتأخذ ثمنه و سدس ثمنه -و هو ثلثمائة و اثنان و تسعون-و تقسمه بالسویة بین الأبوین و البنین الأربعة، فیکمل لهم ألفان و ثلاثمائة و اثنان و خمسون،و یبقی ثلاثمائة و ستة و ثلاثون، تقسمه أسباعا،لکل واحد من الورثة ثمانیة و أربعون،و للموصی له کذلک، فله مثل ما لأحد الأبوین إلا و ذلک سبعة أنصباء و أربعة أتساع نصیب أیضا،فإذا بسطتها من جنس الکسر بلغ مجموعها ما ذکره،أعنی:سبعة و ستین،و امتحانه ما ذکره.

و لا بد من ضرب الفریضة فی أربعة کما نبّه علیه،لانکسارها فی مخرج الربع، فالمرتفع مائتان و ثمانیة و ستون،فمن کان له شیء من سبعة و ستین أخذه مضروبا فی أربعة.

قوله: (لو أوصی له بنصیب أحد أبویه مع أربعة بنین إلاّ ثمن المال و سدس ثمن المال،فالفریضة من ستة،و نضیف آخر للوصیة و نضربها فی ثمانیة،ثم نضرب المرتفع،و هو ستة و خمسون-فی مخرج سدس الثمن-و هو ثمانیة و أربعون-یبلغ ألفین و ستمائة و ثمانیة و ثمانین،فتأخذ ثمنه و سدس ثمنه -و هو ثلاثمائة و اثنان و تسعون-و نقسمه بالسویة بین الأبوین و البنین الأربعة،فیکمل لهم ألفان و ثلاثمائة و اثنان و خمسون،و یبقی ثلاثمائة و ستة و ثلاثون یقسّم أسباعا،لکل واحد من الورثة ثمانیة و أربعون،و للموصی له کذلک،فله مثل ما لأحد الأبوین إلا

ص:59

ثمن المال و سدس الثمن.و یمکن قسمتها من ثلاثمائة و ستة و ثلاثین،بأن تأخذ مالا و تخرج منه نصیبا و تسترد منه ثمن المال و سدس ثمنه،یصیر بعد الجبر مالا و ثمنه و سدس ثمنه یعدل سبعة أنصباء.

و المجموع یعدل خمسة و خمسین،و النصیب سبعة و ستة أسباع سهم، و للموصی له ستة أسباع سهم و المال ثمانیة و أربعون.

ثمن المال و سدس الثمن).

هذه المسألة لیست من فروع هذه القاعدة،لأن الاستثناء الواقع فیها و إن کان متعددا فی الصورة إلاّ أنه فی قوة المتحد،لأن المستثنی من النصیب الموصی له به واحد،و مخرج سدس الثمن ثمانیة و أربعون،فالاستثناء فی الحقیقة من النصیب بسبعة أسهم من ثمانیة و أربعین سهما من المال.

و العبارة عن ذلک عند أهل الصناعة بما یقتضی التعدد،بل هی من فروع القاعدة التی قبلها،و من ثمّ أخذ المستثنی و صرف إلی أحد الأبوین الموصی بمثل نصیبه،و صرف إلی باقی الورثة بالحساب،و صرف إلی کل واحد مثله،لأنهم فی السهام سواء،و قسّم الفاضل بین الورثة و الموصی لهم.و کان حقها أن تذکر هناک،لکنه ذکرها هنا للاشتراک فی صورة تعدد الاستثناء.

و لا یخفی أن قول المصنف:(و نقسمه بالسویة بین الأبوین و البنین الأربعة)لا یخلو من مسامحة،لأن ذلک لا یقسم بینهم،و إنما یدفع إلی أحد الأبوین،و یدفع إلی باقی الورثة من الباقی بالنسبة،و هذا مراده بدلیل قوله:(فیکمل لهم ألفان و ثلاثمائة و اثنان و خمسون)،إلاّ أن عبارته لا تساعد علیه.

قوله: (و یمکن قسمتها من ثلاثمائة و ستة و ثلاثین،بأن نأخذ مالا و نخرج منه نصیبا،و نسترد منه ثمن المال و سدس ثمنه،یصیر بعد الجبر مالا، و ثمنه و سدس ثمنه یعدل سبعة أنصباء،و المجموع یعدل خمسة و خمسین، و النصیب سبعة و ستة أسباع سهم،و للموصی له ستة أسباع سهم،و المال

ص:60

فإذا أردت الصحاح ضربته فی سبعة،و إذا ضربت الأصل-و هو ستة و خمسون-فی ستة علی الطریقة الثانیة فکذلک،لأنا نضرب وفق ثمانیة و أربعین مع ستة و خمسین و هو ستة فی ستة و خمسین،و لأن سدس الثمن یدخل فی الثمن،فإن انکسر تضرب فی ستة.

لکن بعض المسائل لا یتأتی فیه ذلک،فحینئذ لکل من الورثة فی المستثنی بالثمن و سدس الثمن تسعة و أربعون،و الباقی بعد ذلک اثنان و أربعون تقسم علی الورثة و الموصی له،فیکون لکل سهم من سبعة أسهم ثمانیة و أربعون،فإذا أردت الصحاح ضربته فی سبعة).

إنما صار بعد الجبر مالا و ثمنه و سدس ثمنه یعدل سبعة أنصباء،لأن مالا و ثمن مال و سدس ثمن مال إلاّ نصیبا یعدل أنصباء الورثة و هی ستة،فإذا جبر بنصیب بلغ ذلک.

و إنما کان المجموع یعدل خمسة و خمسین،لأن المال ثمانیة و أربعون،فإن ذلک مخرج الکسر الذی معه،و الثمن و سدس الثمن سبعة أسهم منها و المجموع ما ذکر.

فإذا قسطتها علی سبعة أنصباء کان النصیب سبعة و ستة أسباع،فیکون المال ستة أنصباء و ستة أجزاء من ستة و خمسین جزءا من نصیب.

قوله: (فإذا ضربت الأصل-و هو ستة و خمسون-فی ستة،علی الطریقة الثانیة فکذلک،لأنا نضرب وفق ثمانیة و أربعین مع ستة و خمسین و هو ستة فی ستة و خمسین،لأن سدس الثمن یدخل فی الثمن،فإن انکسر تضرب فی ستة،لکن بعض المسائل لا یتأتی فیه ذلک،فحینئذ لکل من الورثة فی المستثنی بالثمن،و سدس الثمن تسعة و أربعون،و الباقی بعد ذلک اثنان و أربعون یقسّم علی الورثة و الموصی له،فیکون لکل سهم من سبعة أسهم

ص:61

ستة أسهم،فللموصی له مثل ما لأحد الأبوین خمسة و خمسون إلاّ ثمن المال و سدس الثمن و هو تسعة و أربعون،فله ستة.

ستة أسهم،فللموصی له مثل ما لأحد الأبوین خمسة و خمسون إلاّ ثمن المال و سدس الثمن و هو تسعة و أربعون،فله ستة).

أشار إلی طریق ثالث لاستخراج هذه المسألة،و هو الجاری علی الطریقة الثانیة.

و بیانه:انک تضرب الأصل-و هو ستة و خمسون-فی ستة،و إنما کان ذلک هو الأصل،لأنه مضروب مخرج الثمن-و هو ثمانیة-فی أصل الفریضة-و هو سبعة-فإذا ضربته فی ستة بلغ ثلاثمائة و ستة و ثلاثین،و هو المراد بقوله:(فکذلک).

و قوله:(لأنا نضرب وفق ثمانیة و أربعین مع ستة و خمسین و هو ستة فی ستة و خمسین)،تعلیل لضرب الأصل المذکور فی ستة.و المراد:إنّ ضرب ستة و خمسین فی ستة إنما کان،لأن الستة هی الوفق من ثمانیة و أربعین-مخرج سدس الثمن-مع ستة و خمسین،مضروب مخرج الثمن فی أصل الفریضة،و ذلک لأن التوافق بینهما بالثمن، فزد ثمانیة و أربعین إلی ثمنها و هو ذلک.

و قوله:(لأن سدس الثمن یدخل فی الثمن،فإن انکسر یضرب فی ستة)، تعلیل للاقتصار علی ضرب الفریضة فی أحد المخرجین،و المعنی إنا إنما ضربنا أصل الفریضة-و هو سبعة-فی ثمانیة مخرج الثمن،لأن بینه و بین مخرج سدس الثمن ملائمة،من حیث أن ضربها فیه یغنی عن الضرب فی الآخر،لأن غایة ما یحتاج إلی الضرب فیه بعد انکسار الحاصل هو ستة،لأن ستة و خمسین إذا أخذت ثمنها کان سبعة،فإذا أردت سدسه لم یکن له سدس صحیح،فانکسر فی مخرج السدس،فاحتیج إلی ضربه فی الأصل الحاصل.

ص:62

و لو خلّف أربعة بنین و أوصی بمثل أحدهم إلاّ ثلث ما یبقی من الثلث بعد إخراج نصیب أحدهم،و لآخر بمثل أحدهم إلاّ ربع ما یبقی من الثلث،فنخرج الثلث و الربع اثنی عشر،تضرب الثلاثة التی هی مخرج الکسر المنسوب إلی المال فیها تبلغ ستة و ثلاثین،تزید علیه سبعة هی لکن الاکتفاء بضرب الفریضة فی أحد المخرجین أو المخارج لا یتأتی فی کل مسألة،فإن المخارج إذا تباینت لم یکن بد من الضرب فی جمیعها،فحینئذ إذا بلغت الفریضة ما ذکر فلکل واحد من الورثة فی المستثنی بالثمن،و سدس الثمن تسعة و أربعون.و المراد ان لکل واحد منهم تسعة و أربعین هی قدر المستثنی،لأنه الثمن و سدس الثمن،فإن المستثنی حق للموصی بمثل نصیبه،و للباقین بنسبة أنصبائهم من نصیبهم.

و لا یخفی ما فی قوله:(فلکل واحد من الورثة فی المستثنی بالثمن و سدس الثمن)من التسامح و الاحتیاج إلی التکلف،بل ما فی قوله سابقا:(لأن سدس الثمن یدخل فی الثمن)من ارتکاب ما لا یتحصل له طائل إلاّ بتکلف کثیر.

و قد کان الأولی تحصیل المخرج المشترک للمستثنیات،و ضربه فی أصل الفریضة من أول الأمر،لیسلم من ارتکاب مثل ذلک،و تکلف تصحیح الفریضة من العدد الکثیر من غیر احتیاج الیه.و قوله آخرا:(فیکون لکل سهم من سبعة أسهم ستة)،معناه أنه یکون قسط کل سهم ذلک.

قوله: (و لو خلّف أربعة بنین،و أوصی بمثل أحدهم إلاّ ثلث ما یبقی من الثلث بعد إخراج نصیب أحدهم،و لآخر بمثل أحدهم إلاّ ربع ما یبقی من الثلث،فمخرج الثلث و الربع اثنا عشر،نضرب الثلاثة التی هی مخرج الکسر المنسوب إلی المال فیها یبلغ ستة و ثلاثین،نزید علیه سبعة هی

ص:63

مجموع الثلث و الربع من اثنی عشر تبلغ ثلاثة و أربعین،فهی حصة ابن واحد.

ثم تضرب سهام الورثة و الموصی لهما-و هی ستة-فی اثنی عشر تبلغ اثنین و سبعین،تزید علیه السبعة تبلغ تسعة و سبعین فهو ثلث المال،فما یبقی من الثلث ستة و ثلاثون،ثلثه اثنا عشر و ربعه تسعة،فللموصی له الأول أحد و ثلاثون،و للثانی أربعة و ثلاثون،و للبنین الأربعة مائة و اثنان و سبعون فأصل المال مائتان و سبعة و ثلاثون.

مجموع الثلث و الربع من اثنی عشر یبلغ ثلاثة و أربعین،فهی حصة ابن واحد،ثم نضرب سهام الورثة و الموصی لهما و هی ستة فی اثنی عشر یبلغ اثنین و سبعین،نزید علیه السبعة یبلغ تسعة و سبعین،فهو ثلث المال،فما یبقی من الثلث ستة و ثلاثون ثلثه اثنا عشر و ربعه تسعة، فللموصی له الأول أحد و ثلاثون،و للثانی أربعة و ثلاثون،و للبنین الأربعة مائة و اثنان و سبعون،فأصل المال مائتان و سبعة و ثلاثون).

استخراج هذه المسألة لا یستقیم بالطریق المذکور فی القاعدة،بل یستخرج بغیر ذلک،فإن الاستثناء فیها لما یبقی من الثلث بعد النصیب تارة لثلثه و أخری لربعه.

و قد ذکر المصنف طریقین:أحدهما من طرق الباب،و الآخر من طرق الجبر، و مهّد لطریق الباب قاعدة یستفاد منها هذه المسألة و نظائرها بقوله:(و الطریق أن تجعل الکسور المنسوبة إلی ما یبقی متفقة المخرج إن لم یکن،ثم تضرب المخرج المنسوب إلی المال فی ذلک المخرج،فما بلغ تزید علیه جمیع الکسور المنسوبة إلی ما یبقی من مخرجها المذکور،إن کانت الوصایا مستثناة بتلک الکسور،أو تنقصها منه إن کانت زائدة،فما بلغ أو بقی فهو نصیب الوارث الموصی بمثل نصیبه،ثم تضرب

ص:64

..........

سهام الورثة و الموصی لهم فی مخرج الکسور المنسوبة إلی ما یبقی أیضا،فما بلغ تزید علیه الکسور المنسوبة أیضا،أو تنقصها منه کما فعلناه أولا،فما حصل فهو عدد الکسر المنسوب إلی المال،فإن کان مثل نصیب الوارث أو أقل فالوصیة باطلة،و إلاّ فتضربه فی مخرجه یبلغ أصل المال.

و تحقیق القاعدة:إن الکسور الواقعة فی الوصیة المنسوبة إلی ما یبقی قد تکون مستثناة،کما فی المسألة المفروضة فی الکتاب،و قد تکون مزیدة،کما لو أوصی بمثل نصیب أحد بنیه الأربعة و ثلث ما یبقی من الثلث بعد إخراج نصیب أحدهم،و لآخر بمثل أحدهم و ربع ما یبقی من الثلث بعد النصیب،فتجعل الکسور المنسوبة إلی ما یبقی متفقة المخرج،بأن تحصّل المخرج المشترک بینها إن لم تکن متفقة،ثم تضرب المخرج المنسوب إلی المال-و هو مخرج الثلث فی الفرض المذکور-فی ذلک المخرج الذی حصلته.

ثم تنظر:فان کانت الکسور فی الوصیة مستثناة أخذتها من المخرج المشترک، و زدتها علی حاصل الضرب،فتأخذ فی المثال الثلث و الربع،و هما سبعة من اثنی عشر، فتزیدهما علی حاصل ضرب مخرج الکسور فی مخرج الکسر المنسوب إلی المال-و هو ستة و ثلاثون-یبلغ ثلاثة و أربعین،فذلک نصیب الوارث من أصل الفریضة الموصی بمثله.

و إن کانت الکسور فی الوصیة مزیدة کما مثلنا،نقصت من الستة و الثلاثین السبعة،یبقی تسعة و عشرون فهی النصیب،ثم ترجع إلی تحصیل ثلث المال،فتضرب سهام الورثة و الموصی لهم-و هو أصل الفریضة و ذلک فی المثال ستة-فی المخرج المشترک للکسور یبلغ اثنین و سبعین،فتزید السبعة علیها إن کانت الکسور مستثناة یبلغ تسعة و سبعین،و تنقصها منها إن کانت مزیدة یبقی خمسة و ستون،فالحاصل فی الأول و الباقی فی الثانی هو عدد الکسر المنسوب إلی المال و هو ثلاثة.

ص:65

و الطریق أن تجعل الکسور المنسوبة إلی ما یبقی متفقة المخرج إن لم تکن،ثم تضرب المخرج المنسوب إلی المال فی ذلک المخرج،فما بلغ تزید علیه جمیع الکسور المنسوبة إلی ما یبقی من مخرجها المذکور إن کانت الوصایا مستثناة بتلک الکسور،أو تنقصها منه إن کانت زائدة،فما بلغ أو بقی فهو نصیب الوارث الموصی بمثل نصیبه.

ثم تضرب سهام الورثة و الموصی لهم فی مخرج الکسور المنسوبة إلی ما یبقی ایضا،فما بلغ تزید علیه الکسور المنسوبة أیضا أو تنقصها منه کما فعلناه أولا،فما حصل فهو عدد الکسر المنسوب إلی المال،فان کان مثل نصیب الوارث أو أقل فالوصیة باطلة و إلاّ فتضربه فی مخرجه تبلغ أصل المال،أو تجعل ثلث المال نصیبا و شیئا،و الشیء اثنا عشر،لاجتماع الثلث فتنظر إن کان الثلث بقدر النصیب أو أقل منه فالوصیة باطلة،إذ لا یبقی بعد النصیب من الثلث شیء لیستثنی منه بقدر جزئه أو یزاد علیه،کما لو کان الوارث واحدا و الوصیة بمثل نصیبه إلاّ نصف المال،و للآخر بمثله إلاّ ثلث المال.و إن کان النصیب أقل،کما فی المثالین السابقین،ضربت عدد الکسر المنسوب إلی المال و هو الثلث،فی مخرجه و هو ثلاثة،فما بلغ فهو المال.

ففی المثال المذکور فی الکتاب یکون المال مائتین و سبعة و ثلاثین،و فی المثال الذی فرضناه یکون مائة و خمسة و تسعین،لکل ابن تسعة و عشرون،فیکون للأربعة مائة و ستة عشر،و للموصی له الأول احدی و أربعون،و ذلک مثل نصیب ابن و ثلث ما یبقی من الثلث بعده،و للثانی ثمانیة و ثلاثون،و ذلک مثل النصیب و ربع ما یبقی من الثلث.

قوله: (أو نجعل ثلث المال نصیبا و شیئا،و الشیء اثنا عشر،لاجتماع

ص:66

و الربع فیه،فالمال ستة و ثلاثون و ثلاثة أنصباء،تدفع نصیبا إلی الأول و تسترد منه أربعة،و إلی الثانی نصیبا تسترد منه ثلاثة یصیر ثلاثة و أربعین و نصیبا یعدل أنصباء الورثة،فالنصیب أربعة عشر و ثلث،و للأول عشرة و ثلث، و للثانی أحد عشر و ثلث،و المال تسعة و سبعون،فإذا أردت الصحاح ضربتها فی ثلاثة.

الخامسة:قد یتحد المستثنی منه و یکثر الموصی له مختلفا

الخامسة:قد یتحد المستثنی منه و یکثر الموصی له مختلفا،فاضرب مخارج الکسور فی الفریضة و اجمع الجمیع کما ذکرناه أولا،و اقسمه علی عدد الثلث و الربع فیه،فالمال ستة و ثلاثون و ثلاثة أنصباء،ندفع نصیبا إلی الأول و نسترد منه أربعة،و إلی الثانی نصیبا و نسترد منه ثلاثة،یصیر ثلاثة و أربعین و نصیبا یعدل أنصباء الورثة،فالنصیب أربعة عشر و ثلث،و للأول عشرة و ثلث،و للثانی أحد عشر و ثلث،و المال تسعة و سبعون.).

هذا هو الطریق الثانی و هو من طرق الجبر،و إنما کان الشیء اثنا عشر،لأن الباقی من الثلث یجب أن یکون له ثلث و ربع،لاستثنائهما منه،و مخرجهما اثنا عشر و إنما کان النصیب أربعة عشر و ثلثا،لأن ثلاثة و أربعین و نصیبا یعدل أربعة أنصباء الورثة، فنقابل نصیبا بمثله یبقی ثلاثة و أربعون تعدل ثلاثة أنصباء،فبعد التقسیط یکون النصیب ما ذکره،فأربعة أنصباء سبعة و خمسون و ثلث،و المال تسعة و سبعون،لأنک تضیف إلی ذلک عشرة و ثلثا هی نصیب إلاّ ثلث ما یبقی من الثلث،و أحد عشر و ثلثا هی نصیب إلاّ ربع ما یبقی منه،و مجموع ذلک ما ذکره،تضربه فی مخرج الکسر یبلغ مائتین و سبعة و ثلاثین.

قوله: (قد یتحد المستثنی منه و یکثر الموصی له مختلفا،فاضرب مخارج الکسور فی الفریضة،و اجمع الجمیع کما ذکرناه أولا،و اقسمه علی عدد

ص:67

الموصی لهم،و أعط الوارث المستثنی من حقه مثل سهم واحد من الموصی لهم،و بقیة الورثة من نسبته إن کان معه غیره.

ثم أضف ما حصل من المستثنی-المجموع-إلی ما بقی من الأصل -إن بقی منه شیء-مرة أخری و اقسمه علی الوارث و الموصی لهم،و اجمع سهام الموصی لهم کما ذکرناه،و اجمع سهام الوارث المستثنی منه أولا و آخرا.

و أسقط من جملة ما استثنی من کل واحد منهم واحدا واحدا،فما فضل من جملته بعد المستثنی فهو لکل واحد من الموصی لهم المستثنی ذلک القدر المذکور من حقه، الموصی لهم،و أعط الوارث المستثنی من حقه مثل سهم واحد من الموصی لهم،و بقیة الورثة من نسبته إن کان معه غیره،ثم أضف ما حصل من المستثنی المجموع إلی ما بقی من الأصل إن بقی منه شیء مرة أخری، و اقسمه علی الوارث و الموصی لهم،و اجمع سهام الموصی لهم کما ذکرناه،و اجمع سهام الوارث المستثنی منه أولا و آخرا،و أسقط من جملة ما استثنی من کل واحد منهم واحدا واحدا،فما فضل من جملته بعد المستثنی فهو لکل واحد من الموصی لهم المستثنی ذلک القدر المذکور من حقه).

إذا کان عدد الوارث الموصی بمثل نصیبه أقل من عدد الموصی لهم،لم تستخرج مسألتهم بالطریق المذکور فی القاعدة السابقة،بل تستخرج بالطریق المذکور هنا،سواء کان الوارث الموصی بمثل نصیبه متحدا أو متعددا فی نفسه.

و لعل المصنف یرید باتحاده:کونه أقل عددا من الموصی لهم،لأنک إذا وزّعت عدد الوارث علی عدد الموصی لهم یکون الواحد من الورثة فی مقابل المتعدد من الموصی لهم،لیتناول ما إذا کان الوارث واحدا أو متعددا،فأن الطریق واحد.

و تحقیق ذلک:إنک تضرب فریضة الورثة و الموصی لهم فی مخرج أحد الکسور،

ص:68

..........

ثم المرتفع فی الأخر،و المرتفع فی الأخر،و هکذا.ثم تجمع الکسور کلها من حاصل الضرب کله کما سبق بیانه،و تقسّمها علی عدد الموصی لهم قسمة وهمیة،لتعلم کم نصیب أحدهم،فتدفع إلی الوارث الموصی بمثل نصیبه بقدر نصیب أحدهم إن کان واحدا،و إن تعدد فالی کل واحد بقدره.

و لو کان معه وارث لم یوص بمثل نصیبه دفعت إلیه بنسبة نصیب الموصی بمثل نصیبه،ثم أضف المستثنیات إلی ما بقی من الأصل إن بقی منه شیء،و اقسمه مرة أخری علی الوارث و الموصی لهم.

إلاّ أن سهام الموصی لهم لا تدفع إلیهم،بل تجمع ثم تنظر ما أصاب الوارث الموصی بمثل نصیبه فی القسمتین الاولی و الأخری،و تجمعه جملة واحدة،و تسقط منه قدر ما استثنی أولا،و تنظر قدر الباقی،فتدفع إلی الموصی له الأول من سهام الموصی لهم قدره،ثم ترجع و تسقط منه المستثنی الثانی،و تدفع الی الموصی له الثانی من جملتهم بقدر الباقی،و هکذا تصنع فی الثالث إلی آخرهم.

إذا عرفت ذلک فقوله:(قد یتحد المستثنی منه)أراد بالمستثنی منه الوارث، و فی الحقیقة لیس مستثنی منه،و إنما استثنی من مثل نصیبه الموصی به،فتوسّع فی إطلاق المستثنی منه علیه لذلک.

و قوله:(و یکثر الموصی له مختلفا)أراد باختلافه:اختلافه فی الوصیة له،و لو لا الاختلاف لم یحتج إلی الضرب فی مخارج الکسور.

و قوله:(کما ذکر أولا)أراد به المذکور فی القاعدة و المسائل المتفرعة علیها،و هو ضرب الفریضة فی أحد المخارج،ثم المرتفع فی آخر إلی آخرها،ثم أخذ جمیع الکسور من الحاصل.

و لا یخفی أن القسمة علی الموصی لهم فی المرتبة الاولی و الثانیة قسمة وهمیة،

ص:69

مثاله:

لو خلّف ابنا واحدا و أوصی لواحد بمثل نصیبه إلاّ سدس المال، و لاخر بمثل النصیب الاّ ربع المال،و لاخر بمثل النصیب إلاّ ثمن المال، و أجاز الولد فأصلها سهم.

و تضیف إلیه ثلاثة و تضربها فی مخرج الربع،ثم المرتفع فی مخرج السدس،ثم القائم فی مخرج الثمن فهی سبعمائة و ثمانیة و ستون،ربعها یراد منها معرفة قدر ما یصیب الوارث الموصی بمثل نصیبه فی المرتبتین،لاستعلام نصیب کل واحد من الموصی لهم.

و قوله:(و أسقط من جملة ما استثنی من کل واحد منه)معناه:و أسقط من جملة ما اجتمع للوارث الموصی بمثل نصیبه فی القسمتین،ما استثنی من کل واحد من الموصی لهم،لتعلم نصیب کل واحد منهم.

و لا یخفی أنک لا تسقط جمیع المستثنیات دفعة واحدة،و إنما تسقط واحدا واحدا من المستثنیات علی طریق البدل،لتستعلم فی کل دفعة نصیب کل واحد،و هذا هو المراد من قوله:(واحدا واحدا)فإنه حال اما من الموصول،أو من الضمیر المجرور فی (منهم).

و الضمیر فی(جملته)من قوله:(فما فضل من جملته بعد المستثنی)یعود إلی سهام الوارث بتأویل ما اجتمع له،أی:فما فضل من جملة ما اجتمع للوارث بعد إسقاط قدر المستثنی منه،فهو لکل واحد من الموصی لهم المستثنی ذلک القدر المذکور من حقوقهم،کل بحسب ما استثنی من النصیب الموصی له به.

و توحید الضمیر فی قوله:(من حقه)،مع أن مرجعه المذکور هو الموصی لهم، للإیذان بعوده إلی کل واحد منهم علی حدة،فإن تعیین حقوقهم إنما یکون بالنظر إلی کل واحد واحد کما قدمناه.

قوله: (مثاله:لو خلّف ابنا واحدا-إلی أن قال-نقسمها علی عدد

ص:70

و سدسها و ثمنها أربعمائة و ستة عشر،نقسمها علی عدد سهام الموصی لهم فهی ثلاثة،تنکسر فتضرب جملة المسألة فی واحد و نصف یکون ألفا و مائة و اثنین و خمسین سهما،فالربع و السدس و الثمن ستمائة و أربعة و عشرون، تقسمه علی ثلاثة و تعطی الوارث سهما و هو مائتان و ثمانیة أسهم یبقی تسعمائة و أربعة و أربعون،فتقسم علی الوارث و الموصی لهم،فحق الوارث بالربع من المال مائتان و ستة و ثلاثون سهما،تضیفه إلی ما أعطیته فی الأصل فیکون له أولا و آخرا أربعمائة و أربعة و أربعون،و للمستثنی منه الربع مائة و ستة و خمسون،فله مثل الابن إلاّ ربع المال،و للمستثنی منه السدس مائتان و اثنان و خمسون،فله مثل الابن إلاّ سدس المال،و للموصی له المستثنی من حقه الثمن ثلاثمائة سهم.

و علی الطریقة الثانیة:تخرج من مائتین و ثمانیة و ثمانین سهما.

سهام الموصی لهم و هو ثلاثة،تنکسر،نضرب جملة المسألة فی واحد و نصف.).

إنما اعتبر ضرب الفریضة فی واحد و نصف،لأن الغرض من قسمتها علی ثلاثة یحصل بذلک،فلا حاجة إلی تکلف الضرب فی الأکثر.

و إنما قلنا:إن الغرض یحصل بذلک،لأن کل عدد له نصف و لا ثلث له،إذا زید علیه مثل نصفه صار له ثلث،و ضربه فی واحد و نصف بمنزلة زیادة ثلثه علیه،إلاّ أن المألوف هو ضرب المنکسر فی مخرج الکسر،و هو الذی یخرج منه ذلک الکسر صحیحا.

قوله: (و علی الطریقة الثانیة تخرج من مائتین و ثمانیة و ثمانین سهما).

أراد بالطریقة الثانیة هو ما ذکره فی القاعدة السالفة،و تحقیقه:إنک تضرب أصل الفریضة-و هو أربعة-فی مخرج الکسور-و هی أربعة و عشرون-یبلغ ستة و تسعین،ربعها و سدسها و ثمنها اثنان و خمسون لا ینقسم علی ثلاثة،فتضربها فی

ص:71

و قد تصح من ستة و تسعین،بأن تضرب الستة فی الفریضة و هی أربعة،ثم وفق الثمانیة مع المرتفع منه تبلغ ستة و تسعین، الفریضة یبلغ ما ذکره،للابن مائة و أحد عشر،و للموصی له الأول تسعة و ثلاثون، و للثانی ثلاثة و ستون،و للثالث خمسة و سبعون.

کذا قیل،و فی کون هذا جاریا علی الطریقة الثانیة نظر یعلم مما سبق.و لعل المصنّف یرید أنک تضرب أربعة-أصل الفریضة-فی ستة،ثم تجمع الکسور المستثناة -و هی ثلاثة عشر-و تقسمها علی ثلاثة فلا ینقسم،تضربها فی أصل الفریضة یبلغ اثنین و سبعین،تدفع إلی الابن ثلث المستثنیات یبقی تسعة و خمسون تقسّم علی أربعة و لا تنقسم و لا وفق،فتضربها فی أصل الفریضة یبلغ مائتین و ثمانیة و ثمانین.

قوله: (و قد تصح من ستة و تسعین،بأن تضرب الستة فی الفریضة و هی أربعة،ثم وفق الثمانیة مع المرتفع منه یبلغ ستة و تسعین).

الموجود فی نسخ الکتاب مع المرتفع منه مصححا علی قوله منه،و قد ذکر له تأویلان:

أحدهما:أنّ المراد ب(المرتفع منه)هو الستة،لأن أربعة و عشرین مرتفعة منها و من الأربعة،فالستة مرتفع منه فی الجملة،و توافقها مع ثمانیة بالنصف،فوفق الثمانیة معها أربعة إذا ضربت فی أربعة و عشرین بلغ حاصل الضرب ستة و تسعین.

الثانی:أن المراد بالمرتفع منه مجموع الستة و الأربعة-أعنی:المضروب و المضروب فیه-و مجموعهما عشرة و هی موافقة للثمانیة بالنصف،فوفق الثمانیة معها أربعة.و المراد ظاهر،إلاّ أن العبارة بعیدة عن الطبع.

و قد یوجد فی بعض النسخ مع المرتفع فیه،علی أن المعنی انک تضرب وفق الثمانیة مع المرتفع فی المرتفع،و لا ریب أنه محرّف،فان وفق الثمانیة مع المرتفع-أعنی أربعة و عشرین-بالثمن،و لا حاصل لضرب ثمنها فی الأربعة و العشرین،و الصحیح هو الأول علی ما فیه.

ص:72

للابن أربعة و عشرون،و کذا لکل من الثلاثة،ثم تقسم ما فی ید المستثنی منه الربع أرباعا له ربعه.و کذا للابن و الباقیین،ثم ستة عشر مما فی ید المستثنی منه السدس أرباعا.

ثم تقسم اثنی عشر مما فی ید الثالث،فیکمل للابن سبعة و ثلاثون، و للمستثنی منه الربع ثلاثة عشر هی مثل ما فی ید الابن إلاّ ربع المال، و للمستثنی منه السدس أحد و عشرون،و هی مثل ما فی یده إلاّ سدس المال، و للثالث خمسة و عشرون،و هی مثل ما فی یده إلاّ ثمن المال.

أو نقول:نأخذ مالا و ندفع منه ثلاثة أنصباء و تسترجع منها الکسور، و مخرجها أربعة و عشرون،و المجموع سبعة و ثلاثون،و النصیب تسعة و ربع.

فللأول خمسة و ربع،و للثانی ثلاثة و ربع،و للثالث ستة و ربع فإذا أردت الصحاح ضربت أربعة فی أربعة و عشرین.

قوله: (للابن أربعة و عشرون،و کذا لکل من الثلاثة،ثم تقسّم ما فی ید المستثنی منه الربع أرباعا.).

هذا طریق آخر للقسمة غیر الطریق السابق،و محصله أن تقسم الفریضة بین الوارث و الموصی لهم أرباعا،ثم تسترد من کل واحد من الموصی له ما استثنی من النصیب الموصی له به،و یقسّم بینه و بین الباقین بالسویة،و لو کانوا أزید من أربعة أو أقل قسّم بینهم بالسویة،ثم استرجعت المستثنیات و قسّمت بینهم.

قوله: (أو نقول:نأخذ مالا و ندفع منه ثلاثة أنصباء،و نسترجع منها الکسور و مخرجها أربعة و عشرون،فالمجموع سبعة و ثلاثون-إلی قوله- فإذا أردت الصحاح ضربت أربعة فی أربعة و عشرین).

إنما کان المجموع سبعة و ثلاثین و النصیب تسعة و ربعا،لأن مالا و ربعه و سدسه و ثمنه إلاّ ثلاثة أنصباء یعدل نصیب الوارث.فإذا جبرت کان المال و ما معه معادلا

ص:73

السادسة:لو أوصی له بنصیب أحد ابنیه إلاّ سدس المال

السادسة:لو أوصی له بنصیب أحد ابنیه إلاّ سدس المال،و لاخر بمثله إلاّ ثمن المال،و لاخر بمثله إلاّ نصف سدس المال،فالفریضة من اثنین،تضیف إلیها ثلاثة للأجانب و تضرب الخمسة فی ستة،ثم المجتمع فی مخرج الثمن،ثم المرتفع فی مخرج نصف السدس تصیر ألفین و ثمانمائة و ثمانین، فسدسها و ثمنها و نصف سدسها ألف و ثمانون سهما تقسم علی عدد الأوصیاء و هم ثلاثة لکل سهم ثلاثمائة و ستون تعطی کل ابن سهما فالمجموع سبعمائة و عشرون،یبقی ألفان و مائة و ستون تقسم أخماسا للولدین و للأوصیاء، لأربعة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و مخرج الکسور و الکسور ثلاثة عشر منه، فالمجموع سبعة و ثلاثون.فإذا قسّطتها علی أربعة أنصباء کان النصیب تسعة و ربعا، فالمال نصیبان و اثنان و عشرون جزءا من سبعة و ثلاثین جزءا من نصیب.و المراد بالموصی له الأول:المستثنی منه السدس،و بالثانی:المستثنی منه الربع بخلاف ما رتب سابقا.

قوله: (لو أوصی له بنصیب أحد بنیه إلاّ سدس المال،و لآخر بمثله إلاّ ثمن المال،و لآخر بمثله إلاّ نصف سدس المال،فالفریضة من اثنین، تضیف إلیهما ثلاثة للأجانب و تضرب الخمسة فی ستة،ثم المجتمع فی مخرج الثمن،ثم المرتفع فی مخرج نصف السدس،یصیر ألفین و ثمانمائة و ثمانین،فسدسها و ثمنها و نصف سدسها ألف و ثمانون سهما،یقسّم علی عدد الأوصیاء و هم ثلاثة،کل سهم ثلاثمائة و ستون،یعطی کل ابن سهما فالمجموع سبعمائة و عشرون،یبقی ألفان و مائة و ستون یقسم أخماسا للولدین و الأوصیاء،

ص:74

فلکل ابن أربعمائة و اثنان و ثلاثون،فیکمل مع الأول له سبعمائة و اثنان و تسعون سهما،و للمستثنی منه السدس ثلاثمائة و اثنا عشر،و هو مثل النصیب إلاّ سدس المال و هو أربعمائة و ثمانون،و للمستثنی منه الثمن أربعمائة و اثنان و ثلاثون.

و ذلک مثل النصیب إلاّ ثمن المال و هو ثلاثمائة و ستون،و للمستثنی منه نصف السدس خمسمائة و اثنان و خمسون،هو مثل النصیب إلاّ نصف سدس المال،و هو مائتان و أربعون.

فلکل ابن أربعمائة و اثنان و ثلاثون،فیکمل مع الأول له سبعمائة و اثنان و تسعون سهما.).

هذه من المسائل التی اتحد فیها المستثنی من مثل نصیبه و تکثیر الموصی له و استخراجها بالطریق المذکور هناک.

فمراده بقوله:(فسدسها و ثمنها و نصف سدسها ألف و ثمانون یقسم علی عدد الأوصیاء.)إنّ هذه الکسور تقسم علی عدد الأوصیاء قسمة وهمیة، لیعلم قدر کل قسم فیدفع إلی الابنین الموصی بمثل نصیبهما، بقدر کل قسم من تلک الأقسام،ثم تجمع باقی الفریضة کله علی ما سبق بیانه،ثم تقسّمه علی الجمیع أخماسا.إلاّ أن نصیب الأوصیاء تجمعه جملة واحدة،ثم تستعلم نصیب کل واحد منهم من نصیب الابن کله،بأن تسقط منه کل واحد من المستثنیات علی طریق البدل.

و قوله:(فیکمل مع الأول له)معناه انه یکمل للابن بالحاصل بهذه القسمة مع الحاصل أولا سبعمائة و اثنان و تسعون،فتسقط منها المستثنی الأول،و تأخذ قدر الباقی من نصیب الأوصیاء للموصی له الأول،و هکذا تصنع فی البواقی و ذلک ظاهر.

ص:75

و علی الطریقة الثانیة تنقسم من مائة و عشرین سهما،لکل ابن ثلاثة و ثلاثون سهما،و للمستثنی منه السدس ثلاثة عشر،و للمستثنی منه الثمن ثمانیة عشر،و للمستثنی منه نصف السدس ثلاثة و عشرون.

أو نقول:نأخذ مالا و ندفع منه ثلاثة أنصباء،و نسترد منها سدسه و ثمنه و نصف سدسه فالمجموع یعدل أنصباء الورثة و هی نصیبان،و بعد الجبر قوله: (و علی الطریقة الثانیة یقسم من مائة و عشرین سهما لکل ابن ثلاثة و ثلاثون سهما،و للمستثنی منه السدس ثلاثة عشر،و للمستثنی منه الثمن ثمانیة عشر،و للمستثنی منه نصف السدس ثلاثة و عشرون).

أراد بالطریقة الثانیة هنا ما أراده فی السابق،و بیانه:أنک تأخذ وفقا من أحد المخارج بعد إسقاط ما کان داخلا و تضربه فی الباقی،ثم المرتفع فی أصل الفریضة، فتسقط مخرج السدس لدخوله فی مخرج نصف السدس،ثم تضرب الوفق منه فی مخرج الثمن-و هو الربع ثلاثة أو عکسه-یبلغ أربعة و عشرین،ثم المرتفع فی أصل الفریضة-و هو خمسة-یبلغ مائة و عشرین،تجمع المستثنیات-و هی خمسة و أربعون- تقسمها علی ثلاثة فتدفع إلی کل ابن خمسة عشر،یبقی تسعون تقسمها علی خمسة لکل ابن سهم ثمانیة عشر،فنصیب الابن ثلاثة و ثلاثون،فللموصی له الأول ثلاثة عشر،لأنه الباقی بعد إسقاط السدس منه.

و کذا الباقیان لکل منهما ما یبقی بعد إسقاط المستثنی من نصیبه.

و ثلاثة و ثلاثون من قوله:(لکل ابن سهم ثلاثة و ثلاثون)إما بدل أو عطف بیان لسهم.

قوله: (أو نقول:تأخذ مالا و تدفع منه ثلاثة أنصباء،و تسترد منها سدسه و ثمنه و نصف سدسه،فالمجموع یعدل أنصباء الورثة و هی نصیبان،

ص:76

یعدل المجموع خمسة أنصباء،و المال أربعة و عشرون،و المجموع ثلاثة و ثلاثون،و النصیب ستة و ثلاثة أخماس.فللأول اثنان و ثلاثة أخماس،و للثانی ثلاثة و ثلاثة أخماس،و للثالث أربعة و ثلاثة أخماس.

فإذا أردت الصحاح ضربت خمسة فی أربعة و عشرین.

السابعة:لو خلّف ثلاثة بنین و ثلاث بنات،و أوصی لأجنبی بمثل أحد بنیه إلاّ عشر المال

السابعة:لو خلّف ثلاثة بنین و ثلاث بنات،و أوصی لأجنبی بمثل أحد بنیه إلاّ عشر المال،و لاخر بمثل آخر إلاّ نصف سدس المال،و لاخر بمثل بنت إلاّ ثلث خمس المال،و لاخر بمثل ما لأحد بنیه و احدی بناته إلاّ سدس المال،مخرج الکسور ستون،و مجموع الکسور منه خمسة و عشرون و هو ما یخص ثلاثة بنین و بنتین.

و بعد الجبر یعدل المجموع خمسة أنصباء،و المال أربعة و عشرون و المجموع ثلاثة و ثلاثون و النصیب ستة و ثلاثة أخماس).

أراد بالمجموع فی قوله:(فالمجموع یعدل أنصباء الورثة)المال و سدسه و ثمنه و نصف سدسه إلاّ ثلاثة أنصباء،و منه یعلم انه بعد الجبر یعدل المجموع خمسة أنصباء.

و إنما کان المال أربعة و عشرین،لأنها مخرج الکسر،فإذا أضفت إلیها الکسور-و هی تسعة-بلغت ثلاثة و ثلاثین،فإذا قسّطتها علی خمسة أنصباء کان النصیب ستة و ثلاثة أخماس،فإذا أردت الصحاح ضربتها فی خمسة بلغت مائة و عشرین.

قوله: (و لو خلّف ثلاثة بنین و ثلاث بنات،و أوصی لأجنبی بمثل أحد بنیه إلاّ عشر المال،و لاخر بمثل آخر إلاّ نصف سدس المال،و لاخر بمثل بنت إلاّ ثلث إلاّ خمس المال،و لاخر بمثل ما لأحد بنیه و احدی بناته إلاّ سدس المال،مخرج الکسور ستون،و مجموع الکسور منه خمسة و عشرون،

ص:77

و هم الموصی بمثل أنصبائهم،فیضاف إلیه-لبنت اخری-ثلاثة و ثمن یبلغ ثمانیة و عشرین و ثمنا،یبقی أحد و ثلاثون و سبعة أثمان،تقسّم علی سهام الورثة و الموصی لهم،و هو سبعة عشر،نصیب کل بنت واحد و سبعة أثمان،فیضاف إلی ما أصابها أولا و هو ثلاثة و ثمن فیبلغ خمسة،و هو نصیب بنت واحدة من ستین.

و نصیب الموصی لهم مجملا بثمانیة أسهم،منها خمسة عشر،للموصی له بمثل ابن إلاّ العشر أربعة،و بمثل ابن إلاّ نصف السدس خمسة،و بمثل بنت إلاّ ثلث الخمس واحد،و بمثل ابن و بنت إلاّ السدس خمسة،فالجمیع خمسة عشر.

و هو ما یخص ثلاثة بنین و بنتین-و هم الموصی بمثل أنصبائهم-،فیضاف إلیه لبنت اخری ثلاثة و ثمن یبلغ ثمانیة و عشرین و ثمنا،و یبقی أحد و ثلاثون و سبعة أثمان،تقسم علی سهام الورثة و الموصی لهم و هو سبعة عشر،نصیب کل بنت واحد و سبعة أثمان،فیضاف إلی ما أصابها أولا-و هو ثلاثة و ثمن- فیبلغ خمسة و هو نصیب بنت واحدة من ستین،و نصیب الموصی لهم مجملا بثمانیة أسهم منها خمسة عشر،و للموصی له بمثل ابن إلاّ العشر أربعة، و بمثل ابن إلاّ نصف السدس خمسة،و بمثل بنت إلاّ ثلث الخمس واحد، و بمثل ابن و بنت إلاّ السدس خمسة،فالجمیع خمسة عشر).

هذه المسألة من قبیل ما إذا کان الورثة للموصی بمثل أنصبائهم أکثر عددا من الموصی لهم، و قد عرفت فیما مضی إنک تقسم الکسور من الفریضة بین عدد الموصی لهم من الورثة،و تدفع إلی الزائد من الباقی بالنسبة و تقسم الباقی بین الجمیع،إلاّ أن نصیب الموصی لهم تأخذه مجملا،ثم تستعلم قدر نصیب کل واحد منهم فتدفعه إلیه

ص:78

أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه أربعة أنصباء،و نسترد من الأول عشر المال،و من الثانی نصف سدسه،و من الثالث ثلث خمسه،و من الرابع من تلک الجملة إلی أن ینتهی،فتأخذ مخرج الکسور و هو ستون،لأن مخرج السدس لدخوله فی مخرج نصف السدس یسقط.

و کذا مخرج ثلث الخمس،لدخول کل من مخرج المضاف و المضاف إلیه منه فی مخرج العشر و نصف السدس،فتضرب الوفق من أحد هذین المخرجین فی الآخر تبلغ ستین،فهی المخرج المشترک للجمیع فتجعلها أصل الفریضة،ثم تأخذ سدسها-و هو عشرة-و عشرها-و هو ستة-و نصف سدسها-و هو خمسة-و ثلث خمسها-و هو أربعة -یکون الجمیع خمسة و عشرین،و ذلک مختص بثلاثة بنین و بنتین،لأنهم الموصی بمثل أنصبائهم فتقسمها علی ثمانیة،نصیب کل سهم ثلاثة و ثمن،فتدفع إلی البنت الباقیة من الباقی ثلاثة و ثمنا،یبلغ الجمیع ثمانیة و عشرین و ثمنا،یبقی من الستین أحد و ثلاثون و سبعة أثمان،تقسم علی سهام الورثة و الموصی لهم،و هی سهام ست بنین و خمس بنات و مجموع ذلک سبعة عشر،فنصیب کل سهم-و هو سهم بنت-واحد و سبعة أثمان،و ذلک ظاهر،فإذا أضفته إلی ما أصابها أولا-و هو ثلاثة و ثمن-بلغ الجمیع خمسة، فذلک نصیب البنت من ستین فیکون نصیب الابن عشرة.

و أما الموصی لهم فإنک تأخذ أنصباءهم علی الإجمال بثمانیة أسهم،لأن لهم نصیب ثلاثة بنین و بنتین خمسة عشر من ستین أیضا،إذ لا نصیب لهم إلاّ فی القسمة الثانیة فتقسمها هکذا:بأن تدفع إلی الموصی له بمثل ابن إلاّ عشر المال أربعة،لأنها الباقی من عشرة بعد إسقاط ستة،و علی هذا القیاس فی الباقی.فإذا أردت السلامة من الکسر ضربت ستین فی ثمانیة یبلغ أربعمائة و ثمانین.

قوله: (أو نقول:نأخذ مالا و نخرج منه أربعة أنصباء،و نسترد من الأول عشر المال،و من الثانی نصف سدسه،و من الثالث ثلث خمسه،و من

ص:79

سدسه.فالمال و الکسور إلاّ أربعة أنصباء تعدل أنصباء الورثة و هی أربعة و نصف.

فالمجموع بعد الجبر یعدل ثمانیة أنصباء و نصفا،فالمال ستون، و المجموع خمسة و ثمانون،و النصیب عشرة.فللأول بعد حذف الکسور أربعة،و للثانی خمسة،و للثالث واحد،و للرابع خمسة.

الثامنة:لو أوصت لأجنبی بمثل نصیب ابنها إلاّ ثمن المال

الثامنة:لو أوصت لأجنبی بمثل نصیب ابنها إلاّ ثمن المال،و لآخر بمثل نصیب بنتها إلاّ عشر المال،و لثالث بتمام الثلث و لا وارث سواهما مع الرابع سدسه،فالمال و الکسور إلاّ أربعة أنصباء تعدل أنصباء الورثة-و هی أربعة و نصف-فالمجموع بعد الجبر یعدل ثمانیة أنصباء و نصفا،فالمال ستون و المجموع خمسة و ثمانون و النصیب عشرة.).

المراد بالأنصباء الأربعة المخرجة من المال هی مثل أنصباء ثلاثة بنین و بنتین، و لم یعدها ثمانیة کنصیب الأنثی طلبا للاختصار.

و المراد ب(الکسور)فی قوله:(فالمال و الکسور)هی سدس مال و عشر مال و نصف سدسه و ثلث خمسه،و معلوم معادلة المال و الکسور إلاّ أربعة أنصباء لأنصباء الورثة،و هم ثلاثة بنین و ثلاث بنات،فهی تسعة أنصباء إذا اعتبرت مثل نصیب البنت،و أربعة و نصف إذا اعتبرت مثل نصیب الابن،و إیثار الثانی للاختصار.

و من ذلک یعلم أن المجموع بعد الجبر یعدل ثمانیة أنصباء و نصفا،فالمال ستون هی المخرج،فالمجموع خمسة و ثمانون بإضافة الکسور إلیها،إذا قسطت علی ثمانیة و نصف کان النصیب عشرة.

قوله: (لو أوصت لأجنبی بمثل نصیب ابنها إلاّ ثمن المال،و لآخر بمثل نصیب بنتها إلاّ عشر المال،و لثالث بتمام الثلث،و لا وارث سواهما مع

ص:80

الزوج،فالفریضة أربعة تعدل ثلثی المال فهو ستة،ثم تضرب وفق مخرج الثمن فیها تبلغ أربعة و عشرین،ثم تضرب وفق العشرة و هو خمسة تبلغ مائة و عشرین.

للابن من الثلثین أربعون،و للزوج عشرون،و کذا للبنت و للموصی له الأول أربعون،نسترد منها خمسة عشر،و للثانی عشرون و نسترد منها اثنی عشر،فیبقی من الثلث سبعة فهی للثالث.

و یحتمل أن یکون للثانی ثلاثة،و للثالث اثنی عشر،لأنه استثنی من وصیته عشر المال و هو اثنی عشر،و الذی بقی من الثلث بعد الأول خمسة عشر،فلم یبق مثل نصیب البنت بل أقل،فیخرج المستثنی من الباقی،و الأول أقوی.

الزوج،فالفریضة أربعة تعدل ثلثی المال فهو ستة،ثم نضرب وفق مخرج الثمن فیها یبلغ أربعة و عشرین،ثم نضرب وفق العشرة-و هو خمسة-تبلغ مائة و عشرین،للابن من الثلثین أربعون،و للزوج عشرون،و کذا للبنت، و للموصی له الأول أربعون و نسترد منها خمسة عشر،و للثانی عشرون نسترجع منها اثنا عشر،فیبقی من الثلث سبعة فهی للثالث.

و یحتمل أن یکون للثانی ثلاثة،و للثالث اثنا عشر،لأنه استثنی من وصیته عشر المال-و هو اثنا عشر-و الذی بقی من الثلث بعد الأول خمسة عشر،فلم یبق مثل النصیب بل أقل،فنخرج المستثنی من الباقی،و الأول أقوی).

أما کون الفریضة أربعة فظاهر،لأن للزوج الربع من أربعة،و سهام الابن و البنت ثلاثة.

ص:81

التاسعة:لو أوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الستة إلاّ خمس ما یبقی من الثلث بعد النصیب

التاسعة:لو أوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الستة إلاّ خمس ما یبقی من الثلث بعد النصیب،و لآخر بمثل نصیب آخر إلاّ ثلث ما یبقی من الثلث بعد ذلک کله،و لاخر بنصف سدس جمیع المال،فلنسم الوصایا وصیة، فیکون المال ستة أنصباء و وصیة،فنأخذ ثلث ذلک و هو نصیبان و ثلث وصیة، و ندفع منه إلی الموصی له الأول نصیبا،فیبقی من الثلث نصیب و ثلث وصیة.

و إنما کانت معادلة لثلثی المال،لأن مجموع الثلث موص به،و معلوم أن الثلثین إذا کانا أربعة کان المجموع ستة،تضرب وفق مخرج الثمن معها فیها-و هو أربعة- یبلغ أربعة و عشرین،ثم تضرب وفق العشرة مع أربعة و عشرین-و هو خمسة-فیها یبلغ ما ذکر.

و وجه الاحتمال الأول:أنه قد أوصی للثانی بمثل نصیب البنت إلاّ عشر المال و الباقی بعد إسقاط العشر من نصیب البنت ثمانیة.

و توضیح الوجه الثانی:أنّ الموصی حصر الوصایا فی الثلث بقوله:(و لثالث بتمام الثلث)،و الباقی بعد نصیب الموصی له الأول هو خمسة عشر،فیکون هو الموصی به إلاّ عشر المال،و الباقی من خمسة عشر بعد استثناء عشر المال ثلاثة.

و یضعّف بان الموصی به لیس هو المستثنی منه،لیتعین انحصاره فی خمسة عشر، فیکون المستثنی مخرجا منه،بل هو ما بقی من المستثنی منه بعد إخراج المستثنی فإنه المسند فی الحقیقة،و منه تظهر قوة الاحتمال الأول فهو الأصح.

قوله: (لو أوصی له بمثل نصیب أحد بنیه الستة إلاّ خمس ما یبقی من الثلث بعد النصیب،و لاخر بمثل نصیب آخر إلاّ ثلث ما یبقی من الثلث بعد ذلک کله،و لاخر بنصف سدس جمیع المال.).

المراد ب(کله)من قوله:(بعد ذلک کله)هو الوصیة الاولی،أعنی:النصیب

ص:82

و نسترجع من النصیب خمس ذلک،و هو خمس نصیب و ثلث خمس وصیة،فیکون الباقی من الثلث بعد إخراج الوصیة الأولی نصیبا و خمس نصیب و خمسی وصیة،لأن ثلث خمس وصیة إذا زید علی ثلث وصیة بلغ خمسی وصیة،فیدفع من ذلک إلی الموصی له الثانی نصیبا،فیبقی خمس نصیب و خمسا وصیة.

و نسترجع من النصیب الثانی ثلث الباقی من الثلث،و هو ثلث خمس نصیب و ثلثا خمس وصیة،نزید ذلک علی الباقی من الثلث،فیحصل معنا أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصیب،و ثمانیة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصیة،لأن ثلث نصیب خمس و هو جزء من وصیة،لأن ثلث خمس إلاّ قدر خمس الباقی،و النصیب الموصی به ثانیا.

قوله: (و نسترجع من النصیب خمس ذلک،و هو خمس نصیب و ثلث خمس وصیة).

لا یخفی أن خمس ذلک هو خمس نصیب و خمس ثلث وصیة،إلاّ أن مراعاة تقدیم أعظم الکسور أمر مطلوب،و ثلث الخمس هو خمس الثلث،فلذلک قدمه.

قوله: (لأن ثلث خمس وصیة إذا زید علی ثلث وصیة بلغ خمسی وصیة).

بیانه ان مخرج ثلث الخمس خمسة عشر،و هو واحد منها إذا زدته علی ثلثها و هو خمسة-کان المجموع ستة و هی خمسا الأصل.

قوله: (نزید ذلک علی الباقی من الثلث،فیحصل معنا أربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصیب و ثمانیة أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصیة).

إن قیل:قد کان یمکنه نسبة هذه الکسور إلی مخرجها-و هو خمسة عشر-

ص:83

نصیب هو جزء واحد من خمسة عشر جزء من نصیب.

فإذا أضفت إلی خمس نصیب،و هو ثلاثة أجزاء من خمسة عشر جزءا کان أربعة أجزاء من خمسة عشر و ثلثا خمس وصیة،و هو سهمان من خمسة عشر جزء من وصیة،إذا أضیف إلی خمسی وصیة و هو ستة من خمسة عشر صار ثمانیة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصیة.

فظهر أن الباقی من الثلث بعد إخراج الوصیتین أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصیب،و ثمانیة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصیة، فزد ذلک علی ثلثی المال و هو أربعة أنصباء و ثلثا وصیة،فیحصل أربعة أنصباء و أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصیب و وصیة و خمس وصیة،لأن ثمانیة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصیة إذا أضیف إلی ثلثی وصیة-اعنی عشرة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصیة-کان المجموع وصیة و خمس وصیة،فندفع من المجموع-و هو أربعة أنصباء و أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصیب و وصیة و خمس وصیة-إلی الموصی له الثالث نصف سدس المال،و هو نصف نصیب و نصف سدس وصیة،فیبقی ثلاثة أنصباء و نصف و أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصیب و وصیة و جزء و ثلاثة أرباع جزء من خمسة ببعض الکسور المنطقة.

فنقول:یحصل معنا خمس و ثلث خمس،و خمسان و ثلثا خمس موضع أربعة أجزاء و ثمانیة أجزاء من خمسة عشر،و ذلک أولی،فإن الکسور المنطقة أولی من الکسور الصم إذا أمکنت،قلنا:إنما عدل إلیها لظهور التناسب فیها فتکون ملاحظتها أسهل.

قوله: (فیبقی ثلاثة أنصباء و نصف و أربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصیب،و وصیة و جزء و ثلاثة أرباع جزء من خمسة عشر

ص:84

عشر جزء من وصیة،لأن نصف سدس وصیة و هو سهم و ربع من خمسة عشر جزء من وصیة إذا أسقط من خمس وصیة و هو ثلاثة أسهم من خمسة عشر جزء من وصیة،کان الباقی سهما و ثلاثة أرباع سهم.

فقد احتجنا إلی نصف نصیب من خمسة عشر التی جعلناها نصیبا ینکسر،نضرب اثنین فی خمسة عشر تبلغ ثلاثین،فالنصیب تقسمه ثلاثین جزء.و احتجنا إلی بسط الوصیة إلی ستین،حیث احتجنا إلی ربع جزء من خمسة عشر.

فظهر أن الباقی بعد الوصایا ثلاثة أنصباء و ثلاثة و عشرون جزء من ثلاثین جزء من نصیب هی نصف نصیب قد کان سبعة و نصفا من خمسة عشر،فهو الآن خمسة عشر و أربعة أجزاء من نصیب قد کان خمسة عشر هی الآن ثمانیة أجزاء.

فالمجموع ثلاثة و عشرون جزء من ثلاثین جزء من نصیب،و بقی معنا أیضا وصیة و سبعة أجزاء من ستین جزء من وصیة قد کان سهما و ثلاثة أرباع سهم من خمسة عشر فیکون من ستین سبعة أسهم.

و هذا الباقی کله،و هو ثلاثة أنصباء و ثلاثة و عشرون جزء من ثلاثین جزء من نصیب و وصیة و سبعة أجزاء من ستین جزء من وصیة تعدل أنصباء الورثة و هی ستة أنصباء،فسقط ثلاثة أنصباء و ثلاثة و عشرون جزء من جزءا من وصیة).

إذا أردت نسبتها بالکسور المنطقة قلت:فیبقی ثلاثة أنصباء و ثلاثة أخماس نصیب و ثلثا خمس و سدس خمس نصیب،وصیة و ثلث خمس وصیة و سدس خمس وصیة و نصف سدس خمس وصیة.

و مخرج الأول مضروب ستة فی خمسة و هو ثلاثون،و مخرج الثانی مضروب اثنین

ص:85

ثلاثین جزء من نصیب بمثلها،فیبقی نصیبان و سبعة أجزاء من ثلاثین جزء من نصیب تعدل وصیة و سبعة أجزاء من ستین جزء من وصیة.

فاذن الوصیة تعدل نصیبین،لأن عدد الأنصباء مثلا عدد الوصیة، فالوصیة اثنان،و النصیب واحد،و المال ستة أنصباء و وصیة،فهو إذن ثمانیة، فنضرب ذلک فی ثلاثة،لأن المال یجب أن یکون له نصف سدس و مخرجه فی خمسة و المرتفع فی ستة و ذلک ستون،و المصنف لما نسبها بالکسور الصم اعتبر المخرجین بالنظر إلی ذلک،و المال واحد.

قوله: (فاذن الوصیة تعدل نصیبین،لأن عدد الأنصباء مثل نصف الوصیة،فالوصیة اثنان،و النصیب واحد).

إنما کانت الوصیة تعدل نصیبین،لأن نصیبین و سبعة أجزاء من ستین جزءا من نصیب إذا بسطتها کانت سبعة و ستین،و وصیة و سبعة أجزاء من ستین جزءا من وصیة إذا بسطتها کانت سبعة و ستین أیضا.

فحیث کانت معادلة لسبعة و ستین جزءا الاولی کانت ستون من الأولی معادلة لستین منها،و ستون من الأولی هی مجموع نصیبین،و ستون من الثانیة هی مجموع وصیة،فیکون عدد الأنصباء-أی واحد منها-مثل نصف الوصیة،فیکون النصیب واحدا،لأنه أقل ما یوجد صحیحا و تکون الوصیة ضعفه.

قوله: (فنضرب ذلک فی ثلاثة،لأن المال یجب أن یکون له نصف سدس).

إنما وجب ذلک:لأن الوصیة الثالثة نصف سدس المال.

أقول:و لک أن تستخرج هذه المسألة بالجبر بطریق أسهل من هذا و أخصر، بأن تفرض ثلث المال نصیبا مجهولا و خمسة سهام لیکون الباقی بعد النصیب خمسا، فتسترجع من النصیب بقدر خمس الباقی،فیکون المال کله ثلاثة أنصباء مجهولة

ص:86

اثنی عشر،و هو یوافق الثمانیة بالربع،فنضرب ربع أحدهما فی الآخر فتصیر أربعة و عشرین،فنأخذ ثلث المال ثمانیة،تدفع إلی الموصی له الأول نصیبا و هو ثلاثة فیبقی خمسة،نسترجع من النصیب خمس الباقی و هو واحد یحصل معنا ستة،فندفع إلی الموصی له الثانی نصیبا و هو ثلاثة فیبقی ثلاثة، و نسترجع منه ثلث ذلک و هو واحد فیحصل معنا أربعة،زدنا ذلک علی ثلثی المال و هو ستة عشر فصار عشرین،تدفع إلی الثالث نصف سدس المال سهمین یبقی ثمانیة عشر،لکل ابن ثلاثة.و قد کان للموصی له الأول سهمان،فهی مثل النصیب إلاّ خمس الباقی من الثلث بعد النصیب، و للموصی له الثانی سهمان و هو مثل النصیب إلاّ ثلث الباقی من الثلث، و للموصی له الثالث سهمان هی نصف السدس.

و خمسة عشر،فتأخذ من الثلث نصیبا یبقی خمسة،تسترجع منه قدر خمس الباقی- و هو واحد-یکون الباقی من الثلث بعد الوصیة الأولی ستة،تدفع إلی الموصی له الثانی بالوصیة الثانیة نصیبا مجهولا،یبقی من الثلث ستة إلاّ نصیبا،فتسترجع من النصیب قدر ثلث الباقی بعده-و هو اثنان إلاّ ثلث نصیب-تضمها إلی ستة إلاّ نصیبا،یکون مجموع الباقی من الثلث بعد الوصیتین ثمانیة إلاّ نصیبا و ثلث نصیب، تزید علی ثلثی المال-و هو عشرة و نصیبان-یکون الجمیع ثمانیة عشر و ثلثی نصیب، تدفع إلی الموصی له الثالث نصف سدس المال-و ذلک ربع نصیب و واحد و ربع-یبقی ربع نصیب و سدس نصیب و ستة عشر و ثلاثة أرباع سهم،و ذلک یعدل سهام الورثة، یقابل ربع نصیب و سدس نصیب بمثلهما،یبقی ستة عشر سهما و ثلاثة أرباع سهم، یعدل خمسة أنصباء و ثلث نصیب و ربع نصیب.

فإذا أردت معرفة النصیب من السهام ضربت ستة عشر و ثلاثة أرباع فی أربعة مخرج الکسر یبلغ سبعة و ستین،و ضربت خمسة أنصباء و ثلث و ربع نصیب فی اثنی عشر

ص:87

العاشرة:لو خلّف تسعة و بنین و أوصی بنصف ما یبقی من الربع بعد إخراج نصیب ابن واحد منه

العاشرة:لو خلّف تسعة و بنین و أوصی بنصف ما یبقی من الربع بعد إخراج نصیب ابن واحد منه،و لآخر بثلث ما یبقی،و لآخر بربع ما یبقی، فمخرج النصف و الثلث و الربع اثنی عشر،و النصف و الثلث و الربع منها ثلاثة عشر،تضرب أربعة فی اثنی عشر تبلغ ثمانیة و أربعین،تنقص منها ثلاثة عشر تبقی خمسة و ثلاثون و هی نصیب ابن واحد.

ثم تضرب التسعة فی اثنی عشر تبلغ مائة و ثمانیة،تنقص منها ثلاثة عشر تبقی خمسة و تسعون و هی ربع المال.فنصیب الموصی له الأول ثلاثون، و الثانی عشرون،و الثالث خمسة عشر،و أصل المال ثلاثمائة و ثمانون.

مخرج الکسر یبلغ سبعة و ستین أیضا،و قد عرفت معادلة الجملة للجملة.

ثم تقسّم ستین من الاولی علی أربعة یخرج خمسة عشر،و ستین من الثانیة علی اثنی عشر یخرج خمسة،تقسّط خمسة عشر علی خمسة یکون النصیب ثلاثة،فظهر أن المال کله أربعة و عشرون و باقی العمل ظاهر.

قوله: (لو خلّف تسعة و بنین،و أوصی بنصف ما یبقی من الربع بعد إخراج نصیب ابن واحد منه،و لآخر بثلث ما یبقی،و لآخر بربع ما یبقی.

فمخرج النصف و الثلث و الربع اثنا عشر،و النصف و الثلث و الربع منها ثلاثة عشر تضرب أربعة فی اثنی عشر یبلغ ثمانیة و أربعین،تنقص منها ثلاثة عشر یبقی خمسة و ثلاثون-و هی نصیب ابن واحد-ثم تضرب التسعة فی اثنی عشر یبلغ مائة و ثمانیة،تنقص منها ثلاثة عشر یبقی خمسة و تسعون،و هی ربع المال.).

ما بیّن به هذه المسألة هو طریق الحشو،و هو الذی قرره فی آخر المسألة الرابعة.

ص:88

و قد تصح من ستة و سبعین،بأن نأخذ مخرج الکسور و هی اثنی عشر فنقول:هی ربع مال إلاّ نصیبا،فإذا کملناه بنصیب صار ربعا کاملا، فمجموع المال ثمانیة و أربعون و أربعة أنصباء،فإذا أخرج النصیب من الربع بقی اثنا عشر،للأول ستة،و للثانی أربعة،و للثالث ثلاثة،یبقی من المال أربعة أنصباء و خمسة و ثلاثون،تدفع أربعة أنصباء إلی أربعة من الأولاد، و إنما لم یضم سهام الموصی لهم إلی سهام البنین عند ضربها فی المخرج المشترک لاستخراج ربع،لأن ذلک إنما یکون لسهام الموصی لهم بمثل نصیب الوارث،سواء استثنی منه أم لا.أما الموصی له بجزء من المال،أو من الباقی من المال،أو من جزئه بعد نصیب و نحوه فلا یضم سهمه،إذ لیس علی نهج سهام الورثة.

و إنما کان مخرج النصف و الثلث و الربع اثنی عشر،لأن مخرج النصف داخل تحت مخرج الربع،و بین مخرج الربع و الثلث تباین،و مضروب أحدهما فی الآخر اثنا عشر.

و إذا أخذت الأجزاء المذکورة من المخرج کانت عائلة بسهم،لأنها ثلاثة عشر،فتضرب المخرج المشترک فی مخرج الکسر المنسوب إلی المال-و هو أربعة،لأن الکسر الربع-ثم تنقص منها سهام الحشو،و هی الأجزاء علی ما عرفته فی المسألة الرابعة و هی ثلاثة عشر،إلی أن یستکمل العمل کما ذکره.و إنما کان أصل المال ثلاثمائة و ثمانین،لأنک تضرب مخرج کسر المال فی خمسة و تسعین.

قوله: (و قد تصح من ستة و سبعین،بأن نأخذ مخرج الکسور و هی اثنا عشر فنقول:هی ربع مال إلاّ نصیبا،فإذا اکملناه بنصیب صار ربعا کاملا، فمجموع المال ثمانیة و أربعون و أربعة أنصباء،فإذا أخرج النصیب من الربع بقی اثنا عشر،للأول ستة،و للثانی أربعة،و للثالث ثلاثة.یبقی من المال أربعة أنصباء و خمسة و ثلاثون،ندفع أربعة أنصباء إلی أربعة من الأولاد،

ص:89

ثم تقسّم خمسة و ثلاثین علی خمسة أولاد،فلکل ابن سبعة،فالنصیب سبعة فالربع تسعة عشر،فالمجموع ستة و سبعون.هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال.

و لو حصره فی الربع فالطریق أن نجعل المال أرباعا،ندفع ربعا إلاّ نصیبا إلی الموصی لهم،یبقی ثلاثة أرباع و نصیب للورثة تعدل تسعة أنصباء، ثم نقسّم خمسة و ثلاثین علی خمسة أولاد،فلکل ابن سبعة،فالنصیب سبعة، و الربع تسعة عشر،فالمجموع ستة و سبعون).

تنقیح ذلک أن ربع المال یجب أن یکون الباقی منه بعد إخراج نصیب ابن منه ماله نصف و ثلث و ربع،لأنها الأجزاء الموصی بها من الربع بعد النصیب،و قد عرفت أن مخرجها اثنا عشر،فیکون الربع نصیبا و اثنی عشر،فیکون المجموع ثمانیة و أربعین و أربعة أنصباء.

و لما کانت الأجزاء المذکورة من المخرج المذکور عائلة بسهم وجب ان یکون ذلک السهم من الثلاثة الأرباع الباقیة لأن الربع لا یفی بها و الوصایا یجب تنفیذها إذا وسعها الثلث.

فإن قیل:إذا لم یف الباقی من الربع بالأجزاء المذکورة،یجب الاقتصار علی صرف باقی الربع إلی الوصایا،لأن الوصایا منحصرة فی باقی الربع،إذ هو المتبادر من قوله: (نصف الباقی من الربع و ثلثه و ربعه).

قلنا:لا انحصار،لأن المراد قدر نصف الباقی من الربع و قدر ثلثه و قدر ربعه، بدلیل قول المصنف فیما سیأتی:(هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال)،فإنه متی علم أن مراد الموصی ذلک تعیّن الحمل علی ما ذکرناه.

قوله: (هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال،و لو حصره فی الربع فالطریق أن نجعل المال أرباعا،ندفع ربعا إلاّ نصیبا إلی الموصی لهم،یبقی ثلاثة

ص:90

فالربع نصیبان و ثلثان،فالمجموع عشرة و ثلثا نصیب،تضرب مخرج الکسر و هو ثلاثة فی عشرة و ثلثین تبلغ اثنین و ثلاثین،و الربع ثمانیة و النصیب ثلاثة تبقی خمسة،تقسم علی ثلاثة عشر تضرب ثلاثة عشر فی اثنین و ثلاثین. أرباع و نصیب للورثة تعدل تسعة أنصباء،فالربع نصیبان و ثلثان،فالمجموع عشرة و ثلثا نصیب،یضرب مخرج الکسر-و هو ثلاثة-فی عشرة و ثلثین یبلغ اثنین و ثلاثین الربع ثمانیة و النصیب ثلاثة یبقی خمسة تقسم علی ثلاثة عشر یضرب ثلاثة عشر فی اثنین و ثلاثین).

أشار بقوله:(هذا)إلی إعطاء السهم العائل من غیر الربع،فإنه إذا علم أن ذلک مراد الموصی وجب العمل به لا محالة،أما لو حصره فی الربع فالطریق ما ذکره المصنف،و هو أن یجعل المال أرباعا إلی آخره.

و المراد بالکسر فی قوله:(یضرب مخرج الکسر)هو الثلثان فی عشرة و ثلثین، و الخمسة الباقیة من الربع بعد النصیب هی نصیب الموصی لهم،یجب قسمتها علی ثلاثة عشر،هی الأجزاء المشتملة علی العول لیکون النقص الحاصل بالنسبة،فهی سهام الموصی لهم.

و لما لم یکن وفق بین نصیب الموصی لهم و سهامهم،ضربت السهام-و هی ثلاثة عشر-فی أصل الفریضة،فالحاصل أربعمائة و ستة عشر،ربعها مائة و أربعة،نصیب کل ابن تسعة و ثلاثون،و الباقی من الربع خمسة و ستون،للموصی له الأول ثلاثون، و للثانی عشرون،و للثالث خمسة عشر.

و إن شئت فرضت الربع نصیبا و ثلاثة عشر،فالمال کله اثنان و خمسون و أربعة أنصباء تدفع إلی الموصی لهم من الربع ثلاثة عشر-و هی الباقی من الربع بعد نصیب ابن-یبقی تسعة و ثلاثون و أربعة أنصباء تعدل تسعة أنصباء،نقابل أربعة أنصباء بمثلها،یبقی تسعة و ثلاثون تعدل خمسة أنصباء،فالنصیب سبعة و أربعة أخماس،

ص:91

و إنما طولنا الکلام فی هذا الباب،و خرجنا فیه عن مناسبة الکتاب، لأن أصحابنا المتقدمین رضوان الله علیهم أجمعین أعطونا القوانین الکلیة، و لم یعترضوا لهذه التفریعات الجزئیة،فتعرضنا نحن لها لیتمهر الفقیه الحاذق لاستخراج ما یرد علیه من هذا الباب و الله الموفق للصواب.

الفصل الثالث:فی تصرفات المریض

اشارة

الفصل الثالث:فی تصرفات المریض،و هی قسمان:منجزة،و معلقة بالموت.

فمجموع أنصباء الورثة سبعون و خمس.و للموصی لهم ثلاثة عشر،و مجموع ذلک ثلاثة و ثمانون و خمس،ربعه عشرون و أربعة أخماس هی نصیب و ثلاثة عشر،فإذا بسطت الجمیع من جنس الکسر بلغ أربعمائة و ستة عشر.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن ما ذکر حکم ما إذا علم مراده فی السهم العائل، فإن لم یعلم أن مراده کونه من أصل المال أو الحصر فی الثلث،ففی الحکم تردد ینشأ:

من احتمال الأول،حملا للوصیة علی ارادة قدر نصف الباقی و ثلاثة و ربعه،إذ لولاه لزم اما الرجوع عن بعض الوصیة السابقة،أو العول فی الباقی من الربع،و اللازم بقسمیه باطل،لتضمن کل منهما تبدیل الوصیة.و من احتمال ارادة العول.

و لا نمنع لزوم التبدیل،لأن العول یستلزم المجاز،و الأول یقتضی الإضمار، و المجاز خیر منه،فینبغی التأمل لذلک.

قوله: (لیتمهر الفقیه الحاذق لاستخراجها).

قال فی القاموس:الماهر الحاذق بکل عمل،و قد مهر الشیء و فیه و به کمنع مهرا و مهورا و مهارا (1)،و الحاصل أن الماهر و الحاذق من واد واحد،و المراد من الجمع بینهما هنا زیادة الحذق و استکمال العلم.

قوله(الفصل الثالث:فی تصرفات المریض،و هی قسمان:منجّزة،

ص:92


1- 1)القاموس المحیط 2:137« [1]مهر».
أما المؤجلة

أما المؤجلة فکالوصیة بالإجماع فی إخراجها من الثلث،و کذا تصرفات الصحیح المقترنة بالموت.

و معلّقة بالموت:

أما المؤجلة:فکالوصیة بالإجماع فی إخراجها من الثلث).

أراد بالتصرفات المؤجلة:المعلقة بالموت،کما أراد بالمعجلة المنجزة.

و المتبادر من هذه العبارة تشبیه المؤجلة بالوصیة،و وجه الشبه:خروجها من الثلث.و یکون معنی قوله:(بالإجماع)أن مساواة المؤجلة للوصیة فی ذلک ثابت بالإجماع.لکن یرد حینئذ أن الغرض فی هذا الفصل بیان حکم تصرفات المریض التی أعظم أقسامها الوصیة،و مؤدی العبارة علی هذا التقدیر هو أن المقصود بیان حکم المؤجلة التی هی غیر الوصیة.

فإن قیل:إذا کان حکم المؤجلة حکم الوصیة فی ذلک،کان ثبوت هذا الحکم فی الوصیة بطریق أولی،فیستفاد الحکمان معا.

قلنا:یرد شیء آخر،و هو لزوم کون تصرفات المریض المعلقة بالموت هی ما عدا الوصیة،و أن الوصیة لا تعد منها،فإن التشبیه یقتضی کون المشبه غیر المشبه به، و أول العبارة یأبی ذلک علی ما یظهر من قوله:(و هی قسمان منجزة و معلقة بالموت)، فإن الضمیر یعود إلی تصرفات المریض،و من جملتها الوصیة.

و اعلم ان من المؤجلة غیر الوصیة التدبیر،بناء علی أنه عتق بصفة،و منها النذر المقیّد بالموت و نحو ذلک.

قوله: (و کذا تصرفات الصحیح المقترنة بالموت).

أی:و مثل المؤجلة للمریض المؤجلة بالموت من الصحیح فی انها من الثلث، و ذلک بالإجماع،إلا أن فی قوله:(المقترنة بالموت)مناقشة،لأن المقترن بالموت هو الذی توافق وجوده،و معلوم أن هذا المعنی غیر مراد،بل المراد المؤجلة بالموت،و الأمر سهل.

ص:93

و أما المعجلة
اشارة

و أما المعجلة للمریض فإن کانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات فی مرضه،و إن برأ لزمت إجماعا،فهنا بحثان:

قوله: (و أما المعجّلة للمریض،فإن کانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات فی مرضه).

اختلف الأصحاب فی تصرفات المریض المنجزة إذا کانت تبرعا،فقال الشیخ رحمه الله فی المبسوط (1)،و الصدوق (2)،و ابن الجنید:انها من الثلث کغیر المنجزة (3)، و اختاره المصنف.و قال المفید فی المقنعة (4)،و الشیخ فی النهایة (5)،و ابن البراج (6)،و ابن إدریس:انها من الأصل (7).

و المختار الأول،لصحیحة علی بن یقطین،قال:سألت أبا الحسن علیه السلام ما للرجل من ماله عند موته؟قال:«الثلث،و الثلث کثیر» (8)و ما الاستفهامیة و جوابها للعموم.

و لصحیحة یعقوب بن شعیب قال:سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یموت ما له من ماله؟فقال:«له ثلث ماله» (9)،و التقریب ما تقدم.

و لا یخفی أن المسؤول عنه فی الروایتین لیس هو أصل الملک،بدلیل قول السائل:من ماله،بل المسؤول عنه الطلق الذی ینفذ فیه تصرفه و لا حجر علیه فیه،

ص:94


1- 1)المبسوط 4:44.
2- 2) المقنع:39.
3- 3) نقله عنه العلاّمة فی المختلف:514.
4- 4) المقنعة:101.
5- 5) النهایة:620.
6- 6) نقله عنه العلاّمة فی المختلف:514.
7- 7) السرائر:392.
8- 8) التهذیب:9:243 حدیث 940.
9- 9) الکافی 7:11 حدیث 3، [1]التهذیب 9:191 حدیث 770.

..........

و ذلک أقرب المجازات.

و لما رواه علی بن عقبة عن الصادق علیه السلام:فی رجل حضره الموت فأعتق مملوکا لیس له غیره،فأبی الورثة أن یجیزوا ذلک،کیف القضاء فیه؟قال:«ما یعتق منه إلاّ ثلثه و سائر ذلک الورثة أحق بذلک و لهم ما بقی» (1).و إذا کان العتق مع کونه مبنیا علی التغلیب کذلک فغیره أولی.

احتج الآخرون بأن المرض لم یخرجه عن کونه مالکا فیستصحب ما کان فی حال الصحة،و لعموم قوله علیه السلام:«الناس مسلطون علی أموالهم» (2)،خص منه المعلّق بالموت فیبقی الباقی علی أصله.

و بما رواه عمّار عن الصادق علیه السلام قال:«الرجل أحق بماله ما دام فیه الروح إن أوصی به کله فهو جائز» (3).

و بما رواه سماعة عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:قلت له الرجل له الولد أ یسعه أن یجعل ما له لقرابته؟فقال:«هو ماله یصنع به ما یشاء إلی أن یأتیه الموت،فإن أوصی به فلیس له إلاّ الثلث،إلاّ أن الفضل فی أن لا یضیع من یعوله و لا یضر بورثته» (4).

و الجواب عن العمومات ان الخاص مقدّم،و عمار و سماعة ضعیفان فلا تعارض روایتهما الصحاح.

ص:95


1- 1)التهذیب 9:194 حدیث 881،الاستبصار 4:120 حدیث 455.
2- 2) عوالی اللئالی 2:138 حدیث 383.
3- 3) الکافی 7:7 حدیث 2، [1]الفقیه 4:150 حدیث 97،التهذیب 9:186 حدیث 748،الاستبصار 4:121 حدیث 459.
4- 4) الکافی 7:8 حدیث 10، [2]الفقیه 4:149 حدیث 518.
الأول:فی بیان مرض الموت

الأول:فی بیان مرض الموت:الأقرب عندی أن کل تصرف وقع فی مرض اتفق الموت معه،سواء کان مخوفا أو لا فإنه یخرج من الثلث إن کان تبرعا،و إلاّ فمن الأصل.

و قیل:إن کان مخوفا فکذلک،و إلاّ فمن الأصل کالصحیح.

قوله: (فی بیان مرض الموت:الأقرب عندی أنّ کل تصرف وقع فی مرض اتفق الموت معه،سواء کان مخوفا أو لا،فإنه یخرج من الثلث إن کان تبرعا،و إلاّ فمن الأصل،و قیل:إن کان مخوفا فکذلک و إلاّ فمن الأصل کالصحیح).

بعد أن علم ان تصرفات المریض من الثلث و إن کانت منجزة إذا کانت تبرعا، فلا بد من بیان المرض الذی یثبت معه هذا الحکم.

و قد وقع الخلاف فی تحقیقه،فقال الشیخ فی المبسوط:إن المرض المانع مما زاد عن الثلث هو المخوف،و هو ما یتوقع منه الموت دون غیره،تمسکا بالأصل و الاستصحاب،و بنحو عموم«الناس مسلطون علی أموالهم»إلاّ ما أخرجه دلیل،و لم یقم علی غیر المخوف دلیل.

و لأن الأخبار الواردة بکون تصرف المریض من الثلث لا تدل علی أزید من ذلک،لأن فی بعضها:ما للرجل عند موته.و لیس المراد عند نزول الموت به قطعا،فتعیّن حمله علی ظهور أماراته،لأنه أقرب من غیره من المجازات.و المراد ظهور ذلک بالمرض ،لإشعار قوله علیه السلام:«المریض محجور علیه بذلک»،و للإجماع علی عدم الحجر بغیر المرض (1).

ص:96


1- 1)المبسوط 4:44.

..........

و قال المحقق ابن سعید:إن التصرف المذکور إذا وقع فی مرض اتفق معه الموت فإنه من الثلث،سواء کان ذلک المرض مخوفا أم لا (1).و اختاره المصنف،لتناول عموم قوله علیه السلام:«المریض محجور علیه إلاّ فی ثلث ماله لغیر المخوف مرضه»اما لأن المحلی باللام یعم،أو لأن المتبادر من مثل ذلک کون الوصف سببا.

و الأول أظهر،إذ لا تنهض الأخبار حجة علی الحجر بمطلق المرض،و قوله علیه السلام:«المریض محجور علیه»لا یقوم له،لأن المفرد لا یعم،و لو سلّم منعنا صدق اسم المریض عرفا علی من حم ساعة،و من به وجع الضرس و العین.و إنما یحمل المریض علی من صدق علیه هذا الاسم عرفا،لأن الحقیقة العرفیة مقدمة.

و اعلم أن قول المصنف:(کل تصرف وقع فی مرض اتفق الموت معه)یعم ما حصل الموت بسببه و غیره،حتی لو قتله قاتل،أو أکله سبع،و نحو ذلک یقع تبرعه من الثلث.

و قوله:(و قیل:إن کان مخوفا فکذلک)معناه فإنه من الثلث بدلیل قوله بعد:

(و إلاّ فمن الأصل)،و هنا مباحث:

الأول:إذا أشکل حال المرض فی انه مخوّف أو لا،رجع الی أهل البصیرة، و هم الأطباء فإنهم أهل المعرفة بذلک.

و یعتبر فی القبول التعدد و العدالة،لأن ذلک یقتضی إثبات حق الورثة و إسقاط حقوق أهل العطایا،و إبطال تصرف المالک.و لو أخبر من لیس بهذه الأوصاف،لکن حصل الظن القوی بصدق قوله،لکونه من أهل التجربة المستمرة،ففی الحکم اشکال،و لا تشترط الحریة،خلافا للشافعیة.

قال المصنف فی التذکرة:و لا یقبل قول رجل و امرأتین،و لا شاهد و یمین،لأنها شهادة علی غیر المال و إن کان المقصود المال.و احتمل فیما لو کان المتبرع امرأة

ص:97


1- 1)الشرائع 2:261. [1]

و لا بد من الإشارة إلی المرض المخوف فنقول:قد یحصل فی الأمراض تفاوت و له طرفان و واسطة.

لا یطلع علیها الرجال قبول النساء و إن انفردت،قال:و هل یعتبر فی الشاهدین العلم بالطلب؟الأقرب ذلک (1).

الثانی:قال فی التذکرة أیضا:و لو کان المرض غیر مخوّف و اتصل به الموت، فأن کان بحیث لا یحال علیه الموت بحال،کوجع الضرس و نحوه،فالتبرع نافذ و الموت محمول علی الفجأة.و إن کان غیره،کاسهال یوم أو یومین،تبیّنا باتصال الموت کونه مخوفا،و کنا نظن أن القوة تحتمله فظهر خلافه،و کذا حمّی یوم أو یومین (2).و هذا التفصیل إنما هو بناء علی أن الحجر مخصوص بالمرض المخوّف،و اختیاره فی التذکرة خلافه.

لکن یشکل کلامه فی الشق الثانی،فإن ثبوت الحجر بمجرد استناد الموت إلی المرض الذی کان غیر مخوف ظاهرا،و احتمال ذلک إبطال للتصرف الصادر من المالک بمجرد الاحتمال.

الثالث:قال فیها أیضا:و لو قال أهل المعرفة:إن هذا المرض لا یخاف منه الموت،لکنه سبب ظاهر فی أن یتولد منه المرض المخوّف،فالأول مخوّف أیضا.و لو قال:أنه یفضی إلی المرض المخوف نادرا،فالأول لیس بمخوف (3).هذا کلامه،و فی القسم الأول إشکال،فإن ظهور علامة المرض المخوّف لا یصدق معها المرض المخوف.

قوله: (و لا بد من الإشارة إلی المرض المخوف فنقول:قد یحصل فی الأمراض تفاوت،و له طرفان و واسطة.

ص:98


1- 1)التذکرة 2:523. [1]
2- 2) التذکرة:2:524. [2]
3- 3) التذکرة:2:524. [3]
أما الطرف

أما الطرف الذی یقارن الموت فهو أن یکون قد حصل معه یقین التلف،کقطع الحلقوم و المریء،و شق الجوف و إخراج الحشوة،و فی اعتبار نطقه إشکال ینشأ:من عدم استقرار حیاته،فلا یجب بقتله حینئذ دیة کاملة و لا قصاص فی النفس بل حکمه حکم المیت.

أما الطرف الذی یقارن الموت فهو أن یکون قد حصل معه یقین التلف،کقطع الحلقوم و المریء و شق الجوف و إخراج الحشوة).

کان الأحسن أن یقول:الأمراض متفاوتة،و للتفاوت طرفان و واسطة.و کان الأفصح أن یقول:أما أحد الطرفین فهو الذی یقارن الموت،و ذلک بان یکون.،لأنه لم یجر لمقارنة الموت ذکر.و قوله:(الذی یقارن الموت)یشعر بسبق ذکره.

و فی قوله:(فهو أن یکون قد حصل معه یقین التلف)فیه توسع،لأن الطرف الواحد هو نفس المرض المذکور،لا کونه قد حصل معه یقین التلف.و مثله قوله:

(کقطع الحلقوم)فان حق العبارة کحال من قطع حلقومه و مریة الی آخره.

قوله: (ففی اعتبار نطقه إشکال ینشأ:من عدم استقرار حیاته،فلا یجب بقتله دیة کاملة و لا قصاص فی النفس،بل حکمه حکم المیت).

المراد:فإذا بلغ حال الشخص إلی شیء من هذه المذکورات،ففی اعتبار نطقه -بمعنی انه هل یکون معتبرا فی نظر الشارع،بحیث یترتب علیه مقتضاه،فیعد بیعه و إقراره بیعا و إقرارا،و کذا غیرهما-إشکال ینشأ:من أنه بسبب عدم استقرار حیاته قد صار ملحقا بالأموات،و لهذا لا یصح إسلام الکافر و لا توبة الفاسق بنص القرآن العزیز،و لو قتله قاتل لم یقتص منه و لم تلزمه دیة حی.

و من أن الفرض بقاء عقله و رشده،و عمومات الکتاب و السنة الدالة علی اعتبار نطق البالغ العاقل الرشید تتناوله و لا مخصص،و لا یلزم من إلحاقه بالأموات فی

ص:99

الطرف الثانی:مقابله

الطرف الثانی:مقابله،و هو ما له حکم الصحة کوجع العین و الضرس،و حمی یوم،و الفالج و السل المستمر لتطاول زمانهما فهذا لیس بمخوف.

بعض الأحوال إلحاقه بهم فی جمیعها،و هذا أقوی،و هو الذی رجحه فی التذکرة (1) قوله: (و حمّی یوم،و الفالج،و السل المستمر،لتطاول زمانهما).

الحمی إذا أطبقت و لازمت یوما و یومین فلیست بمخوفة،علی ما ذکره المصنف فی أول کلامه فی التذکرة،و قال:إن الشیخ مال إلیه (2)،فإن دامت صارت مخوفة،لما فیها من أضعاف القوة،و کان تصرفه فی الیومین الأولین ماضیا.

و الفالج استرخاء لأحد شقی البدن،لانصباب خلط بلغمی تنسد منه مسالک الروح،قاله فی القاموس (3).

و السل داء یصیب الریة و یأخذ البدن منه فی النقصان و الاصفرار،قاله فی التذکرة،و فیه قولان:

أحدهما:انه لا یکون مخوّفا لا فی أوله و لا فی آخره،لأن السل و إن لم یسلم منه صاحبه غالبا،فإنه لا یخشی منه الموت عاجلا،فیکون بمنزلة الشیخوخة و الهرم.

و الثانی:انه فی انتهائه مخوّف و فی ابتدائه غیر مخوف،لأن مدته تتطاول، فابتداؤه لا یخاف منه الموت عاجلا فإذا انتهی خیف،و قال آخرون ابتداؤه مخوف،فإذا استمر لم یکن مخوفا (4)هذا کلامه،و القول الأخیر هو مختاره فی هذا الکتاب،و لا وجه لهذا الخلاف بین

ص:100


1- 1)التذکرة 2:522.
2- 2) التذکرة 2:522. [1]
3- 3) القاموس المحیط 1:211( [2]فلج).
4- 4) التذکرة 2:523. [3]

و أما الواسطة:فکل مرض لا یقین معه بالتلف و لا یستبعد معه کالحمی المطبقة،لا کحمی الربع و الغب،إلاّ أن ینضم إلیها برسام أو رعاف الفقهاء،لأن مثل ذلک إنما یعلم بقوانین الطب و التجربة،و لیس للفقه فی ذلک مدخل.

ثم انه إن لم یکن مخوّفا فی ابتدائه لم یحصل الوقوف علی انتهائه إلاّ للطبیب، علی أن زمان الابتداء و الانتهاء غیر مضبوط،إذ لا یراد أول حدوثه و آخر انتهائه،بل ما یقرب من ذلک،فلا بد من الرجوع إلی الطبیب.

إذا عرفت ذلک فقوله:(المستمر)قید فی السل دون الفالج،لأنه المتبادر،و هذا و إن کان ظاهرا فی التذکرة فإنه قال:و هیجان البلغم مخوّف،لأن ذلک من شدة البرد، فربما غلب ذلک علی الحرارة الغریزیة فأطفأها،فإذا صار فالجا تطاول و لم یکن مخوّفا (1)،لأن الفالج لیس بمخوف فی ابتدائه و لا فی انتهائه.

إلاّ أن ما سیأتی من قوله:(و کغلبة البلغم و هو ابتداء الفالج.)یقتضی خلاف ذلک،فیکون قیدا فیهما،و هو المقصود من کلامه فی التذکرة فإنه قال:و هیجان البلغم مخوف،لأن ذلک من شدة البرد،فربما غلب ذلک علی الحرارة الغریزیة فأطفأها،فإذا صار فالجا تطاول و لم یکن مخوّفا (2).

و هذا و إن کان ظاهره أن الفالج لیس مخوّفا فی ابتدائه و لا فی انتهائه إلاّ انه غیر مراد له،و إنما یرید بقوله:(فإذا صار فالجا)أنه إذا استحکم و استمر علی ذلک، کما صنع فیما سیأتی من کلامه فی هذا الکتاب و قد صرح فی التحریر بأن الفالج غیر مخوّف عند انتهائه،و السل فی ابتدائه (3)،و هو منبّه علی ما قلناه،و قد صرح بذلک غیره.

قوله: (و أما الواسطة فکل مرض لا یقین معه بالتلف و لا یستبعد معه، کالحمی المطبقة،لا کحمی الربع و الغب،إلاّ أن ینضم إلیها برسام،أو رعاف

ص:101


1- 1)التذکرة 2:523. [1]
2- 2) التذکرة 2:523. [2]
3- 3) التحریر 1:311. [3]

دائم أو ذات جنب أو وجع صدر أو رئة أو قولنج، دائم،أو ذات جنب،أو وجع صدر،أو رئة،أو قولنج).

حمی الربع-بکسر الراء-هی التی تأتی یوما و تنقطع یومین و تعود فی الیوم الرابع،و الغب-بکسر الغین المعجمة-هی التی تأتی یوما و تنقطع یوما،و للحمیات أنواع آخر منها:الورد،و هی التی تأتی کل یوم،و حمی الأخوین و هی التی تأتی یومین و تنقطع یومین.

قال فی التذکرة:فما سوی الربع من هذه مخوف،و ذکر فی أن حمّی الغب مخوفة أولا اختلافا.قال:و أما الربع علی تجردها فهی غیر مخوفة،لأن المحموم یأخذ القوة فی یومی الإقلاع (1)،و لا ریب انه إذا انضم إلی الحمّی شیء من الأمور المذکورة کانت مخوفة.

أما البرسام-بالکسر-فإنه بخار یرتقی إلی الرأس یؤثر فی الدماغ.

و أما الرعاف الدائم:فإنه یصفّی الدم فیذهب القوة.

و ذات الجنب:قرح بباطن الجنب یوجع شدیدا،ثم ینفتح فی الجوف و یسکن الوجع و ذلک وقت الهلاک،و کذا وجع الخاصرة.

و وجع القلب یستلزم اضطرابه،و إذا اضطرب کان مخوّفا،و کذا وجع الصدر، و مثله وجع الرئة،و هی بوزن فئة موضع النفس و الریح من الحیوان،قال فی الجمهرة:

و الریة بالجر ریة الإنسان و الدابة (2)،و کذا فسرها فی الصحاح (3).

و القولنج:انعقاد اختلاط الطعام فی بعض الأمعاء لا یزول عنه،و یصعد عنه بسبب البخار إلی الدماغ فیؤدی إلی الهلاک،کذا فی التذکرة (4).و فی القاموس:القولنج

ص:102


1- 1)التذکرة 2:522. [1]
2- 2) الجمهرة 2:1107.
3- 3) الصحاح 6:2349(رأی).
4- 4) التذکرة:2:522. [2]

و کالإسهال المفرط أو المستصحب للزحیر أو الدم،و کغلبة الدم:أما علی جمیع البدن فینتفخ البدن به مع الحمی و هو الطاعون،لأنه من شدة الحرارة فیطفئ الحرارة الغریزیة،أو علی بعض البدن فینتفخ به ذلک العضو.

و قد تکسر لامه،أو هو مکسور اللام،و یفتح القاف و یضم:مرض معوی مؤلم یعسر معه خروج الثفل و الریح (1).

قوله: (و کالإسهال المفرط،و المستصحب للزحیر أو الدم).

إذا تواتر الإسهال و لم یمکن منعه فهو مخوف و إن کان ساعة،لأن من لحقه ذلک أسرع فی موته،لتجفیفه رطوبات البدن.

و إن لم یکن متواترا،فان کان یوما أو یومین و لم یدم فلیس بمخوف،لأنه قد یکون من فضل الطعام،إلاّ أن یقترن به زحیر:و هو أن یخرج بشدة أو بوجع أو بتقطیع،و هو أن یخرج کذلک و یکون مقطعا.

و قد یتوهم انفصال شیء کثیر فإذا نظر کان قلیلا،و هو مخوّف،لاضعافه القوة،و کذا لو کان معه دم،لأنه یسقط القوة،و کذا الإسهال المنتن،أو الذی یمازجه دهینة،أو براز أسود یغلی علی الأرض.

قوله: (و کغلبة الدم،اما علی جمیع البدن فینتفخ البدن به مع الحمی، و هو الطاعون،لأنه من شدة الحرارة،فیطفئ الحرارة الغریزیة،أو علی بعض البدن فینتفخ به ذلک العضو).

لا ریب أن الطاعون مخوّف فی حق من أصابه،لأنه من شدة الحرارة.قال فی التذکرة:إلاّ أنه یکون من هیجان الدم فی جمیع البدن و ینتفخ،و قال بعضهم:إنه انصباب الدم الی عضو،و الوجه الأول.

فقوله هنا:(أو علی بعض البدن)و هو القول الثانی،و ظاهر کلامه هنا ارتضاء التفسیرین.

ص:103


1- 1)القاموس المحیط 1:204. [1]

و کغلبة البلغم و هو ابتداء الفالج فإنه مخوف فی الابتداء،لأنه یعقل اللسان و یسقط القوة،فإن صار فالجا تطاول.و کغلبة المرة الصفراویة، و کالجرح الواصل إلی جوف الدماغ أو البدن.

أما غیر الواصل إلیه کالحاصل فی الید و الساق و الفخذ،فإن حصل منه انتفاخ و ألم و ضربان أو تأکل و مدة فمخوف،و إلاّ فلا.

و أما ما ینذر بالموت و لا یمس البدن فلا یعد فی المرض،و التبرعات معه ماضیة من الأصل کحال المراماة،و کالأسیر إذا وقع فی ید المشرکین، و کرکوب البحر وقت التموج،و کإقامة الحجة علیه بما یوجب القتل، و کظهور الطاعون و الوباء فی بلدة،و کالحمل قبل ضرب الطلق و بعده،أما لو مات الولد معها فإنه مخوّف،و هذا التفصیل عندی لا اعتبار به.

و یمکن أن یرید بقوله:أو علی بعض البدن:مطلق غلبة الدم من غیر أن یکون طاعونا،فإنه خص الشق الأول بکونه الطاعون (1)،و تحقیق ذلک لیس من وظیفة الفقیه.

قوله: (و کغلبة المرة الصفراویة).

لأنها قد تورث یبوسة،و مثلها غلبة الدم و هیجانه و انصبابه إلی عضو من ید أو رجل أو غیرهما فینتفخ،و قد تحصل الحمی،و لا یشترط معه تغیر العقل،خلافا للشافعی.

قوله: (و کالحمل قبل ضرب الطلق،و معه و بعده).

حکی المصنف فی التذکرة عن الشیخ رحمه اللّه أن للحامل ثلاثة أحوال قبل الطلق و معه و بعده،فما قبله لیس مخوّفا،و ما معه مخوّف،و ما بعده إن لم یکن معه دم و ألم فلیس مخوّفا و إلاّ فهو مخوّف (2).و یلوح من کلام المصنف هنا موافقة کلام الشیخ.

ص:104


1- 1)التذکرة 2:523. [1]
2- 2) التذکرة 2:523. [2]
البحث الثانی:فی حقیقة التبرع

البحث الثانی:فی حقیقة التبرع:و هو ازالة الملک عن عین مملوکة، یجری الإرث فیها من غیر لزوم و لا أخذ عوض یماثلها، و فی التذکرة أطلق کون الحمل لیس مخوّفا حین ضرب الطلق (1)،و کلام الشیخ لا یخلو من وجه.

و اعلم انه قد قیل فی تفسیر المرض المخوف:إنه ما یستعد الإنسان بسببه لما بعد الموت،بأن یعد أسباب التجهیز و ما ینفعه بعد الموت من توبة و وصیة ورد مظلمة.

و قال أصحاب الرأی:المخوّف ما یمنع من المجیء و الذهاب،و ما لا یمنع من التردد فلیس بمخوّف.و روی عنهم:إن المخوّف هو الذی یجوز القعود له فی صلاة الفرض،و الکل ضعیف،و ما تقدم هو المعتمد.

قوله: (فی حقیقة التبرع:و هو ازالة الملک عن عین مملوکة،یجری الإرث فیها من غیر لزوم،و لا أخذ عوض یماثلها).

لما ذکر فیما مضی حکم تبرعات المریض المنجزة،لم یکن بدّ من بیان حقیقة التبرع،إذ هو متعلق الحکم.

و قد عرّفه المصنف بأنه:إزالة الملک عن عین مملوکة،یجری الإرث فیها من غیر لزوم إلی آخره.فقوله:(ازالة الملک)یخرج العاریة،إذ لیس فیها ازالة للملک، و یشکل خروجها،فإنها من التبرعات.و فیه اشکال آخر،و هو الإزالة بالإتلاف،فإن التعریف صادق علیها مع انها لیست من التبرعات،و لا تحسب من الثلث.

و بقوله:(عن عین مملوکة).خرج ازالة الملک عن الدین،و عن المنفعة،و عن نحو التحجیر و الحریم.و لا ریب فی أن خروج الدین و المنفعة مخل بصحة التعریف،

ص:105


1- 1)التذکرة 2:523. [1]

فلو باع بثمن المثل لزم و صح،و کذا لو اشتری به.

و لا یمنع من إخراج ما ینتفع به من مأکول و ملبوس و مشروب،و لا و أما نحو التحجیر و حریم الملک فلا أعلم فیهما تصریحا للأصحاب،لکنهما من توابع الملک،و یجوز الصلح علیهما فیقابلان بمال.

و کان حقه أن یقول:مملوکة له،لأن المملوکة لغیره لو أزال ملک مالکها عنها بوکالة أو ولایة لم یکن مما نحن فیه،و المقام یعیّن هذا التقید،و یغنی عن التعرض إلیه.

و قوله:(یجری فیها الإرث)لا یکاد یتحقق له فائدة:إذ لا تتصور ازالة الملک عن عین مملوکة لا یجری فیها الإرث و یعد تبرعا،إذ ما لا یجری فیه الإرث من الأموال الوقف،و ازالة الملک فیه إنما یکون بالإتلاف،و لیس مما نحن فیه.

و قوله:(من غیر لزوم).یرد علیه ازالة الملک اللازم بالنذر فی مرض الموت إذا وفّی به الثلث،فان ذلک تبرع محسوب من الثلث مع کونه علی وجه لازم.

فان قیل:الإزالة هنا بالنذر و لیس إیقاعه لازما.

قلنا:بل الإزالة فی مثل ما لو نذر له شاة من شیاهه مثلا بالدفع.

و قوله:(و لا أخذ عوض یماثلها)احترز به عن المعاوضات الواقعة مجردة عن المحاباة،فإن العوض لو لم یکن مماثلا فقد اشتملت المعاوضة علی محاباة.و ینبغی أن یراد بالمماثل المکافئ،لیخرج عنه مهر المثل لو نکح فی المرض.

قوله: (فلو باع بثمن المثل لزم و صح،و کذا لو اشتری به) أی:إذا کانت حقیقة التبرع المحسوب من الثلث ما ذکر،فالبیع و الشراء بثمن المثل لیس من التبرع،فیجب أن یکون البیع الواقع کذلک صحیحا لازما.

و لا یخفی أنه لما قدّم قوله(لزم)لم یکن محتاجا إلی قوله بعده:(و صح)،لأن التقیید بالأخص یستلزم التقیید بالأعم.

قوله: (و لا یمنع من إخراج ما ینتفع به من مأکول و ملبوس و مشروب،

ص:106

من ابتیاعه بثمن المثل،سواء کانت عادته ذلک أم لا.

أما لو باع بدون ثمن المثل،أو اشتری بأکثر منه،أو وهب،أو أعتق، أو وقف،أو تصدّق فإنه یخرج من الثلث علی الأقوی.

و الإقرار مع التهمة من الثلث و لا معها من الأصل،فهنا مطالب:

و لا من ابتیاعه بثمن المثل،سواء کانت عادته ذلک أولا).

أی:لا یمنع المریض من إخراج المأکول و المشروب علی نفسه و إن کان ذلک نفیسا،و إن کان الغرض منه التلذذ.

و کذا القول فیما یتداوی به من نفائس الأدویة و غیرها،و کذا القول فی ملبوسه فلیلبس ما شاء،و إن لم یوجد عنده کان له شراؤه،و کذا لا یمنع من الانتفاع بثمن المثل،فلو عاوض علی جاریة کان له التسری بها.

و لا یحسب شیء من ذلک علیه من الثلث إجماعا،کما ان سائر إتلافاته لا تحسب علیه.و لا فرق بین أن یکون من عادته الانتفاع بالنفیس و عدمه.

قوله: (أما لو باع بدون ثمن المثل،أو اشتری بأکثر منه،أو وهب، أو أعتق،أو وقف،أو تصدق فإنه یخرج من الثلث علی الأقوی).

هذا مما یتفرع أیضا علی کون التبرع المحدود سابقا محسوبا من الثلث.

و تحقیقه:أنه إذا باع بدون ثمن المثل فقد اشتمل البیع علی المحاباة،فالتفاوت من جملة التبرعات،فیکون محسوبا من الثلث علی أصح القولین فی التبرعات المنجزة فی المرض،علی ما سبق تحقیقه.و مثله ما لو وهب هبة صحیحة غیر معوّضة،أو أعتق، أو وقف،أو تصدق،لأن جمیع ذلک من التبرعات.

قوله: (و الإقرار مع التهمة من الثلث،و لا معها من الأصل).

اختلف الأصحاب فی إقرار المریض،هل هو ماض من الأصل أم من الثلث؟

ص:107

..........

فاختار سلار (1)،و ابن إدریس (2)کونه من الأصل مطلقا،سواء کان الوارث أو لأجنبی،و سواء کان متهما أو لا،لعموم:«إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز» (3).

و قال الصدوق:إنه من الثلث إذا کان للوارث (4)،و لم یقیّد بالتهمة.

و قال الشیخ فی النهایة (5)،و ابن البراج:إنه من الأصل مع العدالة و انتفاء التهمة،و من الثلث بدونهما،سواء الوارث و الأجنبی.

و قال المفید:إنه ماض من الأصل بالشرطین السابقین بالنسبة إلی الوارث و الأجنبی إذا أقر بودیعة،و أطلق فی الإقرار بالدین کونه ماضیا من الأصل (6).

و قال ابن حمزة:انه ماض من الأصل بالنسبة إلی الأجنبی مطلقا،و بالنسبة إلی الوارث من الثلث إن کان متهما (7).

و ذهب المحقق نجم الدین إلی أنه مع التهمة من الثلث مطلقا،و لا معها من الأصل مطلقا (8)،و اختاره المصنف،و هو الأصح،لنا علی النفوذ من الأصل مع عدم التهمة عموم قوله علیه السلام:«إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز» (9)و إجماع المسلمین علی نفوذ إقرار العاقل،و علی النفوذ معها بالنسبة إلی الوارث و الأجنبی صحیحة منصور بن حازم،قال:سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجل أوصی لبعض ورثته

ص:108


1- 1)المراسم:317.
2- 2) السرائر:391.
3- 3) عوالی اللئالی 1:223 حدیث 104.
4- 4) المقنع:47.
5- 5) النهایة:618.
6- 6) المقنعة:100.
7- 7) الوسیلة:413. [1]
8- 8) الشرائع 3:152.
9- 9) عوالی اللئالی 1:223 حدیث 104. [2]
الأول:فی التبرعات

الأول:فی التبرعات،و فیه مسائل:

الأولی:الهبة و العتق و الوقف و الصدقة المندوبة محسوبة من الثلث

الأولی:الهبة و العتق و الوقف و الصدقة المندوبة محسوبة من الثلث، و لو نذر الصدقة فی مرض الموت،فالأقرب بأن علیه دینا فقال:«إن کان المیت مرضیا فأعطه الذی أوصی له» (1).

و صحیحة العلاء بیاع السابری،قال:سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا،فلما حضرها الموت قالت له:أن المال الذی دفعت إلیک لفلانة،و ماتت المرأة،فأتی أولیاؤها الرجل و قالوا له:إنه کان لصاحبتنا مال لا نراه إلاّ عندک،فاحلف لنا ما قبلک شیء،أ فیحلف لهم؟فقال:«إن کانت مأمونة عنده فلیحلف،و إن کانت متهمة فلا یحلف،و یضع الأمر علی ما کان،فإنما لها من مالها ثلثه» (2).قوله:«و یضع الأمر علی ما کان»المراد انه یجری علی الودیعة حکم مال المقرة إذا لم یسعها الثلث،فإنه لیس لها من مالها إلاّ الثلث.

إذا عرفت ذلک فاعلم أنه لیس فی الأخبار ما ینهض حجة علی اعتبار العدالة فی المریض،فإن اعتبار کونه مرضیا مأمونا یحتمل أن یرید به کونه بحیث یعتمد علی قوله،لما عهد من حسن سیرته و إن لم یبلغ مرتبة العدالة،و انه لیس متهما علی الوارث بإرادة الإضرار به و حرمانه بالإقرار،و تصریح بعض الأصحاب باعتبار العدالة محل تردد.

قوله: (فی التبرعات و فیه مسائل:

الأول:الهبة،و العتق،و الوقف،و الصدقة المندوبة محسوبة من الثلث، و لو نذر الصدقة فی مرض الموت فالأقرب.

ص:109


1- 1)الفقیه 4:170 حدیث 594،الاستبصار 4:111 حدیث 426.
2- 2) الفقیه 4:170 حدیث 124،الاستبصار 4:112 حدیث 7.

أنه من الثلث.و کذا لو وهب صحیحا و اقبض مریضا،لأن القبض هو المزیل للملک.

و کذا لو أبرأ عن دین،أو کاتب عبدا و ان زاد عن ثمن المثل.

أنه من الثلث.) وجه القرب عموم الأخبار الدالة علی الحجر علی المریض فیما زاد علی ثلث ماله،و لأن صحة النذر مشروطة بأن لا یستلزم إتلاف مال علی الغیر و لا إسقاط حق، و ما زاد علی الثلث تعلق به حق الورثة،فوجب أن یکون نفوذ النذر فیه موقوفا علی إجازتهم.

و قیل:یمضی من الأصل،لوجوب الوفاء بالنذر،و الواجبات المالیة من الأصل.و یضعّف بأن وجوب الوفاء فرع صحة النذر،و صحته فیما زاد علی الثلث ممنوعة،فإن عموم الأخبار یقتضی العدم.

قوله: (و کذا لو وهب صحیحا و أقبض مریضا،لأن القبض هو المزیل للملک،و کذا لو أبرأ عن دین،أو کاتب عبدا و إن زاد عن ثمن المثل).

المراد:إذا وهب هبة غیر معوضة،أو عوضها دون عوض المثل.

و قوله:(لأن القبض هو المزیل للملک)بناء علی المشهور،أما علی القول بأن الملک یحصل بالعقد-و هو مختار الشیخ فی المبسوط (1)،و المصنف فی المختلف (2)-فلا یتم،و الإبراء عن الدین هبة.

و إنما کانت الکتابة من الثلث و إن زاد العوض عن ثمن المثل،فلأن العبد و ما یکتسبه جمیعه ملک للسید،فلا یقع ما یؤدیه عوضا حقیقیا،لأن العوض الحقیقی هو الذی لا یکون مملوکا لملک المعوض.

ص:110


1- 1)المبسوط 4:33.
2- 2) المختلف:486.

و لو شرط فی الهبة عوض المثل فمن الأصل،و دونه یکون الزائد من الثلث،و یمضی من الأصل ما یؤدیه من الدیون،و أروش الجنایات سواء وقعت فی الصحة أو مرض الموت،و کذا مهر المثل مع الدخول،أما لو زاد کان الزائد من الثلث.

و لو خصص بعض الدیون بالقضاء لم یکن لباقی الدیان المشارکة و إن قصرت الترکة.

فإن قیل:المدفوع من الزکاة المبذول و المشروط صرفه فی عوض الکتابة غیر مملوک للسید.

قلنا:عوض الکتابة أعم من ذلک و موضعه الذمة،و العبد ذمته ملک للمولی.

نعم لو اشتراه مشتر من الزکاة و نحو ذلک اعتبر فیه عوض المثل فصاعدا،إلاّ أن ذلک لیس من الکتابة فی شیء.

قوله: (و یمضی من الأصل ما یؤدیه من الدیون،و أروش الجنایات، سواء وقعت فی الصحة أو مرض الموت،و کذا مهر المثل مع الدخول.).

أما الدیون الثابتة فی الذمة،فلأنها مقدّمة علی الإرث بنص القرآن العزیز،من غیر فرق بین الواقع منها فی الصحة و غیره،و أروش الجنایات من جملة الدیون.

و مهر المثل من جملة الأعواض اللازمة مع صحة النکاح،و إنما یصح مع الدخول بالنص و الإجماع.أما الزائد عن مهر المثل فهو من جملة التبرعات،إذ لا عوض فی مقابلة،فیکون من الثلث.

قوله: (و لو خصص بعض الدیون بالقضاء لم یکن لباقی الدیّان المشارکة و إن قصرت الترکة).

أی:و إن قصرت الترکة عن الدیون،و ذلک لأن المدیون ما دام حیا لم یفلس فموضع دیونه ذمته لا أمواله،فلا تعلق للدیان بأمواله إلاّ بعد موته.فإذا وهب أو

ص:111

اما لو أوصی بتخصیصه بالقضاء لم یصح،و یمضی من الأصل الکفارة الواجبة و أجرة المثل عن حجة الإسلام أو المنذورة فی الصحة و أجرة الصلاة من الثلث و إن کانت واجبة،و بالجملة کل واجب یخرج من صلب المال.

خصص بعض الدیون بشیء لم یکن لهم الاعتراض علیه،نعم لهم المطالبة و التضییق و طلب الحجر من الحاکم بشروطه.

قوله: (أما لو أوصی بتخصیصه بالقضاء لم تصح).

أی:بتخصیص بعض الدیون،و إنما لم تصح الوصیة لتعلق حق الدیّان بالترکة حینئذ،و یتحقق الحجر علی الوارث و الموصی فیها.

و ینبغی أن یحمل قوله:(بتخصیصه بالقضاء)علی ارادة قضاء ذلک الدین دون غیره،إذ لو أوصی بتخصیصه بمال معیّن فالمتجه انه إن کانت الترکة زائدة علی الدین زیادة وافیة بالوصیة صحت الوصیة،بناء علی ما ذهب إلیه فی باب الحجر علی المریض من أن للوارث التصرف فیما زاد علی قدر الدین من الترکة تصرفا مراعی،فیکون هنا کذلک.

بل التحقیق وجوب العمل بالوصیة هنا مطلقا،سواء زادت الترکة أم لا،بأن توفّی باقی الدیون أولا مما عدا الموصی به،فإذا تحقق قضاؤها نفذت الوصیة حینئذ، لانتفاء المانع.و لو دفع بکفیل و نحوه لم یبعد الجواز،نعم مع نقصان الترکة عن الدیون یراعی تنفیذ الوصیة فی حصة ذلک الدین.

قوله: (و بالجملة کل واجب یخرج من صلب المال).

الظاهر أن هذا ضابط لما یمضی من الأصل من الواجبات،و أن قوله(و اجرة الصلاة من الثلث)وقع فی البین أجنبیا.

و المعنی المراد:إن ضابط ما یمضی من الأصل من ذلک علی وجه الجملة هو قولنا:کل واجب یخرج من صلب المال،أی له تعلق بالمال فی حال الحیاة،بحیث

ص:112

الثانیة:لو أخذ عوضا هو ثمن مثل ما بذله من المال فهو من رأس المال کالبیع

الثانیة:لو أخذ عوضا هو ثمن مثل ما بذله من المال فهو من رأس المال کالبیع،و أصناف المعاوضات،سواء کان مع أجنبی أو وارث،و سواء کان متهما أو لا.

و لو باع الوارث بثمن المثل،و أقر بقبض الثمن من غیر مشاهدة نفذ یکون المال ملحوظا فیه شرعا کالحج فإن الاستطاعة ملحوظة فیه،و حال الکفارة و الخمس و الزکاة و النذور المالیة ظاهر.و إنما قلنا إن هذا هو المراد،لأنه لولاه لم یستقم حمله علی عمومه،إذ لیس کل واجب یخرج من صلب المال کما لا یخفی.

قوله: (لو أخذ عوضا هو ثمن مثل ما بذله من المال فهو من رأس المال کالبیع،و أصناف المعاوضات،سواء کان مع أجنبی أو وارث،و سواء کان متهما أولا).

لا یخفی ما فی قوله:(کالبیع و أصناف المعاوضات)من المسامحة،إذ لا یکون ذلک مثالا للأخذ،و المراد ظاهر.

و الحاصل أن تصرّف المریض فی جمیع ماله بالبیع،و غیره من المعاوضات المشتملة علی عوض المثل لما یخرجه عن نفسه لا خلاف فی صحتها بین أهل الإسلام لعموم:«الناس مسلطون علی أموالهم» (1)،و لأن الذی یجب حفظه علی الوارث هو المالیة دون أعیان الأموال،و ذلک حاصل مع عوض المثل.

و لا فرق بین کون المعاوضة مع أجنبی أو وارث،و لا أثر لکون المریض متهما علی الورثة أو بعضهم بإرادة إخراج أعیان الترکة عنهم أولا،لما قلناه.

قوله: (و لو باع الوارث بثمن المثل،و أقر بقبض الثمن من غیر

ص:113


1- 1)عوالی اللئالی ج 2 ص 138 ج 383. [1]

البیع و إن کان مستوعبا،و کان الإقرار من الثلث مع التهمة،و ما یتغابن الناس بمثله یمضی من الأصل.

و لو اوصی أن یکفن بالمرتفع مضی الزائد عن المجزئ من الثلث.

مشاهدة،نفذ البیع و إن کان مستوعبا،و إن کان الإقرار من الثلث مع التهمة).

أی:لو باع المریض الوارث شیئا بثمن المثل،و أقر بقبض الثمن،و لم یشاهد الشهود القبض،فالبیع صحیح نافذ،لأن المریض مسلط علی المعاوضات المشتملة علی عوض المثل،و قبض الثمن غیر شرط فی الصحة،و لا فرق فی ذلک بین کون المبیع مستوعبا لجمیع الترکة و عدمه.

أما الإقرار فإنه یمضی من الثلث إن کان المریض متهما،لما عرفت من أن إقراره مع التهمة إنما یمضی من الثلث،سواء کان فی حق الوارث أم الأجنبی،و بدونها من الأصل.

و لا یخفی أنه لا فائدة فی قوله:(و لو باع الوارث)،بل هو مضر،فلو أسقطه لکانت العبارة أشمل.

و اعلم أن البیع لو کان صرفا،و کان متهما فی إقراره،لم یمض الصرف فیما زاد علی الثلث،لفقد الشرط.

قوله: (و ما یتغابن الناس بمثله یمضی من الأصل).

قطعا،لأن مثل هذا التفاوت لا یقدح فی کون المأخوذ عوض المثل.

قوله: (و لو أوصی أن یکفن بالمرتفع مضی الزائد عن المجزئ من الثلث).

المراد:المرتفع بالنسبة إلی الموصی،و لا شک أنه یختلف باختلاف الأشخاص و البلدان،فرب مرتفع بالنسبة إلی شخص منخفض بالنسبة إلی آخر،و کذا القول فی البلدان.

ص:114

و لو اشتمل البیع علی المحاباة مضی ما قابل السلعة من الأصل و الزائد من الثلث،و کذا لو شرط أقل من عوض المثل فی الهبة.

الثالثة:نکاح المریض مشروط بالدخول

الثالثة:نکاح المریض مشروط بالدخول،فإن مات قبله بطل العقد،و لا مهر و لا میراث،و لو ماتت قبله فکذلک.

قوله: (و لو اشتمل البیع علی المحاباة مضی ما قابل السلعة من الأصل و الزائد من الثلث،و کذا لو اشترط أقل من عوض المثل فی الهبة).

المحاباة:مفاعلة من الحبوة،و هی مثلثة الأول العطیة بلا منّ و لا جزاء.

و المراد:البیع بأقل من ثمن مثل المبیع بما لا یتغابن به الناس،فهو فی قوة بیع و هبة فمقابل السلعة من الأصل،و الزائد و هو ما وقعت به المحاباة من الثلث.

و کان الأحسن أن یقول:و مقابل المأخوذ،لیعم ما إذا کان بائعا أو مشتریا بنقد و غیره،لأن أول کلامه لا یأبی ذلک،فإن البیع الواقع کما یصح تقدیره من المریض کذا یصح تقدیره له،و الحکم فی الهبة المعوضة و الصلح و الصداق کذلک.

قوله: (نکاح المریض مشروط بالدخول،فإن مات قبله بطل العقد و لا مهر و لا میراث،و لو ماتت فکذلک).

لا خلاف عندنا فی جواز النکاح للمریض،و عمومات الکتاب و السنة و صریح الأخبار شاهدة بذلک.

إلاّ أن صحته مشروطة بالدخول عندنا،و یدل علی ذلک حسنة زرارة عن أحدهما علیهما السلام قال:«لیس للمریض أن یطلّق و له أن یتزوّج،فإن تزوّج و دخل بها فهو جائز،و إن لم یدخل بها حتی مات فی مرضه فنکاحه باطل و لا مهر لها و لا میراث» (1).و فی معناها صحیحة عبید بن زرارة عن الصادق علیه السلام (2).

ص:115


1- 1)الکافی 6:123 حدیث 12. [1]
2- 2) الکافی 6:121 حدیث 1. [2]

و إن دخل صح العقد فإن کان المسمی بقدر مهر المثل أو أقل نفذ من الأصل،و إلاّ فالزائد من الثلث،و له أن ینکح أربعا.

و لو زوجت المریضة نفسها فالأقرب الصحة و عدم اشتراط الدخول، و حیث علم اشتراط صحة نکاحه بالدخول،فلو ماتت قبله بطل العقد أیضا، و لم تستحق مهرا و لم یرثها هو.

قوله: (و إن دخل صح العقد،فإن کان المسمّی بقدر مهر المثل أو أقل نفذ من الأصل،و إلاّ فالزائد من الثلث).

إنما کان قدر مهر المثل من الأصل لظاهر الأخبار الدالة علی جواز نکاح المریض من غیر تقیید،و لأن فی النکاح شائبة المعاوضة،و لأنه لیس أسوأ من شراء جاریة للتسری.

و إنما کان الزائد علی مهر المثل من الثلث،فلأن النکاح فی معنی المعاوضة، و البضع یجری مجری المال،و الظاهر أنه لا خلاف فی ذلک عندنا.

قوله: (و لو زوّجت المریضة نفسها فالأقرب الصحة و عدم اشتراط الدخول).

أما الصحة فمقطوع بها فی الجملة،إذ نکاح المریض مع التزامه المهر مقطوع بصحته فی الجملة،فالمریضة أولی،لأن النکاح بالنسبة إلیها فی معنی الاکتساب،إنما الکلام فی أن نکاحها هل هو مشروط بالدخول کنکاح المریض؟و هذا هو مراد المصنف و إن کانت العبارة قد توهم خلافه.

و وجه القرب عمومات الکتاب (1)و السنة الدالة علی صحة النکاح من غیر

ص:116


1- 1)النساء:3.

فإن کان بدون مهر المثل فالأقرب النفوذ.

و یکره للمریض أن یطلّق،و یمضی لو فعل، اشتراط الدخول،و نکاح المریض اختص بنص أخرجه (1)،و لأنه اکتساب بالنسبة إلیها لإیجابه المهر و النفقة لها،بخلاف الرجل،لاقتضائه وجوب ذلک علیه.

و یحتمل ضعیفا اشتراطه بالدخول کما فی المریض،للاشتراک فی وصف المرض،و تحقق المزاحمة للورثة فی المیراث فیهما معا،و ضعف هذا أظهر من أن یحتاج إلی بیان.

قوله: (فإن کان بدون مهر المثل فالأقرب النفوذ).

وجه القرب تناول العمومات له مع انتفاء المعارض،و لأن البضع لا حق للورثة فیه،و لیس هو من جملة الأموال،بل ذلک محض فائدة للوارث،إذ هو مقابلة ما لا یستحقونه بما یدخل فی ملکهم،فلا فرق فیه بین القلیل و الکثیر فی أنه لا دخل للوارث فیه.

و یحتمل ضعیفا کون المحاباة من الثلث،لأن ذلک بمنزلة الهبة،و لأن الوارث یستحق المهر،فیکون النقص عن مهر المثل تفویتا علیه،و لیس بشیء.

قوله: (و یکره للمریض أن یطلّق،و یمضی لو فعل).

یکره طلاق المریض کراهیة شدیدة،حتی انه ورد فی بعض الأخبار ما یقتضی المنع،و هو منزل علی شدة الکراهیة.

و ربما علّل بأنه یراد به حرمان الوارث من الإرث،فلذلک قوبل بنقض مقصوده، و کیف کان فلو طلّق مع الشرائط وقع إجماعا.

ص:117


1- 1)انظر الوسائل 15:383 باب 21 من أبواب أقسام الطلاق.

لکنهما یتوارثان فی العدة الرجعیة،و ترثه المرأة إن مات فی الحول من حین الطلاق ما لم تتزوج أو یبرأ من مرضه.

فلو مات بعد الحول و لو بساعة،أو برأ فی أثناء الحول ثم مات قبل خروجه،أو تزوجت فی أثنائه و إن طلّق الثانی بائنا فلا میراث.

قوله: (لکنهما یتوارثان فی العدة الرجعیة،و ترثه المرأة إن مات فی الحول من حین الطلاق ما لم تتزوج أو یبرأ من مرضه،فلو مات بعد الحول و لو بساعة،أو بریء فی أثناء الحول ثم مات قبل خروجه،أو تزوجت فی أثنائه و إن طلّق الثانی بائنا فلا میراث).

الاستدراک علی ظاهر قوله:(و یمضی لو فعل)،فإن مضی الطلاق هنا لیس کمضیه فی غیره،بل خرج عن حکمه بالإرث فی غیر العدة الرجعیة،فترثه هی إذا مات فی مرضه ذلک قبل مضی الحول من حین الطلاق و لم تتزوج و إن کانت بائنة،أما هو فلا یرثها إلاّ فی العدة الرجعیة.

و یدل علی الأول ما رواه أبو الورد عن الباقر علیه السلام قال:«إذا طلق الرجل امرأته تطلیقة فی مرضه،ثم مکثت فی مرضه حتی انقضت عدتها فإنها ترثه ما لم تتزوج،فإن کانت تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه» (1).

و روی أبو العباس عن الصادق علیه السلام قال:قلت له:رجل طلّق امرأته و هو مریض تطلیقة،و قد کان طلقها قبل ذلک تطلیقتین،قال:«فإنها ترثه إذا کان فی مرضه»،قال:قلت:ما حد المرض؟قال:«لا یزال مریضا حتی یموت و إن طال ذلک إلی سنة» (2).

و روی أبو العباس عنه علیه السلام قال:«إذا طلق الرجل المرأة فی مرضه

ص:118


1- 1)الکافی 6:121 حدیث 2. [1]
2- 2) الکافی 6:122 حدیث 6. [2]

و الأقرب انتفاء الإرث مع الخلع و المبارأة،و سؤالها الطلاق،و کونها کافرة أو أمة وقت الطلاق و إن أسلمت أو أعتقت فی الحول،إلاّ فی العدة الرجعیة.

ورثته ما دام فی مرضه ذلک و إن انقضت عدتها،إلاّ أن یصح منه»،قال:قلت:فإن طال به المرض؟قال:«ما بینه و بین سنة» (1).

و روی عبد الرحمن بن الحجاج عمن حدثه،عن أبی عبد اللّه علیه السلام:فی رجل طلق امرأته و هو مریض،قال:«إن مات فی مرضه و لم تتزوّج ورثته،و إن کانت قد تزوّجت فقد رضیت بالذی صنع،لا میراث لها» (2)،و هذه الروایة تتناول مطلق المطلّقة بائنة و غیرها.

و لا یخفی أن قول المصنف:(فلو مات بعد الحول و لو بساعة)و إن أشعر باعتبار الساعة إلاّ أنه لا یراد ظاهره،لدلالة الأخبار علی أنه لو مات بعد الحل لم ترثه و ذلک صادق بأقل من ساعة.

و یدل علی الثانی ما رواه الحلبی و أبو بصیر و أبو العباس جمیعا عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه قال:«ترثه و لا یرثها إذا انقضت العدة» (3).

قوله: (و الأقرب انتفاء الإرث مع الخلع و المبارأة،و سؤالها الطلاق، و کونها کافرة أو أمة وقت الطلاق و إن أسلمت أو أعتقت فی الحول،إلاّ فی العدة الرجعیة).

ما قرّبه المصنف هنا من انتفاء الإرث مع الخلع و المبارأة و سؤالها الطلاق،هو مختار الشیخ فی الاستبصار (4)،و أبی القاسم جعفر بن سعید الحلی (5)،و تدل علیه روایة

ص:119


1- 1)الکافی 6:122 حدیث 7. [1]
2- 2) الکافی 6:121 حدیث 3. [2]
3- 3) الکافی 7:134 حدیث 6. [3]
4- 4) الاستبصار 3:306.
5- 5) الشرائع 4:34. [4]

..........

زرعة عن سماعة قال:سألته عن رجل طلّق امرأته و هو مریض قال:«ترثه ما دامت فی عدتها،فإن طلقها فی حال إضرار فهی ترثه إلی سنة،فإن زاد علی السنة یوم واحد لم ترثه،و تعتد منه أربعة أشهر و عشرة أیام عدة المتوفی عنها زوجها» (1).

و نقل فی الاستبصار عن محمد بن القاسم الهاشمی،کذا ذکره الشارحان (2)، و الذی وجدته فی الاستبصار عن الحسن بن محمد بن القسم قال:سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول:«لا ترث المختلعة و المبارأة و المستأمرة فی طلاقها من الزوج شیئا إذا کان منهن فی مرض الزوج» (3).و ذهب فی المبسوط (4)و الخلاف إلی الإرث (5)،و تبعه ابن إدریس (6)تمسکا بعموم الأخبار و استضعافا،للمنافی.

فإن قیل:ما سبق فی روایة عبد الرحمن بن الحجاج من قوله علیه السلام:

«فقد رضیت بالذی صنع لا میراث لها» (7)یدل علی أنه لا إرث لها مع رضاها،و یومی إلی أن علّة ثبوت الإرث فی المطلقة فی المرض تهمته بإرادة حرمانها من الإرث.

قلنا:لو کان ذلک علّة لوجب أن ینتفی إرثها برضاها بعد الطلاق،و بما إذا علم رضاها به و لم یصرح بالسؤال،و بما إذا علم أن غرضه بالطلاق خوف نزول ضرر به أو بها،أو خوف ظالم و نحو ذلک.و إن ثبت مع الفسخ بشیء من الأسباب الموجبة له، و لیس کذلک،فالحکم بالإرث فیهن کغیرهن لا یخلو من قوة.

و أما إذا کانت الزوجة کتابیة أو أمة،فأسلمت بعد الطلاق فی المرض أو أعتقت، فإن کان ذلک فی العدة الرجعیة فلا بحث فی ثبوت الإرث،لأنها زوجة.

ص:120


1- 1)الاستبصار 3:307 حدیث 14.
2- 2) إیضاح الفوائد 2:600.
3- 3) الاستبصار 3:308 حدیث 6.
4- 4) المبسوط 5:68.
5- 5) مسألة 55 کتاب الإرث.
6- 6) السرائر:325.
7- 7) الکافی 6:121 حدیث 3. [1]

و لو طلّق أربعا و نکح بعد العدة أربعا،و دخل ثم مات ورث الثمان نصیب الزوجیة بالسویة.و کذا لو طلق الأواخر و تزوج أربعا غیرهن ورثه الجمیع،و هکذا.

و لو أعتق أمته فی مرض الموت،و تزوج بها و دخل صح العتق و العقد، و إن کان بعدها و قبل الحول فالأقرب عند المصنف انتفاء الإرث فیهما،و لم یتعرّض الشارحان لحکمهما لأنهما لم یجعلاهما فی حیز الأقرب،و ظاهر الحال أنهما و ما قبلهما فی حیزه،و کلام التذکرة ینبه علی ذلک (1).

و وجه القرب انتفاء التهمة،و قصد الإضرار یمنع الإرث،لانتفائه بدون ذلک، و لسبق الحکم بعدم ارثهما،لاستمرار المانع بعد العدة الرجعیة،فثبوته بالإسلام و العتق بعد ذلک یحتاج الی دلیل.

و یحتمل الثبوت،و حکاه فی التذکرة قولا فی الأمة،لتناول النصوص لها بعد زوال المانع،و عدم التناول معه لا یقتضی المنع من التناول بعد زواله،و الاستصحاب حجة إذا لم یعارضه ظاهر النص من عموم و نحوه،و لا أری هذا الوجه بذلک البعید.

قوله: (و لو طلّق أربعا،و نکح بعد العدة أربعا،فدخل ثم مات،ورث الثمان نصیب الزوجیة بالسویة.و کذا لو طلّق الأواخر و تزوّج أربعا غیرهن ورثه الجمیع،و هکذا).

المراد:انه تزوج أربعة غیرهن و دخل،و تحقق الموت علی وجه اقتضی إرث الجمیع،بأن لم یتجاوز الحول من حین الطلاق الأول.

و معنی قوله:(و هکذا انه لو طلّق الأواخر و نکح غیرهن علی الوجه المعتبر تحقق الإرث أیضا،و المستند عموم النصوص المتناولة لذلک.

قوله: (و لو أعتق أمته و تزوّج بها و دخل صح العتق و العقد،و ورثت إن

ص:121


1- 1)التذکرة:2:519. [1]

و ورثت إن خرجت من الثلث،و إلاّ فبالنسبة. خرجت من الثلث،و إلا فبالنسبة).

أی:لو أعتق المریض أمته و تزوّج بها و دخل،و جعل عتقها صداقها،فإما أن یخرج من الثلث أو لا،فإن خرجت صح العتق و النکاح و ورثت بالزوجیة،خلافا للشافعی فإنه قال:لا ترث،لأنها لو ورثت کان عتقها وصیة للوارث لا یلزم،و إذا بطل العتق بطل النکاح و المیراث جمیعا.

و لم یصرّح المصنف بجعل عتقها صداقها،لکن قوله:(إن خرجت من الثلث) ینبّه علی ذلک،لأنه لو کان قد سمّی لها مهرا لوجب اعتباره من الثلث أیضا.و کذا قوله فی المسألة التی بعدها:(و تزوجها بمهر)إذ لو لا ذلک لکانت المسألتان واحدة و لو کانت مفوضة البضع أو المهر.

و إن لم یخرج من الثلث عتق منها قدره و لم ترث،لبطلان النکاح.

و هل لها من نفسها شیء باعتبار الوطء؟ذکر شیخنا الشهید فی شرح الإرشاد احتمالین:

أحدهما:العدم،لأنه لم یجعل لها عوضا سوی عتق رقبتها،و قد بطل فی الزائد علی الثلث و صار حقا للوارث،فلم تستحق غیره.

و الثانی:إلحاقها بمن أمهرها قدر قیمتها،فإن المسمی یبطل،و تستحق من مهر المثل بالنسبة،و یدخلها الدور کما سیأتی بیانه إن شاء اللّه تعالی.

فلو کان مهر مثلها بقدر قیمتها فی الفرض المذکور و لم یخلّف سواها عتق نصفها،لأنه یعتق منها شیء و تستحق من مهر المثل مثله،و لا یحسب من الثلث،لأنه عوض جنایة،فیکون للورثة شیئان فی مقابلة ما عتق منها،فیکون فی تقدیر أربعة أشیاء،فالشیء ربعها.

ص:122

و لو أعتق أمته فی مرض الموت،و تزوجها بمهر و دخل صح الجمیع و إن خرجت من الثلث،و ورثت،و إلاّ بطل العتق فی الزائد و ما قابله من المهر.

و حکی شیخنا فی الشرح قولا ببطلان العتق هنا أصلا،لأنه لم یعتقها إلاّ علی تقدیر التزویج و قد بطل.و فی الاحتمال الثانی قوة،لأن الوطء المحترم لا یخلو من عوض.

إذا عرفت ذلک فقول المصنف:(و إلاّ فبالنسبة)معناه:و إن لم یخرج من الثلث عتق منها بالنسبة،أی بنسبة الثلث کائنا ما کان.و یلوح من ظاهر هذه العبارة أنها لا تستحق بالوطء شیئا،إذ لو استحقت لعتق منها أزید من الثلث کما بیّناه.

قوله: (و لو أعتق أمته و تزوجها بمهر و دخل صح الجمیع إن خرجت من الثلث و ورثت،و إلاّ بطل العتق فی الزائد و ما قابله من المهر).

أما صحة الجمیع إذا خرجت من الثلث،و خرج ما زاد عن مهر المثل مما سمی لها منه أیضا فواضح،و إرثها فی هذه الحالة ثابت،لکونها زوجة،خلافا للشافعی.

لکن قول المصنف:(إن خرجت من الثلث)یقتضی عدم اعتبار حال المهر، إلاّ أن یعتذر له بأنه قد سبق أن ما زاد عن مهر المثل فی نکاح المریض محسوب من الثلث فلا حاجة إلی إعادته.

لکن یجیء الإشکال علی قوله:(و إلاّ بطل العتق فی الزائد)،فإنه إنما یستقیم ذلک إذا لم یخرج من الثلث،فإن خرجت منه دون مهرها المسمّی بطل المسمّی خاصة، و صح العتق و النکاح،و وجب بالدخول مهر المثل و إن زاد علی المسمّی،لأنه کالأرش.

فعلی کل تقدیر الإشکال:إما علی الشق الأول،و هو إطلاق صحة الجمیع إذا خرجت من الثلث،فإن ذلک یتناول صحة المهر إذا لم یخرج من الثلث،فإن قیّد ذلک بخروجه من الثلث أیضا جاء الاشکال علی الشق الثانی.

و المراد بالمهر فی قوله:(و ما قابله من المهر)مهر المثل،لبطلان المسمّی ببطلان

ص:123

الرابعة:لو آجر نفسه بأقل من أجرة المثل

الرابعة:لو آجر نفسه بأقل من أجرة المثل فهو کما لو نکحت بأقل من مهر المثل.

و لو آجر دوابه و عبیده بأقل فهو من الثلث،و لو أوصی بأن یباع عبده من زید وجب.

النکاح،و لا یجب من المهر ما زاد علی مقابل ما عتق منها،لکونها رقیقة له،فلو وجب لوجب له.

إذا تقرر هذا تبیّن أن المسألة دوریة،لأن معرفة ما انعتق منها إنما یکون إذا عرف مقدار ما یبقی من الترکة بعد ما یستحقه من المهر،و بالعکس فنقول:عتق منها شیء،و لها من مهر المثل شیء،و للورثة شیئان ضعف ما عتق منها،فتکون هی و باقی الترکة-إن کان هناک بقیة-فی تقدیر أربعة أشیاء،فلو خلّف مثلها کانت هی و ما معها أربعة أشیاء،فالشیء نصفها.

قوله: (لو آجر نفسه بأقل من اجرة المثل،فهو کما لو نکحت بأقل من مهر المثل).

المراد:انه لا یکون محسوبا من الثلث للتفاوت،لأن منافعه لیست أموالا، و لا یجری فیها الإرث،و لا تعد من التبرعات.

و قد یستفاد من قوله:(فهو کما لو نکحت.)اطراد الاحتمال المقابل للأقرب هناک،و ضعفه ظاهر،و هذا بخلاف ما لو آجر دوابه و عبیده بأقل من أجرة المثل،فإن التفاوت هنا محسوب من الثلث،لأن هذه المنافع یجری فیها الإرث،و تعد أموالا علی الأصح،و إلی هذا أشار بقوله:(و لو آجر دوابه و عبیده بأقل من أجرة المثل).

قوله: (و لو أوصی بأن یباع عبده من زید وجب).

و ذلک لوجوب الوفاء بالوصیة،و ظاهر إطلاق العبارة یتناول ما إذا زاد العبد

ص:124

المطلب الثانی:فی کیفیة التنفیذ

المطلب الثانی:فی کیفیة التنفیذ:إن کانت العطایا معلقة بالموت مضت من الثلث،فإن اتسع لها،و إلاّ بدئ بالأول فالأول،و لا فرق بین العتق و غیره،و إن کانت منجزة فکالوصیة فی خروجها من الثلث أو اجازة الورثة،و اعتبار خروجها من الثلث حال الموت،و أنه یزاحم بها الوصایا فی الثلث،و أنها مع الاجتماع و قصور الثلث یبدأ علی الثلث و عدمه،فیکون رجوعا عن الاشکال المذکور فی المطلب الرابع،و قد بیّنا المختار هناک،و لا یخفی أنه لو کان فی المبیع الموصی به محاباة کانت من الثلث.

قوله: (إن کانت العطایا معلقة بالموت مضت من الثلث،فإن اتسع لها،و إلاّ بدئ بالأول فالأول).

المراد بالأول المذکور أولا،ثم ما یلیه،ثم ما یلیه،و هکذا.

و الظاهر عدم الفرق بین أن یکون فی اللفظ ما یقتضی الترتیب و عدمه،لأن السابق قد حکم بصحته،فلا یحکم ببطلانه،إلاّ إذا دل دلیل علی ذلک،لأن تقدیمه دلیل علی شدة العنایة به،و لروایة حمران عن الباقر علیه السلام المتضمنة لعتق من ابتدئ بالوصیة بعتقه،ثم من بعده،و هکذا.و هذا إذا لم یعلم بقرینة ارادة الرجوع عن السابق،و هو ظاهر.

قوله: (و لا فرق بین العتق و غیره).

و للشافعی قول بتقدیم الوصیة بالعتق علی الوصیة بغیره،لقوته،لتعلق حق الله و حق الآدمی به و ثبوت السرایة فیه،و لا أثر لذلک فیما نحن فیه.

قوله: (و إن کانت منجّزة فکالوصیة فی خروجها من الثلث،أو اجازة الورثة،و اعتبار خروجها من الثلث حال الموت،و انه یزاحم بها الوصایا فی الثلث،و أنها مع الاجتماع و قصور الثلث یبدأ

ص:125

بالأول منها فالأول.و تفارقها فی کونها لازمة فی حق المعطی،و لیس له الرجوع فیها،و إن قبولها علی الفور،و اشترط ما یشترط لها فی الصحة کالعلم و التنجیز، بالأول منها فالأول.) تشارک العطایا المنجزة الوصیة فی أمور خمسة:

الأول:توقف نفوذها علی خروجها من الثلث،أو اجازة الورثة.

الثانی:إن اعتبار خروجها من الثلث حال الموت لا قبله و لا بعده،و قد سبق منّا فی المطلب الرابع کلام فی هذا الحکم بالنسبة إلی الوصیة،فهو آت هنا.

الثالث:إنه یزاحم بها الوصایا فی الثلث،فیدخل النقص علی الوصایا بسببها، کما یدخل النقص علی وصیة بسبب أخری.

الرابع:إنها مع اجتماعها و قصور الثلث عن جمیعها یبدأ بالأول منها فالأول کالوصیة،سواء العتق و غیره عندنا.

الخامس:إنها تصح للوارث و غیره کالوصیة،و عند العامة انها کالوصیة له فی انها غیر صحیحة،أو أن حکمها حکم الوصیة فی ما زاد علی الثلث فی أنها تتوقف علی اجازة جمیع الورثة،و لم یذکر المصنف هذا الحکم هنا،و زاد فی التذکرة سادسا هو:ان فضیلتها ناقصة عن فضیلة الصدقة فی الصحة،لأن النبی صلّی اللّه علیه و آله سئل عن أفضل الصدقة فقال:«أن تتصدّق و أنت صحیح شحیح تأمل الغنی و تخشی الفقر، و لا تمهل حتی إذا بلغت الحلقوم قلت:لفلان کذا و لفلان کذا،و قد کان لفلان و قد کان لفلان» (1).

قوله: (و تفارقها فی کونها لازمة فی حق المعطی لیس له الرجوع فیها، و أن قبولها علی الفور،و اشتراط ما یشترط لها فی الصحة کالعلم و التنجیز،

ص:126


1- 1)أمالی الشیخ الطوسی 2:12. [1]

و أنها متقدمة علی الوصیة،و أنها لازمة فی حق المعطی و الوارث لو بریء.

و أنها متقدّمة علی الوصیة،و أنها لازمة فی حق المعطی و الوارث لو بریء).

تفارق المنجزة الوصیة فی أمور خمسة:

الأول:أنها لازمة فی حق المعطی لیس له الرجوع فیها و إن کثرت،لأن المنع من الزیادة علی الثلث إنما کان الحق الورثة،فلم یملک إجازتها و لا ردها.

و إنما کان له الرجوع فی الوصیة،لأن التبرع بها مشروط بالموت،و قبولها المعتبر إنما هو بعده،فقبل حصوله لم یوجد التبرع فکان للموصی الرجوع فیها.و هذا بخلاف العطیة فی المرض،فإن الفرض حصول الإیجاب و القبول و القبض علی الوجه المثمر للزوم،کالوصیة إذا قبلت بعد الموت.

الثانی:أن قبول المنجزة علی الفور،حیث یکون القبول معتبرا،کما فی غیر المریض،بخلاف الوصیة فإن مبناها علی تأخر القبول عن الموت.

الثالث:أن المنجزة فی المرض مشروطة بالشروط المعتبرة فیها،إذا صدرت فی حال الصحة،کالعلم النافی للغرر فی المحاباة،و التنجیز المعتبر فی البیع،و غیره من العقود،بخلاف الوصیة فإنها معلقة بالموت،و عدم الغرر غیر شرط فی صحتها.

الرابع:أنها متقدمة علی الوصیة،بمعنی أن الثلث إذا ضاق عنهما قدّمت المنجزة فی التنفیذ و إن کانت واقعة بعد الوصیة،و علی هذا جمهور العلماء.و حکی عن العامة تقدیم العتق،لتعلق حق اللّه تعالی به و حق الأدمی،و قوته بسرایته و نفوذه فی ملک الغیر.

الخامس:انها لازمة فی حق المعطی و الوارث معا علی تقدیر البرء،فإنه لیس لواحد منهما حینئذ ابطالها،بخلاف الوصیة.

و الفرق بین هذا و بین الأول:أن المراد هنا اللزوم بالنسبة إلی المعطی و الوارث

ص:127

و إذا وهب و تصدّق و حابی،فإن وسع الثلث،و إلاّ بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث.

و لو جمع بین المنجّزة و المؤخرة قدّمت المنجزة،فإن وسع الثلث للباقی أخرج،و إلاّ أخرج ما یحتمله.

و لو أعتق شقصا من عبد،ثم شقصا من آخر،و لم یخرج من الثلث إلاّ العبد الأول عتق خاصة.

معا علی التقدیر المذکور،و هذا غیر اللزوم بالنسبة إلی المعطی فقط.

و یجیء هنا أمر سادس،و هو اللزوم فی حق المتبرع علیه،حیث یکون التصرف لازما من طرفه،بخلاف الوصیة.

قوله: (و إذا وهب و تصدّق و حابی،فإن وسع الثلث،و إلا بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث).

الجزاء فی قوله:(فإن وسع الثلث)محذوف تقدیره:نفذ الجمیع،أو نحو ذلک، و هذا من فروع الأحکام السابقة.

و کذا قوله:(و لو جمع بین المنجزة و المؤخرة قدّمت المنجزة،فإن وسع الثلث للباقی أخرج،و إلاّ أخرج ما یحتمله).

و لا یخفی أنه لا فرق بین أن یکون صدور المنجزة سابقا علی المؤخرة،و عدمه کما سبق تحقیقه.

قوله: (و لو أعتق شقصا من عبد،ثم شقصا من آخر،و لم یخرج من الثلث إلاّ العبد الأول،عتق خاصة).

هذا من فروع بعض الأحکام السابقة،و هو کون التبرعات کالوصایا فی أنها مع الاجتماع و قصور الثلث یبدأ بالأول منها فالأول.

و تحقیقه:انه حین أعتق الشقص من العبد الأول انعتق جمیعه بالسرایة،لکون

ص:128

و لو أعتق الشقصین دفعة،و کان الباقی من کل منهما یساوی الشقص من الآخر،و اتسع الثلث للشقصین خاصة فالأقرب عتق الشقصین خاصة، و لو خرج أحدهما من الثلث أقرع.

الثلث وافیا به خاصة،فیبطل عتق الثانی مع عدم الإجازة،لمصادفته ما زاد علی الثلث.

قوله: (و لو أعتق الشقصین دفعة،و کان الباقی من کل منهما یساوی الشقص من الآخر،و اتسع الثلث للشقصین خاصة،فالأقرب عتق الشقصین خاصة).

وجه القرب ان شرط السرایة الیسار مع عدم اتساع الثلث لما زاد عن الشقصین،فالشرط منتف فتنتفی السرایة فینحصر التصرف فی الشقصین،و الفرض اتساع الثلث لهما فینعتقان.

و یحتمل أن یقرع بینهما فمن خرج اسمه أعتق،لأن إعتاق الشقص سبب السرایة فی المجموع،فیکون بمنزلة إعتاق العبدین.

و لا نسلم انتفاء شرط السرایة هنا،لأن ذلک إنما هو علی تقدیر الحکم بعتق الشقصین معا.و لم لا یجوز أن یکون المنعتق أحدهما مع ما یقتضی السرایة عتقه؟ و یمکن الجواب بأن العتق مباشرة أقوی من السرایة،فلا یبطل عتق أحد الشقصین بمقتضی سرایة عتق الآخر.و قد رجع المصنف عن هذا الجزم إلی الإشکال فی العتق،و الوجه الأول لا یخلو من قوة.

و إنما قیّد بقوله:(و کان الباقی من کل منهما یساوی الشقص من الآخر)،لأنه لو لم یکن کذلک لم یتحقق عتق مجموع العبد،فکان استرقاق بعضه لازما علی هذا التقدیر،فلم یکن لتغلیب حکم السرایة وجه حینئذ.

قوله: (و لو خرج أحدهما أقرع).

أی:لو خرج أحد الشقصین من الثلث خاصة أقرع بینهما،إذ لا سبیل إلی إعتاقهما معا،و لا ترجیح.

ص:129

و لو ملک من یعتق علیه بغیر عوض کالهبة،أو بغیر عوض موروث کما لو آجر نفسه للخدمة به عتق من صلب المال و ورّث.

و لو انتقل بالشراء فالأقرب أنه کذلک،و لو اشتراه بترکته أجمع عتق.

قوله: (و لو ملک من یعتق علیه بغیر عوض کالهبة،أو بغیر عوض موروث،کما لو آجر نفسه للخدمة به،عتق من صلب المال و ورّث).

المراد بکونه یعتق من صلب المال:انه لا یکون محسوبا من الثلث،و وجهه انه لیس ذلک من جملة التبرعات،إذ لا یصدق علیه تعریفها،و لم یتحقق من المریض تضییع شیء من أعیان الترکة.

و قال بعض الشافعیة:إنه یعتق و لا یرث،و قال أبو حنیفة:یعتق من الثلث، فإن وسعه ورث،و إلاّ سعی فی الباقی و لم یرث.

قوله: (و لو انتقل بالشراء فالأقرب انه کذلک).

أی:یعتق من صلب المال،و وجه القرب انه لم یتحقق منه تضییع شیء من الترکة،فإن الفرض أن الشراء بثمن المثل،و ترتب العتق علی حصول الملک أمر شرعی قهری،فلا یحسب من الثلث.و قد سبق للمصنف فی هذه المسألة قول آخر فی المطلب الثانی فی الأحکام المعنویة فی هذا الکتاب،و هو کونه من الثلث،و قد وجهناه هناک بما فیه کفایة.

و قد ذکر الشارح أن الذی استقر علیه رأی المصنف هو هذا،و الأصح کونه من الثلث،فإن شراء المریض من یعتق علیه،و بذل المال فیه فی قوة إتلافه،إذ هو بذل للمال فی مقابل ما لا یعد مالا بالإضافة الیه و إلیهم.

قوله: (و لو اشتراه بترکته أجمع عتق).

لو أتی بالفاء بدل الواو لکان أولی،لیکون تفریعا علی ما قرره،و هو فی بعض النسخ کذلک.

ص:130

و لو اشتراه بأکثر من ثمن المثل،فإن خرجت المحاباة من الثلث فکذلک،و إلاّ نفذت المحاباة من الثلث و استسعی القریب فی الباقی.

و لو أوصی له بمن یعتق علیه فقبله انعتق من صلب المال،لأن اعتبار الثلث إنما هو فیما یخرجه عن ملکه اختیارا.

قوله: (و لو اشتراه بأکثر من ثمن المثل،فإن خرجت المحاباة من الثلث فکذلک،و إلاّ نفذت المحاباة من الثلث و استسعی القریب فی الباقی).

هذا من فروع کون شراء من ینعتق محسوبا من صلب المال،فإن موضع ذلک ما إذا اشتراه بثمن المثل.

أما إذا اشتراه بزیادة یتغابن بمثلها فإن الزیادة محاباة،فإن خرجت من الثلث عتق أجمع،و هو المراد بقوله:(فکذلک)،و إن لم یخرج من الثلث نفذ منها ما یتسع له الثلث و استسعی القریب فی الباقی.

و لا یخفی أن قوله:(و إلاّ نفذت المحاباة من الثلث)لا یخلو من قصور،لأنه إذا کانت لا تخرج من الثلث فکیف تنفذ منه.

قوله: (و لو أوصی له بمن یعتق علیه فقبله انعتق من صلب المال،لأن اعتبار الثلث إنما هو فیما یخرج عن ملکه اختیارا).

فإن ذلک هو حقیقة التبرع کما سبق،أما ما یجب إخراجه شرعا فلیس من التبرع فی شیء.

لا یقال:فعلی هذا یکون المنتقل بالشراء بثمن المثل منعتقا من صلب المال، لأن خروجه لا بالاختیار.

لأنا نقول:لیس الکلام فیه نفسه،إنما الکلام فی أن الثمن المبذول فی مقابله من التبرعات،إذ هو کالمتلف.و لهذا لو اشتراه بدون ثمن مثله لم یعتبر من الثلث،إلاّ

ص:131

و کذا لو وهب أو ورث،و کذا المفلس و المحجور علیه و المدیون و المریض،و لو وهب ابنه فقبله و قیمته مائة:و خلّف مائتین و ابنا آخر عتق و أخذ مائة.

الثمن دون الزائد بالمحاباة فی العبد.و اعلم أن فی بعض النسخ:إنما هو فیما یخرجه عن ملکه،و کلاهما صحیح.

قوله: (و کذا لو وهب أو ورث).

قد سبق ذکر ما إذا وهب قریبه فلا وجه لا عادته،و حکم ما إذا ورث قریبه حکم ما إذا قبل هبته أو الوصیة به.

قوله: (و کذا المفلس و المحجور علیه و المدیون و المریض).

أی:و کذا الحکم فی المفلس لو قبل الوصیة بمن ینعتق علیه،أو قبل هبته أو ورثة،فإنه لیس للغرماء سوی أعیان أمواله التی یتعلق الحجر بها،و لیس هذا من ذاک، فعلی هذا لو اشتراه بثمن فی ذمته صح.

و ینبغی أن یزاد بالمحجور علیه المحجور علیه للسفه،فإن قبوله هبة القریب و الوصیة به لیس فیه تصرف فی شیء من ماله.و عبارة السفیه صحیحة،لکن قد سبق فی الهبة ما یقتضی عدم جواز القبول لو کان فقیرا.

و أما المدیون المریض فإنه لا حجر لأرباب الدیون علیه ما دام حیا،فله أن یقبل الهبة و الوصیة،و أن یشتری القریب الذی ینعتق علیه بثمن المثل و أزید.

و لا یعتبر فی الزائد عن الثلث،إلاّ إجازة الوارث خاصة،لأن موضع الدین الذمة،و لا یتعلق بالمال إلاّ بالموت أو الحجر،نعم لو ضاقت الترکة عن الدین بسبب التبرعات لم ینفذ ما قصرت الترکة بسببه عن الوفاء،کما سیأتی إن شاء الله تعالی.

قوله: (و لو وهب ابنه،فقبله و قیمته مائة،و خلّف مائتین و ابنا آخر، عتق و أخذ مائة).

لا بحث فی هذه المسألة عندنا،و کأنه أراد بذکرها الرد علی الشافعی،فإن له قولا بأن الابن المنعتق لا یرث،لأنه وصیة فلا یجامع المیراث،و کلاهما ممنوع.

ص:132

و لو کان قیمته مائتین و الترکة مائة،عتق أجمع و أخذ خمسین. و لو اشتری ابنی عم بألف لا یملک سواها،ثم أعتق أحدهما و وهبه الآخر،و خلفهما مع مولاه و لا وارث له سواه عتق ثلثا المعتق،إلاّ أن یجیز الموالی،ثم یرث بثلثیه ثلثی بقیة الترکة،فیعتق منه ثمانیة اتساعه،و یبقی تسعة و ثلث أخیه للمولی.

و یحتمل عتق جمیعه و یرث أخاه،لأنه بالإعتاق یصیر وارثا لثلثی الترکة،فتنفذ إجازته فی عتق باقیه،فتکمل له الحریة ثم یکمل له المیراث. و قال أبو یوسف و محمد:یرث نصف نفسه و نصف المائتین،و یحتسب بقیمة نصفه الباقی من میراثه.

قوله: (و لو کان قیمته مائتین و الترکة مائة عتق أجمع و أخذ خمسین).

الحکم عندنا ظاهر،و قال أبو حنیفة:یعتق منه نصفه،لأنه قدر ثلث الترکة، و یسعی فی قیمة باقیه و لا یرث،لأن المستسعی عنده کالعبد لا یرث إلاّ فی أربعة مواضع،و لا مهم لنا فی بیانها.

قوله: (و لو اشتری ابنی عم بألف لا یملک سواها،ثم أعتق أحدهما و وهبه الآخر،و خلفهما مع مولاه و لا وارث له سواه،عتق ثلثا المعتق،إلاّ أن یجیز المولی،ثم یرث بثلثیه ثلثی بقیة الترکة،فیعتق منه ثمانیة أتساعه و یبقی تسعة و ثلث أخیه للمولی.و یحتمل عتق جمیعه و یرث أخاه،لأنه بالإعتاق یصیر وارثا لثلثی الترکة،فتنفذ إجازته فی عتق باقیه،فتکمل له الحریة ثم یکمل له المیراث).

لو اشتری المریض ابنی عم له بألف مثلا لا یملک سواها،ثم أعتق أحدهما و وهبه الآخر،و لم یخلف وارثا سواهما مع مولی نعمته،عتق من المعتق قدر الثلث و هو ثلثاه.

ص:133

..........

و إنما یکون ذلک إذا کانا متساویین فی القیمة،و حینئذ فیرث بثلثیه ثلثی بقیة الترکة،و ذلک تسعاه و ثلث أخیه،فینعتق منه ثمانیة أتساعه و یبقی تسعة و ثلث أخیه للمولی.

هذا إذا لم یجز المولی عتق جمیعه،فإن أجاز فلا بحث فی عتق جمیعه.لکن هل یرث جمیع ما بقی من الترکة؟ یمکن أن یقال:لا یرث سوی الثلثین،إذ لو حکمنا بأن الإرث منحصر فیه، لأدی إلی عدم صحة الإجازة من المولی،لأن الإجازة تقتضی نفوذ العتق من حین وقوعه،فیخرج عن کونه وارثا،لوجود من هو أولی منه بالإرث.

و یندفع بما سبق فی أول الوصایا فی بیان أن القبول کاشف أو جزء السبب،فیما إذا قبل الوصیة بمن ینعتق علیه إذا کان أولی بالإرث،من انه یکفی کونه وارثا فی تلک الحال.

و إن لزم خروجه عن الإرث بالقبول کما فی الإقرار بوارث أولی،فإنه یکفی للصحة عدم وارث غیره فی تلک الحال،لکن قد ذکر المصنف فیما یأتی إن شاء اللّه أنه یحتمل.

و یحتمل عتق جمیعه من غیر توقف علی اجازة المولی فیرث أخاه،لأنه بالإعتاق یصیر وارثا لثلثی باقی الترکة فتنفذ إجازته فی عتق باقیه،فتکمل له الحریة ثم یکمل له المیراث،و یضعّف بأنه إنما یرث ثلثی مجموع باقی الترکة،و ذلک ثلثا أخیه و ثلثا ما بقی منه،و الثلث الآخر من کل منهما للمولی.

و الإجازة إنما تؤثر حیث یعتبر فیما لولا الإجازة لاستحقه المجیز بالإرث، و لا تؤثر فی حق المولی،و منعه من الإرث الثابت بأصل الشرع.و الحاصل أن نفوذ إجازته فی عتق باقیه ممنوع،و السند ما قدمناه،و الأصح الأول.

ص:134

و لو ملک من یرثه ممن لا یعتق علیه کابن عمه ثم مات ملک نفسه و عتق و أخذ باقی الترکة إن لم یکن هناک وارث.

و لو کان هناک وارث لم یعتق و إن کان أبعد،فإن أعتقه فی مرضه:فإن خرج من الثلث عتق و أخذ الترکة،و إلاّ عتق ما یحتمله الثلث و ورث بنسبته، قوله: (و لو ملک من یرثه ممن لا یعتق علیه کابن عمه ثم مات ملک نفسه و عتق،و أخذ باقی الترکة إن لم یکن هناک وارث).

إن قیل:أسباب العتق محصورة،و لیس هذا من جملتها.

قلنا:من جملتها الفک للإرث،و هذا من قبیله،فإن الفلک یثبت إذا انحصر الوارث فی عبد الغیر،فإذا انحصر فی عبد المیت فأولی بالثبوت.

نعم فی قول المصنف:(ملک نفسه)شیء،لأنه إذا کان رقیقا لم یرث فیکف یملک نفسه؟و کأنه أراد بذلک الکنایة عن انقطاع السلطنة عنه بموت مورثه،و عدم التوقف هنا علی صدور شراء و إعتاق،کما فی عبد الغیر إذا مات مورثه و انحصر الإرث فیه.

قوله: (و لو کان هناک وارث لم یعتق و إن کان أبعد).

لانتفاء المقتضی حینئذ،إذ هو انحصار الإرث فیه،و هو منتف هنا.

قوله: (فإن أعتقه فی مرضه،فإن خرج من الثلث عتق و أخذ الترکة، و إلاّ عتق ما یحتمله الثلث و ورث بنسبته).

و یجیء الاحتمال المذکور فی مسألة ابنی العم،حیث یکون معه ترکة سوی باقیه،فینعتق جمیعه بإجازته و یجوز باقی الإرث،و ضعفه معلوم مما سبق.

و هذا إذا لم یجز الأبعد،فإن أجاز عتق جمیعه،و علی ما سبق فیمنعه من الإرث.

و الضمیر فی قوله:(بنسبته)یعود الی ما فی قوله:(ما یحتمله الثلث)،أی:و ورث بنسبته علی ما عتق منه إن کان نصفه فنصف الإرث،أو ثلثه فثلثه،و هکذا.

ص:135

و کذا لو کان قد أقر بأنه کان أعتقه فی صحته مع التهمة. و کل ما یلزم المریض فی مرضه من حق لا یمکنه دفعه کأرش الجنایة، و جنایة عبده،و ما عاوض علیه بثمن المثل،و إتلاف مال الغیر ظلما أو غیره، و النکاح بمهر المثل یمضی من الأصل. قوله: (و کذا لو کان قد أقر بأنه کان أعتقه فی صحته مع التهمة).

أی:و کذا یعتق جمیعه إن خرج من الثلث،و إلاّ فما یحتمله الثلث،و یرث بالنسبة إذا کان المریض قد أقر بأنه قد کان أعتقه فی حال الصحة،و کان متهما فی إقراره ذلک،فإن الإقرار مع التهمة إنما یمضی من الثلث،فهو بمنزلة الإعتاق فی المرض.

قوله: (و کل ما یلزم المریض فی مرضه من حق لا یمکنه دفعه،کأرش الجنایة،و جنایة عبده،و ما عاوض علیه بثمن المثل،و إتلاف مال الغیر ظلما أو غیره،و النکاح بمهر المثل یمضی من الأصل).

المراد:إن کل حق یلزم المریض علی وجه قهری من غیر أن یکون لزومه باختیاره،و لا یمکنه أن یدفعه عنه،کأرش الجنایة علی الغیر،أو علی عبد الغیر.و کذا أرش جنایة عبده فإنه لا سبیل له إلی دفع ثبوت الأرش عنه.

و مثله ما عاوض علیه بثمن المثل،فإن له ذلک کما تقدّم،بخلاف ما زاد عن ثمن المثل إذ هو محاباة فهو تبرع.و کذا عوض إتلاف مال الغیر ظلما،أو بحق إذا کان مضمونا.

و کذا مهر المثل إذا نکح به،بخلاف ما لو زاد عنه فإن الزائد محاباة فإن جمیع ذلک یمضی من أصل المال،و لا یکون محسوبا علیه من الثلث،إذ لیس شیء من ذلک تبرعا.

ص:136

و لو أعتق المستوعب أو وهبه،ثم مات المعتق أو الموهوب قبله احتمل البطلان فی الجمیع،و الصحة فیه. قوله: (و لو أعتق المستوعب أو وهبه ثم مات المعتق أو الموهوب قبله، احتمل البطلان فی الجمیع،و الصحة فیه).

أی:لو أعتق عبدا مستوعبا لترکته أو وهبه لغیره ثم مات المعتق أو الموهوب قبله-أی:قبل المریض المعتق أو الواهب-فهناک احتمالان:

أحدهما:بطلان العتق أو الهبة فی جمیع العبد،و وجهه:أن تصرفات المریض المنجزة إنما تنفذ من الثلث کما تقدّم،فشرط نفوذها أن یحصل للوارث ضعف ما نفذ فیه التصرف و الشرط منتف هنا،إذ الفرض أن لا ترکة غیر المعتق أو الموهوب، فیکون العتق و الهبة باطلین.

و یرد علیه أنه یحتمل أن یکون موضع الاشتراط ما لو لا التصرف لکان المتصرف فیه مستحقا للوارث بالإرث دون ما سواه،إذ لا ضرر علیهم فی التصرف به و لا حق لهم فیه،لامتناع تملکهم قبل الموت،و امتناع کون التالف موروثا.

و یؤید هذا الوجه الأصل،فإن الأصل عدم الحجر إلاّ فی موضع الدلیل،و لأن تعلق حق الوارث بمال المریض،و الحجر علیه فیه إنما هو لتبقی الترکة موفرة علیه، و ذلک منتف فی التالف قبل الموت فینتفی الحجر فیه.

الثانی:الصحة فی الجمیع،و وجهه:أن هذا التصرف لا یعد تبرعا،إذ بموت العبد قبل التصرف تبیّن أن الإرث لا یجری فیه،و جریان الإرث قید فی التبرع کما سبق.

و لأنه لو تعلّق به حق الوارث لوجب أن یعتبر رده و أجازته،و التالی باطل،لعدم اعتبارهما بعد موت العتیق،و کذا تلف العین مطلقا قطعا.

فإن قیل:لو أجاز الوارث قبل موت العتیق،و قلنا باعتبار الإجازة قبل الموت، لا یرث هنا قطعا بحیث یموت حرا.

قلنا:لا نسلّم تأثیرها هنا،و الحکم بها حینئذ ظاهرا مراعی ببقائه إلی حین

ص:137

..........

الموت،فإذا مات قبله تبیّنا بطلانها،کما لو أجاز الوارث ثم مات قبل المریض.

و یجیء هنا احتمال ثالث،و هو النفوذ فی الثلث،للحکم بالنفوذ فیه مع بقائه، فمع الموت أولی.

و فی حواشی شیخنا الشهید:إنه علی کل واحد من الاحتمالات یلزم مخالفة أحد أصول ثلاثة:

أما علی الأول،فلأن المریض لا ینعقد تصرفه تبرعا فی جمیع ماله،و هذا الوجه ینافیه.و یرد علیه أن ذلک لا یعد تبرعا.

و أما علی الثانی:فلأن تصرف المریض لا یبطل جمیعه،بل یجب نفوذه و لو فی الثالث،و هذا الوجه ینافیه.

و أما علی الثالث،فلأن نفوذ التصرف فی الثلث مشروط بحصول ضعف ما نفذ فیه التصرف للورثة،و یضعّف بمنع عموم الاشتراط،و فی الاحتمال الأول قوة.

و هذا إذا لم یخلّف المیت شیئا علی ما قدمناه،فلو خلّف ترکة قلیلة غیر العتیق احتمل صحة التصرف مطلقا،و بطلانه فیما زاد علی قدر نصف الباقی،و بطلانه فیما زاد علی قدر ثلث العبد و الباقی.

إذا عرفت ذلک فهنا مباحث:

أ:فائدة الخلاف هنا تظهر فی الأمور التی تختلف باختلاف الحریة و الرقیة،فلو کان علی المعتق أو الموهوب صلاة تمکن من فعلها و نحوها و له و لی،قضاها الولی علی الوجه الأول خاصة.و کذا لو جنی خطأ بعد العتق،و مثله ما لو أوصی له أو وهب شیئا.

و کذا البحث فی کفنه،فإنه علی الصحة یلزم المتهب،و علی البطلان فهو علی المولی.و کذا علی القول فی أولویة غسله و الصلاة علیه و عدة زوجته.و لو تولّد عنه بعد العتق ولد اتجه الحکم بانعتاق ثلثه و ثلث ولده،و یرق ثلثا الولد،و یمکن اعتبار التساوی فی القیمة.

ب:لو اکتسب بعد الإعتاق مالا،فإن کان ضعف قیمته و لا وارث له إلاّ السید

ص:138

و لو أعتق تبرعا ثم أقر بدین،فإن کان متهما نفذ العتق أولا،و إن لم یکن متهما فالأقرب نفذ عتقه قطعا.

و إن قلنا بأنه إذا لم یخلّف شیئا یبطل عتقه،لأن کسبه للسید علی کل تقدیر، فیتحقق خروجه من الثلث حینئذ.و إن کان أقل:فعلی القول بالانعتاق إذا لم یخلف شیئا لا بحث،و علی البطلان ثم لا تبطل هنا قطعا،لوجود ترکة فی الجملة،فیحتمل عدم اعتبار خروجه من الثلث،لأن المال الموجود و إن قل خیر من ضعف المعدوم،و لأن اعتباره لا یتوفر علی الورثة به شیء،و عدمه لا ینقص به شیء فیحکم بعتق جمیعه.

و یحتمل اعتباره وقوفا مع عموم اعتبار الثلث فی نفوذ التبرع،فیعتق منه قدر نصف الکسب،و یجوّز المولی نصیب الحریة بالإرث و الزائد یتبعه الملک.

ج:لو اکتسب مالا و ترک وارثا غیر السید،وجب الحکم بعدم نفوذ العتق فی جمیعه قولا واحدا،لأن نفوذه یقتضی إبطال حق الوارث من الکسب،و قد تعلق به قبل الموت فیدور،لأن معرفة نصیب الحریة موقوف علی معرفة قدرها،و هی موقوفة علی معرفة قدر نصیب المولی من الکسب،و لا یکون إلاّ بمعرفة نصیب الحریة.

و طریق التخلص أن یقال:عتق من العبد شیء،و تبعه من الکسب مثله إن کان الکسب بقدره،و إلاّ فبالنسبة.

و یجب أن یکون للسید بقدر ما عتق مرتین محافظة علی حق الورثة،فیکون کسبه فی تقدیر ثلاثة أشیاء،فالشیء ثلاثة،فینعتق ثلث العبد و یتبعه ثلث الکسب.

و لو کان الکسب أقل،کما لو کان ثلاثة و قیمة العبد تسعة،قلنا:عتق من العبد شیء و یتبعه من کسبه ثلث شیء،و بقی شیئان من الکسب فی مقابل ما عتق مرتین، فالکسب فی تقدیر شیئین و ثلث،إذا بسطت ذلک کان سبعة،فالشیء واحد و سبعان، و المعتق سبع العبد،و ثلث الشیء ثلاثة أسباع.

قوله: (و لو أعتق تبرعا ثم أقر بدین،فإن کان متهما نفذ العتق أولا، و إن لم یکن متهما فالأقرب

ص:139

تقدیم الدین.و لو باع فحابی،فإن أجاز الورثة لزم البیع،و إن لم یجیزوا فاختار تقدیم الدین.) أی:فإن کان متهما فی الإقرار بالدین علی المعتق،و وجه نفوذ العتق أولا إن الإقرار مع التهمة غیر نافذ،کما فی إقرار المریض إذا کان متهما علی الورثة.

و لأنه إقرار یقتضی إبطال العتق،أو بعضه بعد الحکم بصحته،فیکون إقرارا فی حق الغیر،فلا یسمع.أما إذا انتفت التهمة فالأقرب السماع،فیقدّم الدین.

و وجه القرب عموم:«إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز» (1)،و ذلک إقرار فی حق نفسه و إن لزم منه بالنسبة إلی المعتق مناف للعتق.و لأن ذلک مما قد یقع علی وجه النسیان،فلو لم یقبل الإقرار لزم الضرر المنفی،و لدلالة النصوص علی قبول إقرار المریض إذا کان مأمونا.

و یحتمل عدم القبول،لأنه یقتضی إبطال العتق أو بعضه و قد حکم بصحته،و لأنه إقرار فی حق المعتق فلا یسمع.فأن قلنا به قضی الدین مما بقی،و إن لم یف به قضی ما یحتمله خاصة،و الأصح الأول.

و احترز بکون العتق تبرعا عما لو کان واجبا فی کفارة و نحوها،فإن الإقرار بالدین لا یقتضی إبطاله.و یشکل بأنه من جملة الدیون،فإن نافی الإقرار التبرع بالعتق وجب أن یحکم بمنافاته العتق الواجب فیما زاد علی حصته من الترکة مع الضیق.

و فی هذا البحث نظر،لأن تبرعات المریض لا یمنع منها کونه مدیونا،لأن الدین لا یتعلق بماله،و لا یحجر علیه بسببه ما دام حیا.

قوله: (و لو باع فحابی،فإن أجاز الورثة.).

قد سبق أن تبرعات المریض محسوبة من الثلث و من جملتها المحاباة،فإذا باع و حابی و لم یخرج المحاباة من الثلث،فإن أجاز الورثة فلا بحث،و إن لم یجیزوا بطل البیع فیما زاد من المحاباة علی الثلث،و حینئذ فإن کان المشتری عالما بالحال و الحکم

ص:140


1- 1)عوالی اللئالی:1:223 حدیث 104.

المشتری الفسخ فله ذلک،لتبعض الصفقة.و إن اختار الإمضاء قال علماؤنا:

یصح ما قابل الثمن من الأصل،و المحاباة من الثلث.و الحق عندی مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبیع کما فی الربوی،و لأن فسخ البیع فی البعض یقتضی فسخه فی قدره من الثمن.

فلا خیار له و لزم البیع،و إلاّ تخیر بین الفسخ و الإمضاء،لتبعض الصفقة.

فإن فسخ فلا بحث،و إن اختار الإمضاء لزم البیع،و مع اللزوم فی الموضعین فلا بد من بیان قدر ما لزم فیه البیع و قدر المنفسخ فیه،إذ لا سبیل إلی الصحة فی الجمیع.للزوم التصرف فیما زاد علی الثلث،و لا إلی الانفساخ فی الجمیع،لأنه عقد صدر من أهله فی محله،لأنه المفروض.و للأصحاب فیه قولان:

أحدهما-و هو مختار الأکثر-انه یصح فیما قابل الثمن من صلب المال کائنا ما کان،و فی قدر الثلث من المحاباة،و ینفسخ فی الزائد،و بهذا القول قال المصنف فی التخلیص و التحریر (1)،کما هو ظاهر کلامه.

و الثانی-و اختاره المصنف فی أکثر کتبه-ان الحکم هنا کما فی الربوی،فیصح البیع فی بعض المبیع،و مقابله من الثمن علی وجه یتضمن من المحاباة ما لا یزید علی الثلث،و هو الذی أراده المصنف بقوله:(و الحق عندی مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبیع)،فإنه علی القول الأول لیس الأمر کذلک،حیث أن ما ساوی الثمن من المبیع مقابل له و الزائد هبة.

أو أن المراد:أن المختار مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبیع فی اللزوم و الانفساخ، فإذا انفسخ البیع فی بعض المبیع انفسخ فی مقابله من الثمن.

و الأصح الثانی،لنا أن البیع یقتضی مقابلة جمیع أجزاء المبیع بجمیع أجزاء الثمن،لأن ذلک معنی المعاوضة،فإذا بطل البیع فی شیء من المبیع وجب أن یبطل فی مقابله من الثمن،و إلاّ لبقی ذلک البعض بغیر مقابل،فانتفی فیه معنی المعاوضة.

ص:141


1- 1)التحریر 1:305. [1]

..........

و لأنه کما لا یصح فسخ المبیع فی جمیع المبیع مع بقاء بعض الثمن،کذا لا یصح فسخه فی البعض مع بقاء جمیع الثمن،لأن المانع فی الموضعین هو بقاء أحد المتقابلین فی المعاوضة بدون المقابل الآخر.

و من ثمّ لو اشتری سلعتین فبطل البیع فی إحداهما إما لعیب أو غیره،فإن المشتری یأخذ السلعة الآخری بقسطها من الثمن.و کذا لو اشتری شقصا و شیئا فأخذ الشفیع الشقص،فإن المشتری یأخذ الباقی بقسطه من الثمن.

و لو کثر الشفعاء و قلنا بثبوت الشفعة مع الکسرة،أخذ کل واحد جزءا من المبیع بقسطه من الثمن.

قیل علیه:إنّ هذا الحکم فی البیع،و المتنازع فیه قد اشتمل علی بیع و هبة،و من ثمّ أطلق علیه البیع مع المحاباة و الهبة مع عدم العوض و التبرعات،فلا محذور لو بقی الموهوب بغیر عوض یقابله.

و الجواب:إنّ العقد المذکور لم یشتمل علی بیع و هبة بالاستقلال،و إنما هو بیع یلزمه ما هو کالهبة،و لیس للهبة فیه ذکر،إذ لیس هناک إلاّ الإیجاب و القبول اللذان هما عقد البیع.و لا یلزم من لزوم ما هو کالهبة أن یتخلّف عن البیع مقتضاه،و هو مقابلة الجمیع بالجمیع.

احتجوا بأن المشتری ملک الجمیع بالثمن،لکن لما اقتضی ذلک التصرف فی الزائد عن الثلث رد إلی الورثة من المبیع ما به تندفع الزیادة.

و لیس ذلک کالربوی،فان المانع فیه لزوم الربا،و بأن الأصل لزوم العقد من الجانبین إلاّ قدر الضرورة،و بأن هذا العقد فی قوة بیع و هبة،و لعموم قوله تعالی:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1)خرج منه ما لزم منه التصرف فی الزائد من الثلث،فیبقی الباقی علی أصله.

ص:142


1- 1)المائدة:1. [1]

و کما لا یصح فسخ البیع فی الجمیع مع بقاء بعض الثمن،کذا لا یصح فی البعض مع بقاء جمیع الثمن.فلو باع عبدا لا یملک سواه و قیمته ثلاثون بعشرة فقد حابی بثلثی ماله،فعلی الأول یأخذ ثلثی العبد بجمیع الثمن، و الجواب:إن البطلان فی القدر الزائد عن الثلث یلزمه بمقتضی المعاوضة البطلان فی مقابله من الثمن کما حققناه،و معه لا یبقی الأصل متمسکا فی اللزوم بالنسبة إلی مجموع الثمن.

و قد بیّنا أن هذا بیع حقیقة یلزمه ما هو کالهبة،لأنه بیع و هبة.و الآیة تقتضی الوفاء بالعقد الذی هو معاوضة،و من مقتضی المعاوضة مقابلة أجزاء کل من العوضین بأجزاء العوض الآخر فیمتنع البطلان فی بعض أحدهما و بقاء مقابله.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن فی بعض النسخ:و لأن فسخ البیع.بالواو معطوفا علی ما قبله،علی أن قوله:(کما فی الربوی)دلیل علی مختاره.

و لا امتناع فی الاستدلال بالدلیل الضعیف-أعنی القیاس-مع الدلیل القوی،کما یؤتی بالخبر الضعیف مقویا للصحیح.

و المعنی أن الحکم المذکور ثابت فی المدعی کما ثبت نظیره فی الربوی بجامع المعاوضة فی کل منهما،و الفرق بلزوم الربا فی الربوی خاصة غیر مؤثر.فعلی هذا فیکون قوله:(و لأن فسخ البیع فی البعض.)دلیلا مستقلا،و یکون قوله:(کما لا یصح.)دلیلا ثالثا.

و الأحسن أن یجعل استثنائیا فیقال:متی کان کذا کان کذا،و حقیقة المقدّم بالإجماع و بیان الملازمة اختلال معنی المعاوضة فی کل منهما.

قوله: (فلو باع عبدا لا یملک سواه و قیمته ثلاثون بعشرة،فقد حابی بثلثی ماله،فعلی الأول یأخذ ثلثی العبد بجمیع الثمن،لأنه استحق الثلث

ص:143

لأنه استحق الثلث بالمحاباة و الثلث الآخر بالثمن.و علی ما اخترناه یأخذ نصف المبیع بنصف الثمن،و ینفسخ البیع فی الباقی،لأن فیه مقابلة بعض المبیع بقسطه من الثمن عند تعذر جمیعه،کما لو اشتری قفیزا یساوی تسعة بقفیز یساوی ثلاثة.

و لو باعه بخمسة عشر جاز فی ثلثیه بثلثی الثمن،و علی الأول فی بالمحاباة و الثلث الآخر بالثمن،و علی ما اخترناه نأخذ نصف المبیع بنصف الثمن،و یفسخ البیع فی الباقی،لأن فیه مقابلة بعض المبیع بقسطه من الثمن عند تعذر جمیعه،کما لو اشتری قفیزا یساوی تسعة بقفیز یساوی ثلاثة).

هذا من فروع المسألة السابقة،و تحقیقه أنه إذا باع عبدا هو مجموع ترکته قیمته ثلاثون بعشرة،فالمحاباة بثلثی ماله.

فعلی الأول-و هو قول أکثر العلماء-یأخذ ثلثی العبد بجمیع الثمن،ثلثا بالثمن و ثلثا بالمحاباة،لما علم من أن هذا العقد مشتمل علی بیع و هبة،فیعطی کل منهما مقتضاه.

و علی المختار-و هو القول الثانی-یأخذ نصف العبد بنصف الثمن و یفسخ البیع فی الباقی،و حینئذ فتکون المحاباة بالثلث خاصة،لأن نصف الثمن یساوی سدس المبیع.

و وجهه أن فیه الجمع بین حق الورثة فی العبد و بین مقتضی البیع،و هو مقابلة بعض المبیع بقسطه من الثمن،حیث تعذر مقابلة المجموع بالمجموع،و ذلک کما لو اشتری قفیزا ربویا یساوی تسعة بقفیز مثله یساوی ثلثه،فإن البیع هنا إنما یصح فی نصف المبیع بنصف الثمن إجماعا لمحذور لزوم الربا.

قوله: (و لو باعه بخمسة عشر جاز فی ثلثیه بثلثی الثمن،و علی الأول

ص:144

خمسة أسداسه بالجمیع.

و طریق هذا أن ینسب الثمن و ثلث الترکة إلی قیمته،فیصح البیع فی مقدار تلک النسبة و هی خمسة أسداسه.

و علی ما اخترناه یسقط الثمن من قیمة المبیع،و ینسب الثلث إلی الباقی،فیصح البیع فی قدر تلک النسبة،و هو ثلثاه بثلثی الثمن.أو ینسب الثلث إلی المحاباة،فیصح البیع فی قدر تلک النسبة. فی خمسة أسداسه بالجمیع،و طریق هذا أن تنسب الثمن و ثلث الترکة إلی قیمته،فیصح البیع فی مقدار تلک النسبة و هو خمسة أسداسه.و علی ما اخترناه یسقط الثمن من قیمة المبیع،و ینسب الثلث إلی الباقی،فیصح البیع فی قدر تلک النسبة،و هو ثلثاه بثلثی الثمن.أو ینسب الثلث إلی المحاباة، فیصح البیع فی قدر تلک النسبة).

أی:لو باع العبد المذکور بخمسة عشر فقد حابی بنصف ترکته:

فعلی المختار-و هو الثانی-یصح البیع فی ثلثی المبیع بثلثی الثمن،فتکون المحاباة حینئذ بالثلث خاصة،لأن ثلثی الثمن یساویان ثلث المبیع.

و علی الأول-و هو قول الأکثر-یصح فی خمسة أسداس المبیع بجمیع الثمن، لأن الثمن فی مقابل نصف المبیع و الثلث محاباة.

و طریق معرفة هذا علی القول الأکثر أن ینسب الثمن و ثلث الترکة إلی قیمة المبیع،فیصح البیع فی مقدار تلک النسبة.

ففی الفرض الأخیر:إذا نسبت خمسة عشر هی الثمن،و عشرة هی ثلث الترکة،إلی ثلاثین هی قیمة العبد،کان المجموع خمسة أسداسها،فیصح البیع فی خمسة أسداسه بکل الثمن.

و فی الفرض الأول:إذا نسبت الثمن و هو عشرة،و ثلث الترکة و هو عشرة

ص:145

فإن خلّف عشرة أخری:فعلی قولنا یصح البیع فی ثمانیة أتساعه بثمانیة أتساع الثمن،و علی ما اختاره علماؤنا یأخذ المشتری نصفه و أربعة أتساعه بجمیع الثمن،و یرد نصف تسعه. أیضا،إلی القیمة،کان المجموع ثلثیها،فیصح فی ثلثیه بکل الثمن.

و علی المختار-و هو الثانی-یسقط الثمن من قیمة المبیع و ینسب الثلث إلی الباقی،فیصح البیع فی قدر تلک النسبة.

ففی الفرض الأخیر:یسقط خمسة عشر من ثلاثین و ینسب الثلث و هو عشرة، إلی الباقی من المبیع و هو خمسة عشر،یکون ثلثیه فیصح البیع فی ثلثیه بثلثی الثمن.

و فی الفرض الأول:یسقط عشرة من ثلاثین،و ینسب الثلث و هو عشرة إلی الباقی و هو خمسة یکون نصفه،فیصح البیع فی نصف المبیع بنصف الثمن.

و لک طریق آخر علی القول المختار،و هو أن ینسب الثلث إلی المحاباة،فیصح البیع فی قدر تلک النسبة من المبیع و الثمن.

ففی الفرض الأول:إذا نسبت عشرة هی الثلث،إلی المحاباة و هی عشرون، کانت نصفها،فیصح البیع فی النصف بالنصف.

و فی الفرض الأخیر:إذا نسبت الثلث و هو عشرة،إلی المحاباة و هی خمسة عشر،کانت ثلثیها،فیصح فی الثلثین بالثلثین.

قوله: (فإن خلّف عشرة أخری،فعلی قولنا یصح البیع فی ثمانیة أتساعه بثمانیة أتساع الثمن،و علی ما اختاره علماؤنا یأخذ المشتری نصفه و أربعة أتساعه بجمیع الثمن و یرد نصف تسعه).

أی:فإن خلّف عشرة أخری مع العبد المذکور و باعه بخمسة عشر،و هو یساوی ثلاثین،فقد حابی بثلث ترکته و ثمن ثلثها.

فعلی القول المختار-و هو الثانی-یسقط خمسة عشر من ثلاثین و ینسب الثلث -و هو ثلاثة عشر و ثلث-إلی الباقی من القیمة-و هو خمسة عشر-یکون ثمانیة

ص:146

أو ننسب الثمن إلی المثمن و نستخرج قدر المحاباة،فللورثة ضعفها من العبد و الثمن،فنقول:فی الأولی:صح البیع فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن،فالمحاباة بثلثی شیء،فللورثة شیء و ثلث،و الشیء من العبد فیبطل من الثمن ثلث شیء،فالثمن فی تقدیر ثلثی شیء،و العبد فی تقدیر شیئین،فالشیء خمسة عشر.فللمشتری خمسة عشر هی نصفه و رجع إلیه من الثمن أتساعها أو تنسب الثلث-و هو ثلاثة عشر و ثلث-إلی المحاباة-و هی ثلث الترکة و ثمن ثلثها،أعنی خمسة عشر-یکون ثمانیة أتساع ذلک،فیصح البیع فی ثمانیة أتساع العبد -و هی ستة و عشرون و ثلثان-بثمانیة أتساع الثمن-و هی ثلاثة عشر و ثلث-و یبقی من العبد تسعه-و هو ثلاثة و ثلث-،إذا ضممت إلی العشرة و ضم المجموع إلی الثمن کان بقدر المحاباة مرتین.

و علی قول الأکثر ینسب الثمن و ثلث الترکة إلی قیمة العبد،یکون المجموع نصفها و أربعة أتساعها،فیصح البیع فی نصف العبد و أربعة أتساعه بجمیع الثمن.

و یبطل فی نصف تسعه،فیکون نصفه فی مقابلة الثمن،و أربعة أتساعه بالمحاباة،و ذلک ثلث الترکة،و یبقی فی ید الوارث خمسة عشر-هی الثمن-و نصف تسعه واحد و ثلثان مع عشرة،و ذلک ضعف المحاباة.

قوله: (أو ینسب الثمن إلی المثمن و یستخرج قدر المحاباة،فللورثة ضعفها من العبد و الثمن،فنقول فی الأولی:صح البیع فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن،فالمحاباة بثلثی شیء،فللورثة شیء و ثلث شیء، و الشیء من العبد،فیبطل من الثمن ثلث شیء،فالثمن فی تقدیر ثلثی شیء،و العبد فی تقدیر شیئین،فالشیء خمسة عشر،فللمشتری خمسة عشر -هی نصفه-،و رجع إلیه من الثمن

ص:147

خمسة،و کذا للورثة.و فی الثانیة:یصح البیع فی شیء بنصف شیء من الثمن،فالمحاباة بنصف شیء،فللورثة شیء و قد حصل لهم من الثمن نصف شیء،یبقی لهم خمسة،و کذا للورثة.) هذا طریق آخر لبیان ما صح فیه البیع من العبد و الثمن،و ما یبطل فیه منهما علی القول المختار،و هو طریق الجبر و المقابلة.

أما علی القول الأول فلا حاجة إلیه،إذ لا دور فیه،و إنما یلزم الدور علی القول المختار،لأن معرفة ما صح فیه البیع إنما یکون إذا عرف أن مقدار ما یحصل للورثة من الثمن،و ما یرجع إلیهم من المبیع بقدر المحاباة مرتین.

و معرفة ذلک إنما یکون إذا عرف مقدرا ما صح فیه البیع،فإنه بزیادته یقل الواصل إلیهم،و بنقصانه یکثر.

و طریق التخلص ما ذکره،بأن ینسب الثمن إلی المثمن و یستخرج قدر المحاباة،بحیث یکون للورثة ضعفها من العبد و الثمن.

فنقول فی المسألة الاولی-و هی ما إذا باع العبد بعشرة-:صح البیع فی شیء من العبد بشیء من الثمن هو قدر ثلث شیء،لأن الثمن بقدر ثلث قیمة العبد، فالمحاباة بثلثی شیء-و هو ما زاد علی قدر الثمن مما صح فیه البیع من العبد-فیجب أن یکون للورثة قدر المحاباة مرتین،و ذلک شیء و ثلث شیء.

و الشیء من ذلک یجب أن یکون من العبد،لأن ثلث شیء قد حصل لهم مما صح فیه البیع من الثمن،فیبطل البیع من العبد فی شیء أیضا.

و فی قدر ثلثه من الثمن،فیکون العبد فی تقدیر شیئین و الثمن فی تقدیر ثلثی شیء،فظهر أن الشیء خمسة عشر،و ذلک قدر نصف العبد،فللمشتری نصفه،و رجع إلیه نصف الثمن،و للورثة النصف الآخر و نصف الثمن الآخر،و ذلک ضعف المحاباة.

قوله: (و فی الثانیة یصح البیع فی شیء بنصف شیء من الثمن، فالمحاباة بنصف شیء،فللورثة شیء،و قد حصل لهم من الثمن نصف شیء،

ص:148

نصف شیء من العبد،فیبطل البیع فی مقابله و هو ربع شیء من الثمن، فالعبد فی تقدیر شیء و نصف،و الثمن فی تقدیر نصف شیء و ربع،فالشیء عشرون.

و فی الثالثة:صح البیع فی شیء من العبد بنصف شیء من الثمن، فللورثة مقابل المحاباة شیء من الترکة و الثمن،و قد حصل لهم نصف شیء من الثمن،فالعبد و العشرة الزائدة فی تقدیر شیء و نصف،فالشیء ستة یبقی لهم نصف شیء من العبد،فیبطل البیع فی مقابله-و هو ربع شیء من الثمن-،فالعبد فی تقدیر شیء و نصف،و الثمن فی تقدیر نصف شیء و ربع، فالشیء عشرون).

المراد ب(الثانیة)هی ما إذا بیع العبد المذکور بخمسة عشر.

و بیانها ان نقول:صح البیع فی شیء من العبد بشیء من الثمن-هو نصف ما صح من العبد-فهو نصف شیء،فالمحاباة بنصف شیء-و هو ما زاد علی قدر الثمن مما صح فیه البیع من العبد-،فیجب أن یکون للورثة شیء،و هو ضعفها.

و قد حصل لهم من الثمن نصف شیء،فیبقی لهم نصف شیء یجب أن یرجع إلیهم من العبد،فیبطل فیه البیع،و یبطل فی مقابله من الثمن-و هو ربع شیء- فیکون العبد فی تقدیر شیء و نصف شیء،فالشیء ثلثاه،و یکون الثمن فی تقدیر ثلاثة أرباع شیء،فالشیء اذن عشرون.

قوله: (و فی الثالثة صح البیع فی شیء من العبد بنصف شیء من الثمن،فللورثة مقابل المحاباة شیء من الترکة و الثمن،و قد حصل لهم نصف شیء من الثمن،فالعبد و العشرة الزائدة فی تقدیر شیء و نصف، فالشیء ستة

ص:149

و عشرون و ثلثان. و عشرون و ثلثان.) المراد ب(الثالثة)هی ما إذا باع العبد بخمسة عشر و خلّف معه عشرة أخری.

و بیانها:أن نقول:صح البیع فی شیء من العبد بشیء من الثمن هو نصف ما صح من العبد،فهو نصف شیء،فالمحاباة بنصف شیء-و هو الزائد علی قدر ما صح فیه البیع من الثمن مما صح فیه من العبد-،فیجب أن یکون للورثة ضعفها،و هو شیء.

و قد حصل لهم بالثمن نصف شیء،فیجب أن یحصل لهم ذلک من العبد و العشرة،فیکون العبد و العشرة فی تقدیر شیء و نصف،فقسط ذلک یکون ثلاثة.

ثم تقسط أربعین علیها،یکون الواحد ثلاثة عشر و ثلثا،فالشیء ستة و عشرون و ثلثان،و ذلک ثمانیة أتساع العبد،و یبقی للورثة منه و من العشرة نصف شیء -و هو ثلاثة عشر و ثلث-،و حصل لهم من الثمن مثل ذلک،و هو ضعف المحاباة.

ص:150

المطلب الثالث:فی المسائل الدوریة فی هذا الباب

المطلب الثالث:فی المسائل الدوریة فی هذا الباب،و هی أنواع:

الأول العتق

الأول العتق و فیه مسائل:

الأولی:إذا خرجت العطیة المنجزة من الثلث حال الموت تبینّا صحتها حال العطیة

الأولی:إذا خرجت العطیة المنجزة من الثلث حال الموت تبینّا صحتها حال العطیة،و إلاّ فما یحتمله الثلث.فإن نمی المعطی أو کسب شیئا قسّم بین الورثة و بین صاحبه علی قدر ما لهما فیه،فربما أفضی إلی الدور.

قوله: (المطلب الثالث:فی المسائل الدوریة فی هذا الباب:و هی أنواع:

الأول:العتق:إذا خرجت العطیة المنجزة من الثلث حال الموت تبیّنا صحتها حال العطیة،و إلاّ فما یحتمله الثلث،فإن نمی المعطی أو کسب شیئا قسّم بین الورثة و بین صاحبه علی قدر ما لهما فیه،فربما أفضی إلی الدور).

المراد ب(الباب)المشار إلیه فی قوله:(فی هذا الباب)باب التبرعات،و لما سبق البحث عن المحاباة بالبیع اکتفی بذکره.

ثم و ابتدأ بالعتق اهتماما بشأنه،و ذکر ضابطا ینتفع به فی جمیع التبرعات،فلذلک عنونه بالبحث عن العطیة لیعم حکم العتق،و إن کان تناول حکم العطیة لحکم العتق یحتاج إلی فضل عنایة.

و تحقیقه:إن العطیة المنجزة إنما یحکم بصحتها و نفوذها أو بعدم الصحة إذا خرجت من الثلث حال الموت أو لم تخرج،و ذلک لأن الثلث إنما یعتبر حینئذ،لأنه وقت انتقال الترکة إلی الوارث.

و قد حققنا فیما مضی أنه لو تجدد بعد الموت مال محکم بکونه ملکا للمیت، کعوض الجنایة الموجبة للقصاص لو صالح علیها الوارث کان محسوبا من الترکة،فیزید به الثلث.و لو تلف شیء من أعیان الترکة بعد الموت و قبل قبض الوارث لم یکن

ص:151

فلو أعتق عبده و لا شیء سواه فکسب مثل قیمته،ثم مات السید،فللعبد من کسبه بقدر ما عتق،و باقیه للسید،فیزداد به مال السید،و تزداد الحریة فیزداد حقه من کسبه،فینقض به حق السید من الکسب فتنقص به الحریة.

محسوبا من الترکة،فتنتقص به و ینقص به الثلث لا محالة.

فإذا لوحظ ذلک و خرجت العطیة و التبرع من الثلث فی الحال المذکور تبیّنا صحتها من حین وقوعها،و صحة جمیع ما یترتب علیها.

و إن لم تخرج تبینا صحة ما یحتمله الثلث منها،و صحة ما یترتب علیها بالنسبة، فإن نمی المعطی-و هو المتبرع به کما فی الشجرة و الدابة-،أو کسب شیئا-لو کان عبدا کاسبا-قسّم بین الورثة و بین صاحبه إن کان له صاحب،و إن کان معتقا فذلک القسم له علی قدر ما نفذ فیه من التصرف،و ما بقی منه علی الرق لهم.

و لا یخفی أن قوله:(فربما أفضی إلی الدور)تفریع علی قوله:(فإن نمی.)، و لا یحسن الإتیان بقوله:(فربما)،لأن الدور لازم فی هذه الحالة،لأن الکسب و النماء فیهما حق للسید،و بزیادته تزید الترکة،فیزید العتق و ما فی معناه،فتقل الترکة بزیادة حق العتیق و المتبرع علیه فی النماء و الکسب.

و معرفة حق کل من الوارث و المعطی إنما یکون مع معرفة حق الأخر،لأن حق الوارث إنما یعرف إذا عرف مقدار ما نفذ فیه التبرع،و هو موقوف علی معرفة قدر الترکة،و لا یعرف إلاّ إذا عرف مقدار حق المتبرع علیه،و لا یعرف إلاّ إذا عرف حق الوارث،فالدور لازم لا محالة.

اللهم إلاّ إذا أرید التفریع علی أصل الباب،بحیث یعم نماء ما خرج من الثلث،و یکون الدور لازما فیما لا یخرج خاصة،إلاّ أن ذلک مستبعد.

قوله: (فلو أعتق عبده و لا شیء سواه،فکسب مثل قیمته ثم مات السید،فللعبد من کسبه بقدر ما عتق،و باقیه للسید فیزداد به مال السید، و تزداد الحریة فیزداد حقه من کسبه،فینقض به حق السید من الکسب

ص:152

و طریقة استخراج قدر الحریة أن نقول:عتق منه شیء و له من کسبه شیء،و للورثة من العبد و کسبه شیئان،لأن لهم ضعف ما عتق و قد عتق منه شیء.

و لا یحسب علی العبد ما حصل له من الکسب،لأنه استحقه لا من سیده بل من الحریة،فالعبد و کسبه نصفان بین الورثة و العبد،فیتحرر نصف العبد و له نصف الکسب.

فتنقص الحریة.

و طریق استخراج قدر الحریة أن نقول:عتق منه شیء و له من کسبه شیء،و للورثة من العبد و کسبه شیئان،لأن لهم ضعف ما عتق و قد عتق منه شیء،و لا یحسب علی العبد ما حصل له من الکسب،لأنه استحقه لا من سیده بل من الحریة،فالعبد و کسبه نصفان بین الورثة و العبد،فیتحرر نصف العبد و له نصف الکسب).

هذه من فروع القاعدة السابقة،و قد بیّن فیه وجه لزوم الدور و طریق التخلص،و استغنی عن التعرض إلی ذلک فی باقی نظائره.

و تحقیقه:إنه فی الفرض المذکور یلزم الدور،حیث أن حق السید من الکسب لا یعرف إلاّ إذا عرف مقدار الرق،لأن ما بإزائه من الکسب حق للسید،و لا یعرف ذلک إلاّ إذا عرف مقدار ما تحرر منه،لیعلم مقدار نصیب الحریة من الکسب فیسقط و یکون الباقی للسید،و لا یعرف ذلک إلاّ إذا عرف مقدار نصیب الرق،لأنه محسوب من جملة الترکة التی یجب أن تکون مثل ما نفذ فیه العتق،و ذلک تابع لمعرفة قدر الرق.

و طریق التخلص الجبر و المقابلة،فنقول:عتق من العبد شیء،و له من کسبه بقدره،لأن مجموع الکسب بقدر مجموع القیمة،فمتی عتق منه شیء تبعه من الکسب بقدره.

ص:153

و لو کسب ضعف قیمته فله من کسبه شیئان،فصار له ثلاثة أشیاء، و للورثة شیئان،فینقسم العبد و کسبه خمسة للورثة خمساه و خمسا کسبه. و یجب أن یکون للورثة شیئان فی مقابل التبرع،و هو ما نفذ فیه العتق دون ما استحقه من الکسب،لأنه لم یصل إلیه من السید بل من الکسب بالجزء الحر،فلا یجب أن یکون للورثة شیء فی مقابله.

و هذا هو المراد من قوله:(و لا یحسب علی العبد ما حصل له من الکسب.)، فحینئذ یکون للعبد من نفسه و کسبه شیئان،و للورثة شیئان فی مقابل ما عتق من العبد من باقی العبد و باقی کسبه،لأن ذلک شرط نفوذ التبرع،فیکون العبد و کسبه فی تقدیر أربعة أشیاء،فالشیء نصف أحدهما.

قوله: (و لو کسب ضعف قیمته فله من کسبه شیئان،فصار له ثلاثة أشیاء و للورثة شیئان،یقسّم العبد و کسبه خمسة،للورثة خمساه و خمسا کسبه).

أی:لو کسب المعتق بقدر قیمته مرتین،فطریق معرفة ما لکل من الورثة و العبد أن نقول:عتق من العبد شیء و له من کسبه شیئان،لأن الکسب ضعفه و مجموع ذلک ثلاثة أشیاء.

و للورثة بقدر ما وقع التبرع به مرتین،و ذلک شیئان فی مقابل ما عتق منه دون نصیبه من الکسب،لما عرفت من أنه لیس من تبرعات السید،فیکون محسوبا، فیکون العبد و کسبه فی مقابل خمسة أشیاء،فنضرب ثلاثة-و هی العبد و مثلاه-فی خمسة،ثم نقسمها علی خمسة،فیکون الخارج ثلاثة أخماس.

و إن شئت نسبت ثلاثة إلی خمسة،فالخارج ثلاثة أخماس أیضا،فالشیء ثلاثة أخماس العبد،فیعتق منه ثلاثة أخماسه،و له من کسبه ثلاثة أخماسه،و یبقی خمساه و خمسا کسبه للورثة.

ص:154

و لو کسب ثلاثة أمثال قیمته،فله ثلاثة أشیاء من کسبه مع ما عتق منه،و للورثة شیئان،فیعتق ثلثاه و له ثلثا کسبه،و لهم الثلث منهما. فإن أقرض مولاه مثل قیمته فأتلفه،ثم مات عن ضعفه،فإن أبرأه العبد عتق و سلم له باقی کسبه،و إلا عتق منه خمسة أسداسه و له من کسبه و قرضه بالنسبة. قوله: (و لو کسب ثلاثة أمثال قیمته،فله ثلاثة أشیاء من کسبه مع ما عتق منه،و للورثة شیئان،فینعتق ثلثاه و له ثلثا کسبه،و لهم الثلث منهما).

و لو کان کسب العبد فی الفرض المذکور ثلاثة أمثال قیمته عتق منه شیء و له من کسبه ثلاثة أشیاء،و للورثة فی مقابل المنعتق منه شیئان،فیکون العبد و کسبه فی مقابل ستة أشیاء،فنضرب أربعة من العبد و ثلاثة أمثاله فی ستة هی عدد الأشیاء.

ثم نقسم الخارج علی عدد الأشیاء،یخرج أربعة أسداس هی ثلثان أو ننسبها إلیها،فالخارج ذلک بعینه،فالشیء ثلثا العبد،فیعتق ثلثاه و له ثلثا کسبه،و للورثة ثلثه و ثلث کسبه.

قوله: (فإن أقرض مولاه مثل قیمته فأتلفه،ثم مات عن ضعفه،فإن أبرأه العبد عتق و سلّم له باقی کسبه،و إلاّ عتق منه خمسة أسداسه،و له من کسبه و قرضه بالنسبة).

أی:فإن أقرض العبد مولاه فی الفرض الأخیر-و هو ما إذا اکتسب ثلاثة أمثال قیمته-مثل قیمته من هذه الثلاثة الأمثال فأتلفه السید-و احترز به عما لو کانت عینه باقیة،فإن الترکة تزید به فیزداد المنعتق-،ثم مات السید عن ترکة غیر العبد هی قدر قیمته مرتین.

فإن أبرأ العبد السید من قرضه فلا بحث فی انعتاقه،لخروجه حینئذ من ثلث الترکة فیسلّم له الموجود من کسبه.

ص:155

و لو کسب نصف قیمته عتق منه شیء،و له نصف شیء،و لهم شیئان، فالجمیع ثلاثة أشیاء و نصف تبسط انصافا،فله ثلاثة أسباعها،فیعتق منه ثلاثة أسباعه،و له ثلاثة أسباع کسبه و الباقی لهم. و إن لم یبرئ السید فالدور لازم بمثل ما سبق،حیث أنه لا یخرج من الثلث بعد أداء حقه من الدین،و بزیادة ما عتق منه یزید حقه من الکسب و الدین،فیقل نصیب السید،فیقل المعتق منه،فیقل نصیبه،فیزداد نصیب السید فیزداد العتق.

و طریق التخلص أن یقول:عتق منه شیء و له من کسبه شیئان،و من دینه شیء من الترکة،و للورثة فی مقابل ما عتق منه شیئان.

فأما الشیئان من کسبه فلیسا من جهة المولی و لا من ترکته،و أما الدین فإنه و إن کان من الترکة إلاّ أنه لیس من التبرعات،فلا یستحق الورثة فی مقابله شیئا.

فعلی هذا یکون العبد و کسبه الذی هو ضعف قیمته،و ضعفها الذی خلفه المولی فی مقابل ستة أشیاء،فیقسّم خمسة علی ستة یخرج خمسة أسداس،فیعتق منه خمسة أسداسه و له خمسة أسداس کسبه و خمسة أسداس دینه.

و للورثة سدسه و سدس کسبه،و مما خلّفه المولی قیمته و سدس آخر،و هو ما یخلف عن استحقاقه من القرض،و ذلک ضعف ما عتق منه.

قوله: (و لو کسب نصف قیمته عتق منه شیء،و له نصف و لهم شیئان، فالجمیع ثلاثة أشیاء و نصف،تبسط أنصافا،له ثلاثة أسباعها،فیعتق ثلاثة أسباعه و له ثلاثة أسباع کسبه،و الباقی لهم).

أی:لو کان کسب المعتق المذکور-و هو المستوعب-قدر نصف قیمته،فقد عرفت لزوم الدور.

و طریق التخلص أن نقول:عتق من العبد.شیء و له من کسبه شیء هو قدر نصف ما عتق منه،لأن الکسب نصف القیمة فهو نصف شیء.

و للورثة منه و من کسبه بقدر ما عتق منه مرتین-و ذلک شیئان-فیکون العبد

ص:156

و لو کانت قیمته مائة فکسبت تسعة،فاجعل له بإزاء کل دینار شیئا، فقد عتق منه مائة شیء،و له من کسبه تسعة أشیاء،و لهم مائتا شیء.فیعتق منه مائة جزء و تسعة أجزاء من ثلاثمائة و تسعة،و له من کسبه مثل ذلک،و لهم مائتا جزء من نفسه و مائتان من کسبه. و کسبه فی مقابل ثلاثة أشیاء و نصف،نبسطها من جنس کسرها فتکون سبعة.

و نبسط العبد و کسبه فیکون ثلاثة،نقسمها علی سبعة یخرج ثلاثة،فنصف الشیء ثلاثة أسباع نصف العبد أو ثلاثة أسباع کسبه،فالشیء ثلاثة أسباع العبد، فینعتق منه ثلاثة أسباعه و یتبعه ثلاثة أسباع کسبه،و یبقی للورثة أربعة أسباعه و أربعة أسباع کسبه،هی بقدر سبعی العبد،و ذلک ضعف ما عتق منه.

و تنقیحه:أنه إذا قسّم العبد و الکسب علی سبعة فقد قسم کل منهما علیها،و لما کان للعبد شیء و نصف من نفسه و کسبه-و ذلک ثلاثة من السبعة الحاصلة من بسط ثلاثة أشیاء و نصف-،کان له ثلاثة أسباع نفسه و ثلاثة أسباع کسبه،و للورثة ما بقی.

قوله: (و لو کانت قیمته مائة فکسب تسعة،فاجعل له بإزاء کل دینار شیئا،فقد عتق منه مائة شیء،و له من کسبه تسعة أشیاء و لهم مائتا شیء، فیعتق منه مائة جزء و تسعة أجزاء من ثلاثمائة و تسعة،و له من کسبه مثل ذلک، و لهم مائتا جزء من نفسه و مائتان من کسبه).

أی:لو کانت قیمة العبد المذکور مائة دینار و اکتسب تسعة دنانیر،فاجعل ما ینعتق منه من کل دینار شیئا،لیسلم ما یحصل له من الکسب من الکسر،و حینئذ فیکون له تسعة أشیاء من کسبه،و نسبة حصة من الکسب إلی ما انعتق منه کنسبة الکسب إلی قیمته،فإنه تسعة أعشار عشرها.

و یکون للورثة من نفسه و من کسبه بقدر ما عتق منه مرتین،و ذلک مائتا شیء، فیکون العبد و کسبه فی مقابل ثلاثمائة و تسعة أشیاء،فیقسّم العبد و الکسب علی ثلاثمائة و تسعة،فیکون الشیء جزء من ثلاثمائة و تسعة من الأب و کسبه.

ص:157

..........

فإذا قسّمتها علی ثلاثمائة و تسعة فقد قسمت کلا منها علی ذلک،فینعتق من العبد مائة جزء و تسعة أجزاء من ثلاثمائة و تسعة منه،و یتبعه من کسبه مائه و تسعة أجزاء من ثلاثمائة و تسعة أجزاء من الکسب،و یبقی للورثة مائتا جزء من نفسه و مائتان من کسبه،و ذلک ضعف ما انعتق منه.

و تحقیقه:إن مائتین من نفسه ضعف مائة مما انعتق منه،فیبقی تسعة أجزاء من المنعتق منه فی مقابل مائتین من کسبه من أصل ثلاثمائة و تسعة أجزاء،فیجب أن تکون المائتان ضعفها.

و بیانه:أنه إذا کان لعدد نسبة إلی عدد آخر،فلکسر الأول مثل تلک النسبة من نظیره من کسر الثانی،فإن العشرة مثلا لما کانت ثلثی خمسة عشر کان نصف العشرة ثلثی نصف الخمسة عشر لا محالة.

و لما کان الکسب-و هو تسعة دنانیر-تسعة أعشار عشر القیمة-و هی مائة دینار-،کانت المائة من ثلاثمائة و تسعة من الکسب بقدر تسعة أعشار عشر المائة من ثلاثمائة و تسعة من العبد-و ذلک تسعة-،فتکون المائة من الکسب بقدر تسعة من ثلاثمائة و تسعة من العبد،فالمائتان من الکسب بقدر ثمانیة عشر من ثلاثمائة و تسعة من العبد،و ذلک ما أردناه.

فإذا أردت معرفة الشیء فاعلم أنه جزء و تسعة أعشار عشر جزء من ثلاثمائة و تسعة أجزاء من العبد،و ذلک لأن العبد و الکسب فی تقدیر ثلاثمائة و تسعة أشیاء کما سبق،فالشیء جزء منهما من ثلاثمائة و تسعة أجزاء منهما.

و لما کان الکسب تسعة أعشار عشر القیمة،فکسره المنطق و الأصم تسعة أعشار عشر نظیره من کسر القیمة،فیکون الشیء جزءا و تسعة أعشار عشر جزء من ثلاثمائة جزء و تسعة أجزاء من العبد.

و إن شئت قلت فی استخراجها:عتق من العبد شیء و تبعه من الکسب تسعة

ص:158

و لو استغرق دین المولی القیمة و الکسب صرف الجمیع فی الدین، و إلاّ صرف من العبد و کسبه ما یقضی به الدین و الباقی یقسم کالکامل و کسبه.فلو کان کل من الدین و الکسب کالقیمة صرف فیه نصف العبد و نصف کسبه،و قسّم الباقی نصفین،و کذا باقی الکسب. أعشار شیء،و للورثة من العبد و الکسب شیئان فی مقابل ما عتق،فالعبد و کسبه مقابل ثلاثة أشیاء و تسعة أعشار عشر شیء،فإذا بسطتها من جنس الکسر کانت ثلاثمائة و تسعة.

قوله: (و لو استغرق دین المولی القیمة و الکسب صرف الجمیع فی الدین).

من هذا یعلم أن المریض محجور علیه فی قدر الدین من الترکة،حتی لو استوعبها الدین لحجر علیه فی الجمیع.

قوله: (و إلاّ صرف من العبد و کسبه ما یقضی به الدین،و الباقی یقسّم کالکامل و کسبه).

أی:و إن لم یستغرق الدین القیمة و الکسب صرف من العبد و الکسب ما یقضی به الدین،لأن قضاء الدین مقدم علی التبرعات فإنها کالوصیة،و یجعل الباقی من العبد کالعبد،فیقسم کما یقسم،و کذا کسبه و المقتضی به الدین کأنه لم یکن.

قوله: (فلو کان کل من الدین و الکسب کالقیمة صرف نصف العبد و نصف کسبه،و قسّم الباقی نصفین،و کذا باقی الکسب).

إنما وجب أن یصرف نصف کل العبد و الکسب فی الدین،لأن نسبة الدین إلی کل من العبد و الکسب علی حد سواء،فلا أولویة لأحدهما فی الأداء منه علی الآخر.

فإذا حکم بالأداء منهما،قیل فی باقی العبد عتق منه شیء و استحق من کسبه شیئا،و للورثة منه و من کسبه شیئان ضعف ما عتق منه،فیکون باقی العبد و کسبه فی مقابل الأشیاء الأربعة.

ص:159

و لو کان للسید مثل قیمته،و کسب العبد مثلا آخر قسمت العبد و مثلی قیمته علی الأشیاء الأربعة،فلکل شیء ثلاثة أرباع،فیعتق ثلاثة أرباع العبد و له ثلاثة أرباع کسبه.

المسألة الثانیة:لو أعتق عبدا قیمته عشرون

المسألة الثانیة:لو أعتق عبدا قیمته عشرون،ثم آخر عشرة، فکسب کل مثل قیمته،أکملت الحریة فی الأول فیعتق منه شیء و له من کسبه شیء،و للورثة شیئان،و یقسّم العبدان و کسبهما علی الأشیاء الأربعة،فلکل شیء خمسة عشر،فیعتق منه بقدر ذلک و هو ثلاثة أرباعه و له قوله: (و لو کان للسید مثل قیمته،و کسب العبد مثلا آخر،قسّمت العبد و مثلی قیمته علی الأشیاء الأربعة،فلکل شیء ثلاثة أرباع،فیعتق ثلاثة أرباع العبد و له ثلاثة أرباع کسبه).

أی:لو کانت الصورة المفروضة أولا بحالها-و هو کون العبد المعتق مستوعبا -و اکتسب مثل قیمته و ترک السید مثلا آخر،فللعبد من کسبه بقدر ما عتق منه، و للورثة من باقیه و باقی کسبه،و ما ترکه السید ضعف ما عتق منه.

و قد عرفت أن الطریق أن تجعل المعتق منه شیئا،فله من کسبه شیء،و للورثة شیئان من الجمیع ضعف ما عتق منه،فیکون العبد و کسبه و ما خلّفه السید فی مقابل أربعة أشیاء،فتقسّم ثلاثة علی أربعة یخرج ثلاثة أرباع،فالشیء ثلاثة أرباع العبد و ثلاثة أرباع قیمته،فیعتق منه ثلاثة أرباع و له ثلاثة أرباع کسبه،و للورثة ربعه و ربع کسبه،و المثل الذی ترکه السید و ذلک بقدر ما عتق مرتین.

قوله: (الثانیة:لو أعتق عبدا قیمته عشرون،ثم آخر عشرة،فکسب کل مثل قیمته،أکملت الحریة فی الأول،فیعتق منه شیء و له من کسبه شیء و للورثة شیئان،و یقسّم العبدان و کسبهما علی الأشیاء الأربعة،فلکل شیء خمسة عشر،فیعتق منه بقدر ذلک و هو ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع

ص:160

ثلاثة أرباع کسبه،و الباقی لهم.

و لو بدأ بالأدنی عتق کله و أخذ کسبه،و استحق الورثة من الآخر، و کسبه مثلی المعتق و هو نصفه و نصف کسبه،فیبقی نصفه و نصف کسبه بینهما نصفین،فیعتق ربعه.

کسبه،و الباقی لهم).

لو أعتق عبدین مستوعبین،قیمة أحدهما عشرون و قیمة الآخر عشرة،ثم کسب کل واحد منهما مثل قیمته،فإما أن یعتقهما علی الترتیب،أو دفعة.

فإن رتب:فإما أن یبدأ بذی القیمة العلیا،أو بالآخر،فالصور ثلاث:

الاولی:أن یبدأ بذی القیمة العلیا،و لا ریب أن الحریة کلها یجب أن تجمع فی الأول،لأن التبرعات فی المرض مثل الوصایا إذا ضاق عنها الثلث یبدأ منها بالأول فالأول کما سبق،و هذا هو المراد من قول المصنف:(أکملت الحریة فی الأول)،أی:

جمعت،لامتناع أن یراد صیرورة جمیعه حرا إذ الثلث لا یفی به.

و یبطل عتق الثانی لا محالة،لعدم سعة الثلث له،فنقول:عتق من الأعلی شیء و له من کسبه شیء،و للورثة شیئان منه و من کسبه،و من العبد الآخر و کسبه فی مقابل ما عتق منه.

فالعبد و مثلا قیمته فی مقابل أربعة أشیاء و أحد المثلین کسبه،و الآخر العبد الآخر و کسبه،فیقسّم ثلاثة علی أربعة یخرج ثلاثة أرباع،فینعتق من الأعلی ثلاثة أرباعه،و له ثلاثة أرباع کسبه،و لهم ربعه و ربع کسبه و مجموع الآخر و کسبه و هو ضعف ما عتق منه.

و إن شئت قلت:مجموع العبدین و الکسبین ستون یقسمها علی أربعة فالشیء ربعها-و هو خمسة عشر-،و هی ثلاثة أرباع العبد،و نسوق الکلام إلی آخره.

قوله: (و لو بدأ بالأدنی عتق کله و أخذ کسبه و استحق الورثة من الآخر،و کسبه مثلی المعتق،و هو نصفه و نصف کسبه،و یبقی نصفه و نصف

ص:161

و له ربع کسبه و یرق ثلاثة أرباعه و یتبعه ثلاثة أرباع کسبه،و ذلک مثلا ما انعتق منهما. و لو أعتقهما دفعة أقرع،فمن خرجت قرعته کان حکمه کما لو بدأ به. کسبه بینهما نصفین،فیعتق ربعه و له ربع کسبه،و یرق ثلاثة أرباعه و یتبعه ثلاثة أرباع کسبه،و ذلک مثلا ما انعتق منهما).

هذه هی الصورة الثانیة من الصور الثلاث،فإذا بدأ بالأدنی عتق کله لا محالة،لسعة الثلث إیاه حین إنشاء عتقه،و أخذ جمیع کسبه،لأنه کسب حر،و استحق الورثة ضعفه،لأنه الذی تبرع به المریض،فیستحقون نصف العبد الآخر-و هو الأعلی-و نصف کسبه،لأن الاعتبار بخروجه من الثلث حین الموت.

و حینئذ فکل من العبد الأعلی و کسبه لا أولویة لأحدهما علی الآخر فی جعل الضعف منه،فیبقی نصفه و نصف کسبه بمنزلة جمیع عبد مستوعب،أعتق فاکتسب مثله،فیعتق منه شیء و له من کسبه شیء.

و للورثة فی مقابل ما انعتق منه شیئان،فیکون الباقی منه و من کسبه فی مقابل أربعة أشیاء،فالشیء ربعه فینعتق ربعه و له ربع کسبه،و للورثة الربع الآخر منه و الربع من کسبه،فیجتمع للورثة ثلاثة أرباعه و ثلاثة أرباع کسبه،و ذلک ضعف مجموع ما انعتق منه مع العبد الآخر.

قوله: (و لو أعتقهما دفعة أقرع،فمن خرجت قرعته کان حکمه کما لو بدأ به).

هذه هی الصورة الثالثة،و تحقیقها،أنه إذا أعتق العبدین المذکورین دفعة فی المرض و اکتسبا علی ما سبق،فلا سبیل إلی إعتاقهما معا،لأن الثلث لا یسعهما،و لا إلی الابتداء بأیهما اتفق،لاختلاف الحکم،فإنه مع الابتداء بالأعلی یرق الأدنی و تجمع الحریة کلها فی الأعلی،و مع الابتداء بالأدنی یعتق کله و ربع الأعلی و لا ترجیح،فلم

ص:162

الثالثة:لو أعتق ثلاثة قیمتهم سواء

الثالثة:لو أعتق ثلاثة قیمتهم سواء،و علیه مساوی أحدهم و کسب أحدهم مثل قیمته،أقرع لإخراج الدین،فإن وقعت علی غیر المکتسب بیع فی الدین،ثم أقرع بین المکتسب و الآخر لأجل الحریة:فإن وقعت علی یبق إلاّ القرعة،فیقرع لمن یبتدأ به.

فمن خرج اسمه بدئ به و رتب علیه حکمه السابق،فإن خرج الأدنی عتق کله و ربع الآخر،و إن خرج الأعلی جمعت الحریة فیه ورق جمیع الأدنی.

فإن قیل:لم لا یحکم بنفوذ العتق فی کل منهما بحسب حاله،و یتبعه من کسبه بقدر ما انعتق منه،فیقال:عتق من الأعلی شیء و من الأدنی نصف شیء،و یتبعهما من کسبهما شیء و نصف شیء.

و للورثة فی مقابل ما انعتق منهما ثلاثة أشیاء،فالعبدان و کسبهما فی مقابل ستة أشیاء،فالشیء عشرة،فینعتق نصف الأعلی و ربع نصف الأدنی،و یتبعهما نصف کسب الأعلی و نصف کسب الأدنی،فیبقی للورثة نصفهما و نصف کسبهما،و ذلک ضعف ما انعتق منهما.

بل یقال:هذا أوجه،لأنه أعدل،فإن العتقین وقعا دفعة و لا أولویة لأحدهما علی الآخر.

قلنا:لما کانت عنایة الشارع تقتضی عدم توزیع الحریة مع إمکان جمعها- و لهذا لو أعتق جمعا لا یسعهم الثلث أقرع بینهم،و لم یعتق من کل منهم بحسبه من الثلث-،وجب العمل بالقرعة هنا،لأنه إن خرج الابتداء بالأدنی عتق کله،أو بالأعلی جمعت الحریة الممکنة کلها فیه.

قوله: (لو أعتق ثلاثة قیمتهم سواء،و علیه مساوی أحدهم،و کسب أحدهم مثل قیمته أقرع لإخراج الدین،فإن وقعت علی غیر المکتسب بیع فی الدین ثم أقرع بین المکتسب و الآخر لأجل الحریة،فإن وقعت علی غیر

ص:163

غیر المکتسب عتق کله ورق الآخر و ماله لهم،و إن وقعت قرعة الحریة علی المکتسب عتق ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع کسبه و باقیه و باقی کسبه و العبد الآخر للورثة.

و لو وقعت قرعة الدین علی المکتسب قضی الدین بنصفه و نصف کسبه،ثم أقرع بین باقیه و الآخرین للحریة،فإن وقعت علی غیره عتق کله.

و إن وقعت علیه عتق باقیه و أخذ باقی کسبه،ثم أقرع بین العبدین لإتمام الثلث،فمن وقعت علیه عتق ثلثه. المکتسب عتق کله و رقّ الآخر و ماله لهم.و إن وقعت قرعة الحریة علی المکتسب عتق ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع کسبه،و باقیه و باقی کسبه و العبد الآخر للورثة.و لو وقعت قرعة الدین علی المکتسب قضی الدین بنصفه و نصف کسبه،ثم أقرع بین باقیه و الآخرین للحریة،فإن وقعت علی غیره عتق کله،و إن وقعت علیه عتق باقیه و أخذ باقی کسبه،ثم أقرع بین العبدین لإتمام الثلث،فمن وقعت علیه عتق ثلثه).

لو أعتق ثلاثة أعبد مستوعبین قیمتهم سواء،و علیه دین بقدر قیمة أحدهم، و کسب أحدهم مثل قیمته،فلا بد من القرعة بینهم لإخراج الدین،فإنه لا سبیل إلی توزیعه علیهم،لأن الغرض متعلق بجمیع الحریة ما أمکن،فلا بد من القرعة لإخراج الدین،ثم القرعة بعد ذلک للحریة.

فإذا أقرع للدین،فإما أن تقع القرعة علی غیر المکتسب أو علی المکتسب:

فإن وقعت علی غیر المکتسب-و هو أحد الآخرین أیهما کان-بیع فی الدین لا محالة،و بقی المکتسب و الآخر من اللذین لم یکتسبا کأنهما مجموع الترکة،فیقرع بینهما للحریة.

ص:164

..........

فإن خرج بالقرعة غیر المکتسب عتق کله،لبقاء ضعفه للورثة-و هو المکتسب و کسبه-،فیکون المکتسب و کسبه لهم لا محالة.

و إن وقعت قرعة الحریة علی المکتسب لم یعتق جمیعه،لأن الثلث لا یفی به،فإن کل ما حکم بعتقه منه تبعه من کسبه بالنسبة.

و یجیء الدور،لأن الترکة تزید إذا کان ما انعتق منه و استحقه من کسبه قلیلا، فیجب أن یزداد عتقه و استحقاقه من کسبه،فتنقص الترکة،فیقل العتق و الاستحقاق من الکسب.

و طریق التخلص ما سبق غیر مرة،فنقول:عتق منه شیء،و له من کسبه شیء،و للورثة من باقیه و باقی کسبه من العبد الآخر من اللذین لم یکتسبا شیئان، فالمکتسب و کسبه،و للآخر فی مقابل أربعة أربعة أشیاء،فتقسم الثلاثة علی أربعة، فیکون الشیء ثلاثة أرباعه،فیعتق ثلاثة أرباعه،و له من کسبه ثلاثة أرباعه،و للورثة ربعه و ربع کسبه مع العبد الآخر،و ذلک ضعف ما انعتق منه.

هذا إذا وقعت قرعة الدین علی غیر المکتسب،و لو وقعت علی المکتسب قضی الدین بنصفه و نصف کسبه،لاستواء نسبة الدین إلی العبد و الکسب،و لأنه إذا وجب صرف شیء منه فی الدین استقر ملکا و تبعه قدره من الکسب،فوجب الاقتصار علی ما یقضی به الدین منه و من الکسب،لوجوب تنفیذ العتق و لو فی شیء منه ما أمکن.

و حینئذ فیبقی نصفه الآخر و نصف کسبه و العبدان الآخران،فیقرع بین باقیه و بینهما للحریة.

فإن وقعت القرعة علی غیره-و هو أحد الآخرین-عتق کله،لأن الترکة هی ما یبقی بعد الدین،و هو بقدر ثلثها،لأن نصف المکتسب و نصف کسبه ثلث،و کل من الآخرین ثلث،و حینئذ فیجوز الورثة نصف المکتسب و نصف الکسب و العبد الآخر.

و إن وقعت علی باقی المکتسب نفذ العتق فیه و تبعه باقی الکسب.

ص:165

و کذا لو وهب أحدهم کان للمتهب من العبد و کسبه مثل ما للعبد من نفسه و کسبه فی هذه المسائل.

الرابعة:لو أعتق عبدین مستوعبین متساویین فی القیمة دفعة فمات

الرابعة:لو أعتق عبدین مستوعبین متساویین فی القیمة دفعة فمات ثم یقرع بین العبدین الآخرین لإتمام الثلث،فمن وقعت علیه القرعة عتق ثلثه،فیکون باقی المکتسب-و هو نصفه-و ثلث أحد الآخرین هو ثلث مجموعهما مع نصف المکتسب،فإن الترکة منحصرة فیهما و فی النصف.و أما نصف الکسب الباقی فإنه ملک للمکتسب،لتجدده بعد نفوذ حریته.

و من هذا البیان ظهر أن الصور أربع،فإن وقوع قرعة الدین علی غیر المکتسب تحته صورتان باعتبار قرعة الحریة،و کذا وقوعها علی المکتسب،و ذلک یظهر بأدنی تأمل.

قوله: (و کذا لو وهب أحدهم کان للمتهب من العبد و کسبه مثل ما للعبد من نفسه و کسبه فی هذه المسائل).

أی:و کذا تأتی الأحکام السابقة لو وهب المریض أحد العبید المذکورین فی المسائل السابقة،فیکون للمتهب من العبد و کسبه مثل ما للعبد من نفسه و کسبه،إذا أعتق فی المرض فی جمیع هذه المسائل المذکورة،حتی لو جوّزنا هبة أحد العبدین لا بعینه ثم یعیّن الواهب ما شاء،جاز أن یهب أحد الأعبد الثلاثة.

لکن یشکل الرجوع فی التعیین إلی مشتبه،فإما أن یقال بالقرعة،أو یجعل الکسب لو عیّن الکاسب محسوبا من الثلث،لأنه بدون ذلک مختار لإخراجه عن الورثة.

و حکم ما لو وهب عبدا قیمته عشرون،ثم آخر قیمته عشرة،و هما مستوعبان، ثم اکتسب کل واحد بقدر قیمته حکم ما سبق فی عتقهما،لکن لو وهبهما دفعة صحت الهبة فی بعض کل منهما بحسبه،لأن جمع الحریة ما أمکن متعیّن بخلاف الهبة.

قوله: (لو أعتق عبدین مستوعبین متساویین دفعة،فمات أحدهما،

ص:166

أحدهما،فإن وقعت القرعة علیه فالحی رق و تبین أن المیت نصفه حر،لأن مع الورثة مثلی نصفه.و إن وقعت علی الحی عتق ثلثه و لا یحسب المیت علی الورثة.

فإن وقعت القرعة علیه فالحی رق،و تبیّن أن المیت نصفه حر،لأن مع الورثة مثلی نصفه،و إن وقعت علی الحی عتق ثلثه،و لا یحسب المیت علی الورثة).

لو أعتق عبدین مستوعبین متساویین فی القیمة دفعة،فمات أحدهما قبل موت السید،أو بعد موته قبل قبض الورثة إیاه-إذ لا تحتسب الترکة علی الوارث إلاّ بالقبض-،وجب أن یقرع بینهما لیتمیز المعتق من غیره.

فإن وقعت القرعة علی المیت فالحی رق لا محالة،و تبیّن بموت من وقعت القرعة علیه قبل قبض الورثة إیاه أن نصفه حر،و ذلک لأن التبرعات لما کانت من الثلث کان شرط نفوذها أن یحصل للورثة بقدر ما نفذت فیه مرتین.

و لم یحصل مع الورثة إلاّ العبد الآخر-و هو مثلا نصف المیت-فلا ینعتق من المیت إلاّ نصفه،فیتعلق بنصف منه أحکام الحریة،و بالنصف الآخر أحکام الرقیة.

لکن فیمن یجب علیه الکفن قبل ظهور الحال،و تکون له ولایة تغسیله و الصلاة علیه و غیرهما اشکال.و کذا القول فی کل من أعتق و کان نفوذ عتقه و عدم نفوذه موقوفا علی ظهور أمر آخر.

و یمکن أن یقال:إن تکفینه فی بیت المال کالمجهول المالک،و بدونه فلا یجب علی واحد من الواهب و المتهب،نعم لو کان له کسب أخذ من کسبه،لأنه علی کل تقدیر یصادف المحل،و لا ولایة لأحد سوی الحاکم علی أحکامه من تغسیل و غیره.

و لا مجال للقرعة،لأنها فی المشکلات التی لا طریق إلیها شرعا،و هنا طریق ینکشف به الحال،و من الجائز أن یخرج بالقرعة من سیظهر أنه غیر مستحق.

و هنا سؤال،و هو أن المصنف قد تردد فیما مضی،فیما لو أعتق العبد المستوعب أو وهبه،ثم مات المعتق أو الموهوب قبل المعتق أو الواهب،انه هل یبطل العتق أو

ص:167

و لو أعتق عبدا مستوعبا قیمته عشرة،فمات قبل سیده و خلّف عشرین فهی لسیده بالولاء،و ظهر أنه مات حرا.و إن خلّف عشرة عتق منه شیء و له من کسبه شیء و لسیده شیئان،و قد حصل فی ید سیده عشرة تعدل شیئین،فتبیّن أن نصفه حر و باقیه رق،و العشرة یستحقها السید نصفها الهبة فی الجمیع،أو یصح فی الجمیع؟و هنا جزم بأنه لا ینعتق من المیت حیث وقعت علیه القرعة إلاّ نصفه،و قد کان هذا أولی بالتردد.

بل کان الحکم بصحة عتق جمیعه لا یخلو من وجه،لأن المال الموجود و إن قلّ خیر من ضعف المعدوم،و العبد الباقی خیر من ضعف المیت،فکان الحکم بنفوذ العتق فی جمیعه وجها،و مع عدم اعتبار هذا الوجه فلا أقل من التردد.

قوله: (و لو أعتق عبدا مستوعبا قیمته عشرة،فمات قبل سیده و خلف عشرین،فهی لسیده بالولاء،و ظهر أنه مات حرا).

و ذلک لأن شرط نفوذ التبرع أن یحصل للوارث ضعف ما وقع فیه التبرع،و قد حصل هنا.

فإن قیل:صحة العتق موقوفة علی استحقاق العشرین بالولاء،و استحقاقها کذلک موقوف علی نفوذ العتق فیلزم الدور.

قلنا:بل موقوفة علی کونها بحیث لو نفذ العتق لاستحقت،و ذلک لأن الغرض عدم التضیع علی الوارث،و هو یحصل بذلک.

و لأن السید یستحق العشرین علی کل حال،فمع الحریة أولی بالولاء،و مع الرقیة بالتبعیة،فیخرج المعتق من الثلث و یجب نفوذ العتق کله.

قوله: (و إن خلّف عشرة عتق منه شیء و له من کسبه شیء و لسیده شیئان،و قد حصل فی ید سیده عشرة یعدل شیئین،فتبیّن أن نصفه حر و باقیة رق،و العشرة یستحقها السید،نصفها

ص:168

بالرق و الباقی بالولاء.فإن خلف وارثا قریبا فله من رقبته شیء و من کسبه شیء یکون لوارثه،و لسیده شیئان فتقسم العشرة علی ثلاثة،للوارث ثلثها،و للسید ثلثاها،و تبیّن أنه عتق من العبد ثلثه. بالرق و الباقی بالولاء.) أی:و إن خلّف المعتق المستوعب الذی قیمته عشرة فلا ریب أن المستحق لها هو السید،بعضها بالولاء و بعضها بالرق إذ لا وارث سواه.

فیجب أن یعتق من العبد بقدر نصفها،لأنه لا بد أن یبقی فی ید الوارث ضعف ما ینفذ فیه التبرع کما علم غیر مرة،فلا یلزم دور لیحتاج فی التخلص و الاستخراج إلی طریق الجبر،و إن کان کلام المصنف مشعرا بلزومه.

و لا یخفی أن ما تقدم من السؤال فی المسألة الأولی آت هنا،و ذلک أنه ینبغی الحکم بعتق جمیعه،و لا أقل من التردد فیه.

قوله: (فإن خلّف وارثا قریبا فله من رقبته شیء و من کسبه شیء یکون لوارثه،و لسیده شیئان،فیقسّم العشرة علی ثلاثة،للوارث ثلثها، و للسید ثلثاها،و تبیّن أنه عتق من العبد ثلثه).

احترز بالوارث القریب عن السید،فإنه وارث لکن لیس بالقرابة بل بالولاء.

و لا ریب أنه إذا کان الفرض بحاله،لکن خلّف المعتق وارثا قریبا فالدور لازم،لأن زیادة الحریة تقتضی نقصان نصیب السید من الکسب،و هو یقتضی نقصان الحریة المستلزم لزیادة نصیب السید،و لا یعلم کل منهما إلاّ إذا علم الآخر، فاحتیج إلی التخلص بطریق الجبر و نحوه.

فیقال:عتق منه شیء و له من کسبه شیء،فیکون لوارثه و لسیده شیئان فی مقابل ما عتق منه،لوجوب کون الحاصل ضعف المعتق،فیکون کسبه فی مقابل ثلاثة أشیاء:ما تبع المعتق منه و هو شیء،و ما یکون للوارث فی مقابله و هو شیئان.

و لا یحسب باقی العبد،لأنه تالف،فالشیء ثلث کسبه،فتکون العشرة بین

ص:169

و لو کان المعتق جاریة و خلّف زوجها و معتقها ثم مات السید،فلنا أن نجعل للجاریة من تلک العشرة وصیة،ثم تزید علیها نصف وصیة،لأن الراجع إلی السید من وصیة الجاریة نصفها،فیکون مع ورثة السید عشرة إلاّ نصف وصیة،و ذلک مثل وصیتین،فنجبر العشرة بنصف وصیة،فتکون العشرة مثل وصیتین و نصف.

فالوصیة الواحدة خمسا هذه،فاخرج من العشرة خمسیها و هو أربعة،فهی وصیة الجاریة و الباقی سعایة الجاریة.

و امتحانه ان تدفع من العشرة التی هی ترکته أربعة للوصیة تبقی ستة و هی السعایة،فاجعلها فی ید ورثة السید،ثم اقسم الأربعة بین ورثة الجاریة و ورثة السید،نصفها للزوج اثنان و نصفها للسید اثنان،فزدهما علی الستة وارثه و السید أثلاثا،لوارثه ثلث،و للسید ثلثان،و قد علم أن المعتق منه ثلثه.

و لا یجیء هنا احتمال نفوذ العتق فی جمیعه،و إلاّ کان جمیع الکسب للوارث، فیکون التصرف فیما زاد علی الثلث نافذا.

قوله: (و لو کان المعتق جاریة و خلّفت زوجها و معتقها،ثم مات السید، فلنا أن نجعل للجاریة من تلک العشرة وصیة،ثم نزید علیها نصف وصیة، لأن الراجع إلی السید من وصیة الجاریة نصفها،فیکون مع ورثة السید عشرة إلاّ نصف وصیة-إلی قوله-فالوصیة الواحدة خمسا هذه،فأخرج من العشرة خمسیها-و هو أربعة-،فهی وصیة الجاریة و الباقی سعایة الجاریة.

و امتحانه:أن تدفع من العشرة التی هی ترکته أربعة للوصیة یبقی ستة و هی السعایة،فاجعلها فی ید ورثة السید،ثم اقسم الأربعة بین ورثة الجاریة و ورثة السید،و نصفها للزوج اثنان،و نصفها للسید اثنان،فزدهما علی

ص:170

التی کانت فی أیدیهم،فیصیر لهم ثمانیة و هی مثلا الوصیة،لأن الوصیة ابدا بالثلث.

الستة التی کانت فی أیدیهم،فیصیر لهم ثمانیة و هی مثلا الوصیة لأن الوصیة أبدا بالثلث).

أی:لو کان المعتق المذکور جاریة قیمتها عشرة ذات زوج،فماتت قبل السید و خلّفت عشرة و وارثها زوجها و معتقها،ثم مات السید،فإن ما استحقته من کسبها بین الزوج و السید،و ما استحقه السید من کسبها بالرق و الإرث یجب أن یکون مثلی ما انعتق منها،و لا یخفی لزوم الدور.

و طریق التخلص أن یجعل ما للجاریة من العشرة وصیة،کما یجعل نظائره شیئا،فإنه لجهالته یجوز تسمیته بما یراد من الأسماء.

و فی هذه التسمیة مناسبة من حیث أن الوصیة أبدا من الثلث،و المستحق لها هنا من الثلث،فیبقی عشرة إلاّ وصیة،تزید علیها نصف وصیة و هو استحقاق السید من إرثها،و ذلک نصف ما خلفته،لأن للزوج النصف و الباقی للسید،فیکون ذلک عشرة و نصف وصیة إلاّ وصیة،تسقط نصف وصیة بمثله،یبقی عشرة إلاّ نصف وصیة یعدل مثلی ما للجاریة،و ذلک وصیتان.

فتجبر العشرة إلاّ نصف وصیة بنصف وصیة،و تزید علی الوصیتین مثل ذلک، فتکون العشرة معادلة لوصیتین و نصف،و بعد البسط تکون العشرة معادلة لخمسة، فالوصیة خمسان.

فإذا أخرجت من العشرة خمسیها-و هما أربعة،و هو حق الجاریة من الکسب- بقی ما للورثة و هو ثلاثة أخماسها و ذلک ستة،و هو الذی عبّر المصنف عنه ب(سعایة الجاریة).

ثم تأخذ اثنین من الأربعة-و هو النصف-فتدفعه إلی الورثة،لأنه نصیب السید بالولاء،و تدفع اثنین إلی الزوج نصیبه من الإرث،فیکون ما بید الورثة بالآخرة

ص:171

و لو خلف عشرین فله من کسبه شیئان لوارثه،و لسیده شیئان، فالعشرون بین السید و الوارث نصفان،و تبین أنه عتق نصفه.

فإن مات الولد قبل موت السید و کان ابن معتقه ورثه السید،لأنا تبیّنا أن أباه مات حرا،لأن السید ملک عشرین و هی مثلا قیمته،فعتق وجر ولاء ابنه إلی سیده فورثه. ضعف ما استحقته الجاریة من الکسب.

و قد علم أن المنعتق منها بنسبة نصیبها من الکسب و ذلک خمساها،و قد وضح ذلک بما بیّنه المصنف بقوله:(و امتحانه.)،و قوله:(التی هی ترکته).

قوله: (و لو خلّف عشرین فله من کسبه شیئان لوارثه و لسیده شیئان، فالعشرون بین السید و الوارث نصفان،و تبیّن أنه عتق نصفه).

أی:لو خلّف العبد المفروض أولا-و هو المستوعب و قیمته عشرة-عشرین، و له وارث-و سیأتی فی الکلام ما یدل علی انه مفروض ابنا-فله من کسبه شیئان هما لوارثه ضعف ما عتق منه،لأن الکسب ضعف قیمته،و لسیده ضعف ما عتق منه شیئان، لأن الذی هو نصیب العبد من الکسب غیر محسوب.

فالعشرون فی مقابل أربعة أشیاء،فالشیء خمسة،للسید عشرة،و لوارث العبد عشرة،و قد تبیّن أنه عتق من العبد نصفه،لما عرفت من أن الشیء خمسة.

قوله: (فإن مات الولد قبل موت السید و کان ابن معتقه ورثه السید، لأنا تبیّنا أن أباه مات حرا،لأن السید ملک عشرین و هی مثلا قیمته،فعتق، و جرّ ولاء ابنه إلی سیده فورثه).

أی:فإن مات وارث العبد المذکور قبل موت السید و کان ولدا،ابنا أو بنتا -لکن ما سیأتی من کلامه یقتضی فرض کونه ابنا-و لا تفاوت،و کان ابن معتقه ورثه السید أیضا،و ذلک لأنا تبیّنا بموت السید علی هذه الحالة أن أبا الولد-و هو المعتق-مات حرا.

ص:172

..........

و وجهه:أن المانع من عتقه هو عدم حصول ضعفه للوارث علی تقدیر العتق، و ذلک منتف هنا،لأنه إذا حکم بعتقه ورث السید العشرین بانجرار ولاء الابن من معتق أمه إلی معتق أبیه،فینحصر الإرث فیه.

فإن قیل:صحة العتق موقوفة علی استحقاق العشرین،إذ لا یحصل الضعف للوارث بدونه،و استحقاقهما موقوف علی حصول العتق،لامتناع إرث السید للابن بدونه.

قلنا:لا نسلّم أن صحة العتق موقوفة علی الاستحقاق،و لم لا یجوز أن تکون الصحة موقوفة علی أنه متی نفذ العتق لزم منه حصول الضعف المذکور.

بل هذا هو الواجب،لأن الأصل فی العتق الصادر من الکامل المالک النفوذ، إلاّ فیما إذا عارض النفوذ حق الوارث و هو نقصان الباقی فی یده من الترکة بعد العتق عن الثلثین،و ذلک منتف بحصول العشرین علی تقدیر العتق،فالحکم بتوقفه علی الاستحقاق مناف لمقتضی الأصل المذکور،فلا یصار الیه إلاّ بدلیل.

فإن قیل:هنا مانع آخر،و هو ولاء معتق الأم،فإن ذلک یقتضی استحقاقه، فالنقل عنه یتوقف علی الدلیل.

قلنا:قد ثبت بالنص و الإجماع أنه متی نفذ العتق من مولی الأب انجر الولاء إلیه و اختص بالإرث،و من ثمّ لو أجاز الوارث العتق المذکور نفذ قطعا و اختص بالإرث.

و قد بیّنا أن الأصل فی العتق النفوذ،و أن هذا الأصل لا یستثنی منه إلاّ إذا کان الباقی من الترکة بعد نفوذه دون الثلثین.

و الحاصل أن المانع من نفوذ العتق إنما هو حق الوارث دون حق مولی الام، و لهذا إذا انتفی المانع من قبل الوارث،إما بإجازته أو بکون العتق فی حال الصحة،أو سعة الترکة بحیث یبقی منها ضعف قیمة المعتق،نفذ العتق قطعا و انجر الولاء و ثبت

ص:173

و لو لم یکن ابن معتقه لم ینجر ولاءه و لم یرثه سید أبیه،و کذا ینجر لو خلّف الابن عشرین و لم یخلف الأب شیئا،أو ملک السید عشرین من أی جهة کانت فإنه یرث الولد.

و لو لم یملک عشرین لم ینجر ولاء الابن إلیه،لأن أباه لم یعتق، الاختصاص بالإرث.و کیف یتصور الحجر علی المعتق فی ماله لأجل أجنبی لا علاقة له بذلک المال؟ و إنما قیّد المصنف بکونه ابن معتقه،لأن الأم لو کانت حرة الأصل لم یکن علی الابن ولاء،و لو کانت رقیقة لکان الولد رقیقا لرق أبویه،فلا یتحرر بعتق الأب.

کما لا یتحرر بعتق کل منهما،و لا یثبت علیه ولاء إلاّ بمباشرة عتقه،و إلی هذا أشار المصنف بقوله:(و لو لم یکن ابن معتقه لم ینجر ولاؤه و لم یرثه سید أبیه).

و وجهه:إنه إن کان علیه ولاء فإنما یکون لمن باشر عتقه،و ذلک إنما یکون علی تقدیر أن تکون أمه رقیقة،أو یکون مشروطا رقه علی تقدیر کون الأم حرة،بناء علی القول بصحة هذا الشرط،و حینئذ فلا ینجر هذا الولاء أصلا.

قوله: (و کذا ینجر لو خلّف الابن عشرین و لم یخلّف الأب شیئا،أو ملک السید عشرین من أی جهة کانت فإنه یرث الولد).

إنما انجر فی الفرضین المذکورین،لأن الانجرار تابع لنفوذ العتق،و نفوذه موقوف علی استلزام النفوذ-حصول ملک عشرین-،و ذلک متحقق فی الفرضین معا.

و مثله ما لو أوصی موص،أو نذر ناذر،أو بذل باذل عشرین درهما للسید علی عتق عبده.

قوله: (و لو لم یملک عشرین لم ینجر ولاء الابن إلیه،لأن أباه لم یعتق).

یمکن عود الضمیر فی قوله:(و لو لم یملک)إلی السید،و یمکن عوده إلی

ص:174

و إن عتق بعضه جر من ولاء ابنه بقدره.فلو خلّف الابن عشرة و ملک السید خمسة فنقول:عتق من العبد شیء و ینجر من ولاء ابنه بمثله،و یحصل له من میراثه شیء مع خمسة،و هما یعدلان شیئین و باقی العشرة لمولی امه، فتقسم بین السید و مولی الام نصفین،و تبین أنه قد عتق من العبد نصفه، الابن.

فعلی الأول:یجب أن یکون المراد:لو لم یملک شیئا من العشرین أصلا،إذ لو ملک شیئا لوجب أن ینعتق من العبد بقدر نصفه،و ینجر من ولاء ابنه بنسبة المنعتق إلی مجموعه.

و علی الثانی:یستقیم علی ظاهره،لأن الابن لو ملک دون العشرین امتنع أن ینعتق من الأب شیء،لأن الإرث تابع للعتق المقتضی لانجرار الولاء،و العتق شرط نفوذه فی شیء من العبد أن یحصل للورثة ضعف المنعتق،و ذلک محال،إذ الموروث دون الضعف کما لا یخفی.

و هذا الاحتمال و إن کان ممکنا إرادته،إلاّ أن العبارة ظاهرة فی الأول،لأنه لو أرید هذا لکان الأولی أن یقول:لم ینجر ولاؤه إلی السید،و ذلک بیّن.

و اعلم أن هذا إنما یتمشی علی البطلان فیما لو أعتق المستوعب ثم مات قبل موت السید،أما علی القول بالصحة،اما مطلقا أو علی تقدیر حصول شیء و إن قل، نظرا إلی أن المال الموجود خیر من ضعف المعدوم،فإنه ینعتق کله و ینجر الولاء کله إلی السید.

قوله: (و إن عتق بعضه جر من ولاء ابنه بقدره،فلو خلّف الابن عشرة و ملک السید خمسة فنقول:عتق من العبد شیء،و ینجر من ولاء ابنه مثله،و یحصل له من میراثه شیء مع خمسة،و هما یعدلان شیئین،و باقی العشرة لمولی أمّه،فیقسم بین السید و مولی الام نصفین،و تبیّن أنه عتق من

ص:175

و حصل للسید خمسة من میراث ابنه و کانت له خمسة،و ذلک مثلا ما عتق من الأب.

العبد نصفه،و حصل للسید خمسة و کانت له خمسة،و ذلک مثلا ما انعتق من الأب).

لا ریب انه متی عتق بعض الأب انجر من ولاء الابن بقدره،فلو خلّف الابن شیئا ورث السید بنسبة المنعتق.

و المسألة دوریة،لأن العتق یزید بزیادة نصیبه من الإرث،کما أن النصیب یزید بزیادة العتق.و لا یعلم قدر المنعتق إلاّ إذا علم قدر النصیب من الإرث،لیکون الحاصل مع ما خلفه السید ضعف المنعتق.

و لا یعلم النصیب إلاّ إذا علم قدر المنعتق،فالطریق علی تقدیر أن یکون ما خلّفه الابن عشرة أن نقول:عتق من العبد شیء،فینجر من ولاء ابنه بقدره،و ذلک شیء أیضا،فیرث السید من العشرة بنسبته.

و لما کانت العشرة مثل القیمة وجب أن یکون نصیب السید من الإرث شیئا أیضا،و یجب أن یکون الحاصل بالإرث مع ما خلّفه السید ضعف المنعتق منه،فتکون الخمسة،و ما حصل بالإرث للسید من العشرة-و هو شیء-معادلا الشیئین.

فإذا أسقطت شیئا بمثله بقی خمسة تعدل شیئا،فالشیء خمسة،فالمنعتق من العبد نصفه،فللسید نصف ولاء الابن و نصف إرثه و ذلک خمسة،و لمولی الام خمسة، فیکون الحاصل للورثة-أعنی ورثة مولی المعتق-عشرة،و ذلک ضعف ما انعتق من العبد.

و لو خلّف الابن خمسة فی هذه الصورة،قلنا:عتق من العبد شیء و انجر من ولاء الابن مثله،فیرث السید بنسبته،و ذلک نصف شیء،لأن ما خلّفه الابن بقدر نصف قیمة العبد.

و یجب أن یکون الحاصل بالإرث-و هو نصف شیء-مع الخمسة التی خلّفها

ص:176

الخامسة:لو أعتق جاریة قیمتها خمسمائة،ثم ماتت

الخامسة:لو أعتق جاریة قیمتها خمسمائة،ثم ماتت و ترکت خمسمائة و زوجا،و أوصت لرجل بالثلث،ثم مات السید و علیه خمسون:تأخذ خمسمائة و تدفع منها وصیة،و تدفع تلک الوصیة بوصیة الجاریة،ثم تدفع ثلثها إلی الموصی له بالثلث،یبقی ثلثا وصیة بین الزوج و ورثة السید نصفین،فللزوج ثلث وصیة،و لورثة السید ثلث وصیة،فزدها علی خمسمائة التی هی القیمة، ثم ادفع منها دین السید،یبقی أربعمائة و خمسون و ثلث وصیة و هو مثل ثلاث وصایا،فاطرح ثلث وصیة بمثلها،تبقی أربعمائة و خمسون مثل السید ضعف المنعتق من العبد،فیکون معادلا لشیئین.

فإذا أسقطت نصف شیء بمثله،بقی خمسة تعدل شیئا و نصفا،فالشیء ثلاثة و ثلث،فالمنعتق من العبد ثلثه،و الحاصل بالإرث درهم و ثلثان،و ذلک مع الخمسة ضعف المنعتق.

فالحاصل أن شرط نفوذ العتق فی شیء،و انجرار الولاء حیث یکون ما خلفه الابن أقل من ضعف قیمة العبد،أن یخلف السید شیئا و إن قلّ.

قوله: (لو أعتق جاریة قیمتها خمسمائة،ثم ماتت و ترکت خمسمائة و زوجا،و أوصت لرجل بالثلث،ثم مات السید و علیه خمسون،تأخذ خمسمائة و تدفع منها وصیة،و تدفع تلک الوصیة بوصیة الجاریة،ثم تدفع ثلثها إلی الموصی له بالثلث،یبقی ثلثا وصیة بین الزوج و ورثة السید نصفین،فللزوج ثلث وصیة،و لورثة السید ثلث وصیة،فزدها علی خمسمائة-التی هی القیمة-، ثم ادفع منها دین السید-خمسین-یبقی أربعمائة و خمسون و ثلث وصیة، و هو مثل ثلاث وصایا،فاطرح ثلث وصیة بمثلها،یبقی أربعمائة و خمسون مثل

ص:177

وصیتین و ثلثی وصیة.فالوصیة الواحدة ثلاثة أثمانه،فتخرج من أربعمائة و خمسین ثلاثة أثمانها،و هو مائة و ثمانیة و ستون درهما و ثلاثة أرباع درهم،فتلک وصیة الجاریة،و سعایتها تمام القیمة و هی ثلاثمائة و أحد و ثلاثون درهما و ربع درهم.

وصیتین و ثلثی وصیة.) فالوصیة الواحدة ثلاثة أثمانه،فیخرج من أربعمائة و خمسین ثلاثة أثمانها،و هو مائة و ثمانیة و ستون درهما و ثلاثة أرباع درهم،فتلک وصیة الجاریة، و سعایتها تمام القیمة و هی ثلاثمائة و واحد و ثلاثون درهما و ربع درهم).

لا ریب أن هذه دوریة أیضا،لأن العتق یزید بزیادة نصیب السید مما ترکته فیزداد نصیب وارثها،فینقص نصیب السید فیقل العتق.

و أیضا فإن دین السید یجب أن یکون من أصل استحقاقه،و لا یحسب من مثلی ما نفذ فیه العتق اللذین یجب حصولهما لورثة السید.

و أیضا فإن وصیة الجاریة إنما تنفذ من خاصة استحقاقها،و لا یعلم إلاّ مع العلم باستحقاق السید،و قدر ما نفذ فیه العتق،فنقول:استحقاق السید و الجاریة و ترکتهما منحصرة فی الخمسمائة،فتدفع منها استحقاق الجاریة باعتبار ما نفذ فیه العتق منها،و ذلک شیء،لأن الخمسمائة التی ترکتها الجاریة بقدر قیمتها کما علم،و المنعتق منها شیء،و قد سمّاه المصنف وصیة،و لا حجر فی التسمیة.

و قوله:(و تدفع تلک الوصیة بوصیة الجاریة)معناه:إنّ الشیء المأخوذ تدفعه علی انه الشیء الذی استحقته الجاریة بالعتق،فهو ترکتها.

فتدفع ثلثه إلی الذی أوصیت له بثلثها،و یبقی ثلثا وصیة بین الزوج و السید، لأن للزوج النصف من ترکتها،و النصف للسید،فیزید نصیب السید-و هو ثلث وصیة -علی مجموع خمسمائة-التی هی بقدر قیمة الجاریة،و هی ما خلفته الجاریة-،ثم ادفع منها دین السید-و هو خمسون-،لأنه یجب أن یکون من أصل مال السید.

و لا یعتبر نفوذ العتق فی شیء من الجاریة إلاّ بعد أدائه،إذ یجب أن یبقی بعد

ص:178

..........

أداء الدین فی ید الواهب بقدر ما نفذ فیه العتق منها مرتین،یبقی أربعمائة و خمسون و ثلث وصیة،و ذلک مثل ثلاث وصایا.

و بیانه:إنّ الوصیة التی هی حق الجاریة من خمسمائة لم یعتبر إخراجها حین زدنا نصیب السید-و هو ثلث وصیة-علیها،فکانت داخله و مثلا ما نفذ فیه العتق حق للورثة،و هو وصیتان،فیکون الباقی بعد إخراج الدین-و هو خمسون-أربعمائة و خمسین و ثلث وصیة،معادلا لوصیة الجاریة و وصیتی ورثة السید.

فإذا قابلت ثلث وصیة بمثله کان أربعمائة و خمسون معادلا لوصیتین و ثلثی وصیة،إذا بسطتها من جنس الکسر کانت ثمانیة،إذا قسطت علیها أربعمائة و خمسین کانت الوصیة الواحدة ثلاثة أثمان ذلک-و هو مائة و ثمانیة و ستون درهما و ثلاثة أرباع درهم-،و الثمن ستة و خمسون و ربع،فذلک وصیة الجاریة.

و سعایتها-و هو حق الورثة من باقی کسبها-هو تمام القیمة،أی باقیها من خمسمائة بعد وصیتها،و ذلک ثلاثمائة و أحد و ثلاثون درهما و ربع درهم،و ذلک هو الباقی بعد وصیتها.

فإذا أضفت إلی السعایة نصیب السید بالإرث من وصیتها-و ذلک ستة و خمسون و ربع-کان المجموع ثلاثمائة و سبعة و ثمانین و نصفا،إذا أدی منه دین السید-و هو خمسون-بقی ثلاثمائة و سبعة و ثلاثون و نصف،ذلک وصیة فهو مثلا ما عتق منها،کما ذکره المصنف فی امتحان المسألة.

و إن شئت قلت:نفذ العتق فی شیء من الجاریة فلها من الکسب شیء یستحق السید ثلثه بالإرث،ولدین السید خمسون،و للورثة من باقی الکسب و ما أصاب السید بالإرث منها شیئان مثلا ما عتق منها،فیکون الباقی من خمسمائة بعد دین السید و بعد نصیب زوجها،و من أوصت له-أعنی ثلثی شیء-أربعمائة و خمسین إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین.

ص:179

و امتحانه أن تجعل السعایة فی ید ورثة السید و هی ثلاثمائة و واحد و ثلاثون درهما و ربع درهم،ثم خذ الوصیة و هی مائة و ثمانیة و ستون درهما و ثلاثة أرباع درهم،فادفع ثلثها فی وصیة الجاریة،لأنها أوصت بثلث مالها، فیبقی مائة و اثنا عشر و نصف،فاجعل للزوج نصف ذلک ستة و خمسون و ربع، و لورثة السید ما بقی ستة و خمسون و ربع،فتزیدها علی ما فی أیدیهم فتکون ثلاثمائة و سبعة و ثمانین و نصفا،فادفع خمسین دین السید،یبقی لهم ثلاثمائة و سبعة و ثلاثون و نصف و هی مثل الوصیة مرتین.

النوع الثانی:المحاباة

النوع الثانی:المحاباة:

أما النکاح فلو تزوج و أصدق عشرة مستوعبة و مهر مثلها خمسة، فلها مهر المثل و ثلث المحاباة فإن ماتت قبله فورثها و لم تخلّف سوی الصداق دخلها الدور،فتصح المحاباة فی شیء،فیکون لها خمسة بالصداق فإذا جبرت کان أربعمائة و خمسون معادلة لشیئین و ثلثی شیء،فالشیء ثلاثة أثمان ذلک،و هو مائة و ثمانیة و ستون درهما و ثلاثة أرباع درهم،فیکون للورثة ثلاثمائة و سبعة و ثلاثون و نصف،و للزوج و الموصی له مائة و اثنا عشر و نصف،و ذلک کله ظاهر.

قوله: (النوع الثانی فی المحاباة:أما النکاح،فلو تزوّج و أصدق عشرة مستوعبة و مهر مثلها خمسة،فلها مهر المثل و ثلث المحاباة،فإن ماتت قبله فورثها و لم یخلّف سوی الصداق دخلها الدور).

وجهه:أن نصیبه من الإرث منها محسوب من مثلی ما صحت فیه المحاباة اللذین یجب حصولهما للورثة،و لا یعلم قدر نصیبه من الإرث،إلاّ إذا علم قدر ما صحت فیه المحاباة،و لا یعلم ما صحت فیه المحاباة إلاّ إذا علم قدر النصیب،فالتخلص بما ذکره.

و اعلم أن الضمیر فی قوله:(و لم یخلّف سوی الصداق)یعود إلی الزوج،و احترز

ص:180

و شیء بالمحاباة،و یبقی لورثة الزوج خمسة إلاّ شیئا،ثم رجع إلیه بالمیراث نصف مالها و هو اثنان و نصف و نصف شیء،صار لهم سبعة و نصف إلاّ نصف شیء یعدل شیئین،أجبر و قابل یخرج الشیء ثلاثة،و کان لها ثمانیة،یرجع إلی ورثة الزوج نصفها أربعة،صار لهم ستة و لورثتها أربعة.

فإن ترک الزوج خمسة أخری بقی مع ورثة الزوج اثنا عشر و نصف إلاّ نصف شیء یعدل شیئین،فالشیء خمسة فیصح لها جمیع المحاباة،و یرجع ما حاباها به إلی ورثة الزوج،و بقی لورثتها صداق مثلها.

به عما إذا خلّف ما یکون بقدر المحاباة مرتین،فإنه حینئذ لا دور،لنفوذ المحاباة فیرث نصف جمیع المهر.

أما إذا خلّف ما لا یبقی بمثلی المحاباة،فسیأتی بیانه عن قریب إن شاء اللّه تعالی.

قوله: (فإن ترک الزوج خمسة أخری بقی مع ورثة الزوج اثنا عشر و نصف إلاّ نصف شیء یعدل شیئین،فالشیء خمسة،فتصح لها جمیع المحاباة، و یرجع ما حاباها به إلی ورثة الزوج،و بقی لورثتها صداق مثلها).

أی:فإن ترک الزوج مع استحقاقه من إرثه منها خمسة أخری فالدور بحاله.

و طریق التخلص أن نقول:صحت المحاباة فی شیء،فیکون لها خمسة بالصداق أو شیء بالمحاباة،فیرث الزوج نصف ذلک-و هو اثنان و نصف و نصف شیء-،فیصیر مع ورثة الزوج اثنا عشر و نصف و نصف شیء،إلاّ شیئا،فیسقط نصف شیء بمثله، یبقی اثنا عشر و نصف إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما صحت فیه المحاباة،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت کان اثنا عشر و نصف معادلة لشیئین و نصف،فالشیء خمسة و هو ما صحت المحاباة فیه،و ذلک جمیع المحاباة،فیرجع إلی ورثة الزوج منها خمسة هی

ص:181

و لو کان للمرأة خمسة و لا شیء للزوج،بقی مع الزوج عشرة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین،فالشیء أربعة،فیکون لها بالصداق تسعة مع خمسة،أربعة عشر یرجع إلی ورثة الزوج،نصفها مع الدینار الذی بقی لهم، صار لهم ثمانیة،و لورثتها سبعة. و لو ترکت دینارین عاد إلی الزوج من میراثها ثلاثة و نصف و نصف نصف ترکتها مع الخمسة التی خلفها،و ذلک مثلا المحاباة.

قوله: (و لو کان للمرأة خمسة و لا شیء للزوج،بقی مع الزوج عشرة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین،فالشیء أربعة،فیکون لها بالصداق تسعة مع خمسة،أربعة عشر،یرجع إلی ورثة الزوج،نصفها مع الدینار الذی یبقی لهم، صار لهم ثمانیة،و لورثتها سبعة).

أی:لو کان للمرأة خمسة مع ما أصدقها الزوج و هو مهر مثلها و المحاباة، فالدور بحاله.

و طریق التخلص أن تقول:صحت المحاباة فی شیء،فیبقی لورثة الزوج خمسة إلاّ شیئا،و یرث الزوج منها خمسة و نصف شیء،فیصیر مع الورثة عشرة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین مثلی المحاباة.

فإذا جبرت کانت العشرة معادلة لشیئین و نصف،فالشیء أربعة-و هو ما صحت فیه المحاباة-،فیکون للزوجة بالصداق تسعة،خمسة مهر مثلها و أربعة بالمحاباة.

و ذلک مع الخمسة التی خلفتها أربعة عشر،یرث الزوج نصفها و ذلک سبعة، فهو مع الدینار الباقی من الخمسة بعد ما صحت فیه المحاباة ثمانیة دنانیر مثلا ما صحت فیه المحاباة،و لورثتها سبعة.

قوله: (و لو ترکت دینارین عاد إلی الزوج من میراثها ثلاثة و نصف

ص:182

شیء،صار لهم ثمانیة و نصف إلاّ نصف شیء،أجبر و قابل یخرج شیء ثلاثة و خمسین،فصار لورثته ستة و أربعة أخماس،و لورثتها خمسة و خمس.

و أما الخلع فلو خالعها فی مرضها بأکثر من مهرها فالزیادة محاباة و نصف شیء،صار له ثمانیة و نصف إلاّ نصف شیء،أجبر و قابل یخرج شیء ثلاثة و خمسین،فصار لورثته ستة و أربعة أخماس،و لورثتها خمسة و خمس).

أی:فی الفرض المذکور لو ترکت الزوجة دینارین،و لم یترک الزوج شیئا فالدور بحاله.

و التخلص بأن تقول:صحت المحاباة فی شیء،فبقی بید ورثة الزوج خمسة إلاّ شیئا،و رجع إلیهم بإرث الزوج منها نصف ما ترکت-و هو ثلاثة و نصف و نصف شیء-،فیصیر مع الورثة ثمانیة و نصف إلاّ نصف شیء.

فإذا جبرت کان ثمانیة و نصف معادلة لشیئین و نصف،فإذا بسطت کلا منهما من جنس الکسر کان سبعة عشر معادلة لخمسة،فإذا قسمتها خرج ثلاثة و خمسان، فالشیء ثلاثة و خمسا دینار،و هو ما صحت فیه المحاباة.

إذا أضفته إلی مهرها و ما خلفته کان المجموع عشرة و خمسین،للزوج نصفه خمسة و خمس،مضافا إلی ما بقی من الخمسة بعد المحاباة،و ذلک واحد و ثلاثة أخماس، فالمجموع ستة و أربعة أخماس،و ذلک بقدر ما صحت فیه المحاباة مرتین،و لورثتها خمسة و خمس،و ذلک ظاهر.

و اعلم أن مراد المصنف بالمقابلة فی هذه المسألة و نظائرها من المسائل هو الزیادة علی المعادل الآخر بمثل ما جبرت به جانب الاستثناء،و إن کان المتعارف من معنی المقابلة و هو طرح المشترک،کما تقدم بیانه.

قوله: (فلو خالعها فی مرضها بأکثر من مهرها،فالزیادة محاباة تمضی

ص:183

تمضی من الثلث،فلو خالعته بثلاثین مستوعبة و صداق مثلها اثنی عشر فله ثمانیة عشر،اثنا عشر قدر الصداق و ستة ثلث الباقی.

و لو کان صداقها ستة فله أربعة عشر.

و لو تزوّج المریض بمائة مستوعبة و مهر المثل عشرة،ثم مرضت فاختلعت منه بالمائة و هی ترکتها،فلها مهر مثلها و شیء بالمحاباة و الباقی له،ثم یرجع إلیه مهر المثل و ثلث شیء بالمحاباة،فصار بأیدیهم مائة إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین،فبعد الجبر یخرج الشیء ثلاثة أثمانها و هو سبعة و ثلاثون و نصف،فصار لها ذلک مع مهر المثل،و یرجع إلیه مهر المثل و ثلث الباقی اثنی عشر و نصف،فیصیر لورثته خمسة و سبعون و هو مثلا المحاباة. من الثلث).

الخلع من المرأة فی المرض کالنکاح من الرجل،فمقدار مهر المثل ماض من الأصل لو بذلته عوض الخلع.

و لو زادت فالزیادة محاباة تمضی من الثلث إن و فی بهاء،و إلاّ فما یفی به الثلث.

قوله: (و لو تزوج المریض بمائة مستوعبة و مهر المثل عشرة،ثم مرضت فاختلعت منه بالمائة-و هی ترکتها-،فلها مهر مثلها و شیء بالمحاباة و الباقی له،ثم یرجع إلیه مهر المثل و ثلث شیء بالمحاباة،فصار بأیدیهم مائة إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین،فبعد الجبر یخرج الشیء ثلاثة أثمانها-و هو سبعة و ثلاثون و نصف-،فصار لها ذلک مع مهر المثل،و یرجع إلیه مهر المثل و ثلث الباقی اثنا عشر و نصف،فیصیر لورثته خمسة و سبعون،و هو مثلا المحاباة).

لا یخفی أن معرفة قدر ما صحت فیه محاباته إیاها موقوفة علی معرفة قدر نصیبه من محاباتها إیاه،لأن صحة التبرع دائرة مع کون الثلث وافیا به.

ص:184

و أما البیع فقد مضی حکمه،و نزید فنقول:لو باع عبدا مستوعبا قیمته ثلاثمائة بمائة فأتلفها:فعلی ما اخترناه نحن فیما تقدّم صح البیع فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن،و یبطل فی ثلاثمائة إلاّ شیئا.و علی الورثة دفع تمام المائة،لأن البائع أتلفها فصارت دینا و هو مائة إلا ثلث شیء، فیبقی للورثة مائتان إلا ثلثی شیء تعدل مثلی ما جاز بالمحاباة و هو ثلثا و لا یعرف قدر نصیبه إلا إذا عرف قدر ما صحت فیه محاباته إیاها،لیعرف قدر ترکتها،فالدور لازم.

و لا یخفی أیضا أنه لا فرق فی هذه الصورة بین موته قبلها أو بالعکس،لأن نفوذ التبرع و عدمه منهما إنما یعلم بموتهما،و التقدم و التأخر لا دخل له فی ذلک،و من ثمة أطلق المصنف العبارة.

و أما طریق التخلص من الدور بأن یقال:للزوجة مهر المثل عشرة و شیء بالمحاباة و الباقی للزوج،ثم یرجع إلی الزوج بالخلع مهر المثل و ثلث شیء بالمحاباة -و ذلک ثلث ترکتها-،فیصیر بأیدی ورثة الزوج مائة إلا ثلثی شیء،یعدل مثلی المحاباة التی من الزوج،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت کانت المائة معادلة لشیئین و ثلثی شیء،فالشیء ثلاثة أثمان المائة، و هو سبعة و ثلاثون و نصف،و هو ما صحت فیه المحاباة الاولی،و صحت الثانیة فی ثلثه، و بقی لورثة الزوجة ثلثاه،و ذلک خمسة و عشرون هی مثلا المحاباة الثانیة،و باقی المائة -و هو خمسة و سبعون-لورثة الزوج،و ذلک مثلا المحاباة الأولی.

قوله: (و أما البیع فقد مضی حکمه،و نزید فنقول:لو باع عبدا مستوعبا قیمته ثلاثمائة بمائة فأتلفها،فعلی ما اخترناه نحن فیما تقدم صح البیع فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن،و یبطل فی ثلاثمائة إلا شیئا و علی الورثة دفع تمام المائة،لأن البائع أتلفها فصارت دینا و هو مائة إلا ثلث شیء،فیبقی للورثة مائتان إلا ثلثی شیء،یعدل مثلی ما جاز شیء

ص:185

فإذا جبرت و قابلت صار مائتان تعدل شیئین،فالمائة تعدل شیئا و هو الذی صح فیه البیع من العبد.

و ذلک ثلثه بثلث الثمن،و بقی مع الورثة ثلثاه،فیردون علی المشتری بقیة الثمن و هو ثلثاه،فیبقی معهم من العبد بعد الرد مائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث،و هو مثلا ما جاز بالمحاباة.

بالمحاباة و هو ثلثا شیء.

فإذا جبرت و قابلت صار مائتان تعدل شیئین،فالمائة تعدل شیئا،و هو الذی صح فیه البیع من العبد،و ذلک ثلثه بثلث الثمن،و بقی مع الورثة ثلثاه،فیردون علی المشتری بقیة الثمن-و هو ثلثاه-،فیبقی معهم من العبد بعد الرد مائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث،و هو مثلا ما جاز بالمحاباة).

قد سبق بیان حکم ما إذا باع المریض فحابی قبل المطلب الثالث فی المسائل الدوریة،و أن فیه قولین للأصحاب:

أحدهما:مختار المصنف،و هو أن یصح البیع فی شیء من المبیع بشیء من الثمن، علی وجه یخرج المحاباة من الثلث.

و الآخر:قول علمائنا بصحة البیع فی شیء من المبیع یساوی الثمن،و فی قدر المحاباة،و بیان ما هو الأصح من القولین،و ضابط ما صح فیه البیع بالنسبة إلی کل منهما.

و طریق التخلص من الدور علی مختار المصنف،فإن الدور لازم علی هذا القول،فلا حاجة إلی إعادة شیء من ذلک.

و الفرض المذکور هنا فرض مشتمل علی زیادة،و هی إتلاف المریض البائع الثمن قبل موته،فإنه علی مختار المصنف یکون بعضه دینا علی المریض،و هو ما بطل البیع فیه.

ص:186

و علی قول علمائنا یصح البیع فی خمسة اتساعه بجمیع الثمن،و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة،و بقی للورثة أربعة اتساعه و هو مثلا الجائز بالمحاباة.

و البعض الآخر خرج بالتلف عن اعتباره فی مثلی ما صحت فیه المحاباة فکان لزوم الدور،باعتبار أنه لا یعلم مقدار ما یصح فیه البیع،حتی یعلم مقدار ما بطل فیه، لیعلم قدر الباقی من الثمن دینا للمشتری،فیخرج من الترکة،لأن الدین مقدّم،و لا یعلم ذلک حتی یعلم مقدار الباقی بعد الدین فتصح المحاباة فی قدر نصفه.

و التخلص بأن یقال:صح البیع فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن،لأن الثمن بقدر ثلث قیمة العبد،فالمحاباة بثلثی شیء،و حینئذ فیجب أن یحکم ببطلانه فی ثلاثمائة إلا شیئا،فیدفع الورثة باقی الثمن،و هو ما بطل فیه البیع،لأنه دین علی البائع.

و ذلک مائة إلاّ ثلث شیء،لأن البیع صح فی ثلث شیء منه کما سبق،فیبقی للورثة من ثلاثمائة إلاّ شیئا بعد إخراج مائة إلاّ ثلث شیء منها مائتان إلاّ ثلث شیء تعدل مثلی ما جاز بالمحاباة،و ذلک شیء و ثلث،لأن الجائز بالمحاباة ثلثا شیء کما سبق.

فإذا جبرت مائتین إلا ثلثی شیء بثلثی شیء،و زدت علی المعادل مثل ذلک صار مائتان یعدل شیئین،فالشیء مائة و هو ما صح فیه البیع من العبد،و ذلک ثلثه بثلث الثمن و هو ثلاثة و ثلاثون و ثلث،و بقی مع الورثة ثلثا العبد بمائتین،فیردون علی المشتری ما بطل فیه البیع من الثمن و هو ثلثاه ستة و ستون و ثلثان.

فیبقی معهم بعد الرد مائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث،و ذلک مثلا ما جاز بالمحاباة و هو أربعة أتساع العبد،و استحق المشتری خمسة أتساعه.

قوله: (و علی قول علمائنا یصح البیع فی خمسة،أتساعه بجمیع الثمن، و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة،و بقی للورثة أربعة أتساعه و هو مثلا الجائز بالمحاباة.

ص:187

أو تقول:له بالمائة التی هی الثمن ثلث العبد،و له بالمحاباة ثلث الباقی و هو تسعا العبد،فیجتمع له خمسة أتساع العبد بجمیع الثمن،و یبقی مع الورثة أربعة اتساعه و هو مثلا المحاباة.

أو نقول:له بالمائة التی هی الثمن ثلث العبد،و له بالمحاباة ثلث الباقی-و هو تسعا العبد،فیجتمع له خمسة أتساع العبد بجمیع الثمن، و یبقی مع الورثة أربعة أتساعه و هو مثلا المحاباة).

لا یخفی انه لا دور علی هذا القول،إذ یصح البیع فی مقدار الثمن من العبد و ذلک ثلثه.

و تصح المحاباة فی ثلث الترکة،و ذلک ثلث باقی العبد-أعنی تسعی مجموعة -،إذ لا شیء یعد ترکة غیر ثلثیه،لأن الفرض أن الثمن قد أتلفه البائع قبل موته.

فإن شئت نسبت الثمن-و هو مائة-و ثلث الترکة-و هو ستة و ستون و ثلثان، لأن الترکة مائتان،أعنی ثلثی العبد-إلی مجموع قیمة العبد،فیکون خمسة أتساعه، فیصح البیع فی ذلک،ثلاثة أتساعه فی مقابل الثمن و تسعاه بالمحاباة،و للورثة أربعة أتساعه بقدر المحاباة مرتین.

و إن شئت قلت من أول الأمر:للمشتری بالمائة ثلث العبد و بالمحاباة ثلث الباقی و هو تسعاه،فیجتمع له خمسة أتساعه بجمیع الثمن،و یبقی للورثة أربعة أتساعه مثلا المحاباة.

فإن قیل:لا فرق بین القولین،لأن الثابت للمشتری علی کل منهما خمسة أتساع العبد.

قلنا:بل الفرق أن تسعیه من الخمسة قضاء الدین علی المختار،فلا تجری فیهما أحکام البیع،بل فی ثلاثة أتساعه خاصة،و علی قول علمائنا جمیع خمسة أتساعه مبیع تلحقه أحکام البیع.

ص:188

و لو اشتری المریض عبدا قیمته ثلاثمائة بمائة،ثم تقایلا و مات المشتری و لا شیء له سوی العبد،فطریقه أن تصح الإقالة فی شیء من الثمن بثلاثة أشیاء من العبد،یبقی ثلاثمائة إلاّ ثلاثة أشیاء،و رجع إلیه شیء من الثمن یبقی ثلاثمائة إلاّ شیئین تعدل مثلی المحاباة.

و ذلک أربعة أشیاء،فتصیر بعد الجبر و المقابلة ستة أشیاء تعدل ثلاثمائة،فالشیء خمسون و هو الجائز بالإقالة و ذلک نصف الثمن،فقد صحت الإقالة فی نصف العبد بنصف الثمن،و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة، و یبقی مع الورثة نصف العبد و هو مائة و خمسون و نصف الثمن بفسخ البیع، و مجموعهما مائتان و هو مثلا المحاباة.

قوله: (و لو اشتری المریض عبدا قیمته ثلاثمائة بمائة،ثم تقایلا و مات المشتری و لا شیء له سوی العبد،فطریقه أن تصح الإقالة فی شیء من الثمن بثلاثة أشیاء من العبد،یبقی ثلاثمائة إلاّ ثلاثة أشیاء،و یرجع إلیه شیء من الثمن،یبقی ثلاثمائة إلاّ شیئین یعدل مثلی المحاباة،و ذلک أربعة أشیاء،فیصیر بعد الجبر و المقابلة ستة أشیاء یعدل ثلاثمائة،فالشیء خمسون، و هو الجائز بالإقالة،و ذلک نصف الثمن،فقد صحت الإقالة فی نصف العبد بنصف الثمن،و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة،و یبقی مع الورثة نصف العبد-و هو مائة و خمسون-و نصف الثمن بفسخ البیع و مجموعهما مائتان و هو مثلا المحاباة).

من لواحق البیع الإقالة،و قد تتصور المحاباة بالإقالة و یطرد فیها القولان السابقان فی البیع بمحاباة.

فإذا اشتری المریض عبدا قیمته ثلاثمائة بمائة،ثم تقایل المتبایعان و مات

ص:189

..........

المشتری و لا ترکة له سوی العبد،فعلی المختار فی البیع بمحاباة تصح الإقالة فی جزء من العبد بقسطه من الثمن علی وجه یخرج المحاباة من الثلث.

و وجهه امتناع انفساخ البیع فی شیء من المبیع،مع لزومه فی جمیع الثمن علی ما سبق بیانه،فیجیء الدور السابق،إذ لا یعرف قدر ما صحت فیه الإقالة حتی یعرف قدر الترکة،و لا یعرف ذلک إلاّ إذا عرف قدر نصیب المریض من العبد و الثمن،و معرفته لا تکون إلاّ إذا عرف مقدار ما صحت فیه الإقالة و ما بطلت فیه.

و طریق التخلص أن نقول:صحت الإقالة فی شیء من الثمن بثلاثة أشیاء من العبد،إذ الفرض أنه ثلاثة أمثال الثمن،فالمحاباة بشیئین،فیبقی للورثة باعتبار قیمة العبد ثلاثمائة إلاّ ثلاثة أشیاء،و رجع إلی المریض شیء من الثمن بالإقالة، فیبقی بأیدیهم ثلاثمائة إلاّ شیئین یعدل مثلی المحاباة،و ذلک أربعة أشیاء.

فإذا جبرت و زدت علی المعادل مثل ما جبرت به کان ثلاثمائة معادلة لستة أشیاء،فإذا قسطتها علیها کان الشیء خمسین،و هو الجائز بالإقالة من الثمن،و ذلک نصفه،فیصح فی نصف العبد بنصف الثمن.

و تحصل المحاباة فی ضمن ذلک،لأن الباقی مع الورثة من العبد نصفه-و قیمته مائة و خمسون-،و نصف الثمن الراجع إلیهم بالإقالة-و هو خمسون-،و ذلک مائتان بقدر المحاباة،و هی قیمة ثلث العبد مائة مرتین.

و إن شئت قلت:صحت الإقالة فی شیء من العبد بثلث شیء من الثمن، فالمحاباة بثلثی شیء،فیبقی مع الورثة ثلاثمائة هی قیمة العبد إلاّ شیئا،و رجع إلیهم ثلث شیء من الثمن،فصار ما بأیدیهم ثلاثمائة إلاّ ثلثی شیء یعدل مثلی المحاباة، و ذلک شیء و ثلث،لأن المحاباة ثلثا شیء.

فإذا جبرت کان ثلاثمائة معادلة لشیئین،فالشیء مائة و خمسون،و هو ما صحت فیه الإقالة من العبد و ذلک نصفه بنصف الثمن،فیبقی مع الورثة نصف العبد و رجع

ص:190

و علی اختیار علمائنا نجیز الإقالة فی ثلثی العبد بجمیع الثمن،و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة،فیحصل هم الثمن بفسخ البیع و ثلث العبد مجانا،فیجتمع لهم الثمن کله و ثلث العبد و هو مثلا المحاباة.

و لو کان المشتری قد خلّف ثلاثمائة اخری صحت الإقالة فی جمیع العبد،لأنه قد حصل لهم الثلاثمائة التی خلّفها،و المائة الثمن،فذلک أربعمائة و هو مثلا المحاباة.

إلیهم نصف الثمن و ذلک مائتان،و هو بقدر المحاباة مرتین،إذ المحاباة مائة.

و علی القول الآخر و هو الذی أراده المصنف بقوله:(و علی اختیار علمائنا)نجیز الإقالة فی ثلثی العبد بجمیع الثمن،و قد حصل فی ضمن ذلک المحاباة،فیحصل لهم الثمن بفسخ البیع و ثلث العبد مجانا،فیجتمع لهم الثمن کله و ثلث العبد و هو مثلا المحاباة،و ذلک لأن هذه الإقالة فی قوة فسخ و هبة،فینفذ الفسخ فی العوض الأول جمیعه بقدره من العوض الآخر و ذلک ثلث العبد.

و فی مقدار ثلث مجموع الترکة-و هو الباقی من العبد-،و مجموع الثمن-و ذلک ثلث العبد أیضا-،فتصح الإقالة فی ثلثی العبد بجمیع الثمن،فیرجع إلی البائع ثلثا العبد،و یبقی للمشتری ثلثه و الثمن جمیعه،و هو قدر المحاباة مرتین.

و لو نسبت الثمن و ثلث الترکة-أعنی ثلث العبد-إلی قیمته لکان ذلک ثلثیه، فصحت الإقالة فی الثلثین.

قوله: (و لو کان المشتری قد خلّف ثلاثمائة اخری صحت الإقالة فی جمیع العبد،لأنه قد حصل لهم الثلاثمائة التی خلّفها،و المائة الثمن و ذلک أربعمائة،و هو مثلا المحاباة).

توضیحه:إنه إذا فسخ البیع فقد حابی بمائتین،لأن العبد بثلاثمائة و الثمن مائة، فإذا کان له ثلاثمائة أخری سوی الثمن فقد حصل مثل المحاباة مرتین.

ص:191

تنبیه

تنبیه:تنفیذ المریض لفعله أو لفعل مورثه کابتدائه و إن کان منجزا، فلو باع صحیحا ما قیمته ثلاثون بعشرة و الخیار له،فاختار اللزوم مریضا مضی من الثلث.و کذا لو باع الصحیح بخیار ثم مات،فورثه المریض قبل انقضائه،اعتبرت أجازته من الثلث علی اشکال. قوله: (تنفیذ المریض لفعله أو لفعل مورثه کابتدائه و إن کان منجزا، فلو باع صحیحا ما قیمته ثلاثون بعشرة و الخیار له،فاختار اللزوم مریضا مضی من الثلث،و کذا لو باع الصحیح بخیار ثم مات،فورثه المریض قبل انقضائه،اعتبرت أجازته من الثلث علی اشکال).

لما کان التنفیذ للفعل الذی لیس بنافذ-أی:لیس بلازم-موجبا لقطع علاقة التسلط علی استعادة المال،الذی اقتضی ذلک الفعل خروجه عن الملک،وجب أن یکون التنفیذ الواقع من المریض کابتداء إنشاء ذلک الفعل و إن کان ذلک الفعل منجزا غیر معلق بشیء،لأن الوارث بدون وقوع التنفیذ یتسلّط علی فسخ ذلک الفعل الواقع المتزلزل و استعادة المال،فوجب أن یکون محسوبا من الثلث و یعد فی جملة التبرعات،إلاّ أن تعریف التبرع لا یتناول هذا القسم.

إذا تقرر ذلک فهنا مسألتان:

الأولی:إذا باع الصحیح الجائز التصرف ما قیمته ثلاثون بعشرة و الخیار له، فاختار اللزوم مریضا مضی اختیاره اللزوم من الثلث،بمعنی أن ینظر قدر المحاباة، فإن وسعها الثلث صح اختیاره،و إلاّ ففی قدر الثلث.

هذا هو الظاهر،إذ لیس للخیار الذی أسقطه بالتنفیذ قیمة لیعتبر،إذ لیس بمال،و إنما هو فی حکم المال باعتبار أنه وسیلة إلی تحصیله،فینظر إلی المتوسل إلیه، و لأن المفوت بإسقاط الخیار هو ذلک المال،فوجب أن یکون نفوذ تفویته مشروطا بسعة الثلث له.

ص:192

..........

الثانیة:إذا باع الصحیح الجائز التصرف ماله بدون ثمن المثل و شرط لنفسه الخیار مدة معلومة،ثم مات فورثه المریض قبل انقضائه اعتبرت أجازته إیاه من الثلث علی اشکال.

و ینبغی أن یکون بناء الاشکال علی أن المشتری یملک المبیع بالعقد لا بانقضاء الخیار،لأنه علی القول بأنه یملکه بانقضاء الخیار یجب اعتبار الإجازة من الثلث وجها واحدا،لأن المبیع مملوک للمریض حینئذ،و بالإجازة یخرج عن ملکه،فهی بمنزلة التصرف المستأنف فی إخراج الملک.

و منشأ الاشکال المذکور:من أنه لم یخرج مالا عن ملکه،و إنما رضی ببیع صدر ممن لا حجر علیه.و من أن خروجه لما لم یکن علی وجه الاستقرار و إنما استقر بالإجازة،جری ذلک مجری ما لو أخرجه بنفسه.

اعترض بأن الإجازة إنما اقتضت سقوط حقه من الخیار،و ذلک لا یعد مالا، و لزوم البیع غیر منحصر ثبوته فی الإجازة،إذ لو ترک الفسخ إلی انقضاء مدة الخیار تحقق اللزوم.

و یجاب بأن حقه من الخیار و إن لم یعد مالا،لکنه فی قوة المال،لأنه وسیلة إلیه، و کونه لو ترک الفسخ إلی انقضاء المدة تحقق اللزوم لا یقتضی جواز إسقاط هذا الحق، فإنه ربما مات قبل انقضاء المدة فانتقل الخیار الی الوارث،فکان وسیلة إلی الفسخ و استرداد المبیع.

و زعم الشارح الفاضل ولد المصنف أن هذا بخلاف ما لو باع الصحیح بعین علیه جاهلا بالقیمة فورثه المریض و أجاز،فإن أجازته سبب لنقل الملک لا غیرها، قال:و فوریة الفسخ بخیار الغبن علی القول بفوریته إنما هو فی صحیح البدن المتصرف فی ملکه شرعا،أما المریض فمع زیادة الغبن علی الثلث لا یکون خیاره علی الفور بالنسبة إلی الوارث إجماعا.قال:و لهذه الدقیقة قیّد المصنف بقوله:

ص:193

..........

(بخیار) (1).

و فی کلامه نظر فی مواضع:

الأول:کون الإجازة فی خیار الغبن سببا لحصول الملک،فإنه غیر واضح،لأن الملک ینتقل بالعقد متزلزلا من غیر فرق بین خیار الغبن و غیره،فإن اختار الفسخ بطل،و إلاّ فلا.

الثانی:حکمه بأن فوریة الفسخ بالغبن علی القول بالفوریة إنما هو فی الصحیح،أما المریض إذا زاد الغبن علی الثلث فإن خیاره لا یکون علی الفور غیر ظاهر،لأن الوارث لا حق له فی هذا الخیار حینئذ.

و لا یجب علی المریض الفسخ،لأنه فی معنی الاکتساب،و الحکم بکونه فی هذا الموضع علی التراخی لیمتد إلی زمان موت المریض،و انتقال الترکة إلی الوارث لیرث هذا الخیار،لا یدل علیه دلیل.

بل قد یقال:الدلیل قائم علی خلافه،لأن ثبوته له فرع بقائه ممتدا إلی الموت، و امتداده کذلک فرع کونه حقا له،إلاّ أن یقال کلما تعلق به حق المریض تعلق به حق الوارث کائنا ما کان و فیه منع،إلاّ أن الشارح ثقة،و قد نقل الإجماع (2)،فلا بد من کمال المراجعة.

الثالث:قوله:إن لهذه الدقیقة قید المصنف بقوله:بخیار یقتضی أن لا یکون مثل هذا الخیار مندرجا فی عبارته،و لا یعد فی اندراجه،لأن الإلصاق أعم معانی الباء فلا یأتی تناوله.

و لو سلّم فلم لا یکون الاحتراز عنه لکونه بالتأخیر من المریض یسقط،أما

ص:194


1- 1)إیضاح الفوائد 2:611.
2- 2) إیضاح الفوائد 2:611.

..........

مع الإجازة أو السکوت-لکونه علی الفور-فلا یأتی فیه الاشکال المذکور،و ینبغی زیادة التأمل لذلک و لا یخفی أن التقیید فی أصل المسألة بکون البیع بدون ثمن المثل،لأنه لو کان بالمثل ثم زادت القیمة للسوق و الخیار بحاله لا تکون الإجازة من الثلث وجها واحدا.

کذا قال الشارح،و هو الظاهر من کلام الشارح الآخر،و لیس بواضح،لأن النظر إلی کون الإجازة مقتضیة لتفویت الزائد علی الثمن الحاصل بزیادة السوق، و لا دخل لکون الزیادة موجودة وقت العقد أو متجددة فی الفرق.

و عبارة المصنف تحتمل الأمرین،و إن کان اللائح من قوله:(و کذا لو باع الصحیح.)کون المبیع بدون القیمة،إذ لا دلالة لها علی عدم اعتبار الإجازة من الثلث فی الفرض المذکور،و هنا مباحث أخری:

الأول:اقتصار الشارحین علی بیان وجه الإشکال فی المسألة الثانیة یشعر بأن الإشکال فیها خاصة،و لیس بواضح،لأن الوجهین مطردان فیهما.

و لعل المصنف أراد تعلق الاشکال بهما معا،و إن کان اللائح من قوله:(و کذا) الاختصاص بالثانیة.و قد أعزب الشارح الفاضل ولد المصنف،حیث شرح هذه المسألة قبل قوله:(و لو اشتری ابنی عم بألف.).

الثانی:ینبغی أن یراد بالخیار ما یعم جمیع أقسام الخیار،إذ لا تفاوت بینها،و قد سبق الکلام علی خیار الغبن،و العبارة لا تأبی شمول الجمیع.

الثالث:لا فرق فی هذا الحکم بین کون الخیار للبائع خاصة أو له و للمشتری، و إن کان ظاهر قوله:(و الخیار له)قد یوهم ارادة اختصاص الخیار به.

ص:195

أما أجازته لوصیة مورثه،أو منجزاته فی المرض فمن الثلث قطعا. الرابع:لو اشتری فحابی و الخیار له فأجاز مریضا،فکما لو باع.

الخامس:غیر البیع من المعاوضات کالبیع.

السادس:الهبة التی یجوز الرجوع فیها إذا ألزم نفسه بما یمنع الرجوع فی المرض کذلک.

السابع:ینبغی أن یکون هذا الحکم مقیّدا بما إذا امتد زمان الخیار إلی ما بعد الموت،فلو کان مؤقتا و انقضت مدته قبل الموت تبیّن أنه لا حق للورثة فیه،و أن الإجازة لا تعد من التبرعات،لاعتبار حرمان الإرث فی المتبرع به لیکون من الثلث.

و کیف کان فهو کما لو أعتق المستوعب فمات قبل السید،فیجیء فیه الوجهان،و قد سبق أن النفوذ قوی،فهنا کذلک.

الثامن:لو أسقط المریض حقه من الأولویة فی مثل التحجیر،ففی احتساب ذلک من الثلث وجهان،فإن اعتبرناه منه ففی طریق تقویمه نظر،إذ لا یعد ذلک مالا، بل هو وسیلة إلی التملک.

التاسع:لما کانت هذه المسألة من توابع المحاباة،أوردها فی آخر بحث المحاباة بالبیع و الإقالة،فإنها من لواحق ذلک.

قوله: (أما أجازته لوصیة مورثه،أو منجزاته فی المرض فمن الثلث قطعا).

أی:إجازة المریض،و إنما قطع بکون ذلک من الثلث،لبقاء الملک مع الوصیة و التبرع،و الإجازة تکشف عن النفوذ و الانتقال،کما أن عدمها یکشف عن العدم، بخلاف البیع بخیار،فإن الملک ینتقل به لکنه متزلزل.

و من هذا یعلم أن کل موضع یبقی فیه الملک،یجب الحکم بکون الإجازة فیه من الثلث قطعا،فلا یستقیم بناء الشارح الفاضل الإشکال فی الأولی علی انتقال

ص:196

النوع الثالث:الهبة و العقر

النوع الثالث:الهبة و العقر،و فیه مسائل:

المسألة الاولی:لو وهب عبده المستوعب و أقبض و قیمته مائتان و کسب مائة

المسألة الاولی:لو وهب عبده المستوعب و أقبض و قیمته مائتان و کسب مائة،ثم مات الواهب فنقول:صحت الهبة فی شیء و تبعه من کسبه نصف شیء،و للورثة شیئان مثلا ما جازت فیه الهبة،فیکون الجمیع ثلاثة أشیاء و نصفا یعدل الکسب و الرقبة.و ذلک ثلاثمائة،فیخرج قیمة الشیء الواحد خمسة و ثمانون و خمسة أسباع،و هو ثلاثة أسباع العبد،و یتبعه من الکسب مثل نصفه اثنان و أربعون و ستة أسباع و هو ثلاثة أسباع الکسب،و یبقی للورثة من العبد أربعة أسباعه.و ذلک مائة و أربعة عشر و سبعان،و من الکسب مثل نصفه سبعة و خمسون و سبع و هو أربعة أسباعه.

المبیع بالعقد مع الخیار و عدمه (1).

قوله: (الهبة و العقر،و فیه مسائل:

الاولی:لو وهب عبده المستوعب و أقبض و قیمته مائتان و کسب مائة، ثم مات الواهب فنقول:صحت الهبة فی شیء و تبعه من کسبه نصف شیء، و للورثة شیئان مثلا ما جازت فیه الهبة،فیکون الجمیع ثلاثة أشیاء و نصفا یعدل الکسب و الرقبة-و ذلک ثلاثمائة-،فیخرج قیمة الشیء الواحد خمسة و ثمانون و خمسة أسباع-و هو ثلاثة أسباع العبد-،و یتبعه من الکسب مثل نصفه اثنان و أربعون و ستة أسباع-و هو ثلاثة أسباع الکسب-،و یبقی للورثة من العبد أربعة أسباعه-و ذلک مائة و أربعة عشر و سبعان-،و من الکسب مثل نصفه سبعة و خمسون و سبع-و هو أربعة أسباعه-

ص:197


1- 1)إیضاح الفوائد 2:611.

و مجموع ذلک مائة واحد و سبعون و ثلاثة أسباع،و هو مثلا ما جاز بالهبة.فإن کان المتهب مریضا و عاد فوهبه من الواهب،و ماتا و لا مال لهما سواه،جازت الهبة فی شیء،و یتبعه من کسبه مثل نصفه فیصیر شیئا و نصفا، و مجموع ذلک مائة واحد و سبعون و ثلاثة أسباع،و هو مثلا ما جاز بالهبة).

أی:لو وهب المریض عبده المستوعب و أقبضه و قیمته مائتان،ثم کسب مائة، ثم مات الواهب،فإن الدور لازم،لأن زیادة نصیب السید تستدعی زیادة نفوذ الهبة، فیلزم نقصان النصیب،فیقل ما نفذت فیه الهبة.

و معرفة قدر ما نفذت فیه الهبة إنما یکون إذا عرف قدر نصیب الواهب من الکسب،و لا یعرف إلاّ إذا عرف قدر النافذ بالهبة.

و طریق التخلص ما سبق مثله فی العتق،فنقول:صحت الهبة فی شیء من العبد،و تبعه من الکسب مثل نصفه،لأن الکسب مثل نصف قیمة العبد.

و لا یحسب علی المتهب،إذ لیس ذلک من قبل الواهب،بل هو حق المتهب باعتبار أنه نماء ما صحت فیه الهبة،فلا یکون للوارث فی مقابلة شیء،بل یجب أن یکون لهم فی مقابل ما نفذت فیه الهبة شیئان،فیکون العبد و کسبه معادلا لثلاثة أشیاء و نصف،فنبسطها یکون سبعة.

فیقسم علیها ثلاثمائة یخرج اثنان و أربعون و ستة أسباع،فالشیء خمسة و ثمانون و خمسة أسباع-و ذلک ثلاثة أسباع العبد-،و یتبعه من الکسب مثل نصفه- و هو ثلاثة أسباعه-،و یبقی للورثة أربعة أسباع العبد و أربعة أسباع الکسب،و هی بقدر سبعی العبد،و ذلک مثلا ما جاز بالهبة.

قوله: (فإن کان المتهب مریضا،فوهبه من الواهب و ماتا و لا مال لهما سواه،جازت الهبة فی شیء و یتبعه من کسبه مثل نصفه،فیصیر شیئا و نصفا،

ص:198

فلما عاد و وهبه من الواهب صحت هبته فی ثلث ذلک و هو نصف شیء،فزده علی ما بقی بید ورثة الواهب،فیصیر معهم ثلاثمائة إلاّ شیئا و هو یعدل مثلی ما جاز بالهبة و هو شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار ثلاثمائة یعدل ثلاثة أشیاء،فالشیء الواحد مائة و هو نصف العبد،و یتبعه من کسبه مثل نصفه و هو خمسون،و یبقی مع ورثة الواهب نصف العبد و نصف الکسب و ذلک مائة و خمسون،و رجع إلیهم بالهبة الثانیة ثلث ما جاز بالهبة و ذلک خمسون،فیجتمع معهم مائتان و هو مثلا ما جاز بالهبة،و بقی مع ورثة الموهوب له مائة و هی مثلا ما جازت فیه هبة المتهب.

فلما عاد و وهبه من الواهب صحت هبته فی ثلث ذلک و هو نصف شیء،فزده علی ما بقی بید ورثة الواهب،فیصیر معهم ثلاثمائة إلاّ شیئا و هو یعدل مثلی ما جاز بالهبة و هو شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار ثلاثمائة یعدل ثلاثة أشیاء،فالشیء الواحد مائة-و هو نصف العبد-،و یتبعه من کسبه مثل نصفه و هو خمسون،و یبقی مع ورثة الواهب نصف العبد و نصف الکسب-و ذلک مائة و خمسون-،و رجع إلیهم بالهبة الثانیة ثلث ما جاز بالهبة-و ذلک خمسون-،فیجتمع معهم مائتان و هو مثلا ما جاز بالهبة،و بقی مع ورثة الموهوب له مائة و هی مثلا ما جازت فیه هبة المتهب).

أی:فإن کان المتهب فی الصورة المفروضة مریضا،فوهبه من الواهب و ماتا و لا مال لهما سوی العبد و الکسب فإن الدور لازم،من حیث أن معرفة ما صحت فیه الهبة الأولی إنما یکون إذا عرف قدر نصیب الواهب الأول من الکسب و من الهبة الثانیة،لیراعی نفوذ الهبة فی قدر نصفه،فیبقی بید الوارث بقدر ما جاز بالهبة مرتین.

ص:199

المسألة الثانیة لو وهب أخته مائة لا یملک سواها

المسألة الثانیة:لو وهب أخته مائة لا یملک سواها و اقبض فماتت عنه و عن زوج،فقد صحت الهبة فی شیء و الباقی للواهب،و رجع إلیه بالمیراث نصف الشیء الذی جازت الهبة فیه،صار معه مائة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین.

و معلوم أن معرفة قدر نصیبه منهما إنما یکون إذا عرف قدر ما صحت فیه الهبة الأولی،فإن الهبة الثانیة إنما تصح فی ثلثه،و نصیب الواهب الأولی من الکسب هو الباقی بعد إسقاط ما یتبعه منه.

و التخلص أن نقول:صحت الهبة الاولی فی شیء و یتبعه من الکسب نصف شیء و ذلک شیء و نصف-،و صحت الهبة الثانیة فی ثلث ذلک کله،لأنه مجموع ترکة الواهب الثانی-و ذلک نصف شیء-،فزده علی ما بقی بید ورثة الواهب الأول-و هو ثلاثمائة إلاّ شیئا و نصفا-،یصیر معهم ثلاثمائة إلاّ شیئا،و هو یعدل مثلی ما جاز بالهبة الاولی،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت و زدت علی المعادل مثله صار ثلاثمائة یعدل ثلاثة أشیاء،فالشیء مائة-و هو ما جاز بالهبة الاولی،و ذلک نصف العبد-،و یتبعه من کسبه مثل نصفه- و هو خمسون-،و یبقی مع ورثة الواهب الأول نصف العبد و نصف الکسب-و ذلک مائة و خمسون-،و رجع إلیهم ثلث ما جاز بالهبة-و هو نصف العبد و نصف الکسب-، و إنما کان نصف الکسب حاصلا بالهبة لأنه تابع لهبة نصف العبد-و ذلک خمسون-،فاجتمع لهم مائتان مثلا ما جاز بالهبة الاولی،و بقی مع ورثة الموهوب له- و هو الواهب الثانی-مثلا ما جازت فیه الهبة الثانیة-أعنی خمسین-،و ذلک مائة.

قوله: (لو وهب أخته مائة لا یملک سواها و اقبض،فماتت عنه و عن زوج،فقد صحت الهبة فی شیء و الباقی للواهب،و رجع إلیه بالمیراث نصف الشیء الذی جازت الهبة فیه،صار معه مائة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین.

ص:200

أجبر و قابل یصیر الشیء خمسی ذلک أربعون،ترجع الی الواهب منها عشرون فیکمل معه ثمانون،و بقی للزوج عشرون. و من طریق الباب تأخذ عددا لثلثه نصف و هو ستة،فتأخذ ثلثه اثنین و تلقی نصفه سهما،یبقی سهم فهو للأخت.

و یبقی للواهب أربعة،فتقسم المائة علی خمسة،و السهم المسقط لا اجبر و قابل یصیر الشیء خمسی ذلک أربعون،ترجع الی الواهب منها عشرون،فیکمل معه ثمانون،و بقی للزوج عشرون).

لو وهب أخته مائة لا یملک غیرها و أقبضها إیاها،ثم ماتت عنه و عن زوج، ثم مات هو،فإن الدور لازم،لأن ما ورثه منها محسوب فیما یجب حصوله لوارثه،لتصح الهبة فی قدر نصفه،فلا یعرف قدر ما صحت فیه الهبة حتی یعرف قدر نصیبه من الإرث،و لا یعرف قدر النصیب من الإرث حتی یعرف قدر ما صحت فیه الهبة.

و التخلص أن نقول:صحت الهبة فی شیء و الباقی-و هو مائة إلاّ شیئا- للواهب،و رجع إلیه بالمیراث نصف ما جازت فیه الهبة-و هو نصف الشیء-،فصار معه مائة إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما صحت فیه الهبة،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت و قابلت کانت المائة معادلة لشیئین و نصف،فالشیء أربعون-و هو ما جازت فیه الهبة-،و بقی بید ورثة الواهب ستون،و رجع إلیه بالإرث عشرون، فیکمل معه ثمانون هی لوارثه-و ذلک مثلا ما جازت فیه الهبة-،و بقی للزوج عشرون.

قوله: (و من طریق الباب أن تأخذ عددا لثلثه نصف-و هو ستة-، فتأخذ ثلثه اثنین و تلقی نصفه سهما،یبقی سهم فهو للأخت،و یبقی للواهب أربعة،فنقسم المائة علی خمسة،و السهم المسقط لا یذکر،لأنه

ص:201

یذکر لأنه یرجع علی جمیع السهام الباقیة بالسویة فیجب إطراحه.

یرجع علی جمیع السهام الباقیة بالسویة،فیجب إطراحه).

هذا طریق آخر لبیان المسألة،و هو طریق الحشو.

و بیانه:أنک تطلب عددا له ثلث-لأن الهبة إنما تصح فی الثلث-،و لثلثه نصف، لیعود إلی الواهب نصف ما صحت فیه الهبة صحیحا،و ذلک مضروب أحد المخرجین فی الآخر-أعنی مضروب ثلاثة فی اثنین-،و هو ستة.

فتأخذ ثلثه اثنین و تلقی منها سهما هو النصف،و ذلک لأن السهم الذی یرجع إلی الواهب بالإرث محسوب فی جملة مثلی ما جازت فیه الهبة،لأنه من جملة الترکة، فلا بد من اعتبار السهم الراجع إلیه بالإرث فی جملة مثلی ما جازت فیه الهبة،و هما الثلثان،لأن الذی جازت فیه الهبة الثلث،فوجب إسقاط السهم الزائد لأنه حشو، فیبقی بعده خمسة-و هی الفریضة-،فتقسم المائة علیها،و السهم المطرح یرجع علی جمیع السهام.

فإن قلت:یلزم علی هذا أن یکون للزوج أزید من سدس المجموع،و هو باطل لأنه إنما یستحق نصف ما جازت فیه الهبة،و هو الثلث.

قلنا:استحقاقه سدس المجموع إنما هو أمر وهمی تقدیری،فإن الثلثین المقابلین لما صحت فیه الهبة من جملتهما نصف الثلث المستحق بالإرث.

فإذا اعتبرته کذلک-أعنی من جملتهما-کان فی الحقیقة خمسا لا سدسا، و الزوج إنما یستحق بقدره لا أقل،فیکون نصیبه خمس الجمیع تحقیقا،و السدس تقدیرا.

فإن قلت:فعلی هذا لا یکون ما صحت فیه الهبة ثلثا.

قلنا:المنتقل بالهبة هو ثلث المملوک الآن،و إن کان بعض المنتقل بالهبة داخلا فی المملوک الآن،لأن سبب تملکه طرأ علی الهبة،فاعتبر ملکه فی الجملة فی مقابل تملک مجموع الثلث بالهبة لیترتب علیه هذا التملک.

ص:202

الثالثة لو وهب مریض مریضا مائة لا یملک سواها

الثالثة:لو وهب مریض مریضا مائة لا یملک سواها،ثم عاد المتهب فوهبها للأول و لا یملک غیرها فقد صحت الهبة فی شیء،ثم الثانیة فی ثلثه،بقی للموهوب الأول ثلثا شیء،و للواهب مائة إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین.

أجبر و قابل یخرج الشیء سبعة و ثلاثون و نصفا،رجع إلی الواهب ثلثها اثنی عشر و نصف،و بقی للموهوب خمسة و عشرون. قوله: (لو وهب مریض مریضا مائة لا یملک سواها،ثم عاد المتهب فوهبها للأول و لا یملک غیرها فقد صحت الهبة فی شیء،ثم الثانیة فی ثلثه، بقی للموهوب الأول ثلثا شیء،و للواهب مائة إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین، أجبر و قابل یخرج الشیء سبعة و ثلاثون و نصفا،رجع إلی الواهب ثلثها اثنا عشر و نصف،و بقی للموهوب خمسة و عشرون).

لما کانت معرفة قدر ما نفذت فیه الهبة الأولی إنما یکون إذا عرف قدر ما نفذت فیه الثانیة،لأن الحاصل بها محسوب من الترکة،و لا یعرف إلاّ إذا عرف الأول کانت المسألة دوریة.

و طریق التخلص أن یقال:صحت الهبة فی شیء،فبقی للواهب مائة إلاّ شیئا، و رجع إلیه بالهبة الثانیة ثلث شیء،فبقی فی ید الموهوب الأول ثلثا شیء و صار للواهب مائة إلاّ ثلثی شیء،یعدل مثلی ما جاز بالهبة الاولی،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت صار مائة تعدل شیئین و ثلثی شیء،إذا بسطتها کانت ثمانیة،فإذا قسمت المائة علیها خرج اثنا عشر و نصف،فالشیء سبعة و ثلاثون و نصف،و هو ما جاز بالهبة الاولی-،و قد رجع إلی الواهب ثلثه-و هو اثنا عشر و نصف-،و بقی للموهوب خمسة و عشرون،و کمل للواهب خمسة و سبعون هی مثلا ما جاز بالهبة الاولی.

ص:203

و من طریق الباب تضرب ثلاثة فی ثلاثة،و تسقط من المرتفع سهما یبقی ثمانیة،فأقسم الماء علیها لکل سهمین خمسة و عشرون،ثم خذ ثلثها ثلاثة أسقط منها سهما یبقی سهمان فهی للموهوب الأول،و ذلک هو الربع. و لو خلّف الواهب مائة أخری فقد بقی مع الواهب مائتان إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین،فالشیء ثلاثة أثمانها و ذلک خمسة و سبعون،رجع إلی الواهب ثلثها بقی مع قوله: (و من طریق الباب تضرب ثلاثة فی ثلاثة،و تسقط من المرتفع سهما یبقی ثمانیة،فأقسم الماء علیها لکل سهمین خمسة و عشرون،ثم خذ ثلثها ثلاثة،أسقط منها سهما یبقی سهمان فهی للموهوب الأول،و ذلک هو الربع).

هذا طریق الحشو،و توضیحة:انک تطلب عددا له ثلث،و لثلثه ثلث،لأن الهبة الأولی إنما تصح فی الثلث،و الثانیة فی ثلثه،و ذلک مضروب ثلاثة فی ثلاثة،و ذلک تسعة.

فتسقط منها سهما،باعتبار أن الراجع إلی الواهب الأول من الهبة الثانیة محسوب من جملة الثلثین،اللذین یجب حصولهما للوارث فی مقابلة ما صح بالهبة.

الأولی فهو حشو،یبقی ثمانیة،فیقسّم المائة علیها،یخرج لکل سهم اثنا عشر و نصف، فلسهمین خمسة و عشرون.

خذ ثلث الأصل-و هو ثلاثة-له سبعة و ثلاثون و نصف،فأسقط سهما یبقی سهمان للموهوب الأول-و هو ربع مائة-،و یبقی لستة أسهم خمسة و سبعون للواهب الأول،و هی مثلا ما جاز بالهبة الأولی.

قوله: (و لو خلّف الواهب مائة أخری،فقد بقی مع الواهب مائتان إلاّ ثلثی شیء یعدل شیئین،فالشیء ثلاثة أثمانها-و ذلک خمسة و سبعون-، رجع إلی الواهب ثلثها،بقی مع

ص:204

ورثته خمسون.

الرابعة لو وهبه جاریة مستوعبة قیمتها ثلاثون و مهر مثلها عشرة

الرابعة:لو وهبه جاریة مستوعبة قیمتها ثلاثون و مهر مثلها عشرة، فوطأها المتهب ثم مات الواهب،فقد صحت الهبة فی شیء و سقط عنه من مهرها ثلث شیء،و بقی للواهب أربعون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل شیئین.

فبالجبر و المقابلة یخرج الشیء خمس ذلک و عشره و هو اثنا عشر خمسا الجاریة،فتصح فیه الهبة،و یبقی للواهب ثلاثة أخماسها،و له علی المتهب ثلاثة أخماس مهرها ستة. ورثته خمسون.) لا فرق بین هذه و التی قبلها فی العمل بالنسبة إلی الطریق،إلاّ أن الجائز بکل من الهبتین هنا ضعف الجائز فی الاولی.

و الدور لازم فی کل منهما،لعدم وفاء الثلث بالهبة الاولی،فلو خلّف مائتین اخرتین صحت الهبة الاولی و الثانیة فی الثلث،و لا دور.

قوله: (لو وهبه جاریة مستوعبة قیمتها ثلاثون و مهر مثلها عشرة، فوطأها المتهب ثم مات الواهب،فقد صحت الهبة فی شیء و سقط عنه من مهرها ثلث شیء،و بقی للواهب أربعون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل شیئین،فبالجبر و المقابلة یخرج الشیء خمس ذلک و عشره و هو اثنا عشر خمسا الجاریة، فتصح فیه الهبة،و یبقی للواهب ثلاثة أخماسها،و له علی المتهب ثلاثة أخماس مهرها ستة).

إذا وهب المریض جاریة مستوعبة لترکته قیمتها ثلاثون و مهر مثلها عشرة، و أقبضه إیاها فوطأها المتهب ثم مات الواهب،فالدور لازم.إذ لا یعرف قدر ما صحت فیه الهبة إلاّ إذا عرف قدر الترکة،و لا یعرف إلاّ إذا عرف قدر ما صحت فیه الهبة، لیعلم قدر ما یبقی من مهر المثل للواهب،فإنه محسوب من جملة الترکة.

و التخلص بأن یقال:صحت الهبة فی شیء فسقط عن الوطء-و هو المتهب- من مهر المثل ثلث شیء،إذ لا مهر علیه لحصته من المملوکة.

ص:205

و کذا لو وطأها أجنبی و یکون علیه ثلاثة أخماس المهر للواهب و خمسان للمتهب،إلاّ أن الهبة إنما تنفذ فیما زاد علی الثلث مع حصول المهر من الواطئ،فإن لم یحصل شیء لم تزد الهبة علی الثلث،و کل ما حصل منه شیء نفذت الهبة فی الزیادة علی قدر ثلثه. و إنما کان ثلث شیء،لأن مهر المثل بقدر ثلث القیمة،و بقی للواهب من الجاریة باعتبار قیمتها،و من مهر المثل أربعون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل مثلی ما جازت فیه الهبة،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت أربعین إلاّ شیئا و ثلثا شیء و ثلث،و قابلت بأن زدت علی الشیئین مثل ذلک صار أربعون یعدل ثلاثة أشیاء و ثلثا،نبسطها یکون عشرة،ثم نقسم الأربعین علیها یخرج أربعة،فالشیء اثنا عشر،و هو خمس الأربعین و عشرها.

و نسبته إلی الجاریة أنه خمساها،فصحت الهبة فی خمسیها،و تبع ذلک خمسا مهر المثل أربعة،و بقی للواهب ثلاثة أخماسها ثمانیة عشر،و ثلاثة أخماس مهر مثلها ستة، و مجموع ذلک أربعة و عشرون،و هو مثلا ما صح بالهبة.

قوله: (و کذا لو وطأها أجنبی و یکون علیه ثلاثة أخماس المهر للواهب،و خمسان للمتهب،إلاّ أن الهبة إنما تنفذ فیما زاد علی الثلث مع حصول المهر من الواطئ،فإن لم یحصل شیء لم تزد الهبة علی الثلث،و کلما حصل منه شیء نفذت الهبة فی الزیادة علی قدر ثلثه).

أی:و کذا القول فیما لو وطأ الجاریة فی الصورة المذکورة أجنبی،فإن النافذ فیها من الهبة هو القدر المذکور،و طریق بیانه هو ما ذکر.

و یکون علی الوطء ثلاثة أخماس المهر للواهب و خمساه للمتهب،لأنه نماء ملکه،لکن الهبة لا تنفذ فی الخمسین مطلقا،بل ذلک إنما هو علی تقدیر حصول المهر من الوطی،فبدونه تنفذ فی الثلث خاصة.

ثم کلما حصل منه شیء نفذت الهبة فی بعضه بالحساب،و الدور بحاله،لأن

ص:206

..........

نصیب الواهب من ذلک یجب أن یعتق من الجاریة بقدر نصفه،و لهذا المنعتق نصیب من المهر،هو حق المتهب.

فلو حصل من المهر ستة،قلنا صحت الهبة من الجاریة فی شیء و تبعه من الحاصل مثل خمسه،لأن الستة خمس الثلثین،فبعد الجبر یکون ستة و ثلاثون معادلة لثلاثة أشیاء و خمس،إذا بسطتها کانت ستة عشر.

فإذا قسّمت علیها ستة و ثلاثین خرج اثنان و ربع،فالشیء أحد عشر و ربع، -و ذلک ثلث و ربع سدس-،فیتبعه من المهر ثلثه و ربع سدسه،و ذلک اثنان و ربع، و یبقی ثلاثة و ثلاثة أرباع مع ثمانیة عشر و ثلاثة أرباع،و مجموع ذلک اثنان و عشرون و نصف بقدر ما نفذت فیه الهبة مرتین.

و إنما قلنا:إن الهبة إنما تنفذ فی الثلث علی تقدیر عدم حصول المهر،لأن المحسوب علی الوارث من الترکة هو الحاصل دون ما سواه،فإنه فی حکم المعدوم.

إذا عرفت ذلک،ففی عبارة الکتاب بحثان:

الأول:ظاهر قوله:(و کذا لو وطأها أجنبی-إلی قوله-إلاّ أن الهبة إنما تنفذ.)ان المسألتین سواء إلاّ فی هذا الحکم و لیس بجید،إذ الأولی کذلک أیضا، فإنه علی تقدیر عدم حصول المهر من المتهب الواطئ لا تصح الهبة من الجاریة إلاّ فی الثلث.

و یمکن أن یجعل الاستثناء راجعا إلی المسألتین معا،و یکون المعنی:إلاّ أن الهبة إنما تنفذ فیما زاد علی الثلث فی المسألتین مع حصول المهر من الواطئ،سواء کان المتهب أم الأجنبی،و حینئذ فیندفع المحذور.

الثانی:فی قوله:(و کلما حصل منه شیء نفذت الهبة فی الزیادة علی قدر ثلثه) نظر،لأن الحاصل من المهر لا تنفذ الهبة فی قدر ثلثه،و مقتضی العبارة ذلک،لأن الضمیر فی:(ثلثه)یعود إلی الحاصل،و هو الشیء.

ص:207

و لو وطأها الواهب فعلیه من عقرها بقدر ما جازت الهبة فیه و هو ثلث شیء،یبقی معه ثلاثون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل شیئین،فالشیء تسعة و هو خمس الجاریة و عشرها و سبعة أعشارها لورثة الواطئ،و علیهم عقر الذی جازت الهبة فیه،فإن أخذ من الجاریة بقدرها صار و یمکن تکلف عود الضمیر إلی الواهب،و حینئذ فیکون المعنی:انّ کلما حصل من المهر شیء نفذت الهبة فی الزیادة علی الجاریة علی قدر ثلث الواهب.

و فیه نظر،لأنه مع هذا التکلیف البعید لا یستقیم،لأن الهبة لا تنفذ فی الزیادة بل فی ثلثها،و لیس المراد ثلث المجموع،بل ثلث ما یصیب الواهب من المهر بعد إخراج قدر نصیب المتهب منه باعتبار ما عتق منها و هو ثلثها،و قدر ثلث نصیب الواهب من المهر،و هو ربع و سدس الجاریة-أعنی واحدا و ربعا فی المثال السابق-، فإنه بقدر ثلث ما یصیب الواهب من ستة،و هو ثلاثة و ثلاثة أرباع کما قدمناه.

و یمکن عود الضمیر إلی الزیادة بتأویل الزائد،و التقدیر حینئذ:و کلما حصل منه شیء نفذت الهبة فی نصیب الواهب الزائد علی الجاریة علی قدر ثلثه،و هذا صحیح،إلاّ أنه بعید جدا لا یکاد یتفطن إلیه.

و فی بعض نسخ الکتاب:و کلما حصل منه شیء نفذت الهبة فی الزیادة علی الثلث بقدر ثلثه،و هذا کالأول فی الاحتیاج إلی تقدیر نصیب الواهب،و تکلف عود ضمیر(ثلثه)إلی الزیادة.

و فیه سماجة أخری،و هو اعتبار الزیادة بالإضافة علی الثلث،و إنما الزیادة علی الجاریة لا علی الثلث،و بالجملة فالعبارة لا تخلو من تعسف.

قوله: (و لو وطأها الواهب فعلیه من عقرها بقدر ما جازت الهبة فیه -و هو ثلث شیء-،یبقی معه ثلاثون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل شیئین،فالشیء تسعة،و هو خمس الجاریة و عشرها و سبعة أعشارها لورثة الواطئ،و علیهم عقر الذی جازت الهبة فیه،فإن أخذ من الجاریة بقدرها صار

ص:208

له خمساها.

الخامسة لو تزوج علی مائة مستوعبة و مهر المثل عشرون

الخامسة لو تزوج علی مائة مستوعبة و مهر المثل عشرون:لو تزوج علی مائة مستوعبة و مهر المثل عشرون،فلها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء،و للورثة ثمانون إلاّ شیئا یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة.و ذلک شیئان.

أجبر و زد فتصیر ثلاثة أشیاء تعدل ثمانین،فالشیء ستة و عشرون و ثلثان و هو الجائز لها بالمحاباة،فیجتمع لها بالمحاباة و مهر المثل ستة و أربعون و ثلثان،و للورثة ثلاثة و خمسون و ثلث مثلا له خمساها.) لو کان الوطء للجاریة فی الفرض المذکور هو الواهب،کان علیه من مهرها بقدر ما جازت الهبة فیه و هو ثلث شیء،لما سبق غیر مرة أن المهر بقدر ثلثها.

یبقی مع الواهب من الجاریة ما قیمته ثلاثون إلاّ شیئا و ثلثا یعدل مثلی ما جازت فیه الهبة و هو شیئان،فبعد الجبر یکون ثلاثون معادلة لثلاثة أشیاء و ثلث.

إذا بسطتها کانت عشرة،فیقسم علیها ثلاثین یخرج بالقسمة ثلاثة،فالشیء تسعة-و هو خمس الجاریة و عشرها-،فصحت الهبة فی خمس الجاریة و عشرها،و بقی لورثة الواطئ سبعة أعشارها،و علیهم أداء عقر ما جازت فیه الهبة،لأنه دین علی الواهب.

فإن أخذ ذلک من الجاریة بقی ثلاثة أخماسها للورثة-و هی بقدر ما نفذت فیه الهبة مرتین-،و کمل للمتهب بما أصابه من المهر خمساها،و سقط عن الواطئ من المهر قدر نصیبه من الجاریة،و ذلک واضح.

قوله: (لو تزوّج علی مائة مستوعبة و مهر المثل عشرون،فلها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء،و للورثة ثمانون إلاّ شیئا یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة-و ذلک شیئان-،أجبر و زد فتصیر ثلاثة أشیاء تعدل ثمانین، فالشیء ستة و عشرون و ثلثان-و هو الجائز لها بالمحاباة-،فیجتمع لها بالمحاباة و مهر المثل ستة و أربعون و ثلثان،و للورثة ثلاثة و خمسون و ثلث مثلا

ص:209

المحاباة،و لا دور.فإن ماتت قبله دخلها الدور،فإن المحاباة تزید لرجوع بعضها إلیه بالإرث،فنقول:لها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء،و للزوج ثمانون إلاّ شیئا،و رجع إلیه نصف ما معها و هو عشرة و نصف شیء،فیجتمع معه تسعون إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة و ذلک شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار معک شیئان و نصف تعدل تسعین،فالشیء ستة و ثلاثون و هو الجائز لها بالمحاباة،فیکون لها بالمثل عشرون و بالمحاباة ستة و ثلاثون،و بقی مع الزوج أربعة و أربعون،و یرجع إلیه بالإرث النصف ثمانیة و عشرون،فیجتمع معه اثنان و سبعون و هو مثلا الجائز بالمحاباة، المحاباة،و لا دور).

لما کان النکاح بمهر المثل ماضیا من الأصل لم یحسب العشرون فی الفرض المذکور علی المریض،فوجب أن تنفذ المحاباة فی ثلث الباقی هو ثمانون،و یبقی للورثة ثلثاه،فلا دور.

و حینئذ فلا وجه لا طالة المصنف باستخراج ما نفذت فیه المحاباة و ما یبقی للورثة بالجبر و المقابلة،إذ هو معلوم بدون ذلک.

قوله: (فإن ماتت قبله دخلها الدور،فإن المحاباة تزید لرجوع بعضها إلیه بالإرث،فنقول:لها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء،و للزوج ثمانون إلاّ شیئا،و رجع إلیه نصف ما معها و هو عشرة و نصف شیء- فیجتمع معه تسعون إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة و ذلک شیئان،فإذا جبرت و قابلت صار معک شیئان و نصف تعدل تسعین،فالشیء ستة و ثلاثون،و هو الجائز لها بالمحاباة،فیکون لها بالمثل عشرون و بالمحاباة ستة و ثلاثون،و بقی مع الزوج أربعة و أربعون،و یرجع إلیه بالإرث النصف ثمانیة و عشرون،فیجتمع معه اثنان و سبعون-و هو مثلا الجائز بالمحاباة-،

ص:210

و یبقی مع ورثتها ثمانیة و عشرون. و لو أوصت بثلث مالها فلها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء،و الوصیة ثلثه و هو ستة و ثلثان و ثلث شیء فیرجع الی الزوج نصف الباقی و هو ستة و ثلثان و ثلث شیء فزده علی ما بقی معه،و ذلک ثمانون إلاّ شیئا،فیجتمع معه ستة و ثمانون و ثلثان إلا ثلثی شیء یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة،و ذلک شیئان، و بقی مع ورثتها ثمانیة و عشرون).

إنما دخل المسألة المفروضة الدور إذا ماتت الزوجة المذکورة قبل الزوج،لأن المحاباة تزید،لرجوع بعضها إلیه بالإرث کما ذکره المصنف.

و تنقیحه:أنها تزید بزیادة نصیب الزوج لا محالة،لزیادة ترکته،و معلوم أن نصف ترکتها یرجع إلیه،و بزیادة المحاباة تنقص ترکته،لأن النصف الآخر من ترکتها ینتقل إلی ورثتها،و معرفة قدر ما صحت فیه المحاباة لا یمکن إلاّ إذا عرف قدر ترکته و بالعکس.

و التخلص بأن نقول:صح لها بمهر المثل عشرون و بالمحاباة شیء،فیبقی للزوج ثمانون إلاّ شیئا،و رجع إلیه بالإرث نصف ترکتها و ذلک عشرة و نصف شیء فکمل مع الزوج تسعون إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة-و هو شیئان-، إلی آخر ما ذکره المصنف.

قوله: (و لو أوصت بثلث ما لها فلها بالمثل عشرون و بالمحاباة شیء و الوصیة ثلثه،و هو ستة و ثلثان و ثلث شیء،فیرجع إلی الزوج نصف الباقی و هو ستة و ثلثان و ثلث شیء،فزده علی ما بقی معه-و ذلک ثمانون إلاّ شیئا-، فتجتمع معه ستة و ثمانون و ثلثان إلاّ ثلثی شیء،یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة و ذلک شیئان.

ص:211

فإذا جبرت و قابلت صار معک شیئان و ثلثا شیء یعدل ستة و ثمانین و ثلثین،فابسط الجمیع أثلاثا تصیر الأشیاء ثمانیة و الدراهم مائتین و ستین، فأقسم الدراهم علی الأشیاء یخرج من القسمة اثنان و ثلاثون و نصف و هو الشیء،و ذلک هو المحاباة،فزد ذلک علی مهر المثل و هو عشرون یصیر اثنین و خمسین و نصفا،فأعط ثلثها للوصیة و هو سبعة عشر و نصف،و أعط نصف الباقی و هو سبعة عشر و نصف للزوج بالإرث،فزد ذلک علی ما بقی معه و هو سبعة و أربعون و نصف تصیر معه خمسة و ستون،و ذلک مثلا المحاباة. فإذا جبرت و قابلت صار معک شیئان و ثلثا شیء یعدل ستة و ثمانین و ثلثین،فابسط الجمیع أثلاثا تصیر الأشیاء ثمانیة و الدراهم مائتین و ستین، فأقسم الدراهم علی الأشیاء یخرج من القسمة اثنان و ثلاثون و نصف و هو الشیء،و ذلک هو المحاباة،فزد ذلک علی مهر المثل-و هو عشرون-یصیر اثنین و خمسین و نصفا،فأعط ثلثها للوصیة-و هو سبعة عشر و نصف-،و أعط نصف الباقی-و هو سبعة عشر و نصف-للزوج بالإرث،فزد ذلک علی ما بقی معه -و هو سبعة و أربعون و نصف-،تصیر معه خمسة و ستون،و ذلک مثلا المحاباة).

إنما قسمت عدد الدراهم علی الأشیاء،لأن هذا أحد الطریقین فی معرفة معادل الشیء الواحد من العدد،فان خارج القسمة هو معادلة.و إنما بسطت الجمیع أثلاثا، لأن الکسر من الجانبین ثلث،فتبسطها من جنسه.

فإن قیل:خارج قسمة الکسور علی الکسور کسور،فکیف صار الخارج -و هو اثنان و ثلاثون و نصف-صحاحا؟ قلت:لما کان خارج القسمة ما ذکر کان بقدره کسور هو ثلث الشیء فثلاثة أمثاله هو الشیء،و ذلک ما ذکر.

ص:212

فإن کان علیها دین عشرة و أوصت بثلث مالها،فلها بالمثل عشرون، و بالمحاباة شیء،و یخرج من ذلک للدین عشرة و یبقی عشرة و شیء،للوصیة ثلثها ثلاثة و ثلث و ثلث شیء،و للزوج نصف الباقی ثلاثة و ثلث و ثلث شیء، فزد ذلک علی ما بقی معه و هو ثمانون إلاّ شیئا فیصیر معه ثلاثة و ثمانون و ثلث إلاّ ثلثی شیء،یعدل مثلی ما جاز بالمحاباة و هو شیئان،فیصیر بعد الجبر و المقابلة ثلاثة و ثمانون و ثلث تعدل شیئین و ثلثی شیء.

فإذا بسطت الجمیع أثلاثا صار قیمة الشیء أحدا و ثلاثین و ربعا،و هو الجائز بالمحاباة،فزد ذلک علی المثل و هو عشرون فیصیر احدی و خمسین و ربعا،فأعط الغریم منها عشرة یبقی أحد و أربعون و ربع،فأعط ثلثها للوصیة و ذلک ثلاثة عشر و ثلاثة أرباع،و أعط الزوج نصف الباقی و هو ثلاثة عشر و ثلاثة أرباع،و یبقی ثلاثة عشر و ثلاثة أرباع لورثة الزوجة،و تحصل بید ورثة الزوج ثمانیة و أربعون و ثلاثة أرباع بنقص الصداق،و ثلاثة عشر و ثلاثة أرباع بالمیراث،فیجتمع معهم اثنان و ستون،و نصف و هو مثلا ما جاز بالمحاباة.

و إن شئت نسبت الشیء إلی الشیئین و الثلثین،فإن خارج القسمة ثلاثة أثمان، فمعادل الشیء من ستة و ثمانین و ثلثین ثلاثة أثمانها،و هو اثنان و ثلاثون و نصف.

قوله: (فإن کان علیها دین عشرة و أوصت بثلث مالها.).

لیس فی هذه شیء یحتاج إلی الإیضاح،إلاّ قوله:(فیصیر بعد الجبر و المقابلة ثلاثة و ثمانون و ثلث یعدل شیئین و ثلثی شیء،فإذا بسطت الجمیع أثلاثا صار قیمة الشیء الواحد أحدا و ثلاثین و ربعا).

و توضیحة:إنک تبسط کلا من المتعادلین من جنس الکسر،فتکون الأشیاء ثمانیة و الدراهم مائتین و خمسین،إذا قسمت الدراهم علی الأشیاء کان خارج القسمة

ص:213

السادسة:لو وهبه جاریة مستوعبة و قیمتها مائة و عقرها خمسون

السادسة:لو وهبه جاریة مستوعبة و قیمتها مائة و عقرها خمسون، فوطأها رجل بشبهة ثم مات فالعقر من جملة الکسب.

فنقول:صحت الهبة فی شیء من الجاریة و تبعها من العقر مثل نصفه، و للورثة شیئان مثل الهبة فیصیر ثلاثة أشیاء و نصفا،فأقسم علیها قیمة الجاریة و العقر و هو مائة و خمسون،یخرج من القسمة اثنان و أربعون و ستة أسباع و هو ثلاثة أسباعها،و فیه صحت الهبة من الجاریة،و یتبعه من العقر أحد و عشرون و ثلاثة أسباع للمتهب،و یبقی للورثة أربعة أسباعها و هو أحدا و ثلاثین و ربعا،فمعادل الشیء من الدراهم هو ذلک-و هو ثلاثة أثمان ثلاثة و ثمانین و ثلث-،فظهر أن ذلک معادل الشیء الواحد بالقسمة و النسبة معا.

و قوله:(و یحصل بید ورثة الزوج ثمانیة و أربعون و ثلاثة أرباع بنقص الصداق)، و فی بعض النسخ:(ینقص الصداق)،و کل منهما صحیح،لکن النسخة الأولی أوفق لقوله:(و ثلاثة عشر و ثلاثة أرباع بالمیراث).

و معنی:(بنقص الصداق)إما بضمیمة نقص الصداق حیث بطل بعضه و رجع إلی الزوج،و إما بسبب حصول نقص الصداق ببطلان البعض المقتضی لعوده إلی الزوج،و الحاصل أن الباء إما للسببیة أو بمعنی مع.

قوله: (لو وهبه جاریة مستوعبة و قیمتها مائة و عقرها خمسون، فوطأها رجل بشبهة ثم مات،فالعقر من جملة الکسب،فنقول:صحت الهبة فی شیء من الجاریة و تبعها من العقر مثل نصفه،و للورثة شیئان مثلا الهبة، فیصیر ثلاثة أشیاء و نصفا،فأقسم علیها قیمة الجاریة و العقر و هو مائه و خمسون،یخرج من القسمة اثنان و أربعون و ستة أسباع و هو ثلاثة أسباعها، و فیه صحت الهبة من الجاریة،و یتبعه من العقر أحد و عشرون و ثلاثة أسباع للمتهب،و یبقی للورثة أربعة أسباعها-و هو سبعة و خمسون و سبع-،و من

ص:214

سبعة و خمسون و سبع،و من العقر مثل نصف ذلک ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع،فذلک خمسة و ثمانون و خمسة أسباع و هو مثلا ما صحت فیه الهبة. و لو وطأها المتهب جازت الهبة من الجاریة فی شیء،و یتبعها من العقر مثل نصفه فیصیر شیئا و نصفا،و للورثة شیئان مثلا ما صحت فیه الهبة.

فالمجموع ثلاثة أشیاء و نصف،فأقسم علیها مائة و خمسین قیمة الجاریة و العقر،یخرج بالقسمة اثنان و أربعون و ستة أسباع و هو ما صحت فیه الهبة،و تبعه مثل نصفه من العقر فیسقط،لأنه حصل فی ملکه،یبقی العقر مثل نصف ذلک ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع،و ذلک خمسة و ثمانون و خمسة أسباع،و هو مثلا ما صحت فیه الهبة).

لا ریب أن هذه المسألة دوریة،لأن العقر یستحق بعضه الواهب فتزید به ترکته،و تزداد الهبة،فیقل نصیبه منه و تنقص الهبة،و الطریق ما ذکره،و ینتهی إلی معادلة مائة و خمسین لثلاثة أشیاء و نصف.

فإذا بسطت الأشیاء کانت سبعة،فإن قسمت علیها مائة و خمسین خرج بالقسمة أحد و عشرون و ثلاثة أسباع،و ذلک نصف الشیء،فالشیء اثنان و أربعون و ستة أسباع.

و إن نسبت الشیء و هو اثنان من سبعة،إلی السبعة کان سبعین،فمعادل الشیء من مائة و خمسین سبعاها،و ذلک اثنان و أربعون و ستة أسباع.

قوله: (و لو وطأها المتهب جازت الهبة من الجاریة فی شیء،و یتبعها من العقر مثل نصفه فیصیر شیئا و نصفا،و للورثة شیئان مثلا ما صحت فیه الهبة، فالمجموع ثلاثة أشیاء و نصف،فأقسم علیها مائة و خمسین قیمة الجاریة و العقر،یخرج بالقسمة اثنان و أربعون و ستة أسباع و هو ما صحت فیه الهبة، و تبعه مثل نصفه من العقر فیسقط،لأنه حصل فی ملکه،یبقی لورثة

ص:215

لورثة الواهب من الجاریة أربعة أسباعها سبعة و خمسون و سبع،و یبقی لهم من العقر مثل نصف ذلک ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع فیأخذونها من الموهوب له.

و مجموع ذلک خمسة و ثمانون و خمسة أسباع مثلا الجائز بالهبة.و لو وطأها الواهب جازت الهبة فی شیء و تبعه مثل نصفه،و لورثة الواهب شیئان، فأقسم علیها الرقبة و هو مائة،و یسقط باقی العقر باستیفاء الواهب له بالوطء،فیخرج من القسمة ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع و ذلک قدر الهبة،و له بالعقر مثل نصف ذلک أربعة عشر و سبعان.

و مجموع ذلک اثنان و أربعون و ستة أسباع،و یبقی لورثة الواهب سبعة و خمسون و سبع و هو الواهب من الجاریة أربعة أسباعها سبعة و خمسون و سبع،و یبقی لهم من العقر مثل نصف ذلک ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع،فیأخذونها من الموهوب له،و مجموع ذلک خمسة و ثمانون و خمسة أسباع مثلا الجائز بالهبة).

لا فرق بین هذا الفرض و الذی قبله إلاّ أن نصیب المتهب من العقر یسقط،إذ لا یجب له علی نفسه شیء،و ما سواه من البیان و مقدار ما صحت فیه الهبة لا تفاوت فیه.

قوله: (و لو وطأها الواهب جازت الهبة فی شیء و تبعه مثل نصفه، و لورثة الواهب شیئان،فأقسم علیها الرقبة-و هو مائة-و تسقط باقی العقر باستیفاء الواهب له بالوطء،فیخرج من القسمة ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع-و ذلک قدر الهبة-،و له بالعقر مثل نصف ذلک أربعة عشر و سبعان، و مجموع ذلک اثنان و أربعون و ستة أسباع،و یبقی لورثة الواهب سبعة و خمسون و سبع و هو

ص:216

مثلا الهبة.و لو وطأها جمیعا جازت الهبة فی شیء و بطلت فی مائة إلاّ شیئا،و علی الواهب عقر ما جازت فیه الهبة و هو نصف شیء،و علی الموهوب له عقر ما بطلت فیه الهبة و هو خمسون إلاّ نصف شیء،فیصیر مع الواهب مائة و خمسون إلاّ شیئین،و هی تعدل مثلی ما صح فیه الهبة و ذلک شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار معک أربعة أشیاء تعدل مائة و خمسین، مثلا الهبة.) لو وطأ الواهب الجاریة فی الصورة المذکورة،کان قدر نصیبه من العقر ساقطا عنه،إذ لا یجب علیه العقر لو وطأ مملوکته،و یجب علیه للمتهب من العقر بقدر ما صحت فیه الهبة.

و الدور لازم،لأن معرفة قدر ما صحت فیه الهبة،إنما یکون إذا عرف قدر ما یبقی من الترکة بعد إخراج ما یلزمه من العقر،لأن ذلک کالأرش یخرج من الأصل، و تکون الهبة من ثلث الباقی،و لا یعرف ذلک إلاّ إذا عرف قدر النافذ من الهبة.

و التخلص بما ذکره و مال له،إلاّ أن قیمة الرقبة تقسم علی سبعة-هی مبسوط ثلاثة أشیاء و نصف-،فیخرج بالقسمة أربعة عشر و سبعان،فالشیء ثمانیة و عشرون و أربعة أسباع،و هو ما صحت فیه الهبة.

و إن شئت نسبت الشیء إلی السبعة-و هو اثنان منها-،فیکون سبعیها، فمعادله من المائة سبعاها،و ذلک ما ذکر.

قوله: (و لو وطأها جمیعا جازت الهبة فی شیء و بطلت فی مائة إلاّ شیئا، و علی الواهب عقر ما جازت فیه الهبة-و هو نصف شیء-،و علی الموهوب له عقر ما بطلت فیه الهبة-و هو خمسون إلاّ نصف شیء-،فیصیر مع الواهب مائة و خمسون إلاّ شیئین،و هی تعدل مثلی ما صح فیه الهبة،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار معک أربعة أشیاء تعدل مائة و خمسین،

ص:217

فالشیء یعدل سبعة و ثلاثین و نصفا و ذلک قدر الهبة،و بطلت فی اثنین و ستین و نصف،و علی الواهب عقر ما وطأ نصف شیء و ذلک ثمانیة عشر و ثلاثة أرباع،و علی الموهوب له عقر ما وطأ خمسون إلاّ نصف شیء و هو أحد و ثلاثون و ربع.

فإذا تقاصا بقی علی الموهوب له اثنا عشر و نصف،فزدها علی ما بقی للواهب فیکون خمسة و سبعین،و ذلک مثلا الجائز بالهبة. فالشیء یعدل سبعة و ثلاثین و نصفا و ذلک قدر الهبة،و بطلت فی اثنین و ستین و نصف،و علی الواهب عقر ما وطأ نصف شیء،-و ذلک ثمانیة عشر و ثلاثة أرباع-،و علی الموهوب له عقر ما وطأ خمسون إلاّ نصف شیء-و هو أحد و ثلاثون و ربع-،فإذا تقاصا بقی علی الموهوب له اثنا عشر و نصف،فزدها علی ما بقی للواهب،فیکون خمسة و سبعین،و ذلک مثلا الجائز بالهبة).

أی لو وطأ الواهب و المتهب الجاریة الموهوبة المذکورة فی الفرض السابق، و الوطء بشبهة کما ذکر فی کل فرض من الفروض السابقة،فإن الواهب یستحق علی المتهب حصته من العقر تزید بها ترکته،و یجب علیه للمتهب منه بقدر ما صحت فیه الهبة من الجاریة،فتنقص به الترکة.

و معرفة قدر کل ما صحت فیه الهبة و ما بطلت فیه إنما یکون إذا عرف الآخر، فیلزم الدور،بل هو لازم هنا بسببین،فإن وطء کل منهما لو انفرد لزم الدور کما سبق، فإذا اجتمعا کانا معا مستلزمین له.

و التخلص بأن یقال:صحت الهبة فی شیء،و بطلت فی مائة إلاّ شیئا و المقدمة الثانیة لیعرف ما یجب علی المتهب بوطئه،و قد کان الاستغناء عنها ممکنا کما سنذکره إن شاء الله تعالی.

و حینئذ فیقال:علی الواهب عقر ما صحت فیه الهبة-و هو نصف شیء-،

ص:218

..........

لأن الفرض أن العقر بقدر نصف القیمة،و علی المتهب عقر ما بطلت فیه الهبة،و ذلک قدر نصفه و هو خمسون إلاّ نصف،لأن الذی بطلت فیه الهبة مائة إلاّ شیئا.

فیصیر مع الواهب مائة و خمسون إلاّ شیئین،لأن الذی بطلت فیه الهبة مائة إلاّ شیئا،و حصته من العقر خمسون إلاّ نصف شیء،و علیه عقر ما صحت فیه الهبة نصف شیء،و مجموع ذلک مائة و خمسون إلاّ شیئین،و ذلک معادل لمثلی ما صحت فیه الهبة، و هو شیئان.

فإذا جبرت و قابلت مائة و خمسین إلاّ شیئین بشیئین،و زدت علی المعادل-و هو الشیئان-مثل ذلک صار معک مائة و خمسون تعدل أربعة أشیاء،فإن عملت بالقسمة کان الخارج سبعة و ثلاثین و نصفا،و هو الشیء.

و إن نسبت الشیء إلی الأربعة کان ربعا،فمعادله من مائة و خمسین ربعها -و هو ما ذکر-،فصحت الهبة من الجاریة فی هذا القدر-و هو ثلاثة أثمانها-،و بطلت فی خمسة أثمانها،و هو قدر اثنین و ستین و نصف.

و علی الواهب عقر ما وطأ-أعنی حصة المتهب منه،و هی نصف شیء-،و ذلک ثمانیة عشر و ثلاثة أرباع هی ثلاثة أثمان العقر.

و علی المتهب عقر ما وطأ-و هی حصة الواهب منه-خمسون إلاّ نصف شیء، و ذلک أحد و ثلاثون و ربع،هی خمسة أثمان العقر،فیقع التقاص فی ثمانیة عشر و ثلاثة أرباع،لأن لکل واحد منهما له فی ذمة الآخر ذلک،و یبقی للواهب علی المتهب اثنا عشر و نصف.

فزدها علی ما رجع إلی الواهب من الجاریة-و هو اثنان و ستون و نصف،و ذلک مائة إلاّ شیئا-،یکمل معه خمسة و سبعون هی مثلا ما صحت فیه الهبة،و ذلک مائة و خمسون إلاّ شیئین.

ص:219

السابعة:لو أعتق جاریة قیمتها ثلث الترکة،ثم تزوجها علی ثلث آخر و دخل سقط المسمی

السابعة:لو أعتق جاریة قیمتها ثلث الترکة،ثم تزوجها علی ثلث آخر و دخل سقط المسمی،و إلاّ دار،لأن ثبوته یستدعی النکاح المتوقف علی صحة العتق فی الجمیع،المتوقف علی بطلان المسمّی لیخرج من الثلث. قوله: (لو أعتق جاریة قیمتها ثلث الترکة،ثم تزوجها علی ثلث آخر، و دخل سقط المسمی،و إلاّ دار،لأن ثبوته یستدعی النکاح المتوقف علی صحة العتق فی الجمیع،المتوقف علی بطلان المسمّی،لیخرج من الثلث).

إذا أعتق المریض أمته و قیمتها ثلث الترکة،ثم تزوجها علی مهر و دخل، فالذی قاله الشیخ (1)و الجماعة (2)بناء علی أن تبرعات المریض محسوبة من الثلث-أن المسمّی یبطل،لأن ثبوته یستلزم نفیه،و کل ما کان ثبوته مستلزما لنفیه فهو محال.

أما الاولی فلأن المسمّی إنما یثبت إذا کان النکاح صحیحا،و لا یصح إلاّ إذا صح عتق جمیع الجاریة،و لا یصح عتق جمیعها إلاّ إذا وسع الثلث قیمتها،و لا یسعها إلاّ مع انتفاء المهر المسمّی،فثبوت المسمّی یستلزم نفیه،و الثانیة ظاهرة.

و حکی المصنف فی التذکرة قولا-و لم یعیّن قائله-،و هو أن المعتقة تتخیر،فإن عفت عن مهرها عتقت و صح النکاح،و إن لم تعف کان لها من مهر المثل بقدر ما عتق منها (3)،و لا بعد فیه.

إذا عرفت ذلک،فاعلم أن قول المصنف:(ثم تزوجها علی ثلث آخر)لا حاجة فی تصویر المسألة إلی فرض کون المسمّی ثلث الترکة،لأنه لو تزوجها علی أقل ما یتمول قصر ثلث الترکة عن قیمتها لو صح،فلم یعتق جمیعها،و لم یصح النکاح.

و فی التذکرة أطلق المهر و لم یقیده بکونه ثلثا (4)،و هو الأولی.و التقیید بقوله:

ص:220


1- 1)المبسوط 4:9.
2- 2) منهم الصدوق فی الفقیه 4:144،و العلامة فی المختلف،514،و التحریر 1:310. [1]
3- 3) التذکرة 2:546. [2]
4- 4) تذکرة الفقهاء 2:546.

..........

(دخل)،لأن نکاح المریض بدون الدخول باطل عندنا کما سبق.

و قوله:(و إلاّ دار)معناه:و إن لم یسقط المسمّی لزم الدور.ثم هذا الدور یحتمل أن یراد به الدور الحقیقی،و قوله:(المتوقف علی صحة العتق فی الجمیع المتوقف علی بطلان المسمی)یشعر بذلک،لأن توقف کل من الشیئین علی الآخر هو الدور الحقیقی.

و یحتمل أن یراد به الدور المستعمل عند الفقهاء،فإن التوقف غیر ثابت من الجانبین هنا،لأن النکاح و إن توقف علی صحة العتق، لامتناع نکاح المملوکة للناکح أو بعضها،إلاّ أن صحة العتق غیر متوقف علی بطلان المسمی،إذ لا تنافی بینهما.

و اتفاق التنافی بینهما لعارض-و هو ضیق الترکة-لا یقتضی توقفه علی بطلانه، إذ لو اتفق حصول مال آخر لم تکن صحة العتق متوقفة علی بطلان المسمی.

و کیف کان فالمختار بطلان المسمی لما قلناه و إن وجب بالدخول من مهر المثل بنسبة المنعتق،لأن ذلک عوض إتلاف منفعة البضع،فثبوته قهری کالأرش،سواء زاد علی المسمی،أو نقص عنه.و إلی هذا أشار بقوله:(نعم یثبت مهر المثل و إن کان أکثر من المسمّی،و لا یثبت الأقل منه و من مهر المثل،لأنه کالأرش).

و إنما صدّر بنعم الاستدراکیة،لأن نفی المسمی لضیق الترکة معه عن العتق ربما أوهم نفی مهر المثل،فصرح بالمراد،فإن مهر المثل ثابت علی وجه قهری و لیس کالمسمی، و مع ذلک فإن الثابت هنا لیس تمام مهر المثل،بل بنسبة المنعتق.

و المسمی إنما یثبت إذا ثبت عتق الجمیع فیلزم الدور،لأن القدر اللازم من المهر کدین یلحق الترکة فیوجب نقصان ما عتق،و إذا نقص ما عتق نقص ما یلزم من المهر،و إذا نقص زاد ما یعتق.

و طریق التخلص ما أشار إلیه بقوله:(فلو کان بقدر ثلث صح العتق فی شیء، و لها من مهر المثل بإزائه،و للورثة شیئان بإزاء ما عتق،فالترکة فی تقدیر أربعة أشیاء،

ص:221

نعم یثبت مهر المثل و إن کان أکثر من المسمی،و لا یثبت الأقل منه و من مهر المثل،لأنه کالأرش،فلو کان بقدر ثلث صح العتق فی شیء و لها من مهر المثل بإزائه،و للورثة شیئان بإزاء ما عتق،فالترکة فی تقدیر أربعة أشیاء،شیئان للجاریة و شیئان للورثة،فیعتق ثلاثة أرباعها و لها ثلاثة أرباع مهر المثل و الباقی للورثة.

و لو کان مهرها نصف قیمتها و هی مستوعبة،عتق منها شیء و لها بصداقها نصف شیء و للورثة شیئان،یقسط الجمیع سبعة،فلها ثلاثة و لهم أربعة فیتحرر ثلاثة أسباعها. شیئان للجاریة و شیئان للورثة،فیعتق ثلاثة أرباعها و لها ثلاثة أرباع مهر المثل و الباقی للورثة).

أی:فلو کان مهر مثلها بقدر ثلث الترکة کقیمتها نقول:صح العتق فی شیء، و لها من مهر المثل بإزائه شیء.و للورثة شیئان بإزاء ما عتق منها،فالترکة-و هی الجاریة و ما معها و هو مثلاها-فی تقدیر أربعة أشیاء،فیقسم ثلاثة علی أربعة یخرج ثلاثة أرباع،فالشیء ثلاثة أرباع الجاریة.

أو تنسب الشیء إلی أربعة تجده ربعا،فالمنعتق من الجاریة ربع الترکة، و هو ثلاثة أرباعها و تستحق ثلاثة أرباع مهر المثل،و الباقی-و هو ربع الجاریة و مثل قیمتها و ربع المثل الآخر-للورثة،و ذلک مثلا ما عتق منها،و ما استحقته من المهر غیر محسوب لأنه کالأرش.

قوله: (و لو کان مهرها نصف قیمتها و هی مستوعبة،عتق منها شیء و لها بصداقها نصف شیء،و للورثة شیئان،تبسط الجمیع سبعة،فلها ثلاثة و لهم أربعة،فیتحرر ثلاثة أسباعها).

أی:لو کان مهر مثل الجاریة نصف قیمتها،و هی مستوعبة للترکة،فالدور لازم

ص:222

و لو أراد الورثة أن یدفعوا حصتها من مهرها و هو سبعها،و یعتق منها سبعاها،و یسترقوا خمسة أسباعها فلیس لهم ذلک. بسبب الدخول بها،لأنها تستحق من مهر المثل بقدر ما عتق منها.و تنفیذ العتق فی ثلث الباقی منها بعد القدر الذی استحقته من مهر المثل،و بزیادته تقل الترکة،فیقل المنعتق منها،و بنقصانه یزید،فیقال:عتق منها شیء و لها من مهر المثل بقدر نصفه،لأن مهر المثل نصف القیمة.

و للورثة شیئان فی مقابل ما عتق منها،فتکون الجاریة معادلة لثلاثة أشیاء و نصف،نبسط الأشیاء فیکون سبعة،فالشیء سبعاها فینعتق سبعاها،و لها من مهر المثل قدر نصف ذلک،و هو سبع.و للورثة فی مقابل ما انعتق منها أربعة أسباع،فیتحرر ثلاثة أسباعها،لأن ما استحقته من نفسها مهرا یجب انعتاقه.

قوله: (و لو أراد الورثة أن یدفعوا حصتها من مهرها-و هو سبعها- و یعتق منها سبعاها،و یسترقوا خمسة أسباعها،فلیس لهم ذلک).

اختلف کلام المصنف فی هذه المسألة،فیقال فی التحریر:و لو أراد الورثة دفع حصتها من مهرها-و هو سبعاه-و یعتق منها سبعاها و یسترقوا خمسة أسباعها فلهم ذلک.و لو قلنا:یحسب مهرها من قیمتها،و تسعی فیما بقی-و هو ثلث قیمتها-کان وجها (1).

و قال فی التذکرة:ثم السبع المصروف إلی المهر،إن رضیت به بدلا عما لها من المهر فذاک،و یعتق علیها حین ملکته لا بالإعتاق الأول.و إن امتنعت بیع سبعها فی مهرها (2).فیحصل فی المسألة قولان:

أحدهما:إن الورثة مخیّرون فی دفع دینها الذی استحقته مهرا،لما عتق منها، فإن دفعوه من عینها و رضیت به عتق بملکها إیاه.و إن أرادوا دفعه من محل آخر،

ص:223


1- 1)التحریر 1:309. [1]
2- 2) التذکرة 2:546. [2]

و لو کان یملک مع الجاریة قدر نصف قیمتها،عتق ثلاثة أسباعها و لها ثلاثة أسباع مهرها.و إنما قل العتق،لأنها لما أخذت ثلاثة أسباع مهرها نقص المال،فیعتق منها ثلث الباقی و هو ثلاثة أسباعها.

و طریقه أن نقول:عتق منها شیء و لها بمهرها نصف شیء،و للورثة و یبقی سبع الجاریة ملکا لهم کان لهم ذلک،لأنهم مخیّرون فی جهات الأداء،و لهم أن یستأثروا بأعیان الترکة و یؤدوا الدین من أموالهم.

الثانی:أنه لا خیار للورثة،لأن السعی فی باقی القیمة لیعتق ثابت،فإذا ثبت لها فی الترکة دین کان انعتاقها بطریق أولی،و لا یکون للورثة خیار.

و هذا واضح بناء علی السعی،إلاّ أن الحکم علی هذا التقدیر لا یختص بهذه المسألة،بل جمیع المسائل التی قبلها و بعدها یکون الحکم فیها کذلک.

و هل لها أن تمتنع من قبول بعضها عوض المهر؟صریح کلام التذکرة (1)توقف الأمر علی رضاها،و إنما یتم هذا إذا قلنا:إنّ السعی و عدمه منوط برضاها،و هو محتمل.

تنبیه:هل النکاح فی هذه المسائل سائغ و الحالة هذه؟الظاهر نعم،لأن المریض مالک متمکن من التصرف،و المنافی لم یتحقق،و إنما ینکشف عند الموت،و قد صرح بذلک فی التحریر (2).

قوله: (و لو کان یملک مع الجاریة قدر نصف قیمتها،عتق ثلاثة أسباعها،و لها ثلاثة أسباع مهرها.و إنما قل العتق،لأنها لما أخذت ثلاثة أسباع مهرها نقص المال،فعتق منها ثلث الباقی و هو ثلاثة أسباعها.

و طریقه أن نقول:عتق منها شیء،و لها بمهرها نصف شیء،و للورثة شیئان

ص:224


1- 1)التذکرة 2:546.
2- 2) التحریر:308. [1]

شیئان یعدل ذلک الجاریة و نصف قیمتها،فالشیء سبعاها و سبعا نصف قیمتها و هو ثلاثة أسباعها،فهو الذی عتق منها،و تأخذ نصف ذلک من المال بمهرها و هو ثلاثة أسباعه. و لو کان یملک مثل القیمة عتق أربعة أسباعها،و لها أربعة أسباع یعدل ذلک الجاریة و نصف قیمتها،فالشیء سبعاها و سبعا نصف قیمتها -و هو ثلاثة أسباعها،فهو الذی عتق منها،و تأخذ نصف ذلک من المال بمهرها و هو ثلاثة أسباعه).

أی:لو کان المریض الذی أعتق و تزوج الجاریة یملک معها قدر نصف قیمتها خاصة عتق منها ثلاثة أسباعها،و استحقت من مهر المثل بالنسبة،و ذلک ثلاثة أسباعه.

و إنما کان ما انعتق منها قلیلا،لأنها تستحق من مهرها بنسبة المنعتق،فإذا استحقت من المال ثلاثة أسباعه،کان المنعتق منها-و هو ثلاثة أسباعها-بقدر ثلث الباقی،فلم یسع الثلث زائدا علی ذلک.و لا ریب فی لزوم الدور،حیث أن قدر المنعتق منها لا یعلم إلاّ إذا علم قدر نصیبها من المهر،و بالعکس.

و طریق التخلص أن نقول:عتق منها شیء،و لها بمهرها نصف شیء،و للورثة شیئان مثلا ما انعتق منها،فالجاریة و نصف قیمتها یعدل ثلاثة أشیاء و نصفا،تبسط الجمیع،تکون الأشیاء سبعة،فالجاریة و نصف القیمة ثلاثة.

فإن قسمت ثلاثة علی سبعة،فالخارج ثلاثة أسباع،فالشیء ثلاثة أسباع الجاریة.و إن نسبت إلی مجموع الأشیاء کان سبعیها،فالشیء سبعا مجموع الجاریة و المال،و ذلک ثلاثة أسباعها،فإن سبعی المال بقدر سبع الجاریة،و لها بالمهر نصف ذلک -و هو ثلاثة أسباعه-،و للورثة أربعة أسباعها و أربعة أسباع المال،و هی بقدر سبعیها، و ذلک بقدر ما عتق منها مرتین.

قوله: (و لو کان یملک مثل القیمة عتق أربعة أسباعها و لها أربعة

ص:225

مهرها،یبقی للورثة ثلاثة أسباعها و خمسة أسباع قیمتها،و ذلک یعدل مثلی ما عتق منها.

و طریقه أن تجعل السبعة الأشیاء معادلة لها و لقیمتها،فیعتق منها بقدر سبعی الجمیع و هو أربعة أسباعها،و تستحق سبع الجمیع بمهرها و هو أربعة أسباع مهرها. و إن کان یملک مثلی قیمتها عتقت کلها و صح نکاحها،لأنها تخرج أسباع مهرها،یبقی للورثة ثلاثة أسباعها و خمسة أسباع قیمتها،و ذلک یعدل مثلی ما عتق منها.

و طریقه أن تجعل السبعة الأشیاء معادلة لها و لقیمتها،فیعتق منها بقدر سبعی الجمیع-و هو أربعة أسباعها-،و یستحق سبع الجمیع بمهرها، و هو أربعة أسباع مهرها).

أی:لو کان المریض المعتق الناکح یملک مثل قیمة الجاریة،و الصورة ما تقدم، و هی أن مهر مثلها نصف قیمتها،فالدور بحاله،و المنعتق منها أربعة أسباعها،و لها من مهر المثل أربعة أسباعه-و هی سبعا قیمتها-،و یبقی للورثة ثلاثة أسباعها و خمسة أسباع قیمتها،و ذلک مثلا ما عتق منها.

و طریق ذلک أن نقول:عتق منها شیء،و لها من مهرها نصف شیء،و للورثة شیئان،فالجاریة و قیمتها تعدل ثلاثة أشیاء و نصفا.

فإذا بسطت الأشیاء کانت سبعة،فإذا قسمت القیمتین علی السبعة الأشیاء خرج اثنان،فالشیء أربعة.و إن نسبت الشیء إلی السبعة کان سبعها،فهو سبعا مجموع الجاریة و القیمة،و ذلک أربعة أسباع الجاریة،فیعتق ذلک و یتبعه من مهر المثل أربعة أسباعه هی بقدر سبعی القیمة.

قوله: (و إن کان یملک مثلی قیمتها عتقت کلها و صح نکاحها،لأنها

ص:226

من الثلث إن أسقطت مهرها،و إن لم تسقط عتق ستة أسباعها و لها ستة أسباع مهرها و بطل عتق سبعها و نکاحها. تخرج من الثلث إن أسقطت مهرها،و إن لم تسقط عتق ستة أسباعها،و لها ستة أسباع مهرها،و یبطل عتق سبعها و نکاحها).

أی:إن کان المنعتق المذکور یملک مثلی قیمة الجاریة المذکورة عتقت کلها، و صح نکاحها بشرط أن یسقط مهرها،لأنها إذا أسقطت مهرها وسع الثلث قیمتها،إذ لا دین حینئذ فعتقت،و حینئذ فیصح النکاح.

و إن لم یسقطه عتق ستة أسباعها،و لها ستة أسباع المثل،و یبطل عتق سبعها و نکاحها،و یحصل للورثة سبعها و قیمة و أربعة أسباع الأخری،و ذلک مثلا ما عتق منها.

و طریقة معرفة ذلک-حیث أن الدور لازم-أن یقال:عتق منها شیء و لها من مهر المثل نصفه،و للورثة شیئان،و بعد البسط هی سبعة معادلة للجاریة و قیمتها.

فإن قسمت الثلاثة علی السبعة الأشیاء خرج ثلاثة أسباع هی نصف الشیء، فالشیء ستة أسباع الجاریة.و إن نسبت الشیء إلی السبعة فهو سبعاها،فالمنعتق منها سبعا مجموع الترکة-و ذلک ستة أسباعها-و لها من مهر المثل ستة أسباعه هی ثلاثة أسباع قیمتها،فیبقی سبعها و أربعة أسباع قیمة،و قیمة کاملة،و ذلک مثلا ما عتق منها.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن المهر فی قوله:(إن أسقطت مهرها)یحتمل أن یراد به المسمّی.و یحتمل أن یراد به استحقاقها من مهر المثل،فإن أرید الأول فلا بد من تقییده بکون الإبراء قبل الحکم بفساده،و ذلک قبل الموت،لأن النکاح محکوم بصحته ظاهرا ما دام حیا،فإذا مات و لم یخلّف ما یسع قیمة الجاریة و المهر المسمّی تبیّن بطلان النکاح،و بذلک صرح المصنف فی التحریر (1).

و إن أرید الثانی فلا بد من تقییده بکون المسمّی قد بطل،لأنه مع ثبوت

ص:227


1- 1)التحریر 1:308-309. [1]

و لو خلّف أربعة أمثال قیمتها صح عتقها و نکاحها و صداقها،لأن ذلک یخرج من الثلث. و لو زوّج أمته عبدا و قبض الصداق و أتلفه ثم أعتقها فلا خیار لها، إذ لو فسخت لارتد المهر و لم تخرج من الثلث،فیبطل العتق و الخیار. المسمّی لا تستحق شیئا من مهر المثل.و لا بد من أن یراد بالمهر علی هذا التقدیر بعضه،لأنها فی الصورة المذکورة لا تستحق جمیعه.و یحتمل أن یراد بالمهر مطلق ما تستحق فی ذمة السید بالنکاح أو الوطء.

قوله: (و لو خلّف أربعة أمثال قیمتها صح عتقها و نکاحها و صداقها، لأن ذلک یخرج من الثلث).

ینبغی أن یراد بالمشار إلیه ب(ذلک)قیمة الجاریة،لأن مهر المثل فما دون فی نکاح المریض لا یحسب من الثلث کما تقدم،إنما المحسوب من الثلث ما زاد علیه لو سمّی الزائد.

و لا بد من أن یراد کون المسمّی قدر قیمتها،لأنه لو کان أقل لکان المعتبر بعد إخراج المسمی بقاء ما یفی ثلثه بقیمة الجاریة من الترکة.و إنما أطلقه المصنف اعتمادا علی ما أسلفه فی أول البحث،حیث قال:(ثم تزوجها علی ثلث آخر).

قوله: (و لو زوّج أمته عبدا و قبض الصداق و أتلفه ثم أعتقها فلا خیار لها،إذ لو فسخت لارتد المهر و لم یخرج من الثلث،فیبطل العتق و الخیار).

أی:لو زوّج المریض أمته عبدا و قبض الصداق و أتلفه ثم أعتقها،و ثلث الترکة لا یزید علی قیمتها.و یستفاد هذا القید من العبارة من قوله فیما بعد:(و لم یخرج من الثلث)فلا خیار لها بالعتق فی فسخ النکاح و الحالة هذه،لأنها لو اختارت الفسخ لاستحق الزوج الرجوع بالمهر،فیکون دینا علی السید،فینقص ثلث الترکة عن قیمة الجاریة،فیبطل عتق جمیعها و یبطل الخیار أیضا،فثبوت الخیار یؤدی إلی نفیه،و کلما أدی ثبوته إلی نفیه فثبوته محال.و لا بد من فرض کون الفسخ قبل

ص:228

و لو أوصی له ببنته فمات قبل القبول و خلّف أخاه فقبل عتقت و لم ترث،و إلاّ لحجبت الأخ فیبطل القبول فیبطل العتق. الدخول،لأنه إذا دخل استقر المهر فلم یبطل بالفسخ،فلا یلزم المحذور.

قوله: (و لو أوصی له ببنته فمات قبل القبول و خلّف أخاه،فقبل عتقت و لم ترث،و إلاّ لحجبت الأخ فیبطل القبول فیبطل الإرث).

أی:لو أوصی موص لرجل ببنته فمات الموصی و الموصی له أیضا قبل القبول، قام وارثه مقامه کما تقدّم.فلو کان الوارث أخا فقبل الوصیة عتقت البنت و لم ترث من ترکة أبیها شیئا،إذ لو ورثت لحجبت الأخ و یخرج عن کونه وارثا،فیبطل قبوله،فیبطل العتق و الإرث،فیکون ثبوت الإرث مؤدیا إلی نفیه،فیکون محالا.

لکن یرد علیه بناء علی أن القبول کاشف عن لزوم ثبوت الإرث لتبین نفوذ العتق من حین إیقاعه،فلا یکون الأخ وارثا،بل یکون محجوبا بالبنت،لاستحالة أن یرث الأبعد مع وجود الأقرب.

و قد أجاب المصنف عن هذا الإشکال فی أول کتاب الوصایا فی البحث عن أن قبول الوصیة کاشف أو ناقل بما حاصله:أنّ القبول یکفی لصحة کون القابل وارثا ظاهرا،إلاّ فی نفس الأمر کالإقرار،و علی ذلک بنی الحکم فی الاحتمال المذکور فی مسألة ابنی عم المذکورة فی تصرفات المریض.

و فی هذا الجواب نظر،لأن الإقرار یتصور صحته من الوارث ظاهرا لا فی نفس الأمر،بل یتعیّن ذلک،و إلاّ لکان الإقرار کذبا.و أما القبول فإنما یعتبر من الوارث حقیقة،إذ لو قبل الوارث ظاهرا،مع وجود وارث حقیقة هو أقرب منه ثم تبین الحال، لم یعتد بذلک القبول قطعا.

و لا استبعاد فی أن یقال:إذا قبل الأخ بعد ثبوت استحقاقه جمیع الترکة، انکشف لنا عتق البنت دون إرثها،لوجود منافیه-و هو استحقاق الأخ الإرث بعد موت أخیه-فلا سبیل إلی بطلانه لتحقق ثبوته.و التحقیق انه قد تعارض شیئان:

ص:229

..........

کاشفیة القبول،و ثبوت الإرث،فیبطل الترجیح.و مهما قلنا به هنا،قلنا بمثله فی الموضعین السابقین.

ص:230

النوع الرابع:الجنایات

النوع الرابع:الجنایات:

أ:لو وهبه عبدا مستوعبا فقتل العبد الواهب

أ:لو وهبه عبدا مستوعبا فقتل العبد الواهب،فإن اختار المتهب الدفع دفعه اجمع،نصفه بالجنایة و نصفه لانتقاض الهبة فیه،لأن العبد قد صار إلی الورثة و هو مثلا نصفه فتبیّن صحة الهبة فی نصفه. قوله: (النوع الرابع:الجنایات:

الأول:لو وهبه عبدا مستوعبا،فقتل العبد الواهب،فإن اختار المتهب الدفع دفعه أجمع،نصفه بالجنایة،و نصفه لانتقاص الهبة فیه،لأن العبد قد صار إلی الورثة-و هو مثلا نصفه-،فتبیّن صحة الهبة فی نصفه).

أی:لو وهب المریض عبدا مستوعبا للترکة فقتل العبد الموهوب الواهب، و حقه أن یکون القتل خطأ بقرینة قوله:(فإن اختار المتهب.)،لأن الاختیار فی دفع الجانی أو فدائه إنما یکون إلی مولی العبد دون المجنی علیه فی الخطأ دون العمد.

فإن اختار المتهب دفع العبد دفعه أجمع-و ذلک إنما یکون إذا کانت الدیة بقدر قیمته فصاعدا فإنه حینئذ کل شیء نفذت فیه الهبة تعلقت به الجنایة،إذ لا یستحق المولی علی مملوکه الجانی مالا.و کل ما تعلقت به الجنایة أخذ بها إذا رضی المولی، فحینئذ یصیر العبد کله لورثة الواهب،بعضه بالجنایة،و بعضه بانتقاض الهبة فیه، فتبین صحة الهبة فی نصفه،لأن الحاصل للورثة-و هو مجموعه-بقدر النصف مرتین، و کل ما نفذ فیه التصرف فلا بد من حصول ضعفه للورثة.

فإن قیل:إذا کان العبد للورثة علی کل حال،فأی فائدة فی معرفة قدر ما صحت فیه الهبة؟ قلنا:ربما صدر منه تصرف یقف علی الاذن قبل أخذ الورثة له،فبعلم قدر ما صار إلی المتهب یعلم مقدار التوقف علی رضاه من التصرف.و کذا فطرته لو حدث فی

ص:231

و إن اختار الفداء فخلاف:قیل بأقل الأمرین،و قیل بالأرش.فإن کانت قیمته دیة فنقول:صحت الهبة فی شیء،و یدفع إلیهم باقی العبد و قیمة ما صحت الهبة فیه،و ذلک یعدل شیئین،فالشیء نصف العبد. ذلک الوقت موجبها،و مؤنة موته،و نحو ذلک.

و لو اکتسب شیئا کانت حصة المتهب من الکسب ثابتة علی ملکه،فلو اکتسب مثل قیمته قبل القتل ثم قتل،أو بعد الجنایة و قبل الموت،فالدور لازم،إذ لا یعرف قدر ما صحت فیه الهبة إلاّ إذا عرف قدر نصیب المتهب من الکسب.

و بالعکس،فنقول:صحت الهبة فی شیء من العبد و تبعه من الکسب شیء،ثم یرجع ما صحت الهبة فیه إلی الورثة بدفع المتهب إیاه فی الجنایة،فصار بأیدیهم مجموع العبد،و باقی الکسب معادلا لشیئین مثلا ما صحت فیه الهبة،فالعبد و کسبه فی تقدیر ثلاثة أشیاء،فالشیء ثلثاه،فصحت الهبة فی ثلثیه،و للمتهب ثلثا کسبه،و العبد،و ثلث الکسب بقدر ما صحت فیه الهبة مرتین.

و اعلم أن الفرض المذکور فی الکتاب لا دور فیه،بل یعلم قدر ما صحت فیه الهبة بأدنی ملاحظة.

قوله: (و إن اختار الفداء فخلاف،قیل:بأقل الأمرین،و قیل:

بالأرش).

القولان فی أن العبد الجانی خطأ إذا أراد مولاه افتکاکه،هل یفکه بأقل الأمرین من القیمة و الأرش،أم بالأرش بالغا ما بلغ؟قد سبق ذکرهما،و سیأتی إن شاء اللّه تعالی الکلام علیهما فی موضعه.

قوله: (فإن کانت قیمته دیة،فنقول:صحت الهبة فی شیء و ندفع إلیهم باقی العبد و قیمة ما صحت الهبة فیه،و ذلک یعدل شیئین فالشیء نصف العبد).

أی:فإن کانت قیمة العبد بقدر الدیة،و اختار المتهب الفداء علی ما دل علیه

ص:232

و لو کانت قیمته ثلاثة أخماس الدیة فاختار فداءه بالدیة،فقد صحت الهبة فی شیء و یفدیه بشیء و ثلثین،فصار مع الورثة عبد و ثلثا شیء یعدل شیئین،فالشیء ثلاثة أرباع،فتصح الهبة فی ثلاثة أرباع العبد،و یرجع إلی الواهب ربعه مائة و خمسون و ثلاثة أرباع الدیة سبعمائة و خمسون،صار قوله: (و إن اختار الفداء لزم الدور)،لأنا لا نعرف قدر ما یفدی حتی نعرف قدر ما صحت فیه الهبة،و لا نعرف قدر ما صحت فیه الهبة حتی نعرف قدر الترکة،و لا نعرفه حتی نعرف قدر ما یحصل بالفداء.

و إن کان لوحظ أن کون القیمة بقدر الدیة یقتضی أن الواصل إلی الورثة قدر تمام قیمة العبد،فتصح الهبة فی قدر نصف القیمة-و ذلک نصفه-فیجب أن یکون هو الذی یفدی،إلاّ أن ذلک لا یخرج الفرض عن کونه دوریا.

إذا عرفت ذلک،فنقول للتخلص:صحت الهبة فی شیء،و یدفع إلیهم باقی العبد-و هو عبد إلاّ شیئا-و قیمة ما صحت فیه الهبة.فإن شئت قلت:و هو شیء، لأن القیمة بقدر الدیة،فیکون عبدا إلاّ شیئا،و شیء یعدل شیئین مثلی ما صحت فیه الهبة،فیکون العبد معادلا لشیئین.

و إن شئت قلت:باقی العبد و قیمة ما صحت فیه الهبة معادل لشیئین،و قد صحت الهبة فی شیء من العبد،فیکون العبد و قیمة ما صحت فیه الهبة معادلا لثلاثة أشیاء.

و لا ریب أن قیمة ما صحت فیه الهبة شیء،إذ هی بقدره،و الدیة بقدر القیمة، فإذا أسقطته بمثله بقی العبد معادلا لشیئین،فالشیء نصفه.

قوله: (و لو کانت قیمته ثلاثة أخماس الدیة،فاختار فداءه بالدیة،فقد صحت الهبة فی شیء،و یفدیه بشیء و ثلثین،فصار مع الورثة عبد و ثلثا شیء یعدل شیئین،فالشیء ثلاثة أرباع،فتصح الهبة فی ثلاثة أرباع العبد،و رجع إلی الواهب ربعه-مائة و خمسون-و ثلاثة أرباع الدیة-سبعمائة و خمسون-

ص:233

الجمیع تسعمائة و هو مثلا ما صحت فیه الهبة. و لو ترک الواهب مائة دینار ضممتها إلی قیمة العبد،فإن اختار دفع العبد دفع ثلثه و ربعه و ذلک قدر نصف جمیع المال بالجنایة و باقیه لانتقاص الهبة،فیصیر للورثة العبد و المائة،و هو مثلا ما جازت الهبة فیه. صار الجمیع تسعمائة،و هو مثلا ما صحت فیه الهبة).

أی:لو کانت قیمة العبد فی الفرض السابق بقدر ثلاثة أخماس الدیة-و ذلک ستمائة دینار-،فإن الدیة ألف.فإن اختار المتهب دفعه فلا بحث،إذ الهبة صحیحة فی نصفه،لرجوع مجموعه إلی وارث الواهب کما سبق.

و إن اختار الفداء،و قلنا:إنّه یفدیه بأقل الأمرین فکذلک.و إن قلنا:بالأرش کائنا ما کان فالدور لازم،فإن زیادة الهبة تقتضی زیادة الأرش،فتزید الهبة،و هکذا.

فنقول:صحت الهبة فی شیء،و یفدیه المتهب بشیء و ثلثی شیء،لأن نسبة الدیة إلی القیمة أنها مثلها و ثلثا مثل آخر،فیصیر مع الورثة عبد و ثلثا شیء یعدل مثلی ما صحت فیه الهبة-و ذلک شیئان-فنقابل ثلثی شیء بمثلها،یبقی عبد یعدل شیئا و ثلثا،فالشیء ثلاثة أرباعه،و هو الذی صحت فیه الهبة،و یرجع إلی الواهب ربعه بمائة و خمسین و ثلاثة أرباع الدیة سبعمائة و خمسون،صار الجمیع تسعمائة،و ذلک مثلا ما صحت فیه الهبة-أعنی ثلاثة أرباع العبد-فإن قیمتها أربعمائة و خمسون.

قوله: (و لو ترک الواهب مائة دینار ضممتها إلی قیمة العبد،فإن اختار دفع العبد دفع ثلثه و ربعه-و ذلک قدر نصف جمیع المال-بالجنایة،و باقیه لانتقاص الهبة،فیصیر للورثة العبد و المائة،و هو مثلا ما جازت فیه الهبة).

أی:لو ترک الواهب مائة دینار اخری سوی العبد،و الصورة السابقة بحالها، من أن قیمته بقدر ثلاثة أخماس الدیة،فالمائة محسوبة من الترکة مع قیمة العبد،و الدور لازم فی معرفة قدر ما صحت فیه الهبة،سواء اختار دفع العبد أم الفداء.

ص:234

و إن اختار الفداء-و قد علمت انه إذا لم یترک شیئا فدی ثلاثة أرباعه-فزد علی ذلک ثلاثة أرباع المائة یصیر ذلک سبعة أثمان العبد، فیفدیه بسبعة أثمان الدیة.

ب:لو أعتق عبدا مستوعبا قیمته مائة

ب:لو أعتق عبدا مستوعبا قیمته مائة،فقطع إصبع سیده خطأ، فإن اختار الدفع،فالطریق ان نقول:صحت الهبة فی شیء،ثم رجع ما صحت فیه الهبة إلی الورثة-و هو الشیء-فصار بأیدیهم جمیع العبد و المائة معادلا لما صحت فیه الهبة مرتین-و ذلک شیئان-فالشیء ثلاثمائة و خمسون،و هو ثلث العبد و ربعه و نصف جمیع المال.

قوله: (و إن اختار الفداء-و قد علمت انه إذا لم یترک شیئا فدی ثلاثة أرباعه،فزد علی ذلک ثلاثة أرباع المائة،یصیر ذلک سبعة أثمان العبد، فیفدیه بسبعة أثمان الدیة).

ما سبق هو حکم ما إذا اختار دفع العبد،و هذا حکم ما إذا اختار المتهب فداه.

و تحقیقه:أنک قد علمت فیما تقدم أن الواهب إذا لم یخلف مع العبد شیئا یفدی ثلاثة أرباع العبد،فحیث خلف معه مائة فدی منه أیضا قدر ثلاثة أرباعها علی النسبة -و ذلک سبعة أثمان العبد-فهو الذی صحت فیه الهبة،و فداؤه بسبعة أثمان الدیة.

و طریقه أن نقول:صحت الهبة فی شیء،و یفدیه المتهب بشیء و ثلثی شیء، فیصیر مع الورثة عبد و مائة و ثلثا شیء یعدل مثلی ما صحت فیه الهبة،و ذلک شیئان.

فنقابل ثلثی شیء بمثلها،یبقی عبد و مائة یعدلان شیئا و ثلثا،فالشیء ثلاثة أرباعها،و ذلک خمسمائة و خمسة و عشرون هی سبعة أثمان العبد،یفدی بسبعة أثمان الدیة ثمانمائة و خمسة و سبعون،و یرجع إلی الورثة ثمن العبد بخمسة و سبعین مع المائة، فیجتمع لهم ألف و خمسون،و هو مثلا ما صحت فیه الهبة.

قوله: (لو أعتق عبدا مستوعبا قیمته مائة،فقطع إصبع سیده خطأ،

ص:235

عتق نصفه و علیه نصف قیمته،فیصیر للسید نصفه و نصف قیمته.

و ذلک مثلا ما عتق و أوجبنا نصف القیمة،لأن علیه من أرش جنایته بقدر ما عتق منه،فنقول:عتق منه شیء و علیه شیء للسید،فصار مع السید عبد إلاّ شیئا و شیء یعدل شیئین،فأسقط شیئا بشیء بقی ما معه من العبد یعدل شیئا مثل ما عتق منه. عتق نصفه و علیه نصف قیمته،فیصیر للسید نصفه و نصف قیمته-و ذلک مثلا ما عتق-و أوجبنا نصف القیمة،لأن علیه من أرش جنایته بقدر ما عتق منه،فنقول:عتق منه شیء و علیه شیء للسید،فصار مع السید عبد إلاّ شیئا و شیء یعدل شیئین،فأسقط شیئا بشیء بقی ما معه من العبد یعدل شیئا مثل ما عتق منه).

لما کانت دیة الإصبع بقدر قیمة العبد،و لا یجب للسید علیه شیء إلاّ باعتبار ما تحرر منه-لما علم غیر مرة من أنه لا یجب للمالک علی ماله مال-لم یجب للسید علیه من الدیة إلاّ بقدر ما تحرر منه فیلزم الدور،إذ لا یعلم قدر ما تحرر منه حتی یعلم قدر الترکة،و لا یعلم قدرها حتی یعلم قدر الحاصل من الدیة،و لا یعلم قدره حتی یعلم قدر ما تحرر.

فیقال:عتق منه شیء فوجب من دیة الإصبع شیء،إذ دیتها بقدر قیمته،فصار مع السید عبد إلاّ شیئا و شیء یعدل مثلی ما عتق منه-و ذلک شیئان-فأسقط شیئا بشیء یبقی عبد إلاّ شیئا یعدل شیئا-و هو مثل ما عتق منه-فیکون المعتق نصفه.

أو یقال:عبد إلاّ شیئا و شیء یعدل شیئین،فإذا أکملت عبدا إلاّ شیئا بالشیء الذی معه کان العبد معادلا لشیئین.

و لا یخفی أن معرفة قدر المنعتق یحصل بأدنی التفات للذهن من دون ذلک،لأن الحاصل للسید هو قدر قیمة العبد،بعض ببطلان العتق،و بعض بالدیة،سواء کان

ص:236

و لو کانت قیمة العبد مائتین عتق خمساه،لأنه عتق منه شیء و علیه نصف شیء للسید،فصار للسید نصف شیء،و بقیة العبد یعدل شیئین، فیکون بقیة العبد تعدل شیئا و نصفا و هو ثلاثة أخماسه،و الشیء الذی أعتق خمساه.

المنعتق قلیلا أو کثیرا،فینفذ العتق من العبد فی مقدار نصف الحاصل لورثة السید، و ذلک نصف العبد.

و إنما کان کذلک،لأن دیة الجنایة بقدر القیمة،و لو تفاوتتا لم یعلم بدون الجبر و المقابلة و ما جری مجراه.

قوله: (و لو کانت قیمة العبد مائتین عتق خمساه،لأنه عتق منه شیء و علیه نصف شیء للسید،فصار للسید نصف شیء،و بقیة العبد یعدل شیئین،فیکون بقیة العبد تعدل شیئا و نصفا-و هو ثلاثة أخماسه-و الشیء الذی أعتق خمساه).

أی:لو کانت قیمة العبد مائتین فی الفرض السابق،و هو أن یکون مستوعبا فیعتقه مولاه فی المرض ثم یقطع إصبعه خطأ،و لزوم الدور واضح.

و التخلص بأن یقال:عتق منه شیء و علیه للسید نصف شیء،لأن دیة الإصبع بقدر نصف قیمته،فصار للسید عبد إلاّ شیئا و نصف شیء یعدل مثلی ما عتق،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت عبدا إلاّ شیئا بشیء،و زدت علی معادله مثله،کان عبد و نصف شیء یعدل ثلاثة أشیاء،فأسقط نصف شیء بمثله،یکون العبد معادلا لشیئین و نصف.

فإذا بسطت الأشیاء کانت خمسة،فالشیء خمسا العبد فیعتق،و یستحق السید خمسی الدیة-و ذلک بقدر خمس قیمة العبد-،و یرجع إلی السید من العبد ثلاثة أخماسه،فهی مع خمس الدیة بقدر المنعتق مرتین.

ص:237

و لو کانت قیمته خمسین فما دون عتق کله،لأنه یلزمه مائة و هی مثلاه أو أکثر.و إن کانت قیمته شیئین قلنا:عتق منه شیء و علیه شیء،و ثلثا شیء للسید مع بقیة العبد یعدل شیئین،فبقیة العبد اذن ثلث فیعتق منه ثلاثة أرباعه. قوله: (و لو کانت قیمته خمسین فما دون عتق کله،لأنه یلزمه مائة و هی مثلاه أو أکثر).

لا ریب أن کل شیء عتق منه وجب من الدیة بقدره مرتین،علی تقدیر کون قیمته فی الفرض المذکور خمسین أو أکثر من مرتین علی تقدیر کونها دون خمسین،فقد حصل شرط نفوذ العتق،و هو حصول مثلی المنعتق للورثة.

قوله: (و إن کانت قیمته شیئین قلنا:عتق منه شیء و علیه شیء،و ثلثا شیء للسید مع بقیة العبد یعدل شیئین،فبقیة العبد اذن ثلث،فیعتق منه ثلاثة أرباعه).

أی:لو کانت قیمته فی الفرض المذکور ستین لم یعتق کله،لفقد الشرط،بل یلزم الدور،فنقول:عتق منه شیء فوجب علیه من الدیة شیء و ثلثا شیء،لأن الدیة بقدر قیمته مرة و ثلثی أخری،فحصل للسید بقیة العبد،و هو عبد إلاّ شیئا و شیء و ثلثا شیء من الدیة،و ذلک معادل لشیئین مثلی ما عتق من العبد،فالعبد معادل لشیء و ثلث،لأنک تکمّل عبدا إلاّ شیئا بشیء،فیصیر عبد و ثلثا شیء یعدل شیئین.

فیقابل ثلثا شیء بمثلهما،یبقی عبد یعدل شیئا و ثلثا،فالشیء ثلاثة أرباع العبد،فیعتق ثلاثة أرباعه-و قیمتها خمسة و أربعون-و علیه ثلاثة أرباع الدیة-هی خمسة و سبعون-و رجع إلی السید من العبد ربعه بخمسة عشر،و مجموع ذلک تسعون هی بقدر ما عتق مرتین.

ص:238

و علی هذا القیاس،إلاّ أن ما زاد من العتق علی الثلث ینبغی أن یقف علی أداء ما یقابله من القیمة کما لو دبّر عبدا و له دین،فکلما قضی من الدین شیء عتق من الموقوف بقدر ثلثه.

ج:لو أعتق عبدین دفعة قیمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون

ج:لو أعتق عبدین دفعة قیمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون، فجنی الأخس علی النفیس جنایة نقصته ثلث قیمته و أرشها کذلک فی حیاة قوله: (و علی هذا القیاس،إلاّ أن ما زاد من العتق علی الثلث ینبغی أن یقف علی أداء ما یقابله من القیمة،کما لو دبّر عبدا و له دین،فکلما قضی من الدین شیء عتق من الموقوف بقدر ثلثه).

أی:و علی هذا القیاس الذی سبق بیانه القول فی غیر ذلک من الفروض،فإنه قد سبق بیان حکم ما إذا کانت قیمته أقل من الدیة أو أکثر،أو مساویه.و کل ما یفرض غیر ذلک،فإنه لا یخرج عن الأقسام الثلاثة.

لکن یجب أن یعلم أن ما کان من العتق زائدا علی ثلث العبد،لأجل زیادة الدیة علی قیمته،إنما ینفذ إذا أدی مقابله من القیمة، لامتناع نفوذ التبرع فی شیء قبل أن یحصل للوارث مثلاه،و ذلک کما لو دبر عبدا و له دین،فکلما انقضی من الدین شیء و صار إلی الوارث،عتق من الموقوف من العبد زائدا علی الثلث بقدر ثلثه،و مثله ما لو کان له مال غائب.

و اعلم أن قوله:(ینبغی)یراد به هنا الوجوب،للقطع بعدم حصول العتق فی الزائد بدون حصول مقابله من القیمة.

و فی انعتاق الثلث وجهان،کما لو أعتق عبدا و له مال غائب لا یخرج من الثلث إلاّ باعتباره،أو اوصی بعین لشخص و له مال غائب،و إنما یسعها الثلث بضمیمته.

قوله: (و لو أعتق عبدین دفعة،قیمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون،فجنی الأخس علی النفیس جنایة نقصته ثلث قیمته،و أرشها

ص:239

مولاه ثم مات،أقرع بین العبدین،فإن وقعت قرعة الحریة علی الجانی عتق منه أربعة أخماسه و علیه أربعة أخماس أرش جنایته،و بقی لورثة سیده خمسه و أرش جنایته و العبد الآخر،و ذلک مائة و ستون مثلا ما عتق منه،بأن نقول:

عتق منه شیء و علیه نصف شیء،لأن جنایته بقدر نصف قیمته،بقی للسید نصف شیء و بقیة العبدین یعدل شیئین،فعلمنا أن بقیة العبدین شیء و نصف.

فإذا أضیف إلی ذلک الشیء الذی عتق صارا جمیعا یعدلان شیئین و نصفا،فالشیء الکامل خمساهما،و ذلک أربعة أخماس أحدهما. کذلک،فی حیاة مولاه ثم مات،أقرع بین العبدین،فإن وقعت قرعة الحریة علی الجانی عتق منه أربعة أخماسه و علیه أربعة أخماس أرش جنایته،و بقی لورثة سیده خمسه و أرش جنایته و العبد الآخر،و ذلک مائة و ستون مثلا ما عتق منه،بأن نقول: عتق منه شیء و علیه نصف شیء،لأن جنایته بقدر نصف قیمته،بقی للسید نصف شیء و بقیة العبدین یعدل شیئین،فعلمنا أن بقیة العبدین شیء و نصف،فإذا أضیف إلی ذلک الشیء الذی عتق صارا جمیعا یعدلان شیئین و نصفا،فالشیء الکامل خمساهما،و ذلک أربعة أخماس أحدهما).

أی:لو أعتق عبدین مستوعبین دفعة،قیمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون.

و احترز بقوله:(دفعة)عما لو أعتقهما علی التعاقب،فإن الذی ینفذ فیه العتق هو الأول خاصة،و لا قرعة.

فإذا جنی الأخس-و هو الأدون قیمة-علی الآخر جنایة نقصته ثلث قیمته، فرجع من مائة و خمسین إلی مائة،و الفرض أن أرش الجنایة أیضا کذلک،و کانت الجنایة

ص:240

..........

فی حیاة المولی.و احترز بذلک عما لو کانت الجنایة بعد موته،فإن الأرش علی تقدیر أن یخرج بالقرعة حریة الجانی لا یرجع الی المولی فیحسب من ترکته،بل یستحقه الوارث.

فإذا مات السید أقرع بین العبدین،إذ لا سبیل إلی تنفیذ العتق فیهما بحسب الممکن،بل یجب أن یجمع الحریة فی واحد کما سبق،و لا ترجیح لأحدهما علی الآخر.

فإما أن تقع قرعة الحریة علی الجانی أو علی الآخر.

فإن وقعت علی الجانی عتق منه أربعة أخماسه،و علیه أربعة أخماس أرش الجنایة،و یبقی لورثة السید خمسه و الواجب من أرش الجنایة و العبد الآخر،و ذلک مائة و ستون مثلا ما عتق منه.

و إنما یعلم ذلک بالطریق المخلص من الدور،فإن المسألة دوریة،لأنا لا نعلم قدر ما عتق منه حتی نعلم قدر الترکة،و لا نعلمه حتی نعلم قدر الواجب من الأرش فإنه من جملتها،و لا نعلم ذلک حتی نعلم قدر المنعتق،لأن لزوم الأرش دائر مع الحریة.

و الطریق أن نقول:عتق منه شیء،و علیه من الدیة نصف شیء،لأن الجنایة بقدر نصف قیمة الجانی،فإن قیمته مائة،و موجب الجنایة خمسون،فیبقی للسید بقیة الجانی و نصف شیء مع العبد الآخر،و ذلک یعدل شیئین مثلی ما عتق،فعلمنا من هذا أن عبدا إلاّ شیئا و العبد الآخر یعدلان شیئا و نصفا،و ذلک لأنک إذا أسقطت من عبد إلاّ شیئا أو عبد آخر و نصف شیء نصف الشیء،و أسقطت من معادل الجمیع-و هو الشیئان-مثل ذلک،بقی ما ذکرناه.

فإذا جبرت عبدا إلاّ شیئا بشیء،و زدت علی المعادل مثله صار العبدان معا یعدلان شیئین و نصفا،فإذا بسطت کانت الأشیاء خمسة،فالشیء الکامل خمسا العبدین،لأنه خمسا الخمسة.

و إن قسمت العبدین علی الخمسة خرج مثل ذلک أیضا،و خمسا العبدین أربعة

ص:241

و إن وقعت علی المجنی علیه عتق ثلثه،و له ثلث أرش جنایته یتعلق برقبة الجانی،و ذلک تسع الدیة،لأن الجنایة علی من ثلثه حر،فیضمن بقدر ما فیه من الحریة و الرق،و الواجب له من الأرش یستغرق قیمة الجانی فیستحقه بها،و لا یبقی لسیده مال سواه،فیعتق ثلثه و یرق ثلثاه. أخماس أحدهما،لأن کل واحد منهما یساوی مائة،فإن النفیس نقص بالجنایة ثلث قیمته و رجع الی مائة.و معلوم ان قیمة أربعة أخماسه ثمانون،و الحاصل للورثة مائة و ستون،و هی ضعفها.

و اعلم أن قول المصنف:(فإذا أضیف إلی ذلک الشیء الذی عتق.)لا حاجة إلیه،لأن الجبر بالاستثناء-بأن یضاف الاستثناء-کاف لتبیین معادل المجموع، فیعلم منه معادل الشیء،اما کونه الشیء المنعتق أو غیره،فلا دخل له فی البیان،و لا ضرورة إلی التصریح به.

قوله: (و إن وقعت علی المجنی علیه عتق ثلثه،و له ثلث أرش جنایته یتعلق برقبة الجانی،و ذلک تسع الدیة،لأن الجنایة علی من ثلثه حر فیضمن بقدر ما فیه من الحریة و الرق،و الواجب له من الأرش یستغرق قیمة الجانی فیستحقه بها،و لا یبقی لسیده مال سواه،فیعتق ثلثه و یرق ثلثاه).

أی:و إن وقعت قرعة الحریة علی المجنی علیه عتق ثلثه خاصة،لأن انعتاق ثلثه لا شک فیه إذ لو لم یکن مال سواه لوجب انعتاق الثلث منه،و حینئذ فیستحق من دیة الأحرار بنسبة ما فیه من الحریة.

و قد قدرنا أن الجنایة توجب ثلث الدیة،فیکون له ثلث الثلث،إذ لو کان حرا لاستحق جمیع ثلث الدیة،فیستحق ثلث الثلث بثلثه الحر،و ذلک تسع الدیة،و هو مائة و أحد عشر دینارا،و هذا مستغرق لقیمة الجانی فیستحقه جمیعه،و یسقط الباقی،إذ لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه،و حینئذ فلا یبقی للسید مال سوی المجنی علیه، فیکون ثلثاه رقا.

ص:242

و لو کانت قیمة أحدهما خمسین و قیمة الآخر ثلاثین،فجنی الأدنی علی الأعلی حتی صارت قیمته أربعین،فإن وقعت القرعة علی الأدنی عتق منه شیء و علیه ثلث شیء یعدل الثلث و باقی العبدین شیئین.

فظهر أن العبدین شیئان و ثلثان،فالشیء ثلاثة أثمانهما و قیمتهما سبعون،فثلاثة أثمانهما ستة و عشرون و ربع،و هی من الأدنی نصفه و ثلثه و لو أوجبت الجنایة ربع الدیة لزوم الدور،لأن باقی العبد الجانی محسوب من ضعف المنعتق،فنقول:عتق منه شیء و استحق من الدیة شیئین و نصفا،لأن ربع الدیة بقدر قیمته مرتین و نصفا،و یبقی للورثة شیئان مثلا ما عتق،فالعبدان یعادلان خمسة أشیاء و نصفا.

فإذا بسطتها کانت أحد عشر،فالشیء جزء ان من أحد عشر من العبدین- و ذلک أربعة أجزاء من المجنی علیه-فهو المنعتق،و یستحق من الآخر عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا منه،و یبقی للورثة سبعة أجزاء من المجنی علیه،و جزء من الآخر هی مثلا ما عتق.

و اعلم أن قوله:(لأن الجنایة علی من ثلثه حر تضمن بقدر ما فیه من الحریة و الرقیة)یرید به أن الضمان للدیة و عدمه موزّع علی ما فی المجنی علیه من الحریة و الرق،فبقدر الحریة یضمن،و بقدر الرقیة یسقط،و إن کان ظاهر العبارة لا یساعد علی ذلک،إلاّ أن المراد معلوم.

قوله: (و لو کانت قیمة أحدهما خمسین و قیمة الآخر ثلاثین،فجنی الأدنی علی الأعلی حتی صارت قیمته أربعین،فإن وقعت القرعة علی الأدنی عتق منه شیء و علیه ثلث شیء یعدل الثلث و باقی العبدین شیئین، فظهر أن العبدین شیئان و ثلثان،فالشیء ثلاثة أثمانهما و قیمتهما سبعون، فثلاثة أثمانهما ستة و عشرون و ربع،و هی من الأدنی نصفه و ثلثه و ربع

ص:243

و ربع سدسه. و إن وقعت علی الآخر عتق ثلثه و حقه من الجنایة أکثر من قیمة الجانی فیأخذه بها أو سدسه).

أی:لو کانت قیمة أحد العبدین المستوعبین المعتقین دفعة خمسین،و قیمة الآخر ثلاثین،فجنی الأدنی علی الأعلی جنایة نقصته خمس قیمته-و ذلک عشرة- و کانت الجنایة فی حیاة المولی،فالدور لازم.

فإن وقعت قرعة الحریة علی الأدنی عتق منه شیء،و علیه من أرش الجنایة ثلث شیء،لأن نسبة الأرش إلی قیمته انه ثلثها،فیحسب منه بنسبة المنعتق،و هذا الثلث و العبد الآخر مع باقی الجانی و هو عبد إلاّ شیئا یعدل مثلی ما عتق منه،و هو شیئان.

فإذا جبرت عبدا إلاّ شیئا بشیء و زدت علی معادله،ثم قابلت ثلث شیء بمثله،بقی عبدان یعدلان شیئین و ثلثی شیء.فإذا بسطت ذلک بلغ ثمانیة،فالشیء ثلاثة أثمانها،فهو ثلاثة أثمان العبدین.

و إن قسمت العبدین علی ثمانیة،فمعادل الشیء منهما ثلاثة أثمانهما.و لما کان مجموع قیمتها سبعین،کان ثلاثة أثمان ذلک ستة و عشرین و ربعا،و هی من الأدنی نصفه و ثلثه و ربع سدسه.

و لو قال:سبعة أثمانه لکان أحسن،فهو المنعتق،و وجب علیه ثلث ذلک ثمانیة و ثلاثة أرباع-و هی سبعة أثمان الأرش-فصار إلی الورثة هذا الثلث و ثمن العبد -و هو ثلاثة دنانیر و ثلاثة أرباع-و مجموع العبد الآخر،و قیمة ذلک اثنان و خمسون و نصف،و هو بقدر ما عتق مرتین.

قوله: (و إن وقعت علی الآخر عتق ثلثه،و حقه من الجنایة أکثر من قیمة الجانی،فیأخذه بها،أو

ص:244

یفدیه المعتق.

د:لو جنی عبد علی حر جنایة و قیمته خمسمائة

د:لو جنی عبد علی حر جنایة و قیمته خمسمائة،فعفا عن موجبها، ثم سرت و لا شیء له سوی موجبها،فإن اختار السید الدفع فلا بحث، لأن موجب الجنایة مثلا قیمة العبد،فیکون العبد لورثة المجنی علیه. یفدیه المعتق.) أی:إن وقعت قرعة الحریة علی العبد الآخر-یعنی المجنی علیه-عتق ثلثه لا محالة،إذ أقصی الأحوال أن لا یخلّف المولی سواه و له ثلث خمس الجنایة،و ذلک ستة و ستون و ثلثان،لأن الفرض أن أرش الجنایة خمس الدیة،کما سبق التنبیه علیه فی أول المسألة،و هذا أزید من ضعف قیمة الجانی،فیستحقه المجنی علیه،و لا یبقی للمولی مال سوی المجنی علیه،و لو أراد المولی أن یفدیه بقیمته فلا مانع.

قوله: (لو جنی عبد علی حر جنایة و قیمته خمسمائة،فعفا عن موجبها ثم سرت و لا شیء له سوی موجبها،فإن اختار السید الدفع فلا بحث،لأن موجب الجنایة مثلا قیمة العبد،فیکون العبد لورثة المجنی علیه).

أی:لو جنی عبد علی حرّ جنایة،و قیمة العبد خمسمائة،فعفا الحر عن موجب الجنایة فی وقت لا تکون التبرعات نافذة إلاّ إذا وسعها الثلث،ثم سرت الجنایة و لا شیء للعافی المجنی علیه سوی موجبها.

و لا بد من فرض کون الجنایة خطأ،إذ الجنایة عمدا لا توجب المال،و لا یحجر علی المریض فی العفو عنها،و لا خیار للسید فی الفداء و الدفع.و حینئذ،فإن اختار السید الدفع-أی دفع الجانی-فلا بحث،لأن موجب الجنایة مثلا قیمة العبد،إذ الدیة ضعف قیمة العبد،فالمدفوع إلیهم دون استحقاقهم.

و الحق أن هذا التعلیل لیس بحسن،لأن النظر إنما هو فی العفو من العافی، لا فی دفع العبد أو افتدائه بالنسبة إلی تصرف سیده.و هذا التعلیل إنما یستقیم دلیلا

ص:245

و إن اختار الفداء فنقول:جاز العفو فی شیء من القیمة،و بقی خمسمائة إلاّ شیئا یفدیها السید بمثلیها،لأن الدیة،هی مثلا القیمة،فیصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئین یعدل مثلی ما جاز فیه العفو و هو شیئان، فیصیر أربعة أشیاء تعدل ألفا،فالشیء مائتان و خمسون و هو قدر العفو، و ذلک نصف العبد.و یفدی السید النصف الآخر بمثل قیمته و هو نصف الدیة،و هو مثلا ما جاز فیه العفو. علی جواز الدفع من السید،لا علی الاکتفاء به بالنسبة إلی المجنی علیه.

و التعلیل الصحیح أن یقال:فلا بحث،لأن المجنی علیه مع عدم العفو لا یستحق سوی الجانی،فمعه لا کلام،فحینئذ یصیر العبد الجانی ملکا لورثة المجنی علیه.

و یمکن أن یکون المراد:فإن اختار السید الدفع فلا بحث فی دفع جمیع العبد، لأن موجب الجنایة مثلا قیمته،فمهما سقط بالعفو،فالباقی مستوعب،إلاّ أن فیه تکلفا کثیرا.

قوله: (و إن اختار الفداء فنقول:جاز العفو فی شیء من القیمة، و بقی خمسمائة إلاّ شیئا یفدیها السید بمثلیها،لأن الدیة،هی مثلا القیمة، فیصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئین یعدل مثلی ما جاز فیه العفو-و هو شیئان-فیصیر أربعة أشیاء تعدل ألفا،فالشیء مائتان و خمسون،و هو قدر العفو-و ذلک نصف العبد-و یفدی السید النصف الآخر بمثل قیمته، و هو نصف الدیة،و هو مثلا ما جاز فیه العفو).

أی:و إن اختار السید الفداء و قلنا أنه یفدیه بالأرش کائنا ما کان و العبارة و إن کانت خالیة من هذا القید،إلاّ انه لا بد منه،إذ لو قلنا:أنه یفدیه بأقل الأمرین لم یکن تفاوت بینه و بین ما إذا اختار الدفع،فإنه علی هذا التقدیر إنما یدفع جمیعه إذا

ص:246

و لو کانت قیمته ستمائة و اختار السید الفداء،جاز العفو فی شیء و یفدی السید الباقی بمثله و مثل ثلثیه،فیصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئا و ثلثی شیء یعدل مثلی ما جاز بالعفو و هو شیئان،فإذا جبرت و قابلت استوعبه الأرش،إذ لو نقص عنه لم یدفع الجمیع قولا واحدا،و ما سیأتی من کلامه یدل علی اعتبار هذا القید.

و حینئذ فیلزم الدور،لأن قدر ما جاز فیه العفو لا یعلم إلاّ إذا علم قدر الترکة، و لا یعلم حتی یعلم ما الذی یحصل بالفداء،و لا یعلم حتی یعلم قدر ما جاز فیه العفو.

فنقول للتخلص:جاز العفو فی شیء من القیمة و بقی خمسمائة إلاّ شیئا یفدیها السید بمثلیها.

و إنما اعتبرنا جواز العفو فی شیء من القیمة دون العبد،لأن الفداء لما کان زائدا علی القیمة لم یظهر أثر الزیادة لو نظر إلی العبد ما لم ینظر إلی القیمة فأجری الحکم علیها.

و إنما قلنا:إن السید یفدیها بمثلیها،لأن الدیة مثلا القیمة،فیصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئین یعدل مثلی ما جاز فیه العفو،و هو شیئان.

فإذا جبرت صار ألف یعدل أربعة أشیاء،فالشیء مائتان و خمسون،و هو قدر العفو،و ذلک نصف العبد،و یفدی السید النصف الآخر بمثلی قیمته،و هو خمسمائة، و ذلک نصف الدیة،و هو مثلا ما جاز فیه العفو،و هو أیضا ألف إلاّ شیئین.

و إن شئت قلت:صح العفو فی شیء من العبد،فیبقی عبد إلاّ شیئا یفدیه السید بمثلیه،و هو عبدان إلاّ شیئین یعدلان شیئین.فإذا جبرت کان عبدان معادلین لأربعة أشیاء،فالشیء نصف العبد.

قوله: (و لو کانت قیمته ستمائة و اختار السید الفداء،جاز العفو فی شیء،و یفدی السید الباقی بمثله و مثل ثلثیه،فیصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئا و ثلثی شیء یعدل مثلی ما جاز بالعفو-و هو شیئان-فإذا جبرت

ص:247

صار ثلاثة أشیاء و ثلثا شیء یعدل ألفا،فأبسط الجمیع أثلاثا یصیر ثلاثة آلاف تعدل أحد عشر شیئا،فالشیء الواحد یعدل مائتین و اثنین و سبعین و ثمانیة أجزاء من أحد عشر جزء من دینار.

و ذلک هو الجائز من العفو،و هو خمسة أجزائه من أحد عشر،و یفدی باقیه بمثله و مثل ثلثیه من الدیة،و ذلک خمسمائة و خمسة و أربعون و خمسة أجزاء من أحد عشر جزء من دینار،و ذلک مثلا ما جاز فیه العفو. و قابلت صار ثلاثة أشیاء و ثلثا شیء یعدل ألفا.

فأبسط الجمیع أثلاثا یصیر ثلاثة آلاف تعدل أحد عشر شیئا، فالشیء الواحد یعدل مائتین و اثنین و سبعین و ثمانیة أجزاء من أحد عشر جزء من دینار،و ذلک هو الجائز من العفو،و هو خمسة أجزائه من أحد عشر، و یفدی باقیه بمثله و مثل ثلثیه من الدیة،و ذلک خمسمائة و خمسة و أربعون و خمسة أجزاء من أحد عشر جزء من دینار،و ذلک مثلا ما جاز فیه العفو).

لو کانت قیمة العبد الجانی ستمائة،فنسبتها إلی الدیة أنها ثلاثة أخماسها، و نسبة الدیة إلیها أنها مثلها و مثل ثلثیها،فلذلک قال:یفدی السید الباقی بمثله و مثل ثلثیه،و إنما یصیر لورثة المجنی علیه ألف إلاّ شیئا و ثلثی شیء،لأن الذی جاز فیه العفو من العبد شیء،و قسطه من الدیة مثله و مثل ثلثیه-و هو شیء و ثلثا شیء- فیسقط ذلک من الدیة یبقی ما ذکر.

و لا ریب أن هذا الذی یصیر إلیهم یجب أن یعدل مثلی ما جاز بالعفو-و هو شیئان-فیکون ألف إلاّ شیئا و ثلثی شیء یعدل شیئین.

فإذا جبرت و قابلت کان ألف یعدل ثلاثة أشیاء و ثلثی شیء،فإذا بسطت الأشیاء کانت أحد عشر.ثم إن أردت أن تبسط الألف أثلاثا لیصیر الجمیع کسورا

ص:248

و لو کانت قیمته سبعمائة فدی السید الباقی بمثله و مثل ثلاثة أسباعه،فیصیر ألفا إلاّ شیئا و ثلاثة أسباع شیء یعدل شیئین.

متجانسة،فیکون حاصل القسمة هو معادل الشیء من الألف.

و إن شئت أبقیت الألف بحالها،و قسمتها علی أحد عشر،فخارج القسمة هو معادل ثلث الألف،فمعادل الشیء ثلاثة أمثاله.فإن قسمت ثلاثة آلاف علی أحد عشر خرج بالقسمة مائتان و اثنین و سبعون و ثمانیة أجزاء.

و إن قسّمت ألفا علی أحد عشر خرج تسعون دینارا و عشرة أجزاء من عشر جزء من دینار،فهی معادل ثلث الشیء،فمعادل الشیء ثلاثة أمثالها،و هو ما ذکر.

و ذلک من العبد خمسة أجزاء من أحد عشر جزءا منه،لأنک إذا قسمت ستمائة علی أحد عشر خرج بالقسمة أربعة و خمسون و ستة أجزاء من أحد عشر جزءا من دینار،و ذلک واحد من أحد عشر من ستمائة،فیبقی من العبد ستة أجزاء من أحد عشر جزءا منه،و ذلک ثلاثمائة و سبعة و عشرون دینارا و سبعة دنانیر و ثلاثة أجزاء من أحد عشر جزءا من دینار،یفدیها السید بمثلها و مثل ثلثیها من الدیة،و ذلک خمسمائة و خمسة و أربعون دینارا و خمسة أجزاء من أحد عشر جزءا من دینار،و هی مثلا ما جاز بالعفو بقدر الشیء مرتین،و هی أیضا ألف إلاّ شیئا و ثلثی شیء،لأن الشیء و ثلثیه أربعمائة و أربعة و خمسون و ستة أجزاء من أحد عشر جزءا من دینار.

قوله: (و لو کانت قیمته سبعمائة فدی السید الباقی بمثله و مثل ثلاثة أسباعه.).

لا یخفی انه بملاحظة ما سبق فی بیان الصور المتقدمة یعرف طریق الصور المذکورة کلها.و اعلم انه لو قال بدل قوله:(و هو ثلثه و ثلثا ثمنه)سدسه و ربعه لکان أولی،لأن الکسر المفرد إذا أمکن لم یعدل إلی الکسر المضاف.

و معلوم أن مخرج ثلث الثمن أربعة و عشرون،و ثلثه و ثلثا ثمنه عشرة،و هی ربع

ص:249

فإذا جبرت و قابلت صار ثلاثة أشیاء و ثلاثة أسباع شیء یعدل ألفا،فالشیء الواحد سدس الألف و ثمنه.

و ذلک مائتان و أحد و تسعون و ثلثان،و هو الجائز بالعفو من العبد،و هو ثلثه و ثلثا ثمنه،و یفدی السید باقیة و هو نصفه و ثلثا ثمنه بمثله من الدیة و مثل ثلاثة أسباعه،و ذلک خمسمائة و ثلاثة و ثمانون و ثلث،و هو مثلا ما جاز فیه العفو من العبد.

و لو کانت قیمة العبد ثمانمائة،کان الذی یجوز فیه العفو بموجب ما تقدّم من العمل خمسة أجزاء من ثلاثة عشر،و یفدی السید باقیه بمثله و مثل ربعه من الدّیة،و ذلک ثمانیة أجزاء من ثلاثة عشر،و هو أربعمائة و اثنان و تسعون و أربعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دینار بمثلها و مثل ربعها من الدّیة،و ذلک ستمائة و خمسة عشر دینارا و خمسة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دینار،و ذلک مثلا ما جاز فیه العفو من العبد،لأن الجائز من العبد بالعفو هو خمسة أجزائه من ثلاثة عشر،و ذلک ثلاثمائة و سبعة دنانیر و تسعة أجزاء من ثلاثة عشر جزء من دینار.

و سدس.و کذا قوله:(و هو نصفه و ثلثا ثمنه)،فلو قال:ثلثه و ربعه لکان أولی.

قوله: (و لو کانت قیمة العبد ثمانمائة کان الذی یجوز فیه العفو بموجب ما تقدم من العمل خمسة أجزاء من ثلاثة عشر).

إنما کان کذلک،لأنه بعد العمل و الجبر تصیر الألف معادلة لثلاثة أشیاء و ربع، إذا بسطتها کانت ثلاثة عشر،فالشیء أربعة منها من ألف،و هو ثلاثمائة و سبعة دنانیر و تسعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دینار،و نسبتها الی العبد أنها خمسة أجزاء من ثلاثة عشر جزء منه،لأنک إذا قسمته علی ثلاثة عشر خرج بالقسمة أحد و ستون

ص:250

و علی هذا لو کانت قیمة العبد تسعمائة،فإن العفو یجوز فی ثلاثمائة و أحد و عشرین دینارا و ثلاثة أسباع دینار،و ذلک سبعاه و نصف سبعه،و یفدی السید باقیه و ذلک نصفه و سبعه بمثله و مثل تسعه من الدیة،و ذلک خمسة أسباع العبد و هو ستمائة و اثنان و أربعون و ستة أسباع دینار و هو مثلا ما جاز فیه العفو.

و لو کانت قیمته ألفا استوی الدفع و الفداء و لا یدخله الدور،لأن العفو یصح فی ثلثه و یدفع ثلثیه و یفدیه بمثلهما من الدیة،و ذلک مثلا ما جاز فیه العفو.

ه:لو وهب عبدا مستوعبا قیمته مائة،فجنی علی الموهوب بنصف قیمته،جازت الهبة فی شیء من العبد

ه:لو وهب عبدا مستوعبا قیمته مائة،فجنی علی الموهوب بنصف قیمته،جازت الهبة فی شیء من العبد،و یجعل للموهوب نصف ما بطلت فیه الهبة بالجنایة،و ذلک خمسون إلاّ نصف شیء،و یبقی لورثة الواهب خمسون إلاّ نصف شیء،و ذلک مثلا ما جازت فیه الهبة و هو شیئان،فإذا جبرت و سبعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دینار،هی جزء واحد من ثلاثة عشر جزءا من العبد.

قوله: (و لو کانت قیمته ألفا.).

من هذا یعلم أن الدور إنما یلزم إذا کان الفداء بالأرش کائنا ما کان مع زیادته علی القیمة،فلو قلنا:إن الفداء بأقل الأمرین فلا دور کما سبق.و کذا لو اختار دفع الجانی.

قوله: (لو وهب عبدا مستوعبا قیمته مائة،فجنی علی الموهوب بنصف قیمته،جازت الهبة فی شیء من العبد،و یجعل للموهوب نصف ما بطلت فیه الهبة بالجنایة-و ذلک خمسون إلاّ نصف شیء،و یبقی لورثة الواهب خمسون إلاّ نصف شیء،و ذلک مثلا ما جازت فیه الهبة-و هو شیئان-فإذا

ص:251

و قابلت صار خمسین یعدل شیئین و نصفا،فالشیء عشرون و ذلک ما جازت فیه الهبة،و بطلت فی ثمانین،و رجع علی المجنی علیه نصفها بالجنایة أربعون، فیصیر للموهوب له ستون،و یبقی للورثة أربعون و هو مثلا ما جاز فیه الهبة. جبرت و قابلت صار خمسین یعدل شیئین و نصفا،فالشیء عشرون-و ذلک ما جازت فیه الهبة-و بطلت فی ثمانین،و رجع علی المجنی علیه نصفها بالجنایة أربعون فیصیر للموهوب له ستون،و یبقی للورثة أربعون،و هو مثلا ما جاز فیه الهبة).

أی:لو وهب المریض عبدا مستوعبا للترکة قیمته مائة،فجنی علی الموهوب جنایة خطأ توجب نصف قیمته،فإن معرفة قدر ما صحت فیه الهبة إنما یکون إذا عرف قدر الترکة،و لا یعرف إلاّ إذا علم قدر ما یرجع إلی الموهوب بالجنایة،إذ الترکة التی یعتبر ثلثها هی ما یبقی بعد أرش الجنایة،و لا یعرف قدر الأرش إلاّ إذا عرف قدر ما صحت فیه الهبة.

فنقول:صحت الهبة فی شیء من العبد و بطلت فی مائة إلاّ شیئا،فاستحق الموهوب له نصف ذلک،و هو خمسون إلاّ نصف شیء،لأن الأرش یوزّع علی مجموع العبد،و یسقط نصیب ما صحت فیه الهبة،إذ لا یجب للمالک علی عبده مال،فیبقی لورثة الواهب خمسون إلاّ نصف شیء یعدل مثلی ما صحت فیه الهبة،و ذلک شیئان.

فإذا جبرت خمسین إلاّ نصف شیء بنصف شیء،و زدت علی معادله مثل ذلک، کان خمسون معادلا لشیئین و نصف،فالشیء عشرون،فهو الذی صحت فیه الهبة من العبد-و هو خمسة-،فیسقط من مقابله من الأرش-و هو خمسة-و ذلک عشرة،لأن الأرش نصف القیمة،و بطلت الهبة فی ثمانین هی أربعة أخماس العبد،فوجب للموهوب له نصفها-و هو أربعون-،هی أربعة أخماس الأرش-و ذلک خمسون إلاّ نصف شیء-،و بقی لورثة الواهب أربعون،هی أیضا خمسون إلاّ نصف شیء یعدل شیئین.

ص:252

و لو جنی علی الواهب بنصف قیمته جاز بالهبة شیء،و یرجع نصفه بالجنایة،فیصیر للورثة مائة إلاّ نصف شیء،و ذلک یعدل مثلی ما جاز فیه الهبة و هو شیئان.

فإذا جبرت و قابلت صار معک مائة تعدل شیئین و نصفا،فالشیء الواحد أربعون و هو الذی جازت الهبة فیه،و یرجع نصفه بالجنایة فیصیر مع ورثة الواهب ثمانون مثلا ما جازت فیه الهبة. و اعلم أن قوله:(فإذا جبرت و قابلت صار خمسین یعدل شیئین)،قد کان الأولی أن یقول:(صار خمسون)بالرفع علی انه اسم صار،فإن السیاق یقتضی أن(یعدل) هو الخبر،و أن المجموع جملة واحدة،و النصب صحیح علی أنه خبر صار،و الاسم محذوف تقدیره صار ذلک خمسین،و نحو ذلک،فیکون الکلام جملتین علی أن یعدل جملة مستقلة.

قوله: (و لو جنی علی الواهب بنصف قیمته جاز بالهبة شیء،و یرجع نصفه بالجنایة،فیصیر للورثة مائة إلاّ نصف شیء،و ذلک یعدل مثلی ما جاز فیه الهبة-و-هو شیئان-،فإذا جبرت و قابلت صار معک مائة تعدل شیئین و نصفا،فالشیء الواحد أربعون-و هو الذی جازت الهبة-فیه،و یرجع نصفه بالجنایة،فیصیر مع ورثة الواهب ثمانون،مثلا ما جازت فیه الهبة).

أی:لو جنی العبد الموهوب المستوعب الذی قیمته مائة علی الواهب بنصف القیمة،فالدور بحاله،لأن قدر الترکة لا یعلم حتی یعلم قدر المستحق بالجنایة،و لا یعلم حتی یعلمه قدر ما صحت فیه الهبة،و لا یعلم حتی یعلم قدر الترکة.

فنقول:صحت الهبة فی شیء،و یرجع بالجنایة إلی الواهب نصف شیء لأن الأرش بقدر نصف القیمة.و تبطل الهبة فی مائة إلاّ شیئا،و بعد اعتبار الراجع بالجنایة تبطل فی مائة إلاّ نصف شیء یعدل شیئین مثلی ما جازت فیه الهبة.و بعد الجبر یظهر

ص:253

و لو أنه جنی علی الواهب و الموهوب علی کل واحد بنصف قیمته، جازت الهبة فی شیء،و یرجع نصفه بالجنایة و یبطل الهبة فی مائة إلاّ شیئا، و یرجع نصف ذلک بالجنایة.فإذا ترادا بقی مع الوهوب له بعد الأخذ و الرد خمسون،و مع ورثة الواهب خمسون بعد الأخذ و الرد.

و ذلک یعدل مثلی ما جازت فیه الهبة و ذلک شیئان،فتکون قیمة الشیء الواحد خمسة و عشرون و هو الجائز بالهبة،و تبطل فی خمسة و سبعین، فإذا ترادا بقی فی ید ورثة الواهب خمسون مثلا ما جاز فیه العفو. أن الشیء أربعون.

و قول المصنف:(فیصیر مع ورثة الواهب ثمانین مثلا ما جازت فیه الهبة)،کذا وجد فی نسخة معتبرة بنصب ثمانین و رفع مثلا،و علی ثمانین مکتوب(بخطه).و لا ریب فی أن الرفع هو مقتضی السیاق،بل هو المتعیّن علی أنه اسم یصیر.

لکن یمکن تکلف تقدیر اسمها محذوفا بمثل،فیصیر الجمیع مع ورثة الواهب ثمانین،و نحو ذلک،و یکون قوله(مثلا)خبرا لمبتدإ محذوف و إن بعد،و الأمر سهل.

قوله: (و لو أنه جنی علی الواهب و الموهوب علی کل واحد بنصف قیمته،جازت الهبة فی شیء،و یرجع نصفه بالجنایة و یبطل الهبة فی مائة إلاّ شیئا،و یرجع نصف ذلک بالجنایة.فإذا ترادا بقی مع الوهوب له بعد الأخذ و الرد خمسون،و مع ورثة الواهب خمسون بعد الأخذ و الرد،و ذلک یعدل مثلی ما جازت فیه الهبة-و ذلک شیئان-فتکون قیمة الشیء الواحد خمسة و عشرون و هو الجائز بالهبة،و تبطل فی خمسة و سبعین.فإذا ترادا بقی فی ید ورثة الواهب خمسون مثلا ما جاز فیه العفو).

أی:لو جنی العبد المذکور لا-الموهوب-علی الواهب و الموهوب معا علی کل واحد بنصف قیمته فالدور لازم من وجهین،لأن معرفة ما صحت فیه الهبة لا یکون

ص:254

..........

إلاّ إذا علم قدر الترکة،و لا یعلم إلاّ إذا علم ما یستحقه بالجنایة علیه،لأنه من جملة الترکة،و کذا ما یستحقه الموهوب بالجنایة علیه لا یعلم الترکة إلاّ إذا علم،لأن الترکة هی ما یبقی بعده،و لا یعلم کل منهما حتی یعلم قدر ما صحت فیه الهبة.

فنقول:صحت الهبة فی شیء و یرجع نصفه بالجنایة علی الواهب إلیه،و بطلت فی مائة إلاّ شیئا،فإن استحقاق نصف الشیء بالجنایة فرع صحة الهبة فیه،و یرجع نصف ما بطلت فیه الهبة إلی المتهب بالجنایة علیه،فیصیر مع المتهب شیء للواهب نصفه، و مع الواهب مائة إلاّ شیئا للمتهب نصفه،و هو خمسون إلاّ نصف شیء.

فإذا ترادا بقی مع الموهوب له بعد أخذ خمسین إلاّ نصف شیء ورد نصف شیء خمسون کاملة،و مع ورثة الواهب خمسون أیضا بعد رد خمسین إلاّ نصف شیء من مائة إلاّ شیئا،و أخذ نصف شیء،و ذلک یعدل مثلی ما جازت فیه الهبة-و هو شیئان-فالشیء خمسة و عشرون،و هو الجائز بالهبة.

و یبقی خمسة و سبعون هی مائة إلاّ شیئا،فیأخذ المتهب نصفها سبعة و ثلاثین و نصفا-و هی خمسون إلاّ نصف شیء-،و یبقی له نصف شیء-و هو اثنا عشر و نصف من الذی صحت فیه الهبة-،و جملة ذلک خمسون.

و یبقی لورثة الواهب سبعة و ثلاثون و نصف هی خمسون إلاّ نصف شیء،و یرجع إلیهم بالجنایة مما صحت فیه الهبة نصف شیء،و هو اثنا عشر و نصف،و ذلک خمسون مثلا ما جازت فیه الهبة.

و لا یخفی أن قول المصنف:(مثلا ما جاز فیه العفو)سهو القلم،إذ لا عفو هنا، بل التصرف الحاصل هنا هو الهبة،و کأن المصنف رحمه الله انتقل ذهنه إلی المسائل السابقة،فتخیّل أن التصرف الواقع عفو،و لیس کذلک.

ص:255

و الفروع کثیرة ذکرنا أصولها و طولنا الکلام هنا،لأن علمائنا رضی الله عنهم لم یعترضوا لشیء من هذه الفروع و لا سلکوا هذا الطریق و الله ولی التوفیق.

قوله: (و الفروع کثیرة ذکرنا أصولها).

ربما یقال علیه:إن المذکور هنا فروع،و لم یذکر شیء من أصولها.

و جوابه:إنّ کل فرع ذکر فإن طریقه ینتهی إلی أصل من أصول الحساب و أزید،فیعرف ذلک الأصل فی ضمن الفرع،و یقاس علی ذلک الفرع مساویه من الفروع التی تستخرج من ذلک الأصل.

ص:256

الفصل الرابع:فی الوصیة بالولایة

اشارة

الفصل الرابع:فی الوصیة بالولایة،و فیه مطلبان:

الأول:فی أرکانها
اشارة

الأول:فی أرکانها و هی أربعة:

الأول:الموصی فیه الوصیة بالولایة استنابه بعد الموت فی التصرف

الأول:الموصی فیه الوصیة بالولایة استنابه بعد الموت فی التصرف فیما کان له التصرف فیه من قضاء دیونه و استیفائها،ورد الودائع و استرجاعها،و الولایة علی أولاده الذین له الولایة علیهم من الصبیان و المجانین،و النظر فی أموالهم و التصرف فیها بما لهم الحظ فیه،و تفریق الحقوق الواجبة و المتبرع بها،و بناء المساجد. قوله: (فی الوصیة بالولایة:و فیه مطلبان:

الأول:فی أرکانها و هی أربعة:

الأول:الموصی فیه الوصیة بالولایة استنابه بعد الموت فی التصرف فیما کان له التصرف فیه من قضاء دیونه و استیفائها،ورد الودائع و استرجاعها.و الولایة علی أولاده الذین له الولایة علیهم من الصبیان و المجانین،و النظر فی أموالهم و التصرف فیها بما لهم الحظ فیه،و تفریق الحقوق الواجبة و المتبرع بها،و بناء المساجد).

البحث عن الوصیة بالولایة یستدعی النظر فی الموصی فیه،و الصیغة،و الموصی و الوصی.و المراد بالموصی فیه:هو متعلق الوصیة بالولایة من تصرف و ما جری مجراه.

و لما کان الخوض فی الأمور الأربعة مسبوقا بمعرفة الوصیة بالولایة عرّفها بأنها:(استنابة بعد الموت.)،فالاستنابة کالحبس.و تقییدها بکونها بعد الموت یخرج به الوکالة و الاستیداع و نحوهما.

و قوله:(فی التصرف.)بیان لما تقع فیه الاستنابة،فهو من تتمة التعریف،أتی

ص:257

و لا تصح فی تزویج الأصاغر،لعدم الغبطة علی اشکال. به لبیان متعلق الاستنابة،و به یعرف الموصی فیه.

و الضمیر فی قوله:(و استیفائها)یعود إلی الدیون.و المراد بالثانیة:الدیون التی له بخلاف الاولی،فیکون المراد بالضمیر غیر المراد بمرجعه.و مثله قوله:(ورد الوادئع و استرجاعها).

و قوله:(و الولایة علی أولاده)ینبغی أن یراد بالأولاد ما یعم أولاد الأولاد، لیندرج فی الوصیة بالولایة وصیة الجد بها.و لما کانت(من)بیانا لقوله:(الذین له الولایة علیهم)،کان فی العبارة قصورا،من حیث انه لم یذکر السفهاء،مع أن الولایة ثابتة علیهم للأب و الجد له،إذا کان السفه متصلا بما قبل البلوغ،استصحابا لما کان و استدامة للحجر الثابت المستمر.

و قوله:(و النظر فی أموالهم)یجوز أن یکون معطوفا علی الولایة التی بعد قوله:

(الذین)،و یجوز أن یکون معطوفا علی التی قبلها.و علی التقدیرین فحاصل المعنی واحد،لأن الولایة تعم النظر فی الأموال و غیره،و الحقوق الواجبة مثل الزکاة و الخمس و الکفارات و المتبرع بها معطوف علی الحقوق،و المراد بها نحو الصدقات المندوبة.

و قوله:(بناء المساجد)یجری مجری المثال،فإن عمارة القناطر و الربط و المدارس،و الاستئجار للصلاة و الصوم و الحج،و نحو ذلک من قبیل الموصی فیه،فکأنه قال:(و ما جری مجری بناء المساجد)،فلا یرد قصور العبارة و عدم انعکاس التعریف بعدم شمول التعریف لهذه الأمور،من حیث أن(من)فی قوله:(من قضاء دیوانه) بیانیة لما فی قوله:(فیما کان له التصرف فیه)،و ما بعده معطوف علیه.

قوله: (و لا تصح فی تزویج الأصاغر،لعدم الغبطة علی اشکال).

أی:لا تصح الاستنابة من الأب و الجد له فی تزویج أولاده الأصاغر،ذکورا کانوا أو اناثا،علی اشکال ینشأ:من اختلاف الأصحاب،فالأکثر علی انه لا یصح،

ص:258

..........

لأن الصغیر لا مصلحة له فی التزویج،فلا تصح الاستنابة فیه.

و یرده أن وجود الغبطة فی بعض الأحیان کوجود کفو لا یؤمن فواته قبل البلوغ،و انه لو صح ذلک لم یکن للأب و الجد له التزویج،فإن تصرفهما منوط بالمصلحة،و هو بدیهی البطلان.

و أیضا،فلأن الاستنابة لما تضمنت إثبات الولایة علی الغیر وجب الاقتصار فیها علی ما یکثر دعاء الضرورة إلیه،و لا یؤمن بدون التصرف اختلاله،و نکاح الصغیر لیس من هذا القبیل،إذ لا ضرورة إلیه غالبا.و فیه نظر،لأنا لا نسلم أن مناط الاستنابة ذلک،و لم لا یجوز أن یکون مناطها اشتمال الفعل علی المصلحة التی هی مناط صحة تصرف الوصی.

فإن قیل:الأصل عدم صحة الاستنابة فی هذا الفرد.

قلنا:ما دل علی جواز الاستنابة فی غیره صالح للدلالة علی الاستنابة فیه.

و لأن الأجنبی لا تلحقه الغیرة و الحمیة علی نسب غیره،فلا یناط ذلک إلاّ بنظر من تلحقه الغیرة.

و یرده أن تقیید التصرف بالمصلحة یدفع هذا المحذور،علی أن تصرف الأب و الجد إنما یناط بالمصلحة دون مقتضی الغیرة،فلا یزید حال الوصی علیه.

و قال المصنف فی المختلف بالصحة (1)،و تبعه بعض المتأخرین،لعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2)،و نحوه.و لأن ذلک فعل تدخله النیابة،فصح التفویض فیه و یناط بالمصلحة.و لا یخلو هذا الوجه من قوة،و إن کان العمل بالمشهور أحوط.

و قوله:(لعدم الغبطة)إشارة إلی أحد وجهی الاشکال،و قد عرفت ما فیه.

إذا عرفت هذا،فعلی القول بصحة الوصایة فی تزویج الأطفال لو عمم له

ص:259


1- 1)المختلف:541.
2- 2) المائدة:1. [1]

و تصح فی تزویج من بلغ فاسد العقل مع الضرورة إلی النکاح،و لا فی بناء البیعة و کتبة التوراة فإنها معصیة. الوصایة،هل تثبت هذه الولایة بالتعمیم،أم لا بد من النص علی ذلک؟کل محتمل، و الاحتیاط اعتبار النص علیه.

و اعلم أن بعض العامة منع من جریان الوصایة فی رد المغصوب و الودائع،و فی الوصیة بمعین لمعین،لأنها مستحقة بأعیانها،فیأخذها أربابها،بخلاف ما یحتاج إلی نظر و اجتهاد کالوصیة للفقراء.و هو باطل،لأنه قد یخاف خیانة الوارث فیحتاج إلی نصب غیره،و إطلاق عبارة الکتاب تقتضی الصحة.

قوله: (و تصح فی تزویج من بلغ فاسد العقل مع الضرورة إلی النکاح).

لأن الاحتیاج فی البالغ إلی التزویج أمر کثیر الوقوع،و لا ریب فی أنه إنما یزوجه فی موضع الحاجة.

و ینبغی أن یکون السفیه کذلک،لکن یفرق بین السفیه و من بلغ فاسد العقل، بأن السفیه لا یجبر علی النکاح،بل یتوقف نکاحه إذا أراده علی إذن الوصی،و سیأتی تحقیقه إن شاء اللّه تعالی.

و هل تثبت الولایة بتعمیم الاستنابة،أم لا بد من النص علی التزویج؟فیه کما سبق.

قوله: (و لا فی بناء البیعة و الکنیسة،و کتبة التوراة فإنها معصیة).

أما البیعة و الکنیسة فلأنهما مشعرا العبادة الباطلة و مشاتم الرسول علیه الصلاة و السلام،و لا فرق فی ذلک بین إحداثها و مرمتها،و لا بین کونها فی أرض یجوز إحداثها فیها-کأرض أهل الذمة التی صولحوا علیها-أولا.

أما کتبة التوراة فإنها مع کونها منسوخة محرّفة لا یبعد الجواز لو أرید بکتبتها النقض و الحجة.

ص:260

الثانی:الصیغة

الثانی:الصیغة و هی قوله:وصیت إلیک،أو فوضت إلیک أمور أولادی،أو نصبتک وصیا لهم،أو فی حفظ مالی،أو فیما له فعله.و لا بد فیه من القبول فی حیاة الموصی أو بعد موته. قوله: (الصیغة و هی قوله:وصیت إلیک:أو فوضت إلیک أمور أولادی،أو نصبتک وصیا لهم،أو فی حفظ مالی،أو فیما له فعله.و لا بد فیه من القبول فی حیاة الموصی أو بعد موته).

لا تنحصر الصیغة فی الأمور التی ذکرها،فلو قال:أقمتک مقامی فی کذا صح، و کذا ما أدی معناه.و لو قال:ولیتک کذا بعد موتی،أو جعلتک ولیا بعد الموت صح علی أقوی الوجهین،و هو مقرّب التذکرة.و قول المصنف:(أو فیما له فعله)انتقال من التکلم إلی الغیبة من دون اقتضاء المقام له.

و کما یصح الإطلاق فی الوصیة،کذا یصح التأقیت،مثل:أنت وصیی إلی سنة، أو إلی أن یبلغ ابنی فلان.أو أن یوصی إلی زوجته أن تتزوج.

و القبول شرط عندنا،و هو مستفاد من قول المصنف:(و لا بد.)،خلافا لبعض العامة (1).و لا یشترط القبول نطقا،فلو فعل مقتضی الوصیة کان قبولا.و کذا لا یشترط وقوعه فی حیاة الموصی،بل لو وقوع فی حیاته لم یعتد به عند بعض العامة (2).

و مختار المصنف الاعتداد به-و هو الظاهر-کما لو و کله فی عمل یتأخر وقته،فقبل فی الحال فإنه یصح و یمتثل فی المستقبل.

قال المصنف فی التذکرة:و الرد فی حیاة الموصی علی هذین الوجهین (3)،فعلی الأول لو ردّ قبل موته جاز،و لو رد بعد الموت بطلت الوصیة.

ص:261


1- 1)انظر:المغنی لابن قدامة 6:471.
2- 2) انظر:المجموع 15:434،و المغنی لابن قدامة 6:606.
3- 3) التذکرة 2:508. [1]

و لو قال:أوصیت إلیک و لم یقل:لتتصرف فی مال الأطفال،احتمل الاقتصار علی مجرد الحفظ و التصرف. و لو اعتقل لسانه فقرئ علیه کتاب الوصیة فأشار برأسه بما یدل قوله: (و لو قال:أوصیت إلیک،و لم یقل له:لیتصرف فی مال الأطفال، احتمل الاقتصار علی مجرد الحفظ و التصرف).

لا ریب أنه لا بد فی الإیجاب فی الوصیة بالولایة من تفصیلها.أو تعمیمها إن کان یرید عموم التصرف،فیقول:أوصیت إلیک فی کذا و کذا.أو یقول:أوصیت إلیک فی جمیع أمور أولادی،أو جمیع التصرفات،أو فی کل قلیل و کثیر.

و لو قال:أوصیت إلیک،و اقتصر علیه وقع لغوا،کما لو قال:و کلتک و لم یعیّن، نص علیه فی التذکرة (1)و نقل الشارح الفاضل عدم الخلاف فی وقوع هذا اللفظ لغوا،و منه یعلم أن المصنف لا یرید بقوله:(أوصیت إلیک)الاقتصار علیه،و إنما یرید أنه إذا قال:أوصیت إلیک أو أقمتک مقامی فی أمر أطفالی،و لم یذکر کما صرح به فی التذکرة (2).

و قد ذکر فیه احتمالین:أحدهما:انه لا ینصرف إلاّ إلی الحفظ،لأن اللفظ یحتمله و یحتمل التصرف،فینزّل علی الأقل:لأنه المتیقن.

و الثانی:تنزیله علی التصرف،لأن المفهوم عرفا من هذا اللفظ هو إقامته مقامه،خصوصا عند من یری أن المفرد المضاف یفید العموم،و هذا واضح.

قوله: (و لو اعتقل لسانه فقرئ علیه کتاب الوصیة،فأشار برأسه بما یدل

ص:262


1- 1)التذکرة 2:508. [1]
2- 2) إیضاح الفوائد 2:623.

علی الإیجاب کفی، و یقتصر علی المأذون،فلو جعل له النظر فی مال معیّن لم یتعد إلی غیره.

و لو جعل له النظر فی مال الطفل الموجود لم یکن له النظر فی متجددات أمواله،و لو أطلق له النظر فی ماله دخل فیه المتجدد. علی الإیجاب کفی.) و ذلک لأنه بالعجز صار کالأخرس،و قد تقدّم فی أول الوصایا فی فعل الحسن و الحسین(علیهما السلام)فی وصیة امامة بنت أبی العاص و اکتفائهما بإشارتها (1).

قوله: (و یقتصر علی المأذون،فلو جعل له النظر فی مال معیّن لم یتعد إلی غیره.و لو جعل له النظر فی مال الطفل الموجود لم یکن له النظر فی متجددات أمواله،و لو أطلق له النظر فی ماله دخل فیه المتجدد).

وجه ذلک کله العمل بمقتضی اللفظ،فإن دل علی التعمیم أو التخصیص کان متبعا،لأن منشأ الاشکال الولایة من الموصی بهذا اللفظ المخصوص،فلا یستفاد حصولها إلاّ بقدر ما دل علیه اللفظ،و لعموم قوله تعالی فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ (2)،و تجاوز مدلول اللفظ تبدیل له.

و قال أبو حنیفة:إذا أوصی إلیه فی شیء بعینه صار وصیا فی کل ما یملکه،لأن هذه ولایة تنتقل إلیه من الأب بموته،فلا تتبعض کولایة الجد (3).

و الفرق أن الجد استحق الولایة بالولادة،و هی لا تتبعض و الاذن یتبعض.

و أیضا فإن ولایة الجد ثابتة بأصل الشرع علی وجه العموم،و ولایة الوصی من الموصی فتتبع الاذن.فعلی هذا لو أوصی إلی متعددین بوصایا متعددة،لکل واحد منهم شیء بخصوصه،کان لکل واحد منهم ما جعل إلیه دون غیره.

ص:263


1- 1)الفقیه 4:146 حدیث 506،التهذیب 9:241 حدیث 935.
2- 2) البقرة:181. [1]
3- 3) المجموع 15:514.
الثالث:الموصی

الثالث:الموصی:و هو کل من له ولایة علی مال،أو أطفال،أو مجانین شرعا کالأب و الجد له.

أما الوصی فلیس له الإیصاء إلاّ أن یأذن له الموصی علی رأی،فإن لم یأذن کان النظر الی الحاکم بعد موت الوصی. قوله: (الثالث:الموصی،و هو کل من له ولایة علی مال،أو أطفال،أو مجانین شرعا کالأب و الجد له،أما الوصی فلیس له الإیصاء إلاّ أن یأذن له الموصی علی رأی،فإن لم یأذن کان النظر الی الحاکم بعد موت الوصی).

یشترط فی الموصی بالولایة أن یکون له ولایة علی الموصی علیه ثابتة بأصل الشرع قطعا،لامتناع الاستنابة و إثبات الولایة ممن لا ولایة له،فلا بد أن تکون ولایته ثابتة بأصل الشرع،بأن یکون أبا أو جدا له و یشترط أن یکون بالغا عاقلا رشیدا حرا،لأن من عداهم لا یملک أمور نفسه،فأمور غیره بطریق أولی.

و لو لم تکن ولایة الموصی بأصل الشرع بأن کان وصیا لأحدهما،فإن أذن له الموصی فی الاستنابة عند موته جاز له ذلک بمقتضی الاذن،و إن لم یأذن له ففی جواز استنابته قولان:

أحدهما-و اختاره الشیخ فی النهایة و الخلاف (1)،و ابن البراج (2)،و ابن الجنید (3)-أن له ذلک،لصحیحة محمد بن الحسن الصفار أنه کتب إلی أبی محمد الحسن بن علی علیهما السلام:رجل کان وصی رجل فمات و أوصی إلی رجل،هل یلزم الوصی وصیة الرجل الذی کان هذا وصیه؟فکتب علیه السلام:«یلزمه لحقه إن کان له قبله حق إن شاء الله تعالی» (4).

ص:264


1- 1)النهایة:607، [1]الخلاف 2:184 مسألة 43 کتاب الوصایا.
2- 2) المهذب 2:117.
3- 3) نقله عنه العلامة فی المختلف:511.
4- 4) الفقیه 4:168 حدیث 587.

..........

وجه الاستدلال:أن المراد بالحق هنا حق الایمان،فکأنه قال:یلزمه إن کان مؤمنا.و لأن الموصی لما أقامه مقامه ثبت له من الولایة ما ثبت له،و من ذلک الاستنابة بعد الموت.و لأن الاستنابة من جملة التصرفات التی تملک بالنص علیها،فکما یملک غیرها من التصرفات بالاستنابة فیه خصوصا أو عموما،فکذا الاستنابة بعد الموت.

و قال المفید و أبو الصلاح و ابن إدریس و أکثر الأصحاب أنه مع الإطلاق لیس للموصی الإیصاء (1)للأصل،و لأن المتبادر من الاستنابة فی التصرف الاستنابة فی تصرفه بنفسه،أما تفویض التصرف إلی غیره فلا یدل علیه دلیل.

و لأن الوصی لا یملک نصب وصی بدله فی حال حیاته،فبعد موته بطریق أولی.

و جواز توکیله فی الجزئیات الخاصة لا یقتضی جواز نصب وصی،و هذا أقوی.

و الجواب عن الروایة:أن حمل الحق علی الایمان لیس أولی من حمله علی حق الموصی الأول،بأن یکون الموصی قد أوصی إلی رجل،و انه إذا حضرته الوفاة فالوصی زید،فإن الحق حینئذ قبل الوصی الثانی للأول،و یکون الضمیر فی قوله:(لحقه) راجعا إلی الموصی الأول،و مع تطرق الاحتمال فلا حجة فیها.

و عن الباقی ان الفرق بین الأب و الجد و الوصی ظاهر،فإن ولایتهما فی جمیع الأمور ثابتة بأصل الشرع،بخلاف الوصی فإنه نائب و مفوض إلیه،فولایته بحسب استنابته و تفویضه.

و لا یتبادر من إطلاقهما إلاّ تصرفه بنفسه لا إقامة وصی مقامه،و إنما یحمل اللفظ عند إطلاقه علی المتبادر منه،فعلی هذا إذا لم یأذن الموصی فی الاستنابة عند موت الوصی یکون النظر فی أمور الموصی علیهم للحاکم و ما سیأتی من تجویز الوصیة إلی السفیه،و من لا کفایة فیه یقتضی ثبوت الولایة إلی أب السفیه بطریق أولی.

ص:265


1- 1)المقنعة:101،الکافی فی الفقه:235،السرائر:384.

و کذا لو مات انسان و لا وصی له کان للحاکم النظر فی ترکته،فإن لم یکن حاکم جاز أن یتولاه من المؤمنین من یوثق به علی اشکال. قوله: (و کذا لو مات انسان و لا وصی له کان للحاکم النظر فی ترکته، فإن لم یکن حاکم جاز أن یتولاه من المؤمنین من یوثق به علی اشکال).

لا یخفی أن الولایة بالأصالة علی الطفل ثابتة لأبیه ثم لجده الأدنی،ثم من یلیه و هکذا.و لا ولایة للأبعد مع وجود الأقرب،فمع عدم الأب و الجد فوصی الأب، فإن فقد فوصی الجد،و مع عدم الجمیع فالحاکم.و المراد به الامام المعصوم أو نائبه الخاص،و فی زمان الغیبة النائب العام،و هو المستجمع لشرائط الفتوی و الحکم.و إنما سمّی نائبا عاما لأنه منصوب علی وجه کلی بقولهم علیهم السلام:«انظروا إلی من کان منکم» (1)،الحدیث.

فإن فقد الکل فهل یجوز أن یتولی النظر فی ترکة المیت من المؤمنین من یوثق به و المراد به العدل،إذ الفاسق لا أمانة له و لا یوثق به؟ فیه إشکال ینشأ:من أن ذلک مصلحة من المصالح الحسبیة،فیستفاد الاذن فیه من دلائل الأمر بالمعروف،و تطرق محذور إتلاف مال الطفل یندفع بحصول وصف العدالة.و من أن إثبات الید علی مال الطفل،و التصرف فیه بالبیع و الشراء و غیرهما موقوف علی الاذن الشرعی،و هو منتف.

و یمکن الجواب باستفادة الاذن من الدلائل المذکورة،و من قوله تعالی:

وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی (2)،و قوله تعالی وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ (3)فالمختار الأول.

ص:266


1- 1)الکافی 7:412 حدیث 5، [1]الفقیه 3:5 حدیث 18،التهذیب 6:301 حدیث 845.
2- 2) المائدة:2. [2]
3- 3) التوبة:71. [3]

و لا یجوز نصب وصی علی أولاده الکاملین،و لا علی غیر أولاده و إن کانوا ورثة صغارا أو مجانین کالاخوة و الأعمام.

نعم له نصب وصی فی قضاء دیونه و تنفیذ وصایاه. و ینبغی أن یکون موضع الاشکال ما عدا محل الضرورة،فإن الضروری من أمور الطفل من إنفاق و صیانة مال مشرف علی التلف کتذکیة شاته المشرفة علی الموت،و نحو ذلک یجب أن یکون مستثنی و مقطوعا بوجوبه.

و لا یخفی أن الحاکم حیث أطلق لا یراد به إلاّ الفقیه الجامع للشرائط.و ما نقله الشارح الفاضل من عبارة الشیخ المتضمنة أنه مع عدم السلطان یتولی النظر بعض المؤمنین،لا یدل علی عدم اشتراط الفقه فی الحاکم کما فهمه الشارح،لأن السلطان یتناول الحاکم تبعا،من حیث أن یده ید السلطان،لأنه نائبه.

و اعلم أن قول المصنف:(جاز أن یتولاه من المؤمنین)لیس المراد من الجواز استواء الطرفین،بل الاذن فی ذلک شرعا،فإنه متی جاز وجب،لأنه من فروض الکفایات.و اعلم أیضا أن المراد بعدم الحاکم عدم وجوده فی القطر،أو حصول المشقة العظیمة بمراجعته عادة.

قوله: (و لا یجوز نصب وصی علی أولاده الکاملین،و لا علی غیر أولاده و إن کانوا ورثة صغارا أو مجانین کالاخوة و الأعمام،نعم له نصب وصی فی قضاء دیونه و تنفیذ وصایاه).

لما لم یکن للأب و الجد له ولایة علی ولده الکامل،أعنی البالغ العاقل الرشید، لم یکن لأحدهما نصب وصی علیه،لأن الاستنابة فی الولایة فرع ثبوت الولایة للمسبب،و من ثمة لم یکن لمن حضره الموت أن ینصب وصیا علی غیر أولاده و إن کان المنصوب علیهم ورثة صغارا أو مجانین کالاخوة و الأعمام و أولادهم،و من جری هذا المجری.نعم له أن ینصب وصیا فی التصرف المختص به کقضاء دیونه و تنفیذ وصایاه، لأن ولایة ذلک ثابتة له.

ص:267

و لا یجوز له نصب وصی علی ولده الصغیر أو المجنون مع الجد للأب، بل الولایة للجد و فی بطلانها مطلقا اشکال،نعم تصح فی إخراج الحقوق. و الظاهر أنه لا یعتد بنصب الحاکم إذا حضره الموت،لأن ولایته دائرة مع حکمه المنوط باجتهاده،و هو منتف بعد الموت.

قوله: (و لا یجوز له نصب وصی علی ولده الصغیر أو المجنون مع الجد للأب،بل الولایة للجد،و فی بطلانها مطلقا اشکال،نعم یصح فی إخراج الحقوق).

أی:لا یجوز للأب نصب وصی علی ولده الصغیر أو المجنون مع وجود الجد للأب،لأن الجد بدل الأب شرعا،و الولایة ثابتة له بأصل الشرع،فلیس للأب نقلها عنه،و لا إثبات شریک معه.

و قال بعض العامة:إنّ وصی الأب أولی من الجد،لأنه نائبه،فهو بمنزلة وکیله، و وکیل الأب أولی من الجد.

و یرده أن ولایة الجد بعد موت الأب ثابتة بأصل الشرع،بخلاف وکیل الأب، إذ الجد لا ولایة له مع وجود الأب.فإذا أوصی الأب علی أطفاله مع وجود أبیه ففی بطلان وصیته مطلقا-أی فی حیاة الجد و بعد موته،و فی الثلث و ما زاد،أو بطلانها فی حیاته خاصة،أو فیما زاد علی الثلث خاصة-إشکال ینشأ من تعارض وجوه الأقوال الثلاثة:

الأول:البطلان مطلقا-و هو مختار الشیخ فی الخلاف و موضع من المبسوط (1)- لأن الأب لا ولایة له بعد موته مع وجود الجد و صلاحیته للولایة.و إذا انقطعت ولایته حینئذ بموته لم تعد إلاّ بأمر الشارع،و لم یثبت.

ص:268


1- 1)الخلاف 2:184 مسألة 40 کتاب الوصایا،المبسوط 4:54.

و لیس للأم أن توصی علی أولادها و إن لم یکن لهم أب و لا جد،و للجد للأب أن یوصی علی أولاد أولاده إذا لم یکن لهم أب. الثانی:بطلانها فی زمان ولایة الجد خاصة،لأنها شاملة للأزمنة کلها،و لا مانع إلاّ وجود الجد و ولایته،فیختص البطلان بزمان وجوده.

و جوابه:أن ولایة الأب انقطعت بموته مع وجود الجد،فعودها بموته یحتاج إلی دلیل.

الثالث:صحتها فی الثلث خاصة،لأن له إخراجه عن الوارث،فیکون له إثبات الولایة فیه للغیر بطریق أولی،و اختاره الشیخ فی موضع من المبسوط (1).

و یضعّف بمنع الملازمة و الأولیة،فإن إزالة الملک یقتضی إبطال حق الوارث أصلا،و بقاؤه فی ملک الوارث یقتضی کون الولایة علیه لولیه الشرعی الثابتة ولایته بالأصالة،فلا یکون للأب ولایة بالنسبة إلیه أصلا.و أصح الأقوال الأول.

و مما قررناه یعلم انه لو أوصی الأب إلی غیر الجد فی إخراج الحقوق و إیفاء دیون صح،إذ لا ولایة للجد هنا أصلا.

قوله: (و لیس للأم أن توصی علی أولادها و إن لم یکن لهم أب و لا جد).

لأنها لا ولایة لها أصلا،و من لا ولایة له یمتنع استنابته للغیر،و ثبوت الولایة باستنابته.و قال بعض الشافعیة:أنه یجوز لها أن توصی علی أولادها الأصاغر کالأب، لأنها أحد الأبوین (2).و الفرق أن الأم لیست أهلا للولایة،فوصیتها کوصیة غیرها من الأجانب.

قوله: (و للجد للأب أن یوصی علی أولاد أولاده إذا لم یکن لهم أب).

لأن الولایة حینئذ ثابتة له.

ص:269


1- 1)المبسوط 4:52.
2- 2) انظر:مغنی المحتاج 3:75.

و لو أوصی بثلثه للفقراء و مات و له جد أطفاله لم یتصرف الجد فی الثلث،بل الحاکم إذا لم یکن له وصی.

الرابع:الوصی

الرابع:الوصی و شروطه ستة:

الأول:العقل

الأول:العقل،فلا تصح الوصیة إلی المجنون منضما و منفردا. قوله: (و لو أوصی بثلثه للفقراء و مات و له جد أطفاله لم یتصرف الجد فی الثلث بل الحاکم).

و ذلک لأن الثلث فی هذه الحالة لیس للأطفال لیلیه الجد،و إنما هو حق للمیت، فإن کان له وصی لإخراجه،و إلاّ تولی إخراجه الحاکم.و لو قال المصنف بدل قوله:

(و له أب):لم یتصرف أبوه،لکان أحسن.

قوله: (الرابع:الوصی:و شروطه ستة:

الأول:العقل:فلا تصح الوصیة إلی المجنون منضما و منفردا).

لا خلاف فی أنه لا تصح الوصیة إلی المجنون المطبق،و هل تصح إلی من یعتوره الجنون أدوارا فینفذ تصرفه وقت إفاقته؟إشکال ینشأ:من وجود الشرط حین کونه وصیا.و من صدق الاسم،و اختلال الحال بتجدد جنونه.و ذهب فی الدروس إلی الصحة،و تتعلق الوصیة بأوقات الإفاقة (1)،و لیس ببعید.و متی حکمنا بعدم الصحة فلا فرق بین کونه منفردا و منضما،إذ وجوده کعدمه.

و لو أوصی إلی عاقل فجن بطلت الوصیة.و هل یعود بعود العقل؟فیه تردد ینشأ:من أنه لا دلیل علی عودها بعد بطلانها.و من إمکان تعلق الوصیة من أول الأمر بوقت کمال العقل.

و عدم العود أقوی،لأنها إنما تثبت له بوصف العقل الثابت،و لا دلیل علی ثبوتها فی جمیع أوقات العقل،فیستصحب بطلانها،و سیأتی التصریح بذلک فی کلام

ص:270


1- 1)الدروس:247.
الثانی:البلوغ

الثانی:البلوغ،فلا یصح التفویض إلی الطفل منفردا،سواء کان ممیّزا أو لا.و یصح منضما إلی البالغ،لکن لا یتصرف حال صغره،بل یتصرف الکبیر إلی أن یبلغ،و حینئذ لا یجوز للبالغ التفرد. و لو بلغ الصبی فاسد العقل أو مات جاز للکبیر الانفراد،و لا یداخله الحاکم. المصنف عن قریب إن شاء الله تعالی.

قوله: (الثانی:البلوغ،فلا یصح التفویض إلی الطفل منفردا،سواء کان ممیّزا أو لا).

لأنه لا یملک التصرف لنفسه،فلغیره أولی،و لا فرق بین کونه مراهقا و عدمه.

قوله: (و یصح منضما إلی البالغ،لکن لا یتصرف حال صغره،بل یتصرف الکبیر إلی أن یبلغ،و حینئذ لا یجوز للبالغ التفرد).

إنما جازت الوصیة إلی الصبی منضما،لأن ولایته حینئذ تابعة،و قد یغتفر فی حال التبعیة ما لا یغتفر استقلالا،و الظاهر أنه لا خلاف فی ذلک.و إنما یتصرف الکبیر بالاستقلال،لأن الوصیة له فی وقت صغر الصبی بالانفراد.

و إنما التشریک بعد للبلوغ،کما لو قال:أنت وصیی،و إذا حضر فلان فهو شریکک،و من ثمة لم یکن للحاکم أن یداخله،و لا أن یضم إلیه آخر لیکون نائبا عن الصغیر.أما إذا بلغ الصغیر فإنه لا یجوز للبالغ التفرد،لأنه الآن غیر مستقل.

قوله: (و لو بلغ الصبی فاسد العقل أو مات جاز للکبیر الانفراد،و لا یداخله الحاکم).

و ذلک لأن الصبی لا شرکة له فی الوصیة قبل البلوغ،و لم یتحقق وصف البلوغ المقتضی للمشارکة،فیبقی الاستقلال کما کان عملا بالاستصحاب.و یحتمل أن ینصب الحاکم مع الآخر أمینا،لأن الموصی إنما فوّض إلیه بالاستقلال إلی حین بلوغ الصبی فلا یبقی له استقلال بعد ذلک.

ص:271

و لیس للصبی بعد بلوغه نقض ما فعله الکبیر قبله إذا لم یخالف المشروع،و هل یقتصر البالغ من التصرف علی ما لا بد منه؟نظر. و قد ذکر المصنف الاحتمالین فی التذکرة (1)و لم یرجّح شیئا،و کذا شیخنا فی الدروس (2).و فی الأول قوة،لأنه إنما ضم إلیه الصبی علی تقدیر أهلیته،و لم یحصل.

و لو بلغ الصبی رشیدا لم ینفرد الکبیر حینئذ،فإن مات فوجوب الضم هنا ظاهر.

قوله: (و لیس للصبی بعد بلوغه نقض ما فعله الکبیر قبله إذا لم یخالف المشروع).

و ذلک لأن التصرف الواقع حینئذ تصرف واقع من أهله فی محله،و لیس للصبی حینئذ ولایة.و الضمیر فی قوله:(قبله)یعود إلی البلوغ.

قوله: (و هل یقتصر البالغ من التصرف علی ما لا بد منه؟نظر).

أی:هل یقتصر البالغ فیما إذا أوصی إلی صبی و بالغ من التصرفات علی ما لا بد منه-یعنی علی الأمر الضروری کالأکل و الشرب و الکسوة و نحو ذلک من الأمور الضروریة-،أم یتصرف کمال التصرف بالمصلحة؟ فیه نظر،ینشأ:من أن الکبیر قبل بلوغ الصبی وصی بالاستقلال،لامتناع ثبوت الإیصاء إلی الصبی قبل کماله،إذ هو محجور علیه.و لأنه لو کان شریکا فی الولایة قبل البلوغ وجب أن لا ینفذ من التصرفات شیء مع انفراده و إن کان ضروریا،إذ هو کالأجنبی،بل یجب أن یضم إلیه الحاکم،و هو باطل.

و من أن ظاهر التشریک یقتضی عدم الاستقلال بالتصرف،خرج منه محل الضرورة،فیبقی الباقی علی أصله.

و یضعف بأن مجرد الاضطرار إلی ذلک التصرف لا یقتضی تسلطه علیه

ص:272


1- 1)التذکرة 2:510. [1]
2- 2) الدروس:247.
الثالث:الإسلام

الثالث:الإسلام،فلا تصح وصیة المسلم إلی الکافر و إن کان رحما، و یصح أن یوصی إلیه مثله.و هل تشترط عدالته فی دینه؟نظر. بالانفراد لو کان له شریک،بل یلزم وجوب الضم نیابة عن الطفل،و اللازم باطل، فتکون ولایته بالاستقلال،فلا یفرّق بین الضروری و غیره،و هو الأصح.

قوله: (الثالث:الإسلام،فلا تصح وصیة المسلم إلی کافر و إن کان رحما).

و ذلک لأن الکافر لیس من أهل الولایة علی المسلمین،و لا من أهل الأمانة.

و الرکون إلیه منهی عنه بقوله تعالی وَ لا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا (1).و لا فرق بین کون الکافر رحما و غیره،و لا بین الذمی و غیره،للاشتراک فی سبب المنع.

قوله: (و یصح أن یوصی إلیه مثله.و هل یشترط عدالته فی دینه؟ نظر).

أما صحة وصیة الکافر إلی مثله فی الجملة،فلأن الکافر یلی بالنسب کما یلی المسلم،فجاز أن یلی بالوصیة.و یحتمل عدمه،لأن الکافر اسوأ حالا من المسلم الفاسق.فعلی الأول هل یشترط عدالته فی دینه،أی کونه أمینا مجتنبا فی مذهبه مثل ما یعتبر اجتنابه فی ملة الإسلام بالنسبة إلی عدالة المسلم؟ فیه نظر ینشأ:من أن المسلم الذی لیس بعدل لا تصح الوصیة إلیه،فالکافر أولی،لأنه أسوأ حالا من الفاسق،فإن الکفر أعظم من الفسق،و هو رأس الفسوق.

و من أن الغرض من اشتراط وصف العدالة صیانة حال الطفل و حفظ ماله و أداء الأمانة.و إذا کان الکافر فی ملته مجانبا للمحرمات حصل الغرض المطلوب،بخلاف المسلم الفاسق.

و لقائل أن یقول:إن کان المراد بصحة الوصیة إلی الکافر من مثله صحتها

ص:273


1- 1)سورة هود،آیة:133.

و تصح وصیة الکافر الی المسلم إلاّ أن تکون ترکته خمرا أو خنزیرا.

الرابع:العدالة

الرابع:العدالة،و فی اعتبارها خلاف،الأقرب ذلک. عندهم فلا شغل لنا بالبحث عن أحکام ملتهم،و إن کان الغرض صحتها عندنا، بمعنی انهم إذا ترافعوا إلینا حکمنا بها و ألزمنا بمقتضاها-و هذا هو المراد علی الظاهر -فالحکم بالصحة مع القول باشتراط العدالة فی الوصی المسلم بعید،و عدالته فی ملته لا أثر لها و لا یرکن إلیها و لا یوثق بأفعاله،بل إیقاع کثیر منها علی الوجه المخالف لملة الإسلام أمر معلوم.

قوله: (و تصح وصیة الکافر إلی المسلم،إلاّ أن تکون ترکته خمرا أو خنزیرا).

لا مانع من کون المسلم وصیا للکافر علی کافر،إذا کان بحیث یصح لمثله أن یکون وصیا لمسلم.نعم لو کان متعلق الوصیة ما لا یجوز التصرف فیه فی ملة الإسلام، کالخمر و الخنزیر و المیتة،لم تصح الوصیة فیه قطعا.

قوله: (الرابع:العدالة،و فی اعتبارها خلاف،الأقرب ذلک).

اختلف الأصحاب فی اشتراط العدالة فی الوصی،فقال الشیخ فی المبسوط (1)، و المفید فی المقنعة (2)،و ابن حمزة (3)،و سلار (4)،و ابن البراج (5)،و أکثر الأصحاب بالاشتراط،و اضطراب کلام ابن إدریس،فاشترطها تارة،و نفی الاشتراط أخری (6).

ص:274


1- 1)المبسوط 4:51.
2- 2) المقنعة:101.
3- 3) الوسیلة:445.
4- 4) المراسم:202.
5- 5) المهذب 2:116.
6- 6) السرائر:384.

..........

و ذهب المصنف فی المختلف إلی عدم الاشتراط (1).

و الأصح الأول.

لنا أن الوصیة استیمان،و الفاسق لیس أهلا له،لوجوب التثبت عند خبره.

أن الوصیة تتضمن الرکون قطعا،و الفاسق ظالم،فلا یجوز الرکون إلیه لقوله تعالی:

وَ لا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا (2).

و ان الوصیة استنابة علی الغیر،فیشترط فی النائب العدالة کوکیل الوکیل،بل أولی،لأن تقصیر وکیل الوکیل مجبور ببقاء الوکیل و الموکل و نظرهما و تفحصهما،و ذلک من أکبر البواعث علی تحرز وکیل الوکیل من تجاوز الحدود،بخلاف الوصی،فإن ولایته بعد موت الموصی فی زمان صغر الموصی علیه إن کانت الوصیة علی طفل،أو حیث لا یداخله أحد غالبا،و لا یتتبع أفعاله إن کانت الوصیة فی إخراج حقوق و نحو ذلک.

احتج المصنف فی المختلف بأنها نیابة،فیتبع اختیار المنوب (3).و یضعف بأنه لیس کل نیابة تتبع اختیار المنوب،فإن من عجز عن الحج و وجب علیه الاستنابة، إنما یستنیب العدل.و أیضا فإنها نیابة فی حق الغیر،فیتعین فیها اعتبار العدالة.

و ربما احتج بأن إیداع الفاسق جائز إجماعا،مع أنه استئمان.و الفرق ظاهر، فإن ذلک حق للمودع و له إتلاف ما له،فایداع الفاسق بمقتضی العادة المستمرة أولی.

و أیضا فإن الفرق فی الاستنابة بین ما یختص بالمنوب و غیره من حقوق الله تعالی أو حقوق الناس ثابت،و لهذا جاز له أن یودع ما له من الفاسق،بخلاف مال ولده.

ص:275


1- 1)المختلف:510.
2- 2) هود:113. [1]
3- 3) المختلف:510.

و یشکل الأمر فی الأب الفاسق. نعم لو أوصی إلی العدل ففسق بعد موته عزله الحاکم و نصب غیره، فإن عاد أمینا لم تعد ولایته. فرع:لو کان علی ظاهر العدالة،لکن یعلم الفسق من نفسه و یثق بالخروج من عهدة الوصیة،فهل له أن یقبلها؟الظاهر نعم،لأنا لا نمنع من الوصیة إلی الفاسق إلاّ لعدم الوثوق بفعله ما یجب.

قوله: (و یشکل الأمر فی الأب الفاسق).

أی:یشکل أمر الولایة فی الأب الفاسق،بناء علی اشتراط العدالة فی الوصی ثبوتا و انتفاء.و وجه الاشکال أن ولایته ثابتة بأصل الشرع تابعة لأبوته،و لم یشترط الشارع فی ولایته العدالة.

و الفرق بینه و بین الأجنبی قائم،لأن شفقته المرکوزة فی الجبلة تمنعه من تضییع مصلحة أولاده.و من حیث أن الفاسق لا یرکن إلیه و لیس أهلا للاستئمان.و ربما لم توجد الشفقة المانعة عن تضییع مصلحة الطفل فی بعض الأفراد،فإن الناس متفاوتون،و أسباب الفسق مختلفة.

و الذی یقتضیه النظر أن ولایته ثابتة بمقتضی النص و الإجماع،و اشتراط العدالة فیه لا دلیل علیه.و المحذور مندفع بأن الحاکم متی ظهر عنده بقرائن الأحوال اختلال حال الطفل إذا کان للأب علیه ولایة عزله و منعه من التصرف فی ماله و إثبات الید علیه،و إن ظهر خلافه فولایته ثابتة.و إن لم یعلم حاله استعلم بالاجتهاد،و تتبع سلوکه و شواهد أحواله.

قوله: (نعم لو أوصی إلی العدل ففسق بعد موته عزله الحاکم و نصب غیره،فإن عاد أمینا لم تعد ولایته).

هذا استدراک مما اقتضاه ظاهر الکلام السابق-و هو ثبوت الخلاف فی اشتراط العدالة فی الوصی و أن الأقرب اشتراطها-و إنما استدرک هذا لأنه قاطع بانعزال

ص:276

و الأب تعود ولایته بالتوبة،و لا تعود ولایة القاضی و الوصی بالإفاقة بعد الجنون.

الخامس:الحریة

الخامس:الحریة،فلا تصح الوصیة إلی مملوک غیره إلاّ بإذن مولاه، الوصی إذا کان عدلا و تجدد فسقه بعد موت الموصی،و کأنه لا خلاف فی ذلک عندنا، لأن الموصی إنما أوصی إلیه بهذا الوصف،و ربما کان هو الباعث الأصلی علی التفویض إلیه،و قد فات.و ینعزل من حین الفسق و إن لم یعزله الحاکم لوجود المانع.

و الظاهر أن قول المصنف:(عزله الحاکم)لا یرید به توقف عزله علی عزل الحاکم،لما قلناه من وجود المانع،بل أراد تسلط الحاکم حینئذ علی منعه،و هو العزل الظاهری-أعنی قطعه عن التصرفات-و إن کان العزل الشرعی قد حصل من حین الفسق.و مثله عزل الإمام القاضی إذا فسق.

و لا یخفی أنه لو عاد أمینا لم تعد ولایته،إذ لا دلیل علی عودها بعد البطلان، و استصحاب الحال حجة.

و احترز بقوله:(بعد موته)عما إذا فسق قبل موته و اکتفینا فی العدالة بوجودها حالة الموت،فإنه إذا صار عدلا قبل الموت صحت ولایته.

قوله: (و الأب تعود ولایته بالتوبة،و لا تعود ولایة القاضی و الوصی بالإفاقة بعد الجنون).

الفرق أن ولایة الأب مستندة إلی القرابة المستمرة،و إنما زالت بعارض،فإذا زال عادت.و لأنها ثابتة بأصل الشرع،و بالعارض لم تزل بالکلیة،بل یمنع من التصرف کما یمنع الزوج من الاستمتاع بالإحرام مع بقاء الزوجیة.

و أما الوصی و القاضی إذا جنّ أحدهما فإن ولایتهما إنما تثبت بالتولیة و التفویض،فإذا زالت بالجنون و نحوه لم تعد إلاّ بتفویض جدید.و کذا القاضی إذا فسق فإنه کالوصی.

قوله: (الخامس:الحریة:فلا تصح الوصیة إلی مملوک غیره إلا بإذن

ص:277

و تجوز الوصیة إلی المرأة و الأعمی و الوارث. مولاه،و تجوز الوصیة إلی المرأة و الأعمی و الوارث).

إنما لم تصح الوصیة إلی المملوک فلأن منافعه مملوکة لغیره،و الوصیة تستدعی نظرا فی الموصی فیه و سعیا،و هو ممنوع منه،لأنه حق الغیر،فإذا أذن المولی زال المانع و صحت الوصیة،لأن المنع من قبله،و حینئذ فلیس للمولی بعد قبوله و موت الموصی الرد،کما إذا قبل الحر و مات الموصی.و قال الشافعی و جمع من العامة:أنه لا یصلح للوصیة بکل حال (1).

و أما المرأة فإنها إذا کانت جامعة لشرائط الوصیة صحت الوصیة إلیها باتفاقنا،و قد روی علی بن یقطین عن الرضا علیه السلام قال:سألته عن رجل أوصی إلی المرأة و شرک فی الوصیة معها،صبیا فقال:«یجوز ذلک و تمضی الوصیة و لا ینتظر بلوغ الصبی،فإذا بلغ الصبی فلیس له أن لا یرضی،إلاّ ما کان من تبدیل أو تغییر فإن له أن یرده إلی ما أوصی به المیت» (2).

و هذه کما تدل علی المراد،تدل علی أن الکبیر الموصی إلیه مع طفل لا یقتصر فی التصرف علی قدر الضرورة،لظاهر قوله علیه السلام:«و تمضی الوصیة و لا ینتظر بلوغ الصبی» (3).و روایة السکونی عن علی علیه السلام بالمنع من الوصیة إلیها (4)محمولة علی التقیة أو الکراهیة.

و عن عطاء أنه قال:لا تصح الوصیة إلیها کما لا تصح أن تکون قاضیة (5).

ص:278


1- 1)المجموع 15:508،المغنی لابن قدامة 6:602،المحلی 9:328.
2- 2) الکافی 7:46 حدیث 1، [1]الفقیه 4:155 حدیث 538،التهذیب 9:184 حدیث 743،الاستبصار 4:140 حدیث 522.
3- 3) الکافی 7:46 حدیث 1، [2]الفقیه 4:155 حدیث 538،التهذیب 9:184 حدیث 743،الاستبصار 4:140 حدیث 522.
4- 4) الفقیه 4:168 حدیث 585،التهذیب 9:245 حدیث 953،الاستبصار 4:140 حدیث 523.
5- 5) المجموع 15:510.
السادس:کفایة الوصی و اهتداؤه إلی ما فوّض إلیه

السادس:کفایة الوصی و اهتداؤه إلی ما فوّض إلیه،فلو قصر عن ذلک نصب الحاکم معه أمینا،و کذا لو تجدد العجز بعد الموت و لا ینعزل، بخلاف العدل إذا فسق. و الفرق أن القاضی لا بد أن یکون کاملا مجتهدا أهلا للحکومة،بخلاف الوصیة،فإذا حصلت الشرائط فی أم الأطفال فهی أولی،لکن لا ولایة لها بالأمومة خلافا لأبی حنیفة (1).

و کذا تصح الوصیة إلی الأعمی الجامع للشرائط عند علمائنا،و هو قول أبی حنیفة (2)،و أحد وجهی الشافعی (3)،لأن الفرض أن الأعمی صحیح التصرف،فجاز أن یکون وصیا.و فی الوجه الآخر لا یجوز،لأنه لا یقدر علی البیع و الشراء فی حق نفسه،فلا یوجد فیه معنی الولایة،و الأصل ممنوع.

و أما الوارث فإنه إذا کان کاملا مستجمعا للشرائط لم یکن وصف الإرث مانعا، و حکی المصنف فی التذکرة أن بعضا شرط فی الوصی انتفاء العداوة بینه و بین الطفل الذی یفوض أمره الیه (4)،و لا بعد فیه.

قوله: (السادس:کفایة الوصی و اهتداؤه إلی ما فوّض إلیه،فلو قصر عن ذلک نصب الحاکم معه أمینا.و کذا لو تجدد العجز بعد الموت،و لا ینعزل بخلاف العدل إذا فسق).

هذا الشرط لیس علی نهج الشروط السابقة،لأنه شرط لجواز انفراد الوصی و استقلاله بالتصرف،فإن الوصیة إلی من لا کفایة عنده و لا یهتدی إلی التصرف لسفه

ص:279


1- 1)المبسوط 27:25. [1]
2- 2) المبسوط 27:25. [2]
3- 3) المجموع 15:508،مغنی المحتاج 3:74.
4- 4) التذکرة 2:511. [3]

..........

أو هرم،جائزة علی ما یستفاد من قوله:(فلو قصر عن ذلک نصب الحاکم معه أمینا)، و به صرح فی التذکرة،و قال:إنه الظاهر من مذهب علمائنا (1).

و تردد شیخنا فی الدروس،معللا بأن العمل بقول الوصی ما أمکن واجب، فتصح الوصیة و ینصب الحاکم أمینا،و به ینجبر نقص الوصی.و بأن الفائدة المقصودة من الوصیة منتفیة هنا،فیکون نصبه عبثا (2).

و لو تجدد العجز فی الأثناء لم ینعزل و یضم إلیه القاضی،و ذلک بطریق أولی، و به قطع فی الدروس (3).

و لا یخفی أن الحکم بعد انعزال الوصی بتجدد السفه و نحوه یقتضی الاعتراف بجواز الوصیة إلیه،إذ لو کان ذلک منافیا للوصیة لاقتضی تجدده عزله،و نمنع انتفاء الفائدة فی نصبه.

و الفرق بین تجدد العجز و تجدد الفسق أن الأمانة هی الفرض الملحوظ فی الوصیة،فإذا اتصف بها الموصی إلیه،فالظاهر من حال الموصی إن الاتصاف بها هو محط النظر،فإذا زالت امتنع بقاء الوصیة.و أما تجدد العجز فإنه لا یخل بالمقصود،إذ مع الضم یحصل المراد.

و اعلم أن التقیید بما بعد الموت فی قوله:(لو تجدد العجز بعد الموت)لا ینفی تعلق الحکم لو تجدد بعد الوصیة و قبل الموت.نعم علی القول بالاکتفاء بالشروط حین الوفاة،فلو تجدد قبل الموت ثم زال قبله أیضا لم یحتج إلی الضم.و اعلم أیضا أنه لو ضم إلیه الحاکم أمینا ثم زال العارض فهل یستقل أم یبقی الانضمام بحاله؟فیه وجهان.

ص:280


1- 1)التذکرة 2:511. [1]
2- 2) الدروس:248.
3- 3) الدروس:248.

و هل تعتبر الشروط حالة الوصیة أو الوفاة؟خلاف أقر به الأول.

فلو أوصی إلی طفل أو مجنون أو کافر،ثم مات بعد زوال الموانع فالأقرب البطلان. قوله: (و هل تعتبر الشروط حالة الوصیة أو الوفاة؟خلاف أقربه الأول،فلو أوصی إلی طفل أو مجنون أو کافر،ثم مات بعد زوال المانع فالأقرب البطلان).

أی:هل تعتبر الشروط المعتبرة لصحة الوصیة من التکلیف و الإسلام و الحریة و العدالة عند الإیصاء؟أو یکفی تحققها عند الوفاة،فتصح الوصیة إلی صبی تحقق بلوغه قبل موت الموصی و نحوه؟فیه قولان للأصحاب:

أحدهما:-و هو مقرب المصنف-الأول،لأن الشرائط إذا انتفت عند الوصیة لم یکن إنشاء العقد صحیحا،و لا بد أن یکون شرط الصحة سابقا علی إنشاء العقد کما فی سائر العقود.و لأنه فی وقت الوصیة ممنوع من التفویض إلی من لیس بالصفات، و النهی فی المعاملات إذا توجه إلی رکن العقد دل علی الفساد.و لأنه یجب فی الوصی أن یکون بحیث متی مات الموصی کان بصفات الوصایة،و المتنازع فیه بخلاف ذلک، إذ لو مات الموصی فی الحال لم یکن أهلا للوصایة،و هذا أصح،و اختاره ابن إدریس (1).

و الثانی:الاکتفاء بوجودها حال الوفاة حتی لو أوصی إلی من لیس بأهل، فاتفق حصول صفات الأهلیة قبل الموت صحت،لأن المقصود بالتصرف هو ما بعد الموت-و هو محل الولایة-و لا حاجة إلی وجود الصفات.

و یضعف بأنه إذا لم یکن فی وقت إنشاء العقد أهلا وقع العقد فاسدا،و لا نسلّم أن محل الولایة بعد الموت،بل الولایة ثابتة حال الوصیة،و تأخر التصرف إلی الموت، لأنه متعلق الوصیة و الولایة.و قد حققنا أن الخلاف إنما هو فی اشتراط ثبوت الأمور

ص:281


1- 1)السرائر:371.
المطلب الثانی:فی الأحکام

المطلب الثانی:فی الأحکام:الوصیة بالولایة کالوصیة بالمال فی أنها عقد جائز لکل من الموصی و الوصی الرجوع فیه،لکن الوصی إذا قبل الوصیة لم یکن له الرد بعد وفاة الموصی،و له الرد فی حال حیاته،فإن بلغه الرد صح،و إلاّ بطل و لزمه حکم الوصیة،فإن امتنع أجبره الحاکم علی القیام بها. المذکورة حین الوصیة و الوفاة و بعدها ما دام وصیا،و الاکتفاء بثبوتها حین الوفاة و ما بعدها،فلا یتوهم أن المراد علی القول الأول وجودها حین الوصیة خاصة،و علی الثانی حین الوفاة خاصة،و هو ظاهر.

إذا عرفت ذلک فاعلم أنه لو أوصی إلی طفل أو مجنون أو کافر،ثم زال المانع قبل الموت،فعلی القول الأول لا تصح الوصیة،و علی الثانی تصح.و لما کان الأول هو الأقرب،کان البطلان هنا أقرب.

قوله: (الوصیة بالولایة کالوصیة بالمال فی أنها عقد جائز،لکل من الموصی و الوصی الرجوع فیه،لکن الوصی إذا قبل الوصیة لم یکن له الرد بعد وفاة الموصی،و لو ردّ فی حال حیاته،فإن بلغه الرد صح،و إلاّ بطل و لزمه حکم الوصیة،فإن امتنع أجبره الحاکم علی القیام بها).

الوصیة بالولایة عقد جائز،فللموصی الرجوع فی وصیته متی شاء،کما أن له الرجوع فی وصیته بالمال.قال فی التذکرة:و لا نعلم فیه خلافا،فیجوز له الاستبدال بالموصی إلیه و تخصیص ولایته و تعمیمها و إدخال غیره معه،و إخراج من کان معه (1).

و أما الوصی فله قبول الوصیة و عدم قبولها-أعنی ردّها قبل القبول.و یصح

ص:282


1- 1)التذکرة 2:514. [1]

و لو لم یقبل الوصیة ابتداء،أو لم یعلم بها حتی مات الموصی ففی إلزامه بها نظر. القبول منه فی حیاة الموصی،لأنها اذن فی التصرف،فصح قبوله و إن تأخر وقته،کما فی التوکیل مع تأخیر التصرف،بخلاف الوصیة بالمال،لأنها تملیک بعد الوفاة،فلا أثر للقبول قبل الوقت.

و کما یصح القبول فی حیاة الموصی یجوز تأخیره إلی موته،لأن الوصیة عقد جائز،فلا یشترط فی قبولها الفور،و متی قبل الوصیة لم یکن له الرد بعد وفاة الموصی، بل تصیر لازمة.و کذا لو رد فی حال حیاته فلم یبلغه الرد.

و یظهر من کلام التذکرة أن هذا الحکم إجماعی (1)،و یؤیده أنه قد غره بقبول وصیته و منعه من طلب غیره،فلم یکن له تضییع حقه.أما لو رد فی حال حیاته و بلغه الرد،فإن الوصیة تبطل اقتصارا باللزوم علی موضع الوفاق،و لأن المحذور منتف هنا.

إذا عرفت ذلک ففی کل موضع یلزم الوصی حکم الوصیة إذا امتنع من القیام بها أجبره الحاکم،و هنا اشکال،و هو أنه إذا امتنع من القیام بالوصیة فقد أقدم علی محرم،و بالإصرار یخرج عن العدالة فیخرج عن أهلیة الوصیة،فکیف یصح إجباره حینئذ؟و هو اشکال لازم.و لم أر فی کلام أحد تنبیها علیه،لکن فی کلام لابن إدریس ما یرشد إلیه (2)،و سنذکره إن شاء اللّه تعالی بعد ذلک.

قوله: (و لو لم یقبل الوصیة ابتداء،أو لم یعلم بها حتی مات الموصی ففی إلزامه بها نظر).

أی:إذا علم الموصی إلیه الوصیة فلم یقبلها،بل ردها ابتداء-أی من غیر سبق قبول-و لم یبلغ الرد إلی الموصی.و عبارة الکتاب خالیة من هذا القید،و لا بد منه، و ما سبق من کلامه یدل علیه.إذ لم یعلم بالوصیة أصلا حتی مات الموصی،فهل یلزمه

ص:283


1- 1)التذکرة 2:512. [1]
2- 2) السرائر:384.

..........

القیام بها؟ فیه نظر،منشؤه اختلاف الأصحاب علی قولین و تعارض دلائلهما:

أحدهما:-و هو ظاهر المصنف فی التذکرة (1)،و شیخنا الشهید فی الدروس (2)- اللزوم،و عزاه فی التذکرة إلی ظاهر کلام الأصحاب.و احتج علیه بروایة محمد بن مسلم الصحیحة عن الصادق علیه السلام قال:«إذا أوصی رجل إلی رجل و هو غائب، فلیس له أن یرد وصیته.فإن أوصی إلیه و هو بالبلد فهو بالخیار،إن شاء قبل،و إن شاء لم یقبل» (3).

و فی الصحیح عن فضیل عن الصادق علیه السلام فی رجل یوصی إلیه،قال:

«إذا بعث إلیه من بلد فلیس له ردها،و إن کان فی مصر یوجد فیه غیره فذاک إلیه» (4).

و عن منصور بن حازم عن الصادق علیه السلام قال:«إذا أوصی الرجل إلی أخیه و هو غائب فلیس له أن یرد علیه وصیته،لأنه لو کان شاهدا فأبی أن یقبلها طلب غیره» (5).و هذه الأخبار غیر صریحة فی ذلک،لکن فی تعلیل الأخیرة إیماء إلیه.

و الثانی:-و هو اختیار المصنف فی التحریر و المختلف (6)-أن له الرد،و لا یلزمه القیام بها،لأن إثبات حق الوصایة علی الموصی إلیه علی وجه قهری ضرر عظیم منفی بالآیة (7)و الحدیث (8).

ص:284


1- 1)التذکرة 2:512. [1]
2- 2) الدروس:248.
3- 3) الکافی 7:6 حدیث 1، [2]الفقیه 4:144 حدیث 496،التهذیب 9:205 حدیث 814.
4- 4) الکافی 7:6 حدیث 2، [3]الفقیه 4:144 حدیث 497،التهذیب 9:206 حدیث 817.
5- 5) الکافی 7:6 حدیث 3، [4]الفقیه 4:145 حدیث 500،التهذیب 9:206 حدیث 816.
6- 6) التحریر 1:292،المختلف:499.
7- 7) الحج:22.
8- 8) الکافی 5:280 حدیث 4،و 292 حدیث 2 و 294 حدیث 8،الفقیه 3:45 حدیث 154 و 147 حدیث 648،التهذیب 7:146 حدیث 651 و 164 حدیث 727.

و الوصی أمین لا یضمن ما یتلف إلاّ بتعد أو تفریط أو مخالفة شرط الوصیة،و له أن یستوفی دینه علی المیت مما فی یده إن کان له حجة من غیر اذن الحاکم، و تسلیط الموصی علی إثبات وصیته علی من شاء،بحیث یوصی و یطلب من الشهود کتمان الوصیة إلی حین موته مما ینافی أصول المذهب،و لا یعرف له فی الشرعیات مثل.و مثل هذه الأخبار لا تنهض حجة علیه،فالأولی حملها علی شدة الاستحباب،أو علی سبق قبول الوصیة کما ذکره المصنف فی المختلف،إلاّ أن الحمل الأول أولی،لبعد الثانی عن موافقة ظاهرها.

قوله: (و الوصی أمین لا یضمن ما یتلف إلاّ بتعد أو تفریط أو مخالفة شرط الوصیة).

لا خلاف بین أهل الإسلام فی أن الوصی أمین،و معناه أنه لا یضمن ما بیده من أموال الطفل لو تلف إلا بتعد کما لو لبس الثوب،أو تفریط کما لو قصر فی حفظه، أو مخالفة لشرط الوصیة کما لو أوصی إلیه أن یصرف شیئا علی وجه فصرفه علی وجه آخر،لأن الوصایة فی معنی الوکالة.و لأن الوصی نائب عن الأب و الجد،و هما أمینان.

و لو اقتصر المصنف علی التعدّی لأغنی عن الباقیین،لأن المفرط متعد.و کذا المخالف فی الاستنابة،و هذا أظهر فی التعدی،و کأنه أراد کمال الإیضاح.

قوله: (و له أن یستوفی دینه علی المیت و إن کان له حجة من غیر اذن الحاکم).

قال الشیخ فی النهایة:إذا کان للوصی علی المیت مال لم یجز له أن یأخذ من تحت یده إلاّ ما تقوم له به البینة (1)،و تبعه ابن البراج (2).

ص:285


1- 1)النهایة:608. [1]
2- 2) المهذب 2:118.

و أن یستری لنفسه من نفسه،و أن یبیع علی الطفل من ماله،فیکون موجبا قابلا،بشرط البیع بثمن المثل، و قال ابن إدریس:إنه یأخذ إذا لم یکن له بینة،بحیث یتمکن من إقامتها و إثبات حقه ظاهرا (1)،و اعترض کلام الشیخ (2).

و ظاهر کلام المصنف فی المختلف موافقة ابن إدریس (3).و اختار هنا جواز الاستیفاء و إن کان له حجة یتمکن من الإثبات بها ظاهرا.و کذا فی التحریر (4)،و هو الأصح،لأن الغرض أنه وصی فی قضاء الدیون فیقوم مقام الموصی فی ذلک.

و یکفی علمه بالدین،لأن الوصیة منوطة بقضاء الدین الثابت فی نفس الأمر، و لا فرق فی ذلک بین دینه و دین غیره.و لأنه بقضاء الدین محسن:و ما عَلَی الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ (5).

و الفرق بین دین الوصی و دین غیره إذا أراد الغیر الاستقلال بأخذه:ان تعیین المال للدین إلی المدیون أو من یقوم مقامه،لأنه مخیّر فی جهات القضاء.و الغیر لیس له ولایة التعیین،فلذلک یقیّد جواز أخذه بما إذا عجز عن إثباته ظاهرا،بخلاف الوصی.

قوله: (و أن یشتری لنفسه من نفسه،و أن یبیع علی الطفل من ماله فیکون موجبا قابلا بشرط البیع بثمن المثل).

أی:و للوصی أن یشتری مال الطفل لنفسه من نفسه حیث تقتضی المصلحة بیعه،و کذا له أن یبیع من ماله علی الطفل ما تقتضی المصلحة شراءه،فیکون فی الموضعین موجبا قابلا.

ص:286


1- 1)السرائر:384.
2- 2) النهایة:608. [1]
3- 3) المختلف:511.
4- 4) التحریر 1:304. [2]
5- 5) التوبة:9.

و أن یقضی دیون الصبی و ان ینفق علیه بالمعروف. و یشترط فیهما کون البیع لمال الطفل،و البیع لمال الوصی للطفل بثمن المثل، فلا یکون بیع مال الطفل بدون ثمن المثل،و لا بیع ماله للطفل بأزید من ثمن المثل.

و منع الشیخ فی الخلاف من ذلک،و ابن إدریس (1)،لأن الواحد لا یکون موجبا قابلا فی عقد واحد،لأن الأصل فی العقد أن یکون بین اثنین إلاّ ما أخرجه دلیل،و هو الأب و الجد له.

و الأصح الأول،لأنه بیع صدر من أهله فی محله،إذ الفرض أنه جائز التصرف یجوز أن یتولی کلا من الطرفین بالانفراد،فیتولاهما مجتمعین،لأنه لا مانع لاجتماعهما لواحد.

و هو غیر صالح للمانعیة شرعا،للأصل،و لجواز مثله فی الأب و الجد.و لما رواه الحسین بن یحیی الهمدانی،قال:کتب محمد بن یحیی:هل للوصی أن یشتری من مال المیت إذا بیع فیمن زاد فیزید و یأخذ لنفسه؟فقال:«یجوز إذا اشتری صحیحا» (2).

و اعلم أنه لا بد من شرط آخر مع ما ذکره،و هو أن لا یکون مال الطفل بحیث یمکن بیعه بزیادة عن ثمن المثل،و لا یمکن شراء مثل مال الموصی بدون ثمن المثل، فإن أمکن أحدهما لم یصح الشراء بثمن المثل حینئذ،و هو ظاهر.

قوله: (و أن یقضی دیون الصبی،و أن ینفق علیه بالمعروف).

لا ریب فی أن الوصی إذا کانت ولایته فی جمیع أمور الطفل یجوز أن یقضی دیونه التی لزمته باقتراض الولی عنه،أو لزمته بجنایة أو إتلاف،لأن ذلک من متعلقات ولایته.و لأن ذلک إحسان،بل یجب.علیه ذلک کما صرح به فی التذکرة مع مطالبة المستحق،أو توقع ضرر بالتأخیر.

ص:287


1- 1)الخلاف 2:651 مسألة 9 کتاب الوکالة،السرائر:385.
2- 2) الکافی 7:59 حدیث 10، [1]الفقیه 4:162 حدیث 566،التهذیب 9:233 حدیث 913.

و لیس له أن یزوّج الأطفال،و له تزویج إمائهم و عبیدهم،و لیس له أن یشهد للأطفال بحق له فیه ولایة،و یجوز فی غیره،إلاّ أن یکون وصیا فی الثلث فیشهد بما یتسع له التصرف باتساع الثلث. و کذا ینفق علیه بالمعروف من غیر إسراف و لا تقتیر،فإن أسرف ضمن الزیادة،و یشتری له خادما مع الحاجة،و یطعمه عادة أمثاله و نظرائه،فإن کان ممن کان یأکل اللحم دائما أطعمه،و یلبسه ما جرت عادة أمثاله بلبسه.

و کذا ینفق علی من یجب علیه نفقته،فلو کان له أبوان فقیران أنفق علیهما.

و یتصور ذلک فی وصی الجد إذا کان الأب ممنوعا من الولایة بجنون و نحوه.

قوله: (و لیس له أن یزوج الأطفال،و له تزویج إمائهم و عبیدهم).

أما عدم تزویج الأطفال،فلأنه لا غبطة فی النکاح قبل البلوغ،بل فیه ضرر بالنسبة إلی الذکر،لأنه یوجب علیه مهرا و نفقة،و قد تقدّم الکلام فی ذلک.

و أما تزویج إمائهم و عبیدهم،فإن انکاحهم مصلحة مالیة،و لا یستدعی من الغیر ما یستدعیه إنکاح الطفل.

قوله: (و لیس له أن یشهد للأطفال بحق له فیه ولایة،و یجوز فی غیره، إلاّ أن یکون وصیا فی الثلث،فیشهد بما یتسع له التصرف باتساع الثلث).

متی کانت شهادة الوصی للطفل بحیث تجر إلیه نفعا بإثبات ولایة لم تقبل، لأنه یثبت لنفسه حق الولایة،فلو شهد لهم بمال لم یسمع.و لو کان وصیا فی أمر خاص، کما لو کان وصیا علی بساتین الأطفال خاصة قبلت شهادته لهم بدین،لانتفاء المحذور.

و لو لم یکن له علی المشهود به ولایة،لکن یلزم من ثبوته اتساع الولایة،لم تسمع الشهادة أیضا،کما لو أوصی إلیه بالتصدّق بعین مخصوصة فشهد بدین أن یثبت خرجت تلک العین من الثلث و نفذت الوصیة فی جمیعها.و إن لم یثبت لم یخرج من الثلث و بطلت الوصیة فی بعضها.و قول المصنف:(إلاّ أن یکون وصیا فی الثلث.) استثناء من قوله:(و یجوز فی غیره).

ص:288

و القول قوله فی الإنفاق و قدره بالمعروف لا فی الزیادة علیه،و فی تلف المال من غیر تفریط،و فی عدم الخیانة فی البیع و غیره. قوله: (و القول قوله فی الإنفاق و قدره بالمعروف،لا فی الزیادة علیه، و فی تلف المال من غیر تفریط،و فی عدم الخیانة فی البیع و غیره).

لو اختلف الصبی بعد بلوغه و الوصی فی أصل الإنفاق،قدّم قول الوصی بیمینه أنه أنفق عملا بظاهر الحال،و لأن إقامة البینة علی ذلک مما یتعذر فی العادة، فإن إشهاد الشاهدین فی کل یوم علی نفقة الطفل أمر عسیر.و لأن الوصی أمین، و خیانته علی خلاف الأصل.و لأنه محسن و ما عَلَی الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ (1).و لأن اعتبار البینة فی قبول قوله مما یؤدی إلی عدم قبول الإیصاء،فیفضی إلی تضییع مصلحة الطفل.

و لو اختلفا فی قدر النفقة،و لم یکن ما یدّعیه الوصی متجاوزا للقدر الذی یعد فی العادة معروفا لا إسراف فیه،فالقول قوله فیه أیضا بیمینه لما تقدم،سواء ذکر المدة و اتفقا علیها أم لم یذکراها أصلا.و لو اختلفا فی المدة فسیأتی إن شاء اللّه تعالی عن قریب.

و لو ادعی الصبی زیادة النفقة علی المعروف نظر فیه،و صدق من یقتضی الحال تصدیقه بالیمین.

و لو ادعی الوصی أن زیادة النفقة لغلو السعر،فالذی ینبغی تکلیفه البینة، لأن ذلک مما یمکن الاشهاد علیه و لأن هنا زیادة بالفعل،فلا بد من بیان مقتضیها.

و کذا یقدّم قول الوصی لو اختلفا فی التفریط فی المال التالف،لأنه منکر.و کذا لو اختلفا فی تلفه و بقائه،کما یصدق غیره من ذوی الید.و کذا لو اختلفا فی عدم الخیانة فی المبیع،بأن ادعی الصبی البیع بدون ثمن المثل،أو بخلاف المصلحة،أو سلم قبل تسلم الثمن فأفضی إلی ضیاعه.

ص:289


1- 1)التوبة:9.

و لو نازعه فی تأریخ موت أبیه إذ به تکثر النفقة،أو فی دفع المال إلیه بعد البلوغ فالقول قول الصبی مع الیمین. و لو أوصی إلی اثنین فصاعدا:فإن أطلق أو شرط الاجتماع لم یجز لأحدهما التفرّد عن صاحبه،بل یجب علیهما التشاور فی و کذا الخیانة فی غیر المبیع،کشراء شیء بأزید من ثمن المثل،أو علی خلاف المصلحة،أو رهن فی غیر مصلحة،و نحو ذلک.فإن القول فی هذه المواضع و نظائره قول الوصی بیمینه عندنا،لأن الأصل عدم الخیانة،و لأنه محسن،خلافا لبعض الشافعیة.

قوله: (و لو نازعه فی تأریخ موت أبیه إذ به تکثر النفقة،أو فی دفع المال إلیه بعد البلوغ،فالقول قول الصبی مع الیمین).

لو اختلف الصبی و الوصی فی مدة الإنفاق،بأن اختلفا فی تأریخ موت الأب، فادعی الصبی تأخره و الوصی تقدمه لتکثر النفقة،قدّم قول الصبی بیمینه،و علی الوصی البینة،لأنه مدّع،و اقامة البینة علی نحو ذلک أمر ممکن لا عسر فیه.

و کذا لو اختلفا فی دفع المال إلی الصبی بعد بلوغه،فإن القول قوله بیمینه، لمثل ما قلناه.و کذا القول فی الأب و أمین الحاکم.

و لو اختلف الصبی و مشتری المال فی وقوع الشراء من الوصی علی وجه الغبطة،فهل الحکم کما فی الوصی؟أم القول قول الصبی هنا عملا بإطلاق قوله علیه السلام:(و الیمین علی من أنکر)،و تقدیم قول الوصی لکونه أمینا لا یستدعی تقدیم قول المشتری؟فیه وجهان،و الثانی لا یخلو من قوة.

قوله: (و لو أوصی إلی اثنین فصاعدا،فإن أطلق أو شرط الاجتماع لم یجز لأحدهما التفرّد عن صاحبه،بل یجب علیهما التشاور فی

ص:290

کل تصرف، کل تصرف).

إذا أوصی إلی اثنین فصاعدا،فإما أن یشترط الاجتماع،أو یطلق أو ینص علی الانفراد من الجانبین أو أحدهما خاصة،فالصور أربع:

أ:نص علی الاجتماع.

ب:أطلق.

ج:نص علی الانفراد من الجانبین.

د:من أحدهما خاصة.

أما إذا اشترط الاجتماع فظاهر،لأن ولایتهما إنما تثبت علی هذا الوجه.

و أما إذا أطلق،فلأن المفهوم من الإخلاد إلیهما الاجتماع دون الانفراد،و لأن ثبوت الولایة معا معلوم،و ثبوتها لکل واحد غیر معلوم،فیتمسک بالأصل،و هو انتفاؤها علی الانفراد،و لصحیحة محمد بن الحسن الصفار قال:کتبت إلی أبی محمد العسکری علیه السلام:رجل کان أوصی إلی رجلین أ یجوز لأحدهما أن ینفرد بنصف الترکة و الآخر بالنصف؟فوقّع علیه السلام:«لا ینبغی لهما أن یخالفا المیت،و أن یعملا علی حسب ما أمرهما» (1)و هی ظاهرة فی منع التفرد،و إلاّ لم یطابق الجواب السؤال.

و لا ینافیه ما رواه یزید بن معاویة قال:إنّ رجلا مات و أوصی إلی و الی آخر، أو إلی رجلین،فقال أحدهما:خذ نصف ما ترک و أعطی النصف مما ترک،و أبی علیه الآخر،فسألوا أبا عبد اللّه علیه السلام عن ذلک فقال:«ذلک له» (2)لأن قوله علیه السلام:«ذلک له»یحتمل أن یرید به الإشارة إلی امتناع الآخر من القسمة.

و ذهب الشیخ فی النهایة (3)-و تبعه ابن البراج (4)-إلی أن لکل منهما الاستبداد

ص:291


1- 1)الکافی 7:46 حدیث 1، [1]الفقیه 4:151 حدیث 523.التهذیب 9:185 حدیث 745،الاستبصار 4:118 حدیث 448.
2- 2) الکافی 7:47 حدیث 2، [2]الفقیه 4:151 حدیث 524.التهذیب 9:185 حدیث 746،الاستبصار 4:118 حدیث 449.
3- 3) النهایة:606. [3]
4- 4) المهذب 2:116.

فإن تشاحا لم ینفذ ما تفرد به أحدهما من التصرف إلاّ فیما لا بد منه کأکل الیتیم و لبسه.

و یحتمل عندی مع نهیه عن التفرد تضمین المنفق،و حمل قول علمائنا علی ما إذا أطلق،فإنه ینفرد بالإنفاق خاصة، بالتصرف فی صورة الإطلاق و طلب القسمة،و لعلهما احتجا بهذه الروایة،و قد عرفت أنه لا دلالة فیها.

قوله: (فإن تشاحا لم ینفذ ما تفرد به أحدهما من التصرف إلاّ فیما لا بد منه کأکل الیتیم و لبسه.و یحتمل عندی مع نهیه عن التفرد تضمین المنفق،و حمل قول علمائنا علی ما إذا أطلق،فإنه ینفرد بالإنفاق خاصة).

أی:فإن تشاح الوصیان فی صورة اشتراط الاجتماع و الإطلاق،أی:تمانعا و أبی کل منهما علی صاحبه أن یوافقه،لم ینفذ ما تفرد به أحدهما من التصرف،لأنه غیر مفوّض إلیه بالاستقلال،فیکون بغیر اذن،فهو کتصرف سائر الأجانب.

و استثنی الأصحاب من ذلک ما تدعو إلیه الحاجة،کأکل الیتیم و لبسه و نحو ذلک،و شراء کفن المیت،و قضاء دیونه،و إنفاذ وصیة معینة کانت أو غیر معینة،و قبول الهبة عن الصغیر مع خوف فوات النفع،و الخصومة عن المیت و له،و عن الطفل و له مع الحاجة،و إطعام رقیقه و دوابه.

و ینبغی أن تکون الودیعة المعینة،و العین المغصوبة مما یقطع باستثنائه،لأن لمستحقهما الاستقلال بأخذهما،و إن لم یأذن المیت فلیس ذلک من الوصیة فی شیء.

هذا هو المشهور،و قال أبو الصلاح:مع التشاح یرد الناظر فی المصالح الأمر إلی من کان أعلم بالأمر و أقوی علیه،و یجعل الباقی تبعا له (1).

ص:292


1- 1)الکافی فی الفقه:366. [1]

و یجبرهما الحاکم علی الاجتماع،فإن تعذر استبدل بهما، و استشکله المصنف فی المختلف بأن فیه تخصیصا لأحدهم بالنظر،و قد منعه الموصی من ذلک (1).و احتمل هنا الفرق بین ما إذا نهی عن التفرد،و ما إذا أطلق الوصیة لهما،فحکم بتضمین المتصرف فی الأول و إن کان فی محل الحاجة،دون الثانی، و قضیة التضمین إذا نص علی الاجتماع،و لم یصرح بالنهی عن الانفراد،و حمل قول الأصحاب بنفوذ ما لا بد منه علی ما إذا أطلق.

و یشکل ذلک بان الإطلاق منزّل علی ارادة الاجتماع،و حینئذ فلا وجه للفرق، بل التضمین متجه فی الموضعین،لأنه خلاف الموصی به.و الضرورة مندفعة بالرجوع إلی الحاکم،و مع تعذره فإلی العدل من المؤمنین.نعم،لو تعذر الحاکم فتصرف أحدهما من حیث کونه أحد عدول المؤمنین نفذ.

إذا عرفت ذلک،فاعلم أن قول المصنف:(و حمل قول علمائنا.)یقتضی أن جمیع علمائنا قائلون بذلک.و لیس کذلک،فإن الشیخ فی المبسوط (2)و ابن إدریس (3)غیر قائلین به.و کأنه توسّع،لأنه قول الأکثر،و الأصح أنه لا ینفذ شیء من التصرفات فی الموضعین و یضمن المتصرف،بل یتعیّن الرجوع إلی الحاکم.

قوله: (و یجبرهما الحاکم علی الاجتماع،فإن تعذّر استبدل بهما).

إذا تشاح الوصیان و تمانعا فی الاجتماع فی صورتی الإطلاق و النص علی الاجتماع وجب علی الحاکم إجبارهما علی الاجتماع،لأن امتثال أمر الموصی واجب علیهما.فإذا خالفا وجب منعهما من المخالفة من باب الحسبة،فإن تعذر استبدل بهما من رآه مصلحة.

و یشکل بأنهما إذا امتنعان من الاجتماع و إصرا علی ذلک یفسقان فینعزلان، فکیف یتصور إجبارهما حینئذ؟و لم أقف فی کلام الأصحاب علی تصریح بذلک،بل

ص:293


1- 1)المختلف:512.
2- 2) المبسوط 4:54.
3- 3) السرائر:384.

و لیس لهما قسمة المال.

و لو مرض أحدهما أو عجز ضم الحاکم إلیه من یعینه. و لو مات أو فسق استبد الآخر بالحکم من غیر ضم علی اشکال.

و لعل الأقرب عندی وجوب الضم،لأنه لم أطلق الجمیع إجبارهما علی الاجتماع،و هذا الاشکال وارد علیه.

نعم،فی کلام ابن إدریس ما صورته:إذا تشاحّ الوصیان استبدل بهما الحاکم، لأنهما فسقا (1)،و هذا ما ذکرناه بعینه.و صرح المصنف فی التذکرة بأنهما لا ینعزلان بذلک،و أن الذین یقیمهما الحاکم بدلهما نائبان عنهما (2).

قوله: (و لیس لهما قسمة المال،و لو مرض أحدهما أو عجز ضم الحاکم إلیه من یعینه).

أما عدم قسمة المال فظاهر،لأنه خلاف الموصی به و هو الاجتماع فی التصرف.

و أما الضم إذا مرض أحدهما أو عجز،فلأن ولایته لا تزول بالعجز و المرض و العجز لما سبق من أن الإیصاء إلی العاجز جائز،فإذا کان العجز غیر مانع فی الابتداء فلا یقدح تجدده فی بقاء الوصیة.

و علی هذا فالضمیر المجرور فی قوله:(ضم إلیه)یعود إلی المریض أو العاجز، و حینئذ فیعتبر اجتماع الثلاثة علی التصرفات کلها.إلاّ أن ما سیأتی من کلام المصنف عن قریب یقتضی أن الضم إلی الموصی الآخر لا إلی العاجز.و لیس بجید،لأن الوصی لا ینعزل بالعجز کما سبق.

قوله: (و لو مات أو فسق استبد الآخر بالحکم من غیر ضم علی اشکال،و لعل الأقرب عندی وجوب الضم،لأنه لم

ص:294


1- 1)السرائر:384.
2- 2) التذکرة 2:509. [1]

یرض برأی واحد،و لو سوغ لهما الاجتماع و الانفراد تصرف کل واحد منهما کیف شاء و إن انفرد.

و یجوز أن یقتسما المال،و یتصرف کل منهما فیما یصیبه و فیما فی ید صاحبه،کما یجوز انفراده قبل القسمة،فإن مرض أحدهما أو عجز لم یضم الحاکم الیه معینا إن قلنا یرض برأی واحد).

المراد انه إذا عرض لأحدهما ما یخرجه عن الأهلیة،کالموت و الفسق و الجنون و الغیبة البعیدة و عدم قبول الوصیة،فهل یستبد الآخر بالتصرف،أم یضم الحاکم إلی الآخر بدل الفائت؟فیه إشکال ینشأ:من أن الحاکم لا ولایة له مع وجود الوصی، و هو موجود هنا،و هو قول أکثر الأصحاب.و من أن الوصی هو الاثنان لا أحدهما، فلا بد من الضم،و هو الأصح،و وجهه ما ذکره المصنف.

و جواب الأول:أن الحاکم لا ولایة له مع الوصی،و هو منتف هنا،لأن الواحد لیس وصیا وحده،و لو أراد الحاکم عزله لم یکن له ذلک قطعا.و لو أراد أن یفوّض إلیه وحده مع استجماعه الشرائط،ففیه وجهان،أقربهما العدم،لأن الموصی لم یرض بالباقی وحده،فکأنه قد منع من کونه وصیا بالانفراد فلا یتخطاه الحاکم.

قوله: (و لو سوغ لهما الاجتماع و الانفراد تصرف کل واحد منهما کیف شاء و إن انفرد،و یجوز أن یقتسما المال،و یتصرف کل منهما.) المراد تصرف کل منهما کیف شاء من الاجتماع و الانفراد،لأنه المقصود بالبحث.

و یجوز اقتسام المال بالنصف،و بالتفاوت إذا تراضیا علی التفاوت حیث لا تضر القسمة.ثم بعد القسمة لکل منهما التصرف فی حصته من القسمة،و فی باقی الترکة و إن کانت فی ید صاحبه،لأنه وصی فی المجموع،فلا تزیل القسمة ولایته فی الجمیع.

قوله: (فإن مرض أحدهما أو عجز لم یضم الحاکم إلیه معینا و إن قلنا

ص:295

بالضم مع الاجتماع.و لو خرج عن الوصیة بموت أو فسق لم یضم الحاکم.

و لو شرط لأحدهما الانفراد دون الآخر وجب اتباعه، بالضم مع الاجتماع).

الضمیر المجرور فی قوله:(إلیه)یعود إلی الآخر-و هو الذی لم یمرض-فإن المریض و العاجز بحیث لا یکون أحدهما کافیا فی التصرف لا بد من الضمیمة إلی کل منهما لیتصرف.و وجهه أنه وصی لم ینعزل بعجزه،و لا یکفی وحده فی التصرف فیضم الحاکم إلیه لتحصیل مقصود الموصی.

فإن قیل:الوصی الآخر موجود،و مع وجود الوصی فلا دخل للحاکم.

قلنا:قد أطبقوا علی أن العاجز لا تزول وصایته باعتبار عجزه،فلا بد له من معین،فیقوم الحاکم بنصب أمین معه لیساعده کما فی الوصی الواحد.و قد صرّح بذلک المصنف فی التذکرة فقال:فإن ضعف نظره و قصرت قدرته ضم الحاکم إلیه من یعینه، کما لو أوصی الی واحد فضعفت قوته و إن کان الآخر وصیا (1).

أما الوصی الآخر فإنه وصی بالاستقلال،لأنه المفروض،و الفرض انه کان، فلا وجه للضم إلیه بحال.و هذه العبارة تشعر بأن الضم المذکور فیما إذا مرض أو عجز أحد الوصیین عن الاجتماع یراد به الضم إلی الآخر،و إلاّ لم یکن الضم فی قوله:(لم یضم الحاکم إلیه معینا)،و قوله:(و إن قلنا بالضم مع الاجتماع)واحدا،و هو خلاف الظاهر.و مما ذکرناه یظهر وجه قوله:(و لو خرج عن الوصیة بموت أو فسق لم یضم الحاکم)فإنه مستقل بالولایة.

قوله: (و لو شرط لأحدهما الانفراد دون الآخر وجب اتباعه).

فیتصرف المستقل بالاستقلال،و الآخر مع الاجتماع خاصة.و یجوز أن یوصی إلی واحد و یجعل آخر مشرفا علیه،و لا یکون للمشرف شیء من التصرفات،لکن یشترط صدورها عن اذنه.و لو امتنع فهل یستقل الوصی؟فیه وجهان،أقربهما لا، بل یرفع الأمر إلی الحاکم.

ص:296


1- 1)التذکرة 2:509. [1]

و لو شرط استقلال أحدهما عند موت الآخر صح شرطه. و لو جعل لأحدهما النظر فی قسط المال،أو فی طائفة من الأولاد،أو فی المال خاصة،و للآخر فی الباقی أو فی الأولاد صح. و لو أوصی إلی زید ثم إلی عمرو لم یکن رجوعا،و لو لم یقبل عمرو انفرد زید. قوله: (و لو شرط استقلال أحدهما عند موت الآخر صح شرطه).

لکونه مشروعا یتعلق به الفرض،فیکون مع حیاة الآخر وصیا حال الاجتماع،و بعد موته وصیا بالاستقلال،فیرجع إلی قسمین من الأقسام الأربعة.

قوله: (و لو شرط لأحدهما النظر فی قسط المال،أو طائفة من الأولاد، أو فی المال خاصة،و للآخر فی الباقی أو فی الأولاد صح).

فی العبارة لف و نشر،و التقدیر:لو شرط لأحدهما النظر فی قسط المال-أی فی قسط منه-أو جعل له النظر فی طائفة من الأولاد،و للآخر النظر فی باقی المال و الأولاد،أو اشترط لأحدهما النظر فی المال خاصة و للآخر النظر فی الأولاد،فیکون الآخر معطوفا علی المجرور فی قوله:(لأحدهما)،و وجه الصحة ظاهر.

قوله: (و لو أوصی إلی زید ثم إلی عمرو لم یکن رجوعا).

لأن الوصیة الثانیة إنما تکون رجوعا عن الأولی مع المنافاة بینهما،و لا منافاة بین کون زید و عمرو وصیین.

قوله: (و لو لم یقبل عمرو انفرد زید).

وجهه أنه أفرده بالوصایة إلیه،و قد ثبت له،فلا تزول.

فإن قیل:لو قبلا لم ینفرد أحدهما بالتصرف،و ما ذاک إلاّ لأنه لم یرض برأی واحد،فکذا إذا لم یقبل عمرو.

قلنا:فرق بین حال القبول و عدمه،فإنه إنما جعله غیر مستقل علی تقدیر اقتضاء الضمیمة،ذلک علی تقدیر قبول عمرو،و لم یقبل.

ص:297

و لو قبلا لم ینفرد أحدهما بالتصرف إلاّ مع قرینة دالة علی الرجوع أو علی التفرد. و لو قال لزید:أوصیت إلیک،ثم قال:ضممت إلیک عمرا،فإن قبلا و فیه نظر،فإن الوصیة إلی عمرو بعد الوصیة إلی زید تشعر بعدم الرضاء باستقلاله و الاکتفاء برأیه.

و لیس ببعید إلحاق الإیصاء إلی البالغ و الصبی بما هنا إذا لم یقبل الصبی بعد بلوغه،أو مات،أو بلغ مجنونا أو فاسقا،فإن الظاهر منه أنه بعد حصول زمان بلوغ الصبی غیر راض بانفراد البالغ.

فرع:لو لم یقبل زید و قبل عمرو،ففی التذکرة:ان له الانفراد،کما إذا قبل زید و لم یقبل عمرو (1).و فیه نظر،لأنهما إن کانا وصیین علی الاجتماع امتنع ذلک.و الذی یقتضیه النظر عدم انفراد واحد و إن لم یقبل الآخر.

قوله: (و لو قبلا لم ینفرد أحدهما بالتصرف إلاّ مع قرینة دالة علی الرجوع أو علی التفرد).

أی:لو قبل کل من زید و عمرو الوصایة لم ینفرد أحدهما بالتصرف،لأن ظاهر حال الموصی عدم الرضی باستقلال واحد.و هذا إنما هو إذا لم توجد قرینة دالة علی الرجوع عن الأول فیستقل الثانی.أو علی تفرد کل منهما أو أحدهما خاصة،فإن دلت و وثق بها وجب اتباعها.

الفرق بین ما إذا أوصی إلی زید ثم إلی عمرو،و بین ما إذا أوصی الی زید ثم ضم إلیه عمرو،ان معنی الضم یشعر بعدم الاستقلال،بخلاف الإیصاء.و الأصح عدم الفرق،إذ لا بد من العمل بالمتیقن،و هو صحة تصرفهما فی حال الاجتماع،و عدم دلیل علی صحته فی حال الانفراد.

قوله: (و لو قال لزید:أوصیت إلیک،ثم قال:ضممت إلیک عمرا.فإن

ص:298


1- 1)التذکرة 2:509. [1]

معا لم ینفرد أحدهما،و إن لم یقبل عمرو انفرد زید،و لو قبل عمرو ضم الحاکم آخر. و لو اختلفا فی التفریق علی الفقراء تولّی الحاکم التعیین علی ما یراه. قبلا معا لم ینفرد أحدهما،و إن لم یقبل عمرو انفرد زید،و لو قبل عمرو ضم الحاکم إلیه آخر).

أما إذا قبلا معا،فلأن الظاهر أنه لم یرض برأی واحد.و لما فی لفظ الضم من الاشعار بعدم الاستقلال،فهو أظهر مما إذا أوصی إلی کل منهما.و أما انفراد زید إذا لم یقبل عمرو،فلأن الوصایة قد ثبتت لزید بالاستقلال،فلا یزول حکمها بعدم قبول عمرو،بخلاف ما إذا قبل.و أما الضم الی عمرو إذا لم یقبل زید فلأن عمرا لم تثبت له وصایة،و إنما أوصی إلیه منضما إلی عمرو.

إذا عرفت ذلک،فإذا قبلا فی الفرض المذکور فهل یکونان وصیین،أم الوصی زید،و عمرو یشرف علیه؟احتمل المصنف کلا منهما فی التذکرة (1).و الأول قریب،لأن المتبادر من قوله:(ضممت إلیک عمرا)ضمه إلیه فی الوصیة.

و المتجه عدم الفرق بین زید و عمرو،فی أن أیهما لم یقبل الوصیة لم یستقل الآخر بالتصرف،عملا بظاهر الضم المقتضی لعدم الرضی برأی واحد.

قوله: (و لو اختلفا فی التفریق علی الفقراء تولّی الحاکم التعیین علی ما یراه).

أی:لو اختلف الوصیان بالاستقلال.أو بالاجتماع،إذا أوصی المیت بشیء للفقراء فی تعیین من یصرف إلیه من الفقراء و لم یتفقا علی شیء،استقل الحاکم بالتعیین،لئلا تتعلل الوصیة.

أما إذا کانا وصیین علی الاجتماع فظاهر،و أما إذا کانا وصیین بالاستقلال،

ص:299


1- 1)التذکرة 2:509. [1]

و لو اختلفا فی حفظ المال،فإن کان فی یدهما موضع للحفظ حفظ فیه،و إلاّ سلماه إلی ثالث یکون نائبا لهما،و إلاّ تولاه الحاکم. فلأن لکل واحد منهما ولایة کاملة و لا أولویة و لا قرعة هنا،لأنها فی الأمر المشتبه و لا اشتباه هنا،بل کل منهما وصی مستقل.

و کذا البیع و الشراء إذا أراد أحدهما البیع علی زید و الآخر علی عمرو مع الاستواء فی الغبطة و نحوها.و لو سبق أحد المستقلین من دون ممانعة الآخر نفذ تصرفه، لأنه تصرف صدر من أهله فی محله،إذ الفرض اشتماله علی الغبطة و المصلحة.

هذا مقتضی إطلاق العبارة،و یمکن أن یقال:إذا کان الموصی به للفقراء یقبل القسمة قسّم مع کونهما وصیین علی الانفراد کما تقسم سائر التصرفات و یستقل کل بتعیین من تصرف إلیهم حصته،و مع تعذره یعیّن الحاکم.

و یمکن أن یقال:لا حاجة هنا إلی القسمة،بل یعیّن کل منهما نصف من یصرف إلیهم من الفقراء،و یصرف المجموع إلیهم علی السواء.

قوله: (و لو اختلفا فی حفظ المال:فإن کان فی یدهما موضع للحفظ حفظ فیه،و إلاّ سلّماه إلی ثالث یکون نائبا لهما،و إلاّ تولاه الحاکم).

وجهه ان حفظ المال من جملة التصرفات،و لم یأتمن الموصی أحدهما علی حفظه، فلا بد أن یکون فی یدهما،بأن یجعل فی بیت بأیدیهما معا،أو یستنیبا ثالثا یکون فی یده عنهما،فإن امتنعا تولاه الحاکم.

و هذا إذا کانا وصیین علی الاجتماع،أما إذا کانا وصیین علی الانفراد فإنه یقسم بینهما إن قبل القسمة.فإن تنازعا فی التعیین أقرع بینهما،أو عین الحاکم،کذا قال فی التذکرة (1)،و لا بأس بالقرعة.و لو لم یقبل المال القسمة فکالوصیین علی الاجتماع.

و کذا کل ما لا یقبل القسمة من التصرفات.

ص:300


1- 1)التذکرة 2:509. [1]

و لو قال:أوصیت إلی زید،فإن مات فقد أوصیت إلی عمرو صح و یکون کل منهما وصیا إلاّ أن عمرا وصی بعد زید.و کذا:أوصیت إلیک،فإن کبر ابنی فهو وصیی. و یجوز أن یجعل للوصی جعلا،و لو لم یجعل جاز له أخذ أجرة المثل عن نظره فی ماله،و قیل قدر الکفایة،و قیل أقلهما. قوله: (و لو قال:أوصیت إلی زید،فإن مات فقد أوصیت إلی عمرو صح،و یکون کل منهما وصیا إلاّ أن عمرا وصی بعد زید.و کذا أوصیت إلیک،فإن کبر ابنی فهو وصیی).

یدل علی صحة ذلک أن فاطمة علیهما السلام أوصت فی وقفها إلی أمیر المؤمنین علیه السلام،فإن حدث به حادث فإلی ولدیها علیهما السلام،و لأن الوصایة قریبة من التأمیر،و قد روی أن النبی صلّی اللّه علیه و آله قال:«الأمیر زید،فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد اللّه بن رواحة» (1).

و تحتمل الوصیة التعلیق کما تحتمل الاخطار و الجهالة،ذکره المصنف فی التذکرة (2).

قوله: (و یجوز أن یجعل للوصی جعلا،و لو لم یجعل جاز له أخذ أجرة المثل عن نظره فی ماله.و قیل:قدر الکفایة،و قیل:أقلهما).

لا ریب فی جواز بذل جعل للوصی علی عمله کما فی الوصایة،فإن کلا منهما استنابة فی التصرف.فلو لم یجعل له فتولی أمور الأطفال و قام بمصالحهم کان له أن یأخذ عن تصرفه عوضا،و فی قدره ثلاثة أقوال:

ص:301


1- 1)إعلام الوری:102. [1]
2- 2) التذکرة 2:509. [2]

..........

أحدها:انه یأخذ أجرة المثل،اختاره الشیخ فی موضع من النهایة-و هو باب التصرف فی مال الأیتام-لأنها عوض عمله (1).

الثانی:انه یأخذ قدر الکفایة لظاهر قوله تعالی وَ مَنْ کانَ فَقِیراً فَلْیَأْکُلْ بِالْمَعْرُوفِ (2)،و المعروف:ما لا إسراف فیه و لا تقتیر،و هو قول الشیخ أیضا فی النهایة (3).

الثالث:انه یأخذ أقل الأمرین من الأجرة و الکفایة.أما إذا کانت الکفایة فظاهر،لأنه إنما یأخذ مع الفقر دون ما إذا کان غنیا،لظاهر قوله تعالی وَ مَنْ کانَ غَنِیًّا فَلْیَسْتَعْفِفْ (4)،و الأمر للوجوب.و أما إذا کانت الأجرة أقل،فلأنه إنما یأخذ فی مقابل عمله،فلا یحل له أخذ ما زاد علیه،و هذا هو الأصح.

و فی صحیحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق علیه السلام قال:سئل و أنا حاضر عن القیّم للیتامی فی الشراء لهم و البیع فیما یصلحهم،إله أن یأکل من أموالهم؟ فقال:«لا بأس أن یأکل من أموالهم بالمعروف کما قال الله تعالی فی کتابه وَ ابْتَلُوا الْیَتامی حَتّی إِذا بَلَغُوا النِّکاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْکُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ یَکْبَرُوا وَ مَنْ کانَ غَنِیًّا فَلْیَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ کانَ فَقِیراً فَلْیَأْکُلْ بِالْمَعْرُوفِ ،هو القوت،و انما عنی(فلیأکل بالمعروف)الوصی لهم و القیم فی أموالهم ما یصلحهم» (5).

إذا عرفت ذلک فاعلم أن من قال بأنه یأخذ أجرة المثل حقه أن لا یفرّق فی

ص:302


1- 1)النهایة:362.
2- 2) النساء:6. [1]
3- 3) النهایة:361. [2]
4- 4) النساء 6. [3]
5- 5) التهذیب 9:244 حدیث 949.

و إذا أوصی إلیه بتفریق مال لم یکن له أخذ شیء منه و إن کان موصوفا بصفات المستحقین،و له إعطاء أهله و أولاده مع الوصف. و لو قال:جعلت لک أن تضع ثلثی فیمن شئت أو حیث رأیت،فله أن یأخذ کما یعطی غیره من غیر تفضیل. جواز الأخذ بین الغنی و الفقیر،لأن محط نظره هو العمل دون الفقر.و علی هذا جری المصنف فی التذکرة (1)و هو ظاهر اختیاره هنا.

قوله: (و إذا أوصی إلیه بتفریق مال لم یکن له أخذ شیء منه و إن کان موصوفا بصفات المستحقین،و له إعطاء أهله و أولاده مع الوصف).

أی:إذا أوصی إلیه بتفریق مال فی قبیل و کان منهم لم یکن له أن یأخذ منه شیئا،لأن المتبادر من اللفظ الصرف إلی غیره،و صرفه إلی نفسه خلاف ظاهر اللفظ، و للروایة.

نعم،لو دلت قرینة حالیة أو مقالیة علی إرادة أخذه عوّل علیها،فیأخذ کأحدهم،إلاّ أن تدل علی أزید.و لو کان أهله و أولاده بالصفة جاز إعطاؤهم قطعا، لتناول اللفظ لهم.

قوله: (و لو قال:جعلت لک أن تضع ثلثی فیمن شئت أو حیث رأیت، فله أن یأخذ کما یعطی غیره من غیر تفضیل).

لما کان لفظ الموصی فی هذا الفرض أدل علی تفویضه فی الصرف لنصبه علی العموم،و ربط الأمر بمشیئته و رأیه،جاز له أن یأخذ هنا مثل غیره.و لو دلت قرینة علی شیء تعیّن المصیر إلیه.

ص:303


1- 1)التذکرة 2:514. [1]

و لو أوصی إلیه بتفریق ثلثه،فامتنع الوارث من إخراج ثلث ما فی یده،فالأقرب إخراج الثلث کله مما فی یده،تجانس المال أو اختلف، قوله: (و لو أوصی إلیه بتفریق ثلثه،فامتنع الوارث من إخراج ثلث ما فی یده،فالأقرب إخراج الثلث کله مما فی یده،تجانس المال أو اختلف).

لو أوصی شخص إلی آخر بتفریق ثلثه فی جهة،و کان بعض المال بید الوارث و بعضه بید الوصی،فامتنع الوارث من إخراج ثلث ما فی یده،ففیه أوجه،أقربها عند المصنف إخراج الثلث کله مما فی ید الوصی،سواء تجانس المال کله أو اختلف.

و وجه القرب أن إخراج الثلث مستحق،فإذا امتنع الوارث عما فی یده و لم یستطع الوصی قهره،توصل إلی إخراج الحق إلی مستحقه اقتصاصا.و لأن الوارث غاصب لثلث ما فی یده،فیغرمه الوصی بدله.و لأنه إذا استأثر بعین الترکة أخذ منه بدلها.و لأن الوصیة تعلقت بثلث الترکة،و هو مفهوم کلی یصدق علی الشائع فی الجمیع و غیره.و إنما أوجبنا الأخذ من کل بعض ثلثه،لأنه أعدل بالنسبة إلی حق الموصی و الوارث.فإذا تعذر أخذ الثلث من کل شیء لم یبطل حق الوصیة،لأن متعلقها أمر کلی،و بانتفاء الجزئی لا ینتفی الکلی.نعم،یسقط وجوب رعایة التقسیط لتعذره، فیخرج الوصی ثلث جمیع الترکة مما فی یده،و هذا هو الأصح.

و قال المصنف فی التذکرة:الوجه أن یقال:إن امتنع الورثة من دفع ثلث ما فی أیدیهم و کان الوصی عاجزا عن قهرهم،أخرج الثلث الذی فی یده-إلی أن قال- و إن لم یکن عاجزا دفع ثلث ما فی یده،و لا یعطی الورثة شیئا حتی یخرجوا ثلث ما فی أیدیهم (1).

و یضعف بأنه إن کان له الإخراج مما فی یده فی هذه الحالة فلا معنی لحبس باقی ما فی یده إلی إخراج الورثة،بل یخرجه،و إلاّ لم یکن له الحبس إذ لا یجوز حبس مال الغیر لحق علیه بمال فی یده.

ص:304


1- 1)التذکرة 2:513. [1]

و له أن یقضی ما یعلمه من الدیون من غیر بینة بعد إحلاف أربابها ورد الودیعة.

الفصل الخامس:فیما به تثبت الوصیة

اشارة

الفصل الخامس:فیما به تثبت الوصیة و أحکام الرجوع:تثبت الوصیة بالمال بشهادة عدلین،و مع عدم عدول المسلمین تقبل شهادة أهل الذمة خاصة، و فرّق بعض العامة بین الجنس الواحد و المتعدد،فجوز الإخراج مما فی یده فی الأول دون الثانی،لأن ذلک معاوضة تتوقف علی التراضی (1).

قوله: (و له أن یقضی ما یعلمه من الدیون من غیر بینة بعد إحلاف أربابها).

لا یسوغ له تحلیف أربابها إلاّ إذا کان مستجمعا شرائط الحکم،و إلاّ لم یجز من دون اذن الحاکم.و لیس للحاکم أن یأذن له فی التحلیف،إلاّ إذا ثبت ذلک عنده، لأنه بدون ذلک تحکیم،فإطلاق عبارة الکتاب معترض.و قد صرح المصنف فی التذکرة بأن الیمین إنما یتولاها الحاکم (2)،و هو حق.

قوله: (ورد الودیعة).

أی:له الاستقلال بذلک إذا کان یعلم کونها ودیعة و إن کان بحیث لو أظهر ذلک لم یثبت ظاهرا.و کذا العاریة،و الغصب،و ما جری هذا المجری.

قوله: (فیما به تثبت الوصیة و أحکام الرجوع:

تثبت الوصیة بالمال بشهادة عدلین،و مع عدم عدول المسلمین تقبل شهادة أهل الذمة خاصة).

الوصیة إما بالمال،أو بالولایة.فأما الوصیة بالمال-و هی المقصودة هنا-فإنها تثبت بشهادة عدلین قطعا.

ص:305


1- 1)قاله أحمد بن حنبل کما فی المغنی لابن قدامة 6:610.
2- 2) التذکرة 2:514. [1]

..........

و مع عدم عدول المسلمین تقبل شهادة عدول أهل الذمة لقوله تعالی أَوْ آخَرانِ مِنْ غَیْرِکُمْ (1)و لما رواه یحیی بن محمد عن الصادق علیه السلام قال:سألته عن قول اللّه تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا شَهادَةُ بَیْنِکُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ حِینَ الْوَصِیَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَیْرِکُمْ ؟قال:«اللذان منکم مسلمان، و اللذان من غیرکم أهل الکتاب،فإن لم تجدوا من أهل الکتاب فمن المجوس،لأن رسول الله صلّی اللّه علیه و آله سن فی المجوس سنة أهل الکتاب فی الجزیة».

قال:«و ذلک إذا مات فی أرض غربة فلم یجد مسلمین،أشهد رجلین من أهل الکتاب یحبسان من بعد الصلاة فیقسمان باللّه لا نشتری به ثمنا و لو کان ذا قربی و لا نکتم شهادة اللّه إنّا إذا لمن الآثمین».

قال:«و ذلک إن ارتاب ولی المیت فی شهادتهما،فإن عثر علی أنهما شهدا بالباطل فلیس له أن ینقض شهادتهما،حتی یجیء شاهدان فیقومان مقام الشاهدین الأولین فَیُقْسِمانِ بِاللّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما،وَ مَا اعْتَدَیْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِینَ ) (2)، الحدیث.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن الآیة محکمة عند أهل البیت علیهم السلام،و قول بعضهم:إنما منسوخة،مردود بما روی عنهم علیهم السلام.

و لا ریب أن غیر أهل الذمة لا تقبل شهادتهم،للنص و الإجماع،و إنما تقبل شهادتهم إذا کانوا عدولا فی دینهم،لاشتراط العدالة فی المسلمین ففی الکافر أولی، لیکون جابرا لبعض نقصه.و لا یشترط لقبول شهادة الذمیین حیث یقبل حلفهما، لأن ذلک مع الریبة کما فی الروایة.

فرع:لو وجد مسلمان مجهولان فهما أولی من شهود أهل الذمة،و لو وجد

ص:306


1- 1)المائدة:106. [1]
2- 2) الکافی 7:4 حدیث 6، [2]الفقیه 4:142 حدیث 487،التهذیب 9:178 حدیث 715.

و شهادة واحد مع الیمین و مع امرأتین،و تقبل المرأة فی ربع ما شهدت به.

و هل یفتقر إلی الیمین؟فیه اشکال،و شهادة اثنین فی النصف،و ثلاث فی ثلاثة أرباع،و أربع فی الجمیع. فاسقان مسلمان:فإن کان فسقهما بغیر الکذب و الخیانة فالأولی أنهما أولی من أهل الذمة،و لو کان فسقهما یتضمن عدم التحرز من الکذب فأهل الذمة أولی،ذکر ذلک فی التذکرة (1)،و للنظر فیه مجال.

و اعلم أن الروایة (2)و إن کان فیها ذکر بلد الغربة إلاّ انه غیر شرط،لأن ذلک خرج مخرج الغالب،فإن من تعذر علیه شهود المسلمین فی بلده کذلک،نص علیه فی التذکرة (3).

قوله: (و شهادة واحد مع الیمین و مع امرأتین).

المراد ثبوت الوصیة بالمال بشهادة عدل مسلم مع یمین الموصی له،و بعدل واحد مع امرأتین،لأن ذلک مال،و قد دل قوله تعالی فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ (4)علی الاکتفاء برجل و امرأتین،و الإجماع علی الاکتفاء بالشاهد الواحد مع الیمین.

قوله: (و تقبل المرأة فی ربع ما شهدت به،و هل یفتقر إلی الیمین؟فیه اشکال.و شهادة اثنین فی النصف،و ثلاث فی ثلاثة أرباع،و أربع فی الجمیع).

روی من طریق الأصحاب عن الباقر علیه السلام عن أمیر المؤمنین علیه السلام:انه قضی فی وصیة لم یشهدها إلاّ امرأة،فأجاز حساب شهادة المرأة ربع

ص:307


1- 1)التذکرة 2:522. [1]
2- 2) الفروع 7:4 حدیث 6،الفقیه 4:142 حدیث 487،التهذیب 9:178 حدیث 715.
3- 3) التذکرة 2:522. [2]
4- 4) البقرة:282. [3]

و هل یثبت النصف أو الربع بشهادة الرجل من غیر یمین؟الأقرب ثبوت الربع إن لم نوجب الیمین فی طرف المرأة، الوصیة (1).و فی معناها صحیحة ربعی عن الصادق علیه السلام (2).فعلی هذا یثبت بشهادة امرأتین نصف،و بشهادة ثلاث ثلاثة أرباع،و به صرح الأصحاب.و لا یخفی أن ذلک مع وصف العدالة.

و هل یفتقر فی الحکم بالمشهود به فی هذه المواضع إلی الیمین من المشهود له؟ فیه اشکال:من إطلاق النص بالثبوت من غیر تقیید بالیمین،فلو اعتبر لزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة.و إطلاق الأصحاب ثبوت ربع الوصیة و ربع میراث المستهل بشهادة الواحدة من غیر تقیید بالیمین.

و من أن الشهادة بعض النصاب،فلا یثبت بها شیء ما لم ینضم إلیها الیمین، کما فی شهادة الشاهد الواحد.و اختاره المصنف فی التذکرة (3)،و بالأول صرح ابن إدریس (4)،و هو الأصح.و الیمین مع الشاهد الواحد لإثبات جمیع المشهود به،فلا یلزم مثله هنا.

قوله: (و هل یثبت النصف أو الربع بشهادة الرجل من غیر یمین؟ الأقرب ثبوت الربع إن لم نوجب الیمین فی طرف المرأة).

فی قبول شهادة الرجل من غیر یمین فی شیء من الوصیة وجهان:

أحدهما:تقبل،لأن المرأة تقبل شهادتها فی شیء فالرجل أولی،لأن شهادته أقوی من شهادتها،لأن شهادته تعدل بشهادة امرأتین قطعا.

و الثانی:لا لأن النص إنما ورد علی المرأة،و الأولویة غیر معلومة.

ص:308


1- 1)التهذیب 6:267 حدیث 717،الاستبصار 3:28 حدیث 88.
2- 2) التهذیب 6:268 حدیث 718،الاستبصار 3:28 حدیث 89.
3- 3) التذکرة 2:522. [1]
4- 4) السرائر:187.

و الأقرب وجوب الیمین لو شهد عدل و ذمی. فإن قلنا بالثانی فلا بحث،و إن قلنا بالأول فهل الشیء الذی تقبل شهادته فیه وحده النصف أم الربع؟فیه وجهان:

أحدهما:القبول فی النصف،لأن شهادة المرأة ربع النصاب،و شهادته نصفه، فیثبت بشهادته ضعف ما یثبت بشهادتها.و أقربهما عند المصنف ثبوت الربع،فإن الأولویة إن تثبت فإنما هی بالنسبة إلی الربع خاصة.

و هذا کله إنما یکون إذا قلنا بثبوت الربع بشهادة المرأة من غیر یمین،فإن اشترطنا الیمین معها سقط هذا البحث رأسا،لأن الجمیع یثبت بشهادة الرجل مع الیمین قطعا.

و اعلم أن عبارة الکتاب لا یظهر منها احتمال عدم ثبوت شیء بشهادة الرجل وحده أصلا،بل إنما تدل علی احتمال فی ثبوت الربع أو النصف لا غیر.لکنه صرح فی التذکرة بأن فی ثبوت شیء بشهادته اشکالا (1).و لا یخفی أن هذه مسألة واحدة فیها احتمالان،لا مسألتان کما تخیله الشارح الفاضل ولد المصنف (2).

و اعلم أیضا ان شیخنا الشهید فصّل فی بعض حواشیه بما حاصله:أنّ شهادة الرجل وحدها لا یثبت بها شیء،إلاّ إذا لم یتمکن الموصی له من الیمین،لانتفاء علمه بالوصیة.

أقول:و ینبغی أن یکون الحکم فیمن لا یعتد بیمینه کالصبی و المجنون کذلک، و أنا فی ذلک کله من المتوقفین،علی أن إلغاء شهادة الرجل أصلا بعید.

قوله: (و الأقرب وجوب الیمین لو شهد عدل و ذمی).

المراد انه إذا شهد بالوصیة بالمال عدل مسلم و ذمی،فهل تثبت بشهادتهما الوصیة،أم تلغو شهادة الذمی و یجب الیمین لتکمیل الحجة و إثبات الوصیة؟فیه

ص:309


1- 1)التذکرة 2:522.
2- 2) إیضاح الفوائد 2:634.

و لا تثبت الولایة إلاّ بشهادة عدلین،و لا تقبل شهادة النساء و إن کثرن،و لا شاهد و یمین.و فی قبول أهل الذمة مع عدم عدول المسلمین نظر، أقربه عدم القبول. وجهان:أحدهما الثبوت،لأن شهادة الذمیین إذا ثبت بها مع تعذر غیرهما فالمسلم و الذمی أولی.

و أقربهما عند المصنف العدم،لأن قبول شهادة الذمی علی خلاف الأصل، و النص إنما ورد فی الذمیین حیث لا یوجد المسلم،فیقتصر علی مورده.و لأن شهادة المسلم یمکن ضم الیمین إلیها فتکمل الحجة،فلا حاجة إلی شهادة الذمی،و ما قربه المصنّف أقرب.

فرع:لو لم یعلم الموصی له بالوصیة فلم یمکنه الحلف،فهل تقبل شهادة الذمی مع المسلم هنا؟الظاهر العدم،اقتصارا فیما خالف أصول المذهب علی مورد النص.

قوله: (و لا تثبت الولایة إلاّ بشهادة عدلین،و لا تقبل شهادة النساء و إن کثرن،و لا شاهد و یمین.و فی قبول أهل الذمة مع عدم عدول المسلمین نظر،أقربه عدم القبول).

لا خلاف بین الأصحاب فی أن الوصیة بالولایة لا تثبت بشهادة النساء منفردات و لا منضمات،و لا بشاهد عدل و یمین،بل بشهادة عدلین مسلمین.

و هل تثبت بشهادة عدول أهل الذمة مع عدم المسلمین؟فیه نظر،ینشأ:من أن الوصیة المتضمنة لنقل الملک تثبت بشهادتهما،فالوصیة بالولایة التی هی عبارة عن سلطنة التصرف أولی،لأنها أحق من نقل الملک،و لأن ظاهر الآیة (1)لا یأبی ذلک.

ص:310


1- 1)البقرة:282.

و لو اشهد عبدین علی حمل أمته أنه منه و أنهما حران،ثم مات فردت شهادتهما و أخذ الترکة غیره،ثم أعتقهما و شهدا قبلت للولد و رجعا رقا.

و یکره له استرقاقهما. و من أن قبول شهادة الکافر علی خلاف الأصل،لأنه فاسق فیجب التثبت عند خبره،و لا یجوز الرکون إلیه لأنه ظالم،و قبول الشهادة رکون.

و الأقرب عند المصنف عدم القبول،لضعف دلیله،فإن الأولویة ممنوعة.

و النص إنما نزل علی الشهادة بالمال فلا یتجاوز به ذلک،و هذا هو المختار.

قوله: (و لو أشهد عبدین علی حمل أمته أنه منه و أنهما حران،ثم مات فردت شهادتهما و أخذ الترکة غیره،ثم أعتقتهما و شهدا قبلت للولد و رجعا رقا، و یکره استرقاقهما).

مستند هذا الحکم ما رواه داود بن فرقد قال:سئل أبو عبد اللّه علیه السلام عن رجل کان فی سفره و معه جاریة له و غلامان مملوکان،فقال لهما:أنتما أحرار لوجه الله تعالی،و اشهد أن ما فی بطن جاریتی هذه منی.فولدت غلاما،فلما قدموا علی الورثة أنکروا ذلک و استرقوهم،ثم أن الغلامین عتقا بعد ذلک فشهدا بعد ما أعتقا أن مولاهما الأول أشهدهما أن ما فی بطن جاریته منه قال:«تجوز شهادتهما للغلام و لا یسترقهما الغلام الذی شهدا له فإنهما أثبتا نسبه» (1).

و المراد بذلک الاستحباب بدلیل ما رواه الحلبی.عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی رجل مات و ترک جاریة و مملوکین،فورثهما أخ له فأعتق العبدین،و ولدت الجاریة غلاما،فشهدا بعد العتق أن مولاهما کان أشهدهما انه کان ینزل علی الجاریة و أن الحمل منه،قال:«تجوز شهادتهما و یردا عبدین کما کانا» (2)

ص:311


1- 1)الکافی 7:20 حدیث 16، [1]الفقیه 4:157 حدیث 544،التهذیب 9:222 حدیث 870،الاستبصار 4:136 حدیث 512.
2- 2) التهذیب 9:222 حدیث 871،الاستبصار 4:136 حدیث 511.

و لا تقبل شهادة الوصی فیما هو وصی فیه،و لا فیما یجر به نفعا و إن کان اتساع ولایة. و الوصیة عقد جائز من الطرفین،یجوز للموصی الرجوع فیها،سواء کانت بمال أو ولایة.

و یتحقق الرجوع
اشارة

و یتحقق الرجوع بالتصریح،و بفعل ما ینافی الوصیة،و ینظمها أمور أربعة:

الأول:صریح الرجوع

الأول:صریح الرجوع مثل:رجعت،و نقضت،و فسخت،و هذا و اعلم أن عبارة الکتاب لیست بتلک الحسنة،لأن ظاهرها أنه أشهد العبدین علی الحمل و علی أنهما حران،و لا معنی لذلک.و المراد انه أعتقهما کما فی الروایة،لکن العبارة لا تؤدیه کما ینبغی.

قوله: (و لا تقبل شهادة الوصی فیما هو وصی فیه،و لا فیما یجر به نفعا و إن کان اتساع ولایة).

یجوز عود الضمیر فی(یجر)إلی الشهادة و الی الوصی،فیجوز بالتاء و الیاء، و قد سبق شرح ذلک فلا حاجة إلی إعادته،بل اعادة المصنف له تکرار.

قوله: (و الوصیة:عقد جائز من الطرفین،یجوز للموصی الرجوع فیها،سواء کانت بمال أو ولایة.و یتحقق الرجوع بالتصریح،و بفعل ما ینافی الوصیة،و ینظمها أمور أربعة).

قد سبق فی أول بحث أحکام الوصیة أن الوصیة بالمال و الولایة عقد جائز من الطرفین،فاعادته تکرار،إلاّ انه إنما أعاده لیبنی علیه أحکام الرجوع.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن الرجوع قد یکون بالقول،و قد یکون بالفعل.

و القول قد یکون دالا علی ذلک صریحا،و قد یدل علیه ضمنا،و المراد انه یستلزمه.و قد یدل علیه باعتبار إشعاره بإرادة الرجوع،فهذه هی الأمور الأربعة.

قوله: (الأول:صریح الرجوع مثل:رجعت،و نقضت،و فسخت،

ص:312

لوراثی. و لو قال:هو من ترکتی فلیس برجوع علی اشکال. و لو قال:هو میراثی،أو:هو حرام علی الموصی له،أو هو میراث أو إرث فهو رجوع.

الثانی:ما یتضمن الرجوع کالبیع

الثانی:ما یتضمن الرجوع کالبیع،و العتق،و الکتابة،و الهبة مع و هذا لوارثی).

أما قوله:(رجعت و نقضت و فسخت)و ما جری هذا المجری فی الصراحة فلا خلاف فی أنه رجوع.

و أما قوله:(هذا لوارثی،أو میراث عنی)،فقد قال بعض الشافعیة:لا یکون رجوعا،لأنه لو أوصی بشیء لزید ثم أوصی به لعمرو لم یکن رجوعا بل یشترکان فیه،فها هنا کذلک،و تبطل نصف الوصیة (1).و لیس بشیء،لمضادة الثانی الأول،فإنه قد حکم بکونه للورثة،و لا یکون للورثة إلاّ إذا بطلت الوصیة،و الحکم فی الأصل الذی استدلوا به ممنوع.

قوله: (و لو قال:هو من ترکتی،فلیس برجوع علی اشکال).

ینشأ:من عدم التضاد،إذ الموصی به من جملة الترکة.و من أن المتبادر من لفظ الترکة ما کان حقا للورثة.و لیس بشیء لأن الترکة اسم لکل ما یخلّفه المیت من الأموال،و هذا أقوی.

قوله: (و لو قال:هو میراثی،أو:هو حرام علی الموصی له).

وجهه أن المیراث اسم لما یصیب الورثة بالإرث فیضاد الوصیة.و أما قوله:(هو حرام علی الموصی له)فلأنه لو حرم طعامه علی غیره لم یکن له أکله.

قوله: (الثانی:ما یتضمن الرجوع کالبیع و العتق و الوصیة.).

هذا هو القسم الثانی،و هو ما یتضمن الرجوع-أی یستلزمه-و ذلک مثل

ص:313


1- 1)انظر:المجموع 15:499،الوجیز 1:281.

الإقباض و بدونه،لکن لا یملک هنا المتهب.و کذا الرهن و الوصیة بالبیع و الکتابة.

و لو اوصی به لزید،ثم أوصی به لعمرو،فهو رجوع ما لم ینص علی التشریک.

البیع،لأنه یستلزم نقد الملک إلی المشتری فیمتنع معه بقاء الوصیة.و کذا العتق،لأنه یقتضی زواله،و الکتابة فإنها تقتضی انقطاع السلطنة التی من جملتها الوصیة.

و کذا الهبة لکن مع الإقباض،لأن الملک لا ینتقل إلاّ به،أما بدونه فهو من مقدمات الأمور التی لو تحققت لناقضت الوصیة إذ لا یثمر الملک،فکان حقه أن یعده فی الثالث،و لم یعده فی التذکرة مع البیع و نظائره.

و کذا الرهن-خلافا لبعض الشافعیة (1)-لأنه یقتضی منع الراهن من التصرف،و تسلط المرتهن علی استیفاء حقه من القیمة.و کذا الوصیة بالبیع و الکتابة، فإن الوصیة بالمنافی منافیة أیضا.

و اعلم أن بعض العامة لم یعد البیع رجوعا،لأنه یتضمن أخذ البدل،بخلاف الهبة (2)،و لیس بشیء.

قوله: (و لو أوصی به لزید ثم أوصی به لعمرو فهو رجوع.).

وجهه التضاد بین الوصیتین،لامتناع حصوله لکل منهما،و الطاریة رافعة لحکم الأولی،لأن العمل بالوصیة واجب و الرجوع عن الاولی محتمل،بخلاف الثانیة.

نعم،لو نص علی التشریک أو دلت علیه قرینة وجب المصیر إلیه،و کذا لو دلت قرینة علی صدور الوصیة الثانیة لنسیان الاولی و انه لم یرجع عنها فإن العمل بالأولی.

ص:314


1- 1)المجموع 15:499،المغنی لابن قدامة 6:519.
2- 2) المغنی لابن قدامة 6:519.

و لو قال:الذی أوصیت به لزید فقد أوصیت به لعمرو فهو رجوع،و التدبیر رجوع. و لو أوصی له بثلث ماله ثم باع المال لم یکن رجوعا،بخلاف ثلث معین أو عین مخصوصة.

و لو رجع عن المصرف بأن أوصی لزید بعین،ثم لعمرو بأخری و قصر الثلث،ثم أوصی بالأولی لبکر فالأقرب تقدیم وصیة عمرو.

قوله: (و التدبیر رجوع).

لأنه فی معنی الوصیة المضادة،فإنه إما وصیة أو عتق بصفة،و کلاهما یستلزم الرجوع.

و قال بعض الشافعیة:أنه لیس برجوع،بل یجتمع بین الوصیتین و یصیر نصفه مدبرا (1)،و لیس بشیء.

قوله: (و لو أوصی بثلث ماله ثم باع.).

الثلث المعین کثلث المال الموجود،و العین المخصوصة کعبد هو ثلث الترکة.

و الفرق بین الوصیتین:ان متعلق الاولی الترکة فی الجملة،و متعلق الثانیة ذلک المعیّن.

قوله: (و لو رجع عن المصرف.).

أی:علی الوصیة لبکر.و وجه القرب تأخر وصیة بکر عن وصیة عمرو،فإن الوصیة لبکر وصیة مستأنفة غیر الاولی،و قد بطلت الاولی،فیدخل النقص علی الأخیرة و هی التی لبکر.

و یحتمل تقدیم وصیة بکر،لأن الوصیة بالعین الاولی سابقة علی الوصیة بالعین الأخیرة،و الأسبق مقدّم عند القصور.و اختلاف الموصی لهم لا یمنع تقدیم الوصیة، فضعفه ظاهر،لأن الوصیة الأولی قد بطلت قطعا بالرجوع عنها،و هذه وصیة أخری مستأنفة.

ص:315


1- 1)المجموع 15:499.
الثالث:مقدمات الأمور التی لو تحققت لناقضت الوصیة

الثالث:مقدمات الأمور التی لو تحققت لناقضت الوصیة کالعرض علی البیع،و مجرد الإیجاب فی الرهن و الهبة. أما تزویج العبد و الأمة،و إجارتهما و ختانهما و تعلیمهما فلیس برجوع، قوله: (الثالث:مقدمات الأمور التی لو تحققت لناقضت الوصیة کالعرض علی البیع،و مجرد الإیجاب فی الرهن و الهبة).

هذا هو القسم الثالث من أسباب الرجوع،و هو فعل ما یدل علی ارادة الرجوع،و ذلک مقدمات الأمور المنافیة للوصیة،مثل العرض علی البیع لإرادة البیع، فإنه قرینة دالة علی ارادة الرجوع عن الوصیة،و هو أظهر الوجهین عند المصنف فی التذکرة (1).

و ینبغی أن یکون العرض علی الهبة أیضا کذلک،و قد صرح به فی التذکرة (2).

و ینبغی أن یکون العرض علی الرهن و علی القرض و علی المعاوضة علی الموصی به بالصلح أیضا کذلک.

و لو دلت قرینة علی عدم ارادة الرجوع بذلک عوّل علیها،و علی مجرد الإیجاب فی الرهن کالعرض علی البیع،بل العقد کله عند من یشترط القبض فیه کذلک،و مجرد الإیجاب فی الهبة کذلک.و کذا العقد کله علی ما نبهنا علیه سابقا.و هذه العبارة لا تأبی إرادة العقد کله،لإمکان کون الهبة معطوفة علی الإیجاب لا علی الرهن.

قوله: (أما تزویج العبد و الأمة.).

و کذا الإعارة،و الاذن فی التجارة،و الاستخدام،و رکوب الدابة و لبس الثوب، لأن نحو هذه التصرفات لا تنافی الوصیة،و لا تدل علی ارادة الرجوع،إذ هی إما انتفاع خاص ممن له المنفعة و الرقبة فإنهما مملوکان له قبل الموت،و إما استصلاح

ص:316


1- 1)التذکرة 2:516. [1]
2- 2) التذکرة 2:516. [2]

و الوطء مع الاعتزال لیس برجوع،و بدونه دلیل علی قصد الرجوع،لأنه تسری.

محض.و ربما کانت فائدته راجعة إلی الموصی له.

قوله: (و الوطء مع الاعتزال.).

المراد:أنه لو وطأ الموصی الجاریة الموصی بها،فإن وطأها مع العزل عنها فلیس برجوع،لأنه کالاستخدام،لکن لو اتفق الحبل صارت أم ولد فتبطل بالوصیة،إلاّ أن یموت الولد قبل موت الموصی فإن فی بقاء الوصیة وجها،لأن الاستیلاد الذی حصل اتفاقا إنما تنافی إذا بقی الولد حیا الی أن یموت الموصی.

و إن وطأها و لم یعزل ففیه وجهان،أصحهما عند المصنف هنا انه رجوع،لأن الظاهر انه أراد الاستیلاد و التسری،فکان کالعرض علی البیع.و الثانی لا یکون رجوعا،لأن حصول الحبل معه لیس بلازم و لا أکثری الوقوع،فربما أنزل و لم یحصل، و ربما عزل فسبق الماء.

و قد یجاب بأن الحکم دائر مع ارادة الرجوع لا مع حصول المنافی،و متی تحرز من المنافی بالعزل کان ذلک دلیلا علی ارادة بقاء الوصیة،بخلاف ما إذا أقدم علی ما من شأنه أن یتولد عنه من غیر مبالاة به.

و لقائل أن یقول:إن حصول المنافی بالوطء مع عدم العزل لما لم یکن أکثریا، لم یکن الاقدام علیه دالا علی ارادة الرجوع،و الأصل بقاء الوصیة،فیتمسک به.و لم یرجّح المصنف فی التذکرة (1)شیئا من الوجهین.و المتجه أنه بمجرده من دون قرینة سواه لا یکون رجوعا.

و اعلم أن المراد بالاعتزال الواقع فی العبارة:العزل عند الوطء،و استعمال هذا اللفظ فی هذا المعنی غیر معروف و ان کان صحیحا فی نفسه،إذ الاعتزال عند الانزال

ص:317


1- 1)التذکرة 2:516. [1]

و لو أوصی له بسکنی دار سنة،ثم آجرها سنة لم تنفسخ فإن مات فالأقرب أن له سنة کاملة بعد انقضاء مدة الإجارة.

مؤد للمراد،و هو صحیح عربی.

و التسری عبارة عن اتخاذ المملوکة للوطء،و حقه أن یکون فی الکتاب بغیر یاء، لأنه کالقاضی و قد وقع منکرا مرفوعا.و یمکن أن یحمل علی انه فعل ماض و فاعله ضمیر الموصی،و هذا ألیق لبعد حصول هذا الخلل فی العبارة و بقائه.

قوله: (و لو أوصی له بسکنی دار سنة.).

أی:لو أوصی له بسکنی الدار الفلانیة سنة غیر معینة،ثم آجرها الموصی سنة لم تنفسخ الوصیة،و لم یکن ذلک رجوعا عنها،إذ لا منافاة بین مجرد الإجارة و الوصیة المذکورتین.

ثم ینظر،فإن مات بعد انقضاء مدة الإجارة فلا بحث.و إن مات قبله ففی بطلان الوصیة وجهان،أقربهما عند المصنف عدمه،فیستحق الموصی له سنة کاملة بعد انقضاء مدة الإجارة.

و وجهه:أنّ الموصی به سنة علی الإطلاق لا السنة الأولی،لأنه المفروض.

و إیجاب السنة الأولی للمبادرة إلی تنفیذ الوصیة و إیفاء الحق،فإذا منع من الأولی مانع تدارکنا بسنة أخری.و الإجارة مانع،لأنها ناقلة للمنفعة إلی ملک المستأجر.و هی محمولة علی السنة المتصلة بالعقد،إذ لو لا ذلک لبطلت،لعدم تعیین المبدأ.

و الثانی:بطلان الوصیة،لأن المستحق للموصی له هو السنة الأولی بعد الموت، و من ثم لم یکن للوارث تسلیم غیرها لو امتنع الموصی له،و قد استحقت بالإجارة، فتبطل الوصیة للمنافاة،و لأن الإقدام علی الإجارة سنة مع إمکان موته فی الحال،و اتحاد زمان الإجارة و الوصیة المقتضی للمنافاة دلیل علی ارادة الرجوع.و ضعفه ظاهر، و الأصح الأول.

ص:318

الرابع:الفعل المبطل للاسم

الرابع:الفعل المبطل للاسم،کما لو اوصی له بحنطة فطحنها، أو بدقیق فعجنه،أو غزل فنسجه،أو قطن فغزله،أو بدار فهدمها،أو بزیت فخلطه بغیره،و کذا الحنطة لو مزجها هذا مع التعیین.

و یحتمل البطلان إن لم تنقض مدة الإجارة إلاّ بعد سنة من حین الموت،لفوات الموصی به حینئذ،أما لو انقضت مدة الإجارة قبل مضی سنة من حین الموت فإن باقی السنة للموصی له.و هذا کله توهما أن متعلق الوصیة هو السنة الأولی،و قد عرفت بطلانه.

قوله: (الرابع:الفعل المبطل للاسم،کما لو أوصی له بحنطة فطحنها.).

القسم الرابع من أسباب الرجوع:إبطال الموصی للاسم الذی هو متعلق الوصیة،کما لو أوصی له بحنطة فطحنها،أو بدقیق فعجنه،أو بعجین فخبزه،أو بغزل فنسجه،أو بقطن فعزله،أو بدار فهدمها،أو بزیت فخلطه بغیر جنسه أو بغیر ذلک الزیت،أو بحنطة فمزجها بغیر الجنس أو بحنطة أخری.

و الحکم المذکور فی الزیت إذا خلطه و الحنطة إذا مزجت إنما هو مع تعیین الحنطة و الزیت الموصی بهما،فقوله:(هذا)إشارة إلی الحکم المذکور فی الزیت و الحنطة.و لا یستقیم ذلک فی الوصیة بالحنطة و الزیت إذا خلطهما بجنسهما.

و وجه البطلان فی ذلک کله:أنه بفعله ذلک قد رجع عن وصیته،لأن اسم الموصی به قد بطل قبل استحقاق الموصی له،و کانت الوصیة متعلقة بذلک الاسم، فإذا بطل بطل الاستحقاق.و لأن الوصیة إنما تملک بعد الموت،فلو کان علی قصده الأول لاستدام الموصی به.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن ظاهر عبارة الکتاب یتناول بالإطلاق الوصیة بحنطة، و الوصیة بهذه الحنطة المعینة.فإذا أوصی بحنطة و أطلق فطحن حنطة بطلت الوصیة، لأن الظاهر أنه لو أراد بقاء الوصیة لم یفعل ما ینافیها،و طحن الحنطة یراد للأکل،

ص:319

أما لو أوصی بصاع من صبرة ثم صب علیها غیرها،فإنه لا یکون و کذا لو أوصی بهذه الحنطة فطحنها.

و قد فرق المصنف فی التذکرة بین ما إذا أوصی بحنطة أو دقیق فطحنها و عجنه فإنها تبطل،و بین ما إذا أشار إلی حنطة أو دقیق فقال:أوصیت بهذا،أو قال:أوصیت بما فی البیت،فذکر أن فی بطلان الوصیة هنا إشکالا أقربه العدم إذ الاسم تعلقت الوصیة به هنا (1).

و أقول:إن الاشکال آت فی کل من القسمین:أما فی الأول:فلأن الوصیة بأمر کلی حتی لو لم یوجد فی الترکة حنطة و لا دقیق و لا زیت وجب الشراء،فإذا طحن الحنطة التی عنده لم یبطل متعلق الوصیة-و کذا غیرها-بل یجب أن یشتری من الترکة الموصی به و یصرف إلی الموصی له.نعم،لو تعذر وجوده أصلا بطلت الوصیة، أو قال:أعطوه من حنطة ترکتی فطحنها،فإن البطلان هنا واضح،فیمکن حمل کلامهم علی ذلک.

و أما فی القسم الثانی:فلأن الوصیة إذا تعلقت بعین مخصوصة لم یبطل إلاّ بتلفها،أو بحصول القرینة الدالة علی الرجوع،کطحن الموصی الحنطة لیأکلها لا بدونها.و صیرورة الحنطة دقیقا لا تعد تلفا عرفا،فلا تبطل الوصیة بمجرده.

و لو کان الفعل المبطل للاسم صلاحا له،کطحن الحنطة لدفع الدود عنها،أو خبز العجین محاذرة أن یفسد،فعدم کونه رجوعا أظهر،إذ هو کتعلیم العبد و الجاریة.

و لو حصل الطحن و العجن من غیر اذن الموصی فبقاء الوصیة أظهر،و قد صرح به المصنف فی التذکرة (2) قوله: (أما لو أوصی بصاع من صبرة ثم صب علیها غیرها فإنه لا

ص:320


1- 1)التذکرة 2:516. [1]
2- 2) التذکرة 2:516. [2]

رجوعا ان کان الممزج به مماثلا،و إن کان أجود فهو رجوع،لأنه أحدث فیه زیادة و لم یرض بالتملیک فیها.

و لو کانت أردأ لم یکن رجوعا و لو انهالت علیه حنطة أجود ففی کونه رجوعا اشکال.

یکون رجوعا.).

أی:الحکم الذی سبق فی الزیت و الحنطة إنما هو مع تعیینهما و تشخیصهما،أما لو أوصی بصاع من صبرة ثم صب علیها غیرها فإنه لا یخلو:إما أن یکون الممزوج بها مماثلا،أو أجود،أو أردأ.

فإن کان مماثلا لم یکن ذلک رجوعا،لأن الموصی به هنا مختلط بغیره،فلا تضر زیادة الخلیط،و لا یختلف به الغرض.کذا علل المصنف فی التذکرة (1)،و فیه نظر،لأن الممزوج به لیس متعلق الوصیة،فلو أبقینا الوصیة لزم إعطاء ما لیس موصی به،فکان الموصی به تالف،لتعذر فصله.

و إن کان الممزوج أجود کان رجوعا،لأنه بالمزج أحدث زیادة لم تتناولها الوصیة و لم یثبت رضاه بتملیکها.و فیه نظر،لأن هذا لو اقتضی الرجوع لاقتضاه، إذا انهالت الجیدة بنفسها أو مزجها غیره.و یمکن الاحتجاج بأن مزجها بالأجود قرینة علی ارادة الرجوع،و فیه منع.

و لو خلطها بالأردإ فکالخلط بالمثل بل أولی،لأن بعض المأخوذ دون حقه.

و لم یفرق فی التحریر بین المزج بالأجود و غیره فی انه لیس برجوع (2)،و الذی یقتضیه النظر عدم الفرق،فإن کان الخلط مقتضیا للرجوع وجب أن یقتضیه مطلقا، و إلاّ فلا مطلقا أیضا،فیمکن فی الأجود أن یکون شریکا بنسبة القیمتین.و عدم اقتضاء الخلط الرجوع لا یخلو من وجه،و إنما یأخذ فی صورة المزج بالأردإ صاعا،و لا

ص:321


1- 1)التذکرة 2:516. [1]
2- 2) التحریر 1:293. [2]

و لو بنی عرصة أوصی بها فهو رجوع،و کذا لو غرسها،و کذا لو اوصی بثوب فقطعه قمیصا أو بخشب فاتخذه بابا،أو بشیء فنقله من بلد الموصی له إلی مکان بعید علی اشکال فی ذلک کله.

تعتبر القیمة هنا لانتفاء الدلیل.

هذا حکم ما إذا خلطها الموصی،فلو انهالت علی الموصی به من الحنطة حنطة أجود ففی بطلان الوصیة إشکال-و کذا لو خلطها غیره بغیر إذنه-ینشأ:من أصالة بقاء الوصیة لبقاء الموصی به و من وجوب العمل بالوصیة ما أمکن،و هو ممکن هنا.

و من أن الاختلاط یصیّر المختلط کالتالف،لتعذر تمییزه و تسلیمه.و هو ضعیف، لأنه موجود قطعا،و تعذر تسلیمه لا یخل بالوصیة،لا مکان الرجوع الی القیمة فیکون شریکا بنسبة القیمتین.

و فی التذکرة حکم بدخول الزیادة الحاصلة بالجودة فی الوصیة (1).و قید المصنف بالأجود احترازا عن المماثل و الأردأ،فإن الظاهر جزمه ببقاء الوصیة مع اختلاطهما.

و فی قوله:(ففی کونه رجوعا)توسع ظاهر،لأن ذلک لا یعد رجوعا قطعا،إذ لیس من فعل الموصی و لا یعلمه،فکیف یعد رجوعا منه عن الوصیة؟بل المراد لازمه و هو بطلان الوصیة.

قوله: (و لو بنی عرصة أوصی بها فهو رجوع.).

لو أوصی بعرصة-و هی الأرض الخالیة من البناء و الغرس-فانتفع بها بزرع و نحوه فلیس رجوعا جزما،لأنه کلبس الثوب.و لو بنی فیها أو غرس ففی کونه رجوعا إشکال ینشأ:من أن البناء و الغراس یقصد بهما الدوام،فیشعر ذلک بأنه قصد إبقاءها لنفسه و أبطل قصده الأول.

و من أن أصالة بقاء الوصیة،و الانتفاع بالموصی به ما دام الموصی حیا حقه،

ص:322


1- 1)التذکرة 2:517. [1]

..........

لأن الرقبة و المنافع مملوکة له و أثر الوصیة إنما هو بعد الموت،و فی ذلک الوقت یخرج الموصی به عن ملکه،فلا یکون البناء و الغرس دلیلا علی استیثاره بالعرصة بعد الموت الذی هو زمان التملیک بالوصیة.

فإن قلنا بالبطلان فهل هو فی موضع البناء و الغرس خاصة دون البیاض المتخلل أو مطلقا؟فیه احتمالان،الثانی منهما-تفریعا علی البطلان-أوجه،لأنه بدون ذلک ینقص الانتفاع بالغرس و البناء،و تقل الرغبات فیهما،و یحصل عیب الشرکة.

و علی الصحة،فهل ینتظر بالانتفاع بالموصی به زوال البناء و الغرس یوما،أم یستحق الانتفاع فی الحال حین الموت،و هل یکون إبقاء البناء و الغرس حقا واجبا علیه مجانا أم لا؟لم أظفر فی ذلک کله بتصریح،و الذی ینساق إلیه النظر وجوب الإبقاء علیه مجانا تفریعا علی الصحة.

و کذا الاشکال لو أوصی بثوب فقطعه قمیصا و نحوه،أو بخشب فاتخذه بابا أو نحوه.و منشؤه:من أصالة بقاء الوصیة،و من أن هذا الفعل دلیل علی الاستیثار بالموصی به و الاختصاص فهو قرینة الرجوع.

و کذا الاشکال لو أوصی بشیء فنقله من بلد الموصی له إلی مکان بعید.

و منشؤه من الاستصحاب،و أن هذا الفعل قرینة علی ارادة الرجوع،إذ لو لا قصد الرجوع لم یبعده عن الموصی له.

و اختار فی التذکرة فی قطع الثوب قمیصا انه رجوع،و کذا فی صبغه و قصره.

و فی نقل الموصی به الی البعید انه لیس برجوع (1).و الاحتمال فی الجمیع قائم،و التوقف أسلم،إلاّ الأخیر فإن عدم الرجوع فیه أقرب.و لو وجدت قرینة تدل علی الرجوع أو علی ارادة البقاء فلا بحث حینئذ.

ص:323


1- 1)التذکرة 2:516. [1]

و کذا لو أوصی بخبز فجعله فتیتا،أو بقطن فحشا به فراشا،أو برطب فجففه تمرا،أو بلحم فقدده ففی کونه رجوعا اشکال. و لو أوصی له بألف ثم أوصی له بألف فهی واحدة،و کذا بألف معنیّة، ثم بألف مطلقة،و بالعکس.و لو أوصی بألف ثم بألفین فهی بألفین، قوله: (و لو أوصی بخبز فجعله فتیتا-إلی قوله-إشکال).

ینشأ:من أصالة بقاء الوصیة،و عدم منافاة شیء من هذه الأمور لها خصوصا فی الرطب و اللحم،فإن الفعل المذکور حفظ لهما و صیانة لهما عن التلف.

و من أن ظاهر هذه الأفعال یشعر بإرادة الاستیثار بهذه الأشیاء و الاختصاص بها.

و الأصح أن مجرد تخفیف الرطب لا یبطل الوصیة،و کذا اللحم إذا قدده،إلاّ أن تدل قرینة علی أنه یرید بذلک أکله و التزود به و نحو ذلک.و کذا الخبز إذا جعله فتیتا.

و أما القطن إذا حشا به فراشا،و لم یکن إخراجه مستدعیا لإتلاف شیء- کنقصان الفراش بالفتق و نحو ذلک-و لم تدل قرینة علی ارادة الرجوع،فالظاهر أنه لیس برجوع.

و هذا إذا کانت هذه الأشیاء معیّنة،فلو أوصی بخبز فجعل خبزه فتیتا-و کذا البواقی-فإنه علی ما أسلفناه فی الوصیة بحنطة یجب أن یشتری له من الترکة الموصی به و یدفع إلیه.

قوله: (و لو أوصی له بألف.).

وجهه ان المطلقین،و المطلق و المعیّن،سواء تقدم المطلق أم المعیّن،لا یمتنع أن یکون المراد بهما واحدا.و الأصل بقاء الملک علی مالکه إلی أن یثبت المقتضی للنقل، و هو منتف فی محل النزاع،فیحکم باتحاد متعلق الوصیتین،فإن التعدد و إن کان محتملا، إلاّ أن الأصل ینفیه،و منه یظهر وجه قوله:(و لو أوصی بألف ثم بألفین فهی بألفین).

ص:324

و الرجوع فی البعض لیس رجوعا فی الباقی. و لو تغیّر الاسم تغیّر فعل الموصی،کما لو سقط الحب فی الأرض فصار زرعا،أو انهدمت الدار فصار براحا فی حیاة الموصی بطلت الوصیة علی اشکال. و لو لم یکن الانهدام مزیلا لاسم الدار،سلّمت إلیه دون ما انفصل منها علی إشکال قوله: (و الرجوع فی البعض لیس رجوعا فی الباقی).

إذ لا دلالة علی ذلک،و الأصل بقاء الوصیة.

قوله: (و لو تغیّر الاسم تغیّر فعل الموصی-إلی قوله-علی اشکال).

ینشأ:من انتفاء متعلق الوصیة فتبطل،و من تعلق حق الموصی له بالعین و أجزاؤها باقیة.

و الذی یقتضیه النظر أنه إن کان قد أوصی له بدار معیّنة فانهدمت فالوصیة باقیة،لانتفاء الدلیل الدال علی البطلان،و تغیّر الاسم لم یثبت کونه قادحا.و إن أوصی له بدار من دوره فانهدم الجمیع قبل موته فلیس ببعید البطلان،لانتفاء المسمی.

و کذا القول فی الحب لو صار زرعا فإن ذلک لا یعد تلفا عرفا و تغیر الصورة النوعیة لا أثر له،لأن الحکم دائر مع التلف عرفا.

و قید بکون ذلک فی حیاة الموصی،لأنه لو عرض بعد موته لم یقدح،لسبق الاستحقاق،و خصوصا علی القول بأن القبول کاشف.و تقییده بکون التغییر بغیر فعل الموصی یدل علی أن ذلک لو کان بفعله بطلت الوصیة،لأنه دال علی ارادة الرجوع،و فیه اشکال.

قوله: (و لو لم یکن الانهدام مزیلا.).

لا ریب أن الانهدام إذا لم یکن موجبا لتغیر الاسم لا یقتضی بطلان الوصیة،

ص:325

و فی کون الجحود رجوعا إشکال ینشأ:من أنه عقد فلا یبطل بجحده کغیره من العقود،و من دلالته علی أنه لا یرید إیصاله إلی الموصی له.

خاتمة:تشتمل علی مسائل متعددة
اشارة

خاتمة:تشتمل علی مسائل متعددة:

الاولی:لو أوصی بعبد مستوعب لزید

الاولی:لو أوصی بعبد مستوعب لزید،و بثلث ماله لعمرو،و لم یقصد الرجوع و منع من التقدیم و أجاز الوارث،قسّم العبد أرباعا،و یحتمل أسداسا.و لو قصد الرجوع قسّم لبقاء متعلقها،فتسلم إلی الموصی له.و هل یسلم إلیه المنفصل من الآلات بالانهدام؟ فیه إشکال ینشأ:من أن الوصیة تعلقت بالدار و اجزائها تبعا،و المنفصل منها قبل الموت لا یعد جزءا لخروجه عن الجزئیة بالانفصال.

و من سبق تعلق الوصیة بها حال کونها جزءا،و الأصل بقاؤه.و لا دلیل علی بطلان الوصیة فیها،و هذا أقوی.

و فی کون الجحود رجوعا إشکال،ینشأ:من أنه عقد فلا یبطل بجحده کغیره من العقود،و من دلالته علی أنه لا یرید إیصاله إلی الموصی له.

و فی دلالة مجرد الجحود علی أنه لا یرید إیصال الموصی به نظر،فإنه أعم من ذلک،و ربما کان له غرض متعلق بالجحود کطلب کتمانه عن بعض من یخشی ضرره (1)أو طمعه و نحو ذلک،نعم لو دلت قرینة علی ارادة الرجوع کان رجوعا،إلاّ أنه لیس موضع النزاع،و هذا هو الأصح.

قوله: (خاتمة تشتمل علی مسائل متعددة:الأولی:لو أوصی بعبد مستوعب لزید و بثلث ماله لعمرو،و لم یقصد الرجوع،و منع من التقدیم و أجاز الوارث،قسم العبد أرباعا،و یحتمل أسداسا،و لو قصدا الرجوع قسم

ص:326


1- 1)فی«ص»:جوره.

أثلاثا، أثلاثا).

لو انحصرت الترکة فی عبد فأوصی به لزید و بجزء مشاع-کثلث ماله- لعمرو،و لم یقصد الرجوع،و منع من تقدیم احدی الوصیتین علی الأخری،و أجاز الوارث کلا منهما،ففی کیفیة قسمته بین الوصیتین وجهان.

و احترزنا بعدم قصد الرجوع عما لو قصده،فإن الثلث یتمحض للوصیة الثانیة،لبطلان تعلق الأولی به.و بالمنع من تقدیم احدی الوصیتین علی الأخری عما لو قدم إحداهما،فإن المقدمة تخرج،و ما یبقی بعدها یصرف إلی الأخری و بإجازة الورثة عن ردهم،فإنهم إذا ردوا لا یقتسم الموصی لهما مجموع العبد بل ثلثه.

إذا عرفت ذلک فأحد الوجهین أن یقسم العبد بین الموصی لهما أرباعا،بأن تجمع بین الوصیتین و تبسط الأولی من جنس الکسر و تقسط الترکة علیهما،فإن الوصیة بعبد و ثلث الترکة،و هو ثلث العبد لانحصار الترکة فی العبد.

فإذا بسطت الوصیة الأولی أثلاثا کان المجموع أربعة لکل واحد ربع الترکة، فللموصی له الأول ثلاثة أرباع،و للثانی ربع،کما فی المدیون مع قصور الترکة عنها.

و هذا الوجه أقوی،لأن العمل بالوصیة ما أمکن واجب،و لا ترجیح لإحدی الوصیتین علی الأخری،فیجب أن تکون نسبة قسط کل من الوصیتین و نقصها إلی قسط الآخری و نقصها کنسبة تلک الوصیة إلی الوصیة الأخری.و لأن الموصی قد منع من التقدیم،فلا یجوز أن تقدم احدی الوصیتین علی الأخری بشیء أصلا.

و لأنه لو نذر أن یعطی لزید عبدا معینا،ثم نذر أن یعطی عمرا ثلث ماله و انحصر ماله فی العبد یقسط أرباعا قطعا کالدین،حتی لو لم یؤد حیا قسم کذلک بعد الموت،فالوصیة بمثل ذلک کذلک،لأن کلا منهما سبب فی الاستحقاق،و کون الوصیة تبرعا و المنذور قد وجب لا أثر له فی الحکم.

و الوجه الثانی قسمة العبد بینهما أسداسا،حملا للوصیة علی الدعاوی

ص:327

فإن خلّف مع العبد مائتین و قیمة العبد مائة و لم یقصد الرجوع،أخذ الثانی علی الأول مع الإجازة ثلث المال و ثلثا عائلا من العبد و هو ربعه،و للأول ثلاثة أرباعه.

المتعارضة.و وجهه:أنّ للأول ثلثی العبد لا یزاحمه فیهما أحد،و یبقی الثلث الآخر قد ازدحمت فیه وصیتهما کل یطلبه بوصیته،لأن الباقی من وصیة الأول ثلث،و وصیة الثانی ثلث،فیقسم بینهما للتکافؤ،کما فی الدعاوی المتعارضة إذا ادعی واحد مجموع العین و الآخر ثلثها و استویا فی الحجة،فیجتمع للأول خمسة أسداس العبد و للآخر سدسه.

و یضعف بأن المتداعیین إن تشبثا فالید تقتضی الملک بالاستقلال مع عدم المعارض،و ذلک متحقق فی الثلثین إذا کان المتشبث الآخر یدعی الثلث خاصة.

و إن خرجا و أقاما بینتین،فبینة الکل لا تعارضها الأخری فی الثلثین،فوجب العمل بها فیهما،و الحکم بخلوصهما لمدعی الکل،و یبقی التعارض فی الباقی.

و لا کذلک الوصیتان،لأن کلا منهما قد أثبت حقا فی الترکة،فإن وفت بالحقین، و إلاّ وجب التقسیط بغیر ترجیح لانتفاء المرجح.و لنص الموصی علی عدم التقدیم.

و لو حکم للأول بالثلثین لزم تقدیمه بهما،و هو خلاف مقتضی الوصیة.و قول المصنف:

(و لو قصد الرجوع.)بیان لمحترز قوله:(و لم یقصد الرجوع).

قوله: (فإن خلّف مع العبد مائتین و قیمة العبد.).

أی:فإن خلّف مع العبد مائتین و قیمة العبد مائة و الصورة بحالها-و هی أنه أوصی بالعبد لواحد و لآخر بثلث الترکة-فإن الوصیتین تزدحمان فی ثلث العبد،لأن الوصیة بثلث الترکة تقتضی شمول ثلث کل عین من أعیان الترکة و منها العبد.

[فإن]قیل:الثلث أمر کلی،فلا یتعیّن التعلق بثلث العبد المقتضی للازدحام،بل الواجب إخراج الثلث مع الإجازة من غیر نقص.

قلنا:منع الموصی من التقدیم فی الوصیتین دلیل علی أن المراد ازدحامهما،إذ لا

ص:328

..........

معنی للتقدیم لولاه.

فإن قیل:ذلک علی تقدیر عدم الإجازة.

قلنا:ظاهر اللفظ الإطلاق،بل الظاهر أنه مع الإجازة،لأن الوصیتین المذکورتین إنما تخرجان علی تقدیر الإجازة،و قد منع من التقدیم معهما فیقتضی ذلک ثبوت الازدحام مطلقا.

إذا عرفت ذلک فلأول ثلاثة أرباع العبد،و للثانی ثلث المال،أی المائتین و ربع العبد و هو ثلث عائل،و ذلک لأن ثلث المائتین للموصی له الثانی لا یشارکه فیه أحد و له ثلث العبد،و للأول جمیعه،فحصل الازدحام فیه.فإذا قسط کان لکل ثلث من الوصیتین ربع العبد،و هو ما أراده المصنف بقوله:(ثلثا عائلا)،فیکون للثانی ربع العبد و للأول ثلاثة أرباعه.

هذا إذا أجاز الورثة،لأن الوصیتین زائدتان علی الثلث،فإن ردوا الزائد ففیه احتمالات.

أحدها:أن للأول نصف العبد علی الاحتمال الثانی فی المسألة السابقة،و هو قسمة العبد علی الوصیتین أسادسا کالدعاوی.و وجهه:أن الوصیة للأول بجمیع العبد،و هو ثلث الترکة،و للثانی بثلثه،فکل منهما یدعی ثلثا،و إذا قد ردّ الورثة یقسط الثلث علی الوصیتین بالسویة لتساویهما،و لکل سدس،إلاّ أن الأول یعطی من العبد فیأخذ نصفه.

و یجیء هذا الاحتمال علی الأول أیضا،لأن الموصی به ثلثان کل وصیة بثلث، و لیس لهما إلاّ الثلث،فإذا قسمته علیهما أصاب کل ثلث سدس،إلاّ أن صاحب العبد یعطی منه.

و یرد علی هذا ما نبّه المصنف علیه من أن وصیة صاحب العبد أقل.و تحقیقه:

أن وصیة صاحب العبد ترجع إلی ثلاثة أرباعه،و وصیة الآخر ترجع إلی ربع العبد

ص:329

..........

و ثلث الباقی،و هی أکثر من الأولی.فإذا تفاوت المقسط علیهما وجب أن تتفاوت حصتهما من المقسط علیهما،و هذا إیراد لازم.و لم یوجد فی بعض النسخ التصریح بمجیء هذا الاحتمال علی الأول أیضا.

الاحتمال الثانی:-بناء علی الأول و هو اعتبار العول،و هذا هو الأقوی عند المصنف بناء علی العول-اقتسامهما الثلث حالة الرد بالتفاوت علی حسب مالهما فی حالة الإجازة،بحیث تکون نسبة ما لکل واحد منهما حال الرد إلی ماله حال الإجازة کنسبة الثلث إلی مجموع الوصیتین من الترکة حال الإجازة،أو بحیث تکون نسبة الحاصل لأحدهما فی حال الرد الی الحاصل للآخر کنسبة الحاصل له حال الإجازة إلی الحاصل للآخر حینئذ.

و وجهه:أنّ وصیتهما متفاوتتان،فإن وصیة صاحب العبد أقل،لأن الموصی قد شرک الثانی معه فی جمیع وصیته،و لم یشترک صاحب العبد مع الثانی فیما عدا العبد، فکان لصاحب العبد ثلاثة أرباعه،و للثانی ربعه و ثلث الباقی کملا،و لا شک أن الثانیة أکثر.

و توضیحه:أنک تطلب عددا لثلثه ربع و لباقیه بعد الثلث ثلث،و ذلک مضروب ثلاثة فی أربعة،و المرتفع فی ثلاثة،و مجموعه ستة و ثلاثون،ثلاثة أرباع ثلثها تسعة فهی الوصیة الأولی،و ربع الثلث و ثلث الباقی بعد الثلث أحد عشر فهی الوصیة الثانیة، و هی أزید من الأولی باثنین من أحد عشر،فحیث قد ثبت تفاوتهما حال الإجازة وجب أن یکون حالهما فی الرد کذلک،لأن التقسیط علی المتفاوتین یجب أن یکون بالتفاوت.

فإن شئت جمعت الوصیتین المذکورتین-أعنی تسعة و أحد عشر-یبلغان عشرین،فیقسط الثلث علیهما بأن یجعله عشرین و یکون الأصل ستین،فیکون لصاحب العبد تسعة من العبد من أصل عشرین منه-و ذلک ربعه و خمسه-و للآخر

ص:330

..........

ثلثه من العبد،هی عشرة و نصف عشرة و ثمانیة (1)من الأربعین هی خمسها.

و إن شئت نسبت الثلث من ستة و ثلاثین-و هو اثنا عشر-الی مجموع الوصیتین فی الإجازة-و هو عشرون-تجده ثلاثة أخماسها،فیجب أن یکون قسط کل من الوصیتین من الثلث فی حال الرد ثلاثة أخماس الحاصل له فی حال الإجازة.

فإذا أردت أن یتضح ذلک فلا بد أن تطلب عددا یکون لثلاثة أرباع ثلثه خمس، فتضرب خمسة فی ستة و ثلاثین تبلغ مائة و ثمانین،فثلاثة أرباع ثلثها خمسة و أربعون، و ثلث الثلثین مع ربع الثلث خمسة و خمسون،و ذلک هو الوصیتان فی حال الإجازة،ففی حال الرد ثلاثة أخماسهما و هو ثلث المجموع لأن ثلاثة أخماس الوصیة الأولی سبعة و عشرون،و ثلاثة أخماس الوصیة الأخری ثلاثة و ثلاثون و مجموعهما ستون هو الثلث.

و إن نسبت خمسة و أربعین إلی خمسة و خمسین-و ذلک الوصیتان حال الإجازة- کانت تسعة أجزاء من أحد عشر جزءا علی حد نسبة سبعة و عشرین إلی ثلاثة و ثلاثین -أعنی الوصیتین حال الرد-،و هذا الاحتمال هو المختار.

الاحتمال الثالث:تفریعا علی الثانی،و هو إلحاق الوصیتین بالدعاوی المتعارضة أن یضم سهام الموصی له الثانی إلی سهام الورثة،و تبسط العبد و الترکة أخماسا،و ذلک لأنک إذا قسمت العبد أسداسا لانفراد الأول بالثلثین،و قسمت الثلث الآخر بینه و بین الثانی کان للأول خمسة أسداس العبد،و للثانی سدسه و ثلث الباقی حال الإجازة،و ذلک بقدر خمسة أسداس العبد.

و بیانه:أنک تطلب عددا له ثلث و لثلثه سدس،و هو ثمانیة عشر،فللأول خمسة منها هی خمسة أسداس العبد،و للآخر سدس العبد و أربعة من الثلثین،و مجموعهما عشرة.

ص:331


1- 1)فی النسختین الخطیة و الحجریة:ثمانمائة.و هو خطأ واضح.

..........

هذا حال الإجازة،و فی حال الرد یقسم الثلث علی الوصیتین،إما بأن تجعل الثلث عشرة،فتدفع إلی الأول خمسة هی نصف العبد و سدس الأصل،و تضم سهام الثانی إلی سهام الورثة و تبسط باقی العبد و الترکة أخماسا،لأن للثانی سدس الأصل و للورثة ثلثان،و ذلک بعد البسط خمسة،فیکون له من العبد عشرة و خمس المائتین.

و إن شئت أخذت نصف العبد-و هو السدس-و دفعته إلی الموصی له الأول و خمس باقیه،و خمس باقی الترکة للثانی،و لیس له خمس فتضرب خمسة فی ستة تبلغ ثلاثین.

و الفرق بین هذا الاحتمال و بین الاحتمال المذکور أولا:هو أن للثانی من العبد فی الرد سدسه و سدس باقی الترکة علی الاحتمال الأول.و علی هذا الاحتمال له عشرة و خمس باقی الترکة.و هما سواء لأن کلا منهما سدس الأصل.

و وجه هذا الاحتمال-أعنی ضم وصیة الثانی إلی سهام الورثة و بسط باقی الترکة علی الجمیع-أن حقه مثل حقوقهم،فیجب أن یتساووا فی التقسیط لأعیان الترکة بحسب الاستحقاق،فلا یستحق من العبد أکثر من حصته بحسب البسط و هی عشرة.

و هذا لا یختص بالاحتمال الثانی،بل یأتی علی الأول أیضا-أعنی العول-بناء علی أن لکل من الموصی لهما السدس،و تفریع المصنف له علی الثانی لا ینافی تفریعه علی الأول.

و اعلم أن الشارح الفاضل ذکر هذا الاحتمال مرتین:إحداهما مع الاحتمالات الثلاثة قبل الثالث،و الثانیة تفریعا علی اقتسامهما المال علی حسب مالهما حال الإجازة (1)،و لا وجه لذلک.

ص:332


1- 1)إیضاح الفوائد 2:643-644.

و لو ردّ الورثة ما زاد علی الثلث فللأول نصف العبد،و للثانی سدس الترکة،فیأخذ سدس العبد و سدس المائتین،فله من العبد ستة عشر و ثلثان، و من باقی الترکة ثلاثة و ثلاثون و ثلث.

و یحتمل قویا علی الأول اقتسامهما الثلث حالة الرّد علی حسب مالهما فی الإجازة،فوصیة صاحب العبد أقل،لأنه شرک معه فی وصیة غیره و لم یشرک فی وصیة الثانی غیره،فلصاحب الثلث ثلث المائتین من غیر مزاحمة.

و یشترکان فی العبد للثانی ثلثه و للآخر جمیعه فیصیر أرباعا،و فی حال الرد ترد وصیتهما إلی ثلث المال،تضرب مخرج الثلث فی مخرج الربع یکون اثنی عشر،ثم فی ثلاثة تکون ستة و ثلاثین،فلصاحب الثلث ثلث المائتین و هو ثمانیة من أربعة و عشرین،و ربع العبد و هو ثلاثة أسهم،صار أحد عشر.

و لصاحب العبد ثلاثة أرباعه و هو تسعة تضمهما إلی سهام صاحب الثلث،فالجمیع عشرون.ففی الرد تجعل الثلث عشرین فالمال ستون، [فإن]قیل:وجهه أن هذا الاحتمال یلزم باعتبار وجوب التقسیط علی الورثة و الموصی له الثانی بحسب الاستحقاق،و یلزم أیضا تفریعا لحال الرد علی حال الإجازة،و فی حال الإجازة تکون الوصیتان عشرة من ثمانیة عشر،مضروب ثلاثة فی ستة علی الثانی ففی حال الرد یجعل الثلث عشرة.و المال ثلاثون،لصاحب العبد خمسة هی نصفه،و للآخر واحد-و هو عشرة-و أربعة من باقی الترکة،فهذا لازم احتمال الضم وجب علی احتمال آخر.

قلنا:الاحتمال هو الحکم لا المقتضی له،فإذا ثبت الحکم بسببین لم یعد کل منهما احتمالا برأسه.

ص:333

فلصاحب العبد تسعة من العبد و هو ربعه و خمسه،و لصاحب الثلث ثمانیة من الأربعین و هی خمسها،و ثلاثة من العبد و هو عشرة و نصف عشره.

و یحتمل مع عدم الإجازة ضم سهامه إلی سهام الورثة،و بسط باقی العبد و الترکة أخماسا،فله عشر العبد و خمس المائتین علی الثانی.

الثانیة:لو خلّف عبدا مستوعبا قیمته مائة و أوصی به لواحد

الثانیة:لو خلّف عبدا مستوعبا قیمته مائةو أوصی به لواحد،و لآخر بثلثه،و لآخر بسدسه علی جهة العول،قسّم العبد تسعة:ستة لصاحب الکل،و اثنان لصاحب الثلث،و واحد لصاحب السدس.

و یحتمل أن یکون للأول تسعة و عشرون من ستة و ثلاثین،و للثانی خمسة،و للثالث اثنان.

و لو جعل العول بین المستوعبو الآخرین دونهما،فللأول ثلاثة قوله: (لو خلف عبدا مستوعبا قیمته مائة.).

وجه الأول علی طریقة العول ظاهر،فإن الوصایا کلها إذا جمعت و بسطت من جنس أدق ما فیها من الکسور بلغت تسعة فیقسم العبد علیها یرجع سدس العبد إلی تسع،فللأول ستة هی الثلثان،و للثانی اثنان هما تسعان،و للثالث واحد هو تسع.

و وجه الاحتمال الثانی ان للأول ثلثین بوصیته لا یزاحمه فیهما أحد من الموصی لهم،یبقی ثلث نصفه ازدحم فیه وصیة کل من الأول و الثانی،فوجب أن یقسم بینهما.

و یبقی سدس آخر ازدحم فیه وصیة کل من الثلاثة،فیقسم بین الثلاثة،فیطلب مالا له سدس و لسدسه نصف،و لسدسه أیضا ثلث،إذ لا بد فیه من قسمة سدس نصفین،و سدس آخر أثلاثا و ذلک ستة و ثلاثون،للأول منها أربعة و عشرون بغیر مزاحم و من مقاسمة الثانی ثلثه و من مقاسمة الثانی و الثالث اثنان و ذلک تسعة و عشرون، و للثانی خمسة،و للثالث اثنان،و ذلک ظاهر.

قوله: (و لو جعل العول بین المستوعب.).

یناسب أن یکون هذا احتمالا ثالثا فی الفرض المذکور.و تحقیقه:أنه کما یحتمل

ص:334

أرباع،و للثانی السدس،و للثالث نصفه.

و لو ردّ الوارث قسّم الثلث کذلک.

و لو کان مع العبد مائتان و اوصی به لواحد و لآخر بثلث ماله،و لآخر بسدسه.فلصاحب العبد مع الإجازة ثلثا العبد،و لصاحب الثلث تسعاه و ثلث الدراهم،و لصاحب السدس تسعة و سدس الدراهم و مع الرد یضرب صاحب العبد مائة،و صاحب الثلث بها،و صاحب السدس بخمسین، و ینحصر حق صاحب العبد فیه.

أن یکون العول بین الوصایا الثلاث،أو یکون حکم تعارض الدعاوی بینهما،کذا یحتمل أن یکون العول بین المستوعب-و هو الأول-و بین الأخیرین،بأن یکون بینهما حکم تعارض الدعاوی بأن یجعل السدس غیر منظور إلیه مع الثلث و لا ملحوظ،کما أنک لا تنظر إلی السدس مع الثلث إذا أجریت علی الجمیع حکم الدعاوی فیأخذ للأول الثلثین الی آخره.

و حینئذ فتعتبر الوصیة بالجمیع و الوصیة بالثلث و یقسط العبد علیهما،فیکون لصاحب الجمیع ثلاثة أرباع،و یبقی للأخیرین ربع یعتبر فیه حکم الدعاوی المتعارضة،یسلم الذی الثلث نصف سدس منه لعدم التزاحم فیه،و یبقی سدس یقسم بینهما.

و لو عکس ذلک لکان للثالث سبع،و للأول اثنان و عشرون من ستة و ثلاثین بغیر مزاحم،و یبقی أربعة عشر قد ازدحم فیها وصیة الأول و الثالث فیقسم بینهما.

و یصح من اثنین و أربعین.

قوله: (و لو کان مع العبد مائتان.).

أی:لو کان مع العبد الذی قیمته مائة-و هی ثلث الترکة-مائتان،و أوصی

ص:335

و علی الاحتمال القوی تجعل الثلث ثمانیة عشر:للأول ستة من العبد،و للثانی اثنان منه و ستة من باقی الترکة،و للثالث واحد منه و ثلاثة من باقی الترکة.

لواحد به،و لأخر بثلث جمیع ماله،و لأخر بسدس الجمیع و لم یقصد الرجوع و منع من التقدیم،فإما أن یجیز الورثة أو یردوا.

فإن أجازوا ففی قسمة العبد الاحتمالان السابقان فی المسألة المذکورة أولا:

أحدهما:اعتبار العول فی الوصایا فیقسم العبد علی تسعة،للأول ستة هی ثلثاه،و ذلک تمام وصیته.و للثانی اثنان منه هما تسعاه و ثلث باقی الترکة.و للثالث واحد هو تسعة و سدس باقی الترکة،لأن السدس رجع بالعول تسعا.

و الاحتمال الثانی:قسمته علی حکم الدعاوی المتعارضة فلأول ثلثاه بغیر منازع و نصف سدس الخامس و ثلث السادس،و ذلک تسعة و عشرون من ستة و ثلاثین من العبد.و للثانی نصف سدس الخامس و ثلث السادس،و ذلک خمسة مع ثلث باقی الترکة،و للثالث اثنان و سدس باقی الترکة أیضا.

هذا حکم الإجازة،و أما حکم الرد ففیه احتمالات:

أحدهما:أن یضرب صاحب العبد بمائة و صاحب الثلث بمائة أیضا،لأن کلا منهما وصیته بثلث الترکة و صاحب السدس بخمسین،فیقسم الثلث علی مائتین و خمسین، لکل من الأولین خمساه،إلاّ أن صاحب العبد ینحصر حقه فیه،فیکون له خمساه.

و للثانی خمسا الثلث فیکون له خمسا ثلث العبد-و هما اثنان من خمسة عشر-،و خمسا ثلث باقی الترکة،و ذلک أربعة من ثلاثین.و للثالث خمس ثلث العبد و خمس باقی الترکة،و ذلک ثلاثة.و یصح من خمسة و أربعین.

و وجه هذا الاحتمال أن الوصایا الزائدة علی الثلث،إذا رد الورثة ما زاد منها علی الثلث وجب أن یقسط الثلث علیها بالنسبة علی العول.

ص:336

..........

و کذا الحکم لو اعتبرت القسمة علی حکم الدعاوی المتعارضة لأن النقص حال الإجازة إنما جاء علیهم،لأن الوصایا ازدحمت فی العبد لتعلق واحدة بجمیعه، و اخری بثلثه،و أخری بسدسه،فإذا حصل الرد و قسط الثلث علی الوصایا انتفی الازدحام الاحتمال الثانی:و هو القوی بناء علی الأول-قسمة الثلث حال الرد کقسمته حال الإجازة.و القسمة فی حال الإجازة بالتفاوت،فکذا فی حال الرد،لأن الموصی له بالعبد قد شرک بینه و بین الآخرین فیه،و لم یشرک بینه و بینهما فی باقی وصیتهما علی ما تقدم.

فحیث کان للأول من العبد فی حال الإجازة ستة من تسعة علی أن الترکة سبعة و عشرون،و للثانی من العبد اثنان و ثلث الثلثین ستة،و للثالث من العبد واحد و ثلاثة من الباقی سدس الثلثین،و مجموع ذلک ثمانیة عشر،وجب فی حال الرد أن یکون الثلث ثمانیة عشر و الترکة أربعة و خمسون،فللأول من الثلث ستة منحصرة فی العبد،و للثانی ثمانیة اثنان من العبد،و للثالث أربعة واحد من العبد.و نسبة وصیة کل منهم حال الرد إلی وصیته حال الإجازة کنسبة الثلث إلی مجموع الوصایا.

و یجیء علی اعتبار التفاوت حال الإجازة اعتباره حال الرد علی الاحتمال الثانی-و هو القسمة علی حکم الدعاوی المتعارضة-احتمال آخر،و هو أن یجعل الثلث اثنین و سبعین لأن لصاحب العبد حال الإجازة تسعة و عشرون من ستة و ثلاثین هی الثلث، و للثانی خمسة من العبد و أربعة و عشرون هی ثلث الثلثین و ذلک تسعة و عشرون، و للثالث اثنان من العبد و اثنا عشر هی سدس الثلثین و ذلک أربعة عشر،و مجموعها اثنان و سبعون.فإذا قدرت الثلث اثنین و سبعین کان للمستوعب تسعة و عشرون منحصرة فی العبد و للآخر تسعة و عشرون خمسة من العبد و للثالث أربعة عشر اثنان من العبد.

ص:337

الثالثة:لو ترک ثلاثة قیمة کل واحد مائة

الثالثة:لو ترک ثلاثة قیمة کل واحد مائة،و أوصی بعتق أحدهم، و لآخر بثلث ماله علی سبیل العول،عتق من العبد ثلاثة أرباعه،و کان و اعلم أن الشارح الفاضل ولد المصنف أفاد أن الأصل فی احتمالی قسمة الثلث علی حسب الوصیتین أو علی حسب مالهما فی الإجازة أن ما یأخذه صاحب الثلث و صاحب السدس من العبد هل یکون الموصی قد رجع فیه عن الوصیة لصاحب العبد أم لا.

و الفائدة أنه لو رجع عن وصیتهما فی العبد یکون ما کان لهما للورثة أم للموصی له بالعبد؟و الأقوی الأول،لأن ملک اثنین لشیء واحد محال (1).

و فیه نظر،لأن الرجوع فی الجملة مقطوع به لا محالة،و کیف تصح وصیتان متضادتان یراد کل منهما من حیث هی هی!؟و إنما نشأ الاحتمالان من أن النقص الحاصل حین الإجازة بسبب الازدحام هل هو مقصود للموصی،أم مراده تنفیذ الوصیتین بحسب الممکن؟و فی حال الرد یمکن تنفیذهما من غیر نقص فیجب العمل به.

إلاّ أن الأول أقوی،لأن الرد إنما جاء من قبل الورثة،و الذی أراده الموصی یقتضی إعطاء الوصیتین بالتفاوت،فإذا حصل الرد نزل علی ذلک تمسکا بالاستصحاب،و انتفاء المقتضی لما زاد.

قوله: (لو ترک ثلاثة قیمة کل واحد مائة.).

لا فرق بین هذه المسألة و المفروض فی المسألة الأولی فی الحکم فإنها فی المعنی مثلها،لأن الموصی بعتقه بمنزلة الموصی له بجمیع العبد،فتأتی الاحتمالات السابقة کلها.و کل ما حصل للموصی له بالعبد علی احتمال منها نفذ العتق فی مثله هنا،و یکون للثانی ما کان له هناک علی ذلک الاحتمال.

و ما ذکره المصنف هو الاحتمال الأول مع الإجازة،و مع الرد یحتمل نفوذ العتق

ص:338


1- 1)إیضاح الفوائد 2:646.

للموصی له ربعه و ثلث العبدین الآخرین مع الإجازة،و مع الرد تبلغ الوصیتان مائتین،و الثلث مائة و هو مثل نصفه.فلکل واحد نصف ما اوصی له به، فینعتق من العبد نصفه،و لصاحب الثلث سدس کل عبد،و یحتمل ما تقدم.

الرابعة:إذا کان مال الیتیم غائبا،فولایة التصرف فی ماله إلی قاضی بلده

الرابعة:إذا کان مال الیتیم غائبا،فولایة التصرف فی ماله إلی قاضی بلده لا قاضی بلد المال مع عدم الوصی.

و لو مات صاحب دیون غریبا لم یکن لقاضی بلدة الموت استیفاء دیونه،فإن أخذها حفظها علی الوارث.

فی نصفه.و یحتمل اعتبار التفاوت حال الإجازة و اعتباره حال الرد-و هو الاحتمال القوی-فیعتق منه ربعه و خمسه،و للثانی منه عشرة و نصف عشرة و خمس الآخرین.

و علی الاحتمال الثانی یعتق من العبد خمسة أسداسه،و للآخر سدسه و ثلث الآخرین مع الإجازة.و مع الرد یحتمل أن ینفذ العتق فی نصف العبد و یکون للثانی منه و من کل عبد سدسه ستة عشر و ثلثان.

و یحتمل مع نفوذ العتق فی النصف أن یضم حصة الثانی إلی حصص الورثة، و یقسم باقی العبد و الآخرین أخماسا،فله من الموصی بعتقه عشرة و خمس الآخرین، و للورثة خمسان و أربعة أخماس الآخرین.و قد تقدّم ذکر الاحتمالات،و دلائلها مستوفاة،و بیان ما هو المختار.

قوله: (إذا کان مال الیتیم غائبا فولایة التصرف فی ماله إلی قاضی بلده.).

و ذلک لأن الولایة فی التصرف بالمال تابعة للولایة علی الیتیم،إذ هی أثرها.

و الولایة علیه إنما هی لقاضی بلده مع عدم الوصی دون قاضی بلد المال.

قوله: (و لو مات صاحب دیون غریبا.).

أما أنه لیس لقاضی بلد الموت استیفاء دیونه،فلأنه إن کان الوارث کاملا فلا ولایة لأحد علیه.و إن کان غیر کامل فولایته للأب أو الجد أو الوصی،و مع عدمهم.

ص:339

الخامسة:للوصی أن یوکل فی آحاد التصرفات

الخامسة:للوصی أن یوکل فی آحاد التصرفات التی لم تجر عادته أن یتولاها.

السادسة:لو أقام الأب وصیا لأطفاله لم یکن للقاضی تغییره بعد موته

السادسة:لو أقام الأب وصیا لأطفاله لم یکن للقاضی تغییره بعد موته،إلاّ أن یتغیر حاله،و لو کان بأجرة و وجد القاضی المتبرّع فالأقرب انه لیس له العزل إن وفّی الثلث،و إلاّ جاز،لخفة المؤنة عن الأطفال.

فلقاضی بلده کما عرفت آنفا.و ینبغی أن یستثنی من ذلک ما إذا خیف علی الدیون أن تضیع،فإنه یسوغ له حینئذ استیفاؤها من باب الحسبة.

و المراد بالدیون فی قوله:(صاحب دیون)کونها له،فلو کانت علیه و خلّف مالا فلحاکم بلد الموت إیفاؤها مع طلب أربابها،کما یستوفی من المدیون إذا امتنع من الأداء.و أما أنه إذا أخذها حفظها علی الوارث،فلأنه لا یجوز إعادتها علی من کانت بیده،إذ لا ولایة له علیها،و بأخذها منه زالت سلطنته.

و یشکل بأن الدین إنما یتعیّن بقبض صاحبه أو من یقوم مقامه،و قد تقدّم أنه لا ولایة لقاضی بلد الموت إذا لم یکن الوارث المولی علیه فی بلد حکمه.نعم،یستقیم ذلک فی الأعیان کالودیعة و ما جری مجراها.

قوله: (للوصی أن یوکل فی آحاد التصرفات التی لم تجر عادته أن یتولاها).

نظرا إلی العادة المطردة فی ذلک،و کذا فیما یعجز عنه لسعة الأموال و تعددها فی الأماکن المتباعدة،کما یجوز للوکیل أن یوکل فی أمثال ذلک.

قوله: (لو أقام الأب وصیا لأطفاله.).

لما تقرر أن القاضی لا ولایة له علی الأطفال مع وجود الأب أو الجد له،أو وصی أحدهما مع اتصافهما بالصفات المشترطة فی الوصی المستقل،لم یکن له التعرض إلی الوصی الذی عیّنه الأب لأطفاله إذا کان جامعا للصفات المعتبرة،فلا یغیره و لا

ص:340

..........

یداخله فی التصرف.

لکن لو کان الأب قد عیّن له اجرة،فوجد القاضی متبرعا و لم یرض هو بالتبرع،فإن کانت الأجرة بحیث تخرج من الثلث فلیس للقاضی التعرض إلیه،لأن للأب التبرع بثلث ماله و لیس لأحد منعه.فإذا جعله عوضا عن عمل مقصود فأولی بالنفوذ و عدم جواز المنع.

و یحتمل جواز عزله و اقامة بدله،لأن للأب التصرف فی الثلث لنفسه و لم یفعل، و إنما تصرف هنا معاوضة عن الطفل.و مع وجود المتبرع بالتصرف فلا غبطة فی بذل العوض عنه،فکان له العزل.و یضعّف بأن ذلک وصیة فیندرج فی عموم فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ (1)،الایة.

و إن لم یف الثلث بالأجرة فله العزل طلبا لخفة المؤنة عن الأطفال،و لأنه لا غبطة فی کونه وصیا حینئذ.

و یحتمل العدم إذا لم تزد الأجرة المعینة عن اجرة المثل،لأن بذل اجرة المثل فی مقابلة عمل جائز،فإذا وقع من الموصی لزم و لم یکن لأحد فسخه بعد ذلک.

أما لو زاد المعیّن عن أجرة المثل و لم یرض إلاّ به،فإن کان فی وقت الوصیة و الموت لا یوجد من یرضی بدون ذلک ففی جواز العزل وجهان،و إن وجد فالظاهر بطلان الوصیة،فیتولی الحاکم نصب من فی نصبه الغبطة.

و لو لم یعیّن الأب أجرة فللوصی الأجرة أو أقل الأمرین علی ما سبق،فإن وجد متبرع و لم یرض هو بالتبرع فوجهان،أظهرهما عدم جواز العزل.و عبارة الکتاب لا تأبی اندراج هذا الفرض،فإن قوله:(و لو کان بأجرة)یتناول الأجرة المعینة من الموصی الثابتة شرعا.

إذا عرفت ذلک فاعلم أن المتبادر من عبارة الکتاب أن الأقرب أن الحاکم

ص:341


1- 1)البقرة:181. [1]
السابعة:لو اوصی إلی فاسق بتفریق ثلثه فقد سبق بطلان الوصیة إلیه علی رأی

السابعة:لو اوصی إلی فاسق بتفریق ثلثه فقد سبق بطلان الوصیة إلیه علی رأی،فإن فرّق لم یضمن إن کان الثلث لقوم معینین لأنهم لو أخذوه من غیر دفع جاز،و إن کان لغیر معینین ضمن،لأن تفریقه علیهم لیس له العزل إذا و فی الثلث،و انه یحتمل ضعیفا أن له ذلک،و قد بینا وجهه.ثم قوله:

(و إلاّ جاز.)ظاهره جواز العزل من دون تطرق احتمال المنع،و قد عرفت تطرقه.

و ظاهر کلام الشارح الفاضل ولد المصنف أن عدم جواز العزل إذا و فی الثلث بالأجرة لا احتمال فیه،و ان الاحتمال إنما هو مع عدم توفیته به (1)و المتبادر من العبارة خلاف ذلک،و تنزیلها علی هذا یحتاج الی تکلف بعید.

ثم قوله:(أن للحاکم العزل قطعا إذا کانت الأجرة زائدة علی اجرة المثل و لم یف الثلث بالزیادة و لم یرض هو بدونها)منظور فیه،لأن بذل ذلک وقت الوصیة ربما کان جائزا إذا لم یوجد من یرضی بدونه.فإذا وجد بعد الموت من یتبرع فحقه عدم جواز العزل للزوم الوصیة،کما لو اشتری بزیادة عن ثمن المثل للضرورة،و عدم وجدان ما یشتریه بثمن مثله،فإنه لا یتسلط علی فسخ البیع إذا وجد ما یشتریه بثمن المثل.و تخلیص الفتوی عدم جواز العزل بعد الحکم بصحة الوصیة مطلقا،إلاّ إذا زادت الأجرة عن اجرة المثل و لم تخرج الزیادة من الثلث ففیه وجهان.

قوله: (لو أوصی إلی فاسق بتفریق ثلثه فقد سبق بطلان الوصیة إلیه علی رأی).

قد تقدّم أن الأصح انه یشترط فی الوصی أن یکون عدلا،فلا تصح هذه الوصیة إلاّ علی القول بعدم الاشتراط.

قوله: (فإن فرّق لم یضمن إن کان الثلث لقوم معینین،لأنهم لو أخذوه من غیر دفع جاز).

هذا ظاهر إذا کان الثلث أعیانا شخصیة،فإنه مثل الودیعة و العاریة لمالکهما الاستقلال بأخذهما.

ص:342


1- 1)إیضاح الفوائد 2:647.

یتعلق بالاجتهاد،و الفاسق لیس من اهله فیضمن للتعدی.

و هل یقبل قول الأمین فی التفرقة؟الأقرب العدم إن کان علی قوم معینین،و القبول ان کان علی قوم غیر معینین. أما إذا کان الثلث شائعا فإن تعیینه إنما یکون بالولایة،و هی منتفیة عن الفاسق.

و لو استقل المعینون و الموصی لهم بالثلث بتعیینه لم یصح التعیین و ضمنوا،فهو مثل ما إذا أوصی بالثلث لغیر معینین کالفقراء،فإذا تولی التفریق علی بعضهم ضمن لا محالة.و کذا یضمنون هم أیضا بعد وضوح الحال شرعا،و قرار الضمان علیه إن کانوا جاهلین بالحال.

قوله: (و هل یقبل قول الأمین فی التفرقة؟الأقرب العدم إن کان علی قوم معینین،و القبول إن کان علی غیر معینین).

أی:و الأقرب القبول إلی آخره،و وجه القرب فی الأول أن المعینین قد ثبت استحقاقهم للوصیة بأعیانهم و لهم المطالبة بها،فهم کمستحق الدین و نحوه فلا تثبت دعواه إلاّ بحجة شرعیة.و لأن ذلک مما یمکن إقامة البینة علیه،فلا ضرورة إلی الخروج عن مقتضی عموم قوله علیه السلام:(البینة علی المدعی) (1).

و یحتمل قبول قوله بالیمین،لأنه أمین و محسن،و إنما قبض المال لمصلحة مستحقه،فیناسب قبول قوله بالیمین کالمستودع.و یضعف بأنه لیس أولی من دعوی الوصی الدفع إلی الصبی بعد بلوغه،و الإلحاق بالمستودع یحتاج إلی دلیل،فالأول قوی.

ص:343


1- 1)الکافی 7:415 حدیث 1-2، [1]التهذیب 6:229 حدیث 553،سنن البیهقی 10:252.
الثامنة:لو أوصی بالشقص الذی یستحق به الشفعة

الثامنة:لو أوصی بالشقص الذی یستحق به الشفعة فحق الشفعة للوارث لا الموصی له.

التاسعة:لو دفع إلیه مالا و قال:اصرف بعضه إلی زید و الباقی لک،فمات قبل الدفع انعزل

التاسعة:لو دفع إلیه مالا و قال:اصرف بعضه إلی زید و الباقی لک، فمات قبل الدفع انعزل.

و لو قال:ادفع إلیه بعد و وجه القرب فی الثانی انتفاء المدعی المستحق للمرافعة شرعا،لأن المستحق غیر معیّن،فجری مجری الوکیل فی إخراج الزکاة و تفرقة الصدقات و نحوها،فیقبل قوله من غیر احتیاج إلی بینة.

و هل یفتقر إلی الیمین مع صدور الدعوی ممن یتصور إنشاؤها منه حسبة کالحاکم؟فیه احتمال.و یحتمل ضعیفا تکلیفه البینة،لأنه مدّع،و لا مکان إقامة البینة علی مثل ذلک.

و الظاهر عدم اعتبار تصدیق الوارث و تکذیبه هنا،إذ لا حق له فی ذلک.و الشارح الفاضل جعل الاحتیاج إلی البینة فی المعینین مع إنکار الورثة،و مع عدم إنکارهم اکتفی بالیمین (1)،و وجهه غیر ظاهر.

قوله: (لو أوصی بالشقص الذی یستحق به الشفعة.).

المراد ب(الشفعة)المتجددة بعد موت الموصی و قبل قبول الموصی له،و هذا لا یستقیم،علی أن القبول فی الوصیة ناقل لا کاشف،و قد سبق تحقیق هذه المسألة فی آخر الشفعة.

قوله: (لو دفع إلیه مال و قال:اصرف بعضه إلی زید و الباقی لک، فمات قبل الدفع انعزل.و لو قال:ادفع إلیه بعد

ص:344


1- 1)إیضاح الفوائد 2:648.

موتی لم ینعزل. موتی لم ینعزل).

أی:لو دفع شخص إلی آخر مالا و قال له:اصرف بعض هذا المال الی زید- اما بعضا مقدرا أو فوّض إلیه التقدیر-و الباقی لک،فمات الدافع قبل تسلیم المدفوع إلیه الی زید،انعزل،لأن هذه وکالة،فإن الإطلاق محمول علی الاستنابة فی حال الحیاة،و الوکیل ینعزل بموت الموکل.بخلاف ما لو قال له:ادفع إلیه ذلک بعد موتی فإنه لا ینعزل بموت الدافع،و هو ظاهر لأن ذلک وصیة بالولایة،فإن متعلقها التصرف بعد الموت.

و الحاصل:أنّ إطلاق الاستنابة إنما یحمل علی الاستنابة فی حال الحیاة و هی التوکیل،و لا یحمل علی الوصیة إلاّ بدلیل یدل علی أن التصرف بعد الموت.و الحمد للّه ربّ العالمین،و صلی اللّه علی محمّد و آله الطاهرین.

ص:345

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.