تعليقات علي العروه الوثقي المجلد 2

اشارة

سرشناسه : مكارم شيرازي ناصر، 1305 - ، شارح عنوان و نام پديدآور : تعليقات علي العروه الوثقي [شارح مكارم شيرازي مشخصات نشر : قم مدرسه الامام اميرالمومنين ع ، 14ق = 13.

فروست : (من منشورات مدرسه الامام اميرالمومنين

شابك : 900ريال ج 2)

يادداشت : فهرستنويسي براساس جلد 2، 1368

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس موضوع : فقه جعفري شناسه افزوده : يزدي محمدكاظم بن عبدالعظيم 1337 -1247ق العروه الوثقي شرح رده بندي كنگره : PB183/5 /ي4ع40218186 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : م 68-2208

[الجزء الثاني

[كتاب الصوم

اشارة

كتاب الصوم

و هو الإمساك (1) عمّا يأتي من المفطرات بقصد القربة؛ و ينقسم إلى الواجب و المندوب و الحرام و المكروه، بمعنى قلّة الثواب (2). و الواجب منه ثمانية: صوم شهر رمضان، و صوم القضاء، و صوم الكفّارة على كثرتها، و صوم بدل الهدي في الحجّ، و صوم النذر (3) و العهد و اليمين و صوم الإجارة (4) و نحوها كالمشروط في ضمن العقد، و صوم الثالث من أيّام الاعتكاف، و صوم الولد الأكبر عن أحد أبويه (5). و وجوبه في شهر رمضان من ضروريّات الدين، و منكره مرتدّ (6) يجب قتله؛ و من أفطر فيه لا مستحلًاّ عالماً عامداً، يعزّر بخمسة (7) و عشرين (8) سوطاً (9)، فإن عاد عزّر ثانياً، فإن عاد قتل على الأقوى و إن كان الأحوط قتله في (1). الگلپايگاني: بنحو يأتي إن شاءاللّه تعالى (2). مكارم الشيرازي: و يمكن فرض المرجوحيّة في بعض العبادات من ناحية الأمر العارضي، لانطباق بعض العناوين المرجوحة عليها، و التزام الأصحاب بتركها شاهد على ذلك. و لاينافي ذلك كونها عبادة، كما ذكرناه في محلّه؛

و كذلك يمكن أن يكون بمعنى مزاحمتها بمستحبّ أفضل منه (3). الامام الخميني: الأقوى عدم وجوب المنذور و شبهه بعنوان ذاته، كما مرّ؛ فلايكون الصوم المنذور من أقسام الواجب (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ بعض الإشكال في الاستيجار للعبادات في بحث الصلاة الاستيجاري؛ فراجع (5). الخوئي: على تفصيل يأتي في محلّه [في فصل في أحكام القضاء، المسألة 19] (6). مكارم الشيرازي: إذا لزم من إنكاره إنكار الرسالة و تكذيب النبي صلى الله عليه و آله و ذلك لايكون إلّامع العلم بكونه ضروريّاً (7). الامام الخميني: هذا التقدير إنّما هو وارد في الجماع، لا غير (8). الگلپايگاني: لم يثبت هذا التقدير في غير الجماع مع الحليلة

مكارم الشيرازي: التقدير في باب التعزيرات إلى نظر الحاكم، بل لاينحصر التعزير بالضرب، و له أنواع اخر غير الضرب بالسياط؛ و تفصيلها و شرائطها موكول إلى محلّه من كتاب الحدود (9). الخوئي: لم يثبت التقدير بحدّ خاصّ، إلّافي رواية ضعيفة في خصوص الجماع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 6

الرابعة (1)، و إنّما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزّر في كلّ من المرّتين أو الثلاث؛ و إذا ادّعى شبهة محتملة في حقّه، درء عنه الحدّ.

[فصل في النيّة]

فصل في النيّة

يجب في الصوم القصد إليه (2) مع القربة و الإخلاص كسائر العبادات، و لايجب الإخطار، بل يكفي الداعي. و يعتبر فيما عدا شهر رمضان، حتّى الواجب المعيّن أيضاً، القصد إلى نوعه من الكفّارة أو القضاء أو النذر، مطلقاً كان أو مقيّداً بزمان معيّن؛ من غير فرق بين الصوم الواجب و المندوب، ففي المندوب أيضاً (3) يعتبر تعيين نوعه (4) من كونه صوم أيّام البيض مثلًا أو غيرها من الأيّام المخصوصة، فلايجزي القصد إلى الصوم مع القربة من دون تعيين

النوع؛ من غير فرق بين ما إذا كان ما في ذمّته متّحداً أو متعدّداً، ففي صورة الاتّحاد أيضاً يعتبر تعيين النوع، و يكفي التعيين الإجمالي، كأن يكون ما في ذمّته واحداً، فيقصد ما في ذمّته و إن لم يعلم أنّه من أىّ نوع و إن كان يمكنه الاستعلام أيضاً، بل فيما إذا كان ما في ذمّته متعدّداً (1). الخوئي: في كونه أحوط، إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: لايُترك (2). الگلپايگاني: بنحو مخصوص به، كما سيأتي إن شاء اللّه. و بذلك يمتاز عن سائر العبادات

مكارم الشيرازي: ولكن يكفي في صحّة الصوم وجود داعي القربة له إلى ترك المفطرات حين التوجّه و الالتفات و إن غفل عنها حال النوم و غيره؛ و منه يظهر أنّ الصوم كسائر العبادات عبادة فعليّة، لا فاعليّة كما ذكره بعض أعلام العصر، بل لانفهم للعبادة الفاعليّة معناً محصّلًا (3). الامام الخميني: الأقوى عدم اعتبار التعيين في المندوب المطلق، فلو نوى صوم غدٍ متقرّباً إلى اللّه صحّ ووقع ندباً، مع كون الزمان صالحاً و الشخص جائزاً له التطوّع بالصوم؛ نعم، في إحراز الخصوصيّة لابدّ من القصد (4). الگلپايگاني: في المندوب المطلق و المتعيّن بالزمان كأوّل الشهر و آخره و أيّام البيض مثلًا يكفي قصد صوم ذلك اليوم على الأقوى

مكارم الشيرازي: إنّما يجب تعيين نوع العبادة في موردين:

أحدهما: في ما إذا تعدّد المأمور به و تفاوت أثرهما؛

ثانيهما: ما إذا كان عنوان المأمور به من العناوين القصديّة؛ و أمّا مثل الصوم في أيّام البيض و كذا أيّام شهر رمضان فليس منهما. و إنّما هو صوم في أيّام خاصّة يكفي فيها نيّة صوم الغد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 7

أيضاً يكفي التعيين الإجمالي، كأن ينوي ما اشتغلت

ذمّته به أوّلًا أو ثانياً أو نحو ذلك. و أمّا في شهر رمضان فيكفي قصد الصوم و إن لم ينو كونه من رمضان، بل لو نوى فيه غيره جاهلًا أو ناسياً له أجزأ عنه؛ نعم، إذا كان عالماً (1) به و قصد غيره، لم يجزه، كما لايجزي لما قصده أيضاً (2)، بل إذا قصد غيره عالماً به مع تخيّل صحّة الغير فيه ثمّ علم بعدم الصحّة و جدّد نيّته قبل الزوال لم يجزه أيضاً (3)، بل الأحوط عدم الإجزاء إذا كان جاهلًا بعدم صحّة غيره فيه و إن لم يقصد الغير أيضاً، بل قصد الصوم في الغد (4) مثلًا (5)، فيعتبر في مثله (6) تعيين كونه من رمضان؛ كما أنّ الأحوط في المتوخّي، أي المحبوس الّذي اشتبه عليه شهر رمضان و عمل بالظنّ أيضاً ذلك، أي اعتبار قصد كونه من رمضان، بل وجوب ذلك لايخلو عن قوّة (7).

مسألة 1: لا يشترط التعرّض للأداء والقضاء (8) ولا الوجوب والندب ولا سائر الأوصاف الشخصيّة، بل لو نوى شيئاً منها في محلّ الآخر صحّ، إلّاإذا كان منافياً للتعيين (9)؛ مثلًا إذا تعلّق به الأمر الأدائي فتخيّل كونه قضائيّاً، فإن قصد الأمر الفعلي المتعلّق به واشتبه في التطبيق فقصده قضاءً (10) صحّ؛ و أمّا إذا لم يقصد الأمر الفعليّ، بل قصد الأمر القضائي (1). مكارم الشيرازي: يعني عالماً بالحكم و الموضوع معاً، و حينئذٍ لايمكن قصد غير رمضان إلّاتشريعاً، و هذا هو دليل بطلانه (2). الخوئي: على إشكال، أحوطه ذلك (3). الگلپايگاني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: فيه إشكال (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت إجزائه؛ و كذا المحبوس، لعدم الفرق بينه و بين غيره من هذه الناحية (5). الگلپايگاني: الأقوى فيه الإجزاء

الخوئي: لايبعد الإجزاء فيه (6).

الامام الخميني: الأقوى صحّة صومه و عدم اعتبار تعيين كونه من شهر رمضان (7). الگلپايگاني: في القوّة منع (8). الگلپايگاني: إذا قصد العنوان المتّصف بصفتي الأداء و القضاء مع قصد امتثال أمره الفعلي

مكارم الشيرازي: لايبعد كونهما من العناوين القصديّة يجب قصدهما و لو إجمالًا؛ و ما يقال من أنّ القضاء هو مجرّد إيقاع الفعل خارج الوقت، فليس عنواناً قصديّاً، قابل للمنع، بل فيه عنوان جبران ما فات و هو عنوان قصدي، ولكنّه مع ذلك لايخلو من إشكال (9). الگلپايگاني: بل لعدم قصد الأمر المتوجّه إليه، و كذا في الفرض الآتي (10). الخوئي: الظاهر أنّ القضاء و الأداء طبيعتان متغايرتان، و يترتّب على ذلك أنّه إذا كان الواجب في الواقع أداءً فتخيّل كونه قضاءً و أتى به بقصد أنّه قضاء بطل، و كذا العكس ولو كان ذلك من جهة الاشتباه في التطبيق؛ نعم، في خصوص شهر رمضان إذا أتى بالصوم بتخيّل كونه قضاءً، صحّ من رمضان دون العكس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 8

بطل (1)، لأنّه منافٍ (2) للتعيين حينئذٍ؛ و كذا يبطل إذا كان مغيّراً للنوع، كما إذا قصد الأمر الفعلي لكن بقيد كونه قضائيّاً مثلًا أو بقيد كونه وجوبيّاً مثلًا (3) فبان كونه أدائيّاً أو كونه ندبيّاً، فإنّه حينئذٍ مغيّر للنوع و يرجع إلى عدم قصد الأمر الخاصّ (4).

مسألة 2: إذا قصد صوم اليوم الأوّل من شهر رمضان فبان أنّه اليوم الثاني مثلًا أو العكس، صحّ؛ وكذا (5) لو قصد اليوم الأوّل من صوم الكفّارة أو غيرها فبان الثاني مثلًا أو العكس؛ و كذا إذا قصد قضاء رمضان السنة الحاليّة فبان أنّه قضاء رمضان السنة السابقة و بالعكس.

مسألة 3: لايجب العلم بالمفطرات على التفصيل؛ فلو

نوى الإمساك عن امور يعلم دخول جميع المفطرات فيها، كفى.

مسألة 4: لونوى الإمساك عن جميع المفطرات و لكن تخيّل أنّ المفطر الفلاني ليس بمفطر، فإن ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه، و كذا إن لم يرتكبه و لكنّه لاحظ في نيّته الإمساك عمّا عداه (6)، و أمّا إن لم يلاحظ ذلك (7) صحّ صومه (8) في الأقوى. (1). الامام الخميني: الحكم فيه و فيما بعده مبنيّ على الاحتياط (2). مكارم الشيرازي: بل لأنّه منافٍ لقصد الأمر المتعلّق به، على مبنى القوم من لزوم قصد الأمر (3). الخوئي: الظاهر أنّه لا أثر للتقييد من جهة الوجوب و الندب (4). مكارم الشيرازي: الحقّ أنّه لايعتبر قصد الأمر في العبادات، لا عموماً و لا خصوصاً، بل يكفي أداؤها بقصد التقرّب إليه تعالى كما عرفت، ففي مثل المقام تصحّ العبادة و إن لم يقصد أمره الخاصّ؛ نعم، لابدّ من نيّة العناوين القصديّة (5). الگلپايگاني: إذا قصد صوم يوم معيّن بقصد أمره الفعلي و أخطأ في التطبيق، و كذا في قضاء رمضان إذا قصدسنة معيّنة و أخطأ في التطبيق (6). الامام الخميني: الأقوى صحّة صومه إذا قصد عنوان الصوم و لو قصد الإتيان بما تخيّل أنّه ليس بمفطر أو قصد الإمساك عمّا عداه (7). مكارم الشيرازي: ولكن لاحظ هذا المفطر في ترك مجموع المفطرات ولو إجمالًا (8). الخوئي: هذا إذا اندرج ذلك المفطر فيما نواه، و إلّابطل صومه على الأقوى

الگلپايگاني: بل لا يبعد البطلان ما لم يندرج ذلك المفطر أيضاً فيما نوى الإمساك عنه و لو إجمالًا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 9

مسألة 5: النائب عن الغير لايكفيه قصد الصوم بدون نيّة النيابة (1) و إن كان متّحداً؛ نعم، لو علم باشتغال ذمّته بصوم

و لايعلم أنّه له أو نيابة عن الغير، يكفيه (2) أن يقصد ما في الذمّة.

مسألة 6: لايصلح شهر رمضان لصوم غيره (3)، واجباً كان ذلك الغير أو ندباً؛ سواء كان مكلّفاً بصومه أو لا، كالمسافر و نحوه؛ فلو نوى صوم غيره، لم يقع عن ذلك الغير؛ سواء كان عالماً بأنّه رمضان أو جاهلًا، و سواء كان عالماً بعدم وقوع غيره فيه أو جاهلًا، و لايجزي عن رمضان أيضاً إذا كان مكلّفاً به مع العلم و العمد (4)؛ نعم، يجزي عنه مع الجهل أو النسيان، كما مرّ. و لو نوى في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي أيضاً، لم يصحّ قضاءً و لم يجز عن رمضان أيضاً مع العلم و العمد.

مسألة 7: إذا نذر صوم يوم بعينه، لاتجزيه (5) نيّة الصوم بدون تعيين أنّه للنذر و لو إجمالًا، كما مرّ؛ و لو نوى غيره، فإن كان مع الغفلة عن النذر صحّ، و إن كان مع العلم و العمد ففي صحّته إشكال (6).

مسألة 8: لو كان عليه قضاء رمضان السنة الّتي هو فيها و قضاء رمضان السنة الماضية، لايجب عليه (7) تعيين (8) أنّه من أىّ منهما، بل يكفيه نيّة الصوم قضاءً (9)، و كذا إذا كان عليه (1). الگلپايگاني: الأقوى كفاية قصد إتيان ما على المنوب عنه (2). الامام الخميني: محلّ إشكال (3). الخوئي: على الأحوط (4). مكارم الشيرازي: أي العلم بالحكم و الموضوع معاً (5). الگلپايگاني: بل تجزيه إذا قصده بعنوان وقع تحت النذر؛ نعم، لايثاب ثواب الإيفاء بالنذر ما لم يقصد عنوانه

مكارم الشيرازي: لايبعد الإجزاء، لأنّ المنذور كان صوم اليوم المعيّن و قد حصل و لايعتبر أزيد من ذلك، إلّاأن يقال أنّ الوفاء بالنذر من العناوين القصديّة، و

هو ممنوع (6). الامام الخميني: الأقوى هو الصحّة

الخوئي: و الصحّة أظهر (7). الامام الخميني: مع سعة الوقت لإتيانهما قبل شهر رمضان (8). الخوئي: لكن إذا بقي في ذمّته أحدهما إلى رمضان آخر، وجبت عليه الفدية

مكارم الشيرازي: نعم، لو اختلف آثارهما يجب التعيين (9). الگلپايگاني: إذا لم يختلفا في الآثار؛ أمّا إذا اختلفا، بأن يكون تأخير قضاء السنة الّتي هو فيها موجباً للكفّارة فلابدّ من التعيين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 10

نذران (1) كلّ واحدٍ يوم أو أزيد، و كذا إذا كان عليه كفّارتان غير مختلفتين في الآثار.

مسألة 9: إذا نذر صوم يوم خميس معيّن و نذر صوم يوم معيّن من شهر معيّن، فاتّفق في ذلك الخميس المعيّن، يكفيه صومه و يسقط (2) النذران (3)، فإن قصدهما اثيب عليهما (4) و إن قصد أحدهما اثيب عليه و سقط عنه الآخر.

مسألة 10: إذا نذر صوم يوم معيّن، فاتّفق ذلك اليوم في أيّام البيض مثلًا، فإن قصد وفاء النذر و صوم أيّام البيض اثيب عليهما، و إن قصد النذر فقط اثيب عليه فقط و سقط الآخر، و لايجوز أن يقصد (5) أيّام (6) البيض دون وفاء النذر.

مسألة 11: إذا تعدّد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب أو من الأمرين، فقصد الجميع، اثيب على الجميع، و إن قصد البعض دون البعض اثيب على المنويّ و سقط الأمر بالنسبة إلى البقيّة.

مسألة 12: آخر وقت النيّة (7) في الواجب المعيّن، رمضان كان أو غيره، عند طلوع الفجر (1). الامام الخميني: إذا كان النذران مطلقين؛ و أمّا في نذر الشكر و الزجر إذا كانا في نوعين و كذا في الكفّارتين إذا كانتا لنوعين، فلايبعد وجوب التعيين؛ نعم، لو كانت الكفّارتان

لنوع واحد فلايبعد عدم وجوب التعيين، فمن وجبت عليه كفّارة يومين من شهر رمضان فالظاهر عدم وجوب تعيين أنّها من أيّهما؛ و أمّا لو كانت عليه كفّارة ظهار و كفّارة قتل خطأ فالظاهر وجوب التعيين، و كذا الحال في النذر، فمن نذر أنّه لو وفّق لزيارة مولانا الحسين عليه السلام فصام يوماً ثمّ نذر يوماً آخر لذلك فالظاهر عدم وجوب التعيين، و أمّا لو نذر يوماً لصحّته من مرض و يوماً للزيارة فالظاهر وجوب التعيين

الگلپايگاني: الأحوط في نذري الشكر و الزجر التعيين (2). الامام الخميني: لو قصدهما؛ و أمّا لو لم يقصد إلّاواحداً منهما، فتحقّق الوفاء بالنسبة إلى ما قصد دون غيره، و لايبعد ثبوت الكفّارة بالنسبة إلى غير المقصود (3). مكارم الشيرازي: ولكن في صحّة النذر الثاني إشكال (4). الخوئي: بل اثيب على الأوّل، فإنّ الثاني يقع لغواً (5). الگلپايگاني: الظاهر كفاية قصد صوم اليوم المعيّن عنهما

مكارم الشيرازي: لايبعد كفاية هذا القصد عن النذر، لما عرفت (6). الخوئي: الظاهر أنّه لايعتبر في الوفاء بالنذر قصد ذلك العنوان، بل يكفي الإتيان بمتعلّقه في سقوط أمره (7). الامام الخميني: لا وقت للنيّة شرعاً، بل المعيار حصول الصوم عن عزم باقٍ في النفس ولو ذهل عنه بنوم وشبهه؛ و لا فرق في حدوث هذا العزم بين أجزاء ليلة اليوم الّذي يريد صومه أو قبلها، فلو عزم على صوم الغد من اليوم الماضي و نام على هذا العزم إلى آخر الغد صحّ صومه على الأصحّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 11

الصادق، و يجوز التقديم في أىّ جزء (1) من أجزاء ليلة اليوم الّذي يريد صومه، و مع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعيّن الآخر، يجوز متى تذكّر (2)

إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر، و أجزأه عن ذلك اليوم و لايجزيه إذا تذكّر بعد الزوال (3)؛ و أمّا في الواجب الغير المعيّن، فيمتدّ وقتها اختياراً من أوّل الليل إلى الزوال، دون ما بعده على الأصحّ (4)، و لا فرق في ذلك بين سبق التردّد أو العزم على العدم؛ و أمّا في المندوب فيمتدّ إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه على الأقوى.

مسألة 13: لو نوى الصوم ليلًا، ثمّ نوى الإفطار، ثمّ بدا له الصوم قبل الزوال فنوى و صام قبل أن يأتي بمفطر، صحّ (5) على الأقوى (6)، إلّاأن يفسد صومه برياء و نحوه، فإنّه لايجزيه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط (7).

مسألة 14: إذا نوى الصوم ليلًا، لايضرّه الإتيان بالمفطر بعده قبل الفجر مع بقاء العزم على الصوم.

مسألة 15: يجوز (8) في شهر رمضان أن ينوي لكلّ يوم نيّة على حدة، و الأولى أن ينوي صوم الشهر جملةً و يجدّد النيّة لكلّ يوم، و يقوى الاجتزاء (9) بنيّة واحدة للشهر كلّه، لكن (1). الگلپايگاني: مع استمرار العزم على مقتضاها إلى طلوع الفجر (2). الخوئي: فيه إشكال؛ و الأحوط عدم الكفاية

الگلپايگاني: أي يصحّ، لكن لا يجوز له التأخير

مكارم الشيرازي: ولكن لايؤخّر النيّة بعد التذكّر، بل ينويه فوراً (3). الگلپايگاني: على الأحوط، لكن لايُترك الاحتياط بإتمامه (4). الگلپايگاني: بل على الأحوط (5). الامام الخميني: مفروض المسألة في مورد قلنا بصحّة تجديد نيّته إلى قبل الزوال كالناسي و الجاهل (6). الخوئي: يعني بذلك الواجب غير المعيّن

الگلپايگاني: في غير الواجب المعيّن

مكارم الشيرازي: يعني في غير الصوم الواجب المعيّن (7). الامام الخميني، الگلپايگاني: بل الأقوى

مكارم الشيرازي: بل الأقوى ذلك، لانصراف

الأدلّة المجوّزة عن مثل هذه الصورة (8). الامام الخميني: كأنّ هذه المسألة أو بعض فروعها مبتنية على كون النيّة بمعنى الخطور (9). الگلپايگاني: مع بقاء العزم على مقتضاها عند طلوع الفجر في كلّ يوم، و إلّافالأقوى عدم الاجتزاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 12

لايُترك الاحتياط بتجديدها لكلّ يوم؛ و أمّا في غير شهر رمضان (1) من الصوم المعيّن، فلابدّ من نيّته لكلّ يوم (2) إذا كان عليه أيّام كشهر أو أقلّ أو أكثر.

مسألة 16: يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان يبنى على أنّه من شعبان، فلايجب صومه، و إن صام ينويه ندباً أو قضاء أو غيرهما، ولو بان بعد ذلك أنّه من رمضان أجزأ عنه، و وجب عليه تجديد النيّة إن بان في أثناء النهار و لو كان بعد الزوال، و لو صامه بنيّة أنّه من رمضان لم يصحّ و إن صادف الواقع.

مسألة 17: صوم يوم الشكّ يتصوّر على وجوه:

الأوّل: أن يصوم على أنّه من شعبان؛ و هذا لا إشكال فيه؛ سواء نواه ندباً أو بنيّة ما عليه من القضاء أو النذر أو نحو ذلك، و لو انكشف بعد ذلك أنّه كان من رمضان أجزأ عنه و حسب كذلك.

الثاني: أن يصومه بنيّة أنّه من رمضان؛ و الأقوى بطلانه و إن صادف الواقع.

الثالث: أن يصومه على أنّه إن كان من شعبان كان ندباً أو قضاءً مثلًا، و إن كان من رمضان كان واجباً؛ و الأقوى بطلانه أيضاً (3).

الرابع: أن يصومه بنيّة القربة المطلقة بقصد ما في الذمّة (4) و كان في ذهنه أنّه إمّا من رمضان أو غيره، بأن يكون الترديد في المنويّ لا في نيّته؛ فالأقوى صحّته و إن كان الأحوط خلافه. (1). الخوئي: الظاهر عدم

الفرق بين صوم رمضان و صوم غيره في ذلك إذا كان الوجوب فعليّاً، من دون فرق بين أن يكون مجموع الشهر مثلًا واجباً بسبب واحد أو أسباب متعدّدة (2). مكارم الشيرازي: لا فرق بين الواجب المعيّن، بل و غير المعيّن و شهر رمضان، بعد كون النيّة هي الداعي المستمرّ، و لايجب فيها الإخطار؛ و الإنصاف أنّ ما ذكره هنا لاينطبق على ما اختاره من كفاية الداعي في هذا الباب؛ و كون الإجماع هو الفارق، كما ترى (3). الامام الخميني: لاتبعد الصحّة في خصوص هذا الفرع و لو كان الترديد في النيّة

مكارم الشيرازي: لا وجه لبطلانه، لأنّه في الحقيقة راجع إلى أنّه يصوم الغد بعنوانه الإجمالي كيفما كان، و الترديد في النيّة الموجب للبطلان هو أن لايستقرّ نيّته على شي ء، لا ما استقرّ نيّته على العمل و لايعلم عنوانه تفصيلًا (4). مكارم الشيرازي: مراده من قصد ما في الذمّة قصد أمره الواقعي، فلايرد عليه أنّه قد لايكون عليه واجب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 13

مسألة 18: لو أصبح يوم الشكّ بنيّة الإفطار، ثمّ بان له أنّه من الشهر، فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء و أمسك بقيّة النهار وجوباً تأدّباً، و كذا لو لم يتناوله (1) و لكن كان بعد الزوال؛ و إن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر، جدّد النيّة و أجزأ عنه (2).

مسألة 19: لو صام يوم الشكّ بنيّة أنّه من شعبان، ندباً أو قضاءً أو نحوهما، ثمّ تناول المفطر نسياناً و تبيّن بعده أنّه من رمضان، أجزأ عنه أيضاً و لايضرّه تناول المفطر نسياناً، كما لو لم يتبيّن، و كما لو تناول المفطر نسياناً بعد التبيّن.

مسألة 20: لو صام بنيّة شعبان ثمّ أفسد صومه برياء و نحوه،

لم يجزه من رمضان و إن تبيّن له كونه منه قبل الزوال.

مسألة 21: إذا صام يوم الشكّ بنيّة شعبان، ثمّ نوى الإفطار و تبيّن كونه من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر، فنوى، صحّ صومه (3)؛ و أمّا إن نوى الإفطار (4) في يوم من شهر رمضان عصياناً، ثمّ تاب فجدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد صومه، و كذا لو صام (5) يوم الشكّ بقصد واجب معيّن ثمّ نوى الإفطار عصياناً ثمّ تاب فجدّد النيّة بعد تبيّن كونه عن رمضان قبل الزوال.

مسألة 22: لو نوى القطع أو القاطع (6) في الصوم الواجب المعيّن، بطل صومه؛ سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي، و كذا لو تردّد؛ نعم، لو كان تردّده من جهة الشكّ في بطلان صومه و عدمه لعروض عارض، لم يبطل (7) و إن استمرّ ذلك إلى أن يسأل. و لا فرق في البطلان بنيّة (1). الگلپايگاني: بل الأحوط فيه تجديد النيّة و الإتمام رجاءً ثمّ القضاء (2). الخوئي: فيه إشكال، كما مرّ (3). الخوئي: تقدّم الإشكال فيه (4). الامام الخميني: هذا في نيّة القطع صحيح؛ و أمّا نيّة القاطع فليست بمفطرة على الأقوى؛ و كذا الحال في الفرع الآتي (5). الگلپايگاني: فيه منع، فالأقوى وجوب الإتمام بقصد شهر رمضان؛ نعم، الأحوط قضاؤه أيضاً

مكارم الشيرازي: الأحوط إتمام صومه ثمّ قضاؤه (6). الامام الخميني: قد مرّ أنّ الأقوى عدم بطلانه بنيّة القاطع و إن كانت مستلزمة لنيّة القطع تبعاً؛ نعم، لو نوى القاطع و توجّه إلى الاستلزام و نوى القطع استقلالًا بطل على الأقوى

مكارم الشيرازي: نيّة القاطع إنّما توجب الفساد مع الالتفات إليه، و حينئذٍ تلازم نيّة القطع، و ترجعان إلى شي ء واحد (7). الگلپايگاني: إن لم يتردّد في

رفع اليد عن الصوم فعلًا من جهة الشكّ في البطلان

مكارم الشيرازي: إنّما يصحّ صومه إذا بقي على نيّته رجاءً حتّى يسأل و يتبيّن أمره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 14

القطع أو القاطع أو التردّد بين أن يرجع إلى نيّة الصوم قبل الزوال أم لا؛ و أمّا في غير الواجب المعيّن فيصحّ لو رجع قبل الزوال.

مسألة 23: لايجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النيّة أو كفّ النفس عنها معها.

مسألة 24: لايجوز العدول من صوم إلى صوم، واجبين كاناأو مستحبّين أو مختلفين؛ و تجديد نيّة رمضان إذا صام يوم الشكّ بنيّة شعبان، ليس من باب العدول، بل من جهة (1) أنّ وقتها موسّع لغير العالم به إلى الزوال (2).

[فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات

اشارة

فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات و هي امور:

[الأوّل و الثاني: الأكل و الشرب

الأوّل و الثاني: الأكل و الشرب؛ من غير فرق (3) في المأكول و المشروب بين المعتاد كالخبز و الماء و نحوهما، و غيرها كالتراب و الحصى و عصارة الأشجار و نحوها، و لا بين الكثير و القليل كعشر حبّة الحنطة أو عشر قطرة من الماء أو غيرها من المايعات، حتّى أنّه لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه (4) أو غيره ثمّ ردّه إلى الفم و ابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه، (1). الامام الخميني: في التعليل إشكال

الگلپايگاني: بل لأنّه يوم وفّق لصومه، و لذا صحّ و إن لم يلتفت إلى الغروب

مكارم الشيرازي: بل من جهة أنّ الفرض وقع على اليوم بعينه و لايصحّ غير رمضان فيه، و ليس من العناوين القصديّة؛ و ما ذكره من أنّ العلّة وسعة الوقت إلى الزوال، لازمه فساد صومه لو تبيّن بعد الزوال أو بعد الغروب، مع أنّه ليس كذلك (2). الخوئي: ليس الأمر كذلك، و إلّالم يكن الحكم شاملًا لصورة التبيّن بعد الزوال (3). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في أنّ إطلاق الأدلّة منصرف إلى الأكل و الشرب المتعارفين، كما في سائر الإطلاقات؛ أمّا غير المتعارف من جهة الكيف كالتراب و الكمّ كعشر حبّة من الحنطة، فلا، لعدم صدق الأكل و الشرب عليه؛ ولكن هناك قرائن كثيرة مضافاً إلى ظهور الإجماع تدلّ على أنّ الحكم هنا يدور مدار معنى أوسع ممّا هو المتعارف منهما، مثل ما ورد في الروايات من جواز الكحل إذا لم يجد طعمه في حلقه، و كذا ما ورد من جواز صبّ الدواء في اذُنه إذا لم يدخل حلقه، و ما ورد من أنّ المرأة

لاتستنقع في الماء لأنّها تحمل الماء بقبلها، و غير ذلك من القرائن. و سؤال الرواة عن مثل السواك الرطب و اليابس أيضاً دليل على أنّهم فهموا معنى أوسع ممّا هو المتعارف (4). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الجواز في مثل بلّ الخيّاط بريقه ثمّ ردّه إلى الفم؛ و أمّا عشر قطرة من الماء كما ذكره و أشباهه لايبعد الاستهلاك فيه و عدم صدق شرب شي ء عليه، و يدلّ عليه الروايات الكثيرة الدالّة على جواز السواك، مع أنّه لاينفكّ منه عادةً، و كذا ما دلّ على جواز المضمضة بعد عدم وجوب إلقاء البزاق ثلاث مرّات؛ و أظهر منهما ما دلّ على جواز مصّ لسان المرأة و الطفل؛ فراجع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 15

إلّا إذا استهلك (1) ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لايصدق عليه الرطوبة الخارجيّة؛ و كذا لو استاك و أخرج المسواك من فمه و كان عليه رطوبة ثمّ ردّه إلى الفم، فإنّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه، إلّامع الاستهلاك على الوجه المذكور، و كذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه.

مسألة 1: لايجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم و إن احتمل أنّ تركه يؤدّي إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه، و لايبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهواً؛ نعم، لو علم أنّ تركه يؤدّي إلى ذلك، وجب عليه، و بطل صومه (2) على فرض (3) الدخول (4).

مسألة 2: لا بأس ببلع البصاق و إن كان كثيراً مجتمعاً، بل و إن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه، كتذكّر الحامض مثلًا، لكنّ الأحوط الترك (5) في صورة الاجتماع، خصوصاً مع تعمّد السبب.

مسألة 3: لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر

من الخلط و ما ينزل من الرأس، ما لم يصل إلى فضاء الفم، بل الأقوى جواز الجرّ من الرأس إلى الحلق و إن كان الأحوط تركه؛ و أمّا ما وصل منهما إلى فضاء الفم، فلايُترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع.

مسألة 4: المدار صدق الأكل و الشرب وإن كان بالنحو الغير المتعارف (6)، فلايضرّ مجرّد (1). الگلپايگاني: الأحوط مع العلم بالاشتمال، الاجتناب و لو مع الاستهلاك (2). الگلپايگاني: على الأحوط، كما أنّ الأحوط هو البطلان على فرض عدم الدخول أيضاً، لمنافاة ذلك العلم نيّة الصوم على فرض مبطليّة الدخول كذلك

مكارم الشيرازي: على الأحوط (3). الامام الخميني: بل مطلقاً على الأحوط (4). الخوئي: بل يبطل صومه و إن فرض عدم الدخول في الحلق؛ نعم، مع فرض الدخول تجب الكفّارة أيضاً (5). مكارم الشيرازي: لا وجه لأمثال هذه الاحتياطات بعد عدم وجود الدليل، مع ما رأينا أنّه موجب للوسوسة و الحرج عند بعض الناس (6). مكارم الشيرازي: والأحوط لولا الأقوى، الاجتناب أيضاً عن اللقاح القائم مقام الغذاء، بل الأحوط الاجتناب عن غيره أيضاً ممّا يقوم مقام الدواء، لا مايكون أثره خاصّاً بالعضو

العروة الوثقى، ج 2، ص: 16

الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الأكل أو الشرب، كما إذا صبّ دواء في جرحه، أو شيئاً في اذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه؛ نعم، إذا وصل من طريق أنفه، فالظاهر أنّه موجب للبطلان إن كان متعمّداً، لصدق الأكل و الشرب حينئذٍ.

مسألة 5: لايبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكّين أو نحوهما بحيث يصل إلى الجوف و إن كان متعمّداً.

[الثالث: الجماع

الثالث: الجماع (1) و إن لم ينزل، للذكر و الانثى، قبلًا أو دبراً، صغيراً كان أو كبيراً، حيّاً أو ميّتاً، واطئاً كان أو موطوءً، و كذا لو

كان الموطوء بهيمة (2)، بل و كذا لو كانت هي الواطئة. و يتحقّق بإدخال الحشفة أو مقدارها (3) من مقطوعها، فلايبطل بأقلّ من ذلك، بل لو دخل بجملته ملتوياً و لم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل (4) و إن كان لو انتشر كان بمقدارها.

مسألة 6: لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به و عدمه.

مسألة 7: لايبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال، إلّاإذا كان قاصداً له فإنّه يبطل و إن لم ينزل، من حيث إنّه نوى المفطر (5).

مسألة 8: لايضرّ إدخال الإصبع و نحوه، لا بقصد (6) الإنزال.

مسألة 9: لايبطل الصوم بالجماع إذا كان نائماً أو كان مكرهاً بحيث خرج عن اختياره (7)، كما لايضرّ إذا كان سهواً.

مسألة 10: لو قصد التفخيذ مثلًا فدخل في أحد الفرجين، لم يبطل؛ و لو قصد الإدخال في أحدهما فلم يتحقّق، كان مبطلًا (8)، من حيث إنّه نوى المفطر. (1). مكارم الشيرازي: القدر المتيقّن منه ما يوجب الغسل و هو الجماع في قُبُل المرأة؛ و أمّا غيره فقد عرفت في مبحث الجنابة أنّه محلّ للكلام، و لكن لايُترك الاحتياط فيه هنا و هناك (2). الخوئي: البطلان فيه و فيما بعده مبنيّ على تحقّق الجنابة بهما، و الاعتبار في الجميع إنّما هو بتحقّقها (3). الامام الخميني: الأحوط البطلان بمطلق الدخول في مقطوع الحشفة، بل لايخلو ذلك من قوّة (4). الامام الخميني: بل يبطل على الأحوط

الگلپايگاني: إن لم يصدق عليه الجماع، و إلّافمشكل

مكارم الشيرازي: هذا فرض نادر، و على تقديره لايبطل إذا لم يصدق عليه الجماع (5). الامام الخميني: تقدّم التفصيل في ذلك (6). الامام الخميني: بل مطلقاً إذا لم ينزل (7). الخوئي: و أمّا إذا صدر باختياره ولو كان

عن إكراه، فالأظهر فيه البطلان (8). الامام الخميني: تقدّم ما هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 17

مسألة 11: إذا دخل الرجل بالخنثى قُبلًا، لم يبطل صومه و لا صومها، و كذا لو دخل الخنثى بالانثى و لو دبراً؛ أمّا لو وطئ الخنثى دبراً (1) بطل صومهما (2). و لو دخل الرجل بالخنثى (3) و دخلت (4) الخنثى بالانثى، بطل صوم الخنثى دونهما، و لو وطئت كلّ من الخنثيين الاخرى لم يبطل صومهما.

مسألة 12: إذا جامع نسياناً أو من غير اختيار ثمّ تذكّر أو ارتفع الجبر، وجب الإخراج فوراً، فإن تراخى بطل صومه.

مسألة 13: إذا شكّ في الدخول (5) أو شكّ في بلوغ مقدار الحشفة (6)، لم يبطل صومه (7).

[الرابع من المفطرات: الاستمناء]

الرابع من المفطرات: الاستمناء، أي إنزال المنيّ متعمّداً بملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نظر أو تصوير صورة الواقعة أو تخيّل صورة امرأة أو نحو ذلك من الأفعال الّتي يقصد بها حصوله، فإنّه مبطل للصوم بجميع أفراده؛ و أمّا لو لم يكن قاصداً للإنزال و سبقه المنيّ من دون إيجاد شي ء ممّا يقتضيه، لم يكن عليه شي ء.

مسألة 14: إذا علم من نفسه أنّه لو نام في نهار رمضان يحتلم، فالأحوط تركه و إن كان الظاهر جوازه، خصوصاً إذا كان الترك موجباً للحرج.

مسألة 15: يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء (8) بالبول أو الخرطات و إن علم بخروج (1). الامام الخميني: و كان الواطى ء غير الخنثى (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط (3). الگلپايگاني: يعني قُبُلًا (4). الامام الخميني: أي دخل بقُبُلها (5). الگلپايگاني: إن كان قاصداً للدخول فيبطل و إن لم يدخل، و إلّافلايبطل و إن دخل؛ فلا أثر للشكّ المفروض إلّاعلى القول بعدم مفطريّة قصد المفطر أو على فروض بعيدة؛ نعم، لاتجب الكفّارة

و لو مع قصد الدخول إذا شكّ فيه

مكارم الشيرازي: هذا إنّما يتصوّر في موارد لايكون قصد المفطر مبطلًا، كالصوم غير المعيّن قبل الظهر أو موارد البقاء، أعني إذا لم يقصد الإدخال و لكن شكّ في تحقّقه و أراد البقاء عليه (6). الامام الخميني: مرّ أنّ الأحوط في مقطوعها مبطليّة مطلق الدخول، بل لاتخلو من وجه، فحينئذٍ لو شكّ مقطوع الحشفة في أصل الدخول لم يحكم ببطلان صومه، دون ما لو علم الدخول و شكّ في بلوغ مقدارها (7). الخوئي: إذا كان قاصداً للجماع بطل صومه و إن لم يدخل، و إن لم يكن قاصداً له لم يبطل و إن دخل؛ نعم، إذا كان قاصداً و شكّ في الدخول لم تجب عليه الكفّارة (8). الامام الخميني: قبل الغسل؛ و أمّا بعده فمع العلم بخروج المنيّ فالأحوط لو لم يكن الأقوى، تركه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 18

بقايا المنيّ في المجرى، و لايجب عليه التحفّظ بعد الإنزال من خروج المنيّ إن استيقظ قبله خصوصاً مع الإضرار أو الحرج (1).

مسألة 16: إذا احتلم في النهار و أراد الاغتسال، فالأحوط تقديم الاستبراء إذا علم أنّه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل فتحدث جنابة جديدة (2).

مسألة 17: لو قصد الإنزال بإتيان شي ء ممّا ذكر و لكن لم ينزل، بطل صومه، من باب نيّة إيجاد المفطر (3).

مسألة 18: إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنيّة الإنزال، لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل، بطل صومه أيضاً إذا أنزل؛ و أمّا إذا أوجد بعض هذه و لم يكن قاصداً للإنزال و لا كان من عادته، فاتّفق أنّه أنزل (4)، فالأقوى عدم البطلان (5) و إن كان الأحوط القضاء، خصوصاً في مثل الملاعبة و الملامسة و التقبيل.

[الخامس: تعمّد الكذب على اللّه تعالى أو رسوله أو الأئمّة- صلوات اللّه عليهم

الخامس: تعمّد الكذب (6)

على اللّه تعالى أو رسوله أو الأئمّة- صلوات اللّه عليهم- سواء كان متعلّقاً بامور الدين أو الدنيا و سواء كان بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى (7)، بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير فرق (8) بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية أو (1). الخوئي: لا خصوصيّة لذلك بالإضافة إلى الحكم الوضعي (2). مكارم الشيرازي: ولكن لاأثر لهذه الجنابة الجديدة في الصوم، و لايشملها الأدلّة و لا وجه للاحتياط (3). الامام الخميني: تقدّم التفصيل فيها (4). الامام الخميني: من غير استناد إلى اختياره؛ و أمّا إذا أوجد الأفعال و وصل الأمر إلى حدّ قريب من الإنزال و لم يتحفّظ كما هو الغالب، فهو بحكم العمد (5). الخوئي: هذا فيما إذا كان واثقاً بعدم الخروج، و إلّافالأقوى هو البطلان

الگلپايگاني: إن كان مأموناً من سبق المنيّ، و إلّافالأقوى البطلان

مكارم الشيرازي: بل الأقوى البطلان، إلّاإذا وثق من نفسه بأنّه لايسبقه الماء (6). مكارم الشيرازي: هذا موافق للاحتياط، ولكن ليس عليه دليل معتبر؛ و ما استدلّ به لايتجاوز عن حدّ بيان كمال الصوم. و قد ذهب إلى ما ذكرنا كثير من القدماء و المتأخّرين من الأصحاب (7). الامام الخميني: بنحو الاستناد على اللّه أو رسوله صلى الله عليه و آله أو الأئمّة:

الگلپايگاني: إذا كان على وجه الإخبار عن اللّه تعالى

مكارم الشيرازي: إن كان مفاد الفتوى الإخبار عن مفاد الأدلّة و مقتضاها، فليس كذباً على اللّه؛ و أمّا إذا كان مفاده أنّ حكم اللّه هو ذلك، فهو داخل فيه، فيختلف باعتبار التعبيرات و المرادات (8). الامام الخميني: بل و من غير فرق على الأحوط بين الكذب عليهم في أقوالهم أو غيرها، كالإخبار كاذباًبأنّهم فعلوا كذا أو

كانوا كذا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 19

غيرها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم، و من غير فرق بين أن يكون الكذب مجعولًا له أو جعله غيره و هو أخبر به مسنداً إليه، لا على وجه نقل القول؛ و أمّا لو كان على وجه الحكاية و نقل القول، فلايكون مبطلًا.

مسألة 19: الأقوى (1) إلحاق باقي الأنبياء (2) و الأوصياء (3) بنبيّنا صلى الله عليه و آله (4)، فيكون الكذب عليهم أيضاً موجباً للبطلان، بل الأحوط إلحاق فاطمة الزهراء عليها السلام بهم أيضاً.

مسألة 20: إذا تكلّم بالخبر غير موجّه خطابه إلى أحد، أو موجّهاً إلى من لايفهم معناه، فالظاهر عدم البطلان (5) و إن كان الأحوط القضاء.

مسألة 21: إذا سأله سائل: هل قال النبي صلى الله عليه و آله كذا؟ فأشار «نعم» في مقام «لا» أو «لا» في مقام «نعم»، بطل صومه (6).

مسألة 22: إذا أخبر صادقاً عن اللّه أو عن النبي صلى الله عليه و آله مثلًا ثمّ قال: كذبت، بطل صومه (7)؛ و كذا إذا أخبر بالليل كاذباً ثمّ قال في النهار: ما أخبرتُ به البارحة صدقٌ.

مسألة 23: إذا أخبر كاذباً (8) ثمّ رجع عنه بلا فصل، لم يرتفع عنه الأثر، فيكون صومه باطلًا، بل و كذا إذا تاب بعد ذلك، فإنّه لاتنفعه توبته في رفع البطلان.

مسألة 24: لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوباً في كتاب من كتب الأخبار أو لا، فمع العلم بكذبه لايجوز الإخبار به و إن أسنده إلى ذلك الكتاب، إلّاأن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الإخبار، بل لايجوز (9) الإخبار (10) به على سبيل الجزم مع (1). الامام الخميني: في القوّة إشكال؛ فالأحوط الإلحاق (2). مكارم الشيرازي: بل

الأحوط ذلك إذا قلنا ببطلان الصوم بالكذب على اللّه، و قد عرفت أنّه غير ثابت و إن كان نفس العمل كبيرة من الكبائر (3). الگلپايگاني: على الأحوط (4). الخوئي: إذا لم يرجع الكذب عليهم: إلى الكذب على اللّه تعالى، ففي القوّة إشكال؛ نعم، الإلحاق أحوط (5). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك (6). مكارم الشيرازي: على القول بالفساد في أصل المسألة (7). الگلپايگاني: على الأحوط في الصورتين (8). مكارم الشيرازي: على الأحوط في الصورتين (9). الامام الخميني: لكن مفطريّته محلّ إشكال بل منع، إذا كان الظنّ غير معتبر، و أولى بالمنع هو احتماله

الگلپايگاني: على الأحوط فيه و في محتمل الكذب مع عدم وجود حجّة على صدقه؛ و أمّا معها فلا إشكال في الإخبار به ولو في مظنون الكذب (10). مكارم الشيرازي: حرمة الإخبار مع الظنّ بالكذب أو احتماله إنّما هي إذا لم تقم حجّة على إثباته

العروة الوثقى، ج 2، ص: 20

الظنّ بكذبه، بل و كذا مع احتمال كذبه، إلّاعلى سبيل النقل و الحكاية، فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر أن يسنده إلى الكتاب أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية.

مسألة 25: الكذب على الفقهاء و المجتهدين و الرواة و إن كان حراماً، لايوجب بطلان الصوم، إلّاإذا رجع إلى الكذب على اللّه و رسوله صلى الله عليه و آله.

مسألة 26: إذا اضطرّ إلى الكذب على اللّه و رسوله صلى الله عليه و آله في مقام التقيّة (1) من ظالم، لايبطل (2) صومه به، كما أنّه لايبطل مع السهو أو الجهل المركّب.

مسألة 27: إذا قصد الكذب فبان صدقاً، دخل في عنوان قصد المفطر، بشرط العلم بكونه مفطراً.

مسألة 28: إذا قصد الصدق فبان كذباً،

لم يضرّ، كما اشير إليه.

مسألة 29: إذا أخبر بالكذب هزلًا، بأن لم يقصد المعنى (3) أصلًا، لم يبطل صومه.

[السادس: إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه

السادس: إيصال الغبار الغليظ (4) إلى حلقه، بل و غير الغليظ (5) على الأحوط؛ سواء كان من الحلال كغبار الدقيق، أو الحرام كغبار التراب و نحوه، و سواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه، أو بإثارة غيره، بل أو بإثارة الهواء (6) مع التمكين منه و عدم تحفّظه. و الأقوى إلحاق (7) (1). مكارم الشيرازى: لا يخلو عن الاشكال؛ و الأحوط بناء على كون الكذب مفسدا، القضاء فى خصوص المقام، إلا إذا كان الكذب من بدعهم و اعتقاداتهم الفاسدة.

(2). الگلپايگانى: إذا كان ما ارتكبه من مبدعات المخالفين، و إلا فيكون إفطارا مضظرا إليه.

(3). مكارم الشيرازى: و كذا إذا قصد المعنى و لم يقصد الجد، و الهازل يقصد المعنى و لكن يريد به الهزل لا الجد.

(4). الخوئى: على الأحوط؛ و كذا فى البخار و الدخان.

مكارم الشيرازى: لا دليل عليه يعتد به ايضا، ولكنه أحوط؛ و ذلك لأن العمدة فيه رواية سليمان المروزى، المجبورة بعمل الاصحاب، ولكن فيها بطلان الصوم بالمضمضة و الاستنشاق و مطلق الغبار، مع أنه لم يقل به أصحابنا، مع معارضتنا بما هوأقوى منها، فالأقوى عدم فساد الصوم بها إلا أن يستحيل إلى أجزاء طينية فى الحق و دخل الجوف؛ هذا، و لكن لا يترك الاحتياط فى التدخين بالسيجارة و نحوها، لما يستفاد من مذاق الشرع فى مثله للصائم (5). الامام الخمينى: و الأقوى عدم مفطريته.

(6). الخوئى: الظاهر عدم البأس به.

(7). الامام الخميني: في القوّة إشكال في الموردين؛ نعم، هو الأحوط فيهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 21

البخار (1) الغليظ و دخان التنباك و نحوه. و لا بأس بما يدخل

في الحلق غفلة أو نسياناً أو قهراً أو مع ترك التحفّظ بظنّ عدم الوصول (2) و نحو ذلك.

[السابع: الارتماس في الماء]

السابع: الارتماس (3) في الماء (4)، و يكفي فيه رمس الرأس فيه و إن كان سائر البدن خارجاً عنه، من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعةً أو تدريجاً على وجه يكون تمامه تحت الماء زماناً؛ و أمّا لو غمسه على التعاقب، لا على هذا الوجه، فلا بأس به و إن استغرقه. و المراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه، فلايكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان و إن كان هو الأحوط، و خروج الشعر لاينافي صدق الغمس.

مسألة 30: لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المايعات، بل و لا رمسه في الماء المضاف (5) و إن كان الأحوط (6) الاجتناب (7)، خصوصاً في الماء المضاف.

مسألة 31: لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثمّ رمسه في الماء، فالأحوط بل الأقوى بطلان صومه (8)؛ نعم، لو أدخل رأسه في إناء كالشيشة و نحوها و رمس الإناء في الماء، فالظاهر عدم البطلان.

مسألة 32: لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه و كان ما فوق المنافذ من رأسه خارجاً عن الماء كلًاّ أو بعضاً، لم يبطل صومه على الأقوى و إن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ، كما مرّ.

مسألة 33: لا بأس بإفاضة الماء على رأسه و إن اشتمل على جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء؛ نعم، لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصبّ من عالٍ إلى السافل و لو على وجه

(1). الگلپايگاني: الأقوائيّة محلّ منع؛ نعم، الإلحاق هو الأحوط (2). الگلپايگاني: مشكل؛ نعم، لا بأس به إذا كان مأموناً

(3). الامام الخميني، الگلپايگاني: على الأحوط (4). مكارم الشيرازي: هو أيضاً احتياط (5). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط في الماء المضاف (6). الامام الخميني: لايُترك في مثل الجلّاب خصوصاً مع ذهاب رائحته (7). مكارم الشيرازي: لايُترك (8). مكارم الشيرازي: بل الأحوط البطلان على فرض القول به في أصل المسألة؛ و كذا فيما يأتي في المسألة (33)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 22

التسنيم، فالظاهر البطلان، لصدق الرمس، وكذا في الميزاب إذا كان كبيراً و كان الماء كثيراً كالنهر مثلًا.

مسألة 34: في ذي الرأسين إذا تميّز الأصليّ منهما فالمدار عليه، و مع عدم التميّز يجب عليه الاجتناب عن رمس كلّ منهما، لكن لايحكم ببطلان (1) الصوم إلّابرمسهما (2) و لو متعاقباً (3).

مسألة 35: إذا كان مايعان يعلم بكون أحدهما ماء، يجب الاجتناب عنهما و لكنّ الحكم بالبطلان يتوقّف (4) على الرمس فيهما (5).

مسألة 36: لايبطل الصوم بالارتماس سهواً أو قهراً أو السقوط في الماء من غير اختيار.

مسألة 37: إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيّل عدم الرمس (6)، فحصل، لم يبطل (7) صومه.

مسألة 38: إذا كان مايع لايعلم أنّه ماء أو غيره، أو ماء مطلق أو مضاف (8)، لم يجب الاجتناب (9) عنه.

مسألة 39: إذا ارتمس نسياناً أو قهراً ثمّ تذكّر أو ارتفع القهر، وجب عليه المبادرة إلى الخروج، و إلّابطل صومه (10). (1). الگلپايگاني: إلّاإذا كانا أصليّين يفعل بكلّ منهما ما يفعل بالآخر، فيبطل برمس أحدهما أيضاً (2). الامام الخميني: و مع كون كلّ منهما أصليّاً يفعل به ما يفعل بالآخر، فالأحوط بطلانه برمس أحدهما

مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّه لايأمن العقاب لو كان هو الأصلي بعد تنجّز العلم الإجمالي، و لايصحّ له الأخذ بالبراءة؛ و قياسه على الملاقي للشبهة المحصورة قياس

مع الفارق، بل هو نفس الشبهة المحصورة، فلايُترك الاحتياط بالقضاء مع إتمام صيامه (3). الخوئي: الظاهر بطلان الصوم برمس أحدهما (4). مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما سبق في المسألة الأخيرة (5). الخوئي: بل الظاهر كفاية الرمس في أحدهما في البطلان (6). الگلپايگاني: مع كونه مأموناً (7). الامام الخميني: إذا لم تقض العادة برمسه، وإلّا فمع الالتفات فالأحوط إلحاقه بالعمد إلّامع العلم بعدم الرمس (8). الامام الخميني: غير مثل الجلّاب

الگلپايگاني: مرّ الاحتياط في الماء المضاف (9). مكارم الشيرازي: الأحوط الاجتناب في الصورة الأخيرة (10). الگلپايگاني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ أصل الحكم مبنيّ على الاحتياط؛ و منه يعلم حال المسائل الآتية أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 23

مسألة 40: إذا كان مكرهاً في الارتماس، لم يصحّ صومه، بخلاف ما إذا كان مقهوراً.

مسألة 41: إذا ارتمس لإنقاذ غريق، بطل صومه و إن كان واجباً عليه.

مسألة 42: إذا كان جنباً و توقّف غسله على الارتماس، انتقل إلى التيمّم (1) إذا كان الصوم واجباً معيّناً، و إن كان مستحبّاً أو كان واجباً موسّعاً (2) وجب عليه الغسل و بطل صومه (3).

مسألة 43: إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعيّن، بطل صومه و غسله (4) إذا كان متعمّداً، و إن كان ناسياً لصومه صحّا معاً؛ و أمّا إذا كان الصوم مستحبّاً أو واجباً موسّعاً، بطل صومه و صحّ غسله (5).

مسألة 44: إذا أبطل صومه بالارتماس العمديّ، فإن لم يكن من شهر رمضان و لا من الواجب المعيّن غير رمضان، يصحّ له الغسل حال المكث (6) في الماء (7) أو حال الخروج (8)، و إن كان من شهر رمضان يشكل صحّته حال المكث، لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضاً، بل يشكل

صحّته (9) حال الخروج أيضاً، لمكان النهي السابق، كالخروج من (1). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال؛ و كذا الصورة التالية (2). الگلپايگاني: يعني لايجب إتمامه (3). الخوئي: في بطلان الصوم بمجرّد التكليف بالغسل إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: على الأحوط، بناءً على عدم كون نيّة المفطر مفسداً كما هو الحقّ؛ و أمّا بناءً على المفسديّةفلاوجه في غير صوم شهر رمضان لبطلان غسله، و ما ذكره في المسألة الآتية غير وجيه

الخوئي: هذا في شهر رمضان و كذلك في قضائه بعد الزوال على الأحوط؛ و أمّا في غيرهما فالظاهر الحكم بصحّة الغسل. و ذلك لأنّ الصوم يبطل بنيّة الاغتسال و بعد البطلان لايحرم عليه الارتماس، فلا موجب لبطلان الغسل (5). مكارم الشيرازي: في خصوص هذه الموارد الّتي يجوز إبطال الصوم، لا في غيرها (6). الگلپايگاني: على الأحوط؛ لكنّ الظاهر أنّ المنهيّ هو الارتماس و هو الغمس دون كون الرأس تحت الماءحتّى يشمل حال المكث أو حال الخروج (7). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في محلّه أنّ المكث بل الحركة تحت الماء غير كافٍ في الغسل؛ نعم، يصحّ بجريان الماء على البدن عند خروجه من الماء (8). الخوئي: هذا مبنيّ على صحّة الغسل حال المكث أو الخروج من الماء في نفسه، و قد مرّ أنّه محلّ إشكال (9). الامام الخميني: الأقوى هو الصحّة إذا تاب و اغتسل حال الخروج، و الحكم ببطلانه حال المكث والخروج بلا توبة مبنيّ على الاحتياط؛ و أمّا في غير شهر رمضان فلا إشكال في صحّته، لعدم حرمة المكث و الخروج بعد بطلان الصوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 24

الدار الغصبيّة إذا دخلها عامداً، و من هنا يشكل (1) صحّة الغسل في الصوم الواجب

المعيّن أيضاً؛ سواء كان في حال المكث أو حال الخروج.

مسألة 45: لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب (2)، فإن كان ناسياً للصوم و للغصب صحّ صومه و غسله (3)، و إن كان عالماً بهما بطلا معاً؛ و كذا (4) إن كان (5) متذكّراً للصوم (6) ناسياً للغصب، و إن كان عالماً بالغصب ناسياً للصوم صحّ الصوم دون الغسل.

مسألة 46: لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالماً بكونه مفطراً أو جاهلًا.

مسألة 47: لايبطل الصوم بالارتماس في الوحل و لا بالارتماس في الثلج.

مسألة 48: إذا شكّ في تحقّق الارتماس، بنى على عدمه (7).

[الثامن: البقاء على الجنابة عمداً إلى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان أو قضائه

الثامن: البقاء على الجنابة عمداً (8) إلى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان أو قضائه، (1). الخوئي: لاإشكال في صحّة الغسل حال المكث أو حال الخروج بناءً على صحّة الغسل في هذا الحال في نفسه (2). مكارم الشيرازي: مرّ الكلام في حكم الماء المغصوب، في أبواب الغسل (3). الخوئي: هذا إذا لم يكن هو الغاصب، و إلّابطل غسله؛ و كذا الحال في الجاهل الملتفت (4). الگلپايگاني: إن كان الصوم واجب الإتمام، و إلّاصحّ الغسل و بطل الصوم؛ نعم، ما ذكره هو الأحوط، و لا يُترك الاحتياط في نسيان الغاصب (5). الخوئي: هذا في شهر رمضان، و إلّالم يبطل غسله (6). الامام الخميني: على الأحوط في الواجب المعيّن؛ و أمّا في غيره فصحّ غسله و بطل صومه على الأحوط

مكارم الشيرازي: في خصوص الواجب المعيّن أو غير المعيّن مثل القضاء إذا قلنا بعدم جواز إبطاله بعد الزوال، كما هو الحقّ (7). الخوئي: لكن يبطل صومه إذا كان ناوياً للارتماس

الگلپايگاني: يظهر الثمرة في الغسل لا في الصوم، لما مرّ (8). مكارم الشيرازي: هذا الحكم موافق

للاحتياط و مشهور بين الأصحاب، و لكن ليس بقطعي، و ذلك لتعارض الروايات في المسألة؛ ففي كثير فيها الحكم بفساد الصوم صريحاً أو ظاهراً، و فيها الصحيح و غيره؛ و في عدّة روايات اخر الحكم بصحّته صريحاً أو ظاهراً، و فيها أيضاً الصحيح و غيره. و الطائفة الاولى موافقة للشهرة و مخالفة لكثير من فتاوى العامّة، و الثانية موافقة لظاهر كتاب اللّه، لأنّ جواز الرفث إلى النساء في الليل مطلق و لازمه جواز البقاء على الجنابة حتّى الفجر، مضافاً إلى أنّ الظاهر رجوع «حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض» إلى الأكل و الشرب و الجماع بقرينة قوله تعالى بعده: «ثمّ أتمّوا الصيام إلى الليل» و بقرينة ما ورد في شأن نزوله؛ فالمرجّح من الطرفين موجود إذا لم نقل بالترتيب بين المرجّحات؛ هذا كلّه إذا لم يجمع بين الروايات جمعاً دلالياً بالحمل على الاستحباب (راجع الروايات الواردة في أبواب 13 و 14 و 15 و 16 من أبواب ما يمسك الصائم عنه، من الوسائل)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 25

دون غيرهما من الصيام الواجبة و المندوبة على الأقوى و إن كان الأحوط تركه في غيرهما أيضاً، خصوصاً في الصيام الواجب، موسّعاً كان أو مضيّقاً؛ و أمّا الإصباح جنباً من غير تعمّد فلايوجب البطلان، إلّافي قضاء شهر رمضان على الأقوى (1) و إن كان الأحوط إلحاق (2) مطلق الواجب الغير المعيّن به في ذلك؛ و أمّا الواجب المعيّن، رمضاناً كان أو غيره، فلايبطل بذلك، كما لايبطل مطلق الصوم، واجباً كان أو مندوباً، معيّناً أو غيره، بالاحتلام في النهار. و لا فرق في بطلان الصوم بالإصباح جنباً عمداً بين أن تكون الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام، و لا بين أن يبقى كذلك

متيقّظاً أو نائماً بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترك الغسل.

و من البقاء على الجنابة عمداً، الإجناب قبل الفجر متعمّداً في زمان لايسع الغسل و لا التيمّم، و أمّا لو وسع التيمّم خاصّة فتيمّم صحّ صومه (3) و إن كان عاصياً (4) في الإجناب.

و كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمّداً، كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض (5) و النفاس إلى طلوع الفجر؛ فإذا طهرت منهما قبل الفجر، وجب عليها الاغتسال أو التيمّم، و مع تركهما عمداً يبطل صومها. والظاهر اختصاص البطلان بصوم رمضان و إن كان الأحوط إلحاق قضائه (6) به (7) أيضاً، بل إلحاق مطلق الواجب بل المندوب أيضاً؛ و أمّا لو طهرت قبل الفجر في زمان لايسع الغسل و لا التيمّم، أو لم تعلم بطهرها في الليل حتّى دخل النهار، فصومها صحيح (8)، واجباً كان أو ندباً على الأقوى. (1). مكارم الشيرازي: بل الأحوط (2). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ضعيف (3). مكارم الشيرازي: لايخلو عن الإشكال، لاحتمال انصراف أدلّته إلى ما لم يكن بسوء الاختيار؛ فالأحوط القضاء (4). الخوئي: في العصيان إشكال؛ و الأظهر عدمه (5). مكارم الشيرازي: الحكم فيه و في النفاس كالحكم في الجنابة مبنيّ على الاحتياط (6). الگلپايگاني: بل إلحاق غيره به لايخلو عن وجه (7). الامام الخميني: لايُترك في قضائه (8). الامام الخميني: في قضاء شهر رمضان مع سعة الوقت إشكال

الگلپايگاني: في الواجب المعيّن؛ و أمّا في غيره فمشكل، حتّى مع التيمّم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 26

مسألة 49: يشترط في صحّة صوم المستحاضة (1) على الأحوط (2) الأغسال النهاريّة الّتي للصلاة، دون ما لايكون لها؛ فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسّطة (3) أو

الكثيرة، فتركت الغسل (4)، بطل صومها؛ و أمّا لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الفجر أو بعد الإتيان بالظهرين فتركت الغسل إلى الغروب، لم يبطل (5) صومها، و لايشترط فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة و إن كان أحوط، و كذا لايعتبر فيها الإتيان بغسل الليلة الماضية (6)، بمعنى أنّها لو تركت الغسل الّذي للعشائين لم يبطل صومها لأجل ذلك؛ نعم، يجب عليها الغسل حينئذٍ لصلاة الفجر، فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة؛ و كذا لايعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال و إن كان الأحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال و الوضوئات و تغيير الخرقة (7) و القطنة، و لايجب تقديم غسل المتوسّطة و الكثيرة على الفجر و إن كان هو الأحوط (8).

مسألة 50: الأقوى بطلان صوم (9) شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلًا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم أو أيّام، و الأحوط (10) إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعيّن و نحوه به و إن كان الأقوى عدمه، كما أنّ الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس لو نسيتهما، بالجنابة في (1). الخوئي: تقدّم تفصيل الكلام في كتاب الطهارة (2). الامام الخميني: بل الأقوى، و لايُترك الاحتياط بإتيان ليليّة الليلة الماضية؛ نعم، يكفي عنها الغسل قبل الفجر لإتيان صلاة الليل أو الفجر على الأقوى (3). مكارم الشيرازي: قد مرّ في مباحث المستحاضة أنّها على قسمين، وإنّما يجب الغسل في الكثيرة فقط (4). مكارم الشيرازي: الأحوط لها الغسل، لما يظهر من بعض روايات الباب أنّها إذا لم تصحّ منها صلاة كانت بحكم الحائض (5). الگلپايگاني: بل يبطل على الأقوى؛ نعم، إذا اغتسلت قبل الفجر لأىّ غاية، صحّ صومها على الأظهر (6). مكارم الشيرازي: بل يأتي

بها احتياطاً، لما مرّ آنفاً (7). مكارم الشيرازي: قد مرّ في بابه عدم وجوب تغيير القطنة و الخرقة على المستحاضة، بل اللازم عليها الأمن من السراية و التلويث (8). الگلپايگاني: إذا اغتسلت قبله يسيراً بحيث لايفصل بين الغسل و الصلاة، و إلّافهو خلاف الاحتياط، إلّاإذا أعادت الغسل عند الصلاة

مكارم الشيرازي: و تعيده بعد الفجر احتياطاً (9). مكارم الشيرازي: بل الأحوط فيه و فيما بعده؛ و كذا غسل الحيض و النفاس (10). الامام الخميني: لايُترك في قضاء شهر رمضان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 27

ذلك و إن كان أحوط (1).

مسألة 51: إذا كان المجنب ممّن لايتمكّن من الغسل، لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمّم، وجب عليه التيمّم، فإن تركه بطل صومه؛ و كذا لو كان متمكّناً من الغسل و تركه (2) حتّى ضاق الوقت (3).

مسألة 52: لايجب على من تيمّم بدلًا عن الغسل أن يبقى مستيقظاً (4) حتّى يطلع الفجر، فيجوز له النوم (5) بعد التيمّم قبل الفجر على الأقوى و إن كان الأحوط البقاء مستيقظاً، لاحتمال بطلان تيمّمه بالنوم، كما على القول بأنّ التيمّم بدلًا عن الغسل يبطل بالحدث الأصغر.

مسألة 53: لايجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الأعذار، أن يبادر إلى الغسل فوراً و إن كان هو الأحوط.

مسألة 54: لو تيقّظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلماً، لم يبطل صومه؛ سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخّره أو بقي على الشكّ، لأنّه لو كان سابقاً كان من البقاء على الجنابة غير متعمّد، و لو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار؛ نعم، إذا علم سبقه على الفجر، لم يصحّ منه (6) صوم قضاء رمضان مع كونه موسّعاً، و أمّا مع

ضيق وقته فالأحوط (7) الإتيان به (8) و بعوضه (9).

مسألة 55: من كان جنباً في شهر رمضان في الليل، لايجوز له (10) أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنّه لايستيقظ قبل الفجر للاغتسال، و لو نام واستمرّ إلى الفجر لحقه حكم البقاء (1). الگلپايگاني: لايُترك (2). الخوئي: يعني يجب عليه التيمّم، فإن تركه بطل صومه (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه (4). مكارم الشيرازي: لايُترك (5). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه احتياط (7). الامام الخميني: الإتيان بالعوض فقط بعد شهر رمضان الآتي لايخلو من قوّة (8). الخوئي: لا بأس بالاكتفاء بعوضه (9). مكارم الشيرازي: بل يكفي الإتيان بالأداء فقط، و لا موجب للاحتياط (10). مكارم الشيرازي: هذا الحكم موافق للاحتياط الّذي هو في أصل المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 28

متعمّداً، فيجب عليه القضاء و الكفّارة؛ و أمّا إن احتمل الاستيقاظ (1)، جاز له النوم و إن كان من النوم الثاني (2) أو الثالث أو الأزيد، فلايكون نومه حراماً (3) و إن كان الأحوط ترك النوم الثاني فما زاد، و إن اتّفق استمراره إلى الفجر؛ غاية الأمر وجوب القضاء أو مع الكفّارة في بعض الصور، كما سيتبيّن.

مسألة 56: نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتّفق استمراره إلى طلوع الفجر، على أقسام؛ فإنّه إمّا أن يكون مع العزم على ترك الغسل، و إمّا أن يكون مع التردّد في الغسل و عدمه، و إمّا أن يكون مع الذهول و الغفلة عن الغسل، و إمّا أن يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتّفاق الاستمرار؛ فإن كان مع العزم على ترك الغسل أو

مع التردّد فيه، لحقه حكم تعمّد البقاء جنباً (4)، بل الأحوط ذلك إن كان مع الغفلة و الذهول أيضاً و إن كان الأقوى (5) لحوقه بالقسم الأخير. و إن كان مع البناء على الاغتسال أو مع الذهول على ما قوّينا، فإن كان في النومة الاولى بعد العلم بالجنابة فلا شي ء عليه (6) و صحّ صومه، و إن كان في النومة الثانية، بأن نام بعد العلم بالجنابة ثمّ انتبه و نام ثانياً مع احتمال الانتباه فاتّفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط دون الكفّارة على الأقوى، و إن كان في النومة الثالثة فكذلك على الأقوى و إن كان الأحوط ما هو المشهور من وجوب الكفّارة أيضاً في هذه الصورة، بل الأحوط وجوبها في النومة الثانية أيضاً، بل و كذا (1). الگلپايگاني: و اعتاده أو اطمأنّ به؛ أمّا مع عدم الاعتياد و الاطمينان، فالأحوط أنّه كالعلم بعدم الاستيقاظحتّى النوم الأوّل (2). مكارم الشيرازي: القدر المتيقّن هو النوم الأوّل (3). الخوئي: لأنّ الحرام إنّما هو عنوان تعمّد البقاء على الجنابة، و مع الشكّ في الاستيقاظ و احتماله إذا نام واستمرّ إلى الفجر اتّفاقاً فلايصدق عليه عنوان التعمّد؛ و بما أنّ موضوع الحكم هذا العنوان فلا أثر للاستصحاب أيضاً، حيث إنّه لايثبت ذلك العنوان (4). مكارم الشيرازي: الصورة الاولى مصداق تعمّد البقاء جنباً إلى الفجر قطعاً؛ و أمّا الصورة الثانية فليست مصداقاً للتعمّد، و لكنّها تنافي نيّة الصيام، فإنّ التردّد في الغسل بعد العلم بحكمه مساوق للتردّد في الصوم. و أمّا صورة الذهول عن الغسل فلايدخل في شي ء منهما، فلا موجب لفساد الصوم فيها (5). الخوئي: فيه تفصيل يأتي (6). الخوئي: الأظهر في الذهول وجوب القضاء فقط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 29

في

النومة الاولى أيضاً إذا لم يكن معتاد الانتباه (1)؛ و لايعدّ النوم الّذي احتلم فيه (2) من النوم الأوّل، بل المعتبر فيه النوم بعد تحقّق الجنابة، فلو استيقظ المحتلم من نومه ثمّ نام كان من النوم الأوّل لا الثاني.

مسألة 57: الأحوط (3) إلحاق (4) غير شهر رمضان (5) من الصوم المعيّن به (6) في حكم استمرار النوم الأوّل أو الثاني أو الثالث، حتّى في الكفّارة في الثاني و الثالث إذا كان الصوم ممّا له كفّارة كالنذر و نحوه.

مسألة 58: إذا استمرّ النوم الرابع أو الخامس، فالظاهر أنّ حكمه حكم النوم الثالث.

مسألة 59: الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة.

مسألة 60: ألحق بعضهم الحائض و النفساء بالجنب في حكم النومات و الأقوى عدم الإلحاق و كون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال، فمعه يبطل و إن كان في النوم الأوّل، و مع عدمه لايبطل و إن كان في النوم الثاني أو الثالث.

مسألة 61: إذا شكّ في عدد النومات، بنى على الأقلّ.

مسألة 62: إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه أيّام و شكّ في عددها، يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقّن و إن كان الأحوط تحصيل اليقين بالفراغ.

مسألة 63: يجوز قصد الوجوب (7) في الغسل و إن أتى به في أوّل الليل، لكنّ الأولى (8) مع (1). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط فيه كما مرّ (2). الگلپايگاني: مشكل، بل الأحوط عدّه منه (3). الامام الخميني: و إن كان الأقوى عدم الإلحاق (4). الگلپايگاني: و الأقوى عدم وجوب مراعاته (5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى أنّه لايلحق غير شهر رمضان و قضائه بهما في أحكام استمرار النوم، لما قد عرفت من اختصاص مبطليّة البقاء على الجنابة بهما (على القول بها) و

العجب أنّه اختار الاختصاص في أصل المسألة مع احتياطه في التعميم هنا (6). الخوئي: مرّ منه قدس سره اختصاص إبطال البقاء على الجنابة متعمّداً بصوم شهر رمضان و قضائه، و هذا هو الأظهر (7). مكارم الشيرازي: لو كان الوجوب في أصل المسألة ثابتاً، كان الحكم بوجوب هذه المقدّمة بحكم العقل وجوباً موسّعاً، ولكن لمّا كان أصل الحكم احتياطاً ففي المقام لاينوي إلّاالقربة؛ و ما قد يقال من أنّه كيف تجب المقدّمة قبل وجوب ذيها، كلام شعري، لعدم المانع من تأثير الوجوب الآتي في بعض الفروض في وجوب مقدّمته حاليّاً، كما ذكرناه في الاصول (8). الامام الخميني: بل الأولى عدم قصده مطلقاً، فيأتي بقصد القربة و لو في آخر الوقت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 30

الإتيان به قبل آخر الوقت أن لايقصد الوجوب، بل يأتي به بقصد القربة.

مسألة 64: فاقد الطهورين يسقط (1) عنه اشتراط رفع الحدث للصوم، فيصحّ صومه (2) مع الجنابة أو مع حدث الحيض أو النفاس.

مسألة 65: لايشترط في صحّة الصوم، الغسل لمسّ الميّت، كما لايضرّ مسّه في أثناء النهار.

مسألة 66: لايجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمّم، بل إذا لم يسع للاغتسال (3) و لكن وسع للتيمّم (4)؛ و لو ظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه (5)، فإن كان بعد الفحص صحّ صومه، و إن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء (6) على الأحوط (7).

[التاسع من المفطرات: الحقنة بالمايع

التاسع من المفطرات: الحقنة بالمايع و لو مع الاضطرار إليها لرفع المرض، و لا بأس بالجامد (8) و إن كان الأحوط اجتنابه أيضاً.

مسألة 67: إذا احتقن بالمايع لكن لم يصعد إلى الجوف، بل كان بمجرّد الدخول في الدبر، فلايبعد (9) عدم كونه مفطراً و إن

كان الأحوط تركه.

(1). الگلپايگانى: الأقوى فى قضاء رمضان البطلان مع سعة الوقت، و الأحوط التكرار مع الضيق فى الجنابة؛ و أما فى الحيض و النفاس فالأحوط الترك فى مطلق الغير المعين و التكرار فى القضاء مع الضيق.

(2). الامام الخمينى: إلا فى ما يفسده البقاء على الجنابة مطلقا و لو لا عن عمد كقضاء شهر رمضان، فإن الظاهر فيه البطلان.

مكارم الشيرازى: بل الأحوط الجمع بينه و بين بدله إذا لم يكن واجبا موسعا كقضاء رمضان فى السعة، و إلا فيؤخره (3). الخوئى: تقدم الكلام فيه (فى الامر الثامن من المفطرات).

(4). الامام الخمينى: لكن صح صومه إذا تيمم، و بطل فى الفرض الأول، كما مر.

(5). الامام الخمينى: حتى لتصحيل التيمم.

(6). الگلپايگانى: إن لم يتمكن من التيمم؛ و أما مع التمكن منه فيجب التيمم، و لا قضاء معه.

مكارم الشيرازى: إذا لم يقدر على التيمم، و إلا فلا إشكال فى صحة صومه (7). الامام الخمينى: و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

(8). الامام الخمينى: الأحوط الاقتصار على مثل الشياف للتداوى؛ و أما إدخال نحو الترياك للمعتادين بأكله و غيرهم لحصول التغذى أو التكليف به فقيه إشكال، لا يترك الاحتياط بتركه، و كذا الحال فى كل ما يحصل به التغذى من هذا المجرى.

(9). الگلپايگاني: الأقوى البطلان مع صدق الاحتقان

مكارم الشيرازي: بل هو بعيد، لإطلاق النصوص و كون التقييد مبنيّاً على الاستحسان؛ نعم، لو لم يصدق عليه الاحتقان، جاز

العروة الوثقى، ج 2، ص: 31

مسألة 68: الظاهر جواز الاحتقان بما يشكّ في كونه جامداً أو مايعاً و إن كان الأحوط (1) تركه (2).

[العاشر: تعمّد القي ء]

العاشر: تعمّد القي ء و إن كان للضرورة، من رفع مرض أو نحوه، و لا بأس بما كان سهواً أو من غير

اختيار؛ و المدار على الصدق العرفيّ، فخروج مثل النوات أو الدود لايعدّ منه.

مسألة 69: لو خرج بالتجشّؤ شي ء ثمّ نزل من غير اختيار، لم يكن مبطلًا، و لو وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختياراً بطل صومه و عليه القضاء و الكفّارة (3)، بل تجب كفّارة الجمع (4) إذا كان حراماً من جهة خباثته أو غيرها.

مسألة 70: لو ابتلع في الليل ما يجب عليه (5) قيؤه في النهار، فسد صومه (6) إن كان الإخراج منحصراً في القي ء، و إن لم يكن منحصراً فيه لم يبطل، إلّاإذا اختار القي ء مع إمكان الإخراج بغيره، و يشترط أن يكون ممّا يصدق القي ء على إخراجه؛ و أمّا لو كان مثل درّة أو بندقة أو درهم أو نحوها ممّا لايصدق معه القي ء، لم يكن مبطلًا.

مسألة 71: إذا أكل في الليل ما يعلم أنّه يوجب القي ء في النهار من غير اختيار، فالأحوط القضاء (7).

(1). الامام الخميني: لايُترك، إلّامع التردّد بين الجامد الشيافي للتداوي و المايع أو غيره (2). الگلپايگاني: لايُترك (3). الخوئي: على الأحوط فيه و فيما بعده

مكارم الشيرازي: على الأحوط فيه و فيما بعده من كفّارة الجمع؛ ولكنّ الأقوى عدم وجوب كفّارة الجمع فيه (4). الامام الخميني: على الأحوط (5). الگلپايگاني: لأهميّة ما يجب له القي ء أو عدم تعيّن الصوم (6). الامام الخميني: الأقوى عدم الفساد في مثل ابتلاع المغصوب ممّا يجب عليه ردّه و القي ء مقدّمة له، فصحّ الصوم لو عصى و لم يردّه و لو قلنا بأنّ ترك القي ء جزء للصوم، فضلًا عن القول بأنّه ضدّه؛ نعم، لو فرض ابتلاع ما يحكم الشارع بقيئه بعنوانه ففي الصحّة و البطلان تردّد، و الصحّة أشبه

الخوئي: هذا إذا أراد القي ء خارجاً، و إلّافمجرّد الوجوب لايوجب

البطلان

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال و إن كان أحوط (7). الخوئي: لا بأس بتركه

مكارم الشيرازي: يجوز ترك هذا الاحتياط، لانصراف الأدلّة منه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 32

مسألة 72: إذا ظهر أثر القي ء و أمكنه الحبس و المنع، وجب (1) إ 9 ذا لم يكن حرج و ضرر.

مسألة 73: إذا دخل الذباب في حلقه، وجب (2) إخراجه مع إمكانه و لايكون من القي ء، ولو توقّف إخراجه على القي ء سقط وجوبه و صحّ صومه.

مسألة 74: يجوز للصائم التجشّؤ اختياراً و إن احتمل (3) خروج شي ء من الطعام معه؛ و أمّا إذا علم بذلك فلايجوز (4).

مسألة 75: إذا ابتلع شيئاً سهواً فتذكّر قبل أن يصل إلى الحلق، وجب إخراجه و صحّ صومه؛ و أمّا إن تذكّر بعد الوصول (5) إليه فلايجب (6)، بل لايجوز إذا صدق عليه القي ء. و إن شكّ في ذلك، فالظاهر وجوب إخراجه أيضاً مع إمكانه، عملًا بأصالة عدم الدخول (7) في الحلق.

مسألة 76: إذا كان الصائم بالواجب المعيّن مشتغلًا بالصلاة الواجبة، فدخل في حلقه ذباب أو بقّ أو نحوهما أو شي ء من بقايا الطعام الّذي بين أسنانه و توقّف إخراجه على إبطال الصلاة بالتكلّم ب «أخ» أو بغير ذلك، فإن أمكن التحفّظ و الإمساك إلى الفراغ من الصلاة وجب (8)، و إن لم يمكن ذلك و دار الأمر بين إبطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالإخراج، فإن (1). الگلپايگاني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوبه بعد عدم كونه بفعله أو إكراه نفسه عليه (2). الامام الخميني: مع الوصول إلى حدّ لم يصدق معه الأكل فالظاهر عدم وجوب إخراجه و صحّة صومه، و مع صدق الأكل فالظاهر وجوب إخراجه و لو لزم منه القي ء و بطل صومه. و

لو أكله و الحال هذه بطل صومه، و الأحوط وجوب كفّارة الجمع بارتكاب المفطر المحرّم (3). الگلپايگاني: فيه إشكال، فلايُترك الاحتياط (4). الخوئي: على الأحوط

مكارم الشيرازي: هذا إذا صدق عليه القي ء، و كثيراً ما لايصدق على التجشّوء عنوان القي ء (5). الامام الخميني: الميزان في وجوب الإخراج و عدمه الوصول إلى حدّ صدق معه الأكل بابتلاعه و عدمه، والظاهر صدق الأكل مع الوصول إلى أوّل الحلق بل وسطه، و لو شكّ في وصوله إلى ذلك الحدّ فلا يبعد جواز الابتلاع، و الأصل الّذي تمسّك به في المتن لا يثبت عنوان الأكل و لو في الشبهة الموضوعيّة، فضلًا عن الشبهة المفهوميّة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط، بل لايُترك حتّى الإمكان (6). الگلپايگاني: بل يجب ما لم يصل إلى الجوف، و لايعدّ إخراجه قيئاً

مكارم الشيرازي: بل يجب إخراجه و لايصدق عليه عنوان القي ء (7). الخوئي: لا أثر لهذا الأصل، و رعاية الاحتياط أولى

الگلپايگاني: بل لأصالة وجوب إخراجه قبل أن يصل إلى هذا الحدّ (8). الخوئي: على الأحوط في سعة الوقت

مكارم الشيرازي: قد عرفت سابقاً أنّ تحريم إبطال صلوة الفريضة هو الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 33

لم يصل إلى الحدّ (1) من الحلق كمخرج الخاء و كان ممّا يحرم بلعه في حدّ نفسه كالذباب و نحوه، وجب قطع الصلاة (2) بإخراجه و لو في ضيق (3) وقت الصلاة، و إن كان ممّا يحلّ بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي سعة الوقت للصلاة و لو بإدراك ركعة منه يجب القطع و الإخراج، و في الضيق يجب البلع و إبطال الصوم، تقديماً لجانب الصلاة لأهمّيتها؛ و إن وصل إلى الحدّ (4)، فمع كونه ممّا يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة و إبطالها

على إشكال (5)، و إن كان مثل بقايا الطعام لم يجب و صحّت صلاته و صحّ صومه (6) على التقديرين، لعدم عدّ إخراج مثله قيئاً في العرف.

مسألة 77: قيل: يجوز (7) للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه و يخرجه عمداً، و هو مشكل (8) مع الوصول إلى الحدّ، فالأحوط الترك. (1). الامام الخميني: بل إن لم يصل إلى حدّ خرج عن اسم الأكل (2). مكارم الشيرازي: إن كان مراده من ضيق الوقت عدم أداء ركعة منها في الوقت بقرينة جعله من سعة الوقت في كلامه الآتي، فهو باطل، لعدم جواز ترك الصلوة بهذه الامور قطعاً في مذاق الشرع؛ و إن كان ضيقه عن الصلاة الكاملة، فجواز القطع وجيه (3). الامام الخميني: لايبعد تقديم جانب الصلاة إن ضاق الوقت عن إدراك ركعة (4). الامام الخميني: إن وصل إلى حدّ خرج عن صدق الأكل فالظاهر جواز بلعه و صحّة صومه و صلاته

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا فرق بين وصول الحدّ و عدمه، لأنّ إدخال الحرام في الجوف حرام، و إدخال مطلق الطعام مضرّ بالصيام، فيجب قطع الصلاة إذا بقي مقدار ركعة من وقتها، و إلّافلا؛ و في صحّة صومه حينئذٍ إشكال (5). الخوئي: لا إشكال في سعة الوقت، كما لا إشكال في عدم جواز إبطالها في ضيق الوقت (6). الگلپايگاني: بل يجب البلع تقديماً للصلاة، و يقضي الصوم، لما مرّ من وجوب الإخراج ما لم يصل إلى الجوف (7). الخوئي: و هو الأظهر (8). الامام الخميني: لا إشكال فيه إن كان المراد إدخال نفس الإصبع و إخراجه، كما هو ظاهر العبارة، و كذا لو كان المراد إخراج ما في الحلق بإصبعه

مكارم الشيرازي: لا إشكال في جوازه (جواز إدخال الإصبع

في الحلق)، لعدم صدق الأكل عليه بأىّ معنى كان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 34

مسألة 78: لا بأس بالتجشّؤ القهريّ و إن وصل معه الطعام إلى فضاء الفم و رجع، بل لا بأس (1) بتعمّد التجشّؤ ما لم يعلم (2) أنّه يخرج معه شي ء من الطعام (3)، و إن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه؛ و لو سبقه الرجوع إلى الحلق، لم يبطل صومه و إن كان الأحوط القضاء.

[فصل في اعتبار العمد و الاختيار في الإفطار]

[فصل في اعتبار العمد و الاختيار في الإفطار]

المفطرات المذكورة، ما عدا البقاء على الجنابة الّذي مرّ الكلام فيه تفصيلًا، إنّما توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد و الاختيار، و أمّا مع السهو و عدم القصد فلاتوجبه؛ من غير فرق بين أقسام الصوم من الواجب المعيّن و الموسّع و المندوب، و لا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل (4) بقسميه (5) و العالم، و لا بين المكره و غيره، فلو اكره على الإفطار فأفطر مباشرةً فراراً عن الضرر المترتّب على تركه بطل صومه على الأقوى؛ نعم، لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه، لم يبطل.

مسألة 1: إذا أكل ناسياً فظنّ فساد صومه فأفطر عامداً، بطل صومه (6)؛ و كذا لو أكل بتخيّل أنّ صومه مندوب يجوز إبطاله فذكر أنّه واجب.

مسألة 2: إذا أفطر تقيّة من ظالم، بطل صومه (7). (1). الامام الخميني: مع عدم كون الخروج عادة له، و إلّافيشكل، فلايُترك الاحتياط (2). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال فيه، فلايُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه كثيراً ما لايصدق على التجشّوء القي ء، فلا إشكال في جوازه حينئذٍ حتّى في صورة العلم (3). الخوئي: تقدّم حكم هذه المسألة [في هذا الفصل، المسألة 69 و 74] (4). الگلپايگاني: الحكم بالبطلان في القاصر

محلّ إشكال؛ نعم، هو أحوط (5). الامام الخميني: على الأقوى في المقصّر، و على الأحوط في القاصر

مكارم الشيرازي: في بطلان الصوم بإفطار الجاهل إشكال، لاسيّما في القاصر؛ بل ظاهر غير واحد من الروايات عدم البطلان في الجاهل الغافل، سواء كان قاصراً أو مقصّراً، لا الجاهل الشاكّ (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في بطلان صوم الجاهل بقسميه، و هذه المسألة كثيراً ما تكون مصداقاً له (7). الامام الخميني: إذا اتّقى من المخالفين في أمر راجع إلى فتوى فقهائهم أو حكمهم لايكون مفطراً، فلو ارتكب تقيّةً ما لايرى المخالفون مفطراً صحّ صومه على الأقوى، و كذا لو أفطر قبل ذهاب الحُمرة، و كذا لو أفطر يوم الشكّ تقيّةً لحكم قضاتهم بحسب الموازين الّتي عندهم لايجب عليه قضاؤه مع بقاء الشكّ؛ نعم، مع العلم بكون حكمهم بالتعيّد مخالفاً للواقع، يجوز له بل يجب عليه الإفطار تقيّة و يجب عليه القضاء

الگلپايگاني: إذا كانت التقيّة في كيفيّة الصوم، بأن ارتكب ما لايراه مفطراً، فالأحوط الإتمام ثمّ القضاء

مكارم الشيرازي: إن كانت التقيّة بما يكون إفطاراً عندهم و عندنا، فلا إشكال في البطلان، كإفطار آخر يوم من رمضان بعنوان العيد تقيّةً؛ أمّا إن كان الإفطار بما لايعدّ عندهم منافياً للصوم، فإن ارتكبه تقيّةً، فالأقوى هو الصحّة وفاقاً لكثير من الأصحاب، و قد استوفينا الكلام فيه في كتابنا «القواعد الفقهيّة» في أبحاث التقيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 35

مسألة 3: إذا كانت اللقمة في فمه و أراد بلعها لنسيان الصوم فتذكّر، وجب إخراجها، و إن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل يجب الكفّارة أيضاً، و كذا لو كان مشغولًا بالأكل فتبيّن طلوع الفجر.

مسألة 4: إذا دخل الذباب أو البقّ أو الدخان الغليظ أو

الغبار في حلقه من غير اختياره (1) لم يبطل صومه، و إن أمكن إخراجه وجب (2) و لو وصل إلى مخرج الخاء (3).

مسألة 5: إذا غلب على الصائم العطش، بحيث خاف من الهلاك (4)، يجوز له (5) أن يشرب الماء مقتصراً على مقدار الضرورة، و لكن يفسد صومه بذلك و يجب عليه الإمساك بقيّة النهار إذا كان في شهر رمضان؛ و أمّا في غيره من الواجب الموسّع و المعيّن، فلايجب الإمساك و إن كان أحوط في الواجب المعيّن.

مسألة 6: لايجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الّذي يعلم اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك، و يبطل صومه لو ذهب و صار مضطرّاً و لو كان بنحو الإيجار (6)، بل لايبعد (7) بطلانه بمجرّد القصد إلى ذلك، فإنّه كالقصد للإفطار. (1). الامام الخميني: مجرّد الوصول إلى الحلق خصوصاً في غير الدخان و الغبار غير مفطر و لو مع الاختيار، و لايجب الإخراج؛ نعم، لايجوز البلع (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط في الدخان و الغبار الغليظ، كما عرفت في السادس من المفطرات (3). مكارم الشيرازي: أو أدنى منه، إذا لم يصدق عليه عنوان القي ء (4). مكارم الشيرازي: بل و إذا خاف من مرض، أو لزمه حرج شديد لايتحمّل عادةً أيضاً (5). الگلپايگاني: بل يجب (6). الامام الخميني: فيه تأمّل

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم صدق العمد بالإفطار في هذه الصورة؛ نعم، لو كان من قصده الذهاب إلى مكان ليؤجر الطعام في حلقه، لايبعد صدق العمد عليه (7). الامام الخميني: الأقوى عدم البطلان بمجرّده، فإنّه كقصد المفطر و قد مرّ التفصيل فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 36

مسألة 7: إذا نسي فجامع، لم يبطل صومه، و إن تذكّر

في الأثناء وجب المبادرة إلى الإخراج، و إلّاوجب عليه القضاء و الكفّارة.

[فصل في امور لا بأس بها للصائم

[فصل في امور لا بأس بها للصائم

لا بأس للصائم بمصّ الخاتم أو الحصى، و لا بمضغ الطعام للصبيّ و لا بزقّ الطائر و لا بذوق المرق و نحو ذلك ممّا لايتعدّى إلى الحلق، و لايبطل صومه إذا اتّفق التعدّي إذا كان من غير قصد و لاعلم بأنّه يتعدّى قهراً أو نسياناً؛ أمّا مع العلم بذلك من الأوّل، فيدخل في الإفطار العمديّ؛ و كذا لا بأس بمضغ العلك (1) و لا ببلع ريقه بعده و إن وجد له طعماً فيه ما لم يكن ذلك بتفتّت أجزاء منه، بل كان لأجل المجاورة، و كذا لا بأس بجلوسه في الماء ما لم يرتمس، رجلًا كان أو امرأة (2) و إن كان يكره لها (3) ذلك، ولا ببلّ الثوب و وضعه على الجسد ولا بالسواك باليابس، بل بالرطب أيضاً، لكن إذا أخرج المسواك من فمه لايرده و عليه رطوبة (4)، و إلّاكانت كالرطوبة الخارجيّة لايجوز بلعها إلّابعد الاستهلاك (5) في الريق، و كذا لا بأس بمصّ لسان الصبيّ أو الزوجة إذا لم يكن عليه رطوبة، و لا بتقبيلها أو ضمّها أو نحو ذلك.

مسألة 1: إذا امتزج بريقه دم و استهلك فيه، يجوز بلعه (6) على الأقوى، و كذا غير الدم من المحرّمات و المحلّلات. و الظاهر عدم جواز (7) تعمّد المزج و الاستهلاك للبلع؛ سواء كان مثل الدم و نحوه من المحرّمات، أو الماء و نحوه من المحلّلات؛ فما ذكرنا من الجواز إنّما هو إذا كان (1). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لاينفكّ من تفتّت الأجزاء، فلذا يصغر العلك بعد مضغه تدريجاً (2). الگلپايگاني: الأحوط للمرأة ترك الاستنقاع (3). مكارم

الشيرازي: الكراهة أيضاً غير ثابتة، ولكنّ الأولى الاجتناب عنه (4). مكارم الشيرازي: و هل يمكن أن لايكون على لسانه و لسانها رطوبة؟! فالحقّ أنّ جواز ذلك للاستهلاك (5). الگلپايگاني: مشكل، كما مرّ (6). الگلپايگاني: بل الأحوط الاجتناب، من غير فرق بين العمد و الاتّفاق (7). الامام الخميني: على الأحوط و إن كان الجواز أشبه

مكارم الشيرازي: الظهور محلّ إشكال، و لكنّه أحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 37

ذلك على وجه الاتّفاق.

[فصل فيما يكره للصائم

فصل فيما يكره للصائم

يكره للصائم امور:

أحدها: مباشرة النساء لمساً و تقبيلًا و ملاعبةً، خصوصاً لمن تتحرّك شهوته بذلك، بشرط أن لايقصد الإنزال ولا كان من عادته (1)، وإلّا حرم (2) إذا كان في الصوم الواجب المعيّن (3).

الثاني: الاكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوهما ممّا يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق، و كذا ذرّ مثل ذلك في العين.

الثالث: دخول الحمّام إذا خشي منه الضعف.

الرابع: إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، و إذا علم بأدائه إلى الإغماء المبطل للصوم حرم، بل لايبعد كراهة كلّ فعل يورث الضعف أو هيجان المرّة.

الخامس: السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، و إلّافلايجوز على الأقوى.

السادس: شمّ الرياحين خصوصاً النرجس، و المراد بها كلّ نبت طيّب الريح.

السابع: بلّ الثوب على الجسد.

الثامن: جلوس المرأة (4) في الماء، بل الأحوط (5) لها تركه.

التاسع: الحقنة بالجامد (6).

العاشر: قلع الضرس، بل مطلق إدماء الفم.

الحادي عشر: السواك (7) بالعود الرطب.

الثاني عشر: المضمضة عبثاً، و كذا إدخال شي ء (8) آخر (9) في الفم (10) لا لغرض صحيح. (1). الگلپايگاني: و كان مأموناً من سبق المنيّ (2). الامام الخميني: الحرمة بمجرّد القصد أو العادة غير معلومة، لكن إذا أمنى يكون من الإفطار العمدي (3). الگلپايگاني: أو في

قضاء شهر رمضان و كان بعد الزوال (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ كراهته غير ثابتة و إن كان الأحوط تركه (5). الگلپايگاني: لايُترك (6). مكارم الشيرازي: فيه أيضاً إشكال و إن كان الأحوط تركه (7). الگلپايگاني: لم يعلم كراهته (8). الامام الخميني: في إطلاقه تأمّل و إشكال (9). مكارم الشيرازي: لا دليل عليه إلّامن باب إلغاء الخصوصيّة من الماء، و في غير المايعات تأمّل (10). الگلپايگاني: لم أظفر إلى الآن على مستند الكراهة فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 38

الثالث عشر: إنشاد الشعر، و لايبعد اختصاصه (1) بغير المراثي أو المشتمل على المطالب الحقّة (2) من دون إغراق أو مدح الأئمّة: و إن كان يظهر من بعض الأخبار التعميم.

الرابع عشر: الجدال و المراء و أذى الخادم و المسارعة إلى الحلف؛ و نحو ذلك من المحرّمات و المكروهات في غير حال الصوم، فإنّه يشتدّ حرمتها أو كراهتها حاله.

[فصل في كفّارة الصوم

[فصل في كفّارة الصوم

المفطرات المذكورة كما أنّها موجبة للقضاء، كذلك توجب الكفّارة (3) إذا كانت مع العمد و الاختيار من غير كره و لا إجبار، من غير فرق بين الجميع حتّى الارتماس (4) و الكذب على اللّه و على رسوله صلى الله عليه و آله، بل و الحقنة و القي ء على الأقوى؛ نعم، الأقوى عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه، بل و الثالث و إن كان الأحوط فيها أيضاً ذلك، خصوصاً الثالث؛ و لا فرق أيضاً في وجوبها بين العالم و الجاهل المقصّر و القاصر على الأحوط و إن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل (5) خصوصاً القاصر و المقصّر (6) الغير الملتفت (7) حين الإفطار؛ نعم، إذا كان جاهلًا بكون الشي ء مفطراً مع علمه بحرمته،

كما إذا لم يعلم أنّ الكذب على اللّه و رسوله صلى الله عليه و آله من المفطرات فارتكبه حال الصوم، فالظاهر لحوقه (8) بالعالم (9) في (1). مكارم الشيرازي: الاختصاص غير ثابت (2). الگلپايگاني: الدينيّة (3). الامام الخميني: على الأحوط في الكذب على اللّه و رسوله صلى الله عليه و آله و الأئمّة: و في الارتماس و الحقنة، وعلى الأقوى في البقيّة، بل في الكذب عليهم لايخلو من قوّة؛ نعم، القي ء لايوجبها على الأقوى (4). الگلپايگاني: على القول بمفطريّته، و قد مرّ أنّه أحوط

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط في الارتماس؛ و أمّا الكذب و الغبار ما لم يتبدّل طيناً في الحلق، فقد عرفت عدم الدليل على كونهما مفطراً، فكيف بالكفّارة؟ (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الجاهل إذا كان غير ملتفت إلى الحكم، ظاهر الأدلّة عدم بطلان صومه، فكيف بالكفّارة؟ (6). الامام الخميني: لايُترك الاحتياط فيه (7). الگلپايگاني: و في الملتفت حين الإفطار الأقوى الكفّارة (8). الامام الخميني: بل الأحوط لحوقه؛ نعم، لواعتقد أنّه حرام عليه من حيث الصوم وليس بمفطر فلايبعد اللحوق (9). الگلپايگاني: فيه تأمّل

مكارم الشيرازي: فيه إشكال، ولكنّه أحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 39

وجوب الكفّارة.

مسألة 1: تجب الكفّارة في أربعة أقسام من الصوم:

الأوّل: صوم شهر رمضان؛ و كفّارته مخيّرة بين العتق و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستّين مسكيناً (1) على الأقوى و إن كان الأحوط الترتيب، فيختار العتق مع الإمكان، و مع العجز عنه فالصيام، و مع العجز عنه فالإطعام؛ و يجب الجمع (2) بين الخصال إن كان الإفطار على محرّم كأكل المغصوب و شرب الخمر و الجماع المحرّم و نحو ذلك.

الثاني: صوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال؛ و كفّارته إطعام عشرة مساكين،

لكلّ مسكين مدّ (3)، فإن لم يتمكّن فصوم ثلاثة أيّام (4)، و الأحوط إطعام ستّين مسكيناً.

الثالث: صوم النذر المعيّن؛ و كفّارته كفّارة إفطار شهر رمضان (5).

الرابع: صوم الاعتكاف؛ و كفّارته مثل كفّارة شهر رمضان مخيّرة بين الخصال، و لكنّ الأحوط الترتيب المذكور؛ هذا، و كفّارة الاعتكاف مختصّة بالجماع، فلاتعمّ سائر المفطرات، و الظاهر أنّها لأجل الاعتكاف لا للصوم (6) و لذا تجب في الجماع ليلًا أيضاً.

و أمّا ما عدا ذلك من أقسام الصوم، فلاكفّارة في إفطاره، واجباً كان كالنذر المطلق و الكفّارة أو مندوباً، فإنّه لاكفّارة فيها و إن أفطر بعد الزوال.

مسألة 2: تتكرّر الكفّارة بتكرّر الموجب في يومين و أزيد من صوم له كفّارة، و لاتتكرّر بتكرّره في يوم واحد في غير الجماع (7) و إن تخلّل التكفير بين الموجبين أو اختلف جنس الموجب على الأقوى و إن كان الأحوط التكرار مع أحد الأمرين، بل الأحوط التكرار (1). الگلپايگاني: أو ضمّ العتق أو صيام شهرين على إطعام العشرة (2). الخوئي: على الأحوط؛ و بذلك يظهر الحال في الفروع الآتية

الامام الخميني، مكارم الشيرازي: على الأحوط (3). مكارم الشيرازي: لم يصرّح في مدرك الحكم و هو رواية بريد بوجوب مدّ لكلّ مسكين، بل مطلق التصدّق على عشرة مساكين؛ اللّهم إلّاأن يقال بانصرافه إلى ذلك، و ليس ببعيد (4). الامام الخميني: متتابعات على الأحوط (5). الخوئي: الأظهر أنّ كفّارته كفّارة اليمين (6). الگلپايگاني: فيما إذا كان الصوم لأجل الاعتكاف؛ و أمّا الواجب الآخر إذا اتّفق فيه الاعتكاف ففيه كفّارة زائدة على كفّارة الاعتكاف (7). الخوئي: يختصّ تكرّر الكفّارة بتكرّر الجماع بشهر رمضان، و الظاهر تكرّر الكفّارة بتكرّر الاستمناء أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 40

مطلقاً؛ و أمّا الجماع، فالأحوط بل الأقوى

(1) تكريرها (2) بتكرّره.

مسألة 3: لا فرق في الإفطار بالمحرّم الموجب لكفّارة الجمع بين أن يكون الحرمة أصليّة كالزنا و شرب الخمر، أو عارضيّة (3) كالوطي حال الحيض أو تناول (4) ما يضرّه.

مسألة 4: من الإفطار بالمحرّم، الكذب (5) على اللّه (6) و على رسوله صلى الله عليه و آله، بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها، من حيث دخولها في الخبائث (7)، لكنّه مشكل.

مسألة 5: إذا تعذّر بعض الخصال في كفّارة الجمع، وجب عليه (8) الباقي.

مسألة 6: إذا جامع في يوم واحد مرّات، وجب عليه (9) كفّارات بعددها (10)، و إن كان على الوجه المحرّم تعدّد كفّارة الجمع بعددها.

مسألة 7: الظاهر أنّ الأكل في مجلس واحد يعدّ إفطاراً واحداً و إن تعدّدت اللّقم، فلو قلنا بالتكرار مع التكرّر في يوم واحد لا تتكرّر بتعدّدها، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة.

مسألة 8: في الجماع الواحد إذا أدخل و أخرج مرّات، لاتتكرّر الكفّارة و إن كان أحوط (11). (1). الامام الخميني: بل الأقوى عدم تكرّرها، لكن لاينبغي ترك الاحتياط

الگلپايگاني: في القوّة منع (2). مكارم الشيرازي: لا دليل عليه يعتدّ به؛ نعم، يستحبّ فيه رعاية الاحتياط (3). مكارم الشيرازي: على الأحوط (4). الامام الخميني: في هذا المثال و نظائره تأمّل و إشكال (5). الگلپايگاني: لكن وجوب كفّارة الجمع فيه غير معلوم (6). مكارم الشيرازي: شمول الإفطار على الحرام لمثل الكذب (على القول بمفطريّته) أو الارتماس في الماء الغصبي و أكل النخامة و شبه ذلك، مشكل جدّاً (7). الخوئي: الظاهر بطلان هذا القول (8). الگلپايگاني: على الأحوط (9). الامام الخميني: مرّ أنّ الأقوى عدم تكرّرها بتكرّره

الگلپايگاني: على الأحوط (10). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه احتياط مستحبّ؛ و أمّا

تكرار كفّارة الجمع فهو غير ثابت، و القدر المتيقّن من كفّارة الجمع هو المرّة الاولى (11). مكارم الشيرازي: لا وجه لأمثال هذه الاحتياطات الضعيفة، و لذا لم يذكرها في الأكل و شرب الماء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 41

مسألة 9: إذا أفطر بغير الجماع ثمّ جامع بعد ذلك، يكفيه التكفير مرّة (1)؛ و كذا إذا أفطر أوّلًا بالحلال ثمّ أفطر بالحرام، تكفيه كفّارة (2) الجمع (3).

مسألة 10: لو علم أنّه أتى بما يوجب فساد الصوم و تردّد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفّارة أيضاً لم تجب عليه، و إذا علم أنّه أفطر أيّاماً و لم يدر عددها يجوز له الاقتصار (4) على القدر المعلوم. و إذا شكّ في أنّه أفطر بالمحلّل أو المحرّم كفاه إحدى الخصال. و إذا شكّ في أنّ اليوم الّذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال، لم تجب عليه الكفّارة؛ و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستّين مسكيناً، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين (5).

مسألة 11: إذا أفطر متعمّداً ثمّ سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفّارة بلا إشكال، و كذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها، بل و كذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار على الأقوى (6)، و كذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حدّ الترخّص. و أمّا لو أفطر متعمّداً ثمّ عرض له عارض قهريّ، من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار، ففي السقوط و عدمه وجهان، بل قولان؛ أحوطهما الثاني (7) و أقواهما الأوّل.

(1). الخوئي: الظاهر أنه لا يكفى.

الگلپايگانى: الأقوى عدم الكفاية على القول بتكرر الجماع (2). الامام الخمينى: بل يكيفه إحدى الخصال مطلقا.

(3). الخوئي:

فى وجوب كفارة الجمع حينئذ إشكال، بل منع؛ و أما إذا كان الإتيان بالحرام جماعا محرما فيجب عليه حينئذ ضم إحدى الخصال إلى كفارة الجمع.

مكارم الشيرازى: لا وجه لكفارة الجمع هنا، بل يكيفه كفارة واحدة بغير الجمع، إلا إذا كان الباقى جماعا؛ فالأحوط كفارتان، كل واحدة إحدى الخصال (4). الگلپايگانى: فيما لم يعلم بعددها سابقا، و إلا فمشكل.

(5). الخوئى: لا وجه لذلك أصلا؛ نعم، له الاكتفاء بإطعام ستين مسكينا.

(6). الامام الخمينى: بل على الأحوط فيه و فيما يليه.

الگلپايگانى: بل الأحوط (7). الخوئي: هذا الاحتياط لايُترك.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 42

مسألة 12: لو أفطر يوم الشكّ في آخر الشهر، ثمّ تبيّن أنّه من شوّال، فالأقوى سقوط الكفّارة و إن كان الأحوط عدمه، و كذا لو اعتقد أنّه من رمضان ثمّ أفطر متعمّداً فبان أنّه من شوّال أو اعتقد في يوم الشكّ في أوّل الشهر أنّه من رمضان فبان أنّه من شعبان.

مسألة 13: قد مرّ أنّ من أفطر في شهر رمضان عالماً عامداً إن كان مستحلًاّ، فهو مرتدّ (1)، بل و كذا إن لم يفطر و لكن كان مستحلًاّ له، و إن لم يكن مستحلًاّ عزّر بخمسة و عشرين (2) سوطاً (3)، فإن عاد بعد التعزير عزّر ثانياً، فإن عاد كذلك قتل في الثالثة، و الأحوط قتله في الرابعة (4).

مسألة 14: إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان مكرهاً لها، كان عليه كفّارتان و تعزيران (5) خمسون سوطاً، فيتحمّل عنها الكفّارة و التعزير؛ و أمّا إذا طاوعته في الابتداء فعلى كلّ منهما كفّارته و تعزيره، و إن أكرهها في الابتداء ثمّ طاوعته في الأثناء فكذلك على الأقوى (6) و إن كان الأحوط (7) كفّارة منها (8) و كفّارتين

منه (9)، و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة.

(1). مكارم الشيرازي: مع علمه بكونه من ضروريّات الدين الّتي يوجب إنكارها إنكار الرسالة (2). الامام الخميني: مرّ عدم ثبوت هذا التقدير في غير الجماع

الگلپايگاني: قد مرّ عدم ثبوت هذا التقدير في غير الجماع مع الحليلة

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ مقدار التعزير موكول إلى نظر الحاكم (3). الخوئي: و قد مرّ الكلام فيه و فيما بعده [في أوّل كتاب الصوم في التعليقة الثانية و الثالثة] (4). مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط (5). الخوئي: على الأحوط (6). الامام الخميني: إن أكرهها في الابتداء على وجه سلب منها الاختيار و الإرادة ثمّ طاوعته في الأثناءفالأقوى ثبوت كفّارتين له و كفّارة لها و إن كان الإكراه على وجه صدر منها الفعل بإرادتها، و إن كانت مكرهة في ذلك فالأقوى ثبوت كفّارتين له و ليست عليها كفّارة، و كذا الحال في التعزير على الظاهر (7). الگلپايگاني: لايُترك (8). مكارم الشيرازي: رعاية هذا الاحتياط عليها غير واجب، بعد ما نعلم بطلان صومها بالإكراه، فلايكون استدامة الجماع باختيارها إفطاراً حتّى يوجب الكفّارة، و قد عرفت عدم تكرارها بالجماع أيضاً (9). الخوئي: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 43

مسألة 15: لو جامع زوجته الصائمة و هو صائم في النوم لايتحمّل عنها الكفّارة و لاالتعزير، كما أنّه ليس عليها شي ء و لايبطل صومها بذلك، و كذا لايتحمّل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات حتّى مقدّمات الجماع و إن أوجبت إنزالها.

مسألة 16: إذا أكرهت الزوجة زوجها، لاتتحمّل عنه شيئاً.

مسألة 17: لاتلحق بالزوجة، الأمة (1) إذا أكرهها على الجماع و هما صائمان، فليس عليه إلّا كفّارته و تعزيره، و كذا لاتلحق بها الأجنبيّة

إذا أكرهها عليه على الأقوى و إن كان الأحوط التحمّل عنها، خصوصاً إذا تخيّل أنّها زوجته فأكرهها عليه.

مسألة 18: إذا كان الزوج مفطراً بسبب كونه مسافراً أو مريضاً أو نحو ذلك و كانت زوجته صائمة، لايجوز له إكراهها على الجماع، و إن فعل لايتحمّل (2) عنها الكفّارة و لا التعزير، و هل يجوز له مقاربتها و هي نائمة؟ إشكال (3).

مسألة 19: من عجز عن الخصال الثلاث في كفّارة مثل شهر رمضان، تخيّر (4) بين أن يصوم ثمانية عشر يوماً أو يتصدّق (5) بما يطيق (6)، و لو عجز أتى بالممكن منهما (7)، و إن لم يقدر على شي ء منهما استغفراللّه و لو مرّة بدلًا عن الكفّارة، و إن تمكّن بعد ذلك منها أتى بها (8).

مسألة 20: يجوز التبرّع (9) بالكفّارة عن الميّت، صوماً كانت أو غيره، و في جواز التبرّع (1). الگلپايگاني: الأحوط الإلحاق، بل لايخلو عن وجه

مكارم الشيرازي: الأحوط إلحاق الأمة و الأجنبيّة في الكفّارة، دون التعزير (2). الامام الخميني: لايخلو من إشكال، فلايُترك الاحتياط (3). الخوئي: إلّاأنّ الجواز غير بعيد (4). الامام الخميني: بل تعيّن عليه التصدّق بما يطيق، و مع عدم التمكّن منه استغفراللّه و لو مرّة، و الأحوطالتكفير إن تمكّن بعد ذلك (5). الگلپايگاني: و هو الأحوط

مكارم الشيرازي: اختيار الصدقة أحوط (6). الخوئي: الأحوط اختيار التصدّق و ضمّ الاستغفار إليه (7). الگلپايگاني: بل بالممكن من الصدقة؛ و مع العجز عنها فالأحوط الجمع بين الممكن من الصوم و الاستغفار، و مع العجز يكفي الاستغفار

مكارم الشيرازي: بل بالممكن من الصيام احتياطاً، و لا معنى للممكن من الصدقة بعد فرض عجزه عنها مطلقاً (8). الخوئي، الگلپايگاني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: لا وجه له بعد ظهور

الأمر في الإجزاء (9). مكارم الشيرازي: في غير الوليّ إشكال، كما عرفت الكلام فيه في بحث صلاة الاستيجار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 44

بها عن الحىّ إشكال، و الأحوط العدم خصوصاً في الصوم.

مسألة 21: من عليه الكفّارة إذا لم يؤدّها حتّى مضت عليه سنين، لم تتكرّر.

مسألة 22: الظاهر أنّ وجوب الكفّارة موسّع، فلاتجب المبادرة (1) إليها؛ نعم، لايجوز التأخير إلى حدّ التهاون.

مسألة 23: إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام، من زنا أو شرب الخمر أو نحو ذلك، لم يبطل صومه (2) و إن كان في أثناء النهار قاصداً لذلك.

مسألة 24: مصرف كفّارة الإطعام، الفقراء، إمّا بإشباعهم و إمّا بالتسليم إليهم، كلّ واحد مدّاً، و الأحوط مدّان من حنطة أو شعير أو ارز (3) أو خبز أو نحو ذلك، و لايكفي (4) في كفّارة واحدة إشباع شخص واحد (5) مرّتين أو أزيد، أو إعطاؤه مدّين أو أزيد، بل لابدّ من ستّين نفساً (6)؛ نعم، إذا كان للفقير عيال متعدّدون و لو كانوا أطفالًا صغاراً، يجوز (7) إعطاؤه بعدد الجميع، لكلّ واحد مدّاً.

مسألة 25: يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر و حاجة، بل و لو كان للفرار من الصوم، لكنّه مكروه.

مسألة 26: المدّ ربع الصاع و هو ستّمأة مثقال و أربعة عشر مثقالًا و ربع مثقال، و على هذا فالمدّ مأة و خمسون مثقالًا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و ربع ربع المثقال، و إذا أعطى ثلاثة أرباع الوقيّة من حقّة النجف فقد زاد أزيد من واحد وعشرين مثقالًا، إذ ثلاثة أرباع الوقيّة مأة و خمسة و سبعون مثقالًا. (1). مكارم الشيرازي: ظاهر الأمر وإن كان الفوريّة، كما حقّقناه في الاصول، ولكن هنا قرائن تدلّ على التوسعة (2). مكارم

الشيرازي: ولكنّ الإفطار على الحرام منقصة للصوم بلا إشكال؛ و قد ورد الإفطار على الحلال في بعض ما ورد في الباب 10 من أبواب آداب الصائم (3). الگلپايگاني: الأحوط في الإعطاء الاقتصار على الحنطة و الدقيق والخبز و التمر؛ نعم، في الإشباع يكفي طبيخ الارز و نحوه (4). الامام الخميني: مع التمكّن من الستّين (5). الگلپايگاني: مع التمكّن من الستّين (6). مكارم الشيرازي: إلّاإذا لم يقدر على الستّين أو كان معسوراً (7). الامام الخميني: مع كونه ثقة في إيصاله إليهم أو إطعامهم

[فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفّارة]

[فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفّارة]

يجب القضاء دون الكفّارة في موارد:

أحدها: ما مرّ من النوم الثاني (1)، بل الثالث و إن كان الأحوط فيهما الكفّارة أيضاً، خصوصاً الثالث.

الثاني: إذا أبطل صومه بالإخلال بالنيّة مع عدم الإتيان بشي ء من المفطرات، أو بالرياء أو بنيّة القطع أو القاطع (2) كذلك.

الثالث: إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه يوم أو أيّام، كما مرّ.

الرابع: من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر، ثمّ ظهر سبق طلوعه و أنّه كان في النهار؛ سواء كان قادراً على المراعاة أو عاجزاً (3) عنها (4) لعمىً أو حبس أو نحو ذلك أو كان غير عارف بالفجر؛ و كذا مع المراعاة و عدم اعتقاد بقاء الليل، بأن شكّ (5) في الطلوع أو ظنّ (6) فأكل ثمّ تبيّن سبقه، بل الأحوط القضاء (7) حتّى مع اعتقاد (8) بقاء الليل (9)، و لا فرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان و غيره من الصوم الواجب و المندوب، بل الأقوى فيها ذلك حتّى مع المراعاة (10) و اعتقاد بقاء الليل.

الخامس: الأكل تعويلًا على من أخبر ببقاء الليل و عدم طلوع الفجر مع كونه طالعاً.

السادس: الأكل إذا أخبره

مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخريّة المخبر، أو لعدم العلم بصدقه.

السابع: الإفطار تقليداً لمن أخبر بدخول الليل و إن كان جائزاً له لعمىً أو نحوه، و كذا (1). الخوئي: و قد تقدّم التفصيل فيه [في فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات- الثامن- المسألة 56] (2). الامام الخميني: مرّ الكلام في نيّة القاطع (3). الامام الخميني: على الأحوط فيه و في الفرع التالي (4). مكارم الشيرازي: فيه إشكال (5). الگلپايگاني: على الأحوط في صورة الشكّ أو الظنّ ببقاء الليل مع المراعاة (6). الامام الخميني: الأقوى مع حصول الظنّ بعد المراعاة عدم وجوب القضاء، فضلًا عن حصول الاعتقاد، بل عدم وجوبه مع الشكّ أيضاً لايخلو من قوّة (7). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ضعيف، و الظاهر صحّة صومه (8). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الوجوب مع العلم ببقاء الليل مع المراعاة (9). الخوئي: هذا إذا لم يراع الفجر، و إلّالم يكن عليه قضاء (10). الگلپايگاني: الأحوط في الواجب المعيّن الإتمام ثمّ القضاء إن كان يجب فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 46

إذا أخبره عدل بل عدلان، بل الأقوى وجوب الكفّارة أيضاً إذا لم يجز له التقليد.

الثامن: الإفطار لظلمةٍ قطع بحصول الليل منها فبان خطأه و لم يكن في السماء علّة، و كذا لو شكّ أو ظنّ بذلك منها، بل المتّجه في الأخيرين الكفّارة أيضاً، لعدم جواز الإفطار حينئذٍ.

و لو كان جاهلًا (1) بعدم جواز الإفطار، فالأقوى عدم الكفّارة و إن كان الأحوط إعطاؤها (2)؛ نعم، لو كانت في السماء علّة (3) فظنّ دخول الليل فأفطر ثمّ بان له الخطأ، لم يكن عليه قضاء، فضلًا عن الكفّارة. و محصّل المطلب أنّ من فعل المفطر بتخيّل عدم طلوع الفجر أو بتخيّل دخول الليل، بطل صومه

(4) في جميع الصور، إلّافي صورة ظنّ (5) دخول الليل مع وجود علّة في السماء، من غيم أو غبار (6) أو بخار (7) أو نحو ذلك، من غير فرق بين شهر رمضان و غيره من الصوم الواجب و المندوب. و في الصور الّتي ليس معذوراً شرعاً في الإفطار، كما إذا قامت البيّنة على أنّ الفجر قد طلع و مع ذلك أتى بالمفطر، أو شكّ في دخول الليل أو ظنّ ظنّاً غير معتبر و مع ذلك أفطر، يجب الكفّارة (8) أيضاً فيما فيه الكفّارة (9).

مسألة 1: إذا أكل أو شرب مثلًا مع الشكّ في طلوع الفجر و لم يتبيّن أحد الأمرين، لم يكن عليه شي ء؛ نعم، لو شهد عدلان بالطلوع و مع ذلك تناول المفطر، وجب عليه القضاء، بل الكفّارة أيضاً و إن لم يتبيّن له ذلك بعد ذلك، و لو شهد عدل واحد بذلك فكذلك على (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الجاهل إذا كان غير ملتفت إلى الحكم فظاهر الأدلّة عدم فساد صومه، فكيف بالكفّارة؟ (2). الامام الخميني: لايُترك في المقصّر (3). مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى، القضاء في هذه الصورة أيضاً، لدلالة النصّ المعتبر، و هو رواية أبي بصير و سماعة و عمل الأصحاب و موافقته لظاهر كتاب اللّه و موافقته للقواعد، فيقدّم على معارضه ممّا يدلّ على نفي القضاء (4). الامام الخميني: قد مرّ (5). الگلپايگاني: و صورة العلم ببقاء الليل مع المراعاة

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ استثناء هذه الصورة أيضاً خلاف التحقيق (6). الگلپايگاني: الأحوط الاقتصار على الغيم (7). الخوئي: الأحوط اختصاص الحكم بالغيم (8). مكارم الشيرازي: إلّافي الجاهل غير الملتفت إلى الحكم (9). الگلپايگاني: إلّاإذا تبيّن أنّه أفطر في الليل

العروة الوثقى،

ج 2، ص: 47

الأحوط (1).

مسألة 2: يجوز له فعل المفطر و لو قبل الفحص، ما لم يعلم طلوع الفجر و لم يشهد به البيّنة، و لايجوز له ذلك إذا شكّ في الغروب عملًا بالاستصحاب في الطرفين. و لو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب، فالأحوط ترك المفطر عملًا بالاحتياط، للإشكال في حجّية خبر العدل الواحد (2) و عدم حجّيته، إلّاأنّ الاحتياط في الغروب إلزاميّ و في الطلوع استحبابي (3) نظراً للاستصحاب (4).

التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرّد بمضمضة أو غيرها فسبقه و دخل الجوف، فإنّه يقضي و لاكفّارة عليه؛ و كذا لو أدخله عبثاً فسبقه (5)، و أمّا لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضاً و إن كان أحوط. و لايلحق بالماء (6) غيره على الأقوى و إن كان عبثاً، كما لايلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره و إن كان أحوط في الأمرين.

مسألة 3: لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء، لم يجب عليه القضاء؛ سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى (7)، بل لمطلق الطهارة و إن كانت لغيرها من الغايات؛ من غير فرق بين الوضوء و الغسل و إن كان الأحوط القضاء فيما عدا ما كان لصلاة الفريضة، خصوصاً فيما كان لغير الصلاة من الغايات.

مسألة 4: يكره المبالغة (8) في المضمضة مطلقاً، و ينبغي له أن لايبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرّات. (1). مكارم الشيرازي: بل على الأقوى، لما عرفت من اعتبار خبر الثقة في الموضوعات (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت آنفاً حجّيته (3). الامام الخميني: لايُترك فيه أيضاً

الگلپايگاني: بل فيه أيضاً إلزامي (4). الخوئي: لايبعد ثبوت الطلوع و الغروب بخبر العدل الواحد أو الثقة (5). الگلپايگاني: على الأحوط (6). مكارم الشيرازي: بل

الأقوى إلحاق سائر المايعات به (7). الخوئي: فيه إشكال؛ و الاحتياط فيما كان لغير صلاة الفريضة لايُترك (8). مكارم الشيرازي: وما ورد فيه وفيما بعده من الحديث و إن لم يبلغ حدّ الحجّية، ولكنّه يوافق الاعتبار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 48

مسألة 5: لايجوز التمضمض (1) مطلقاً مع العلم (2) بأنّه يسبقه الماء إلى الحلق أو ينسي فيبلعه.

العاشر: سبق المنيّ بالملاعبة أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده و لا عادته على الأحوط و إن كان الأقوى (3) عدم وجوب القضاء أيضاً (4).

[فصل في الزمان الّذي يصحّ فيه الصوم

فصل في الزمان الّذي يصحّ فيه الصوم

و هو النهار من غير العيدين، و مبدؤه طلوع الفجر الثاني، و وقت الإفطار ذهاب الحمرة (5) من المشرق (6)، و يجب الإمساك من باب المقدّمة في جزء من الليل في كلّ من الطرفين، ليحصل العلم (7) بإمساك تمام النهار، و يستحبّ تأخير الإفطار حتّى يصلّي العشائين (8) لتكتب صلاته صلاة الصائم، إلّاأن يكون هناك من ينتظره للإفطار أو تنازعه نفسه على وجه يسلبه الخضوع و الإقبال و لو كان لأجل القهوة و التتن و الترياك، فإنّ الأفضل حينئذٍ الإفطار ثمّ الصلاة مع المحافظة على وقت الفضيلة بقدر الإمكان.

مسألة 1: لايشرع الصوم في الليل، و لا صوم مجموع الليل و النهار، بل و لا إدخال جزء من الليل فيه إلّابقصد المقدّميّة. (1). مكارم الشيرازي: على الأقوى في الصورة الاولى، و الأحوط في الثانية (2). الگلپايگاني: بل و لايجوز مع الشكّ أيضاً ما لم يكن مأموناً عنه (3). الگلپايگاني: إن كان مأموناً عن سبق المنيّ، و إلّافالأقوى القضاء و الكفّارة

مكارم الشيرازي: قد عرفت في مبحث المفطرات أنّ الأقوى بطلان الصوم بسبق المنيّ بالملامسة و شبهها، إلّاإذا وثق من نفسه

بعدم الإنزال (4). الخوئي: تقدّم التفصيل فيه [في فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات- الرابع- المسألة 18] (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت في مبحث أوقات الصلاة أنّ الأقوى دخول الوقت باستتار القرص، كما ذهب إليه جمع من الأصحاب، وهو مقتضى الجمع بين روايات الباب، وأنّ ذهاب الحُمرة نوع احتياط لمن لايرى استتار القرص لاحتجابه بجدران البلد أوالجبال والطلال وشبهها، ولكن عملنا على الاحتياط (6). الخوئي: على الأحوط (7). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في محلّه أنّ إدخال شي ء من أطراف المأمور به فيه ليس مقدّمة للعلم، بل مقدّمة للوجود غالباً، لأنّ المكلّف لايقدر عادةً على إيجاده بغير ذلك؛ و تفصيله في محلّه (8). مكارم الشيرازي: بل حتّى يصلّي المغرب فقط؛ فإنّ الأفضل في العشاء تأخيره إلى وقت فضيلتها

[فصل في شرائط صحّة الصوم

فصل في شرائط صحّة الصوم و هي امور:

الأوّل: الإسلام و الإيمان (1)، فلايصحّ من غير المؤمن و لو في جزء من النهار؛ فلو أسلم الكافر في أثناء النهار و لو قبل الزوال (2)، لم يصحّ صومه، و كذا لو ارتدّ ثمّ عاد إلى الإسلام بالتوبة و إن كان الصوم معيّناً و جدّد النيّة قبل الزوال على الأقوى.

الثاني: العقل، فلايصحّ من المجنون و لو أدواراً و إن كان جنونه في جزء من النهار، و لا من السكران (3) و لا من المغمى عليه (4) و لو في بعض النهار و إن سبقت منه النيّة على الأصحّ.

الثالث: عدم الإصباح جنباً أو على حدث الحيض و النفاس بعد النقاء من الدم على التفصيل المتقدّم (5).

الرابع: الخلوّ من الحيض و النفاس في مجموع النهار، فلايصحّ من الحائض و النفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد

الفجر بلحظة، و يصحّ من المستحاضة (6) إذا أتت بما عليها من الأغسال النهاريّة (7). (1). مكارم الشيرازي: في شرطيّة الإيمان لصحّة الصوم و سائر العبادات إشكال؛ و القدر المعلوم من أحاديث الباب و كلمات الأصحاب اعتباره في قبول العمل (2). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: العمدة في دليل بطلان عبادات الكافر هو الإجماع و هو لايشمل ما لو أسلم قبل الزوال، فالأحوط له الصوم لو لم يأت بالمفطر (3). الامام الخميني: الأحوط لمن يفيق من السكر مع سبق النيّة الإتمام ثمّ القضاء، و لمن يفيق من الإغماء مع سبقها الإتمام و إن لم يفعل القضاء

الخوئي: لايُترك الاحتياط فيه و في المغمى عليه إذا كانا ناويين للصوم قبل طلوع الفجر ثمّ عرض عليهما السكر و الإغماء إلى أن طلع الفجر (4). الگلپايگاني: و الأحوط في المغمى عليه مع سبق النيّة الإتمام إذا أفاق في اليوم و القضاء مع تركه، و كذا لو أفاق قبل الزوال و لو مع عدم سبق النيّة

مكارم الشيرازي: لا دليل على فساد الصوم بالإغماء، فلو سبق منه النيّة صحّ صومه؛ و العجب أنّهم نزلوه منزلة الجنون في كثير من المقامات، مع أنّه بالنوم أشبه و النيّة بعدُ باقية في خزانة النفس، و لا إجماع هنا مع مخالفة غير واحد من أساطين الفقه، و أحاديث رفع القضاء عن المغمى عليه خارجة عن محلّ الكلام؛ و أمّا بالنسبة إلى السكران فلايُترك الاحتياط، لأنّه شبه الجنون و إن لم يصدق عليه عنوانه (5). مكارم الشيرازي: و قد عرفت أنّ الحكم فيها مبنيّ على الاحتياط (6). الخوئي: على تفصيل تقدّم (7). الامام الخميني: و الليلة الماضية على الأحوط، كما مر

الگلپايگاني: و الليلة المتقدّمة على ما مرّ

مكارم الشيرازي:

و تأتي بغسل الليلة الماضية أيضاً على الأحوط، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 50

الخامس: أن لايكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلّافي ثلاثة مواضع:

أحدها: صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتّع.

الثاني: صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً، وهو ثمانية عشر يوماً.

الثالث: صوم النذر (1) المشترط فيه سفراً خاصّة أو سفراً و حضراً، دون النذر المطلق، بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضاً، إلّاثلاثة أيّام للحاجة في المدينة، و الأفضل (2) إتيانها (3) في الأربعاء و الخميس و الجمعة. و أمّا المسافر الجاهل بالحكم لو صام.

فيصحّ صومه و يجزيه، حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر و الصيام كالتمام في الصلاة، لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار، و أمّا لو علم بالحكم في الأثناء فلايصحّ صومه؛ و أمّا الناسي فلايلحق بالجاهل (4) في الصحّة. و كذا يصحّ الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال (5)، كما أنّه يصحّ صومه إذا لم يقصّر في صلاته، كناوي الإقامة عشرة أيّام و المتردّد ثلاثين يوماً و كثير السفر (6) و العاصي (7) بسفره و غيرهم ممّن تقدّم تفصيلًا في كتاب الصلاة.

السادس: عدم المرض أو الرمد الّذي يضرّه الصوم لإيجابه شدّته أو طول برئه أو شدّة ألمه أو نحو ذلك؛ سواء حصل اليقين بذلك أو الظنّ، بل أو الاحتمال (8) الموجب للخوف (9)، بل لو (1). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن الإشكال؛ و النص الوارد فيه و هو رواية الن مهزيار (1/ 10 من أبواب من يصح عنه الصوم.

(2). الامام الخمينى: بل المتعين على الأحوط، لو لم يكن أقوى.

(3). الخوئى: بل الأحوط الاقتصار على

ذلك.

مكارم الشيرازى: بل لا يترك الاقتصار عليه، لاقتصار النص عليه (4). مكارم الشيرازى: فيه إشكال.

(5). الگلپايگانى: و الأحوط له القضاء أيضا إذا نورى السفر من الليل.

(6). الامام الخمينى: أى من كان شغله ذلك، كما مر.

(7). الگلپايگانى: و الأحوط فى سفر الصيد للتجارة الجمع فى الصلاة، لكن فى الصوم يفطر بلا إشكال، كما مر.

(8). الگلپايگانى: إن كان عقلائيا؛ و كذا فى خوف الصحيح لابد أن يكون له منشأ عقلائى.

(9). مكارم الشيرازي: إذا كان الاحتمال المذكور له منشأ عقلائي.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 51

خاف الصحيح (1) من حدوث المرض لم يصحّ منه، و كذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه و كان وجوبه أهمّ (2) في نظر الشارع من وجوب الصوم، و كذا إذا زاحمه (3) واجب آخر أهمّ منه (4)، و لايكفي الضعف و إن كان مفرطاً مادام يتحمّل عادة؛ نعم، لو كان ممّا لايتحمّل عادةً، جاز الإفطار. و لو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم، ففي الصحّة إشكال (5)، فلايُترك الاحتياط بالقضاء. و إذا حكم الطبيب بأنّ الصوم مضرٌّ و علم المكلّف من نفسه عدم الضرر يصحّ صومه (6)، و إذا حكم بعدم ضرره و علم المكلّف أو ظنّ كونه مضرّاً وجب عليه تركه، و لايصحّ منه (7).

مسألة 1: يصحّ الصوم من النائم و لو في تمام النهار إذا سبقت منه النيّة في الليل، و أمّا إذا لم تسبق منه النيّة فإن استمرّ نومه إلى الزوال (8) بطل صومه و وجب عليه القضاء إذا كان واجباً، وإن استيقظ قبله نوى و صحّ (9)، كما أنّه لو كان مندوباً و استيقظ قبل الغروب

يصحّ (1). الامام الخميني: إذا كان خوفه من منشأ يعتني به العقلاء، و كذا فيما بعده (2). الامام الخميني: كون أهميّة المزاحم موجباً لبطلان الصوم و اشتراطه بعدم مزاحمته له، محلّ إشكال، بل منع، فالبطلان في بعض الأمثلة المتقدّمة محلّ منع؛ و كذا الحال في مزاحمته لواجب أهمّ (3). مكارم الشيرازي: في صورة المزاحمة يرتفع الأمر بالصوم، و لكن يمكن تصحيح الصوم من باب الترتّب أو غيره من الطرق المذكورة في باب الضدّ، و لكنّ التقرّب بمثل ذلك لايخلو عن إشكال (4). الخوئي: الظاهر أنّ في كلّ مورد يكون عدم وجوب الصوم من جهة المزاحمة لواجب آخر أهمّ، يكون الصوم صحيحاً إذا صام من باب الترتّب؛ و منه يظهر الحال فيما إذا كان الصوم مستلزماً للضرر بالنسبة إلى غير الصائم أو عرضه أو عرض غيره أو مال يجب حفظه (5). الامام الخميني: عدم الصحّة لايخلو من قُرب (6). الامام الخميني: مع عدم تبيّن الخلاف، كما مرّ (7). الامام الخميني: مع تبيّن الخلاف محلّ تأمّل إذا صام متقرّباً (8). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط لمن استيقظ بعد الزوال تجديد النيّة و إتمام الصوم أيضاً برجاء المطلوبيّة (9). الامام الخميني: لايخلو من تأمّل و إن لايخلو من قوّة، و الاحتياط بالنيّة و الإتمام و القضاء حسن

الخوئي: تقدّم الإشكال فيه في صيام شهر رمضان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 52

إذا نوى.

مسألة 2: يصحّ الصوم و سائر العبادات من الصبيّ المميّز على الأقوى من شرعيّة عباداته، و يستحبّ تمرينه عليها، بل التشديد عليه لسبعٍ (1)؛ من غير فرق بين الذكر و الانثى في ذلك كلّه.

مسألة 3: يشترط في صحّة الصوم المندوب مضافاً إلى ما ذكر، أن لايكون عليه صوم واجب، من قضاء

أو نذر (2) أو كفّارة أو نحوها مع التمكّن من أدائه، و أمّا مع عدم التمكّن منه كما إذا كان مسافراً و قلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة و أراد صيام ثلاثة أيّام للحاجة، فالأقوى صحّته (3)؛ و كذا إذا نسي (4) الواجب و أتى بالمندوب، فإنّ الأقوى صحّته (5) إذا تذكّر بعد الفراغ، و أمّا إذا تذكّر في الأثناء قطع و يجوز تجديد النيّة حينئذٍ للواجب مع بقاء محلّها، كما إذا كان قبل الزوال. و لو نذر التطوّع على الإطلاق صحّ و إن كان عليه واجب، فيجوز أن يأتي (6) بالمنذور قبله (7) بعد ما صار واجباً، و كذا لو نذر أيّاماً معيّنة يمكن إتيان الواجب قبلها؛ و أمّا لو نذر أيّاماً معيّنة لايمكن إتيان الواجب قبلها، ففي صحّته إشكال (8)، من أنّه بعد النذر يصير واجباً، و من أنّ التطوّع قبل الفريضة غير جائز فلايصحّ نذره، و لايبعد أن يقال (9): أنّه لايجوز بوصف التطوّع، و بالنذر يخرج عن الوصف و يكفي في (1). الامام الخميني: هذا التحديد محلّ تأمّل، و لايبعد استحباب التشديد عليه إذا أطاق على صوم ثلاثة أيّام متتابعة

مكارم الشيرازي: في خصوص السبع تأمّل (2). الامام الخميني: على الأحوط في غير القضاء، بل التعميم لايخلو من قوّة

مكارم الشيرازي: هذا الحكم بالنسبة إلى قضاء غير شهر رمضان محلّ إشكال و إن كان أحوط (3). الگلپايگاني: الصحّة غير معلومة (4). الامام الخميني: لايخلو من إشكال و إن لايخلو من وجه (5). مكارم الشيرازي: لا دليل على الصحّة بعد ظهور الأخبار المانعة في الحكم الواقعي الّذي لايتغيّر بالنسيان (6). الامام الخميني: فيه إشكال؛ فالأحوط أن يأتي بالمنذور بعده إلّاإذا ضاق

وقته (7). مكارم الشيرازي: إتيانه بالمنذور قبل أداء الفرض مشكل، لأنّ النذر يتعلّق بالراجح، و الراجح بالذات هو ما يأتي به بعد أداء الفرض، فهو متعلّق للنذر؛ و هكذا الكلام في الفرع الآتي (8). الگلپايگاني: لا فرق في الإشكال بين الفروع الثلاثة، كما أنّ الصحّة في كلّ واحد منها لاتخلو عن إشكال

الامام الخميني: الأقوى بطلانه (9). الخوئي: تقدّم الكلام في ذلك في مسألة التطوّع في وقت صلاة الفريضة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 53

رجحان متعلّق النذر رجحانه و لو بالنذر (1)، و بعبارة اخرى: المانع هو وصف الندب و بالنذر يرتفع المانع.

مسألة 4: الظاهر جواز التطوّع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استيجاريّاً و إن كان الأحوط تقديم الواجب.

[فصل في شرائط وجوب الصوم

فصل في شرائط وجوب الصوم و هي امور:

الأوّل و الثاني: البلوغ و العقل، فلايجب على الصبيّ و المجنون، إلّاأن يكملا قبل طلوع الفجر، دون ما إذا كملا بعده، فإنّه لايجب عليهما و إن لم يأتيا بالمفطر (2)، بل و إن نوى الصبيّ الصوم ندباً، لكنّ الأحوط مع عدم إتيان المفطر الإتمام (3) و القضاء (4) إذا كان الصوم واجباً معيّناً (5). و لا فرق في الجنون بين الإطباقيّ و الأدواريّ إذا كان يحصل في النهار و لو في جزء منه، و أمّا لو كان دور جنونه في الليل بحيث يفيق قبل الفجر، فيجب عليه.

الثالث: عدم الإغماء، فلايجب معه الصوم و لو حصل في جزء من النهار؛ نعم، لو كان نوى الصوم (6) قبل الإغماء (7)، فالأحوط إتمامه (8).

الرابع: عدم المرض الّذي يتضرّر معه الصائم، و لو برئ بعد الزوال و لم يفطر لم يجب عليه النيّة و الإتمام، و أمّا لو برئ قبله و لم يتناول مفطراً فالأحوط أن

ينوي و يصوم (9) و إن كان (1). مكارم الشيرازي: كفاية الرجحان الآتي من قبل النذر مشكل (2). مكارم الشيرازي: إذا لم يأت الصبيّ و المجنون بالمفطر ثمّ كمُلا قبل الزوال، فالأحوط أن لايتركا الصوم، و كذا إذا نوى الصبيّ الصيام و بلغ بعد الزوال (3). الگلپايگاني: بل الأحوط إذا كملا قبل الزوال و لم يأتيا بالمفطر الإتمام، و إن لم يتّما فالقضاء؛ نعم، الأحوطللصبيّ الصائم المدرك الإتمام مطلقاً، و إن أفطر فالقضاء (4). الامام الخميني: لا وجه للجمع بينهما، بل الأحوط الغير الإلزامي الإتمام، و مع عدم الإتيان القضاء

مكارم الشيرازي: القضاء غير واجب عليهما بعد إتمام الصيام، لأنّه لو كان واجباً عليهما فقد أدّياه، و إن لم يجب فلا قضاء (5). الخوئي: لاحاجة إلى القضاء مع الإتمام، و الوجه فيه ظاهر (6). الگلپايگاني: و إلّافلو صحا قبل الزوال، فالأحوط له تجديد النيّة و الإتمام (7). الامام الخميني: لا يُترك الاحتياط بالإتمام و مع تركه بالقضاء (8). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الإتمام هنا هو الأقوى (9). مكارم الشيرازي: ثمّ يقضي بعد ذلك؛ و ما ذكره من القوّة في عدم الوجوب قابل للمنع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 54

الأقوى عدم وجوبه (1).

الخامس: الخلوّ من الحيض و النفاس، فلايجب معهما و إن كان حصولهما في جزء من النهار.

السادس: الحضر، فلايجب على المسافر الّذي يجب عليه قصر الصلاة، بخلاف من كان وظيفته التمام كالمقيم عشراً أو المتردّد ثلاثين يوماً و المكاري و نحوه و العاصي بسفره، فإنّه يجب عليه التمام، إذ المدار في تقصير الصوم على تقصير الصلاة، فكلّ سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم و بالعكس (2).

مسألة 1: إذا كان حاضراً فخرج إلى السفر، فإن كان قبل الزوال

وجب عليه الإفطار (3)، و إن كان بعده وجب عليه البقاء (4) على صومه، و إذا كان مسافراً و حضر بلده أو بلداً يعزم على الإقامة فيه عشرة أيّام، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصوم، و إن كان بعده أو تناول فلا و إن استحبّ له الإمساك بقيّة النهار؛ و الظاهر (5) أنّ المناط (6) كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده، لا الخروج عن حدّ الترخّص، و كذا في الرجوع، المناط دخول البلد، لكن لايُترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال و الخروج عن حدّ الترخّص بعده، و كذا في العود إذا كان الوصول إلى حدّ الترخّص قبل الزوال و الدخول في المنزل بعده.

مسألة 2: قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة و الصوم و قصرها و الإفطار، لكن يستثنى من ذلك موارد (7): (1). الامام الخميني: لايخلو وجوبه من قُرب (2). الگلپايگاني: و قد مرّ الاحتياط في خصوص الصلاة في سفر الصيد للتجارة (3). الخوئي: هذا إذا كان ناوياً للسفر من الليل، و إلّافالأحوط إتمام الصوم ثمّ القضاء (4). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط القضاء أيضاً إذا نوى السفر من الليل (5). الگلپايگاني: فيه تأمّل (6). مكارم الشيرازي: حكمه بأنّ المناط ما ذكره ظاهراً ينافي حكمه بعدم ترك الاحتياط، كما لايخفى؛ و ما ذكره أخيراً هو الأقرب (7). الامام الخميني: و قد مرّ في سفر الصيد للتجارة لزوم قصر الصوم و الاحتياط بالجمع في الصلاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 55

أحدها: الأماكن الأربعة، فإنّ المسافر يتخيّر فيها بين القصر و التمام في الصلاة، و في الصوم يتعيّن الإفطار.

الثاني: ما مرّ من الخارج إلى السفر بعد الزوال، فإنّه يتعيّن عليه البقاء على الصوم

مع أنّه يقصّر في الصلاة.

الثالث: ما مرّ من الراجع من سفره، فإنّه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام مع أنّه يتعيّن عليه الإفطار.

مسألة 3: إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان، لايجوز له الإفطار، إلّابعد الوصول إلى حدّ الترخّص، و قد مرّ سابقاً (1) وجوب الكفّارة (2) عليه إن أفطر قبله.

مسألة 4: يجوز السفر اختياراً في شهر رمضان، بل و لو كان للفرار من الصوم، كما مرّ؛ و أمّا غيره من الواجب المعيّن فالأقوى (3) عدم جوازه (4) إلّامع الضرورة، كما أنّه لو كان مسافراً وجب عليه الإقامة لإتيانه مع الإمكان.

مسألة 5: الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي (5) ثلاثة و عشرون يوماً، إلّا في حجّ أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه (6).

مسألة 6: يكره للمسافر في شهر رمضان، بل كلّ من يجوز له الإفطار، التملّي من الطعام و الشراب؛ و كذا يكره له الجماع في النهار، بل الأحوط تركه و إن كان الأقوى جوازه.

[فصل في موارد جواز الإفطار]

[فصل في موارد جواز الإفطار]

وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص، بل قد يجب (7): (1). مكارم الشيرازي: إشارة إلى ما مرّ في المسألة الحادية عشرة من أحكام الكفّارة (2). الامام الخميني: على الأحوط، كما مرّ

الگلپايگاني: و قد مرّ أنّه أحوط (3). الامام الخميني: الأقوى جوازه في النذر المعيّن، و عدم وجوب الإقامة فيه

الخوئي: بل الأقوى أنّه في حكم شهر رمضان فيما إذا لم يكن صومه مملوكاً للغير كما في الإيجار، أو متعلّقاً لحقّ الغير كما في الشرط ضمن العقد (4). الگلپايگاني: بل لايبعد جواز السفر و عدم وجوب الإقامة

مكارم الشيرازي: بل الأحوط ذلك، و كذا لو كان مسافراً (5). مكارم الشيرازي:

هذا الاستثناء غير ثابت، لوروده في خبر ضعيف (6). مكارم الشيرازي: أو شبه ذلك، لإلغاء الخصوصيّة (7). الخوئي: بل يجب مطلقاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 56

الأوّل و الثاني: الشيخ و الشيخة إذا تعذّر عليهما الصوم أو كان حرجاً و مشقّة، فيجوز لهما الإفطار؛ لكن يجب عليهما في صورة المشقّة، بل في صورة التعذّر (1) أيضاً التكفير بدل كلّ يوم بمدّ من طعام، و الأحوط مدّان، و الأفضل كونهما من حنطة، و الأقوى (2) وجوب القضاء (3) عليهما (4) لو تمكّنا بعد ذلك.

الثالث: من به داء العطش، فإنّه يفطر؛ سواء كان بحيث لايقدر على الصبر، أو كان فيه مشقّة؛ و يجب عليه التصدّق بمدّ (5)، و الأحوط مدّان، من غير فرق بين ما إذا كان مرجوّ الزوال (6) أم لا، و الأحوط بل الأقوى وجوب القضاء عليه (7) إذا تمكّن بعد ذلك، كما أنّ الأحوط أن يقتصر على مقدار الضرورة (8).

الرابع: الحامل المقرب الّتي يضرّها الصوم (9) أو يضرّ حملها، فتفطر و تتصدّق (10) من مالها (1). الامام الخميني: وجوب الكفّارة على الشيخين و ذي العطاش في صورة تعذّر الصوم عليهم محلّ إشكال، بل عدمه لا يخلو من قوّة، كما أنّه على الحامل المقرب و المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بهما لا بولدهما محلّ تأمّل

الخوئي: لايبعد عدم الوجوب في هذه الصورة

الگلپايگاني: على الأحوط (2). الگلپايگاني: بل الأحوط (3). مكارم الشيرازي: بل الأحوط ذلك؛ و كذا في ذوي العطاش إذا لم يقدروا على الصيام (4). الامام الخميني: في القوّة إشكال، لكنّه أحوط؛ و كذا الحال فيمن به داء العطاش

الخوئي: في القوّة إشكال، بل منع (5). الخوئي: لايبعد عدم الوجوب مع عدم القدرة، كما في الشيخ و الشيخة

(6). مكارم الشيرازي: إذا كان مرجوّ الزوال، لا دليل على وجوب الكفّارة (7). الخوئي: في القوة إشكال و إن كان القضاء أحوط

مكارم الشيرازي: القوّة محلّ إشكال و لكنّه أحوط (8). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذا الاحتياط، و لا دليل عليه يعتدّ به (9). مكارم الشيرازي: إذا أضرّها الصوم بحيث كانت كالمريض، فكانت بحكمه من الإفطار و القضاء، و إلّاوجب عليها الصدقة، و كونها من مالها هو الأحوط (10). الخوئي: وجوب التصدّق فيما إذا كان الإفطار لتضرّر الحامل نفسها محلّ إشكال، بل منع؛ و كذا الحال في المرضعة

الگلپايگاني: على الأحوط مع الإضرار أو المشقّة و إن لم يكن مضرّاً، و كذلك الحكم في المرضعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 57

بالمدّ أو المدّين وتقضي بعد ذلك.

الخامس: المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بها الصوم (1) أو أضرّ بالولد، و لا فرق بين أن يكون الولد لها أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة، و يجب عليها التصدّق بالمدّ أو المدّين أيضاً من مالها و القضاء بعد ذلك، و الأحوط بل الأقوى (2) الاقتصار (3) على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرّعاً أو باجرة (4) من أبيه أو منها أو من متبرّع.

[فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوّال للصوم و الإفطار]

فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوّال للصوم و الإفطار و هي امور:

الأوّل: رؤية المكلّف نفسه.

الثاني: التواتر.

الثالث: الشياع المفيد للعلم، و في حكمه كلّ ما يفيد العلم و لو بمعاونة القرائن؛ فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به و إن لم يوافقه أحد، بل و إن شهد و ردّ الحاكم شهادته.

الرابع: مضيّ ثلاثين يوماً من هلال شعبان أو ثلاثين يوماً من هلال رمضان، فإنّه يجب الصوم معه في الأوّل و الإفطار في الثاني.

الخامس: البيّنة

(5) الشرعيّة، و هي خبر عدلين؛ سواء شهدا عند الحاكم و قبل شهادتهما أو لم يشهدا عنده أو شهدا و ردّ شهادتهما؛ فكلّ من شهد عنده عدلان عنده، يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الإفطار. و لا فرق بين أن تكون البيّنة من البلد أو من (1). مكارم الشيرازي: يأتي فيها ما سبق في الحامل (2). الگلپايگاني: القوّة ممنوعة (3). الامام الخميني: في القوّة إشكال (4). مكارم الشيرازي: إذا كان باجرة لايجحف بها و لم يلزم محذور آخر (5). الگلپايگاني: لكن يعتبر احتمال صدقهما احتمالًا عقلائيّاً؛ فلو لم يكن في السماء علّة و استهلّ جماعة فلم ير إلّاواحد أو اثنان مع عدم الضعف في أبصار غيرهما، أو كان في السماء علّة لايرى بحسب العادة، فحجيّتها محلّ منع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 58

خارجه (1)، و بين وجود العلّة في السماء (2) و عدمها؛ نعم، يشترط توافقهما في الأوصاف (3)، فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها؛ نعم، لو أطلقا أو وصف أحدهما و أطلق الآخر كفى، و لايعتبر اتّحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل، و لايثبت بشهادة النساء و لابعدل واحد و لو مع ضمّ اليمين.

السادس: حكم الحاكم (4) الّذي لم يعلم خطأه و لا خطأ مستنده، كما إذا استند إلى الشياع الظنّي.

و لايثبت بقول المنجّمين و لا بغيبوبة (5) الشفق (6) في الليلة الاخرى و لا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال (7)، فلايحكم بكون ذلك اليوم أوّل الشهر، و لا بغير ذلك ممّا يفيد الظنّ و لو كان قويّاً، إلّاللأسير و المحبوس.

مسألة 1: لايثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، بل شهدا شهادة علميّة.

مسألة 2: إذا لم يثبت الهلال و ترك الصوم، ثمّ شهد عدلان برؤيته،

يجب قضاء ذلك (1). الامام الخميني: إلّامع الصحو و اجتماع الناس للرؤية و حصول الاختلاف و التكاذب بينهم بحيث يقوى احتمال الاشتباه في العدلين، فإنّه في هذه الصورة محلّ إشكال (2). مكارم الشيرازي: لايجوز الاعتماد على البيّنة إذا كانت متّهمة، بأن لم يكن في السماء علّة و استهلّ جماعة مع عدم كون البيّنة أقوى بصراً من غيرهما و كذا كلّ ما أشبهه، لأنّ هذا هو الملاك في حجيّة البيّنة و أشباهها، مضافاً إلى بعض ما ورد فيها من نصوص خاصّة عمل بها جمع من أجلّاء الأصحاب، و يأتي مثل هذا الكلام في اختلافهما في بيان الأوصاف (3). الامام الخميني: مع عدم توصيفهما بما يخالف الواقع، ككون تحديبه إلى فوق الافق أو متمايلًا إلى الجنوب في بلاد تغرب الشمس في شمال القمر أو في أشهر كانت كذلك أو بالعكس؛ نعم، لايبعد قبول شهادتهما إذا اختلفا في بعض الأوصاف الخارجة ممّا يحتمل فيه اختلاف تشخيصهما، ككونه مرتفعاً أو مطوّقاً أو في عرض شمالي أو جنوبي ممّا لايكون فاحشاً (4). الخوئي: في ثبوت الهلال بحكم الحاكم إشكال، بل الأظهر عدم ثبوته و إن كان رعاية الاحتياط أولى (5). الگلپايگاني: يعني لا عبرة بغيبوبة الهلال بعد الشفق لإثبات كونه الليلة الثانية (6). الامام الخميني: لايخفى ما في العبارة من النقص، و حقّها: و لا بغيبوبته بعد الشفق في كونه من الليلة الماضية

مكارم الشيرازي: لا معنى لغيبوبة الشفق هنا، و الظاهر أنّ مراده غيبوبة الهلال بعد الشفق، كما قيل أنّها دليل على أنّ الليلة هي الليلة الثانية، و هو ضعيف لضعف مستنده (7). الخوئي: الظاهر ثبوته بذلك، كما أنّ الظاهر ثبوته بتطوّق الهلال، فيدلّ على أنّه للّيلة الثانية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 59

اليوم،

و كذا إذا قامت البيّنة على هلال شوّال ليلة التاسع و العشرين من هلال رمضان (1)، أو رآه في تلك الليلة بنفسه.

مسألة 3: لايختصّ اعتبار حكم الحاكم (2) بمقلّديه، بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضاً إذا لم يثبت عنده خلافه.

مسألة 4: إذا ثبت رؤيته في بلد آخر و لم يثبت في بلده، فإن كانا متقاربين كفى، و إلّا فلا (3)، إلّاإذا علم (4) توافق افقهما (5) و إن كانا متباعدين.

مسألة 5: لايجوز الاعتماد على البريد البرقيّ (6) المسمّى بالتلگراف في الإخبار عن الرؤية، إلّا إذا حصل منه العلم، بأن كان البلدان متقاربين و تحقّق حكم الحاكم أو شهادة العدلين برؤيته هناك.

مسألة 6: في يوم الشكّ في أنّه من رمضان أو شوّال يجب أن يصوم، و في يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان يجوز الإفطار و يجوز أن يصوم، لكن لا بقصد أنّه من رمضان، كما مرّ سابقاً تفصيل الكلام فيه. و لو تبيّن في الصورة الاولى كونه من شوّال وجب الإفطار؛ سواء كان قبل الزوال أو بعده. و لو تبيّن في الصورة الثانية كونه من رمضان وجب الإمساك و كان صحيحاً إذا لم يفطر و نوى قبل الزوال (7)، و يجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال.

مسألة 7: لو غمّت الشهور و لم ير الهلال في جملة منها أو في تمامها، حسب كلّ شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادةً. (1). الامام الخميني: أي من هلال لم يثبت عنده (2). الخوئي: مرّ الكلام فيه [في هذا الفصل- الأمر السادس (3). الخوئي: لاتبعد الكفاية في البلدان الّتي تشترك في الليل ولو في مقدار، و منه يظهر الحال في المسألة الآتية (4). الگلپايگاني: لايبعد الكفاية مطلقاً، لكن لايُترك الاحتياط في المتقدّم

افقاً عن البلد المرئيّ فيها (5). مكارم الشيرازي: وليعلم أنّ المراد بوحدة الافق هنا وحدة نصف النهارات، لا المدارات، كما قد يتوهّم. و ليعلم أيضاً أنّ رؤية الهلال في البلاد الشرقيّة تكفي عن الغربيّة و لا عكس، لأنّه إذا شوهد في الشرق شوهد في الغرب بطريق أولى (6). مكارم الشيرازي: العبارة لاتخلو عن إشكال و تكرار، فإنّ البريد البرقي و التليفن و شبههما يجوز الاعتماد عليها في الإخبار إذا كانت سليمة؛ إنّما الإشكال من جهة اختلاف الآفاق، و قد مرّ في المسألة السابقة حكمه و لايحتاج إلى التكرار (7). الخوئي: مرّ الإشكال فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 60

مسألة 8: الأسير و المحبوس إذا لم يتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر، عملا بالظنّ، و مع عدمه تخيّرا في كلّ سنة بين الشهور (1)، فيعيّنان شهراً له، و يجب (2) مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين، بأن يكون بينهما أحدعشر شهراً؛ و لو بان بعد ذلك أنّ ما ظنّه أو اختاره لم يكن رمضان، فإن تبيّن سبقه كفاه، لأنّه حينئذٍ يكون ما أتى به قضاء (3)، و إن تبيّن لحوقه و قد مضى، قضاه، و إن لم يمض أتى به، و يجوز له (4) في صورة عدم حصول (5) الظنّ أن لايصوم حتّى يتيقّن (6) أنّه كان سابقاً فيأتي به قضاءً، و الأحوط إجراء أحكام شهر رمضان على ما ظنّه، من الكفّارة و المتابعة و الفطرة و صلاة العيد و حرمة صومه مادام الاشتباه باقياً، و إن بان الخلاف عمل بمقتضاه.

مسألة 9: إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين أو ثلاثة أشهر مثلًا، فالأحوط صوم الجميع (7) و إن كان لايبعد إجراء حكم الأسير (8) و المحبوس؛ و أمّا إن اشتبه الشهر

المنذور (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (2). الامام الخميني: على الأقوى فيما إذا ظنّ، إلّاإذا انقلب ظنّه فيعمل على طبق الثاني، و يجب على الأحوط مع التخيير (3). مكارم الشيرازي: و يسقط نيّة القضاء هنا لو قلنا بأنّه من العناوين القصديّة، لورود النصّ أو لأنّ مثل هذا الشخص لايقصد أمر الأداء بعينه إلّامن باب الخطاء في التطبيق، ففي مكنون ضميره نيّة امتثال المولى كيفما كان (4). مكارم الشيرازي: بل لايجوز له، لمخالفته العلم الإجمالي، بل و لعلّه مخالف لظاهر رواية عبد الرحمن الّتي هي العمدة في المسألة (5). الخوئي: فيه إشكال، بل الظاهر عدم الجواز (6). الامام الخميني: بل حتّى يتيقّن عدم تقدّمه على شهر رمضان، فينوي ما في ذمّته، و الأحوط اختيار ذلك

الگلپايگاني: الأقوى عدم الاكتفاء بشهر يحتمل تقدّمه عن شهر رمضان، كما أنّ الأقوى عدم التأخير عن زمان يعلم بكونه شهر رمضان أو بعده (7). مكارم الشيرازي: إذا اشتبه شهر رمضان بين ثلاثة أشهر و ما زاد، يجوز له الحكم بالتخيير، و لايبعد شمول رواية عبدالرحمن الّتي هي الأصل في المسألة له؛ و أمّا في المنذور، فيجوز التأخير إلى آخر زمان محتمل، بمقتضى الاستصحاب، ثمّ يأتي به بقصد ما في الذمّة من الأداء أو القضاء (8). الامام الخميني: في العمل بالظنّ؛ و أمّا في التخيير فمشكل. و طريق التخلّص في النذر هو السفر في الشهر الأوّل و صيام شهر الثاني بنيّة ما في الذمّة، لما مرّ من جواز السفر في النذر المعيّن و القضاء بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 61

صومه بين شهرين أو ثلاثة، فالظاهر (1) وجوب الاحتياط (2) ما لم يستلزم الحرج، و معه يعمل بالظنّ (3) و مع عدمه يتخيّر

(4).

مسألة 10: إذا فرض كون المكلّف في المكان الّذي نهاره ستّة أشهر و ليله ستّة أشهر (5)، أو (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل (2). الخوئي: بل الظاهر وجوب الاحتياط إلى زمان يكون الصوم فيه حرجيّاً، و حكم الظنّ هنا حكم الشكّ (3). الامام الخميني: لا يخلو من إشكال، فالأحوط التجزّي في الاحتياط مع الإمكان، مع إدخال المظنون فيه، و مع عدم إمكانه العمل بالظنّ، و إلّافيختار الأخير فيصوم بقصد ما في الذمّة؛ هذا كلّه فيما إذا لم يمكن التخلّص بالسفر في النذر، كما مرّ، أو كان الصوم واجباً عليه بالعهد مثلًا (4). الگلپايگاني: بل يحتاط بما مرّ في شهر رمضان (5). مكارم الشيرازي: الأقرب الرجوع في منطقة القطب الشمالي والجنوبي إلى الأقطار الّتي لها يوم و ليلة متعارفان مخيّراً بينها؛ كمايرجع غير المتعارف في الوجه و الأصابع و منبت الشعر في الوضوء إلى المتعارف، و كذا أشباهه. و حيث إنّ المتعارف أيضاً مختلف في الآفاق الشماليّة و الجنوبيّة من خطّ الاستواء، يجوز الأخذ بالحدّ الوسط فيما بينهما، و هي جعل الليل إثنا عشر ساعة و النهار كذلك في تمام طول السنة، إمّا لأنّه أحد مصاديق التخيير أو لأنّه هو الحدّ الوسط بينها. وليعلم أنّ في المسألة أقوال أو وجوه ستّة غير هذا الوجه، و هي: ترك العبادات بالكليّة لفقدان شرائطها، أو ترك خصوص الصوم و فعل خمس صلوات طول السنة، أو وجوب الهجرة إلى المناطق الّتي ليست كذلك؛ و شي ء من هذه الوجوه الثلاثة لايوافق مذاق الشرع و ذوق الفقه، للعلم بأنّ مصالح العبادات و علل تشريعها لاتختلف باختلاف الآفاق و الأمكنة، و حاجة كلّ إنسان إليها أشدّ من حاجته إلى الغذاء؛ و أمّا وجوب الهجرة

لايغني عن شي ء، فإنّه قد لايمكن الهجرة؛ و احتمل بعضهم كون المدار بلده الّذي كان متوطّناً فيه، و لا وجه له أصلًا، كاحتمال رجوعه إلى أقرب الأماكن إليه من الأماكن المتعارفة، لعدم انطباقه على ضابطة فقهيّة، و كذا ما اختاره صاحب الرسالة القطبيّة و هو سادس الوجوه، و حاصله الأخذ بالقدر المتيقّن، أي آخر يوم في تلك المنطقة كان له يوم و ليلة متعارفتان؛ و على كلّ حال فإن كان دليله الاستصحاب، فمن الواضح تغيير موضوعه، و إن كان شي ء آخر فليتبيّن؛ ثمّ ليعلم أنّه لاينبغي الإشكال في صلاة الظهر و العصر، لأنّ دلوك الشمس فيها موجود، لأنّ الشمس له حركة رحويّة تدور في كلّ أربع و عشرين ساعة دائرة حول الافق، و في هذا السير ترتفع تدريجاً عن الافق حتّى يبلغ إلى دائرة نصف النهار و يزيد إشراقها، ثمّ تزول عن هذه الدائرة و تنخفض تدريجاً حتّى تكون قريباً من الافق و يقلّ نورها في الغاية، و حينئذٍ تكون على الخطّ المقابل لنصف النهار (المسمّى بدائرة نصف النهار الشماليّة) و هذا في الحقيقة منتصف ليلها، ثمّ ترجع تدريجاً إلى الحالة الاولى، فنصف النهار فيها يعلم من غاية ارتفاع الشمس، كما أنّ نصف الليل يعلم من غاية انخفاضها، و منهما يعلم حال غيرها من الأوقات لو كان المدار على القول الأوّل. و أمّا في الأوقات الّتي يكون الليل مستمرّاً، يعلم حال الزوال و انتصاف الليل من شدّة الظلمة و قلّتها و من حركة النجوم حول الافق، فإنّها أيضاً ترتفع و تنخفض تدريجاً، كما ذكرنا في الشمس؛ فتأمّل جيّداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 62

نهاره ثلاثة و ليله ستّة (1)، أو نحو ذلك، فلايبعد كون المدار في صومه

و صلاته على البلدان المتعارفة (2) المتوسّطة، مخيّراً بين أفراد المتوسّط؛ و أمّا احتمال سقوط تكليفهما عنه فبعيد، كاحتمال سقوط (3) الصوم و كون الواجب صلاة يوم واحد و ليلة واحدة، و يحتمل (4) كون المدار بلده الّذي كان متوطّناً فيه سابقاً إن كان له بلد سابق.

[فصل في أحكام القضاء]

فصل في أحكام القضاء

يجب قضاء الصوم ممّن فاته، بشروط، و هي البلوغ و العقل و الإسلام، فلايجب على البالغ ما فاته أيّام صباه؛ نعم، يجب قضاء اليوم الّذي بلغ فيه قبل طلوع فجره أو بلغ مقارناً لطلوعه إذا فاته صومه؛ و أمّا لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار، فلايجب (5) قضاؤه و إن كان أحوط (6). و لو شكّ في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده فمع الجهل بتاريخهما لم يجب القضاء، و كذا مع الجهل بتاريخ البلوغ، و أمّا مع الجهل بتاريخ الطلوع، بأن علم أنّه بلغ قبل ساعة مثلًا (1). الامام الخميني: هذا مجرّد فرض لا واقعيّة له

مكارم الشيرازي: لايوجد مكانٌ نهاره ثلاثة و ليله ستّة، بل إذا تجاوز عن مدار 66 درجه و بلغ المنطقة القطبيّة قد يكون نهاره طويل بقدر يوم و ليلة في أوّل الصيف، و في مقابله ليلة طويلة بهذا المقدار أوّل الشتاء، و هكذا حتّى يبلغ نهاره ثلاثة أشهر في حوالي الصيف و ليله كذلك في حوالي الشتاء، إلى أن يبلغ مدار تسعين الّذي يكون نهاره ستّة أشهر تقريباً و ليله كذلك (2). الخوئي: ما ذكره مشكل جدّاً، و لايبعد وجوب الهجرة إلى بلاد يتمكّن فيها من الصلاة و الصيام (3). الامام الخميني: هذا أقرب الاحتمالات، و لا يبعد أن يكون وقت الظهرين هو انتصاف النهار في ذاك المحلّ و هو

عند غاية ارتفاع الشمس في أرض التسعين، كما أنّ انتصاف الليل عند غاية انخفاضها فيها (4). الگلپايگاني: و يحتمل إجراء حكم أقرب الأماكن عليه ممّا كان له يوم و ليلة و لم يكن أحدهما قصيراً بحيث ينصرف عنه الأحكام (5). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الأحوط للناوي للصوم قبل البلوغ الإتمام بعده، و إن أفطر فالقضاء (6). الخوئي: لا وجه للاحتياط إذا صام اليوم الّذي بلغ فيه

مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، لما قد عرفت من أنّ الأحوط له أداء الصوم حينئذٍ، لاسيّما إذا كان قد نوى الصيام من الفجر، و منه يعلم حال الشكّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 63

و لم يعلم أنّه كان قد طلع الفجر أم لا، فالأحوط القضاء و لكن في وجوبه إشكال (1)؛ و كذا لايجب على المجنون ما فات منه أيّام جنونه، من غير فرق بين ما كان من اللّه أو من فعله على وجه الحرمة أو على وجه الجواز؛ و كذا لايجب على المغمى عليه؛ سواء نوى الصوم (2) قبل الإغماء أم لا؛ و كذا لايجب على من أسلم عن كفر، إلّاإذا أسلم قبل الفجر و لم يصم ذلك اليوم، فإنّه يجب عليه قضاؤه. و لو أسلم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه (3) و إن لم يأت بالمفطر، و لا عليه قضاؤه، من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده و إن كان الأحوط (4) القضاء (5) إذا كان قبل الزوال.

مسألة 1: يجب على المرتدّ قضاء ما فاته أيّام ردّته؛ سواء كان عن ملّة أو فطرة.

مسألة 2: يجب (6) القضاء على من فاته لسكر، من غير فرق بين ما كان للتداوي أو على وجه الحرام.

مسألة 3: يجب على الحائض و

النفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض و النفاس؛ و أمّا المستحاضة، فيجب عليها الأداء، و إذا فات منها فالقضاء.

مسألة 4: المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته، و أمّا ما أتى به على وفق مذهبه (7) فلا قضاء عليه. (1). الامام الخميني: بل منع

الخوئي: و الأظهر عدمه

الگلپايگاني: و الأقوى عدم الوجوب (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا دليل على بطلان صوم المغمى عليه إذا نوى ثمّ اغمي عليه في بعض اليوم (3). الخوئي: بناءً على ما هوالمعروف من تكليف الكفّاربالفروع يجب عليه الإمساك فيما بقي من النهار على الأظهر (4). الگلپايگاني: بل الأحوط لمن أسلم قبل الزوال و لم يأت بالمفطر الإتمام، و إن لم يتمّ فالقضاء (5). الامام الخميني: إذا لم يأت بالمفطر قبل إسلامه و ترك تجديد النيّة و إتمام الصوم

الخوئي: لا وجه للاحتياط إذا صام اليوم الّذي أسلم فيه

مكارم الشيرازي: لايُترك (6). الامام الخميني: على الأحوط لو سبق منه النيّة و أتمّ الصوم، و على الأقوى في غيره (7). الامام الخميني: أو مذهب الحقّ إذا تحقّق منه قصد القربة

مكارم الشيرازي: و كذا ما أتى به على وفق مذهبنا مع قصد القربة، بطريق أولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 64

مسألة 5: يجب القضاء على من فاته الصوم للنوم، بأن كان نائماً قبل الفجر إلى الغروب (1) من غير سبق نيّة، و كذا من فاته للغفلة كذلك.

مسألة 6: إذا علم أنّه فاته أيّام من شهر رمضان و دار بين الأقلّ و الأكثر، يجوز له الاكتفاء (2) بالأقلّ (3)، و لكنّ الأحوط قضاء الأكثر، خصوصاً إذا كان الفوت لمانع، من مرض أو سفر أو نحو ذلك و كان شكّه في زمان زواله، كأن

يشكّ في أنّه حضر من سفره بعد أربعة أيّام أو بعد خمسة أيّام مثلًا من شهر رمضان.

مسألة 7: لايجب الفور في القضاء و لا التتابع؛ نعم، يستحبّ التتابع فيه و إن كان أكثر من ستّة، لا التفريق فيه مطلقاً أو في الزائد على الستّة.

مسألة 8: لايجب تعيين الأيّام، فلو كان عليه أيّام فصام بعددها كفى و إن لم يعيّن الأوّل والثاني وهكذا، بل لايجب الترتيب أيضاً، فلو نوى الوسط أوالأخير تعيّن (4) ويترتّب عليه أثره.

مسألة 9: لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعداً، يجوز قضاء اللاحق قبل السابق، بل إذا تضيّق اللاحق بأن صار قريباً من رمضان آخر كان الأحوط (5) تقديم اللاحق؛ و لو أطلق في نيّته انصرف (6) إلى السابق (7) و كذا في الأيّام. (1). الامام الخميني: أو إلى الزوال

الخوئي: بل إلى الزوال، و الاحتياط فيما إذا انتبه بعد الفجر لايُترك

الگلپايگاني: بل إلى الزوال و إن كان الأحوط له الإتمام ثمّ القضاء

مكارم الشيرازي: و كذا من نام إلى الزوال و مضى وقت النيّة (2). الگلپايگاني: إذا علم بعددها تفصيلًا ثمّ نسيها، فوجوب تحصيل العلم بالبرائة هو الأقوى (3). مكارم الشيرازي: و قد يقال بأنّه إذا علم بعددها تفصيلًا ثمّ نسي، فعليه الاحتياط، و لا وجه له؛ فإنّ قاعدة التجاوز حاكمة في المشكوك، و تنجّز عدد معلوم و إن كان قطعيّاً و لكنّ المفروض تردّده أيضاً بين الأقلّ و الأكثر، فلا اشتغال للذمّة فعلًا إلّابالأقلّ؛ نعم، إذا كان النسيان ممّا يعدّ تقصيراً، يمكن القول بالاشتغال (4). مكارم الشيرازي: لا محصّل لهذا الكلام في نظري القاصر، فإنّ التعيين فرع التمايز في الأثر، و المفروض في محلّ الكلام عدمه، فلا وجه لقوله يترتّب عليه أثره

إلّابالتكلّف (5). الامام الخميني: بل الأقوى

الخوئي: سيجي ء من الماتن قدس سره أنّه لا دليل على حرمة التأخير، و هو الصحيح (6). الگلپايگاني: لا وجه له، و قد مرّ لزوم التعيين فيما كانا مختلفي الآثار (7). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذا الانصراف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 65

مسألة 10: لاترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفّارة و النذر و نحوهما؛ نعم، لايجوز التطوّع (1) بشي ء لمن عليه صوم واجب، كما مرّ.

مسألة 11: إذا اعتقد أنّ عليه قضاء فنواه، ثمّ تبيّن بعد الفراغ فراغ ذمّته، لم يقع لغيره؛ و أمّا لو ظهر له في الأثناء، فإن كان بعد الزوال لايجوز العدول إلى غيره، و إن كان قبله فالأقوى جواز تجديد النيّة لغيره و إن كان الأحوط (2) عدمه (3).

مسألة 12: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس و مات فيه، لم يجب القضاء عنه، و لكن يستحبّ (4) النيابة (5) عنه في أدائه، و الأولى أن يكون بقصد إهداء الثواب.

مسألة 13: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر و استمرّ إلى رمضان آخر، فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الأصحّ، و كفّر عن كلّ يوم بمدّ، و الأحوط مدّان، و لايجزي القضاء عن التكفير؛ نعم، الأحوط الجمع (6) بينهما (7)؛ و إن كان العذر غير المرض كالسفر و نحوه، فالأقوى وجوب القضاء و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين المدّ (8)؛ و كذا إن كان سبب الفوت هو المرض، و كان العذر في التأخير غيره مستمرّاً من حين برئه إلى رمضان آخر أو العكس، فإنّه يجب القضاء أيضاً في هاتين الصورتين على الأقوى، و الأحوط الجمع خصوصاً في

الثانية.

مسألة 14: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر، بل كان متعمّداً في الترك و لم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر، وجب عليه (9) الجمع بين الكفّارة (10) و القضاء بعد الشهر، و كذا إن (1). مكارم الشيرازى: مر أن هذا الحكم فى غير قضاء رمضان محل إشكال.

(2). الگلپايگانى: لا يترك.

(3). مكارم الشيرازى: لا يترك لأن مورد روايات جواز تجديد النية من لم ينو صوما أصل؛ فتامل.

(4). الگلپايگانى: لا دليل على استحبابها.

(5). الخوئى: لم يثبت الاستحباب.

مكارم الشيرازى: لا وجه للاستحباب بعد عدم جعل شى ء عليه، كما ورد فى الحديث أيضا (6). مكارم الشيرازى: لا يترك فيه و فيما بعده أصلا و عكسا.

(7). الگلپايگانى: مع أنه يستحب.

(8). الخوئى: لا يترك الاحتياط فيه و فيما بعده.

(9). الگلپايگانى: على الأحوط.

(10). الامام الخميني: بمدّ لكلّ يوم، مضافاً إلى الكفّارة للإفطار العمدي.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 66

فاته لعذر و لم يستمرّ ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء السنة و لم يأت به إلى رمضان آخر متعمّداً و عازماً على الترك أو متسامحاً و اتّفق العذر عند الضيق، فإنّه يجب حينئذٍ أيضاً الجمع، و أمّا إن كان عازماً على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق العذر عند الضيق، فلايبعد (1) كفاية القضاء (2)، لكن لايُترك الاحتياط بالجمع أيضاً؛ و لا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره (3). فتحصّل ممّا ذكر في هذه المسألة و سابقتها أنّ تأخير القضاء إلى رمضان آخر إمّا يوجب الكفّارة فقط و هي الصورة الاولى المذكورة في المسألة السابقة، و إمّا يوجب القضاء فقط و هي بقيّة الصور (4) المذكورة فيها، و إمّا يوجب الجمع بينهما و هي الصور المذكورة في هذه المسألة؛ نعم، الأحوط الجمع في

الصور المذكورة في السابقة أيضاً، كما عرفت.

مسألة 15: إذا استمرّ المرض إلى ثلاث سنين، يعني الرمضان الثالث، وجبت كفّارة للُاولى و كفّارة اخرى للثانية، و يجب عليه القضاء للثالثة إذا استمرّ إلى آخرها ثمّ (5) برئ، و إذا استمرّ إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضاً، و يقضي للرابعة إذا استمرّ إلى آخرها، أي الرمضان الرابع؛ و أمّا إذا أخّر قضاء السنة الاولى إلى سنين عديدة، فلاتتكرّر الكفّارة بتكرّرها، بل تكفيه كفّارة واحدة.

مسألة 16: يجوز إعطاء كفّارة أيّام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد، فلايجب إعطاء كلّ فقير مدّاً واحداً ليوم واحد.

(1). الامام الخميني: فيه إشكال (2). الخوئي: لايخلو من إشكال، بل لايبعد وجوب الفدية أيضاً

الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: بل الظاهر كفاية القضاء و عدم وجوب الفداء؛ و منه يظهر حال ما ذكره في ذيل المسألة (3). الگلپايگاني: على الأحوط (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأحوط فيها الجمع بين القضاء و الفداء (5). مكارم الشيرازي: يعني آخر الرمضان الثالث، بقرينة ما يأتي. و ليعلم أنّ استمرار المرض في بعض الرمضان أيضاً حكمه ذلك، فلا وجه لتقييده باستمراره إلى آخرها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 67

مسألة 17: لاتجب كفّارة العبد على سيّده؛ من غير فرق بين كفّارة التأخير و كفّارة الإفطار؛ ففي الاولى إن كان له مال و أذن (1) له السيّد (2) أعطى من ماله، و إلّااستغفر بدلًا عنها، و في كفّارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم شهرين مع عدم المال و الإذن من السيّد، و إن عجز فصوم ثمانية (3) عشر (4) يوماً (5)، و إن عجز فالاستغفار.

مسألة 18: الأحوط عدم تأخير القضاء (6) إلى رمضان آخر مع التمكّن عمداً و إن كان لا

دليل على حرمته (7).

مسألة 19: يجب على وليّ الميّت قضاء ما فاته من الصوم لعذر (8)، من مرض (9) أو سفر أو نحوهما، لا ما تركه عمداً، أو أتى به و كان باطلًا من جهة التقصير في أخذ المسائل و إن كان الأحوط قضاء جميع ماعليه (10) و إن كان من جهة الترك عمداً؛ نعم، يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكّن في حال حياته من القضاء و أهمل، و إلّافلايجب، لسقوط القضاء حينئذٍ، كما عرفت سابقاً؛ و لا فرق في الميّت بين الأب و الامّ (11) على الأقوى (12)، و كذا لا فرق بين ما إذا ترك الميّت ما يمكن التصدّق به عنه و عدمه و إن كان (1). الامام الخميني: اعتبار الإذن منه محلّ تأمّل (2). مكارم الشيرازي: وجوب تحصيل إذن السيّد هنا محلّ تأمّل (3). الگلپايگاني: بل على ما فصّل في الحرّ، فراجع (4). مكارم الشيرازي: مرّ حكمه في المسألة (19) من أحكام الكفّارة (5). الخوئي: الأحوط اختيار التصدّق و ضمّ الاستغفار إليه (6). مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم التأخير؛ و الدليل عليه ظهور غير واحد من روايات الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان، مع تعبيره بعناوين التضييع و التهاون و جعل الكفّارة له (7). الامام الخميني: فيه منع، فالحرمة لاتخلو من قوّة (8). الامام الخميني: قد مرّ عدم الفرق بين أسباب الترك إلّاما هو على وجه الطغيان، فإنّه لا يبعد فيه عدم الوجوب و إن كان الأحوط ذلك، بل لا يُترك هذا الاحتياط (9). الگلپايگاني: بل مطلقاً على الأحوط، كما مرّ في الصلاة

مكارم الشيرازي: إذا تمكّن من قضائه ثمّ أهمل؛ و كذا بالنسبة إلى الحيض و النفاس؛

و أمّا السفر، فالأحوط الإلحاق مطلقاً (10). الخوئي: لايُترك (11). الامام الخميني: بل الأقوى عدم وجوب ما فات من الامّ على وليّها

الخوئي: الظاهر اختصاص الحكم بالأب (12). الگلپايگاني: بل على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 68

الأحوط في الأوّل (1) الصدقة (2) عنه برضا الوارث مع القضاء. والمراد بالوليّ هو الولد الأكبر و إن كان طفلًا أو مجنوناً حين الموت، بل و إن كان حملًا.

مسألة 20: لو لم يكن للميّت ولد، لم يجب القضاء على أحد من الورثة و إن كان الأحوط قضاء (3) أكبر الذكور من الأقارب عنه.

مسألة 21: لو تعدّد الوليّ، اشتركا (4)، و إن تحمّل أحدهما كفى عن الآخر، كما أنّه لو تبرّع أجنبيّ (5) سقط عن الوليّ.

مسألة 22: يجوز للوليّ أن يستأجر من يصوم (6) عن الميّت، و أن يأتي به مباشرةً، و إذا استأجر و لم يأت به الموجر أو أتى به باطلًا لم يسقط عن الوليّ.

مسألة 23: إذا شكّ الوليّ في اشتغال ذمّة الميّت و عدمه لم يجب عليه شي ء، و لو علم به إجمالًا و تردّد بين الأقلّ و الأكثر جاز له الاقتصار على الأقلّ.

مسألة 24: إذا أوصى الميّت باستيجار ما عليه من الصوم أو الصلاة، سقط عن الوليّ بشرط أداء الأجير صحيحاً، و إلّاوجب عليه.

مسألة 25: إنّما يجب على الوليّ قضاء ما علم اشتغال ذمّة الميّت به أو شهدت به البيّنة أو أقرّ به (7) عند موته (8)؛ و أمّا لو علم أنّه كان عليه القضاء و شكّ في إتيانه حال حياته أو بقاء (1). مكارم الشيرازي: لايُترك (2). الخوئي: لايُترك الاحتياط بالتصدّق عن كلّ يوم بمدّ في هذه الصورة (3). الگلپايگاني: و أحوط منه قضاء الأكبر من الذكور، ثمّ الإناث في كلّ طبقة،

بل لايُترك هذا الاحتياط كما مرّ في الصلاة (4). الخوئي: الظاهر أنّ الوجوب على النحو الكفائي، كما تقدّم في الصلاة (5). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال؛ و مرّ الكلام فيه في مسألة الاستيجار (6). مكارم الشيرازي: هو أيضاً محلّ تأمّل؛ و كذا الفرع الآتي (7). الامام الخميني: الحكم فيه مبنيّ على الاحتياط

الگلپايگاني: على الأحوط (8). الخوئي: في ثبوت وجوب القضاء على الوليّ بإقراره إشكال، بل منع، إلّاإذا كان مفيداً للاطمينان، فإنّه عندئذٍ يثبت وجوب القضاء على الوليّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 69

شغل ذمّته، فالظاهر عدم الوجوب (1) عليه (2) باستصحاب بقائه (3)؛ نعم، لوشكّ هوفي حال حياته وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل و لم يأت به حتّى مات، فالظاهر وجوبه (4) على الوليّ (5).

مسألة 26: في اختصاص ما وجب على الوليّ بقضاء شهر رمضان أو عمومه لكلّ صوم واجب، قولان؛ مقتضى إطلاق بعض الأخبار، الثاني و هو الأحوط (6).

مسألة 27: لايجوز للصائم قضاء شهر مضان إذا كان عن نفسه، الإفطار بعد الزوال، بل تجب عليه الكفّارة به، و هي كما مرّ، إطعام عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيّام؛ و أمّا إذا كان عن غيره، بإجارة أو تبرّع، فالأقوى جوازه (7) و إن كان الأحوط الترك، كما أنّ الأقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسّع و إن كان الأحوط الترك فيها (8) أيضاً. و أمّا الإفطار قبل الزوال، فلامانع منه حتّى في قضاء شهر رمضان عن نفسه، إلّامع التعيّن بالنذر أو الإجارة أو نحوهما، أو التضيّق بمجي ء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه، كما هو المشهور (9).

[فصل في صوم الكفّارة]

فصل في صوم الكفّارة

و هو أقسام:

منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره، و

هي كفّارة قتل العمد وكفّارة من أفطر على محرّم (10) (1). الامام الخميني: بل الأقوى وجوبه عليه

الگلپايگاني: فيما إذا كان الظاهر من حاله الإتيان، و إلّافالأقوى وجوبه (2). الخوئي: لايبعد الوجوب فيه، بل هو الأظهر (3). مكارم الشيرازي: إذا لزم من تأخيره التهاون به، فيحمل فعله على الصحّة (4). الگلپايگاني: مشكل، إلّاإذا كان الوليّ أيضاً شاكّاً في إتيانه حال حياته (5). الامام الخميني: بل الظاهر عدم وجوبه عليه، إلّاأن يكون هو على يقين من ثبوته على الميّت فشكّ في إتيانه كما تقدّم (6). الامام الخميني: بل لايخلو من قوّة (7). الامام الخميني: فيه تأمّل، لا يُترك الاحتياط (8). الگلپايگاني، مكارم الشيرازي: لايُترك (9). الامام الخميني: و المنصور، كما مرّ

مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى (10). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه احتياط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 70

في شهر رمضان، فإنّه تجب فيهما (1) الخصال الثلاث (2).

و منها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره، و هي كفّارة الظهار و كفّارة قتل الخطأ، فإنّ وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق؛ و كفّارة الإفطار في قضاء رمضان، فإنّ الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام، كما عرفت؛ و كفّارة اليمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم و بعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيّام؛ و كفّارة صيد النعامة (3)، و كفّارة صيد البقر الوحشي، وكفّارة صيد الغزال، فإنّ الأوّل تجب فيه بدنة (4) و مع العجز عنها صيام (5) ثمانية عشر (6) يوماً، و الثاني يجب فيه ذبح بقرة و مع العجز (7) عنها صوم تسعة أيّام (8)، و الثالث يجب فيه شاة و مع العجز (9) (1). الامام الخميني: على الأحوط في الثاني (2). الخوئي:

على الأحوط في الإفطار على الحرام (3). مكارم الشيرازي: يأتي هذا و غيره ممّا يليه في مسائل الإحرام و الحجّ في محلّه، إن شاء اللَّه؛ و كذلك غيره ممّا ذكره في هذا المبحث ممّا لايرتبط بالصيام من الكفّارات، في كتاب الكفّارات (4). الخوئي: وجوب الصوم في كفّارة الصيد كما أنّه مترتّب على العجز عن البدنة و البقرة و الشاة، مترتّب على العجز عن إطعام ستّين مسكيناً في صيد النعامة و ثلاثين مسكيناً في صيدالبقرة و عشرة مساكين في صيد الغزال (5). الامام الخميني: بل مع العجز عنها يفضّ ثمنها على الطعام و يتصدّق به على ستّين مسكيناً، لكلّ مسكين مدّ على الأقوى، و الأحوط مدّان، و لو زاد على الستّين اقتصر عليهم، و لو نقص لايجب الإتمام، و الاحتياط بالمدّين إنّما هو فيما لايوجب النقص عن الستّين، و إلّااقتصر على المدّ و يتمّ الستّين، و لو عجز عن التصدّق صام على الأحوط لكلّ مدّ يوماً إلى الستّين و هو غاية كفّارته، و لو عجز صام ثمانية عشر يوماً (6). الگلپايگاني: بل مع العجز عن البدنة تقوّم و يفضّ ثمنها على البرّ لكلّ مسكين مدّان، و لايجب ما زاد عن ستّين و لا إتمام ما نقص، و مع العجز يصوم لكلّ مدّين يوماً و مع العجز عنه يصوم ثمانية عشر يوماً (7). الامام الخميني: إن عجز عنها يفضّ ثمنها على الطعام و يتصدّق به على ثلاثين مسكيناً، لكلّ واحد مدّ على الأقوى، و الأحوط مدّان، و إن زاد فله، و إن نقص ليس عليه الإتمام، و لا يحتاط بالمدّين مع إيجاب النقص كما مرّ، و لو عجز عنه صام على الأحوط عن كلّ مدّ يوماً إلى الثلاثين و

هو غاية الكفّارة، و لو عجز صام تسعة أيّام، و حمار الوحش كذلك و الأحوط أنّه كالنعامة (8). الگلپايگاني: بل مع العجز عن البقرة تقوّم و يفضّ ثمنها على البرّ و يتصدّق لكلّ مسكين مدّان و لا يجب ما زاد عن ثلاثين و لا إتمامه، و إن عجز يصوم لكلّ مدّين يوماً و إن عجز يصوم تسعة أيّام (9). الامام الخميني: مع عجزه عنها يفضّ ثمنها على الطعام و يتصدّق على عشرة مساكين، لكلّ مدّ، و الأحوط مدّان، و حكم الزيادة و النقيصة و مورد الاحتياط كما تقدّم، و لو عجز صام على الأحوط عن كل مدّ يوماً إلى عشرة أيّام غاية كفّارته و لو عجز صام ثلاثة أيّام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 71

عنها صوم ثلاثة أيّام (1)؛ و كفّارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عمداً، و هي بدنة و بعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً؛ و كفّارة خدش المرأة (2) وجهها في المصاب حتّى أدمته، و نتفها رأسها فيه، و كفّارة شقّ الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنّهما ككفّارة اليمين.

و منها: ما يجب فيه الصوم مخيّراً بينه و بين غيره، و هي كفّارة الإفطار في شهر رمضان و كفّارة الاعتكاف و كفّارة النذر (3) و العهد و كفّارة جزّ المرأة شعرها (4) في المصاب، فإنّ كلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث على الأقوى؛ و كفّارة حلق الرأس في الإحرام و هي دم شاة أو صيام ثلاثة أيّام أو التصدّق على ستّة مساكين، لكلّ واحد مدّان.

و منها: ما يجب فيه الصوم مرتبّاً على غيره مخيّراً بينه و بين غيره، و هي كفّارة الواطي أمته المحرمة بإذنه (5)؛ فإنّها بدنة أو بقرة (6) و

مع العجز فشاة (7) أو صيام ثلاثة أيّام.

مسألة 1: يجب التتابع (8) في صوم شهرين من كفّارة الجمع أو كفّارة التخيير (9)، و يكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأوّل و يوم من الشهر الثاني، و كذا يجب (10) التتابع (11) في (1). الگلپايگاني: بل مع العجز عن الشاة تقوّم و يفضّ قيمتها على البرّ و يتصدّق لكلّ مسكين مدّان و لايجب مازاد عن العشرة و لا إتمامها، و إن عجز يصوم لكلّ مدّين يوماً و إن عجز يصوم ثلاثة أيّام (2). الخوئي: على الأحوط، ولايبعد عدم وجوبها؛ و كذا الحال فيما بعده (3). الخوئي: الظاهر أنّ كفّارته كفّارة اليمين (4). الخوئي: على الأحوط، و لايبعد عدم وجوبها (5). الخوئي: بل كفّارته إن كان موسراً بدنة أو بقرة أو شاة، و إن كان معسراً فشاة أو صيام (6). الامام الخميني: بل بدنة أو بقرة أو شاة مع اليسر، و مع العسر عن الأوّلين فشاة أو صيام، و الأحوط ثلاثة أيّام، و لا يُترك هذا الاحتياط (7). الگلپايگاني: لايبعد التخيير ابتداءً بين البدنة و البقرة و الشاة، و مع العجز عن الاوليين التخيير بين الشاة و صيام ثلاثة أيّام (8). مكارم الشيرازي: وجوب التتابع فيها غير ثابت و إن كان أحوط (9). الامام الخميني: أو الترتيب (10). الامام الخميني: على الأحوط (11). الگلپايگاني: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 72

الثمانية عشر بدل الشهرين (1)، بل هو الأحوط (2) في صيام سائر الكفّارات و إن كان في وجوبه فيها تأمّل و إشكال.

مسألة 2: إذا نذر صوم شهر أو أقلّ أو أزيد، لم يجب التتابع، إلّامع الانصراف أو اشتراط التتابع فيه.

مسألة 3: إذا فاته النذر المعيّن (3) أو المشروط

فيه التتابع، فالأحوط في قضائه التتابع (4) أيضاً.

مسألة 4: من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع، لايجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنّه لايسلم له، بتخلّل العيد (5) أو تخلّل يوم يجب فيه صوم آخر من نذر أو إجارة أو شهر رمضان؛ فمن وجب عليه شهران متتابعان لايجوز له أن يبتدئ بشعبان، بل يجب (6) أن يصوم قبله يوماً أو أزيد من رجب، و كذا لايجوز أن يقتصر على شوّال مع يوم من ذي القعدة أو على ذي الحجّة مع يوم من المحرّم، لنقصان الشهرين بالعيدين؛ نعم، لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتّفق، فلا بأس على الأصحّ و إن كان الأحوط (7) عدم الإجزاء (8). و يستثنى ممّا ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد و هو صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتّع إذا شرع فيه يوم التروية، فإنّه يصحّ و إن تخلّل بينها العيد، فيأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل (9) أو بعد (1). الخوئي: على الأحوط؛ و قد تقدّم الإشكال في أصل وجوب هذا الصوم في كفّارة التخيير خاصّة (2). الگلپايگاني: بل هو الأقوى في كفّارة اليمين

الامام الخميني: لايُترك (3). مكارم الشيرازي: لايجب التتابع في قضاء نذر المعيّن ما لم يؤخذ التتابع قيداً للمنذور (4). الخوئي: لابأس بتركه (5). الخوئي: يستثنى من ذلك صوم كفّارة القتل في الأشهر الحرم، فإنّه يجب على القاتل صوم شهرين من الأشهر الحرم حتّى يوم العيد (6). الخوئي: الظاهر عدم كفاية ذلك أيضاً، فإنّ اللازم هو صوم شهر هلالي و صوم شي ء ما من الشهر التالي ولويوماً واحداً، و لايكفي التلفيق من شهرين في تحقّق ذلك (7). الامام الخميني: لايُترك إذا التفت فتردّد

الگلپايگاني: لايُترك، بل الأقوى مع الالتفات

و الشكّ عدم الإجزاء (8). الخوئي: لايُترك، بل عدم الإجزاء في غير الغافل لايخلو من قوّة

مكارم الشيرازي: لايُترك في الغافل؛ أمّا الملتفت الشاكّ، فالأقوى أنّه يعيد (9). الامام الخميني: على الأحوط و إن كان الأقوى عدم لزومه، و كذا عدم لزوم كونه بلا فصل بعد أيّام التشريق، لكن لاينبغي ترك الاحتياط في صوم يوم قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة مع الاختيار، حتّى لاينفصل بالعيد، و مع الفصل لاينبغي ترك الاحتياط بصوم الثالث بلا فصل

مكارم الشيرازي: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 73

أيّام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى؛ و أمّا لو شرع فيه يوم عرفة أو صام يوم السابع و التروية و تركه في عرفة، لم يصحّ و وجب الاستيناف كسائر موارد وجوب التتابع.

مسألة 5: كلّ صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لا لعذر اختياراً، يجب استينافه، و كذا إذا شرع فيه في زمان يتخلّل فيه صوم واجب آخر من نذر و نحوه؛ و أمّا ما لم يشترط فيه التتابع و إن وجب فيه بنذر أو نحوه، فلايجب استينافه و إن أثم بالإفطار، كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان، فإنّه لو خالف و أتى به متفرّقاً صحّ و إن عصى من جهة خلف النذر.

مسألة 6: إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار كالمرض و الحيض و النفاس و السفر الاضطراريّ، دون الاختياريّ، لم يجب استينافه، بل يبني على ما مضى؛ و من العذر ما إذا نسي النيّة حتّى فات وقتها، بأن تذكّر بعد الزوال، و منه أيضاً ما إذا نسي فنوى صوماً آخر و لم يتذكّر إلّابعد الزوال، و منه أيضاً ما إذا نذر (1) قبل تعلّق الكفّارة صوم كلّ

خميس، فإنّ تخلّله في أثناء التتابع لايضرّ به (2) و لايجب عليه (3) الانتقال إلى غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذّر؛ نعم، لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلّق الكفّارة، اتّجه الانتقال إلى سائر الخصال.

مسألة 7: كلّ من وجب عليه شهران متتابعان، من كفّارة معيّنة أو مخيّرة، إذا صام شهراً و يوماً متتابعاً، يجوز له التفريق في البقيّة و لو اختياراً لا لعذر، و كذا لو كان من نذر أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيّام جميعها و لم يكن المنساق منه ذلك. و ألحق المشهور بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع، فقالوا: إذا تابع في خمسة عشر يوماً منه يجوز له التفريق في البقيّة (1). مكارم الشيرازي: هذا إنّما يصحّ في النذر الّذي يقتضي اختصاص اليوم به، لا النذر المطلق الّذي يجتمع مع غيره بحسب إطلاق نيّته؛ و كذا الكلام في صوم الدهر (2). الخوئي: إذا تعلّق النذر بصوم يوم الخميس على وجه الإطلاق، فالظاهر أنّه لايوجب التخلّل، بل يحسب من الكفّارة؛ و بذلك يظهر الحال في نذر صوم الدهر (3). مكارم الشيرازي: بل الأحوط الانتقال إلى غير الصوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 74

اختياراً؛ و هو مشكل، فلايُترك الاحتياط فيه بالاستيناف مع تخلّل الإفطار عمداً و إن بقي منه يوم، كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختياراً مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع.

مسألة 8: إذا بطل التتابع في الأثناء لايكشف عن بطلان الأيّام السابقة، فهي صحيحة (1) و إن لم تكن امتثالًا للأمر الوجوبي و لا الندبي (2)، لكونها محبوبة في حدّ نفسها من حيث إنّها صوم، و كذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الأثناء، فإنّ الأذكار و القرائة صحيحة

في حدّ نفسها من حيث محبوبيّتها لذاتها.

[فصل في أقسام الصوم

[فصل في أقسام الصوم

أقسام الصوم أربعة:

واجب، و ندب، و مكروه كراهةَ عبادةٍ، و محظور. و الواجب أقسام: صوم شهر رمضان و صوم الكفّارة و صوم القضاء و صوم بدل الهدي في حجّ التمتّع و صوم النذر (3) و العهد واليمين و الملتزم بشرط أو إجارة (4) و صوم اليوم الثالث (5) من أيّام الاعتكاف. أمّا الواجب فقد مرّ جملة منه.

و أمّا المندوب منه فأقسام:

منها: ما لايختصّ بسبب مخصوص و لا زمان معيّن، كصوم أيّام السنة عدا ما استثني من العيدين و أيّام التشريق لمن كان بمنى؛ فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو و محبوبيّته و فوائده، و يكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي: «الصوم لي و أنا اجازي به (6)» و ما (1). الامام الخميني: في غير النذر و شبهه إشكال (2). الخوئي: الظاهر ثبوت الأمر الندبي له نظراً إلى أنّ الصوم في نفسه مأمور به بأمر ندبي عبادي؛ و أمّا الأمرالناشى ء من قبل الكفّارة أو نحوها فهو توصّلي، فالمكلّف في مفروض المقام إنّما لم يمتثل الأمر التوصّلي، و أمّا الأمر الندبي العبادي فقد امتثله (3). الامام الخميني: في كون هذا و ما بعده غير الأخير أي الثالث من أيّام الاعتكاف منه، إشكال، لما مرّ من أنّ المنذور لايصير بعنوانه واجباً (4). مكارم الشيرازي: في صوم الإجارة كلام، مرّ في باب صلوة الاستيجار (5). الگلپايگاني: و ما يجب على وليّ الميّت ممّا فات منه لعذر أو مطلقاً، على ما مرّ (6). مكارم الشيرازي: الموجود في الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله و عن الصادق عليه السلام: و أنا اجزي به؛ فراجع الباب

الأوّل من أبواب الصوم المندوب من الوسائل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 75

ورد من «أنّ الصوم جنّة من النار» و «أنّ نوم الصائم عبادة و صمته تسبيح و عمله متقبّل و دعاؤه مستجاب (1)». و نِعمَ ما قال بعض العلماء من أنّه لو لم يكن في الصوم إلّاالارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة الروحانيّة، لكفى به فضلًا و منقبةً و شرفاً.

و منها: ما يختصّ بسبب مخصوص، و هي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.

و منها: ما يختصّ بوقت معيّن (2) و هو في مواضع:

منها: و هو آكدها، صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر؛ فقد ورد أنّه يعادل صوم الدهر و يذهب بوحر الصدر (3). و أفضل كيفيّاته ما عن المشهور و يدلّ عليه جملة من الأخبار، و هو أن يصوم أوّل خميس من الشهر و آخر خميس منه و أوّل أربعاء في العشر الثاني، و من تركه يستحبّ له قضاؤه، و مع العجز عن صومه لكبر و نحوه يستحبّ أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام أو بدرهم.

و منها: صوم أيّام البيض من كلّ شهر، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر على الأصحّ المشهور؛ و عن العمّاني: أنّها الثلاثة المتقدّمة.

و منها: صوم يوم مولد النبي صلى الله عليه و آله و هو السابع عشر من ربيع الأوّل على الأصحّ؛ و عن الكلينيّ: أنّه الثاني عشر منه.

و منها: صوم يوم الغدير و هو الثامن عشر من ذي الحجّة.

و منها: صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه و آله و هو السابع و العشرون من رجب.

و منها: يوم دحوالأرض من تحت الكعبة وهو اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة.

و منها:

يوم عرفة لمن لايضعّفه الصوم عن الدعاء. (1). مكارم الشيرازي: هذه الروايات و أمثالها ليست بصدد استحباب الصوم بقول مطلق، كما هو ظاهر، و العمدة فيه معلوميّة المسألة بين المسلمين، مع بعض ما ورد فيه ممّا يظهر منه العموم؛ فراجع الباب الأوّل من أبواب الصوم المندوب من الوسائل (2). مكارم الشيرازي: بعضها غير ثابت بطريق معتبر عندنا، فيؤتى بها بقصد القربة المطلقة أو رجاء ثوابه الخاصّ (3). مكارم الشيرازي: «وحر الصدر» هو وسوسته؛ و عن نهاية ابن الأثير بعد ذكر هذا: قيل: الحقد و الغيظ، و قيل: العداوة، و قيل: أشدّ الغضب (انتهى) و يمكن أخذ الجامع بينها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 76

و منها: يوم المباهلة (1) و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة.

و منها: كلّ خميس و جمعة معاً أو الجمعة فقط.

و منها: أوّل ذي الحجّة، بل كلّ يوم من التسع فيه.

و منها: يوم النيروز.

و منها: صوم رجب و شعبان، كلًاّ أو بعضاً و لو يوماً من كلٍّ منهما.

و منها: أوّل يوم من المحرّم و ثالثه و سابعه (2).

و منها: التاسع و العشرون من ذي القعدة.

و منها: صوم ستّة أيّام (3) بعد عيد الفطر بثلاثة أيّام أحدها العيد.

و منها: يوم النصف (4) من جمادي الاولى.

مسألة 1: لايجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه، بل يجوز له الإفطار إلى الغروب و إن كان يكره بعد الزوال (5).

مسألة 2: يستحبّ للصائم تطوّعاً قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلى الطعام، بل قيل بكراهته حينئذٍ.

و أمّا المكروه منه، بمعنى قلّة الثواب (6)، ففي مواضع أيضاً: (1). الامام الخميني: يصومه بقصد القربة المطلقة و شكراً لإظهار النبيّ الأكرم فضيلة عظيمة من فضائل مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام (2). الامام الخميني:

لم أعثر على دليله عجالةً؛ نعم، وردت رواية في صوم تاسعه، لكن في استحبابه تأمّل (3). الامام الخميني: في استحباب صومها بالخصوص تأمّل (4). الامام الخميني: يأتي به رجاءً أو للرجحان المطلق (5). مكارم الشيرازي: دليل الكراهة غير واضح (6). الامام الخميني: أو بمعنى انطباق عنوان مرجوح عليه تكون مرجوحيّته أهمّ من رجحان الصوم، أو بمعنى المزاحمة لما هو أفضل منه

الگلپايگاني: أو بمعنى المزاحم بما هو أفضل منه

مكارم الشيرازي: قد تكون الكراهة بمعنى قلّة الثواب، و كثيراً ما تكون لمزاحمته بما هو أتمّ ملاكاً و أفضل، و مداومة المعصومين عليهم السلام و أصحابهم على ترك بعض الصلوات أو الصيام في الأوقات المكروهة لعلّه من هذا الباب؛ و مزاحمة الأرجح لايوجب منقصة فيه من حيث ذاته، كما في مزاحمة كلّ مستحبّين أحدهما أرجح من الآخر، و هو ظاهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 77

منها: صوم عاشوراء.

و منها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعّفه عن الدعاء الّذي هو أفضل من الصوم، و كذا مع الشكّ (1) في هلال ذي الحجّة خوفاً من أن يكون يوم العيد.

و منها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه (2)، و الأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضاً.

و منها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي (3)، بل يحرم إذا كان إيذاء له من حيث شفقته عليه (4). و الظاهر جريان الحكم في ولد الولد (5) بالنسبة إلى الجدّ؛ و الأولى مراعاة إذن الوالدة، و مع كونه إيذاء لها يحرم، كما في الوالد.

و أمّا المحظور منه، ففي مواضع أيضاً:

أحدها: صوم العيدين، الفطر و الأضحى و إن كان عن كفّارة القتل في الأشهر الحرم، و القول بجوازه

للقاتل شاذّ و الرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً (6) و دلالةً (7).

الثاني: صوم أيّام التشريق و هي الحادي عشر و الثاني عشر والثالث عشر (8) من ذي الحجّة لمن كان بمنى، و لا فرق على الأقوى (9) بين الناسك و غيره (10).

الثالث: صوم يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان بنيّة أنّه من رمضان، و أمّا بنيّة أنّه من شعبان فلا مانع منه، كما مرّ.

الرابع: صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني أو إذا ترك (1). الامام الخميني: الظاهر عدم كراهة صومه بالمعاني المتقدّمة (2). الخوئي: هذا في صوم التطوّع، كما هو الحال في صوم الولد بدون إذن والده (3). الامام الخميني: لايُترك مع نهيه مطلقاً أو نهي الوالدة كذلك (4). مكارم الشيرازي: لايبعد كون إيذاء الأب حراماً و إن لم يكن من ناحية الشفقة على الولد (5). مكارم الشيرازي: غير ظاهر، ولكنّه أحوط (6). الامام الخميني: ضعف سندها ممنوع؛ نعم، هي مع شذوذها يمكن الخدشة في دلالتها أيضاً (7). الخوئي: الرواية صحيحة سنداً و تامّة دلالةً، و لا مقتضى لرفع اليد عنها (8). مكارم الشيرازي: الروايات في أنّ أيّام التشريق ثلاثة أيّام مع العيد أو بدونه، مختلفة، و الأحوط الثاني؛ فراجع الباب 2 من أبواب الصوم الحرام من الوسائل (9). مكارم الشيرازي: القوّة ممنوعة (10). الگلپايگاني: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 78

الواجب الفلاني و يقصد بذلك الشكر على تيسّره، و أمّا إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به؛ نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.

الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام

النهار أو بعضه، بجعله في نيّته من قيود صومه؛ و أمّا إذا لم يجعله قيداً و إن صمت، فلا بأس به، بل و إن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءً من المفطرات و تركه قيداً في صومه (1).

السادس: صوم الوصال و هو صوم يوم و ليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا إفطار في البين، و أمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءً من الصوم فلا بأس به و إن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقاً.

السابع: صوم الزوجة (2) مع المزاحمة لحقّ الزوج، و الأحوط تركه (3) بلا إذن منه، بل لايُترك الاحتياط مع نهيه عنه (4) و إن لم يكن مزاحماً لحقّه.

الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، والأحوط تركه (5) من دون إذنه، بل لايُترك الاحتياط (6) مع نهيه.

التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين و أذيّتهما (7).

العاشر: صوم المريض و من كان يضرّه الصوم.

الحادي عش ر: صوم المسافر، إلّافي الصور المستثناة، على ما مرّ.

الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين، على ما في الخبر و إن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما، لا لكونه صوم الدهر من حيث هو. (1). مكارم الشيرازي: و من صوم الصمت المحرّم نيّة الصوم بنفس السكوت، لا ترك المفطرات مع السكوت، بل لعلّ ظاهر الروايات الناهية عن صمت يوم إلى الليل هو هذا؛ و أمّا حرمة غير هذا فهو من باب التشريع المحرّم (2). الامام الخميني: على الأحوط؛ و كذا في المملوك (3). الخوئي: هذا في التطوّع (4). مكارم الشيرازي: بل وبدون إذنه، لا لمقتضى القاعدة، بل لدلالة الروايات الخاصّة و ضعف

المعارض (5). الخوئي: لايُترك الاحتياط (6). مكارم الشيرازي: و كذا مع عدم إذنه (7). الامام الخميني: و لا يُترك الاحتياط مع نهيهما مطلقاً، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 79

مسألة 3: يستحبّ الإمساك تأدّباً في شهر رمضان و إن لم يكن صوماً، في مواضع:

أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله و قد أفطر؛ و أمّا إذا ورد قبله و لم يفطر، فقد مرّ أنّه يجب عليه الصوم.

الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار و قد أفطر، و كذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال، بل قبله أيضاً، على ما مرّ من عدم صحّة صومه و إن كان الأحوط (1) تجديد (2) النيّة و الإتمام ثمّ القضاء.

الثالث: الحائض و النفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.

الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار (3)؛ أتى بالمفطر أم لا (4).

الخامس: الصبيّ إذا بلغ في أثناء النهار (5).

السادس: المجنون و المغمى عليه (6) إذا أفاقا في أثنائه (7). (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لايُترك هذا الاحتياط (2). الامام الخميني: قد مرّ أنّ وجوبه لايخلو من قرب (3). مكارم الشيرازي: إذا أسلم الكافر قبل الظهر و لم يأت بالمفطر، يصوم على الأحوط (4). الخوئي: تقدّم حكمه [في أوّل فصل أحكام القضاء] (5). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الأحوط له إذا نوى الصوم قبل بلوغه الإتمام، و إن لم يتمّ فالقضاء

مكارم الشيرازي: و هو كالفرع السابق (6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه لو سبق منه النيّة بالإتمام، و إلّافبالقضاء (7). مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ فيما قبله

[كتاب الاعتكاف

اشارة

كتاب الاعتكاف

و هو اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لايبعد (1) كفاية قصد التعبّد بنفس اللبث و إن لم يضمّ إليه قصد عبادة

اخرى خارجة عنه، لكنّ الأحوط الأوّل (2). و يصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم، و أفضل أوقاته شهر رمضان، و أفضله العشر الأواخر منه. و ينقسم إلى واجب و مندوب؛ و الواجب منه ما وجب بنذر (3) أو عهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة (4) أو نحو ذلك، و إلّاففي أصل الشرع مستحبّ. ويجوز الإتيان به عن نفسه و عن غيره الميّت؛ و في جوازه نيابة عن الحىّ قولان، لايبعد (5) ذلك (6)، بل هو الأقوى (7)، و لايضرّ اشتراط الصوم فيه، فإنّه تبعيّ، فهو كالصلاة في الطواف الّذي يجوز فيه النيابة عن الحىّ.

و يشترط في صحّته امور: (1). مكارم الشيرازي: بل هو بعيد، لعدم إطلاق يصلح الركون إليه، بل كلّها منصرفة إلى ما وضع المسجد له و هو عبادة اللّه، لا اللبث في المسجد مشتغلًا بأمر دنياه و منغمراً فيه لايهمّه غيره (2). الگلپايگاني: بل الأحوط عدم الاكتفاء بالأوّل (3). الامام الخميني: مرّ الإشكال في أمثاله، و الأمر سهل (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ الكلام و الإشكال في مطلق العبادات الاستيجارية ما عدا الحجّ (5). الگلپايگاني: مشكل (6). الامام الخميني: الأولى الإتيان به رجاءً، بل هو الأحوط

مكارم الشيرازي: لا دليل عليه يعتدّ به، فيؤتى به رجاءً؛ فليس الإشكال من ناحية اشتراط الصوم، بل من ناحية عدم الدليل (7). الخوئي: فيه إشكال، و الأظهر عدم الجواز

العروة الوثقى، ج 2، ص: 82

الأوّل: الإيمان (1)، فلايصحّ من غيره.

الثاني: العقل، فلايصحّ من المجنون و لو أدواراً في دوره، و لا من السكران و غيره من فاقدي العقل.

الثالث: نيّة القربة، كما في غيره من العبادات؛ و التعيين إذا تعدّد و لو إجمالًا. و لايعتبر فيه

قصد الوجه، كما في غيره من العبادات، و إن أراد أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوي الوجوب (2) و في المندوب الندب، و لايقدح في ذلك كون اليوم الثالث الّذي هو جزء منه واجباً، لأنّه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها، و لكنّ الأولى (3) ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل تجديد نيّة الوجوب في اليوم الثالث. و وقت النيّة (4) قبل الفجر، و في كفاية النيّة في أوّل الليل (5)، كما في صوم شهر رمضان، إشكال (6)؛ نعم، لو كان الشروع فيه في أوّل الليل أو في أثنائه، نوى في ذلك الوقت، و لو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباهاً لم يضرّ، إلّاإذا كان على وجه التقييد (7) لا الاشتباه في التطبيق.

الرابع: الصوم، فلايصحّ بدونه، و على هذا فلايصحّ وقوعه من المسافر في غير المواضع الّتي يجوز له الصوم فيها، و لا من الحائض و النفساء (8)، و لا في العيدين، بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصحّ و إن كان غافلًا حين الدخول؛ نعم، لو نوى اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد، فإن كان على وجه التقييد بالتتابع لم يصحّ، و إن كان على وجه (1). مكارم الشيرازي: القدر المتيقّن اشتراط الإيمان في القبول، لا الصحّة، كما مرّ (2). الامام الخميني: في المنذور و شبهه لايصير الوجوب وجهاً له، فلا معنى لقصده، بل يقصد المندوب وفاءًلنذره أو عهده أو إجارته (3). الگلپايگاني: بل الأحوط إن أراد نيّة الوجه (4). الامام الخميني: مرّ في نيّة الصوم ما هو الأقوى (5). مكارم الشيرازي: لا إشكال في جواز النيّة من الليل مع استمراره في كمون

النفس بناءً على كونها الداعي، كما هو المختار (6). الگلپايگاني: إلّامع استمرار العزم على مقتضاها إلى طلوع الفجر، كما مرّ في الصوم (7). الخوئي: مرّ أنّه لا أثر للتقييد في أمثال المقام

مكارم الشيرازي: قد عرفت غير مرّة عدم الإشكال في مثل هذه التقييدات (8). الگلپايگاني: و أيضاً لايجوز لهما نفس الاعتكاف و هو اللبث في المساجد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 83

الإطلاق لايبعد صحّته (1)، فيكون العيد فاصلًا (2) بين أيّام الاعتكاف (3).

الخامس: أن لايكون أقلّ من ثلاثة أيّام، فلو نواه كذلك بطل، و أمّا الأزيد فلا بأس به و إن كان الزائد يوماً أو بعضه (4) أو ليلة أو بعضها، و لا حدّ لأكثره؛ نعم، لو اعتكف خمسة أيّام وجب السادس، بل ذكر بعضهم (5): أنّه كلّما زاد يومين وجب الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيّام وجب اليوم التاسع و هكذا؛ و فيه تأمّل. و اليوم من طلوع الفجر إلى غروب الحمرة (6) المشرقيّة، فلايشترط إدخال الليلة الاولى و لا الرابعة، و إن جاز ذلك كما عرفت، و يدخل فيه الليلتان المتوسّطتان، و في كفاية الثلاثة التلفيقيّة إشكال (7).

السادس: أن يكون في المسجد الجامع (8)، فلايكفي في غير المسجد و لا في مسجد القبيلة و السوق، و لو تعدّد الجامع تخيّر بينها، و لكنّ الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام و مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله و مسجد الكوفة و مسجد البصرة.

السابع: إذن السيّد بالنسبة إلى مملوكه؛ سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو امّ ولد أو مكاتباً لم يتحرّر منه شي ء و لم يكن اعتكافه اكتساباً، و أمّا إذا كان اكتساباً فلا مانع منه، كما أنّه إذا كان مبعّضاً فيجوز منه في

نوبته إذا هاياه مولاه من دون إذن، بل مع المنع منه أيضاً؛ و كذا (1). الخوئي: نعم، إلّاأنّ كون ما بعد العيد جزءً لما قبله محلّ إشكال، و الأحوط الإتيان به رجاءً أو إنشاء اعتكاف جديد (2). الامام الخميني: بعد الفصل بالعيد لايكون المجموع اعتكافاً واحداً، فله اعتكاف آخر ثلاثة أيّام أو أزيد بعد العيد بشروطه (3). الگلپايگاني: الفصل بين أيّام اعتكاف واحد محلّ إشكال، إلّاأن يكون بعد العيد اعتكافاً مستقلًاّ، فيعتبر فيه أن لايكون أقلّ من ثلاثة

مكارم الشيرازي: فيكون ما بعد العيد اعتكافاً جديداً (4). الامام الخميني: فيه تردّد، و كذا في الازدياد ببعض الليل (5). الامام الخميني: هذا هو الأحوط (6). الخوئي: في التعبير مسامحة، و ينتهي اليوم بانتهاء زمان الصوم

مكارم الشيرازي: قد عرفت في مباحث أوقات الصلوة أنّ الأقوى انتهاء اليوم باستتار القرص و إن كان الأحوط اعتبار مضيّ الحُمرة من سمت من الرأس في السماء؛ و منه يظهر أنّ تعبيره بغروب الحُمرة لايوافق شيئاً من الأقوال، ولكن مراده معلوم (7). الخوئي: أظهره عدم الكفاية (8). الامام الخميني: في غير المساجد الأربعة محلّ إشكال، فلايُترك الاحتياط بإتيانه رجاءً في غيرها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 84

يعتبر إذن المستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاصّ (1)، و إذن الزوج بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافياً لحقّه (2)، و إذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما إذا كان مستلزماً لإيذائهما (3)، و أمّا مع عدم المنافاة و عدم الإيذاء فلايعتبر إذنهم (4) و إن كان أحوط (5)، خصوصاً بالنسبة إلى الزوج (6) و الوالد.

الثامن: إستدامة اللبث في المسجد؛ فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب المبيحة، بطل؛ من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به، و أمّا

لو خرج ناسياً (7) أو مكرهاً فلايبطل (8)؛ و كذا لو خرج لضرورة عقلًا أو شرعاً أو عادةً، كقضاء الحاجة من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة و نحو ذلك، و لايجب (9) الاغتسال (10) في المسجد و إن أمكن من (1). الامام الخميني: إذا كانت الإجارة بحيث ملك منفعة الاعتكاف، و إلّافغير معلوم، بل في بعض فروعه معلوم العدم

الگلپايگاني: إذا كان بحيث لايملك الأجير عمل نفسه، و إلّافمعصيته في ترك الوفاء لايوجب بطلان الاعتكاف، غاية الأمر يكون ضدّاً للواجب (2). الامام الخميني: فيه إشكال، لكن لايُترك الاحتياط (3). الگلپايگاني: على الأحوط؛ نعم، مع النهي و الإيذاء من مخالفته فالأقوى البطلان (4). الگلپايگاني: لايخفى أنّ إذن الزوج لايعتبر في نفس الاعتكاف إذا لم يكن منافياً لحقّه؛ و أمّا أصل الخروج من البيت و التوقّف في المسجد فجوازه مشروط بإذنه، و مع عدمه فالأقوى بطلان الاعتكاف (5). الخوئي: الظاهر أنّ الاحتياط من جهة اعتبار الصوم في الاعتكاف، و عليه فلايُترك الاحتياط فيما إذا كان صوم الزوجة تطوّعاً (6). مكارم الشيرازي: لايُترك بالنسبة إلى إذن الزوج (7). مكارم الشيرازي: الأحوط في النسيان كونه مضرّاً بالاعتكاف (8). الخوئي: في عدم البطلان مع الخروج نسياناً إشكال، بل لايبعد البطلان به

الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط (9). الگلپايگاني: بل لا يجوز، فيتيمّم فوراً و يخرج من المسجدين، و في غيرهما يخرج بلا تيمّم و إن تمكّن من الغسل بلا لبث على الأصحّ (10). الامام الخميني: بل لايجوز في المسجدين، و يجب عليه التيمّم و الخروج للاغتسال، و لايجوز في غيرهما مع استلزام اللبث

مكارم الشيرازي: إذا أمكن الاغتسال في المسجد بسهولة، وجب؛ مثل ما إذا كان فيه محلًاّ معدّاً لذلك، فلايكون

هناك حاجة إلى الخروج؛ نعم، في غسل الجنابة لايجوز في المسجد، لاستلزامه اللبث الحرام، و الأحوط في المستحاضة أيضاً ذلك و إن كان يحتمل فيها الجواز، لأنّها بحكم الطاهر إذا أدّت وظيفتها في وقتها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 85

دون تلويث و إن كان أحوط (1)؛ والمدار على صدق اللبث، فلاينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.

مسألة 1: لو ارتدّ المعتكف في أثناء اعتكافه، بطل و إن تاب بعد ذلك، إذا كان ذلك في أثناء النهار، بل مطلقاً على الأحوط (2).

مسألة 2: لايجوز العدول بالنيّة من اعتكاف إلى غيره وإن اتّحدا في الوجوب والندب، و لا عن نيابة ميّت إلى آخر أو إلى حىّ أو عن نيابة غيره إلى نفسه أو العكس.

مسألة 3: الظاهر عدم جواز النيابة (3) عن أكثر من واحد في اعتكاف واحد؛ نعم، يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب، فيصحّ إهداؤه إلى متعدّدين، أحياءً أو أمواتاً أو مختلفين.

مسألة 4: لايعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله، بل يعتبر فيه أن يكون صائماً أىّ صوم كان؛ فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استيجارياً (4) أو واجباً من جهة النذر و نحوه، بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك أن يؤجر نفسه للصوم و يعتكف في ذلك الصوم، و لايضرّه وجوب الصوم عليه بعد نذر الاعتكاف، فإنّ الّذي يجب لأجله هو الصوم الأعمّ من كونه له أو بعنوان آخر، بل لا بأس بالاعتكاف المنذور مطلقاً في الصوم المندوب الّذي يجوز له قطعه، فإن لم يقطعه تمّ اعتكافه، و إن قطعه انقطع و وجب عليه الاستيناف.

مسألة 5: يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، و مع تمامهما يجب الثالث؛ و (1). الخوئي: لايبعد وجوبه على

المستحاضة و نحوها ممّن لايكون مكثه في المسجد محرّماً إذا لم يترتّب عليه محذور من هتك أو نحوه؛ و أمّا بالإضافة إلى الجنب و نحوه ممّن يكون مكثه في المسجد محرّماً، فإن لم يكن زمان غسله فيه أكثر من زمان خروجه عنه وجب عليه الغسل فيه إذا لم يستلزم محذوراً آخر من هتك أو نحوه (2). الخوئي: بل على الأظهر

الامام الخميني، الگلپايگاني: بل الأقوى

مكارم الشيرازي: بل الأقوى، لأنّ الاعتكاف عبادة ليلًا و نهاراً و لاتصحّ من الكافر (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت الكلام في النيابة عن الغير في العبادات، في بحث الصلوة الاستيجاريّة (4). الامام الخميني: إذا لم يكن انصراف في البين

مكارم الشيرازي: فيه إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 86

أمّا المنذور، فإن كان معيّناً فلايجوز قطعه مطلقاً، و إلّافكالمندوب.

مسألة 6: لو نذر الاعتكاف في أيّام معيّنة و كان عليه صوم منذور أو واجب لأجل الإجارة، يجوز له أن يصوم في تلك الأيّام وفاءً عن النذر أو الإجارة؛ نعم، لو نذر الاعتكاف في أيّام مع قصد كون الصوم له و لأجله، لم يجز عن النذر (1) أو الإجارة.

مسألة 7: لو نذر اعتكاف يوم أو يومين، فإن قيّد بعدم الزيادة بطل نذره (2)، و إن لم يقيّده صحّ و وجب ضمّ يوم أو يومين.

مسألة 8: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام معيّنة أو أزيد، فاتّفق كون الثالث (3) عيداً، بطل من أصله و لايجب عليه قضاؤه، لعدم انعقاد نذره، لكنّه أحوط.

مسألة 9: لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد، بطل (4)، إلّاأن يعلم (5) يوم قدومه قبل الفجر؛ و لو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه، صحّ و وجب عليه ضمّ يومين آخرين.

مسألة 10: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام من دون الليلتين المتوسّطتين، لم ينعقد.

مسألة 11:

لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام أو أزيد، لم يجب إدخال الليلة الاولى فيه، بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر (6)، فإنّ الليلة الاولى جزء من الشهر (7). (1). الگلپايگاني: إن لم يقصد المنذور و ما استؤجر عليه، و إلّافلايبعد الإجزاء و إن كان آثماً من جهة حنث نذره، يعني ترك الصوم لأجل الاعتكاف (2). الخوئي: هذا إذا قصد الاعتكاف المعهود، و إلّافالظاهر صحّته (3). الامام الخميني: و كذا لو نذر اعتكاف أربعة أيّام أو أزيد و اتّفق كون الرابع مثلًا عيداً، فالظاهر بطلان نذره وإن كان الأحوط اعتكاف ماعدا العيد من الأيّام السابقة عليه، بل و ما بعده، خصوصاً إذا كان ثلاثة أيّام أو أزيد؛ نعم، لو رجع نذره إلى اعتكافين فاتّفق يوم الثالث عيداً يجب الاعتكاف بعد العيد، أو اتّفق الرابع وجب الاعتكاف قبله (4). الامام الخميني: على إشكال نشأ من صحّة الاعتكاف ثلاثة أيّام تلفيقاً، و الأحوط لمن نذر ذلك أن يصوم يوم احتمال قدومه مقدّمةً و يعتكف من حينه، فإن قدم بين اليوم يعتكف رجاءً و يتمّه ثلاثة أيّام تلفيقاً

الخوئي: بل صحّ و وجب عليه الاعتكاف من الفجر إن علم قدومه أثناء النهار، و إلّااعتكف من زمان قدومه و ضمّ إليه ثلاثة أيّام؛ نعم، إذا كان من قصده الاعتكاف من الفجر، بطل النذر في هذا الفرض

مكارم الشيرازي: لا وجه لبطلان نذره إذا أمكنه الاحتياط (5). الگلپايگاني: أو يمكن له الاستعلام فيجب عليه و لو نذر الاعتكاف من حين قدومه و كان ذلك اليوم صائماً صحّ و وجب عليه ضمّ ثلاثة أيّام بناءً على الإشكال في التلفيق (6). الخوئي: الحكم فيه تابع لقصد الناذر، و مع الإطلاق لايبعد عدم وجوب الإدخال و إن كان الإدخال

أحوط (7). مكارم الشيرازي: إذا لم ينصرف نذره إلى أيّام الشهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 87

مسألة 12: لو نذر اعتكاف شهر، يجزيه ما بين الهلالين (1) و إن كان ناقصاً (2)، و لو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوماً.

مسألة 13: لو نذر اعتكاف شهر، وجب التتابع؛ و أمّا لو نذر مقدار الشهر، جاز له التفريق (3) ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون، بل لايبعد جواز التفريق يوماً فيوماً (4) و يضمّ إلى كلّ واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كلّ مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.

مسألة 14: لو نذر الاعتكاف شهراً أو زماناً على وجه التتابع؛ سواء شرطه لفظاً أو كان المنساق منه ذلك، فأخلّ بيوم أو أزيد، بطل و إن كان ما مضى ثلاثة فصاعداً و استأنف آخر مع مراعاة التتابع فيه؛ و إن كان معيّناً و قد أخلّ بيوم أو أزيد، وجب قضاؤه (5)، و الأحوط (6) التتابع (7) فيه أيضاً و إن بقي شي ء من ذلك الزمان المعيّن بعد الإبطال بالإخلال، فالأحوط ابتداء (8) القضاء منه.

مسألة 15: لو نذر اعتكاف أربعة أيّام، فأخلّ بالرابع و لم يشترط التتابع و لا كان منساقاً من نذره، وجب قضاء ذلك اليوم (9) و ضمّ يومين آخرين، و الأولى جعل المقضيّ (10) (1). الامام الخمينى: و الأحوط ضم يوم، كما مر.

الخوئى: و يجب إضافة يوم بناء على وجوبها كلما زاد يومين (2). مكارم الشيرازى: و لكن بناء على وجوب إتمام كل يومين بثالث (كما هو الأحوط) لا بد من إكماله ثلاثين؛ و كيف أفتى هو بجواز الناقص هنا، مع أنه تأمل فيه عند بيان الشرط الخامس؟.

(3). مكارم الشيرازى: إذا لم ينصرف نذره بحسب ذهنه إلى المتصل، فإن

النذر تابع لقصد ناذره.

(4). الخوئى: هذا مبنى على أحد أمرين؛ إما على اعتبار القصد فى الوفاء بالنذر و إما أن يكون فى المنذور خصوصية، و هى موجودة فى اليوم الأول دون اليومين الآخرين.

الگلپايگانى: أو يومين فيومين، فيضم إلى كل يومين يوما آخر؛ و يجوز له التفريق بأى نحو مراعيا لإتمام ثالث كل ثلاثة مكارم الشيرازى: مشكل جدا (5). الخوئى: على الأحوط.

الگلپايگانى: أى قضاء المنذور بتمامه (6). الگلپايگانى: بل الأقوى.

(7). مكارم الشيرازى: بل هو الأقوى، فانه يقتضى مفهوم القضاء.

(8). الامام الخمينى: و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

(9). الخوئى: التعبير بالقضاء لا يخلو عن مسامحة.

(10). مكارم الشيرازي: بل هو الأحوط.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 88

أوّل الثلاثة و إن كان مختاراً في جعله أيّاً منها شاء.

مسألة 16: لو نذر اعتكاف خمسة أيّام، وجب أن يضمّ إليها سادساً؛ سواء تابع أو فرّق بين الثلاثتين.

مسألة 17: لو نذر زماناً معيّناً، شهراً أو غيره، و تركه نسياناً أو عصياناً أو اضطراراً وجب قضاؤه (1)؛ و لو غمّت الشهور فلم يتعيّن عنده ذلك المعيّن، عمل بالظنّ (2)، و مع عدمه يتخيّر بين موارد الاحتمال.

مسألة 18: يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد (3)، فلايجوز أن يجعله في مسجدين؛ سواء كانا متّصلين أو منفصلين؛ نعم، لو كانا متّصلين على وجه يعدّ مسجداً واحداً، فلا مانع (4).

مسألة 19: لو اعتكف في مسجد ثمّ اتّفق مانع من إتمامه فيه، من خوف أو هدم أو نحو ذلك، بطل و وجب استينافه (5) أو قضاؤه إن كان واجباً في مسجد آخر أو ذلك المسجد إذا ارتفع عنه المانع، وليس له البناء، سواء كان في مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد رفع المانع.

مسألة 20: سطح المسجد و سردابه و

محرابه منه ما لم يعلم خروجها، و كذا مضافاته إذا جعلت جزء منه كما لو وسّع فيه.

مسألة 21: إذا عيّن موضعاً خاصّاً من المسجد محلًاّ لاعتكافه، لم يتعيّن (6) وكان قصده (1). الامام الخميني، الخوئي: على الأحوط (2). الامام الخميني: محلّ إشكال؛ و أشكل منه، التخيير مع عدمه؛ فالأحوط مع عدم الحرج، الجمع بين المحتملات

الخوئي: بل الظاهر وجوب الاحتياط إلى زمان يكون الاعتكاف فيه حرجيّاً، و حكم الظنّ هنا حكم الشكّ

الگلپايگاني: بل يحتاط ما لم يستلزم الحرج، و معه يعمل بالظنّ و مع عدمه يختار آخر زمان يحتمل انطباق المنذور عليه و يأتي به بقصد ما في الذمّة من دون قصد الأداء و القضاء

مكارم الشيرازي: إلّاإذا أمكنه الاحتياط و لم يلزم منه العسر و الحرج، فالأحوط العمل به (3). مكارم الشيرازي: لا دليل على لزوم وحدة المسجد في الاعتكاف أصلًا، فيجوز في المسجدين المتّصلين، كما اختاره بعض أعاظم الفقهاء (4). الامام الخميني: هذا من فروع جواز الاعتكاف في كلّ جامع، و قد مرّ الإشكال فيه (5). مكارم الشيرازي: يظهر حاله ممّا ذكرنا في المسألة السابقة (6). الامام الخميني: بل يشكل صحّته في بعض الفروض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 89

لغواً.

مسألة 22: قبر مسلم و هاني (1) ليس جزءً من مسجد الكوفة على الظاهر.

مسألة 23: إذا شكّ في موضع من المسجد أنّه جزء منه أو من مرافقه، لم يجر عليه حكم المسجد (2).

مسألة 24: لابدّ من ثبوت كونه مسجداً و جامعاً بالعلم الوجدانيّ أو الشياع المفيد للعلم أو البيّنة الشرعيّة؛ و في كفاية خبر العدل الواحد (3) إشكال (4)؛ و الظاهر كفاية حكم الحاكم (5) الشرعيّ (6).

مسألة 25: لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجديّة أو الجامعيّة فبان الخلاف، تبيّن

البطلان.

مسألة 26: لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع (7) بين الرجل و المرأة؛ فليس لها الاعتكاف في المكان الّذي أعدّته للصلاة في بيتها، بل و لا في مسجد القبيلة و نحوها.

مسألة 27: الأقوى صحّة اعتكاف الصبيّ المميّز، فلايشترط فيه البلوغ.

مسألة 28: لو اعتكف العبد بدون إذن المولى بطل، و لو اعتق في أثنائه لم يجب عليه إتمامه؛ و لو شرع فيه بإذن المولى ثمّ اعتق في الأثناء، فإن كان في اليوم الأوّل أو الثاني لم يجب عليه الإتمام، إلّاأن يكون من الاعتكاف الواجب (8)، و إن كان بعد تمام اليومين وجب عليه الثالث، و إن كان بعد تمام الخمسة وجب السادس.

مسألة 29: إذا أذن المولى لعبده في الاعتكاف، جاز له الرجوع عن إذنه ما لم يمض (1). مكارم الشيرازي: لكنّ الحكم بكونها جزءً من مسجد الكوفة أو عدمه ليس من المسائل الفقهيّة، بل من الموضوعات الصرفة التابعة لتشخيص المكلّف نفسه (2). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان ظاهر الحال أنّه من المسجد (3). مكارم الشيرازي: و الظاهر كفاية خبر العدل الواحد؛ و أمّا كفاية حكم الحاكم من باب أنّه حاكم شرعي، مشكل جدّاً (4). الخوئي: لاتبعد كفايته (5). الامام الخميني: ثبوته به محلّ إشكال، إلّافي مورد الترافع بين المتخاصمين (6). الخوئي: هذا فيما إذا حكم بالمسجديّة عند الترافع إليه، و إلّاففي كفايته إشكال (7). الامام الخميني: بل في المساجد الأربعة على الأحوط، كما مرّ (8). الامام الخميني: أي المعيّن منه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 90

يومان، و ليس له الرجوع بعدهما، لوجوب إتمامه (1) حينئذٍ؛ و كذا لايجوز (2) له الرجوع إذا كان الاعتكاف واجباً بعد الشروع (3) فيه من العبد.

مسألة 30: يجوز للمعتكف الخروج من المسجد لإقامة

الشهادة أو لحضور الجماعة (4) أو لتشييع الجنازة (5) و إن لم يتعيّن عليه هذه الامور، و كذا في سائر الضرورات العرفيّة أو الشرعيّة الواجبة أو الراجحة (6)؛ سواء كانت متعلّقة بامور الدنيا أو الآخرة ممّا يرجع مصلحته إلى نفسه أو غيره، و لايجوز الخروج اختياراً بدون أمثال هذه المذكورات.

مسألة 31: لو أجنب في المسجد و لم يمكن (7) الاغتسال (8) فيه، وجب عليه الخروج، و لو لم يخرج بطل اعتكافه (9) لحرمة لبثه فيه.

مسألة 32: إذا غصب مكاناً من المسجد سبق إليه غيره، بأن أزاله و جلس فيه، (1). مكارم الشيرازي: و الإذن في الشي ء إذن في لوازمه؛ و به يندفع ما ذكره بعض الأعلام من أنّ التعليل غير كافٍ (2). الگلپايگاني: كما أنّه ليس له منعه عن الشروع مع فرض الوجوب عليه (3). الامام الخميني: كما لونذر إتمامه إذا شرع فيه (4). الامام الخميني: في غير مكّة محلّ إشكال

الگلپايگاني: جواز الخروج لحضور الجماعة مشكل، إلّاللجمعة؛ بل لايصلّي في خارج ما اعتكف فيه و إن كان خروجه للحاجة الّتي يجوز لها الخروج، إلّافي مكّة، فإنّها رخّصت للصلاة في بيوتها لأنّها كلّها حرم اللّه

مكارم الشيرازي: لايجوز إلّالحضور الجمعة؛ أمّا مطلق الجماعة، فلا دليل عليه، و لعلّه لغنائه عنه غالباً لكون المسجد جامعاً تقام فيه الجماعة (5). الامام الخميني: لا مطلقاً، بل إذا كان للميّت نحو تعلّق به حتّى يعدّ ذلك من ضروريّاته العرفيّة (6). مكارم الشيرازي: يجوز الخروج إذا كان لإقامة الشهادة و تشييع الجنازة و عيادة المريض و أشباهها؛ و أمّا كلّ راجح، فلا دليل على إطلاقه (7). الگلپايگاني: بل و إن أمكن، كما مرّ

الامام الخميني: مرّ حكم الاغتسال (8). الخوئي: بل ولو أمكن حال

المكث على ماتقدّم

مكارم الشيرازي: قد عرفت عدم جواز غسل الجنب في المسجد، للزوم لبثه فيه حراماً (9). الخوئي: في إطلاقه منع؛ نعم، لايكون المكث الحرام جزءً من الاعتكاف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 91

فالأقوى (1) بطلان اعتكافه (2)، و كذا إذا جلس على فراش مغصوب، بل الأحوط (3) الاجتناب عن الجلوس على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب أو آجر مغصوب على وجه لايمكن إزالته، و إن توقّف على الخروج خرج على الأحوط؛ و أمّا إذا كان لابساً لثوب مغصوب أو حاملًا له فالظاهر (4) عدم البطلان.

مسألة 33: إذا جلس على المغصوب ناسياً أو جاهلًا (5) أو مكرهاً (6) أو مضطرّاً، لم يبطل اعتكافه.

مسألة 34: إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه، أو لإتيان واجب آخر متوقّف على الخروج و لم يخرج، أثم و لكن لايبطل اعتكافه على الأقوى.

مسألة 35: إذا خرج عن المسجد لضرورة، فالأحوط مراعاة أقرب الطرق (7)، و يجب عدم المكث إلّابمقدار الحاجة والضرورة. و يجب أيضاً أن لايجلس تحت الظلال مع (1). الگلپايگاني: بل الأحوط فيه و فيما بعده

الامام الخميني: عدم البطلان فيه و فيما بعده لايخلو من قوّة (2). الخوئي: فيه إشكال، و لايبعد عدم البطلان؛ و أمّا الجلوس على الفرش المغصوب و نحوه فلا إشكال في عدم البطلان به

مكارم الشيرازي: بطلان الاعتكاف بغصب مكان الغير في المسجد محلّ تأمّل و إشكال، فإنّ الكون الاعتكافي حاصل بمجرّد وجوده فيما بين حيطان المسجد؛ أمّا جلوسه في مكان خاصّ، فهو أمر زائد عليه كالمقارنات الاتّفاقيّة؛ و إنّ هو نظير من نذر أن يقف بمكّة يوماً فسكن داراً غصباً، فهل يمكن القول بحنث نذره؟ نعم، هو أحوط، خروجاً عن شبهة الخلاف؛ و

أمّا بالنسبة إلى الفراش الغصبي، فالأمر واضح (3). الامام الخميني: لايُترك الاحتياط فيه و في الفرع التالي، لكن لو لم يجتنب فالأقوى صحّة اعتكافه (4). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بين لبس المغصوب و الجلوس عليه، لحرمة اللبث فيه و عليه (5). الگلپايگاني: بالموضوع أو الحكم عن قصور

مكارم الشيرازي: الجهل إنّما يكون عذراً في الموضوعات أو الأحكام إذا كان عن قصور (6). الگلپايگاني: جواز التصرّف في مال الغير بالإكراه و الاضطرار ممنوع؛ نعم، يرخّص فيه عند التزاحم بما هو أهمّ كحفظ النفس (7). مكارم الشيرازي: لايجب مراعاته بعد إطلاق النصوص، إلّاإذا كان التفاوت كثيراً جدّاً ينصرف عنه الإطلاقات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 92

الإمكان، بل الأحوط (1) أن لايمشي (2) تحته (3) أيضاً، بل الأحوط عدم الجلوس (4) مطلقاً إلّامع الضرورة.

مسألة 36: لو خرج لضرورة و طال خروجه، بحيث انمحت صورة الاعتكاف، بطل.

مسألة 37: لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون من القيام و الجلوس و النوم والمشي و نحو ذلك، فاللازم الكون فيه بأىّ نحو كان.

مسألة 38: إذا طلّقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقاً رجعيّاً، وجب عليها الخروج إلى منزلها للاعتداد و بطل اعتكافها، و يجب استينافه إن كان واجباً موسّعاً بعد الخروج من العدّة؛ و أمّا إذا كان واجباً معيّناً (5) فلايبعد (6) التخيير (7) بين إتمامه ثمّ الخروج و إبطاله و الخروج فوراً، لتزاحم الواجبين (8) و لا أهميّة معلومة في البين؛ و أمّا إذا طلّقت بائناً، فلا إشكال، لعدم وجوب كونها في منزلها في أيّام العدّة. (1). الخوئي: لا بأس بتركه فيه و فيما بعده (2). الامام الخميني: جوازه لايخلو من قوّة (3). مكارم الشيرازي: لا دليل على حرمة المشي له

تحت الظلال (4). مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم الجلوس، لصراحة بعض الروايات و عدم المانع منه (5). الگلپايگاني: هذا في المعيّن بمضيّ يومين؛ و أمّا في غيره كالمعيّن بالإجارة و النذر و شبهه فالظاهر تعيّن الخروج، لكشف الطلاق عن بطلان الاعتكاف إذا وقع قبل مضيّ يومين (6). الامام الخميني: المسألة مشكلة و محلّ تردّد، تحتاج إلى مزيد تأمّل (7). مكارم الشيرازي: الأقوى ترجيح جانب العدّة و إبطال الاعتكاف إذا كان وجوبه من جهة النذر أو الإجارة (و إن كان لنا في أصل الاستيجار للعبادات إشكال) لأنّ وجوبهما شرطي و هذا وجوبه مطلق؛ و أمّا في غيرهما، فالأحوط تقديم جانب العدّة أيضاً، لاحتمال أهميّته (8). الخوئي: أمّا بالإضافة إلى اليومين الأوّلين، فلا موجب لوجوب الاعتكاف عليها فيهما إلّابالنذر أو ماشاكله، فعندئذٍ إن أذن الزوج الزوجة المذكورة بإتمام الاعتكاف وجب عليها الإتمام وفاءً بالنذر أو نحوه؛ و أمّا إذا لم يأذن لها بذلك، وجب عليها الخروج حيث إنّه يكشف عن بطلانه من الأوّل، و على كلا التقديرين فلا تزاحم في البين؛ و أمّا بالإضافة إلى اليوم الثالث، فإن بنينا على أنّ وجوب الخروج عليها للاعتداد من أحكام العدّة، فحينئذٍ إن لم يأذن الزوج لها بإتمام الاعتكاف وقع التزاحم بين وجوب الخروج عليها و بين وجوب الاعتكاف في هذا اليوم، و أمّا إذا أذن لها فلا تزاحم، حيث لايجب عليها الخروج عندئذٍ، و أمّا إذا بنينا على أنّ وجوب الخروج عليها من أحكام الزوجيّة وجب عليها إتمام الاعتكاف حينئذٍ و لايجوز لها الخروج و إن لم يأذن الزوج لها، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 93

مسألة 39: قد عرفت أنّ الاعتكاف إمّا واجب معيّن أو واجب موسّع

و إمّا مندوب؛ فالأوّل يجب بمجرّد الشروع، بل قبله، و لايجوز الرجوع عنه، و أمّا الأخيران فالأقوى فيهما جواز الرجوع قبل إكمال اليومين، و أمّا بعده فيجب اليوم الثالث، لكنّ الأحوط فيهما أيضاً وجوب الإتمام بالشروع، خصوصاً الأوّل منهما.

مسألة 40: يجوز له أن يشترط حين النيّة الرجوع متى شاء، حتّى في اليوم الثالث؛ سواء علّق الرجوع على عروض عارض أو لا (1)، بل يشترط الرجوع متى شاء، حتّى بلا سبب عارض (2). و لايجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع و نحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله، و يعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النيّة، فلا اعتبار بالشرط قبلها أو بعد الشروع فيه و إن كان قبل الدخول في اليوم الثالث، و لو شرط حين النيّة ثمّ بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه و إن كان الأحوط ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين.

مسألة 41: كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيّته، كذلك يجوز اشتراطه في نذره (3) كأن يقول: للّه علىّ أن أعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا أو مطلقاً، و حينئذٍ فيجوز له الرجوع (4) و إن لم يشترط حين الشروع في الاعتكاف، فيكفي الاشتراط (5) حال النذر في جواز الرجوع، لكنّ الأحوط (6) ذكر الشرط حال الشروع أيضاً. و لا فرق في كون النذر اعتكاف أيّام معيّنة أو غير معيّنة، متتابعة أو غير متتابعة، (1). الامام الخميني: تأثير شرط الرجوع متى شاء من غير عروض عارض محلّ إشكال، بل منع؛ نعم، العارض أعمّ من الأعذار العادية كقدوم الزوج من السفر، و من الأعذار الّتي تبيح المحظورات (2). مكارم الشيرازي: الأحوط أن يكون الاشتراط لعذر و لو كان

عرفيّاً، لا شرعيّاً (3). الگلپايگاني: صحّة اشتراطه في النذر محلّ تأمّل، بل منع؛ نعم، يصحّ نذر الاعتكاف المشروط

مكارم الشيرازي: إنّما يصحّ هذا الاشتراط إذا كان معناه نذر الاعتكاف المشروط ثمّ عند الوفاء نوى ما نذره و لو إجمالًا، ليكون الاشتراط في نيّة الاعتكاف؛ و في غير هذه الصورة لا دليل على صحّته (4). الخوئي: هذا فيما إذا كان اعتكافه بعنوان الوفاء بالنذر، و إلّافلايجوز له الرجوع في اليوم الثالث، فإذاخالف و رجع في هذا اليوم عصى و إن تحقّق منه الوفاء بالنذر، و يجب عليه القضاء حينئذٍ على الأحوط (5). الگلپايگاني: بل لايكفي؛ فلو لم يشترط في الاعتكاف يجب تتميم الثلاثة بالاعتكاف ولو لم يجب بالنذر (6). الامام الخميني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 94

فيجوز (1) الرجوع في الجميع مع الشرط المذكور في النذر، و لايجب القضاء بعد الرجوع مع التعيّن و لا الاستيناف مع الإطلاق.

مسألة 42: لايصحّ أن يشترط في اعتكافٍ أن يكون له الرجوع في اعتكاف آخر له غير الّذي ذكر الشرط فيه، و كذا لايصحّ أن يشترط في اعتكافه جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبيّ.

مسألة 43: لايجوز التعليق في الاعتكاف، فلو علّقه بطل (2)، إلّاإذا علّقه على شرط معلوم الحصول حين النيّة، فإنّه في الحقيقة لايكون من التعليق.

[فصل في أحكام الإعتكاف

فصل في أحكام الإعتكاف

يحرم على المعتكف امور:

أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر و باللمس و التقبيل بشهوة (3)، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة، فيحرم على المعتكفة أيضاً الجماع و اللمس و التقبيل (4) بشهوة، و الأقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه و إن كان الأحوط اجتنابه أيضاً.

الثاني: الاستمناء على الأحوط

و إن كان على الوجه الحلال، كالنظر إلى حليلته الموجب له.

الثالث: شمّ الطيب مع التلذّذ (5)، و كذا الريحان؛ و أمّا مع عدم التلذّذ، كما إذا كان فاقداً لحاسّة الشمّ مثلًا، فلا بأس (6) به. (1). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه (2). مكارم الشيرازي: المبطل هو التعليق المنافي لتحقّق القصد نحو العمل، لا مطلقاً (3). الخوئي: في حرمتهما إشكال، و الاجتناب أحوط (4). مكارم الشيرازي: لا دليل على حرمتهما، و لكنّ الأحوط الاجتناب (5). الگلپايگاني: في اعتبار التلذّذ في الطيب تأمّل؛ نعم، لايبعد في الريحان، كما في النصّ؛ و أمّا فاقد الحاسّةفلاشمّ له أصلًا حتّى يستثنى لعدم التلذّذ

مكارم الشيرازي: بل و لولم يكن بقصد التلذّذ، كما إذا شمّه اختباراً، لإطلاق النصّ (6). الامام الخميني: الأمر كما ذكر، لكن مع فقد الحسّ لا يصدق الشمّ ظاهراً؛ و الظاهر أنّه مع تحقّق الشمّ لو لم يتلذّذ، لا بأس به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 95

الرابع: البيع و الشراء، بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة (1) على الأحوط و لا بأس بالاشتغال بالامور الدنيويّة من المباحات حتّى الخياطة و النساجة و نحوهما و إن كان الأحوط الترك، إلّامع الاضطرار إليها، بل لا بأس بالبيع و الشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل و الشرب مع تعذّر التوكيل أو النقل بغير البيع.

الخامس: المماراة، أي المجادلة على أمر دنيويّ أو دينيّ بقصد الغلبة و إظهار الفضيلة، و أمّا بقصد إظهار الحقّ و ردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به، بل هو من أفضل الطاعات؛ فالمدار على القصد و النيّة، فلكلّ امرءٍ ما نوى من خير أو شرّ. و الأقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم، من الصيد و إزالة الشعر و لبس

المخيط (2) و نحو ذلك و إن كان أحوط (3).

مسألة 1: لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل و النهار؛ نعم، المحرّمات من حيث الصوم كالأكل و الشرب و الارتماس و نحوها، مختصّة بالنهار.

مسألة 2: يجوز للمعتكف الخوض في المباح (4) و النظر في معاشه مع الحاجة و عدمها.

مسألة 3: كلّما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار، من حيث اشتراط الصوم فيه، فبطلانه يوجب بطلانه، و كذا يفسده الجماع؛ سواء كان في الليل أو النهار، و كذا اللمس و التقبيل (5) بشهوة (6)، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرّمات، من البيع والشراء و شمّ الطيب و غيرها ممّا ذكر، بل لايخلو عن قوّة (7) و إن كان لايخلو عن إشكال (8) (1). الگلپايگاني: لحوائج نفس الاعتكاف (2). مكارم الشيرازي: الاجتناب عن المخيط بلبس ثوب مثل ثوبي الإحرام عند الاعتكاف، خلاف ما نعهده من عمل المتشرّعة؛ فالأولى ترك هذا الاحتياط، لأنّه مظنّة البدعة (3). الخوئي: الظاهر أنّ جواز لبس المخيط و نحوه ممّا لا إشكال فيه (4). مكارم الشيرازي: ولكن اشتغال المعتكف في تمام أوقاته بهذا مشكل، و لعلّه منافٍ لمفهوم الاعتكاف عند أهل الشرع (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيهما من جهة عدم الدليل (6). الخوئي: مرّ آنفاً الإشكال في حرمتهما (7). الامام الخميني: في القوّة تأمّل (8). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذا الإشكال و التشكيك في المسالة، بعد ما كان وزانه وزان سائر النواهي الواردة في أبواب الصوم و الصلوة و غيرهما الّتي يستفاد منها الشرطيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 96

أيضاً، و على هذا فلو أتمّه (1) و استأنفه أو قضاه بعد ذلك إذا صدر منه أحد المذكورات

في الاعتكاف الواجب كان أحسن (2) و أولى (3).

مسألة 4: إذا صدر منه أحد المحرّمات المذكورة سهواً، فالظاهر عدم بطلان (4) اعتكافه (5)، إلّا الجماع (6)، فإنّه لو جامع سهواً أيضاً فالأحوط في الواجب الاستيناف أو القضاء مع إتمام ما هو مشتغل به، و في المستحبّ الإتمام.

مسألة 5: إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات، فإن كان واجباً معيّناً وجب قضاؤه (7)، و إن كان واجباً غير معيّن وجب استينافه، إلّاإذا كان مشروطاً فيه أو في نذره (8) الرجوع، فإنّه لايجب قضاؤه أو استينافه، و كذا يجب قضاؤه إذا كان مندوباً و كان الإفساد بعد اليومين، و أمّا إذا كان قبلهما فلا شي ء عليه، بل في مشروعيّة قضائه حينئذٍ إشكال.

مسألة 6: لايجب الفور في القضاء و إن كان أحوط.

مسألة 7: إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه، لم يجب على وليّه القضاء و (1). الگلپايگاني: لكن لو أتى يومين بعنوان الإتمام، فالأحوط إتيانه بالثالث (2). الامام الخميني: الأحوط في الواجب المعيّن و في اليوم الثالث القضاء بعد الإتمام، و في الواجب الموسّع الإعادة (3). الخوئي: بل الأحوط ذلك و إن كان البطلان هو الأظهر (4). الگلپايگاني: مشكل، فلا يُترك الاحتياط في الجميع

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال (5). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك (6). الامام الخميني: التفرقة بين الجماع و غيره محلّ إشكال، فالأحوط في صورة ارتكاب سائر المحرّمات سهواً إتمامه إذا كان واجباً معيّناً، و قضاؤه؛ و استينافه في غيره إذا كان في اليومين الأوّلين، و إتمامه و استينافه إذا كان في اليوم الثالث (7). الخوئي: على الأحوط فيه و فيما إذا كان مندوباً و كان الإفساد بعد اليومين (8). الامام الخميني: مرّ الاحتياط

الگلپايگاني: قد

مرّ الإشكال فيه

مكارم الشيرازي: إذا رجع الاشتراط في النذر إلى الاشتراط في الاعتكاف، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 97

إن كان أحوط؛ نعم، لو كان المنذور الصوم معتكفاً، وجب على الوليّ (1) قضاؤه (2)، لأنّ الواجب حينئذٍ عليه هو الصوم و يكون الاعتكاف واجباً من باب المقدّمة، بخلاف ما لو نذر الاعتكاف، فإنّ الصوم ليس واجباً فيه و إنّما هو شرط في صحّته، و المفروض أنّ الواجب على الوليّ قضاء الصلاة و الصوم عن الميّت، لا جميع ما فاته من العبادات.

مسألة 8: إذا باع أو اشترى في حال الاعتكاف، لم يبطل بيعه و شراؤه و إن قلنا ببطلان اعتكافه.

مسألة 9: إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلًا، وجبت الكفّارة؛ و في وجوبها في سائر المحرّمات إشكال، و الأقوى عدمه و إن كان الأحوط ثبوتها، بل الأحوط (3) ذلك حتّى في المندوب منه قبل تمام اليومين. و كفّارته ككفّارة شهر رمضان على الأقوى و إن كان الأحوط كونها مرتّبة، ككفّارة الظهار.

مسألة 10: إذا كان الاعتكاف واجباً و كان في شهر رمضان و أفسده بالجماع في النهار، فعليه كفّارتان؛ إحداهما للاعتكاف و الثانية للإفطار في نهار رمضان؛ و كذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان و أفطر بالجماع بعد الزوال، فإنّه يجب عليه كفّارة الاعتكاف و كفّارة قضاء شهر رمضان. و إذا نذر الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع في النهار، وجب عليه ثلاث كفّارات؛ إحداها للاعتكاف و الثانية لخلف النذر (4) و الثالثة للإفطار في شهر رمضان؛ و إذا جامع امرأته المعتكفة و هو معتكف في نهار رمضان، فالأحوط أربع كفّارات و إن كان لايبعد كفاية الثلاث؛ إحداها لاعتكافه و اثنتان للإفطار في

شهر رمضان، إحداهما (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (26) من أحكام القضاء في الصوم أنّ وجوب قضاء غير صوم شهر رمضان على الوليّ غير معلوم، حتّى عند الماتن قدس سره، فكيف أفتى به هنا؟ نعم، هو أحوط (2). الخوئي: فيه: أنّ الواجب عليه قضاء الصوم فقط، دون الاعتكاف و إن كان قضاؤه أيضاً أحوط. و قد تقدّم نظير ذلك في الصوم المنذور فيه التتابع، و قد احتاط الماتن قدس سره في قضائه هناك و ينبغي له أن يحتاط في المقام أيضاً (3). الامام الخميني: لايُترك إذا جامع من غير رفع اليد عن الاعتكاف؛ و أمّا معه فلاتجب عليه (4). الخوئي: هذا فيما إذا كان النذر متعلّقاً بأيّام معيّنة أو لم يمكن استيناف الاعتكاف بعد إبطاله، و إلّافلا كفّارةمن جهة النذر

مكارم الشيرازي: بناءً على صحّة النذر في أمثال هذه الواجبات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 98

عن نفسه و الاخرى تحمّلًا عن امرأته، و لا دليل على تحمّل كفّارة الاعتكاف عنها، و لذا لو أكرهها على الجماع في الليل لم تجب عليه إلّاكفّارته و لايتحمّل عنها؛ هذا، و لو كانت مطاوعة، فعلى كلّ منهما كفّارتان إن كان في النهار، و كفّارة واحدة إن كان في ال

[كتاب الزكاة]

اشارة

[كتاب الزكاة]

[فصل في زكاة المال

[فصل في شرائط وجوب الزكاة]

[فصل في شرائط وجوب الزكاة]

الّتي وجوبها من ضروريّات الدين و منكره مع العلم به (1) كافر (2)، بل في جملة من الأخبار:

«أنّ مانع الزكاة كافر (3)».

و يشترط في وجوبها امور:

الأوّل: البلوغ؛ فلاتجب على غيرالبالغ في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول، ولا على من كان غير بالغ في بعضه، فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ؛ و أمّا ما لايعتبر فيه الحول من الغلّات الأربع، فالمناط البلوغ قبل وقت التعلّق و هو انعقاد الحبّ (4) و صدق الإسم، على ما سيأتي. (1). مكارم الشيرازي: فإنّ إنكار الضروريّ ليس بنفسه موجباً للكفر، بل من حيث عوده إلى إنكار النبوّة أو صدق النبي صلى الله عليه و آله، لأنّ الكفر و الإيمان أمران عرفيّان ينشئان من التسليم و عقد القلب على شي ء و عدمه؛ و لم يظهر من الأدلّة تعبّد على خلاف ذلك في إنكار الضروريّ (2). الامام الخميني: بتفصيل مرّ في كتاب الطهارة (3). مكارم الشيرازي: لعلّ الوجه فيه رجوعه إلى الإنكار، ولكن لايناسب جميع رواياته؛ أو أنّ منع الزكاة عن الحكومة الإسلاميّة نوع مخالفة و طغيان في وجهها و قيام على ضدّها و هذا موجب للكفر، كما ذكرنا في محلّه؛ و يشهد له ما ورد في حال أصحاب الردّة من طوائف بني طىّ و غطفان و بني أسد بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله (4). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه أنّ الحقّ فيه التفصيل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 100

الثاني: العقل؛ فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول أو بعضه و لو أدواراً، بل قيل (1): إنّ عروض الجنون آناً مّا يقطع الحول (2)، لكنّه مشكل (3)، بل لابدّ من صدق اسم المجنون

و أنّه لم يكن في تمام الحول عاقلًا، و الجنون آناً مّا بل ساعة و أزيد (4) لايضرّ، لصدق كونه عاقلًا.

الثالث: الحرّية (5)؛ فلا زكاة على العبد و إن قلنا بملكه؛ من غير فرق بين القنّ و المدبّر و امّ الولد و المكاتب المشروط و المطلق الّذي لم يؤدّ شيئاً من مال الكتابة؛ و أمّا المبعّض، فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزّع على بعضه الحرّ النصاب.

الرابع: أن يكون مالكاً؛ فلاتجب قبل تحقّق الملكيّة (6) كالموهوب قبل القبض و الموصى به قبل القبول (7) أو قبل القبض (8)، و كذا في القرض لاتجب إلّابعد القبض.

الخامس: تمام التمكّن من التصرّف؛ فلا تجب في المال الّذي لايتمكّن المالك من التصرّف فيه، بأن كان غائباً و لم يكن في يده و لا في يد وكيله؛ و لا في المسروق و المغصوب و المجحود و المدفون في مكان منسيّ، و لا في المرهون، و لا في الموقوف، و لا في المنذور التصدّق به (9)؛ (1). الخوئي: صحّة هذا القول غير بعيدة (2). الگلپايگاني: و هو الأقوى (3). مكارم الشيرازي: الجنون من المبادي الّتي اخذت على نحو الملكة، فمجرّد اختلال العقل آناً ما لايصدق عليه عنوان الجنون و لايشمله أدلّته، بل لابدّ فيه من نوع استقرار يشهد العرف بصدقه معه، فلايكفي الساعة و مثلها (4). الامام الخميني: الميزان عدم إضراره بالصدق، ففي الساعة إشكال فضلًا عن الأزيد (5). مكارم الشيرازي: لا حاجة إلى البحث عنه، لخروجه عن محلّ الابتلاء في أيّامنا هذه (6). مكارم الشيرازي: في بعض الأمثلة الّتي ذكرها، إشكال و إن كان أصل اعتبار الملكيّة من الواضحات (7). الامام الخميني: بناءً على اعتباره في حصول الملكيّة، كما هو الأقوى في الوصيّة التمليكيّة؛

و أمّا القبض فلايعتبر فيه بلا إشكال، بل يحتمل أن يكون ذكره من سهو منه أو من الناسخ و كان في الأصل قبل الوفاة

الخوئي: لايبعد عدم توقّف حصول الملكيّة في الوصيّة على القبول؛ و أمّا توقّفه على القبض فمقطوع العدم، و لعلّ ذكره من سهو القلم (8). الگلپايگاني: بل قبل موت الموصي، و يمكن أن يكون القبض سهواً من الناسخ (9). الخوئي: لايبعد ثبوت الزكاة فيه، فإنّ وجوب الوفاء بالنذر حكم تكليفي، و هو لايمنع من التمكّن من التصرّف المعتبر في وجوب الزكاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 101

و المدار في التمكّن على العرف، و مع الشكّ (1) يعمل بالحالة السابقة (2)، و مع عدم العلم بها فالأحوط الإخراج (3).

السادس: النصاب؛ كما سيأتي تفصيله.

مسألة 1: يستحبّ (4) للوليّ الشرعيّ إخراج الزكاة (5) في غلّات غير البالغ، يتيماً كان أو لا، ذكراً كان أو انثى؛ دون النقدين؛ و في استحباب إخراجها من مواشيه إشكال، و الأحوط الترك (6)؛ نعم، إذا اتّجر الوليّ بماله يستحبّ إخراج زكاته أيضاً. و لايدخل الحمل (7) في غير البالغ، فلايستحبّ إخراج زكاة غلّاته و مال تجارته. و المتولّي لإخراج الزكاة هو الوليّ، و مع غيبته يتولّاه الحاكم الشرعيّ، و لو تعدّد الوليّ جاز لكلّ منهم ذلك و من سبق نفذ عمله، و لو تشاحّوا في الإخراج و عدمه قدّم من يريد (8) الإخراج، و لو لم يؤدّ الوليّ إلى أن بلغ المولّى عليه، فالظاهر ثبوت الاستحباب (9) بالنسبة إليه.

مسألة 2: يستحبّ للوليّ الشرعيّ إخراج زكاة مال التجارة للمجنون، دون غيره؛ من النقدين كان أو من غيرهما.

مسألة 3: الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، و كذا السكران، (1). مكارم الشيرازي: من ناحية الشبهة الموضوعيّة

(2). الخوئي: إذا كان الشكّ في التمكّن من جهة الشبهة الحكميّة، فالاحتياط بالإخراج بل الحكم بلزومه و إن كان في محلّه، إلّاأنّه لا وجه حينئذٍ للرجوع إلى الحالة السابقة؛ و إن كان الشكّ من جهة الشبهة الموضوعيّة فلا بأس بالرجوع إليها، إلّاأنّه لا وجه معه للاحتياط اللزومي مع عدم العلم بها (3). الامام الخميني: و الأقوى عدمه في الشبهة الموضوعيّة، كما هي المفروضة ظاهراً

الگلپايگاني: بل الأحوط التفحّص، و مع العجز فالأولى و الأحوط و الإخراج (4). الخوئي: فيه تأمّل؛ و الترك أحوط (5). مكارم الشيرازي: فيه إشكال؛ و الأحوط تركه (6). الامام الخميني: بل الأقوى عدم الزكاة فيها

مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، لعدم الدليل عليه (7). الگلپايگاني: على الأحوط (8). الگلپايگاني: يعني لو أخرج لم يكن للآخر منعه، و لو منعه لا تأثير في منعه (9). مكارم الشيرازي: لايخلو من إشكال؛ نعم، لا مانع منه رجاءً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 102

فالإغماء و السكر لايقطعان الحول فيما يعتبر فيه، و لاينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلّق في الغلّات.

مسألة 4: كما لاتجب الزكاة على العبد (1)، كذا لاتجب على سيّده فيما ملكه، على المختار من كونه مالكاً (2)؛ و أمّا على القول بعدم ملكه، فيجب عليه مع التمكّن العرفيّ من التصرّف فيه.

مسألة 5: لو شكّ حين البلوغ في مجي ء وقت التعلّق، من صدق الاسم و عدمه، أو علم تاريخ البلوغ و شكّ في سبق زمان التعلّق و تأخّره، ففي وجوب الإخراج إشكال (3)، لأنّ أصالة التأخّر لاتثبت البلوغ حال التعلّق، و لكنّ الأحوط الإخراج (4)؛ و أمّا إذا شكّ حين التعلّق (5) في البلوغ و عدمه، أو علم زمان التعلّق و شكّ في سبق البلوغ و تأخّره أو جهل

التاريخين، فالأصل (6) عدم الوجوب؛ و أمّا مع الشكّ في العقل، فإن كان مسبوقاً بالجنون و كان الشكّ في حدوث العقل قبل التعلّق أو بعده، فالحال كما ذكرنا في البلوغ من التفصيل (7)، و إن كان مسبوقاً بالعقل فمع العلم بزمان التعلّق و الشكّ في زمان حدوث الجنون فالظاهر الوجوب، و مع العلم بزمان حدوث الجنون و الشكّ في سبق التعلّق و تأخّره فالأصل عدم (1). مكارم الشيرازي: هذه و أمثالها خارجة عن محلّ البلوى (2). الامام الخميني: مالكيّته محلّ تأمّل، فلايترك المولى الاحتياط بالأداء (3). الامام الخميني: الأقوى عدم الوجوب

الخوئي: و الأظهر عدم الوجوب

الگلپايگاني: الأقوى عدم الوجوب مع العجز عن رفع الشكّ، و مع التمكّن فيجب رفعه

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في عدم الوجوب، لما ذكره من التعليل (4). الخوئي: الاحتياط ضعيف جدّاً (5). الگلپايگاني: التمسّك بالاستصحاب لإثبات عدم البلوغ حال الشكّ في البلوغ، فيه ما لايخفى، و كذا في الجنون و لو كان مسبوقاً بالعقل لعدم إحراز حجيّة الاستصحاب في حقّه؛ نعم، لو شكّ بعد القطع بالعقل و البلوغ في حصولهما حال التعلّق فيمكن الاستصحاب إن كان له أثر، و كذا يجوز لغيرهما استصحاب عدم البلوغ و العقل بالنسبة إليهما إن كان له أثر (6). الامام الخميني: و المسألة صحيحة، لكن في بعض تشبّثاته إشكال (7). الامام الخميني: و مرّ ما هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 103

الوجوب (1)؛ و كذا مع الجهل بالتاريخين، كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة و أنّها الجنون أو العقل كذلك.

مسألة 6: ثبوت الخيار للبايع و نحوه لايمنع (2) من تعلّق الزكاة إذا كان في تمام الحول، و لايعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه، بناءً على

المختار من عدم منع الخيار من التصرّف؛ فلو اشترى نصاباً من الغنم أو الإبل مثلًا و كان للبايع الخيار، جرى في الحول من حين العقد، لا من حين انقضائه.

مسألة 7: إذا كانت الأعيان الزكويّة مشتركة بين اثنين أو أزيد، يعتبر بلوغ النصاب في حصّة كلّ واحد، فلاتجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركاً.

مسألة 8: لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف عامّاً أو خاصّاً، و لاتجب في نماء الوقف العامّ (3)، و أمّا في نماء الوقف الخاصّ فتجب على كلّ من بلغت حصّته حدّ النصاب.

مسألة 9: إذا تمكّن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المجحود بالاستعانة بالغير أو (1). الخوئي: بل مقتضى الأصل هو الوجوب، فإنّ استصحاب بقاء العقل إلى زمان التعلّق يترتّب عليه وجوب الإخراج؛ و أمّا استصحاب عدم التعلّق إلى زمان الجنون فلايترتّب عليه كون المال حال التعلّق مال المجنون، و ما لم يثبت ذلك يجب الإخراج، لأنّ الخارج عن دليل وجوب الزكاة هو ما كان مال المجنون؛ و من ذلك يظهر الحال في مجهولي التاريخ (2). الامام الخميني: إلّافي الخيار المشروط بردّ الثمن، ممّا تكون المعاملة مبنيّة على بقاء العين

الگلپايگاني: في الخيار المشروط بردّ مثل الثمن لايبعد عدم جواز التصرّف الناقل في المبيع و عدم وجوب الزكاة و لو كان الخيار في بعض الحول؛ و في غيره إشكال، أحوطه الإخراج

مكارم الشيرازي: فيه كلام يأتي في محلّه إن شاء اللّه (3). الامام الخميني: إنّما لاتتعلّق بنمائه إذا لم يقبضه؛ و أمّا بعد القبض فهو كسائر أمواله تتعلّق به الزكاة مع اجتماع شرائطه، فإذا كان نخيل بستان وقفاً و بعد ظهور الثمر وقبل وقت التعلّق دفع المتولّي ما على النخيل

على بعض الموقوف عليهم فحان عنده حين التعلّق، تتعلّق به مع اجتماع الشرائط

الخوئي: المراد به الوقف على العنوان كالفقراء أو العلماء أو ما شاكل ذلك

الگلپايگاني: قبل القبض

مكارم الشيرازي: إذا كان ذلك قبل القبض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 104

البيّنة أو نحو ذلك بسهولة، فالأحوط (1) إخراج زكاتها (2)؛ و كذا لو مكّنه الغاصب من التصرّف فيه مع بقاء يده عليه أو تمكّن من أخذه سرقةً، بل و كذا لو أمكن تخليصه ببعضه مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبداً، و كذا في المرهون إن أمكنه فكّه بسهولة.

مسألة 10: إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة و لم يفعل، لم يجب عليه إخراج زكاته، بل و إن أراد المديون الوفاء و لم يستوف (3) اختياراً، مسامحةً أو فراراً من الزكاة؛ و الفرق (4) بينه (5) و بين ما ذكر من المغصوب و نحوه، أنّ الملكيّة حاصلة في المغصوب و نحوه، بخلاف الدين، فإنّه لايدخل (6) في ملكه إلّابعد قبضه.

مسألة 11: زكاة القرض على المقترض بعد قبضه، لا المقرض؛ فلو اقترض نصاباً من أحد الأعيان الزكويّة و بقي عنده سنة، وجب عليه الزكاة؛ نعم، يصحّ أن يؤدّي المقرض عنه تبرّعاً (7)، بل يصحّ تبرّع الأجنبي (8) أيضاً، و الأحوط الاستيذان من المقترض في التبرّع عنه وإن كان الأقوى عدم اعتباره. و لو شرط في عقد القرض أن يكون زكاته على المقرض، فإن قصد أن يكون خطاب الزكاة متوجّهاً إليه لم يصحّ، و إن كان المقصود أن يؤدّي عنه صحّ (9). (1). الامام الخميني: لكنّ الأقوى عدم الوجوب في جميع فروض المسألة؛ نعم، في المغصوب إذا مكّنه الغاصب جميع التصرّفات مع بقائه عنده حتّى تكون يده عليه كيد وكيله بحيث مكّنه من إخراجها منها،

تجب الزكاة، لكنّه خلاف المفروض، و مع عدم تمكينه من إخراجها من يده لاتجب على الأقوى و إن مكّنه سائرها

الگلپايگاني: لكنّ الظاهر عدم الوجوب في جميع المذكورات، إلّاإذا تمكّن من التصرّف فيه بلا مؤونة و لا مشقّة، بحيث يعدّ إبقاؤه في يد الغاصب مستنداً إلى المالك (2). الخوئي: و الأظهر عدم الوجوب فيها و فيما بعدها (3). الگلپايگاني: و لكن يستحبّ في هذا الفرض و كذا في صورة الفرار أداء الزكاة، خصوصاً لسنة واحدة، بل لا يبعد استحبابها لسنة واحدة مطلقاً (4). الامام الخميني: هذا الفرق و إن كان ظاهراً، لكن عدم التعلّق في المغصوب و نحوه ممّا في المسألة السابقة لفقدان شرط آخر (5). مكارم الشيرازي: بل الفرق هو ورود الأدلّة الخاصّة في القرض وعدم قوّة ما يعارضه من ناحية الدلالة (6). الگلپايگاني: يعني العين الزكوي (7). الگلپايگاني: التبرّع بأداء زكاة الغير مطلقاً محلّ إشكال، و يتفرّع عليه الإشكال في اشتراطه (8). الامام الخميني: لايخلو من إشكال و إن لايخلو من قُرب (9). الامام الخميني: لكن إن لم يؤدّ، وجب على المقترض أداؤه

مكارم الشيرازي: و من المعلوم أنّ براءة ذمّة المقترض فرع وفاء المقرض بالشرط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 105

مسألة 12: إذا نذر التصدّق بالعين الزكويّة، فإن كان مطلقاً غير موقّت و لا معلّقاً على شرط، لم تجب الزكاة فيها (1) و إن لم تخرج عن ملكه بذلك، لعدم التمكّن من التصرّف فيها؛ سواء تعلّق بتمام النصاب أو بعضه؛ نعم، لو كان النذر بعد تعلّق الزكاة، وجب إخراجها (2) أوّلًا (3) ثمّ الوفاء (4) بالنذر؛ و إن كان موقّتاً بما قبل الحول و وفى بالنذر، فكذلك لاتجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب، و كذا إذا لم يف

به و قلنا بوجوب القضاء، بل مطلقاً، لانقطاع الحول بالعصيان (5)؛ نعم، إذا مضى عليه الحول من حين العصيان، وجبت على القول بعدم وجوب القضاء، و كذا إن كان موقّتاً بما بعد الحول، فإنّ تعلّق النذر به مانع عن التصرّف فيه؛ و أمّا إن كان معلّقاً على شرط، فإن حصل المعلّق عليه قبل تمام الحول لم تجب، و إن حصل بعده وجبت (6)، و إن حصل مقارناً لتمام الحول ففيه إشكال و وجوه (7)؛ ثالثها (1). الخوئي: الأظهر وجوب الزكاة فيها؛ و بذلك يظهر الحال في بقيّة فروع المسألة (2). الامام الخميني: مع إمكان الجمع بينهما بأن يخرج الزكاة و يعمل بالنذر و وفت العين بهما، فلا كلام؛ و مع عدم الإمكان و عدم الوفاء، فإن أمكن العمل بالنذر و أداء الزكاة بالقيمة يجب، و إلّايجب إخراج الزكاة و إيراد النقص على النذر (3). الخوئي: بل يجب الوفاء بالنذر و إخراج الزكاة ولو من القيمة (4). الگلپايگاني: إن كان النذر متعلّقاً بغير مقدار الزكاة منها؛ و إلّافيجب الوفاء بالنذر من العين و أداء الزكاة بإعطاء القيمة مع التمكّن، و مع عدمه فيوفى بالنذر فيما بقي بعد إخراج الزكاة

مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون مفهوم نذره العمل به على كلّ حال ولو بإعطاء الزكاة من مال آخر (5). الامام الخميني: بل لسلب تمام التمكّن من التصرّف بالنذر

الخوئي: العصيان لايوجب انقطاع الحول، فلو كان هنا قاطع فلامحالة يكون هو النذر نفسه، إلّاأنّك عرفت أنّه ليس بقاطع ولاسيّما في الفرض المزبور

الگلپايگاني: بل بالنذر، لعدم التمكّن من التصرّف في العين من حين النذر إلى حين العصيان

مكارم الشيرازي: في العبارة تسامح، و حقّ العبارة هكذا: بل بانقطاع الحول بوجوب الوفاء بالنذر إلى زمن

العصيان الّذي يلزمه ترك التصرّف في مورد النذر بما يوجب نفي الموضوع (6). الگلپايگاني: و إن كان الأقوى خلافه

الخوئي: بناءً على أنّ التكليف مانع عن وجوب الزكاة لا فرق بين حصول المعلّق عليه قبل تمام الحول أو بعده، حيث إنّ التكليف على كلاالتقديرين سابق، أي يكون من حين النذر، فإذن لا وجه للفرق بين الصورتين

مكارم الشيرازي: الحقّ عدم وجوبها، لأنّ النذر المشروط متضمّن عرفاً للالتزام بإبقاء مورده إلى أن يعلم حال الشرط، فهو ممنوع التصرّف على كلّ حال (7). الگلپايگاني: أقواها وجوب العمل بالنذر و عدم وجوب الزكاة مع انتفاء النصاب

مكارم الشيرازي: الحقّ عدم الوجوب، لما عرفت في الشقّ السابق؛ و لولاه لم يكن إشكال في التعليق، لأنّ ممنوعيّة التصرّف آناً ما بل و أزيد منه لايوجب انقطاع الحول قطعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 106

التخيير بين تقديم أيّهما شاء، و رابعها القرعة.

مسألة 13: لو استطاع الحجّ بالنصاب، فإن تمّ الحول قبل سير القافلة و التمكّن من الذهاب، وجبت الزكاة أوّلًا (1)؛ فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب، و إلّافلا. و إن كان مضيّ الحول متأخّراً عن سير القافلة، وجب الحجّ (2) و سقط (3) وجوب (4) الزكاة؛ نعم، لو عصى (5) و لم يحجّ، وجبت بعد تمام الحول. و لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول (6)، وجبت الزكاة أوّلًا، لتعلّقها بالعين (7)، بخلاف الحجّ.

مسألة 14: لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكّن من التصرّف فيه، بأن كان مدفوناً و لم يعرف مكانه أو غائباً أو نحو ذلك، ثمّ تمكّن منه، استحبّ زكاته لسنةٍ (8)، بل يقوى (9) (1). الخوئي: وجوب الحجّ إنّما هو من أوّل زمن الاستطاعة، فإن بقيت استطاعته بعد تأدية الزكاة فهو،

و إلّاوجب عليه حفظ الاستطاعة ولو بتبديل النصاب بغيره لئلّا يفوت عنه الحجّ، و لا عبرة في وجوبه بزمان سير القافلة و التمكّن من الذهاب فيه، و عليه فلا فرق بين صور المسألة؛ نعم، فيما لايعتبر فيه الحول في وجوب الزكاة كالغلّات الأربع إذا فرض حصول الاستطاعة في آن تعلّق الزكاة، قدّمت الزكاة على الحجّ، حيث إنّها رافعة لموضوع وجوب الحجّ (2). الخوئي: فيجب عليه حفظ الاستطاعة ولو ببيع الجنس الزكويّ و تبديله بغيره، و أمّا إذا بقيت العين حتّى مضى عليها الحول فالظاهر عدم سقوط الزكاة (3). الامام الخميني: إذا صرف النصاب أو بعضه في الحجّ (4). الگلپايگاني: بل الظاهر وجوب الزكاة و عدم وجوب الحجّ، إلّامع كفاية البقيّة في الاستطاعة؛ نعم، إذا صرف النصاب قبل تمام الحول، سقط وجوب الزكاة لفقد شرطه (5). مكارم الشيرازي: و ما قد يتوهّم من إمكان التصرّف في عينه و إن كان يجب عليه حفظ قيمته، مدفوع بأنّه إمكان محدود لا مطلق؛ مضافاً إلى أنّه ليس انتفاعاً حقيقةً، مع أنّ أدلّتها تدلّ أو تشعر بأنّ الزكاة على من ينتفع بالمال (6). مكارم الشيرازي: فيه منع ظاهر إذا كان السفر يتوقّف على بذل ذلك المال (7). مكارم الشيرازي: بل لأنّ هذا المقدار من عدم التصرّف في العين أو في قيمته لاينافي تمكّن التصرّف المعتبر في باب الزكاة؛ وأمّا مجرّد تعلّق الزكاة بالعين لايكون دليلًا على وجوبها، لما عرفت آنفاً (8). مكارم الشيرازي: في إطلاقه تأمّل، ولكنّه يأتي به رجاءً (9). الامام الخميني: فيه إشكال، بل في استصحاب الزكاة لسنة واحدة إذا تمكّن بعد السنين أيضاً إشكال، إلّاأن تكون المسألة إجماعيّة كما ادّعي، و هو أيضاً محلّ تأمّل، لمعلوميّة مستندهم و

هو محلّ مناقشة؛ نعم، لايبعد القول بالاستحباب في الدين بعد الأخذ لكلّ ما مرّ من السنين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 107

استحبابها بمضيّ سنة واحدة أيضاً.

مسألة 15: إذا عرض عدم التمكّن من التصرّف بعد تعلّق الزكاة أو بعد مضيّ الحول متمكّناً، فقد استقرّ الوجوب، فيجب الأداء إذا تمكّن بعد ذلك، و إلّافإن كان مقصّراً يكون ضامناً، و إلّافلا.

مسألة 16: الكافر تجب (1) عليه الزكاة (2)، لكن لاتصحّ منه إذا أدّاها؛ نعم، للإمام عليه السلام أو نائبه أخذها منه قهراً؛ و لو كان قد أتلفها، فله أخذ عوضها منه.

مسألة 17: لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة، سقطت عنه و إن كانت العين موجودة (3)؛ فإنّ الإسلام يجبّ ما قبله (4).

مسألة 18: إذا اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب (5) بعد تعلّق الزكاة، وجب عليه إخراجها (6).

[فصل في الأجناس الّتي تتعلّق بها الزكاة]

فصل في الأجناس الّتي تتعلّق بها الزكاة

تجب في تسعة أشياء: الأنعام الثلاثة و هي الإبل و البقر و الغنم، و النقدين و هما الذهب و الفضّة، و الغلّات الأربع و هي الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب. و لاتجب فيما عدا ذلك على الأصحّ؛ نعم، يستحبّ إخراجها من أربعة أنواع اخر: (1). الخوئي: فيه إشكال، بل الأظهر عدمه؛ و على تقدير الوجوب فعدم سقوطها مع بقاء العين بإسلامه إن لم يكن أظهر، فلا ريب في أنّه أحوط؛ و بذلك يظهر الحال في المسألتين الآتيتين (2). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، و لعلّه لم يعهد أخذها من الكفّار في عصر النبي صلى الله عليه و آله مع قدرة المسلمين عليهم؛ و ما حكي من قبالة خيبر و جعل العشر و نصف العشر عليهم، أخصّ من المطلوب، بل مغاير لما نحن

بصدده (3). الامام الخميني: على إشكال مع بقائها

الگلپايگاني: سقوطها مع بقاء العين محلّ تأمّل، بل منع (4). مكارم الشيرازي: و أوضح منه سيرة النبيّ صلى الله عليه و آله و الوليّ عليه السلام على عدم مطالبة الزكاة ممّن دخل في الإسلام، من غير فرق بين بقاء العين و عدمه (5). الامام الخميني: بل بعضه على الأحوط لو لم يكن أقوى (6). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لما عرفت آنفاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 108

أحدها: الحبوب (1)، ممّا يكال أو يوزن، كالارز و الحمّص و الماش و العدس و نحوها؛ و كذا الثمار (2) كالتفّاح و المشمش و نحوهما؛ دون الخضر و البقول كالقثّ و الباذنجان و الخيار و البطّيخ و نحوها.

الثاني: مال التجارة، على الأصحّ.

الثالث: الخيل الإناث، دون الذكور و دون البغال و الحمير و الرقيق.

الرابع: الأملاك والعقارات الّتي يراد منها الاستنماء، كالبستان و الخان (3) و الدكّان و نحوها.

مسألة 1: لو تولّد حيوان بين حيوانين، يلاحظ فيه الإسم في تحقّق الزكاة و عدمها؛ سواء كانا زكويّين أو غير زكويّين أو مختلفين، بل سواء كانا محلّلين أو محرّمين أو مختلفين؛ مع فرض تحقّق الاسم (4) حقيقةً، لا أن يكون بمجرّد الصورة. و لايبعد ذلك؛ فإنّ اللّه قادر على كلّ شي ء.

[فصل في زكاة الأنعام الثلاثة]

فصل في زكاة الأنعام الثلاثة

و يشترط في وجوب الزكاة فيها، مضافاً إلى ما مرّ من الشرائط العامّة، امور:

الأوّل: النصاب، و هو في الإبل اثنا عشر نصاباً

الأوّل: الخمس، و فيها شاة.

الثاني: العشر، و فيها شاتان.

الثالث: خمسة عشر، و فيها ثلاث شياة.

الرابع: العشرون، و فيها أربع شياة.

الخامس: خمس و عشرون، و فيها خمس شياة.

السادس: ستّ و عشرون، و فيها بنت مخاض و هي الداخلة في السنة الثانية.

السابع: ستّ و ثلاثون،

و فيها بنت لبون و هي الداخلة في السنة الثالثة.

الثامن: ستّ و أربعون، و فيها حقّة و هي الداخلة في السنة الرابعة. (1). الامام الخميني: لايخلو استحبابها فيها من إشكال (2). مكارم الشيرازي: في الثمار إشكال و إن كان العمل به أحوط (3). مكارم الشيرازي: لم يدلّ عليها دليل يعتدّ به (4). مكارم الشيرازي: لكنّه فرض غير واقع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 109

التاسع: إحدى و ستّون، و فيها جذعة و هي الّتي دخلت في السنة الخامسة.

العاشر: ستّ و سبعون، و فيها بنتا لبون.

الحادي عشر: إحدى و تسعون، و فيها حقّتان.

الثاني عشر: مأة و إحدى و عشرون، و فيها في كلّ خمسين حقّة و في كلّ أربعين بنت لبون؛ بمعنى أنّه (1) يجوز (2) أن يحسب أربعين أربعين (3) و في كلّ منها بنت لبون، أو خمسين خمسين وفي كلّ منها حقّة، و يتخيّر بينهما مع المطابقة لكلّ منهما، أو مع عدم المطابقة لشي ء منهما، و مع المطابقة لأحدهما الأحوط مراعاتها (4)، بل الأحوط مراعاة الأقلّ (5) عفواً (6)، ففي المأتين يتخيّر بينهما لتحقّق المطابقة لكلّ منهما، و في المأة و خمسين الأحوط اختيار الخمسين (7)، و في (1). الگلپايگاني: بل الظاهر وجوب مراعاة المطابقة و لو حصلت بالتركيب، بأن يحسب بعضها بالأربعين وبعضها بالخمسين و يتخيّر مع المطابقة لكلّ منهما و حينئذٍ لا عفو إلّالما بين العقود من النيّف (2). الامام الخميني: بل بمعنى مراعاة المطابق منهما، و لو لم تحصل المطابقة إلّابهما لوحظا معاً، و يتخيّر مع المطابقة بكلّ منهما أو بهما، و على هذا لايمكن عدم المطابقة و لا العفو إلّافيما بين العقدين، فلابدّ أن تراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدى النيّف، ففي مأتين

و ستّين يحسب خمسينين و أربع أربعينات، و في مأة و أربعين خمسينين و أربعين واحد و هكذا

مكارم الشيرازي: بل بمعنى أنّه يجب عليه محاسبة الأربعينات و الخمسينات و إيتاء «بنت لبون» لكلّ من الأربعينات و «حقّة» لكلّ من الخمسينات ولو بالتلفيق، من دون تكرار؛ فعلى هذا لايكون العفو إلّافيما بين الواحد و التسعة، و إذا زاد عشرة يصير واحد من الأربعينات خمسيناً؛ و إذا أمكن محاسبتها بوجهين أو وجوه، تخيّر بينها؛ هذا هو المستفاد من نصوص الباب و فتاوى الأصحاب (3). الخوئي: بل بمعنى أنّه يتعيّن عدّها بما يكون عادّاً لها من خصوص الخمسين أو الأربعين، و يتعيّن عدّها بهما إذا لم يكن واحد منهما عادّاً له، و يتخيّر بين العدّين إذا كان كلّ منهما عادّاً له، و عليه فلايبقى عفو إلّاما بين العقود (4). الگلپايگاني: بل اللازم، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأقوى وجوبه (5). مكارم الشيرازي: إنّما يتصوّر الأقلّ عفواً على مبناه من عدم التلفيق بين الأربعينات و الخمسينات؛ و إلّافمعه لا معنى لأقلّ عفواً، بل الباقي شي ء معيّن (6). الگلپايگاني: لا موضوع له بعد ما ذكرنا (7). الگلپايگاني: بل اللازم، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 110

المأتين و أربعين الأحوط اختيار الأربعين (1)، و في المأتين و ستّين يكون الخمسون (2) أقلّ عفواً (3)، و في المأة و أربعين يكون الأربعون أقلّ عفواً (4).

مسألة 1: في النصاب السادس إذا لم يكن عنده بنت مخاض، يجزي عنها ابن اللبون، بل لايبعد (5) إجزاؤه (6) عنها اختياراً أيضاً (7)، و إذا لم يكونا معاً عنده تخيّر (8) في شراء أيّهما شاء (9).

و أمّا في البقر، فنصابان:

الأوّل: ثلاثون، و فيها تبيع

أو تبيعة (10) و هو ما دخل في السنة الثانية.

الثاني: أربعون، و فيها مسنّة و هي الداخلة في السنة الثالثة؛ و فيما زاد، يتخيّر (11) بين عدّ (1). الگلپايگاني: بل يتخيّر بينه و بين أن يحسبها أربعين واحداً و أربع خمسينات

مكارم الشيرازي: بل له اختيار الأربعين أو هو و الخمسين بالتلفيق، بأن يجعلها أربع خمسينات و أربعين واحد مثلًا (2). الگلپايگاني: بل يحسبها خمسينين و أربع أربعينات و في تاليه أربعين واحداً و خمسينين، و لا عفو فيهما (3). مكارم الشيرازي: بل اللازم تلفيقه من خمسينين و أربع أربعينات (4). مكارم الشيرازي: بل اللازم تلفيقها من خمسينين و أربعين واحد (5). الامام الخميني: الأقوى عدم الإجزاء في حال الاختيار (6). الگلپايگاني: لكن لايُترك الاحتياط حتّى عند الاشتراء باختيار بنت مخاض

مكارم الشيرازي: لايخلو عن بُعد، لظهور النصّ في صورة عدم الوجود عنده (7). الخوئي: بل هو بعيد (8). الامام الخميني: لكن لاينبغي ترك الاحتياط بشراء بنت المخاض (9). مكارم الشيرازي: الأحوط اشتراء بنت مخاض لو أمكن (10). الخوئي: الأحوط اختيار التبيع (11). الامام الخميني: بل يجب مراعاة المطابقة هنا أيضاً بملاحظة أحدهما تفريقاً أو هما جمعاً، ففي ثلاثين تبيع و في أربعين مسنّة و بينهما عفو، كما أنّ بين أربعين إلى ستّين عفواً أيضاً، و إذا بلغ الستّين فلايتصوّر عدم المطابقة و العفو إلّاعمّا بين العقدين، ففي السبعين يلاحظ ثلاثون مع أربعين و في الثمانين أربعينان، و في المأة أربعون مع ثلاثينين و هكذا

الخوئي: على التفصيل المتقدّم آنفاً

الگلپايگاني: بل يأخذ بما يستوعب العقود كما في الإبل؛ نعم، في الخمسين يتعيّن عليه الأخذ بالأربعين لكونه أقلّ عفواً

مكارم الشيرازي: بل يجب عليه عدّها ثلاثين أو أربعين أو

ملفّقة منهما بحيث لايبقى أكثر من تسعة، و يشمل جميع عقود العشرات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 111

ثلاثين ثلاثين و يعطي تبيعاً أو تبيعة، و أربعين أربعين و يعطي مسنّة.

و أمّا في الغنم، فخمسة نصب:

الأوّل: أربعون، و فيها شاة.

الثاني: مأة و إحدى و عشرون، و فيها شاتان.

الثالث: مأتان و واحدة، و فيها ثلاث شياة.

الرابع: ثلاثمأة و واحدة، و فيها أربع شياة.

الخامس: أربعمأة فما زاد، ففي كلّ مأة شاة. و ما بين النصابين في الجميع عفو (1)، فلايجب فيه غير ماوجب بالنصاب السابق.

مسألة 2: البقر و الجاموس جنس واحد، كما أنّه لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي (2)، و في الغنم بين المعز و الشاة و الضأن؛ و كذا لا فرق بين الذكر و الانثى في الكلّ.

مسألة 3: في المال المشترك إذا بلغ نصيب كلّ منهم النصاب، وجبت عليهم، و إن بلغ نصيب بعضهم وجبت عليه فقط؛ و إذا كان المجموع نصاباً و كان نصيب كلّ منهم أقلّ، لم يجب على واحد منهم (3).

مسألة 4: إذا كان مال المالك الواحد متفرّقاً و لو متباعداً، يلاحظ المجموع، فإذا كان بقدر النصاب وجبت و لايلاحظ كلّ واحد على حدة.

مسألة 5: أقلّ أسنان الشاة الّتي تؤخذ في الغنم و الإبل، من الضأن الجذع و من المعز الثنيّ، و الأوّل ما كمل له سنة واحدة (4) و دخل في الثانية، و الثاني ما كمل له سنتان و دخل (1). الامام الخميني: بمعنى أنّ ما وجب في النصاب السابق يتعلّق على ما بين النصابين إلى النصاب اللاحق، فالعفو بمعنى عدم تعلّق أكثر من السابق، لا بمعنى عدم التعلّق عليه رأساً (2). مكارم الشيرازي: العراب بكسر العين، الإبل العربي؛ و البخاتي بضمّ العين،

الإبل المتولّد من العربي و العجميّ، منسوب إلى بخت النصر، كما قيل (3). مكارم الشيرازي: و لا اعتبار عندنا بالخلطة و اشتراك المسرح و المراح و مكان الرعي و الراعي و غير ذلك، كما ذهب إليه جمع من العامّة (4). الگلپايگاني: على الأحوط فيه و فيما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 112

في الثالثة (1). و لايتعيّن عليه أن يدفع الزكاة من النصاب، بل له أن يدفع شاة اخرى؛ سواء كانت من ذلك البلد أو غيره و إن كانت أدون (2) قيمةً من أفراد ما في النصاب (3)، و كذا الحال في الإبل و البقر؛ فالمدار في الجميع، الفرد الوسط (4) من المسمّى لا الأعلى و لا الأدنى (5) و إن كان لو تطوّع بالعالي أو الأعلى كان أحسن و زاد خيراً. و الخيار للمالك، لا الساعى أو الفقير، فليس لهما الاقتراح عليه (6)، بل يجوز للمالك أن يخرج من غير جنس (7) الفريضة بالقيمة السوقيّة من النقدين (8) أو غيرهما (9) و إن كان الإخراج من العين أفضل.

مسألة 6: المدار في القيمة على وقت الأداء، سواء كانت العين موجودة (10) أو تالفة (11)، لا (1). الخوئي: على الأحوط فيه و فيما قبله

مكارم الشيرازي: على الأحوط فيهما، لعدم وضوح مأخذه بعد تضارب أقوال أهل اللغة و كلمات الفقهاء، و عدم دليل معتبر فيه من الروايات، و لكنّه موافق للاحتياط (2). الگلپايگاني: فيه إشكال، فلايُترك الاحتياط عند الإعطاء من غير النصاب بإعطائها من باب القيمة (3). مكارم الشيرازي: الأحوط أن لايكون أدون قيمةً ممّا في النصاب إذا كان فيها من ذاك السنّ و إن كان الأقوى جواز ما يصدق عليه الاسم (4). مكارم الشيرازي: لا دليل

على وجوبه بعد كون الواجب مطلق المسمّى، و لكنّه أولى (5). الخوئي: جواز الاكتفاء بالأدنى غير بعيد (6). مكارم الشيرازي: و ما ورد من القرعة أو شبه القرعة في آداب المصدّق، محمول على الاستحباب بقرينة سائر الأدلّة (7). الامام الخميني: إخراج غير الجنس فيما عدى الدرهم و الدينار محلّ تأمّل، إلّاإذا كان خيراً للفقراء و إن كان الجواز لايخلو من وجه (8). مكارم الشيرازي: إذا كان أنفع بحال الفقير كما هو الغالب، و يحمل عليه إطلاق الدليل؛ و لو كان إعطاء الجنس أنفع بحاله، فالأحوط مراعاته (9). الخوئي: جواز الإخراج من غير النقدين و ما بحكمهما محلّ إشكال، بل لايبعد عدم جوازه

مكارم الشيرازي: إعطاؤه من غير النقد الرائج في كلّ زمان، مشكل (10). مكارم الشيرازي: المراد بالعين عين النصاب، فإنّ تلف عين النصاب و وجودها لا تأثير له، لما سيأتي إن شاء اللّه أنّ تعلّق الزكاة بها ليس من قبيل الملك؛ و لكن لو عزلها في عين و قلنا بكفاية العزل، فتلفت بما يوجب الضمان، دخل في حكم ضمان القيمي أو المثلي؛ و كذا الكلام في حكم البلد (11). الخوئي: هذا في فرض عدم الإفراز؛ و أمّا في فرض الإفراز و كون التلف موجباً للضمان فالعبرة إنّما هي بقيمة يوم التلف، كما أنّ المناط في الضمان قيمة البلد الّذي تلفت العين فيه؛ و أمّا إذا كانت العين موجودة فالظاهر أنّ المدار على قيمة البلد الّذي هي فيه و إن كان الأحوط أعلى القيمتين

الگلپايگاني: في المثلي؛ و أمّا في القيمي فالظاهر وجوب قيمة العين يوم التلف و مكانه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 113

وقت الوجوب؛ ثمّ المدار على قيمة بلد الإخراج إن كانت العين تالفة،

و إن كانت موجودة فالظاهر أنّ المدار على قيمة البلد الّتي هي فيه.

مسألة 7: إذا كان جميع النصاب في الغنم من الذكور، يجوز دفع الانثى و بالعكس، كما أنّه إذا كان الجميع من المعز يجوز أن يدفع من الضأن و بالعكس و إن اختلفت (1) في القيمة؛ و كذا مع الاختلاف يجوز الدفع من أىّ الصنفين شاء، كما أنّ في البقر يجوز أن يدفع الجاموس عن البقر و بالعكس، و كذا في الإبل يجوز دفع البخاتي عن العراب و بالعكس؛ تساوت في القيمة أو اختلفت.

مسألة 8: لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشابّ و الهرم في الدخول في النصاب و العدّ منه، لكن إذا كانت كلّها صحاحاً لايجوز دفع المريض، و كذا لو كانت كلّها سليمة لايجوز دفع المعيب، و لو كانت كلّ منها شابّاً لايجوز دفع الهرم، بل مع الاختلاف أيضاً الأحوط إخراج الصحيح من غير ملاحظة التقسيط؛ نعم، لو كانت كلّها مراضاً أو معيبة أو هرمة، يجوز الإخراج منها.

الشرط الثاني: السوم (2) طول الحول؛ فلو كانت معلوفة ولو في بعض الحول، لم تجب فيها و (1). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في الأداء من غير الجنس إلّامن باب القيمة (2). مكارم الشيرازي: في اشتراط السوم إشكال قويّ و إن كان ظاهر الأصحاب ذلك، لظهور روايات الباب في اشتراط أن لاتكون عوامل، و أمّا كونها سائمة فهو من اللوازم القهريّة لعدم كونها عوامل، لعدم الداعي على إبقائها في بيوتها حينئذٍ عادةً، بل تسرح في مرجها و تسام إذا ساعدت الظروف، و هذا المقدار غير كافٍ في إثبات الاشتراط؛ و يؤيّد ما ذكرنا امور:

1- عدم ذكر هذا الشرط في صحيحة الفضلاء في

الغنم، بل ذكر في الإبل و البقر فقط؛

2- عدم ذكر المعلوفة مستقلّة في الروايات، بل انضمّت إلى العوامل؛

3- ابتداء حول السخال من حين النتاج، مع أنّها ليست بسائمة؛

4- عدّ الأكولة في النصاب، مع أنّها معلوفة غالباً؛

5- عدم وقوع السؤال عن المعلوفة و غيرها في آداب المصدّق؛

6- خروج غالب الأنعام من حكم الزكاة بناءً على اشتراطها؛ فالأحوط الزكاة في المعلوفة أيضاً. و الظاهر أنّ مستند المجمعين أيضاً الروايات السابقة الّتي لا تدلّ على مختارهم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 114

لو كان شهراً بل اسبوعاً؛ نعم، لايقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول عرفاً علفها يوماً أو يومين (1)؛ و لا فرق في منع العلف عن وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار أو بالاضطرار لمنع مانع من السوم، من ثلج أو مطر أو ظالم غاصب أو نحو ذلك، و لا بين أن يكون العلف من مال المالك أو غيره، بإذنه أو لا بإذنه، فإنّها تخرج بذلك كلّه عن السوم، و كذا لا فرق بين أن يكون ذلك بإطعامها للعلف المجزوز أو بإرسالها لترعى بنفسها في الزرع المملوك؛ نعم، لاتخرج عن صدق السوم باستيجار المرعى (2) أو بشرائه (3) إذا لم يكن مزروعاً (4)، كما أنّها لايخرج عنه بمصانعة الظالم على الرعي في الأرض المباحة.

الشرط الثالث: أن لايكون عوامل و لو في بعض الحول، بحيث لايصدق عليها أنّها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول. و لا يضرّ إعمالها يوماً أو يومين في السنة (5)، كما مرّ في السوم (6).

الشرط الرابع: مضيّ الحول عليها جامعةً للشرائط، و يكفي الدخول في الشهر الثاني عشر (7)، فلايعتبر تمامه؛ فبالدخول فيه يتحقّق الوجوب، بل الأقوى (1). الگلپايگاني، مكارم الشيرازي: على الأحوط (2). مكارم

الشيرازي: على الأحوط (3). الخوئي: عدم الخروج عن صدق السوم باستيجار المرعى أو شرائه لايخلو من إشكال (4). الامام الخميني: ما يخلّ بالسوم هي الرعي في الأراضي المعدّة للزرع إذا كانت مزروعة على النحو المتعارف المألوف؛ و أمّا لو فرض تبذير البذور الّتي هي من جنس كلأ المرعى في المراتع من غير عمل في تربيتها فلايبعد عدم إخلاله بالسوم (5). الگلپايگاني: على الأحوط (6). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ العنوان اخذ من قبيل الحرفة في الإنسان، فمجرّد عمل الأنعام في يوم أو أيّام متفرّقة أو مجتمعة لا يكفي في نفي الزكاة عنها، بل لابدّ أن يكون كالحرفة لها، بل لايبعد أن يكون السائمة لو قلنا أنّه شرط مستقلّ أيضاً كذلك و إن كان لا يخلو عن إشكال بالنسبة إلى السائمة (7). مكارم الشيرازي: فيه إشكال قويّ؛ و دعوى الإجماع عليه كما ترى، لوضوح مدرك الإجماع و هو خبر زرارة، و يعارضه الرواية الاولى من الباب الأوّل من أبواب ما تجب فيه الزكاة و الثانية من الباب 13 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة، مضافاً إلى تناقض صدر الرواية و ذيلها و اضطرابها في صدرها و مخالفتها لظاهر الكتاب و السنّة، و عدم إمكان تقييد المطلقات الكثيرة الواردة في الأخبار في التحديد بالعامّ بخبر واحد، مع أنّها في مقام الحاجة و عدم العمل به في عصر النبي صلى الله عليه و آله و من بعده، و إلّالاشتهر غاية الاشتهار مع عدم ذهاب واحد من فقهاء العامّة إليه؛ مضافاً إلى أنّ محاسبة الشهر الثاني عشر من العام الأوّل مع استقرار الزكاة بدونه عجيب، و من الثاني أعجب، فالإفتاء بذلك مشكل و إن كان مراعاة الاحتياط أولى، لذهاب أصحابنا

إليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 115

استقراره (1) أيضاً، فلايقدح فقد بعض الشروط قبل تمامه، لكن الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأوّل، فابتداء الحول الثاني إنّما هو بعد تمامه.

مسألة 9: لو اختلّ بعض الشروط في أثناء الحول قبل الدخول في الثاني عشر، بطل الحول، كما لو نقصت عن النصاب أو لم يتمكّن من التصرّف فيها أو عاوضها بغيرها و إن كان زكويّاً (2) من جنسها، فلو كان عنده نصاب من الغنم مثلًا و مضى ستّة أشهر فعاوضها بمثلها و مضى عليه ستّة أشهر اخرى لم تجب عليه الزكاة، بل الظاهر بطلان الحول بالمعاوضة (3) و إن كانت بقصد الفرار من الزكاة.

مسألة 10: إذا حال الحول مع اجتماع الشرائط فتلف من النصاب شي ء، فإن كان لا بتفريط من المالك لم يضمن (4)، و إن كان بتفريط منه و لو بالتأخير مع التمكّن من الأداء ضمن بالنسبة (5)؛ نعم، لو كان أزيد من النصاب و تلف منه شي ء مع بقاء النصاب على حاله (1). الامام الخميني: الظاهر أنّ الزكاة تنتقل إلى أربابها بحلول الشهر الثاني عشر، فتصير ملكاً متزلزلًا لهم، فيتبعه الوجوب الغير المستقرّ، فلايجوز للمالك التصرّف في النصاب تصرّفاً معدماً لحقّ الفقراء، و لو فعل كان ضامناً؛ نعم، لو اختلّ بعض الشروط من غير اختياره كأن نقص عن النصاب بالتلف في خلال الشهر الثاني عشر، يرجع الملك إلى صاحبه الأوّل و ينقطع الوجوب (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، فالأحوط الزكاة، لاحتمال شمول إطلاقات الزكاة له و قصور روايات الحول- الظاهرة في مضيّها على شخص المال لا نوعه- عن شموله (3). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان بجنسه، ففيه الاحتياط السابق (4). الگلپايگاني: و ينقص من الزكاة بنسبة التالف

مكارم الشيرازي:

بالنسبة إلى حصّة الفقراء، لأنّ تعلّق الزكاة بالمال و إن لم يكن بنحو الإشاعة و الشركة كما سيأتي، بل هو نوع خاصّ من الحقّ، له أحكام خاصّة؛ إلّاأنّه لايزيد على الشركة في أحكامها قطعاً (5). الخوئي: بمعنى أنّه لاينقص من الزكاة شي ء، و لابدّ من أدائها إمّا من العين أو القيمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 116

لم ينقص (1) من الزكاة (2) شي ء و كان التلف عليه بتمامه مطلقاً، على إشكال (3).

مسألة 11: إذا ارتدّ الرجل المسلم، فإمّا أن يكون عن ملّة أو عن فطرة، و على التقديرين إمّا أن يكون في أثناء الحول أو بعده؛ فإن كان بعده وجبت الزكاة؛ سواء كان عن فطرة أو ملّة، و لكن المتولّي لإخراجها الإمام عليه السلام (4) أو نائبه (5)؛ و إن كان في أثنائه و كان عن فطرة، انقطع الحول و لم تجب الزكاة و استأنف الورثة الحول (6)، لأنّ تركته تنتقل إلى ورثته، و إن كان عن ملّة لم ينقطع و وجبت (7) بعد حول الحول، لكن المتولّي الإمام عليه السلام أو نائبه إن لم يتب، و إن تاب قبل الإخراج أخرجها بنفسه و أمّا لو أخرجها بنفسه؛ قبل التوبة لم تجز عنه (8)، إلّاإذا كانت العين باقية في يد الفقير فجدّد النيّة (9)، أو كان الفقير القابض عالماً بالحال، فإنّه يجوز له (10) الاحتساب عليه، لأنّه مشغول الذمّة بها إذا قبضها مع العلم بالحال و أتلفها أو تلفت في يده (11). و أمّا المرأة فلاينقطع الحول بردّتها مطلقاً.

(1). الامام الخمينى: بل الأقرب ورود النقص على الزكاة بالنسبة، لكن لا ينبغى ترك الاحتياط.

(2). مكارم الشيرازى: فإن الزائد من النصاب ما لم يبلغ النصاب الآخر عفو، و الظاهر أنه غير متعلق للزكاة فالنصاب

(أعنى الأربعين فى خمس و أربعين مثلا) كالكلى فى المعين، فالإشكال غير وجيه.

(3). الخوئى: بل بلا إشكال.

الگلپايگانى: غير وجيه (4). الامام الخمينى: فى الملى على الأحوط، و كذا فى الفرع الآتى؛ و أما الفطرى فالمتولى هو الورثة و الأحوط الاستيذان من الحاكم أيضا.

الگلپايگانى: فى الملى؛ والورثه فى الفطرى مكارم الشيرازى: بل المتولى لإخراج الزكاة الورثة فى الفطرى، و لا دليل على لزوم تولية الإمام و نائبه فى الملى؛ فإذا لم تصح القربة للكافر، لم يفد التولى عنه، بل يسقط هذا الشرط (5). الخوئى: لا يبعد كون التولية للوارث إذا كان الارتداد عن فطرة.

(6). مكارم الشيرازى: إذا كان نصيب كل واحد أو بعضهم نصابا.

(7). مكارم الشيرازى: قد مر الإشكال فى تعلق الزكاة بالكفار.

(8). الامام الخمينى: على الأحوط.

مكارم الشيرازى: فيه إشكال يظهر مما مر (9). مكارم الشيرازى: بناء على كفاية وصول المال بيد الفقير بأى نحو كان، و عدم اعتبارالقربة مقارنا له.

(10). الامام الخمينى: بعد التوبة؛ و أما قبلها فالأمر إلى الحاكم على الأحوط.

(11). مكارم الشيرازي: بناءً على عدم مانعيّة مثل هذا الفسق عن استحقاقه أو توبته بعد ذلك.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 117

مسألة 12: لو كان مالكاً للنصاب لا أزيد، كأربعين شاة مثلًا، فحال عليه أحوال، فإن أخرج زكاته كلّ سنة من غيره تكرّرت (1)، لعدم نقصانه حينئذٍ عن النصاب، و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلًا لم تجب إلّازكاة سنة واحدة، لنقصانه حينئذٍ عنه. و لو كان عنده أزيد من النصاب، كأن كان عنده خمسون شاة و حال عليه أحوال لم يؤدّ زكاتها، وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب، فلو مضى عشر سنين في المثال المفروض وجب عشرة، و لو مضى

أحد عشر سنة وجب أحد عشر شاة، و بعده لايجب عليه شي ء، لنقصانه عن الأربعين (2)، و لو كان عنده ستّ و عشرون من الإبل و مضى عليه سنتان وجب عليه بنت مخاض للسنة الاولى و خمس شياة للثانية، وإن مضى ثلاث سنوات وجب للثالثة أيضاً أربع (3) شياة (4)، و كذا إلى أن ينقص من خمسة فلاتجب (5).

مسألة 13: إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد، إمّا بالنتاج و إمّا بالشراء أو الإرث أو نحوهما، فإن كان بعد تمام الحول السابق قبل الدخول في اللاحق، فلا إشكال في ابتداء الحول للمجموع إن كمل بها النصاب اللاحق؛ و أمّا إن كان في أثناء الحول، فإمّا أن يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو و لم يكن نصاباً مستقلًاّ (6) و لا مكمّلًا لنصاب آخر، و إمّا أن يكون نصاباً مستقلًاّ، و إمّا أن يكون مكمّلًا للنصاب؛ أمّا في القسم الأوّل فلا شي ء عليه، كما لو كان له هذا المقدار ابتداءً و ذلك كما لو كان عنده من الإبل خمسة فحصل له في

(1). مكارم الشيرازي: لكن يسقط عن النصاب بمجرّد حلول الحول، فمبدء الحول الثاني إنّما هو من حين أداء زكاته من غيره، كما هو ظاهر (2). مكارم الشيرازي: و هذا إنّما يصحّ لو كان قيمة الفريضة بمقدار واحد من هذه الشياة؛ فلو كان أقلّ، زاد في السنين بمقدارها، لما عرفت من عدم وجوب أزيد من الجذع و الثني، لا واحدة منها مطلقاً (3). الامام الخميني: إلّاإذا كان فيها ما يساوي قيمة بنت مخاض و خمس شياة، و إلّاملك في العام الثالث أيضاً بعد إخراج ما للعامين خمس و عشرين فوجب خمس شياة (4). الخوئي:

إذا كان في الإبل ما تساوي قيمته بنت مخاض و خمس شياة، لم يبعد وجوب خمس شياة للسنة الثالثة أيضاً (5). مكارم الشيرازي: يجري فيه ما مرّ في الشياة في نفس هذه المسألة، فراجع (6). مكارم الشيرازي: لا معنى للنصاب المستقلّ (على القاعدة) بعد كون المالك واحداً و بعد كون العشرة و خمسة عشرة و شبهها نصاباً واحداً في الإبل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 118

أثناء الحول أربعة اخرى، أو كان عنده أربعون شاة ثمّ حصل له أربعون في أثناء الحول (1)، و أمّا في القسم الثاني فلايضمّ الجديد إلى السابق، بل يعتبر لكلّ منهما حول بانفراده، كما لو كان عنده خمس من الإبل ثمّ بعد ستّة أشهر ملك خمسة اخرى، فبعد تمام السنة الاولى يخرج شاة و بعد تمام السنة للخمسة الجديدة أيضاً يخرج شاة، و هكذا (2)؛ و أمّا في القسم الثالث فيستأنف حولًا واحداً بعد انتهاء الحول الأوّل، و ليس على الملك الجديد (3) في بقيّة الحول الأوّل شي ء، و ذلك كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر فملك في أثناء حولها أحد عشر، أو كان عنده ثمانون من الغنم فملك في أثناء حولها اثنين و أربعين (4)، و يلحق بهذا القسم على الأقوى ما لو كان الملك الجديد نصاباً مستقلًاّ و مكمّلًا للنصاب اللاحق، كما لو كان عنده من الإبل عشرون فملك في الأثناء ستّة اخرى، أو كان عنده خمسة ثمّ ملك أحد و عشرين، و يحتمل (5) إلحاقه بالقسم الثاني (6). (1). مكارم الشيرازي: مقتضى القاعدة و إن كان ذلك، فإنّ ملكيّة الأربعين في أثناء السنة لاتزيد على ملكيّتها من أوّل الأمر بأن يكون ثمانين من أوّلها، ولكن ظاهر الروايات الكثيرة الواردة

في السخال أنّ لها إذا بلغت النصاب حولًا برأسها، و لعلّه ظاهر كلمات كثير منهم أيضاً ذلك، و يلحق بها كلّ ملك جديد على الأقوى، لإلغاء الخصوصيّة (2). الامام الخميني: فيه إشكال؛ و الظاهر أنّ الخمس من الإبل مكمّلة الخمس السابقة و لاتكون مستقلّة، فالخمس نصاب و العشر نصاب واحد آخر، لا نصابان و خمسة عشر نصاب واحد أيضاً فيها ثلاث شياة و هكذا، فحينئذٍ يكون حكم هذا القسم حكم القسم الآتي؛ نعم، لو ملك في أوّل السنة خمساً و بعد ستّة أشهر مثلًا ستّاً و عشرين، يجب عليه في آخر سنة الخمس شاة و في آخر سنة الجديدة بنت مخاض، ثمّ يُترك سنة الخمس و يستأنف للمجموع حولًا، و كذا لو ملك بعد الخمس في أثناء السنة نصاباً مستقلًاّ كستّ و ثلاثين و ستّ و أربعين و هكذا؛ و من هذا يظهر الكلام في الفرض الأخير الّذي تعرّض له الماتن قدس سره (3). الگلپايگاني: و يمكن القول باستيناف الحول للجميع من حين ملكه للنصاب الثاني و عدم لزوم شي ء لمامضى للنصاب الأوّل، لكن لايُترك الاحتياط بمراعاة ما هو أقلّ عفواً بين القولين (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت في التعليقة السابقة الإشكال فيه و وجوب عدّ حول لها برأسها (5). الگلپايگاني: و هو الأقوى (6). الخوئي: و هذا هو الأحوط

مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في عدّه نصاباً مستقلًاّ، كما مرّ آنفاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 119

مسألة 14: لو أصدق زوجته نصاباً و حال عليه الحول، وجب عليها الزكاة (1)؛ و لو طلّقها بعد الحول قبل الدخول، رجع نصفه (2) إلى الزوج و وجب (3) عليها زكاة المجموع في نصفها (4)، و لو تلف نصفها (5) يجب إخراج

(6) الزكاة من النصف الّذي رجع إلى الزوج (7) و يرجع بعد الإخراج عليها بمقدار الزكاة، هذا إن كان التلف بتفريط منها؛ و أمّا إن تلف عندها بلا تفريط فيخرج نصف الزكاة (8) من النصف الّذي عند الزوج، لعدم ضمان الزوجة حينئذٍ لعدم تفريطها؛ نعم، يرجع الزوج حينئذٍ أيضاً عليها بمقدار ما أخرج.

مسألة 15: إذا قال ربّ المال: لم يحل على مالي الحول، يسمع منه (9) بلا بيّنة و لا يمين، و كذا (1). مكارم الشيرازي: بناءً على ملك تمام المهر بالعقد، فإنّ مجرّد كونه في معرض الزوال بالنسبة إلى نصفه لايمنع عن تعلّقها بمقتضى العمومات (2). الامام الخميني: الأحوط الأولى إخراج الزكاة أوّلًا، ثمّ ردّ نصف التمام إلى الزوج (3). الگلپايگاني: لكن ليس للزوج التصرّف فيما رجع إليه إلّابعد أداء الزوجة زكاة المجموع، بل مع امتناعها للساعي أن يأخذ زكاة النصف ممّا عند الزوج فيرجع الزوج فيما اخذ منه إلى الزوجة (4). مكارم الشيرازي: اللّهم إلّاأن يقال بأنّ رجوع النصف إلى الزوج كالتلف فيسقط نصف الزكاة، ولكنّ الأحوط أداء الزكاة تماماً، لأنّه يشبه بفسخ المعاملة برجوع عوضه إليه و هو البضع؛ هذا، و كون النصف الّذي لها متعلّقاً لحقّ الزكاة فقط أيضاً لايخلو عن إشكال، لتعلّقها بالجميع و إن كان أحوط (5). الگلپايگاني: لو تلف النصف قبل إعطاء نصف الزوج فالظاهر أنّ نصف الباقي و نصف قيمة التالف يرجع إلى الزوج دون تمام النصف الباقي. وحكم ما رجع إلى الزوج من العين من حيث الزكاة، ما ذكر في الحاشية السابقة (6). الامام الخميني: بل يضمن نصف الزكاة و نصف نصف المهر، و نصف الزكاة كنصف نصف المهر متعلّق بالنصف الباقي

الخوئي: فيه إشكال، و الأظهر

جواز إخراج الزكاة من مال آخر (7). مكارم الشيرازي: و الأحوط إخراجها من مال آخر و إن كان تصرّف الزوج في نصفه قبل أداء الزكاة من ناحيتها محلّ إشكال؛ و كذلك الكلام فيما إذا لم يكن بتفريط بالنسبة إلى نصف الزكاة (8). الامام الخميني: إن ردّ نصف الزوج قبل التلف فالظاهر عدم جواز الرجوع إليه، بل يجب عليه إخراج قيمةالنصف؛ نعم، لو نكل عن أداء القيمة يرجع وليّ الزكاة إلى العين الموجودة لدى الزوج ويرجع الزوج إلى الزوجة

الگلپايگاني: لافرق فيما ذكر في الحاشيتين بين الصورتين، إلّا أنّ الواجب مع التفريط تمام الزكاة وبدونه نصفها (9). مكارم الشيرازي: إذا لم يكن متّهماً؛ و أمّا قبول قول المتّهم مشكل، لانصراف الأدلّة عنه، إلّاأن يكون مطابقاً للأصل؛ هذا، و لايبعد وجوب إيصالها إلى حاكم الشرع لو طلب، بحيث لايسمع من أحد دعوى أدائه إلى غيره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 120

لو ادّعى الإخراج، أو قال: تلف منّي ما أوجب النقص عن النصاب.

مسألة 16: إذا اشترى نصاباً و كان للبايع الخيار، فإن فسخ قبل تمام الحول فلا شي ء على المشتري، و يكون ابتداء الحول بالنسبة إلى البايع من حين الفسخ، و إن فسخ بعد تمام الحول عند المشتري وجب عليه (1) الزكاة، و حينئذٍ فإن كان الفسخ بعد الإخراج من العين ضمن للبايع قيمة ما أخرج، و إن أخرجها من مال آخر أخذ البايع تمام العين (2)، و إن كان قبل الإخراج فللمشتري أن يخرجها من العين و يغرم للبايع ما أخرج و إن يخرجها من مال آخر، و يرجع العين بتمامها إلى البايع.

[فصل في زكاة النقدين

فصل في زكاة النقدين

و هما الذهب و الفضّة. و يشترط في وجوب الزكاة فيهما، مضافاً إلى ما مرّ

من الشرائط العامّة، امور:

الأوّل: النصاب، ففي الذهب نصابان

الأوّل: عشرون ديناراً، و فيه نصف دينار، و الدينار مثقال شرعيّ و هو ثلاثة أرباع الصيرفيّ؛ فعلى هذا: النصاب الأوّل بالمثقال الصيرفيّ خمسة عشر مثقالًا، و زكاته ربع المثقال و ثمنه.

و الثاني: أربعة دنانير و هي ثلاث مثاقيل صيرفيّة، و فيه ربع العشر، أي من أربعين واحد، فيكون فيه قيراطان، إذ كلّ دينار عشرون قيراطاً؛ ثمّ إذا زاد أربعة فكذلك. و ليس قبل أن يبلغ عشرين ديناراً شي ء، كما أنّه ليس بعد العشرين (3) قبل أن يزيد أربعة شي ء (1). الگلپايگاني: على الأحوط في غير المشروط بردّ مثله؛ و أمّا فيه فلا خيار، كما تقدّم

مكارم الشيرازي: بتفصيل مرّ عند ذكر شرائط وجوب الزكاة في المسألة السادسة (2). الخوئي: و يحتمل أن يكون مقدار المخرج له، و يغرم للبايع مثله أو قيمته؛ و منه يظهر الحال فيما إذا كان الفسخ قبل الإخراج (3). الامام الخميني: الظاهر أنّ ما زاد على العشرين حتّى يبلغ أربعة دنانير متعلّق للفرض الأوّل؛ أي نصف الدينار، فالعشرون مبدء النصاب الأوّل إلى أربعة و عشرين، فإذا بلغت أربعة و عشرين زاد قيراطان إلى ثمانية و عشرين فزاد قيراطان و هكذا، و هذا معنى العفو بين النصابين لا عدم التعلّق رأساً كما قبل العشرين، و هكذا فيما زاد من مأتين في نصاب الفضّة إلى أن يبلغ أربعين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 121

و كذا ليس بعد هذه الأربعة شي ء إلّاإذا زاد أربعة اخرى، و هكذا. و الحاصل: أنّ في العشرين ديناراً ربع العشر و هو نصف دينار، و كذا في الزائد إلى أن يبلغ أربعة و عشرين و فيها ربع عشره و هو نصف دينار و قيراطان،

و كذا في الزائد إلى أن يبلغ ثمانية و عشرين و فيها نصف دينار و أربع قيراطات، و هكذا. و على هذا، فإذا أخرج بعد البلوغ إلى عشرين فما زاد من كلّ أربعين واحداً، فقد أدّى ما عليه، و في بعض الأوقات زاد على ما عليه بقليل فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة.

و في الفضّة أيضاً نصابان:

الأوّل: مأتا درهم، و فيها خمس دراهم.

و الثاني: أربعون درهماً، و فيها درهم، و الدرهم نصف المثقال الصيرفيّ و ربع عشره (1)؛ و على هذا فالنصاب الأوّل مأة و خمسة مثاقيل صيرفيّة، و الثاني أحد و عشرون مثقالًا. و ليس فيما قبل النصاب الأوّل و لا فيما بين النصابين شي ء، على ما مرّ، و في الفضّة أيضاً بعد بلوغ النصاب إذا أخرج من كلّ أربعين واحداً فقد أدّى ما عليه، و قد يكون زاد خيراً قليلًا.

الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكّة المعاملة؛ سواء كان بسكّة الإسلام أو الكفر، بكتابة أو غيرها، بقيت سكّتهما أو صارا ممسوحين بالعارض، وأمّا إذا كانا ممسوحين بالأصالة فلاتجب فيهما إلّاإذا تعومل بهما، فتجب على الأحوط (2)، كما أنّ الأحوط ذلك أيضاً إذا ضربت للمعاملة و لم يتعامل بهما، أو تعومل بهما لكنّه لم يصل رواجهما إلى حدّ يكون دراهم أو دنانير. و لو اتّخذ الدرهم أو الدينار للزينة، فإن خرج عن رواج المعاملة لم تجب فيه الزكاة (3)، (1). مكارم الشيرازي: و بعبارة اخرى: 40 درهماً يساوي 28 مثقالًا شرعيّاً يساوي 21 مثقالًا صيرفيّاً؛ فعلى هذا درهم واحد يساوي (28/ 40) من المثقال الشرعيّ و يساوي (21/ 40) من المثقال الصيرفيّ (2). مكارم الشيرازي: بل لايخلو عن قوّة، لأنّ ملاك الزكاة بحسب صريح بعض روايات الباب

و انصراف بعض آخر، إلى ما يصدق عليه الدرهم و الدينار و يجعلان ثمناً (3). مكارم الشيرازي: و مجرّد صدق عنوان الدرهم و الدينار عليهما غير كافٍ في وجوبها، لانصراف الإطلاقات إلى الدرهم و الدينار الرائجين، بل تعليل عدم الزكاة في السبيكة بذهاب المنفعة شاهد عليه أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 122

و إلّاوجبت (1).

الثالث: مضيّ الحول بالدخول في الشهر الثاني عشر (2) جامعاً للشرائط الّتي منها النصاب، فلو نقص في أثنائه عن النصاب سقط الوجوب، و كذا لو تبدّل بغيره من جنسه (3) أو غيره، و كذا لو غيّر بالسبك؛ سواء كان التبديل أو السبك بقصد الفرار من الزكاة أو لا على الأقوى و إن كان الأحوط الإخراج على الأوّل، و لو سبك الدراهم أو الدنانير بعد حول الحول لم تسقط الزكاة، و وجب الإخراج بملاحظة الدراهم و الدنانير إذا فرض نقص القيمة بالسبك.

مسألة 1: لاتجب الزكاة في الحليّ، و لا في أواني الذهب و الفضّة و إن بلغت ما بلغت، بل عرفت سقوط الوجوب عن الدرهم و الدينار إذا اتّخذا للزينة و خرجا (4) عن رواج المعاملة بهما؛ نعم، في جملة من الأخبار: أنّ زكاتها إعارتها.

مسألة 2: و لا فرق في الذهب و الفضّة بين الجيّد منها و الرديّ، بل تجب إذا كان بعض النصاب جيّداً و بعضه رديّاً، و يجوز الإخراج من الرديّ و إن كان تمام النصاب من الجيّد، لكنّ الأحوط (5) خلافه (6) بل يخرج الجيّد من الجيّد، و يبعّض بالنسبة مع التبعّض، و إن أخرج (1). الامام الخميني: الأقوى عدم الوجوب في هذه الصورة أيضاً

الخوئي: فيه إشكال؛ نعم، الوجوب أحوط

الگلپايگاني: على الأحوط (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في كفاية الدخول في

الشهر الثاني عشر في زكاة الأنعام و إن كان أحوط (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في التبدّل بالجنس هناك، و أنّ الأحوط هو الزكاة فيه (4). الامام الخميني: أو لم يخرجا، كما مرّ (5). الگلپايگاني: لايُترك هذا الاحتياط في النقدين و الغلّات

مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، فإنّ الإشاعة و إن كانت ممنوعة، إلّاأنّها نوع حقّ يشبه من بعض الجهات الملك المشاع، مضافاً إلى ما مرّ من المنع عن مثله في الأنعام (6). الامام الخميني: بل الأقوى خلافه، فيجب ملاحظة النسبة

الخوئي: بل الأظهر ذلك؛ نعم، يجوز إخراج الرديّ إذا كان في النصاب رديّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 123

الجيّد عن الجميع فهو أحسن؛ نعم، لايجوز دفع الجيّد عن الرديّ بالتقويم (1)، بأن يدفع نصف دينار جيّد يسوّي ديناراً رديّاً عن دينار، إلّاإذا صالح الفقير (2) بقيمة في ذمّته ثمّ احتسب تلك القيمة عمّا عليه من الزكاة، فإنّه لا مانع (3) منه؛ كما لا مانع من دفع الدينار الرديّ عن نصف دينار جيّد إذا كان فرضه ذلك (4).

مسألة 3: تتعلّق الزكاة بالدراهم و الدنانير المغشوشة (5) إذا بلغ خالصهما النصاب (6)؛ و لو شكّ في بلوغه و لا طريق للعلم بذلك و لو للضرر، لم تجب. و في وجوب التصفية و نحوها للاختبار إشكال، أحوطه ذلك (7) و إن كان عدمه لايخلو عن قوّة.

مسألة 4: إذا كان عنده نصاب من الجيّد، لايجوز أن يخرج عنه من المغشوش، إلّاإذا علم اشتماله على ما يكون عليه من الخالص و إن كان المغشوش بحسب القيمة يساوي ما عليه، إلّاإذا دفعه بعنوان القيمة إذا كان للخليط قيمة (8). (1). الخوئي: على الأحوط، و للجواز وجه لا بأس به

مكارم الشيرازي: و

العمدة فيه الإشكال في شمول إطلاقات أداء القيمة للمقام (2). مكارم الشيرازي: بما لايلزم فيه الربا و مبادلة جنس واحد مع الزيادة (3). الامام الخميني: الأولى الأحوط التصالح، كما في الفرض السابق (4). مكارم الشيرازي: هو أيضاً لايخلو عن إشكال، للشكّ في شمول إطلاقات القيمة له أيضاً (5). مكارم الشيرازي: المراد من المغشوشة ما لايصدق عليه عنوان الذهب و الفضّة؛ و أمّا ما يصدق عليه عنوانهما فتجري عليه أحكام الخالص و إن كان فيه خليط؛ و قلّما يخلو الجواهران عن خليط فيما بأيدينا (6). الخوئي: إذا كان الغشّ قليلًا لايضرّ بصدق اسم الذهب و الفضّة، فالظاهر وجوب الزكاة مع بلوغ النصاب و إن لم يبلغ خالصهما النصاب. و إذا كان الغشّ بمقدار لايصدق معه اسم الذهب أو الفضّة ففي وجوب الزكاة مع بلوغ خالصهما النصاب إشكال، و الأظهر عدم وجوبها؛ و من ذلك يظهر الحال في الفروع الآتية (7). الگلپايگاني: لايُترك

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالاختبار أو أداء الزكاة بما يحصل معه البراءة قطعاً لو كانت، فإنّ الرجوع إلى البراءة قبل الفحص في المقامات الّتي لايعلم كيفيّتها عادةً بدون الفحص مشكل، لايدلّ عليه إطلاق الأدلّة و لا بناء العقلاء (8). مكارم الشيرازي: إذا صحّت المعاملة مع المغشوش و كان نقداً رائجاً مع ما عليه؛ و إلّافقد عرفت الإشكال في جواز التبديل بغير الجنس إذا لم يكن من الأثمان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 124

مسألة 5: و كذا إذا كان عنده نصاب من المغشوش، لايجوز أن يدفع المغشوش، إلّامع العلم على النحو المذكور (1).

مسألة 6: لو كان عنده دراهم أو دنانير بحدّ النصاب و شكّ في أنّه خالص أو مغشوش، فالأقوى عدم وجوب الزكاة و إن كان أحوط

(2).

مسألة 7: لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب أو الدنانير المغشوشة بالفضّة، لم يجب عليه شي ء، إلّاإذا علم ببلوغ أحدهما أو كليهما حدّ النصاب، فيجب في البالغ منهما أو فيهما (3)، فإن علم الحال فهو، و إلّاوجبت التصفية (4)، و لو علم أكثرية أحدهما مردّداً و لم يمكن العلم وجب إخراج الأكثر من كلّ منهما (5)، فإذا كان عنده ألف و تردّد بين أن يكون مقدار الفضّة فيها أربعمأة و الذهب ستّمأة و بين العكس أخرج عن ستّمأة ذهباً و ستّمأة فضّة، و يجوز أن يدفع بعنوان القيمة ستّمأة عن الذهب وأربعمأة عن الفضّة بقصد ما في الواقع.

مسألة 8: لو كان عنده ثلاثمأة درهم مغشوشة و علم أنّ الغشّ ثلثها مثلًا على التساوي في أفرادها، يجوز له أن يخرج خمس دراهم من الخالص و أن يخرج سبعة و نصف من المغشوش؛ و أمّا إذا كان الغشّ بعد العلم بكونه ثلثاً في المجموع لا على التساوي (6) فيها، فلابدّ من تحصيل العلم بالبرائة، إمّا بإخراج الخالص و إمّا بوجه آخر. (1). مكارم الشيرازي: بالشرط الّذي ذكرنا في المسألة السابقة (2). الگلپايگاني: لا يُترك الاحتياط بالإخراج أو الاختبار

مكارم الشيرازي: إذا صحّ التعامل بين الناس، فأصالة الصحّة محكّمة؛ و إلّاوجب الاختبار على الأحوط، كما مرّ؛ و عند عدم الإمكان يحكم بالبراءة (3). مكارم الشيرازي: إذا صحّ التعامل معه و الحال هذه، لاعتبار كونهما مسكوكين بسكّة المعاملة (4). الامام الخميني: أو الاحتياط بإعطاء ما به يبرأ ذمّته يقيناً

مكارم الشيرازي: التصفية مقدّمة للعلم بالفراغ، فيجوز الاحتياط مع ترك التصفية (5). مكارم الشيرازي: بل الواجب العدول إلى القيمة، كما في ذيل المسألة، إلّاإذا أراد المكلّف نفسه الإخراج بقصد العين؛ فإنّه مع

وجود المندوحة و هي العدول إلى القيمة لايصحّ للفقيه الإضرار بالمكلّف و إيجاب الأكثر عليه، كما في المتن (6). الامام الخميني: أو شكّ فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 125

مسألة 9: إذا ترك نفقة لأهله ممّا يتعلّق به الزكاة و غاب و بقي إلى آخر السنة بمقدار النصاب، لم تجب عليه (1)، إلّاإذا كان متمكّناً (2) من التصرّف فيه طول الحول مع كونه غائباً.

مسألة 10: إذا كان عنده أموال زكويّة من أجناس مختلفة و كان كلّها أو بعضها أقلّ من النصاب، فلايجبر الناقص منها بالجنس الآخر؛ مثلًا إذا كان عنده تسعة عشر ديناراً و مأة و تسعون درهماً، لايجبر نقص الدنانير بالدراهم و لا العكس.

[فصل في زكاة الغلّات الأربع

فصل في زكاة الغلّات الأربع

و هي كما عرفت، الحنطة و الشعير و التمر والزبيب؛ و في إلحاق السُلت (3) الّذي هو كالشعير في طبعه و برودته و كالحنطة في ملاسته و عدم القشر له، إشكال، فلايُترك الاحتياط فيه؛ كالإشكال في العلس الّذي هو كالحنطة، بل قيل: إنّه نوع منها في كلّ قشر حبّتان، و هو طعام أهل صنعاء، فلايُترك الاحتياط فيه أيضاً. و لاتجب الزكاة في غيرها و إن كان يستحبّ إخراجها من كلّ ما تنبت الأرض ممّا يكال أو يوزن (4) من الحبوب (5)، كالماش و الذرّة و الارز و الدخن و نحوها، إلّاالخضر و البقول. و حكم ما يستحبّ فيه حكم ما يجب فيه، في قدر النصاب و كميّة ما يخرج منه و غير ذلك.

و يعتبر في وجوب الزكاة في الغلّات أمران (6):

الأوّل: بلوغ النصاب (7)؛ و هو بالمنّ الشاهي و هو ألف و مأتان و ثمانون مثقالًا صيرفيّاً، (1). مكارم الشيرازي: للنصّ، و لايبعد إثباته على القواعد أيضاً

(2). مكارم الشيرازي: و لم يناف غرضه الّذي وضعها له، بأن يكون له وكيلًا يتصرّف فيه ثمّ يجعل مكانه من أمواله الاخر على الأحوط (3). الامام الخميني: الأقوى عدم الإلحاق (4). مكارم الشيرازي: و قد مرّ الكلام فيه أوائل كتاب الزكاة (5). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيها (6). الگلپايگاني: مضافاً إلى ما مرّ من الشرائط العامّة (7). مكارم الشيرازي: و هي خمسة أوسق الّتي تعادل 300 صاع، و تبلغ مجموعها بحسب المثقال 184275 مثقالًا؛ فإنّ الصاع تسعة أرطال بالعراقيّ، و الرطل العراقيّ يعادل 130 درهماً، فالصاع بحسب المثقال الشرعيّ الّذي يعادل سبعة منها عشرة دراهم تبلغ 819 مثقالًا، ثمّ تضرب في ثلاثة أرباع، فتكون 25/ 614 مثقالًا صيرفيّاً، و بالمنّ المعروف بالتبريزي (عندنا) و هو 640 مثقالًا تكون 288 منّاً إلّا 45 مثقالًا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 126

مأة و أربعة و أربعون منّاً إلّاخمسة و أربعين مثقالًا؛ و بالمنّ التبريزيّ الّذي هو ألف مثقال، مأة و أربعة و ثمانون منّاً و ربع منّ و خمسة و عشرون مثقالًا؛ و بحقّة النجف في زماننا (سنة 1326) و هي تسعمأة و ثلاثة و ثلاثون مثقالًا صيرفيّاً و ثلث مثقال، ثمان وزنات و خمس حُقَق و نصف إلّاثمانية و خمسين مثقالًا و ثلث مثقال؛ و بعيار الاسلامبول و هو مأتان و ثمانون مثقالًا، سبع و عشرون وزنة و عشر حُقَق و خمسة و ثلاثون مثقالًا. و لاتجب في الناقص عن النصاب و لو يسيراً، كما أنّها تجب في الزائد عليه يسيراً كان أو كثيراً.

الثاني: التملّك بالزراعة فيما يزرع، أو انتقال الزرع إلى ملكه قبل وقت تعلّق (1) الزكاة (2)؛ و كذا في الثمرة، كون الشجر ملكاً له إلى وقت التعلّق

أو انتقالها إلى ملكه منفردة أو مع الشجر قبل وقته.

مسألة 1: في وقت تعلّق الزكاة بالغلّات خلاف؛ فالمشهور (3) على أنّه في الحنطة و الشعير عند انعقاد حبّهما، و في ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره، و في ثمرة الكرم عند انعقادها حصرماً. و ذهب جماعة (4) إلى أنّ المدار صدق أسماء المذكورات من الحنطة و الشعير و التمر، و صدق اسم العنب في الزبيب، و هذا القول لايخلو عن قوّة (5) و إن كان القول الأوّل أحوط، بل (1). الامام الخميني: على الأقوى فيما إذا نمت مع ذلك في ملكه، وعلى الأحوط في غيره؛ و كذا في الفرع الآتي (2). مكارم الشيرازي: والأولى أن يقال: بلوغه حدّ تعلّق الزكوة في ملكه؛ فإنّه جامع للصورتين (3). الامام الخميني: المشهور لدى المتأخّرين أنّ وقته عند اشتداد الحبّ في الزرع، و أمّا لدى قدماء أصحابنافلم تثبت الشهرة (4). الامام الخميني: هذا هو الأقوى، لكن لايُترك الاحتياط في الزبيب (5). مكارم الشيرازي: الأقوى في وقت تعلّق الزكاة التفصيل؛ ففي الحنطة و الشعير، المدار على صدق الاسم، و في النخل عند بدوّ صلاحه و هو أوّل زمان يمكن الاستفادة من ثمرته، و في الكرم عند صيرورته عنباً و الأحوط عند صيرورته حصرماً؛ و هذا هو مقتضى الجمع بين الأدلّة المختلفة في هذا الباب، و كونه إبداعاً لقول ثالث ممّا لا إشكال فيه في أمثال المقام ممّا يكون مستند الأقوال معلومة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 127

الأحوط مراعاة الاحتياط مطلقاً (1)، إذ قد يكون القول الثاني أوفق بالاحتياط (2).

مسألة 2: وقت تعلّق الزكاة و إن كان ما ذكر على الخلاف السالف، إلّاأنّ المناط في اعتبار النصاب هو اليابس من المذكورات؛ فلو كان

الرطب منها بقدر النصاب، لكن ينقص عنه بعد الجفاف و اليبس، فلا زكاة.

مسألة 3: في مثل البربن و شبهه من الدقل الّذي يؤكل رطباً و إذا لم يؤكل إلى أن يجفّ يقلّ تمره، أو لايصدق (3) على اليابس منه التمر أيضاً، المدار فيه على تقديره يابساً، و تتعلّق به الزكاة إذا كان بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه (4).

مسألة 4: إذا أراد المالك التصرّف في المذكورات بسراً أو رطباً أو حصرماً أو عنباً، بما يزيد على المتعارف فيما يحسب من المؤون (5)، وجب عليه ضمان (6) حصّة الفقير (7)؛ كما أنّه لو أراد الاقتطاف كذلك بتمامها، وجب عليه أداء الزكاة حينئذٍ بعد فرض بلوغ يابسها النصاب.

مسألة 5: لو كانت الثمرة مخروصة على المالك فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعيّ (1). الگلپايگاني: لايُترك (2). مكارم الشيرازي: مثل ما إذا انتقل إليه بعد بدوّ صلاحه و قبل صدق الاسم، فالاحتياط يقتضي كون الزكاة على كلّ واحد من البايع و المشتري، إلّاأن يؤدّي أحدهما بنيّة مايجب عليه أو على غيره من الزكاة مع كونه مأذوناً من قبله (3). الامام الخميني: مع عدم صدق التمر على يابسه لاتتعلّق به الزكاة، فلا معنى لتقديره (4). الخوئي: هذه المسألة و المسألتان بعدها مبنيّة على مسلك المشهور في وقت تعلّق الزكاة

مكارم الشيرازي: هذه المسألة و غير واحد من المسائل الآتية مبنيّة على مختار المشهور، لا على مختاره؛ و كان عليه إيضاح ذلك، لكون الكتاب على نحو الرسائل العمليّة؛ و أمّا على مختارنا، هذا الحكم قويّ فيما إذا صدق على جافّه اسم التمر أو الزبيب، و إلّافلا دليل يعتدّ به على تعلّق الزكاة به و إن كان أحوط (5). مكارم الشيرازي: يعني في ما خرج

عن طور المؤونة لا مثل ما يتعارف بذله للعمّال فيها من ثمرة الأشجار؛ فقوله «فيما» متعلّق بقوله «المتعارف» ظاهراً، فليس في العبارة سقط، كما ذكره بعضهم من أنّه سقط «لا» قبل «يحسب». و على كلّ حال، هذا الفرع أيضاً يتمّ على مذهب المشهور، لا على مختاره (6). الامام الخميني: على الأحوط فيه و في الفرع الآتي و إن كان الأقوى عدم الوجوب (7). مكارم الشيرازي: بل يجب عليه حصّة الفقراء، لا ضمانها، فإنّ وجوب الضمان لا معنى له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 128

الزكاة منه قبل اليبس، لم يجب عليه القبول، بخلاف ما لو بذل المالك الزكاة بسراً أو حصرماً مثلًا، فإنّه يجب (1) على الساعي (2) القبول (3).

مسألة 6: وقت الإخراج، الّذي يجوز للساعي مطالبة المالك فيه و إذا أخّرها عنه ضمن، عند تصفية الغلّة واجتذاذ التمر واقتطاف (4) الزبيب (5)؛ فوقت وجوب الأداء غير وقت التعلّق (6).

مسألة 7: يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ (7).

مسألة 8: يجوز للمالك دفع الزكاة و الثمر على الشجر قبل الجذاذ، منه أو من قيمته (8).

مسألة 9: يجوز دفع القيمة حتّى من غير النقدين (9)، من أىّ جنس كان، بل يجوز أن تكون من المنافع كسكنى الدار مثلًا، و تسليمها بتسليم العين إلى الفقير.

(1). الگلپايگاني: فيه إشكال (2). الامام الخميني: وجوب القبول محلّ تأمّل، بل الأقوى عدم الجواز لو انجرّ الإخراج إلى الفساد (3). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوب قبول الساعي له، و مجرّد تعلّق الزكاة بها ليس دليلًا على جواز استخلاص نفسه عن حقّ الغير إذا كان له متعارف خاصّ و موعد مقرّر، مثل ما نحن فيه؛ اللّهم إلّاأن يكون القبول أنفع بحال الفقراء.

و هذه المسألة أيضاً مبنيّة على مبنى المشهور (4). الگلپايگاني: بل عند صيرورة الرطب تمراً و العنب زبيباً (5). مكارم الشيرازي: لاتخلو العبارة عن مسامحة، فإنّ الزبيب ليس له اقتطاف؛ فالأولى أن يقال: وقت صيرورته تمراً أو زبيباً (6). مكارم الشيرازي: و ليعلم أنّ تفاوت الوقتين يصدق على مبنى المشهور و غيرهم، لأنّ صدق العنوان قد يكون قبل التصفية كما في الحنطة و الشعير (7). مكارم الشيرازي: إذا كان أنفع بحال الفقير؛ و قد مرّ منه في المسألة الخامسة عدم لزوم رضى الساعي و إن كان مخالفاً للمختار (8). الگلپايگاني: قيمة التمر أو الزبيب؛ و أمّا قيمة الحصرم و الرطب ففيها إشكال، و كذا في إلزام الفقير بقطع الحصرم أو الرطب

مكارم الشيرازي: إذا صدق الاسم، لا مانع له؛ و أمّا إذا لم يصدق، فقد مرّ أنّه مشروط برعاية حال الفقراء من جانب الحاكم أو ساعيه (9). الامام الخميني: دفع غيرهما لايخلو من إشكال، إلّاإذا كان خيراً للفقراء و إن لايخلو الجواز من وجه

الخوئي: تقدّم الإشكال فيه

مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة (5) من زكاة الأنعام أنّه إنّما يجوز دفع القيمة من النقدين فقط فيما كان أنفع بحال الفقير، كما هو الغالب؛ و أمّا من غير النقدين فمشكل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 129

مسألة 10: لاتتكرّر زكاة الغلّات بتكرّر السنين إذا بقيت أحوالًا؛ فإذا زكّى الحنطة ثمّ احتكرها سنين، لم يجب عليه شي ء، و كذا التمر و غيره.

مسألة 11: مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلّات هو العشر فيما سقي بالماء الجاري أو بماء السماء أو بمصّ عروقه من الأرض كالنخل و الشجر، بل الزرع أيضاً في بعض الأمكنة؛ و نصف العشر فيما سقي بالدلو و الرشاء

و النواضح و الدوالي و نحوها من العلاجات (1)؛ و لو سقي بالأمرين، فمع صدق الاشتراك، في نصفه العشر و في نصفه الآخر نصف العشر، و مع غلبة الصدق (2) لأحد الأمرين فالحكم تابع لما غلب (3)، و لو شكّ في صدق الاشتراك أو غلبة صدق أحدهما فيكفي (4) الأقلّ، و الأحوط الأكثر.

مسألة 12: لو كان الزرع أو الشجر لايحتاج إلى السقي بالدوالي و مع ذلك سقي بها من غير أن يؤثّر في زيادة الثمر، فالظاهر وجوب العشر، و كذا لو كان سقيه بالدوالي و سقي بالنهر و نحوه من غير أن يؤثّر فيه، فالواجب نصف العشر.

مسألة 13: الأمطار العادية في أيّام السنة لاتخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، إلّاإذا كانت بحيث لاحاجة معها إلى الدوالي أصلًا، أو كانت بحيث توجب صدق الشركة، فحينئذٍ يتبعهما الحكم.

مسألة 14: لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلًا عبثاً أو لغرضٍ، فزرعه آخر و كان الزرع يشرب بعروقه، فالأقوى (5) العشر (6)، و كذا إذا أخرجه هو بنفسه (1). مكارم الشيرازي: مثل ما يسقى بالمكائن المستحدثة؛ و أمّا ما يسقى بالأسداد العالية أو الصغيرة فالظاهر أنّه من قبيل الماء الجاري (2). الامام الخميني: بمعنى إسناد السقي إليه عرفاً (3). الگلپايگاني: إن كانت الغلبة توجب صدق الاسم؛ و إلّافإن كان الغالب ما عليه العُشر فلا إشكال في إعطاء العُشر، و إلّافالأحوط بل الأوجه ملاحظة النسبة و أحوط منه العشر في نصفه و نصف العشر في نصفه الآخر

مكارم الشيرازي: غلبة معتدّاً بها، بحيث يكون الباقي في جنبه قليلًا كالخمس و السدس؛ و لو كان كلاهما معتدّاً بهما، فالتنصيف، لظهور النصّ فيه (4). الامام الخميني: إلّافي بعض الصور، كما إذا

كان مسبوقاً بانتساب السقي بمثل الجاري و شكّ في سلب الانتساب الكذائي لأجل الشكّ في قلّة السقي بالعلاج و كثرته، فيجب الأكثر (5). الگلپايگاني: بل الأحوط (6). مكارم الشيرازي: بل الأحوط، نظراً إلى إطلاق الأدلّة من جانب و احتمال انصرافها لاسيّما بملاحظة الملاك من جانب آخر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 130

لغرض آخر غير الزرع ثمّ بدا له أن يزرع زرعاً يشرب بعروقه؛ بخلاف ما إذا أخرجه لغرض الزرع الكذائيّ؛ و من ذلك يظهر حكم ما إذا أخرجه لزرع، فزاد و جرى على أرض اخرى (1).

مسألة 15: إنّما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة، بل ما يأخذه باسم الخراج (2) أيضاً (3)، بل ما يأخذه العمّال (4) زائداً على ما قرّره السلطان ظلماً إذا لم يتمكّن من الامتناع، جهراً و سرّاً، فلايضمن حينئذٍ حصّة الفقراء من الزائد، و لا فرق في ذلك بين المأخوذ من نفس الغلّة أو من غيرها (5) إذا كان الظلم عامّاً، و أمّا إذا كان شخصيّاً فالأحوط الضمان فيما اخذ من غيرها، بل الأحوط الضمان فيه مطلقاً و إن كان الظلم عامّاً، و أمّا إذا اخذ من نفس الغلّة قهراً فلا ضمان، إذ الظلم حينئذٍ وارد على الفقراء أيضاً.

مسألة 16: الأقوى اعتبار خروج المؤن (6) جميعها؛ من غير فرق بين المؤن السابقة على (1). مكارم الشيرازي: فإنّه من قبيل القسم الثاني، و فيه الاحتياط (2). الامام الخميني: إذا كان مضروباً على الأرض باعتبار الجنس الزكوي

مكارم الشيرازي: لا دليل على استثناء ما يؤخذ باسم الخراج إذا كان مضروباً على الأرض، و أمّا إذا كان مضروباً على الغلّة فهو مستثنى كالمقاسمة؛ و الفرق بينهما أنّ المقاسمة سهم في الغلّة، و الخراج مال

معيّن (3). الخوئي: إخراج غير ما يأخذه السلطان من نفس العين محلّ إشكال، فالاحتياط لايُترك؛ و منه يظهر الحال في المسائل الآتية (4). مكارم الشيرازي: لا فرق في الظلم بين العموم و الخصوص؛ ففي كليهما إذا اخذ من نفس الغلّة لم يضمن و إذا اخذ من غيرها ضمن، إلّاإذا عدّ من المؤون في العرف فتدخل في حكمها (5). الامام الخميني: الأحوط فيما يأخذونه من غير الغلّة الضمان، خصوصاً إذا كان الظلم شخصيّاً، بل فيه لايخلو من قوّة (6). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط بعدم إخراج المؤن إلّاما صرف من عين الزكويّ فيما تعارف صرفها فيه، فإنّه يعتبر النصاب بعده؛ و أمّا ما اخذ من العين ظلماً فيحسب من الطرفين، و يعتبر النصاب قبله إلّاما يتعارف أخذه في كلّ سنة بعنوان المقاسمة أو صار كالمقاسمة فيعتبر النصاب بعده

مكارم الشيرازي: لا دليل يعتدّ به على خروج المؤونة، فالأحوط عدم استثنائها؛ كيف و مع شدّة الابتلاء به لم يرد في أخبار الباب منه شي ء ماعدا ما ورد في اجرة الحارس، الّذي على خلاف المطلوب أدلّ، فإنّ التصريح بخصوصه ممّا لا وجه له، مضافاً إلى ما في روايته من الإشكال؛ أضف إلى ذلك عدم استثناء المؤونة في غير الغلّات من الحيوان و غيره، مع أنّها كثيراً ما يحتاج إلى مؤونة كثيرة لحفظها و سقيها، بل و إجارة المرتع لها لو قلنا بعدم قدحه في السوم، إلى غير ذلك من المؤيّدات؛ فلا وجه لرفع اليد من عمومات العشر و نصف العشر و غيرها؛ و لم يفهم أحد من سائر الفقهاء من الإطلاقات غير ما ذكرنا إلّا «عطا» مع أنّهم من أهل العرف أيضاً و كانت الحكومة بأيديهم، فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 131

زمان التعلّق و

اللاحقة، كما أنّ الأقوى (1) اعتبار النصاب أيضاً بعد خروجها و إن كان الأحوط (2) اعتباره قبله (3)، بل الأحوط عدم إخراج المؤن خصوصاً اللاحقة (4)؛ و المراد بالمؤونة كلّ ما يحتاج إليه الزرع و الشجر من اجرة الفلّاح و الحارث و الساقي، و اجرة الأرض إن كانت مستأجرة، و اجرة مثلها إن كانت مغصوبة، و اجرة الحفظ و الحصاد و الجذاذ و تجفيف الثمرة و إصلاح موضع التشميس و حفر النهر (5) و غير ذلك، كتفاوت نقص (6) الآلات و العوامل حتّى ثياب المالك (7) و نحوها، و لو كانت سبب النقص مشتركاً بينها و بين غيرها وزّع عليهما بالنسبة.

مسألة 17: قيمة البذر إذا كان من ماله المزكّى أو المال الّذي لا زكاة فيه، من المؤن (8)، و المناط قيمة يوم تلفه و هو وقت الزرع. (1). الامام الخميني: فيه منع، بل الأحوط لو لم يكن الأقوى اعتباره قبله (2). الخوئي: لايُترك، بل هو الأظهر (3). مكارم الشيرازي: لايُترك، لما مرّ (4). الامام الخميني: الخصوصيّة في السابقة

الخوئي: الظاهر جواز احتساب المؤونة اللاحقة على الزكاة بالنسبة مع الإذن من الحاكم الشرعيّ

مكارم الشيرازي: لا خصوصيّة للّاحقة، فإنّ خروجها أقرب، لأنّها من قبيل الشركة أو شبهها بعد التعلّق؛ و إنّما الخصوصيّة للسابقة، فإنّها أبعد في الخروج؛ اللّهم إلّاأن يكون مراده الخروج من النصاب لا الزكاة، فإنّ عدم خروج اللاحقة حينئذٍ يكون أقرب، لكنّه خلاف ظاهر العبارة (5). الامام الخميني: إذا كان للزرع؛ و أمّا إذا كان لتعمير البستان مثلًا فلايكون من مؤونة الثمرة، بل من مؤونةالبستان

مكارم الشيرازي: إذا لم يكن ممّا يحتاج إليه في إحياء الأرض، و إلّافاستثنائها حتّى على القول باستثناء المؤون، مشكل، لأنّه ليس من

مؤونة الغلّة، بل مؤونة إحياء الأرض (6). الامام الخميني: فيه و فيما بعده وجه و إن كان الأحوط خلافه، خصوصاً في الثاني (7). مكارم الشيرازي: المعدّة للزرع، دون غيرها (8). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه في المسألة السابقة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 132

مسألة 18: اجرة العامل (1) من المؤن، و لايحسب للمالك اجرة إذا كان هو العامل، و كذا إذا عمل ولده أو زوجته بلا اجرة، و كذا إذا تبرّع به أجنبيّ؛ و كذا لايحسب اجرة الأرض الّتي يكون مالكاً لها، و لا اجرة العوامل إذا كانت مملوكة له.

مسألة 19: لو اشترى الزرع، فثمنه من المؤونة (2) و كذا لو ضمن النخل و الشجر، بخلاف ما إذا اشترى نفس الأرض و النخل و الشجر، كما أنّه لايكون ثمن العوامل (3) إذا اشتراها منها.

مسألة 20: لو كان مع الزكويّ غيره، فالمؤونة موزّعة عليهما (4) إذا كانا مقصودين؛ و إذا كان المقصود بالذات غير الزكويّ ثمّ عرض قصد الزكويّ بعد إتمام العمل، لم يحسب من المؤن، و إذا كان بالعكس حسب منها.

مسألة 21: الخراج الّذي يأخذه السلطان أيضاً يوزّع على الزكويّ و غيره (5).

مسألة 22: إذا كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة، لايبعد (6) احتسابه على ما في السنة الاولى و إن كان الأحوط (7) التوزيع على السنين.

مسألة 23: إذا شكّ في كون شي ء من المؤن أو لا، لم يحسب منها (8). (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأحوط عدم استثناء شي ء من المؤن (2). الامام الخميني: لكن يقسّط على التبن و الحنطة أو الشعير بالنسبة

مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال في جميع ذلك (3). الامام الخميني: على الأحوط (4). الگلپايگاني: حتّى في مثل التبن و الحنطة

مكارم الشيرازي: قد

عرفت أنّ الأحوط عدم استثناء المؤون مطلقاً (5). الامام الخميني: إذا كان مضروباً على الأرض باعتبار مطلق الزرع، لا خصوص الزكويّ

مكارم الشيرازي: قد مرّ الكلام فيه في المسألة (15) (6). الامام الخميني: بل لايبعد التفصيل بين ما إذا عمل للسنين العديدة فيوزّع عليها و بين ما إذا عمل للسنةالاولى، و إن انتفع منه في سائر السنين قهراً فيحسب من مؤونة الاولى (7). الگلپايگاني: بل الأحوط عدم احتساب ما زاد عن حصّة السنة الاولى أصلًا

مكارم الشيرازي: بل الأحوط عدم استثنائه مطلقاً (8). الگلپايگاني: إلّافي الشبهات المصداقيّة مع العجز عن تحصيل العلم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 133

مسألة 24: حكم النخيل و الزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد، فيضمّ الثمار بعضها إلى بعض و إن تفاوتت في الإدراك، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد و إن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر؛ و على هذا فإذا بلغ ما أدرك منها نصاباً اخذ منه، ثمّ يؤخذ من الباقي، قلّ أو كثر، و إن كان الّذي أدرك أوّلًا أقلّ من النصاب ينتظر به حتّى يدرك الآخر و يتعلّق به الوجوب، فيكمل منه النصاب و يؤخذ من المجموع؛ و كذا إذا كان نخل يطلع في عام مرّتين، يضمّ الثاني إلى الأوّل، لأنّهما ثمرة سنة واحدة، لكن لايخلو عن إشكال، لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين كما قيل (1).

مسألة 25: إذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة، لايجوز (2) أن يدفع عنه الرطب على أنّه فرضه و إن كان بمقدار لو جفّ كان بقدر ما عليه من التمر، و ذلك لعدم كونه من أفراد المأمور به؛ نعم، يجوز دفعه على وجه القيمة (3)، و كذا إذا كان عنده

زبيب لايجزي عنه دفع العنب إلّا على وجه القيمة، و كذا العكس فيهما؛ نعم، لو كان عنده رطب يجوز أن يدفع (4) عنه (5) الرطب فريضةً، و كذا لو كان عنده عنب يجوز له دفع العنب فريضةً. و هل يجوز أن يدفع مثل ما عليه من التمر أو الزبيب من تمر آخر أو زبيب آخر فريضةً أو لا؟ لايبعد الجواز (6)، لكنّ الأحوط (7) دفعه (8) من باب القيمة أيضاً، لأنّ الوجوب تعلّق بما عنده؛ و كذا الحال في الحنطة و (1). الگلپايگانى: و ليس ببعيد.

(2). الگلپايگانى: الأقوى جوازه إذا كان ذلك الرطب من جملة ما تعلق به الزكاة.

(3). الخوئى: فيه إشكال كما تقدم، و كذا الحال فيما بعده.

مكارم الشيرازى: قد مر أن دفع القيمة من غير النقدين مشكل مطلقا (4). الامام الخمينى: إذا كان الدفع من عين ما تعلق به الزكاة، لا مطلقا؛ و كذا فى الفروع الآتية.

(5). الخوئى: هذا مبنى على تعلق الزكاة قبل صدق كونه تمرا.

مكارم الشيرازى: يأتى فيه ما مر فى سابقه (6). الامام الخمينى: مر عدم الجواز.

(7). مكارم الشيرازى: فيه ايضا الإشكال السابق.

(8). الگلپايگاني: لايُترك.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 134

الشعير إذا أراد أن يعطي من حنطة اخرى أو شعير آخر.

مسألة 26: إذا أدّى القيمة من جنس ما عليه بزيادة أو نقيصة، لايكون من الرباء (1)، بل هو من باب الوفاء (2).

مسألة 27: لو مات الزارع مثلًا بعد زمان تعلّق الوجوب، وجبت الزكاة مع بلوغ النصاب؛ أمّا لو مات قبله وانتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كلّ منهم النصاب، وجب على كلٍّ (3) زكاة نصيبه، وإن بلغ نصيب البعض دون البعض وجب على من بلغ نصيبه، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم

لم يجب على واحد منهم.

مسألة 28: لو مات الزارع أو مالك النخل و الشجر و كان عليه دين؛ فإمّا أن يكون الدين مستغرقاً أو لا، ثمّ إمّا أن يكون الموت بعد تعلّق الوجوب أو قبله، بعد ظهور الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضاً؛ فإن كان الموت بعد تعلّق الوجوب وجب إخراجها؛ سواء كان الدين مستغرقاً أم لا، فلايجب التحاصّ مع الغرماء، لأنّ الزكاة متعلّقة بالعين؛ نعم، لو تلفت في حياته بالتفريط و صارت في الذمّة، وجب التحاصّ بين أرباب الزكاة و بين الغرماء كسائر الديون (4)؛ و إن كان الموت قبل التعلّق و بعد الظهور، فإن كان الورثة قد أدّوا الدين قبل تعلّق الوجوب من مال آخر، فبعد التعلّق يلاحظ بلوغ حصّتهم النصاب و عدمه، و إن لم يؤدّوا إلى وقت التعلّق ففي الوجوب و عدمه إشكال (5)، و الأحوط (6) الإخراج (7) مع الغرامة للديّان (8) (1). الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط (2). مكارم الشيرازي: فيه أيضاً ما سبق (3). الامام الخميني: على الأقوى فيما إذا انتقل إليهم قبل تمام النموّ و نما في ملكهم، و على الأحوط فيما إذاانتقل إليهم بعد تمامه و قبل تعلّق الوجوب؛ و كذا في الفرع الآتي (4). مكارم الشيرازي: بناءً على كونه من قبيل الديون الماليّة (5). الامام الخميني: الأقوى عدم الوجوب مطلقاً إذا كان الدين مستغرقاً و فيما قابل الدين إذا كان غير مستغرق (6). الگلپايگاني: و إن كان الأقوى خلافه (7). الخوئي: لا بأس بتركه

مكارم الشيرازي: و إن كان الأقوى عدم التعلّق؛ أمّا لو قلنا ببقاء المال على ملك الميّت فظاهر، لعدم تعلّق الوجوب به؛ و إن قلنا بانتقاله إلى الورثة، فمثل هذا الملك المتعلّق لحقّ الغير لايكفي

في تعلّق الزكاة؛ هذا كلّه إذا كان الدين مستوعباً (8). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط عجيب، فإنّه موجب للضرر على الورثة بلا دليل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 135

أو استرضائهم؛ و أمّا إن كان قبل الظهور (1)، وجب (2) على من بلغ نصيبه النصاب من الورثة، بناءً على انتقال التركة (3) إلى الوارث و عدم تعلّق الدين (4) بنمائها الحاصل قبل أدائه و أنّه للوارث من غير تعلّق حقّ الغرماء به.

مسألة 29: إذا اشترى نخلًا أو كرماً أو زرعاً مع الأرض أو بدونها قبل تعلّق (5) الزكاة، فالزكاة عليه بعد التعلّق مع اجتماع الشرائط، و كذا إذا انتقل إليه بغير الشراء، و إذا كان ذلك بعد وقت التعلّق فالزكاة على البايع، فإن علم بأدائه أو شكّ في ذلك ليس عليه شي ء، و إن علم بعدم أدائه فالبيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضولي، فإن أجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن (6) بالنسبة إلى مقدار الزكاة، و إن دفعه إلى البايع رجع بعد الدفع إلى الحاكم عليه و إن لم يجز كان له أخذ مقدار الزكاة من المبيع، و لو أدّى البايع الزكاة بعد البيع ففي استقرار ملك المشتري و عدم الحاجة إلى الإجازة من الحاكم (7) إشكال (8).

(1). الامام الخمينى: مع استيعاب الدين التركة و كونه زائدا عليها بحيث يستوعب النمائات لا تجب الزكاة على الورثه، بل تكون كأصل التركة بحكم مال الميت على الأقوى يؤدى منها دينه؛ و مع استيعابه إياها و عدم زيادته عليها لو ظهرت الثمرة بعد الموت يصير مقدار الدين بعد ظهورها من التركة أصلا و نماء يحكم مال الميت بنحو الإشاعة بينه مال الورثه، و لا تجب فيما يقابله. و يحسب النصاب بعد توزيع الدين

على الأصل و الثمره، فإن زادت حصة الوارث من الثمرة بعد التوزيع و بلغت النصاب تجب عليه الزكاة، و لو تلف بعض الأعيان من التركة يكشف عن عدم كونه مما يؤدى منه الدين و عدم كونه بحكم مال الميت، و كان ماله فيما سوى التالف واقعا؛ و منه يظهر الحال فى الفرع السابق. والتفصيل موكول إلى محله.

(2). الخوئى: الظاهر أن حكمه حكم الموت بعد الظهور.

(3). الگلپايگانى: لكن الظاهر خلافه خصوصا فى الفرض، فلا تجب فى هذه الصورة أيضا.

(4). مكارم الشيرازى: عدم تعلقه بالنمائات مع استغراق الدين غير معلوم، فلا يترك الاحتياط.

(5). الامام الخمينى: فيما إذا نمت فى ملكه فالزكاة عليه على الأقوى، و فى غيره على الأحوط.

(6). مكارم الشيرازى: مطالبة بالثمن إنما يصح على القول بشركة الفقراء فى العين أو المالية؛ و أما بناء على الحق فللحاكم أخذه فله بيعه و له إجازة البيع الفضولى بعد أخذه بناء على جوازه فيماإذا باع ثم ملك؛ و فيه إشكال لاسيما فى محل الكلام.

(7). الامام الخمينى: بعد أداء الزكاة لا تأثير لإجازة الحاكم؛ نعم، هو من مصاديق من باع ثم ملك.

مكارم الشيرازى: لا وجه لإجازةالحاكم، و لعله سهو من قلمه الشريف؛ نعم، لا يبعد وجوب إجازة المالك بناء على لزومها فى كل من باع ثم ملك؛ و فيه إشكال لاسيما فى محل الكلام (8). الخوئي: أظهره الاستقرار

الگلپايگاني: و الأقوى عدم الحاجة إلى الإجازة.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 136

مسألة 30: إذا تعدّد أنواع التمر مثلًا و كان بعضها جيّداً أو أجود، و بعضها الآخر رديّ أو أردى، فالأحوط (1) الأخذ من كلّ نوع بحصّته، و لكنّ الأقوى الاجتزاء بمطلق الجيّد و إن كان مشتملًا على الأجود، و لايجوز دفع الرديّ

عن الجيّد و الأجود على الأحوط.

مسألة 31: الأقوى أنّ الزكاة متعلّقة بالعين، لكن لا على وجه الإشاعة (2)، بل على وجه الكليّ (3) في المعيّن (4). و حينئذٍ فلو باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب صحّ إذا كان مقدار الزكاة باقياً عنده (5)، بخلاف ما إذا باع الكلّ فإنّه بالنسبة إلى مقدار الزكاة يكون فضوليّاً محتاجاً إلى إجازة الحاكم على ما مرّ، ولايكفي عزمه (6) على الأداء من غيره في استقرار البيع على الأحوط.

مسألة 32: يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعيّ خرص ثمر (7) النخل و الكرم، بل و (1). الامام الخميني: بل الأقوى (2). الامام الخميني: هذه المسألة مشكلة جدّاً و إن كان التعلّق على وجه الإشاعة أقرب و أبعد من الإشكالات و إن لايخلو من مناقشات و إشكالات؛ فحينئذٍ لو باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب، يكون فضوليّاً بالنسبة إلى الزكاة على الأقرب

الگلپايگاني: بل لايبعد كونه على وجه الإشاعة، و مع ذلك لا بأس بالتصرّف في بعض النصاب إذا كان بانياً على أدائها من البقيّة، لكنّ الأحوط عدم التصرّف إلّابعد الأداء أو العزل (3). الخوئي: لايبعد أن يكون من قبيل الشركة في الماليّة، و مع ذلك يجوز التصرّف في بعض النصاب إذا كان الباقي بمقدار الزكاة (4). مكارم الشيرازي: بل التحقيق أنّ الزكاة نوع خاصّ من الحقّ يتوقّف أدائها على قصد القربة و له أحكام خاصّة لاتشابه سائر الحقوق، و لذا لايستحقّ الفقير نمائه المستوفاة و غيرها؛ و في المسألة وجوه ثمانية، و ما اخترناه أحسنها و أمتنها و أوفق بالأدلّة (5). مكارم الشيرازي: و كان بانياً على أدائه من البقيّة على الأحوط (6). الخوئي: لكن لو أدّى البايع زكاته صحّ البيع على الأظهر

الگلپايگاني:

بل لايبعد كفاية ذلك أيضاً مع التعقّب بالأداء (7). الامام الخميني: الظاهر أنّ التخريص هاهنا كالتخريص في المزارعة و غيرها ممّا وردت فيها نصوص، وهو معاملة عقلائيّة برأسها، فائدتها صيرورة المشاع معيّناً على النحو الكلّي في المعيّن في مال المتقبّل، و لابدّ في صحّتها من كونها بين المالك و وليّ الأمر و هو الحاكم أو المبعوث منه لعمل الخرص، فلايجوز استبداد المالك للخرص و التصرّف بعده كيف شاء. و الظاهر أنّ التلف بآفة سماوية و ظلم ظالم يكون المتقبّل، إلّاأن يكون مستغرقاً أو بمقدار صارت البقيّة أنقص من الكلّي، فلايضمن ما تلف، و يجب ردّ الباقي على الحاكم إن كان المتقبّل هو المالك لا الحاكم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 137

الزرع (1) على المالك (2)، و فائدته جواز التصرّف (3) للمالك بشرط قبوله كيف شاء، و وقته بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الوجوب (4)، بل الأقوى جوازه من المالك (5) بنفسه إذا كان من أهل الخبرة، أو بغيره من عدل أو عدلين و إن كان الأحوط الرجوع إلى الحاكم أو وكيله مع التمكّن. و لايشترط فيه الصيغة، فإنّه معاملة خاصّة (6) و إن كان لو جي ء بصيغة الصلح كان أولى؛ ثمّ إن زاد (7) ما في يد المالك كان له، و إن نقص كان عليه، و يجوز لكلّ من المالك و الخارص الفسخ مع الغبن الفاحش، و لو توافق المالك و الخارص على القسمة رطباً جاز (8)، و يجوز للحاكم أو وكيله بيع نصيب الفقراء من المالك أو من غيره.

مسألة 33: إذا اتّجر بالمال الّذي فيه الزكاة قبل أدائها، يكون الربح للفقراء (9) (1). مكارم الشيرازي: جواز الخرص في الزرع مشكل، لعدم وفاء الأدلّة به (2). الخوئي:

في جواز الخرص في الزرع إشكال (3). الخوئي: الظاهر جواز التصرّف للمالك قبل تعلّق الوجوب، بل و بعده أيضاً و لو بإخراج زكاة ما يتصرّف فيه بلا حاجة إلى الخرص، و فائدة الخرص جواز الاعتماد عليه بلا حاجة إلى الكيل أو الوزن (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ التفصيل في وقت تعلّق الوجوب في المسألة الاولى من هذا الباب (5). مكارم الشيرازي: لادليل على جواز الخرص من قبل المالك بنفسه، بل لابدّ أن يكون من قبل الحاكم (6). الخوئي: الظاهر أنّ الخرص ليس داخلًا في المعاملات، و إنّما هو طريق إلى تعيين المقدار الواجب، فلوانكشف الخلاف كانت العبرة بالواقع؛ نعم، يصحّ ما ذكره إذا كان بنحو الصلح

مكارم الشيرازي: القدر المتيقّن أنّ الخرص طريق لتعيين مقدار الزكاة، أمّا أزيد من ذلك فلم يثبت، فهو حجّة ما لم يعلم خلافه؛ نعم، يجوز لحاكم الشرع مصالحة حصّة الفقراء بمقدار المخروص إذا كان فيه مصلحتهم، و يترتّب عليه آثاره (7). الگلپايگاني: الأحوط مع العلم بزيادة فسخ الخارص أو إخراج المالك زكاة الزيادة رجاءً (8). الخوئي: هذا مبنيّ على أن يكون وقت الوجوب قبله (9). الامام الخميني: إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة فأجاز الوليّ على الأقرب، و أمّا إذا اتّجر به لنفسه و أوقع التجارة بالعين فتصحيحها بالإجازة محل إشكال؛ نعم، إن أوقع بالذمّة و أدّى من المال الزكوي يكون ضامناً و الربح له

الگلپايگاني: مع إمضاء الحاكم على الأحوط

مكارم الشيرازي: إذا أجاز الحاكم بهذا الشرط و رضي به المالك، و إلّافهو مشكل؛ و إطلاق كلامه هنا ينافي ما تقدّم منه في المسألة (31)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 138

بالنسبة (1) و إن خسر يكون خسرانها عليه.

مسألة 34: يجوز للمالك عزل الزكاة و

إفرازها من العين أو من مال آخر (2) مع عدم المستحقّ، بل مع وجوده أيضاً على الأقوى، و فائدته صيرورة المعزول ملكاً للمستحقّين قهراً حتّى لايشاركهم المالك عند التلف، و يكون أمانة في يده، و حينئذٍ لايضمنه إلّامع التفريط أو التأخير مع وجود المستحقّ (3). و هل يجوز للمالك إبدالها بعد عزلها؟ إشكال و إن كان الأظهر عدم الجواز؛ ثمّ بعد العزل يكون نماؤها للمستحقّين، متّصلًا كان أو منفصلًا.

[فصل فيما يستحبّ فيه الزكاة]

فصل فيما يستحبّ فيه الزكاة

و هو على ما اشير إليه سابقاً، امور:

الأوّل: مال التجارة (4)، و هو المال الّذي تملّكه الشخص و أعدّه للتجارة و الاكتساب به؛ سواء كان الانتقال إليه بعقد المعاوضة، أو بمثل الهبة أو الصلح المجّاني أو الإرث على الأقوى (5)، و اعتبر بعضهم كون الانتقال إليه بعنوان المعاوضة؛ و سواء كان قصد الاكتساب به من حين الانتقال إليه أو بعده و إن اعتبر بعضهم الأوّل، فالأقوى أنّه مطلق المال الّذي اعدّ للتجارة (6)، فمن حين قصد (7) الإعداد (8) يدخل في هذا العنوان و لو كان قصده حين التملّك (1). الخوئى: إذا أدى البايع الزكاة بعد البيع كان الربح له على الأظهر، و إلا فالمعاملة باطلة بالإضافة إلى مقدار الزكاة، كما فى فرض الخسران.

(2). الامام الخمينى: محل إشكال.

(3). الخوئى: هذا إذا لم يكن التأخير لغرض صحيح، و إلا ففى ضمانه إشكال.

(4). الامام الخمينى: استحباب الزكاة فيه لا يخلو من تأمل و إشكال.

(5). مكارم الشيرازى: لا قوء فيه، بل ظاهر الأدلة كون الانتقال إليه بعقد المعاوضة بعنوان التجارة من حين الانتقال.

(6). الامام الخمينى: بناء على استحباب الزكاة لا يكفى مطلق الإعداد للتجارة، بل لا بد من الدوران فيها.

(7). الامام الخمينى: بل من حين الدوران

فى التجارة.

(8). الگلپايگانى: الظاهر عدم كفاية القصد ما لم يعده ولو بأن يدخله فى الدكان و يكتبه من رأس ماله مثلا.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 139

بالمعاوضة أو بغيرها الاقتناء و الأخذ للقنية؛ و لا فرق فيه بين أن يكون ممّا يتعلّق به الزكاة الماليّة وجوباً أو استحباباً، و بين غيره كالتجارة بالخضروات مثلًا، و لا بين أن يكون من الأعيان أو المنافع (1) كما لو استأجر داراً بنيّة التجارة.

و يشترط فيه امور:

الأوّل: بلوغه حدّ نصاب أحد النقدين؛ فلا زكاة فيما لايبلغه، و الظاهر أنّه كالنقدين في النصاب الثاني أيضاً.

الثاني: مضيّ الحول عليه من حين قصد التكسّب (2).

الثالث: بقاء قصد الاكتساب طول الحول؛ فلو عدل عنه و نوى به القنية في الأثناء، لم يلحقه الحكم، و إن عاد إلى قصد الاكتساب اعتبر ابتداء الحول من حينه (3).

الرابع: بقاء رأس المال (4) بعينه (5) طول الحول.

الخامس: أن يطلب برأس المال أو بزيادة طول الحول؛ فلو كان رأس ماله مأة دينار مثلًا فصار يطلب بنقيصة في أثناء السنة و لو حبّة من قيراط (6) يوماً منها، سقطت الزكاة؛ و المراد برأس المال: الثمن المقابل للمتاع.

و قدر الزكاة فيه ربع العشر، كما في النقدين. و الأقوى تعلّقها بالعين (7)، كما في الزكاة (1). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، بل لايبعد انصراف الأدلّة إلى الأمتعة و الأعيان، فلايشمل المنافع (2). الگلپايگاني: و الإعداد

مكارم الشيرازي: بل من حين التكسّب نفسه، كما عرفت؛ و مجرّد القصد لا أثر له هنا (3). مكارم الشيرازي: بل من حين وقوع التجارة عليه مجدّداً إذا مضى عليه مدّة قصد بها القنية (4). الامام الخميني: هذا الشرط و إن كان بمعنى بقاء السلعة و الشرط الخامس على ما ذكروه محلّ

إشكال، بل عدم اعتبارهما لايخلو من قوّة، و الإجماع أو الشهرة لدى متقدّمي أصحابنا غير ثابتين، و الأدلّة على خلافهما أدلّ؛ نعم، لو طلب بالنقيصة طول الحول تسقط الزكاة و لو بقي على هذا الحال سنتين أو أكثر، فإذا باعه يزكّي لسنة واحدة استحباباً، و يشترط بقاء النصاب طول الحول

مكارم الشيرازي: مراده من رأس المال هنا هو المتاع، و لكنّ الأقوى عدم اعتبار بقائه بعينه (5). الگلپايگاني: بقاؤه بعينه ليس شرطاً بلا إشكال؛ نعم، قيل باعتبار بقاء السلعة الّتي اشتريت به، لكنّ الأقوى خلافه (6). مكارم الشيرازي: هذا الإطلاق محلّ تأمّل و إشكال (7). الامام الخميني: فيه تأمّل، بل لا إشكال في عدم تعلّقها بها كتعلّق الزكاة الواجبة على ما قرّبناه

مكارم الشيرازي: بصورة تقدّمت في المسألة (31) في الفصل الماضي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 140

الواجبة. و إذا كان المتاع عروضاً فيكفي في الزكاة بلوغ النصاب بأحد النقدين دون الآخر.

مسألة 1: إذا كان مال التجارة من النصب الّتي تجب فيها الزكاة، مثل أربعين شاة أو ثلاثين بقرة أو عشرين ديناراً أو نحو ذلك، فإن اجتمعت شرائط كلتيهما وجب إخراج الواجبة و سقطت زكاة التجارة، و إن اجتمعت شرائط إحداهما فقط ثبتت ما اجتمعت شرائطها دون الاخرى.

مسألة 2: إذا كان مال التجارة أربعين غنماً سائمة، فعاوضها في أثناء الحول بأربعين غنماً سائمة سقط كلتا الزكاتين، بمعنى أنّه انقطع حول كلتيهما (1)، لاشتراط بقاء (2) عين النصاب (3) طول الحول، فلابدّ أن يبتدأ الحول من حين تملّك الثانية.

مسألة 3: إذا ظهر في مال المضاربة ربح، كانت زكاة رأس المال مع بلوغه النصاب على ربّ المال، و يضمّ إليه حصّته من الربح، و يستحبّ زكاته أيضاً إذا

بلغ النصاب و تمّ حوله، بل لايبعد (4) كفاية (5) مضيّ حول الأصل، و ليس في حصّة العامل من الربح زكاة، إلّاإذا بلغ النصاب مع اجتماع الشرائط، لكن ليس له التأدية من العين إلّابإذن المالك أو بعد القسمة.

مسألة 4: الزكاة الواجبة مقدّمة على الدين؛ سواء كان مطالباً به أولا، ما دامت عينها موجودة، بل لايصحّ (6) وفاؤه بها بدفع تمام النصاب (7)؛ نعم، مع تلفها و صيرورتها في الذمّة، حالها حال سائر الديون. و أمّا زكاة التجارة، فالدين المطالب به مقدّم عليها، حيث إنّها مستحبّة، سواء قلنا بتعلّقها بالعين أو بالقيمة؛ و أمّا مع عدم المطالبة فيجوز تقديمها، على القولين أيضاً، بل مع المطالبة أيضاً إذا أدّاها صحّت وأجزأت وإن كان آثماً من حيث ترك الواجب. (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا ينقطع الحول بتبدّل العين، بل المعتبر في زكاة مال التجارة حلول الحول على المال بنفسه أو بدله (2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (3). الگلپايگاني: قد مرّ عدم اشتراطه في مال التجارة (4). الامام الخميني: بعيد

مكارم الشيرازي: بل هو بعيد، لا وجه له يعتدّ به (5). الگلپايگاني: لكنّ الأقوى عدم الكفاية (6). الگلپايگاني: لكن إذا أدّاها من غيرها بعده لايبعد الصحّة (7). الامام الخميني: بل و لايدفع البعض إلّامع عزل الزكاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 141

مسألة 5: إذا كان مال التجارة أحد النصب الماليّة واختلف مبدء حولهما، فإن تقدّم حول الماليّة سقطت الزكاة للتجارة؛ و إن انعكس، فإن اعطي زكاة التجارة قبل حلول حول الماليّة سقطت (1)، و إلّاكان (2) كما لو حال الحولان معاً في سقوط مال التجارة.

مسألة 6: لو كان رأس المال أقلّ من النصاب ثمّ بلغه في أثناء الحول، استأنف

الحول عند بلوغه.

مسألة 7: إذا كان له تجارتان ولكلّ منهما رأس مال، فلكلّ منهما شروطه (3) و حكمه؛ فإن حصلت في إحداهما دون الاخرى استحبّت فيها فقط، ولايجبر خسران إحداهما بربح الاخرى.

الثاني: ممّا يستحبّ فيه الزكاة كلّ ما يكال (4) أو يوزن ممّا أنبتته الأرض، عدا الغلّات الأربع فإنّها واجبة فيها و عدا الخضر كالبقل و الفواكه و الباذنجان و الخيار و البطّيخ و نحوها؛ ففي صحيحة زرارة: «عفا رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الخضر، قلت: و ما الخضر؟ قال عليه السلام: كلّ شي ء لايكون له بقاء؛ البقل و البطّيخ و الفواكه و شبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد». و حكم ما يخرج من الأرض ممّا يستحبّ فيه الزكاة حكم الغلّات الأربع في قدر النصاب و قدر ما يخرج منها و في السقي و الزرع و نحو ذلك.

الثالث: الخيل (5) الإناث، بشرط أن تكون سائمة و يحول عليها الحول، و لا بأس بكونها عوامل؛ ففي العتاق منها و هي الّتي تولّدت من عربيّين، كلّ سنة ديناران (6) هما مثقال و نصف صيرفيّ، و في البراذ من كلّ سنة دينار، ثلاثة أرباع المثقال الصيرفيّ. و الظاهر ثبوتها حتّى مع (1). الامام الخميني: إذا نقص عن النصاب، كما هو المفروض ظاهراً

الگلپايگاني: سقوط زكاة الماليّة بأداء الزكاة للتجارة مشكل، إلّاإذا اختلّ شرائطها (2). مكارم الشيرازي: محلّ إشكال؛ و الأحوط الصبر إلى حلول حول الماليّة فيؤتى زكاتها (3). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لاحتمال كون النصاب باعتبار المجموع كما في الماليّة؛ و كذلك عدم جبران خسارة إحداهما بالاخرى غير معلوم، و لكنّه أحوط (4). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه (5). الامام الخميني: لايخلو من شوب الإشكال (6).

مكارم الشيرازي: ظاهر الرواية المرويّة عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه جعل هذا المقدار عليها، و يحتمل كونه من باب حكم الحاكم المتغيّر بحسب الأزمنة و الظروف، ولكنّ العمل بما في الرواية أولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 142

الاشتراك؛ فلو ملك اثنان فرساً، تثبت الزكاة بينهما.

الرابع: حاصل العقار (1) المتّخذ للنماء، من البساتين و الدكّاكين و المساكن و الحمّامات و الخانات ونحوها. و الظاهر اشتراط النصاب و الحول؛ و القدر المخرج ربع العشر مثل النقدين.

الخامس: الحُليّ، و زكاته إعارته لمؤمن.

السادس: المال الغائب أو المدفون الّذي لايتمكّن من التصرّف فيه، إذا حال عليه حولان أو أحوال، فيستحبّ زكاته لسنة واحدة (2) بعد التمكّن.

السابع: إذا تصرّف في النصاب بالمعاوضة في أثناء الحول بقصد الفرار من الزكاة، فإنّه يستحبّ (3) إخراج زكاته بعد الحول.

[فصل في أصناف المستحقّين للزكاة و مصارفها]
اشارة

فصل في أصناف المستحقّين للزكاة و مصارفها

أصناف المستحقّين للزكاة و مصارفها ثمانية:

[الأوّل و الثاني: الفقير و المسكين

الأوّل و الثاني: الفقير و المسكين؛ و الثاني أسوء حالًا (4) من الأوّل. و الفقير الشرعيّ من لايملك مؤونة السنة له و لعياله، و الغنيّ الشرعيّ بخلافه (5)؛ فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواشٍ أو نحو ذلك تقوم بكفايته (6) و كفاية عياله في طول السنة، لايجوز له أخذ الزكاة، و كذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤونته، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه و عياله و إن كان لسنة واحدة، و أمّا إذا كان أقلّ من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها، و على هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الأخذ و لايلزم أن يصبر إلى آخر السنة حتّى يتمّ ما عنده، ففي كلّ وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة (1). الامام الخميني: لايخلو من إشكال

مكارم الشيرازي: سيأتي أنّه لا دليل عليه يعتدّ به (2). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأحوط عدم ترك هذا الحكم إذا كان التبديل بجنسه (4). مكارم الشيرازي: و يظهر من غير واحد من روايات الباب أنّ «الفقير» هو من لايسأل «و المسكين» من يسأل؛ و لعلّ ذكر الأوّل أوّلًا في آية الزكاة للاهتمام بشأنه، و تفكيكهما للتوجّه إليهما معاً (5). مكارم الشيرازي: و إن لم يصدق عليه عنوان الغنيّ عرفاً بمجرّد ملك قوت السنة (6). الگلپايگاني: يعني يقوم ربحها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 143

يجوز له الأخذ، و كذا لايجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصّل منهما مقدار مؤونته، و الأحوط (1) عدم أخذ

القادر (2) على الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلًا (3).

مسألة 1: لوكان له رأس مال لايقوم ربحه بمؤونته لكن عينه تكفيه، لايجب عليه صرفها في مؤونته، بل يجوز له إبقاؤه للاتّجار به و أخذ البقيّة من الزكاة؛ و كذا لو كان صاحب صنعة تقوم آلاتها، أو صاحب ضيعة تقوم قيمتها بمؤونته، و لكن لايكفيه الحاصل منهما، لايجب عليه بيعها و صرف العوض في المؤونة (4)، بل يبقيها و يأخذ من الزكاة بقيّة المؤونة.

مسألة 2: يجوز (5) أن يعطى الفقير أزيد (6) من مقدار مؤونة سنته دفعةً، فلايلزم الاقتصار على مقدار مؤونة سنة واحدة؛ و كذا في الكاسب الّذي لايفي كسبه بمؤونة سنته، أو صاحب الضيعة الّتي لايفي حاصلها، أو التاجر الّذي لايفي ربح تجارته بمؤونة سنته، لايلزم الاقتصار على إعطاء التتمّة، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين، بل يجوز جعله غنيّاً عرفيّاً و إن كان الأحوط الاقتصار؛ نعم، لو أعطاه دفعات، لايجوز بعد أن حصل عنده مؤونة السنة أن يعطى شيئاً و لو قليلًا، مادام كذلك.

(1). الامام الخميني: بل عدم جواز أخذه لا يخلو من قوّة

الگلپايگاني: و الأقوى جواز أخذه بعد العجز؛ نعم، الأحوط له ترك التكاسل (2). الخوئي: بل الأظهر عدم جواز الأخذ (3). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز إعطاء الزكاة للمتكاسل و البطّال و ذي مرّة سويّ، إلّاإذا مضى وقت الاكتساب و احتاج، فيجوز إعطاؤه بمقدار حاجته فعلًا (و إن كان عاصياً ببطالته سابقاً على الأحوط، لو لم يكن الأقوى)؛ و من هنا لو علمنا بأنّ إعطاء الزكاة له يشوّقه على هذا المنكر، أشكل من باب وجوب النهي عن المنكر (4). مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون رأس مال كثير كمّاً أو كيفاً يمكن تبديله بما يكفّ نفسه

عن الزكاة معها، فيشكل معه أخذه الزكاة، بل يحرم (5). الامام الخميني: فيه إشكال، لايُترك الاحتياط بعدم الإعطاء و الأخذ أزيد من مؤونة السنة؛ و كذا في الفرع الآتي (6). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك؛ و كذا الحال فيما بعده

مكارم الشيرازي: هذا الحكم و إن كان مشهوراً، إلّاأنّه مشكل جدّاً، بل ممنوع مطلقاً، لانصراف أدلّة الزكاة و ظهور غير واحد منها في أخذ ما يحتاج إليه لسنة، بل لاينبغي الشكّ فيه بعد كون الزكاة سنويّاً و كون ملاك الفقر و الغنى أيضاً كذلك و كون تشريعها لسدّ خلّة الفقراء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 144

مسألة 3: دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله و لو لعزّه وشرفه، لايمنع من إعطاء الزكاة و أخذها، بل و لو كانت متعدّدة مع الحاجة إليها، و كذا الثياب و الألبسة الصيفيّة و الشتويّة السفريّة و الحضريّة و لو كانت للتجمّل، و أثاث البيت من الفروش و الظروف و سائر ما يحتاج إليه؛ فلايجب بيعها في المؤونة، بل لو كان فاقداً لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها، و كذا يجوز أخذها لشراء الدار و الخادم و فرس الركوب والكتب العلميّة ونحوها مع الحاجة إليها؛ نعم، لو كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته بحسب حاله، وجب (1) صرفه (2) في المؤونة، بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته و أمكنه بيع المقدار الزائد منها عن حاجته وجب بيعه، بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقلّ منها قيمةً فالأحوط (3) بيعها وشراء الأدون، و كذا في العبد و الجارية و الفرس (4).

مسألة 4: إذا كان يقدر على التكسّب لكن ينافي شأنه، كما

لو كان قادراً على الاحتطاب و الاحتشاش الغير اللائقين بحاله، يجوز له أخذ الزكاة؛ و كذا إذا كان عسراً و مشقّة، من جهة كِبَر أو مرض أو ضعف، فلايجب عليه التكسّب حينئذٍ.

مسألة 5: إذا كان صاحب حرفة و صنعة و لكن لايمكنه الاشتغال بها من جهة فقد الآلات أو عدم الطالب، جاز له أخذ الزكاة (5).

مسألة 6: إذا لم يكن له حرفة و لكن يمكنه تعلّمها من غير مشقّة، ففي وجوب التعلّم (1). مكارم الشيرازي: في التعبير مسامحة، و الأولى أن يقال: لا يجوز له أخذ الزكاة (2). الامام الخميني: أي لايجوز له أخذ الزكاة؛ و كذا صاحب الدار الّتي تزيد عن مقدار حاجته، لايجوز له أخذها، أمّا وجوب البيع فلا (3). الامام الخميني: إن كانت محلّ حاجته لكن يمكن له الاقتصار بالأقلّ، يجوزله أخذ الزكاة، وكذا في العبد وغيره

الگلپايگاني: و الأقوى عدم وجوبه ما لم يبلغ حدّ الإسراف (4). مكارم الشيرازي: كلّ ذلك إذا عدّ حفظها إسرافاً في حقّه، لا ما إذا كان توسعة لائقة بشأنه؛ فالمدار على اللياقة بشأنه، لا مجرّد الحاجة (5). الگلپايگاني: لكن يقتصر على أخذها لتحصيل الآلات

مكارم الشيرازي: و الأحوط الاقتصار على أخذها لتحصيل ما يحتاج إليه من الآلات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 145

وحرمة أخذ الزكاة بتركه إشكال (1)، و الأحوط التعلّم (2) و ترك الأخذ بعده؛ نعم، مادام مشتغلًا بالتعلّم، لا مانع من أخذها.

مسألة 7: من لايتمكّن من التكسّب طول السنة إلّافي يوم أو اسبوع مثلًا و لكن يحصل له في ذلك اليوم أو الاسبوع مقدار مؤونة السنة، فتركه و بقي طول السنة لايقدر على الاكتساب، لايبعد (3) جواز أخذه و إن قلنا: إنّه عاصٍ بالترك في ذلك اليوم

(4) أو الاسبوع، لصدق الفقير عليه حينئذٍ.

مسألة 8: لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه، يجوز له أخذ الزكاة (5) إذا كان ممّا يجب (6) تعلّمه (7) عيناً أو كفايةً، و كذا إذا كان ممّا يستحبّ تعلّمه كالتفقّه في الدين اجتهاداً أو تقليداً؛ و إن كان ممّا لايجب و لايستحبّ (8) كالفلسفة (9) و النجوم و الرياضيّات و (1). مكارم الشيرازي: بل الأقوى حرمة أخذ الزكاة عليه بالنسبة إلى الأزمنة الآتية الّتي يقدر على الكفاية فيها، و أمّا إذا ترك و صار محتاجاً بالفعل جاز له أخذها، كما ذكرناه آنفاً؛ و أمّا تحصيل العلم عليه، فلايجب إلّالتحصيل قوت لايموت معه أو لنفقة عياله الواجب نفقتهم (2). الگلپايگاني: و الأقوى عدم وجوبه (3). الامام الخميني: الأحوط عدم أخذ من كان بناؤه على ذلك؛ نعم، لو اتّفق ذلك يجوز له أخذها؛ و أمّا العصيان بترك التكسّب فلا وجه وجيه له (4). الخوئي: لم يظهر وجه للعصيان (5). الخوئي: إذا لم يكن الوجوب عينيّاً يشكل الأخذ من حصّة الفقراء؛ نعم، يجوز الصرف عليه من سهم سبيل اللّه بلا إشكال إذا كان فيه مصلحة عامّة (6). الگلپايگاني: لا إشكال في جواز ترك التكسّب للقادر عليه مع اشتغاله بطلب العلم الواجب أو المستحبّ، بل المباح مع التمكّن من تأمين نفقته و نفقة عياله و لو من الزكاة؛ لكنّ الإشكال في جواز أخذها بمجرّد الاشتغال مع بقاء القدرة؛ و الأحوط ترك الأخذ إلّابعد العجز (7). مكارم الشيرازي: لا إشكال في جواز أخذ الزكاة لطالب العلم المطلوب شرعاً، مستحبّاً كان أو واجباً، كفائيّاً أو عينيّاً، بملاك سهم سبيل اللّه إذا قلنا بعمومه؛ و أمّا بملاك الفقر، فلايجوز في المستحبّ و الكفائيّ الّذي له من

به الكفاية، لقدرته على أن يكفّ نفسه من الزكاة على الفرض؛ و أمّا المشتغل بالعلم الواجب الدينيّ أو غير الدينيّ كالطبّ و نحوه إذا توقّف حفظ النفوس عليه عيناً أو شبهه، فلا إشكال في جوازه له (8). الامام الخميني: في بعض الأمثلة مناقشة (9). مكارم الشيرازي: في بعض أمثلته إشكال، لأنّه قد يستفاد من الفلسفة ما يفيد في العقائد من التوحيد و المعاد، و من النجوم ما يفيده فيها أو في العبادات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 146

العروض و الأدبيّة لمن لايريد التفقّه في الدين، فلايجوز أخذه.

مسألة 9: لو شكّ في أنّ ما بيده كافٍ لمؤونة سنته أم لا، فمع سبق وجود ما به الكفاية لايجوز (1) الأخذ، و مع سبق العدم و حدوث مايشكّ في كفايته يجوز، عملًا بالأصل في الصورتين (2).

مسألة 10: المدّعي للفقر إن عرف صدقه أو كذبه عومل به، و إن جهل الأمران فمع سبق فقره يعطى من غير يمين، و مع سبق الغنى أو الجهل بالحالة السابقة فالأحوط عدم الإعطاء، إلّا مع الظنّ (3) بالصدق (4)، خصوصاً في الصورة الاولى.

مسألة 11: لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاةً؛ سواء كان حيّاً أو ميّتاً، لكن يشترط في الميّت أن لايكون له تركة تفي بدينه، و إلّالايجوز؛ نعم، لو كان له تركة لكن لايمكن الاستيفاء منها لامتناع الورثة أو غيرهم، فالظاهر الجواز (5).

مسألة 12: لايجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، بل لوكان ممّن يترفّع و يدخله الحياء منها و هو مستحقّ، يستحبّ دفعها إليه على وجه الصلة ظاهراً والزكاة واقعاً؛ بل لو اقتضت المصلحة (6) (1). الامام الخميني: و كذا مع عدم العلم بالسبق بالوجود و العدم (2). مكارم الشيرازي: ولكنّ

الأحوط الفحص بمقدار يتعارف في مثله (3). الگلپايگاني: بل الوثوق على الأحوط

مكارم الشيرازي: الحاصل من ظاهر الحال و غيره؛ و لايعتبر الاطمينان، لتعسّره في كثير من الموارد مع سعة دائرة الزكاة، و لأنّه لايوجد منه في الأخبار و كلمات المشهور عين و لا أثر، و لجريان السيرة على خلافه، و غير ذلك (4). الامام الخميني: الناشئ من ظهور حاله

الخوئي: الأقوى جوازه مع الجهل بالحالة السابقة حتّى مع عدم الظنّ بالصدق؛ و أمّا مع العلم بسبق الغنى فجواز الاكتفاء بالظنّ لايخلو من إشكال، بل منع (5). الگلپايگاني: فيه إشكال

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّه لايكون بحكم الفقير مع وجود المال له، و مجرّد امتناع الورثة لايكفي في ذلك (6). الامام الخميني، الگلپايگاني: المسوّغة للكذب

مكارم الشيرازي: كما إذا عرضه مرض لو سمع ذلك، لشدّة تأثّره، أو شبه ذلك ممّا يسوّغ الكذب؛ و إلّالايكون أخذ الزكاة لأهله نقصاً حتّى يسوّغ الكذب لأجله؛ كيف و قد فرضها اللّه لهم؟

العروة الوثقى، ج 2، ص: 147

التصريح كذباً بعدم كونها زكاةً، جاز (1) إذا لم يقصد (2) القابض عنواناً آخر (3) غير الزكاة، بل قصد مجرّد التملّك.

مسألة 13: لو دفع الزكاة باعتقاد الفقر، فبان كون القابض غنيّاً، فإن كانت العين باقية ارتجعها (4)، و كذا مع تلفها إذا كان القابض عالماً (5) بكونها زكاة و إن كان جاهلًا بحرمتها للغنيّ، بخلاف ما إذا كان جاهلًا بكونها زكاة فإنّه لا ضمان (6) عليه (7)؛ و لو تعذّر الارتجاع أو تلفت بلا ضمان أو معه و لم يتمكّن الدافع من أخذ العوض، كان ضامناً (8)، فعليه الزكاة مرّة اخرى (9)؛ نعم، لو كان الدافع هو المجتهد (10) أو المأذون منه، لا ضمان عليه و لا

على المالك الدافع إليه.

مسألة 14: لو دفع الزكاة إلى غنيّ جاهلًا بحرمتها عليه أو متعمّداً، استرجعها مع البقاء أو (1). الخوئي: جواز الكذب في أمثال المقام لايخلو من إشكال، بل منع؛ نعم، لا بأس بالتورية (2). الگلپايگاني: على الأحوط

الامام الخميني: لا دخالة لقصد القابض في وقوع الزكاة

مكارم الشيرازي: بل و إن قصد ذلك، لأن المعتبر فيها مجرّد الصرف و إن لم يتملّك، و لذا يجوز احتسابه في الدين، كما مرّ (3). الخوئي: لا أثر لقصد القابض في أمثال المقام (4). مكارم الشيرازي: وجوباً إذا كانت معزولة، و جوازاً إذا لم تكن كذلك (5). مكارم الشيرازي: لا فرق بين العلم و الجهل في الضمان، كما هو المعروف؛ غاية الأمر إذا كان جاهلًا و كان مع ذلك مغروراً من ناحية الدافع، لم يستقرّ عليه الضمان و جاز رجوعه إلى الغارّ (6). الامام الخميني: مع احتماله كونها زكاة فالظاهر ضمانه؛ نعم، مع إعطائه بغير عنوانها سقط ضمانه (7). الخوئي: بمعنى أنّه لايستقرّ عليه الضمان (8). الامام الخميني: فيما إذا كان الدفع بإذن شرعيّ فالأقوى عدم الضمان، بخلاف ما لو كان إحراز الفقر بأمارةعقليّة كالقطع، فإنّ الظاهر ضمانه حينئذٍ

الخوئي: الظاهر عدم الضمان إذا كان الدفع مع الحجّة و من دون تقصير في الاجتهاد (9). مكارم الشيرازي: الحقّ هو كفايته، كما هو المشهور هنا، لإجزاء الأوامر الظاهريّة عندنا؛ نعم، الأوامر الخياليّة المسمّاة بالظاهريّة العقليّة، مثل علم الخاطي، لا وجه لإجزائه؛ نعم، حيث كان الظنّ بالفقر فضلًا عن العلم به، كافياً في ظاهر الشرع هنا، كان الحكم بالإجزاء مطلقاً هو الأقوى (10). الامام الخميني: إذا كان الدفع بعنوان الولاية لا الوكالة من قبل المالك، فإنّه حينئذٍ ضامن يجب عليه دفع الزكاة ثانياً فيما

قلنا بالضمان في الفرع السابق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 148

عوضها مع التلف و علم القابض (1)، و مع عدم الإمكان يكون عليه مرّة اخرى (2)، و لا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة و غيرها، و كذا في المسألة السابقة؛ و كذا الحال لو بان أنّ المدفوع إليه كافر أو فاسق إن قلنا باشتراط العدالة، أو ممّن تجب نفقته عليه أو هاشميّ إذا كان الدافع من غير قبيله.

مسألة 15: إذا دفع الزكاة باعتقاد أنّه عادل فبان فقيراً فاسقاً، أو باعتقاد أنّه عالم فبان جاهلًا، أو زيد فبان عمرواً، أو نحو ذلك، صحّ و أجزأ إذا لم يكن على وجه التقييد (3)، بل كان من باب الاشتباه في التطبيق، و لايجوز استرجاعه حينئذٍ و إن كانت العين باقية؛ و أمّا إذا كان على وجه التقييد فيجوز (4)، كما يجوز نيّتها مجدّداً مع بقاء العين أو تلفها إذا كان ضامناً، بأن كان عالماً باشتباه الدافع و تقييده.

[الثالث: العاملون عليها]

الثالث: العاملون عليها، و هم المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه الخاصّ أو العامّ لأخذ الزكوات و ضبطها و حسابها و إيصالها إليه أو إلى الفقراء على حسب إذنه؛ فإنّ العامل يستحقّ منها سهماً في مقابل عمله و إن كان غنيّاً. و لايلزم استيجاره من الأوّل أو تعيين مقدار له على وجه الجعالة، بل يجوز أيضاً أن لايعيّن له و يعطيه بعد ذلك ما يراه (5). و يشترط (6) فيهم التكليف بالبلوغ و العقل و الإيمان (7)، بل العدالة (8) و الحرّيّة أيضاً على (1). الامام الخميني: أو احتماله كما مرّ، إلّاإذا دفع بغير عنوانها (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة السابقة أنّه لو عمل بحكم ظاهريّ شرعيّ،

لايجب عليه الإعادة؛ و كذلك لو بان أنّ المدفوع إليه كافر أو غير ذلك من فاقدي الشرائط (3). الامام الخميني: لايبعد الصحّة مطلقاً

الخوئي: الدفع الخارجي غير قابل للتقييد؛ و بذلك يظهر حال ما فرّع عليه (4). مكارم الشيرازي: إلّاأن تكون معزولة، فإنّ استردادها مشكل، و الأحوط تجديد النيّة؛ و ذلك لأنّ الزكاة وقعت في محلّها و لم يكن له إلّاحفظها و إيصالها إلى مستحقّها، و قد حصل (5). مكارم الشيرازي: بحسب عمله كمّاً و كيفاً (6). الخوئي: على الأحوط (7). مكارم الشيرازي: على الأحوط فيه و فيما قبله، لغموض مستندها (8). الامام الخميني: و إن لايبعد كفاية الوثوق و الاطمينان في عمله

مكارم الشيرازي: بل يكفي مجرّد الوثوق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 149

الأحوط؛ نعم، لا بأس بالمكاتب؛ و يشترط أيضاً معرفة المسائل المتعلّقة بعملهم اجتهاداً أو تقليداً، و أن لايكونوا من بني هاشم؛ نعم، يجوز استيجارهم من بيت المال أو غيره، كما يجوز عملهم تبرّعاً. و الأقوى عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة مع بسط يد نائب الإمام عليه السلام في بعض الأقطار؛ نعم، يسقط بالنسبة إلى من تصدّى بنفسه لإخراج زكاته و إيصالها إلى نائب الإمام عليه السلام أو إلى الفقراء بنفسه.

[الرابع: المؤلّفة قلوبهم من الكفّار]

الرابع: المؤلّفة قلوبهم من الكفّار (1) الّذين يراد من إعطائهم الفتهم و ميلهم إلى الإسلام أو إلى معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفّار أو الدفاع؛ و من المؤلّفة قلوبهم (2) الضعفاء العقول من المسلمين، لتقوية اعتقادهم أو لإمالتهم (3) إلى المعاونة في الجهاد أو الدفاع.

[الخامس: الرقاب

الخامس: الرقاب؛ و هم ثلاثة أصناف:

الأوّل: المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة، مطلقاً كان أو مشروطاً؛ و الأحوط أن يكون بعد حلول النجم، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال. و يتخيّر بين الدفع إلى كلّ من المولى و العبد، لكن إن دفع إلى المولى و اتّفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فردّ إلى الرقّ، يسترجع منه (4)؛ كما أنّه لو دفعها إلى العبد و لم يصرفها في فكّ رقبته لاستغنائه بإبراء أو تبرّع أجنبيّ، يسترجع منه؛ نعم، يجوز الاحتساب حينئذٍ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيراً. و لو ادّعى العبد أنّه مكاتب أو أنّه عاجز، فإن علم صدقه أو أقام بيّنة، قبل قوله، و إلّاففي قبول قوله إشكال (5)، و الأحوط عدم القبول (6)؛ سواء صدّقه المولى أو كذّبه، كما (1). مكارم الشيرازي: المذكور في روايات الباب أنّهم المسلمون ضعفاء الإيمان؛ و أمّا الكفّار، فلا دليل على إعطائهم من هذا السهم إلّاذهاب المشهور، كما حكي، أو الأولويّة، أو إشعار رواية (1/ 1) من أبواب المستحقّين، و لايخلو جميعها عن نظر، فالأحوط إعطاؤهم من سهم سبيل اللّه؛ و كذا الكلام في الترغيب إلى الجهاد (2). الگلپايگاني: لايبعد اختصاص إعطاء هذا السهم بالإمام عليه السلام (3). الامام الخميني: لايخلو من تأمّل (4). مكارم الشيرازي: و احتمال تملّك المولى له كسائر ما أدّاه العبد إليه، بعيد، لعدم إطلاق في أدلّة

الزكاة من هذه الجهة (5). مكارم الشيرازي: لا يبعد القبول إذا حصل من قوله أو من تأييد المولى له الظنّ بالصدق، كما مرّ في الفقراء؛ و كذلك قول المولى (6). الخوئي: الأظهر القبول، بل لو ادّعى العجز عن أداء مال الكتابة و لم يكن مسبوقاً بالقدرة لايبعد قبول قوله بلا حاجة إلى تصديق المولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 150

أنّ في قبول قول المولى مع عدم العلم و البيّنة أيضاً كذلك؛ سواء صدّقه العبد أو كذّبه. و يجوز إعطاء المكاتب من سهم الفقراء (1) إذا كان عاجزاً (2) عن التكسّب (3) للأداء، و لايشترط إذن المولى في الدفع إلى المكاتب؛ سواء كان من باب الرقاب أو من باب الفقر.

الثاني: العبد تحت الشدّة، و المرجع في صدق الشدّة العرف؛ فيشترى و يُعتق، خصوصاً إذا كان مؤمناً في يد غير المؤمن.

الثالث: مطلق عتق العبد مع عدم وجود (4) المستحقّ (5) للزكاة. و نيّة الزكاة في هذا و السابق عند دفع الثمن إلى البايع، و الأحوط (6) الاستمرار (7) بها إلى حين الإعتاق (8).

[السادس: الغارمون

السادس: الغارمون و هم الّذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها وإن كانوا مالكين لقوت سنتهم؛ و يشترط أن لايكون الدين مصروفاً في المعصية، و إلّالم يقض من هذا السهم و إن جاز إعطاؤه من سهم الفقراء؛ سواء تاب عن المعصية أو لم يتب (9)، بناءً على عدم اشتراط العدالة في الفقير؛ و كونه مالكاً لقوت سنته لاينافي فقره (10)، لأجل وفاء الدين الّذي (1). الخوئي: فيه إشكال (2). الگلپايگاني: و كان فقيراً، فإنّ مجرّد العجز عن التكسّب لايوجب الفقر

مكارم الشيرازي: إذا كان عتقه ممّا يحتاج إليه على حدّ سائر حوائجه الّتي يأخذ الزكاة لها، لا ما إذا كان

مستريحاً عند مولاه (3). الامام الخميني: بل إذا كان فقيراً (4). الامام الخميني: بل مع وجوده على الأقوى (5). الخوئي: بل مع وجوده أيضاً

مكارم الشيرازي: اعتبار هذا القيد في جميع الموارد مشكل و إن كان أحوط (6). الگلپايگاني: لايُترك (7). الامام الخميني: لايُترك و إن كان ما في المتن هو الأقرب (8). مكارم الشيرازي: إذا كانت الزكاة معزولة، فلاكلام؛ أمّا إذا عزله بالاشتراء، بناءً على كفاية ذلك في العزل، فالنيّة عند الاشتراء، و إلّافالنيّة عند العتق؛ و منه تعرف مواقع الإشكال في كلامه قدس سره (9). الامام الخميني: يأتي الاحتياط في شارب الخمر، و المتجاهر بالكبائر مثله

مكارم الشيرازي: إعطاؤه من سهم الفقراء أو سبيل اللّه مشكل جدّاً، سواء تاب أم لم يتب، لأنّ ظاهر الأدلّة حرمانه عن الزكاة، لا مجرّد تغيير العنوان الّذي لا أثر له في النتيجة أصلًا (10). الخوئي: الظاهر أنّه ينافيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 151

لايفي كسبه أو ما عنده به؛ و كذا يجوز إعطاؤه من سهم سبيل اللّه (1)؛ و لو شكّ في أنّه صرفه في المعصية أم لا، فالأقوى جواز إعطائه من هذا السهم و إن كان الأحوط خلافه (2)؛ نعم، لايجوز له الأخذ إذا كان قد صرفه في المعصية؛ و لو كان معذوراً في الصرف في المعصية لجهل أو اضطرار أو نسيان أو نحو ذلك، لا بأس بإعطائه، و كذا لو صرفه فيها في حال عدم التكليف لصغرٍ أو جنون؛ و لا فرق في الجاهل بين كونه جاهلًا بالموضوع أو الحكم (3).

مسألة 16: لا فرق بين أقسام الدين، من قرض أو ثمن مبيع أو ضمان مال أو عوض صلح أو نحو ذلك، كما لو كان من باب غرامة إتلاف؛

فلو كان الإتلاف جهلًا أو نسياناً و لم يتمكّن من أداء العوض، جاز إعطاؤه من هذا السهم، بخلاف ما لو كان على وجه العمد و العدوان.

مسألة 17: إذا كان دينه مؤجّلًا، فالأحوط (4) عدم الإعطاء من هذا السهم قبل حلول أجله و إن كان الأقوى الجواز (5).

مسألة 18: لو كان كسوباً يقدر على أداء دينه بالتدريج، فإن كان الديّان مطالباً فالظاهر جواز إعطائه (6) من هذا السهم، و إن لم يكن مطالباً فالأحوط (7) عدم إعطائه. (1). الامام الخميني: مع انطباقه عليه

الخوئي: سيأتي أنّ سهم سبيل اللّه لايشمل المقام

الگلپايگاني: إنطباق سبيل اللّه عليه لايخلو من إشكال، فلايُترك الاحتياط (2). مكارم الشيرازي: لايُترك، إلّاإذا حصل الظنّ المعتدّ به بصرفه في غير المعصية (3). الامام الخميني: الأحوط عدم الإعطاء بالجاهل المقصّر

الگلپايگاني: مع كونه معذوراً، كما هو المفروض (4). الگلپايگاني: لايُترك

الخوئي: هذا الاحتياط لايُترك (5). مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، فلا يترك الاحتياط بتركه، لانصراف الأدلّة إلى العاجز؛ و صدق العاجز عليه بعيد (6). الگلپايگاني: مع إمكان الاستمهال أو الاستدانة مشكل، فلايُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان قادراً على الاستقراض، فلايجوز إعطاؤه، بل يحتمل في صورة عدم وجود المقرض إقراضه من الزكاة، فلايُترك الاحتياط بذلك (7). مكارم الشيرازي: بل الأقوى ذلك، و إلّاجاز أداء ديون كثير من التجّار و أشباههم من هذا السهم، و هو عجيب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 152

مسألة 19: إذا دفع الزكاة إلى الغارم فبان بعده أنّ دينه في معصية، ارتجع منه، إلّاإذا كان فقيراً، فإنّه يجوز احتسابه عليه من سهم الفقراء (1)، و كذا إذا تبيّن أنّه غير مديون، و كذا إذا أبرأه الدائن بعد الأخذ لوفاء الدين.

مسألة 20: لو ادّعى أنّه مديون، فإن

أقام بيّنة، قبل قوله، و إلّافالأحوط عدم تصديقه (2) و إن صدّقه الغريم، فضلًا عمّا لو كذّبه أو لم يصدّقه.

مسألة 21: إذا أخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدين ثمّ صرفه في غيره، ارتجع منه.

مسألة 22: المناط هو الصرف في المعصية أو الطاعة، لا القصد من حين الاستدانة؛ فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية، لم يعط من هذا السهم، و في العكس بالعكس.

مسألة 23: إذا لم يكن الغارم متمكّناً من الأداء حالًاّ و تمكّن بعد حين، كأن يكون له غلّة لم يبلغ أوانها أو دين مؤجّل يحلّ أجله بعد مدّة، ففي جواز إعطائه من هذا السهم إشكال و إن كان الأقوى عدم الجواز مع عدم المطالبة من الدائن أو إمكان الاستقراض و الوفاء من محلّ آخر ثمّ قضاؤه بعد التمكّن.

مسألة 24: لو كان دين الغارم لمن عليه الزكاة، جاز له احتسابه (3) عليه زكاةً، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاءً للدين (4) و يأخذها (1). الامام الخميني: إلّاإذا كان شارب الخمر، أو متجاهراً بكبائر مثله على الأحوط، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه في أصل المسألة (2). الگلپايگاني: و الأقوى قبوله إن لم يكذّبه الدائن و حصل من قوله الظنّ، فيجوز إعطاؤه لأداء دينه؛ نعم، أداءدينه بذلك من دون الإعطاء عليه محلّ منع

مكارم الشيرازي: الأقوى جواز قبول قوله إذا حصل منه الظنّ المعتدّ به، لجريان السيرة عليه و عدم طريق آخر لإثبات ذلك غالباً؛ و لا فرق فيه بين أسباب الظنّ (3). الگلپايگاني: بأن يبرء ذمّة الغارم زكاةً (4). الگلپايگاني: أي يأخذ الزكاة وفاءً للدين

مكارم الشيرازي: في العبارة مسامحة ظاهرة، و حقّ العبارة: أو يجعلها ملكاً له من باب الزكاة ثمّ أخذها مقاصّة؛

و إلّالو جعلها وفاءً، لا معنى للمقاصّة بعد الوفاء؛ و على كلّ حال فولايته من قبل المديون في القبض و التملّك مشكل. و لعلّ مفاد النصّ أخذها مقاصّةً من باب أنّ الزكاة ماله، لاندراجه في كلّي «الغارمين» الّذين يكون الزكاة لهم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 153

مقاصّةً (1) و إن لم يقبضها المديون و لم يوكّل في قبضها، ولايجب إعلام المديون بالاحتساب عليه أو بجعلها وفاءً وأخذها مقاصّةً (2).

مسألة 25: لو كان الدين لغير من عليه الزكاة، يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها و لو بدون اطّلاع الغارم.

مسألة 26: لو كان الغارم ممّن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته.

مسألة 27: إذا كان ديّان الغارم مديوناً لمن عليه الزكاة، جاز له إحالته (3) على الغارم، ثمّ يحسب عليه، بل يجوز له أن يحسب (4) ما على الديان وفاءً عمّا في ذمّة الغارم و إن كان الأحوط أن يكون ذلك بعد الإحالة.

مسألة 28: لو كان الدين للضمان عن الغير تبرّعاً لمصلحة (5) مقتضية لذلك مع عدم تمكّنه من الأداء و إن كان قادراً على قوت سنته، يجوز الإعطاء من هذا السهم و إن كان المضمون عنه غنيّاً.

مسألة 29: لو استدان لإصلاح ذات البين، كما لو وُجد قتيل لايدرى قاتله و كاد أن يقع بسببه الفتنة فاستدان للفصل (6)، فإن لم يتمكّن من أدائه جاز الإعطاء من هذا السهم؛ و كذا لو (1). الگلپايگاني: بأن يأخذ الزكاة الّتي هي ملك لكلّي الفقير تقاصّاً عن دين هذا الفقير الشخصي. و قد ورد هذاالتعبير في الرواية، لكنّ الأحوط ترك هذا القسم لاحتمال عدم إرادة معناه المصطلح في الرواية و يمكن

أن يكون الأخذ بالمقاصّة تفسيراً لاحتساب الزكاة وفاءً للدين، لكنّه على هذا ليس له معنى محصّل (2). الامام الخميني: لا معنى لها بعد احتسابه وفاءً؛ نعم، لو وكّل الغارم الدائن في أخذ الزكاة يجوز أخذ ما عنده زكاة من قبله ثمّ أخذه مقاصّة مع حصول شرط المقاصّة (3). مكارم الشيرازي: يعني يجوز للديّان إحالة من عليه الزكاة إلى الفقير، فإنّهم مديونون له كما أنّهم داينون للفقير (4). الخوئي: فيه إشكال (5). مكارم الشيرازي: و كانت تلك المصلحة مطابقة لشأنه (6). مكارم الشيرازي: إذا كان ذاك الدين مطابقاً لشأنه، و كذا ما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 154

استدان لتعمير مسجد أو نحو ذلك من المصالح العامّة؛ و أمّا لو تمكّن من الأداء فمشكل (1)؛ نعم، لايبعد (2) جواز الإعطاء (3) من سهم سبيل اللّه (4) و إن كان لايخلو عن إشكال (5) أيضاً، إلّاإذا كان (6) من قصده (7) حين الاستدانة ذلك.

[السابع: سبيل اللّه

السابع: سبيل اللّه، و هو جميع سبل الخير (8)، كبناء القناطر و المدارس و الخانات والمساجد و تعميرها و تخليص المؤمنين من يد الظالمين، و نحو ذلك من المصالح كإصلاح ذات البين و دفع وقوع الشرور و الفتن بين المسلمين و كذا إعانة الحجّاج و الزائرين و إكرام العلماء و المشتغلين مع عدم تمكّنهم من الحجّ و الزيارة و الاشتغال و نحوها من أموالهم، بل الأقوى جواز دفع هذا السهم في كلّ قربة مع عدم تمكّن المدفوع إليه من فعلها بغير الزكاة، بل مع تمكّنه أيضاً لكن مع عدم إقدامه إلّابهذا الوجه.

[الثامن: ابن السبيل

الثامن: ابن السبيل، و هوالمسافر الّذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته، بحيث لايقدر معه على الذهاب و إن كان غنيّاً في وطنه، بشرط عدم تمكّنه من الاستدانة أو بيع ما يملكه أو نحو (1). مكارم الشيرازي: بل ممنوع، لتمكّنه منه (2). الامام الخميني: بعيد (3). مكارم الشيرازي: بل يبعد جواز الإعطاء من هذا السهم مطلقاً و إن كان من قصده ذلك حين الاستدانة، إلّاإذا كان له ولاية شرعيّة عليها (4). الگلپايگاني: فيه إشكال (5). الخوئي: الإشكال قويّ جدّاً (6). الگلپايگاني: بل و إن كان من قصده ذلك؛ فلايُترك الاحتياط (7). الخوئي: بل هذا أيضاً لايخلو من الإشكال (8). الامام الخميني: لايبعد أن يكون سبيل اللّه هو المصالح العامّة للمسلمين و الإسلام، كبناء القناطر وتعميرالطرق و الشوارع و ما به يحصل تعظيم الشعائر و علوّ كلمة الإسلام، أو دفع الفتنة و الفساد عن حوزة الإسلام و بين القبيلتين من المسلمين و أشباه ذلك، لا مطلق القربات كالإصلاح بين الزوج و الزوجة و الوالد و الولد

الخوئي: بل خصوص ما فيه مصلحة عامّة

مكارم الشيرازي: لايبعد اختصاص

هذا السهم بما فيه نفع للإسلام و مصالح المسلمين بما هم مسلمون، كبناء المساجد و المدارس و نشر الكتب الإسلاميّة و دفع الدعايات الباطلة و تقوية جيوش المسلمين و أشباهها، لا كلّ قربة و لا ما فيه منفعة عامّة، لعدم وجود إطلاق يدلّ عليه و انصراف سبيل اللّه إلى ما ذكرنا، و لأنّه قلّما استعمل في كتاب اللّه في غيره و لقرينة المقابلة في آية الزكاة، و إلّادخل فيه جميع مصارف الزكاة و ضعفه ظاهرة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 155

ذلك، و بشرط أن لايكون سفره في معصية (1)؛ فيُدفع إليه قدر الكفاية اللائقة بحاله من الملبوس و المأكول و المركوب أو ثمنها أو اجرتها إلى أن يصل إلى بلده بعد قضاء وطره من سفره، أو يصل إلى محلّ يمكنه تحصيلها بالاستدانة أو البيع أو نحوهما. و لو فضل ممّا اعطي شي ء و لو بالتضييق على نفسه، أعاده على الأقوى (2)؛ من غير فرق بين النقد و الدابّة و الثياب و نحوها، فيدفعه إلى الحاكم (3) و يعلمه بأنّه من الزكاة. و أمّا لو كان في وطنه و أراد إنشاء السفر المحتاج إليه و لا قدرة له عليه، فليس من ابن السبيل؛ نعم، لو تلبّس بالسفر (4) على وجه يصدق عليه ذلك، يجوز إعطاؤه من هذا السهم؛ و إن لم يتجدّد نفاد نفقته، بل كان أصل ماله قاصراً، فلايعطى من هذا السهم قبل أن يصدق عليه اسم ابن السبيل؛ نعم، لو كان فقيراً يعطى من سهم الفقراء.

مسألة 30: إذا علم استحقاق شخص للزكاة و لكن لم يعلم من أىّ الأصناف، يجوز إعطاؤه بقصد الزكاة من غير تعيين الصنف، بل إذا علم استحقاقه من جهتين يجوز إعطاؤه من غير تعيين

الجهة.

مسألة 31: إذا نذر (5) أن يعطي زكاته فقيراً معيّناً لجهة راجحة أو مطلقاً (6)، ينعقد نذره؛ فإن سها فأعطى فقيراً آخر، أجزأ و لايجوز استرداده و إن كانت العين باقية (7)، بل لو كان (1). الگلپايگاني: و لايكون نفسه في معصية أيضاً على الأحوط (2). الگلپايگاني: بل الأحوط

مكارم الشيرازي: إذا كان شيئاً معتدّاً به؛ و على الأحوط إذا لم يكن كذلك (3). الامام الخميني: مع تعذّر إيصاله إلى الدافع أو وكيله، أو كونه حرجيّاً، و إلّافيجب إيصاله إليهما

الگلپايگاني: إن لم يتمكّن من الدفع إلى المالك أو وكيله (4). مكارم الشيرازي: صدقه عليه مشكل، لانصراف عنوانه إلى من تجدّد له النفاذ في السفر؛ أللّهم إلّابإلغاء الخصوصيّة، فتأمّل؛ و لكن إعطاؤه من سهم الفقراء عند صدق عنوانه ممّا لا مانع منه (5). مكارم الشيرازي: يمكن التفصيل فيه بين ما إذا كان نذره على أصل الزكاة (كما إذا لايريد إيتاء الزكاة و لكن ينذر أنّ اللّه لو قضى حاجته أعطى ألفاً من باب الزكاة لفلان) فحينئذٍ يمكن القول بانعقاد نذره و لو لم يكن الخصوصيّة راجحة، بخلاف ما إذا تعلّق نذره بالخصوصيّة فقط، كأن ينذر أنّ زكاته الّتي يريد أدائها يعطيها فلاناً مع عدم وجود جهة راجحة فيه، فإنّ صحّته لاتخلو عن الإشكال (6). الگلپايگاني: بأن يكون هذا الفرد من الزكاة منذوراً؛ و أمّا إن كان المنذور هو التطبيق فلابدّ له من الرجحان (7). مكارم الشيرازي: إذا كان السهو من جهة نسيان النذر، لا في ما إذا أعطاه بزعم أنّه زيد الّذي نذر له، فبان عمرواً؛ فإنّ جواز الاسترجاع في هذه الصورة ليس ببعيد، بناءً على لزوم مراعاة نظر المالك في التعيين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 156

ملتفتاً إلى نذره و

أعطى غيره متعمّداً أجزأ أيضاً (1) و إن كان آثماً في مخالفة النذر و تجب عليه الكفّارة، و لايجوز استرداده أيضاً، لأنّه قد ملك بالقبض.

مسألة 32: إذا اعتقد وجوب الزكاة عليه فأعطاها فقيراً، ثمّ تبيّن له عدم وجوبها عليه، جاز له الاسترجاع إذا كانت العين باقية (2)؛ و أمّا إذا شكّ في وجوبها عليه و عدمه، فأعطى احتياطاً ثمّ تبيّن له عدمه فالظاهر عدم جواز (3) الاسترجاع و إن كانت العين باقية (4).

[فصل في أوصاف المستحقّين
اشارة

فصل في أوصاف المستحقّين و هي امور:

[الأوّل: الإيمان

الأوّل: الإيمان؛ فلايعطى للكافر بجميع أقسامه، و لا لمن يعتقد خلاف الحقّ من فرق المسلمين حتّى المستضعفين منهم، إلّامن سهم المؤلّفة قلوبهم (5) و سهم سبيل اللّه في الجملة.

و مع عدم وجود المؤمن و المؤلّفة و سبيل اللّه يحفظ إلى حال التمكّن.

مسألة 1: تعطى الزكاة من سهم الفقراء لأطفال المؤمنين و مجانينهم؛ من غير فرق بين الذكر و الانثى و الخنثى، و لا بين المميّز و غيره، إمّا بالتمليك بالدفع إلى وليّهم و إمّا بالصرف عليهم مباشرةً أو بتوسّط أمين إن لم يكن لهم وليّ شرعيّ (6) من الأب و الجدّ و القيّم.

مسألة 2: يجوز دفع الزكاة إلى السفيه تمليكاً و إن كان يحجر عليه بعد ذلك، كما أنّه يجوز (1). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّ مفهوم نذره عرفاً عدم إعطائه غيره، فيكون محرّماً، فلايمكن قصد التقرّب به (2). الامام الخميني: الظاهر جواز الاسترجاع مع بقائها مع الإعطاء احتياطاً؛ نعم، لو قصد التصدّق على تقديرعدم الوجوب لم يجز (3). مكارم الشيرازي: إذا كان قصده الصدقة على فرض عدم كونها زكوةً (بناءً على عدم جواز الرجوع في الصدقة)؛ أمّا إذا كان بقصد الهبة على هذا التقدير، فالرجوع جائز، على ما هو المعروف من كون الهبة عقداً جائزاً (4). الگلپايگاني: بل يجوز مع بقاء العين، إلّاأن يقصد كونها صدقة مستحبّة على تقدير عدم الوجوب بأن يقصد الإعطاء للّه تعالى بالأمر الفعلي (5). مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال في إعطاء هذا السهم للكفّار (6). الخوئي: بل معه أيضاً على الأظهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 157

الصرف عليه من سهم سبيل اللّه (1)، بل من سهم الفقراء أيضاً على الأظهر، من كونه كسائر السهام أعمّ

من التمليك و الصرف.

مسألة 3: الصبيّ المتولّد بين المؤمن و غيره يلحق بالمؤمن (2)، خصوصاً إذا كان (3) هو الأب (4)؛ نعم، لو كان الجدّ مؤمناً و الأب غير مؤمن ففيه إشكال، و الأحوط عدم الإعطاء.

مسألة 4: لايعطى ابن الزنا (5) من المؤمنين، فضلًا عن غيرهم من هذا السهم (6).

مسألة 5: لو أعطى غير المؤمن زكاته أهل نحلته ثمّ استبصر، أعادها (7)، بخلاف الصلاة و الصوم إذا جاء بهما على وفق مذهبه، بل و كذا الحجّ و إن كان قد ترك منه ركناً عندنا على الأصحّ؛ نعم، لو كان قد دفع الزكاة إلى المؤمن ثمّ استبصر، أجزأ و إن كان الأحوط الإعادة أيضاً.

مسألة 6: النيّة في دفع الزكاة للطفل و المجنون عند الدفع إلى الوليّ إذا كان على وجه التمليك، و عند الصرف عليهما إذا كان على وجه الصرف.

مسألة 7: استشكل بعض العلماء في جواز إعطاء الزكاة لعوامّ المؤمنين الّذين لايعرفون (1). الامام الخميني: مع انطباقه عليه

الخوئي: الصرف من هذا السهم إذا لم يكن السفيه فقيراً مشكل جدّاً، بل لايبعد عدم جوازه

مكارم الشيرازي: شمول هذا السهم للسفيه و غيره بمجرّد الفقر محلّ إشكال؛ كما مرّ في السابع من مصارف الزكاة (2). الامام الخميني: إذا كان الأب مؤمناً، دون الامّ مع عدم إيمان الأب (3). الخوئي: الظاهر عدم الإلحاق في غير هذه الصورة (4). مكارم الشيرازي: في غير الأب إشكال، لعدم دليل يعتدّ به (5). الامام الخميني: في حال صغره

الگلپايگاني: يعني في حال صغره، لكنّه محلّ تأمّل

الخوئي: إلّاإذا كان مميّزاً و مظهراً للإيمان (6). مكارم الشيرازي: لايبعد جواز إعطائهم بعد كونهم من جماعة المسلمين و في عدادهم، ولادليل على عدمه، هذا في الصغير؛

و أمّا في الكبير المسلم، فلا إشكال (7). مكارم الشيرازي: في المسألة إشكال و إن لم يعرف فيها خلاف، لأنّ المفهوم من روايات الباب أنّها وردت في حقّ الناصب و شبهه إذا وضعها في أهل نحلته ممّن لايوالون أهل البيت عليهم السلام، فهي تحتاج إلى مزيد تأمّل و إن كان الأحوط ما ذكروه؛ و حال الإجماع- لو كان- في هذه المسائل معلوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 158

اللّه إلّابهذا اللفظ، أو النبيّ صلى الله عليه و آله أو الأئمّة: كلًاّ أو بعضاً، أو شيئاً من المعارف الخمس؛ و استقرب عدم الإجزاء، بل ذكر بعض آخر أنّه لايكفي معرفة الأئمّة: بأسمائهم، بل لابدّ في كلّ واحد أن يعرف أنّه من هو و ابن من، فيشترط تعيينه و تمييزه عن غيره و أن يعرف الترتيب في خلافتهم. و لو لم يعلم أنّه هل يعرف ما يلزم معرفته أم لا؟ يعتبر الفحص عن حاله و لايكفي الإقرار الإجمالي بأنّي مسلم مؤمن و إثنا عشريّ. و ما ذكروه مشكل جدّاً، بل الأقوى كفاية الإقرار الإجماليّ (1) و إن لم يعرف أسمائهم أيضاً، فضلًا عن أسماء آبائهم والترتيب في خلافتهم، لكن هذا مع العلم بصدقه في دعواه أنّه من المؤمنين الإثني عشريّين؛ و أمّا إذا كان بمجرّد الدعوى و لم يعلم صدقه و كذبه، فيجب الفحص (2) عنه (3).

مسألة 8: لو اعتقد كونه مؤمناً فأعطاه الزكاة، ثمّ تبيّن خلافه، فالأقوى عدم الإجزاء (4).

[الثاني: أن لايكون ممّن يكون الدفع إليه إعانة على الإثم و إغراء بالقبيح

الثاني: أن لايكون ممّن يكون الدفع إليه إعانة على الإثم و إغراء بالقبيح، فلايجوز إعطاؤها لمن يصرفها في المعاصي، خصوصاً إذا كان تركه ردعاً له عنها؛ و الأقوى عدم اشتراط العدالة و لا عدم ارتكاب (5) الكبائر و لا عدم كونه

شارب الخمر (6)، فيجوز دفعها إلى (1). مكارم الشيرازي: ولكنّ الإقرار الإجمالي ليس معرفة مجرّد اللفظ؛ فلو لم يعرف اللّه إلّابهذا اللفظ و كذلك النبي صلى الله عليه و آله و غيره، لايمكن الحكم بإيمانه، بل يعتبر معرفة اللّه و النبي صلى الله عليه و آله و الأئمّة: بما هم عليه ولو إجمالًا (2). الامام الخميني: يقبل قوله بمجرّد إقراره، و لايجب الفحص إلّاإذا قامت قرائن على كذبه

الگلپايگاني: الأقوى كفاية دعواه من دون لزوم الفحص (3). الخوئي: إلّاإذا كان في بلد الشيعة أو من عشيرة معروفة بالتشيّع و كان يسلك مسلكهم و يعدّ من زمرتهم

مكارم الشيرازي: لايعتبر الفحص، بل يقبل إقراره إذا لم يكن متّهماً (4). الامام الخميني: لكن لو اتّكل على طريق شرعيّ فأعطاه فتلف، لم يضمن على الأقوى

الخوئي: الظاهر أنّ حكمه حكم ما لوأعطى باعتقاد الفقر فبان القابض غنيّاً، و قد تقدّم في المسألة الثالثة عشرة من الفصل السابق

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الإجزاء إذا عمل بالطرق الشرعيّة، لا فيما إذا أخطأ في التشخيص، لأنّ الحقّ إجزاء الأوامر الظاهريّة الشرعيّة، كما ذكرنا في الاصول (5). الامام الخميني: لايُترك الاحتياط بعدم الإعطاء لشارب الخمر و المتجاهر بمثل تلك الكبيرة (6). الخوئي: يشكل جواز الإعطاء له، و كذا لتارك الصلاة أو المتجاهر بالفسق

مكارم الشيرازي: و لايُترك الاحتياط فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 159

الفسّاق و مرتكبي الكبائر و شاربي الخمر بعد كونهم فقراء من أهل الإيمان و إن كان الأحوط اشتراطها، بل وردت رواية بالمنع عن إعطائها لشارب الخمر؛ نعم، يشترط العدالة في العاملين (1) على الأحوط (2)، و لايشترط في المؤلّفة قلوبهم، بل و لا في سهم سبيل اللّه، بل و لا في

الرقاب و إن قلنا باعتبارها في سهم الفقراء (3).

مسألة 9: الأرجح دفع الزكاة إلى الأعدل فالأعدل و الأفضل فالأفضل و الأحوج فالأحوج، و مع تعارض الجهات يلاحظ الأهمّ فالأهمّ، المختلف ذلك بحسب المقامات.

[الثالث: أن لا يكون ممّن تجب نفقته على المزكّي كالأبوين

الثالث: أن لايكون ممّن تجب نفقته على المزكّي كالأبوين و إن علوا، و الأولاد وإن سفلوا من الذكور أو من الإناث، و الزوجة الدائمة الّتي لم يسقط وجوب نفقتها بشرط أو غيره (4) من الأسباب الشرعيّة، و المملوك؛ سواء كان آبقاً أو مطيعاً؛ فلايجوز إعطاء زكاته إيّاهم للإنفاق، بل و لا للتوسعة (5) على الأحوط و إن كان لايبعد جوازه إذا لم يكن عنده (6) ما يوسّع به عليهم؛ نعم، يجوز دفعها إليهم إذا كان عندهم من تجب نفقته عليهم، لا عليه كالزوجة للوالد (7) أو الولد و المملوك لهما مثلًا.

مسألة 10: الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء و لأجل الفقر؛ و أمّا (1). الامام الخميني: مرّ الكلام فيها

الخوئي: الظاهر عدم اعتبارها، بل المعتبر فيهم الوثاقة (2). مكارم الشيرازي: لا دليل على اعتبار أزيد من الأمانة و الوثاقة في العاملين عليها (3). مكارم الشيرازي: لكن يجري بعض أدلّة القائلين باعتبار العدالة فيهم أيضاً و إن كان مخدوشاً عندنا (4). الگلپايگاني: سقوطها بالشرط محلّ تأمّل

مكارم الشيرازي: سقوط النفقة بالشرط محلّ للكلام (5). مكارم الشيرازي: المراد بالتوسعة هو ما يحتاج إليه ممّا لايجب إنفاقه على المنفق، و حينئذٍ لاوجه للإشكال في جواز أخذه من الزكاة بعد عدم وجوبه على المنفق؛ و إن كان مراده بالتوسعة هو بعض ما يجب عليه إنفاقه، فهو داخل في المسألة (19)؛ و سيأتي جواز إنفاقه عليهم من باب الزكاة إذا لم يقدر على غيرها (6). الامام الخميني:

بل مطلقاً ظاهراً (7). مكارم الشيرازي: بناءً على عدم وجوب ذلك على المنفق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 160

من غيره من السهام (1)، كسهم العاملين إذا كان منهم أو الغارمين أو المؤلّفة قلوبهم (2) أو سبيل اللّه أو ابن السبيل (3) أو الرقاب إذا كان من أحد المذكورات، فلا مانع منه.

مسألة 11: يجوز لمن تجب نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه، إذا لم يكن قادراً على إنفاقه أو كان قادراً و لكن لم يكن باذلًا، و أمّا إذا كان باذلًا فيشكل الدفع (4) إليه (5) و إن كان فقيراً، كأبناء الأغنياء إذا لم يكن عندهم شي ء، بل لاينبغي الإشكال في عدم جواز الدفع إلى زوجة المؤسر الباذل، بل لايبعد عدم جوازه مع إمكان إجبار الزوج (6) على البذل إذا كان ممتنعاً منه، بل الأحوط (7) عدم جواز الدفع إليهم للتوسعة اللائقة بحالهم مع كون من عليه النفقة باذلًا للتوسعة أيضاً (8).

مسألة 12: يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتّع بها؛ سواء كان المعطي هو الزوج أو غيره، و سواء كان للإنفاق أو للتوسعة؛ و كذا يجوز دفعها إلى الزوجة الدائمة مع سقوط وجوب نفقتها بالشرط (9) أو نحوه (10)؛ نعم، لو وجبت نفقة المتمتّع بها على الزوج من جهة الشرط أو (1). مكارم الشيرازي: يعني ما زاد على النفقة اللازمة، أو إذا لم يحتج إليها (2). الگلپايگاني: فيما زاد على النفقة الواجبة فيها و في سبيل اللّه و ابن السبيل، فلايعطى عليهم للإنفاق بهذه العناوين؛ و سيأتي منه قدس سره (3). الامام الخميني: فيما زاد على نفقته الواجبة في الحضر

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لإمكان القول بوجوب الإنفاق على المنفق حتّى يوصله إلى بلده، لاسيّما إذا

لم يكن قادراً على أداء القرض لو استقرض منه (4). الامام الخميني: لا إشكال في غير الزوجة، و لايُترك الاحتياط فيها

مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في عدم جوازه، لأنّه يعدّ مثله بحكم الأغنياء؛ فهل يجوز في ارتكاز أهل الشرع إعطاء الزكاة لأولاد أغنى الأغنياء، متعذّراً بأنّهم لايملكون قوت سنتهم؟ و لا شكّ في عدم اعتبار الملك في صدق عنوان الغنى أو عدم الفقر (5). الخوئي: لايبعد جواز الدفع في غير الزوجة إذا كان من تجب عليه النفقة فقيراً (6). مكارم الشيرازي: الإجبار إنّما يجوز من ناحية الحاكم (7). الامام الخميني: و إن كان الجواز لايخلو من قوّة

مكارم الشيرازي: لولا الأقوى (8). الخوئي: بل مطلقاً في موارد عدم الحاجة و الضرورة (9). مكارم الشيرازي: إن قلنا بصحّة هذا الشرط (10). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في سقوطها بالشرط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 161

نحوه، لايجوز الدفع إليها مع يسار الزوج (1).

مسألة 13: يشكل دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة إذا كان سقوط نفقتها من جهة النشوز، لتمكّنها من تحصيلها بتركه.

مسألة 14: يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج و إن أنفقها عليها، و كذا غيرها ممّن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب الخارجيّة.

مسألة 15: إذا عال بأحد تبرّعاً، جاز له دفع زكاته له (2)، فضلًا عن غيره، للإنفاق أو التوسعة؛ من غير فرق بين القريب الّذي لايجب نفقته عليه كالأخ و أولاده و العمّ و الخال و أولادهم، و بين الأجنبيّ، و من غير فرق بين كونه وارثاً له لعدم الولد مثلًا و عدمه.

مسألة 16: يستحبّ إعطاء الزكاة للأقارب مع حاجتهم و فقرهم و عدم كونهم ممّن تجب نفقتهم عليه؛ ففي الخبر: أىّ الصدقة أفضل؟ قال عليه السلام: «على ذي الرحم الكاشح (3)»

و في آخر: «لا صدقة و ذو رحم محتاج».

مسألة 17: يجوز للوالد (4) أن يدفع زكاته إلى ولده للصرف في مؤونة التزويج (5)، و كذا العكس.

مسألة 18: يجوز للمالك دفع الزكاة إلى ولده للإنفاق على زوجته أو خادمه من سهم الفقراء، كما يجوز له دفعه إليه لتحصيل الكتب العلميّة (6) من سهم سبيل اللّه (7).

مسألة 19: لا فرق في عدم جواز دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه بين أن يكون قادراً (1). الامام الخميني: و الإنفاق عليها، أو إمكان إجباره

الگلپايگاني: و بذله و لو بالإجبار

مكارم الشيرازي: و بذله (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت في هذه المسألة و نظائرها إشكالًا، إذا كان ملزماً عرفاً بالإنفاق عليهم و لو لم يجب عليه شرعاً بحيث يكون هذا الإلزام العرفي سبباً للإنفاق عليه عادةً لايتخلّف عنه إلّانادراً، فإنّ مثله بحكم الغنى عرفاً؛ فتأمّل في مصاديقه تعرف حقيقة الحال (3). مكارم الشيرازي: ولكن هذه الرواية أخصّ من المدّعى (4). الخوئي: هذا إذا لم يكن عنده ما يزوّجه به، و إلّاففيه إشكال (5). مكارم الشيرازي: بناءً على عدم وجوبه على الوالد؛ و كذا المسألة الآتية (6). الخوئي: في جواز الدفع إليه من سهم سبيل اللّه تمليكاً إشكال (7). مكارم الشيرازي: أو من سهم الفقراء إذا احتاج إليها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 162

على إنفاقه أو عاجزاً (1)، كما لا فرق بين أن يكون ذلك من سهم الفقراء أو من سائر السهام (2)، فلايجوز الإنفاق عليهم من سهم سبيل اللّه أيضاً و إن كان يجوز لغير الإنفاق؛ و كذا لا فرق على الظاهر الأحوط بين إتمام ما يجب عليه و بين إعطاء تمامه و إن حكي عن جماعة أنّه لو عجز عن إنفاق تمام

ما يجب عليه جاز له إعطاء البقيّة، كما لو عجز عن إكسائهم أو عن إدامهم، لإطلاق بعض الأخبار الواردة في التوسعة بدعوى شمولها للتتمّة، لأنّها أيضاً نوع من التوسعة، لكنّه مشكل (3)، فلايُترك الاحتياط بترك الإعطاء.

مسألة 20: يجوز صرف الزكاة على مملوك الغير إذا لم يكن ذلك الغير باذلًا لنفقته، إمّا لفقره أو لغيره؛ سواء كان العبد آبقاً (4) أو مطيعاً.

[الرابع: أن لايكون هاشميّاً إذا كانت الزكاة من غيره مع عدم الاضطرار]

الرابع: أن لايكون هاشميّاً إذا كانت الزكاة من غيره مع عدم الاضطرار؛ و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام (5) حتّى سهم العاملين و سبيل اللّه؛ نعم، لا بأس بتصرّفه في الخانات و المدارس و سائر الأوقاف المتّخذة من سهم سبيل اللّه؛ أمّا زكاة الهاشميّ فلا بأس بأخذها له، من غير فرق بين السهام أيضاً حتّى سهم العاملين، فيجوز استعمال الهاشميّ على جباية صدقات بني هاشم، و كذا يجوز أخذ زكاة غير الهاشميّ له مع (1). الخوئي: الجواز في فرض العجز لايخلو من وجه قريب؛ و منه يظهر الحال في فرض العجز عن الإتمام

الگلپايگاني: على الأحوط و إن كان الأظهر الجواز مع العجز المسقط للتكليف

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في جواز إنفاقه عليه إذا كان عاجزاً؛ لشمول الإطلاقات له و عدم ما يدلّ على خلافها (2). الامام الخميني: مرّ جوازه من سائر السهام؛ نعم، لايجوز الإنفاق عليهم من سهم آخر

مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة العاشرة الفرق بين سهم الفقراء و غيره، عدا ابن السبيل؛ فكيف يقول هنا بأنّه لا فرق؟! (3). مكارم الشيرازي: لا إشكال في شمولها لمثله، كما يظهر بمراجعة روايات الباب (4). الامام الخميني: الأحوط عدم الإعطاء به إذا كان متظاهراً بهذا الفسق

الگلپايگاني: إن كان عدم

البذل لإباقه، ففيه إشكال

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال في الآبق، إذا كان عدم البذل له لإباقه، فإنّه قادر على تحصيل المؤونة بترك الإباق، بل عدم الجواز لايخلو من قوّة (5). الامام الخميني: في سهم الرقاب، بل بعض موارد سبيل اللّه تأمّل و إشكال

مكارم الشيرازي: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 163

الاضطرار إليها و عدم كفاية الخمس و سائر الوجوه، و لكنّ الأحوط حينئذٍ الاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الإمكان.

مسألة 21: المحرّم من صدقات غير الهاشميّ عليه إنّما هو زكاة المال الواجبة و زكاة الفطرة؛ و أمّا الزكاة المندوبة و لو زكاة مال التجارة و سائر الصدقات المندوبة، فليست محرّمة عليه، بل لاتحرم الصدقات الواجبة ما عدا الزكاتين عليه أيضاً، كالصدقات المنذورة و الموصى بها للفقراء و الكفّارات (1) و نحوها كالمظالم إذا كان من يدفع عنه من غير الهاشميّين؛ و أمّا إذا كان المالك المجهول الّذي يدفع عنه الصدقة هاشميّاً فلا إشكال أصلًا، و لكنّ الأحوط (2) في الواجبة عدم الدفع إليه (3)، و أحوط منه عدم دفع مطلق الصدقة و لو مندوبة، خصوصاً مثل زكاة مال التجارة.

مسألة 22: يثبت كونه هاشميّاً بالبيّنة و الشياع، و لايكفي مجرّد دعواه و إن حرم دفع الزكاة إليه مؤاخذةً له بإقراره (4)، ولو ادّعى أنّه ليس بهاشميّ يعطى من الزكاة، لا لقبول قوله، بل لأصالة العدم (5) عند الشكّ في كونه منهم أم لا، ولذا يجوز إعطاؤها لمجهول النسب كاللقيط.

مسألة 23: يشكل إعطاء زكاة غير الهاشميّ لمن تولّد من الهاشميّ بالزنا، فالأحوط عدم إعطائه، و كذا الخمس؛ فيقتصر فيه على زكاة الهاشميّ. (1). مكارم الشيرازي: صدق عنوان الصدقة على الكفّارة محلّ تأمّل (2). الگلپايگاني: لايُترك (3).

مكارم الشيرازي: لايُترك إذا صدق عنوان الصدقة عليه بعنوانه الأوّلي، لا مثل المنذور و الموصى بها و مجهول المالك و شبهها ممّا يكون بالعنوان الثانوي (4). مكارم الشيرازي: على إشكال في شمول دليل إقرار العقلاء على أنفسهم لمثل المقام و إن كان أحوط (5). الامام الخميني: هذه لا أصل لها

مكارم الشيرازي: جريان أصالة العدم هنا بمعنى استصحاب العدم الأزلي؛ و قد ذكرنا في محلّه أنّه ممنوع؛ اللّهم إلّاأن يقال ببناء العقلاء على العدم في أمثال المقام ممّا يكون عنوان المستثنى عنواناً وجوديّاً يكون أفراده قليلًا في جنب الباقي تحت العام، و لذا ادّعي الإجماع عليه أيضاً؛ ولكنّ الأحوط عدم إعطائه من زكاة غير الهاشمي إذا كان الاحتمال معتدّاً به

[فصل في بقيّة أحكام الزكاة]
اشارة

فصل في بقيّة أحكام الزكاة و فيه مسائل:

[الاولى: الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيه

الاولى: الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيه (1) الجامع للشرائط في زمن الغيبة، سيّما إذا طلبها، لأنّه أعرف بمواقعها (2)، لكنّ الأقوى عدم وجوبه، فيجوز للمالك مباشرةً أو بالاستنابة و التوكيل تفريقها على الفقراء و صرفها في مصارفها؛ نعم، لو طلبها الفقيه على وجه الإيجاب، بأن يكون هناك ما يقتضي وجوب صرفها في مصرف بحسب الخصوصيّات الموجبة لذلك شرعاً و كان مقلّداً له (3)، يجب عليه الدفع إليه من حيث إنّه تكليفه الشرعيّ، لا لمجرّد طلبه و إن كان أحوط كما ذكرنا، بخلاف ما إذا طلبها الإمام عليه السلام في زمان الحضور، فإنّه يجب الدفع إليه بمجرّد طلبه، من حيث وجوب طاعته في كلّ ما يأمر.

[الثانية: لايجب البسط على الأصناف الثمانية]

الثانية: لايجب البسط على الأصناف الثمانية، بل يجوز التخصيص ببعضها، كما لايجب في كلّ صنف البسط على أفراده إن تعدّدت، و لا مراعاة أقلّ الجمع الّذي هو الثلاثة، بل يجوز تخصيصها بشخص واحد من صنف واحد، لكن يستحبّ البسط (4) على الأصناف مع سعتها و وجودهم، بل يستحبّ (5) مراعاة الجماعة الّتي أقلّها ثلاثة في كلّ صنف منهم حتّى ابن السبيل و سبيل اللّه، لكن هذا مع عدم مزاحمة جهة اخرى مقتضية للتخصيص.

[الثالثة: يستحبّ تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله

الثالثة: يستحبّ تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله؛ كما أنّه يستحبّ ترجيح الأقارب (6) و تفضيلهم على الأجانب، و أهل الفقه و العقل على غيرهم، و من (1). مكارم الشيرازي: هذا إنّما هو في زمان قبض يد الإمام عليه السلام أو الحاكم؛ أمّا في زمان بسط اليد، فلايبعد وجوب دفعها إليه، لأنّه الحافظ لبيت مال المسلمين. و الإسلام ليس مجرّد فتاوى و نصايح، بل الحكومة جزء منه لاينفكّ، و هي تحتاج إلى بيت مال متمركز، كما يشهد له سيرة النبي صلى الله عليه و آله و عليّ عليه السلام؛ ولو أنّ كلّ إنسان أعطى زكاة ماله بنفسه، لايقوم لبيت المال و من يكون عيالًا عليه قائمة (2). مكارم الشيرازي: في إطلاقه إشكال، لأنّ غيره قديكون أعرف منه (3). الامام الخميني: إذا كان على نحو الحكم لمصلحة المسلمين يجب اتّباعه، و لو لم يكن مقلّداً له

الگلپايگاني: بل و إن لم يكن مقلداً له إن كان الطلب حكماً

مكارم الشيرازي: و لم يكن مصداقاً لفتواه الكلّي إلّاهو، و إلّاليس للفقيه تعيين المصداق، هذا إذا كان طلبه من باب الفتوى؛ أمّا إذا كان من باب الحكم و قلنا بنفوذه، وجب على مقلّديه و غيرهم (4). مكارم الشيرازي:

لا دليل على هذا الاستحباب و ما بعده، ولكنّه أحوط (5). الامام الخميني: محلّ تأمّل (6). مكارم الشيرازي: ولكن يظهر من بعض روايات الباب عدم تخصيص جميعها بالأقارب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 165

لايسأل من الفقراء على أهل السؤال. و يستحبّ صرف صدقة المواشي إلى أهل التجمّل من الفقراء، لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حدّ نفسها، و قد يعارضها أو يزاحمها مرجّحات اخر، فينبغي حينئذٍ ملاحظة الأهمّ و الأرجح.

[الرابعة: الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار به

الرابعة: الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار به، بخلاف الصدقات المندوبة، فإنّ الأفضل فيها الإعطاء سرّاً.

[الخامسة: إذا قال المالك: أخرجت زكاة مالي أو لم يتعلّق بمالي شي ء]

الخامسة: إذا قال المالك: أخرجت زكاة مالي (1) أو لم يتعلّق بمالي شي ء، قبل قوله بلا بيّنة و لا يمين ما لم يعلم كذبه، و مع التهمة لا بأس بالتفحّص (2) و التفتيش عنه (3).

[السادسة: يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص

السادسة: يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص و إن كان من غير الجنس (4) الّذي تعلّقت به؛ من غير فرق بين وجود المستحقّ و عدمه على الأصحّ و إن كان الأحوط الاقتصار على الصورة الثانية، و حينئذٍ فتكون في يده أمانة لايضمنها إلّابالتعدّي أو التفريط (5)، و لايجوز تبديلها بعد العزل.

[السابعة: إذا اتّجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة]

السابعة: إذا اتّجر (6) بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة، كان الربح للفقير (7) بالنسبة، و الخسارة عليه، و كذا لو اتّجر بما عزله و عيّنه للزكاة.

[الثامنة: تجب الوصيّة بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله

الثامنة: تجب الوصيّة بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله، و كذا الخمس و (1). مكارم الشيرازي: في سماع دعوى الإخراج مع بسط اليد إشكال ظاهر، لما عرفت من أنّ اللازم أداؤها إلى الحاكم حينئذٍ (2). الگلپايگاني: ما لم يستلزم محرّماً كالإيذاء و الإهانة و لم يكن بنفسه حراماً بأن يبان فيه فسقه (3). مكارم الشيرازي: من ناحية الحاكم، لا غيره (4). الامام الخميني: محلّ إشكال و إن لايخلو من وجه

الخوئي: في غير النقدين إشكال (5). الامام الخميني: أو التأخير مع وجود المستحقّ

مكارم الشيرازي: و من التفريط تأخير دفعها إلى مستحقّها مع وجودها و المسامحة في أدائها (6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (7). الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في فصل في زكاة الغلّات الأربع، المسألة 33]

الگلپايگاني: مع إمضاء الحاكم على الأحوط

مكارم الشيرازي: على الأحوط، لمخالفته لقاعدة تعلّق حقّ الزكوة بالمال و إن دلّ عليه رواية ضعيفة، و يحتاج إلى إجازة الحاكم على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 166

سائر الحقوق الواجبة، و لو كان الوارث مستحقّاً جاز احتسابه عليه (1)، و لكن يستحبّ دفع شي ء منه إلى غيره.

[التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء]

التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء، خصوصاً مع المرجّحات و إن كانوا مطالبين؛ نعم، الأفضل حينئذٍ الدفع إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن، إلّا إذا زاحمه ما هو أرجح.

[العاشرة: لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحقّ فيه

العاشرة: لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحقّ فيه، بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجوّ الوجود بعد ذلك و لم يتمكّن من الصرف في سائر المصارف، و مؤونة النقل (2) حينئذٍ من الزكاة (3)، و أمّا مع كونه مرجوّ الوجود فيتخيّر بين النقل و الحفظ إلى أن يوجد، و إذا تلفت بالنقل لم يضمن مع عدم الرجاء و عدم التمكّن من الصرف في سائر المصارف، و أمّا معهما فالأحوط الضمان (4)؛ و لا فرق في النقل بين أن يكون إلى البلد القريب أو البعيد مع الاشتراك في ظنّ السلامة و إن كان الأولى التفريق في القريب ما لم يكن مرجّح للبعيد.

[الحادية عشر: الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر]

الحادية عشر: الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر و لو مع وجود المستحقّ في البلد و إن كان الأحوط عدمه، كما أفتى به جماعة، و لكنّ الظاهر الإجزاء (5) لو نقل على هذا القول أيضاً، و ظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في أهلها، فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء و أبناء السبيل، و على القولين إذا تلفت بالنقل يضمن، كما أنّ مؤونة النقل (1). الامام الخميني: أي إعطاؤها به من ماله

مكارم الشيرازي: بأن يأخذ الزكاة وليّ الميّت ثمّ يدفعها إليه (2). مكارم الشيرازي: بل على المالك على الأحوط، إلّاأن يلزم الضرر و الحرج، لأنّ الأداء من وظيفته و لا دليل على أخذها من الزكاة (3). الامام الخميني: محلّ تأمّل، بل لايبعد كونها عليه (4). الخوئي: لا بأس بتركه

الگلپايگاني: و الأقوى عدمه

مكارم الشيرازي: لو لم يكن أقوى (5). مكارم الشيرازي: يختلف الإجزاء و عدمه باختلاف مدارك القائلين بالمنع، فمقتضى بعضها عدم الإجزاء و مقتضى بعضها

الآخر الإجزاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 167

عليه لا من الزكاة. و لو كان النقل بإذن الفقيه، لم يضمن (1) و إن كان مع وجود المستحقّ في البلد؛ و كذا، بل و أولى منه، لو وكّله في قبضها عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن له في نقلها.

[الثانية عشر: لو كان له مال في غير بلد الزكاة]

الثانية عشر: لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالًا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر، جاز احتسابه زكاةً عمّا عليه في بلده و لو مع وجود المستحقّ فيه؛ و كذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر، جاز احتسابه زكاةً، و ليس شي ء من هذه من النقل الّذي هو محلّ الخلاف في جوازه و عدمه، فلا إشكال (2) في شي ء منها.

[الثالثة عشر: لو كان المال الّذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده

الثالثة عشر: لو كان المال الّذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده، جاز له نقلها إليه مع الضمان (3) لو تلف، و لكنّ الأفضل صرفها في بلد المال.

[الرابعة عشر: إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامّة]

الرابعة عشر: إذا قبض الفقيه (4) الزكاة بعنوان الولاية العامّة، برئت ذمّة المالك و إن تلفت عنده بتفريط أو بدونه أو أعطى لغير المستحقّ اشتباهاً.

[الخامسة عشر: إذا احتاجت الزكاة إلى كيلٍ أو وزن

الخامسة عشر: إذا احتاجت الزكاة إلى كيلٍ أو وزن، كانت اجرة الكيّال (5) و الوزّان على المالك (6)، لا من الزكاة.

[السادسة عشر: إذا تعدّد سبب الاستحقاق في شخص واحد]

السادسة عشر: إذا تعدّد سبب الاستحقاق في شخص واحد، كأن يكون فقيراً و عاملًا و غارماً مثلًا، جاز أن يعطى بكلّ سبب نصيباً.

[السابعة عشر: المملوك الّذي يشترى من الزكاة إذا مات و لا وارث له

السابعة عشر: المملوك الّذي يشترى من الزكاة إذا مات و لا وارث له، ورثه أرباب الزكاة دون الإمام عليه السلام و لكنّ الأحوط صرفه في الفقراء فقط.

[الثامنة عشر: يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا اعطي دفعة]

الثامنة عشر: قد عرفت (7) سابقاً أنّه لايجب الاقتصار في دفع الزكاة على مؤونة السنة (8)، (1). الخوئي: يريد ذلك الإذن بما أنّه وليّ

مكارم الشيرازي: إذا قلنا بكفاية إذنه هنا لعموم ولايته؛ ولكنّه في زمان قبض اليد محلّ تأمّل (2). مكارم الشيرازي: بل يختلف ذلك باختلاف مبانيهم و أدلّتهم و إن كان جميعها محلًاّ للإشكال عندنا (3). الخوئي: على تفصيل تقدّم (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ التفصيل فيه في المسألة الحادية عشر (5). مكارم الشيرازي: عند إرادته إعطاء الزكاة بنفسها؛ و أمّا إذا طلبها المصدّق في زمان بسط اليد، ففي كونه على المالك إشكال ظاهر (6). الگلپايگاني: على الأحوط (7). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه (8). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ ذلك ممنوع جدّاً، و أنّه لايعطى الفقير أزيد من مؤونة السنة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 168

بل يجوز دفع ما يزيد على غناه (1) إذا اعطي دفعة، فلا حدّ لأكثر ما يدفع إليه و إن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصاً في المحترف الّذي لاتكفيه حرفته؛ نعم، لو اعطي تدريجاً فبلغ مقدار مؤونة السنة، حرم عليه أخذ ما زاد للإنفاق، و الأقوى أنّه لا حدّ لها في طرف القلّة أيضاً؛ من غير فرق بين زكاة النقدين و غيرهما، و لكنّ الأحوط (2) عدم النقصان عمّا في النصاب الأوّل من الفضّة في الفضّة وهو خمس دراهم و عمّا في النصاب الأوّل من الذهب في الذهب و هو نصف دينار، بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضاً،

وأحوط من ذلك مراعاة ما في أوّل النصاب من كلّ جنس، ففي الغنم والإبل لايكون أقلّ من شاة، وفي البقر لايكون أقلّ من تبيع؛ وهكذا في الغلّات، يعطى مايجب في أوّل حدّ النصاب.

[التاسعة عشر: يستحبّ للفقيه أو العامل أو الفقير الّذي يأخذ الزكاة، الدعاء للمالك

التاسعة عشر: يستحبّ للفقيه أو العامل (3) أو الفقير الّذي يأخذ الزكاة، الدعاء للمالك، بل هو الأحوط بالنسبة إلى الفقيه الّذي يقبض بالولاية العامّة.

[العشرون: يكره لربّ المال طلب تملّك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة]

العشرون: يكره لربّ المال طلب تملّك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة؛ نعم، لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد، كان المالك أحقّ به من غيره و لا كراهة (4)؛ و كذا لو كان جزءً من حيوان لايمكن للفقير الانتفاع به و لايشتريه غير المالك، أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير، فإنّه تزول الكراهة حينئذٍ أيضاً، كما أنّه لا بأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث و شبهه من المملّكات القهريّة.

[فصل في وقت وجوب إخراج الزكاة]

فصل في وقت وجوب إخراج الزكاة

قد عرفت (5) سابقاً أنّ وقت تعلّق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول، حولانه بدخول الشهر (1). الخوئي: تقدّم الإشكال فيه (2). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بعدم النقصان عن خمسة دراهم عيناً أو قيمةً في جميع الأجناس التسعة (3). مكارم الشيرازي: من باب استحباب مطلق الدعاء للمؤمن؛ و إلّالا دليل عليه في خصوص المقام، ماعدا الفقيه الّذي له الولاية العامّة لأخذ الزكاة، فلايُترك الاحتياط بالدعاء (4). الامام الخميني: زوال الكراهة غير معلوم (5). الامام الخميني: و عرفت ما هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 169

الثاني عشر (1)، و أنّه يستقرّ الوجوب بذلك و إن احتسب الثاني عشر من الحول الأوّل لا الثاني؛ و في الغلّات التسمية (2). و أنّ وقت وجوب الإخراج في الأوّل هو وقت التعلّق (3)، و في الثاني هو الخرص (4)، و الصرم (5) في النخل و الكرم، و التصفية في الحنطة و الشعير. و هل الوجوب بعد تحقّقه فوريّ أو لا؟ أقوال؛ ثالثها (6) أنّ وجوب الإخراج و لو بالعزل فوريّ. و أمّا الدفع و التسليم فيجوز فيه التأخير، و الأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود المستحقّ و إمكان الإخراج، إلّالغرضٍ كانتظار

مستحقّ معيّن أو الأفضل؛ فيجوز حينئذٍ و لو مع عدم العزل، الشهرين و الثلاثة، بل الأزيد و إن كان الأحوط حينئذٍ (7) العزل ثمّ الانتظار المذكور، و لكن لو تلفت بالتأخير مع إمكان الدفع يضمن (8).

مسألة 1: الظاهر أنّ المناط في الضمان مع وجود المستحقّ هو التأخير عن الفور العرفيّ؛ فلو أخّر ساعة أو ساعتين بل أزيد (9) فتلفت من غير تفريط، فلا ضمان و إن أمكنه الإيصال إلى المستحقّ من حينه مع عدم كونه حاضراً عنده، و أمّا مع حضوره فمشكل، خصوصاً إذا كان مطالباً.

مسألة 2: يشترط في الضمان مع التأخير، العلم بوجود المستحقّ؛ فلو كان موجوداً لكنّ المالك لم يعلم به فلا ضمان، لأنّه معذور (10) حينئذٍ في التأخير. (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه و إن كان ظاهر أصحابنا ذلك (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت إنّ وقت تعلّق الوجوب في الحنطة و الشعير صدق الاسم، و في الكرم عند صيرورته عنباً، و في النخل عند بدوّ صلاحه، و هو أوّل أزمنة إمكان الاستفادة منه (3). الامام الخميني: محلّ تأمّل، بل يحتمل أن يكون وقت الاستقرار و هو بمضيّ السنة (4). الامام الخميني: مرّ أنّه حين اجتذاذ التمر أو اقتطاف الزبيب (5). الگلپايگاني: بل حين صيرورة الرطب تمراً و العنب زبيباً، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ وقت وجوب الإخراج هو وقت تصفية الغلّة و اجتذاذ التمر و الزبيب (6). الامام الخميني: الأحوط لو لم يكن أقوى، عدم تأخير إخراجها و لو بالعزل مع الإمكان عن وقت الوجوب، بل الأحوط عدم تأخير الإيصال أيضاً مع وجود المستحقّ و إن كان الأقوى جواز تأخيره إلى شهر أو شهرين بل أزيد في خلال السنة، خصوصاً مع انتظار

مستحقّ معيّن أو أفضل و إن كان التأخير عن أربعة أشهر خلاف الاحتياط (7). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالعزل (8). الخوئي: على الأحوط فيما إذا كان التأخير لغرض صحيح (9). مكارم الشيرازي: كما يتعارف مثله في الديون المطالبة فوراً (10). الامام الخميني: بل لدلالة النصّ عليه

مكارم الشيرازي: بل لأنّه لايصدق عليه عنوان وجدان أهلها أو عرفانه الواردان في روايات الباب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 170

مسألة 3: لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف فقط، و إن كان مع التأخير المزبور من المالك فكلّ من المالك و الأجنبيّ ضامن، و للفقيه أو العامل الرجوع على أيّهما شاء، و إن رجع على المالك رجع هو على المتلف، و يجوز له الدفع من ماله ثمّ الرجوع على المتلف.

مسألة 4: لايجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب على الأصحّ، فلو قدّمها كان المال باقياً على ملكه مع بقاء عينه، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال، وللمالك احتسابه جديداً مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه و بقاء فقر القابض (1)، و له العدول عنه إلى غيره.

مسألة 5: إذا أراد أن يعطي فقيراً شيئاً و لم يجى ء وقت وجوب الزكاة عليه، يجوز أن يعطيه قرضاً، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة، بشرط بقائه على صفة الاستحقاق وبقاء الدافع والمال على صفة الوجوب، ولايجب عليه ذلك، بل يجوز مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه و الدفع إلى غيره و إن كان الأحوط (2) الاحتساب عليه و عدم الأخذ منه.

مسألة 6: لو أعطاه قرضاً فزاد عنده زيادة متّصلة أو منفصلة، فالزيادة له لا للمالك، كما أنّه لو نقص كان النقص عليه،

فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلى غيره يستردّ عوضه لا عينه (3)، كما هو مقتضى حكم القرض، بل مع عدم الزيادة أيضاً ليس عليه إلّا ردّ المثل أو القيمة.

مسألة 7: لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضاً من النصاب و خرج الباقي عن حدّه، سقط الوجوب على الأصحّ، لعدم بقائه في ملكه طول الحول؛ سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة، فلا محلّ للاحتساب؛ نعم، لو أعطاه بعض النصاب أمانةً بالقصد المذكور، لم يسقط الوجوب مع بقاء عينه (4) عند الفقير، فله الاحتساب حينئذٍ بعد حلول الحول إذا بقي على الاستحقاق. (1). مكارم الشيرازي: إذا كان إتلافه لا عن عمد، كما مرّ في المسألة (16) من أصناف المستحقّين (2). مكارم الشيرازي: لا وجه للاحتياط، إلّاما قد يقال من احتمال كونه مصداقاً لتعجيل الزكوة، فلايجوز استردادها على القول بجواز تعجيلها؛ ولكنّه ضعيف، لأنّ المفروض عدم نيّتها (3). الامام الخميني: أي لايجب على المقترض ردّ العين (4). الامام الخميني: إذا لم يخرج عن تحت قدرته و سلطنته

العروة الوثقى، ج 2، ص: 171

مسألة 8: لو استغنى الفقير الّذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال ثمّ حال الحول، يجوز الاحتساب (1) عليه، لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين (2)، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضاً؛ و أمّا لو استغنى بنماء هذا المال أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميّاً و قلنا: إنّ المدار قيمته يوم القرض لا يوم الأداء، لم يجز الاحتساب عليه (3).

[فصل في اعتبار نيّة القربة و التعيين في الزكاة]

[فصل في اعتبار نيّة القربة و التعيين في الزكاة]

الزكاة من العبادات، فيعتبر فيها نيّة القربة و التعيين (4) مع تعدّد (5) ما عليه، بأن يكون عليه خمس

و زكاة و هو هاشميّ فأعطى هاشميّاً، فإنّه يجب عليه أن يعيّن أنّه من أيّهما؛ و كذا لو كان عليه زكاة و كفّارة، فإنّه يجب التعيين، بل و كذا إذا كان عليه زكاة المال و الفطرة، فإنّه يجب التعيين على الأحوط (6)، بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ الّذي عليه، فإنّه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمّة و إن جهل نوعه، بل مع التعدّد أيضاً يكفيه التعيين الإجماليّ، بأن ينوي ما وجب عليه أوّلًا أو ما وجب ثانياً مثلًا. و لايعتبر نيّة الوجوب و الندب، و كذا لايعتبر أيضاً (7) نيّة الجنس (8) الّذي تخرج منه الزكاة أنّه من الأنعام أو الغلّات أو النقدين؛ من غير فرق بين أن (1). الخوئي: في جواز احتسابه عليه من باب الفقر إشكال (2). مكارم الشيرازي: إذا كان مالكاً لقوت السنة لايعدّ فقيراً، بل يعدّ غارماً، فتأمّل؛ و لكن هذا البحث قليل الفائدة بعد جواز إعطائه الزكاة و عدم وجوب البسط و عدم وجوب نيّة كونها من هذا السهم أو من غيره (3). الخوئي: في إطلاقه إشكال (4). الگلپايگاني: لا دخل لوجوب التعيين فيما تردّد بين الخمس و الزكاة، بل يجب تعيين أحدهما لوجوب قصد عنوانهما كما في كلّ واحد من العبادات؛ نعم، يكفي التعيين الإجماليّ كما في المتن

مكارم الشيرازي: بل يجب تعيين العنوان مطلقاً، لأنّ العناوين القصديّة لاتتحصّل إلّابقصدها (5). الامام الخميني: بل مطلقاً؛ نعم، يكفي التعيين الإجمالي و لو بعنوان ما وجب عليه (6). الامام الخميني: بل الأقوى (7). الامام الخميني: هذا إذا كان من غير جنسها بعنوان القيمة فيوزّع عليها بالنسبة؛ و أمّا إذا كان من أحدهافينصرف إليه، إلّامع نيّة كونه بدلًا أو قيمة؛ نعم، لو كان

عنده أربعون من الغنم و خمس من الإبل مثلًا فأخرج شاةً زكاةً من غير تعيين، يوزّع بينهما و مع الترديد في كونها إمّا من الإبل أو من الشاة، فالظاهر عدم الصحّة (8). الخوئي: في المسألة صُور ثلاث: فإنّ ما يعطى زكاة إن كان مصداقاً لأحد المالين الزكويّين دون الآخر، كماإذا كان عنده أحد النقدين و الحنطة مثلًا و أعطى الزكاة نقداً من غير أن يقصد عن أحدهما المعيّن، فإنّه لا محالة يقع عن النقد دون الحنطة، فإنّ وقوعه عنها بحاجة إلى التعيين؛ و إن كان مصداقاً لكليهما معاً كما إذا كان عنده أربعون شاة و خمس من الإبل، فإنّ الواجب عليه في كلّ منهما شاة فإذا أعطى شاةً زكاةً لا محالة وزّع عليهما، إلّاإذا قصد عن أحدهما المعيّن ولو إجمالًا؛ و إن لم يكن مصداقاً لشي ء منهما، كما إذا كان عنده حنطة و عنب و أعطى الزكاة نقداً، فإنّه حينئذٍ إن قصد عن كليهما وزّع عليهما، و إن قصد عن أحدهما المعيّن وقع له، و إن قصد أحدهما لا بعينه لم يقع عن شي ء منهما إلّاإذا كان قصده عنه مبنيّاً على أن يعيّنه فيما بعد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 172

يكون محلّ الوجوب متّحداً أو متعدّداً، بل و من غير فرق بين أن يكون نوع الحقّ متّحداً أو متعدّداً (1)، كما لو كان عنده أربعون من الغنم و خمس من الإبل، فإنّ الحقّ في كلٍّ منهما شاة، أو كان عنده من أحد النقدين و من الأنعام، فلايجب تعيين شي ء من ذلك؛ سواء كان المدفوع من جنس واحد (2) ممّا عليه أو لا، فيكفي مجرّد قصد كونه زكاةً، بل لو كان له مالان متساويان أومختلفان، حاضران أوغائبان أومختلفان، فأخرج الزكاة

عن أحدهما من غير تعيين أجزأه (3) و له التعيين بعد ذلك؛ و لو نوى الزكاة عنهما وزّعت، بل يقوى التوزيع مع نيّة مطلق الزكاة.

مسألة 1: لا إشكال في أنّه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلى الفقير (4). (1). الگلپايگاني: إذا قصد مطلق الزكاة فإنّها تصحّ و تتوزّع؛ و أمّا إذا قصد عن أحد الجنسين أو الأجناس بنحوالإبهام فيشكل

مكارم الشيرازي: ولكن إذا قصد مطلق الزكاة الّتي عليه، توزّع على جميع ما تعلّق بها الزكاة من أمواله و تترتّب عليه (2). الگلپايگاني: لكنّه يقع الزكاة عن جنسه مع الصلاحيّة، إلّاإذا قصد خلافه

مكارم الشيرازي: ولكن ينصرف إلى جنسه، لأنّه مقتضى طبعه، و غيره يحتاج إلى عناية زائدة إلّاأن يقصد خلافه، و هو خلاف الفرض (3). الامام الخميني: محلّ إشكال بل منع؛ نعم، إذا عيّن بعد الدفع إلى الفقير يتعيّن و يكون الزكاة حال التعيين

الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال مع الترديد و الإبهام، لكن لو قصده كان له التعيين مع بقاء العين أو التلف مضموناً؛ و أمّا إذا قصد مطلق الزكاة فلا إشكال فيه، لكنّه لا معنى للتعيين بعده

مكارم الشيرازي: و يوزّع عليهما، كما عرفت عند قصده مطلق الزكاة الّتي عليه؛ و إن قصد واحداً غير معيّن من أمواله، فله التعيين بعده مع بقاء العين أو تلفه مضموناً (4). مكارم الشيرازي: و الفرق بينه و بين التوكيل في الأداء أنّه في هذه الصورة (الأداء) وكيل في تعيين الفقير، بل و تعيين عين الزكاة؛ و ليس شي ء من ذلك في الوكيل في الإيصال، حتّى أنّه يمكن إيصالها بسبب حيوان أو نحوه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 173

و في الأوّل ينوي

الوكيل حين الدفع (1) إلى الفقير عن المالك، و الأحوط تولّي المالك للنيّة (2) أيضاً حين الدفع إلى الوكيل (3)، و في الثاني لابدّ من تولّي المالك للنيّة حين الدفع إلى الوكيل، و الأحوط استمرارها إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير.

مسألة 2: إذا دفع المالك أو وكيله بلا نيّة القربة، له أن ينوي بعد وصول المال إلى الفقير و إن تأخّرت عن الدفع بزمان، بشرط بقاء العين في يده أو تلفها مع ضمانه كغيرها من الديون، و أمّا مع تلفها بلا ضمان فلا محلّ للنيّة.

مسألة 3: يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعيّ بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال، و يجوز بعنوان أنّه وليّ عامّ (4) على الفقراء؛ ففي الأوّل يتولّى الحاكم (5) النيّة (6) وكالةً حين الدفع إلى الفقير، و الأحوط (7) تولّي المالك أيضاً حين الدفع إلى الحاكم، و في الثاني يكفي نيّة المالك حين الدفع إليه و إبقاؤها مستمرّة إلى حين الوصول إلى الفقير، و في الثالث أيضاً ينوي المالك حين الدفع إليه، لأنّ يده حينئذٍ يد الفقير المولّى عليه.

مسألة 4: إذا أدّى وليّ اليتيم أو المجنون زكاة مالهما، يكون هو المتولّي للنيّة. (1). مكارم الشيرازي: بل النيّة من المالك دائماً، فإنّه يتقرّب به إلى اللّه، و لا دليل على جواز النيابة في العبادة هنا؛ و أدلّة المسألة و رواياتها لاتدلّ على أزيد من جواز تقسيم الزكاة أو تعيينها بيد الوكيل، و لاينافي ذلك كون الفعل فعل المالك تسبيباً، فيجب عليه قصد القربة و يستمرّ إلى حين الدفع إلى الفقير، بل العمدة نيّتها في هذا الحال (2). الخوئي: هذا هو الأقوى، حيث إنّ الوكيل وكيل في الإيصال

فقط، و لا دليل على كون فعله فعل الموكّل حتّى يتولّى القربة حين الدفع إلى الفقير، و الفرق بينه و بين موارد النيابة ظاهر (3). الامام الخميني: لا وجه للنيّة حين الدفع إليه، بل الاحتياط هو أن ينوي كون ما أوصله إلى الفقير زكاة، وفي الثاني أيضاً يجب على المالك أن ينوي ذلك؛ نعم، يكفي بقاؤها في خزانة نفسه و إن لم تحضر وقت الأداء تفصيلًا، و لا أثر في النيّة حال الدفع إلى الوكيل. و الأولى اختيار الشقّ الأوّل حتّى يكون الوكيل متولّياً في الأداء؛ نعم، إذا نوى كون ما ردّ إلى الوكيل زكاة معزولة و يكون الوكيل متصدّياً لإيصال ما هو زكاة إلى الفقراء، فالظاهر وجوب النيّة حال جعله زكاة، و لعلّ هذا مراد الماتن قدس سره (4). مكارم الشيرازي: إذا كان مبسوط اليد، و إلّافلايخلو عن إشكال (5). مكارم الشيرازي: بل يتولّى المالك، كما عرفت في المسائل السابقة في نيّة القربة (6). الخوئي: تقدّم أنّ الأقوى تولّي المالك النيّة (7). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه و في الثاني

العروة الوثقى، ج 2، ص: 174

مسألة 5: إذا أدّى الحاكم الزكاة عن الممتنع، يتولّى هو النيّة عنه (1)؛ و إذا أخذها من الكافر (2)، يتولّاها أيضاً عند أخذه (3) منه أو عند الدفع إلى الفقير، عن نفسه (4) لا عن الكافر (5).

مسألة 6: لو كان له مال غائب مثلًا فنوى أنّه إن كان باقياً فهذا زكاته و إن كان تالفاً فهو صدقة مستحبّة، صحّ؛ بخلاف ما لو ردّد في نيّته و لم يعيّن هذا المقدار أيضاً، فنوى أنّ هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة، فإنّه لايجزي.

مسألة 7: لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثمّ بان كونه تالفاً،

فإن كان ما أعطاه باقياً، له أن يستردّه، و إن كان تالفاً استردّ عوضه إذا كان القابض عالماً بالحال، و إلّافلا.

[ختام؛ فيه مسائل متفرّقة]
اشارة

ختام؛ فيه مسائل متفرّقة

[الاولى: استحباب استخراج زكاة مال التجارة و نحوه للصبيّ و المجنون

الاولى: استحباب استخراج زكاة مال التجارة و نحوه للصبيّ و المجنون (6)، تكليف للوليّ (7)، و ليس من باب النيابة عن الصبيّ و المجنون، فالمناط فيه (8) اجتهاد الوليّ أو تقليده؛ فلو كان من مذهبه اجتهاداً أو تقليداً وجوب إخراجها أو استحبابه، ليس للصبيّ بعد بلوغه (1). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوب النيّة على الحاكم، لا هنا و لا في الكافر (على القول بوجوب أخذها منه)، فإنّه آخذ لها لا مؤدٍّ لها، و القدر المعلوم من الأدلّة وجوبها على المؤتي لا الآخذ (2). الخوئي: هذا مبنيّ على تكليف الكافر بالفروع أو كون الكفر طارئاً عليه بعد الإسلام و كانت الزكاة واجبةعليه قبل زمن كفره (3). الامام الخميني: إذا أخذها زكاة؛ و إن أخذ مقدّمة لتأدية الزكاة على الفقراء ينوي عند الدفع (4). الخوئي: لا موجب لذلك بعد ما كان المكلّف به غيره على الفرض (5). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بينه و بين الممتنع، فينوي الحاكم أداء زكاتهما للّه فتسقط عنهما و يتقرّب الحاكم (6). مكارم الشيرازي: على القول به (7). مكارم الشيرازي: و إن كانت فائدتها عائدة إلى الصبيّ و المجنون. و الفرق بين الولاية و النيابة أو الوكالة إنّ فعل الوكيل و النائب فعل الموكّل و المنوب عنه تنزيلًا، و لكن في الوليّ يكون الفعل فعله و إن كان أثره للمولّى عليه (8). مكارم الشيرازي: ليس هذا تفريعاً للولاية، بل هو ثابت على كلّ حال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 175

معارضته (1) و إن قلّد من يقول بعدم الجواز (2)؛ كما أنّ الحال كذلك في سائر تصرّفات الوليّ في مال الصبيّ أو نفسه من تزويج و نحوه، فلو باع ماله

بالعقد الفارسيّ أو عقد له النكاح بالعقد الفارسيّ أو نحو ذلك من المسائل الخلافيّة، و كان مذهبه الجواز، ليس للصبيّ بعد بلوغه إفساده (3) بتقليد من لايرى الصحّة؛ نعم، لو شكّ الوليّ بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما و أراد الاحتياط بالإخراج، ففي جوازه إشكال (4)، لأنّ الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرّف مال الصبيّ؛ نعم، لايبعد (5) ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيّاً (6)؛ و كذا الحال في غير الزكاة كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح (1). الامام الخميني: في ابتناء ذلك على ذاك المبنى و كذا في المبنى إشكال

الخوئي: الظاهر أنّه لا مانع من معارضته و لاسيّما مع بقاء عين المال، و لا منافاة بين جواز المعارضة و وجوب الإخراج أو استحبابه للوليّ بمقتضى تكليفه الظاهري

مكارم الشيرازي: لما عرفت في مباحث الاجتهاد و التقليد من عدم الدليل على حجيّة اجتهاده أو تقليده بالنسبة إلى ما عمله سابقاً (أو عمل وليّه له) و لاسيّما بالنسبة إلى التالف، لعدم ضمانه و هو عامل بوظيفته؛ نعم، لو كان العين موجوداً، جاز استرداده، على إشكال (2). الگلپايگاني: بل المتّبع للصبيّ بعد البلوغ اجتهاد نفسه أو تقليده، فلو بلغ مع بقاء ما أدّاه الوليّ زكاةً و رأى باجتهاده أو تقليده عدم المشروعيّة يسترجعه؛ نعم، لو كان تالفاً لايضمنه حيث عمل بتكليفه، و كذا الحال في سائر التصرّفات؛ نعم، مع جهله بالحال يبني على صحّة ما صدر من الوليّ من الأعمال و يترتّب عليه الآثار (3). الامام الخميني: المسألة في غاية الإشكال و إن كان لزوم اتّباع اجتهاد نفسه أو تقليده بعد البلوغ بالنسبةإلى تكاليفه أشبه

الخوئي: الظاهر أنّه لابدّ للصبيّ في هذه

الموارد بعد بلوغه من رعاية تكليف نفسه اجتهاداً أو تقليداً (4). الامام الخميني: الأقوى عدم الجواز

الخوئي: لاينبغي الإشكال في عدم الجواز مطلقاً؛ نعم، في موارد احتمال الوجوب قبل الفحص يدور الأمر بين المحذورين، فإن أمكن له تأخير الواقعة إلى انكشاف الحال فهو، و إلّالزمه اختيار أحد الطرفين ثمّ الفحص عمّا يقتضيه تكليفه؛ و من ذلك يظهر الحال في سائر الموارد

الگلپايگاني: بل لا إشكال في عدم جوازه

مكارم الشيرازي: بل منع (5). الامام الخميني: بعيد، و كذا في أشباه المسألة (6). الگلپايگاني: لم يعلم المراد منه مع احتمال الحرمة؛ نعم، لو علم إجمالًا مثلًا بوجوب زكاة إبله أو غنمه يصيرالاحتياط وجوبيّاً، لكن ليس له الاحتياط في كلّ منهما لدورانه بين المحذورين؛ نعم، عليه إعطاء المقدار المتيقّن من أحدهما أو من ثالث برجاء ما عليه عيناً أو قيمةً و لا ريب في وجوبه حينئذٍ

مكارم الشيرازي: كيف يتصوّر الاحتياط الوجوبي فيه، مع أنّ رعاية مال اليتيم أهمّ؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 176

التجارة للصبيّ، حيث إنّه محلّ للخلاف، و كذا في سائر التصرّفات في ماله؛ و المسألة محلّ إشكال مع أنّها سيّالة.

[الثانية: إذا علم بتعلّق الزكاة بماله و شكّ في أنّه أخرجها أم لا]

الثانية: إذا علم بتعلّق الزكاة بماله و شكّ في أنّه أخرجها أم لا، وجب عليه الإخراج، للاستصحاب، إلّاإذا كان الشكّ بالنسبة إلى السنين الماضية، فإنّ الظاهر جريان قاعدة (1) الشكّ (2) بعد الوقت أو بعد تجاوز المحلّ (3)؛ هذا، و لو شكّ في أنّه أخرج الزكاة عن مال الصبيّ في مورد يستحبّ إخراجها كمال التجارة له بعد العلم بتعلّقها به، فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب (4)، لأنّه دليل شرعيّ، و المفروض أنّ المناط فيه شكّه و يقينه لأنّه المكلّف، لا شكّ الصبيّ و يقينه، و بعبارة اخرى: ليس

نائباً عنه (5).

[الثالثة: إذا باع الزرع أو الثمر و شكّ في كون البيع بعد زمان تعلّق الوجوب

الثالثة: إذا باع الزرع أو الثمر و شكّ في كون البيع بعد زمان تعلّق الوجوب حتّى يكون الزكاة عليه أو قبله حتّى يكون على المشتري، ليس عليه شي ء، إلّاإذا كان زمان التعلّق (1). الامام الخميني: ليس المورد مجرى تلك القاعدة، لكن لايبعد شمول قاعدة التجاوز له بملاحظة عدم جوازالتعويق عن جميع السنة كما مرّ؛ لكنّه أيضاً مشكل، بل ممنوع (2). الگلپايگاني: جريان القاعدتين في المقام محلّ منع (3). الخوئي: لا مجال لجريان شي ء من القاعدتين؛ نعم، إذا لم يبق شي ء من النصاب عنده، فالظاهر عدم الضمان للأصل

مكارم الشيرازي: جريان قاعدة الشكّ بعد الوقت أو بعد تجاوز المحلّ هنا لايخلو عن إشكال ظاهر، لعدم كون الزكاة موقّتاً و لا ذات محلّ؛ إلّاأن يكون من عادته أداؤه في وقت وجوبه، و هو أيضاً لايخلو عن الإشكال (4). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لمعارضته بالاحتياط المأمور به في الأموال، لاسيّما في أموال اليتامى و الصغار (5). الخوئي: بل ولو كان نائباً عنه

مكارم الشيرازي: نيابته عنه و عدمها لا أثر له في أخذ الشكّ و اليقين من نفسه، لا من الصبيّ و إن كان الحقّ أنّ الولاية غير النيابة، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 177

معلوماً (1) و زمان البيع مجهولًا، فإنّ الأحوط (2) حينئذٍ إخراجه، على إشكال في وجوبه؛ و كذا الحال بالنسبة إلى المشتري إذا شكّ في ذلك، فإنّه لايجب عليه (3) شي ء (4) إلّاإذا علم زمان البيع و شكّ في تقدّم التعلّق و تأخّره، فإنّ الأحوط (5) حينئذٍ إخراجه، على إشكال في وجوبه (6).

[الرابعة: إذا مات المالك بعد تعلّق الزكاة]

الرابعة: إذا مات المالك بعد تعلّق الزكاة، وجب الإخراج من تركته، و إن مات قبله وجب على من بلغ (7) سهمه النصاب

من الورثة؛ و إذا لم يعلم أنّ الموت كان قبل التعلّق أو بعده لم يجب الإخراج من تركته، ولا على الورثة إذا لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب، إلّا مع العلم بزمان التعلّق والشكّ في زمان الموت، فإنّ الأحوط (8) حينئذٍ (9) الإخراج على الإشكال المتقدّم؛ وأمّا إذا بلغ نصيب كلّ منهم النصاب أو نصيب بعضهم، فيجب على من بلغ نصيبه منهم، للعلم الإجمالي بالتعلّق به، إمّا بتكليف الميّت في حياته، أو بتكليفه هو بعد (1). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب حتّى في هذه الصورة (2). الامام الخميني، الگلپايگاني: بل الأقوى (3). الامام الخميني: مع احتمال أداء البايع زكاته على فرض كون الشراء بعد التعلّق، و أمّا مع القطع بعدمه يجب عليه إخراجها؛ و أمّا الفرض الآتي الّذي احتاط فيه فإشكاله واضح

الگلپايگاني: إلّاإذا علم بأنّ البايع لم يؤدّ زكاته، فيعلم حينئذٍ بعدم جواز التصرّف في العين قبل أداء الزكاة و ليس له الرجوع إلى البايع بعد الأداء، لعدم إحراز ما يجوّزه (4). الخوئي: مقتضى تعلّق الزكاة بالعين وجوب الإخراج على المشتري مطلقاً؛ سواء أكان التعلّق قبل الشراء مع عدم إخراج البايع من مال آخر كما لعلّه المفروض، أم كان التعلّق بعد الشراء؛ و مقتضى أصالة الصحّة في البيع بالإضافة إلى مقدار الزكاة عدم الرجوع على المالك

مكارم الشيرازي: بل يجب عليه إخراج الزكاة منه إذا علم أنّ البايع لم يخرج منه؛ و للحاكم أخذ حقّ أرباب الزكاة من المال، للعلم التفصيليّ بتعلّق حقّهم به و عدم أدائه؛ و مجرّد عدم علمه بأنّه تعلّق به في ملكه أو في ملك البايع، لا أثر له في أمثال المقام (5). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الوجوب في غير ما ذكرنا في الحاشية السابقة (6). الخوئي:

الظاهر عدم الفرق بين صُور المسألة

مكارم الشيرازي: ينشأ الإشكال من كون الأصل هنا مثبتاً (7). الامام الخميني: مع استجماع الشرائط (8). الامام الخميني، الگلپايگاني: بل الأقوى (9). الخوئي: الأقوى عدم الوجوب، لأنّ قاعدة اليد تقضي بكون جميع المال للميّت، و لا أثر معها للاستصحاب مع أنّه معارض بمثله كما بيّن في محلّه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 178

موت مورّثه بشرط أن يكون بالغاً عاقلًا (1)، و إلّافلايجب عليه، لعدم العلم الإجماليّ بالتعلّق حينئذٍ.

[الخامسة: إذا علم أنّ مورّثه كان مكلّفاً بإخراج الزكاة]

الخامسة: إذا علم أنّ مورّثه كان مكلّفاً بإخراج الزكاة (2) و شكّ في أنّه أدّاها أم لا، ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه، أو عدم وجوبه للشكّ في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث و استصحاب بقاء تكليف الميّت لاينفع في تكليف الوارث (3)، وجهان؛ أوجههما الثاني (4)، لأنّ تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميّت حتّى يتعلّق الحقّ بتركته، و ثبوته فرع شكّ الميّت و إجرائه الاستصحاب لا شكّ الوارث، و حال الميّت غير معلوم أنّه متيقّن بأحد الطرفين أو شاكّ؛ و فرق بين ما نحن فيه و ما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقاً وهو نائم، ونشكّ في أنّه طهّرهما أم لا، حيث إنّ مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة، مع أنّ حال النائم غير معلوم أنّه شاكّ أو متيقّن؛ إذ في هذا المثال لاحاجة إلى إثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة إلى ذلك الشخص النائم، بل يقال: إنّ يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها، بخلاف المقام، حيث إنّ وجوب الإخراج من التركة فرع ثبوت تكليف الميّت و اشتغال ذمّته بالنسبة إليه من حيث هو؛ نعم، لو كان المال الّذي تعلّق به الزكاة موجوداً، أمكن أن يقال (5): الأصل بقاء

الزكاة فيه (6)، ففرق بين صورة (1). الامام الخميني: و استجماع سائر الشرائط (2). مكارم الشيرازي: بأن كان ذمّته مشغولة بها (3). الگلپايگاني: بل لأنّ اشتغال ذمّة الميّت غير معلوم عند الوارث لفرض تلف العين الزكويّ مع الشكّ في ضمانها، و لو كان معلوماً لم يكن إشكال في استصحابه للوارث. و استصحاب عدم إخراج الزكاة إلى حين التلف لايثبت كون تلفه على وجه الضمان لعدم الملازمة (4). الامام الخميني: هذا مع الشكّ في اشتغال ذمّة الميّت ببدل الزكاة حين تلفها. و استصحاب عدم الإتيان إلى حين التلف لايثبت الضمان، و أمّا مع العلم باشتغال ذمّته به فالأوجه الأوّل، و ما ذكره الماتن قدس سره غير وجيه

الخوئي: لا لما ذكر، بل لأنّ استصحاب عدم الأداء لايترتّب عليه الضمان

مكارم الشيرازي: بل الأوّل، فإنّ حديث فرعيّة تكليف الوارث لتكليف الميّت و إن كان معلوماً، إلّاأنّه فرع ثبوت تكليفه واقعاً المحرز عند الوارث بالاستصحاب، لا تكليفه المنجّز المتوقّف على شكّه و يقينه؛ فلا فرق بين هذه المسألة و بين المثال الّذي ذكره، من هذه الجهة (5). الگلپايگاني: بل هو المتعيّن (6). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في وجوب زكوته، إلّاإذا كان مقتضى الحمل على الصحّة أداء زكوته، فإنّ إبقائه تحت يده من أفعاله، و لابدّ من حمله على الصحّة بالحكم بأداء زكوته في زمان لايجوز التأخير عنه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 179

الشكّ في تعلّق الزكاة بذمّته و عدمه، والشكّ في أنّ هذا المال الّذي كان فيه الزكاة اخرجت زكاته أم لا؛ هذا كلّه إذا كان الشكّ في مورد لو كان حيّاً و كان شاكّاً وجب عليه الإخراج، و أمّا إذا كان الشكّ بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة السابقة أو نحوها ممّا يجري

فيه قاعدة التجاوز (1) و المضيّ و حمل فعله (2) على الصحّة، فلا إشكال (3)؛ و كذا الحال (4) إذا علم اشتغاله (5) بدين أو كفّارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك.

[السادسة: إذا علم اشتغال ذمّته

السادسة: إذا علم اشتغال ذمّته، إمّا بالخمس أو الزكاة، وجب عليه إخراجهما (6)، إلّاإذا (1). الگلپايگاني: إجراء قاعدة التجاوز و المضيّ في هذه الموارد محلّ منع (2). الامام الخميني: لا مجرى لهذه القاعدة، و قد مرّ وجه جريان الاولى و منعه (3). الخوئي: هذا فيما إذا لم تكن العين باقية، و إلّافالظاهر وجوب الإخراج، و لا مجال لجريان قاعدة التجاوز أو الحمل على الصحّة

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ جريان قاعدتي التجاوز و المضيّ في المقام محلّ إشكال، و لكن قاعدة الحمل على الصحّة ممّا لا غبار عليه، فإنّ إبقائه تحت يده نوع من الفعل، كما عرفت، فلابدّ أن يحمل على الصحّة (4). الامام الخميني: يختلف الحال في بعضها في المقام في بعض الصور (5). الخوئي: في المقام تفصيل؛ فبالإضافة إلى الدين، فالأظهر أنّه يثبت بالاستصحاب على ما تقرّر في محلّه، و أمّا بالإضافة إلى الكفّارة و النذر فلا أثر للاستصحاب بالنسبة إلى إخراجها من أصل التركة، و أمّا بالإضافة إلى الخمس فحاله حال الزكاة، فيأتي فيه ما تقدّم فيها (6). الامام الخميني: لكن تبرأ ذمّته إذا أدّى ذلك المقدار إلى الحاكم الّذي هو وليّ شرعيّ، خصوصاً إذا كانا من جنس واحد، و مع عدم كونهما كذلك يمكن تأدية قيمة ذلك بإزاء ما في ذمّته

الخوئي: و يجوز أن يعطي مالًا واحداً بقصد ما في الذمّة إلى الوكيل عن مستحقّي الزكاة و الخمس، بل لايبعد كفاية الإعطاء إلى الحاكم ثمّ يكون المال مردّداً بين مالكين

فيجري فيه ما يجري فيه، و إذا لم يمكن ذلك أيضاً فلا مانع من الرجوع إلى القرعة و تعيين المال المردّد بها

مكارم الشيرازي: الرجوع إلى قاعدة الاحتياط في أمثال المقام بعيد، بل لايبعد الحكم بالقرعة أو التوزيع؛ فإنّ هذا من المشكل الّذي يرجع فيه إلى القرعة أو التوزيع، كما حكموا بعدم وجوب الاحتياط في اشتباه الغنم الموطوئة، و ليس النصّ هنا من باب التعبّد، فأمر الأموال و شبهها أمر خاصّ لايمكن الأمر بالاحتياط فيها يميناً و شمالًا؛ هذا إذا لم يكن مقصّراً في حصول الاشتباه، و إلّافالاحتياط أقرب؛ هذا، و يجوز إعطاء مقداره بحسب القيمة لوليّ أمر المسلمين بقصد ما في الذمّة، ثمّ يعامل معه معاملة المال المشتبه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 180

كان هاشميّاً، فإنّه يجوز أن يعطي للهاشميّ بقصد ما في الذمّة؛ و إن اختلف مقدارهما قلّةً و كثرةً، أخذ بالأقلّ (1)، و الأحوط (2) الأكثر.

[السابعة: إذا علم إجمالًا أنّ حنطته بلغت النصاب أو شعيره و لم يتمكّن من التعيين

السابعة: إذا علم إجمالًا أنّ حنطته بلغت النصاب أو شعيره و لم يتمكّن من التعيين، فالظاهر وجوب الاحتياط بإخراجهما، إلّاإذا أخرج بالقيمة، فإنّه يكفيه (3) إخراج قيمة أقلّهما (4) قيمةً (5) على إشكال (6)، لأنّ الواجب أوّلًا هو العين و مردّد بينهما إذا كانا موجودين، بل في صورة التلف أيضاً، لأنّهما مثليّان. و إذا علم أنّ عليه إمّا زكاة خمس من الإبل أو زكاة أربعين شاة، يكفيه إخراج شاة. و إذا علم أنّ عليه إمّا زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة، وجب الاحتياط إلّامع التلف، فإنّه يكفيه قيمة شاة (7)، و كذا الكلام في نظائر المذكورات.

[الثامنة: إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها، هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته، أم لا]

الثامنة: إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها، هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته، أم لا؟ إشكال (8). (1). الامام الخميني: بل بالأكثر

الخوئي: هذا فيما إذا كان الجنس واحداً، و إلّافالأظهر وجوب الاحتياط (2). الگلپايگاني: لايُترك في المتباينين (3). الگلپايگاني: بل لايكفيه، فيحتاط بإخراج قيمة الأكثر (4). الامام الخميني: بل يجب أكثرهما (5). مكارم الشيرازي: بل اللازم، الأكثر قيمةً؛ فإنّ الحكم أوّلًا و بالذات بدفع العين، و ليس بينهما الأقلّ و الأكثر حتّى يؤخذ بالبراءة؛ و العجب أنّه ذكر هذا إشكالًا، لا فتوىً (6). الخوئي: أظهره عدم الكفاية (7). الامام الخميني: محلّ إشكال، و يمكن التفصيل بين ضمان اليد و بين ضمان الإتلاف بعدم الكفاية في الأوّل دون الثاني، و المسألة محلّ إشكال، فلايُترك الاحتياط مطلقاً و هو يحصل بإعطاء قيمة الأكثر بدلًا لما في الذمّة

مكارم الشيرازي: بل أكثرهما قيمةً على الأحوط؛ سواء علم بعد التلف أو قبله (8). الامام الخميني: الأقرب الجواز، و الأحوط المنع

الخوئي: أظهره الجواز

الگلپايگاني: والأقوى الجواز

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في جوازه،

لعدم شمول أدلّتها له

[التاسعة: إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة و شرط على المشتري زكاته

التاسعة: إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة و شرط على المشتري (1) زكاته، لايبعد (2) الجواز (3)، إلّاإذا قصد (4) كون الزكاة عليه لا أن يكون نائباً عنه، فإنّه مشكل (5).

[العاشرة: إذا طلب من غيره أن يؤدّي زكاته تبرّعاً (6) من ماله

العاشرة: إذا طلب من غيره أن يؤدّي زكاته تبرّعاً (6) من ماله، جاز و أجزأ عنه (7)، و لايجوز للمتبرّع الرجوع عليه؛ و أمّا إن طلب و لم يذكر التبرّع فأدّاها عنه من ماله، فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه، لقاعدة احترام المال، إلّاإذا علم كونه متبرّعاً.

[الحادية عشر: إذا وكّل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير]

الحادية عشر: إذا وكّل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير، هل تبرأ ذمّته بمجرّد ذلك (8)، أو يجب العلم بأنّه أدّاها، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لايبعد جواز الاكتفاء (9) إذا كان الوكيل عدلًا بمجرّد الدفع (10) إليه. (1). مكارم الشيرازي: و مرجع هذا الشرط بعد تعلّق الزكاة بالعين هو كون معادل الزكاة من العين خارجاً عن المبيع و غير مضمون بالثمن؛ هذا، و لاتبرء ذمّة البايع من الوجوب ما لم يف المشتري بالشرط (2). الگلپايگاني: صحّة البيع في مقدار الزكاة مشكل، إلّاأن يؤدّي البايع الزكاة من ماله الآخر (3). الامام الخميني: هذا البيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضولي، فإن أجازه وليّ الأمر فعليه القيمة بمقدارها، و إلّافيجب عليه ردّ العين؛ فشرط كون الزكاة عليه لا فائدة له في الفرضين، إلّاأن يكون المراد بالاشتراط عدم الرجوع إلى البايع بعد ردّ العين إذا لم يجز وليّ الزكاة و أخذها، و هذا و إن لم يكن مفاد الشرط لكن لايبعد إفادته، و كذا الحال إذا قصد كون الزكاة عليه (4). الخوئي: لا إشكال في هذا أيضاً بعد ما كانت الزكاة متعلّقة بالعين؛ نعم، ليس للمشتري أن يعطي من القيمة إلّاإذا قصد النيابة عن البايع (5). مكارم الشيرازي: بل ممنوع، فإنّ الوجوب المتوجّه إلى المالك لايرتفع بمجرّد الشرط، كما هو ظاهر (6). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في التبرّع بزكاة الغير (7). مكارم الشيرازي:

فيه إشكال، لعدم دليل عليه، و أدلّة النيابة تدلّ على كفاية التسبيب في أدائه أو إيصاله من مال المالك، لا من مال غيره تبرّعاً؛ و إلغاء الخصوصيّة منها غير ممكن، فإنّ الزكاة نوع عبادة ماليّ تتقوّم بإعطاء شي ء من ماله الموجب لتطهير الشخص بسببه، و تبرّع المتبرّع لا أثر له من هذه الجهة؛ نعم، في صورة عدم التبرّع لا إشكال فيه (8). الامام الخميني: لا إشكال في عدم برائته بمجرّده، لكنّ الأقوى جواز الاكتفاء بالإيكال إلى ثقة أمين، ولايلزم عليه العلم و لا التفتيش عن عمله

الخوئي: الظاهر البرائة مع التسليم إلى الوكيل الموثوق به، لأنّه على كلا تقديري الأداء و التلف لا ضمان عليه (9). الگلپايگاني: بل لايجوز الاكتفاء إلّاإذا أخبر بالأداء و كان موثّقاً على الأحوط (10). مكارم الشيرازي: بل بإخباره بالأداء؛ و لايعتبر كونه عدلًا، بل يكفي كونه ثقة

[الثانية عشر: إذا شكّ في اشتغال ذمّته بالزكاة فأعطى شيئاً للفقير و نوى أنّه إن كان عليه الزكاة]

الثانية عشر: إذا شكّ في اشتغال ذمّته بالزكاة فأعطى شيئاً للفقير و نوى أنّه إن كان عليه الزكاة كان زكاة (1)، و إلّافإن كان عليه مظالم كان منها، و إلّافإن كان على أبيه زكاة كان زكاة له و إلّافمظالم له، و إن لم يكن على أبيه شي ء فلجدّه إن كان عليه و هكذا، فالظاهر الصحّة.

[الثالثة عشر: لايجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أوّلًا فأوّلًا]

الثالثة عشر: لايجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أوّلًا فأوّلًا؛ فلو كان عليه زكاة السنة السابقة و زكاة الحاضرة، جاز تقديم الحاضرة بالنيّة (2)، و لو أعطى من غير نيّة التعيين فالظاهر التوزيع (3).

[الرابعة عشر: في المزارعة الفاسدة، الزكاة مع بلوغ النصاب على صاحب البذر]

الرابعة عشر: في المزارعة الفاسدة، الزكاة مع بلوغ النصاب على صاحب البذر، و في الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما، و إن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلايجب على واحد منهما و إن بلغ المجموع النصاب.

[الخامسة عشر: يجوز للحاكم الشرعيّ أن يقترض على الزكاة]

الخامسة عشر: يجوز (4) للحاكم الشرعيّ أن يقترض (5) على الزكاة (6) و يصرفه في بعض (1). مكارم الشيرازي: هذه العناوين من العناوين القصديّة و هي أشبه شي ء بالإنشائيّات؛ فإذا قصدها و لو معلّقاً على شرط مثل اشتغال ذمّته، فلا إشكال فيه، فإنّه من الترديد في المنويّ؛ نعم، إذا كان الترديد في النيّة بأن يقول هذا إمّا خمس أو زكاة، فإنّه لايجوز (2). مكارم الشيرازي: إذا كان له أثر، كما إذا كان العين موجودة؛ و إلّافلو كانت الزكاة في الذمّة، لم يكن أثر لتقديم السابق بالنيّة، بل يسقط من المجموع مقدار ما اعطي (3). الامام الخميني: إذا لم يؤدّ من عين ما تعلّق بها أحدهما، و إلّافالظاهر وقوعها منه، فلو أخرج من غلّة متعلّقة للزكاة مقدارها تقع منها، إلّاأن يقصد الخلاف

الخوئي: فيه تفصيل تقدّم [في أوّل فصل الزكاة من العبادات

الگلپايگاني: إن كان المعطى عين الزكوي فتسقط ممّا اعطي منه كلًاّ أو بعضاً، و إن كان قيمة فصحّة إعطائها من دون التعيين مع بقاء العين محلّ تأمّل (4). الگلپايگاني: فيه إشكال، فلايُترك الاحتياط (5). الخوئي: فيه إشكال إذا لم تثبت ولاية الحاكم في مثل ذلك، مع أنّه لا معنى للاقتراض للزكاة و إلّاكان المال المأخوذ قرضاً ملكاً لها، فكيف يصحّ صرفه في مصارف الزكاة!؟ نعم، فيما إذا كانت الحاجة ضروريّة بحيث علم وجوب رفعها و لم يمكن الرفع بوجه آخر، جاز للحاكم

الاقتراض لنفسه بما أنّه وليّ ثمّ أداء دينه من الزكاة (6). الامام الخميني: هذا محلّ إشكال بل منع، و على فرض جواز صرفه في مصارف الزكاة محلّ منع؛ ثمّ جواز أداء هذا الدين من الزكاة محلّ إشكال بل منع، لعدم كون أداء قرض الزكاة من مصارفها و على فرض جواز صرفه لايجوز إلّابعد وجوب الزكاة و وقت تعلّقه لا مطلقاً، و القياس على اقتراض المتولّي على رقبات الوقف مع الفارق، و كون الشي ء من الاعتباريّات لايلزم جواز اعتباره بأىّ نحو يراد، و كون ذلك راجعاً إلى اشتغال ذمّة أرباب الزكاة واضح المنع، كما أنّه مع استدانته على نفسه من حيث إنّه وليّ الزكاة يكون أداؤه منها محلّ إشكال، إلّامن سهم الغارمين مع اجتماع الشرائط و هو غير ما في المتن، كما أنّ جواز الاستدانة على المستحقّين و ولاية الحاكم على ذلك محلّ إشكال بل منع، فالمسألة بجميع فروعها محلّ إشكال؛ نعم، لا مانع من الاقتراض ثمّ الإقراض على الفقير ثمّ أخذ الزكاة عوضاً عن قرضه

مكارم الشيرازي: بل يقترض على نفسه بما أنّه وليّ أمرها، أي بعنوان مقامه و منصبه، أو على بيت مال المسلمين بناءً على كونه قابلًا للملك كالجهة في سائر مواردها؛ و أمّا الاقتراض على الزكاة فلا معنى له، لأنّه لم يأت حينها حتّى يحسب كشخص خارجيّ؛ و قياسه على العين الموقوفة الموجودة بالفعل، قياس مع الفارق؛ و كذلك الاقتراض على أرباب الزكاة، لعدم ولاية الحاكم إلّاعلى صرفها عليهم، لا الاقتراض بجهتهم مع كونهم غير قاصرين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 183

مصارفها، كما إذا كان هناك مفسدة لايمكن دفعها إلّابصرف مال و لم يكن عنده ما يصرفه فيه، أو كان فقير مضطرّ (1) لايمكنه إعانته

و رفع اضطراره إلّابذلك، أو ابن سبيل كذلك، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك و كان لايمكن تأخيره، فحينئذٍ يستدين على الزكاة و يصرف و بعد حصولها يؤدّي الدين منها. و إذا أعطى فقيراً من هذا الوجه و صار عند حصول الزكاة غنيّاً، لايسترجع منه، إذ المفروض أنّه أعطاه بعنوان الزكاة، و ليس هذا من باب إقراض الفقير و الاحتساب عليه بعد ذلك، إذ في تلك الصورة تشتغل ذمّة الفقير، بخلاف المقام، فإنّ الدين على الزكاة و لايضرّ (2) عدم كون الزكاة ذات ذمّة تشتغل، لأنّ هذه الامور اعتباريّة و العقلاء يصحّحون هذا الاعتبار؛ و نظيره استدانة متولّي الوقف لتعميره ثمّ الأداء بعد ذلك من نمائه، مع أنّه في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمّة أرباب الزكاة (3) من الفقراء و الغارمين و أبناء السبيل من حيث هم من مصارفها، لا من حيث هم هم، و ذلك مثل ملكيّتهم للزكاة، فإنّها ملك لنوع المستحقّين، فالدين أيضاً على نوعهم من حيث إنّهم من مصارفه، لا من حيث أنفسهم؛ ويجوز أن يستدين على نفسه (4) من حيث ولايته على الزكاة (1). مكارم الشيرازي: و ممّا ذكرنا ظهر أنّه لايختصّ الحكم بصورة الاضطرار (2). مكارم الشيرازي: بل يضرّ، لما عرفت أنّ الزكاة في مفروض المسألة ليس لها وجود حتّى تكون ذات ذمّة؛ نعم، يمكن فرض هذا في نفس بيت المال و هو معهود بين العقلاء (3). الگلپايگاني: ولاية الحاكم على اشتغال ذمّتهم ممنوعة (4). الگلپايگاني: فيه أيضاً إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 184

وعلى المستحقّين، بقصد الأداء من مالهم، و لكن في الحقيقة هذا أيضاً يرجع إلى الوجه الأوّل. و هل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان

وجوبها أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم؟ وجهان (1)؛ و يجري جميع ما ذكرنا، في الخمس و المظالم و نحوهما.

[السادسة عشر: لا يجوز للفقير و لا للحاكم الشرعيّ أخذ الزكاة من المالك ثمّ الردّ عليه

السادسة عشر: لايجوز للفقير و لا للحاكم الشرعيّ أخذ الزكاة من المالك ثمّ الردّ عليه (2) المسمّى بالفارسية ب «دست گردان»، أو المصالحة معه بشي ء يسير (3)، أو قبول شي ء منه بأزيد من قيمته، أو نحو ذلك، فإنّ كلّ هذه حيلٌ في تفويت حقّ الفقراء؛ و كذا بالنسبة إلى الخمس و المظالم و نحوهما؛ نعم، لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير و صار فقيراً لايمكنه أداؤها و أراد أن يتوب إلى اللّه تعالى، لا بأس بتفريغ ذمّته بأحد الوجوه (4) المذكورة (5)؛ و مع ذلك إذا كان مرجوّ التمكّن بعد ذلك، الأولى أن يشترط عليه أدائها (1). الامام الخميني، الگلپايگاني: أقواهما العدم

الخوئي: أظهرهما عدم جوازه

مكارم الشيرازي: أقواهما عدم الجواز، لعدم ولايته على ذلك (2). مكارم الشيرازي: أخذها جائز ولكن ردّها غير جائز؛ أمّا الحاكم، فلعدم ولايته على ذلك؛ أمّا الفقير، فلأنّه إمّا مصرف لها فليس مالكاً حتّى يصحّ له الردّ، و إمّا لأنّ ملكه ليس ملكاً طلقاً من جميع الجهات، بل مشروط بصرفه في حوائجها المتعارفة، فلذا يشكل صرفها في بعض المصارف التجمّليّة، و ذلك لعدم دليل على الملكيّة المطلقة و انصراف أدلّة الزكاة إلى ما ذكرنا (3). مكارم الشيرازي: هذا و ما بعده أظهر فساداً، لعدم كون الفقير مالكاً حتّى يصحّ منه هذا، و لا الحاكم وليّ على مثله (4). الامام الخميني: ليس للحاكم ولاية الردّ إلّافي بعض الموارد النادرة ممّا تقتضي مصلحة الإسلام أوالمسلمين ذلك، و كذا في المصالحة بمال يسير أو

قبول شي ء بأزيد من قيمته، و أمّا الفقير فيجوز له الأوّل دون الثاني و الثالث، و منه يظهر حال الاشتراط الّذي في المتن؛ نعم، لو أراد الاحتياط المذكور أخذ الزكاة و صالحها بمال قليل و شرط عليه أداء مقدار التمام عند التمكّن

الگلپايگاني: في ولاية الحاكم على الوجه الأوّل إشكال، و كذا في المصالحة من الحاكم أو الفقير؛ نعم، للفقير الأخذ ثمّ البذل إذا كان له داعٍ عقلائي

مكارم الشيرازي: بأن يأخذ منه الحاكم من باب الزكاة، ثمّ يردّ عليه من باب أنّه من الغارمين، ولكن شمول عموم الغارمين لغرم الزكاة لايخلو من إشكال؛ مضافاً إلى أنّه دين حصل من المعصية، فكيف يمكن أداؤها من الزكاة؟ و عليه يبقى هذا الدين على ذمّته كسائر الديون إلى أن يؤدّيه (5). الخوئي: بل بخصوص الوجه الأوّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 185

بتمامها عنده.

[السابعة عشر: اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام و النقدين معلوم

السابعة عشر: اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام و النقدين معلوم؛ و أمّا فيما لايعتبر فيه كالغلّات، ففيه خلاف و إشكال (1).

[الثامنة عشر: إذا كان له مال مدفون في مكان و نسي موضعه بحيث لا يمكنه العثور عليه

الثامنة عشر: إذا كان له مال مدفون في مكان و نسي موضعه بحيث لايمكنه العثور عليه، لايجب فيه الزكاة إلّابعد العثور و مضيّ الحول من حينه؛ و أمّا إذا كان في صندوقه مثلًا لكنّه غافل عنه بالمرّة فلايتمكّن من التصرّف فيه من جهة غفلته، و إلّافلو التفت إليه أمكنه التصرّف فيه، يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول و يجب التكرار إذا حال عليه أحوال، فليس هذا من عدم التمكّن الّذي هو قادح في وجوب الزكاة.

[التاسعة عشر: إذا نذر أن لا يتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين

التاسعة عشر: إذا نذر أن لايتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين، أو أكرهه مكره على عدم التصرّف، أو كان مشروطاً عليه في ضمن عقد لازم، ففي منعه (2) من وجوب الزكاة و كونه من عدم التمكّن من التصرّف الّذي هو موضوع الحكم إشكال (3)، لأنّ القدر المتيقّن ما إذا لم يكن المال حاضراً عنده أو كان حاضراً و كان بحكم الغائب عرفاً.

[العشرون: يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل اللّه كتاباً أو قرآناً أو دعاءً]

العشرون: يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل اللّه كتاباً أو قرآناً أو دعاءً و يوقفه و يجعل التولية بيده أو يد أولاده، و لو أوقفه على أولاده و غيرهم ممّن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضاً (4)؛ نعم، لو اشترى خاناً أو بستاناً و وقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم، فيه إشكال (5). (1). الامام الخميني: الأقوى اشتراطه

الخوئي: أظهره الاشتراط حين تعلّق الوجوب

الگلپايگاني: أقربه الاعتبار عند تعلّق الوجوب، و الأحوط عدمه (2). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه لايمنع في النذر و الشرط بعد انتقال الملك إليه، ولكنّ الإكراه يمنع عن تعلّق الزكاة (3). الامام الخميني: الظاهر منع الثاني و الثالث منه، و في الأوّل وجه، لكن لايُترك الاحتياط

الگلپايگاني: الأقوى المنع في النذر و الشرط دون الإكراء (4). الخوئي: هذا إذا كانت فيه مصلحة دينيّة، كما في الفرض الأوّل (5). الخوئي: بل منع

الامام الخميني، مكارم الشيرازي: و الأقوى عدم الجواز

[الحادية و العشرون: إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة]

الحادية و العشرون: إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة، لايجوز للفقير المقاصّة من ماله، إلّا بإذن الحاكم الشرعيّ في كلّ مورد.

[الثانية و العشرون: لايجوز إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب

الثانية و العشرون: لايجوز (1) إعطاء الزكاة (2) للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب، و يجوز من سهم (3) سبيل اللّه.

[الثالثة و العشرون: يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل اللّه في كلّ قربة]

الثالثة و العشرون: يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل اللّه في كلّ قربة (4)، حتّى إعطائها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه، إذا لم يمكن دفع شرّه إلّابهذا.

[الرابعة و العشرون: لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة و بلغ ذلك النصاب

الرابعة و العشرون: لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة (5) و بلغ ذلك النصاب، وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضاً، لأنّه مالك له حين تعلّق الوجوب، و أمّا لو كان بعنوان نذر الفعل فلاتجب على ذلك الشخص، و في وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور إشكال (6).

[الخامسة و العشرون: يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة]

الخامسة و العشرون: يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة، من أىّ شخص و (1). الامام الخميني: بعد فرض فقره لايبعد الجواز بالمقدار المتعارف، و أمّا الزيادة فمحلّ إشكال، كما أنّ الإعطاء من سهم سبيل اللّه لمطلق القربات محلّ إشكال، كما مرّ

مكارم الشيرازي: على الأحوط (2). الگلپايگاني: بل يجوز مع فرض فقره؛ نعم، لو كان واجداً لمؤونة السنة، لايجوز له الإعطاء للزيارة و أمثالها إلّامن سهم سبيل اللّه (3). الخوئي: هذا إذا كانت فيه مصلحة دينيّة (4). الامام الخميني: مرّ الكلام في مصرفه

الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في الصنف السابع من أصناف المستحقّين للزكاة]

مكارم الشيرازي: قد عرفت في فصل أصناف المستحقّين أنّه لايجوز صرف سهم سبيل اللّه في كلّ قربة، بل يختصّ هذا السهم بما فيه نفع للدين و مصلحة للمسلمين بما هم مسلمون (5). الامام الخميني: بناءً على صحّة هذا النذر، لكنّها محلّ إشكال

الخوئي: صحّة هذا النذر في نفسه محلّ إشكال، بل منع

الگلپايگاني: بناءً على صحّته، لكن فيه كلام

مكارم الشيرازي: بناءً على صحّة هذا النذر، و لكن فيه كلام ذكر في محلّه (6). الامام الخميني: الأقوى عدم الوجوب عليه

الخوئي: الحال فيه كما تقدّم في منذور الصدقة [في الشرط الخامس من شرائط وجوب الزكاة]

الگلپايگاني: أقواه عدم الوجوب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 187

في

أىّ مكان كان، و يجوز للمالك إقباضه إيّاه مع علمه بالحال، و تبرأ ذمّته و إن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير، و لا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلًا على ذلك.

[السادسة و العشرون: لا تجري الفضوليّة في دفع الزكاة]

السادسة و العشرون: لاتجري الفضوليّة (1) في دفع الزكاة، فلو أعطى فضوليّ زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصحّ (2)؛ نعم، لو كان المال باقياً في يد الفقير أو تالفاً مع ضمانه، بأن يكون عالماً بالحال (3)، يجوز له الاحتساب إذا كان باقياً على فقره.

[السابعة و العشرون: إذا وكّل المالك شخصاً في إخراج زكاته من ماله أو أعطاه له

السابعة و العشرون: إذا وكّل المالك شخصاً في إخراج زكاته من ماله أو أعطاه له و قال:

ادفعه إلى الفقراء، يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيراً، مع علمه (4) بأنّ غرضه الإيصال (5) إلى الفقراء، و أمّا إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلايجوز.

[الثامنة و العشرون: لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة، دفعةً أو تدريجاً، و بقيت عنده سنة]

الثامنة و العشرون: لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة، دفعةً أو تدريجاً، و بقيت عنده سنة، وجب عليه (6) إخراج زكاتها؛ و هكذا في سائر الأنعام و النقدين.

[التاسعة و العشرون: لو كان مال زكويّ مشتركاً بين إثنين مثلًا و كان نصيب كلّ منهما بقدر النصاب

التاسعة و العشرون: لو كان مال زكويّ مشتركاً بين إثنين مثلًا و كان نصيب كلّ منهما بقدر النصاب فأعطى أحدهما زكاة حصّته من مال آخر، أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثمّ اقتسماه، فإن احتمل المزكّي أنّ شريكه يؤدّي زكاته فلا إشكال، و إن علم أنّه لايؤدّي ففيه إشكال (7)، من حيث تعلّق الزكاة بالعين، فيكون مقدار منها في حصّته.

[الثلاثون: قد مرّ أنّ الكافر مكلّف بالزكاة و لاتصحّ منه

الثلاثون: قد مرّ أنّ الكافر مكلّف بالزكاة (8) و لاتصحّ منه و إن كان لو أسلم سقطت (1). الخوئي: فيه إشكال، و الجريان لايخلو من وجه (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط (3). الخوئي: إذا ثبت الضمان في حال العلم ثبت مع الجهل أيضاً، إذ المفروض أنّ المال لغير الدافع

مكارم الشيرازي: و كذا إذا كان جاهلًا، فإنّه ضامن؛ و إن كان مغروراً، يرجع إلى من غرّه (4). الخوئي: لايبعد جواز الأخذ منه بمثل ما يعطي لغيره مع عدم العلم به أيضاً (5). مكارم الشيرازي: الغرض في حدّ ذاته غير كافٍ، بل المعتبر عموم الإنشاء؛ و كذا في الصورة التالية (6). الخوئي: بناءً على تعلّق الخمس بما يؤخذ زكاة كما هو الصحيح، لاتجب الزكاة في مفروض المسألة، و الوجه فيه ظاهر (7). الگلپايگاني: على الإعاشة، و أمّا على مبناه فلا إشكال فيه

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه، لأنّ القسمة توجب إفراز سهمه المزكّى (8). الخوئي: و قد مرّ الكلام في أصله و في بعض فروعه [في شرائط وجوب الزكاة، المسألة 16] و منه يظهرالحال في المسلم الوارث أو المشتري

مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة (16) من شرائط وجوب الزكاة الإشكال في أصل المسألة، نظراً إلى سيرة النبي صلى الله عليه و آله و

الوليّ عليه السلام المستمرّة على عدم الأخذ منهم؛ و من هنا يظهر حال ما فرّع عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 188

عنه (1)، وعلى هذا فيجوز للحاكم إجباره على الإعطاء له أو أخذها من ماله قهراً عليه و يكون هو المتولّي للنيّة، و إن لم يؤخذ منه حتّى مات كافراً جاز الأخذ من تركته، و إن كان وارثه مسلماً وجب عليه، كما أنّه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليّاً، و حكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل إخراج الزكاة، و قد مرّ سابقاً.

[الحادية و الثلاثون: إذا بقي من المال الّذي تعلّق به الزكاة و الخمس مقدار لايفي بهما و لم يكن عنده غيره

الحادية و الثلاثون: إذا بقي من المال الّذي تعلّق به الزكاة و الخمس مقدار لايفي بهما و لم يكن عنده غيره، فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة، بخلاف ما إذا كانا في ذمّته و لم يكن عنده ما يفي بهما، فإنّه مخيّر بين التوزيع و تقديم أحدهما. و إذا كان عليه خمس أو زكاة و مع ذلك عليه من دين الناس و الكفّارة و النذر و المظالم و ضاق ماله عن أداء الجميع، فإن كانت العين الّتي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما على البقيّة، و إن لم تكن موجودة فهو مخيّر (2) بين تقديم أيّهما شاء (3)، و لايجب التوزيع و إن كان أولى؛ نعم، إذا مات و كان عليه هذه الامور و ضاقت التركة، وجب التوزيع (4) بالنسبة، كما في غرماء المفلس؛ و إذا كان عليه حجّ واجب (5) أيضاً، كان في عرضها (6).

[الثانية و الثلاثون: الظاهر أنّه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه

الثانية و الثلاثون: الظاهر أنّه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه (7)، و كذا في الفطرة؛ و من منع من ذلك كالمجلسيّ قدس سره في «زاد المعاد» في باب زكاة الفطرة، لعلّ نظره إلى حرمة (1). الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه مع بقاء العين

الگلپايگاني: مرّ الكلام فيه (2). الخوئي: الظاهر تقديم غير النذر و الكفّارة عليهما قبل الموت و بعده (3). مكارم الشيرازي: لايبعد تقديم حقّ الناس على حقّ اللّه (4). الخوئي: هذا في غير النذر و الكفّارة؛ و أمّا هما فلايخرجان من الأصل حتّى يجب التوزيع بالإضافة إليهمافي عرض الديون (5). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه في مباحث الحجّ (6). الخوئي: الظاهر أنّ الحجّ مقدّم عليها (7). مكارم الشيرازي: إذا كان فقيراً شرعاً، لا ممّن جعل السؤال

حرفةً لنفسه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 189

السؤال و اشتراط العدالة في الفقير، و إلّافلا دليل عليه بالخصوص، بل قال المحقّق القمّي قدس سره:

لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسيّ قدس سره في «زاد المعاد»، قال: و لعلّه سهو منه، و كأنّه كان يريد الاحتياط فسها و ذكره بعنوان الفتوى.

[الثالثة و الثلاثون: الظاهر بناءً على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز أخذه أيضاً]

الثالثة و الثلاثون: الظاهر بناءً على اعتبار العدالة (1) في الفقير عدم جواز أخذه أيضاً، لكن ذكر المحقّق القمّي: أنّه مختصّ بالإعطاء، بمعنى أنّه لايجوز للمعطي أن يدفع إلى غير العادل، و أمّا الآخذ فليس مكلّفاً بعدم الأخذ.

[الرابعة و الثلاثون: لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة]

الرابعة و الثلاثون: لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، و ظاهر كلمات العلماء أنّها شرط في الإجزاء، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة و لم يجز، و لولا الإجماع أمكن الخدشة فيه، و محلّ الإشكال غير ما إذا كان قاصداً للقربة في العزل و بعد ذلك نوى الرياء مثلًا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير، فإنّ الظاهر إجزاؤه (2) و إن قلنا باعتبار القربة، إذ المفروض تحقّقها حين الإخراج والعزل.

[الخامسة و الثلاثون: إذا وكّل شخصاً في إخراج زكاته و كان الموكّل قاصداً للقربة و قصد الوكيل الرياء]

الخامسة و الثلاثون: إذا وكّل شخصاً في إخراج زكاته و كان الموكّل قاصداً للقربة و قصد الوكيل الرياء، ففي الإجزاء إشكال (3)، و على عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامناً.

[السادسة و الثلاثون: إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعيّ ليدفعها للفقراء، فدفعها]

السادسة و الثلاثون: إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعيّ ليدفعها للفقراء، فدفعها (1). مكارم الشيرازي: لكن قد عرفت عدم اعتبارها (2). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع

الگلپايگاني: فيه إشكال، فلايُترك الاحتياط بقصد القربة حين الدفع أيضاً

مكارم الشيرازي: بل الأحوط لولا الأقوى، اعتبار القربة في الإخراج و الدفع، لأنّ العبادة هي إيتاء الزكاة و هو لايتمّ إلّابالدفع، و مجرّد الإخراج من المال ليس عبادة، بل من قبيل المقدّمة لها (3). الامام الخميني: الظاهر عدم الإجزاء إذا كان وكيلًا في إخراج الزكاة؛ و أمّا إذا كان وكيلًا في الإيصال فقد مرّ أنّ المتصدّي للنيّة هو المالك

الگلپايگاني: إذا كان الموكّل باقياً على قصده إلى أن يدفع الوكيل، فالظاهر الصحّة

الخوئي: هذا مبنيّ على ما تقدّم منه قدس سره من أنّ العبرة بنيّة الوكيل حينئذٍ؛ و أمّا على ما ذكرناه من أنّ العبرة بنيّة الموكّل فلا أثر لقصد الوكيل الرياء

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في الإجزاء؛ فإنّ الوكيل هنا واسطة في الإيصال بمنزلة الآلة، و العبادة في الحقيقة عمل للموكّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 190

لا بقصد القربة (1)، فإن كان أخذ الحاكم و دفعه بعنوان الوكالة عن المالك أشكل الإجزاء (2)، كما مرّ (3) و إن كان المالك قاصداً للقربة حين دفعها للحاكم؛ و إن كان بعنوان الولاية على الفقراء، فلا إشكال في الإجزاء إذا كان المالك قاصداً للقربة بالدفع إلى الحاكم، لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة؛ و أمّا إذا كان لتحصيل الرئاسة (4) فهو مشكل

(5)، بل الظاهر ضمانه حينئذٍ و إن كان الآخذ فقيراً.

[السابعة و الثلاثون: إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرهاً]

السابعة و الثلاثون: إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرهاً، يكون هو المتولّي للنيّة (6)، و ظاهر كلماتهم الإجزاء (7) و لايجب على الممتنع بعد ذلك شي ء و إنّما يكون عليه الإثم من (1). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في المسألة (5) من فصل 10 أنّه لا دليل على وجوب نيّة القربة على الحاكم إذا أخذ الزكاة، و إنّما هي على المؤدّي لها لا الآخذ قهراً أو بغير قهر (2). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه، فإنّ الدفع إلى الحاكم أو إلى شخص آخر لاينفكّ عن العزل، و قد مرّ أنّه تكفي مقارنته لقصد القربة و إن لم تكن قربة عند الإعطاء إلى الفقير؛ و بذلك يظهر الفرق بين هذه المسألة و سابقتها

الگلپايگاني: إلّاإذا كان المالك باقياً على قصده حين دفع الحاكم، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد مرّ صحّته و إجزاؤه (3). الامام الخميني: يأتي فيه التفصيل على ما في المسألة السابقة (4). الگلپايگاني: كون الداعي للإعطاء تحصيل الرئاسة لاينافي قصد عنوان الزكاة؛ نعم، لابدّ أن لايقصدالرئاسة المحرّمة لئلّا ينافي القربة المعتبرة في دفع الحاكم على الأحوط و إن يمكن القول بعدم اعتبارها في دفعه بعد ما قصد المالك القربة حين دفعها و كان باقياً على قصده إلى حين دفع الحاكم (5). الامام الخميني: إن كان إعطاء الزكاة لتحصيل الرئاسة الغير المحرّمة فلا إشكال في الإجزاء؛ و أمّا إذا كان لتحصيل الرئاسة الباطلة فإن كان عادلًا قبل هذا الإعطاء فلايبعد وقوعه زكاة و تزول ولايته بنفس هذا الإعطاء، و بعد زوال ولايته يجب عليه ردّ بقيّة الزكاة إذا كانت عنده إلى الحاكم العدل، و لو تخلّف و أدّى

إلى الفقراء فالظاهر إجزاؤه و عدم الضمان

مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه إذا كان المالك قصد القربة و الحاكم واسطة في الإيصال، فلايضرّ قصده تحصيل الرئاسة، محلّلة كانت أو محرّمة؛ بل المعتبر فيه هو قصد عنوان الزكاة فقط. و منه يظهر أنّه لا منافاة بين قصد عنوان الزكاة و قصد تحصيل الرئاسة؛ فالمقابلة بينهما في عبارة المتن غير صحيح (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لايعتبر نيّة القربة في الحاكم الآخذ للزكاة، و الأدلّة ساكتة عنها (7). الامام الخميني: و هو الأقوى

الخوئي: و هو الصحيح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 191

حيث امتناعه، لكنّه لايخلو عن إشكال (1)، بناءً على اعتبار قصد القربة، إذ قصد الحاكم لاينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه.

[الثامنة و الثلاثون: إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً على الكسب إذا ترك التحصيل

الثامنة والثلاثون: إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً على الكسب إذا ترك التحصيل، لا مانع من إعطائه من الزكاة (2) إذا كان ذلك العلم ممّا يستحبّ تحصيله (3)، و إلّا فمشكل (4).

[التاسعة و الثلاثون: إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعاً قاصداً للقربة]

التاسعة و الثلاثون: إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعاً قاصداً للقربة، لامانع من إعطائه الزكاة، و أمّا إذا كان قاصداً للرياء أو للرئاسة المحرّمة، ففي جواز إعطائه إشكال (5)، من حيث كونه إعانة على الحرام (6).

[الأربعون: حكي عن جماعة عدم صحّة دفع الزكاة في المكان المغصوب

الأربعون: حكي عن جماعة عدم صحّة دفع الزكاة في المكان المغصوب، نظراً إلى أنّه من العبادات، فلايجتمع مع الحرام، و لعلّ نظرهم إلى غير صورة الاحتساب على الفقير من دين له عليه، إذ فيه لايكون تصرّفاً في ملك الغير، بل إلى صورة الإعطاء و الأخذ، حيث إنّهما فعلان خارجيّان، و لكنّه أيضاً مشكل، من حيث إنّ الإعطاء الخارجيّ مقدّمة للواجب و هو الإيصال الّذي هو أمر انتزاعيّ معنويّ، فلايبعد (7) الإجزاء.

[الحادية و الأربعون: لا إشكال في اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة فيما يعتبر فيه الحول

الحادية و الأربعون: لا إشكال في اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة فيما يعتبر (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّه لا إشكال فيه بعد ثبوت ولاية الحاكم على الأخذ

مكارم الشيرازي: ظاهر الأدلّة الإجزاء؛ و كأنّه من قبيل تعدّد المطلوب فيما إذا أخذه الحاكم، فيحصل أحد المطلوبين و هو أداء حقّ الفقراء و ينتفي محلّ الآخر و هو القربة، و لذا يكون عاصياً (2). الخوئي: مرّ التفصيل فيه و في ما بعده [في فصل في أصناف المستحقّين للزكاة و مصارفها، المسألة 8] (3). الگلپايگاني: أو يباح؛ و الأحوط عدم أخذه، إلّابعد حصول العجز عن تحصيل مؤونته من جهة اشتغاله بالعلم و لو في العلم الواجب، كما مرّ (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ تفصيلنا فيه في المسألة (8) من بحث أصناف المستحقّين، و لا وجه لتكراره كما في المتن (5). الامام الخميني: إذا كان قادراً على التكسّب أو كان متجاهراً بالكبيرة؛ و أمّا كون ذلك إعانة على الحرام ففيه إشكال

مكارم الشيرازي: في إطلاقه الإشكال إشكال؛ هذا، و بين قصد القربة و الرياء مقاصد مباحة أيضاً (6). الگلپايگاني: هذا إذا قصد إعانته في ذلك، و إلّافصرف الإعطاء ليس بإعانة على الحرام (7). الامام الخميني: الأقوى هو الإجزاء،

لا لما ذكره، فإنّه غير وجيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 192

فيه الحول كالأنعام و النقدين، كما مرّ سابقاً؛ و أمّا ما لايعتبر فيه الحول كالغلّات، فلايعتبر التمكّن من التصرّف فيها قبل حال تعلّق الوجوب بلا إشكال. و كذا لا إشكال في أنّه لايضرّ عدم التمكّن بعده إذا حدث التمكّن بعد ذلك، و إنّما الإشكال و الخلاف في اعتباره حال تعلّق الوجوب، و الأظهر (1) عدم اعتباره (2)، فلو غصب زرعه غاصب و بقي مغصوباً إلى وقت التعلّق ثمّ رجع إليه بعد ذلك، وجبت زكاته.

[فصل في زكاة الفطرة]

اشارة

فصل في زكاة الفطرة

و هي واجبة إجماعاً من المسلمين. و من فوائدها أنّها تدفع الموت في تلك السنة عمّن ادّيَت عنه، ومنها أنّها توجب قبول الصوم؛ فعن الصادق عليه السلام أنّه قال لوكيله: «اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعهم و لاتدع منهم أحداً فإنّك إن تركت منهم أحداً تخوّفتُ عليه الفوت» قلت: و ما الفوت؟ قال عليه السلام: «الموت» و عنه عليه السلام: «إنّ من تمام الصوم إعطاء الزكاة، كما أنّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله من تمام الصلاة، لأنّه من صام و لم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّداً، و لا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله؛ إنّ اللّه تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة، و قال: «قد أفلح من تزكّى و ذكر اسم ربّه فصلّى»». و المراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة، كما يستفاد من بعض الأخبار المفسّرة للآية (3). و الفطرة إمّا بمعنى الخلقة، فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من حيث إنّها تحفظه عن الموت (4) أو تطهرّه عن الأوساخ، و إمّا (1). الگلپايگاني: بل الأحوط،

كما مرّ (2). الامام الخميني: مرّ أنّ الأقوى اعتباره

الخوئي: بل الأظهر اعتباره، كما مرّ

مكارم الشيرازي: بل الأحوط اعتباره؛ و ما ذكره هنا ينافي ما مرّ منه في المسألة (17) (3). مكارم الشيرازي: كيف تكون الزكاة في الآية هي الفطرة، و السورة مكيّة، و لم يرد زكاة الفطرة و لا الصوم إلّافي المدينة؟! و قد يقال: إنّ آخر سورة «الأعلى» نزلت بالمدينة و أوّلها بمكّة، فتأمّل. و يمكن أن يقال: إنّ الحكم فيها عامّ من ناحية الزكاة و الصلوة، و أمّا زكاة الفطرة و صلاة العيد من مصاديقها، كما هو المعمول في التفاسير الواردة في الروايات (4). مكارم الشيرازي: و يؤيّده أنّها تدفع بعدد الرؤوس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 193

بمعنى الدين، أي زكاة الإسلام (1) و الدين، و إمّا بمعنى الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر.

و الكلام في شرائط وجوبها، و من تجب عليه، و في من تجب عنه، و في جنسها، و في قدرها، و في وقتها، و في مصرفها؛ فهنا فصول:

[فصل في شرائط وجوبها]

فصل في شرائط وجوبها و هي امور:

الأوّل: التكليف؛ فلاتجب على الصبيّ و المجنون (2) و لا على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضاً.

الثاني: عدم الإغماء (3)؛ فلاتجب على من أهلّ شوّال عليه و هو مغمى عليه.

الثالث: الحرّيّة (4)؛ فلاتجب على المملوك و إن قلنا: إنّه يملك؛ سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو امّ ولد أو مكاتباً (5)، مشروطاً أو مطلقاً و لو يؤدّ شيئاً، فتجب فطرتهم على المولى (6)؛ نعم، لو تحرّر من المملوك شي ء، وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة مع حصول الشرائط.

الرابع: الغنى و هو أن يملك قوت سنة له و لعياله زائداً على ما

يقابل الدين (7) و مستثنياته فعلًا أو قوّةً، بأن يكون له كسب يفي بذلك؛ فلاتجب على الفقير و هو من لايملك (1). مكارم الشيرازي: و هذا المعنى ضعيف، فإنّه ممّا لا معنى محصّل له، فليس الإسلام رأس مال تدفع عنها الزكاة؛ و لكنّ المعنى الأوّل أمر معقول (2). الامام الخميني: و لو أدواريّاً إذا كان دور جنونه عند دخول ليلة العيد (3). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

مكارم الشيرازي: الحكم في الإغماء ممّا لا دليل عليه و لايمكن إدراجه في مفهوم الجنون، كما ذكرنا في باب الصوم (4). مكارم الشيرازي: و هي خارجة عن محلّ البلوى اليوم (5). الامام الخميني: لايخلو من إشكال، و كذا في حكم المحرّر بعضاً؛ و الأمر سهل

الخوئي: الأحوط بل الأظهر فيه الإخراج و لاسيّما إذا تحرّر بعضه (6). الگلپايگاني: مع العيلولة و إن كان بدونها أيضاً أحوط (7). الامام الخميني: الّذي يحلّ في هذه السنة، دون غيره على الأحوط

الگلپايگاني: الحالّ عليه في هذه السنة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 194

ذلك و إن كان الأحوط (1) إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة و إن كان عليه دين؛ بمعنى أنّ الدين لايمنع من وجوب الإخراج. و يكفي ملك قوت السنة، بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكاً عين أحد النصب الزكويّة أو قيمتها و إن لم يكفه لقوت سنته، بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مؤونة يومه و ليلته صاع.

مسألة 1: لايعتبر في الوجوب كونه مالكاً مقدار الزكاة زائداً على مؤونة السنة، فتجب و إن لم يكن له الزيادة على الأقوى (2) و الأحوط.

مسألة 2: لايشترط في وجوبها الإسلام، فتجب على الكافر (3)، لكن لايصحّ أداؤها منه، و إذا أسلم بعد الهلال سقط عنه؛ و

أمّا المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلاتسقط عنه.

مسألة 3: يعتبر فيها نيّة القربة كما في زكاة المال، فهي من العبادات؛ و لذا لاتصحّ من الكافر.

مسألة 4: يستحبّ للفقير إخراجها أيضاً، و إن لم يكن عنده إلّاصاع يتصدّق به على عياله ثمّ يتصدّق به على الأجنبيّ بعد أن ينتهي الدور، و يجوز أن يتصدّق به على واحد منهم أيضاً و إن كان الأولى و الأحوط الأجنبيّ؛ و إن كان فيهم صغير أو مجنون، يتولّى الوليّ له الأخذ له (4) و الإعطاء عنه (5) و إن كان الأولى و الأحوط أن يتملّك الوليّ لنفسه ثمّ يؤدّي عنهما (6).

مسألة 5: يكره تملّك ما دفعه زكاةً وجوباً أو ندباً؛ سواء تملّكه صدقةً أو غيرها، على ما (1). الخوئي: لايُترك (2). مكارم الشيرازي: قوّته محلّ منع و إن كان أحوط؛ و الأخذ بالإطلاقات هنا مشكل، لندرة هذا الفرد (3). الخوئي: على إشكال فيه، بل منع، كما في زكاة المال

مكارم الشيرازي: في وجوب زكاة الفطرة على الكافر إشكال قويّ، لعدم معهوديّة أخذها منهم في زمن النبي صلى الله عليه و آله و بعده؛ و يظهر من غير واحد من الروايات اشتراط الإسلام في وجوبها (الحديث الأوّل و الثاني من الباب 11). و العجب أنّه سيأتي في المسالة (6) منه، اشتراط الإسلام فيها (4). الگلپايگاني: جواز الإعطاء عنهما بعد الأخذ لهما مشكل (5). الامام الخميني: الأحوط أن يقتصر في الإدارة بين المكلّفين، و مع أخذ الوليّ عن القاصر يصرفها فيه ولايردّها على غيره

مكارم الشيرازي: و لاينافيه كونه من مال الصغير حينئذٍ، لإطلاق النصّ، بل لايبعد كونه من مصالحه عرفاً (6). مكارم الشيرازي: ولكن هذا خارج عن مفاد النصّ، فاستحبابه على هذا

النحو غير معلوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 195

مرّ في زكاة المال.

مسألة 6: المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد (1) جامعاً للشرائط؛ فلو جنّ أو اغمي عليه (2) أو صار فقيراً قبل الغروب و لو بلحظة، بل أو مقارناً للغروب، لم تجب عليه، كما أنّه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارناً له وجبت (3)، كما لو بلغ الصبيّ أو زال جنونه و لو الأدواريّ أو أفاق من الإغماء أو ملك ما يصير به غنيّاً أو تحرّر و صار غنيّاً أو أسلم الكافر (4)، فإنّها تجب عليهم. و لو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلًا بعد الغروب، لم تجب؛ نعم، يستحبّ إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب، إلى ما قبل الزوال من يوم العيد.

[فصل في من تجب عنه

فصل في من تجب عنه

يجب إخراجها بعد تحقّق شرائطها، عن نفسه و عن كلّ من يعوله حين دخول (5) ليلة الفطر (6)؛ من غير فرق بين واجب النفقة عليه و غيره، والصغير و الكبير و الحرّ و المملوك و المسلم و الكافر و الأرحام و غيرهم، حتّى المحبوس عنده و لو على وجه محرّم؛ و كذا تجب عن الضيف، بشرط صدق كونه عيالًا له (7) و إن نزل عليه في آخر يوم من رمضان، بل و إن لم يأكل عنده شيئاً، لكن بالشرط المذكور و هو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر، بأن يكون بانياً على البقاء (8) عنده مدّة (9)، و مع عدم الصدق تجب على نفسه، (1). الخوئي: فيه إشكال، بل الظاهر وجوبها إذا كان جامعاً للشرائط ولو بعد الغروب إلى آخر وقتها؛ نعم، لاتجب عن المولود بعد انقضاء الشهر و لا على من أسلم بعده (2). مكارم

الشيرازي: قد مرّ عدم الدليل على اعتبار عدم الإغماء (3). الامام الخميني: في فرض المقارنة يشكل الوجوب، بل عدمه لايخلو من قوّة

مكارم الشيرازي: لا دليل على كفاية المقارنة للغروب، بل ظاهر الأدلّة اعتبار إدراك جزء من شهر رمضان جامعاً للشرائط (4). مكارم الشيرازي: قد مرّ منه عدم كون الإسلام شرطاً في وجوب الفطرة، فعدّه هنا و فيما بعد من شرائط الوجوب عجيب (5). الامام الخميني: بل قبله و لو بلحظة (6). الخوئي: بل بعد دخولها أيضاً على ما تقدّم

مكارم الشيرازي: بل من أدرك شهر رمضان و لو آناً مّاً (7). الگلپايگاني: أو صدق أنّه عاله، و الظاهر أنّه يصدق مع الإنفاق الفعلي (8). الخوئي: الظاهر أنّ صدق العيلولة لايتوقّف عليه (9). مكارم الشيرازي: فالضيف المدعوّ لليلة الفطر فقط و أمثاله لاتجب فطرتهم و إن نزلوا قبل الغروب، بل أو إن أكلوا عنده قبله بأن كانوا مسافرين أو مرضى أو شبههما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 196

لكنّ الأحوط (1) أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضاً، حيث إنّ بعض العلماء اكتفى في الوجوب عليه مجرّد صدق اسم الضيف و بعضهم اعتبر كونه عنده تمام الشهر و بعضهم العشر الأواخر و بعضهم الليلتين الأخيرتين، فمراعاة الاحتياط أولى؛ و أمّا الضيف النازل بعد دخول الليلة، فلاتجب الزكاة عنه (2) و إن كان مدعوّاً قبل ذلك.

مسألة 1: إذا ولد له ولد أو ملك مملوكاً أو تزوّج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارناً (3) له (4)، وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالًا له، وكذا غير المذكورين ممّن يكون عيالًا، وإن كان بعده لم تجب؛ نعم، يستحبّ الإخراج عنه إذا كان ذلك بعده و قبل الزوال من يوم الفطر.

مسألة 2: كلّ من

وجبت فطرته على غيره، سقطت عن نفسه و إن كان غنيّاً و كانت واجبة عليه لو انفرد؛ و كذا لو كان عيالًا لشخص ثمّ صار وقت الخطاب عيالًا لغيره، و لا فرق في السقوط عن نفسه بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصياناً أو نسياناً، لكنّ الأحوط (5) الإخراج عن نفسه حينئذٍ؛ نعم، لو كان المعيل فقيراً و العيال غنيّاً، فالأقوى (6) وجوبها (7) على نفسه و لو تكلّف المعيل الفقير بالإخراج على الأقوى (8) و إن (1). الگلپايگاني: إذا شكّ في صدق الإنفاق أيضاً؛ و أمّا مع الصدق فالظاهر وجوبها على المنفق (2). الخوئي: هذا فيما إذا لم يصدق عليه العيلولة، و إلّاوجبت الزكاة عنه (3). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (4). الخوئي: بل بعده أيضاً على ما تقدّم في غير الولد

مكارم الشيرازي: فيه إشكال ظاهر، لورود اعتبار إدراك شي ء من شهر رمضان في غير واحد من الروايات (5). الخوئي: لايُترك الاحتياط في فرض النسيان ونحوه ممّا يسقط معه التكليف واقعاً

مكارم الشيرازي: لايُترك (6). الگلپايگاني: بل الأحوط (7). الامام الخميني: بل الأقوى عدم وجوبها عليه (8). الگلپايگاني: بل على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 197

كان السقوط حينئذٍ لايخلو عن وجه.

مسألة 3: تجب الفطرة عن الزوجة؛ سواء كانت دائمة أو متعة مع العيلولة لهما، من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أو لا لنشوز أو نحوه؛ و كذا المملوك و إن لم تجب نفقته عليه؛ و أمّا مع عدم العيلولة فالأقوى عدم الوجوب عليه و إن كانوا من واجبي النفقة عليه (1) و إن كان الأحوط الإخراج، خصوصاً مع وجوب نفقتهم عليه، و حينئذٍ ففطرة الزوجة على نفسها إذا كانت غنيّة و لم يعِلها الزوج و

لاغير الزوج أيضاً، و أمّا إن عالها أو عال المملوك غير الزوج و المولى فالفطرة عليه مع غناه.

مسألة 4: لو أنفق الوليّ على الصغير أو المجنون من مالهما، سقطت الفطرة عنه و عنهما.

مسألة 5: يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكّل، و يتولّي الوكيل (2) النيّة (3)، و الأحوط نيّة الموكّل أيضاً على حسب ما مرّ (4) في زكاة المال، و يجوز توكيله في الإيصال و يكون المتولّي حينئذٍ هو نفسه، و يجوز الإذن في الدفع عنه أيضاً، لا بعنوان الوكالة، و حكمه حكمها، بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة، كما يجوز التبرّع به من ماله بإذنه (5) أو لا بإذنه (6) وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء (7) في هذا و سابقه.

مسألة 6: من وجب عليه فطرة غيره، لايجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه؛ سواء كان غنيّاً أو فقيراً و تكلّف بالإخراج، بل لاتكون حينئذٍ فطرة، حيث إنّه غير مكلّف بها؛ نعم، (1). مكارم الشيرازي: لكن في الزوجة لم يبعد جواز أخذها من الزوج إذا أدّتها من باب وجوب النفقة عليه مطلقاً (2). مكارم الشيرازي: بل يتولّى الموكّل النيّة، فإنّها فعله تسبيباً و عبادةً واجبةً عليه، و لادليل على جواز النيابة عنه، كما مرّ في زكاة المال (3). الخوئي: بل الموكّل يتولّى النيّة، كما مرّ (4). الامام الخميني: و قد مرّ ما هو الأقوى (5). الامام الخميني: لايبعد جواز التوكيل بالإعطاء تبرّعاً، كما أنّ جواز إذن التبرّع به أيضاً لايخلو من وجه؛ و أمّا التبرّع بلا إذن فمحلّ إشكال (6). الخوئي: في جوازه بدون الإذن إشكال؛ و منه يظهر الحال في المسألة الآتية

مكارم الشيرازي:

مشكل، لعدم كونه حينئذٍ فعله، و ليست الزكاة من قبيل الدين المحض حتّى يجوز أداؤها من المتبرّع و لو بدون إذنه (7). الگلپايگاني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 198

لو قصد التبرّع بها عنه، أجزأه (1) على الأقوى (2) و إن كان الأحوط العدم.

مسألة 7: تحرم فطرة غير الهاشميّ على الهاشميّ، كما في زكاة المال. و تحلّ فطرة الهاشميّ على الصنفين. و المدار على المعيل لا العيال (3)، فلو كان العيال هاشميّاً دون المعيل لم يجز دفع فطرته إلى الهاشميّ، و في العكس يجوز.

مسألة 8: لا فرق في العيال بين أن يكون حاضراً عنده و في منزله أو منزل آخر أو غائباً عنه، فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنّه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته؛ و كذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك، كما أنّه إذا سافر عن عياله و ترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم، يجب عليه زكاتهم؛ نعم، لو كان الغائب في نفقة غيره، لم يكن عليه؛ سواء كان الغير موسراً و مؤدّياً أو لا و إن كان الأحوط في الزوجة و المملوك (4) إخراجه عنهما مع فقر العائل أو عدم أدائه؛ و كذا لاتجب عليه إذا لم يكونوا في عياله و لا في عيال غيره، و لكنّ الأحوط في المملوك و الزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذٍ أيضاً.

مسألة 9: الغائب عن عياله الّذين في نفقته، يجوز أن يخرج عنهم، بل يجب، إلّاإذا وكّلهم (5) أن يخرجوا من ماله (6) الّذي تركه عندهم أو أذن لهم في التبرّع عنه (7).

مسألة 10: المملوك المشترك بين مالكين، زكاته عليهما (8) بالنسبة إذا كان في عيالهما معاً و (1). الامام الخميني: مع

توكيله أو إذنه، كما مرّ

الگلپايگاني: فيه إشكال، كما مرّ (2). مكارم الشيرازي: إذا كان بإذنه أو توكيله (3). الامام الخميني: و إن كان الأحوط مراعاة كليهما

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط برعاية الأمرين، فلو كان أحدهما هاشميّاً دون الآخر لايعطى إلّابغير الهاشمي (4). مكارم الشيرازي: بل و في الولد أيضاً، لما ورد في بعض روايات الباب (5). الامام الخميني: مع كونهم مورد وثوقه في التأدية

الگلپايگاني: مع الوثوق بإخراجهم (6). الخوئي: هذا فيما إذا كان واثقاً بأنّهم يؤدّون عنه (7). الگلپايگاني: مشكل، كما مرّ

مكارم الشيرازي: إذا وثق بإخراجها، إمّا من ماله أو تبرّعاً بإذنه (8). الامام الخميني: على الأحوط فيه و في بقاء حصّة الموسر مع عُسر الشريك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 199

كانا موسرين، و مع إعسار أحدهما تسقط و تبقى حصّة الآخر (1)، و مع إعسارهما تسقط عنهما، و إن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره، و تسقط عنه و عن الآخر مع إعساره و إن كان الآخر موسراً، لكنّ الأحوط إخراج حصّته، و إن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً، و لكنّ الأحوط الإخراج مع اليسار، كما عرفت مراراً؛ و لا فرق في كونها عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهاياة و غيرها و إن كان حصول (2) وقت الوجوب في نوبة أحدهما (3)، فإنّ المناط العيلولة المشتركة بينهما بالفرض. و لايعتبر اتّفاق جنس المخرج من الشريكين، فلأحدهما إخراج نصف صاع (4) من شعير و الآخر من حنطة، لكنّ الأولى بل الأحوط (5) الاتّفاق (6).

مسألة 11: إذا كان شخص في عيال اثنين، بأن عالاه معاً، فالحال كما مرّ (7) في المملوك بين شريكين إلّافي مسألة الاحتياط المذكور فيه (8)؛ نعم، الاحتياط بالاتّفاق

(9) في جنس المخرج جارٍ هنا أيضاً، و ربّما يقال بالسقوط عنهما (10)، و قد يقال بالوجوب عليهما كفايةً، و الأظهر ما ذكرنا.

مسألة 12: لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه إن كان هو المنفق على مرضعته؛ سواء كانت امّاً له أو أجنبيّة؛ و إن كان المنفق غيره فعليه، و إن كانت النفقة من ماله فلاتجب (1). مكارم الشيرازي: على الأحوط، لعدم دليل معتدّ به على وجوب النصف كذلك (2). الخوئي: لايبعد الوجوب على من حصل في نوبته (3). الگلپايگاني: لايبعد وجوب تمامها على صاحب النوبة

مكارم الشيرازي: إذا عدّ عيالًا له فعلًا، يجب عليه فقط كالضيف و شبهه (4). مكارم الشيرازي: بل حكمه حكم المسألة (4) في الفصل الآتي (5). الگلپايگاني: لايُترك (6). الامام الخميني: لايُترك، بل لايخلو من وجه (7). الامام الخميني: و قد مرّ؛ و كذا لايُترك الاحتياط في اتّفاق الجنس (8). مكارم الشيرازي: لانتفاء الموضوع هنا، فإنّ المفروض أنّهما عالاه معاً، فليس فيه فرض عدم العيلولة مع كونه موسراً (9). الگلپايگاني: و لايُترك (10). مكارم الشيرازي: و لكن لا اختصاص له بهذه المسألة، بل يجري في المسألة السابقة أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 200

على أحد. و أمّا الجنين، فلا فطرة له إلّاإذا تولّد قبل الغروب؛ نعم، يستحبّ إخراجها عنه إذا تولّد بعده إلى ما قبل الزوال، كما مرّ.

مسألة 13: الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال؛ فلو أنفق على عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه، وجب عليه زكاتهم.

مسألة 14: الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة؛ فلو أعطى زوجته نفقتها و صرفت غيرها في مصارفها، وجب عليه زكاتها، و كذا في غيرها.

مسألة 15: لو

ملك شخصاً مالًا، هبةً أو صلحاً أو هديّةً، و هو أنفقه على نفسه، لايجب عليه زكاته، لأنّه لايصير عيالًا له بمجرّد ذلك؛ نعم، لو كان من عياله عرفاً و وهبه مثلًا لينفقه على نفسه، فالظاهر الوجوب (1).

مسألة 16: لو استأجر شخصاً واشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه، لايبعد وجوب (2) إخراج فطرته (3)؛ نعم، لو اشترط عليه مقدار نفقته (4) فيعطيه دراهم مثلًا ينفق بها على نفسه، لم تجب عليه؛ و المناط، الصدق العرفيّ في عدّه من عياله و عدمه.

مسألة 17: إذا نزل عليه نازل قهراً عليه و من غير رضاه و صار ضيفاً عنده مدّة، هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال (5)؛ و كذا لو عال شخصاً بالإكراه و الجبر من غيره؛ نعم، في مثل العامل الّذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدّة ظلماً، و هو مجبور في طعامه و شرابه، فالظاهر عدم الوجوب (6)، لعدم صدق العيال و لا الضيف عليه. (1). الامام الخميني: مع صدق العيلولة، لكن صدقها في الفرض محلّ إشكال

الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط (2). الامام الخميني: مع الإنفاق عليه، و إلّافمجرّد الوجوب لايوجب الإخراج (3). مكارم الشيرازي: إذا صدق عليه العيلولة كالخادم و شبهه؛ أمّا إذا استأجر مئات عامل لمصنعه مثلًا و شرط في ضمن العقد نفقتهم، أشكل صدق العيال عليهم الّذي فيه نوع من التبعيّة في التعيّش، بل هم عمّال مستأجرون، و الإنفاق عليهم جزء من اجورهم عرفاً (4). مكارم الشيرازي: لا بعنوان النفقة؛ و أمّا إذا كان بعنوانها، ففي مثل الخادم و أشباهه وجبت الفطرة عليه، لعدم الفرق (5). الامام الخميني: الأحوط ذلك، بل لايخلو من وجه

الگلپايگاني: لايبعد الوجوب فيهما (6). مكارم

الشيرازي: الأحوط فيه و فيما قبله من الضيف الّذي يبقى عنده مدّة كرهاً، هو الوجوب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 201

مسألة 18: إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر، لم يجب في تركته شي ء، و إن مات بعده وجب الإخراج (1) من تركته عنه و عن عياله، و إن كان عليه دين و ضاقت التركة قسّمت عليهما بالنسبة (2).

مسألة 19: المطلّقة رجعيّاً (3) فطرتها على زوجها (4)، دون البائن، إلّاإذا كانت حاملًا ينفق عليها.

مسألة 20: إذا كان غائباً عن عياله أو كانوا غائبين عنه و شكّ في حياتهم، فالظاهر وجوب فطرتهم (5) مع إحراز (6) العيلولة (7) على فرض الحياة.

[فصل في جنسها و قدرها]

فصل في جنسها و قدرها

و الضابط في الجنس، القوت الغالب لغالب الناس (8) و هو الحنطة و الشعير و التمر و (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (2). مكارم الشيرازي: فيه تأمّل (3). مكارم الشيرازي: المدار هنا على العيلولة فعلًا، من غير فرق بين الزوجة و غيرها (4). الامام الخميني: الميزان العيلولة؛ رجعيّة كانت أو بائنة

الگلپايگاني: إذا عالها، و كذا البائن

الخوئي: العبرة في وجوب الفطرة إنّما هي بصدق العيلولة في الرجعيّة و البائن (5). الگلپايگاني: على الأحوط (6). الامام الخميني: إنّما يجدي الأصل إذا علم كونهم في حال حياتهم؛ عيالًا و شكّ في حياتهم، و أمّا مع عدم العلم بذلك، لكن علم أنّهم على فرض حياتهم عيال، فالظاهر عدم إحراز الموضوع باستصحاب الحياة لهم، إلّاعلى القول بالأصل المثبت (7). مكارم الشيرازي: ولو من طريق استصحاب الحياة وصف العيلولة (8). الامام الخميني: في كون الأمثلة المذكورة بجميعها هي القوت الغالب لغالب الناس منع، كما أنّ في الضابطالّذي ذكره إشكالًا، و لايبعد أن يكون الضابط هو ما يتعارف

في كلّ قوم أو قطر التغذّي به و إن لم يكتفوا به كالبرّ و الشعير و الارز في أقطارنا و التمر و الأقط و اللبن في مثل الحجاز و الارز في الجيلان و حواليها؛ و إن كان الأقوى كفاية الغلّات الأربع مطلقاً

مكارم الشيرازي: الأحوط أن يكون قوتاً شايعاً في البلد، فبعض ما ذكره لايجوز في كثير من الأقطار، لعدم كونه قوتاً شايعاً في البلد؛ و هذا هو مقتضى الجمع بين روايات الباب. و منه يظهر أنّ الاقتصار على الأربعة الاولى أيضاً ليس موافقاً للاحتياط في بعض الأوقات؛ و كذا ما ذكره من الأفضليّة، على إطلاقه ممنوع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 202

الزبيب و الارز و الأقط و اللبن و الذرّة و غيرها، و الأحوط الاقتصار على الأربعة (1) الاولى و إن كان الأقوى ما ذكرنا، بل يكفي الدقيق (2) و الخبز (3) و الماش و العدس، و الأفضل إخراج التمر ثمّ الزبيب ثمّ القوت الغالب؛ هذا إذا لم يكن هناك مرجّح من كون غيرها أصلح بحال الفقير و أنفع له، لكنّ الأولى و الأحوط حينئذٍ دفعها (4) بعنوان القيمة (5).

مسألة 1: يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحاً (6)، فلايجزي المعيب (7)؛ و يعتبر خلوصه، فلايكفي الممتزج بغيره من جنس آخر أو تراب أو نحوه، إلّاإذا كان الخالص (8) منه بمقدار الصاع (9) أو كان قليلًا يتسامح به.

مسألة 2: الأقوى الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات من الدراهم والدنانير (10) أو غيرهما (11) (1). الخوئي: هذا الاحتياط يختصّ بما إذا كانت من القوت الغالب (2). الامام الخميني: في كفاية الدقيق و الخبز إشكال و إن لاتخلو كفاية الدقيق من وجه؛ و أمّا الماش و العدس و غيرهما من الحبوبات فمع غلبة التغذّي

بها في قطر فالأقوى كفايتها، و في غير هذه الصورة فالأحوط إخراج ما غلب التغذّي به أو الغلّات الأربع (3). الخوئي: في كفاية الخبز إشكال، إلّاإذا كانت مادّته بمقدار الصاع

مكارم الشيرازي: إعطاء الخبز في الفطرة مشكل (4). الخوئي: إذا كان المعطى من أحد النقدين و ما بحكمهما، تعيّن ذلك؛ و أمّا إذا لم يكن من أحدهما و لم يكن من القوت الغالب النوعي، فالأحوط بل الأظهر عدم الاجتزاء به (5). الامام الخميني: يأتي الإشكال فيه

مكارم الشيرازي: قد عرفت في أبواب الزكاة أنّ إعطاء القيمة من غير النقد الرائج مشكل؛ و كذلك الفطرة (6). الخوئي: على الأحوط (7). الامام الخميني: إلّاإذا كان في قطر يكون قوت غالبهم كذلك (8). مكارم الشيرازي: و لم يكن تخليصه ممّا فيه مشقّة كثيرة توجب نقص قيمته عن المتعارف (9). الامام الخميني: بشرط أن لايكون المزج خلاف المتعارف بحيث يحتاج تخليصه إلى مؤونة أو عمل غير متعارف، كما إذا ردّ أمناناً من التراب فيها منّ من الحنطة (10). مكارم الشيرازي: أو مطلق النقد الرائج، و لايكفي من سائر الأجناس على الأحوط، كما مرّ؛ و منه يظهر الإشكال فيما فرّع عليه (11). الامام الخميني: الأحوط الاقتصار بالأثمان، بل لايخلو عدم إجزاء غيرها من وجه، فيسقط ما فرّع عليه، مع أنّه أيضاً محلّ إشكال

الگلپايگاني: الأحوط في القيمة الاقتصار على الأثمان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 203

من الأجناس الاخر (1)، و على هذا فيجزي المعيب والممزوج و نحوهما بعنوان القيمة، و كذا كلّ جنس شكّ في كفايته، فإنّه يجزي بعنوان القيمة.

مسألة 3: لايجزي نصف الصاع مثلًا من الحنطة الأعلى و إن كان يسوّي صاعاً من الأدون أو الشعير مثلًا، إلّاإذا (2) كان بعنوان القيمة (3).

مسألة

4: لايجزي الصاع الملفّق من جنسين (4)، بأن يخرج نصف صاع من الحنطة و نصفاً من الشعير مثلًا، إلّابعنوان القيمة (5).

مسألة 5: المدار قيمة وقت الإخراج، لا وقت الوجوب، و المعتبر قيمة بلد الإخراج لا وطنه و لا بلد آخر؛ فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده و أراد الإخراج منه، كان المناط قيمة ذلك البلد، لا قيمة بلده الّذي هو فيه.

مسألة 6: لايشترط اتّحاد الجنس الّذي يخرج عن نفسه مع الّذي يخرج عن عياله، و لا اتّحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض، فيجوز أن يخرج عن نفسه الحنطة و عن عياله الشعير أو بالاختلاف بينهم، أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس و عن آخر منهم القيمة، أو العكس.

مسألة 7: الواجب في القدر، الصاع عن كلّ رأس من جميع الأجناس، حتّى اللبن على الأصحّ و إن ذهب جماعة من العلماء فيه إلى كفاية أربعة أرطال. و الصاع أربعة أمداد، و هي تسعة أرطال بالعراقيّ، فهو ستّمأة و أربعة عشر مثقالًا و ربع مثقال بالمثقال الصيرفيّ؛ فيكون بحسب حقّة النجف الّتي هي تسعمأة مثقال و ثلاثة و ثلاثون مثقالًا و ثلث مثقال، نصف حقّة ونصف وقية و أحد و ثلاثون مثقالًا إلّامقدار حمّصتين؛ و بحسب حقّة الاسلامبول و هي مأتان و ثمانون مثقالًا، حقّتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقال و ثلاثة أرباع المثقال؛ و بحسب المنّ الشاهي و هو ألف و مأتان و ثمانون مثقالًا، نصف منّ إلّاخمسة و عشرون مثقالًا و ثلاثة أرباع المثقال. (1). الخوئي: في الاجتزاء بغير الدراهم و الدنانير و ما بحكمهما إشكال بل منع، كما تقدّم؛ و بهذا يظهر الحال في الفروع الآتية (2). الامام

الخميني: مرّ الكلام فيه؛ و يظهر منه الحال في استثناء المسألة الآتية (3). مكارم الشيرازي: الإشكال فيه أشدّ من سابقه (4). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان قوتاً شايعاً، و لايكفي دفعه من باب القيمة، كما عرفت (5). الگلپايگاني: قد مرّ الاحتياط في القيمة

[فصل في وقت وجوبها]

فصل في وقت وجوبها

و هو دخول ليلة العيد (1) جامعاً للشرائط، و يستمرّ إلى الزوال لمن لم يصلّ صلاة العيد، و الأحوط (2) عدم تأخيرها عن الصلاة إذا صلّاها، فيقدّمها عليها و إن صلّى في أوّل وقتها؛ و إن خرج وقتها و لم يخرجها، فإن كان قد عزلها دفعها إلى المستحقّ بعنوان الزكاة، و إن لم يعزلها فالأحوط الأقوى (3) عدم سقوطها (4)، بل يؤدّيها بقصد القربة من غير تعرّض للأداء و القضاء.

مسألة 1: لايجوز تقديمها على وقتها في شهر رمضان على الأحوط (5)، كما لا إشكال في عدم جواز تقديمها على شهر رمضان؛ نعم، إذا أراد ذلك، أعطى الفقير قرضاً ثمّ يحسب عند دخول وقتها.

مسألة 2: يجوز عزلها (6) في مال مخصوص من الأجناس أو غيرها (7) بقيمتها (8)، و ينوي حين العزل و إن كان الأحوط (9) تجديدها حين الدفع أيضاً، و يجوز عزل أقلّ من (1). الخوئي: بل طلوع الفجر من يوم العيد

مكارم الشيرازي: لا دليل عليه يعتدّ به و إن كان أحوط؛ و على كلّ حال، وقت الإخراج هو يوم العيد قبل الصلوة؛ و على هذا، اجتماع الشرائط فيه من حين دخول الشهر يكون من باب الشرط المتقدّم (2). مكارم الشيرازي: بل الأقوى (3). الامام الخميني: الأقوائيّة محلّ إشكال، و لكن لايُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، لعدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة عندنا و عدم دليل آخر يمكن الاعتماد عليه في

الفتوى، و لكنّه أحوط (4). الخوئي: بل لايبعد السقوط (5). الخوئي: و إن كان جواز التقديم أظهر

الگلپايگاني: و إن لايبعد جوازها من أوّل شهر رمضان، كما في بعض الأخبار؛ لكنّ الأحوط أن لايقصد الوجوب إلّايوم الفطر بعد الفجر قبل الصلاة (6). مكارم الشيرازي: من النقد الرائج و الأثمان، لا كلّ جنس، لانحصار مورد الروايات فيه أو انصرافها إليه، و هو القدر المتيقّن من أدلّة العزل، و لا إطلاق فيها يشمل عزلها في كلّ جنس، و الأحوط وجوباً كون العزل عند عدم وجود المستحقّ (7). الامام الخميني: الأحوط بل الأوجه الاقتصار بالأثمان (8). الخوئي: هذا إذا كانت القيمة من النقود (9). الامام الخميني: لايُترك

مكارم الشيرازي: بل الأقوى، لأنّه من أداء الزكاة المعتبر فيه القربة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 205

مقدارها (1) أيضاً، فيلحقه الحكم و تبقى البقيّة غير معزولة على حكمها، و في جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركاً بينه و بين الزكاة وجه (2)، لكن لايخلو عن إشكال، و كذا لو عزلها في مال مشترك بينه و بين غيره مشاعاً (3) و إن كان ماله بقدرها.

مسألة 3: إذا عزلها و أخّر دفعها إلى المستحقّ، فإن كان لعدم تمكّنه من الدفع، لم يضمن لو تلف (4)؛ و إن كان مع التمكّن منه، ضمن (5).

مسألة 4: الأقوى جواز نقلها (6) بعد العزل إلى بلد آخر و لو مع وجود المستحقّ في بلده و إن كان يضمن حينئذٍ مع التلف، و الأحوط (7) عدم النقل إلّامع عدم وجود المستحقّ (8).

مسألة 5: الأفضل (9) أداؤها في بلد التكليف بها و إن كان ماله بل و وطنه في بلد آخر؛ و لو كان له مال في بلد آخر و عيّنها

فيه، ضمن بنقله عن ذلك البلد إلى بلده أو بلد آخر مع وجود المستحقّ فيه.

مسألة 6: إذا عزلها في مال معيّن، لايجوز له تبديلها بعد ذلك. (1). مكارم الشيرازي: أي بمقدار بعض من يعول دون بعض، و لا إطلاق فيها يشمل البعض من واحد (2). الامام الخميني: فيه إشكال؛ و أمّا تعيينها في مال مشترك بينه و بين غيره يوجب الانعزال على الأقوى لوكانت حصّته بقدرها أو أقلّ منها (3). الگلپايگاني: لايبعد الجواز في هذه الصورة، إلّاأن يكون حصّته أكثر ممّا عليه من الفطرة (4). الامام الخميني: بلا تعدٍّ و تفريط (5). الخوئي: هذا إذا صدق عليه التعدّي و التفريط، و إلّافالضمان لايخلو عن إشكال (6). مكارم الشيرازي: و الأقوى عدم جواز نقلها، إلّاإذا نقلها إلى الإمام أو نائبه، للنهي عن نقلها من أرض إلى أرض في غير واحد من روايات الباب و عدم ما يصرفها عن ظاهرها (7). الامام الخميني: لايُترك

الگلپايگاني: لايُترك في خصوص الفطرة (8). الخوئي: لايُترك (9). الامام الخميني: لايخلو من تأمّل

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأقوى وجوب أدائها في البلد؛ لا أنّه الأفضل

[فصل في مصرفها]

فصل في مصرفها

و هو مصرف زكاة المال (1)، لكن يجوز إعطاؤها للمستضعفين من أهل الخلاف عند عدم وجود المؤمنين و إن لم نقل به هناك، و الأحوط (2) الاقتصار على فقراء المؤمنين و مساكينهم. و يجوز صرفها على أطفال المؤمنين، أو تمليكها لهم بدفعها على أوليائهم.

مسألة 1: لايشترط عدالة من يدفع إليه، فيجوز دفعها إلى فسّاق المؤمنين؛ نعم، الأحوط (3) عدم دفعها إلى شارب الخمر (4) و المتجاهر بالمعصية، بل الأحوط العدالة أيضاً و لايجوز دفعها إلى من يصرفها في المعصية.

مسألة 2: يجوز للمالك أن يتولّى دفعها

مباشرةً أو توكيلًا، و الأفضل بل الأحوط أيضاً دفعها إلى الفقيه الجامع للشرائط (5)، و خصوصاً مع طلبه لها.

مسألة 3: الأحوط أن لايدفع (6) للفقير أقلّ من صاع، إلّاإذا (7) اجتمع (8) جماعة لاتسعهم ذلك.

مسألة 4: يجوز أن يعطى فقير واحد أزيد من صاع، بل إلى حدّ الغنى (9).

مسألة 5: يستحبّ تقديم الأرحام على غيرهم، ثمّ الجيران (10)، ثمّ أهل العلم و الفضل و (1). مكارم الشيرازي: لا دليل عليه يعتدّ به، إلّاالإطلاقات الّتي يمكن تقييدها بغير واحد من الأخبار الظاهرة في اختصاصها بالمساكين، فالأحوط الاقتصار عليهم (2). الگلپايگاني: لايُترك مع التمكّن ولو في غير بلده، و الأحوط حينئذٍ أن ينقل مال نفسه ثمّ يجعله فطرة، لمامرّ من الاحتياط في عدم النقل

مكارم الشيرازي: لايُترك (3). الامام الخميني: لايُترك في شارب الخمر و المتجاهر بكبيرة نظير هذه الكبيرة

الخوئي: بل الأظهر ذلك في شارب الخمر، و لايُترك الاحتياط في المتجاهر بالفسق و في تارك الصلاة (4). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيه، كما مرّ مثله في زكاة المال (5). مكارم الشيرازي: في إطلاقه إشكال مرّ في زكاة المال في فصل بقيّة أحكام الزكاة (6). الخوئي: لايبعد الجواز (7). الامام الخميني: لايُترك مطلقاً (8). الگلپايگاني: فيه أيضاً إشكال، فلا يُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: في هذه الصورة أيضاً إشكال (9). الامام الخميني: فيه إشكال، و الأحوط عدم الإعطاء و الأخذ أزيد من مؤونة سنته (10). مكارم الشيرازي: فيما ذكره من الترتيب إشكال؛ ولكن لكلٍّ فضل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 207

المشتغلين، و مع التعارض تلاحظ المرجّحات و الأهميّة.

مسألة 6: إذا دفعها إلى شخص باعتقاد كونه فقيراً فبان خلافه، فالحال كما في زكاة المال.

مسألة 7: لايكفي ادّعاء الفقر إلّامع سبقه (1)، أو

الظنّ (2) بصدق المدّعي (3).

مسألة 8: تجب نيّة القربة هنا كما في زكاة المال، و كذا يجب التعيين (4) و لو إجمالًا مع تعدّد ما عليه. و الظاهر عدم وجوب تعيين من يزكّى عنه؛ فلو كان عليه أصوع لجماعة، يجوز دفعها من غير تعيين أنّ هذا لفلان و هذا لفلان. (1). الخوئي: تقدّم الكلام فيه في زكاة المال [في فصل في أصناف المستحقّين للزكاة و مصارفها، المسألة 10] (2). الامام الخميني: الحاصل من ظهور حاله (3). مكارم الشيرازي: بل يكفي فيه ظاهر الحال (4). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه فيما تقدّم

الگلپايگاني: بل يجب قصد عنوانه و لو مع عدم التعدّد، كما مرّ في زكاة المال

مكارم الشيرازي: الواجب قصد عنوانه و لو إجمالًا، سواء تعدّد ما عليه أو اتّحد، ولكنّ العنوان الإجماليّ حاصل غالباً عند الوحدة

[كتاب الخمس

اشارة

كتاب الخمس

و هو من الفرائض و قد جعلها اللّه تعالى لمحمّد صلى الله عليه و آله و ذرّيّته عوضاً عن الزكاة (1) إكراماً لهم. و من منع منه درهماً أو أقلّ، كان مندرجاً في الظالمين لهم و الغاصبين لحقّهم، بل من كان مستحلًاّ لذلك كان من الكافرين (2)؛ ففي الخبر عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال عليه السلام: «من أكل من مال اليتيم درهماً، و نحن اليتيم». و عن الصادق عليه السلام: «إنّ اللّه لاإله إلّاهو حيث حرّم علينا الصدقة، أنزل لنا الخمس؛ فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة، و الكرامة لنا حلال». و عن أبي جعفر عليه السلام: «لايحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقّنا». و عن أبي عبداللّه عليه

السلام: «لايعذّر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول: يا ربّ اشتريته بمالي، حتّى يأذن له أهل الخمس».

[فصل فيما يجب فيه الخمس

اشارة

فصل فيما يجب فيه الخمس و هو سبعة أشياء:

[الأوّل: الغنائم المأخوذة من الكفّار من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة معهم

الأوّل: الغنائم المأخوذة من الكفّار من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة معهم (3)، بشرط أن (1). مكارم الشيرازي: الّذي يظهر من ملاحظة آيات الخمس و الزكوة أنّ تشريع الخمس كان قبل تشريع الزكاة، فجعل الخمس عوضاً عنها إنّما يكون بحسب جعلها في مقام الثبوت أو بضرب من التوجيه، و إلّالايصحّ جعل البدليّة قبل تشريع المبدل منه (2). الامام الخميني: مرّ ميزان الكفر في أبواب النجاسات (3). مكارم الشيرازي: لايعتبر المقاتلة بالفعل، بل يكفي التهيّؤ له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 210

يكون بإذن الإمام عليه السلام؛ من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه، و المنقول و غيره كالأراضي (1) و الأشجار و نحوها؛ بعد إخراج المؤن الّتي انفقت على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل و رعي و نحوها منها، و بعد إخراج ما جعله الإمام عليه السلام (2) من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح، و بعد استثناء صفايا الغنيمة كالجارية الورقة و المركب الغارة و السيف القاطع و الدرع فإنّها للإمام عليه السلام، و كذا قطائع الملوك فإنّها أيضاً له عليه السلام؛ و أمّا إذا كان الغزو بغير إذن الإمام عليه السلام فإن كان في زمان الحضور (3) و إمكان الاستيذان منه فالغنيمة للإمام عليه السلام، و إن كان في زمن الغيبة فالأحوط إخراج (4) خمسها من حيث الغنيمة، خصوصاً إذا كان للدعاء إلى الإسلام، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة من الكفّار بالمقاتلة معهم من المنقول و غيره (5) يجب فيه الخمس على الأحوط و إن كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء إلى الإسلام.

و من الغنائم الّتي يجب فيها الخمس، الفداء الّذي (6)

يؤخذ من أهل الحرب، بل الجزية المبذولة لتلك السريّة، بخلاف سائر أفراد الجزية؛ و منها أيضاً ما صولحوا عليه، و كذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم و لو في زمن الغيبة، فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلًا كان أو كثيراً، من غير ملاحظة خروج مؤونة السنة (7) على ما يأتي في أرباح المكاسب و سائر الفوائد. (1). الخوئي: ثبوت الخمس في الأراضي محلّ إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: شمول حكم الغنيمة للأرضين و شبهها مشكل جدّاً و إن حكي عن المشهور، لأنّه ليس في الروايات الواردة في أحكام الأرضين منه عين و لا أثر، مع كونها في مقام البيان (2). مكارم الشيرازي: ولكن جواز خصوص ذلك للفقهاء و النوّاب العامّ- أيّدهم اللّه- مشكل، لعدم دليل يدلّ عليه (3). مكارم الشيرازي: لا فرق بين زمان الحضور و غيره على الأقوى، كما عليه المشهور (4). الامام الخميني: بل الأقوى ذلك (5). الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في التعليقة السابقة] (6). الامام الخميني: إذا كان ذلك و ما بعده من شؤون الحرب و تبعاته (7). الگلپايگاني: ما يملكه بجعل الأمير لايبعد دخوله تحت الفوائد المكتسبة، فيحكم بحكمها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 211

مسألة 1: إذا غار المسلمون على الكفّار (1) فأخذوا أموالهم، فالأحوط بل الأقوى (2) إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة و لو في زمن الغيبة، فلايلاحظ فيها مؤونة السنة، و كذا إذا أخذوا بالسرقة و الغيلة (3)؛ نعم، لو أخذوا منهم بالربا (4) أو بالدعوى الباطلة (5)، فالأقوى إلحاقه بالفوائد المكتسبة، فيعتبر فيه الزيادة عن مؤونة السنة و إن كان الأحوط إخراج خمسه مطلقاً.

مسألة 2: يجوز أخذ مال النصّاب (6) أينما وجد،

لكنّ الأحوط (7) إخراج خمسه مطلقاً؛ و كذا الأحوط إخراج الخمس ممّا حواه العسكر (8) من مال البغاة إذا كانوا من النصّاب و دخلوا في عنوانهم، و إلّافيشكل حلّيّة مالهم.

مسألة 3: يشترط في المغتنم أن لايكون غصباً من مسلم أو ذمّي أو معاهد أو نحوهم ممّن هو محترم المال، و إلّافيجب ردّه إلى مالكه؛ نعم، لو كان مغصوباً من غيرهم من أهل الحرب، لا بأس بأخذه و إعطاء خمسه و إن لم يكن الحرب فعلًا مع المغصوب منهم، و كذا إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب بعنوان الأمانة، من وديعة أو إجارة أو عارية أو نحوها. (1). مكارم الشيرازي: دخول الغارة في اسم الغنيمة مشكل، لأخذ عنوان الحرب أو استعداده في مفهومها و ليست الغارة كذلك، ولكن لايبعد إلغاء الخصوصيّة منها، و كذا المأخوذ منها بالسرقة و الغيلة، لاسيّما لو قلنا بجواز أخذ مال الناصب و وجوب الخمس لا من باب أرباح المكاسب، كما سيأتي إن شاء اللّه (2). الامام الخميني: في القوّة إشكال، و كذا في السرقة و الغيلة؛ نعم، إذا كان ما ذكر في الحرب و من شؤونه فالأقوى ما في المتن

الگلپايگاني: لايبعد دخول ما يؤخذ منه بغير الحرب في الفوائد المكتسبة، بل مع الحرب في زمان الغيبة أيضاً، لكنّ الأحوط إخراج الخمس مطلقاً (3). الخوئي: الظاهر أنّه بحكم الأرباح (4). مكارم الشيرازي: أمّا الربا، فليس من الغنيمة و لا ملحقاً بها كما هو ظاهر؛ و أمّا الدعوى الباطلة فهو أشبه شي ء بالسرقة، كما لايخفى (5). الامام الخميني: ما اخذ بها ليست من أرباح المكاسب، بل هي من مطلق الفائدة و سيأتي الكلام فيه (6). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان في أخذه

مفسدة دينيّة أو دنيويّة أو كان سبباً للطعن في المذهب، كما هو كذلك في كثير من الموارد في أيّامنا (7). الگلپايگاني: بل الأقوى (8). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّه لا فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه؛ نعم، للأرضين و شبهها أحكاماً تختصّ بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 212

مسألة 4: لايعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين ديناراً، فيجب إخراج خمسه قليلًا كان أو كثيراً، على الأصحّ.

مسألة 5: السلب من الغنيمة (1)، فيجب (2) إخراج خمسه (3) على السالب (4).

[الثاني: المعادن

الثاني: المعادن، من الذهب و الفضّة و الرَصاص و الصُفر و الحديد و الياقوت و الزَبَرجَد و الفيروزج و العقيق و الزّيبَق و الكبريت و النفط و القير و السنج (5) و الزَّاج و الزَرنيخ و الكُحل و المِلح، بل و الجصّ و النورة و طين الغسل و حجر الرَحى و المَغَرة و هي الطين الأحمر على الأحوط (6) و إن كان الأقوى (7) عدم الخمس فيها من حيث المعدنيّة، بل هي داخلة في أرباح (8) المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مؤونة السنة. و المدار على صدق كونه معدناً عرفاً، و إذا شكّ في الصدق لم يلحقه حكمها (9)، فلايجب خمسه من هذه الحيثيّة، بل يدخل في أرباح المكاسب و يجب خمسه إذا زادت عن مؤونة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه.

و لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة، و بين أن يكون تحت الأرض أو على ظهرها، و لا بين أن يكون المخرج مسلماً أو كافراً ذمّيّاً، بل و لو حربيّاً، و لا بين أن يكون بالغاً أو صبيّاً و عاقلًا أو مجنوناً، فيجب

(10) على وليّهما إخراج الخمس، و يجوز للحاكم الشرعيّ إجبار الكافر (11) على دفع الخمس ممّا أخرجه، و إن كان لو (1). مكارم الشيرازي: على الأحوط (2). الامام الخميني: على الأحوط؛ نعم، للإمام عليه السلام أن يجعل له بلا خمس (3). الگلپايگاني: بعد مؤونة السنة على الأقوى (4). الخوئي: بناءً على أنّ السلب للسالب فالظاهر عدم وجوب الخمس فيه من حيث الغنيمة، إلّاأنّ المبنى ممنوع (5). مكارم الشيرازي: السُنج على وزن القفل، مادّة لونيّة سوداء مختلطة بالبياض (6). الگلپايگاني: لايُترك (7). الامام الخميني: في القوّة منع (8). مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى، إخراج الخمس منها من حيث المعدنيّة إذا صدق عليها عنوان المعدن (9). مكارم الشيرازي: بل الظاهر وجوب الاحتياط بالخمس فيها من دون مراعاة النصاب و مؤونة السنة، للعلم الإجمالي (10). الخوئي: لايخلو من إشكال بل منع، كما سيأتي (11). الخوئي: الحال فيه كما تقدّم في الزكاة [في شرائط وجوب الزكاة، المسألة 16]

الگلپايگاني: في جواز إجبار الذمّي الملتزم بشرائط الذمّة إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 213

أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه. و يشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين ديناراً (1) بعد استثناء مؤونة الإخراج (2) و التصفية (3) و نحوهما، فلايجب إذا كان المخرج أقلّ منه و إن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ ديناراً، بل مطلقاً. و لايعتبر في الإخراج أن يكون دفعةً (4)، فلو أخرج دفعات و كان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع، و إن أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثمّ عاد و بلغ المجموع نصاباً فكذلك على الأحوط (5). و إذا اشترك جماعة في الإخراج و لم يبلغ حصّة كلّ واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع

نصاباً، فالظاهر وجوب (6) خمسه (7). و كذا لايعتبر اتّحاد جنس المخرج، فلو اشتمل المعدن على جنسين أو أزيد و بلغ قيمة المجموع نصاباً وجب إخراجه؛ نعم، لو كان هناك معادن متعدّدة، اعتبر في الخارج من كلّ منهما بلوغ النصاب دون المجموع و إن كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع (8)، خصوصاً مع اتّحاد جنس المخرج منها، سيّما مع تقاربها، بل لايخلو عن قوّة (9) مع الاتّحاد و التقارب (10). و كذا لايعتبر استمرار التكوّن و دوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثمّ انقطع، جرى عليه الحكم بعد صدق كونه معدناً. (1). الامام الخميني: أو مأتي درهم عيناً أو قيمة على الأحوط. و إذا اختلفا في القيمة، يلاحظ أقلّهما قيمةً على الأحوط

مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى، عدم اعتبار النصاب في المعدن (2). الخوئي: الظاهر كفاية بلوغ قيمة المخرَج عشرين ديناراً قبل استثناء المؤونة و إن كان ما يجب فيه الخمس إنّما هو بعد استثنائها (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ مؤونة الإخراج و التصفية من الأصل، و يعتبر النصاب (على القول به) بعدها، إلّاإذا كان المتعارف بيعه غير مصفّى، فحينئذٍ يستثنى مؤونة الإخراج فقط (4). الخوئي: لايبعد اعتبار الوحدة العرفيّة (5). مكارم الشيرازي: إذا عدّ المجموع إخراجاً واحداً مستمرّاً عرفاً (6). الامام الخميني: بل الظاهر عدمه (7). الگلپايگاني: بل الظاهر عدم الوجوب

مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدمه (8). مكارم الشيرازي: إذا عدّ الجميع معدناً واحداً (9). الخوئي: في القوّة إشكال؛ نعم، هو أحوط (10). الامام الخميني: لايكفي مطلق التقارب، إلّاإذا عدّ المجموع معدناً واحداً تخلّل بين أبعاضه أجزاء أرضيّة

الگلپايگاني: بحيث يصدق على المجموع معدن واحد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 214

مسألة 6: لو أخرج خمس تراب

المعدن (1) قبل التصفية (2)، فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال على الجوهر أو بالزيادة فيما أخرجه خمساً، أجزأ و إلّافلا، لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقى عنده.

مسألة 7: إذا وجد مقداراً من المعدن مخرجاً مطروحاً في الصحراء، فإن علم أنّه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما، أو علم أنّ المخرج له حيوان أو إنسان (3) لم يخرج خمسه (4)، وجب عليه (5) إخراج خمسه على الأحوط (6) إذا بلغ النصاب، بل الأحوط ذلك و إن شكّ في أنّ الإنسان المخرج له أخرج خمسه أم لا (7).

مسألة 8: لو كان المعدن في أرض مملوكة، فهو لمالكها (8)، و إذا أخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الأرض و عليه الخمس من دون استثناء المؤونة، لأنّه لم يصرف (1). مكارم الشيرازي: إخراج خمس تراب المعدن قبل التصفية لايخلو من إشكال إذا كان المتعارف فيها التصفية (2). الامام الخميني: في جواز الإخراج قبلها إشكال، إلّاأن يقبل وليّ الخمس لمصلحة (3). الامام الخميني: فيه تفصيل

الگلپايگاني: و لم يعلم حيازته و تملّكه، و إلّافيخرج عن الكنز و يدخل في موضوع اللقطة أو مجهول المالك (4). مكارم الشيرازي: إذا لم يقصد الإنسان حيازته، لا معنى لإخراج خمسه؛ و إن قصد حيازته، لايجوز تملّكه لغيره، إلّاإذا علم بإعراضه عنه (5). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوبه بعد انصراف الأدلّة عن مثل ذلك و عدم كونه من إخراج المعدن، و لكن لايُترك الاحتياط لعدم اشتراط الإخراج (6). الامام الخميني: بل على الأقوى فيه و في الفرع التالي (7). الامام الخميني: مع الشكّ في قصد حيازته، و إلّافيخرج عمّا نحن فيه و إن كان وجوب ردّ الخمس مع ذلك على وليّ الخمس و هو الحاكم

الشرعيّ أيضاً هو الأقوى مع اليأس عن وجدان المالك، بل مع عدم اليأس أيضاً لايخلو من وجه

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لابدّ من فرض المسألة فيما إذا قصد الإنسان المخرج له حيازته، ثمّ أعرض عنه؛ و إذا كان كذلك، أمكن حمل فعله على الصحّة إذا كان مسلماً، لأنّ الإعراض عنه مع عدم إعطاء خمسه غير جائز، بل قاعدة اليد دليل على ملكه للجميع (8). الخوئي: هذا إذا عدّ المعدن من التوابع عرفاً، و إلّافلايكون لمالك الأرض

مكارم الشيرازي: لأنّه أحقّ بإحيائه من غيره، هذا إذا كان المعدن صغيراً؛ و لو كان من المعادن العظيمة الكبار كمعادن النفط و غيرها، لايبعد جواز إخراجها لوليّ أمر المسلمين و صرفه في مصارفهم، و في المعادن الّتي لاتكون قريبة من سطح الأرض، تابعة لها لاتكون ملكاً لمالكها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 215

عليه مؤونة.

مسألة 9: إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوةً الّتي هي للمسلمين، فأخرجه أحد من المسلمين (1)، ملكه (2) و عليه الخمس، و إن أخرجه غير المسلم ففي تملّكه إشكال (3)؛ و أمّا إذا كان في الأرض الموات حال الفتح، فالظاهر (4) أنّ الكافر أيضاً يملكه و عليه الخمس (5).

مسألة 10: يجوز استيجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر، و إن قصد الأجير تملّكه لم يملكه (6).

مسألة 11: إذا كان المخرج عبداً، كان ما أخرجه لمولاه و عليه الخمس.

مسألة 12: إذا عمل فيما أخرجه قبل إخراج خمسه عملًا يوجب زيادة قيمته، كما إذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله حليّاً، أو كان مثل الياقوت و العقيق فحكّه فصّاً مثلًا، اعتبر في إخراج الخمس مادّته (7)، فيقوّم حينئذٍ سبيكةً أو غير محكوك مثلًا و يخرج خمسه؛ و كذا لو

(1). مكارم الشيرازي: بإذن وليّ أمر المسلمين إذا رأى فيه مصلحة، أو كان في مقابل خراج و اجرة كنفس الأرض الخراجيّة (2). الامام الخميني: مع إذن وليّ المسلمين، و إلّافمحلّ إشكال (3). الخوئي: لايبعد تملّكه

مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه، بناءً على جواز إجارة الأراضي الخراجيّة من غير المسلمين بما ينتفع المسلون (4). الگلپايگاني: فيه إشكال (5). مكارم الشيرازي: تعلّق الخمس بمعادن غير المسلمين مبنيّ على ظهور الإطلاقات في تعلّقه بنفس المعادن من دون النظر إلى مخرجها (6). الامام الخميني: إذا كانت الإجارة على وجه تكون جميع منافع المؤجر أو تلك المنفعة الخاصّة للمستأجر، و إلّافالظاهر أنّه يملكه مع قصد العمل لنفسه و تملّكه؛ نعم، لو كانت الأرض من المستأجر فيملك المعدن تبعاً لها لكنّه خارج عن مفروض المسألة

الگلپايگاني: مشكل، إلّاإذا كان الأرض للمستأجر أو كان له حقّ اختصاص (7). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل الظاهر شركة أرباب الخمس للزيادة الحاصلة؛ و لو اتّجر به قبل إخراج الخمس يكون البيع فضوليّاً بالنسبة إلى الخمس، فلو أجاز الوليّ يصير الربح مشتركاً و لا أثر لنيّة الأداء من مال آخر

الخوئي: فيه إشكال، بل منع، فإنّ الظاهر لزوم إخراج خمسه بماله من الهيئة

الگلپايگاني: هذا في اعتبار النصاب؛ و أمّا في وجوب الإخراج فالظاهر اعتبارهما

مكارم الشيرازي: إذا كان المتعارف في بيعه هذه التصرّفات، و إلّاأمكن القول بعدم جواز تصرّفه في سهم أرباب الخمس، و لو تصرّف كان باطلًا و يجب عليه إخراج الخمس من المادّة مع صورتها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 216

اتّجر به (1) فربح قبل أن يخرج خمسه ناوياً الإخراج من مال آخر (2) ثمّ أدّاه من مال آخر، و أمّا إذا اتّجر به (3) من غير نيّة الإخراج من

غيره، فالظاهر أنّ الربح مشترك بينه و بين أرباب الخمس.

مسألة 13: إذا شكّ في بلوغ النصاب و عدمه، فالأحوط الاختبار (4).

[الثالث: الكنز]

الثالث: الكنز وهو المال المذخور في الأرض أوالجبل أوالجدار أو الشجر، و المدار الصدق العرفيّ؛ سواء كان من الذهب أو الفضّة المسكوكين أو غيرالمسكوكين (5) أو غيرهما من الجواهر (6)، و سواء كان في بلاد الكفّار الحربيّين أو غيرهم (7) أو في بلاد الإسلام في الأرض الموات أو الأرض الخربة الّتي لم يكن لها مالك أو في أرض مملوكة له بالإحياء أو بالابتياع، مع العلم بعدم كونه ملكاً للبايعين، و سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا؛ ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده و عليه الخمس. و لو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البايعين عرّفه (8) (1). مكارم الشيرازي: المسألة مبنيّة على كفاية النيّة في نقل الخمس من العين إلى الذمّة أو إلى مال آخر، و هو محلّ الإشكال (2). الخوئي: لا أثر للنيّة في المقام، و الحكم فيه هو الحكم فيما اتّجر به بغير نيّة الإخراج (3). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المعاملة بالنسبة إلى مقدار الخمس فضولي موقوف على إمضاء الحاكم، و معه يكون الربح مشتركاً، من غير فرق بين نيّة الأداء و عدمه على الأحوط (4). الخوئي: لا بأس بتركه

مكارم الشيرازي: بل الأقوى ذلك، لاستقرار بناء العقلاء عليه في أمثال المقام (5). الخوئي: وجوب الخمس في غير المسكوك من الذهب أو الفضّة، سواء كان من الذهب أو الفضّة أو من غيرهما، مبنيّ على الاحتياط (6). الگلپايگاني: اختصاصه بالجواهر غير معلوم، بل هو كلّ مال مدفون معتدّ به على الأقوى (7). الگلپايگاني: و في إلحاق الذمّي بالحربيّ مطلقاً إشكال، سيأتي تفصيله إن شاء اللّه

(8). الخوئي: محلّ الكلام هو الكنز الّذي لايعلم له مالك بالفعل، و في مثله لا موجب لتعريفه بالنسبة إلى أحدالبايعين، فإنّ المفروض انقطاع يدهم عن الأرض المبتاعة فحالهم حال غيرهم في ذلك، فالظاهر أنّه للواجد بلا حاجة إلى التعريف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 217

المالك قبله (1)، فإن لم يعرفه فالمالك قبله (2) و هكذا، فإن لم يعرفوه فهو للواجد و عليه الخمس، و إن ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة (3)، و إن تنازع الملّاك فيه يجري عليه حكم التداعي (4). و لو ادّعاه المالك السابق إرثاً و كان له شركاء نَفَوه، دفعت إليه حصّته (5)، و ملك الواجد الباقي و أعطى خمسه.

و يشترط في وجوب الخمس فيه، النصاب و هو عشرون ديناراً (6).

مسألة 14: لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة (7)، وجب تعريفهما و تعريف المالك أيضاً (8)، فإن نفياه كلاهما كان له و عليه الخمس، و إن ادّعاه أحدهما اعطي بلا بيّنة، و إن ادّعاه كلّ منهما ففي تقديم قول المالك وجه (9)، لقوّة يده، و الأوجه الاختلاف بحسب (1). مكارم الشيرازي: على الأحوط (2). الگلپايگاني: على الأحوط (3). الخوئي: لا أثر للدعوى من دون بيّنة بعد انقطاع يد المدّعي عن الأرض، ولو كان لليد أثر لما كان للتعريف وجه، بل يلزم إعطاؤه لذي اليد و إن لم يكن مدّعياً ما لم يكن معترفاً بعدمه، و بذلك يظهر حال التنازع

مكارم الشيرازي: إعطاء الكنز له بلاقرينة علميّة أوظنيّة معتبرة مشكل؛ و كذا الحال في المسائل الآتية (4). الامام الخميني: مع عرضيّة الملّاك في اليد؛ و أمّا مع الطولية فالسابق مدّعٍ و اللاحق منكر

الگلپايگاني: مشكل؛ و يمكن أن يقال بكون اللاحق منكراً و السابق عليه مدّعياً

مكارم

الشيرازي: بل اللازم تقديم صاحب اليد الأخيرة، لأنّها حجّة فعلًا، دون غيرها (5). الخوئي: تقدّم أنّه لا أثر للدعوى المجرّدة؛ نعم، يتمّ ذلك فيما إذا ثبتت بالبيّنة، لكنّه لايتمّ حينئذٍ ما ذكره من تملّك الواجد للباقي و إعطاء خمسه، بل اللازم حينئذٍ التصدّق بما بقي، فإنّ مقتضى حجيّة البيّنة أنّه للمورّث، فإذا لم يجز إعطاؤه للوارث من جهة إقراره فلا مناص من التصدّق به (6). الامام الخميني: في الذهب، و مأتا درهم في الفضّة و البلوغ إلى أحدهما في غيرهما

الگلپايگاني: الأحوط أقلّ الأمرين منه و من مأتي درهم

مكارم الشيرازي: بل يكفي أقلّ الأمرين من نصاب الذهب و الفضّة؛ هذا إذا لم يكن الكنز من نفس الجنسين، و لو كان منهما يراعى في كلّ واحد نصابه (7). الخوئي: الظاهر أنّه لايكفي الاستيلاء على الأرض في صدق تحقّق اليد على ما في جوفها من الكنز الّذي هو محلّ الكلام، و عليه فيجري فيه جميع ما ذكرناه آنفاً (8). مكارم الشيرازي: و كذا من قبله من المالكين على الأحوط، كما مرّ في المسألة السابقة، بل الأقوى تعريف ذي اليد الأخيرة و لو كان مستأجراً أو شبهه (9). الامام الخميني: و أوجه منه تقديم يدهما إلّامع سقوطها لأجل القرائن و الأمارات، فمع التساوي احتمالًاتقدّم يدهما على الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 218

المقامات في قوّة إحدى اليدين.

مسألة 15: لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود هو أو وارثه في عصره مجهول، ففي إجراء حكم الكنز أو حكم المجهول المالك عليه، وجهان (1)؛ و لو علم أنّه كان ملكاً لمسلم قديم، فالظاهر جريان حكم الكنز عليه.

مسألة 16: الكنوز المتعدّدة، لكلّ واحدٍ حكم نفسه في بلوغ النصاب و عدمه، فلو لم يكن آحادها بحدّ النصاب و

بلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس؛ نعم، المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضمّ بعضه إلى بعض، فإنّه يعدّ كنزاً واحداً و إن تعدّد جنسها.

مسألة 17: في الكنز الواحد لايعتبر الإخراج دفعةً (2) بمقدار النصاب، فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس و إن لم يكن كلّ واحدة منها بقدره.

مسألة 18: إذا اشترى دابّة و وجد في جوفها شيئاً، فحاله حال الكنز (3) الّذي يجده في الأرض المشتراة، في تعريف البايع و في إخراج الخمس (4) إن لم يعرّفه (5). و لايعتبر فيه (6) بلوغ النصاب، و كذا لو وجد في جوف السمكة المشتراة (7) مع احتمال كونه لبايعها، و كذا الحكم في غير الدابّة و السمكة من سائر الحيوانات. (1). الخوئي: و الأوجه إجراء حكم مجهول المالك عليه

الگلپايگاني: أقواهما الثاني (2). مكارم الشيرازي: الإخراج إنّما هو معتبر في المعدن الّذي لايعدّ مالًا غالباً إلّابعده؛ و أمّا المال المذخور تحت الأرض و شبهه (و هو الكنز) فلايعتبر فيه الإخراج، بل يكفي وجدانه مع وضع اليد عليه (3). الامام الخميني: على الأحوط فيه و فيما بعده (4). مكارم الشيرازي: لا دليل عليه، ولكنّه أحوط و أولى؛ و منه يظهر الحال في السمكة و غيرها (5). الخوئي: الظاهر عدم وجوب الخمس فيه بعنوانه؛ نعم، هو داخل في الأرباح فيجري عليه حكمها (6). الگلپايگاني: على الأحوط (7). الخوئي: الظاهر أنّه لايجب التعريف فيه، و لا خمس فيه بعنوانه كما في سابقه؛ نعم، الحكم في سائرالحيوانات كالطيور هو حكم الدابّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 219

مسألة 19: إنّما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج مؤونة الإخراج (1).

مسألة 20: إذا اشترك جماعة في كنز، فالظاهر (2) كفاية بلوغ المجموع (3)

نصاباً و إن لم يكن حصّة كلّ واحد بقدره.

[الرابع: الغوص

الرابع: الغوص، و هو إخراج الجواهر من البحر، مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما (4) معدنيّاً كان أو نباتيّاً، لا مثل السمك و نحوه من الحيوانات (5)، فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً (6) فصاعداً، فلا خمس فيما ينقص من ذلك؛ و لا فرق بين اتّحاد النوع و عدمه، فلو بلغ قيمة المجموع ديناراً وجب الخمس، و لا بين الدفعة و الدفعات (7) فيضمّ بعضها إلى بعض (8)، كما أنّ المدار على ما أخرج مطلقاً و إن اشترك (9) فيه جماعة (10) لايبلغ نصيب كلّ منهم النصاب. و يعتبر بلوغ النصاب بعد إخراج المؤون كما مرّ في المعدن. و المخرج بالآلات من دون غوص في حكمه على الأحوط، و أمّا لو غاص و شدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه؛ نعم، لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من (1). الخوئي: الحكم فيه كما تقدّم في المعدن

مكارم الشيرازي: بل الأحوط استحباباً عدم إخراج هذه المؤونة (2). الامام الخميني: بل الأحوط و إن كان عدم الكفاية لايخلو من وجه

الگلپايگاني: على الأحوط؛ و الظاهر اعتبار النصاب في حصّة كلّ واحد، و كذا في الغوص (3). مكارم الشيرازي: بل اللازم بلوغ حصّة كلّ واحد منهم النصاب (4). الامام الخميني: ممّا يتعارف إخراجه بالغوص (5). الگلپايگاني: الأحوط فيها إخراج الخمس بلا استثناء مؤونة السنة و لا اعتبار النصاب (6). الخوئي: بل الأحوط إخراج الخمس مطلقاً (7). مكارم الشيرازي: لايبعد اعتبار الإخراج دفعة واحدة عرفيّة و لو باستمرار عمله، لا ما إذا كان فيه فترة معتدّة بها (8). الگلپايگاني: على الأحوط (9). الامام الخميني:

حكم الاشتراك هاهنا حكمه في الكنز (10). مكارم الشيرازي: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 220

غير غوص لم يجب فيه (1) من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح المكاسب (2) فيعتبر فيه مؤونة السنة و لايعتبر فيه النصاب.

مسألة 21: المتناول (3) من الغوّاص لايجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصاً؛ و أمّا إذا تناول منه و هو غائص أيضاً، فيجب عليه إذا لم ينو الغوّاص الحيازة، و إلّافهو له و وجب الخمس عليه.

مسألة 22: إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئاً، ففي وجوب الخمس عليه وجهان (4)؛ و الأحوط إخراجه (5).

مسألة 23: إذا أخرج بالغوص حيواناً و كان في بطنه شي ء من الجواهر، فإن كان معتاداً وجب فيه الخمس؛ و إن كان من باب الاتّفاق، بأن يكون بلع شيئاً اتّفاقاً، فالظاهر عدم وجوبه (6) و إن كان أحوط.

مسألة 24: الأنهار العظيمة كدجلة و النيل و الفرات، حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر.

مسألة 25: إذا غرق شي ء في البحر و أعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص، ملكه و لايلحقه حكم الغوص على الأقوى و إن كان من مثل اللؤلؤ و المرجان، لكنّ الأحوط (7) إجراء حكمه عليه.

مسألة 26: إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء، بحيث لايخرج منه إلّابالغوص، فلا إشكال في تعلّق الخمس به، لكنّه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان؛ و الأظهر الثاني (8). (1). مكارم الشيرازي: إذا كان من تلك الأجناس، الأحوط إخراجه منه (2). الامام الخميني: إن اتّخذ ذلك شغلًا؛ و أمّا لو كان ذلك من باب الاتّفاق، فيدخل في مطلق الفائدة و يأتي حكمه (3). الامام الخميني: مفروض

المسألة ما إذا لم ينو الغائص حيازته، و إلّافهو للغائص و يجري عليه حكمه (4). الامام الخميني: أوجههما وجوبه (5). مكارم الشيرازي: بل هو قوي، بعد قصد حيازته له، لشمول إطلاقات الأدلّة و لا أقلّ من إلغاء الخصوصيّة (6). الامام الخميني: من جهة الغوص، لكنّ الأحوط إلحاقه بالكنز

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيه (7). الامام الخميني: لا يُترك في الجواهر كاللؤلؤ و المرجان (8). الامام الخميني: فيما يتعارف إخراجه بالغوص؛ و أمّا في غيره فالظاهر هو الأوّل، كما لو فرض إخراج حجر الرحى من تحت البحر

الگلپايگاني: بل الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 221

مسألة 27: العنبر (1) إذا اخرج بالغوص، جرى عليه حكمه، و إن اخذ على وجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان (2)؛ و الأحوط اللحوق، و أحوط منه (3) إخراج خمسه و إن لم يبلغ النصاب أيضاً.

[الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميّز]

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لايتميّز، مع الجهل بصاحبه و بمقداره، فيحلّ بإخراج خمسه. و مصرفه (4) مصرف سائر أقسام الخمس على الأقوى (5). و أمّا إن علم المقدار و لم يعلم المالك، تصدّق به عنه (6)، و الأحوط أن يكون (7) بإذن المجتهد الجامع للشرائط؛ و لو انعكس، بأن علم المالك و جهل المقدار، تراضيا بالصلح و نحوه، و إن لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقلّ أو وجوب إعطاء الأكثر وجهان؛ الأحوط الثاني، و الأقوى الأوّل (8) إذا كان المال في يده (9)؛ و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه.

مسألة 28: لا فرق في وجوب إخراج الخمس و حلّيّة المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالإشاعة أو بغيرها، كما إذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من غير جنسه.

مسألة 29: لا فرق

في كفاية إخراج الخمس في حلّيّة البقيّة في صورة الجهل بالمقدار و المالك بين أن يعلم إجمالًا زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس، و بين صورة عدم (1). مكارم الشيرازي: الأحوط إخراج الخمس منه مطلقاً بلا نصاب (2). الامام الخميني: الأقوى كونه من أرباح المكاسب إذا أخذه من اتّخذ ذلك حرفة، و إلّافيدخل في مطلق الفائدة (3). الگلپايگاني: لايُترك (4). مكارم الشيرازي: بل الأحوط صرفها فيما ينطبق عليه مصرف الخمس و الصدقة كليهما (5). الگلپايگاني: الأحوط الإعطاء على السادة بقصد ما في الذمّة من الخمس أو الصدقة (6). مكارم الشيرازي: مع رعاية الاحتياط المتقدّم (7). الامام الخميني: لايُترك (8). الامام الخميني: إذا كان الأمر دائراً بين الأقلّ و الأكثر؛ و أمّا في المتباينين الدائر بين كون الأقلّ قيمة له أو لصاحبه، فالظاهر جريان القرعة

مكارم الشيرازي: إلّاإذا دار الأمر بين المتباينين في العين، أحدهما أكثر قيمةً من الآخر، و لايبعد فيه وجوب تنصيف المقدار الزائد (9). الگلپايگاني: هذا إذا كان ما في يده من الغير مردّداً بين الأقلّ و الأكثر عدداً و قيمة؛ و أمّا في المردّد بين المتباينين فاليد ساقطة و لايبعد التنصيف في الزائد على المعلوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 222

العلم و لو إجمالًا؛ ففي صورة العلم الإجماليّ بزيادته عن الخمس أيضاً يكفي إخراج الخمس، فإنّه مطهّر للمال تعبّداً (1) و إن كان الأحوط مع إخراج الخمس المصالحة مع الحاكم (2) الشرعي أيضاً بما يرتفع به يقين الشغل و إجراء حكم مجهول المالك عليه، و كذا في صورة العلم الإجمالي (3) بكونه أنقص من الخمس؛ و أحوط من ذلك، المصالحة معه بعد إخراج الخمس بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة.

مسألة 30: إذا علم قدر

المال و لم يعلم صاحبه بعينه، لكن علم في عدد محصور، ففي وجوب التخلّص من الجميع و لو بإرضائهم بأىّ وجه كان أو وجوب إجراء حكم مجهول المالك عليه أو استخراج المالك بالقرعة (4) أو توزيع ذلك المقدار عليهم بالسويّة وجوه؛ أقواها الأخير (5)؛ و كذا إذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور، فإنّه بعد الأخذ بالأقلّ (6) كما هو الأقوى (7) أو الأكثر كما هو الأحوط يجري فيه الوجوه المذكورة.

مسألة 31: إذا كان حقّ الغير في ذمّته لا في عين ماله، فلا محلّ للخمس، و حينئذٍ فإن علم جنسه و مقداره و لم يعلم صاحبه أصلًا أو علم في عدد غير محصور، تصدّق به عنه بإذن الحاكم (8) أو يدفعه إليه، و إن كان في عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة، و الأقوى هنا أيضاً (1). الخوئي: الأظهر وجوب صرف المقدار الحرام المعلوم في مصرف مجهول المالك و كفاية إخراج المقدارالمعلوم في فرض العلم بالنقيصة (2). مكارم الشيرازي: بل الأحوط صرف مقدار خمسه فيما ينطبق على المصرفين؛ و أمّا الزائد فيتصدّق به بإذن حاكم الشرع (3). مكارم الشيرازي: الأقوى في هذه الصورة جواز التصدّق بالأقلّ (4). الامام الخميني: هذا هو الأقوى (5). الخوئي: فيه إشكال، و الأوّل هو الأحوط و قد مرّ منه قدس سره تعيّنه في ختام الزكاة، و إن لم يمكن ذلك فأقربهاالقرعة في تعيين المالك، و كذا الحال فيما بعده

الگلپايگاني: إذا لم يتمكّن من الاوّل، و إلّافهو الأحوط

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالمصالحة، لاسيّما إذا كان الاختلاط بسوء اختياره (6). الامام الخميني: يأتي فيه التفصيل المتقدّم، و بعده يعمل بالقرعة على الأقوى (7). الگلپايگاني: قد مرّ التفصيل

مكارم الشيرازي: مرّ التفصيل فيه في

المسألة السابقة (8). مكارم الشيرازي: بناءً على نيابة الحاكم في أمثال هذه الامور، كما هو ظاهر بعض الروايات؛ و جميع صُور المسألة لايُترك الاحتياط بالتصالح إذا كان الاختلاط بسوء اختياره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 223

الأخير (1)؛ و إن علم جنسه و لم يعلم مقداره، بأن تردّد بين الأقلّ و الأكثر، أخذ بالأقلّ المتيقّن و دفعه إلى مالكه إن كان معلوماً بعينه، و إن كان معلوماً في عدد محصور فحكمه كما ذكر، و إن كان معلوماً في غير المحصور أو لم يكن علم إجماليّ أيضاً تصدّق به عن المالك بإذن الحاكم أو يدفعه إليه؛ و إن لم يعلم جنسه و كان قيميّاً فحكمه كصورة العلم بالجنس، إذ يرجع إلى القيمة (2) و يتردّد فيها بين الأقلّ و الأكثر (3)، و إن كان مثليّاً ففي وجوب الاحتياط و عدمه وجهان (4).

مسألة 32: الأمر في إخراج هذا الخمس إلى المالك، كما في سائر أقسام الخمس، فيجوز له الإخراج و التعيين من غير توقّف على إذن الحاكم، كما يجوز دفعه من مال آخر (5) و إن كان الحقّ في العين.

مسألة 33: لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس، فالأقوى ضمانه (6)، كما هو كذلك في (1). الامام الخميني: بل الأقوى القرعة أيضاً

الخوئي: الحكم فيه و فيما بعده كسابقه

الگلپايگاني: إن لم يتمكّن من الأوّل، كما مرّ (2). الامام الخميني: الاشتغال بالقيمة في ضمان الإتلاف؛ و أمّا في ضمان اليد فمحلّ إشكال، بل لايبعد فيه وجوب الاحتياط، كما في المثلي أيضاً لايبعد ذلك، و كذا يجري الاحتياط إذا كان الاشتغال بنفس الأجناس بواسطة عقد من العقود (3). الگلپايگاني: فيما اشتغلت الذمّة بالقيمة كما في الضمانات؛ و أمّا إذا اشتغلت بنفس العين كما في العقود، فحكمه

حكم المثليّين و الأقوى وجوب الاحتياط في المتباينين بتحصيل المراضاة مع الإمكان، و إلّافيوزّع على محتملات ما اشتغلت به الذمّة، ففي المردّد بين جنسين يعطى نصف كلّ منهما و بين الثلاث ثلث كلّ منها و هكذا (4). الخوئي: الأقوى التصالح مع المالك إن أمكن، و إلّافالمرجع فيه القرعة (5). الامام الخميني: الأحوط أن يكون الدفع من مال آخر إذا كان عروضاً برضا المستحقّ أو وليّ الأمر و إن كان عدم الاعتبار لايخلو من وجه

الخوئي: على تفصيل يأتي [في هذا الفصل، المسألة 75] (6). الامام الخميني: بل الأحوط فيه و فيما يليه

الخوئي: و الأظهر عدمه فيه و في التصدّق بمجهول المالك

الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الضمان، و الحكم في المقيس عليه منصوص

مكارم الشيرازي: بل هو الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 224

التصدّق عن المالك في مجهول المالك، فعليه غرامته له حتّى في النصف الّذي دفعه إلى الحاكم بعنوان أنّه للإمام عليه السلام.

مسألة 34: لو علم بعد إخراج الخمس أنّ الحرام أزيد من الخمس أو أقلّ، لايستردّ الزائد (1) على مقدار الحرام في الصورة الثانية. و هل يجب عليه التصدّق بما زاد على الخمس في الصورة الاولى أو لا؟ وجهان؛ أحوطهما (2) الأوّل (3) و أقواهما الثاني.

مسألة 35: لو كان الحرام المجهول مالكه معيّناً، فخلطه بالحلال ليحلّله بالتخميس خوفاً من احتمال زيادته على الخمس، فهل يجزيه إخراج الخمس أو يبقى على حكم مجهول المالك؟

وجهان؛ و الأقوى الثاني (4)، لأنّه كمعلوم (5) المالك (6)، حيث إنّ مالكه الفقراء (7) قبل التخليط.

مسألة 36: لو كان الحلال الّذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس، وجب عليه بعد التخميس (8) للتحليل خمس آخر (9) للمال الحلال الّذي فيه. (1). الگلپايگاني: على

الأحوط

مكارم الشيرازي: على الأحوط، لاسيّما فيما يكون العين موجوداً (2). الگلپايگاني، مكارم الشيرازي: لايُترك (3). الخوئي: بل الأظهر ذلك؛ هذا فيما إذا كان معلوم المقدار من حيث الزيادة، و إلّاوجب تخميس الباقي ثانياً (4). الامام الخميني: هو كذلك و إن كان في تعليله إشكال، بل هو معلوم المصرف، فلاتشمله أدلّة التخميس. و يمكن أن يقال: إنّ أدلّة التخميس قاصرة عن شمول ما يختلط عمداً للتحليل بالتخميس (5). الگلپايگاني: بل لانصراف دليل التحليل بالتخميس في المخلوط عن مثله و إلّافالمال باقٍ على ملك مالكه المجهول، و الفقير يملّكه بالصدقة و كذلك السادة يملّكون الخمس بالأخذ لا بالخلط (6). مكارم الشيرازي: بل لأنّ أدلّة التحليل بالخمس منصرفة عن مثل هذه الصورة؛ و أمّا ما ذكره من كونه ملكاً للفقراء ففيه إشكال ظاهر، لأنّه لايصير ملكهم قبل التصدّق عليهم، بل هو باقٍ على ملك مالكه الأصلي المجهول فعلًا (7). الخوئي: في التعبير مسامحة ظاهرة، و لعلّه يريد بذلك أنّ مورد التخميس ما إذا كان المالك بعد التوبة غير عارف بكيفيّة تفريغ ذمّته من جهة الجهل بوظيفته من جهة الاختلاط؛ و أمّا المال المعلوم مصرفه بعد التوبة و هو الفقراء فلايكون مورداً للتخميس (8). الخوئي: الظاهر كفاية استثناء خمس المال الحلال أوّلًا، ثمّ تخميس الباقي. و يظهر الفرق بين هذا و ما في المتن بالتأمّل (9). الامام الخميني: و له الاكتفاء بإخراج خمس القدر المتيقّن من الحلال إن كان أقلّ من خمس البقيّة بعد تخميس التحليل، و بخمس البقيّة إن كان بمقداره أو أكثر على الاقوى، و الأحوط التصالح مع الحاكم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 225

مسألة 37: لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف

الخاصّ أو العامّ، فهو كمعلوم المالك على الأقوى، فلايجزيه إخراج الخمس حينئذٍ.

مسألة 38: إذا تصرّف في المال المختلط قبل إخراج الخمس بالإتلاف، لم يسقط (1) و إن صار الحرام في ذمّته؛ فلايجري عليه (2) حكم ردّ المظالم على الأقوى، و حينئذٍ فإن عرف قدر المال المختلط، اشتغلت ذمّته بمقدار خمسه (3)، و إن لم يعرفه ففي وجوب دفع ما يتيقّن معه بالبرائة أو جواز الاقتصار على ما يرتفع به يقين الشغل وجهان؛ الأحوط الأوّل و الأقوى الثاني.

مسألة 39: إذا تصرّف في المختلط قبل إخراج خمسه، ضمنه (4) كما إذا باعه مثلًا، فيجوز لوليّ (5) الخمس (6) الرجوع عليه، كما يجوز له الرجوع على من انتقل إليه، و يجوز للحاكم (7) أن يمضي معاملته فيأخذ مقدار الخمس من العوض إذا باعه (8) بالمساوي قيمةً أو بالزيادة، و أمّا إذا باعه بأقلّ من قيمته فإمضاؤه خلاف المصلحة؛ نعم، لو اقتضت المصلحة ذلك، فلا بأس. (1). الامام الخميني: بل الظاهر سقوطه و جريان حكم ردّ المظالم عليه

الگلپايگاني: بل الأقوى السقوط و جريان حكم المظالم عليه، كما إذا كان في ذمّته أوّلًا (2). مكارم الشيرازي: بل يصرف خمسه في القدر المتيقّن من المصرفين، و يتصدّق بالزائد على الأحوط (3). الامام الخميني: بل بمقدار المتيقّن من الحرام، فيتصدّق به بإذن الحاكم على الأحوط (4). الخوئي: لاتبعد صحّة البيع بلا حاجة إلى الإجازة فيما إذا كان المشتري مؤمناً و يتعلّق الخمس بالثمن، و إذاكان الثمن أقلّ من قيمة المثل ضمن ما به التفاوت

الگلپايگاني: بالإتلاف؛ و أمّا في البيع فالحرام باقٍ على ملك مالكه الأوّل و يكون بالنسبة إليه فضوليّاً، فإن أمضاه الحاكم ولايةً عن المالك المجهول يصير الثمن من المختلط فيجب

خمسه، و إلّافالمثمن باقٍ على ما كان و الثمن مشترك بين المتبايعين (5). الامام الخميني: الأقوى كون البيع فضوليّاً بالنسبة إلى الخمس، فإن أمضاه الوليّ يصير العوض بحكم المعوّض و المعوّض للمشتري بتمامه، و إن لم يمضه يكون المعوّض على حاله، فلوليّ الخمس اتّباعه (6). مكارم الشيرازي: من باب الأمر بالمعروف، على تأمّل في ذلك، لا من باب النيابة عن أرباب الخمس و لا من باب النيابة عن المالك المجهول (7). مكارم الشيرازي: إمضاء الحاكم له مشكل، لعدم ثبوت ولايته على مثل ذلك؛ و قد عرفت إمكان الحكم بصحّته بلا حاجة إلى إذنه (8). مكارم الشيرازي: و كان بيعه كذلك مصلحةً

[السادس: الأرض الّتي اشتراها الذمّيّ من المسلم

السادس: الأرض الّتي اشتراها الذمّيّ من المسلم (1)؛ سواء كانت أرض مزرع أو مسكن (2) أو دكّان (3) أو خان أو غيرها، فيجب فيها الخمس. و مصرفه مصرف غيره من الأقسام على الأصحّ. و في وجوبه في المنتقلة إليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات إشكال، فالأحوط اشتراط مقدار الخمس (4) عليه في عقد المعاوضة و إن كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لايخلو عن قوّة (5). و إنّما يتعلّق الخمس برقبة الأرض دون البناء و الأشجار و النخيل إذا كانت فيه، و يتخيّر الذمّيّ بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها (6)، و مع عدم دفع قيمتها يتخيّر وليّ الخمس بين أخذه و بين إجارته (7)، و ليس له قلع الغرس و البناء، بل عليه إبقاؤهما بالاجرة؛ و إن أراد الذمّي دفع القيمة و كانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء، تقوّم مشغولة بها مع الاجرة فيؤخذ منه خمسها. و لا نصاب في هذا القسم من الخمس، و لايعتبر فيه نيّة القربة حين الأخذ حتّى

من الحاكم، بل و لا حين الدفع إلى السادة. (1). مكارم الشيرازي: تعلّق الخمس بهذه الأراضي محلّ تأمّل و إشكال، لعدم ذكره في كلمات جمع من القدماء، بل صرّح غير واحد ممّن ذكره أنّ المراد بالخمس هنا خمس غلّة الأرض، بل يظهر من كلام الشيخ قدس سره في الخلاف و العلّامة قدس سره في المنتهى أنّ مراده من ذكر الخمس فيه هو خمس غلّة الأرض؛ قال الشيخ في كتاب الزكاة: «إذا اشترى الذمّي أرضاً عشريّة، وجب عليه فيها الخمس، و به قال أبو يوسف، فإنّه قال فيه عشران؛ و قال محمّد: عليه عشر واحد؛ ثمّ قال: دليلنا إجماع الفرقة، ثمّ استدلّ برواية أبي عبيدة الحذّاء المعروفة و هو كالصريح في أنّ المراد من الخمس خمس غلّة الأرض و هو ضعف العشر المأخوذ في الزكاة، لا خمس نفس الأرض». و الأقوى تعلّق الخمس بمجموع عوائد الأرض فيؤخذ منها الخمس بَدَل الزكاة الّتي هي العشر (2). الامام الخميني: إذا تعلّق البيع بأرضها مستقلًاّ؛ و أمّا إذا تعلّق بالدار و الدكّان مثلًا و يكون انتقال الأرض تبعاً، فالأقوى عدم التعلّق (3). مكارم الشيرازي: جريان هذا الحكم في أرض المسكن و الخان و الدكّان و شبهها مشكل، حتّى على القول بثبوت الخمس في أصل المسألة (4). الگلپايگاني: في صحّته تأمّل (5). الامام الخميني: في القوّة تأمّل (6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه

الخوئي: و على هذا يجب على الذمّي دفع خمس ما يوازي خمس الأرض أيضاً (7). الخوئي: في جواز الإجارة إشكال؛ نعم، يجوز أخذ اجرة المدّة الّتي تصرّف فيها قبل دفع الخمس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 227

مسألة 40: لو كانت الأرض من المفتوحة عنوةً و بيعت تبعاً (1)

للآثار (2)، ثبت فيها الحكم لأنّها للمسلمين، فإذا اشتراها الذمّي وجب عليه الخمس و إن قلنا (3) بعدم (4) دخول (5) الأرض في المبيع و إنّ المبيع هو الآثار و يثبت في الأرض حقّ الاختصاص للمشتري؛ و أمّا إذا قلنا بدخولها فيه فواضح، كما أنّه كذلك إذا باعها منه أهل الخمس بعد أخذ خمسها، فإنّهم مالكون لرقبتها ويجوز لهم بيعها.

مسألة 41: لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقى على ملكيّة الذمّي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلى مسلم آخر، كما لو باعها منه بعد الشراء أو مات و انتقلت إلى وارثه المسلم أو ردّها إلى البايع بإقالة (6) أو غيرها، فلايسقط الخمس (7) بذلك، بل الظاهر ثبوته أيضاً لو كان للبايع خيار ففسخ بخياره (8).

مسألة 42: إذا اشترى الذمّي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس، لم يصحّ، وكذا لو اشترط (9) كون الخمس على البايع؛ نعم، لو شرط على البايع المسلم أن يعطي مقداره عنه، فالظاهر جوازه.

مسألة 43: إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو من مسلم آخر، ثمّ اشتراها ثانياً وجب عليه خمسان؛ خمس الأصل للشراء أوّلًا، و خمس أربعة (10) أخماس للشراء ثانياً (11). (1). مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال في ثبوت هذا الحكم في موارد يكون شراء الأرض تبعاً (2). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى؛ نعم، إذا بيعت بنفسها في مورد صحّ بيعها يتعلّق بها الخمس (3). الامام الخميني: إن قلنا بذلك فلا إشكال في عدم ثبوته

مكارم الشيرازي: لا وجه لوجوب الخمس لو قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع (4). الگلپايگاني: ثبوت الخمس على هذا القول محلّ إشكال، بل منع (5). الخوئي:

ثبوت الخمس على هذا القول محلّ إشكال، بل منع (6). مكارم الشيرازي: بناءً على عدم كون الإقالة فسخاً له من الأصل (7). مكارم الشيرازي: أي لايسقط عن الذمّي (8). مكارم الشيرازي: بناءً على كون الفسخ من حينه (9). مكارم الشيرازي: لايبعد ظهور هذا الشرط عند إطلاقه في أنّه اشترط على البايع إعطائه عنه (10). الامام الخميني: إذا أجاز وليّ الخمس بيع الذمّي فالظاهر وجوب خمس الجميع عليه ثانياً (11). الخوئي: الأظهر وجوب خمس الجميع ثانياً فيما إذا باعها من شيعيّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 228

مسألة 44: إذا اشترى الأرض من المسلم ثمّ أسلم بعد الشراء، لم يسقط (1) عنه (2) الخمس؛ نعم، لو كانت المعاملة ممّا يتوقّف الملك فيه على القبض فأسلم بعد العقد و قبل القبض، سقط عنه، لعدم تماميّة ملكه في حال الكفر.

مسألة 45: لو تملّك ذمّي من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض، ففي ثبوت الخمس وجهان؛ أقواهما (3) الثبوت (4).

مسألة 46: الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البايع على الذمّي أن يبيعها بعد الشراء من مسلم.

مسألة 47: إذا اشترى المسلم من الذمّي أرضاً ثمّ فسخ بإقالة أو بخيار، ففي ثبوت الخمس وجه، لكنّ الأوجه خلافه، حيث إنّ الفسخ ليس معاوضة.

مسألة 48: من بحكم المسلم، بحكم المسلم.

مسألة 49: إذا بيع خمس الأرض الّتي اشتراها الذمّي عليه، وجب عليه (5) خمس ذلك الخمس الّذي اشتراه، و هكذا.

السابع: ما يفضل عن مؤونة سنته و مؤونة عياله من أرباح التجارات و من سائر التكسّبات، من الصناعات و الزراعات و الإجارات حتّى الخياطة و الكتابة، و التجارة و الصيد وحيازة المباحات و اجرة العبادات الاستيجاريّة من الحجّ والصوم والصلاة والزيارات و تعليم الأطفال و غير ذلك من

الأعمال الّتي لها اجرة، بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة (6) (1). الامام الخميني: مع بقاء العين؛ و أمّا مع تلفها حكماً، كما لو أحاط عليه الماء بحيث سقطت عن الانتفاع، فالظاهر سقوطه (2). مكارم الشيرازي: فيه تأمّل، لاسيّماإذا لم يكن عينها موجودة، لاحتمال شمول قاعدة الجبّ له (3). الامام الخميني: محلّ إشكال (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لاحتمال انصراف الأدلّة على القول بها عن مثل هذه الصورة (5). الامام الخميني: لكن ليس منه ما إذا قوّمت الأرض الّتي تعلّق بها الخمس و أدّى قيمتها، فإنّ الأقوى عدم وجوبه عليه

الگلپايگاني: و كذا إذا دفع القيمة على الظاهر (6). الامام الخميني: و إن كان عدم التعلّق بغير ما يحصل بالاكتساب لايخلو من قوّة، و على هذا لايتعلّق بنحوالهبات و ما تتلوها و لا بالميراث مطلقاً و لا بالنذر و لا في حاصل الوقف الخاصّ، إلّاإذا كان على نحو الاستنماء و الاكتساب بالزراعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 229

و إن لم تحصل بالاكتساب، كالهبة و الهديّة و الجائزة (1) و المال الموصى به و نحوها، بل لايخلو عن قوّة؛ نعم، لاخمس في الميراث، إلّافي الّذي ملكه من حيث لايحتسب، فلايُترك الاحتياط فيه، كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالماً به فمات (2) و كان هو الوارث له، و كذا لايُترك في حاصل الوقف الخاصّ (3)، بل و كذا في النذور؛ و الأحوط استحباباً ثبوته في عوض الخلع (4) و المهر ومطلق الميراث، حتّى المحتسب منه، و نحو ذلك.

مسألة 50: إذا علم أنّ مورّثه لم يؤدّ خمس ما تركه، وجب إخراجه (5)؛ سواء كانت العين الّتي تعلّق بها الخمس موجودة فيها، أو كان الموجود عوضها (6)، بل لو

علم (7) باشتغال ذمّته بالخمس وجب إخراجه من تركته مثل سائر الديون.

مسألة 51: لاخمس فيما ملك (8) بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة (9) و إن زاد عن مؤونة السنة؛ نعم، لو نمت في ملكه، ففي نمائها يجب (10)، كسائر النمائات. (1). مكارم الشيرازي: الجائزه الّتي لها خطر؛ و أمّا ما ليس كذلك فلايتعلّق به الخمس، بل لايبعد تقييد الهبة و الهدية أيضاً بهذا القيد، لعدم فرق فيها في نظر العرف، مضافاً إلى وحدة مصاديقها في بعض الموارد؛ أضف إلى ذلك استمرار السيرة على عدم إعطاء الخمس من الهبة و الهدية اليسيرتين؛ اللّهم إلّاأن يقال إنّ هذا القيد في جميع موارده بسبب عدم بقاء اليسيرة إلى انقضاء السنة عادةً (2). الخوئي: وقد يتحقّق عدم الاحتساب في الرحم القريب في البلد مع العلم به أيضاً في بعض الفروض (3). الخوئي: بل الأظهر ذلك فيه و في حاصل الوقف العام بعد القبض و التملّك

مكارم الشيرازي: بل الأقوى فيه الخمس، لعدم فرق بينه و بين سائر الفوائد (4). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط في عوض الخلع إذا كان ببذل شي ء زائد على المهر و ما غرمه للنكاح؛ و أمّا المهر و مطلق الميراث، فلايجب بل لايستحبّ الاحتياط فيها أيضاً (5). الخوئي: على الأحوط (6). مكارم الشيرازي: و هذا إنّما يتصوّر إذا كانت المعاوضة بإذن الحاكم أو قلنا بأنّ للمالك حقّ التبديل أو كان ذلك في أثناء السنة، و إلّاكانت المعاوضة فضوليّة لاتستقرّ على العوض (7). الخوئي: وجوب الإخراج فيه أظهر من سابقه (8). الخوئي: فيه إشكال، و التخميس أحوط إن لم يكن أقوى (9). الگلپايگاني: الأحوط فيها الخمس

مكارم الشيرازي: الأحوط فيها الخمس إذا لم تكن بملاك الفقر، لعدم

الفرق بينه و بين الهبة إلّامن ناحية قصد القربة (10). الامام الخميني: إذا استبقاها للاسترباح و الاستنماء، لا مطلقاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 230

مسألة 52: إذا اشترى شيئاً ثمّ علم أنّ البايع لم يؤدّ خمسه، كان البيع بالنسبة إلى مقدار الخمس (1) فضوليّاً (2)، فإن أمضاه الحاكم رجع عليه بالثمن، و يرجع هو على البايع إذا أدّاه؛ و إن لم يمض، فله أن يأخذ مقدار الخمس (3) من المبيع، و كذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضات؛ و إن انتقل إليه بلا عوض، يبقى مقدار خمسه على ملك أهله.

مسألة 53: إذا كان عنده من الأعيان الّتي لم يتعلّق بها الخمس أو تعلّق بها لكنّه أدّاه، فنمت و زادت زيادة متّصلة أو منفصلة، وجب الخمس (4) في ذلك النماء (5)؛ و أمّا لو ارتفعت قيمتها السوقيّة من غير زيادة عينيّة، لم يجب خمس تلك الزيادة (6)، لعدم صدق التكسّب و لاصدق حصول الفائدة؛ نعم، لو باعها، لم يبعد (7) وجوب خمس (8) تلك الزيادة من الثمن؛ هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة و رأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو اجرتها أو نحو ذلك من منافعها؛ و أمّا إذا كان المقصود الاتّجار بها، فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها و أخذ قيمتها.

مسألة 54: إذا اشترى عيناً للتكسّب بها، فزادت قيمتها السوقيّة و لم يبعها غفلةً أو طلباً (1). مكارم الشيرازي: بل بالنسبة إلى الباقي أيضاً فضولي إن قلنا أنّ المال هنا كالعين المرهونة، و لكن هذا الاحتمال ضعيف (2). الخوئي: لاتبعد صحّة البيع و تعلّق الخمس بالثمن و صحّة النقل بلا عوض مع تعلّق الخمس

بذمّة الناقل؛ كلّ ذلك فيما إذا كان المنتقل إليه شيعيّاً (3). مكارم الشيرازي: وللمشتري خيار تبعّض الصفقة. و هل يكون لأرباب الخمس الأخذ بالشفعة قبل ذلك؟ فيه احتمال (4). الامام الخميني: إذا كان الاستبقاء للاكتساب بنمائها المتّصلة أو المنفصلة، لا مطلقاً (5). مكارم الشيرازي: إنّما يجب الخمس في النماء المنفصل؛ و أمّا المتّصل، فالظاهر أنّه لايجب إلّاإذا باعه أو كان معدّاً لذلك، كالأغنام الّتي تستبقي لتسمن (6). الگلپايگاني: فيما زاد عن مؤونة السنة (7). الامام الخميني: بل لايبعد عدم الوجوب (8). الخوئي: هذا فيما كان الانتقال إليه بشراء أو نحوه من المعاوضات؛ و أمّا في غير ذلك كموارد الإرث و الهبة، بل المهر، فالظاهر عدم الوجوب حتّى فيما إذا كان المقصود من الإبقاء الاتّجار به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 231

للزيادة ثمّ رجعت قيمتها إلى رأس مالها أو أقلّ قبل تمام السنة، لم يضمن خمس تلك الزيادة، لعدم تحقّقها (1) في الخارج؛ نعم، لو لم يبعها عمداً بعد تمام السنة (2) واستقرار وجوب الخمس، ضمنه (3).

مسألة 55: إذا عمّر بستاناً و غرس فيه أشجاراً و نخيلًا للانتفاع بثمرها و تمرها، لم يجب الخمس في نموّ تلك الأشجار (4) و النخيل؛ و أمّا إن كان من قصده الاكتساب بأصل البستان، فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته و في نموّ أشجاره (5) و نخيله.

مسألة 56: إذا كان له أنواع من الاكتساب و الاستفادة، كأن يكون له رأس مال يتّجر به و خان يوجره و أرض يزرعها و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو النجارة أو نحو ذلك، يلاحظ في آخر السنة (6) ما استفاده من المجموع من حيث المجموع (7)، فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مؤونته.

مسألة 57: يشترط (8)

في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقراره، فلو اشترى شيئاً فيه ربح و كان للبايع الخيار، لايجب (9) خمسه إلّابعد لزوم البيع (10) و مضيّ زمن خيار البايع. (1). مكارم الشيرازي: لا شكّ في أنّ المنفعة تحقّقت هنا خارجاً، ولكن لايجب أداء الخمس عليه فوراً، فلايضمن (2). مكارم الشيرازي: في موارد ينافي الفوريّة العرفيّة لأداء أمثاله (3). الامام الخميني: على الأحوط

الخوئي: في التعبير بالضمان مسامحة، و الصحيح أن يقال: إنّه لم يسقط الخمس عن الباقي بالنسبة

الگلپايگاني: يعني يجب عليه خمس العين بنسبة تلك الزيادة؛ و أمّا ضمان الارتفاع بمعناه الأصلي فلا وجه له كما في الغصب (4). الخوئي: بل يجب في نموّها إلى أن تبلغ حدّ الانتفاع بثمرها، و بعده لايجب الخمس في خصوص مايعدّمنها من المؤون

الگلپايگاني: يعني النماء المتّصل، لكنّ الوجوب لايخلو عن قوّة كالمنفصل؛ نعم، لا خمس في زيادة قيمتها إذا كان أصله ممّا لا خمس فيه أو أدّى خمسه بنحو ما مرّ

مكارم الشيرازي: نعم، إذا باعها وجب الخمس (5). مكارم الشيرازي: إذا حان وقت بيعها و إن لم يبعها (6). الخوئي: بل يجوز له أن يلاحظ كلّ ربح بنفسه (7). الگلپايگاني: إذا لم يكن في شي ء منها خسران؛ و أمّا معه فيأتي حكمه إن شاء اللّه تعالى (8). الخوئي: لايشترط ذلك، بل العبرة بصدق الربح، و هو يختلف باختلاف الموارد (9). الامام الخميني: في غير الخيار المشروط بردّ الثمن محلّ تأمّل (10). مكارم الشيرازي: و هو مبنيّ على عدم جواز البيع في زمن الخيار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 232

مسألة 58: لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازماً، فاستقاله البايع فأقاله، لم يسقط (1) الخمس (2)، إلّاإذا كان من شأنه أن يقيله، كما

في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا ردّ مثل الثمن.

مسألة 59: الأحوط (3) إخراج (4) خمس رأس المال إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال من أوّل الأمر فاكتسب أو استفاد مقداراً و أراد أن يجعله رأس المال (5) للتجارة و يتّجر به، يجب إخراج خمسه على الأحوط (6) ثمّ الاتّجار به.

مسألة 60: مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مؤونتها، حال الشروع (7) في الاكتساب (8) فيمن شغله التكسّب (9)؛ و أمّا من لم يكن مكتسباً و حصل له فائدة اتّفاقاً، فمن (1). الامام الخمينى: الظاهر سقوطه مطلقا.

(2). الگلپايگانى: بعد استقرار الخمس بمضى السنة، و يكون الإقالة حينئذ فى مقدار الخمس فضوليا، و أما قبله فيسقط بالإقالة مطلقا.

(3). الگلپايگانى: بل لا يخلو عن قوة.

(4). الامام الخمينى: إلا إذا احتاج إلى مجموعه بحيث إذا أخرج خمسه لا يفى الباقى بإعاشته أو حفظ شأنه.

(5). مكارم الشيرازى: الحق إن رأس المال على أقسام؛ بعضها لا يتعلق بها الخمس، كما إذا كان نفس قطعا كما إذا احتاج إليه لتحصيل مؤونته حاليا و لا يقدر على تحصيلها بأقل من رأس ماله، فهو محسوب من المؤونة على الأقوى، سواء كان من قبيل آلات الصنايع و الحرف. أو مال التجارة.

(6). الخوئى: لا يبعد عدم الوجوب فى مقدار مؤونة سنته إذا اتخذه رأس مال و كان بحاجة إليه فى إعاشته.

(7). الگلپايگانى: فى مثل التجارة و الصناعة التى يحصل الفوائد فيها متدرجا من حين الشروع؛ و أما ما ينفك حصول الربع عن الشروع فيه مثل الزرع و الغرس و النعم، فالمبدأ مطلقا وقت ظهور الربح.

(8). الخوئى: الظاهر أن المبدأ مطلقا وقت ظهور الربح.

مكارم الشيرازى: لا ينبغى الشك فى كون مبدأ السنة فى

جميع الموارد مبدأ ظهور الربح و الفائدة، لأنه مدا الأدلة و معيارها؛ و مجرد الشروع فى الاكتساب لا أثر له (9). الامام الخميني: إذا كان ممّن يستفيد تدريجاً كنوع التجارات؛ و أمّا إذا كان ممّن يستفيد دفعيّاً عرفاً كالزارع و من عنده النخيل فمن حين حصول الفائدة و الربح، و أمّا فيما تحصل الفائدة بغير الاكتساب فقد مرّ عدم الخمس فيها.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 233

حين حصول الفائدة.

مسألة 61: المراد بالمؤونة مضافاً إلى ما يصرف في تحصيل الربح، ما يحتاج إليه لنفسه و عياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة، من المأكل و الملبس و المسكن، و ما يحتاج إليه لصدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه و أضيافه و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفّارة أو أداء دين أو أرش جناية (1) أو غرامة ماأتلفه عمداً أو خطأً، و كذا ما يحتاج إليه من دابّة أو جارية أو عبد أو أسباب أو ظرف أو فرش أو كتب، بل و ما يحتاج إليه لتزويج أولاده أو ختانهم، و نحو ذلك مثل ما يحتاج إليه في المرض و في موت أولاده أو عياله، إلى غير ذلك ممّا يحتاج إليه في معاشه. و لو زاد على ما يليق بحاله ممّا يعدّ سفهاً أو سرفاً بالنسبة إليه، لايحسب منها.

مسألة 62: في كون رأس المال للتجارة (2) مع الحاجة إليه من المؤونة إشكال (3)، فالأحوط (4) كما مرّ إخراج خمسه أوّلًا، و كذا في الآلات (5) المحتاج إليها (6) في كسبه مثل آلات النجارة للنجّار و آلات النساجة للنسّاج و آلات الزراعة للزرّاع و هكذا، فالأحوط إخراج خمسها أيضاً أوّلًا.

مسألة 63: لا فرق في المؤونة بين ما يصرف

عينه فتتلف، مثل المأكول و المشروب و نحوهما، و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه، مثل الظروف و الفروش و نحوها؛ فإذا احتاج إليها في سنة الربح، يجوز شراؤها من ربحها و إن بقيت للسنين الآتية أيضاً.

(1). مكارم الشيرازي: فيه تأمّل، لو كانت عمداً (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (59) أنّه إذا احتاج إلى رأس المال للمؤونة أو حفظ شؤونه بحيث لايمكنه الاكتفاء بأقلّ منه، يعدّ ذلك من المؤونة، و لا خمس فيه؛ و أنّه لا فرق بين الآلات و رأس المال للتجارة و غيرها في هذا الحكم، فلا وجه لتكراره في المتن (3). الامام الخميني: تقدّم الكلام فيه، و يأتي التفصيل المتقدّم في الآلات أيضاً (4). الگلپايگاني: بل الأقوى، كما مرّ (5). الگلپايگاني: حكمها حكم رأس المال؛ و كما أنّ تلفه يتدارك من الربح قبل إخراج الخمس فكذلك تلفها (6). الخوئي: الظاهر أنّ حكمها حكم رأس المال، و قد تقدّم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 234

مسألة 64: يجوز إخراج المؤونة (1) من الربح و إن كان عنده مال لاخمس فيه، بأن لم يتعلّق به أو تعلّق و أخرجه، فلايجب إخراجها من ذلك بتمامها و لا التوزيع و إن كان الأحوط التوزيع، و أحوط منه إخراجها بتمامها من المال الّذي لاخمس فيه؛ و لو كان عنده عبد أو جارية (2) أو دار أو نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده كان من المؤونة، لايجوز احتساب قيمتها (3) من المؤونة و أخذ مقدارها، بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلًا.

مسألة 65: المناط في المؤونة ما يصرف فعلًا لا مقدارها، فلو قتّر على نفسه لم يحسب له، كما أنّه لو تبرّع بها متبرّع لايستثنى له مقدارها على

الأحوط، بل لايخلو عن قوّة (4).

مسألة 66: إذا استقرض (5) من ابتداء سنته لمؤونته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له وضع (6) مقداره (7) من الربح.

مسألة 67: لو زاد ما اشتراه (8) و ادّخره للمؤونة من مثل الحنطة و الشعير والفحم ونحوها (1). الگلپايگاني: أي صرفها

مكارم الشيرازي: الإخراج هنا بمعنى الصرف؛ فلو لم يصرف منها، تعلّق به الخمس على الأحوط و إن كان الأقوى جواز إخراج ما يساويها من الربح (2). الگلپايگاني: الفرق بين ما ذكر في الأمثلة و سائر ما يتعارف صرفه من المأكول و الملبوس و المركوب و أمثالها مشكل، و لايبعد جواز الصرف في الكلّ؛ نعم، لو صرف من غير الربح، فاحتسابه منه خلاف الاحتياط (3). مكارم الشيرازي: هذا الحكم موافق للاحتياط، و لكن لايخلو عن إشكال، لما سيأتي (4). مكارم الشيرازي: قوّته محلّ إشكال يظهر بالدقّة في حقيقة المؤونة و وجه استثنائها من الربح؛ فإنّ من يربح ديناراً في يوم واحد و يكون مؤونته بقدره، فهو في الواقع لم يغتنم و لم يستفد شيئاً، فلا وجه لتعلّق الخمس به، بل هو أشبه شي ء بمؤونة إخراج المعدن و الكنز؛ و إن شئت قلت: لا فرق بين مؤونة الاكتساب و مؤونة الشخص، فما لم يزد الربح عليها لايعدّ فائدة و لايشمله أدلّة الخمس؛ و على هذا الأساس يظهر حال كثير من المسائل السابقة و اللاحقة (5). الگلپايگاني: هذا إذا أدّاه في سنة الربح، و إلّافالأحوط عدم احتسابه

مكارم الشيرازي: إلّافيما يتعارف من الديون أداؤها نجوماً كأقساط دين الدار و غيره، فلايوزّع منها إلّابمقدار أقساط السنة الّتي فيها (6). مكارم الشيرازي: بل صرف مقداره من الربح (7). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ نعم، يستثنى

مقداره إذا كان بعد حصول الربح (8). الگلپايگاني: من الأرباح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 235

ممّا يصرف عينه فيها، يجب إخراج خمسه عند تمام الحول؛ و أمّا ما كان مبناه على بقاء عينه و الانتفاع به مثل الفرش و الأواني و الألبسة و العبد و الفرس و الكتب و نحوها، فالأقوى عدم الخمس فيها؛ نعم، لو فرض الاستغناء عنها، فالأحوط (1) إخراج الخمس (2) منها، وكذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهنّ لها.

مسألة 68: إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح، سقط اعتبار المؤونة في باقيه، فلايوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة.

مسألة 69: إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة و حصل في السنة اللاحقة، لايخرج مؤونتها (3) من ربح السنة اللاحقة.

مسألة 70: مصارف الحجّ من مؤونة عام الاستطاعة، فإذا استطاع في أثناء حول حصول الربح و تمكّن من المسير، بأن صادف سير الرفقة في ذلك العام، احتسب مخارجه من ربحه؛ و أمّا إذا لم يتمكّن حتّى انقضى العام، وجب عليه خمس ذلك الربح، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الآتية وجب و إلّافلا، و لو تمكّن و عصى حتّى انقضى الحول فكذلك على الأحوط (4).

ولو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة وجب الخمس فيماسبق على عام الاستطاعة، و أمّا المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلايجب خمسه إذا تمكّن من المسير، و إذا لم يتمكّن (5) (1). الامام الخميني: و الأقوى عدم الوجوب إذا استغنى عنها بعد عام الربح، و كذا في الحليّ

الگلپايگاني: لكنّ الأقوى عدم الوجوب فيها، و كذا في الحليّ المذكور

الخوئي: لا بأس بتركه؛ نعم، لو باعها و ربح فيه، تعلّق الخمس بالربح؛ و كذا الحال في حليّ النسوان (2). مكارم الشيرازي: لكنّ الأقوى

عدم تعلّق الخمس بما استغنى منه من لوازم معيشته، و كذا حليّ النسوان؛ و العمدة فيها انصراف الأدلّة من أمثالها (3). مكارم الشيرازي: لايبعد جواز الإخراج إذا كان الربح نتيجة أعمال السنين، لما عرفت آنفاً من عدم صدق الفائدة ما لم يزد على المؤونة (4). الامام الخميني: بل الأقوى؛ و كذا في المتمّم إذا عصى و لم يسر

الخوئي: بل على الأظهر

الگلپايگاني: بل الأقوى (5). الگلپايگاني: أو تمكّن و عصى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 236

فكما سبق (1) يجب إخراج خمسه (2).

مسألة 71: أداء الدين (3) من المؤونة (4) إذا كان في عام حصول الربح، أو كان سابقاً و لكن لم يتمكّن (5) من أدائه (6) إلى عام حصول الربح، و إذا لم يؤدّ دينه حتّى انقضى العام فالأحوط (7) إخراج (8) الخمس (9) أوّلًا و أداء الدين ممّا بقي (10)؛ و كذا الكلام في النذور و الكفّارات (11).

مسألة 72: متى حصل الربح و كان زائداً على مؤونة السنة، تعلّق به الخمس (12) و إن جاز (1). مكارم الشيرازي: و كذا إذا تمكّن من المسير إلى الحجّ و عصى، يجب عليه إخراج الخمس أيضاً على الأحوط، كما مرّ؛ نعم، ما هو المتعارف من دفع مصارف الحجّ لأخذ النوبة من قبل، لايتعلّق به الخمس أيضاً (2). الخوئي: و كذا في فرض التمكّن من المسير من دون سير (3). الامام الخميني: إذا كان لمؤونته أو حصل بأسباب قهريّة كقيم المتلفات و اروش الجنايات؛ و تلحق بهاالنذور و الكفّارات (4). الگلپايگاني: إذا صرف فيها أو حصل بأسباب قهريّة؛ و أمّا إذا كان ما اقترضه لم يصرف فيها و كان موجوداً بعينه أو بدله إلى انقضاء سنة الربح فليس أداؤه منها؛ سواء اقترضه لتكثير المال أو

للحوائج

مكارم الشيرازي: إنّما يكون أداء الدين من المؤونة إذا استدانه لمؤونة تلك السنة أو السنين الماضية و لم يتمكّن من أدائه؛ أمّا إذا استدان لشراء ضياع أو عقار أو شبهه ممّا ليس من المؤونة و كانت العين موجودة، فلايحسب أداء دينه من مؤونته قطعاً، و الظاهر أنّ عبارة المصنّف قدس سره أيضاً ناظرة إلى ما ذكرنا (5). الامام الخميني، الگلپايگاني: بل و إن تمكّن (6). الخوئي: بل مع التمكّن أيضاً؛ نعم، إذا كان بدل الدين موجوداً وجب تخميس الربح قبل أداء الدين، إلّافيما إذا كان البدل من مؤونته فعلًا كالدار و الفرش و نحوهما (7). الامام الخميني: بل الأقوى إذا لم تكن لمؤونة العام (8). الخوئي: بل الأظهر ذلك، إلّافيما إذا كانت الاستدانة للمؤونة و كانت بعد ظهور الربح، فإنّه لايجب التخميس و إن لم يؤدّ الدين (9). مكارم الشيرازي: لا وجه لإخراج الخمس إذا استدان لمؤونة تلك السنة، لما عرفت من عدم صدق عنوان الغنيمة و الفائدة بدون استثنائه (10). الگلپايگاني: إذا اقترضه و صرفه في المؤونة، و إلّافالأقوى وجوب خمسه قبل الأداء (11). مكارم الشيرازي: أداء النذر و الكفّارة إذا كانت من تلك السنة أو السنين الماضية الّتي لم يتمكّن فيها من المؤونة بلا إشكال؛ أمّا لو لم يؤدّها، لم يحسب منها. و ما ذكرنا في الاقتراض للمؤونة لايأتي هنا، كما هو ظاهر (12). مكارم الشيرازي: لكنّه مراعى بعدم الخسران طول السنة، كما سيأتي تفصيله إن شاءاللّه في المسألة (74)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 237

له التأخير في الأداء إلى آخر السنة، فليس تمام الحول شرطاً في وجوبه (1)؛ و إنّما هو إرفاق بالمالك، لاحتمال تجدّد مؤونة اخرى زائداً على ما ظنّه، فلو أسرف أو أتلف (2) ماله في أثناء الحول

لم يسقط الخمس، و كذا لو وهبه (3) أو اشترى بغبن حيلةً في أثنائه.

مسألة 73: لو تلف بعض أمواله (4) ممّا ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك، لم يجبر بالربح و إن كان في عامه، إذ ليس محسوباً من المؤونة.

مسألة 74: لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة، فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالأحوط عدم (5) جبره بربح تجارة اخرى (6)، بل و كذا الأحوط عدم جبر (7) (1). الخوئي: إذا جاز له التأخير إلى آخر السنة فكيف لايكون الوجوب مشروطاً بذلك؟ و التحقيق أنّ الخمس يتعلّق بالمال من أوّل ظهور الربح مشروطاً بعدم صرفه في المؤونة إلى آخر السنة، و بما أنّه يجوز صرفه فيها فلايجب الأداء قبل تمام الحول، و بذلك يظهر أنّه لايجب الأداء فعلًا، و إن علم أنّه لايصرفه في مؤونته فإنّ عدم الصرف خارجاً لاينافي جوازه، و الواجب المشروط لاينقلب إلى المطلق بوجود شرطه (2). الگلپايگاني: بلا داعٍ عقلائي بحيث يعدّ عبثاً أو سفهاً

مكارم الشيرازي: يعني إتلافاً يساوق الإسراف في أنّه ليس له داعٍ مشروع عقلائي (3). الامام الخميني: هبة غير لائقة بحاله أو لمحض الحيلة، كمن وهب بأهله فراراً من الخمس في هذا العام ثمّ وهبه أهله بعد العام

الگلپايگاني: هبة غير لائقة بحاله

مكارم الشيرازي: الهبة إن كانت لائقة بشأنه، يوجب سقوط الخمس و إن كان بقصد الفرار؛ و كذا ما أشبه الهبة (4). مكارم الشيرازي: يعني ما لايحتاج إليه في سنته، بحيث يلزمه اشترائه بعنوان المؤونة؛ فلو اشتراه، دخل في حكم المؤونة (5). الامام الخميني: الظاهر أنّ الميزان في الجبر و عدمه هو استقلال التجارة و رأس المال و عدمه؛

بمعنى أنّه لو كان له رأس مال جعله في شعب يجمعها شعبة مركزيّة بحسب المحاسبات و الدخل و الخرج و الدفتر، يجبر النقص و لو كان الأنواع مختلفة. و لو كان له رأس مال آخر مستقلّ غير مربوط بالآخر من حيث رأس المال و الجمع و الخرج و المحاسبات، لم يجبر به نقص الآخر و لو كان الاتّجار بنوع واحد. و كذا الحال في التجارة و الزراعة، فيجري فيهما ما ذكرنا من استقلال رأس المال و عدمه (6). الگلپايگاني: يعني من نوع آخر (7). مكارم الشيرازي: الحقّ عدم الفرق بين الصور الثلاث في جبر الخسارة أو التلف (صورة التفريق في أنواع التجارة و صورة التفريق في الزراعة و التجارة و هكذا في التجارة الواحدة)، كما أنّه لا فرق بين تلف رأس المال و الخسران. و الدليل عليه إنّ ملاك الخمس صدق الفائدة بعد إخراج مؤونة السنة، و هي غير صادقة هنا قطعاً؛ و لاتدور الأدلّة مدار عنوان الزراعة أو التجارة، و لا أقلّ من الشكّ في شمول الإطلاقات له، فيؤخذ بالبرائة، و لكن لايُترك الاحتياط بعدم الجبران في التلف في غير سبيل التجارة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 238

خسران نوع بربح اخرى (1)، لكنّ الجبر لايخلو عن قوّة (2)، خصوصاً في الخسارة؛ نعم، لو كان له تجارة و زراعة مثلًا فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها، فعدم الجبر لايخلو عن قوّة (3)، خصوصاً في صورة التلف، و كذا العكس. و أمّا التجارة الواحدة، فلو تلف بعض رأس المال فيها و ربح الباقي، فالأقوى الجبر، و كذا في الخسران و الربح في عام واحد في وقتين؛ سواء تقدّم الربح أو الخسران (4)، فإنّه يجبر الخسران بالربح.

مسألة 75:

الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين، و يتخيّر المالك (5) بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر، نقداً أو جنساً (6). و لايجوز له التصرّف (7) في العين قبل أداء الخمس و إن ضمنه في ذمّته، و لو أتلفه بعد استقراره ضمنه، و لو اتّجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضوليّة (8) بالنسبة إلى مقدار الخمس، فإن أمضاه الحاكم (9) الشرعيّ أخذ العوض، و إلّا رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة و بقيمته إن كانت تالفة، و يتخيّر في أخذ (1). الگلپايگاني: يعني من نوع آخر (2). الگلپايگاني: بل الجبر لايخلو عن قوّة مع اتّحاد رأس المال و إن كان العدم أحوط (3). الخوئي: في القوّة إشكال؛ نعم، هو أحوط. و لا فرق في ذلك بين صورتي الخسران و التلف السماوي (4). الخوئي: الجبر في فرض تقدّم الخسران لايخلو من إشكال، بل منع (5). الامام الخميني: لايخلو من إشكال و إن كان التخيير لايخلو من قرب، إلّافي الحلال المختلط بالحرام، فلايُترك الاحتياط فيه بإخراج خمس العين (6). الامام الخميني: لايخلو من إشكال، إلّاأن يرى الحاكم مصلحة فيه

الخوئي: في جواز الدفع من جنس آخر إشكال، بل منع؛ نعم، يجوز بإذن الحاكم الشرعيّ أو وكيله

مكارم الشيرازي: كفاية جنس آخر غير النقد الرائج محلّ تأمّل و إشكال، كما عرفت نظيره في أبواب الزكاة أيضاً (7). الگلپايگاني: بعد استقراره، و يتحقّق بانقضاء السنة في الأرباح (8). الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 52] (9). مكارم الشيرازي: و كان إمضاء الحاكم مصلحةً لأرباب الخمس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 239

القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل (1) الّذي أخذها و أتلفها،

هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح؛ و أمّا إذا كانت في الذمّة و دفعها عوضاً فهي صحيحة، و لكن لم تبرأ ذمّته بمقدار الخمس، و يرجع الحاكم به (2) إن كانت العين موجودة و بقيمته إن كانت تالفة، مخيّراً حينئذٍ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضاً.

مسألة 76: يجوز له (3) أن يتصرّف في بعض الربح مادام مقدار الخمس منه باقٍ في يده مع قصده إخراجه من البقيّة، إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنّما هي على وجه الكلّيّ في المعيّن (4)، كما أنّ الأمر في الزكاة أيضاً كذلك، و قد مرّ في بابها.

مسألة 77: إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها، فلا مانع من التصرّف فيه بالاتّجار، و إن حصل منه ربح لايكون ما يقابل خمس الربح الأوّل منه لأرباب الخمس، بخلاف ما إذا اتّجر به بعد تمام الحول، فإنّه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه (5)، مضافاً إلى أصل الخمس، فيخرجهما أوّلًا، ثمّ يخرج خمس بقيّته إن زادت على مؤونة السنة. (1). مكارم الشيرازي: بناءً على ما هو المشهور في باب تعاقب الأيدي (2). الخوئي: بل يرجع على الدافع مطلقاً على ما تقدّم (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع. و كونه من قبيل الكلّي في المعيّن ممنوع و لايبعد أن يكون من باب الإشاعة، و لا موجب لقياسه بالزكاة بعد ظهور أدلّته في الإشاعة

الگلپايگاني: فيه منع

مكارم الشيرازي: لايجوز له، لأنّ الأقرب بحسب ظواهرالأدلّة أنّ شركة أرباب الخمس مع المالك من باب الإشاعة و إن كان لايجري فيه بعض أحكامها كما سيأتي، فلابدّ في كلّ مورد من ملاحظة أحكامه الخاصّة، و فرق ظاهر بين الخمس و الزكاة بحسب

ظواهر الأدلّة (4). الامام الخميني: الأقرب أنّ الشركة على وجه الإشاعة، فلايتصرّف في البعض بالنقل و الإتلاف إلّابعد إخراج الخمس

الگلپايگاني: بل الأظهر كونه على وجه الإشاعة (5). الامام الخميني: بعد إمضاء الوليّ

الگلپايگاني: مع إمضاء الحاكم

مكارم الشيرازي: بعد إجازة الحاكم، بل الأحوط المصالحة معه في هذه الأرباح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 240

مسألة 78: ليس للمالك أن ينقل الخمس إلى ذمّته (1) ثمّ التصرّف (2) فيه، كما أشرنا إليه؛ نعم، يجوز له (3) ذلك بالمصالحة (4) مع الحاكم، و حينئذٍ فيجوز له التصرّف فيه و لاحصّة له من الربح إذا اتّجر به. و لو فرض تجدّد مؤن (5) له في أثناء الحول على وجه لايقوم بها الربح، انكشف فساد الصلح.

مسألة 79: يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة، و لايجب التأخير إلى آخرها، فإنّ التأخير من باب الإرفاق كما مرّ، و حينئذٍ فلو أخرجه بعد تقدير المؤونة بما يظنّه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدّد مؤن لم يكن يظنّها، كشف ذلك عن عدم صحّته خمساً (6)، فله الرجوع به على المستحقّ مع بقاء عينه، لا مع تلفها في يده، إلّاإذا (1). الخوئي: موضوع الكلام إن كان قبل الحول فلا مانع من التصرّف بلاحاجة إلى النقل إلى الذمّة، و لا وجه حينئذٍ لصحّة المصالحة مع الحاكم، و قد مرّ منه قدس سره جواز التصرّف في هذا الفرض لا عدمه، و إن كان بعد الحول فلا بأس بالمصالحة في بعض الفروض، لكنّه لايلائم قوله: «ولو فرض تجدّد مؤون ... الخ» (2). الگلپايگاني: إن كان فرض المسألة بعد استقرار الخمس و تمام العام فلا معنى للمصالحة في تأخير الخمس المستقرّ؛ نعم، للحاكم إذا اقتضى

المصلحة الإذن في التصرّف في الخمس مع التضمين مطلقاً أو موقّتاً، كما أنّ للمالك المصالحة مع الحاكم في مقدار الخمس إذا كان مجهولًا و تعذّر تعيينه بعد تمام الحول، لكن هذا غير مراد من العبارة؛ و إن كان قبل الاستقرار فهي عين المسألة السابقة (3). الامام الخميني: بعد تمام الحول؛ و أمّا قبله فتصرّفه لايتوقّف على المصالحة، مع أنّ صحّتها قبله محلّ إشكال (4). مكارم الشيرازي: إذا اقتضت مصلحة أرباب الخمس (5). مكارم الشيرازي: لا معنى لتجدّد المؤون، لأنّ المفروض مضيّ السنة؛ و أمّا قبله يجوز للمالك التصرّف في المال بلا حاجة إلى المصالحة مع الحاكم، كما اختاره في المسألة السابقة (6). الخوئي: لا مقتضي للكشف المزبور بعد ما فرض أنّ الخمس يتعلّق بالربح من الأوّل، غاية الأمر أنّه لايجب أداؤه أثناء السنة و يجوز له التأخير، و لكنّه إذا لم يؤخّره و أدّاه إلى مستحقّه باختياره فقد ملّكه المستحقّ، و لايجوز حينئذٍ استرداده حتّى مع بقاء العين فضلًا عن تلفها، و على تقدير التنزّل و القول بأنّ تعلّق الخمس يتوقّف على عدم الصرف في المؤونة فلابدّ من التفصيل بين ما إذا صرف شيئاً من ماله أثناء سنته في المؤونة المتجدّدة و ما إذا لم يصرفه، فيصحّ ما ذكره قدس سره في الأوّل دون الثاني، فإنّ العبرة في عدم وجوب الخمس إنّما هو بصرف الربح في المؤونة لا بوجود المؤونة من دون صرف، و المفروض في المقام أنّه لم يصرف في المؤونة فكيف يكشف عن عدم تعلّق الخمس به؟ نعم، يتمّ ما ذكره قدس سره فيما إذا تخيّل أنّ عليه ربحاً فأخرج خمسه و أدّاه ثمّ انكشف أنّه لم يكن ربح، ففي مثل ذلك له الاسترداد مع بقاء العين لا مع

تلفها إلّاإذا كان المعطى له عالماً بالحال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 241

كان عالماً بالحال (1)، فإنّ الظاهر ضمانه حينئذٍ.

مسألة 80: إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جارية، لايجوز له (2) وطيها، كما أنّه لو اشترى به ثوباً لايجوز الصلاة فيه. و لو اشترى به ماء للغسل أو الوضوء لم يصحّ (3)، و هكذا؛ نعم، لو بقي منه بمقدار الخمس في يده و كان قاصداً لإخراجه (4) منه، جاز و صحّ (5)، كما مرّ نظيره (6).

مسألة 81: قد مرّ أنّ مصارف الحجّ الواجب إذا استطاع في عام الربح و تمكّن من المسير (7)، من مؤونة تلك السنة، و كذا مصارف الحجّ المندوب و الزيارات، و الظاهر أنّ المدار (8) على وقت إنشاء السفر، فإن كان إنشاؤه في عام الربح فمصارفه من مؤونته ذهاباً و إياباً، و إن تمّ الحول في أثناء السفر فلايجب (9) إخراج خمس ما صرفه في العام الآخر في الإياب أو مع المقصد و بعض الذهاب. (1). مكارم الشيرازي: و لم يكن مغروراً من ناحية المالك، بأن يقول إنّي أعلم قطعاً أنّ مؤونة سنتي ليست أكثر من هذا المقدار (2). مكارم الشيرازي: وضعاً و تكليفاً (3). مكارم الشيرازي: قد مرّ منّا كلام في حكم العبادة الواقعة بالثوب و الماء الغصبيّين، فراجع أبوابها (4). مكارم الشيرازي: لايعتبر قصد الإخراج من البقيّة على مبناه من أنّ تعلّق الخمس بالعين من قبيل الكلّي في المعيّن، إلّاإذا لم يكن مقدار الخمس باقياً (5). الگلپايگاني: قد مرّ المنع فيه

مكارم الشيرازي: إنّما يجوز التصرّف إذا لم يناف الفوريّة المعتبرة في أداء الخمس، لأنّ العزل في الخمس لا دليل عليه، بل المالك مخيّر في أدائه من أىّ جزءٍ شاء (6). الامام الخميني: و

مرّ الكلام فيه

الخوئي: و قد تقدّم الإشكال فيه [في هذا الفصل، المسألة 76] (7). الامام الخميني: و سار، و كذا في الحجّ و غيره (8). الخوئي: المدار على الصرف في عام الربح على الأظهر (9). الامام الخميني: محلّ إشكال بالنسبة إلى ما يصرفه و يفنيه، بل لزوم الإخراج لايخلو من قوّة؛ نعم، الظاهرعدم الوجوب بالنسبة إلى ما يبقى عينه و يستفاد منها كالدابّة

الگلپايگاني: فيما بقي بعد الحول من النقود و الزاد إشكال، بل منع؛ نعم، فيما صرف في اشتراء الراحلة أو في استيجارها ذهاباً و إياباً فلا إشكال فيه

مكارم الشيرازي: لايخلو عن تأمّل؛ و الأحوط إخراج الخمس منه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 242

مسألة 82: لو جعل الغوص أو المعدن مكسباً له، كفاه إخراج خمسهما أوّلًا، و لايجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد إخراج مؤونة سنته.

مسألة 83: المرأة الّتي تكتسب في بيت زوجها و يتحمّل زوجها مؤونتها، يجب عليها خمس ما حصل لها من غير اعتبار إخراج المؤونة، إذ هي على زوجها (1) إلّاأن لايتحمّل.

مسألة 84: الظاهر عدم اشتراط التكليف (2) و الحرّيّة في الكنز والغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض الّتي (3) يشتريها الذمّي من المسلم، فيتعلّق بها الخمس، و يجب على الوليّ و السيّد إخراجه؛ و في تعلّقه بأرباح مكاسب الطفل إشكال (4)، و الأحوط إخراجه بعد بلوغه.

[فصل في قسمة الخمس و مستحقّه

فصل في قسمة الخمس و مستحقّه

مسألة 1: يقسّم الخمس ستّة أسهم على الأصحّ؛ سهم للّه سبحانه، و سهم للنبيّ صلى الله عليه و آله، و سهم للإمام عليه السلام؛ و هذه الثلاثة، الآن لصاحب الزمان- أرواحنا له الفداء و عجّل اللّه تعالى فرجه- و ثلاثة للأيتام و

المساكين و أبناء السبيل. و يشترط في الثلاثة الأخيرة الإيمان (5)، و في الأيتام الفقر (6)، و في أبناء السبيل الحاجة في بلد التسليم و إن كان غنيّاً في بلده، و لا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية (7)؛ و لايعتبر في المستحقّين العدالة و إن كان الأولى (1). الامام الخميني: و بعض الزيادات الّتي ليست عليه لو أنفق عليها تبرّعاً لايحسب مقدارها من المؤونة (2). الخوئي: بل الظاهر هو الاشتراط، و لا فرق فيه بين خمس أرباح المكاسب و سائر الأقسام غير الحلال المختلط بالحرام

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً؛ نعم، في المال المختلط بالحرام يجب الخمس، على نحو ما مرّ (3). الامام الخميني: لاتخلو هذه من إشكال، و لايُترك الاحتياط فيها بالإخراج بعد البلوغ (4). الگلپايگاني: الأقوى التعلّق، فيخرجه الوليّ قبل البلوغ (5). الامام الخميني: أو ما في حكمه (6). الگلپايگاني: على الأحوط (7). الامام الخميني: بل يعتبر أن لايكون في معصية

الخوئي: الاحتياط بعدم الإعطاء للعاصي في سفره لايُترك

الگلپايگاني: الأحوط أن لايكون سفره في معصية و لا نفسه في معصية أيضاً

مكارم الشيرازي: بعيد جدّاً، لانصراف الإطلاقات من مثله؛ نعم، إذا ندم و تاب في أثناء السفر، أمكن إعطاؤه من الخمس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 243

ملاحظة المرجّحات، و الأولى أن لايعطى (1) لمرتكبي الكبائر، خصوصاً مع التجاهر (2)، بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم و سيّما إذا كان في المنع الردع عنه، و مستضعف كلّ فرقة ملحق بها.

مسألة 2: لايجب البسط (3) على الأصناف، بل يجوز دفع تمامه إلى أحدهم، و كذا لايجب استيعاب أفراد كلّ صنف، بل يجوز الاقتصار على واحد، و لو أراد البسط لايجب

التساوي بين الأصناف أو الأفراد.

مسألة 3: مستحقّ الخمس من انتسب إلى هاشم بالابوّة، فإن انتسب إليه بالامّ لم يحلّ له الخمس و تحلّ له الزكاة، و لا فرق بين أن يكون علويّاً أو عقيليّاً أو عبّاسيّاً (4)، و ينبغي تقديم الأتمّ علقةً بالنبيّ صلى الله عليه و آله على غيره، أو توفيره كالفاطميّين.

مسألة 4: لايصدّق من ادّعى النسب، إلّابالبيّنة أو الشياع المفيد للعلم (5)، و يكفي الشياع و الاشتهار في بلده؛ نعم، يمكن الاحتيال (6) في الدفع إلى مجهول الحال بعد معرفة عدالته بالتوكيل على الإيصال إلى مستحقّه على وجه يندرج فيه الأخذ لنفسه أيضاً، و لكنّ الأولى بل الأحوط (7) عدم الاحتيال المذكور.

مسألة 5: في جواز دفع الخمس إلى من يجب عليه نفقته إشكال (8)، خصوصاً في الزوجة، (1). مكارم الشيرازي: بل الأحوط، لاسيّما لوقلنا بعدم جواز مثله في الزكاة (2). الامام الخميني: الأحوط عدم الدفع إلى المتهتّك المتجاهر (3). مكارم الشيرازي: نعم، لوكان هناك حكومة إسلاميّة و كان الإمام أو نائبه مبسوط اليد و أمكنه البسط عليهم، لايبعد وجوبه بحسب حاجتهم؛ و لعلّ ما يحكى عن الشيخ في المبسوط من البسط ناظر إليه (4). الگلپايگاني: أو غيرهم إذا وجد، كالنوفليّ و اللهبيّ و الجعفريّ (5). مكارم الشيرازي: أو الوثوق، من أىّ طريق حصل؛ و ما ذكره من الاحتيال، لا أثر له (6). الخوئي: فيه إشكال (7). الگلپايگاني: لايُترك (8). مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم الدفع إلى واجب النفقة إذا كان قادراً على الإنفاق عليه من ماله؛ و التعليلات الواردة في باب الزكاة مثل قوله: «إنّهم عياله لازمون له» كالصريح في ما ذكرنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 244

فالأحوط عدم دفع خمسه إليهم، بمعنى الإنفاق عليهم محتسباً

ممّا عليه من الخمس؛ أمّا دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة ممّا يحتاجون إليه، ممّا لايكون واجباً عليه كنفقة من يعولون و نحو ذلك، فلا بأس به، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم و لو للإنفاق مع فقره، حتّى الزوجة إذا لم يقدر على إنفاقها.

مسألة 6: لايجوز دفع الزائد عن مؤونة السنة لمستحقّ واحد ولو دفعةً، على الأحوط (1).

مسألة 7: النصف من الخمس (2) الّذي للإمام عليه السلام أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه و هو المجتهد الجامع للشرائط، فلابدّ من الإيصال إليه أو الدفع إلى المستحقّين بإذنه، و الأحوط له (3) الاقتصار على السادة (4) مادام لم يكفهم النصف الآخر؛ و أمّا النصف الآخر الّذي للأصناف الثلاثة، فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه، لكنّ الأحوط (5) فيه أيضاً الدفع إلى المجتهد أو بإذنه، لأنّه أعرف بمواقعه و المرجّحات الّتي ينبغي ملاحظتها.

مسألة 8: لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره إذا لم يوجد المستحقّ فيه، بل قد يجب كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك، أو لم يكن وجود المستحقّ فيه متوقّعاً بعد ذلك، (1). الخوئي: بل لايبعد أن يكون هو الأظهر

مكارم الشيرازي: بل على الأقوى (2). مكارم الشيرازي: بل جميعه على الأحوط (3). الامام الخميني: إذا لم يكن مصرف آخر أهمّ بنظره (4). الخوئي: في إطلاقه إشكال بل منع، فينبغي مراعاة الأهمّ فالأهمّ

مكارم الشيرازي: بل الأقوى صرف النصف الّذي للإمام عليه السلام في ما يحرز به رضاه من إقامة الشعائر و نشر الإسلام و تقوية المراكز الدينيّة و تكميل حصّة السادة لو لم يكفهم سهمهم، بل و الإنفاق على غيرهم من المحتاجين من أهل الولاية و السداد، مع مراعاة الأهمّ فالأهمّ، بل الاقتصار على خصوص السادة كثيراً

مايكون مخالفاً للاحتياط، إذا أوجب ضعفاً أو فتوراً في نشر الدين و العلم و دفع شرّ الظالمين و قطع أيديهم؛ و من الواضح أنّ هذه الأموال العظيمة الخطيرة ليست من مؤونة شخصه عليه السلام لعدم حاجته عليه السلام إليها، بل من حقوق منصبه بما هو إمام المسلمين؛ و من المعلوم أنّه لايجوز تعطيل الأحكام في غيبته- عجل اللّه له الظهور-. و في المسألة معركة عظيمة بين الأعلام و فيه أقوال كثيرة ربّما تبلغ عشرة، و ما ذكرناه أقواها و أسدّها، و إليه ذهب كثير من أعلام العصر (5). الامام الخميني: لايُترك هذا الاحتياط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 245

ولا ضمان حينئذٍ (1) عليه (2) لو تلف؛ و الأقوى جواز النقل مع وجود المستحقّ أيضاً، لكن مع الضمان لو تلف، و لا فرق بين البلد القريب و البعيد و إن كان الأولى القريب، إلّامع المرجّح للبعيد.

مسألة 9: لو أذن الفقيه في النقل، لم يكن عليه ضمان (3) و لو مع وجود المستحقّ، و كذا لو وكّله في قبضه عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن في نقله.

مسألة 10: مؤونة النقل على الناقل في صورة الجواز، و من الخمس (4) في صورة الوجوب (5).

مسألة 11: ليس من النقل لو كان له مال (6) في بلد آخر فدفعه فيه للمستحقّ عوضاً عن الّذي عليه في بلده، و كذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمساً (7)، و كذا لو نقل قدر الخمس (8) من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضاً عنه.

مسألة 12: لو كان الّذي فيه الخمس في غير بلده، فالأولى دفعه هناك، و يجوز نقله إلى بلده مع الضمان.

مسألة 13: إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير

بلده، جاز (9) نقل حصّة الإمام عليه السلام إليه، بل الأقوى جواز ذلك (10) و لو كان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً في بلده أيضاً (11)، بل (1). مكارم الشيرازي: و لكنّه مبنيّ على جواز العزل في الخمس، و سيأتي الإشكال فيه (2). الخوئي: هذا إذا نقل المالك تمام المال المتعلّق به الخمس أو نقل مقدار الخمس ولكن كان بإذن الحاكم الشرعيّ أو كان بعنوان الوكالة عن المستحقّ، و إلّافالأظهر أنّ التالف يحسب على المالك و الخمس بالنسبة (3). الخوئي: لأنّ الإذن بمنزلة التوكيل الضمني

مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما ذكرناه في المسألة السابقة؛ أمّا مع قبض وكيله فلا إشكال فيه (4). الامام الخميني: فيه تأمّل (5). مكارم الشيرازي: لا وجه لكون مؤونة النقل من الخمس بعد كونه مقدّمة لأداء الواجب، و إن هو إلّاكأداء الدين؛ نعم، لو كان فيه ضرر كثير، ينفى بأدلّة نفي الضرر (6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط في مثله (7). الخوئي: في احتساب الدين خمساً إشكال، فالأحوط وجوباً الاستيذان في ذلك من الحاكم الشرعيّ أووكيله (8). الامام الخميني: من غير ما يتعلّق به الخمس (9). الامام الخميني: بل وجب مع عدم المجتهد في البلد (10). الامام الخميني: مع الضمان (11). الگلپايگاني: لكن مع الضمان في هذه الصورة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 246

الأولى النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجّح آخر.

مسألة 14: قد مرّ أنّه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقداً أو عروضاً (1)، و لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمّته (2) و إن قبل المستحقّ و رضي به.

مسألة 15: لاتبرأ ذمّته من الخمس إلّابقبض المستحقّ أو

الحاكم؛ سواء كان في ذمّته أو في العين الموجودة، و في تشخيصه بالعزل إشكال.

مسألة 16: إذا كان له في ذمّة المستحقّ دين، جاز له احتسابه (3) خمساً (4)، و كذا في حصّة الإمام عليه السلام إذا أذن المجتهد.

مسألة 17: إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقداً أو عروضاً (5)، لايعتبر فيه رضى المستحقّ أو المجتهد بالنسبة إلى حصّة الإمام عليه السلام و إن كانت العين الّتي فيها الخمس موجودة، لكنّ الأولى اعتبار رضاه خصوصاً في حصّة الإمام عليه السلام.

مسألة 18: لايجوز (6) للمستحقّ أن يأخذ من باب الخمس و يردّه على المالك، إلّافي (1). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه

الخوئي: مرّ الإشكال في دفعه من العروض [في فصل فيما يجب فيه الخمس، المسألة 75]

مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال في تبديله بالعروض (2). الامام الخميني: بالنسبة إلى الزيادة

الگلپايگاني: من الزيادة؛ و أمّا من مقدار قيمتها الواقعيّة، فإن كان رضاه و قصد قربته مقيّداً بذلك لم تبرأ ذمّته و لايملك المستحقّ ما أخذه، و إلّافتبرأ ذمّته بهذا المقدار

مكارم الشيرازي: أي بالنسبة إلى الزياده (3). الامام الخميني: مع إذن الحاكم على الأحوط، و أحوط منه القبض و الإقباض أيضاً (4). الخوئي: فيه إشكال، كما مرّ [في هذا الفصل، المسألة 11] (5). الامام الخميني: الأحوط رضا المجتهد و إذنه في سهم السادة أيضاً

الخوئي: مرّ الإشكال في دفعه من العروض

مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال في إعطاء العروض (6). الگلپايگاني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: في المسألة تفصيل؛ فإنّه قد لايكون من المالك قصد جدّي لأداء الخمس، بل هو صورة ظاهريّة، و لا إشكال في عدم فائدة له، و لو قصد ذلك جدّاً فلا شكّ في براءة ذمّته؛ إنّما الإشكال في جواز هبة

المستحقّ له، و الظاهر أنّه غير جائز إلّافيما كان من شؤون المستحقّ، لأنّ المستفاد من الأدلّة أنّه ليس كسائر أمواله ليصرفه كيف يشاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 247

بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على أدائه، بأن صار معسراً و أراد تفريغ الذمّة، فحينئذٍ لا مانع منه إذا رضي المستحقّ بذلك (1).

مسألة 19: إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممّن لايعتقد وجوبه (2) كالكافر و نحوه، لم يجب عليه إخراجه، فإنّهم: أباحوا لشيعتهم ذلك؛ سواء كان من ربح تجارة أو غيرها، و سواء كان من المناكح (3) و المساكن و المتاجر أو غيرها. (1). مكارم الشيرازي: يظهر ممّا ذكرنا الإشكال في هذه الصورة أيضاً (2). الخوئي: بل من مطلق من لايلتزم بالخمس ولو كان معتقداً به (3). مكارم الشيرازي: بل يظهر من إطلاق الأدلّة و تعليلاتها إباحة المناكح و لو انتقل ممّن يعتقد الخمس و لايخمّس، فراجع

حكم الخمس في عصر غيبة الامام عليه السلام

اشارة

إعلم أنّ هناك معركة عظيمة في حكم الخمس بكلا سهميه، (سهم السادة و سهم الإمام عليه السلام) في زمن الغيبة الكبرى؛ و فيه أقوال كثيرة نذكر أهمّها، و هي عشرة أقوال:

الأوّل: إباحته للشيعة و سقوطها مطلقاً؛

كما عن السلّار، و صاحب الذخيرة، و غيرهما؛ و حكاه صاحب الحدائق عن جمع من المحدّثين من معاصريه، ولكن هذا القول شاذّ لم يذهب إليه إلّاقليل من أصحابنا؛ و دليلهم في ذلك روايات كثيرة أوردها صاحب الوسائل في كتاب الخمس (الباب 3 من أبواب الأنفال).

و قد ذكرنا في محلّه أنّها غير ناظرة إلى تحليلها مطلقاً، بل إمّا ناظرة إلى تحليل المناكح و المساكن و شبهها، أو ناظرة إلى زمان خاصّ كان إباحتها صلاحاً للشيعة، فلذا أباحها إمام و أخذها غيره:، أو روايات ضعاف لايمكن الركون إليها مع إعراض الأصحاب عنها؛ هذا مع ما سيأتي من أنّ غيبته عليه السلام و إن كانت مصيبة كبرى علينا، ولكن لايوجب تعطيل أحكام الإسلام، و لا ينعدم مصارف الخمس معها، بل هي باقية على ما كانت و قائمة على ساقيها؛ فعلى العلماء الفقهاء الّذين هم نوّابه صرفه في مصارفه؛ و كيف يمكن بقاء مصارفها على ساقها مع إباحتها جميعاً للشيعة؟ و هل هذا إلّاتعطيل الإسلام في عصر الغيبة الّتي يمكن دوامها آلاف سنة (نعوذ باللَّه)

الثانى: عزله بجميعه،

و الوصيّة به؛ كما عن المفيد قدس سره و غيره؛ و الظاهر أنّ نظرهم في ذلك إلى أنّه حقّ مختصّ به عليه السلام بكلا شقّيه، فيكون حاله حال ساير الأموال، المعلوم مالكها، المفقود عينه، فلابدّ من حفظها حتّى توصل إليه.

و أنت خيبر بما فيه من الإشكال بالنسبة إلى عصر الغيبة الّذي لايعلم أمدها، و هل تطول مئات أو آلاف من السنين، و إن كنّا ننتظر ظهوره كلّ يوم، و نستعجل فرجه من اللَّه كلّ ساعة، فمع هذا الحال تكون هذه الأموال في معرض الزوال بلا اشكال؛ مع ما مرّ و سيمرّ عليك من أنّ

غيبته لايسدّ مصارفها مطلقاً.

الثالث: دفنه؛

- كما حكاه المفيد عن بعض من لم يسمّه- استناداً إلى بعض المرسلات من ظهور كنوز الأرض له عليه السلام عند ظهوره و أنت ترى ما فيه من الإشكالات الواضحة؛ و كيف يمكن دفن هذه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 249

الأموال العظيمة الّذي يوجب ذلك إتلافها قطعاً، استناداً إلى أمثال ذلك الروايات الضعاف، مع بقاء مصارفها و إستوائها على سوقها.

الرابع: دفع النصف الّذي حقّ السادة إليهم،

و أمّا حقّه يودع أو يدفن؛ كما عن الشيخ في النهاية؛ و دليله في الحقيقة مركّب عن أدلّة الأقوال السابقة. و الجواب أمّا بالنسبة إلى دفع حقّ السادة إليهم، فلاريب فيه؛ و أمّا بالنسبة إلى غيره، فهو ضعيف جداً؛ لما عرفت و يأتي إن شاء اللَّه

الخامس: إنّ حقّ السادة يصرف فيهم،

و أمّا حقّه عليه السلام فيقسم على الذريّة؛ كما عن المحقّق، و هو المشهور بين المتأخّرين؛ واستنادهم إلى بعض ما ورد من أنّه إذا لم يكف للسادة سهمهم، يتمّه الإمام عليه السلام من حقّه؛ (و هو الرواية الاولى و الثانية، من الباب الثالث، من أبواب قسمة الخمس، من كتاب الخمس، من الوسائل)؛ و كلتاهما مرسلتان، و ظاهرهما وجوب إتمام مؤونة السادة من حقّه، مع أنّه لم يعهد ذلك من سيرة الأئمّة عليهم السلام، بل كانوا يصرفون سهمهم أحياناً في غيره، مع وجود المستحقّين من بنى هاشم عادة؛ و احتمال عدم وجود مستحقّ بينهم في جميع ذلك، بعيد جدّاً.

السادس: صرف سهم الأصناف الثلاثة (حقّ السادة) إليهم،

و أمّا حقّه عليه السلام فهو مباح للشيعة؛ كما عن المدارك و غيره؛ لبعض ما عرفت، و قد عرفت الجواب منه أيضا.

السابع: كسابقه إلّا أنّ حقّه عليه السلام يصرف في مواليه العارفين بحقّه من أهل الصلاح إذا كانوا فقراء؛

كما عن ابن حمزة و غيره؛ و كأنّهم زعموا أنّ ذلك هو القدر المتيقّن من مصرفه في هذه الأيّام؛ و سيأتي إن شاء اللَّه أنّه ليس كذلك قطعاً.

الثامن: إنّ حقّ الأصناف تدفع إليهم،

و خمس الأرباح مباح مطلقاً؛ و كأنّه نظر في ذلك إلى أنّ أدلّة التحليل ناظرة إلى خصوص الأرباح (مع أنّ بعضها عامّ ظاهراً)؛ و قد عرفت الجواب عنه أيضا، فلا نطيل بالإعادة.

التاسع: صرف حصّة الأصناف إليهم،

و التخيير في حصّته عليه السلام بين الدفن، و الوصيّة، و صلة الأصناف مع الإعواز، بإذن الفقية؛ كما عن الشهيد في الدروس؛ و دليلهم هو الجمع بين أدلّة الأقوال السابقة، و لمّا لم يثبت ترجيح بعضها على بعض فلابدّ من التخيير بين هذه المصارف؛ و يظهر الجواب عنه ممّا ذكرناه سابقاً.

العاشر: و هو العمدة، دفع سهم الأصناف إليهم،

و أمّا حصّة الإمام فيصرف في كلّ أمر يحرز به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 250

رضاه، من إقامة الشعائر و نشر الإسلام و حفظ الحوزات العلميّة، و صلة الأصناف الثلاثة من السادة و غيرهم من أهل الفقر و الصلاح، مع رعاية الأهمّ فالأهمّ، كما اشتهر بين المعاصرين، (و هو المختار عندنا).

و دليله: أمّا بالنسبة إلى صرف حصّة الأصناف إليهم، فممّا لاينبغي الشكّ فيه؛ لأنّ اللَّه وضعها لهم و لسدّ خلّتهم و رفع حوائجهم، مع منعهم من الزكاة؛ و من المعلوم أنّ غيبة الإمام (أروحنا له الفداء) لايمنع عن إيصال حقّهم إليهم و تركهم محرومين من الخمس و الزكاة جميعاً؛ بل الإمام عليه السلام إمّا وكيلهم أو وليّهم في ذلك، و مهما كان لايوجب ذلك سقوط حقّهم؛ بل يجب قيام نوّابه مقامه في ذلك؛ أو نقول بجواز دفع المالكين إليهم بلاحاجة إلى إذن الفقيه، كما قوّيناه في محلّه؛ و أمّا بالنسبة إلى سهمه عليه السلام فإيضاحه يحتاج إلى مقدّمة مهمّة نافعة، و هي:

لاشكّ أنّ سهم الإمام من الخمس إنّما هو من حقوق منصبه عليه السلام، لا من مؤونة شخصه؛ لوضوح عدم حاجته عليه السلام إلى هذه الأموال الخطيرة العظيمة بشخصه؛ لكنّه بما هو إمام للمسلمين، و يرفع إليه حوائجهم، و بما أنّه رئيسهم و زعميهم و حاكمهم، يحتاج إلى مؤونة كثيرة يستلزمها هذا المقام السامي؛ و هذه

المؤونة كثيرة جدّاً في جنب الحاجات الّتي تكون إلى جانبها؛ فليس سهم الإمام عليه السلام مالًا شخصيّاً حتّى يعامل معه معاملة أموال الغيّب.

ثمّ إنّ من المعلوم أنّه لايجوز تعطيل جميع أحكام الدين بغيبته- عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف-، بل يجب على المسلمين العمل بها و إقامتها مهما أمكن، و إذا احتاج ذلك إلى بيت المال، لابدّ من تحصيله من طرق قرّرها الشرع بأيدي نوّابه العامّة؛ و تعطيل سهمه عليه السلام يوجب تعطيل جميع ما كان يصرفه إليه في مقامه، من إقامة حدود الدين و تعظيم شعائره و نشر أحكامه؛ فهل يرضى هو عليه السلام بذلك؟

و من جانب آخر، من الضروري أنّه لابدّ أن تكون الحكومة الإسلاميّة بأيدي المسلمين لا بأيدي غيرهم، و لابدّ لهم من إمام من أنفسهم، و أحقّ الناس بهذا- على ما يستفاد من أدلّة كثيرة- هم علماء الدين و فقهاء المسلمين، الجامعون للشرائط المقرّرة في محلّها، (و هو المراد من ولاية الفقيه المشهورة بيننا)؛ و من الواضح أنّهم في هذا المقام يحتاجون إلى مؤونة كثيرة، و يكون سهم الإمام عليه السلام من الخمس بعض هذه المؤونة.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 251

و إذا قد عرفت هذا، فاعلم: إنّ الواجب قيام نوّابه عليه السلام بهذه المهمّة بمقدار الإمكان، و صرف سهمه فيما كان يصرفه عادة لو كان هو بيننا؛ و عند الشكّ لابدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن من موارد يرضاها من مصارفها.

كما أنّ من المعلوم إنّ ذلك لايختصّ بتكميل حصّة الأصناف من السادة فقط، و إلّايوجب تعطيل ساير وظايفه عليه السلام بما هو إمام المسلمين؛ و أمّا دفنه أو إلقائه في البحر، فهو كلام لاينبغي التفوّه به، كحفظه و إيداعه؛ فإنّه لامعنى لها مع وجود

مصارفها، بعد أن لم يكن ملكاً شخصيّاً، مضافاً إلى ما فيها من إستعراضها للتلف قطعاً؛ و لا زالت الحوزات العلميّة- بما فيها من الحركة و النشاط و نشر أحكام الإسلام- تقوم بسهمه عليه السلام بحيث لولاه آل أمرهم إلى الفشل من هذه الناحية، أو صار سبباً لسيطرة الجبابرة عليهم.

و يدلّ على ما ذكرنا، جميع ما ورد في أبواب الخمس من أنّه إذا ظهر القائم عليه السلام يأخذ الخمس عن الجميع؛ و كذا ما دلّ على أنّ الخمس عون لهم: على دينهم و عرضهم و حفظ مواليهم، (الحديث 2، من الباب 3، من الأنفال)؛ و غير ذلك من الأحاديث و الإعتبارات العقليّة.

(اللّهم عجّل له الفرج و اجعلنا من أعوانه و أنصاره بحقّ محمّد و آله صلى الله عليه و آله)

كتاب الحج

[فصل في فضل الحجّ

[فصل في فضل الحجّ

الّذي هو أحد أركان الدين و من أوكد فرائض المسلمين (1)؛ قال اللّه تعالى: «و للّه على (1) مكارم الشيرازي: و قد أشار في المتن إلى بعض مثوباته و بعض عقوبات التارك له. و ينبغي أن يلاحظ إلى جنب هذه المثوبات العظيمة الجليلة، العلل الّتي لأجلها شرّع الحجّ ثمّ العمل بما يقرّب الحاجّ إلى تحصيلها و الوصول إلى مغزاها، فقد قال اللّه تعالى: «ليشهدوا منافع لهم» فما هذه المنافع؟ و هي كثيرة اشير إليها في روايات المعصومين عليهم السلام؛ منها: تربية النفوس و تهذيب الأخلاق و تحكيم مباني التقوى و الخلوص و الخروج عن الذنوب كيوم ولدته امّه، والتهيّؤ لتركها في مستقبل أيّامه. و هذا من أعظم منافع الحجّ و أهمّ فوائده و بركاته، و لايحصل ذلك إلّابذكرى أسرار هذا التشريع العظيم وفق ما ورد في روايات المعصومين: و يشهد به تاريخ

شيخ الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام فإنّه المؤسّس له بأمر من اللّه تعالى، و كثير من أفعال الحجّ حاكية عن وقفات حياته و مسيره إلى ربّه و الاندفاع إلى طاعته و قبول بلائه. فلو أنّ عبداً خرج إلى الحجّ عالماً بهذه الأسرار الخفيّة ملازماً لما يقتضيها مجاهداً مخلصاً وافداً إلى اللّه، لأثّر الحجّ في نفسه أثراً لايزول إلى آخر عمره و طيلة حياته، و يطهره طهارة تبقى إلى يوم يلقى ربّه. و إلى جانب تأثير الحجّ في طهارة النفوس و تزكية الأرواح أثره السياسيّ القويّ في تحكيم الدين و عزّ المسلمين و مزيد شوكتهم و توحيد كلمتهم و جعلهم في مقابل الأعداء صفّاً واحداً كأنّهم بنيان مرصوص، مع ما فيه من النظر في مشاكل المسلمين و ما ابتلوا به من الأعداء و كشف طرق دفعهم و تحصيل العِدّة و العُدّة في مقابلهم، فإنّ الحجّ موقف كبير لا نظير له في الدنيا، و قد كان نبيّناً صلى الله عليه و آله يغتنم هذه الفرصة الكريمة لدفع الشرك و الضلال و قصم ظهر أهل النفاق و الشقاق. و من المؤسف جدّاً أنّ المسلمين لاينتفعون من الحجّ من هذه الناحية، بل و لا من الناحية الأخلاقيّة، بل يكتفون بظواهر منه و بقي الحجّ بين كثير منهم كجسد لا روح فيه و بنيان لا أهل له و كفاك في ذلك ما قاله مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عند بيان أسرار الأحكام: «فرض اللّه الإيمان تطهيراً من الشرك والصلاة تنزيهاً عن الكبر ... و الحجّ تقربة للدين أو تقوية للدين» (نهج البلاغة: الحكمة 252) و قد يقال الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام فيما رواه عنه الفضل بن شاذان

في حديث قال: إنّما امروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى اللّه- عزّ و جلّ- و طلب الزيادة و الخروج من كلّ ما اقترف العبد تائباً ممّا مضى مستأنفاً لما يستقبل ... مع الخضوع و الاستكانة و التذلّل. مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع لجميع من في شرق الأرض و غربها و من في البرّ و البحر ممّن يحجّ و من لم يحجّ من بين تاجر و جالب و بايع و مشترٍ و كاسب و مسكين و مكار و فقير، و قضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه. مع ما فيه من التفقّه و نقل أخبار الأئمّة: إلى كلّ صقع و ناحية، كما قال اللّه- عزّ و جلّ-: «فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون و ليشهدوا منافع لهم» (وسائل الشيعة، ج 8 كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ، الباب 1 الحديث 15). و قال الصادق عليه السلام فيما رواه هشام بن الحكم عنه في جواب السؤال عن علّة تكليف العباد بالحجّ: «إنّ اللّه خلق الخلق ... و أمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين و مصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق و الغرب ليتعارفوا و لينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ... و لتعرف آثار رسول اللّه صلى الله عليه و آله و تعرف أخباره و يذكر و لاينسى، ولو كان كلّ قوم إنّما يتكلّمون على بلادهم و ما فيها هلكوا وخربت البلاد و سقطت الجلب و الأرباح و عميت الأخبار ولم تفقوا على ذلك؛ فذلك علّة الحجّ (نفس المصدر، الحديث 18). فعلّة وجوب الحجّ ترتكز على جهات

أربع: أخلاقيّة و سياسيّة و اقتصاديّة و ثقافيّة، وفقاً لما روي عن أهل بيت العصمة عليهم السلام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 254

الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا». غير خفيّ على الناقد البصير ما في الآية الشريفة من فنون التأكيد و ضروب الحثّ و التشديد و لاسيّما ما عرّض به تاركه من لزوم كفره و إعراضه عنه بقوله- عزّ شأنه-: «و من كفر فإنّ اللّه غنيّ عن العالمين». و عن الصادق عليه السلام في قوله- عزّ من قائل-: «من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضلّ سبيلًا» «ذاك الّذي يسوّف الحجّ، يعني حجّة الإسلام حتّى يأتيه الموت»، و عنه عليه السلام:

«من مات و هو صحيح موسر لم يحجّ، فهو ممّن قال اللّه تعالى: «و نحشره يوم القيامة أعمى»» و عنه عليه السلام: «من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لايطيق فيه الحجّ أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً» و في آخر: «من سوّف الحجّ حتّى يموت، بعثه اللّه يوم القيامة يهوديّاً أو نصرانيّاً» و في آخر: «ما تخلّف رجل عن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 255

الحجّ إلّابذنب، و ما يعفو اللّه أكثر» و عنهم: مستفيضاً: «بُني الإسلام على خمس: الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم و الولاية».

و الحجّ، فرضه و نفله عظيم فضله، خطير أجره، جزيل ثوابه، جليل جزاؤه، و كفاه ما تضمّنه من وفود العبد على سيّده و نزوله في بيته و محلّ ضيافته و أمنه؛ و على الكريم إكرام ضيفه و إجارة الملتجئ إلى بيته؛ فعن الصادق عليه السلام: «الحاجّ و المعتمر وفد اللّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن

شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا بدأهم، و يعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم» و عنه عليه السلام: «الحجّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللّازم لهما في ضمان اللّه، إن أبقاه أدّاه إلى عياله، و إن أماته أدخله الجنّة» و في آخر: «إن أدرك ما يأمل غفر اللّه له، و إن قصر به أجله وقع أجره على اللّه- عزّ و جلّ-» و في آخر: «فإن مات متوجّهاً غفراللّه له ذنوبه، و إن مات محرماً بعثه ملبّياً، و إن مات بأحد الحرمين بعثه من الآمنين، و إن مات منصرفاً غفراللّه له جميع ذنوبه» و في الحديث: «إنّ من الذنوب ما لايكفّره إلّاالوقوف بعرفة» و عنه صلى الله عليه و آله في مرضه الّذي توفّي فيه في آخر ساعة من عمره الشريف: «يا أباذر! اجلس بين يدىّ أعقد بيدك؛ من ختم له بشهادة أن لاإله إلّااللّه دخل الجنّة- إلى أن قال:- و من ختم له بحجّة دخل الجنّة، و من ختم له بعمرة دخل الجنّة ...» الخبر. و عنه صلى الله عليه و آله: «وفد اللّه ثلاثة: الحاجّ و المعتمر و الغازي، دعاهم اللّه فأجابوه و سألوه فأعطاهم». و سأل الصادق عليه السلام رجل في المسجد الحرام من أعظم الناس وزراً، فقال: «من يقف بهذين الموقفين: عرفة و المزدلفة، و سعى بين هذين الجبلين ثمّ طاف بهذا البيت و صلّى خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ثمّ قال في نفسه و ظنّ أنّ اللّه لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزراً»، و عنهم::

«الحاجّ مغفور له و موجوب له الجنّة، و مستأنف به العمل، و محفوظ في أهله و ماله؛ و إنّ الحجّ المبرور لايعدله شي ء و لا جزاء له

إلّاالجنّة؛ و إنّ الحاجّ يكون كيوم ولدته امّه، و إنّه يمكث أربعة أشهر تكتب له الحسنات و لاتكتب عليه السيّئات إلّاأن يأتي بموجبه، فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس. و إنّ الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ. و إنّ الحاجّ إذا دخل مكّة وكّل اللّه به ملكين يحفظان عليه طوافه و

العروة الوثقى، ج 2، ص: 256

صلاته و سعيه، فإذا وقف بعرفة ضربا منكبه الأيمن، ثمّ قالا: أمّا ما مضى فقد كفيته، فانظر كيف تكون فيما تستقبل» و في آخر: «وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم: بَنَيتُم بنياناً فلاتنقضوه، كفيتم ما مضى فأحسنوا فيما تستقبلون» و في آخر: «إذا صلّى ركعتي طواف الفريضة يأتيه ملك فيقف عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده على كتفه، فيقول: يا هذا! أمّا ما قد مضى فقد غفر لك، و أمّا ما يستقبل فجدّ» و في آخر: «إذا أخذ الناس منازلهم بمنى، نادى منادٍ: لو تعلمون بفناء من حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة» و في آخر: «إن أردتم أن أرضى فقد رضيت». و عن الثمالي قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليه السلام: تركت الجهاد و خشونته ولزمت الحجّ و لينه؟ فكان متّكئاً فجلس و قال: «ويحك! أما بلغك ما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع؟ إنّه لمّا وقف بعرفة و همّت الشمس أن تغيب، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليهم السلام يا بلال! قل للناس فلينصتوا، فلمّا أنصتوا قال: إنّ ربّكم تطوّل عليكم في هذا اليوم، فغفر لمحسنكم و

شفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم». و قال النبيّ صلى الله عليه و آله لرجل مميل فاته الحجّ و التمس منه ما به ينال أجره: «لو أنّ أبا قبيس لك ذهبة حمراء فأنفقته في سبيل اللّه تعالى، ما بلغت ما يبلغ الحاجّ. و قال: إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئاً و لم يضعه، إلّاكتب اللّه له عشر حسنات و محا عنه عشر سيّئات و رفع له عشر درجات، و إذا ركب بعيره لم يرفع خفّاً و لم يضعه إلّاكتب اللّه له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه؛ قال: فعدّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كذا و كذا موقفاً إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه؛ ثمّ قال: أنّى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاجّ؟». و قال الصادق عليه السلام عليهم السلام «إنّ الحجّ أفضل من عتق رقبة، بل سبعين رقبة»، بل ورد: «أنّه إذا طاف بالبيت و صلّى ركعتيه، كتب اللّه له سبعين ألف حسنة و حطّ عنه سبعين ألف سيّئة و رفع له سبعين ألف درجة و شفّعه في سبعين ألف حاجة و حسب له عتق سبعين ألف رقبة، قيمة كلّ رقبةٍ عشرة آلاف درهم؛ و إنّ الدرهم فيه أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل اللّه تعالى؛ و إنّه أفضل من الصيام و الجهاد و الرباط، بل من كلّ شي ء ماعدا الصلاة»، بل في خبر آخر: «إنّه أفضل من الصلاة أيضاً» و لعلّه لاشتماله على فنون من الطاعات لم يشتمل عليها غيره

حتّى الصلاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 257

الّتي هي أجمع العبادات، أو لأنّ الحجّ فيه صلاة و الصلاة ليس فيها حجّ، أو لكونه أشقّ من غيره و أفضل الأعمال أحمزها، و الأجر على قدر المشقّة.

و يستحبّ تكرار الحجّ و العمرة و إدمانهما بقدر القدرة؛ فعن الصادق عليه السلام: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: تابعوا بين الحجّ و العمرة فإنّهما ينفيان الفقر و الذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد» و قال عليه السلام: «حجّ تترى و عمرة تسعى يدفعن عيلة الفقر و ميتة السوء». و قال عليّ بن الحسين عليه السلام: «حجّوا و اعتمروا تصحّ أبدانكم و تتّسع أرزاقكم و تكفون مؤونة عيالكم». و كما يستحبّ الحجّ بنفسه، كذا يستحبّ الإحجاج بماله؛ فعن الصادق عليه السلام: «أنّه كان إذا لم يحجّ أحجّ بعض أهله أو بعض مواليه، و يقول لنا: يا بنيّ إن استطعتم فلايقف الناس بعرفات إلّاو فيها من يدعو لكم، فإنّ الحاجّ ليشفع في ولده و أهله و جيرانه». و قال عليّ بن الحسين عليه السلام (1) لإسحاق بن عمّار لمّا أخبره أنّه موطّن على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسه أو برجل من أهله بماله: «فأيقن بكثرة المال و البنين، أو أبشر بكثرة المال». و في كلّ ذلك روايات مستفيضة يضيق عن حصرها المقام، و يظهر من جملة منها أنّ تكرارها ثلاثاً أو سنةً و سنةً لا إدمان. و يكره تركه للموسر في كلّ خمس سنين، و في عدّة من الأخبار: «إنّ من أوسع اللّه عليه و هو موسر و لم يحجّ في كلّ خمس- و في رواية: أربع- سنين إنّه لمحروم». و عن الصادق عليه السلام: «من أحجّ أربع حجج لم يصبه ضغطة القبر».

[مقدّمة في آداب السفر و مستحبّاته، لحجّ أو غيره

مقدّمة

في آداب السفر و مستحبّاته، لحجّ أو غيره و هي امور:

أوّلها: و من أوكدها الاستخارة، بمعنى طلب الخير من ربّه و مسألة تقديره له، عند التردّد في أصل السفر أو في طريقه أو مطلقاً؛ و الأمر بها للسفر و كلّ أمر خطير أو مورد خطر مستفيض، و لاسيّما عند الحيرة و الاختلاف في المشورة؛ و هي الدعاء لأن يكون خيره فيما يستقبل أمره، و هذا النوع من الاستخارة هو الأصل فيها، بل أنكر بعض العلماء ماعداها ممّا يشتمل على التفأل و المشاورة بالرقاع و الحصى و السبحة و البندقة و غيرها، لضعف غالب أخبارها و إن كان العمل بها للتسامح في مثلها لا بأس به أيضاً؛ بخلاف هذا (1). الخوئي: هذا من سهو القلم، فإنّ الرواية عن أبي عبداللّه عليه السلام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 258

النوع، لورود أخبار كثيرة بها في كتب أصحابنا، بل في روايات مخالفينا أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه و آله الأمر بها و الحثّ عليها. و عن الباقر و الصادق عليهما السلام: «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة من القرآن» و عن الباقر عليه السلام: «أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان يعمل به إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق»، بل في كثير من رواياتنا النهي عن العمل بغير استخارة و إنّه من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يوجر، و في كثير منها: «ما استخار اللّه عبد مؤمن إلّاخار له و إن وقع ما يكره» و في بعضها: «إلّا رماه اللّه بخير الأمرين»؛ و في بعضها: «استخر اللّه مأة مرّة و مرّة، ثمّ انظر أجزم الأمرين لك فافعله، فإنّ الخيرة فيه إن

شاء اللّه تعالى» و في بعضها: «ثمّ انظر أىّ شي ء يقع في قلبك فاعمل به». و ليكن ذلك بعنوان المشورة من ربّه و طلب الخير من عنده و بناء منه أنّ خيره فيما يختاره اللّه له من أمره. و يستفاد من بعض الروايات أن يكون قبل مشورته ليكون بدء مشورته منه سبحانه، و أن يقرنه بطلب العافية؛ فعن الصادق عليه السلام: «و ليكن استخارتك في عافية فإنّه ربّما خير للرجل في قطع يده و موت ولده و ذهاب ماله». و أخصر صورة فيها أن يقول: أستخير اللّه برحمته أو أستخير اللّه برحمته خيرةً في عافية، ثلاثاً أو سبعاً أو عشراً أو خمسين أو سبعين أو مأة أو مأة مرّة و مرّة، و الكلّ مرويّ؛ و في بعضها: في الامور العظام مأة و في الامور اليسيرة بما دونه. والمأثور من أدعيته كثيرة جدّاً، و الأحسن تقديم تحميد و تمجيد و ثناء و صلوات و توسّل و ما يحسن من الدعاء عليها. و أفضلها بعد ركعتين للاستخارة أو بعد صلوات فريضة، أو في ركعات الزوال أو في آخر سجدة من صلاة الفجر أو في آخر سجدة من صلاة الليل أو في سجدة بعد المكتوبة، أو عند رأس الحسين عليه السلام أو في مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله، و الكلّ مرويّ؛ و مثلها كلّ مكان شريف قريب من الإجابة كالمشاهد المشرّفة، أو حال أو زمان كذلك. و من أراد تفصيل ذلك، فليطلبه من مواضعه كمفاتيح الغيب للمجلسيّ قدس سره و الوسائل و مستدركه.

و بما ذكر من حقيقة هذا النوع من الاستخارة و أنّها محض الدعاء و التوسّل و طلب الخير و انقلاب أمره إليه، و بما

عرفت من عمل السجّاد عليه السلام في الحجّ و العمرة و نحوها، يعلم أنّها راجحة للعبادات أيضاً، خصوصاً عند إرادة الحجّ، و لايتعيّن فيما يقبل التردّد و الحيرة؛

العروة الوثقى، ج 2، ص: 259

و لكن في رواية اخرى: «ليس في ترك الحجّ خيرة»، و لعلّ المراد بها الخيرة لأصل الحجّ أو للواجب منه.

ثانيها: اختيار الأزمنة المختارة له من الاسبوع و الشهر، فمن الاسبوع يختار السبت و بعده الثلاثاء و الخميس، و الكلّ مرويّ. و عن الصادق عليه السلام: «من كان مسافراً فليسافر يوم السبت، فلو أنّ حجراً زال عن جبل يوم السبت لردّه اللّه إلى مكانه». و عنهم عليهم السلام: «السبت لنا، و الأحد لبني اميّة». و عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «اللّهم بارك لُامّتي في بكورها يوم سبتها و خميسها». و يتجنّب ما أمكنه صبيحة الجمعة قبل صلاتها، و الأحد، فقد روي: «أنّ له حدّاً كحدّ السيف»، و الاثنين فهو لبني اميّة، و الأربعاء فإنّه لبني العبّاس، خصوصاً آخر أربعاء من الشهر فإنّه يوم نحس مستمرّ؛ و في روايةٍ: ترخيص السفر يوم الإثنين مع قرائة سورة «هل أتى» في أوّل ركعة من غداته، فإنّه يقيه اللّه به من شرّ يوم الإثنين؛ و ورد أيضاً اختيار يوم الإثنين، و حملت على التقيّة. و ليتجنّب السفر من الشهر و القمر في المحاق أو في برج العقرب أو صورته، فعن الصادق عليه السلام: «من سافر أو تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى». و قد عدّ أيّام من كلّ شهر و أيّام من الشهر منحوسة يتوقّى من السفر فيها و من ابتداء كلّ عمل بها، و حيث لم نظفر بدليل صالح عليه لم يهمّنا التعرّض لها و إن كان

التجنّب منها و من كلّ ما يتطيّر بها أولى؛ و لم يعلم أيضاً أنّ المراد بها شهور الفرس أو العربيّة، و قد يوجّه كلٌّ بوجه غير وجيه، و على كلّ حال فعلاجها لدى الحاجة بالتوكّل و المضيّ، خلافاً على أهل الطيرة، فعن النبيّ صلى الله عليه و آله: «كفّارة الطيرة التوكّل» و عن أبي الحسن الثاني عليه السلام: «من خرج يوم الأربعاء لايدور خلافاً على أهل الطيرة، وقي من كلّ آفة و عوفي من كلّ عاهة و قضى اللّه حاجته»؛ و له أن يعالج نحوسة ما نحس من الأيّام بالصدقة، فعن الصادق عليه السلام:

«تصدّق واخرج أىّ يوم شئت» و كذا يفعل أيضاً لو عارضه في طريقه ما يتطيّر به الناس و وجد في نفسه من ذلك شيئاً، و ليقل حينئذٍ: «اعتصمت بك يا ربّ من شرّ ما أجد في نفسي فاعصمني» و ليتوكّل على اللّه و ليمض خلافاً لأهل الطيرة.

و يستحبّ اختيار آخر الليل للسير، و يكره أوّله، ففي الخبر: «الأرض تطوي من آخر الليل» و في آخر: «و إيّاك و السير في أوّل الليل و سر في آخره».

العروة الوثقى، ج 2، ص: 260

ثالثها: و هو أهمّها، التصدّق بشي ء عند افتتاح سفره؛ و يستحبّ كونها عند وضع الرجل في الركاب، خصوصاً إذا صادف المنحوسة أو المتطيّر بها من الأيّام و الأحوال، ففي المستفيضة رفع نحوستها بها، و ليشتري السلامة من اللّه بما يتيسّر له. و يستحبّ أن يقول عند التصدّق: «اللّهم إنّي اشتريت بهذه الصدقة سلامتي و سلامة سفري، اللّهم احفظني واحفظ ما معي و سلّمني و سلّم ما معي و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل».

رابعها: الوصيّة عند الخروج، لاسيّما بالحقوق الواجبة.

خامسها: توديع العيال،

بأن يجعلهم وديعة عند ربّه و يجعله خليفة عليهم؛ و ذلك بعد ركعتين أو أربع يركعها عند إرادة الخروج، و يقول: «اللّهم إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي و ذرّيّتي و دنياي و آخرتي و أمانتي و خاتمة عملي»؛ فعن الصادق عليه السلام: «ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل منها، و لم يدع بذلك الدعاء إلّاأعطاه اللّه- عزّ و جلّ- ما سأل».

سادسها: إعلام إخوانه بسفره؛ فعن النبيّ صلى الله عليه و آله: «حقّ على المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه، و حقّ على إخوانه إذا قدم أن يأتوه».

سابعها: العمل بالمأثورات، من قرائة السور و الآيات و الأدعية عند باب داره، و ذكر اللّه و التسمية و التحميد و شكره عند الركوب و الاستواء على الظهر و الإشراف و النزول و كلّ انتقال و تبدّل حال؛ فعن الصادق عليه السلام: «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله في سفره إذا هبط سبّح و إذا صعد كبّر»، و عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «من ركب و سمّى، ردفه ملك يحفظه، و من ركب و لم يسمّ ردفه شيطان يمنّيه حتّى ينزل».

و منها: قرائة القدر للسلامة حين يسافر أو يخرج من منزله أو يركب دابّته، و آية الكرسيّ و السخرة و المعوّذتين و التوحيد و الفاتحة و التسمية و ذكر اللّه في كلّ حال من الأحوال.

و منها: ما عن أبي الحسن عليه السلام: «أنّه يقوم على باب داره تلقاء ما يتوجّه له، و يقرأ الحمد والمعوّذتين و التوحيد و آية الكرسيّ أمامه و عن يمينه و عن شماله، و يقول: اللّهم احفظني واحفظ ما معي و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل؛

يحفظ و يبلغ و يسلم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 261

هو و ما معه».

و منها: ما عن الرضا عليه السلام: «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر، فقل: بسم اللّه و باللّه توكّلت على اللّه ما شاءاللّه لاحول و لا قوّة إلّاباللّه؛ تضرب به الملائكة وجوه الشياطين و تقول: ما سبيلكم عليه و قد سمّى اللّه و آمن به و توكّل عليه؟»

و منها: ما كان الصادق عليه السلام يقول إذا وضع رجله في الركاب: «سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين» و يسبّح اللّه سبعاً و يحمده سبعاً و يهلّله سبعاً. و عن زين العابدين عليه السلام: «أنّه لو حجّ رجل ماشياً و قرأ «إنّا أنزلناه في ليلة القدر» ما وجد ألم المشي» و قال: «ما قرأه أحد حين يركب دابّته إلّانزل منها سالماً مغفوراً له، و لقارئها أثقل على الدوابّ من الحديد». و عن أبي جعفر عليه السلام: «لو كان شي ء يسبق القَدَرَ، لقلت: قارى ء «إنّا أنزلناه في ليلة القدر» حين يسافر أو يخرج من منزله». و المتكفّل لبقيّة المأثور منها على كثرتها، الكتب المعدّة لها. و في وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله: «يا عليّ إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: اللّهم إنّى أسألك خيرها و أعوذ بك من شرّها، اللّهم حبّبنا إلى أهلها وحبّب صالحي أهلها إلينا» و عنه صلى الله عليه و آله: «يا عليّ إذا نزلت منزلًا فقل: اللّهم أنزلني منزلًا مباركاً و أنت خير المنزلين؛ ترزق خيره و يدفع عنك شرّه». و ينبغي له زيادة الاعتماد و الانقطاع إلى اللّه سبحانه، و قرائة ما يتعلّق بالحفظ، من الآيات و الدعوات و قرائة ما

يناسب ذلك، كقوله تعالى: «كلّا إنّ معي ربّي سيهدين» و قوله تعالى: «إذ يقول لصاحبه لاتحزن إنّ اللّه معنا» و دعاء التّوجّه و كلمات الفرج و نحو ذلك. و عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «يسبّح تسبيح الزهراء و يقرأ آيةالكرسيّ عندما يأخذ مضجعه في السفر؛ يكون محفوظاً من كلّ شي ء حتّى يصبح».

ثامنها: التحنّك، بإدارة طرف العمامة تحت حنكه؛ ففي المستفيضة عن الصادق و الكاظم عليهما السلام: «الضمان لمن خرج من بيته معتمّاً تحت حنكه أن يرجع إليه سالماً و أن لايصيبه السرق و لا الغرق و لا الحرق».

تاسعها: استصحاب عصا من اللوز المرّ؛ فعنه عليه السلام: «من أراد أن تطوى له الأرض فليتّخذ النقد من العصا» و النقد: عصا لوز مرّ؛ و فيه نفي للفقر و أمان من الوحشة و الضواري و ذوات الحمّة. و ليصحب شيئاً من طين الحسين عليه السلام ليكون له شفاء من كلّ داء و

العروة الوثقى، ج 2، ص: 262

أماناً من كلّ خوف. و يستصحب خاتماً من عقيق أصفر مكتوب على أحد جانبيه: ما شاء اللّه لا قوّة إلّاباللّه أستغفر اللّه و على الجانب الآخر: محمّد و عليّ، و خاتماً من فيروزج مكتوب على أحد جانبيه: اللّه الملك و على الجانب الآخر: الملك للّه الواحد القهّار.

عاشرها: اتّخاذ الرفقة في السفر؛ ففي المستفيضة الأمر بها و النهي الأكيد عن الوحدة؛ ففي وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: «لاتخرج في سفرٍ وحدك، فإنّ الشيطان مع الواحد و هو من الإثنين أبعد» و «لعن ثلاثة: الآكل زاده وحده، و النائم في بيتٍ وحده، و الراكب في الفلاة وحده». و قال: «شرّ الناس من سافر وحده، و منع رفده، و

ضرب عبده؛ و أحبّ الصحابة إلى اللّه أربعة؛ و ما زاد على سبعة إلّاكثر لغطهم، أي تشاجرهم؛ و من اضطرّ إلى السفر وحده، فليقل: ما شاءاللّه لاحول و لا قوّة إلّاباللّه، اللّهم آمن وحشتي و أعنّي على وحدتي و أدّ غيبتي». و ينبغي أن يرافق مثله في الإنفاق، و يكره مصاحبته دونه أو فوقه في ذلك؛ و أن يصحب من يتزيّن به و لايصحب من يكون زينته له. و يستحبّ معاونة أصحابه و خدمتهم و عدم الاختلاف معهم و ترك التقدّم على رفيقه في الطريق.

الحادي عشر: استصحاب السفرة و التنوّق فيها و تطييب الزاد و التوسعة فيه، لاسيّما في سفر الحجّ. و عن الصادق عليه السلام: «إنّ من المروّة في السفر كثرة الزاد و طيبه، و بذله لمن كان معك»؛ نعم، يكره التنوّق في سفر زيارة الحسين عليه السلام، بل يقتصر فيه على الخبز و اللبن لمن قرب من مشهده كأهل العراق، لا مطلقاً في الأظهر، فعن الصادق عليه السلام: «بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء و الأخبصة و أشباهه، و لو زاروا قبور آبائهم ما حملوا معهم هذا» و في آخر: «تاللّه إنّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً، و تأتونه أنتم بالسفر، كلّا حتّى تأتونه شعثاً غبراً».

الثاني عشر: حسن التخلّق مع صحبه و رفقته؛ فعن الباقر عليه السلام: «ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن معاصي اللّه». و في المستفيضة: «المروّة في السفر ببذل الزاد و حسن الخلق و المزاح في غير المعاصي» و في بعضها: «قلّة

الخلاف على من صحبك، و ترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم». و عن الصادق عليه السلام: «ليس من المروّة أن يحدّث الرجل بما يتّفق في السفر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 263

من خير أو شرّ»، و عنه عليه السلام: «وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك و كفّ لسانك، و اكظم غيظك و أقلّ لغوك و تفرش عفوك و تسخي نفسك».

الثالث عشر: استصحاب جميع ما يحتاج إليه من السلاح و الآلات و الأدوية، كما في ذيل ما يأتي من وصايا لقمان لابنه، و ليعمل بجميع ما في تلك الوصيّة.

الرابع عشر: إقامة رفقاء المريض لأجله ثلاثاً؛ فعن النبيّ صلى الله عليه و آله: «إذا كنت في سفر و مرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيّام» و عن الصادق عليه السلام: «حقّ المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض، ثلاثاً».

الخامس عشر: رعاية حقوق دابّته؛ فعن الصادق عليه السلام: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: للدابّة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مرّ به، و لايضرب وجهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها، و لايقف على ظهرها إلّافي سبيل اللّه، و لايحملها فوق طاقتها، و لايكلّفها من المشي إلّاما يطيق» و في آخر: «و لاتتورّكوا على الدوابّ و لاتتّخذوا ظهورها مجالس» و في آخر: «و لايضربها على النفار، و يضربها على العثار، فإنّها ترى ما لاترون».

و يكره التعرّس على ظهر الطريق و النزول في بطون الأودية و الإسراع في السير و جعل المنزلين منزلًا إلّافي أرض جدبة، و أن يطرق أهله ليلًا حتّى يعلمهم. و يستحبّ إسراع عوده إليهم و أن يستصحب هديّة لهم إذا رجع إليهم؛ و عن الصادق عليه السلام:

«إذا سافر أحدكم فقدّم من سفره فليأت أهله بما تيسّر و لو بحجر ...» الخبر.

و يكره ركوب البحر في هيجانه؛ و عن أبي جعفر عليه السلام: «إذا اضطرب بك البحر فاتّكِ على جانبك الأيمن و قل: بسم اللّه أسكن بسكينة اللّه و قرّ بقراراللّه و اهدأ بإذن اللّه و لاحول و لا قوّة إلّاباللّه».

و لينادي إذا ضلّ في طريق البرّ: «يا صالح يا أباصالح! أرشدونا رحمكم اللّه» و في طريق البحر: «يا حمزة». و إذا بات في أرض قَفر، فليقل: «إن ربّكم [اللّه الّذي خلق السماوات و الأرض ثمّ استوى» إلى قوله: «تبارك اللّه ربّ العالمين».

و ينبغي للماشي أن ينسل في مشيه، أي يسرع؛ فعن الصادق عليه السلام: «سيروا وانسلوا فإنّه أخفّ عنكم» «و جائت المشاة إلى النبي صلى الله عليه و آله فشكوا إليه الإعياء، فقال: عليكم بالنسلان،

العروة الوثقى، ج 2، ص: 264

ففعلوا فذهب عنهم الإعياء». و أن يقرأ سورة القدر لئلّا يجد ألم المشي، كما مرّ عن السجّاد عليه السلام. و عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «زاد المسافر الحدا و الشعر ما كان منه ليس فيه خناء» و في نسخة: «جفاء» و في اخرى: «حنان»؛ و ليختر وقت النزول من بقاع الأرض أحسنها لوناً و ألينها تربةً و أكثرها عشباً. هذه جملة ما على المسافر.

و أمّا أهله و رفقته، فيستحبّ لهم تشييع المسافر و توديعه و إعانته و الدعاء له بالسهولة و السلامة و قضاء المآرب عند وداعه. قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «من أعان مؤمناً مسافراً فرّج اللّه عنه ثلاثاً و سبعين كربة و أجاره في الدنيا و الآخرة من الغمّ و الهمّ و نفّس كربه العظيم يوم

يعضّ الناس بأنفاسهم» و كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا ودّع المؤمنين قال:

«زوّدكم اللّه التقوى و وجّهكم إلى كلّ خير و قضى لكم كلّ حاجة و سلّم لكم دينكم و دنياكم و ردّكم سالمين إلى سالمين» و في آخر: «كان إذا ودّع مسافراً أخذ بيده ثمّ قال:

أحسن لك الصحابة و أكمل لك المعونة و سهّل لك الحزونة و قرب لك البعيد و كفاك المهمّ و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك و وجّهك لكلّ خير، عليك بتقوى اللّه، استودع اللّه نفسك، سر على بركة اللّه- عزّ و جلّ-». و ينبغي أن يقرأ في اذنه: «إنّ الّذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد إن شاءاللّه» ثمّ يؤذّن خلفه و ليُقم، كما هو المشهور عملًا. و ينبغي رعاية حقّه في أهله و عياله و حسن الخلافة فيهم، لاسيّما مسافر الحجّ، فعن الباقر عليه السلام:

«من خلف حاجّاً بخير كان له كأجره كأنّه يستلم الأحجار» و أن يوقّر القادم من الحجّ، فعن الباقر عليه السلام: «وقّروا الحاجّ و المعتمر فإنّ ذلك واجب عليكم» و كان عليّ بن الحسين عليه السلام يقول: «يا معشر من لم يحجّ استبشروا بالحاجّ و صافحوهم و عظّموهم، فإنّ ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الأجر» و كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول للقادم من مكّة: «قبل اللّه منك و أخلف عليك نفقتك و غفر ذنبك».

و لنتبرّك بختم المقام بخير خبر تكفّل مكارم أخلاق السفر، بل و الحضر؛ فعن الصادق عليه السلام قال: «قال لقمان لابنه: يا بنىّ! إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و امورهم و أكثر التبسّم في وجوههم، و كن كريماً على زادك، و

إذا دعوك فأجبهم و إذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت و كثرة الصلاة و سخاء النفس بما معك من دابّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 265

أو ماء أو زادٍ، و إذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثمّ لاتعزم حتّى تتثبّت و تنظر، و لاتُجب في مشورة حتّى تقوم فيها و تقعد و تنام و تأكل و تضع و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك في مشورتك، فإنّ من لم يمحّض النصح لمن استشاره سلبه اللّه رأيه و نزع منه الأمانة؛ و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، فإذا تصدّقوا أو أعطوا قرضاً فأعط معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئاً فقل: نعم، و لاتقل: لا، فإنّها عيّ و لؤم؛ و إذا تحيّرتم في الطريق فانزلوا و إذا شككتم في القصد فقفوا أو تؤامروا، و إذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم و لاتسترشدوه، فإنّ الشخص الواحد في الفلات مريب، لعلّه يكون عن اللصوص أو يكون هو الشيطان الّذي حيّركم، واحذروا الشخصين أيضاً إلّاأن ترون ما لاأرى، فإنّ العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه، و الشاهد يرى ما لايرى الغائب. يا بنىّ! إذا جاء وقت الصلاة فلاتؤخّرها لشي ء، صلّها واسترح منها فإنّها دين، و صلّ في جماعة و لو على رأس زجّ. و لاتنامنّ على دابّتك، فإنّ ذلك سريع في دبرها و ليس ذلك من فعل الحكماء، إلّاأن تكون في محمل يمكنك التمدّد لاسترخاء المفاصل، و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتك و ابدأ بعلفها فإنّها نفسك، و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً

و ألينها تربةً و أكثرها عشباً، و إذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس، و إذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض؛ و إذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثمّ ودّع الأرض الّتي حللت بها و سلّم عليها و على أهلها، فإنّ لكلّ بقعة أهلًا من الملائكة، فإن استطعت أن لاتأكل طعاماً حتّى تبدأ و تصدّق منه فافعل؛ و عليك بقرائة كتاب اللّه ما دمت راكباً، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملًا عملًا، و عليك بالدعاء ما دمت خالياً. و إيّاك و السير في أوّل الليل، و سر في آخره، و إيّاك و رفع الصوت. يا بنىّ! سافر بسيفك و خفّك و عمامتك و حبالك و سقائك و خيوطك و مخرزك، و تزوّد معك من الأدوية فانتفع به أنت و من معك؛ و كن لأصحابك موافقاً إلّافي معصية اللّه- عزّ و جلّ-».

هذا ما يتعلّق بكلّيّ السفر. و يختصّ سفر الحجّ بامور اخر:

منها: اختيار المشي فيه على الركوب على الأرجح، بل الحفاء على الانتعال، إلّاأن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 266

يضعفه عن العبادة أو كان لمجرّد تقليل النفقة، و عليهما يحمل ما يستظهر منها أفضليّة الركوب، و روي: «ما تقرّب العبد إلى اللّه عزّ و جلّ بشي ء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين، و إنّ الحجّة الواحدة تعدل سبعين حجّة و ما عبد اللّه بشي ء مثل الصمت و المشي إلى بيته».

و منها: أن تكون نفقة الحجّ و العمرة حلالًا طيّباً؛ فعنهم: «إنّا أهل بيت حجّ، صرورتنا و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور أموالنا» و عنهم:: «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية: لا لبّيك عبدي و لا سعديك» و عن الباقر عليه السلام: «من

أصاب مالًا من أربع لم يقبل منه في أربع:

من أصاب مالًا من غلول أو رباء أو خيانة أو سرقة، لم يقبل منه في زكاة و لا صدقة و لا حجّ و لاعمرة».

و منها: استحباب نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة، و كراهة نيّة عدم العود؛ فعن النبيّ صلى الله عليه و آله: «من رجع من مكّة و هو ينوي الحجّ من قابل، زيد في عمره، و من خرج من مكّة و لايريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنا عذابه» و عن الصادق عليه السلام مثله مستفيضاً؛ و قال لعيسى بن أبي منصور: «يا عيسى! إنّي احبّ أن يراك اللّه فيما بين الحجّ إلى الحجّ و أنت تتهيّأ للحجّ».

و منها: أن لايخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار إلّابعد أداء الفرضين بهما.

و منها: البدءة بزيارة النبيّ صلى الله عليه و آله لمن حجّ على طريق العراق.

و منها: أن لايحجّ و لايعتمر على الإبل الجلّالة، و لكن لايبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها، و لايسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق.

و من أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر، احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة و إخلاص السريرة و أداء حقيقة القربة و التجنّب عن الرياء و التجرّد عن حبّ المدح و الثناء؛ و أن لايجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة و الافتخار، بل وصلة إلى التجارة و الانتشار و مشاهدة البلدان و تصفّح الأمصار؛ و أن يراعي أسراره الخفيّة و دقائقه الجليّة، كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام: إنّ اللّه تعالى سنّ الحجّ و وضعه على عباده إظهاراً لجلاله

و كبريائه و علوّ شأنه وعظم سلطانه، و إعلاناً لرقّ الناس و عبوديّتهم و ذلّهم و استكانتهم، و قد عاملهم في ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 267

معاملة السلاطين لرعاياهم و الملّاك لمماليكهم، يستذلّونهم بالوقوف على باب بعد باب و اللبث في حجاب بعد حجاب. و إنّ اللّه تعالى قد شرّف البيت الحرام و أضافه إلى نفسه و اصطفاه لقدسه و جعله قياماً للعباد و مقصداً يؤمّ من جميع البلاد، و جعل ما حوله حرماً و جعل الحرم أمناً، و جعل فيه ميداناً و مجالًا و جعل له في الحلّ شبيهاً و مثالًا، فوضعه على مثال حضرة الملوك و السلاطين، ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالًا و ركباناً من كلّ فجّ و أمرهم بالإحرام و تغيير الهيئة و اللباس شُعثاً غبراً متواضعين مستكينين رافعين أصواتهم بالتلبية و إجابة الدعوة، حتّى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول و أوقفهم في حجبه يدعونه و يتضرّعون إليه، حتّى إذا طال تضرّعهم و استكانتهم و رجموا شياطينهم بجمارهم و خلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أذن لهم بتقريب قربانهم و قضاء تفثهم، ليطهّروا من الذنوب الّتي كانت هي الحجاب بينهم و بينه و ليزوروا البيت على طهارة منهم، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ و كنه العبوديّة، فجعلهم تارةً يطوفون فيه و يتعلّقون بأستاره و يلوذون بأركانه، و اخرى يسعون بين يديه مشياً و عدواً، ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة و ذلّ العبوديّة و ليعرفوا أنفسهم و يضع الكبر من رئوسهم و يجعل نير الخضوع في أعناقهم و يستشعروا شعار المذلّة و ينزعوا ملابس الفخر و العزّة. و هذا من أعظم فوائد الحجّ، مضافاً إلى ما فيه من التذكّر

بالإحرام و الوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر و أهوال يوم القيامة، إذ الحجّ هو الحشر الأصغر و إحرام الناس و تلبيتهم و حشرهم إلى المواقف و وقوفهم بها والهين متضرّعين راجعين إلى الفلاح أو الخيبة و الشقاء، أشبه شي ء بخروج الناس من أجداثهم و توشّحهم بأكفانهم و استغاثتهم من ذنوبهم و حشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب أليم، بل حركات الحاجّ في طوافهم و سعيهم و رجوعهم و عودهم يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأً و مفزعاً، نحو أهل المحشر في أحوالهم و أطوارهم، فبحلول هذه المشاعر و الجبال و الشعب و الطلال و لدى وقوفه بمواقفه العظام يهوّن ما بأمامه من أهوال يوم القيام من عظائم يوم الحشر و شدائد النشر؛ عصمنا اللّه و جميع المؤمنين و رزقنا فوزه يوم الدين، آمين ربّ العالمين (1). (1). من أوّل كتاب الحجّ إلى هنا لنجله الأمجد الأوحد حضرة السيّد محمّد بأمر والده- دام ظلّهما و علا مجدهما-.

[فصل في وجوب الحجّ

[فصل في وجوب الحجّ

من أركان الدين، الحجّ و هو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية من الرجال و النساء و الخناثي، بالكتاب و السنّة و الإجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، و منكره في سلك الكافرين (1)، و تاركه عمداً مستخفّاً به بمنزلتهم، و تركه من غير استخفاف من الكبائر.

و لايجب في أصل الشرع إلّامرّة واحدة في تمام العمر، و هو المسمّى بحجّة الإسلام أي الحجّ الّذي بني عليه الإسلام، مثل الصلاة و الصوم و الخمس و الزكاة؛ و ما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كلّ عام- على فرض ثبوته- شاذّ مخالف للإجماع و الأخبار، و لابدّ

من حمله على بعض المحامل كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكّد أو الوجوب على البدل، بمعنى أنّه يجب عليه في عامه و إذا تركه ففي العام الثاني و هكذا، و يمكن حملها على الوجوب الكفائيّ، فإنّه لايبعد وجوب الحجّ (2) كفايةً على كلّ أحد في كلّ عام إذا كان متمكّناً بحيث لاتبقى مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الأخبار الدالّة على أنّه لايجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ و الأخبار الدالّة على أنّ على الإمام- كما في بعضها- و على الوالي- كما في آخر- أن يجبر الناس على الحجّ و المقام في مكّة و زيارة الرسول صلى الله عليه و آله و المقام عنده، و أنّه إن لم يكن لهم مال انفق عليهم من بيت المال.

مسألة 1: لاخلاف في أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوريّ (3)، بمعنى أنّه يجب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة، فلايجوز تأخيره عنه، و إن تركه فيه ففي العام الثاني و هكذا، و يدلّ عليه جملة من الأخبار؛ فلو خالف و أخّر مع وجود الشرائط بلا عذر، (1). الامام الخميني: مرّ الكلام في الميزان الكفر في كتاب الطهارة

مكارم الشيرازي: إذا رجع إنكاره إلى إنكار النبي صلى الله عليه و آله و ذلك لايكون إلّابعد العلم بكونه ثانياً قطعاً من شرع الإسلام؛ و كذا ما ذكره في حكم التارك له مستخفّاً به (2). الگلپايگاني: على الأحوط (3). مكارم الشيرازي: و الأصل فيه قوله تعالى «للّه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا» لأنّه في حكم الأمر و الأمر دالّ على الوجوب فوراً على المختار، بل دلالته آكد من الأمر، لأنّه يدلّ على أنّ الحجّ دين الهي، و الدين

واجب الأداء فوراً إلّاما دلّ دليل على جواز تأخيره، مضافاً إلى الأخبار الخاصّة الدالّة على فوريّة الحجّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 269

يكون عاصياً، بل لايبعد (1) كونه كبيرة، كما صرّح به جماعة، و يمكن استفادته من جملة من الأخبار.

مسألة 2: لو توقّف إدراك الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر و تهيئة أسبابه، وجب المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحجّ في تلك السنة (2). و لو تعدّدت الرفقة و تمكّن من المسير مع كلّ منهم، اختار (3) أوثقهم سلامةً و إدراكاً (4)؛ و لو وجدت واحدة (5) و لم يعلم حصول اخرى أو لم يعلم التمكّن من المسير و الإدراك للحجّ بالتأخير فهل يجب الخروج مع الاولى أو يجوز التأخير إلى الاخرى بمجرّد احتمال الإدراك، أو لايجوز إلّامع الوثوق؟ أقوال؛ أقواها الأخير. و على أىّ تقدير إذا لم يخرج مع الاولى واتّفق عدم التمكّن من المسير أو عدم إدراك الحجّ بسبب التأخير، استقرّ عليه الحج (6) و إن لم يكن آثماً بالتأخير (7)، لأنّه كان متمكّناً من الخروج مع الاولى، إلّاإذا تبيّن عدم إدراكه (8) لو سار معهم أيضاً.

[فصل في شرائط وجوب حجّة الإسلام

اشارة

فصل في شرائط وجوب حجّة الإسلام و هي امور:

[أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل

أحدها: الكمال بالبلوغ و العقل؛ فلايجب على الصبيّ و إن كان مراهقاً، و لا على المجنون و إن كان أدواريّاً إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال (9). و لو حجّ الصبيّ لم يجز عن حجّة (1). الامام الخميني: محلّ تأمّل لو لم نقل محلّ منع؛ نعم، لايبعد مع كون التأخير استخفافاً (2). مكارم الشيرازي: بل ولو أدركه في السنين الآتية، كما في زماننا هذا بالنسبة إلى كثير من الناس (3). الامام الخميني: على الأولى

الخوئي: لايجب ذلك (4). مكارم الشيرازي: بل الأقوى كفاية الوثوق، و أمّا وجوب اختيار الأوثق فلا دليل عليه و إن كان أحوط و أولى، و الوجه فيه ظاهر (5). الامام الخميني: مع عدم المحذور في الخروج معها (6). الخوئي: لا موجب للاستقرار مع جواز التأخير (7). مكارم الشيرازي: عدم الإثم إنّما هو في فرض الوثوق بوجدان الرفقة و التمكّن من المسير، و إلّافلايبعد الإثم (8). الگلپايگاني: بل لايحكم بالاستقرار إلّاإذا تبيّن إدراكه لو سار معهم (9). الامام الخميني: بمقدّماتها الغير الحاصلة

الگلپايگاني: بشرائطها العقليّة و الشرعيّة حتّى الاستطاعة

مكارم الشيرازي: و إذا وفت لنفس الأعمال و لكن لم تف بمقدّماته، فهل يجب على الوليّ الأمر بمن يبعثه إلى فعل المقدّمات كالذهاب إلى الميقات ليحجّ بعد الإفاقة؟ فيه إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 270

الإسلام و إن قلنا بصحّة عباداته و شرعيّتها كما هو الأقوى، و كان واجداً لجميع الشرائط سوى البلوغ؛ ففي خبر مسمع عن الصادق عليه السلام: «لو أنّ غلاماً حجّ عشر حجج ثمّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام» و في خبر إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين يحجّ؟ قال

عليه السلام: «عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، و كذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت».

مسألة 1: يستحبّ للصبيّ المميّز أن يحجّ و إن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، و لكن هل يتوقّف ذلك على إذن الوليّ أو لا؟ المشهور، بل قيل: لاخلاف فيه أنّه مشروط بإذنه، لاستتباعه المال في بعض الأحوال (1) للهدي و للكفّارة، و لأنّه عبادة متلقّاة من الشرع مخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه على المتيقّن. و فيه: إنّه ليس تصرّفاً ماليّاً و إن كان ربّما يستتبع المال، و أنّ العمومات كافية في صحّته و شرعيّته مطلقاً، فالأقوى عدم الاشتراط في صحّته و إن وجب الاستيذان في بعض الصور. و أمّا البالغ، فلايعتبر في حجّه المندوب إذن الأبوين إن لم يكن مستلزماً للسفر المشتمل على الخطر الموجب لأذيّتهما، و أمّا في حجّه الواجب فلا إشكال.

مسألة 2: يستحبّ للوليّ أن يحرم بالصبيّ الغير المميّز بلاخلاف، لجملة من الأخبار، بل و كذا الصبيّة و إن استشكل فيها صاحب المستند، و كذا المجنون و إن كان لايخلو عن إشكال (2)، لعدم نصّ فيه بالخصوص، فيستحقّ الثواب عليه؛ و المراد بالإحرام به جعله (1). مكارم الشيرازي: هذا الدليل غير تامّ، لا لما ذكره الماتن قدس سره فقط من أنّه ليس تصرّفاً ماليّاً و إن كان ربّما يستتبع المال، بل لأنّه إذا لم يكن للصبيّ مال أو كان له و لم يأذن وليّه، فهو كالعاجز عن الهدي و الكفّارة، فلايكون هذا مانعاً من حجّ الصبيّ، هذا مضافاً إلى أنّه قديكون هناك باذل للمال، فالدليل أخصّ من المدّعى (2). الامام الخميني: لا بأس برجاء المطلوبيّة

الگلپايگاني: و لكن لو أحرم به برجاء المطلوبيّة فلا إشكال فيه

مكارم الشيرازي: الأحوط أن يؤتي به رجاءً و

يؤتي عن المجنون ما يؤتي عن الصبيّ المميّز أو غير المميّز

العروة الوثقى، ج 2، ص: 271

محرماً، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الإحرام و يقول: «اللّهم إنّي أحرمت هذا الصبيّ ... الخ» و يأمره بالتلبية، بمعنى أن يلقّنه إيّاها، و إن لم يكن قابلًا يلبّي عنه، و يجنّبه عن كلّ ما يجب على المحرم الاجتناب عنه، و يأمره بكلّ من أفعال الحجّ يتمكّن منه، و ينوب عنه في كلّ ما لايتمكّن، و يطوف به، و يسعى به بين الصفا و المروة و يقف به في عرفات و منى (1) و يأمره بالرمي، و إن لم يقدر يرمي عنه، و هكذا يأمره بصلاة الطواف، و إن لم يقدر يصلّي عنه، و لابدّ من أن يكون طاهراً و متوضّئاً (2) و لو بصورة الوضوء (3)، و إن لم يمكن فيتوضّأ هو عنه (4)، و يحلّق رأسه، و هكذا جميع الأعمال.

مسألة 3: لايلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ (5)، بل يجوز له ذلك و إن كان محلًاّ.

مسألة 4: المشهور على أنّ المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ الغير المميّز، الوليّ الشرعيّ من الأب و الجدّ و الوصيّ لأحدهما و الحاكم و أمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العمّ و الخال و نحوهما و الأجنبيّ؛ نعم، ألحقوا بالمذكورين الامّ و إن لم تكن وليّاً شرعيّاً، للنصّ الخاصّ فيها، قالوا: لأنّ الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار على المذكورين، فلايترتّب أحكام الإحرام إذا كان المتصدّي غيرهم، و لكن لايبعد (6) كون المراد الأعمّ منهم و ممّن يتولّى أمر الصبيّ و يتكفّله و إن لم يكن وليّاً شرعيّاً (7)، لقوله عليه السلام: «قدّموا من كان معكم (1). الخوئي: هذا من سهو القلم، و الصحيح: «المشعر» بدل «منى»

(2). الخوئي: على الأحوط الأولى فيه و فيما بعده (3). الگلپايگاني: فيه إشكال؛ و كذا في التوضّي عنه، بل هو أشكل، فيطوف عنه الوليّ و يصلّي عنه، و الجمع بينه و بين التوضّي به و أمره بالطواف و الصلاة أحوط

مكارم الشيرازي: صورة الوضوء لايوجب الطهارة، فلايصحّ الطواف به، و أشكل منه الوضوء عن الصبيّ، فإنّه لايوجب طهارته، و حيث إنّ الطواف مشروط بالوضوء فلا محيص إلّامن طواف الوليّ عنه (4). الامام الخميني: مع عدم تمكّنه للوضوء أو للصلاة يصلّي عنه الوليّ و إن كان الأحوط إتيان الطفل صورة الوضوء و الصلاة، و أحوط منه توضّؤه مع عدم إمكان إتيانه بصورته (5). مكارم الشيرازي: لايخلو من إشكال، لأنّ النصوص قاصرة عنه (6). الامام الخميني: مشكل و إن لا يخلو من قرب، لا لما ذكره (7). مكارم الشيرازي: لكن لابدّ أن يكون ذلك بإذن الوليّ الشرعيّ، فإنّ الحجّ بالصبيّ مثل سائر الأفعال القائمة به يحتاج إلى إذنه؛ فإذا أذن، جاز لغيره تكفّل أمره، و لعلّه مراد المشهور؛ و كذلك الأمر في المميّز

العروة الوثقى، ج 2، ص: 272

من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ ... الخ» فإنّه يشمل غير الوليّ (1) الشرعيّ أيضاً؛ و أمّا في المميّز، فاللازم إذن الوليّ الشرعيّ إن اعتبرنا في صحّة إحرامه الإذن.

مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر، على الوليّ، لا من مال الصبيّ، إلّاإذا كان حفظه موقوفاً على السفر (2) به (3) أو يكون السفر مصلحة له (4).

مسألة 6: الهدي على الوليّ (5)، و كذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبيّ؛ و أمّا الكفّارات الاخر المختصّة بالعمد فهل هي أيضاً على الوليّ أو في مال الصبيّ أو لايجب الكفّارة في غير الصيد، لأنّ

عمد الصبيّ خطأ و المفروض أنّ تلك الكفّارات لاتثبت في صورة الخطأ؟ وجوه لايبعد قوّة الأخير، إمّا لذلك و إمّا لانصراف أدلّتها عن الصبيّ (6)، لكنّ الأحوط تكفّل الوليّ، بل لايُترك هذا الاحتياط (7)، بل هو الأقوى (8)، لأنّ قوله عليه السلام: «عمد الصبيّ خطأ» مختصّ بالديات، و الانصراف ممنوع، و إلّافيلزم الالتزام به في الصيد أيضاً.

مسألة 7: قد عرفت أنّه لو حجّ الصبيّ عشر مرّات لم يجزه عن حجّة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ و الاستطاعة، لكن استثنى المشهور من ذلك ما لو بلغ و أدرك المشعر، فإنّه حينئذٍ يجزي عن حجّة الإسلام، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه، و كذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر (9)، و استدّلوا على ذلك بوجوه: (1). الگلپايگاني: فيه إشكال (2). الامام الخميني: فتكون مؤونة أصل السفر على الطفل لا مؤونة الحجّ به لو كانت زائدة (3). الگلپايگاني: و لم يكن للحجّ نفقة زائدة على ما للسفر الموقوف حفظه عليه (4). مكارم الشيرازي: أو يكون نفس الحجّ- لا السفر- مصلحة له من ناحية التربية الدينيّة و غيرها (5). مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون للصبيّ مال و كان الحجّ مصلحة له و لو مع صرف مال، فيحتمل حينئذٍ أن يكون في مال الصبيّ؛ و شمول النصّ لمثل هذا غير معلوم، فتأمّل (6). الخوئي: لا لذلك، بل لتخصيص أدلّة الكفّارات بغير الصبيّ لحديث الرفع؛ و وجوب الكفّارة على الوليّ يحتاج إلى الدليل و هو مفقود في غير الصيد (7). الگلپايگاني: و كذا فيما إذا أتى الوليّ بموجبه عمداً فيما يكلّف على الاجتناب عنه (8). الگلپايگاني: القوّة ممنوعة، و الصيد منصوص

مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، و انصراف النصوص عنه قويّ؛ و

قياسه على الصيد مع الفارق، كما لايخفى (9). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في أصل حجّ المجنون، و أنّه يؤتى به رجاءً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 273

أحدها: النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي، بدعوى عدم خصوصيّة للعبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال ثمّ حصوله قبل المشعر؛ و فيه: أنّه قياس، مع أنّ لازمه الالتزام به فيمن حجّ متسكّعاً ثمّ حصل له الاستطاعة قبل المشعر، و لايقولون به.

الثاني: ما ورد من الأخبار من أنّ من لم يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه، فإنّه يستفاد منها أنّ الوقت صالح لإنشاء الإحرام، فيلزم أن يكون صالحاً للانقلاب أو القلب بالأولى؛ و فيه ما لايخفى.

الثالث: الأخبار الدالّة على أنّ من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ؛ و فيه: أنّ موردها (1) من لم يحرم، فلايشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام، فالقول بالإجزاء مشكل (2)، و الأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً، بل لايخلو عن قوّة. و على القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد، من أنّه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا؟ و أنّه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟ و أنّه هل يجري في حجّ التمتّع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى غير ذلك.

مسألة 8: إذا مشى الصبيّ إلى الحجّ، فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعاً (3)، لا إشكال في أنّ حجّه حجّة الإسلام (4).

مسألة 9: إذا حجّ باعتقاد أنّه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنّه كان بالغاً (5)، فهل يجزي (1). الخوئي: لايختصّ موردها بذلك، ولكنّها مع ذلك لاتشمل محلّ الكلام، لظهور اختصاصها

بمن كان مكلّفاً ولم يدرك إلّاالمشعر (2). الامام الخميني: الأقوى هو الإجزاء (3). الامام الخميني، الگلپايگاني: و لو من ذلك الموضع

مكارم الشيرازي: و يكفي في استطاعته كونه مستطعياً من ذلك الموضع، كما لايخفى (4). الخوئي: و كذلك إذا بلغ بعد إحرامه، ولكن لابدّ من رجوعه إلى أحد المواقيت و الإحرام منه لحجّة الإسلام، فإن لم يمكن الرجوع ففيه تفصيل يأتي (5). مكارم الشيرازي: في المسألة إشكال؛ و هي مبنيّة على أنّ عنوان «حجّة الإسلام» من العناوين القصديّة فهذا الحجّ غير كافٍ، لأنّ المفروض أنّه لم يقصدها، أو هو أوّل حجّ يأتي به المستطيع فيكفيه ذلك الحجّ و إن لم ينو هذا العنوان، كما في عنواني القصر و الإتمام على المختار؛ و لايُترك الاحتياط، لاحتمال اعتبار القيد المذكور؛ نعم، إذا قصد المأمور به الواقعي إجمالًا بعنوانه، فلا إشكال في كفايته و إن أخطأ في التطبيق. و سيأتي من المصنّف قدس سره هذا التفصيل في المسألة 25 و العجب أنّه لم يذكره هنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 274

عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ أوجههما الأوّل (1)؛ وكذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.

[الثاني: من الشروط، الحرّيّة]

الثاني: من الشروط، الحرّيّة (2)؛ فلايجب على المملوك و إن أذن له مولاه و كان مستطيعاً من حيث المال، بناءً على ما هو الأقوى (3) من القول بملكه أو بذل له مولاه الزاد و الراحلة؛ نعم، لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشكال، و لكن لايجزيه عن حجّة الإسلام، فلو اعتق بعد ذلك أعاد، للنصوص؛ منها خبر مسمع: «لو أنّ عبداً حجّ عشر حجج، كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلًا» و منها: «المملوك إذا حجّ و هو

مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فإن اعتق أعاد الحجّ». و ما في خبر حكم بن حكيم: «أيّما عبد حجّ به مواليه فقد أدرك حجّة الإسلام» محمول على إدراك ثواب الحجّ أو على أنّه يجزيه عنها مادام مملوكاً، لخبر أبان: «العبد إذا حجّ فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يعتق»، فلا إشكال في المسألة؛ نعم، لو حجّ بإذن مولاه ثمّ انعتق قبل إدراك المشعر، أجزأه عن حجّة الإسلام بالإجماع و النصوص.

و يبقى الكلام في امور:

أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النيّة للإحرام بحجّة الإسلام بعد الانعتاق فهو من باب القلب، أو لا، بل هو انقلاب شرعيّ؟ قولان؛ مقتضى إطلاق النصوص، الثاني و هو الأقوى، فلو فرض أنّه لم يعلم بانعتاقه حتّى فرغ أو علم و لم يعلم الإجزاء حتّى يجدّد النيّة كفاه (4) و أجزأه. (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل و إشكال، و كذا في الفرع الثاني (2). مكارم الشيرازي: وحيث إنّ مسائل العبيد و الإماء خارجة عن محلّ الابتلاء، أغمضنا عن البحث فيها (3). الامام الخميني: فيه تأمّل (4). الگلپايگاني: فيه إشكال، فلايُترك الاحتياط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 275

الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعاً حين الدخول في الإحرام أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق أو لايشترط ذلك أصلًا؟ أقوال؛ أقواها الأخير (1)، لإطلاق النصوص و انصراف ما دلّ على اعتبار الاستطاعة عن المقام.

الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراك خصوص المشعر؛ سواء أدرك الوقوف بعرفات أيضاً أو لا؟ أو يكفي إدراك أحد الموقفين، فلو لم يدرك المشعر، لكن أدرك الوقوف بعرفات معتقاً كفى؟ قولان؛ الأحوط الأوّل (2)، كما أنّ الأحوط اعتبار إدراك الاختياريّ من المشعر، فلايكفي إدراك الاضطراريّ منه، بل الأحوط اعتبار إدراك كلا الموقفين و إن كان يكفي

الانعتاق قبل المشعر (3)، لكن إذا كان مسبوقاً بإدراك عرفات أيضاً و لو مملوكاً.

الرابع: هل الحكم مختصّ بحجّ الإفراد و القران، أو يجري في حجّ التمتّع أيضاً و إن كانت عمرته بتمامها حال المملوكيّة؟ الظاهر الثاني، لإطلاق النصوص، خلافاً لبعضهم فقال بالأوّل، لأنّ إدراك المشعر معتقاً إنّما ينفع للحجّ لا للعمرة الواقعة حال المملوكيّة؛ و فيه ما مرّ من الإطلاق، و لايقدح ما ذكره ذلك البعض لأنّهما عمل واحد؛ هذا إذا لم ينعتق إلّافي الحجّ، و أمّا إذا انعتق في عمرة التمتّع و أدرك بعضها معتقاً، فلايرد الإشكال (4).

مسألة 1: إذا أذن المولى لمملوكه في الإحرام فتلبّس به، ليس له أن يرجع (5) في إذنه، لوجوب الإتمام على المملوك، و لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ نعم، لو أذن له ثمّ رجع قبل تلبّسه به، لم يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه؛ و إذا لم يعلم برجوعه فتلبّس به هل يصحّ (1). الخوئي: بل الأقوى أوسطها

الگلپايگاني: بل الثاني (2). الخوئي: و الأظهر الثاني

الگلپايگاني: و لكنّ الثاني غير بعيد (3). الگلپايگاني: يكفي درك المشعر حُرّاً و لايعتبر سبق الانعتاق (4). الخوئي: لم يظهر وجهه (5). الخوئي: على الأحوط، و لايبعد جواز الرجوع؛ و به يظهر الحال في المسألة الآتية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 276

إحرامه و يجب إتمامه، أو يصحّ و يكون للمولى حلّه، أو يبطل؟ وجوه؛ أوجهها الأخير، لأنّ الصحّة مشروطة بالإذن المفروض سقوطه بالرجوع. و دعوى أنّه دخل دخولًا مشروعاً فوجب إتمامه فيكون رجوع المولى كرجوع الموكّل قبل التصرّف و لم يعلم الوكيل، مدفوعة، بأنّه لاتكفي المشروعيّة الظاهريّة و قد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل، و لايجوز القياس عليه.

مسألة 2: يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه، و ليس للمشتري

حلّ إحرامه؛ نعم، مع جهله بأنّه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه.

مسألة 3: إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، و إن لم يتمكّن فعليه أن يصوم؛ و إن لم ينعتق، كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم، للنصوص و الإجماعات.

مسألة 4: إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب الكفّارة، فهل هي على مولاه أو عليه و يتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز، أو في الصيد عليه و في غيره على مولاه؟ (1) وجوه؛ أظهرها (2) كونها على مولاه (3)، لصحيحة حريز، خصوصاً إذا كان الإتيان بالموجب بأمره أو بإذنه؛ نعم، لو لم يكن مأذوناً في الإحرام بالخصوص، بل كان مأذوناً مطلقاً إحراماً كان أو غيره، لم يبعد كونها عليه، حملًا لخبر عبدالرحمن بن أبي نجران النافي لكون الكفّارة في الصيد على مولاه على هذه الصورة.

مسألة 5: إذا أفسد المملوك المأذون حجَّه بالجماع قبل المشعر، فكالحرّ في وجوب الإتمام و القضاء؛ و أمّا البدنة ففي كونها عليه أو على مولاه، فالظاهر (4) أنّ حالها حال سائر الكفّارات على ما مرّ، و قد مرّ أنّ الأقوى (5) كونها على المولى الآذن له في الإحرام. و هل يجب على المولى تمكينه من القضاء، لأنّ الإذن في الشي ء إذن في لوازمه، أو لا، لأنّه من سوء اختياره؟

قولان؛ أقواهما الأوّل (6)؛ سواء قلنا: إنّ القضاء هو حجّه، أو أنّه عقوبة و أنّ حجّه (1). الخوئي: هذا الوجه هو الأظهر (2). الامام الخميني: محلّ إشكال، و الاحتياط لايُترك (3). الگلپايگاني: مشكل، لكن لايُترك مراعاة الاحتياط (4). الامام الخميني: لايبعد أن يكون حالها حال الهدي في الحجّ الصحيح (5).

الگلپايگاني: و قد مرّ الإشكال فيه، لكن لايُترك الاحتياط (6). الامام الخميني: لكن لا لما ذكره

الخوئي: فيه إشكال، و لاسيّما على القول بأنّ القضاء هو حجّة الإسلام، و الأوّل فاسد

الگلپايگاني: لكن لا لما ذكر، بل لعدم جواز منع المولى عبده من الواجبات، و سوء اختيار العبد لم يمنع وجوب القضاء عليه بعد شمول الأدلّة بإطلاقها له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 277

هو الأوّل، هذا إذا أفسد حجّه و لم ينعتق؛ و أمّا إن أفسده بما ذكر ثمّ انعتق، فإن انعتق قبل المشعر كان حاله حال الحرّ في وجوب الإتمام و القضاء و البدنة (1) و كونه مجزياً عن حجّة الإسلام إذا أتى بالقضاء على القولين (2) من كون الإتمام عقوبة (3) و أنّ حجّه هو القضاء أو كون القضاء عقوبة، بل على هذا إن لم يأت بالقضاء أيضاً أتى بحجّة الإسلام و إن كان عاصياً في ترك القضاء؛ و إن انعتق بعد المشعر فكما ذكر، إلّاأنّه لايجزيه عن حجّة الإسلام، فيجب عليه بعد ذلك إن استطاع، و إن كان مستطيعاً فعلًا ففي وجوب تقديم حجّة الإسلام أو القضاء وجهان مبنيّان على أنّ القضاء فوريّ (4) أو لا؛ فعلى الأوّل يقدّم لسبق سببه (5)، و على الثاني تقدّم حجّة الإسلام لفوريّتها دون القضاء.

مسألة 6: لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحجّ على المملوك و عدم صحّته إلّابإذن مولاه و عدم إجزائه عن حجّة الإسلام إلّاإذا انعتق قبل المشعر، بين القنّ و المدبّر و المكاتب و امّ الولد و المبعّض، إلّاإذا هاياه مولاه و كانت نوبته كافية، مع عدم كون السفر خطريّاً، فإنّه يصحّ منه بلا إذن، لكن لايجب، و لايجزيه حينئذٍ عن حجّة الإسلام و إن كان مستطيعاً،

لأنّه لم يخرج عن كونه مملوكاً و إن كان يمكن دعوى الانصراف (6) عن هذه الصورة؛ فمن (1). الخوئي: لايبعد أن يكون وجوب البدنة على المولى (2). الگلپايگاني: هذا إذا كان الإفساد بعد العتق قبل المشعر، و أمّا إذا كان قبل العتق، فيشكل الإجزاء على القول الأوّل، لأنّ الإتمام بالفرض عقوبة، و القضاء قضاء للمستحبّ الفاسد (3). الامام الخميني: على هذا القول يشكل الإجزاء؛ إذ القضاء قضاء الحجّ المندوب الفاسد لا حجّة الإسلام، و الإتمام عقوبة على الفرض؛ نعم، لو انعتق ثمّ أفسد فالأمر كما ذكره (4). الامام الخميني: بناءً على فوريّته فالظاهر التخيير بينهما، لعدم إحراز الأهمّية في واحد منهما و ما هو الأهمّ هو أصل حجّة الإسلام لا فوريّته؛ و أمّا سبق السبب فلايفيد شيئاً، كما أنّ القول بعدم تحقّق الاستطاعة مع فوريّة القضاء و أنّ المانع الشرعيّ كالعقليّ غير تامّ، و لايسع المجال لبيانه (5). الخوئي: فيه إشكال، و لايبعد لزوم تقديم حجّة الإسلام

الگلپايگاني: سبق السبب لايؤثّر في تقديمه، بل التقديم موقوف على إحراز كون القضاء واجباً فوريّاً أهمّ من حجّة الإسلام؛ و حيث إنّ فوريّته فضلًا عن أهميّته غير محرزة، بل الظاهر أهميّة حجّة الإسلام، فالأقوى تقديم حجّة الإسلام مطلقاً (6). الخوئي: هذه الدعوى ممنوعة، فإنّ الجزء الحرّ لايجب عليه الحجّ، و العبد لا حجّ عليه حتّى ينعتق على مانطق به النصّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 278

الغريب ما في الجواهر (1) من قوله: «و من الغريب ما ظنّه بعض الناس من وجوب حجّة الإسلام عليه في هذا الحال، ضرورة منافاته للإجماع المحكيّ عن المسلمين الّذي يشهد له التتبّع على اشتراط الحرّيّة المعلوم عدمها في المبعّض» انتهى؛ إذ لاغرابة فيه بعد إمكان دعوى الانصراف

(2) مع أنّ في أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرّيّة (3).

مسألة 7: إذا أمر المولى مملوكه بالحجّ، وجب عليه طاعته و إن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، كما إذا آجره للنيابة عن غيره، فإنّه لا فرق بين إجارته للخياطة أو الكتابة و بين إجارته للحجّ أو الصلوة أو الصوم.

[الثالث: الاستطاعة]

الثالث: الاستطاعة من حيث المال و صحّة البدن و قوّته و تخلية السرب و سلامته و سعة الوقت و كفايته، بالإجماع و الكتاب و السنّة.

مسألة 1: لاخلاف و لا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة (4)، و هي كما في جملة من الأخبار الزاد والراحلة، فمع عدمهما (1). الامام الخميني: لا غرابة فيه، بل دعوى الانصراف بمكان من الغرابة، كما أنّ دعوى جريان جميع آثارالحرّيّة عليه في نوبته عهدتها على مدّعيها (2). الگلپايگاني: لكنّ الانصراف ممنوع و إجراء الآثار في كلّ مورد بالدليل، مع أنّ الكليّة أيضاً محلّ إشكال و يشهد له تتبّع موارده (3). الخوئي: فيه منع ظاهر (4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: الاستطاعة المعتبرة في الحجّ هي الاستطاعة العرفيّة لا العقليّة و لا الشرعيّة التعبّديّة و لا العرفيّة بالقوّة، فاعتبار الزاد و الراحلة و غيرهما إنّما هو في صورة الحاجة إليها لا غير، و يدلّ على ذلك امور:

أوّلها: ظهور إطلاق الآية الشريفة و الروايات، و عدم الصارف عنها؛ و أمّا اعتبار الاستطاعة الشرعيّة، سواء كان بمعنى الشرط التعبّديّ أو ثبوت الحقيقة الشرعيّة لها، لا دليل عليه أبداً لاسيّما الثاني، إلّابإخراج الأدلّة عن ظهورها أو الجمود على اعتبار الزاد و الراحلة من غير الاعتناء بما يفهمه العرف منها؛

ثانيها: استمرار السيرة من لدن زمن النبي صلى

الله عليه و آله إلى يومنا هذا على حجّ المشاة، أو طىّ بعض الطريق راكباً و بعضه ماشياً، و لم يرد الإنكار عليه في روايات المعصومين: و هذا أيضاً يكشف عمّا ذكرنا؛

ثالثها: الروايات المصرّحة بما عرفت، الّتي لم يثبت إعراض الأصحاب عنها و لايمكن حملها على الحجّ المندوب، كما لايخفى على من راجعها؛ فلاتغترّ إذاً بإطلاق ظاهر الفتاوى باعتبار الراحلة في الاستطاعة، فإنّها كالنصوص ناظرة إلى المعنى العرفي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 279

لايجب و إن كان قادراً عليه عقلًا بالاكتساب و نحوه. و هل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها، لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقّة عليه أو منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً و لو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار و الإجماعات المنقولة الثاني، و ذهب جماعة من المتأخّرين إلى الأوّل، لجملة من الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلًاّ، بدعوى أنّ مقتضى الجمع بينها و بين الأخبار الأوّلة حملها على صورة الحاجة، مع أنّها منزّلة على الغالب، بل انصرافها إليها؛ و الأقوى هو القول الثاني، لإعراض المشهور (1) عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل، كالحمل على الحجّ المندوب و إن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة في الآية الشريفة. و حمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب و الندب بعيد، أو حملها على من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً و هو أيضاً بعيد، أو نحو ذلك؛ و كيف كان، فالأقوى ما ذكرنا و إن كان لاينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي و الركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف

الأخبار الأوّلة عن هذه الصورة، بل لولا الإجماعات المنقولة و الشهرة لكان هذا القول في غاية القوّة.

مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و البعيد (2) حتّى بالنسبة إلى أهل مكّة، لإطلاق الأدلّة؛ فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم، لا وجه له (3).

مسألة 3: لايشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما (1). الخوئي: لا لذلك، بل لأنّ الأخبار بين ما هو ضعيف و ما لا دلالة له؛ و أمّا دعوى الانصراف فيما دلّ على وجوب الحجّ بالزاد و الراحلة فعهدتها على مدّعيها (2). مكارم الشيرازي: قد مرّ عدم اعتبار الراحلة إلّاعند الحاجة إليها، لاسيّما بالنسبة إلى أهل مكّة، و سيرة المسلمين من لدن زمن النبي صلى الله عليه و آله إلى زماننا هذا قد استقرّت على خلافه، لوجود المشاة في الحاجّ دائماً، من دون فرق بين الواجب و المستحبّ؛ و أمّا بالنسبة إلى أهل مكّة، فالأمر أظهر، لأنّ الاستطاعة بمقتضى الآية الشريفة إنّما هو للوصول إليها، و هذا أمر حاصل بالنسبة إليهم، و لعمري أنّ الجمود الّذي يُرى من بعض الأعاظم- رحمهم اللّه جميعاً- في هذا المقام عجيب، لايساعد عليه الأدلّة و لا فهم العرف (3). الگلپايگاني: لكنّه لايُترك الاحتياط في من أطاق منهم المشي إلى عرفات و العود منها بلا مهانة و لا مشقّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 280

من المال؛ من غير فرق بين النقود و الأملاك من البساتين و الدكّاكين و الخانات و نحوها. و لايشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، و مع عدمه فيها يجب حمله (1) مع الإمكان؛ من غير فرق بين علف الدابّة و غيره

(2)، و مع عدمه يسقط الوجوب.

مسألة 4: المراد بالزاد هنا، المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه المسافر من الأوعية الّتي يتوقّف عليها حمل المحتاج إليه و جميع ضروريّات ذلك السفر بحسب حاله قوّةً و ضعفاً، و زمانه حرّاً و برداً، و شأنه شرفاً و ضعةً؛ و المراد بالراحلة مطلق ما يركب و لو مثل السفينة في طريق البحر. و اللّازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوّة و الضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة و الشرف كمّاً و كيفاً (3)، فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعدّ ما دونهما نقصاً عليه، يشترط في الوجوب القدرة عليه، و لايكفي ما دونه و إن كانت الآية و الأخبار مطلقة (4)، و ذلك لحكومة قاعدة نفي العسر و الحرج على الإطلاقات؛ نعم، إذا لم يكن بحدّ الحرج، وجب معه الحجّ و عليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب.

مسألة 5: إذا لم يكن عنده الزاد و لكن كان كسوباً (5) يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله و شربه و غيرهما من بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟ الأقوى عدمه (6) و إن كان (1). الامام الخميني: وجوباً عقليّاً لا شرعيّاً (2). مكارم الشيرازي: و من غير فرق بين زاد نفسه و زاد من يعينه على الحجّ عند الحاجة إليه (3). مكارم الشيرازي: لكنّ المراد بالضعة و الشرف ليس الاعتبارات الوهميّة الموجودة عند كثير من الناس، بل يختصّ بما يعدّ عيباً و نقصاً و مهانةً و ذلّةً (4). الگلپايگاني: فيه إشكال، بل لايبعد عدم صدق الاستطاعة فيما يتوقّف الحجّ على ما فيه هدم لشرفه و إن لم يكن بحدّ الحرج،

و الأخبار محمولة على غير هذه الصورة

مكارم الشيرازي: إطلاق الآية و الأخبار من هذه الجهة غير معلوم، بل هي منصرفة إلى ما لايوجب المهانة و الذلّ و العسر و الحرج، و لا أقلّ من الشكّ في إطلاقها، فإذاً لانحتاج إلى دليل للتقييد أو التخصيص كدليل الحرج و الضرر، حتّى يقال قد لاتصل المهانة إلى هذا الحدّ؛ و أمّا ما ورد في روايات عديدة من «وجوبه و لو على حمار أجدع» أو شبهه، فهي ناظرة إلى ما لايلزم منه ما ذكر (5). مكارم الشيرازي: ولكن لايكفيه عن حجّة الإسلام، بعد ما عرفت من أنّ الأقوى عدم وجوبه عليه (6). الامام الخميني: و لايجزي عن حجّة الإسلام لو تكلّف بإتيانه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 281

أحوط (1).

مسألة 6: إنّما يعتبر الاستطاعة من مكانه، لا من بلده (2)؛ فالعراقيّ إذا استطاع و هو في الشام وجب عليه و إن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة اخرى من تجارة أو غيرها و كان له هناك ما يمكن أن يحجّ به وجب عليه، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع و كان أمامه ميقات آخر، أمكن أن يقال (3) بالوجوب عليه و إن كان لايخلو عن إشكال.

مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل (4) أو الكنيسة و لم يوجد، سقط الوجوب؛ و لو وجد و لم يوجد شريك للشقّ الآخر، فإن لم يتمكّن من اجرة الشقّين سقط أيضاً، و إن تمكّن فالظاهر الوجوب (5) لصدق الاستطاعة؛ فلا وجه لما عن العلّامة من التوقّف فيه، لأنّ بذل المال له خسران، لا مقابل له؛ نعم، لو كان بذله مجحفاً (6) ومضرّاً بحاله لم يجب (7)، كما هو الحال

في شراء ماء الوضوء.

مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو اجرة المركوب في تلك السنة لايوجب السقوط و لايجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكّنه من القيمة، بل و كذا لو توقّف على الشراء بأزيد من ثمن المثل و القيمة المتعارفة، بل و كذا لو توقّف على بيع أملاكه بأقلّ من ثمن المثل (8)، لعدم (1). الگلپايگاني: لكنّه لو عمل بهذا الاحتياط لايُترك الاحتياط بتكرار الحجّ بعد الاستطاعة، إلّاإذا كان مستطيعاً من الميقات في الأوّل (2). مكارم الشيرازي: نعم، صرّح بعضهم كالشهيد الثاني فيما حكي عنه باعتبار كون الحجّ من بلده الّذي توطّنه، و لكن لا دليل عليه بعد إطلاق الأدلّة؛ و وجوب الحجّ البلديّ عن الميّت، على القول به، لا ربط له بما نحن فيه، و سيأتي عدم وجوبه أيضاً إن شاء اللّه (3). الخوئي: بل هو المتعيّن، لكشف الاستطاعة عن عدم الأمر الندبي حين الإحرام، فيجب عليه الإحرام للحجّ ثانياً، سواء أكان أمامه ميقات آخر أم لم يكن (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت معنى الشأن في هذه الموارد في المسألة الرابعة، فلانعيد (5). الخوئي: فيه إشكال، لأنّه لايجب تحمّل الضرر الزائد على مصارف الحجّ؛ و منه يظهر الحال في المسألةالآتية (6). الامام الخميني: الميزان صيرورة الحجّ حرجيّاً عليه، و كذا الحال في المسألة الآتية كما أشار إليه الماتن قدس سره (7). الگلپايگاني: بل يجب إلّاإذا لم يصدق عليه المستطيع (8). مكارم الشيرازي: في إطلاقه تأمّل، بل المدار في ذلك كلّه على الاستطاعة العرفيّة، و من الواضح أنّه لو لم يكن عنده مال و اضطرّ إلى بيع بعض أملاكه بعشر قيمتها مثلًا لايعدّ مستطيعاً عرفاً و إن كان له أملاك كثيرة و كذا ما أشبهه، فلانحتاج إلى

أدلّة نفي الضرر و الحرج و إن كانت منطبقة على ما نحن فيه أحياناً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 282

وجود راغب في القيمة المتعارفة؛ فما عن الشيخ من سقوط الوجوب، ضعيف؛ نعم، لو كان الضرر مجحفاً بماله مضرّاً بحاله (1)، لم يجب، و إلّافمطلق الضرر لايرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة و شمول الأدلّة، فالمناط هو الإجحاف و الوصول إلى حدّ الحرج الرافع للتكليف.

مسألة 9: لايكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده و إن لم يكن له فيه أهل و لامسكن مملوك و لو بالإجارة، للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له؛ نعم، إذا لم يرد العود أو كان وحيداً لاتعلّق له بوطن، لم يعتبر وجود نفقة العود، لإطلاق الآية و الأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب. و إذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، لابدّ من وجود النفقة إليه إذا لم يكن أبعد (2) من وطنه (3)، و إلّافالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.

مسألة 10: قد عرفت أنّه لايشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ من الزاد و الراحلة، و لا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال لشرائها، لكن يستثنى من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه، فلاتُباع دار سكناه اللائقة بحاله و لا خادمه المحتاج إليه و لا ثياب تجمّله اللائقة بحاله، فضلًا عن ثياب مهنته، و لا أثاث بيته من الفراش و الأواني و غيرهما ممّا هو محلّ حاجته، بل و لا حليّ المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها و مكانها، و لا كتب العلم لأهله الّتي لابدّ له منها (4) فيما (1). الگلپايگاني:

على نحوٍ لم يصدق عليه المستطيع، كما مرّ (2). الامام الخميني: ليست الأبعديّة دخيلة في ذلك، بل الميزان هو أكثريّة النفقة؛ نعم، لو كان السكنى لضرورةألجأته إليه، يعتبر العود و لو مع أكثريّتها (3). الگلپايگاني: بل لايكون نفقة الذهاب إليه أكثر من نفقة العود إلى وطنه؛ نعم، إذا اضطرّ إليه فيعتبر وجود النفقة إليه مطلقاً

مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إذا لم يكن أكثر مؤونة من وطنه؛ فإنّ مجرّد الأبعديّة لايكون موجباً لكثرة المؤونة دائماً، بل قد يكون الأبعد أقلّ مؤونة من الأقرب (4). مكارم الشيرازي: تقييد الكتب العلميّة بكونها ممّا لابدّ منها، بل و كذا كون العلم ممّا يجب تحصيله، لا موجب له، بل يكفي كونهما لائقين بحاله كما في اللباس و الحليّ و غيرها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 283

يجب تحصيله، لأنّ الضرورة الدينيّة أعظم من الدنيويّة، و لا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، و لا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، و لا سلاحه و لا سائر ما يحتاج إليه، لاستلزام التكليف بصرفها في الحجّ العُسرَ و الحرجَ (1). و لايعتبر فيها الحاجة الفعليّة؛ فلا وجه لما عن كشف اللثام من أنّ فرسه إن كان صالحاً لركوبه في طريق الحجّ فهو من الراحلة، و إلّافهو في مسيره إلى الحجّ لايفتقر إليه بل يفتقر إلى غيره، و لا دليل على عدم وجوب بيعه حينئذٍ؛ كما لا وجه لما عن الدروس من التوقّف في استثناء ما يضطرّ إليه من أمتعة المنزل و السلاح و آلات الصنائع؛ فالأقوى استثناء جميع ما يحتاج إليه في معاشه ممّا يكون إيجاب بيعه مستلزماً للعسر و الحرج؛ نعم، لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ، و كذا لو

استغنى عنها بعد الحاجة، كما في حليّ المرأة إذا كبرت عنه و نحوه.

مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة (2) تكفيه لسكناه و كان عنده دار مملوكة، فالظاهر وجوب بيع المملوكة (3) إذا كانت وافية لمصارف الحجّ أو متمّمة لها، و كذا في الكتب المحتاج (1). الامام الخميني: و لإمكان دعوى عدم صدق المستطيع عرفاً على من يمكنه السفر بصرف ضروريّاته، خصوصاً ما يخلّ بمعاشه و اكتسابه

الگلپايگاني: في استلزام التكليف بصرفها في الحجّ العسر و الحرج الرافعين للتكليف تأمّل و إشكال، لكن لايبعد عدم صدق الاستطاعة عرفاً فيما يتوقّف الحجّ على هدم أساس الحضر و إن لم يكن بحرج

مكارم الشيرازي: المدار دائماً على الاستطاعة العرفيّة و ليس مدارها على ما لايلزم منه العُسر، بل هي أمر عرفيّ مستقلّ عنه و دائرتها العسر و الحرج جدّاً، فكثيراً ما لايلزم من بيع بعض الثياب أو تبديل الدار بدار أقلّ قيمةً أو بيع الحليّ و غيرها العسر و الحرج، مع أنّ الاستطاعة العرفيّة غير موجودة، فلايجبر المكلّف ببيعها و تحصيل الاستطاعة؛ و هكذا الكلام في المركب و السلاح و آلات الصناعة و شبهها. دليلنا ظهور لفظ الاستطاعة في الآية الشريفة و روايات الباب فيما ذكرنا، بل و جريان السيرة المستمرّة عليه (2). الگلپايگاني: بالوقف الخاصّ، و إلّاففي وجوب بيع المملوكة إشكال، إلّامع صدق الاستغناء عنها و عدم الحاجة إليها (3). مكارم الشيرازي: الظهور ممنوع، لأنّ المتعارف في غالب الناس كون دار مملوك لهم من شؤونهم، سواء في حياتهم أو لأطفالهم الصغار بعد وفاتهم و إن أمكنهم رفع الحاجة بدار موقوفة، و لذا كلّ من يقدر على ذلك ينتقل من الموقوفة إلى المملوكة؛ فما ذكره مجرّد فرض غالباً، لاسيّما

إذا كان الوقف عامّاً ينتفع منه غيره أيضاً، و الحاصل أنّه ليس المدار على العسر و الحرج كما ذكره، بل عنوان الاستطاعة عنوان مستقلّ برأسه، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 284

إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها، و كذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذٍ إذا لم يكن ذلك منافياً لشأنه (1) و لم يكن عليه حرج في ذلك؛ نعم، لو لم تكن موجودة و أمكنه تحصيلها، لم يجب عليه ذلك (2)، فلايجب بيع ما عنده و في ملكه؛ و الفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الاولى، إلّاإذا حصلت بلا سعي منه أو حصلها مع عدم وجوبه، فإنّه بعد التحصيل يكون كالحاصل أوّلًا.

مسألة 12: لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة و أمكن تبديلها بما يكون أقلّ قيمة مع كونه لائقاً بحاله أيضاً، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحجّ أو لتتميمها؟ قولان، من صدق الاستطاعة، و من عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، و الأصل عدم وجوب التبديل؛ والأقوى الأوّل إذا لم يكن فيه حرج أو نقص عليه و كانت الزيادة معتدّاً بها، كما إذا كانت له دار تسوّي مأة و أمكن تبديلها بما يسوّي خمسين مع كونه لائقاً بحاله من غير عُسر، فإنّه يصدق الاستطاعة؛ نعم، لو كانت الزيادة قليلة جدّاً (3) بحيث لايعتنى بها (4)، أمكن دعوى عدم الوجوب (5) و إن كان (1). الامام الخميني: و لا معرضاً للزوال، و إلّالم تصدق الاستطاعة

الگلپايگاني: و لا معرضاً للزوال من قبل المتولّي أو الشركاء بحيث لم تحسب المملوكة زائدة عن حاجته عرفاً (2). الخوئي: فيه إشكال، فإنّ

المفروض أنّ عنده ما يحجّ به و لا حرج عليه في صرفه في الحجّ بعد قدرته على تحصيل الدار و غيرها ممّا يحتاج إليه، و الفرق بين المقام و تحصيل ما يحجّ به ظاهر (3). الامام الخميني: مع فرض الزيادة لا تأثير للقلّة إذا كانت متمّمة؛ فالأقوى وجوب التبديل (4). الگلپايگاني: بحيث لم يحسب زائداً عن الحاجة (5). الخوئي: لكنّها بعيدة جدّاً

مكارم الشيرازي: و هكذا إذا كانت الزيادة كثيرة و لكن لايعدّ إسرافاً في حقّه و زائداً عن شأنه، و إن شئت قلت: إنّ الشأن قد يكون ذو مراتب؛ منه ما يكون في الحدّ الأقلّ بحيث يكون الأنقص منه عيباً و مهانةً، و قد يكون في الحدّ الأعلى بحيث يكون أزيد منه إسرافاً و خروجاً عن زيّه؛ فيجوز بين الحدّين و إن كان الفرق كثيراً، و ذلك لأنّ بيع الدار مثلًا خارج عن موضوع الاستطاعة (و الدور مختلفة جدّاً) مضافاً إلى استقرار السيرة على ما ذكرنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 285

الأحوط التبديل أيضاً.

مسألة 13: إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها، ففي جواز شرائها وترك الحجّ إشكال، بل الأقوى عدم جوازه (1)، إلّاأن يكون عدمها موجباً للحرج عليه، فالمدار في ذلك هو الحرج (2) و عدمه، و حينئذٍ فإن كانت موجودة عنده لايجب بيعها إلّامع عدم الحاجة، و إن لم يكن موجودة لايجوز شراؤها إلّامع لزوم الحرج في تركه، و لو كانت موجودة و باعها بقصد التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحجّ، فحكم ثمنها حكمها، و لو باعها لا بقصد التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحجّ إلّا مع الضرورة إليها (3) على حدّ الحرج (4) في

عدمها.

مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ و نازعته نفسه إلى النكاح، صرّح جماعة بوجوب الحجّ و تقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: و إن شقّ عليه ترك التزويج؛ و الأقوى وفاقاً لجماعة اخرى، عدم وجوبه مع كون ترك التزويج حرجاً عليه (5) أو موجباً لحدوث مرض أو للوقوع في الزنا (6) و نحوه؛ نعم، لو كانت عنده زوجة واجبة النفقة و لم يكن (1). مكارم الشيرازي: الأقوى جواز ابتياع الدار الّذي مورد الحاجة و ترك الحجّ، لأنّه لايعدّ مستطيعاً عرفاً، و قد عرفت أنّ المعتبر في الاستطاعة هو الاستطاعة العرفيّة و لايشترط فيها الحرج كما عرفت، و لا فرق عند العرف بين الدار الموجود و بين ثمنه إذا صرفه فيه (2). الامام الخميني: بل لايبعد عدم صدق الاستطاعة عرفاً إذا كان عنده ما يحتاج إلى صرفه في ضروريّات معاشه و مكسبه؛ من غير فرق بين كون النقد عنده ابتداء أو بالبيع بقصد التبديل أو لا بقصده (3). الخوئي: هذا مع بنائه على صرف الثمن فيها جزماً أو احتمالًا، و أمّا مع بنائه على العدم فالظاهر هو وجوب الصرف في الحجّ لعدم كونه حرجيّاً عندئذٍ (4). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان بانياً على عدم اشتراء الدار و شبهه، كمن كان بانياً على القناعة بالدار الاستيجاري طول حياته، فمثله يعدّ مستطيعاً مع النقد الموجود (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لايعتبر الحرج في أمثال المقام، بل إذا عدّ التزويج من حاجاته العرفيّة يجوز له صرف المال فيه و ترك الحجّ، إلّاإذا أعرض عنه و بنى على عدمه. و العجب أنّه جعل المدار في ذيل كلامه على الاستطاعة العرفيّة، و في صدره على الحرج و المرض و

الخوف من الوقوع في الزنا، مع أنّ مدار المسألة واحد (6). الخوئي: العلم بالوقوع في الزنا اختياراً لايجوّز ترك الحجّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 286

له حاجة فيها، لايجب أن يطلّقها و صرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحجّ، لعدم صدق الاستطاعة عرفاً.

مسألة 15: إذا لم يكن عنده ما يحجّ به، و لكن كان له دين على شخص بمقدار مؤونته أو بما تتمّ به مؤونته، فاللازم اقتضاؤه و صرفه في الحجّ إذا كان الدين حالًاّ و كان المديون باذلًا، لصدق الاستطاعة حينئذٍ، و كذا إذا كان مماطلًا و أمكن إجباره بإعانة متسلّط، أو كان منكراً و أمكن إثباته عند الحاكم الشرعيّ و أخذه بلا كلفة و حرج، بل و كذا إذا توقّف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور بناءً على ما هو الأقوى من جواز الرجوع إليه مع توقّف استيفاء الحقّ عليه، لأنّه حينئذٍ يكون واجباً بعد صدق الاستطاعة، لكونه مقدّمة للواجب المطلق، و كذا لو كان الدين مؤجّلًا و كان المديون باذلًا قبل الأجل (1) لو طالبه (2)؛ و منع صاحب الجواهر الوجوب حينئذٍ بدعوى عدم صدق الاستطاعة، محلّ منع (3). و أمّا لو كان المديون معسراً أو مماطلًا لايمكن إجباره أو منكراً للدين و لم يمكن إثباته أو كان الترافع مستلزماً للحرج أو كان الدين مؤجّلًا مع عدم كون المديون باذلًا، فلايجب (4)، بل الظاهر (5) عدم الوجوب لو لم يكن واثقاً ببذله مع المطالبة (6).

مسألة 16: لايجب الاقتراض للحجّ إذا لم يكن له مال و إن كان قادراً على وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنّه تحصيل للاستطاعة و هو غير واجب (7)؛ نعم، لو كان له مال غائب (1). الگلپايگاني: بلا استدعاء و أمّا الاستدعاء فهو تحصيل للاستطاعة

و وجوبه ممنوع (2). الخوئي: فإنّ له ما يحجّ به بالفعل و هو متمكّن من صرفه فيه ولو بالمطالبة

مكارم الشيرازي: بحيث عدّ في نظر العرف كالمال الموجود لاكتحصيل المال، و المقامات مختلفة؛ ففي الفرض الأوّل يعدّ مستطيعاً عرفاً دون الثاني (3). الامام الخميني: بل وجيه إن كان البذل موقوفاً على المطالبة كما هو المفروض (4). الخوئي: هذا إذا لم يمكن بيع الدين بما يفي بمصارف الحجّ ولو بتتميم ما عنده فيما إذا لم يكن فيه حرج أوضرر (5). الگلپايگاني: بل الأحوط في الفرض المطالبة، لاحتمال الاستطاعة مع التمكّن من الفحص (6). مكارم الشيرازي: لايبعد وجوب المطالبة إذا احتمل البذل، مع الشرط الّذي ذكرناه في المسألة السابقة، لأنّه يكون كالمحاسبة والاختبار لكشف الحال وكونه مستطيعاً أم لا، الّتي لا إشكال في وجوبها (7). مكارم الشيرازي: بل لايكون تحصيلًا للاستطاعة، لأنّ المال الموجود بالاقتراض لايجعل الإنسان مستطيعاً عرفاً و إن صار مستطيعاً عقلًا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 287

لايمكن صرفه في الحجّ فعلًا أو مال حاضر لاراغب في شرائه أو دين مؤجّل لايكون المديون باذلًا له قبل الأجل، و أمكنه الاستقراض و الصرف في الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلك، فالظاهر (1) وجوبه (2)، لصدق الاستطاعة حينئذٍ عرفاً، إلّاإذا لم يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلك، فحينئذٍ لايجب الاستقراض، لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة.

مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ و كان عليه دين، ففي كونه مانعاً عن وجوب الحجّ مطلقاً، سواء كان حالًاّ مطالباً به أو لا أو كونه مؤجّلًا أو عدم كونه مانعاً إلّامع الحلول و المطالبة أو كونه مانعاً إلّامع التأجيل أو الحلول مع عدم المطالبة أو كونه مانعاً إلّامع التأجيل و سعة الأجل للحجّ

و العود، أقوال؛ و الأقوى كونه مانعاً إلّامع التأجيل و الوثوق بالتمكّن من أداء الدين إذا صرف ما عنده في الحجّ، و ذلك لعدم صدق الاستطاعة (3) في غير هذه الصورة، و هي المناط في الوجوب لا مجرّد كونه مالكاً للمال و جواز التصرّف فيه بأىّ وجه أراد؛ و عدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لاينفع في صدق الاستطاعة؛ نعم، لايبعد الصدق إذا كان واثقاً بالتمكّن من الأداء مع فعليّة الرضا بالتأخير من الدائن، و الأخبار الدالّة على جواز الحجّ لمن عليه دين لاتنفع في الوجوب و في كونه حجّة الإسلام؛ و أمّا صحيح معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام عن رجل عليه دين أ عليه أن يحجّ؟ قال: «نعم، إنّ حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين» و خبر عبدالرحمن عنه عليه السلام أنّه قال: «الحجّ واجب على الرجل و إن كان عليه دين»، فمحمولان على الصورة الّتي ذكرنا (4)، أو (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل و إشكال

الامام الخميني: بل الظاهر عدم وجوبه و من قبيل تحصيل الاستطاعة (2). الخوئي: بل الظاهر عدمه؛ نعم، إذا أمكن بيع المال الغائب بلا ضرر مترتّب عليه، وجب البيع أو الاستقراض

مكارم الشيرازي: إذا لم يكن فيه ذلّ و مهانة، بل كلّ الاستقراض في مثله متعارفاً في سائر الحوائج، هذا بالنسبة إلى ما قبل الاقتراض؛ و أمّا بعده فلا إشكال في صدق الاستطاعة عليه مطلقاً (3). الخوئي: الاستطاعة قد فسّرت في الروايات بالتمكّن من الزاد و الراحلة، و المفروض في المقام تحقّقها، فيقع التزاحم بين وجوب الحجّ و وجوب أداء الدين، لكن وجوب أداء الدين أهمّ فيقدّم فيما إذا كان صرف المال في الحجّ

منافياً للأداء ولو في المستقبل؛ و بذلك يظهر الحال في بقيّة المسألة (4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: ظاهر الرواية الاولى وجوب الحجّ عليه إذا أطاق المشي و لم يحتج إلى مصارف زائدة، فلايحمل على الاستحباب، بناءً على ما عرفت من أنّ اشتراط وجود الراحلة إنّما هو في فرض الحاجة، و يحتمل حمل الثاني أيضاً عليه؛ و أمّا حملهما على الاستحباب أو على من استقرّ عليه الحجّ، فكلاهما بعيدان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 288

على من استقرّ عليه الحجّ سابقاً و إن كان لايخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولى الحمل الأوّل. و أمّا ما يظهر من صاحب المستند من أنّ كلًاّ من أداء الدين و الحجّ واجب، فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما في صورة الحلول مع المطالبة أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب و العود، و تقديم الحجّ في صورة الحلول مع الرضا بالتأخير أو التأجيل مع سعة الأجل للحجّ و العود و لو مع عدم الوثوق بالتمكّن من أداء الدين بعد ذلك، حيث لايجب المبادرة إلى الأداء فيهما فيبقى وجوب الحجّ بلا مزاحم، ففيه: أنّه لا وجه للتخيير في الصورتين الاوليين، و لا لتعيين تقديم الحجّ في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييراً أو تعييناً مشروطاً بالاستطاعة الغير الصادقة في المقام، خصوصاً مع المطالبة و عدم الرضا بالتأخير، مع أنّ التخيير فرع كون الواجبين مطلقين و في عرض واحد و المفروض أنّ وجوب أداء الدين مطلق، بخلاف وجوب الحجّ فإنّه مشروط بالاستطاعة (1) الشرعيّة (2)؛ نعم، لو استقرّ عليه وجوب الحجّ سابقاً، فالظاهر التخيير (3)، لأنّهما حينئذٍ في عرض واحد وإن كان يحتمل تقديم الدين إذا كان حالًاّ مع المطالبة، أو مع عدم الرضا بالتأخير

لأهميّة حقّ الناس من حقّ اللّه، لكنّه ممنوع (4)، و لذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت (1). مكارم الشيرازي: و خلاصة الكلام أنّه إذا تعارض واجبان أحدهما مطلق و الآخر مشروط، و العمل بالمطلق يوجب انتفاء الشرط، فاللازم تقديم المطلق لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و المقام من هذا القبيل (2). الامام الخميني: و هي غير حاصلة، لا العقليّة حتّى تكون حاصلة مزاحمة، فالقيد في محلّه

الگلپايگاني: القيد غير محتاج إليه، لعدم صدق الاستطاعة مع الدين عرفاً ما لم يتمكّن المديون من الجمع بين الحجّ و أداء الدين، كما أنّه لايبتني على القول باشتراط الرجوع إلى الكفاية كما عن بعض الأعاظم

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المعتبر الاستطاعة العرفيّة؛ هذا مضافاً إلى أنّه لا أثر لهذا القيد هنا، لأنّ الاستطاعة بكلا المعنيين منتفية هنا (3). الامام الخميني: إن لم يمكنه الجمع و لو بالحجّ متسكّعاً

الگلپايگاني: إذا لم يقدر إلّاعلى أحدهما، و إلّايجب الجمع و لو كان متسكّعاً في حجّه (4). مكارم الشيرازي: و هو جيّد، لأنّ ما اشتهر من أنّ حقّ الناس مقدّم على حقّ اللّه مطلقاً غير ثابت، بل قد يكون بالعكس و لابدّ أن يقدّم حقّ اللّه، و قد يستويان، و المقامات مختلفة، كما لايخفى على من لاحظ أبواب الفقه؛ و على كلّ حال، الأخذ بالتخيير هنا قويّ، إلّاإذا قدر على الجمع فإنّه يجمع بينهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 289

يوزّع المال عليهما (1) و لايقدّم دين الناس، و يحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنّه أيضاً لا وجه له، كما لايخفى.

مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعاً (2) من وجوب الحجّ بين أن يكون سابقاً على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا، كما إذا استطاع للحجّ ثمّ

عرض عليه دين بأن أتلف مال الغير مثلًا على وجه الضمان من دون تعمّد قبل خروج الرفقة أو بعده قبل أن يخرج هو أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دين (3)، فإنّه يكشف عن عدم كونه مستطيعاً.

مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما، فحالهما حال الدين مع المطالبة، لأنّ المستحقّين لهما مطالبون فيجب صرفه فيهما و لايكون مستطيعاً (4)؛ و إن كان الحجّ مستقرّاً عليه سابقاً، يجي ء الوجوه المذكورة، من التخيير أو تقديم حقّ الناس (5) أو تقديم الأسبق (6)، هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمّته؛ و أمّا إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما على الحجّ؛ سواء كان مستقرّاً عليه أو لا، كما أنّهما يقدّمان على ديون الناس أيضاً. و لو حصلت الاستطاعة و الدين و الخمس و الزكاة معاً، فكما لو سبق الدين.

مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجّل بأجل طويل جدّاً (7) كما بعد خمسين سنة، فالظاهر (1). الخوئي: التوزيع إنّما هو في فرض كفاية المال لهما، و إلّافلابدّ من صرفه في الحجّ بمقتضى النصّ، ولولاه كان المتعيّن الصرف في الدين (2). الخوئي: على ما عرفت [في المسألة السابقة] (3). مكارم الشيرازي: يعني تلف ماله الّذي يحجّ به، فإنّ الدين يكون بمنزلة تلف هذا المال (4). الخوئي: بل هو مستطيع كما مرّ، لكنّه مع ذلك يجب صرف المال فيهما و بالصرف تزول الاستطاعة (5). الخوئي: تقدّم أنّه المتعيّن (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأقوى هو التخيير، لعدم دليل على تقديم شي ء منها (7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الأمد الطويل غير لازم،

بل المدار على عدم كونه مطالباً فعلًا مع أنّه يقدر على أدائه بعداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 290

عدم منعه عن الاستطاعة، و كذا إذا كان الديّان مسامحاً في أصله، كما في مهور نساء أهل الهند، فإنّهم يجعلون المهر ما لايقدر الزوج على أدائه كمأة ألف روپية أو خمسين ألف، لإظهار الجلالة، و ليسوا مقيّدين بالإعطاء و الأخذ، فمثل ذلك لايمنع من الاستطاعة و وجوب الحجّ، و كالدين ممّن بناؤه على الإبراء (1) إذا لم يتمكّن المديون من الأداء أو واعده بالإبراء بعد ذلك.

مسألة 21: إذا شكّ في مقدار ماله و أنّه وصل إلى حدّ الاستطاعة أو لا، هل يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان (2)؛ أحوطهما ذلك (3)؛ و كذا إذا علم مقداره و شكّ في مقدار مصرف الحجّ و أنّه يكفيه أو لا.

مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب والإياب و كان له مال غائب لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود، لكن لايعلم بقاؤه أو عدم بقائه، فالظاهر (4) وجوب الحجّ بهذا الّذي بيده، استصحاباً لبقاء الغائب (5)، فهو كما لو شكّ في أنّ أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا، فلايعدّ (6) من الأصل المثبت. (1). الامام الخميني: مع الاطمينان به و بإنجاز وعده

الگلپايگاني: و كان واثقاً به، و كذا في الإيفاء بوعده

مكارم الشيرازي: إذا لم يكن في قبول الإبراء مهانةً و ذلّةً و كان ممّن وعده موثوق به (2). الخوئي: أظهرهما عدم الوجوب، و كذلك فيما بعده (3). مكارم الشيرازي: بل الأقوى وجوب الفحص فيما لايعلم عادةً إلّابه، لبناء العقلاء على ذلك و إمضاء الشارع له، و مثله مستثنى من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة الّذي

دليله الإجماع أو الإطلاقات، كما حقّقناه في محلّه (4). الگلپايگاني: مشكل، لكنّه أحوط مع العجز عن الفحص؛ و الشكّ في بقاء الأموال الحاضرة مورد للأصل العقلائي، فلايقاس به (5). الخوئي: الحكم و إن كان كما ذكره، لكنّ التعليل عليل فإنّ الأصل مثبت

مكارم الشيرازي: قد يقال: إنّ استصحاب المال الغائب لايثبت كونه في يده بعد الرجوع، فإنّه من الأصل المثبت، و لكن يمكن أن يجاب عنه بأنّ مجرّد وجوده بحكم الاستصحاب في موطن يمكن الوصول إليه كافٍ في صدق الاستطاعة و لايحتاج إلى أمر آخر (6). الامام الخميني: لأنّ موضوع وجوب الحجّ مركّب محرز بالأصل و الوجدان، و تنظيره صحيح من وجه و إن كان له فارق من جهة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 291

مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ، يجوز له (1) قبل أن يتمكّن من المسير أن يتصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة (2)؛ و أمّا بعد التمكّن منه فلايجوز (3) و إن كان قبل خروج الرفقة، و لو تصرّف بما يخرجه عنها بقيت ذمّته مشغولة به، و الظاهر صحّة التصرّف مثل الهبة و العتق و إن كان فعل حراماً، لأنّ النهي متعلّق بأمر خارج؛ نعم، لو كان قصده في ذلك التصرّف الفرار من الحجّ لا لغرض شرعيّ، أمكن أن يقال (4) بعدم الصحّة (5)، و الظاهر أنّ المناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو التمكّن في تلك السنة، فلو لم يتمكّن فيها و لكن يتمكّن في السنة الاخرى (6) لم يمنع عن جواز التصرّف، فلايجب إبقاء المال إلى العام القابل إذا كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيداً عن مكّة بمسافة سنتين.

مسألة 24: إذا كان له مال غائب

بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّاً إلى ماله الحاضر و تمكّن من التصرّف في ذلك المال الغائب، يكون مستطيعاً و يجب عليه الحجّ، و إن لم يكن متمكّناً من التصرّف فيه و لو بتوكيل من يبيعه هناك، فلايكون مستطيعاً إلّابعد التمكّن منه (1). الامام الخميني: إذا كان عدم التمكّن لأجل عدم الصحّة في البدن أو عدم تخلية السرب فالأقوى جوازالتصرّف كما في المتن، و أمّا إذا كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلايجوز مع احتمال الحصول، فضلًا عن العلم به، و لو تصرّف و الحال هذه استقرّ عليه الحجّ إذا فرض رفع العذر فيما بعد

الگلپايگاني: إذا لم يعلم بعروض التمكّن، و إلّافالتصرّف مشكل خصوصاً في أوان خروج الناس للحجّ

الخوئي: الظاهر عدم جوازه (2). مكارم الشيرازي: إذا علم أنّه يتمكّن من المسير في أوانه بحسب العادة أو إذا لم يحصل مانع غير مترقّب، يشكل صرف ماله فيما لايحتاج إليه، لصدق الاستطاعة عليه عرفاً، لأنّ التمكّن من المسير إنّما يجب في ظرفه، و المفروض أنّه حاصل و المال موجود حالًاّ، و لا أقلّ من الاحتياط (3). الگلپايگاني: في أوان خروج الناس للحجّ؛ و أمّا قبله فالمنع من التصرّف مشكل و إن كان أحوط (4). الامام الخميني، الگلپايگاني: لكنّه ضعيف (5). الخوئي: بل الأقوى الصحّة في هذا الفرض أيضاً

مكارم الشيرازي: مجرّد قصد الفرار عن الحجّ لايوجب فساد الهبة؛ هذا مضافاً إلى أنّ المعروف أنّ النهي المتعلّق بالمعاملة لايوجب فسادها، سواء تعلّق بأمر خارج أو داخل، فتعليله الّذي ذكره في المتن غيرتامّ (6). الخوئي: الظاهر عدم الفرق بين الموردين، فيجب في هذا الفرض أيضاً إبقاء المال إلى العام المقبل ولايجوز له تفويته

العروة الوثقى، ج 2، ص: 292

أو الوصول في يده؛

و على هذا فلو تلف (1) في الصورة الاولى بقي وجوب الحجّ مستقرّاً عليه (2) إن كان التمكّن في حال تحقّق سائر الشرائط، و لو تلف في الصورة الثانية لم يستقرّ؛ و كذا إذا مات مورّثه و هو في بلد آخر و تمكّن من التصرّف في حصّته أو لم يتمكّن، فإنّه على الأوّل يكون مستطيعاً بخلافه على الثاني.

مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلًا به (3) أو كان غافلًا (4) عن وجوب الحجّ عليه، ثمّ تذكّر بعد أن تلف (5) ذلك المال، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده، و الجهل و الغفلة لايمنعان عن الاستطاعة، غاية الأمر أنّه معذور في ترك ما وجب عليه، و حينئذٍ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستيجار عنه إن كانت له تركة بمقداره، و كذا إذا نقل ذلك المال إلى غيره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلك أنّه كان بقدر الاستطاعة؛ فلا وجه لما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله من عدم الوجوب، لأنّه لجهله لم يصر مورداً، و بعد النقل و التذكّر ليس عنده ما يكفيه، فلم يستقرّ عليه، لأنّ عدم التمكّن من جهة الجهل و الغفلة لاينافي الوجوب الواقعيّ، و القدرة الّتي هي شرط في التكاليف القدرة من حيث هي، و هي موجودة، و العلم شرط في التنجّز لا في أصل التكليف. (1). الگلپايگاني: بتقصيره في أوان الخروج للحجّ أو مع التواني في الحجّ في السنة الاولى (2). الامام الخميني: إذا لم يحجّ مع التمكّن فتلف بعد مضيّ الموسم أو كان التلف بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة على الأقوى

مكارم الشيرازي: الأحسن أن يقال: فلو تلفه أو

قصر في حفظه استقرّ الحجّ عليه، و إلّافمجرّد التلف الخارج عن الاختيار يخرجه عن الاستطاعة (3). مكارم الشيرازي: صدق الاستطاعة مع الجهل أو الغفلة لا عن تقصير مشكل جدّاً، فإنّ العلم و الالتفات من مقوّماتها؛ اللّهم إلّاأن يقال إنّ موضوع الاستطاعة هو الزاد و الراحلة و شبههما و هي حاصلة على الفرض، و لكنّ المسألة لاتخلو عن إشكال، و الاحتياط سبيل النجاة (4). الخوئي: هذا إذا كانت الغفلة مستندة إلى التقصير بترك التعلّم؛ و أمّا في غير ذلك فلايجب الحجّ واقعاً فإنّها مانعة عن تحقّق الاستطاعة، و كذلك الجهل المركّب في الشبهة الموضوعيّة (5). الامام الخميني: بتقصير منه بعد تماميّة سائر الشرائط و لو قبل أوان خروج الرفقة، أو تلف بعد مضيّ موسم الحجّ

الگلپايگاني: بتقصيره في أوان خروج الناس للحجّ أو تلف بعد مضيّ موسم الحجّ في السنة الاولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 293

مسألة 26: إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن قصد امتثال الأمر (1) المتعلّق به فعلًا و تخيّل أنّه الأمر الندبيّ أجزأ (2) عن حجّة الإسلام، لأنّه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، و إن قصد الأمر الندبيّ على وجه التقييد (3) لم يجز عنها (4) و إن كان حجّه صحيحاً (5)؛ و كذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك، و أمّا لو علم بذلك و تخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلايجزي لأنّه يرجع إلى التقييد (6).

مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد والراحلة و غيرهما، كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط الخيار له إلى مدّة معيّنة أو باعه محاباةً كذلك؟

وجهان؛ أقواهما العدم (7)، لأنّها في معرض الزوال، إلّاإذا كان واثقاً (8) بأنّه لايفسخ (9)؛

و كذا لو وهبه و أقبضه إذا لم يكن رحماً، فإنّه مادامت العين موجودة، له الرجوع؛ و يمكن أن يقال (10) بالوجوب هنا، حيث إنّ له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة. (1). الامام الخميني: لكن وقوع ذلك مع العلم و الالتفات بالحكم و الموضوع مشكل (2). الگلپايگاني: فيه إشكال (3). الخوئي: ليس هذا من موارد التقييد، و إنّما هو من موارد التخلّف في الداعي، إذ المفروض أنّه قصد الأمرالفعلي المتعلّق بالحجّ، و من المفروض أنّه مستطيع و واجد لسائر الشرائط، فالصادر منه هو حجّة الإسلام و إن كان هو جاهلًا به، ولايعتبر قصد هذا العنوان في صحّة الحجّ، فلايقاس المقام بما إذا قصد نافلة الفجر ثمّ علم أنّه كان قد صلّاها، فإنّ ما أتى به لايجزئ عن صلاة الفجر لأنّها غير مقصودة (4). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الإجزاء، لما ذكرناه مراراً من أنّه يكفي في صحّة العبادة الحسن الفعلي و الفاعلي، و هما حاصلان هنا و التقييد لايضرّهما؛ نعم، بناءً على لزوم قصد أمره لايصحّ (5). الامام الخميني: فيه تأمّل

مكارم الشيرازي: يعني ندباً، ولكنّه منوط بصحّة صدور الحجّ الندبي عن المستطيع (6). الخوئي: لا لذلك، بل لأنّ الأمر الفعلي لم يقصد و إنّما قصد الأمر الندبي المترتّب على مخالفة الأمر الفعلي (7). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الكفاية، لاستصحاب عدم الفسخ إلّاأن يثق بالفسخ؛ أمّا مجرّد الاحتمال لايمنع العقلاء عن الجري نحو مراداتهم، فيصدق الاستطاعة عرفاً (8). الامام الخميني: الوثوق و الاطمينان موجب للزوم الحجّ عليه ظاهراً، لكن لو فسخ قبل تمام الأعمال يكشف عن عدم الاستطاعة (9). الگلپايگاني: و لكن إذا فسخ يكشف عن عدم الاستطاعة، إلّاإذا كان حين الفسخ

واجداً لعوضه (10). الخوئي: بل هو الأوجه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 294

مسألة 28: يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد و الراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال (1)، فلو تلف بعد ذلك و لو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة، و كذا لو حصل عليه دين قهراً عليه (2)، كما إذا أتلف مال غيره خطأً؛ و أمّا لو أتلفه عمداً، فالظاهر كونه كإتلاف الزاد والراحلة عمداً في عدم زوال استقرار الحجّ.

مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤونة عوده إلى وطنه أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ لايبعد الإجزاء (3)، و يقرّبه (4) ما ورد من أنّ من مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّةالإسلام، بل يمكن أن يقال (5) بذلك إذا تلف في أثناء الحجّ (6) أيضاً.

مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة (7) كفى في الوجوب، لصدق الاستطاعة (8)، و يؤيّده الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد (1). مكارم الشيرازي: هذا إذا احتاج إلى الزاد و الراحلة في أعماله، كما أشرنا إليه سابقاً (2). الخوئي: على ما تقدّم [في هذا الفصل، المسألة 17] (3). الامام الخميني: بعد البناء المذكور لا وجه للإجزاء و لا دليل عليه؛ و ما دلّ على إجزاء حجّ من مات بعدالإحرام و دخول الحرم غير مربوط بالمقام، و أبعد من ذلك التلف في أثناء الحجّ إذا كان المراد أعمّ من تلف مؤونة إتمامه

مكارم الشيرازي: و الأحسن أن يستدلّ له بأنّه كان مستطيعاً عند الإتيان بالحجّ و كان عنده مؤونة

الرجوع، ثمّ تبدّل الموضوع بعد الإتيان بالحجّ، و من الواضح أنّ تبدّل الموضوع لايؤثّر في صحّة عمله السابق (4). الخوئي، الگلپايگاني: لم يظهر وجه للتقريب (5). الخوئي: هذا إذا لم يحتج إتمام الحجّ إلى صرف مال يضرّ بإعاشته بعد رجوعه (6). الگلپايگاني: إن بقيت له مؤونة التتميم، و إلّافمشكل

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، إلّاإذا كان عنده ما يتمّ الحجّ و لو لم تكن عنده مؤونة الرجوع إلى وطنه (7). الخوئي: بل الظاهر كفاية الإباحة غير اللازمة أيضاً (8). مكارم الشيرازي: و قد يتوهّم لزوم الملك استناداً إلى ما ورد في قوله عليه السلام أن يكون له زاد و راحلة و شبه ذلك، ولكن قد عرفت أنّه ليس للاستطاعة حقيقة شرعيّة، بل المراد معناها العرفي، و من الواضح أنّه أعمّ و حمل اللام على الأعمّ من الملكيّة قريب جدّاً، و قد ذكرنا أيضاً أنّ المعتبر فيها كونها بالفعل، فالنقص عليه بلزوم حصولها بإباحة المعادن و غيرها شرعاً لكلّ إنسان عجيب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 295

المتعاملين على الآخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مأة ليرة مثلًا، وجب عليه الحجّ (1) و يكون كما لو كان مالكاً له.

مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحجّ، فالظاهر وجوب الحجّ (2) عليه بعد موت الموصي، خصوصاً إذا لم يعتبر القبول (3) في ملكيّة الموصى له و قلنا بملكيّته ما لم يردّ، فإنّه ليس له الردّ حينئذٍ.

مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين عليه السلام في كلّ عرفة، ثمّ حصلت، لم يجب عليه (4) الحجّ (5)، بل و كذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقداراً، (1). مكارم الشيرازي: كون العقد لازماً غير

لازم، لما عرفت في المسألة (26) عدم اعتبار اللزوم في صدق الاستطاعة (2). الامام الخميني: بل الظاهر عدم الوجوب، لما قلنا باعتبار القبول في حصول الملكيّة و معه لا وجه لوجوبه، لأنّه من قبيل تحصيل الاستطاعة (3). الخوئي: يختصّ الوجوب بهذا الفرض

الگلپايگاني: أمّا بناءً على اعتباره فالظاهر عدم الوجوب في الوصيّة التمليكيّة؛ نعم، إذا قال له حجّ بعد الموت بمالي، فالظاهر وجوب الحجّ عليه؛ و كذا لو أوصى بالبذل فبذل الوصيّ فيجب الحجّ بالاستطاعة البذليّة

مكارم الشيرازي: بل يمكن القول بوجوب الحجّ عليه حتّى على القول باعتبار القبول أيضاً، لصدق الاستطاعة عرفاً، و مجرّد توقّفه على القبول لما لم يكن فيه مؤونة كثيرة غير مانع (4). الگلپايگاني: بل يجب و ينحلّ النذر لحصول الاستطاعة

الامام الخميني: بل لا إشكال في أنّه يجب الحجّ لأهميّته، و العذر الشرعيّ ليس شرطاً للوجوب و لا مقوّماً للاستطاعة، فلابدّ من ملاحظة الأهمّ بعد حصول الاستطاعة و لا إشكال في كون الحجّ أهمّ، و أمّا بناءً على كون العذر الشرعيّ دخيلًا في الاستطاعة فلا وجه للفرق بين تقدّم الاستطاعة و تأخّرها، فالتفصيل غير وجيه. و ما ذكرنا سيّال في مزاحمة الحجّ لجميع الواجبات و المحرّمات، أي لابدّ من ملاحظة الأهمّ، و أمّا انحلال النذر ففيه كلام (5). الخوئي: النذر بأقسامه لايزاحم الحجّ، فيجب عليه الحجّ في جميع الفروع المذكورة

مكارم الشيرازي: بل يجب عليه الحجّ و لايبقى مجال للنذر، لأنّ موضوعه العمل الراجح في ظرفه، و هنا ليس كذلك. و القول بأنّ الحجّ أيضاً مشروط بالاستطاعة و النذر رافع لموضوعه ممنوع، بأنّ الاستطاعة ليست إلّاوجود الزاد و الراحلة و شبههما، و أمّا مانعيّة واجب آخر منه فهي من باب الأخذ بالأهمّ، لا أنّها

داخلة في مفهوم الاستطاعة عرفاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 296

فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلّق عليه، بل و كذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مأة ليرة مثلًا في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، فإنّ هذا كلّه مانع عن تعلّق وجوب الحجّ به، و كذا إذا كان عليه واجب مطلق فوريّ قبل حصول الاستطاعة و لم يمكن الجمع بينه و بين الحجّ، ثمّ حصلت الاستطاعة و إن لم يكن ذلك الواجب أهمّ من الحجّ (1)، لأنّ العذر الشرعيّ كالعقليّ في المنع من الوجوب. و أمّا لو حصلت الاستطاعة أوّلًا ثمّ حصل واجب (2) فوريّ آخر لايمكن الجمع بينه و بين الحجّ، يكون من باب المزاحمة، فيقدّم الأهمّ منهما، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدّم على الحجّ، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحجّ فيه، و إلّافلا (3)، إلّاأن يكون الحجّ قد استقرّ عليه سابقاً، فإنّه يجب عليه و لو متسكّعاً.

مسألة 33: النذر المعلّق على أمرٍ قسمان؛ تارةً يكون التعليق على وجه الشرطيّة، كما إذا قال: إن جاء مسافري فللّه علىّ أن أزور الحسين عليه السلام في عرفة، و تارةً يكون على نحو الواجب المعلّق (4)، كأن يقول: للّه علىّ أن أزور الحسين عليه السلام في عرفة عند مجي ء مسافري؛ فعلى الأوّل يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجي ء مسافره، و على الثاني لايجب (5)، فيكون (1). الخوئي: هذا إذا كانا متساويين؛ و أمّا إذا كان الحجّ أهمّ فيجب الحجّ و يقدّم على غيره

الگلپايگاني: بل الظاهر تقديم الأهمّ، لأنّ الشرط في وجوب الحجّ على ما يستفاد من الروايات الاستطاعة من حيث المال و البدن و تخلية السرب، و أمّا اشتراط

عدم تفويت واجب آخر بالحجّ فلايستفاد منها، فيقدّم الأهمّ عند التزاحم

مكارم الشيرازي: بل اللازم كونه أهمّ، لما عرفت آنفاً. و قوله: لأنّ العذر الشرعيّ كالعقلي في المنع من الوجوب، كما ترى (2). الگلپايگاني: لم يعلم الفرق في غير ما استقرّ الحجّ في السنين السابقة، لأنّ الاستطاعة شرط للوجوب حدوثاً و بقاءً إلى تمام الأعمال في السنة الاولى، فلو كان المنع الشرعيّ كالعقليّ مانعاً عن الاستطاعة حدوثاً فيكون مانعاً عنه بقاءً، لكنّه قد مرّ أنّه من باب التزاحم (3). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، يظهر وجهه ممّا مرّ قريباً (4). مكارم الشيرازي: قد حقّقنا في الاصول أنّه لا معنى محصّل للواجب المعلّق، فحينئذٍ لايبقى مجال لهذا البحث على المختار (5). الامام الخميني: مرّ الوجوب في النذر المطلق، فضلًا عن المعلّق، و مرّ السرّ فيه، فما جعله سرّاً غير وجيه

الخوئي: بل الأظهر الوجوب فيه و فيما بعده

الگلپايگاني: قد مرّ ما يظهر منه وجوب الحجّ في الصورتين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 297

حكمه حكم النذر المنجّز في أنّه لو حصلت الاستطاعة و كان العمل بالنذر منافياً لها لم يجب الحجّ؛ سواء حصل المعلّق عليه قبلها أو بعدها و كذا لو حصلا معاً، لايجب الحجّ، من دون فرق بين الصورتين. و السرّ في ذلك أنّ وجوب الحجّ مشروط (1)، و النذر مطلق (2)، فوجوبه يمنع من تحقّق الاستطاعة (3).

مسألة 34: إذا لم يكن له زاد و راحلة و لكن قيل له: حجّ و علىّ نفقتك و نفقة عيالك، وجب عليه؛ و كذا لو قال: حجّ بهذا المال، و كان كافياً له ذهاباً و إياباً و لعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة، كما تحصل بملكها؛ من غير فرق بين أن يبيحها له أو

يملّكها (4) إيّاه، و لا بين أن يبذل عينها أو ثمنها، و لا بين أن يكون البذل واجباً عليه بنذر أو يمين أو نحوهما أو لا، و لا بين كون الباذل موثوقاً به (5) أو لا (6) على الأقوى؛ و القول بالاختصاص بصورة التمليك ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد الأمرين من التمليك أو الوجوب، و كذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقاً به، كلّ ذلك لصدق الاستطاعة و إطلاق المستفيضة من الأخبار. و لو كان له بعض النفقة فبذل له البقيّة وجب أيضاً، و لو بذل له نفقة (1). الگلپايگاني: قد مرّ عدم اشتراط الحجّ بعدم المزاحم مع أنّ النذر أيضاً مشروط بالرجحان الفعلي حين العمل و الاستطاعة كاشفة عن عدمه (2). الخوئي: بل الأمر بالعكس على ما بيّنّاه في محلّه (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة السابقة الإشكال في ذلك و أنّ الأمر بالعكس، فالنذر مشروط بالرجحان؛ و أمّا حقيقة الاستطاعة ليست إلّاوجدان الزاد و الراحلة و شبههما، فإذا حصلت منعت من رجحان النذر و لزم العمل به دون النذر، فالواجب هو الحجّ في جميع صور المسألة (4). الامام الخميني: للحجّ

الگلپايگاني: أي يملّكها لأن يحجّ بحيث لايسعه الصرف في غير الحجّ، بل و كذا لو ملّكها لأن يحجّ إن شائه فإنّه أيضاً يصدق عليه عوض الحجّ كما سيأتي إن شاء اللّه (5). الامام الخميني: الأقوى اعتبار الوثوق، لمنع صدق الاستطاعة بدونه و منع الإطلاق

الگلپايگاني: الأقوى اعتبار الوثوق في صورة الإباحة (6). مكارم الشيرازي: المدار على صدق الاستطاعة، فلو كانت متزلزلة أشكل الحكم؛ و الروايات الدالّة على حكم البذل ليست دليلًا على حكم تعبدي، بل هي بيان لمصداق قوله

تعالى: «للّه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا» و قد عرفت أنّ الاستطاعة أمر عرفي و ليست لها حقيقة شرعيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 298

الذهاب فقط و لم يكن عنده نفقة العود لم يجب (1)، و كذا لو لم يبذل نفقة عياله، إلّاإذا كان عنده ما يكفيهم (2) إلى أن يعود أو كان لايتمكّن من نفقتهم مع ترك الحجّ أيضاً.

مسألة 35: لايمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة؛ نعم، لو كان حالًاّ و كان الديّان مطالباً مع فرض تمكّنه من أدائه لو لم يحجّ و لو تدريجاً، ففي كونه مانعاً أو لا، وجهان (3).

مسألة 36: لايشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة (4).

مسألة 37: إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ، وجب عليه القبول على الأقوى، بل و كذا لو وهبه و خيّره (5) بين أن يحجّ به أو لا، و أمّا لو وهبه و لم يذكر الحجّ لا تعييناً و لا تخييراً فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور (6).

مسألة 38: لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصى أو نذر كذلك، فبذل المتولّي أو الوصيّ أو الناذر له، وجب عليه، لصدق الاستطاعة، بل إطلاق الأخبار (7)؛ و كذا لو أوصى له بما يكفيه (1). الخوئي: الحال فيه هو الحال في الاستطاعة الماليّة (2). الامام الخميني: أو كان لهم كفيل غيره (3). الخوئي: الأظهر هو الأوّل، و كذا الحال في غيره إذا كان السفر إلى الحجّ منافياً لأدائه

الگلپايگاني: لايخلو الأوّل عن قوّة إن لم يتمكّن من الجمع، و إلّافيجمع بينهما

مكارم الشيرازي: لايبعد تقديم أداء الدين، لا لأنّه يمنع عن الاستطاعة، لما عرفت من أنّها حاصلة، بل لأنّ الحجّ هنا مزاحم بواجب آخر لعلّه أقوى ملاكاً منه، كما لايخفى (4).

مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه صدق الاستطاعة هنا، مضافاً إلى إطلاق الروايات الواردة في مسألة البذل (5). الخوئي: و للقول بعدم الوجوب وجه وجيه، فإنّ التخيير يرجع إلى أنّ بذله للحجّ مشروط بعدم صرفه المبذول في جهة اخرى أو الإبقاء عنده، و لايجب على المبذول له تحصيل الشرط (6). مكارم الشيرازي: الشهرة غير ثابتة و لو ثبتت لم تكن حجّة، و وجوب القبول هو الأقوى إذا لم يكن فيها محذور، و لعلّ القائلين بعدم وجوب القبول ذهبوا إلى أنّ حكم البذل حكم تعبدي خاصّ، مع أنّ الظاهر كونه تفسيراً عرفيّاً للآية الشريفة، و القبول و إن كان اكتساباً و لكن مثل هذا الاكتساب أسهل الهيى ء غيرمانع من صدق الاستطاعة عرفاً (7). الامام الخميني: و عليه كما ليس ببعيد، لايعتبر فيه ما يعتبر في الاستطاعة الملكيّة من الرجوع إلى الكفايةو عدم الدين

مكارم الشيرازي: فإنّه من أوضح مصاديق قوله عليه السلام: «من عرض عليه الحجّ ...» الوارد فيما رواه محمّد بن مسلم و أبوبصير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 299

للحجّ بشرط أن يحجّ، فإنّه يجب عليه بعد موت الوصيّ.

مسألة 39: لو أعطاه ما يكفيه للحجّ خمساً أو زكاةً و شرط عليه أن يحجّ به، فالظاهر الصحّة (1) و وجوب الحجّ عليه إذا كان فقيراً أو كانت الزكاة من سهم سبيل اللّه (2).

مسألة 40: الحجّ البذليّ مجزٍ عن حجّة الإسلام (3)، فلايجب عليه إذا استطاع مالًا بعد ذلك على الأقوى.

مسألة 41: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، و في جواز رجوعه عنه بعده وجهان (4)؛ و لو وهبه للحجّ فَقَبِل، فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع (5) قبل الإقباض و عدمه بعده إذا كانت لذي رحمٍ أو

بعد تصرّف الموهوب له (6). (1). الامام الخميني: الظاهر لغويّة الشرط و عدم وجوب الحجّ؛ نعم، لو أعطاه من سهم سبيل اللّه لصرفه في الحجّ لايجوز صرفه في غيره، و لكن لايجب عليه القبول و لايكون من الاستطاعة الماليّة و لا البذليّة، فيجب عليه الحجّ لو استطاع بعد

الگلپايگاني: في صحّة الشرط و وجوب الحجّ إشكال؛ نعم، لو اعطي الزكاة من سهم سبيل اللّه لأن يحجّ بها لوجب الحجّ و لايجوز له صرفها في غيره

الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: لا دليل على صحّة هذا الشرط من ناحية المالك؛ نعم، لو أعطاه الحاكم الشرعي و شرط عليه هذا المعنى لمصلحة، أمكن القول بصحّته؛ أمّا لو أعطاه من باب سهم سبيل اللّه و لم ينطبق هذا العنوان عليه إلّامن جهة الحجّ، وجب عليه الحجّ به ولو بدون هذا الشرط (2). الخوئي: تقدّم الإشكال في جواز صرف الزكاة من سهم سبيل اللّه في غير الجهات العامّة (3). مكارم الشيرازي: لصراحة بعض رواياتها و ظهور بعض آخر في ذلك (4). الامام الخميني: أقواهما الجواز

الخوئي: الظاهر هو الجواز، و على المبذول له الإتمام إذا كان مستطيعاً فعلًا، و على الباذل ضمان ما يصرفه في الإتمام

مكارم الشيرازي: و الأحوط لولا الأقوى، عدم جواز الرجوع، بناءً على وجوب الإتمام عليه بعد الإحرام (5). الگلپايگاني: و لكن إذا رجع الباذل في العين المبذولة بعد الإحرام، فالأحوط عليه تتميم نفقة الحجّ من غيرها (6). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ مجرّد التصرّف في مال الهبة لايمنع عن الرجوع إلّاإذا لم تكن الهبة قائمة بعينها، كما في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام الّذي هو الأصل في المسألة (راجع 1/ 8 من أحكام الهبات) و به

يخصّص أصالة اللزوم في المسألة، و لعلّ مراد المشهور من التصرّف المانع عن الرجوع أيضاً ذلك، فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 300

مسألة 42: إذا رجع الباذل في أثناء الطريق، ففي وجوب نفقة العود عليه أو لا وجهان (1).

مسألة 43: إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة، فالظاهر (2) الوجوب عليهم (3) كفايةً (4)، فلو ترك الجميع استقرّ عليهم الحجّ فيجب على الكلّ، لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى الكلّ؛ نظير ما إذا وجد المتيمّمون ماءً يكفي لواحد منهم، فإنّ تيمّم الجميع يبطل.

مسألة 44: الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل (5)؛ و أمّا الكفّارات، فإن أتى بموجبها عمداً اختياراً فعليه، و إن أتى بها اضطراراً أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد و غيره، ففي كونه عليه أو على الباذل، وجهان (6).

مسألة 45: إنّما يجب بالبذل، الحجّ الّذي هو وظيفته على تقدير الاستطاعة، فلو بذل (1). الامام الخميني: لايبعد الوجوب عليه، كما لايبعد وجوب بذل نفقة إتمام الحجّ في الفرع السابق إذا رجع بعد الإحرام

الخوئي: أظهرهما الوجوب

الگلپايگاني: لايخلو أوّلهما من وجه

مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى، هو الوجوب، لأنّ الباذل هو السبب في ذلك و لقاعدة الغرور، فتأمّل (2). الامام الخميني: محلّ إشكال (3). الگلپايگاني: بل على كلّ واحد منهم مع القطع بإعراض غيره من المعروض عليهم و عدم مزاحمتهم له، لكنّه حينئذٍ يتعيّن عليه (4). مكارم الشيرازي: قد يقال بعدم شمول أدلّة الاستطاعة و لا أدلّة الحجّ البذلي له، و لكن قد عرفت أنّ الاستطاعة العرفيّة هي الملاك في المقام، و هي حاصلة هنا؛ نعم، استقرار الحجّ على جميعهم لوتركوا محلّ إشكال، للعلم بعدم استطاعتهم جميعاً، ولكن استقرار الحجّ على واحد بنحو

الواجب الكفائي أيضاً غيرمعهود، و الأحوط إتيان الجميع (5). الگلپايگاني: إن كان المبذول له ممّن يجب عليه الهدي لكونه واجداً له، و إلّالم يجب و حينئذٍ إن لم يبذل ينتقل إلى الصوم

مكارم الشيرازي: إذا كان ملزماً شرعاً بالبذل للحجّ، و إلّافلايجب عليه (6). الامام الخميني: أوجههما عدم الوجوب على الباذل

الخوئي: الظاهر عدم وجوبه على الباذل

الگلپايگاني: أقواهما الثاني مع تمكّن المبذول له من الأداء، لأنّها حينئذٍ من النفقات الّتي التزم الباذل بذلها، و أمّا مع عدم التمكّن فلايجب على الباذل و حينئذٍ فإن لم يبذل فيأتي بوظيفة غير المتمكّن إلى أن ينتهي إلى الاستغفار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 301

للآفاقيّ بحجّ القران أو الإفراد أو العمرة (1) مفردةً لايجب عليه (2)، و كذا لو بذل للمكّي لحجّ التمتّع لايجب عليه، و لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام لم يجب عليه ثانياً، و لو بذل لمن استقرّ عليه حجّة الإسلام و صار معسراً (3) وجب عليه، و لو كان عليه حجّة النذر أو نحوه و لم يتمكّن فبذل له باذل وجب عليه (4) و إن قلنا بعدم الوجوب (5) لو وهبه لا للحجّ، لشمول الأخبار (6) من حيث التعليل فيها بأنّه بالبذل صار مستطيعاً و لصدق الاستطاعة عرفاً.

مسألة 46: إذا قال له: بذلت لك هذا المال مخيّراً بين أن تحجّ به أو تزور الحسين عليه السلام، وجب عليه الحجّ (7).

مسألة 47: لو بذل له مالًا ليحجّ بقدر مايكفيه، فسرق في أثناء الطريق، سقط الوجوب (8).

مسألة 48: لو رجع عن بذله في الأثناء و كان في ذلك المكان يتمكّن من أن يأتي ببقيّة الأعمال من مال نفسه، أو حدث له مال بقدر كفايته، وجب عليه (9) الإتمام و أجزأه عن حجّة (1). الگلپايگاني:

على المشهور من عدم وجوبها على النائي إن استطاع لها خاصّة (2). مكارم الشيرازي: الأحوط في العمرة المفردة الوجوب، لما سيأتي (3). الگلپايگاني: بحيث لم يتمكّن من الحجّ (4). مكارم الشيرازي: شمول الأخبار الواردة في الحجّ البذلي لما نحن فيه مشكل، و العمدة أنّ البذل هنا يستلزم القدرة على الوفاء بالنذر فيجب عليه (5). الخوئي: هذه العبارة إلى آخرها متمّمة للمسألة الآتية، و قد وضعت هنا اشتباهاً (6). الامام الخميني: بل لتمكّنه به من أداء الواجب فانقطع عذره، هذا إذا بذله لحجّه النذري أو بلا عنوان؛ و أمّا لو بذل لحجّة الإسلام ففيه تفصيل

الگلپايگاني: لاتخلو العبارة عن إجمال. و كيف كان، لو كان البذل للحجّ و كان المبذول له صرورة فتجب عليه حجّة الإسلام، فإن لم يقيّد نذره بغير حجّة الإسلام تجزي عنهما، و إلّافإن كان النذر موسّعاً يجب عليه الوفاء بعد ذلك و إلّايسقط النذر، و إن كان البذل لا للحجّ فيجب الوفاء بالنذر لحصول التمكّن و لا ربط له بالأخبار و لا حاجة إلى صدق الاستطاعة (7). الخوئي: تقدّم أنّ للقول بعدم الوجوب وجهاً وجيهاً

مكارم الشيرازي: و استشكل بعض في شمول أخبار الحجّ البذلي له، إلّاأنّ العمدة حصول الاستطاعة بذلك عرفاً، و قد عرفت أنّ الأخبار أيضاً ناظر إليه (8). مكارم الشيرازي: كما في سائر موارد الاستطاعة (9). الامام الخميني: و مع اجتماع سائر الشرائط قبل إحرامه يجزي عن حجّة الإسلام، و إلّافمحلّ إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 302

الإسلام (1).

مسألة 49: لا فرق في الباذل بين أن يكون واحداً أو متعدّداً (2)؛ فلو قالا له: حجّ و علينا نفقتك، وجب (3) عليه.

مسألة 50: لو عيّن له مقداراً ليحجّ به و اعتقد كفايته، فبان عدمها،

وجب عليه (4) الإتمام (5) في الصورة الّتي لايجوز له الرجوع، إلّاإذا كان ذلك مقيّداً بتقدير كفايته.

مسألة 51: إذا قال: اقترض و حجّ و علىّ دينك، ففي وجوب ذلك عليه نظر، لعدم صدق الاستطاعة عرفاً؛ نعم، لو قال: اقترض لي و حجّ به، وجب (6) مع وجود المقرض كذلك (7).

مسألة 52: لو بذل له مالًا ليحجّ به فتبيّن بعد الحجّ أنّه كان مغصوباً (8)، ففي كفايته للمبذول له عن حجّة الإسلام و عدمها وجهان؛ أقواهما العدم (9)؛ أمّا لو قال: حجّ و علىّ (1). الگلپايگاني: إن كان مستطيعاً و لو من ذلك المكان (2). مكارم الشيرازي: و عدم شمول أخبار الحجّ البذلي له بألفاظه- لو قلنا- به لايمنع بعد عموم الملاك و التعليل و إلغاء الخصوصيّة (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: الظاهر عدم الوجوب

الگلپايگاني: يعني على الباذل، لكنّه مشكل (5). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوب إتمام الباذل لبذله إذا بان عدم الكفاية، إلّاإذا دخل في عنوان الغرور، و ليس مجرّد تعيين مقدار له ليحجّ داخلًا في هذا العنوان (6). الگلپايگاني: على الأحوط و إن كان الأقوى عدم الوجوب؛ نعم، لو اقترض وجب في الصورة الثانية و يجزي عن حجّة الإسلام (7). مكارم الشيرازي: وجوبه محلّ إشكال، لعدم صدق الاستطاعة و عدم شمول أدلّة البذل له، كالصورة السابقة؛ نعم، لو كان المقرض حاضراً و الاستقراض منه سهلًا جدّاً، أو كان مصرّاً على الإقراض و شبه ذلك، أمكن صدق الاستطاعة، فلايُترك الاحتياط حينئذٍ (8). مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة حجّه، لحصول الاستطاعة بالمال المغصوب مع الجهل به، و جواز التصرّف فيه ظاهراً بحكم الشرع، و كون الحكم الواقعي غير منجّز عليه كما

في أشباهه من ماء الوضوء و مكان المصلّي؛ و توهّم أنّ الاستطاعة يتوقّف على الملكيّة أو الإباحة الواقعيّة، كماترى؛ ثمّ إنّه لا فرق بين هذه الصورة و الّتي ذكرها بعدها، بعد تعيين الكلّي في المصداق المغصوب، و العجب ممّن حكم بالفساد في الصورتين (9). الگلپايگاني: بل الأقوى الكفاية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 303

نفقتك، ثمّ بذل له مالًا فبان كونه مغصوباً، فالظاهر صحّة الحجّ، و أجزأه (1) عن حجّة الإسلام (2)، لأنّه استطاع بالبذل و قرار الضمان على الباذل في الصورتين، عالماً كان بكونه مال الغير أو جاهلًا.

مسألة 53: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ باجرة يصير بها مستطيعاً، وجب عليه الحجّ (3)، و لاينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير، لأنّ الواجب عليه في حجّ نفسه أفعال الحجّ، و قطع الطريق مقدّمة توصّلية، بأىّ وجه أتى بها كفى و لو على وجه الحرام أو لا بنيّة الحجّ، و لذا لو كان مستطيعاً قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة في الطريق، بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي صحّ أيضاً و لايضرّ بحجّه؛ نعم، لو آجر نفسه لحجّ بلديّ، لم يجز له أن يؤجر نفسه (4) لنفس المشي كإجارته لزيارة بلديّة أيضاً؛ أمّا لو آجر للخدمة في الطريق، فلا بأس و إن كان مشيه للمستأجر الأوّل؛ فالممنوع وقوع الإجارة على نفس ما وجب عليه، أصلًا أو بالإجارة.

مسألة 54: إذا استوجر، أي طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً، لايجب عليه القبول (5)، و لايستقرّ الحجّ عليه، فالوجوب عليه مقيّد بالقبول و وقوع الإجارة؛ و قد يقال بوجوبه إذا لم يكن حرجاً عليه، لصدق الاستطاعة، و لأنّه مالك (1). الامام

الخميني: بل الظاهر عدم إجزائه عنها (2). الخوئي: الظاهر أنّه لايجزي عنها

مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لاحتمال عدم صدق الاستطاعة في حقّه مع العلم بوجود المانع الشرعي و إن لم يكن في الواقع كذلك، لأنّه مكلّف بحكم العقل بالعمل بعلمه و لا يصحّ له مخالفة، فتأمّل (3). مكارم الشيرازي: و منه يظهر وجوب الحجّ على المكاري و الخادم و المحافظ و غيرهم إذا حصل لهم الاستطاعة على الحجّ ولو عند الوصول إلى الميقات (4). الخوئي: لكن لو آجر نفسه لخصوصيّة المشي كالمشي معه، فلا بأس (5). مكارم الشيرازي: بل قد يجب و يكون مستطيعاً، و ذلك فيما إذا كان القبول و العمل عليه سهلًا بحيث يصدق عليه الاستطاعة الفعليّة عرفاً لا تحصيلًا لها، كما عرفت من أشباهه قبل ذلك. و ما قد يقال في دليل هذا الحكم أنّه مالك لمنافع نفسه كملكيّته لمنافع عبده، كما ترى، فإنّه قياس مع الفارق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 304

لمنافعه فيكون مستطيعاً قبل الإجارة، كما إذا كان مالكاً لمنفعة عبده أو دابّته و كانت كافية في استطاعته و هو كماترى، إذ نمنع صدق الاستطاعة بذلك، لكن لاينبغي ترك الاحتياط في بعض صوره، كما إذا كان من عادته إجارة نفسه للأسفار.

مسألة 55: يجوز لغير المستطيع أن يوجر نفسه للنيابة عن الغير، و إن حصلت الاستطاعة بمال الإجارة قدّم الحجّ النيابيّ (1)، فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب عليه لنفسه، و إلّافلا.

مسألة 56: إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعاً، لايكفيه عن حجّة الإسلام، فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك؛ و ما في بعض الأخبار من إجزائه عنها، محمول على الإجزاء (2) مادام فقيراً (3)،

كما صرّح به في بعضها الآخر، فالمستفاد منها أنّ حجّة الإسلام مستحبّة (4) على غير المستطيع و واجبة على المستطيع، و يتحقّق الأوّل بأىّ وجه أتى به و لو عن الغير تبرّعاً أو بالإجارة، و لايتحقّق الثاني إلّامع حصول شرائط الوجوب.

مسألة 57: يشترط في الاستطاعة مضافاً إلى مؤونة الذهاب و الإياب، وجود ما يمون به عياله حتّى يرجع، فمع عدمه لايكون مستطيعاً، و المراد بهم من يلزمه نفقته لزوماً عرفيّاً و إن لم يكن ممّن يجب عليه نفقته (5) شرعاً على الأقوى؛ فإذا كان له أخ صغير أو كبير فقير لايقدر على التكسّب و هو ملتزم بالإنفاق عليه أو كان متكفّلًا لإنفاق يتيم في حجره و لو (1). الامام الخميني: إن كان الاستيجار للسنة الاولى

الخوئي: إذا لم يكن الحجّ النيابي مقيّداً بالعام الحاضر، قدّم الحجّ عن نفسه

الگلپايگاني: إن كان مقيّداً بالسنة الاولى، و إلّافتقدّم حجّة الإسلام

مكارم الشيرازي: إنّما يجب تقديمه إذا كان مقيّداً بالسنة الاولى، كما هو ظاهر (2). الگلپايگاني: و إعطاء ثوابها عليه (3). مكارم الشيرازي: هذا الحمل بعيد جدّاً، لظهور بعضها أو صراحته بالإجزاء بالنسبة إلى ما بعد الاستطاعة أيضاً، و هذه الأخبار قويّة الأسناد و الدلالة، إلّاأنّ إعراض الأصحاب عنها يسقطها عن الحجيّة، و لا حاجة إلى ارتكاب التوجيهات البعيدة (4). الامام الخميني: صدق عنوان حجّة الإسلام عليه محلّ تأمّل، و الأمر سهل

الگلپايگاني: بل الظاهر من الأخبار عدم تعدّد حجّة الإسلام، و سيأتي منه قدس سره نفيها عن غير البالغ المستطيع (5). الخوئي: العبرة بحصول العسر و الحرج إذا لم ينفق على من لاتجب عليه نفقته شرعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 305

أجنبيّ يعدّ عيالًا له، فالمدار على العيال العرفيّ (1).

مسألة 58: الأقوى

وفاقاً لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية (2)، من تجارة أو زراعة أو صناعة أو منفعة ملك له، من بستان أو دكّان أو نحو ذلك، بحيث لايحتاج إلى التكفّف و لايقع في الشدّة و الحرج، و يكفي كونه قادراً على التكسّب اللائق به أو التجارة باعتباره و وجاهته و إن لم يكن له رأس مال يتّجر به؛ نعم، قد مرّ عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذليّة، و لايبعد عدم اعتباره أيضاً فيمن يمضي أمره بالوجوه اللائقة به كطلبة العلم من السادة و غيرهم، فإذا حصل لهم مقدار مؤونة الذهاب والإياب و مؤونة عيالهم إلى حال الرجوع وجب عليهم (3)، بل و كذا الفقير الّذي عادته و شغله أخذ الوجوه (4) و لايقدر على التكسّب إذا حصل له مقدار مؤونة الذهاب و الإياب له و لعياله، و كذا كلّ من لايتفاوت حاله قبل الحجّ و بعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مؤونة الذهاب والإياب من دون حرج عليه. (1). مكارم الشيرازي: لما عرفت من أنّ المدار على الاستطاعة العرفيّة، و ما ورد في روايات الباب من عنوان العيال أيضاً ناظر إليه (2). الگلپايگاني: من كان له تجارة أو غيرها ممّا ذكره قدس سره بمقدار معاشه و توقّف حجّه على هدم أساس معاشه لايجب عليه ذلك، لعدم صدق الاستطاعة؛ و أمّا من لم يكن عنده شي ء ممّا ذكر و كان عنده مال يكفي لمؤونة حجّه و لمؤونة عياله و لما بعد المراجعة إلى مدّة معتدّ بها مثل السنة و أكثر بحيث لايهتمّ العقلاء بتحصيل المؤونة لما بعدها فعلًا، فالظاهر وجوب الحجّ عليه لصدق الاستطاعة من دون توقّف إلى مؤونة تمام العمر و لايستفاد من الأخبار أكثر من ذلك،

و كذا من كثير من كلمات القدماء

مكارم الشيرازي: و العمدة فيه عدم صدق الاستطاعة بدونه، مضافاً إلى روايات خاصّة، و هي و إن كانت قاصرة سنداً ولكنّ الظاهر أنّها منجبرة بعمل الأصحاب، و منه يظهر أنّه لاينحصر بموارد لزوم العسر و الحرج، بل هو أوسع منه (3). الامام الخميني: بل لايجب عليهم و لا على الفقير الّذي عادته أخذ الوجوه، و كذا لايجب على من لايتفاوت حاله على الأقوى (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّه مع وجود مال لهم لايجوز لهم الأخذ من الزكاة أو غيرها ممّا يكون ملاكه الفقر (و الأخذ من سهم سبيل اللّه أمر آخر)؛ نعم، إذا كان المال الموجود لايمكن التصرّف فيه إلّابالحجّ، وجب عليه حجّة الإسلام، و إن شئت قلت: يجوز لهم صرف هذه النفقة في الحجّ حتّى يعودون فقراء و يأخذون من سهمهم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 306

مسألة 59: لايجوز للولد أن يأخذ من مال والده (1) و يحجّ به، كما لايجب على الوالد أن يبذل له، و كذا لايجب على الولد بذل المال لوالده ليحجّ به، و كذا لايجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحجّ؛ و القول بجواز ذلك أو وجوبه، كما عن الشيخ، ضعيف و إن كان يدلّ عليه صحيح سعد بن يسار: سئل الصادق عليه السلام الرجل يحجّ من مال ابنه و هو صغير؟ قال: «نعم، يحجّ منه حجّة الإسلام» قال: و ينفق منه؟ قال: «نعم» ثمّ قال: «إنّ مال الولد لوالده، إنّ رجلًا اختصم هو و والده إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقضى أنّ المال و الولد للوالد (2)» وذلك لإعراض الأصحاب عنه (3)، مع إمكان حمله على الاقتراض من ماله مع

استطاعته من مال نفسه، أو على ما إذا كان فقيراً و كانت نفقته على ولده و لم يكن نفقة السفر إلى الحجّ أزيد من نفقته في الحضر، إذ الظاهر الوجوب حينئذٍ (4).

مسألة 60: إذا حصلت الاستطاعة، لايجب أن يحجّ من ماله (5)، فلو حجّ في نفقة غيره لنفسه أجزأه، و كذا لو حجّ متسكّعاً، بل لو حجّ من مال الغير غصباً صحّ و أجزأه؛ نعم، إذا كان ثوب إحرامه و طوافه و سعيه من المغصوب، لم يصحّ (6)؛ و كذا إذا كان ثمن هديه غصباً (7).

مسألة 61: يشترط في وجوب الحجّ الاستطاعة البدنيّة؛ فلو كان مريضاً لايقدر على الركوب أو كان حرجاً عليه و لو على المحمل أو الكنيسة لم يجب (8)، و كذا لو تمكّن من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤونته، و كذا لو احتاج إلى خادم و لم يكن عنده مؤونته. (1). الگلپايگاني: يعني من دون رضاه (2). مكارم الشيرازي: و أشكل من تملّك الوالد للمال تملّكه للولد، فإنّه لم يقل به أحد، فلابدّ من حمله على نوع من المجاز، فليحمل المال عليه أيضاً (3). الخوئي: لا لذلك، بل لمعارضته بصحيح الحسين بن أبي العلاء (4). الامام الخميني: بل الظاهر عدم الوجوب (5). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ إطلاقات الأدلّة يقتضي صحّتها، و الظاهر أنّ الإجماع المدّعى أيضاً يرجع إليه (6). الامام الخميني: فيه إشكال؛ نعم، الأحوط عدم صحّة صلاة الطواف مع غصبيّة الثوب؛ و أمّا غصبيّة ثمن الهدي مع الشراء بالذمّة فلاتوجب البطلان

الخوئي: الأظهر في السعي و الإحرام الصحّة، و سيجي ء منه قدس سره عدم شرطيّة لبس الثوبين في الإحرام (7). الگلپايگاني: مناط عدم إجزاء الهدي غصبيّة الهدي، فيجزي لو كان الشراء في

الذمّة

مكارم الشيرازي: على الأحوط في جميع ذلك، و قد أشرنا إليه في أبواب مكان المصلّي و لباسه (8). مكارم الشيرازي: وكذا إذا كان بعض أعمال الحجّ الّذي لاتقبل النيابة حرجاً عليه كالوقوف بالموقفين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 307

مسألة 62: و يشترط أيضاً الاستطاعة الزمانيّة (1)؛ فلو كان الوقت ضيقاً لايمكنه الوصول إلى الحجّ أو أمكن لكن بمشقّة شديدة، لم يجب، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة (2) إلى العام القابل وجب و إلّافلا.

مسألة 63: و يشترط أيضاً الاستطاعة السربيّة، بأن لايكون في الطريق مانع لايمكن معه الوصول إلى الميقات أو إلى تمام الأعمال، و إلّالم يجب، و كذا لو كان غير مأمون، بأن يخاف على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله و كان الطريق منحصراً فيه أو كان جميع الطرق كذلك و لو كان هناك طريقان أحدهما أقرب لكنّه غير مأمون، وجب الذهاب من الأبعد المأمون؛ و لو كان جميع الطرق مخوفاً إلّاأنّه يمكنه الوصول إلى الحجّ بالدوران في البلاد، مثل ما إذا كان من أهل العراق و لايمكنه إلّاأن يمشي إلى كرمان، و منه إلى خراسان، و منه إلى بخارا، و منه إلى الهند، و منه إلى بوشهر، و منه إلى جدّة مثلًا، و منه إلى المدينة، و منها إلى مكّة، فهل يجب أو لا؟ وجهان؛ أقواهما عدم الوجوب (3)، لأنّه يصدق عليه أنّه لايكون مخلّى السرب.

مسألة 64: إذا استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به (4)، لم يجب، و كذا إذا كان هناك مانع شرعيّ من استلزامه ترك واجب فوريّ (5) سابقٍ (6) على حصول الاستطاعة أو لاحقٍ، مع كونه أهمّ من الحجّ كإنقاذ غريق أو حريق، و كذا إذا توقّف على

ارتكاب محرّم (7)، (1). مكارم الشيرازي: أقول: كلّ ذلك داخل في قوله تعالى: «من استطاع إليه سبيلًا» وذكرها بالخصوص في الحقيقة من باب توضيح و شرح المصاديق (2). الخوئي: الأظهر أنّه يجب عليه إبقاء الاستطاعة (3). الخوئي: هذا في فرض الحرج أو الضرر المترتّب على سلوك الطريق غير المتعارف (4). الامام الخميني: يكون تحمّله حرجيّاً؛ و أمّا مطلق الضرر فغير معلوم (5). الامام الخميني: المعيار في كون ترك الواجب و ارتكاب المحرّم موجباً لسقوط الحجّ هو كونه أهمّ منه؛ كان الواجب سابقاً أو لاحقاً، كما مرّ (6). الگلپايگاني: مع كونه أهمّ، كما مرّ

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا فرق بين السابق و اللاحق في اعتبار كونه أهمّ من الحجّ؛ و من توهّم أنّ الواجب المطلق مقدّم على الحجّ مطلقاً لانتفاء الاستطاعة معه لايفرّق أيضاً بين السابق و اللاحق، فما ذكره من التفصيل لا وجه له (7). الخوئي: هذا أيضاً من موارد التزاحم، فتلاحظ الأهميّة

الگلپايگاني: فعله أشدّ من ترك الحجّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 308

كما إذا توقّف على ركوب دابّة غصبيّة أو المشي في الأرض المغصوبة.

مسألة 65: قد علم ممّا مرّ أنّه يشترط في وجوب الحجّ مضافاً إلى البلوغ و العقل و الحرّيّة، الاستطاعة الماليّة و البدنيّة و الزمانيّة و السربيّة و عدم استلزامه الضرر (1) أو ترك واجب أو فعل حرام (2)، و مع فقد أحد هذه لايجب.

فبقي الكلام في أمرين:

أحدهما: إذا اعتقد تحقّق جميع هذه مع فقد بعضها واقعاً أو اعتقد فقد بعضها و كان متحقّقاً، فنقول: إذا اعتقد كونه بالغاً أو حرّاً مع تحقّق سائر الشرائط فحجّ، ثمّ بان أنّه كان صغيراً أو عبداً، فالظاهر بل المقطوع عدم إجزائه عن حجّة الإسلام، و إن

اعتقد كونه غير بالغ أو عبداً مع تحقّق سائر الشرائط و أتى به أجزأه (3) عن حجّةالإسلام، كما مرّ سابقاً؛ و إن تركه مع بقاء الشرائط إلى ذي الحجّة (4)، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه (5)، فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلك، كما إذا تلف ماله وجب عليه الحجّ ولو متسكّعاً، و إن اعتقد كونه مستطيعاً مالًا و أنّ ما عنده يكفيه، فبان الخلاف بعد الحجّ، ففي إجزائه عن حجّة الإسلام و عدمه وجهان (6)؛ من فقد الشرط واقعاً و من أنّ القدر المسلّم من عدم إجزاء حجّ غير (1). الامام الخميني: مرّ التفصيل فيه و في تالييه (2). الخوئي: على ما تقدّم فيهما من ملاحظة الأهميّة

مكارم الشيرازي: بشرط كونهما أهمّ، و قد عرفت أنّ الواجب و الحرام لايزاحمان الحجّ إلّاإذا كانا أهمّ منه (3). الگلپايگاني: يعني أجزأه إن بان كونه بالغاً حرّاً، لكنّه مشكل، كما مرّ (4). الامام الخميني: بل إلى زمان تمام العمل. و يحتمل اشتراط بقائه إلى زمان إمكان العود إلى محلّه، على إشكال فيه

الگلپايگاني: بل إلى وقت تمام العمل

مكارم الشيرازي: بل المعتبر بقاء الشرائط إلى تمام الأعمال مع الاستطاعة للعود (5). الخوئي: بل الظاهر عدمه (6). الامام الخميني، الخوئي: أقواهما عدم الإجزاء

الگلپايگاني: أقواهما العدم

مكارم الشيرازي: الظاهر عدم إجزائه عنه. و ما ذكره من أنّ القدر المسلّم من عدم إجزاء حجّ غير المستطيع ماعدا هذه الصورة ممنوع، لأنّ الإجزاء يحتاج إلى الدليل و لايكفيه عدم الدليل، مع أنّ ظاهر أدلّة الاستطاعة اعتبار وجودها الواقعي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 309

المستطيع عن حجّة الإسلام غير هذه الصورة. و إن اعتقد عدم كفاية ما عنده من المال و كان في الواقع كافياً و

ترك الحجّ، فالظاهر الاستقرار عليه (1). و إن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحجّ، فبان الخلاف، فالظاهر كفايته (2). و إن اعتقد المانع من العدوّ أو الضرر أو الحرج فترك الحجّ، فبان الخلاف، فهل يستقرّ عليه الحجّ أو لا؟ وجهان؛ و الأقوى عدمه، لأنّ المناط في الضرر الخوف (3)، و هو حاصل إلّاإذا كان اعتقاده على خلاف رويّة العقلاء (4) و بدون الفحص و التفتيش. و إن اعتقد عدم مانع شرعيّ فحجّ، فالظاهر الإجزاء (5) إذا بان الخلاف؛ و إن اعتقد وجوده فترك، فبان الخلاف، فالظاهر الاستقرار (6).

ثانيهما: إذا ترك الحجّ مع تحقّق الشرائط متعمّداً، أو حجّ مع فقد بعضها كذلك؛ أمّا الأوّل، فلا إشكال في استقرار الحجّ عليه مع بقائها إلى ذي الحجّة (7)؛ و أمّا الثاني، فإن حجّ مع عدم البلوغ أو مع عدم الحرّيّة فلا إشكال في عدم إجزائه، إلّاإذا بلغ أو انعتق قبل أحد (1). الخوئي: بل الظاهر عدم الاستقرار كما تقدّم

مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسأله (25) الإشكال فيه (2). الامام الخميني: محلّ إشكال في الضرر النفسيّ و الحرج، و كذا الضرر المالي البالغ حدّ الحرج؛ و أمّا غيربالغه فلايمنع عن وجوب الحجّ؛ نعم، لو تحمّل الضرر و الحرج حتّى بلغ الميقات فارتفع الضرر و الحرج و صار مستطيعاً فالأقوى كفايته

الگلپايگاني: هذا إذا كان الضرر أو الحرج في المقدّمات أو كان تحمّل الضرر مسوّغاً كالضرر المالي أو كان معذوراً في جهله، و إلّافالظاهر عدم الكفاية، لعدم الاستطاعة مع الحرج و حرمة العمل مع الضرر (3). الامام الخميني: موضوعيّة الخوف محلّ إشكال بل منع، خصوصاً في الحرج

الگلپايگاني: لكنّ الظاهر أنّ المناط في الحرج هو الواقع، فيستقرّ على

معتقده الحجّ و لو بان الخلاف (4). الخوئي: بل حتّى في هذه الصورة (5). الگلپايگاني: إلّاإذا اتّحد بعض واجبات الحجّ مع الحرام و لم يكن معذوراً في جهله، و كذا مع استلزام الحرام إذا كانت حرمته أشدّ من ترك الحجّ (6). الخوئي: بل الظاهر عدمه (7). الخوئي: بل إلى آخر الأعمال

الگلپايگاني: يعني إلى وقت تمام أعمال الحجّ، كما مرّ

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ مراده بقاؤه إلى وقت أداء الأعمال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 310

الموقفين على إشكال في البلوغ قد مرّ (1)، و إن حجّ مع عدم الاستطاعة الماليّة فظاهرهم مسلّميّة عدم الإجزاء (2) و لا دليل عليه (3) إلّاالإجماع (4)، و إلّافالظاهر أنّ حجّة الإسلام هو الحجّ الأوّل، و إذا أتى به كفى (5) ولو كان ندباً، كما إذا أتى الصبيّ صلاة الظهر مستحبّاً، بناءً على شرعيّة عباداته فبلغ في أثناء الوقت (6)، فإنّ الأقوى عدم وجوب إعادتها. و دعوى أنّ المستحبّ لايجزي عن الواجب، ممنوعة بعد اتّحاد ماهيّة الواجب و المستحبّ؛ نعم، لو ثبت تعدّد ماهيّة حجّ المتسكّع و المستطيع، تمّ ما ذكر، لا لعدم إجزاء المستحبّ عن الواجب، بل لتعدّد الماهيّة. و إن حجّ مع عدم أمن الطريق أو مع عدم صحّة البدن مع كونه حرجاً عليه أو مع ضيق الوقت كذلك، فالمشهور بينهم عدم إجزائه عن الواجب (7)، و عن الدروس: (1). الامام الخميني: و مرّ أن الأقوى هو الإجزاء

الخوئي: و قد مرّ عدم الإجزاء فيه (2). الگلپايگاني: و هو الأقوى، و يدلّ عليه رواية مسمع، و ضعفها منجبر مع أنّ الحكم مطابق للقاعدة؛ والقياس ببلوغ الصبيّ في أثناء الوقت مع الفارق، بل المسألة نظير ما إذا صلّى الصبيّ في يوم ثمّ بلغ في

يوم آخر فإنّ الحجّ في كلّ سنة مطلوب مستقلّ لايجزي أحده عن الآخر و الواجب و إن كان واحداً لكن تقييده بالأوّل و لو كان صادراً عن غير واجد الشرائط يحتاج إلى دليل و هو مفقود، بل استظهر قدس سره خلافه فيما مضى، و اتّحاد الماهيّة لاينافي لزوم الإتيان بها بعد تحقّق شرط وجوبها، سواء وجد منها قبل ذلك شي ء أم لا (3). الامام الخميني: هذا ممنوع، مع أنّ الإجماع كافٍ مع عدم الدليل، مع أنّ قيام الدليل على عدم الإجزاء في الصغير و العبد يدفع تنظيره الآتي، فعدم الإجزاء خالٍ من الإشكال (4). الخوئي: بل الدليل عليه إطلاق الآية و الروايات، فإنّ الحجّ في كلّ سنة له أمر يغاير الأمر به في السنة الاخرى، و هذا بخلاف الصلاة في وقت واحد فإنّها طبيعة واحدة، غاية الأمر أنّ الأمر بها قد يكون وجوبيّاً و قد يكون ندبيّاً

مكارم الشيرازي: لاينحصر الدليل في الإجماع، بل المصرّح به في رواية مسمع بن عبد الملك (1/ 19 من أبواب وجوب الحجّ) عدم كفاية الحجّ من غير المستطيع، و ضعف سنده مجبور بعمل الأصحاب، كما أنّ ظاهر غيره ممّا يدلّ على اعتبار الاستطاعة عدم كفاية الحجّ عن غير المستطيع (5). الخوئي: الكفاية إنّما هي بالنسبة إلى الأمر الاستحبابي، و لا دليل على كفايته بالنسبة إلى الأمر الوجوبي (6). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في محلّه من أحكام أوقات الصلاة أنّه لاينبغي له ترك الاحتياط بالإعادة (7). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى؛ و ما أفاده في الدروس و في المتن من الإجزاء، كلّها اجتهادات في مقابل النصّ، فقد عرفت التصريح في رواية مسمع بن عبدالملك بأنّه «لو أنّ عبداً حجّ عشر حجج

كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إليه سبيلًا» و ليس المراد من «العبد» هنا «المملوك» للتصريح بحكم المملوك في ذيلها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 311

الإجزاء، إلّاإذا كان إلى حدّ الإضرار بالنفس و قارن (1) بعض المناسك، فيحتمل عدم الإجزاء، ففرّق بين حجّ المتسكّع و حجّ هؤلاء و علّل الإجزاء بأنّ ذلك من باب تحصيل الشرط، فإنّه لايجب، لكن إذا حصله وجب؛ و فيه: أنّ مجرّد البناء على ذلك لايكفي في حصول الشرط، مع أنّ غاية الأمر حصول المقدّمة الّتي هو المشي إلى مكّة و منى و عرفات، ومن المعلوم أنّ مجرّد هذا لايجب حصول الشرط الّذي هو عدم الضرر أو عدم الحرج؛ نعم، لو كان الحرج أو الضرر في المشي إلى الميقات فقط و لم يكونا حين الشروع في الأعمال، تمّ ما ذكره (2)، و لا قائل بعدم الإجزاء في هذه الصورة. هذا، و مع ذلك فالأقوى ما ذكره (3) في الدروس، لا لما ذكره، بل لأنّ الضرر (4) و الحرج إذا لم يصلا إلى حدّ الحرمة إنّما يرفعان الوجوب و الإلزام لا أصل الطلب (5)، فإذا تحمّلهما و أتى بالمأمور به كفى.

مسألة 66: إذا حجّ مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرّم لم يجزه (6) عن حجّة (1). الامام الخميني: المناط تحقّق الاستطاعة بجميع شرائطها قبل الإحرام من الميقات، فلو حجّ مع عدم الأمن أو مع عدم صحّة البدن أو مع الحرج و صار قبل الإحرام مستطيعاً بكون الطريق من الميقات إلى تمام الأعمال أمناً و ارتفع الحرج و الضرر و تحقّق الشروط يجزي حجّه عن حجّة الإسلام، بخلاف ما لو فقد شرط من حال الإحرام إلى تمام العمل، فلو كان نفس الحجّ و لو ببعض أجزائه حرجيّاً أو

ضرريّاً على النفس فالظاهر عدم الإجزاء (2). مكارم الشيرازي: هذا محلّ إشكال، لظهور أدلّة الاستطاعة في لزومها من البلد؛ و من تكلّف المسير إلى الميقات لايكون واجداً للشرط، فلايكفي عن حجّة الإسلام، و دعوى الإجماع عليه ممنوعة فلايُترك الاحتياط بالإعادة (3). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الإجزاء إن كان من الميقات إلى فراغ الأعمال و لو في جزء منها غير مأمون أو كان مريضاً يكون بعض الأعمال حرجيّاً عليه، و ذلك لانتفاء الاستطاعة الّتي بانتفائها ينتفي الوجوب و الإجزاء على ما قوّيناه، و التعليل إن تمّ ففي غير المقام؛ نعم، لو كان الطريق غير مأمون إلى ما قبل الميقات و منه مأموناً إلى تمام الأعمال، فالأقوى الإجزاء، لأنّه بوصوله إليه يصير مستطيعاً و كذا في الحرج (4). الامام الخميني: فيه إشكال بل منع، فلا معنى لبقاء أصل الطلب بعد رفع الوجوب و فقدان الاستطاعة (5). الخوئي: فيه منع ظاهر، و الأقوى عدم الإجزاء

مكارم الشيرازي: هذا التعليل غير تامّ، لما قد ذكرنا في محلّه من أنّ الأقوى رفع الطلب أيضاً؛ لأنّه ليس هناك دليلان، دليل الإلزام و دليل الطلب، حتّى تكون أدلّة نفي الحرج حاكمة على الأوّل دون الثاني (6). الامام الخميني: الأقوى الإجزاء و لو استلزم لترك الأهمّ، فضلًا عن غيره؛ و مرّ الإشكال في تعليله

العروة الوثقى، ج 2، ص: 312

الإسلام (1) و إن اجتمع سائر الشرائط، لا لأنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه لمنعه أوّلًا و منع بطلان العمل بهذا النهي ثانياً، لأنّ النهي متعلّق بأمر خارج (2)، بل لأنّ الأمر مشروط بعدم المانع (3) و وجوب ذلك الواجب مانع، و كذلك النهي المتعلّق بذلك المحرّم مانع و معه لا أمر بالحجّ (4)؛ نعم، لو

كان الحجّ مستقرّاً عليه و توقّف الإتيان به على ترك واجب أو فعل حرام، دخل في تلك المسألة، و أمكن أن يقال بالإجزاء، لما ذكر من منع اقتضاء الأمر بشي ء للنهي عن ضدّه، و منع كون النهي المتعلّق بأمر خارج (5) موجباً للبطلان.

مسألة 67: إذا كان في الطريق عدوّ لايندفع إلّابالمال، فهل يجب بذله و يجب الحجّ أو لا؟ أقوال (6)؛ ثالثها الفرق (7) بين المضرّ بحاله (8) وعدمه، فيجب في الثاني دون الأوّل. (1). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الإجزاء بناءً على أنّ اعتبار عدم مزاحمة الواجب الأهمّ في وجوب الحجّ ليس من ناحية مسألة الاستطاعة، بل من جهة المزاحمة و التضادّ، و قد ذكرنا في محلّه صحّة الأمر بالمتضادّين على سبيل الترتّب، مضافاً إلى كفاية قصد الملاك (2). مكارم الشيرازي: هذا التعليل ضعيف، لأنّ النهي المتعلّق بالضدّ- على القول به- إنّما تعلّق به عيناً لا غير (3). الگلپايگاني: بل يقدّم سائر الواجبات على الحجّ من باب التزاحم مع إحراز الأهميّة كما مرّ، و كذا ترك الحرام؛ و عليه فالأقوى في المسألة الإجزاء كما في صورة الاستقرار (4). الخوئي: بل الأمر به موجود إن كان الحجّ أهمّ منه، و إن كان غيره أهمّ فالحجّ أيضاً مأمور به على نحوالترتّب، على ما ذكرناه في محلّه (5). الخوئي: هذا إذا كان المراد تعلّق النهي بالضدّ العام و هو الترك؛ و أمّا لو فرض تعلّقه بالضدّ الخاصّ فهو متعلّق بنفس الحجّ لا بأمر خارج (6). الامام الخميني: رابعها: التفصيل بين كون العدوّ مانعاً عن العبور و لم يكن السرب مخلّى عرفاً و لكن يمكن تخليته بالمال فلا يجب و بين عدم المنع منه لكن يأخذ الظالم من كلّ عابر

شيئاً فيجب، إلّاإذا كان الدفع حرجيّاً، و هذا هو الأقوى

مكارم الشيرازي: الأقوى أن يفصّل بين ما يصدق معه الاستطاعة العرفيّة و ما لايصدق، فإنّ المقامات مختلفة جدّاً (7). الگلپايگاني: الأقوى الوجوب مع استطاعة البذل إن لم يعدّ بذله من التلف و الضرر كالمأخوذ بالسرقة و النهب، و إلّافالأقوى عدم الوجوب إن كان الضرر معتدّاً به؛ نعم، يجزي الحجّ مع الإقدام و بقاء الاستطاعة (8). الخوئي: أو كان معتدّاً به و إن كان يكن مضرّاً بحاله

العروة الوثقى، ج 2، ص: 313

مسألة 68: لو توقّف الحجّ على قتال العدوّ، لم يجب (1)، حتّى مع ظنّ الغلبة (2) عليه والسلامة، و قد يقال (3) بالوجوب في هذه الصورة.

مسألة 69: لو انحصر الطريق في البحر، وجب ركوبه، إلّامع خوف الغرق أو المرض خوفاً عقلائيّاً (4) أو استلزامه الإخلال بصلاته (5) أو إيجابه لأكل النجس (6) أو شربه (7)، و لو حجّ مع هذا صحّ حجّه، لأنّ ذلك في المقدّمة و هي المشي إلى الميقات، كما إذا ركب دابّة غصبيّة إلى الميقات.

مسألة 70: إذا استقرّ عليه الحجّ و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة، وجب عليه أداؤها و لايجوز (8) له المشي إلى الحجّ قبلها (9)، و لو تركه عصى، و أمّا (1). الامام الخمينى: إذا كان السرب غير مخلى عرفا لا يجب تحصيل تخليته مطلقا، و أما لو كان السرب مخلى و لكن كان فى البلد مثلا عدو يمنعه عن الإخراج للحج فلا يبعد وجوب قتاله مع العلم بالسلامة والغلبة أو الاطمينان والوثوق بهما، و مع ذلك لا تخلو المسألة من الأشكال.

مكارم الشيرازى: إلا إذا كان الغلبة عليه سهلا يصدق معها الاستطاعة عرفا (2). الگلپايگانى: بل

و كذا مع القطع بها، إلا إذا كان يسرا يصدق معه تخلية السرب.

(3). الخوئى: لكنه ضعيف.

(4). الخوئى: بل غير العقلانى أيضا إذا كان تحمله حرجيا عليه.

(5). الامام الخمينى: بأصل صلاته، لا بتبديل بعض حالاته؛ و أما مع إيجابه لأكل النجس و شربه فسقوط الحج به فى غاية الاشكال، بل لا يبعد عدم السقوط و لزوم التحرز عن النجس حتى الإمكان و الاقتصار على الضرورة.

الخوئى: لا يسقط وجوب الحج بمثل ذلك فإن الصلاة بأتى بها حسب وظيفته؛ و أما الاضطرار إلى أكل النجس أو شربه فلا بأس به لأهمية الحج الگلپايگانى: حتى بحسب حاله مكارم الشيرازى: المراد إخلال بالصلاة ألتى تجب على مسافر البحر، و إلا فالصلاة فى السفينة غالبا فاقدة لبعض شرائط حال الاختيار، و لا يمكن منع السفر بالسفينتة إلا إذا اقتضت الضرورة، فانه مخالف للسيرة المستمرة إلى زمان الشارع المقدس، مضافا إلى ما ورد فى بعض الروايات من حكم صلاة جالس السفينة مما يظهر منه إمضاء السفر بالسفائن (راجع الباب 13 من أبواب القبلة ج 3 من الوسائل) (6). مكارم الشيرازى: قد عرفت المدار على كون ترك الحرام أهم، و هو فى المقام غير ثابت.

(7). الگلپايگانى: السقوط معهما مشكل، و المناط إحراز الأهمية.

(8). الگلپايگانى: لو لم يتمكن من الأداء ماشيا.

(9). مكارم الشيرازي: إذا قلنا بكون أدائها أهمّ من الحجّ، و هو غير معلوم بالنسبة إلى جميع مواردها.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 314

حجّه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمّته لا في عين ماله، و كذا إذا كانت في عين ماله و لكن كان ما يصرفه في مؤونته من المال الّذي لايكون فيه خمس أو زكاة أو غيرهما، أو كان ممّا تعلّق به الحقوق و لكن

كان ثوب إحرامه (1) و طوافه و سعيه (2) و ثمن هديه من المال الّذي ليس فيه حقّ، بل و كذا إذا كانا ممّا تعلّق به الحقّ من الخمس و الزكاة، إلّاأنّه بقي عنده مقدار ما فيه منهما (3)، بناءً على ما هو الأقوى (4) من كونهما في العين على نحو الكلّي في المعيّن (5) لا على وجه الإشاعة.

مسألة 71: يجب على المستطيع الحجّ مباشرةً، فلايكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً أو بالإجارة إذا كان متمكّناً من المباشرة بنفسه.

مسألة 72: إذا استقرّ الحجّ عليه و لم يتمكّن من المباشرة لمرض لم يرج زواله (6) أو حصر كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه، فالمشهور وجوب الاستنابة عليه، بل ربّما يقال بعدم الخلاف فيه و هو الأقوى و إن كان ربّما يقال بعدم الوجوب، و ذلك لظهور جملة من الأخبار في الوجوب؛ و أمّا إن كان موسراً من حيث المال و لم يتمكّن من المباشرة مع عدم استقراره عليه ففي وجوب الاستنابة و عدمه قولان؛ لايخلو أوّلهما (7) عن قوّة (8)، (1). الامام الخميني: مرّ الإشكال في بطلان غير الصلاة من النسك مع غصبيّة الثوب و الاحتياط في الصلاة، ومرّ الكلام في ثمن الهدي (2). الخوئي: تقدّم الكلام فيه (3). مكارم الشيرازي: بقاء هذا المقدار غير كافٍ، بل الواجب أداؤها فوراً و إن قلنا بأنّ تعلّقها بالمال من قبيل تعلّق الكلّي في المعيّن، لأنّه واجب فوري؛ مضافاً إلى ضعف هذا المبنى، كما ذكر في بحث الزكاة (4). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقرب في محلّه

الخوئي: تقدّم ما هو الأقوى في الخمس و في الزكاة [في زكاة الغلّات الأربع، المسألة 31، و فيما يجب فيه الخمس، المسألة

76] (5). الگلپايگاني: تقدّم الإشكال في موضعه و أنّ الأحوط عدم التصرّف قبل أداء الحقوق (6). الگلپايگاني: بل الأحوط وجوب الاستنابة مع رجاء الزوال أيضاً (7). الامام الخميني: بل ثانيهما (8). الگلپايگاني: لا قوّة فيه، لكنّه أحوط

مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه بعد ظهور الأدلّة في اعتبار السلامة و شبهها في موضوع الاستطاعة، فإنّ ظاهرها عدم الوجوب عند فقدها كفقد الزاد و الراحلة، فإطلاق الأخبار مقيّد بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 315

لإطلاق الأخبار المشار إليها و هي و إن كانت مطلقة (1) من حيث رجاء الزوال و عدمه لكنّ المنساق (2) من بعضها ذلك، مضافاً إلى ظهور الإجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال، والظاهر فوريّة (3) الوجوب كما في صورة المباشرة، و مع بقاء العذر إلى أن مات يجزيه حجّ النائب، فلايجب القضاء عنه و إن كان مستقرّاً عليه؛ و إن اتّفق ارتفاع العذر بعد ذلك، فالمشهور أنّه يجب عليه مباشرةً و إن كان بعد إتيان النائب، بل ربّما يدّعى عدم الخلاف فيه، لكنّ الأقوى (4) عدم الوجوب (5)، لأنّ ظاهر الأخبار أنّ حجّ النائب هو الّذي كان واجباً على المنوب عنه، فإذا أتى به فقد حصل ما كان واجباً عليه و لا دليل على وجوبه مرّة اخرى، بل لو قلنا باستحباب الاستنابة، فالظاهر كفاية فعل النائب بعد كون الظاهر الاستنابة فيما كان عليه، و معه لا وجه لدعوى أنّ المستحبّ لايجزي عن الواجب، إذ ذلك فيما إذا لم يكن المستحبّ نفس ما كان واجباً، و المفروض في المقام أنّه هو، بل يمكن أن يقال (6): إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب، بأن كان الارتفاع بعد إحرام النائب، أنّه يجب عليه الإتمام و يكفي (7) عن

المنوب عنه (8)، بل يحتمل ذلك (9) وإن كان في أثناء الطريق قبل (1). الخوئي: لا إطلاق فيما دلّ على الوجوب منها (2). الگلپايگاني: لكنّه لايصلح لتقييد المطلق منها، و الإجماع غير محقّق، فلايُترك الاحتياط (3). الامام الخميني: الحكم فيها مبنيّ على الاحتياط (4). الخوئي: فيه إشكال، و الأحوط الوجوب (5). مكارم الشيرازي: لما ذكرنا في مبحث الإجزاء؛ أنّ مقتضى الأوامر الشرعيّة كلّها الإجزاء حتّى الأوامر الظاهريّة، فكيف بالأوامر الواقعيّة الاضطراريّة؟ (6). الامام الخميني: لكنّ الأقوى خلافه؛ و منه يعلم حال الاحتمال الآتي، و ما ذكره في وجهه غير وجيه، فالظاهر بطلان الإجارة لعدم الموضوع، و إمكان الإبلاغ و عدمه لا دخل له بصحّة الإجارة و عدمها

الخوئي: الظاهر أنّ الإجارة في هذه الصورة و في الصورة الثانية محكومة بالفساد، و يتبعه فساد العمل من النائب فتجب على المستأجر المباشرة و الإتيان بالحجّ بنفسه (7). الگلپايگاني: إن لم يتمكّن المنوب عنه بعد ارتفاع العذر عن إتيان العمل تماماً، و إلّافيجب على نفسه الحجّ و يكشف عن بطلان الإجارة، لانكشاف عدم تحقّق الموضوع لها من رأس (8). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، و كذا ما بعده، للشكّ في شمول الإطلاقات له، بل البطلان في الأخير أظهر (9). الگلپايگاني: لكنّه بعيد حتّى لو فرض عدم تمكّنه من الحجّ في هذه السنة بعد زوال العذر لضيق الوقت و ذلك لانصراف الأخبار عنها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 316

الدخول في الإحرام؛ و دعوى أنّ جواز النيابة ماداميّ، كماترى، بعد كون الاستنابة بأمر الشارع و كون الإجارة لازمة لا دليل على انفساخها (1)، خصوصاً إذا لم يمكن إبلاغ النائب الموجر ذلك؛ و لا فرق فيما ذكرنا من وجوب الاستنابة بين من عرضه العذر من المرض و

غيره و بين من كان معذوراً خلقةً، و القول بعدم الوجوب في الثاني و إن قلنا بوجوبه في الأوّل ضعيف (2). و هل يختصّ الحكم بحجّة الإسلام أو يجري في الحجّ النذري و الإفسادي (3) أيضاً؟ قولان (4)؛ و القدر المتيقّن هو الأوّل (5) بعد كون الحكم على خلاف القاعدة؛ و إن لم يتمكّن المعذور من الاستنابة و لو لعدم وجود النائب أو وجوده مع عدم رضاه إلّابأزيد من اجرة المثل و لم يتمكّن من الزيادة أو كانت مجحفة (6) سقط الوجوب، و حينئذٍ فيجب القضاء عنه بعد موته إن كان مستقرّاً عليه، و لايجب مع عدم الاستقرار. و لو ترك الاستنابة مع الإمكان عصى، بناءً على الوجوب، و وجب القضاء عنه مع الاستقرار، و هل يجب مع عدم الاستقرار أيضاً أو لا؟ وجهان؛ أقواهما نعم (7)، لأنّه استقرّ عليه بعد التمكّن من (1). الگلپايگاني: الدليل هو الكشف عن عدم تحقّق الموضوع، و عليه فينكشف البطلان دون الانفساخ

مكارم الشيرازي: الدليل على انفساخها هو عدم قابليّة العمل للاستيجار و النيابة، و هو حاكم على أصالة اللزوم؛ و أمّا عدم إمكان إبلاغ النائب، يوجب اجرة المثل له و لا دخل له بصحّة الإجارة (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه الأقوى، لظهور أدلّة الاستطاعة البدنيّة في عدم الوجوب عليه، و به يرفع اليد عن بعض الإطلاقات لو لم تكن منصرفة بنفسها (3). الامام الخميني: فيه تفصيل

الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط في الإفسادي (4). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط في الحجّ الإفسادي؛ أمّا الحجّ النذري، فالظاهر عدم شمول أخبار الباب له، لصراحة كثير منها في حجّة الإسلام و انصراف بعضها الآخر (راجع الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ). و أمّا الإفسادي، فإن قلنا

أنّه حجّة الإسلام فلا شكّ في كونه مشمولًا له، و إن قلنا أنّه عقوبة فلا، لكنّ الاحتمال الأوّل أظهر، فلايُترك الاحتياط فيه (5). الخوئي: يأتي منه قدس سره الجزم بعموم الحكم في المسألة الحادية عشرة في الفصل الآتي (6). الامام الخميني: مورثة للحرج

الخوئي: أو غير مجحفة ولكن كانت الزيادة زيادة معتدّاً بها (7). الامام الخميني: بل أقواهما عدم الوجوب، لعدم وجوب الاستنابة مع عدم الاستقرار، كما مرّ

الگلپايگاني: الأحوط لكبار الورثة الاستنابة من سهامهم، لما مرّ من منع قوّة الوجوب مع عدم الاستقرار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 317

الاستنابة؛ و لو استناب مع كون العذر مرجوّ الزوال، لم يجز (1) عن حجّة الإسلام، فيجب عليه بعد زوال العذر؛ و لو استناب مع رجاء الزوال و حصل اليأس بعد عمل النائب، فالظاهر الكفاية (2)، و عن صاحب المدارك عدمها و وجوب الإعادة، لعدم الوجوب مع عدم اليأس، فلايجزي عن الواجب، و هو كماترى. و الظاهر كفاية حجّ المتبرّع (3) عنه في صورة وجوب الاستنابة (4). و هل يكفي الاستنابة من الميقات كما هو الأقوى في القضاء عنه بعد موته؟

وجهان؛ لايبعد الجواز حتّى إذا أمكن ذلك في مكّة مع كون الواجب عليه هو التمتّع، و لكنّ الأحوط خلافه (5)، لأنّ القدر المتيقّن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أنّ الأحوط عدم كفاية التبرّع عنه لذلك أيضاً.

مسألة 73: إذا مات من استقرّ عليه الحجّ في الطريق، فإن مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، فلايجب القضاء عنه؛ و إن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه و إن كان موته بعد الإحرام على المشهور الأقوى، خلافاً لما عن الشيخ و ابن إدريس، فقالا بالإجزاء حينئذٍ أيضاً، و لا دليل

لهما على ذلك إلّاإشعار بعض الأخبار كصحيحة بريد العجليّ، حيث قال فيها بعد الحكم بالإجزاء إذا مات في الحرم: «و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله و زاده و نفقته في حجّة الإسلام» فإنّ مفهومه الإجزاء إذا كان بعد أن يحرم، لكنّه معارض بمفهوم صدرها، و بصحيح ضريس و صحيح زرارة و مرسل المقنعة، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من قوله: «قبل أن يحرم» قبل أن يدخل في الحرم، كما يقال: أنجد، أي دخل في نجد و أيمن أي دخل اليمن، فلاينبغي الإشكال في عدم (1). الگلپايگاني: على الأحوط (2). مكارم الشيرازي: لأنّ اليأس و الرجاء طريقان إلى الواقع في هذه الموارد، و ليس لهما موضوعيّة (3). الامام الخميني: بل الظاهر عدم الكفاية، و في كفاية الاستنابة من الميقات إشكال و إن كان الأقرب كفايتها

الخوئي: في الكفاية إشكال، بل منع (4). مكارم الشيرازي: إذا كان بأمر منه حتّى يصدق حجّه بالتسبيب، و أمّا بدونه فهو مشكل (5). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ضعيف بعد كون الحجّ واجباً من الميقات و عدم دخل السير من البلد فيه، مضافاً إلى أنّ أخبار الاستنابة مطلقة (راجع الباب 24 من أبواب وجوب الحجّ) و الاحتياط الثاني أيضاً ضعيف، لظهور الأخبار في وجوب الاستنابة لا وجوب الاستيجار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 318

كفاية الدخول في الإحرام، كما لايكفي الدخول في الحرم بدون الإحرام، كما إذا نسيه في الميقات و دخل الحرم ثمّ مات، لأنّ المنساق من اعتبار الدخول في الحرم كونه بعد الإحرام، و لايعتبر دخول مكّة و إن كان الظاهر من بعض الأخبار ذلك، لإطلاق البقيّة في كفاية دخول الحرم. و الظاهر عدم الفرق بين كون

الموت حال الإحرام أو بعد الإحلال، كما إذا مات بين الإحرامين، و قد يقال (1) بعدم الفرق أيضاً بين كون الموت في الحلّ أو الحرم بعد كونه بعد الإحرام و دخول الحرم، و هو مشكل (2)، لظهور الأخبار في الموت في الحرم. و الظاهر عدم الفرق بين حجّ التمتّع و القران و الإفراد، كما أنّ الظاهر أنّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه عن حجّه أيضاً، بل لايبعد الإجزاء إذا مات في أثناء حجّ القران أو الإفراد عن عمرتهما و بالعكس، لكنّه مشكل (3)، لأنّ الحجّ و العمرة فيهما عملان مستقلّان بخلاف حجّ التمتّع، فإنّ العمرة فيه داخلة في الحجّ، فهما عمل واحد. ثمّ الظاهر (4) اختصاص حكم الإجزاء بحجّة الإسلام، فلايجري الحكم في حجّ النذر و الإفساد (5) إذا مات في الأثناء، بل لايجري في العمرة المفردة أيضاً و إن احتمله بعضهم. و هل يجري الحكم المذكور فيمن مات مع عدم استقرار الحجّ عليه فيجزيه عن حجّة الإسلام إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم، و يجب القضاء عنه (6) إذا مات قبل ذلك؟ وجهان (7)، بل قولان؛ من إطلاق الأخبار في التفصيل المذكور، و من أنّه لا وجه لوجوب القضاء عمّن لم يستقرّ عليه بعد كشف موته عن عدم الاستطاعة الزمانيّة، و لذا لايجب إذا مات في البلد قبل الذهاب أو إذا فقد بعض الشرائط الاخر مع كونه (1). الگلپايگاني: هذا لايخلو من وجه (2). مكارم الشيرازي: لا إشكال في إجزاء حجّه على كلّ تقدير، لظهور غير واحد من روايات الباب في التفصيل بين موته في الطريق قبل دخوله في الحرم و بين موته بعد دخوله فيه، و هو مطلق من جهة كون

الموت في الحرم أو في خارجه (3). الخوئي: لاينبغي الإشكال في عدم الإجزاء (4). الگلپايگاني: بل مقتضى إطلاق بعض الأخبار التعميم (5). الامام الخميني: فيه تفصيل (6). الخوئي: لايبعد ذلك إذا كان الموت بعد الإحرام و قبل دخول الحرم (7). الامام الخميني: أوجههما الثاني؛ و أمّا حمل الأخبار على القدر المشترك و الحكم باستحباب القضاء عنه فيما ذكره فغير وجيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 319

موسراً، و من هنا ربّما يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينةً على اختصاصها بمن استقرّ عليه؛ و ربّما يحتمل اختصاصها بمن لم يستقرّ عليه و حمل الأمر بالقضاء على الندب، و كلاهما منافٍ لإطلاقها، مع أنّه على الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقرّ عليه بلا دليل، مع أنّه مسلّم بينهم، و الأظهر الحكم بالإطلاق، إمّا بالتزام وجوب القضاء في خصوص هذا المورد من الموت في الطريق (1)، كما عليه جماعة و إن لم يجب إذا مات مع فقد سائر الشرائط أو الموت و هو في البلد، و إمّا بحمل الأمر بالقضاء على القدر المشترك و استفادة الوجوب فيمن استقرّ عليه من الخارج، و هذا هو الأظهر، فالأقوى جريان الحكم المذكور فيمن لم يستقرّ عليه أيضاً، فيحكم بالإجزاء إذا مات بعد الأمرين و استحباب القضاء (2) عنه إذا مات قبل ذلك (3).

مسألة 74: الكافر يجب عليه الحجّ إذا استطاع، لأنّه مكلّف بالفروع (4)، لشمول الخطابات له أيضاً، و لكن لايصحّ منه مادام كافراً كسائر العبادات و إن كان معتقداً لوجوبه و آتياً به على وجهه مع قصد القربة، لأنّ الإسلام شرط في الصحّة. و لو مات لايقضى عنه، لعدم كونه أهلًا للإكرام والإبراء، ولو أسلم مع بقاء استطاعته وجب عليه، و كذا لو استطاع بعد إسلامه،

و لو زالت استطاعته ثمّ أسلم لم يجب عليه على الأقوى (5)، لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله (6) (1). مكارم الشيرازي: و هذا هو المتعيّن، و ظاهر إطلاق روايات الباب و عدم الاستفصال فيها هو هذا. و ما ذكره من عدم استقرار الحجّ عليه لعدم الاستطاعة الزمانيّة و شبهه اجتهاد في مقابل النصّ، و يمكن أن تكون هذه الروايات دليلًا على التوسعة في أمر الاستطاعة هنا. و على كلّ حال، العدول عن ظاهر النصوص مشكل جدّاً؛ و الحكم باستحباب القضاء فيمن لم يستقرّ عليه الحجّ، لا وجه له (2). الگلپايگاني: الحكم باستحباب القضاء مشكل؛ نعم، لا بأس باستنابة كبار الورثة من سهامهم، بل هو أحوط (3). مكارم الشيرازي: كيف يحكم باستحباب القضاء من ماله مع عدم تقييده برضى الورثة، لا سيّما إذا كان فيهم صغار؟ و هذا أيضاً يؤيّد ما ذكرناه في التعليقة السابقة (4). الخوئي: فيه إشكال (5). الگلپايگاني: القوّة ممنوعة، لأنّ المتيقّن الجبّ عمّا فات دون ما هو باقٍ وقته كالصلاة الّتي أسلم في وقتهاو الحجّ لم يفته بعد؛ نعم، لو قيل بسقوط ما وقع سبب وجوبه قبل الإسلام فللسقوط وجه، لكنّه مشكل فلايُترك الاحتياط؛ و أمّا سقوط القضاء في الصوم و الصلاة فللجبّ عن الأداء، فلايقاس عليهما الحجّ (6). الامام الخميني: فيسقط بالإسلام سببيّة الاستطاعة الحاصلة في حال الكفر فيسقط الحجّ المسبّب، فلا معنى لاستقراره و بقائه، و ليس لحجّ المتسكّع وجوب آخر غير وجوب أصل الحجّ، و هذا نظير سقوط سبب الكفّارات و الحدود بالإسلام؛ و أمّا الإشكال العقلي فلحلّه مقام آخر و إن كان بعض ما ذكره لايخلو من جودة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 320

كقضاء الصلوات و الصيام (1)، حيث إنّه واجب عليه حال

كفره كالأداء، و إذا أسلم سقط عنه؛ و دعوى أنّه لايعقل الوجوب عليه، إذ لايصحّ منه إذا أتى به و هو كافر و يسقط عنه إذا أسلم، مدفوعة، بأنّه يمكن أن يكون الأمر به حال كفره أمراً تحكّميّاً ليعاقب، لا حقيقيّاً، لكنّه مشكل بعد عدم إمكان إتيانه به لا كافراً و لا مسلماً، و الأظهر أن يقال: إنّه حال استطاعته مأمور بالإتيان به مستطيعاً و إن تركه فمتسكّعاً و هو ممكن في حقّه لإمكان إسلامه و إتيانه مع الاستطاعة و لا معها إن ترك، فحال الاستطاعة مأمور به في ذلك الحال، و مأمور على فرض تركه حالها بفعله بعدها، و كذا يدفع الإشكال في قضاء الفوائت، فيقال:

إنّه في الوقت مكلّف بالأداء و مع تركه بالقضاء و هو مقدور له بأن يسلم فيأتي بها أداءً و مع تركها قضاءً، فتوجّه الأمر بالقضاء إليه إنّما هو في حال الأداء على نحو الأمر المعلّق (2)، فحاصل الإشكال: أنّه إذا لم يصحّ الإتيان به حال الكفر و لايجب عليه إذا أسلم، فكيف يكون مكلّفاً بالقضاء و يعاقب على تركه؟ و حاصل الجواب: أنّه يكون مكلّفاً بالقضاء في وقت الأداء على نحو الوجوب المعلّق (3)، و مع تركه الإسلام في الوقت فوّت على نفسه الأداء و القضاء، فيستحقّ العقاب عليه، و بعبارة اخرى: كان يمكنه الإتيان بالقضاء بالإسلام في الوقت إذا ترك الأداء، و حينئذٍ فإذا ترك الإسلام و مات كافراً يعاقب على مخالفة الأمر (1). مكارم الشيرازي: لكن فرق بين القضاء و أداء الحجّ بعد زوال الاستطاعة، فإنّ الأوّل مضى وقته و هذا باقٍ، ولكن مع ذلك ظاهر قاعدة الجبّ هو العموم، لاسيّما مع أنّه لم يسمع أمره صلى الله عليه

و آله أحداً بالحجّ بعد دخوله في الإسلام بسبب استطاعته سابقاً، و كذا الأئمّة الهادين: لم يأمروا أحداً فيما نعلم بذلك (2). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في محلّه أنّ الواجب المعلّق باطل من رأس، مع أنّ هذا التوجيه مخالف لظواهر الأدلّة، لأنّ ظاهرها أنّ وجوب القضاء من قبيل الواجب المشروط، فالأولى أن يقال بسقوط الأمر بمعنى البعث إلى القضاء عن الكافر، ولكن لمّا كان ملاكه موجوداً يعاقب عليه، لتفويته الملاك إذا لم يسلم (3). الخوئي: الوجوب المعلّق و إن كان ممكناً في نفسه، لكن ثبوته يحتاج إلى دليل و لا دليل في المقام، بل الدليل قائم على عدمه، فإنّ الأمر بالقضاء إنّما هو بعد الفوت. و الصحيح في الجواب بناءً على تكليف الكفّار بالفروع: أنّ الكافر و إن كان لايمكن تكليفه بالقضاء، إلّاأنّه يعاقب بتفويته الملاك الملزم باختياره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 321

بالقضاء، و إذا أسلم يغفرله و إن خالف أيضاً و استحقّ العقاب.

مسألة 75: لو أحرم الكافر ثمّ أسلم في الأثناء، لم يكفه، و وجب عليه الإعادة من الميقات، و لو لم يتمكّن من العود إلى الميقات أحرم من موضعه (1)، و لايكفيه (2) إدراك أحد الوقوفين مسلماً (3)، لأنّ إحرامه باطل.

مسألة 76: المرتدّ يجب عليه الحجّ؛ سواء كانت استطاعته حال إسلامه السابق أو حال ارتداده (4)، و لايصحّ منه؛ فإن مات قبل أن يتوب، يعاقب على تركه و لايقضى عنه على الأقوى، لعدم أهليّته للإكرام و تفريغ ذمّته، كالكافر الأصليّ، و إن تاب وجب عليه و صحّ منه و إن كان فطريّاً، على الأقوى من قبول توبته؛ سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل توبته، فلاتجري فيه قاعدة جبّ الإسلام، لأنّها مختصّة بالكافر الأصلي بحكم التبادر. و لو

أحرم في حال ردّته ثمّ تاب، وجب عليه الإعادة كالكافر الأصلي، و لو حجّ في حال إحرامه ثمّ ارتدّ لم يجب عليه الإعادة على الأقوى؛ ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من كان مؤمناً فحجّ ثمّ أصابته فتنة ثمّ تاب، يحسب له كلّ عمل صالح عمله و لايبطل منه شي ء». و آية الحبط مختصّة بمن مات على كفره، بقرينة الآية الاخرى و هي قوله تعالى: «و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر فاولئك حبطت أعمالهم» و هذه الآية دليل على قبول توبة المرتدّ الفطريّ؛ فما ذكره بعضهم من عدم قبولها منه، لا وجه له.

مسألة 77: لو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب، لم يبطل إحرامه على الأصحّ (5)، كما هو كذلك (1). الخوئي: على تفصيل يأتي

الگلپايگاني: إن لم يتمكّن من العود أصلًا، و إلّافيرجع إلى ما أمكن و يحرم منه

مكارم الشيرازي: بناءً على شمول أدلّة المعذور له، و فيه كلام سيأتي في محلّه إن شاء اللّه (2). الگلپايگاني: يعني بهذا الإحرام، و إلّافلو أحرم مسلماً على ما هو وظيفته ثم أدرك أحد الموقفين يكفيه بلا إشكال (3). الامام الخميني: أي مع إحرامه في حال كفره (4). مكارم الشيرازي: على الأحوط، لاحتمال شمول قاعدة الجبّ له (5). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط تجديد الإحرام رجاءً، لاحتمال كونه كالصوم و إن كان بعيداً

مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: إنّه لايخرج عن إحرامه، لعدم كون الكفر من أسباب الإحلال، و ليس الإحرام كالصيام عبادة مستمرّة تحتاج إلى القربة في كلّ آنٍ حتّى يقال ببطلانه بالكفر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 322

لو ارتدّ في أثناء الغسل ثمّ تاب؛ و كذا لو ارتدّ في أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء

ثمّ تاب قبل فوات الموالاة، بل و كذا لو ارتدّ في أثناء الصلاة (1) ثمّ تاب قبل أن يأتي بشي ء (2) أو يفوت الموالاة على الأقوى، من عدم كون الهيئة الاتّصالية جزءً فيها؛ نعم، لو ارتدّ في أثناء الصوم، بطل و إن تاب بلافصل.

مسألة 78: إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر، لايجب عليه الإعادة، بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه (3) و إن لم يكن صحيحاً في مذهبنا؛ من غير فرق بين الفِرَق، لإطلاق الأخبار (4)؛ و ما دلّ على الإعادة من الأخبار محمول على الاستحباب بقرينة بعضها الآخر من حيث التعبير بقوله عليه السلام: «يقضي أحبّ إليّ» و قوله عليه السلام: «و الحجّ أحبّ إليّ».

مسألة 79: لايشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة، و لايجوز له منعها منه، وكذا في الحجّ الواجب بالنذر (5) و نحوه إذا كان مضيّقاً؛ و أمّا في الحجّ المندوب فيشترط إذنه (6)، و كذا في الواجب الموسّع قبل تضيّقه على الأقوى، بل في حجّة الإسلام يجوز له منعها من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود الرفقة الاخرى قبل تضيّق الوقت.

والمطلّقة الرجعيّة كالزوجة في اشتراط إذن الزوج مادامت في العدّة، بخلاف البائنة، لانقطاع عصمتها منه، و كذا المعتدّة للوفاة، فيجوز لها الحجّ واجباً كان أو مندوباً. و الظاهر أن المنقطعة كالدائمة (7) في اشتراط الإذن، و لا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من (1). الامام الخميني: فيه إشكال (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال في شمول الإطلاقات لمثل هذا الفرد، و كذا بالنسبة إلى ما قبله من الوضوء و الأذان و الإقامة (3). مكارم الشيرازي: أو يكون صحيحاً في مذهبنا و إن كان فاسداً في مذهبه إذا

حصل منه قصد القربة، للأولويّة (4). الگلپايگاني: في شمول الإطلاق لمثل الغُلاة المحكوم بكفرهم إشكال؛ نعم، الناصب و الحروريّة و القدريّةو المرجئة منصوص فيها (5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: إذا كانت مأذونة في النذر، و إلّافمحلّ إشكال (6). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم اعتبار إذنه، إلّاإذا كان منافياً لحقّه، و حينئذٍ لا فرق بين المنذور و المندوب، لاعتبار الرجحان في متعلّق النذر حال العمل (7). الگلپايگاني: هذا إذا استلزم الحجّ تفويت حقّ الزوج، و إلّافمشكل، و الأحوط عليها عدم النذر بلااستيذان من الزوج؛ و مع النذر كذلك، فالأحوط عليه عدم المنع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 323

االاستمتاع بها لمرض أو سفر أو لا.

مسألة 80: لايشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة على نفسها و بضعها، كما دلّت عليه جملة من الأخبار، و لا فرق بين كونها ذات بعل أو لا، و مع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم (1) و لو بالاجرة مع تمكّنها منها، و مع عدمه لاتكون مستطيعة. و هل يجب عليها التزويج تحصيلًا للمحرم؟ وجهان (2). و لو كانت ذات زوج و ادّعى عدم الأمن عليها و أنكرت، قدّم قولها (3) مع عدم البيّنة أو القرائن الشاهدة، و الظاهر عدم استحقاقه اليمين عليها إلّاأن ترجع الدعوى إلى ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها، بدعوى أنّ حجّها حينئذٍ مفوّت لحقّه (4) مع عدم وجوبه عليها، فحينئذٍ عليها اليمين على نفي الخوف؛ و هل للزوج (5) مع هذه الحالة منعها عن الحجّ باطناً إذا أمكنه ذلك؟ وجهان (6) في صورة عدم تحليفها، و أمّا معه فالظاهر سقوط حقّه. و لو حجّت بلا محرم مع عدم الأمن، صحّ حجّها إن حصل الأمن قبل الشروع

في الإحرام، و إلّاففي الصحّة إشكال و إن كان الأقوى الصحّة (7). (1). مكارم الشيرازي: بل الواجب عليها تحصيل الأمن، و قد يكون ذلك بالمحرم و اخرى بغير المحرم المأمون أو بغير ذلك من الأسباب و الطرق (2). الخوئي: لايبعد الوجوب إذا لم يكن حرجيّاً عليها

الگلپايگاني: أقواهما الوجوب مع أنّه أحوط

مكارم الشيرازي: هذا من أوضح مصاديق تحصيل الاستطاعة و هي غير واجبة (3). الامام الخميني: فيه إشكال، لأنّ موضوع وجوب الحجّ كونها مأمونة و هو غير الخوف على نفسها حتّى يقال: إنّها من الدعاوي الّتي لاتعلم إلّامن قبلها، فإن ادّعت مأمونيّتها و ادّعى الزوج كونها في معرض الخطر، فالظاهر الرجوع إلى التداعي. و في المسألة صور في بعضها تصير المرأة مدّعية و في بعضها بالعكس، و لايسعها المجال

الگلپايگاني: إن كان المراد عدم خوف المرأة، حيث إنّه لايعلم إلّامن قبلها؛ و أمّا إن كان المراد كون الطريق مأموناً فالنزاع يرجع إلى التداعي

مكارم الشيرازي: لا معنى لدعوى الزوج عدم الأمن، و لا لتقديم قولها، إلّاإذا رجع إلى تفويت حقّ، فالأصحّ أن يقال: تعمل المرأة بعلمها عند وقوع الخلف بينهما (4). الخوئي: بمعنى أنّه يدّعي كذب زوجته في دعواها الأمن (5). الامام الخميني: لايبعد جوازه، بل وجوبه مع تشخيصه عدم المأمونيّة (6). الخوئي: أوجههما جواز المنع إذا كان جازماً بذلك، بل لايبعد وجوبه في بعض صوره (7). الخوئي: في القوّة إشكال بل منع، إلّاإذا تمشّى منها قصد القربة و انكشف عدم المانع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 324

مسألة 81: إذا استقرّ عليه الحجّ، بأن استكملت الشرائط و أهمل حتّى زالت أو زال بعضها، صار ديناً عليه، و وجب الإتيان به بأىّ وجه تمكّن (1)، و إن مات فيجب أن

يقضى عنه إن كانت له تركة، و يصحّ التبرّع عنه. و اختلفوا فيما به يتحقّق الاستقرار على أقوال؛ فالمشهور مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بجميع أفعاله مستجمعاً للشرائط، و هو إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة؛ و قيل باعتبار مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان جامعاً للشرائط، فيكفي بقاؤها إلى مضيّ جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان و السعي؛ و ربّما يقال باعتبار بقائها إلى عود الرفقة، و قد يحتمل كفاية بقائها إلى زمان يمكن فيه الإحرام و دخول الحرم؛ و قد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة، فلو أهمل استقرّ عليه و إن فقدت بعض ذلك، لأنّه كان مأموراً بالخروج معهم، و الأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود (2) إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة الماليّة و البدنيّة و السربيّة، و أمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال (3)؛ و ذلك لأنّ فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعاً و أنّ وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهريّاً، و لذا لو علم من الأوّل أنّ الشرائط لاتبقى إلى الآخر لم يجب عليه؛ نعم، لو فرض تحقّق الموت بعد تمام الأعمال، كفى بقاء (1). الخوئي: إذا لم يكن حرجيّاً (2). مكارم الشيرازي: هذا هو الحقّ، ولكنّه مخالف لما ذكره في المسألة (65) من كفاية بقاء الشرائط إلى ذي الحجّة فقط و أنّه يستقرّ عليه الحجّ حينئذٍ، و كذلك مخالف لما ذكره في المسألة (28) من اشتراط بقاء المال إلى تمام الأعمال؛ اللّهم إلّاأن يكون مراده نفي ما ذكره بعضهم من احتمال كفاية بقاء المال إلى تمام الأركان، فلاينافي لزوم بقاء الاستطاعة بالنسبة إلى العود أيضاً؛ هذا و لكن في

صحيحة ضريس (1/ 26 من أبواب وجوب الحجّ) و صحيحة بريد العجلي (2/ 26 منه) ما يدلّ على كفاية الاستطاعة البدنيّة إلى ما قبل الإحرام و أنّه لومات قبل أن يحرم جعل جمله و زاده و نفقته في حجّة الإسلام، ولكنّه حكم وارد في مورد خاصّ لايمكن التعدّي من مورده إلى ما نحن فيه، و ليس من قبيل منصوص العلّة، بل قد يقال بإعراض الأصحاب عنه في مورده، مع كونه مخالفاً للقواعد الثابتة في باب الاستطاعة و ما ورد في باب الصوم من قوله عليه السلام: «كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله اللّه عليها» (12/ 23 من أبواب أحكام شهر رمضان). فتلخّص من جميع ذلك أنّه لايمكن العدول ممّا يستفاد من الأدلّة العامّة الواردة في الاستطاعة؛ نعم، لو زال العقل بحيث كان قادراً على العود ولكن لم يكن قادراً على العمل و كان ذلك بعد تمام الأعمال، لم يضرّه (3). الخوئي: أي أعمال الحجّ؛ و أمّا طواف النساء فلايشترط إمكان الإتيان به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 325

تلك الشرائط (1) إلى آخر الأعمال، لعدم الحاجة حينئذٍ إلى نفقة العود و الرجوع إلى كفاية و تخلية السرب و نحوها؛ و لو علم من الأوّل بأنّه يموت بعد ذلك، فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب عليه المشي، و إن كان بعده وجب عليه؛ هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستنداً إلى ترك المشي، و إلّااستقرّ عليه، كما إذا علم أنّه لو مشى إلى الحجّ لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلًا، فإنّه حينئذٍ يستقرّ عليه الوجوب، لأنّه بمنزلة تفويت الشرط على نفسه، و أمّا لو شكّ في أنّ الفقد مستند إلى ترك المشي أو لا، فالظاهر عدم الاستقرار (2)، للشكّ في تحقّق

الوجوب و عدمه واقعاً، هذا بالنسبة إلى استقرار الحجّ لو تركه؛ و أمّا لو كان واجداً للشرائط حين المسير، فسار، ثمّ زال بعض الشرائط في الأثناء فأتمّ الحجّ على ذلك الحال، كفى حجّه (3) عن حجّة الإسلام (4) إذا لم يكن المفقود مثل العقل، بل كان هو الاستطاعة البدنيّة أو الماليّة أو السربيّة و نحوها على الأقوى.

مسألة 82: إذا استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط، كما فيمن وظيفته حجّ الإفراد و القران، ثمّ زالت استطاعته، فكما مرّ يجب عليه أيضاً بأىّ وجه تمكّن (5)، و إن مات يقضى عنه.

مسألة 83: تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها؛ سواء كانت حجّ التمتع أو القران أو الإفراد، و كذا إذا كان عليه عمرتهما. و إن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً، و أمّا إن أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه و تقدّم على الوصايا المستحبّة و إن كانت متأخّرة عنها في الذكر، و إن لم يف الثلث بها اخذت البقيّة من الأصل؛ و الأقوى أنّ حجّ النذر أيضاً كذلك (6)، بمعنى أنّه يخرج من الأصل، كما (1). الگلپايگاني: قد مرّ التفصيل في مسألة الثامن و العشرين (2). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (3). الامام الخميني: مرّ الكلام فيها تفصيلًا (4). الخوئي: الظاهر عدم الكفاية فيما إذا كان فقده كاشفاً عن عدم الوجوب من الأوّل؛ نعم، لايبعد الإجزاء فيماإذا ارتفع مثل الرجوع إلى الكفاية و لم يكن إتمام الحجّ بعد الارتفاع حرجيّاً

مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة (65) أنّه لايكفي عن حجّة الإسلام، لاعتبار الاستطاعة فيها و اشتراطها بها (5). الخوئي: فيما إذا لم يكن حرجيّاً كما تقدّم (6). الخوئي: وجوب قضاء

الحجّ المنذور مبنيّ على الاحتياط، بل هو يخرج من الثلث إذا أوصى به

مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه في المسألة (8) من الفصل الآتي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 326

سيأتي الإشارة إليه. و لو كان عليه دين أو خمس أو زكاة و قصرت التركة، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً قدّم، لتعلّقهما بالعين، فلايجوز صرفه في غيرهما، و إن كانا في الذمّة فالأقوى أنّ التركة توزّع على الجميع بالنسبة، كما في غرماء المفلّس؛ و قد يقال (1) بتقدّم الحجّ على غيره و إن كان دين الناس، لخبر معاوية بن عمّار (2) الدالّ على تقديمه على الزكاة، و نحوه خبر آخر (3)، لكنّهما موهونان بإعراض الأصحاب (4)، مع أنّهما في خصوص الزكاة (5)؛ و ربما يحتمل تقديم دين الناس لأهمّيته، والأقوى ما ذكر من التخصيص. و حينئذٍ فإن وفت (6) حصّة الحجّ به (7) فهو، و إلّافإن لم تف إلّاببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي، فالظاهر سقوطه و صرف حصّته في الدين أو الخمس أو الزكاة، و مع وجود الجميع توزّع عليها؛ و إن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط ففي مثل حجّ القران و الإفراد تصرف (1). الخوئي: لايبعد صحّة هذا القول، فإن لم تف التركة بالحجّ سقط الوجوب و لزم صرفها في الدين

الگلپايگاني: و هو الأقوى (2). الامام الخميني: لمعاوية بن عمّار روايتان: إحداهما حسنة بل صحيحة على الأصحّ، مذكورة في باب العشرين من أبواب المستحقّين للزكاة من «الوسائل» و ثانيتهما في كتاب الوصايا، و كلتاهما دالّتان على تقديم الحجّ على الزكاة كما في المتن

الگلپايگاني: قال قلت له: رجل يموت و عليه خمسمأة درهم فأوصى بحجّة الإسلام

و أن يقضى عنه دين الزكاة، قال عليه السلام: «يحجّ عنه من أقرب ما يكون و يخرج البقيّة في الزكاة»

مكارم الشيرازي: صحيحة معاوية بن عمّار واردة في خصوص الحجّ و الزكاة، و التعدّي منها إلى غيرهما من الديون مشكل جدّاً (3). الگلپايگاني: عنه عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل مات و ترك ثلاثمأة درهم و عليه من الزكاة سبعمأة درهم و أوصى أن يحجّ عنه قال عليه السلام: «يحجّ عنه من أقرب المواقع و يجعل ما بقي في الزكاة». و يمكن الاستدلال بما عن بريد العجلي من قول أبي جعفر عليه السلام: جعل جمله و نفقته وما معه في حجّة الإسلام فإن فضل من ذلك شي ء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين (4). الگلپايگاني: الإعراض غير محقّق

مكارم الشيرازي: الإعراض محلّ تأمّل، فالأحوط في مورد الخبر العمل بالاحتياط بأن يجعل الزكاة في الإحجاج؛ و بالجملة أداء الحجّ من مصارف الزكاة فينطبق عليه العنوانان، و أمّا سائر الديون ليست كذلك، فالعمل بالرواية في موردها منطبق على القواعد (5). الخوئي: لكن صحيحة بريد العجلي عامّة لمطلق الدين (6). الامام الخميني: لايخلو من مناقشة بعد فرض قصور التركة و إن أمكن تصوّر بعض الأمثلة النادرة له (7). الخوئي: لايمكن ذلك في مفروض المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 327

فيهما مخيّراً بينهما، و الأحوط (1) تقديم (2) الحجّ (3)، و في حجّ التمتّع الأقوى السقوط و صرفها في الدين و غيره؛ و ربما يحتمل فيه أيضاً التخيير أو ترجيح الحجّ لأهمّيته أو العمرة لتقدّمها، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتّع عملًا واحداً (4)، و قاعدة الميسور لا جابر لها في المقام.

مسألة 84: لايجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استيجار

(5) الحجّ (6) إذا كان مصرفه مستغرقاً لها، بل مطلقاً على الأحوط (7)، إلّاإذا (8) كانت واسعة جدّاً، فلهم التصرّف (9) في بعضها حينئذٍ مع البناء على إخراج الحجّ من بعضها الآخر، كما في الدين، فحاله حال الدين.

مسألة 85: إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ على المورّث و أنكره الآخرون، لم يجب عليه إلّادفع ما يخصّ حصّته بعد التوزيع (10)، و إن لم يف (11) ذلك (12) (1). الگلپايگاني: لايُترك (2). الامام الخميني: بل لايبعد وجوب تقديمه (3). مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، لأنّ مجرّد احتمال الأهميّة كافٍ في المنع عن الحكم بالتخيير، كما حرّر في محلّه (4). الامام الخميني: في كونهما عملًا واحداً على نحو ما ذكر تأمّل، و المسألة محتاجة إلى التأمّل (5). الامام الخميني: أو تأدية مقدار المصرف إلى وليّ أمر الميّت (6). الگلپايگاني: أو تأدية مقدار الاجرة إلى وليّ أمر الميّت (7). الخوئي: لا بأس بتركه؛ و لا فرق بين الواسعة و غيرها

مكارم الشيرازي: الأقوى جواز تصرّفهم في التركة مع بنائهم على الاستيجار للحجّ و كون بنائهم موقوفاً به، لعدم الدليل على الأزيد منه مع جريان السيرة ظاهراً على تصرّف الورّاث في التركة بعد بنائهم على أداء الديون، سواء كان الدين مستغرقاً أولا، إلّامع حجر المورّث في أمواله قبل موته، و هو خارج عن محلّ الكلام. و قد مضى ما ينفع في المقام في المسألة (14 و 15) من مكان المصلّي، وللمصنّف كلام في المسألتين هناك، لعلّه ينافي ما ذكره هنا؛ فراجع (8). الامام الخميني: في الاستثناء تأمّل و إن لايخلو من قُرب، و مع ذلك لايُترك الاحتياط (9). الگلپايگاني: الأحوط في هذه الصورة أيضاً ترك التصرّف كالسابقة، و كذا في الدين، إلّابرضا

الغرماء و إجازة وليّ أمره (10). الخوئي: بل الظاهر وجوب دفع تمام مصرف الحجّ من حصّته، و له مطالبة الآخرين ببقيّة حصّته من التركةو إقامة الدعوى عليهم، و كذلك الحال في الدين (11). الگلپايگاني: بعد فرض عدم الوفاء حتّى للميقاتي لاوجه لإعطاء حصّته؛ وفرق بين الحجّ والدين، فإنّ الدين يسقط بمقدار الحصّة بخلاف الحجّ، فدفعه لغو إلّابعد إقرار سائر الورثة و دفعهم أو وجود متبرّع و أمثال ذلك (12). الخوئي: لايمكن فرض الوفاء في مفروض المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 328

بالحجّ (1) لايجب عليه تتميمه من حصّته، كما إذا أقرّ بدين و أنكره غيره من الورثة، فإنّه لايجب عليه دفع الأزيد، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدين مع إنكار الآخرين نظير مسألة (2) الإقرار بالنسب، حيث إنّه إذا أقرّ أحد الأخوين بأخ آخر و أنكره الآخر لايجب عليه إلّادفع الزائد عن حصّته، فيكفي دفع ثلث ما في يده، و لاينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة، للنصّ (3).

مسألة 86: إذا كان على الميّت الحجّ و لم تكن تركته وافية به و لم يكن دين، فالظاهر كونها للورثة و لايجب صرفها في وجوه البرّ عن الميّت، لكنّ الأحوط التصدّق عنه، للخبر (4) عن الصادق عليه السلام عن رجل مات و أوصى بتركته أن أحجّ بها، فنظرت في ذلك فلم (1). مكارم الشيرازي: إذا لم تف حصّة المقرّ بالحجّ، لا دليل على وجوب أداء حصّته، لأنّ المفروض سقوط الحجّ حينئذٍ، و المال يعود إلى الورثة (2). الامام الخميني: و تختلفان من جهة أنّ الدفع يجب في الزائد من الحصّة أىّ مقدار كان؛ و أمّا الحجّ فمع عدم وجوب التتميم من حصّته كما هو الأقرب، بل الظاهر موافقته للقاعدة، لايجب الدفع مع عدم إمكان الحجّ

ولو ميقاتيّاً به، و الأحوط حفظ مقدار حصّته رجاءً لإقرار سائر الورثة أو وجدان متبرّع، بل مع كون ذلك مرجوّ الوجود يجب حفظه على الأقوى، و الأحوط ردّه إلى وليّ الميّت (3). الخوئي: النصّ الوارد في النسب ضعيف، ولكنّ الحكم على القاعدة

مكارم الشيرازي: الظاهر أن يقال: لاينزل إقراره على الكلّي في المعيّن، فإنّ الإشاعة لاتقتضي دفع الزائد عن حصّته، و مقتضى القاعدة هنا كون جميع المال مرهوناً في مقابل الدين، و معنى ذلك كون كلّ جزء منه رهناً في مقابل كلّ جزء من الدين (4). الامام الخميني: هو خبر عليّ بن مزيد صاحب السابري بطريق الشيخ أو عليّ بن فرقد صاحب السابري بطريق الكليني، و الظاهر وقوع تصحيف في أحدهما و هما رجل واحد، و كيف كان هو مجهول و مضمونه غير ما نحن فيه، و احتياط كبار الورثة لا بأس به

الگلپايگاني: التمسّك بهذا الخبر لغير مورد الوصيّة لا وجه له، إلّامع القطع بعدم الخصوصيّة و هو كما ترى

مكارم الشيرازي: الخبر مشتمل على عدّة مجاهيل، فيشكل الاعتماد عليه؛ و كون الراوي ابن أبي عمير غير كافٍ، كما ذكرنا في محلّه؛ هذا مضافاً إلى أنّ مورده الوصيّة، و يشكل التجاوز عنه إلى غير مورد الوصيّة، لأنّه يمكن أن تكون الوصيّة من قبيل تعدّد المطلوب، فإذا لم يقدر على خصوص الحجّ يصرف في مصرف آخر من الخيرات. و قديشكل على الرواية مضافاً إلى ما ذكر، بأنّها من باب الوصيّة بتمام التركة، و هي غير نافذة شرعاً فيما عدا الثلث، ولكنّ الإنصاف أنّ ظاهر الرواية كون صحّة الوصيّة مفروغاً عنها، إمّا لكونها حجّاً واجباً أو إجازه الورثة لو كان حجّاً مستحبّاً، فهذا الإشكال قابل للدفع

العروة الوثقى، ج 2،

ص: 329

يكفه للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدّق بها، فقال عليه السلام: ما صنعت بها؟

فقال: تصدّقت بها، فقال عليه السلام: «ضمنت، إلّاأن لايكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة، فإن كان لايبلغ ما يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان»؛ نعم، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك أو وجود متبرّع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ، وجب إبقاؤها (1).

مسألة 87: إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت، رجعت اجرة الاستيجار إلى الورثة (2)؛ سواء عيّنها الميّت أو لا (3)، و الأحوط صرفها في وجوه البرّ أو التصدّق عنه، خصوصاً (4) فيما إذا عيّنها الميّت، للخبر المتقدّم (5).

مسألة 88: هل الواجب الاستيجار عن الميّت من الميقات أو البلد؟ المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن، و إلّافمن الأقرب إليه فالأقرب (6)، و ذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال، و إلّافمن الأقرب إليه فالأقرب، و ربما يحتمل قول ثالث و هوالوجوب من البلد مع سعة المال و إلّافمن الميقات، و إن أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب؛ و الأقوى هو القول الأوّل و إن كان الأحوط القول الثاني، لكن لايحسب الزائد (1). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب، لكن لو تحقّق بعد ذلك كفايتها أو وجود متبرّع بدفع التتمّة كان ضامناً لما أتلفه (2). الخوئي: إذا أوصى بالثلث في صرفه للحجّ، لم تخرج الاجرة من ملكه إلى الورثة بتبرّع المتبرّع للحجّ، بل تصرف في وجوه البرّ عنه (3). مكارم الشيرازي: و احتاط غير واحد منهم بوجوب صرفها في وجوه الخير إذا عيّنها، و لكنّ الإنصاف عدم وجوبه، و النصّ المتقدّم في المسألة السابقة خاصّ بالوصيّة، و قد عرفت إمكان كونه من قبيل تعدّد المطلوب، فلايمكن قياس

غير مورد الوصيّة عليها (4). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط على الكبار من الورثة في هذه الصورة (5). الامام الخميني: مفاده غير ما نحن فيه، مع أنّه ضعيف مخالف للقواعد، لكن احتياط كبار الورثة حسن (6). مكارم الشيرازي: المراد من الأقرب فالأقرب ما كان أقرب إلى الميقات القريب، فإنّ المتيقّن من الواجب ما هو من أقرب المواقيت، و الزائد عليه لا دليل له؛ هذا، ولو كان الأقرب من حيث المسافة أكثر قيمةً، فالظاهر اختيار ما كان أقلّ قيمةً؛ مثلًا إذا كان الحجّ من مسجد الشجرة رخيصاً لكثرة الحاجّ و كثرة المراكب هناك مثلًا و لكن كان الحجّ من الجُحفة غالياً لعدم الطالب له، فالظاهر وجوب الحجّ من الميقات البعيد و هو مسجد الشجرة، لقلّة مصارفه، كما أشار إليه في كشف اللثام، و الظاهر أنّ منصرف كلمات القوم أيضاً ذلك، فالقُرب و البُعد عندهم أمارة على قلّة المصارف و كثرتها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 330

عن اجرة الميقاتيّة على الصغار من الورثة. و لو أوصى بالاستيجار من البلد، وجب و يحسب الزائد عن اجرة الميقاتيّة من الثلث. و لو أوصى و لم يعيّن شيئاً، كفت الميقاتيّة (1)، إلّا إذا (2) كان هناك انصراف (3) إلى البلديّة أو كانت قرينة على إرادتها، كما إذا عيّن مقداراً يناسب البلديّة.

مسألة 89: لو لم يمكن الاستيجار إلّامن البلد، وجب و كان جميع المصرف من الأصل.

مسألة 90: إذا أوصى بالبلديّة، أو قلنا بوجوبها مطلقاً، فخولف و استوجر من الميقات (4) أو تبرّع عنه متبرّع منه، برئت ذمّته (5) و سقط الوجوب من البلد، و كذا لو لم يسع المال إلّامن الميقات.

مسألة 91: الظاهر أنّ المراد من البلد (6) هو البلد الّذي مات فيه، كما يشعر به خبر زكريّا

بن آدم (7): سألت أباالحسن عليه السلام عن رجل مات و أوصى بحجّة، أيجزيه أن يحجّ عنه من غير (1). الگلپايگاني: مشكل، بل الأقوى حينئذٍ وجوب البلديّة إلّامع القرينة المعيّنة للميقات (2). الامام الخميني: فحينئذٍ تكون الزيادة على الميقاتيّة من الثلث، و لو زاد على الميقاتيّة و نقص من البلديّةفيستأجر من الأقرب إلى بلده فالأقرب على الأحوط (3). مكارم الشيرازي: فعلى هذا لو شكّ و لم يكن للوصيّة ظهور في شي ء، فالواجب هو الحجّ من أقرب المواقيت، و في الحقيقة يكون من قبيل الشكّ بين الأقلّ و الأكثر. و ما يظهر من بعض الحواشي من وجوب الحجّ عن البلد، لم نجد له وجهاً (4). الخوئي: لكنّ الإجارة لو كانت من مال الميّت يحكم ببطلانها (5). مكارم الشيرازي: ولكن كان الوليّ أو الوصيّ عاصياً بذلك، لتفويته الواجب عليه بمقتضى الوصيّة (6). الامام الخميني: هذه الاحتمالات إنّما هي على فرض وجوب البلديّ شرعاً؛ أوصى به أو لا، و لا دليل على ترجيح بعضها و إن كان ما قوّاه جدّاً أضعف الاحتمالات و لا يبعد التخيير بين بلد الاستيطان و بلد الموت، و خبر زكريّا بن آدم ورد في الوصيّة، كما أنّ ما ورد فيه لفظ البلد أيضاً إنّما هو في الوصيّة المحتمل فيها الانصراف، و أمّا على فرض وجوب البلدي لأجل الوصيّة فهو تابع للانصراف و القرائن

الخوئي: تقدّم كفاية الميقاتيّة مع عدم الوصيّة، و أمّا إذا أوصى فالمتّبع هو ظهور الوصيّة، و يختلف ذلك باختلاف الموارد (7). مكارم الشيرازي: بل الأقوى بلد الاستيطان لو قلنا بوجوب البلدي، لأنّه المنساق من النصّ و الفتوى؛ و الإيراد عليه بقوله «كماترى» لا وجه له. و أمّا خبر زكريّا بن آدم، فلا دلالة

له و لا إشعار فيه، بل هو على خلاف المطلوب أدلّ، كما مرّ الاستدلال به لنفي وجوب الحجّ البلدي، و لعلّ المراد بالإشعار هنا ما يفهم من ارتكاز ذهن الراوي، ولكن هذا الارتكاز ظاهر في إجزاء بلد الموت لاتعيّنه، و من الواضح أنّ بلد الموت غالباً هو بلد الاستيطان، لاسيّما في تلك الأزمنة، فلا فائدة في الاستناد إليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 331

البلد الّذي مات فيه؟ فقال عليه السلام: «ما كان دون الميقات فلا بأس به» مع أنّه آخر مكان كان مكلّفاً فيه بالحجّ؛ و ربما يقال: إنّه بلد الاستيطان، لأنّه المنساق من النصّ والفتوى، و هو كماترى؛ و قد يحتمل البلد الّذي صار مستطيعاً فيه؛ و يحتمل التخيير بين البلدان الّتي كان فيها بعد الاستطاعة؛ و الأقوى ما ذكرنا وفاقاً لسيّد المدارك، و نسبه إلى ابن إدريس أيضاً و إن كان الاحتمال الأخير و هوالتخيير قويّاً جدّاً (1).

مسألة 92: لو عيّن بلدة غير بلده، كما لو قال: استأجروا من النجف أو من كربلا، تعيّن.

مسألة 93: على المختار من كفاية الميقاتيّة لايلزم أن يكون من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب، بل يكفي كلّ بلد دون الميقات، لكنّ الاجرة الزائدة على الميقات مع إمكان الاستيجار منه لايخرج من الأصل و لا من الثلث إذا لم يوص بالاستيجار من ذلك البلد، إلّا إذا أوصى بإخراج الثلث من دون أن يعيّن مصرفه و من دون أن يزاحم واجباً ماليّاً عليه.

مسألة 94: إذا لم يمكن الاستيجار من الميقات و أمكن من البلد، وجب؛ و إن كان عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة، فيزاحم الدين إن لم تف التركة بهما، بمعنى أنّها توزّع عليهما بالنسبة (2).

مسألة 95: إذا لم تف التركة بالاستيجار من

الميقات، لكن أمكن الاستيجار من الميقات الاضطراريّ كمكّة (3) أو أدنى الحلّ، وجب (4)؛ نعم، لو دار الأمر بين الاستيجار من البلد أو (1). الگلپايگاني: لا قوّة فيه

مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، لما عرفت من ظهور النصّ و الفتوى في بلد الاستيطان، و التخيير ثابت إذا لم يكن هناك دليل ثمّ تردّد الأمر بين جهات مختلفة (2). الخوئي: تقدّم أنّ الحجّ يقدّم (3). الگلپايگاني: و الأحوط حينئذٍ مع الإمكان استيجار من يكون ميقاته هناك (4). الخوئي: ما ورد من إجزاء الميقات الاضطراري قاصر عن شمول الفرض

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ عمومات البدليّة لو قلنا بها لاتشمل الصورة الّتي يكون العجز مستنداً إلى قلّة المال؛ نعم، رواية زيد النرسي لاتخلو عن دلالة على المطلوب، بناءً على إلغاء الخصوصيّة عن موردها و هو الوصيّة، فلو تمّ سندها لايبعد القول به، ولكنّ الكلام بعد في اعتبار سندها. و قد يقال: إنّه لو وجد من يكون وظيفته الحجّ من مكّة فلايُترك الاحتياط باستيجاره، و لا بأس به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 332

الميقات الاضطراريّ، قدّم الاستيجار من البلد و يخرج من أصل التركة، لأنّه لا اضطرار للميّت مع سعة ماله.

مسألة 96: بناءً على المختار من كفاية الميقاتيّة، لا فرق بين الاستيجار عنه و هو حىّ أو ميّت، فيجوز لمن هو معذور بعذر لايرجى زواله أن يجهّز رجلًا من الميقات، كما ذكرنا سابقاً أيضاً، فلايلزم أن يستأجر من بلده على الأقوى وإن كان الأحوط (1) ذلك.

مسألة 97: الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستيجار في سنة الموت، خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير من الميّت، و حينئذٍ فلو لم يمكن إلّامن البلد وجب و خرج من الأصل و لايجوز التأخير إلى السنة

الاخرى و لو مع العلم بإمكان الاستيجار من الميقات توفيراً على الورثة، كما أنّه لو لم يمكن من الميقات إلّابأزيد من الاجرة المتعارفة في سنة الموت وجب و لايجوز التأخير إلى السنة الاخرى توفيراً عليهم.

مسألة 98: إذا أهمل الوصيّ أو الوارث الاستيجار، فتلفت التركة أو نقصت قيمتها (2)، فلم تفِ بالاستيجار، ضمن (3)؛ كما أنّه لو كان على الميّت دين وكانت التركة وافية و تلفت (1). الامام الخميني: لاينبغي تركه (2). الخوئي: لا وجه لضمان الوصيّ أو الوارث لنقص القيمة، ولكن مع ذلك يجب الاستيجار و تتميم الاجرةمن بقيّة التركة إن كانت

الگلپايگاني: لايعلم وجه للضمان مع نقصان قيمتها السوقيّة (3). مكارم الشيرازي: بل و إن وفت بالاستيجار، كان أيضاً ضامناً. و الأصل في ذلك أنّ اليد بعد الإهمال ليست يداً أمينة، فتكون ضامنة، و هذا بالنسبة إلى تلف العين ظاهر؛ و أمّا في نقصان القيمة السوقيّة يتوهّم أنّه لا ضمان، لعدم صدق التلف و الإتلاف فيه، ولكنّ الإنصاف أنّه أيضاً ضامن في كثير من موارده لصدق التلف؛ سلّمنا، لكن يصدق الضرر و هو كافٍ في المطلوب، ألا ترى لو أتى إنسان بأغنام إلى بيت اللّه الحرام ليبيعها يوم النحر، فغصبها غاصب فلم يردّها إلّابعد أيّام الحجّ و سقوط القيمة جدّاً، فهل يمكن الحكم بنفي الضمان عن مثل هذا الغاصب؟ فلا شكّ في صدق عنوان الإضرار، بل يشمله ملاك أدلّة الإتلاف أيضاً، و لذا حكموا بالضمان فيما إذا كانت العين موجودة مع سقوطها عن القيمة بالمرّة، كما إذا أتى بالماء إلى الشاطى ء و الثلج إلى فصل الشتاء، فكما أنّه ضامن لسقوط القيمة كلّها فلِمَ لايكون ضامناً لسقوطها في الجملة؟

العروة الوثقى، ج 2، ص: 333

بالإهمال، ضمن.

مسألة 99: على

القول بوجوب البلديّة و كون المراد بالبلد الوطن، إذا كان له وطنان، الظاهر وجوب اختيار الأقرب إلى مكّة (1)، إلّامع رضى الورثة بالاستيجار من الأبعد؛ نعم، مع عدم تفاوت الاجرة، الحكم التخيير.

مسألة 100: بناءً على البلديّة (2)، الظاهر عدم الفرق (3) بين أقسام الحجّ الواجب (4)، فلا اختصاص بحجّة الإسلام؛ فلو كان عليه حجّ نذريّ (5) لم يقيّد بالبلد و لا بالميقات، يجب الاستيجار من البلد، بل و كذا لو أوصى بالحجّ ندباً، اللّازم الاستيجار من البلد إذا خرج من الثلث.

مسألة 101: إذا اختلف تقليد الميّت و الوارث في اعتبار البلديّة أو الميقاتيّة، فالمدار على تقليد الميّت (6). و إذا علم أنّ الميّت لم يكن مقلّداً في هذه المسألة، فهل المدار على تقليد (1). مكارم الشيرازي: مراده اختيار الأقرب إذا كان أقلّ قيمةً، بشهادة ما ذكره في آخر هذه المسألة (2). الگلپايگاني: و أمّا بناءً على الميقاتيّة فالظاهر عدم الفرق أيضاً إلّافي صورة الوصيّة، فإنّ الأحوط فيهاالبلديّة (3). الامام الخميني: لا ملازمة بينهما؛ ففي مثل النذري الغير المقيدّ بالبلد و لا الميقات مع عدم الانصراف، و كذا في الوصيّة بالحجّ ندباً مع عدم انصراف و تقييد، لايجب البلديّ حتّى على القول بالبلديّ في حجّة الإسلام (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ الحكم مخالف للقاعدة، فإنّها تقتضي كفاية الميقاتيّة، فليس هناك إلّاإطلاق الروايات الدالّة على وجوب البلديّ (بناءً على القول به) و القدر المتيقّن منها حجّة الإسلام و الوصيّة، و أمّا غيرهما فلايخلو عن إشكال، ولكن هذا كلّه إذا لم يكن في النذر ظهور أو انصراف إلى شي ء، و إلّاكان الواجب تبعيّة قصد الناذر أو الموصي (5). الخوئي: تقدّم أنّ الحجّ النذري لايخرج من أصل المال و إنّما

يخرج من الثلث بالوصيّة، فالحكم فيه هوالحكم في الوصيّة (6). الامام الخميني: بل على تقليد من كان العمل به وظيفته، و مع التعدّد و الاختلاف يرجع إلى الحاكم

الخوئي: بل المدار على تقليد الوارث

الگلپايگاني: بل على تقليد من يجب عليه التصدّي وصيّاً كان أو وارثاً، و مع التعدّد و اختلافهم يتعيّن الرجوع إلى الحاكم

مكارم الشيرازي: بل المدار على تقليد مباشر العمل؛ سواء كان الوصيّ أو الوارث أو المتبرّع. و ذلك لما ذكرنا في أبواب التقليد (المسألة 54) و في مباحث استيجار العبادة (في المسألة 15)؛ و منه يظهر حكم ما رتّب عليه في المتن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 334

الوارث أو الوصيّ (1) أو العمل على طبق فتوى المجتهد الّذي كان يجب عليه تقليده إن كان متعيّناً، و التخيير مع تعدّد المجتهدين و مساواتهم؟ وجوه؛ و على الأوّل، فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كلٌّ على تقليده، فمن يعتقد البلديّة يؤخذ من حصّته بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء بالبلديّة بالأقرب فالأقرب إلى البلد، و يحتمل الرجوع إلى الحاكم (2) لرفع النزاع، فيحكم بمقتضى مذهبه، نظير ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة؛ و إذا اختلف تقليد الميّت و الوارث في أصل وجوب الحجّ عليه و عدمه، بأن يكون الميّت مقلّداً لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلى كفاية فكان يجب عليه الحجّ، والوارث مقلّداً لمن يشترط ذلك فلم يكن واجباً عليه، أو بالعكس، فالمدار على تقليد الميّت (3).

مسألة 102: الأحوط (4) في صورة تعدّد من يمكن استيجاره، الاستيجار من أقلّهم اجرةً (5) مع إحراز صحّة عمله، مع عدم رضى الورثة أو وجود قاصر فيهم؛ سواء قلنا بالبلديّة أو الميقاتيّة و إن كان لايبعد

جواز استيجار المناسب لحال الميّت من حيث الفضل و الأوثقيّة (6) (1). الخوئي: الوصيّ إنّما هو نائب الميّت فيما أوصى به، فالعبرة بنظره و ظهور كلامه، و لا أثر لنظر الوصيّ عن تقليد أو اجتهاد (2). الخوئي: هذا الاحتمال هو المتعيّن بناءً على وجوب الإحجاج عن الميّت على الوارث، كما هو الظاهر

مكارم الشيرازي: الرجوع إلى الحاكم إنّما يصحّ فيما إذا كان بينهم تنازع، و أمّا إذا كانوا خاضعين لحكم الشرع فالرجوع إلى فتوى الحاكم لا وجه له، بل الواجب الرجوع إلى مرجع تقليدهم (3). الامام الخميني: بل على تقليد الوارث

الخوئي: تقدّم أنّ المدار على تقليد الوارث

الگلپايگاني: بل على تقليد الوارث

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المدار على تقليد الوارث لا الميّت، و لواختلف الوارث بحسب تقليدهم في وجوب الحجّ على الميّت و عدمه فالواجب أن يعمل كلّ منهم على طبق فتوى مقلّده في حصّته، فإن وفى للحجّ و لو من الميقات وجب العمل به، و إلّالايجب عليه شي ء كما تقدّم (4). الامام الخميني: بل الأقوى في فرض المسألة

الگلپايگاني: بل الأقوى مع إحراز صحّة العمل، كما هو المفروض (5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى ذلك، لعدم الدليل على الأزيد منه، و لايجوز التصرّف في حقّ الورثة، لاسيّما إذا كان فيهم صغار؛ و العجب منه قدس سره أنّه أفتى بهذا الحكم في المسألة (3) من باب الوصيّة بالحجّ، ولكن جعله هنا أحوط (6). مكارم الشيرازي: هذا إنّما يتمّ إذا أوصى بالحجّ، و إلّافلايخلو عن إشكال، لأنّ المفروض أداءالدين بأقلّ منه، و الباقي ملك الورثة، فلايُترك الاحتياط بتحصيل رضى الورّاث؛ و العجب أيضاً أنّه 1 في المسألة (4) من أحكام الوصيّة بالحجّ جعل الأحوط الأظهر أقلّ الناس اجرةً

من دون ملاحظة شأن الميّت، و لكنّه أفتى هنا بجواز ملاحظة شأنه بقوله: لايبعد جواز استيجار المناسب لحال الميّت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 335

مع عدم قبوله إلّابالأزيد، و خروجه من الأصل، كما لايبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عن أقلّهم اجرةً و إن كانت أحوط.

مسألة 103: قد عرفت أنّ الأقوى كفاية الميقاتيّة، لكنّ الأحوط الاستيجار من البلد بالنسبة إلى الكبار من الورثة، بمعنى عدم احتساب الزائد عن اجرة الميقاتيّة على القُصّر إن كان فيهم قاصر.

مسألة 104: إذا علم أنّه كان مقلّداً و لكن لم يعلم فتوى مجتهده (1) في هذه المسألة، فهل يجب الاحتياط، أو المدار على تقليد الوصيّ أو الوارث؟ وجهان (2) أيضاً.

مسألة 105: إذا علم استطاعة الميّت مالًا و لم يعلم (3) تحقّق سائر الشرائط في حقّه، فلايجب (4) القضاء عنه (5)، لعدم العلم بوجوب الحجّ عليه، لاحتمال فقد بعض الشرائط.

مسألة 106: إذا علم استقرار الحجّ عليه و لم يعلم أنّه أتى به أم لا، فالظاهر وجوب القضاء عنه (6) لأصالة بقائه في ذمّته، و يحتمل (7) عدم وجوبه عملًا بظاهر حال المسلم (8)، و (1). مكارم الشيرازي: تقدّم أنّ المدار في جميع هذه المسائل على فتوى الوارث أو الوصيّ (2). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى

الگلپايگاني: الثاني هو المتعيّن، كما مرّ

الخوئي: تقدم أنّه لا عبرة بتقليد الميّت، كما تقدّم أنّه لا أثر لتقليد الوصيّ و نظره، بل العبرة بنظر الوارث؛ نعم، إذا كان الميّت قد أوصى بالحجّ و كان نظره معلوماً فهو، و إلّافيقتصر على الأقلّ (3). الخوئي: و لو كان بالأصل (4). الامام الخميني: إلّاإذا اقتضى الأصل إحراز الشرط المشكوك فيه (5). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان هناك أصل عقلائي يدلّ على سائر الشرائط،

كأصالة السلامة أو شبهها (6). مكارم الشيرازي: بل الظاهر عدم وجوب القضاء، و ذلك لاستقرار السيرة ظاهراً على عدم وجوب تخميس أموال جميع المتمكّنين بعد وفاتهم إذا لم يعلم منهم أداء الخمس، و هكذا بالنسبة إلى الزكاة و الحجّ، و لعلّ السيرة ناشئة عن حمل فعل المسلم على الصحّة؛ و العجب أنّه قدس سره أفتى بعدم الوجوب في المسألة (5) من مسائل ختام الزكاة، بينما أفتى بوجوبه هنا (7). الامام الخميني: لكنّه ضعيف (8). الخوئي: لا اعتبار بظاهر الحال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 336

أنّه لايُترك ما وجب عليه فوراً؛ و كذا الكلام إذا علم (1) أنّه تعلّق به خمس (2) أو زكاة أو قضاء صلوات أو صيام و لم يعلم أنّه أدّاها أو لا.

مسألة 107: لايكفي الاستيجار في براءة ذمّة الميّت و الوارث، بل يتوقّف على الأداء؛ و لو علم أنّ الأجير لم يؤدّ، وجب الاستيجار ثانياً، و يخرج من الأصل (3) إن لم يمكن استرداد الاجرة من الأجير.

مسألة 108: إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد، غفلةً عن كفاية الميقاتيّة، ضمن ما زاد عن اجرة الميقاتيّة للورثة أو لبقيّتهم.

مسألة 109: إذا لم يكن للميّت تركة و كان عليه الحجّ، لم يجب على الورثة شي ء و إن كان يستحبّ على وليّه، بل قد يقال بوجوبه، للأمر به في بعض الأخبار (4).

مسألة 110: من استقرّ عليه الحجّ و تمكّن من أدائه، ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة، و كذا ليس له أن يحجّ تطوّعاً، و لو خالف فالمشهور البطلان، بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف فيه و بعضهم الإجماع عليه، و لكن عن سيّد المدارك التردّد في البطلان؛ و مقتضى القاعدة الصحّة و إن كان عاصياً في ترك ما وجب

عليه، كما في مسألة الصلاة مع فوريّة وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، إذ لا وجه للبطلان إلّادعوى أنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه، و هي محلّ منع، و على تقديره لايقتضي البطلان، لأنّه نهي تبعيّ؛ و دعوى أنّه يكفي في عدم الصحّة عدم الأمر، مدفوعة بكفاية المحبوبيّة (5) في حدّ نفسه في الصحّة، كما في مسألة (1). الخوئي: فيه تفصيل تقدّم في كتاب الزكاة [في ختام؛ فيه مسائل متفرّقة- الخامسة] (2). الامام الخميني: مع بقاء المتعلّق بمقدارهما، و إلّافلايجب، و لا أصل لإحراز كون تلفهما موجباً للضمان

الگلپايگاني: مع بقاء العين فيهما، و إلّافالأصل عدم اشتغال الذمّة بالبدل (3). الامام الخميني: إنّ عمل وليّ الميّت على طبق وظيفته من إحراز وثاقة الأجير مثلًا

مكارم الشيرازي: هذا إذا لم تكن الورثة قصّروا في أمر الاستيجار من غير الأهل، لأنّهم حينئذٍ قد ضمنوا و تؤخذ الاجرة منهم، لا من التركة، كما ستأتي الإشارة إليه في المسألة (8) من أحكام النيابة (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، و كأنّه ناظر إلى روايتي ضريس و زرارة (1 و 3/ 26 من أبواب وجوب الحجّ) ولكنّ الظاهر أنّ موردهما من كان له مال و مات في الطريق، و يشهد له رواية بريد العجلي (2/ 26)، فراجع (5). الخوئي: بل الصحّة من جهة وجود الأمر على نحو الترتّب

الگلپايگاني: مع أنّ النائب ينوي أمر المنوب عنه و لا تنافي بينه و بين أمره بضدّه

مكارم الشيرازي: بل يمكن دعوى وجود الأمر من باب الترتّب، لأنّ المحقّق في محلّه جواز الأمر بالضدّين على هذا النحو؛ هذا، و عن بعض الأعلام أنّ النائب يقصد أمر المنوب عنه، و لا تنافي بينه و بين أمره بضدّه،

إنتهى. و يرد عليه أنّ المفروض كون العمل عملًا للنائب من جهة و كونه عملًا للمنوب عنه من جهة اخرى، فالتنافي موجود على كلّ حال، و لذا لو نذر ناذر ترك النيابة و قلنا بصحّة هذا النذر لايجوز له النيابة من غيره و إن كان الأمر متوجّهاً إلى الغير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 337

ترك الأهمّ و الإتيان بغير الأهمّ من الواجبين المتزاحمين، أو دعوى أنّ الزمان مختصّ بحجّته عن نفسه فلايقبل لغيره، و هي أيضاً مدفوعة بالمنع، إذ مجرّد الفوريّة لايوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل شهر رمضان، حيث إنّه غير قابل لصوم آخر، و ربما يتمسّك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي خلف (1) عن أبي الحسن موسى عليه السلام عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميّت؟ قال عليه السلام: «نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزي عنه حتّى يحجّ من ماله، و هي تجزي عن الميّت إن كان للصرورة مال و إن لم يكن له مال» و قريب منه صحيح سعيد الأعرج عن أبي عبداللّه عليه السلام، و هما كما ترى بالدلالة على الصحّة أولى، فإنّ غاية ما يدلّان عليه أنّه لايجوز له ترك حجّ نفسه و إتيانه عن غيره، و أمّا عدم الصحّة فلا؛ نعم، يستفاد منهما عدم إجزائه عن نفسه (2)، فتردّد صاحب المدارك في محلّه، بل لايبعد الفتوى بالصحّة (3) لكن لايُترك الاحتياط، هذا كلّه لو تمكّن من (1). مكارم الشيرازي: الخبر لايخلو عن تناقض بحسب الصدر و الذيل، فإنّ ظاهر صدره بحسب مفهوم الشرط عدم صحّة الحجّ عن الميّت للصرورة إذا كان مستطيعاً بنفسه، و ظاهر ذيله خلاف ذلك؛

و قد يقال بترجيح ظهور الذيل على الصدر، لأنّه كالصريح في ذلك (2). الامام الخميني: هذا مبنيّ على رجوع ضمير «ليس يجزي عنه» إلى النائب، و هو خلاف سوق الرواية؛ فإنّ الظاهر منها هو السؤال عن صحّة الحجّ عن الميّت لا صحّة حجّ الصرورة عن نفسه، فلايناسب الجواب عن عدم إجزائه عن نفسه، فمع الرجوع إلى الميّت تمّت الدلالة و يصير قرينة على المراد في الذيل بما احتمل بعضهم من أنّ قوله: «و هي تجزي عن الميّت» أي الحجّ بعد ما حجّ عن نفسه يجزي عن الميّت، فالمانع من الحجّ ليس المال و لو بمقدار ما يحجّ به، بل اشتغال الذمّة بحجّ نفسه، بل يمكن القول بدلالتها و لو رجع الضمير إلى النائب، فيكون المعنى أنّه لايجزي حجّ عن الصرورة الواجد لنفسه أو غيره حتّى يحجّ من ماله حجّة الإسلام، و مع ذلك لايخلو من الإشكال و إن كان الأقرب البطلان (3). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل لايبعد الفتوى بالبطلان للشهرة و قُرب دلالة الصحيحتين، خصوصاًالاولى منهما و إطلاق مكاتبتي ابراهيم بن عقبة و بكر بن صالح

الگلپايگاني: فيه إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 338

حجّ نفسه؛ و أمّا إذا لم يتمكّن فلا إشكال في الجواز و الصحّة عن غيره، بل لاينبغي الإشكال (1) في الصحّة إذا كان لايعلم (2) بوجوب الحجّ عليه (3)، لعدم علمه باستطاعته مالًا، أو لايعلم بفوريّة (4) وجوب الحجّ عن نفسه فحجّ عن غيره أو تطوّعاً؛ ثمّ على فرض صحّة الحجّ عن الغير و لو مع التمكّن و العلم بوجوب الفوريّة، لو آجر نفسه لذلك، فهل الإجارة أيضاً صحيحة أو باطلة، مع كون حجّه صحيحاً عن الغير؟ الظاهر بطلانها (5)، و ذلك لعدم

قدرته (6) شرعاً (7) على العمل المستأجر عليه، لأنّ المفروض وجوبه عن نفسه فوراً، و كونه صحيحاً (1). الگلپايگاني: بل لا فرق بين صورتي العلم و الجهل في الإشكال مع التمسّك للبطلان بالروايتين، كما هوالعمدة (2). الامام الخميني: لا فرق بين علمه و جهله، فالأقرب البطلان مع جهله أيضاً (3). مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّ العمدة في الفساد، مضافاً إلى الشهرة بل عدم ظهور فتوى صريح بالصحّة، الإشكال في تمشّي قصد القربة في أمثال المقام، كما ذكرناه في محلّه، و شي ء منهما لايشمل صورة الجهل، لأنّ القدر المتيقّن من كلام المشهور هو صورة العلم، و تمشّي قصد القربة مع الجهل واضح؛ نعم، لو كان الدليل على الصحّة هو الروايتان، لم يكن هناك فرق بين صورتي العلم و الجهل (4). الخوئي: الجهل بالفوريّة مع التقصير بحكم العلم (5). مكارم الشيرازي: بل الظاهر صحّتها، و ذلك لما عرفت من إمكان الأمر بالضدّين على نحو الترتّب، كما تقرّر في الاصول، و بهذا تصحّ الإجارة على المكاتب المختلفة، كالخياطة و الزراعة و غيرهما، مع وجود واجبات فوريّة عليه كتعلّم المسائل الشرعيّة و أداء الديون؛ و لولا ما ذكرنا، أشكل الأمر في جميع ذلك، للزوم الأمر بالضدّين و هو محال؛ ثمّ إنّه على فرض القول بالبطلان لايبعد استحقاق اجرة المثل، لاحترام عمل المسلم و صدوره عن أمر الآمر، و قد ذكر في محلّه إنّ الأمر بالفعل يوجب الضمان (6). الامام الخميني: بل لعدم إمكان لزوم الوفاء بالإجازة مع فوريّة الحجّ

الگلپايگاني: بل لأنّ صحّة الإجارة تستلزم الأمر بضدّ الواجب و هو محال؛ نعم، لايبعد استحقاق اجرة المثل لو فعل بأمر الآمر، لصحّة الحجّ بالفرض و لاشي ء يوجب سلب احترام عمل المسلم

(7). الخوئي: الصحيح أن يقال: إنّه غير قادر على التسليم على الإطلاق لفرض وجوب الحجّ على نفسه فلايشمله وجوب الوفاء بالعقد، و أمّا القدرة على التسليم في فرض العصيان فهي إنّما يترتّب عليها التكليف لا الوضع، فإنّ المنشأ إنّما هو التمليك على الإطلاق لا التمليك على تقدير المعصية، ولو فرض أنّ المنشأ هو التمليك على تقدير العصيان كان العقد أيضاً باطلًا من جهة التعليق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 339

على تقدير المخالفة لاينفع في صحّة الإجارة، خصوصاً على القول بأنّ الأمر بالشي ء نهي عن ضدّه، لأنّ اللَّه إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه و إن كانت الحرمة تبعيّة (1)؛ فإن قلت: ما الفرق (2) بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة (3) هناك (4)، كما إذا باعه عبداً وشرطعليه أن يعتقه فباعه، حيث تقولون بصحّة البيع، و يكون للبايع خيار تخلّف الشرط؟ قلت: الفرق أنّ في ذلك المقام المعاملة على تقدير صحّتها مفوّتة لوجوب العمل بالشرط، فلايكون العتق واجباً بعد البيع لعدم كونه مملوكاً له، بخلاف المقام، حيث إنّا لو قلنا بصحّة الإجارة لايسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلًا، فلايمكن أن تكون الإجارة صحيحة، و إن قلنا: إنّ النهي التبعيّ لايوجب البطلان، فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل، لا لأجل النهي عن الإجارة؛ نعم، لو لم يكن متمكّناً من الحجّ عن نفسه، يجوز له أن يوجر نفسه للحجّ عن غيره، و إن تمكّن بعد الإجارة عن الحجّ (5) عن نفسه لاتبطل إجارته (6)، (1). الامام الخميني: فيها تأمّل (2). الگلپايگاني: هذا الإشكال لا وجه له لو كان بطلان الإجارة مستنداً إلى لزوم الأمر بالضدّين كما مرّ منّا؛ و أمّا

لو كان المستند النهي التبعي بانضمام «أنّ اللّه إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» فلا ارتباط بين المسألتين أصلًا، لأنّ حرمة البيع لاتستلزم حرمة المبيع حتّى يحرّم ثمنه (3). الامام الخميني: القول بالصحّة هناك أيضاً محلّ إشكال، و ما ذكره من الوجه غير وجيه (4). مكارم الشيرازي: لانقول بالصحّة هناك (ولا أقلّ من الإشكال فيه) و ذلك لأنّ الشرط كما يكون مبدءً للحكم التكليفي من حيث حرمة المخالفة، يكون مبدءً للحكم الوضعي، فيكون المبيع مع انتقاله إلى المشتري متعلّقاً لحقّ البايع، فتصرّفه فيه فضوليّ كتصرّف الراهن في العين المرهونة، و إن هو إلّامن قبيل منذور التصدّق، حيث صرّح المصنّف قدس سره في كتاب الزكاة بعدم تعلّقها به، لعدم التمكّن من التصرّف فيه، أضف إلى ذلك أنّ المسألة مشهورة كما حكى غير واحد، و القول بالصحّة شاذّ (5). الخوئي: هذا إذا كان التمكّن متوقّفاً على صحّة الإجارة؛ و أمّا لو لم يكن كذلك، كما لو حصل له المال من جهة اخرى بعد الإجارة فيكشف ذلك عن بطلانها (6). الگلپايگاني: بل التمكّن يكشف عن بطلان الإجارة، كما أنّ الصحّة مع عدم العلم أيضاً محلّ إشكال

مكارم الشيرازي: بل تبطل إجارته إلّاإذا كان استطاعته من ناحية الإجارة، و ذلك لأنّ المعتبر في صحّة الإجارة كون العمل مباحاً في ظرفه، لا في ظرف الإجارة، و المفروض هنا كونه مستطيعاً في ظرفه، و لايحلّ للمستطيع أن يؤجر نفسه للحجّ عن غيره، و لذا لو علم بالاستطاعة من قبل لم يجز له، و من المعلوم أنّ العلم هنا طريقي لا موضوعي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 340

بل لايبعد صحّتها (1) لو لم يعلم باستطاعته (2) أو لم يعلم بفوريّة الحجّ (3) عن نفسه فآجر نفسه للنيابة و

لم يتذكّر إلى أن فات محلّ استدراك الحجّ عن نفسه، كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال. ثمّ لا إشكال في أنّ حجّه عن الغير لايكفيه عن نفسه، بل إمّا باطل كما عن المشهور (4)، أو صحيح عمّن نوى عنه كما قوّيناه؛ و كذا لو حجّ تطوّعاً، لايجزيه عن حجّة الإسلام (5) في الصورة المفروضة، بل إمّا باطل أو صحيح و يبقى عليه حجّة الإسلام؛ فما عن الشيخ من أنّه يقع عن حجّة الإسلام لا وجه له، إذ الانقلاب القهريّ لا دليل عليه؛ و دعوى أنّ حقيقة الحجّ واحدة و المفروض إتيانه بقصد القربة، فهو منطبق على ما عليه من حجّة الإسلام، مدفوعة بأنّ وحدة الحقيقة لاتجدي (6) بعد كون المطلوب هوالإتيان بقصد ما عليه، و ليس المقام من باب التداخل بالإجماع، كيف و إلّالزم كفاية الحجّ عن الغير أيضاً عن حجّة الإسلام (7)، بل لابدّ من تعدّد الامتثال (8) مع تعدّد الأمر وجوباً و ندباً أو مع تعدّد (1). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع (2). مكارم الشيرازي: إذا جهل بالاستطاعة إلى أن فات محل استدراك الحجّ، لاينبغي الشكّ في صحّة إجارته و حجّه، لأنّ الجهل مانع عن تنجّز التكليف بحجّ نفسه (3). الخوئي: فيما إذا كان معذوراً

مكارم الشيرازي: هذا إذا كان الجهل عن قصور حتّى يكون مانعاً عن تنجّز التكليف؛ و أمّا إن كان عن تقصير فالبطلان هو الأقوى (4). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط في المسألة، كما سبق (5). الخوئي: الأظهر إجزاؤه عن حجّة الإسلام في الصورة المفروضة

مكارم الشيرازي: بل الأقوى إجزاؤه، و نيّة التطوّع غير مانعة و حقيقة الحجّ واحدة، و قد مرّ في المسألة (26) أنّ قصد الأمر الندبي على وجه التقييد

أيضاً غير مضرّ، لأنّ القربة المعتبرة في العبادة حاصلة، لكفاية الحُسن الفعلي و الفاعلي فيها و هما هنا حاصلان (6). الگلپايگاني: بل تجدي، لما مرّ من أنّ الواجب قصد عنوان المأمور به دون قصد الوجوب أو الندب، والفرض أنّه ليس الواجب عليه فعلًا إلّاالحجّ و قد قصد؛ نعم، لو قصد الأمر الندبي بنحو التشريع بحيث لايقصد الأمر الموجود فيبطل، لاختلال قصدالقربة؛ وهذا لو احرزت وحدة الحقيقة، لكنّها لم تحرز فالحكم بالصحّة مشكل (7). مكارم الشيرازي: هذا النقض غير وارد، لأنّ النيابة عنوان قصدي مغاير للقصد عن نفسه، و أين هذا ممّا نحن فيه؟ (8). الگلپايگاني: ليس المقام مقام تعدّد الأمر حتّى يحتاج إلى تعدّد الامتثال، إذ مع فرض وحدة الحقيقة لايمكن تعلّق أمر وجوبي و أمر ندبيّ بها في سنة واحدة و لو بلحاظ فردين منها، فلو أتى بها بقصد القربة تجزي عن الواجب، و إلّافباطلة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 341

الواجبين، و كذا ليس المراد من حجّة الإسلام الحجّ الأوّل بأىّ عنوان كان، كما في صلاة التحيّة و صوم الاعتكاف، فلا وجه لما قاله الشيخ أصلًا؛ نعم، لو نوى الأمر المتوجّه إليه فعلًا و تخيّل أنّه أمر ندبيّ، غفلةً عن كونه مستطيعاً، أمكن القول بكفايته عن حجّة الإسلام، لكنّه خارج عمّا قاله الشيخ؛ ثمّ إذا كان الواجب عليه حجّاً نذريّاً (1) أو غيره و كان وجوبه فوريّاً، فحاله ما ذكرنا (2) في حجّة الإسلام من عدم جواز حجّ غيره و أنّه لو حجّ صحّ أو لا، و غير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة (3).

[فصل في الحجّ الواجب بالنذر والعهد و اليمين

فصل في الحجّ الواجب بالنذر والعهد و اليمين

و يشترط في انعقادها البلوغ و العقل و القصد و الاختيار؛ فلاتنعقد من الصبيّ و إن

بلغ عشراً و قلنا بصحّة عباداته و شرعيّتها، لرفع قلم الوجوب عنه، و كذا لاتصحّ من المجنون و الغافل و الساهي و السكران و المكره؛ و الأقوى صحّتها من الكافر (4) وفاقاً للمشهور في اليمين، خلافاً لبعض، و خلافاً للمشهور في النذر، وفاقاً لبعض؛ و ذكروا في وجه الفرق عدم (1). مكارم الشيرازي: لايبعد كون النذر أيضاً من العناوين القصديّة، فلو حجّ بدون قصد الوفاء يشكل النذر، كما أنّه لو نذر إنفاق مقدار من المال على فقير فأعطاه لا بهذا القصد يشكل الاكتفاء به؛ هذا إذا كان نذره مقيّداً بحجّ غير حجّةالإسلام، و أمّا لو كان مطلقاً فيكفيه عن حجّة الإسلام، كما ستأتي الإشارة إليه في المسائل الآتية (2). الامام الخميني: بينهما فروق لايسع المجال ذكرها (3). الگلپايگاني: نعم، لو تمسّك للبطلان بالروايتين فموردهما مختصّ بالصرورة و حجّة الإسلام (4). الخوئي: هذا مبنيّ على كون الكافر مكلّفاً بالفروع

الگلپايگاني: إذا اعتقد بوجود الصانع و لم ينذر إتيان العبادة في حال كفره. و في انعقاده من الشاكّ أيضاً وجه

مكارم الشيرازي: إذا كان الكافر يعتقد بوجود اللّه، هذا في النذر و العهد؛ و أمّا اليمين فلايشترط فيه ذلك أيضاً. و ليعلم أنّ النذر و إن كان يصحّ من الكافر المعتقد باللّه، ولكن حيث إنّ الواجب في الوفاء بالنذر فعله تقرّباً إليه و من المعلوم أنّ الكافر لايتقرّب إلى اللّه حال كفره، فلو نذر فعله في حال الكفر يشكل صحّة نذره، عبادةً كان المنذور أو غير عبادة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 342

اعتبار قصد القربة في اليمين و اعتباره في النذر، و لاتتحقّق القربة في الكافر. و فيه أوّلًا: أنّ القربة لاتعتبر في النذر (1) بل هو مكروه (2) و

إنّما تعتبر في متعلّقه (3)، حيث إنّ اللّازم كونه راجحاً شرعاً (4)؛ و ثانياً (5): أنّ متعلّق اليمين أيضاً قد يكون من العبادات (6)؛ و ثالثاً: أنّه يمكن قصد القربة من الكافر (7) أيضاً (8)؛ و دعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام، مدفوعة (9) بإمكان إسلامه ثمّ إتيانه، فهو مقدور (10) لمقدوريّة مقدّمته، فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات، و يعاقب على مخالفته و يترتّب عليها وجوب الكفّارة فيعاقب على تركها أيضاً، و إن أسلم صحّ إن أتى به و يجب عليه الكفّارة لو خالف، و لايجري فيه قاعدة جبّ (1). مكارم الشيرازي: بل الظاهر اعتبارها فيه، و ذلك لأخذها في مفهوم النذر، لأنّ معناه الوصول إلى بعض الحوائج من طريق التقرّب إلى المعبود بفعل بعض ما يحبّه؛ هذا في النذر المشروط، و أمّا المطلق فحاله أوضح، مضافاً إلى بعض الروايات الظاهرة في اعتبار كون النذر للّه و عدم صحّته بدونه (راجع الروايات الواردة في الباب 2 من أبواب النذر و العهد، ج 16) (2). الگلپايگاني: الكراهة غير معلومة و إن ورد النهي عنه في بعض الأخبار، حيث إنّه ظاهر في الإرشاد

مكارم الشيرازي: العبارة لاتخلو عن حزازة، و المراد منه ظاهراً كراهة النذر بدون قصد القربة، ولكن لم يدلّ عليه دليل، بل ظاهر بعض الروايات (مثل 1/ 8 من النذر) كراهة أصل النذر ولو مع قصد القربة، و كأنّه لأنّ التكاليف الإلهيّة كثيرة و لاينبغي للإنسان أن يضيف إليها شيئاً ليثقل عليه (3). الامام الخميني: بل لاتعتبر في متعلّقه أيضاً (4). الگلپايگاني: اعتبار الرجحان لايستلزم العباديّة (5). الامام الخميني: هذا غير وارد على المدّعي، لدعوى اعتباره في النذر، فلايقع من الكافر (6). مكارم الشيرازي: الإشكالات

الثلاثة ليست على نهج واحد، بل بعضها ناظر إلى عدم اعتبار القربة في النذر و بعضها ناظر إلى عدم اعتبارها في متعلّقه. و الأولى أن يقال: إن كان المراد اعتبار القربة في نفس النذر فيرد عليه الإشكال الأوّل، و إن كان المراد اعتبارها في متعلّقه فيرد عليه الثاني و الثالث (7). الامام الخميني: المقرّ باللّه تعالى، بل يمكن قصدها رجاءً لمن يحتمل وجود الصانع، و لايعتبر في العبادةأزيد من ذلك (8). مكارم الشيرازي: ليس الإشكال في قصد القربة فقط، بل في قابليّة الكافر للتقرّب إلى اللّه، لأنّ صحّة العبادة تتوقّف على أمرين: قصد القربة و كون العمل مقرّباً، أي إمكان التقرّب به للعامل (9). الامام الخميني: مضافاً إلى أخصّيّة الدليل من المدّعى؛ لما مرّ من عدم لزوم كون المتعلّق قريباً (10). مكارم الشيرازي: ولكن إذا لم يكن نذره مقيّداً أو منصرفاً بفعله في حال كفره، كما هو الغالب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 343

الإسلام، لانصرافها (1) عن المقام؛ نعم، لو خالف و هو كافر و تعلّق به الكفّارة فأسلم، لايبعد دعوى سقوطها عنه كما قيل.

مسألة 1: ذهب جماعة (2) إلى أنّه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى و في انعقاده من الزوجة إذن الزوج و في انعقاده من الولد إذن الوالد، لقوله عليه السلام: «لا يمين لولد مع والده و لا للزوجة مع زوجها و لا للمملوك مع مولاه» فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد، و ظاهرهم (3) اعتبار الإذن السابق (4)، فلاتكفي الإجازة بعده، مع أنّه من الإيقاعات. و ادّعي الاتّفاق على عدم جريان الفضوليّة فيها و إن كان يمكن دعوى أنّ القدر المتيقّن من الاتّفاق ما إذا وقع الإيقاع على مال الغير،

مثل الطلاق و العتق و نحوهما، لا مثل المقام ممّا كان في مال نفسه؛ غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه، و لا فرق فيه بين الرضا السابق و اللاحق، خصوصاً إذا قلنا: إنّ الفضوليّ (5) على القاعدة. و ذهب جماعة إلى أنّه لايشترط الإذن في الانعقاد، لكن للمذكورين حلّ يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقاً بنهي أو إذن، بدعوى أنّ المنساق من الخبر المذكور و نحوه أنّه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب أو الزوج، و لازمه جواز حلّهم له و عدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به، و على هذا فمع النهي السابق لاينعقد و مع الإذن يلزم و مع عدمهما ينعقد و لهم حلّه. و لايبعد (6) قوّة هذا القول (7)، مع أنّ المقدّر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع (1). الامام الخميني: بل لعدم كون المقام مورداً لها (2). الخوئي: هذا القول هو الصحيح (3). الامام الخميني: و هو الأرجح. و ما ذكره من الاحتمال و دعوى الإجمال غير وجيه (4). مكارم الشيرازي: ظهور كلماتهم في ذلك محلّ إشكال. و الإنصاف أنّه لا فرق بين المقام و سائر موارد الفضولي، و دعوى الإجماع على بطلان الفضوليّ في الإيقاعات محلّ منع، كما ذكرناه في مباحث البيع (5). الگلپايگاني: جريان الفضولي في المقام محلّ إشكال (6). الگلپايگاني: بل لايبعد قوّة ما عليه المشهور و هو القول الأوّل (7). مكارم الشيرازي: القول الأوّل، أعني اعتبار الإذن أو الإجازة في أصل الصحّة، أظهر و أقرب؛ مضافاً إلى ذكر عدم انعقاد اليمين في معصية اللّه في سياق الرواية (1/ 11 من أبواب الأيمان، ج 16) و من الواضح عدم

انعقاده، فإذنهم شرط لا أنّ نهيهم مانع؛ هذا، و يظهر من بعض عبارات المسالك في كتاب اليمين أنّ المشهور قالوا بمانعيّة النهي، خلافاً لما ذكره بعض المحشّين هنا، و لايهمّنا ذلك بعد ما عرفت من ظهور الدليل في الشرطيّة لا المانعيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 344

و المعارضة، أي لا يمين مع منع المولى مثلًا، فمع عدم الظهور في الثاني لاأقلّ من الإجمال، و القدر المتيقّن هو عدم الصحّة مع المعارضة والنهي، بعد كون مقتضى العمومات الصحّة واللزوم.

ثمّ إنّ جواز الحلّ أو التوقّف على الإذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقاً (1)، كما هو ظاهر كلماتهم (2)، بل إنّما هو فيما كان المتعلّق منافياً لحقّ المولى أو الزوج و كان ممّا يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى، و أمّا ما لم يكن كذلك فلا، كما إذا حلف المملوك أن يحجّ إذا أعتقه المولى أو حلفت الزوجة أن تحجّ إذا مات زوجها أو طلّقها أو حلفا أن يصلّيا صلاة الليل مع عدم كونها منافية لحقّ المولى أو حقّ الاستمتاع من الزوجة أو حلف الولد أن يقرأ كلّ يوم جزءً من القرآن، أو نحو ذلك ممّا لايجب طاعتهم فيها للمذكورين، فلامانع من انعقاده، و هذا هو المنساق من الأخبار، فلو حلف الولد أن يحجّ إذا استصحبه الوالد إلى مكّة مثلًا لامانع من انعقاده، و هكذا بالنسبة إلى المملوك و الزوجة، فالمراد من الأخبار أنّه ليس لهم أن يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون منافياً لحقّ المذكورين، و لذا استثنى بعضهم (3) الحلف على فعل الواجب أو ترك القبيح و حكم بالانعقاد فيهما، و لو كان المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء؛ هذا كلّه في

اليمين.

و أمّا النذر، فالمشهور بينهم إنّه كاليمين في المملوك و الزوجة، و ألحق بعضهم بهما الولد أيضاً (4)، و هو مشكل، لعدم الدليل عليه خصوصاً في الولد، إلّاالقياس على اليمين بدعوى (1). الخوئي: الأظهر عدم صحّة اليمين منهم مطلقاً (2). الامام الخميني: و هو الأقوى، فلايصحّ اليمين بما هو يمين بلا إذنهم مطلقاً حتّى في فعل واجب أو ترك محرّم، لكن لايُترك الاحتياط فيهما؛ فاستثناء ما ذكر من الأمثلة في غير محلّه حتّى حلف الولد بأن يحجّ إذا استصحبه الوالد إلى مكّة، فإنّ الاستصحاب إليها أو الإذن في الحجّ غير الإذن في اليمين، و دعوى خروج مثله من منساق الأخبار غير وجيهة

الگلپايگاني: و هذا هو الظاهر من النصّ، فلايستثنى ما ذكر من الأمثلة (3). الگلپايگاني: هذا الاستثناء لاينافي موضوعيّة اليمين و إن كان في نفسه محلّ تأمّل (4). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى ولكن بشرط منافاته لحقّهم، و الوجه فيه ما عرفت من أنّ الإطلاقات منصرفة إلى مورد منافاة النذر لحقوق هؤلاء، فالبطلان على القاعدة، لأنّه لايجوز إبطال حقّ من طريق النذر أو اليمين، لاسيّما مع اعتبار القربة في نفس النذر، و الرجحان في متعلّقه؛ و من هنا يظهر حال المسائل الآتية على كثرتها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 345

تنقيح المناط، و هو ممنوع، أو بدعوى أنّ المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل النذر لإطلاقه عليه في جملة من الأخبار؛ منها خبران في كلام الإمام عليه السلام و منها أخبار في كلام الراوي و تقرير الإمام عليه السلام له و هو أيضاً كما ترى، فالأقوى في الولد عدم الإلحاق (1)؛ نعم، في الزوجة و المملوك لايبعد الإلحاق باليمين، لخبر قرب الإسناد (2) عن جعفر عليه السلام عن

أبيه عليه السلام أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول: «ليس على المملوك نذر إلّابإذن مولاه» و صحيح ابن سنان (3) عن الصادق عليه السلام:

«ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها إلّا بإذن زوجها، إلّافي حجّ أو زكاة أو برّ والديها أو صلة قرابتها»؛ و ضعف الأوّل منجبر بالشهرة، و اشتمال الثاني على ما لانقول به لايضرّ (4).

ثمّ هل الزوجة تشمل المنقطعة أو لا؟ وجهان (5)؛ و هل الولد يشمل ولد الولد أو لا؟ كذلك وجهان. و الأمة المزوّجة، عليها الاستيذان من الزوج و المولى، بناءً على اعتبار الإذن. و إذا أذن المولى للمملوك أن يحلف أو ينذر الحجّ، لايجب عليه إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة (1). الخوئي: إن كان الملاك منافاة مورد نذر هؤلاء لحقّ المولى و الزوج و الوالد، فلايحتاج الحكم في الإلحاق إلى أمر سوى القاعدة و هي لزوم الرجحان في متعلّق النذر، و إن كان الملاك إطلاق دليل المنع فلا وجه للإلحاق في غير الولد أيضاً، كما لا وجه له فيه (2). الخوئي: الرواية صحيحة، فيتعيّن العمل بها في موردها (3). الخوئي: ظاهر الصحيحة بقرينة استثناء الحجّ و ما بعده أنّها في مقام بيان الكبرى الكليّة و هي المنع عن تصرّفات الزوجة في مالها إلّابإذن زوجها، فلابدّ من حملها على الجهة الأخلاقيّة، فلا مجال لما في المتن (4). مكارم الشيرازي: بل هو مضرّ، لما ذكرناه في مبحث حجيّة خبر الواحد من أنّ المدار على الوثوق بالرواية و اشتمال الرواية على ما لانقول به سبب لعدم الوثوق بها، و حملها على الاستحباب يوجب عدم ظهور الباقي في الوجوب لوحدة السياق

(5). الامام الخميني: لايبعد الشمول لها دون تاليها

الگلپايگاني: أقواهما العدم

الخوئي: أوجههما الشمول؛ و كذا الحكم في الولد

مكارم الشيرازي: الظاهر شمولها لها عند منافاة النذر لحقّ الزوج؛ و كذا الكلام في غيره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 346

عليه من مصارف الحجّ، و هل عليه تخلية سبيله لتحصيلها أو لا؟ وجهان (1).

ثمّ على القول بأنّ لهم الحلّ، هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين في حلّ حلفهم أم لا؟ وجهان (2).

مسألة 2: إذا كان الوالد كافراً، ففي شمول الحكم له وجهان؛ أوجههما العدم (3)، للانصراف و نفي السبيل.

مسألة 3: هل المملوك المبعّض، حكمه حكم القنّ أو لا؟ وجهان (4)؛ لايبعد الشمول، و يحتمل (5) عدم توقّف حلفه على الإذن في نوبته في صورة المهاياة، خصوصاً إذا كان وقوع المتعلّق في نوبته.

مسألة 4: الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر و الانثى، و كذا في المملوك و المالك، لكن لاتلحق الامّ بالأب (6).

مسألة 5: إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك، ثمّ انتقل إلى غيره بالإرث أو البيع أو نحوه، بقي على لزومه (7). (1). الخوئي: أوجههما العدم

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الوجوب، إلّاأن يكون لكلامه دلالة ظاهرة على قبول النفقات؛ اللّهم إلّاأن يقال في هذا الفرض أيضاً لايجب على المولى شي ء، لأنّه من قبيل الالتزام الابتدائي و لايجب العمل به (2). الامام الخميني: الأقوى جوازه

الخوئي: أقواهما الجواز

الگلپايگاني: أقواهما الجواز على هذا المبنى

مكارم الشيرازي: الأقوى جواز ذلك، لأنّه التماس لأمر مشروع من غير مانع (3). مكارم الشيرازي: بل الأوجه شمول الحكم، بناءً على اختصاصه بصورة مزاحمة حقّ الوالد لو كان له حقّ. و العجب أنّه اختار هذا المبنى في المسألة السابقة ولكن هنا ألغى جميع فروعه

و مشى على وفق قول المشهور (4). الخوئي: أظهرهما العدم، إلّافيما إذا كان منافياً لحقّ المولى (5). الامام الخميني: لكنّه ضعيف، فإنّ المهاياة لايجعل العبد حرّاً في نوبته، و قد مرّ أنّ الحلف بما هو يتوقّف على الإذن لا باعتبار منافاته لحقّ المولى

الگلپايگاني: لكنّه ضعيف (6). مكارم الشيرازي: بل تلحق إذا كان النذر أو اليمين منافياً لحقّها (7). الخوئي: إلّاإذا كان متعلّق نذره منافياً لحقّ المولى الثاني

العروة الوثقى، ج 2، ص: 347

مسألة 6: لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجيّة ثمّ تزوّجت، وجب عليها العمل به و إن كان منافياً (1) للاستمتاع بها (2)، و ليس للزوج منعها من ذلك الفعل كالحجّ و نحوه، بل و كذا لو نذرت أنّها لو تزوّجت بزيد مثلًا صامت كلّ خميس، و كان المفروض أنّ زيداً أيضاً حلف أن يواقعها كلّ خميس إذا تزوّجها، فإنّ حلفها أو نذرها مقدّم على حلفه (3) و إن كان متأخّراً في الإيقاع، لأنّ حلفه لايؤثّر شيئاً في تكليفها، بخلاف نذرها فإنّه يوجب الصوم عليها، لأنّه متعلّق بعمل نفسها، فوجوبه عليها يمنع من العمل بحلف الرجل.

مسألة 7: إذا نذر الحجّ من مكان معيّن (4) كبلده أو بلد آخر معيّن، فحجّ من غير ذلك المكان، لم تبرأ ذمّته و وجب عليه ثانياً؛ نعم، لو عيّنه في سنةٍ فحجّ في تلك السنة من غير ذلك المكان، وجب عليه الكفّارة، لعدم إمكان التدارك. و لو نذر أن يحجّ من غير تقييد بمكان ثمّ نذر نذراً آخر أن يكون ذلك الحجّ من مكان كذا (5) و خالف فحجّ من غير ذلك المكان، برأ من النذر الأوّل و وجب عليه الكفّارة (6) لخلف النذر الثاني، كما أنّه لو نذر

أن يحجّ (1). الامام الخميني: في صورة المنافاة لايجب العمل بالحلف؛ و أمّا في النذر فمحلّ تأمّل و إن كان الوجوب لايخلو من وجه في غير مثال الصوم، و أمّا فيه فمحلّ إشكال و تردّد (2). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب حينئذٍ، إلّامع إذن الزوج

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم وجوب العمل به حينئذٍ و انحلال نذرها، و ذلك لأنّ الرجحان المعتبر في النذر و عدم مخالفة الشرط المعتبر في اليمين إنّما يكون بحسب وقت العمل، لا وقت النذر، و من الواضح أنّ العمل المنافي للاستمتاع حرام؛ و منه يظهر حال المسائل الآتية. و العجب ممّن صرّح بالبطلان في صورة تقييد نذرها بحال التزويج نظراً إلى المنافاة و لم يقل به هنا، و من المعلوم أنّه لا فرق بين التصريح و الإطلاق، و من هنا يظهر الحكم فيما لو نذرت أنّها لو تزوّجت صامت كلّ خميس مع حلف زوجها بخلافه، و أنّ النذر ينحلّ هنا أيضاً (3). الخوئي: لا أثر لحلف الزوجة، تقدّم أو تأخّر، فيما يزاحم حقّ الزوج كما هو المفروض (4). الگلپايگاني: هذا إذا كان المنذور هذا الفرد الخاصّ من الحجّ، و إلّافالصحّة مشروطة برجحان الحجّ من خصوص هذا المكان، كما يشترط ذلك في النذر الآخر و نذر حجّة الإسلام (5). مكارم الشيرازي: بشرط كون الحجّ من ذلك المكان راجحاً، لأنّ المفروض تعدّد النذر، فلابدّ من الرجحان في متعلّق كلّ منهما، و هذا بخلاف ما إذا كان بعنوان نذر شي ء واحد مثل ما ذكره في صدر المسألة، فإنّ المعتبر رجحان أصل المنذور لا جميع خصوصيّاته، فإنّه لايلزم أن يكون كلّ خصوصيّة راجحاً، كما ذكره في باب النذر. و إليه اشير في بعض الروايات كرواية عليّ بن مهزيار 1/

9 من النذر (راجع الجواهر ج 35 ص 381) (6). الخوئي: فيما إذا كان للمكان المنذور رجحان، و كذا فيما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 348

حجّة الإسلام من بلد كذا فخالف، فإنّه يجزيه عن حجّة الإسلام و وجب عليه الكفّارة لخلف النذر.

مسألة 8: إذا نذر أن يحجّ و لم يقيّده بزمان، فالظاهر جواز التأخير (1) إلى ظنّ الموت أو الفوت، فلايجب عليه المبادرة إلّاإذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل الإتيان به في صورة جواز التأخير لايكون عاصياً، و القول بعصيانه (2) مع تمكّنه في بعض تلك الأزمنة و إن جاز التأخير، لا وجه له (3). و إذا قيّده بسنة معيّنة، لم يجز التأخير مع فرض تمكّنه في تلك السنة، فلو أخّر عصى و عليه القضاء (4) و الكفّارة (5)، و إذا مات وجب قضاؤه عنه، كما أنّ في صورة الإطلاق إذا مات بعد تمكّنه منه قبل إتيانه وجب القضاء عنه؛ و القول بعدم وجوبه بدعوى أنّ القضاء بفرض جديد ضعيف، لما يأتي.

و هل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان (6)؛ فذهب جماعة إلى القول (1). الخوئي: الظاهر عدم جواز التأخير ما لم يكن مطمئنّاً بالوفاء

الگلپايگاني: مشكل، بل لايبعد لزوم التعجيل عقلًا؛ نعم، لايفوت بالتأخير

مكارم الشيرازي: و هو الحقّ و إن قلنا بدلالة الأمر على الفور كما هو المختار، و ذلك لأنّ وجوب الوفاء بالنذر فوراً ثابت ولكنّ النذر يتبع نظر الناذر، فإن كان نذره مضيّقاً وجب العمل به فوراً و إن كان موسّعاً فلا و إن كان مبهماً فالظاهر أيضاً جواز التاخير، لأنّ التضييق هو الّذي يحتاج إلى الدليل (2). الگلپايگاني: يعني فيما لو مات قبل الإتيان به (3). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في

جواز التأخير؛ و لعصيانه وجه وجيه (4). الخوئي: وجوب قضاء الحجّ المنذور الموقّت و غير الموقّت مبنيّ على الاحتياط، و الأظهر عدم الوجوب، إذ لا دليل عليه؛ و دعوى أنّه بمنزلة الدين فيخرج من الأصل لم تثبت، فإنّ التنزيل إنّما ورد في نذر الإحجاج و قد صرّح فيه بأنّه يخرج من الثلث، و أمّا ما ورد من إطلاق الدين على مطلق الواجب كما في رواية الخثعميّة فلايمكن الاستدلال به، لضعف الرواية سنداً و دلالةً؛ و بذلك يظهر الحال إلى آخر المسألة (5). مكارم الشيرازي: أمّا الكفّارة فواضح، لتحقّق الحنث؛ و أمّا القضاء فهو و إن كان بأمر جديد، إلّاأنّه المشهور في كلماتهم، بل لعلّه اسند إلى قطع الأصحاب، و المستند فيه غير واضح، ولكن لايُترك الاحتياط فيه (6). مكارم الشيرازي: الأحوط هو الإخراج من الأصل مع إحراز رضى سائر الورثة إذا كانوا كباراً، كما حكي عن أكثر الأصحاب بل نسب إلى قطعهم (راجع الجواهر ج 17 ص 340، حكاهما عن «المدارك» و «كشف اللثام»). و قد يستدلّ على وجوبه من الأصل، تارةً بأنّه مقتضى القاعدة و اخرى بأنّه مقتضى روايات الباب؛

أمّا الأوّل، فقد ذكر في المتن له طريقين:

أحدهما أنّ الحجّ من الواجبات الماليّة، و كلّ واجب مالي يخرج من الأصل بالإجماع؛ ولكنّه يمكن الخدشة فيه صغرىً وكبرىً، كما لايخفى.

واخرى بأنّه دَين، و كلّ دَين يجب أداؤه من أصل التركة؛ و هو و إن كان صحيحاً بحسب الكبرى، ولكنّ الكلام بعد في صغراه، فإنّه لا دليل على أنّ كلّ التكاليف الشرعيّة ديون إلهيّة أو خصوص الحجّ و النذر من الديون أي الدَين بمعناه الحقيقيّ، لما في قوله تعالى: «للّه على الناس» ولما في صيغة النذر «للّه علىّ»

وذلك لأنّ اللام أعمّ من الملكيّة، ومجرّد اشتغال الذمّة بالتكاليف لايدلّ على كون الاشتغال من قبيل الدَين. والحاصل أنّ الواجبات تكاليف إلهيّة، وفرق بين اعتبار التكليف واعتبار الدَين؛ فإتمام المسألة، أعني القول بأنّ قضاء النذر من صلب المال من طريق القواعد مشكل جدّاً.

فالدليل عليه منحصر بما ورد في الأخبار من رواية «مسمع بن عبدالملك»، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام: كانت لي جارية حبلى فنذرت للّه تعالى إن هي ولدت غلاماً أن أحجّه أو أحجّ عنه؛ فقال: «إنّ رجلًا نذر للّه في ابن له إن هو أدرك أن يحجّه أو يحجّ عنه فمات الأب و أدرك الغلام بعد فأتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسأله عن ذلك، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه» (الوسائل ج 16 من أبواب النذر- الحديث 1) والرواية معتمد عليها، إمّا لعمل المشهور بها كما عرفت، أو لتوثيق مسمع كما عن الكشّي، ولكنّ المصرّح به في كلمات كثير منهم أنّ الرواية غير معمول بها من جهة ذيلها، فإنّ الشرط وهو إدراك الغلام إنّما حصل بعد وفاة الأب، ومن المعلوم أنّ الوفاء بالنذر إنّما يجب إذا حصل الشرط في حياة الإنسان لا بعد مماته، فعلى هذا لايجب الحجّ ولا الإحجاج إذا حصل الشرط بعد الموت، فكيف يمكن الحكم بوجوب الحجّ على الغلام ممّا ترك أبوه؟ ويمكن حمله على الاستحباب، وحينئذٍ يشكل الاعتماد على صدره أيضاً فيشكل الحكم في المسألة، لعدم الدليل على وجوب القضاء من الأصل و لا من الثلث بحسب القواعد و لا بحسب الأدلّة الخاصّة، إلّاإذا أوصى بذلك فيخرج من ثلثه؛ ولكن مع ذلك لاينبغي ترك الاحتياط بإخراجه من الأصل

مع إحراز رضى سائر الورثة. وقد تعارض رواية «مسمع» بروايتي «ضريس و إبن أبي يعفور» (الوسائل ج 8 الباب 29 من أبواب وجوب الحجّ- الحديث 1 و 3) ولكن يرد عليهما أنّ ما اشتمل عليه هاتان الروايتان من الإخراج من الثلث بدون الوصيّة لايوافق القواعد و لا روايات أبواب الوصيّة، و حمله على النذر في حال مرض الموت مع القول بكون المنجّزات من الثلث لا شاهد له أصلًا، مضافاً إلى تناقض صدر رواية «ضريس» مع ذيله، لأنّ ذيلها يصرّح بأنّه مثل الدين و لازمه الخروج من الأصل مع حكمه بإخراجه من الثلث في صدره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 349

بأنّه من الأصل (1)، لأنّ الحجّ واجب ماليّ و إجماعهم قائم على أنّ الواجبات الماليّة تخرج من (1). الامام الخميني: و هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 350

الأصل (1)؛ و ربما يورد عليه بمنع كونه واجباً ماليّاً، و إنّما هو أفعال مخصوصة بدنيّة و إن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدّماته، كما أنّ الصلوة أيضاً قد تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء و الساتر و المكان و نحو ذلك.

و فيه: أنّ الحجّ في الغالب محتاج إلى بذل المال، بخلاف الصلاة و سائر العبادات البدنيّة، فإن كان هناك إجماع أو غيره على أنّ الواجبات الماليّة [تخرج من الأصل، يشمل الحجّ قطعاً.

و أجاب صاحب الجواهر بأنّ المناط في الخروج من الأصل كون الواجب دَيناً و الحجّ كذلك، فليس تكليفاً صرفاً كما في الصلاة و الصوم، بل للأمر به جهة وضعيّة، فوجوبه على نحو الدينيّة بخلاف سائر العبادات البدنيّة، فلذا يخرج من الأصل، كما يشير إليه بعض الأخبار الناطقة بأنّه دين أو بمنزلة الدين.

قلت: التحقيق (2) أنّ

جميع الواجبات الإلهيّة ديون للّه تعالى؛ سواء كانت مالًا أو عملًا ماليّاً أو عملًا غير ماليّ، فالصلاة و الصوم أيضاً ديون للّه و لهما جهة وضع، فذمّة المكلّف مشغولة بهما و لذا يجب قضاؤهما، فإنّ القاضي يفرغ ذمّة نفسه أو ذمّة الميّت، و ليس القضاء من باب التوبة أو من باب الكفّارة، بل هو إتيان لما كانت الذمّة مشغولة به. و لا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: للّه علىّ أن اعطي زيداً درهماً، دين إلهيّ لا خلقيّ (3) فلايكون الناذر مديوناً لزيد، بل هو مديون للّه بدفع الدرهم لزيد، و لا فرق بينه و بين أن يقول: للّه علىّ أن أحجّ أو أن اصلّي ركعتين، فالكلّ دين اللّه، و دين اللّه أحقّ أن (1). الگلپايگاني: و هذا هو الأقوى، لكن لا لما ذكر، بل لأنّ معنى قول الناذر: «للّه علىّ كذا» هو التعهّد للّه تعالى بإتيان المنذور على أن يكون العمل ديناً على عهدته، و ما يدلّ على وجوب الوفاء به يدلّ على وجوب وفاء هذا الدين، و المناط في الخروج من الأصل هو كون الواجب ديناً و ذلك هو السبب لخروج حجّة الإسلام من الأصل، حيث تستظهر الدينيّة من قوله تبارك و تعالى: «و للّه على الناس حجّ البيت»؛ و معنى قوله عليه السلام: «دين اللّه أحقّ أن يقضى أنّ الدائن إذا كان هو اللّه- عزّ و جلّ- فأداء هذا الدين أحقّ، و لايدلّ على أنّ كلّ واجب دين؛ فالدينيّة لابدّ و أن تستظهر من دليل الواجب، خلافاً لما حقّقه قدس سره (2). الامام الخميني: هذا التحقيق غير وجيه؛ نعم، في خصوص الحجّ و النذر يمكن استفادة الدينيّة من قوله تعالى:

«للّه على الناس» و من قول الناذر: «للّه علىّ»، و إطلاق الدين على الحجّ بهذا الاعتبار ظاهراً لا باعتبار مجرّد التكليف، فالأقوى عدم خروج الواجبات الغير الماليّة من الأصل (3). الگلپايگاني: هذا في النذر صحيح، لما استظهرنا دينيّته، و كذا حجّة الإسلام؛ و لايقاس بهما سائر الواجبات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 351

يقضى، كما في بعض الأخبار، و لازم هذا كون الجميع من الأصل؛ نعم، إذا كان الوجوب على وجه لايقبل بقاء شغل الذمّة به بعد فوته لايجب قضاؤه، لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه و لا بعد موته؛ سواء كان مالًا أو عملًا مثل وجوب إعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة، فإنّه لو لم يعطه حتّى مات لايجب عليه و لا على وارثه القضاء، لأنّ الواجب إنّما هو حفظ النفس المحترمة و هذا لايقبل البقاء بعد فوته؛ و كما في نفقة الأرحام، فإنّه لو ترك الإنفاق عليهم مع تمكّنه لايصير ديناً عليه، لأنّ الواجب سدّ الخلّة و إذا فات لايتدارك.

فتحصّل أنّ مقتضى القاعدة في الحجّ النذريّ إذا تمكّن و ترك حتّى مات، وجوب قضائه من الأصل، لأنّه دين إلهيّ، إلّاأن يقال بانصراف الدين عن مثل هذه الواجبات، و هو محلّ منع، بل دين اللّه أحقّ أن يقضى.

و أمّا الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث، فاستدلّوا بصحيحة ضريس و صحيحة ابن أبي يعفور الدالّتين على أنّ من نذر الإحجاج و مات قبله يخرج من ثلثه، و إذا كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه ماليّاً قطعاً فنذر الحجّ بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل. و فيه: أنّ الأصحاب (1) لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما، فكيف يعمل بهما في غيره؟ و أمّا الجواب عنهما بالحمل على

صورة كون النذر في حال المرض، بناءً على خروج المنجّزات من الثلث، فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل؛ و ربّما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة أو على صورة عدم التمكّن من الوفاء حتّى مات؛ و فيهما ما لايخفى، خصوصاً الأوّل.

مسألة 9: إذا نذر الحجّ مطلقاً أو مقيّداً بسنة معيّنة و لم يتمكّن من الإتيان به حتّى مات، لم يجب القضاء عنه، لعدم وجوب الأداء عليه حتّى يجب القضاء عنه، فيكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره.

مسألة 10: إذا نذر الحجّ معلّقاً على أمر كشفاء مريضه أو مجي ء مسافره فمات قبل (1). الگلپايگاني: مع دلالة صدر صحيحة مسمع المطابق للقاعدة و فتوى المشهور؛ و عدم إحراز العمل بذيلهالايضرّ بحجيّة الصدر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 352

حصول المعلّق عليه، هل يجب القضاء عنه (1) أم لا (2)؟ المسألة مبنيّة (3) على أنّ التعليق من باب الشرط أو من قبيل الوجوب المعلّق؛ فعلى الأوّل لايجب، لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول الشرط و إن كان متمكّناً من حيث المال و سائر الشرائط؛ و على الثاني (4) يمكن أن يقال بالوجوب، لكشف حصول الشرط عن كونه واجباً عليه من الأوّل، إلّاأن يكون نذره منصرفاً إلى بقاء حياته حين حصول الشرط.

مسألة 11: إذا نذر الحجّ و هو متمكّن منه فاستقرّ عليه، ثمّ صار معضوباً لمرض أو نحوه أو مصدوداً بعدوّ أو نحوه، فالظاهر (5) وجوب استنابته حال حياته (6)، لما مرّ من الأخبار (7) سابقاً في وجوبها؛ و دعوى اختصاصها بحجّة الإسلام (8) ممنوعة، كما مرّ (1). مكارم الشيرازي: والظاهر عدم وجوب القضاء؛ سواء قلنا إنّ الشرط راجع إلى أصل النذر أو المنذور، و كان من قبيل

الواجب المشروط على مبنى المشهور أو من قبيل الواجب المعلّق، و ذلك لأنّ القدرة على المنذور لم تحصل له أبداً بعد فرض موته قبل حصول الشرط، إلّاأن يكون من قبيل الشرط المتأخّر و هو كما ترى؛ هذا مضافاً إلى أنّ الواجب المعلّق ليس له معنى معقول كما ذكرنا في محلّه، ولكن يظهر من ذيل رواية مسمع بن عبد الملك (1/ 16 من أبواب النذر) وجوب القضاء، ولكنّ الظاهر أنّه لم يعمل به أحد، كما عرفت الإشارة إليه في المسألة السابقة (2). الخوئي: لايجب القضاء جزماً، و ذلك لأنّ الوجوب على التقديرين مشروط بالقدرة في ظرف العمل، و بالموت ينكشف عدم الوجوب (3). الامام الخميني: و إن يمكن إيقاع النذر على الوجهين، لكن ظاهر التعليقات من باب الشرط، فلايجب القضاء إلّاإذا قصد التعليق على نحو الواجب المعلّق و أوقع النذر كذلك، فحينئذٍ إن قلنا بأنّ القضاء تابع لنفس الوجوب و لو لم يأت ظرف الواجب يجب القضاء، و إلّافلا، و هذه الجهة تحتاج إلى التأمّل (4). الگلپايگاني: الأقوى عليه أيضاً عدم الوجوب، لعدم التمكّن من إتيانه حال حياته لعدم حلول وقته بالفرض (5). الامام الخميني: قد مرّ منه ما ينافي ذلك. و الوجوب في النذري محلّ إشكال، و الظاهر اختصاص الروايات بحجّة الإسلام؛ نعم، لايبعد إطلاق رواية محمّد بن مسلم، لكن لاتطمئنّ به النفس، و دعوى الانصراف غير بعيدة، و أمّا دعوى إلغاء الخصوصيّة من الأخبار فغير وجيهة بعد وضوح الخصوصيّة في حجّة الإسلام الّتي ممّا بني عليها الإسلام و هي شريعة من شرايع الإسلام (6). مكارم الشيرازي: لا دليل على الوجوب بعد اختصاص أخبار الاستنابة بحجّة الإسلام و عدم الدليل على إلغاء الخصوصيّة منها (7). الخوئي: لايمكن استفادة وجوب الاستنابة

منها في غير حجّة الإسلام (8). الگلپايگاني: و على اختصاص المورد بها، كما هو الظاهر، يمكن دعوى انفهام العموم بإلغاء الخصوصيّة، مع أنّ الاستنابة مطابق للقاعدة على ما استظهرنا من تعلّق النذر على نحو الدين، فإنّه بعد الاستقرار لابدّ من أدائه بنفسه إن كان متمكّناً، و إلّافبالاستنابة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 353

سابقاً (1). و إذا مات، وجب القضاء (2) عنه (3). و إذا صار معضوباً أو مصدوداً قبل تمكّنه و استقرار الحجّ عليه، أو نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكّنه من حيث المال، ففي وجوب الاستنابة وعدمه حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته قولان؛ أقواهما العدم وإن قلنا (4) بالوجوب بالنسبة إلى حجّة الإسلام (5)، إلّاأن يكون قصده من قوله:

للّه علىّ أن أحجّ، بالاستنابة.

مسألة 12: لو نذر أن يحجّ رجلًا في سنة معيّنة فخالف مع تمكّنه، وجب عليه القضاء (6) و الكفّارة (7)، و إن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة، لأنّهما واجبان ماليّان (8) بلا إشكال (9)؛ و الصحيحتان المشار إليهما سابقاً الدالّتان على الخروج من الثلث، معرض عنهما كما قيل، أو محمولتان على بعض المحامل، و كذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معيّنة مطلقاً أو معلّقاً على شرط و قد حصل و تمكّن منه و ترك حتّى مات، فإنّه يقضى عنه من أصل التركة (10). و أمّا لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه و لم يتمكّن منه حتّى مات، ففي وجوب (1). الخوئي: و قد مرّ منه خلافه في المسألة 72، من الفصل السابق (2). الخوئي: تقدّم عدم وجوبه (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه في المسألة الثامنة و أنّه الأحوط (4). الامام الخميني: بعد دعوى عدم

اختصاص الأخبار بحجّة الإسلام لا وجه للتفكيك بينهما (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (72) عدم الوجوب فيها أيضاً (6). الخوئي: الظاهر عدم وجوب القضاء، لا عليه و لا بعد موته، و أمّا الكفّارة فلا إشكال في وجوبها عليه؛ و أمّابعد موته فالمشهور و إن كان على وجوب إخراجها من أصل التركة، إلّاأنّه لايخلو من إشكال، و الاحتياط لاينبغي تركه (7). مكارم الشيرازي: الكفّارة معلومة، و أمّا القضاء فهو موافق للاحتياط (8). الگلپايگاني: بل لاستظهار الدينيّة من دليل وجوبهما كما مرّ و صدر صحيحة مسمع (9). مكارم الشيرازي: الحكم بوجوبهما مشكل و إن كان أحوط؛ أمّا القضاء، فقد عرفت الكلام فيه في المسألة الثامنة، و أمّا الكفّارة فكونها واجباً ماليّاً مثل الدين أو الخمس و الزكاة غير ثابت، و قد عرفت الإشكال في صحيحتي ضريس و ابن أبي يعفور في المسألة الثامنة؛ نعم، إذا أوصى بالإخراج عن الثلث، أمكن (10). الخوئي: بل يخرج من الثلث؛ و كذا الحال فيما بعده

مكارم الشيرازي: لا فرق بين نذر الحجّ و نذر الإحجاج في عدم الدليل الواضح على وجوب القضاء و الكفّارة بعد مماته؛ و منه يظهر الحال فيما إذا لم يتمكّن و مات بطريق أولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 354

قضائه و عدمه وجهان؛ أوجههما ذلك، لأنّه واجب ماليّ أوجبه على نفسه فصار ديناً، غاية الأمر أنّه ما لم يتمكّن معذور. و الفرق بينه و بين نذر الحجّ بنفسه أنّه لايعدّ ديناً مع عدم التمكّن منه و اعتبار المباشرة، بخلاف الإحجاج فإنّه كنذر بذل المال (1)، كما إذا قال: للّه علىّ أن اعطي الفقراء مأة درهم، و مات قبل تمكّنه؛ و دعوى كشف عدم التمكّن عن عدم الانعقاد ممنوعة؛

ففرق بين إيجاب مال على نفسه أو إيجاب عمل مباشريّ (2) و إن استلزم صرف المال، فإنّه لايعدّ ديناً عليه بخلاف الأوّل (3).

مسألة 13: لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط كمجي ء المسافر أو شفاء المريض، فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك و تمكّنه منه قبله، فالظاهر وجوب القضاء عنه (4)، إلّاأن يكون مراده التعليق على ذلك الشرط مع كونه حيّاً حينه و يدلّ على ما ذكرنا (1). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب فيه أيضاً، لأنّ المال لايكون ديناً عليه بالنذر (2). مكارم الشيرازي: الكلام في نذر الإحجاج و هو غير نذر المال للحجّ، فلايعدّ ديناً و إن استلزم صرف المال؛ نعم، لو نذر مالًا يصرف في الإحجاج، احتمل عدّه ديناً، فلايُترك الاحتياط بأدائه من صلب المال مع رضى الورثة (3). الگلپايگاني: بل الأقوى في الأوّل أيضاً عدم الوجوب، إلّاإذا جعل للّه على نفسه مالًا و قلنا بصحّة نذر النتيجة، لكنّه محلّ تأمّل (4). الخوئي: لكنّه يخرج من الثلث

مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم وجوبه، لما مرّ من أنّه لا دليل على وجوب قضاء الحجّ المنذور؛ و على فرض قبوله، لا شكّ في كون مفروض المسألة مخالفاً للقاعدة، لأنّ شرط النذر حصل بعد الموت و هو حينئذٍ غير قادر، و أمّا قدرته على الحجّ قبل حصول الشرط في زمن حياته غير كافٍ قطعاً، فالمسألة مخالفة للقواعد. و أمّا رواية مسمع، فالظاهر أنّه معرض عنها بحسب ذيلها، و دعوى الماتن قدس سره على أنّه قد عمل به جماعة غير ثابت، و الظاهر أنّه لم يعمل به إلّاصاحب الجواهر بظنّ عمل جماعة من الأصحاب بها، حال كونهم عاملين بصدرها الّذي هو خارج عن محلّ الكلام دون ذيلها؛

نعم، يمكن توجيه ذيل رواية مسمع بأحد وجهين؛

أحدهما: ما عرفت من حمله على الاستحباب (بشرط أن لايكون بين الورثة صغير أو كان من خصوص سهم الكبار مع رضاهم)؛

ثانيهما: حمله على اشتراط إدراك الغلام بعنوان الشرط المتأخّر، و لايخلو عن بُعد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 355

خبر مسمع بن عبدالملك فيمن كان له جارية حبلى فنذر إن هي ولدت غلاماً أن يحجّه أو يحجّ عنه، حيث قال الصادق عليه السلام بعد ما سئل عن هذا: «إنّ رجلًا نذر في ابن له إن هو أدرك أن يحجّه أو يحجّ عنه، فمات الأب و أدرك الغلام بعد، فأتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسأله عن ذلك، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه» و قد عمل به جماعة، و على ما ذكرنا لايكون مخالفاً للقاعدة (1) كما تخيّله سيّد الرياض و قرّره عليه صاحب الجواهر و قال: إنّ الحكم فيه تعبّديّ على خلاف القاعدة (2).

مسألة 14: إذا كان مستطيعاً و نذر أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد على الأقوى و كفاه حجّ واحد، و إذا ترك حتّى مات وجب القضاء عنه (3) و الكفّارة (4) من تركته، و إذا قيّده بسنة معيّنة (5) فأخّر عنها وجب عليه الكفّارة؛ و إذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضاً و وجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدّمةً، إلّاأن يكون مراده الحجّ بعد الاستطاعة.

مسألة 15: لايعتبر في الحجّ النذريّ الاستطاعة الشرعيّة (6)، بل يجب مع القدرة (7) العقليّة، (1). الخوئي: بل هو على خلاف القاعدة، لكنّه مع ذلك لا مناص من العمل به و حمله على لزوم الإخراج من الثلث جمعاً بينه و بين صحيحتي ضريس و ابن

أبي يعفور

الگلپايگاني: مشكل، بل الحكم على خلاف القاعدة على ما مرّ، و لم يحرز العمل بذيل الرواية، بل لايبعد أن يكون تعرّض أهل الفتوى للفرع المفروض في صدر الرواية أعني المسألة السابقة دون المفروض في ذيلها أعني هذه المسألة دليلًا للإعراض عنها (2). الامام الخميني: و هو الحقّ، و لا بأس بالعمل بالرواية بعد كونها معتبرة الإسناد و عدم إحراز الإعراض عنها، بل مقتضى إطلاق الشيخ في النهاية و المحقّق و عن كُتُب العلّامة العمل بها صدراً و ذيلًا و مقتضى استشهاد الإمام عليه السلام التعدّي عن مورد الرواية بإلغاء الخصوصيّة (3). الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 8- التعليقة على «عليه القضاء»] (4). مكارم الشيرازي: القضاء ثابت، لأنّه راجع إلى حجّة الإسلام، و أمّا الكفّارة الناشئة من النذر فقد عرفت الإشكال في إخراجها من التركة (5). الگلپايگاني: إطلاق العبارة يشمل ما لو نذر الإتيان بحجّة الإسلام بعد عام الاستطاعة مع أنّه لاينعقد

مكارم الشيرازي: مراده أوّل سنة الاستطاعة، و إلّاكان نذره باطلًا، لكون التأخير عصياناً و لاينعقد النذر في معصية اللّه (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت فيما سبق أنّ الاستطاعة ليست لها حقيقة شرعيّة، و إنّما المراد منها الاستطاعة العرفيّة و هي المعتبرة في حجّة الإسلام، ولكنّها أخصّ من الاستطاعة العقليّة المعتبرة في الحجّ المنذور، كما لايخفى (7). الامام الخميني: لا تكفي القدرة العقليّة، بل يعتبر فيه عدم الحرج و الضرر النفسي؛ و مقصود الماتن أيضاً نفي اعتبار الاستطاعة الشرعيّة، لا وجوب الإتيان مع القدرة العقليّة مطلقاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 356

خلافاً للدروس (1)؛ و لا وجه له، إذ حاله حال سائر الواجبات الّتي تكفيها القدرة عقلًا (2).

مسألة 16: إذا نذر حجّاً غير حجّة الإسلام

في عامه و هو مستطيع، لم ينعقد (3)، إلّاإذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت، و يحتمل الصحّة (4) مع الإطلاق (5) أيضاً إذا زالت، حملًا لنذره على الصحّة (6).

مسألة 17: إذا نذر حجّاً في حال عدم الاستطاعة الشرعيّة ثمّ حصلت له، فإن كان موسّعاً أو مقيّداً بسنة متأخّرة، قدّم حجّة الإسلام لفوريّتها، و إن كان مضيّقاً بأن قيّده بسنة معيّنة و حصل فيها الاستطاعة (7) أو قيّده بالفوريّة، قدّمه (8)، و حينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة (1). الگلپايگاني: مخالفة الدروس غير معلومة و إن نسب إليه غير واحد، فراجع (2). الخوئي: لعلّه يريد بذلك أنّ النذر غير مشروط بالاستطاعة الشرعيّة المعتبرة في حجّة الإسلام، و إلّافهو مشروط بالقدرة الشرعيّة بلا إشكال (3). الخوئي: إذا كان نذره متعلّقاً بالإتيان بحجّ آخر غير حجّة الإسلام على تقدير تركه لها، فلا مانع من انعقاده (4). الامام الخميني: و هو الأقوى مع تمشّي القصد منه لا، للحمل على الصحّة، لأنّه لا أصل له، بل لكونه راجحاً بحسب الواقع

الگلپايگاني: هذا الاحتمال متعيّن مع عدم الالتفات بوجوب حجّة الإسلام حين النذر أو بعدم تشريع غيرها مع وجوبها أو كان محتملًا للزوال و ذلك لتمشّي القصد و رجحان المتعلّق واقعاً المكشوف بالزوال، لا لما علّله من حمل النذر على الصحّة (5). مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى إذا حصل منه قصد القربة بنذره، لا لما ذكره من الحمل على الصحّة، فإنّه بالنسبة إلى فعل الغير لا فعل النفس، فتأمّل؛ مضافاً إلى أنّه يجري في مقام الشكّ و ليس هنا شكّ في مراد الناذر، بل لأنّ المنذور كان راجحاً في الواقع في ظرف حصوله و لم يعلم به الناذر إلّابعد زوال استطاعته؛ هذا، ولكن لابدّ

أن يكون بحيث يقدر على قصد القربة بالنذر، لما عرفت من اعتباره في أصل النذر (6). الخوئي: لا حاجة إلى ذلك، لكفاية الإطلاق في صحّته (7). الخوئي: إن كان المنذور مقصوداً به غير حجّة الإسلام، فحصول الاستطاعة كاشف عن بطلان نذره، و إن كان مطلقاً فيكفي حجّة واحدة عنهما، و منه يعلم حال المطلق أيضاً (8). الامام الخميني: بل يقدّم حجّة الإسلام، وقد مرّ أنّ المانع الشرعيّ ليس شرطاً في الاستطاعة و مع الاستطاعة و وجوب حجّة الإسلام يلغى نذره، و منه يعلم حال احتمال تقديم النذري إذا كان موسّعاً فإنّه ضعيف

الگلپايگاني: بل الأقوى وجوب حجّة الإسلام، لكشف الاستطاعة عن عدم كون المنذور مشروعاً حين العمل مع التقييد بتلك السنة و لو بعنوان الفوريّة

مكارم الشيرازي: بل الأقوى تقديم حجّة الإسلام و انحلال نذره، لكشف الاستطاعة عنه، فإنّ الرجحان المعتبر في المنذور إنّما هو الرجحان في ظرف العمل لا في ظرف النذر؛ نعم، قد مرّ أنّ وجوب حجّة الإسلام لايمنع عن غيره إلّامن باب اقتضاء الأمر بالشي ء النهي عن ضدّه أو عدم الأمر به، ولكنّ الأمر بالضدّين على سبيل الترتّب جائز عندنا، مضافاً إلى صحّة الملاك؛ هذا، ولكن لايبعد عدم إمكان التقرّب بما يكون الضدّان متّحدان خارجاً متفاوتان بحسب النيّة؛ فتدبّر جيّداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 357

إلى العام القابل وجبت، و إلّافلا، لأنّ المانع الشرعيّ كالعقليّ، و يحتمل وجوب تقديم النذر و لو مع كونه موسّعاً، لأنّه دين (1) عليه، بناءً على أنّ الدين و لو كان موسّعاً يمنع عن تحقّق الاستطاعة، خصوصاً مع ظنّ عدم تمكّنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في حجّة الإسلام.

مسألة 18: إذا كان نذره (2) في حال عدم الاستطاعة فوريّاً، ثمّ

استطاع (3) و أهمل عن وفاء النذر في عامه، وجب الإتيان به في العام القابل مقدّماً (4) على حجّة الإسلام (5) و إن بقيت (1). الگلپايگاني: لكنّه اختار في الدين وجوب حجّة الإسلام مع الوثوق بالتمكّن من أدائه

مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال ضعيف جدّاً، لأنّ الدين الموسّع غير مانع، كما هو مختاره أيضاً (راجع المسألة 17 ممّا ذكره في شرائط وجوب الحجّ) مضافاً إلى ما قد عرفت من أنّ النذر كسائر الواجبات الشرعيّة وظيفة على المكلّف، و ليس اعتبارها اعتبار الدين، فأدلّة الاستطاعة واردة على أدلّة النذر، لأنّه إذا وجبت حجّة الإسلام انتفى موضوع الرجحان المعتبر في النذر (2). الخوئي: يظهر الحال في هذه المسألة ممّا تقدّم آنفاً [في هذا الفصل، المسألة 17] (3). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الأقوى وجوب حجّة الإسلام و عدم صحّة النذر مع التقييد بسنة حصول الاستطاعة و لو بعنوان الفوريّة؛ نعم، مع التوسعة و عدم التقييد لو أهمل عن حجّة الإسلام فالظاهر وجوبهما عليه مع تقدّم حجّة الإسلام (4). الامام الخميني: بل حجّة الإسلام مقدّماً على النذري، فحينئذٍ لو كان نذره الحجّ فوراً ففوراً يجب الوفاء به بعد حجّة الإسلام (5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى وجوب حجّة الإسلام عليه و تأخير الحجّ النذريّ إذا لم يكن المنذور مقيّداً بسنة الاستطاعة، و إلّاانحلّ نذره؛ كلّ ذلك لما عرفت من أنّ المعتبر في صحّة النذر الرجحان حين العمل و هنا غير حاصل. و ما قد يقال من أنّ الاستطاعة غير حاصلة بعد انعقاد النذر لأنّ المانع الشرعي كالمانع العرفي، فقد عرفت الجواب عنه في المسألة (32) من شرائط وجوب الحجّ من أنّ الاستطاعة ليست إلّاوجود الزاد و الراحلة و شبهها، أمّا عدم المزاحمة بواجب

آخر فهذا حكم عقلي لا دخل له بمسألة الاستطاعة، و بالجملة وجوب الحجّ على المستطيع من قبيل العناوين الأوّليّة، و صحّة النذر فيما هو راجح من قبيل العناوين الثانويّة، و أدلّة العناوين الأوّليّة حاكمة على أدلّة العناوين الثانويّة، كما هو ظاهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 358

الاستطاعة إليه، لوجوبه عليه فوراً ففوراً (1)، فلايجب عليه حجّة الإسلام إلّابعد الفراغ عنه؛ لكن عن الدروس أنّه قال بعد الحكم بأنّ استطاعة النذر شرعيّة لا عقليّة، فلو نذر ثمّ استطاع صرف ذلك إلى النذر، فإن أهمل و استمرّت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجّة الإسلام أيضاً. و لا وجه له؛ نعم، لو قيّد نذره بسنة معيّنة وحصل فيها استطاعة فلم يف به و بقيت الاستطاعة إلى العام المتأخّر، أمكن أن يقال (2) بوجوب حجّة الإسلام أيضاً، لأنّ حجّه النذريّ صار قضاءً موسّعاً، ففرق بين الإهمال مع الفوريّة و الإهمال مع التوقيت، بناءً على تقديم حجّة الإسلام مع كون النذريّ موسّعاً.

مسألة 19: إذا نذر الحجّ و أطلق من غير تقييد بحجّة الإسلام و لا بغيره وكان مستطيعاً أو استطاع بعد ذلك، فهل يتداخلان (3) فيكفي حجّ واحد عنهما، أو يجب التعدّد، أو يكفي نيّة الحجّ النذريّ عن حجّة الإسلام دون العكس؟ أقوال؛ أقواها الثاني (4)، لأصالة تعدّد المسبّب (1). الگلپايگاني: لايبعد رجوع النذر حينئذٍ إلى نذور متعدّدة بتعدّد السنوات، و إلّافلامعنى لنذر واحد لإتيان الحجّ فوراً ففوراً، و عليه أيضاً لايبعد انعقاد النذر بالنسبة إلى السنة الّتي بعد الاستطاعة، فإن أهمل في العام الأوّل فيجبان معاً لكن مع ذلك تقدّم حجّة الإسلام

مكارم الشيرازي: قد يقال: لا معنى لنذر الإتيان بالحجّ فوراً ففوراً إلّاأن يرجع إلى نذور متعدّدة بتعدّد السنوات (كما في

بعض الحواشي) ولكنّه عجيب، فإنّ من نذر أن يحجّ أو يتصدّق أو يزور الحسين عليه السلام فوراً و في أوّل فرصة ممكنة، لا شكّ في أنّه بنظر العرف نذر واحد و إن هو إلّاكأداء الدين الواجب فوراً ففوراً، فهل هو واجبات متعدّدة؟ و هكذا أمثاله (2). الامام الخميني: لكنّه ضعيف، فالأقوى وجوب الحجّ في هذه الصورة و عدم وجوب النذري (3). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في كون النذر تابعاً لنظر الناذر، فإن كان النذر مطلقاً في نظره فلابدّ من الحكم بالتداخل، و إن كان مقيّداً بغير حجّة الإسلام فاللازم عدم التداخل، و إن شكّ في مقصوده أو في عبارته فالأصل البراءة من الزائد فيكفي حجّ واحد. و لا دخل لهذه المسألة ببحث تعدّد المسبّب بتعدّد السبب و عدمه، و كان فتوى الماتن قدس سره في الواقع أيضاً يوافق هذا المعنى، كما يظهر من ذيل كلامه و إن كان صدر كلامه يوهم غيره. و من هنا يظهر كفاية الحجّ النيابي عن المنذور أيضاً لو كان النذر مطلقاً من هذه الجهة (4). الامام الخميني: في فرض المسألة إذا لم يكن انصراف، لكون النذري غير حجّة الإسلام، فالأقرب كون حجّ واحد بقصدهما مجزياً عنهما، لكن مع ذلك لايُترك الاحتياط في صورة عدم قصد التعميم في نذره لحجّة الإسلام بإتيان كلّ واحد مستقلًاّ مقدّماً لحجّة الإسلام

الخوئي: بل الأقوى هو الأوّل

الگلپايگاني: بل الأقوى أنّ المدار على شمول إطلاق النذر لحجّة الإسلام و عدمه، فعلى الأوّل تكفي حجّة الإسلام عن النذر دون العكس على الأحوط، و ليس كفايتها من باب التداخل، و على الثاني يجب التعدّد بلا تداخل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 359

بتعدّد السبب، و القول بأنّ الأصل هو التداخل ضعيف؛

و استدلّ الثالث بصحيحتي رفاعة و محمّد بن مسلم عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه فمشى، هل يجزيه عن حجّة الإسلام؟

قال عليه السلام: «نعم»؛ و فيه: أنّ ظاهرهما كفاية الحجّ النذريّ (1) عن حجّة الإسلام مع عدم الاستطاعة (2) و هو غير معمول به، و يمكن حملهما على أنّه نذر المشي لا الحجّ (3) ثمّ أراد أن يحجّ فسئل عليه السلام عن أنّه هل يجزيه هذا الحجّ الّذي أتى به عقيب هذا المشي أم لا؟ فأجاب عليه السلام بالكفاية؛ نعم، لو نذر أن يحجّ مطلقاً، أىّ حجّ كان، كفاه عن نذره حجّة الإسلام، بل الحجّ النيابي (4) و غيره أيضاً، لأنّ مقصوده حينئذٍ حصول الحجّ منه في الخارج بأىّ وجه كان.

مسألة 20: إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقاً على شفاء ولده مثلًا فاستطاع قبل حصول المعلّق عليه، فالظاهر تقديم حجّة الإسلام، و يحتمل (5) تقديم المنذور (6) إذا فرض (1). الگلپايگاني: ظهورهما في الفرض غير معلوم، بل الجمع بينهما و بين ما يدلّ على وجوب الحجّ بعدالاستطاعة يقتضي حملهما على بعد الاستطاعة، لكنّ الأحوط مع ذلك عدم الاكتفاء بالنذر، لأنّه خلاف القاعدة و لم يحرز العمل بهما من غير الشيخ و أتباعه على ما هو المحكيّ (2). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّه لا ظهور لهما في ذلك، و لعلّهما تنطبقان على القاعدة الّتي عرفت، و هي كون النذر تابعاً لنظر الناذر، مع كون مفروض سؤال الراوي صورة إطلاق النذر و صورة حصول الاستطاعة (3). الگلپايگاني: لكنّه خلاف الظاهر

مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال بعيد جدّاً، كما يظهر من ذيل رواية رفاعة (فراجع باب 27 من أبواب وجوب الحجّ الحديث 3) و تأمّل و ليعلم أنّ رفاعة

له روايتان و مورد الاستشهاد روايته الثانية (4). الگلپايگاني: مع الإطلاق بالنسبة إليه (5). الامام الخميني: لكنّه ضعيف و إن فرض كونه من قبيل الواجب المعلّق

الگلپايگاني: لكنّه ضعيف، و المتعيّن هو وجوب حجّة الإسلام ولو كان نذره من قبيل الواجب المعلّق (6). مكارم الشيرازي: لا وجه لتقديم المنذور و لوكان من قبيل الواجب المعلّق، و ذلك لما عرفت من أنّ دليل وجوب الحجّ حاكم على دليل وجوب الوفاء بالنذر، مضافاً إلى بطلان الواجب المعلّق كما ذكرنا في محلّه، و مضافاً إلى أنّ النذر بعنوان الواجب المعلّق غير متعارف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 360

حصول المعلّق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريّاً، بل هو المتعيّن (1) إن كان نذره من قبيل الواجب المعلّق.

مسألة 21: إذا كان عليه حجّة الإسلام والحجّ النذريّ و لم يمكنه الإتيان بهما، إمّا لظنّ الموت أو لعدم التمكّن إلّامن أحدهما، ففي وجوب تقديم الأسبق سبباً أو التخيير أو تقديم حجّة الإسلام لأهمّيتها وجوه؛ أوجهها الوسط (2) و أحوطها الأخير (3)؛ و كذا إذا مات و عليه حجّتان و لم تف تركته إلّالإحداهما؛ و أمّا إن وفت التركة، فاللازم استيجارهما (4) و لو في عام واحد (5).

مسألة 22: من عليه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع، يجوز له الإتيان بالحجّ المندوب قبله.

مسألة 23: إذا نذر أن يحجّ أو يُحجّ، انعقد و وجب عليه أحدهما على وجه التخيير، و إذا تركهما حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً (6). و إذا طرأ العجز (7) من أحدهما معيّناً تعيّن الآخر، (1). الخوئي: بل المتعيّن تقديم حجّة الإسلام (2). الامام الخميني: بل الأخير و كذا في الفرض التالي (3). الخوئي: بل الأقوى هو الأخير، و كذا فيما بعده. و لايخفى

عدم صحّة الجمع بين الحكم بالتخيير والاحتياط بتقديم حجّة الإسلام، لأنّ المقام من موارد التزاحم، و التخيير فرع تساوي الاحتمالين في الأهميّة، و الاحتياط فرع انحصار احتمال الأهميّة في أحدهما

الگلپايگاني: بل أقواها

مكارم الشيرازي: بل الأقوى تقديم حجّة الإسلام. و محلّ الكلام ما إذا استقرّ عليهما الحجّتان، و في هذه الصورة لاينبغي الشكّ في تقديم حجّة الإسلام، لما ورد فيها من التأكيد و الاهتمام، بل يكفي احتمال ترجيحه في عدم الحكم بالتخيير؛ و يظهر منه حكم ما بعد موته (4). الخوئي: وجوب قضاء المنذور مبنيّ على الاحتياط (5). مكارم الشيرازي: بل يجب أن يكون ذلك في عام واحد لو أمكن، لأنّ الحكم بالقضاء فيهما فوريّ (6). الخوئي: لايبعد عدم وجوب قضاء شي ء منهما

الگلپايگاني: بين الحجّ عنه و الإحجاج بماله

مكارم الشيرازي: بناءً على القول بوجوب القضاء في الحجّ النذري، و قد عرفت الإشكال فيه (7). الامام الخميني: ما ذكره صحيح إذا طرأ العجز بعد تمكّنه من الحجّ في عام، و أمّا مع عدم تمكّنه منه فلايجب الحجّ عنه؛ نعم، لو عجز عن الإحجاج و لو قبل تمكّنه في عام يقضى عنه تخييراً؛ ففرق بين العجز عن الحجّ و بين العجز عن الإحجاج، ففي العجز عن الإحجاج يبقى التخيير في القضاء و في العجز عن الحجّ يأتي التفصيل المتقدّم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 361

و لو تركه أيضاً حتّى مات يجب القضاء عنه مخيّراً أيضاً، لأنّ الواجب كان على وجه التخيير فالفائت هو الواجب المخيّر، و لاعبرة بالتعيين العرضي، فهو كما لو كان عليه كفّارة الإفطار في شهر رمضان و كان عاجزاً عن بعض الخصال ثمّ مات، فإنّه يجب الإخراج عن تركته مخيّراً، و إن تعيّن عليه في

حال حياته في إحداها فلايتعيّن في ذلك المتعيّن؛ نعم، لو كان حال النذر غير متمكّن إلّامن أحدهما معيّناً و لم يتمكّن من الآخر إلى أن مات، أمكن أن يقال (1) باختصاص القضاء بالّذي كان متمكّناً منه، بدعوى أنّ النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكّن منه، بناءً على أنّ عدم التمكّن يوجب عدم الانعقاد، لكنّ الظاهر أنّ مسألة الخصال ليست كذلك، فيكون الإخراج من تركته على وجه التخيير وإن لم يكن في حياته متمكّناً إلّامن البعض أصلًا. و ربما يحتمل (2) في الصورة المفروضة و نظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضاً (3)، بدعوى أنّ متعلّق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير، و مع تعذّر أحدهما لايكون وجوب الآخر تخييريّاً، بل عن الدروس اختياره في مسألة ما لو نذر إن رزق ولداً أن يحجّه أو يحجّ عنه، إذا مات الولد قبل تمكّن الأب من أحد الأمرين؛ و فيه:

أنّ مقصود الناذر إتيان أحد الأمرين (4) من دون اشتراط كونه على وجه التخيير، فليس (1). الامام الخميني: يأتي فيه ما تقدّم من الفرق بين العجز عن الحجّ و الإحجاج

الخوئي: لكنّه بعيد جدّاً (2). الگلپايگاني: هذا الاحتمال وجيه، لأنّ انعقاد النذر في المردّد بين المقدور و غيره محلّ تأمّل؛ نعم، تكفي القدرة على الفرض في نذر الكليّ، و الظاهر أنّ القدرة في النذر شرط شرعي نظير الرجحان (3). مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال ضعيف، لأنّ نذره إنّما هو برجاء القدرة عليهما و عند عدم القدرة إلّاعلى أحدهما ينصرف نذره إلى المقدور، و لايكون اعتبار القدرة في النذر شرعيّاً مثل اعتبار الرجحان، بل اعتبارها عقلي كسائر التكاليف. و ما قد يقال من أنّه من قبيل نذر المردّد بين العبادة و

البدعة أو بين الإحسان و الظلم قياس مع الفارق، لما عرفت من اعتبار القربة في نفس النذر و كونه بحيث يتقرّب العبد به إلى مولاه، و من الواضح أنّه لايمكن للعبد أن يتقرّب إليه بما يتردّد بين طاعته و معصيته، بأن يقول: إن شفيت ولدي اطيعك أو أعصيك. و الحاصل أنّ النذر منعقد في المقدور فقط و يجب القضاء- على القول به- فيه، لا غير (4). الامام الخميني: إن كان المراد بالإتيان ما هو ظاهره فهو عين التخيير و لايلزم في التخيير اعتبار عنوانه بالحمل الأوّلي، و إن كان المراد ما يتمكّن من أحد الأمرين فلاينعقد في غيره، فلايتّجه التخيير في القضاء

الگلپايگاني: الظاهر أنّ هذا عين التخيير من قبل الناذر، و أمّا كونه تخييريّاً من قبل الشارع فخارج عن النذر قطعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 362

النذر مقيّداً بكونه واجباً تخييريّاً، حتّى يشترط في انعقاده التمكّن منهما.

مسألة 24: إذا نذر أن يحجّ أو يزور الحسين عليه السلام من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره، وجب القضاء (1) من تركته، و لو اختلف اجرتهما يجب الاقتصار على أقلّهما (2) اجرةً (3)، إلّاإذا تبرّع الوارث بالزائد، فلايجوز للوصيّ اختيار الأزيد اجرةً و إن جعل الميّت (4) أمر التعيين إليه (5)، و لو أوصى باختيار الأزيد اجرةً خرج الزائد من الثلث.

مسألة 25: إذا علم أنّ على الميّت حجّاً و لم يعلم أنّه حجّة الإسلام أو حجّ النذر، وجب قضاؤه عنه (6) من غير تعيين (7) و ليس عليه كفّارة، و لو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفّارة أيضاً (8)، و حيث إنّها مردّدة بين كفّارة النذر و كفّارة اليمين، فلابدّ من (1). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب حتّى على

القول بوجوب إخراج الحجّ المنذور من التركة (2). الامام الخميني: إن جعل أمر التعيين إليه أو أوصى باختيار الأزيد، فالظاهر جواز اختياره في الأوّل و وجوبه في الثاني، و كونه من الأصل غير بعيد، و أمّا مع سعة الثلث فلا إشكال فيه (3). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال و إن كان أحوط، و ذلك لأنّ المفروض وجوبه عليه تخييراً فيجب القضاء عنه كذلك. و إذا قلنا أنّه من قبيل الدين، كان مقدّماً على حقّ الوارث، فلا وجه لمزاحمة حقّهم له. و القول بأنّ الأكثر اجرةً من قبيل اللامقتضي و الإرث من قبيل المقتضي، كماترى؛ فإنّ النذر إذا كان من قبيل الدين و كان على نحو التخيير على الميّت، كان من قبيل المقتضي (4). الگلپايگاني: بل يجوز له في هذه الصورة و يتعيّن مع تعيّن الموصي، و الظاهر خروج الزائد من الأصل (5). الخوئي: الظاهر جواز اختيار الأكثر اجرةً في هذا الفرض؛ غاية الأمر أنّ الزائد يخرج من الثلث على مختار الماتن قدس سره، و على ما اخترناه فالكلّ يخرج من الثلث

مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في جواز اختيار الأزيد حينئذٍ، و يكون الزائد من الثلث، فإنّ الميّت أحقّ بثلث ماله إذا أوصى، و المفروض أنّه جعل أمر التعيين إلى الوصيّ، فالإشكال في هذه الصورة فى غير محلّه (6). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب فيه و فيما بعده (7). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: وجب قضاؤه بقصد أداء ما في ذمّة الميّت حتّى يكون قصد العنوان حاصلًا إجمالًا، ولكن هذا مبنيّ على وجوب قضاء حجّ النذر (8). الخوئي: هذا إذا علم أنّه تركه عن تقصير و قلنا بلزوم إخراج الكفّارة من الأصل، و أمّا إذا احتمل المعذوريّة

فلا وجه لوجوب الكفّارة؛ ثمّ إنّ الاحتياط في الكفّارة مبنيّ على تغاير الكفّارتين، ولكنّ الأظهر أنّ كفّارة النذر هي كفّارة اليمين؛ هذا مع أنّه على القول بالتغاير فلا موجب للاحتياط، فإنّ العلم الإجمالي قد تعلّق بثبوت دين على الميّت مردّد بين متباينين و لا موجب للاحتياط و إلزام الوارث بشي ء زائد على دين الميّت، بل يجب حينئذٍ الرجوع إلى القرعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 363

الاحتياط (1) و يكفي حينئذٍ إطعام ستّين مسكيناً، لأنّ فيه إطعام عشرة أيضاً الّذي يكفي في كفّارة الحلف.

مسألة 26: إذا نذر المشي في حجّه الواجب عليه أو المستحبّ، انعقد مطلقاً حتّى في مورد يكون الركوب أفضل (2)، لأنّ المشي في حدّ نفسه أفضل من الركوب بمقتضى جملة من الأخبار و إن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات، فإنّ أرجحيّته لاتوجب زوال الرجحان عن المشي في حدّ نفسه، و كذا ينعقد لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً و لو مع الإغماض (3) عن رجحان المشي، لكفاية رجحان أصل الحجّ في الانعقاد، إذ لايلزم أن يكون المتعلّق راجحاً بجميع قيوده و أوصافه؛ فما عن بعضهم من عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل، لا وجه له (4)، و أضعف منه دعوى الانعقاد في أصل الحجّ لا في صفة المشي فيجب (1). الامام الخميني: الأقرب جواز الاقتصار على الأقلّ و هو إطعام العشرة، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بإطعام الستّين

الگلپايگاني: بل لايبعد جواز الاقتصار على إطعام العشرة على القول به في اليمين

مكارم الشيرازي: و ذكر غير واحد من أعلام المحشّين كفاية الأخذ بالأقلّ و هو إطعام عشرة مساكين، لأنّ المسألة من موارد الشكّ بين الأقلّ و الأكثر و يشكل أنّ الأخذ بالأقلّ يكفي في براءة

ذمّة الوصيّ و الوارث؛ و أمّا براءة ذمّة الميّت، فهي مشكلة، لأنّه لو كان عالماً بما وجب عليه من الكفّارة (كما هو المفروض) تشكل براءة ذمّة الميّت بذلك، فلو كان مأموراً بالأزيد لم يكفه الأقلّ و كان معاقباً لتقصيره، و حيث إنّه يمكن أن يكون تكليف الوارث إبراء ذمّة الميّت حتّى يأمن من العقاب، لايُترك الاحتياط بالأكثر (2). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّه إذا كان الركوب أفضل و كان مأموراً بالحجّ الواجب، فلا محالة يدور أمره بين أمرين لا ثالث لهما، المشي و الركوب؛ فإذا كان الركوب أفضل فلابدّ أن يكون المشي مرجوحاً، فلاينعقد نذره و لايمكن أن يتقرّب إلى المولى بأمر غير أفضل إذا دار أمره بين أمرين لا ثالث لهما، و الإطلاقات الدالّة على رجحان المشي ناظرة إلى ما هو الغالب (3). الامام الخميني: لو فرض عدم رجحان في المشي يشكل الانعقاد؛ إذ المشي من المقدّمات الخارجيّة لا من القيود لو سلّم بالنسبة إلى القيود، مع أنّ فيها أيضاً إشكالًا (4). مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون نذر الحجّ ماشياً من قبيل تعدّد المطلوب و منحلًاّ إلى نذرين: نذر الحجّ و نذر المشي، و إلّاكان الأقوى ما ذكره الماتن قدس سره من عدم لزوم الرجحان في الخصوصيّات، و لايزال الناس ينذرون اموراً مع خصوصيّات ليس فيها رجحان و لايستشكل عليهم أحد، كمن نذر إطعام المؤمنين في يوم الثلثاء أو في أوّل كلّ شهر أو في مكان كذا أو من طعام كذا أو في وقت كذا من الغداء و العشاء، و من الواضح انعقاد هذه النذور. و ما في بعض الحواشي من أنّ المشي ليس من قيود الحجّ، بل من مقدّماته، ممنوع، لأنّ الحجّ الواقع بعد المشي يتقيّد

بهذا القيد و يتّصف بهذه الصفة، أي صفة وقوعه بعد المشي، مضافاً إلى أنّ بعض أفعال الحجّ يمكن أن يقع ماشياً أو راكباً كالطواف و السعي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 364

مطلقاً، لأنّ المفروض نذر المقيّد فلا معنى لبقائه مع عدم صحّة قيده.

مسألة 27: لو نذر الحجّ راكباً انعقد و وجب، و لايجوز حينئذٍ المشي و إن كان أفضل (1)، لما مرّ من كفاية رجحان المقيّد (2) دون قيده؛ نعم، لو نذر الركوب في حجّه في مورد يكون المشي أفضل، لم ينعقد (3)، لأنّ المتعلّق حينئذٍ الركوب لا الحجّ راكباً؛ و كذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض الطريق من فرسخ في كلّ يوم أو فرسخين، و كذا ينعقد لو نذر الحجّ حافياً؛ و ما في صحيحة الحذّاء من أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بركوب اخت عقبة بن عامر مع كونها ناذرة أن تمشي إلى بيت اللّه حافيةً، قضيّة في واقعة (4) يمكن أن يكون لمانع من صحّة نذرها، من إيجابه كشفها (1). مكارم الشيرازي: و عن بعض أعلام المحشّين أنّه لا دليل على انعقاد النذر في جميع القيود و إنّما ينعقد في خصوصيّات الفرد، مثل ما لو نذر ركعتين في داره، و أمّا إذا نذر الحجّ مثلًا راكباً مع مركب خاص، فانعقاده مشكل؛ ولكن يرد عليه أنّه إذا كان دواعٍ عقلائيّة على ذلك لا مانع من انعقاده؛ مثلًا إذا كان المركب قد سرق و نذر للّه أنّه لو وجده و أخذ حجّ عليه خاصّة، لا مانع من انعقاد نذره أيضاً (2). الامام الخميني: بل لأنّ في الركوب إلى الحجّ رجحاناً أيضاً (3). الامام الخميني: بل ينعقد، لأنّ الركوب إليه راجح و أفضليّة المشي لاتنافي

رجحانه

الگلپايگاني: إلّاإذا انطبق على الركوب عنوان راجح و إن كان الحجّ ماشياً أفضل، و كذا إذا كان الركوب مقدّمة لأمر راجح (4). الخوئي: الرواية ظاهرة في أنّها في مقام بيان حكم كلّي، لكنّها معارضة بصحيحة رفاعة و حفص، فالمرجع هو عموم وجوب الوفاء بالنذر

مكارم الشيرازي: رواها في الوسائل في الباب 34 الحديث 4. و حملها على ما ذكره من كشفها (أي كشف بعض بدنها عند المشي حافياً لعدم وجود الجواريب في ذلك الزمان غالباً) يناسب الجواب عن ذيل الرواية، مع أنّ الإمام عليه السلام حكى هذه القضية لرجل نذر أن يمشي حافياً. و حملها على فساد النذر أشكل، لعدم وجود أيّة قرينة على ذلك، فالأولى حملها على صورة عجزه أو عجزها عن المشي، و يشهد له ما في رواية الحلبي (3/ 34) المفروض فيها العجز عن المشي و ما رواه ذريح المحاربي (2/ 34) و مرسلة الصدوق فيمن نذر أن يمشي إلى بيت اللّه حافياً، قال: «مشى فإذا تعب ركب» (5/ 34) إلى غير ذلك ممّا روي في هذا الباب، هذا إذا كان المشي موجباً للضرر؛ و أمّا إذا كان موجباً للحرج فسيأتي الكلام فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 365

أو تضرّرها أو غير ذلك (1).

مسألة 28: يشترط في انعقاد النذر ماشياً أو حافياً تمكّن الناذر و عدم تضرّره بهما، فلو كان عاجزاً أو كان مضرّاً ببدنه (2) لم ينعقد؛ نعم، لامانع منه (3) إذا كان حرجاً لايبلغ حدّ الضرر، لأنّ رفع الحرج من باب الرخصة (4) لا العزيمة (5)، هذا إذا كان حرجيّاً حين النذر و كان عالماً به؛ و أمّا إذا عرض الحرج بعد ذلك، فالظاهر كونه مسقطاً للوجوب (6).

مسألة 29: في كون مبدأ وجوب

المشي أو الحفاء بلد النذر أو الناذر أو أقرب البلدين إلى الميقات أو مبدأ الشروع في السفر أو أفعال الحجّ، أقوال؛ و الأقوى أنّه تابع للتعيين أو الانصراف، و مع عدمهما فأوّل أفعال الحجّ إذا قال: للّه علىّ أن أحجّ ماشياً، و من حين الشروع في السفر إذا قال: للّه علىّ أن أمشي إلى بيت اللّه، أو نحو ذلك؛ كما أنّ الأقوى أنّ (1). الگلپايگاني: بل الظاهر منها إحساسه صلى الله عليه و آله تعبها و عجزها (2). الگلپايگاني: بحيث كان تحمّله و لو للّه مرجوحاً (3). الخوئي: الظاهر عدم الوجوب في هذه الصورة أيضاً (4). الامام الخميني: كونه من باب الرخصة محلّ إشكال، مع أنّه لو كان من بابها أيضاً يرفع الوجوب، واحتمال قصور أدلّة الحرج عن شمول مثل المقام ممّا لايكون الإلزام من اللّه تعالى ابتداءً غير وجيه؛ و ما اشتهر بينهم أنّ رفع الحرج منّة فلايشمل دليله مورد إقدام المكلّف، غير تامّ، و التفصيل في محلّه. و كيف كان لاينعقد مع حرجيّته في الابتداء و يسقط الوجوب مع عروض الحرج (5). الگلپايگاني: بل لو كان عزيمة لايمنع من انعقاد النذر أيضاً، لأنّه أقدم عليه بجعله على نفسه مع علمه، فلايشمله أدلّة الحرج

مكارم الشيرازي: بل الأقوى كما ذكرنا في محلّه كون نفي الحرج من باب العزيمة لا الرخصة كما اختاره الشيخ الأجلّ صاحب الجواهر. و الأولى أن يعلّل الحكم في المقام بأنّ أدلّة نفي الحرج منصرفة عمّا إذا أقدم على جعل الحرج على نفسه بالنذر و شبهه؛ هذا، و ما أفاده الماتن قدس سره من الدليل على جواز العمل بالنذر الحرجي من ناحية كون رفع الحرج من باب الرخصة، غير مفيد، لأنّ لازم الرخصة

عدم وجوب العمل بالنذر و إذا لم يجب كشف عن عدم صحّته، لأنّه لا معنى لاستحباب العمل بالنذر، فتدبّر (6). الگلپايگاني: مع الجهل بعروض الحرج، و إلّافلايسقط بعدم الاستقرار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 366

منتهاه مع عدم التعيين رمي الجمار، لجملة من الأخبار (1)، لا طواف النساء كما عن المشهور، و لا الإفاضة من عرفات كما في بعض الأخبار.

مسألة 30: لايجوز لمن نذر الحجّ ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر، لمنافاته لنذره، و إن اضطرّ إليه لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره (2)، كما أنّه لو كان منحصراً فيه من الأوّل لم ينعقد؛ و لو كان في طريقه نهر أو شطّ لايمكن العبور إلّابالمركب، فالمشهور (3) أنّه يقوم فيه، لخبر السكوني، و الأقوى عدم وجوبه (4)، لضعف الخبر (5) عن إثبات الوجوب؛ و التمسّك بقاعدة الميسور لا وجه له، و على فرضه فالميسور هو التحرّك لا القيام.

مسألة 31: إذا نذر المشي فخالف نذره فحجّ راكباً، فإن كان المنذور الحجّ ماشياً من غير تقييد بسنة معيّنة، وجب عليه الإعادة ولاكفّارة، إلّاإذا تركها (6) أيضاً، و إن كان المنذور (1). الخوئي: الحكم و إن كان كما ذكره قدس سره، إلّاأنّه ليس في الأخبار ما يدلّ على ذلك، و إنّما هي بين ما تدلّ على أنّ منتهاه رمي جمرة العقبة و بين ما تدلّ على أنّه الإفاضة، و هي تسقط بالمعارضة، فيرجع إلى ما تقتضيه القاعدة من كون المنتهى هو رمي الجمار

مكارم الشيرازي: رواها في الوسائل في الباب 35 من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه (المجلّد 8، رواية 1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 7)؛ نعم، في رواية 6 من هذا الباب أنّه ينقطع مشي الماشي

إذا أفاض من عرفات، ولكنّ الظاهر أنّه لم يعرف العامل بها، و أمّا ما حكي عن المشهور من أنّ آخره طواف النساء فهو غير ثابت؛ و لعلّه لذا أسنده في الجواهر إلى قول، بقوله: قيل: إنّه المشهور (2). الگلپايگاني: الأحوط عدم سقوط النذر؛ نعم، يسقط المشي

مكارم الشيرازي: قد يقال بسقوط المشي لا النذر، ولكنّه إنّما يتمّ إذا كان نذره على سبيل تعدّد المطلوب، و إلّافالأقوى هو السقوط، فتشخيص مصداق ذلك إنّما هو بنظر الناذر (3). الخوئي: ما ذهب إليه المشهور هو الأقوى، و الخبر غير ضعيف (4). الگلپايگاني: بل الأحوط وجوبه إن لم يكن أقوى (5). الامام الخميني: بل الأقوى وجوبه، و خبر السكوني لايقصر عن الموثّقات و الوثوق الحاصل بالتتبّع من أخباره بوسيلة صاحبه لايقصر عن توثيق أصحاب الرجال؛ مع التأييد بذهاب جمع، بل قيل بذهاب المشهور على العمل به

مكارم الشيرازي: بل الأقوى وجوبه، لعدم ضعف في دلالة الخبر؛ و أمّا ضعف السند، فلو كان، فهو منجبر بعمل المشهور (راجع 1/ 37 من أبواب وجوب الحجّ) (6). الامام الخميني: لكن مع سعة الوقت و بنائه على إتيانه فحصل عذر عنه لا حنث و لاكفّارة؛ نعم، لايبعدالصدق في بعض صور الترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 367

الحجّ ماشياً في سنة معيّنة فخالف و أتى به راكباً وجب عليه القضاء (1) و الكفّارة، و إذا كان المنذور المشي في حجّ معيّن وجبت الكفّارة دون القضاء، لفوات محلّ النذر. و الحجّ صحيح (2) في جميع الصور (3)، خصوصاً الأخيرة (4)، لأنّ النذر لايوجب شرطيّة المشي في أصل الحجّ، و عدم الصحّة من حيث النذر لايوجب عدمها من حيث الأصل، فيكفي في صحّته الإتيان به بقصد القربة.

و قد يتخيّل

البطلان (5) من حيث إنّ المنويّ و هو الحجّ النذريّ لم يقع، و غيره لم يقصد؛ و فيه أنّ الحجّ في حدّ نفسه مطلوب و قد قصده في ضمن قصدالنذر، و هو كافٍ (6)؛ ألاترى أنّه لو صام أيّاماً بقصد الكفّارة ثمّ ترك التتابع، لايبطل الصيام في الأيّام السابقة أصلًا و إنّما تبطل من حيث كونها صيام كفّارة؟ و كذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته و أذكاره الّتي أتى بها من حيث كونها قرآناً أو ذكراً. و قد يستدلّ للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال، بأنّ الأمر بإتيانها ماشياً موجب للنهي عن إتيانها راكباً؛ و فيه منع كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، و منع استلزامه البطلان على القول به، مع أنّه لايتمّ فيما لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً من غير تقييد بسنة معيّنة و لا بالفوريّة، لبقاء محلّ الإعادة.

مسألة 32: لو ركب بعضاً و مشى بعضاً فهو كما لو ركب الكلّ، لعدم الإتيان بالمنذور، (1). الامام الخميني: الأقوى عدم وجوبه و إن وجبت الكفّارة

الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 8 التعليقة على «عليه القضاء»] (2). الگلپايگاني: في صحّة الحجّ مع كونه علّة لتعذّر الوفاء بالنذر إشكال (3). مكارم الشيرازي: إذا كان المشي جزءً للحجّ كما في السعي و الطواف و خالف، يشكل التقرّب به إلى اللّه، و إن كانا من قبيل المتضادّين و الأمر بالشي ء لايقتضي النهي عن ضدّه، بل لما ذكرنا في محلّه من أنّ التقرّب بشي ء لاينفكّ عمّا هو مبغوض للمولى، مشكل، و الحكم بالقضاء هنا فرع القول بوجوبه في نذر الحجّ (4). الخوئي: الظاهر أنّه من سهو القلم، و الصحيح أن يقال: حتّى الأخيرة (5). الخوئي: لا مورد لهذا التخيّل

في المقام حتّى مع قطع النظر عمّا ذكره قدس سره، إلّافيما إذا ركب أثناء العمل و كان المنذور هو الحجّ ماشياً، بل لا مورد له فيه أيضاً، فإنّ الأمر النذري في طول الأمر بالحجّ و هو مقصود من الأوّل، و الفرق بينه و بين قصد صوم الكفّارة و نحوه ظاهر (6). الگلپايگاني: في كفاية هذا القصد مطلقاً و تمشّيه مع الالتفات بأنّ المنذور هو الحجّ ماشياً إشكال، و الفرق بينه و بين الكفّارة والصلاة غير خفيّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 368

فيجب عليه (1) القضاء (2) أو الإعادة ماشياً؛ و القول بالإعادة و المشي في موضوع الركوب ضعيف لا وجه له (3).

مسألة 33: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكّنه منه أو رجائه، سقط؛ و هل يبقى حينئذٍ وجوب الحجّ راكباً أو لا، بل يسقط أيضاً؟ فيه أقوال:

أحدها: وجوبه راكباً مع سياق بدنةٍ.

الثاني: وجوبه بلا سياق.

الثالث: سقوطه إذا كان الحجّ مقيّداً بسنة معيّنة، أو كان مطلقاً مع اليأس عن التمكّن بعد ذلك و توقّع المكنة مع الإطلاق و عدم اليأس (4).

الرابع: وجوب الركوب مع تعيين السنة أو اليأس في صورة الإطلاق، و توقّع المكنة مع عدم اليأس.

الخامس: وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الإحرام، و إذا كان قبله فالسقوط مع التعيين، و توقّع المكنة مع الإطلاق. و مقتضى القاعدة و إن كان هو القول الثالث (5)، إلّاأنّ الأقوى بملاحظة جملة من الأخبار هوالقول الثاني (6) بعد حمل ما في بعضها من الأمر بسياق (1). الامام الخميني: أي في صورة النذر المعيّن، و الأقوى عدم الوجوب هاهنا أيضاً و وجبت الكفّارة (2). الخوئي: تقدّم الكلام عليه [في هذا الفصل، المسألة 8 التعليقة على «عليه القضاء»] (3). مكارم

الشيرازي: حكي هذا القول عن الشيخين و جماعة و يمكن أن يكون الوجه فيه انحلال نذره إلى نذور متعدّدة و يكون المشي في جميع الطريق من باب تعدّد المطلوب، لما ورد في الروايات أنّ له بكلّ قدم كذا و كذا من الثواب، و لكنّ الإنصاف أنّ النذر بهذه الصورة غير متعارف؛ نعم، لو قصده ناذر، وجب العمل به (4). مكارم الشيرازي: يعني إذا كان نذره مطلقاً و لم يكن مأيوساً عن القدرة في المستقبل، ينتظر ذلك (5). الخوئي: بل مقتضى القاعدة هو القول الخامس، ولكن مع ذلك لايحكم بالإجزاء إذا تمكّن بعد ذلك من الحجّ ماشياً إذا كان المنذور غير مقيّد بسنة معيّنة (6). مكارم الشيرازي: ثبوت الحجّ بلا سياق بدنة هو الموافق للقواعد، و الأخبار أيضاً واردة على طبق القاعدة، لأنّ الغالب أن يكون النذر في هذه الموارد من قبيل تعدّد المطلوب؛ فمن نذر زيارة الحسين عليه السلام ماشياً ثمّ عجز عن المشي يزوره بصرافة ذهنه بغير مشي، فإنّه يرى أنّ للزيارة فضلًا و للمشي فضل آخر، فإذا عجز عن المقدّمة الخاصّة أتى بذي المقدّمة بدونها، و لو فرض تقييد النذر في نظر الناذر بحيث كان من قبيل وحدة المطلوب أشكل الحكم بوجوب نفس الحجّ عليه تعبّداً، فإنّ النذر تابع لنظر ناذره، و الظاهر أنّ الروايات أيضاً منصرفة عن مثل هذا الفرض. و أمّا عدم وجوب السياق فهو أيضاً موافق للقاعدة و يدلّ عليه خبر «عنبسة» كما أشار إليه في المتن (رواها في الوسائل تارةً عن ابن إدريس في أبواب وجوب الحجّ الباب 34 الحديث 6، و اخرى في كتاب النذر عن الشيخ في التهذيب الباب 8 الحديث 5) و يعلم أنّ عنبسة بن مصعب غير

معروف بالتوثيق في كتب الرجال ولكن رواية البزنطي عنه في طريق ابن إدريس و رواية صفوان عنه في طريق الشيخ ربّما يؤيّده في الجملة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 369

الهدي على الاستحباب بقرينة السكوت عنه (1) في بعضها الآخر مع كونه في مقام البيان، مضافاً إلى خبر عنبسة الدالّ على عدم وجوبه صريحاً فيه؛ من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع في الذهاب أو بعده و قبل الدخول في الإحرام أو بعده، و من غير فرق أيضاً بين كون النذر مطلقاً أو مقيّداً بسنة مع توقّع المكنة و عدمه و إن كان الأحوط (2) في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة و كونه قبل الشروع في الذهاب الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك (3)، لاحتمال انصراف الأخبار عن هذه الصورة، و الأحوط (4) إعمال قاعدة الميسور أيضاً بالمشي بمقدار المكنة، بل لايخلو عن قوّة، للقاعدة (5)، مضافاً إلى الخبر (6): (1). الخوئي: السكوت في مقام البيان و إن كان ظاهراً في عدم الوجوب، إلّاأنّه لايزيد على الظهور اللفظي الإطلاقي في أنّه لايعارض المقيّد، و العمدة رواية عنبسة الّتي رواها الشيخ بطريق صحيح، و عنبسة ثقة على الأظهر (2). الامام الخميني: لايُترك في هذه الصورة

الخوئي: بل الأظهر ذلك

الگلپايگاني: لايُترك (3). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ضعيف، لظهور أخبار الباب في وجوب الحجّ راكباً إذا عجز عن المشي، من غير فرق بين صور المسألة، أعني توقّع القدرة في المستقبل و عدمه أو كون ذلك قبل الشروع أو بعده؛ هذا مضافاً إلى أنّ العمل بالنذر واجب فوري، كما عرفت سابقاً (4). الگلپايگاني: لايُترك (5). الخوئي: القاعدة لا أساس لها، و العمدة هو الخبر المذكور الصحيح (6).

مكارم الشيرازي: و العجب أنّه أجرى القاعدة بالنسبة إلى أجزاء المشي ولكن لم يجرها بالنسبة إلى كلّ الحجّ مع المشي، و على كلّ حال لاينبغي الشكّ في أصل الحكم، لأنّ مقتضى الارتكاز أنّه من قبيل تعدّد المطلوب مع دلالة كثير من الروايات عليه، لا خصوص رواية واحدة أو روايتان كما يظهر من كلام الماتن قدس سره (فراجع الباب 34 من أبواب وجوب الحجّ)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 370

عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه حاجّاً، قال عليه السلام: «فليمش، فإذا تعب فليركب»، و يستفاد منه كفاية الحرج و التعب في جواز الركوب و إن لم يصل إلى حدّ العجز؛ و في مرسل حريز: «إذا حلف الرجل أن لايركب أو نذر أن لايركب فإذا بلغ مجهوده ركب».

مسألة 34: إذا نذر الحجّ ماشياً فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي، من مرض أو خوفه أو عدوّ أو نحو ذلك، فهل حكمه حكم العجز فيما ذكر أو لا، لكون الحكم على خلاف القاعدة؟ وجهان (1)؛ و لايبعد التفصيل بين المرض ومثل العدوّ، باختيار الأوّل في الأوّل و الثاني في الثاني و إن كان الأحوط (2) الإلحاق مطلقاً.

[فصل في النيابة]

فصل في النيابة

لا إشكال في صحّة النيابة عن الميّت في الحجّ الواجب والمندوب، و عن الحيّ (3) في المندوب مطلقاً و في الواجب في بعض الصور.

مسألة 1: يشترط في النائب امور:

أحدها: البلوغ على المشهور؛ فلايصحّ نيابة الصبيّ عندهم و إن كان مميّزاً، و هو الأحوط (4)، لا لما قيل من عدم صحّة عباداته لكونها تمرينيّة، لأنّ الأقوى كونها شرعيّة، و لا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه، لأنّه أخصّ من المدّعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمّة المنوب عنه بعد

دعوى انصراف (5) الأدلّة خصوصاً مع اشتمال جملة من (1). مكارم الشيرازي: الأقوى الإلحاق بالعجز عن المشي مطلقاً، و قد عرفت أنّ الحكم موافق للقاعدة (2). الامام الخميني: ليس الإلحاق موافقاً للاحتياط من بعض الجهات، فلايجوز الإلحاق فيما لايوافقه (3). مكارم الشيرازي: أمّا بالنسبة إلى الميّت فهو من القطعيّات بين أصحابنا و دلّت عليه الروايات الكثيرة، و بالنسبة إلى الحيّ في المندوب فيدلّ عليه أيضاً غير واحد من الروايات (راجع الباب 34 من أبواب النيابة من المجلّد 8 و الباب 25 منه في الوسائل) و أمّا بالنسبة إلى الواجب فقد مرّ الكلام فيه في المسألة (72) من شرائط وجوب الحجّ و أنّه تجب الاستنابة عند استقرار الحجّ على الحيّ مع عدم تمكّنه بعد ذلك لمرض أو حصر أو هرم (4). مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، لما ذكره من انصراف الأدلّة و عدم شمولها له؛ و منع الانصراف كما في الجواهر و غير واحد من الحواشي ممنوع و لاأقلّ من الشكّ، فتبقى أصالة الاشتغال بحالها، و لا فرق بين أن يكون ذلك بإذن الوليّ أو لا (5). الامام الخميني: بل و عدم إطلاق معتدّ به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 371

الأخبار على لفظ الرجل؛ و لا فرق بين أن يكون حجّه بالإجارة أو بالتبرّع، بإذن الوليّ أو عدمه (1) و إن كان لايبعد دعوى صحّة نيابته في الحجّ المندوب (2) بإذن الوليّ.

الثاني: العقل؛ فلاتصحّ نيابة المجنون الّذي لايتحقّق منه القصد، مطبقاً كان جنونه أو أدواريّاً في دور جنونه؛ و لا بأس بنيابة السفيه.

الثالث: الإيمان؛ لعدم صحّة عمل غير المؤمن (3) و إن كان معتقداً بوجوبه و حصل منه نيّة القربة؛ و دعوى أنّ ذلك في العمل لنفسه

دون غيره، كماترى.

الرابع: العدالة أو الوثوق (4) بصحّة عمله (5)؛ و هذا الشرط إنّما يعتبر في جواز الاستنابة (6)، لا في صحّة عمله.

الخامس: معرفته بأفعال الحجّ و أحكامه و إن كان بإرشاد معلّم (7) حال كلّ عمل. (1). مكارم الشيرازي: لايقال: كيف يجوز له الحجّ بغير إذن الوليّ؟ لأنّا نقول: هذا في التبرّع، لا في الإجارة، و لا دليل على أنّ الصبيّ لايجوز له الإتيان بالمستحبّات، سواء كان لنفسه أو لغيره حتّى أنّ العبد يجوز له الإتيان ببعض المستحبّات الّتي لاتزاحم حقّ المولى، كأن يقرأ القرآن في ساعات فراغه عن نفسه أو أبيه؛ و كونه عبداً مملوكاً لايقدر على شي ء، منصرف قطعاً عن مثل هذه الامور (2). الامام الخميني: محلّ تأمّل

الگلپايگاني: بل مقتضى القواعد الصحّة في الواجب أيضاً، لمنع الانصراف و عدم الموضوعيّة للأصل؛ نعم، هو خلاف الاحتياط (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت في شرائط صحّة الصوم أنّ شرطيّة الإيمان لصحّة العبادات غير ثابتة، و القدر المعلوم من أحاديث الباب و كلمات الأصحاب اعتباره في قبول العمل و ترتّب الثواب عليه؛ و العجب من بعض من أفتى بالصحّة من المحشّين في الصيام مع قبوله لفتوى الماتن قدس سره هنا (4). الامام الخميني: إنّما يعتبر الوثوق بأصل إتيانه، و أمّا الحكم بصحّة المأتيّ به فالظاهر عدم اعتبار الوثوق بهاو لو قبل العمل، فلو علم بأنّه يأتي بالعمل و شكّ في أنّه يأتي به صحيحاً لايبعد جواز الاستنابة له، و لكنّ الأحوط اعتبار الوثوق (5). الخوئي: تكفي في إحراز الصحّة أصالة الصحّة بعد إحراز عمل الأجير (6). الگلپايگاني: بل في جواز الاكتفاء به مع الشكّ في إتيانه؛ و أمّا مع الشكّ في صحّة ما أتى به

فيحكم بالصحّة، و في حجّية قوله مع عدم الوثوق وجهان

مكارم الشيرازي: جواز الاستنابة لايتوقّف عليه، و إنّما يعتبر في قبول قوله و الحكم ببرائة ذمّة المنوب عنه (7). الگلپايگاني: هذا كافٍ لصحّة العمل؛ و أمّا صحّة الإجارة فيشترط فيها كون العمل معلوماً حين الإجارة بحيث لايكون غرراً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 372

السادس: عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب عليه في ذلك العام (1)؛ فلاتصحّ نيابة من وجب عليه حجّة الإسلام أو النذر المضيّق مع تمكّنه من إتيانه، و أمّا مع عدم تمكّنه لعدم المال فلا بأس، فلو حجّ عن غيره مع تمكّنه من الحجّ لنفسه بطل على المشهور (2)، لكنّ الأقوى أنّ هذا الشرط إنّما هو لصحّة الاستنابة و الإجارة، و إلّافالحجّ صحيح (3) و إن لم يستحقّ الاجرة (4)، و تبرأ ذمّة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشي ء نهياً عن ضدّه، مع أنّ ذلك على القول به و إيجابه للبطلان إنّما يتمّ مع العلم و العمد، و أمّا مع الجهل (5) أو الغفلة فلا (6)، بل الظاهر صحّة الإجارة أيضاً على هذا التقدير، لأنّ البطلان إنّما هو من جهة عدم القدرة الشرعيّة على العمل المستأجر عليه، حيث إنّ المانع الشرعيّ كالمانع العقليّ، و مع الجهل أو الغفلة لا مانع، لأنّه قادر شرعاً.

مسألة 2: لايشترط في النائب الحرّيّة، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه و لاتصحّ استنابته بدونه، و لو حجّ بدون إذنه بطل (7).

مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلاتصحّ النيابة عن الكافر (8)، لا لعدم انتفاعه (1). مكارم الشيرازي: مرّ الكلام فيه و أنّ الحجّ و الإجارة كلتاهما صحيحتان (راجع المسألة 110 من شرائط وجوب الحجّ) (2). الامام الخميني: مرّ

الكلام فيه مفصّلًا و مرّ تقوية ما عن المشهور و مرّ عدم الفرق بين العلم و العمد و الجهل و الغفلة، و الأقرب عدم صحّة حجّ المستطيع مع تمكّنه من حجّة الإسلام عن غيره إجارةً أو تبرّعاً و لا عن نفسه تطوّعاً مطلقاً (3). الگلپايگاني: مشكل، كما مرّ. و مرّ استحقاق الاجرة مع العمل بأمره على فرض الصحّة و إن كانت الإجارةباطلة (4). الخوئي: أي الاجرة المسمّاة، و إلّافهو يستحقّ اجرة المثل على الآمر إن لم يكن متبرّعاً بعمله (5). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في الصحّة مع الجهل و الغفلة، و كذا في صحّة الإجارة

الخوئي: إذا لم يكن عن تقصير كما تقدّم (6). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان الحجّ و الغفلة عن قصور، لا تقصير؛ و دليله ظاهر (7). الگلپايگاني: إلّاإذا احرز رضاه باطناً، بل لايبعد الصحّة مع الغفلة عن الحرمة أو موضوعها أو الجهل بهما كالغصب (8). الخوئي: إلّافي الناصب إذا كان أباً للنائب

مكارم الشيرازي: لعدم انتفاعه بالعمل عنه، بدليل قوله تعالى: «ما كان للنبيّ و الّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين» و كذلك ما دلّ على نهي النبيّ عن الاستغفار لهم و أنّه لايغفر اللّه لهم و إن استغفر لهم سبعين مرّة. و الإنصاف أنّه لا فرق بين الاستغفار و الحجّ، لأنّ لحن الآيات تدلّ على عدم انتفاعهم بالأعمال القربيّة؛ و ما قد يقال من أنّه فرق بين الاستغفار و الحجّ لأنّه كأداء الدين موجب لانتفاء موضوع العقاب و هذا غير الاستغفار، كما في سائر موارد الدين، مدفوع بأنّه فرق بين الدين الّذي يكون أمراً توصّلياً (كدين الدرهم و الدينار) و بين ما يكون أمراً تعبّديّاً كالحجّ، فالأوّل يمكن أداؤه عن الكافر الميّت بل يجب، ولكنّ

الثاني غيرممكن لأنّه لايتقرّب إلى اللّه، و أمّا الخمس و الزكاة فقد مرّ في باب الزكاة أنّ لهما جهتين: جهة تعبّديّة و جهة توصّليّة، و قد قام الدليل على أنّ الحاكم الشرعي يأخذهما و لو بعنف مع أنّه ليس فيه قصد القربة، و أمّا قصد القربة من الحاكم فمع أنّه غير مفيد، لا دليل عليه. هذا، و يظهر من غير واحد من روايات أبواب النيابة جواز الحجّ عن الناصبي إذا كان أباً، مثل رواية وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام: أيحجّ الرجل عن الناصب؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي؟ قال: «إن كان أباك فنعم» (2/ 20 من أبواب النيابة عن الحجّ) و ما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي إبراهيم عليه السلام و في ذيله: قلت: و إن كان ناصباً ينفعه ذلك؟ قال: «نعم، يخفّف عنه» (5/ 25 منها) و ما رواه عليّ بن أبي حمزة في باب قضاء الصلاة و في ذيله: قلت: إن كان لايرى ما أرى و هو ناصب؟ قال: «يخفّف عنه بعض ما فيه» (8/ 12، من أبواب قضاء الصلاة من المجلّد الخامس من الوسائل) ولكن لعلّ المراد منها الناصب الّذي لم يبلغ حدّ الكفر، بقرينة قوله: «لايرى ما أرى» وإلّا لايجوز الركون إلى الروايات إذا خالف كتاب اللّه؛ ولذا حكى المحقّق في المعتبر عن الشيخين أنّه لاينوب عن مخالف في الاعتقاد إلّاأن يكون أباه ثمّ قال: ونحن نقول: ليس كلّ مخالف للحقّ لايصحّ منه العبادة، و نطالبهم بالدليل عليه ... و الأقرب أن يقال: لايصحّ النيابة عن الناصب و يعنى به من يظهر العداوة والشنئان لأهل البيت: و ينسبهم إلى ما يقدح في العدالة كالخوارج ومن

ماثلهم. ثمّ حكى في ذيل كلامه إنكار بعض المتأخّرين النيابة عن الأب المخالف أيضاً مدّعياً عليه الإجماع، ولكن المحقّق نفسه لم يقبل كلامه (المعتبر ج 2 ص 766).

أقول: لكن تخصيص الآية الشريفة مشكل جدّاً، لأنّ لسانها آبٍ عن التخصيص، كما يشهد له قوله تعالى: «وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّاعن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم» (التوبة 114) فالنيابة عن الأب الناصبي أيضاً مشكل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 373

بالعمل عنه، لمنعه و إمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه (1)، بل لانصراف (1). الامام الخميني: محلّ إشكال، و إلّافتصحّ الإجارة على القاعدة، و ما في موثّقة إسحاق من تخفيف عذاب الناصب إنّما هو في إهداء الثواب لا في النيابة؛ نعم، ظاهر رواية عليّ بن أبي حمزة جواز النيابة عن الناصب، لكن مع ضعف سندها تحمل على إهداء الثواب، جمعاً بينها و بين مثل صحيحة وهب بن عبد ربّه حيث نهى عن الحجّ عن الناصب و استثنى الأب، و لا بأس بالعمل بها، فلاتجوز النيابة عن الكافر؛ إذ مضافاً إلى الصحيحة أنّ اعتبار النيابة عمّن لايصحّ منه العمل محلّ إشكال؛ نعم، لو فرض الانتفاع به بنحو إهداء الثواب لايبعد صحّة الاستيجار لذلك، أي للحجّ الاستحبابي لإهداء الثواب، و هو موافق للقاعدة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 374

الأدّلة (1)، فلو مات مستطيعاً و كان الوارث مسلماً لايجب عليه استيجاره عنه.

و يشترط فيه أيضاً كونه ميّتاً أو حيّاً عاجزاً في الحجّ الواجب؛ فلاتصحّ النيابة عن الحيّ في الحجّ الواجب إلّاإذا كان عاجزاً، و أمّا في الحجّ الندبيّ فيجوز عن الحيّ و الميّت تبرّعاً أو بالإجارة.

مسألة 4: تجوز النيابة عن الصبيّ المميّز و المجنون (2)،

بل يجب الاستيجار عن المجنون إذا استقرّ عليه حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً.

مسألة 5: لاتشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه في الذكورة و الانوثة، فتصحّ نيابة المرأة عن الرجل كالعكس؛ نعم، الأولى المماثلة (3).

مسألة 6: لا بأس باستنابة الصرورة (4)، رجلًا كان أو امرأةً، عن رجل أو امرأة؛ و القول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقاً أو مع كون المنوب عنه رجلًا، ضعيف؛ نعم، يكره ذلك، خصوصاً مع كون المنوب عنه رجلًا (5)، (1). الگلپايگاني: الانصراف محلّ تأمّل، فالأحوط الاستيجار عنه و إن لم ينتفع به حتّى بتخفيف العقاب، فيكون كأداء الدين موجباً لانتفاء موضوع العقاب كمن لايستطيع و هذا غير الاستغفار كي يمنع بالآية كما في الدين و إلّافالآية آبية عن التخصيص (2). الخوئي: صحّة النيابة عن المجنون لاتخلو عن إشكال في غير فرض استقرار الحجّ عليه

الگلپايگاني: إن كان له إفاقة في زمان يسع للحجّ، و إلّافجواز النيابة عنه محلّ منع

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا دليل عليه إلّاإطلاق روايات النيابة، و لكنّه لايخلو عن شبهة في الصبيّ المميّز الّذي لم يستقرّ عليه الحجّ (3). الگلپايگاني: بل لايبعد أفضليّة الرجل حتّى عن المرأة

مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الرجل معلوم، و أمّا بالنسبة إلى المرأة فقد يستشكل فيه، لخبر سليمان بن جعفر قال: سألت الرضا عليه السلام عن المرأة الصرورة حجّت عن امرأة صرورة، فقال عليه السلام: «لاينبغي» (3/ 9 من أبواب النيابة من المجلّد 8)؛ اللّهم إلّاأن يقال أنّها في خصوص الصرورة؛ مضافاً إلى أنّ في سند الرواية بعض المجاهيل كعليّ بن أحمد بن أشيم؛ فراجع (4). الخوئي: بل الأحوط في الاستنابة عن الرجل الحيّ أن يكون النائب رجلًا و صرورة (5). مكارم الشيرازي:

الكراهة بالنسبة إلى نيابتها عن الرجل معلومة، و أمّا بالنسبة إلى المرأة فلاتخلو عن إشكال؛ أمّا الأوّل، لدلالة غير واحد من الروايات عليه (راجع الباب 8 و 9 من أبواب النيابة) و أمّا بالنسبة إلى نيابتها عن المرأة فلأنّ خبر سليمان بن جعفر (3/ 9) الدالّ عليه لايخلو عن ضعف في سنده؛ نعم، بناءً على المسامحة في سند المستحبّات و المكروهات لا بأس بهذا القول، ولكنّها غير صحيحة، كما ذكرنا في محلّه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 375

بل لايبعد (1) كراهة استيجار الصرورة و لو كان رجلًا عن رجل (2).

مسألة 7: يشترط في صحّة النيابة قصد النيابة (3) و تعيين المنوب عنه في النيّة و لو بالإجمال، و لايشترط ذكر اسمه و إن كان يستحبّ ذلك (4) في جميع المواطن و المواقف.

مسألة 8: كما تصحّ النيابة بالتبرّع و بالإجارة، كذا تصحّ بالجعالة، و لاتفرغ ذمّة المنوب عنه إلّابإتيان النائب صحيحاً و لاتفرغ بمجرّد الإجارة؛ و ما دلّ من الأخبار على كون الأجير ضامناً و كفاية الإجارة في فراغه (5) منزّلة على أنّ اللّه تعالى يعطيه ثواب الحجّ إذا قصر النائب في الإتيان، أو مطروحة، لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.

مسألة 9: لايجوز (6) استيجار المعذور في ترك بعض الأعمال (7)، بل لو تبرّع المعذور يشكل (1). الامام الخميني: فيه إشكال، بل مقتضى صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و له مال، قال: «يحجّ عنه صرورة لا مال له» استحباب ذلك؛ نعم، تخرج منها المرأة الصرورة على فرض إطلاقها. و في دلالة مكاتبتي إبراهيم بن عقبة و بكر بن صالح على الكراهة نظر

الگلپايگاني: فيه تأمّل، بل يحتمل عدم

كراهة الصرورة حتّى في المرأة إن كانت عالمة بالأحكام (2). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، بل يظهر من بعض روايات الباب استحبابه (راجع مصحّحة معاوية بن عمّار: 1/ 28 من أبواب وجوب الحجّ) (3). الگلپايگاني: على ما مرّ في الصلاة، فراجع

مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في مبحث صلاة القضاء أنّ قصد النيابة أمر ظاهر عرفي و هو في الحقيقة عبارة عن أداء ما على غيره، مالًا كان أو فعلًا. و التدقيق الكثير في هذه الامور، كما يظهر من بعضهم، ربّما يوجب الخفاء و الوسوسة (4). مكارم الشيرازي: راجع الباب 16 من أبواب النيابة (5). الخوئي: لا دلالة لتلك الأخبار على كفاية الإجارة في فراغ ذمّة المنوب عنه في الفرض (6). الگلپايگاني: على الأحوط (7). مكارم الشيرازي: الأقوى جوازه فيما يتعارف من الأعذار لعامّة الناس، لإطلاق أخبار النيابة و عدم التعرّض لهذا القيد في شي ء منها، لاسيّما مع أنّ سفر الحجّ لايخلو غالباً عن طروّ بعض هذه الامور بالنسبة إلى كثير من الناس، و لو منع من ذلك أشكل الأمر على كثير من النائبين، كما لايخفى على من زار بيت اللّه الحرام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 376

الاكتفاء به.

مسألة 10: إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك، فإن كان قبل الإحرام لم يجز عن المنوب عنه (1)، لما مرّ من كون الأصل عدم فراغ ذمّته إلّابالإتيان، بعد حمل الأخبار الدالّة على ضمان الأجير على ما أشرنا إليه. و إن مات بعد الإحرام و دخول الحرم، أجزأ عنه، لا لكون الحكم كذلك في الحاجّ عن نفسه، لاختصاص ما دلّ عليه به، و كون فعل النائب فعل المنوب عنه لايقتضي الإلحاق، بل لموثّقة إسحاق بن عمّار المؤيّدة بمرسلتي حسين بن عثمان و حسين بن

يحيى الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه، المقيّدة بمرسلة المقنعة: «من خرج حاجّاً فمات في الطريق فإنّه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجّة» الشاملة (2) للحاجّ عن غيره أيضاً (3)؛ و لايعارضها موثّقة عمّار (4) الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي، لأنّها محمولة على ما إذا مات قبل الإحرام أو على الاستحباب، مضافاً إلى الإجماع على عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، و ضعفها سنداً بل و دلالةً منجبر بالشهرة و الإجماعات المنقولة، فلاينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة المزبورة.

و أمّا إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم، ففي الإجزاء قولان؛ و لايبعد الإجزاء (5) و إن لم نقل به في الحاجّ عن نفسه، لإطلاق الأخبار في المقام، و القدر المتيقّن من التقييد هو (1). مكارم الشيرازي: لو لم تكن المسألة إجماعيّة، أمكن القول بالإجزاء إذا مات في الطريق مطلقاً، لظهور غير واحد من روايات الباب فيه، كرواية حسين بن يحيى، فإنّ قوله: «فإن مات في منزله قبل أن يخرج فلايجزى عنه و إن مات في الطريق فقد أجزأ عنه» له ظهور تامّ في أنّ المدار على الموت في المنزل و الموت في الطريق (4/ 15 من أبواب النيابة) ولكنّها مرسلة و إن كان في السند «ابن أبي عمير»، فتأمّل (2). الگلپايگاني: شمولها له محلّ تأمّل (3). مكارم الشيرازي: شموله للحاجّ عن غيره مشكل جدّاً، فإنّ قوله عليه السلام في ذيل المرسلة: «و ليقض عنه وليّه» ظاهر في كون الحجّ لنفسه (راجع 4/ 26 من أبواب وجوب الحجّ) (4). الگلپايگاني: بل يمكن أن يقال بمعارضتها لموثّقة إسحاق، فهذه محمولة على الموت قبل

الإحرام و دخول الحرم و موثّقة إسحاق محمولة على الموت بعدهما؛ و شاهد الجمع الأخبار المفصّلة في الحاجّ لنفسه (5). الگلپايگاني: بل بعيد، سيّما على مبناه قدس سره حيث إنّ المرسلة ليس فيها إلّاالتقييد بالدخول في الحرم، و كونه كناية عن الإحرام في غاية البعد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 377

اعتبار كونه بعد الإحرام، لكنّ الأقوى عدمه (1)، فحاله حال الحاجّ عن نفسه في اعتبار الأمرين في الإجزاء.

و الظاهر عدم الفرق بين حجّة الإسلام و غيرها من أقسام الحجّ و كون النيابة بالاجرة أو بالتبرّع (2).

مسألة 11: إذا مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم (3)، يستحقّ تمام الاجرة إذا كان أجيراً على تفريغ الذمّة (4)، و بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا كان أجيراً على الإتيان بالحجّ بمعنى الأعمال (5) المخصوصة، و إن مات قبل ذلك لايستحقّ شيئاً؛ سواء مات قبل (1). الخوئي: بل الأقوى هو الإجزاء

مكارم الشيرازي: بل الأحوط ذلك، لأنّ إطلاق موثّقة إسحاق يدلّ على الإجزاء، بل يدلّ على الإجزاء قبل الإحرام، ولكنّها مقيّدة من هذه الناحية بالإجماع، فيبقى الإجزاء فيما بعد الإحرام بحاله؛ نعم، بعد ما قلنا بعدم الإجزاء في الأصيل إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم يشكل الفصل بينه و بين النائب، و هذا هو دليل الاحتياط (2). الامام الخميني: فيه إشكال، بل في غير حجّة الإسلام لايخلو من إشكال (3). الخوئي: بل بعد الإحرام ولو قبل دخول الحرم (4). الگلپايگاني: بل لايبعد الاستحقاق تعبّداً و إن كان أجيراً على الأعمال؛ و أمّا الإجارة على التفريغ فلا معنى له، بل متعلّق الإجارة في الحجّ البلدي المشي إلى بيت اللّه الحرام و الإتيان بالمناسك المخصوصة نيابةً عن المنوب عنه على ما

هو المرتكز عرفاً

مكارم الشيرازي: قد يقال أنّه لايمكن الإجارة على تفريغ الذمّة، كما في بعض الحواشي، ولكنّه عجيب، لأنّ الإجارة على المسبّب ممكن كالإجارة على السبب، لأنّه مقدور بالواسطة و ما يكون مقدوراً بالواسطة تجوز الإجارة عليه، و كم له من نظير في أبواب الإجارات (5). الامام الخميني: إذا فرض أنّ الإجارة على نفس الأعمال المخصوصة و لم تكن المقدّمات داخلة، لايستحقّ شيئاً قبل الإحرام، و أمّا نفس الإحرام فمع الإطلاق أي عدم استثنائه فداخل في العمل المستأجر عليه و يستحقّ الاجرة بالنسبة إليه، و أمّا الذهاب إلى مكّة بعد الإحرام فليس داخلًا، فلايستحقّ الاجرة بالنسبة إليه مع كون الإجارة على نفس المناسك، كما لايستحقّ على الذهاب إلى عرفات و منى مع هذا الفرض. و أمّا مع كون المشي و المقدّمات داخلًا في الإجارة فيستحقّ بالنسبة إليها مطلقاً؛ سواء كانت مطلوبة نفساً أو من باب المقدّمة، إلّاأن تكون الاجرة على المقدّمات الموصلات؛ هذا كلّه مع التصريح بكيفيّته، و مع الإطلاق فالظاهر التوزيع بالنسبة إلى المقدّمات و ما فعل من الأعمال، و تنظيره بإفساد الصلاة في غير محلّه؛ نعم، مع الإطلاق يستحقّ تمام الاجرة إذا أتى بالمصداق العرفي الصحيح و لو كان فيه نقص ممّا لايضرّ بالاسم، فلو مات بعد الإحرام و دخول الحرم قبل إتيان شي ء آخر لايستحقّ اجرة غير ما أتى به و إن سقط الحجّ عن الميّت، فإنّ السقوط ليس لأجل الإتيان بالمصداق العرفي بل هو من باب التعبّد، و أمّا لو أتى بالحجّ و نسي الطواف أو بعضه مثلًا و مات يستحقّ تمام الاجرة للصدق، و هذا نظير نسيان بعض أجزاء الصلاة المستأجرة مع عدم إضراره بالصحّة و الاسم

العروة الوثقى، ج 2، ص:

378

الشروع في المشي أو بعده، و قبل الإحرام أو بعده (1) و قبل الدخول في الحرم، لأنّه لم يأت بالعمل المستأجرعليه لا كلًاّ و لا بعضاً بعد فرض عدم إجزائه (2)؛ من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشي و نحوه؛ نعم، لو كان المشي داخلًا في الإجارة على وجه الجزئيّة، بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً، استحقّ مقدار ما يقابله من الاجرة، بخلاف ما إذا لم يكن داخلًا أصلًا أو كان داخلًا فيها لا نفساً بل بوصف المقدّميّة؛ فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الاجرة عليه أيضاً مطلقاً، لا وجه له (3)، كما أنّه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو نظير ما إذا استوجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ أبطلت (4) صلاته، فإنّه لا إشكال في أنّه لايستحقّ الاجرة على ما أتى به؛ و دعوى أنّه و إن كان لايستحقّ من المسمّى بالنسبة لكن يستحقّ اجرة المثل لما أتى به، حيث إنّ عمله محترم، مدفوعة بأنّه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه، و المفروض أنّه لم يكن مغروراً من قبله، و حينئذٍ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحجّ في سنة (1). الخوئي: مرّ استحقاقه فيما إذا مات بعد الإحرام (2). الگلپايگاني: هذا إذا كان المستأجرعليه كلّياً بقيد المجموع أو التفريغ، و إلّافعدم الإجزاء لاينافي توزيع مال الإجارة على مورد الإجارة، و قد مرّ أنّ المرتكز هو الإجارة على المشي و المناسك، فيستحقّ مقدار ما قابل المأتيّ منها و إن كان غير مفيد (3). الگلپايگاني: بل هو الأوجه، إلّامع التصريح بمقابلة الثمن بالأعمال و معه يستحقّ مقدار ما يقابل

المأتيّ منها ولو مع عدم الإجزاء، فيستحقّ للإحرام و سائر أعماله و إن لم يدخل في الحرم؛ و معلوم أنّ الإحرام مع بعد الطريق أغلى منه مع عدمه

مكارم الشيرازي: قد يقال: المرتكز في الأذهان هو التوزيع بحسب القاعدة، ولكنّه ممنوع، بل المرتكز أداء ما يوجب فراغ الذمّة، سواء كان بإتيان الأعمال أو بقبول الشارع، كما إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم؛ و أمّا إذا لم يحصل تفريغ الذمّة، لم يكن في المشي فائدة فعلًا (4). الگلپايگاني: بل هو نظير موت الأجير في أثناء الصلوة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 379

معيّنة (1)، ويجب عليه (2) الإتيان به (3) إذا كانت مطلقة (4) من غير استحقاق لشي ء على التقديرين.

مسألة 12: يجب في الإجارة تعيين (5) نوع الحجّ من تمتّع أو قران أو إفراد. و لايجوز للموجر العدول عمّا عيّن له و إن كان إلى الأفضل كالعدول من أحد الأخيرين إلى الأوّل، إلّا إذا رضي المستأجر (6) بذلك فيما إذا كان مخيّراً بين النوعين أو الأنواع كما في الحجّ المستحبيّ (7) والمنذور المطلق، أو كان ذا منزلين متساويين في مكّة و خارجها؛ و أمّا إذا كان ما عليه من نوع خاصّ، فلاينفع رضاه (8) أيضاً بالعدول إلى غيره، و في صورة جواز الرضا يكون رضاه من باب إسقاط حقّ الشرط إن كان التعيين بعنوان الشرطيّة (9) و من باب الرضا بالوفاء بغير الجنس (10) إن كان بعنوان القيديّة (11)، و على أىّ تقدير يستحقّ الاجرة المسمّاة و إن لم يأت (1). الگلپايگاني: مع دخل المباشرة؛ و مع عدمه فيجب الاستيجار من تركته و هو المقصود من الوجوب عليه مع الإطلاق (2). الامام الخميني: فيتعلّق ما عليه بتركته؛ و كذا الحال لو

كانت الإجارة في السنة المعيّنة أعمّ من المباشرة و مات و يمكن الإحجاج من ماله في السنة المزبورة (3). الخوئي: في العبارة تشويش، و الصحيح أن يقال: إنّ الإجارة إذا كانت مقيّدة بالمباشرة فهي تنفسخ بالموت، من غير فرق بين أن تكون الإجارة في سنة معيّنة أو كانت مطلقة، و أما إذا لم يقيّد الإجارة بالمباشرة وجب الاستيجار من تركة الأجير، من غير فرق أيضاً بين السنة المعيّنة و غيرها (4). مكارم الشيرازي: المفروض فوت الأجير بعد ذلك، فكيف يأتي به؟! (5). الخوئي: بالمعنى المقابل للفرد المبهم، و أمّا الإجارة على الجامع فالظاهر جوازها (6). الگلپايگاني: و أذن له على الأحوط (7). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه عند تعرّض المصنّف قدس سره له، و منه يظهر حال النذر المطلق أيضاً (8). الخوئي: في برائة ذمّة المستأجر، لا في استحقاق الأجير للُاجرة

الگلپايگاني: في برائة ذمّة المستأجر، لكن يستحقّ الاجرة المسمّاة لو عدل بإذنه

مكارم الشيرازي: و ما قد يقال: إنّ الأجير يستحقّ الاجرة المسمّاة لو عدل بإذنه و لو لم ينفع في براءة ذمّة المستأجر كما في بعض الحواشي، لايخلو عن إشكال، لأنّ استحقاق اجرة المثل أو الاجرة المسمّاة في عمل يكون كاللغو مع كونهما عالمين بذلك، محلّ كلام و إن كان بأمر المستأجر أو إذنه (9). الخوئي: الاشتراط في أمثال المقام يرجع إلى التقييد حسب الارتكاز العرفيّ (10). الامام الخميني: يمكن تطبيق الوفاء بغير الجنس في الديون الماليّة على القواعد، و أمّا مثل الحجّ والتعبّديّات فمشكل؛ نعم، إجازة العدول يمكن أن تكون رفع اليد عن المعدول عنه و إيقاع إجارة على المعدول إليه بالمسمّى أو أمر بإتيانه كذلك، فمع الإتيان يستحقّ المسمّى (11).

مكارم الشيرازي: كون شي ء شرطاً للمستأجرعليه أو قيداً ليس بحسب الألفاظ المذكورة في العقد، بل التفاوت بينهما إنّما هو بنظر العرف و العقلاء، فما كان مأخوذاً في ذات الشي ء كان قيداً و ما كان خارجاً عن ذاته كان شرطاً، من دون فرق بين الألفاظ و العبارات؛ و حيث إنّ تفاوت أنواع الحجّ إنّما هو بحسب ذاتها، فما نحن فيه من قبيل القيد و إن ذكر بلسان الشرط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 380

بالعمل المستأجرعليه على التقدير الثاني، لأنّ المستأجر إذا رضي بغير النوع (1) الّذي عيّنه فقد وصل إليه ما له على الموجر، كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنّه قد أتى بالعمل المستأجر عليه.

و لا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول؛ هذا، و يظهر من جماعةٍ جواز العدول إلى الأفضل، كالعدول إلى التمتّع تعبّداً من الشارع، لخبر أبي بصير (2) عن أحدهما عليهما السلام في رجل أعطى رجلًا دراهم يحجّ بها مفردة أيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال عليه السلام: «نعم، إنّما خالف إلى الأفضل»؛ و الأقوى ما ذكرنا، و الخبر منزّل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيّراً بين النوعين، جمعاً بينه و بين خبر آخر (3) في رجل أعطى رجلًا دراهم يحجّ بها حجّة مفردة، قال عليه السلام: «ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؛ لايخالف صاحب الدراهم». و على ما ذكرنا من عدم جواز العدول إلّامع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك، لايستحقّ الاجرة (4) في صورة التعيين على وجه القيديّة (5) و إن كان حجّه صحيحاً عن المنوب عنه و مفرّغاً لذمّته إذا لم يكن ما في ذمّته متعيّناً فيما عيّن، و أمّا إذا

كان (1). الگلپايگاني: و أذن له على الأحوط (2). الامام الخميني: الإنصاف أنّ رفع اليد عن خبر أبي بصير مع كونه صحيحاً على الظاهر و عمل به جملة من الأصحاب مشكل كرفع اليد عن القواعد، فالمسألة مشكلة، و الأحوط عدم العدول إلّابرضاه؛ و أمّا الجمع الّذي ارتكبه ففرع حجيّة الخبر المذكور و هو قاصر عن الحجيّة بجهالة «عليّ» الّذي روى عنه ابن محبوب و عدم الدليل على كونه ابن رئاب و عدم مدح معتدّ به عن هيثم بن أبي مسروق (3). الخوئي: هذا الخبر ضعيف، فإنّه من غير المعصوم عليه السلام. و العمدة أنّ الرواية الاولى غير ظاهرة في التعبّد، بقرينة التعليل، فهي منزّلة على صورة العلم برضا المستأجر كما هو الغالب في موردها

مكارم الشيرازي: لانحتاج إلى الجمع، بل الظاهر أنّ خبر أبي بصير بذاته منصرف إلى ما إذا كان المستأجر راضياً بالأفضل و لا أقلّ أنّه القدر المتيقّن منه، و لا إطلاق له فيما زاد على ذلك (4). الامام الخميني: الأحوط مع العدول التخلّص بالتصالح (5). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المقام (أنواع الحجّ) من قبيل القيد دائماً و إن ذكر بلسان الشرطيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 381

على وجه الشرطيّة (1) فيستحقّ، إلّاإذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلّف الشرط، إذ حينئذٍ لايستحقّ المسمّى بل اجرة المثل.

مسألة 13: لايشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلديّ، لعدم تعلّق الغرض بالطريق نوعاً؛ و لكن لو عيّن، تعيّن و لايجوز العدول عنه إلى غيره، إلّاإذا علم أنّه لا غرض للمستأجر في خصوصيّته و إنّما ذكره على المتعارف، فهو راضٍ بأىّ طريق كان، فحينئذٍ لو عدل صحّ و استحقّ تمام الاجرة، و كذا إذا أسقط بعد

العقد حقّ تعيينه؛ فالقول بجواز العدول مطلقاً أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصيّة ضعيف، كالاستدلال له بصحيحة حريز عن رجل أعطى رجلًا حجّة يحجّ عنه من الكوفة، فحجّ عنه من البصرة، فقال عليه السلام: «لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه»، إذ هي محمولة (2) على صورة العلم بعدم الغرض كما هوالغالب، مع أنّها (3) إنّما دلّت على صحّة الحجّ من حيث هو، لا من حيث كونه عملًا مستأجراًعليه كما هو المدّعى، و ربما تحمل على محامل اخر، و كيف كان لا إشكال في صحّة حجّه و برائة ذمّة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصيّة الطريق المعيّن؛ إنّما الكلام في استحقاقه الاجرة المسمّاة على تقدير العدول و عدمه، و الأقوى أنّه يستحقّ من المسمّى بالنسبة و يسقط منه (4) بمقدار المخالفة (5) إذا كان الطريق معتبراً في (1). الخوئي: مرّ أن مرجع الاشتراط إلى التقييد في أمثال المقام (2). الخوئي: لا قرينة على هذا الحمل (3). الگلپايگاني: هذا الاحتمال خلاف الظاهر (4). الگلپايگاني: السقوط محلّ منع، بل الظاهر ضمان الأجير لما خالف، فعليه القيمة؛ نعم، للمستأجر أن يفسخ الإجارة فيأخذ من المسمّى بمقدار المخالفة (5). مكارم الشيرازي: الأقوى في جميع الصور صحّتها و استحقاقه للمسمّى بمقداره. و حاصل كلامه إنّ هنا صُوراً ثلاثة: إحداها: ما إذا قصد الطريق المعيّن في الحجّ بعنوان القيديّة، فلو خالف لايستحقّ من المسمّى شيئاً؛ الثانية: أن يقصد الطريق بعنوان الجزئيّة و يستحقّ من المسمّى بمقدار ما أتى من المستأجرعليه، أعني الحجّ بدون الطريق المعيّن؛ الثالثة: أن يجعل سلوك الطريق المعيّن شرطاً، فيستحقّ تمام الاجرة مع خيار المستأجر و حقّ فسخه؛ ولكن قد عرفت أنّ الأقرب في جميع

الصُور صحّته و استحقاقه للمسمّى بمقداره، و ذلك لأنّ المفروض أنّ اعتبار الطريق من باب تعدّد المطلوب و لذا حكم ببرائة ذمّة المنوب عنه، و من المعلوم أنّه إذا كان الواقع على نحو تعدّد المطلوب لايتغيّر عمّا هو عليه بتغيير الألفاظ و العبارات مع بناء العرف على تقسيط المسمّى في باب تعدّد المطلوب، و لذا أفتى الأصحاب بأنّه إذا باع ما يملك و ما لايملك يصحّ البيع فيما يملك بقسط من الثمن، و لم يفرّقوا بين العبارات المختلفة؛ و كذلك في باب خيار العيب، فلو اشترى إنسان حيواناً للُاضحيّة في الحجّ و كان فيه بعض العيوب فالظاهر أنّ له خيار العيب و لايصغى إلى أنّه قصد الصحّة بعنوان القيديّة، لعدم الفائدة في المعيوب له. و من هذا كلّه يظهر أنّ المدار في هذه الموارد على كون شي ء قيداً مقوّماً أو جزءً غير مقوّم أو شرطاً بنظر أهل العرف، من دون فرق بين العبارات المختلفة، كما عرفت سابقاً أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 382

الإجارة على وجه الجزئيّة، و لايستحقّ شيئاً على تقدير اعتباره على وجه القيديّة (1)، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذٍ و إن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتى به، لأنّه حينئذٍ متبرّع بعمله؛ و دعوى أنّه يعدّ في العرف أنّه أتى ببعض ما استوجر عليه فيستحقّ بالنسبة، و قصد التقييد بالخصوصيّة لايخرجه عرفاً عن العمل ذي الأجزاء، كما ذهب إليه في الجواهر، لا وجه لها (2). و يستحقّ تمام الاجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطيّة الفقهيّة (3) بمعنى الالتزام في الالتزام؛ نعم، للمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط، فيرجع إلى اجرة المثل.

مسألة 14: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرةً في سنة معيّنة، ثمّ آجر عن

شخص آخر في تلك السنة مباشرةً أيضاً، بطلت الإجارة الثانية، لعدم القدرة (4) على العمل بها بعد وجوب العمل بالاولى؛ و مع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما، صحّتا معاً؛ و دعوى بطلان الثانية و إن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الاولى لأنّه يعتبر في صحّة الإجارة تمكّن الأجير من العمل بنفسه فلايجوز إجارة الأعمى على قرائة القرآن و كذا لايجوز إجارة الحائض لكنس المسجد و إن لم يشترط المباشرة، ممنوعة، فالأقوى الصحّة، هذا إذا آجر نفسه ثانياً للحجّ بلا اشتراط المباشرة؛ و أمّا إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال فيه (5)، و كذا تصحّ الثانية مع اختلاف السنتين أو مع توسعة الإجارتين أو توسعة (1). الامام الخميني: بمعنى أنّ الحج المتقيّد بالطريق الخاصّ يكون مورداً للإجارة (2). الگلپايگاني: بل لها وجه، إلّاإذا قيّد الحجّ بالتعقّب بطريق مخصوص (3). الگلپايگاني: لايبعد جريان ما ذهب إليه في الجواهر في هذه الصورة أيضاً غير ما استثني في الفرع السابق (4). الامام الخميني: في التعليل تأمّل (5). مكارم الشيرازي: التعبير بالتحصيل غير مناسب، فالأولى أن يقال: إذا آجر نفسه لإفراغ ذمّة فلان عن الحجّ أو شبه ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 383

إحداهما، بل و كذا مع إطلاقهما أو إطلاق إحداهما إذا لم يكن انصراف (1) إلى التعجيل.

و لو اقترنت الإجارتان، كما إذا آجر نفسه من شخص و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد، بطلتا معاً (2) مع اشتراط المباشرة فيهما (3).

و لو آجره فضوليّان (4) من شخصين مع اقتران الإجارتين، يجوز له إجازة إحداهما كما في صورة عدم الاقتران؛ و لو آجر نفسه من شخص ثمّ علم أنّه آجره فضوليّ

من شخص آخر سابقاً على عقد نفسه، ليس له إجازة ذلك العقد و إن قلنا بكون الإجازة كاشفة، بدعوى أنّها حينئذٍ تكشف عن بطلان إجارة نفسه، لكون إجارته نفسه مانعاً عن صحّة الإجازة حتّى تكون كاشفة، و انصراف أدلّة صحّة الفضوليّ عن مثل ذلك.

مسألة 15: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لايجوز له التأخير، بل و لا التقديم، إلّامع رضى المستأجر؛ و لو أخّر لا لعذر، أثم و تنفسخ الإجارة (5) إن كان التعيين على وجه التقييد، (1). الگلپايگاني: صحّة الإجارة بمجرّد عدم الانصراف مشكل، فلايُترك الاحتياط إلّامع ظهورهما أو ظهور أحدهما في جواز التأخير (2). الامام الخميني: بطلانهما مع الاشتراط الفقهي محلّ إشكال؛ نعم، لو أوقعاها لإتيانه مباشرةً بطلا (3). مكارم الشيرازي: مجرّد اقتران الإجارتين لايوجب البطلان، بل البطلان إنّما يكون إذا كان وقت العمل واحد أيضاً. و الّذي يظهر من بعض النسخ أنّ في العبارة هنا سقطاً، و الصحيح: (ولو اقترنت الإجارتان، كما إذا آجر نفسه من شخص و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد، بطلتا معاً) و يشهد للسقط ذكر الإجارتين بدل الإجارتان (4). الامام الخميني: مع إيقاعهما على النحو المتقدّم آنفاً؛ و كذا الحال في الفرع الآتي (5). الامام الخميني: لايبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ و مطالبة الاجرة المسمّاة و بين عدمه و مطالبة اجرةالمثل بعد إعطاء الاجرة المسمّاة، و لا فرق في ذلك أو انفساخ الإجارة على القول به بين كون التأخير لعذر أو لا

الخوئي: هذا إذا فسخ المستأجر و له عدم الفسخ و مطالبة الأجير باجرة المثل

الگلپايگاني: انفساخ الإجارة محلّ منع، بل الأقوى تخيير المستأجر بين الفسخ و مطالبة

الاجرة المسمّاة و عدمه و مطالبة اجرة المثل

مكارم الشيرازي: قد يقال بأنّه لاتنفسخ الإجارة لعدم الموجب للانفساخ القهري، بل يتخيّر المستأجر بين فسخه و بين إبقائه و إعطاء اجرته (اجرة المسمّى) ثمّ مطالبته باجرة المثل، و ذلك لأنّه ملك في ذمّته الحجّ في السنة المعيّنة؛ هذا، ولكن يرد عليه أوّلًا: أنّ متعلّق الإجارة لابدّ أن يكون أمراً ممكناً، و بعد مضيّ تلك السنة يكون محالًا، فتنفسخ، لا أنّه تبقى في ذمّته، ففي الحقيقة تبدّل الأمر الممكن بالمحال هنا و يؤيّد ذلك بناء العرف في هذه الموارد على الانفساخ قهراً، فلو أنّ إنساناً كان أجيراً على إجراء صيغة عقد فلم يعمل بوظيفته حتّى وقع عقد النكاح بإجراء الصيغة من ناحية غيره، فالظاهر حكمهم بالبطلان حينئذٍ لإبقاء الإجارة و تخييره بين إعطاء مال الإجارة و أخذ اجرة المثل أو فسخ الإجارة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 384

و يكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطيّة (1) و إن أتى به مؤخّراً لايستحقّ الاجرة على الأوّل و إن برئت ذمّة المنوب عنه به، و يستحقّ المسمّاة على الثاني إلّاإذا فسخ المستأجر، فيرجع إلى اجرة المثل. و إذا أطلق الإجارة (2) و قلنا بوجوب التعجيل لاتبطل مع الإهمال، و في ثبوت الخيار للمستأجر حينئذٍ و عدمه وجهان (3)، من أنّ الفوريّة ليست توقيتاً، و من كونها بمنزلة الاشتراط.

مسألة 16: قد عرفت عدم صحّة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من شخص في سنة معيّنة، ثمّ آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأوّل أو لا؟ فيه تفصيل، و هو أنّه إن كانت الاولى واقعة على العمل في الذمّة (4) لاتصحّ الثانية (1). الخوئي: مرّ أنّ

الاشتراط في أمثال المقام يرجع إلى التقييد

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ التقييد و الاشتراط لايكونان بتغيير الألفاظ، بل المدار على الواقع؛ فإن كان من قبيل تعدّد المطلوب كما هو مورد الكلام، كان من قبيل الجزء أو الشرط لا محالة، و لا معنى للتقييد فيه؛ و حيث إنّ المقام من قبيل الشرط، فلو لم يفسخ كان للأجير اجرة المسمّى، و إن فسخ كان له اجرة المثل (2). الخوئي: إذا كان الإطلاق منصرفاً إلى التعجيل كان راجعاً إلى التوقيت، و إن لم يكن منصرفاً إليه لم يجب التعجيل إلّامع المطالبة (3). الامام الخميني: إن قلنا بأنّ وجوب التعجيل لأجل انصراف العقد إلى ذلك ففي بطلان العقد و عدمه و ثبوت الخيار وجهان، و إن قلنا بأنّ الوجوب حكم شرعي فالظاهر عدم البطلان و عدم ثبوت الخيار

مكارم الشيرازي: الأقوى كونه بمنزلة الاشتراط، لأنّ التعجيل- لو قلنا به- إنّما يكون من جهة انصراف العقد إليه و حينئذٍ يكون من قبيل الاشتراط (4). الامام الخميني: أي كان متعلّق الإجارة الحجّ المباشري في هذه السنة فحينئذٍ لاتصحّ الثانية بالإجازة بلاإشكال؛ و أمّا إذا اشترط المباشرة أو كونه في هذه السنة فالإجازة إسقاط الاشتراط، فيرفع التزاحم، فتصحّ الثانية بلا مزاحم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 385

بالإجازة (1)، لأنّه لا دخل للمستأجر بها (2) إذا لم تقع على ماله حتّى تصحّ له إجازتها، و إن كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون منفعته من حيث الحجّ أو جميع منافعه له، جاز له إجازة الثانية، لوقوعها على ماله، و كذا الحال في نظائر المقام، فلو آجر نفسه ليخيط لزيدٍ في يوم معيّن ثمّ آجر نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم ليس لزيد إجازة العقد الثاني، و

أمّا إذا ملّكه منفعته الخياطيّ فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة (3) لعمرو جاز له إجازة هذا العقد، لأنّه تصرّف في متعلّق حقّه، و إذا أجاز يكون مال الإجارة له، لا للموجر؛ نعم، لو ملك منفعة خاصّة كخياطة ثوب معيّن أو الحجّ عن ميّت معيّن على وجه التقييد، يكون كالأوّل في عدم إمكان إجازته.

مسألة 17: إذا صُدّ الأجير أو احصر، كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال و تنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة و يبقى الحجّ في ذمّته مع الإطلاق، وللمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرط في ضمن العقد، و لايجزي عن المنوب عنه و إن كان بعد الإحرام و دخول الحرم، لأنّ ذلك كان في خصوص الموت من جهة الأخبار، و القياس عليه لا وجه له؛ و لو ضمن الموجر الحجّ في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، و القول بوجوبه ضعيف؛ و ظاهرهم استحقاق الاجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، و هو مشكل (4)، لأنّ المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجرعليه (1). الخوئي: بل تصحّ معها، فإنّ الإجازة راجعة إلى إسقاط الشرط أو إلى التوسعة في الوفاء أو فسخ الإجارةالاولى، و على جميع التقادير تصحّ الإجارة الثانية؛ و كذا الحال في نظائر المسألة

الگلپايگاني: و يمكن تصحيحها بالإجازة بإسقاط المستأجر حقّه المتعلّق بمباشرة الأجير، حيث إنّ فرض المسألة فيما يعتبر فيه المباشرة فيكون نظير إجازة المرتهن بيع الراهن، و يكون مال الإجارة للمؤجر لا للمجيز (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط. و قد يقال: يمكن تصحيح الثانية بإسقاط المستأجر الأوّل حقّه كإسقاط حقّ الرهانة، فتكون الإجارة الثانية بلا مزاحم، و لكن لايخفى أنّه من قبيل من باع

ثمّ ملك ثمّ أجاز، و فيه إشكال معروف (3). الامام الخميني: إذا ملّك منفعة الكتابة أيضاً

الگلپايگاني: مع فرض كونه مالكاً للكتابة أيضاً (4). الامام الخميني: لا إشكال فيه كما مرّ، و يأتي فيه التفصيل المتقدّم

الگلپايگاني: بل هو الأقوى، كما مرّ

مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم استحقاقه؛ و قد تقدّم حكم المسألة و دليلها في المسألة الحادية عشرة أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 386

وعدم فائدة فيما أتى به، فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصدّ والحصر، و كالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة لعذر في إتمامها. و قاعدة احترام عمل المسلم لاتجري، لعدم الاستناد إلى المستأجر، فلايستحقّ اجرة المثل أيضاً.

مسألة 18: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة، فهو من ماله.

مسألة 19: إطلاق الإجارة (1) يقتضي التعجيل، بمعنى الحلول في مقابل الأجل، لا بمعنى الفوريّة، إذ لا دليل عليها، و القول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف (2)، فحالها حال البيع في أنّ إطلاقه يقتضي الحلول بمعنى جواز المطالبة و وجوب المبادرة معها.

مسألة 20: إذا قصرت الاجرة، لايجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت ليس له استرداد الزائد؛ نعم، يستحبّ الإتمام كما قيل، بل قيل: يستحبّ على الأجير أيضاً ردّ الزائد.

و لا دليل بالخصوص على شي ء من القولين؛ نعم، يستدلّ على الأوّل بأنّه معاونة على البرّ و التقوى، و على الثاني بكونه موجباً للإخلاص في العبادة.

مسألة 21: لو أفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر، فكالحاجّ عن نفسه يجب عليه إتمامه و الحجّ من قابل و كفّارة بدنة، و هل يستحقّ الاجرة على الأوّل أو لا؟ قولان مبنيّان على أنّ الواجب هو الأوّل و أنّ الثاني عقوبة، أو هو الثاني و أنّ الأوّل عقوبة؛ قد يقال (1).

الامام الخميني: مع عدم انصراف في البين (2). الگلپايگاني: الأحوط الإتيان فوراً ففوراً ما لم يشترط الأجل، إلّامع الرضا بالتأخير

مكارم الشيرازي: العبارة لاتخلو عن تهافت، اللّهم إلّاأن يكون التعجيل الثاني بمعنى الفوريّة. و على كلّ حال، الظاهر عند إطلاق الإجارة هو وجوب الإتيان بالعمل المستأجرعليه فوراً ففوراً، لأنّ المفروض أنّه ملكه في ذمّته و لايجوز التأخير في أداء الدين و ملك الغير، فكما أنّ البيع إذا تمّ وجب القبض و الإقباض بلاحاجة إلى دليل آخر، فكذا في الإجارة يجب إقباض الثمن من المستأجر و أداء العمل من المؤجر، و قد مرّ الكلام فيه في المسألة الرابعة عشر في المقام، و ستأتي الإشارة إليه في المسأله الخامسة من أركان الإجارة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 387

بالثاني، للتعبير في الأخبار بالفساد الظاهر في البطلان (1)، و حمله على إرادة النقصان و عدم الكمال مجازٌ لا داعي إليه، و حينئذٍ فتنفسخ الإجارة (2) إذا كانت معيّنة و لايستحقّ الاجرة و يجب عليه الإتيان في القابل بلا اجرة، و مع إطلاق الإجارة تبقى ذمّته مشغولة و يستحقّ الاجرة على ما يأتي به في القابل.

و الأقوى صحّة الأوّل و كون الثاني عقوبة، لبعض الأخبار الصريحة في ذلك في الحاجّ عن نفسه (3)، و لا فرق بينه و بين الأجير، و لخصوص خبرين في خصوص الأجير عن إسحاق بن عمّار (4) عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: فإن ابتلي بشي ء يفسد عليه حجّه حتّى يصير عليه الحجّ من قابل، أ يجزي عن الأوّل؟ قال: نعم، قلت: فإنّ الأجير ضامن للحجّ؟ قال:

نعم؛ و في الثاني سئل الصادق عليه السلام عن رجل حجّ عن رجل فاجترح في حجّه شيئاً، يلزم فيه الحجّ من قابل و كفّارة؟

قال عليه السلام: «هي للأوّل تامّة و على هذا ما اجترح»، فالأقوى استحقاق الاجرة على الأوّل و إن ترك الإتيان من قابل عصياناً أو لعذر، و لا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معيّنة.

و هل الواجب إتيان الثاني بالعنوان الّذي أتى به الأوّل، فيجب فيه قصد النيابة عن المنوب عنه و بذلك العنوان، أو هو واجب عليه تعبّداً و يكون لنفسه؟ وجهان؛ لايبعد الظهور (5) في الأوّل، و لاينافي كونه عقوبة، فإنّه يكون الإعادة عقوبة؛ و لكنّ الأظهر الثاني، و الأحوط أن يأتي به بقصد ما في الذمّة. (1). مكارم الشيرازي: و قد ورد هذا التعبير فيما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه عليه السلام بقوله: «و الرفث فساد الحجّ» (8/ 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، ج 9) و يؤيّده ما يظهر من بعض روايات العمرة من التعبير بالفساد فيمن غشي أهله، (فراجع 1/ 12 و 2/ 12 و 4/ 12 من أبواب كفّارات الاستمتاع) (2). الخوئي: بل للمستأجر أن يطالب اجرة مثل العمل الفائت عليه، كما أنّ له فسخ الإجارة و مطالبة المسمّاة (3). مكارم الشيرازي: مثل ما رواه أبوبصير عن الصادق عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هو محرم، قال: «عليه جزور كوماً» فقال: «لايقدر، فقال: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لايفسدوا حجّه» (3/ 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع، ج 9) فإنّه ظاهر في صحّة حجّه إذا أتى بالكفّارة (4). مكارم الشيرازي: راجع الحديث 1 و 2/ 15 من أبواب النيابة في الحجّ، ج 8 (5). الامام الخميني: لا ظهور فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 388

ثمّ لايخفى عدم تماميّة ما ذكره ذلك القائل من عدم استحقاق الاجرة (1) في صورة كون

الإجارة معيّنة و لو على ما يأتي به في القابل، لانفساخها و كون وجوب الثاني تعبّداً، لكونه خارجاً عن متعلّق الإجارة و إن كان مبرئاً لذمّة المنوب عنه، و ذلك لأنّ الإجارة و إن كانت منفسخة بالنسبة إلى الأوّل لكنّها باقية (2) بالنسبة إلى الثاني تعبّداً، لكونه عوضاً شرعيّاً (3) تعبّديّاً عمّا وقع عليه العقد، فلا وجه لعدم استحقاق الاجرة على الثاني.

و قد يقال بعدم كفاية الحجّ الثاني أيضاً في تفريغ ذمّة المنوب عنه، بل لابدّ للمستأجر أن يستأجر مرّة اخرى في صورة التعيين، و للأجير أن يحجّ ثالثاً في صورة الإطلاق، لأنّ الحجّ الأوّل فاسد و الثاني إنّما وجب للإفساد عقوبةً فيجب ثالث، إذ التداخل خلاف الأصل؛ و فيه: أنّ هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن الحجّ في القابل بالعنوان الأوّل، و الظاهر من الأخبار (4) على القول بعدم صحّة الأوّل وجوب إعادة الأوّل و بذلك العنوان، فيكفي في التفريغ و لايكون من باب التداخل، فليس الإفساد عنواناً مستقلًاّ؛ نعم، إنّما يلزم ذلك إذا قلنا: إنّ الإفساد موجب لحجّ مستقلّ لا على نحو الأوّل، و هو خلاف ظاهر الأخبار.

و قد يقال في صورة التعيين: إنّ الحجّ الأوّل إذا كان فاسداً و انفسخت الإجارة، يكون (1). مكارم الشيرازي: القائل هو صاحب الجواهر، فإنّه قال: لا محيص بناءً على ذلك (بناءً على أنّ الواجب هو الحجّ الثاني) عن القول بانفساخ الإجارة إذا فرض كونها معيّنة و عود الاجرة لصاحبها (إنتهى). هذا، ولكنّ الإنصاف استحقاق الأجير للُاجرة، لما يظهر من رواية إسحاق بن عمّار، و فيه: «قلت: فإن ابتلي بشي ء يفسد عليه حجّه حتّى تصير عليه الحجّ من قابل أيجزي عن الأوّل؟ قال: نعم، قلت: لأنّ الأجير ضامن للحجّ؟

قال: نعم» (1/ 15 من أبواب النيابة) و ذلك لأنّ التعبير بضمان الأجير للحجّ دليل على استحقاقه للُاجرة، بل الظاهر أنّه دليل على عدم انفساخ الإجارة و بقائها على ما كان، فيكون العوض تعبّديّاً، و قد مرّ في مبحث كفاية تفريغ ذمّة الميّت ما ينفع في المقام (2). الامام الخميني: فيه منع، و كونه عوضاً شرعيّاً لايقتضي بقاء الإجارة تعبّداً مع مخالفته للقاعدة، مع أنّ في كونه عوضاً تأمّلًا و إشكالًا، و كيف كان فالأقوى ما اختاره في المتن فلا داعي لتعرّض الاحتمالات و الأقوال (3). الخوئي: الأمر بالحجّ من قابل لايستلزم كونه عوضاً شرعيّاً و إبقاءً للإجارة تعبّداً عمّا وقع عليه العقد

الگلپايگاني: هذا التعليل يقتضي بقاء الإجارة بالنسبة إلى الأوّل و استحقاق الاجرة و كون الثاني عوضاً تعبّديّاً أتلفه بالإفساد، و يشعر به تصديق أحدهما عليهما السلام بضمان الأجير في رواية إسحاق بن عمّار (4). الخوئي: لاظهور للأخبار في ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 389

لنفسه، فقضاؤه في العام القابل أيضاً يكون لنفسه و لايكون مبرئاً لذمّة المنوب عنه، فيجب على المستأجر استيجار حجّ آخر؛ و فيه أيضاً ما عرفت (1) من أنّ الثاني واجب بعنوان إعادة الأوّل (2)، و كون الأوّل بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه لنفسه لايقتضي كون الثاني له و إن كان بدلًا عنه، لأنّه بدل عنه بالعنوان المنويّ، لا بما صار إليه بعد الفسخ، هذا؛ و الظاهر عدم الفرق في الأحكام المذكورة بين كون الحجّ الأوّل المستأجرعليه واجباً أو مندوباً، بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام و الإعادة في النيابة تبرّعاً أيضاً و إن كان لايستحقّ الاجرة أصلًا.

مسألة 22: يملك الأجير الاجرة بمجرّد العقد، لكن لايجب تسليمها إلّابعد العمل إذا لم يشترط التعجيل و

لم تكن قرينة على إرادته، من انصراف (3) أو غيره؛ و لا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عيناً أو ديناً، لكن إذا كانت عيناً و نمت كان النماء للأجير. و على ما ذكر من عدم وجوب التسليم قبل العمل، إذا كان المستأجر وصيّاً أو وكيلًا و سلّمها قبله، كان ضامناً لها (4) على تقدير عدم العمل من الموجر أو كون عمله باطلًا، و لايجوز لهما اشتراط التعجيل من دون إذن الموكّل أو الوارث (5)، و لو لم يقدر الأجير على العمل مع عدم (1). الخوئي: قد مرّ ما فيه [في التعليقة المتقدّمة] (2). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إنّ الظاهر من أدلّة النيابة و لو بمقتضى الإطلاق المقامي، كونها شبيهة بالعمل المباشري إلّاما خرج بالدليل؛ فإذا قلنا بكفاية أحد الحجّين فيما إذا أفسد الأوّل بالجماع و نحوه بالنسبة إلى الأصيل، فكذلك الحكم في النائب، لأنّها يتوافقان من جميع الجهات إلّافيما عرفت (3). مكارم الشيرازي: ولكنّ الانصراف حاصل غالباً إلّاما وقع التصريح بخلافه، فإنّ النائب غالباً يأتي بالحجّ بنفس الاجرة لا بغيرها (4). الگلپايگاني: إن لم يكن وصيّاً أو وكيلًا في ذاك التسليم

مكارم الشيرازي: إذا كان الأجير مأموناً و كان التسليم إليه معمولًا، لا وجه للضمان، لأنّ الوصيّ و الوكيل غير متعدٍّ و لامفرط، لاسيّما إذا كان فيه نوع مصلحة للمنوب عنه و الموصي (5). الامام الخميني: لا دخل لإذن الوارث فيه؛ و أمّا الوصيّ فيجوز له الاشتراط إذا تعذّر بغير ذلك، و لا ضمان عليه مع التسليم إذا تعذّر

الخوئي: لا أثر لإذن الوارث إلّاإذا كانت التركة زائدة على مقدار مؤونة الحجّ بمقدار يكفي للاستيجار مرّة اخرى، فيلزم عليهم الاستيجار ثانياً في الفرض

الگلپايگاني: لا مدخليّة لإذن

الوارث في ذلك

مكارم الشيرازي: إذن الوارث إنّما يعتبر إذا كان الوارث وصيّاً للميّت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 390

تسليم الاجرة كان له الفسخ (1) و كذا للمستأجر، لكن لمّا كان المتعارف تسليمها أو نصفها قبل المشي يستحقّ الأجير المطالبة في صورة الإطلاق، و يجوز للوكيل و الوصيّ دفعها (2) من غير ضمان.

مسألة 23: إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة، فلايجوز للأجير أن يستأجر غيره إلّامع الإذن صريحاً أو ظاهراً، و الرواية (3) الدالّة على الجواز (4) محمولة على صورة العلم (5) بالرضا (6) من المستأجر.

مسألة 24: لايجوز استيجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعاً و كانت وظيفته العدول إلى حجّ الإفراد عمّن عليه حجّ التمتّع و لو استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتّع ثمّ اتّفق ضيق الوقت، فهل يجوز له العدول و يجزي عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان (7)؛ من إطلاق أخبار (1). الامام الخميني: لا وجه لخيار الأجير، بل للمستأجر خيار تعذّر التسليم؛ نعم، لو بقي على هذا الحال حتّى انقضى وقت الحجّ، فالظاهر انفساخ العقد

الخوئي: بل يبطل العقد، لعدم القدرة على التسليم

الگلپايگاني: عدم قدرة الأجير لايجوّز له الفسخ؛ نعم، مع اشتراط التقديم و لو من انصراف إطلاق العقد إليه لتعارف التقديم، له الفسخ مع التخلّف و إن كان قادراً عليه

مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّه تنفسخ الإجارة بنفسها بعدم قدرة الأجير (2). الامام الخميني: لهما دفع ما يتعارف، إن كلًاّ فكلًاّ و إن بعضاً فبعضاً (3). الامام الخميني: هي رواية الرواسي و لا ظهور معتدّاً به لها في الإجارة، بل و لا كون الحجّة للمعطي، فلايبعدحملها على إعطاء شي ء ليحجّ لنفسه استحباباً فيدفعها إلى غيره (4). الخوئي: الرواية ضعيفة جدّاً، مع أنّها لم ترد في

مورد الاستيجار (5). الگلپايگاني: هذا الحمل بعيد في نفسه، و العمدة عدم الاعتماد بما انفرد به عثمان بن عيسى، و عدم العلم بالعمل به إلّامن الشيخ في التهذيب (6). مكارم الشيرازي: و هي رواية 1/ 14 من أبواب النيابة، ج 8، و لعلّه كان هناك قرائن حاليّة أو مقاليّة أو كان المتعارف في ذلك الزمان كون الإطلاق ناظراً إلى الأعمّ؛ و أمّا ما أفاده في المستمسك من «أنّ مجرّد العلم بالرضا غير كافٍ إلّاإذا رجع إلى الإجارة على الأعمّ أو الإذن الإنشائي» الظاهر أنّه غير وجيه، لأنّ المقام من قبيل الوفاء بغير الجنس في باب الديون الّذي يكفي فيه الرضا (7). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الإجزاء، لإطلاق أخبار العدول (راجع الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ، ج 8)؛ و دعوى الانصراف فيها إلى الحاجّ عن نفسه ممنوع؛ سلّمنا، ولكنّ الإطلاق المقامي يقتضي حمل عمل النائب على الحاجّ عن نفسه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 391

العدول، و من انصرافها إلى الحاجّ عن نفسه، و الأقوى عدمه (1)، و على تقديره فالأقوى عدم إجزائه عن الميّت و عدم استحقاق الاجرة عليه (2)، لأنّه غير ما على الميّت، و لأنّه غير العمل المستأجرعليه.

مسألة 25: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب أىّ واجب كان، و المندوب، بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب و إن كانت ذمّته مشغولة بالواجب و لو قبل الاستيجار عنه للواجب، و كذا يجوز الاستيجار عنه في المندوب كذلك. و أمّا الحيّ، فلايجوز التبرّع عنه في الواجب، إلّاإذا كان معذوراً في المباشرة لمرض أو هرم (3)، فإنّه يجوز التبرّع عنه (4) و يسقط عنه وجوب الاستنابة على الأقوى (5) كما مرّ (6) سابقاً، و أمّا الحجّ المندوب

فيجوز التبرّع عنه، كما يجوز له أن يستأجر له حتّى إذا كان عليه حجّ واجب لايتمكّن من أدائه فعلًا، و أمّا إن تمكّن منه فالاستيجار للمندوب قبل أدائه مشكل، بل التبرّع عنه حينئذٍ أيضاً لايخلو عن (1). الامام الخميني: بل الأقوى لزوم العدول، و أمّا الإجزاء عن المنوب عنه فمحلّ تأمّل، و الأحوط عدم الإجزاء

الخوئي: بل الأقوى هو الجواز و الإجزاء بالعدول؛ هذا بالنسبة إلى أصل الإجزاء عن المنوب عنه؛ و أمّا بالنسبة إلى استحقاق الاجرة فإن كانت الإجارة على تفريغ الذمّة استحقّ الاجرة، و إن كانت على نفس العمل الخاصّ فلايستحقّها إلّابالنسبة

الگلپايگاني: بل الأقوى جواز العدول و إجزاؤه عن المنوب عنه؛ و في استحقاق الاجرة وجهان، و الأوّل أوفق بالقواعد (2). مكارم الشيرازي: بل الأقوى إجزاؤه عنه و استحقاقه الاجرة، لدلالة أخبار العدول على الإجزاء بالدلالة الالتزاميّة؛ و أمّا استحقاق الاجرة فلأنّه و إن كان غير ما على الميّت، إلّاأنّه يقوم مقامه بحكم الشرع فيوجب فراغ ذمّة الميّت، كما مرّ نظيره فيما سبق فيمن مات بعد الإحرام و دخول الحرم (3). الخوئي: أو غير ذلك من الأعذار (4). الامام الخميني: الظاهر عدم الجواز و عدم الكفاية، كما مرّ (5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم سقوط الاستنابة عنه، لأنّ الواجب إمّا المباشرة بنفسه أو التسبيب بالاستنابة، و أمّا مجرّد فعل المتبرّع فلايعدّ فعلًا له و لايستند إليه (6). الخوئي: مرّ عدم السقوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 392

إشكال (1) في الحجّ الواجب (2).

مسألة 26: لايجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد و إن كان الأقوى فيه الصحّة (3)، إلّاإذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحجّ،

و أمّا في الحجّ المندوب فيجوز حجّ واحد عن جماعة بعنوان النيابة، كما يجوز بعنوان إهداء الثواب، لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة (4) أيضاً، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب.

مسألة 27: يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب (1). الامام الخميني: و إن كان الأقوى الصحّة، بل جواز الاستيجار للمندوب قبل أداء الواجب إذا لم يخلّ بالواجب لايخلو من قوّة. و الظاهر أنّ قوله: «في الحجّ الواجب» من اشتباه النسّاخ، و لعلّ الأصل كان «مع الحجّ» فبدّل ب «في» أو كان قوله: «في الحجّ الواجب» مربوطاً بالمسألة الآتية، و قوله: «و إن كان الأقوى فيه الصحّة» مربوطاً بهذه المسألة فقلّبهما الناسخ، كما احتمله بعض الأجلّة

الگلپايگاني: و الأقوى فيه الصحّة، بل و كذا في استيجار المندوب و كلمة «في الحجّ الواجب» لا معنى له في هذا الموضع (2). الخوئي: هذه الجملة موضعها في المسألة الآتية بعد قوله: «في عام واحد». و أمّا قوله: «و إن كان الأقوى الصحّة» فموقعه هنا

مكارم الشيرازي: قوله: «في الحجّ الواجب» هنا زائد؛ كما ذكره جماعة من أعلام المحشّين- رضوان اللّه عليهم- كما أنّ قوله: «و إن كان الأقوى الصحّة» في السطر التالي أيضاً لايناسب ما قبله و ما بعده، بل المناسب تبديل محلّ العبارتين (3). الامام الخميني: بل الأقوى عدم الصحّة، و قد مرّ أنّ العبارة مغلوطة و الشاهد عليها عدم تناسب الاستثناء وعدم مرجع لضمير وجوبه، و أمّا إذا وضع قوله: «في الحجّ الواجب» مكان قوله: «و إن كان الأقوى فيه الصحّة» صارت العبارة سليمة و الحكم صحيحاً

الگلپايگاني: بل لايصحّ في الواجب، و فتواه بصحّته بعيد. و لعلّ جملة: «و إن

كان الأقوى فيه الصحّة» كانت موضع لفظ «في الحجّ الواجب» في المسألة السابقة و هي بالعكس، و التحريف من الكاتب

مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة السابقة أنّ هذه العبارة لاتخلو عن اضطراب، و الظاهر أنّه من الناسخ؛ و كيف يلائم تقوية الصحّة مع الحكم بالبطلان و عدم الجواز قطعاً في أوّل المسألة؟ و الظاهر أنّ العبارة كانت كذلك: لايجوز أن ينوب واحد أو اثنان أو أزيد «في الحجّ الواجب»؛ و أمّا جملة «و إن كان الأقوى فيه الصحّة» فهي من تتمّة قوله: لايخلو عن إشكال في المسألة السابقة (4). مكارم الشيرازي: راجع الباب 28 و 29 من أبواب النيابة في الحجّ، المجلّد 8 و الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات، المجلّد 5 و الباب 28 من أبواب الاختصار، المجلّد 2

العروة الوثقى، ج 2، ص: 393

تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الواجب أيضاً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ الّذي لايتمكّن من المباشرة لعذرٍ حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام و النذر (1) أو متّحدان من حيث النوع كحجّتين للنذر، فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد، و كذا يجوز إذا كان أحدهما واجباً و الآخر مستحبّاً، بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحجّ واجب واحد كحجّة الإسلام في عام واحد احتياطاً، لاحتمال بطلان حجّ أحدهما، بل و كذا مع العلم بصحّة الحجّ من كلّ منهما، و كلاهما آتٍ بالحجّ الواجب و إن كان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر (2)، فهو مثل ما إذا صلّى جماعة على الميّت في وقت واحد، و لايضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر (3)، فإنّ الذمّة مشغولة ما لم يتمّ العمل، فيصحّ قصد الوجوب من كلّ منهما و لو كان أحدهما أسبق

شروعاً (4).

[فصل في الوصيّة بالحجّ

فصل في الوصيّة بالحجّ

مسألة 1: إذا أوصى بالحجّ، فإن علم أنّه واجب، اخرج من أصل التركة و إن كان بعنوان الوصيّة؛ فلايقال: مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث؛ نعم، لو صرّح بإخراجه من الثلث اخرج منه، فإن وفي به، و إلّايكون الزائد من الأصل؛ و لا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام و الحجّ النذري (5) و الإفساديّ (6)، لأنّه بأقسامه واجب ماليٌّ و إجماعهم (1). الامام الخميني: مرّ الإشكال في جواز الاستنابة للحجّ النذري عن الحيّ المعذور (2). الخوئي: هذا إذا كان إتمام أعمال الحجّ منهما في زمان واحد؛ وأمّا إذا كان قد سبق أحدهما بالإتمام كان هوحجّة الإسلام، و كذا الحكم في الصلاة على الميّت (3). مكارم الشيرازي: ولكن إذا سبق أحدهما بإتمام حجّه قبل الآخر، فقد سقط الوجوب عن المنوب عنه، فكيف يصحّ للثاني نيّة الوجوب بل مطلق الأمر؟ لأنّ المفروض سقوط ما نواه، و لكن لمّا كان الحجّ لايمكن تركه إلّابالإتمام و لايخرج من الإحرام إلّابأداء مناسكه، فعليه أن يتمّه بقصد القربة المطلقة. و القول بأنّ سبق أحدهما بالإتمام يكشف عن بطلان الآخر، كما في المستمسك، كماترى، فإنّ إطلاق أدلّة الصحّة يشمل كليهما ما لم يتمّ أحدهما قبل الآخر (4). الامام الخميني: لكنّهما يراعيان التقارن في الختم (5). الخوئي: مرّ أنّ الحجّ النذري يخرج من الثلث، و كذا الإفسادي، و يختصّ الخروج من الأصل بحجّة الإسلام (6). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط في الإفسادي، و قد مرّ أنّ المناط في الإخراج من الأصل كون الواجب ديناً، لا كونه ماليّاً

مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (8) من الحجّ النذري أنّه لا دليل على إخراج الحجّ النذري، فكيف بالإفسادي عن الأصل؟

و أنّ ما يقال بأنّ كلّ واجب مالي يخرج من الأصل لايخلو عن إشكال؛ نعم، لاينبغي ترك الاحتياط على إخراج الحجّ النذري و الإفسادي عن الأصل مع رضى الورثة، فراجع ما ذكرناه هناك مع تفصيله

العروة الوثقى، ج 2، ص: 394

قائم على خروج كلّ واجب ماليّ من الأصل، مع أنّ في بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدين، و من المعلوم خروجه من الأصل، بل الأقوى خروج كلّ واجب (1) من الأصل و إن كان بدنيّاً (2)، كما مرّ سابقاً (3). و إن علم أنّه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث.

و إن لم يعلم أحد الأمرين، ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان؛ يظهر من سيّد الرياض خروجه من الأصل، حيث إنّه وجّه كلام الصدوق الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيّاً، و حمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق (4) أيضاً على ذلك، لكنّه مشكل، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه، إلّامع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة و التمسّك بالعمومات فيها محلّ إشكال (5)؛ و أمّا الخبر المشار إليه و هو قوله عليه السلام: «الرجل أحقّ بماله مادام فيه الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز»، فهو موهون (6) بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، و يمكن أن يكون المراد بماله هو الثلث الّذي أمره بيده؛ نعم، يمكن أن يقال (7) في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة: الظاهر (1). الامام الخميني: الأقوى في الواجب البدني خروجه من

الثلث إذا أوصى به

الگلپايگاني: و قد مرّ الاحتياط فيه (2). مكارم الشيرازي: لا دليل على ذلك، بل الظاهر أنّه من الثلث لو أوصى به (3). الخوئي: مرّ خلافه [في فصل في الحجّ الواجب بالنذر و العهد و اليمين، التعليقة على «عليه القضاء»] (4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الفتوى بكون جميع الوصايا عن الأصل، منقول عن والد الصدوق قدس سره لا عن الصدوق نفسه (5). مكارم الشيرازي: بل هو ممنوع، لما ذكرنا في محلّه من عدم حجيّة العامّ حينئذٍ بالنسبة إلى المصداق المشكوك إلّافي بعض الفروض الّتي ليس مورد البحث منها (6). الخوئي: الخبر في نفسه ضعيف، فلاحاجة في سقوط حجيّته إلى التمسّك بالإعراض (7). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه، خصوصاً بالنسبة إلى هذه الأزمنة، بل الانصراف ممنوع في الخمس والزكاة أيضاً، إلّاأن تكون قرائن توجب الانصراف و الظهور

العروة الوثقى، ج 2، ص: 395

من قول الموصي: حجّوا عنّي، هو حجّة الإسلام الواجبة، لعدم تعارف الحجّ (1) المستحبيّ في هذه الأزمنة و الأمكنة، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور و الانصراف، كما أنّه إذا قال: أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة، ينصرف إلى الواجب عليه.

فتحصّل أنّ في صورة الشكّ في كون الموصى به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة، أو لا حتّى يكون من الثلث، مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجباً و هو غير معلوم، بل الأصل عدمه، إلّاإذا كان هناك انصراف كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ و نحوها؛ نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً و لم يعلم أنّه أتى به أو لا، فالظاهر جريان الاستصحاب و

الإخراج من الأصل (2)؛ و دعوى أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه و هو فرع شكّه لا شكّ الوصيّ أو الوارث و لايعلم أنّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة (3) بمنع اعتبار شكّه، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً، و لا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمّته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث، و لكنّه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد، لحصول العلم غالباً بأنّ الميّت كان مشغول الذمّة بدين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلك، إلّاأن يدفع بالحمل على الصحّة، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في (1). الخوئي: نعم، ولكن يمكن أن يكون الإيصال من باب الاحتياط؛ و كذا في الوصيّة بالخمس و نحوه (2). مكارم الشيرازي: بل الظاهر الإخراج من الثلث، و كذا بالنسبة إلى الخمس و الزكاة المعلومين تعلّقهما المشكوكين إخراجهما، و هكذا بالنسبة إلى ديون الناس، و ذلك لاستقرار السيرة عليه، و إلّاوجب على كلّ وارث أداء الزكاة أو الخمس أو الديون للناس، حيث إنّه يعلم غالباً بتعلّق بعض هذه الامور بالمورث و يحتمل عدم أدائها، لا لعصيانه، بل لأنّه قد لايقدر عليه أو يكون من قبيل الواجب الموسّع كالدين غير المطالب. و قد مضى شطر من الكلام في هذه المسألة عند الكلام في المسألة (106) من شرائط وجوب الحجّ و المسألة (5) من مسائل ختام الزكاة؛ و العجب أنّ الماتن قدس سره اختار هناك عدم الوجوب و هنا الوجوب (3). الامام الخميني: ما ذكره هاهنا ينافي ما اختاره في كتاب الزكاة،

و قد قوّى هذه الدعوى هناك، كما أنّ إشكاله في جريان قاعدة الحمل على الصحّة ينافي ما اختاره هناك، و الأقوى جريان الاستصحاب و عدم جريان القاعدة، فما ذكره هاهنا هو الموافق للقواعد مع تبديل قوله: «فالأحوط» ب «الأقوى»

العروة الوثقى، ج 2، ص: 396

الواجبات الموسّعة، بل في غيرها أيضاً في غير الموقّتة، فالأحوط (1) في هذه الصورة (2) الإخراج من الأصل.

مسألة 2: يكفي الميقاتيّة؛ سواء كان الحجّ الموصى به واجباً أو مندوباً، و يخرج الأوّل من الأصل و الثاني من الثلث، إلّاإذا اوصي بالبلديّة (3)، و حينئذٍ فالزائد عن اجرة الميقاتيّة في الأوّل من الثلث، كما أنّ تمام الاجرة في الثاني منه.

مسألة 3: إذا لم يعيّن الاجرة، فاللازم (4) الاقتصار على اجرة المثل، للانصراف إليها، و لكن إذا كان هناك من يرضى بالأقلّ منها وجب استيجاره (5)، إذ الانصراف إلى اجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط، و هل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك (6) توفيراً على الورثة، خصوصاً مع الظنّ بوجوده و إن كان في وجوبه إشكال، خصوصاً مع الظنّ بالعدم. و لو وجد من يريد أن يتبرّع، فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستيجار، بل هو المتعيّن (7) توفيراً على الورثة، فإن أتى به صحيحاً كفى، و إلّاوجب (1). الگلپايگاني: بل الأقوى (2). الخوئي: بل الأظهر ذلك فيما إذا علم بكون الحقّ ثابتاً في ذمّته و شكّ في أدائه، و كذلك فيما إذا علم بتعلّق الحقّ بالعين و كانت باقية، و أمّا مع تلفها فالأصل يقتضي البرائة من الضمان (3). الگلپايگاني: و لو بانصراف إطلاق كلامه إليها (4). الامام الخميني: على الوصيّ مع عدم رضا الورثة أو صغرهم، و كذا في

وجوب استيجار الأقلّ في الفرع التالي (5). الگلپايگاني: في وجوبه إشكال، و التعليل لايقتضي التعيين

مكارم الشيرازي: ولكن ما ذكره من الدليل لايناسب المراد، و الأولى أن يقال: إنّه تضييع لحقّ الورثة من غير دليل (6). الامام الخميني: لايُترك مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لايخلو من قوّة، خصوصاً مع الظنّ بوجوده؛ نعم، الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ، كما مرّ

الخوئي: لا بأس بتركه

مكارم الشيرازي: لايُترك فيما يكون المتعارف فيه الفحص، فإنّه ليس المتعارف استيجار أوّل من يدخل عليه، بل المعمول الفحص منه في الجملة (7). الگلپايگاني: فيه إشكال

الامام الخميني: فيه إشكال؛ نعم، هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة

الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: لايبعد ذلك في الحجّ الواجب الّذي يخرج من الأصل دون غيره، فإنّ أدلّة جواز الإخراج من الأصل منصرفة عن هذه الصورة الّتي يتبرّع فيها متبرّع بالحجّ من دون استيجار، و لا أقلّ من الشكّ في شمولها؛ و أمّا في الحجّ الندبي فيشكل ذلك إذا أوصى باستيجار للحجّ من ثلثه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 397

الاستيجار. و لو لم يوجد من يرضى باجرة المثل، فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً، بل و إن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثلث، و لايجب الصبر إلى العام القابل و لو مع العلم بوجود من يرضى باجرة المثل أو أقلّ، بل لايجوز، لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميّت في الواجب والعمل بمقتضى الوصيّة (1) في المندوب. و إن عيّن الموصي مقداراً للُاجرة، تعيّن و خرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اجرة المثل، و إلّافالزيادة من الثلث، كما أنّ في المندوب كلّه من الثلث.

مسألة 4: هل اللّازم في تعيين اجرة

المثل الاقتصار على أقلّ الناس اجرةً (2) أو يلاحظ اجرة من يناسب شأن الميّت في شرفه و ضَعَته؟ لايبعد الثاني، و الأحوط الأظهر (3) الأوّل (4)؛ و مثل هذا الكلام يجري أيضاً في الكفن الخارج من الأصل أيضاً.

مسألة 5: لو أوصى بالحجّ و عيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، و إن لم يعيّن كفى حجّ واحد، إلّاأن يعلم أنّه أراد التكرار، و عليه يحمل ما ورد في الأخبار من أنّه يحجّ عنه مادام له مال، كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شي ء كما في ثالث، بعد حمل الأوّلين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال؛ فما عن الشيخ و جماعةٍ من وجوب التكرار مادام الثلث باقياً، (1). الامام الخميني: وجوب المبادرة غير معلوم مع عدم الوصيّة بها و لو بانصراف من كلامه (2). مكارم الشيرازي: الأقوى فيه التفصيل بينما يكون أقلّ الناس اجرةً سبباً لوهن الميّت و ما لايوجب ذلك، و اللازم الثاني، و أمّا الزائد عليه فلا دليل على جوازه و إن كان مناسباً لشأنه، فإنّ الشأن ذو مراتب. و قد مرّ منه قدس سره في المسألة (102) من شرائط وجوب الحجّ ما قد ينافي ما ذكره هنا، و أمّا الحكم في باب الكفن فقد مرّ في المسألة (20) من أحكام تكفين الميّت أنّه يكفي الكفن على النحو المتعارف و ذلك لإطلاق روايات الباب (3). الامام الخميني: مرّ منه ما يخالف ذلك و منّا ما يوافقه، و فرض المسألة وجود قاصر أو غير راضٍ في الورثة، و قد مرّ حكم الكفن في محلّه (4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: في الأظهريّة منع، كما مرّ الحكم في الكفن

العروة الوثقى، ج 2، ص:

398

ضعيف (1)، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار أنّه يجب الحجّ مادام يمكن الإتيان به ببقاء شي ء من الثلث بعد العمل بوصايا اخر، و على فرض ظهورها في إرادة التكرار و لو مع عدم العلم بإرادته لابدّ من طرحها لإعراض المشهور (2) عنها (3)، فلاينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار؛ نعم، لو أوصى بإخراج الثلث و لم يذكر إلّاالحجّ، يمكن أن يقال (4) بوجوب صرف تمامه في الحجّ، كما لو لم يذكر إلّاالمظالم أو إلّاالزكاة أو إلّا الخمس؛ و لو أوصى أن يحجّ عنه مكرّراً، كفى مرّتان (5)، لصدق التكرار معه.

مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة و عيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً و اتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة، صرف نصيب سنتين في سنة (6) أو ثلاث سنين (1). الگلپايگاني: بل لايخلو عن قوّة، لاعتبار مستنده؛ و إعراض المشهور غير مسلّم (2). الامام الخميني: بل قصور المستند، فإنّ محمّد بن الحسن الأشعري لم يرد فيه توثيق و لم يثبت كونه وصيّاًلسعد بن سعد حتّى يستشهد به لوثاقته، مع عدم كفاية ذلك أيضاً في الحكم بالوثاقة. و الخبران المذكوران في هذا الباب مع كون الراوي نفسه، غير دالّين على كونه وصيّاً له لو لم يدلّا عدمه، و محمّد بن الحسين بن أبي خالد في الرواية الثالثة مجهول، و ظنّي أنّه محمّد بن الحسن المتقدّم و اشتبه النسخة، لأنّ محمّد بن الحسن أيضاً ابن أبي خالد (3). الخوئي: الأخبار في نفسها ضعيفة، فلا حاجة إلى التشبّث بالإعراض

مكارم الشيرازي: إعراضهم عن سند الرواية غير مسلّم و لعلّ الإعراض عن دلالتها على مفروض المسألة، فإنّه لايفهم منها الوجوب مكرّراً

إذا كانت الوصيّة مبهمة، بل لعلّ المراد منها ما إذا كانت الوصيّة مطلقة و دالّة على التكرار ما بقي المال (4). الخوئي: في إطلاقه إشكال (5). الگلپايگاني: بل يكرّر بمقدار وفاء الثلث

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، بل قد يكون ظاهراً في التكرار مهما تحمل المال، و اللازم الأخذ بظهور كلامه (6). مكارم الشيرازي: هذه المسألة مقطوع بها في كلمات الأصحاب ظاهراً، و تدلّ عليه قاعدة الميسور، و هي بخلاف ما ذكره الماتن قدس سره قاعدة عرفيّة عقلائيّة أمضاها الشرع في الجملة، و هي جارية في المقام بلا إشكال، و ملاكها في الحقيقة الأخذ بتعدّد المطلوب، و أمّا ما ذكره الماتن قدس سره فهو في الحقيقة راجع إلى الخطأ في التطبيق و هو و إن كان صحيحاً في بعض الموارد، و لكنّه يشكل دعواه في جميع الفروض؛ و أمّا الروايتان فهما ظاهرتان في المقصود معتبرتان بحسب السند أو بعمل الأصحاب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 399

في سنتين مثلًا، و هكذا، لا لقاعدة الميسور، لعدم جريانها (1) في غير مجعولات الشارع، بل لأنّ الظاهر (2) من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحجّ و كون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته، و يدلّ عليه أيضاً خبر عليّ بن محمّد (3) الحضيني و خبر إبراهيم بن مهزيار، ففي الأوّل تجعل حجّتين في حجّة، و في الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، و كلاهما من باب المثال كما لايخفى، هذا؛ و لو فضل من السنين فضلة لاتفي بحجّة (4)، فهل ترجع ميراثاً أو في وجوه (5) البرّ (6) أو تزاد على اجرة بعض السنين؟ وجوه. و لو كان الموصى به الحجّ من البلد و دار الأمر بين جعل اجرة

سنتين مثلًا لسنة و بين الاستيجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة، ففي تعيين الأوّل أو الثاني وجهان (7)؛ و لايبعد التخيير، بل أولويّة الثاني (8)، إلّاأنّ مقتضى (9) إطلاق الخبرين (10) الأوّل. (1). الخوئي: القاعدة في نفسها غير تامّة، و على تقدير تماميّتها تجري في المقامين من غير فرق (2). الگلپايگاني: بل للروايتين وإن لم يستظهر من حال الموصي ذلك، بل و إن استظهر التقييد من حاله؛ نعم، مع العلم بالتقييد يأتي حكمه إن شاء اللّه (3). الامام الخميني: هذا الخبر أيضاً لإبراهيم بن مهزيار، و هو أخبر عن مكاتبة الحضيني و لم يرو عنه (4). الامام الخميني: و لو من الميقات؛ و الأوجه حينئذٍ صرفها في وجوه الخير (5). الخوئي: الأظهر صرفها في وجوه البرّ

مكارم الشيرازي: لايبعد وجوب صرفها في وجوه البرّ، لانفهام تعدّد المطلوب في هذه المواضع و لما ورد في الباب 37 الحديث 2 من رواية عليّ بن مزيد (فرقد) و ستأتي الإشارة إليها في المسألة (9) (6). الگلپايگاني: و هو الأقوى (7). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الثاني، أي اختيار حجّتين من الميقات على حجّة واحدة من البلد، لأفضليّة الحجّ من الطريق، و احتمال ذلك كافٍ في المنع عن الحكم بالتخيير؛ و أمّا الاستدلال برواية عبداللّه بن بكير (الواردة في الباب 2 من أبواب النيابة) و شبهها، كما يظهر من بعض المحشّين، فهو بعيد، لعدم إطلاق لها شامل للمقام، لأنّها ظاهرة فيما إذا كانت هناك حجّة واحدة؛ هذا، و إطلاق الخبرين السابقين الواردين في الفرع السابق منصرف عن محلّ الكلام (8). الگلپايگاني: بل الظاهر تعيّنه، لما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه سئل عن رجل أوصى بماله في

الحجّ فكان لايبلغ ما يحجّ به من بلاده، قال عليه السلام: «فيعطى في الموضع الّذي يحجّ به عنه» فإنّه بإطلاقه حاكم على الخبرين (9). الخوئي: و عليه فهو الأحوط (10). الامام الخميني: و عليهما العمل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 400

هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلك المقدار على وجه التقييد (1)، و إلّافتبطل الوصيّة إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير أو كانت الوصيّة مقيّدة بسنين معيّنة.

مسألة 7: إذا أوصى بالحجّ و عيّن الاجرة في مقدار، فإن كان الحجّ واجباً و لم يزد ذلك المقدار عن اجرة المثل أو زاد و خرجت الزيادة من الثلث، تعيّن؛ و إن زاد و لم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصيّة (2) و يرجع (3) إلى اجرة المثل. و إن كان الحجّ مندوباً، فكذلك تعيّن أيضاً مع وفاء الثلث بذلك المقدار، و إلّافبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين على وجه التقييد، و إن لم يف الثلث بالحجّ (4) أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصيّة و سقط وجوب الحجّ.

مسألة 8: إذا أوصى بالحجّ (5) و عيّن أجيراً معيّناً، تعيّن استيجاره باجرة المثل؛ و إن لم يقبل إلّابالأزيد، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن أيضاً، و إلّابطلت الوصيّة و استوجر غيره باجرة المثل في الواجب مطلقاً (6)، و كذا في المندوب إذا وفى به الثلث و لم يكن على وجه التقييد، و كذا إذا لم يقبل أصلًا (7).

مسألة 9: إذا عيّن للحجّ اجرة لايرغب فيها (8) أحد و كان الحجّ مستحبّاً، بطلت الوصيّة (9) (1). مكارم الشيرازي: لكن هذا الاحتمال مجرّد فرض، كما ذكره بعض الأعلام- رضوان اللَّه عليه- و كذلك ما يأتي في المسألة الآتية من مثل هذا الاحتمال (2). الامام الخميني: مع

عدم إجازة الورثة؛ و كذا في نظائر المسألة

الگلپايگاني: إن لم تجزها الورثة (3). الخوئي: بل صحّت و تكمل بها اجرة المثل بالمقدار الممكن (4). الامام الخميني: حتّى من الميقات (5). الامام الخميني: أي الواجب؛ و أمّا المندوب فاجرته مطلقاً من الثلث (6). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ إخراج الحجّ الواجب غير حجّة الإسلام من الأصل مشكل (7). مكارم الشيرازي: إلّاأن يستفاد من الوصيّة تعدّد المطلوب، كما هو الغالب، فيكون أصل الحجّ مطلوباً للوصيّ و كون النائب شخصاً معيّناً مطلوباً آخر (8). الامام الخميني: و لو للحجّ الميقاتي (9). مكارم الشيرازي: ولكن لو وقّت الاجرة بالحجّ الميقاتي، كان الواجب العمل بها، لما سيأتي من خبر عليّ بن مزيد و للقاعدة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 401

إذا لم يرج (1) وجود راغب فيها، و حينئذٍ فهل ترجع ميراثاً أو تصرف في وجوه البرّ، أو يفصّل بين ما إذا كان كذلك من الأوّل فترجع ميراثاً أو كان الراغب موجوداً ثمّ طرأ التعذّر؟

وجوه؛ و الأقوى هو الصرف في وجوه البرّ لا لقاعدة الميسور (2)، بدعوى أنّ الفصل إذا تعذّر يبقى الجنس، لأنّها قاعدة شرعيّة و إنّما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع و لا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقاً، مع أنّ الجنس لايعدّ ميسوراً للنوع، فمحلّها المركّبات الخارجيّة إذا تعذّر بعض أجزائها و لو كانت ارتباطيّة، بل لأنّ الظاهر (3) من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه و إنّما عيّن عملًا خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحجّ على وجه تعدّد المطلوب و إن لم يكن متذكّراً لذلك حين الوصيّة؛ نعم، لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللبّ أيضاً،

يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، و لا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارياً أو من الأوّل.

و يؤيّد ما ذكرنا، ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ عليه خبر عليّ بن سويد (4) عن الصادق عليه السلام (5) قال: قلت: مات رجل فأوصى بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدّق بها، فقال عليه السلام: ما صنعت؟

قلت: تصدّقت بها، فقال عليه السلام: «ضمنت، إلّاأن لاتكون تبلغ أن يحجّ بها من مكّة، فإن كانت تبلغ أن يحجّ بها من مكّة فأنت ضامن». و يظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد الّتي تبطل (1). الگلپايگاني: إن لم يف بالميقاتي أيضاً، و إلّافيجب الاستيجار من الميقات (2). مكارم الشيرازي: بل لقاعدة الميسور و لما يأتي من الرواية، لما قد عرفت أنّها قاعدة عقلائيّة قبل أن تكون شرعيّة، و ملاكها تعدّد المطلوب؛ و العجب أنّه- رحمه اللّه- صرّح بكون المقام من قبيل تعدّد المطلوب ولكن لم يقبل قاعدة الميسور (3). الگلپايگاني: بل لما ورد في الوصيّة بالحجّ بنفقة لاتفي بالبلديّة أو نفقة لاتفي بأصل الحجّ، كما في مفروض المسألة و الوصيّة بعتق العبد المسلم و الوصيّة المجهول مصرفها لنسيان الوصيّ و ما ورد في نذر الحجّ ماشياً حافياً مع طريان العجز و ما ورد في الوقف المجهول المصرف، فإنّه يستفاد من جميع ذلك وجوب صرف ما تعذّر مصرفه من الوصيّة و الأوقاف و النذور في وجوه البرّ مراعياً للأقرب إلى نظر الجاعل و إن لم يستظهر من حاله تعدّد المطلوب، بل و إن استظهر خلافه؛ نعم، مع العلم بالتقييد في عالم اللبّ، فالحكم كما في المتن (4). الخوئي: الرواية عن عليّ

بن مزيد، لا عن عليّ بن سويد؛ و هي ضعيفة لاتصلح للاستدلال بها، و تكفي القاعدة للحكم المذكور بعد ظهور حال الموصي كما ذكر (5). مكارم الشيرازي: حكاه في الوسائل في الباب 37 من أحكام الوصايا، ج 13 الحديث 2، ولكنّ الراوي «عليّ بن مزيد صاحب السابري» و الظاهر أنّ ما رواه في الوسائل أصحّ بقرينة رواية زيد النرسي و بقرينة توصيفه بصاحب السابري، كما يظهر بالمراجعة إلى جامع الرواة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 402

الوصيّة لجهة من الجهات.

هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث و عيّن له مصارف و تعذّر بعضها؛ و أمّا فيه، فالأمر أوضح، لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك، فلايعود إليه.

مسألة 10: إذا صالحه داره مثلًا و شرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته، صحّ و لزم و خرج من أصل التركة (1) و إن كان الحجّ ندبيّاً، و لايلحقه حكم الوصيّة. و يظهر من المحقّق القمّي قدس سره في نظير المقام إجراء حكم الوصيّة عليه (2)، بدعوى أنّه بهذا الشرط ملّك عليه الحجّ (3)، و هو عمل له اجرة، فيحسب مقدار اجرة المثل لهذا العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقّف على إمضاء الورثة؛ و فيه: أنّه لم يملّك عليه الحجّ مطلقاً في ذمّته، ثمّ أوصى أن يجعله عنه، بل إنّما ملّك بالشرط الحجّ عنه، و هذا ليس مالًا تملكه الورثة (4)، فليس تمليكاً و وصيّة و إنّما هو تمليك على نحو خاصّ لاينتقل إلى الورثة. و كذا الحال إذا ملّكه (5) داره بمأة تومان (6) مثلًا (1). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إذا صالحه داره كذلك لايملك ذلك الحجّ الورثة بعد موته، بل يبقى على ملك المورث، فهو مال لايكون

داخلًا في التركة (2). مكارم الشيرازي: و ما ذكره المحقّق القمّي غير بعيد، نظراً إلى أنّ المورث يملك العمل في ذمّة المصالح له، و هذا العمل مع لونه الخاصّ (أي كونه نيابة عن شخص المورث) ينتقل إلى الورثة، فلهم إبراء ذمّته عنه لو كان ندبيّاً، كما أنّ لهم المصالحة معه بمال آخر يأخذونه و يملّكه الورثة كسائر الإرث؛ و أمّا إذا أصرّ المصالح له على نفس الفعل لا غير، يكون هذا من باب الوصيّة، لأنّ الوصيّة ليست إلّاما أوصى به بالنسبة إلى بعد موته و هذا من مصاديقه، فلايحتاج إلى وصيّة اخرى غير هذه المصالحة مع هذا اللون، فإن فضل عن الثلث توقّف على إذن الورثة، و إلّاصحّ بعنوان الثلث؛ و من هنا يظهر الإشكال فيما ذكره الماتن قدس سره من قوله: «هذا ليس مالًا تملكه الورثة»، بل نقول: إنّه مال، لأنّه يبذل بإزائه المال و يمكن مصالحته بمال آخر (3). الخوئي: الصحيح في الجواب أن يقال: إنّ الشارط لايملك على المشروط عليه العمل المشروط حتّى ينتقل إلى الورثة (4). الگلپايگاني: بل لا مانع من أن تملكه الورثة بالإرث كما تملكه بالشرط أو الاستيجار بعد الموت، فلهم الإسقاط أو المصالحة حتّى في الثلث، و ليس هذا وصيّة لتكون الورثة ممنوعة من الثلث (5). الخوئي: ليس هذا كالصلح المشروط بالحجّ أو التمليك بشرط بيع العين و صرف الثمن في الحجّ، و ذلك فإنّ مأة تومان في المثال ملك للشارط حال حياته و قد شرط على من ملّكه الدار أن يصرفها في الحجّ فإن كان بمقدار ثلثه نفذت الوصيّة، و إلّافلا (6). الامام الخميني: الظاهر صحّة قول المحقّق القمّي في هذا الفرض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 403

بشرط أن يصرفها (1)

في الحجّ عنه (2) أو عن غيره، أو ملّكه إيّاها بشرط أن يبيعها (3) و يصرف ثمنها في الحجّ (4) أو نحوه، فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل و إن كان العمل المشروط عليه ندبيّاً؛ نعم، له الخيار (5) عند تخلّف الشرط، و هذا ينتقل إلى الوارث، بمعنى أنّ حقّ الشرط (6) ينتقل إلى الوارث، فلو لم يعمل (7) المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة.

مسألة 11: لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشياً أو حافياً، صحّ (8) و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً و خروج الزائد (9) عن اجرة (10) الميقاتيّة عنه (11) إن كان واجباً (12). و لو نذر في حال حياته أن يحجّ ماشياً أو حافياً و لم يأت به حتّى مات، و أوصى به أو لم يوص، وجب الاستيجار (13) (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ هذا الشرط وصيّة إن كان المقصود الصرف في الحجّ بعد الموت، حيث إنّه عهد إلى المتصالح ليصرف بعد موته ماله في الحجّ، فالأقوى فيه ما عليه المحقّق القمّي؛ (2). مكارم الشيرازي: هذا أظهر من سابقه، لأنّ هنا أمرين: أصل المال المصالح عليه و شرطه، و التفكيك بينهما أسهل، مضافاً إلى أنّ الشرط ليس إلّاالوصيّة و هو أظهر من سابقه في الانتقال إلى الورثة ثمّ كونه من باب الوصيّة (3). الگلپايگاني: لو قيل بصحّة هذا الشرط (4). مكارم الشيرازي: إذا لم نقل أنّ هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد؛ و فيه كلام في محلّه (5). الامام الخميني: مع عدم التمكّن من الإجبار على العمل و لو بالرجوع إلى الحاكم العرفي، مع عدم الإمكان بوجه آخر (6). الخوئي: إنّ هذا الحقّ الّذي لاينتفع به الوارث و لايمكنه إسقاطه لاينتقل إلى الوارث، بل

الظاهر أنّه باقٍ على ملك الميّت، فإذا تخلّف المشروطعليه يفسخ الحاكم عليه بالولاية و يصرف المال فيما شرط على المشروطعليه (7). الگلپايگاني: و لم يمكن إجباره بالعمل به (8). مكارم الشيرازي: إذا كان الحجّ كذلك أمراً مشروعاً غير مشتمل على الإسراف أو غيره من المحرّمات، ولكن بعض مصاديقه في عصرنا لايخلو عن إشكال (9). الگلپايگاني: مع ما به التفاوت بين اجرة الحجّ ماشياً أو حافياً و اجرته لاكذلك، إلّاأن يكون الواجب عليه كذلك و لو بالنذر أو الاستيجار (10). الامام الخميني: و كذا التفاوت بين اجرة الحجّ ماشياً أو حافياً و بين غيرها (11). مكارم الشيرازي: المراد اجرة الميقاتيّة غير ماشٍ، لا إذا كان ماشياً (إذا كان اجرته أكثر من الراكب) (12). الخوئي: و كان حجّة الإسلام (13). الخوئي: تقدّم عدم وجوبه من الأصل، و كذا فيما بعده من فروض وجوب الحجّ غير حجّة الإسلام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 404

عنه من أصل التركة (1) كذلك؛ نعم، لو كان نذره مقيّداً بالمشي ببدنه، أمكن أن يقال (2) بعدم وجوب (3) الاستيجار عنه، لأنّ المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته، لأنّ مشي الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو مورداً (4).

مسألة 12: إذا أوصى بحجّتين أو أزيد و قال إنّها واجبة عليه، صدّق و تخرج من أصل التركة (5)؛ نعم، لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت (6) و كان متّهماً في إقراره، فالظاهر أنّه كالإقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متّهماً، على ما هو الأقوى.

مسألة 13: لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة اجرة الاستيجار و شكّ في أنّه استأجر الحجّ قبل موته أو لا، فإن مضت

مدّة يمكن الاستيجار فيها، فالظاهر (7) حمل أمره على الصحّة (8) مع كون الوجوب فوريّاً منه، و مع كونه موسّعاً إشكال (9)؛ و إن لم تمض مدّة يمكن الاستيجار فيها، وجب الاستيجار من بقيّة التركة إذا كان الحجّ واجباً و من بقيّة (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال في وجوب إخراج الحجّ المنذور عن أصل التركة (2). الگلپايگاني: بل الأقوى وجوب الاستيجار (3). الامام الخميني: إلّاإذا احرز تعدّد المطلوب (4). مكارم الشيرازي: المراد من كونه قيداً أن يكون قيداً مقوّماً، و إلّالا شكّ في أنّ المباشرة قيد في كلّ نذر متعلّق بفعله، و حينئذٍ يمكن أن يقال بانصراف أدلّة القضاء عن الميّت عن مثل هذا النذر؛ فتأمّل (5). الخوئي: فيما كانا يخرجان من أصل التركة على تقدير الثبوت كالحجّ الإسلامي و الحجّ الاستيجاري، دون الواجب بمثل النذر كما تقدّم (6). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه في محلّه (7). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع (8). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: مشكل

مكارم الشيرازي: قاعده الصحّة إنّما تجري فيما إذا صدر فعل من فاعل و شكّ في صحّته و فساده، لا ما إذا شكّ في أصل الفعل ولكن يمكن الحكم ببرائة ذمّة الميّت هنا لاستقرار السيرة عليه، و إلّالوجب على الورثة العمل بكلّ وصيّة أوصى به المورث إذا شكّ بعد موت الوصيّ، و هذا أمر مشكل لعلّه لايقول به أحد (9). الامام الخميني: لا إشكال في وجوب الاستيجار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 405

الثلث إذا كان مندوباً؛ و في ضمانه لما قبض و عدمه، لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان، وجهان (1)؛ نعم، لو كان المال المقبوض موجوداً، اخذ (2) حتّى في الصورة الاولى (3) و إن

احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان ممّا يحتاج إلى بيعه و صرفه في الاجرة و تملّك ذلك المال بدلًا عمّا جعله اجرة، لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميّت.

مسألة 14: إذا قبض الوصيّ الاجرة و تلف في يده بلا تقصير، لم يكن ضامناً و وجب الاستيجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، و إن اقتسمت على الورثة استرجع منهم؛ و إن شكّ في كون التلف عن تقصير أو لا، فالظاهر عدم الضمان أيضاً، و كذا الحال (4) إن استأجر و مات الأجير و لم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته.

مسألة 15: إذا أوصى بما عنده من المال للحجّ ندباً و لم يعلم أنّه يخرج من الثلث أو لا (5)، لم يجز صرف جميعه؛ نعم، لو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا أو أنّه أوصى سابقاً بذلك و الورثة أجازوا وصيّته، ففي سماع دعواه و عدمه وجهان (6). (1). الامام الخميني: الأقوى عدم الضمان

الخوئي: أوجههما العدم

الگلپايگاني: لا وجه لضمانه

مكارم الشيرازي: و الأقوى عدم الضمان، لأنّه أمين و ليس على الأمين ضمان إلّاإذا ثبت التفريط. و سيأتي من الماتن قدس سره اختيار هذا القول في المسألة الآتية (2). الامام الخميني: لو عامل معه معاملة الملكيّة في حال حياته أو عامل الورثة كذلك، لايبعد عدم جواز الأخذ، على إشكال خصوصاً في الأوّل (3). مكارم الشيرازي: أخذ المال في هذه الصورة مشكل جدّاً، لما عرفت من براءة ذمّة الميّت حينئذٍ إمّا للسيرة أو للحمل على الصحّة و معها يكون المال ظاهراً للوصيّ، و بالجملة لايمكن الجمع بين حمل أمره على الصحّة أو الحكم ببرائة ذمّة الميّت و الحكم ببقاء المال على ملك الميّت، و مع

وجود الأمارة لايجوز التمسّك باستصحاب بقاء المال على ملك الميّت، كما ذكره في المتن (4). الامام الخميني: أي في وجوب الاستيجار من التركة (5). مكارم الشيرازي: حقّ العبارة أن يقال: و لم يعلم أنّه لمقدار الثلث أو أكثر (6). الامام الخميني: الظاهر سماع دعواه بما هو المعهود في باب الدعاوي، لا بمعنى إنفاذ قوله مطلقاً

الخوئي: أوجههما عدم السماع

الگلپايگاني: الأقوى هو الأوّل

مكارم الشيرازي: بل وجوه، لاحتمال التفصيل بين الصورتين، و القول بالصحّة فيما لو ادّعى أنّ أمواله عند الورثة ضعيف؛ هذا، و القول بالفساد لو ادّعى أنّ الورثة أجازوا ذلك في حال كونهم منكرين لها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 406

مسألة 16: من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلًاّ من غير أن يكون في ضمن الحجّ، و يجوز النيابة فيه عن الميّت وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة أو حاضراً و كان معذوراً (1) في الطواف بنفسه، و أمّا مع كونه حاضراً و غير معذور فلاتصحّ النيابة عنه؛ و أمّا سائر أفعال الحجّ، فاستحبابها مستقلًاّ غير معلوم، حتّى مثل السعي (2) بين الصفا و المروة.

مسألة 17: لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها، و كان عليه حجّة الإسلام و علم أو ظنّ (3) أنّ الورثة لايؤدّون عنه إن ردّها إليهم، جاز بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه (4)، و إن زادت عن اجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم، لصحيحة بريد (5) عن رجل استودعني مالًا فهلك و ليس لوارثه شي ء و لم يحجّ حجّة الإسلام، قال عليه السلام: «حجّ عنه، و ما فضل فأعطهم» وهي و إن كانت مطلقة، إلّاأنّ الأصحاب قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم (6) لو دفعها (1). مكارم الشيرازي: و

يدلّ عليه مضافاً إلى عدم نقل الخلاف فيه، ما ورد في رواية ابن أبي نجران ممّن حدّثه عن أبي عبداللّه عليه السلام (3/ 18 من أبواب النيابة) و ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق عنه عليه السلام (1/ 51 من أبواب الطواف)؛ هذا، ولكنّ الّذي يختلج بالبال أنّ المعروف أنّ صاحب الزمان- ارواحنا فداه- يكون بالموقف في كلّ سنة فهو حاضر في مكّة، مع أنّ المشهور بين الشيعة جواز الحجّ و الطواف عنه، كما يظهر من رواية أبي محمّد الدعلجي الّذي رواها في البحار في باب ذكر من رآه عليه السلام، ج 52 ص 59 الحديث 42، و يظهر من رواية محمّد بن عثمان العمري 8/ 46 من أبواب وجوب الحجّ أيضاً أنّ صاحب العصر عليه السلام يحضر الموسم كلّ سنة؛ أللّهم إلّاأن يقال أنّ المعصومين عليهم السلام خارجون عن هذا الحكم؛ و هو يحتاج إلى مزيد تتبّع و تأمّل (2). الامام الخميني: و إن يظهر من بعض الروايات استحبابه (3). الخوئي: بل و مع احتماله أيضاً (4). مكارم الشيرازي: و العمدة هنا ما رواه بريد (1/ 13 من أبواب النيابة)؛ و لو كان في سند الرواية كلام، يجبره عمل الأصحاب به (و للرواية طريقان) (5). الامام الخميني: في كون هذه الرواية صحيحة إشكال بكلا السندين، لاحتمال كون سويد القلّا غير سويدبن مسلم القلّا الّذي وثّقه جمع، لكنّها معمول بها، فالسند مجبور على فرض ضعفه، بل المظنون اتّحادهما (6). الگلپايگاني: هذا إذا كان الظنّ معتبراً شرعاً، و إلّاوجب التسليم إلى الورثة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 407

إليهم (1)، و مقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستيذان من الحاكم الشرعيّ؛ و دعوى أنّ ذلك للإذن من الإمام عليه السلام

كماترى، لأنّ الظاهر من كلام الإمام عليه السلام بيان الحكم الشرعيّ، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الإذن (2) من الحاكم (3)، و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شي ء، و كذا عدم الاختصاص بحجّ الودعيّ بنفسه، لانفهام الأعمّ من ذلك منها.

و هل يلحق بحجّة الإسلام غيرها (4) من أقسام الحجّ الواجب أو غير الحجّ من سائر ما يجب عليه، مثل الخمس و الزكاة و المظالم و الكفّارات و الدين أو لا؟ و كذا هل يلحق بالوديعة غيرها (5)، مثل العارية و العين المستأجرة و المغصوبة و الدين في ذمّته أو لا؟

وجهان؛ قد يقال بالثاني، لأنّ الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا: إنّ التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث و إن كانوا مكلّفين بأداء الدين و محجورين عن التصرّف قبله، بل و كذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميّت، لأنّ أمر الوفاء إليهم، فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال أو أرادوا أن يباشروا العمل الّذي على الميّت بأنفسهم، و الأقوى (6) مع العلم بأنّ (1). مكارم الشيرازي: الرواية مطلقة و القدر المتيقّن من جواز دفع الوديعة إلى الورثة ما إذا علم بقيامهم بأمر الحجّ، و أمّا غير هذا فلا دليل عليه. و القاعدة الّتي على وجوب إعطاء الأموال إلى الورثة قد خصّصت بما عرفت من حديث بريد، فإعطاؤها إلى الورثة في غير صورة العلم بأدائهم للحجّ مشكل (2). الگلپايگاني: بل يجب الاستيذان (3). الامام الخميني: الأحوط الاستيذان منه مع الإمكان (4). الخوئي: الظاهر عدم إلحاق سائر أقسام الحجّ و كذا الكفّارات (5). الخوئي: الظاهر هو الإلحاق

مكارم الشيرازي: الأقوى الإلحاق في جميع فروض المسألة إذا علم أنّ الورثة لايقومون بهذا الواجب

المالي، و أمّا في صورة الظنّ فلايخلو عن إشكال. و الوجه فيما ذكرنا أنّ الحكم مطابق للقاعدة، لأنّه تدخل في أحكام الحسبة كما أفاده في المتن أو تدخل في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، بل قد يكون مصداقاً للخيانة في الأمانة، فإنّه إذا أعطاها الورثة مع علمه بأنّهم لايقومون بواجبهم في هذا المال فقد خان فيه و أعان على إتلافه و صرفه في غير حقّه؛ و أمّا إلغاء الخصوصيّة عن مورد الرواية و تنقيح المناط مع قطع النظر عمّا ذكرنا فلايخلو عن إشكال في بعض فروض المسألة، كما لايخفى (6). الامام الخميني: الإلحاق محلّ إشكال، فالأحوط إرجاع الأمر إلى الحاكم و عدم استبداده به، و كذا الحال في صورة الإنكار و الامتناع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 408

الورثة لايؤدّون بل مع الظنّ (1) القويّ أيضاً جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكره في المستند من أنّ وفاء ما على الميّت من الدين أو نحوه واجب كفائيّ على كلّ من قدر على ذلك. و أولويّة الورثة بالتركة إنّما هي مادامت موجودة، و أمّا إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لايبقى مال حتّى تكون الورثة أولى به، إذ هذه الدعوى فاسدة جدّاً، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة أو دعوى تنقيح المناط أو أنّ المال (2) إذا كان بحكم مال الميّت (3) فيجب صرفه عليه و لايجوز دفعه إلى من لايصرفه عليه، بل و كذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث إنّه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة (4) يجب على من عنده صرفه عليه، و يضمن لو دفعه (5) إلى الوارث لتفويته على الميّت؛ نعم، يجب الاستيذان من الحاكم، لأنّه وليّ من لا

وليّ له، و يكفي الإذن الإجمالي، فلايحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه، كما قد يتخيّل؛ نعم، لو لم يعلم و لم يظنّ عدم تأدية الوارث، لايجب الدفع إليه (6)، بل لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً و أمكن إثبات ذلك عند الحاكم أو أمكن إجباره عليه، لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه.

مسألة 18: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه (7) و عن غيره، و كذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه و عن غيره. (1). الگلپايگاني: المعتبر شرعاً، كما مرّ (2). الگلپايگاني: هذا الوجه هو المتعيّن (3). الخوئي: هذا الوجه هو الصحيح، لكنّه يختصّ بما إذا كان الميّت لايملك مالًا آخر يفي باجرة الحجّ، فإنّه مع الملك لايتعيّن صرف خصوص ما عند الودعي و نحوه في الدين، بل الواجب صرف الجامع بينه و بين مال آخر، و الباقي في ملك الميّت حينئذٍ هو الكلّي، و أمّا شخص المال فهو للوارث فيجري فيه ما يجري في الوجه الآخر؛ ثمّ إنّه في فرض وجوب الصرف في الدين و نحوه و عدم جواز دفعه إلى الوارث لم تثبت ولاية لمن عنده المال على الصرف، فلابدّ من الاستجازة من الحاكم الشرعيّ (4). الخوئي: وجوب الصرف متوجّه إلى الوارث فقط، فكيف يكون ذلك من باب الحسبة؟ (5). الخوئي: لاوجه للضمان بعد ما لم يكن المال ملكاً للميّت (6). مكارم الشيرازي: هكذا في بعض النسخ، و من الواضح زيادة «لا»؛ فيجب الدفع إليه، و الدليل على ذلك كونهم أولى من غيرهم بهذه الامور، بل قد يقال: إنّ المال أوّلًا يدخل في ملكهم (7). مكارم الشيرازي: بل يجوز ولو في ضمن الأعمال إذا لم يزاحم ما عليه من حقّ

الاستيجار. و يدلّ على ذلك مضافاً إلى أنّه موافق للقاعدة ما ورد في الباب 21 من أبواب النيابة، و تقييده في الرواية بما بعد الأعمال إشارة إلى عدم المزاحمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 409

مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالًا لاستيجار الحجّ أن يحجّ بنفسه (1)، ما لم يعلم (2) أنّه أراد الاستيجار من الغير، و الأحوط عدم مباشرته (3) إلّامع العلم بأنّ مراد المعطي حصول الحجّ في الخارج. و إذا عيّن شخصاً تعيّن، إلّاإذا علم عدم أهليّته (4) و أنّ المعطي مشتبه (5) في تعيينه، أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد.

[فصل في الحجّ المندوب

فصل في الحجّ المندوب

مسألة 1: يستحبّ لفاقد الشرائط من البلوغ و الاستطاعة و غيرهما أن يحجّ مهما أمكن، بل و كذا من أتى بوظيفته من الحجّ الواجب. و يستحبّ تكرار الحجّ، بل يستحبّ تكراره في كلّ سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية، و في بعض الأخبار: «من حجّ ثلاث حجّات لم يصبه فقر أبداً».

مسألة 2: يستحبّ نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة، و في الخبر: «إنّها توجب الزيادة في العمر»، و يكره نيّة عدم العود، و فيه: «أنّها توجب النقص في العمر».

مسألة 3: يستحبّ التبرّع بالحجّ عن الأقارب و غيرهم أحياءً و أمواتاً، و كذا عن المعصومين عليهم السلام أحياءً و أمواتاً، و كذا يستحبّ الطواف عن الغير و عن المعصومين عليهم السلام أمواتاً و أحياءً مع عدم حضورهم في مكّة أو كونهم معذورين.

مسألة 4: يستحبّ لمن ليس له زاد و راحلة أن يستقرض و يحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك. (1). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى موافقته للقاعدة إذا شمله إطلاق كلام المستأجر، ما ورد في الباب

36 من أبواب النيابة من جواز حجّ الوصيّ بنفسه عن الميّت، فراجع. و للمسألة نظائر في باب النكاح و الزكاة (راجع باب 40 من أبواب المستحقّين للزكاة و 83 من أبواب ما يكتسب به) (2). الامام الخميني: و لو بظهور لفظه في ذلك، و معه لايجوز التخلّف إلّامع الاطمينان بالخلاف (3). الخوئي: لايُترك (4). مكارم الشيرازي: ولكن في هذه الصورة تبطل الإجارة و يرجع المال إلى المستأجر، إلّاإذا كانت الإجارة من باب تعدّد المطلوب، و كذا الكلام في المشتبه في الحجّ المندوب (5). الخوئي: هذا إذا علم رضاه باستيجار من هو أهل لذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 410

مسألة 5: يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له (1).

مسألة 6: يجوز إعطاء الزكاة لمن لايستطيع الحجّ ليحجّ بها (2).

مسألة 7: الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته.

مسألة 8: يستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ، و في بعض الأخبار: «إنّ اللّه يبغض الإسراف إلّا بالحجّ و العمرة (3)».

مسألة 9: يجوز الحجّ بالمال المشتبه، كجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها.

مسألة 10: لايجوز الحجّ بالمال الحرام، لكن لايبطل الحجّ إذا كان (4) لباس إحرامه (5) و طوافه و ثمن هديه (6) من حلال (7).

مسألة 11: يشترط (8) في الحجّ الندبي إذن الزوج و المولى، بل الأبوين في بعض الصور، و يشترط أيضاً أن لايكون عليه حجّ واجب مضيّق، لكن لو عصى و حجّ صحّ (9). (1). الامام الخميني: بل مطلقاً (2). مكارم الشيرازي: و الأولى أن يكون ذلك في الضرورة، و الأحوط أن لايكون هناك مستحقّ يكون إعطاء الزكاة إليه أولى، لاسيّما إذا كان البيت غاصّاً بأهله (3). مكارم الشيرازي: لكن يظهر من بعض الأخبار أنّ المراد بالإسراف ليس هو الإسراف المحرّم، بل المقابل

للقصد المطلوب في غير الحجّ، ففي رواية إبن أبي يعفور عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «ما من نفقة أحبّ إلى اللّه- عزّ و جلّ- من نفقة قصد و يبغض الإسراف إلّافي الحجّ و العمرة» (4). الامام الخميني: مرّ الكلام في اللباس و ثمن الهدي (5). الخوئي: لايبطل الحجّ إذا لم يكن لباس إحرامه من حلال (6). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ المناط في عدم إجزاء الهدي غصبيّته، كما أنّه لايبعد البطلان إن كان محلّ وقوفه في الموقفين غصباً، من غير فرق بين كون المغصوب مركوباً له أو بساطاً وقف عليه أو نعالًا، و كذا حكم المركوب و النعال في السعي (7). مكارم الشيرازي: و كذا محلّ وقوفه بالموقفين إذا كان بناءً أو فراشاً، و كذا الخيام، حتّى الحصاة الّتي يرمى بها إذا كانت محرّمة على الأحوط في جميع ذلك، بل و كذا النعال و المركب الّذي يسعى به و ما أشبه ذلك (8). الامام الخميني: مرّ الكلام في هذه المسألة صدراً و ذيلًا (9). الگلپايگاني: محلّ إشكال، فلايُترك الاحتياط

مكارم الشيرازي: كما مرّ الكلام في المسألة (110) من شرائط وجوب الحجّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 411

مسألة 12: يجوز إهداء ثواب الحجّ إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز أن يكون ذلك من نيّته قبل الشروع فيه.

مسألة 13: يستحبّ لمن لا مال له يحجّ به، أن يأتي به و لو بإجارة نفسه عن غيره، و في بعض الأخبار: «أنّ للأجير من الثواب تسعاً و للمنوب عنه واحد».

[فصل في أقسام العمرة]

فصل في أقسام العمرة

مسألة 1: تنقسم العمرة كالحجّ إلى واجب أصليّ و عرضيّ و مندوب.

فتجب بأصل الشرع على كلّ مكلّف بالشرائط المعتبرة في الحجّ

في العمر مرّةً، بالكتاب و السنّة و الإجماع؛ ففي صحيحة زرارة: «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ، فإنّ اللّه تعالى يقول: «و أتمّوا الحجّ و العمرة للّه»» و في صحيحة الفضيل في قول اللّه تعالى: «و أتمّوا الحجّ و العمرة»، قال عليه السلام: «هما مفروضان».

و وجوبها بعد تحقّق الشرائط فوريّ كالحجّ، و لايشترط في وجوبها استطاعة الحجّ، بل تكفي استطاعتها في وجوبها وإن لم تتحقّق استطاعة الحجّ (1)، كما أنّ العكس كذلك، فلو استطاع للحجّ دونها وجب دونها؛ و القول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كلّ منهما و أنّهما مرتبطان ضعيف، كالقول باستقلال الحجّ في الوجوب دون العمرة (2).

مسألة 2: تجزي العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة، بالإجماع و الأخبار. و هل تجب على من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها و لم يكن مستطيعاً للحجّ؟ المشهور عدمه، بل (1). مكارم الشيرازي: على الأحوط فيمن وظيفته التمتّع و من ليس كذلك، لإطلاق أخبار الوجوب و إن كانت لاتخلو عن إشكال، لإمكان كونها في مقام بيان أصل وجوب العمرة في مقابل جماعة من العامّة الّذين حكموا بأنّها سنّة مؤكّدة كالشافعي في القديم، و مالك و أبي حنيفة و أصحابه و ابن مسعود و الشعبي على ما حكاه في الخلاف في كتاب الحجّ (في المسألة 28) فما ورد في أخبارنا ناظر إلى نفي هذا القول و ليس في مقام البيان من جهة الوجوب إذا استطاع لخصوص العمرة دون الحجّ، ولكن لايُترك الاحتياط، كما مرّ (2). مكارم الشيرازي: نسب هذا القول إلى الشهيد قدس سره في الدروس، ولكنّ العبارة لاتخلو عن إشكال، فإنّ الشهيد قدس سره لم يقل باستقلال الحجّ في الوجوب دون العمرة، بل قال فيما حكي عنه: و لو استطاع

لها خاصّة لم تجب، و الفرق بينهما غير خفيّ على الخبير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 412

أرسله بعضهم إرسال المسلّمات و هو الأقوى، و على هذا فلاتجب على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة و إن كان مستطيعاً لها و هو في مكّة، و كذا لاتجب على من تمكّن منها و لم يتمكّن من الحجّ لمانعٍ، و لكنّ الأحوط الإتيان بها (1).

مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر (2) و الحلف و العهد والشرط في ضمن العقد و الإجارة و الإفساد، و تجب أيضاً لدخول مكّة، بمعنى حرمته بدونها، فإنّه لايجوز دخولها إلّامحرماً إلّا بالنسبة إلى من يتكرّر (3) دخوله (4) و خروجه (5) كالحطّاب و الحشّاش (6). و ماعدا ما ذكر، مندوب.

و يستحبّ تكرارها كالحجّ؛ واختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين، فقيل: يعتبر شهر، و قيل: عشرة أيّام (7)، و الأقوى (8) عدم اعتبار فصل (9)، فيجوز إتيانها كلّ يوم، و تفصيل المطلب موكول إلى محلّه.

[فصل في أقسام الحجّ

فصل في أقسام الحجّ

و هي ثلاثة بالإجماع والأخبار: تمتّع و قِران و إفراد.

و الأوّل فرض من كان بعيداً عن مكّة، و الآخران فرض من كان حاضراً، أي غير بعيد. (1). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيه كما مرّ في المسألة السابقة، و ذلك لاحتمال إطلاق أخبار الوجوب و شمولها للمقام مع إشكال فيها قد عرفت (2). الامام الخميني: قد مرّ منّا الإشكال في صيرورة المنذور و شبهه واجباً، و الأمر سهل (3). الامام الخميني: إذا كان مقتضى شغله التكرّر نظير المثالين؛ و أمّا مطلق من يتكرّر منه ذلك فمشكل، ثمّ إنّ الاستثناء لاينحصر بذلك، بل يستثنى موارد اخر كالمريض و المبطون و غيرهما المذكور في محلّه (4). الگلپايگاني: و إلّالمن يدخلها في الشهر الّذي

أحلّ فيه من إحرامه السابق بعد قضاء نسكه (5). مكارم الشيرازي: و هكذا يستثنى منه من يدخل «مكّة» في الشهر الّذي خرج منها، أو خرج من إحرامه أو غير ذلك، على خلاف في مبدأ الشهر يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى (6). الخوئي: و كذلك من خرج و عاد إلى مكّة قبل مضيّ الشهر الّذي أدّى فيه نسكه (7). الخوئي: الظاهر هو اختصاص كلّ شهر بعمرة، فلاتصحّ عمرتان مفردتان عن شخص واحد في شهر هلالي؛ نعم، لا بأس بالإتيان بغير العمرة الاولى رجاءً (8). الامام الخميني: الأحوط في ما دون الشهر الإتيان بها رجاءً (9). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، و لايُترك الاحتياط بالفصل بشهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 413

و حدّ البُعد الموجب للأوّل ثمانية و أربعون ميلًا من كلّ جانب على المشهور (1) الأقوى، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قلت له قول اللّه- عزّ و جلّ- في كتابه: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» فقال عليه السلام: «يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلًا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكّة، فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة»، و خبره عنه عليه السلام: سألته عن قول اللّه- عزّ و جلّ- «ذلك ... الخ»، قال: «لأهل مكّة ليس لهم متعة و لا عليهم عمرة»، قلت:

فما حدّ ذلك؟ قال: «ثمانية و أربعون ميلًا من جميع نواحي مكّة دون عسفان و ذات عرق (2)»، و يستفاد أيضاً من جملة (3) من أخبار اخر. و القول بأنّ حدّه اثنا عشر ميلًا من كلّ جانب، كما عليه جماعة، ضعيف

لا دليل عليه إلّاالأصل، فإنّ مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتّع على كلّ أحد (4)، و القدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحدّ المذكور، و هو مقطوع بما مرّ؛ أو دعوى أنّ الحاضر مقابل للمسافر، و السفر أربعة فراسخ، و هو كماترى؛ أو دعوى أنّ الحاضر المعلّق عليه وجوب غير التمتّع أمر عرفي، والعرف لايساعد على أزيد من إثني (1). الامام الخميني: الشهرة غير معلومة (2). مكارم الشيرازي: «عسفان» كعثمان قرية على مرحلتين من مكّة، كما عن القاموس؛ و كذا «ذات عرق» على مرحلتين من مكّة، كما عن التذكرة، و هو ميقات أهل العراق. و «المرحلة» هي ما يقطعها المسافر كلّ يوم و هي ثمانية فراسخ، و من هنا يظهر أنّ «عسفان» و «ذات عرق» تكونان على رأس ثمانية و أربعين ميلًا (3). الامام الخميني: محلّ تأمّل (4). الامام الخميني: محلّ إشكال

الگلپايگاني: بل الظاهر أنّ الأخبار بأسرها ناظرة إلى بيان مصداق الآية و هو من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، فلا عموم لها للحاضرين حتّى توجب المتعة على كلّ أحد

مكارم الشيرازي: التمسّك بعموم الأخبار بعد ورودها تفسيراً لقوله تعالى: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» مشكل، فإنّ الآية من قبيل العامّ المخصّص بالمتّصل المجمل، و قد ذكر في الاصول أنّه لايجوز التمسّك بعموم العام في الشبهات المفهوميّة حتّى في الأقلّ و الأكثر إذا كان التخصيص متّصلًا، و لو سلّمنا أنّ الأصل ذلك لابدّ من الخروج عنه بالرواية الصحيحة المعمول بها عند الأصحاب، سواء قلنا أنّه المشهور أو الأشهر، و الأمر سهل بعد ما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 414

عشر ميلًا، و هذا أيضاً كماترى (1)؛ كما أنّ دعوى أنّ المراد من ثمانية

و أربعين، التوزيع على الجهات الأربع فيكون من كلّ جهة إثنا عشر ميلًا، منافية لظاهر تلك الأخبار. و أمّا صحيحة حريزالدالّة على أنّ حدّالبُعد ثمانية عشر ميلًا، فلا عامل بها، كمالا عامل (2) بصحيحتي حمّاد بن عثمان والحلبيّ الدالّتين على أنّ الحاضر من كان دون المواقيت (3) إلى مكّة (4). و هل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان؛ أقربهما الأوّل (5). و من كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع (6)، لتعليق حكم الإفراد و القران على ما دون الحدّ. و لو شكّ في كون منزله في الحدّ أو خارجه، وجب عليه الفحص (7)، و مع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط و إن كان لايبعد (8) (1). مكارم الشيرازي: لأنّه من قبيل الاجتهاد في مقابل النصّ، و الرجوع إلى العرف بعد ورود الدليل من الشرع على خلافه غير جائز (2). الامام الخميني: وجّههما في «الوسائل» بما يوافق روايتي زرارة، و هو مع صدق دعواه وجيه (3). الگلپايگاني: إلّاأن يقال بأنّ المقصود دون كلّ المواقيت، فإنّ أقربها إلى مكّة ذات عرق و هو ثمانية وأربعون ميلًا (4). مكارم الشيرازي: هاتان الروايتان مؤيّدتان لما حكي عن المشهور (راجع 4 و 5/ 6 من أقسام الحجّ) فإنّ «ذات عرق» و هي أقرب المواقيت على رأس مرحلتين كما عرفت، فهي على رأس ثمانية و أربعين ميلًا (5). الخوئي: بل الثاني (6). مكارم الشيرازي: و ما في صحيحة زرارة: «كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة» المراد منه من كان على ثمانية و أربعين أو ماوراء ذلك بقرينة ما ورد في خبره الآخر من قوله دون «عُسفان» و دون «ذات عرق»، من دون ذكر وراء، و قد عرفت أنّهما على

ثمانية و أربعين ميلًا (7). مكارم الشيرازي: و الدليل عليه، مع كون القاعدة عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعيّة، أنّ المقام من قبيل دوران الأمر بين المحذورين، فإن وجب عليه التمتّع لايصحّ منه القِران و الإفراد و كذا العكس؛ هذا مضافاً إلى أنّ بناء العقلاء في أمثال المقام على الفحص في الشبهات الموضوعيّة، و كذا عند الشكّ في أصل الاستطاعة و في مقدار النصاب في الزكاة و في أرباح المكاسب، فإنّ بنائهم في جميع هذه الامور على الفحص، لأنّه لايعلم حقيقتها غالباً إلّابالفحص، و حيث لم يمنع الشارع عن هذه السيرة فقد أمضاها، و يشكل التمسّك بأصالة البراءة في أمثال المقام من الشبهات الموضوعيّة (8). الامام الخميني: فيه إشكال ظاهر، و قياسه مع الفارق، بل المقام أسوء حالًا من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، لما مرّ من الإشكال في ثبوت عامّ خالٍ عن المناقشة

الگلپايگاني: بل بعيد، فإنّ التمسّك بالعموم في المقامين تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة؛ و أمّا في الشكّ في المسافة فاستصحاب التمام حكماً أو موضوعاً جارٍ بلا مانع، و هو مفقود في المقام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 415

القول (1) بأنّه يجري عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتّع (2)، لأنّ غيره معلّق على عنوان الحاضر و هو مشكوك، فيكون كما لو شكّ في أنّ المسافة ثمانية فراسخ أو لا، فإنّه يصلّي تماماً، لأنّ القصر معلّق على السفر و هو مشكوك.

ثمّ ما ذكر إنّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام، حيث لايجزي للبعيد إلّاالتمتّع و لا للحاضر إلّا الإفراد أو القران؛ و أمّا بالنسبة إلى الحجّ الندبيّ فيجوز لكلّ من البعيد و الحاضر كلّ من الأقسام الثلاثة بلا إشكال و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و كذا

بالنسبة إلى الواجب غير حجّة الإسلام كالحجّ النذري (3) و غيره.

مسألة 1: من كان له وطنان، أحدهما في الحدّ و الآخر في خارجه، لزمه فرض أغلبهما (4)، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة و لا متعة له» فقلت لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكّة؟ فقال عليه السلام: «فلينظر أيّهما الغالب، فإن تساويا فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين (5) و إن كان الأفضل اختيار التمتّع، و إن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة (6)».

مسألة 2: من كان من أهل مكّة و خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها، فالمشهور (1). الخوئي: هذا هو الصحيح، و عليه فلايجب الفحص مع الشكّ، كما لايجب الاحتياط مع عدم التمكّن منه (2). مكارم الشيرازي: بل هو بعيد جدّاً، لأنّه من أوضح مصاديق التمسّك بعموم العام في الشبهات الموضوعيّة، وقد ثبت في محلّه عدم جوازه لاسيّما في المخصّص المتّصل كما في المقام، و قياسه على مسألة القصر في الصلاة قياس مع الفارق، لوجود الاستصحاب هناك دون المقام (إلّا في بعض الموارد) (3). الامام الخميني: أي له نذر أىّ قسم شاء، و كذا حال شقيقيه، و هو المراد من غيره لا الإفسادي، لأنّه تابع لما أفسده

الگلپايگاني: إذا أطلق النذر و كذا شبه النذر، و القضاء تابع لما أفسده (4). الامام الخميني: مع عدم إقامة سنتين بمكّة (5). الخوئي: بل الأحوط الإتيان بالإفراد أو القِران فيه و فيما بعده

الگلپايگاني: سواء كان في أحدهما أو في غيرهما (6). الگلپايگاني: أي فرض الوطن الّذي يستطيع فرضه؛ سواء كان فيه أو في غيره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 416

جواز حجّ التمتّع له (1) و كونه مخيّراً بين الوظيفتين، و استدلّوا بصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج عن أبي عبداللَّه عليه السلام عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار ثمّ يرجع إلى مكّة فيمرّ ببعض المواقيت، أ له أن يتمتّع؟ قال عليه السلام: «ما أزعم أنّ ذلك ليس له لو فعل، وكان الإهلال أحبّ إلىّ»، و نحوها صحيحة اخرى عنه و عن عبدالرحمن بن أعين عن أبي الحسن عليه السلام؛ و عن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك و أنّه يتعيّن عليه فرض المكّي إذا كان الحجّ واجباً عليه، و تبعه جماعة لما دلّ من الأخبار على أنّه لا متعة لأهل مكّة و حملوا الخبرين (2) على الحجّ الندبيّ بقرينة ذيل الخبر الثاني، و لايبعد قوّة هذا القول (3) مع أنّه أحوط، لأنّ الأمر دائر بين التخيير و التعيين، و مقتضى الاشتغال (4) هو الثاني (5)، خصوصاً إذا كان مستطيعاً حال كونه في مكّة فخرج قبل الإتيان بالحجّ، بل يمكن (6) أن يقال: إنّ محلّ كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها، و أمّا إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعيّن عليه فرض (7) أهلها.

مسألة 3: الآفاقيّ إذا صار مقيماً في مكّة، فإن كان ذلك بعد استطاعته و وجوب التمتّع عليه، فلا إشكال في بقاء حكمه (8)؛ سواء كانت إقامته بقصد (1). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما ذكره من الخبرين ولكنّهما ناظران إلى حال مروره بالميقات فيجوز له قصد التمتّع منه، و القول بجواز حملها على الحجّ الندبيّ بقرينة ذيل الخبر الثاني ممنوع، لأنّ ترك الاستفصال في صدرهما دليل على العموم، و تكرار السؤال من الراوي في ذيل

الخبر في مورد الحجّ الندبي لا أثر له، بل يمكن أن يقال أنّ ذيله حكاية عن رواية اخرى، و على كلّ حال مع وجود الخبرين لا وجه للتمسّك بالأصل و دوران الأمر بين التعيين و التخيير (2). الگلپايگاني: بل لا إطلاق لهما للحجّ الواجب حتّى يحتاج إلى الحمل على الندبي (3). الخوئي: بل الأقوى ما عليه المشهور (4). الگلپايگاني: بل مقتضى الاستصحاب (5). الخوئي: بل مقتضى الأصل هو الأوّل، لأنّه من صغريات دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر (6). الامام الخميني: غير معلوم مع إطلاق كلامهم (7). الخوئي: الظاهر عدم التعيّن (8). مكارم الشيرازي: بل فيه إشكال قويّ، كما عن صاحب المدارك و المحدّث البحراني و بعض المحشّين للعروة، و ذلك لاحتمال تبدّل حكمه بتبدّل الموضوع، كما هو كذلك في باب صلاة المسافر و الحاضر، فإنّه إذا كان في أوّل الوقت حاضراً و لم يصلّ ثمّ صار مسافراً فعليه القصر، و في عكسه عليه التمام، و كما في سائر موارد تبدّل الموضوع في أبواب الصلاة و الصيام و غيرها؛ كلّ ذلك لإطلاق قوله تعالى: «ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام» و إطلاق الروايات الكثيرة الواردة في المسألة، بل و إطلاق روايات الباب، كما سيأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه، و مجرّد كونه مستطيعاً قبل ذلك فاستقرّ الحجّ عليه بعنوان التمتّع لاينافي ما ذكرنا بعد ملاحظة تبدّل الموضوع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 417

التوطّن (1) أو المجاورة و لو بأزيد من سنتين. و أمّا إذا لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة، فلا إشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكّي في الجملة، كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرّد الإقامة، و إنّما الكلام في الحدّ الّذي به

يتحقّق الانقلاب، فالأقوى ما هو المشهور من أنّه بعد الدخول في السنة الثالثة؛ لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة و لامتعة له ... الخ» و صحيحة عمر بن يزيد (2) عن الصادق عليه السلام: «المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إلى سنتين، فإذا جاور سنتين كان قاطناً و ليس له أن يتمتّع» و قيل بأنّه بعد الدخول في الثانية لجملة من الأخبار و هو ضعيف، لضعفها بإعراض المشهور (3) عنها، مع أنّ القول الأوّل موافق للأصل، و أمّا القول بأنّه بعد تمام ثلاث سنين، فلا دليل عليه إلّا الأصل المقطوع بما ذكر، مع أنّ القول به غير محقّق لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور بإرادة الدخول في السنة الثالثة، و أمّا الأخبار الدالّة على أنّه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر فلاعامل بها (4) مع احتمال صدورها تقيّةً و إمكان حملها على محامل اخر. والظاهر من (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل، فإنّه لولا الإجماع المدّعى به في المسألة فمقتضى القاعدة تبدّل الحكم بتبدّل الموضوع و إن كان مستقرّاً؛ فلايُترك مراعاة الاحتياط لمن صدق عليه أنّ مكّة وطنه عرفاً أو صار مكّيّاً بحكم الشرع (2). مكارم الشيرازي: راجع الباب 9 من أقسام الحجّ، الحديث الأوّل و الثاني، و في رواية الحلبي (3/ 9) كفاية الإقامة سنة أو سنتين و لم يشر إليها الماتن قدس سره، ولكنّه لا عامل به ظاهراً و قد حمله العلّامة في المختلف على من قصد الاستيطان و لايخلو عن إشكال، و الظاهر أنّ الموضوع يتبدّل في نظر العرف أيضاً، كما ذكرناه في باب صلاة القصر أيضاً (3). الخوئي: بل لمعارضتها بالصحيحين، فالمرجع إطلاق ما دلّ على وجوب التمتّع

لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام (4). الخوئي: مع أنّها معارضة بالصحيحين، فيجري فيها ما تقدّم، على أنّ ما دلّ على أنّه بعد خمسة أشهرضعيف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 418

الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة، فلو كانت بقصد التوطّن فينقلب بعد قصده من الأوّل (1)، فما يظهر من بعضهم من كونها أعمّ، لا وجه له؛ و من الغريب ما عن آخر، من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطّن.

ثمّ الظاهر أنّ في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكّي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً، فيكفي في وجوب الحجّ الاستطاعة من مكّة (2) و لايشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده (3)، فلا وجه لما يظهر من صاحب الجواهر من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه، لعموم أدلّتها (4) و أنّ الانقلاب إنّما أوجب تغيير نوع الحجّ، و أمّا الشرط فعلى ما عليه، فيعتبر بالنسبة إلى التمتّع؛ هذا، و لو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة لكن قبل مضيّ السنتين (5)، فالظاهر أنّه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتّع (6)، و لو بقيت إلى السنة (1). الگلپايگاني: لكن يعتبر الإقامة بمقدار يصدق أنّه وطنه

مكارم الشيرازي: بل اللازم مضيّ مقدار من الزمان حتّى يصدق عليه المتوطّن بمكّة و هكذا في سائر الموارد من الاستيطان؛ و كذلك في مسألة من شغله السفر، فإنّه لايصدق عليه ذلك بمجرّد الشروع، بل يعتبر مضيّ مقدار من الزمان مشتغلًا بالسفر (2). الگلپايگاني: لا فرق في ذلك بين الصورتين، فيكفي في وجوب التمتّع قبل الانقلاب أيضاً استطاعته لحجّ التمتّع من مكّة؛ و إنّما تظهر الثمرة بين القولين في مؤونة الرجوع بعد الانقلاب مع العزم عليه، فيعتبر على مختار الجواهر دون الماتن، و الاعتبار أقوى (3).

الخوئي: الظاهر هو الاشتراط بالنسبة إلى رجوعه فيما إذا كان عازماً على الرجوع (4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ مراد صاحب الجواهر قدس سره كما يظهر من عبارته أنّه ناظر إلى الاستطاعة للرجوع إلى وطنه إذا لم يقصد التوطّن في مكّة، مثل ما إذا أقام سنتين ثمّ أراد الحجّ و بعد الحجّ الرجوع إلى وطنه (راجع الجواهر الكلام ج 8 ص 92) فاللازم أن يكون مستطعياً بالنسبة إلى ذلك، فحينئذٍ يكون لكلامه وجه و إن كان الأقوى عدم اعتبار هذه الاستطاعة، نظراً إلى إطلاق الأدلّة الدالّة على أنّ الواجب عليه هو القِران أو الإفراد، فالاستطاعة تعتبر بالنسبة إلى هذا الحجّ؛ و من هنا يظهر النظر فيما ذكره الماتن قدس سره أيضاً (5). الگلپايگاني: بل المدار في ذلك حصول الاستطاعة للحجّ الواقع قبل مضيّ السنتين و لايكفي مجرّد حصول الاستطاعة قبل المضيّ إن كان الحجّ بعد سنتين

مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ في أوّل المسألة من الإشكال، بل يمكن الفتوى هنا بأنّ المدار على التوقّف سنتين، سواء حصلت الاستطاعة قبله أو بعده، لعدم الخوف من الإجماع هنا كما في أصل المسألة (6). الامام الخميني: وجوب التمتّع فرع وقوع الحجّ على فرض المبادرة إليه قبل تجاوز السنتين؛ فالمدار على نفس الحجّ في سنة أوّل الاستطاعة، لا على الاستطاعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 419

الثالثة أو أزيد، فالمدار على حصولها بعد الانقلاب.

و أمّا المكّي إذا خرج إلى سائر الأمصار مقيماً بها، فلايلحقه حكمها في تعيّن التمتّع عليه (1)، لعدم الدليل و بطلان القياس، إلّاإذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطّن و حصلت الاستطاعة بعده (2)، فإنّه يتعيّن عليه التمتّع بمقتضى القاعدة و لو في السنة الاولى، و أمّا إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكّة

فلا؛ نعم، الظاهر دخوله حينئذٍ في المسألة السابقة، فعلى القول بالتخيير فيها كما عن المشهور يتخيّر، و على قول ابن أبي عقيل يتعيّن عليه وظيفة المكّي.

مسألة 4: المقيم في مكّة إذا وجب عليه التمتّع، كما إذا كانت استطاعته في بلده أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه، فالواجب عليه الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتّع، واختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال:

أحدها: أنّه مهلّ أرضه (3)؛ ذهب إليه جماعة، بل ربما يسند إلى المشهور كما في الحدائق، لخبر سماعة عن أبي الحسن عليه السلام: سألته عن المجاور أ له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال عليه السلام: (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت سابقاً أنّ المجاورة سنتين لايبعد إلحاقها بالتوطّن عرفاً، فعلى هذا يمكن الحكم بذلك في عكس المسألة، أعني ما إذا خرج المكّي إلى سائر الأمصار مقيماً بها، و لا أقلّ من الاحتياط بأن يتمتّع، لما عرفت في المسألة الثانية من كون المكّي مخيّراً إذا خرج إلى بعض الأمصار (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المدار في الواجب على حال العمل، لا حال الاستطاعة (3). مكارم الشيرازي: لاينبغي ترك الاحتياط فيه و إن كان الأقوى جوازه من أىّ المواقيت. و العمدة فيه ما ذكره من رواية سماعة 1/ 8 من أقسام الحجّ المعتضدة بفتوى المشهور، كما قيل؛ و أمّا روايات الناسي و الجاهل الواردة في الباب 14 من المواقيت، فالظاهر أنّه لا دخل لها بما نحن فيه، لأنّها ناظرة إلى من أتى إلى مكّة من الخارج، و قياس الداخل عليه قياس مع الفارق؛ نعم، بناءً على القول بأنّ النائي مخيّر بين المواقيت، كما ستأتي الإشارة إليه، يشكل وجوب خصوص ميقات أهل الأرض على من جاور مكّة

قبل تبدّل فرضه، لأنّه من قبيل زيادة الفرع على الأصل، و سيأتي الكلام في ذلك في مباحث المواقيت إن شاء اللّه، و الاحتياط سبيل النجاة. و ليعلم أنّ المراد بمُهَلّ أرضه- بضمّ الميم و فتح الهاء اسم المفعول من الإهلال- هو الميقات الّذي يهلّ منه بالحجّ أهل بلده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 420

«نعم، يخرج إلى مهلّ أرضه فليلبّ إن شاء» المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل و الناسي الدالّة على ذلك، بدعوى عدم خصوصيّة للجهل و النسيان و أنّ ذلك لكونه مقتضى حكم التمتّع، و بالأخبار الواردة في توقيت المواقيت و تخصيص كلّ قطر بواحد منها أو من مرّ عليها، بعد دعوى أنّ الرجوع إلى الميقات غير المرور عليه.

ثانيها: أنّه أحد المواقيت المخصوصة مخيّراً بينها؛ و إليه ذهب جماعة اخرى، لجملة اخرى من الأخبار مؤيّدة بأخبار المواقيت، بدعوى عدم استفادة خصوصيّة كلّ بقطر معيّن.

ثالثها: أنّه أدنى الحلّ؛ نقل عن الحلبيّ، و تبعه بعض متأخّري المتأخّرين، لجملة ثالثة من الأخبار.

و الأحوط، الأوّل (1) و إن كان الأقوى الثاني (2)، لعدم فهم الخصوصيّة من خبر سماعة و أخبار الجاهل و الناسي، و أنّ ذكر المهلّ من باب أحد الأفراد و منع خصوصيّة للمرور في الأخبار العامّة الدالّة على المواقيت، و أمّا أخبار القول الثالث فمع ندرة العامل بها مقيّدة بأخبار المواقيت أو محمولة على صورة التعذّر. ثمّ الظاهر أنّ ما ذكرنا حكم كلّ (3) من كان في مكّة و أراد الإتيان بالتمتّع و لو مستحبّاً؛ هذا كلّه مع إمكان الرجوع إلى المواقيت، و أمّا إذا تعذّر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحلّ (4) بل الأحوط الرجوع (5) إلى ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات،

و إن لم يتمكّن من الخروج إلى أدنى الحلّ أحرم من موضعه، و الأحوط الخروج إلى ما يتمكّن. (1). الامام الخميني: لايُترك، بل لايخلو من قوّة (2). الخوئي: بل الأقوى التخيير بين الجميع (3). الامام الخميني: محلّ إشكال (4). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى أنّه ممّا قطع به الأصحاب، كما قيل: أنّه موافق لأصالة البراءة للشكّ، في وجوب أزيد منه؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّه لايقاوم قاعدة الميسور؛ هذا مضافاً إلى إمكان الاستدلال له بما ورد في الباب 14 من أبواب المواقيت في من جهل أو نسي في الإحرام و دخل مكّة و أنّه يخرج من الحرم إن قدر عليه، و الظاهر إمكان الغاء الخصوصيّة منها، فراجع (5). الخوئي: فيه إشكال

[فصل في صورة حجّ التمتّع و شرائطه

اشارة

[فصل في صورة حجّ التمتّع و شرائطه

صورة حجّ التمتّع، على الإجمال، أن يحرم في أشهر الحجّ من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف فيها بالبيت سبعاً، و يصلّي ركعتين في المقام، ثمّ يسعى لها بين الصفا و المروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً (1) و إن كان الأصحّ عدم وجوبه، و يقصّر (2)، ثمّ ينشئ إحراماً للحجّ من مكّة في وقت يعلم أنّه يدرك الوقوف بعرفة، و الأفضل إيقاعه يوم التروية (3)، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها من الزوال (4) إلى الغروب (5)، ثمّ يفيض و يمضي منها إلى المشعر فيبيت فيه و يقف به بعد طلوع الفجر (6) إلى طلوع الشمس (7)، ثمّ يمضي إلى منى (8) فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه و يأكل منه (9)، ثمّ يحلق (10) أو يقصّر فيحلّ من كلّ شي ء إلّاالنساء و الطيب، و الأحوط اجتناب الصيد أيضاً و

إن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام (11)؛ ثمّ هو مخيّر بين أن يأتي إلى مكّة ليومه، فيطوف طواف (1). الخوئي: هذا الاحتياط ضعيف و لا بأس به رجاءً (2). مكارم الشيرازي: و الظاهر أنّ الدليل على هذا الاحتياط هو خبر سليمان حفص المروزي، ولكن ظاهره كون التقصير قبل طواف النساء، و لاأقلّ أنّه القدر المتيقّن منه، فتأمّل. و ذلك لأنّه قال: «إذا حجّ الرجل فدخل مكّة متمتّعاً فطاف بالبيت و صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام و سعى بين الصفا و المروة و قصّر، فقد حلّ له كلّ شي ء ما خلا النساء، لأنّ عليه لتحلّة النساء طوافاً و صلاتاً» (7/ 82 من أبواب الطواف) ولكنّ الماتن قدس سره ذكر التقصير بعد طواف النساء و إن كان نسخ الحديث لايخلو عن تشويش، كما يظهر من بعض التعليقات على الوسائل، فراجع (3). الامام الخميني: بعد صلاة الظهر، على تفصيل ذكرنا في مناسك الحجّ (4). الگلپايگاني: من يوم عرفة

الخوئي: و لا بأس بالتأخير من الزوال بمقدار ساعة (5). الامام الخميني: من يوم عرفة

مكارم الشيرازي: أي من زوال يوم عرفة إلى غروبه، و منه يظهر أنّ مراده من الوقوف بمشعر بعد طلوع فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس منه (6). الگلپايگاني: من يوم النحر (7). الامام الخميني: من يوم النحر، و كذا أعمال منى (8). الگلپايگاني: يوم النحر (9). الامام الخميني: على الأحوط و إن لايجب على الأقوى (10). الامام الخميني: الأحوط تعيّن الحلق للصرورة و من عقص رأسه و الملبّد، و يتعيّن التقصير على النساء (11). الگلپايگاني: و إن حرم لحرمة الحرم

مكارم الشيرازي: لكن من الواضح حرمته عليه من حيث الحرم، و عليه

يحمل ما ورد في رواية معاوية بن عمّار (1/ 13 من أبواب الحلق) بقرينة ما ورد في صدرها من أنّه إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من كلّ شي ء أحرم منه إلّاالنساء و الطيب، فإنّ عدم ذكر الصيد هنا دليل على أنّ تحريم الصيد في ذيله من باب الحرم، و يدلّ عليه أيضاً ما رواه عمر بن يزيد (4/ 13 من أبواب الحلق)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 422

الحجّ و يصلّي ركعتيه و يسعى سعيه فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه فتحلّ له النساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق و هي الحادي عشر والثاني عشر و الثالث عشر (1)، و يرمي في أيّامها الجمار الثلاث، و أن لايأتي إلى مكّة ليومه بل يقيم بمنى حتّى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر و مثله يوم الثاني عشر، ثمّ ينفر بعد الزوال إذا كان قد اتّقى النساء و الصيد، و إن أقام إلى النفر الثاني و هو الثالث عشر و لو قبل الزوال لكن بعد الرمي جاز أيضاً، ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين و السعي و لا إثم عليه في شي ء من ذلك على الأصحّ، كما أنّ الأصحّ الاجتزاء بالطواف و السعي تمام ذي الحجّة، و الأفضل الأحوط هو اختيار الأوّل، بأن يمضي إلى مكّة يوم النحر، بل لاينبغي التأخير لغده فضلًا عن أيّام التشريق، إلّالعذر.

[و يشترط في حجّ التمتّع امور]
اشارة

و يشترط في حجّ التمتّع امور:

[أحدها: النيّة]

أحدها: النيّة، بمعنى قصد الإتيان بهذا النوع من الحجّ حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه و بين غيره لم يصحّ؛ نعم، في جملة من الأخبار: أنّه لو أتى بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز أن يتمتّع بها، بل يستحبّ ذلك إذا بقي في مكّة إلى هلال ذي الحجّة، و يتأكّد إذا بقي إلى يوم التروية، بل عن القاضي وجوبه حينئذٍ، و لكنّ الظاهر تحقّق الإجماع على خلافه (2)؛ ففي موثّق سماعة عن الصادق عليه السلام: «من حجّ معتمراً في شوّال و من نيّته أن يعتمر و رجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، و إن هو أقام إلى الحجّ فهو متمتّع، لأنّ أشهر الحجّ شوّال و ذوالقعدة و ذوالحجّة، فمن اعتمر فيهنّ فأقام إلى الحجّ فهي متعة، و من (1). الامام الخميني: في بعض الصور

الخوئي: هذا من سهو القلم، فإنّ حكم من يأتي إلى مكّة ليومه من جهة وجوب البيتوتة و الرمي حكم من يقيم بمنى بلا فرق بينهما (2). الخوئي: على أنّ صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني صريحة في الجواز

العروة الوثقى، ج 2، ص: 423

رجع إلى بلاده و لم يقم إلى الحجّ فهي عمرة، و إن اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحجّ فليس بمتمتّع و إنّما هو مجاورٌ أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتّى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتّعاً بعمرته إلى الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة فيلبّي منها» و في صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبداللّه عليه السلام: «من اعتمر عمرة

مفردة فله أن يخرج إلى أهله، إلّاأن يدركه خروج الناس يوم التروية» و في قويّة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة معتمراً مفرداً للحجّ (1) فيقضي عمرته كان له ذلك، و إن أقام إلى أن يدركه الحجّ كانت عمرته متعة، قال عليه السلام: و ليس تكون متعة إلّافي أشهر الحجّ» و في صحيحة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس» و في مرسل موسى بن القاسم: «من اعتمر في أشهر الحجّ فليتمتّع» إلى غير ذلك من الأخبار. و قد عمل بها جماعة، بل في الجواهر: لاأجد فيه خلافاً؛ و مقتضاها صحّة التمتّع مع عدم قصده حين إتيان العمرة، بل الظاهر من بعضها أنّه يصير تمتّعاً قهراً من غير حاجة إلى نيّة التمتّع بها بعدها، بل يمكن أن يستفاد منها أنّ التمتّع هو الحجّ عقيب عمرة وقعت في أشهر الحجّ بأىّ نحو أتى بها، و لا بأس بالعمل بها، لكن القدر المتيقّن (2) منها هو الحجّ الندبيّ، ففيما إذا وجب عليه التمتّع فأتى بعمرة مفردة ثمّ أراد أن يجعلها عمرة التمتّع، يشكل الاجتزاء بذلك عمّا وجب عليه؛ سواء كان حجّة الإسلام أو غيرها ممّا وجب بالنذر أو الاستيجار (3).

[الثاني: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحجّ

الثاني: أن يكون مجموع عمرته و حجّه في أشهر الحجّ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها. و أشهر الحجّ: شوّال و ذوالقعدة و ذوالحجّة (4) بتمامه على الأصحّ، (1). الخوئي: هذا من سهو القلم، و الصحيح: مفرداً للعمرة (2). الخوئي: لكنّ الروايات مطلقة تشمل من وجب عليه الحجّ أيضاً (3). الخوئي: لا وجه لاحتمال الإجزاء للحجّ الاستيجاري و

يحتمل أن يكون ذكره من سهو القلم؛ و أمّا في النذر فالحكم تابع لقصد الناذر (4). مكارم الشيرازي: و ليس على غير هذا القول ممّا ذكره بعد ذلك دليل، إلّاالقول بأنّ أشهر الحجّ هي شوّال و ذي القعدة و العشر من ذي الحجّة، فقد ورد به رواية مقطوعة، كما يظهر من الوسائل الحديث 6 من الباب 11 من أبواب أقسام الحجّ؛ فلا وجه للمسير إلى شي ء منها بعد ظهور كتاب اللّه و الروايات المعتبرة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 424

لظاهر الآية و جملة من الأخبار كصحيحة معاوية بن عمّار و موثقّة سماعة و خبر زرارة؛ فالقول بأنّها الشهران الأوّلان مع العشر الأوّل من ذي الحجّة كما عن بعض، أو مع ثمانية أيّام كما عن آخر، أو مع تسعة أيّام و ليلة يوم النحر إلى طلوع فجره كما عن ثالث، أو إلى طلوع شمسه كما عن رابع، ضعيف، على أنّ الظاهر أنّ النزاع لفظيّ، فإنّه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلى آخر ذي الحجّة (1)، فيمكن أن يكون مرادهم أنّ هذه الأوقات هي آخر الأوقات الّتي يمكن بها إدراك الحجّ.

مسألة 1: إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصداً بها التمتّع، فقد عرفت عدم صحّتها تمتّعاً، لكن هل تصحّ مفردةً أو تبطل من الأصل؟ (2) قولان؛ اختار الثاني في المدارك، لأنّ ما نواه لم يقع و المفردة لم ينوها. و بعضٌ اختار الأوّل، لخبر الأحول عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ، قال: «يجعلها عمرة» و قد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج، قال أبو عبداللّه عليه السلام: «من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة،

و إن تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ فليس عليه دم، إنّما هي حجّة مفردة، إنّما الأضحى على أهل الأمصار»؛ و مقتضى القاعدة (3) و إن كان هو ما ذكره (1). الگلپايگاني: كما أنّ وقت عمرة التمتّع موسّع إلى زمان يتمكّن من درك الحجّ في هذه السنة (2). مكارم الشيرازي: لايبعد الصحّة بحسب القاعدة، و لكن لايُترك الاحتياط بإتمامها رجاءً و عدم الاكتفاء به عن العمرة الواجبة. و المسألة مبنيّة على كشف مقتضى القاعدة في المقام، لأنّ الخبرين الّذين ذكرهما الماتن قدس سره لا دلالة لهما على المدّعى و هو صحّة العمرة مفردةً، و تحقيق مقتضى القاعدة يتوقّف على تحقيق كون أقسام الحجّ مختلفة بحسب القصد و النيّة أو بالوجود الخارجي، فإن كان التفاوت بالنيّة فلاينبغي الإشكال في البطلان لأنّ ما قصده لم يقع و ما وقع لم يقصد؛ و أمّا إن قلنا بعدم الدليل على كونها عناوين قصديّة (ولو شكّ فمقتضى أصل البراءة هو العدم) و إن هو إلّاكتنويع الصلاة إلى القصر و الإتمام، و لذا قلنا في محلّه لو قصد القصر في مقام الإتمام أو بالعكس لم يضرّه ما لم يخالف في العمل، و حينئذٍ يصحّ ما نواه عمرة مفردة في المقام، و المسألة تحتاج إلى مزيد تأمّل و إن كان الأرجح في النظر عاجلًا هو الثاني، و يؤيّده ما ورد من جواز العدول من أحدهما إلى الآخر في غير مورد (3). الامام الخميني: لايبعد أن يكون مقتضى القاعدة صحّتها، و لكنّ الأحوط إتمامها رجاءً و عدم الاكتفاء بهاعن العمرة الواجبة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 425

صاحب المدارك (1)، لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض، للخبرين (2).

[الثالث: أن يكون الحجّ و العمرة في سنة واحدة]

الثالث: أن يكون الحجّ و العمرة في

سنة واحدة (3)، كما هو المشهور المدّعى عليه الإجماع، لأنّه المتبادر من الأخبار المبيّنة لكيفيّة حجّ التمتّع، و لقاعدة توقيفيّة العبادات، و للأخبار الدالّة على دخول العمرة في الحجّ و ارتباطها به و الدالّة على عدم جواز الخروج من مكّة بعد العمرة قبل الإتيان بالحجّ، بل و ما دلّ من الأخبار على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة و نحوها، و لاينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدّم، بدعوى أنّ المراد من القابل فيه العام القابل فيدلّ على جواز إيقاع العمرة في سنةٍ و الحجّ في اخرى، لمنع ذلك، بل المراد منه الشهر القابل على أنّه لمعارضة الأدلّة السابقة غير قابل (4)، و على هذا فلو أتى بالعمرة في عام و أخّر الحجّ إلى العام الآخر لم يصحّ تمتّعاً؛ سواء أقام في مكّة إلى العام القابل أو رجع إلى أهله ثمّ عاد إليها، و سواء أحلّ من إحرام عمرته أو بقي عليه إلى السنة الاخرى، و لا وجه لما عن الدروس من احتمال الصحّة في هذه الصورة. ثمّ المراد من كونهما في سنة واحدة أن يكونا معاً في أشهر الحجّ من سنة واحدة، لا أن لايكون بينهما أزيد من اثني عشر شهراً، و حينئذٍ فلايصحّ أيضاً لو أتى بعمرة التمتّع في أواخر ذي الحجّة و أتى بالحجّ في ذي الحجّة من العام القابل.

[الرابع: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار]

الرابع: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، للإجماع و الأخبار (5). و ما في (1). الگلپايگاني: و هو الأقوى، لعدم وضوح دلالة الخبرين، لكنّ الأحوط إتمامها رجاءً (2). الخوئي: الروايتان ضعيفتان، على أنّ الثانية لا دلالة لها على صحّة العمرة الّتي هي محلّ الكلام (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه

هي الشهرة القويّة المضاهية للإجماع و انصراف الإطلاقات إليه، و إلّالايجوز التمسّك بقاعدة توقيفيّة العبادات هنا، لأنّ الشكّ يعود إلى الشكّ في الشرطيّة، و المرجع فيها البرائة؛ وأمّا رواية سعيد الأعرج (1/ 10 من أبواب أقسام الحجّ) ففيه الإشكال من حيث السند و الدلالة، لأنّ فيها محمّد بن سنان و في وثاقته كلام في محلّه و اختلاف بينهم (4). الامام الخميني: بل هو ضعيف السند بمحمّد بن سنان على الأصحّ، و العمدة في الباب هي الشهرة المؤيّدةبدعوى الإجماع و عدم الدليل على الصحّة مع توقيفيّة العبادة، و إلّافغيرها محلّ مناقشة

الخوئي: بل هو ضعيف سنداً، فلايصلح للمعارضة (5). الگلپايگاني: و قاعدة الاحتياط، بل و استصحاب عدم انعقاد الإحرام و عدم حرمة المحرّمات بالإحرام من غيره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 426

خبر إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام من قوله: «كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّى بعض هؤلاء، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحجّ و دخل و هو محرم بالحجّ»، حيث إنّه ربما يستفاد منه جواز الإحرام بالحجّ من غير مكّة، محمول على محامل (1)، أحسنها أنّ المراد بالحجّ عمرته (2)، حيث إنّها أوّل أعماله؛ نعم، يكفي أىّ موضع منها كان و لو في سككها، للإجماع و خبر عمرو بن حريث (3) عن الصادق عليه السلام من أين اهلّ بالحجّ؟ فقال: «إن شئت من رحلك و إن شئت من المسجد و إن شئت من الطريق، و أفضل مواضعها المسجد، و أفضل مواضعه المقام أو الحجر» و قد يقال: أو تحت الميزاب (4). و لو تعذّر الإحرام من مكّة، أحرم ممّا يتمكّن، و لو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، و لو لم يتداركه بطل حجّه

و لايكفيه العود إليها بدون التجديد، بل يجب أن يجدّده، لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم، و لو أحرم من غيرها جهلًا أو نسياناً وجب العود إليها و التجديد مع الإمكان، و مع عدمه جدّده في مكانه (5).

[الخامس: ربما يقال: إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد]

الخامس: ربما يقال (6): إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته و حجّه من واحد و عن واحد (7)؛ فلو استؤجر إثنان لحجّ التمتّع عن ميّت، أحدهما لعمرته و الاخرى لحجّه، لم يجز عنه، (1). الخوئي: الرواية و إن كانت معتبرة سنداً، إلّاأنّها لمعارضتها مع ما تقدّم من الأخبار لايمكن الاعتماد عليها، على أنّها مشوّشة المتن (2). مكارم الشيرازي: هذا الحمل بعيد جدّاً في خبر إسحاق (و هو الحديث 8/ 22 من أقسام الحجّ) لأنّه كالصريح في أنّ الإحرام كان للحجّ لا للعمرة، كما يظهر بالتأمّل في سؤال الراوي و جواب الإمام عليه السلام؛ نعم، يمكن حمله على التقيّة أو غير ذلك من المحامل (3). الخوئي: الخبر صحيح سنداً (4). الامام الخميني: أي قد يقال بالتخيير بين المقام و تحت الميزاب، كما عن جماعة (5). الخوئي: لايبعد جواز الاكتفاء بإحرامه إذا كان حينه أيضاً غير متمكّن من الرجوع إلى مكّة (6). الامام الخميني: و هو الأقوى؛ و الظاهر أنّ صحيحة محمّد بن مسلم إنّما هي في المستحبّ ممّا ورد فيه جواز التشريك بين الاثنين و الجماعة و سوق السؤال يشهد بذلك، فإنّ الظاهر أنّه سئل عمّن يحجّ عن أبيه أيحجّ متمتّعاً أو لا، فأجاب بأفضليّة التمتّع و إمكان جعل حجّه لأبيه و عمرته لنفسه، و هو في المستحبّات، و إلّاففي المفروض لابدّ من الإتيان حسب ما فات منه (7). مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، لظهور روايات التمتّع في كون

العمرة و الحجّ فيه أمراً واحداً، فلايصحّ جعلها لشخصين، و عدم ظهور روايات النيابة في جواز نيابة شخصين عن واحد، أحدهما في عمرته و الآخر في حجّه و حيث لا إطلاق فيها فلايجوز ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 427

و كذا لو حجّ شخص و جعل عمرته عن شخص و حجّه عن آخر لم يصحّ؛ و لكنّه محلّ تأمّل (1)، بل ربما يظهر من خبر محمّد بن مسلم (2) عن أبي جعفر عليه السلام صحّة الثاني (3)، حيث قال:

سألته عن رجل يحجّ عن أبيه أيتمتّع؟ قال: «نعم، المتعة له و الحجّ عن أبيه».

مسألة 2: المشهور أنّه لايجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ، و أنّه إذا أراد ذلك، عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به، و إن خرج محلًاّ ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة، و ذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج و الدالّة على أنّه مرتهن و محتبس بالحجّ و الدالّة على أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّياً بالحجّ و الدالّة على أنّه لو خرج محلًاّ فإن رجع في شهره دخل محلًاّ و إن رجع في غير شهره دخل محرماً، و الأقوى عدم حرمة (4) الخروج (5) و جوازه محلًاّ، حملًا للأخبار على الكراهة، كما عن ابن (1). الگلپايگاني: لا وجه للتأمّل فيه، و الخبر واضحة الدلالة مع عدم ظهور عامل به (2). الخوئي: لايظهر منه ذلك، و الأحوط إن لم يكن أقوى عدم جواز التبعيض؛ نعم، لا بأس بالتمتّع عن الامّ و الحجّ عن الأب و لا ذبح فيه للنصّ و لايتعدّى عن مورده (3). مكارم الشيرازي: لا دلالة للرواية، لأنّ قوله عليه السلام: «المتعة له و الحجّ عن

أبيه» لايدلّ على ما أراده، بل الظاهر أنّ المراد منه كون تفاوت ثواب التمتّع و غيره له و ثواب الحجّ لأبيه، مضافاً إلى عدم ظهور القول به من أحد (4). الامام الخميني: الأحوط عدم الخروج بلا حاجة، و معها يخرج محرماً بالحجّ على الأحوط و يرجع محرماًلأعمال الحجّ (5). الگلپايگاني: هذا مع الحاجة؛ و أمّا مع عدم الحاجة فالأقوى الحرمة

الخوئي: بل لايبعد الحرمة، و ما استدلّ به على الجواز لايتمّ

مكارم الشيرازي: بل الأحوط ترك الخروج إلّامع الضرورة، فحينئذٍ يخرج محرماً. و العمدة في ذلك هي صحيحة الحلبي (7/ 22 من أقسام الحجّ) و فيها التعبير ب «ما احبّ أن يخرج منها إلّامحرماً و لايتجاوز الطائف، أنّها قريبة من مكّة» فإنّ التعبير بقوله «لا احبّ» و قوله «أنّها قريبة من مكّة» قرينة على الكراهة و أنّ الحكم إنّما هو للتحفّظ على الحجّ، لكن لايبعد أن يكون منصرفاً إلى الحاجة و لو لم تبلغ حدّ الضرورة، لأنّ السفر لاسيّما في تلك الأزمنة كان للحاجة غالباً، و أمّا غير هذه الصحيحة فهي مؤيّدات للمقصود (راجع باب 22 من أبواب أقسام الحجّ) و لكن مع ذلك لايُترك الاحتياط بترك الخروج، لإطلاق الأخبار الناهية عن ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 428

إدريس و جماعة اخرى بقرينة التعبير ب «لااحبّ» في بعض تلك الأخبار (1)؛ و قوله عليه السلام في مرسلة الصدوق: «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك»، لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه، إلّاأن يعلم أنّه لايفوته الحجّ؛ و نحوه الرضويّ، بل و قوله عليه السلام في مرسل أبان: «و لايتجاوز إلّاعلى قدر ما لاتفوته عرفة»، إذ هو و إن كان بعد قوله: «فيخرج محرماً»، إلّاأنّه

يمكن أن يستفاد منه أنّ المدار فوت الحجّ و عدمه، بل يمكن أن يقال: إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أنّ ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ و فوته، لكون الخروج في معرض ذلك، و على هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه (2)؛ نعم، لايجوز الخروج لا بنيّة العود أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج.

ثمّ الظاهر أنّ الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكلّ شهر عمرة، لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة، بل هو صريح (3) خبر إسحاق بن عمّار، قال: سألت أباالحسن عليه السلام عن المتمتّع يجي ء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض (1). الامام الخميني: هي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ يريدالخروج إلى الطائف قال: «يهلّ بالحجّ من مكّة، و ما احبّ أن يخرج منها إلّامحرماً، و لايتجاوز الطائف، أنّها قريبة من مكّة» فهذه دلّت على جواز الخروج مطلقاً و لو لم يعرضه حاجة، و دعوى: أنّ الخروج في هذا الموقع لايكون إلّالحاجة لامحالة ممنوعة، و إذا أراد الخروج يكون الإحرام غير واجب، لقوله: «ما احبّ»، و قوله: «لايتجاوز الطائف أنّها قريبة» دليل على أنّ النهي إرشادي لا مولوي، فهذه الصحيحة و إن دلّت بوجوه على خلاف قول المشهور و يمكن استفادة الإرشاديّة من بعض روايات الباب غيرها أيضاً، و لهذا لايبعد المصير إلى قول الماتن، لكن لايُترك الاحتياط المتقدّم مع ذلك (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّه يمكن

أن يكون هذا من قبيل الحكمة لا العلّة، فلايدور الحكم مداره (3). الامام الخميني: لكن في صحيحة حمّاد بن عيسى عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «إن رجع في شهره دخل مكّةبغير إحرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً» قلت: فأىّ الإحرامين و المتعتين؛ متعته الاولى أو الأخيرة؟ قال: «الأخيرة هي عمرته و هي المحتبس بها الّتي وصلت بحجتّه» فهذه تدلّ على أنّ العمرة الاولى خرجت عن قابليّة لحوقها بالحجّ، فيكون إنشاء العمرة بعد شهر للحوقها بالحجّ و حصول الارتباط بينهما، و يحتمل أن تكون العمرة الثانية موجبة لذلك، فلو لم يأت بها و لو عصياناً بقيت الاولى عمرة له، و على أىّ حال لايجوز الدخول بعد شهر بغير إحرام في غير موارد الاستثناء، و الأحوط أن يأتي بها بقصد ما في الذمّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 429

المنازل، قال عليه السلام: «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي تمتّع فيه، لأنّ لكلّ شهر عمرة، و هو مرتهن بالحجّ ... الخ». و حينئذٍ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب لا الوجوب، لأنّ العمرة الّتي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة (1)، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده، كصحيحتي حمّاد و حفص بن البختري (2) و مرسلة الصدوق و الرضويّ، و ظاهرها الوجوب، إلّاأن تحمل على الغالب، من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنّه بعيد، فلايُترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج (3)، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلًاّ صورة كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال، أي الشروع في إحرام العمرة و الإحلال منها و من

حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة و ثلاثين يوماً من حين الإهلال و ثلاثين من حين الإحلال بمقتضى خبر إسحاق بن عمّار، و ثلاثين من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل من حيث احتمال (4) كون المراد من الشهر في الأخبار هنا والأخبار الدالّة على أنّ لكلّ شهر عمرة الأشهر الإثنى عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين يوماً، و لازم ذلك أنّه إذا كانت عمرته (1). الخوئي: نعم، ولكنّ الإحرام لدخول مكّة واجب إذا كان بعد شهره، وقد صرّح في صحيحة حمّاد بن عيسى بأنّ العمرة الاولى لاغية ولاتكون عمرة التمتّع و إنّما التمتّع بالعمرة الثانية

مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة الثالثة من أقسام العمرة أنّه لايجوز دخول مكّة إلّامحرماً و أنّه يستثنى من ذلك من دخل في الشهر الّذي خرج فيه، فاستصحاب العمرة في ذاتها لاينافي وجوبها من حيث دخول مكّة؛ و منه يظهر أنّ قوله عليه السلام في رواية إسحاق بن عمّار: «إنّ لكلّ شهر عمرة» لاينافي ما ذكرنا، بل يؤكّده (2). الخوئي: ليس في صحيحة حفص تعرّض لذلك؛ و أمّا صحيحة حمّاد فالمذكور فيها الرجوع في شهره والرجوع في غيره، فتحمل بقرينة موثّقة إسحاق على أنّ المراد بالشهر فيها هو الشهر الّذي اعتمر فيه (3). مكارم الشيرازي: و الظاهر أنّ ما ذكره هنا من الحكم بالاحتياط مخالف لما ذكره في المسألة الثالثة من أقسام العمرة من الفتوى بوجوب دخول مكّة محرماً، و قد ذكر هناك أنّ الأقوى عدم اعتبار فصل بين العمرتين، فراجع. و ليعلم أنّ في نُسَخ العروة هنا اختلافاً كثيراً، و الصحيح من العبارة كمابعض النسخ المعتبرة هو: «كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال، أي الشروع في إحرام العمرة لا الإحلال

منها و لامن حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة: ثلاثون يوماً من حين الإهلال، و ثلاثون من حين الإحلال ... و ثلاثون من حين الخروج» (4). الخوئي: هذا الاحتمال هو الأظهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 430

في آخر شهر من هذه الشهور فخرج و دخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، الأولى مراعاة الاحتياط (1) من هذه الجهة (2) أيضاً. و ظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتمالات ستّة؛ كون المدار على الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج، و على التقادير، الشهر بمعنى ثلاثين يوماً أو أحد الأشهر المعروفة. و على أىّ حال إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر و لو قلنابحرمته، لايكون موجباً لبطلان عمرته السابقة، فيصحّ حجّه بعدها (3).

ثمّ إنّ عدم جواز الخروج، على القول به، إنّما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة، و أمّا مع الضرورة أو الحاجة (4) مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه. و أيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة (5)، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج (6) إلى خارج الحرم و إن كان الأحوط خلافه (7).

ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب و المستحبّ، فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ، و يكون حاله في الخروج محرماً أو محلًاّ و الدخول كذلك كالحجّ الواجب.

ثمّ إنّ سقوط وجوب الإحرام عمّن خرج محلًاّ و دخل قبل شهر، مختصّ بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتّع (8)، و أمّا من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله (1). الگلپايگاني: لا يُترك الاحتياط من

هذه الجهة أيضاً، لقوّة ذلك الاحتمال (2). مكارم الشيرازي: لا يُترك الاحتياط من هذه الجهة، لإبهام المراد من روايات الباب (3). الخوئي: تقدّم أنّ الاولى لاتكفي حينئذٍ للتمتّع (4). الخوئي: جواز الخروج مع الحاجة غير الضروريّة إذا لم يتمكّن من الإحرام أو كان حرجيّاً محلّ إشكال، بل منع (5). الامام الخميني: الأحوط عدم الخروج مطلقاً

مكارم الشيرازي: إن كان المراد به مقابل الخروج إلى فرسخ أو فرسخين، كما صرّح به في عبارته، فلا إشكال فيه لاسيّما في زماننا هذا، لعدم خوف فوت الحجّ المصرّح به في روايات الباب، بل قد يكون منازل الحجّاج خارج مكّة في موسم الحجّ، فالذهاب إليها و الرجوع لايضرّ قطعاً، و كذا أشباهه (6). الخوئي: بل الظاهر عدم جواز الخروج عن مكّة مطلقاً (7). الگلپايگاني: لايُترك فيما يصدق عليه الخروج من مكّة (8). الخوئي: بل مطلقاً ولو مفردة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 431

بغير الإحرام (1)، إلّامثل الحطّاب و الحشّاش و نحوهما. و أيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر، إنّما هو على وجه الرخصة (2) بناءً على ما هو الأقوى (3) من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً؛ ثمّ إذا دخل بإحرام، فهل عمرة التمتّع هي العمرة الاولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حمّاد أنّها الأخيرة المتّصلة بالحجّ، و عليه لايجب فيها طواف النساء، و هل يجب حينئذٍ في الاولى أو لا؟ وجهان؛ أقواهما نعم (4)، و الأحوط الإتيان بطوافٍ مردّدٍ بين كونه للُاولى أو الثانية. ثمّ الظاهر أنّه لا إشكال (5) في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها.

مسألة 3: لايجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً؛ نعم، إن ضاق وقته

عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ، جاز له نقل النيّة إلى الإفراد و أن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف و لا إشكال، و إنّما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك؛ و اختلفوا فيه على أقوال:

أحدها: خوف فوات الاختياريّ من وقوف عرفة.

الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياريّ و هو المسمّى منه.

الثالث: فوات الاضطراريّ منه.

الرابع: زوال يوم التروية.

الخامس: غروبه. (1). مكارم الشيرازي: وكذا من سبق منه عمرة بغير قصد التمتّع بناءً على كون عنوان التمتّع من العناوين القصديّة؛ و أمّا على الاحتمال الّذي ذكرناه سابقاً من كونه من الامور الخارجيّة غير القصديّة، فلا (2). الامام الخميني: مرّ الاحتياط فيه

الگلپايگاني: الأقوى أنّ السقوط قبل الشهر في المتمتّع عزيمة

مكارم الشيرازي: قد مرّ الإشكال فيه في المسألة (3) من فصل أقسام العمرة (3). الخوئي: فيه إشكال؛ نعم، لا بأس به رجاءً (4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الوجوب و إن كان الاحتياط حسناً (5). الامام الخميني: فيه تأمّل

الخوئي: بل الظاهر عدم جوازه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 432

السادس: زوال يوم عرفة.

السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول و الإتمام إذا لم يخف الفوت.

و المنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف؛ و الأقوى أحد القولين الأوّلين، لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنّها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة؛ منها قوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي:

«لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يخف فوات الموقفين» و في نسخة: «لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة ... الخ». و أمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة

أو سحرها، فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّاقبل هذه الأوقات، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات و الأحوال و الأشخاص؛ و يمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، و يمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة، كما في أخبار الأوقات للصلوات؛ و ربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها و تعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا، لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع، فمادام ممكناً لايجوز العدول عنه، و القدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، و اللّازم إدراك الاختياريّ من الوقوف، فإنّ كفاية الاضطراريّ منه خلاف الأصل.

يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأوّلين، و لايبعد رجحان أوّلهما (1)، بناءً على كون (1). الخوئي: بل الأرجح ثانيهما

مكارم الشيرازي: و هو كذلك و إن كان لايخلو عن تأمّل، و ذلك لترجيح الروايات الدالّة عليه (فراجع أبواب 20 و 21 من أقسام الحجّ) مضافاً إلى أنّ مقتضى القاعدة ذلك؛ اللّهم إلّاأن يقال: الأمر هنا دائر بين المحذورين: أحدهما ترك تقديم العمرة على الحجّ، و الثاني ترك الواجب من الوقوف بعرفات و الاكتفاء بمقدار الركن و هو المسمّى؛ فإن لم يقم دليل على ترجيح أحدهما، فيتخيّر بين العدول إلى الإفراد فيقف بعرفات من أوّل الزوال و بين الإتيان بالعمرة تامّاً مع درك مسمّى الوقوف بعرفات الّذي هو الركن، ولكن مع ذلك لايبعد ترجيح الأوّل و العدول لما في الوقوف بعرفات من الأهميّة الخاصّة في الحجّ، فإنّ

عمدة الحجّ هي الوقوف بالموقفين و يمكن العمل بالاحتياط بأن يأتي بالعمرة تامّة ثمّ يدرك مسمّى الوقوف، و بعد تمام الحجّ يأتي بالعمرة أيضاً، فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 433

الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال و الغروب بالوقوف و إن كان الركن هو المسمّى، و لكن مع ذلك لايخلو عن إشكال، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل (1) عن أبي عبداللّه عليه السلام في متمتّع دخل يوم عرفة، قال: «متعته تامّة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم، حيث إنّ قطع التلبية بزوال يوم عرفة» و صحيحة جميل: «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، و له الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر». و مقتضاهما كفاية إدراك مسمّى الوقوف الاختياريّ، فإنّ من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة و إدراك الناس في أوّل الزوال بعرفات، و أيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلّاأن يمنع الصدق فإنّ المنساق منه إدراك تمام الواجب، و يجاب عن المرفوعة و الصحيحة بالشذوذ (2) كما ادّعي؛ و قد يؤيّد القول الثالث و هو كفاية إدراك الاضطراريّ من عرفة، بالأخبار الدالّة على أنّ من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات و أدركها ليلة النحر تمّ حجّه؛ و فيه: أنّ موردها غير ما نحن فيه و هو عدم الإدراك من حيث هو، و فيما نحن فيه يمكن الإدراك، و المانع كونه في أثناء العمرة فلايقاس بها؛ نعم، لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم يدرك الاختياريّ من الوقوف كفاه الاضطراريّ، و دخل في مورد تلك الأخبار، بل لايبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته (3) ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار. ثمّ إنّ

الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحجّ المندوب و شمول الأخبار له، فلو نوى التمتّع ندباً و ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحجّ، جاز له العدول إلى الإفراد، و في وجوب العمرة بعده إشكال، و الأقوى عدم وجوبها (4). و لو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك (1). الگلپايگاني: و كذا خبر محمّد بن سرد أيضاً مشعر بذلك (2). الامام الخميني: مع ضعف سند المرفوعة و احتمال كون المراد من الصحيحة و لو جمعاً أنّ المتمتّع له المتعةإلى إدراك زوال يوم عرفة مع الناس؛ و أمّا خبر محمّد بن سرد، فضعيف سنداً و دلالةً (3). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لأنّ الكلام في مشروعيّة هذه العمرة واقعاً و كون وظيفته التمتّع أو العدول، و مجرّد الاعتقاد غير مفيد هنا (4). مكارم الشيرازي: بل ظاهر أخبار الباب وجوبه و لا أقلّ من عدم ترك الاحتياط فيه، لإطلاق أخبار الباب و عدم الفرق بين الحجّ الواجب و الندبي (فراجع الباب 21 من أبواب أقسام الحجّ)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 434

الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد؟ فيه إشكال و إن كان غير بعيد (1). و لو دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت و أخّر الطواف و السعي متعمّداً إلى ضيق الوقت، ففي جواز العدول و كفايته إشكال (2)، و الأحوط العدول (3) و عدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه.

مسألة 4: اختلفوا في الحائض و النفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر و إتمام العمرة و إدراك الحجّ، على أقوال:

أحدها: أنّ عليهما العدول إلى الإفراد (4)، والإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ،

لجملة من الأخبار.

الثاني: ما عن جماعة من أنّ عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي، ثمّ الإحلال و إدراك الحجّ و قضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات؛ مرّة لقضاء طواف العمرة و مرّة للحجّ و مرّة للنساء، و يدلّ على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار.

الثالث: ما عن الإسكافيّ و بعض متأخّري المتأخّرين من التخيير بين الأمرين، للجمع بين الطائفتين بذلك.

الرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف و تتمّ العمرة و تقضي بعد الحجّ؛ (1). الخوئي: بل هو بعيد

الگلپايگاني: بل بعيد (2). الگلپايگاني: و إن كان غير بعيد (3). الخوئي: بقصد الأعمّ من إتمامها حجّ إفراد أو عمرة مفردة و إن كان بطلان حجّه و إحرامه هو الأظهر (4). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، كما سيأتي اختياره من المصنّف أيضاً، لجملة من الأخبار الواردة في الباب 21 من أقسام الحجّ (الأحاديث 2 و 13 و 14) مضافاً إلى دعوى الشهرة العظيمة عليه من صاحب الجواهر، بل عن المنتهى و التذكرة الإجماع عليه؛ وأمّا القول الثاني و إن دلّت عليه روايات كثيرة، ولكن عدّة منها تنتهي إلى «عجلان» و روايته ضعيف سنداً و مشوّش متناً، مضافاً إلى كون الشهرة على خلافها، وأمّا رواية أبي بصير الّتي استدلّ بها على القول الرابع فالإنصاف أنّ متنها قاصر عن الدلالة على عدولها عن عمرة التمتّع إلى الإفراد (راجع 5/ 84 من الطواف). وأمّا ما قيل في توجيه الفرق بين الّتي أحرمت حائضاً و الّتي أحرمت غير حائض، فهو توجيه ضعيف، لأنّ الإحرام لاتعتبر فيها الطهارة من الحيض؛ نعم، ما حكي عن المجلسي

قدس سره فله وجه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 435

اختاره بعضٌ بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي بصير: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها:

«سعت و لم تطف حتّى تطهر، ثمّ تقضي طوافها و قد قضت عمرتها، و إن أحرمت وهي حائض لم تسع و لم تطف حتّى تطهر» و في الرضوي عليه السلام: «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم- إلى قوله عليه السلام:- و إن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة، و إن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا و المروة و فرغت من المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت و هي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ، و عليها طواف الحجّ و طواف العمرة و طواف النساء».

و قيل في توجيه الفرق بين الصورتين: أنّ في الصورة الاولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً، فعليها العدول إلى الإفراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها و تقضي الطواف بعد الحجّ. و عن المجلسي قدس سره في وجه الفرق، ما محصّله:

أنّ في الصورة الاولى لاتقدر على نيّة العمرة، لأنّها تعلم أنّها لاتطهر للطواف و إدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة و الدخول فيها.

الخامس: ما نقل عن بعض، من أنّها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة و تأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله.

و الأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل (1)، للفرقة الاولى من الأخبار الّتي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها؛ و أمّا القول الثالث و هو التخيير، فإن كان المراد منه الواقعيّ بدعوى

كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين، ففيه أنّهما يعدّان من المتعارضين و العرف لايفهم التخيير منهما، و الجمع الدلاليّ فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، و إن كان (1). الخوئي: بل الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان الحيض أو النفاس قبل الإحرام فتُحرم لحجّ الإفراد فتأتي به ثمّ تعتمر عمرة مفردة و بين ما إذا كانت حال الإحرام طاهرة ثمّ حاضت أو نفست و لم تتمكّن من الإتيان بالعمرة قبل الحجّ فهي تتخيّر بين أن تعدل إلى الإفراد ثمّ تأتي بعمرة مفردة و بين أن تسعى و تقصّر و تحرم للحجّ و بعد أداء مناسك منى تقضي طواف العمرة ثمّ تأتي بطواف الحجّ، و وجه ذلك أنّ الرواية تعيّن العدول في الفرض الأوّل و لا معارض لها؛ و أمّا الفرض الثاني ففيه طائفتان، ظاهر إحداهما تعيّن العدول و ظاهر الثانية المضيّ كما ذكر، و الجمع العرفيّ بينهما قاضٍ بالتخيير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 436

المراد التخيير الظاهريّ العمليّ، فهو فرع مكافئة الفرقتين، والمفروض أنّ الفرقة الاولى أرجح من حيث شهرة العمل بها، و أمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام؛ نعم، لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام و عالمة بأنّها لاتطهر لإدراك الحجّ، يمكن أن يقال: يتعيّن عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل، لعدم فائدة في الدخول في العمرة، ثمّ العدول إلى الحجّ؛ و أمّا القول الخامس، فلا وجه له و لا له قائل معلوم.

مسألة 5: إذا حدث الحيض و هي في أثناء طواف عمرة (1) التمتّع، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط، بطل طوافه على الأقوى (2)، و حينئذٍ فإن كان الوقت موسّعاً

أتمّت عمرتها بعد الطهر، و إلّافلتعدل (3) إلى حجّ الإفراد و تأتي بعمرة مفردة بعده، و إن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف و بعد الطهر تأتي بالثلاثة الاخرى و تسعى و تقصّر مع سعة الوقت، و مع ضيقه تأتي بالسعي و تقصّر ثمّ تحرم للحجّ و تأتي بأفعاله ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده (4)، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ، و حجّها صحيح تمتّعاً، وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف و قبل صلاته.

[فصل في المواقيت

اشارة

فصل في المواقيت

و هي المواضع المعيّنة للإحرام، اطلقت عليها مجازاً أو حقيقة متشرّعيّة (5)، والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، و في بعضها ستّة، و لكنّ المستفاد من مجموع الأخبار أنّ المواضع (1). مكارم الشيرازي: هذه المسألة مشهورة شهرةً عظيمة و يدلّ عليه ما ورد في الباب 85 و 86 من الطواف و إن كانت أسنادها ضعيفة، ولكنّها منجبرة بعمل المشهور؛ و المعارض الّذي أفتى به الصدوق و إن كان صحيح الأسناد، لايقاوم ما مرّ؛ و يدلّ عليه مع ذلك، ما ورد في حكم الطواف على سبيل الإطلاق إذا حدث فيه حدث قبل أربعة أشواط و بعد أربعة (راجع الباب 40 من أبواب الطواف) (2). الخوئي: فيه إشكال؛ و الأحوط الإتيان بطواف بعد طهرها بقصد الأعمّ من الإتمام و التمام، كما أنّ الأحوطذلك أيضاً فيما إذا حدث الحيض بعد تمام أربعة أشواط (3). الخوئي: تقدّم أنّ حكمها التخيير (4). الخوئي: الظاهر لزوم القضاء قبل طواف الحجّ (5). مكارم الشيرازي: أو حقيقة لغويّة، كما صرّح به الراغب في المفردات و الجوهري في صحاح اللغة؛ اللّهم إلّاأن يقال: كلامهما ناظر إلى ما يستفاد من الأحاديث، فهي

حقيقة متشرّعيّة

[المواضع الّتي يجوز الإحرام منها عشرة]
[أحدها: ذوالحليفة]

أحدها: ذوالحليفة (1)، و هي ميقات أهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان؛ و في جملة من الأخبار أنّه هو الشجرة، و في بعضها أنّه مسجد الشجرة؛ و على أىّ حال، فالأحوط (2) الاقتصار على المسجد إذ مع كونه هو المسجد فواضح، و مع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد (3)، لكن مع ذلك، الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد و لو اختياراً و إن قلنا: إنّ ذا الحليفة هو المسجد، و ذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه؛ هذا مع إمكان دعوى أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته، و إن شئت فقل: المحاذاة كافية (4) و لو مع القرب من الميقات (5).

مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة (6) و هي ميقات أهل الشام اختياراً؛ (1). مكارم الشيرازي: لكنّها اليوم تعرف به «آبار عليّ»، بل بعض أهل المدينة لايعرفونها إلّابهذا الاسم (2). الامام الخميني: لايُترك بل لايخلو من وجه، و ما في المتن لايخلو من مناقشة بل مناقشات (3). الخوئي: لم يرد في شي ء من الروايات الأمر بالإحرام من مسجد الشجرة أو أنّه الميقات، بل الوارد فيها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقّت لأهل المدينة ذاالحليفة و هي الشجرة، كما أنّه ورد فيها: أنّ ذاالحليفة هو مسجد الشجرة؛ فلا موضوع لحمل المطلق على المقيّد، و غير بعيد أن يكون مسجد الشجرة اسماً لمنطقة فيها المسجد، كما هو كذلك في مسجد سليمان (4). الخوئي: يأتي الكلام على كفاية المحاذاة [في الميقات

التاسع

الگلپايگاني: كفاية المحاذاة مع القُرب محلّ تأمّل، بل منع (5). مكارم الشيرازي: و هذا هو العمدة، فإنّ روايات الباب مختلفة، و لو بني على التقييد كان اللازم الإحرام من نفس المسجد و إن كان يظهر من رواية الحلبي (4/ 1 من المواقيت) أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله نوى الحجّ في نفس المسجد ولكن أحرم بعد الخروج منه؛ و يدلّ عليه أيضاً ما ورد في الباب 35 و 36 من أبواب الإحرام. و الّذي يدلّ على كفاية المحاذاة مطلقاً من القريب أو البعيد صحيحة عبداللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام (1/ 7) (6). مكارم الشيرازي: العمدة فيها ما يدلّ على أنّ «ذاالحليفة» ميقات أهل المدينة (راجع الباب 1 من المواقيت) مضافاً إلى ما دلّ على أنّه رخّص للمريض و الضعيف أن يحرم من الجُحفة (راجع 4 و 5 من الباب 6 من المواقيت) ولكن يعارضها ما دلّ على أنّ ميقات أهل المدينة أحد الميقاتين ذي الحليفة و الجُحفة (راجع 5/ 1 من المواقيت) و حينئذٍ يدور الأمر بين التصرّف في إطلاق الطائفة الاولى و حملها على أحد فردي التخيير أو التصرّف في إطلاق الطائفة الثانية و حملها على حال الضرورة، و لعلّ الثاني أولى و يؤيّده الشهرة العظيمة في المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 438

نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، لكن خصّها بعضهم بخصوص المرض و الضعف (1)، لوجودهما في الأخبار، فلايلحق بهما غيرهما من الضرورات؛ و الظاهر إرادة المثال، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة (2).

مسألة 2: يجوز لأهل المدينة و من أتاها، العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو

إذا مشى من طريق ذي الحليفة، بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمّ أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز، بل يجوز (3) أن يعدل عنه (4) من غير رجوع، فإنّ الّذي لايجوز هو التجاوز عن الميقات محلًاّ، وإذا عدل إلى طريق آخر لايكون مجاوزاً و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة؛ و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة، مع ضعفه، منزّل على الكراهة (5).

مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، و يدلّ عليه مضافاً إلى ما مرّ، مرسلة يونس (6) في كيفيّة إحرامها، و لاتدخل المسجد و تهلّ بالحجّ بغير صلاة؛ و أمّا على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر، تدخل المسجد و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن، و إن لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد و جدّدت في (1). الگلپايگاني: و هو الأحوط (2). الخوئي: التعدّي إلى غير موارد الضرر أو الحرج محلّ إشكال، بل منع (3). الامام الخميني: فيه إشكال (4). الخوئي: هذا مشكل، لصدق التجاوز عن الميقات و هو يريد مكّة؛ و رواية ابن عبد الحميد لابأس بها سنداً (5). الگلپايگاني: أو على ترك الإحرام مع العبور من الميقات مع عدم كون الخوف المذكور عذراً، كما هو الغالب في المدينة

مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: إنّ المراد منه من دخل المدينة ثمّ توجّه نحو مكّة من الطريق المعروف، فإنّ هذا هو الغالب (6). الامام الخميني: رواية يونس موثّقة ليس فيها إرسال، و لعلّ المراد من المسجد فيها المسجد الحرام

الخوئي: الرواية مسندة و معتبرة، و دلالتها على أنّ إحرامها من خارج المسجد

واضحة و لايجوز لها دخول المسجد، و أمّا الاجتياز فلايتحققّ فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 439

الجحفة أو محاذاتها (1).

مسألة 4: إذا كان جنباً و لم يكن عنده ماء، جاز له أن يحرم خارج المسجد (2)، و الأحوط أن يتيمّم (3) للدخول و الإحرام، و يتعيّن (4) ذلك على القول بتعيين المسجد، و كذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.

[الثاني: العقيق

الثاني: العقيق، و هو ميقات أهل نجد والعراق و من يمرّ عليه من غيرهم، و أوّله المسلخ و أوسطه غمرة و آخره ذات عرق (5)؛ و المشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، و أنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمّ من غمرة؛ و الأحوط عدم التأخير (6) إلى ذات عرق إلّا لمرض أو تقيّة، فإنّه ميقات العامّة، لكنّ الأقوى ما هو المشهور، و يجوز (7) في حال التقيّة الإحرام من أوّله قبل ذات عرق سرّاً من غير نزع (8) ما عليه من الثياب (9) إلى ذات عرق ثمّ إظهاره و لبس ثوبي الإحرام هناك، بل هو الأحوط، و إن أمكن تجرّده و لبس الثوبين سرّاً (1). مكارم الشيرازي: هذا هو الأحوط بناءً على هذا القول، و إلّافالظاهر صحّة إحرامها قُرب المسجد في خارجه (2). الخوئي: بل هو المتعيّن، و لا مجال للاحتياط المزبور (3). الگلپايگاني: بل الأحوط الإحرام من خارج المسجد على القول بعدم تعيين المسجد (4). الامام الخميني: إذا استلزم اللبث، و إلّافلايتعيّن (5). مكارم الشيرازي: و العمدة في ذلك رواية أبي بصير (7/ 2 من المواقيت) و إسحاق بن عمّار (8/ 22 من أقسام الحجّ) و مرسلة الصدوق (9/ 2 من المواقيت). و هذه الروايات و إن كانت معارضة بما هي أصحّ منها سنداً،

ولكن عمل المشهور بها يوجب ترجيحها، لو لم نقل بالجمع الدلالي بينهما بحمل الثانية على الفرد الأفضل (6). الگلپايگاني: لايُترك (7). الامام الخميني: و الأحوط ترك ذلك و تأخير الإحرام إلى ذات عرق، بل عدم جواز ما ذكره و جعله أولى لايخلو من قوّة (8). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط (9). الخوئي: مع الاحتياط بالفدية للبس المخيط

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال بناءً على القول بجواز الإحرام في حال الاختيار من ذات عرق؛ ولو قلنا بالجواز، فالأحوط وجوب الفدية لما لبس من المخيط و ذلك لعدم الملزم له على الإحرام من قبل مع ارتكاب الخلاف؛ نعم، في رواية الاحتجاج جواز ذلك (10/ 2 من المواقيت) ولكن في سنده إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 440

ثمّ نزعهما و لبس ثيابه إلى ذات عرق ثمّ التجرّد و لبس الثوبين، فهو أولى.

[الثالث: الجحفة]

الثالث: الجحفة، و هي لأهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

[الرابع: يلملم

الرابع: يلملم، و هو لأهل اليمن.

[الخامس: قرن المنازل

الخامس: قرن المنازل، و هو لأهل الطائف.

[السادس: مكّة]

السادس: مكّة، و هي لحجّ التمتّع.

[السابع: دويرة الأهل

السابع: دويرة الأهل، أي المنزل، و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة أيضاً على المشهور الأقوى و إن استشكل فيه بعضهم، فإنّهم يحرمون لحجّ القران و الإفراد من مكّة (1)، بل و كذا المجاور الّذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة و إن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة و هي أحد مواضع أدنى الحلّ، للصحيحين الواردين فيه (2) المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم ينتقل و إن كان القدر المتيقّن، الثاني؛ فلايشمل ما نحن فيه، لكنّ الأحوط ما ذكرنا عملًا بإطلاقهما. و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، و إلّافيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت، بل لعلّه أفضل، لبعد المسافة و طول زمان الإحرام.

[الثامن: فخّ

الثامن: فخّ، و هو ميقات الصبيان في غير حجّ التمتّع عند جماعة، بمعنى جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان، لا أنّه يتعيّن ذلك، و لكنّ الأحوط (3) ما عن آخرين (4) من وجوب (1). الخوئي: بل يخرجون إلى الجعرانة فيحرمون منها، و كذلك المجاور مطلقاً (2). مكارم الشيرازي: و هو إشارة إلى ما رواه عبدالرحمن بن حجّاج (5/ 9 من أبواب أقسام الحجّ) و ما رواه أبوالفضل سالم الحنّاط (6/ 9 من أبواب أقسام الحجّ) ولكن اشتمال الروايتين على المستحبّات أوّلًا، و التصريح فيها بأنّه ميقات رسول اللّه صلى الله عليه و آله عند رجوعه من فتح حنين و غيره ثانياً، و عدم فتوى المشهور بهما ثالثاً، ممّا يضعف الاعتماد عليهما بعنوان دليل على الوجوب و إن كان العمل بهما أولى (3). الگلپايگاني: في كون ما ذكره أحوط تأمّل، بل الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط؛ و أمّا تأخير إحرامهم إلى فخّ

فالظاهر أنّه لا إشكال فيه (4). الخوئي: بل الظاهر ذلك، و إنّما يكون تجريدهم من فخّ لمن يمرّ بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 441

كون إحرامهم من الميقات، لكن لايجرّدون إلّافي فخّ (1)، ثمّ إنّ جواز التأخير على القول الأوّل إنّما هو إذا مرّوا على طريق المدينة، و أمّا إذا سلكوا طريقاً لايصل إلى فخّ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين.

[التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة]

التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (2)، و هي ميقات من لم يمرّ على أحدها، و الدليل عليه صحيحتا ابن سنان، و لايضرّ اختصاصهما (3) بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثاليّة منهما و عدم القول بالفصل، و مقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكّة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكّة.

و تتحقّق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون بينه و بين مكّة باب (4)، و (1). مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، كما هو المستفاد من المتن أيضاً فإنّه نقل الحكم بكون «فخّ» ميقاتاً عن جماعة من دون الفتوى به و لعلّه لأنّ العمدة في هذا الحكم صحيحتا أيّوب بن حرّ (1/ 18 من أبواب المواقيت) و عليّ بن جعفر (2/ 18 من المواقيت) و ليس فيهما إلّاالأمر بالتجريد من فخّ و إن كان يمكن أن يقال أنّ التجريد كناية عن الإحرام، ولكنّ الاعتماد على هذا الاحتمال مشكل، فالأحوط ما ذكر، كما أنّ الأحوط حينئذٍ الفدية للبس المخيط و إن كان ظاهر الأصحاب عدم وجوبه (2). مكارم الشيرازي: و العمدة هنا صحيحة ابن سنان (وليس هنا صحيحتان، كما ذكره في المتن، بل هي رواية واحدة رويت بطريقين مع اختلاف يسير في التعبير، كما لايخفى على من تأمّل فيهما حقّ التأمّل) و

مقتضاها هو وجوب الإحرام من الأبعد، لأنّ ظاهر الأمر هو الوجوب التعييني؛ و العجب ممّن صرّح بوجوب الإحرام من الأقرب، مع عدم دليل عليه (3). الخوئي: لايبعد الاختصاص بملاحظة أنّ مسجد الشجرة له خصوصيّة و هي أنّ السنّة في الإحرام منه أن يفرض الحجّ في المسجد و يؤخّر التلبية إلى البَيداء، و هي خصوصيّة ليست لسائر المواقيت فلايبعد أن يكون الاكتفاء بالمحاذاة خصوصيّة له، و على فرض التنزّل فالمحاذاة المعتبرة لابدّ أن تكون مثل ذلك المقدار ممّا يمكن للشخص رؤية المحاذى له لابمقدار مسافة بعيدة كعشرين فرسخاً أو أكثر، و على هذا فلا مجال للكلام في سائر خصوصيّاتها الّتي في المتن، و مع ذلك ففي كلامه مواضع للنظر لا موجب للتعرّض لها (4). الامام الخميني: في العبارة اشتباه، و لو كان مكان «باب» «مسافة» يكون المراد أنّ الضابط من المحاذاة هوالوصول إلى موضع تكون مسافته إلى مكّة كمسافة الميقات إليها، و لازمه أن يكون كلّ من الميقات و ذلك الموضع على محيط دائرة تكون مكّة مركزها و هو لاينطبق على ضابطه الآخر و لايكون صحيحاً عرفاً و لا عقلًا. و الضابط الآخر صحيح، فإنّ لازم كون الخطّ من موقفه إلى الميقات في ذلك الطريق أقصر الخطوط أن يكون الميقات على يمين المارّ أو شماله في ذلك الطريق بحيث لو جاز عنه مال إلى ورائه

الگلپايگاني: العبارة غير وافية بالمقصود و لعلّها محرّفة؛ و الأولى أن يقال: تتحقّق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكّة إلى موضع يكون الميقات على يمينه أو شماله بالخطّ المستقيم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 442

هي بين ذلك الميقات و مكّة (1) بالخطّ المستقيم، و بوجه آخر أن يكون الخطّ من موقفه إلى الميقات

أقصر (2) الخطوط في ذلك الطريق. ثمّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفاً، فلايكفي إذا كان بعيداً عنه، فيعتبر فيها المسامتة (3) كما لايخفى.

و اللّازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن، و إلّافالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة (4)، و مع عدمه أيضاً فاللازم الذهاب إلى الميقات أو الإحرام من أوّل موضع احتماله و استمرار النيّة و التلبية إلى آخر مواضعه، و لايضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذٍ، مع أنّه لايجوز، لأنّه لا بأس به (5) إذا كان بعنوان الاحتياط، و لايجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنّهما لايثبتان كون ما بعد ذلك محاذاةً، و المفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة، و يجوز لمثل هذا الشخص (6) أن ينذر الإحرام قبل الميقات (7) فيحرم في أوّل موضع الاحتمال أو قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر، و الأحوط في صورة الظنّ أيضاً عدم الاكتفاء به و إعمال أحد هذه الامور و إن كان الأقوى (1). مكارم الشيرازي: العبارة محرّفة بلا إشكال، و حقّ العبارة أن يقال: «إلى موضع يكون بينه و بين مكّة بقدر ما بين ذلك الميقات و مكّة» كما يظهر لمن راجع الجواهر فإنّه قال: «معنى غلبة الظنّ بمحاذاة أقرب المواقيت حينئذٍ بلوغ محلّ بينه و بين مكّة بقدر ما بين مكّة و أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان» (الجواهر ج 8 ص 116). و ليعلم أنّ المراد بمرحلتين هو ميقات «قرن المنازل» أو «يلملم» لأنّهم صرّحوا بأنّهما على مرحلتين من مكّة (2). الگلپايگاني: مع كون الميقات على يمينه أو شماله (3). الگلپايگاني: مع كونه في ناحية يكون ذلك الميقات ميقاتاً لأهلها (4). مكارم

الشيرازي: بل يمكن أن يقال: أنّ قول أهل الخُبرة حجّة حتّى مع إمكان تحصيل العلم لاسيّما إذا كان عدلًا، لحجيّة قول أهل الخُبرة في أمثال المقام أوّلًا، و حجيّة خبر العدل الواحد في الموضوعات ثانياً، كما ذكرناه في محلّه (5). الامام الخميني: فيه إشكال، بل منع لو قلنا بحرمة الإحرام قبل الوصول إلى المحاذاة مع جريان الأصل الموضوعي أو الحكمي فيه، فاللازم لمثل هذا الشخص التخلّص بالنذر (6). الگلپايگاني: بل هو الأحوط (7). مكارم الشيرازي: بل هذا هو الأحوط، لما وقع من الإشكال في العمل بالاحتياط من ناحية بعضهم. و سيأتي الكلام في حكم نذر الإحرام قبل الميقات في أحكام المواقيت مشروحاً إن شاء اللّه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 443

الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات، لكنّ الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقاً. ثمّ إن أحرم في موضع الظنّ (1) بالمحاذاة و لم تبيّن الخلاف فلا إشكال، و إن يتبيّن بعد ذلك كونه قبل المحاذاة و لم يتجاوزه أعاد الإحرام، و إن تبيّن كونه قبله و قد تجاوز أو تبيّن كونه بعده فإن أمكن العود و التجديد تعيّن، و إلّافيكفي (2) في الصورة الثانية و يجدّد في الاولى (3) في مكانه، و الأولى التجديد مطلقاً. و لا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البرّ و البحر (4).

ثمّ إنّ الظاهر أنّه لايتصوّر طريق لايمرّ على ميقات و لايكون محاذياً لواحد منها (5)، إذ المواقيت محيطة بالحرم (6) من الجوانب (7)، فلابدّ من محاذاة واحد منها، و لو فرض إمكان ذلك (1). الامام الخميني: أو العلم به (2). الامام الخميني: إذا كان إحرامه قبل الحرم، أو لم يمكن له الرجوع إلى خارج الحرم، و إلّافيرجع إلى

خارج الحرم فيحرم منه

الگلپايگاني: بل يجدّد في الصورتين، إلّاإذا تبيّن عدم التمكّن من الإحرام من الميقات حين إحرامه من بعد الميقات (3). مكارم الشيرازي: بل لايُترك الاحتياط بتجديد الإحرام في الصورة الثانية أيضاً، لأنّ إحرامه الأوّل كان في زمان يمكنه العود إلى الميقات، فإحرامه ممّا بعده لم يكن جائزاً في الواقع إلّاإذا فرض عدم قدرته على ذلك في الإحرام الأوّل أيضاً (4). الگلپايگاني: و الظاهر كفاية الإحرام في الطيّارة فوق الميقات إذا أحرز و تمكّن من الإحرام فيها

مكارم الشيرازي: بل و كذا الجوّ إذا سافر بالطائرة، فلو كان هناك مطار بعد المواقيت أو داخل الحرم فلايجوز لركّاب الطائرات العبور عن محاذاة الميقات إلّامحرماً و يكفيهم إحرامهم في الجوّ؛ و أمّا مسألة الاستظلال في تلك الحالة فهو أمر آخر سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى (5). الخوئي: بين هذا و ما تقدّم منه قدس سره من إختصاص المحاذاة بموارد الصدق العرفيّ تهافت ظاهر (6). الگلپايگاني: و لاينافي ذلك كون يلملم لثلاثة أرباع الدائرة، لأنّ ميقات جميع هذه الناحية يلملم (7). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالرجوع إلى أحد المواقيت لو أمكن، و إلّافيحرم في محلّ يظنّ أو يحتمل المحاذاة ثمّ يجدّده في أدنى الحلّ، و قال سيّدنا الاستاذ المحقّق البروجردي قدس سره في بعض حواشيه في المقام: ليس كذلك، فإنّ «ذاالحليفة» و «الجحفة» كليهما في شمال الحرم على خطّ واحد تقريباً، و «قرن المنازل» في المشرق منه، و «العقيق» بين الشمال و المشرق، فتبقى «يلملم» وحدها لثلاثة أرباع الدورة المحيطة بالحرم، و بينها و بين «قرن المنازل» أكثر من ثلاثة أثمان الدورة، و منها إلى «الجحفة» قريب من ذلك (انتهى). و يظهر فيما حكي عن كثير من الأعلام

كالعلّامة في القواعد و صاحب الحدائق في حدائقه و صاحب المدارك في مداركه و غيرهم المفروغيّة من وجود طرق لاتنتهي إلى شي ء من المواقيت و محاذاتها، مضافاً إلى أنّ الشكّ في ذلك كافٍ و مقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الإحرام في أمثاله إلّامن أدنى الحلّ، ولكن مع ذلك لايُترك الاحتياط عند ما يحتمل محاذاة بعض المواقيت ثمّ تجديد الإحرام في أدنى الحلّ؛ هذا إذا لم يقدر على المرور على بعض المواقيت، و إلّافلايُترك الاحتياط بالمرور على الميقات لما عرفت، و ذلك لما يظهر من بعض الروايات أنّ المواقيت الّتي حدّدها رسول اللّه صلى الله عليه و آله محدودة معدودة لايحرم إلّامنها أو ما يحاذيها (مثل 3 و 7/ 1 من المواقيت) و سيأتي تتمّة الكلام في ذلك في أحكام الإحرام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 444

فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ (1). و عن بعضهم أنّه يحرم من موضع يكون بينه و بين مكّة بقدر ما بينها و بين أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان، لأنّه لايجوز لأحدٍ قطعه إلّامحرماً؛ و فيه: أنّه لا دليل عليه، لكنّ الأحوط (2) الإحرام منه و تجديده في أدنى الحلّ.

[العاشر: أدنى الحلّ

العاشر: أدنى الحلّ (3)، و هو ميقات العمرة المفردة بعد حجّ القران أو الإفراد، بل لكلّ عمرة مفردة (4)، و الأفضل أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم فإنّها منصوصة، وهي من حدود الحرم على اختلاف بينها في القرب و البعد؛ فإنّ الحديبيّة بالتخفيف أو التشديد: بئر بقرب مكّة على طريق جدّة دون مرحلة، ثمّ اطلق على الموضع، و يقال: نصفه في الحلّ و نصفه في الحرم؛ و الجعرانة بكسر الجيم و العين و تشديد الراء، أو بكسر الجيم و سكون

العين و تخفيف الراء: موضع بين مكّة و الطائف على سبعة أميال؛ و التنعيم: موضع قريب من مكّة و هو أقرب أطراف الحلّ إلى مكّة، و يقال: بينه و بين مكّة أربعة أميال، و يعرف بمسجد (1). الخوئي: بل اللازم الإحرام من أحد المواقيت مع الإمكان، و مع عدمه يجري عليه حكم المتجاوز عن الميقات بغير إحرام

الگلپايگاني: بل اللازم عليه العبور من أحد المواقيت و الإحرام منه، و مع عدم الإمكان فمن الأقرب منه ثمّ الأقرب إلى أدنى الحلّ (2). الامام الخميني: بل الأحوط التخلّص بالنذر

الگلپايگاني: بل الأحوط ما قلنا من العبور من أحد المواقيت إلى آخر ما ذكرنا في الحاشية السابقة (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبداللّه عليه السلام: «من أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبيّة أو ما أشبهها» (1/ 22 من المواقيت). و تخصيص صدرها بمن كان في مكّة غير قادح بعد ملاحظة ذيله من فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في عمرة القضاء و عمرته عند رجوعه من الطائف من غزوة حنين و غيرها، مضافاً إلى ذهاب المشهور إليه (4). الخوئي: لمن كان بمكّة و أراد العمرة و من أتى دون المواقيت غير قاصد لدخول مكّة ثمّ بدا له أن يعتمر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 445

عائشة، كذا في مجمع البحرين. و أمّا المواقيت الخمسة، فعن العلّامة في المنتهى أنّ أبعدها من مكّة ذوالحليفة، فإنّها على عشرة مراحل من مكّة، و يليه في البعد الجحفة؛ و المواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها و بين مكّة ليلتان قاصدتان، و قيل: إنّ الجحفة على ثلاث مراحل من مكّة.

مسألة 5: كلّ

من حجّ أو اعتمر على طريق، فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق و إن كان مهلّ أرضه غيره، كما أشرنا إليه سابقاً، فلايتعيّن أن يحرم من مهلّ أرضه، بالإجماع و النصوص، منها صحيحة صفوان: «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقّت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها».

مسألة 6: قد علم ممّا مرّ أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة، واجباً كان أو مستحبّاً، من الآفاقيّ أو من أهل مكّة، و ميقات عمرته أحد المواقيت (1) الخمسة (2) أو محاذاتها (3) كذلك أيضاً، و ميقات حجّ القران و الإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً إلّاإذا (4) كان منزله دون الميقات أو مكّة (5)، فميقاته منزله، و يجوز من أحد تلك المواقيت أيضاً، بل هو الأفضل، و ميقات عمرتهما أدنى الحلّ إذا كان في مكّة، و يجوز من أحد المواقيت أيضاً، و إذا لم يكن في مكّة فيتعيّن أحدها (6)؛ و كذا الحكم في العمرة المفردة (7)، مستحبّةً كانت أو واجبةً. و إن نذر الإحرام من ميقات معيّن، تعيّن (8). و المجاور بمكّة بعد السنتين حاله حال أهلها، و قبل ذلك حاله حال (1). الامام الخميني: بالتفصيل المتقدّم

الگلپايگاني: نعم، من كان منزله أقرب إلى مكّة من الميقات، فميقاته منزله مطلقاً على الظاهر (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت سابقاً أنّ من كان منزله دون الميقات إلى مكّة، ميقاته دويرة أهله، فلايجب عليه الرجوع إلى المواقيت الخمسة (3). الخوئي: تقدم الإشكال فيه [في الميقات التاسع (4). الامام الخميني: و كذا الحال في المتمتّع (5). الخوئي: تقدّم أن أهل مكّة يخرجون إلى الجعرانة و يحرمون منها (6). الامام الخميني: أو منزله إذا كان أقرب

الگلپايگاني: أو منزله إن

كان بين مكّة و الميقات

مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان منزله دون الميقات، فميقاته دويرة أهله، كما مرّ (7). الگلپايگاني: يعني غير عمرة القران و الإفراد، و إلّافهما أيضاً مفردتان (8). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان نذره للميقات في ضمن نذر الحجّ أو العمرة حتّى يكون الرجحان في جنس المنذور كافياً و إن لم يكن في خصوصيّات فرده؛ و أمّا إذا نذر بأنّي إذا حَجَجتُ أو اعتَمَرتُ كان حجّي أو عمرتي من ميقات كذا، فنذره مشكل، إلّاإذا كان في تلك الميقات رجحان شرعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 446

النائي، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها (1)، و إذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحلّ.

[فصل في أحكام المواقيت

فصل في أحكام المواقيت

مسألة 1: لايجوز الإحرام قبل المواقيت، و لاينعقد، و لايكفي المرور عليها محرماً، بل لابدّ من إنشائه جديداً، ففي خبر ميسرة: دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام و أنا متغيّر اللون، فقال عليه السلام: من أين أحرمت بالحجّ؟ فقلت: من موضع كذا و كذا، فقال عليه السلام: «ربّ طالب خير يزلّ قدمه» ثمّ قال: «أيسرّك إن صلّيت الظهر في السفر أربعاً؟» قلت: لا، قال: «فهو واللّه ذاك»؛ نعم، يستثنى من ذلك موضعان:

أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز و يصحّ، للنصوص؛ منها خبر أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام: «لو أنّ عبداً أنعم اللّه تعالى عليه نعمة أو ابتلاه ببليّة فعافاه من تلك البليّة فجعل على نفسه أن يحرم من خراسان، كان عليه أن يتمّ».

و لايضرّ عدم رجحان ذلك، بل مرجوحيّته قبل النذر (2)، مع أنّ اللّازم كون متعلّق النذر راجحاً، و ذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار، و

اللّازم رجحانه حين العمل و لو كان ذلك للنذر؛ و نظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرّم من حيث هو، (1). الخوئي: تقدّم الإشكال فيه [في الميقات التاسع (2). مكارم الشيرازي: و قد يقال: لايبعد استفادة رجحان الإحرام حتّى قبل الميقات ذاتاً و المرجوحيّة بالعرض، لكونه ردّاً لهدية اللّه تعالى على عباده بترخيص الترك إلى الميقات لغير الناذر، و أمّا للناذر فباقٍ على رجحانه الذاتي، ولكن يرد عليه أنّ ردّ الهدية قبيح حتّى إذا نذر الإنسان ردّها، بل لعلّ نذر ردّها أقبح، فالأولى أن يقال: إنّ النذر هنا ملازم لطروّ عنوان راجح، و يستكشف ذلك من الأخبار الواردة في الباب؛ هذا، و يقال أيضاً أنّ أدلّة اعتبار الرجحان في النذر مطلقة قابلة للتقييد بروايات الباب، و أىّ فرق بينه و بين سائر المطلقات؟ ولكن يرد عليه أنّ ماهيّة النذر قربيّ و معناه التقرّب إلى اللّه بشي ء مطلوب له يتنعّم على عبده نعمةً أو ليكون شكراً لنعمته الّتي أنعمها عليه، ولايمكن التقرّب و الشكر بما ليس محبوباً له. و إن شئت، قلت: قول الناذر «للّه علىّ» فرع كونه محبوباً له و هذا أمر لايقبل التخصيص أبداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 447

مع صحّته و رجحانه بالنذر، و لابدّ من دليل يدلّ على كونه راجحاً بشرط النذر (1)، فلايرد أنّ لازم ذلك صحّة نذر كلّ مكروه أو محرّم. و في المقامين المذكورين، الكاشف هو الأخبار؛ فالقول بعدم الانعقاد، كما عن جماعة لما ذكر، لا وجه له، لوجود النصوص و إمكان تطبيقها على القاعدة.

و في إلحاق العهد و اليمين بالنذر و عدمه وجوه؛ ثالثها إلحاق العهد دون اليمين؛ و لايبعد الأوّل (2)، لإمكان الاستفادة من الأخبار، و الأحوط الثاني

(3)، لكون الحكم على خلاف القاعدة؛ هذا، و لايلزم التجديد في الميقات و لا المرور عليها و إن كان الأحوط التجديد، خروجاً عن شبهة الخلاف.

والظاهر اعتبار تعيين المكان (4)، فلايصحّ (5) نذر الإحرام قبل الميقات مطلقاً، فيكون مخيّراً بين الأمكنة؛ لأنّه القدر المتيقّن بعد عدم الإطلاق في الأخبار؛ نعم، لايبعد الترديد بين المكانين (6) بأن يقول: للّه علىّ أن احرم إمّا من الكوفة أو من البصرة و إن كان الأحوط خلافه (7).

و لا فرق بين كون الإحرام للحجّ الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة؛ نعم، (1). الگلپايگاني: بل لايبعد استفادة رجحانه ذاتاً و المرجوحيّة بالعرض، لكونه ردّاً لهدية اللّه تعالى على عباده بترخيص الترك إلى الميقات لغير الناذر، و أمّا للناذر فباقٍ على رجحانه الذاتي، و كذا الصوم في السفر (2). الامام الخميني، الگلپايگاني: مشكل

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، بل الأقوى عدم الإلحاق و إن كان الأحوط العمل به ثمّ التجديد في الميقات، لأنّ الحكم على خلاف القاعدة و الدليل إنّما دلّ على خصوص النذر، و إلحاق غيره يحتاج إلى دليل؛ نعم، قول الماتن قدس سره: «الأحوط الثاني» أيضاً غير تامّ، بل مقتضى الاحتياط ما عرفت من العمل بالعهد و اليمين بقصد الرجاء و الإحرام قبل الميقات ثمّ تجديده في الميقات، ولكن هذا الاحتياط غير واجب (3). الگلپايگاني: بل الأحوط الإحرام من المكان المعهود عليه أو المقسم به رجاءً و تجديده من الميقات، و أحوط منه ترك التعهّد و اليمين عليه (4). مكارم الشيرازي: على الأحوط، نظراً إلى ما ذكره في المتن من كونه القدر المتيقّن و من احتمال إلغاء الخصوصيّة (5). الامام الخميني: على الأحوط (6). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيه أيضاً، لعين ما

مرّ (7). الخوئي: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 448

لو كان للحجّ أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون في أشهر الحجّ، لاعتبار كون الإحرام لهما فيها، و النصوص إنّما جوّزت قبل الوقت المكانيّ فقط. ثمّ لو نذر و خالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان نسياناً أو عمداً، لم يبطل إحرامه (1) إذا أحرم من الميقات؛ نعم، عليه الكفّارة إذا خالفه متعمّداً.

ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات؛ فإنّه يجوز له الإحرام قبل الميقات و تحسب له عمرة رجب و إن أتى ببقيّة الأعمال في شعبان، لصحيحة إسحاق (2) بن عمّار (3) عن أبي عبداللّه عليه السلام عن رجل يجي ء معتمراً ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أيحرم قبل الوقت و يجعلها لرجب أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟ قال عليه السلام: «يحرم قبل الوقت لرجب فإنّ لرجب فضلًا» و صحيحة معاوية بن عمّار: سمعت أباعبداللّه عليه السلام يقول: «ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الّذي وقّت رسول اللّه صلى الله عليه و آله، إلّاأن يخاف فوت الشهر في العمرة» و مقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضاً، حيث إنّ لكلّ شهر عمرة، لكنّ الأصحاب خصّصوا ذلك برجب، فهو الأحوط (4)، حيث إنّ الحكم على خلاف القاعدة و الأولى و الأحوط مع ذلك التجديد في الميقات، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت و إن كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى الميقات، بل هو الأولى، حيث إنّه يقع باقي أعمالها (5) أيضاً في رجب (6).

(1). مكارم الشيرازي: ولكن لايبعد وجوب الرجوع إلى ذلك المكان

و الإحرام منه، لو كان نذره مطلقاً من هذه الجهة (2). الامام الخميني: كونها صحيحة محلّ تأمّل؛ نعم، هي حجّة معتبرة، لتردّدها بين الصحيحة و الموثّقة (3). الخوئي: الرواية موثّقة و ليست بصحيحة على مصطلح المشهور (4). الخوئي: و إن كان الأظهر عدم الاختصاص (5). الامام الخميني: كيف يقع في رجب مع الفرض المذكور وكان عليه تعليل الأولويّة بطول الإحرام في رجب؟ (6). مكارم الشيرازي: مفروض المسألة أنّه لايقع باقي أعمالها في رجب، فكيف يصحّ هذا التعليل؟ و لذا قال بعض الأعاظم قدس سره أنّه لم يفهم لهذا التعليل معنى محصّلًا. و يمكن أن يكون مراده أنّه يكون له فضل وقوع باقي أعماله في رجب. و على كلّ حال، الأولى أن يقال: حيث إنّه يقع إحرامه رجب في زمن أطول

العروة الوثقى، ج 2، ص: 449

و الظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة و الواجبة بالأصل (1) أو بالنذر و نحوه.

مسألة 2: كما لايجوز تقديم الإحرام على الميقات، كذلك لايجوز التأخير عنها، فلايجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً إلّامحرماً، بل الأحوط (2) عدم المجاوزة عن محاذاة الميقات أيضاً إلّامحرماً و إن كان أمامه ميقات آخر؛ فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان، إلّاإذا كان أمامه ميقات آخر، فإنّه يجزيه الإحرام منها (3) و إن أثم بترك الإحرام من الميقات الأوّل (4)، و الأحوط العود (5) إليها مع الإمكان مطلقاً (6) و إن كان أمامه ميقات آخر. و أمّا إذا لم يرد النسك و لا دخول مكّة، بأن كان له شغل خارج مكّة و لو كان في الحرم (7)، فلايجب الإحرام (8)؛ نعم، في بعض الأخبار (9) وجوب الإحرام من الميقات إذا (1). مكارم

الشيرازي: قد مرّ الكلام فيه في فصل أقسام العمرة في المسألة الاولى (2). الخوئي: لابأس بتركه إلّافي مورد النصّ و هو مسجد الشجرة في صورة خاصّة (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (4). مكارم الشيرازي: إثمه غير واضح، لأنّ ما يدلّ على وجوب الإحرام من الميقات طائفتان من الأخبار: طائفة منها تدلّ على ذلك للحاجّ والمعتمر، فالوجوب فيه شرطي لا مولوي (راجع الباب الأوّل من المواقيت)؛ و الطائفة الثانية ما دلّ على أنّه لايجوز دخول مكّة إلّامحرماً إلّاللمرضى (راجع الباب 50 من الإحرام) و ظاهرها وجوب مولوي، ولكن لم يرد فيها النهي عن التجاوز عن الميقات إلّامحرماً، فلو لم يحرم من الميقات الأوّل و أحرم من الميقات الثاني كفى، فالحكم بأنّه آثم غير معلوم (5). الامام الخميني: لايُترك (6). مكارم الشيرازي: لاينبغي ترك هذا الاحتياط، بل لايُترك بناءً على القول بأنّه آثم إذا تجاوز، فإنّ الإثم إنّما يكون إذا انتهى بهذا التجاوز إلى مكّة، و أمّا إذا رجع فلايكون مجاوزاً عن الميقات إلى مكّة فلايأثم (7). الگلپايگاني: لكنّه يظهر من بعض الأخبار أنّ الإحرام للحرم و لم يتحقّق إجماع على عدم وجوبه لدخول الحرم، فلايُترك الاحتياط؛ نعم، إذا لم يرد دخول الحرم لايجب عليه للعبور من الميقات (8). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالإحرام إذا أراد دخول الحرم، لإطلاق غير واحد من الروايات المعتبرة (1 و 2 من الباب 50 من أبواب الإحرام)؛ و أمّا دعوى الإجماع على عدم وجوبه، فالظاهر أنّ المراد منه هو الإجماع الّذي ادّعاه صاحب المدارك، حيث قال: «قد أجمع العلماء على أنّ من مرّ على الميقات و هو لايريد دخول مكّة، بل يريد حاجة فيما سواها لايلزم الإحرام» ولكنّ الظاهر أنّ مراده عدم دخول الحرم لاستدلاله

في ذيل هذه العبارة بفعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيث جاوز «ذاالحليفة» و ورد «بدر» مرّتين بدون الإحرام و من الواضح أنّ «بدر» خارج الحرم في وسط طريق مكّة و المدينة (9). الخوئي: محمول على مريد الدخول بمكّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 450

أراد دخول الحرم و إن لم يرد دخول مكّة، لكن قد يدّعى الإجماع على عدم وجوبه و إن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات.

مسألة 3: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً و لم يتمكّن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر ولم يكن أمامه ميقات آخر، بطل إحرامه و حجّه على المشهور الأقوى (1)، و وجب عليه قضاؤه (2) إذا كان مستطيعاً، و أمّا إذا لم يكن مستطعياً فلايجب وإن أثم بترك الإحرام بالمرور على الميقات، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة (3)؛ و القول بوجوبه عليه و لو لم يكن مستطعياً بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكّة فمع تركه يجب قضاؤه، لا دليل عليه، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة، و ذلك لأنّ الواجب عليه إنّما كان الإحرام لشرف البقعة (4) كصلاة التحيّة في دخول المسجد، فلا قضاء مع تركه، مع أنّ وجوب الإحرام لذلك لايوجب وجوب الحجّ عليه؛ و أيضاً إذا بدا له و لم يدخل مكّة، كشف عن عدم الوجوب من الأوّل.

و ذهب بعضهم إلى أنّه لو تعذّر عليه العود إلى الميقات أحرم من مكانه (5)، كما في الناسي و الجاهل، نظير ما إذا ترك التوضّي إلى أن ضاق الوقت فإنّه يتيمّم و تصحّ صلاته و إن أثم بترك الوضوء متعمّداً؛ و فيه: أنّ البدليّة في المقام لم تثبت (6)، بخلاف مسألة التيمّم و المفروض (1). الخوئي: بل الأقوى صحّته، لكن لو أمكن الرجوع إلى الميقات

فليرجع و يحرم منه، و إلّافيحرم من مكانه إن كان خارج الحرم ولو كان أمامه ميقات آخر، و إن كان في الحرم و أمكن أن يرجع إلى خارج الحرم رجع إليه و يحرم منه (2). الامام الخميني: أي إتيانه في سنة اخرى

مكارم الشيرازي: التعبير بالقضاء لايخلو عن مسامحة و المراد أداؤه في العام المستقبل (3). الگلپايگاني: يعني لم يدخل الحرم، حيث إنّ الظاهر عدم القائل بوجوبه حينئذٍ

مكارم الشيرازي: بل الحرم أيضاً على الأحوط، كما مرّ في المسألة السابقة (4). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ ظاهر بعض الأخبار كونه لشرف الحرم و إن كان شرف الحرم لشرف المسجد وشرف المسجد لشرف البقعة (5). الخوئي: هذا هو الصحيح على تفصيل تقدّم [في التعليقة السابقة] (6). مكارم الشيرازي: قد يتمسّك له بصحيحة الحلبي (7/ 14 من المواقيت) فقد ورد فيها: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل ترك الإحرام حتّى دخل الحرم؛ و ليس فيها إشارة إلى الجهل أو النسيان، فمقتضى إطلاقه شمول الجميع؛ اللّهم إلّاأن يقال بانصرافه إلى الجاهل و الناسي لاسيّما مع ما ورد في رواية عليّ بن جعفر (10/ 14) من التقييد بكونه جاهلًا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 451

أنّه ترك ما وجب عليه متعمّداً.

مسألة 4: لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة وترك الإحرام لها متعمّداً، يجوز له أن يحرم من أدنى الحلّ، و إن كان متمكّناً من العود إلى الميقات فأدنى الحلّ له مثل كون الميقات أمامه (1) و إن كان الأحوط (2) مع ذلك العود إلى الميقات (3)، و لو لم يتمكّن من العود و لا الإحرام من أدنى الحلّ بطلت عمرته.

مسألة 5: لو كان مريضاً لم يتمكّن من النزع و لبس الثوبين، يجزيه النيّة و التلبية، فإذا

زال عذره نزع و لَبسهما (4) و لايجب حينئذٍ عليه العود إلى الميقات (5)؛ نعم، لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء، ثمّ زال، وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكّن، و إلّا كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه (6) إذا لم يتمكّن إلّامنه، و إن تمكّن العود في الجملة وجب (7). و ذهب بعضهم إلى أنّه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره، لمرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام في مريض اغمي عليه فلم يفق حتّى أتى الموقف، قال عليه السلام: «يحرم عنه (1). الخوئي: فيه إشكال، بل لايبعد وجوب العود إلى الميقات (2). الامام الخميني، الگلپايگاني: لايُترك (3). مكارم الشيرازي: لايُترك، لما مرّ في المسألة الثانية هنا (4). الخوئي: سيأتي منه قدس سره عدم وجوب استدامة اللبس بعد تحقّق الإحرام و هو الصحيح، فلايجب لبسهما في الفرض (5). مكارم الشيرازي: بل الأحوط إن أمكن أن يلبس الثوبين عند النيّة و التلبية ثمّ ينزعهما و يلبس لباسه، و إلّاعاد إلى الميقات. و لايخفى ما في عبارة المتن من قوله «زال عندها» لعدم معنى صحيح لقوله «عندها» و الأولى أن يقال: فإذا زال عنه (أي زال المرض عنه). و سيأتي تتمّة كلام في المسألة في فصل كيفيّة الإحرام في الأمر الثالث من واجبات الإحرام (6). الخوئي: على تفصيل تقدّم [في هذا الفصل، المسألة 3] (7). الامام الخميني: على الأحوط و إن كان الأقوى عدم الوجوب؛ نعم، لو كان في الحرم يخرج إلى خارجه مع الإمكان. و ما ذكرناه جارٍ في جميع الأعذار عن إنشاء أصل الإحرام

الخوئي: على الأحوط في خصوص الحائض في خارج الحرم، و لايجب في غيرها

مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام

فيه إن شاء اللّه في المسألة الآتية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 452

رجل» و الظاهر أنّ المراد أنّه يحرمه رجلٌ و يجنّبه عن محرّمات الإحرام، لا أنّه ينوب عنه في الإحرام، و مقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته و إن كان ممكناً، و لكنّ العمل به مشكل، لإرسال الخبر و عدم الجابر، فالأقوى العود مع الإمكان و عدم الاكتفاء به مع عدمه.

مسألة 6: إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلًا بالحكم أو الموضوع، وجب العود إليه مع الإمكان، و مع عدمه فإلى ما أمكن (1)، إلّاإذا كان أمامه ميقات آخر، و كذا إذا جاوزها مُحلًاّ، لعدم كونه قاصداً للنسك و لا لدخول مكّة، ثمّ بدا له ذلك، فإنّه يرجع إلى الميقات مع التمكّن و إلى ما أمكن مع عدمه.

مسألة 7: من كان مقيماً في مكّة (2) و أراد حجّ التمتّع، وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات (3) إذا تمكّن، و إلّافحاله حال الناسي.

مسألة 8: لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر، وجب عليه العود مع الإمكان و إلّا ففي مكانه و لو كان في عرفات، بل المشعر (4)، و صحّ حجّه، و كذا لو كان جاهلًا بالحكم. و لو أحرم له من غير مكّة مع العلم و العمد، لم يصحّ و إن دخل مكّة بإحرامه، بل وجب عليه (1). الامام الخميني: مرّ التفصيل في المسألة السابقة. و يأتي ما تقدّم فيمن جاوز محلًاّ، لعدم كونه قاصداً للنسك و لا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك

الخوئي: تقدّم الكلام عليه [في هذا الفصل، المسألة 3]

مكارم الشيرازي: الّذي يظهر من غير واحد من روايات الباب أنّه يخرج من الحرم فيحرم، و أمّا الزائد عليه فلا

دليل عليه، إلّاما رواه معاوية بن عمّار (4/ 14 من المواقيت) ولكن حملها على الاستحباب أولى من تقييد الروايات المتعدّدة الواردة مورد الحاجة مع إمكان العود غالباً و لو بمقدار يسير، مضافاً إلى أنّ العامل بها بين القدماء غير معلوم (2). الامام الخميني: و كان فرضه التمتّع (3). الخوئي: تقدّم حكم ذلك في المسألة الرابعة من (فصل في أقسام الحجّ)

مكارم الشيرازي: و قد مرّ البحث عنه في الفصل الثامن في أقسام الحجّ في المسألة الرابعة أيضاً (4). مكارم الشيرازي: بل و لو كان في منى أيضاً قبل الرمي و الاضحيّة. و العمدة في ذلك هي قاعدة الميسور أو إلغاء الخصوصيّة من رواية عليّ بن جعفر عليه السلام (8/ 14 من أبواب المواقيت) و ليس الكلام في صحّة حجّه، لأنّ الصحّة ثابتة و لو ترك الإحرام ناسياً إلى آخر الأعمال و إنّما الكلام في وجوب الإحرام له مهما أمكن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 453

الاستيناف مع الإمكان، و إلّابطل حجّه؛ نعم، لو أحرم من غيرها نسياناً و لم يتمكّن من العود إليها، صحّ إحرامه (1) من مكانه.

مسألة 9: لو نسي الإحرام و لم يذكر حتّى أتى بجميع الأعمال (2) من الحجّ أو العمرة (3)، فالأقوى صحّة عمله، و كذا لو تركه جهلًا حتّى أتى بالجميع.

[فصل في مقدّمات الإحرام

فصل في مقدّمات الإحرام

مسألة 1: يستحبّ قبل الشروع في الإحرام امور:

أحدها: توفير شعر الرأس، بل و اللحية لإحرام الحجّ مطلقاً، لا خصوص التمتّع كما يظهر من بعضهم، لإطلاق الأخبار، من أوّل ذي القعدة؛ بمعنى عدم إزالة شعرهما، لجملة من الأخبار و هي و إن كانت ظاهرة في الوجوب، إلّاأنّها محمولة على الاستحباب لجملة اخرى من الأخبار ظاهرة فيه؛ فالقول بالوجوب كما هو ظاهر

جماعة ضعيف و إن كان لاينبغي ترك الاحتياط كما لاينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً لخبر محمول على الاستحباب (4) أو على ما إذا كان في حال الإحرام. و يستحبّ التوفير للعمرة شهراً.

الثاني: قصّ الأظفار و الأخذ من الشارب و إزالة شعر الإبط والعانة بالطلي أو الحلق أو النَتف، و الأفضل الأوّل ثمّ الثاني (5)، و لو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة و إن لم يمض خمسةعشر يوماً. ويستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد، لفحوى ما دلّ على (1). الخوئي: لايبعد صحّة إحرامه الأوّل إذا كان حينه أيضاً غير متمكّن من الرجوع إلى مكّة (2). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه هي مرسلة جميل المنجبرة بعمل المشهور و فتوى المُعظم، و قد يستشكل بالنسبة إلى العمرة المفردة لعدم شمولها له، ولكنّ الإنصاف أنّها إذا شملت الحجّ و عمرة التمتّع فشمولها للعمرة المفردة بطريق أولى (3). الخوئي: في صحّة العمرة مع ترك إحرامها نسياناً أو جهلًا إشكال (4). الخوئي: الخبر صحيح و ظاهره وجوب الدم على الحالق رأسه بمكّة إذا كان متمتّعاً و كان ذلك فيما بعدشهر شوّال، فهو أجنبيّ عن محلّ الكلام (5). مكارم الشيرازي: يأتي بذلك رجاءً، لعدم وضوح مأخذه؛ و كذا ما بعده من استحباب الإعادة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 454

المذكورات؛ و كذا يستحبّ الاستياك.

الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، و مع العذر عنه التيمّم (1)، و يجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً، و الأحوط الإعادة في الميقات (2)، و يكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل و من أوّل الليل إلى النهار، بل الأقوى كفاية غسل

اليوم إلى آخر الليل و بالعكس، و إذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحبّ إعادته خصوصاً في النوم (3)، كما أنّ الأولى إعادته (4) إذا أكل أو لبس ما لايجوز أكله أو لبسه للمحرم، بل و كذا لو تطيّب، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام؛ فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام، الأولى إعادته، و لو أحرم بغير غسل أتى به و أعاد صورة الإحرام (5)؛ سواء تركه عالماً عامداً أو جاهلًا أو ناسياً، و لكن إحرامه الأوّل صحيح باقٍ على حاله، فلو أتى بما يوجب الكفّارة بعده و قبل الإعادة وجبت عليه.

و يستحبّ أن يقول عند الغسل أو بعده: بسم اللَّهِ و باللَّهِ (6)، اللَّهمّ اجعَلهُ لي نوراً و (1). الامام الخميني: يأتي به رجاءً

الگلپايگاني: الأحوط إتيانه رجاءً و الغسل عند التمكّن و إعادة صورة الإحرام، كما لو أحرم بغير غسل

مكارم الشيرازي: يأتي بالتيمّم رجاءً، لعدم وضوح شمول أدلّة بدليّة التيمّم للأغسال المستحبّة كلّها؛ و كذا بالنسبة إلى الفروع الآتية للغسل و إعادته، فإنّه يأتي به رجاءً (2). مكارم الشيرازي: بل الأفضل أيضاً، لما ورد من التصريح بالإعادة في بعض الروايات المعتبرة، مثل ما رواه هشام بن صالح على ما في طريق الصدوق، حيث قال: «لا عليكم أن تغتسلوا إذا وجدتم ماءً إذا بلغتم ذاالحليفة» (2 و 4/ 8 من أبواب الإحرام). و القول بأنّه لايستفاد منه سوى الإباحة، مدفوع بأنّ الغسل عبادة و جوازها دليل على رجحانها (3). الامام الخميني: بل في غير النوم محلّ تأمّل، و لا بأس بالإتيان به رجاءً (4). الامام الخميني: يأتي به رجاءً (5). مكارم الشيرازي: رجاءً؛ و الوجه في ذلك أنّ الخروج عن الإحرام لم يثبت في الشرع

إلّابالإتيان بمناسكه ثمّ التقصير؛ نعم، ظاهر رواية حسين بن سعيد عن أخيه الحسن إعادة الإحرام الملازم للخروج عنه بمجرّد النيّة، و الرواية و إن كانت معتبرة ولكنّها شاذّ فيما يستفاد منه، و الاعتماد عليها في مثل هذا الحكم مشكل جدّاً، و لذا لم يوافق أحد من المحشّين على العروة فيما رأيناه على ذلك، بل على إعادة صورة الإحرام (6). مكارم الشيرازي: رجاءً أو بقصد الدعاء المطلق، لأنّه ورد في كلام الصدوق من غير إسناد إلى المعصومين عليهم السلام؛ نعم، من البعيد أن لايكون موجوداً في رواية، ولكن حيث لم تصل إلينا لايكون سندها معتبراً عندنا؛ و قد ذكرنا غير مرّة أنّ التسامح في أدلّة السنن غير ثابتة عندنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 455

طهوراً و حرزاً و أمناً من كلّ خوفٍ و شِفاءً من كلّ داءٍ و سُقمٍ، اللَّهُمّ طَهّرْني و طَهّرْ قَلبي و اشرَح لي صَدري و أجْرِ عَلى لِساني محَبّتَكَ و مِدْحَتَكَ و الثَناءَ عَلَيْكَ فإنّه لا قوّة إلّا بكَ و قَد عَلِمتُ أنّ قَوامَ ديني التسليمُ لَكَ و الاتّباعُ لِسُنّةِ نَبيّكَ صَلواتُكَ عَلَيهِ و آلهِ».

الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة؛ و قيل بوجوب ذلك (1)، لجملة من الأخبار الظاهرة فيه، المحمولة على الندب للاختلاف الواقع بينها واشتمالها على خصوصيّات غير واجبة، و الأولى أن يكون بعد صلاة الظهر في غير إحرام حجّ التمتّع، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّى الظهر بمنى، و إن لم يكن في وقت الظهر فبَعد صلاة فريضة اخرى حاضرة، و إن لم يكن فمقضيّة (2)، و إلّافعقيب صلاة النافلة.

الخامس: صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام، و الأولى الإتيان بها مقدّماً على الفريضة (3)، و يجوز إتيانها في أىّ وقت

كان بلا كراهة حتّى في الأوقات المكروهة و في وقت الفريضة حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، لخصوص الأخبار (1). الگلپايگاني: و الأحوط عدم تركه

مكارم الشيرازي: القائل هو الإسكافي فيما حكي عنه، و لم نر قولًا بالوجوب لغيره، إلّاأنّ غير واحد من أعلام المحشّين نصّوا على عدم ترك الاحتياط هنا و إن كان أكثرهم وافقوا المشهور في الاستحباب. و العمدة في القول بالوجوب أو الاحتياط المطلق هو صحيحة معاوية بن عمّار (1/ 18 من أبواب الإحرام و 5/ 18 منه) ولكن له رواية اخرى مشتملة على مستحبّات كثيرة (1/ 16 من أبواب الإحرام) و من المحتمل قريباً كون الجميع رواية واحدة و لا أقلّ من أنّه لاظهور لها في التعدّد، و معه يشكل الأخذ بظهور الاولى في الاستقلال، و يؤيّده فهم المشهور (2). مكارم الشيرازي: لا دليل على كفاية صلوة القضاء إلّاإطلاق الفريضة أو المكتوبة الوارد في روايات الباب، ولكن شمولها للقضاء مشكل جدّاً، كما يظهر بمراجعة (رواية 5/ 18 من أبواب الإحرام) فالأولى الاكتفاء بالنافلة حينئذٍ (3). مكارم الشيرازي: الجمع بينها و بين الفريضة لايخلو عن إشكال، بل لعلّ ظاهر الأخبار التخيير بين كون الإحرام عقيب الفريضة أو عقيب النافلة، فراجع ما رواه عمر بن يزيد (3/ 18 من أبواب الإحرام) و ما رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام قال: «لايكون الإحرام إلّافي دَبر صلاة مكتوبة أو نافلة فإن كانت مكتوبة أحرمت في دَبرها بعد التسليم و إن كانت نافلة صلّيت ركعتين و أحرمت في دَبرهما» (1/ 16 منه)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 456

الواردة في المقام؛ و الاولى، أن يقرأ في الركعة الاولى بعد الحمد (1) التوحيد و في الثانية

الجحد، لا العكس كما قيل.

مسألة 2: يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقى أثره (2) إلى ما بعده مع قصد الزينة، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة و إن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه و إن كان الأقوى عدمها. و الرواية مختصّة بالمرأة، لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً لقاعدة الاشتراك، و لا بأس به. و أمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به و إن بقي أثره، و لا بأس بعدم إزالته و إن كانت ممكنة.

[فصل في كيفيّة الإحرام و واجباته ثلاثة]

اشارة

فصل في كيفيّة الإحرام و واجباته ثلاثة:

[الأوّل: النيّة]

الأوّل: النيّة، بمعنى القصد إليه (3)؛ فلو أحرم من غير قصد (4) أصلًا، بطل (5)؛ سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل؛ و يبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً، و أمّا مع السهو و الجهل فلايبطل (6)، و يجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن، و إلّافمن حيث أمكن، على التفصيل (7) الّذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام.

مسألة 1: يعتبر فيها القربة و الخلوص، كما في سائر العبادات، فمع فقدهما أو أحدهما يبطل إحرامه. (1). مكارم الشيرازي: يأتي بذلك أيضا رجاءً (2). مكارم الشيرازي: الحكم بالكراهة لايخلو عن إشكال، لتعارض روايات الباب و لضعف رواية الكراهة بمحمّد بن فضيل، فراجع الباب 23 من أبواب تروك الإحرام؛ و أشكل منه إلحاق الرجل بالمرأة لقاعدة الاشتراك، لأنّ الاشتراك فرع وحدة المورد و هنا غير ثابت (3). الامام الخميني: يأتي الكلام فيه قريباً (4). الگلپايگاني: يعني لو لبس الثوبين و لبّى من غير قصد الإحرام لم ينعقد الإحرام (5). الخوئي: فيجري عليه حكم تارك الإحرام، و قد مرّ تفصيل ذلك [في فصل السابق، المسألة 3]

مكارم الشيرازي: قد يقال: كيف يمكن الإحرام من غير قصد مع أنّه من العناوين القصديّة؟ ولكن يمكن تصويره في ما إذا أتى بصورة الإحرام للتعليم أو غرض آخر (6). مكارم الشيرازي: كما مرّ بيانه تفصيلًا آنفاً في المسألة (6) من فصل أحكام المواقيت (7). الامام الخميني: مرّ التفصيل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 457

مسألة 2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه (1)، فلايكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده، و لا وجه لما قيل من أنّ الإحرام تروك و هي لاتفتقر إلى النيّة، و القدر

المسلّم من الإجماع على اعتبارها إنّما هو في الجملة و لو قبل التحلّل؛ إذ نمنع أوّلًا كونه تروكاً (2)، فإنّ التلبية و لبس الثوبين من الأفعال (3)، و ثانياً اعتبارها فيه على حدّ اعتبارها في سائر العبادات في كون اللّازم تحقّقها حين الشروع فيها (4).

مسألة 3: يعتبر في النيّة تعيين كون الإحرام لحجّ أو عمرة (5)، و أنّ الحجّ تمتّع أو قران أو (1). مكارم الشيرازي: حقيقة الإحرام كما يظهر من معناه اللغوي هو التحريم (قال في الصحاح: الإحرام و التحريم بمعنى واحد) و المراد منه هنا تحريم الأفعال الّتي تحرم على المحرم، فهو في الحقيقة التزام بتركها أو إنشاء تحريم هذه الامور على نفسه إنشاءً يستتبع تحريماً إلهيّاً، كما يظهر من رواية 1 و 2/ 16 من أبواب الإحرام، و فيهما: «احرم لك شعري و بشري ... من النساء و الطيب و الثياب» و على الأوّل ينافيه قصد ارتكاب بعض المحرّمات عند النيّة، ولكن على الثاني لاينافيه، بل تلزمه الكفّارة عند ارتكابها فقط. و على كلّ حال، لاينافي ذلك ما ورد في الباب 17 من أنّ المحرم عند إحرامه ينوي التمتّع بالعمرة إلى الحجّ أو غير ذلك، لأنّ هذه الروايات ناظرة إلى نيّة مجموع العمل و هو حجّ التمتّع أو غيره، و أمّا الروايات السابقة ناظرة إلى نيّة جزئه الأوّل و هو الإحرام؛ فما في كلام بعضهم من أنّ حقيقة الإحرام هو الدخول في الحجّ و العمرة خطأ، لأنّ الدخول لايتصوّر إلّابفعل بعض أجزائه، فما هو هذا الجزء و ما هو حقيقته؟ (2). الامام الخميني: بل الإحرام من الامور الاعتباريّة الوضعيّة يتحقّق و يعتبر بعد قصد أحد النسكين أو مع التلبية، و تروكه من أحكامه

المترتّبة عليه بعد التلبية و ليست التروك عينه و لاجزءه، و كذا التلبية و لبس الثوبين، و نسبة التلبية إليه كتكبيرة الإحرام إلى الصلاة على احتمال، و يترتّب على ذلك امور لايسع المقام بيانها و تفصيلها، و بهذا يكون من الامور القصديّة، لا أنّ قصد الإحرام محقّق عنوانه فإنّه غير معقول، و على ما ذكرنا تدلّ النصوص و عليه ظاهر فتوى المحقّقين، فراجع (3). الخوئي: بل الظاهر عدم كون لبس الثوبين جزءً من الإحرام، بل الإحرام يتحقّق بالتلبية أو الإشعار أو التقليد (4). مكارم الشيرازي: لانفهم محصّلًا للجواب الثاني، فإنّه لو قلنا بأنّ الإحرام مجرّد التروك لم يكن كسائر العبادات؛ اللّهم إلّاأن يكون مراده هو الالتزام بترك المحرّمات و الكفّ عنها، ولكنّ العبارة قاصرة عن أداء هذا المعنى (5). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوب التعيين، بل يكفي قصد الإحرام للنسك، و إنّما يكون جزءً للعمرة أو الحجّ باعتبار ما يأتي به بعد ذلك و إن هو إلّامثل البسملة، على ما ذكرنا في محلّه من أنّه لايجب قصد التعيين فيها لأىّ سورة، بل تتعيّن بما يأتي به بعدها. و يدلّ على ذلك بعض ما ورد في نيّة الإحرام، مثل ما رواه أبان بن تغلب، قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام بأىّ شي ء اهلّ؟ فقال: «لاتسمّ حجّاً و لا عمرة و أضمر في نفسك المتعة و إن أدركت متمتّعاً، و إلّاكنت حاجّاً» (4/ 21 من أبواب الإحرام) فإنّ الظاهر منها أنّه لايجب التعيين، و المراد بالإضمار في النفس هو مجرّد الإخطار من دون أن يكون داخلًا في النيّة كما يظهر من ذيل الرواية، و يدلّ عليه أيضاً ما رواه يعقوب بن شعيب «6/ 21» إلى غير

ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 458

إفراد، و أنّه لنفسه أو نيابةً عن غيره، و أنّه حجّة الإسلام أو الحجّ النذريّ أو الندبيّ؛ فلو نوى الإحرام من غير تعيين و أوكله إلى ما بعد ذلك بطل، فما عن بعضهم من صحّته و أنّ له صرفه إلى أيّهما شاء من حجّ أو عمرة، لا وجه له، إذ الظاهر أنّه جزء من النسك فتجب نيّته كما في أجزاء سائر العبادات، و ليس مثل الوضوء و الغسل بالنسبة إلى الصلاة؛ نعم، الأقوى كفاية التعيين الإجماليّ حتّى بأن ينوي (1) الإحرام لما سيعيّنه (2) من حجّ أو عمرة (3)، فإنّه نوع تعيين؛ و فرق بينه و بين ما لو نوى مردّداً مع إيكال التعيين إلى ما بعد.

مسألة 4: لايعتبر فيها نيّة الوجه من وجوب أو ندب، إلّاإذا توقّف التعيين عليها (4)؛ و كذا لايعتبر فيها التلفّظ، بل و لا الإخطار بالبال، فيكفي الداعي.

مسألة 5: لايعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرّماته، بل المعتبر (5) العزم (6) على تركها مستمرّاً (7)، فلو لم يعزم من الأوّل على استمرار الترك، بطل؛ و أمّا لو عزم على ذلك و (1). الامام الخميني: ليس هذا نيّة إجماليّة و لا كافٍ للتعيين (2). الخوئي: باعتبار أنّ المنويّ معيّن في علم اللّه فيكون إشارة إليه

الگلپايگاني: الأقوى عدم كفايته و إلحاقه بما لم يعيّن و لو إجمالًا (3). مكارم الشيرازي: و فيه ما لايخفى، فإنّ التعيين لو كان لازماً بمقتضى أدلّة الجزئيّة لم يكن هذا المقدار كافياً و إن لم يكن واجباً كما هو المختار، فهو في غنى عنه (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت عدم وجوب التعيين عند نيّة الإحرام و إنّما يتعيّن الإحرام بما يأتي بعده من

أعمال العمرة و الحجّ (5). الامام الخميني: هذا أيضاً غير معتبر، لما مرّ من أنّ هذه التروك غير دخيلة في حقيقة الإحرام (6). الخوئي: لايعتبر العزم على الاستمرار في غير الجماع و الاستمناء، لأنّ المحرّمات محرّمات تكليفيّة، و أمّا الجماع و الاستمناء ففيهما الوضع أيضاً على المشهور (7). مكارم الشيرازي: هذا على القول بأنّ حقيقة الإحرام هو الالتزام بترك هذه الامور؛ و أمّا إن قلنا بأنّها عبارة عن إنشاء تحريمها على نفسه، فهو لاينافي العزم على ارتكاب بعضها و لايُترك الاحتياط بالأوّل؛ و ممّا ذكر، ظهر الفرق الواضح بين تروك الصائم و تروك الإحرام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 459

لم يستمرّ عزمه، بأن نوى بعد تحقّق الإحرام عدمه أو إتيان شي ء منها، لم يبطل، فلايعتبر فيه استدامة النيّة، كما في الصوم؛ و الفرق أنّ التروك في الصوم معتبرة في صحّته (1)، بخلاف الإحرام، فإنّها فيه واجبات تكليفيّة.

مسألة 6: لو نسي ما عيّنه من حجّ أو عمرة، وجب عليه (2) التجديد (3)؛ سواء تعيّن عليه (1). الامام الخميني: في هذا التعبير و كذا فيما بعده مسامحة، و الأمر سهل (2). الامام الخميني: إذا كانت الصحّة مختصّة بأحدهما تجدّد النيّة لما يصحّ، فيقع صحيحاً، و فيما يجوز العدول يعدل فيصحّ؛ و أمّا في مورد يصحّ كلاهما و لايجوز العدول فيعمل على قواعد العلم الإجمالي مع الإمكان و عدم الحرج، و إلّافبحسب إمكانه بلا حرج (3). الخوئي: بل الظاهر هو التفصيل بأن يقال: إذا كان أحدهما صحيحاً و الآخر غير صحيح كما إذا كان في غير أشهر الحجّ و شكّ في أنّ إحرامه كان للحجّ أو للعمرة المفردة، فإن كان شكّه بعد الدخول في الغير كالطواف كما إذا أتى به بعنوان العمرة

فشكّ في صحّة إحرامه جرت فيه قاعدة التجاوز و حكم بصحّته عمرة، و إن كان شكّه قبل التجاوز لم تجر قاعدة التجاوز و لا قاعدة الصحّة، بل يجري استصحاب عدم الإحرام لما هو الصحيح فله رفع اليد و له تجديد الإحرام للصحيح؛ و أمّا إذا كان كلّ منهما صحيحاً كما إذا أحرم في شهر شوّال فشكّ، فلا موجب للحكم بوجوب تجديد الإحرام و بطلان الإحرام الأوّل مع العلم بوقوعه صحيحاً و وجوب إتمامه و هو متمكّن من ذلك. بيان ذلك: أنّ شكّه إذا كان في أنّ إحرامه كان لعمرة التمتّع أو للعمرة المفردة فيجب عليه الاحتياط بالإتيان بطواف النساء و عدم الخروج من مكّة إلى زمان الحجّ للعلم الإجمالي، فإذا بقي إلى الحجّ و أتى بأعماله أحرز فراغ ذمّته من حجّ التمتّع لو كان واجباً عليه و إن كان إحرامه للعمرة المفردة واقعاً لأنّها تنقلب إلى عمرة التمتّع حينئذٍ، و أمّا إذا كان شكّه في أنّ إحرامه كان للحجّ أو للعمرة المفردة فطريق الاحتياط ظاهر، و أمّا إذا دار أمر الإحرام بين أن يكون للحجّ أو لعمرة التمتّع فيدور الأمر حينئذٍ بالنسبة إلى التقصير قبل الحجّ بين الوجوب و التحريم، فلامحالة يكون الحكم هو التخيير و إذا جاز التقصير وجب لإحراز الامتثال بالنسبة إلى وجوب إتمام إحرامه

الگلپايگاني: لما يصحّ على الأحوط فيما تختصّ الصحّة بأحدهما، و أمّا في غيره فالتجديد غير مفيد، لعدم انقلاب السابق و لا انحلاله به، فالأحوط الإتيان بما هو مقتضى العلم الإجمالي مع الإمكان، و مع عدمه فالتبعيض في الاحتياط

مكارم الشيرازي: بناءً على المختار من عدم وجوب التعيين لايجب تجديد النيّة، و هو ظاهر؛ و أمّا لوقلنا بوجوب التعيين و

كان كلّ منهما صحيحاً فقد تحقّق إحرامه و لايكفيه تجديد النيّة، لأنّ الإحرام لايرتفع بقصد الخلاف بل بإتيان النسك و التقصير، فاللازم عليه العمل بمقتضى العلم الإجمالي مهما أمكن؛ و أمّا لو تعيّن عليه أحدهما و كانت الصحّة مختصّة بأحدهما (كما إذا أتى بالعمرة و لم يمض عليه شهر حتّى تصحّ عمرة اخرى على القول باعتبار مضيّ الشهر، فإنّه لاتصحّ منه العمرة و إنّما يصحّ منه الحجّ في أوانه) فحينئذٍ يجب عليه الاحتياط بتجديد النيّة، لأنّه لو نوى الصحيح منهما لم يضرّه التجديد ولو نوى الباطل كانت هذه النيّة صحيحة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 460

أحدهما أو لا. و قيل: إنّه للمتعيّن منهما و مع عدم التعيين يكون لما يصحّ منهما، و مع صحّتهما كما في أشهر الحجّ، الأولى جعله للعمرة المتمتّع بها؛ و هو مشكل، إذ لا وجه له.

مسألة 7: لاتكفي (1) نيّة واحدة للحجّ والعمرة، بل لابدّ لكلّ منهما من نيّته مستقلًاّ، إذ كلّ منهما يحتاج إلى إحرام مستقلّ، فلو نوى كذلك وجب عليه (2) تجديدها. و القول بصرفه إلى المتعيّن منهما إذا تعيّن عليه أحدهما والتخيير بينهما إذا لم يتعيّن و صحّ منه كلّ منهما كما في أشهر الحجّ، لا وجه له، كالقول (3) بأنّه لو كان في أشهر الحجّ بطل و لزم التجديد و إن كان في غيرها صحّ عمرةً مفردة (4).

مسألة 8: لو نوى كإحرام فلان، فإن علم أنّه لماذا أحرم صحّ، و إن لم يعلم فقيل بالبطلان (5) لعدم التعيين، و قيل بالصحّة لما عن عليّ عليه السلام، و الأقوى الصحّة (6) لأنّه نوع تعيّن (7)؛ (1). الامام الخميني: مقصوده عدم جواز القِران بينهما بإحرام واحد (2). الامام الخميني: على الأقوى فيما يصحّ كلاهما، و

على الأحوط فيما يصحّ واحد منهما (3). الگلپايگاني: هذا قول وجيه (4). مكارم الشيرازي: لايبعد هذا القول لوكان ظاهر حاله العمل بمقتضى وظيفته، وإلّا يشكل الاعتماد عليه (5). الامام الخميني: و هو الأوجه (6). الگلپايگاني: الحكم بالصحّة مشكل (7). مكارم الشيرازي: بناءً على المختار من عدم وجوب التعيين، الأمر واضح؛ و أمّا على مبنى القائلين بوجوب التعيين فالعمل بالروايات غير بعيد مع وضوح أسنادها و قوّة دلالتها في الجملة (و الروايات واردة في الباب 2 من أبواب أقسام الحجّ) لكن قد يستشكل عليها بأنّه كيف يصحّ حجّ القِران بدون سوق الهدي بناءً على أنّ عليّاً لم يسق الهدي إذا جاء من اليمن ناوياً للحجّ، فأشركه رسول اللّه صلى الله عليه و آله في هديه، و كان صلى الله عليه و آله قد ساق مأة بدنة أو أقلّ؛ ولكنّه من قبيل الاجتهاد في مقابل النصّ. و قد يستشكل عليها أيضاً بتعارضها مع ما ورد من طريق «أعلام الورى» الدالّ على أنّ عليّاً عليه السلام أيضاً ساق الهدي لمّا أتى من اليمن (32/ 2 من أقسام الحجّ)؛ اللّهم إلّاأن يقال: التعارض في بعض المضمون غير مانع عن الأخذ بالباقي، و لعلّه لذلك لم يعتمد في المتن على الروايات، بل اعتمد على القاعدة و قال إنّه نوع تعيين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 461

نعم، لو لم يحرم فلان أو بقي على الاشتباه، فالظاهر البطلان (1)؛ و قد يقال: إنّه في صورة الاشتباه يتمتّع، و لا وجه له إلّاإذا كان في مقام يصحّ له العدول إلى التمتّع.

مسألة 9: لو وجب عليه (2) نوع من الحجّ أو العمرة فنوى غيره، بطل (3).

مسألة 10: لو نوى نوعاً و نطق بغيره، كان المدار على ما نوى

دون ما نطق.

مسألة 11: لو كان في أثناء نوع و شكّ في أنّه نواه (4) أو نوى غيره، بنى على أنّه نواه.

مسألة 12: يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنيّة (5)، و الظاهر تحقّقه بأىّ لفظ كان، و الأولى أن يكون بما في صحيحة ابن عمّار (6) و هو أن يقول:

«اللَّهمّ إنّي اريدُ ما أمرتَ بِه مِن التمتّع بالعُمرةِ إلىَ الحجّ عَلى كِتابِكَ و سُنّةِ نَبيّكَ صلى الله عليه و آله فَيَسّرْ ذلكَ لي و تَقَبّلهُ مِنّي و أعِنّي عَلَيهِ، فَإنْ عُرِضَ شي ءٌ يَحبسُني فحلّني حَيثُ حبستني لقدرك الّذي

(1). الخوئي: بل الظاهر هو الصحّة و لزوم العمل بالاحتياط المتقدّم في الحاشية السابقة

مكارم الشيرازي: الحكم بالبطلان مشكل في الصورة الثانية، بل الأوفق بالقواعد العمل بالاحتياط، كما مرّ نظيره في المسألة (6) هنا (2). الامام الخميني: بالأصل؛ و أمّا بالنذر و شبهه فلا (3). الخوئي: أي لم يقع عمّا وجب عليه

مكارم الشيرازي: أي لايقع عمّا نوى، ولكن قديكون صحيحاً في نفسه في بعض فروض المسألة (4). مكارم الشيرازي: إذا كان ظاهر حاله ذلك ظهوراً معتدّاً به عند العقلاء، و إلّافهو مشكل، لعدم إحراز تحقّق العنوان منه؛ و قاعدة التجاوز لاتجري في أمثال المقام (5). مكارم الشيرازي: هذه الروايات رواها في الوسائل في الباب 16 من أبواب الإحرام، ولكن في الأبواب الّتي تليه (الباب 17 و الباب 21) روايات تدلّ على رجحان الإضمار، ولكنّ الظاهر أنّها محمولة على حال التقيّة، كما لايخفى على من راجعها (6). الامام الخميني: ما ذكره موافق تقريباً لصحيحة ابن سنان و إن كان فيه اختلاط منها و من صحيحة ابن عمّار، فراجع

مكارم الشيرازي: ما ذكره في المتن لايوافق صحيحة معاوية بن

عمّار و لا ما رواه ابن سنان، و يختلف مع كلّ منهما اختلافاً يسيراً، كما لايخفى على من راجعهما؛ ثمّ إنّ قوله: «الأولى أن يكون بما في صحيحة ابن عمّار» قابل للإشكال، لعدم دليل على أولويّته بالخصوص، بل له العمل بكلّ من الروايتين، و الأمر سهل بعد استحباب الحكم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 462

قدّرت علىّ، اللّهم إن لم تكن حجّة فعمرة، احرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الطيب، أبتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة».

مسألة 13: يستحبّ أن يشترط عند إحرامه على اللّه أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حجّ أو عمرة، و أن يتمّ إحرامه عمرة إذا كان للحجّ و لم يمكنه الإتيان، كما يظهر من جملة من الأخبار. و اختلفوا في فائدة هذا الاشتراط؛ فقيل: إنّها سقوط الهدي، و قيل: إنّها تعجيل التحلّل و عدم انتظار بلوغ الهدي محلّه، و قيل: سقوط الحجّ من قابل، و قيل: إنّ فائدته إدراك الثواب فهو مستحبّ تعبّدي (1)، و هذا هو الأظهر (2) و يدلّ عليه قوله عليه السلام في بعض الأخبار: «هو حلّ حيث حبسه، اشترط أو لم يشترط». و الظاهر عدم كفاية النيّة في حصول الاشتراط، بل لابدّ من التلفّظ، لكن يكفي كلّ ما أفاد هذا المعنى، فلايعتبر فيه لفظ مخصوص و إن كان الأولى التعيين ممّا في الأخبار.

[الثاني من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع

الثاني من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع، و القول بوجوب الخمس أو الستّ ضعيف، بل ادّعى جماعة الإجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع. واختلفوا في صورتها على أقوال:

أحدها: أن يقول: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لاشريك لك لبّيك».

الثاني: أن يقول (3) بعد العبارة المذكورة: «إنّ

الحمد و النعمة لك و الملك لاشريك لك».

الثالث: أن يقول: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لاشريك لك لبّيك». (1). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ ظاهر روايات الاشتراط (الواردة في الباب 22 من أبواب الإحرام ج 9) كونه مؤثّراً في الحلّ؛ و أمّا الروايات الدالّة على أنّه حلّ حيث حبسه، اشترطه أو لم يشترط (الواردة في الباب 25 من هذه الأبواب) فهي ظاهرة في عدم الأثر للاشتراط، فهي كالمتعارضين، و الظاهر كون الطائفة الاولى أقوى و أظهر في بادي النظر، و لكن تمام الكلام فيه يأتي إن شاءاللّه في المصدود و المحصور (2). الامام الخميني: فيه تردّد و في استدلاله نظر

الگلپايگاني: الأظهريّة ممنوعة؛ نعم، هذا القول مطابق للاحتياط (3). الگلپايگاني: لايُترك هذا على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 463

الرابع: كالثالث، إلّاأنّه يقول: «إنّ الحمد و النعمة و الملك لك لاشريك لك لبّيك» بتقديم لفظ «و الملك» على لفظ «لك».

و الأقوى هو القول الأوّل (1) كما هو صريح صحيحة معاوية بن عمّار، والزوائد مستحبّة؛ و الأولى التكرار بالإتيان بكلّ من الصور المذكورة، بل يستحبّ أن يقول كما في صحيحة معاوية (2) بن عمّار: «لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لاشريك لك لبّيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لك لاشريك لك، لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك، لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال و الإكرام، لبّيك مرهوباً و مرغوباً إليك، لبّيك، لبّيك تبدأ و المعاد إليك، لبّيك كشّاف الكُروب العظام لبّيك، لبّيك عبدك و ابن عبديك لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك».

مسألة 14: اللّازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربيّة،

فلايجزي الملحون مع التمكّن من الصحيح بالتلقين أو التصحيح، و مع عدم تمكّنه فالأحوط الجمع بينه و بين الاستنابة (3)، و كذا لاتجزي الترجمة مع التمكّن، و مع عدمه فالأحوط الجمع (4) بينهما و بين الاستنابة. و الأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه، و (1). الخوئي: كما أنّ الأحوط هو الثاني

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالثاني و هو أن يقول: لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك. و ذلك لما ورد في رواية حسان المدائني من أنّ تلبية النبي صلى الله عليه و آله هي التلبية الّتي يلبّي بها الناس (7/ 36 من أبواب الإحرام) و من المعلوم أنّ هذا هو المتعارف بينهم، و قد ورد هذا أيضاً في صحيحة معاوية بن عمّار في ذيل التلبيات الأربع و قبل التلبية الخامسة، و أمّا التلبية الخامسة فهي مخالفة لما صرّح به في صحيحة معاوية بن عمّار (2/ 6- 2/ 40 من أبواب الإحرام) (بناءً على أن يكون قوله: «و اعلم ...» من كلام الإمام عليه السلام كما هو الظاهر) و ممّا يؤيّد قويّاً ما ذكرنا من صورة التلبية ما ورد في صحيحة عاصم بن حميد، و فيها: فلمّا انبعثت به لبّى بالأربع فقال: لبّيك اللّهم لبّيك، إلى آخرما ذكرناه؛ هذا مضافاً إلى أنّ التلبية الخامسة فقد ادّعي الإجماع على نفيه، كما عن المنتهى و التذكرة (2). الامام الخميني: ما في المتن يختلف يسيراً مع نسخة «الوسائل» (3). مكارم الشيرازي: الصحيح هو الجمع بينها و بين الاستنابة (ضمير التأنيث راجعة إلى الترجمة) و لا معنى لتثنية الضمير (4). الخوئي: و إن كان الأظهر جواز الاكتفاء

بالملحون، و كذلك الحال فيما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 464

الأولى أن يجمع بينهما و بين الاستنابة. و يلبّى عن الصبيّ الغير الممّيز و عن المغمى عليه (1). و في قوله: «إنّ الحمد الخ»، يصحّ أن يقرأ بكسر الهمزة و فتحها (2)، و الأولى الأوّل (3). و «لبّيك» مصدر منصوب بفعل مقدّر، أي البّ لك إلباباً بعد إلباب أو لبّاً بعد لبّ، أي إقامة بعد إقامة، من لبّ بالمكان أو ألبّ أي أقام، و الأولى كونه من لبّ، و على هذا فأصله لبّين لك، فحذف اللام و اضيف إلى الكاف، فحذف النون و حاصل معناه إجابتين لك؛ و ربما يحتمل أن يكون من لبّ بمعنى واجه، يقال: داري تلبّ دارك، أي تواجهها، فمعناه مواجهتي و قصدي لك؛ و أمّا احتمال كونه من لبّ الشي ء أي خالصه، فيكون بمعنى إخلاصي لك، فبعيد، كما أنّ القول بأنّه كلمة مفردة نظير «على» و «لدى» فاضيفت إلى الكاف فقلبت ألفه ياءً لا وجه له، لأنّ «على» و «لدى» إذا اضيفا إلى الظاهر يقال فيهما بالألف ك «على زيد» و «لدى زيد» و ليس لبّى كذلك، فإنّه يقال فيه: «لبّي زيد» بالياء.

مسألة 15: لاينعقد إحرام حجّ التمتّع و إحرام عمرته و لا إحرام حجّ الإفراد و لا إحرام العمرة المفردة إلّابالتلبية، و أمّا في حجّ القران فيتخيّر بين التلبية و بين الإشعار أو التقليد، و الإشعار مختصّ بالبُدُن و التقليد مشترك بينها و بين غيرها من أنواع الهدي؛ و الأولى في البُدن الجمع بين الإشعار و التقليد، فينعقد إحرام حجّ القران بأحد هذه الثلاثة، و لكنّ الأحوط (4) مع اختيار الإشعار و التقليد ضمّ التلبية أيضاً؛ نعم، الظاهر (5) وجوب

(1). الامام الخمينى: مر الكلام فيه.

مكارم الشيرازى: الحكم فى الأول مما لا إشكال فيه؛ و أما فى الثانى فتدل عليه ما رواه جميل بن دراج (رواية 1/ 20 من أبواب المواقيت) و لكنها مرسلة و أن كان المرسل مثل جميل. و قد يستدل له بما رواه ياسين الضرير عن حريز عن زرارة، و لكنها واردة فيمن لا يحسن أن يلبى، مضافا إلى كون ياسين مجهولا، ولكن هذه الفتوى مع ملاحظة جميع ما سبق لاسيما مع كون رواية جميل معمولا بها بين الأصحاب بالنسبة إلى صدرها كما مر فى المسالة (9) من الفصل 11 و غير ذلك من القرائن، قوية (2). الامام الخمينى: غير معلوم.

مكارم الشيرازى: لا يترك الاحتياط بقرائته بالكسر، فإن الظاهر أنه فى مبتدأ الجملة (3). الگلپايگانى: بل متعين على الظاهر.

(4). الگلپايگانى: لا يترك.

(5). الامام الخمينى: فيه تأمل؛ نعم، هو الأحوط.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 465

التلبية (1) على القارن (2) و إن لم يتوقّف انعقاد إحرامه عليها، فهي واجبة عليه في نفسها (3)، و يستحبّ الجمع بين التلبية و أحد الأمرين، و بأيّهما بدأ كان واجباً (4) و كان الآخر مستحبّاً (5).

ثمّ إنّ الإشعار عبارة عن شقّ السنام الأيمن، بأن يقوم (6) الرجل (7) من الجانب الأيسر من الهدي و يشقّ سنامه من الجانب الأيمن و يلطّخ صفحته بدمه (8)، و التقليد أن يعلّق في رقبة الهدي نعلًا (9) خلقاً قد صلّي فيه.

مسألة 16: لاتجب مقارنة التلبية (10) لنيّة الإحرام (11) و إن كان أحوط (12)، فيجوز أن (1). الگلپايگانى: فيه منع، بل الأظهر عدم الوجوب إن لم يتوقف عليها انعقاد الإحرام لكنه موافق الاحتياط.

(2). مكارم الشيرازى: بل الأقوى عدم الوجوب، لأن ظاهر الأوامر هنا الوجوب.

(3).

الخوئى: فى وجوبها عليه إشكال.

(4). مكارم الشيرازى: الأحوط. أن يؤخر التبية فى حج القرآن، كما لا يخفى.

(5). الخوئى: استحباب الآخر مع الابتداء بالتلبيه لم يثبت.

الگلپايگانى: و لكن إذا لبى أولا و تركهما، لم يكن حجه بقرآن. و لا يخفى أن اختيار استحباب التلبية بعد الإشعار أو التقليد مناف لما اختاره من وجوبها نفسا على القارن (6). الامام الخمينى: الإشعار هو شق السنام الأيمن، و أما القيام ع لى اليسار من آدابه.

(7). مكارم الشيرازى: ظاهر هذه العبارة وجوب جميع هذه القيود، و لكن المستفاد من الروايات هو وجوب شق السنام الأيمن فقط؛ و غيره من الآداب المستحبة، بل يمكن أن يقال بأن الواجب هو أن يجعل على الهدى علامة، أى شى ء كان، بقصد الإحرام، لكن لا يدخلو عن تأمل، و على هذا فالشعار أو التقليد من قبيل ذكر المصداق و لا يجب تعبدا، بل قد يشعر به أو يدل عليه ما رواه زرارة (9/ 12 من أقسام الحج) ولكن المسالة من هذه الجهة تحتاج إلى مزيد تأمل.

(8). الخوئى: على المشهور.

مكارم الشيرازى: هذا محكى عن الأصحاب، لكن لم نجد عليه دليلا، و قد علله بعضهم بأن يعرف أنه صدقة، و فيه إشكال ظاهر، فإن معرفة كونه صدقة لا تتوقف عليه (9). الخوئى: أو يجلله بشى ء كالسير.

(10). الخوئى: بناء على ما هو الصحيح من أن الإحرام إنما الإحرام إنما يتحقق بالتلبية أو الإشعار أو التقليد فلا حاجة إلى نية اخرى غير نيتها، و لا بد من مقارنتها معها كما فى سائر العبادات.

(11). مكارم الشيرازي: بل لاتنفكّ التلبية عنها، فإنّ النيّة مستمرّة من أوّل العمل إلى آخره بناءً على أنّها هي الداعي، و العجب أنّه جعل المقارنة أحوط.

(12). الامام

الخميني: لايُترك و إن كانت النيّة لاتنفكّ عنها، لكن لايؤخّر التلبية عن محلّ التحريم أي الميقات.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 466

يؤخّرها عن النيّة و لبس الثوبين على الأقوى.

مسألة 17: لاتحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية و إن دخل فيه (1) بالنيّة و لبس الثوبين (2)، فلو فعل شيئاً من المحرّمات لايكون آثماً و ليس عليه كفّارة، و كذا في القارن إذا لم يأت بها و لا بالإشعار أو التقليد، بل يجوز له أن يبطل الإحرام ما لم يأت بها في غير القارن أو لم يأت بها و لا بأحد الأمرين فيه؛ و الحاصل أنّ الشروع في الإحرام و إن كان يتحقّق بالنيّة و لبس الثوبين، إلّاأنّه لاتحرم عليه المحرّمات و لايلزم البقاء عليه إلّابها أو بأحد الأمرين، فالتلبية و أخواها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.

مسألة 18: إذا نسي التلبية، وجب عليه العود إلى الميقات (3) لتداركها، و إن لم يتمكّن (4) أتى بها في مكان التذكّر (5)، و الظاهر عدم وجوب الكفّارة عليه إذا كان آتياً بما يوجبها، لما عرفت من عدم انعقاد الإحرام إلّابها.

مسألة 19: الواجب من التلبية مرّة واحدة؛ نعم، يستحبّ الإكثار بها و تكريرها ما استطاع، خصوصاً في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة و عند صعود شرف أو هبوط وادٍ و عند المنام (6) و عند اليقظة و عند الركوب وعند النزول و عند ملاقاة راكب و في الأسحار؛ و في بعض الأخبار: «من لبّى في إحرامه سبعين مرّة إيماناً و احتساباً أشهد اللّه له ألف ألف ملك (1). الامام الخميني: محلّ إشكال جدّاً، و المسألة تحتاج إلى تفصيل بليغ لايسع المقام ذلك (2). مكارم الشيرازي: و المسألة إجماعيّة، تدلّ عليها ما ورد في الباب 14

من أبواب الإحرام. و المراد من الدخول فيه هو الشروع في بعض مقدّماته بلبس الثوبين و إنشاء النيّة، لاسيّما بالألفاظ الواردة في الروايات (راجع الحديث 1 و 2/ 16 من أبواب الإحرام) و لاينافي ذلك كون حقيقة الإحرام أمراً بسيطاً ناشياً من هذه الامور، كما لايخفى (3). مكارم الشيرازي: و قد تقدّم الكلام فيه في الفصل 11 من أحكام الميقات، المسألة 6 و 8 (4). الامام الخميني: يأتي فيه التفصيل المتقدّم في نسيان الإحرام على الأحوط، لو لم يكن أقوى (5). الخوئي: على تفصيل تقدّم [في فصل السابق، المسألة 3] (6). الامام الخميني: لم أر ما يدلّ عليه بخصوصه؛ نعم، ورد عامّاً و ورد في آخر الليل

مكارم الشيرازي: الحكم باستحبابه بالخصوص مشكل، و قد صرّح في الجواهر بعدم وجدانه فيما وصل إليه من النصوص التعرّض للنوم، و كذا في المدارك؛ فالحكم باستحبابه بالخصوص لايخلو عن إشكال أو منع و إن كانت العمومات تشمله بعنوان عام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 467

برائة من النار و برائة من النفاق». و يستحبّ الجهر بها خصوصاً في المواضع المذكورة للرجال دون النساء، ففي المرسل: «أنّ التلبية شعار المحرم، فارفع صوتك بالتلبية» و في المرفوعة (1): «لمّا أحرم رسول اللّه صلى الله عليه و آله أتاه جبرئيل فقال: مُر أصحابك بالعجّ و الثجّ، فالعجّ رفع الصوت بالتلبية، و الثجّ نحر البدن».

مسألة 20: ذكر جماعة أنّ الأفضل لمن حجّ على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقاً، كما قاله بعضهم، أو في خصوص الراكب كما قيل؛ و لمن حجّ على طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلًا؛ و لمن حجّ من مكّة تأخيرها إلى الرقطاء كما قيل، أو إلى أن يشرف على الأبطح

(2)؛ لكنّ الظاهر بعد عدم الإشكال (3) في عدم وجوب مقارنتها للنيّة و لبس الثوبين، استحباب التعجيل بها مطلقاً (4) و كون أفضليّة التأخير بالنسبة إلى الجهر بها، فالأفضل (5) أن يأتي (6) بها حين النيّة ولبس الثوبين سرّاً ويؤخّر الجهر بها إلى المواضع المذكورة.

و البَيداء: أرض مخصوصة بين مكّة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة؛ و الأبطح: مسيل وادي مكّة، و هو مسيل واسع فيه دقاق الحَصَى، أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى و آخره متّصل بالمقبرة الّتي تسمّى بالمعلّى عند أهل مكّة. و الرَقطاء: موضع دون الرَدم يسمّى مَدعى و مدعى الأقوام مجتمع قبائلهم، و الردم حاجز يمنع السيل عن البيت و يعبّر عنه بالمدعى

مسألة 21: المعتمر عمرة التمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة في الزمن القديم (7)، (1). الخوئي: ورد ذلك في الصحيحة أيضاً (2). الخوئي: لم تثبت أفضليّة التأخير إلى الإشراف على الأبطح (3). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه، فالأحوط لمن يحرم من مسجد الشجرة عدم تأخير التلبية حتّى خرج منه؛ نعم، لا مانع عن لبس الثوب و نيّة الإحرام و تأخير التلبية مادام فيه (4). مكارم الشيرازي: لا دليل على استحباب التعجيل، بل ظاهر الروايات الكثيرة استحباب التأخير و لا بأس بالعمل بها مع فتوى الأصحاب بها أيضاً، و لاينافي ذلك عدم جواز تأخير الإحرام عن الميقات، فإنّ الظاهر كون البيداء و غيرها على جنب الميقات أو محاذياً له، و قد عرفت جواز الإحرام في مثله (فراجع الباب 35 و 36 و 46 و 52 من أبواب الإحرام) (5). الامام الخميني: بل الأحوط

الگلپايگاني: الأفضليّة غير معلومة؛ نعم، هو أحوط (6). الخوئي: لم تظهر أفضليّة التعجيل و

إن كان هو الأحوط، و لايبعد أفضليّة التأخير (7). الامام الخميني: الأحوط قطعها عند مشاهدة بيوتها في الزمن الّذي اعتمر فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 468

وحدّها لمن جاء على طريق المدينة عقبة المدنيّين و هو مكان معروف. و المعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، و عند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكّة لإحرامها (1). و الحاجّ بأىّ نوع من الحجّ يقطعها عند الزوال من يوم عرفة. و ظاهرهم أنّ القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب، و هو الأحوط (2)، و قد يقال بكونه مستحبّاً.

مسألة 22: الظاهر أنّه لايلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام، بل و لا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار، بل يكفي أن يقول: «لبّيك اللّهم لبّيك» بل لايبعد كفاية تكرار لفظ لبّيك.

مسألة 23: إذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا، بنى على الصحّة.

مسألة 24: إذا أتى بالنيّة و لبس الثوبين و شكّ في أنّه أتى بالتلبية أيضاً حتّى تجب عليه ترك المحرّمات أو لا، يبني على عدم (3) الإتيان (4) بها فيجوز له فعلها و لاكفّارة عليه.

مسألة 25: إذا أتى بما يوجب الكفّارة و شكّ في أنّه كان بعد التلبية حتّى تجب عليه أو قبلها، فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولًا لم تجب عليه الكفّارة، و إن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولًا فيحتمل أن يقال بوجوبها لأصالة التأخير، لكنّ الأقوى عدمه، لأنّ الأصل لايثبت (5) كونه بعد التلبية.

[الثالث من واجبات الإحرام: لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه

الثالث من واجبات الإحرام: لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه، يتّزر بأحدهما و يرتدي بالآخر. و الأقوى عدم كون لبسهما شرطاً في تحقّق

الإحرام (6)، بل كونه (1). الخوئي: بل كلّ من كان إحرامه من أدنى الحلّ (2). مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، لظهور الأمر في الوجوب و لخصوص بعض الروايات المصرّحة به مثل صحيحة أبان، قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في ناحية من المسجد و قوم يلبّون حول الكعبة، فقال: «أترى هؤلاء الّذين يلبّون؟ واللّه لأصواتهم أبغض إلى اللّه من أصوات الحمير» (3/ 43 من أبواب الإحرام) و لايبعد ظهورها في الحرمة، لأنّها دليل على شدّة المذّمة، و لو كانت مكروهة قليل الثواب لم يناسب ذلك (3). الامام الخميني: هذا إذا كان في الميقات؛ و أمّا بعد الخروج منه فالظاهر هو البناء على الإتيان (4). الخوئي: إلّافيما إذا كان الشكّ بعد تجاوز المحلّ (5). الخوئي: بل هو غير جارٍ في نفسه (6). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيمن تعمّد بترك ثوبي الإحرام عند إنشاء الإحرام بتجديد إحرامه بعد لبس ثوبي الإحرام؛ نعم، الناسي و الجاهل لا حرج عليهما، كما يظهر من النصوص إجمالًا (راجع الباب 45 من أبواب تروك الإحرام)؛ ثمّ اعلم أنّه قد يقال بوجوب ثوبي الإحرام للمرأة أيضاً، نظراً إلى ما ورد في باب الحائض و أنّها تحتشي تحت ثوب إحرامها (راجع الباب 48 من أبواب الإحرام) لكنّ الظاهر أنّه ليس المراد من ثوب الإحرام بالنسبة إليها الرداء و الإزار اللّذان يعتبران في حقّ الرجال، مضافاً إلى أنّ سيرة المسلمين على خلافه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 469

واجباً تعبّديّاً. و الظاهر عدم اعتبار كيفيّة مخصوصة في لبسهما، فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء و الارتداء بالآخر أو التوشّح به أو غير ذلك من الهيئات، لكنّ الأحوط لبسهما على الطريق المألوف، و كذا الأحوط (1) عدم عقد الإزار

(2) في عنقه، بل عدم عقده مطلقاً و لو بعضه ببعض، و عدم غرزه بإبرة و نحوها؛ و كذا في الرداء، الأحوط عدم عقده، لكنّ الأقوى جواز ذلك كلّه في كلّ منهما ما لم يخرج عن كونه رداءً أو إزاراً.

و يكفي فيهما المسمّى و إن كان الأولى بل الأحوط (3) أيضاً كون الإزار ممّا يستر (4) السُرّة و الرُكبة و الرداء ممّا يستر المنكبين (5)، و الأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتزّر ببعضه و يرتدي بالباقي، إلّافي حال الضرورة.

و الأحوط كون اللبس قبل النيّة و التلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده (6)، و الأحوط ملاحظة النيّة في اللبس، و أمّا التجرّد فلايعتبر فيه النيّة و إن كان الأحوط و الأولى اعتبارها فيه أيضاً.

مسألة 26: لو أحرم في قميص عالماً عامداً أعاد (7)، لا لشرطيّة لبس الثوبين، لمنعها كما (1). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط بترك العقد في الثوبين مطلقاً (2). الخوئي: لايُترك

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيهما حذراً من مخالفة السيرة المستمرّة (3). الگلپايگاني: لايُترك (4). الخوئي: لايُترك (5). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط فيهما، بل مجرّد ستر المنكبين أيضاً غير كافٍ، و اللازم ما يصدق عليه الرداء و الإزار على النحو المألوف على الأحوط، لما عرفت من السيرة المستمرّة بين المسلمين عليه و معها يشكل الرجوع إلى أصالة البراءة، لنفي الشرطيّة في أمثال المقام، و القول بأنّ السيرة أعمّ من الوجوب غير كافٍ في أمثال المورد (6). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ينافي ما ذكره في أوّل المسألة من عدم شرطيّة لبس الثوبين في الإحرام، ولكن هذا الاحتياط يوافق ما ذكرناه هناك (7). الخوئي: لاتجب الإعادة، و قد مرّ عدم اعتبار العزم على ترك المحرّمات في صحّة الحج

الگلپايگاني:

على الأحوط

مكارم الشيرازي: على الأحوط استحباباً، لما سيأتي عن قريب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 470

عرفت، بل لأنّه مناف للنيّة (1)، حيث إنّه يعتبر فيها العزم على ترك المحرّمات الّتي منها لبس المخيط، و على هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضاً، لأنّه مثله في المنافاة للنيّة، إلّاأن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرّمات، بل هو البناء على تحريمها على نفسه (2)، فلاتجب الإعادة حينئذٍ. هذا، و لو أحرم في القميص جاهلًا بل أو ناسياً أيضاً، نزعه و صحّ إحرامه؛ أمّا إذا لبسه بعد الإحرام، فاللازم شقّه و إخراجه من تحت. و الفرق بين الصورتين من حيث النزع و الشقّ تعبّد، لا لكون الإحرام باطلًا في الصورة الاولى، كما قد قيل.

مسألة 27: لايجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرّد (3) منهما مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشي ء آخر.

مسألة 28: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و في الأثناء للاتّقاء عن البرد و الحرّ، بل و لو اختياراً.

تمّ كتاب الحجّ و يليه كتاب الإجارة. (1). الامام الخميني: مرّ أنّ ترك المحرّمات من أحكام الإحرام و لا دخل له فيه و لاينافيه عدم العزم على تركها، بل و لا العزم على فعلها، و كذا لايعتبر فيه البناء على تحريمها على نفسه، فالأقوى عدم وجوب الإعادة و إن كان الوجوب أحوط (2). مكارم الشيرازي: و يؤيّد الثاني، بل يدلّ عليه ما ورد في باب كيفيّة الإحرام في ضمن دعاء النيّة من قوله عليه السلام: «احرم لك شعري و بشري ... من النساء و الثياب و الطيب» في ما

رواه معاوية بن عمّار و عبداللّه بن سنان (1 و 2 من الباب 16 من أبواب الإحرام من المجلّد 9 من الوسائل) فإنّ ظاهرهما كون حقيقة الإحرام إنشاء تحريم هذه الامور على نفسه كإنشاء نذر ترك بعض الامور المرجوحة، فليس الإحرام مجرّد العزم على تركها، بل الالتزام بتركها و جعلها على نفسه حراماً؛ هذا، و قد يتوهّم أنّ مقتضى صحيحة معاوية بن عمّار الدالّة على أنّ من أحرم و عليه قميصه ينزعه و لايشقّه ... (2 من الباب 45 من أبواب الإحرام) صحّة الإحرام و لو قلنا بالقول الأوّل، و لازمه عدم منافاة لبس القميص حال الإحرام لصحّته، و فيه: أنّ الصحيحة ناظرة إلى صورة الجهل بلا إشكال، كما يظهر من غيرها (3). الامام الخميني: في الجملة

[كتاب الإجارة]

اشارة

كتاب الإجارة

و هي تمليك (1) عمل (2) أو منفعة بعوض (3)، و يمكن أن يقال: إنّ حقيقتها التسليط على عين للانتفاع بها بعوض. و فيه فصول:

[فصل في أركانها]

اشارة

فصل في أركانها و هي ثلاثة:

[الأوّل: الإيجاب و القبول

الأوّل: الإيجاب و القبول؛ و يكفي فيهما كلّ لفظ دالّ على المعنى المذكور. و الصريح منه (1). الامام الخميني: بل هي معاملة يستتبعها ذلك، و ليس التمليك مفاداً أوّليّاً للإجارة، و لهذا يكون لفظهاالصريح: آجرتك و أكريتك، و أمّا ملّكتك منفعة الدار مثلًا مريداً به الإجارة فليس من اللفظ الصريح و إن صحّت الإجارة بمثله، كما أنّ التسليط على العين ليس حقيقتها، بل التسليط الاعتباري على فرضه من أحكامها العقلائيّة أو لوازمها كذلك في مثل إجارة الأعيان المملوكة أو غيرها أيضاً على وجه (2). الگلپايگاني: بل الظاهر أنّ حقيقتها اعتبار إضافة بين العين و المستأجر مستتبعة لملك المنفعة أو العمل و التسلّط على العين لاستيفائهما، و لذا تستعمل أبداً متعلّقة بالأعيان و يقال: آجرت الدار مثلًا (3). مكارم الشيرازي: هذا التعريف غير متين؛ فإنّ تمليك المنفعة أو العمل من آثار الإجارة و ليس نفسها، بل هي تسليط خاصّ يستتبع تمليك المنفعة أو العمل بعوض. و ما في كلمات بعض الأعلام من أنّها إضافة خاصّة بين العين و المستأجر مستتبعة لتمليك المنفعة أو العمل بعوض و إن كان صحيحاً في الجملة، لكنّ الإضافة جنس بعيد يشمل اموراً كثيرة من أنواع المعاملات، بخلاف التسليط، فإنّه جنس قريب؛ هذا مضافاً إلى أنّ الإجارة ليست إضافة بين العين و المستأجر فقط، بل بين الموجر و المستأجر و العين؛ و هذا المعنى غير موجود في تعريف بعض الأعلام، ولكنّه مأخوذ في مفهوم التسليط؛ هذا، و يحتمل القول بأنّ ماهية الإجارة في الأعيان هو ذاك، و أمّا في الأبدان يكون تمليك العمل في ذمّة الأجير، كما في موارد الاستيجار للحجّ و غيره

العروة الوثقى، ج 2،

ص: 472

آجرتك أو أكريتك الدار مثلًا، فيقول: قبلت أو استأجرت أو استكريت. و يجري فيها المعاطاة (1) كسائر العقود، و يجوز أن يكون الإيجاب بالقول و القبول بالفعل، و لا يصحّ أن يقول في الإيجاب: بعتك (2) الدار مثلًا و إن قصد الإجارة؛ نعم، لو قال: بعتك منفعة الدار أو سكنى الدار مثلًا بكذا، لايبعد صحّته (3) إذا قصد الإجارة.

[الثاني: المتعاقدان

الثاني: المتعاقدان؛ و يشترط فيهما البلوغ (4) و العقل و الاختيار و عدم الحجر (5) لفلس أو سفه أو رقّيّة.

[الثالث: العوضان

الثالث: العوضان؛ و يشترط فيهما امور (6):

الأوّل: المعلوميّة (7)؛ و هي في كلّ شي ء بحسبه، بحيث لايكون هناك غرر (8)، فلو آجره داراً (1). الامام الخميني: في جريانها في إجارة الحرّ إشكال و إن كان غير بعيد بجعل نفسه تحت اختيار الطرف بهذاالعنوان أو بشروعه في العمل كذلك

الگلپايگاني: و تتحقّق بإعطاء العين من طرف الموجر و الاجرة من طرف المستأجر، و في إجارة الحرّ نفسه فبتسليم نفسه للعمل؛ هذا هو مقتضى تعلّق الإجارة بالعين، كما ذكرنا في الحاشية السابقة

مكارم الشيرازي: و يكفي فيها تسليم العين للمستأجر أو الأجير نفسه للعمل و إن لم تؤخذ الاجرة؛ كما أنّه يكفي إعطاء الاجرة و أخذها و إن لم يتسلّم العين؛ و الدليل عليه كونها متعارفة بين العقلاء بهاتين الصورتين، فيشمله عموم «المؤمنون عند شروطهم» و شبهه (2). الخوئي: لاتبعد الصحّة إذا نصب قرينة عرفيّة على إرادة الإجارة من لفظ البيع

مكارم الشيرازي: لايعتبر في ألفاظ العقود و إنشائها الصراحة، بل المعتبر الظهور العرفي حتّى ولو كان مجازاً مع القرينة، لصدق العمومات و الإطلاقات عليه؛ و أمّا كفاية التمليك في مورد الإجارة مع القرينة، فليست بعيدة إذا تعلّق بالمنافع لا بالعين (3). الگلپايگاني: مشكل، و كذا إنشاء كلّ عقد بلفظ الآخر (4). مكارم الشيرازي: و كذا يشترط القصد، أي قصد الجدّ، و لا وجه لتركه هنا (5). الامام الخميني: إلّامع إجازة من له الأمر في الثلاثة، بل في المميّز أيضاً على الأقرب (6). الخوئي: بعض هذه الشروط راجع إلى الصحّة و بعضها راجع إلى النفوذ، فيتوقّف نفوذ العقد

الفاقد للشرط على إجازة من له الإجازة (7). مكارم الشيرازي: و يدخل فيه التعيين في مقابل الترديد، كأن يقول: بعتك أحد الدارين، فإنّه أيضاً قسم من المعلوميّة؛ و لا وجه لعدّهما شرطين مختلفين كما في تحرير الوسيلة، و لاسيّما مع وحدة الدليل (8). الگلپايگاني: الأقوى مع الجهل بأحد العوضين البطلان و إن لم يكن هناك غرر

مكارم الشيرازي: و القدر المتيقّن منه الثابت من كلمات أرباب اللغة و موارد استعمال هذا اللفظ، هو ما كان فيه خدعة و غفلة و ضرر، و هذا لاينطبق إلّاعلى موارد تكون المعاملة أو الإجارة فيها سفهيّة غير عقلائيّة مظنّةً لذلك؛ أضف إلى ذلك أنّه ورد في غير واحد من الروايات جواز الإجارة في مقابل مقدار الخراج، قلّ أو كثر؛ و ظاهرها كون مال الإجارة مجهولًا و إن كان هناك مناط لرفع الجهل (راجع الباب 17 من أبواب المزارعة، من المجلّد 13 من الوسائل). إن قلت: الوارد في منابع حديثنا هو النهي عن بيع الغرر فقط (راجع الحديث 3، من الباب 40، من أبواب التجارة) و أمّا النهي عن مطلق الغرر، لم نجده لا في منابع حديث الخاصّة و لا العامّة وإن ذكر بعنوان الحديث في بعض كتب الفقه، مثل المسالك؛ قلنا: لكن لايبعد إلغاء الخصوصيّة منه عرفاً، و تناسب حكم الغرر و موضوعه يؤيّده، و فهم عامّة الفقهاء في أبواب الإجارة ومثلها مع عدم ورود الحديث فيها مؤيّد آخر؛ مضافاً إلى ما ورد في مسند أحمد، عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: لاتشتروا السمك في الماء، فإنّه غرر. و هو قياس منصوص العلّة. و كلّ واحد ممّا ذكر و إن كان قابلًا للكلام، ولكنّ المجموع كافٍ في إثبات العموم

العروة

الوثقى، ج 2، ص: 473

أو حماراً من غير مشاهدة و لا وصف رافع للجهالة بطل، و كذا لو جعل العوض شيئاً مجهولًا.

الثاني: أن يكونا مقدوري التسليم (1)؛ فلاتصحّ إجارة العبد الآبق؛ و في كفاية ضمّ الضميمة هنا، كما في البيع، إشكال (2).

الثالث: أن يكونا مملوكين؛ فلاتصحّ إجارة مال الغير و لا الإجارة بمال الغير، إلّامع الإجازة من المالك.

الرابع: أن تكون عين المستأجرة ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها؛ فلاتصحّ إجارة الخبز للأكل مثلًا و لا الحطب للإشعال و هكذا.

الخامس: أن تكون المنفعة مباحة؛ فلاتصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرّمات أو الدكاكين لبيعها أو الدوابّ لحملها أو الجارية للغناء أو العبد لكتابة الكفر و نحو ذلك، و تحرم الاجرة عليها. (1). مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ في معلوميّة العوضين، فإنّه لا دليل عليه إلّاقاعدة نفي الغرر؛ فما ليس سفهيّاً عند العقلاء، جائز؛ و قد جرت سيرة العقلاء على البيع أو إجارة بعض ما يكون مصداقاً لعدم القدرة على التسليم، مثل ما إذا قدر المشتري أو المستأجرعليه و شبهه، فلا دليل على بطلان أمثال ذلك (2). الگلپايگاني: الأقوى الكفاية، للأخبار الواردة في البيع و إن كان عدمها أحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 474

السادس: أن تكون العين ممّا يمكن استيفاء المنفعة المقصودة بها؛ فلاتصحّ إجارة أرض للزراعة إذا لم يمكن إيصال الماء إليها مع عدم إمكان الزراعة بماء السماء أو عدم كفايته.

السابع: أن يتمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة (1)؛ فلاتصحّ إجارة الحائض لكنس المسجد (2) مثلًا.

مسألة 1: لاتصحّ الإجارة إذا كان الموجر أو المستأجر مكرهاً عليها، إلّامع الإجازة اللاحقة، بل الأحوط عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا؛ نعم، تصحّ مع الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالًا فاضطرّ

إلى إجارة دار سكناه لذلك، فإنّها تصحّ حينئذٍ، كما أنّه إذا اضطرّ إلى بيعها صحّ.

مسألة 2: لاتصحّ إجارة المفلس بعد الحجر (3) عليه، دارَه أو عقارَه (4)؛ نعم، تصحّ إجارته نفسه لعمل (5) أو خدمة؛ و أمّا السفيه فهل هو كذلك (6)، أي تصحّ إجارة نفسه للاكتساب مع (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ الشرط هو قابليّة العين للانتفاع بها و المنفعة لاستيفائها، فتصحّ الإجارة معهما و إن لم يتمكّن المستأجر من الانتفاع؛ و بطلان إجارة الحائض للكنس مستند إلى فقد الشرط الخامس (2). مكارم الشيرازي: و هذا الشرط مندرج في إمكان الانتفاع به، فإنّ المحرّم شرعاً كالممتنع عقلًا؛ هذا، و في بعض الحواشي إنّ الكنس بنفسه حلال، إنّما الحرام المكث في المسجد، و من المعلوم أنّ حرمة المقدّمة لاتسري إلى ذي المقدّمة؛ ولكن يرد عليه إنّ هذا العقد ممّا لايمكن الوفاء به شرعاً، فإنّ الوفاء بالإجارة يتوقّف على المكث الحرام، فهو غيرممكن، فلاتشمله عموم «أوفوا بالعقود» و أشباهه، كما لايخفى. و هل يمكن تصحيحه من باب الترتّب بناءً على القول به، كما هو المختار؟ الظاهر عدمه، لأنّ الترتّب و إن أوجب صحّة الأمر بالمهمّ مع وجود الأهمّ، ولكن هذا الأمر مشروط دائماً بترك الأهمّ و مثل هذا الشرط في باب المعاملات موجب للفساد (3). مكارم الشيرازي: إلّافي المستثنيات من الدين، على إشكال فيها (4). الگلپايگاني: يعني غير دار سكناه، فإنّها من المستثنيات؛ فلو قتر على نفسه و آجرها صحّت على الظاهر لاختصاص المنع بما للديّان استيفاء الدين منه (5). الگلپايگاني: الأحوط في الكسوب الّتي يتمكّن من أداء الدين زائداً على نفقاته الواجبة ترك إجارة النفس إلّا بإذن الديّان

مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى معيشته الواجبة؛ أمّا فيما زاد عليها،

فالأحوط أن يكون بإجازة الديّان، لأنّها متعلّق حقّهم على احتمال، فلاتصحّ الإجارة بغير رضاهم (6). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: السفاهة ذات مراتب، و قد يكون الإنسان سفيهاً بالنسبة إلى أمواله لا بالنسبة إلى عمله، فحينئذٍ يصحّ إجارة نفسه و إن لم تصحّ عقوده على أمواله؛ و قد يكون بالعكس، كما أنّه قد يكون سفيهاً في الجميع؛ و كذلك بالنسبة إلى الزواج و أخذ المهر أو إعطائه، و في كلّ مقام يلحقه حكمه؛ فإنّ حجر السفيه ليس أمراً تعبديّاً، بل هو مبنيّ على بناء العقلاء أمضاه الشارع المقدّس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 475

كونه محجوراً عن إجارة داره مثلًا، أو لا؟ وجهان (1)؛ من كونه من التصرّف المالي (2) و هو محجور، و من أنّه ليس تصرّفاً في ماله الموجود، بل هو تحصيل للمال و لاتعدّ منافعه من أمواله، خصوصاً إذا لم يكن كسوباً؛ و من هنا يظهر النظر فيما ذكره بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها بدعوى أنّ منفعة البضع، مال فإنّه أيضاً محلّ إشكال (3).

مسألة 3: لايجوز للعبد أن يوجر نفسه أو ماله أو مال مولاه، إلّابإذنه أو إجازته.

مسألة 4: لابدّ من تعيين العين المستأجرة (4)، فلو آجره أحد هذين العبدين أو إحدى هاتين الدارين لم يصحّ (5)، و لابدّ أيضاً من تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعدّدة؛ نعم، تصحّ إجارتها بجميع منافعها مع التعدّد، فيكون المستأجر مخيّراً بينها. (1). الامام الخميني: أقربهما عدم الصحّة، و كذا الحال في تزويج السفيهة نفسها

الخوئي: لايبعد أن يكون الوجه الأوّل هو الأوجه (2). الگلپايگاني: و هو الأقوى (3). الخوئي: لا وجه للإشكال بعد ورود النصّ على عدم الجواز

الگلپايگاني: يعني كون البضع منفعة؛ و أمّا نكاح السفيهة

بغير إذن الوليّ فظاهرهم التسليم على بطلانه، بل ادّعي عليه الإجماع و الضرورة و تدلّ عليه صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام: «المرأة الّتي ملكت نفسها غير السفيهة و لا المولّى عليها تزويجها بغير وليّ جائز» و موثّقة ابن بكير عن زرارة عنه عليه السلام: «إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع و تشتري و تعتق و تشهد و تعطي من مالها ما شائت فإنّ أمرها جائز تتزوّج إن شائت بغير إذن وليّها، و إن لم تكن كذلك فلايجوز تزويجها إلّابأمر وليّها» (4). مكارم الشيرازي: لا دليل على لزوم التعيين إذا كانت الإجارة عقلائيّة غير سفهيّة، كما إذا تقارب صفات العينين، مثل ما إذا استأجر أحد الفرسين متقاربي الصفات، و شبه ذلك؛ لأنّ عمدة الدليل فيه هو النهي عن الغرر، بناءً على شموله في المقام. و قد عرفت أنّ الغرر هو الأمر الضرري الخطري الّذي لايخلو عن غفلة و خديعة، و هذا غير موجود فيما قلناه و قد جرت سيرة العقلاء عليه؛ و هكذا الكلام بالنسبة إلى تعيين نوع المنافع إذا كان للعين منافع مختلفة (5). الخوئي: لاتبعد الصحّة في المتساويين في الأوصاف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 476

مسألة 5: معلوميّة المنفعة (1) إمّا بتقدير المدّة كسكنى الدار شهراً (2) و الخياطة يوماً أو منفعة ركوب الدابّة إلى زمان كذا، و إمّا بتقدير العمل كخياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه و رقّته و غلظته، فارسيّة أو روميّة، من غير تعرّض للزمان؛ نعم، يلزم (3) تعيين الزمان (4) الواقع فيه هذا العمل، كأن يقول: إلى يوم الجمعة مثلًا. و إن أطلق، اقتضى التعجيل (5) على الوجه العرفيّ. و في مثل استيجار الفحل للضراب يعيّن بالمرّة و المرّتين. و

لو قدّر المدّة و العمل على وجه التطبيق، فإن علم سعة الزمان له صحّ (6)، و إن علم عدمها بطل، و إن احتمل الأمران ففيه قولان (7).

مسألة 6: إذا استأجر دابّة للحمل عليها، لابدّ من تعيين ما يحمل عليها (8) بحسب الجنس إن كان يختلف الأغراض باختلافه، و بحسب الوزن و لو بالمشاهدة و التخمين إن ارتفع به الغرر، و كذا بالنسبة إلى الركوب لابدّ من مشاهدة الراكب أو وصفه، كما لابدّ من (1). مكارم الشيرازي: يأتي في معلوميّة المنفعة ما مرّ في تعيين العين و إنّ الجهل إنّما يوجب الفساد إذا كانت الإجارة مجهولة سفهيّة، لا ما دار عليه بناء العقلاء. و ليعلم أنّ المعلوميّة في كلّ شي ء بحسبه؛ و قد يكون بالزمان و اخرى بالعمل و ثالثة بالعدد أو بغير ذلك، و قد يكون بأمرين أو امور معاً؛ و الأمر موكول إلى العرف (2). الگلپايگاني: أي دار معلومة في شهر معلوم، و كذا ما بعدها (3). الامام الخميني: مع دخالته في الرغبات (4). الگلپايگاني: مع اختلاف أغراض العقلاء بذلك (5). الگلپايگاني: في بعض الموارد لامطلقاً، و سيأتي منه منعه مطلقاً و لذا حكم بلزوم التعيين؛ نعم، فيما قلنابعدم لزومه فالظاهر أنّه يجب الإتيان به عند المطالبة كالدين إلّامع الانصراف، فإنّه أيضاً تعيين (6). الگلپايگاني: مع تمكّنه منه وتعلّق غرض عقلائيّ به (7). الامام الخميني: الظاهر هو البطلان إن كان التطبيق دخيلًا في الرغبات، و إلّافالصحّة تابعة لواقعه

الخوئي: أقواهما البطلان مع الإطلاق و الصحّة مع التعليق على السعة و القدرة

الگلپايگاني: أقواهما البطلان

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو البطلان، لأنّ الأصل في المعاملات الفساد؛ فما لم يعلم سعة الزمان للعمل، فكيف تصحّ الإجارة مع أنّه

من شرائطه؟ و ليس هنا مورد للاستصحاب، كما لايخفى (8). مكارم الشيرازي: يأتي في تعيين ما يحمل على الدابّة، ما مرّ في غيره، و إنّ تعيين الخصوصيّات من الوزن و الجنس و الراكب و الدابّة و غيرها إنّما يلزم فيما يراه العرف لازماً و تركه موجب للغرر و الضرر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 477

مشاهدة الدابّة أو وصفها حتّى الذكوريّة و الانوثيّة إن اختلفت الأغراض بحسبهما. و الحاصل: أنّه يعتبر تعيين الحمل و المحمول عليه و الراكب و المركوب عليه من كلّ جهة يختلف غرض العقلاء باختلافها.

مسألة 7: إذا استأجر دابّة لحرث جريب معلوم، فلابدّ من مشاهدة الأرض أو وصفها (1) على وجه يرتفع الغرر.

مسألة 8: إذا استأجر دابّة للسفر مسافة، لابدّ من بيان زمان السير (2)، من ليل أو نهار، إلّا إذا كان هناك عادة متّبعة (3).

مسألة 9: إذا كانت الاجرة ممّا يكال أو يوزن، لابدّ من تعيين كيلها أو وزنها و لاتكفي المشاهدة (4)؛ و إن كانت ممّا يعدّ، لابدّ من تعيين عددها. وتكفي المشاهدة فيما يكون اعتباره بها.

مسألة 10: ماكان معلوميّته بتقدير المدّة، لابدّ من تعيينها شهراً أو سنة أو نحو ذلك، و لو قال: آجرتك إلى شهر أو شهرين، بطل. و لو قال: آجرتك كلّ شهر بدرهم (5) مثلًا، ففي صحّته (1). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان له متعارف، فحينئدٍ ينصرف الإطلاق إليه و إن كان بين أفراد المتعارف أيضاً تفاوت ولكنّه لايوجب الغرر (2). مكارم الشيرازي: و كذلك فصول السنة إذا كان بينها تفاوت من ناحية السير الّذي يعتني به العقلاء و يكون تركه غرراً (3). الگلپايگاني: أو لم يختلف بذلك الأغراض و الماليّة (4). مكارم الشيرازي: عدم كفاية المشاهدة في جميع الموارد غير

ثابت؛ و المعيار فيه ما عرفت في معنى الغرر (5). مكارم الشيرازي: الأقوى فيه البطلان وفاقاً للمشهور، لا لأنّ مبدأ الإجارة غير معلوم، لانصرافها إلى المتّصل بزمن الحال، بل لأنّ زمانها غير معلوم و مبهم جدّاً، فيشمله أدلّة نفي الغرر بأىّ معنى كان؛ هذا مضافاً إلى أنّ نتيجة الإجارة تمليك منفعة في مقابل تملّك اجرة، و تمليك المجهول ذهناً و خارجاً لا معنى له؛ نعم، تصحّ الإباحة بالعوض، لا بمعنى عقد يشتمل على الإباحة المعوّضة، فإنّ الجهل فيه أيضاً مانع، بل بمعنى الإباحة التكليفيّة و كون رضا المالك مشروطاً بعوض معيّن. و ما نرى من جريان سيرة العقلاء اليوم في مثل الفنادق و شبهها راجع إليه، و لايعاملون معه معاملة عقد الإجارة، و لايعتنى بما يدّعيه غير المبالين منهم بالشرع و العقل؛ و أمّا إذا قال: آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه، فالأقوى إنّه خارج عن محلّ الكلام، و تصحّ في الشهر الأوّل و تبطل في غيره؛ و يمكن تصحيح التصرّف فيه بما مرّ من الإباحة بالعوض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 478

مطلقاً أو بطلانه مطلقاً أو صحّته في شهر و بطلانه في الزيادة فإن سكن فاجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير المذكور و بين أن يقول: آجرتك شهراً (1) بدرهم فإن زدت فبحسابه، بالبطلان في الأوّل و الصحّة في شهر في الثاني، أقوال؛ أقواها الثاني (2)، و ذلك لعدم تعيين المدّة الموجب لجهالة الاجرة، بل جهالة المنفعة أيضاً؛ من غير فرق بين أن يعيّن المبدأ أو لا، بل على فرض عدم تعيين المبدأ يلزم جهالة اخرى، إلّاأن يقال: إنّه حينئذٍ ينصرف إلى المتّصل بالعقد، هذا إذا كان بعنوان الإجارة؛ و أمّا إذا

كان بعنوان الجعالة (3) فلا مانع منه، لأنّه يغتفر فيها مثل هذه الجهالة، و كذا إذا كان بعنوان الإباحة بالعوض.

مسألة 11: إذا قال: إن خطت هذا الثوب فارسيّاً، أي بدرز، فلك درهم و إن خطته روميّاً، أي بدرزين، فلك درهمان، فإن كان بعنوان الإجارة بطل (4)، لما مرّ من (1). الامام الخميني: لا إشكال في صحّتها في الشهر الأوّل في هذه الصورة مع معلوميّة المبدأ، و الأقوى عدم صحّتها في غيره (2). الخوئي: لايبعد أن يكون أقواها الثالث، و لاسيّما إذا كان الإنشاء بالتعبير الثاني

الگلپايگاني: بل الرابع إذا كان المبدأ معلوماً و لو بالانصراف (3). الامام الخميني: ليست هذه هي الجعالة المتعارفة و إن لايبعد صحّتها، و لعلّها ترجع إلى الإباحة بالعوض

الخوئي: بأن يجعل منفعة الدار لمن أعطاه درهماً مثلًا

الگلپايگاني: بأن جعل أحد على نفسه لمن أسكنه داره كلّ شهر كذا؛ و أمّا إذا جعل المالك لنفسه على من سكن داره كلّ شهر كذا فهو خلاف المعهود من الجعالة و إن كان في خبر السكوني ما يشعر بذلك، حيث قال عليه السلام: فإنّه إنّما أخذ الجعل على الحمّام و لم يأخذ على الثياب

مكارم الشيرازي: لا معنى للجعالة هنا، فإنّ حقيقتها جعل شي ء في مقابل عمل، و هذا المعنى غير موجود في محلّ الكلام؛ هذا مضافاً إلى أنّ الجهل المغتفر في الجعالة أمر آخر غير ما نحن بصدده، و تمام الكلام في محلّه (4). الخوئي: هذا في المتباينين؛ و أمّا في الأقلّ و الأكثر كما هو مفروض المثال، فيمكن تصحيح الإجارةبالإضافة إلى الأقلّ، و يشترط الزيادة بالنسبة إلى الأكثر

مكارم الشيرازي: على الأحوط، لأنّ بطلانه من باب الإجارة إنّما هو للجهل و الإبهام؛ اللّهم إلّاأن

يقال: إنّ هذا المقدار ليس داخلًا في مفهوم الغرر بالمعنى الّذي ذكرنا و قد جرى عليه بناء العقلاء في امورهم و لايعدّونه سفهيّاً، و يملك المستأجر في ذمّة الأجير أحد الأمرين في مقابل إحدى الاجرتين، و هو غير بعيد. و يؤيّده ما ورد في رواية محمّد الحلبي (2/ 13 من أبواب الإجارة)؛ نعم، يمكن تصحيحه من باب الجعالة؛ و إشكال العلّامة عليه في بعض كتبه بعدم صحّته لجهالة الجعل قابل للمنع، لأنّه في الواقع يرجع إلى الجعالة على عملين بجعلين مختلفين، و الحقيقة ينحلّ إلى جعالتين؛ و أمّا صحّته من باب الإباحة بالعوض، لا معنى له، فإنّه ليس للأجير شي ء يبيحه للمستأجر في مقابل العوض، و إنّما ينتفع المستأجر بنتيجة عمله؛ فتدبّر جيداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 479

الجهالة (1)؛ و إن كان بعنوان الجعالة، كما هو ظاهر العبارة، صحّ؛ و كذا الحال إذا قال: إن عملت العمل الفلانيّ في هذا اليوم فلك درهمان، و إن عملته في الغد فلك درهم، و القول بالصحّة إجارةً في الفرضين ضعيف، و أضعف منه القول بالفرق بينهما بالصحّة في الثاني دون الأوّل. و على ما ذكرنا من البطلان، فعلى تقدير العمل يستحقّ اجرة المثل (2)، و كذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهراً أو أقلّ أو أكثر.

مسألة 12: إذا استأجره أو دابّته ليحمله أو يحمل متاعه إلى مكان معيّن في وقت معيّن (3) باجرة معيّنة، كأن استأجر منه دابّة لإيصاله إلى كربلاء قبل ليلة النصف من شعبان و (1). الخوئي: إذا كانت الإجارة واحدة و كان متعلّقها مردّداً بين أمرين، فالبطلان من جهة إبهام المتعلّق و عدم تعيّنه حتّى في الواقع؛ و أمّا إذا كانت متعدّدة و كان متعلّق كلّ

منهما معلوماً فلا جهالة، و لكنّها مع ذلك باطلة لاستحالة صحّتهما معاً و ترجيح إحداهما على الاخرى بلا مرجّح

الگلپايگاني: بل لأجل الإبهام، فإنّ العرف لم يساعد عليه (2). الخوئي: هذا إذا لم تكن اجرة المثل أزيد من وجه الإجارة، و إلّالم يستحقّ الزائد فيما إذا كان المؤجرعالماً بالغبن أو كان مقدماً على الإجارة مطلقاً (3). مكارم الشيرازي: المعيار في هذا الباب أنّ القيود المأخوذة في الإجارة تارةً تكون مقوّمة بنظر العرف، و اخرى من قبيل تعدّد المطلوب؛ فالأوّل قيد و الثاني شرط، من دون فرق بين العبارات، فالأوّل كالإيصال في موسم الحجّ إلى الموقف و كالإيصال في الوقت المنظور فيه العمل، فإنّ مثل هذا يكون مقوّماً بنظر العرف، فإن لم يوصله في ذاك الزمان لم يستحقّ شيئاً، سواء اخذ في ظاهر العبارة بعنوان القيد أو بعنوان الشرط، فإنّ الألفاظ أمارات للمعاني، و الجمود على العبارة غلط إذا كان المعنى معلوماً بين المتخاطبين. و إن كان قيداً غير مقوّم و كان من قبيل تعدّد المطلوب، فتخلّفه لايوجب البطلان، بل يوجب الخيار، خيار تخلّف الشرط، سواء كانت العبارة بصورة الجملة الشرطيّة أو القيديّة، و ذلك مثل الإيصال إلى الأماكن المتبرّكة في الليالي المباركة، فإنّ زيارة تلك الأماكن مطلوبة بنفسها غالباً و كونها في أيّام متبرّكة مطلوب آخر في الغالب؛ فالقيديّة و الشرطيّة إنّما هو بحسب طبيعة القيود و اختلاف المقامات، لا بحسب الألفاظ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 480

لم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت و عدم إمكان الإيصال فالإجارة باطلة (1)، و إن كان الزمان واسعاً و مع هذا قصّر (2) و لم يوصله، فإن كان ذلك على وجه العنوانيّة و التقييد لم يستحقّ شيئاً من الاجرة (3)، لعدم العمل بمقتضى الإجارة

أصلًا، نظير ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة فاشتبه و صام يوم السبت؛ و إن كان ذلك على وجه الشرطيّة، بأن يكون متعلّق الإجارة الإيصال إلى كربلاء (4) و لكن اشترط عليه الإيصال في ذلك الوقت فالإجارة صحيحة و الاجرة المعيّنة لازمة، لكن له خيار الفسخ من جهة تخلّف الشرط و معه يرجع إلى اجرة المثل. و لو قال: و إن لم توصلني في وقت كذا فالاجرة كذا، أقلّ ممّا عيّن أو لا (5)، فهذا أيضاً قسمان؛ قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين من الإيصال في ذلك الوقت و عدم الإيصال فيه مورداً للإجارة فيرجع إلى قوله: آجرتك باجرة كذا إن أوصلتك في الوقت الفلانيّ و باجرة كذا إن لم اوصلك في ذلك الوقت، و هذا باطل للجهالة (6) نظير ما (1). الامام الخميني: إلّاإذا كان ذلك بنحو الاشتراط

الخوئي: إذا كان متعلّق الإجارة هو الدابّة و كان الإيصال شرطاً، فهو من اشتراط أمر غير مقدور، و الصحيح فيه صحّة العقد و إلغاء الشرط

الگلپايگاني: إن كان ذلك على وجه العنوانيّة و التقييد؛ و أمّا إن كان على وجه الشرطيّة فالإجارة صحيحة و الشرط لغو (2). الامام الخميني: المناط في عدم الاستحقاق في الفرض الأوّل و كذا في خيار تخلّف الشرط في الثانية هوعدم الإيصال و لولا عن تقصير كمن ضلّ الطريق فلم يوصله (3). الخوئي: الظاهر أنّه يستحقّ الاجرة المسمّاة، ولكنّه يضمن للمستأجر اجرة المثل؛ نعم، لايستحقّ عليه المطالبة ما لم يدفعها، و للمستأجر أن يفسخ المعاملة لتعذّر التسليم (4). الخوئي: إذا كان متعلّق الإجارة هو العمل كان الاشتراط بمنزلة التقييد، فإنّه يرجع إليه لبّاً و إنّما الاختلاف في اللفظ؛ نعم، يصحّ ما ذكر فيما إذا كان متعلّق الإجارة الدابّة

و كان الإيصال اخذ شرطاً (5). مكارم الشيرازي: لايبعد الصحّة من باب الجعالة، بل و من باب الإجارة؛ و كذا في المسألة السابقة، لأنّ هذا المقدار من الجهالة ليس داخلًا تحت أدلّة نفي الغرر، لما عرفت في معناه؛ و في الحقيقة المستأجر يملك على الموجر أحد الأمرين، و لا مانع لملك أحد الأمرين في الذمّة، و من هنا يمكن القول بالصحّة في المسألة السابقة؛ و الظاهر أنّ عمل العقلاء فيما بينهم على ذلك، و لايرون فيه أىّ خديعة و سفه، و يكون الموجر ملزماً بأحد الأمرين مخيّراً بينهما (6). الخوئي: مرّ وجه البطلان في المسألة السابقة

الگلپايگاني: بل للإبهام، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 481

ذكر في المسألة السابقة من البطلان إن قال: إن عملت في هذا اليوم فلك درهمان الخ. و قد يكون مورد الإجارة هو الإيصال (1) في ذلك الوقت (2)، و يشترط عليه (3) أن ينقص من الاجرة كذا على فرض عدم الإيصال، و الظاهر الصحّة في هذه الصورة، لعموم المؤمنون و غيره، مضافاً إلى صحيحة محمّد الحلبيّ (4). و لو قال: إن لم توصلني فلا اجرة لك (5)، فإن كان على وجه الشرطيّة، بأن يكون متعلّق الإجارة هو الإيصال الكذائي فقط واشترط عليه عدم الاجرة على تقدير المخالفة، صحّ و يكون الشرط المذكور مؤكّداً لمقتضى العقد (6)؛ و إن كان على وجه القيديّة، بأن جعل كلتا الصورتين مورداً للإجارة إلّاأنّ في الصورة الثانية بلا اجرة، يكون (1). الخوئي: إذا كان مورد الإجارة هو الإيصال، فمع عدمه لايستحقّ المؤجر شيئاً على ما اختاره قدس سره، فلا معنى لاشتراط النقص، و أمّا النصّ فمورده هو إيجار الدابّة و اشتراط النقص على تقدير عدم الإيصال، و هو غير مفروض

الكلام؛ نعم، على ما اخترناه يصحّ هذا الاشتراط على القاعدة (2). الگلپايگاني: إذا كان مورد الإجارة هو الإيصال في ذلك الوقت، فاشتراط نقص الاجرة على تقدير عدمه شرط على خلاف مقتضى عقد الإجارة، و معه لا مورد للحكم بالصحّة و لا للتمسّك بعموم المؤمنون، كما أنّه أجنبيّ عن مورد الصحيحة لأنّها وردت في الاستيجار لحمل المتاع إلى موضع معيّن مع اشتراط الإيصال في يوم كذا و إن لم يوصله حطّ من الأجر، و لعلّ مقصوده قدس سره هذا الفرض، لكنّ العبارة غير وافية و يمكن أن يكون «في ذلك الوقت» بعد قوله «على فرض عدم الإيصال» و قدّمه الناسخ (3). الامام الخميني: الظاهر أنّ مراده أنّ مورد الإجارة هو الإيصال و اشترط عليه الإيصال في ذلك الوقت و إن لم يوصله في ذلك الوقت ينقص من الاجرة كذا، و إنّما وقع سهو في العبارة و ذلك بقرينة تمسّكه بصحيحة الحلبي فإنّ مفادها مع إلغاء الخصوصيّة عرفاً من قبيل ما ذكرنا لا ما ذكره؛ و كيف كان، فإن كان مراده ما ذكرنا فلا إشكال فيه، و إن كان المراد ظاهر العبارة فالظاهر رجوعه إلى ما حكم ببطلانه، و لاينطبق عليه النصّ المتقدّم (4). الامام الخميني: صحّتها غير بعيدة و إن كان في منصور بن يونس كلام (5). مكارم الشيرازي: المدار في هذه المسألة أيضاً على أن يكون وصوله في ذاك الوقت من قبيل المقوّم، كالوصول إلى مواقف الحجّ في الموسم و عدمه؛ ففي الأوّل لا اجرة للموجر، سواء كان بلفظ الشرط أو القيد، و إن كان من قبيل تعدّد المطلوب فلايصحّ نفي الاجرة مطلقاً؛ و الظاهر أنّ هذا هو مورد الحديث الدالّ على البطلان إذا أحاط الشرط

بجميع الكري، و عليه يحمل كلام المشهور القائلين بالبطلان في هذه الصورة (6). الخوئي: بل هو مخالف لمقتضاه، فإنّ مقتضاه انتقال المنفعة إلى المستأجر و العوض إلى المؤجر؛ سواء أتى الأجير بالعمل أم لا؛ و عليه يحمل ما في ذيل الصحيحة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 482

باطلًا. ولعلّ هذه الصورة مراد المشهور (1) القائلين بالبطلان دون الاولى، حيث قالوا: ولو شرط سقوط الاجرة إن لم يوصله، لم يجز.

مسألة 13: إذا استأجر منه دابّة لزيارة النصف من شعبان مثلًا، و لكن لم يشترط على الموجر ذلك و لم يكن على وجه العنوانيّة أيضاً واتّفق أنّه لم يوصله (2)، لم يكن له خيار الفسخ و عليه تمام المسمّى من الاجرة، و إن لم يوصله إلى كربلاء أصلًا سقط من المسمّى بحساب ما بقي (3) و استحقّ بمقدار ما مضى. و الفرق بين هذه المسألة و ما مرّ في المسألة السابقة أنّ الإيصال هنا غرض و داعٍ، و فيما مرّ قيد أو شرط.

[فصل في أحكام عقد الإجارة]

[فصل في أحكام عقد الإجارة]

الإجارة من العقود اللازمة، لاتنفسخ إلّابالتقايل أو شرط الخيار لأحدهما أو كليهما إذا اختار الفسخ؛ نعم، الإجارة المعاطاتيّة جائزة (4)، يجوز لكلّ منهما الفسخ ما لم تلزم بتصرّفهما (5) (1). الامام الخميني: فيه منع، بل الظاهر متابعة المشهور للنصّ كصحيحة الحلبي

الگلپايگاني: الظاهر أنّ مراد المشهور عين ما هو مورد الصحيحة، حيث قال 7: شرطه هذا جائز ما لم يحطّ بجميع الكري (2). الگلپايگاني: في ذلك اليوم (3). الخوئي: هذا إذا كان عدم الوصول لعدم إمكانه بموت الدابّة و نحوه، و مع ذلك فللمستأجر الخيار، فإن فسخ استحقّ المؤجر اجرة المثل لما مضى؛ و أمّا إذا كان عدم الوصول من قبل المؤجر فللمستأجر أن يفسخ و يعطي اجرة المثل لما مضى، وله أن يطالب

باجرة المثل لما بقي و يعطي تمام الاجرة المسمّاة

مكارم الشيرازي: فيه تفصيل يأتي إن شاء اللّه في محلّه (4). الامام الخميني: الأقوى لزومها، كما أنّ الأقوى لزوم البيع المعاطاتي أيضاً، لكن لاينبغي ترك مراعاةالاحتياط

الخوئي: الأظهر أنّها أيضاً لازمة

مكارم الشيرازي: و الأقوى لزومها أيضاً؛ و كذا في البيع و شبهه، لأنّ الأصل في كلّ معاملة اللزوم بمقتضى «أوفوا بالعقود» (و العقد عام يشمل المعاطاة و غيرها و كلّ معاهدة) و كذا «المؤمنون عند شروطهم» و شبههما، و الفسخ يحتاج إلى دليل؛ و مخالفة المشهور غير قادح بعد وضوح دليلهم و عدم تماميّته، كيف و قد جرت سيرة العقلاء على معاملة اللزوم بالعقود المعاطاتيّة و لم يردع عنها الشارع؟ (5). الگلپايگاني: الظاهر أنّ الملزم هو التلف أو التصرّف المغيّر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 483

أو تصرّف أحدهما فيما انتقل إليه.

مسألة 1: يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة، و لاتنفسخ الإجارة به، فتنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة؛ نعم، للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع، لأنّ نقص المنفعة عيب (1)، و لكن ليس كسائر العيوب ممّا يكون المشتري معه مخيّراً بين الردّ و الأرش، فليس له أن لايفسخ و يطالب بالأرش، فإنّ العيب الموجب للأرش ما كان نقصاً في الشي ء في حدّ نفسه مثل العمى و العرج و كونه مقطوع اليد أو نحو ذلك، لا مثل المقام الّذي العين في حدّ نفسها لا عيب فيها. و أمّا لو علم المشتري أنّها مستأجرة و مع ذلك أقدم على الشراء فليس له الفسخ أيضاً؛ نعم، لو اعتقد كون مدّة الإجارة كذا مقداراً فبان أنّها أزيد، له الخيار أيضاً. و لو فسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى البايع

لا إلى المشتري؛ نعم، لو اعتقد البايع و المشتري بقاء مدّة الإجارة و أنّ العين مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا و تبيّن أنّ المدّة منقضية، فهل منفعة تلك المدّة للبايع، حيث إنّه كأنّه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، أو للمشتري، لأنّها تابعة للعين ما لم تفرز بالنقل إلى الغير أو بالاستثناء و المفروض عدمها؟ وجهان، و الأقوى الثاني (2)؛ نعم، لو شرطا كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدّة، كان لما ذكر وجه (3)؛ ثمّ بناءً على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى المشتري، فهل (1). الامام الخميني: في التعليل إشكال (2). الخوئي: لايبعد أن يكون الأوّل هو الأقوى

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الأوّل، لأنّ علم البايع و المشتري بعدم المنفعة للعين في زمان خاصّ لزعمهما أنّها مستأجرة من قبل، في حكم الشرط، فإنّ الشروط الضمنيّة غير المذكورة في العقدأبواب المعاملات كثيرة، و معيار الجميع علم الطرفين و إقدامهما على العقد بانيين عليه؛ و الشاهد على ذلك نقصان القيمة عادةً بما تقلّ من منافعه (3). الامام الخميني: لكنّ الأوجه تبعيّة النماء للعين أيضاً، و هذا كما لو توهّم عدم المنفعة للعين مدّة و اشترطمسلوبيّة المنفعة فيها

الگلپايگاني: إن كان الشرط بعنوان الاستثناء؛ و أمّا إن كان بعنوان التوصيف فالمنفعة للمشتري و للبايع خيار تخلّف الوصف إذا كانت منافع تلك المدّة معتدّاً بها بحيث يختلف بلحاظها الرغبات في العين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 484

للبايع الخيار أو لا؟ وجهان؛ لايخلو أوّلهما من قوّة (1)، خصوصاً إذا أوجب ذلك له الغبن (2)، هذا إذا بيعت العين المستأجرة على غير المستأجر؛ أمّا لو بيعت عليه ففي انفساخ الإجارة وجهان؛ أقواهما العدم و

يتفرّع على ذلك امور:

منها (3): اجتماع الثمن و الاجرة عليه حينئذٍ؛

و منها: بقاء ملكه للمنفعة في مدّة تلك الإجارة لو فسخ البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو قيل بانفساخ الإجارة؛

و منها: إرث الزوجة من المنفعة في تلك المدّة لو مات الزوج المستأجر بعد شرائه لتلك العين و إن كانت ممّا لاترث الزوجة منه، بخلاف ما لو قيل بالانفساخ بمجرّد البيع؛

و منها: رجوع المشتري (4) بالاجرة (5) لو تلف العين بعد قبضها و قبل انقضاء مدّة الإجارة، فإنّ تعذّر استيفاء المنفعة يكشف عن بطلان الإجارة و يوجب الرجوع بالعوض و إن كان تلف العين عليه.

مسألة 2: لو وقع البيع و الإجارة في زمان واحد، كما لو باع العين مالكها على شخص و آجرها وكيله على شخص آخر و اتّفق وقوعهما في زمان واحد، فهل يصحّان معاً و يملكها المشتري مسلوبة المنفعة، كما لو سبقت الإجارة، أو يبطلان معاً للتزاحم في ملكيّة المنفعة، أو يبطلان معاً بالنسبة إلى تمليك المنفعة فيصحّ البيع على أنّها مسلوبة المنفعة تلك المدّة، فتبقى المنفعة على ملك البايع؟ وجوه؛ أقواها الأوّل، (6) لعدم التزاحم، فإنّ البايع لايملك المنفعة و إنّما (1). الخوئي: بل الأقوى هو الثاني، إلّاإذا كان ذلك موجباً للغبن

الامام الخميني: في صورة الغبن (2). الگلپايگاني: الغبن سبب مستقلّ للخيار، و خيار تخلّف الوصف لايبتني عليه، كما مرّ (3). الگلپايگاني: اعتبار الإضافة المعتبرة بين العين و المستأجر بينها و بين المالك في غاية الإشكال، و كذا اعتبار ملك المنفعة استقلالًا لمالك العين، كما نبّه عليه غير واحد من أساطين الفنّ، فالأحوط التصالح في مال الإجارة في تلك المدّة، و المنفعة للمشتري على أيّ تقدير (4). الامام الخميني: من حين تلف

العين، فإنّه بهذا القيد من متفرّعات عدم الانفساخ (5). الگلپايگاني: المشتري يرجع على البايع على التقديرين، لكنّه من حين البيع على الانفساخ ومن حين التلف على عدمه (6). الخوئي: بل أقواها الأخير، لتزاحم العقدين في التأثير زماناً، و لا أثر للتقدّم و التأخّر في الرتبة في المقام ونحوه، كما حقّق في محلّه

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لتزاحم البيع و الإجارة بالنسبة إلى المنافع؛ و كون أحدهما بالأصالة و الآخر بالتبع، لا أثر له؛ فالأحوط لولا الأقوى، الحكم بالبطلان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 485

يملك العين، و ملكيّة العين توجب ملكيّة المنفعة للتبعيّة و هي متأخرّة عن الإجارة.

مسألة 3: لاتبطل الإجارة بموت المؤجر و لا بموت المستأجر على الأقوى؛ نعم، في إجارة العين الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى البطن اللاحق، لأنّ الملكيّة محدودة؛ و مثله ما لو كانت المنفعة موصى بها للمؤجر مادام حيّاً، بخلاف ما إذا كان المؤجر هو المتولّي للوقف و آجر لمصلحة البطون إلى مدّة، فإنّها لاتبطل بموته (1) و لا بموت البطن الموجود حال الإجارة؛ و كذا تبطل إذا آجر نفسه (2) للعمل بنفسه من خدمة أو غيرها، فإنّه إذا مات لايبقى محلّ للإجارة، و كذا إذا مات المستأجر الّذي هو محلّ العمل، من خدمة أو عمل آخر متعلّق به بنفسه، و لو جعل العمل في ذمّته (3) لاتبطل الإجارة بموته، بل يستوفي من تركته، و كذا بالنسبة إلى المستأجر إذا لم يكن محلّ للعمل، بل كان مالكاً له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة من غير تقييد بكونها له، فإنّه إذا مات تنتقل إلى وارثه، فهم يملكون عليه ذلك العمل. و إذا آجر الدار و اشترط على المستأجر

سكناه بنفسه لاتبطل بموته، و يكون للمؤجر خيار (4) الفسخ (5)؛ نعم، إذا اعتبر سكناه على وجه القيديّة، تبطل بموته (6).

مسألة 4: إذا آجر الوليّ أو الوصيّ الصبيّ المولّى عليه مدّة تزيد على زمان بلوغه و (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل، و كذا في موت البطن الموجود (2). الخوئي: البطلان في هذه الصورة و في الصورة الثانية إنّما هو فيما إذا كان متعلّق الإجارة مقيّداً بزمان قدتحقّق الموت قبله أو في أثنائه أو كان الموت واقعاً قبل مضيّ زمان يسع متعلّق الإجارة (3). الگلپايگاني: من دون قيد المباشرة (4). الامام الخميني: لا وجه لهذا الخيار، بل الظاهر بطلان الإجارة بالموت (5). الخوئي: هذا إذا تخلّفت الورثة عن العمل بالشرط (6). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: الأقوى كما عرفت أنّ كون شي ء شرطاً أو قيداً ليس بحسب اعتبار الموجر أو المستأجر، بل بنظر العرف، لأنّ القيود في ذلك مختلفة؛ فإذا كان في أنظار أهل العرف من المقوّمات تبطل الإجارة بانتفاعها، و إذا لم يكن كذلك، بل كان من قبيل تعدّد المطلوب في نظرهم، كان الحكم الصحّة مع الخيار إذا تخلّف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 486

رشده، بطلت في المتيقّن بلوغه فيه، بمعنى أنّها موقوفة على إجازته و صحّت واقعاً و ظاهراً بالنسبة إلى المتيقّن صغره، و ظاهراً بالنسبة إلى المحتمل؛ فإذا بلغ، له أن يفسخ على الأقوى، أي لايجيز، خلافاً لبعضهم فحكم بلزومها عليه (1) لوقوعها من أهلها في محلّها (2) في وقت لم يعلم لها منافٍ، و هو كماترى؛ نعم، لو اقتضت المصلحة اللازمة المراعاة إجارته مدّة زائدة على زمان البلوغ (3)، بحيث يكون إجارته أقلّ من تلك المدّة خلاف مصلحته، تكون لازمة (4) ليس له فسخها بعد

بلوغه، و كذا الكلام في إجارة أملاكه.

مسألة 5: إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدّة معيّنة، فتزوّجت قبل انقضائها، لم تبطل الإجارة و إن كانت الخدمة منافية لاستمتاع الزوج.

مسألة 6: إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه، لاتبطل الإجارة بالعتق و ليس له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقيّة المدّة، لأنّه كان مالكاً لمنافعه أبداً وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدّة، فدعوى أنّه فوّت على العبد ما كان له حال حرّيته، كماترى؛ نعم، يبقى الكلام في نفقته في بقيّة المدّة إن لم يكن شرط كونها على المستأجر، و في المسألة وجوه: (1). الگلپايگاني: و هو الأقوى، لأنّ المستفاد من أدلّة الولاية أنّها قبل البلوغ مطلقة غير مقيّدة بشي ء غيرالمصلحة، فله قبل البلوغ ما للمولّى عليه لو كان بالغاً مع مراعاة المصلحة فيكون البلوغ غاية للولاية لا قيداً لما فيه الولاية (2). مكارم الشيرازي: الأصحّ بطلان الإجارة بالنسبة إلى ما بعد البلوغ، من غير حاجة إلى الفسخ، فإنّه من قبيل الفضوليّ على بعض المباني، فيصحّ مع الإجازة و تبطل بدونها، و لا حاجة للفضوليّ إلى الفسخ؛ و أحسن ما يمكن الاستدلال به عليه، قصور أدلّة الولاية و ظهور قوله تعالى: «فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم» في استقلاله بالتصرّف مطلقاً بعد البلوغ و وجوب دفع أمواله إليه. و من هنا يظهر أنّ فساد الإجارة بالنسبة إلى ما بعد البلوغ لا تفاوت فيه بالنسبة إلى نفس الصغير و أمواله. و ما يظهر من بعضهم من أنّ إجارة أملاكه صحيحة مطلقاً و أنّ الإشكال في إجارة نفسه، غير وجيه بعد ما عرفت من الدليل و لاسيّما الآية الشريفة (3). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لما عرفت من قصور

الأدلّة؛ فهل يجوز التصرّف في مال الكبير أو نفسه حفظاً لمصلحة حال صغره؟ نعم، لو كانت المصلحة مهمّة جدّاً، أمكن القول بعموم الأدلّة (4). الخوئي: فيه إشكال؛ نعم، هي كذلك في إجارة الأملاك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 487

أحدها: كونها على المولى، لأنّه حيث استوفي بالإجارة منافعه فكأنّه باقٍ على ملكه.

الثاني: أنّه في كسبه (1) إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة، و إن لم يمكن فمن بيت المال، و إن لم يكن فعلى المسلمين كفايةً (2).

الثالث: أنّه إن لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة، ففي كسبه و إن كان منافياً للخدمة.

الرابع: أنّه من كسبه، و يتعلّق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمّته.

الخامس: أنّه من بيت المال من الأوّل. و لايبعد قوّة الوجه الأوّل (3).

مسألة 7: إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً سابقاً على العقد و كان جاهلًا به، فإن كان ممّا تنقص به المنفعة، فلا إشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ و الإبقاء، و الظاهر عدم جواز مطالبته الأرش (4)، فله الفسخ أو الرضا بها مجّاناً؛ نعم، لو كان العيب مثل خراب بعض بيوت الدار، فالظاهر تقسيط الاجرة (5)، لأنّه يكون حينئذٍ من قبيل تبعّض الصفقة؛ و لو كان العيب ممّا لاتنقص معه المنفعة، كما إذا تبيّن كون الدابّة مقطوع الاذن أو الذنب، فربّما يستشكل في ثبوت الخيار معه، لكنّ الأقوى ثبوته إذا كان ممّا يختلف به الرغبات و تتفاوت به الاجرة (6)، و كذا له الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد (7) و قبل القبض، بل بعد القبض أيضاً و إن كان استوفي بعض المنفعة و مضى بعض المدّة (8)، هذا إذا كانت العين شخصيّة؛ و أمّا (1). الگلپايگاني: و هو الأقوى

(2). الگلپايگاني: و مع التعذّر ففي كسبه و تنفسخ الإجارة في تلك المدّة و يرجع المستأجر إلى المولى و يستردّ ما أعطاه من الاجرة في مقابلها (3). الامام الخميني: بل الثاني أشبه

الخوئي: بل الأقوى هو الوجه الثاني (4). مكارم الشيرازي: لايبعد جوازها، فإنّ الأرش ليس من باب التعبّد، بل هو أمر ثابت عند العقلاء ولا خصوصيّة للبيع؛ نعم، في كون الموجر مخيّراً بينه و بين الفسخ إشكال، و الأحوط توافقهما عليه (5). الخوئي: في إطلاقه إشكال

الامام الخميني: و له خيار الفسخ أيضاً (6). الگلپايگاني: بل و إن لم تتفاوت به الاجرة (7). مكارم الشيرازي: إطلاقه لايخلو عن إشكال (8). الگلپايگاني: مشكل؛ فالأحوط في هذه الصورة التراضي في الفسخ و الإبقاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 488

إذا كانت كلّية و كان الفرد المقبوض معيباً، فليس له فسخ العقد، بل له مطالبة البدل؛ نعم، لو تعذّر البدل، كان له الخيار في أصل العقد.

مسألة 8: إذا وجد المؤجر عيباً سابقاً في الاجرة و لم يكن عالماً به، كان له فسخ العقد و له الرضا به، و هل له مطالبة الأرش معه؟ لايبعد (1) ذلك (2)، بل ربّما يدّعى عدم الخلاف فيه، لكن هذا إذا لم تكن الاجرة منفعة عين، و إلّافلا أرش فيه (3)، مثل ما مرّ في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيباً، هذا إذا كانت الاجرة عيناً شخصيّة؛ و أمّا إذا كانت كلّية فله مطالبة البدل، لا فسخ أصل العقد، إلّامع تعذّر البدل على حذو ما مرّ في المسألة السابقة.

مسألة 9: إذا أفلس المستأجر بالاجرة، كان للمؤجر الخيار (4) بين الفسخ و استرداد العين و بين الضرب مع الغرماء، نظير ما أفلس المشتري بالثمن، حيث إنّ للبايع الخيار

إذا وجد عين ماله.

مسألة 10: إذا تبيّن غبن المؤجر أو المستأجر، فله الخيار إذا لم يكن عالماً به حال العقد، إلّا إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد.

مسألة 11: ليس في الإجارة خيار المجلس و لا خيار الحيوان، بل و لا خيار التأخير (5) على الوجه المذكور في البيع، و يجري فيها خيار الشرط حتّى للأجنبيّ و خيار العيب و الغبن، كما ذكرنا، بل يجري فيها سائر الخيارات كخيار الاشتراط و تبعّض الصفقة و تعذّر التسليم و التفليس و التدليس و الشركة و ما يفسد ليومه (6) و خيار شرط ردّ العوض نظير شرط ردّ (1). الامام الخميني: مشكل (2). الگلپايگاني: مشكل

الخوئي: فيه إشكال (3). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ حكم الأرش عامّ مأخوذ من بناء العقلاء، و إمضاؤه من ناحية الشرع في بعض الموارد ليس من باب الخصوصيّة فيه (4). الامام الخميني: محلّ إشكال، فالأحوط التخلّص بالتصالح (5). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لاوجه لعدم جريان خيار التأخير فيها بعد عموم الأدلّة، و عمدتهاقاعدة لا ضرر؛ اللّهم إلّاأن يكون مراده نفي خصوصيّة ثلاثة أيّام، لأنّه ثبت بدليل خاصّ في البيع فقط (6). الامام الخميني: فيه تأمّل

الخوئي: في جريان الخيار فيه إشكال

الگلپايگاني: يعني إذا كانت الاجرة ما يفسد ليومه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 489

الثمن في البيع.

مسألة 12: إذا آجر عبده أو داره مثلًا ثمّ باعه من المستأجر، لم تبطل الإجارة (1)، فيكون للمشتري منفعة العبد مثلًا من جهة الإجارة قبل انقضاء مدّتها، لا من جهة تبعيّة العين. و لو فسخت الإجارة رجعت إلى البايع، و لو مات بعد القبض رجع المشتري المستأجر على البايع بما يقابل بقيّة المدّة من الاجرة و إن كان تلف العين عليه.

واللّه العالم.

[فصل في أحكام العوضين

[فصل في أحكام العوضين

يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، من غير توقّف على شي ء، كما هو مقتضى سببيّة العقود، كما أنّ المؤجر يملك (2) الاجرة ملكيّةً متزلزلةً (3) به كذلك، و لكن لايستحقّ المؤجر مطالبة الاجرة إلّابتسليم العين أو العمل، كما لايستحقّ المستأجر مطالبتهما إلّابتسليم الاجرة كما هو مقتضى المعاوضة. و تستقرّ ملكيّة الاجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه؛ فأصل الملكيّة للطرفين موقوف على تماميّة العقد، و جواز المطالبة موقوف على التسليم، و استقرار ملكيّة الاجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما، فلو حصل مانع عن الاستيفاء (4) أو عن العمل تنفسخ الإجارة (5)، كما سيأتي تفصيله.

مسألة 1: لو استأجر داراً مثلًا و تسلّمها و مضت مدّة الإجارة، استقرّت الاجرة عليه؛ (1). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال و الاحتياط فيه (2). الامام الخميني: إلّافي بعض موارد يأتي التصريح به منه (3). الخوئي: لا فرق في ملكيّة الاجرة و ملكيّة المنفعة في أنّ كلتيهما مستقرّة من جهة العقد و متزلزلة من جهةاحتمال الانفساخ (4). الگلپايگاني: المانع عن الاستيفاء لايوجب الانفساخ إذا كانت العين قابلة للانتفاع بها و المنفعة قابلةللاستيفاء و المؤجر باذلًا للعين (5). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان الموجر و الأجير باذلًا للعين أو لنفسه و كان المانع من قبل المستأجر، فحينئذٍ يستحقّ الاجرة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 490

سواء سكنها أو لم يسكنها باختياره؛ و كذا إذا استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع إلى مكان كذا و مضى زمان يمكن له ذلك، وجب عليه الاجرة و استقرّت و إن لم يركب أو لم يحمل، بشرط أن يكون مقدّراً بالزمان المتّصل بالعقد، و أمّا إذا

عيّنا وقتاً فبعد مضيّ ذلك الوقت، هذا إذا كانت الإجارة واقعة على عين معيّنة شخصيّة في وقت معيّن؛ و أمّا إن وقعت على كلّي و عيّن في فرد و تسلّمه، فالأقوى أنّه كذلك مع تعيين الوقت و انقضائه؛ نعم، مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدم (1) استقرار (2) الاجرة (3) المسمّى (4) و بقاء الإجارة و إن كان ضامناً لُاجرة المثل لتلك المدّة من جهة تفويته المنفعة على المؤجر.

مسألة 2: إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر و لم يتسلّم حتّى انقضت المدّة، استقرّت عليه الاجرة، و كذا إذا استأجره ليخيط له ثوباً معيّناً مثلًا في وقت معيّن وامتنع من دفع الثوب إليه حتّى مضى ذلك الوقت، فإنّه يجب عليه دفع الاجرة؛ سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه بشغل آخر لنفسه أو لغيره، أو جلس فارغاً (5).

مسألة 3: إذا استأجره لقلع ضرسه و مضت المدّة الّتي يمكن إيقاع ذلك فيها و كان المؤجر باذلًا نفسه، استقرّت الاجرة؛ سواء كان المؤجر حرّاً أو عبداً بإذن مولاه. و احتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأوّل لأنّ منافع الحرّ لاتضمن إلّابالاستيفاء، لا (1). الامام الخميني: بل الظاهر استقرارها مع انقضاء زمان يمكن الاستيفاء و عدم ضمان اجرة المثل (2). الگلپايگاني: بل الظاهر الاستقرار إذا كان التسليم بعنوان الوفاء، حيث لايعتبر فيه وقت؛ نعم، إن كان بعنوان الأمانة و إيكال الوقت إلى المستأجر فلاتستقرّ الاجرة المسمّاة إلّابعد التعيين و يضمن اجرة المثل قبله إن لم يأذن في بقائه عنده مجّاناً (3). مكارم الشيرازي: بل الأقوى استقرار الاجرة إذا عيّن الكليّ في فرد و تسلّمه بعنوان الوفاء، فإنّ مصداق الوفاء بالعقد حاصل إذا كان من باب

صرف الوجود، كما هو الظاهر من كلامه (4). الخوئي: بل الظاهر استقرارها، و قد التزم قدس سره باستقرارها في العين الشخصيّة، إذ لا فرق بين العين الشخصيّة و الكليّة بعدما كان التعيين بيد المؤجر (5). مكارم الشيرازي: إذا اشتغل الأجير بشغل آخر لنفسه أو لغيره، أشكل استحقاقه لتمام الاجرة، لاسيّما إذا كان مدّة الإجارة طويلة، فإنّه عرفاً من قبيل الجمع بين العوض و المعوّض و إن لم يكن منه بالدقّة العقليّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 491

وجه له، لأنّ منافعه بعد العقد عليها صارت مالًا للمستحقّ، فإذا بذلها و لم يقبل كان تلفها منه، مع أنّا لانسلّم أنّ منافعه لاتضمن إلّابالاستيفاء (1)، بل تضمن بالتفويت (2) أيضاً (3) إذا صدق ذلك، كما إذا حبسه و كان كسوباً فإنّه يصدق في العرف أنّه فوّت عليه كذا مقداراً؛ هذا، و لو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم (4) بعد العقد، لم تثبت الاجرة (5)، لانفساخ الإجارة (6) حينئذٍ.

مسألة 4: إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، و كذا إذا تلفت عقيب قبضها بلا فصل؛ و أمّا إذا تلفت بعد استيفاء (7) منفعتها في بعض المدّة فتبطل بالنسبة إلى بقيّة المدّة (8)، فيرجع من الاجرة (9) بما قابل المتخلّف (10) من المدّة، إن نصفاً فنصفٌ و إن ثلثاً فثلثٌ، مع تساوي الأجزاء بحسب الأوقات، و مع التفاوت تلاحظ النسبة.

مسألة 5: إذا حصل الفسخ في أثناء المدّة بأحد أسبابه، تثبت الاجرة المسمّاة بالنسبة (1). مكارم الشيرازي: و بالجملة، المدار على صدق تفويت المنافع عرفاً، فإنّ قاعدة الإتلاف قاعدة عقلائيّة أمضاها الشرع، و هذه القاعدة عندهم لاتختصّ بالأعيان، بل تشمل المنافع، حتّى في مثل الحرّ الكسوب. و ما في بعض الحواشي من أنّ

صدق التفويت تسامحيّ، يردّه بناء العقلاء عليه في امورهم قطعاً و تدور عليها رحى أعمالهم؛ و أشكل منه ما في بعض آخر من صدق التفويت، فهو أيضاً غير كافٍ، فإنّه لا دليل على أنّ كلّ تفويت يوجب الضمان؛ انتهى. ولكنّ الإنصاف أنّ التفويت في الأموال و المنافع من أسباب الضمان بين العقلاء و لم يردع عنه الشرع (2). الگلپايگاني: مشكل، بل الظاهر عدم الضمان (3). الخوئي: التفويت في نفسه ليس من أسباب الضمان، و عليه فلا ضمان على الأقوى (4). الگلپايگاني: بحيث يحرم قلعه (5). مكارم الشيرازي: مجرّد زوال الألم في الضرس غير كافٍ، بل اللازم زوال علّة قلع الضرس؛ و الظاهر أنّ مراده أيضاً هذا المعنى و إن كانت العبارة قاصرة (6). الخوئي: في إطلاقه منع ظاهر، بل الظاهر عدم الانفساخ مطلقاً (7). الامام الخميني: بل بعد مضيّ بعض المدّة مع إمكان الاستيفاء (8). الگلپايگاني: و لايبعد أن يكون للمستأجر خيار التبعّض بالنسبة إلى ما مضى إن كان التبعّض ضرريّاً (9). الخوئي: هذا إذا لم يفسخ الإجارة من أصلها، و إلّافيرجع إلى المؤجر بتمام الاجرة و يجب عليه دفع اجرة المثل بالإضافة إلى ما مضى (10). مكارم الشيرازي: بطلان الإجارة في البعض لايوجب خيار تبعّض الصفقة، كما توهّم، لأنّ المفروض أنّه تصرّف في البعض و أتلفه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 492

إلى ما مضى، و يرجع منها بالنسبة إلى ما بقي (1)، كما ذكرنا في البطلان على المشهور، و يحتمل قريباً (2) أن يرجع تمام المسمّى (3) و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأنّ المفروض أنّه يفسخ العقد الواقع أوّلًا، و مقتضى الفسخ عود كلّ عوض إلى مالكه، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك

في صورة البطلان أيضاً، لكنّه بعيد.

مسألة 6: إذا تلف بعض العين المستأجرة، تبطل بنسبته و يجي ء خيار تبعّض الصفقة.

مسألة 7: ظاهر كلمات العلماء (4) أنّ الاجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر بتمامها، و بالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة ترجع إلى المستأجر كلًاّ أو بعضاً من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّتها من الأوّل؛ و هو مشكل (5)، لأنّ مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة (1). الگلپايگاني: و للمتضرّر بالتبعّض خياره إن لم يكن التبعّض مستنداً إليه (2). الامام الخميني: هذا هو الأقوى فيما إذا كان حقّ الفسخ و الخيار بسبب كان حين العقد، كما إذا تبيّن الغبن أو وجد العيب السابق؛ و أمّا مع عروض ذلك في الأثناء فالأقوى هو التوزيع

الگلپايگاني: بل هو المتعيّن في الخيارات الثابتة بالنصّ المستفاد منها حقّ فسخ مجموع العقد بمقتضى ظهور الدليل أو المتيقّن منه؛ و أمّا الخيارات الناشئة من الضرر أو الشرط أو تخلّف الوصف أو الشرط فالظاهر أنّه لا مانع في فسخ البعض، و ضرر التبعّض ينجبر بخياره (3). الخوئي: هذا الاحتمال هو المتعيّن، إلّاأن يكون الخيار ثابتاً بالاشتراط الظاهر عرفاً في تقسيط الاجرة المسمّاة

مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال قويّ إذا كان سبب الخيار من أوّل الأمر مثل الغبن؛ أمّا إذا كان من قبيل خيار الشرط و فسخ به بعد حين، فضمان المسمّى أقوى؛ و توهّم أنّ العقد إذا انفسخ لابدّ أن ينفسخ في كلّه لا في بعضه، لأنّه أمر واحد، مدفوع جدّاً بأنّ التجزئة في الفسخ في البيع و غيره أمر جائز؛ ألا ترى أنّه لو باع حيواناً مع غيره، كان

له الفسخ في خصوص الحيوان، كما صرّحوا به؟ أضف إلى ذلك أنّه في المقام استوفي بعض المنافع و انعدم، فيجوز له الفسخ فيما بقي (4). الگلپايگاني: في استظهار ذلك من كلماتهم تأمّل و إن كان له وجه، و الأقوى ما في المتن (5). مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه؛ و ما ذكره من الإشكال و الفرق بين مسألة الإجارة و البيع، قابل للدفع و المنع، لأنّ العين المستأجرة بحسب طبعها أيضاً قابلة للبقاء و هذا كافٍ، و أمّا إذا لوحظ بالنسبة إلى علم اللّه- تبارك و تعالى- فالعين الّذي ينعدم بعد البيع بلحظة في علم اللّه، فهو أيضاً لا ماليّة له. و بالجملة، المدار في المعاملات الدارجة بين العقلاء على قابليّة العين للبقاء بحسب طبعه، و حينئذٍ يملك الموجر مال الإجارة و إن انعدمت العين المستأجرة لبعض السوانح؛ نعم، لو كانت بحسب طبيعتها غير قابلة للبقاء إلى مدّة معيّنة، لم تصحّ إجارتها إلى تلك المدّة من أوّل الأمر، و يكفي في وجود المنافع وجودها بالقوّة؛ و من هنا يظهر الحال في سائر ما يترتّب عليه من الفروع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 493

إلى تمام المدّة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلّف من الأوّل إليه؛ و فرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض و تلف العين هنا، لأنّ المبيع حين بيعه كان مالًا موجوداً قوبل بالعوض، و أمّا المنفعة في المقام فلم تكن موجودة حين العقد و لا في علم اللّه إلّابمقدار بقاء العين، و على هذا فإذا تصرّف في الاجرة يكون تصرّفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف فضوليّاً (1). و من هذا يظهر أنّ وجه البطلان في صورة التلف كلًاّ أو بعضاً، انكشاف عدم الملكيّة للمعوّض.

مسألة 8: إذا آجر دابّة

كلّية و دفع فرداً منها فتلف، لاتنفسخ الإجارة، بل ينفسخ الوفاء (2)، فعليه أن يدفع فرداً آخر.

مسألة 9: إذا آجره داراً فانهدمت، فإن خرجت عن الانتفاع (3) بالمرّة (4) بطلت، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل أن يسكن (5) فيها (6) أصلًا رجعت الاجرة بتمامها، و إلّافبالنسبة و يحتمل تمامها في هذه الصورة أيضاً و يضمن اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لكنّه بعيد (7)؛ و إن أمكن الانتفاع بها (8) مع ذلك كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء و الفسخ، و إذا فسخ كان (1). الگلپايگاني: و كذا نماؤه (2). الامام الخميني: لايخفى ما في التعبير من المسامحة (3). الامام الخميني: أي الّذي هو مورد الإجارة (4). الگلپايگاني: أو خرجت عمّا استأجرها له بنحو التقييد (5). الامام الخميني: أي بلا فصل معتدّ به، أو قبل مجي ء زمان الإجارة (6). الگلپايگاني: أي قبل مجي ء الزمان الّذي آجرها لسكناه (7). الخوئي: نعم، إلّاأنّ للمستأجر حينئذٍ خيار تبعّض الصفقة و على تقدير الفسخ يرجع بتمام الاجرة، و يضمن اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى

الگلپايگاني: لكن لايبعد ثبوت خيار التبعّض للمستأجر بالنسبة إلى ما مضى (8). الگلپايگاني: أي الانتفاع الّذي استؤجرت له

مكارم الشيرازي: المراد هو الانتفاع الّذي ذكر في عقد الإجارة، فغيرها غير مفيد؛ و أمّا لو أطلق العقد، يكفي كلّ انتفاع معتدّ به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 494

حكم الاجرة ما ذكرنا، و يقوى هنا (1) رجوع تمام المسمّى مطلقاً (2) و دفع اجرةالمثل بالنسبة إلى ما مضى، لأنّ هذا هو مقتضى فسخ العقد، كما مرّ سابقاً. و إن انهدم بعض بيوتها، بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقيّة و كان للمستأجر خيار تبعّض الصفقة، ولو بادر المؤجر إلى

تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلًا ليس للمستأجر الفسخ (3) حينئذٍ على الأقوى خلافاً للثانيين.

مسألة 10: إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة، يجبر عليه؛ و إن لم يمكن إجباره، للمستأجر فسخ الإجارة (4) و الرجوع بالاجرة و له الإبقاء و مطالبة عوض المنفعة الفائتة؛ و كذا إن أخذها (5) منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدّة، و مع الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل المتخلّف من الاجرة. و يحتمل قويّاً (6) رجوع تمام الاجرة (7) و دفع اجرة المثل لما مضى، كما مرّ نظيره سابقاً، لأنّ مقتضى فسخ العقد عود تمام كلّ من العوضين إلى مالكهما الأوّل، لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور.

مسألة 11: إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل القبض، تخيّر بين الفسخ و الرجوع (1). الامام الخميني: بل يقوى خلافه، كما مرّ

الگلپايگاني: لا قوّة فيه، و لا مانع من فسخ البعض في أمثال المقام، و ضرر التبعّض ينجبر بالخيار، كما مرّ (2). مكارم الشيرازي: بل هو ضعيف بعد ما عرفت من أنّ الفسخ إذا كان بعلّة متجدّدة يكون بالنسبة إلى ما بقي من المدّة و لايشمل السابق، و قد عرفت أنّ مقتضى الفسخ يختلف باختلاف المقامات، فتارةً يوجب الانفساخ من أوّل الأمر و اخرى بالنسبة إلى الباقي؛ و لا مانع في شي ء منهما عقلًا بعد دلالة الدليل (3). مكارم الشيرازي: المدار على المبادرة قبل أوان الانتفاع بها، لا فوراً؛ فلو خربت بعض السراديب في فصل الشتاء و لم يكن لها فائدة إلّاللصيف، كفى تعميرها قبل حلوله بحيث لم تفت المنافع المقصودة (4). الخوئي: لايبعد ثبوت الخيار مع التمكّن من الإجبار أيضاً (5). الامام الخميني: ثبوت الخيار بالغصب بعد القبض محلّ إشكال، بل

منع (6). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى

الخوئي: مرّ أنّ هذا الاحتمال هو الأظهر

الگلپايگاني: الأقوى ثبوت الخيار له في فسخ المجموع و البعض و قد مرّ وجهه في الحواشي السابقة (7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه لا قوّة فيه و أنّ قضيّة الفسخ تختلف باختلاف المقامات؛ و في المقام حيث إنّ الموجب له أمر متجدّد، فالفسخ يكون بالنسبة إلى ما بقي من المدّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 495

بالاجرة و بين الرجوع على الظالم بعوض ما فات. و يحتمل قويّاً (1) تعيّن الثاني (2)؛ و إن كان منع الظالم أو غصبه بعد القبض يتعيّن الوجه الثاني، فليس له الفسخ حينئذٍ؛ سواء كان بعد القبض في ابتداء المدّة أو في أثنائها؛ ثمّ لو أعاد الظالم العين المستأجرة في أثناء المدّة إلى المستأجر فالخيار باقٍ، لكن ليس له الفسخ إلّافي الجميع (3)، وربما يحتمل (4) جواز الفسخ بالنسبة إلى ما مضى من المدّة في يد الغاصب و الرجوع بقسطه من المسمّى و استيفاء باقي المنفعة، و هو ضعيف (5)، للزوم التبعيض في العقد و إن كان يشكل الفرق بينه و بين ما ذكر من مذهب المشهور من إبقاء العقد فيما مضى و فسخه فيما بقي، إذ إشكال تبعيض العقد مشترك بينهما.

مسألة 12: لو حدث للمستأجر عذر في الاستيفاء (6)، كما لو استأجر دابّة لتحمله إلى بلد، فمرض المستأجر و لم يقدر، فالظاهر البطلان (7) إن اشترط المباشرة على وجه القيديّة، و كذا لو حصل له عذر آخر؛ و يحتمل عدم البطلان (8)؛ نعم، لو كان هناك عذر عامّ، بطلت (9) (1). الامام الخميني: لا قوّة فيه

الگلپايگاني: بل هو ضعيف (2). الخوئي: هذا الاحتمال هو المتعيّن فيما إذا كان

منع الظالم متوجّهاً إلى المستأجر في انتفاعه، لا إلى المؤجر في تسليمه

مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، بل هو مخيّر بين الفسخ و الرجوع على الظالم، لأنّ المفروض كون العين و المنافع في ضمان الموجر قبل تسليمه و أنّ العقد لايجب الوفاء به ما لم يف به الطرف الآخر (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت جواز التبعيض في الفسخ و أنّه يختلف باختلاف موجبه، ولكن يحتمل فيما نحن فيه خيار التبعّض للموجر أيضاً (4). الامام الخميني: هذا الاحتمال ضعيف، و الفرق بينه و بين ما نسب إلى المشهور ظاهر (5). الگلپايگاني: بل هو الأقوى و لا مانع من التبعيض، كما مرّ (6). مكارم الشيرازي: الظاهر عدم البطلان في العذر الخاصّ. و قد عرفت أنّ كون شي ء شرطاً أو قيداً إنّما هو بنظر العرف، بحيث يرونه من قبيل وحدة المطلوب أو تعدّده؛ و فيما نحن فيه، الاستيفاء بشخصه من قبيل تعدّد المطلوب؛ نعم، لايبعد تخيير الموجر أيضاً بعد امتناع الشرط و حصول التخيير للمشتري، لأنّه تخلّف للشرط بالنسبة إلى كليهما (7). الامام الخميني: فيه تأمّل، بل عدم البطلان لايخلو من قُرب (8). الخوئي: هذا الاحتمال هو الأظهر

الگلپايگاني: و هو الأقوى (9). مكارم الشيرازي: كما إذا نزل ثلج و انسدّ الطريق أو صارت الدار غير مسكونة لوقوعها في معركة القتال؛ نعم، لو كان هذا في أثناء المدّة، بطل من حينه و إن كان في أوّل الأمر بطل من أصله

العروة الوثقى، ج 2، ص: 496

قطعاً، لعدم قابليّة العين للاستيفاء حينئذٍ.

مسألة 13: التلف السماوي (1) للعين المستأجرة أو لمحلّ العمل موجب للبطلان، و منه إتلاف الحيوانات. و إتلاف المستأجر بمنزلة القبض (2)، و إتلاف المؤجر موجب للتخيير بين ضمانه و الفسخ،

و إتلاف الأجنبيّ موجب لضمانه (3). و العذر العامّ بمنزلة التلف؛ و أمّا العذر الخاصّ بالمستأجر، كما إذا استأجر دابّة لركوبه بنفسه فمرض و لم يقدر (4) على المسافرة (5) أو رجلًا لقلع سنّه فزال ألمه (6) أو نحو ذلك، ففيه إشكال (7)، و لايبعد أن يقال: إنّه يوجب البطلان إذا كان بحيث لو كان قبل العقد لم يصحّ معه العقد (8).

مسألة 14: إذا آجرت الزوجة نفسها بدون إذن الزوج فيما ينافي حقّ الاستمتاع، وقفت (1). الامام الخميني: الأقرب بطلان الإجارة في جميع صور التلف و الإتلاف، و ضمان المتلف للمالك، و رجوع المستأجر إلى المؤجر في مال الإجارة حتّى مع إتلافه العين؛ من غير فرق بين العين المستأجرة و محلّ العمل (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال؛ و كذا إتلاف الموجر و الأجنبيّ، لإمكان أن يقال: إنّه ليس من قبيل إتلاف المنفعة، بل من باب انعدام الموضوع الموجب للبطلان، و أىّ فرق بينه و بين التلف السماوي؟ نعم، هذا الإتلاف لو كان اختياريّاً كان حراماً بحسب الحكم التكليفيّ، و أمّا بحسب الحكم الوضعيّ فلا فرق بينهما؛ و المسألة تحتاج إلى مزيد تأمّل (3). الخوئي: لكنّه إذا كان قبل القبض جاز للمستأجر الفسخ، هذا بالإضافة إلى العين المستأجرة؛ و أمّا بالإضافةإلى إتلاف محلّ العمل فالظاهر هو البطلان

الگلپايگاني: أي لضمان الأجنبيّ؛ فإن كان بعد القبض يضمن العين للمالك و المنفعة للمستأجر، و إن كان قبله فالمستأجر مخيّر بين الفسخ و الرجوع إلى المالك في الاجرة المسمّاة و الإبقاء و الرجوع إلى المتلف في المنافع التالفة (4). الگلپايگاني: قد مرّ أنّه لايوجب البطلان على الأقوى (5). الخوئي: تقدّم أنّ الأظهر في أمثاله عدم البطلان

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ

العذر الخاصّ لايوجب إلّاالخيار لهما؛ و أمّا زوال الألم أو بتعبير آخر: زوال موجب قلع الأسنان، فهو أمر آخر من قبيل انعدام الموضوع (6). الگلپايگاني: إذا كان بحيث يحرم قلعه، فالأقوى فيه البطلان (7). الامام الخميني: الأقوى هو البطلان في مثل زوال ألم السنّ، و أمّا في المثال الآخر فقد تقدّم ما هو الأقرب (8). الخوئي: إنّ الأمر و إن كان كذلك، إلّاأنّ بطلان الإجارة على قلع الضرس الزائل عنه الألم لايخلو عن إشكال، بل منع، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 497

على إجازة الزوج، بخلاف ما إذا لم يكن منافياً، فإنّها صحيحة (1)؛ و إذا اتّفق إرادة الزوج للاستمتاع، كشف عن فسادها (2).

مسألة 15: قد ذكر سابقاً أنّ كلًاّ من المؤجر و المستأجر يملك ما انتقل إليه بالإجارة بنفس العقد، و لكن لايجب تسليم أحدهما إلّابتسلّم الآخر. و تسليم المنفعة بتسليم العين (3) و تسليم الاجرة بإقباضها، إلّاإذا كانت منفعة أيضاً فبتسليم العين الّتي تستوفي منها؛ و لايجب على واحد منهما الابتداء بالتسليم، و لو تعاسرا أجبرهما الحاكم، و لو كان أحدهما باذلًا دون الآخر و لم يمكن جبره كان للأوّل الحبس إلى أن يسلّم الآخر؛ هذا كلّه إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في أحدهما، و إلّاكان هو المتّبع؛ هذا، و أمّا تسليم العمل، فإن كان مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الزيارة و نحوها فبإتمامه، فقبله لايستحقّ المؤجر المطالبة و بعده لايجوز للمستأجر المماطلة، إلّاأن يكون هناك شرط أو عادة في تقديم الاجرة (4) فيتّبع، و إلّافلايستحقّ حتّى لو لم يمكن له العمل إلّابعد أخذ الاجرة، كما في حجّ الاستيجاريّ إذا كان المؤجر معسراً؛ و كذا في مثل بناء جدار داره أو حفر بئر في

داره أو نحو (1). الامام الخميني: إذا كان مورد الإجارة في معرض إرادة الزوج للاستمتاع ففي الصحّة إشكال، بل منع؛ نعم، لو كان احتمال تعلّق إرادته ضعيفاً لايعتني به العقلاء، فالعقد محكوم بالصحّة ظاهراً، ولواتّفق إرادته يكشف عن فساده (2). الگلپايگاني: الظاهر من العبارة صحّة إجارتها بدون إذنه فيما يضادّ الاستمتاع ما لم يرد الزوج، لكن فيه إشكال، لأنّ التمكين متعلّق لحقّ الزوج، فلاتملك تمليك ضدّه بالإجارة و ليس الحقّ موقوفاً على الإرادة، بل مطلق كلّما أراد استوفاه

مكارم الشيرازي: حقّ الاستمتاع له عرفيّة معلومة لايتبع إرادة الزوج من دون أن يشرط؛ فإذا زاحمت الإجارة له بطلت، أي كان فضوليّاً يحتاج إلى إجازة الزوج و إذا لم يخالفها صحّ؛ فتأمّل (3). مكارم الشيرازي: إن كان المراد منه أنّه يجوز للمؤجر حينئذٍ مطالبة جميع الاجرة، كما هو ظاهره، فهو ممنوع جدّاً، لأنّ المنفعة تدريجيّ الحصول و لايكون تسليمها إلّاببقاء العين تحت يده كذلك، و لذلك جرت سيرة العقلاء على أخذ الاجرة نجوماً؛ ثمّ ليعلم أنّ العمل إذا كان كثيراً بحسب المدّة، فالمتعارف عند العقلاء أخذ الاجرة أثنائها و لاينتظرون إتمامه جميعاً إلّاإذا اشترط غير هذا، بل يمكن القول بالتجزية في تسليم الثمن و المثمن في باب البيع أيضاً، كما إذا باعه آلاف حنطة مثلًا يسلّمها في أشهر (4). مكارم الشيرازي: و الإنصاف أنّ العادة موجودة غالباً فيما يحتاج إلى مصارف كثيرة كالحجّ و شبهه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 498

ذلك، فإنّ إتمام العمل تسليم و لايحتاج إلى شي ء آخر. و أمّا في مثل الثوب الّذي أعطاه ليخيطه أو الكتاب الّذي يكتبه أو نحو ذلك ممّا كان العمل في شي ء بيد المؤجر، فهل يكفي إتمامه في التسليم، فبمجرّد الإتمام يستحقّ

المطالبة، أو لا، إلّابعد تسليم مورد العمل، فقبل أن يسلّم الثوب مثلًا لايستحقّ مطالبة الاجرة؟ قولان؛ أقواهما الأوّل (1)، لأنّ المستأجر عليه نفس العمل، و المفروض أنّه قد حصل، لا الصفة الحادثة في الثوب مثلًا و هي المخيطيّة حتّى يقال: إنّها في الثوب، و تسليمها بتسليمه. و على ما ذكرنا، فلو تلف الثوب مثلًا بعد تمام الخياطة في يد المؤجر بلا ضمان يستحقّ اجرة العمل، بخلافه على القول الآخر، و لو تلف مع ضمانه أو أتلفه وجب عليه قيمته مع وصف المخيطيّة، لا قيمته قبلها، و له الاجرة المسمّاة، بخلافه على القول الآخر، فإنّه لايستحقّ الاجرة (2) و عليه قيمته غير مخيط (3)، و أمّا احتمال عدم استحقاقه الاجرة مع ضمانه القيمة مع الوصف فبعيد و إن كان له وجه (4)؛ و كذا يتفرّع على ما ذكر أنّه لايجوز حبس العين بعد إتمام العمل (5) إلى أن يستوفي الاجرة، فإنّها بيده أمانة، إذ ليست هي و لا الصفة الّتي فيها مورداً للمعاوضة، فلو حبسها ضمن، بخلافه على القول الآخر.

(1). الخوئي: بل أقواهما الثاني؛ و لكنّه مع ذلك إذا تلف الثوب بعد تمام الخياطة مثلًا في يد المؤجر بلا ضمان، استحقّ اجرة العمل، لأنّه ليس من التلف قبل القبض، ولو تلف مع ضمانه وجبت عليه قيمته مخيطاً و استحقّ الاجرة المسمّاة، لأنّ العين ملك للمستأجر و لايشاركه المؤجر فيها

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو الثاني، أعني تسليم مورد العمل؛ و عليه بناء العقلاء، فينصرف العقد إليه، بل لايصدق تسليم العمل عرفاً إلّابتسليم نتيجته في مثل هذه المقامات، فإنّ تسليم كلّ شي ء بحسبه (2). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه بناءً على المختار أيضاً ضامن لهذا الوصف، لأنّ الوصف ملك

له و في ماله و إن كان قبل أدائه لايستحقّ مطالبة الاجرة؛ فإذا ضمن قيمة الوصف و أدّاه، كان له مطالبة الاجرة، لأنّ أدائه هنا بأداء بدله (3). الامام الخميني: بل عليه قيمته مخيطاً على هذا القول أيضاً، فإذا أعطى قيمته كذلك يستحقّ الاجرة

الگلپايگاني: و ذلك لأنّ الوصف كان للمستأجر بالإجارة و قد انفسخت للتلف قبل القبض. ولو قيل بضمان قيمته فيستحقّ الاجرة، لأنّ قبض قيمته قبض له (4). الامام الخميني: غير وجيه (5). مكارم الشيرازي: بل له حبسه لأخذ اجرته؛ و عليه بناء العقلاء من أهل العرف و لم يردع عنه الشرع، و لايعترف أحد بأنّ الأجير مكلّف بأداء العين و إن كان المالك لايؤدّي اجرته، بل لايريد أدائها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 499

مسألة 16: إذا تبيّن بطلان الإجارة، رجعت الاجرة إلى المستأجر و استحقّ المؤجر اجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة أو فاتت تحت يده إذا كان جاهلًا بالبطلان، خصوصاً مع علم المستأجر؛ و أمّا إذا كان عالماً فيشكل ضمان (1) المستأجر (2)، خصوصاً إذا كان جاهلًا (3)، لأنّه بتسليمه العين إليه قد هتك حرمة ماله (4)، خصوصاً إذا كان البطلان من جهة جعل الاجرة ما لايتموّل شرعاً أو عرفاً (5)، أو إذا كان اجرة بلا عوض. و دعوى أنّ إقدامه و إذنه في الاستيفاء إنّما هو بعنوان الإجارة و المفروض عدم تحقّقها، فإذنه مقيّد بما لم يتحقّق، مدفوعة بأنّه إن كان المراد كونه مقيّداً بالتحقّق شرعاً فممنوع، إذ مع فرض العلم بعدم الصحّة شرعاً لايعقل قصد تحقّقه إلّاعلى وجه التشريع المعلوم عدمه، و إن كان المراد تقيّده بتحقّقها الإنشائيّة فهو حاصل، و من هنا يظهر حال الاجرة أيضاً، فإنّها (1). الامام الخميني: الأقوى

هو الضمان في غير الإجارة بلا عوض أو بما لايتموّل عرفاً؛ من غير الفرق فيهمابين العلم بالبطلان و عدمه. و من هنا يظهر حال الاجرة في يد المؤجر، فإنّ عليه الضمان؛ علم المستأجر ببطلانها شرعاً أو لا؛ و كذا يظهر ممّا ذكرنا حال الإجارة على الأعمال، فإنّ العامل يستحقّ اجرة مثل عمله إلّافيما تقدّم (2). مكارم الشيرازي: الأقوى كونه ضامناً؛ و ما ذكره من أنّه مع علمه بالفساد هتك حرمة ماله و سلّط غيره عليه مجّاناً، ممنوع جدّاً، لأنّه إنّما سلّطه عليه بانياً على الصحّة لعدم المبالاة بحكم الشرع و الاعتناء بحكم العرف فقط، و أقوى الدليل على ذلك هو دقّته في حساب العين و الاجرة حتّى لايشذّ منه شاذّ؛ كما أنّ الأمر في بيع الخمر و غيرها من الأعيان المحرّمة أيضاً كذلك، كما ذكرنا في محلّه (3). الخوئي: الظاهر هو الضمان، إلّافيما إذا أقدم المؤجر أو الأجير على عدمه، و كذا الحال في ضمان المؤجرأو الأجير الاجرة؛ ثمّ إنّه لم يظهر وجه للخصوصيّة في شي ء من الموردين (4). الگلپايگاني: في كون التسليم بعنوان الوفاء في المعاملات الفاسدة هتكاً لحرمة المال و مسقطاً للضمان تأمّل، بل منع، فإنّ أكل المال مبنيّاً عليها مصداق للأكل بالباطل حتّى في الإجارة بلا عوض أو بعوض لايتموّل شرعاً أو عرفاً؛ فالأقوى هو الضمان مطلقاً إلّاإذا كان المستأجر مغروراً، و كذلك الحكم في الاجرة إذا تلفت في يد المؤجر (5). مكارم الشيرازي: كون الاجرة ممّا لايتموّل شرعاً مع بنائه على ماليّته لايرفع ضمان المستأجر؛ نعم، ما لايتموّل عرفاً يرفع الضمان، و كذا الإجارة بلاعوض. و عمدة الدليل عليه أنّ الإجارة بلا اجرة و كذا ما لايتموّل عرفاً في معنى العارية و

شبهها، و إن أبيت عن إطلاق عنوان العارية عليه نظراً إلى أنّها تمليك الانتفاع لا المنفعة، فلا أقلّ من أنّه شبيه العارية ممّا لايضمن بصحيحه، فذكر لفظ الإجارة في العقد من قبيل الكناية، و إلّافكلّ انسان يعلم أنّ الاجرة أحد أركان الإجارة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 500

لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها إلّاإذا كان المستأجر عالماً ببطلان الإجارة (1) و مع ذلك دفعها إليه؛ نعم، إذا كانت موجودة، له أن يستردّها؛ هذا، و كذا في الإجارة على الأعمال إذا كانت باطلة (2)، يستحقّ العامل اجرة المثل (3) لعمله دون المسمّاة إذا كان جاهلًا بالبطلان، و أمّا إذا كان عالماً فيكون هو المتبرّع بعمله؛ سواء كان بأمر من المستأجر أو لا، فيجب عليه ردّ الاجرة المسمّاة أو عوضها و لايستحقّ اجرة المثل، و إذا كان المستأجر أيضاً عالماً فليس له مطالبة الاجرة (4) مع تلفها و لو مع عدم العمل من المؤجر.

مسألة 17: يجوز إجارة المشاع، كما يجوز بيعه و صلحه و هبته، و لكن لايجوز تسليمه (5) إلّابإذن الشريك إذا كان مشتركاً؛ نعم، إذا كان المستأجر جاهلًا بكونه مشتركاً، كان له خيار الفسخ للشركة (6)، و ذلك كما إذا آجره داره فتبيّن أنّ نصفها للغير و لم يجز ذلك الغير، فإنّ له خيار الشركة بل و خيار التبعّض. و لو آجره نصف الدار مشاعاً و كان المستأجر معتقداً أنّ تمام الدار له فيكون شريكاً معه في منفعتها، فتبيّن أنّ النصف الآخر مال الغير، فالشركة مع ذلك الغير، ففي ثبوت الخيار له حينئذٍ وجهان، لايبعد ذلك (7) إذا كان في الشركة مع ذلك الغير منقصة له (8).

مسألة 18: لا بأس باستيجار اثنين داراً على الإشاعة، ثمّ يقتسمان

مساكنها بالتراضي (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت ما فيه، فلانحتاج إلى الإعادة (2). مكارم الشيرازي: الحكم فيها كالحكم في الإجارة على المنافع، من غير فرق (3). الگلپايگاني: إذا استوفاه المستأجر أو كان بأمره، من غير فرق بين كونهما عالمين أو جاهلين أو مختلفين ما لم يكن غرور في البين (4). الگلپايگاني: بل له المطالبة لما أعطاه وفاءً للعقد الفاسد عيناً و بدلًا، كما مرّ (5). الگلپايگاني: لكن إذا عصى و سلّمه، يترتّب عليه آثاره (6). مكارم الشيرازي: بل قد يعدّ الشركة عيباً عرفاً و إن لم يكن عيباً بحسب الخلقة، فيشمله بعض أدلّة خيار العيب؛ بل يمكن أن تكون الشركة موجبة للبطلان في بعض الصور، و هو ما إذا كان المشاع كالمباين عرفاً، كما لعلّه كذلك في مثل المركوب أو العبد فلايكون المشاع غالباً من مراحل المفروز؛ فتأمّل (7). الخوئي: بل هو بعيد، إلّافيما إذا عدّت العين معيبة مع تلك الشركة

الگلپايگاني: بل بعيد، إلّاإذا أوجبت الشركة نقصاً في العين بحيث عدّت معيوبة (8). الامام الخميني: موجبة للغبن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 501

أو بالقرعة، و كذا يجوز استيجار اثنين دابّة للركوب على التناوب ثمّ يتّفقان على قرار بينهما بالتعيين بفرسخ فرسخ أو غير ذلك، و إذا اختلفا في المبتدئ يرجعان إلى القرعة. و كذا يجوز استيجار اثنين دابّة مثلًا لا على وجه الإشاعة، بل نوباً معيّنة بالمدّة أو بالفراسخ. و كذا يجوز إجارة اثنين نفسهما على عمل معيّن على وجه الشركة كحمل شي ء معيّن لايمكن إلّا بالمتعدّد.

مسألة 19: لايشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوز أن يؤجره داره شهراً متأخّراً عن العقد (1) بشهر أو سنة؛ سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل أو لا؛ و

دعوى البطلان من جهة عدم القدرة على التسليم، كماترى، إذ التسليم لازم في زمان الاستحقاق لا قبله؛ هذا، و لو آجره داره شهراً و أطلق، انصرف (2) إلى الاتّصال بالعقد (3)؛ نعم، لو لم يكن انصراف، بطل (4).

[فصل الضمان في الإجارة]

[فصل الضمان في الإجارة]

العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة، فلايضمن تلفها أو تعيّبها إلّابالتعدّي أو التفريط، و لو شرط المؤجر عليه ضمانها بدونهما فالمشهور عدم الصحّة (5)، لكنّ الأقوى (6) (1). مكارم الشيرازي: و كذا لوآجر نفسه للعمل في يوم معيّن لزيد و في يوم آخر لعمرو، و هكذا؛ فإنّ عدم اتّصال مدّة الإجارة بالعقد لايوجب إشكالًا في شي ء من هذه الصور (2). الامام الخميني: إذا لم تكن مستأجرة (3). مكارم الشيرازي: هذا على إطلاقه ممنوع و إن كان غالبيّاً، ففي بعض الفنادق و شبهها الّتي تحجز غالباً من قبل نمنع هذا الظهور؛ و كذا في أمثال دور مكّة و المدينة قبل الموسم. و المعيار على الانصراف و هو يختلف باختلاف المقامات (4). مكارم الشيرازي: هذا أيضاً على إطلاقه ممنوع؛ فقد يكون في بعض المقامات متعارفاً بين العقلاء، كحجز بطاقات الطائرات و شبهها من قبل و إيكال الأمر في تعيين اليوم إلى المستقبل، بحيث يكون المستأجر مخيّراً بين الأيّام؛ و قد عرفت سابقاً أنّ مثل هذا غير داخل في عنوان الغرر و أنّ معيار الغرر و الجهل هو ما كان سفهيّاً في نظر العرف و العقلاء (5). الخوئي: و هو الصحيح؛ نعم، لا بأس باشتراط التدارك من ماله، كما أنّه لا بأس باشتراط أداء مقدارمخصوص من ماله على تقدير التلف أو التعيّب (6). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل عدم الصحّة لايخلو من قوّة؛ نعم، لا إشكال فيه على

النحو الثاني

العروة الوثقى، ج 2، ص: 502

صحّته (1)، و أولى بالصحّة إذا اشترط عليه أداء مقدار مخصوص من ماله على تقدير التلف أو التعيّب، لا بعنوان الضمان. و الظاهر عدم الفرق في عدم الضمان مع عدم الأمرين بين أن يكون التلف في أثناء المدّة أو بعدها (2) إذا لم يحصل منه منع للمؤجر عن عين ماله إذا طلبها (3)، بل خلّى بينه و بينها (4) و لم يتصرّف بعد ذلك فيها؛ ثمّ هذا إذا كانت الإجارة صحيحة، و أمّا إذا كانت باطلة ففي ضمانها وجهان؛ أقواهما العدم (5)، خصوصاً إذا كان المؤجر عالماً بالبطلان حين الإقباض دون المستأجر.

مسألة 1: العين الّتي للمستأجر، بيد المؤجر الّذي آجر نفسه لعمل فيها كالثوب آجر نفسه ليخيطه، أمانة، فلايضمن تلفها أو نقصها إلّابالتعدّي أو التفريط أو اشتراط ضمانها (6)، (1). الگلپايگاني: مشكل؛ نعم، لا إشكال في صحّة ما حكم بأنّه أولى بالصحّة

مكارم الشيرازي: كما عن جماعة من القدماء و المتأخّرين و إن كان المشهور على خلافه؛ و العمدة فيه شمول إطلاقات أدلّة الشروط له. و ما يتوهّم من مخالفته لمقتضى العقد أو حكم الشرع باطل، بل العقد لايقتضي الضمان عند الإطلاق؛ و أمّا عند الاشتراط فلم يدلّ دليل على منعه؛ و كذا مايتوهّم أنّه من قبيل شرط النتيجة، فإنّه قد يكون بصورة شرط الفعل؛ مضافاً إلى أنّ الأقوى صحّة شرط النتيجة إذا كان ممّا لايتوقّف على الإنشاء بصيغة خاصّة؛ و من أقوى الدليل على صحّته ورود اشتراط الضمان في أبواب العارية و غيرها ممّا يشترك مع ما هو محلّ للكلام بحسب الملاك (راجع الرواية 15/ 29 من الإجارة و الرواية 1/ 1 من أبواب العارية و الرواية 4/ 6 من الوديعة)

و لا موجب لحملها على خلاف ظاهرها (2). الامام الخميني: إلى مدّة يتعارف الردّ فيها إلى صاحبها، فإن أخّر عنها فالظاهر الضمان، إلّاأن يكون تعارف في البقاء عنده حتّى يرجع إليه صاحبها (3). مكارم الشيرازي: مجرّد عدم منع المؤجر بعد تمام الإجارة عن ماله لايكفي في رفع ضمان المستأجر، بل اللازم أن يكون مأذوناً من قبله بعد المدّة أو يكون مجرّد رفع المنع بمنزلة الأداء في مثله عرفاً؛ و المقامات مختلفة (4). الگلپايگاني: الظاهر وجوب ردّ العين المستأجرة بعد انقضاء مدّة الإجارة و لايجوز حبسها إلّابرضا المالك و يضمن تلفها و إن خلّى بينه و بينها ما لم يصدق الردّ (5). الگلپايگاني: بل الأقوى الضمان، إذ المفروض بقاء العين تحت يده بعنوان العمل بالإجارة الباطلة و يعلم وجهه ممّا سبق (6). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 503

على حذو ما مرّ في العين (1) المستأجرة (2). و لو تلفت أو أتلفها المؤجر (3) أو الأجنبيّ قبل العمل أو في الأثناء بطلت الإجارة (4) و رجعت الاجرة بتمامها أو بعضها إلى المستأجر، بل لو أتلفها مالكها المستأجر كذلك أيضاً؛ نعم، لو كانت الإجارة واقعة على منفعة المؤجر (5)، بأن يملك منفعته الخياطيّ في يوم كذا، يكون إتلافه لمتعلّق العمل بمنزلة استيفائه، لأنّه بإتلافه إيّاه فوّت على نفسه المنفعة؛ ففرق بين أن يكون العمل في ذمّته أو يكون منفعته الكذائيّة للمستأجر، ففي الصورة الاولى التلف قبل العمل موجب للبطلان و رجوع الاجرة إلى المستأجر و إن كان هو المتلف، و في الصورة الثانية إتلافه بمنزلة الاستيفاء (6)، و حيث إنّه مالك لمنفعة المؤجر و قد فوّتها على نفسه فالاجرة ثابتة عليه.

مسألة 2: المدار في الضمان على قيمة

يوم الأداء (7) في القيميّات، لا يوم التلف و لا أعلى القيم على الأقوى.

مسألة 3: إذا أتلف الثوب بعد الخياطة، ضمن قيمته مخيطاً و استحقّ الاجرة المسمّاة، (1). الخوئي: الحال فيه كما تقدّم آنفاً (2). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال فيها، لكنّ الأقوى هنا الصحّة (3). الگلپايگاني: الأقوى في صورة إتلاف المؤجر أو الأجنبيّ أنّ المستأجر يتخيّر بين الفسخ لتعذّر التسليم و الإبقاء و الرجوع إلى المتلف في عوض المنفعة كما في العين (4). الخوئي: مرّ التفصيل بين التلف السماوي و غيره في المسألة الثالثة عشرة من الفصل السابق، و ما ذكره قدس سره هنا يناقض ما تقدّم منه فيها، و قد تقدّم أيضاً أنّ إتلاف المستأجر بمنزلة قبضه (5). مكارم الشيرازي: الأقوى هنا أيضاً بطلان الإجارة، لأنّه إن كانت الخياطة في يوم معيّن مثلًا في ثوب خاصّ ملكاً للمستأجر، فإتلافه إتلاف للموضوع، فتبطل الإجارة؛ و إن لم تكن مقيّدة بموضوع خاصّ، لم تبطل الإجارة، كما أنّه لم تفت المنفعة، فيجوز له إعطاء ثوب آخر للخياطة (6). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بين الصورتين في كون إتلاف المستأجر بمنزلة الاستيفاء (7). الخوئي: لايبعد أن يكون المدار على قيمة يوم الضمان، و الأحوط الرجوع إلى المصالحة عند اختلاف القيمتين

الگلپايگاني: بل يوم التلف على الأقوى

مكارم الشيرازي: بل الأقوى أنّ المدار على قيمة يوم التلف، لأنّه المفهوم من أداء خسارة العين القيمي عند أهل العرف؛ و كون العين في الذمّة من القيميّات و إن كان معقولًا، ولكنّه بعيد جدّاً عن المرتكزات العقلائيّة؛ و لعلّ صحيحة أبي ولّاد أيضاً ناظر إليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 504

و كذا لو حمل متاعاً إلى مكان معيّن ثمّ تلف مضموناً أو أتلفه، فإنّه يضمن قيمته في

ذلك المكان، لا أن يكون المالك مخيّراً بين تضمينه غير مخيط بلا اجرة أو مخيطاً مع الاجرة، و كذا لا أن يكون في المتاع مخيّراً بين قيمته غير محمول في مكانه الأوّل بلا اجرة أو في ذلك المكان مع الاجرة كما قد يقال.

مسألة 4: إذا أفسد الأجير للخياطة أو القصارة أو لتفصيل الثوب، ضمن؛ و كذا الحجّام إذا جنى في حجامته، أو الختّان في ختانه، و كذا الكحّال و البيطار وكلّ من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر، إذا أفسده يكون ضامناً إذا تجاوز عن الحدّ المأذون فيه و إن كان بغير قصده، لعموم من أتلف و للصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام في الرجل يعطي الثوب ليصبغه، فقال عليه السلام: «كلّ عامل أعطيته أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن» بل ظاهر المشهور ضمانه و إن لم يتجاوز عن الحدّ المأذون فيه، و لكنّه مشكل (1)، فلو مات الولد بسبب الختان مع كون الختّان حاذقاً من غير أن يتعدّى عن محلّ القطع، بأن كان أصل الختان مضرّاً به، في ضمانه إشكال (2).

مسألة 5: الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن (3) و إن كان حاذقاً؛ و أمّا إذا لم يكن (1). الخوئي: بل الأقوى عدم الضمان؛ و مع ذلك، الظاهر هو الضمان في مسألة الختان، إلّاإذا كان المقتول به هوالّذي سلّم نفسه له مع استجماعه شرائط التكليف (2). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الضمان إن لم يكن وظيفة الختّان إلّاالختان، بأن لايكون بصيراً في كون الختان مضرّاً أو لا، و أمّا مع بصيرته في ذلك بحيث يعتمد عليه فيه مثل الجرّاحين في زماننا فالأقوى الضمان إلّامع التبرئة

الامام الخميني: و الأقوى عدم الضمان

مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم الضمان؛ و

مثله ما إذا كان ثوب أو فرش ملوّن بلون فاسد، بحيث إذا صبّ عليه الماء ليغسله انتشر اللون إلى جميعه فأفسده، ففيه و في أمثاله ليس بضامن؛ و العمدة فيه أنّه من لوازم الإذن في الغسل و الختان، و الإذن في الشي ء إذن في لوازمه القهريّة و إن لم يكن ناظراً إليه بخصوصه، ولكنّه داخل في عموم لوازم إذنه. و كيف يمكن ضمانه مع أنّه لم يفعل شيئاً غير صبّ الماء مثلًا على الثوب، و كان مبدء الفساد في نفس الثوب لاغير، و هكذا مسألة الختان مفروض المسألة (3). مكارم الشيرازي: لا فرق بين المباشر كالجرّاح و شبهه و بين الآمر كمن يكتب دستور العمل للمريض و بين الواصف الّذي يكون بمنزلة الآمر في الطبابة على النحو المتداول اليوم؛ نعم، الواصف الّذي لايكون من قبيل الآمر أو الغارّ لايضمن. و الوجه في جميع ذلك قوّة السبب على المباشر في أمثال المقام، و لذا لايشكّ عرفاً في إسناد التلف إلى الطبيب لا المريض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 505

مباشراً، بل كان آمراً، ففي ضمانه إشكال، إلّاأن يكون سبباً و كان أقوى من المباشر (1)، و أشكل منه إذا كان واصفاً للدواء من دون أن يكون آمراً، كأن يقول: إنّ دوائك كذا و كذا، بل الأقوى فيه عدم الضمان؛ و إن قال: الدواء الفلاني نافع للمرض الفلاني، فلاينبغي الإشكال في عدم ضمانه (2)، فلا وجه لما عن بعضهم من التأمّل فيه، و كذا لو قال: لو كنت مريضاً بمثل هذا المرض لشربت الدواء الفلاني.

مسألة 6: إذا تبرّأ الطبيب من الضمان و قبل المريض أو وليّه (3) و لم يقصّر في الاجتهاد و الاحتياط، برأ على الأقوى.

مسألة 7: إذا عثر الحمّال فسقط

ما كان على رأسه أو ظهره مثلًا، ضمن، لقاعدة الإتلاف (4).

مسألة 8: إذا قال للخيّاط مثلًا: إن كان هذا يكفيني قميصاً فاقطعه، فقطعه فلم يكف، ضمن في وجه؛ و مثله لو قال: هل يكفي قميصاً؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه، فلم يكفه. و ربما يفرّق بينهما (5)، فيحكم بالضمان في الأوّل دون الثاني، بدعوى عدم الإذن في الأوّل دون الثاني؛ و فيه: أنّ في الأوّل أيضاً الإذن حاصل (6). و ربما يقال بعدم الضمان فيهما للإذن فيهما؛ (1). الامام الخميني: لايبعد الضمان في التطبّب على النحو المتعارف؛ سواء أمر أم لا

الگلپايگاني: كما هو الغالب في الطبيب و المريض و لذا لايكون تنزيل النصّ و الفتوى على تلك الصورة تنزيل للإطلاق على النادر (2). مكارم الشيرازي: بل هو ضامن إذا عيّن المرض و عيّن دوائه و كان المريض راجعه للطبابة، بل وإن اقتصر على الكبرى فقط في بعض الصور، كما لايخفى (3). مكارم الشيرازي: الوليّ إنّما هو في فرض كونه قاصراً؛ و ما ورد في رواية السكوني من إطلاق أخذ البراءة من الوليّ، فإنّما هو محمول على كون المريض غير قادر على التصرّف في نفسه، فهو حينئذٍ كالصغير و لو موقّتاً (4). الخوئي: الظاهر أنّه لايصدق الإتلاف إذا لم يفرّط في مشيه، و عليه فلا ضمان عليه

الگلپايگاني: إن كان العثور عن تقصير، و إلّافالأظهر عدم الضمان، لأنّه بالتلف أشبه (5). الخوئي: الظاهر أنّ الفرق هو الصحيح، فإنّ الإذن في الأوّل مقيّد بالكفاية دون الثاني (6). الامام الخميني: إذنه إنّما هو على تقدير الكفاية، كما أنّ الإذن في الثاني أيضاً مبنيّ عليه، و لايوجب شي ءمنهما رفع الضمان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 506

و فيه: أنّه مقيّد بالكفاية، إلّاأن يقال:

إنّه مقيّد باعتقاد الكفاية و هو حاصل. و الأولى الفرق بين الموارد و الأشخاص بحسب صدق الغرور (1) و عدمه (2) أو تقيّد الإذن و عدمه، و الأحوط مراعاة الاحتياط.

مسألة 9: إذا آجر عبده لعمل فأفسد (3)، ففي كون الضمان عليه أو على العبد يتبع به بعد عتقه، أو في كسبه إذا كان من غير تفريط، و في ذمّته يتبع به بعد العتق إذا كان بتفريط، أو في كسبه مطلقاً، وجوه و أقوال؛ أقواها الأخير (4)، للنصّ (5) الصحيح؛ هذا في غير الجناية على نفس أو طرف، و إلّافيتعلّق برقبته، و للمولى فداؤه (6) بأقلّ الأمرين من الأرش والقيمة.

مسألة 10: إذا آجر دابّة لحمل متاع فعثرت و تلف أو نقص، لا ضمان على صاحبها، إلّا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب.

مسألة 11: إذا استأجر سفينة أو دابّة لحمل متاع فنقص أو سرق، لم يضمن (7) صاحبها؛ نعم، لو اشترط (8) عليه الضمان صحّ (9)، لعموم دليل الشرط والنصّ.

مسألة 12: إذا حمّل الدابّة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار المتعارف مع الإطلاق، (1). الگلپايگاني: في التمسّك بقاعدة الغرور في المقام تأمّل؛ و الأقوى الفرق بين كون الإذن مقيّداً بالكفاية وكون اعتقاد الكفاية داعياً لإذنه، فيحكم بالضمان في الأوّل دون الثاني (2). مكارم الشيرازي: الضمان في مورد الكلام ممّا لاينبغي الإشكال فيه، لأنّ المالك جاهل بحقيقة الأمر و الخيّاط عالم بحسب حرفته، و الإذن كان مقيّداً و لا دخل للمسألة بقاعدة الغرور (3). مكارم الشيرازي: خارج عن محلّ البلوى، اليوم (4). الامام الخميني: بل الأوّل، للنصّ الصحيح، و أمّا النصّ الّذي أشار إليه فالظاهر منه غير مانحن فيه أو يقيّدبالنصّ المتقدّم، و الجناية على النفس و الطرف

تحتاج إلى المراجعة

الخوئي: هذا فيما إذا استهلك العبد أموالًا اخر غير مورد الإجارة، و أمّا الإفساد في مورد الإجارة؛ فالأقوى فيه القول الأوّل (5). الگلپايگاني: بل الأوّل للحسن، و مفاد النصّ ما إذا استهلك مالًا آخر و الأقوى فيه الأخير (6). الخوئي: هذا فيما إذا كان القتل أو الجناية خطأً؛ و أمّا في فرض العمد فلا خيار للمولى، بل لوليّ المقتول الخيار بين الاقتصاص و الاسترقاق، و كذلك المجنيّ عليه إذا كانت الجناية تحيط برقبة العبد (7). مكارم الشيرازي: اذا لم يكن من الموجر تعدٍّ أو تفريط، كما هو واضح (8). الامام الخميني: الأولى الأحوط أن يشترط عليه على حذو ما ذكرنا في العين المستأجرة (9). الخوئي: على تفصيل تقدّم آنفاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 507

ضمن تلفها أو عوارها، و الظاهر ثبوت اجرة المثل (1) لا المسمّى (2) مع عدم التلف، لأنّ العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل؛ نعم، لو لم يكن ذلك على وجه التقييد (3)، ثبت عليه المسمّاة و اجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة.

مسألة 13: إذا اكترى دابّة فسار عليها زيادة عن المشترط، ضمن، و الظاهر (4) ثبوت الاجرة المسمّاة بالنسبة إلى المقدار المشترط و اجرة المثل بالنسبة إلى الزائد.

مسألة 14: يجوز لمن استأجر دابّة للركوب أو الحمل أن يضربها إذا وقفت على المتعارف أو يكبحها باللجام أو نحو ذلك على المتعارف، إلّامع منع المالك (5) من ذلك أو كونه معها و كان المتعارف سوقه هو؛ و لو تعدّى عن المتعارف أو مع منعه، ضمن نقصها أو تلفها؛ أمّا في صورة الجواز، ففي ضمانه مع عدم التعدّي إشكال، بل الأقوى العدم (6)، لأنّه مأذون فيه (7). (1). الگلپايگاني: بل المسمّاة، و اجرة المثل بالنسبة

إلى الزائد حتّى في صورة التقييد، و ما اختاره قدس سره في تلك الصورة خلاف ما سيأتي منه في المتباينين

مكارم الشيرازي: بل الظاهر ثبوت اجرة المسمّى بالنسبة إلى المقدار المشترط حمله و اجرة المثل بالنسبة إلى الزائد، لأنّ شرط عدم الزيادة لايكون من القيد المقوّم عرفاً، بل هو كسائر الشرائط؛ و قد عرفت أنّ المعيار في القيد و الشرط هو العرف، لا قصد المتعاملين؛ و لا فرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية مع أنّه قدس سره فرّق بينهما (2). الامام الخميني: بل الظاهر ثبوت المسمّى بالنسبة إلى المقدار المشترط أو المتعارف و اجرة مثل الزيادة؛ نعم، لو فرض إيقاع الإجارة على حمل مقدار معيّن بشرط لا عن غيره، فيصير حكمه حكم المتباينين على ما يأتي (3). الخوئي: المرتكز العرفيّ هو الاشتراط دون التقييد، ولو فرض التقييد بنصب القرينة عليه فالظاهر ثبوت الاجرتين كما سيأتي (4). الامام الخميني: يأتي فيه التفصيل المتقدّم (5). الامام الخميني: في ضمن العقد؛ و أمّا بعد العقد فلا تأثير في منعه من المتعارف

الگلپايگاني: لا وجه لمنعه عن المتعارف إلّامع اشتراطه في العقد (6). الگلپايگاني: الأقوى ضمان الإتلاف إلّامع الإذن فيه و عدم ضمان التلف إلّامع التعدّي (7). الامام الخميني: مجرّد التعارف لايستلزم الإذن ليرفع الضمان؛ نعم، لو كان بحيث ينتزع منه الإذن لدى العقلاء، صحّ ما ذكره

مكارم الشيرازي: عدم الضمان إنّما هو في فرض وجود نقص أو حالة خاصّة في الدابّة لايتحمّل معها الضرب المتعارف؛ أمّا لو حصل ذلك بسبب الضرب، فليس هذا متعارفاً و ليس مأذوناً فيه، فهو ضامن حينئذٍ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 508

مسألة 15: إذا استوجر لحفظ متاع فسرق، لم يضمن، إلّامع التقصير في الحفظ و لو لغلبة

النوم عليه (1) أو مع اشتراط الضمان (2)، و هل يستحقّ الاجرة مع السرقة؟ الظاهر لا (3)، لعدم حصول العمل المستأجرعليه، إلّاأن يكون متعلّق الإجارة الجلوس عنده (4) و كان الغرض هو الحفظ، لا أن يكون هو المستأجرعليه.

مسألة 16: صاحب الحمّام لايضمن الثياب إلّاإذا اودع (5) و فرّط أو تعدّى، و حينئذٍ يشكل صحّة اشتراط الضمان (6) أيضاً، لأنّه أمين محض (7)، فإنّه إنّما أخذ الاجرة على الحمّام ولم يأخذ على الثياب؛ نعم، لو استؤجر مع ذلك للحفظ أيضاً، ضمن مع التعدّي أو التفريط و مع اشتراط الضمان أيضاً، لأنّه حينئذٍ يأخذ الاجرة على الثياب أيضاً فلايكون أميناً محضاً. (1). الخوئي: في كونها من التقصير في الحفظ مطلقاً إشكال، بل منع (2). الخوئي: بمعنى التدارك، كما تقدّم

الگلپايگاني: فيه إشكال؛ نعم، لا بأس باشتراط التدارك من ماله عند التلف (3). مكارم الشيرازي: بل الظاهر استحقاقه إذا أتى بما هو وظيفته في الحفظ و حصلت السرقة و التلف بأمر خارج عن قدرته على حسب المتعارف، كما إذا هجم عليه جماعة من اللصوص و أخذوه و قيّدوه ثمّ سرقوا المتاع، فإنّه لم يستأجر للحفظ في قبال هذه الامور، و استيجاره على الحفظ مطلقاً باطل لخروجه عن قدرته (4). الگلپايگاني: أو سائر الأعمال الموجبة للحفظ على النحو المتعارف إذا أتى بها ثمّ سرق؛ و أمّا إذا سرق قبل الإتيان بما ذكره فلايستحقّ الاجرة بلا إشكال (5). مكارم الشيرازي: و المتعارف الإيداع في الثياب؛ أمّا في النقود الضخمة أو الأشياء الغالية، فلا. و من هنا يعلم حكم السرقة أو التلف من الفنادق و المخازن و السيّارات و الطائرات و القطار و غيرها؛ فكلّما كان الإيداع فيه معلوماً و لوبحسب المتعارف، من غير

تصريح في اللفظ، فهو ضامن مع التعدّي أو التفريط، و إلّافلا، بل يصحّ تضمينهم مطلقاً من طريق الاشتراط. و ما ذكره من عدم جواز هذا الشرط لأنّه إنّما يأخذ الاجرة على غير الثياب، ففيه إشكال، لأنّه و إن لم يأخذ الاجرة في مقابله ظاهراً، ولكنّه يأخذها ممّا يكون لها صلة بهذا الأمر، و مثله لايعدّ عرفاً أميناً محضاً، فتأمّل (6). الگلپايگاني: على النحو المتقدّم (7). الخوئي: إذا كان الضمان بمعنى التدارك فاشتراطه لاينافي كونه أميناً

[فصل في الإجارة الثانية]

[فصل في الإجارة الثانية]

يكفي في صحّة الإجارة كون المؤجر مالكاً للمنفعة أو وكيلًا عن المالك لها أو وليّاً عليه. و إن كانت العين للغير، كما إذا كانت مملوكة بالوصيّة أو بالصلح أو بالإجارة، فيجوز للمستأجر أن يؤجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز تسليمه العين إلى المستأجر الثاني بدون إذن المؤجر إشكال (1)؛ فلو استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة، فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر، يجوز و لكن لايسلّمها إليه، بل يكون هو معها، و إن ركبها ذلك الآخر أو حملها متاعه فجواز الإجارة لايلازم تسليم العين بيده، فإن سلّمها بدون إذن المالك ضمن، هذا إذا كانت الإجارة الاولى مطلقة (2)؛ و أمّا إذا كانت مقيّدة، كأن استأجر الدابّة لركوبه نفسه، فلايجوز إجارتها من آخر (3)، كما أنّه إذا اشترط المؤجر عدم إجارتها من غيره أو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه، كذلك أيضاً، أي لايجوز إجارتها من الغير؛ نعم، لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه و لم يشترط كونها لنفسه، جاز أيضاً إجارتها من الغير بشرط أن يكون هو المباشر للاستيفاء لذلك الغير؛ ثمّ لو خالف و آجر في هذه الصور ففي الصورة الاولى

و هي ما إذا استأجر الدابّة لركوبه نفسه بطلت (4)، لعدم كونه مالكاً (1). الامام الخميني: و إن كان الجواز لايخلو من وجه

الخوئي: لايبعد الجواز إذا كان المستأجر الثاني أميناً مع إطلاق العقد كما هو المفروض، و مع ذلك للمالك مطالبة العين من المستأجر الأوّل بعد انقضاء المدّة، و بذلك يظهر عدم ضمانه بالتسليم إلى المستأجر الثاني

الگلپايگاني: لا إشكال في جواز التسليم، بل وجوبه فيما له التسليم من المؤجر الأوّل بحيث لو لم يسلّم إليه يجبر عليه، من غير فرق بين ما توقّف استيفاء المنفعة عليه أو ما تعارف ذلك في إجارته، و حينئذٍ لا ضمان مع التلف (2). مكارم الشيرازي: يعني مطلقة من ناحية انتفاع شخصه أو غيره؛ أمّا إن كانت مطلقة من ناحية الاستيفاء بالمباشرة أو بالتسبيب، فلا مانع من إعطائه بيد الغير؛ فالحكم بالجواز و عدمه تابع لإطلاق الإجارة من ناحية كيفيّة الاستيفاء على كلّ حال (3). الخوئي: التقييد لاينافي جواز الإجارة من آخر، و ذلك كما إذا استأجرت المرأة داراً لسكناها مقيّدة ثمّ تزوّجت، فإنّه يجوز لها أن تؤجرها من زوجها لسكناها، و بذلك يظهر ما في الحكم بالبطلان على الإطلاق؛ بعيد ذلك (4). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لاحتمال كونه من قبيل تعدّد المطلوب؛ و قد عرفت غير مرّة أنّ كون شي ء من القيود المقوّمة أو الشرائط، بحسب أنظار أهل العرف؛ فالإجارة الثانية ليست فاسدة من هذه الناحية، ولكن لمّا كان هذا التصرّف متعلّقاً لحقّ الغير فنفوذه يحتاج إلى إجازته و بدونها فضوليّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 510

إلّا ركوبه نفسه، فيكون المستأجر الثاني ضامناً لُاجرة المثل (1) للمالك (2) إن استوفى المنفعة. و في الصورة الثانية و الثالثة في بطلان الإجارة و

عدمه وجهان (3) مبنيّان على أنّ التصرّف المخالف للشرط باطل، لكونه مفوّتاً لحقّ الشرط أو لا، بل حرام و موجب للخيار؛ و كذا في الصورة الرابعة (4) إذا لم يستوف هو، بل سلّمها إلى ذلك الغير.

مسألة 1: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجر و بالمساوي له مطلقاً أىّ شي ء كانت، بل بأكثر منه أيضاً إذا أحدث فيها حدثاً أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة (5) السابقة (6)، بل مع عدم الشرطين (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المستأجر الأوّل ضامن للُاجرة المسمّاة للمالك و المستأجر الثاني ضامن لما أتلفه على المستأجر الأوّل؛ نعم، إن كان ما استوفاه الثاني أزيد ممّا استحقّه الأوّل، فالثاني ضامن لُاجرة المثل للمالك بالنسبة إلى الزيادة و إن كان للمالك الرجوع إلى كلّ منهما فيها (2). مكارم الشيرازي: بل يكون ضامناً لُاجرة المثل للمستأجر الأوّل، و يكون المستأجر الأوّل ضامناً لُاجرة المسمّى للمالك، و له مع ذلك حقّ الفسخ؛ ولو كان ما استوفاه الثاني أكثر ممّا استحقّه الأوّل، فهو ضامن لُاجرة المثل بالنسبة إلى هذا المقدار للمالك، و له مع ذلك حقّ الرجوع إلى كلّ واحد منهما لضمانهما معاً (3). الامام الخميني: أوجههما الثاني، و أولى بذلك الصورة الرابعة

الخوئي: أظهرهما الثاني في الصورة الثانية؛ و أمّا الصورة الثالثة فهي إن لم تكن الصورة الاولى بعينها فمتّحدة معها حكماً، غير أنّه لايجوز فيها الإجارة من الغير مطلقاً

الگلپايگاني: الظاهر صحّة الإجارة في الصورة الثانية و الرابعة و للمالك خيار تخلّف الشرط مع عدم تمكّنه من إلزامه بالعمل بالشرط؛ و أمّا الصورة الثالثة فالظاهر أنّه يرجع إلى تحديد المنافع، و حكمه حكم الصورة الاولى في بطلان الإجارة و

الضمان

مكارم الشيرازي: الظاهر بطلانه، بمعنى كونه فضوليّاً متوقّفاً على إجازة المالك، لما عرفت آنفاً (4). الخوئي: الظاهر عدم بطلان الإجارة في هذه الصورة، فإنّ حرمة التسليم لاتلازم بطلان الإجارة، بل الظاهر عدم البطلان مع اشتراط التسليم أيضاً، فإنّ بطلان الشرط لايوجب بطلان العقد الواقع فيه الشرط على الأظهر

مكارم الشيرازي: و لايبعد الجواز في هذه الصورة؛ غاية الأمر أنّ المستأجر الأوّل خالف الشرط، فيوجب الخيار للمالك الموجر (5). الگلپايگاني: الأحوط ترك الإجارة بالأكثر و لو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة (6). مكارم الشيرازي: لا دليل عليه، بل الأحوط عدم التفاضل بحسب القيمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 511

أيضاً فيما عدا البيت و الدار و الدكّان و الأجير، و أمّا فيها فإشكال (1)، فلايُترك الاحتياط بترك إجارتها بالأكثر (2)، بل الأحوط (3) إلحاق الرحى (4) و السفينة (5) بها أيضاً في ذلك. و الأقوى جواز ذلك مع عدم الشرطين في الأرض على كراهة و إن كان الأحوط الترك (6) فيها أيضاً، بل الأحوط الترك في مطلق الأعيان إلّامع إحداث حدث فيها (7)؛ هذا، و كذا لايجوز أن يؤجر بعض أحد الأربعة المذكورة بأزيد من الاجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دنانير و سكن بعضها و آجر البعض الآخر بأزيد من العشرة، فإنّه لايجوز بدون إحداث (8) حدث، و أمّا لو آجر بأقلّ من العشرة فلا إشكال، و الأقوى الجواز بالعشرة أيضاً و إن كان الأحوط تركه.

مسألة 2: إذا تقبّل عملًا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها، يجوز أن يؤكله إلى عبده أو صانعه أو أجنبيّ، و لكنّ الأحوط (9) عدم تسليم متعلّق العمل كالثوب و نحوه إلى غيره من دون إذن المالك، و

إلّاضمن. و جواز الإيكال لايستلزم جواز الدفع، كما مرّ نظيره (10) في العين المستأجرة، فيجوز له استيجار غيره لذلك العمل بمساوي الاجرة الّتي (1). الامام الخميني: بل الأقوى عدم الجواز

مكارم الشيرازي: لكن هناك قرائن متعدّدة في روايات الباب، تشعر بالكراهة أو تدلّ عليها و إن كان الأحوط ما ذكره؛ فراجع (2). الخوئي: بل الأظهر ذلك، كما أنّ الأظهر ترك إجارتها بغير الجنس أيضاً إذا كانت الاجرة من النقود أو مابحكمها (3). الامام الخميني: و إن كان عدم الإلحاق لايخلو من قوّة؛ و كذا الخان

الگلپايگاني: لايُترك (4). الخوئي: لا بأس بترك الاحتياط فيه (5). مكارم الشيرازي: يجوز ترك هذا الاحتياط، لعدم دليل معتدّ به عليه (6). الگلپايگاني: لايُترك (7). مكارم الشيرازي: إحداث الحدث في هذا الباب لايشمل التغييرات فقط، بل لايبعد كفاية نصب الأشياء المنقولة كالمبرّدات بل الأستار و الفرش أيضاً (8). الامام الخميني: أو كون الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة (9). الگلپايگاني: لكن لايجب مراعاته مع فرض عدم قيد المباشرة (10). الامام الخميني: مرّ الكلام فيها. و جواز دفع متعلّق العمل على المؤجر لذلك العمل أيضاً لايخلو من وجه، والأحوط عدم الدفع إلى غير المؤجر

الخوئي: ما ذكرناه في العين المستأجرة يجري هنا بعينه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 512

قرّرها في إجارته أو أكثر، و في جواز استيجار الغير بأقلّ من الاجرة إشكال (1)، إلّاأن يحدث حدثاً أو يأتي ببعض، فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل استيجار غيره لها بأقلّ منه، إلّاأن يفصله أو يخيط شيئاً منه و لو قليلًا، بل يكفي (2) أن يشتري الخيط أو الإبرة (3) في جواز الأقلّ؛ و كذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنةً أو صوم شهر (4)

بعشر دراهم مثلًا في صورة عدم اعتبار المباشرة، يشكل (5) استيجار غيره (6) بتسعة مثلًا، إلّاأن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلًا.

مسألة 3: إذا استؤجر لعمل في ذمّته لا بشرط المباشرة، يجوز تبرّع الغير عنه و تفرغ ذمّته بذلك (7) و يستحقّ الاجرة المسمّاة؛ نعم، لو أتى بذلك العمل المعيّن غيره، لا بقصد التبرّع عنه، لايستحقّ الاجرة المسمّاة و تنفسخ الإجارة (8) حينئذٍ لفوات المحلّ، نظير ما مرّ سابقاً من الإجارة على قلع السنّ فزال ألمه أو لخياطة ثوب فسرق أو حرق.

مسألة 4: الأجير الخاصّ و هو من آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر (1). الامام الخميني: الأقوى عدم الجواز

الخوئي: أظهره عدم الجواز، و لايكفي إحداث الحدث هنا في جوازه

الگلپايگاني: و الأقوى عدم الجواز (2). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع (3). الخوئي: هذا إذا اشتراه بماله؛ و أمّا إذا اشتراه بمال الأجير ففي كفايته إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: لايخلو من إشكال، لأنّ المصرّح به في روايات الباب إحداث حدث في نفس مورد العمل (4). مكارم الشيرازي: بناءً على جواز الاستيجار في هذه العبادات؛ و قد مرّ منّا الإشكال فيها في أبواب العبادات الاستيجاريّة (5). الامام الخميني: و إن كان الجواز لا يخلو من وجه، لكن لاينبغي ترك الاحتياط (6). الخوئي: مرّ آنفاً أنّ عدم الجواز هو الأظهر (7). مكارم الشيرازي: استحقاقه للُاجرة إنّما يتمّ إذا كان التبرّع باستدعائه أو إجازته، حتّى يكون عمله تسبيباً، لأنّ الفعل لايعدّ فعله إلّابالمباشرة أو التسبيب (8). الخوئي: لا موجب للانفساخ إذا كان عمل غيره بعد مضيّ زمان كان الأجير متمكّناً من الإتيان به فيه، فإنّه يدخل حينئذٍ تحت عنوان التعذّر الطارئ و هو

يوجب الخيار لا الانفساخ. و قد تقدّم الكلام في الإجارة على قلع الضرس إذا زال ألمه [في فصل في أحكام العوضين، المسألة 3]

العروة الوثقى، ج 2، ص: 513

في مدّة معيّنة أو على وجه تكون منفعته الخاصّة كالخياطة مثلًا له، أو آجر نفسه لعمل مباشرةً مدّة معيّنة أو كان اعتبار المباشرة أو كونها في تلك المدّة أو كليهما على وجه الشرطيّة لا القيديّة، لايجوز له أن يعمل في تلك المدّة لنفسه أو لغيره بالإجارة أو الجعالة أو التبرّع عملًا ينافي حقّ المستأجر إلّامع إذنه. و مثل تعيين المدّة تعيين أوّل زمان العمل بحيث لايتوانى فيه إلى الفراغ؛ نعم، لا بأس بغير المنافي، كما إذا عمل البنّاء لنفسه أو لغيره في الليل (1)، فإنّه لا مانع منه إذا لم يكن موجباً لضعفه في النهار، و مثل إجراء عقد (2) أو إيقاع أو تعليم أو تعلّم في أثناء الخياطة و نحوها، لانصراف المنافع عن مثلها؛ هذا، و لو خالف و أتى بعمل منافٍ لحقّ المستأجر، فإن كانت الإجارة على الوجه الأوّل، بأن يكون جميع منافعه للمستأجر و عمل لنفسه في تمام المدّة أو بعضها، فللمستأجر أن يفسخ و يسترجع تمام الاجرة المسمّاة أو بعضها (3) أو يبقيها و يطالب عوض الفائت (4) من المنفعة بعضاً أو كلًاّ، و كذا إن عمل للغير تبرّعاً، و لايجوز له على فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرّع له بالعوض؛ سواء كان جاهلًا بالحال أو عالماً، لأنّ المؤجر هو الّذي أتلف المنفعة عليه دون ذلك الغير و إن كان ذلك الغير آمراً له بالعمل (5)، إلّاإذا فرض على وجه يتحقّق معه صدق الغرور (6)، و إلّافالمفروض أنّ المباشر للإتلاف هو المؤجر، و إن كان عمل

للغير بعنوان (1). الگلپايگاني: إذا لم يكن الليل داخلًا في مدّة هذه الإجارة حتّى في الصورة الاولى (2). الگلپايگاني: في غير الصورة الاولى؛ و أمّا فيها فلايجوز له عمل له الماليّة؛ نعم، لا بأس بما لايعدّ من المنافع عند العرف (3). الخوئي: مرّ أنّ الفسخ إنّما يتعلّق بعقد الإجارة بتمامه، و عليه فلا وجه لاسترجاع بعض الاجرة (4). الامام الخميني: أي اجرة مثل العمل الّذي عمله لنفسه أو لغيره، كما في الفرع التالي و كذا في نظائره

الگلپايگاني: بل له الأخذ بأكثر الأمرين منه و من عوض المنفعة الّتي استوفاها الأجير أو غيره و هو اجرة مثل ما أوقعه لنفسه أو لغيره (5). الگلپايگاني: لايبعد جواز مطالبة الغير بالعوض في تلك الصورة، لأنّ الآمر استوفى بأمره عمل الأجير بدون إذن مالكه يعني المستأجر فعليه عوضه، و تبرّع الأجير لايؤثّر في ملك الغير

مكارم الشيرازي: الأمر بالعمل استيفاء للمنفعة، و هو من أسباب الضمان على الأقوى؛ و لو كان مغروراً يرجع إلى من غرّه؛ فالمستأجر يتخيّر بين امور ثلاثة: الفسخ و أخذ اجرة المثل من الأجير أو من الآمر (6). الخوئي: ليس للمستأجر الرجوع على الآمر حتّى مع صدق الغرور، فإنّ المغرور هو الأجير دون المستأجر، و الأجير أيضاً لايرجع إليه إذا كان متبرّعاً بعمله كما هو المفروض؛ نعم، إذا لم يكن متبرّعاً كما إذا غرّه الآمر و ادّعى أنّ المستأجر قد أذن بالعمل له فعمل له، كان للأجير أن يرجع إليه باجرة المثل

الگلپايگاني: بأن يدّعي الآمر الإذن أو الوكالة من المستأجر و يعتقده الأجير لحسن ظنّه به مثلًا، فيرجع الأجير حينئذٍ على الآمر على تقدير رجوع المستأجر إليه لو لم نقل بأنّ أمره استيفاء، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 514

الإجارة أو

الجعالة فللمستأجر أن يجيز ذلك، و يكون له الاجرة المسمّاة في تلك الإجارة أو الجعالة، كما أنّ له الفسخ و الرجوع إلى الاجرة المسمّاة و له الإبقاء و مطالبة عوض المقدار الّذي فات، فيتخيّر بين الامور الثلاثة (1). و إن كانت الإجارة على الوجه الثاني و هو كون منفعته الخاصّة للمستأجر، فحاله كالوجه الأوّل، إلّاإذا كان العمل للغير على وجه الإجارة أو الجعالة و لم يكن من نوع العمل المستأجرعليه، كأن تكون الإجارة واقعة على منفعة الخياطيّ فآجر نفسه للغير للكتابة أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة، فإنّه ليس للمستأجر إجازة ذلك، لأنّ المفروض أنّه مالك لمنفعة الخياطيّ، فليس له إجازة العقد (2) الواقع على الكتابة، فيكون مخيّراً بين الأمرين من الفسخ و استرجاع الاجرة المسمّاة والإبقاء و مطالبة عوض الفائت. و إن كانت على الوجه الثالث، فكالثاني (3)، إلّاأنّه لا فرق فيه في عدم صحّة الإجازة بين ما إذا كانت الإجارة أو الجعالة واقعة على نوع العمل المستأجرعليه أو على غيره، إذ ليست منفعة الخياطة مثلًا مملوكة للمستأجر حتّى يمكنه إجازة العقد الواقع عليها، بل يملك عمل الخياطة في ذمّة المؤجر. و إن كانت على الوجه الرابع و هو كون اعتبار المباشرة أو المدّة المعيّنة على وجه الشرطيّة لا القيديّة، ففيه وجهان (4)؛ (1). الگلپايگاني: بل له في هذا الفرض الأخذ بأكثر الأمرين منه ومن عوض ما أتى للغير بعنوان الإجارة أوالجعالة مخيّراً فيه بين الرجوع إليه أو إلى الغير مع صدق استيفائه له من دون غرور، فيتخيّر بين الخمسة

مكارم الشيرازي: بل بين امور أربعة: الفسخ، و مطالبة اجرة المثل من الأجير، و إمضاء الإجارة الثانية و أخذ مال الإجارة فيها، و الرجوع باجرة المثل إلى

المستأجر الثاني؛ و دليله ما مرّ آنفاً (2). الگلپايگاني: لكن له إسقاط حقّه فيصحّ العقد الواقع على الكتابة نظير إجازة المرتهن بين الراهن للعين المرهونة و يكون مال الإجارة للمؤجر لا للمجيز (3). الگلپايگاني: و يجري فيه أيضاً ما ذكرنا في الثاني (4). الامام الخميني: بل وجوه، أوجهها أوّل وجهي ما في المتن

الخوئي: الأوجه الثاني

مكارم الشيرازي: الأقوى هو الحاجة إلى الإجازة، لما مرّ من أنّ الاشتراط يوجب حقّاً للمستأجر، فلايصحّ الإجارة بغير إذنه؛ و قد يقال أنّ هنا وجهاً ثالثاً و هو عدم صحّته حتّى مع الإجازة، بل لابدّ بعد الإجازة من عقد جديد، ولكنّه ضعيف، كما لايخفى وجهه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 515

يمكن أن يقال بصحّة العمل (1) للغير بعنوان الإجارة أو الجعالة من غير حاجة إلى الإجازة و إن لم يكن جائزاً من حيث كونه مخالفة للشرط الواجب العمل، غاية ما يكون أنّ للمستأجر خيار تخلّف الشرط؛ و يمكن أن يقال بالحاجة إلى الإجازة، لأنّ الإجارة أو الجعالة منافية لحقّ الشرط، فتكون باطلة بدون الإجازة.

مسألة 5: إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة و لو مع تعيين المدّة أو من غير تعيين المدّة و لو مع اعتبار المباشرة، جاز عمله للغير و لو على وجه الإجارة قبل الإتيان بالمستأجرعليه، لعدم منافاته له من حيث إمكان تحصيله، لا بالمباشرة أو بعد العمل للغير، لأنّ المفروض عدم تعيين المباشرة أو عدم تعيين المدّة؛ و دعوى أنّ إطلاق العقد من حيث الزمان يقتضي وجوب التعجيل، ممنوعة (2)، مع أنّ لنا أن نفرض الكلام فيما لو كانت قرينة على عدم إرادة التعجيل.

مسألة 6: لو استأجر دابّة لحمل متاع معيّن شخصي أو كلّي على وجه التقييد، فحملها

(3) غير ذلك المتاع أو استعملها في الركوب، لزمه الاجرة المسمّاة و اجرة المثل (4) لحمل المتاع (1). الگلپايگاني: و لعلّه الأقوى ما لم يرجع إلى تحديد المنفعة، و إلّافكالسابقة (2). الخوئي: لعلّه أراد من التعجيل التعجيل الحقيقي لا العرفيّ، فإنّ دعوى وجوبه لاتكون ممنوعة، و إلّالكان العقد غرريّاً، و عليه فلايكون منافياً لما تقدّم منه قدس سره من أنّ إطلاق العقد يقتضي التعجيل العرفي

الگلپايگاني: في بعض الموارد، لا مطلقاً. و قد تقدّم منه قدس سره أنّ الإطلاق يقتضي التعجيل مطلقاً

مكارم الشيرازي: إطلاق العقد قد ينصرف إلى التعجيل، و ذلك لعادة جارية أو مناسبة ظاهرة، و حينئذٍ يقتضي وجوب التعجيل؛ و المقامات مختلفة (3). الامام الخميني: في الوقت الّذي استأجرها أو استعملها في الركوب كذلك (4). الامام الخميني: بل الأقرب أنّه لم يلزمه إلّاالاجرة المسمّاة، و التفاوت بين اجرة المنفعة الّتي استوفاها واجرة المنفعة المستأجرعليها لو كان، فلو استأجرها بخمسة فركبها و كانت اجرة الركوب عشرة لزمته العشرة، و مع عدم الزيادة لم تلزمه إلّاالاجرة المسمّاة، و كذا الحال في نظائر المسألة

الگلپايگاني: بل الاجرة المسمّاة و مقدار فضل ما استوفاه فيما له فضل

مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّه لا وجه لوجوب الاجرتين عند التخلّف عمّا عقد عليه الإجارة، بل يستقرّ عليه أكثر الأمرين، و ما ذكره من الدليل ضعيف جدّاً؛ و قوله: أنّ المستأجر بتفويته على نفسه و استعماله في غير ما يستحقّ كأنّه حصل له منفعة اخرى، جوابه مستتر فيه، لعدم إمكان ملكيّة منفعتين متضادّتين في عرض واحد؛ و الحاصل أنّه لاينبغي الشكّ في استقرار أكثر الأمرين عليه، لما قد عرفت أنّ وجوب الاجرتين بعد عدم إمكان ملكيّة منفعتين متضادّتين بعيد جدّاً و مخالف للارتكاز العرفي، بل تخالفه

صحيحة أبي ولّاد الدالّة على استقرار اجرة المثل فقط، الّذي كان أكثر الأمرين في مورد الرواية. و في المسألة وجوه اخر من استقرار اجرة المسمّى فقط كيف ما كان و اجرة المثل كذلك، و كلّها ساقطة لعدم الدليل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 516

الآخر أو للركوب؛ و كذا لو استأجر عبداً للخياطة فاستعمله في الكتابة، بل و كذا لو استأجر حرّاً لعمل معيّن في زمان معيّن و حمله على غير ذلك العمل مع تعمّده و غفلة ذلك الحرّ (1) و اعتقاده أنّه العمل المستأجرعليه؛ و دعوى أن ليس للدابّة في زمان واحد منفعتان متضادّتان، و كذا ليس للعبد في زمان واحد إلّاإحدى المنفعتين من الكتابة أو الخياطة، فكيف يستحقّ اجرتين؟ مدفوعة بأنّ المستأجر بتفويته على نفسه (2) و استعماله في غير ما يستحقّ كأنّه حصل له منفعة اخرى (3).

مسألة 7: لو آجر نفسه للخياطة مثلًا في زمان معيّن، فاشتغل بالكتابة للمستأجر مع علمه بأنّه غير العمل المستأجرعليه، لم يستحقّ شيئاً (4)؛ أمّا الاجرة المسمّاة فلتفويتها على نفسه (5) بترك الخياطة، و أمّا اجرة المثل للكتابة مثلًا فلعدم كونها مستأجراًعليها، فيكون كالمتبرّع بها، بل يمكن أن يقال بعدم استحقاقه لها (6) و لو كان مشتبهاً غير متعمّد، خصوصاً (1). الخوئي: بل الأمر كذلك مع التفات الحرّ و غفلة المستأجر إذا لم يكن الأجير قاصداً للإتيان بالعمل مجّاناً (2). الخوئي: بل مدفوعة بعدم المانع من ملكيّة المنفعتين المتضادّتين، على ما حقّقناه في محلّه (3). الگلپايگاني: لكنّه لايملك منفعتين متضادّتين جمعاً في عرض واحد حتّى يستحقّ العوض لأحدهما بالعقد و للآخر بالاستيفاء؛ نعم، لو كانت اجرة ما استوفاه زائدة عمّا وقع عليه العقد، له مطالبة الزيادة كما مرّ (4). الگلپايگاني: هذا

إذا فسخ المستأجر، ولكن له أن لايفسخ؛ و حينئذٍ فللأجير الاجرة المسمّاة و عليه عوض الفائت (5). الخوئي: مرّ أنّ التفويت لايوجب بطلان الإجارة، بل المستأجر مخيّر بين الفسخ و مطالبة قيمة العمل المستأجر عليه؛ و به يظهر الحال في المسألة الآتية (6). مكارم الشيرازي: هذا هو الحقّ؛ و التعبير بقوله: يمكن ... لا وجه له إلّاأن يكون مغروراً من ناحية المستأجر، فإنّه يستحقّ اجرة المثل حينئذٍ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 517

مع جهل المستأجر بالحال.

مسألة 8: لو آجر دابّته لحمل متاع زيد من مكان إلى آخر فاشتبه و حملها متاع عمرو، لم يستحقّ الاجرة على زيد (1) و لا على عمرو.

مسألة 9: لو آجر دابّته من زيد مثلًا فشردت قبل التسليم إليه أو بعده (2) في أثناء المدّة، بطلت الإجارة (3)، و كذا لو آجر عبده فأبق؛ و لو غصبهما غاصب، فإن كان قبل التسليم فكذلك، و إن كان بعده يرجع المستأجر على الغاصب بعوض المقدار الفائت من المنفعة، و يحتمل التخيير (4) بين الرجوع على الغاصب و بين الفسخ (5) في الصورة الاولى و هو ما إذا كان الغصب قبل التسليم.

مسألة 10: إذا آجر سفينته لحمل الخلّ مثلًا من بلد إلى بلد، فحملها المستأجر خمراً (6)، لم يستحقّ (7) المؤجر إلّاالاجرة المسمّاة و لايستحقّ اجرة المثل لحمل الخمر، لأنّ أخذ الاجرة عليه حرام، فليست هذه المسألة مثل مسألة إجارة العبد للخياطة فاستعمله المستأجر في الكتابة. لايقال: فعلى هذا إذا غصب السفينة و حملها خمراً كان اللازم عدم (1). الگلپايگاني: هذا إذا فسخ زيد، و لكن له أن لايفسخ؛ فعلى الأجير عوض الفائت و له الاجرة المسمّاة، كما مرّ (2). الامام الخميني: إذا لم يكن تقصير من المستأجر في حفظها

المتعارف؛ و كذا في العبد (3). الخوئي: بالإضافة إلى المدّة الباقية؛ و للمستأجر الخيار بالإضافة إلى ما مضى (4). الامام الخميني: هذا هو الأقوى

الخوئي: هذا هو المتعيّن. و الفرق بين المقام و ما تقدّم من تعيّن الرجوع على الظالم في بعض صور منعه يظهر بالتأمّل

الگلپايگاني: و هو الأقوى (5). مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، لأنّه يملك بالعقد؛ و أمّا تسليم العين، فهو شرط لوجوب تسليم الثمن، فلو رضي بدون التسليم لم يكن هناك مانع؛ و من الجدير بالذكر، أنّ ما ذكره هنا ينافي ما أفاده في الفصل الثالث (6). مكارم الشيرازي: عدم استحقاق أكثر من الاجرة المسمّاة ممنوع إذا حمل أكثر بحسب الكميّة أو الكيفيّة، لأنّه أتلف منفعة زائدة على المسمّاة من المالك، فهو ضامن، فيقدر كونه متاعاً حلالًا و تحسب الاجرة؛ نعم، لو كان للخمر بما هو خمر اجرة زائدة، لايستحقّها قطعاً (7). الامام الخميني: بل يستحقّ مضافاً إلى الاجرة المسمّاة التفاوت بينها و بين اجرة المثل على فرض زيادتهاعلى المسمّاة، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 518

استحقاق المالك اجرة المثل، لأنّ اجرة حمل الخمر حرام، لأنّا نقول: إنّما يستحقّ المالك اجرة المثل للمنافع المحلّلة الفائتة في هذه المدّة، و في المسألة المفروضة لم يفوّت على المؤجر منفعة، لأنّه أعطاه الاجرة المسمّاة لحمل الخلّ بالفرض.

مسألة 11: لو استأجر دابّة معيّنة من زيد للركوب إلى مكان، فاشتبه و ركب دابّة اخرى له، لزمه (1) الاجرة المسمّاة للُاولى (2) و اجرة المثل للثانية (3)؛ كما إذا اشتبه فركب دابّة عمرو، فإنّه يلزمه اجرة المثل لدابّة عمرو و المسمّاة لدابّة زيد، حيث فوّت منفعتها على نفسه.

مسألة 12: لو آجر نفسه لصوم يوم معيّن عن زيد مثلًا ثمّ

آجر نفسه لصوم ذلك اليوم عن عمرو، لم تصحّ الإجارة الثانية، و لو فسخ الاولى بخيار أو إقالة قبل ذلك اليوم لم ينفع في صحّتها (4)، بل و لو أجازها (5) ثانياً، بل لابدّ له من تجديد العقد، لأنّ الإجازة كاشفة (6) و لايمكن الكشف هنا، لوجود المانع حين الإجارة، فيكون نظير من باع شيئاً ثمّ ملك، بل أشكل (7). (1). الامام الخميني: مع كون الدابّة مسلّمة إليه أو تحت اختياره؛ و كذا في الفرع التالي (2). الگلپايگاني: مع تسليم صاحب الدابّة لها و تمكينه منها مدّة يمكنه الاستيفاء (3). مكارم الشيرازي: هذا إذا كانت تحت اختياره إلى آخر المدّة، كما هو ظاهر (4). الگلپايگاني: بل لايبعد الصحّة إذا فسخ الاولى أو أقالها، و كذا مع الإجازة؛ و يكون مال الإجارة للأجير، لاللمجيز. و قد مرّ نظيره (5). مكارم الشيرازي: على الأحوط؛ و ما ذكره من أنّه أشكل من مسألة من باع ثمّ ملك، إنّما هو من ناحية عدم وجود من يصلح للإجازة هنا بالنسبة إلى الإجازة الثانية، بخلاف البيع، فإنّ من يصلح للإجازة فيه موجود على كلّ حال (6). الامام الخميني: كونها كاشفة محلّ تأمّل و إشكال و إن كان البطلان كما ذكره لايخلو من وجه (7). الخوئي: وجه الإشكال أنّ المعاملة في مسألة من باع شيئاً ثمّ ملك قابلة للإجازة من المالك الواقعي حين حدوثها، و في المقام الإجارة الثانية غير قابلة للإجازة من أحد حين وقوعها؛ هذا، ولكنّ الصحيح بناءً على ما ذكرناه سابقاً من أنّ المنافع المتضادّة مملوكة جميعاً فالمقتضي لصحّة الإجارة الثانية موجود و هو ملك المؤجر المنفعة المستأجرعليها في الإجارة الثانية، ولكنّ المانع و هو المزاحمة و عدم إمكان استيفاء كلتا

المنفعتين متوفّر، فإذا افترضنا رفع المانع بالإقالة أو الفسخ فلا مانع من الحكم بصحّة الإجارة المزبورة من دون حاجة إلى الإجازة، فيكون المقام نظير نكاح العبد بدون إذن مولاه

[فصل في مسائل متفرّقة]

[فصل في مسائل متفرّقة]

لايجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بما يحصل منها من الحنطة أو الشعير (1)، لا لما قيل من عدم كون مال الإجارة موجوداً (2) حينئذٍ لا في الخارج و لا في الذمّة، و من هنا يظهر عدم جواز إجارتها بما يحصل منها و لو من غير الحنطة و الشعير، بل عدم جوازها بما يحصل من أرض اخرى أيضاً، لمنع ذلك، فإنّهما في نظر العرف و اعتبارهم بمنزلة الموجود (3) كنفس المنفعة و هذا المقدار كافٍ في الصحّة، نظير بيع الثمار (4) سنتين أو مع ضمّ الضميمة، فإنّها لايجعل غير الموجود موجوداً، مع أنّ البيع وقع على المجموع، بل للأخبار الخاصّة (5). و أمّا إذا آجرها بالحنطة أو الشعير في الذمّة لكن بشرط الأداء منها، ففي جوازه إشكال (6)، و الأحوط العدم (7)، لما يظهر من بعض الأخبار و إن كان يمكن حمله على الصورة الاولى. و لو آجرها بالحنطة أو الشعير من غير اشتراط كونهما منها، فالأقوى جوازه؛ نعم، لايبعد (1). الامام الخميني: بل بما يحصل منها مطلقاً؛ سواء كان بمقدار معيّن من حاصلها أو مع اشتراط أدائه منه (2). الخوئي: الظاهر صحّة هذا القول، لأنّ الاجرة لابدّ من كونها مملوكة أو في حكم المملوكة، كما إذا كانت من الأعمال أو شيئاً في الذمّة و المفروض في المقام عدم ذلك، و عليه فالإجارة باطلة، بلا فرق بين كون الحاصل من الحنطة و الشعير و كونه من غيرهما، كما أنّه لا فرق بين كون

الحاصل من تلك الأرض و كونه من غيرها، و قياسه بمنفعة العين قياس مع الفارق، فإنّها من شؤون العين و مملوكة بتبعها فعلًا، بخلاف الحاصل من الأرض الّذي هو معدوم حال العقد (3). الگلپايگاني: محلّ إشكال، بل منع، و لذا لم يتعارف المعاملة على أمثالها؛ و الفرق بينهما و بين المنفعةواضح (4). الگلپايگاني: الحكم فيه بالصحّة تعبّديّ، و إلّافالقاعدة تقتضي البطلان حتّى مع الضميمة (5). الخوئي: الأخبار بين ما هو ضعيف السند و ما لا دلالة فيه؛ و أمّا صحيح الحلبي فهو مع اختصاصه بإجارةالأرض بالحنطة غير ظاهر في النهي الوضعي، و عليه فلابدّ من حمله على الكراهة، أي كراهة إجارة الأرض بالحنطة ثمّ زرعها حنطة (6). مكارم الشيرازي: لايبعد صحّة هذه الصورة، لأنّه داخل في مفاد بعض روايات الباب، كالتعليل بأنّه مضمون، لأنّ المفروض ضمانه في الذمّة؛ و عدم إمكان العمل بالشرط أحياناً لاينافي ذلك، كما هو ظاهر (راجع الرواية الثانية من الباب 16 من أبواب المزارعة) (7). الخوئي: و إن كان الأظهر الجواز، و قد عرفت ما في الأخبار

الگلپايگاني: لايُترك، بل الأقوى البطلان إذا لم يطمئنّا بحصولهما منها، لكون الشرط غرريّاً و منه يسري إلى المعاملة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 520

كراهته؛ و أمّا إجارتها بغير الحنطة و الشعير من الحبوب فلا إشكال فيه (1)، خصوصاً إذا كان في الذمّة مع اشتراط كونه منها أو لا.

مسألة 1: لا بأس بإجارة حصّة من أرض معيّنة مشاعة، كما لا بأس بإجارة حصّة منها على وجه الكليّ في المعيّن مع مشاهدتها على وجه يرتفع به الغرر (2)؛ و أمّا إجارتها على وجه الكليّ في الذمّة فمحلّ إشكال، بل قد يقال بعدم جوازها لعدم ارتفاع الغرر بالوصف، و لذا لايصحّ السلم

فيها، و فيه: أنّه يمكن وصفها على وجه يرتفع، فلا مانع منها إذا كان كذلك.

مسألة 2: يجوز استيجار الأرض لتعمل مسجداً (3)، لأنّه منفعة محلّلة، و هل يثبت لها آثار المسجد من حرمة التلويث و دخول الجنب و الحائض و نحو ذلك؟ قولان؛ أقواهما العدم (4)؛ نعم، إذا كان قصده عنوان المسجديّة لا مجرّد الصلاة فيه و كانت المدّة طويلة كمأة سنة أو أزيد، لايبعد (5) ذلك، لصدق المسجد عليه حينئذٍ.

مسألة 3: يجوز استيجار الدراهم و الدنانير (6) للزينة أو لحفظ الاعتبار أو غير ذلك من (1). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى

الخوئي: مرّ أنّه لا فرق بين الحنطة و الشعير و غيرهما من الحبوب

الگلپايگاني: بل الحكم فيه هو الحكم فيهما على الأقوى

مكارم الشيرازي: بل هو أيضاً ممنوع، لأنّه لا فرق بين الحنطة و الشعير و غيرهما إذا كان من تلك الأرض، و كأنّه فهم من الروايات الخصوصيّة، مع أنّ التعليل الوارد فيها بأنّه غير مضمون أدلّ دليل على العموميّة (2). مكارم الشيرازي: إجارة الأرض على وجه الكليّ في الذمّة مشكل، بل غير معهود عند العقلاء؛ و لعلّ الوجه فيه أنّ ارتفاع الغرر بالوصف فيه نادر جدّاً (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ نعم، يجوز استيجارها مدّة معيّنة لجعلها مصلّى أو معبداً، و لاتجري عليهاأحكام المسجد بذلك (4). الگلپايگاني: لا قوّة فيه بعدما عملت مسجداً

مكارم الشيرازي: و الوجه فيه أنّ المسجد و إن كان لايعتبر فيه التأبيد و لا عنوان فكّ الملك و إن قال بكلٍّ قائلٌ، ولكنّ المتعارف منه هو ما كان مؤبّداً؛ و لعلّ أحكامها منصرفة إلى هذا المصداق المشهور المعهود، و التعدّي إلى غيره مشكل (5). الامام الخميني: محلّ

تأمّل. و مجرّد قصد المسجديّة من ترتيب الآثار غير معلوم و لو كانت المدّة طويلة (6). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، إلّاإذا كان هناك منفعة معتدّاً بها عند العقلاء، لأنّ الإجارة على المنافع النادرة يمكن إلحاقها ببيع أعيان لاينتفع بها إلّانادراً؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 521

الفوائد الّتي لاتنافي بقاء العين.

مسألة 4: يجوز استيجار الشجر (1) لفائدة الاستظلال و نحوه كربط الدابّة به أو نشر الثياب عليه.

مسألة 5: يجوز استيجار البستان لفائدة التنزّه، لأنّه منفعة محلّلة عقلائيّة.

مسألة 6: يجوز الاستيجار لحيازة المباحات (2) كالاحتطاب والاحتشاش و الاستقاء، فلو استأجر من يحمل الماء له من الشطّ مثلًا، ملك ذلك (3) الماء بمجرّد حيازة السقّاء (4)، فلو أتلفه متلف قبل الإيصال إلى المستأجر ضمن قيمته له (5)، و كذا في حيازة الحطب و الحشيش؛ نعم، لو قصد المؤجر كون المحوز لنفسه، فيحتمل (6) القول بكونه له (7) و يكون ضامناً للمستأجر عوض ما فوّته عليه من المنفعة، خصوصاً إذا كان المؤجر آجر نفسه على وجه يكون تمام منافعه (8) في اليوم الفلاني للمستأجر أو يكون منفعته من حيث الحيازة له، و ذلك (1). مكارم الشيرازي: استيجارها لفائدة الاستظلال لا مانع منه؛ و أمّا لغيره من ربط الدابّة به أو نشر الثياب عليه، فيأتي فيه ما مرّ في سابقه من أنّ هذه المنافع قد لاتكون منفعة معتدّاً بها (2). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه إطلاق أدلّة قاعدة «من حاز، ملك» و عمومه للمباشرة و التسبيب؛ مضافاً إلى بناء العقلاء عليه قديماً و حديثاً، بل حيازة كثير من المباحات و تملّك الأنفال لاتمكن بدون معاونة الأجير غالباً، كحفر المعادن و الآبار و صيد السمك و اللؤلؤ و حيازة الأشجار

من الغابات، لاسيّما إذا كان بمقدار كثير؛ فما مثّلوا به من الاحتطاب و الاحتشاش أو الاستقاء، امور جزئيّة لاتنحصر المسألة فيها، بل الإنصاف أنّ نطاقها وسيع جدّاً تشمل الأمثلة الّتي ذكرنا و غيرها من أشباهها، و ليعلم أنّ قاعدة «من حاز، ملك» قاعدة مستفادة من أحاديث متفرّقة وردت في أبواب كثيرة، ذكرناها في كتابنا القواعد الفقهيّة؛ فراجع (3). الامام الخميني: مع قصده الوفاء بعقد الإجارة؛ و أمّا مع قصده لنفسه يصير المحوز له، و مع عدم القصدلواحد منهما فالظاهر بقاؤه على إباحته، و لايبعد أن يكون المباشر حينئذٍ أولى بالحيازة فيكون الجمع بلا قصد موجباً لتعلّق حقّ الحيازة عليه؛ هذا إذا كان الجمع لغرض الحيازة مع عدم قصدها فعلًا، و أمّا مع عدم هذا القصد كما إذا جمع لأغراض اخر، فالظاهر بقاؤه على الاشتراك و الاستواء بين الناس (4). الگلپايگاني: مع قصد التملّك له (5). الخوئي: الظاهر أنّ ضمان الماء التالف بالمثل لا بالقيمة (6). الگلپايگاني: و هو الأقوى (7). الامام الخميني: و هو الأقوى (8). الگلپايگاني: للمستأجر في تلك الصورة أكثر الأمرين من عوض الفائت و اجرة مثل الحيازة بقصد نفسه، وله الفسخ فيأخذ اجرة المسمّاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 522

لاعتبار النيّة في التملّك بالحيازة (1)، و المفروض أنّه لم يقصد كونه للمستأجر، بل قصد نفسه؛ و يحتمل القول بكونه للمستأجر، لأنّ المفروض أنّ منفعته من طرف الحيازة له، فيكون نيّة كونه لنفسه لغواً. و المسألة مبنيّة (2) على أنّ الحيازة من الأسباب القهريّة (3) لتملّك الحائز و لو قصد الغير، و لازمه عدم صحّة الاستيجار لها، أو يعتبر فيها نيّة التملّك و دائرة مدارها، و لازمه صحّة الإجارة و كون المحوز لنفسه إذا قصد نفسه

و إن كان أجيراً للغير، و أيضاً لازمه عدم حصول الملكيّة له إذا قصد كونه للغير من دون أن يكون أجيراً له أو وكيلًا عنه، و بقاؤه على الإباحة، إلّاإذا قصد بعد ذلك كونه له، بناءً على عدم جريان التبرّع في حيازة المباحات و السبق إلى المشتركات و إن كان لايبعد (4) جريانه (5)، أو أنّها من الأسباب القهريّة لمن له تلك المنفعة، فإن لم يكن أجيراً يكون له و إن قصد الغير فضولًا فيملك بمجرّد قصد الحيازة، و إن كان أجيراً للغير يكون لذلك الغير قهراً و إن قصد نفسه أو قصد غير ذلك الغير؛ و الظاهر عدم كونها من الأسباب القهريّة مطلقاً، فالوجه الأوّل غير صحيح، و يبقى الإشكال في ترجيح (6) أحد الأخيرين و لابدّ من التأمّل (7). (1). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: و ذلك لاعتبار قصد تملّك الغير حتّى يكون كالسبب بالنسبة إلى المستأجر و كون عمله له، و إلّافالنيّة من قبل المستأجر حاصلة، و من ناحية الأجير أيضاً حاصلة ولكن لنفسه (2). الامام الخميني: بل مبنيّة على أنّ الحيازة فعل مباشري أو أعمّ منه و من التسبيبي؛ و على الثاني، كما هوالأقوى، هل التسبيب يحصل بمجرّد كون المنفعة الخاصّة للمستأجر أو لابدّ فيه من عمل المؤجر للمستأجر وفاءً لإجارته؟ و الثاني هو الأقوى (3). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في كون الحيازة من الأفعال القصديّة، و هو ظاهر الأخبار الواردة في مسألة من وجد اللؤلؤ في جوف السمكة و أنّه يملكها الّذي وجدها في جوفها (و حازها بنيّة التملّك) و لايملكها الصيّاد؛ فراجع. و به جرت سيرة العقلاء أيضاً، ولكن إجراء هذا القصد قد يكون بطريق المباشرة و اخرى بالتسبيب، كما

في قطع الأشجار من الغابات و إخراج المعادن و غيرها (4). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: بل هو بعيد، لما عرفت من أنّه عنوان قصديّ من طريق المباشرة أو التسبيب (5). الگلپايگاني: بل بعيد (6). الخوئي: لايبعد أن يكون الوجه الأخير هو الأرجح (7). الگلپايگاني: و الأقوى ترجيح الأوّل منهما كما هو المرتكز عند العقلاء في حيازة المباحات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 523

مسألة 7: يجوز استيجار المرأة للإرضاع، بل للرضاع بمعنى الانتفاع بلبنها وإن لم يكن منها فعل مدّة معيّنة، و لابدّ من مشاهدة الصبيّ الّذي استؤجرت لإرضاعه (1)، لاختلاف الصبيان، و يكفي وصفه على وجه يرتفع الغرر، و كذا لابدّ من تعيين المرضعة شخصاً أو وصفاً على وجه يرتفع الغرر؛ نعم، لو استؤجرت على وجه يستحقّ منافعها أجمع، الّتي منها الرضاع، لايعتبر حينئذٍ مشاهدة الصبيّ أو وصفه. و إن اختلفت الأغراض بالنسبة إلى مكان الإرضاع لاختلافه من حيث السهولة و الصعوبة و الوثاقة و عدمها لابدّ من تعيينه أيضاً.

مسألة 8: إذا كانت المرأة المستأجرة مزوّجة، لايعتبر في صحّة استيجارها إذنه ما لم يناف ذلك لحقّ استمتاعه، لأنّ اللبن ليس له، فيجوز لها الإرضاع من غير رضاه، و لذا يجوز لها أخذ الاجرة من الزوج على إرضاعها لولده؛ سواء كان منها أو من غيرها؛ نعم، لو نافى ذلك حقّه، لم يجز إلّابإذنه. و لو كان غائباً فآجرت نفسها للإرضاع فحضر في أثناء المدّة و كان على وجه ينافي حقّه، انفسخت (2) الإجارة بالنسبة (3) إلى بقيّة المدّة (4).

مسألة 9: لو كانت الامرأة خليّة فآجرت نفسها للإرضاع أو غيره من الأعمال، ثمّ تزوّجت، قدّم حقّ المستأجر على حقّ الزوج في صورة المعارضة، حتّى أنّه إذا كان

وطيه لها مضرّاً بالولد منع منه. (1). مكارم الشيرازي: إيكاله على ما هو المتعارف كافٍ لرفع الغرر؛ و اعلم أنّ استيجار المرأة للإرضاع على أنحاء: تارةً يقصد جميع منافعها الّتي منها الإرضاع، ففي مثله لا وجه لوجوب مشاهدة الصبيّ؛ و اخرى لمطلق الإرضاع، أىّ صبيّ كان، و في هذا أيضاً لاتلزم المشاهدة؛ و ثالثة لإرضاع صبيّ خاصّ، و كلام القوم هنا، و قد عرفت أنّ مشاهدته أيضاً غير لازمة، فإنّ الغرر بأىّ معنى كان غير حاصل، لاسيّما على المختار من أنّه بمعنى السفاهة؛ هذا مضافاً إلى أنّ مجرّد المشاهدة لايرفع الغرر لو كان، بل لابدّ من اختيار حاله من جهات اخرى (2). الامام الخميني: مع عدم الإجازة (3). الخوئي: على تقدير عدم الإجازة من الزوج (4). الگلپايگاني: بل له الردّ و الإمضاء حتّى بالنسبة إلى ما مضى مع المنافاة لحقّه، لأنّ غيبته لاتسقط حقّه، كما مرّ

مكارم الشيرازي: إلّاإذا أذن الزوج

العروة الوثقى، ج 2، ص: 524

مسألة 10: يجوز للمولى إجبار أمته على الإرضاع إجارةً أو تبرّعاً، قنّة كانت أو مدبّرة أو امّ ولد؛ و أمّا المكاتبة المطلقة فلايجوز له إجبارها، بل و كذا المشروطة، كما لايجوز في المبعّضة. و لا فرق بين كونها ذات ولد (1) يحتاج إلى اللبن أو لا، لإمكان إرضاعه من لبن غيرها.

مسألة 11: لا فرق في المرتضع بين أن يكون معيّناً أو كلّيّاً، و لا في المستأجرة بين تعيين مباشرتها للإرضاع أو جعله في ذمّتها؛ فلو مات الصبيّ في صورة التعيين أو الامرأة في صورة تعيين المباشرة، انفسخت الإجارة، بخلاف ما لو كان الولد كلّيّاً أو جعل في ذمّتها، فإنّه لاتبطل بموته أو موتها إلّامع تعذّر الغير من صبيّ أو مرضعة.

مسألة 12:

يجوز استيجار الشاة للبنها (2) و الأشجار للانتفاع بأثمارها (3) و الآبار للاستقاء و نحو ذلك، و لايضرّ كون الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان، لأنّ المناط في المنفعة هو العرف و عندهم يعدّ اللبن منفعة (4) للشاة و الثمر منفعة للشجر و هكذا، و لذا قلنا بصحّة استيجار المرأة للرضاع و إن لم يكن منها فعل، بأن انتفع بلبنها في حال نومها أو بوضع الولد في حجرها و جعل ثديها في فم الولد من دون مباشرتها لذلك؛ فما عن بعض العلماء من إشكال الإجارة في (1). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لإمكان دعوى انصراف أدلّة ملكيّة المولى عن مثل ذلك، فتأمّل (2). الگلپايگاني: أي للانتفاع بلبنها (3). مكارم الشيرازي: و ضابطته أنّه تجوز الإجارة في كلّ مورد يبقى العين و ينتفع بمنافعها و إن كان المنافع بنفسها من قبيل الأعيان الّتي تتلف بالانتفاع كالثمرة للشجرة و الماء للبئر و الحمّام و اللبن للشاة و غير ذلك؛ و لايعتبر في المنافع كونها من العوارض القائمة بالأعيان بمعناها الفلسفي، بل لابدّ أن تكون من المنافع التابعة للعين في نظر العرف و إن كان بنفسها عيناً خارجيّة. و يدلّ عليه مضافاً إلى ظهور آية الاسترضاع حيث إنّ اللبن جزء المنفعة بل قد يكون كلّها، و ظاهر الآية أنّ المورد من مصاديق الإجارة عرفاً لا أنّه خرج منها تعبّداً، و أضف إلى ذلك جريان السيرة المستمرّة عليه في الحمّام و الآبار و غيرها مع عدم ردع من الشرع عنها، و عموم أدلّة الوفاء بالعقود العرفيّة إلّاما خرج بالدليل، و ليس المقام منها (4). الگلپايگاني: لكن لا بنحو يملك اللبن بعقد الإجارة، بل له الانتفاع بصرف لبنها، و كذا في الأشجار و

الآبار؛ فهذا نحو من الانتفاع بتلك الأعيان و إن استلزم إتلاف أعيان اخر من اللبن و الثمر و الماء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 525

المذكورات لأنّ الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان و هو خلاف وضع الإجارة، لا وجه له (1).

مسألة 13: لايجوز الإجارة لإتيان الواجبات (2) العينيّة كالصلوات الخمس و الكفائيّة (3) كتغسيل الأموات و تكفينهم و الصلاة عليهم و كتعليم القدر الواجب من اصول الدين و فروعه و القدر الواجب من تعليم القرآن كالحمد و سورة منه و كالقضاء والفتوى ونحو ذلك، و لايجوز الإجارة على الأذان (4)؛ نعم، لا بأس بارتزاق القاضي و المفتي و المؤذّن من بيت المال. و يجوز الإجارة لتعليم الفقه و الحديث و العلوم الأدبيّة و تعليم القرآن، ما عدا المقدار الواجب و نحو ذلك.

مسألة 14: يجوز الإجارة لكنس المسجد و المشهد و فرشها و إشعال السراج و نحو ذلك.

مسألة 15: يجوز الإجارة لحفظ المتاع أو الدار أو البستان مدّة معيّنة عن السرقة و الإتلاف و اشتراط الضمان (5) لو حصلت السرقة أو الإتلاف و لو من غير تقصير؛ فلا بأس بما هو المتداول من اشتراط الضمان على الناطور إذا ضاع مال، لكن لابدّ من تعيين العمل و المدّة و الاجرة على شرائط الإجارة. (1). الخوئي: بل له وجه وجيه بالنسبة إلى الأعيان الموجودة من المنافع؛ نعم، لا بأس بالإجارة بالإضافة إلى ما يتكوّن منها فيما بعد (2). الخوئي: وجوب الشي ء كفائيّاً بل عينيّاً لاينافي جواز أخذ الاجرة عليه ما لم يثبت من الخارج لزوم الإتيان به مجّاناً، كما ثبت في كثير من المذكورات في المتن بل في جميعها على الأحوط (3). الامام الخميني: على الأحوط

مكارم الشيرازي: و العمدة في دليل المسألة هو منافاة الوجوب

و تضادّه لأخذ الاجرة عند العقلاء، لأنّهم ينكرون على من أخذ الاجرة لأداء ما هو وظيفته و يرونه من قبيل أكل المال بالباطل، و لا فرق في ذلك بين الواجب العينيّ و الكفائيّ؛ و أمّا سائر الأدلّة الّتي ذكرها القوم، فهي راجعة إليه أو ساقطة (4). الامام الخميني: مرّ الجواز في الإعلاميّ منه (5). الخوئي: على تفصيل مرّ في اشتراطه في العين المستأجرة [في فصل العين المستأجرة أمانة]

الگلپايگاني: باشتراط التدارك من ماله عند التلف، كما مرّ

مكارم الشيرازي: لا فرق بين كون الاشتراط بصورة شرط الفعل بأداء الخسارة لو تلفت، أو بصورة شرط النتيجة بأن يشترط كون الأجير ضامناً عند التلف، لأنّ الحقّ صحّة شرط النتيجة إذا كانت من الامور الّتي لايحتاج إنشائها إلى صيغة خاصّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 526

مسألة 16: لايجوز استيجار اثنين (1) للصلاة عن ميّت واحد (2) في وقت واحد (3)، لمنافاته للترتيب (4) المعتبر في القضاء، بخلاف الصوم، فإنّه لايعتبر فيه الترتيب؛ و كذا لايجوز استيجار شخص واحد لنيابة الحجّ الواجب عن اثنين (5)، و يجوز ذلك في الحجّ المندوب و كذا في الزيارات (6)، كما يجوز النيابة عن المتعدّد تبرّعاً في الحجّ (7) و الزيارات، و يجوز الإتيان بها لا بعنوان النيابة، بل بقصد إهداء الثواب لواحدٍ أو متعدّد.

مسألة 17: لايجوز الإجارة للنيابة عن الحيّ في الصلاة و لو في الصلوات المستحبّة (8)؛ نعم، يجوز ذلك في الزيارات و الحجّ المندوب؛ و إتيان صلاة الزيارة ليس بعنوان النيابة (9)، بل من باب سببيّة الزيارة لاستحباب الصلاة بعدها ركعتين. و يحتمل (10) جواز قصد النيابة فيها لأنّها تابعة للزيارة، و الأحوط إتيانها بقصد ما في الواقع. (1). الامام الخميني: في مورد كان

الترتيب واجباً على الميّت؛ و قد مرّ أنّ الأقوى وجوبه عليه مع العلم بكيفيّةالفوت (2). الخوئي: الظاهر جوازه، لما مرّ من عدم وجوب الترتيب في القضاء على تفصيل تقدّم [في فصل في صلاة القضاء، المسألة 16] (3). مكارم الشيرازي: الأقوى جوازه، إلّافيما كان مترتّباً كالظهرين؛ هذا إذا قلنا بجواز الاستيجار في الصلاة و شبهها و قد عرفت في محلّه الإشكال في أصل المسألة. و الوجه فيما ذكرنا هنا أنّ المسألة مبنيّة على مسألة الترتيب في قضاء الفوائت و حيث إنّ المختار عدم اعتباره إلّافي المترتّبين، لم يمنع عن الاستيجار مانع من هذه الجهة (4). الگلپايگاني: بناءً على لزومه؛ و قد مرّ عدم اللزوم إلّافي الظهرين و العشائين خصوصاً مع الجهل بالترتيب (5). الامام الخميني: في عام واحد مباشرةً (6). مكارم الشيرازي: بل الأحوط أن يكون بقصد إهداء الثواب لا النيابة و أن يكون أخذ الاجرة بداعي مقدّماتها المتوقّفة على المصارف، و إلّافأصل العبادة لابدّ أن يؤتى بها بقصد القربة، كما ذكر في محلّه (7). الامام الخميني: المندوب (8). الامام الخميني: على الأحوط، و الجواز فيها لايخلو من وجه

مكارم الشيرازي: أمّا الإجارة فقد عرفت الإشكال فيها آنفاً؛ و أمّا النيابة، فيظهر من بعض الروايات جوازه و من بعضها الآخر عدم جوازه، و الأحوط تركه إلّابعنوان إهداء الثواب (9). مكارم الشيرازي: ظاهر ما استدلّ به للجواز كون الجميع نيابة عن الغير، لا أنّ الصلاة من نفسه و الباقي عن غيره، فإنّ هذا التفكيك مخالف لظاهرها جدّاً (10). الامام الخميني، الگلپايگاني: و هو الأقرب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 527

مسألة 18: إذا عمل للغير لا بأمره و لا إذنه، لايستحقّ عليه العوض و إن كان بتخيّل أنّه مأجور عليه

فبان خلافه.

مسألة 19: إذا أمر بإتيان عمل فعمل المأمور ذلك، فإن كان بقصد التبرّع لايستحقّ عليه اجرة و إن كان من قصد الآمر إعطاء الاجرة، و إن قصد الاجرة و كان ذلك العمل ممّا له اجرة استحقّ (1) و إن كان من قصد الآمر إتيانه تبرّعاً (2)؛ سواء كان العامل ممّن شأنه أخذ الاجرة و معدّاً نفسه لذلك أو لا، بل و كذلك إن لم يقصد التبرّع و لا أخذ الاجرة، فإنّ عمل المسلم محترم. و لو تنازعا بعد ذلك في أنّه قصد التبرّع أو لا، قدّم قول العامل، لأصالة عدم قصد التبرّع بعد كون عمل المسلم محترماً، بل اقتضاء (3) احترام عمل المسلم (4) ذلك (5) و إن أغمضنا [عن جريان أصالة عدم التبرّع (6)، و لا فرق في ذلك بين أن يكون العامل ممّن شأنه و شغله أخذ الاجرة و غيره، إلّاأن يكون هناك انصراف أو قرينة على كونه بقصد التبرّع أو على اشتراطه.

مسألة 20: كلّ ما يمكن الانتفاع به منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء مع بقاء عينه، يجوز (1). مكارم الشيرازي: هذا إذا لم يكن ظاهر حاله التبرّع، من جهة ترفّعه أو كون الزمان أو المكان معدّاً للتبرّع أو غير ذلك من القرائن؛ و الوجه فيه أنّ قصده الباطنيّ على أخذ الاجرة غير كافٍ إذا كان ظاهر حاله أو ظاهر القرائن التبرّع بعمله؛ نعم، إذا قصد التبرّع باطناً لايصحّ له أخذ الاجرة و إن كان وجهة العمل و ظاهر حاله أخذها، فإنّه إذا عمل بنيّة التبرّع فقد أخرج عمله عن الضمان، فكيف يمكن تضمينه بعد ذلك؟ هذا بحسب مقام الثبوت؛ و أمّا في مقام الإثبات، فيؤخذ بظاهر الحال على كلّ حال (2). الامام الخميني: مع

جهل المأمور بقصده؛ و أمّا مع اطّلاعه عليه و لو بقيام قرينة فالظاهر عدم الاستحقاق

الخوئي: هذا إذا لم تكن قرينة موجبة لظهور الأمر في المجانيّة

الگلپايگاني: إلّاأن يكون هناك انصراف أو قرينة على استدعاء التبرّع (3). الامام الخميني: فيه منع (4). الگلپايگاني: مشكل، إلّاعلى جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة أو على تماميّة قاعدة المقتضي و المانع، و كلاهما ممنوعان (5). مكارم الشيرازي: و أورد عليه غير واحد من المحشّين- رضوان اللّه عليهم- بأنّه من قبيل التمسّك بعموم العامّ في الشبهات المصداقيّة، ولكن يمكن الذبّ عنه بأنّ من شؤون احترام عمل المسلم كون أمره بيد العامل و قبول قوله في التبرّع و عدمه، فتأمّل (6). الخوئي: لا وجه للضمان مع هذا الإغماض، لأصالة البرائة عنه، و الشبهة مصداقيّة لايتمسّك فيها بالعموم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 528

إجارته؛ و كذا كلّ عمل محلّل مقصود للعقلاء، عدا ما استثني، يجوز الإجارة عليه و لو كان تعلّق القصد و الغرض به نادراً (1)، لكن في صورة تحقّق ذلك النادر (2)؛ بل الأمر في باب المعاوضات الواقعة على الأعيان أيضاً كذلك، فمثل حبّة الحنطة لايجوز بيعها، لكن إذا حصل مورد يكون متعلّقاً لغرض العقلاء (3) و يبذلون المال (4) في قبالها يجوز بيعها.

مسألة 21: في الاستيجار للحجّ المستحبيّ أو الزيارة لايشترط أن يكون الإتيان بها بقصد النيابة، بل يجوز أن يستأجره (5) لإتيانها بقصد إهداء الثواب إلى المستأجر (6) أو إلى ميّته، و يجوز أن يكون (7) لا بعنوان النيابة (8) و لا إهداء الثواب، بل يكون المقصود إيجادها في الخارج من حيث إنّها من الأعمال الراجحة فيأتي بها لنفسه أو لمن يريد نيابة أو إهداء.

مسألة 22: في كون ما يتوقّف

عليه استيفاء المنفعة كالمداد للكتابة و الإبرة و الخيط للخياطة مثلًا على المؤجر أو المستأجر قولان (9)؛ و الأقوى وجوب التعيين، إلّاإذا كان هناك (1). مكارم الشيرازي: المنافع النادرة إذا قامت بها أغراض شخصيّة غير كافية في أبواب المعاملات و الإجارات؛ نعم، إذا كان في ندرتها عامّاً لكلّ من ابتلى به، كفى (2). الامام الخميني: بحيث يصير في هذا الحال مرغوباً فيه لدى العقلاء، كما هو المفروض (3). الخوئي: الظاهر أنّه يكفي في صحّة البيع تعلّق الغرض الشخصي به (4). الگلپايگاني: بشرط أن يحسب عندهم من الأموال و لو بلحاظ الحاجة إليه في ذلك الحال، و كذلك الحكم في الأعمال (5). الگلپايگاني: مشكل، لأنّ الثواب على العمل المأتيّ به لنفسه، و صحّة الإجارة في المستحبّ المأتيّ به لنفسه محلّ تأمّل؛ نعم، لا بأس بإعطاء شي ء ليصير داعياً لإهداء الثواب بعد العمل (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الاستيجار للعبادة مشكل بأىّ وجه كان، بعنوان النيابة أو إهداء الثواب أو غير ذلك، إلّافي الحجّ و شبهه؛ فيعطى الاجرة لمكان المصارف اللازمة، و إلّافنفس العمل لابدّ أن يؤتى به بداعي القربة، كما يظهر من روايات عديدة واردة في أبواب الحجّ النيابي؛ و تصحيحه من باب الداعي على الداعي مشكل جدّاً (7). الامام الخميني: إذا كان له غرض عقلائي في تحقّق ذلك العمل الراجح (8). الگلپايگاني: هذا أيضاً مشكل، إلّاأن يقصد بذلك إعطاء المال لإيجاد الداعي له لأصل العمل مخيّراً في قصد النيابة و الأصالة، فإنّه لا إشكال فيه، لكنّه ليس من الإجارة في شي ء (9). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه في غالب الموارد عرف و عادة معروفة ينصرف العقد إليها، و لاكلام فيها؛ و أمّا في غيرها إذا كانت

من الامور العامّة لابدّ من تعيينها، و إلّافسد العقد إذا كان غرريّاً، لاسيّما مع عدم وجود واقع معيّن يرجع إليه؛ و إذا كان شيئاً قليلًا فلايبعد وجوبه على الأجير؛ و الدليل عليه أنّ الالتزام بشي ء التزام بلوازمه عند الإطلاق. و ما ذكره من التعليل للعدم و أنّ اللازم على المؤجر ليس إلّاالفعل، فهو دليل عليه، لا له، فإنّ الفعل إذا وجب مطلقاً لزم مقدّماته، إلّاأن يكون هناك دليل على التقييد من هذه الناحية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 529

عادة ينصرف إليها الإطلاق و إن كان القول بكونه مع عدم التعيين و عدم العادة على المستأجر لايخلو عن وجه (1) أيضاً (2)، لأنّ اللازم على المؤجر ليس إلّاالعمل.

مسألة 23: يجوز الجمع بين الإجارة و البيع مثلًا بعقد واحد، كأن يقول: بعتك داري و آجرتك حماري بكذا، و حينئذٍ يوزّع العوض عليهما بالنسبة و يلحق كلًاّ منهما حكمه؛ فلو قال: آجرتك هذه الدار و بعتك هذا الدينار بعشرة دنانير، فلابدّ من قبض العوضين بالنسبة إلى البيع في المجلس، و إذا كان في مقابل الدينار بعد ملاحظة النسبة أزيد من دينار أو أقلّ منه بطل (3) بالنسبة إليه، للزوم الربا. و لو قال: آجرتك هذه الدار و صالحتك هذه الدينار بعشرة دنانير مثلًا، فإن قلنا بجريان (4) حكم الصرف من وجوب القبض في المجلس و حكم الربا في الصلح (5) فالحال كالبيع (6)، و إلّافيصحّ بالنسبة إلى المصالحة أيضاً.

مسألة 24: يجوز استيجار من يقوم بكلّ ما يأمره (7) من حوائجه (8) فيكون له جميع منافعه، و الأقوى أنّ نفقته على نفسه لا على المستأجر، إلّامع الشرط أو الانصراف من (1). الامام الخميني: ضعيف، و الأقوى كونه على المؤجر (2). الخوئي:

و الأظهر التفصيل بين ما يبقى للمستأجر بعد العمل كالخيط و ما لايبقى له كالإبرة و إنّما هو من معدّات العمل، فما كان من قبيل الأوّل فعلى المستأجر، و ما كان من قبيل الثاني فعلى المؤجر (3). مكارم الشيرازي: يشكل البطلان إذا لم ينويا ملاحظة النسبة و لم يكن إطلاق ينصرف إليه، بل كان النظر إلى وقوع المجموع في مقابل المجموع بنحو مشروع بأىّ نحوٍ كان (4). الخوئي: الظاهر أنّه لايجري فيه حكم الصرف و يجري فيه الربا (5). الگلپايگاني: يجري فيه حكم الربا دون حكم الصرف (6). مكارم الشيرازي: الحكم بالنسبة إلى جريان أحكام الصرف أحوط؛ و أمّا بالنسبة إلى الرباء قويّ (7). الگلپايگاني: إذا كان له متعارف و معه لايكون له جميع المنافع؛ نعم، تصحّ الإجارة بنحو يكون له جميع المنافع، لكنّه غير مفروض المسألة (8). الامام الخميني: إذا كان بهذا العنوان لابدّ من رفع الغرر بوجه، و مع ذلك لايكون جميع المنافع له، إلّاأن يراد بذلك استيجاره بجميع منافعه، فحينئذٍ يكون جميع المنافع له و يدفع به الغرر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 530

جهة العادة، و على الأوّل لابدّ من تعيينها كمّاً و كيفاً، إلّاأن يكون متعارفاً، و على الثاني على ما هو المعتاد المتعارف، و لو أنفق من نفسه أو أنفقه متبرّع يستحقّ مطالبة عوضها (1) على الأوّل (2)، بل و كذا على الثاني، لأنّ الانصراف بمنزلة الشرط.

مسألة 25: يجوز أن يستعمل الأجير مع عدم تعيين الاجرة (3) و عدم إجراء صيغة الإجارة، فيرجع إلى اجرة المثل، لكنّه مكروه، و لايكون حينئذٍ من الإجارة المعاطاتيّة كما قد يتخيّل، لأنّه يعتبر في المعاملة المعاطاتيّة اشتمالها على جميع شرائط تلك المعاملة عدا الصيغة، و المفروض عدم تعيين الاجرة

في المقام، بل عدم قصد الإنشاء منهما و لا فعل من المستأجر، بل يكون من باب العمل بالضمان، نظير الإباحة بالضمان، كما إذا أذن في أكل طعامه بضمان العوض و نظير التمليك بالضمان، كما في القرض على الأقوى من عدم كونه معاوضة، فهذه الامور عناوين مستقلّة غير المعاوضة. و الدليل عليها السيرة، بل الأخبار أيضاً، و أمّا الكراهة فللأخبار أيضاً.

مسألة 26: لو استأجر أرضاً مدّة معيّنة فغرس فيها أو زرع ما لايدرك في تلك المدّة، فبعد انقضائها للمالك أن يأمره بقلعها، بل و كذا لو استأجر لخصوص الغرس أو لخصوص الزرع، و ليس له الإبقاء و لو مع الاجرة و لا مطالبة الأرش مع القلع، لأنّ التقصير من قبله؛ نعم، لو استأجرها مدّة يبلغ الزرع، فاتّفق التأخير لتغيّر الهواء أو غيره، أمكن أن يقال (4) (1). الگلپايگاني: إن كان الشرط هو الإنفاق و بذل المنفق و استنكف المنفق عليه حتّى يمضي زمانه، فيسقط بلااستحقاق العوض

مكارم الشيرازي: إنّما يستحقّ المطالبة إذا كان اشتراط النفقة من قبيل اشتراط بذل المقدار اللازم؛ و أمّا إذا كان من قبيل اشتراط الإشباع، فلو انتفي موضوعه بإنفاق نفسه أو بذل المتبرّع قبل مضيّ وقته، فلا شي ء عليه (2). الخوئي: الظاهر أنّه لايستحقّها، إذ المفروض أنّ النفقة اخذت على وجه الشرطيّة دون الجزئيّة (3). مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: إنّ سبب ضمان اجرة المثل هنا أنّه مصداق استيفاء منفعة الغير، و الاستيفاء من أسباب الضمان، لأنّ عمل المسلم أو من هو بمنزلته محترم (4). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه، فلايجب عليه الصبر على الأقوى

الخوئي: و لكنّه بعيد

الگلپايگاني: و الأقوى عدم الوجوب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 531

بوجوب الصبر على المالك

مع الاجرة، للزوم الضرر، إلّاأن يكون موجباً لتضرّر المالك (1).

[فصل في التنازع

فصل في التنازع

مسألة 1: إذا تنازعا في أصل الإجارة، قدّم قول منكرها (2) مع اليمين (3)، فإن كان هو المالك استحقّ اجرة المثل دون ما يقوله المدّعي، و لو زاد عنها لم يستحقّ تلك الزيادة (4) و إن وجب على المدّعي المتصرّف إيصالها إليه، و إن كان المنكر هو المتصرّف فكذلك لم يستحقّ المالك إلّا اجرة المثل، و لكن لو زادت عمّا يدّعيه من المسمّى لم يستحقّ الزيادة (5)، لاعترافه بعدم استحقاقها، و يجب على المتصرّف (6) إيصالها إليه (7)؛ هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، و إن كان قبله رجع كلّ مال إلى صاحبه.

مسألة 2: لو اتّفقا على أنّه أذن للمتصرّف في استيفاء المنفعة و لكنّ المالك يدّعي أنّه على وجه الإجارة بكذا أو الإذن بالضمان و المتصرّف يدّعي أنّه على وجه العارية، ففي تقديم أيّهما وجهان (8)، بل قولان؛ من أصالة البرائة بعد فرض كون التصرّف جائزاً (9)، و من (1). مكارم الشيرازي: و حينئذٍ يأتي أحكام تعارض الضررين، و قد ذكرنا في محلّه أنّ بناء العقلاء فيه على الأخذ بما هو أقلّ ضرراً مع تضمين القيمة إيّاهما إذا لم يكن أحدهما سبباً؛ فلو كان ضرر المستأجر أعظم كان له الإبقاء مع الاجرة، و لو كان ضرر المالك أعظم كان له محو الآثار بلاعوض (2). الامام الخميني: إطلاقه لايخلو من إشكال، و كذا في إطلاق توجّه اليمين إلى المنكر (3). الخوئي: هذا فيما إذا ادّعى المالك الإجارة بأكثر من أجرة المثل أو ادّعى المتصرّف الإجارة بأقلّ منها؛ و أمّا إذا انعكس الأمر فهو من تعارض الإقرارين و لا مقتضى فيه لتوجّه اليمين على المالك أو

المتصرّف (4). الگلپايگاني: و لم تسمع دعواها لعدم الفائدة فيها

مكارم الشيرازي: بل لا معنى هنا لإقامة الدعوى، لأنّ استحقاقه لمقدار اجرة المثل هو القدر المتيقّن، و المفروض أنّه لايدّعي الزائد؛ و هكذا الكلام في عكس المسألة فيمايأتي (5). الگلپايگاني: و لم تسمع دعواها، كما مرّ (6). الخوئي: إذا علم بصحّة دعواه لا لمجرّد إقراره (7). مكارم الشيرازي: لكن وجوبه التكليفيّ الإلهيّ ليس متفرّعاً على قول المدّعي في مقام الدعوى، فإنّه قديكون كذباً، بل على أن يرى نفسه في الواقع مديوناً له (8). الامام الخميني: الأقوى هو التحالف في مصبّ الدعويين، و بعده يثبت اجرة المثل تقديماً للأصل الحاكم على أصل البرائة (9). الگلپايگاني: فليس للعارية أثر حتّى ينتفي بالأصل لينجرّ إلى التحالف، فيقدّم قول المتصرّف و يحكم ببرائة ذمّته

العروة الوثقى، ج 2، ص: 532

أصالة احترام مال المسلم (1) الّذي لايحلّ إلّابالإباحة، و الأصل عدمها، فتثبت اجرة المثل بعد التحالف، و لايبعد ترجيح الثاني (2)، و جواز التصرّف أعمّ من الإباحة.

مسألة 3: إذا تنازعا في قدر المستأجر، قدّم قول مدّعي الأقلّ (3).

مسألة 4: إذا تنازعا في ردّ العين المستأجرة، قدّم قول المالك (4).

مسألة 5: إذا ادّعى الصائغ أو الملّاح أو المكاري تلف المتاع من غير تعدٍّ و لا تفريط، و أنكر المالك التلف أو ادّعى التفريط أو التعدّي، قدّم قولهم (5) مع (1). الگلپايگاني: و عليها فالعارية رافعة للضمان و الأصل عدمها و الإجارة توجب الاجرة المسمّاة و الأصل عدمها، فيحكم باجرة المثل بعد التحالف إن لم تكن زائدة عما يدّعيه المالك (2). الخوئي: و الأظهر هو ترجيح الأوّل، و ذلك لعدم الموجب للضمان إلّاأحد أمرين: الأوّل: الاستيلاء على مال الغير بدون إذنه. الثاني: الالتزام بالضمان العقدي؛ و الأوّل في المقام

مفروض الانتفاء و الثاني لم يثبت

الگلپايگاني: و هو الأقوى، لكن لا لما ذكر، بل لأنّ إتلاف المنافع لم يكن مأذوناً فيه والأصل بقاؤها كما كان و المنافع مسبوقة بملكيّة المالك والأصل بقاؤها كما كانت، فقاعدة الإتلاف تقتضي الضمان و احتمال التخصّص أو التخصيص ينتفي بالأصل الموضوعي

مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، فإنّه لاينبغي الشكّ في أنّ التصرّف في مال الغير يوجب الضمان إلّاأن يقوم دليل على الإباحة؛ و هذا هو الموافق لقاعدة اليد و بناء العقلاء و احترام مال المسلم و من هو بمنزلته؛ هذا، و ليعلم أنّ مقتضى التحالف نفي الإجارة و العارية كليهما، فيرجع إلى اجرة المثل؛ اللّهم إلّاأن يكون اجرة المثل أكثر من مال الإجارة، فإنّه لا وجه هنا للحلف على عدم الإجارة بعد عدم تأثير دعواها في شي ء (3). مكارم الشيرازي: إذا كان من جنس واحد، بل و مصداق واحد؛ كما إذا ادّعى المالك أنّه أجاره ناقتين معلومتين، و ادّعى هو أكثر؛ و الوجه فيه ظاهر (4). مكارم الشيرازي: والعمدة فيه أنّه داخل في قوله صلى الله عليه و آله: البيّنة على المدّعي و اليمين على من أنكر؛ و القول بأنّه أمين يقبل قوله، مدفوع بعدم قيام دليل على قبول قول الأمين حتّى في مثل الردّ؛ و إن شئت قلت: الردّ هو انتهاء الأمانة و انتفاء موضوعها، و المسلّم من قبول قوله قبوله مادامت الأمانة باقية (5). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم ضمانهم عند عدم التعدّي و التفريط، و لكن هذا بحسب مقام الثبوت؛ و أمّا بحسب مقام الإثبات فلايبعد عدم قبول قولهم، فيحكم بضمانهم إلّافي صورتين: إحداهما كونهم ثقات مؤتمنين، و الثانية إذا أقاموا البيّنة على عدم التعدّي و التفريط أو كان

هناك أمر بيّن، كما إذا دلّت الأمارات على وقوع حرق أو غرق في دكّانه فذهب بجميع متاعه، و منه مال المدّعي. و قد وقع الخلط بين المقامين في كلمات القوم و أشكل عليهم طريق الجمع بين الروايات الكثيرة المتضافرة؛ و الظاهر أنّ الطريق الوحيد في الجمع هو ما ذكرنا، و هي طوائف أربعة: ما دلّ على الضمان مطلقاً، و ما دلّ على عدمه مطلقاً، و ما دلّ على استثناء الأمين، و ما دلّ على استثناء إقامة البيّنة أو قيام أمر بيّن. ورد هذه الروايات في الباب 29 و 30 من أبواب أحكام الإجارة؛ و طريق الجمع ما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 533

اليمين (1) على الأقوى (2).

مسألة 6: يكره (3) تضمين (4) الأجير في مورد ضمانه (5)، من قيام البيّنة على إتلافه أو تفريطه في الحفظ أو تعدّيه أو نكوله عن اليمين أو نحو ذلك.

مسألة 7: إذا تنازعا في مقدار الاجرة، قدّم قول المستأجر (6).

مسألة 8: إذا تنازعا في أنّه آجره بغلًا أو حماراً، أو آجره هذا الحمار مثلًا أو ذاك، فالمرجع التحالف (7)، و كذا لو اختلفا في الاجرة أنّها عشرة دراهم (8) أو دينار. (1). الخوئي: هذا فيما إذا لم يكونوا متّهمين، و إلّافالقول قول المالك و هم مطالبون بالإثبات شرعاً (2). الگلپايگاني: و إن كان الأحوط التصالح (3). الامام الخميني: ثبوت الكراهة بهذا الإطلاق محلّ تأمّل؛ نعم، يستحبّ التفضّل عليه (4). الخوئي: لم يظهر مستند الحكم بالكراهة (5). مكارم الشيرازي: فإنّ ترك تضمينه إحسان إليه، فيدخل في عموم أدلّة الإحسان، لاسيّما إذا كان محلًاّ له، مضافاً إلى الإشارة إليه في بعض الروايات؛ ولو أبدل الكراهة باستحباب ترك تضمينه، كان أولى (6). مكارم الشيرازي: و الوجه

فيه ظاهر، لأنّه مدّعي الأقلّ؛ ولو فرض أنّ المستأجر ادّعى الأكثر لغرض من الأغراض، كان القول قول المؤجر (7). الگلپايگاني: والأقوى تقديم قول المؤجر مع الحلف في الأوّل و تقديم قول المستأجر مع الحلف في الثاني

مكارم الشيرازي: و قد توهّم بعض الأكابر أنّ المسألة من باب المدّعي و المنكر، لأنّهما توافقا على استحقاق الاجرة المعلومة؛ إنّما الخلاف في أنّ المستأجر يدّعي وقوع الإجارة على العين الفلاني و المالك ينكره، فالقول قوله؛ و في اختلاف الثمن، الأمر بالعكس. و فيه:

أوّلًا: إنّه اذا انتفي قول المستأجر بيمين الموجر، فلايبقى استحقاق الاجرة متيقّناً؛

وثانياً: إنّ النزاع في أنّ مال الإجارة ملك له بإزاء منفعة هذا الحيوان أو ذاك؛ و هذا من باب التداعي و التحالف؛ و بالجملة عدم انطباق ضابطة المدّعي و المنكر على المستأجر و الموجر هنا، يعلم بمراجعة العرف الّذي هو المعيار في المسألة (8). الامام الخميني: لايبعد تقديم قول المستأجر في خصوص المثال في بعض الأحيان؛ نعم، لو اختلفا في الاجرة أنّها من الحنطة أو الشعير فالمرجع التحالف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 534

مسألة 9: إذا اختلفا في أنّه شرط أحدهما على الآخر شرطاً أو لا، فالقول قول منكره (1).

مسألة 10: إذا اختلفا في المدّة أنّها شهر أو شهران مثلًا، فالقول قول منكر الأزيد (2).

مسألة 11: إذا اختلفا في الصحّة و الفساد، قدّم قول من يدّعي الصحّة (3).

مسألة 12: إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد، فقال المستأجر: استأجرتك على أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك البلد، و تنازعا (4)، قدّم قول المستأجر (5)، فلايستحقّ المؤجر اجرة (1). مكارم الشيرازي: و المسألة واضحة، و القول بأنّ أحدهما يدّعي الإنشاء بخصوصيّة الإطلاق و الآخر مع القيد فكلاهما

مدّعيان، جزاف من القول، لما عرفت من أنّ المعيار في المدّعي و المنكر هو نظر العرف و ليس مبنيّاً على هذه التدقيقات (2). مكارم الشيرازي: هذا إذا ادّعى المالك مثلًا أنّه آجره الدار شهراً بدينار و المستأجر شهرين بدينارين؛ أمّا لو قال المالك: آجرتك شهراً بدينارين، و قال المستأجر: بل شهرين بكذا درهم أو بدينار فهو من قبيل التحالف، لأنّه في الواقع لايتوافقان على شي ء، بل أحدهما يدّعي شهراً بدينار و الثاني بنصف دينار مثلًا أو بكذا درهم؛ و كان على المصنّف و المحشّين التصريح بالتفصيل (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ ظاهر حال كلّ مسلم بل كلّ عاقل، الإتيان بالعمل الصحيح إذا كان بصدده؛ و هذا الظهور حجّة عند العقلاء و لم يمنع منه الشارع، فلايقبل قول مدّعي الفساد ما لم يقم دليلًا عليه (4). الامام الخميني: إن كان التنازع في أنّ الأجير يدّعي الاستيجار لهذا البلد و المستأجر يدّعي لبلد آخر، كماهو الظاهر، فالمرجع التحالف

الگلپايگاني: بأن قال الأجير: استأجرتني لأحمله إلى ما حملته إليه (5). الخوئي: هذا إنّما يتمّ على مسلكه قدس سره من انفساخ الإجارة بتفويت المؤجر محلّها؛ و أمّا على ما بنينا عليه من ثبوت الخيار للمستأجر، فإن لم يفسخ و طالب باجرة المثل و كانت زائدة على الاجرة المسمّاة أو مبائنة لها لزم التحالف؛ و بذلك يظهر الحال في المسألة الآتية

الگلپايگاني: قدّم قوله مع يمينه لنفي ما يدّعي عليه الأجير من الاجرة دون ما يدّعي عليه من استحقاق حمله إلى مكان آخر، فإنّه يقدّم فيه قول الأجير مع يمينه

مكارم الشيرازي: بل هو من باب التحالف، فلايستحقّ الموجر اجرةً و لا المستأجر عملًا على الموجر، لأنّ كلّ واحد يدّعي عقداً غير

الآخر؛ فأفرض هذا النزاع قبل الحمل (كما سيأتي) فقال أحدهما أنت أجير على هذا الفعل، و قال الآخر بل على فعل آخر؛ فهل يشكّ أحد من أهل العرف الّذي يكون فهمهم مدار تشخيص المدّعي و المنكر على أنّهما متداعيان؟ فحينئذٍ يتحالفان و تبطل الإجارة؛ و إذا كان بعد العمل أيضاً يتحالفان، فلايستحقّ الأجير شيئاً من الاجرة و لا المستأجر شيئاً من العمل الّذي يدّعيه، بل كلّ منهما لصاحبه؛ و الأحوط التصالح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 535

حمله، و إن طلب منه الردّ إلى المكان الأوّل وجب عليه (1) و ليس له ردّه إليه إذا لم يرض، و يضمن له إن تلف أو عاب، لعدم كونه أميناً حينئذٍ في ظاهر الشرع.

مسألة 13: إذا خاط ثوبه قباءً، و ادّعى المستأجر أنّه أمره بأن يخيطه قميصاً (2)، فالأقوى تقديم قول المستأجر، لأصالة عدم الإذن في خياطته قباءً؛ و على هذا فيضمن له عوض النقص الحاصل من ذلك و لايجوز له نقضه (3) إذا كان الخيط للمستأجر، و إن كان له كان له و يضمن النقص الحاصل من ذلك، و لايجب عليه قبول عوضه لو طلبه المستأجر، كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجر. هذا، و لو تنازعا في هذه المسألة و المسألة المتقدّمة قبل الحمل (4) و قبل الخياطة، فالمرجع التحالف (5).

مسألة 14: كلّ من يقدّم قوله في الموارد المذكورة، عليه اليمين للآخر (6). (1). الگلپايگاني: فيه تأمّل، فإنّ الواجب هو الردّ إلى المالك، و أمّا إلى المكان الأوّل فلا دليل عليه

مكارم الشيرازي: لايخلو من إشكال، نظراً إلى أنّ أصل عدم الإذن لايكون مثبتاً للوازمه، فتأمّل؛ و أمّا الضمان، فهو مقتضى اليد إلّاما خرج بالدليل (2). مكارم

الشيرازي: يظهر الكلام فيه ممّا مرّ في المسألة السابقة، و أنّه قد يكون من باب التداعي (3). مكارم الشيرازي: كثيراً ما يكون الخيط كالتالف، فحينئذٍ لايجوز له نقضه، بل لو لم يكن كالتالف أيضاً يشكل نقضه إذا أوجب النقض نقصاً في الثوب، فإنّه عليه حرام و ليس لماله حرمة مع إقدامه؛ نعم، يجوز له أخذ بدله. و من هنا يظهر الجواب عن قول بعضهم: إنّ سلطان كلّ واحد من المالكين قائم على ملكه (4). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الحكم في المسألة المتقدّمة التحالف حتّى بعد الحمل، والفرق بين المسألتين واضح؛ نعم، لو طلب المستأجر خياطة الثوب قميصاً بعد ما خاطه قباءً فالمسألتان من وادٍ واحد (5). الامام الخميني: التحالف بالنسبة إلى المسألة السابقة صحيح قبل الحمل و بعده؛ و أمّا في هذه المسألة قبل الخياطة و التفصيل، فالدعوى من الطرفين غير مسموعة، فإنّ مجرّد الأمر لايوجب شيئاً، إلّاأن يكون المراد في أصل المسألة اختلافهما في الاستيجار على خياطة القباء و القميص، فحينئذٍ يكون المرجع التحالف مطلقاً كما في المسألة السابقة (6). مكارم الشيرازي: لأنّ الدعوى لاتنتهي إلّاببيّنة أو يمين بمقتضى إطلاق أدلّتها

[خاتمة: فيها مسائل

اشارة

خاتمة: فيها مسائل:

[الاولى: خراج الأرض المستأجرة في الأراضي الخراجيّة على مالكها]

الاولى: خراج الأرض المستأجرة في الأراضي الخراجيّة على مالكها (1)، و لو شرط كونه على المستأجر صحّ (2) على الأقوى. و لايضرّ (3) كونه مجهولًا (4) من حيث القلّة و الكثرة، لاغتفار مثل هذه الجهالة عرفاً و لإطلاق بعض الأخبار.

[الثانية: لا بأس بأخذ الاجرة على قرائة تعزية سيّد الشهداء و سائر الأئمّة صلوات اللّه عليهم

الثانية: لا بأس بأخذ الاجرة على قرائة تعزية سيّد الشهداء (5) و سائر الأئمّة- صلوات اللّه عليهم- ولكن لو أخذها على مقدّماتها من المشي إلى المكان الّذي يقرأ فيه كان أولى.

[الثالثة: يجوز استيجار الصبيّ المميّز من وليّه الإجباري أو غيره كالحاكم الشرعيّ لقرائة القرآن و التعزية و الزيارات

الثالثة: يجوز استيجار الصبيّ المميّز من وليّه الإجباري أو غيره كالحاكم الشرعيّ لقرائة القرآن و التعزية و الزيارات، بل الظاهر جوازه (6) لنيابة الصلاة عن الأموات (7)، بناءً على (1). مكارم الشيرازي: و الدليل عليه ظاهر، فإنّها حقّ على ذمّة ربّ الأرض أو مالكها، في مقابل حقّ انتفاعه منها؛ مضافاً إلى ما ورد في بعض النصوص الخاصّة، و كون الحكم مفروغاً عنه بينهم (2). مكارم الشيرازي: هذا الحكم موافق للقاعدة، بناءً على المختار في معنى الغرر، و أنّه و إن كان شاملًا لغير البيع أيضاً، لما ذكرنا في محلّه، إلّاأنّ معناه مايكون سفهيّاً غير عقلائيّ، و من الواضح أنّ اشتراط الخراج ليس كذلك؛ مضافاً إلى النصّ عليه في غير واحد من روايات المضاربة. و ما ذكره في المتن من كون الأخبار مطلقة، غير صحيح، بل وقع التصريح في غير واحد من الأخبار المعتبرة أنّه ربّما زاد أو نقص (3). الامام الخميني: فيه تأمّل (4). الگلپايگاني: إذا كان التفاوت غير معتنى به عند العامّة، و إلّافلا فرق بين هذا الشرط و سائر الشرائط؛ و إطلاق الأخبار منصرف إلى المعلوم عند الطرفين كما هو الغالب (5). مكارم الشيرازي: نعم، لايجوز أخذ الاجرة في مقابل ذكر العقائد الحقّة و غيرها من الواجبات في الاصول و الفروع، بل و المستحبّات في خصوص ما يتوقّف عليه حفظ أحكام الشرع من الاندراس، و الموجود في الخارج غالباً مركّب منها؛ هذا، و المتعارف من فعل القارئين لايكون مصداقاً للإجارة، بل من قبيل

استيفاء المنفعة الموجب للضمان الّذي يوجب اجرة المثل؛ اللّهم إلّاأن يعيّن العمل و الاجرة بجهاتها المرغّبة من قبل (6). الامام الخميني: فيه إشكال

الگلپايگاني: مشكل و إن قلنا بشرعيّة عباداته (7). الخوئي: فيه إشكال، إذ لا ملازمة بين شرعيّة عبادات نفسه و جواز نيابته ليترتّب عليها فراغ ذمّة الغير

مكارم الشيرازي: قد عرفت في مبحث الاستيجار، الإشكال فيه و إن قلنا بشرعيّة عباداته كما هو الحقّ؛ هذا بناءً على جواز استيجار الكبير، و قد عرفت بعض الإشكال فيه و في مطلق الاستيجار في العبادات في أبواب الصلاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 537

الأقوى من شرعيّة عباداته.

[الرابعة: إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدّة اصول الزرع فنبتت

الرابعة: إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدّة اصول الزرع فنبتت، فإن لم يُعرض المستأجر عنها كانت له، و إن أعرض عنها (1) و قصد صاحب الأرض تملّكها (2) كانت له (3)، و لو بادر آخر إلى تملّكها ملك (4) و إن لم يجز له الدخول في الأرض إلّابإذن مالكها.

[الخامسة: إذا استأجر القصّاب لذبح الحيوان، فذبحه على غير الوجه الشرعيّ

الخامسة: إذا استأجر القصّاب لذبح الحيوان (5)، فذبحه على غير الوجه الشرعيّ بحيث صار حراماً، ضمن قيمته، بل الظاهر ذلك إذا أمره بالذبح تبرّعاً، و كذا في نظائر المسألة.

[السادسة: إذا آجر نفسه للصلاة عن زيد فاشتبه و أتى بها عن عمرو]

السادسة: إذا آجر نفسه للصلاة عن زيد فاشتبه و أتى بها عن عمرو، فإن كان من قصده النيابة عن من وقع العقد عليه (6) و تخيّل أنّه عمرو، فالظاهر الصحّة عن زيد و استحقاقه الاجرة، و إن كان ناوياً النيابة عن عمرو على وجه التقييد لم تفرغ ذمّة زيد و لم يستحقّ الاجرة، و تفرغ ذمّة عمرو إن كانت مشغولة، ولايستحقّ الاجرة من تركته، لأنّه بمنزلة التبرّع، و كذا الحال في كلّ عمل مفتقر إلى النيّة.

[السابعة: يجوز أن يؤجر داره مثلًا إلى سنة باجرة معيّنة و يوكّل المستأجر في تجديد الإجارة عند انقضاء المدّة]

السابعة: يجوز أن يؤجر داره مثلًا إلى سنة باجرة معيّنة و يوكّل المستأجر في تجديد الإجارة عند انقضاء المدّة، و له عزله بعد ذلك، و إن جدّد قبل أن يبلغه خبر العزل لزم عقده (7). و يجوز أن يشترط في ضمن العقد أن يكون وكيلًا عنه في التجديد بعد الانقضاء، و (1). الخوئي: الظاهر أنّ الإعراض لايوجب الخروج عن الملك، و عليه فلايملكها صاحب الأرض بقصدتملّكها؛ نعم، لا بأس بالتصرّف فيها من جهة الإباحة (2). الامام الخميني: بالحيازة (3). مكارم الشيرازي: بل يكون بالإعراض كالمباحات الأصليّة، فيعتبر في تملّكها ما يعتبر في تملّك المباحات من الحيازة، و لايكفي مجرّد القصد (4). الگلپايگاني: بالحيازة، لا بالقصد المجرّد (5). مكارم الشيرازي: لا فرق بين الأجير و المتبرّع في الضمان إذا عملا بغير المأذون؛ فجعل أحدهما قطعيّاً و الآخر ظاهريّاً لا وجه له (6). مكارم الشيرازي: إذا كان من وقع العقد عليه واحداً (7). مكارم الشيرازي: لما هو المشهور المحقّق في محلّه من عدم انعزال الوكيل قبل أن يبلغه خبر العزل، و قد دلّت عليه الروايات المعتبرة و لايعتنى بمخالفة شاذّ من العلماء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 538

في هذه الصورة ليس له عزله (1).

[الثامنة: لايجوز للمشتري ببيع الخيار بشرط ردّ الثمن للبايع أن يؤجر المبيع أزيد من مدّة الخيار للبايع

الثامنة: لايجوز للمشتري (2) ببيع الخيار بشرط ردّ الثمن للبايع أن يؤجر المبيع أزيد من مدّة الخيار (3) للبايع، و لا في مدّة الخيار من دون اشتراط الخيار (4)، حتّى إذا فسخ البايع يمكنه أن يفسخ الإجارة، و ذلك لأنّ اشتراط الخيار من البايع في قوّة إبقاء المبيع على حاله حتّى يمكنه الفسخ، فلايجوز تصرّف ينافي ذلك.

[التاسعة: إذا استؤجر لخياطة ثوب معيّن لا بقيد المباشرة فخاطه شخص آخر تبرّعاً عنه

التاسعة: إذا استؤجر لخياطة ثوب معيّن لا بقيد المباشرة فخاطه شخص آخر تبرّعاً عنه، استحقّ (5) الاجرة (6) المسمّاة، و إن خاطه تبرّعاً عن المالك لم يستحقّ المستأجر (7) شيئاً (8) و بطلت الإجارة (9)، و كذا إن لم يقصد التبرّع عن أحدهما و لايستحقّ على المالك اجرة، لأنّه لم يكن مأذوناً من قبله و إن كان قاصداً لها أو معتقداً أنّ المالك أمره بذلك.

[العاشرة: إذا آجره ليوصل مكتوبه إلى بلد كذا إلى زيد مثلًا في مدّة معيّنة]

العاشرة: إذا آجره ليوصل مكتوبه إلى بلد كذا إلى زيد مثلًا في مدّة معيّنة، فحصل مانع (1). الگلپايگاني: تكليفاً

مكارم الشيرازي: قد يقال بعدم جواز العزل تكليفاً فقط، و لكنّ الإنصاف أنّ الحكم هنا وضعي بمقتضى الشرط، فتأمّل (2). الخوئي: هذا بحسب التكليف، و لكنّه لو آجره لاتبعد الصحّة، ولكنّه إذا فسخ العقد في وقته أخذ من المشتري بدل التالف من المنفعة (3). الگلپايگاني: من دون اشتراط الخيار

مكارم الشيرازي: ظاهر العبارة كون عدم الجواز حكماً تكليفيّاً، ولكنّه ليس كذلك، بل هو حكم وضعي ناشٍ عن حقّ الغير، كما في سائر الموارد الّتي تعلّق بها حقّ الغير؛ فلو آجره بدون الاشتراط كان فضوليّاً، ولكن يمكن أن يقال أنّه صحيح مراعى بعدم الفسخ، لأنّ منافاة الإجارة لحقّ صاحب الخيار إنّما هو في فرض الفسخ، و ترك التصرّف فيه إنّما هو من باب الاحتياط؛ فتأمّل (4). الامام الخميني: قيد للجملتين (5). الگلپايگاني: يعني الأجير (6). مكارم الشيرازي: استحقاق الأجير مشكل، إلّاأن يكون أمر الغير بذلك، لأنّ الفعل ليس فعله مباشرةً و لا تسبيباً عند عدم أمره (7). الخوئي: المستأجر بالفتح، أي الأجير

الگلپايگاني: بفتح الجيم، يعني الأجير (8). مكارم الشيرازي: الصحيح هو الأجير، أو يقال: المستأجَر بالفتح و إن قلّ استعماله (9). الخوئي: في إطلاقه إشكال، و قد مرّ

التفصيل في نظائره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 539

في أثناء الطريق أو بعد الوصول إلى البلد، فإن كان المستأجرعليه الإيصال و كان طىّ الطريق مقدّمة لم يستحقّ شيئاً، و إن كان المستأجرعليه مجموع السير و الإيصال استحقّ بالنسبة، و كذا الحال في كلّ ما هو من هذا القبيل؛ فالإجارة مثل الجعالة، قد يكون على العمل المركّب من أجزاء و قد تكون على نتيجة ذلك العمل، فمع عدم حصول تمام العمل في الصورة الاولى يستحقّ الاجرة بمقدار ما أتى به، و في الثانية لايستحقّ شيئاً؛ و مثل الصورة ما إذا جعلت الاجرة (1) في مقابلة مجموع العمل من حيث المجموع (2)، كما إذا استأجره للصلاة أو الصوم فحصل مانع في الأثناء من إتمامها.

[الحادية عشر: إذا كان للأجير على العمل خيار الفسخ

الحادية عشر: إذا كان للأجير على العمل خيار الفسخ (3)، فإن فسخ قبل الشروع فيه فلا إشكال، و إن كان بعده استحقّ اجرة المثل، و إن كان في أثنائه استحقّ بمقدار ما أتى به من المسمّى أو المثل على الوجهين (4) المتقدّمين (5)، إلّاإذا كان المستأجرعليه المجموع من حيث (1). الگلپايگاني: هذا إذا كان العمل كلّياً في ذمّة الأجير؛ و أمّا إذا كان بحيث تكون منفعته الخاصّة ملكاًللمستأجر فلايبعد استحقاق الاجرة المسمّاة أو اجرة المثل لما أتى به، لأنّ تخلّف وصف الاجتماع في الفرض نظير تخلّف الوصف في المبيع الشخصي يوجب الخيار لا بينونة المأتيّ به لما استؤجر عليه مع أنّ الإجارة الواقعة على مثل الصوم و الصلاة غالباً تكون من قبيل الأوّل إلّاإذا استؤجر على إبراء الذمّة و هو أيضاً نادر (2). مكارم الشيرازي: ولكن لايبعد أن يكون المعيار في الوحدة و التعدّد بنظر العرف و العقلاء، لا بنظر الشخص، كما ذكرنا في غير

المقام أيضاً (3). مكارم الشيرازي: في جواز الفسخ بعد العمل إشكال ظاهر، إذا كان من قبيل خيار الشرط و هو مستحقّ لُاجرة المسمّى؛ توضيح ذلك: أنّه إن كان الخيار مثل خيار الغبن و العيب الّذي يكون موجبه من قبل، يجوز الفسخ من الأوّل، و إن كان موجبه في الأثناء يجوز الفسخ من حينه، و يترتّب عليه ما ذكره من استحقاق اجرة المسمّى بمقدار ما أتى به أو المثل على الوجهين المتقدّمين؛ ولكن هل يجوز جعل خيار الشرط بالنسبة إلى المجموع بحيث يجوز له الفسخ بالنسبة إلى الكلّ حتّى بعد استيفاء تمام المنفعة أو بعضها فيما كانت مركّبة من أجزاء مستقلّة أولا؟ الظاهر عدم الجواز؛ و أدلّة الشروط منصرفة عنه و بناء العقلاء على خلافه (4). الامام الخميني: مرّ التفصيل فيه و أنّ الأقوى رجوع تمام المسمّى و للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى مامضى إن كان حقّ الفسخ بسبب متحقّق حال العقد، و أمّا مع العروض في الأثناء فالأقوى التوزيع (5). الگلپايگاني: جواز فسخ الإجارة بالنسبة إلى المجموع أو خصوص البعض الباقي موقوف على كيفيّة جعل الخيار، لما مرّ من عدم المانع في فسخ البعض مع تحقّق سبب الخيار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 540

المجموع فلايستحقّ شيئاً (1)؛ و إن كان العمل ممّا يجب إتمامه بعد الشروع فيه، كما في الصلاة بناءً على حرمة قطعها، و الحجّ بناءً على وجوب إتمامه، فهل هو كما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟

وجهان؛ أوجههما الأوّل (2). هذا إذا كان الخيار فوريّاً، كما في خيار الغبن (3) إن ظهر كونه مغبوناً في أثناء العمل و قلنا: إنّ الإتمام منافٍ للفوريّة، و إلّافله أن لايفسخ إلّابعد الإتمام، و كذا الحال إذا كان الخيار

للمستأجر، إلّاأنّه إذا كان المستأجرعليه المجموع من حيث المجموع و كان في أثناء العمل، يمكن أن يقال (4): إنّ الأجير يستحقّ بمقدار ما عمل من اجرة المثل، لاحترام عمل المسلم، خصوصاً إذا لم يكن الخيار من باب الشرط.

[الثانية عشر: يجوز اشتراط كون نفقة المستأجر على الأجير أو المؤجر]

الثانية عشر: كما يجوز اشتراط كون نفقة الدابّة المستأجرة و العبد و الأجير المستأجرين للخدمة أو غيرها على المستأجر إذا كانت معيّنة بحسب العادة أو عيّناها على وجه يرتفع الغرر، كذلك يجوز اشتراط كون نفقة المستأجر على الأجير أو المؤجر بشرط التعيين أو التعيّن الرافعين للغرر، فما هو المتعارف من إجارة الدابّة للحجّ و اشتراط كون تمام النفقة و مصارف الطريق و نحوهما على المؤجر لا مانع منه (5) إذا عيّنوها على وجه رافع للغرر. (1). الگلپايگاني: قد مرّ حكم تخلّف وصف المجموع في الحاشية السابقة (2). الامام الخميني: الأقوى جريان التفصيل المتقدّم فيه أيضاً، إلّاأن يكون الاستيجار على مجموع العمل أوالنتيجة، فمع إعمال الخيار لايستحقّ شيئاً (3). الامام الخميني: في المثال مناقشة (4). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه

الخوئي: لكنّه بعيد، إذ المفروض أنّ الواقع في الخارج مغاير لما تعلّقت به الإجارة، و قاعدة الاحترام في نفسها لاتفي بإثبات الضمان

الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بين كون الخيار للأجير أو للمستأجر (5). الگلپايگاني: و كذا لا بأس بما هو المتعارف في زماننا من إجارة رجل نفسه للمسافرة بالحاجّ من البلد إلى البلد مع تحمّل جميع ما يحتاجه إليه في السفر من المأكول و المشروب و السيّارة و الطيّارة و غيرها إذا كانت معيّنة أو عيّناها على وجه يرتفع الغرر

مكارم الشيرازي: بل لا مانع من ذلك و لو لم يستأجر منه دابّة، بل استأجره على تهيئة الأسباب و إجارة البيوت

و المراكب و صرف النفقات و طبخ الطعام و غيرها في مقابل مبلغ معلوم من المال، كما هو متعارف في زماننا، لأنّه إجارة مشروطة تشملها إطلاقاتها، و حيث إنّ حدود النفقات مضبوطة لاتدخل تحت عنوان الغرر

[الثالثة عشر: إذا آجر داره أو دابّته من زيد إجارةً صحيحة بلا خيار له

الثالثة عشر: إذا آجر داره أو دابّته من زيد إجارةً صحيحة بلا خيار له، ثمّ آجرها من عمرو، كانت الثانية فضوليّة موقوفة على إجازة زيد، فإن أجاز صحّت له (1) و يملك هو الاجرة (2)، فيطالبها من عمرو و لايصحّ له إجازتها على أن تكون الاجرة للمؤجر و إن فسخ الإجارة الاولى بعدها، لأنّه لم يكن مالكاً للمنفعة حين العقد الثاني (3)، و ملكيّته لها حال الفسخ لاتنفع إلّاإذا جدّد الصيغة (4)، و إلّافهو من قبيل من باع شيئاً ثمّ ملك، و لو زادت مدّة الثانية عن الاولى لايبعد لزومها على المؤجر في تلك الزيادة و أن يكون لزيد إمضاؤها بالنسبة إلى مقدار مدّة الاولى.

[الرابعة عشر: إذا استأجر عيناً ثمّ تملّكها قبل انقضاء مدّة الإجارة]

الرابعة عشر: إذا استأجر عيناً ثمّ تملّكها قبل انقضاء مدّة الإجارة، بقيت الإجارة على حالها (5)، فلو باعها و الحال هذه لم يملكها المشتري إلّامسلوبة المنفعة (6) في تلك المدّة، فالمنفعة تكون له و لاتتبع العين؛ نعم، للمشتري خيار الفسخ إذا لم يكن عالماً بالحال؛ و كذا الحال إذا (1). الامام الخميني: إذا كان مورد الإجارتين واحداً ولو في الجملة

الگلپايگاني: إذا وقعت الإجارة الثانية على وجه يملك المستأجر الثاني تمام ما ملكه المستأجر الأوّل أو بعضه (2). مكارم الشيرازي: ولكن قد عرفت سابقاً أنّه لايجوز أن يستأجر الإنسان شيئاً و يوجره بأكثر منه على الأحوط في البيت و الدار و الدكّان و الأجير، إلّاإذا أحدث فيها حدثاً؛ فراجع المسألة (1) من الفصل 5 (3). مكارم الشيرازي: هذا التعليل لايخلو عن إشكال، كما هو مذكور في أبواب الفضوليّ؛ ولكنّ الحكم المذكور هو الأحوط (4). الخوئي: بل يكفي إجازة العقد الثاني بعد فسخ العقد الأوّل بدون حاجة إلى تجديد الصيغة (5). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال

فيه و الاحتياط، فراجع (6). الخوئي: فيه إشكال، بل الظاهر عدمه

مكارم الشيرازي: فيه إشكال، بل منع، لأنّ المفروض أنّ البايع مالك للعين باشترائها و للمنفعة باستيجارها؛ فلو باع العين و الحال هذه، تبعه المنافع؛ و لايقدح كون ملكه للمنفعة بسبب مستقلّ و هو الإجارة، لا بسبب التبعيّة، فالعمدة أنّ المنافع تابعة للعين مهما أمكن، و لم يكن هناك مانع، و المفروض أنّه لا مانع من انتقالهما إلى المشتري الثاني؛ وأمّا كيفيّة انتقالهما إلى البايع فلا دخل له فيما نحن فيه. و العجب أنّه اعترف في ذيل المسألة بأنّه لايبعد تبعيّتها إذا كان قاصداً، مع أنّ القصد حاصل للطرفين دائماً إلّاأن يقصدا خلافه، و على فرض قصد تفكيك المنافع عن العين لاتنتقل إليه، سواء ملكهما بالاستقلال أو بالتبع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 542

تملّك المنفعة بغير الإجارة (1) في مدّة ثمّ تملّك العين، كما إذا تملّكها بالوصيّة أو بالصلح أو نحو ذلك فهي تابعة للعين إذا لم تكن مفروزة، و مجرّد كونها لمالك العين لاينفع في الانتقال إلى المشتري؛ نعم، لايبعد تبعيّتها للعين إذا كان قاصداً لذلك حين البيع.

[الخامسة عشر: إذا استأجر أرضاً للزراعة مثلًا فحصلت آفة سماويّة أو أرضيّة توجب نقص الحاصل

الخامسة عشر: إذا استأجر أرضاً للزراعة مثلًا فحصلت آفة سماويّة أو أرضيّة توجب نقص الحاصل، لم تبطل، و لايوجب ذلك نقصاً في مال الإجارة و لا خياراً للمستأجر؛ نعم، لو شرط على المؤجر إبرائه من ذلك بمقدار ما نقص بحسب تعيين أهل الخبرة ثلثاً أو ربعاً أو نحو ذلك، أو أن يهبه ذلك المقدار إذا كان مال الإجارة عيناً شخصيّة، فالظاهر الصحّة، بل الظاهر صحّة اشتراط البرائة على التقدير المذكور بنحو شرط النتيجة، و لايضرّه التعليق، لمنع كونه مضرّاً في الشروط؛ نعم، لو شرط برائته على التقدير المذكور حين العقد

بأن يكون ظهور النقص كاشفاً عن البرائة من الأوّل، فالظاهر عدم صحّته (2)، لأوله إلى الجهل بمقدار مال الإجارة حين العقد (3).

[السادسة عشر: يجوز إجارة الأرض مدّة معلومة بتعميرها]

السادسة عشر: يجوز إجارة الأرض (4) مدّة معلومة بتعميرها (5) و إعمال عمل فيها من كري الأنهار و تنقية الآبار و غرس الأشجار و نحو ذلك، و عليه يحمل قوله عليه السلام (6): «لا بأس بقبالة الأرض من أهلها بعشرين سنة أو أكثر فيعمرها و يؤدّي ما خرج عليها» و نحوه غيره.

(1). الامام الخميني: في إطلاقه إشكال، و الظاهر اختلاف الموارد و لايبعد التبعيّة إذا تملّكها بمثل الإرث من الأسباب الّتي ليس لبقائها اعتبار أو احتمال زوال، و عدم التبعيّة في العقود الّتي لها اعتبار بقاءً و أثرٌ و احتمال فسخ و انفساخ، و في مثلها لايؤثّر قصد التبعيّة في تبعيّتها؛ نعم، له أن يضمّها إليها في العقد (2). الخوئي: بل الظاهر صحّته، فإنّ البرائة إنّما هي في الآن المتأخّر عن زمان الاشتغال، فلا جهل بمقدار مال الإجارة أصلًا (3). مكارم الشيرازي: ليس هذا مانعاً و لايؤول إلى الجهل، لأنّ الإبراء في الرتبة المتأخّرة، بل لانصراف أدلّة الشروط عن مثله، و لاسيّما أنّه غير متعارف بين أهل العرف و العقلاء (4). الخوئي: هذا إذا كان العمل معيّناً كمّاً و كيفاً (5). الامام الخميني، الگلپايگاني: مع التعيين على وجه يرتفع به الغرر

مكارم الشيرازي: ولكن لمّا كان التعمير ذات مراتب مختلفة، فلابدّ من تعيينها؛ اللّهم إلّاأن يكون له متعارف ينصرف إليه الكلام (6). الخوئي: الرواية منقولة بالمعنى

[السابعة عشر: لا بأس بأخذ الاجرة على الطبابة و إن كانت من الواجبات الكفائيّة]

السابعة عشر: لا بأس بأخذ الاجرة على الطبابة و إن كانت من الواجبات الكفائيّة، لأنّها كسائر الصنايع واجبة (1) بالعوض لانتظام نظام معايش العباد، بل يجوز و إن وجبت عيناً لعدم من يقوم بها غيره، و يجوز اشتراط كون الدواء عليه مع التعيين الرافع للغرر، و يجوز أيضاً مقاطعته على المعالجة إلى

مدّة أو مطلقاً (2)، بل يجوز المقاطعة عليها بقيد البرء (3) أو بشرطه إذا كان مظنوناً (4) بل مطلقاً (5). و ما قيل من عدم جواز ذلك لأنّ البرء بيداللّه فليس اختياريّاً له، و أنّ اللازم مع إرادة ذلك أن يكون بعنوان الجعالة لا الإجارة، فيه: أنّه يكفي كون مقدّماته العاديّة اختياريّة، و لايضرّ التخلّف في بعض الأوقات؛ كيف، و إلّالم يصحّ بعنوان الجعالة أيضاً (6).

[الثامنة عشر: إذا استؤجر لختم القرآن، لا يجب أن يقرأه مرتّباً]

الثامنة عشر: إذا استؤجر لختم القرآن، لايجب (7) أن يقرأه مرتّباً (8) بالشروع من «الفاتحة» (1). الامام الخميني: في الوجوب الشرعيّ في مثل المقامات إشكال، بل منع (2). الامام الخميني: مشكل مع عدم تعيين المدّة

الگلپايگاني: بشرط أن لاتكون المعاملة غرريّة (3). الامام الخميني: مع الوثوق بحصوله بحيث يدفع به الغرر، و كذا في الشرط، لكنّ الأحوط أن يكون القرار بنحو الجعالة (4). الگلپايگاني: مشكل، بل لابدّ أن يكون البرء مورداً للاطمينان حتّى يصحّ الالتزام به و يبذل بلحاظه المال ولايكون غرر؛ نعم، لا مانع من الجعالة عليها بقيد البرء أو بشرطه مطلقاً (5). الخوئي: يشكل الحكم بالصحّة في فرض التقييد مع الظنّ بالبرء أيضاً؛ نعم، لاتبعد الصحّة مع الاطمينان به

مكارم الشيرازي: لا وجه للإجارة عليها إذا لم يكن ممّا يوثق حصوله، فلايجوز إلّاعند الاطمينان؛ نعم، تجوز الجعالة عليها في جميع هذه الفروض (6). الخوئي: الفرق بين الجعالة و الإجارة من هذه الجهة ظاهر (7). الامام الخميني: إلّاإذا كان التعارف موجباً للانصراف، كما هو كذلك ظاهراً؛ نعم، لو اتّفق الغلط في بعض الآيات، فالظاهر كفاية إعادته و لايلزم إعادة ما بعده، و كذا لو نسي و خالف الترتيب (8). الخوئي: فيه إشكال، و أولى منه بالإشكال تجويزه عدم رعاية الترتيب في آيات

السورة، بل الظاهر هو الانصراف إلى القرائة المرتّبة و لاسيّما في الفرض الثاني

الگلپايگاني: بل يقرأ مرتّباً، لانصراف إطلاق الإجارة إليه كما هو المتعارف؛ نعم، لا بأس بخلاف الترتيب مع القرينة على عدم لزومه

مكارم الشيرازي: بل الظاهر وجوب قرائته مرتّباً، لأنّه المنصرف إليه إطلاق الكلام إلّاأن يصرّح بخلافه؛ و أشدّ إشكالًا ما إذا قرأ بخلاف ترتيب الآيات، بل قد يكون ذلك غلطاً، كما لايخفى على من لاحظ الآيات القرآنيّة. و ما ذكره في تصحيحه بقوله: و لهذا إذا علم بعد الإتمام أنّه قرأ الآية الكذائيّة غلطاً أو نسي قرائتها يكفيها قرائتها فقط، لايدلّ على مقصوده، فإنّه يجوز ذلك و لو قلنا بوجوب الترتيب عند الالتفات، لأنّ ذلك أي تدارك ما فات منه بعد الإتمام هو المتعارف المنصرف إليه إطلاق العقد؛ هذا، ولكن لابدّ من ضمّ بعض الآيات الاخر إليها إذا كان تكرارها وحدها كالغلط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 544

و الختم بسورة «الناس»، بل يجوز أن يقرأ سورة فسورة على خلاف الترتيب، بل يجوز عدم رعاية الترتيب في آيات السورة أيضاً، و لهذا إذا علم بعد الإتمام (1) أنّه قرأ الآية الكذائيّة غلطاً أو نسي قراءتها يكفيه قرائتها فقط؛ نعم، لو اشترط عليه الترتيب وجب مراعاته (2). و لو علم إجمالًا بعد الإتمام أنّه قرأ بعض الآيات غلطاً من حيث الإعراب أو من حيث عدم أداء الحرف من مخرجه أو من حيث المادّة، فلايبعد كفايته (3) و عدم وجوب الإعادة، لأنّ اللازم القرائة على المتعارف و المعتاد، و من المعلوم وقوع ذلك من القارئين غالباً إلّامن شذّ منهم؛ نعم، لو اشترط المستأجر عدم الغلط أصلًا، لزم عليه الإعادة مع العلم به في الجملة؛ و كذا الكلام

في الاستيجار لبعض الزيارات المأثورة (4) أو غيرها، و كذا في الاستيجار لكتابة كتاب أو قرآن أو دعاء أو نحوها، لايضرّ في استحقاق الاجرة إسقاط كلمة (5) أو حرف أو كتابتهما غلطاً.

[التاسعة عشر: لا يجوز في الاستيجار للحجّ البلديّ أن يستأجر شخصاً من بلد الميّت إلى النجف و شخصاً آخر من النجف إلى مكّة]

التاسعة عشر: لايجوز في الاستيجار للحجّ البلديّ أن يستأجر شخصاً من بلد الميّت إلى النجف و شخصاً آخر من النجف إلى مكّة (6) أو إلى الميقات و شخصاً آخر منه إلى مكّة، إذ (1). الخوئي: إذا كانت الإجارة على قرائة القرآن على النحو المتعارف، كفى ذلك بلا حاجة إلى الإعادة، و إن كانت على قرائة القرآن صحيحةً كفى قرائة تلك الآية صحيحة ثانية، لعدم الانصراف إلى اعتبار الترتيب في هذا الفرض (2). مكارم الشيرازي: و ذلك لايتمّ بمجرّد التصريح بلفظ الترتيب، لأنّه ينصرف إلى ما هو المتعارف؛ بل بالتصريح بأنّه لو غلط فعليه الرجوع و إعادته أجمع، كما في قرائة الصلاة (3). الامام الخميني: مع كونه غير معتدّ به (4). مكارم الشيرازي: الأمر فيها من حيث مخالفة الترتيب أشكل، لأنّها ليست كالقرآن كلّ آية منها تتّصف بالصفة القرآنيّة، كما هو ظاهر (5). الامام الخميني: إذا وقعت بغير عمد و لم تكن زائدة على المتعارف، و مع ذلك لو أمكن التصحيح فالأحوطذلك مع عدم الحرج

الگلپايگاني: إذا كان سهواً بمقدار المتعارف (6). مكارم الشيرازي: هذه المسألة من الواضحات الّتي لايحتاج إلى الذكر، و لايفهم أحد من الحجّ البلديّ إلّاأن يحجّ شخص واحد من البلد إلى الميقات و منه إلى المشاعر العظام؛ و لا ربط للمسألة بالمقدّمة الموصلة، بل يصحّ تشبيهها باستيجار شخص لعمرة التمتّع و آخر للحجّ، كما هو ظاهر؛ بل هو أشبه شي ء باستيجار شخص للوضوء و آخر للصلاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 545

اللازم أن يكون

قصد المؤجر من البلد الحجّ، و المفروض أنّ مقصده النجف مثلًا و هكذا، فما أتى به من السير ليس مقدّمة للحجّ، و هو نظير أن يستأجر شخصاً لعمرة التمتّع و شخصاً آخر للحجّ، و معلوم أنّه مشكل (1)، بل اللازم (2) على القائل بكفايته أن يقول بكفاية استيجار شخص للركعة الاولى من الصلاة و شخص آخر للثانية، و هكذا يتمّم.

[العشرين: إذا استؤجر للصلاة عن الميّت فصلّى و نقص من صلاته بعض الواجبات الغير الركنيّة سهواً]

العشرين: إذا استؤجر للصلاة عن الميّت فصلّى و نقص من صلاته (3) بعض الواجبات الغير الركنيّة سهواً، فإن لم يكن زائداً على القدر المتعارف الّذي قد يتّفق، أمكن أن يقال:

لاينقص من اجرته شي ء؛ و إن كان الناقص من الواجبات و المستحبّات المتعارفة أزيد من المقدار المتعارف، ينقص (4) من الاجرة بمقداره (5)، إلّاأن يكون المستأجرعليه الصلاة الصحيحة المبرئة للذمّة، و نظير ذلك إذا استؤجر للحجّ فمات بعد الإحرام و دخول الحرم، حيث إنّ ذمّة الميّت تبرأ بذلك، فإن كان المستأجرعليه ما يبرأ الذمّة استحقّ تمام الاجرة، و إلّا فتوزّع (6) و يستردّ ما يقابل (7) بقيّة الأعمال. (1). الامام الخميني: إشكاله أهون من الأوّل (2). الامام الخميني: فيه ما لايخفى

الخوئي: لا يلزم ذلك (3). الخوئي: تقدّم الكلام فيه في صلاة الاستيجار [المسألة 28] (4). الامام الخميني: بل لاينقص، إلّاإذا أوقع الإجارة على نحو يوزّع على أجزاء الصلاة و لم يكن الجزءالمنسيّ قابلًا للتدارك (5). الگلپايگاني: إن لم يكن للنقص تدارك، و إلّافالظاهر كفاية التدارك من دون نقصان في الاجرة

مكارم الشيرازي: هذا إذا لم يكن ممّا له تدارك، كالسجدة و التشهّد المنسيّين؛ و الدليل عليه ظاهر (6). مكارم الشيرازي: قد يحتمل في خصوص الحجّ استحقاقه تمام الاجرة إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم، نظراً إلى إطلاق بعض النصوص

الخاصّة الدالّة على صحّة حجّه مع السكوت عن دفع الزائد من النقود لصاحبه؛ و تمام الكلام في محلّه (7). الگلپايگاني: قد مرّ في الحجّ أنّه لايبعد استحقاق تمام الاجرة إذا مات في الحرم بعد الإحرام و إن كان أجيراً على الأعمال

[كتاب المضاربة]

اشارة

كتاب المضاربة

[فصل في معنى المضاربة و شرائطها و أحكامها]

اشارة

[فصل في معنى المضاربة و شرائطها و أحكامها]

و تسمّى قراضاً عند أهل الحجاز؛ و الأوّل من الضرب، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح، و المفاعلة (1) باعتبار كون المالك سبباً له و العامل مباشراً؛ و الثاني من القرض بمعنى القطع، لقطع المالك حصّة من ماله و دفعه إلى العامل ليتّجر به، و عليه العامل مقارض بالبناء للمفعول، و على الأوّل مضارب بالبناء للفاعل؛ و كيف كان، عبارة عن دفع (2) الإنسان مالًا إلى غيره ليتّجر به (3) على أن يكون الربح بينهما، لا أن يكون تمام الربح (1). الگلپايگاني: ذكره جمع من العلماء و يمكن أن يكون فاعل في المقام بمعنى فعل، كسافر بمعنى سفر (2). الامام الخميني: بل عبارة عن عقد واقع بين شخصين على أن يكون من أحدهما المال و من الآخر العمل، والربح الحاصل بينهما

الگلپايگاني: هذا منافٍ لما يأتي منه قدس سره في الشرط الثاني من اختيار صحّة المضاربة مع كون المال بيد المالك فيتصدّى العامل للمعاملة فقط، و الظاهر أنّ حقيقتها توكيل صاحب المال غيره ليتّجر به على أن يكون الربح بينهما فيكون عقد المضاربة بمنزلة وكالة محدودة و جعالة مخصوصة لشخص معيّن في عمل خاصّ بجعل مخصوص (3). مكارم الشيرازي: بل هو عقد واقع بين شخصين على أن يكون رأس المال في التجارة من أحدهما و العمل من الآخر، و لو حصل ربح يكون بينهما بنسبة معيّنة؛ و أمّا ما ذكره في المتن فهو مخدوش أوّلًا بأنّ المضاربة ليست من الأفعال الخارجيّة حتّى يفسّر بأنّه عبارة عن دفع الإنسان؛ هذا مضافاً إلى أنّ اللام في قوله: ليتّجر، يوهم وجوب الاتّجار على العامل مع أنّه ستعرف أنّ العقد جائز

من الطرفين، و أنّ قوله: الربح بينهما، يوهم المساواة مع أنّه ليس كذلك، و الأمر سهل. و أمّا ما ورد في بعض حواشي أعلام العصر من أنّ سهماً من الربح للمال و سهماً منه للعمل، فهو أيضاً مسامحة في التعبير، لأنّ المال و العمل ليس لهما سهم، بل للمالك و العامل؛ نعم، ملك كلّ منهما لسهمه ناشٍ عن مالكيّته للمال أو العمل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 548

للمالك و لا أن يكون تمامه للعامل. و توضيح ذلك: إنّ من دفع مالًا إلى غيره للتجارة، تارةً على أن يكون الربح بينهما و هي مضاربة، و تارةً على أن يكون تمامه للعامل و هذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده (1)، وتارةً على أن يكون تمامه للمالك ويسمّى عندهم باسم البضاعة، و تارةً لايشترطان شيئاً و على هذا أيضاً يكون تمام الربح للمالك فهو داخل في عنوان البضاعة، و عليهما يستحقّ العامل اجرة المثل لعمله إلّاأن يشترطا عدمه أو يكون العامل (2) قاصداً للتبرّع (3)، و مع عدم الشرط و عدم قصد التبرّع أيضاً له أن يطالب الاجرة، إلّاأن يكون الظاهر (4) منهما (5) في مثله عدم أخذ الاجرة، و إلّافعمل المسلم محترم ما لم يقصد التبرّع.

و يشترط في المضاربة الإيجاب و القبول. و يكفي فيهما كلّ دالّ قولًا أو فعلًا؛ و الإيجاب القوليّ كأن يقول: ضاربتك على كذا، و ما يفيد هذا المعنى، فيقول: قبلت.

و يشترط فيها أيضاً بعد البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر (6) لفلس (7) (1). الگلپايگاني: و مضاربة فاسدة إن كان بقصدها (2). الگلپايگاني: أو يقيّد المالك إذنه في التجارة بماله بالمجّانيّة، لأنّه إن اتّجر العامل به مع ذلك فقد هتك احترام عمله (3). مكارم الشيرازي: أو يكون

ظاهر حاله بحسب المقام أو الموقف أو الزمان أو المكان أو غير ذلك، المجّانيّة ولو لم يقصد التبرّع، ففي الحقيقة الحكم الواقعيّ بالضمان مشروط بعدم هذه الامور الثلاثة؛ و أمّا الحكم الظاهريّ عند التنازع، فهو الضمان مطلقاً ما لم يثبت أحد الامور الثلاثة؛ فتأمّل (4). الخوئي: كما هو كذلك في البضاعة. و قد التزم قدس سره في باب المساقاة بعدم استحقاق العامل الاجرة فيما إذا اشترط المالك انفراده بالثمر (5). الامام الخميني: حتّى يأخذ المالك به في مقام الترافع أو تكليفه الظاهري، والاستحقاق الواقعي تابع لواقعيّته

الگلپايگاني: بحيث يكون إرجاع المالك إليه ظاهراً في المجّانيّة ليكون العمل معه هتكاً لاحترام عمله (6). الامام الخميني: في ربّ المال لِفَلس و فيهما لِسَفَه (7). الخوئي: هذا في المالك، و سيأتي منه قدس سره عدم اعتباره في العامل

الگلپايگاني: في صاحب المال دون العامل

مكارم الشيرازي: هذا الشرط مختصّ بالمالك؛ و أمّا العامل، فلايشترط فيه ذلك و إن كان ظاهر كلامه عامّاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 549

أو جنون (1) امور:

الأوّل: أن يكون رأس المال عيناً؛ فلاتصحّ بالمنفعة (2) و لا بالدين (3)، فلو كان له دين على أحد لم يجز أن يجعله مضاربة إلّابعد قبضه و لو أذن للعامل في قبضه ما لم يجدّد العقد بعد القبض؛ نعم، لو وكّله على القبض و الإيجاب (4) من طرف المالك و القبول منه، بأن يكون موجباً قابلًا (5)، صحّ؛ و كذا لو كان له على العامل دين، لم يصحّ جعله قراضاً، إلّاأن يوكّله في تعيينه ثمّ إيقاع العقد عليه بالإيجاب و القبول بتولّي الطرفين.

الثاني: أن يكون من الذهب أو الفضّة المسكوكين (6) بسكّة المعاملة، بأن يكون درهماً أو ديناراً؛ فلاتصحّ بالفلوس و لا بالعروض بلا خلاف

بينهم و إن لم يكن عليه دليل سوى (1). الخوئي: لعلّه يريد به السفه، و إلّافهو من سهو القلم، و على الأوّل فإنّما يعتبر عدمه في المالك دون العامل

الگلپايگاني: هذا تكرار لما مرّ من اشتراط العقل، إلّاأن يكون المراد به السفه

مكارم الشيرازي: قد سبق منه اشتراط العقل، فلا وجه للتكرار؛ مضافاً إلى أنّ الجنون ليس من أسباب الحجر، بل هو من أسباب سقوط العقد بالكليّة (2). الخوئي: على الأحوط (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيهما عدم التعارف بين العقلاء، و إلّافالإجماع في المسألة و بعض المسائل الآتية غير ثابت (4). الگلپايگاني: بعد القبض (5). مكارم الشيرازي: تولّي طرفي العقد من واحد لايخلو عن إشكال مطلقاً، لأنّه لايكون إلّابين شخصين؛ و الاكتفاء بالوكالة و النيابة من شخص واحد، غير متعارف بين أهل العرف و إن اشتهر في ألسنة بعض الأعلام (6). مكارم الشيرازي: هذا الشرط لا اعتبار به، و لا دليل عليه إلّاالإجماع المحكيّ في كلمات كثير من الأصحاب؛ و لكن هناك قرائن تدلّ على عدم اعتبار هذا الإجماع، بل على عدم كون المسألة إجماعيّة و إنّ الإجماع إنّما هو على جواز المضاربة بالدراهم و الدنانير من باب الأخذ بالقدر المتيقّن، كما صرّح به الشيخ في الخلاف؛ فكأنّهم زعموا أنّ الأصل في المضاربة، الفساد، لأنّ مبناه على الغرر و الجهل بالمنافع، و القدر المتيقّن من الجواز في الشرع ماكان بالدراهم و الدنانير، فغيره يبقى تحت الأصل (كما صرّح به بعضهم)؛ ولكنّ الإنصاف أنّ شيئاً من ذلك لايثمر في المسألة، و الحقّ جواز المضاربة بغيرها، لعموم أدلّتها و أدلّة التجارة عن تراضٍ و الوفاء بالعقود، فتصحّ بالعروض و السبائك و غيرها، بل هو أمر رائج بين

أهل العرف لم يمنع منه الشرع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 550

دعوى الإجماع؛ نعم، تأمّل فيه بعضهم و هو في محلّه، لشمول العمومات، إلّاأن يتحقّق الإجماع و ليس ببعيد (1)، فلايُترك الاحتياط، و لا بأس بكونه من المغشوش الّذي يعامل به مثل الشاميّات و القمريّ و نحوها؛ نعم، لو كان مغشوشاً يجب كسره بأن كان قلباً، لم يصحّ، و إن كان له قيمة فهو مثل الفلوس. و لو قال للعامل: بع هذه السلعة و خذ ثمنها قراضاً، لم يصحّ (2)، إلّاأن يوكّله في تجديد العقد عليه بعد أن نضّ ثمنه.

الثالث: أن يكون معلوماً قدراً و وصفاً (3)، و لاتكفي المشاهدة و إن زال به معظم الغرر. (1). الامام الخميني: لم يثبت الإجماع في المسألة، لعدم تعرّض كثير من القدماء لها، و يظهر من «الخلاف» و «الغنية» أنّ المسألة ليست إجماعيّة، لتمسكّهما بعدم الدليل على الصحّة دون الإجماع، و إنّما ادّعيا الإجماع و عدم الخلاف في الصحّة مع الدرهم و الدينار، بل يظهر من العلّامة أيضاً بعد نسبة القول بالبطلان إلى علمائنا أنّ الدليل عليه كونها على خلاف القاعدة، فلابدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن، و إنّما ادّعى الإجماع صاحب «جامع المقاصد» و تبعه بعض آخر، بل حجيّة الإجماع في مثل تلك المسألة الّتي ادّعى الأعاظم كون الصحّة فيها خلاف القواعد ممنوعة أو مشكلة، ولو فرض صحّة الإجماع و ثبوته فالقدر المتيقّن منه هو عدم الجواز في غير الأثمان أي العروض، و أمّا في مثل الدينار العراقي و الإسكناس من الأثمان غير الذهب و الفضّة فغير ثابت، فعليه فصحّتها بمثلها لايخلو من قوّة، للعمومات و كون المعاملة عقلائيّة و عدم غرريّتها، بل عدم ثبوت البطلان بمثل ذلك، هذا مع أنّه لايبعد

إطلاق بعض أدلّة الباب

الخوئي: الظاهر أنّ الإجماع لم يثبت، و عبارة القاضي في الجواهر تدلّ على تحقّق الإجماع على صحّة المضاربة بالدراهم و الدنانير، لا على عدم صحّتها في غيرهما، فالظاهر جواز المضاربة بما يكون في حكم النقدين من الأوراق النقديّة و غيرها

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الإجماع غير ثابت، كما يظهر من كلام الشيخ في الخلاف؛ و مع فرض ثبوته يحتمل استناده إلى بعض الأدلّة الّتي قد عرفت عدم تماميّتها، و على فرض الإشكال في العروض لايبعد صحّة المضاربة بالأوراق النقديّة المعمولة في عصرنا كالإسكناس و الدينار و الريال، لأنّ الإجماع لم يقم على البطلان بمثله. و من البعيد جدّاً إغلاق باب المضاربة في عصرنا شرعاً مع شدّة الابتلاء بها، كما لايخفى؛ و العمدة ما عرفت من عموم الأدلّة و عدم الدليل على تخصيصها (2). الخوئي: فيه إشكال، بل لاتبعد الصحّة (3). الخوئي: على الأحوط الأولى

مكارم الشيرازي: المعتبر في نفي الغرر أن لاتكون المعاملة سفهيّة، لما عرفت في معنى الغرر في أبواب الإجارة و عدم الدليل على أزيد منه؛ و هكذا الكلام في معلوميّة الربح. و قد فصّل بعضهم بين ما إذا كان له واقع معلوم و إن كان مجهولًا بالفعل فيصحّ، و ما ليس له واقع معلوم فلايصحّ؛ و الإنصاف أنّ شيئاً منهما لايصحّ على إطلاقه؛ و الحقّ ما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 551

الرابع: أن يكون معيّناً (1)؛ فلو أحضر مالين و قال: قارضتك بأحدهما أو بأيّهما شئت، لم ينعقد، إلّاأن يعيّن ثمّ يوقعان العقد عليه؛ نعم، لا فرق بين أن يكون مشاعاً أو مفروزاً بعد (2) العلم بمقداره و وصفه، فلو كان المال مشتركاً بين شخصين فقال أحدهما للعامل: قارضتك بحصّتي في

هذا المال، صحّ مع العلم بحصّته من ثلث أو ربع؛ و كذا لو كان للمالك مأة دينار مثلًا فقال: قارضتك بنصف هذا المال، صحّ.

الخامس: أن يكون الربح مشاعاً بينهما (3)؛ فلو جعل لأحدهما مقداراً معيّناً و البقيّة للآخر أو البقيّة مشتركة بينهما، لم يصحّ (4).

السادس: تعيين حصّة كلّ منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلّاأن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق.

السابع: أن يكون الربح بين المالك و العامل (5)؛ فلو شرطا جزءً منه لأجنبيّ عنهما، لم يصحّ، إلّاأن يشترط عليه عمل متعلّق بالتجارة؛ نعم، ذكروا أنّه لو اشترط كون جزء من (1). الخوئي: على الأحوط، و لايبعد عدم اعتباره

مكارم الشيرازي: الأقوى جواز المضاربة بأحد المالين إذا كان من قبيل الكليّ في المعيّن و كانا متّحدين مقداراً و وصفاً، و حينئذٍ يكون التخيير للمالك أو العامل بشرطهما، فإنّ الكليّ في المعيّن له وجود في الخارج، بخلاف الفرد المردّد بصفة الترديد؛ و الغرر غير لازم إذا كانا متقاربين (2). مكارم الشيرازي: لكن من الواضح توقّف التصرّف على إذن الشريك (3). مكارم الشيرازي: لم يدلّ عليه دليل معتبر؛ فيجوز جعل مقدار معيّن من الربح للعامل، و ما زاد فهو بينهما إذا علم بزيادة الربح منه؛ و الدليل عليه صدق عنوان المضاربة عرفاً و شمول العمومات لها شرعاً و ضعف ما استدلّ به لعدم الجواز من الإجماع الّذي قد عرفت حاله و بعض ما دلّ من الروايات على أنّ الربح بينهما مثل رواية 5 من الباب 3، فإنّ الناظر فيها يعلم بأنّها ناظرة إلى عدم جواز جعل جميع المنفعة لأحدهما، فإنّه لايكون مضاربة (4). الخوئي: لايخلو من الإشكال فيما إذا علم أنّ الربح يزيد على المقدار المعيّن، و قد

التزم قدس سره في باب المساقاة بالصحّة في نظير المقام (5). مكارم الشيرازي: هذا الشرط أيضاً ضعيف لم يدلّ عليه دليل؛ فكما أنّه يجوز جعل سهم للُاجراء الّذين يأخذون الاجرة على عملهم من دون أن يكونوا عاملين في المضاربة، فكذلك لا مانع من جعله لأجنبي بعد وجوب العمل بالشروط. و قد عرفت أنّ المترائى من كثير من الأصحاب كون الأصل في المضاربة عندهم على الفساد، و لذا اكتفوا بالقدر المتيقّن من الصحّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 552

الربح لغلام أحدهما صحّ، و لا بأس به خصوصاً على القول (1) بأنّ العبد لايملك، لأنّه يرجع إلى مولاه، و على القول الآخر يشكل، إلّاأنّه لمّا كان مقتضى القاعدة صحّة الشرط حتّى للأجنبيّ و القدر المتيقّن من عدم الجواز ما إذا لم يكن غلاماً لأحدهما، فالأقوى الصحّة (2) مطلقاً، بل لايبعد (3) القول (4) به في الأجنبيّ أيضاً و إن لم يكن عاملًا، لعموم الأدلّة.

الثامن: ذكر بعضهم أنّه يشترط أن يكون رأس المال بيد العامل، فلو اشترط المالك أن يكون بيده لم يصحّ؛ لكن لا دليل عليه، فلا مانع أن يتصدّى العامل للمعاملة مع كون المال بيد المالك، كما عن التذكرة.

التاسع: أن يكون الاسترباح بالتجارة (5)؛ و أمّا إذا كان بغيرها، كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة مثلًا و يكون الربح بينهما، يشكل صحّته، إذ القدر المعلوم من الأدلّة هو التجارة، و لو فرض صحّة غيرها للعمومات، كما لايبعد (6)، لايكون داخلًا في عنوان المضاربة.

العاشر: أن لايكون رأس المال بمقدار يعجز العامل عن التجارة به (7) مع اشتراط (1). الخوئي: لايبعد ابتناء صحّة الاشتراط على هذا القول إذا كان الشرط من شرط النتيجة، كما هو المفروض؛ و أمّا الاشتراط للأجنبي فالظاهر عدم صحّته (2).

الگلپايگاني: مشكل (3). الامام الخميني: فيه تأمّل (4). الگلپايگاني: بل بعيد (5). مكارم الشيرازي: عدم تحقّق عنوان المضاربة في غير التجارة معلوم، ولكن عدم صحّته كمعاملة مستقلّة ممنوع، لأنّ التحقيق عدم انحصار العقود في العناوين الخاصّة المعروفة، بل يجوز كلّ عقد دائر بين العقلاء بمقتضى العمومات إذا اجتمع فيه الشرائط العامّة بعد عدم ردع الشارع عنه (6). الامام الخميني: فيه إشكال، بل منع

الخوئي: بل هو بعيد

الگلپايگاني: بل بعيد (7). مكارم الشيرازي: نعم، تصحّ المضاربة بالنسبة إلى ما لايعجز عنه؛ و الوجه فيه أنّ هذا الشرط لم يرد في كلمات السابقين من الأصحاب فيما حكي عنهم؛ نعم، إنّهم ذكروا بأنّ العامل لو أخذ ما يعجز عن العمل فيه ضمن، و استظهر من ظاهر هذه العبارة فساد المضاربة، و هو غير بعيد؛ و الدليل عليه أنّ حقيقة المضاربة غير حاصلة هنا، لأنّها فيما يكون من أحدهما المال و من الآخر العمل؛ فكما أنّه لو لم يكن هناك مال لم تصحّ المضاربة، فكذلك إذا لم يكن هنا قدرة على العمل؛ نعم، لو قدر على البعض، لا مانع من صحّة المضاربة فيه، فهو من بعض الجهات كبيع ما يملك و ما لايملك، الّذي هو صحيح فيما يملك على القواعد، لرجوعه إلى تعدّد المطلوب، فتدبّر؛ و حينئذٍ تصحّ المضاربة بالنسبة إلى المقدور و تبطل في غير المقدور، و يقسم الربح بينهما بحسب ما اشترطاه، و يكون ضامناً في غير المقدور إذا كان المالك جاهلًا بالفساد، بل و في صورة علمه به أيضاً، لأنّه سلّطه على ماله بعنوان المضاربة لا بغير عوض؛ و من هنا يظهر أنّه مع ما ذكر، لاتصل النوبة إلى استحقاق العامل لُاجرة العمل لأنّه في فرض الفساد، و قد عرفت

أنّه صحيح في الجملة، كما أنّه لاتصل النوبة إلى الحكم بكون تمام الربح للمالك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 553

المباشرة (1) من دون الاستعانة بالغير أو كان عاجزاً حتّى مع الاستعانة بالغير، و إلّا فلايصحّ (2)، لاشتراط كون العامل قادراً (3) على العمل، كما أنّ الأمر كذلك في الإجارة للعمل، فإنّه إذا كان عاجزاً تكون باطلة، و حينئذٍ فيكون تمام الربح للمالك و للعامل اجرة عمله مع جهله بالبطلان (4)، و يكون ضامناً لتلف المال (5) إلّامع علم المالك (6) بالحال. و هل يضمن حينئذٍ جميعه لعدم التميّز مع عدم الإذن في أخذه على هذا الوجه أو القدر الزائد، لأنّ العجز (1). الگلپايگاني: اشتراط القدرة في المضاربة غير معلوم و لم يذكر في كلمات السابقين، بل المذكور في كلامهم: فلو أخذ واحد ما يعجز عن العمل فيه ضمن؛ و هذا غير اشتراط القدرة، فإنّ الضمان فيه مستند إلى عدم كون اليد على المال عن إذن، لأنّه مقيّد بالقدرة على التجارة و لايقاس بالإجارة، حيث إنّه ليس في المضاربة تمليك إلّاتمليك الجعل بعد العمل و لايضرّه العجز حيث لايستحقّه إلّابعد العمل، و على فرض الاشتراط فلا مانع من صحّة العقد في المقدور (2). الخوئي: لاتبعد الصحّة في المقدار الّذي يقدر العامل على الاتّجار به (3). الامام الخميني: يشترط قدرته على العمل، فلو كان عاجزاً مطلقاً بطلت، و مع العجز في بعضه لايبعد الصحّة بالنسبة على إشكال؛ نعم، لو طرأ العجز في أثناء التجارة تبطل من حين طروئه في الجميع لو عجز مطلقاً و في البعض لو عجز عنه على الأقوى، و كذا الحال في الإجارة للعمل. و على ما ذكرناه يعلم حال الربح، و أمّا الضمان فعلى مقدار البطلان؛

إن كلًاّ فكلّ و إن بعضاً فبعض مع تلف الكلّ و بالنسبة مع تلف البعض المشاع؛ نعم، لو أخذ بمقدار مقدوره أوّلًا و قلنا بصحّته بالنسبة، فمع عدم الامتزاج يكون ضامناً بالنسبة إلى غير المقدور، و ما أخذ أوّلًا بعنوان المعاملة يتعيّن لمال المضاربة، و الباقي الزائد مقبوض بلا وجه و مضمون (4). الامام الخميني: مرّ في الإجارة تفصيل ذلك (5). الخوئي: الظاهر أنّه لايضمن مطلقاً (6). مكارم الشيرازي: الأقرب ضمان العامل على كلا التقديرين، لأنّه إنّما سلّطه بعنوان المضاربة من غير اعتناء بحكم الشرع بالفساد، كما هو كذلك في سائر العقود الفاسدة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 554

إنّما يكون بسببه فيختصّ به، أو الأوّل إذا أخذ الجميع دفعةً و الثاني إذا أخذ أوّلًا بقدر مقدوره ثمّ أخذ الزائد و لم يمزجه مع ما أخذه أوّلًا؟ أقوال؛ أقواها الأخير (1). و دعوى أنّه بعد أخذ الزائد يكون يده على الجميع و هو عاجز عن المجموع من حيث المجموع و لا ترجيح الآن لأحد أجزائه، إذ لو ترك الأوّل و أخذ الزيادة لايكون عاجزاً، كماترى، إذ الأوّل وقع صحيحاً و البطلان مستند إلى الثاني و بسببه، و المفروض عدم المزج. هذا، و لكن ذكر بعضهم (2) أنّ مع العجز المعاملة صحيحة، فالربح مشترك و مع ذلك يكون العامل ضامناً مع جهل المالك؛ و لا وجه له، لما ذكرنا، مع أنّه إذا كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه (3) للضمان؛ ثمّ إذا تجدّد العجز في الأثناء، وجب عليه ردّ الزائد (4)، و إلّاضمن.

مسألة 1: لو كان له مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها، فضاربه عليها، صحّ. و إن كان في يده غصباً أو غيره ممّا يكون اليد فيه يد

ضمان، فالأقوى أنّه يرتفع الضمان بذلك، لانقلاب اليد (5) حينئذٍ (6)، فينقلب الحكم. و دعوى أنّ الضمان مغيّاً بالتأدية و لم تحصل، كما (1). الگلپايگاني: هذا إذا أنشأ المضاربة بالمعاطاة بأن أعطى المقدور بقصد المضاربة ثمّ أعطى الزائد و لويمزجه؛ و أمّا لو أنشأ العقد على الزائد فالعقد باطل على مختاره و حيث إنّ الإعطاء مبنيّ على القدرة فاليد يد ضمان بالنسبة إلى المجموع، و عليه فالأقوى الأوّل و أمّا على ما اخترناه من عدم اشتراط القدرة في العقد فالأقوى الثاني و يكون الزائد في المقدور بنحو الإشاعة، من غير فرق بين ما أخذ الجميع دفعةً أو تدريجاً

مكارم الشيرازي: بل الأقوى هو القول الثاني، أي انحصار الضمان بما يعجز عنه مطلقاً؛ لما قد عرفت من حصر الفساد في القدر الزائد عن القدرة، و لا فرق بين أخذ جميع المال دفعةً أو أخذ مقدار المقدور أوّلًا ثم أخذ الزائد إذا أنشأ العقد على الجميع دفعةً واحدة؛ نعم، لو كانت المضاربة بالمعاطاة، صحّت في المقدار المقدور المأخوذ أوّلًا و بطلت في الزائد المأخوذ بعده (2). الگلپايگاني: بل اسند إلى الكلّ و هو الأقوى، كما مرّ (3). الگلپايگاني: وجه الضمان هو كون الإعطاء مبنيّاً على القدرة، كما مرّ (4). الامام الخميني: مع العجز عن البعض و ردّ التمام مع العجز مطلقاً (5). الگلپايگاني: إذا كان إنشاء المضاربة ظاهراً في الإذن في إبقاء اليد عليه كما لايبعد ذلك، و إلّافلا وجه للانقلاب، و كذلك في الرهن (6). الخوئي: مرّ أنّه لايعتبر في المضاربة كون المال بيد العامل، و عليه فلا دلالة لعقدها على رضا المالك ببقاء المال في يد الغاصب من دون قرينة، إلّاأنّ عقد المضاربة من المالك على ذلك المال

قرينة عرفيّة على رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرّفه فيه، و عليه فلا ضمان؛ نعم، لو لم تكن هنا قرينة على ذلك فالصحيح ما ذكره الجماعة من بقاء الضمان

العروة الوثقى، ج 2، ص: 555

ترى؛ و لكن ذكر جماعة بقاء الضمان إلّاإذا اشترى به شيئاً و دفعه إلى البايع (1)، فإنّه يرتفع الضمان به، لأنّه قد قضى دينه بإذنه؛ و ذكروا نحو ذلك في الرهن أيضاً، و أنّ العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهناً عنده أنّها تبقى على الضمان، والأقوى ماذكرنا في المقامين، لماذكرنا.

مسألة 2: المضاربة جائزة من الطرفين (2) يجوز لكلّ منهما فسخها (3)؛ سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده، قبل حصول الربح أو بعده، نضّ المال أو كان به عروض، مطلقاً كانت أو مع اشتراط الأجل و إن كان قبل انقضائه (4)؛ نعم، لو اشترط فيها عدم الفسخ إلى زمان كذا، يمكن أن يقال بعدم جواز فسخها قبله، بل هو الأقوى، لوجوب الوفاء (5) بالشرط؛ و لكن عن المشهور بطلان الشرط المذكور (6)، بل العقد (1). الگلپايگاني: بل يرتفع الضمان له بمجرّد الشراء به من دون احتياج إلى الدفع؛ نعم، يحتاج إلى إذن البايع (2). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه الإجماع، لعدم نقل الخلاف من أحد و لدعواها متضافراً و اقتضاء طبع المضاربة ذلك، فإنّه نوع إذن في التصرّف الخاصّ في مال، فينعدم بانعدامه؛ و كذا من ناحية العامل من حيث العمل. و لذا سمّاها بعضهم العقد الإذنيّ و سلكها في سلك العقود الإذنيّة (3). الگلپايگاني: يعني للمالك الرجوع عن الإذن في التصرّف و للعامل الامتناع من العمل في أىّ وقت؛ وأمّا الفسخ بعد العمل و الرجوع إلى اجرة

المثل دون ما عيّناه من الربح فالأقوى عدم جوازه

مكارم الشيرازي: بمعنى رجوع المالك عن إذنه و العامل عن تعهّد العمل؛ وأمّا بالنسبة إلى ما مضى من العمل، فيجري عليهما ما قرّراه في تقسيم الربح و شبهه (4). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز الفسخ قبل انقضاء الأجل، لأنّ تعيين المدّة يرجع إلى الالتزام بعدم الفسخ قبله، فيدخل فيما يأتي إن شاء اللّه من لزوم هذا الشرط (5). الگلپايگاني: الأحوط وجوب الوفاء بالشرط تكليفاً إذا شرط أن لايفسخ، لكن إذا فسخ ينفسخ؛ و أمّا إذاشرط أن لايملك الفسخ فالأقوى بطلان الشرط و العقد كما أفتى به المشهور (6). مكارم الشيرازي: لا دليل على بطلان المضاربة باشتراط عدم الفسخ، فإنّ القدر الثابت من الإجماع على جوازها هو جوازها عند الإطلاق، فلاينافي لزومها بالاشتراط؛ و كونها بحسب الطبع جائزة لاينافي عروض اللزوم بسبب الشرط، كما أنّ طبع البيع على اللزوم ولكن لاينافي جعل الخيار بالاشتراط، و ليس هذا من قبيل اشتراط عدم التصرّف في المبيع و شبهه ممّا هو منافٍ لمقتضى العقد أو ممّا يوجب تحريم الحلال. و قد يفرّق بين اشتراط اللزوم على نحو شرط النتيجة و اشتراط الفسخ بعنوان شرط ترك الفعل؛ و فيه أنّه لا فرق بين الصورتين في الجواز و عدمه، فإنّ التزام عدم الفسخ إن كان مقتضاه عدم قدرته عليه وضعاً فهذا بعينه اشتراط اللزوم، و إن كان بمعنى الحكم التكليفيّ بحيث لو فسخ ارتكب حراماً و صحّ الفسخ كما قيل فهو أجنبي عن باب الشروط، فإنّها تعود إلى حقّ لأحد الطرفين على الآخر، و لا معنى للحكم التكليفيّ المجرّد عن الوضع في هذه الأبواب، فإنّ الشروط التزامات معلّقة بالتزامات اخرى لا التزام

في التزام فقط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 556

أيضاً (1)، لأنّه منافٍ لمقتضى العقد، و فيه منع، بل هو منافٍ لإطلاقه (2). و دعوى أنّ الشرط في العقود الغير اللازمة غير لازم الوفاء، ممنوعة (3)؛ نعم، يجوز فسخ العقد فيسقط الشرط، و إلّا فمادام العقد باقياً يجب الوفاء بالشرط فيه، و هذا إنّما يتمّ في غير الشرط الّذي مفاده عدم (1). الخوئي: ذكرنا في محلّه أنّ اشتراط العقد بشي ء ليس معناه مجرّد مقارنة التزام مع التزام آخر، بل هويختلف باختلاف الموارد؛ فقد يكون معنى الشرط في ضمن العقد تعليق الالتزام بالعقد و الوفاء به عليه كما إذا اشترط في بيع عبد مثلًا كونه كاتباً أو عادلًا أو ما شاكل ذلك، و قد يكون معناه تعليق نفس العقد على الالتزام بشي ء كما إذا اشترطت المرأة في عقد النكاح السكنى في بلد معيّن مثلًا أو نحو ذلك، و قد يكون كلا الأمرين معاً كما إذا اشترط البايع أو المشتري على الآخر خياطة الثوب أو كتابة شي ء مثلًا؛ ثمّ إنّ الاشتراط فيما نحن فيه ليس من قبيل الأوّل حيث إنّه لا التزام هنا بالعقد حتّى يعلّق على شي ء آخر، بل هو من قبيل الثاني بمعنى أنّ المعلّق على الالتزام بشي ء إنّما هو عقد المضاربة نفسه، و عليه ففيما نحن فيه إن كان المعلّق عليه هو لزوم العقد و وجوب الوفاء به فهو باطل، و إن كان هو الالتزام بعدم فسخه خارجاً فهو صحيح و يجب عليه الوفاء به ولكن لايوجب لزوم العقد وضعاً، و من هنا إذا فسخ كان فسخه نافذاً و إن كان غير جائز، و كذا الحال فيما إذا اشترط في ضمن عقد آخر؛ و بذلك يظهر الحال

في سائر فروض المسألة (2). الامام الخميني: اشتراط عدم الفسخ كما هو المفروض، غير منافٍ لإطلاقه أيضاً، لعدم اقتضاء العقد و لا إطلاقه الفسخ و عدمه، بل مقتضاه أو مقتضى إطلاقه جواز العقد مقابل اللزوم، و شرط عدم الفسخ لايقتضي اللزوم حتّى ينافي مقتضى العقد، فشرط اللزوم باطل غير مبطل للعقد و شرط عدم الفسخ صحيح، و الظاهر أنّه يجب العمل به ما دام العقد باقياً، فإذا شرط في ضمن عقد المضاربة عدم الفسخ يجب العمل به، لكن لو فسخ ينفسخ و إن عصى بمخالفة الشرط، و إن شرط في ضمن عقد جائز آخر يجب العمل به مادام ذلك العقد باقياً، و مع فسخه يجوز فسخ المضاربة أيضاً بلا عصيان، و لو شرط في ضمن عقد لازم عدم الفسخ يجب الوفاء به مطلقاً، لكن لو فسخ المضاربة تنفسخ، لعدم اقتضاء شرط عدم الفسخ لزومها بوجه، فما في المتن من صيرورة العقد لازماً غير تامّ؛ سواء كان في ضمنه أو ضمن عقد آخر لازم أو جائز (3). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم وجوب الوفاء بها، كأصل العقد. و العمدة قاعدة الفرعيّة و التبعيّة؛ فإنّ الشرط ليس التزاماً مستقلًاّ في ظرف التزام آخر، بل هو كجزء منه و تابع له، محكوم بأحكامه، و لذا يقال: للشرط قسط من الثمن، فهو في الحقيقة كجزء من الثمن أو المثمن، بل أدون منه، لما عرفت من أنّه أمر تابع، فكيف يزيد الفرع على الأصل؟ نعم، إذا كان الشرط عدم الفسخ فاللازم العمل به، لأنّه يوجب تبدّل الموضوع بالعرض و يجعل العقد الجائز لازماً كذلك، من غير أن يكون مخالفاً للشرع و الإجماع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 557

الفسخ مثل المقام، فإنّه يوجب

لزوم (1) ذلك العقد (2). هذا، و لو شرط عدم فسخها في ضمن عقد لازم آخر (3)، فلا إشكال في صحّة الشرط و لزومه (4)، و هذا يؤيّد ما ذكرنا من عدم كون الشرط المذكور منافياً لمقتضى العقد، إذ لو كان منافياً لزم عدم صحّته في ضمن عقد آخر أيضاً. و لو شرط في عقد مضاربة عدم فسخ مضاربة اخرى سابقة، صحّ و وجب الوفاء به (5)، إلّاأن يفسخ هذه المضاربة فيسقط الوجوب، كما أنّه لو اشترط في مضاربة مضاربة اخرى (6) في مال آخر أو أخذ بضاعة منه أو قرض أو خدمة أو نحو ذلك، وجب الوفاء به (7) مادامت المضاربة باقية، و إن فسخها سقط الوجوب. و لابدّ أن يحمل ما اشتهر من أنّ الشروط في ضمن العقود الجائزة غير لازمة الوفاء، على هذا المعنى، و إلّافلا وجه لعدم لزومها مع بقاء العقد على حاله، كما اختاره صاحب الجواهر بدعوى أنّها تابعة للعقد لزوماً و جوازاً، بل مع جوازه هي أولى بالجواز و أنّها معه شبه الوعد، و المراد من قوله تعالى:

«أوفوا بالعقود» اللازمة منها، لظهور الأمر فيها في الوجوب المطلق، والمراد من قوله عليه السلام:

«المؤمنون عند شروطهم» بيان صحّة أصل الشرط، لا اللزوم و الجواز، إذ لايخفى ما فيه.

مسألة 3: إذا دفع إليه مالًا و قال: اشتر به بستاناً مثلًا أو قطيعاً من الغنم، فإن كان المراد الاسترباح بهما بزيادة القيمة صحّ مضاربةً، و إن كان المراد الانتفاع بنمائهما بالاشتراك ففي صحّته مضاربةً وجهان؛ من أنّ الانتفاع بالنماء ليس من التجارة فلايصحّ، و من أنّ حصوله يكون بسبب الشراء فيكون بالتجارة، و الأقوى البطلان مع إرادة عنوان المضاربة، إذ هي ما (1).

الامام الخميني: مرّ الإشكال فيه و فيما بعده (2). الگلپايگاني: تكليفاً على الأحوط لا وضعاً، كما مرّ (3). مكارم الشيرازي: لو كان الشرط منافياً لمقتضى العقد، لايجوز اشتراطه لا في نفس العقد و لا في غيرها، لما ذكر في محلّه من رجوعه إلى اشتراط ما يخالف الكتاب و السنّة و تحريم الحلال أو تحليل الحرام؛ و إن لم تكن كذلك، جاز اشتراطه في نفس العقد، فما اشتهر بين بعض المتأخّرين من الفرق بينهما، غير واضح (4). الگلپايگاني: تكليفاً إن شرط أن لايفسخ؛ و أمّا إن شرط أن لايملك الفسخ فالشرط باطل، كما مرّ (5). الگلپايگاني: تكليفاً على الأحوط في شرط أن لايفسخ دون أن لايملك الفسخ، فإنّه باطل، كما مرّ (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الشروط في ضمن العقود الجائزة جائزة، فلا أثر لهذا الشرط (7). الگلپايگاني: على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 558

يكون الاسترباح فيه بالمعاملات و زيادة القيمة، لا مثل هذه الفوائد؛ نعم، لا بأس بضمّها إلى زيادة القيمة. و إن لم يكن المراد خصوص عنوان المضاربة فيمكن دعوى (1) صحّته (2)، للعمومات (3).

مسألة 4: إذا اشترط المالك على العامل أن يكون الخسارة عليهما (4) كالربح، أو اشترط ضمانه لرأس المال، ففي صحّته وجهان؛ أقواهما الأوّل (5)، لأنّه ليس شرطاً منافياً لمقتضى العقد، كما قد يتخيّل، بل إنّما هو منافٍ لإطلاقه، إذ مقتضاه كون الخسارة على المالك و عدم ضمان العامل إلّامع التعدّي أو التفريط. (1). الخوئي: لكنّها بعيدة. و قد تقدّم نظير ذلك (2). الامام الخميني: الأقرب هو البطلان

الگلپايگاني: و الأقوى بطلانه (3). مكارم الشيرازي: لما قد عرفت من أنّ عناوين العقود غير منحصرة بالعناوين المعروفة و أنّ الأصل في كلّ عقدٍ

الصحّة بمقتضى العمومات، و كأنّهم بنوا على فساد المضاربة بحسب الأصل، لكونها من المعاملات الغرريّة، فأخذوا بالقدر المتيقّن من الصحّة و أنكروا غيرها، مع أنّه ممنوع جدّاً؛ و أىّ غرر و جهل و سفاهة فيها، مع أنّ معلوميّة كلّ شي ء لابدّ أن يكون بحسبه (4). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز هذا الشرط؛ و العمدة فيه ما رواه محمّد بن قيس (1 من الباب 4 من أبواب المضاربة) المعمول بها بين الأصحاب؛ مضافاً إلى أنّه مخالف لمقتضى طبع عقد المضاربة؛ هذا، و قد صرّح في الرواية بأنّها تتبدّل قرضاً عند اشتراط الخسارة، و لا مانع من العمل به إلّاما قديقال من أنّه مخالف للقواعد، لأنّ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد؛ ولكن يمكن أن يقال: إنّه ليس حقيقة القرض إلّاإعطاء المال و تضمين الخسارة، أعني البدل؛ و بعبارة اخرى: التمليك مع الضمان، فتدبّر. و من هنا يظهر أنّ تعليله بعدم كونه منافياً لمقتضى العقد بل لإطلاقه، غير تامّ بعد ورود النصّ و اقتضاء عقد المضاربة ذلك (5). الامام الخميني: بل الثاني؛ نعم، لو شرط أنّه لو وقع نقصان على رأس المال و خسران على المالك جبرالعامل نصفه مثلًا لا بأس به و لزم على العامل العمل به؛ سواء شرط في ضمن عقد لازم أو جائز مع بقائه؛ نعم، له فسخه و رفع موضوعه، بل لايبعد الصحّة لو كان مرجع الشرط إلى انتقال الخسران إلى عهدته بعد حصوله في ملكه بنحو شرط النتيجة

الخوئي: هذا إذا كان الاشتراط راجعاً إلى لزوم تدارك العامل الخسارة من كيسه؛ و أمّا إذا رجع إلى اشتراط رجوع الخسارة إليه فالأظهر بطلان الشرط، و بذلك يظهر الحال في اشتراط ضمانه لرأس المال

الگلپايگاني: مشكل، بل إذا اشترط أن تكون الخسارة على العامل انقلبت قرضاً و تمام الربح للعامل، للنصّ المعمول به

العروة الوثقى، ج 2، ص: 559

مسألة 5: إذا اشترط المالك على العامل أن لايسافر مطلقاً أو إلى البلد الفلانيّ أو إلّاإلى البلد الفلانيّ، أو لايشتري الجنس الفلانيّ أو إلّاالجنس الفلانيّ، أو لايبيع من زيد مثلًا أو إلّا من زيد، أو لايشتري من شخص أو إلّامن شخص معيّن، أو نحو ذلك من الشروط، فلايجوز له المخالفة، و إلّاضمن المال لو تلف بعضاً أو كلًاّ و ضمن الخسارة مع فرضها. و مقتضى القاعدة و إن كان كون تمام الربح للمالك على فرض إرادة القيديّة إذا أجاز المعاملة، و ثبوت خيار تخلّف الشرط على فرض كون المراد من الشرط التزام في الالتزام، و كون تمام الربح له على تقدير الفسخ، إلّاأنّ الأقوى اشتراكهما في الربح على ما قرّر، لجملة من الأخبار (1) الدالّة على ذلك، و لا داعي إلى حملها على بعض المحامل، و لا إلى الاقتصار على مواردها، لاستفادة العموم من بعضها الآخر.

مسألة 6: لايجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر (2) لنفسه أو غيره، إلّامع إذن المالك عموماً، كأن يقول: اعمل به على حسب ما تراه مصلحة إن كان هناك مصلحة، أو خصوصاً؛ فلو خلط بدون الإذن ضمن التلف، إلّاأنّ المضاربة الباقية و الربح بين المالين على النسبة.

مسألة 7: مع إطلاق العقد يجوز للعامل التصرّف على حسب ما يراه من حيث البايع و المشتري و نوع الجنس المشترى، لكن لايجوز له أن يسافر من دون إذن المالك (3)، إلّاإذا كان (1). مكارم الشيرازي: بل يمكن توجيهه على القواعد أيضاً، و كون الروايات الدالّة على تقسيم الربح بينهما

الواردة في الباب الأوّل من باب المضاربة على مقتضى القاعدة، لما قد عرفت غير مرّة من أنّ الشرط ليس من مقوّمات العقد و إن اخذ على نحو القيديّة، بل من توابعه؛ ففي الحقيقة يكون ذكره من باب تعدّد المطلوب، و لهذا لايكون تخلّفه في البيع موجباً للفساد، بل يوجب الخيار، ففي المقام أيضاً تخلّف الشرط لايوجب فساداً في المضاربة و لا معنى للخيار بعد كون العقد جائزاً. و ما في بعض الحواشي من توجيهه بأنّ المقصود الربح، فإذا خالف الشرط و حصل الربح حصل المقصود، فيكون مجازاً من المالك، كما ترى (2). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ المقامات مختلفة جدّاً لاتندرج تحت ضابطة واحدة، ففي كلّ مقام لابدّ من ملاحظة إطلاق العقد أو انصرافه؛ ففي مثل البنوك الإسلاميّة، الشواهد قائمة على جواز الاختلاط؛ و كذا من يكثر المضاربة لأشخاص كثيرين (3). مكارم الشيرازي: المتعارف في عصرنا هو المسافرة بالمال، و منعه يحتاج إلى التصريح به؛ و لايكون في الأسفار مخاطرة ظاهرة كسابق الأيّام، بل قد يتجنّب عن خطراته الطفيفة بالتأمين، فما هو المعروف من كلمات القوم مأخوذ من كلمات السابقين؛ و من العجب اقتفاء جمع من المعاصرين لهم، مع تغيّر الموضوع و تبدّله في عصرنا، و الأحكام تابعة لموضوعاتها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 560

هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق؛ و إن خالف فسافر، فعلى ما مرّ في المسألة المتقدّمة.

مسألة 8: مع إطلاق العقد و عدم الإذن في البيع نسيئةً لايجوز له ذلك (1)، إلّاأن يكون متعارفاً ينصرف إليه (2) الإطلاق، و لو خالف في غير مورد الانصراف (3) فإن استوفى الثمن قبل اطّلاع المالك (4) فهو، و إن اطّلع المالك قبل الاستيفاء فإن أمضى فهو، و إلّافالبيع باطل

(5) و له الرجوع على كلّ من العامل و المشتري مع عدم وجود المال عنده أو عند مشترٍ آخر منه، فإن رجع على المشتري بالمثل أو القيمة لايرجع هو على العامل إلّاأن يكون مغروراً من قبله و كانت القيمة أزيد من الثمن، فإنّه حينئذٍ يرجع بتلك الزيادة عليه، و إن رجع على العامل يرجع هو على المشتري بما غرم (6)، إلّاأن يكون مغروراً منه و كان الثمن أقلّ، فإنّه حينئذٍ يرجع بمقدار الثمن.

مسألة 9: في صورة إطلاق العقد لايجوز له أن يشتري بأزيد من قيمة المثل، كما أنّه لايجوز أن يبيع بأقلّ من قيمة المثل و إلّابطل (7)؛ نعم، إذا اقتضت المصلحة أحد الأمرين، لا (1). مكارم الشيرازي: لا وجه لجعل الحرمة أصلًا في المسألة؛ فإنّ المضاربة في أعصارنا، لاسيّما في المعاملات الخطيرة، قلّما تخلو عن بيع النسيئة، لأنّ بيع المتاع بالنقد الحاضر في مقابل النسيئة قليل، و لا أقلّ من تعارف كليهما؛ فالأولى إيكال كلّ مورد على متعارفه الّذي ينصرف إليه الإطلاق (2). الگلپايگاني: لايبعد كفاية عدم الانصراف عنه (3). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه لو خالف، ضمن و كان الربح بينهما؛ فلايبقى مجال لما ذكره من التفصيل. و الوجه فيه أنّ الانصراف إلى بيع النقد، لو قلنا به، في حكم الشرط؛ و قد عرفت أنّ الشرط لو خولف أوجب الضمان و الربح بينهما، و الظاهر أنّ الحكم عامّ في جميع الشروط و أنّ الكلّ من قبيل تعدّد المطلوب و أنّه يمكن إلغاء الخصوصيّة من الروايات السابقة، كما لايخفى لمن راجعها (4). الگلپايگاني: لا خصوصيّة فيه (5). الگلپايگاني: مشكل، بل لو قيل بصحّة المضاربة و كون الخسارة و التلف على العامل و اشتراك الربح بينهما

ففيه وجه، لأنّ الانصراف لايزيد عن الاشتراط، و مع ذلك لايُترك الاحتياط في مثل المقام (6). الگلپايگاني: بل بمقدار الثمن على هذا القول إن لم يأخذه و لم يكن الثمن زائداً على ما غرم، و يجري ذلك الوجه فيما يذكر من نظائر المسألة (7). الگلپايگاني: مشكل، و يجري فيها ما تقدّم في المسألة السابقة من وجه الصحّة

مكارم الشيرازي: لايبعد الحكم بالضمان هنا و كون الربح بينهما أيضاً إذا حصل ربح و إن كانت المسألة لاتخلو من إشكال، نظراً إلى أنّ الاسترباح من مقوّمات المضاربة، و البيع بأقلّ من ثمن المثل أو الاشتراء بأكثر منه مخالف له، فتدبّر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 561

بأس به.

مسألة 10: لايجب في صورة الإطلاق أن يبيع بالنقد، بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر. و قيل بعدم جواز البيع إلّابالنقد المتعارف، و لا وجه له، إلّاإذا كان جنساً لا رغبة للناس فيه غالباً (1).

مسألة 11: لايجوز شراء المعيب إلّاإذا اقتضت المصلحة، و لو اتّفق فله الردّ أو الأرش على ما تقتضيه المصلحة.

مسألة 12: المشهور، على ما قيل، أنّ في صورة الإطلاق يجب أن يشتري بعين المال (2)، فلايجوز الشراء في الذمّة، و بعبارة اخرى: يجب أن يكون الثمن شخصيّاً من مال المالك، لاكلّياً في الذمّة، و الظاهر أنّه يلحق به الكليّ في المعيّن أيضاً و علّل ذلك بأنّه القدر المتيقّن، و أيضاً الشراء في الذمّة قد يؤدّي إلى وجوب دفع غيره، كما إذا تلف رأس المال قبل الوفاء، و لعلّ المالك غير راضٍ بذلك، و أيضاً إذا اشترى بكليّ في الذمّة لايصدق على الربح أنّه ربح مال المضاربة؛ و لايخفى ما في هذه العلل. و الأقوى كما هو المتعارف، جواز الشراء (3) في الذمّة (4)

و الدفع من رأس المال؛ ثمّ إنّهم لم يتعرّضوا لبيعه، و مقتضى ما ذكروه وجوب كون المبيع أيضاً شخصيّاً لا كلّيّاً، ثمّ الدفع من الأجناس الّتي عنده، و الأقوى فيه أيضاً جواز (1). الگلپايگاني: بحيث يوجب انصراف الإطلاق عنه، فيصير كالاشتراط و قد مرّ حكمه (2). مكارم الشيرازي: كونه مذهب المشهور، غيرثابت؛ و لعلّهم أرادوا الاشتراء بعين المال أو على ذمّة المالك مقيّداً بأدائه من مال المضاربة، و دليلهم على هذا الشرط ظاهر، فإنّ المضاربة معناها الاشتراء بمال المضاربة، و من الواضح أنّه ليس من المتعارف الاشتراء بعين المال دائماً، بل في البيوع الخطيرة قلّما يتّفق ذلك و يكون في الأكثر بعنوان الذمّة على نحو الإطلاق أو بصورة الكليّ في المعيّن (3). الگلپايگاني: محلّ تأمّل، فلايُترك الاحتياط بالاقتصار على ما اسند إلى المشهور بل ادّعي عليه الإجماع (4). الامام الخميني: لكن لا بمعنى جواز إلزام المالك على تأديته من غير مال المضاربة في صورة تلفه، و كذاالحال في المبيع الكلّي، لعدم الإذن على هذا الوجه، و ما هو لازم عقد المضاربة هو الإذن بالشراء كليّاً متقيّداً بالأداء من مال المضاربة، لأنّه من الاتّجار بالمال عرفاً؛ نعم، للعامل أن يتّجر بعين شخصيّة و إن كان غير متعارف، لكنّه مأذون فيه قطعاً و أحد مصاديق الاتّجار بالمال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 562

كونه كلّيّاً و إن لم يكن في التعارف مثل الشراء.

ثمّ إنّ الشراء في الذمّة يتصوّر على وجوه:

أحدها: أن يشتري العامل بقصد المالك و في ذمّته من حيث المضاربة.

الثاني: أن يقصد كون الثمن في ذمّته من حيث إنّه عامل و وكيل عن المالك. و يرجع إلى الأوّل، و حكمها الصحّة و كون الربح مشتركاً بينهما على ما ذكرنا. و

إذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمّة المالك (1) يؤدّي من ماله الآخر.

الثالث: أن يقصد ذمّة نفسه و كان قصده الشراء لنفسه و لم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة، ثمّ دفع منه؛ و على هذا، الشراء صحيح (2) و يكون غاصباً في دفع مال المضاربة من غير إذن المالك، إلّاإذا كان مأذوناً في الاستقراض و قصد القرض (3).

الرابع: كذلك، لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة حين الشراء، حتّى يكون الربح له فقصد نفسه حيلةً منه؛ و عليه يمكن الحكم بصحّة الشراء وإن كان عاصياً في التصرّف في مال المضاربة من غير إذن المالك و ضامناً له، بل ضامناً للبايع أيضاً، حيث إنّ الوفاء بمال الغير غير صحيح؛ و يحتمل القول ببطلان الشراء، لأنّ رضا البايع مقيّد بدفع الثمن، والمفروض أنّ الدفع بمال الغير غير صحيح فهو بمنزلة السرقة، كما ورد في بعض الأخبار: «أنّ من استقرض و لم يكن قاصداً للأداء فهو سارق»؛ و يحتمل صحّة الشراء و كون قصده لنفسه لغواً بعد أن كان بناؤه الدفع من مال المضاربة، فإنّ البيع و إن كان بقصد نفسه و كلّياً في ذمّته، إلّاأنّه ينصبّ على هذا الّذي يدفعه، فكان البيع وقع عليه؛ و الأوفق بالقواعد (1). الامام الخميني: مع إذنه في الشراء كذلك، و كذا الحال في المبيع إذا أذن في البيع كذلك، لكن مع تلف مال المضاربة لايكون ذلك مال المضاربة

الخوئي: في إطلاقه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: مع الإذن في الشراء كذلك أو الإجازة، و إلّاكان باطلًا

مكارم الشيرازي: بل يكون الشراء باطلًا، لأنّ المفروض كونه مقيّداً بأداء الذمّة من مال المضاربة؛ فإذا تلف، بطل البيع (2). الگلپايگاني: للعامل و غير مربوط

بالمضاربة

مكارم الشيرازي: يعني أنّه صحيح لنفس العامل و يكون الربح له فقط (3). الامام الخميني: و على أىّ حال يكون الربح له و لايرتبط بمال المضاربة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 563

الوجه الأوّل، و بالاحتياط الثاني، و أضعف الوجوه الثالث وإن لم يستبعده الآقا البهبهانيّ.

الخامس: أن يقصد الشراء في ذمّته من غير التفات إلى نفسه و غيره؛ و عليه أيضاً يكون المبيع له (1) و إذا دفعه من مال المضاربة يكون عاصياً (2). و لو اختلف البايع و العامل في أنّ الشراء كان لنفسه أو لغيره و هو المالك المضارب، يقدّم قول البايع، لظاهر الحال (3)، فيلزم بالثمن من ماله و ليس له إرجاع البايع إلى المالك المضارب.

مسألة 13: يجب على العامل بعد تحقّق عقد المضاربة ما يعتاد بالنسبة إليه و إلى تلك التجارة في مثل ذلك المكان و الزمان من العمل (4)، و تولّى ما يتولّاه التاجر لنفسه، من عرض القماش و النشر و الطىّ و قبض الثمن و إيداعه في الصندوق و نحو ذلك ممّا هو اللائق و المتعارف، و يجوز له استيجار من يكون المتعارف استيجاره مثل الدلّال و الحمّال و الوزّان و الكيّال و غير ذلك، و يعطي الاجرة من الوسط، و لو استأجر فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالاجرة من ماله (5)، و لو تولّى بنفسه ما يعتاد الاستيجار له فالظاهر جواز أخذ الاجرة (6) إن (1). الامام الخميني: إذا لم يكن انصراف يصرفه إلى العمل للمضاربة

مكارم الشيرازي: كون المبيع للعامل على إطلاقه ممنوع، لأنّه ربّما يكون الشراء بعنوان أنّه عامل و لو لم يخطر هذا العنوان في ذهنه، بل كان مركوزاً في خاطره؛ و حينئذٍ يكون البيع للمالك المضارب (2). الگلپايگاني: و يكون ضامناً للبايع

أيضاً (3). الامام الخميني: ظهور الحال في ذلك على إطلاقه محلّ إشكال، و حجيّة هذا الظهور على فرضه محلّ تأمّل، و تقديم قوله مع عدم الحجيّة ممنوع؛ نعم، لو كان ظهور لفظه في أنّ الشراء لنفسه، يؤخذ به و يقدّم قول من وافق قوله الظهور

الگلپايگاني: ظاهر الحال يختلف، لكنّ البيع يسند إلى نفسه ما لم يصرف عنه صارف

مكارم الشيرازي: ظهور حال المشتري في كون الاشتراء لنفسه دائماً، أيضاً ممنوع، بل ظاهر الحال يختلف؛ فربّما يكون ظاهراً في كونه بعنوان المضاربة، و اخرى ظاهر في كونه لنفسه؛ و إذا شكّ، كان الأصل كونه لنفسه (4). مكارم الشيرازي: و العمدة في الحكم بالوجوب خلافاً لغير واحد ممّن حكم بالجواز، أنّ إذن المالك كان مشروطاً به، فإمّا أن يفسخ و يردّ المال أو يضارب به على النحو المتعارف المنصرف إليه العقد (5). الگلپايگاني: و ضمن المال لو تلف في يد الأجير، إلّاإذا كان مأذوناً في ذلك (6). مكارم الشيرازي: جواز أخذ الاجرة مشروط بإطلاق المضاربة و شموله لمثله، و هذا الإطلاق غير ثابت في جميع الموارد، فلايمكن الحكم به مطلقاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 564

لم يقصد التبرّع، و ربما يقال بعدم الجواز (1)، و فيه: أنّه منافٍ لقاعدة احترام عمل المسلم المفروض عدم وجوبه عليه.

مسألة 14: قد مرّ أنّه لايجوز للعامل السفر من دون إذن المالك، و معه فنفقته في السفر من رأس المال (2) إلّاإذا اشترط المالك كونها على نفسه؛ و عن بعضهم كونها على نفسه مطلقاً، و الظاهر أنّ مراده فيما إذا لم يشترط كونها من الأصل، و ربما يقال: له تفاوت ما بين السفر والحضر، و الأقوى ما ذكرنا من جواز أخذها من أصل المال بتمامها، من مأكل

و مشرب و ملبس و مسكن ونحو ذلك ممّا يصدق عليه النفقة؛ ففي صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام: «في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال، فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه». هذا، و أمّا في الحضر فليس له أن يأخذ من رأس المال (3) شيئاً، إلّاإذا اشترط على المالك ذلك.

مسألة 15: المراد بالنفقة ما يحتاج إليه من مأكول و ملبوس و مركوب (4) و آلات يحتاج إليها في سفره و اجرة المسكن و نحو ذلك، و أمّا جوائزه و عطاياه و ضيافاته و مصانعاته فعلى نفسه، إلّاإذا كانت التجارة موقوفة عليها (5).

مسألة 16: اللازم الاقتصار على القدر اللائق، فلو أسرف حسب عليه؛ نعم، لو قتر على (1). الگلپايگاني: و هو الأقوى، إلّاإذا أذن المالك و لو بالفحوى لتولّي نفسه أيضاً، لأنّ العمل للغير بدون إذنه هتك لاحترام عمله (2). مكارم الشيرازي: ليس هذا حكماً تعبّديّاً كما يظهر من بعض كلمات القوم، بل الظاهر أنّه ناظر إلى إطلاق المضاربة و انصرافه إلى ما تداول بين العرف و العقلاء في هذا الموضوع، كما أنّ النصّ الوارد في المسألة (رواية عليّ بن جعفر و رواية السكوني، 1 و 2 من الباب 6 من أبواب المضاربة) لايشير إلى أمر تعبّدي، بل الظاهر أنّه أيضاً حكم وارد على موضوع خارجيّ متعارف، فعلى هذا لو تغيّر أو تبدّل هذا العرف و العادة في مكان أو زمان، كان الحكم تابعاً له، متابعة الحكم لموضوعه (3). مكارم الشيرازي: يعني في مصارفه المتعلّقة بشخصه، لا بالتجارة (4). مكارم الشيرازي: النفقة على أقسام: قسم يختصّ بالسفر كنفقة المركب، و قسم يزيد في السفر كنفقة الزاد غالباً، و

قسم لايتفاوت فيه الحال أصلًا؛ فالأوّل داخل فيها قطعاً، و الثاني كذلك بحسب ظاهر الأدلّة، ولكن في الثالث إشكال؛ و الأحوط عدم المحاسبة (5). الامام الخميني: أو كانت مصلحة التجارة تقتضيها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 565

نفسه أو صار ضيفاً عند شخص، لايحسب له (1).

مسألة 17: المراد من السفر، العرفيّ لا الشرعيّ (2)، فيشمل السفر فرسخين أو ثلاثة، كما أنّه إذا أقام في بلد عشرة أيّام أو أزيد كان نفقته من رأس المال، لأنّه في السفر عرفاً؛ نعم، إذا أقام بعد تمام العمل لغرض آخر مثل التفرّج أو لتحصيل مال له أو لغيره ممّا ليس متعلّقاً بالتجارة، فنفقته في تلك المدّة على نفسه؛ و إن كان مقامه لما يتعلّق بالتجارة و لأمر آخر، بحيث يكون كلّ منهما علّة مستقلّة لولا الآخر، فإن كان الأمر الآخر عارضاً في البين فالظاهر (3) جواز أخذ تمام النفقة من مال التجارة، و إن كانا في عرض واحد ففيه وجوه (4)؛ ثالثها التوزيع (5)، و هو الأحوط (6) في الجملة، و أحوط منه كون التمام على نفسه، و إن كانت العلّة مجموعهما بحيث يكون كلّ واحد جزءً من الداعي فالظاهر التوزيع.

مسألة 18: استحقاق النفقة مختصّ بالسفر (7) المأذون فيه، فلو سافر من غير إذن أو في غير الجهة المأذون فيه أو مع التعدّي عمّا اذن فيه، ليس له أن يأخذ من مال التجارة.

مسألة 19: لو تعدّد أرباب المال، كأن يكون عاملًا لاثنين أو أزيد أو عاملًا لنفسه و غيره (8)، توزع النفقة. و هل هو على نسبة المالين أو على نسبة (1). مكارم الشيرازي: لأنّ الظاهر من الأدلّة جواز صرف النفقة من رأس المال، لا كونه حقّاً له مثل حقّ نفقة الزوجة

على المشهور (2). مكارم الشيرازي: فالعاصي بسفره و من يكون السفر عمله أو يمرّ على وطنه أو شبهها، يجوز لهم الإنفاق من رأس المال و إن كان صلاتهم تامّة (3). الامام الخميني: الأحوط التوزيع، بل لايخلو من وجه (4). الخوئي: لايبعد أن يكون الأخذ من مال التجارة هو الأظهر

مكارم الشيرازي: الأقوى هو توزيع النفقة عليهما، هذا إذا كان كلّ واحد منهما جزءً لمطلوبه؛ أمّا لو كان كلّ واحد علّة تامّة، فالظاهر جواز احتسابها على مال المضاربة، لصدق عنوان السفر لها و إن صدق عليه غيره أيضاً، لأنّ المعتبر صدق هذا العنوان، لا نفي غيره (5). الامام الخميني: و هو الأوجه (6). الگلپايگاني: بل لايبعد جواز أخذ التمام من رأس المال عملًا بإطلاق النصّ (7). الگلپايگاني: مشكل، بل لايبعد كونها من رأس المال مادامت المضاربة باقية و الربح بينهما؛ و لاينافي ذلك كون الخسارة عليه لمخالفة المالك (8). الگلپايگاني: التوزيع في هذه الصورة محلّ تأمّل، بل لايبعد جواز أخذ التمام من رأس مال التجارة للغير إذاكانت مضاربته علّة مستقلّة للسفر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 566

العملين (1)؟ قولان (2).

مسألة 20: لايشترط في استحقاق النفقة ظهور ربح، بل ينفق من أصل المال و إن لم يحصل ربح أصلًا؛ نعم، لو حصل الربح بعد هذا، تحسب من الربح و يعطى المالك تمام رأس ماله ثمّ يقسّم بينهما.

مسألة 21: لو مرض في أثناء السفر (3)، فإن كان لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة، و إن منعه ليس له (4)، و على الأوّل لايكون منها ما يحتاج إليه للبرء من المرض.

مسألة 22: لو حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء السفر، فنفقة الرجوع على نفسه (5)، بخلاف ما إذا بقيت و لم تنفسخ، فإنّها من مال

المضاربة.

مسألة 23: قد عرفت الفرق بين المضاربة و القرض (6) و البضاعة، و أنّ في الأوّل الربح (1). مكارم الشيرازي: و هنا احتمال ثالث، و هو التوزيع بينهما على نحو التساوي؛ و ذلك لأنّ السفر للمال الكثير و القليل نفقته سواء، كما أنّه لايتفاوت الحال بين العمل الكثير و القليل في نفقة السفر؛ مثلًا إذا سافر الإنسان إلى البلد الفلاني لمضاربة ألف دينار أو ألف درهم، لايتفاوت نفقة سفره؛ و هكذا لو عمل في كلّ يوم ساعة واحدة أو عشر ساعات، فمصارف المركب و الطعام و غيرهما سيّان غالباً؛ فتأمّل (2). الامام الخميني: الأحوط رعاية أقلّ الأمرين إذا كان عاملًا لنفسه وغيره والتخلّص بالتصالح إذاكان عاملًا لاثنين

الخوئي: لايبعد أن يكون القول الثاني هو الأظهر

الگلپايگاني: أقواهما الأوّل (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ المرض إذا كان من عوارض السفر، يحسب نفقة الدواء و الطبيب من مال المضاربة؛ سواء منعه من التجارة أو لم يمنعه؛ نعم، لو كان له مرض من قبل لم يتفاوت فيه السفر، أو مرض يعود عليه زماناً بعد زمان بحيث لايتفاوت الحال فيه في السفر و الحضر، فاحتسابه على مال المضاربة مشكل، كما تقدّم نظيره في سائر النفقات؛ و الدليل على ما ذكرنا في الصورة الاولى أنّها تعدّ من النفقة عرفاً، بل قد يكون أهمّ من سائر النفقات، فلا وجه لاستثنائه منها (4). الامام الخميني: على الأحوط فيهما

الگلپايگاني: على الأحوط (5). الخوئي: و فيه أنّ الأمر كذلك في فرض الانفساخ و فيما إذا كان الفسخ من قبل العامل؛ و أمّا فيما إذا كان الفسخ من قبل المالك، ففي كون نفقة الرجوع على نفسه لايخلو عن إشكال قويّ

مكارم الشيرازي: في إطلاقه تأمّل واضح، لأنّ الفسخ إن كان من ناحية المالك

و كان العمل ناقصاً و الفسخ في أثنائه على غير المتعارف، فنفقته على رأس المال؛ و كذا الانفساخ (6). الامام الخميني: لكنّ الفرق بين القرض و بينهما في الماهيّة، لا في مجرّد كون الربح للعامل، بل كونه للعامل لأجل ذلك الفرق و هو التمليك بالضمان فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 567

مشترك و في الثاني للعامل و في الثالث للمالك؛ فإذا قال: خذ هذا المال مضاربةً و الربح بتمامه لي، كان مضاربة فاسدة (1)، إلّاإذا علم أنّه قصد الإبضاع (2) فيصير بضاعة، و لايستحقّ (3) العامل اجرة إلّامع الشرط أو القرائن الدالّة على عدم التبرّع، و مع الشكّ فيه و في إرادة الاجرة يستحقّ الاجرة أيضاً (4)، لقاعدة احترام (5) عمل المسلم. و إذا قال: خذه قراضاً (6) و تمام الربح لك، فكذلك مضاربة فاسدة (7)، إلّاإذا علم أنّه أراد القرض. و لولم يذكر لفظ (1). الامام الخميني: لايجتمع قصد المضاربة بمعناها الاصطلاحي و الربح بتمامه للمالك، فلابدّ من كون المقصود من المضاربة الكذائيّة البضاعة لا المضاربة الاصطلاحيّة، و البضاعة نوع من المضاربة و إن كانت قسيمة لها بمعناها الاصطلاحي؛ نعم، مع الإنشاء الصوري بلا جدّ يمكن الجمع و يكون فاسداً لغواً، بل لايصدق عليه مضاربة فاسدة أيضاً

الگلپايگاني: هذا إذا علم أنّه أراد المضاربة ثمّ عقّبها بالمنافي، وأمّا مع احتمال إرادة البضاعة فيحكم بكونها بضاعة؛ و كذا في الفرض الآتي يحكم بكونه قرضاً مع احتمال إرادته (2). مكارم الشيرازي: ليست البضاعة إلّاماقصد أنّ تمام الربح فيه للمالك، فإذا قصد هذا المعنى كان إبضاعاً؛ ولا وجه لكونه مضاربة فاسدة بعد كون قوام المضاربة تقسيم الربح، و هو هنا مفقود (3). الامام الخميني: بل يستحقّ إلّامع اشتراط عدمها أو تبرّع العامل،

هذا بحسب الواقع؛ و أمّا بحسب الحكم الظاهري فيحكم بالاستحقاق إلّاإذا احرز الخلاف لاستصحاب عدم تبرّعه المنقّح لموضوع قاعدة الاحترام على إشكال فيه، و أمّا نفس القاعدة فلاتكفي، كما أنّ نفس الاستصحاب غير مفيدة؛ و المسألة مشكلة، للإشكال في مثل هذا الاستصحاب (4). الخوئي: لايبعد عدم الاستحقاق، لظهور الكلام في العمل مجّاناً؛ و أمّا قاعدة الاحترام فهي بنفسها لاتفي بالضمان ولو علم أنّ العامل لم يقصد التبرّع بعمله

مكارم الشيرازي: هذا بحسب مقام الظاهر و الإثبات؛ و أمّا بحسب مقام الثبوت، يشكل للعامل أخذ الاجرة إذا شكّ في نيّته السابقة؛ و أصالة عدم نيّة التبرّع مثبت من هذه الجهة؛ فتأمّل (5). الگلپايگاني: بضميمة أصالة عدم قصد التبرّع في عمل أتى به بإذن الغير، و لاتعارض بأصالة عدم قصد الاجرة لأنّ قصدها لا أثر له (6). الامام الخميني: مرّ عدم إمكان الجمع بين المضاربة و البضاعة، فكذلك بل الأولى منه عدم إمكان الجمع بين القراض و القرض جدّاً، إلّاأن يريد القراض و يريد تمليكه الربح بعد ظهوره، و هو مع اجتماع شرائط القراض حتّى تعيين الحصّة قراضاً و تمليك الحصّة قبل وجودها بلا أثر، أو يريد القرض بلفظ القراض و يكون قوله: و الربح لك، قرينة عليه، ففي وقوعه قرضاً صحيحاً وجه غير خالٍ عن التأمّل (7). مكارم الشيرازي: بل هو قرض، لأنّ ماهية القرض ليست إلّاذلك؛ و معنى كون تمام الربح له، كون تمام المال له قرضاً؛ و يظهر ذلك من الرواية الدالّة على أنّه إذا ضمن العامل، فليس له إلّارأس ماله و كان قرضاً عادة (راجع الباب 4، من أبواب المضاربة)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 568

المضاربة، بأن قال: خذه و اتّجر به و الربح بتمامه لي، كان

بضاعة، إلّامع العلم (1) بإرادة المضاربة، فتكون فاسدة. و لو قال خذه و اتّجر به و الربح لك بتمامه، فهو قرض، إلّامع العلم بإرادة المضاربة ففاسد. و مع الفساد في الصور المذكورة (2) يكون تمام الربح للمالك، و للعامل اجرة عمله (3) إلّامع علمه (4) بالفساد (5).

مسألة 24: لو اختلف (6) العامل و المالك في أنّها مضاربة فاسدة أو قرض، أو مضاربة فاسدة أو بضاعة، و لم يكن هناك ظهور لفظيّ و لا قرينة معيّنة، فمقتضى القاعدة التحالف (7)، (1). الامام الخميني: لا دخل للعلم و الجهل في ذلك، و كذا في الفرع الآتي إلّاأن يكون المقصود في مقام الظاهر و الترافع و هو تابع لظهور اللفظ. و في ظهور قوله: خذه و اتّجر به و الربح لك بتمامه، في القرض تأمّل؛ نعم، قوله: خذه و اتّجر به و الربح لي، ظاهر في البضاعة (2). الخوئي: الظاهر أنّه أراد بها غير الصورة الاولى، حيث إنّه قدس سره قد بيّن حكمها بتمام شقوقها (3). الخوئي: الظاهر ثبوته في فرض علمه أيضاً (4). الگلپايگاني: لا فرق بين علمه و جهله على الأصحّ (5). الامام الخميني: مجرّد العلم بالفساد لايوجب عدم استحقاق اجرة المثل، كما مرّ في الإجارة تفصيله

مكارم الشيرازي: لا فرق بين علمه بالفساد و عدمه، لأنّه أقدم على هذا العمل بانياً على عدم مجّانية عمله، غير مبالٍ بحكم الشرع؛ و حرمة عمل المسلم تقتضي الاجرة، و حيث لم تثبت المضاربة ثبت اجرة مثل العمل (6). الامام الخميني: الميزان في التحالف و الحلف و الإحلاف هو مصبّ الدعوى، ففيما فرضه يكون مقتضى القاعدة هو التحالف، و تختلف الآثار بحسب الموارد من كون العامل مدّعياً للقرض و المالك للمضاربة الفاسدة أو

العكس، و كذا في الفرض الثاني، و التفصيل لايسع المقام (7). الخوئي: هذا إنّما يتمّ فيما إذا ادّعى المالك القرض و ادّعى العامل المضاربة الفاسدة؛ و أمّا إذا انعكست الدعوى فالظاهر أنّ الحلف يتوجّه إلى المالك لإنكاره القرض، و ليس في دعواه المضاربة الفاسدة إلزام للعامل بشي ء ليتوجّه الحلف إليه أيضاً و إذا اختلفا في أنّها مضاربة فاسدة أو بضاعة فلا أثر له بناءً على استحقاق العامل اجرة المثل في البضاعة، و ذلك لاتّفاقهما على كون الربح للمالك و استحقاق العامل اجرة المثل على عمله؛ نعم، بناءً على عدمه، كما اخترناه، يتوجّه الحلف إلى المالك لإنكاره المضاربة الفاسدة، و كيف كان فلا مجال للتحالف

الگلپايگاني: إنّما يحكم بالتحالف في خصوص ما إذا ادّعى المالك القرض لتضمين العامل التلف و الخسران و نفي استحقاق الاجرة فيحلف العامل لنفي القرض و ادّعى العامل القراض الفاسد لنفي الضمان و إثبات الاجرة، فيحلف المالك لنفيه و يحكم بعد التحالف بضمان العامل لقاعدة اليد وعدم استحقاق الاجرة لعدم إحراز كون العمل له بإذنه حتّى يكون محترماً، بل بعد الحلف على نفي المضاربة يحكم بكون المعاملات الصادرة منه فضوليّة؛ و أمّا إذا ادّعى العامل القرض ليكون الربح له فيحلف المالك على نفيه فيحكم بأنّ الربح للمالك و لا أثر لدعوى المالك المضاربة الفاسدة حتّى يحلف العامل على نفيها كما أنّ الإبضاع و المضاربة الفاسدة لا ميز بينهما في الأثر فلايسمع دعواهما حتّى يحتاج إلى التحالف لعدم الضمان و ثبوت الاجرة للعامل فيهما

مكارم الشيرازي: بل المقامات مختلفة، بعضها يرجع إلى التحالف و في بعضها يكون العامل مدّعياً و بعضها بالعكس؛ و ذلك لأنّ المدار في باب الدعاوي إن كان مصبّ الدعوى و ظاهر

اللفظ، ففي المقام لا أثر لدعوى المضاربة الفاسدة، و إن كان المدار على نتيجة الدعوى و مغزاها كما لعلّه الحقّ، فيختلف؛ فإنّه تارةً يدّعي العامل المضاربة الفاسدة في مقابل البضاعة ليكون مستحقّاً لُاجرة المثل، فالربح للمالك على كلّ حال. إنّما الدعوى في استحقاق العامل لشي ء، و الأصل عدمه و يكون المالك منكراً، إلّاأن يرجع إلى حرمة عمل المسلم، فينقلب الدعوى، فيكون المالك منكراً. و اخرى يدّعي المالك القرض لتضمين العامل، و العامل يدّعي القراض لنفي الضمان، فإن قلنا الأصل في الأموال الضمان، فالقول قول المالك (و هو الأقوى)؛ و إن قلنا بأنّ المقام من قبيل الشبهة المصداقيّة للضمان، فالقول قول العامل، إلى غير ذلك. فلايمكن الحكم بالتحالف في جميع صور المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 569

و قد يقال بتقديم قول من يدّعي الصحّة، و هو مشكل، إذ مورد الحمل على الصحّة ما إذا علم أنّهما أوقعا معاملة معيّنة و اختلفا في صحّتها و فسادها، لا مثل المقام الّذي يكون الأمر دائراً بين معاملتين على إحداهما صحيح و على الاخرى باطل؛ نظير ما إذا اختلفا في أنّهما أوقعا البيع الصحيح أو الإجارة الفاسدة مثلًا، و في مثل هذا مقتضى القاعدة التحالف، و أصالة الصحّة لاتثبت كونه بيعاً مثلًا لا إجارة، أو بضاعة صحيحة مثلًا لا مضاربة فاسدة.

مسألة 25: إذا قال المالك للعامل: خذ هذا المال قراضاً و الربح بيننا، صحّ و لكلّ منهما النصف، و إذا قال: و نصف الربح لك، فكذلك، بل و كذا لو قال: و نصف الربح لي، فإنّ الظاهر أنّ النصف الآخر للعامل، و لكن فرّق بعضهم بين العبارتين و حكم بالصحّة في الاولى، لأنّه صرّح فيها بكون النصف للعامل، و النصف الآخر

يبقى له على قاعدة التبعيّة، بخلاف العبارة الثانية، فإنّ كون النصف للمالك لاينافي كون الآخر له أيضاً على قاعدة التبعيّة، فلا دلالة فيها على كون النصف الآخر للعامل، و أنت خبير بأنّ المفهوم من العبارة عرفاً كون النصف الآخر للعامل.

مسألة 26: لا فرق بين أن يقول: خذ هذا المال قراضاً و لك نصف ربحه، أو قال خذه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 570

قراضاً و لك ربح نصفه (1)، في الصحّة و الاشتراك في الربح بالمناصفة؛ و ربما يقال بالبطلان في الثاني بدعوى أنّ مقتضاه كون ربح النصف الآخر بتمامه للمالك، و قد يربح النصف فيختصّ به أحدهما، أو يربح أكثر من النصف فلايكون الحصّة معلومة، و أيضاً قد لايعامل إلّافي النصف، و فيه: أنّ المراد ربح نصف ما عومل به و ربح، فلا إشكال.

مسألة 27: يجوز اتّحاد المالك و تعدّد العامل (2) مع اتّحاد المال أو تميّز مال كلّ من العاملين؛ فلو قال: ضاربتكما و لكما نصف الربح، صحّ و كانا فيه سواء، و لو فضّل أحدهما على الآخر صحّ أيضاً و إن كانا في العمل سواء (3)، فإنّ غايته اشتراط حصّة قليلة لصاحب العمل الكثير، و هذا لا بأس به. و يكون العقد الواحد بمنزلة عقدين مع اثنين، و يكون كما لو قارض أحدهما في نصف المال بنصف و قارض الآخر في النصف الآخر بربع الربح و لا مانع منه. و كذا يجوز تعدّد المالك و اتّحاد العامل، بأن كان المال مشتركاً بين اثنين فقارضا واحداً بعقد واحد بالنصف مثلًا متساوياً بينهما أو بالاختلاف، بأن يكون في حصّة أحدهما بالنصف و في حصّة الآخر بالثلث أو الربع مثلًا، و كذا يجوز مع عدم اشتراك المال،

بأن يكون مال كلّ منهما ممتازاً و قارضا واحداً مع الإذن في الخلط مع التساوي في حصّة العامل بينهما أو الاختلاف، بأن يكون في مال أحدهما بالنصف و في مال الآخر بالثلث أو الربع.

مسألة 28: إذا كان مال مشتركاً بين اثنين فقارضا واحداً واشترطا له نصف الربح و (1). الگلپايگاني: في صحّة المضاربة بتلك العبارة تأمّل، إلّاإذا اريد بها المعنى الأوّل مع القرينة (2). الگلپايگاني: إن كان المقصود من المضاربة مع الاثنين مثلًا كون كلّ منهما عاملًا في نصف المال فلا إشكال فيه و يكون عقداً واحداً معهما بمنزلة عقدين؛ سواء كان مال كلّ منهما في الخارج مميّزاً أو مشاعاً، كان في حصّة أحدهما فضل أو لا. و إن كان المقصود صدور العمل منهما معاً بحيث لايمضي من أحدهما منفرداً، فلايبعد صحّته أيضاً و يصحّ التسوية بينهما في الحصّة و التفاضل، و لكن لايجوز لكلّ منهما العمل مستقلًاّ و هما شريكان في الربح على ما جعل لهما في العقد، و أمّا إن كان المقصود جواز العمل لكلّ منهما في جميع المال منضمّاً أو مستقلًاّ لكن كلّما عمل أحدهما يكون الآخر في ربحه شريكاً، سواء عمل الآخر عملًا أم لم يعمل، ففي صحّة ذلك تأمّل، كانا في الحصّة متساويين أو متفاوتين (3). مكارم الشيرازي: فإنّ الدواعي إلى ذلك مختلفة جدّاً، فقد يكون هناك إرفاق و إيثار أو ضرورة و اضطرار أو غير ذلك ممّا لايضرّ بصحّة العقد؛ فكما يجوز جعل جميع حقّه لواحد منهما، فكذا يجوز التفاضل بينهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 571

تفاضلا في النصف الآخر، بأن جعل لأحدهما أزيد من الآخر مع تساويهما في ذلك المال أو تساويا فيه مع تفاوتهما فيه، فإن كان من قصدهما (1) كون

ذلك للنقص على العامل بالنسبة إلى صاحب الزيادة، بأن يكون كأنّه اشترط على العامل في العمل بماله أقلّ ممّا شرطه الآخر له، كأن اشترط هو للعامل ثلث ربح حصّته و شرط له صاحب النقيصة ثلثي ربح حصّته مثلًا مع تساويهما في المال، فهو صحيح (2)، لجواز اختلاف الشريكين في مقدار الربح المشترط للعامل. و إن لم يكن النقص راجعاً إلى العامل، بل على الشريك الآخر، بأن يكون المجعول للعامل بالنسبة إليهما سواء، لكن اختلفا في حصّتهما، بأن لايكون على حسب شركتهما، فقد يقال فيه بالبطلان، لاستلزامه زيادة لأحدهما على الآخر مع تساوي المالين أو تساويهما مع التفاوت في المالين بلا عمل من صاحب الزيادة، لأنّ المفروض كون العامل غيرهما و لايجوز ذلك في الشركة، و الأقوى (3) الصحّة (4)، لمنع عدم جواز الزيادة لأحد الشريكين بلا مقابلتها لعمل منه، فإنّ الأقوى جواز ذلك بالشرط (5) و نمنع كونه خلاف مقتضى الشركة، بل هو خلاف مقتضى إطلاقها، مع أنّه يمكن أن يدّعى الفرق (6) بين الشركة (1). الامام الخميني: لايكفي مجرّد القصد، بل لابدّ من إيقاع العقد بنحو يفيد ذلك (2). الگلپايگاني: بشرط أن يكون المقصود مفهوماً من اللفظ و لو بالقرينة (3). الامام الخميني: بل الأقوى البطلان هاهنا و الصحّة في الشركة مع الشرط؛ نعم، لو أوقعا عقد الشركة واشترطا فيه ذلك ثمّ أوقعا المضاربة لا بأس به (4). مكارم الشيرازي: وفاقاً لكثير من المحقّقين و أكابر الفقه؛ و ذلك لعدم الدليل على الفساد بعد شمول العمومات له، عدا ما يتمسّك به من أنّه أكل المال بالباطل أو أنّه مخالف لمقتضى الشركة، لأنّ الحكم في الشركة تساوي الربح مع تساوي المالين، و كلاهما ممنوع؛ أمّا الأوّل،

فلأنّه لا وجه له مع توافق المالكين؛ و أمّا الثاني، فلأنّه فرع القول به في الشركة، ولكنّه أوّل الكلام؛ نعم، إذا تميّز المالان، أشكل الأمر، لأنّه من قبيل جعل شي ء من الربح في المضاربة لأجنبيّ؛ فتأمّل (5). الخوئي: فيه إشكال إذا كان الشرط من شرط النتيجة، و لا بأس به إذا كان من شرط الفعل، لكنّه خلاف المفروض في المقام

الگلپايگاني: هذا إذا وقع الشرط في العقد الواقع بين الشريكين دون الواقع بين كلّ من المالكين و العامل، و معلوم أنّ انضمام عقديهما مع العامل لايستلزم إيقاع عقد بينهما و لو ضمناً (6). الخوئي: هذا الفرق مبتنٍ على ما تقدّم منه قدس سره من جواز اشتراط كون جزء من الربح للأجنبيّ، و قد تقدّم المنع عنه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 572

و المضاربة (1) و إن كانت متضمّنة للشركة.

مسألة 29: تبطل المضاربة بموت كلّ من العامل و المالك؛ أمّا الأوّل فلاختصاص الإذن به، و أمّا الثاني فلانتقال المال بموته إلى وارثه، فإبقاؤها يحتاج إلى عقد جديد بشرائطه، فإن كان المال نقداً صحّ، و إن كان عروضاً فلا، لما عرفت من عدم جواز المضاربة على غير النقدين (2). و هل يجوز لوارث المالك إجازة العقد بعد موته؟ قد يقال بعدم الجواز (3)، لعدم علقة له بالمال حال العقد بوجه من الوجوه ليكون واقعاً على ماله أو متعلّق حقّه، و هذا بخلاف إجارة البطن السابق في الوقف أزيد من مدّة حياته، فإنّ البطن اللاحق يجوز له الإجازة، لأنّ له حقّاً بحسب جعل الواقف، و أمّا في المقام فليس للوارث حقّ حال حياة المورث أصلًا، و إنّما ينتقل إليه المال حال موته، و بخلاف إجازة الوارث لما زاد من الثلث في

الوصيّة و في المنجّز حال المرض على القول بالثلث فيه، فإنّ له حقّاً فيما زاد، فلذا يصحّ إجازته؛ و نظير المقام إجارة الشخص ماله مدّة مات في أثنائها على القول بالبطلان بموته، فإنّه لايجوز للوارث إجازتها، لكن يمكن أن يقال (4): يكفي في صحّة الإجازة كون المال في معرض الانتقال إليه (5)، و إن لم يكن له علقة به حال العقد فكونه سيصير له كافٍ، و مرجع إجازته حينئذٍ إلى إبقاء ما فعله المورّث لا قبوله و لا تنفيذه، فإنّ الإجازة أقسام؛ قد تكون (1). الگلپايگاني: بأن يتمسّك بإطلاقات المضاربة لصحّتها مع الشرط المذكور، حيث لم يكن مخالفاً لمقتضاها بخلاف الشرط في ضمن الشركة، فإنّه يدّعى أنّه مخالف لمقتضى عقدها، لكن ذلك أيضاً لايفيد إلّاإذا وقع في العقد الواقع بين المالكين حتّى يكون الشرط منهما، لأنّ الشرط بين المالك و العامل لايؤثّر في التزام شي ء على المالكين (2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه سابقاً

الخوئي: مرّ أنّ جواز المضاربة على غير النقدين من الأوراق النقديّة و نحوها هو الأظهر

مكارم الشيرازي: قد عرفت جوازه (3). الامام الخميني: و هو الأقوى؛ و ما ذكره من الوجه للصحّة غير وجيه (4). الخوئي: إلّاأنّه لا دليل عليه، بل الدليل قائم على عدمه

الگلپايگاني: و لكن لايصحّ أن يلتزم به (5). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الإجازة هنا راجعة إلى إنشاء عقد مضاربة على نحو العقد السابق و إدامة له في المستقبل، و الظاهر كفايته بأىّ لفظ وقع؛ و أمّا كونها إجازة لما فعله غيره، فهو بعيد، كما يظهر من عبارة المتن أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 573

قبولًا لما فعله الغير، كما في إجازة بيع ماله فضولًا، و قد تكون راجعاً إلى إسقاط حقّ، كما

في إجازة المرتهن لبيع الراهن و إجازة الوارث لما زاد عن الثلث، و قد تكون إبقاءً لما فعله المالك، كما في المقام.

مسألة 30: لايجوز للعامل أن يوكّل وكيلًا في عمله (1) أو يستأجر أجيراً، إلّابإذن المالك؛ نعم، لا بأس بالتوكيل أو الاستيجار في بعض المقدّمات (2) على ما هو المتعارف، و أمّا الإيكال إلى الغير وكالةً أو استيجاراً في أصل التجارة فلايجوز من دون إذن المالك، و معه لا مانع منه، كما أنّه لايجوز له أن يضارب غيره إلّابإذن المالك.

مسألة 31: إذا أذن في مضاربة الغير، فإمّا أن يكون بجعل العامل الثاني عاملًا للمالك أو بجعله شريكاً معه في العمل و الحصّة، و إمّا بجعله عاملًا لنفسه؛ أمّا الأوّل فلا مانع منه و تنفسخ مضاربة نفسه على الأقوى؛ و احتمال بقائها مع ذلك لعدم المنافاة (3)، كماترى (4). و يكون الربح مشتركاً بين المالك و العامل الثاني، و ليس للأوّل شي ء إلّاإذا كان بعد أن عمل عملًا و حصل ربح فيستحقّ حصّته من ذلك و ليس له أن يشترط (5) على العامل الثاني شيئاً من الربح (6) بعد أن لم يكن له عمل بعد المضاربة الثانية، بل لو جعل الحصّة للعامل في المضاربة (1). مكارم الشيرازي: المقامات مختلفة جدّاً؛ ففي المضاربات الّتي تدور على رأس مال كثير، القرينة قائمة على جواز التوكيل، لعدم إمكان العمل بدونه، و هذا يقوم مقام التصريح بالإذن في متن العقد؛ و أمّا إذا كان رأس المال قليلًا، فجواز التوكيل يحتاج إلى الإذن (2). الامام الخميني: و في إيقاع بعض المعاملات المتعارف إيكالها إلى الدلّال (3). الگلپايگاني: إن كان المقصود جواز العمل لكلّ منهما في أىّ مقدار كان، فالظاهر أنّه لا مانع

من صحّته، نظير جعل الوكالة لاثنين في بيع ماله أو جعل الجعالة لكلّ من ردّ ضالّته مثلًا، فكلّ منهما إذا عمل في مجموع المال أو مقدار منه يستحقّ حصّته من الربح و لايبقى للآخر شي ء حتّى يجوز له العمل فيه (4). الخوئي: لا أرى فيه شيئاً بعد ما كانت المضاربة من العقود الإذنيّة، و عليه فلكلّ من العاملين أن يتّجر بالمال، و الربح يكون مشتركاً بين العامل و المالك

مكارم الشيرازي: هذا الاحتمال قويّ، و الاستدلال له بعدم المنافاة جيّد، و أىّ مانع من أن تكون المضاربة كالوكالة الّتي تقبل التعدّد، مع عموم الأدلّة و الإطلاقات؛ نعم، هو نادر، ولكن لا بحيث يمنع الإطلاق (5). الخوئي: لا مانع منه بناءً على ما تقدّم منه قدس سره من عدم استبعاد جواز جعل جزء من الربح للأجنبيّ (6). مكارم الشيرازي: لأنّه من قبيل أكل المال بالباطل إذا لم يعمل عملًا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 574

الثانية أقلّ ممّا اشترط له في الاولى، كأن يكون في الاولى بالنصف و جعله ثلثاً في الثانية، لايستحقّ تلك الزيادة، بل ترجع إلى المالك؛ و ربما يحتمل جواز اشتراط شي ء من الربح أو كون الزيادة له بدعوى أنّ هذا المقدار وهو إيقاع عقد المضاربة ثمّ جعلها للغير نوع من العمل يكفي في جواز جعل حصّة من الربح له، و فيه: أنّه وكالة لا مضاربة (1). و الثاني أيضاً لا مانع منه (2) و تكون الحصّة المجعولة له في المضاربة الاولى مشتركة بينه و بين العامل الثاني على حسب قرارهما. و أمّا الثالث فلايصحّ (3) من دون أن يكون له عمل مع العامل الثاني، و معه يرجع إلى التشريك.

مسألة 32: إذا ضارب العامل غيره مع عدم

الإذن من المالك، فإن أجاز المالك ذلك كان الحكم كما في الإذن السابق (4) في الصور المتقدّمة، فيلحق كلًاّ حكمه، و إن لم يجز بطلت المضاربة الثانية (5)، و حينئذٍ فإن كان العامل الثاني عمل و حصل الربح فما قرّر للمالك في (1). الگلپايگاني: و أيضاً عقد المضاربة لنفسه ليس من عمل المضارب في المال حتّى يصحّ جعل الحصّة بإزائه

مكارم الشيرازي: فيصحّ له أخذ الاجرة على عمله (2). الامام الخميني: بجعل مضاربة جديدة مشتركة بعد فسخ الاولى

الگلپايگاني: فيكون ذلك فسخاً للُاولى و إنشاء لمضاربة اخرى بنحو التشريك، على ما مرّ منّا في التشريك

مكارم الشيرازي: لكن تنفسخ المضاربة الاولى تماماً و تنعقد مضاربة اخرى بعنوان التشريك، أو تنفسخ المضاربة الاولى بالنسبة إلى بعض رأس المال مشاعاً أو مفروزاً، الّذي هو موضوع المضاربة الثانية (3). الگلپايگاني: يعني لاتصحّ المضاربة مع غير المالك؛ نعم، للعامل أخذ الأجير و الشريك بإذن المالك

مكارم الشيرازي: الأولى أن يعلّل بأنّ المضاربة لاتصحّ إلّامع المالك، لا مع العامل من الغير (4). الگلپايگاني: هذا إذا أجاز المضاربة قبل صدور المعاملة من العامل الثاني؛ و أمّا المعاملات الصادرة منه قبل الإمضاء ففي الاكتفاء بإمضاء المضاربة لصحّتها إشكال؛ نعم، لا إشكال إذا أمضى المالك نفس المعاملات و إن لم يمض المضاربة، لكنّ الربح حينئذٍ تمامه للمالك

مكارم الشيرازي: ولكن أشكل بعضهم في تأثير الإجازة بالنسبة إلى المعاملات الواقعة قبل إجازة المضاربة و صيرورتها في دائرة المضاربة و إن كان الأقوى تأثير الإجازة بالنسبة إليها أيضاً و شمول حكم المضاربة لها، بعد عموم أدلّة الفضوليّ و عدم المانع له (5). الگلپايگاني: و تنفسخ الاولى مطلقاً على ما اختاره قدس سره في المسألة السابقة، لأنّ إنشاء العامل

المعاملةالثانية فسخ للُاولى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 575

المضاربة الاولى فله، و أمّا ما قرّر للعامل فهل هو أيضاً له أو للعامل الأوّل أو مشترك بين العاملين؟ وجوه و أقوال؛ أقواها الأوّل، لأنّ المفروض بطلان المضاربة الثانية فلايستحقّ العامل الثاني شيئاً، و أنّ العامل الأوّل لم يعمل حتّى يستحقّ، فيكون تمام الربح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله، و يستحقّ العامل الثاني اجرة عمله مع جهله بالبطلان (1) على العامل الأوّل، لأنّه مغرور من قبله؛ و قيل: يستحقّ على المالك، و لا وجه له مع فرض عدم الإذن منه له في العمل، هذا إذا ضاربه على أن يكون عاملًا للمالك؛ و أمّا إذا ضاربه على أن يكون عاملًا له و قصد العامل في عمله العامل الأوّل، فيمكن أن يقال: إنّ الربح للعامل الأوّل، بل هو مختار المحقّق في الشرائع، و ذلك بدعوى أنّ المضاربة الاولى باقية بعد فرض بطلان الثانية، و المفروض أنّ العامل قصد العمل للعامل الأوّل فيكون كأنّه هو العامل، فيستحقّ الربح و عليه اجرة عمل العامل إذا كان جاهلًا (2) بالبطلان (3)، و بطلان المعاملة لايضرّ بالإذن الحاصل منه للعمل له، لكن هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن المباشرة معتبرة في المضاربة الاولى، و أمّا مع اعتبارها فلايتمّ (4) و يتعيّن كون تمام الربح للمالك (5) إذا أجاز المعاملات و إن لم تجز المضاربة الثانية.

مسألة 33: إذا شرط أحدهما على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالًا أو عملًا، كأن (1). الامام الخميني: مرّ الكلام في أمثاله و التفصيل في باب الإجارة الفاسدة

مكارم الشيرازي: بل و مع علمه أيضاً، لأنّه لم يعمل تبرّعاً و مجّاناً، بل بانياً على الصحّة من دون اعتناء بحكم الشرع بالفساد؛ و

لولا ذلك لم يستحقّ الاجرة في الإجارات الفاسدة مع علم الأجير بالفساد؛ ثمّ إنّه هل يستحقّ اجرة مثل الإجارة أو المضاربة؟ الظاهر هو الثاني، لأنّ المفروض أنّه دخل في الأمر بعنوان المضاربة لا بعنوان الأجير، و الفرق بينهما كثير في بعض الأحيان؛ فتدبّر جيّداً (2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (3). مكارم الشيرازي: يأتي فيه ما مرّ في التعليقة السابقة (4). الامام الخميني: إذا كان الاعتبار بنحو القيديّة؛ و أمّا إذا كان بنحو الاشتراط فمع تخلّفه أيضاً يمكن الإتمام، و للمالك خيار التخلّف، و يأتي في المسألة الآتية ثمر الخيار (5). الخوئي: و أمّا الأخبار الدالّة على أنّ الربح يشترك فيه العامل و المالك عند مخالفة الشرط أيضاً فهي غير شاملة للمقام، كما يظهر بالتأمّل

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، بل منع، لأنّ العامل حينئذٍ تخلّف عن الشرط، و مجرّد ذلك لايكون سبباً لحرمانه عن الربح؛ غاية ما يكون أنّه سبب للضمان، كما هو مقتضى القاعدة، بل هو منصوص في غير مورد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 576

اشترط المالك على العامل أن يخيط له ثوباً أو يعطيه درهماً أو نحو ذلك أو بالعكس، فالظاهر صحّته، و كذا إذا اشترط أحدهما على الآخر بيعاً أو قرضاً أو قراضاً أو بضاعة أو نحو ذلك؛ و دعوى أنّ القدر المتيقّن ما إذا لم يكن من المالك إلّارأس المال و من العامل إلّاالتجارة، مدفوعة بأنّ ذلك من حيث متعلّق العقد، فلاينافي اشتراط مال أو عمل خارجيّ في ضمنه، و يكفي في صحّته عموم أدلّة الشروط.

و عن الشيخ الطوسيّ رحمه الله فيما إذا اشترط المالك على العامل بضاعةً بطلان الشرط دون العقد (1) في أحد قوليه، و بطلانهما في قوله الآخر، قال: لأنّ العامل

في القراض لايعمل عملًا بغير جعل و لا قسط من الربح، و إذا بطل الشرط بطل القراض، لأنّ قسط العامل يكون مجهولًا، ثمّ قال: و إن قلنا إنّ القراض صحيح و الشرط جائز، لكنّه لايلزم الوفاء به لأنّ البضاعة لايلزم القيام بها، كان قويّاً؛ و حاصل كلامه في وجه بطلانهما أنّ الشرط المفروض منافٍ لمقتضى العقد فيكون باطلًا، و ببطلانه يبطل العقد، لاستلزامه جهالة حصّة العامل من حيث إنّ للشرط قسطاً من الربح، و ببطلانه يسقط ذلك القسط، و هو غير معلوم المقدار. و فيه: منع كونه منافياً لمقتضى العقد، فإنّ مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القراض بجزء من الربح، و العمل الخارجيّ ليس عملًا في مال القراض، هذا مع أنّ ما ذكره من لزوم جهالة حصّة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع، إذ ليس الشرط مقابلًا بالعوض في شي ء من الموارد، و إنّما يوجب زيادة العوض فلاينقص من بطلانه شي ء من الحصّة حتّى تصير مجهولة (2)؛ و أمّا ما ذكره في قوله: و إن قلنا الخ، فلعلّ غرضه أنّه إذا لم يكن الوفاء بالشرط لازماً يكون وجوده كعدمه (3) فكأنّه لم يشترط، فلايلزم الجهالة في الحصّة، و فيه: (1). الگلپايگاني: ظاهر المحكّي عن المبسوط صحّة العقد و الشرط، مع عدم لزوم العمل عليه في أحد قوليه وبطلانهما في قوله الآخر. و لم أعثر على ما نسب إليه الماتن قدس سره تبعاً للمسالك و محتمل كلامي الشرايع و التذكرة (2). مكارم الشيرازي: هذا مضافاً إلى أنّ هذه الجهالة على فرض وجودها غير مضرّة، لأنّ اللازم معلوميّة مجموع العوض في مقابل المعوّض و إن كان كلّ منهما مجهولًا بعد التوزيع؛ نظير بيع ما يملك و ما

لايملك (3). الگلپايگاني: أي لم يلحظ في مقابله شي ء؛ فما أورد عليه المتن خلاف الفرض و لعلّ مقصود الشيخ قدس سره صحّة الشرط لعدم كونه خلاف مقتضى العقد كما اختاره قدس سره في المتن، فيكفي العلم بمجموع المتقابلين في العقد الصحيح و لايضرّ الجهل بما قابل كلًاّ من الأبعاض و لو انجرّ إلى فسخ البعض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 577

أنّه على فرض إيجابه للجهالة لايتفاوت الحال بين لزوم العمل به و عدمه، حيث إنّه على التقديرين زيدَ بعض العوض لأجله. هذا، و قد يقرّر في وجه بطلان الشرط المذكور أنّ هذا الشرط لا أثر له أصلًا، لأنّه ليس بلازم الوفاء، حيث إنّه في العقد الجائز و لايلزم من تخلّفه أثر التسلّط على الفسخ، حيث إنّه يجوز فسخه و لو مع عدم التخلّف، و فيه:

أوّلًا: ما عرفت سابقاً من لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت باقية و لم تفسخ و إن كان له أن يفسخ حتّى يسقط وجوب العمل به.

و ثانياً: لانسلّم أنّ تخلّفه لايؤثّر في التسلّط على الفسخ، إذ الفسخ الّذي يأتي من قبل كون العقد جائزاً إنّما يكون بالنسبة إلى الاستمرار، بخلاف الفسخ الآتي من تخلّف الشرط، فإنّه يوجب فسخ المعاملة من الأصل (1)، فإذا فرضنا أنّ الفسخ بعد حصول الربح فإن كان من القسم الأوّل اقتضى حصوله من حينه، فالعامل يستحقّ ذلك الربح بمقدار حصّته، و إن كان من القسم الثاني يكون تمام الربح للمالك و يستحقّ العامل اجرة المثل لعمله، و هي قد تكون أزيد من الربح (2) و قد تكون أقلّ، فيتفاوت الحال بالفسخ و عدمه إذا كان لأجل تخلّف الشرط.

مسألة 34: يملك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره (3)

من غير توقّف على الإنضاض (1). الخوئي: و الفرق بينهما هو أنّ الجواز الآتي من قبل تخلّف الشرط جواز وضعيّ، و الجواز في العقد الجائزجواز حكميّ (2). الخوئي: إذا كان تخلّف الشرط من قبل العامل فهو و إن كان يستحقّ اجرة المثل، إلّاأنّه لابدّ أن لايكون أزيد من الربح، و إلّافلايستحقّ الزائد (3). مكارم الشيرازي: ما ذكره الماتن قدس سره وفاقاً للمشهور، هو الحقّ الحقيق بالتصديق؛ ولكن في كلامه مواقع للنظر:

1- ما ذكره من احتمال كون الأقوال الثلاثة الاخر من العامّة، ممنوع، لأنّه لم ينقل عن العامّة إلّاالملك بالإنضاض، و هو جعل الجنس نقداً (أعني القول الثاني)؛ و أمّا القولان الآخران، فلم نر نقلهما عن أحد منهم، و لعلّهما مجرّد احتمال ذكره العلّامة عن بعض معاصريه؛

2- العمدة في الدليل على قول المشهور، صدق الربح عرفاً و لغةً هنا ولو قيل لوجوب الإنضاض على العامل مطلقاً أو في بعض الأحيان، لأنّ وجوب الإنضاض لايمنع عن صدق ظهور الربح، و الإطلاقات تدور مداره، و كذلك الفتاوى؛ و القول بأنّ القيمة أمر وهميّ، فاسد، بل القيمة أمر اعتباري كالماليّة و الملكيّة، فإنّهما أيضاً من الامور الاعتباريّة الموجودة في وعاء الاعتبار و ليستا من الامور الخارجيّة و لا من الموهومة؛ و لذا نرى أهل العرف يحاسبون أرباحهم على رأس السنة من غير إنضاض جميع رأس مالهم، بل لازال مدار أمرهم في المحاسبات على امور أربعة: ما عندهم من النقود الموجودة، و مطالباتهم و ديونهم عند الناس، و ما هو موجود عندهم من العروض و الأجناس، و ما عندهم من الآلات و الأدوات للتجارة و حمل الأجناس و غيرها؛ و بعد ذلك كلّه يتمّ عندهم قائمة الربح و الخسران، و إنكار ذلك عنده

كإنكار البديهيّات؛

3- مطالبة القسمة من ناحية العامل على إطلاقه ممنوع، لأنّ المتعارف الّذي ينصرف العقد إليه خلافه؛

4- حصول الاستطاعة بمجرّد ظهور الربح مشكل بعد ما عرفت من المنع من إطلاق مطالبة القسمة من ناحية العامل؛ و كذا تعلّق الخمس، لأنّه لايعدّ بعداً من الإفادة و الغنيمة؛

5- الإرث يترتّب على جميع الأقوال، و لايختصّ بهذا القول

العروة الوثقى، ج 2، ص: 578

أو القسمة، لا نقلًا و لا كشفاً على المشهور، بل الظاهر الإجماع عليه، لأنّه مقتضى اشتراط كون الربح بينهما و لأنّه مملوك و ليس للمالك، فيكون للعامل، و للصحيح: «رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربةً فاشترى أباه و هو لايعلم، قال: يقوّم فإن زاد درهماً واحداً انعتق و استسعى في مال الرجل»، إذ لو لم يكن مالكاً لحصّته لم ينعتق أبوه؛ نعم، عن الفخر عن والده أنّ في المسألة أربعة أقوال، و لكن لم يذكر القائل و لعلّها من العامّة؛

أحدها: ما ذكرنا.

الثاني: أنّه يملك بالإنضاض، لأنّه قبله ليس موجوداً خارجيّاً، بل هو مقدّر موهوم.

الثالث: أنّه يملك بالقسمة، لأنّه لو ملك قبله لاختصّ بربحه و لم يكن وقاية لرأس المال.

الرابع: أنّ القسمة كاشفة عن الملك سابقاً، لأنّها توجب استقراره.

و الأقوى ما ذكرنا، لما ذكرنا؛ و دعوى أنّه ليس موجوداً، كماترى، و كون القيمة أمراً وهميّاً ممنوع، مع أنّا نقول: إنّه يصير شريكاً في العين الموجودة بالنسبة، و لذا يصحّ له مطالبة القسمة، مع أنّ المملوك لايلزم أن يكون موجوداً خارجيّاً، فإنّ الدين مملوك، مع أنّه ليس في الخارج. و من الغريب إصرار صاحب الجواهر على الإشكال في ملكيّته، بدعوى أنّه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 579

حقيقة ما زاد على عين الأصل، و قيمة الشي ء أمر وهميّ لا وجود له لا ذمّةً

و لا خارجاً، فلايصدق عليه الربح؛ نعم، لا بأس أن يقال: إنّه بالظهور ملك أن يملك، بمعنى أنّ له الإنضاض فيملك. و أغرب منه أنّه قال: بل لعلّ الوجه في خبر عتق الأب ذلك أيضاً، بناءً على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبنيّ على السراية، إذ لايخفى ما فيه، مع أنّ لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكاً للمالك حتّى مقدار الربح، مع أنّه ادّعى الاتّفاق على عدم كون مقدار حصّة العامل من الربح للمالك، فلاينبغي التأمّل في أنّ الأقوى ما هو المشهور؛ نعم، إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الربح، خرج عن ملكيّة العامل، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّته من الأوّل؛ و على ما ذكرنا يترتّب عليه جميع آثار الملكيّة، من جواز المطالبة بالقسمة و إن كانت موقوفة على رضى المالك، و من صحّة تصرّفاته فيه من البيع و الصلح و نحوهما و من الإرث (1) و تعلّق الخمس (2) و الزكاة و حصول الاستطاعة للحجّ و تعلّق حقّ الغرماء به و وجوب صرفه في الدين مع المطالبة، إلى غير ذلك.

مسألة 35: الربح وقاية لرأس المال، فملكيّة العامل له بالظهور متزلزلة، فلو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقرّ ملكيّته، و الاستقرار يحصل بعد الإنضاض و الفسخ و القسمة، فبعدها إذا تلف شي ء لايحسب من الربح، بل تلف كلٍّ على صاحبه و لايكفي في الاستقرار قسمة الربح (3) فقط (4) مع عدم الفسخ، بل و لا قسمة الكلّ (5) كذلك (6)، و لا (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ تلك الثمرة تترتّب على جميع الأقوال، غاية الأمر أنّ الموروث ملك على تقدير وحقّ على تقدير آخر (2). الگلپايگاني: قد

مرّ منه قدس سره عدم وجوب الخمس في الملك الغير المستقرّ (3). الگلپايگاني: الظاهر أنّ قسمة الربح بإفراز حصّة العامل بتراضٍ منهما قسمةً لجميع المال، كما يأتي منه قدس سره في القسمة (4). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ ملاك استقرار الربح هو تمام المضاربة الحاصلة بالفسخ أو تمام المدّة؛ نعم، في الموارد الّتي يجب على العامل الإنضاض فيها، يشكل استقرار الربح بالفسخ، لأنّ الفسخ فيها لايعدّ تماماً لها، كما سيأتي الإشارة إليه إن شاء اللّه (5). مكارم الشيرازي: قسمة الربح لاتنفكّ عن قسمة الكلّ، لأنّ الباقي بعده متعيّن للمالك، فلا وجه للفرق بين قسمة الربح و قسمة الكلّ، بل هما متلازمان؛ و العجب أنّه صرّح به في آخر المسألة (36)، مع عدم قبوله هنا (6). الخوئي: الظاهر أنّها فسخ فعليّ، فلايكون التلف بعدها محسوباً من الربح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 580

بالفسخ (1) مع عدم القسمة، فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما سبق، فيكون الربح مشتركاً و التلف و الخسران عليهما و يتمّم رأس المال بالربح؛ نعم، لو حصل الفسخ و لم يحصل الإنضاض و لو بالنسبة إلى البعض و حصلت القسمة، فهل تستقرّ الملكيّة أم لا؟ إن قلنا بوجوب الإنضاض على العامل فالظاهر عدم الاستقرار، و إن قلنا بعدم وجوبه ففيه وجهان (2)؛ أقواهما الاستقرار. و الحاصل أنّ اللازم أوّلًا دفع مقدار رأس المال (3) للمالك ثمّ يقسّم ما زاد عنه بينهما على حسب حصّتهما، فكلّ خسارة و تلف قبل تمام المضاربة يجبر بالربح، و تماميّتها بما ذكرنا (4) من الفسخ و القسمة.

مسألة 36: إذا ظهر الربح و نضّ تمامه أو بعض منه فطلب أحدهما قسمته، فإن رضي الآخر فلا مانع منها، و إن

لم يرض المالك لم يجبر عليها (5) لاحتمال الخسران (6) بعد ذلك والحاجة إلى جبره به. قيل: و إن لم يرض العامل فكذلك أيضاً، لأنّه لو حصل الخسران وجب عليه ردّ ما أخذه، و لعلّه لايقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده و هو ضرر عليه، و فيه: أنّ هذا لايعدّ ضرراً، فالأقوى أنّه يجبر إذا طلب المالك؛ و كيف كان، إذا اقتسماه ثمّ حصل الخسران، فإن حصل بعده ربح يجبره فهو، و إلّاردّ العامل أقلّ الأمرين من مقدار الخسران و ما أخذ من الربح، لأنّ الأقلّ إن كان هو الخسران فليس عليه إلّاجبره والزائد له، و إن كان هو الربح فليس عليه إلّامقدار ما أخذ.

و يظهر من الشهيد رحمه الله أنّ قسمة الربح موجبة لاستقراره (7) و عدم جبره للخسارة (1). الامام الخميني: لايبعد الاستقرار بالفسخ فقط أو بتمام أمد المضاربة لو كان لها أمد، والظاهر حصول الفسخ بقسمة الكلّ (2). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال في عدم وجوبه مع فرض رضا المالك بالقسمة قبله، كما هو المفروض (3). الگلپايگاني: بل يكفي إفراز حصّة العامل من الربح و دفع الباقي إلى المالك، كما مرّ (4). الامام الخميني: بل لايبعد أن يكون بما ذكرنا آنفاً (5). الامام الخميني: فيه تأمّل و إشكال، إلّاأن يكون بناء المضاربة مع بقائها على عدم القسمة قبل الفسخ، ولازمه عدم إجبار العامل أيضاً، و التعليل الّذي ذكره لعدم إجبارهما ليس بوجيه (6). الگلپايگاني: القسمة لاتنافي جبر الخسارة، فلابدّ لعدم الجبر من دليل آخر (7). مكارم الشيرازي: ما ذكره الشهيد جيّد في الجملة، لأنّه إذا رضي المالك بتقسيم الربح فظاهر هذا العمل عرفاً أنّه رضي بعدم جبران الخسارة الآتية منه، إلّاإذا اشترط عليه الردّ على

فرض الخسارة؛ و أمّا ما ذكره في ذيل كلامه من أنّ قسمة مقدار الربح ليست قسمة له من حيث أنّه مشاع في جميع المال، فهو عجيب، لجواز إخراج المشاع إلى المفروز بالتقسيم مع رضى الطرفين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 581

الحاصلة بعدها، لكن قسمة مقداره ليست قسمة له من حيث إنّه مشاع في جميع المال، فأخذ مقدار منه ليس أخذاً له فقط، حيث قال- على ما نقل عنه-: إنّ المردود أقلّ الأمرين ممّا أخذه العامل من رأس المال لا من الربح، فلو كان رأس المال مأة و الربح عشرين فاقتسما العشرين، فالعشرون الّتي هي الربح مشاعة في الجميع، نسبتها إلى رأس المال نسبة السدس، فالمأخوذ سدس الجميع فيكون خمسة أسداسها من رأس المال و سدسها من الربح، فإذا اقتسماها استقرّ ملك العامل على نصيبه من الربح و هو نصف سدس (1) العشرين و ذلك درهم و ثلثان يبقى معه ثمانية و ثلث من رأس المال، فإذا خسر المال الباقي ردّ أقلّ الأمرين ممّا خسر و من ثمانية و ثلث. و فيه: مضافاً إلى أنّه خلاف ما هو المعلوم من وجوب جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق إن لم يلحقه ربح، و أنّ عليه غرامة ما أخذه منه، أنظار اخر؛

منها: أنّ المأخوذ إذا كان من رأس المال فوجوب ردّه لايتوقّف على حصول الخسران بعد ذلك.

و منها: أنّه ليس مأذوناً (2) في أخذ رأس المال (3)، فلا وجه للقسمة المفروضة.

و منها: أنّ المفروض أنّهما اقتسما المقدار من الربح بعنوان أنّه (4) ربح، لا بعنوان كونه منه ومن رأس المال؛ و دعوى أنّه لايتعيّن، لكونه من الربح بمجرّد قصدهما مع فرض إشاعته في تمام المال، مدفوعة بأنّ المال بعد

حصول الربح يصير مشتركاً بين المالك و العامل، فمقدار رأس المال مع حصّة من الربح للمالك و مقدار حصّة الربح المشروط للعامل له، فلا وجه (1). الگلپايگاني: و فيه: أنّ نصف السدس بالفرض مشاع في العشرة كقبل القسمة، فما الموجب للاستقرار؟ (2). الگلپايگاني: هذا خلاف الفرض، حيث إنّ الاقتسام وقع بالتراضي و لاأقلّ من رضاية المالك (3). مكارم الشيرازي: و ما في بعض الحواشي: أنّ القسمة وقعت برضى المالك فهو مأذون، ممنوع، بأنّه إنّما أذن له بعنوان الربح، لا بعنوان رأس المال (4). الگلپايگاني: يمكن أن يكون مراده غير هذا الفرض

العروة الوثقى، ج 2، ص: 582

لعدم التعيّن بعد تعيينهما مقدار مالهما في هذا المال، فقسمة الربح في الحقيقة قسمة لجميع المال و لا مانع منها.

مسألة 37: إذا باع العامل حصّته من الربح بعد ظهوره، صحّ (1) مع تحقّق الشرائط، من معلوميّة المقدار و غيره، و إذا حصل خسران بعد هذا لايبطل البيع (2)، بل يكون بمنزلة التلف، فيجب عليه جبره بدفع أقلّ الأمرين من مقدار قيمة ما باعه و مقدار الخسران.

مسألة 38: لا إشكال في أنّ الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح؛ سواء كان سابقاً عليها أو لاحقاً ما دامت المضاربة باقية و لم يتمّ عملها؛ نعم، قد عرفت ما عن الشهيد من عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح السابق إذا اقتسماه، و أنّ مقدار الربح من المقسوم تستقرّ ملكيّته؛ و أمّا التلف، فإمّا أن يكون بعد الدوران في التجارة أو بعد الشروع فيها أو قبله، ثمّ إمّا أن يكون التالف البعض أو الكلّ، و أيضاً إمّا أن يكون بآفة من اللّه سماويّة أو أرضيّة أو بإتلاف المالك أو العامل أو الأجنبيّ على وجه الضمان؛ فإن

كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر جبره بالربح و لو كان لاحقاً مطلقاً؛ سواء كان التالف البعض أو الكلّ، كان التلف بآفة أو بإتلاف ضامن من العامل أو الأجنبيّ.

و دعوى أنّ مع الضمان كأنّه لم يتلف لأنّه في ذمّة الضامن، كماترى؛ نعم، لو أخذ العوض، يكون من جملة المال، بل الأقوى ذلك إذا كان بعد الشروع في التجارة و إن كان التالف الكلّ، كما إذا اشترى في الذمّة (3) و تلف المال قبل دفعه إلى البايع فأدّاه المالك (4)، أو باع العامل المبيع و ربح فأدّى؛ كما أنّ الأقوى في تلف البعض الجبر و إن كان قبل الشروع أيضاً، كما إذا سرق في أثناء السفر قبل أن يشرع في التجارة، أو في البلد أيضاً قبل أن يسافر. و أمّا (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه ملك متزلزل في معرض التلف دائماً، فإن أعلم المشتري بذلك و باعه بهذا الوصف، فلعلّه لايجب عليه الجبران، و إلّاكان للمشتري الخيار؛ و المسألة غير صافية من الإشكال (2). الامام الخميني: محلّ تأمّل. و يحتمل صحّته و مالكيّة المشتري ملكيّة متزلزلة كمالكيّة البايع، فينفسخ مع ظهور الخسران و عدم الجبران من مال آخر على إشكال (3). الگلپايگاني: على فرض صحّته، و قد مرّ الإشكال فيه (4). الامام الخميني: بقصد الأخذ بعد استرباح المبيع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 583

تلف الكلّ قبل الشروع في التجارة، فالظاهر أنّه موجب لانفساخ العقد، إذ لايبقى معه مال التجارة حتّى يجبر أو لايجبر؛ نعم، إذا أتلفه أجنبيّ (1) و أدّى عوضه تكون المضاربة باقية (2)، و كذا إذا أتلفه العامل.

مسألة 39: العامل أمين؛ فلايضمن إلّابالخيانة، كما لو أكل بعض مال المضاربة أو اشترى شيئاً لنفسه فأدّى الثمن من

ذلك أو وطئ الجارية المشتراة أو نحو ذلك، أو التفريط بترك الحفظ، أو التعدّي بأن خالف ما أمره به أو نهاه عنه، كما لو سافر مع نهيه عنه أو عدم إذنه في السفر أو اشترى ما نهى عن شرائه أو ترك شراء ما أمره به، فإنّه يصير بذلك ضامناً للمال لو تلف و لو بآفة سماويّة (3) و إن بقيت المضاربة كما مرّ، و الظاهر ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضاً. و إذا رجع عن تعدّيه أو خيانته فهل يبقى الضمان أو لا؟ وجهان (4)، مقتضى الاستصحاب بقاؤه (5) كما ذكروا في باب الوديعة أنّه لو أخرجها الودعيّ عن الحرز بقي الضمان و إن ردّها بعد ذلك إليه، و لكن لايخلو عن إشكال، لأنّ المفروض بقاء الإذن و ارتفاع سبب الضمان. و لو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان و لم يبع، ضمن الوضيعة إن حصلت بعد ذلك، و هل يضمن بنيّة الخيانة مع عدم فعلها؟ وجهان (6)؛ من عدم كون مجرّد (1). الامام الخميني: و أمكن تضمينه و الوصول منه؛ و كذا مع إتلاف العامل، أمكنه تأدية العوض (2). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه لايعتبر الأداء فعلًا، بل يكفي إمكان الوصول إليه؛ كما لايخفى (3). مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في محلّه أنّ الآفة إذا كانت عامّة كسيل أو جراد أو مثلهما حصلت في بلدة و أتلف مال الضامن و المضمون له جميعاً، ففي كونها موجبة للضمان إشكال و إن كان ظاهر المشهور ذلك (4). الامام الخميني: أوجههما الضمان، لأنّ ارتفاع سبب الضمان غير معلوم

الگلپايگاني: أقواهما العدم (5). مكارم الشيرازي: لا وجه للاستصحاب بعد ارتفاع موضوعه عرفاً، فإنّه كان ضامناً لكونه خائناً، و المفروض أنّه عاد

أميناً و لا وجه لضمانه مع إطلاقات أدلّة عدم الضمان (6). الامام الخميني: أوجههما عدم الضمان، لأنّ صيرورة اليد بمجرّد النيّة بمنزلة يد الغاصب غير معلوم؛ و أمّاالفرق الذي في المتن فغير وجيه

الخوئي: لايبعد أن يكون الوجه الأوّل أقرب

مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في عدم الضمان، لأنّ مجرّد نيّة الخيانة لايجعله خائناً بعد عدم تلبّسه بهذه الصفة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 584

النيّة خيانة، و من صيرورة يده حال النيّة بمنزلة يد الغاصب، و يمكن الفرق (1) بين العزم عليها فعلًا و بين العزم على أن يخون بعد ذلك (2).

مسألة 40: لايجوز للمالك أن يشتري من العامل شيئاً من مال المضاربة، لأنّه ماله؛ نعم، إذا ظهر الربح يجوز له أن يشتري حصّة العامل منه مع معلوميّة قدرها، و لايبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك فإنّه بمنزلة التلف و يجب على العامل ردّ قيمتها لجبر الخسارة، كما لو باعها من غير المالك؛ و أمّا العامل فيجوز أن يشتري من المالك قبل ظهور الربح، بل و بعده، لكن يبطل الشراء بمقدار حصّته من المبيع، لأنّه ماله؛ نعم، لو اشترى منه قبل ظهور الربح بأزيد من قيمته بحيث يكون الربح حاصلًا بهذا الشراء يمكن الإشكال فيه، حيث إنّ بعض الثمن حينئذٍ يرجع إليه من جهة كونه ربحاً، فيلزم من نقله إلى البايع عدم نقله من حيث عوده إلى نفسه، و يمكن دفعه (3) بأنّ كونه ربحاً متأخّر عن صيرورته للبايع، فيصير أوّلًا للبايع الّذي هو المالك من جهة كونه ثمناً، و بعد أن تمّت المعاملة و صار ملكاً للبايع و صدق كونه ربحاً يرجع إلى المشتري (4) الّذي هو العامل على حسب قرار المضاربة، فملكيّة البايع متقدّمة طبعاً. و

هذا مثل ما إذا باع العامل مال المضاربة الّذي هو مال المالك من (1). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بينهما (2). مكارم الشيرازي: أىّ فرق بينهما بعد عدم التلبّس بالخيانة فعلًا؟ مضافاً إلى أنّ النيّة تتعلّق بما بعد دائماً (3). الامام الخميني: الإشكال والجواب كأنّهما مبنيّان على أنّ اعتبار المضاربة هو كون الربح لمال المالك و بعدالاسترباح تنتقل حصّة منه من ملك مالك رأس المال إلى العامل بحسب اقتضاء المضاربة؛ و أمّا إذا كان الاعتبار فيها هو كون المال للمالك و العمل للعامل و كأنّهما شريكان في رأس المال و العمل و الربح حاصل لهما باعتبارهما و بجلبهما فتكون حصّة من الربح منتقلة إلى صاحب المال و حصّة منه إلى صاحب العمل ابتداءً، فلا وقع للإشكال و الجواب و لايكون ذلك مخالفاً للقاعدة عند العقلاء؛ نعم، يبطل ذاك الشراء المفروض بالنسبة إلى حصّة العامل باعتبار كون العوض و المعوّض لشخص واحد، فإذا اشترى ما تكون قيمته مأة بمأتين و كانت المضاربة على النصف تبطل بالنسبة إلى خمسين و بقي المال مأة و خمسين للمالك لرأس المال؛ و ممّا ذكرنا يظهر النظر فيما يأتي من الماتن. و في دخول تلك الزيادة في مال المضاربة تأمّل و نظر (4). الگلپايگاني: هذا إذا كان المتصدّي للبيع و الشراء هو العامل؛ و أمّا إذا كان المتصدّي للبيع هو المالك فلايحسب من عمل المضاربة حتّى يكون الربح بينهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 585

أجنبيّ بأزيد من قيمته، فإنّ المبيع ينتقل من المالك و الثمن يكون مشتركاً بينه و بين العامل، و لا بأس به، فإنّه من الأوّل يصير ملكاً للمالك، ثمّ يصير بمقدار حصّة العامل منه له بمقتضى قرار المضاربة؛ لكن هذا على ما

هو المشهور (1) من أنّ مقتضى المعاوضة دخول المعوّض في ملك من خرج عنه العوض و أنّه لايعقل غيره؛ و أمّا على ما هو الأقوى من عدم المانع من كون المعوّض لشخص، و العوض داخل في ملك غيره و أنّه لاينافي حقيقة المعاوضة، فيمكن أن يقال: من الأوّل يدخل الربح في ملك العامل بمقتضى قرار المضاربة، فلايكون هذه الصورة مثالًا للمقام و نظيراً له.

مسألة 41: يجوز للعامل الأخذ بالشفعة من المالك في مال المضاربة، و لايجوز العكس؛ مثلًا إذا كانت دار مشتركة بين العامل و الأجنبيّ فاشترى العامل حصّة الأجنبيّ بمال المضاربة، يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح أن يأخذها بالشفعة (2)، لأنّ الشراء قبل حصول الربح يكون للمالك، فللعامل أن يأخذ تلك الحصّة بالشفعة منه؛ و أمّا إذا كانت الدار مشتركة بين المالك و الأجنبيّ فاشترى العامل حصّة الأجنبيّ، ليس للمالك الأخذ بالشفعة، لأنّ الشراء له، فليس له أن يأخذ بالشفعة ما هو له (3).

مسألة 42: لا إشكال في عدم جواز وطي العامل للجارية الّتي اشتراها (4) بمال المضاربة بدون إذن المالك؛ سواء كان قبل ظهور الربح أو بعده، لأنّها مال الغير أو مشتركة بينه و بين الغير الّذي هو المالك، فإن فعل كان زانياً يحدّ مع عدم الشبهة كاملًا إن كان قبل حصول الربح و بقدر نصيب المالك إن كان بعده؛ كما لا إشكال في جواز وطيها إذا أذن له (5) المالك بعد (1). الخوئي: و هو صحيح

الگلپايگاني: و هو الأقوى (2). مكارم الشيرازي: لكنّ الكلام حينئذٍ في صحّة المعاملة الاولى إذا كان بانياً على الأخذ بالشفعة من أوّل الأمر، لعدم وجود نفع فيها مطلقاً؛ فتأمّل (3). الگلپايگاني: و أيضاً يبقى

إشكال لزوم نقل بعض الثمن إلى نفسه بحاله (4). مكارم الشيرازي: هذه المسألة و المسألة (43 و 44 و 45) ليست من المسائل المبتلى بها في أيّامنا هذه، فالأولى صرف النظر عنها (5). الامام الخميني: أي حلّلها له بشرائطه

الگلپايگاني: بصيغة التحليل على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 586

الشراء و كان قبل حصول الربح، بل يجوز بعده (1) على الأقوى من جواز تحليل أحد الشريكين صاحبه وطي الجارية المشتركة بينهما. و هل يجوز له وطيها بالإذن السابق في حال إيقاع عقد المضاربة أو بعده قبل الشراء أم لا؟ المشهور على عدم الجواز، لأنّ التحليل إمّا تمليك أو عقد و كلاهما لايصلحان قبل الشراء، و الأقوى كما (2) عن الشيخ في النهاية الجواز (3)، لمنع كونه أحد الأمرين، بل هو إباحة، و لا مانع من إنشائها قبل الشراء إذا لم يرجع عن إذنه بعد ذلك، كما إذا قال: اشتر بمالي طعاماً ثمّ كُل منه، هذا مضافاً إلى خبر الكاهلي (4) عن أبي الحسن عليه السلام: «قلت: رجل سألني أن أسألك أنّ رجلًا أعطاه مالًا مضاربةً يشتري ما يرى من شي ء، و قال له: اشتر جارية تكون معك، و الجارية إنّما هي لصاحب المال، إن كان فيها وضيعة فعليه و إن كان ربح فله، فللمضارب أن يطأها؟ قال عليه السلام: نعم». و لايضرّ ظهورها في كون الشراء من غير مال المضاربة من حيث جعل ربحها للمالك، لأنّ الظاهر عدم الفرق بين المضاربة و غيرها في تأثير الإذن السابق و عدمه. و أمّا وطي المالك لتلك الجارية، فلا بأس به قبل حصول الربح، بل مع الشكّ فيه، لأصالة عدمه، و أمّا بعده فيتوقّف على إذن العامل (5)، فيجوز معه على الأقوى

(6) من جواز إذن أحد الشريكين صاحبه.

مسألة 43: لو كان المالك في المضاربة امرأة فاشترى العامل زوجها، فإن كان بإذنها فلا إشكال في صحّته و بطلان نكاحها، و لا ضمان عليه و إن استلزم ذلك الضرر عليها بسقوط مهرها (7) و نفقتها، و إلّاففي المسألة أقوال: البطلان مطلقاً، للاستلزام المذكور، فيكون خلاف مصلحتها؛ و الصحّة كذلك، لأنّه من أعمال المضاربة المأذون فيها في ضمن العقد، كما إذا (1). الگلپايگاني: محلّ إشكال، فلايُترك الاحتياط (2). الامام الخميني: محلّ إشكال لايُترك الاحتياط (3). الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط (4). الخوئي: هذا هو العمدة، و إلّافللمناقشة فيما ذكره مجال (5). الامام الخميني: أي تحليله (6). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال و الاحتياط فيه (7). الخوئي: إنّ الشراء إن كان بعد الدخول فلا إشكال في عدم سقوط المهر، و إن كان قبل الدخول ففي سقوطه كلام يأتي في المسألة السابعة من نكاح الإماء، و لعلّ الماتن قدس سره أراد هذه الصورة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 587

اشترى غير زوجها؛ و الصحّة إذا أجازت بعد ذلك، و هذا هو الأقوى، إذ لا فرق بين الإذن السابق و الإجازة اللاحقة، فلا وجه للقول الأوّل، مع أنّ قائله غير معلوم، و لعلّه من يقول بعدم صحّة الفضوليّ إلّافيما ورد دليل خاصّ، مع أنّ الاستلزام المذكور ممنوع، لأنّها لايستحقّ النفقة إلّاتدريجاً فليست هي مالًا لها فوّته عليها، و إلّالزم غرامتها على من قتل الزوج، و أمّا المهر فإن كان ذلك بعد الدخول فلا سقوط، و إن كان قبله فيمكن أن يدّعى عدم سقوطه (1) أيضاً بمطلق المبطل، و إنّما يسقط بالطلاق فقط (2)، مع أنّ المهر (3) كان لسيّدها لا لها (4)؛ و كذا لا وجه للقول الثاني

بعد أن كان الشراء المذكور على خلاف مصلحتها، لا من حيث استلزام الضرر المذكور، بل لأنّها تريد زوجها لأغراض اخر، و الإذن الّذي تضمّنه العقد منصرف عن مثل هذا. و ممّا ذكرنا ظهر حال ما إذا اشترى العامل زوجة المالك، فإنّه صحيح مع الإذن السابق أو الإجازة اللاحقة و لايكفيه الإذن الضمنيّ في العقد، للانصراف.

مسألة 44: إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك، فإمّا أن يكون بإذنه أو لا؛ فعلى الأوّل و لم يكن فيه ربح صحّ و انعتق عليه و بطلت المضاربة بالنسبة إليه، لأنّه خلاف وضعها و خارج عن عنوانها، حيث إنّها مبنيّة على طلب الربح المفروض عدمه، بل كونه خسارة محضة، فيكون صحّة الشراء من حيث الإذن من المالك، لا من حيث المضاربة، و حينئذٍ فإن بقي من مالها غيره، بقيت بالنسبة إليه، و إلّابطلت من الأصل و للعامل اجرة عمله إذا لم يقصد التبرّع (5)؛ و إن كان فيه ربح فلا إشكال في صحّته، لكن في كونه قراضاً فيملك العامل بمقدار حصّته من العبد أو يستحقّ عوضه على المالك للسراية أو بطلانه مضاربةً و استحقاق العامل اجرة المثل لعمله، كما إذا لم يكن ربح، أقوال؛ لايبعد ترجيح الأخير، لا لكونه خلاف وضع المضاربة، للفرق بينه و بين صورة عدم الربح، بل لأنّه فرع (1). الگلپايگاني: بل الأقوى سقوط نصفه، و الدعوى المذكورة ضعيفة (2). الامام الخميني: فيه منع (3). الامام الخميني: هذا خلاف مفروض المسألة

الگلپايگاني: هذه العبارة زائدة، لأنّ المفروض حريّة الزوجة و مملوكيّة الزوج؛ و احتمال كون المراد مملوكيّة الزوجة أيضاً مع كونها مأذونة في المضاربة خلاف الظاهر، بل لعلّه خلاف المقطوع (4). الخوئي: مفروض المسألة رقيّة الزوج دون المرأة، و عليه فلا

موقع لهذا الكلام (5). الگلپايگاني: و كان بأمر المالك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 588

ملكيّة المالك (1) المفروض عدمها. و دعوى أنّه لابدّ أن يقال: إنّه يملكه آناً مّا ثمّ ينعتق أو بقدر ملكيّته حفظاً لحقيقة البيع على القولين في تلك المسألة، و أىّ منهما كان يكفي في ملكيّة الربح، مدفوعة بمعارضتها بالانعتاق الّذي هو أيضاً متفرّع على ملكيّة المالك، فإنّ لها أثرين في عرض واحد: ملكيّة العامل للربح و الانعتاق، و مقتضى بناء العتق على التغليب تقديم الثاني، و عليه فلم يحصل للعامل ملكيّة نفس العبد و لم يفوّت المالك عليه أيضاً شيئاً، بل فعل ما يمنع عن ملكيّته، مع أنّه يمكن أن يقال: إنّ التفويت من الشارع لا منه؛ لكنّ الإنصاف أنّ المسألة مشكلة بناءً على لزوم تقدّم ملكيّة المالك و صيرورته للعامل بعده، إذ تقدّم الانعتاق على ملكيّة العامل عند المعارضة في محلّ المنع (2)؛ نعم، لو قلنا: إنّ العامل يملك الربح أوّلًا بلا توسّط ملكيّة المالك بالجعل الأوّلي حين العقد، و عدم منافاته لحقيقة المعاوضة، لكون العوض من مال المالك و المعوّض مشتركاً بينه و بين العامل كما هو الأقوى (3)، لايبقى إشكال، فيمكن أن يقال بصحّته مضاربةً، و ملكيّة العامل حصّته من نفس العبد على القول بعدم السراية و ملكيّته عوضها إن قلنا بها. و على الثاني، أي إذا كان من غير إذن المالك، فإن أجاز فكما في صورة الإذن (4)، و إن لم يجز بطل الشراء؛ و دعوى البطلان و لو مع الإجازة، لأنّه تصرّف منهيّ عنه، كما ترى، إذ النهي ليس عن المعاملة بما هي، بل لأمر خارج، فلا مانع من صحّتها مع الإجازة، و لا فرق في البطلان مع عدمها

بين كون العامل عالماً بأنّه ممّن ينعتق على المالك حين الشراء أو جاهلًا؛ و القول بالصحّة مع الجهل، لأنّ بناء معاملات العامل على الظاهر، فهو كما إذا اشترى المعيب جهلًا بالحال، ضعيف، و الفرق بين المقامين واضح؛ ثمّ لا فرق في البطلان بين كون الشراء بعين مال المضاربة أو في (1). الخوئي: بل لأنّ هذه المعاملة لم يربح المالك فيها لتكون حصّة منه للعامل (2). الخوئي: لا وجه للمنع بعد كون ملكيّة العامل مرتّبة على ربح المالك في المعاملة

الگلپايگاني: الظاهر تقدّم أدلّة العتق، لأنّ شرط ملكيّة العامل شيئاً ممّن ينعتق على المالك بعنوان الربح مخالف للسنّة، فلاتشمله أدلّة الشروط (3). الامام الخميني: و قد مرّ في بعض الحواشي السابقة أنّ ذلك موافق لاعتبار المضاربة

الخوئي: تقدّم أنّ الأقوى خلافه

الگلپايگاني: و قد مرّ أنّ الأقوى خلافه (4). الگلپايگاني: لكنّ العامل في هذه الصورة لايستحقّ اجرة العمل فيما استحقّ على تقدير الإذن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 589

الذمّة (1) بقصد الأداء منه و إن لم يذكره لفظاً؛ نعم، لو تنازع هو و البايع في كونه لنفسه أو للمضاربة، قدّم قول البايع (2)، و يلزم العامل به ظاهراً و إن وجب عليه التخلّص منه، و لو لم يذكر المالك لفظاً و لا قصداً (3) كان له ظاهراً و واقعاً.

مسألة 45: إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممّن ينعتق عليه، فإن كان قبل ظهور الربح و لا ربح فيه أيضاً صحّ الشراء و كان من مال القراض. و إن كان بعد ظهوره أو كان فيه ربح فمقتضى القاعدة و إن كان بطلانه (4)، لكونه خلاف وضع المضاربة فإنّها موضوعة، كما مرّ، للاسترباح بالتقليب في التجارة، و الشراء المفروض من حيث استلزامه للانعتاق ليس

كذلك؛ إلّاأنّ المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، صحّته، و هو الأقوى في صورة الجهل بكونه ممّن ينعتق عليه، فينعتق مقدار حصّته من الربح منه و يسري في البقيّة، و عليه عوضها (5) للمالك مع يساره و يستسعى العبد فيه مع إعساره، لصحيحة ابن أبي عمير عن محمّد بن قيس عن الصادق عليه السلام: «في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربةً فاشترى أباه و هو لايعلم، قال عليه السلام: يقوّم، فإن زاد درهماً واحداً انعتق و استسعى في مال الرجل» و هي مختصّة (6) بصورة الجهل المنزّل عليها إطلاق كلمات العلماء أيضاً. و اختصاصها بشراء الأب لايضرّ بعد كون المناط كونه ممّن ينعتق عليه، كما أنّ اختصاصها بما إذا كان فيه ربح لايضرّ أيضاً بعد عدم الفرق بينه و بين الربح السابق، و إطلاقها من حيث اليسار و الإعسار في الاستسعاء أيضاً منزّل على الثاني (7)، جمعاً بين الأدلّة (8). هذا، و لو لم يكن ربح سابق و لا كان (1). الگلپايگاني: على القول بصحّته (2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (3). الامام الخميني: و لو ارتكازاً و انصرافاً (4). الگلپايگاني: بل لايبعد القول بأنّ مقتضى قاعدة المضاربة أيضاً الصحّة مع كون الربح بينهما و الخسارةعلى العامل و يكون العامل متلفاً لمال المضاربة بالشراء المفروض و عليه عوضه، كما إذا أتلفه غير العامل أو العامل بغير الشراء (5). الخوئي: لا دليل عليه، بل الظاهر عدم الفرق بين يساره و إعساره (6). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بين الصورتين، لما مرّ من أنّ الصحّة مطابقة لقاعدة المضاربة (7). الامام الخميني محلّ تأمّل (8). الخوئي: لا دليل على ضمان العامل مع يساره في مفروض الكلام، و الدليل على التفصيل

يختصّ بعتق الشريك حصّته من العبد اختياراً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 590

فيه أيضاً، لكن تجدّد بعد ذلك قبل أن يباع، فالظاهر أنّ حكمه أيضاً الانعتاق و السراية بمقتضى القاعدة (1)، مع إمكان دعوى شمول إطلاق الصحيحة أيضاً للربح المتجدّد فيه، فيلحق به الربح (2) الحاصل من غيره، لعدم الفرق.

مسألة 46: قد عرفت أنّ المضاربة من العقود الجائزة (3) و أنّه يجوز لكلّ منهما الفسخ إذا لم يشترط (4) لزومها (5) في ضمن عقد لازم، بل أو في ضمن عقدها أيضاً (6)؛ ثمّ قد يحصل الفسخ من أحدهما و قد يحصل البطلان و الانفساخ لموت أو جنون أو تلف مال التجارة بتمامها أو لعدم إمكان التجارة لمانع أو نحو ذلك، فلابدّ من التكلّم في حكمها من حيث استحقاق العامل للُاجرة و عدمه و من حيث وجوب الإنضاض عليه و عدمه إذا كان بالمال عروض و من حيث وجوب الجباية عليه و عدمه إذا كان به ديون على الناس و من حيث وجوب الردّ إلى المالك و عدمه و كون الاجرة عليه أو لا؛ فنقول: إمّا أن يكون الفسخ من المالك أو العامل، و أيضاً إمّا أن يكون قبل الشروع في التجارة أو في مقدّماتها أو بعده، قبل ظهور الربح أو بعده، في الأثناء أو بعد تمام التجارة، بعد إنضاض الجميع أو البعض أو قبله، قبل القسمة أو بعدها (7)؛ و بيان أحكامها في طىّ مسائل:

الاولى: إذا كان الفسخ أو الانفساخ و لم يشرع في العمل و لا في مقدّماته، فلا إشكال و لا شي ء له و لا عليه، و إن كان بعد تمام العمل و الإنضاض فكذلك، إذ مع حصول الربح يقتسمانه و مع عدمه لا شي ء للعامل و

لا عليه إن حصلت خسارة، إلّاأن يشترط المالك (1). الخوئي: في كون ذلك بمقتضى القاعدة إشكال، بل منع؛ نعم، لايبعد شمول الصحيحة للمقام (2). الخوئي: في الإلحاق إشكال، بل منع، بعد عدم شمول النصّ لذلك (3). الگلپايگاني: و قد مرّ معنى جوازها

مكارم الشيرازي: مرّ كلامنا فيه مبسوطاً في المسألة الثانية في أوائل كتاب المضاربة (4). الگلپايگاني: الأقوى بطلان شرط لزومها، لاشتمالها على الوكالة و هي تأبى عن اللزوم، سواء كان الشرطفي ضمن عقدها أو عقد آخر (5). الامام الخميني: شرط لزومها باطل على الأقوى وإن لم يكن مبطلًا، و قد مرّ جواز شرط عدم الفسخ و حكمه (6). الخوئي: مرّ الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 2] (7). الامام الخميني: بعد قسمة البعض؛ و أمّا بعد قسمة التمام فلايبقى موضوع للفسخ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 591

كونها بينهما (1) على الأقوى (2) من صحّة هذا الشرط (3) أو يشترط العامل (4) على المالك شيئاً (5) إن لم يحصل ربح (6)، و ربما يظهر من إطلاق بعضهم ثبوت اجرة المثل مع عدم الربح، و لا وجه له أصلًا، لأنّ بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشي ء سوى الربح على فرض حصوله، كما في الجعالة.

الثانية: إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول الربح، فلا اجرة له لما مضى من عمله، و احتمال استحقاقه لقاعدة الاحترام لا وجه له أصلًا. و إن كان من المالك أو حصل الانفساخ القهريّ، ففيه قولان؛ أقواهما العدم أيضاً بعد كونه هو المقدّم على المعاملة الجائزة (7) الّتي مقتضاها عدم استحقاق شي ء إلّاالربح، و لاينفعه بعد ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار.

الثالثة: لو كان الفسخ من العامل (8) بعد السفر بإذن المالك

و صرف جملة من رأس المال (1). الامام الخميني: مرّ تفصيله (2). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة الرابعة عدم جواز هذا الشرط، لأنّه مخالف لمقتضى العقد و لما رواه السكوني و محمّد بن قيس في هذا الباب (الباب الرابع من أبواب المضاربة) المعمول به بين الأصحاب، فراجع (3). الخوئي: فيه تفصيل قد تقدّم [في هذا الفصل، المسألة 4]

الگلپايگاني: و قد مرّ الإشكال في صحّته (4). الگلپايگاني: هذا أيضاً مشكل؛ نعم، إذا اشترط إعطائه شيئاً من ماله مجّاناً على هذا التقدير، فلا يبعد وجوب الوفاء عليه و إن كان الشرط في ضمن عقد المضاربة (5). الامام الخميني: أي إعطاء شي ء له (6). مكارم الشيرازي: هذا الشرط لايخلو عن إشكال إن كان العوض مقابلًا لعمله، لأنّه مقتضى الإجارة لا المضاربة، فإنّهما عقدان متباينان، الّلهمّ إلّاأن يريد إعطائه شيئاً لا في مقابل عمله، بل مجّاناً، و فرضه مشكل (7). مكارم الشيرازي: جواز الفسخ فيه ينصرف إلى المتعارف بين العقلاء، و لا دليل على جوازه إذا بلغ الأمر إلى ما يقرّب ربحاً كثيراً ففسخ المالك و استربح هو بنفسه بعد تحمّل العامل مشاقّاً كثيرة؛ ففي مثل هذا لايجوز الفسخ بلا إشكال، إلّابعد تمام الاسترباح الّذي حان حينه؛ و كذا أشباهه (8). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في عدم جواز الفسخ بعد السفر من دون وصوله إلى غايته؛ فإنّ هذا هو المتعارف المعهود الّذي ينصرف إليه إطلاق الكلام، و أىّ عامل عاقل يصرف آلافاً من مال المالك، ثمّ يترك العمل في أثناء الطريق و يؤدّي رأس المال إلى صاحبه؟

العروة الوثقى، ج 2، ص: 592

في نفقته، فهل للمالك تضمينه مطلقاً أو إذا كان لا لعذر منه؟ وجهان؛ أقواهما العدم (1)، لما ذكر

من جواز المعاملة و جواز الفسخ في كلّ وقت، فالمالك هو المقدّم على ضرر نفسه.

الرابعة: لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح و بالمال عروض، لايجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ببيع و نحوه و إن احتمل تحقّق الربح بهذا البيع، بل و إن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل الربح؛ نعم، لو كان هناك زبون بانٍ على الشراء بأزيد من قيمته، لايبعد جواز إجبار المالك على بيعه منه (2)، لأنّه في قوّة وجود الربح فعلًا، ولكنّه مشكل (3) مع ذلك، لأنّ المناط كون الشي ء في حدّ نفسه زائد القيمة، و المفروض عدمه.

و هل يجب عليه البيع و الإنضاض إذا طلبه المالك أو لا؟ قولان؛ أقواهما عدمه (4)؛ و دعوى أنّ مقتضى قوله عليه السلام: «على اليد ما أخذت حتّى تودّي» وجوب ردّ المال إلى المالك كما كان، كما ترى.

الخامسة: إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح قبل تمام العمل أو بعده و بالمال عروض، فإن رضيا بالقسمة كذلك فلا إشكال، و إن طلب العامل بيعها فالظاهر عدم وجوب إجابته (5). (1). الخوئي: في القوّة إشكال، و الاحتياط لايُترك (2). مكارم الشيرازي: إذا وجد الزبون (و هو الطالب المشتري) فالأقوى جواز إجبار المالك إذا كان التأخير مصداقاً للضرر و الخسران، و كان ضامناً لو أخّر لصدق الربح (3). الامام الخميني: بل ممنوع، سواء وجد زبون أو كان الشي ء في حدّ نفسه قيّماً؛ نعم، له بيع حصّته لشركته مع المالك بعد ظهور الربح (4). مكارم الشيرازي: بل الأقوى وجوب الإنضاض على العامل فيما يتعارف إنضاضه، لاسيّما إذا كان العامل أهلًا له دون المالك، لما عرفت غير مرّة أنّ إطلاق العقد ينصرف إلى

ما هو المتعارف عند العقلاء و أهل العرف، إلّاأن يصرّح بخلافه؛ و بالجملة: اللازم على العامل تتميم ما هو ناقص من معاملاته، و يعدّ من وظائفه بما أنّه عامل، كإتمام السفر و وصوله إلى الغاية و جمع الديون و الإنضاض فيما يلزم إنضاضه؛ و ترك جميع ذلك مهملًا، إسناداً إلى كون العقد جائزاً، عجيب؛ فإنّ للجواز عند العقلاء معياراً و ضابطة، لا ما يشبه أعمال المجانين و السفهاء كصرف مآة ألف من النقود في مقدّمات تبطل جميعها عند فسخ المضاربة (5). مكارم الشيرازي: بل الظاهر وجوب إجابة العامل إذا احتمل ربح؛ كما أنّ الظاهر وجوب إجابة المالك بالإنضاض إذا كان الإنضاض من تمام المضاربة، لاقتضاء إطلاقها ذلك؛ و لايحتاج إلى قاعدة اليد. و الّذي يظهر من كلام جمع أنّهم جرّدوا المضاربة عمّا استقرّ عليه بناء العقلاء في جميع الموارد و أحدثوا فيها عجائب يستوحش منها أهل العرف. و قد عرفت الحقّ الحقيق بالتصديق في هذا الباب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 593

و إن احتمل (1) ربح فيه، خصوصاً إذا كان هو الفاسخ، و إن طلبه المالك ففي وجوب إجابته و عدمه وجوه؛ ثالثها التفصيل بين صورة كون مقدار رأس المال نقداً فلايجب، و بين عدمه فيجب، لأنّ اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان، عملًا بقوله عليه السلام: «على اليد ...» و الأقوى (2) عدم الوجوب مطلقاً و إن كان استقرار ملكيّة العامل للربح موقوفاً (3) على الإنضاض، و لعلّه يحصل الخسارة بالبيع، إذ لا منافاة؛ فنقول: لايجب عليه الإنضاض بعد الفسخ، لعدم الدليل عليه، لكن لو حصلت الخسارة بعده قبل القسمة، بل أو بعدها (4)، يجب جبرها (5) بالربح، حتّى أنّه لو أخذه يستردّ منه.

السادسة:

لو كان في المال ديون (6) على الناس، فهل يجب على العامل أخذها و جبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ وجهان؛ أقواهما العدم (7)، من غير فرق بين أن يكون الفسخ من العامل (8) أو المالك. (1). الگلپايگاني: الأحوط الإجابة مع احتمال حصول الربح قبل البيع (2). الگلپايگاني: و الأحوط الإجابة، لا للتمسّك بقوله صلى الله عليه و آله: على اليد ما أخذت إلى آخره، فإنّه أجنبيّ عن المقام، بل لقوّة احتمال أن يكون ذلك من لوازم المضاربة عرفاً بحيث يكون الإقدام عليها ملازمة للتعهّد على الإنضاض و تسليم رأس المال بعد الإتمام أو الفسخ أو الانفساخ (3). الامام الخميني: مرّ الميزان في حصول استقرار ملكيّة العامل (4). الگلپايگاني: الظاهر الاستقرار بالقسمة إذا رضيا بها بلا إنضاض (5). الخوئي: فيه إشكال و لاسيّما إذا كانت الخسارة بعد القسمة

مكارم الشيرازي: إذا تمّت القسمة بعد الفسخ، فلا وجه للجبران لتمام المضاربة، بل قد عرفت كفاية الفسخ في ذلك حتّى بدون القسمة في بعض الموارد (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت ممّا ذكرنا وجوب جبابة الديون فيما هو من لوازم المضاربة، كما هو الغالب؛ و قد مرّ دليله مراراً (7). الخوئي: فيه إشكال، و الوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط

الگلپايگاني: والأحوط الجباية، لما مرّ في الإنضاض (8). الامام الخميني: لكن لاينبغي ترك الاحتياط، خصوصاً في هذه الصورة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 594

السابعة: إذا مات المالك أو العامل، قام وارثه (1) مقامه (2) فيما مرّ من الأحكام (3).

الثامنة: لايجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك و ماله، فلايجب عليه (4) الإيصال إليه (5)؛ نعم، لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك و لو كان

بإذنه، يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده (6)، لكنّه مع ذلك مشكل (7)، و قوله عليه السلام: «على اليد ما أخذت ...» أيضاً لايدلّ على أزيد من التخلية، و إذا احتاج الردّ إليه إلى الاجرة فالاجرة على المالك، كما في سائر الأموال؛ نعم، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر و حصل الفسخ فيه، يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ (8) و الاجرة و إن كان ذلك منه للجهل بالحكم الشرعيّ من عدم جواز السفر بدون إذنه.

مسألة 47: قد عرفت أنّ الربح وقاية لرأس المال، من غير فرق بين أن يكون سابقاً على التلف أو الخسران أو لاحقاً، فالخسارة السابقة تجبر بالربح اللاحق و بالعكس؛ ثمّ لايلزم أن يكون الربح حاصلًا من مجموع رأس المال، و كذا لايلزم أن تكون الخسارة واردة على المجموع، فلواتّجر بجميع رأس المال فخسر ثمّ اتّجر ببعض الباقي فربح، يجبر ذلك الخسران بهذا الربح، وكذا إذا اتّجر بالبعض فخسر ثمّ اتّجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي فربح؛ و لايلزم في الربح أو الخسران أن يكون مع بقاء المضاربة (9) حال حصولها، فالربح مطلقاً جابر للخسارة (10) (1). الامام الخميني: فيما له من الأموال و الحقوق؛ و أمّا فيما وجب عليه فلا (2). الخوئي: في إطلاقه إشكال، بل منع، و إنّما المنتقل إلى الوارث هو المال أو الحقّ القابل للانتقال دون غيرهما

مكارم الشيرازي: في إطلاقه إشكال، بل يقوم الوارث مقامه في إحقاق حقوقه و أخذ أمواله و شبه ذلك (3). الگلپايگاني: بل فيما له من الأموال و الحقوق؛ و أمّا ما عليه من الأموال و الحقوق الماليّة فيؤدّى من التركة (4). الگلپايگاني: و الأحوط الإيصال، لما مرّ (5). مكارم الشيرازي:

بل الواجب الإيصال فيما يتعارف الإيصال فيه (6). الخوئي: الظاهر صحّة هذه الدعوى (7). الامام الخميني: بل ممنوع؛ و أمّا ما ذكره من الوجه فغير وجيه (8). الگلپايگاني: يعني الردّ إلى المالك؛ و أمّا الردّ إلى مكان الغصب فلا دليل عليه (9). مكارم الشيرازي: إذا تمّت المضاربة بالفسخ أو تمام أمدها، استقرّ الربح بشرط عدم الحاجة إلى الإنضاض، كما عرفت؛ و لايجبر الخسران بعد ذلك بالربح، بل الموجود محكوم بأحكام الملك المشاع (10). الخوئي: قد تقدّم أنّ الربح إنّما يكون جابراً إذا كانت المضاربة باقية، و مع عدم بقائها قد استقرّت ملكيّة كلّ من المالك و العامل و لا وجه للجبر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 595

و التلف مطلقاً مادام لم يتمّ (1) عمل المضاربة (2). ثمّ إنّه يجوز للمالك أن يستردّ بعض مال المضاربة في الأثناء، و لكن تبطل بالنسبة إليه و تبقى بالنسبة إلى البقيّة و تكون رأس المال. و حينئذٍ فإذا فرضنا أنّه أخذ بعد ما حصل الخسران أو التلف بالنسبة إلى رأس المال مقداراً من البقيّة، ثمّ اتّجر العامل بالبقيّة أو ببعضها فحصل ربح، يكون ذلك الربح جابراً للخسران أو التلف السابق بتمامه (3)؛ مثلًا إذا كان رأس المال مأة فتلف منها عشرة أو خسر عشرة و بقي تسعون، ثمّ أخذ المالك من التسعين عشرة و بقيت ثمانون، فرأس المال تسعون و إذا اتّجر بالثمانين فصار تسعين، فهذه العشرة الحاصلة ربحاً تجبر تلك العشرة و لايبقى للعامل شي ء، و كذا إذا أخذ المالك بعد ما حصل الربح مقداراً (4) من المال؛ سواء كان بعنوان استرداد بعض رأس المال أو هو مع الربح، أو من غير قصد إلى أحد الوجهين، ثمّ اتّجر العامل بالباقي أو

ببعضه فحصل خسران أو تلف، يجبر بالربح السابق بتمامه، حتّى المقدار الشائع (5) منه في الّذي أخذه المالك، و لايختصّ الجبر بما عداه حتّى يكون مقدار حصّة العامل منه باقياً له؛ مثلًا إذا كان رأس المال مأة فربح عشرة، ثمّ أخذ المالك عشرة ثمّ اتّجر العامل (1). الامام الخميني: بل ما دام لم يستقرّ ملكية العامل، و قد مرّ ملاك الاستقرار (2). الگلپايگاني: بل ما لم يستقرّ الربح للعامل، و قد مرّ ما به يستقرّ (3). الامام الخميني: الأوجه ما عليه الشيخ في محكيّ مبسوطه و تبعه المحقّقون، و فصّل العلّامة في «التذكرة» و «القواعد» في المسألتين، لأنّ المضاربة بالنسبة إلى المأخوذ صارت باطلة و البقيّة رأس المال و ليس خسران الجميع خسراناً للبقيّة و لا ربحه ربحها، فلابدّ من التكسير على التمام و الحساب بالنسبة، فراجع للقواعد و شرحها

الگلپايگاني: الظاهر أنّ المرتكز في الأذهان استقرار الربح و الخسارة في المقدار المستردّ بنفس الاسترداد الموجب لانفساخ المضاربة بالفرض، فالأقوى ما عن المحقّق و غيره تبعاً للشيخ

مكارم الشيرازي: المسألة مبنيّة على أنّ أخذ مقدار من رأس المال فسخ للمضاربة بالنسبة إلى الجميع و انعقاد مضاربة اخرى في الباقي، فلايجبر الخسارة السابقة بالربح اللاحق، أو فسخ بالنسبة إليه فقط مع بقاء المضاربة بحالها؛ و حيث إنّ الثاني هو الأظهر، لايبقى مجال لغير ما اختاره في المتن، كما لايخفى (4). الخوئي: فيه إشكال، و لا تبعد تماميّة عمل المضاربة بالإضافة إلى المقدار المأخوذ، فلا يجبر خسران الباقي بربحه (5). الگلپايگاني: و على ما مرّ من استقرار الربح بالاسترداد فالمستردّ لامحالة مشتمل على ما فيه نصيب المالك من الربح، من غير فرق بين الصور الثلاث و يستقرّ بمقداره من الربح و يملكه

العامل و يجب الردّ عليه و مع عدم الردّ يبقى في رأس المال بنحو الاشتراك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 596

بالبقيّة فخسر عشرة أو تلف منه عشرة، يجب جبره بالربح السابق حتّى المقدار الشائع منه في العشرة المأخوذة، فلايبقى للعامل من الربح السابق شي ء.

و على ما ذكرنا، فلا وجه لما ذكره المحقّق و تبعه غيره من أنّ الربح اللاحق لايجبر مقدار الخسران الّذي ورد على العشرة المأخوذة، لبطلان المضاربة بالنسبة إليها، فمقدار الخسران الشائع فيها لاينجبر بهذا الربح، فرأس المال الباقي بعد خسران العشرة في المثال المذكور لايكون تسعين، بل أقلّ منه بمقدار حصّة خسارة العشرة المأخوذة و هو واحد و تسع، فيكون رأس المال الباقي تسعين إلّاواحداً و تسع و هي تسعة و ثمانون إلّاتسع؛ و كذا لا وجه لما ذكره بعضهم في الفرض الثاني أنّ مقدار الربح الشائع في العشرة الّتي أخذها المالك لايجبر الخسران اللاحق و أنّ حصّة العامل منه يبقى له و يجب على المالك ردّه إليه، فاللازم في المثال المفروض عدم بقاء ربح للعامل بعد حصول الخسران المذكور، بل قد عرفت سابقاً أنّه لو حصل ربح و اقتسماه في الأثناء (1) و أخذ كلٌّ حصّته منه ثمّ حصل خسران، أنّه يستردّ من العامل مقدار ما أخذ، بل و لو كان الخسران بعد الفسخ (2) قبل القسمة، بل أو بعدها (3) إذا اقتسما العروض و قلنا بوجوب الإنضاض (4) على العامل و إنّه من تتّمات المضاربة.

مسألة 48: إذا كانت المضاربة فاسدة، فإمّا أن يكون مع جهلهما بالفساد أو مع علمهما أو علم أحدهما دون الآخر، فعلى التقادير: الربح بتمامه للمالك، لإذنه في التجارات و إن كانت مضاربته باطلة؛ نعم، لو كان الإذن

مقيّداً بالمضاربة توقّف ذلك على إجازته (5)، و إلّا (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ الخسران الحاصل بعد الفسخ و القسمة لايجبر قطعاً؛ و كذا بعد الفسخ و قبل القسمة فيما لايحتاج الى الإنضاض، بل و كذا بعد تمام أمر المضاربة كذلك (2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه

الخوئي: تقدّم أنّه لايتدارك الخسران بعد الفسخ بالربح السابق مطلقاً حتّى قبل القسمة (3). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الظاهر هو الاستقرار بالقسمة إذا رضيا بها بلا إنضاض (4). الخوئي: مرّ أنّه لا إشكال في عدم وجوبه في هذا الفرض؛ ثمّ إنّ ظاهر كلامه أنّ تدارك الخسران هنا منوط بوجوب الإنضاض على العامل، و قد تقدّم منه عدم وجوبه (5). مكارم الشيرازي: و هل المتّبع هنا الإذن الشخصيّ المطلق أو المقيّد، كما هو ظاهر المتن، أو المدار على الإذن النوعي الحاصل في جميع المضاربات الفاسدة عند أهل العرف، كما هوظاهرإطلاق الأصحاب و هو المتّبع في بيع ما يملك و ما لايملك؟ لايبعد الثاني و إن كانت المسألة لاتخلو عن إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 597

فالمعاملات الواقعة باطلة، و على عدم التقيّد أو الإجازة (1) يستحقّ العامل مع جهلهما لُاجرة عمله (2). و هل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه (3) لتبيّن عدم استحقاقه النفقة أو لا، لأنّ المالك سلّطه على الإنفاق مجّاناً؟ وجهان؛ أقواهما الأوّل (4)، و لايضمن التلف و النقص؛ و كذا الحال إذا كان المالك عالماً دون العامل، فإنّه يستحقّ الاجرة و لايضمن التلف و النقص، وإن كانا عالمين أو كان العامل عالماً دون المالك فلا اجرةله (5)، لإقدامه على العمل مع علمه بعدم صحّة المعاملة. و ربما يحتمل في صورة علمهما أنّه يستحقّ حصّته من الربح

من باب الجعالة (6)، (1). الگلپايگاني: استحقاق الاجرة مع تقيّد الإذن بالمضاربة لا وجه له ولو مع الإجازة؛ نعم، لو كان العمل بأمره بتخيّل الصحّة فعليه اجرة المثل ولو مع عدم الإجازة إن كان ممّا له اجرة (2). مكارم الشيرازي: كيف يستحقّ الاجرة في فرض التقييد أو الإجازة بعد عدم وجود إذن من المالك في العمل مطلقاً، و العمل بغير إذن المالك لايوجب استحقاق شي ء؟ و أمّا الإجازة اللاحقة في البيع لا أثر له في الاجرة؛ نعم، قد عرفت أنّ الإذن الشخصي لا أثر له في هذه المقامات في وجه (3). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الضمان في الموارد الّتي يجوز الإنفاق فيها من رأس المال، لوجود الإذن الضمني؛ فإنّ الإذن في الشي ء إذن في لوازمه (4). الخوئي: بل أقواهما الثاني فيما إذا أذن المالك في الإنفاق مجّاناً، كما في فرض عدم التقييد

الگلپايگاني: الظاهر أنّ الإذن في السفر يستلزم الإذن في الإنفاق و لو بتخيّل الصحّة، و عليه فالأقوى هو الثاني (5). الامام الخميني: استحقاقه للُاجرة في هذه الصورة أيضاً لايخلو من وجه إذا حصل الربح بمقدار كان سهمه مساوياً لُاجرة المثل أو أزيد، و مع عدم الربح أو نقصان سهمه عنها فمع علمه بالفساد لايبعد عدم استحقاق الاجرة مع عدم الربح و عدم استحقاقه الزيادة عن مقدار سهمه مع النقصان؛ و مع جهله به فالأحوط التخلّص بالصلح، بل لايُترك الاحتياط مطلقاً

الخوئي: فيه إشكال، بل منع، فإنّ العلم بفساد المعاملة شرعاً لايستلزم الإقدام على العمل مجّاناً

الگلپايگاني: إن كان إذن المالك مقيّداً بصحّة المضاربة، و إلّافمجرّد علم العامل بالبطلان لايستلزم التبرّع و عدم استحقاق الاجرة

مكارم الشيرازي: الحقّ هو الاستحقاق؛ و العمدة فيه أنّ الاستيفاء من أسباب الضمان، و هو

هنا حاصل. و من هنا يظهر عدم الفرق بين حصول الربح و عدمه، و كذا عدم الفرق بين قلّته و كثرته؛ فليس الملاك مجرّد احترام عمل المسلم أو عدم قصد التبرّع، لأنّ مجرّد ذلك لايوجب ضماناً إذا لم يكن هناك أمر أو استيفاء من ناحية الغير (6). الخوئي: المضاربة و إن كانت نوعاً من الجعالة، إلّاأنّهما تفترقان في أنّ العامل في باب المضاربة يشترك مع المالك في الربح، و هذا بخلاف العامل في باب الجعالة، فإنّه لايشترك مع المالك في الربح و إنّما يستحقّ الاجرة الّتي جعلت له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 598

و فيه: أنّ المفروض عدم قصدها (1)، كما أنّه ربما يحتمل استحقاقه اجرة المثل إذا اعتقد أنّه يستحقّها مع الفساد، و له وجه و إن كان الأقوى خلافه، هذا كلّه إذا حصل ربح و لو قليلًا؛ و أمّا مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الاجرة و لو مع الجهل مشكل (2)، لإقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح، و على هذا ففي صورة حصوله أيضاً يستحقّ أقلّ الأمرين من مقدار الربح و اجرة المثل، لكنّ الأقوى خلافه، لأنّ رضاه بذلك كان مقيّداً (3) بالمضاربة، و مراعاة الاحتياط في هذا و بعض الصور المتقدّمة أولى.

مسألة 49: إذا ادّعي على أحد أنّه أعطاه كذا مقداراً مضاربةً، و أنكر (4)، و لم يكن للمدّعي بيّنة، فالقول قول المنكر مع اليمين.

مسألة 50: إذا تنازع المالك و العامل في مقدار رأس المال الّذي أعطاه للعامل، قدّم قول العامل بيمينه مع عدم البيّنة، من غير فرق بين كون المال موجوداً أو تالفاً، مع ضمان العامل، لأصالة عدم إعطائه أزيد ممّا يقوله و أصالة برائة ذمّته إذا كان تالفاً بالأزيد؛ هذا إذا

لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح (5)، كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح (1). الگلپايگاني: بل المفروض قصدهما، لما مرّ من أنّ المضاربة مركّبة من جعالة و غيرها

مكارم الشيرازي: اللّهم إلّاأن يقال: أنّ الجعالة ليس إلّاهذا؛ فتأمّل (2). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال في عدم استحقاقه

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في عدم الاستحقاق، لأنّه أقدم على عدم العوض على عمله مع عدم حصول الربح، كما ذكره؛ و العجب أنّه ذكر هذا الاستدلال و لم يرد عليه، و مع ذلك أشكل في إستحقاق العامل (3). الگلپايگاني: في إطلاقه تأمّل (4). مكارم الشيرازي: أي أنكر المضاربة و نفس الإعطاء أيضاً؛ و وجه قبول قوله ظاهر (5). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط؛ و المسألة مبنيّة على ما ذكروه في كتاب مباحث القضاء، و أنّ المعيار في تشخيص المدّعي و المنكر هو مصبّ النزاع أو ما يؤول إليه؛ فإن كان الأوّل كان الدعوى على مقدار رأس المال هنا، فالقول قول العامل؛ و إن كان الثاني كان القول قول المالك مع قطع النظر عمّا يأتي من الإشكال؛ هذا، ولكن لمّا كان صدق المدّعي و المنكر بنظر العرف، لايبعد كونه تابعاً لمصبّ الدعوى، فإذا اختلفا في مقدار رأس المال من الأوّل فعلى المالك إثبات الزيادة، و إلّاكان القول قول العامل؛ و أمّا كون نتيجته ماذا، فهو أمر آخر؛ و المسألة غير صافية عن الإشكال، فلايُترك الاحتياط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 599

و علم أنّ الّذي بيده هو مال المضاربة، إذ حينئذٍ النزاع في قلّة رأس المال و كثرته يرجع إلى النزاع (1) في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود، إذ على تقدير قلّة رأس المال يصير مقدار الربح منه

أكثر، فيكون نصيب العامل أزيد، و على تقدير كثرته بالعكس، و مقتضى الأصل (2) كون جميع هذا المال (3) للمالك (4) إلّابمقدار ما أقرّ به للعامل، و على هذا أيضاً لا فرق بين كون المال باقياً أو تالفاً بضمان العامل، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلّاكذا مقدار منه فإذا تلف مع ضمانه لابدّ أن يغرم المقدار الّذي للمالك.

مسألة 51: لو ادّعى المالك على العامل أنّه خان أو فرّط في الحفظ فتلف، أو شرط عليه أن لايشتري الجنس الفلانيّ أو لايبيع من زيد أو نحو ذلك، فالقول قول العامل (5) في عدم (1). الگلپايگاني: رجوع النزاع إلى ما ذكر لايمنع من إجراء الأصل في مصبّ الدعوى (2). الامام الخميني: هذا إن قلنا بأنّ الربح ينتقل ابتداءً إلى المالك ثمّ يتلقّى المضارب منه؛ و أمّا إن قلنا بأنّه ينتقل إلى العامل حصّته ابتداءً كما هو الأقرب، فلا أصل لهذا الأصل؛ ثمّ لو قلنا باعتبار يد العامل في مورد الشكّ يقدّم قوله بيمينه و لو مع سلامة الأصل، لكن لو بنينا على عدم اعتباره كما هو الأوجه فلابدّ من ملاحظة محطّ الدعوى، فلو ادّعى العامل: أنّ مقدار رأس المال مأة مثلًا و ادّعى المالك أنّه مأتان يكون من موارد التحالف، و كذا لو ادّعى المالك أن هذا المقدار رأس المال و ذاك الربح و ادّعى العامل خلافه؛ و لو كان محطّ النزاع في مقدار رأس المال زيادة و نقصاناً أو مقدار الربح كذلك، يقدّم قول المنكر بيمينه؛ هذا مع بقاء المال، و أمّا مع التلف مضموناً على العامل فمقتضى الأصل عدم ضمانه، إلّافي مورد علم خلافه و قد عرفت عدم أصل يثبت كون المال للمالك، و التفصيل في هذه

الموارد موكول إلى محلّه (3). الگلپايگاني: و لايخفى أنّه على ما قوّاه قدس سره من دخول الربح في ملك العامل ابتداءً من غير دخوله في ملك المالك فلا أصل يقتضي كون جميع المال للمالك كما هو واضح؛ و أمّا على ما اختاره المشهور فاستصحاب ملك المالك للموجود و إن كان يقتضي ذلك، إلّاأنّ تقدّمه على قول العامل الوكيل في المعاملة مع كونه ذا اليد في المقدار المتنازع فيه محلّ تأمّل، بل منع، فتقدّم قول العامل مطلقاً لايخلو عن قوّة (4). مكارم الشيرازي: لا دليل على أنّ المال الموجود بحسب الأصل كلّه للمالك، فإنّه مردّد بين رأس المال و الربح؛ و ما يقال من أنّ الربح تابع، فهو ممنوع، لما عرفت من أنّ الربح من أوّل ظهوره ينقسم و يكون سهم العامل في ملكه، و الربح يكون تابعاً لرأس المال و العمل كليهما، فلايبعد رجوع النزاع إلى التداعي، و الأحوط التصالح، لما عرفت (5). مكارم الشيرازي: نعم، لو حصل منه تفريط أو خيانة، لكن ادّعى كون التلف لا بسببه بل بسبب أمر آخر، يشكل قبول قوله، لزوال أمانته، و استصحاب بقاء المال إلى ما بعده أصل مثبت؛ و الأحوط التصالح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 600

الخيانة و التفريط و عدم شرط المالك عليه الشرط الكذائي (1)، و المفروض أنّ مع عدم الشرط يكون مختاراً في الشراء و في البيع من أىّ شخص أراد؛ نعم، لو فعل العامل ما لايجوز له إلّابإذن من المالك، كما لو سافر أو باع بالنسيئة و ادّعى الإذن من المالك، فالقول قول المالك في عدم الإذن. و الحاصل أنّ العامل لو ادّعى الإذن فيما لايجوز إلّابالإذن، قدّم فيه قول المالك المنكر، و لو

ادّعى المالك المنع فيما يجوز إلّامع المنع، قدّم قول العامل المنكر له.

مسألة 52: لو ادّعى العامل التلف و أنكر المالك، قدّم قول العامل، لأنّه أمين (2)، سواء كان بأمر ظاهر أو خفيّ؛ و كذا لو ادّعى الخسارة أو ادّعى عدم الربح أو ادّعى عدم حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه مأذوناً في البيع بالدين، و لا فرق في سماع قوله بين أن يكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده؛ نعم، لو ادّعى بعد الفسخ التلف بعده، ففي سماع قوله لبقاء حكم أمانته و عدمه لخروجه بعده عن كونه أميناً وجهان (3). و لو أقرّ بحصول الربح ثمّ بعد ذلك ادّعى التلف أو الخسارة و قال: إنّي اشتبهت (4) في حصوله، لم يسمع منه، لأنّه رجوع عن إقراره (5) الأوّل؛ و لكن لو قال: ربحت ثمّ تلف أو ثمّ حصلت الخسارة، قبل منه. (1). الخوئي: هذا الشرط و ما بحكمه يرجع إلى تقييد متعلّق عقد المضاربة، و عليه فالعامل يدّعي الإطلاق كماأنّ المالك يدّعي التقييد، و أصالة عدم تقييد المتعلّق معارضة بأصالة عدم إطلاقه على ما بيّنّا في محلّه من أنّهما متضادّان في مقام الثبوت، و أمّا استصحاب عدم التقييد في مقام الإثبات فلا يترتّب عليه الإطلاق في مقام الثبوت، و أمّا أصالة الإطلاق فلا مجرى لها في أمثال المقام، و نتيجة ذلك كلّه أنّ القول قول المالك لأصالة عدم إذنه فيما يدّعي العامل إذنه فيه (2). الخوئي: هذا إذا لم يكن متّهماً، و إلّافيستحلف (3). الخوئي: أظهرهما الأوّل

الگلپايگاني: أقواهما سماع قوله ما لم يكن مقصّراً في الردّ، و مع التقصير فالأقوى عدم السماع

مكارم الشيرازي: أقول: الأقوى سماع قوله عند عدم التقصير في الردّ؛ كما أنّ

الأقوى عدم سماعه عند التقصير، لأنّه في الأوّل أمين و في الثاني خائن، فكلّ من الوجهين ناظر إلى فرض (4). الامام الخميني: العبارة غير جيّدة، و الظاهر أنّ مراده أنّه أقرّ أوّلًا بتحقّق الربح فعلًا، ثمّ ادّعى الاشتباه ووجّه اشتباهه بأنّ الربح حصل أوّلًا، لكنّ التلف أو الخسارة صار سبباً لعدم بقائه، و الظاهر قبول دعواه حينئذٍ؛ نعم، لو ادّعى أوّلًا بأنّ الربح حاصل، ثمّ قال إنّ الربح غير حاصل و أنّي اشتبهت، لم يسمع منه (5). الخوئي: هذا ليس رجوعاً عن إقراره، بل هو دعوى على خلاف ظاهر كلامه و هي لاتسمع ما لم تثبت شرعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 601

مسألة 53: إذا اختلفا في مقدار حصّة العامل و أنّه نصف الربح مثلًا أو ثلثه، قدّم قول المالك (1).

مسألة 54: إذا ادّعى المالك أنّي ضاربتك على كذا مقدار و أعطيتك، فأنكر أصل المضاربة أو أنكر تسليم المال إليه، فأقام المالك بيّنة على ذلك فادّعى العامل تلفه، لم يسمع منه (2)، و اخذ بإقراره المستفاد من إنكاره الأصل (3)؛ نعم، لو أجاب المالك بأنّي لست مشغول الذمّة لك بشي ء، ثمّ بعد الإثبات ادّعى التلف قبل منه، لعدم المنافاة بين الإنكار من الأوّل و بين دعوى التلف.

مسألة 55: إذا اختلفا في صحّة المضاربة الواقعة بينهما و بطلانها، قدّم قول مدّعي الصحّة (4).

مسألة 56: إذا ادّعى أحدهما الفسخ في الأثناء و أنكر الآخر، قدّم قول المنكر؛ و كلّ من يقدّم قوله في المسائل المذكورة لابدّ له من اليمين (5). (1). مكارم الشيرازي: و الدليل عليه ظاهر؛ فإنّ العامل هو المدّعي فعليه الإثبات، و إلّاكان القول قول المنكر بيمينه (2). الامام الخميني: لا إشكال في عدم سماع قوله بيمينه كسماعه قبل الإنكار؛

لكن هل يكلّف على إقامة البيّنةعلى التلف و تقبل بيّنته و مع عدمها يتوجّه الحلف على المالك، أو يقضى عليه بالضمان و تردّ بيّنته على التلف من غير تفريط و تعدٍّ، أو يحكم بالضمان بعد إقامة البيّنة على التلف و قبلها يطالب بالعين و يحبس حتّى يتبيّن الحال؟ وجوه

الخوئي: فللمالك أن يطالبه بنفس العين؛ نعم، إذا أقام العامل البيّنة على التلف، طالبه المالك بدفع البدل

مكارم الشيرازي: و الوجه فيه أوّلًا: أنّه خرج بإنكار أصل تسليم المال عن الأمانة فلايقبل قوله في ادّعاء التلف، فهو ضامن إلّاأن يقيم البيّنة؛ و ثانياً: إنكاره للمضاربة و تسليم المال إقرار ضمني بعدم التلف عنده، فدعواه بعد ذلك إنكار بعد الإقرار؛ اللّهم إلّاأن يقال: هو من قبيل انتفاء الشي ء بانتفاء موضوعه، فليس إقراراً بالعدم (3). الگلپايگاني: يعني إنكار المضاربة أو التسليم إقرار بعدم التلف عنده، فلايسمع دعواه و إن كانت له بيّنة، و حينئذٍ ففي تغريمه أو حبسه حتّى تتبيّن وجهان (4). مكارم الشيرازي: لأنّ قوله موافق للأصل و الظاهر، و يصدق عليه عرفاً عنوان المنكر، فهو منكر بجميع التفاسير، كما أنّ مدّعي الفساد مدّعٍ بجميعها؛ و كذا الحال بالنسبة إلى مدّعي الفسخ، كما يأتي في المسألة الآتية إن شاء اللّه (5). مكارم الشيرازي: ولكن لم يتعرّض له بعض الأصحاب، و لعلّه من جهة وضوحه، لأنّ تمام الدعوى لايكون إلّابأحد الشيئين: البيّنة أو اليمين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 602

مسألة 57: إذا ادّعى العامل الردّ و أنكره المالك، قدّم قول المالك (1).

مسألة 58: لو ادّعى العامل في جنس اشتراه أنّه اشتراه لنفسه و ادّعى المالك أنّه اشتراه للمضاربة، قدّم قول العامل (2)؛ و كذا لو ادّعى أنّه اشتراه للمضاربة و

ادّعى المالك أنّه اشتراه لنفسه، لأنّه أعرف بنيّته و لأنّه أمين (3)، فيقبل قوله. و الظاهر أنّ الأمر كذلك لوعلم (4) أنّه أدّى الثمن من مال المضاربة، بأن ادّعى أنّه اشتراه في الذمّة لنفسه، ثمّ أدّى الثمن من مال المضاربة و لو كان عاصياً في ذلك.

مسألة 59: لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال مضاربةً وادّعى القابض أنّه أعطاه قرضاً، يتحالفان (5)، فإن حلفا أو نكلا، للقابض أكثر الأمرين (6) من اجرة المثل (7) و الحصّة من (1). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّه داخل في قوله صلى الله عليه و آله: البيّنة على المدّعي ...؛ و القول بأنّه أمين يقبل قوله، مدفوع بعدم قيام دليل على قبول قول الأمين حتّى في مثل الردّ؛ و إن شئت قلت: الردّ هو انتهاء الأمانة و انتفاء موضوعها، و المتيقّن من قبول قوله مادامت الأمانة باقية (2). مكارم الشيرازي: ولكن هذا إنّما يكون فيما ليس فيه أمارات الاتّهام، كما إذا اشتراه و أدّاه من مال المضاربة و قال: اشتبهت أو عصيت في ذلك؛ و كذا إذا صدر منه بيوع متعدّدة، فكلّما كان فيه ضرر قال: اشتريته للمضاربة، و كلّما كان فيه نفع قال: اشتريته لنفسي! (3). الامام الخميني: و لأصالة عدم اشترائه للمضاربة و لها أثر، و أمّا أصالة عدم اشترائه لنفسه لاتثبت شرائه للمضاربة، و بهذا يظهر الوجه في الفرع الآتي، لكن هذا الأصل لايخلو من إشكال، بل منع؛ و أمّا كونه أعرف بنيّته لايوجب تقديم قوله ظاهراً مع أنّه غير مطّرد في جميع الدعاوي، مثل أن يدّعي المالك إنشاء البيع له في ظاهر اللفظ و ادّعى العامل إنشائه لنفسه (4). الگلپايگاني: فيه إشكال، لأنّ ظاهر فعله يكذّب قوله (5).

الامام الخميني: يحتمل التحالف بملاحظة محطّ الدعوى و تقديم قول المالك بملاحظة مرجعها، و الأقرب الأوّل

الگلپايگاني: بل يحلف المالك على نفي القرض و يقدّم قوله؛ و أمّا ادّعاؤه القراض فإقرار على العامل بمقدار حصّته من الربح و لايستحلف المنكر لنفي ما أقرّ المقرّ له مع أنّ كون مقدار الحصّة للعامل مقطوع، فلا أثر لعدم المضاربة فتجري أصالة عدم الإقراض بلا معارض، بل مع التحالف أو النكول أيضاً لا نزاع في مقدار الحصّة لتوافقهما عليه، و الزائد للمالك بعد عدم ثبوت القرض بقاعدة تبعيّة المنافع للمال (6). الامام الخميني: لا وجه لُاجرة المثل بعد اتّفاقهما على عدم استحقاقها، و مرجع الاختلاف في الزائد من حصّته، فمع التحالف يحتمل الإقراع و يحتمل التقسيم بينهما، و الأقرب الأوّل

الگلپايگاني: لا وجه للزائد على الحصّة في الفرض، و أمّا الحصّة فله بإقرار المالك (7). الخوئي: لا موقع لملاحظتها بعد اتّفاق المالك و العامل على عدم استحقاقها، كما أنّه لا موقع للتحالف بعد عدم إلزام عقد المضاربة العامل بشي ء، و عليه فالعامل يدّعي ملكيّة العين و تمام الربح و المالك يعترف له بمقدار من الربح فيكون العامل مدّعياً و المالك منكراً، فيقدّم قول المالك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 603

الربح (1)، إلّاإذا كانت الاجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها، لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح.

مسألة 60: إذا حصل تلف أو خسران فادّعى المالك أنّه أقرضه و ادّعى العامل أنّه ضاربه، قدّم قول (2) المالك (3) مع اليمين.

مسألة 61: لو ادّعى المالك الإبضاع و العامل المضاربة، يتحالفان (4)، و مع الحلف أو (1). مكارم الشيرازي: و هو عجيب بعد توافق الطرفين على نفي اجرة المثل؛ و لعلّ المرجع بعد التحالف

إلى تقسيم النصف الباقي من الربح الّذي هو موضع النزاع قسمين، فيعطى العامل ثلاثة أرباع و المالك ربعاً (2). الامام الخميني: في هذا المقام أيضاً يحتمل التحالف بلحاظ المحطّ و تقديم قول العامل بلحاظ المرجع، و محطّ الدعوى أولى باللحاظ (3). الگلپايگاني: لايبعد تقدّم قول العامل مع حلفه على نفي القرض، لعدم الأثر في نفي القراض بخلاف القرض

مكارم الشيرازي: لأصالة الضمان في الأموال الّتي تقع في يد غير المالك؛ و ما قد يقال بأنّ اليد قسمان: أمانيّ و ضمانيّ و كلّ منهما مخالف للأصل، يردّه أنّ الأمانيّ يحتاج إلى إذن، و هو مؤونة زائدة، و الحاصل أنّ اليد الأمانيّة تحتاج إلى دليل و هذا أمر واضح، و هكذا الأمر في غير هذا الباب من أبواب الفقه، و إلّالأمكن لكلّ أحد أن يتسلّط على مال غيره ثمّ يدّعي كون يده يد أمانة لينتفي فيه الضمان (4). الامام الخميني: احتمال التحالف هاهنا ضعيف، لعدم جريان أصالة عدم البضاعة، و الظاهر تقديم قول المالك بيمينه، ولكنّ الظاهر استحقاق مقدار أقلّ الأمرين من الاجرة و الحصّة، لكون هذا المقدار مورد توافقهما، إلّاأن يدّعي المالك مع ذلك تبرّعيّة العمل فهي دعوى اخرى تفصل على الموازين، بل الظاهر عدم التحالف في الفرع الآتي أيضاً، بل يحلف العامل على نفي المضاربة فيحكم له باجرة المثل

الخوئي: لاتّفاقهما على استحقاق العامل بعمله شيئاً، لكنّ المالك يلزمه بقبول اجرة المثل، كما أنّه يلزم المالك بإعطاء ما يدّعيه من الحصّة من الربح؛ نعم، إذا قلنا بعدم ضمان المالك في فرض الإبضاع، قدّم قول المالك، لأنّه منكر للمضاربة

الگلپايگاني: لايبعد تقديم قول المالك مع يمينه على نفي القراض، و أمّا الإبضاع فلا أثر لنفيه إن كان بلا

اجرة، و إن كان مع الاجرة فإقرار للعامل بمقدارها، و قد مرّ أنّه لايستحلف المنكر لنفي ما أقرّ له

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه يقدّم قول المالك بيمينه فيحلف على نفي المضاربة، فإنّ الفرق بينهما و بين البضاعة ليس في الماهيّة، بل باشتراط حصّة في أحدهما دون الآخر؛ نعم، إذا ادّعي البضاعة مع الاجرة و ادّعى المالك المضاربة، يتحالفان لكون كلّ منهما مدّعياً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 604

النكول منهما يستحقّ العامل أقلّ الأمرين من الاجرة و الحصّة من الربح؛ و لو لم يحصل ربح فادّعى المالك المضاربة لدفع الاجرة و ادّعى العامل الإبضاع، استحقّ العامل بعد التحالف (1) اجرة المثل لعمله (2).

مسألة 62: إذا علم مقدار رأس المال و مقدار حصّة العامل و اختلفا في مقدار الربح الحاصل، فالقول قول العامل (3)، كما أنّهما لو اختلفا في حصوله و عدمه كان القول قوله. و لو علم مقدار المال الموجود فعلًا بيد العامل و اختلفا في مقدار نصيب العامل منه، فإن كان من جهة الاختلاف في الحصّة أنّها نصف أو ثلث فالقول قول المالك قطعاً، و إن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال فالقول قوله (4) أيضاً، لأنّ المفروض أنّ تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلًا و ربحاً، و مقتضى الأصل (5) كونه بتمامه للمالك، إلّاما علم جعله للعامل، و أصالة عدم دفع أزيد من مقدار كذا إلى العامل لاتثبت كون البقيّة ربحاً، مع أنّها معارضة بأصالة عدم حصول الربح أزيد من مقدار كذا، فيبقى كون الربح تابعاً للأصل إلّاما خرج. (1). الگلپايگاني: هذا لو كان المدّعى الإبضاع باجرة معيّنة أو أزيد من اجرة المثل، و إلّافالظاهر تقديم قول العامل مع حلفه و لا أثر لنفي الإبضاع

حتّى يستحلف المالك (2). الخوئي: الظاهر أنّه لا مجال للتحالف في الفرض، لأنّ العامل يدّعي اجرة المثل على المالك بناءً على ثبوتها في الإبضاع و المالك ينكرها، فإذا حلف لم يستحقّ العامل عليه شيئاً

مكارم الشيرازي: يشكل التحالف؛ و لعلّ القول قول المالك، فيحلف، و لايستحقّ العامل شيئاً، لأنّه منكر للإبضاع المستلزم لُاجرة المثل أو اجرة معيّنة و العامل يدّعيه؛ و أمّا المضاربة، فلا أثر له على الفرض حتّى يكون المدّعي لها ملزماً بالحلف، فتأمّل (3). مكارم الشيرازي: حكم المسألة واضح، لأنّ الأصل عدم الزيادة، مضافاً إلى قبول قول العامل في هذه الامور (4). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال و التأمّل فيه، و إنّ تقدّم قول العامل في مثله لايخلو عن قوّة

مكارم الشيرازي: فيه إشكال؛ والأحوط التصالح، لأنّ المنافع من بدء وجودها تنتقل إلى ملك العامل بمقدار حصّته؛ و القول بأنّ الأصل في المنافع تبعيّتها للعين، غير ثابت، فإنّ ذلك في غير المضاربة؛ و أمّا فيها، فشي ء منها يتبع العين و شي ء يتبع عمل العامل، وفقاً لما توافقا عليه (5). الامام الخميني: مرّ الكلام في هذا الفرض و في مقتضى الأصل

[مسائل متفرّقة]
اشارة

مسائل [متفرّقة]

[الاولى: إذا كان عنده مال المضاربة فمات

الاولى: إذا كان عنده مال المضاربة فمات، فإن علم بعينه فلا إشكال، و إلّافإن علم بوجوده في التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك و يكون المالك شريكاً (1) مع الورثة (2) بالنسبة (3)، ويقدّم على الغرماء إن كان الميّت مديوناً، لوجود عين ماله في التركة؛ و إن علم بعدم وجوده في تركته و لا في يده و لم يعلم أنّه تلف بتفريط أو بغيره أو ردّه على المالك، فالظاهر عدم ضمانه و كون جميع تركته للورثة و إن كان لايخلو عن إشكال (4) بمقتضى بعض الوجوه الآتية؛ و أمّا إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت و لم يعلم أنّه موجود في تركته الموجودة أو لا، بأن كان مدفوناً في مكان غير معلوم أو عند شخص آخر أمانةً أو نحو ذلك، أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده بحيث لو كان حيّاً أمكنه الإيصال إلى المالك، أو شكّ في بقائه في يده و عدمه أيضاً، ففي ضمانه في هذه الصور الثلاث و عدمه خلاف و إشكال على اختلاف مراتبه، و كلمات العلماء في المقام و أمثاله كالرهن و الوديعة و نحوهما مختلفة؛ و الأقوى الضمان (5) (1). الامام الخميني: الحكم بالشركة إنّما هو فيما إذا علم امتزاج مال المضاربة مع ماله امتزاجاً يوجب الشركةعلى نحو ما يأتي في كتاب الشركة، و أمّا إذا اشتبه المالان فلايحكم بالشركة، بل يعالج بما في نظائر المقام من اشتباه أموال الملّاك، و هل هو بإيقاع الصلح بينهما أو التقسيم بحسب نسبة المالين أو إعمال القرعة؟ وجوه؛ أقواها الأخير

الگلپايگاني: في المخلوط بلا تميّز؛ و أمّا مع التميّز في الواقع و الاشتباه بحسب الظاهر، فسيأتي

منه قدس سره في الشركة إنّ حكمه هو الصلح القهريّ أو القرعة (2). مكارم الشيرازي: إنّما يكون شريكاً مع الورثة إذا امتزج بماله امتزاجاً لايعرف؛ و أمّا مع العلم بوجوده في التركة مع الاشتباه بلا امتزاج، فالحكم فيها ما سيأتي في كتاب الشركة عن قريب إن شاء اللّه (3). الخوئي: في ثبوت الشركة بعدم تميّز المال و لاسيّما مع اختلاف الأجناس إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه (5). الامام الخميني: بل الأقوى عدم الضمان. و الوجوه الّتي تمسّك بها غير وجيهة، لكون المورد من الشبهةالمصداقيّة، لدليل اليد على فرض تسليم شموله للأمانات، و هو في محلّ الإشكال مع إمكان إحراز حال اليد بالأصل و إخراجها عن تحت الدليل، لكون يده مسبوقة بعدم كونها على وجه الضمان؛ و أمّا التمسّك بردّ الأمانات و خبر السكوني فهو كماترى، كالتمسّك بسقوط اليد في صورة الاولى للعم الإجمالي

الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الضمان في الصورتين، و التمسّك بالعموم تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة بعد الاعتراف بخروج بعض الصور مع احتمال كون محلّ النزاع فيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 606

في الصورتين الاوليين (1)، لعموم قوله عليه السلام: «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» حيث إنّ الأظهر شموله للأمانات أيضاً. و دعوى خروجها لأنّ المفروض عدم الضمان فيها، مدفوعة بأنّ غاية ما يكون خروج بعض الصور منها، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادّعى تلفها (2) كذلك إذا حلف؛ و أمّا صورة التفريط و الإتلاف (3) و دعوى الردّ (4) في غير الوديعة (5) و دعوى التلف (6) و النكول عن الحلف، فهي باقية تحت العموم (7). ودعوى أنّ الضمان في صورة التفريط والتعدّي من جهة الخروج عن كونها

أمانة أو من جهة الدليل الخارجي، كماترى، لا داعي إليها. و يمكن أن يتمسّك بعموم ما دلّ على وجوب ردّ الأمانة، بدعوى أنّ الردّ أعمّ (8) من ردّ العين (9) و ردّ (1). الخوئي: بل الأقوى عدمه، إلّامع ثبوت التفريط ولو من جهة ترك الوصيّة به؛ و أمّا التمسّك بعموم الحديث لإثبات الضمان فمخدوش من وجوه (2). الگلپايگاني: في جعل صورة ادّعاء التلف قبال التلف بلا تفريط ما لايخفى، لأنّ الخارجة عن العموم هي يدالأمين الواقعي و دعوى المؤتمن مقبولة في الظاهر مع اليمين و لذا يحكم بضمانه مع العلم بخيانته (3). الگلپايگاني: الظاهر أنّ الضمان في الإتلاف إجماعيّ، كما يستفاد من بعض حتّى فيما لايكون في يدالمتلف (4). الگلپايگاني: و فيه إشكال نظير ما مرّ، لأنّ الباقية تحت العامّ هي يد الخائن الواقعي، و المدّعي فيما ذكر مع النكول محكوم في الظاهر بالضمان، وأمّا مع العلم بصدق دعواه لم يحكم بضمانه (5). الخوئي: بل لاتسمع دعوى الردّ في الوديعة أيضاً (6). الخوئي: الظاهر سماع دعوى التلف مطلقاً إذا لم يكن المؤتمن متّهماً (7). مكارم الشيرازي: و الاولى أن يقال: بل الأقوى لزوم أداء مال المضاربة منه، لشمول «على اليد» له و استصحاب بقائه فيه؛ و القول بأنّ الأيدي الأمينة خارجة من ضمان اليد تخصّصاً، ممنوع، بل هي داخلة فيها، و إنّما الخارج منها صورة الإذن في البقاء و صورة التلف بغير تفريط؛ أمّا الإذن، فينتهي بالموت و التلف غير ثابت هنا، و استصحاب البقاء يقتضي ردّه؛ و من هنا يظهر أنّه لايضرب مع الغرماء و لايلزم تخصيص الأكثر على قاعدة اليد، لكثرة الأيدي الخائنة و الأمينة الضامنة للردّ بسبب انقضاء الإذن (8). الگلپايگاني: هذه الدعوى في الأمانة

التالفة بلا تقصير مقطوعة الخلاف، فهي أيضاً تمسّك بالعامّ في الشبهةالمصداقيّة (9). الخوئي: هذه الدعوى فاسدة، فإنّ وجوب الردّ تكليفي و متعلّقه نفس الأمانة، مضافاً إلى أنّه قد ثبت عدم الضمان مع عدم التفريط، فلا مجال للتمسّك بالعموم و الشبهة مصداقيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 607

البدل (1)، و اختصاصه بالأوّل ممنوع؛ ألا ترى أنّه يفهم من قوله عليه السلام: «المغصوب مردود» وجوب عوضه عند تلفه؟ هذا مضافاً إلى خبر السكوني (2) عن عليّ عليه السلام: «إنّه كان يقول: من يموت و عنده مال مضاربة قال: إن سمّاه بعينه قبل موته فقال: هذا لفلان فهو له، و إن مات و لم يذكر فهو اسوة الغرماء (3)».

و أمّا الصورة الثالثة فالضمان فيها أيضاً لايخلو عن قوّة (4)، لأنّ الأصل بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت، و اشتغال ذمّته بالردّ عند المطالبة، و إذا لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ من تركته بقيمته. و دعوى أنّ الأصل المذكور معارض بأصالة برائة ذمّته من العوض و المرجع بعد (1). مكارم الشيرازي: و قد يقال هذا صحيح، ولكن ردّ البدل إنّما يجب في فرض التفريط في الأمانة؛ و أمّا في التالفة بلا تقصير، فهو مقطوع العدم، و مع الشكّ بينهما يكون من قبيل الشبهة المصداقيّة؛ أقول: ولكن في محلّ الكلام لم يثبت التلف، بل هو موجود قطعاً و إن لم يكن تحت يده فعلًا؛ و على كلّ حال، عبارة المتن لايخلو عن إشكال (2). الخوئي: الخبر لا دلالة له، فإنّ مورده العلم بوجود مال المضاربة في التركة، فلايشمل مورد الكلام

الگلپايگاني: لا مناص إلا لحمله على صورة التعدّي و لو بترك التسمية مع عدم العلم بكون المال في التركة للعلم بعدم الضمان بلا تعدٍّ

و العلم بتقدّم المالك على الغرماء مع بقاء عينه في التركة، و الالتزام بالتخصيص فيما ذكر ممّا لا داعي له (3). مكارم الشيرازي: و المراد بها مساواتها لسائر الغرماء، ولكنّ الرواية لاتخلو عن إشكال في سندها و دلالتها (الحديث 1 من الباب 13 من أبواب المضاربة)؛ فإنّ المراد إن كان مساواته للغرماء إذا كانت التركة وافية بحقّ الديّان، فهو، و إلّالايمكن ضرب ربّ المال مع الديّان بالحصص بلا شكّ، لأنّ المفروض أنّ عين مال المضاربة موجودة بالعلم الإجمالي بين أموال الميّت و هي من الأمانات، فلا حقّ للديّان فيها (4). الامام الخميني: الأقوى فيها أيضاً عدم الضمان، فإنّ العلم ببقائه في يده بالنحو المتقدّم لم يكن مؤثّراً، فكيف بالشكّ؟ و أصالة بقاء يده عليه لاتثبت الضمان و لاكون المال في التركة

الخوئي: بل الأقوى فيها أيضاً عدم الضمان؛ و أمّا التمسّك باستصحاب بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت، فيردّه أنّ الضمان غير مترتّب عليه ما لم يثبت التفريط؛ و أمّا التمسّك باستصحاب اشتغال ذمّته بالردّ عند المطالبة، فيردّه أنّه من الاستصحاب التعليقي و لانقول به، مضافاً إلى أنّ المتيقّن لايحتمل بقاؤه بعد الموت، لأنّه تكليفيّ محض، و على تقدير التسليم لايترتّب عليه وجوب أداء البدل، و عليه فأصالة البرائة من الضمان بلا معارض

الگلپايگاني: بل الأقوى فيها أيضاً عدم الضمان و اليد المستصحبة ليست بأولى من المتيقّنة الّتي مرّ عدم الضمان فيها، هذا مع العلم ببقاء العين؛ و أمّا مع الشكّ فاستصحاب بقاء اليد لا موضوع له كما لايخفى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 608

التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيّته، مدفوعة بأنّ الأصل الأوّل حاكم على الثاني، هذا مع أنّه يمكن الخدشة في قاعدة اليد بأنّها مقتضية للملكيّة إذا

كانت مختصّة، و في المقام كانت مشتركة (1)، و الأصل بقاؤها على الاشتراك، بل في بعض الصور يمكن أن يقال: إنّ يده يد المالك (2) من حيث كونه عاملًا له، كما إذا لم يكن له شي ء أصلًا فأخذ رأس المال و سافر للتجارة و لم يكن في يده سوى مال المضاربة، فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في يد المالك و إن احتمل (3) أن يكون قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال و إنّه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده؛ و في بعض الصور يده مشتركة بينه و بين المالك، كما إذا سافر و عنده من مال المضاربة مقدار، و من ماله أيضاً مقدار (4)؛ نعم، في بعض الصور لايعدّ يده مشتركة أيضاً، فالتمسّك باليد بقول مطلق مشكل (5)؛ ثمّ إنّ جميع ما ذكر إنّما هو إذا لم يكن بترك التعيين عند ظهور أمارات الموت مفرطاً، و إلّافلا إشكال في ضمانه.

[الثانية: ذكروا من شروط المضاربة التنجيز]

الثانية: ذكروا (6) من شروط المضاربة التنجيز، و أنّه لو علّقها على أمر متوقّع بطلت، و كذا لو علّقها على أمر حاصل إذا لم يعلم بحصوله؛ نعم، لو علّق التصرّف على أمر صحّ و إن كان متوقّع الحصول، و لا دليل لهم على ذلك إلّادعوى الإجماع (7) على أنّ أثر العقد لابدّ أن (1). الخوئي: الظاهر عدم كون المقام من موارد الاشتراك في اليد

الگلپايگاني: اشتراك اليد بالنسبة إلى الأعيان الموجودة غير مسبوق بالعلم، و العلم بأمانيّتها بالنسبة إلى شي ء لايضرّ بكونها أمارة للملك بالنسبة إلى التركة الموجودة ما لم يعلم باشتمالها على ملك الغير، كما مرّ

مكارم الشيرازي: مجرّد أخذ مال من غيره بعنوان المضاربة أو نحوها لايوجب كون اليد مشتركة، إلّاإذا غلب على يده

ذلك؛ و حينئذٍ يشكل الأخذ بظهور اليد في الملكيّة التامّة في مقابل الشركاء؛ و من هنا يظهر الإشكال فيما ذكره في بعض صور المسألة من ظهور كون يده يد المالك، فإنّ احتمال اكتساب أموال في حقّه ينافي هذا الظهور؛ كما لايخفى (2). الخوئي: هذا فيما إذا علم ببقاء مال المضاربة بعينه، و إلّافقاعدة اليد محكّمة (3). الگلپايگاني: كون يده بمنزلة يد المالك مشكل، إلّاإذا كانت يده على الأعيان الموجودة يد مضارب، فإذااحتمل تبديلها باليد المالكيّة يمكن استصحاب كونها يد مضارب (4). الگلپايگاني: مع العلم بكون بعض الأعيان الموجودة ملكاً للمشتري فعلًا أو سابقاً (5). الامام الخميني: لا إشكال فيه في مثل المقام؛ نعم، في بعض الصور المفروضة يمكن القول بسقوطها (6). الامام الخميني: ما ذكروه هو الأحوط، خصوصاً في مثل المضاربة (7). مكارم الشيرازي: اعتبار التنجيز في جميع العقود هو الأحوط، لولا الأقوى، لا للإجماع، بل لأنّ العقد أمر عرفيّ رائج بين العقلاء، و الظاهر أنّهم يعتبرون في العقود التنجيز و لايعتمدون على العقود المشروطة و المعلّقة (إلّافي موارد خاصّة) و لا أقلّ من الشكّ، فلايشمله العمومات بعد كونها ناظرة إلى العقود العقلائيّة، و الظاهر أنّ الإجماع المدّعى أيضاً ليس لأمر تعبّديّ، بل هو مأخوذ من بنائهم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 609

يكون حاصلًا من حين صدوره، و هو إن صحّ إنّما يتمّ في التعليق على المتوقّع، حيث إنّ الأثر متأخّر؛ و أمّا التعليق على ما هو حاصل فلايستلزم التأخير، بل في المتوقّع أيضاً إذا اخذ على نحو الكشف بأن يكون المعلّق عليه وجوده الاستقبالي لايكون الأثر متأخّراً؛ نعم، لو قام الإجماع على اعتبار العلم بتحقّق الأثر حين العقد، تمّ في صورة الجهل، لكنّه غير معلوم؛

ثمّ على فرض البطلان لا مانع من جواز التصرّف و نفوذه من جهة الإذن، لكن يستحقّ حينئذٍ اجرة المثل لعمله، إلّاأن يكون الإذن مقيّداً بالصحّة فلايجوز التصرّف أيضاً.

[الثالثة: قد مرّ اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك، و أمّا العامل فلايشترط فيه ذلك

الثالثة: قد مرّ اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك، و أمّا العامل فلايشترط فيه (1) ذلك، لعدم منافاته لحقّ الغرماء؛ نعم، بعد حصول الربح منع (2) من التصرّف إلّابالإذن من الغرماء، بناءً على تعلّق الحجر بالمال الجديد.

[الرابعة: تبطل المضاربة بعروض الموت

الرابعة: تبطل المضاربة بعروض الموت، كما مرّ، أو الجنون أو الإغماء، كما مرّ (3) في سائر العقود الجائزة، و ظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقاً أو أدواريّاً، و كذا في الإغماء (4) بين قصر مدّته و طولها؛ فإن كان إجماعاً، و إلّافيمكن أن يقال بعدم البطلان (5) في الأدواريّ و الإغماء القصير المدّة، فغاية الأمر عدم نفوذ التصرّف حال حصولهما (6)، و أمّا بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد؛ سواء كانا في المالك أو العامل. و كذا تبطل بعروض (1). مكارم الشيرازي: و العجب أنّه أطلق القول في أوائل بحث المضاربة باشتراط عدم الحجر بالفلس الّذي ظاهره عدم الفرق بين المالك و العامل، و الحقّ ما ذكره هنا، و دليله ظاهر (2). الامام الخميني: محلّ تأمّل؛ نعم، بعد تمام العمل لا إشكال في منعه منه على هذا المبنى (3). الامام الخميني: ليس ببالي مروره (4). مكارم الشيرازي: كون الجنون الأدواريّ موجباً للبطلان حتّى في دور إفاقته، محلّ إشكال؛ و أشكل منه بطلان العقد بالإغماء، فإنّه يظهر من كثير منهم إلحاق الإغماء بالجنون، و الحال أنّه أشبه بالنوم؛ و من البعيد قيام الإجماع المعتبر عليه، و مع عدمه يشكل الإلحاق؛ و للبحث صلة في غير المقام (5). الگلپايگاني: الظاهر عدم الفرق بين المدّة القصيرة و الطويلة بحسب الدليل (6). الامام الخميني: لم يتّضح كيفيّة تصرّف المغمى عليه، و في وكالة «الجواهر»: أنّ أقصى ما يقتضيه عروضهما للوكيل عدم تصرّف

حالهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 610

السفه لأحدهما (1) أو الحجر (2) للفلس في المالك أو العامل (3) أيضاً إذا كان بعد حصول الربح (4)، إلّا مع إجازة الغرماء.

[الخامسة: إذا ضارب المالك في مرض الموت

الخامسة: إذا ضارب المالك في مرض الموت، صحّ (5) و ملك العامل الحصّة و إن كانت أزيد من اجرة المثل على الأقوى من كون منجّزات المريض من الأصل، بل و كذلك على القول (6) بأنّها من الثلث، لأنّه ليس مفوّتاً لشي ء على الوارث (7)، إذ الربح أمر معدوم و ليس مالًا موجوداً للمالك و إنّما حصل بسعي العامل (8).

[السادسة: إذا تبيّن كون رأس المال لغير المضارب

السادسة: إذا تبيّن (9) كون رأس المال لغير المضارب، سواء كان غاصباً أو جاهلًا بكونه ليس له، فإن تلف في يد العامل أو حصل خسران (10) فلمالكه الرجوع (11) على كلّ منهما (12)، فإن (1). الخوئي: مرّ أنّه لايعتبر في صحّتها عدم السفه من العامل (2). مكارم الشيرازي: لا وجه لبطلان المضاربة بعروض الحجر بعد ظهور الربح؛ نعم، هو ممنوع التصرّف فيه بناءً على تعلّق الحجر بالمال الجديد (3). الامام الخميني: عروض الحجر على العامل لايوجب بطلان المضاربة، و قد مرّ بعض الكلام فيه (4). الگلپايگاني: عروض الحجر بعد حصول الربح لايمنع عن بقاء المضاربة، بل يمنع من نفوذ التصرّف في حصّته من الربح من دون إجازة الغرماء (5). مكارم الشيرازي: إن قلنا بأنّ المنجّزات من الثلث و كان سهم العامل فيه محاباةً بحسب أمثاله و أشباهه، فلايخلو عن إشكال؛ كما إذا كان المتعارف في أمثاله بالنصف، فقبل المالك بالربع، مع كون رأس المال في معرض الخطر؛ و في أصل المبنى كلام في محلّه (6). الامام الخميني: محلّ تأمّل على هذا القول (7). الخوئي: فيه نظر واضح، و الّذي يسهل الخطب أنّ منجّزات المريض تكون من الأصل (8). الگلپايگاني: الظاهر عدم تأثير ذلك في نفوذ المعاملة في الزائد على الثلث على هذا القول، و الأقوى كون

المنجّزات من الأصل، كما في المتن (9). الامام الخميني: ليس للتبيّن دخالة في الأحكام المذكورة، بل إذا كان رأس المال للغير يترتّب عليه الضمان و جواز الرجوع (10). الامام الخميني: في صورة الخسران له الإجازة للمعاملة الخاسرة و له الرجوع بماله (11). الخوئي: ليس للمالك الرجوع في الخسارة وحدها، فإنّه إن أجاز المعاملة صحّت و ليس له الرجوع حينئذٍ على أحد، و إلّارجع بتمام ماله

الگلپايگاني: رجوع المالك إليهما في الخسران لا وجه له، فيردّ العين مع بقائها والمثل أو القيمة عند التلف إن ردّ المعاملة، و إن أمضاها فهو راضٍ بالخسران (12). مكارم الشيرازي: بل له الرجوع إليهما و إلى المشتري؛ فإنّه أيضاً ضامن، علم أو لم يعلم؛ و لا وجه لإخراجه عن حكم الضمان؛ نعم، لو كان مغروراً، يرجع إلى من غرّ؛ هذا إذا لم تكن العين موجودة، و إلّاأخذها صاحبها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 611

رجع على المضارب لم يرجع (1) على العامل (2)، و إن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلًا على المضارب و إن كان جاهلًا أيضاً، لأنّه مغرور (3) من قبله (4)، و إن حصل ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله، و للعامل اجرة المثل على المضارب مع جهله (5)، و الظاهر (6) عدم (7) استحقاقه الاجرة عليه (8) مع عدم حصول الربح (9)، لأنّه أقدم على عدم شي ء له مع عدم حصوله، كما أنّه لايرجع عليه إذا كان عالماً (10) بأنّه ليس له، لكونه متبرّعاً بعمله (11) حينئذٍ.

[السابعة: يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد لازم

السابعة: يجوز اشتراط المضاربة (12) في ضمن عقد لازم، فيجب على المشروط عليه إيقاع (1). الامام الخميني: في صورة غروره؛ و أمّا مع علمه فله الرجوع (2). الگلپايگاني: فيما كان العامل مغروراً

من قبله (3). الگلپايگاني: مجرّد جهل العامل لايستلزم غروره من قبل المالك كما يترائى من العبارة، و الميزان صدق الغرور عرفاً (4). الخوئي: لايصدق الغرور مع جهل المضارب، إلّاأنّه مع ذلك يرجع العامل عليه، لأنّه بأدائه يملك المال الثابت في ذمّة المضارب على ما شيّدنا أركانه في محلّه

مكارم الشيرازي: أو بحكم المغرور (5). مكارم الشيرازي: بل على فرض علمه أيضاً، لأنّه لم يعمل تبرّعاً و لا مجّاناً، بل بانياً على صحّة المضاربة من دون الاعتناء بحكم الشرع، كما أنّ الأمر كذلك في الإجارات الفاسدة؛ ثمّ إنّه هل يستحقّ في المضاربة الفاسدة اجرة مثل عمله بعنوان الأجير أو المضارب؟ الظاهر هو الثاني. و من هنا يظهر الإشكال أيضاً فيما ذكره في ذيل المسألة من كونه متبرّعاً بعمله (6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه و في الفرع التالي (7). الگلپايگاني: بل الظاهر استحقاقه، كما مرّ منه قدس سره في المسألة (48) (8). الخوئي: هذا هو الصحيح، إلّاأنّه تقدّم منه قدس سره في المسألة الثامنة و الأربعين خلافه (9). مكارم الشيرازي: دليله ما عرفت في المسألة (48) من أنّه أقدم على عدم العوض على فرض عدم الربح، و المفروض أنّه حاصل؛ و العجب أنّه ذكر في تلك المسألة أنّ استحقاق العامل الاجرة ولو مع الجهل، مشكل، و لكنّه صرّح هنا بأنّ الظاهر عدم استحقاقه؛ و الحقّ عدم الاستحقاق قطعاً (10). الخوئي: تقدّم أنّه لا فرق بين صورتي العلم و الجهل (11). الگلپايگاني: بل متهتّكاً لعمله و إن لم يقصد التبرّع (12). الامام الخميني: أي اشتراط إيقاعها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 612

عقدها مع الشارط، و لكن لكلّ منهما فسخه بعده (1)، و الظاهر أنّه يجوز اشتراط عمل المضاربة (2) على العامل، بأن

يشترط عليه أن يتّجر بمقدار كذا من ماله إلى زمان كذا على أن يكون الربح بينهما (3)، نظير شرط كونه وكيلًا في كذا في عقد لازم، و حينئذٍ لايجوز للمشروطعليه فسخها (4) كما في الوكالة.

[الثامنة: يجوز إيقاع المضاربة بعنوان الجعالة]

الثامنة: يجوز إيقاع المضاربة (5) بعنوان الجعالة، كأن يقول: إذا اتّجرت بهذا المال و حصل ربح فلك نصفه، فيكون جعالة تفيد فائدة المضاربة، و لايلزم أن يكون جامعاً لشروط المضاربة، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين (6) أو ديناً أو مجهولًا جهالةً لاتوجب الغرر، و كذا (7) في المضاربة المشروطة (8) في ضمن عقد بنحو شرط النتيجة (9)، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين (10).

(1). الخوئى: الظاهر أن متعلق الاشتراط عرفا ليس مجرد أجراء العقد، و عليه فلا يجوز للمشروط عليه الفسخ قبل الجرى على العقد خارجا.

(2). الامام الخمينى: لا بأس بهذا الشرط، و يجب العمل على طبقه، لكن صيرورة ذلك مضاربة يترتب عليه أحكامها محل إشكال بل منع، و لا يعتبر فيه ما يعتبر فيها.

الگلپايگانى: يعنى إيقاع عقدها (3). الگلپايگانى: فيجب على العامل و يملك الحصة بشرط النتيجة لا بعنوان المضاربة لجاز فسخها و ليست كالوكالة المشترطة فى ضمن عقد لازم مع عدم لزومها أيضا على الأقوى.

(4). مكارم الشيرازى: اشتراط العمل ليس عقدا قابلا للفسخ، بل لا معنى للفسخ فيه؛ و قياسه على الوكالة قياس مع الفارق، مع أن المقيس عليه أيضا محل الكلام.

(5). الخوئى: فيه إشكال، بل منع، فإن الذى يملكه العامل فى المضاربة غير مملوك للمضارب فعلا، و إنماالتزمنا بصحة لقيام الدليل على ذلك، و لم يقم دليل على ذلك فى الجعالة إذا كانت فاقدة لشرائط المضاربة، إذن فمقتضى القاعدة البطلان.

(6). مكارم الشيرازى:

قد عرفت عدم اعتبار النقدين فى المضاربه أيضا؛ و أما الجهل، فيجوز بناء على عدم قدحه فى الجعالة، و لكن يشكل الأمر هنا؛ نعم، بناء على المختار من أن الغرر بمعنى السفاهة و فعل ما لا ينبغى عنده العقلاء، فلا ضير، لعدم السفاهة هنا.

(7). الامام الخمينى: مر الكلام فيه آنفا.

(8). الگلپايگانى: يعنى عمل المضاربة المشروط فى ضمن عقد لازم.

(9). مكارم الشيرازى: قد عرفت انه ليس مضاربة، بل هو اشتراط العمل.

(10). الخوئي: فيه إشكال، بناءً على اشتراط المضاربة بكون رأس المال من النقدين.

[التاسعة: يجوز للأب و الجدّ الاتّجار بمال المولّى عليه بنحو المضاربة]

التاسعة: يجوز (1) للأب و الجدّ الاتّجار بمال المولّى عليه بنحو المضاربة (2)، بإيقاع عقدها، بل مع عدمه أيضاً، بأن يكون بمجرّد الإذن منهما (3)؛ و كذا يجوز لهما المضاربة بماله مع الغير على أن يكون الربح مشتركاً بينه و بين العامل. و كذا يجوز ذلك للوصيّ في مال الصغير مع ملاحظة الغبطة و المصلحة و الأمن من هلاك المال.

[العاشرة: يجوز للأب و الجدّ الإيصاء بالمضاربة بمال المولّى عليه

العاشرة: يجوز (4) للأب و الجدّ الإيصاء بالمضاربة بمال المولّى عليه، بإيقاع الوصيّ عقدها لنفسه أو لغيره مع تعيين الحصّة من الربح أو إيكاله إليه؛ و كذا يجوز لهما الإيصاء بالمضاربة في حصّة القصير من تركتهما بأحد الوجهين، كما أنّه يجوز ذلك لكلّ منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه، بأن يتّجر الوصيّ به أو يدفعه إلى غيره مضاربةً و يصرف حصّة الميّت في المصارف المعيّنة للثلث، بل و كذا يجوز (5) الإيصاء منهما بالنسبة إلى حصّة الكبار (6) (1). الامام الخميني: مع عدم المفسدة، بل لاينبغي لهما ترك الاحتياط بمراعاة المصلحة. و كأنّ عبارة المسألةفي المتن لاتخلو عن تشويش، و الظاهر أنّ المقصود أنّه يجوز لهما إيقاع عقد المضاربة لنفسهما، كما يجوز إيقاعه بمالهما مع الغير، كما يجوز الإذن في الاتّجار بماله (2). مكارم الشيرازي: اللازم تقييده بعدم المفسدة، بل الأقوى لزوم المصلحة و الغبطة؛ و لعلّه المشهور في تصرّفات الوليّ، لأنّ الولاية طبعاً تكون لإصلاح أمر المولّى عليه و ليس من قبيل الحقّ للوليّ لأن ينتفع بمال المولّى عليه (3). الخوئي: لعلّه قدس سره أراد به القصد و النيّة، و إلّافهو من سهو القلم

الگلپايگاني: العبارة مجملة، و لعلّ المقصود اتّجارهما به بلا عقد، فيكونان كالمأذون من قبلهما حيث إنّ مقتضى تعليل صحيح ابن مسلم صحّة تجارة المأذون

منهما مضاربةً، إلّاأن يمنع إطلاقه لهذه الجهة و يحمل على الاتّجار بشرائطه المتعارفة

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ المراد ما يكون مضاربة معاطاتيّة (4). الامام الخميني: مع الشرط السابق؛ و مع الإيكال إلى الوصيّ يجب عليه مراعاة الغبطة و المصلحة، و كذاالحال في الإيصاء بالمضاربة بحصّة القصير (5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (6). الامام الخميني: لم يتّضح المراد منه، فإنّ الظاهر بملاحظة عطفه على السابق أنّه يجوز الإيصاء بالمضاربة بمالهم بإيقاع الوصيّ عقد المضاربة في مالهم، و هذا لا وجه له؛ نعم، إيقاع العقد الفضولي لا بأس به، لكنّه غير مراد، و إن كان المراد إيقاع المضاربة بالإيصاء في مالهم فهو أشكل

مكارم الشيرازي: لا وجه لذلك أصلًا، فإنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه، بل و كذا في مال الصغير بالنسبة إلى ما بعد البلوغ، و ليس الإشكال من ناحية المانع و هو الضرر، بل من جهة عدم المقتضي؛ اللّهم إلّاأن يكون من باب الفضوليّ، على إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 614

أيضاً (1)، و لايضرّ كونه ضرراً عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدّة، لأنّه منجبر بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة و إجازتها، كما أنّ الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير، فإنّ له أن يفسخ أو يجيز؛ و كذا يجوز لهما الإيصاء بالاتّجار بمال القصير على نحو المضاربة، بأن يكون هو الموصى به لا إيقاع عقد المضاربة، لكن إلى زمان البلوغ أو أقلّ؛ و أمّا إذا جعل المدّة أزيد، فيحتاج إلى الإجازة بالنسبة (2) إلى الزائد. و دعوى عدم صحّة هذا النحو من الإيصاء، لأنّ الصغير لا مال له حينه و إنّما ينتقل إليه بعد الموت و لا دليل على صحّة الوصيّة العقديّة

في غير التمليك، فلايصحّ أن يكون إيجاب المضاربة على نحو إيجاب التمليك بعد الموت، مدفوعة بالمنع، مع أنّه الظاهر (3) من خبر خالد بن بكر الطويل في قضيّة ابن أبي ليلى و موثّق محمّد بن مسلم المذكورين في باب الوصيّة. و أمّا بالنسبة إلى الكبار (4) من الورثة فلايجوز بهذا النحو، لوجوب العمل بالوصيّة و هو الاتّجار، فيكون ضرراً عليهم من حيث تعطيل حقّهم من الإرث و إن كان لهم حصّتهم من الربح، خصوصاً إذا جعل حصّتهم أقلّ من المتعارف.

[الحادية عشر: إذا تلف المال في يد العامل بعد موت المالك من غير تقصير]

الحادية عشر: إذا تلف المال في يد العامل بعد موت المالك (5) من غير تقصير (6)، فالظاهر عدم ضمانه، و كذا إذا تلف بعد انفساخها بوجه آخر.

[الثانية عشر: إذا كان رأس المال مشتركاً بين اثنين فضاربا واحداً]

الثانية عشر: إذا كان رأس المال مشتركاً (7) بين اثنين فضاربا واحداً، ثمّ فسخ أحد (1). الگلپايگاني: فيه إشكال، و كذا في الوصيّة إلى ما بعد البلوغ في الصغير (2). الگلپايگاني: الظاهر عدم كفاية الإجازة في المقام، بل لابدّ من وقوع عقد المضاربة منه بعد البلوغ (3). الامام الخميني: و هذا هو العمدة (4). الامام الخميني: عدم الجواز في مالهم لعدم نفوذ وصيّته في مالهم، و عدم دليل على النفوذ فيه لاختصاص الروايتين بمال الصغير (5). مكارم الشيرازي: لكن يجب عليه ردّه فوراً، لأنّه مال الغير و لايجوز بقائه في يده إلّابإذن مالكه؛ فلو قصّر في ذلك، كان خائناً (6). الامام الخميني: و لا تسامح للردّ إلى أربابه؛ و كذا في الفرع التالي

الگلپايگاني: حتّى التواني في الردّ فيما يجب عليه (7). مكارم الشيرازي: فيه أقوال عديدة لأعلام المتأخّرين و المعاصرين؛ و الإنصاف أنّ فسخ أحد الشريكين لايوجب الانفساخ إلّابالنسبة إلى حصّته، لأنّ العقد في هذه الموارد ينحلّ إلى عقود متعدّدة، فهو من قبيل بيع ما يملك و ما لايملك، الّذي صرّحوا بالصحّة في الأوّل دون الثاني بدليل الانحلال، بل هنا أولى من البيع، لأنّ الأمر في العقود الإذنيّة أوسع إلّاأن تقوم قرينة خاصّة على وحدة العقد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 615

الشريكين، هل تبقى بالنسبة إلى حصّة الآخر أو تنفسخ من الأصل؟ وجهان؛ أقربهما (1) الانفساخ (2)؛ نعم، لو كان مال كلّ منهما متميّزاً و كان العقد واحداً، لايبعد بقاء العقد بالنسبة إلى الآخر.

[الثالثة عشر: إذا أخذ العامل مال المضاربة و ترك التجارة به إلى سنة مثلًا]

الثالثة عشر: إذا أخذ العامل مال المضاربة و ترك التجارة به إلى سنة (3) مثلًا (4)، فإن تلف ضمن، و لايستحقّ المالك عليه غير أصل المال و إن كان آثماً في تعطيل

مال الغير.

[الرابعة عشر: إذا اشترط العامل على المالك عدم كون الربح جابراً للخسران مطلقاً]

الرابعة عشر: إذا اشترط العامل على المالك عدم كون الربح جابراً للخسران مطلقاً، فكلّ ربح حصل يكون بينهما. و إن حصل خسران بعده أو قبله، أو اشترط أن لايكون الربح اللاحق جابراً للخسران السابق أو بالعكس، فالظاهر الصحّة (5)؛ و ربما يستشكل بأنّه خلاف وضع المضاربة، و هو كماترى (6).

[الخامسة عشر: لو خالف العامل المالك فيما عيّنه، جهلًا أو نسياناً أو اشتباهاً]

الخامسة عشر: لو خالف العامل المالك فيما عيّنه، جهلًا أو نسياناً أو اشتباهاً، كما قال:

لاتشتر الجنس الفلانيّ أو من الشخص الفلانيّ مثلًا، فاشتراه جهلًا، فالشراء فضوليّ (7) (1). الامام الخميني: محلّ إشكال (2). الخوئي: بل أقربهما عدمه

الگلپايگاني: بل الأوفق بالقواعد عدم الانفساخ (3). مكارم الشيرازي: قد يكون ترك التجارة في أقلّ من السنة موجباً للإثم، و قد لايكون في أكثر منه إثم إذا كان هناك مانع، و المدار فيه على صدق عنوان التفريط (4). الگلپايگاني: لا لعذر موجّه، و كان الإذن بإمساكه مقيّداً بإيقاع المعاملة معه (5). الامام الخميني: محلّ تأمّل (6). الگلپايگاني: الظاهر أنّ الإشكال في محلّه في جميع فروض المسألة

مكارم الشيرازي: يمكن أن لايكون من باب المضاربة عرفاً، ولكنّ العقود كما عرفت غير مرّة، لاتنحصر في العناوين المعروفة، فتدخل تحت العمومات و إن لم يصدق عليه عنوان المضاربة (7). الخوئي: فيه إشكال، لأنّه و إن كان مقتضى القاعدة، إلّاأنّ إطلاق جملة من النصوص الواردة في بيان حكم مخالفة العامل لما عيّن له شرطاً أو قيداً يعمّ المخالفة غير العمديّة أيضاً؛ نعم، شراء من ينعتق على المالك خارج عن عمل المضاربة بلا إشكال، إذ لاتصحّ المضاربة فيه مع إذن المالك فضلًا عن عدمه

الگلپايگاني: مشكل، بل الظاهر كون الربح بينهما و الوضيعة على العامل، لإطلاق الأخبار الآمرة بذلك في صورة مخالفة العامل، و ادّعاء

انصرافها إلى المخالفة العمديّة لا وجه له؛ اللّهم إلّاأن يكون في المسألة إجماع و هو غير معلوم

مكارم الشيرازي: يظهر من غير واحد من الأخبار الواردة في المقام أنّه إذا خالف العامل، فالربح بينهما و التلف على العامل؛ و هي إمّا مطلقة في العالم و الجاهل أو يختصّ بالعالم، فيدخل فيه الجاهل بطريق أولى؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 616

موقوف على إجازة المالك، و كذا لو عمل بما ينصرف إطلاقه إلى غيره، فإنّه بمنزلة النهي عنه؛ و لعلّ منه ما ذكرنا سابقاً من شراء من ينعتق على المالك مع جهله بكونه كذلك. و كذا الحال إذا كان مخطئاً في طريقة التجارة (1)، بأن اشترى ما لا مصلحة في شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت، بحيث لو عرض على التجّار حكموا بخطأه.

[السادسة عشر: إذا تعدّد العامل، كأن ضارب اثنين بمأة مثلًا بنصف الربح بينهما متساوياً أو متفاضلًا]

السادسة عشر: إذا تعدّد العامل، كأن ضارب اثنين بمأة مثلًا بنصف الربح بينهما متساوياً أو متفاضلًا، فإمّا أن يميّز حصّة كلّ منهما من رأس المال كأن يقول على أن يكون لكلّ منه نصفه، و إمّا لايميّز؛ فعلى الأوّل، الظاهر عدم اشتراكهما في الربح و الخسران و الجبر إلّامع الشرط (2)، لأنّه بمنزلة تعدّد العقد، و على الثاني يشتركان فيها. و إن اقتسما بينهما فأخذ كلّ منهما مقداراً منه إلّاأن يشترطا عدم الاشتراك (3) فيها (4)، فلو عمل أحدهما و ربح و عمل الآخر و لم يربح أو خسر، يشتركان في ذلك الربح و يجبر به خسران الآخر، بل لو عمل (1). الگلپايگاني: بحيث كان الإذن منصرفاً عنه؛ و أمّا في الخطأ المتعارف فلايبعد إيكال الأمر إلى نظره فيكون له الخيار مع الغبن (2). الامام الخميني: صحّة هذا الشرط و كذا الشرط الآتي محلّ إشكال؛ نعم،

لايبعد صحّة شرط إعطاء ماله من الربح إلى صاحبه، أو شرط جبران ما خسر من كيسه، بل لايبعد صحّة شرطهما على نحو النتيجة في الفرعين

الخوئي: بل مع الشرط أيضاً على ما تقدّم

الگلپايگاني: بل الظاهر بطلان الشرط المذكور، فلا أثر له في الاشتراك

مكارم الشيرازي: يشكل اشتراط الاشتراك مع تميّز المالين، و كأنّه من أكل المال بالباطل، كما أنّ اشتراط عدم الاشتراك مع اختلاط المالين أيضاً مشكل و إن اقتسماه من عند أنفسهم (3). الگلپايگاني: الظاهر عدم التأثير للشرط المذكور بدون إذن المالك، و معه يرجع إلى مضاربتين (4). الخوئي: في صحّة هذا الشرط إشكال، بل منع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 617

أحدهما و ربح و لم يشرع الآخر (1) بعد في العمل فانفسخت المضاربة يكون الآخر شريكاً (2) وإن لم يصدر منه عمل، لأنّه مقتضى الاشتراك في المعاملة. و لايعدّ هذا من شركة الأعمال، كما قد يقال، فهو نظير ما إذا آجرا نفسهما لعمل بالشركة، فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة، كما أنّ النظير داخل في عنوان الإجارة.

[السابعة عشر: إذا أذن المالك للعامل في البيع و الشراء نسيئة، فاشترى نسيئة و باع كذلك، فهلك المال

السابعة عشر: إذا أذن المالك للعامل في البيع و الشراء نسيئة، فاشترى نسيئة و باع (3) كذلك، فهلك المال، فالدين في ذمّة المالك، و للديّان إذا علم بالحال أو تبيّن له بعد ذلك الرجوع على كلّ منهما (4)، فإن رجع على العامل و أخذ منه رجع هو على المالك. و دعوى أنّه مع العلم من الأوّل ليس له الرجوع على العامل لعلمه بعدم اشتغال ذمّته مدفوعة بأنّ مقتضى المعاملة ذلك، خصوصاً في المضاربة، و سيّما إذا علم أنّه عامل يشتري للغير، و لكن لم يعرف ذلك الغير أنّه من هو و من أىّ بلد؛ و لو لم يتبيّن للديّان أنّ

الشراء للغير، يتعيّن له الرجوع على العامل في الظاهر و يرجع هو على المالك.

[الثامنة عشر: يكره المضاربة مع الذمّيّ

الثامنة عشر: يكره المضاربة مع الذمّيّ (5)، خصوصاً إذا كان هوالعامل، لقوله عليه السلام:

«لاينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمّي و لايبضعه بضاعة و لايودعه وديعة و لايصافيه المودّة» و قوله عليه السلام: «إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام كره مشاركة اليهوديّ و النصرانيّ و المجوسيّ إلّاأن يكون تجارة حاضرة لايغيب عنها المسلم» و يمكن (6) أن يستفاد من هذا الخبر كراهة مضاربة من لايؤمّن منه في معاملاته من الاحتراز عن الحرام. (1). الامام الخميني: لعدم مجي ء وقت العمل، لا لتعطيله مع كونه وقته و بعده، فهو محلّ إشكال مطلقاً (2). مكارم الشيرازي: لا وجه له بعد عدم صدور عمل منه (3). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في صحّة مثل هذه المعاملة و أنّ الأحوط الاقتصار على ما اسند إلى المشهورمن لزوم كون المعاملة بالعين (4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: إنّ الرجوع على المالك مشكل مخالف للمتعارف بين أهل العرف إذا أمكن الرجوع إلى العامل، لأنّه طريق وصول الدين بحسب المعمول؛ و كأنّ المتبايعين شرطا في ضمن العقد على أن يرجعا إلى العامل فقط إذا أمكن (5). مكارم الشيرازي: و يدلّ على ذلك مضافاً إلى ما ذكر، اصول المذهب؛ و هو معلوم من سيرة الشارع من عدم الاعتماد على غير أهل الملّة (6). الامام الخميني: غير معلوم

[التاسعة عشر: الظاهر صحّة المضاربة على مأة دينار مثلًا كلّيّاً]

التاسعة عشر: الظاهر صحّة المضاربة على مأة دينار مثلًا كلّيّاً (1)، فلايشترط كون مال المضاربة عيناً شخصيّة، فيجوز إيقاعهما العقد على كلّي ثمّ تعيينه في فرد. و القول بالمنع لأنّ القدر المتيقّن العين الخارجيّ من النقدين، ضعيف (2)، و أضعف منه احتمال المنع حتّى في الكلّي في المعيّن، إذ يكفي في الصحّة العمومات.

[متمّم العشرين: لو ضاربه على ألف مثلًا، فدفع إليه نصفه فعامل به ثمّ دفع إليه النصف الآخر]

متمّم العشرين: لو ضاربه على ألف مثلًا، فدفع إليه نصفه فعامل به ثمّ دفع إليه النصف الآخر، فالظاهر جبران خسارة أحدهما بربح الآخر، لأنّه مضاربة واحدة؛ و أمّا لو ضاربه على خمسمأة، فدفعها إليه و عامل بها و في أثناء التجارة زاده و دفع خمسمأة اخرى (3)، فالظاهر عدم جبر (4) خسارة إحداهما بربح الاخرى (5)، لأنّهما في قوّة مضاربتين؛ نعم، بعد المزج و التجارة بالمجموع يكونان واحدة. (1). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّ الكليّ في الذمّة إنّما يصحّ إذا كان بصورة الدين، بأن يجعله مبيعاً أو ثمناً فيملك الغير في ذمّته الكليّ؛ و أمّا إذا كان باقياً على ملكه، كما في المضاربة، فلا معنى له؛ و إن شئت قلت: الإنسان لايملك في ذمّة نفسه شيئاً؛ نعم، يصحّ تمليك غيره بما في ذمّته؛ و العجب أنّه لم يجز المضاربة على الدين و أجاز المضاربة على الكليّ في الذمّة، مع أنّه أضعف منه (2). الخوئي: لايبعد قوّة هذا القول، لأنّ صحّة عقد المضاربة تحتاج إلى دليل خاصّ و لايكفي فيها العمومات، ولا دليل على جواز ذلك، بل ما دلّ على عدم جواز المضاربة في الدين حتّى يقبضه دليل على العدم؛ نعم، لا بأس بالمضاربة في الكلّيّ في المعيّن، لشمول أدلّتها لها (3). الخوئي: هذا يتصوّر على نحوين: أحدهما أن تكون الثانية مضاربة مستقلّة في

مقابل الاولى، كما إذا فرض أنّ في المضاربة الاولى كان الربح بينهما على النصف و في الثانية كان على الثلث، ففي هذه الصورة لا أثر للمزج؛ الثاني أن تكون الثانية بنحو التتميم للُاولى، فعندئذٍ كانتا مضاربة واحدة، فلا فرق أيضاً بين صورة المزج و عدمه (4). الگلپايگاني: بالنسبة إلى ما مضى؛ و أمّا بالنسبة إلى ما يأتي فلايبعد أن يكون المجموع مضاربة واحدة، فيجبر خسران إحداهما بربح الاخرى (5). مكارم الشيرازي: والظاهر أنّه على عمومه ممنوع، لأنّه قد يكون إعطاء مال آخر لمزيد رأس المال الأوّل، كما هو المتعارف عندنا اليوم في المضاربات و الشركات؛ و في الواقع حينئذٍ ينفسخ العقد الأوّل و تنعقد المضاربة على المجموع و لو معاطاةً، و لا مانع منه؛ و بالجملة: المقامات مختلفة، و لكلّ مقام حكمه من الوحدة و التعدّد؛ و اللّه العالم

[فصل في أحكام الشركة]

فصل في أحكام الشركة

و هي عبارة عن كون شي ء واحد لاثنين أو أزيد، ملكاً أو حقّاً. و هي إمّا «واقعيّة قهريّة»، كما في المال أو الحقّ الموروث؛ و إمّا «واقعيّة اختياريّة» من غير استناد إلى عقد، كما إذا أحيا شخصان أرضاً مواتاً بالاشتراك أو حفرا بئراً أو اغترفا ماءً أو اقتلعا شجراً؛ و إمّا «ظاهريّة قهريّة (1)»، كما إذا امتزج مالهما من دون اختيارهما و لو بفعل أجنبيّ، بحيث لايتميّز أحدهما (2) من الآخر، سواء كانا من جنس واحد كمزج حنطة بحنطة أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو دهن اللوز بدهن الجوز أو الخلّ بالدبس؛ و إمّا «ظاهريّة اختياريّة»، كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة، فإنّ مال كلّ منهما في الواقع ممتاز عن الآخر (3)، و لذا لو فرض تمييزهما اختصّ كلّ منهما بماله،

و أمّا الاختلاط مع التميّز فلايوجب الشركة و لو ظاهراً، إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري (4) أو القرعة؛ و إمّا «واقعيّة مستندة إلى عقد غير عقد الشركة»، كما إذا ملكا شيئاً واحداً بالشراء أو الصلح أو الهبة أو (1). الخوئي: لا معنى للشركة الظاهريّة، مع العلم بعدم الاشتراك واقعاً. فالصحيح في موارد الامتزاج القهريّ أوالاختياري أنّ الشركة واقعيّة إذا كان الممتزجان يعدّان شيئاً واحداً عرفاً، و إلّافلا شركة أصلًا، كخلط الدراهم بمثلها

الگلپايگاني: كون الشركة ظاهريّة فيما ذكر محلّ تأمّل، بل لايبعد كونها واقعيّة، كما هو المرتكز في أذهان العرف مع عدم ردع معلوم

مكارم الشيرازي: لا وجه لكون الشركة ظاهريّة في هذه الموارد (موارد المزج القهري) بعد بناء العرف و العقلاء على كونها واقعيّة، و لم يمنع عنه الشارع، و ظاهر كلمات الأصحاب أيضاً ذلك؛ و كذا الكلام إذا كان مزجهما باختيارهما و لم يقصد الشركة، فإنّ المزج إذا لم يتميّز أحدهما من الآخر سبب للشركة الواقعيّة العرفيّة؛ قصدا أو لم يقصدا (2). الامام الخميني: ميزان الشركة الواقعيّة في مثل الامتزاج هو رفع الامتياز واقعاً بحسب نظر العرف و إن لم يكن كذلك عقلًا، ففي مثل مزج المايعين المتماثلين تكون واقعيّة، و كذا في غير المتماثلين غالباً، و في مثل مزج الحبّات الصغيرة كالخشخاش و السمسم لايبعد ظاهريّتها إذا كانا متجانسين، و عدم الشركة في غيرهما، و في الجامدات الناعمة كالدقيق محلّ تأمّل لايبعد ظاهريّتها، و الأحوط التخلّص بمثل الصلح في خلط الجوز بالجوز و اللوز باللوز و في مثل الدراهم و الدنانير المتماثلات (3). مكارم الشيرازي: الامتياز الواقعيّ العقليّ غير مفيد بعد الوحدة عرفاً؛ و لو حصل الامتياز عرفاً بعد ذلك لسبب من الأسباب، أمكن الحكم ببطلان الشركة قهراً

بعد حصولها (4). مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له؛ نعم، لهما الصلح اختياراً أو الاكتفاء بالقرعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 620

نحوها؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله»، كما إذا اشترى شيئاً فطلب منه شخص أن يشركه فيه (1)، و يسمّى عندهم بالتشريك و هو صحيح، لجملة من الأخبار؛ و إمّا «واقعيّة منشأة بتشريك كلّ منهما (2) الآخر في ماله (3)»، و يسمّى هذا بالشركة العقديّة و معدود من العقود.

ثمّ إنّ الشركة قد تكون في عين و قد تكون في منفعة و قد تكون في حقّ؛ و بحسب الكيفيّة إمّا بنحو الإشاعة و إمّا بنحو الكليّ في المعيّن (4) و قد تكون على وجه يكون كلّ من الشريكين أو الشركاء مستقلًاّ في التصرّف، كما في شركة الفقراء (5) في الزكاة و السادة في الخمس و الموقوف عليهم في الأوقاف العامّة و نحوها.

مسألة 1: لاتصحّ الشركة العقديّة إلّافي الأموال بل الأعيان، فلاتصحّ في الديون (6)، فلو (1). مكارم الشيرازي: و لعلّه داخل في عنوان البيع أو المصالحة أو شبه ذلك، فيبيعه نصف المال بنصف ثمنه أو يصالحه كذلك (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المنشأ بعقد الشركة هو التعهّد و الالتزام بآثارها المباينة لآثار المضاربة و الإجارة والوكالة؛ وأمّا الإباحة فمبنيّة على استفادتها من تلك المعاهدة، فمن عدّها من آثارها لايحتاج إلى الإذن في التصرّف بعد، و من لايعدّها منها فيحتاج إلى ذلك؛ وأمّا الاشتراك في المالين فهو مسبّب عن خلطهما بلا تميّز و ليس من آثار العقد (3). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الشركة بنفسها من العقود العرفيّة، و بعد إجراء صيغتها لفظاً أو المعاطاة تحصل الشركة في الأموال و المنافع المكتسبة منها؛ فهذا العقد بنفسه يوجب

تشريك كلّ منهما في مال الآخر من دون حاجة إلى المزج و إن كان ظاهر كلماتهم اعتباره؛ و ليت شعري ما فائدة العقد مع هذا الشرط؟ فإنّ المزج بنفسها سبب للشركة من دون حاجة إلى عقد؛ و قد اضطربت كلماتهم في المقام، فراجع الجواهر، تجد صدق ما ذكرناه. وأمّا إباحة التصرّف من كلّ من الشريكين، فهو أمر آخر لاتستفاد من مجرّد عقد الشركة، بل تحتاج إلى التصريح به بالخصوص (4). الامام الخميني: فيه إشكال (5). الامام الخميني: في كون الأمثلة من قبيل ما ذكره إشكال، بل منع (6). الگلپايگاني: على الأصحّ، لبعض ما ذكر من مستند المنع في غيرها كاستلزام اشتراك منفعة دين أحدهمابينهما مع أنّ عقد الشركة في التجارة غير مؤثّر في تمليك مال من أحد إلى غيره و ليس بمعاوضة مال بمال لا عيناً و لا منفعة

مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّه إذا قلنا أنّ عقد الشركة بمنزلة تشريك كلّ منهما الآخر في ماله في مقابل تشريكه له مقدّمةً لاشتراكهما في المنافع، فهي في الحقيقة نوع معاوضة أو مصالحة، بل للشركة أنواع كثيرة في عصرنا، و لكلّ منها مقتضاها و آثارها وفق ما يشترط فيها، و لا بأس بها إذا اجتمعت فيها الشرائط العامّة للعقود

العروة الوثقى، ج 2، ص: 621

كان لكلّ منهما دين على شخص فأوقعا العقد على كون كلّ منهما بينهما، لم يصحّ؛ و كذا لاتصحّ في المنافع، بأن كان لكلّ منهما دار مثلًا و أوقعا العقد على أن يكون منفعة كلّ منهما بينهما بالنصف مثلًا؛ و لو أرادا ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعة داره بنصف منفعة دار الآخر أو صالح نصف منفعة داره بدينار مثلًا و صالحه الآخر نصف منفعة داره بذلك الدينار.

و

كذا لاتصحّ شركة الأعمال، و تسمّى شركة الأبدان أيضاً (1)، و هي أن يوقعا العقد على أن يكون اجرة عمل كلّ منهما مشتركاً بينهما، سواء اتّفق عملهما كالخياطة مثلًا أو كان على أحدهما الخياطة و الآخر النساجة، و سواء كان ذلك في عمل معيّن أو في كلّ ما يعمل كلّ منهما؛ و لو أرادا الاشتراك في ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعته المعيّنة أو منافعه إلى مدّة كذا بنصف منفعة أو منافع الآخر (2) أو صالحه نصف منفعته بعوض معيّن و صالحه الآخر أيضاً نصف منفعته بذلك العوض.

و لاتصحّ أيضاً شركة الوجوه (3)، و هي أن يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما بعقد الشركة على أن يبتاع كلّ منهما في ذمّته إلى أجل و يكون ما يبتاعه بينهما، فيبيعانه و يؤدّيان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما؛ و إذا أرادا ذلك على الوجه الصحيح، وكّل كلّ منهما الآخر في الشراء فاشترى لهما و في ذمّتهما.

و شركة المفاوضة أيضاً باطلة، و هي أن يشترك اثنان أو أزيد على أن يكون كلّ ما يحصل لأحدهما من ربح تجارة أو زراعة أو كسب آخر أو إرث أو وصيّة أو نحو ذلك مشتركاً بينهما، و كذا كلّ غرامة ترد على أحدهما تكون عليهما.

فانحصرت الشركة العقديّة الصحيحة بالشركة في الأعيان المملوكة فعلًا، و تسمّى بشركة العنان. (1). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه دعوى الإجماع متضافراً في كلماتهم من غير نكير، مضافاً إلى أنّها موجبة للغرر غالباً (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال في غير المعيّن، لاشتماله غالباً على نوع من الغرر (3). الامام الخميني: ما فسّرها به هو أشهر معانيها، على ما حكي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 622

مسألة

2: لو استأجر اثنين لعمل واحد باجرة معلومة، صحّ (1) و كانت الاجرة مقسّمة عليهما بنسبة عملهما، و لايضرّ الجهل بمقدار حصّة كلّ منهما حين العقد، لكفاية معلوميّة المجموع؛ و لايكون من شركة الأعمال الّتي تكون باطلة، بل من شركة الأموال، فهو كما لو استأجر كلًاّ منهما لعمل و أعطاهما شيئاً واحداً بإزاء اجرتهما. و لو اشتبه مقدار عمل كلّ منهما، فإن احتمل التساوي حمل عليه (2)، لأصالة عدم زيادة عمل أحدهما على الآخر (3)، و إن علم زيادة أحدهما على الآخر فيحتمل القرعة في المقدار الزائد، و يحتمل الصلح القهري (4).

مسألة 3: لو اقتلعا شجرة أو اغترفا ماءً بآنية واحدة أو نصبا معاً شبكة للصيد أو أحييا أرضاً معاً، فإن ملّك كلّ منهما نصف منفعته بنصف منفعة الآخر اشتركا فيه بالتساوي، و إلّا فلكلّ منهما بنسبة عمله (5) و لو بحسب القوّة و الضعف، و لو اشتبه الحال فكالمسألة السابقة (6).

و ربما يحتمل التساوي (7) مطلقاً، لصدق اتّحاد فعلهما في السببيّة و اندراجهما في قوله: «من (1). مكارم الشيرازي: إذا كان أعمالهما من نوع واحد أو متقاربة؛ أمّا إذا اختلفا اختلافاً شديداً، لم يخل عن إشكال، كما إذا استأجر جماعة لبناء داره، أحدهم بنّاء و الآخر مهندس و الثالث عامل و الرابع نجّار، فهذه الشركة مشكلة جدّاً، إلّاإذا كانت أعمالهم معلومة و سهامهم في الاجرة معيّنة (2). الامام الخميني: الأحوط التصالح، و أمّا أصله فغير أصيل

الگلپايگاني: بل الأحوط التصالح، و أمّا الأصل فكما يجري في عدم زيادة استحقاق كلّ منهما على الآخر يجري في عدم استحقاقهما بنحو التساوي و يسقط بالمعارضة (3). الخوئي: لا مجرى لها، لأنّها معارضة بأصالة عدم تساويهما في العمل، فالأحوط

الرجوع إلى الصلح

مكارم الشيرازي: بل الأحوط التصالح، لمعارضة أصالة عدم التساوي بأصالة عدم الزيادة، لجريان الأصل في كلّ واحد منهما (4). الگلپايگاني: و الأحوط التصالح و التراضي

مكارم الشيرازي: الصلح القهريّ لا محصّل له هنا، كما عرفت؛ و الأحوط التصالح اختياراً (5). الگلپايگاني: بحسب الاستناد العرفي

مكارم الشيرازي: من حيث الكمّ و الكيف؛ فقد يكون عمل قليل ذو كيفيّة عالية تعادل عملًا كثيراً ذا كيفيّة دانية (6). الامام الخميني: مرّ الاحتياط (7). الخوئي: لا يبعد ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 623

حاز ملك (1)»، وهو كماترى.

مسألة 4: يشترط- على ما هو ظاهر كلماتهم- في الشركة العقديّة مضافاً إلى الإيجاب و القبول و البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه، امتزاج المالين سابقاً على العقد أو لاحقاً (2) بحيث لايتميّز أحدهما من الآخر، من النقود كانا أو من العروض؛ بل اشترط جماعة اتّحادهما في الجنس و الوصف، و الأظهر عدم اعتباره، بل يكفي الامتزاج على وجه لايتميّز أحدهما من الآخر، كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و نحوه أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر (3)، بل لايبعد كفاية امتزاج الحنطة بالشعير (4)، و ذلك للعمومات العامّة كقوله تعالى: «أوفوا بالعقود» و قوله عليه السلام: «المؤمنون عند شروطهم» و غيرهما، بل لولا ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقاً، عملًا بالعمومات، و دعوى عدم كفايتها (5) لإثبات ذلك كماترى؛ لكنّ الأحوط (6) مع ذلك أن يبيع كلّ منهما حصّة ممّا هو له بحصّة ممّا للآخر أو يهبها كلّ منهما للآخر، أو نحو ذلك في غير صورة الامتزاج الّذي هو المتيقّن. هذا، و يكفي في الإيجاب و القبول كلّ ما دلّ

على الشركة من قول أو فعل.

مسألة 5: يتساوى الشريكان في الربح و الخسران مع تساوي المالين، و مع الزيادة فبنسبة الزيادة ربحاً و خسراناً؛ سواء كان العمل من أحدهما أو منهما (7) مع التساوي فيه أو (1). الخوئي: هذه الجملة لم نعثر عليها في الروايات، بل الوارد فيها قوله عليه السلام: «للعين ما رأت و لليد ما أخذت» (2). مكارم الشيرازي: لا دليل على اعتبار الامتزاج مطلقاً؛ و ما استدلّ له من الإجماع لايخلو عن إشكال، لاحتمال كون الإجماع على الصحّة في هذا المورد و الاستناد إلى أصالة الفساد في غيره، كما يظهر من بعض كلماتهم و فيه ما لايخفى؛ بل العقد كما عرفت بنفسه يوجب الشركة، من غير حاجة إلى الامتزاج (3). الامام الخميني: مع رفع الامتياز، و لايكفي امتزاج الحنطة بالشعير على الأحوط (4). الگلپايگاني: كفاية امتزاج مثل الحنطة بالشعير مشكل (5). الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما مرّ (6). الگلپايگاني: بل المتعيّن في غير صورة الامتزاج

الامام الخميني: لايُترك (7). مكارم الشيرازي: هذا الحكم بإطلاقه غير ثابت، إلّاإذا كان المتعارف في الخارج الّذي يحمل عليه إطلاق العقد تقسيم الربح على نسبة المالين دائماً؛ و الظاهر أنّه ليس كذلك، فلابدّ مع اختلافهما في الفعل من متابعة الشروط، و بدون الشرط يشكل الصحّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 624

الاختلاف، أو من متبرّع أو أجير، هذا مع الإطلاق؛ و لو شرطا في العقد زيادة لأحدهما، فإن كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا إشكال و لا خلاف على الظاهر عندهم في صحّته، أمّا لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد، ففي صحّة الشرط و العقد و بطلانهما و صحّة العقد و بطلان الشرط فيكون كصورة

الإطلاق أقوال؛ أقواها الأوّل (1)، و كذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد، و ذلك لعموم: «المؤمنون عند شروطهم». و دعوى أنّه مخالف لمقتضى العقد (2)، كماترى (3)؛ نعم، هو مخالف لمقتضى إطلاقه. و القول بأنّ جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة، بل هو أكل بالباطل، كماترى باطل (4). و دعوى أنّ العمل بالشرط غير لازم لأنّه في عقد جائز، مدفوعة أوّلًا بأنّه مشترك الورود، إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة العمل أو زيادته، و ثانياً بأنّ غاية الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط و المفروض في صورة عدم الفسخ، فما لم يفسخ يجب الوفاء به، و ليس معنى الفسخ حلّ العقد من الأوّل بل من حينه، فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين. هذا، و لو شرطا تمام الربح لأحدهما (1). الخوئي: بل أقواها الثالث، و كذا الحال فيما بعده

الگلپايگاني: بل لايبعد أن يكون الثالث هو الأقوى، إلّامع تقيّد الإذن بالشرط المذكور، فيكون الأقوى هو الثاني، و كذا شرط كون الخسارة على أحدهما أزيد (2). الگلپايگاني: و هذا ليس ببعيد، لأنّه يرجع إلى تفكيك لوازم الشركة عنها و لا منافاة بين ذلك و اختيارالقول الثالث في الحاشية السابقة، لأنّ ترتيب آثار الشركة غير متوقّف على صحّة عقدها حتّى يقال ببطلانه للشرط المخالف لمقتضاه، بل يكفيه الإذن في التجارة بنحو الشركة؛ نعم، مع تقيّد الإذن بذلك الشرط فالأقوى هو القول الثاني، كما مرّ (3). الخوئي: لكنّه من الشرط المخالف للسنّة، فإنّ تملّك شخص ربح مال غيره بلا سبب شرعيّ مخالف لها، و الشرط لايكون مشرّعاً لحكم غير مشروع، و بذلك يظهر

بطلان اشتراط كون تمام الربح أو الخسارة من أحدهما (4). مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّه قد يكون هناك دواعٍ عقلائيّة على جعل الزيادة لأحدهما، كما إذا كان شركة بعض الشركاء موجباً لاعتباره الشركة و اعتماد الناس عليها لوجاهته بينهم، و كثيراً ما يكون هذا سبباً لمزيد الربح؛ و بالجملة: الامور الاعتباريّة المجلّية للربح كثيرة لاتنحصر بالمال و العمل، فقد يكون هذا داعياً على زيادة سهم أحدهما، فلا يكون أكلًا للمال بالباطل؛ و منه يظهر الحال في اشتراط كون الخسارة على أحدهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 625

بطل العقد، لأنّه خلاف مقتضاه؛ نعم، لو شرطا كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحّته، لعدم كونه منافياً.

مسألة 6: إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع استقلال كلّ منهما أو مع انضمامهما، فهو المتّبع و لايجوز التعدّي. وإن أطلقا، لم يجز لواحد منهما (1) التصرّف إلّا بإذن الآخر (2)؛ و مع الإذن بعد العقد أو الاشتراط فيه، فإن كان مقيدّاً بنوع خاصّ من التجارة لم يجز التعدّي عنه، و كذا مع تعيين كيفيّة خاصّة، و إن كان مطلقاً فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع و الكيفيّة. و يكون حال المأذون حال العامل في المضاربة، فلايجوز البيع بالنسيئة (3)، بل و لا الشراء بها، و لايجوز السفر بالمال (4)، و إن تعدّى عمّا عيّن له أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف (5)، و لكن يبقى الإذن (6) بعد التعدّي أيضاً، إذ لاينافي الضمان بقائه. و الأحوط مع إطلاق الإذن ملاحظة المصلحة و إن كان لايبعد كفاية عدم المفسدة (7).

مسألة 7: العامل أمين، فلايضمن التلف ما لم يفرط أو يتعدّى.

مسألة 8: عقد الشركة من العقود الجائزة (8)، فيجوز لكلّ من

الشريكين (1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ المنشأ بذلك العقد هو التعهّد و الالتزام بلوازم الشركة في التجارة بأن يتّجرا معاً في المال المعيّن إلى زمان معيّن مع شرائط معيّنة من العامل و المعاملة و مكانها و كيفيّتها، فإن كان العقد مشتملًا لتعيين العامل فهو و إلّافتحتاج المعاملة من كلّ منهما إلى إذن جديد (2). مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون له متعارف ينصرف إليه إطلاق العقد (3). الامام الخميني: مع عدم التعارف، و كذا حال السفر؛ فالموارد مختلفة (4). مكارم الشيرازي: بل يجوز البيع و الشراء نسيةً؛ و كذا السفر بالمال إذا كان متعارفاً، كما هو كذلك في زماننا في كثير من الموارد، و لاسيّما في الامور الخطيرة (5). الخوئي: لو أجاز الشريك معاملة شريكه المتعدّي، فلا ضمان في الخسارة، و إلّابطلت المعاملة في حصّته ويرجع بعين ماله أو ببدله (6). الگلپايگاني: مع فرض كونه مطلقاً (7). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ أساس الشركة على جلب المنفعة و ملاحظة المصالح، لا مجرّد عدم الضرر (8). مكارم الشيرازي: لايبعد كونها من العقود اللازمة، فإنّ ما ادّعوه من الإجماع على الجواز لعلّه بسبب اعتقادهم أنّ أحكام الشركة تترتّب على إجازة كلّ منهما للتصرّف؛ و لكن إن قلنا أنّ الشركة عقد مستقلّ برأسه، كما هو كذلك، فالحكم بكونها عقداً جائزاً مشكل بعد أصالة اللزوم في العقود

العروة الوثقى، ج 2، ص: 626

فسخه (1)، لا بمعنى أن يكون الفسخ موجباً للانفساخ من الأوّل أو من حينه بحيث تبطل (2) الشركة (3)، إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة، بل بمعنى جواز رجوع كلّ منهما عن الإذن في التصرّف الّذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة أو بمعنى مطالبة القسمة. و إذا رجع أحدهما عن إذنه

دون الآخر فيما لو كان كلّ منهما مأذوناً، لم يجز التصرّف للآخر، و يبقى الجواز بالنسبة إلى الأوّل. وإذا رجع كلّ منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما، و بمطالبة القسمة يجب القبول على الآخر. و إذا أوقعا الشركة على وجه يكون لأحدهما زيادة (4) في الربح أو نقصاناً في الخسارة، يمكن الفسخ (5)، بمعنى إبطال هذا القرار، بحيث لو حصل بعده ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى إطلاق الشركة.

مسألة 9: لو ذكرا في عقد الشركة أجلًا، لايلزم (6)، فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، إلّاأن يكون مشروطاً في ضمن عقد لازم فيكون لازماً (7). (1). مكارم الشيرازي: الشركة إذا كانت حاصلة من ناحية امتزاج المالين، فهي باقية ببقاء المزج و لا معنى لانفساخها لعدم كونها عقداً؛ و إن كانت حاصلة بسبب العقد، كما مرّ سابقاً، أمكن فيها الفسخ من حينه (2). الامام الخميني: الظاهر بطلان عقد الشركة و بقاء الشركة الناشئة من الامتزاج، ففي مثل مزج اللوز باللوز و الجوز بمثله و الدراهم و الدنانير بمثلهما ينفسخ العقد و يرجع كلّ مال إلى صاحبه فيتخلّص فيه بالتصالح كما قبل العقد لو حصل الامتزاج (3). الگلپايگاني: الشركة في المال ليست من آثار العقد حتّى تبطل بالانفساخ، بل هي من آثار المزج و لاترتفع إلّا بالقسمة. و ما جاء من قبل العقد من التعهّد بلوازم التجارة و الإذن في التصرّف فيرتفع بانفساخ العقد (4). الخوئي: تقدّم بطلان هذا الشرط (5). الگلپايگاني: على القول بصحّة هذا الشرط و إطلاق الإذن في المعاملة، و قد مرّ الإشكال في صحّة الشرطالمذكور (6). مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى لزوم العمل بالأجل، و ذلك لما عرفت آنفاً من كون الشركة

عقداً مستقلًاّ كسائر العقود و ليست مجرّد إذن الطرفين في التصرّفات، كما توهّم؛ و الأصل في العقد هو اللزوم إلّاما خرج بالدليل، و دعوى الإجماع على عدمه في مثل هذه المسألة غير مسموعة؛ مع وضوح مأخذه (7). الگلپايگاني: تكليفاً لا وضعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 627

مسألة 10: لو ادّعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ، فأنكر، عليه الحلف مع عدم البيّنة.

مسألة 11: إذا ادّعى العامل التلف، قبل قوله مع اليمين، لأنّه أمين.

مسألة 12: تبطل الشركة بالموت و الجنون و الإغماء (1) و الحجر بالفلس أو السفه، بمعنى أنّه لايجوز للآخر التصرّف، و أمّا أصل الشركة فهي باقية؛ نعم، يبطل (2) أيضاً ما قرّراه (3) من زيادة أحدهما (4) في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبيّن بطلان الشركة (5)، فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحّة (6)، و يكون الربح على نسبة المالين، لكفاية الإذن المفروض حصوله؛ نعم، لو كان مقيّداً بالصحّة تكون كلّها فضوليّاً بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيّداً، و لكلّ منهما اجرة مثل عمله (7) بالنسبة إلى حصّة الآخر إذا كان العمل منهما، و إن كان من أحدهما فله اجرة مثل عمله.

مسألة 13: إذا اشترى أحدهما متاعاً و ادّعى أنّه اشتراه لنفسه و ادّعى الآخر أنّه اشتراه بالشركة، فمع عدم البيّنة، القول قوله مع اليمين، لأنّه أعرف بنيّته؛ كما أنّه كذلك لو (1). مكارم الشيرازي: لا دليل على بطلان الشركة و لا غيرها من العقود بالإغماء، فإنّه ليس من قسم الجنون عند أهل العرف، بل هو أشبه شي ء بالنوم؛ فما اشتهر بينهم من جعله من أسباب بطلان العقود الإذنيّة في جميع المقامات، مشكل جدّاً (2). الامام الخميني: محلّ تأمّل (3).

الخوئي: تقدّم أن هذا الشرط في نفسه باطل ولو كان عقد الشركة صحيحاً (4). الگلپايگاني: على فرض صحّته (5). الگلپايگاني: إذا تبيّن بطلان عقد الشركة من حين وقوعه مع كون العاقد الشريك واجداً للشرائط، فالمعاملات الواقعة قبل تبيّن البطلان محكومة بالصحّة كما في المتن؛ و الظاهر أنّ المقصود من العبارة هو ذلك و إن كانت قاصرة (6). مكارم الشيرازي: بل المعاملات الواقعة بعده أيضاً كذلك، إذا لم يعتن المتعاقدان بالفساد (7). الگلپايگاني: لا وجه لُاجرة المثل فيما وقع فضوليّاً و لو بعد الإجازة، بل مطلقاً فيما يكون متبرّعاً به؛ نعم، فيما جعلا شيئاً بإزاء العمل و لم يكن الإذن مقيّداً بالصحّة فله الاجرة المسمّاة فيما إذا كان التراضي بها غير مقيّد و اجرة المثل في المقيّد بالصحّة

مكارم الشيرازي: إنّما يستحقّ اجرة المثل إذا لم يكن متبرّعاً بعمله، بأن جعلا في مقابل العمل شيئاً و مجرّد الدواعي غير كافية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 628

ادّعى أنّه اشتراه بالشركة و قال الآخر أنّه اشتراه لنفسه، فإنّه يقدّم قوله أيضاً، لأنّه أعرف و لأنّه أمين (1). (1). مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون ظاهر حاله كون الاشتراء للشركة، كما إذا كان من طرق سائر ما يشتري للشركة و أعطى ثمنه من مالها، و إن اشتراه في الذمّة فقبول قوله حينئذٍ مشكل و الأحوط التصالح

[كتاب المزارعة]

اشارة

كتاب المزارعة

[فصل في معنى المزارعة و شرائطها و أحكامها]

[فصل في معنى المزارعة و شرائطها و أحكامها]

و هي المعاملة (1) على الأرض بالزراعة بحصّة من حاصلها (2)، وتسمّى مخابرة أيضاً، و لعلّها من الخبرة بمعنى النصيب، كما يظهر من مجمع البحرين. و لا إشكال في مشروعيّتها، بل يمكن دعوى استحبابها، لما دلّ على استحباب الزراعة بدعوى كونها أعمّ من المباشرة (3) و (1). الگلپايگاني: و حقيقتها اعتبار إضافة بين الأرض و العامل مستتبعة لسلطنته عليها بالزراعة ببذره أو ببذرالمالك أو غيره و إضافة اخرى بين المالك و العامل مستتبعة لسلطنته عليه بالعمل بإزاء حصّة من الحاصل أو السلطنة على الأرض، فعقدها بمنزلة إجارة الأرض و العامل و مال الإجارة للأرض حصّة من الزراعة إن كان البذر من العامل مع التزامه بالعمل و مجرّد العمل إن كان البذر من المالك و في إجارة العامل حصّة من الحاصل إن كان البذر للمالك و منافع الأرض إن كان للعامل (2). مكارم الشيرازي: و الأولى أن يقال: هي معاملة بين المالك و الزارع تشبه الإجارة من بعض الجهات و تفارقها من بعض الجهات؛ فإن كان البذر من الزارع، فهي تشبه إجارة الأرض مالكها، لكنّه يفارقه من جهتين: من حيث إنّ مال الإجارة هنا حصّة من منافع الأرض، و من حيث إنّ الزارع مكلّف بخصوص الزراعة. و إن كان البذر و غيره من المالك، فهي تشبه كون الزارع أجيراً له، ولكن بحصّة معيّنة من حاصل الأرض مع كون المالك مكلّفاً بجعل الأرض تحت يديه للزراعة. و الفرق الثاني في الحقيقة متفرّع على الفرق الأوّل، كما لايخفى على الخبير؛ و الحاصل أنّ حقيقة المزارعة معاملة على منافع الأرض أو على منافع الشخص بحصّة من زراعتها (3). الگلپايگاني: أو

بدعوى كونها مقدّمة للمستحبّ

مكارم الشيرازي: لكن بعض هذه الأحاديث كالصريح في كون المراد منها المباشرة و إن كان بعضها أعمّ أو خاصّ بالمزارعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 630

التسبيب، ففي خبر الواسطيّ قال: سألت جعفر بن محمّد عليه السلام عن الفلّاحين قال: «هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه، و ما في الأعمال شي ء أحبّ إلى اللّه من الزراعة، و ما بعث اللّه نبيّاً إلّازارعاً إلّاإدريس عليه السلام، فإنّه كان خيّاطاً» و في آخر عن أبي عبداللّه عليه السلام: «الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيباً أخرجه اللّه و هم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً و أقربهم منزلةً يدعون المباركين» و في خبر عنه عليه السلام قال: «سئل النبي صلى الله عليه و آله أىّ الأعمال خير؟ قال: زرع يزرعه صاحبه و أصلحه و أدّى حقّه يوم حصاده؛ قال: فأىّ الأعمال بعد الزرع؟ قال: رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة؛ قال: فأىّ المال بعد الغنم خير؟

قال: البقر يغدو بخير و يروح بخير؛ قال: فأىّ المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحلّ، نعم المال النخل، من باعها فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدّت به الريح في يوم عاصف، إلّاأن يخلف مكانها. قيل: يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأىّ المال بعد النخل خير؟ فسكت، فقام إليه رجل فقال له: فأين الإبل؟ قال: فيها الشقاء و الجفاء و العناء و بعد الدار تغدو مدبرة و تروح مدبرة، لايأتي خيرها إلّامن جانبها الأشئم، أمّا إنّها لاتعدم الأشقياء الفجرة» و عنه عليه السلام: «الكيمياء الأكبر الزراعة» و عنه عليه السلام: «إنّ اللّه جعل أرزاق أنبيائه في الزرع

و الضرع كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء» و عنه عليه السلام: «أنّه سأله رجل فقال له: جعلت فداك أسمع قوماً يقولون: إنّ المزارعة مكروهة، فقال: ازرعوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملًا أحلّ و لا أطيب منه»، و يستفاد (1) من هذا الخبر ما ذكرنا (2) من أنّ الزراعة أعمّ من المباشرة (3) و التسبيب. و أمّا ما رواه الصدوق مرفوعاً عن النبيّ صلى الله عليه و آله «أنّه نهى عن المخابرة، قال: و هي المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع»، فلابدّ من حمله على بعض المحامل، لعدم مقاومته لما ذكر (4)؛ و في مجمع البحرين: و ما روي من أنّه صلى الله عليه و آله نهى عن المخابرة، كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها.

(1). الگلپايگاني: فيه تأمّل (2). الخوئي: لايستفاد ذلك، لأنّ المذكور في الخبر: «أسمع قوماً يقولون: إنّ الزراعة مكروهة» (3). الامام الخميني: لكن في النسخ الّتي عندي من «الوسائل» و «مستدركه» و «مرآة العقول»: «أسمع قوماًيقولون: إنّ الزراعة مكروهة» فيخرج عن استفادة ما ذكره (4). الخوئي: الرواية ضعيفة، و تقدّم أنّه ليس فيما ذكر دلالة على الاستحباب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 631

و يشترط فيها امور:

أحدها: الإيجاب و القبول، و يكفي فيهما كلّ لفظ دالّ؛ سواء كان حقيقة أو مجازاً مع القرينة (1) كزارعتك أو سلّمت إليك الأرض على أن تزرع على كذا. و لايعتبر فيهما العربيّة و لا الماضويّة، فيكفي الفارسيّ و غيره و الأمر كقوله: ازرع هذه الأرض على كذا أو المستقبل أو الجملة الاسميّة مع قصد الإنشاء (2) بها. و كذا لايعتبر تقديم الإيجاب على القبول. و يصحّ الإيجاب من كلّ من المالك و الزارع، بل يكفي القبول

الفعلي (3) بعد الإيجاب القوليّ على الأقوى، و تجري فيها المعاطاة و إن كانت لاتلزم (4) إلّابالشروع في العمل (5).

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار، و عدم الحجر لسفه أو فلس، و مالكيّة التصرّف في كلّ من المالك و الزارع؛ نعم، لايقدح حينئذٍ فلس الزارع إذا لم يكن منه مال، لأنّه ليس تصرّفاً ماليّاً (6).

الثالث: أن يكون النماء مشتركاً بينهما؛ فلو جعل الكلّ لأحدهما لم يصحّ مزارعة.

الرابع: أن يكون مشاعاً بينهما؛ فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع كالّذي حصل أوّلًا و الآخر بنوع آخر أو شرطا أن يكون ما حصل من هذه القطعة من الأرض لأحدهما و ما حصل من القطعة الاخرى للآخر، لم يصحّ.

الخامس: تعيين الحصّة بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك؛ فلو قال: ازرع هذه الأرض على أن يكون لك أو لي شي ء من حاصلها، بطل. (1). الگلپايگاني: بشرط أن يكون ظاهراً (2). مكارم الشيرازي: و العمدة في جميع ذلك كون اللفظ ظاهراً في الإنشاء ولو مع القرينة، لعدم دليل على أزيد منه؛ و من هذا الباب، القبول الفعليّ و المعاطاة أيضاً (3). الگلپايگاني: الأحوط عدم الاكتفاء به (4). الامام الخميني: حال المعاطاة حال العقد بالصيغة في اللزوم و الجواز ظاهراً، كما مرّ

الخوئي: فيه إشكال، و اللزوم غير بعيد (5). مكارم الشيرازي: بل الأقوى لزومها إذا أخذ الأرض و البذر و شبهه من المالك بقصد إنشاء الإيجاب و القبول (6). الگلپايگاني: هذا إذا لم يكن البذر من العامل و لم يكن الزرع محتاجاً إلى صرف المال، و لكنّ الأحوط مع ذلك الاستيذان من الغرماء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 632

السادس: تعيين المدّة بالأشهر و السنين؛ فلو أطلق بطل؛ نعم، لو عيّن المزروع (1) أو مبدأ الشروع (2) في

الزرع لايبعد صحّته إذا لم يستلزم غرراً (3)، بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع (4) أيضاً إذا كانت الأرض ممّا لايزرع في السنة إلّامرّة (5) لكن مع تعيين السنة، لعدم الغرر فيه. و لا دليل على اعتبار التعيين تعبّداً، و القدر المسلّم من الإجماع على تعيينها غير هذه الصورة.

و في صورة تعيين المدّة لابدّ و أن تكون بمقدار يبلغ فيه الزرع، فلاتكفي المدّة القليلة الّتي تقصر عن إدراك النماء.

السابع: أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج؛ فلو كانت سبخة لايمكن الانتفاع بها، أو كان يستولي عليها الماء قبل أوان إدراك الحاصل أو نحو ذلك، أو لم يكن هناك ماء للزراعة و لم يمكن تحصيله و لو بمثل حفر البئر أو نحو ذلك و لم يمكن الاكتفاء بالغيث، بطل.

الثامن: تعيين المزروع من الحنطة و الشعير و غيرهما، مع اختلاف الأغراض فيه؛ فمع عدمه يبطل، إلّاأن يكون هناك انصراف يوجب التعيين أو كان مرادهما التعميم (6)، و حينئذٍ فيتخيّر الزارع بين أنواعه.

التاسع: تعيين الأرض و مقدارها؛ فلو لم يعيّنها بأنّها هذه القطعة أو تلك القطعة أو من هذه المزرعة أو تلك، أو لم يعيّن مقدارها، بطل مع اختلافها، بحيث يلزم الغرر (7)؛ نعم، مع عدم لزومه لايبعد الصحّة، كأن يقول: «مقدار جريب من هذه القطعة» من الأرض الّتي لا (1). الگلپايگاني: مع تعيّن مبدئه و منتهاه بحسب العادة (2). الگلپايگاني: مع تعيّن منتهاه بحسب العادة (3). مكارم الشيرازي: بأن كان له مدّة متعارفة و نهاية معلومة بحسب العادة؛ هذا، و الأولى عدم تعيين المدّة بالأشهر، لعدم إمكان ضبطها غالباً، لاختلاف المزروع باختلاف كيفيّة الهواء من البرودة و الحرارة و كثرة المياه و قلّتها، إلّاأن يعيّن أشهراً يبلغ فيه المزروع على كلّ حال؛

و بالجملة: المهمّ في الزراعة هو التعيين لنوع المزروع و السنين، لا الأشهر و الأيّام (4). الامام الخميني: فيه إشكال (5). الگلپايگاني: في وقت معيّن (6). مكارم الشيرازي: إذا لم يكن في التعميم غرر (7). مكارم الشيرازي: حقّ العبارة تأخير قوله: أو لم يعيّن مقدارها من قوله: بحيث يلزم الغرر؛ و ذلك لأنّ عدم التعيين مساوق للغرر دائماً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 633

اختلاف بين أجزائها، أو «أىّ مقدار (1) شئت منها (2)». و لايعتبر كونها شخصيّة، فلو عيّن كلّيّاً موصوفاً على وجه يرتفع الغرر، فالظاهر صحّته، و حينئذٍ يتخيّر المالك في تعيينه.

العاشر: تعيين كون البذر على أىّ منهما، وكذا سائر المصارف و اللوازم إذا لم يكن هناك انصراف مغنٍ عنه و لو بسبب التعارف.

مسألة 1: لايشترط في المزارعة كون الأرض ملكاً للمزارع، بل يكفي كونه مسلّطاً عليها بوجه من الوجوه، كأن يكون مالكاً لمنفعتها بالإجارة (3) أو الوصيّة أو الوقف عليه أو مسلّطاً عليها بالتولية كمتولّي الوقف العامّ أو الخاصّ و الوصيّ أو كان له حقّ اختصاص بها بمثل التحجير (4) و السبق (5) و نحو ذلك أو كان مالكاً للانتفاع بها كما إذا أخذها بعنوان المزارعة فزارع غيره أو شارك غيره (6)، بل يجوز أن يستعير الأرض (7) (1). الامام الخميني: ليس المراد هذا العنوان بإجماله، بل المراد أىّ مقدار معيّن شئت بنحو الكلّي في المعيّن من الأرض الكذائيّة (2). الگلپايگاني: مشكل

مكارم الشيرازي: الظاهر بطلانه، لاستلزام الغرر، لأنّ شية الزارع غير معلومة، فقد يكون هكتاراً و قديكون عشراً؛ نعم، لو عيّن المقدار، لم يكن به بأس من حيث كونه من قبيل الكليّ في المعيّن. و المسألة نظير ما إذا قال البايع للمشتري: بعتك من هذه الصبرة أىّ مقدار شئت،

كلّ صاع بكذا، فإنّه باطل بلا إشكال (3). الامام الخميني: مع عدم الاشتراط فيها بانتفاعه مباشرةً

الگلپايگاني: مع عدم قيد المباشرة بالزراعة في عقد الإجارة (4). الامام الخميني: لايكفي ظاهراً حقّ التحجير في صحّتها، و كذا السبق للإحياء؛ نعم، لا إشكال فيما إذا سبق فأحياها

الگلپايگاني: في كفاية التحجير و نحوه لصحّة المزارعة إشكال، بل منع، لأنّه موجب لأولويّته بالإحياء لا للتسلّط على نقل المنافع إلى الغير و لو بالمزارعة (5). مكارم الشيرازي: المسألة مبنيّة على كون التحجير و السبق موجباً لأولويّته بالمنافع أو بالإحياء فقط دون المنافع؛ و حيث إنّ الظاهر صحّة الأوّل، فلا مانع من المزارعة، لعدم ثبوت دليل على لزوم ملكيّة الأرض أو المنافع فيها (6). مكارم الشيرازي: إذا لم يشترط المباشرة بنفسه (7). الگلپايگاني: جواز استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، لأنّ المستعير يملك الانتفاع من غير تسلّط على المعير و لايملك التمليك عليه و لا إيجاد حقّ الزراعة للغير عليه، و لو فعل ذلك يكون فضوليّاً موقوفاً على إجازة المالك و لو زارع لنفسه يكون كالفضولي لنفسه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 634

للمزارعة (1)؛ نعم، لو لم يكن له فيها حقّ أصلًا، لم يصحّ مزارعتها، فلايجوز المزارعة في الأرض الموات مع عدم تحجير أو سبق أو نحو ذلك، فإنّ المزارع و العامل فيها سواء؛ نعم، يصحّ الشركة (2) في زراعتها مع اشتراك البذر أو بإجارة أحدهما نفسه للآخر في مقابل البذر أو نحو ذلك، لكنّه ليس حينئذٍ من المزارعة المصطلحة. و لعلّ هذا مراد الشهيد (3) في المسالك من عدم جواز المزارعة في الأراضي الخراجيّة (4) الّتي هي للمسلمين قاطبةً إلّامع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر، فمراده هو فيما إذا لم يكن للمزارع جهة اختصاص بها، و

إلّافلا إشكال في جوازها بعد الإجارة من السلطان، كما يدلّ عليه جملة من الأخبار.

مسألة 2: إذا أذن لشخص (5) في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما، فالظاهر صحّته (6).

(1). مكارم الشيرازي: قد يقال بأنّ جواز استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، لأنّ المستعير يملك الانتفاع من غير تسلّط على المعير، فلو فعل ذلك كان فضوليّاً موقوفاً على إجازة المالك؛ قلت: لايعتبر في جواز المزارعة التسلّط على المعير، بل يكفي كونه مالكاً للانتفاع أو أولى بالانتفاع من غيره؛ فيجوز استعارته أرضاً من أخيه للزراعة، ثمّ المزارعة مع غيره، لعدم دليل على اعتبار أكثر من هذا؛ نعم، لابدّ من أن تكون العارية بعنوان عام لايشترط فيها المباشرة (2). الگلپايگاني: الأولى أن يقال: يحكم بالشركة في الحاصل مع الشركة في البذر، لأنّ الشركة حينئذٍ ليست مستندة إلى العقد حتّى يحكم عليها بالصحّة (3). الگلپايگاني: لكنّه خلاف الظاهر من كلامه، فراجع (4). مكارم الشيرازي: ولكنّه توجيه بعيد لكلامه، لأنّه ظاهر أو صريح في اعتبار الملكيّة في صحّة المزارعة؛ و على كلّ حال، فهو مخالف لما ورد في أبواب الأراضي الخراجيّة و استمرّت به السيرة من جواز ذلك (5). الخوئي: إذا كان مالك الأرض قاصداً بذلك إنشاء عقد المزارعة، صحّ و لزم بقبول الزارع ولو قبولًا فعليّاً؛ وأمّا إذا كان قاصداً مجرّد الإباحة، لم يصحّ بعنوان المزارعة؛ و بذلك يظهر الحال في الفروض الآتية (6). الامام الخميني: إن لم يكن من المزارعة فصحّته محلّ تأمّل و إشكال، لكن كونه منها كما في المتن غير بعيد، و كذا لو أذن عامّاً؛ و ليس ذلك من الجعالة و لا نظيرها، و كذا الإذن في الخان و الحمّام غير شبيه بالجعالة،

بل الظاهر أنّه إباحة بالعوض أو إذن بالإتلاف مضموناً و بعضها إجارة باطلة، و لهذا يشكل استحقاقه للزيادة عن اجرة المثل، و نظائر المسألة محلّ إشكال تحتاج إلى التأمّل

الگلپايگاني: بمعنى أنّ ذلك الإذن المقيّد مع تقبّل العامل موجب لنقل حصّة من الحاصل إلى الآخر و لعلّ ذاك من قبيل الإذن بالاستيفاء أو بالإتلاف بعوض معيّن المتداول بين الناس في كثير من الموارد كما في دخول الحمّام و أكل الطعام من الطبّاخ و شرب الچاي و البيتوتة في الخانات و المنازل المعدّة لذلك؛ و لا بُعد في الالتزام بتأثير الإذن المذكور مع تقبّل المتلف أو المستوفي في اشتغال ذمّته بالمسمّى بالإتلاف أو الاستيفاء، فيكون نظير الجعالة في أنّ الإذن في العمل مع تقبّل جعل مخصوص موجب لاشتغال ذمّة الآذن بما جعل على نفسه. و الظاهر أنّه المراد من العبارة و المقصود من تنظيره بالجعالة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 635

و إن لم يكن من المزارعة المصطلحة (1)، بل لايبعد كونه منها أيضاً (2)؛ و كذا لو أذن لكلّ من يتصدّى للزرع و إن لم يعيّن شخصاً؛ و كذا لو قال: كلّ من زرع أرضي هذه أو مقداراً من المزرعة الفلانيّة فلي نصف حاصله (3) أو ثلثه مثلًا، فأقدم واحد على ذلك فيكون نظير الجعالة، فهو كما لو قال: كلّ من بات في خاني أو داري فعليه في كلّ ليلة درهم، أو كلّ من دخل حمّامي (4) فعليه في كلّ مرّة ورقة، فإنّ الظاهر صحّته للعمومات (5)، إذ هو نوع من المعاملات العقلائيّة و لانسلّم انحصارها في المعهودات، و لا حاجة إلى الدليل الخاصّ لمشروعيّتها، بل كلّ معاملة عقلائيّة صحيحة إلّاما خرج بالدليل الخاصّ كما هو مقتضى العمومات. (1). مكارم الشيرازي:

الحقّ فيه التفصيل؛ فإن قصد المالك بالإذن المزارعة، و العامل بعمله القبول، كان مزارعة شبيه المعاطاة، فإنّه يجوز فيه الإنشاء اللفظي من طرف و الإنشاء العملي من طرف آخر؛ و إن قصد مجرّد الإباحة، كان داخلًا في الإباحة المعوّضة؛ و نظيره كثير في العرف، كما في المطاعم و الحمّامات و الفنادق (2). الگلپايگاني: بدعوى أنّ المزارعة المتداولة بين الناس قد تكون بإنشاء المزارعة بقول «زارعتك» و قد تكون بالإذن في الزراعة هكذا، فيشمله قوله عليه السلام: «لا بأس بالمزارعة بالثلث و الربع و الخمس» هذا إذا لم يكن الإذن المذكور ظاهراً في إنشاء المزارعة، و إلّافيدخل فيما ذكره سابقاً من كون الإيجاب باللفظ و القبول بالفعل (3). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: فله نصف حاصله؛ حتّى لايتوهّم أنّه عكس الجعالة أو يقال بأنّ مراده من هذه العبارة ما يستفاد منه بالدلالة الالتزاميّة؛ و على كلّ حال، فهو داخل في المزارعة إذا قصد بهذا القول أو الفعل إنشائها، و إلّاكان من الإباحة بالعوض. و من هنا يظهر أنّه ليس من المعاملات على الفرض الأخير؛ فإنّ الإباحة المشروطة بالضمان غير داخلة في أبواب العقود و المعاملات، كما لايخفى على المتأمّل الخبير (4). الگلپايگاني: و في الرواية إنّما اخذ العجل لدخول الحمّام لا للثوب، و قد مرّ في الإجارة (5). الخوئي: العمومات لاتشمل الموارد الّتي يكون التمليك و التملّك فيها متعلّقاً بأمر معدوم حال العقد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 636

مسألة 3: المزارعة من العقود اللازمة، لاتبطل إلّابالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار الاشتراط (1)، أي تخلّف بعض الشروط المشترطة على أحدهما؛ و تبطل أيضاً بخروج الأرض عن قابليّة (2) الانتفاع لفقد الماء أو استيلائه أو نحو ذلك؛ و لاتبطل

بموت أحدهما، فيقوم وارث (3) الميّت منهما مقامه؛ نعم، تبطل بموت العامل مع اشتراط مباشرته للعمل (4)؛ سواء كان قبل خروج الثمرة (5) أو بعده. و أمّا المزارعة المعاطاتيّة (6)، فلاتلزم إلّابعد التصرّف (7)؛ و أمّا الإذنيّة، فيجوز فيها الرجوع دائماً (8)، لكن إذا كان بعد الزرع و كان البذر من العامل يمكن دعوى لزوم إبقائه (9) إلى حصول الحاصل، لأنّ الإذن في الشي ء إذن في لوازمه (10). (1). مكارم الشيرازي: أو بعض الخيارات الاخر الّتي دليلها عامّ يشمل ما نحن فيه، كخيار الغبن و شبهه (2). الامام الخميني: مع عدم تيسّر العلاج (3). الگلپايگاني: بمعنى أنّ الأرض تنتقل إلى ورثة مالكها متعلّقة لحقّ العامل و البذر إلى ورثة مالكه متعلّقاًلحقّ الآخر و العمل دين على العامل يستوفى من تركته (4). مكارم الشيرازي: هذا إذا كانت المباشرة من قبيل المقوّم للعقد، أمّا إن كان على نحو الاشتراط، فلايلزم إلّاخيار الشرط (5). الگلپايگاني: فإن كان قبل خروج الزرع أو قبل بلوغه فيأتي حكمه في المسألة (6) و إن كان بعد بلوغه وكان البذر للعامل فالحصّة بينهما على ما جعلا و لمالك الأرض اجرة مثلها بمقدار الباقي من العمل إذا أراد الورثة إبقاء سهمهم من الزرع إلى أوان حصاده و رضي به المالك أيضاً، و إن كان البذر للمالك الأرض فينقص من حصّة العامل بمقدار مانقص من العمل (6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيها (7). الخوئي: مرّ آنفاً أنّ اللزوم غير بعيد

مكارم الشيرازي: بل الأصل في المعاطاة، اللزوم مطلقاً؛ سواء في البيع و غيره، كما ذكرنا في محلّه (8). الامام الخميني: إذا لم نقل بحصول المزارعة الصحيحة بالإذن، و إلّافصارت لازمة لايجوز الرجوع فيها

مكارم الشيرازي: يأتي فيه التفصيل

السابق في المسألة (2) (9). الامام الخميني: مع فرض جواز الرجوع، ما ذكره غير وجيه كدليله

مكارم الشيرازي: لا وجه له، لأنّ الإذن لايوجب تعهّداً للإذن؛ نعم، إذا وقع المأذون في خسارة من هذه الناحية، فاللازم عليه جبرانه (10). الخوئي: و مقتضاه عدم جواز الرجوع، لعموم التعليل في رواية الرحى؛ و على تقدير جواز الرجوع، فإذا رجع غرم للعامل بدل البذر و اجرة المثل لعمله

الگلپايگاني: نعم، الإذن في الشي ء و إن كان إذناً في لوازمه، لكن لا مانع من الرجوع عنه، فلو أذن بالزراعة و إبقاء الزرع، له الرجوع عنه قبل البلوغ و له الأمر بإزالته بلا أرش و له أخذ اجرة المثل لإبقائه إلى أن يبلغ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 637

و فائدة الرجوع أخذ اجرة الأرض منه حينئذٍ، و يكون الحاصل كلّه للعامل.

مسألة 4: إذا استعار أرضاً (1) للمزارعة ثمّ أجرى عقدها، لزمت، لكن للمعير الرجوع في إعارته (2) فيستحقّ اجرة المثل لأرضه على المستعير (3)، كما إذا استعارها للإجارة (4) فآجرها بناءً على ما هو الأقوى (5) من جواز كون العوض لغير مالك المعوّض.

مسألة 5: إذا شرط أحدهما على الآخر شيئاً في ذمّته أو في الخارج، من ذهب أو فضّة أو غيرهما، مضافاً إلى حصّته من الحاصل، صحّ، و ليس قراره مشروطاً (6) بسلامة الحاصل، بل الأقوى (7) صحّة استثناء (8) مقدار معيّن من الحاصل لأحدهما (9) مع العلم ببقاء مقدار (1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ استعارة الأرض للمزارعة محلّ منع، كما مرّ وجهه؛ و كذلك استعارتها للإجارة، لاشتراكهما في جهة المنع (2). الخوئي: لايبعد عدم جواز رجوعه

الگلپايگاني: بل لا وجه للرجوع على فرض صحّة الاستعارة للإجارة و المزارعة و لزوم

عقدهما، لأنّ الإذن لإيقاع العقد اللازم على ملكه بمنزلة الإذن في إتلاف ماله، سواء قلنا بتمليك المنافع في المزارعة و الإجارة أو بإيجاد إضافة موجبة للسلطنة عليها

مكارم الشيرازي: في جواز الرجوع تأمّل و إشكال؛ و كذا فيما أشبهه من إعارة اللوح للسفينة، ثمّ رجوع المالك في وسط البحر، و كذا اللباس للصلاة مع رجوعه في أثنائها و إعارة الأرض لدفن الميّت؛ و الأقوى أنّ الإعارة في هذه الامور لازمة، لأنّ الأصل في العقود اللزوم، و بناء العقلاء عليه في هذه الموارد واضح؛ و ما دلّ على جواز العارية من الإجماع و غيره إنّما يكون في غيرها، كما لايخفى على من راجع كلمات الأصحاب في كتاب العارية و أحكامها (3). الامام الخميني: أي اجرة ما بعد الرجوع (4). مكارم الشيرازي: جواز الاستعارة للإجارة غير ثابتة في العرف، و لعلّ ماهيّة الاستعارة تنافي الإجارة، فشمول الإطلاقات لها مشكل؛ نعم، للمالك أن يقول: لك إجارة هذه الأرض و أخذ اجرتها (5). الخوئي: مرّ أنّ الأقوى خلافه، و المسألة غير مبتنية عليه

الامام الخميني: الظاهر عدم الابتناء على هذا المبنى، و مع ابتنائه أيضاً لايبعد ما في المتن

الگلپايگاني: بل الأقوى خلافه؛ نعم، لمالك الأرض الإذن للمستعير لنقل المنافع إلى نفسه قبل المزارعة، فتصحّ المزارعة، لكنّه غير ما في المتن (6). الگلپايگاني: إلّاإذا اشترطا ذلك (7). الگلپايگاني: والأحوط ترك ذلك (8). الخوئي: في القوّة إشكال، بل منع، لأنّ العمومات كما عرفت لاتشمل مثل هذه المعاملات، و الدليل الخاصّ غير موجود؛ و كذا الحال في استثناء مقدار البذر (9). مكارم الشيرازي: لايخلو من إشكال، لمنافاته لحقيقة المزارعة و لبعض الأخبار المعتبرة الدالّة على أنّه لاتقبل الأرض بحنطة مسمّاة، ولكن بالنصف

و الثلث و الربع و الخمس لا بأس به (الحديث 2 من الباب 8 من أبواب المزارعة) بل الصورة الاولى أيضاً غير خالية عن الإشكال و إن كانت مشهورة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 638

آخر ليكون مشاعاً بينهما، فلايعتبر إشاعة جميع الحاصل بينهما على الأقوى، كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض ثمّ القسمة. و هل يكون قراره (1) في هذه الصورة مشروطاً بالسلامة كاستثناء الأرطال في بيع الثمار أو لا؟ وجهان (2).

مسألة 6: إذا شرط مدّة معيّنة يبلغ الحاصل فيها غالباً، فمضت و الزرع باقٍ لم يبلغ (3)، فالظاهر أنّ للمالك الأمر بإزالته بلا أرش أو إبقائه و مطالبة الاجرة إن رضي العامل بإعطائها، و لايجب عليه الإبقاء بلا اجرة (4)، كما لايجب عليه الأرش مع إرادة الإزالة، لعدم حقّ للزارع بعد المدّة و الناس مسلّطون على أموالهم، و لا فرق بين أن يكون ذلك بتفريط (1). الامام الخميني: إن كان المراد من السلامة هو حصول الزرع في مقابل لا حصوله، فلا معنى للقرار مع عدم السلامة فيما يستثنى من الحاصل، و إن كان المراد هي السلامة في مقابل التعيّب حتّى تلاحظ نسبة النقص فيحاسب بالنسبة، فلايكون القرار مشروطاً بها، أي لاتلاحظ النسبة (2). الخوئي: لايبعد قُرب الوجه الأوّل، فلو تلف نصف الحاصل مثلًا يحسب التالف على المستثنى و المستثنى منه بالنسبة

الگلپايگاني: أمّا سلامة ذلك المقدار فلابدّ منه لصحّة الاستثناء، و كذا مقدار يكون مشاعاً بينهما لتحقّق شرط الإشاعة ولو في بعض الحاصل؛ وأمّا الزائد على ذلك فمبنيّ على الاشتراط، كما مرّ نظيره

مكارم الشيرازي: ظاهر استثناء مقدار من الحاصل منصرف إلى صورة سلامته، و أنّه

ينقص منه بالنسبة إذا فسد بعض الزراعة، إلّاأن يصرّح في الكلام بخلافه؛ و الظاهر أنّ استثناء الأرطال أيضاً كذلك. و لا فرق بين التصريح بالاستثناء أو بالاشتراط، كما ذكره في المستمسك، فإنّ المدار في هذه المقامات على ما هو المعمول المتعارف في الخارج، لا الألفاظ و التعبيرات الّتي هي إشارات إليه (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ للمسألة صوراً كثيرة تختلف أحكامها، فإن كان بتقصير من الزارع، فللمالك إزالته بلا أرش إذا تضرّر من بقائه، و إن كان لتأخّر المياه و شبه ذلك و كان مقدار التأخير متعارفاً، فعلى المالك إبقاؤه لانصراف العقد إليه؛ و إن لم يكن كذلك و كان القصد في الواقع إلى بلوغ الحاصل، و ذكر المدّة كان من قبيل الخطأ في التطبيق، فاللازم أيضاً إبقاؤه؛ و إن لم يكن كذلك، فإن ورد على أحدهما الضرر دون الآخر فاللازم مراعاته، و إن ورد الضرر عليهما فالظاهر تقديم المالك لسلطانه (4). الگلپايگاني: بل و لا مع الاجرة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 639

الزارع أو من قبل اللّه كتأخير المياه أو تغيّر الهواء. و قيل بتخييره بين القلع مع الأرش و البقاء مع الاجرة، و فيه: ما عرفت، خصوصاً إذا كان بتفريط الزارع، مع أنّه لا وجه لإلزامه العامل بالاجرة بلا رضاه؛ نعم، لو شرط الزارع على المالك إبقائه إلى البلوغ بلا اجرة أو معها إن مضت المدّة قبله، لايبعد صحّته (1) و وجوب الإبقاء عليه.

مسألة 7: لو ترك الزارع الزرع بعد العقد و تسليم الأرض إليه حتّى انقضت المدّة، ففي ضمانه اجرة المثل (2) للأرض، كما أنّه يستقرّ عليه المسمّى في الإجارة، أو عدم ضمانه (3) أصلًا، غاية الأمر كونه آثماً بترك تحصيل الحاصل، أو التفصيل

بين ما إذا تركه اختياراً فيضمن أو معذوراً (4) فلا، أو ضمانه ما يعادل الحصّة (5) المسمّاة من الثلث أو النصف أو غيرهما بحسب التخمين في تلك السنة، أو ضمانه بمقدار تلك الحصّة (6) من منفعة الأرض من نصف أو ثلث و من قيمة عمل الزارع، أو الفرق بين ما إذا اطّلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ المعاملة لتدارك استيفاء منفعة أرضه فلايضمن (7) و بين صورة عدم اطّلاعه إلى أن فات وقت الزرع (1). الامام الخميني: إذا كانت مدّة التأخير على فرضه معلومة

الگلپايگاني: بشرط تعيين المدّة بأن يقال إلى شهر مثلًا، و إلّافمشكل، بل صحّة العقد معه أيضاً محلّ إشكال (2). الگلپايگاني: إمّا لكونها أقرب بما فات من مالك الأرض، و إمّا لكون الأرض مع عدم الزرع مغصوبة تحت يده (3). الگلپايگاني: بناءً على عدم كون المزارعة إلّاتعهّداً و التزاماً من الطرفين بلا إيراث حقّ لأحدهما على الآخر و كون الأرض تحت يد العامل برضا المالك، و فيه ما لايخفى (4). الگلپايگاني: و لعلّه لعدم كونه غاصباً في هذا الفرض، و فيه: أنّه مع تقيّد إذنه بالزراعة تكون الأرض تحت يده بغير إذن المالك و عليه أجرة المثل، غاية الأمر أنّه معذور غير معاقب لو كان معذوراً في الردّ على المالك أيضاً (5). الگلپايگاني: بتقريب أنّها أقرب إلى الفائت من المالك يعني الحصّة المسمّاة (6). الگلپايگاني: هذا على القول باقتضاء المزارعة الشركة، كما يأتي منه في المسألة (15) و عليه فيجب على العامل إعطاء نصف البذر على المالك إن كان البذر عليه، و إن كان على المالك فعليه إعطاء نصفه على العامل بعد ما يأخذ اجرة الأرض و العمل منه حسب السهم (7). الگلپايگاني: هذا التفصيل

على تقدير صحّته لاينفع، لفرض كون العين تحت يد العامل و معه لا تأثيرللفسخ في رفع الضمان حتّى يستند تركه إلى المالك؛ نعم، لو كانت الأرض بيد المالك كان له وجه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 640

فيضمن، وجوه (1)، و بعضها أقوال (2)؛ فظاهر بل صريح جماعةٍ الأوّل (3)، بل قال بعضهم: يضمن النقص (4) الحاصل بسبب ترك الزرع إذا حصل نقص، و استظهر بعضهم الثاني، و ربما يستقرب الثالث، و يمكن القول بالرابع، و الأوجه الخامس و أضعفها السادس؛ ثمّ هذا كلّه إذا لم يكن الترك بسبب عذر عامّ، و إلّافيكشف عن بطلان المعاملة. و لو انعكس المطلب، بأن امتنع المالك من تسليم الأرض بعد العقد (5) فللعامل الفسخ؛ و مع عدمه ففي ضمان المالك ما يعادل حصّته من منفعة الأرض أو ما يعادل حصّته من الحاصل بحسب التخمين أو التفصيل بين صورة العذر و عدمه أو عدم الضمان حتّى لو قلنا به في الفرض الأوّل بدعوى الفرق بينهما، وجوه (6). (1). مكارم الشيرازي: الضمان هو الأقوى من بين الوجوه الستّة، بشرط كون الأرض تحت يد العامل؛ سواء اطّلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ أم لا؛ و كذا يضمن النقص الحاصل بترك الزراعة؛ كلّ ذلك لقاعدة الإتلاف. و كونه تحت يده بإذن المالك و بمقتضى العقد، مشروط في الواقع بما إذا زارع الأرض، لا ما إذا تركها، فلاينبغي الشكّ في ضمانه؛ و مجرّد علم المالك بذلك و عدم فسخه لايرفع ضمانه، كما هو ظاهر، و القول بعدم ضمانه ضعيف جدّاً؛ و كذا غيره من الوجوه الاخر، كالقول بضمانه ما يعادل الحصّة على فرض الزراعة في تلك السنة بحسب التخمين، لأنّ المزارعة لاتوجب ملكيّتها إلّاعلى فرض

الزرع؛ و منه يظهر حال غيره من الوجوه الباقية (2). الامام الخميني: أوجهها الأوّل فيما إذا كان الأرض تحت يده و ترك الزراعة بتفريط منه، و إلّافلا ضمان

الخوئي: الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كانت الأرض بيد الزارع و ما إذا كانت بيد المالك، و على الثاني فقد يطّلع المالك على ترك العامل للزرع و قد لايطّلع إلى فوات وقته، ففي الصورة الاولى و الثالثة يثبت الضمان على العامل لُاجرة المثل، و لا ضمان في الثانية (3). الگلپايگاني: و هو الأقوى مع فرض تسليم الأرض، و كذلك ضمان النقص الحاصل بترك الزرع في هذا الفرض (4). الخوئي: و لعلّه هو الصحيح على التفصيل المزبور آنفاً (5). مكارم الشيرازي: و الأقوى هنا الخيار للعامل فقط، لعدم وفاء المالك بالعقد، و لم يفت عليه شيئاً من أمواله؛ و المزارعة لاتوجب إلّاملكيّة الحصّة على فرض الزرع لا غير، و المفروض هنا عدمه؛ فالفرق بينه و بين الصورة السابقة، جريان قاعدة الإتلاف هناك دون المقام؛ نعم، لو هيّأ العامل أسباباً للزرع بحيث تضرّر عند امتناع المالك عن التسليم، دخل في قاعدة الغرر أو لاضرر، فيضمن المالك (6). الامام الخميني: الأحوط التخلّص بالتصالح و إن كان الأخير أوجه

الخوئي: أقربها الأخير

الگلپايگاني: أوجهها الأخير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 641

مسألة 8: إذا غصب الأرض بعد عقد المزارعة غاصب و لم يمكن الاسترداد منه، فإن كان ذلك قبل تسليم الأرض إلى العامل تخيّر بين الفسخ و عدمه، و إن كان بعده لم يكن له الفسخ. و هل يضمن (1) الغاصب تمام منفعة الأرض في تلك المدّة للمالك (2) فقط، أو يضمن له بمقدار حصّته من النصف أو الثلث من منفعة الأرض و يضمن له أيضاً مقدار

قيمة حصّته من عمل العامل حيث فوّته عليه، و يضمن للعامل أيضاً مقدار حصّته من منفعة الأرض؟

وجهان (3)؛ و يحتمل ضمانه لكلّ منهما ما يعادل حصّته من الحاصل بحسب التخمين.

مسألة 9: إذا عيّن المالك نوعاً من الزرع من حنطة أو شعير أو غيرهما، تعيّن و لم يجز للزارع التعدّي عنه. و لو تعدّى إلى غيره (4) ذهب بعضهم إلى أنّه إن كان ما زرع أضرّ ممّا (1). الامام الخميني: أي مع فرض عدم الفسخ، و إلّافلا إشكال في ضمانه للمالك (2). مكارم الشيرازي: الأقوى ذلك، لما عرفت في المسألة السابقة من عدم تفويت مال للعامل؛ و إنّما التفويت في منافع المالك، بل يمكن أن يقال ببطلان عقد المزارعة بمثل هذا الغصب إذا لم يرج عوده، فإنّه في نظر العرف من قبيل فوات الموضوع. إن قلت: ما الفرق بين غصب العين هنا و غصب العين المستأجرة؟ فإنّه لاينبغي الشكّ في بقاء الإجارة و ضمان الغاصب للمستأجر؛ قلت: الفرق واضح، لأنّ المنافع انتقلت إلى المستأجر بالعقد، ولكن في المزارعة لم تنتقل منفعة الأرض إلى العامل، بل له حقّ الزراعة فيها فقط؛ نعم، لو هيّأ الزارع أسباباً للزراعة و تضرّر بسبب الغصب، كان الغاصب ضامناً إذا صدق عنوان الضرر؛ بناءً على ما حقّقناه في محلّه من أنّ لاضرر قد ينفي الحكم و قد يثبته (3). الخوئي: أقربهما الأوّل

الامام الخميني: أوجههما الأوّل، و الأحوط التصالح

الگلپايگاني: و الأوّل أوجه (4). الامام الخميني: إن كان التعيين على وجه الشرطيّة فمع التعدّي يتخيّر المالك بين الفسخ و الإقرار، و مع عدم الفسخ يأخذ حصّته من الحاصل، و إن كان على وجه القيديّة كان له اجرة مثل أرضه، و لو صارت ناقصة بواسطة الزرع له

أرش نقصها على الزارع

الخوئي: الصحيح أن يقال: إنّه إذا علم المالك به بعد بلوغ الحاصل، فليس له إلّاالمطالبة باجرة مثل المنفعة الفائتة من الأرض، و أمّا الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له و إن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً، و على تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك باجرة العمل مطلقاً، و إذا علم به قبل بلوغ الحاصل فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و إلزام العامل بقلع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجّاناً إذا كان البذر له، و أمّا إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً، فإن دفع بدله كان حكمه حكم ما إذا كان البذر له من أوّل الأمر، هذا كلّه إذا كان التعيين بعنوان التقييد؛ و أمّا إذا كان بعنوان الاشتراط فإن تنازل المالك عن شرطه فهو، و إلّافسخ العقد و جرى عليه حكم التقييد

مكارم الشيرازي: و الأقوى أنّ المالك مخيّر حينئذٍ بين الإمضاء و أخذ الحصّة أو الفسخ و أخذ اجرة المثل؛ و ذلك لأنّ تعيين نوع المزروع من قبيل الاشتراط غالباً و قد ذكرنا في محلّه أنّ الاشتراط و التقييد ليس بحسب نيّة المتعاقدين، بل بحسب طبيعة القيد، فقد يكون مقوّماً في نظر العرف فيكون قيداً، و قد يكون غير مقوّم فيكون شرطاً، و من هنا تعرف الإشكال فيما ذكره في المقام من الفرق بين الأقلّ ضرراً و عدمه و الفرق بين التقييد و الاشتراط و بين تعدّد المطلوب و وحدته؛ نعم، لو كان العقد على زراعة خاصّة و ما أشبهه ممّا يكون ضرره مساوياً أو أقلّ، كان الحكم صحّة العدول إلى غيره؛ ولكنّ الظاهر أنّ هذا خارج عن

محلّ الكلام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 642

عيّنه المالك كان المالك مخيّراً بين الفسخ و أخذ اجرة المثل للأرض و الإمضاء و أخذ الحصّة من المزروع مع أرش النقص الحاصل من الأضرّ، و إن كان أقلّ ضرراً لزم و أخذ الحصّة منه. و قال بعضهم يتعيّن أخذ اجرة المثل للأرض مطلقاً، لأنّ ما زرع غير ما وقع عليه العقد، فلايجوز أخذ الحصّة منه مطلقاً؛ و الأقوى أنّه إن علم أنّ المقصود مطلق الزرع و أنّ الغرض من التعيين ملاحظة مصلحة الأرض (1) و ترك ما يوجب ضرراً فيها، يمكن أن يقال:

إنّ الأمر كما ذكر، من التخيير بين الأمرين في صورة كون المزروع أضرّ و تعيّن الشركة في صورة كونه أقلّ ضرراً، لكنّ التحقيق مع ذلك خلافه. و إن كان التعيين لغرض متعلّق بالنوع الخاصّ لا لأجل قلّة الضرر و كثرته، فإمّا أن يكون التعيين على وجه التقييد و العنوانيّة، أو يكون على وجه تعدّد المطلوب و الشرطيّة؛ فعلى الأوّل إذا خالف ما عيّن فبالنسبة إليه يكون كما لو ترك الزرع أصلًا حتّى انقضت المدّة، فيجري فيه الوجوه الستّة المتقدّمة في تلك المسألة، و أمّا بالنسبة إلى الزرع الموجود، فإن كان البذر من المالك فهو له و يستحقّ العامل اجرة عمله على إشكال في صورة علمه (2) (1). الگلپايگاني: بحيث يكون المعيّن في الحقيقة هذا و كلّ ما يكون أقلّ ضرراً منه، و إلّافلايبعد التخيير بين الفسخ و أخذ اجرة المثل أو الإمضاء و أخذ الحصّة من دون أرش (2). الگلپايگاني: و كذا في صورة جهله، لأنّ جهل العامل بعدم جواز ذلك التصرّف لايوجب استحقاق الاجرةللعمل الغير المأذون من المالك، و لا فرق فيما أتى به من الأعمال

بين أن يكون مشتركاً بين المأتيّ به و ما أعرض عنه أو يكون مختصّاً بأحدهما، لأنّ المجموع عمل غير مأذون فيه؛ و أمّا المالك فليس له زائداً على الزرع الموجود إلّاالتفاوت بين المستوفاة و ما فات منه من منفعة الأرض، و لايجري فيه الوجوه الستّة المتقدّمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 643

بالتعيين (1) و تعمّده الخلاف (2)، لإقدامه حينئذٍ على هتك حرمة عمله، و إن كان البذر للعامل كان الزرع له و يستحقّ المالك عليه اجرة الأرض مضافاً إلى ما استحقّه من بعض الوجوه المتقدّمة (3)، و لايضرّ استلزامه الضمان للمالك من قبل أرضه مرّتين على ما بيّنّا في محلّه، لأنّه من جهتين (4)، و قد ذكرنا نظير ذلك في الإجارة (5) أيضاً؛ و على الثاني يكون المالك مخيّراً بين أن يفسخ المعاملة لتخلّف شرطه فيأخذ اجرة المثل للأرض (6)، و حال الزرع الموجود حينئذٍ ما ذكرنا من كونه لمن له البذر، و بين أن لايفسخ و يأخذ حصّته من الزرع الموجود بإسقاط حقّ شرطه (7) و بين أن لايفسخ، و لكن لايسقط حقّ شرطه أيضاً، بل يغرم العامل (8) على (1). مكارم الشيرازي: إذا علم بالتعيين، فقد علم بتخلّفه و لا حرمة لعمله؛ و إذا جهل ذلك أيضاً لايستحقّ اجرة، لأنّ الاستحقاق فرع أمر المالك، و هو غير موجود (2). الامام الخميني: بل في صورة عدم التعمّد و الجهل أيضاً محلّ إشكال، بل منع (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المالك لايستحقّ شيئاً عند عدم العمل بالمزارعة، إلّامنافع الأرض الّتي تلفت تحت يد العامل، من دون فرق بين استيفاء تلك المنافع أو تلفها بدون استيفاء (4). الگلپايگاني: قد مرّ في الإجارة أنّ المضمون من عين واحدة

في زمان واحد لايكون أكثر من منفعة واحدة؛ نعم، مع الاختلاف هو الأكثر قيمةً

مكارم الشيرازي: يظهر ممّا ذكرناه آنفاً أنّه ليس هنا إلّاضمان واحد؛ فهو شبيه الغاصب الّذي يضمن المنافع، سواء استوفاها أم لا (5). الامام الخميني: قد مرّ الإشكال عليه فيها و أنّ عليه أكثر الأمرين من الاجرة المسمّاة و اجرة المثل، و في المقام أيضاً لايستحقّ المالك غير اجرة المثل لأرضه و أرش نقصها لو حصل بالزرع، و لا يلاحظ في اجرة المثل (6). الگلپايگاني: إذا كان البذر من العامل واختار الفسخ فعليه اجرة المثل للأرض بالنسبة إلى الزمان المتقدّم وبعد الفسخ فللمالك أن يأمر بالقلع و لهما التراضي بالبقاء و على ما تراضيا

مكارم الشيرازي: هذا إنّما يصحّ إذا كان البذر للعامل؛ و أمّا لو كان للمالك، فقد استوفى منافع أرضه لأنّ الزرع له، إلّاأن يكون الزرع غير المأذون موجباً لنقص في الأرض أو في منافعه (7). مكارم الشيرازي: لا حاجة إلى إسقاط حقّ الشرط، بل المدار على عدم الفسخ؛ و من هنا يظهر النظر فيما ذكره المصنّف بعد ذلك، لأنّ الشرط لا أثر له إلّاالخيار عند التخلّف (8). الگلپايگاني: لا وجه للغرامة في المقام حتّى بالنسبة إلى ما به التفاوت مع فرض عدم الفسخ و كون الحاصل مشتركاً بينهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 644

بعض الوجوه الستّة المتقدّمة (1)، و يكون حال الزرع الموجود كما مرّ، من كونه لمالك البذر (2).

مسألة 10: لو زارع على أرض لا ماء لها فعلًا، لكن أمكن تحصيله بعلاج من حفر ساقية أو بئر أونحو ذلك، فإن كان الزارع عالماً بالحال صحّ و لزم، و إن كان جاهلًا كان له خيار الفسخ (3)، و كذا لو كان الماء مستولياً

عليها و أمكن قطعه عنها؛ و أمّا لو لم يمكن التحصيل في الصورة الاولى أو القطع في الثانية، كان باطلًا؛ سواء كان الزارع عالماً أو جاهلًا، و كذا لو انقطع في الأثناء و لم يمكن تحصيله أو استولى عليها و لم يمكن قطعه. و ربما يقال بالصحّة مع علمه بالحال (4)، و لا وجه له و إن أمكن الانتفاع بها بغير الزرع، لاختصاص المزارعة بالانتفاع بالزرع؛ نعم، لو استأجر أرضاً للزراعة مع علمه بعدم الماء و عدم إمكان تحصيله، أمكن الصحّة، لعدم اختصاص الإجارة بالانتفاع بالزرع، إلّاأن يكون على وجه التقييد، فيكون باطلًا أيضاً.

مسألة 11: لا فرق في صحّة المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما، و لابدّ من تعيين ذلك، إلّاأن يكون هناك معتاد ينصرف إليه الإطلاق؛ و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصّة بالزارع أو مشتركة (5) بينه و بين العامل. و كذا لايلزم أن يكون تمام العمل على العامل، فيجوز كونه عليهما (6)، و كذا الحال في سائر المصارف. و بالجملة هنا امور (1). الامام الخميني: مرّ ما هو الأقوى بينها، فها هنا أيضاً ليس له إلّاالتخيير بين الفسخ و الإبقاء، فيأخذ حصّته من غير غرامة زائدة، و مع عدم الفسخ تكون الزراعة بينهما لا لمالك الزرع كما في المتن (2). الگلپايگاني: مع فرض عدم الفسخ فالحصّة مشتركة بينهما لامحالة (3). الگلپايگاني: لتخلّف الوصف فيما إذا كان العقد مبنيّاً على أنّ لها الماء فعلًا كما هو الغالب

مكارم الشيرازي: إذا كان المتعارف تحصيل الماء قبل عقد المزارعة؛ و أمّا إذا كان المتعارف العقد على الأرض ثمّ تحصيل الماء له بسهولة بنصب المكائن أو حفر الآبار، مثل ما نراه في

سواحل الشطوط، الأقوى صحّته بدون الخيار (4). مكارم الشيرازي: كلامه ناظر إلى ما ذكره المحقّق قدس سره و غيره في الشرايع و غيره؛ و الظاهر أنّ نظرهم إلى صورة إمكان تحصيل الماء، كما فهمه صاحب الجواهر، و إلّالايعقل القول بالصحّة، و كيف يمكن إسنادها إلى هؤلاء الفطاحل؟ (5). الگلپايگاني: المزارعة بين العامل و شريكه في الأرض بالنسبة إلى حصّة الشريك لا إشكال فيه، و أمّابالنسبة إلى حصّة نفسه فلاتصحّ إلّاإذا كان البذر من الشريك (6). الگلپايگاني: و حينئذٍ تصحّ المزارعة بالنسبة إلى مقدار عمل العامل فقط؛ نعم، لو كان البذر أو البقر أو همامعاً من العامل فتصحّ المزارعة في الكلّ

مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة جميع هذه الصور و ما أشبهها و إن كان في صدق عنوان المزارعة على بعضها إشكال؛ كما يظهر بمراجعة العرف و الروايات الواردة في أبواب المزارعة (راجع الوسائل ج 10 أبواب المزارعة الباب 10)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 645

أربعة: الأرض و البذر و العمل و العوامل (1)، فيصحّ أن يكون من أحدهما أحد هذه و من الآخر البقيّة، و يجوز أن يكون من كلّ منهما اثنان منها، بل يجوز أن يكون من أحدهما بعض أحدها ومن الآخر البقيّة، كما يجوز الاشتراك في الكلّ، فهي على حسب ما يشترطان، و لايلزم على من عليه البذر دفع عينه، فيجوز له دفع قيمته؛ و كذا بالنسبة إلى العوامل، كما لايلزم مباشرة العامل بنفسه، فيجوز له أخذ الأجير على العمل إلّامع الشرط.

مسألة 12: الأقوى جواز (2) عقد المزارعة بين أزيد من اثنين (3)، بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع، بل يجوز أن يكون بين أزيد

من ذلك، كأن يكون بعض البذر من واحد و بعضه الآخر من آخر، و هكذا بالنسبة إلى العمل و العوامل، لصدق المزارعة و شمول الإطلاقات، بل يكفي العمومات (4) العامّة، فلا وجه لما في (1). مكارم الشيرازي: و قديكون أكثر من ذلك، كما لايخفى على من راجع العرف في زماننا هذا، و قد يكون الماء من واحد و الأرض من آخر و دفع الآفات من ثالث؛ و هذا كلّه يكون العقد عليها صحيحاً إذا كانت الشرائط و السهام معلومة، و يكفي في صحّتها عموم الوفاء بالعقود و إن لم يصدق عنوان المزارعة على بعضها؛ و سيأتي تتمّة الكلام في ذلك في المسألة الآتية إن شاء اللّه (2). الامام الخميني: هذا و إن لايخلو من قُرب، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بإيقاعها بين الاثنين، بل لايُترك حتّى الإمكان (3). مكارم الشيرازي: و قد يستدلّ للمنع منه مضافاً إلى أنّ العقود امور توقيفيّة و أنّ العقد يدور بين اثنين لا أكثر الّذي هو معلوم البطلان، بما ورد في الباب 8 من أبواب المزارعة (ج 13 من الوسائل) من النهي عن جعل ثلث من الحاصل للبذر و ثلث للبقر و ثلث للأرض؛ فإنّ هذا النهي الوارد في روايات كثيرة دليل على عدم جواز المزارعة بين أكثر من اثنين، ولكنّه كما ترى، لعدم العامل بها من الأصحاب على الظاهر، إلّاشاذ، كما صرّح به في الجواهر و المستمسك، و عدم دلالتها على كون المنع لكون المزارعة بين أكثر من اثنين، بل ظاهرها المنع من ذلك إذا كانت المزارعة بين اثنين أيضاً؛ اللّهم إلّاأن يستدلّ بقياس الأولويّة، فتأمّل. (هذا كلّه مضافاً إلى أنّ التعبير بلاينبغي في كثير منها قرينة على الكراهة، و لعلّه

لشباهته بالربا أحياناً) (4). الخوئي: تقدّم أنّ العمومات لاتشمل مثل هذه المعاملات، و الدليل الخاصّ غير موجود، و من هنا فالأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أزيد من اثنين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 646

المسالك من تقوية عدم الصحّة بدعوى أنّها على خلاف الأصل فتتوقّف على التوقيف من الشارع و لم يثبت عنه ذلك؛ و دعوى أنّ العقد لابدّ أن يكون بين طرفين: موجب و قابل، فلايجوز تركّبه من ثلاثة أو أزيد على وجه تكون أركاناً له، مدفوعة بالمنع، فإنّه أوّل الدعوى.

مسألة 13: يجوز للعامل أن يشارك غيره (1) في مزارعته (2) أو يزارعه في حصّته، من غير فرق بين أن يكون البذر منه أو من المالك، و لايشترط فيه إذنه؛ نعم، لايجوز تسليم الأرض إلى ذلك الغير إلّابإذنه (3) و إلّاكان ضامناً، كما هو كذلك في الإجارة أيضاً. و الظاهر جواز (4) نقل مزارعته (5) إلى الغير، بحيث يكون كأنّه هو الطرف للمالك (6)، بصلح و نحوه، بعوض و لو من خارج أو بلا عوض، كما يجوز (7) نقل حصّته إلى الغير؛ سواء كان ذلك قبل ظهور (8) الحاصل، أو بعده (9)؛ كلّ ذلك لإنّ عقد المزارعة من العقود اللازمة الموجبة لنقل (1). الگلپايگاني: بأن يجعله شريكاً في حصّته (2). الخوئي: إن اريد به نقل بعض حصّته إلى غيره فهو محلّ منع قبل ظهور الحاصل، و إن اريد به اشتراك غيره في مزارعته فهو عين قوله: أو يزارعه في حصّته (3). الخوئي: الكلام فيه كما مرّ في الإجارة [في فصل في الإجارة الثانية، التعليقة 1] (4). الامام الخميني: ليس هذا من المزارعة، و لايجوز عقد المزارعة كذلك، و لا معنى لنقل مزارعته إلى الغير؛ نعم، يجوز نقل

حصّته إلى الغير و شرط القيام بأمر المزارعة عليه، لكنّ الناقل طرف للمالك و عليه القيام و لو تسبيباً بأمر الزراعة كما فعل (5). الگلپايگاني: لكن بأن يكون المزارع الثاني متلقّياً من الأوّل لا من المالك، نظير المستأجر من المستأجر؛ وأمّا نقل المزارعة بنحو يكون الثاني مزارعاً للمالك بلا واسطة فلايصحّ إلّابفسخ الاولى و مزارعة جديدة (6). مكارم الشيرازي: لا معنى لذلك إلّاإذا فسخ المزارعة الاولى ثمّ عقدها للثالث، بأن يكون وكيلًا من المالك في الفسخ ثمّ العقد مع الثالث، أو شبه ذلك (7). الخوئي: فيه منع إذا كان النقل قبل ظهور الحاصل (8). الگلپايگاني: في نقل الحصّة قبل ظهور الحاصل تأمّل و إشكال (9). مكارم الشيرازي: سيأتي إن شاء اللّه في المسألة (15) أنّه لا معنى لملكيّة الحاصل المعيّن قبل ظهوره، فلايبقى مجال لنقله إلى غيره؛ و هل تتعلّق الملكيّة بالمعدوم؟ و هذا غير بيع الكليّ في الذمّة، فإنّه بمنزلة الموجود كما هو ظاهر؛ و من هنا يظهر الإشكال فيما ذكره من التعليل بعد ذلك بقوله: إنّ عقد المزارعة من العقود اللازمة الموجبة لنقل منفعة الأرض نصفاً أو ثلثاً أو نحوهما إلى العامل، فله نقلها إلّاإليه بمقتضى قاعدة السلطنة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 647

منفعة (1) الأرض نصفاً أو ثلثاً أو نحوهما إلى العامل، فله نقلها إلى الغير بمقتضى قاعدة السلطنة. و لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون المالك شرط عليه مباشرة العمل بنفسه أو لا، إذ لا منافاة بين صحّة المذكورات و بين مباشرته للعمل، إذ لايلزم في صحّة المزارعة مباشرة العمل، فيصحّ أن يشارك أو يزارع غيره و يكون هو المباشر دون ذلك الغير.

مسألة 14: إذا تبيّن بطلان العقد، فإمّا أن يكون قبل

الشروع في العمل أو بعده، و قبل الزرع بمعنى نثر الحبّ في الأرض أو بعده، و قبل حصول الحاصل أو بعده؛ فإن كان قبل الشروع فلا بحث و لا إشكال، و إن كان بعده و قبل الزرع بمعنى الإتيان بالمقدّمات من حفر النهر و كري الأرض و شراء الآلات و نحو ذلك، فكذلك (2)؛ نعم، لو حصل وصف في الأرض يقابل بالعوض من جهة كريها أو حفر النهر لها أو إزالة الموانع عنها، كان للعامل قيمة (3) ذلك (4) (1). الامام الخميني: ليس مقتضى المزارعة نقل المنفعة إلى العامل، بل مقتضاها ثبوت حقّ الانتفاع بالزرع من الأرض

الگلپايگاني: هذا على مختاره قدس سره؛ و يأتي ما هو المختار في المسألة (15) (2). الخوئي: يشكل ذلك، بل لايبعد استحقاقه اجرة مثل عمله إذا كان البذر للمالك باعتبار أنّه أتى به بأمرصاحب الأرض، و لا فرق فيه بين حصول وصف في الأرض و عدم حصوله؛ و أمّا إذا كان البذر للعامل فلايستحقّ شيئاً على المالك مطلقاً

الگلپايگاني: إن لم يكن العمل بأمر المالك ولوبعنوان المطالبة لحقّه بتوهّم صحّة العقد، وإلّا فله اجرة المثل لعمله

مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّ الضمان في أمثال المقام يكون من ناحية الأمر أو من جهة قاعدة ما يضمن، و كلّ ذلك منتفٍ في المقام، لأنّه لم يعمل بمورد المزارعة حتّى تشمله القاعدة؛ و المفروض أنّ إقدامه على هذه المقدّمات كان بسبب خطأه، و فرض المزارعة صحيحة؛ نعم، لو طالبه المالك بهذه المقدّمات، لم يبعد ضمانه (3). الامام الخميني: إن كان البطلان مستنداً إلى جعل جميع الحاصل لصاحب الأرض، فالأقوى عدم استحقاق العامل قيمة ذلك الوصف، و كذا لايستحقّ اجرة العمل و العوامل في صورة تبيّن البطلان بعد الزرع

و بعد حصول الحاصل، إلّاإذا اشترط عليه الاجرة لعمله و عوامله فيستحقّ اجرة المثل؛ و إن كان مستنداً إلى جعل جميع الزرع للزارع لايستحقّ المالك اجرة أرضه على العامل إلّامع الشرط، و كذا الحال في سائر الصور، فإن كان البطلان مستنداً إلى جعل جميع الحاصل لصاحب البذر لا يستحقّ العامل و لا صاحب الأرض و لا صاحب العوامل شيئاً عليه، إلّامع الاشتراط، فيكون لهم اجرة المثل عليه (4). الگلپايگاني: إن كان العمل بأمر المالك و لو بنحو ما مرّ، و إلّافلا وجه لضمان قيمة الوصف كما مرّ في أصل عمله

مكارم الشيرازي: لا وجه له أيضاً، لعدم وجود ما يدلّ على ضمان المالك، و إن هو إلّاكمن أصلح دار غيره خطأً؛ و هل يستحقّ على المالك في ذلك شيئاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 648

الوصف، وإن لم يكن كذلك وكان العمل لغواً فلا شي ء له، كما أنّ الآلات لمن أعطى ثمنها. وإن كان بعد الزرع، كان الزرع لصاحب البذر؛ فإن كان للمالك كان الزرع له وعليه للعامل اجرة عمله (1) و عوامله (2)، و إن كان للعامل كان له و عليه اجرة الأرض للمالك، و إن كان منهما كان لهما على النسبة نصفاً أو ثلثاً و لكلّ منهما على الآخر اجرة مثل ما يخصّه من تلك النسبة، و إن كان من ثالث فالزرع له (3) و عليه للمالك اجرة الأرض (4) و للعامل اجرة عمله و عوامله (5)؛ و لايجب على المالك إبقاء الزرع إلى بلوغ الحاصل إن كان التبيّن قبله، بل له أن يأمر بقلعه (6) وله أن يبقى بالاجرة إذا رضي صاحبه، وإلّا فليس له إلزامه بدفع الاجرة، هذاكلّه مع الجهل بالبطلان؛ و أمّا مع العلم فليس للعالم منهما (7)

الرجوع على الآخر بعوض أرضه أو عمله (8)، (1). الگلپايگاني: إن كان العمل بأمر المالك، و إلّافلا وجه لضمان الاجرة كما مرّ (2). مكارم الشيرازي: و ذلك لقاعدة ما يضمن، بخلاف ما قبله؛ و هذه القاعدة قاعدة عقلائيّة قد أمضاها الشرع، و ليس دليلها خصوص لاضرر و شبهه حتّى يقال ليس في المقام شي ء من ذلك. و العجب من بعض أعلام المحشّين، حيث نفى الضمان للعامل هنا إلّاإذا أمره المالك، مع أنّه قد يكون منه أعمال كثيرة؛ مضافاً إلى اجرة الفلّاحين و العوامل و غيرها، و قديكون ذلك سبباً لمزيد ما يخرج من الأرض، فكيف يمكن الحكم بأنّ جميع ما يخرج منها يكون للمالك و لايكون للزارع مع مصارفه الكثيرة شيئاً (3). مكارم الشيرازي: و المراد من الثالث هو الّذي دخل في المزارعة معهما، كما مرّ في مسألة (12) (4). الگلپايگاني: إن كانت الأرض تحت يده أو كان الزرع بأمره، و إلّافلا شي ء عليه بالنسبة إلى ما مضى؛ نعم، بعد التبيّن، لمالك الأرض إلزامه بالقلع و لهما التراضي بالبقاء (5). الگلپايگاني: قد مرّ أنّها تابعة للأمر كما في نظير المسألة (6). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لاحتمال شمول قاعدة لاضرر له؛ و المفروض أنّه لم يقدم عليه عالماً و غاصباً (7). الامام الخميني: قد مرّ أنّ العلم و الجهل غير دخيلين في ذلك، و عدم وجاهة ما علّله به، و كذا الحال في الفرع التالي (8). مكارم الشيرازي: الأقوى جواز الرجوع، لأنّه دخل فيها بانياً على الصحّة غير معتنٍ بحكم الشارع المقدّس؛ و كذا ما أشبهه من المعاملات الفاسدة، فدليل الهتك هنا غير جار، و التبرّع ممنوع جدّا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 649

لأنّه هو الهاتك (1) لحرمة ماله أو

عمله، فكأنّه متبرّع به (2) و إن كان الآخر أيضاً عالماً بالبطلان.

و لو كان العامل بعد ما تسلّم الأرض تركها في يده بلا زرع، فكذلك يضمن اجرتها للمالك مع بطلان المعاملة، لفوات منفعتها تحت يده، إلّافي صورة علم المالك بالبطلان، لما مرّ (3).

مسألة 15: الظاهر (4) من مقتضى وضع المزارعة ملكيّة العامل (5) لمنفعة الأرض بمقدار الحصّة (6) المقرّرة له و ملكيّة المالك للعمل على العامل بمقدار حصّته و اشتراك البذر بينهما على النسبة (7)؛ سواء كان منهما أو من أحدهما أو من ثالث؛ فإذا خرج الزرع صار مشتركاً بينهما على النسبة، لا أن يكون لصاحب البذر إلى حين ظهور الحاصل فيصير الحاصل مشتركاً من ذلك الحين كما ربما يستفاد من بعض الكلمات، أو كونه لصاحب البذر إلى حين بلوغ الحاصل و إدراكه فيصير مشتركاً في ذلك الوقت كما يستفاد من بعض آخر؛ نعم، (1). الگلپايگاني: قد مرّ في الإجارة منع كون التسليم بعنوان الوفاء في العقود الفاسدة هتكاً لحرمة المال وموجباً لسقوط الضمان و لو مع العلم؛ نعم، في مثل البيع بلا ثمن يمكن الالتزام به و إن كنّا قوّينا خلافه أيضاً سابقاً (2). الخوئي: مرّ أن العلم بالبطلان لايستلزم التبرّع بالعمل؛ و به يظهر الحال فيما بعده (3). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ العلم و الجهل لا أثر له هنا في الضمان بعد دخوله في العمل بانياً على الصحّة، فهو ضامن على كلّ حال (4). الخوئي: بل الظاهر أنّه لايملك كلّ من المالك و العامل على الآخر شيئاً غير إلزامه بما التزم به من تسليمه الأرض أو العمل و غير ذلك، و مع ذلك فالظاهر أنّهما يشتركان من حين خروج الزرع إلّاأن يشرطا خلاف

ذلك (5). الامام الخميني: بل مقتضاها استحقاق كلّ منهما على الآخر بذل ما جعله عليه، و ملكيّة العامل الانتفاع بالأرض زراعةً، و ملكيّة المالك الانتفاع بعمل العامل كذلك

الگلپايگاني: هذا على ما قلنا من أنّها بمنزلة إجارتين، لكن لايبعد أن تكون حقيقة المزارعة تعهّداً و التزاماً من المزارعين بإتمام عمل المزارعة بنحو قرّر بينهما و على ذلك لا تمليك في البين، بل يستحقّ كلّ على الآخر العمل بما التزم به حتّى يحصل الزرع و يصير سهم منه لغير صاحب البذر (6). مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّ حقيقة المزارعة هي التزام من المالك على بذل ملكه للزرع و التزام من الزارع على بذل عمله لذلك، مع اشتراكهما في حاصل الزرع بمقدار الحصّة المقرّرة، فلايملك أحدهما على الآخر شيئاً إلّاأنّ كلًاّ منهما ملتزم في مقابل التزام الآخر و له المطالبة بهذا الحقّ، فليس حقيقة المزارعة من قبيل الإجارتين كما قيل، بل هي نوع من الشركة (7). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذه الشركة، و لا دليل على الاشتراك في البذر بعد كونه ملكاً لأحدهما؛ نعم، هما مشتركان في الحاصل من أوّل ظهور الزرع، لأنّه مقتضى المزارعة عرفاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 650

الظاهر جواز إيقاع العقد على أحد هذين (1) الوجهين مع التصريح و الاشتراط به من حين العقد، و يترتّب على هذه الوجوه ثمرات؛

منها: كون التبن (2) أيضاً مشتركاً بينهما على النسبة، على الأوّل دون الأخيرين (3)، فإنّه لصاحب البذر.

و منها: في مسألة الزكاة.

و منها: في مسألة الانفساخ أو الفسخ في الأثناء قبل ظهور الحاصل (4).

و منها: في مسألة مشاركة الزارع (5) مع غيره (6) و مزارعته معه.

و منها: في مسألة ترك الزرع إلى أن انقضت المدّة؛ إلى غير

ذلك.

مسألة 16: إذا حصل ما يوجب الانفساخ في الأثناء قبل ظهور الثمر أو بلوغه، كما إذا انقطع الماء عنه و لم يمكن تحصيله أو استولى عليه و لم يمكن قطعه أو حصل مانع آخر عامٌّ، فالظاهر (7) لحوق حكم تبيّن البطلان من الأوّل (8)، على ما مرّ، لأنّه يكشف عن عدم قابليّتها للزرع؛ فالصحّة كانت ظاهريّة، فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر. و يحتمل بعيداً كون الانفساخ من حينه، فيلحقه حكم الفسخ في الأثناء على ما يأتي، فيكون مشتركاً بينهما (9) (1). الگلپايگاني: لايبعد أن تكون المزارعة أحد هذين، دون غيره (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ التبن من الحاصل و مشترك بينهما مطلقاً (3). مكارم الشيرازي: التبن و شبهه مشترك بينهما على جميع التقادير، لأنّه من حاصل الزرع، إلّاإذا شرطا غيره (4). الخوئي: لا ثمرة فيها على ما سيتبيّن وجهه في كتاب المساقاة (5). الگلپايگاني: مشاركة الزارع و مزارعته مع غيره مطلقاً جائزة و معناها عين معنى المزارعة (6). مكارم الشيرازي: في جعله ثمرةً إشكال (7). الامام الخميني: لايبعد التفصيل بين الانفساخ في زمان لم يحصل زرع مشترك و لو مثل القصيل أو التبن فيحكم بالبطلان من الأوّل، و بين ما إذا حصل ذلك فيحكم بالانفساخ من حينه، فيكون ما حصل مشتركاً بينهما (8). مكارم الشيرازي: الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان انقطاع الماء أو استيلائه على الأرض أو غير ذلك من الموانع من طبيعة تلك الأرض و لم يكن معلوماً للمتعاقدين، فالعقد باطل من الأوّل؛ و أمّا إذا كان اتّفاقياً، فالظاهر كون الانفساخ من حينه، و يجري عليه أحكامه (9). الخوئي: سيأتي في المسألة الآتية أنّ الأمر ليس كذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 651

على النسبة.

مسألة 17: إذا كان العقد واجداً

لجميع الشرائط و حصل الفسخ في الأثناء، إمّا بالتقايل أو بخيار الشرط لأحدهما أو بخيار الاشتراط بسبب تخلّف ما شرط على أحدهما، فعلى ما ذكرنا من مقتضى وضع المزارعة و هو الوجه الأوّل من الوجوه المتقدّمة، فالزرع الموجود مشترك بينهما (1) على النسبة (2) و ليس لصاحب الأرض على العامل اجرة أرضه و لا للعامل اجرة عمله بالنسبة إلى ما مضى، لأنّ المفروض صحّة المعاملة و بقاؤها إلى حين الفسخ؛ و أمّا بالنسبة إلى الآتي فلهما التراضي على البقاء إلى البلوغ بلا اجرة أو معها، و لهما التراضي على القطع قصيلًا، و ليس للزارع الإبقاء إلى البلوغ بدون رضا المالك و لو بدفع اجرة الأرض و لا مطالبة الأرش إذا أمره المالك بالقلع، و للمالك مطالبة القسمة و إبقاء حصّته في أرضه إلى حين البلوغ و أمر الزارع بقطع حصّته قصيلًا. هذا، و أمّا على الوجهين الآخرين، فالزرع الموجود لصاحب البذر (3)، و الظاهر عدم ثبوت شي ء عليه (4) من اجرة (1). الگلپايگانى: بل على ما ذكره و رجحه فى المسألة التاسعة من أن مقتضى وضع المزارعة الفسخ ولو من حينه يوجب رجوع تمام البذر إلى مالكه و منافع الأرض إلى صاحب الأرض والعمل إلى العامل و لزوم اجرة الأرض و العمل على صاحب البذر إن كان غيره و كون تمام الحاصل له، إن شاء يقلعه و إن شاء يبقيه مع رضا المالك؛ و أما على ما ذكرنا فالبذر قبل الفسخ لمالكه فضلا عما بعد الفسخ، و لا تجب عليه اجرة الأرض بالنسبة إلى ما قبل الفسخ إلا إذا كانت تحت يده و لا اجرة العمل إلا إذا كان بأمره، كما مر.

مكارم الشيرازى: قد يقال

إن مقتضى الفسخ فرض المعاملة كانها لم تكن، فيرجع الزرع إلى مالكه، فإن كان هو المالك ضمن عمل العامل بالاستيفاء، و أن هى إلا مثل ما مر فى باب الإجارة من انه لو فسخها بخيار و كان اثر الخيار من حين الفسخ (مثل خيار الشرط، لا مثل خيار الغبن) تصح الإجارة فيما مضى بحصة من أجرة المسمى؛ و بالجملة: محل الكلام مثل البيع إذا ظهر بعض المبيع مستحقا للغير، فإنه يبطل فى خصوصه لا فى الكل (2). الخوئى: كيف يكون كذلك و الفسخ يوجب ارتقاع العقد و فرضه كأن لم يكن، و تأثير الفسخ و إن كان من حينه إلا أنه يوجب رجوع كل من العوضين أو ما بحكمها إلى من انتقل عنه، و عليه فبناء على ما ذكرناه من حصول الشركة من حين خروج الزرع رجع الزرع إلى مالك البذر، فإن كان هو العامل لزم عليه للمالك أجرة مثل المنفعة الفائتة من الأرض و مع ذلك كان المالك مخيرا بين ابقاء الزرع مجانا أو بالأجرة و إلزام العامل بقلعه، و إن كان هو المالك استحق العامل عليه اجرة المثل.

(3). الامام الخمينى: إذا حصل الفسخ قبل ظهور الحاصل على أول الوجهين.

(4). مكارم الشيرازي: المسألة لاتخلو عن إشكال، لأنّ منفعة الأرض لم تكن مجّانيّة، ولاعمل العامل؛ و جواز الفسخ لاينافي كون كلّ منهما مضموناً.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 652

الأرض (1) أو العمل، لأنّ المفروض صحّة المعاملة إلى هذا الحين. و إن لم يحصل للمالك أو العامل شي ء من الحاصل، فهو كما لو بقي الزرع إلى الآخر و لم يحصل حاصل من جهة آفة سماويّة أو أرضيّة، و يحتمل (2) ثبوت الاجرة عليه إذا كان هو الفاسخ.

[فذلكة]

فذلكة:

قد تبيّن ممّا ذكرنا في

طىّ المسائل المذكورة أنّ هيهنا صوراً:

الاولى: وقوع العقد صحيحاً جامعاً للشرائط و العمل على طبقه إلى الآخر؛ حصل الحاصل أو لم يحصل، لآفة سماويّة أو أرضيّة.

الثانية: وقوعه صحيحاً مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت المدّة؛ سواء زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلًا.

الثالثة (3): تركه العمل في الأثناء بعد أن زرع، اختياراً أو لعذر خاصّ به (4).

الرابعة: تبيّن البطلان من الأوّل.

الخامسة: حصول الانفساخ في الأثناء لقطع الماء أو نحوه من الأعذار العامّة.

السادسة: حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في الأثناء. و قد ظهر حكم الجميع (5) في طىّ (1). الگلپايگاني: إلّاإذا كانت الأرض تحت يده أو كان العمل بأمره، كما مرّ؛ و صحّة المعاملة لاتنافي الضمان بعد الفسخ (2). الگلپايگاني: هذا الاحتمال بعيد (3). الامام الخميني: هذه الصورة لم تسبق منه على الظاهر و إن ظهر حكمها من سائر المسائل (4). مكارم الشيرازي: هذه الصورة غير مذكورة صريحاً فيما سبق. و الحقّ فيها أن يقال: إذا لم ترد خسارة على الزراعة و أتمّها المالك بنفسه أو بأجير و نحوه و كان ترك العمل من العامل لمانع كمرض و نحوه، لايبعد تقويم الزراعة عند ترك العمل، و إعطاء كلّ منهما حقّه، بل و كذا إذا كان عمداً على الأحوط؛ و أمّا إذا وردت خسارة عليه كتلف الزراعة كلًاّ أو نقصان حاصلها، كان العامل ضامناً؛ و كذا بالنسبة إلى منافع الأرض (5). الخوئي: لم يظهر حكم الصورة الثالثة ممّا تقدّم، و أنّ حكمها حكم الصورة الثانية

الگلپايگاني: إلّاالصورة الثالثة و هي بمنزلة ترك الزراعة في جميع الأحكام، إلّاأنّه إذا كان البذر لغير العامل و كان ترك العمل موجباً لتلفه فهو ضامن له، وأمّا إذا ترك العمل بعد حصول الحاصل من

قصيل و غيره و كان ترك العمل موجباً لتلفه، فعلى القول بالاشتراك يكون ضامناً لحصّة الشّريك و إن كان البذر له أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 653

المسائل المذكورة كما لايخفى.

مسألة 18: إذا تبيّن بعد عقد المزارعة أنّ الأرض كانت مغصوبة، فمالكها مخيّر بين الإجازة (1) فتكون الحصّة له، سواء كان بعد المدّة أو قبلها، في الأثناء أو قبل الشروع بالزرع، بشرط أن لايكون هناك قيد أو شرط لم يكن معه محلٌّ (2) للإجازة (3)، و بين الردّ، و حينئذٍ فإن كان قبل الشروع في الزرع فلا إشكال، و إن كان بعد التمام فله اجرة المثل لذلك الزرع و هو لصاحب البذر (4)؛ و كذا إذا كان في الأثناء و يكون بالنسبة إلى بقيّة المدّة الأمر بيده، فإمّا يأمر بالإزالة (5) و إمّا يرضى بأخذ الاجرة بشرط رضا صاحب البذر؛ ثمّ المغرور من المزارع و الزارع يرجع فيما خسر على غارّه (6)، و مع عدم الغرور فلا رجوع. و إذا تبيّن كون البذر مغصوباً فالزرع لصاحبه (7) و ليس عليه اجرة الأرض (8) و لا اجرة العمل؛ نعم، إذا كان (1). الگلپايگانى: هذا على ما اختاره من أن حقيقة المزارعة تمليك منفعة الأرض بقدر الحصة؛ و أما على ما اخترناه من أنها تعهد من صاحب الأرض بتسليمها للزراعة فإن قصد الغاصب التعهد من المالك فيمكن تصحيحه بالإجازة، و أما إذا تعهد من قبل نفسه تسليم أرض الغير فلا مورد للإجازة و لا معنى لإجازة تعهد الغير و لا يجرى فيه الفضولى.

مكارم الشيرازى: و هذا مبنى على جواز الفضولى إذا قصد الغاصب المعاملة لنفسه، و قد ذكر فى محله صحته بعد إجازة المالك، و ما نحن فيه من هذا

القبيل؛ فما فى كلام بعض المحشين من الإشكال فى ذلك، غير وارد (2). الگلپايگانى: كأن يجعل الغاصب البذر و النفقة على عهدته، فإجازة صاحب الأرض لا تصحح ذلك؛ نعم، يمكن أن يكون الغاصب أيضا طرفا للمزارعة بناء على جواز كون البذر لثالث، لكن هذا غير المنشأ.

(3). مكارم الشيرازى: مثل أن يشترط الغاصب الزراعة ببذر معين يكون ملكا لنفسه، بخلاف ما إذا كان كليا، فإن هذا الشرط يمكن إجازته من قبل المالك؛ اللهم إلا أن يقال: إن بطلان الشرط فى الصورة الاولى لا يوجب بطلان أصل العقد.

(4). الخوئى: لكنه إذا كان للمزارع يرجع الزارع إليه بأجرة عمله.

(5). الامام الخمينى: و يضمن الغاصب الخسارة الواردة على المغضوب منه.

(6). الخوئى: لا فرق فى جواز الرجوع و عدمه بين فرض الغرور و عدمه.

(7). الخوئى: هذا فيما إذا لم يود بدله.

(8). مكارم الشيرازي: بل اجرتها على الغاصب، لو كان هو الزارع.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 654

التبيّن في الأثناء، كان لمالك الأرض الأمر بالإزالة؛ هذا إذا لم يكن محلّ للإجازة، كما إذا وقعت المعاملة على البذر الكليّ لا المشخّص في الخارج أو نحو ذلك، أو كان و لم يجز؛ و إن كان له محلّ و أجاز، يكون هو الطرف للمزارعة (1) و يأخذ الحصّة (2) الّتي كانت للغاصب (3). و إذا تبيّن كون العامل عبداً غير مأذون، فالأمر إلى مولاه. و إذا تبيّن كون العوامل أو سائر المصارف مغصوبة، فالمزارعة صحيحة و لصاحبها اجرة المثل أو قيمة الأعيان التالفة. و في بعض الصور يحتمل جريان الفضوليّة و إمكان الإجازة، كما لايخفى.

مسألة 19: خراج الأرض على صاحبها، و كذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة، و كذا ما يصرف في إثبات اليد عند أخذها من السلطان،

و ما يؤخذ لتركها في يده؛ و لو شرط كونها على العامل بعضاً أو كلًاّ، صحّ و إن كانت ربّما تزاد و ربّما تنقص، على الأقوى، فلايضرّ (4) مثل هذه الجهالة (5)، للأخبار؛ و أمّا سائر المؤون كشقّ الأنهار و حفر الآبار و آلات السقي و إصلاح النهر و تنقيته و نصب الأبواب مع الحاجة إليها و الدولاب و نحو ذلك ممّا يتكرّر كلّ سنة أو لايتكرّر، فلابدّ من تعيين كونها على المالك أو العامل، إلّاإذا كان هناك عادة ينصرف الإطلاق إليها؛ و أمّا ما يأخذه المأمورون من الزارع ظلماً من غير الخراج، فليس على المالك (6) و إن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض. (1). الخوئي: هذا إذا كان باذل البذر طرفاً للعقد مع العامل أو مالك الأرض، بل مع كليهما أيضاً بناءً على القول بصحّة عقد المزارعة بين الأكثر من اثنين؛ وأمّا إذا كان العقد بين المالك و العامل مع اشتراط البذر على الثاني فلا محلّ للإجازة كما هو ظاهر؛ و بذلك يظهر الحال فيما إذا كانت العوامل أو نحوها مغصوبة و كان صاحب العوامل طرفاً للمعاملة (2). الگلپايگاني: أي مقداراً يقع بإزاء البذر دون ما لوحظ بإزاء العمل و سائر النفقات، و هذا الحكم مبنيّ على ما اختاره في المزارعة؛ و أمّا على المختار، فقد مرّ الإشكال في جريان الفضولي فيها (3). مكارم الشيرازي: المراد الحصّة الّتي كانت بإزاء البذر و كان باذل البذر من أطراف عقد المزارعة (4). الامام الخميني: محلّ إشكال، بل منع (5). مكارم الشيرازي: بشرط كونها بمقدار المتعارف الّذي لايلزم منه الغرر، و إلّافهو مشكل؛ مثلًا إذا دار أمر الخراج بين الألف و عشرة آلاف، فإنّه لابدّ من تعيين

حدوده، لأنّ الجهالة بهذا المقدار موجبة للغرر قطعاً (6). الگلپايگاني: إلّاما تعارف أخذه منه بحيث وقع العقد مبنيّاً عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 655

مسألة 20: يجوز لكلّ من المالك و الزارع أن يخرص على الآخر بعد إدراك الحاصل بمقدار منه بشرط القبول و الرضا من الآخر، لجملة من الأخبار هنا و في الثمار، فلايختصّ ذلك بالمزارعة و المساقاة، بل مقتضى الأخبار جوازه في كلّ زرع مشترك أو ثمر مشترك، و الأقوى لزومه بعد القبول و إن تبيّن بعد ذلك زيادته أو نقيصته، لبعض تلك الأخبار مضافاً إلى العمومات العامّة؛ خلافاً لجماعة. و الظاهر أنّه معاملة مستقلّة (1) و ليست بيعاً و لا صلحاً معاوضيّاً، فلايجري فيها إشكال اتّحاد العوض و المعوّض (2) و لا إشكال النهي عن المحاقلة و المزابنة (3) و لا إشكال الربا و لو بناءً على ما هو الأقوى من عدم اختصاص حرمته (4) بالبيع و جريانه في مطلق المعاوضات، مع أنّ حاصل الزرع و الشجر قبل الحصاد و الجذاذ ليس من المكيل و الموزون، و مع الإغماض عن ذلك كلّه يكفي في صحّتها الأخبار الخاصّة، فهو نوع من المعاملة العقلائيّة ثبت بالنصوص و لتسمّ بالتقبّل؛ و حصر المعاملات في المعهودات ممنوع (5)؛ نعم، يمكن (6) أن يقال: إنّها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي، فكأنّهما يتسالمان على أن يكون حصّة أحدهما من المال المشترك كذا مقداراً و البقيّة للآخر شبه القسمة أو نوع منها، و على ذلك يصحّ إيقاعها بعنوان الصلح على الوجه المذكور مع قطع النظر عن الأخبار أيضاً على الأقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض، و على هذا لايكون من التقبيل

و التقبّل؛ ثمّ إنّ المعاملة المذكورة (1). مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّه نوع من المصالحة و لايعتبر فيها التصريح بلفظ الصلح، بل يكفي كلّما يؤدّي معناه، كما مال إليه في الجواهر و صرّح به غير واحد من الأكابر (2). مكارم الشيرازي: لا معنى لاتّحاد العوض و المعوّض هنا بعد كون أحدهما حصّة مشاعة و الآخر مقداراً معلوماً من الطعام أو غيره (3). مكارم الشيرازي: و المراد من المحاقلة، كما قيل، هي بيع الزرع في سنبله بحبّ من جنسه أو أنّها اكتراء الأرض بالحنطة؛ كما أنّ المراد من المزابنة بيع الرطب في رئوس النخل بالتمر (4). مكارم الشيرازي: سيأتي إن شاء اللّه في محلّه (5). الگلپايگاني: مع أنّها أيضاً منها كما يتراءى من الأخبار

مكارم الشيرازي: مراده العناوين المعروفة، فإنّه ليس منها على رأيه؛ فما في بعض كلمات المحشّين أنّ محلّ الكلام أيضاً من المعاملات المعهودة، كما ترى (6). الامام الخميني: لكنّ الأقوى هو كونه معاملة مستقلّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 656

لاتحتاج إلى صيغة مخصوصة، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على التقبّل، بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلًا، فيكفي فيها مجرّد التراضي (1)، كما هو ظاهر الأخبار. و الظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل (2) و إدراكه، فلايجوز قبل ذلك؛ و القدر المتيقّن من الأخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع، فلايصحّ الخرص و جعل المقدار في الذمّة من جنس ذلك الحاصل؛ نعم، لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح، على الوجه الّذي ذكرنا، لا مانع من ذلك فيه (3)، لكنّه كما عرفت خارج عن هذه المعاملة؛ ثمّ إنّ المشهور بينهم أنّ قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل، فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة كان عليهما،

و لعلّه (4) لأنّ تعيين الحصّة في المقدار المعيّن ليس من باب الكليّ في المعيّن (5)، بل هي باقية على إشاعتها (6)، غاية الأمر تعيينها في مقدار معيّن، مع احتمال أن يكون ذلك من الشرط الضمنيّ بينهما. (1). الامام الخميني: لكنّ الأحوط عدم الاكتفاء بمجرّده

الخوئي: إذا كان له مبرز في الخارج

الگلپايگاني: بل لابدّ له من الإنشاء بالقول أو بالفعل

مكارم الشيرازي: بل لابدّ فيه من إنشاء قولي أو فعلي و لايكفي فيه مجرّد التراضي، لأنّ العقد لايتمّ إلّابالإنشاء، كما ذكرناه مشروحاً في المعاطاة (2). الامام الخميني: على الأحوط (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ ما ورد في الأخبار ناظر إليه (4). الامام الخميني: هذا التعليل غير وجيه (5). مكارم الشيرازي: بل الظاهر أنّه من باب الكلّي في المعيّن، و لكن سلامة الحاصل شرط ضمني بحسب المتعارف الّذي ينصرف إليه العقد (6). الگلپايگاني: هذا مشكل، بل الظاهر اختصاص المجموع بالمتقبّل و لذا لايحتاج في تصرّفاته إلى إذن المتقبّل له و لم يؤاخذ بإتلافه إذا بقي المقدار الّذي تقبّله له؛ نعم، لمّا تعهّد بإعطائه ما تقبّل من الموجود، لايجوز له إتلاف الجميع؛ وأمّا كون التلف عليهما فليس من جهة الإشاعة، بل لأنّ التقبّل لمّا كان مبنيّاً على سلامة الحاصل فكأنّه لم يلتزم المتقبّل بما التزم به من الحصّة إلّابالنسبة إلى الحاصل السالم إلى وقت التسليم و لذلك يحسب التلف عليهما

الخوئي: لا معنى للإشاعة مع تعيين المقدار، ولكنّه مع ذلك يحسب التلف عليهما على أساس أنّ المقدار المعيّن إنّما لوحظ بالإضافة إلى مجموع الحاصل، فكلّما نقص عن الحاصل بآفة سماويّة أو أرضيّة نقص عن ذلك المقدار بالنسبة، و لعلّ الماتن قدس سره أراد بالإشاعة هذا المعنى

العروة الوثقى، ج 2،

ص: 657

و الظاهر أنّ المراد من الآفة الأرضيّة ما كان من غير الإنسان، و لايبعد (1) لحوق (2) إتلاف متلف من الإنسان أيضاً به. و هل يجوز خرص ثالثٍ حصّة أحدهما أو كليهما في مقدار؟

وجهان؛ أقواهما العدم (3).

مسألة 21: بناءً على ما ذكرنا من الاشتراك من أوّل الأمر في الزرع، يجب على كلّ منهما الزكاة إذا كان نصيب كلّ منهما بحدّ النصاب، و على من بلغ نصيبه إن بلغ نصيب أحدهما، و كذا إن اشترطا الاشتراك حين ظهور الثمر، لأنّ تعلّق الزكاة (4) بعد صدق الاسم و بمجرّد الظهور لايصدق؛ و إن اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم أو حين الحصاد والتصفية، فهي على صاحب البذر منهما، لأنّ المفروض أنّ الزرع و الحاصل له إلى ذلك الوقت، فتتعلّق الزكاة في ملكه.

مسألة 22: إذا بقي في الأرض أصل الزرع بعد انقضاء المدّة و القسمة، فنبت بعد ذلك في العام الآتي، فإن كان البذر لهما فهو لهما، و إن كان لأحدهما فله، إلّامع الإعراض (5)، و حينئذٍ فهو لمن سبق (6)؛ و يحتمل (7) أن يكون لهما مع عدم الإعراض (8) مطلقاً، لأنّ المفروض شركتهما في الزرع و أصله (9) و إن كان البذر لأحدهما أو الثالث، و هو الأقوى (10)؛ و كذا إذا بقي في (1). الگلپايگاني: بل بعيد (2). الامام الخميني: غير معلوم، بل لا يبعد بقاء المعاملة (3). مكارم الشيرازي: لا يخلو عن إشكال، لعدم قيام دليل على جواز ذلك (4). الگلپايگاني: قد مرّ الاحتياط في وقت تعلّق الزكاة (5). مكارم الشيرازي: سيأتي أنّ الأقوى كونه لهما بعد كون الحاصل لهما، و الأصل من حاصل البذر؛ نعم، للمالك إبقاؤه مع الاجرة أو قلعه؛ و أمّا

الإعراض، فهو موجب للخروج من الملك، لبناء العقلاء عليه و عدم ردع الشارع عنه (6). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال بالنسبة إلى غير مالك الأرض (7). الامام الخميني: الميزان في كون الحاصل في العام الآتي لهما كون أصل الزرع لهما، كان البذر لهما أو لأحدهما، و هو مقتضى إطلاق المزارعة، كما مرّ (8). الخوئي: بل مع الإعراض أيضاً، لأنّ الإعراض لايوجب الخروج عن الملك (9). الخوئي: هذا إنّما يكون بالاشتراط، و إلّافعقد المزارعة لايقتضي أزيد من الاشتراك في الحاصل، كما مرّ (10). الگلپايگاني: بل الأقوى خلافه، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 658

الأرض بعض الحبّ (1) فنبت، فإنّه مشترك بينهما مع عدم الإعراض؛ نعم، لو كان الباقي حبّ مختصّ بأحدهما اختصّ به (2)، ثمّ لايستحقّ صاحب الأرض اجرة لذلك الزرع النابت (3) على الزارع في صورة الاشتراك أو الاختصاص به و إن انتفع بها، إذ لم يكن ذلك من فعله و لا من معاملة واقعة بينهما.

مسألة 23: لو اختلفا في المدّة و أنّها سنة أو سنتان مثلًا، فالقول قول منكر الزيادة؛ و كذا لو قال أحدهما: إنّها ستّة أشهر، و الآخر قال: إنّها ثمانية أشهر؛ نعم، لو ادّعى المالك (4) مدّة قليلة لاتكفي لبلوغ الحاصل و لو نادراً، ففي تقديم قوله إشكال. و لو اختلفا في الحصّة قلّةً و كثرةً، فالقول قول صاحب البذر المدّعي للقلّة، هذا إذا كان نزاعهما في زيادة المدّة أو الحصّة و عدمها؛ و أمّا لو اختلفا في تشخيص ما وقع عليه العقد (5) و أنّه وقع على كذا أو كذا، فالظاهر التحالف (6) و إن كان خلاف إطلاق كلماتهم، فإن حلفا أو نكلا فالمرجع أصالة (1). الگلپايگاني: يعني من الحاصل، و هذا

على ما اختاره من شركتهما في الحاصل؛ وأمّا على ما اخترناه فيكون تمامه للمتقبّل (2). الامام الخميني: و لصاحب الأرض قلعه و مطالبة الاجرة لو أراد الطرف بقائه و كان الزرع له (3). الگلپايگاني: ممّا سقط بغير اختيار بالنسبة إلى ما مضى قبل تبيّن ذلك؛ و أمّا بالنسبة إلى بقائه فللمالك أن يطالبه بقلعه أو دفع الاجرة، و أمّا أصل الزرع فإن لم يعرض عنه مالكه و لم يقدّم مالك الأرض ببقائه مجّاناً و المفروض انقضاء زمان المزارعة فلمالك الأرض الاجرة حتّى للبذر المشترك بالنسبة إلى حصّة الشريك

مكارم الشيرازي: لكن للمالك قلعه أو إبقاؤه مع الاجرة (4). الامام الخميني: لا اختصاص بالمالك في الإشكال المذكور، بل لايبعد تقديم قول مدّعي الكثرة إذا كانت دعوى مدّعي القلّة في الفرض راجعة إلى دعوى المزارعة الفاسدة (5). مكارم الشيرازي: العبارة لاتخلو عن إبهام؛ فإن كان المراد الاختلاف في متعلّق المزارعة من الأرض و البذر، فالتحالف في محلّه، و إن كان في مقدار الحصّة و المدّة فهو عين ما سبق من أنّ القول قول منكر الزيادة؛ و مجرّد اتّفاقهما على وقوع العقد مع الخلاف في محتواه، غير كافٍ (6). الامام الخميني: هذا الكلام يأتي في جميع موارد الاختلاف في العقود الّتي مرجعها إلى الزيادة والنقيصة، فمع كون محطّ الدعوى كيفيّة وقوع العقد يقع الكلام في أنّ الميزان في تشخيص المدّعي و المنكر هل هو محطّ الدعوى في مثل المقام أو مرجعها؟ فإن قلنا بالأوّل يكون من التحالف، و إن قلنا بالثاني يكون من الحلف و الإحلاف، و المسألة بعد تحتاج إلى زيادة تأمّل؛ و لعلّ الموارد مختلفة، و لايبعد في مثل المقام ترجيح الثاني

الخوئي: بل الظاهر أنّ القول قول من يدّعي

القلّة

الگلپايگاني: بل الظاهر تقديم قول مدّعي وقوعه على القليل، لأنّ اختلافهما في مقدار الزيادة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 659

عدم الزيادة.

مسألة 24: لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيّهما، فالمرجع التحالف (1)، و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (2).

مسألة 25: لو اختلفا في الإعارة و المزارعة، فادّعى الزارع أنّ المالك أعطاه الأرض عارية للزراعة، و المالك ادّعى المزارعة، فالمرجع التحالف (3) أيضاً، و مع حلفهما أو نكولهما تثبت اجرة المثل (4) للأرض (5)، فإن كان بعد البلوغ فلا إشكال (6)، و إن كان في الأثناء فالظاهر جواز الرجوع للمالك؛ و في وجوب إبقاء الزرع إلى البلوغ عليه مع الاجرة إن أراد الزارع، و عدمه و جواز أمره بالإزالة، وجهان (7)؛ و إن كان النزاع قبل نثر الحبّ فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نكولهما.

مسألة 26: لو ادّعى المالك الغصب، و الزارع ادّعى المزارعة، فالقول قول المالك (8) مع يمينه على نفي المزارعة.

مسألة 27: في الموارد الّتي للمالك قلع زرع الزارع، هل يجوز له ذلك بعد تعلّق الزكاة و قبل البلوغ؟ قد يقال بعدم الجواز إلّاأن يضمن حصّتها للفقراء، لأنّه ضرر عليهم (9)؛ (1). الامام الخميني: إذا كان النزاع قبل العمل في العامل و العوامل

الگلپايگاني: إذا ادّعى كلّ منهما شرطاً على الآخر و أنكر ما ادّعى عليه الآخر (2). الامام الخميني: لايبعد بقاء المعاملة والرجوع فيما اختلفا فيه بالقرعة أو التنصيف، و القرعة أوفق (3). الامام الخميني: يأتي فيه الكلام السابق (4). الامام الخميني: مع عدم كون حصّة المالك أقلّ من اجرة المثل (5). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لعدم وضوح دليله (6). الخوئي: الظاهر أنّه لا وجه للتحالف في هذه الصورة،

لأنّ الزارع لايدّعي على المالك شيئاً؛ و أمّا المالك فهو يدّعي الاشتراك في الحاصل، فعليه الإثبات (7). الگلپايگاني: أقواهما الثاني

مكارم الشيرازي: لايبعد وجوب إبقائه إذا فرض كون العارية لذلك، فإنّ الزارع له حقّ الإبقاء، فإنّه من لوازم العارية لها، و احترام مال المسلم يقتضي اجرة المثل؛ فتأمّل (8). الامام الخميني: لا بمعنى ثبوت عنوان الغصب و ترتّب آثاره، بل بمعنى الحكم بعدم المزارعة بعد الحلف (9). مكارم الشيرازي: ولكن إبقاؤها من غير رضى المالك ضرر عليه أيضاً، ولايعارض ضرره بغيره، كما لايخفى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 660

و الأقوى الجواز، و حقّ الفقراء يتعلّق بذلك الموجود و إن لم يكن بالغاً.

مسألة 28: يستفاد من جملة من الأخبار أنّه يجوز لمن بيده الأرض الخراجيّة أن يسلّمها إلى غيره ليزرع لنفسه و يؤدّي خراجها عنه، و لا بأس به.

[مسائل متفرّقة]

اشارة

مسائل متفرّقة

[الاولى: إذا قصّر العامل في تربية الزرع فقلّ الحاصل

الاولى: إذا قصّر العامل في تربية الزرع فقلّ الحاصل، فالظاهر (1) ضمانه التفاوت (2) بحسب تخمين أهل الخبرة، كما صرّح به المحقّق القمّي قدس سره في أجوبة مسائله.

[الثانية: إذا ادّعى المالك على العامل عدم العمل بما اشترط في ضمن عقد المزارعة من بعض الشروط]

الثانية: إذا ادّعى المالك على العامل عدم العمل بما اشترط في ضمن عقد المزارعة من بعض الشروط أو ادّعى عليه تقصيره في العمل على وجه يضرّ بالزرع، و أنكر الزارع عدم العمل بالشرط أو التقصير فيه، فالقول قوله، لأنّه مؤتمن في عمله؛ و كذا لو ادّعى عليه التقصير في حفظ الحاصل بعد ظهوره و أنكر.

[الثالثة: لو ادّعى أحدهما على الآخر شرطاً متعلّقاً بالزرع

الثالثة: لو ادّعى أحدهما على الآخر شرطاً متعلّقاً بالزرع، و أنكر أصل الاشتراط، فالقول قول المنكر.

[الرابعة: لو ادّعى أحدهما على الآخر الغبن في المعاملة]

الرابعة: لو ادّعى أحدهما على الآخر الغبن في المعاملة، فعليه إثباته، و بعده له الفسخ. (1). الامام الخميني: محلّ إشكال و إن كان عدم الضمان أشبه (2). الخوئي: لايبعد ذلك فيما إذا كان التقصير بعد ظهور الزرع؛ و أمّا إذا كان التقصير قبل ظهوره فلا وجه له؛ نعم، للمالك حينئذٍ الفسخ و المطالبة باجرة المثل لمنفعة الأرض و قيمة البذر إذا كان البذر للمالك

الگلپايگاني: أي التفاوت بين الموجود و ما كان يحصل لولا التقصير، و لكنّه مشكل إلّاعلى الوجه الرابع من الوجوه الستّة في المسألة السابعة، لكنّه قد اختار فيها الخامس؛ و يمكن أن يكون المقصود التفاوت بين المنفعة المستوفاة و منفعة حصّة المالك من الأرض و حصّة من عمل العامل فيوافق مختاره في تلك المسألة؛ و أمّا على المختار فيها فلايبعد أن يكون التقصير في حكم ترك الزراعة، فإن كانت الأرض تحت يد الزارع يضمن تمام اجرة الأرض لأنّه الغاصب و تمام الزرع الموجود لمالك البذر

مكارم الشيرازي: التفاوت بالنسبة إلى الحاصل الموجود إذا أثّر التقصير في تقليل قيمته؛ و أمّا بالنسبة إلى الّذي لم يوجد، فقد يقال بعدم المعنى لضمانه بعد عدم شمول قاعدة الإتلاف له، ولكن لايبعد شمول ملاك القاعدة له أيضاً؛ فإذا قصّر في العمل و نقص الحاصل من ألف طن مثلًا إلى خمسمأة طن، كان ضامناً له؛ و لكن لايخلو عن إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 661

الخامسة: إذا زارع المتولّي للوقف الأرض الموقوفة بملاحظة مصلحة البطون إلى مدّة، لزم (1) و لاتبطل بالموت (2)؛ و أمّا إذا زارع البطن المتقدّم من الموقوف عليهم الأرض الموقوفة، ثمّ

مات في الأثناء قبل انقضاء المدّة، فالظاهر بطلانها من ذلك الحين، لانتقال الأرض إلى البطن اللاحق، كما أنّ الأمر كذلك في إجارته لها. لكن استشكل فيه المحقّق القمّي قدس سره بأنّ عقد المزارعة لازمة و لاتنفسخ إلّابالتقايل أو ببعض الوجوه الّتي ذكروها و لم يذكروا في تعدادها هذه الصورة، مع أنّهم ذكروا في الإجارة بطلانها إذا آجر البطن المتقدّم ثمّ مات في أثناء المدّة؛ ثمّ استشعر عدم الفرق بينهما بحسب القاعدة، فالتجأ إلى أنّ الإجارة أيضاً لاتبطل بموت البطن السابق في أثناء المدّة و إن كان البطن اللّاحق يتلّقى الملك من الواقف لا من السابق، و أنّ ملكيّة السابق كانت إلى حين موته، بدعوى أنّه إذا آجر مدّة لاتزيد على عمره الطبيعيّ و مقتضى الاستصحاب بقاؤه بمقداره، فكما أنّها في الظاهر محكومة بالصحّة كذلك عند الشارع و في الواقع، فبموت السابق ينتقل ما قرّره من الاجرة إلى اللّاحق لا الأرض بمنفعتها، إلى آخر ما ذكره من النقض و الإبرام، و فيه ما لايخفى. و لاينبغي الإشكال في البطلان بموته في المقامين.

السادسة: يجوز مزارعة الكافر، مزارعاً كان أو زارعاً.

السابعة: في جملة من الأخبار النهي عن جعل ثلث للبذر و ثلث للبقر و ثلث لصاحب الأرض، و أنّه لاينبغي أن يسمّى بذراً و لا بقراً؛ فإنّما يحرّم الكلام و الظاهر كراهته؛ و عن ابن الجنيد و ابن البرّاج حرمته (3)، فالأحوط (4) الترك (5). (1). مكارم الشيرازي: و إن كانت المصلحة في الغالب إيكال أمرهم إليهم؛ نعم، قد يتّفق ذلك نادراً، أو لايمكن تفكيك مصلحة البطن الموجود عن غيرهم (2). الگلپايگاني: عدم البطلان بموت المتولّي ممّا لا إشكال فيه؛ و أمّا بقاء المزارعة بعد موت البطن الأوّل فمحلّ

تأمّل و إشكال و إن كان المزارع هو المتولّي، كما مرّ في الإجارة (3). الخوئي: و عن غيرهما أيضاً، و هو الأظهر (4). الامام الخميني: لايُترك و إن كان ما في المتن أقرب

الگلپايگاني: لايُترك (5). مكارم الشيرازي: قد أشرنا إليها في المسألة (12) و قلنا إنّ الظاهر إعراض الأصحاب عنها و إمكان حملها على الكراهة؛ فراجع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 662

الثامنة: بعد تحقّق المزارعة على الوجه الشرعيّ يجوز لأحدهما بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصّته بمقدار معيّن من جنسه أو غيره، بعد التخمين بحسب المتعارف، بل لا بأس به قبل ظهوره (1) أيضاً (2)، كما أنّ الظاهر جواز مصالحة أحدهما مع الآخر عن حصّته في هذه القطعة من الأرض بحصّة الآخر في الاخرى، بل الظاهر جواز تقسيمهما بجعل إحدى القطعتين لأحدهما و الاخرى للآخر، إذ القدر المسلّم لزوم جعل الحصّة مشاعة من أوّل الأمر و في أصل العقد.

التاسعة: لايجب في المزارعة على أرض إمكان زرعها من أوّل الأمر و في السنة الاولى، بل يجوز المزارعة على الأرض بائرة لايمكن زرعها إلّابعد إصلاحها و تعميرها سنة أو أزيد. و على هذا إذا كانت أرض موقوفة وقفاً عامّاً أو خاصّاً و صارت بائرة، يجوز للمتولّي أن يسلّمها إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر سنين أو أقلّ أو أزيد حسب ما تقتضيه المصلحة على أن يعمّرها و يزرعها إلى سنتين مثلًا لنفسه ثمّ يكون الحاصل مشتركاً (3) بالإشاعة بحصّة معيّنة.

العاشرة: يستحبّ للزارع، كما في الأخبار، الدعاء عند نثر الحبّ، بأن يقول: «اللّهم قد بذرنا و أنت الزارع و اجعله حبّاً متراكماً» و في بعض الأخبار: «إذا أردت أن تزرع زرعاً فخذ قبضة من البذر و

استقبل القبلة و قل: «أفرأيتم ما تحرثون ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» ثلاث مرّات، ثمّ تقول: بل اللّه الزارع، ثلاث مرّات، ثمّ قل: اللّهم اجعله حبّاً مباركاً وارزقنا فيه السلامة، ثمّ انثر القبضة الّتي في يدك في القراح (4)». و في خبر آخر: «لمّا (1). الامام الخميني: فيه إشكال

الگلپايگاني: فيه تأمّل

مكارم الشيرازي: مشكل، لاشتماله على الغرر المنهيّ عنه في جميع أبواب المعاملات (2). الخوئي: فيه إشكال، إلّاإذا كان مع الضميمة (3). الگلپايگاني: و تكون المزارعة من حين الاشتراك؛ وأمّا قبله فيزرع العامل لنفسه بالشرط

مكارم الشيرازي: لكنّه ليس عقد مزارعة فقط، بل هو مركّب عن إجارة و مزارعة أو مصالحة و مزارعة، لأنّ المزارعة إنّما تكون من حين اشتراكهما في الحصّة، و قبله لايكون إلّاأحد الأمرين من الإجارة و المصالحة (4). مكارم الشيرازي: القراح على وزن المزاح: الماء الخالص، و الأرض الّتي لا ماء فيها و لا شجر؛ و الظاهر أنّ المراد به في مورد الرواية الأرض الخالية عن النبات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 663

هبط آدم عليه السلام إلى الأرض، احتاج إلى الطعام و الشراب فشكا ذلك إلى جبرئيل، فقال له جبرئيل: يا آدم كن حرّاثاً، فقال عليه السلام: فعلّمني دعاءً، قال: قل: اللّهم اكفني مؤونة الدنيا و كلّ هول دون الجنّة و ألبسني العافية حتّى تهنّئني المعيشة».

[كتاب المساقاة]

اشارة

كتاب المساقاة

[فصل في معنى المساقاة و شرائطها و أحكامها]

[فصل في معنى المساقاة و شرائطها و أحكامها]

و هي معاملة على اصول ثابتة (1) بحصّة من ثمرها، و لا إشكال في مشروعيّتها في الجملة، و يدلّ عليها مضافاً إلى العمومات (2) خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبداللّه عليه السلام: سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه و فيها رمّان أو نخل أو فاكهة و يقول: اسق هذا من الماء واعمره و لك نصف ما أخرج، قال عليه السلام: «لا بأس» و جملة من أخبار خيبر؛ منها: صحيح الحلبي (3) (1). الگلپايگاني: و يصحّ أن يقال: إنّ حقيقتها اعتبار إضافة بين الاصول الثابتة و العامل مستتبعة لتسلّطه على سقيها و إصلاحها و ملكيّته للحصّة من ثمرها و إضافة اخرى بين المالك و العامل مستتبعة لتسلّط المالك على العامل بأن يجبره على ما يأتي من الأعمال. و عند بعض هي معاملة على سقي اصول ثابتة بحصّة من ثمرها و عليه فهي إضافة بين المالك و العامل مستتبعة لتسلّطه عليه لأن يعمل ما عليه بإزاء الحصّة نظير الإجارة، بل هي نوع منها، غاية الأمر يغتفر فيها الجهالة الملازمة لها و الأوّل أقوى في الاعتبار و لذا لايصحّ إنشائها بلفظ الإجارة

مكارم الشيرازي: في التعريف مسامحة واضحة، لأنّ المساقاة ليست معاملة على نفس الاصول، بل إمّا معاملة على منافعها في مقابل سقيها و رعايتها أو معاملة على خدمة إنسان لها بحصّة من ثمرها؛ و لازمها تسلّط العامل على الأرض و الشجر و تسلّط المالك على العامل بمطالبة العمل، و هي شبيهة بالإجارة ولكن ليست منها (2). الخوئي: مرّ أنّ العمومات لاتشمل مثل هذه المعاملة [في المزارعة، المسألة 2 التعليقة على «للعمومات»] (3). الگلپايگاني: و منها ما رواه العامّة عن

ابن عمر أنّه صلى الله عليه و آله ساقى أهل خيبر بالنصف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 666

قال: «أخبرني أبو عبداللّه عليه السلام أنّ أباه حدّثه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أعطى خيبراً بالنصف أرضها و نخلها فلمّا أدركت الثمرة بعث عبداللّه ابن رواحة ... الخ»، هذا مع أنّها من المعاملات العقلائيّة و لم يرد نهي عنها، و لا غرر فيها (1) حتّى يشملها النهي عن الغرر.

و يشترط فيها امور:

الأوّل: الإيجاب و القبول. و يكفي فيهما كلّ لفظ دالّ على المعنى المذكور ماضياً كان أو مضارعاً أو أمراً، بل الجملة الاسميّة مع قصد الإنشاء، بأىّ لغة كانت. و يكفي القبول الفعلي بعد الإيجاب القوليّ، كما أنّه يكفي المعاطاة.

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار.

الثالث: عدم الحجر لسفه أو فلس (2).

الرابع: كون الاصول مملوكة عيناً و منفعةً أو منفعةً فقط، أو كونه نافذ التصرّف فيها لولاية أو وكالة أو تولية.

الخامس: كونها معيّنة عندهما معلومة لديهما.

السادس: كونها ثابتة مغروسة؛ فلاتصحّ في الوديّ، أي الفسيل قبل الغرس.

السابع: تعيين المدّة بالأشهر و السنين، و كونها بمقدار يبلغ فيه الثمر غالباً؛ نعم، لايبعد جوازها في العام الواحد (3) إلى بلوغ الثمر (4) من غير ذكر الأشهر، لأنّه معلوم بحسب التخمين و يكفي ذلك في رفع الغرر، مع أنّه الظاهر من رواية يعقوب بن شعيب (5) المتقدّمة.

الثامن: أن يكون قبل ظهور الثمر أو بعده و قبل البلوغ، بحيث كان يحتاج بعد إلى سقي أو (1). الامام الخميني: هذه المعاملة صحيحة؛ غرريّة كانت أو لا (2). الامام الخميني: لا يعتبر في العامل ذلك

الخوئي: هذا إنّما يعتبر في المالك دون العامل

الگلپايگاني: يشترط في صحّة المساقاة عدم فلس المالك؛ وأمّا عدم فلس

العامل فمبنيّ على الاحتياط كما مرّ في الأبواب السابقة

مكارم الشيرازي: عدم الفلس شرط في المالك دون العامل، و دليله ظاهر (3). الامام الخميني: مع معلوميّة مبدأ الشروع في السقي أو العمل (4). الگلپايگاني: فيما إذا كانت مدّته معلومة بحسب العادة كما هو المفروض (5). مكارم الشيرازي: لعلّ الرواية ليست في مقام ذكر المدّة، و لذا لم يذكر فيها السنين أيضاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 667

عمل آخر، و أمّا إذا لم يكن كذلك ففي صحّتها إشكال (1) و إن كان محتاجاً إلى حفظ أو قطوف (2) أو نحو ذلك.

التاسع: أن يكون الحصّة معيّنة مشاعة؛ فلاتصحّ مع عدم تعيينها إذا لم يكن هناك انصراف؛ كما لاتصحّ إذا لم تكن مشاعة، بأن يجعل لأحدهما مقداراً معيّناً و البقيّة للآخر؛ نعم، لايبعد (3) جواز أن يجعل لأحدهما أشجاراً معلومة (4) و للآخر اخرى، بل و كذا لو اشترط (5) اختصاص أحدهما بأشجار معلومة (6) و الاشتراك في البقيّة، أو اشترط لأحدهما مقدار معيّن (7) مع الاشتراك في البقيّة إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار و أنّه تبقى بقيّة.

العاشر: تعيين ما على المالك من الامور و ما على العامل من الأعمال إذا لم يكن هناك انصراف.

مسألة 1: لا إشكال في صحّة المساقاة قبل ظهور الثمر، كما لا خلاف في عدم صحّتها بعد البلوغ و الإدراك، بحيث لايحتاج إلى عمل غير الحفظ و الاقتطاف (8)؛ واختلفوا في صحّتها إذا كان بعد الظهور قبل البلوغ، و الأقوى كما أشرنا إليه صحّتها؛ سواء كان العمل ممّا يوجب (1). الخوئي: الظاهر عدم الصحّة (2). مكارم الشيرازي: الظاهر صحّته بعنوان الصلح و إن لم يكن مساقاة، فيشمله عمومات صحّة العقود؛ و ما عن جامع المقاصد و المسالك من

الإجماع على عدم الصحّة، غير ثابت؛ و لعلّ نظر القائلين بالفساد إلى عدم جريان أحكام المساقاة عليه (3). الامام الخميني: اختصاص أحدهما بأشجار معلومة و الآخر باخرى بلا اشتراك في شي ء منها كما هو ظاهرالمتن، غير صحيح؛ نعم، لايبعد الصحّة مع الاشتراك كما في الفرعين التاليين

الخوئي: فيه إشكال، و قد التزم بعدم الصحّة في مثله في المزارعة (4). الگلپايگاني: فيه إشكال

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، و الأحوط تركه؛ و كذا ما بعده، لأنّ ظاهر النصوص و الفتاوى اعتبار الحصّة في المزارعة (5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع، كما تقدّم في المزارعة في المسألة الخامسة (6). الگلپايگاني: بأن تكون هذه الأشجار خارجة عن المساقاة، و إلّافمشكل، كما مرّ (7). الگلپايگاني: فيه أيضاً إشكال (8). مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه، و أنّه يمكن تصحيحها بعنوان المصالحة و إن لم تكن مزارعة، و أنّ الإجماع المحكيّ لعلّه ناظر إلى غير ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 668

الاستزادة أو لا (1)، خصوصاً إذا كان في جملتها بعض الأشجار الّتي بعد لم يظهر ثمرها.

مسألة 2: الأقوى جواز المساقاة (2) على الأشجار الّتي لا ثمر لها و إنّما ينتفع بورقها (3) كالتوت و الحنّاء و نحوهما.

مسألة 3: لايجوز (4) عندهم المساقاة على اصول غير ثابتة، كالبطّيخ و الباذنجان و القطن و قصب السكّر و نحوها و إن تعدّدت اللّقطات فيها كالأوّلين؛ و لكن لايبعد الجواز (5)، للعمومات و إن لم يكن من المساقاة المصطلحة، بل لايبعد الجواز في مطلق الزرع كذلك، فإنّ مقتضى العمومات الصحّة بعد كونه من المعاملات العقلائيّة و لايكون من المعاملات الغرريّة عندهم، غاية الأمر أنّها ليست من المساقاة المصطلحة.

مسألة 4: لا بأس بالمعاملة على أشجار لاتحتاج (6) إلى

السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمصّ اصولها من رطوبات الأرض و إن احتاجت إلى أعمال اخر (7)، و لايضرّ عدم صدق (1). الامام الخميني: مع عدم الاحتياج إلى السقي و لا إلى عمل تستزاد به فالأقرب البطلان، إلّاإذا كانت الأشجار مختلطة بعضها يحتاج و بعضها يستغني

الگلپايگاني: فيما لايكون فيها عمل يوجب زيادة الثمر إشكال

مكارم الشيرازي: روايات أبواب المزارعة و المساقاة ظاهرة فيما يوجب الاستزادة، و لاأقلّ من أنّها القدر المتيقّن منها؛ و كذلك فتاوى الأصحاب- رضوان اللّه تعالى عليهم- (2). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

الگلپايگاني: فيه إشكال (3). الامام الخميني: أو وردها

مكارم الشيرازي: و كذا ما ينتفع بوَردها، و هو كثير في المناطق الّتي يستخرج منها الجلّاب و العطر؛ وأمّا القول بأنّ المساقاة على خلاف الأصل و فيها من الغرر ما ليس في غيرها، فالمتّجه الاقتصار فيها على المتيقّن (كما في الجواهر)، كماترى؛ و أىّ غرر فيها بعد كون معلوميّة كلّ شي ء بحسبه؛ كما لا غرر في المزارعة و المضاربة، مع أنّهما بالسهام أيضاً (4). الامام الخميني: و هو الأقوى، كما أنّ الأقوى عدم الجواز في مطلق الزرع أيضاً (5). الخوئي: لايُترك الاحتياط فيه و في مطلق الزرع، و قد تقدّم أنّ العمومات لاتشمل أمثال هذه المعاملات في المسألة [في المزارعة، المسألة 2 التعليقة على «للعمومات»]

الگلپايگاني: بل بعيد فيها و في مطلق الزرع؛ نعم، لا بأس بالمعاملة فيها بعنوان المصالحة أو الاشتراط في ضمن العقد (6). الگلپايگاني: بشرط أن تحتاج إلى عمل يوجب زيادة الثمر (7). الامام الخميني: موجبة لاستزادة الثمرة كميّة أو كيفيّة، و في غير هذه الصورة محلّ إشكال

مكارم الشيرازي: إذا كان من الأعمال الّتي توجب زيادة الثمر؛ و

إلّالم تكن مزارعة، بل نوع مصالحة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 669

المساقاة حينئذٍ، فإنّ هذه اللفظة (1) لم يرد في خبر (2) من الأخبار و إنّما هي من اصطلاح العلماء، وهذا التعبير منهم مبنيّ على الغالب، و لذا قلنا بالصحّة إذا كانت المعاملة بعد ظهور الثمر و استغنائها من السقي، و إن ضويق نقول بصحّتها و إن لم تكن من المساقاة المصطلحة.

مسألة 5: يجوز المساقاة على فسلان مغروسة و إن لم تكن مثمرة إلّابعد سنين، بشرط تعيين مدّة تصير مثمرة فيها و لو بعد خمس (3) سنين أو أزيد.

مسألة 6: قد مرّ أنّه لاتصحّ المساقاة على وديّ غير مغروس، لكنّ الظاهر جواز إدخاله في المعاملة على الأشجار المغروسة، بأن يشترط على العامل غرسه في البستان المشتمل على النخيل و الأشجار و دخوله في المعاملة (4) بعد أن يصير مثمراً (5)، بل مقتضى العمومات صحّة (6) المعاملة (7) على الفسلان الغير المغروسة إلى مدّة تصير مثمرة و إن لم تكن من المساقاة المصطلحة.

مسألة 7: المساقاة لازمة، لاتبطل إلّابالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو تخلّف بعض (1). الخوئي: قد ورد لفظ السقي في الرواية، ولكنّ الظاهر أنّه لا موضوعيّة له (2). الگلپايگاني: قد مرّ وروده فيما رواه العامّة عن ابن عمر و خبر ابن شعيب عن الصادق عليه السلام المرويّ من طرق الخاصّة أيضاً و فيه لفظة إسق كما نقله قدس سره و هي كافية لمشروعيّة العنوان

مكارم الشيرازي: نعم، في رواية يعقوب بن شعيب يقول: إسق هذا من الماء و اعمره و لك نصف ما أخرج اللّه- عزّوجلّ- منه و هذا التعبير يقارب عنوان المساقاة (3). الامام الخميني: مع جعل المدّة طويلة غير متعارفة إشكال (4). الخوئي: العمومات لاتشمل ذلك كما عرفت، و بالشرط

لايصير مساقاة، فلابدّ إذن من معاملة جديدة بعدالغرس، و بذلك يظهر أنّ العمومات لاتشمل ذلك بعنوان معاملة مستقلّة على الفسلان (5). الگلپايگاني: اشتراط دخول الأشجار في المعاملة بعد أن تصير مثمرة بظاهره مخدوش و لعلّه أراد غير ما هو الظاهر منه

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ مجرّد الاشتراط لايدخله في المعاملة، بل لابدّ من إجراء العقد عليه (6). الامام الخميني: محلّ إشكال (7). الگلپايگاني: مشكل؛ نعم، لا بأس باشتراط غرسها في ضمن عقد لازم و الالتزام بإيقاع عقد المساقاة عليها بعد صيرورتها مثمرة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 670

الشروط أو بعروض مانع عامّ موجب للبطلان أو نحو ذلك.

مسألة 8: لاتبطل بموت أحد الطرفين، فمع موت المالك ينتقل الأمر إلى وارثه و مع موت العامل يقوم مقامه وارثه، لكن لايجبر على العمل، فإن اختار العمل بنفسه أو بالاستيجار فله، و إلّافيستأجر الحاكم من تركته من يباشره إلى بلوغ الثمر ثمّ يقسّم بينه و بين المالك؛ نعم، لو كان المساقاة مقيّدة بمباشرة العامل تبطل بموته، و لو اشترط عليه المباشرة لا بنحو التقييد فالمالك مخيّر بين الفسخ لتخلّف الشرط و إسقاط حقّ الشرط و الرضا باستيجار من يباشر.

مسألة 9: ذكروا أنّ مع إطلاق عقد المساقاة جملة من الأعمال على العامل و جملة منها على المالك. و ضابط الاولى ما يتكرّر كلّ سنة، و ضابط الثانية ما لايتكرّر نوعاً و إن عرض له التكرّر في بعض الأحوال؛ فمن الأوّل: إصلاح الأرض بالحفر فيما يحتاج إليه و ما يتوقّف عليه من الآلات، و تنقية الأنهار، و السقي و مقدّماته كالدلو و الرشا و إصلاح طريق الماء و استقائه إذا كان السقي من بئر أو نحوه، و إزالة الحشيش المضرّة، و

تهذيب جرائد النخل و الكرم، و التلقيح، و اللقاط، و التشميس، و إصلاح موضعه، و حفظ الثمرة إلى وقت القسمة.

و من الثاني: حفر الآبار و الأنهار، و بناء الحائط و الدولاب و الدالية، و نحو ذلك ممّا لايتكرّر نوعاً. واختلفوا في بعض الامور أنّه على المالك أو العامل، مثل البقر الّذي يدير الدولاب، و الكشّ للتلقيح، و بناء الثلّم، و وضع الشوك على الجدران، و غير ذلك. و لا دليل على شي ء من الضابطين، فالأقوى أنّه إن كان هناك انصراف في كون شي ء على العامل أو المالك فهو المتّبع (1)، و إلّافلابدّ من ذكر ما يكون على كلّ منهما رفعاً للغرر، و مع الإطلاق و عدم الغرر يكون عليهما معاً (2)، لأنّ المال مشترك بينهما، فيكون ما يتوقّف عليه تحصيله عليهما. (1). مكارم الشيرازي: المراد من الانصراف ما حصل بحسب العرف و العادة، و يكون كالشرائط المذكورة في ضمن العقد، نظراً إلى أنّ وجود ما هو المتعارف قائم مقام التصريح به؛ و الأولى أن يقال: إن كان هناك عرف و عادة في الخارج تقوم مقام الشرط المذكور في العقد، فهو المتّبع؛ و ليعلم أنّ العلم بوجوده قديكون تفصيليّاً و قد يكون إجماليّاً، و الظاهر كفاية كليهما ما لم يحصل منه الغرر (2). الخوئي: فيه إشكال، بل منع، و قد مرّ منه اعتبار التعيين في المزارعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 671

مسألة 10: لو اشترطا كون جميع الأعمال على المالك، فلا خلاف بينهم في البطلان، لأنّه خلاف وضع المساقاة؛ نعم، لو أبقى العامل شيئاً من العمل عليه واشترط كون الباقي على المالك، فإن كان ممّا يوجب زيادة الثمرة فلا إشكال في صحّته و إن قيل بالمنع من جواز جعل

العمل على المالك و لو بعضاً منه، و إلّاكما في الحفظ و نحوه ففي صحّته قولان؛ أقواهما الأوّل (1).

و كذا الكلام إذا كان إيقاع عقد المساقاة بعد بلوغ الثمر و عدم بقاء عمل إلّامثل الحفظ و نحوه و إن كان الظاهر في هذه الصورة عدم الخلاف في بطلانه (2)، كما مرّ.

مسألة 11: إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال، فإن لم يفت وقته فللمالك إجباره على العمل، و إن لم يمكن فله الفسخ (3)، و إن فات وقته فله الفسخ بخيار تخلّف الشرط. و هل له أن لايفسخ و يطالبه باجرة العمل بالنسبة إلى حصّته (4)، بمعنى أن يكون مخيّراً بين الفسخ و بين المطالبة بالاجرة؟ وجهان، بل قولان؛ أقواهما ذلك (5)؛ و دعوى أنّ الشرط لايفيد تمليك العمل المشروط لمن له على وجه يكون من أمواله، بل أقصاه التزام من عليه الشرط بالعمل و إجباره عليه و التسلّط على الخيار بعدم الوفاء به، مدفوعة بالمنع من عدم إفادته التمليك. و كونه قيداً في المعاملة لا جزءً من العوض يقابل بالمال لاينافي إفادته (1). الامام الخميني: بل الأقرب الثاني؛ و كذا في الفرع التالي

الخوئي: بل أقواهما الثاني؛ و كذا الحال فيما بعده

الگلپايگاني: بل الثاني

مكارم الشيرازي: قد عرفت الإشكال فيه في المسألة الاولى، و قد عرفت طريق تصحيحها؛ و كذا ما ذكره بعد ذلك (2). الگلپايگاني: و هو الأقوى (3). الخوئي: بل مع التمكّن من الإجبار أيضاً (4). الگلپايگاني: الظاهر عدم اختصاص الاجرة بحصّة من العمل، لأنّ المالك يملك تمام العمل في عهدة العامل بإزاء حصّة من الزرع، و التخلّف إتلاف له يوجب غرامة الجميع

مكارم الشيرازي: العمل على قسمين؛ تارةً يكون مفيداً

للمالك فقط، مثل خياطة الثوب المشروط في البيع، و حينئذٍ يطالبه بتمام اجرة المثل لو تخلّف عنه؛ وأمّا إن كان له أثر في ازدياد الزرع، فللمالك مطالبة الخسارة الحاصلة من ترك العمل بالنسبة إلى حصّته، على تأمّل فيه (5). الامام الخميني: محلّ إشكال في المقام، و لايبعد أن تكون الشروط مختلفة، و التفصيل لايسعه المقام

الخوئي: بل أقواهما عدمه هنا و في سائر العقود

العروة الوثقى، ج 2، ص: 672

لملكيّة من له الشرط إذا كان عملًا من الأعمال على من عليه. والمسألة سيّالة في سائر العقود؛ فلو شرط في عقد البيع على المشتري مثلًا خياطة ثوب في وقت معيّن و فات الوقت، فللبايع الفسخ أو المطالبة باجرة الخياطة و هكذا.

مسألة 12: لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه معه، صحّ؛ أمّا لو شرط أن يكون تمام العمل على غلام المالك فهو كما لو شرط أن يكون تمام العمل على المالك، و قد مرّ عدم الخلاف في بطلانه، لمنافاته لمقتضى وضع المساقاة. و لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه في البستان الخاصّ بالعامل، فلاينبغي الإشكال في صحّته و إن كان ربما يقال بالبطلان بدعوى أنّ عمل الغلام في قبال عمل العامل فكأنّه صار مساقياً بلا عمل منه، و لايخفى ما فيها. و لو شرطا أن يعمل غلام المالك للعامل تمام عمل المساقاة، بأن يكون عمله له بحيث يكون كأنّه هو العامل، ففي صحّته وجهان (1)؛ لايبعد (2) الأوّل (3)، لأنّ الغلام حينئذٍ كأنّه نائب عنه في العمل بإذن المالك و إن كان لايخلو عن إشكال مع ذلك؛ و لازم القول بالصحّة، الصحّة في صورة اشتراط تمام العمل على المالك بعنوان النيابة عن العامل.

مسألة 13: لايشترط

أن يكون العامل في المساقاة مباشراً للعمل بنفسه، فيجوز له أن يستأجر في بعض أعمالها أو في تمامها و يكون عليه الاجرة، و يجوز أن يشترط كون اجرة بعض الأعمال على المالك، و القول بالمنع لا وجه له. و كذا يجوز أن يشترط كون الاجرة عليهما معاً في ذمّتهما أو الأداء من الثمر (4)؛ و أمّا لو شرط على المالك أن يكون اجرة تمام الأعمال عليه أو في الثمر، ففي صحّته وجهان: (1). مكارم الشيرازي: الظاهر بطلان الشرط حينئذٍ، لرجوعه إلى كون العمل على المالك تماماً؛ و هذا ينافي مقتضى العقد (2). الامام الخميني: لا إشكال في بطلانه، كبطلانه في الفرع التالي (3). الخوئي: بل هو بعيد جدّاً

الگلپايگاني: بل بعيد، و الأقوى الثاني، و لازمه بطلان الشرط على المالك (4). الخوئي: إن اريد بذلك اشتراط أداء الاجرة الثابتة في الذمّة من الثمر، فهو و إن كان صحيحاً، إلّاأنّه خلاف ظاهر المقابلة في العبارة. و إن اريد بذلك جعل الاجرة في الثمر، كما هو ظاهر العبارة، فهو غير صحيح، لأنّ الثمر معدوم حين العقد فلايصحّ جعله اجرة؛ و من ذلك يظهر حال ما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 673

أحدهما: الجواز، لأنّ التصدّي لاستعمال الاجراء نوع من العمل، و قد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك، لمعرفته بالآحاد من الناس و أمانتهم و عدمها، والمالك ليس له معرفة بذلك.

و الثاني (1): المنع، لأنّه خلاف وضع المساقاة؛ و الأقوى الأوّل (2). هذا، و لو شرطا كون الاجرة حصّة مشاعة من الثمر بطل، للجهل بمقدار مال الإجارة، فهي باطلة.

مسألة 14: إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر، بطل العقد و كان جميعه للمالك، و حينئذٍ فإن شرطا انفراد العامل به استحقّ (3)

اجرة المثل لعمله، و إن شرطا انفراد المالك به لم يستحقّ العامل شيئاً (4)، لأنّه حينئذٍ متبرّع بعمله.

مسألة 15: إذا اشتمل البستان على أنواع كالنخل و الكرم و الرمّان و نحوها من أنواع الفواكه، فالظاهر عدم اعتبار العلم بمقدار كلّ واحد، فيجوز المساقاة عليها بالنصف أو الثلث أو نحوهما و إن لم يعلم عدد كلّ نوع، إلّاإذا كان الجهل بها موجباً للغرر (5).

مسألة 16: يجوز أن يفرد كلّ نوع بحصّة مخالفة للحصّة من النوع الآخر، كأن يجعل النخل بالنصف و الكرم بالثلث و الرمّان بالربع مثلًا و هكذا. و اشترط بعضهم في هذه الصورة، العلم بمقدار كلّ نوع؛ و لكنّ الفرق بين هذه و صورة اتّحاد الحصّة في الجميع غير واضح، و الأقوى الصحّة مع عدم الغرر في الموضعين و البطلان معه فيهما. (1). الامام الخميني: و هو الأقوى (2). الخوئي: بل الثاني هو الأقوى

الگلپايگاني: بل الأقوى هو الثاني

مكارم الشيرازي: هذا إذا كان إشراف العامل على أعمال الاجراء مفيداً في زيادة الثمر أو في أصل وجوده؛ ولكن يمكن أن يقال بأنّه لايسمّى مساقاةً و إن كان عقداً صحيحاً عقلائيّاً، و الإنصاف صدق المساقاة عليه في كثير من الموارد أيضاً (3). الامام الخميني: مع كون الثمرة بحسب المتعارف بمقدار اجرة المثل أو أكثر؛ و مع الأقليّة لايستحقّ الزيادة

الگلپايگاني: مجرّد العمل مبتنياً على العقد الفاسد لايوجب استحقاق الاجرة، بل المناط استناد العمل بأمر المالك أو باستدعائه أو بوعده إعطاء شي ء بإزاء العمل (4). مكارم الشيرازي: و هذا كالبيع بلا ثمن الّذي لايوجب ضماناً على الأقوى (5). الخوئي: لا وجه لهذا الاستثناء، حيث إنّ هذه المعاملة مبنيّة على عدم العلم بعدد الأشجار و الفواكه و إن استلزم الغرر؛

و بذلك يظهر الحال في المسائل الآتية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 674

مسألة 17: لو ساقاه بالنصف مثلًا إن سقي بالناضح و بالثلث إن سقي بالسيح، ففي صحّته قولان؛ أقواهما الصحّة (1)، لعدم إضرار مثل هذه الجهالة، لعدم إيجابهما الغرر، مع أنّ بنائها على تحمّله، خصوصاً على القول بصحّة مثله (2) في الإجارة، كما إذا قال: إن خطت روميّاً فبدرهمين، وإن خطت فارسيّاً فبدرهم.

مسألة 18: يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً من ذهب أو فضّة أو غيرهما مضافاً إلى الحصّة من الفائدة، و المشهور كراهة اشتراط المالك على العامل شيئاً من ذهب أو فضّة، و مستندهم في الكراهة غير واضح، كما أنّه لم يتّضح اختصاص الكراهة بهذه الصورة أو جريانها بالعكس أيضاً، و كذا اختصاصها بالذهب و الفضّة أو جريانها في مطلق الضميمة، و الأمر سهل.

مسألة 19: في صورة اشتراط شي ء من الذهب و الفضّة أو غيرهما على أحدهما إذا تلف بعض الثمرة، هل ينقص منهما شي ء أو لا؟ وجهان؛ أقواهما العدم، فليس قرارهما مشروطاً بالسلامة؛ نعم، لو تلف الثمرة بجميعها (3) أو لم تخرج أصلًا، ففي سقوط الضميمة و عدمه أقوال؛ ثالثها الفرق بين ما إذا كانت للمالك على العامل فتسقط و بين العكس فلاتسقط، رابعها (4) (1). الامام الخميني: محلّ إشكال؛ و قد مرّ الحكم بالبطلان في الإجارة بالنحو المذكور

الخوئي: بل الأقوى البطلان، كما في الإجارة المردّدة

مكارم الشيرازي: الأحوط البطلان؛ و قد مرّ نظيره في الإجارة في المسألة (11) من الفصل الأوّل؛ فراجع (2). الگلپايگاني: لكنّ الأقوى الفساد، كما مرّ في الإجارة (3). مكارم الشيرازي: الأقوى بطلان العقد مع عدم خروج الثمرة؛ و مع خروجها و تلفها بالعدوان، كان العقد صحيحاً، ولكنّ الظاهر انصراف إعطاء المالك

شيئاً إلى صورة بقاء الثمرة؛ و كذلك إذا كان الباقي أقلّ منه أو مساوياً له؛ كلّ ذلك للانصراف المذكور (4). الامام الخميني: هذا لايخلو من قوّة، و الأحوط التخلّص بالتصالح

الخوئي: بل هنا وجه خامس و هو أنّ المساقاة في فرض عدم ظهور الثمر أصلًا باطلة، لأنّه لم تكن معاوضة في هذا الفرض إلّاصورتها، و لذا لو علم من الخارج بعد عقد المساقاة أنّ الثمرة لاتخرج أصلًا لم تكن شبهة في بطلانه، و عليه فلا أثر للشرط المزبور، لأنّه شرط في ضمن عقد باطل؛ و أمّا في صورة التلف كلًاّ أو بعضاً فنفوذ الشرط و عدم نفوذه تابع لكيفيّة جعله إطلاقاً أو تقييداً، فإذا لم يكن دليل على التقييد ولو من جهة الانصراف وجب العمل بالشرط، من دون فرق بين أن يكون الشرط على العامل أو على المالك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 675

الفرق بين صورة عدم الخروج أصلًا فتسقط و صورة التلف فلا؛ و الأقوى عدم السقوط (1) مطلقاً، لكونه شرطاً في عقد لازم فيجب الوفاء به.

و دعوى أنّ عدم الخروج أو التلف كاشف عن عدم صحّة المعاملة من الأوّل لعدم ما يكون مقابلًا للعمل، أمّا في صورة كون الضميمة للمالك فواضح، و أمّا مع كونها للعامل فلأنّ الفائدة ركن في المساقاة فمع عدمها لايكون شي ء في مقابل العمل، والضميمة المشروطة لاتكفي في العوضيّة فتكون المعاملة باطلة من الأوّل، و معه لايبقى وجوب الوفاء بالشرط، مدفوعة مضافاً إلى عدم تماميّته بالنسبة إلى صورة التلف لحصول العوض بظهور الثمرة و ملكيّتها و إن تلف بعد ذلك بأنّا نمنع (2) كون المساقاة معاوضة بين حصّة من الفائدة (3) والعمل (4)، بل حقيقتها تسليط من المالك للعامل على الاصول للاستنماء له

و للمالك، و يكفيه احتمال الثمر و كونها في معرض ذلك، و لذا لايستحقّ العامل (5) اجرة عمله إذا لم يخرج، أو خرج و تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة في غير صورة ضمّ الضميمة، بدعوى الكشف عن بطلانها من الأوّل واحترام عمل المسلم، فهي نظير المضاربة، حيث إنّها أيضاً تسليط على (1). الگلپايگاني: بل الأقوى السقوط مطلقاً في صورة عدم الخروج أصلًا لبطلان المعاملة، و فيما إذا كان الشرط للمالك على العامل في صورة التلف لظهور اشتراط السلامة من التلف في التزامه للمالك شيئاً من الذهب أو الفضّة (2). الامام الخميني: الظاهر كون حقيقتها عرفاً و شرعاً هي العمل بإزاء الحصّة المجعولة، كما يشعر بذلك بل يدلّ عليه قوله في صحيحة ابن شعيب: و يقول: اسق هذا من الماء و اعمره و لك نصف ما أخرجه اللّه منه، قال: «لا بأس»؛ و كأنّ اعتبارها غير اعتبار المضاربة، بل المزارعة (3). الگلپايگاني: الظاهر أنّ كون الفائدة ركناً في المساقاة غير قابلة للإنكار، و قد تقدّم منه قدس سره أنّها معاملة على اصول ثابتة بحصّة من الثمر؛ و أمّا على ما اخترناه فالثمر أيضاً ركن، لأنّ اعتبار إضافة خاصّة توجب تملّك الثمر لايعقل بدونه كما في إجارة العين الّتي لا منفعة لها، كما أنّ التسلّط للاستنماء لا معنى له في ما لا نماء له كإعارة شي ء لا نفع فيه، و تخيّل النماء و النفع ليس إلّاكتخيّل المنفعة في الإجارة، لايؤثّر فيما لا واقع له (4). مكارم الشيرازي: قد عرفت فيما مرّ من تعريف المساقاة أنّ الثمرة و منفعة الأرض من أركانها؛ فبدونها تبطل المساقاة. و ما ذكره من استحقاق العامل اجرة عمله إذا لم يخرج شي ء، لايدلّ على مطلوبه؛ و أمّا

احترام عمل المسلم، فإنّما هو إذا لم يجعله بنفسه في معرض التلف، كما فيما نحن فيه، لأنّ إقدامه على المساقاة مع احتمال عدم الثمرة دليل على ترك احترامه لعمله في هذا الفرض (5). الگلپايگاني: بل الظاهر الاستحقاق إذا كان بأمره أو استدعائه و لو بعنوان الوفاء بعقده كما مرّ نظيره، واحترام العمل لايقتضي الضمان في غير الصورتين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 676

الدرهم أو الدينار للاسترباح له و للعامل، و كونها جائزة دون المساقاة لايكفي في الفرق. كما أنّ ما ذكره في الجواهر من الفرق بينهما بأنّ في المساقاة يقصد المعاوضة بخلاف المضاربة الّتي يراد منها الحصّة من الربح الّذي قد يحصل و قد لايحصل، و أمّا المساقاة فيعتبر فيها الطمأنينة بحصول الثمرة و لايكفي الاحتمال، مجرّد دعوى لا بنية لها. و دعوى أنّ من المعلوم أنّه لو علم من أوّل الأمر عدم خروج الثمر لايصحّ المساقاة و لازمه البطلان إذا لم يعلم ذلك ثمّ انكشف بعد ذلك، مدفوعة بأنّ الوجه في عدم الصحّة كون المعاملة سفهيّة (1) مع العلم بعدم الخروج من الأوّل بخلاف المفروض؛ فالأقوى ما ذكرنا من الصحّة و لزوم الوفاء بالشرط و هو تسليم الضميمة و إن لم يخرج شي ء أو تلف بالآفة؛ نعم، لوتبيّن عدم قابليّة الاصول للثمر، إمّا ليبسها أو لطول عمرها أو نحو ذلك، كشف عن بطلان المعاملة من الأوّل، و معه يمكن استحقاق العامل للُاجرة (2) إذا كان جاهلًا بالحال (3).

مسألة 20: لو جعل المالك للعامل مع الحصّة من الفائدة ملك حصّة من الاصول مشاعاً أو مفروزاً، ففي صحّته مطلقاً أو عدمها كذلك أو التفصيل بين أن يكون ذلك بنحو الشرط فيصحّ أو على وجه الجزئيّة فلا، أقوال؛ و الأقوى الأوّل

(4)، للعمومات. و دعوى أنّ ذلك على (1). الخوئي: ليس هذا هو الوجه، إذ لا دليل على بطلان المعاملة السفهيّة، بل الوجه في البطلان مع العلم بعدم الخروج من الأوّل مضافاً إلى ما تقدّم [في نفس المسألة- التعليقة السابقة] هو امتناع تعلّق القصد الجدّي بالمعاملة

مكارم الشيرازي: ليس البطلان لكونها سفهيّة، بل لأنّ أحد أركانها غير موجودة كالبيع بلا ثمن، فإنّه لايعدّ بيعاً، لا أنّه بيع سفهيّ (2). الخوئي: لا وجه لذلك؛ نعم، إذا كان المالك عالماً بالحال و العامل جاهلًا به، يمكن القول بالاستحقاق لقاعدة الغرور، و لكنّها غير تامّة عندنا (3). الامام الخميني: الجهل بالحال لايوجب عدم الاستحقاق، كما مرّ نظيره في الإجارة و غيرها

الگلپايگاني: قد مرّ المناط في الاستحقاق

مكارم الشيرازي: مجرّد كونه جاهلًا غير كافٍ، إلّاإذا كان المالك عالماً به مع أمره بذلك أو كون العامل مغروراً من ناحيته؛ ولكن يمكن أن يقال: إنّ عقد المعاملة ملازم للأمر بالعمل و طلبه من العامل (4). الامام الخميني: الأحوط أن يجعل على نحو الشرط و إن كان الأقوى ما في المتن

الخوئي: بل الأقوى الأخير، إذ الجعل على وجه الجزئيّة لايتصوّر إلّابجعل العمل للمالك و العامل معاً، و معه لاتصحّ المساقاة

الگلپايگاني: بل لايبعد الثاني، لأنّ الشرط المذكور خلاف وضع المساقاة، مضافاً إلى ما مرّ في الإجارة من عدم اعتبار ملكيّة المنفعة لمالك العين بسبب آخر غير ملك العين

مكارم الشيرازي: إن كان المراد من جعل حصّة من الاصول للعامل ملكيّته لها بعد تمام العمل فلا إشكال في صحّته، لعدم جريان الإشكال المذكور فيه، و هذا هو المتعارف في أمثال المقام؛ و أمّا إن كان بمعنى ملكيّة العامل لها من أوّل الأمر، فهو أيضاً صحيح، ولكن

في صدق المساقاة عليه إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 677

خلاف وضع المساقاة، كماترى، كدعوى أنّ مقتضاها أن يكون العمل في ملك المالك، إذ هو أوّل الدعوى. والقول بأنّه لايعقل أن يشترط عليه العمل في ملك نفسه، فيه: أنّه لا مانع منه إذا كان للشارط فيه غرض أو فائدة كما في المقام، حيث إنّ تلك الاصول و إن لم تكن للمالك الشارط إلّاأنّ عمل العامل فيها ينفعه في حصول حصّة من نمائها. و دعوى أنّه إذا كانت تلك الاصول للعامل بمقتضى الشرط فاللازم تبعيّة نمائها لها، مدفوعة بمنعها بعد أن كان المشروط له الأصل فقط في عرض تملّك حصّة من نماء الجميع؛ نعم، لو اشترط كونها له على وجه يكون نماؤها له بتمامه، كان كذلك، لكن عليه تكون تلك الاصول بمنزلة المستثنى من العمل، فيكون العمل فيما عداها ممّا هو للمالك بإزاء الحصّة من نمائه مع نفس تلك الاصول.

مسألة 21: إذا تبيّن في أثناء المدّة عدم خروج الثمر أصلًا، هل يجب على العامل إتمام السقي؟ قولان؛ أقواهما العدم.

مسألة 22: يجوز أن يستأجر المالك أجيراً للعمل مع تعيينه نوعاً و مقداراً بحصّة من الثمرة أو بتمامها بعد الظهور و بدوّ الصلاح، بل و كذا قبل البدوّ (1)، بل قبل الظهور (2) أيضاً (3) إذا (1). الگلپايگاني: مع كون الثمرة مالًا قبل بدوّها بشرط القطع، و إلّافالأحوط الترك إلّامع الضميمة الموجودة

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لعدم صدق المال عليه و إن كان بالقوّة؛ و المعتبر في صحّة الإجارة كون مال الإجارة موجوداً في الخارج بالفعل أو في الذمّة، و شي ء منها غير حاصل هنا؛ و أظهر منه ما إذا كان قبل ظهور الثمرة؛ و كفاية الضميمة و شبهها لا دليل

عليه هنا؛ و قياسه على البيع على القول به هناك، قياس مع الفارق (2). الامام الخميني: البطلان أشبه قبل الظهور و لو مع القيدين؛ و أمّا مع الظهور قبل البدوّ، فلايبعد صحّته مع اشتراط القطع أو شرط بقائه مدّة معلومة (3). الخوئي: فيه إشكال. و إسراء حكم البيع إلى الإجارة قياس

العروة الوثقى، ج 2، ص: 678

كان مع الضميمة الموجودة أو عامين (1)؛ و أمّا قبل الظهور عاماً واحداً بلا ضميمة فالظاهر عدم جوازه، لا لعدم معقوليّة (2) تمليك ما ليس بموجود (3)، لأنّا نمنع عدم المعقوليّة بعد اعتبار العقلاء وجوده لوجوده المستقبليّ و لذا يصحّ مع الضميمة أو عامين حيث إنّهم اتّفقوا عليه (4) في بيع الثمار و صرّح به جماعة هيهنا، بل لظهور اتّفاقهم (5) على عدم الجواز، كما هو كذلك في بيع الثمار (6)، و وجه المنع هناك (7) خصوص الأخبار الدالّة (8) عليه (9)، و ظاهرها أنّ وجه المنع الغرر، لا عدم معقوليّة تعلّق الملكيّة بالمعدوم. و لولا ظهور الإجماع في المقام، لقلنا بالجواز مع الاطمينان بالخروج بعد ذلك، كما يجوز بيع ما في الذمّة مع عدم كون العين موجوداً فعلًا عند ذيها، بل و إن لم يكن في الخارج أصلًا. و الحاصل: أنّ الوجود الاعتباريّ يكفي في صحّة تعلّق الملكيّة، فكأنّ العين موجودة في عهدة الشجر (10)، كما أنّها موجودة في عهدة الشخص. (1). الگلپايگاني: هذا خلاف الاحتياط (2). الگلپايگاني: لكنّ الإنصاف أنّه وجه وجيه (3). مكارم الشيرازي: و هذا هو الحقّ، لأنّ العقلاء لايعتبرونه مالًا؛ و أمّا حكم البيع، فسيأتي في محلّه إن شاء اللّه (4). الگلپايگاني: دعوى الاتّفاق منه قدس سره عجيبة، حيث إنّهم ادّعوا الإجماع على عدم الجواز أو

نفي الخلاف عليه إلّاعن الصدوق قدس سره و لم يدّع أحد الإجماع على الجواز في عامين، وأمّا مع الضميمة فادّعوا الشهرة على عدم الجواز و لم يدّع أحد الجواز لا في باب البيع و لا في غيره؛ نعم، ادّعى العلّامة في التذكرة الإجماع على جواز البيع بعد الظهور قبل بدوّ الصلاح بشرط الضميمة أو عامين و الخلاف و المبسوط و السرائر في خصوص عامين (5). الگلپايگاني: الاتّفاق في تلك المسألة منقول عن جماعة، لكن تحقّقه محلّ تأمّل و لعلّه اجتهاد من بعض (6). مكارم الشيرازي: هذا الاتّفاق غير ثابت (7). الخوئي: تقدّم وجه المنع في بحث الإجارة [في فصل في مسائل متفرّقة- التعليقة على «موجوداً»] (8). الگلپايگاني: الأخبار غير آبية عن الجمع بحمل أخبار المنع على الكراهة، و العمدة في وجه المنع عدم معاملة العقلاء مع المعدوم معاملة الموجود في النقل و الانتقال إلّافي موارد مخصوصة و ليس المقام منها (9). مكارم الشيرازي: الكلام فيه يأتي في محلّه إن شاء اللّه (10). مكارم الشيرازي: هذا التعبير منه عجيب؛ فإنّ الشجر لا عهدة له عند العقلاء، كما هو ظاهر، و قياسه على الإنسان قياس مع الفارق؛ و الأظهر ما عرفت من عدم اعتبار وجوده عند العقلاء اعتباراً يترتّب عليه الآثار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 679

مسألة 23: كلّ موضع بطل فيه عقد المساقاة، يكون الثمر للمالك، و للعامل (1) اجرة المثل لعمله إلّاإذا كان عالماً (2) بالبطلان (3) و مع ذلك أقدم على العمل (4) أو كان الفساد لأجل اشتراط كون جميع الفائدة للمالك، حيث إنّه بمنزلة المتبرّع في هاتين الصورتين، فلايستحقّ اجرة المثل على الأقوى وإن كان عمله بعنوان المساقاة.

مسألة 24: يجوز اشتراط مساقاة في عقد مساقاة، كأن يقول: ساقيتك

على هذا البستان بالنصف على أن اساقيك (5) على هذا الآخر بالثلث. و القول بعدم الصحّة لأنّه كالبيعين في بيع المنهيّ عنه ضعيف، لمنع كونه من هذا القبيل، فإنّ المنهيّ عنه البيع حالًاّ بكذا و مؤجّلًا بكذا أو البيع على تقدير كذا بكذا و على تقدير آخر بكذا، و المقام نظير أن يقول: بعتك داري بكذا على أن أبيعك بستاني بكذا؛ و لا مانع منه، لأنّه شرط مشروع في ضمن العقد.

مسألة 25: يجوز تعدّد العامل، كأن يساقي مع اثنين بالنصف له و النصف لهما، مع تعيين عمل كلّ منهما بينهم أو فيما بينهما و تعيين حصّة كلّ منهما. و كذا يجوز تعدّد المالك و اتّحاد العامل، كما إذا كان البستان مشتركاً بين اثنين فقالا لواحد: ساقيناك على هذا البستان بكذا؛ و حينئذٍ فإن كانت الحصّة المعيّنة للعامل منهما سواء كالنصف أو الثلث مثلًا، صحّ و إن لم يعلم العامل كيفيّة شركتهما و أنّها بالنصف أو غيره؛ و إن لم يكن سواء، كأن يكون في (1). الگلپايگاني: قد مرّ مراراً أنّ ميزان استحقاق الاجرة كون العمل مستنداً بأمر المالك أو استدعائه، و مجرّدالعمل مبنيّاً على عقد فاسد لايوجب الاستحقاق، من غير فرق بين علم العامل و جهله (2). الامام الخميني: العلم بالفساد شرعاً لايوجب سقوط الاجرة؛ نعم، لو كان الفساد مستنداً إلى اشتراط جميع الثمرة للمالك يتّجه عدم الاستحقاق، كان عالماً بالفساد أو لا؛ و استحقاق اجرة المثل إنّما هو فيما إذا كانت حصّته بحسب التعارف بقدرها أو أكثر، و إلّافلايستحقّ إلّاالأقلّ (3). مكارم الشيرازي: الحقّ عدم الفرق بين العالم و الجاهل، كما عرفت، لعدم قصده التبرّع حتّى في فرض العلم. و الظاهر أنّ العقد معه في حكم أمر

المالك بالعمل، و هذا كافٍ في الضمان؛ نعم، لو فرض اشتراط جميع الفائدة للمالك، لايبعد عدم الاستحقاق، لأنّه بمعنى قصد التبرّع، بل صدق عنوان المساقاة عليه ممنوع (4). الخوئي: العلم بالبطلان لايوجب تبرّع العامل بعمله، و قد مرّ نظيره في المضاربة و المزارعة؛ نعم، الأمر كما ذكر فيما إذا اشترط كون تمام الفائدة للمالك (5). الگلپايگاني: بأن يكون الشرط فعل المساقاة الاخرى بحيث كان له الخيار في فسخ الاولى لو لم يساق لتخلّف الشرط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 680

حصّة أحدهما بالنصف و في حصّة الآخر بالثلث مثلًا، فلابدّ من عمله بمقدار حصّة كلّ منهما، لرفع الغرر (1) و الجهالة في مقدار حصّته من الثمر.

مسألة 26: إذا ترك العامل العمل بعد إجراء العقد ابتداءً أو في الأثناء، فالظاهر أنّ المالك مخيّر بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعيّ، فيجبره على العمل؛ و إن لم يمكن، استأجر من ماله من يعمل عنه، أو باجرة مؤجّلة إلى وقت الثمر فيؤدّيها منه، أو يستقرض عليه و يستأجر من يعمل عنه. و إن تعذّر الرجوع إلى الحاكم أو تعسّر، فيقوم بالامور المذكورة عدول المؤمنين، بل لايبعد جواز إجباره بنفسه، أو المقاصّة (2) من ماله (3) أو استيجار المالك عنه ثمّ الرجوع عليه أو نحو ذلك؛ و قد يقال بعدم جواز الفسخ إلّابعد تعذّر الإجبار و أنّ اللازم كون الإجبار من الحاكم (4) مع إمكانه، و هو أحوط (5) و إن كان الأقوى التخيير بين الامور المذكورة؛ هذا إذا لم يكن مقيّداً بالمباشرة، و إلّافيكون مخيّراً (6) بين الفسخ و الإجبار و لايجوز الاستيجار عنه للعمل (7)؛ نعم، لو كان اعتبار المباشرة بنحو الشرط لا القيد، يمكن إسقاط حقّ الشرط و الاستيجار عنه أيضاً.

مسألة 27: إذا

تبرّع عن العامل متبرّع بالعمل، جاز إذا لم يشترط المباشرة، بل لو أتى به (1). مكارم الشيرازي: و الحاصل أنّ المدار على علم العامل بحصّته؛ و أمّا تقسيم حصّة المالكين و مقدار كلّ واحد منهما، فهو أمر آخر لا ربط له به (2). الامام الخميني: للاستيجار (3). الخوئي: في جوازها و جواز استيجار المالك عنه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّ هذه الامور منوطة بإذن الحاكم الشرعيّ أو من يقوم مقامه (4). الامام الخميني: تقدّم إجبار الحاكم على إجبار غيره مع اختيار المالك الإجبار و عدم الفسخ لا إشكال فيه، و كأنّ العبارة لاتخلو من نحو تشويش (5). الامام الخميني: لايُترك و إن كان ما في المتن لايخلو من قوّة

الگلپايگاني: لايُترك (6). الگلپايگاني: لايُترك مراعاة الاحتياط المذكور سابقاً فيه أيضاً (7). مكارم الشيرازي: لايبعد التخيير بين هذه الامور في هذه الصورة أيضاً، لأنّ اعتبار المباشرة في أمثال المقام من قبيل الشرط و بامتناعها ينتفي؛ و قد عرفت سابقاً أنّ كون شي ء قيداً أو شرطاً ليس بحسب اختيار المتعاقدين، بل بكونه مقوّماً أو غير مقوّم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 681

من غير قصد (1) التبرّع (2) عنه أيضاً كفى (3)، بل و لو قصد التبرّع عن المالك كان كذلك أيضاً (4) وإن كان لايخلو عن إشكال، فلايسقط حقّه من الحاصل. و كذا لو ارتفعت الحاجة إلى بعض الأعمال، كما إذا حصل السقي بالأمطار و لم يحتج إلى النزح من الآبار، خصوصاً إذا كانت العادة كذلك. و ربما يستشكل بأنّه نظير الاستيجار لقلع الضرس إذا انقلع بنفسه، فإنّ الأجير لايستحقّ الاجرة، لعدم صدور العمل المستأجرعليه منه، فاللازم في المقام أيضاً عدم استحقاق ما يقابل ذلك العمل؛ و يجاب

بأنّ وضع المساقاة و كذا المزارعة على ذلك، فإنّ المراد حصول الزرع و الثمرة، فمع احتياج ذلك إلى العمل فعله العامل، و إن استغنى عنه بفعل اللّه أو بفعل الغير سقط و استحقّ حصّته، بخلاف الإجارة، فإنّ المراد منها مقابلة العوض بالعمل منه أو عنه، و لا بأس بهذا الفرق فيما هو المتعارف سقوطه أحياناً كالاستقاء بالمطر مع بقاء سائر الأعمال؛ و أمّا لو كان على خلافه، كما إذا لم يكن عليه إلّاالسقي و استغنى عنه بالمطر أو نحوه كلّية، فاستحقاقه للحصّة مع عدم صدور عمل منه أصلًا مشكل (5).

مسألة 28: إذا فسخ المالك العقد بعد امتناع العامل عن إتمام العمل، يكون الثمر له و عليه اجرة المثل (6) للعامل بمقدار ما عمل؛ هذا إذا كان قبل ظهور الثمر، و إن كان بعده يكون (1). الامام الخميني: لايخلو من إشكال و إن لايخلو من وجه (2). الگلپايگاني: في غير ما إذا قصد التبرّع عن العامل إشكال، إلّاإذا كان ذلك متعارفاً، و سيأتي منه قدس سره الحكم بالإشكال في نظيره في ذيل المسألة مع عدم الفرق بين المسألتين إلّافي كون الاستغناء عن العمل هناك بفعل اللّه و هنا بفعل الغير، و الظاهر أنّه ليس بفارق (3). مكارم الشيرازي: المدار في جميع صور المسألة (غير ما إذا قصد التبرّع عن العامل) على أنّه لو كان العمل عن العامل موجوداً بمقدار معتدّ به، استحقّ تمام الحصّة، لعدم بطلان المساقاة بعمل الغير أو نزول الأمطار أو شبه ذلك؛ و إن كانت هذه الامور قائمة مقام تمام أعماله بحيث لم يبق له عمل، يشكل صحّة مساقاته، و الأحوط التصالح (4). الخوئي: هذا فيما إذا كان المأتيّ به بعض عمل المساقاة؛ وأمّا إذا

كان جميعه ففي كفايته في غير ما إذا قصد التبرّع به عن العامل إشكال، بل منع (5). الامام الخميني: بل ممنوع (6). الامام الخميني: مع القيد المتقدّم

الخوئي: الظاهر أنّه لايستحقّ اجرة المثل، لأنّ هذا العمل لم يقع عليه العقد حتّى يكون بأمر المالك، فإنّ الواقع عليه العقد هو العمل المنتهي إلى وصول الثمر لا مطلقاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 682

للعامل حصّته (1) و عليه الاجرة للمالك إلى زمان البلوغ إن رضي بالبقاء، و إلّافله الإجبار على القطع بقدر حصّته (2)، إلّاإذا لم يكن له قيمة أصلًا، فيحتمل أن يكون للمالك كما قبل الظهور.

مسألة 29: قد عرفت أنّه يجوز للمالك مع ترك العامل العمل أن لايفسخ و يستأجر عنه و يرجع عليه، إمّا مطلقاً كما لايبعد (3)، أو بعد تعذّر الرجوع إلى الحاكم، لكن يظهر من بعضهم اشتراط جواز الرجوع عليه بالإشهاد على الاستيجار عنه، فلو لم يشهد ليس له الرجوع عليه حتّى بينه و بين اللّه، و فيه ما لايخفى؛ فالأقوى أنّ الإشهاد للإثبات ظاهراً، وإلّا فلايكون شرطاً للاستحقاق، فمع العلم به أو ثبوته شرعاً يستحقّ الرجوع و إن لم يكن أشهد على الاستيجار؛ نعم، لو اختلفا في مقدار الاجرة، فالقول قول العامل في نفي الزيادة. و قد يقال بتقديم قول المالك، لأنّه أمين (4)، و فيه ما لايخفى. و أمّا لو اختلفا في أنّه تبرّع عنه أو قصد الرجوع عليه، فالظاهر تقديم قول المالك، لاحترام ماله (5) وعمله، إلّاإذا ثبت التبرّع و (1). الامام الخميني: لا وجه له بعد كون الفسخ من الأصل لا من حينه

الخوئي: الظاهر أنّ حكم الفسخ بعده حكمه قبله

الگلپايگاني: لا معنى لبقاء حصّة العامل بملكه بعد فسخ العقد الّذي كان سبباً للملكيّة

بقاءً و حدوثاً، و يكون الثمر في المساقاة بمنزلة الثمن أو المثمن في البيع بناءً على كونها معاوضة و يكون بمنزلة المنفعة في الإجارة على ما اخترناه؛ وأمّا على مختاره من أنّها تسليط العامل للاستنماء فإن كان ذلك التسليط بمنزلة الإذن غير قابل للفسخ، بل له الرجوع عن تسليطه فتمّ ما ذكره قدس سره، وأمّا إذا كان قابلًا للفسخ كما يظهر من سياق كلامه بالفسخ ينحلّ العقد من حينه و يحكم بأنّه كأن لم يقع و لازمه رجوع الثمر إلى المالك (2). مكارم الشيرازي: إذا كان أوان قطعها و لو كان بقاؤها على الشجرة إلى مدّة اخرى أكثر نماءً؛ و إلّايحتمل كونها للمالك، و للعامل اجرة المثل؛ و من هنا يظهر الإشكال في كلام جماعة من أعلام المحشّين حيث أوردوا على المتن بأنّه لا معنى للحصّة بعد انفساخ العقد؛ اللّهم إلّاأن يكون نظرهم إلى زمان عدم بلوغ أوان قطعها (3). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه

الخوئي: و قد مرّ الإشكال فيه

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه بعيد (4). الگلپايگاني: الظاهر أنّ أدلّة الأمين منصرفة عن مثله (5). الگلپايگاني: بل لأنّه وليّ لعمله و أعرف بنيّته كالوكيل

مكارم الشيرازي: الأولى أن يعلّل بأنّه أعرف بنيّته؛ و الظاهر أنّه لا وجه لما ذكره من الإشكال في تقديم قول المالك في ذيل المسألة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 683

إن كان لايخلو عن إشكال، بل يظهر من بعضهم تقديم قول العامل.

مسألة 30: لو تبيّن بالبيّنة أو غيرها (1) أنّ الاصول كانت مغصوبة، فإن أجاز المغصوب منه المعاملة صحّت المساقاة (2)، و إلّابطلت و كان تمام الثمرة للمالك المغصوب منه و يستحقّ العامل اجرة المثل على الغاصب إذا كان جاهلًا بالحال (3)، إلّاإذا كان مدّعياً

عدم الغصبيّة و أنّها كانت للمساقي، إذ حينئذٍ ليس له الرجوع عليه، لاعترافه بصحّة المعاملة و أنّ المدّعي أخذ الثمرة منه ظلماً، هذا إذا كانت الثمرة باقية؛ و أمّا لو اقتسماها و تلفت عندهما، فالأقوى أنّ للمالك الرجوع (4) بعوضها على كلّ من الغاصب و العامل بتمامه (5)، و له الرجوع على كلّ منهما بمقدار حصّته، فعلى الأخير لا إشكال. و إن رجع على أحدهما بتمامه رجع على الآخر بمقدار حصّته، إلّاإذا اعترف بصحّة العقد و بطلان دعوى المدّعي للغصبيّة، لأنّه حينئذٍ معترف بأنّه غرمه ظلماً.

و قيل: إنّ المالك مخيّر بين الرجوع على كلّ منهما بمقدار حصّته و بين الرجوع على الغاصب بالجميع، فيرجع هو على العامل بمقدار حصّته و ليس له الرجوع على العامل بتمامه، إلّا إذا كان عالماً بالحال؛ و لا وجه له (6) بعد ثبوت يده على الثمر، بل العين أيضاً؛ فالأقوى ما ذكرنا، لأنّ يد كلّ منهما يد ضمان و قرار الضمان على من تلف في يده العين، و لو كان تلف (1). الخوئي: هذا إذا كان حجّة مطلقاً؛ و أمّا مثل اعتراف المساقي فلا أثر له بالإضافة إلى العامل (2). الگلپايگاني: مرّ الإشكال في جريان الفضولي في المساقاة لما تتضمّن التعهّد من الطرفين زائداً على مايتعلّق بملك الغير (3). الگلپايگاني: و كان عمله مستنداً إلى الغاصب (4). الخوئي: لا وجه لرجوعه على العامل، إلّابالمقدار الّذي وقع من الثمر تحت يده و سلطانه، و هو خصوص حصّته منه لا جميعه؛ نعم، له الرجوع بتمام عوضها على الغاصب فقط (5). مكارم الشيرازي: الأحوط الرجوع على كلّ واحد منهما بمقدار حصّته، إلّاإذا لم يقدر على الرجوع إلى الآخر، فإنّه يرجع بتمامه إلى من يقدر عليه

إذا جرت يده عليه (6). الامام الخميني: إذا استولى العامل على العين و الثمرة؛ و أمّا إذا كانتا تحت يد المالك و العامل يقوم بالسقي و العمل، فالوجه الرجوع إلى المالك و لو في حصّة العامل قبل استيلائه عليها؛ نعم، مع استيلائه عليها يجوز الرجوع إليه أيضاً، فالميزان في الرجوع هو الاستيلاء لا مطلق التصرّف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 684

الثمرة بتمامها في يد أحدهما كان قرار الضمان عليه.

هذا، و يحتمل (1) في أصل المسألة كون قرار الضمان على الغاصب مع جهل العامل، لأنّه مغرور من قبله (2) و لاينافيه ضمانه لُاجرة عمله، فإنّه محترم، و بعد فساد المعاملة لايكون الحصّة عوضاً عنه فيستحقّها، وإتلافه الحصّة إذا كان بغرور من الغاصب لايوجب ضمانه له (3).

مسألة 31: لايجوز للعامل في المساقاة أن يساقي غيره مع اشتراط المباشرة أو مع النهي عنه (4)، و أمّا مع عدم الأمرين ففي جوازه مطلقاً كما في الإجارة و المزارعة و إن كان لايجوز تسليم الاصول إلى العامل (5) الثاني (6) إلّابإذن المالك، أو لايجوز مطلقاً و إن أذن المالك، أو لايجوز إلّامع إذنه، أو لايجوز قبل ظهور الثمر و يجوز بعده، أقوال (7)؛ أقواها الأوّل. و لا دليل (1). الامام الخميني: لكنّه غير وجيه

الگلپايگاني: هذا الاحتمال ضعيف، لأنّ العامل أقدم على أن تكون الحصّة له بإزاء عمله لا مجّاناً، فحيث لم يمض الشارع هذه المعاملة فلامحالة يحكم عليه بضمان ما أتلفه أو تلف تحت يده من الثمر خصوصاً مع الحكم باستحقاقه اجرة عمله (2). الخوئي: أىّ غرور في المقام مع أنّه أقدم على تملّك حصّته المجعولة له بإزاء عمله لا مجّاناً، و المفروض أنّه يرجع على المالك باجرة مثله، فالاحتمال المزبور ضعيف جدّاً

مكارم

الشيرازي: الغرور إنّما يتمّ إذا كان اجرة مثل عمله أقلّ من قيمة الثمرة الّتي أتلفها؛ و إلّافقد انتفع بعمله، و لا معنى للجمع بينه و بين قيمة الثمرة (3). مكارم الشيرازي: فرق بين عدم الضمان و بين كونه ضامناً مع عدم استقرار الضمان عليه؛ و الظاهر أنّه وقع الخلط بينهما من كلامه قدس سره (4). الگلپايگاني: لا تأثير لنهي المالك إلّابالنسبة إلى تسليم الاصول إلى العامل الثاني، فإنّه لايجوز بدون إذن المالك؛ و أمّا المساقاة بدون التسليم على فرض جوازها فلا مانع منه و لو مع النهي و لا دليل يقتضي منعه

مكارم الشيرازي: يعني في ضمن العقد بحيث يرجع إلى اشتراط المباشرة، و إلّافمجرّد النهي لا أثر له لو كان العقد مطلقاً (5). الخوئي: الحكم فيه كما مرّ في المزارعة و الإجارة (6). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذا المنع، لو كان العقد الأوّل مطلقاً من هذه الجهة (7). الامام الخميني: أقواها الثاني فإنّه ليس مساقاة، كما مرّ في المزارعة أيضاً ما هو الأقوى، فراجع

مكارم الشيرازي: الجواز هو الأقوى و إن كان المحكّي عن المشهور خلافه، و كأنّهم نظروا إمّا إلى كون المساقاة على خلاف القاعدة، لاشتمالها على الغرر (كما مرّ في المضاربة و المزارعة) فيقتصر على القدر المتيقّن منها، أو إلى عدم صدق عنوان المساقاة له، أو كون المقام خارجاً عن العقود المتعارفة، فلاتشمله العمومات؛ و الأوّل مدفوع بما مرّ سابقاً من عدم الغرر فيها بعد كفاية المعلوميّة في كلّ شي ء بحسبه، و الثاني بصدقها عليه أحياناً كما إذا جعل الثاني شريكاً لنفسه في السقي و غيره؛ سلّمنا، لكن عدم الصدق لايضرّ بصحّته؛ و الثالث بأنّه متعارف في الخارج، كما لايخفى على الخبير

العروة الوثقى،

ج 2، ص: 685

على القول بالمنع مطلقاً أو في الجملة، بعد شمول العمومات، من قوله تعالى: «أوفوا بالعقود» و «تجارة عن تراض»؛ و كونها على خلاف الأصل، فاللازم الاقتصار على القدر المعلوم، ممنوع، بعد شمولها. و دعوى أنّه يعتبر فيها كون الأصل مملوكاً للمساقي، أو كان وكيلًا عن المالك أو وليّاً عليه، كما ترى، إذ هو أوّل الدعوى.

مسألة 32: خراج السلطان في الأراضي الخراجيّة على المالك، لأنّه إنّما يؤخذ على الأرض (1) الّتي هي للمسلمين، لا الغرس الّذي هو للمالك، و إن اخذ على الغرس فبملاحظة الأرض، و مع قطع النظر عن ذلك أيضاً كذلك، فهو على المالك مطلقاً، إلّاإذا اشترط كونه على العامل أو عليهما بشرط العلم بمقداره.

مسألة 33: مقتضى عقد المساقاة ملكيّة العامل للحصّة من الثمر من حين ظهوره (2).

والظاهر عدم الخلاف فيه، إلّامن بعض العامّة، حيث قال بعدم ملكيّته له إلّابالقسمة، قياساً على عامل القراض، حيث إنّه لايملك الربح إلّابعد الإنضاض، و هو ممنوع عليه حتّى في المقيس عليه؛ نعم، لو اشترطا ذلك في ضمن العقد لايبعد صحّته (3). و يتفرّع على ما ذكرنا فروع؛ (1). مكارم الشيرازي: و الأولى أن يعلّل بأنّ حقّ المالك على مثل هذه الأراضي إنّما هو من ناحية الخراج، و إلّافليس هو مالكاً لها، بل هو كالمستأجر؛ هذا بحسب الطبع الأوّلي، لكن لو شرط كونه على العامل أو عليهما أو كان المتعارف في بعض النواحي ذلك بحيث ينصرف إليه العقد، فهو المتّبع (2). مكارم الشيرازي: قد مرّ في المسألة (34) من مسائل المضاربة أنّ الربح يملك بمجرّد ظهوره من غير حاجة إلى القسمة و لا إلى الإنضاض، أي جعل العروض نقداً (3). الخوئي: بل هي بعيدة

مكارم الشيرازي: اشتراط عدم

الملكيّة كذلك مشكل، لكونه خلاف مقتضى العقد؛ نعم، لهما اشتراط عدم التصرّف فيه إلّابعد القسمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 686

منها: ما إذا مات العامل بعد الظهور قبل القسمة مع اشتراط مباشرته للعمل، فإنّ المعاملة تبطل من حينه (1)، و الحصّة تنتقل (2) إلى وارثه على ما ذكرنا.

و منها: ما إذا فسخ (3) أحدهما بخيار الشرط (4) أو الاشتراط بعد الظهور (5) و قبل القسمة أو تقايلًا.

و منها: ما إذا حصل مانع (6) عن إتمام العمل بعد الظهور.

و منها: ما إذا اخرجت الاصول عن القابليّة لإدراك الثمر، ليُبس أو فقد الماء أو نحو ذلك بعد الظهور، فإنّ الثمر (7) في هذه الصور مشترك بين المالك و العامل و إن لم يكن بالغاً (8).

و منها: في مسألة الزكاة، فإنّها تجب على العامل أيضاً إذا بلغت حصّته النصاب، كما هو (1). الخوئي: بل من أصله، و يستحقّ العامل اجرة المثل، و بذلك يظهر الحال في الفروع الآتية (2). الگلپايگاني: مقتضى القاعدة انكشاف بطلان المساقاة من حين الوقوع، لأنّ الحصّة في العقد مقابلة لمجموع العمل من حيث المجموع و لايكون ما ظهر مقابلًا لما عمل إلى آن الموت و مع فرض دخالة المباشرة يكشف الموت عن عدم المقابل للحصّة في الواقع، فيكون تمام الثمر للمالك و عليه اجرة المثل لما عمل مستنداً إلى المالك (3). الامام الخميني: الفسخ حلّ العقد من أصله، و كذا التقايل، و مقتضاه رجوع كلّ من العوضين إلى صاحبه، وفي ما نحن فيه ترجع الحصّة إلى المالك

الگلپايگاني: مقتضى الفسخ أو التقايل رجوع تمام الحصّة إلى المالك، و قد مرّ وجهه (4). الخوئي: مرّ أنّ الفسخ يوجب تملّك المالك للثمر و استحقاق العامل اجرة المثل، و قد

مرّ نظيره في المزارعة (5). مكارم الشيرازي: وقد صرّح غير واحد من أعلام المحشّين بأنّ الفسخ يوجب زوال ملكيّة العامل للحصّة و رجوع تمامها إلى المالك؛ و لانرى له وجهاً وجيهاً، لأنّ الفسخ إنّما يؤثّر من حينه و يوجب تجزية العقد، فلو فسخ البيع بخيار الشرط، كانت المنافع السابقة على الفسخ، لكن انتقل إليه، أي منفعة الثمن للبايع و المبيع للمشتري؛ و مقتضى ذلك فيما نحن فيه أيضاً تقسيم النفع الموجود بالحصص، كما لايخفى (6). الگلپايگاني: الكلام فيه هو الكلام في الموت إن لم يمكن استيجار الغير أو كان المباشرة قيداً، و إلّافيستأجر من يتمّ العمل على القولين (7). الگلپايگاني: هذا إذا كان للثمر قبل بلوغه ماليّة بحيث تصحّ المساقاة مع اشتراط قطع الثمر في هذه الحالة؛ و أمّا إذا كان بحيث تكون المساقاة مع الشرط المذكور غير عقلائيّة فالظاهر أنّ خروج الاصول عن قابليّة الإدراك يكشف عن البطلان من الأوّل نظير موت العامل، بل لايبعد ذلك مطلقاً إذ المساقاة مبنيّة على بلوغ الثمر و إدراكه بنحو التقييد و ظهور الخلاف يكشف عن البطلان (8). الخوئي: هذا إذا صدق عليه الثمر، و إلّافالحكم بصحّة المساقاة مشكل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 687

المشهور، لتحقّق سبب الوجوب و هو الملكيّة له حين الانعقاد أو بدوّ الصلاح على ما ذكرنا، بخلافه إذا قلنا بالتوقّف على القسمة؛ نعم، خالف في وجوب الزكاة عليه ابن زهرة هنا و في المزارعة، بدعوى أنّ ما يأخذه كالاجرة، و لايخفى ما فيه من الضعف، لأنّ الحصّة قد ملكت بعقد المعاوضة أو ما يشبه المعاوضة لا بطريق الاجرة، مع أنّ مطلق الاجرة لاتمنع من وجوب الزكاة، بل إذا تعلّق الملك بها بعد الوجوب؛ و أمّا إذا

كانت مملوكة قبله فتجب زكاتها، كما في المقام و كما لو جعل مال الإجارة لعمل زرعاً قبل ظهور ثمره، فإنّه يجب على المؤجر زكاته إذا بلغ النصاب، فهو نظير ما إذا اشترى زرعاً قبل ظهور الثمر. هذا، و ربما يقال بعدم وجوب الزكاة على العامل في المقام. و يعلّل بوجهين آخرين:

أحدهما: أنّها إنّما تجب بعد إخراج المؤن، و الفرض كون العمل في مقابل الحصّة فهي من المؤن؛ و هو كما ترى، و إلّالزم احتساب اجرة عمل المالك والزارع لنفسه أيضاً، فلانسلّم (1) أنّها حيث كانت في قبال العمل تعدّ من المؤن.

الثاني: أنّه يشترط في وجوب الزكاة التمكّن من التصرّف؛ و في المقام و إن حصلت الملكيّة للعامل بمجرّد الظهور، إلّاأنّه لايستحقّ التسلّم (2) إلّابعد تمام العمل. و فيه مع فرض (3) تسليم عدم التمكّن من التصرّف (4): أنّ اشتراطه مختصّ بما يعتبر في زكاته الحول (5) كالنقدين و الأنعام، لا في الغلّات، ففيها و إن لم يتمكّن من التصرّف حال التعلّق يجب إخراج زكاتها بعد التمكّن على الأقوى (6) كما بيّن في محلّه. و لايخفى أنّ لازم كلام هذا القائل عدم وجوب زكاة هذه الحصّة على المالك أيضاً، كما اعترف به؛ فلايجب على العامل، لما ذكر، (1). الامام الخميني: و على فرض التسليم لايلزم منه السقوط مطلقاً (2). الگلپايگاني: لكن بعد ما يتمكّن من إتمام العمل يتمكّن من التسلّم و هذا المقدار كافٍ في وجوبها؛ نعم، لوقيل بكفاية عدم استحقاق التسلّم في عدم الوجوب، لكان له وجه، لكنّه غير وجيه حيث إنّه باختياره (3). الامام الخميني: الأولى منع عدم التمكّن المعتبر في الزكاة، و إلّافقد مرّ اعتباره مطلقاً (4). الخوئي: الصحيح عدم تسليمه، وإلّا فقد تقدّم

في محلّه عدم اختصاص الاشتراط بما يعتبر الحول في زكاته (5). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ انتظار تمام مدّة المضاربة لاينافي التمكّن من التصرّف فيه عرفاً، لانصراف أدلّته عنه؛ و أمّا ما ذكره من اختصاص هذا الشرط بغير المقام، فهو محلّ إشكال؛ فراجع كتاب الزكاة (6). الگلپايگاني: بل الأحوط و الأقرب عدم الوجوب كما مرّ، و مرّ منه الإشكال في اعتباره في كتاب الزكاة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 688

و لايجب على المالك، لخروجها عن ملكه.

مسألة 34: إذا اختلفا في صدور العقد وعدمه، فالقول قول منكره، و كذا لو اختلفا في اشتراط شي ء على أحدهما وعدمه. و لو اختلفا في صحّة العقد وعدمها قدّم قول مدّعي الصحّة. و لو اختلفا في قدر حصّة العامل قدّم قول المالك المنكر للزيادة، و كذا لو اختلفا في المدّة (1). و لو اختلفا في قدر الحاصل قدّم قول العامل، و كذا لو ادّعى المالك عليه سرقة أو إتلافاً أو خيانة، و كذا لو ادّعى عليه أنّ التلف كان بتفريطه إذا كان أميناً له، كما هوالظاهر. و لايشترط في سماع دعوى المالك تعيين مقدار ما يدّعيه عليه، بناءً على ما هو الأقوى (2) من سماع الدعوى المجهولة، خلافاً للعلّامة في التذكرة في المقام.

مسألة 35: إذا ثبتت الخيانة من العامل بالبيّنة أو غيرها، هل له رفع يد العامل على الثمرة أو لا؟ قولان؛ أقواهما العدم (3)، لأنّه مسلّط على ماله (4)، و حيث إنّ المالك أيضاً مسلّط على حصّته فله أن يستأجر أميناً يضمّه مع العامل، و الاجرة عليه، لأنّ ذلك لمصلحته؛ و مع عدم كفايته في حفظ حصّته جاز (5) رفع يد العامل (6) و استيجار من يحفظ الكلّ، و الاجرة على المالك

أيضاً.

مسألة 36: قالوا: المغارسة باطلة (7)، و هي أن يدفع أرضاً إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما؛ سواء اشترط كون حصّة من الأرض أيضاً للعامل أو لا، و وجه البطلان الأصل بعد كون ذلك على خلاف القاعدة، بل ادّعى جماعة الإجماع عليه (8)؛ نعم، (1). الامام الخميني: أي قدّم قوله مع إنكار الزيادة و قدّم قول العامل إذا أنكر الزيادة (2). الگلپايگاني: في كونه أقوى إشكال (3). الخوئي: فيه إشكال (4). مكارم الشيرازي: هذا مضافاً إلى بقاء عقد المضاربة بحاله، و المفروض اقتضاؤه كونها تحت يده (5). الامام الخميني: محلّ إشكال؛ نعم، إن رجع الأمر إلى الحاكم لايبعد جوازه له، بل في بعض الصور جائز له بلا إشكال (6). الگلپايگاني: و لعلّه يستفاد ذلك من قضيّة سمرة بن جندب (7). الامام الخميني: ما قالوا هو الأقوى

الگلپايگاني: و هو الأحوط

الخوئي: و قولهم هو الصحيح (8). مكارم الشيرازي: الأقوى صحّتها للعمومات؛ و كأنّ نظر المجمعين إلى أنّ جواز هذه العقود مع اشتمالها على الجهل و الغرر خلاف القاعدة، و لابدّ من الاقتصار على المتيقّن منها، و لم يثبت في المقام؛ لكن قد عرفت أنّها موافقة للقاعدة و أنّ الغرر هنا منفيّ، و معلوميّة كلّ شي ء بحسبه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 689

حكي عن الأردبيلي و صاحب الكفاية الإشكال فيه، لإمكان استفادة الصحّة من العمومات، و هو في محلّه إن لم يتحقّق الإجماع؛ ثمّ على البطلان يكون الغرس لصاحبه، فإن كان من مالك الأرض فعليه اجرة عمل الغارس إن كان جاهلًا (1) بالبطلان (2)، و إن كان للعامل فعليه اجرة الأرض للمالك مع جهله (3) به (4)، و له الإبقاء بالاجرة أو الأمر بقلع الغرس (5) أو قلعه

بنفسه (6)، و عليه أرش نقصانه إن نقص من جهة القلع. و يظهر من جماعة أنّ عليه تفاوت (7) ما بين قيمته قائماً و مقلوعاً، و لا دليل عليه بعد كون المالك مستحقّاً للقلع. و يمكن حمل كلام بعضهم على ما ذكرنا من أرش النقص الحاصل بسبب القلع إذا حصل، بأن انكسر مثلًا بحيث لايمكن غرسه في مكان آخر. و لكن كلمات الآخرين لايقبل هذا الحمل، بل هي صريحة في ضمان التفاوت بين القائم و المقلوع (8)، حيث قالوا مع ملاحظة أوصافه الحاليّة من كونه في معرض الإبقاء مع الاجرة أو القلع. و من الغريب ما عن المسالك من ملاحظة كون (1). الامام الخميني: بل مطلقاً، لكن مع القيد المتقدّم من كون حصّته بحسب التعارف لاتنقص من اجرة عمله

الگلپايگاني: بل إن كان بأمر المالك أو استدعائه، من غير فرق بين العالم و الجاهل

مكارم الشيرازي: لا فرق بين العلم و الجهل، كما مرّ في أشباهه؛ و هكذا في طرف المالك بعد بنائهما على الصحّة ولو بعدم الاعتناء بحكم الشارع المقدّس، لأنّ المفروض عدم إقدامهما على شي ء مجّاناً (2). الخوئي: بل مع العلم به أيضاً فيه و فيما بعده (3). الامام الخميني: بل مطلقاً أيضاً (4). الگلپايگاني: بل مطلقاً، و قد مرّ وجهه في الفروع السابقة (5). مكارم الشيرازي: جواز قلعه مع العلم بالفساد مشكل؛ فإنّ التزام المالك بشي ء التزام بلوازمه. و منه يظهر أنّه في هذه الصورة لو قلنا بجواز القلع، لايبعد ملاحظة التفاوت بين قيمته قائماً و قيمته مقلوعاً (6). مكارم الشيرازي: قلع المالك بنفسه إنّما يجوز إذا امتنع صاحبه عن القلع، و إلّايشكل التصرّف في مال غيره بغير إذنه (7). الگلپايگاني: الأحوط

فيه التصالح (8). مكارم الشيرازي: لا صراحة في كلماتهم في ذلك؛ فإنّ اعترافهم بلزوم ملاحظة أوصافه الحاليّة من كونه في معرض البقاء مع الاجرة أو القلع، لا أثر له بعد كونه مشروطاً بإذن المالك؛ و المفروض أنّ إذنه غير حاصل هنا و بقائه مشروط بشرط غير موجود، و من المعلوم أنّ مثل هذه الحالة لا أثر له في القيمة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 690

قلعه مشروطاً بالأرش، لا مطلقاً، فإنّ استحقاقه للأرش من أوصافه و حالاته فينبغي أن يلاحظ أيضاً في مقام التقويم، مع أنّه مستلزم للدور (1)، كما اعترف به؛ ثمّ إنّه إن قلنا بالبطلان يمكن تصحيح المعاملة بإدخالها تحت عنوان الإجارة أو المصالحة أو نحوهما مع مراعاة شرائطهما، كأن تكون الاصول مشتركة بينهما، إمّا بشرائها بالشركة أو بتمليك أحدهما للآخر نصفاً منها؛ مثلًا إذا كانت من أحدهما، فيصالح صاحب الأرض مع العامل بنصف منفعة أرضه مثلًا، أو بنصف عينها على أن يشتغل بغرسها و سقيه إلى زمان كذا، أو يستأجره للغرس (2) و السقي إلى زمان كذا بنصف منفعة الأرض مثلًا.

مسألة 37: إذا صدر من شخصين مغارسة و لم يعلم كيفيّتها و أنّها على الوجه الصحيح أو الباطل، بناءً على البطلان، يحمل فعلهما (3) على الصحّة (4) إذا ماتا أو اختلفا في الصحّة و الفساد.

[تذنيب

تذنيب:

في الكافي عن أبي عبداللّه عليه السلام (5): «من أراد أن يلقح النخل إذا كان لايجود عملها و (1). مكارم الشيرازي: المراد من الدور هنا أنّ الأرش هو تفاوت قيمة ما بين كونه قائماً مع أوصافه و كونه مقلوعاً، و المفروض أنّ استحقاق الأرش جعل من أوصافه، فمعرفة الأرش يتوقّف على أوصافه الّتي منها استحقاق الأرش، و هذا هو المراد من

الدور هنا؛ نعم، لو اريد من الأرش قيمة النقص الحاصل بالكسر و نحوه عند القلع، فلا دور (2). الگلپايگاني: أي يستأجره لغرس الأشجار المشتركة، ففي الحقيقة يملك المالك على العامل غرس حصّته من الأشجار في أرض نفسه و السقي و العمل و يملك العامل على المالك غرس حصّته من الأشجار في أرضه إلى زمان كذا بإزاء عمله (3). الگلپايگاني: الحمل على الصحّة مع كون عنوان العمل مجهولًا و مردّداً بين الصحيح من عنوان و الفاسد من آخر محلّ إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: جريانها محلّ إشكال، بل منع

الخوئي: لا موقع لأصالة الصحّة إذا ادّعى أحدهما المغارسة و الآخر معاملة صحيحة غيرها

مكارم الشيرازي: الأقوى فيه التفصيل؛ فإن كان ظاهر الفعل أنّه بعنوان المغارسة و قلنا ببطلانها، فلا وجه للحمل على الصحّة؛ و إن لم يعلم عنوانه الواقعي و أنّه كان مصالحة أو إجارة صحيحة أو مغارسة باطلة، فالحمل على الصحّة في محلّه (5). مكارم الشيرازي: لم أعرف مناسبة كثيرة لبعض ما ذكره قدس سره من الروايات هنا، فتأمّل جيّداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 691

لايتبعّل بالنخل، فيأخذ حيتاناً صغاراً يابسة فيدقّها بين الدقّين، ثمّ يذرّ في كلّ طلعة منها قليلًا و يصرّ الباقي في صرّة نظيفة، ثمّ يجعله في قلب النخل ينفع بإذن اللّه تعالى». و عن الصدوق في كتاب العلل بسنده عن عيسى بن جعفر العلويّ عن آبائه:: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال:

«مرّ أخي عيسى بمدينة فإذا في ثمارها الدود، فسألوا إليه ما بهم؟ فقال عليه السلام: دواء هذا معكم و ليس تعلمون، أنتم قوم إذا غرستم الأشجار صببتم التراب و ليس هكذا يجب، بل ينبغي أن تصبّوا الماء في اصول الشجر، ثمّ تصبّوا

التراب كي لايقع فيه الدود، فاستأنفوا كما وصف فأذهب عنهم ذلك». و في خبر عن أحدهما عليه السلام قال: «تقول إذا غرست أو زرعت: «و مثل كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كلّ حين بإذن ربّها»» و في خبر آخر: «إذا غرست غرساً أو نبتاً فاقرأ على كلّ عود أو حبّة: سبحان الباعث الوارث، فإنّه لايكاد يخطئ إن شاءاللّه».

[كتاب الضمان

اشارة

كتاب الضمان

[فصل في معنى الضمان و شرائطه و أحكامه

[فصل في معنى الضمان و شرائطه و أحكامه

و هو من الضمن، لأنّه موجب لتضمّن ذمّة الضامن للمال الّذي على المضمون عنه للمضمون له، فالنون فيه أصليّة كما يشهد له سائر تصرّفاته من الماضي و المستقبل و غيرهما. و ما قيل من احتمال كونه من الضمّ، فيكون النون زائدة، واضح الفساد، إذ مع منافاته لسائر مشتقّاته لازمه كون الميم مشدّدة. و له إطلاقان: إطلاق بالمعنى الأعمّ الشامل للحوالة و الكفالة أيضاً، فيكون بمعنى التعهّد بالمال أو النفس؛ و إطلاق بالمعنى الأخصّ و هوالتعهّد بالمال عيناً أو منفعةً أو عملًا، و هو المقصود (1) من هذا الفصل.

و يشترط فيه امور:

أحدها: الإيجاب، و يكفي فيه كلّ لفظ دالّ، بل يكفي الفعل الدالّ (2) و لو بضميمة القرائن (1). الگلپايگاني: و لعلّ الأولى تعريف ما هو المقصود من هذا الفصل بأنّه إثبات مال في الذمّة بعقد، كما في المبسوط و الوسيلة (2). الامام الخميني: محلّ تأمّل

الگلپايگاني: لو فرض دلالته عليه؛ لكنّه مجرّد فرض، و كذا في القبول

مكارم الشيرازي: و من أظهر الأفعال دلالةً عليه، الكتابة و التوقيع عليها؛ و ما في بعض الحواشي من أنّه لايوجد فعل دالّ عليه، كماترى؛ و قد ذكرنا في محلّه كفاية الإنشاء بالكتابة في العقود كلّها إلّاما خرج بالدليل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 694

على التعهّد و الالتزام بما على غيره من المال.

و الثاني: القبول من المضمون له، و يكفي فيه أيضاً كلّ ما دلّ على ذلك من قول أو فعل.

و على هذا فيكون من العقود المفتقرة إلى الإيجاب و القبول، كذا ذكروه (1)؛ و لكن لايبعد دعوى عدم اشتراط القبول على حدّ سائر العقود اللازمة، بل يكفي رضا المضمون

له (2) سابقاً أو لاحقاً، كما عن الإيضاح و الأردبيليّ، حيث قالا: يكفي فيه الرضا و لايعتبر القبول العقديّ، بل عن القواعد: و في اشتراط قبوله احتمال. و يمكن استظهاره من قضيّة الميّت المديون الّذي امتنع النبيّ صلى الله عليه و آله أن يصلّي عليه حتّى ضمنه عليّ عليه السلام. و على هذا فلايعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب والموالاة و سائر ما يعتبر في قبولها؛ و أمّا رضا المضمون عنه فليس معتبراً فيه (3)، إذ يصحّ الضمان التبرّعيّ، فيكون بمنزلة وفاء دين الغير تبرّعاً، حيث لايعتبر رضاه، و هذا واضح فيما لم يستلزم (4) الوفاء أو الضمان عنه ضرراً (5) عليه (6) أو حرجاً، من حيث كون تبرّع هذا الشخص لوفاء دينه منافياً لشأنه، كما إذا تبرّع وضيع ديناً عن شريف غنيّ قادر على وفاء دينه فعلًا.

الثالث: كون الضامن بالغاً عاقلًا؛ فلايصحّ ضمان الصبيّ وإن كان مراهقاً، بل و إن أذن له (1). الامام الخميني، الگلپايگاني: و هو الأقوى

مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، لا للإجماع المدّعى و شبهه، بل لأنّ ماهيّة الضمان عند العقلاء ماهيّة العقود، لأنّه تبديل مال بمال آخر، فكيف يمكن بدون قبول مالكه؛ و ما ورد في الحديث الصريح في اعتبار رضا المضمون له، شاهد على ما ذكرناه، فإنّ هذا الرضا كالرضا في البيع؛ و أمّا الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه و آله من امتناعه عن الصلاة على ميّت حتّى ضمنه عليّ عليه السلام الظاهر في عدم الحاجة إلى القبول، مضافاً إلى الإشكال في سنده، قابل للحمل على ما ذكرناه، لاحتمال حضور المضمون له و كون سكوته بمنزلة القبول، و إلّافهو شاذّ معرض عنه (2). الخوئي: هذا

إذا أبرزه في الخارج بمبرز (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ العقد قائم بين الضامن و المضمون له؛ و أمّا المضمون عنه فليس طرفاً له، فلايعتبر رضاه؛ نعم، إذا استلزم ضرراً عليه، فينفي بأدلّة نفي الضرر (4). الگلپايگاني: بل و إن استلزم (5). الامام الخميني: اعتبار عدم الضرر و الحرج على المضمون عنه في صحّة الضمان غير معلوم (6). الخوئي: بل ولو استلزم ذلك، فإنّ التكليف لايرتبط بالوضع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 695

الوليّ على إشكال (1)، و لا ضمان المجنون إلّاإذا كان أدواريّاً في دور إفاقته؛ وكذا يعتبر كون المضمون له بالغاً عاقلًا؛ و أمّا المضمون عنه فلايعتبر فيه ذلك، فيصحّ كونه صغيراً أو مجنوناً؛ نعم، لاينفع إذنهما في جواز الرجوع بالعوض.

الرابع: كونه مختاراً (2)؛ فلايصحّ ضمان المكره (3).

الخامس: عدم كونه محجوراً لسفه إلّابإذن الوليّ، و كذا المضمون له، و لا بأس بكون الضامن مفلساً، فإنّ ضمانه نظير اقتراضه، فلايشارك المضمون له مع الغرماء؛ و أمّا المضمون له فيشترط عدم كونه مفلساً (4)؛ و لا بأس بكون المضمون عنه سفيهاً أو مفلساً، لكن لاينفع إذنه (5) في جواز الرجوع (6) عليه (7).

السادس: أن لايكون الضامن مملوكاً غير مأذون من قبل مولاه على المشهور (8)، لقوله تعالى: «لايقدر على شي ء» و لكن لايبعد صحّة ضمانه و كونه في ذمّته يتبع به بعد العتق، كما عن التذكرة و المختلف. و نفي القدرة منصرف عمّا لاينافي حقّ المولى. و دعوى أنّ المملوك لا (1). الخوئي: الظاهر الجواز إذا كانت فيه مصلحة و إن كان هذا الفرض نادراً، و أولى بالجواز ما إذا كان المضمون له صبيّاً (2). الامام الخميني: و كذا المضمون له في قبوله

الگلپايگاني: و كذا يعتبر كون المضمون له أيضاً

مختاراً، فلايصحّ الضمان للمكره

مكارم الشيرازي: هذا الشرط معتبر في المضمون له أيضاً، لاتّحاد الدليل في البابين (3). الخوئي: و كذلك المضمون له (4). مكارم الشيرازي: فإنّ قبوله تصرّف في أمواله، فلايجوز بحكم الحجر عليه؛ بخلاف إيجاب الضامن، فإنّه تصرّف في ذمّته لا في أمواله؛ و هذا هو الفارق بين المقامين (5). الامام الخميني: في الرجوع إلى ما تعلّق به الحجر؛ وأمّا بغيره أو بعد رفعه فلا مانع من الرجوع إليه بسبب إذنه في حال الحجر (6). مكارم الشيرازي: بل ينفع في صورتين: أحدهما بالنسبة إلى مقدار نصيب المضمون له؛ و الثاني بالنسبة إلى ما بعد الحجر؛ أمّا الثاني فهو واضح؛ وأمّا الأوّل فإنّه ملزم بأداء دينه كلًاّ أو بعضاً إلى المضمون له، فله تبديله بالضامن؛ و لايتفاوت الحال بينما إذا أخذه المضمون له الّذي هو من الغرماء أو الضامن الّذي يقوم مقامه (7). الخوئي: أي في أمواله الموجودة الّتي تكون مورداً للحجر (8). الامام الخميني: و هو الأقوى، و دعوى الانصراف غير وجيهة، و ضمان الإتلاف خارج عنها تخصّصاً

الگلپايگاني: و هو المنصور

العروة الوثقى، ج 2، ص: 696

ذمّة له، كماترى، و لذا لا إشكال في ضمانه لمتلفاته. هذا، و أمّا إذا أذن له مولاه فلا إشكال في صحّة ضمانه. و حينئذٍ فإن عيّن كونه في ذمّة نفسه أو في ذمّة المملوك يتبع به بعد عتقه أو في كسبه، فهو المتّبع، و إن أطلق الإذن ففي كونه في ذمّة المولى أو في كسب المملوك أو في ذمّته يتبع به بعد عتقه أو كونه متعلّقاً برقبته وجوه و أقوال؛ أوجهها الأوّل، لانفهامه (1) عرفاً (2)، كما في إذنه للاستدانة لنفقته أو لأمر آخر و كما في إذنه في

التزويج، حيث إنّ المهر والنفقة على مولاه. و دعوى الفرق بين الضمان و الاستدانة بأنّ الاستدانة موجبة لملكيّته و حيث إنّه لا قابليّة له لذلك يستفاد منه كونه على مولاه بخلاف الضمان، حيث إنّه لا ملكيّة فيه، مدفوعة بمنع عدم قابليّته للملكيّة، و على فرضه أيضاً لايكون فارقاً بعد الانفهام العرفيّ.

السابع: التنجيز (3)؛ فلو علّق الضمان على شرط، كأن يقول: أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا أو إن لم يف أصلًا، بطل على المشهور (4)، لكن لا دليل عليه بعد صدق الضمان و شمول العمومات العامّة إلّادعوى الإجماع (1). الامام الخميني: محلّ تأمّل (2). الگلپايگاني: ولو لم يفهم منه ذلك و كان مجملًا مردّداً بين كونه في ذمّة نفسه أو ذمّة العبد بحيث يتبع به بعد عتقه فالظاهر بطلانه (3). الامام الخميني: على الأحوط (4). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

الگلپايگاني: و هو المنصور

مكارم الشيرازي: الإنصاف عدم بطلان التعليق في الفرض الثاني، أي إذا قال: أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا، لأنّ العمدة في بطلان التعليق ليس هي الإجماع و لا عدم إمكان التعليق في الإنشاء (لعدم الاعتبار بالإجماع في هذه المسائل، و جواز التعليق في الإنشاء كما حقّق في محلّه في الاصول في بحث الواجب المشروط) بل العمدة هي منافاة التعليق لحقيقة العقد عند العرف و العقلاء، فمن قال: بعتك هذا إن أجاز أبي أو جاء أخي لايعدّ عقداً و معاهدةً و بيعاً عند العقلاء، و هذا الأمر مفقود فيما نحن فيه؛ فإذا وقع النزاع بين الدائن و المديون و أراد رجل ثالث فصل الخصومة بينهما، فقال: أنا ضامن لأداء الدين

إن لم يف هو إلى زمان كذا أو ما أشبه ذلك، فإنّه يعدّ عقداً و عهداً عند العقلاء و لايضرّه مثل هذا التعليق كما هو ظاهر؛ و الوجه فيه أنّ الضمان لايرتبط بالاثنين، بل يرتبط في الحقيقة بثلاثة أشخاص، و لذا يمكن تعليقه على عدم وفاء المضمون عنه بدينه. ولايتوهّم أنّ هذا إنّما يصحّ لو قلنا بأنّ الضمان من قبيل ضمّ الذمّة إلى الذمّة، لأنّ المسألة غير مبنيّة عليه، بل يجوز للضامن التصريح بأنّ المديون إن لم يف إلى زمان كذا انتقل ذمّته إلى ذمّته؛ فإذا قبله المضمون له، كان عقداً صحيحاً عند العقلاء و أمضاه الشارع المقدّس بعدم ردعه، بل يشمله العمومات

العروة الوثقى، ج 2، ص: 697

في كلّي العقود على أنّ اللازم ترتّب الأثر عند إنشاء العقد من غير تأخير، أو دعوى منافاة التعليق للإنشاء. و في الثاني ما لايخفى، و في الأوّل منع تحقّقه في المقام. و ربّما يقال: لايجوز تعليق الضمان، و لكن يجوز تعليق الوفاء على شرط مع كون الضمان مطلقاً، و فيه: أنّ تعليق الوفاء عين تعليق الضمان و لايعقل التفكيك؛ نعم، في المثال الثاني يمكن أن يقال (1) بإمكان تحقّق الضمان منجّزاً مع كون الوفاء معلّقاً على عدم وفاء المضمون له، لأنّه يصدق أنّه ضمن الدين على نحو الضمان في الأعيان المضمونة، إذ حقيقته (2) قضيّة تعليقيّة (3)، إلّاأن يقال بالفرق بين الضمان العقديّ و الضمان اليديّ (4).

الثامن: كون الدين الّذي يضمنه ثابتاً في ذمّة المضمون عنه؛ سواء كان مستقرّاً كالقرض و العوضين في البيع الّذي لا خيار فيه، أو متزلزلًا كأحد العوضين في البيع الخياريّ، كما إذا ضمن الثمن الكليّ للبايع أو المبيع الكليّ للمشتري أو المبيع الشخصي (5)

قبل القبض، و كالمهر (1). الامام الخميني: كيف يمكن مع دعوى امتناع التفكيك، مع أنّ هذا النحو من الضمان غير ما عندنا من كونه ناقلًا

الخوئي: لعلّه يريد بذلك أنّ الضمان في مورد تعليق الوفاء على عدم وفاء المديون ليس بمعنى النقل إلى الذمّة ليرجع تعليق الوفاء عليه إلى تعليق الضمان، بل هو بمعنى تعهّد ما في ذمّة الغير على حذو تعهّد العين الخارجيّة، و عليه فالضمان فعليّ و أثره الانتقال إلى الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون كما أنّ أثره في ضمان العين الخارجيّة ذلك على تقدير تلفها، و على هذا فلا بأس بما أفاده قدس سره. و لايبعد أن يكون الضمان بالمعنى المزبور من المرتكزات العرفيّة (2). الامام الخميني: كون حقيقة ضمان اليد قضيّة تعليقيّة، في محلّ المنع، و لايسع المقام تفصيله (3). الگلپايگاني: إن كان المقصود تعليق الضمان بعدم الإعطاء فهذا عين ما هو باطل عند المشهور، و إن كان المقصود الضمان منجّزاً لكنّه يخبر بأنّه يفي مادام الدين باقياً و لم يؤدّ المضمون عنه، فالظاهر أنّه ليس بتعليق و لا ممنوع (4). الگلپايگاني: و يمكن أن يقال: إنّ عهدة العين في ضمان اليد أيضاً فعليّ؛ غاية الأمر أنّ عليه الردّ مع البقاء و المثل أو القيمة مع التلف (5). الامام الخميني: محلّ إشكال، مع أنّه ليس من أمثلة المقام

الخوئي: لا موقع لذكره في المقام، فإنّ الكلام إنّما هو في ضمان الدين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 698

قبل الدخول و نحو ذلك؛ فلو قال: اقرض فلاناً كذا و أنا ضامن، أو بعه نسيئة و أنا ضامن، لم يصحّ على المشهور (1)، بل عن التذكرة الإجماع (2)، قال: لو قال لغيره: مهما أعطيت فلاناً فهو علىّ، لم يصحّ إجماعاً.

و لكن ما ذكروه من الشرط ينافي جملة من الفروع الآتية. و يمكن أن يقال بالصحّة إذا حصل المقتضي للثبوت و إن لم يثبت فعلًا، بل مطلقاً، لصدق الضمان و شمول العمومات العامّة و إن لم يكن من الضمان المصطلح عندهم، بل يمكن منع عدم كونه منه أيضاً.

التاسع: أن لايكون ذمّة الضامن مشغولة للمضمون عنه بمثل الدين الّذي عليه، على ما يظهر من كلماتهم في بيان الضمان بالمعنى الأعمّ، حيث قالوا: إنّه بمعنى التعهّد بمال أو نفس، فالثاني الكفالة، والأوّل إن كان ممّن عليه للمضمون عنه مال فهو الحوالة، و إن لم يكن فضمان بالمعنى الأخصّ. ولكن لا دليل على هذا الشرط (3)، فإذا ضمن للمضمون عنه بمثل ما له عليه يكون ضماناً، فإن كان بإذنه يتهاتران (4) بعد أداء مال الضمان، و إلّافيبقى الّذي للمضمون عنه عليه و تفرغ ذمّته ممّا عليه بضمان الضامن تبرّعاً، و ليس من الحوالة، لأنّ المضمون عنه على (1). الامام الخميني: و هو الأقوى

الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك؛ و لايبعد تفرّع هذا الشرط على سابقه

الگلپايگاني: و هو الأقوى؛ و أمّا الفروع الآتية فيأتي الكلام فيها إن شاء اللّه (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، بل يمكن أن يقال: إن كان الضمان بمعنى نقل ذمّة إلى ذمّة (فعلًا) أو ضمّها إليها كذلك، فلا إشكال في عدم صحّة ضمان ما لم يجب، و الظاهر أنّ كلمات القوم و إجماعهم ناظرة إلى هذا المعنى؛ أمّا إن كان بمعنى النقل أو الضمّ مشروطاً أو معلّقاً على تحقّقها، فلا مانع من ذلك إذا تحقّق مقتضيه، لبناء العقلاء عليه، لاسيّما في استخدام الأجير قبل اشتغاله بالعمل، فيضمنه غيره غالباً، بمعنى كون خساراته في المستقبل عليه؛ و تدلّ عليه كلماتهم في ضمان

مال الجعالة، بل وقوله تعالى: «و لمن جاء به حمل بعير و أنا به زعيم» فلاينبغي الإشكال في صحّة ذلك، ولكن سيأتي في مسألة (37) الإشكال في دلالة الآية؛ و مع ذلك أصل المسألة ثابتة (3). مكارم الشيرازي: فيه إشكال؛ فإنّ الحقّ تفاوت الضمان و الحوالة مفهوماً و مصداقاً، فإنّ الضمان أمر قائم بالضامن و المضمون له، و الضامن هو الموجب و المضمون له هو القابل؛ و أمّا الحوالة أمر قائم بأشخاص ثلاثة: المحيل، المحال، و المحال عليه، و الموجب هو المحيل و القابل هو المحال و المحال عليه، و من المعلوم أنّ المحيل غير الضامن؛ فلايمكن إنشاؤهما بإنشاء واحد حتّى يترتّب عليه أحكامهما (4). الخوئي: هذا إذا كان كلاهما حالّين أو كلاهما مؤجّلين بمدّة متساوية، و إلّافلا وجه للتهاتر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 699

التقديرين لم يحل مديونه على الضامن (1) حتّى تكون حوالة، و مع الإغماض عن ذلك غاية ما يكون أنّه يكون داخلًا في كلا العنوانين (2)، فيترتّب عليه ما يختصّ بكلّ منهما مضافاً إلى ما يكون مشتركاً.

العاشر: امتياز الدين والمضمون له والمضمون عنه عند الضامن على وجه يصحّ معه القصد إلى الضمان (3)، و يكفي التميّز الواقعيّ و إن لم يعلمه الضامن، فالمضرّ هو الإبهام والترديد؛ فلايصحّ ضمان أحد الدينين و لو لشخص واحد على شخص واحد على وجه الترديد مع فرض تحقّق الدينين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد، و لا ضمان دين لأحد الشخصين و لو على واحد. و لو قال: ضمنت الدين الّذي على فلان و لم يعلم أنّه لزيد أو لعمرو، أو الدين الّذي لفلان و لم يعلم أنّه على زيد أو على عمرو، صحّ (4)، لأنّه متعيّن واقعاً، و كذا لو

قال: ضمنت لك كلّ ما كان لك على الناس، أو قال: ضمنت عنك كلّ ما كان عليك لكلّ من كان من الناس. و من الغريب ما عن بعضهم من اعتبار العلم بالمضمون عنه و المضمون له بالوصف و النسب أو العلم باسمهما و نسبهما؛ مع أنّه لا دليل عليه أصلًا، و لم يعتبر ذلك في البيع الّذي هو أضيق دائرة من سائر العقود.

مسألة 1: لايشترط في صحّة الضمان العلم بمقدار الدين و لا بجنسه (5)؛ و يمكن أن يستدلّ (1). مكارم الشيرازي: الصحيح أن يقال: لم يحل دائنه (2). الگلپايگاني: مع التسليم و الاعتراف بتغاير العنوانين، و أنّ المنشأ في أحدهما إثبات مال في الذمّة و فراغ ذمّة اخرى و في الآخر نقل ما في ذمّة إلى ذمّة مشغولة بمثل ما فيها و أنّ اعتبار ذلك في أحدهما وظيفة الضامن و في الآخر وظيفة المديون، فكيف يمكن إنشاؤهما بإنشاء واحد حتّى يكون داخلًا في كلا العنوانين و مورداً لكلا الأثرين مع أنّ الأثر المختصّ بأحدهما مستلزم لما لايجتمع مع المختصّ بالآخر، فيكون الجمع بينهما مستلزماً للجمع بين النقيضين. و ظاهر العلماء- رضوان اللّه عليهم- أنّ المديون إذا ضمن فلابدّ أن يكون حوالة بمعنى بطلان ما إذا قصد الضمان و لايبعد ذلك، و سيأتي في الحوالة ما يوضحه إن شاء اللّه تعالى (3). مكارم الشيرازي: هذا غير كافٍ، بل لابدّ أن يكون- مع ذلك- الضمان غير سفهيّ؛ فلو دار أمر الدين بين ألف نفر أو دار أمر المضمون له بين رجال مختلفين جدّاً، أشكل الأمر غالباً و لم يكن هذا الضمان معقولًا عند العقلاء، بل عدّ سفهيّاً غرريّاً (4). الخوئي: هذا مع قبول المضمون له، و إلّافلايصحّ؛ و بذلك يظهر حال ما بعد هذا

الفرع (5). مكارم الشيرازي: الأحوط لولا الأقوى، اغتفار الجهل بما هو المتعارف في هذا الباب؛ فأمّا ما خرج عن المتعارف بين العقلاء، فلايجوز؛ كما إذا دار أمر الدين بين الألف و مأة ألف، إلّاأن يصرّح الضامن بأنّه يضمنه ولو كان مأة الف أو أكثر؛ و ذلك لعدم دلالة العمومات على أزيد منه، و لم يثبت حديث «الزعيم غارم» من طرقنا، و الضمان المنقول عن عليّ بن الحسين عليه السلام قضيّة في واقعة، لأنّه كان عالماً بمقدار الدين؛ هذا مضافاً إلى إمكان عدّه من المعاوضات من ناحية المضمون له أو الضامن أيضاً إذا كان إذنيّاً، و قد ثبت في محلّه نفي الغرر عن جميع المعاوضات، فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 700

عليه مضافاً إلى العمومات العامّة و قوله صلى الله عليه و آله: «الزعيم غارم»، بضمان عليّ بن الحسين عليه السلام (1) لدين عبداللّه بن الحسن و ضمانه لدين محمّد بن اسامة. لكنّ الصحّة مخصوصة بما إذا كان له واقع معيّن، و أمّا إذا لم يكن كذلك كقولك: ضمنت شيئاً من دينك فلايصحّ. و لعلّه مراد من قال: إنّ الصحّة إنّما هي فيما إذا كان يمكن العلم به بعد ذلك، فلايرد عليه ما يقال من عدم الإشكال في الصحّة مع فرض تعيّنه واقعاً، و إن لم يمكن العلم به فيأخذ بالقدر المعلوم. هذا، و خالف بعضهم فاشترط العلم به لنفي الغرر و الضرر، و ردّ بعدم العموم في الأوّل، لاختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات و بالإقدام في الثاني. و يمكن الفرق (2) بين الضمان التبرّعي و الإذني، فيعتبر في الثاني دون الأوّل، إذ ضمان عليّ بن الحسين عليه السلام كان تبرّعيّاً. و اختصاص نفي الغرر بالمعاوضات ممنوع، بل يجري في مثل

المقام الشبيه بالمعاوضة إذا كان بالإذن مع قصد الرجوع على الإذن، و هذا التفصيل لايخلو عن قرب (3).

مسألة 2: إذا تحقّق الضمان الجامع لشرائط الصحّة، انتقل الحقّ من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن (4) و تبرأ ذمّة المضمون عنه بالإجماع والنصوص، خلافاً للجمهور، حيث إنّ (1). الامام الخميني: لكن في الروايتين ضعفٌ سنداً بل و دلالةً، ولكن ما في المتن لايخلو من قوّة مطلقاً، من غير فرق بين الضمان التبرّعي و غيره (2). الخوئي: لكنّه بعيد (3). الگلپايگاني: بل الأقرب عدم الفرق، لعدم الغرر، فإنّ باب الضمان غير باب المعاوضات (4). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الضمان عند العرف و العقلاء له معنيان: أحدهما قبول دين المديون؛ و الثاني ضمّ ذمّته إلى ذمّته؛ فأيّهما قصد، كان له أثر. و المسألة و إن كانت معركة للآراء و فيها أقوال أربعة أو خمسة، ولكنّ الإنصاف أنّ ماهيّة الضمان بحسب نيّة الضامن و المضمون له تختلف جدّاً؛ فمن ضمن عن ميّت لا مال له ديناً، فهو قاصد إلى النقل بلا إشكال، كما أنّ من ضمن مستديناً من البنوك، كان من نيّته ضمّ ذمّته إلى ذمّته على نحو الترتّب؛ و كلّ واحد منهما دائر بين العقلاء و إطلاقات أدلّة العقود يشملهما، و من البعيد جدّاً أن يقصد الضمّ و يكلّفهما الشارع بالنقل، و كذلك عكسه؛ و من البعيد أيضاً أن يكون ذهن الضامن خالياً من كلّ شي ء، لأنّه إذا اختلفت حقيقة الضمان كيف ينوي إنشائه بدون القصد إلى أحدهما؛ و ليس هذا من أحكام الضمان، بل محتواه و ماهيّته، هذا بحسب مقام الثبوت؛ و أمّا بحسب مقام الإثبات فلابدّ من ملاحظة القرائن، فإذا كان الضمان من ميّت لا مال له، و

شبه ذلك، كان من القسم الأوّل؛ مثل ما ورد فيما رووه العامّة و الخاصّة من تأخّر النبيّ صلى الله عليه و آله عن الصلاة على ميّت حتّى ضمنه بعض الحاضرين، و كذا إذا كانت الصيغة بعنوان «علىّ دينه» فإنّ هذا ظاهر في النقل؛ و أمّا إذا كانت القرائن تشهد على الثاني كما هو كذلك في البنوك في عصرنا، يؤخذ بمقتضاه؛ و إذا شكّ بينها، فاللازم الرجوع إلى الاصول العمليّة؛ هذا، و كلماتهم في هذا الباب مشوّشة. و الاستدلال بالإجماع أو الاستناد إلى بعض الروايات كروايتي عبداللّه بن سنان و حسن بن الجهم (الوسائل كتاب الضمان 1/ 2 و 1/ 4) بعد قيام القرائن على كونه من قبيل القسم الأوّل مشكل جدّاً، و اللّه العالم بحقايق الامور

العروة الوثقى، ج 2، ص: 701

الضمان عندهم ضمّ ذمّة إلى ذمّة. و ظاهر كلمات الأصحاب عدم صحّة ما ذكروه حتّى مع التصريح به على هذا النحو، ويمكن الحكم (1) بصحّته (2) حينئذٍ، للعمومات.

مسألة 3: إذا أبرأ المضمون له ذمّة الضامن، برئت ذمّته و ذمّة المضمون عنه. و إن أبرأ ذمّة المضمون عنه لم يؤثّر شيئاً، فلاتبرأ ذمّة الضامن، لعدم المحلّ للإبراء بعد برائته بالضمان، إلّا إذا استفيد منه الإبراء من الدين الّذي كان عليه بحيث يفهم منه عرفاً إبراء ذمّة الضامن؛ و أمّا في الضمان بمعنى ضمّ ذمّة إلى ذمّة، فإن أبرأ ذمّة المضمون عنه برئت ذمّة الضامن أيضاً (3)، و إن أبرأ ذمّة الضامن فلاتبرأ ذمّة المضمون عنه، كذا قالوا (4)؛ و يمكن أن يقال (5) ببرائة ذمّتهما (1). الخوئي: لكنّه ضعيف جدّاً (2). الامام الخميني: محلّ إشكال

الگلپايگاني: بل مشكل (3). مكارم الشيرازي: يختلف هذا على المباني؛ فإن كان الضمّ

من قبيل الترتّب و الوثيقة، لا شكّ في براءة ذمّة الضامن بإبراء المضمون عنه، دون العكس؛ و إن كان من قبيل التخيير، كما في تعاقب الأيدي، فإبراء أحدهما لايدلّ على إبراء الآخر، إلّاأن يستفاد من القرائن الخاصّة غير ذلك (4). الامام الخميني: و هو الوجه على هذا المبنى (5). الگلپايگاني: حيث لم يعلم المقصود من ضمّ الذمّة إلى الذمّة و أنّ ذمّة الضامن هل هي وثيقة لذمّة المديون كما صرّح بعض القائلين به بعدم جواز المطالبة من الضامن إلّابعد عدم إمكان الأداء من المديون، أو أنّ ضمانها كضمان اليد مع تعدّد الأيادي كما عن بعضهم جواز الرجوع إلى كلّ منهما على التخيير؛ فلا داعي لنا لتفريع الفروع سيّما مع عدم ملائمته لبعض ما فرّعوا عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 702

على التقديرين.

مسألة 4: الضمان لازم من طرف الضامن و المضمون له، فلايجوز للضامن فسخه حتّى لو كان بإذن المضمون عنه و تبيّن إعساره (1)، و كذا لايجوز للمضمون له فسخه و الرجوع على المضمون عنه، لكن بشرط ملائة الضامن حين الضمان أو علم المضمون له بإعساره، بخلاف ما لو كان معسراً حين الضمان وكان جاهلًا بإعساره، ففي هذه الصورة يجوز (2) له الفسخ على المشهور (3)، بل الظاهر عدم الخلاف فيه، و يستفاد من بعض الأخبار أيضاً. و المدار، كما أشرنا إليه، في الإعسار و اليسار على حال الضمان، فلو كان موسراً ثمّ اعسر لايجوز له الفسخ، كما أنّه لو كان معسراً ثمّ أيسر يبقى الخيار، و الظاهر عدم الفرق في ثبوت الخيار مع الجهل بالإعسار بين كون المضمون عنه أيضاً معسراً أو لا. و هل يلحق بالإعسار تبيّن كونه مماطلًا مع يساره في ثبوت الخيار أو لا؟ وجهان (4).

مسألة 5: يجوز اشتراط الخيار

(5) في الضمان للضامن و المضمون له (6)، لعموم أدلّة (1). مكارم الشيرازي: إذا كان ظاهر حال المضمون عنه عدم الإعسار، لايبعد جواز فسخ الضمان من ناحية الضامن دفعاً للضرر؛ و هو أشبه شي ء بخيار الغبن. و الظاهر أنّه لا فرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية (2). الخوئي: ولكن للمناقشة فيه مجال واسع، و ليس في المسألة رواية تدلّ على الخيار و جواز الفسخ (3). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما عرفت في سابقه (4). الامام الخميني، الخوئي: أوجههما العدم

الگلپايگاني: أقواهما العدم

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الخيار، لعدم ما يدلّ عليه بعد حرمة القياس (5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ و كذا في ثبوت الخيار عند تخلّف الشرط. و الوجه فيه أنّ انفساخ عقدٍ ما إذالم يمكن في نفسه ولو بالتقايل، فأدلّة الشروط لاتفي بصحّة جعل الخيار فيه؛ و بذلك يظهر الحال في المسألة الآتية (6). مكارم الشيرازي: كلاهما لايخلو عن إشكال؛ و ذلك لأنّ اللزوم يحتمل كونه من أحكام الضمان، لا من حقوق الطرفين حتّى يقبل التقايل؛ و بعبارة اخرى: حيث لم يثبت كون اللزوم من حقوق الطرفين، لايجوز لهما اشتراط الخيار، كما لايجوز لهما التقايل و لايجوز الرجوع إلى عموم أدلّة الخيار بعد الشكّ في قابليّة المحلّ؛ هذا مضافاً إلى أنّه لو كان الضمان من قسم ضمّ الذمّة إلى الذمّة، أشكل الأمر في اشتراط الخيار من ناحية الضامن، لأنّه ينافي كونه وثيقة و إن هو إلّاكالرهن الّذي صرّح بعضهم بعدم جريان الخيار فيه من ناحية الراهن؛ مضافاً إلى أنّ اشتراط الخيار في الضمان، غيرمتعارف عند العقلاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 703

الشروط، و الظاهر جواز اشتراط شي ء لكلّ منهما (1)، كما إذا قال الضامن: أنا ضامن بشرط

أن تخيط (2) لي ثوباً، أو قال المضمون له: أقبل الضمان بشرط أن تعمل لي كذا، و مع التخلّف يثبت للشارط خيار تخلّف الشرط.

مسألة 6: إذا تبيّن كون الضامن مملوكاً و ضمن من غير إذن مولاه أو بإذنه و قلنا: إنّه يتبع بما ضمن بعد العتق، لايبعد (3) ثبوت الخيار للمضمون له.

مسألة 7: يجوز ضمان الدين الحالّ حالًاّ و مؤجّلًا (4)، و كذا ضمان المؤجّل حالًاّ و مؤجّلًا بمثل ذلك الأجل أو أزيد أو أنقص؛ والقول بعدم صحّة الضمان إلّامؤجّلًا و أنّه يعتبر فيه الأجل كالسلم ضعيف، كالقول بعدم صحّة ضمان الدين المؤجّل حالًاّ أو بأنقص. و دعوى أنّه من ضمان ما لم يجب، كماترى.

مسألة 8: إذا ضمن الدين الحالّ مؤجّلًا بإذن المضمون عنه، فالأجل للضمان لا للدين (5)، (1). مكارم الشيرازي: أمّا بالنسبة إلى الضامن، فلا إشكال فيه؛ و أمّا بالنسبة إلى المضمون له، فهو مشكل جدّاً، لشبهة الربا، بناءً على جريانها في جميع المعاوضات، كما هو المشهور بينهم (2). الگلپايگاني: بنحو الالتزام في الالتزام لا بنحو التعليق في الضمان. و جواز الفسخ لتخلّف الشرط كأصل الشرط و إن كان على القاعدة؛ لكن حيث يستلزم اشتغال ذمّة المضمون عنه بعد الخلوّ و ذلك بدون رضاه خلاف القاعدة، فالقول بأنّ الفسخ مع التخلّف موقوف على رضا المضمون عنه لايخلو عن سداد (3). الگلپايگاني: و ذلك لكون العبد حينئذٍ مصداقاً للمفلس و المعسر، و المفروض جهل الضامن به (4). مكارم الشيرازي: كلّ ذلك لشمول عمومات الضمان له. و غاية ما استدلّ به على عدم الجواز في بعض فروع المسألة امور ثلاثة: كونه من قبيل ضمان ما لم يجب، و عدم جواز زيادة الفرع على الأصل، و لزوم المماثلة، فإنّه نقل للدين مع

جميع صفاته؛ ولكن جميع ذلك كماترى، فإنّ ضمان ما لم يجب إنّما هو فيما لم يكن هناك دين، كنفقة الأيّام المستقبلة للزوجة؛ و الضمان ليس فرعاً من جميع الجهات، كما أنّ المماثلة إنّما تعتبر في مقدار الدين على إشكال؛ نعم، إذا كان الضمان من قبيل ضمّ الذمّة، أمكن الاستدلال بلزوم المماثلة و عدم زيادة الفرع على الأصل، ولكن كلام القوم في الضمان بمعنى نقل الذمّة إلى الذمّة، كما لايخفى (5). مكارم الشيرازي: ولكن إذا كان الإذن مقيّداً بالضمان المؤجّل، كما هو ظاهر العبارة أو محتملها، فلايجوز للضامن الرجوع إلى المضمون عنه قبل الأجل، لعدم إذنه في ذلك، كما هو المفروض؛ نعم، لو كان الإذن مطلقاً، لكنّه ضمنه مؤجّلًا، يصحّ ما ذكره في المتن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 704

فلو أسقط الضامن أجله و أدّى الدين قبل الأجل يجوز له الرجوع على المضمون عنه، لأنّ الّذي عليه كان حالًاّ و لم يصر مؤجّلًا بتأجيل الضمان. و كذا إذا مات قبل انقضاء أجله و حلّ ما عليه و اخذ من تركته، يجوز لوارثه الرجوع على المضمون عنه. و احتمال صيرورة أصل الدين مؤجّلًا حتّى بالنسبة إلى المضمون عنه ضعيف.

مسألة 9: إذا كان الدين مؤجّلًا فضمنه الضامن كذلك (1)، فمات و حلّ ما عليه و اخذ من تركته، ليس لوارثه الرجوع على المضمون عنه إلّابعد حلول أجل أصل الدين، لأنّ الحلول على الضامن بموته لايستلزم الحلول على المضمون عنه. و كذا لو أسقط أجله و أدّى الدين قبل الأجل، لايجوز له الرجوع على المضمون عنه إلّابعد انقضاء الأجل.

مسألة 10: إذا ضمن الدين المؤجّل حالًاّ بإذن المضمون عنه (2)، فإن فهم من إذنه رضاه بالرجوع عليه يجوز للضامن ذلك، و إلّافلايجوز (3) إلّابعد انقضاء الأجل، و الإذن في الضمان أعمّ

من كونه حالًاّ.

مسألة 11: إذا ضمن الدين المؤجّل بأقلّ من أجله و أدّاه، ليس له (4) الرجوع على المضمون عنه إلّابعد انقضاء أجله (5). و إذا ضمنه بأزيد من أجله فأسقط الزائد و أدّاه، جاز له الرجوع عليه، على ما مرّ من أنّ أجل الضمان لايوجب صيرورة أصل الدين مؤجّلًا، و كذا (1). مكارم الشيرازي: المراد به ما كان بإذن المضمون عنه، و إلّالايترتّب عليه هذه الآثار (2). الامام الخميني: إذا صرّح بضمانه حالًاّ فالأقرب الرجوع عليه مع أدائه

مكارم الشيرازي: و دليله ظاهر، فإنّ جواز الرجوع إلى المضمون عنه عموماً أو خصوصاً تابع لمقدار ظهور كلامه في الإذن، و ليس هنا محلّ التمسّك بعمومات جواز رجوع الضامن إليه، لأنّه من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة؛ فالمدار دائماً ظهور إذن المضمون عنه (3). الگلپايگاني: لايبعد كفاية الإذن في الضمان حالًاّ في جواز الرجوع، و لعلّه المراد بقوله: الإذن في الضمان أعمّ من كونه حالًاّ (4). الامام الخميني: إلّاإذا صرّح المضمون عنه بضمانه أقلّ من أجله، فإنّ الأقرب معه جواز الرجوع عليه مع الأداء (5). مكارم الشيرازي: الأقوى فيه التفصيل بين ما إذا صرّح في مقام الإذن بأنّه راضٍ بضمانه قبل الأجل و يؤدّيه، أو كان كلامه ظاهراً في ذلك و بين ماكان الإذن مطلقاً و لم يكن له ظهور، ففي الأوّل يرجع إلى المضمون عنه، دون الثاني؛ و هذا الكلام يجري في الفرع الآتي، بل و غيره

العروة الوثقى، ج 2، ص: 705

إذا مات بعد انقضاء أجل الدين قبل انقضاء الزائد فأخذ من تركته، فإنّه يرجع على المضمون عنه.

مسألة 12: إذا ضمن بغير إذن المضمون عنه، برئت ذمّته و لم يكن له الرجوع عليه و إن كان أداؤه بإذنه أو أمره، إلّاأن

يأذن له في الأداء عنه تبرّعاً منه في وفاء دينه، كأن يقول: أدّ ما ضمنت عنّي وارجع به علىّ، على إشكال (1) في هذه الصورة أيضاً؛ من حيث إنّ مرجعه حينئذٍ إلى الوعد الّذي لايلزم الوفاء به. و إذا ضمن بإذنه فله الرجوع عليه بعد الأداء و إن لم يكن بإذنه، لأنّه بمجرّد الإذن في الضمان اشتغلت ذمّته من غير توقّف على شي ء؛ نعم، لو أذن له في الضمان تبرّعاً فضمن، ليس له الرجوع عليه، لأنّ الإذن على هذا الوجه كلا إذن.

مسألة 13: ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه في صورة الإذن، إلّابعد أداء مال الضمان على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف (2) فيه؛ و إنّما يرجع عليه بمقدار ما أدّى، فليس له المطالبة قبله (3)، إمّا لأنّ ذمّة الضامن و إن اشتغلت حين الضمان بمجرّده إلّاأنّ ذمّة المضمون عنه لاتشتغل إلّابعد الأداء و بمقداره، و إمّا لأنّها تشتغل حين الضمان لكن بشرط الأداء، فالأداء على هذا كاشف عن الاشتغال من حينه، و إمّا لأنّها و إن اشتغلت بمجرّد الضمان إلّاأنّ جواز المطالبة مشروط بالأداء، و ظاهرهم هو الوجه الأوّل (4)، و على أىّ حال (1). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه و ليس مرجعه إلى الوعد

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا إشكال في كونه وعداً ابتدائيّاً و لايدخل في مسألة أمر الآمر الموجب للضمان، فإنّ المفروض انتقال الدين بضمان الضامن، فالضامن إنّما يؤدّي دين نفسه و الإذن لا أثر له؛ و عبارة المتن أيضاً لايخلو عن تشويش (2). الگلپايگاني: إلّاعن الشيخ قدس سره حيث حكم في المبسوط بأنّه إذا ضمن بإذنه كان له مطالبة المضمون عنه بتخليصه عن الدين و إن لم يطالبه المضمون له، و اختاره العلّامة قدس سره

في التحرير؛ اللّهم إلّاأن يكون المقصود أن ليس له الرجوع بأخذ الدين بحيث يملكه قبل الأداء، فهو صحيح و الظاهر عدم الخلاف فيه (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ هذا الحكم موافق للقاعدة و ذهاب المشهور إليه من هذه الناحية، كما أنّ رواية عمر بن يزيد و كذا رواية ابن بكير أيضاً ناظرتان إليه؛ و حاصله: إنّ اشتغال ذمّة الضامن بدين لايكون دليلًا على اشتغال ذمّة المضمون عنه للضامن، فإنّ هذا الاشتغال إنّما هو بمقتضى إذنه و ظاهر الإذن أنّه يؤدّيه إذا أدّى الدين، لا غير؛ حتّى لو شككنا في ذلك، فالأصل براءة ذمّة المضمون عنه قبل أداء الضامن دينه (4). الخوئي: و هو الّذي تقتضيه القاعدة

الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما هو صريح بعضهم و ظاهر الباقي حتّى مثل الشيخ قدس سره في المبسوط و العلّامة قدس سره في التحرير؛ فإنّ الحكم بجواز مطالبة الضامن المضمون عنه بتخليصه عن الدين غير الحكم باشتغال ذمّة المضمون عنه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 706

لا خلاف في أصل الحكم و إن كان مقتضى القاعدة (1) جواز المطالبة و اشتغال ذمّته (2) من حين الضمان في قبال اشتغال ذمّة الضامن؛ سواء أدّى أو لم يؤدّ. فالحكم المذكور على خلاف القاعدة ثبت بالإجماع و خصوص الخبر: «عن رجل ضمن ضماناً ثمّ صالح عليه قال: ليس له إلّاالّذي صالح عليه» بدعوى الاستفادة منه أن ليس للضامن إلّاما خسر. و يتفرّع على ما ذكروه (3) أنّ المضمون له لو أبرأ ذمّة الضامن عن تمام الدين ليس له الرجوع على المضمون عنه أصلًا، و إن أبرأه من البعض ليس له الرجوع بمقداره، و كذا لو صالح معه بالأقلّ كما هو مورد الخبر، و كذا لو ضمن عن الضامن ضامن

تبرّعاً فأدّى، فإنّه حيث لم يخسر بشي ء لم يرجع على المضمون عنه و إن كان بإذنه، و كذا لو وفّاه عنه غيره تبرّعاً.

مسألة 14: لو حسب المضمون له على الضامن ما عليه، خمساً أو زكاة أو صدقة، فالظاهر أنّ له الرجوع على المضمون عنه و لايكون ذلك في حكم الإبراء، و كذا لو أخذه منه ثمّ ردّه عليه هبةً؛ و أمّا لو وهبه ما في ذمّته، فهل هو كالإبراء أو لا؟ وجهان (4). و لو مات (1). الامام الخميني: كون مقتضى القاعدة ما ذكره ممنوع، بل الظاهر أنّ مجرّد إذنه بالضمان و ضمانه و اشتغال ذمّته لايوجب اشتغال ذمّة المضمون عنه و لو للأصل و عدم الدليل عليه؛ نعم، بعد الأداء لا إشكال نصّاً و فتوىً في جواز الرجوع و اشتغال ذمّته، و يمكن استفادة ما ذكر من الرواية المشار إليها أيضاً (2). الگلپايگاني: بل الأوفق بالقواعد هو الأوّل، لأنّ إنشاء الضمان إنشاء لاشتغال ذمّة الضامن بما في ذمّة المضمون عنه للمضمون له و يعبّر عنه بانتقال ما في ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن و ليس فيه من اشتغال ذمّة المضمون عنه عين و لا أثر، و لكن حيث إنّ أداء الضامن دينه من مال نفسه بإذنه يكون بمنزلة أداء المضمون عنه و إتلافه ذلك المال و استيفائه فيشتغل ذمّته به له؛ و أمّا اشتغال ذمّته بمجرّد اشتغال ذمّة الضامن فلا دليل له ما لم ينجرّ إلى إتلاف المال (3). مكارم الشيرازي: هذه الفروع على المختار من أنّ المسألة مبنيّة على القاعدة واضحة؛ ولكن بناءًعلى ما ذكره الماتن قدس سره من كونها مخالفة للقاعدة و أنّها ثابتة بالنصّ، لايخلو بعضها عن خفاء (4). الامام الخميني: أقواهما الأوّل

الخوئي: لايبعد أن يكون

ثانيهما أقرب

مكارم الشيرازي: لو كان هبة ما في الذمّة بحسب الماهيّة غير الإبراء، كان الوجه الثاني وجيهاً؛ ولكنّ الكلام في اختلافهما موضوعاً و ماهيّةً؛ بخلاف الإرث الّذي يأتي حكمه في ذيل المسألة؛ فما في بعض حواشي الأعلام من قياس الإرث على الهبة، غير صحيح قطعاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 707

المضمون له، فورثه الضامن، لم يسقط (1) جواز الرجوع به على المضمون عنه.

مسألة 15: لو باعه أو صالحه المضمون له بما يسوّي أقلّ من الدين، أو وفّاه الضامن بما يسوّي أقلّ منه، فقد صرّح بعضهم بأنّه لايرجع على المضمون عنه إلّابمقدار ما يسوّي، و هو مشكل (2) بعد كون الحكم على خلاف القاعدة (3) و كون القدر المسلّم غير هذه الصور و ظاهر خبر: «الصلح الرضا من الدين بأقلّ منه»، لا ما إذا صالحه بما يسوّي أقلّ منه؛ و أمّا لو باعه أو صالحه أو وفّاه الضامن بما يسوّي أزيد، فلا إشكال في عدم جواز الرجوع بالزيادة.

مسألة 16: إذا دفع المضمون عنه إلى الضامن مقدار ما ضمن قبل أدائه، فإن كان ذلك بعنوان الأمانة ليحتسب بعد الأداء عمّا له عليه، فلا إشكال و يكون في يده أمانة لايضمن لو تلف إلّابالتعدّي أو التفريط؛ و إن كان بعنوان وفاء ما عليه، فإن قلنا باشتغال ذمّته حين الضمان و إن لم يجب عليه دفعه إلّابعد أداء الضامن، أو قلنا باشتغاله حينه بشرط الأداء بعد ذلك على وجه الكشف، فهو صحيح و يحتسب وفاءً، لكن بشرط حصول الأداء من الضامن على التقدير الثاني؛ و إن قلنا إنّه لاتشتغل ذمّته إلّابالأداء و حينه، كما هو ظاهر المشهور (4)، فيشكل صحّته وفاءً، لأنّ المفروض عدم اشتغال ذمّته بعد، فيكون في يده كالمقبوض بالعقد الفاسد، و بعد الأداء ليس

له الاحتساب إلّابإذن جديد أو العلم ببقاء (1). الگلپايگاني: الفرق بين سقوط الدين بالهبة و سقوطه بالإرث غير واضح، حيث حكم في الأوّل بأنّ في كونه كالإبراء أو لا، وجهان، و حكم في الثاني بعدم السقوط جزماً (2). الگلپايگاني: بل لا إشكال فيه و لا ظهور للخبر في خصوص الرضا من الدين بأقلّ منه؛ و قد مرّ أنّ الحكم على القاعدة

مكارم الشيرازي: لا إشكال فيه بعد ما عرفت من كون الحكم موافقاً للقاعدة؛ و شمول الروايتين له أيضاً غير بعيد (3). الامام الخميني: مرّ منع كونه على خلاف القاعدة، لكنّ المسألة مع ذلك محلّ إشكال بجميع صورها

الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه و الحكم على طبق القاعدة، و خبر الصلح مطلق (4). الامام الخميني: و هو الأشبه، كما مرّ

الگلپايگاني: و قد مرّ أنّه الأقوى

مكارم الشيرازي: و هو المختار، كما عرفت في المسائل السابقة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 708

الرضا به (1).

مسألة 17: لو قال الضامن للمضمون عنه: ادفع عنّي إلى المضمون له ما علىّ من مال الضمان، فدفع، برئت ذمّتهما معاً؛ أمّا الضامن فلأنّه قد أدّى دينه، و أمّا المضمون عنه فلأنّ المفروض أنّ الضامن لم يخسر، كذا قد يقال؛ و الأوجه (2) أن يقال: إنّ الضامن حيث أمر المضمون عنه بأداء دينه فقد اشتغلت ذمّته بالأداء، و المفروض أنّ ذمّة المضمون عنه أيضاً مشغولة له، حيث إنّه أذن له في الضمان، فالأداء المفروض موجب لاشتغال ذمّة الضامن من حيث كونه بأمره و لاشتغال ذمّة المضمون عنه، حيث إنّ الضمان بإذنه و قد وفى الضامن فيتهاتران أو يتقاصّان (3)؛ و إشكال صاحب الجواهر في اشتغال ذمّة الضامن بالقول المزبور في غير محلّه.

مسألة 18: إذا دفع المضمون عنه إلى المضمون له من غير

إذن الضامن برئا معاً، كما لو دفعه أجنبيّ عنه.

مسألة 19: إذا ضمن تبرّعاً فضمن عنه ضامن بإذنه و أدّى، ليس له الرجوع على المضمون عنه، بل على الضامن، بل و كذا لو ضمن بالإذن فضمن عنه ضامن بإذنه، فإنّه بالأداء يرجع على الضامن و يرجع هو على المضمون عنه الأوّل. (1). مكارم الشيرازي: قد يقال، كما في المستمسك، بأنّه يكفي الشكّ في بقاء الرضا، فيستصحب؛ ولكن يمكن الإيراد عليه بأنّه من قبيل الأصل المثبت و أنّ عنوان الوفاء قد حصل من ضمّ الاستصحاب إلى الوجدان بتحقّق الدين بأداء الضامن؛ و من المعلوم أنّ عنوان البقاء بسيط و من اللوازم العقليّة لهما، فتأمّل (2). الگلپايگاني: بل الأوجه التفصيل بين القول باشتغال ذمّة المضمون عنه حين الضمان فيشتغل ذمّة الضامن للمضمون عنه بالأداء بإذنه فيتهاتران و بين القول بعدم الاشتغال إلّابعد أداء الضامن، فإن أدّى المضمون عنه مجّاناً فلاتشتغل ذمّته لعدم خسران الضامن و إن أدّى بإذنه بقصد أخذ العوض منه، فإن أعطاه الضامن عوض ما أدّى عنه بإذنه اشتغل ذمّته له بالدين لأنّه خسر بإعطائه و إلّافلا، كما مرّ في أداء الضامن (3). الامام الخميني: لا معنى للتقاصّ هاهنا، وأمّا التهاتر فوجيه

الخوئي: لا موقع للمقاصّة في المقام، و برائة الذمّتين إنّما هي من جهة التهاتر

مكارم الشيرازي: ليس هنا موضع التقاصّ، إلّاأن يقال إنّ المراد منه التقاصّ القهريّ، ولكنّه يرجع بالمآل إلى التهاتر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 709

مسألة 20: يجوز أن يضمن الدين بأقلّ منه برضا المضمون له، و كذا يجوز أن يضمنه بأكثر منه (1)، و في الصورة الاولى لايرجع على المضمون عنه مع إذنه في الضمان إلّابذلك الأقلّ، كما أنّ في الثانية لايرجع عليه إلّابمقدار الدين،

إلّاإذا أذن المضمون عنه في الضمان بالزيادة.

مسألة 21: يجوز الضمان بغير جنس (2) الدين (3)، كما يجوز الوفاء بغير الجنس، و ليس له أن يرجع على المضمون عنه إلّابالجنس الّذي عليه إلّابرضاه.

مسألة 22: يجوز الضمان بشرط الرهانة (4) فيرهن بعد الضمان، بل الظاهر جواز اشتراط كون الملك الفلانيّ رهناً بنحو شرط النتيجة (5) في ضمن عقد الضمان.

مسألة 23: إذا كان على الدين الّذي على المضمون عنه رهن، فهل ينفكّ بالضمان أو (1). الامام الخميني: فيه إشكال

الگلپايگاني: مشكل، إلّابمعنى الالتزام بإعطاء شي ء زائد عليه مجّاناً

الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: الضمان بالأكثر مشكل جدّاً، لمنافاته لحقيقة الضمان؛ سواء كان بمعنى نقل الذمّة أو ضمّ ذمّة إلى ذمّة؛ و لما فيه من شبهة الربا، بناءً على جريانه في مطلق المعاوضات؛ و أمّا الضمان بأقلّ من الدين فحيث إنّه لا معنى له إلّاإبراء بعض الدين، فهو صحيح على كلّ حال (2). الگلپايگاني: بمعنى اشتراط الأداء من غير الجنس، و إلّافمشكل (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: ولكنّه في الحقيقة يرجع إلى معاوضة في ضمن عقد الضمان، و هو معاوضة جنس الدين بجنس آخر؛ و هكذا مسألة وفاء الدين بغير جنسه؛ و أمّا تصحيحه من باب الاشتراط فهو مشكل، لأنّه شرط مخالف لمقتضى العقد؛ هذا، ولو كان في التبديل بغير الجنس محاباة، فالظاهر عدم جواز رجوع الضامن على المضمون عنه إلّابهذا المقدار (4). الخوئي: هذا إنّما يتمّ فيما إذا كان الشرط بنحو شرط النتيجة؛ و أمّا إذا كان الشرط بنحو شرط الفعل فلايصحّ، لأنّ مرجعه إلى جعل الخيار فيه و قد تقدّم أنّ الخيار لايدخل في عقد الضمان (5). الگلپايگاني: لكن ذلك لايوجب سقوط اشتراط صحّة

الرهن بالقبض

مكارم الشيرازي: و الدليل على صحّته فيما لم يشترط في صيغة خاصّة (كالنكاح و الطلاق) هو عمومات أدلّة الشروط؛ ولايعتبر في الشرط التمليك و لا إضافته إلى مالكه، كما قيل، بل المعتبر فيه أن يكون في الشرط نفع عائد إلى أحد الطرفين، لا غير

العروة الوثقى، ج 2، ص: 710

لا (1)؟ يظهر من المسالك و الجواهر انفكاكه (2)، لأنّه بمنزلة الوفاء، لكنّه لايخلو عن إشكال (3)، هذا مع الإطلاق؛ و أمّا مع اشتراط البقاء أو عدمه فهو المتّبع.

مسألة 24: يجوز اشتراط الضمان في مال معيّن (4) على وجه التقييد (5) أو على نحو الشرائط في العقود، من كونه من باب الالتزام في الالتزام، و حينئذٍ يجب على الضامن الوفاء من ذلك المال بمعنى صرفه فيه؛ و على الأوّل إذا تلف ذلك المال يبطل الضمان و يرجع المضمون له على المضمون عنه، كما أنّه إذا نقص يبقى الناقص في عهدته (6)؛ و على الثاني لايبطل، بل (1). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط؛ و اختار غير واحد من المحشّين انفكاك الرهن، و لعلّ نظرهم في ذلك إلى أنّ الرهن كان على خصوص دينه، لا دين الضامن، لا لأنّه لايجوز رهن مال إنسان لدين غيره فإنّ ذلك جائز بالإجماع، بل لأنّ ظاهر الرهن كونه وثيقة لخصوص الدين المضمون عنه؛ بل لو شكّ في ذلك يشكل استصحاب بقاء الرهن، لتبدّل الموضوع، فإنّ تعلّق الرهن بهذا الدين شي ء غير تعلّقه بالآخر. المسألة مع ذلك غير صافية عن الإشكال، فلايُترك الاحتياط (2). الخوئي: و هو الصحيح (3). الامام الخميني: لكنّ الفكّ هو الأقوى

الگلپايگاني: الظاهر أنّه لا إشكال فيه (4). الگلپايگاني: بأن يشترطا الأداء منه (5). الامام الخميني: صحّته كذلك محلّ إشكال، بل

منع، إلّاإذا كان كلّيّاً في المعيّن فإنّ له وجه صحّة، فإنّ الكلّي في المعيّن لايخرج عن الكلّيّة و الذمّة على ما هو التحقيق، فيكون ضمانه في دائرة المعيّن؛ فمع تلف الكلّ يبطل الضمان و مع بقاء مقدار الدين لايبطل و يتعيّن للأداء و مع بقاء ما ينقص عنه يبطل بالنسبة

الخوئي: لايظهر معنى متحصّل للتقييد في المقام، فينحصر الأمر في الاشتراط و لايترتّب عليه إلّاوجوب الوفاء بالشرط، لما مرّ من الإشكال في ثبوت الخيار بتخلّفه

الگلپايگاني: ظاهره تقيّد الضمان بأداء العين و هو يرجع إلى التعليق الباطل بالإجماع و لم أجد من تعرّض للمسألة إلّاالعلّامة قدس سره و هو المتفرّد به على ما في مفتاح الكرامة، و الظاهر أنّ مقصوده الاشتراط دون التقييد، كما أنّ صاحب مفتاح الكرامة حمل كلامه عليه من دون ذكر احتمال آخر

مكارم الشيرازي: التقييد مشكل إلّاأن يرجع إلى الاشتراط؛ و ذلك لما ذكرناه غير مرّة من أنّ التقييد الّذي يرجع إلى مقوّمات العقد، ليس في اختيار المتبايعين، و إنّما هو بارتكاز العرف و العقلاء؛ فلو أخذ المشتري وصف الصحّة في المبيع على نحو التقييد، أشكل الحكم ببطلان البيع بانتفاء وصف الصحّة، فإنّها ليست من المقوّمات في نظر العرف؛ فما فرّع عليه في المتن من بطلان الضمان بتلف المال، غير ثابت (6). مكارم الشيرازي: ينبغي التفصيل على مختاره هنا أيضاً بين كون المجموع قيداً أو كلّ جزء كذلك؛ فعلى الأوّل يتوجّه الحكم بالبطلان، ولكن قد عرفت الإشكال في أصل التقييد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 711

يوجب الخيار لمن له الشرط، من الضامن (1) أو المضمون له (2) أو هما، و مع النقصان يجب على الضامن الإتمام مع عدم الفسخ. و أمّا جعل الضمان في مال

معيّن من غير اشتغال ذمّة الضامن، بأن يكون الدين في عهدة ذلك المال، فلايصحّ (3).

مسألة 25: إذا أذن المولى لمملوكه في الضمان في كسبه، فإن قلنا: إنّ الضامن هو المولى، للانفهام العرفي أو لقرائن خارجيّة، يكون من اشتراط الضمان في مال معيّن، و هو الكسب الّذي للمولى، و حينئذٍ فإذا مات العبد تبقى ذمّة المولى مشغولة إن كان على نحو الشرط في ضمن العقود، و يبطل (4) إن كان على وجه التقييد (5)، و إن انعتق يبقى وجوب الكسب (6) عليه (7).

و إن قلنا: إنّ الضامن هو المملوك و إنّ مرجعه إلى رفع الحجر عنه بالنسبة إلى الضمان، فإذا مات لايجب على المولى شي ء و تبقى ذمّة المملوك مشغولة يمكن تفريغه بالزكاة و نحوها، و إن انعتق يبقى الوجوب عليه.

مسألة 26: إذا ضمن اثنان أو أزيد عن واحد، فإمّا أن يكون على التعاقب أو دفعةً؛ فعلى الأوّل، الضامن من رضي المضمون له بضمانه، و لو أطلق الرضا بهما كان الضامن هو السابق، (1). الگلپايگاني: ثبوت الخيار للضامن بالتلف عنده محلّ منع و لو كان هو المشروط له، لأنّ الشرط على المضمون له معناه عدم استنكافه من أخذه و ليس من شأنه أن يلتزم بغير ذلك، فلا خيار للضامن إلّامع استنكاف المضمون له من الأخذ (2). مكارم الشيرازي: و قد يقال: إنّه في صورة التلف لم يتخلّف المضمون له من الشرط، فكيف يكون خيار للضامن؟ بل الضامن غير قادر على الأداء من المال المعيّن؛ ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ ملاك خيار تخلّف الشرط ليس استنكاف المشروط عليه، بل المدار على عدم تعهّد المشروط له بأكثر من صورة وجود الشرط، و هنا لم يتعهّد الضامن أزيد من أداء الدين من مال

معيّن؛ فإذا تلف، لم يكن عليه شي ء من هذه الجهة (3). مكارم الشيرازي: إن كان المراد أنّه لايصحّ بعنوان الضمان، فهو حقّ؛ و أمّا إن كان المراد أنّه لايصحّ مطلقاً حتّى بعنوان عقد جديد بين ما في ذمّة المضمون عنه و العين الخارجيّة، فلا وجه له بعد عموم صحّة العقود (4). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في أصل الضمان بنحو التقييد (5). الخوئي: مرّ آنفاً أنّه لا محصّل له في المقام (6). الامام الخميني: لا وجه له في الفرض (7). الخوئي: بل تبقى ذمّة المولى مشغولة، كما في الموت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 712

و يحتمل قويّاً كونه كما إذا ضمنا دفعةً (1)، خصوصاً بناءً على اعتبار القبول (2) من المضمون له، فإنّ الأثر حاصل بالقبول نقلًا لا كشفاً. و على الثاني إن رضي بأحدهما دون الآخر فهو الضامن؛ و إن رضي بهما معاً ففي بطلانه، كما عن المختلف و جامع المقاصد و اختاره صاحب الجواهر، أو التقسيط بينهما بالنصف أو بينهم بالثلث إن كانوا ثلاثة و هكذا، أو ضمان كلّ منهما فللمضمون له مطالبة من شاء كما في تعاقب الأيدي، وجوه (3)؛ أقواها الأخير (4)، و عليه إذا أبرأ المضمون له واحداً منهما برأ دون الآخر، إلّاإذا علم إرادته إبراء أصل الدين لا خصوص ذمّة ذلك الواحد.

مسألة 27: إذا كان له على رجلين مال فضمن كلّ منهما ما على الآخر بإذنه، فإن رضي المضمون له بهما صحّ (5)، و حينئذٍ فإن كان الدينان متماثلين جنساً و قدراً تحول ما على كلّ منهما إلى ذمّة الآخر، و يظهر الثمر في الإعسار (6) و اليسار و في كون أحدهما عليه رهن دون الآخر بناءً على افتكاك الرهن بالضمان؛ و

إن كانا مختلفين قدراً أو جنساً أو تعجيلًا و تأجيلًا (1). الخوئي: هذا هو المتعيّن (2). الگلپايگاني: كما هو الأقوى

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ القبول معتبر في الضمان؛ ولكن إذا تأخّر القبول عن الإيجاب، كان الحكم كما ذكره؛ و إن كان الضامن هو الأوّل، كما هو الظاهر، فلابدّ من التفصيل في المسألة (3). الخوئي: هذا إذا لم يكن ضمان المتعدّد من ضمان المجموع، و إلّافلاينبغي الشكّ في لزوم التقسيط؛ و أمّاإذا كان بنحو ضمان المتعدّد استقلالًا فهو باطل على الأظهر (4). الامام الخميني: بل أضعفها، لعدم إمكان ضمان الاثنين تمام المال على وجه النقل الذي هو معنى الضمان على المذهب الحقّ، و لايبعد كون الأوّل أقرب الوجوه

الگلپايگاني: بل الأوّل

مكارم الشيرازي: هذا بناءً على كون الضمان من قبيل ضمّ ذمّة إلى ذمّة واضح؛ و أمّا بناءً على كونه من قبيل النقل، فهو أيضاً لا مانع منه و يكون كالواجبات الكفائيّة و كالضمان في تعاقب الأيدي. و القول بأنّ الضامن من تلف العين في يده، كما في الجواهر، بعيد، لأنّ نسبة «على اليد» نسبة واحدة لجميع الأيدي (5). مكارم الشيرازي: إنّما يصحّ إذا كان له ثمرة، كما أشار إليه في المتن؛ و أمّا لو كانا متساويين من جميع الجهات و كان البناء على ضمان كلّ من الآخر كان لغواً و شبيهاً بالهزل، فيبطل؛ و اعلم أنّ حقّ العبارة أن يقال: إذا كان له على كلّ واحد من رجلين مال ... (6). الگلپايگاني: و كذا في إبراء صاحب الدين دينه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 713

أو في مقدار الأجل، فالثمر ظاهر. و إن رضي المضمون له بأحدهما دون الآخر، كان الجميع عليه، و حينئذٍ فإن أدّى الجميع

رجع على الآخر بما أدّى، حيث إنّ المفروض كونه مأذوناً منه، و إن أدّى البعض، فإن قصد كونه ممّا عليه أصلًا أو ممّا عليه ضماناً فهو المتّبع و يقبل قوله إن ادّعى ذلك، و إن أطلق و لم يقصد أحدهما فالظاهر التقسيط (1)، و يحتمل القرعة، و يحتمل كونه مخيّراً في التعيين بعد ذلك، و الأظهر الأوّل.

و كذا الحال في نظائر المسألة، كما إذا كان عليه دين عليه رهن و دين آخر لا رهن عليه فأدّى مقدار أحدهما أو كان أحدهما من باب القرض و الآخر ثمن مبيع، و هكذا؛ فإنّ الظاهر في الجميع التقسيط (2)، و كذا الحال إذا أبرأ المضمون له مقدار أحد الدينين مع عدم قصد كونه من مال الضمان أو من الدين الأصليّ، و يقبل قوله إذا ادّعى التعيين في القصد، لأنّه لايعلم إلّا من قبله.

مسألة 28: لايشترط علم الضامن (3) حين الضمان بثبوت الدين على المضمون عنه، كما لايشترط العلم بمقداره (4)، فلو ادّعى رجل على آخر ديناً فقال: علىّ ما عليه، صحّ. و حينئذٍ (1). الامام الخميني: محلّ تأمّل، بل احتمال القرعة أقرب، و أقرب منه عدم جواز الرجوع إلى المضمون عنه إلّامع العلم بالأداء لما عليه ضماناً، و كذا نظائر المسألة، فلايفكّ الرهان إلّامع العلم بافتكاكه بأداء الدين الّذي له رهن و كذا الحال في الإبراء

الخوئي: بل الظاهر أنّه يقع وفاءً لما في ذمّته أصلًا، فلايجوز له الرجوع على المضمون عنه ما لم يقصد وفاء ما وجب عليه من قبله، و الوجه في ذلك أنّ الرجوع عليه من آثار أداء ما ثبت في ذمّته من قبله، فما لم يقصد بخصوصه لايترتّب أثره؛ و بذلك يظهر حال نظائر المسألة

مكارم الشيرازي: و الوجه

فيه أنّ كلا الدينين في ذمّته، من دون فرق بينهما؛ و كون أحدهما أصالةً و الآخر من ناحية الضمان، ليسا من العناوين القصديّة حتّى يحتاج إلى القصد، فإذاً يسقط من المجموع و لازمه التفصيل؛ و أمّا القرعة، فليس هنا محلّها، كما نبّهنا عليه في قاعدة القرعة من كتابنا «القواعد الفقهيّة» (2). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه أيضاً ما عرفت من أنّ أداء الدين بنفسه و إن كان من العناوين القصديّة، ولكن كونه من الدين المرهون عليه أو من غيره لايحتاج إلى القصد، و إلّاكان أداؤه بدونهما باطلًا، مع أنّه خلاف الوجدان؛ و حيث لاترجيح بينهما، فاللازم التقسيط (3). الگلپايگاني: فيه تأمّل و إشكال (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لما عرفت من أنّ العلم بحدود الدين لازم، إذا كان الجهل به موجباً لغرر و كان العقد سفهيّاً؛ نعم، إذا علم مقداره على فرض ثبوته، لا مانع من الضمان؛ و هو نظير الطلاق احتياطاً إذا شكّ في أصل النكاح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 714

فإن ثبت بالبيّنة يجب عليه أداؤه؛ سواء كانت سابقة أو لاحقة، و كذا إن ثبت بالإقرار السابق على الضمان أو باليمين المردودة (1) كذلك؛ و أمّا إذا أقرّ المضمون عنه بعد الضمان أو ثبت باليمين المردودة، فلايكون حجّة على الضامن إذا أنكره، و يلزم عنه (2) بأدائه في الظاهر (3). و لو اختلف الضامن و المضمون له في ثبوت الدين أو مقداره فأقرّ الضامن، أو ردّ اليمين على المضمون له فحلف، ليس له الرجوع على المضمون عنه إذا كان منكراً و إن كان أصل الضمان بإذنه، و لابدّ في البيّنة المثبتة للدين أن تشهد بثبوته حين الضمان؛ فلو شهدت بالدين اللاحق أو أطلقت

و لم يعلم سبقه على الضمان أو لحوقه، لم يجب على الضامن أداؤه.

مسألة 29: لو قال الضامن: علىّ ما تشهد به البيّنة، وجب عليه (4) أداء ما شهدت بثبوته حين التكلّم (5) بهذا الكلام، لأنّها طريق إلى الواقع و كاشف عن كون الدين ثابتاً حينه.

فما في الشرائع من الحكم بعدم الصحّة لا وجه له (6) و لا للتعليل الّذي ذكره بقوله:

لأنّه لايعلم ثبوته في الذمّة، إلّاأن يكون مراده في صورة إطلاق البيّنة المحتمل (1). مكارم الشيرازي: بناءً على حجيّة اليمين المردودة في جميع الموارد (2). الگلپايگاني: أي يلزم المضمون عنه بأداء ما أقرّ عليه أخذاً بإقراره (3). مكارم الشيرازي: على الأحوط؛ و أحوط منه التصالح بين المضمون له و المضمون عنه؛ و ذلك كلّه لأنّ المضمون عنه بعد الضمان المطلق صار كالأجنبيّ و انتقل الدين منه إلى ذمّة الضامن (بناءً على نقل الذمّة)، فإقراره حينئذٍ كإقرار الأجنبي، فلا وجه للرجوع إليه بعد العلم التفصيلي بفراغ ذمّته مهما كان، فتدبّر (4). الگلپايگاني: إذا كان أصل الدين ثابتاً و كان المجهول مقداره؛ و أمّا إذا كان أصل الدين غير محقّق فقد مرّالإشكال فيه، و لعلّه المقصود من تعليل الشرائع (5). مكارم الشيرازي: سواء كان أصل الدين ثابتاً و مقداره مجهولًا، أو كان أصل الدين مجهولًا، و ذلك لما هو محقّق من جواز الضمان على فرض ثبوت الدين؛ كما هو كذلك في الطلاق الاحتياطي أو الإبراء كذلك، أو غير ذلك من العقود الواقعة بعنوان الرجاء و الاحتياط؛ و ليس هذا من قبيل التعليق في الإنشاء، بل هو إنشاء بالرجاء (6). الامام الخميني: بل هو وجيه إن كان الثبوت بالبيّنة على وجه التقييد، بخلاف ما إذا كان على وجه المعرّفيّةو المشيريّة

إلى ما في ذمّته أو مقدار منه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 715

للثبوت بعد الضمان؛ و أمّا ما في الجواهر من أنّ مراده بيان عدم صحّة ضمان ما يثبت بالبيّنة من حيث كونه كذلك، لأنّه من ضمان ما لم يجب، حيث لم يجعل العنوان ضمان ما في ذمّته لتكون البيّنة طريقاً، بل جعل العنوان ما يثبت بها و الفرض وقوعه قبل ثبوته بها، فهو كماترى لا وجه له (1).

مسألة 30: يجوز الدور في الضمان، بأن يضمن عن الضامن ضامن آخر و يضمن عنه المضمون عنه الأصيل. و ما عن المبسوط من عدم صحّته لاستلزامه صيرورة الفرع أصلًا و بالعكس و لعدم الفائدة لرجوع الدين كما كان، مردود بأنّ الأوّل غير صالح للمانعيّة، بل الثاني أيضاً كذلك، مع أنّ الفائدة يظهر في الإعسار (2) و اليسار (3) و في الحلول و التأجيل و الإذن وعدمه، و كذا يجوز التسلسل بلا إشكال.

مسألة 31: إذا كان المديون فقيراً، يجوز أن يضمن (4) عنه بالوفاء من طرف الخمس أو الزكاة أو المظالم أو نحوها (5) من الوجوه الّتي تنطبق عليه إذا كانت ذمّته مشغولة بها فعلًا، بل و إن لم تشتغل (6) فعلًا على إشكال (7).

مسألة 32: إذا كان الدين الّذي على المديون زكاةً أو خمساً، جاز أن يضمن عنه ضامن (1). مكارم الشيرازي: لأنّ البيّنة لا موضوعيّة لها، بل هي طريق عرفيّ، و فرض الموضوعيّة لها نادر جدّاً (2). الگلپايگاني: و كذا في الإبراء و لوازمه (3). مكارم الشيرازي: و أىّ فائدة أظهر و أجلى من نقل الذمّة في كلّ ضمان؟ و إن هو إلّاكبيع متاع لزيد، ثمّ بيع زيد لعمرو، ثمّ اشتراء البايع الأوّل له، لأغراض شتّى (4). الامام الخميني: محلّ إشكال؛

نعم، لايبعد الجواز في بعض الأحيان للوليّ، فيشتغل ذمّته بعنوان الولايةفيؤدّي من الوجوه المنطبقة، و عليه لا دخالة فيه لاشتغال ذمّته بها (5). مكارم الشيرازي: في إطلاقه إشكال؛ و إنّما يصحّ ذلك إذا ضمن الضامن في ذمّة نفسه، ثمّ أدّاها من هذه الأموال؛ و القدر المتيقّن منه سهم الإمام عليه السلام فإنّه يعلم برضائه عليه السلام بأداء ذمّته من ماله إذا ضمن ممّن يكون مصرفاً لسهمه عليه السلام و كذا الزكاة من سهم سبيل اللّه، بناءً على كونه بمعنى مطلق ما يكون في سبيله، لا خصوص الجهاد و تبليغ الدين؛ وأمّا غيره، فلايخلو عن إشكال، لاحتمال وجوب التمليك للفقيه، فتأمّل (6). الگلپايگاني: فيه إشكال و إن كانت ذمّته مشغولة (7). الخوئي: لايبعد عدم الجواز فيه، بل و في سابقه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 716

للحاكم الشرعيّ (1)، بل و لآحاد الفقراء على إشكال (2).

مسألة 33: إذا ضمن في مرض موته، فإن كان بإذن المضمون عنه فلا إشكال في خروجه من الأصل (3)، لأنّه ليس من التبرّعات، بل هو نظير القرض و البيع بثمن المثل نسيئة؛ و إن لم يكن بإذنه فالأقوى خروجه من الأصل (4) كسائر المنجّزات؛ نعم، على القول بالثلث يخرج منه.

مسألة 34: إذا كان ما على المديون يعتبر فيه مباشرته، لايصحّ ضمانه، كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرةً و كما إذا اشترط أداء الدين من مال معيّن للمديون. و كذا لايجوز ضمان الكلّي في المعيّن، كما إذا باع صاعاً من صبرة معيّنة، فإنّه لايجوز الضمان عنه و الأداء من غيرها (5) مع بقاء (6) تلك الصبرة موجودة.

مسألة 35: يجوز ضمان النفقة الماضية للزوجة، لأنّها دين على الزوج؛ و كذا نفقة اليوم الحاضر لها إذا

كانت ممكنة في صبيحته، لوجوبها عليه حينئذٍ وإن لم تكن مستقرّة، لاحتمال نشوزها في أثناء النهار بناءً على سقوطها بذلك. و أمّا النفقة المستقبلة فلايجوز (7) ضمانها (1). مكارم الشيرازي: بمعنى أنّ الحاكم يقبل الضمان من ناحية الإمام عليه السلام أو من ناحية أرباب الزكاة، و إلّافالمضمون له واقعاً هو الإمام عليه السلام أو عنوان المساكين و شبهه، و ذلك لأنّ المالك الأصلي هو عليه السلام أو الجهة في باب الزكاة، و الحاكم يقبل ذلك بعنوان النيابة أو الولاية (2). الامام الخميني: بل منع

الخوئي: لا وجه لجوازه

الگلپايگاني: حتّى في الضمان للحاكم، و على فرض الصحّة فالمضمون له كلّيّ الفقير أو السادة و الحاكم وليّ لهم في قبول الضمان لا أنّه المضمون له (3). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان المضمون عنه ممّن لايوثق به، لأنّ قبول ضمانه يوجب وقوع المال في الخطر و قد يكون شبيهاً بالتبرّعات (4). مكارم الشيرازي: سيأتي إن شاء اللّه في محلّه (5). الگلپايگاني: بل و مع الأداء منها أيضاً، كما إذا كان المالك للكلّي في المعيّن من صبرة متعدّداً فضمن أحدهما عن الآخر، فإنّه يرجع إلى ضمان الأعيان و لايخلو عن إشكال

مكارم الشيرازي: بل لايجوز الضمان و الأداء منها؛ و ذلك لأنّ الضمان متقوّم بالدين و هنا ليس من الدين عين و لا أثر، لأنّ الكليّ في المعيّن عين خارجي؛ و لذا لو تلف جميع الصبرة بغير تفريط، تلف حقّه و لو بقي منه بمقدار حقّه، كان الباقي ملكاً له فقط (6). الامام الخميني: و كذا مع عدم بقائها (7). الامام الخميني: و هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 717

عندهم، لأنّه من ضمان ما لم يجب، و لكن لايبعد (1) صحّته (2)، لكفاية وجود

المقتضي و هو الزوجيّة. و أمّا نفقة الأقارب فلايجوز ضمانها بالنسبة إلى ما مضى، لعدم كونها ديناً على من كانت عليه، إلّاإذا أذن للقريب أن يستقرض و ينفق على نفسه أو أذن له الحاكم في ذلك، إذ حينئذٍ يكون ديناً عليه؛ و أمّا بالنسبة إلى ما سيأتي فمن ضمان ما لم يجب (3)، مضافاً إلى أنّ وجوب الإنفاق حكم تكليفيّ و لاتكون النفقة في ذمّته، و لكن مع ذلك لايخلو عن إشكال (4).

مسألة 36: الأقوى جواز ضمان (5) مال الكتابة؛ سواء كانت مشروطة أو مطلقة، لأنّه دين في ذمّة العبد و إن لم يكن مستقرّاً، لإمكان تعجيز نفسه. و القول بعدم الجواز مطلقاً أو في خصوص المشروطة معلّلًا بأنّه ليس بلازم و لايؤول إلى اللزوم ضعيف، كتعليله. و ربما يعلّل بأنّ لازم ضمانه لزومه مع أنّه بالنسبة إلى المضمون عنه غير لازم، فيكون في الفرع لازماً مع أنّه في الأصل غير لازم، و هو أيضاً كماترى.

مسألة 37: اختلفوا في جواز ضمان مال الجعالة قبل الإتيان بالعمل، و كذا مال السبق و الرماية، فقيل بعدم الجواز، لعدم ثبوته في الذمّة قبل العمل؛ و الأقوى (6) وفاقاً لجماعةٍ الجواز (7)، لا لدعوى ثبوته في الذمّة من الأوّل و سقوطه إذا لم يعمل و لا لثبوته من الأوّل (1). الگلپايگاني: بل بعيد (2). الخوئي: مرّ الكلام فيه (3). الگلپايگاني: ظاهر العبارة يوهم الفرق بين ما مضى و ما سيأتي، لكن لا فرق بينهما لأنّه مع الإذن في الاستقراض يصحّ فيهما و مع عدمه لايصحّ في كليهما (4). الامام الخميني: لا إشكال في بطلان الضمان

الخوئي: لاينبغي الإشكال في بطلان الضمان

الگلپايگاني: بل لا إشكال في عدم صحّته

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا

إشكال في بطلان هذا الضمان، لعين ما ذكره من أنّ ظاهر أدلّة وجوب هذه النفقة كونها حكماً تكليفيّاً، لا حقّاً و ديناً في الذمّة (5). الگلپايگاني: فيه إشكال (6). الگلپايگاني: لا قوّة فيه، فلايُترك الاحتياط (7). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

الامام الخميني: محلّ إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 718

بشرط مجي ء العمل في المستقبل، إذ الظاهر أنّ الثبوت إنّما هو بالعمل، بل لقوله تعالى: «و لمن جاء به حمل بعير و أنا به زعيم» (1) و لكفاية المقتضي (2) للثبوت في صحّة الضمان و منع اعتبار الثبوت الفعليّ، كما أشرنا إليه سابقاً.

مسألة 38: اختلفوا في جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد و نحوهما، على قولين، ذهب إلى كلّ منهما جماعة؛ و الأقوى (3) الجواز (4)؛ سواء كان المراد ضمانها بمعنى التزام ردّها عيناً و مثلها أو قيمتها على فرض التلف (5)، أو كان المراد ضمانها بمعنى التزام مثلها أو قيمتها إذا تلفت، و ذلك لعموم قوله صلى الله عليه و آله: «الزعيم غارم» و العمومات العامّة مثل قوله تعالى: «أوفوا بالعقود». و دعوى أنّه على التقدير الأوّل يكون من ضمان العين بمعنى الالتزام بردّها، مع أنّ الضمان نقل الحقّ من ذمّة إلى اخرى، و أيضاً لا إشكال في أنّ الغاصب أيضاً مكلّف بالردّ فيكون من ضمّ ذمّة إلى اخرى و ليس من مذهبنا، و على الثاني يكون من ضمان ما لم يجب كما أنّه على الأوّل أيضاً كذلك بالنسبة إلى ردّ المثل أو القيمة عند التلف، مدفوعة بأنّه لا مانع منه بعد شمول العمومات، غاية الأمر أنّه ليس (1). مكارم الشيرازي: الاستدلال بالآية الشريفة فرع كون «و أنا به زعيم» بمعنى الضمان

و أن يكون الجعالة من غيره أو من بيت المال حتّى لايتّحد الضامن و الجاعل، و إلّاكان من باب التأكيد؛ و أيضاً فرع كون هذا الضمان بإذن يوسف عليه السلام أو بمرأى و مسمع منه؛ و شي ء من هذه غير ثابت، و لاسيّما الثاني. فالعمدة في دليل جواز ضمان مال الجعالة هو كفاية المقتضي للثبوت، كما مرّ مراراً (2). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في كفايته (3). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الجواز (4). الامام الخميني: بل الأقوى عدم الجواز

الخوئي: الظاهر فيه التفصيل؛ فإنّ المنشأ إذا كان هو التعهّد الفعليّ للعين المضمونة ليترتّب عليه وجوب ردّها مع بقائها و دفع البدل عند تلفها، فلا بأس به للعمومات و لاسيّما أنّه متعارف في الخارج، و إذا كان اشتغال الذمّة بالبدل فعلًا على تقدير تلفها و اشتغال ذمّة الضامن الأوّل به متأخّراً فهو واضح الفساد، بل صحّته غير معقولة، و إذا كان اشتغال الذمّة بعد اشتغال ذمّة الضامن الأوّل به على نحو الواجب المشروط فصحّته مبتنية على عدم اعتبار التنجيز، و بذلك يظهر الحال في ضمان الأعيان غير المضمونة (5). مكارم الشيرازي: حقيقة الضمان في هذه الموارد أنّ العين في عهدته، المستفاد من قوله عليه السلام: «على اليد ما أخذت» فإذا كانت العين موجودة يردّها بشخصها، و إن كانت تالفة يردّها بنوعيّتها، فإن لم يكن لها مثل يردّها بماليّتها؛ فإذا كان الغاصب ضامناً و مأخوذاً بهذا الحكم الوضعي و كذا المستعير للعارية المضمونة و شبهها، فأىّ مانع من أن يضمن إنسان آخر ضماناً مثله

العروة الوثقى، ج 2، ص: 719

من الضمان المصطلح. و كونه من ضمان ما لم يجب لايضرّ بعد ثبوت المقتضي، و لا دليل على عدم صحّة (1) ضمان ما

لم يجب من نصّ أو إجماع و إن اشتهر في الألسن، بل في جملة من الموارد حكموا بصحّته، و في جملة منها اختلفوا فيه، فلا إجماع. و أمّا ضمان الأعيان الغير المضمونة كمال المضاربة و الرهن و الوديعة قبل تحقّق سبب ضمانها من تعدٍّ أو تفريط، فلا خلاف بينهم في عدم صحّته. والأقوى بمقتضى العمومات صحّته (2) أيضاً (3).

مسألة 39: يجوز عندهم (4) بلا خلاف بينهم ضمان درك (5) الثمن للمشتري إذا ظهر كون المبيع مستحقّاً للغير، أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحّته إذا كان ذلك بعد قبض الثمن كما قيّد به الأكثر، أو مطلقاً كما أطلق آخر، وهو الأقوى. قيل: و هذا مستثنى (6) من عدم ضمان الأعيان (7). هذا، و أمّا لو كان البيع صحيحاً و حصل الفسخ بالخيار أو التقايل أو تلف المبيع قبل القبض، فعلى المشهور (8) لم يلزم الضامن (9) و يرجع على البايع، لعدم ثبوت الحقّ وقت الضمان فيكون من ضمان ما لم يجب، بل لو صرّح بالضمان إذا حصل الفسخ لم يصحّ بمقتضى التعليل المذكور؛ نعم، في الفسخ بالعيب السابق أو اللاحق اختلفوا في أنّه هل (1). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ الأقوى عدم صحّته (2). الامام الخميني: بل الأقوى بطلانه (3). مكارم الشيرازي: إن كان ضمانه على فرض التعدّي و التفريط بأن يقول: أنا ضامن لفلان لو تعدّى أو فرّط في أمانتك، فهو صحيح قطعاً و رائج بين العقلاء عند استخدام العمّال، و ليس من قبيل التعليق في الإنشاء، بل في المنشأ؛ وأمّا إن كان الضمان على فرض عدم التعدّي أيضاً، فهو ليس بضمان، لأنّ حقيقة الضمان أن تكون ذمّة الغير مشغولة إمّا بالدين أو أداء العين أو المثل

أو القيمة؛ نعم، لا مانع من إدراجه في عقد جديد كعقد التأمين، يتعهّد بجبران الخسارة في مقابل أداء مال دفعة أو أقساطاً؛ و تمام الكلام في محلّه (4). الگلپايگاني: محلّ إشكال (5). الامام الخميني: مع بقاء الثمن في يد البايع محلّ تردّد؛ نعم، لا إشكال فيه مع تلفه (6). الخوئي: الاستثناء لم يثبت، بل الحال فيه هو الحال في ضمان بقيّة الأعيان الخارجيّة؛ و بذلك يظهر حال بقيّة المسألة (7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ ضمان الأعيان أيضاً صحيح في الجملة، فلايكون هذا استثناء (8). الامام الخميني: و هو المنصور فيه و فيما بعده؛ نعم، لايبعد ذلك في الأرش (9). الگلپايگاني: و هو الأقوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 720

يدخل في العهدة و يصحّ الضمان أو لا؟ فالمشهور على العدم (1)، و عن بعضهم دخوله، و لازمه الصحّة مع التصريح بالاولى؛ و الأقوى في الجميع، الدخول مع الإطلاق و الصحّة مع التصريح. و دعوى أنّه من ضمان ما لم يجب، مدفوعة بكفاية وجود السبب، هذا بالنسبة إلى ضمان عهدة الثمن إذا حصل الفسخ؛ و أمّا بالنسبة إلى مطالبة الأرش، فقال بعض من منع من ذلك بجوازها، لأنّ الاستحقاق له ثابت عند العقد، فلايكون من ضمان ما لم يجب، و قد عرفت أنّ الأقوى صحّة الأوّل أيضاً و أنّ تحقّق السبب حال العقد كافٍ، مع إمكان دعوى أنّ الأرش أيضاً لايثبت إلّابعد اختياره (2) و مطالبته (3)، فالصحّة فيه (4) أيضاً من جهة كفاية تحقّق السبب. و ممّا ذكرنا ظهر حال ضمان درك المبيع (5) للبايع.

مسألة 40: إذا ضمن عهدة الثمن فظهر بعض المبيع مستحقّاً، فالأقوى اختصاص ضمان الضامن بذلك البعض (6)، و في البعض الآخر يتخيّر المشتري بين الإمضاء و

الفسخ، لتبعّض الصفقة، فيرجع على البايع بما قابله. و عن الشيخ جواز الرجوع على الضامن بالجميع، و لا وجه له.

مسألة 41: الأقوى وفاقاً للشهيدين 0 (7) صحّة ضمان ما يحدثه المشتري من بناء أو (1). الگلپايگاني: و هو الأقوى (2). الگلپايگاني: هذا هو الصحيح، و لكن لمّا كان مطالبته عين اختياره فلا إشكال في اختياره بعد العقد ومطالبته (3). مكارم الشيرازي: الأظهر بحسب متفاهم العرف أنّ الأرش ثابت بسبب البيع، لأنّ وصف الصحّة لها حظّ من الثمن؛ غاية الأمر أنّه إذا اختار الفسخ، ينتفي موضوع الأرش؛ و تمام الكلام في محلّه في خيار العيب (4). الخوئي: لا وجه للصحّة لفرض أنّ الذمّة غير مشغولة بالأرش إلّابعد المطالبة، و عليه فلايصحّ ضمانه لأنّه من ضمان ما لايجب (5). الامام الخميني: يأتي فيه ما قوّينا في ضمان درك الثمن (6). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ في المسألة تفصيلًا؛ فلو كان الضمان مقيّداً بخصوص ما كان مستحقّاً للغير، فما ذكره في المتن واضح؛ و أمّا إن كان عامّاً لجميع ما يحصل بسبب العيب ولو من ناحية الفسخ بالخيار، كان الأقوى ما ذكره الشيخ، بناءً على كفاية السبب في صحّة الضمان، و لعلّ النزاع هنا لفظي (7). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 721

غرس في الأرض المشتراة إذا ظهر كونها مستحقّة للغير و قلع البناء و الغرس، فيضمن الأرش و هو تفاوت ما بين المقلوع و الثابت عن البايع، خلافاً للمشهور (1)، لأنّه من ضمان ما لم يجب و قد عرفت كفاية السبب. هذا، و لو ضمنه البايع، قيل: لايصحّ (2) أيضاً كالأجنبيّ، و ثبوته بحكم الشرع لايقتضي صحّة عقد الضمان المشروط بتحقّق الحقّ حال الضمان. و

قيل بالصحّة، لأنّه لازم بنفس العقد، فلا مانع من ضمانه، لما مرّ من كفاية تحقّق السبب، فيكون حينئذٍ للضمان سببان: نفس العقد، و الضمان بعقده. و يظهر الثمر فيما لو أسقط المشتري عنه حقّ الضمان الثابت بالعقد، فإنّه يبقى الضمان العقديّ، كما إذا كان لشخص خياران بسببين فأسقط أحدهما. و قد يورد عليه بأنّه لا معنى لضمان شخص عن نفسه (3)، و المقام من هذا القبيل. و يمكن أن يقال (4): لا مانع منه مع تعدّد الجهة (5)، هذا كلّه إذا كان بعنوان عقد الضمان؛ وأمّا إذا اشترط ضمانه فلا بأس (6) به، و يكون مؤكّداً لما هو (7) لازم العقد.

(1). الامام الخمينى: و هو المنصور.

الگلپايگانى: و هو الأقوى (2). الامام الخمينى: و هو الأقوى، بل لا وجه لضمان الشخص عن نفسه و لو مع تعدد الجهة.

(3). مكارم الشيرازى: و هذا هو الحق؛ وأما توجيه بتعدد الجهة بمعنى انطباق عنوانين على البابع، عنوانى البايع و الضامن، فهو تكلف واضح لا يساعده اعتبار العقلاء، بل المعتبر عندهم تعدد الضامن و المضمون عنه، لأن الحكمة فى الضمان عندهم كون الضامن أوثق أو أشد ربطا و اتصالا بالمضمون إليه من المضمون عنه، وهذا غير متصور فى شخص واحد، و قد عرفت غير مرة أن وجوب الوفاء بالعقود و شبهه منصرف قطعا إلى ما يتعارف عند العقلاء من العقود و العهود و الشروط.

(4). الخوئى: لكنه بعيد، بل لا وجه له اصلا.

(5). الگلپايگانى: بعد فرض كون العقد سببا لإثبات المال فى ذمة البايع فإثبات ذلك بالضمان تحصيل للحاصل و لا يفيده تعدد الجهة مع أن العقد الواقع على مال الغير ليس سببا للضمان، بل السب نفس تلف مال المشترى بسبيب

البايع و لذا يقال فى ضمانه الغير أنه ضمان الغير إنه ضمان لما لا يجب.

(6). مكارم الشيرازى: هذا ايضا مشكل جدا، لانه من قبيل تحصيل الحاصيل، و ظاهر أدلة الشروط أنتها التزام أمر جديد لا يقتضيه العقد؛ فهل يح أن يشترط المشترى على البايع أنه لو ظهر العيب فى المبيع، فله الخيار حتى يثبت له خياران: خيار العيب و خيار الشرط؟ و الإنصاف أن عمومات أدلة صحة الشرط منصرفة عن مثل ذلك؛ مضافا إلى أنه لا معنى للشرط فيما نحن فيه؛ فإنه إذا ظهر المبيع مستحقا للغير، يبطل العقد، فلا يبقى للشرط الذى فى ضمنه أثر.

(7). الخوئي: هذا الشرط إن كان بعنوان شرط النتيجة فهو غير صحيح، و إن كان بعنوان شرط الفعل فهو و إن كان صحيحاً، إلّاأنّه لايكون مؤكّداً

الگلپايگاني: مع فرض ظهور المبيع مستحقّاً للغير و ردّ المالك المبيع و قلع البناء و الشجر فالحكم بصحّة شرط الضمان الواقع في ضمن العقد و كونه مؤكّداً لما هو لازمه، لايوافق القواعد، إلّاأن يكون المراد غير ما هو ظاهر العبارة.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 722

مسألة 42: لو قال عند خوف غرق السفينة: ألق متاعك في البحر و علىّ ضمانه، صحّ بلا خلاف بينهم، بل الظاهر الإجماع عليه، و هو الدليل (1) عندهم؛ و أمّا إذا لم يكن لخوف الغرق، بل لمصلحة اخرى (2) من خفّة السفينة أو نحوها، فلايصحّ (3) عندهم، و مقتضى العمومات صحّته (4) أيضاً.

[تتمّة: في صور التنازع

تتمّة: في صور التنازع

قد علم من تضاعيف المسائل المتقدّمة الاتّفاقيّة أو الخلافيّة أنّ ما ذكروه في أوّل الفصل من تعريف الضمان و أنّه نقل الحقّ الثابت من ذمّة إلى اخرى و أنّه لايصحّ في غير الدين و لا في

غير الثابت حين الضمان، لا وجه له (5)، و أنّه أعمّ من ذلك حسب ما فصّل (6).

مسألة 1: لو اختلف المضمون له و المضمون عنه في أصل الضمان فادّعى أنّه ضمنه

(1). الگلپايگاني: و يمكن تطبيقه على القواعد، لأنّه أتلف ماله بأمر الغير، و احترام المال يقتضي الضمان؛ نعم، لابدّ أن يكون الأمر بداعٍ عقلائي كحفظ السفينة من الغرق؛ و أمّا لمجرّد خفّة السفينة و نحوها فيمكن الخدشة في كونه عقلائيّاً و لذا لم يحكموا بالصحّة، و الإنصاف أنّ الموارد مختلفة

مكارم الشيرازي: بل الدليل عليه حرمة عمل المسلم و ماله، و كون المقام من قبيل التسبيب؛ و الظاهر أنّ المجمعين أيضاً نظروا إلى ذلك، فتأمّل، و هذا هو الدليل بعينه بالنسبة إلى الشقّ الثاني؛ أمّا إذا كان بلا فائدة و كان نفس الإتلاف حراماً، فلايجري فيه هذا الدليل و لا ضمان عليه (2). مكارم الشيرازي: المراد منه هي المصلحة الّتي يجوز معها إلقاء المتاع في البحر و إتلافه؛ ولو لم تكن بهذه المنزلة، فلا ضمان لعدم جوازه شرعاً؛ و الحكم التكليفي هنا ينتهي إلى الحكم الوضعي، كما لايخفى على الخبير (3). الامام الخميني: و هو الأقوى؛ و أمّا الأوّل فقد ادّعى الشيخ إجماع الفرقة، بل إجماع الامّة عدا أبي ثور عليه و لا بأس به، لكنّه ليس من فروع هذا الكتاب و غير مربوط بالضمان المذكور فيه (4). الخوئي: بل السيرة القطعيّة العقلائيّة قائمة على الصحّة (5). الامام الخميني: بناءً على مبناه، و قد مرّ الكلام في المسائل المذكورة (6). الخوئي: قد مرّ التفصيل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 723

ضامن و أنكره المضمون له، فالقول قوله، و كذا لو ادّعى أنّه ضمن تمام ديونه و أنكره المضمون له، لأصالة بقاء ما

كان عليه (1). و لو اختلفا في إعسار الضامن حين العقد و يساره، فادّعى المضمون له إعساره (2)، فالقول قول (3) المضمون عنه (4)؛ و كذا لو اختلفا في اشتراط الخيار للمضمون له و عدمه، فإنّ القول قول المضمون عنه، و كذا لو اختلفا في صحّة الضمان (5) و عدمها (6).

مسألة 2: لو اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في ثبوت الدين و عدمه أو في مقداره أو في مقدار ما ضمن أو في اشتراط تعجيله أو تنقيص أجله إذا كان مؤجّلًا أو في اشتراط شي ء عليه زائداً على أصل الدين (7)، فالقول قول الضامن. و لو اختلفا في اشتراط تأجيله مع كونه حالًاّ أو زيادة أجله مع كونه مؤجّلًا أو وفائه أو إبراء المضمون له عن جميعه (1). مكارم الشيرازي: قال بعض الأكابر: بل لأصالة عدم الضمان، لأنّه الأصل السببي بالنسبة إلى أصالة بقاء الدين الّذي هو الأصل المسبّبي، فمع وجود الأصل السببي لاتصل النوبة إلى المسبّبي؛ هذا، ولكن ذكرنا في محلّه أنّ تقدّم الأصل السببي إنّما هو في موارد الاختلاف؛ أمّا إذا وافقا، فلايبعد جريان كليهما، ولذا استدلّ الإمام عليه السلام باستصحاب الطهارة في أحاديث الاستصحاب، مع أنّ عدم تحقّق النوم بالنسبة إليه سببي؛ و العجب أنّه قدس سره تكلّف في توجيه رواية الاستصحاب بما لاينافي ما ذكره، مع أنّ الأولى أن يعتقد بما ذكرنا و يأخذ بما هو ظاهر الرواية (2). الگلپايگاني: إلّاإذا كان مسبوقاً بالإعسار المجهول عند الضامن، فالقول قوله في دعوى بقائه (3). الامام الخميني: مع سبق يساره، و قول المضمون له مع سبق إعساره، و مع الجهل بالحالة السابقة فمحلّ إشكال (4). الخوئي: هذا فيما إذا

لم يثبت إعساره سابقاً

مكارم الشيرازي: هذا إنّما يتمّ فيما كان مسبوقاً باليسار؛ وأمّا لوكان مسبوقاً بالإعسار، فالقول قول المضمون له، فيجوز له فسخ الضمان عملًا بمقتضى الأصل؛ وأمّا لو لم يعلم بالحالة السابقة، فلايقدّم قول المضمون عنه، لعدم العلم بالموضوع. و لايجوز التمسّك بالعمومات، لأنّه من قبيل الشبهات الموضوعيّة؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّ المخصّص في المقام لبّي، فتأمّل. و أمّا التمسّك بأصالة الصحّة، كما يظهر من بعضهم، فهو فاسد، لأنّه لا شكّ في صحّة العقد مع الإعسار؛ و إنّما يظهر أثره في الخيار، كما مرّ (5). الگلپايگاني: القول فيه قول مدّعي الصحّة (6). مكارم الشيرازي: و القول هنا قول مدّعي الصحّة، سواء كان المضمون له أو المضمون عنه (7). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّه يشكل اشتراط أمر زائد، لشبهة الربا، إلّاأن يكون شيئاً لايلزم منه الربا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 724

أو بعضه أو تقييده بكونه من مال معيّن و المفروض تلفه أو اشتراط خيار الفسخ للضامن أو اشتراط شي ء على المضمون له أو اشتراط كون الضمان بما يسوّي أقلّ من الدين، قدّم قول المضمون له.

مسألة 3: لو اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن و عدمه أو في وفاء الضامن حتّى يجوز له الرجوع و عدمه أو في مقدار الدين الّذي ضمن و أنكر المضمون عنه الزيادة أو في اشتراط شي ء على المضمون عنه (1) أو اشتراط الخيار للضامن (2)، قدّم قول المضمون عنه. و لو اختلفا في أصل الضمان أو في مقدار الدين الّذي ضمنه و أنكر الضامن الزيادة، فالقول قول الضامن.

مسألة 4: إذا أنكر الضامن الضمان فاستوفي الحقّ منه بالبيّنة، ليس له الرجوع على المضمون عنه المنكر للإذن (3) أو الدين (4)، لاعترافه بكونه اخذ منه ظلماً؛ نعم،

لو كان مدّعياً مع ذلك للإذن في الأداء بلا ضمان و لم يكن منكراً لأصل الدين، و فرض كون المضمون عنه (1). الامام الخميني: أي في عقد آخر

الگلپايگاني: في ضمن عقد خارج، حيث إنّ المضمون عنه ليس طرفاً في عقد الضمان حتّى يشترط فيه شي ء عليه، و احتمال كونه ملزماً بما اشترطا عليه برضاه و إذنه لا وجه له

مكارم الشيرازي: فيه إشكال ظاهر أشار إليه جمع من أكابر المحشّين، و هو أنّه من قبيل الشروط الابتدائيّة، لأنّ العقد إنّما هو بين الضامن و المضمون له، فالمضمون عنه ليس طرفاً في عقد الضمان إلّاأن يؤخذ الشرط في ضمن عقد خارج. و ما قد يقال إنّه من قبيل «ألق متاعك في البحر و علىّ عوضه» فليس بصحيح، لأنّه راجع إلى ضمان أصل العين، و الكلام هنا في الشرائط الزائدة (2). مكارم الشيرازي: فيه نظر، لأنّه يرد عليه إشكالان: الأوّل: ما عرفت من أنّ اشتراط الخيار للضامن أو المضمون له محلّ إشكال (فراجع المسألة الخامسة و ما علّقنا عليها). الثاني: أنّ الخيار إن كان في ضمن عقد الضمان، فليس المضمون عنه طرفاً له حتّى يصحّ له طرح الدعوى؛ و إن كان في ضمن الإذن، فليس الإذن من العقود؛ اللّهم إلّاأن يكون في ضمن عقد خارج لازم، و هو خلاف ظاهر الكلام (3). الگلپايگاني: قيد كون المضمون عنه منكراً للإذن أو الدين غير محتاج إليه، لأنّ الحكم في صورتي الاعتراف و الإنكار واحد و إرجاع القيد إلى الضامن لا مصحّح له (4). الخوئي: الظاهر أنّه لا فرق بين صورتي الإنكار و عدمه

مكارم الشيرازي: القيد الأخير غير لازم، فإنّ الضامن إذا كان منكراً للضمان لايرجع إلى المضمون عنه، سواء اعترف

بالإذن أو الدين أو لا، إلّاأن يكون هذا القيد توطئة لما يأتي في المسألة الآتية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 725

أيضاً معترفاً بالدين و الإذن في الضمان، جاز له الرجوع (1) عليه (2)، إذ لا منافاة بين إنكار الضمان و ادّعاء الإذن في الأداء، فاستحقاقه الرجوع معلوم (3)، غاية الأمر أنّه يقول: إنّ ذلك للإذن في الأداء، و المضمون عنه يقول: إنّه للإذن في الضمان، فهو كما لو ادّعى على شخص أنّه يطلب منه عشر قرانات قرضاً، و المدّعى [عليه ينكر القرض و يقول: إنّه يطلبه من باب ثمن المبيع، فأصل الطلب معلوم و لو لم يعترف المضمون عنه بالضمان أو الإذن فيه و ثبت عليه ذلك بالبيّنة؛ فكذلك (4) يجوز له الرجوع عليه مقاصّةً (5) عمّا اخذ منه. و هل يجوز للشاهدين على الإذن في الضمان حينئذٍ أن يشهدا بالإذن من غير بيان (6) كونه الإذن في الضمان أو كونه الإذن في الأداء؟ الظاهر ذلك (7) و إن كان لايخلو عن إشكال؛ و كذا في نظائره، (1). الگلپايگاني: إذا أدّاه بقصد ما أذن له؛ و أمّا إذا اخذ منه قهراً من دون أن يقصد الأداء فلا وجه لرجوعه عليه، لاعترافه بأنّ الدين باقٍ بحاله و المال مأخوذ غصباً (2). مكارم الشيرازي: وقد يقال إنّه لايجوز له الرجوع أيضاً، لأنّ المفروض أنّ المال اخذ منه قهراً و لم يكن بعنوان أداء الدين؛ ولكن هذا الإيراد غير وارد، فإنّ الرجوع على المضمون عنه لاينفكّ عن رضاه بالأداء بقاءً (3). الخوئي: فيه إشكال، فإنّ الإذن في الضمان لايقتضي الرجوع على الآذن إلّامع تحقّق الضمان والوفاء به خارجاً، و المفروض في المقام أنّ الضامن ينكر الضمان و يعترف بأنّ ما اخذ منه إنّما

اخذ ظلماً، و معه كيف يكون استحقاقه الرجوع معلوماً؟ نعم، لا بأس بالرجوع على المضمون عنه مقاصّة لما اخذ منه قهراً بإذن من الحاكم الشرعيّ (4). الخوئي: في العبارة تشويش، فإنّ جواز الرجوع على المضمون عنه مقاصّة بإذن من الحاكم الشرعيّ لايرتبط بثبوت الضمان أو الإذن فيه بالبيّنة، بل المناط فيه اعترافه بالدين و بعدم الضمان (5). الگلپايگاني: لم أتحقّق معنى المقاصّة في المقام، لأنّه إن أذن له و أدّاه بقصد أداء دينه فهو ضامن له و لا مورد للتقاصّ، و إن لم يأذن أو لم يقصد الضامن أدائه فلا حقّ له عليه حتّى يتحقّق موضوع التقاصّ

مكارم الشيرازي: لا معنى للمقاصّة هنا، لأنّ المفروض قيام البيّنة على الإذن فيأخذ المال الضامن بحكم النيّة القائمة على إذنه؛ نعم، لوقامت البيّنة على مجرّد الدين، صحّ التعبير بالمقاصّة؛ ولكنّ المقاصّة في الذمم لاتخلو عن إشكال، لعدم تعيّن الذمّة في العين الخارجي بدون تعيين صاحب الذمّة (6). مكارم الشيرازي: الشهادة بالإذن بدون ذكر المتعلّق لا معنى له، إلّاأن يكون المتعلّق أمر جامع بين الضمان و الأداء؛ مثل أن يشهدا بأنّ المديون أذن في الإقدام على ما يوجب براءة ذمّته، فحينئذٍ لا إشكال في صحّة الشهادة، كما أنّه لاينبغي الإشكال في صحّتها في الفرض الآتي (أي ما إذا شهدا بأصل الطلب، من غير بيان علّته) (7). الخوئي: بل الظاهر عدمه، و يظهر وجهه ممّا مر

الامام الخميني: لا معنى للشهادة بالإذن المطلق بلا ذكر المتعلّق، و لا تأثير للبيّنة فيه، و هذا بخلاف الفرض الآتي، فإنّ الشهادة على الدين مؤثّرة ولو بلا ذكر السبب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 726

كما إذا ادّعى شخص على آخر أنّه يطلب قرضاً وبيّنته تشهد بأنّه يطلبه من باب ثمن المبيع

لاالقرض، فيجوز لهما أن يشهدا بأصل الطلب من غير بيان أنّه للقرض أو لثمن المبيع على إشكال (1).

مسألة 5: إذا ادّعى الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف (2)، ليس له الرجوع على المضمون عنه (3) إذا لم يصدّقه في ذلك، و إن صدّقه جاز له الرجوع إذا كان بإذنه، وتقبل شهادته له بالأداء (4) إذا لم يكن هناك مانع من تهمة أو غيرها ممّا يمنع من قبول الشهادة.

مسألة 6: لو أذن المديون لغيره في وفاء دينه بلا ضمان، فوفى، جاز له الرجوع (5) عليه (6). و لو ادّعى الوفاء وأنكر الإذن، قبل قول المأذون، لأنّه أمين من قبله (7). و لو قيّد الأداء بالإشهاد وادّعى الإشهاد وغيبة الشاهدين، قبل قوله أيضاً، و لو علم عدم إشهاده ليس له الرجوع؛ نعم، لو علم أنّه وفّاه و لكن لم يشهد، يحتمل جواز الرجوع عليه (8)، لأنّ الغرض من (1). الخوئي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه

الگلپايگاني: الشهادة على أصل الدين من دون ذكر السبب لا إشكال فيه ظاهراً (2). الگلپايگاني: و كذا إن لم يحلف ما لم يكن يصدّقه المضمون عنه و لم يثبت عليه شرعاً (3). مكارم الشيرازي: بل و إن لم يحلف، بل و إن لم ينكر و سكت، لأنّ رجوعه إليه يتوقّف على ثبوت الوفاء؛ و ما لم يثبت الوفاء لايجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، كما مرّ التصريح به في المسألة (13) (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لاحتمال دخوله في مسألة عدم قبول شهادة من يجرّ نفعاً، فتأمّل؛ أو كون المقام مقام الاتّهام غالباً (5). الگلپايگاني: إذا لم يقيّد إذنه بالوفاء المجّاني (6). مكارم الشيرازي: إذا كان الإذن ظاهراً في قبول الرجوع إليه، كما هو الغالب، لأنّ الأداء تبرّعاً لايحتاج

إلى الإذن، ولكن قديكون الإذن مقيّداً بالمجّانية أو ظاهراً فيه لبعض الأغراض و إن كان نادراً (7). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، لأنّ أدلّة الأمانة يشكل شمولها للمقام، لعدم كون المأذون وكيلًا و لا أجيراً؛ و قد جرت سيرة العقلاء على السؤال عن الدائن في أمثال المقام أو طلب مكتوب يدلّ على الإيصال (8). الخوئي: لكنّه بعيد في فرض التقييد كما هو المفروض

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم جواز الرجوع؛ و ما ذكره من الدليل غير تامّ، لأنّ الغرض قد يتعلّق بالإشهاد و ثبوت الأداء ظاهراً، حتّى يتخلّص عن دعوى الدائن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 727

الإشهاد العلم (1) بحصول الوفاء، و المفروض تحقّقه. (1). الگلپايگاني: و قد لايكون ذلك، مثل أن يخاف من الدائن دعوى عدم الضمان أو عدم الوفاء بعد الأداء

[كتاب الحوالة]

اشارة

كتاب الحوالة

[فصل في معنى الحوالة و شرائطها و أحكامها]

[فصل في معنى الحوالة و شرائطها و أحكامها]

و هي عندهم تحويل المال من ذمّة إلى ذمّة، و الأولى (1) أن يقال: إنّها إحالة المديون دائنه إلى غيره (2) أو إحالة المديون دينه من ذمّته إلى ذمّة غيره. و على هذا فلاينتقض طرده بالضمان (3)، فإنّه و إن كان تحويلًا من الضامن للدين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّته، إلّاأنّه ليس فيه الإحالة المذكورة (4)، خصوصاً إذا لم يكن بسؤال من المضمون عنه. و يشترط فيها مضافاً إلى البلوغ (5) و العقل و الاختيار و عدم السفه في الثلاثة (6) من المحيل و المحتال و المحال (1). الگلپايگاني: حيث إنّ المقصود إحالة الدائن بماله إلى غيره و الإحالة بالمال هي عين إحالة ما في ذمّته إلى ذمّة غيره، فمرجع التعبيرين واحد (2). الامام الخميني: في دينه (3). مكارم الشيرازي: إن كان المراد منه الحوالة على المديون، فهذا لايشبه الضمان في شي ء، لأنّ المفروض اشتغال ذمّة المحال عليه كالمحيل بالدين؛ غاية الأمر إنّ طرف الدين في الحالة الاولى كان هو المحيل، ثمّ صار المحال عليه من دون نقل ذمّة إلى ذمّة؛ نعم، إن كان المراد الحوالة على البري ء، كان شبيهاً بالضمان في الجملة؛ ولكنّ التفاوت بينهما أيضاً ظاهر، لأنّ الضامن هو الّذي ينقل الدين إلى ذمّة نفسه ولكنّ المحال عليه لاينقل الدين إلى ذمّته، بل المحيل ينقله إليه (4). الگلپايگاني: المقصود أنّه ليس في الضمان إحالة المديون، لأنّ المحيل فيه هو الضامن فإنّه بنفسه يحيل دين المديون إلى ذمّته من غير فرق بين كون الضمان تبرّعاً أو باستدعاء المضمون عنه (5). الخوئي: الظاهر عدم اعتبار شي ء من ذلك في المحال عليه، إلّاإذا كانت الحوالة على البري ء فإنّه يعتبر

فيه الامور المذكورة غير الفلس (6). الخوئي: الظاهر أنّ حكم الحجر بالسفه حكمه بالفلس

الگلپايگاني: بناءً على اعتبار رضا المحال عليه مطلقاً أو في خصوص البري ء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 730

عليه و عدم الحجر بالسفه (1) في المحتال و المحال عليه (2)، بل و المحيل إلّاإذا كانت الحوالة على البري ء، فإنّه لا بأس به (3) فإنّه نظير الاقتراض منه، امور:

أحدها: الإيجاب و القبول، على ما هو المشهور بينهم، حيث عدّوها من العقود اللازمة (4)، فالإيجاب من المحيل و القبول من المحتال، و أمّا المحال عليه فليس من أركان العقد و إن اعتبرنا رضاه مطلقاً أو إذا كان بريئاً، فإنّ مجرّد اشتراط الرضا منه لايدلّ على كونه طرفاً و ركناً للمعاملة؛ و يحتمل أن يقال: يعتبر قبوله (5) أيضاً (6)، فيكون العقد مركّباً من الإيجاب و القبولين. و على ما ذكروه يشترط فيها ما يشترط في العقود اللازمة، من الموالاة بين (1). الامام الخميني: بل بالفلس، و الظاهر اشتباه النسخة و إنّما يعتبر عدم الحجر بالفلس في المحتال، و كذا في المحيل إلّاعلى البري ء، و أمّا في المحال عليه فلا يعتبر و إن كان محجوراً عليه في أمواله الموجودة قبل رفعه

الخوئي: هذه الكلمة من سهو القلم أو غلط النسّاخ، و صحيحها: «بالفلس»

الگلپايگاني: الصواب: بالفلس، حيث إنّ عدم السفه مرّ ذكره

مكارم الشيرازي: من الواضح أنّ حقّ العبارة عدم الحجر بالفلس، لأنّ شرط عدم السفاهة قد مرّ (2). الگلپايگاني: لايعلم وجه لمنع حجر المحال عليه عن الحوالة عليه، لعدم كونه تصرّفاً في المال الخارجي، بل هي نقل لذمّته المشغولة بدين المحيل إلى المحتال فصارت مشغولة بدينه؛ فإن قلنا بأنّه عين الدين السابق فالمحتال شريك للغرماء و إن قلنا بأنّ

هذا دين حادث فالمحتال لم يكن شريكاً لهم مثل سائر الديون الحادثة بعد الحجر (3). الگلپايگاني: سواء كان المحيل مفلساً أو المحال عليه (4). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى بالنسبة إلى المحيل و المحتال، لأنّه تبديل ذمّة إلى ذمّة؛ وأمّا بالنسبة إلى المحال عليه، فإن كانت الحوالة على البري ء فهو أيضاً كذلك، لأنّه أحد أطراف العقد فيتركّب العقد من إيجاب و قبولين، و إن كانت الحوالة على مديون فهو خارج عن أطراف العقد و لايعتبر قبوله بل و لارضاه، إلّاإذا استلزم ذلك ضرراً عليه فينفى بأدلّة نفي الضرر، كما إذ كان في المحتال سوء الاقتضاء أو شرارة، هذا كلّه في الحوالة بمعنى انتقال الذمم؛ أمّا لوكانت على نحو وفاء الدين، فلايكون عقداً مطلقاً (5). الامام الخميني: الأقوى اعتباره في الحوالة على البري ء أو بغير جنس ما على المحال عليه و الأحوطاعتباره في غيرهما أيضاً، لكن لايبعد عدم اعتبار عدم الفصل المعتبر في القبول

الگلپايگاني: و هو الأقوى (6). الخوئي: لكنّه بعيد جدّاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 731

الإيجاب و القبول (1) و نحوها، فلاتصحّ مع غيبة المحتال أو المحال عليه أو كليهما، بأن أوقع الحوالة بالكتابة. ولكنّ الّذي يقوى عندي كونها من الإيقاع (2)، غاية الأمر اعتبار الرضا من المحتال أو منه و من المحال عليه، و مجرّد هذا لايصيّره عقداً، و ذلك لأنّها نوع من وفاء الدين (3) و إن كانت توجب انتقال الدين من ذمّته إلى ذمّة المحال عليه، فهذا النقل و الانتقال نوع من الوفاء و هو لايكون عقداً و إن احتاج إلى الرضا من الآخر، كما في الوفاء بغير الجنس، فإنّه يعتبر فيه رضا الدائن و مع ذلك إيقاع. و من ذلك يظهر أنّ

الضمان أيضاً من الإيقاع، فإنّه نوع من الوفاء، و على هذا فلايعتبر فيهما شي ء ممّا يعتبر في العقود اللازمة، و يتحقّقان بالكتابة و نحوها، بل يمكن دعوى أنّ الوكالة أيضاً كذلك (4)، كما أنّ الجعالة (1). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لما ذكرنا في محلّه أنّ الإنشاء إذا كان بالكتابة- بناءً على صحّتها، كما هو المختار- لاتفوت الموالاة معها بمضيّ مقدار من الزمان، لأنّ الكتابة تبقى أثرها، بخلاف الإنشاء اللفظي؛ و لذا لا مانع بين أهل العرف و العقلاء أن يحضر البايع في المكاتب الرسميّة و يوقّع على البيع اليوم و يحضر المشتري غداً أو بعد غد، بعد توافقهما عليه؛ ولكن مثله لايجوز في الإنشاء اللفظي، و حيث إنّ الحوالة في الغالب تكون بالكتابة، فالموالاة حاصلة و إن مضى عليها زمان، إلّاأن يطول كثيراً (2). الامام الخميني: هذا في غاية الضعف في المقام و كذا في الضمان و الوكالة، و لا إشكال في أنّ كلّها من العقود و فيها ميزانها المقوّم لها؛ وأمّا الإذن فهو إيقاع، و الفرق بينه و بين الوكالة ظاهر

الخوئي: بل الأقوى خلافه، كما أنّ الأمر كذلك في الضمان و الوكالة؛ نعم، لايبعد جواز الاكتفاء في جميعها بالكتابة و عدم اعتبار الموالاة بين الإيجاب و القبول

الگلپايگاني: بل الأقوى أنّ حقيقة الحوالة نقل من المحيل ما في ذمّته للمحتال إلى ذمّة المحال عليه و بهذا الاعتبار تكون عقداً و حصول الإيفاء و الاستيفاء في خصوص الحوالة على المديون أمر خارج عن حقيقة العقد كما في بيع الدين على المديون، و لذا تصحّ الحوالة على البري ء (3). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّها ليست وفاء و إن كانت شبيهة له من بعض الجهات، لأنّ حقيقة الوفاء

وصول الدين إلى الدائن، و هيهنا ليس كذلك؛ و منه يظهر الحال في الضمان. و أين هذا من الوفاء بغير الجنس الّذي ذكره المصنّف قدس سره (4). الگلپايگاني: الأقوى أنّ الوكالة أيضاً عقد و له آثار عند العرف و المعتبر فيها إضافة مخصوصة بين الوكيل والموكّل؛ من آثارها سلطنة الوكيل على الموكول إليه سلطنة مخصوصة ليست هي في المأذون فيه، و في الجعالة كلام موكول إلى محلّه

مكارم الشيرازي: الأقوى أنّ الوكالة على قسمين: عقديّة، و هي تحتاج إلى إيجاب و قبول و لها آثار خاصّة يمكن مطالبة الوكيل بها؛ و أمّا الإذنيّة فهي ليست بعقد و ليس لها تلك الآثار؛ و الفرق بينهما ظاهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 732

كذلك (1) وإن كان يعتبر فيها الرضا من الطرف الآخر. ألاترى أنّه لا فرق (2) بين أن يقول: أنت مأذون في بيع داري أو قال: أنت وكيل، مع أنّ الأوّل من الإيقاع قطعاً.

الثاني: التنجيز (3)؛ فلاتصحّ مع التعليق على شرط أو وصف، كما هو ظاهر المشهور (4)، لكنّ الأقوى عدم اعتباره، كما مال إليه بعض متأخّري المتأخّرين.

الثالث: الرضا من المحيل و المحتال بلا إشكال (5). و ما عن بعضهم من عدم اعتبار رضا المحيل فيما لو تبرّع المحال عليه بالوفاء بأن قال للمحتال: أحلت بالدين الّذي لك على فلان على نفسي، و حينئذٍ فيشترط رضا المحتال و المحال عليه دون المحيل، لا وجه له، إذ المفروض لايكون من الحوالة، بل هو من الضمان؛ و كذا من المحال عليه إذا كان بريئاً أو كانت الحوالة بغير جنس ما عليه، و أمّا إذا كانت بمثل ما عليه ففيه خلاف (6)، و لايبعد (1). مكارم الشيرازي: اختلف الأصحاب في كون

الجعالة عقداً أو إيقاعاً، و لايبعد كونها عقداً و قبولها هو فعل المجعول له، و لايضرّها الجهل بالقابل بعد كون القابل عالماً؛ كما نشاهد مثله في البيع فيما يسمّونه المزايدة و المناقصة؛ و كذا وجود الفصل بين الإيجاب و القبول، لعدم فوت الموالاة هنا عرفاً، ولكنّ المسألة غير صافية عن الإشكال، و تمام الكلام في محلّه (2). الخوئي: الفرق ظاهر، فإنّ الإذن في بيع الدار مثلًا ليس ترخيصاً محضاً؛ و أمّا الوكالة فهي إعطاء سلطنة على التصرّف و له آثار خاصّة لاتترتّب على مجرّد الترخيص (3). الامام الخميني: على الأحوط (4). الگلپايگاني: و هو الأقوى

مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، كما ذكرنا في البيع (5). مكارم الشيرازي: هذا إذا كانت الحوالة بمعنى نقل الذمّة؛ و أمّا إن كان بمعنى كون المحال عليه وكيلًا في أداء الدين و لم يكن في الرجوع إليه محذور و ضرر، فلايعتبر رضا المحتال، ولكنّه ليس من الحوالة المصطلحة (6). الامام الخميني: و الأحوط اعتباره، بل اعتبار قبوله، كما مرّ

الخوئي: الأقوى عدم الاعتبار، و التفصيل لا محصّل له، و التوكيل خارج عن محلّ البحث

مكارم الشيرازي: الظاهر عدم اعتبار رضى المحال عليه إذا كانت الحوالة بمثل ما عليه؛ سواء كانت بعنوان نقل الذمّة أو بعنوان أخذ حقّه من طريق الوكالة و إن كان الثاني خارجاً عن محلّ البحث؛ و الوجه فيه ما استقرّ عليه بناء العقلاء على عدم جلب رضى المحال عليه في هذه الموارد، و لذا نرى في أيّامنا هذا أنّ الصكوك و الأسناد الماليّة لاتزال تنتقل من بعض إلى بعض، و قد ينتقل صكّ واحد إلى خمس أو عشرة و لايعترض صاحب الصكّ بأنّه أعطاه إلى فلان بعنوان الدين و

لماذا وقع في يد آخرين بغير رضاه اللّهم إلّاأن يكون المحتال بحيث يوجب مطالبته ضرراً فاحشاً و نقصاً ظاهراً على المحال عليه، فيندفع بقاعدة نفي الضرر؛ و جواز بيع الدين بغير رضى المديون دليل ظاهر على ما نحن بصدده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 733

التفصيل (1) بين أن يحوله عليه بماله عليه، بأن يقول: أعطه من الحقّ الّذي لي عليك، فلايعتبر رضاه فإنّه بمنزلة الوكيل في وفاء دينه و إن كان بنحو اشتغال ذمّته للمحتال و براءة ذمّة المحيل بمجرّد الحوالة، بخلاف ما إذا وكّله فإنّ ذمّة المحيل مشغولة إلى حين الأداء، و بين أن يحوله عليه من غير نظر إلى الحقّ الّذي له عليه على نحو الحوالة (2) على البري ء، فيعتبر رضاه، لأنّ شغل ذمّته بغير رضاه على خلاف القاعدة. وقد يعلّل باختلاف الناس في الاقتضاء، فلابدّ من رضاه، ولايخفى ضعفه؛ كيف، وإلّا لزم عدم جواز بيع دينه على غيره، مع أنّه لاإشكال فيه.

الرابع: أن يكون المال المحال به ثابتاً في ذمّة المحيل؛ سواء كان مستقرّاً أو متزلزلًا؛ فلاتصحّ في غير الثابت، سواء وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل و مال السبق و الرماية قبل حصول السبق أو لم يوجد سببه أيضاً كالحوالة بما يستقرضه؛ هذا ما هو المشهور (3)، لكن لايبعد (4) كفاية حصول السبب، كما ذكرنا في الضمان (5)، بل لايبعد الصحّة فيما إذا قال: أقرضني كذا و خذ عوضه من زيد (6)، فرضي و رضي زيد أيضاً، لصدق (1). الامام الخميني: بل لا وجه له، فإنّ الحوالة على المديون بنحو ما على البري ء لا محصّل لها، و لا ربط بين باب الحوالة و الوكالة (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ نحو الحوالة على المديون و البري ء نحو واحد و

لذا يعتبر قبول المديون كما مرّ، وقد مرّ أيضاً أنّ حصول الإيفاء و الاستيفاء في المديون خارج عن الحوالة (3). الامام الخميني: و هو المنصور، بل الأقوى عدم الصحّة في الفرع اللاحق

الگلپايگاني: و هو الأقوى، كما مرّ في الضمان (4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ و كذا فيما بعده (5). مكارم الشيرازي: بل هو بعيد؛ و الفرق بينهما كون الضمان عند تحقّق السبب متداولًا بين أهل العرف، و هنا غير متداول؛ و قد عرفت عدم شمول إطلاق أدلّة العقود لأمثال ذلك (6). مكارم الشيرازي: و الظاهر أنّ مآله إلى إنشاء «قرض» و «حوالة» بصيغة واحدة، و يشتغل ذمّته بما آخذه، ثمّ ينتقل منه إلى ذمّة المحال عليه، فيصحّان جميعاً، فلايبقى مجال لإشكال عدم صدق الحوالة، كما عن بعض المحشّين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 734

الحوالة (1) وشمول العمومات، فتفرغ ذمّة المحيل و تشتغل ذمّة المحال بعد العمل و بعد الاقتراض.

الخامس: أن يكون المال المحال به معلوماً جنساً و قدراً، للمحيل و المحتال؛ فلاتصحّ الحوالة بالمجهول على المشهور (2)، للغرر؛ و يمكن أن يقال بصحّته (3) إذا كان آئلًا إلى العلم كما إذا كان ثابتاً في دفتره، على حدّ ما مرّ في الضمان من صحّته مع الجهل بالدين، بل لايبعد الجواز مع عدم أوله إلى العلم بعد إمكان الأخذ بالقدر المتيقّن، بل و كذا لو قال: كلّ ما شهدت به البيّنة و ثبت خذه من فلان؛ نعم، لو كان مبهماً كما إذا قال: أحد الدينين اللذين لك علىّ خذ من فلان، بطل، و كذا لو قال: خذ شيئاً من دينك من فلان. هذا، و لو أحال الدينين على نحو الواجب التخييري، أمكن الحكم (4) بصحّته (5)،

لعدم الإبهام (6) فيه حينئذٍ.

السادس: تساوي المالين، أي المحال به و المحال عليه، جنساً و نوعاً و وصفاً، على ما ذكره جماعة خلافاً لآخرين. و هذا العنوان و إن كان عامّاً، إلّاأنّ مرادهم (7) بقرينة التعليل (1). الگلپايگاني: بل الظاهر عدم الصدق، كما أنّ الأقوى عدم الصحّة (2). مكارم الشيرازي: و هو الأحوط، لو لم يكن أقوى، لما ذكرنا في محلّه من قوّة احتمال شمول أدلّة نفي الغرر لغير البيع، بل لا شكّ في بطلان بعض الصور الستّ الّذي ذكرها في المتن؛ مثل ما لو قال: خذ شيئاً من دينك من فلان (من غير تبيين مقدار الشي ء و تردّده بين الأقلّ والأكثر) و كذا ما لوقال: أحد الدينين الّذين لك علىّ خذه من فلان، لعدم دليل على صحّة أمثال هذه الحوالة و عدم شمول العمومات لها و عدم تعارفها بين العقلاء، بل تشملها أدلّة نفي الغرر (3). الگلپايگاني: إذا كان أصل الدين معلوماً و كان الجهل بالمقدار، و إلّافمشكل، كما مرّ في الضمان (4). الامام الخميني: محلّ تأمّل (5). الگلپايگاني: هذا أيضاً كالسابق في البطلان، بل لم يعلم الفرق بين الفرعين؛ و إن كان المقصود في الفرع الأوّل ما إذا كان معيّناً في قصده مع عدم ذكره حين الحوالة بل يخبر به حين الأخذ، فهو أولى بالصحّة (6). الخوئي: هذا إنّما يتمّ فيما إذا تساوى الدينان كمّاً و كيفاً، و إلّافهو عين الفرض الّذي حكم فيه بالبطلان

مكارم الشيرازي: و هذا مبنيّ على ما ذكر في محلّه في حقيقة الواجب التخييري، و أنّه متعلّق بجميع الخصال؛ فكلّ واحد واجب ولكن على نحو يسقط الباقي بفعل البعض؛ و هذا أحد الوجوه السبعة الّذي ذكرناها في الواجب التخييري، ولكنّه

خلاف التحقيق، بل لايبعد أن يكون الواجب أحد الخصال، فحينئذٍ تعود هذا الوجه إلى ما قبله من قوله: أحد الدينين. و تمام الكلام في ذلك موكول إلى محلّه (7). مكارم الشيرازي: العبارة لاتخلو عن إشكال، لأنّ خبر «أنّ» في قوله «أنّ مرادهم» غير مذكور في العبارة؛ و يمكن تصحيحه بوجوه: الأوّل: أن يكون «في» في قوله «فيما كانت الحوالة على مشغول الذمّة» زائدة و تكون العبارة هكذا: «إلّا أنّ مرادهم ما كانت الحوالة على مشغول الذمّة». الثاني: أن يكون الصحيح بدل «إذ لايجب عليه» «أنّه لايجب عليه»، فتكون العبارة هكذا: «إلّا أنّ مرادهم أنّه لايجب عليه» أو يكون الفاء غلطاً في قوله: «فلايشمل» و يكون «لايشمل» خبراً، ولكنّه بعيد، أو يكون الخبر محذوفاً يعلم من المذكور، و التقدير: «إلّا أنّ مرادهم خاصّ»

العروة الوثقى، ج 2، ص: 735

بقولهم: «تفصّياً من التسلّط على المحال عليه بما لم تشتغل ذمّته به»، إذ لايجب عليه أن يدفع إلّامثل ما عليه فيما كانت الحوالة على مشغول الذمّة بغير ما هو مشغول الذمّة به، كأن يحيل من له عليه دراهم على من له عليه دنانير، بأن يدفع بدل الدنانير دراهم، فلايشمل (1) ما إذا أحال من له عليه الدراهم على البري ء بأن يدفع الدنانير، أو على مشغول الذمّة بالدنانير بأن يدفع الدراهم (2)، و لعلّه لأنّه وفاء بغير الجنس برضا الدائن. فمحلّ الخلاف ما إذا أحال على من عليه جنس بغير ذلك الجنس. والوجه في عدم الصحّة ما اشير إليه من أنّه لايجب عليه أن يدفع إلّامثل ما عليه، و أيضاً الحكم على خلاف القاعدة، و لا إطلاق في خصوص الباب و لا سيرة كاشفة، و العمومات منصرفة إلى العقود المتعارفة. و وجه

الصحّة أنّ غاية ما يكون أنّه مثل الوفاء بغير الجنس و لا بأس به (3)، و هذا هو الأقوى. (1). الگلپايگاني: التعليل بعدم التسلّط على المحال عليه و إن لم يشمل المثالين مع فرض رضاه، لكنّ الحوالةحيث كانت نقل ما في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه فبإحالة من له عليه الدراهم على البري ء بالدنانير لاتتحقّق الحوالة و لاتصحّ و لو مع رضاه، بل يشبه المعاوضة بتبديل الدراهم بالدنانير؛ نعم، إذا أحال من له عليه الدراهم على من له عليه الدنانير بالدراهم تتحقّق الحوالة، لكن لعدم تسلّطه على غير ما في ذمّته يشترط رضا المحال عليه كما في الحوالة على البري ء، و معه فلا مانع من صحّتها (2). مكارم الشيرازي: هذه العبارة أيضاً لاتخلو عن إشكال، و الصحيح أن يقال: أو على مشغول الذمّة بالدنانير بأن يدفع الدنانير. و السرّ في ذلك أنّ محلّ النزاع كما صرّح في أوّل المسألة، ما كان الاختلاف بين المحيل و المحال عليه، لا بين المحيل و المحتال؛ فعلى هذا إذا أحال على مشغول الذمّة بالدنانير بأن يدفع الدراهم، كان عين محلّ النزاع، لا خارجاً؛ هذا، مضافاً إلى أنّه لايساعد عليه قوله: «رضا الدائن» أي المحتال، فإنّ رضاه في هذه الصورة لا أثر له، لكون الدين الدراهم، و الأداء أيضاً من الدراهم، فتدبّر جيّداً (3). الامام الخميني: بعد رضا الطرفين، و لكنّ الأحوط قلب ما على المحال عليه بناقل شرعي بالجنس ثمّ الحوالة

الخوئي: غاية الأمر أنّه يعتبر حينئذٍ رضا المحال عليه

مكارم الشيرازي: لكن يعتبر رضى المحال عليه، لأنّ المفروض اشتغال ذمّته بغير هذا الجنس، فإذا رضي صحّ؛ و في الحقيقة جمعت هذه المعاملة بين حوالة و معاوضة، و لا مانع

منه، لاسيّما مع جواز إنشاء عقدين بلفظ واحد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 736

ثمّ لايخفى أنّ الإشكال إنّما هو فيما إذا قال: أعط ممّا لي عليك من الدنانير دراهم، بأن أحال عليه بالدراهم من الدنانير الّتي عليه؛ و أمّا إذا أحال عليه بالدراهم من غير نظر إلى ما عليه من الدنانير فلاينبغي الإشكال فيه (1)، إذ هو نظير إحالة من له الدراهم على البري ء بأن يدفع الدنانير، و حينئذٍ فتفرغ ذمّة المحيل من الدراهم و تشتغل ذمّة المحال عليه بها و تبقى ذمّة المحال عليه مشغولة بالدنانير وتشتغل ذمّة المحيل له بالدراهم، فيتحاسبان بعد ذلك. و لعلّ الخلاف أيضاً مختصّ بالصورة الاولى، لا ما يشمل هذه الصورة أيضاً. و على هذا فيختصّ الخلاف بصورة واحدة و هي ما إذا كانت الحوالة على مشغول الذمّة بأن يدفع من طرف ما عليه من الحقّ بغير جنسه، كأن يدفع من الدنانير الّتي عليه دراهم.

مسألة 1: لا فرق في المال المحال به أن يكون عيناً في الذمّة أو منفعة أو عملًا (2) لايعتبر فيه المباشرة و لو مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الزيارة و القرائة؛ سواء كانت على بري ء أو على مشغول الذمّة بمثلها؛ و أيضاً لا فرق بين أن يكون مثليّاً كالطعام أو قيميّاً كالعبد و الثوب (3)، و (1). مكارم الشيرازي: إذا رضي المحال عليه، لأنّه من قبيل الحوالة على البري ء الّذي يعتبر فيه رضاه. و الحاصل أنّ في المسألة صُوراً أربع: صورة واحدة منها محلّ للخلاف، و ثلاث صور خارجة عنه؛ أمّا محلّ الخلاف ما إذا كانت الحوالة بغير جنس ما يكون على المحال عليه؛ و أمّا الصُور الثلاث الّتي ليست محلًاّ للخلاف: إحديها: أن تكون

الحوالة بغير جنس الدين على البري ء مع رضاه. الثانية: أن تكون الحوالة بغير جنس الدين على من هو مشغول الذمّة بمثله. الثالثة: أن تكون الحوالة على مشغول الذمّة بغير جنس الدين، ولكن مع قطع النظر عن اشتغال ذمّته بأن يكون كالحوالة على البري ء. هذا كلّه في اختلاف الحوالة مع ما على المحال عليه؛ و أمّا اختلاف الحوالة مع الدين الّذي على المحيل، فهو خارج عن محلّ الكلام و داخل في الوفاء بغير الجنس (2). مكارم الشيرازي: لكنّ الحوالة بالنسبة إلى المنفعة أو العمل غير متعارف جدّاً، و شمول الإطلاقات له مشكل (3). مكارم الشيرازي: و هذا إنّما يصحّ إذا كان اشتغال الذمّة بها من طريق السلف، فإنّ المشهور جواز السلف في العبد و غيره من القيميّات، فيشتغل الذمّة بالعبد الموصوف بالصفات؛ و حينئذٍ تجوز الحوالة مع هذه الصفات، كما يجوز بيعها كذلك؛ نعم، إذا كان الضمان من طريق الإتلاف و التلف، ثبت في الذمّة قيمته لا عينه، فيخرج عن محلّ الكلام؛ و على كلّ حال، الإشكال بالجهالة لا معنى له. هذا، و عدّ الثوب من القيمي لايخلو من إشكال بالنسبة إلى الثياب المعمولة في عصرنا الّتي توجد المثلي فيها كثيراً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 737

القول بعدم الصحّة في القيميّ للجهالة ضعيف، و الجهالة مرتفعة بالوصف الرافع لها.

مسألة 2: إذا تحقّقت الحوالة برئت ذمّة المحيل وإن لم يبرئه المحتال (1)، و القول بالتوقّف على إبرائه ضعيف. و الخبر الدالّ على تقييد عدم الرجوع على المحيل بالإبراء من المحتال، المراد منه القبول، لا اعتبارها بعده أيضاً. و تشتغل ذمّة المحال عليه للمحتال فينتقل الدين إلى ذمّته و تبرأ ذمّة المحال عليه للمحيل إن كانت الحوالة بالمثل بقدر المال المحال

به، و تشتغل ذمّة المحيل (2) للمحال عليه (3) إن كانت على بري ء أو كانت بغير المثل، و يتحاسبان بعد ذلك.

مسألة 3: لايجب على المحتال قبول الحوالة و إن كانت على ملئ (4).

مسألة 4: الحوالة لازمة، فلايجوز فسخها بالنسبة إلى كلّ من الثلاثة؛ نعم، لو كانت على معسر مع جهل المحتال بإعساره، يجوز له الفسخ (5) و الرجوع على المحيل. و المراد من الإعسار أن لايكون له ما يوفي دينه زائداً على مستثنيات الدين، و هوالمراد من الفقر في كلام بعضهم، و لايعتبر فيه كونه محجوراً. و المناط، الإعسار و اليسار حال الحوالة و تماميّتها. و لايعتبر الفور في جواز الفسخ (6). و مع إمكان الاقتراض و البناء عليه (1). مكارم الشيرازي: لكن يعتبر قصد الطرفين للحوالة بمعنى نقل ذمّة المحيل إلى المحال عليه، فإنّ الحوالة في عصرنا هذا على نحوين؛ نحو منها يكون كالوكالة في الأخذ، و ذلك لايوجب براءة ذمّة المحيل، و هو كثير؛ و نحو آخر يكون بعنوان نقل الذمّة، فإذا قبله اشتغل ذمّة المحال عليه و برئت ذمّة المحيل (2). الگلپايگاني: اشتغال ذمّة المحيل في الحوالة على البري ء بمجرّد الحوالة محلّ منع و المحقّق اشتغال ذمّته بعد أداء المحال عليه كما في الضمان، و قد مرّ أنّه مطابق للقواعد؛ و أمّا الحوالة على المشغول بغير الجنس فقد مرّ منه قدس سره أنّه وفاء بغير الجنس، فلا وجه لاشتغال ذمّته له (3). مكارم الشيرازي: لكنّه بعد أداء المال المحال به؛ كما مرّ نظيره في باب الضمان، و الدليل هو الدليل (4). مكارم الشيرازي: و ذلك لأنّ الحوالة نوع تصرّف في الدين، و لايجوز إلّابرضى الدائن (5). مكارم الشيرازي: الأولى التعبير بالإفلاس، فإنّه

الّذي ورد في نصوص الباب (6). مكارم الشيرازي: ولكن التراخي بما يخرج عن المتعارف أيضاً مشكل، لعدم شمول الإطلاقات له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 738

يسقط (1) الخيار، للانصراف على إشكال (2)، و كذا مع وجود المتبرّع (3).

مسألة 5: الأقوى جواز الحوالة على البري ء، ولايكون داخلًا في الضمان.

مسألة 6: يجوز اشتراط خيار الفسخ لكلّ من الثلاثة.

مسألة 7: يجوز الدور في الحوالة، و كذا يجوز الترامي بتعدّد المحال عليه و اتّحاد المحتال أو بتعدّد المحتال و اتّحاد المحال عليه.

مسألة 8: لو تبرّع أجنبيٌّ عن المحال عليه برئت ذمّته، وكذا لو ضمن عنه ضامن برضا المحتال، و كذا لو تبرّع المحيل عنه.

مسألة 9: لو أحال عليه فقبل و أدّى، ثمّ طالب المحيل بما أدّاه فادّعى أنّه كان له عليه مال و أنكر المحال عليه، فالقول قوله (4) مع عدم البيّنة، فيحلف على برائته و يطالب عوض ما أدّاه، لأصالة البراءة من شغل ذمّته للمحيل. و دعوى أنّ الأصل أيضاً عدم اشتغال ذمّة المحيل بهذا الأداء، مدفوعة (5) بأنّ الشكّ في حصول اشتغال ذمّته و عدمه مسبّب عن الشكّ في اشتغال ذمّة المحال عليه و عدمه، و بعد جريان أصالة براءة ذمّته (6) يرتفع الشكّ، هذا على المختار من صحّة الحوالة على البري ء؛ و أمّا على القول بعدم صحّتها فيقدّم قول المحيل (7)، لأنّ (1). الامام الخميني: الأشبه عدم السقوط (2). الخوئي: أظهره عدم السقوط

الگلپايگاني: بل الأقوى عدم سقوط الخيار، و الانصراف ممنوع (3). مكارم الشيرازي: انصراف النصوص لا وجه له، فالخيار باقٍ؛ نعم، إذا كان المفلس معتمداً بين الناس بحيث يقدر على الاقتراض في كلّ آن بكلّ مبلغ أراد، أمكن دعوى الانصراف عن خصوص هذه الصورة؛ و كذا

إذا صار موسراً بعد الحوالة و قبل العلم بالإفلاس (4). مكارم الشيرازي: قد يقال: قبول قول المحال عليه يختصّ بما إذا لم يكن ظاهر الحوالة كون المحال عليه مديوناً، و إلّاكان القول قول المحيل، لموافقته لظاهر الحال؛ و هو غير بعيد، لاسيّما بالنسبة إلى الصكوك الّتي هي في الواقع من قبيل الحوالة إلى البنوك، فإنّ المتعارف الغالب أنّ البنوك لايؤدّون شيئاً لو لم يكن في حساب المحيل شي ء و إن كان قد يؤدّون الحوالة و لو لم يكن هناك شي ء اعتباراً بأمر المحيل؛ ولكنّه شاذّ نادر مخالف لظاهر الحال (5). الامام الخميني: في هذا الدفع إشكال (6). الخوئي: الصحيح التمسّك في المقام باستصحاب عدم اشتغال ذمّته، فإنّه يحرز الموضوع دون أصالةالبرائة (7). مكارم الشيرازي: قد يقال: إنّ أصالة الصحّة لاتثبت إلّاما يترتّب على صحّة العقد و تنشأ منها، و أمّا الآثار الاخر الّتي بجانب العقد و ليست في متنه، فعموم دليل الصحّة لها و إثباتها بها مشكل، و هو كذلك؛ و ممّا ذكرنا يظهر الإشكال فيما سيأتي في ذيل المسألة. و الحاصل أنّ آثار الصحّة في المقام إنّما هو نقل الذمم بعد صحّة الحوالة، و أمّا لوازمها من قبيل اشتغال ذمّة المحيل للمحال عليه فهو غير ثابت بدليل الصحّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 739

مرجع الخلاف إلى صحّة الحوالة و عدمها، و مع اعتراف المحال عليه بالحوالة يقدّم قول مدّعي الصحّة (1) و هو المحيل. و دعوى أنّ تقديم قول مدّعي الصحّة إنّما هو إذا كان النزاع بين المتعاقدين و هما في الحوالة المحيل و المحتال، و أمّا المحال عليه فليس طرفاً و إن اعتبر رضاه في صحّتها، مدفوعة أوّلًا بمنع عدم كونه طرفاً، فإنّ الحوالة مركّبة من إيجاب و

قبولين (2)، و ثانياً: يكفي اعتبار رضاه في الصحّة في جعل اعترافه بتحقّق المعاملة حجّة عليه بالحمل على الصحّة؛ نعم، لو لم يعترف بالحوالة بل ادّعى أنّه أذن له في أداء دينه، يقدّم قوله، لأصالة البرائة من شغل ذمّته، فبإذنه في أداء دينه له مطالبة عوضه و لم يتحقّق هنا حوالة بالنسبة إليه حتّى تحمل على الصحّة وإن تحقّق بالنسبة إلى المحيل و المحتال، لاعترافهما بها.

مسألة 10: قد يستفاد من عنوان المسألة السابقة، حيث قالوا: «لو أحال عليه فقبل و أدّى» فجعلوا محلّ الخلاف ما إذا كان النزاع بعد الأداء، أنّ حال الحوالة حال الضمان في عدم جواز مطالبة العوض إلّابعد الأداء (3)، فقبله و إن حصل الوفاء بالنسبة إلى المحيل و المحتال لكن ذمّة المحيل لاتشتغل للمحال عليه البري ء إلّابعد الأداء، و الأقوى (4) حصول الشغل بالنسبة إلى المحيل بمجرّد قبول المحال عليه، إذ كما يحصل به الوفاء بالنسبة إلى دين المحيل (5) (1). الگلپايگاني: إثبات الدين بإجراء أصالة صحّة الحوالة محلّ تأمّل (2). الخوئي: مرّ أنّها ليست كذلك (3). الگلپايگاني: و هو الأقوى، و قد مرّ أنّه موافق للقاعدة في الضمان و الحوالة على البري ء و مرّ بيانه، فراجع

مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، بجريان ما سبق في المسألة (13) من كتاب الضمان فيه، و أنّ المتيقّن اشتغال ذمّته بالمال بعد أداء المحال عليه إذا كان بريئاً، و الظاهر أنّ بناء العقلاء في الحوالة عليه؛ و قد أمضاها الشرع بسكوته أو بقوله: «أوفوا بالعقود» (4). الامام الخميني: بل الأقوى عدم حصوله إلّابالأداء، و حالها حال الضمان فيه و في سائر ما ذكر في المسألةمثل الإبراء و الوفاء بالأقلّ (5). الخوئي: بل الأقوى أنّ ذمّة المحيل

لاتشتغل للمحال عليه إلّابعد الأداء، إذ به يتحقّق استيفاؤه لما له بأمره، و عليه يترتّب أنّ حال الحوالة حال الضمان في بقيّة الجهات المذكورة في المتن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 740

بمجرّده، فكذا في حصوله بالنسبة إلى دين المحال عليه للمحيل إذا كان مديوناً له و حصول شغل ذمّة المحيل له إذا كان بريئاً. و مقتضى القاعدة في الضمان أيضاً تحقّق شغل المضمون عنه للضامن بمجرّد ضمانه، إلّاأنّ الإجماع و خبر الصلح دلّا على التوقّف على الأداء فيه، و في المقام لا إجماع و لا خبر (1)، بل لم يتعرّضوا لهذه المسألة. و على هذا فله الرجوع على المحيل و لو قبل الأداء، بل و كذا لو أبرأه المحتال أو وفّاه بالأقلّ أو صالحه بالأقلّ، فله عوض ما أحاله عليه بتمامه مطلقاً إذا كان بريئاً.

مسألة 11: إذا أحال السيّد بدينه على مكاتبه بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة، صحّ؛ سواء كان قبل حلول النجم أو بعده، لثبوته في ذمّته. والقول بعدم صحّته قبل الحلول لجواز تعجيز نفسه ضعيف، إذ غاية ما يكون كونه متزلزلًا فيكون كالحوالة على المشتري بالثمن في زمان الخيار. و احتمال عدم اشتغال ذمّة العبد لعدم ثبوت ذمّة اختياريّة له فيكون وجوب الأداء تكليفيّاً، كماترى؛ ثمّ إنّ العبد بقبول الحوالة يتحرّر (2)، لحصول وفاء مال الكتابة بالحوالة و لو لم يحصل (3) الأداء منه، فإذا أعتقه المولى قبل الأداء بطل عتقه. و ما عن المسالك من عدم حصول الانعتاق قبل الأداء، لأنّ الحوالة ليست في حكم الأداء بل في حكم (1). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المسألة غير مبنيّة على الإجماع و السنّة تعبّداً، بل الحكم موافق للقاعدة، و القاعدة تجري في الضمان و الحوالة سواءً، و لا مانع

من الالتزام بما فرّع إليه في ذيل عبارته؛ ثمّ اعلم أنّه ليست المسألة مسألة عقليّة، كما يظهر من كلمات بعض الشارحين حيث استدلّ هنا بدلائل عقليّة أو ما يشبه الدليل العقلي، بل المسألة عقلائيّة، أعني يرجع فيها إلى سيرتهم في عقد الحوالة، فإنّها هي الّتي أمضاها الشارع المقدّس، و الظاهر استقرار سيرتهم على الرجوع إلى المحيل بعد أداء مال الحوالة، لا قبل أدائها؛ ولاينافي ذلك وقوع التهاتر أو نقل الذمّة إذا كانت الحوالة على المديون، لما عرفت من ابتناء المسألة على مباني العرف و سيرتهم، لا على هذه القياسات و الاستدلالات (2). الخوئي: الظاهر أنّه لايتوقّف على قبوله لها، إذ المفروض أنّه مديون للمولى، فبتحقّق الحوالة تبرأ ذمّته وتشتغل للمحتال (3). الگلپايگاني: هذا على الأصحّ من كون مال الكتابة ديناً على العبد؛ و أمّا لو قيل بعدم الدين للزوم كون المولى مديوناً لنفسه فتكون الحوالة عليه كالحوالة على البري ء و لايعتق ما لم يؤدّ، كما مرّ؛ و على هذا، لو اعتقه المولى صحّ و بطلت الكتابة و لم يسقط عن المكاتب مال الحوالة و لايضمن السيّد ما يغرمه العبد بعد الحريّة، كما اختاره المسالك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 741

التوكيل، وعلى هذا إذا أعتقه المولى صحّ و بطلت الكتابة و لم يسقط عن المكاتب مال الحوالة، لأنّه صار لازماً للمحتال و لايضمن السيّد ما يغرمه من مال الحوالة، فيه نظر من وجوه، و كأنّ دعواه (1) أنّ الحوالة ليست في حكم الأداء (2) إنّما هي بالنظر إلى ما مرّ من دعوى توقّف شغل ذمّة المحيل للمحال عليه على الأداء كما في الضمان، فهي و إن كان كالأداء بالنسبة إلى المحيل و المحتال فبمجرّدها يحصل الوفاء وتبرأ ذمّة المحيل، لكن بالنسبة

إلى المحال عليه و المحيل ليس كذلك، و فيه: منع التوقّف المذكور، كما عرفت، فلا فرق بين المقامين في كون الحوالة كالأداء فيتحقّق بها الوفاء.

مسألة 12: لو باع السيّد مكاتبه سلعة فأحاله بثمنها (3) صحّ، لأنّ حاله حال الأحرار، من غير فرق بين سيّده و غيره. و ما عن الشيخ من المنع (4) ضعيف.

مسألة 13: لو كان للمكاتب دين على أجنبيّ فأحال سيّده عليه من مال الكتابة صحّ، فيجب عليه تسليمه للسيّد ويكون موجباً لانعتاقه (5)؛ سواء أدّى المحال عليه المال للسيّد أم لا.

مسألة 14: لو اختلفا في أنّ الواقع منهما كانت حوالة أو وكالة، فمع عدم البيّنة يقدّم قول منكر الحوالة (6)؛ سواء كان هو المحيل أو المحتال، و سواء كان ذلك قبل القبض من المحال عليه أو (1). الامام الخميني: كون نظره إلى ما ذكر محلّ إشكال

الگلپايگاني: و يمكن أن يكون دعواه مبنيّاً على ما قلناه أو على ما عن الشيخ من أنّ مال الكتابة ليس بثابت، لأنّ للمكاتب إسقاطه (2). الخوئي: هذه الدعوى و إن كانت باطلة في نفسها لأنّها تستلزم عدم برائة ذمّة المحيل عن دين المحتال بمجرّد الحوالة، و هو خلاف المفروض، إلّاأنّها غير مبتنية على الدعوى الثانية، فإنّ مورد الثانية هي الحوالة على البري ء لا على المديون (3). الگلپايگاني: هذه العبارة ناقصة، و الصحيح أن يقال: «لو أحال عليه غريمه بثمنها» كما عنون المسألة في المبسوط كذلك (4). الگلپايگاني: لم يمنع الشيخ عن ذلك على سبيل الجزم، بل قال: فيه وجهان، و ما منعه هو إحالة السيّد غريمه على المكاتب بمال المكاتبة و استدلّ عليه بعدم ثبوته لجواز إسقاطه بتعجيز نفسه (5). الگلپايگاني: على فرض ثبوت مال الكتابة (6). الامام

الخميني: لا بمعنى ثبوت الوكالة و ترتيب أثرها لو كان لها أثر. و للمسألة صور و كذا لطرح الدعوى، و لعلّ في بعضها يكون المرجع التحالف على إشكال

مكارم الشيرازي: هذا إذا كان الغرض من دعوى الوكالة إنكار آثار الحوالة من نقل الذمّة إلى الذمّة؛ وأمّا لو كان الغرض ترتيب آثار الحوالة، كانت الدعوى من الجانبين، و المرجع فيه التحالف على المشهور. و الظاهر أنّ المراد هو القسم الأوّل لا غير؛ و لايخفى أنّ المعيار في تشخيص المدّعي و المنكر ليس ألفاظ الدعوى و مصبّها، بل المعيار هو الغرض الأصلي لطرح الدعوى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 742

بعده (1)، و ذلك لأصالة بقاء اشتغال ذمّة المحيل للمحتال و بقاء اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل و أصالة عدم ملكيّة المال المحال به للمحتال. و دعوى أنّه إذا كان بعد القبض يكون مقتضى اليد ملكيّة المحتال فيكون المحيل المنكر للحوالة مدّعياً، فيكون القول قول المحتال في هذه الصورة، مدفوعة بأنّ مثل هذه اليد لايكون أمارة على ملكيّة ذيها؛ فهو نظير ما إذا دفع شخص ماله إلى شخص و ادّعى أنّه دفعه أمانة، و قال الآخر: دفعتني هبة أو قرضاً، فإنّه لايقدّم قول ذي اليد.

هذا كلّه إذا لم يعلم اللفظ الصادر منهما، و أمّا إذا علم وكان ظاهراً في الحوالة أو في الوكالة فهو المتّبع. و لو علم أنّه قال: أحلتك على فلان، و قال: قبلت، ثمّ اختلفا في أنّه حوالة أو وكالة، فربما يقال: إنّه يقدّم قول مدّعي الحوالة (2)، لأنّ الظاهر من لفظ أحلت هو الحوالة المصطلحة و استعماله في الوكالة مجاز فيحمل على الحوالة، و فيه: منع الظهور (3) المذكور؛ نعم، لفظ الحوالة ظاهر في الحوالة المصطلحة، و أمّا

ما يشتقّ منها كلفظ أحلت فظهوره فيها (1). الگلپايگاني: لا إشكال في جريان الاصول المذكورة قبل القبض، وأمّا بعد القبض فلا معنى لبقاء اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل، لأنّه على فرض الحوالة تبرأ ذمّته بمجرّدها و على فرض الوكالة تبرأ بأدائها إلى وكيل المحيل و المفروض هو العلم بعدم الخروج عنهما؛ و كذلك ذمّة المحيل في الحوالة تبرأ بمجرّدها و في الوكالة بأخذه الوكيل بمقدار ما عليه من المحال عليه عوضاً عن دين المحيل؛ نعم، لو كانت الدعوى الوكالة في أخذ المحال بوكالة المحيل و البقاء عنده أمانة، فيصحّ استصحاب اشتغال ذمّة المحيل للمحتال و استصحاب عدم انتقال ما أخذه إليه

مكارم الشيرازي: إن كان الغرض من الوكالة أخذ المال من المحال عليه للمحيل ثمّ تملّك المحتال له، فلا إشكال في برائة ذمّة المحال عليه و المحيل بعد القبض، سواء كان حوالة أو توكيلًا؛ و إن كان المراد من الوكالة أخذه للمحيل و كونه أمانة عنده، فلا إشكال أيضاً في برائة ذمّة المحال عليه، ولكن تبقى ذمّة المحيل ثابتة (2). الامام الخميني: لايخلو من قوّة، و منع الظهور ممنوع (3). الخوئي: في المنع إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 743

ممنوع (1)، كما أنّ لفظ الوصيّة ظاهر في الوصيّة المصطلحة، و أمّا لفظ أوصيت أو اوصيك بكذا فليس كذلك. فتقديم قول مدّعي الحوالة في الصورة المفروضة محلّ منع.

مسألة 15: إذا أحال البايع من له عليه دين على المشتري بالثمن، أو أحال المشتري البايع بالثمن على أجنبيّ بري ء أو مديون للمشتري ثمّ بان بطلان البيع، بطلت الحوالة (2) في الصورتين، لظهور عدم اشتغال ذمّة المشتري للبايع، و اللازم اشتغال ذمّة المحيل للمحتال، هذا في الصورة الثانية؛ و في الصورة

الاولى و إن كان المشتري محالًا عليه و يجوز الحوالة على البري ء، إلّاأنّ المفروض إرادة الحوالة عليه من حيث ثبوت الثمن في ذمّته، فهي في الحقيقة حوالة على ما في ذمّته (3) لا عليه (4)، و لا فرق بين أن يكون انكشاف البطلان قبل القبض أو بعده، فإذا كان بعد القبض يكون المقبوض باقياً (5) على ملك المشتري (6) فله الرجوع به، و مع (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ منع الظهور فيما إذا صدر هذا اللفظ من المديون مخاطباً لدائنه لإرجاعه إلى مديونه أو إلى بري ء لايخلو عن تعسّف، و تقديم قول مدّعيه لايخلو عن قوّة

مكارم الشيرازي: كيف يمكن منع الظهور مع كون المفروض إحالة المديون دائنه إلى غيره؟ و هذه قرينة جليّة على كون هذا اللفظ هنا بمعنى الحوالة المصطلحة، و هو كافٍ (2). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: كانت الحوالة باطلة من أصل؛ فإنّ التعبير بقوله: بطلت الحوالة، يوهم طروّ الفساد عليها بعد ما كانت صحيحة؛ و قديقال: فرق بين ما إذا كانت صحّة المعاملة من قبيل الداعي، فتصحّ الحوالة على البري ء جائزةً، و بين ما كان إذا كانت من قبيل التقييد، فتبطل؛ ولكنّ الإنصاف أنّ مفروض البحث إعطاء الثمن بعنوان الوفاء في عقد البيع لا إعطاؤه بعنوان الحوالة على البري ء، فالتفصيل خارج عن محلّ الكلام (3). الگلپايگاني: لا معنى للحوالة على ما في الذمّة، لأنّها نقل ذمّة إلى ذمّة، غاية الأمر في المشغول يلازم استيفاء الدين بخلافها في البري ء و مع تحقّق الحوالة لايضرّ عدم الاستيفاء نظير تخلّف الداعي، إلّامع تقيّد رضاه بالحوالة بكونه مديوناً بالثمن فتكون باطلة (4). الامام الخميني: هذا ممنوع، بل حوالة عليه بما في ذمّته، فإن كان بنحو التقييد بطلت الحوالة،

و إن كان بنحو الداعي صحّت و تكون الحوالة على البري ء (5). الامام الخميني: في غير صورة إحالة المشتري البايع على الأجنبي البري ء؛ و أمّا فيها فالمقبوض باقٍ على ملك الأجنبي في صوره بطلان الحوالة (6). الخوئي: هذا في غير ما إذا أحال المشتري البايع على البري ء؛ و أمّا فيه فالمقبوض باقٍ على ملك البري ء فله الرجوع به، و مع تلفه جاز له الرجوع على المحيل و على المحتال، فإن رجع على المحيل جاز له الرجوع على المحتال

الگلپايگاني: هذا في الصورة الاولى على فرض البطلان؛ و أمّا على فرض الصحّة فالمقبوض ملك للمحال عليه و على المحيل غرامته و في الصورة الثانية فالمقبوض باقٍ على ملك المأخوذ منه يردّه عليه مع بقائه و يردّ بدله مع التلف، لأنّ الحوالة باطلة و لا مملّك غيرها للمشتري

مكارم الشيرازي: هذا إنّما يكون في الصورة الاولى؛ أمّا في الثانية فيبقى على ملك المحال عليه، الّذي هو غير البايع و المشتري، لأنّ المفروض بطلان الحوالة لعدم اشتغال ذمّة المشتري للبايع بعد بطلان البيع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 744

تلفه يرجع على المحتال في الصورة الاولى و على البايع في الثانية.

مسألة 16: إذا وقعت الحوالة بأحد الوجهين، ثمّ انفسخ البيع بالإقالة أو بأحد الخيارات، فالحوالة صحيحة، لوقوعها في حال اشتغال ذمّة المشتري بالثمن، فيكون كما لو تصرّف أحد المتبايعين في ما انتقل إليه (1) ثمّ حصل الفسخ، فإنّ التصرّف لايبطل بفسخ البيع. و لا فرق بين أن يكون الفسخ قبل قبض مال الحوالة أو بعده (2)، فهي تبقى بحالها و يرجع البايع على المشتري (3) بالثمن (4). و ما عن الشيخ و بعض آخر من الفرق (5) بين الصورتين و الحكم

بالبطلان في الصورة الثانية و هي ما إذا أحال المشتري البايع بالثمن على أجنبيّ، لأنّها تتبع البيع في هذه الصورة، حيث إنّها بين المتبايعين، بخلاف الصورة الاولى، ضعيف. و التبعيّة في الفسخ و عدمه ممنوعة؛ نعم، هي تبع للبيع، حيث إنّها واقعة على الثمن. و بهذا المعنى لا فرق بين الصورتين. و ربما يقال ببطلانها إن قلنا (1). مكارم الشيرازي: المراد هو التصرّف الّذي لايزاحم الخيار (2). مكارم الشيرازي: لأنّ انتقال الذمّة حصل بنفس الحوالة و لا أثر للقبض فيه (3). الخوئي: هذا من سهو القلم، و الصحيح: و يرجع المشتري على البايع (4). مكارم الشيرازي: الصحيح كون العبارة هكذا: «و يرجع المشتري على البايع بالثمن» و كأنّه من غلط النسّاخ؛ ثمّ إنّ مراده من الثمن هو مثل الثمن في الصورة الاولى، و إلّافنفس الثمن انتقل إلى ملك المحتال (5). الگلپايگاني: الفرق بين الصورتين أنّ في الثانية بالفسخ ينتفي الموضوع و هو الدين المحال و في الاولى يصير كالحوالة على البري ء، لكن ذلك لايؤثّر، لأنّ الفسخ بعد الحوالة بمنزلة الفسخ بعد سائر النواقل مثل البيع أو الصلح لايفيد في رفع أثر الحوالة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 745

إنّها استيفاء، و تبقى إن قلنا إنّها اعتياض (1)؛ و الأقوى البقاء وإن قلنا إنّها استيفاء، لأنّها معاملة مستقلّة (2) لازمة لاتنفسخ بانفساخ البيع، و ليس حالها حال الوفاء بغير معاملة لازمة، كما إذا اشترى شيئاً بدراهم مكسّرة فدفع إلى البايع الصحاح أو دفع بدلها شيئاً آخر وفاءً، حيث إنّه إذا انفسخ البيع يرجع إليه ما دفع من الصحاح أو الشي ء الآخر لا الدراهم المكسّرة، فإنّ الوفاء بهذا النحو ليس معاملة لازمة (3)، بل يتبع البيع في الانفساخ، بخلاف ما

نحن فيه، حيث إنّ الحوالة عقد لازم و إن كان نوعاً من الاستيفاء.

مسألة 17: إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معيّن خارجيّ، فأحال دائنه عليه ليدفع إليه بما عنده فقبل المحتال (4) و المحال عليه (5)، وجب عليه الدفع إليه (6) و إن لم يكن من الحوالة (1). مكارم الشيرازي: الحقّ أنّ الحوالة عقد مستقلّ، لا استيفاء و لا اعتياض للدين و إن كانت شبيهة بهذا تارةً و بذاك اخرى، فلا وجه لهذا التفسير (2). الامام الخميني: هذا إنكار للمبنى لا للبناء بعد تسليم المبنى، و إنكار المبنى وجيه، و فرق بين كونها استيفاءًأو لازمها ذلك (3). الخوئي: الظاهر أنّها معاملة لازمة، فلاتتّبع البيع في الانفساخ (4). الگلپايگاني: هذا الفرع من أوّله إلى آخره لايخلو من اغتشاش؛ فإن كان المقصود الوكالة في ردّ عين ماله إلى غريمه فهذا لايحتاج إلى قبول المحتال و المحتال عليه، فإنّ الأمين يكفي في جواز الردّ له إذن المالك و لايلزم عليه الردّ إلى الغريم و لو مع قبول الوكالة، بل عليه الردّ، إمّا على المالك و إمّا على من أمر بالردّ إليه، و أمّا الغريم فإن كان ما امر بالردّ إليه مصداقاً لدينه فملزم بالقبول و هذا ليس من الحوالة في شي ء لا المصطلحة و لا غير المصطلحة، و الحكم بالضمان لقاعدة الغرر في المقام محلّ منع (5). الامام الخميني: لا أثر لقبول المحال عليه في الحكم، أي وجوب الدفع؛ نعم، له أثر في الضمان لأجل الغرور

مكارم الشيرازي: لا وجه لاشتراط قبول المحتال إذا لم يكن في قبوله مؤونة زائدة، لأنّ المديون مكلّف بأداء دينه، سواء بالمباشرة أو بالواسطة، و ليس للدائن أن يقول لا أقبل منك إلّابالأداء مباشرةً؛ و

كذا لا وجه لاعتبار قبول المحال عليه بعد كونه مأموراً بأداء الأمانة (6). مكارم الشيرازي: إنّما يجب عليه ذلك من باب ردّ الأمانة فوراً، فإنّ يد المحتال يد المالك، فمنعه كمنع المالك من ماله؛ نعم، لوكان الزمان اللازم للأداء إلى المحتال مساوياً لزمان أدائه إلى المحيل أو كان الثاني أقلّ، جاز له ردّه إلى أحدهما؛ و من هنا يظهر أنّه لا أثر لقبول المحال عليه في هذا الباب، بل هو مأمور بالأداء بمقتضى كونه أميناً أو وكيلًا لا غير؛ و مع ذلك كلّه، يكون هذا من الحوالة المصطلحة عند العرف، لاسيّما في عصرنا؛ خلافاً لبعض أعاظم المحشّين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 746

المصطلحة. و إذا لم يدفع، له الرجوع على المحيل، لبقاء شغل ذمّته؛ و لو لم يتمكّن من الاستيفاء منه، ضمن الوكيل المحال عليه (1) إذا كانت الخسارة الواردة عليه مستنداً إليه للغرور (2). (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (2). مكارم الشيرازي: و ذلك مثل ما إذا أخذ الدائن بيد المديون، فأتى به عند المحال عليه، فقال المحال عليه له: عندي مال خلّ سبيله و علىّ وفاء دينه من ماله، مع علمه بأن لو خلّى سبيله لم تصل يد الدائن إليه أبداً، ففي هذا المثال و أشباهه يصدق الغرور، بل يصدق عنوان الإضرار و الإتلاف؛ هذا مضافاً إلى ما قد عرفت من أنّ الواجب على الوكيل أداء المال إليه، لأنّ يده يد المالك

[كتاب النكاح

اشارة

كتاب النكاح

[النكاح و آدابه

[النكاح و آدابه

النكاح مستحبّ في حدّ نفسه بالإجماع والكتاب والسنّة (2) المستفيضة، بل المتواترة، قال اللّه تعالى: «و أنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم و إمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله و اللّه واسع عليم». و في النبويّ المرويّ بين الفريقين: «النكاح سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» و عن الصادق عليه السلام عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: «تزوّجوا فإنّ (1). مكارم الشيرازي: المعروف بين أهل اللغة نّ النكاح بمعنى الوطي، ولكنّ المعروف عند الفقهاء أنّه هو العقد؛ و الظاهر أنّه ليس شي ء من المعنيين معناه الأصلي، بل الأصل فيه أنّه بمعنى الضمّ و الاختلاط و الامتزاج؛ يقال: تناكحت الأشجار، أي انضمّ بعضها ببعض؛ نكح المطر الأرض، أي اختلط بترابها؛ نكح النعاس عينه، أي غلبها؛ و لعلّه- كما قال الراغب في مفرداته- لم يكن عند العرب لفظ موضوع للوطي، بل كلّما يستعمل فيه، كنايات (من باب أدب الكلام)؛ قلت: هو كذلك حتّى أنّ «الوقاع» و «الوطي» و «المضاجعة» و «اللمس» و «الجماع» و غيرها ممّا يستعمل في هذا المعنى أيضاً من هذا القبيل؛ هذا، ولكنّ الظاهر أنّه نقل عن معناه الأصلي إلى «العقد» و لذا لانجد في كتاب اللّه هذا اللفظ إلّامستعملًا في هذا المعنى، ما عدا قوله: «حتّى تنكح زوجاً غيره» بل يمكن أن يقال: إنّه أيضاً مستعمل في معنى العقد، و إنّما يستفاد لزوم الدخول في المحلّل بالسنّة؛ كما أنّ الأمر في الروايات أيضاً كذلك غالباً، فلايستعمل في معنى الوطي إلّانادراً؛ و يؤيّد ما ذكرنا قول العاقد: أنكحت ...، فإنّ هذا دليل على أنّه من الألفاظ الصريحة أو الظاهرة في هذا المعنى؛ فتدبّر جيّداً (2). مكارم الشيرازي: بل

و بدليل العقل، لأنّ مصالحها النوعيّة و الشخصيّة من بقاء النسل و التحفّظ على العفّة و عدم الوقوع في الفساد ممّا لا شكّ فيه و لا شبهة تعتريه؛ و لذا أمضاها جميع العقلاء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 748

رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: من أحبّ أن يتّبع سنّتي فإنّ من سنّتي التزويج» و في النبوي صلى الله عليه و آله: «ما بني بناءً أحبّ إلى اللّه تعالى من التزويج» و عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «من تزوّج أحرز نصف دينه (1)، فليتّق اللّه في النصف الآخر»، بل يستفاد من جملة من الأخبار استحباب حبّ النساء، ففي الخبر عن الصادق عليه السلام: «من أخلاق الأنبياء حبّ النساء» و في آخر عنه عليه السلام: «ما أظنّ رجلًا يزداد في هذا الأمر خيراً إلّاازداد حبّاً للنساء». و المستفاد من الآية و بعض الأخبار أنّه موجب لسعة الرزق (2)، ففي خبر إسحاق بن عمّار: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام: الحديث الّذي يرويه الناس حقّ: «إنّ رجلًا أتى النبي صلى الله عليه و آله فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج حتّى أمره ثلاث مرّات» قال أبوعبداللّه عليه السلام: «نعم، هو حقّ؛ ثمّ قال عليه السلام: الرزق مع النساء و العيال».

مسألة 1: يستفاد من بعض الأخبار كراهة العزوبة، فعن النبي صلى الله عليه و آله: «رذّال موتاكم العزّاب». و لا فرق على الأقوى في استحباب النكاح بين من اشتاقت نفسه و من لم تشتق، لإطلاق الأخبار و لأنّ فائدته لاتنحصر في كسر الشهوة، بل له فوائد، منها زيادة النسل و كثرة قائل لاإله إلّااللّه؛ فعن الباقر عليه السلام: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: ما يمنع المؤمن أن

يتّخذ أهلًا لعلّ اللّه أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلّااللّه».

مسألة 2: الاستحباب لايزول بالواحدة (3)، بل التعدّد مستحبّ أيضاً، قال تعالى: (1). مكارم الشيرازي: لعلّه من جهة أنّ عمدة أسباب المعاصي تنتهي إلى البطن و الفرج، فكلّ منهما منشأ لنصفها؛ و المراد من الدين هنا حفظ النفس عن المعصية (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ ما وعده اللّه- تعالى شأنه- عباده من إغناء الفقراء بالنكاح و أرشد نبيّه صلى الله عليه و آله ذاالحاجة إليه أمر إرشاديّ محسوس بحسب العادة، فإنّ الرجل ما لم يلتزم على نفسه مؤونة العيال لا داعي له في السعي في طلب المال و يفني عمره بالتسويف و الإهمال، و أمّا إذا رأى نفسه متعهّداً لتأمين حوائج العيال فلامحالة يسعى و يجدّ في الطلب و يتحمّل المشقّة و التعب، و كذلك المرأة حيث تجد نفسها مديرة للعائلة و الأولاد تستعدّ لإعانة الزوج في التحصيل و الحفظ. فالازدواج جزء معظم لسياسة المدن و تسهيل لإدارة المعاش لمُعظَم الناس، مضافاً إلى ما فيه من كسر الشهوة و دفع مفاسدها و بقاء النسل و تكثيره؛ و من هذا يظهر صحّة القول بمحبوبيّته حتّى لمن لم يكن له اشتياق إليه بل للمريض و العنّين إذا لم تترتّب عليه مفسدة اخرى (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الآية «فانكحوا ما طاب لكم ...» لا دلالة فيها على الاستحباب و إن ذكره فخر المحققّين في الإيضاح، و غيره؛ بل ترخيص في مقابل المنع عن نكاح البنات اليتامى خوفاً من عدم القسط فيهنّ، فهو من قبيل الأمر في مقام توهّم الحظر، كما أنّه لا دلالة في أخبار النهي عن العزوبة عليه؛ نعم، لعلّ أخبار تكثير النسل دليل عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 749

«فانكحوا

ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع». و الظاهر عدم اختصاص الاستحباب بالنكاح الدائم أو المنقطع، بل المستحبّ أعمّ منهما و من التسرّي بالإماء.

مسألة 3: المستحبّ هو الطبيعة، أعمّ من أن يقصد به القربة أو لا؛ نعم، عباديّته (1) و ترتّب الثواب عليه موقوفة على قصد القربة.

مسألة 4: استحباب النكاح إنّما هو بالنظر إلى نفسه و طبيعته. و أمّا بالنظر إلى الطوارئ فينقسم بانقسام الأحكام الخمسة؛ فقد يجب بالنذر (2) أو العهد أو الحلف و فيما إذا كان مقدّمة لواجب مطلق أو كان في تركه مظنّة الضرر (3) أو الوقوع في الزناء أو محرّم آخر؛ و قد يحرم كما إذا أفضى إلى الإخلال بواجب، من تحصيل علم واجب أو ترك حقّ من الحقوق الواجبة و كالزيادة (4) على الأربع (5)؛ و قد يكره كما إذا كان فعله موجباً للوقوع في مكروه؛ و قد يكون مباحاً كما إذا كان في تركه مصلحة معارضة لمصلحة فعله مساوية (6) لها. و بالنسبة إلى المنكوحة أيضاً ينقسم إلى الأقسام الخمسة؛ فالواجب كمن يقع في الضرر لو لم يتزوّجها أو يبتلي بالزنا معها لولا تزويجها، و المحرّم نكاح المحرّمات (7) عيناً أو جمعاً، و المستحبّ المستجمع (1). الگلپايگاني: يعني إطاعة أمره تعالى و امتثاله (2). الامام الخميني: مرّت المناقشة في وجوب المنذور بعنوانه الذاتي، بل الواجب هو عنوان الوفاء بالنذر، وإنّما ينطبق في الخارج على المنذور و الخارج ليس ظرف تعلّق الوجوب؛ و كذا الحال في العهد و اليمين، و كذا في سائر أمثلته من كونه مقدّمة للواجب المطلق و ما يتلوه، فإنّها مع ورود الإشكال المتقدّم عليها أو على بعضها ترد عليها إشكالات اخر ليس المقام مقتضياً

لبيانها، و كذا الكلام في النكاح المحرّم والأمثلة المذكورة، وأمّا الزيادة على الأربع و نكاح المحرّمات عيناً و جمعاً فإنّها محرّمات وضعيّة أي لايقع النكاح فيها، لا أنّه يقع محرّماً، و تأتي المناقشة في النكاح المكروه بما ذكره أيضاً (3). الگلپايگاني: لا اعتبار بالظنّ في غير الضرر من الوقوع في المحرّمات ما لم يطمئنّ به (4). الگلپايگاني: الزيادة على الأربع و سائر المحرّمات عيناً و جمعاً ممّن لايصحّ نكاحها ليست في عداد ماذكر قبل ذلك ممّن يحرم نكاحها تكليفاً، و كذا في المنكوحة (5). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ هذا المثال لايناسب مقصوده، فإنّ حرمة الزيادة على الأربع حرمة وضعيّة، و الحال أنّ المقسم في كلامه هو الأحكام التكليفيّة (6). الگلپايگاني: في الحكم بالإباحة لذلك مسامحة غير خفيّة (7). مكارم الشيرازي: بناءً على كون المقسم في كلامه أعمّ من الذاتي و العرضي و التكليفي و الوضعي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 750

للصفات المحمودة في النساء، و المكروه النكاح المستجمع للأوصاف المذمومة في النساء و نكاح القابلة المربّية و نحوها، و المباح ما عدا ذلك.

مسألة 5: يستحبّ عند (1) إرادة التزويج امور (2):

منها: الخطبة.

و منها: صلاة ركعتين عند إرادة التزويج قبل تعيين المرأة و خطبتها، والدعاء بعدها بالمأثور و هو: «اللّهم إنّي اريد أن أتزوّج فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً و أحفظهنّ لي في نفسها و مالي و أوسعهنّ رزقاً و أعظمهنّ بركة و قدّر لي ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي و بعد موتي» و يستحبّ أيضاً أن يقول: «أقررت بالّذي أخذ اللّه إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».

و منها: الوليمة يوماً أو يومين، لا أزيد فإنّه مكروه، و دعاء المؤمنين؛ و الأولى كونهم فقراء، و لا

بأس بالأغنياء، خصوصاً عشيرته و جيرانه و أهل حرفته، و يستحبّ إجابتهم و أكلهم. و وقتها بعد العقد أو عند الزفاف ليلًا أو نهاراً. و عن النبي صلى الله عليه و آله: «لا وليمة إلّافي خمس (3): عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز»؛ العرس: التزويج، و الخرس: النفاس، و العذار: الختان، و الوكار: شراء الدار، و الركاز: العود من مكّة.

و منها: الخطبة أمام العقد بما يشتمل على الحمد و الشهادتين و الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله و الأئمّة: و الوصيّة بالتقوى و الدعاء للزوجين، و الظاهر كفاية اشتمالها على الحمد و الصلاة على النبيّ صلى الله عليه و آله و آله:. و لايبعد استحبابها أمام الخطبة أيضاً. (1). الگلپايگاني: الإتيان بالمستحبّات المذكورة برجاء المطلوبيّة أوفق بدرك الواقع، لعدم وضوح المستند في بعضها، و كذا ترك المكروهات برجاء الكراهة (2). مكارم الشيرازي: بعض هذه الامور مبنيّ على المسامحة في أدلّة السنن، و قد مرّ غير مرّة أنّ التسامح فيها لم يتمّ عندنا؛ فالأولى أن يؤتى بها بقصد الرجاء أو الاستحباب المطلق، المستفاد من الأدلّة العامّة (3). مكارم الشيرازي: تفسير «العُرس» (بضمّ العين) بالتزويج و «الخرس» (بضمّ الخاء) بالنفاس مذكور في ذيل الرواية، إمّا منه صلى الله عليه و آله و إمّا من الراوي؛ و على كلّ حال، فيه محذوف، فإنّ العُرس هو الوليمة عند التزويج، و كذا الخُرس هو الوليمة عند الولادة، لا نفس التزويج و الولادة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 751

و منها: الإشهاد في الدائم (1) و الإعلان به، و لايشترط في صحّة العقد عندنا.

و منها: إيقاع العقد ليلًا.

مسألة 6: يكره عند التزويج امور:

منها: إيقاع العقد و القمر في العقرب، أي

في برجها لا المنازل المنسوبة إليها و هي القلب و الاكليل و الزبانا و الشولة.

و منها: إيقاعه يوم الأربعاء.

و منها: إيقاعه في أحد الأيّام المنحوسة (2) في الشهر و هي الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادي والعشرون و الرابع والعشرون و الخامس والعشرون.

و منها: إيقاعه في محاق الشهر (3) و هوالليلتان أو الثلاث من آخر الشهر.

مسألة 7: يستحبّ اختيار امرأة تجمع صفاتٍ (4)؛ بأن تكون بكراً ولوداً ودوداً عفيفةً كريمة الأصل، بأن لاتكون من زنا أو حيض أو شبهة أو ممّن تنال الألسن آبائها أو امّهاتها أم مسّهم رقٌّ أو كفر أو فسق معروف؛ و أن تكون سمراء عيناء عجزاء مربوعة طيّبة الريح و رمّة الكعب جميلة ذات شعر صالحةً تعين زوجها على الدنيا و الآخرة عزيزةً في أهلها ذليلةً مع بعلها متبرّجةً مع زوجها حصاناً مع غيره. فعن النبيّ صلى الله عليه و آله: «إنّ خير نسائكم الولود (5) الودود (1). مكارم الشيرازي: بل قد يستفاد من عموم التعليل في غير واحد من الروايات أنّ الحكم يجري في المتعة أيضاً إذا اريد منه الولد، لقوله عليه السلام: «إنّما جعلت البيّنة في النكاح من أجل المواريث» و في بعضها الآخر: «إنّما جعلت البيّنات للنسب و المواريث» (2). مكارم الشيرازي: لم يثبت بدليل معتبر؛ نعم، لا بأس بالإتيان به رجاءً (3). مكارم الشيرازي: المعروف في الروايات كراهة المجامعة في المحاق، و في بعضها نادراً كراهة التزويج؛ و لعلّ المراد منه هو الجماع أيضاً، لاسيّما مع إشكال سنده (4). مكارم الشيرازي: الحكم باستحباب جميعها و كراهة ما ذكره لايخلو عن إشكال، لبنائه على التسامح في أدلّة السنن، و قد مرّ غير مرّة أنّه لايتمّ عندنا؛ نعم،

يؤتى بها رجاءً. و ليعلم أنّه اشير إلى هذه الصفات من المستحبّات و المكروهات في روايات مختلفة الأسناد، ذكرها في الوسائل في الباب 6 و 7 و 13 و 14 و 15 و 16 إلى الباب 21 من أبواب مقدّمات النكاح، و في الباب 32 و 33 و 34 من هذه الأبواب، و في غيرها، بل و فيها بعض صفات اخرى لم يذكرها المصنّف قدس سره في المتن (5). مكارم الشيرازي: و يعلم ذلك إمّا ببعض العلامات المشهورة، مثل كونها تحيض و كون أقاربها ممّن يلد أو لايلد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 752

العفيفة العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره، الّتي تسمع قوله و تطيع أمره، و إذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، و لم تبذل كتبذّل الرجل؛ ثمّ قال: ألا اخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود الّتي لاتدرع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لاتسمع قوله و لاتطيع أمره، و إذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها، لاتقبل منه عذراً و لاتغفر له ذنباً».

و يكره اختيار العقيم و من تضمّنته الخبر المذكور من ذات الصفات المذكورة الّتي يجمعها عدم كونها نجيبة. و يكره الاقتصار على الجمال و الثروة.

و يكره تزويج جملة اخرى (1):

منها: القابلة و ابنتها للمولود.

و منها: تزويج ضرّة كانت لُامّه مع غير أبيه.

و منها: أن يتزوّج اخت أخيه.

و منها: المتولّدة من الزنا.

و منها: الزانية.

و منها: المجنونة.

و منها: المرأة الحمقاء أو العجوزة.

و بالنسبة إلى الرجال يكره تزويج سيّى ء الخلق و المخنّث و الزنج و الأكراد (2) و الخزر والأعرابيّ و الفاسق و شارب الخمر. (1). مكارم

الشيرازي: بل يكره أيضاً تزويج القرابة القريبة، إلّاأن يكون فيها جهات مرجّحة، لما روي عن النبي صلى الله عليه و آله: لاتنكحوا القرابة القريبة، فإنّ الولد يخرج ضاوياً، أي نحيفاً (2). مكارم الشيرازي: لم يدلّ عليه عدا رواية ضعيفة (رواها في الوسائل في الباب 32 من أبواب مقدّمات النكاح)؛ نعم، هناك غير واحد من الروايات تدلّ على ترك مخالطتهم، فيشمل النكاح أيضاً، ولكنّها أيضاً مراسيل، أو مسانيد تنتهي إلى أبي الربيع الشامي المجهول (راجع ج 12 من الوسائل، الباب 23 من أبواب آداب التجارة)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 753

مسألة 8: مستحبّات الدخول على الزوجة امور (1):

منها: الوليمة قبله أو بعده.

و منها: أن يكون ليلًا، لأنّه أوفق بالستر و الحياء، و لقوله صلى الله عليه و آله: «زفّوا عرائسكم ليلًا و أطعموا ضحىً»، بل لايبعد استحباب الستر المكاني أيضاً.

و منها: أن يكون على وضوء.

و منها: أن يصلّي ركعتين و الدعاء بعد الصلاة- بعد الحمد و الصلاة على محمّد صلى الله عليه و آله و آله عليهم السلام- بالالفة و حسن الاجتماع بينهما، و الأولى المأثور و هو: «اللّهم ارزقني الفتها و ودّها و رضاها بي و أرضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع و أنفس ائتلاف، فإنّك تحبّ الحلال و تكره الحرام».

و منها: أمرها بالوضوء و الصلاة أو أمر من يأمرها بهما.

و منها: أمر من كان معها بالتأمين على دعائه و دعائها.

و منها: أن يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة و يقول: «اللّهم بأمانتك أخذتها و بكلماتك استحللتها، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً تقيّاً من شيعة آل محمّد صلى الله عليه و آله، و لاتجعل للشيطان فيه شركاً و لا نصيباً» أو يقول: «اللّهم على كتابك تزوّجتها

و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها، فإن قضيت في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً و لاتجعله شرك شيطان».

و يكره الدخول ليلة الأربعاء.

مسألة 9: يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع الإذن و لو بشاهد الحال، إن كان عامّاً فللعموم، و إن كان خاصّاً فللمخصوصين؛ و كذا يجوز تملّكه مع الإذن فيه أو بعد الإعراض (2) (1). مكارم الشيرازي: يؤتى بها بقصد الرجاء؛ فإنّ بعضها و إن تمّت أدلّته، ولكن بعضها الآخر لايخلو عن إشكال سنداً أو دلالةً؛ و حيث لم يتمّ قاعدة التسامح عندنا، يؤتى بها رجاءً (2). الگلپايگاني: هذا مبنيّ على كون الإعراض عن الشي ء مخرجاً له من الملك كما لايبعد، و عليه فيصحّ التملّك للعموم

مكارم الشيرازي: الإعراض و إن كان مخرجاً عن الملك على الأقوى، ولكنّ النثر في الأعراس ليس من هذا الباب، بل إمّا إباحة التصرّف كالأكل فيما كان مأكولًا أو التمليك كما في الدراهم و الدنانير و شبهها؛ و أمّا ما دلّ على حرمة ما انتهب عن النثار، إمّا محمول على الكراهة، لأنّه لايناسب الشرف، أو محمول على ما إذا كان خارجاً عمّا نثر له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 754

عنه، فيملك، و ليس لمالكه الرجوع فيه (1) و إن كان عينه موجوداً، و لكنّ الأحوط لهما مراعاة الاحتياط.

مسألة 10: يستحبّ عند الجماع الوضوء و الاستعاذة و التسمية و طلب الولد الصالح السويّ و الدعاء بالمأثور (2) و هو أن يقول: «بسم اللّه و باللّه اللّهم جنّبني الشيطان و جنّب الشيطان ما رزقتني»، أو يقول: «اللّهم بأمانتك أخذتها» إلى آخر الدعاء السابق، أو يقول:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم الّذي لاإله إلّاهو بديع السموات و الأرض اللّهم إن قضيت منّي في هذه الليلة خليفة

فلاتجعل للشيطان فيه شركاً و لا نصيباً و لا حظّاً، واجعله مؤمناً مخلصاً مصفّى من الشيطان و رجزه، جلّ ثناؤك»؛ و أن يكون في مكان مستور.

مسألة 11: يكره الجماع (3) ليلة خسوف القمر و يوم كسوف الشمس و في الليلة و اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء و الصفراء و الحمراء و اليوم الّذي فيه الزلزلة، بل في كلّ يوم أو ليلة حدث فيه آية مخوفة؛ و كذا يكره عند الزوال (4) و عند غروب الشمس حتّى يذهب الشفق، و في المحاق و بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و في أوّل ليلة من كلّ شهر إلّا في الليلة الاولى من شهر رمضان، فإنّه يستحبّ فيها؛ و في النصف من كلّ شهر و في السفر إذا لم يكن عنده الماء للاغتسال، و بين الأذان و الإقامة و في ليلة الأضحى. و يكره في السفينة و مستقبل القبلة و مستدبرها و على ظهر الطريق، و الجماع و هو عريان، و عقيب (1). الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لايُترك

مكارم الشيرازي: بل له الرجوع فيه إذا كان من قبيل الإباحة أو الهبة (2). مكارم الشيرازي: ظاهر غير واحد من الروايات أنّ بعض هذه الأدعية مختصّة بليلة الزفاف، لا عند كلّ جماع (3). مكارم الشيرازي: المكروهات الّتي ذكرها الّتي تبلغ ثلاثين مورداً، الأحوط تركها رجاءً، لما مرّ؛ وليعلم أنّه قد يتعارض جهات الاستحباب و الكراهة و الحسن و القبح فيها، و لابدّ في هذه الموارد ملاحظة ما هو الأقوى ملاكاً، و إلّافيتخيّر (4). الامام الخميني: بل بعده؛ و أمّا عنده فلم أر دليلها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 755

الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء، و الجماع و هو مختضب أو هي مختضبة،

و على الامتلاء، و الجماع قائماً و تحت الشجرة المثمرة و على سقوف البنيان و في وجه الشمس إلّامع الستر. و يكره أن يجامع و عنده من ينظر إليه و لو الصبيّ الغير المميّز، و أن ينظر إلى فرج الامرأة حال الجماع، و الكلام عند الجماع إلّابذكراللّه تعالى، و أن يكون معه خاتم فيه ذكر اللّه أو شي ء من القرآن.

و يستحبّ الجماع ليلة الاثنين و الثلاثاء و الخميس و الجمعة، و يوم الخميس عند الزوال و يوم الجمعة بعد العصر. و يستحبّ عند ميل الزوجة إليه.

مسألة 12: يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلًا حتّى يصبح (1).

مسألة 13: يستحبّ السعي في التزويج (2) و الشفاعة فيه بإرضاء الطرفين.

مسألة 14: يستحبّ تعجيل تزويج البنت (3) و تحصينها بالزوج عند بلوغها، فعن أبي عبداللّه عليه السلام: «من سعادة المرء أن لاتطمث ابنته في بيته».

مسألة 15: يستحبّ حبس المرأة في البيت (4)، فلاتخرج إلّالضرورة، و لايدخل عليها أحد من الرجال. (1). مكارم الشيرازي: ولكنّ الظاهر أنّه لايختصّ الحكم بخصوص الزوجة، لعموم بعض روايات الباب و إن كان بعضها الآخر خاصّاً؛ كما أنّ الظاهر كون الحكم خاصّاً بما إذا لم يخبرهم قبلًا، بل لعلّه معنى الإطراق، و في بعض روايات الباب أيضاً إشارة إليه (2). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه عمومات المعروف و ما دلّ على مطلق السعي في قضاء حوائج المسلمين، مضافاً إلى بعض الأدلّة الخاصّة (3). مكارم الشيرازي: ولكن قد يكون هناك جهات مرجّحة لعدم التعجيل في بعض السنين، كما هو المشاهد في عصرنا، فيؤخذ عند التعارض بالأرجح ملاكاً (4). مكارم الشيرازي: هذا الحكم و إن كان في بعض الروايات إشارة إليه، ولكن كثيراً ما يكون معارضاً بملاكات اخرى،

كما إذا كان هذا موجباً لسوء خُلقها و طغيانها على زوجها و جهلها بمسائل الشرع و أحكامه و شعائره، لعدم حضورها في المساجد و المجالس المعدّة لذلك، بل قد يكون ذلك سبباً لأن تحسّ الحقارة في نفسها فتنجذب إلى عقائد باطلة الّتي تدعى حرّيّتها، إلى غير ذلك من الملاكات المعارضة له؛ فليكن العمل بهذا الحكم مع ملاحظة هذه الجهات، و إلّافترك التضييق و رعاية الاعتدال في ذلك لا شكّ أنّه أولى، بل قديجب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 756

مسألة 16: يكره تزويج الصغار (1) و قبل البلوغ.

مسألة 17: يستحبّ تخفيف مؤونة التزويج و تقليل المهر.

مسألة 18: يستحبّ ملاعبة الزوجة قبل المواقعة.

مسألة 19: يجوز للرجل تقبيل أىّ جزء من جسد زوجته، ومسّ أىّ جزء من بدنه ببدنها.

مسألة 20: يستحبّ اللبث و ترك التعجيل عند الجماع.

مسألة 21: يكره المجامعة تحت السماء.

مسألة 22: يستحبّ إكثار الصوم و توفير الشعر لمن لايقدر على التزويج مع ميله و عدم طَوْله.

مسألة 23: يستحبّ خلع خفّ العروس إذا دخلت البيت و غسل رجليها و صبّ الماء من باب الدار إلى آخرها.

مسألة 24: يستحبّ منع العروس في اسبوع العرس من الألبان والخلّ و الكزبرة و التفّاح الحامض.

مسألة 25: يكره اتّحاد خرقة الزوج و الزوجة عند الفراغ من الجماع.

مسألة 26: يجوز لمن يريد تزويج امرأة أن ينظر إلى وجهها و كفّيها و شعرها (2) و محاسنها. بل لايبعد (3) جواز النظر إلى سائر جسدها ما عدا عورتها (4) و إن كان الأحوط (1). مكارم الشيرازي: بل قد يحرم إذا كان سبباً لفساد أمرها في المستقبل؛ و الأحوط الترك في مثل هذه الأعصار، لا لتبدّل الحكم بل لتبدّل موضوعه، لأنّه فيه المفسدة غالباً، فلايجوز للوليّ الإقدام

عليه إلّافي موارد خاصّة. و الحكم في المسألة (17 إلى 25) يظهر حاله ممّا مرّ في سائر المستحبّات والمكروهات في هذا الباب (2). الگلپايگاني: الأحوط الاقتصار على الوجه و الكفّين (3). الخوئي: بل الأظهر اختصاص جواز النظر بالوجه و اليدين بما فيها المعصم و الشعر و الساقين (4). مكارم الشيرازي: بعيد جدّاً، لعدم الدليل عليه من روايات الباب، لأنّ مطلقاتها تنصرف إلى ما هو المتعارف في هذه المسألة من النظر إلى محاسنها، و الروايات الخاصّة أيضاً لاتدلّ على أكثر من هذا؛ و ما دلّ على جواز ترقيق الثياب لها في هذا الحال، لا دلالة له على أزيد ممّا ذكرنا؛ نعم، لايختصّ الحكم بالوجه و الكفّين، للتصريح في غير واحد من أحاديث الباب بالشعر و المحاسن و المعاصم، مضافاً إلى شواهد اخرى لاتخفى على الناظر فيها. و المراد من المحاسن هو الشعر و الرقبة و الوجه و الكفّين و مقدار من المعصم و ما أشبه من ذلك؛ و أمّا ما ورد من جواز النظر إلى ما خلفها في رواية حسن بن السري، فالظاهر أنّه تشخيص حجم البدن و كيفيّته من فوق الثياب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 757

خلافه. و لايشترط أن يكون ذلك بإذنها و رضاها؛ نعم، يشترط أن لايكون بقصد التلذّذ و إن علم أنّه يحصل بنظرها قهراً. و يجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الغرض (1) و هو الاطّلاع على حالها بالنظر الأوّل؛ و يشترط أيضاً (2) أن لايكون مسبوقاً بحالها و أن يحتمل اختيارها، و إلّا فلايجوز. و لا فرق بين أن يكون قاصداً لتزويجها بالخصوص أو كان قاصداً لمطلق التزويج و كان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار (3) و إن كان الأحوط الاقتصار على

الأوّل (4). و أيضاً لا فرق بين أن يمكن المعرفة بحالها بوجه آخر من توكيل امرأة تنظر إليها و تخبره أو لا و إن كان الأحوط الاقتصار على الثاني (5). و لايبعد جواز نظر المرأة (6) أيضاً إلى الرجل (7) الّذي يريد تزويجها، و لكن لايُترك الاحتياط بالترك. و كذا يجوز النظر إلى جارية يريد شرائها و إن كان بغير إذن سيّدها، و الظاهر اختصاص ذلك بالمشتري لنفسه، فلايشمل الوكيل و الوليّ و الفضوليّ، و أمّا في الزوجة فالمقطوع هو الاختصاص. (1). مكارم الشيرازي: و إن كان في مجالس متعدّدة إذا لم يحصل الغرض بمجلس واحد، لإطلاق روايات الباب و عدم تقييد فيها ما لم يتجاوز عن المتعارف (2). الامام الخميني: و يشترط أيضاً أن تكون المرأة خليّة عن المانع، فلايجوز النظر إلى ذات البعل و العدّة (3). الگلپايگاني: مع احتمال اختبارها بالخصوص (4). الامام الخميني: لايُترك

الخوئي: بل الأقوى ذلك (5). مكارم الشيرازي: لا وجه لهذا الاحتياط بعد إطلاق الروايات، مع عدم إمكان نيابة المرأة غالباً (6). الخوئي: فيه إشكال بناءً على عدم جواز نظرها إليه في نفسه (7). مكارم الشيرازي: و قد يستدلّ له بما ورد من التعليل في رواية المجازات النبويّة: «لو نظرت إليها فإنّها أحرى أن يدوم بينكما» ولكن سندها ضعيفة بالإرسال؛ كما أنّه قد يستدلّ له بقياس الأولويّة بالنسبة إلى الرجل، فإنّه مستام و ماله في خطر، ولكنّ المرأة بضعها في خطر، ولكنّه أيضاً لايخلو عن إشكال. و الّذي يسهل الأمر أنّ محاسن الرجل في نظر المرأة لاتزيد عن الوجه و القامة و الرأس و حجم البدن و أمثاله ممّا يجوز نظرها إليه مطلقاً بغير التلذّذ و الريبة؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2،

ص: 758

مسألة 27: يجوز النظر إلى نساء أهل الذمّة، بل مطلق الكفّار مع عدم التلذّذ و الريبة (1)، أي خوف الوقوع في الحرام، و الأحوط الاقتصار على المقدار الّذي جرت عادتهنّ (2) على عدم ستره (3)، و قد يلحق بهم نساء أهل البوادي و القرى من الأعراب و غيرهم، و هو مشكل (4)؛ نعم، الظاهر عدم حرمة التردّد في الأسواق و نحوها مع العلم بوقوع النظر (5) عليهنّ، و لايجب غضّ البصر إذا لم يكن هناك خوف افتتان.

مسألة 28: يجوز لكلّ من الرجل و المرأة النظر إلى ما عدا العورة من مماثله؛ شيخاً أو شابّاً، حسن الصورة أو قبيحها، ما لم يكن بتلذّذ أو ريبة؛ نعم، يكره كشف المسلمة بين يدي اليهوديّة و النصرانيّة، بل مطلق الكافرة، فإنّهنّ يصفن ذلك لأزواجهنّ.

و القول بالحرمة للآية حيث قال تعالى: «أو نسائهنّ» فخصّ بالمسلمات ضعيف (6)، لاحتمال (1). مكارم الشيرازي: استثناء التلذّذ و الريبة- أو مع خوف الفتنة، كما في بعض مواضع التذكرة- لم يرد في روايات الباب، لكنّه مشهور بين الأصحاب؛ و الظاهر أنّ دليله هوارتكاز المتشرّعة و ما يستفاد من لحن الروايات المختلفة الواردة في هذه الأبواب؛ نعم، ورد في بعض الروايات التعبير بعدم التعمّد بالنسبة إلى أهل البوادي، و الظاهر أنّ المراد منه هو التلذّذ؛ و ما يظهر من التذكرة من كون الريبة غير التلذّذ و خوف الوقوع في الحرام محلّ تأمّل؛ فإنّ الريبة إن كانت بمعنى الخطور بالبال، كما عن كشف اللثام، فلا دليل على حرمتها، و إن كان بمعنى خوف الوقوع في المحرّم فتتّحد مع الفتنة (2). الگلپايگاني: و الأحوط الاقتصار على ما كانت عادتهنّ على عدم ستره في زمان النبي صلى الله عليه و آله

و الأئمّة: و أمّاما استحدث في زماننا من عدم ستر المحاسن، بل القبائح، فالأحوط ترك النظر (3). مكارم الشيرازي: ولكنّ الظاهر أنّ المدار في ذلك على المقدار الّذي كان متعارفاً في عصر صدور هذه الأخبار؛ و أمّا ما تعارف كشفه في عصرنا، فجواز النظر إليه مشكل، و لذا وقع التصريح بالرؤوس أو الشعور و الأيدي في روايات الباب؛ نعم، لو علمنا بالتعليل الوارد في رواية عباد بن صهيب من قوله: «لأنّهم إذا نهوا لاينتهون» كان الحكم عامّاً و جاز النظر إليهم مطلقاً إذا لم يكن فيه تلذّذ أو ريبة؛ نعم، قد يستشكل في وثاقة عبّاد بن صهيب، ولكنّ الأظهر وثاقته، لتوثيق النجاشي إيّاه و عدم ما يدلّ على نفيه، فراجع (4). الخوئي: لا إشكال فيه

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا إشكال فيه، بعد ما عرفت من عموم التعليل الوارد في رواية عبّاد بن صهيب (5). الگلپايگاني: مع توطين النفس على ترك النظر عمداً و الصرف على تقدير وقوعه اتّفاقاً (6). مكارم الشيرازي: احتمال كون المراد من نسائهنّ الجواري بعيد جدّاً، لقوله تعالى بعده: «أو ما ملكت أيمانهنّ» بناءً على كون المراد منها خصوص الإماء؛ و أمّا الخدم من الحرائر، فيبعده عدم الوجه في ذكر خصوصهنّ، إلّاأن يقال: إنّهنّ محلّ الابتلاء؛ ولايبعد أن يكون المراد من نسائهنّ مطلق النساء، و يكفي في الإضافة أدنى الملابسة، و لا أقلّ من إجمال الآية، فلايجوز الاستدلال بها على الحرمة؛ و يمكن أن يكون دليل الحرمة رواية الخصال، للتصريح فيها بأنّه لايجوز للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهوديّة و النصرانيّة، ولكن يضعّفها اشتمالها على كثير من المكروهات المعبّر عنها فيها ب «لايجوز» مضافاً إلى التعبير ب «لاينبغي» في رواية حفص بن

البختري الظاهر في الكراهة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 759

كون (1) المراد من نسائهنّ الجواري (2) و الخدم لهنّ من الحرائر.

مسألة 29: يجوز لكلّ من الزوج و الزوجة النظر إلى جسد الآخر حتّى العورة مع التلذّذ و بدونه، بل يجوز لكلّ منهما مسّ الآخر بكلّ عضو منه كلّ عضو من الآخر مع التلذّذ و بدونه.

مسألة 30: الخنثى مع الانثى (3) كالذكر، و مع الذكر كالانثى (4).

مسألة 31: لايجوز النظر إلى الأجنبيّة و لا للمرأة النظر إلى الأجنبيّ من غير ضرورة؛ و استثنى جماعة الوجه و الكفّين، فقالوا بالجواز فيهما مع عدم الريبة و التلذّذ، و قيل بالجواز فيهما مرّة و لايجوز تكرار النظر، و الأحوط المنع (5) مطلقاً (6). (1). الخوئي: هذا الاحتمال ضعيف جداً، إذ الظاهر أنّ المراد من «نسائهنّ» الحرائر، بقرينة قوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانهنّ» (2). الگلپايگاني: أو مطلق النساء، كما احتمله بعض المفسّرين (3). الامام الخميني: أي في معاملتها مع الأنثى و الذكر، لا معاملتها معها و إن كان الأحوط لهما ذلك (4). مكارم الشيرازي: هذا هو المشهور بين فقهائنا؛ ولكن لايبعد القول بجواز رجوعها إلى القرعة، لأنّه من مصاديق الأمر المشكل أو المشتبه؛ و يبعد الاحتياط التامّ عليه في جميع عمره في الشريعة السمحة السهلة، فتأمّل (5). الگلپايگاني: بل لايخلو عن قوّة

مكارم الشيرازي: و الأقوى الاستثناء، لدلالة روايات متضافرة عليه و ظهور قوله تعالى: «إلّاما ظهر منها» و لايعارضه شي ء يعتدّ به؛ هذا، إذا لم يكن بتلذّذ و لا خوف فتنة (6). الامام الخميني: و إن كان الجواز لايخلو من قرب

الخوئي: و إن كان الأظهر جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل و يديه بل رأسه و رقبته و قدميه من غير

تلذّذ و ريبة، بل حرمة نظرها إلى سائر بدنه غير العورتين من دون تلذّذ و ريبة لايخلو عن إشكال، و الاحتياط لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 760

مسألة 32: يجوز النظر إلى المحارم (1) الّتي يحرم عليه نكاحهنّ نسباً أو رضاعاً أو مصاهرةً، ما عدا العورة (2) مع عدم تلذّذ و ريبة، و كذا نظرهنّ إليه.

مسألة 33: المملوكة كالزوجة بالنسبة إلى السيّد، إذا لم تكن (3) مشركة (4) أو وثنيّة أو مزوّجة أو مكاتبة أو مرتدّة.

مسألة 34: يجوز النظر إلى الزوجة المعتدّة بوطي الشبهة و إن حرم وطيها، و كذا الأمة كذلك، و كذا إلى المطلّقة الرجعيّة ما دامت في العدّة (5) و لو لم يكن بقصد الرجوع.

مسألة 35: يستثنى من عدم جواز النظر من الأجنبيّ و الأجنبيّة مواضع:

منها: مقام المعالجة و ما يتوقّف عليه، من معرفة نبض العروق (6) و الكسر و الجرح و (1). مكارم الشيرازي: الأحوط الاقتصار على ما يعتاد كشفه لهنّ من الرأس و الرقبة و بعض الصدر و شي ء من الساق و الزند، بل المرافق؛ أمّا ماعدا ذلك، فلا دليل يعتدّ به على جوازه، إلّاأن يقال: جواز تغسيل المحارم لا من وراء الثياب ولو عند فقد المماثل دليل عليه، ولكن جوازه على القول به في الأموات لايكون دليلًا في الأحياء؛ و القدر المعلوم من آية النظر هو جواز إبداء مواضع الزينة، و كذا السيرة إنّما تثبت هذا المقدار لا أكثر؛ و حديث أبي الجارود الّذي يدلّ على الفرق بين ما يجوز إظهاره للمحارم و للزوج، شاهد على ما ذكرنا (2). الخوئي: و في حكم العورة ما بين السرّة و الركبة منهنّ على الأحوط (3). الامام الخميني: هذا الاستثناء يحتاج إلى التأمّل و المراجعة

(4). الخوئي: لم يظهر وجه الاشتراط بعدم كونها مشركة أو وثنيّة أو مرتدّة، و كان اللازم الاشتراط بعدم كونها ذات عدّة أيضاً

الگلپايگاني: يجوز للسيّد النظر إلى أمته المشركة و الوثنيّة و المزوّجة و المكاتبة ما لم ينعتق منها شي ء، و كذا المرتدّة، فاستثناء المذكورات إنّما يصحّ من جواز الوطي في غير المكاتبة قبل انعتاق شي ء منها، فإنّ الظاهر فيها جواز الوطي أيضاً، و تلحق بما ذكر في عدم جواز الوطي المعتدّة من غير السيّد تزويجاً أو تحليلًا أو شبهة، و أمّا المحلّلة قبل وطي المحلّل له فيجوز للسيّد وطيها بالرجوع من تحليله، وأمّا بعد الوطي فهي معتدّة من غير السيّد و قد مرّ الحكم فيها

مكارم الشيرازي: حرمة النظر إلى المشركة و أمثالها مبنيّة على الملازمة بين حرمة النكاح و حرمة النظر، و هي غير ثابتة؛ فتأمّل (5). مكارم الشيرازي: بناءً على ما هو المعروف من أنّها بحكم الزوجة مطلقاً، ولكنّه لايخلو عن إشكال (6). الامام الخميني: مع عدم إمكان بمثل الآلات الحديثة

مكارم الشيرازي: ليس هذا مستثنى من النظر، بل من اللمس؛ و العبارة لاتخلو من تشويش

العروة الوثقى، ج 2، ص: 761

الفصد و الحجامة و نحو ذلك إذا لم يمكن بالمماثل (1)، بل يجوز المسّ و اللمس حينئذٍ.

و منها: مقام الضرورة، كما إذا توقّف الاستنقاذ من الغرق أو الحرق أو نحوهما عليه أو على المسّ.

و منها: معارضة كلّ ما هو أهمّ في نظر الشارع مراعاته من مراعاة حرمة النظر أو اللمس.

و منها: مقام الشهادة، تحمّلًا أو أداءً مع دعاء الضرورة، و ليس منها ما عن العلّامة قدس سره من جواز النظر إلى الزانيين لتحمّل الشهادة، فالأقوى عدم الجواز (2). و كذا ليس منها النظر إلى الفرج للشهادة على الولادة،

أو الثدي للشهادة على الرضاع و إن لم يمكن إثباتها بالنساء و إن استجوده الشهيد الثاني قدس سره.

و منها: القواعد من النساء اللّاتي لايرجون نكاحاً بالنسبة إلى ما هو المعتاد له من كشف بعض الشعر و الذراع (3) و نحو ذلك، لا مثل الثدي والبطن و نحوهما ممّا يعتاد سترهنّ له.

و منها: غير المميّز من الصبيّ و الصبيّة (4)، فإنّه يجوز النظر إليهما بل اللمس، و لايجب التستّر منهما، بل الظاهر جواز النظر إليهما قبل البلوغ (5) إذا لم يبلغا مبلغاً يترتّب على النظر (1). الگلپايگاني: و كان محتاجاً إليه بحيث يصدق عليه الاضطرار العرفي، كما هو كذلك في غالب المعاملات (2). الگلپايگاني: إلّامع الضرورة، و كذا في الشهادة على الرضاع و الولادة (3). مكارم الشيرازي: بل الظاهر جواز كشف رؤوسهنّ و كذا الرقبة، لدلالة روايات عديدة على جواز وضع الخمار و الجلباب لهنّ، و لايعارضها بعض ما يدلّ على وضع الجلباب وحده، لإمكان الجمع بينهما بالحمل على الاستحباب؛ و إن أبيت عن ذلك، فالأوّل موافق لظاهر كتاب اللّه الدالّ بإطلاقه على جواز وضع الخمار لهنّ (4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّهما خارجان عن إطلاقات وجوب الغضّ أو التستّر تخصّصاً، فلا وجه لعدّه من الاستثناء تخصيصاً (5). مكارم الشيرازي: هنا مسألتان، لم يتعرّض المصنّف إلّاللاولى منهما و هي جواز النظر إليها قبل البلوغ، و يدلّ عليه ما دلّ على عدم وجوب الاختمار للصبيّة قبل أن تبلغ، الّتي تدلّ على جواز النظر إليها بالملازمة العرفيّة؛ و لاينافيها ما دلّ على عدم جواز وضع الصبيّة على الحجر أو تقبيلها إذا بلغت ستّ سنين. و أمّا الحكم الثاني، فهو عدم وجوب التستّر عنها قبل البلوغ، فيدلّ عليه قوله تعالى: «يا أيّها الّذين

آمنوا ليستأذنكم الّذين ...» (النور 58) الدالّة على عدم المانع من نظر الأطفال غير البالغين إليهما بناءً على أنّ المراد منهم أعمّ من أطفال الأجانب، و لاينافيه مفهوم قوله تعالى: «أو الطفل الّذين لم يظهروا على عورات النساء» (النور 31) فإنّ عدم الظهور على عورات النساء يمكن أن يكون بمعنى عدم القدرة على نكاحهم، لاستعمال هذه الكلمة في كلا المعنيين (العلم و القدرة)؛ قال اللّه تعالى: «كيف و إن يظهروا عليكم لايرقبوا فيكم إلًاّ و لا ذمّة» (التوبة 8) مضافاً إلى صراحة غير واحد من الروايات في عدم وجوب تستّر المرأة شعرها من الغلام حتّى يحتلم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 762

منهما أو إليهما ثوران الشهوة.

مسألة 36: لا بأس بتقبيل الرجل الصبيّة الّتي ليست له بمحرم و وضعها في حجره قبل أن يأتي عليها ستّ سنين (1)، إذا لم يكن عن شهوة.

مسألة 37: لايجوز للمملوك النظر إلى مالكته (2)، و لا للخصيّ النظر إلى مالكته أو غيرها (3)، كما لايجوز للعنّين و المجبوب بلا إشكال، بل و لا لكبير السنّ الّذي هو شبه القواعد من النساء على الأحوط. (1). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه، الروايات الكثيرة الدالّة على هذا المعنى. و مفهوم كلام المصنّف أنّه إذا بلغت ستّ سنين لايجوز تقبيلها و وضعها في الحجر (بمقتضى مفهوم العدد، لاسيّما إذا كان في مقام الاحتراز) ولكن دلالة الروايات على ذلك غير ظاهر، لأنّ التعبير بلاينبغي مناسب للكراهة و إن كان في بعضها النهي الظاهر في الحرمة، و الأحوط الاجتناب (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط و إن كان الأقوى جوازه في الشعر و الساق، لظهور قوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانهنّ» في سورتي النور

و الأحزاب و شموله للعبيد لدخول الإناث في قوله: «أو نسائهنّ» و لما ورد في أخبار مستفيضة و لايعارضها شي ء عدا روايتين ضعيفتين؛ و دعوى إعراض الأصحاب عن الأخبار المجوّزة غير مقبول، بعد ترديد مثل الشيخ في المبسوط في المسألة؛ و حملها على التقيّة أيضاً بعيد، بعدم شهرة الجواز بين العامّة، و كان الاحتياط مضافاً إلى استبعادات عقليّة أثرت في النفوس، فمالت أكثر الأقوال إلى المنع (3). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال و إن كان أحوط؛ فإنّ الخصيّ إذا كان ممّن ليس له ميل إلى النساء و لا حاجة له إليهنّ، يمكن الاستدلال لخروجه عن أدلّة الحرمة، بقوله تعالى: «أو التابعين غير اولى الإربة من الرجال» (النور 31) فقد ورد في تفسيره و في غير واحد من الروايات: «إنّه الأحمق الّذي لا ميل له إلى النساء» و لعلّه من قبيل ذكر المصداق، كما هو المعمول في روايات التفسير؛ و قد ورد في بعض الروايات الصحيحة الجواز صريحاً، مثل صحيحة محمّد بن بزيع، فراجع؛ نعم، يعارضها غير واحد ممّا دلّ على المنع، لكنّ الجمع بينهما بالكراهة قريب؛ و إعراض الأصحاب عن الصحيحة غير ثابت بعد احتمال كون تقديم غيرها عليها من باب الجمع؛ و منه يظهر الحال في العنّين و كبير السنّ إذا لم يكن لهم ميل إلى النساء أبداً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 763

مسألة 38: الأعمى كالبصير في حرمة (1) نظر المرأة إليه (2).

مسألة 39: لا بأس بسماع صوت الأجنبيّة (3) ما لم يكن تلذّذ و لا ريبة، من غير فرق بين الأعمى و البصير و إن كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة، و يحرم عليها إسماع الصوت الّذي فيه تهييج للسامع بتحسينه و ترقيقه؛ قال تعالى:

«و لايخضعن (4) بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض».

مسألة 40: لايجوز مصافحة الأجنبيّة؛ نعم، لا بأس (5) بها من وراء الثوب (6)، كما لا بأس بلمس المحارم.

مسألة 41: يكره للرجل ابتداء النساء بالسلام (7) و دعاؤهنّ إلى الطعام، و تتأكّد الكراهة في الشابّة.

مسألة 42: يكره الجلوس في مجلس المرأة إذا قامت عنه، إلّابعد برده (8).

مسألة 43: لايدخل الولد (9) على أبيه إذا كانت عنده زوجته (10)، إلّابعد الاستيذان. و لا (1). الخوئي: تقدّم الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 31] (2). مكارم الشيرازي: فيما لايجوز نظرها إليه، و سيأتي بيان ما يجوز ممّا لايجوز في المسألة (51) (3). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى السيرة المستمرّة القطعيّة، دلالة غير واحد من الروايات عليه. و يستفاد أيضاً من قوله تعالى: «ولايخضعن بالقول» (الأحزاب 32) فإنّ الممنوع خصوص الخضوع بالقول، لا مطلقاً (4). الخوئي: الوارد في الآية المباركة: «فلا تخضعن» (5). الامام الخميني: مع عدم الريبة و التلذّذ، و كذا فيما بعده، و لايغمز كفّ الأجنبيّة لدى المصافحة

الگلپايگاني: مع عدم التلذّذ و الريبة، و كذا في لمس المحارم (6). مكارم الشيرازي: هذا إذا لم يكن بتلذّذ أو ريبة (7). مكارم الشيرازي: الكراهة في غير الشابّة و من يخاف منها الفتنة غير ثابت، لدلالة غير واحد من الروايات على تسليم النبي صلى الله عليه و آله و الوليّ عليه السلام عليهنّ كثيراً؛ و ما ورد من المنع مطلقاً، مقيّد بما ذكر، لما أشرنا إليه من فعلهم: (8). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه غيرواحد من الروايات؛ ولكن لاتخلو إسنادها و دلالتها عن إشكال و إن كان أحوط (9). الامام الخميني: على الأحوط (10). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه قوله

تعالى: «و إذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ...» (النور 59) كما يدلّ عليه أيضاً بعض ما ورد في باب 119 من أبواب مقدّمات النكاح؛ نعم، الآية و بعض الروايات مطلقة من جهة حضور الزوجة و عدمها، لكنّها منصرفة إليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 764

بأس (1) بدخول الوالد على ابنه (2) بغير إذنه (3).

مسألة 44: يفرّق بين الأطفال في المضاجع (4) إذا بلغوا عشر سنين (5)، و في رواية: «إذا بلغوا ستّ سنين».

مسألة 45: لايجوز النظر (6) إلى العضو المبان من الأجنبيّ (7) مثل اليد و الأنف و اللسان ونحوها، لا مثل السنّ و الظفر و الشعر (8) و نحوها.

مسألة 46: يجوز وصل شعر الغير بشعرها (9)، و يجوز لزوجها النظر إليه على كراهة، بل الأحوط الترك (10). (1). الامام الخميني: في إطلاقه تأمّل (2). الخوئي: في إطلاقه و إطلاق ما قبله إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: في إطلاقه تأمّل، كما لايخفى؛ نعم، في صحيحة أبي أيّوب الخزّاز عدم وجوب الاستيذان على الأب، و هو مطلق؛ ولكنّ الظاهر أنّه منصرف عمّا إذا كان مظنّة لخلوة الإبن بحليلته، فلايُترك الاحتياط إذا كان كذلك (3). الگلپايگاني: إذا كان مأموناً من أن يكون في خلوتهما ما لايجوز له التطلّع عليه (4). الخوئي: يختصّ ذلك بما إذا كانا عاريين (5). مكارم الشيرازي: و لا فرق في ذلك بين الصبيّين أو صبيّتين أو مختلفين، لإطلاق بعض الروايات و صريح بعضها الآخر (6). الخوئي: على الأحوط (7). مكارم الشيرازي: لا دليل على الحرمة و إن كانت أحوط، لأنّ الاستصحاب غير جارٍ هنا، لتغيّر الموضوع؛ فإنّ موضوعه النظر إلى جسد المرأة، و من الواضح أنّ اتّصاله به من المقوّمات؛ مضافاً إلى ما

سيأتي من جواز وصل شعر المرأة بغيرها و جواز نظر زوجها إليه؛ و الفرق بين الشعر و غيره ممّا لا وجه له، بعد كون الجميع ممّا يحرم النظر إليه عند الاتّصال (8). الامام الخميني: الأحوط ترك النظر إليه (9). مكارم الشيرازي: و يدلّ عليه مضافاً إلى دعوى الإجماع على الكراهة، غير واحد من الروايات؛ نعم، يظهر من بعض الروايات الحرمة؛ ولكنّها محمولة على الكراهة بقرينة ما مرّ و بقرينة ما ذكر في سياقها ممّا لايحرم؛ ثمّ من الواضح ملازمة الجواز لجواز النظر بل المسّ، لأنّه لايخلو منه عادةً (10). الامام الخميني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 765

مسألة 47: لا تلازم بين جواز النظر و جواز المسّ (1)، فلو قلنا بجواز النظر إلى الوجه و الكفّين من الأجنبيّة لايجوز مسّها إلّامن وراء الثوب.

مسألة 48: إذا توقّف العلاج على النظر دون اللمس (2) أو اللمس دون النظر، يجب الاقتصار على ما اضطرّ إليه، فلايجوز الآخر بجوازه.

مسألة 49: يكره اختلاط النساء بالرجال إلّاللعجائز (3)، ولهنّ حضور الجمعة والجماعات.

مسألة 50: إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بين من لايجوز بالشبهة المحصورة، وجب الاجتناب عن الجميع، و كذا بالنسبة إلى من يجب التستّر عنه و من لايجب؛ و إن كانت الشبهة غير محصورة (4) أو بدويّة، فإن شكّ في كونه مماثلًا أو لا أو شكّ في كونه من المحارم النسبيّة أو لا، فالظاهر وجوب الاجتناب (5)، لأنّ الظاهر من آية وجوب الغضّ أنّ جواز النظر مشروط (1). مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الوجه و الكفّين معلوم، ولكن في وصل شعر المرأة بشعر غيرها غير معلوم، بل معلوم العدم، لأنّه لايخلو في العادة عنه، فلو كان محرّماً وجب التنبيه عليه (2).

مكارم الشيرازي: لما عرفت من عدم التلازم، بل و لا الأولويّة (3). مكارم الشيرازي: نعم، هو مستثنى في الحجّ، إمّا للضرورة أو لُامور اخر لانعلمها؛ و يدلّ على الحكم ما ورد من النهي من حضورهنّ في صلاة العيد و الجمعة، بإلغاء الخصوصيّة أو إلحاق غيرهما بهما بطريق أولى (4). الامام الخميني: لايجب الاجتناب في الشبهة الغير المحصورة بأن تكون مرأة أجنبيّة مثلًا مختلطة بغيرمحصورة من النساء من غيرها، و لو كانت محرّمة نسبيّة مختلطة بأجنبيّات غير محصورات لايجب الاجتناب عن نكاح بعضهنّ بما لايوجب الخروج عن عدم الحصر؛ و أمّا الشبهة البدويّة بين المماثل و غيره و بين المحرّمة النسبيّة و غيرها فالأحوط الاجتناب، بل الأقوى في بعض الصور، لكن لا لما في المتن، فإنّه ضعيف؛ و أمّا الشبهة البدويّة فيما كانت مجرى الأصل كالشكّ في كونها اختاً رضاعيّة أو أجنبيّة، فلايجوز النظر إليها و يجوز نكاحها (5). الخوئي: بل الظاهر عدمه في نظر الرجل و المرأة إلى من يشكّ في مماثلته

مكارم الشيرازي: الوجوب في الاولى غير ثابت و في الثاني ثابت، لا لما ذكره، بل لأنّه داخل في قاعدة عقلائيّة و هي أنّ ما كان مقتضى طبعه الأوّلي المنع، لابدّ من إحراز مصاديقه الجائزة، و من المعلوم أنّ غير المماثل يجب اجتنابه بحسب طبعه الأوّلي، و من يجوز النظر إليهم أشخاص معدودة لابدّ من إحرازهم؛ أمّا عدم الدليل على الحرمة في الاولى، فلعدم تماميّة ما ذكره من الدليل، و كذا عدم تماميّة قاعدة المقتضي و المانع، لعدم ثبوتها أو التمسّك باستصحاب العدم الأزلي، لعدم حجّيته عندنا أو التمسّك بعموم العامّ، فإنّه غير جائز في الشبهات المصداقيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 766

بأمر وجودي و هو كونه

مماثلًا أو من المحارم، فمع الشكّ يعمل بمقتضى العموم، لا من باب التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقيّة (1)، بل لاستفادة شرطيّة الجواز بالمماثلة أو المحرميّة أو نحو ذلك، فليس التخصيص في المقام من قبيل التنويع (2) حتّى يكون من موارد أصل البرائة، بل من قبيل المقتضي و المانع. و إذا شكّ في كونه زوجة أو لا، فيجري مضافاً إلى ما ذكر من رجوعه إلى الشكّ في الشرط، أصالة عدم حدوث الزوجيّة، و كذا لو شكّ في المحرميّة من باب الرضاع؛ نعم، لو شكّ في كون المنظور إليه أو الناظر حيواناً أو إنساناً، فالظاهر عدم وجوب الاحتياط (3)، لانصراف عموم وجوب الغضّ إلى خصوص الإنسان؛ و إن كان الشكّ في كونه بالغاً أو صبيّاً أو طفلًا مميّزاً أو غير مميّز، ففي وجوب الاحتياط وجهان (4)، من العموم على الوجه الّذي ذكرنا و من إمكان دعوى الانصراف، و الأظهر الأوّل (5).

مسألة 51: يجب على النساء التستّر، كما يحرم على الرجال النظر، و لايجب على الرجال التستّر و إن كان يحرم على النساء النظر (6)؛ نعم، حال الرجال بالنسبة إلى العورة حال (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ ما تمسّك به قدس سره هو عين التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة؛ أمّا في المماثل فلايبعد انصراف الآية و الأخبار إلى غيره، فالشكّ في كونه حيواناً أو إنساناً؛ و أمّا في المحارم فلأنّ التخصيص يستلزم التنويع لا محالة؛ نعم، بناءً على صحّة استصحاب عدم النسب بالعدم الأزلي فمقتضى الاستصحاب عدم تحقّق العناوين المذكورة و معه فلا مانع من التمسّك بالعامّ (2). الخوئي: التخصيص يوجب التنويع لا محالة، إلّاأنّ المخصّص في المقام بما أنّه أمر وجوديّ فعند الشكّ يحرز عدمه بالأصل بناءً على ما حقّقناه

من جريانه في الأعدام الأزليّة

مكارم الشيرازي: ما ذكره صحيح بالنسبة إلى المحارم؛ و أمّا بالنسبة إلى المماثل و غير المماثل، فالظاهر أنّه من قبيل التنويع (3). الخوئي: بل الظاهر وجوب التستّر على المرأة في غير الوجه و الكفّين في هذه الصورة (4). الخوئي: أظهرهما عدم الوجوب، للاستصحاب (5). الامام الخميني: الأقوى جواز النظر

الگلپايگاني: بل الأظهر الثاني في غير المميّز، لعدم الفرق بينه و بين الحيوان مع أنّ استصحاب عدم البلوغ و التميّز لا مانع منه

مكارم الشيرازي: الأظهر هو الثاني إذا شكّ في أنّها بالغة أو غير مميّزة، بل و الطفل المميّز، لعدم عموم في الآية قطعاً، مضافاً إلى الاستصحاب في بعض الصور (6). الخوئي: مرّ الكلام فيه [في هذا الفصل، المسألة 31]

العروة الوثقى، ج 2، ص: 767

النساء (1)، و يجب عليهم التستّر (2) مع العلم (3) بتعمّد النساء في النظر من باب حرمة الإعانة (4) على الإثم (5).

مسألة 52: هل المحرّم من النظر ما يكون على وجه يتمكّن من التميّز بين الرجل و المرأة و أنّه العضو الفلانيّ أو غيره، أو مطلقه؟ فلو رأى الأجنبيّة من بعيد بحيث لايمكنه تمييزها و تمييز أعضائها، أو لايمكنه تمييز كونها رجلًا أو امرأة، بل أو لايمكنه تمييز كونها إنساناً أو حيواناً أو جماداً، هل هو حرام أو لا؟ وجهان، الأحوط (6) الحرمة (7).

[فصل فيما يتعلّق بأحكام الدخول على الزوجة]

فصل فيما يتعلّق بأحكام الدخول على الزوجة

و فيه مسائل:

مسألة 1: الأقوى وفاقاً للمشهور، جواز وطي الزوجة و المملوكة دبراً (8) على كراهة (1). الگلپايگاني: فيجب عليهم سترها مع عدم الأمن عن الناظر المحترم (2). الخوئي: على الأحوط (3). الگلپايگاني: في غير ما جرت السيرة مستمرّة من زمان المعصوم عليه السلام إلى زماننا على عدم ستره

و لو مع العلم بنظر النساء عليه مثل الوجه؛ نعم، مع العلم بنظرهنّ مع الريبة و الالتذاذ يجب التستّر عليهم من باب حرمة الإعانة و إن كان المتيقّن منها حكماً و موضوعاً هو مع قصد الإعانة، و أمّا بدونه فمحلّ تأمّل؛ نعم، التستّر أحوط (4). الامام الخميني: صدق الإعانة على الإثم ممنوع، فلايجب عليهم التستّر حتّى مع العلم بتعمّدها (5). مكارم الشيرازي: لكن يجوز نظر النساء إلى ما يتعارف كشفه في الرجال كالرأس و العنق و الرجل إلى الساق و اليدين، إذا لم يكن بتلذّذ و ريبة؛ و أمّا فيما عداها، يحرم عليهنّ النظر مطلقاً. و التمسّك بأدلّة الإعانة فيما يتعارف إظهاره، ممنوع، بعد جريان السيرة على خلافه؛ نعم، بالنسبة إلى ما لايتعارف، غير بعيد (6). الامام الخميني: الأقوى عدم الحرمة (7). الگلپايگاني: بل الأقوى فيما ترى البشرة، دون ما إذا يرى سواد مردّد عن بُعد، لانصراف أدلّة وجوب الغضّ عنه

مكارم الشيرازي: ولكنّ الأقوى الجواز، إذا كان نظره كالعدم من حيث الأثر، لانصراف الأدلّة عنه (8). مكارم الشيرازي: الأقوى تقييده بالرضا، لأنّه ليس ممّا يجب عليها التمكين فيها؛ و في بعض أخبار الباب أيضاً إشارة إلى التقييد به (2/ 73 من أبواب مقدّمات النكاح)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 768

شديدة، بل الأحوط تركه (1)، خصوصاً مع عدم رضاها بذلك.

مسألة 2: قد مرّ في باب الحيض (2) الإشكال في وطي الحائض دبراً و إن قلنا بجوازه في غير حال الحيض.

مسألة 3: ذكر بعض الفقهاء ممّن قال بالجواز، أنّه يتحقّق النشوز بعدم تمكين الزوجة من وطيها دبراً، وهو مشكل، لعدم الدليل على وجوب تمكينها في كلّ ما هو جائز من أنواع الاستمتاعات حتّى يكون تركه نشوزاً.

مسألة 4: الوطي في

دبر المرأة (3) كالوطي في قبلها في وجوب الغسل (4) و العدّة واستقرار المهر وبطلان الصوم وثبوت حدّ الزنا إذا كانت أجنبيّة وثبوت مهرالمثل إذا وطئها شبهةً وكون المناط فيه دخول الحشفة أو مقدارها (5) وفي حرمةالبنت والامّ (6) وغيرذلك من أحكام المصاهرة المعلّقة على الدخول؛ نعم، في كفايته في حصول تحليل المطلّقة ثلاثاً إشكال (7)، كما أنّ في كفاية الوطي في القبل فيه بدون الإنزال أيضاً كذلك (8)، لما ورد في الأخبار من اعتبار ذوق عسيلته (9) (1). الخوئي: لايُترك (2). مكارم الشيرازي: أقواه الجواز مع كراهة شديدة، بل هو أشدّ كراهةً منه في غير هذا المورد (3). مكارم الشيرازي: حكم كلّ من هذه الامور مذكور في بابه (4). الگلپايگاني: على ما هو المشهور، و إلّافلايخلو أكثر الأحكام المذكورة من تأمّل و إشكال (5). الامام الخميني: كفاية المسمّى في مقطوع الحشفة لايخلو من قوّة، كما مرّ (6). الامام الخميني: حرمتها غير متوقّفة على الدخول

الگلپايگاني: يعني حرمة الامّ المزنيّ بها على القول بها؛ و أمّا امّ المعقودة فتحرم بمجرّد العقد و لا مدخليّة للدخول على البنت في حرمتها (7). الامام الخميني: الأقوى عدمها فيه، و الأحوط عدم الكفاية في القبل بدون الإنزال و لايبعد عدم الكفاية في الوطي في الدُبُر في الفرعين المتأخّرين أيضاً، و الظاهر كفاية الوطي في القُبُل بلا إنزال في الأربعة أشهر و حصول الفئة في الإيلاء (8). الخوئي: بل الظاهر كفايته، و أمّا الأخبار فلم يرد في الصحيح منها ذوق عسيلته، و إنّما الوارد: «ذوق عسيلتها»، و المراد به إدراك اللذّة جزماً، و هو يتحقّق بدون الإنزال (9). الگلپايگاني: لم أعثر على ما يدلّ على اعتبار ذوق عسيلته، إلّافي بعض أخبار العامّة؛ نعم، ورد في اعتبار

ذوق عسيلتها أخبار من طرقنا، لكن في دلالتها على المقصود تأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 769

و عسيلتها فيه (1)، و كذا في كفايته في الوطي الواجب في أربعة أشهر (2)، و كذا في كفايته في حصول الفئة (3) و الرجوع في الإيلاء أيضاً.

مسألة 5: إذا حلف على ترك وطي امرأته في زمان أومكان، يتحقّق الحنث (4) بوطيها دبراً (5)، إلّا أن يكون هناك انصراف إلى الوطي في القبل من حيث كون غرضه عدم انعقاد النطفة.

مسألة 6: يجوز العزل، بمعنى إخراج الآلة عند الإنزال و إفراغ المنيّ خارج الفرج؛ في الأمة وإن كانت منكوحة بعقد الدوام، والحرّة المتمتّع بها، و مع إذنها و إن كانت دائمة، و مع اشتراط ذلك عليها في العقد، و في الدبر، و في حال الاضطرار من ضرر أو نحوه. و في جوازه في الحرّة المنكوحة بعقد الدوام في غير ما ذكر قولان؛ الأقوى ما هو المشهور من الجواز مع الكراهة، بل يمكن أن يقال بعدمها أو أخفّيّتها في العجوزة والعقيمة و السليطة و البذيّة و الّتي لاترضع ولدها. والأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه وإن قلنا بالحرمة؛ وقيل بوجوبها عليه للزوجة (6) (1). مكارم الشيرازي: العسيلة مصغّر من العسل، أي قطعة صغيرة منه؛ شبّه به لذّة الجماع (كما في غير واحد من كتب اللغة) فعلى هذا لا ربط له بمسألة الانزال؛ هذا مضافاً إلى أنّه لم يرد في طرق الأصحاب التعبير بعسيلته، و إنّما ورد في أخبارنا قوله: «و يذوق عسيلتها» (فقط)؛ نعم، يحكى عن بعض أخبار العامّة التعبير بكليهما، ولكنّه غير كافٍ في إثبات المقصود (2). الگلپايگاني: و الأقرب فيه كفاية الوطي في القُبُل و لو بلا إنزال (3). الگلپايگاني: بل

المشكل هو تحقّق الإيلاء بالحلف على ترك الوطي في الدُبُر و لو مع القُبُل، و المتيقّن تحقّقه بالحلف على ترك الوطي في القُبُل؛ و أمّا لو قيل بتحقّقه بالحلف على تركه فلا إشكال في تحقّق الفئة و الرجوع به أيضاً (4). الگلپايگاني: تحقّق الحنث تابع لقصد الحالف و انصراف المفهوم غير دخيل فيه؛ نعم، لو قصد المفهوم من الوطي، صحّ ما ذكره قدس سره لكنّه نادر الوقوع (5). مكارم الشيرازي: النذر تابع لنظر الناذر؛ و الشمول يحتاج إلى دليل، و مجرّد عدم الانصراف عرفاً غير كافٍ؛ ولو سلّم، فقرينة الانصراف لاتختصّ بمسألة انعقاد النطفة، ولو شكّ بعد ذلك كلّه فالأصل يقتضي عدم الحنث (6). مكارم الشيرازي: و هو ضعيف جدّاً، لأنّ النطفة إذا أفرغت خارج الرحم، لا ربط لها بالمرأة و ليست في حكم ولدها، فكيف تعطي ديتها، مع كون الدية هنا من شؤون دية النفس و ليست المرأة وارثة لها بعد عدم استقرارها في رحمها. و ظاهر الحديث الوارد في من أفرغ رجلًا عن إرثه (1/ 19 من أبواب ديات الأعضاء) أنّه تعطى الدية للرجال فقط لا هو و المرأة؛ كما صرّح بذلك في رواية 1/ 75 من أبواب مقدّمات النكاح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 770

و هي عشرة دنانير، للخبر الوارد فيمن أفرغ رجلًا عن عرسه فعزل عنها الماء، من وجوب نصف خمس المأة- عشرة دنانير- عليه؛ لكنّه في غير ما نحن فيه، و لا وجه للقياس عليه، مع أنّه مع الفارق. و أمّا عزل المرأة، بمعنى منعها من الإنزال في فرجها، فالظاهر حرمته بدون رضا الزوج، فإنّه منافٍ للتمكين الواجب عليها، بل يمكن وجوب دية النطفة عليها؛ هذا، و لا فرق في جواز العزل

بين الجماع الواجب و غيره (1)، حتّى فيما يجب في كلّ أربعة أشهر (2).

مسألة 7: لايجوز ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر، من غير فرق بين الدائمة و المتمتّع بها (3) و لا الشابّة و لا الشائبة على الأظهر (4) و الأمة و الحرّة، لإطلاق الخبر، كما أنّ مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر و المسافر (5) في غير السفر الواجب (6)؛ و في كفاية الوطي في الدبر إشكال، كما مرّ (7)، و كذا في الإدخال بدون الإنزال (8)، لانصراف (1). مكارم الشيرازي: مشكل، لانصرافه إلى الوطي المتعارف و هو ما ليس فيه عزل، إلّاأن ترضى المرأة بذلك، و سيأتي منه قدس سره الإشكال في كفاية ذلك في المسألة التالية، بل يظهر من تعليله الفتوى بذلك، و التناقض بين المسألتين عجيب (2). الگلپايگاني: يأتي في المسألة الآتية التصريح بالإشكال في كفاية الوطي بلا إنزال عن الواجب عليه، و الحكم بجواز العزل في الواجب و الإشكال في كفايته عنه لايجتمعان (3). مكارم الشيرازي: في المتعة إشكال، نظراً إلى سقوط هذه الأحكام في حقّها و قوّة انصراف النصّ إلى الدائمة؛ مضافاً إلى سقوط الإيلاء في حقّها و هو ملازم للمقصود عرفاً (4). الخوئي: بل على الأحوط الأولى

الگلپايگاني: في الشابّة، و على الأحوط في الشائبة

مكارم الشيرازي: إلّاأن يكون موجباً للإضرار بها، فيشمله أدلّة نفيه (5). الخوئي: على الأحوط في المسافر

مكارم الشيرازي: تعميم الحكم للمسافر محلّ إشكال، بل محلّ منع، لجريان السيرة عليه من غير إنكار، بل إطلاق في النصّ يشمله، لقوله عليه السلام: «عند المرأة»؛ نعم، لو طالت المدّة بحيث أضرّت بالمرأة أو أغراها بالفساد، لم يبعد وجوب الرجوع، إلّاأن يكون السفر ضروريّاً لايمكن تركه (6). الامام الخميني:

أو الضروري و لو عرفاً كسفر التجارة و تحصيل العلم، دون ما كان لمجرّد الميل و التفريح و التفرّج على الأحوط (7). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (8). الامام الخميني: مرّ عدم اعتباره

الگلپايگاني: لايبعد كفاية الوطي في القُبُل بلا إنزال، كما مرّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 771

الخبر (1) إلى الوطي المتعارف و هو مع الإنزال. و الظاهر عدم توقّف الوجوب على مطالبتها ذلك. و يجوز تركه مع رضاها أو اشتراط ذلك (2) حين العقد (3) عليها، و مع عدم التمكّن منه لعدم انتشار العضو، و مع خوف الضرر عليه أو عليها، و مع غيبتها باختيارها، و مع نشوزها. و لايجب أزيد من الإدخال و الإنزال، فلا بأس بترك سائر المقدّمات من الاستمتاعات. و لايجري الحكم في المملوكة الغير المزوّجة، فيجوز ترك وطيها (4) مطلقاً (5).

مسألة 8: إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها و شبقها لاتقدر على الصبر إلى أربعة أشهر، بحيث تقع في المعصية إذا لم يواقعها، فالأحوط المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة أو طلاقها و تخلية سبيلها.

مسألة 9: إذا ترك مواقعتها عند تمام أربعة أشهر لمانع من حيض أو نحوه أو عصياناً، لايجب عليه القضاء (6)؛ نعم، الأحوط إرضاؤها (7) بوجه من الوجوه، لأنّ الظاهر (8) أنّ ذلك (1). الخوئي: لا وجه للانصراف، و قد مرّ منه قدس سره ما ينافي ذلك في المسألة السابقة (2). الگلپايگاني: فيه إشكال (3). مكارم الشيرازي: و فيه إشكال، لأنّه يحتمل أن يكون من الشرائط المخالفة للكتاب و السنّة (4). الگلپايگاني: الأحوط عدم الترك في الشابّة منها (5). مكارم الشيرازي: الأحوط فيها أيضاً كونها كالحرّة في وجوب إتيانها في كلّ أربعة أشهر، بل قد ورد في غير

واحد من الروايات إتيانهنّ في كلّ أربعين يوم، و أنّه إن لم يأتهنّ في ذلك ثمّ بغين، كان وزر ذلك عليه (راجع الباب 62 من أبواب نكاح العبيد و الإماء) (6). الامام الخميني: أي تدارك ما فات بحيث لو ترك الثمانية لوجب عليه المرّتان، لكن يجب عليه بعد مضيّ الأربعة وطؤها فوراً ففوراً، و لايسقط بتركه في رأس الأربعة

الخوئي: و إن كان يجب عليه الوطي في أوّل أزمنة الإمكان

مكارم الشيرازي: لأنّ ظاهر الأدلّة أنّ وجوب الوطي في كلّ أربعة أشهر ليس موقّتاً بوقت، بل هو مثل أدلّة أداء الدين واجب فوراً ففوراً؛ و لذا لومضى عليه أربعة أشهر مكرّراً لم يجب عليه إلّاوطي واحد، و لا معنى للأداء و القضاء في أمثال المقام (7). مكارم الشيرازي: لايظهر من الأدلّة كونه من الحقوق و إن كان معاملة الحقّ معه أحوط (8). الامام الخميني: محلّ إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 772

حقّ لها عليه (1) و قد فوّته عليها؛ ثمّ اللّازم عدم التأخير من وطي إلى وطي أزيد من الأربعة، فمبدأ اعتبار الأربعة اللاحقة إنّما هو الوطي المتقدّم لا حين انقضاء الأربعة المتقدّمة.

[فصل في وطي الزوجة الصغيرة]

[فصل في وطي الزوجة الصغيرة]

مسألة 1: لايجوز وطي الزوجة قبل إكمال تسع سنين (2)، حرّة كانت أو أمة، دواماً كان النكاح أو متعة، بل لايجوز (3) وطي المملوكة و المحلّلة كذلك (4)؛ و أمّا الاستمتاع بما عدا الوطي من النظر و اللمس بشهوة و الضمّ و التفخيذ، فجائز في الجميع (5) و لو في الرضيعة.

مسألة 2: إذا تزوّج صغيرة دواماً أو متعةً و دخل بها قبل إكمال تسع سنين، فأفضاها، حرمت عليه أبداً على المشهور (6)، و هو الأحوط و إن لم تخرج عن زوجيّته، و قيل

بخروجها (1). الگلپايگاني: المتيقّن هو الإثم على الترك، و أمّا كون ذلك حقّاً لها بحيث يوجب تفويته لزوم إرضائها فغيرمعلوم و إن كان الاحتياط حسناً، مع أنّ الظاهر وجوب الوطي بعد تمام الأربعة فوراً ففوراً، لكن لايفوت بالتأخير لأنّه غير موقّت، و عليه فلا تفويت حتّى يجب الإرضاء (2). مكارم الشيرازي: أمّا بعده، فإنّما يجوز ذلك إذا لم يخف عليها الإفضاء أو حدوث نقص أو ضرر عليها؛ و إلّافلايجوز حتّى تبلغ مبلغاً لايخاف عليها ذلك، لأدلّة حرمة الإضرار؛ و الأفراد في ذلك مختلفة جدّاً، و كذا البلدان (3). الگلپايگاني: على الأحوط (4). مكارم الشيرازي: على الأحوط و إن كان يظهر من غير واحد من الروايات جوازه، ولكنّ الظاهر أنّ الأصحاب لم يعملوا بها (فراجع الباب 3 من أبواب نكاح الإماء) و هذا أيضاً إذا لم يوجب الإفضاء أو عيباً آخر (5). مكارم الشيرازي: الأحوط في الاستمتاع أن يكون فيمن يتعارف فيها ذلك بما يتعارف؛ و أمّا في مثل الرضيعة على نحو ما ذكره في المتن، فلا دليل على جوازه؛ و التمسّك بأصالة الإباحة أو إطلاق الأدلّة في أمثال المقام ممنوع، بعد انصراف الأدلّة إلى ما هو المتعارف (6). الامام الخميني: الأقوى عدم ترتّب غير الإثم مع عدم الإفضاء، و مع الإفضاء حرمة وطيها أبداً مطلقاً مع بقاء زوجيّتها و ترتّب جميع آثارها عليها، و يجب عليه نفقتها و إن طلّقها، بل و إن تزوّجت بعد الطلاق على الأحوط، بل لايخلو من قوّة

مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الحرمة عليه مطلقاً، لاسيّما بعد اندمال بنفسها أو من طريق المعالجة، لعدم دليل عليه يعتدّ به، غير مرسلة يعقوب بن يزيد (الباب 24 من أبواب المصاهرة، الحديث 2) و لايمكن جبرها بعمل المشهور، لعدم

عملهم بمضمونها؛ فإنّ المشهور أفتوا بذلك عند الإفضاء مع عدم دلالة الحديث على الإفضاء، بل حرمتها لو دخل بها قبل تسع سنين؛ مضافاً إلى أنّ فيه ضرراً عظيماً على الزوجة غالباً، بل قد يظهر من غير واحد من الروايات عدم حرمتها عليه (راجع الحديث 3، من الباب 34 من أبواب المصاهرة و حديث 9، من الباب 45 من أبواب مقدّمات النكاح). و أمّا إذا اندمل جرحها و عادت سالمة، فلاينبغي الإشكال في حلّيتها عليه، لزوال علّة الحرمة المستفادة من نصوص الباب و لعدم جريان الاستصحاب بعد تبدّل موضوعه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 773

عن الزوجيّة أيضاً، بل الأحوط (1) حرمتها عليه بمجرّد الدخول و إن لم يفضها؛ و لكنّ الأقوى بقاؤها على الزوجيّة و إن كانت مفضاة، و عدم حرمتها عليه أيضاً، خصوصاً إذا كان جاهلًا بالموضوع أو الحكم أو كان صغيراً أو مجنوناً أو كان بعد اندمال جرحها أو طلّقها ثمّ عقد عليها جديداً؛ نعم، يجب عليه دية الإفضاء (2) و هي دية النفس، ففي الحرّة نصف دية الرجل، و في الأمة أقلّ الأمرين من قيمتها و دية الحرّة. و ظاهر المشهور ثبوت الدية مطلقاً و إن أمسكها و لم يطلّقها، إلّاأنّ مقتضى حسنة حمران و خبر بريد المثبتين لها عدم وجوبها عليه إذا لم يطلّقها (3)، والأحوط ما ذكره المشهور و يجب عليه أيضاً نفقتها ما دامت حيّة و إن طلّقها، بل و إن تزوّجت بعد الطلاق (4) على الأحوط.

مسألة 3: لا فرق في الدخول الموجب للإفضاء بين أن يكون في القبل أو الدبر. و الإفضاء أعمّ من أن يكون باتّحاد مسلكي البول و الحيض (5) أو مسلكي الحيض (1). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط بترك الوطي أبداً فيما

لو دخل بها قبل التسع مطلقاً، من غير فرق بين ما ذكرمن الأقسام (2). مكارم الشيرازي: وجوب الدية ممّا لا إشكال فيه؛ و أمّا أنّها دية كاملة، فيدلّ عليه صريحاً صحيحة سليمان بن خالد (الوسائل ج 19 أبواب دية المنافع 1/ 9) و إطلاق غيره من الروايات (راجع الوسائل، الباب 34 من أبواب المصاهرة). و ليعلم أنّ الدية الكاملة للمرأة نصف دية الرجل (3). الخوئي: هذا هو الصحيح (4). مكارم الشيرازي: الإنصاف عدم شمول الإطلاقات لصورة تزوّجها بعد الطلاق و انصرافها عنها، بل لعلّ عنوان الإنفاق ينتفي بعد إنفاق غيره عليها، و التمسّك بالاستصحاب بعد تبدّل الموضوع ممنوع، و لاسيّما أنّه من قبيل الشبهة في الحكم، بل الظاهر عدم وجوبه في صورة الاندمال و عودها كحالتها الاولى، لعين ما ذكر (5). مكارم الشيرازي: بل لايبعد شموله لما إذا لم يتّحد المسالك، ولكن حصل فيها خرق يصدق عليه أنّه أفسدها و عطّلها على الأزواج؛ و ذلك لأنّ أصل الإفضاء بمعنى إيجاد الوسعة (يستعمل لازماً و متعدّياً). و تفسيره في غير واحد من كتب اللغة بجعل مسلكيها واحداً، لعلّه مأخوذ من الفقهاء، لأنّ الظاهر أنّه ليس في المسألة حقيقة شرعيّة و لا اصطلاح خاصّ، كما أنّه ليس معناه هنا مطلق التوسعة في المخرج و إن لم يحصل فيه فساد و تعطيل على الأزواج، و الظاهر أنّ المدار على خروج المرأة عن حيّز الانتفاع من هذه الجهة؛ نعم، ما ذكره المشهور من اتّحاد مسلكي البول و الحيض هو الغالب بحسب الوجود، ولكنّ الاختصاص به ممّا لا دليل عليه؛ بل لو فرض اتّحاد المسلكين ولكن لم يخرج عن الانتفاع مقاربةً و ولادةً و إن حصل فيه نقص في الجملة، يشكل إجراء

أحكام الإفضاء عليه، لانصراف الإطلاقات عن مثله، كما لايخفى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 774

والغائط (1) أو اتّحاد الجميع وإن كان ظاهر المشهور الاختصاص بالأوّل (2).

مسألة 4: لايلحق بالزوجة في الحرمة الأبديّة على القول بها و وجوب النفقة، المملوكة والمحلّلة (3) و الموطوئة بشبهة أو زنا و لا الزوجة الكبيرة؛ نعم، تثبت الدية (4) في الجميع (5)، عدا الزوجة (6) الكبيرة (7) إذا أفضاها بالدخول بها، حتّى في الزنا و إن كانت عالمة مطاوعة و كانت كبيرة (8). و كذا لايلحق بالدخول الإفضاء بالإصبع (9) و نحوه، فلاتحرم عليه مؤبّداً؛ نعم، تثبت (1). الامام الخميني: على الأحوط في هذه الصورة (2). الامام الخميني: في مقابل الثاني لا الثالث

الگلپايگاني: و تحقّقه بالثالث أيضاً معلوم، فينحصر خلاف المشهور في خصوص الثاني و لايبعد صدق الإفضاء عليه أيضاً (3). مكارم الشيرازي: لما عرفت من أنّ المدرك الوحيد لها هو مرسلة يعقوب بن يزيد، الّتي يدّعى انجبارها بعمل المشهور، و هو مختصّة بالزوجة الصغيرة (4). مكارم الشيرازي: في العالمة المطاوعة البالغة لايخلو عن إشكال، لما ذكر في محلّه من أنّ المجنيّ عليه إذا أذن في الجناية سقط ضمانها، و ما ذكروه في حكم الطبيب من ارتفاع الضمان عنه بالإذن؛ و مع ذلك، المسألة لاتخلو عن إشكال، و الأحوط التصالح. و من هذا الباب عمل الواشم بإذن الموشم، و كذا العمليّات الطبيّة المتداولة اليوم لتغيير الوجه و تحصيل الجمال، لاسيّما إذا لم تكن ضروريّة و كان لمزيد الحسن فقط. و العمدة في جميع ذلك عدم صدق الجناية عليها (5). الگلپايگاني: لا دية على المالك بإفضاء المملوكة قبل التسع؛ نعم، يمكن الحكم بوجوب الكفّارة عليه إلحاقاً لما يوجب الدية الكاملة بالقتل، و

كذا في وجوب التصدّق بثمنها على القول به (6). الامام الخميني: و عدا المملوكة إذا أفضاها مالكها (7). الخوئي: و عدا المملوكة، إذ لا معنى لوجوب الدية على المالك (8). الامام الخميني: ثبوتها للكبيرة المطاوعة محلّ إشكال (9). مكارم الشيرازي: يعني قبل بلوغ التسع، فإنّ الإفضاء بعده لايوجب التحريم مؤبّداً قطعاً؛ وأمّا الدية، فهي مقتضى الجناية على كلّ حال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 775

فيه الدية.

مسألة 5: إذا دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها، لم تحرم عليه و لاتثبت الدية (1)، كما مرّ، و لكنّ الأحوط (2) الإنفاق عليها ما دامت حيّة (3).

مسألة 6: إذا كان المفضيّ صغيراً أو مجنوناً، ففي كون الدية عليهما أو على عاقلتهما إشكال و إن كان الوجه الثاني لايخلو عن قوّة (4).

مسألة 7: إذا حصل بالدخول قبل التسع عيب آخر غير الإفضاء، ضمن أرشه؛ و كذا إذا حصل مع الإفضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية، ضمنه مع دية الإفضاء.

مسألة 8: إذا شكّ في إكمالها تسع سنين لايجوز له وطيها، لاستصحاب (5) (1). مكارم الشيرازي: مقتضى القاعدة ثبوت الدية بالجناية مطلقاً، ولكن يمكن الخروج عنه هنا بروايتي حمران و بريد؛ ولكن إذا خاف عليها ذلك، لايجوز؛ هذا مضافاً إلى أنّ الاستمتاع حقّ الزوج و لايلزم من إحقاق الحقّ غرامة؛ كما أنّ إجراء الحدود إذا انجرّ إلى التلف، لايوجب الضمان؛ نعم، يستثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة نحيفة بحيث يخاف عليها ذلك، كما أشار إليه العلّامة في بعض كلماته، لاحتمال انصراف الأدلّة عنه، و لا أقلّ من الاحتياط، فاللازم إحراز الرشد الجسماني للجماع على الأحوط ولو بحسب ظاهر الحال (2). الامام الخميني: و إن كان الأقوى عدم الوجوب (3). مكارم الشيرازي: لايُترك،

لأنّ الأصل في وجوب النفقة هنا رواية الحلبي و هي مطلقة، و الإعراض عنها غير ثابت. و إطلاق قوله: «لا شي ء عليه» في رواية بريد منصرف إلى الدية بقرينة ذيلها، فلاتعارضها (4). الامام الخميني: محلّ تأمّل

مكارم الشيرازي: بل هو أحوط؛ و الأصل فيه أنّ جناية الخطأ و هي ما لم يكن القصد فيه إلى الفعل و لا إلى الغاية، ديتها على العاقلة على المشهور؛ و المجنون و الصبيّ عمدهما خطأ كذلك؛ اللّهم إلّاأن يقال: إطلاق الرواية و قوله عليه السلام: «عليه الدية» يدلّ على خلافه، ولكنّ الإنصاف انصراف الإطلاق إلى الكبير العاقل، أو يقال: إنّ الحكم بأنّ عمد الصبيّ خطأ إنّما هو فيما يتصوّر فيه القسمان، و الحال أنّ الإفضاء لايتصوّر فيها الخطأ المحض، لأنّ القصد إلى السبب و هو المواقعة حاصل فيه دائماً؛ و يمكن أن يجاب عنه بأنّ التقسيم بحسب نوع الجناية، لا كلّ فرد منه. و تمام الكلام في محلّه (5). الامام الخميني: بل لاستصحاب أنّها لم تبلغ، بنحو السلب الرابط، و يترتّب عليه جميع الأحكام؛ و أمّااستصحاب عدم بلوغها بنحو السلب المحمولي فمثبت، و كذا في نظائر المقام ممّا يترتّب الحكم على الكون الرابط أو السلب الرابط. و التفصيل موكول إلى محلّه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 776

الحرمة (1) السابقة، فإن وطئها مع ذلك فأفضاها و لم يعلم بعد ذلك أيضاً كونها حال الوطي بالغة أو لا، لم تحرم أبداً و لو على القول بها، لعدم إحراز كونه قبل التسع (2)، و الأصل لايثبت ذلك؛ نعم، يجب عليه الدية و النفقة عليها ما دامت حيّة.

مسألة 9: يجري عليها بعد الإفضاء جميع أحكام الزوجة (3)، من حرمة الخامسة و حرمة الاخت و اعتبار الإذن في نكاح

بنت الأخ و الاخت و سائر الأحكام و لو على القول بالحرمة الأبديّة، بل يلحق به الولد و إن قلنا بالحرمة، لأنّه على القول (4) بها يكون كالحرمة حال الحيض.

مسألة 10: في سقوط وجوب الإنفاق عليها ما دامت حيّة بالنشوز إشكال (5)، لاحتمال كون هذه النفقة لا من باب إنفاق الزوجة، و لذا تثبت بعد الطلاق بل بعد التزويج (6) بالغير؛ و كذا في تقدّمها على نفقة الأقارب، و ظاهر المشهور أنّها كما تسقط بموت الزوجة تسقط بموت الزوج أيضاً، لكن يحتمل بعيداً عدم (7) سقوطها بموته. و الظاهر عدم سقوطها بعدم تمكّنه، فتصير ديناً عليه، و يحتمل بعيداً سقوطها، و كذا تصير ديناً إذا امتنع من دفعها مع تمكّنه، إذ كونها حكماً تكليفيّاً صرفاً بعيد، هذا بالنسبة إلى ما بعد الطلاق (8)؛ و إلّافما دامت (1). الخوئي: بل لاستصحاب عدم البلوغ و كون المرأة في أقلّ من تسع سنين، و يترتّب عليه جميع الآثار

مكارم الشيرازي: بل لاستصحاب عدم البلوغ؛ أللّهم إلّاأن يقال بجواز الرجوع إلى الاستصحاب الموضوعي و الحكمي كليهما في عرض واحد إذا كانا متوافقين (2). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الفرق بين هذه الأحكام و جريانها جميعاً؛ و التفصيل بينها بكون موضوع بعضها بلسان بعض الأدلّة وجوديّاً والآخر عدميّاً، كما ترى، لأنّ قوله: «قبل أن تبلغ تسع سنين» الوارد في رواية يعقوب بن يزيد بمعنى عدم كونه قبل بلوغ التسع؛ مضافاً إلى خفاء الواسطة هنا (3). مكارم الشيرازي: لعدم خروجها عن الزوجيّة بالإفضاء على كلّ حال (4). الامام الخميني: أي على القول بحرمة وطيها أبداً (5). الامام الخميني: الأقرب عدم السقوط (6). مكارم الشيرازي: قد عرفت سقوط النفقة بعد التزويج (7). الامام الخميني:

هذا الاحتمال ضعيف (8). الگلپايگاني: بل لايبعد أن يكون حكم النفقة بعد الطلاق حكم النفقة قبل الطلاق في جميع الآثار، إلّافي عدم السقوط بالنشوز لانتفاء موضوعه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 777

في حبالته، الظاهر أنّ حكمها حكم الزوجة.

[فصل فيما يجوز من عدد الأزواج

[فصل فيما يجوز من عدد الأزواج

لايجوز في العقد الدائم الزيادة على الأربع، حرّاً كان أو عبداً، و الزوجة حرّة أو أمة؛ و أمّا في الملك و التحليل فيجوز و لو إلى ألف، و كذا في العقد الانقطاعيّ (1). و لايجوز للحرّ أن يجمع بين أزيد من أمتين (2) و لا للعبد أن يجمع بين أزيد من حرّتين (3)، و على هذا فيجوز للحرّ أن يجمع بين أربع حرائر أو ثلاث و أمة أو حرّتين و أمتين، و للعبد أن يجمع بين أربع إماء أو حرّة و أمتين أو حرّتين، و لايجوز له أن يجمع بين أمتين و حرّتين (4) أو ثلاث حرائر أو أربع حرائر أو ثلاث إماء (5) وحرّة، كما لايجوز للحرّ أيضاً أن يجمع بين ثلاث إماء (6) و حرّة (7).

مسألة 1: إذا كان العبد مبعّضاً أو الأمة مبعّضة، ففي لحوقهما بالحرّ أو القنّ إشكال؛ و مقتضى الاحتياط (8) أن يكون العبد المبعّض كالحرّ بالنسبة إلى الإماء فلايجوز له الزيادة على أمتين، و كالعبد القنّ بالنسبة إلى الحرائر فلايجوز له الزيادة على حرّتين، و أن تكون الأمة المبعّضة كالحرّة بالنسبة إلى العبد و كالأمة بالنسبة إلى الحرّ. بل يمكن أن يقال: إنّه بمقتضى القاعدة، بدعوى أنّ المبعّض حرّ و عبد، فمن حيث حرّيتّه لايجوز له أزيد من أمتين، و من (1). مكارم الشيرازي: و في بعض روايات الباب جعلها من الأربع، و أفتى به شاذّ من

أصحابنا، و لكنّها محمول على الاستحباب جمعاً (2). الگلپايگاني: من الإماء بأن ينكح ثلاث إماء أو أكثر؛ أمّا نكاح أمتين و حرّة أو حرّتين، فلا مانع منه كمايأتي (3). الگلپايگاني: من مطلق النساء حتّى الإماء، يعني إذا كانت تحت العبد حرّتان لايجوز له تزويج غيرهما من النساء، حرّةً كانت أو أمةً (4). الگلپايگاني: و لا أمة و حرّتين (5). الگلپايگاني: هذا الحكم و إن كان صحيحاً، لكن ليس متفرّعاً على عدم جواز الجمع بين أزيد من حرّتين (6). الگلپايگاني: بعد ما علم جواز الجمع له بين أزيد من أمتين علم عدم جواز الجمع بين ثلاث إماء، سواء كانت معهنّ حرّة أم لا، فذكر الحرّة غير محتاج إليه (7). الخوئي: هذا من سهو القلم، فإنّ الحرّ لايجوز له الجمع بين ثلاث إماء و إن لم تكن معهنّ حرّة (8). الامام الخميني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 778

حيث عبديّته لايجوز له أزيد من حرّتين، و كذا بالنسبة إلى الأمة المبعّضة، إلّاأن يقال: إنّ الأخبار الدالّة على أنّ الحرّ لايزيد على أمتين و العبد لايزيد على حرّتين منصرفة (1) إلى الحرّ و العبد الخالصين، وكذا في الأمة، فالمبعّض قسم ثالث خارج عن الأخبار، فالمرجع عمومات الأدلّة على جواز التزويج. غاية الأمر عدم جواز الزيادة على الأربع، فيجوز له نكاح أربع حرائر أو أربع إماء، لكنّه بعيد من حيث لزوم كونه أولى من الحرّ الخالص، و حينئذٍ فلايبعد أن يقال: إنّ المرجع الاستصحاب، و مقتضاه إجراء حكم العبد و الأمة عليهما. و دعوى تغيّر الموضوع كماترى. فتحصّل أنّ الأولى الاحتياط الّذي ذكرنا أوّلًا، و الأقوى العمل بالاستصحاب (2) و إجراء حكم العبيد و الإماء عليهما.

مسألة 2: لو كان عبد عنده

ثلاث أو أربع إماء فاعتق و صار حرّاً، لم يجز إبقاء الجميع، لأنّ الاستدامة كالابتداء، فلابدّ من إطلاق الواحدة أو الاثنتين. و الظاهر كونه مخيّراً بينهما، كما في إسلام الكافر عن أزيد من أربع، و يحتمل القرعة، و الأحوط أن يختار (3) هو القرعة (4) بينهنّ (5). و لو اعتقت أمة أو أمتان، فإن اختارت الفسخ، حيث إنّ العتق موجب لخيارها بين الفسخ و البقاء فهو، و إن اختارت البقاء يكون الزوج مخيّراً (6)، و الأحوط اختياره القرعة كما في الصورة الاولى.

مسألة 3: إذا كان عنده أربع و شكّ في أنّ الجميع بالعقد الدائم، أو البعض المعيّن أو غير المعيّن منهنّ بعقد الانقطاع، ففي جواز نكاح الخامسة دواماً إشكال (7). (1). الگلپايگاني: الانصراف ممنوع (2). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (3). الگلپايگاني: بل الأحوط طلاق الجميع ثمّ العقد على الواحدة أو الاثنتين (4). الامام الخميني: لايُترك الاحتياط بالقرعة في الفرعين (5). الخوئي: بل هو الأظهر (6). الخوئي: هذا إذا كانت عنده أربع إماء أو كانت المعتقة أمتين؛ و أمّا إذا كانت عنده ثلاث إماء و كانت المعتقةإحداها فلا مانع من الجمع بينها و بين الباقيتين فإنّه من الجمع بين حرّة و أمتين (7). الامام الخميني: و إن كان الجواز أشبه

الخوئي: أظهره الجواز

الگلپايگاني: بل يمكن إثبات الدوام بأصالة عدم ذكر الأجل بناءً على القول بأنّ الدوام و المتعة من قبيل الزائد و الناقص

مكارم الشيرازي: الأقوى جوازه، لأنّ الأصل بقاء الجواز ما لم يعلم الأربع، فتجوز الخامسة؛ و القول بأنّ الأصل عدم ذكر الأجل فيثبت موضوع الدوام، فيحكم بالحرمة، مبنيّ على كون الدوام و المتعة من قبيل المطلق و المقيّد، كما قد يستظهر من قولهم بأنّ عدم

ذكر الأجل يوجب انقلابه دائماً، ولكنّه ممنوع؛ فإنّ الظاهر أنّهما طبيعتان مختلفتان، فأصالة عدم ذكر الأجل لاتثبت حال المشكوك أو أنّه دائم؛ و سيأتي إن شاء اللّه أنّ ما ورد من كون العقد الّذي لم يذكر الأجل فيه دائماً، لعلّه ناظر إلى مقام الإثبات، و إلّاإذا قصد الانقطاع و لم يذكر الأجل، لاينقلب دائماً قطعاً، ولكنّ الأحوط الاجتناب

العروة الوثقى، ج 2، ص: 779

مسألة 4: إذا كان عنده أربع فطلّق واحدة منهنّ و أراد نكاح الخامسة، فإن كان الطلاق رجعيّاً لايجوز له ذلك إلّابعد خروجها عن العدّة، و إن كان بائناً ففي الجواز قبل الخروج عن العدّة قولان؛ المشهور على الجواز، لانقطاع العصمة بينه و بينها. و ربما قيل (1) بوجوب الصبر إلى انقضاء عدّتها (2) عملًا بإطلاق جملة من الأخبار، و الأقوى (3) المشهور، والأخبار محمولة على الكراهة.

هذا، و لو كانت الخامسة اخت المطلّقة، فلا إشكال (4) في جواز نكاحها قبل الخروج عن العدّة البائنة، لورود النصّ فيه (5) معلّلًا بانقطاع العصمة، كما أنّه لاينبغي الإشكال إذا كانت العدّة لغير الطلاق كالفسخ (6) بعيب أو نحوه؛ و كذا إذا ماتت الرابعة، فلايجب الصبر إلى أربعة (1). الخوئي: هذا القول إن لم يكن أظهر فهو أحوط (2). مكارم الشيرازي: و هو الأوفق بالأدلّة؛ و ذلك لأنّ الروايات الّتي تدلّ على عدم الجواز مطلقة و هي ما ورد في باب 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، بل فيها ما يشبه التعليل من قوله: «لايحلّ لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر»؛ و هذا لا فرق فيه بين البائنة و الرجعيّة، و حملها على الكراهة من غير دليل ممنوع (3). الگلپايگاني: فيه تأمّل، و الأحوط الصبر

إلى انقضاء العدّة حتّى فيما إذا كانت الخامسة اخت المطلّقة، و النصّ الوارد فيها ساكت عن حيثيّة كونها خامسة، و التعليل بانقطاع العصمة لا ظهور له في كونه تمام العلّة بحيث يتعدّى إلى غير الاختين (4). مكارم الشيرازي: بل هو مشكل جدّاً، فإنّ النصّ ناظر إلى مسألة الجمع بين الاختين لا إلى كلّ جمع (5). الامام الخميني: أي يستفاد من النصّ و إن لم يرد في خصوص المسألة

الخوئي: لم يرد نصّ في المقام، و إنّما ورد في جواز نكاح المرأة في عدّة اختها إذا كان الطلاق بائناً، و بين المسألتين بون بعيد، و عليه فلا فرق في الخامسة بين كونها اختاً للمطلّقة و عدمه (6). مكارم الشيرازي: بل هو أيضاً مشكل، لما عرفت من قوله: «لايجمع ماء الرجل في خمس» الوارد في رواية صحيحة، الّذي هو كالتعليل. (راجع الحديث 1، من الباب 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 780

أشهر و عشر. و النصّ الوارد بوجوب الصبر معارض بغيره و محمول على الكراهة، و أمّا إذا كان الطلاق أو الفراق بالفسخ قبل الدخول فلا عدّة حتّى يجب الصبر أو لايجب.

[فصل في التزويج في العدّة]

[فصل في التزويج في العدّة]

لايجوز التزويج في عدّة الغير (1) دواماً أو متعة؛ سواء كانت عدّة الطلاق بائنة أو رجعيّة، أو عدّة الوفاة، أو عدّة وطي الشبهة حرّةً كانت المعتدّة أو أمةً. و لو تزوّجها، حرمت عليه أبداً (2) إذا كانا عالمين بالحكم و الموضوع أو كان أحدهما عالماً بهما، مطلقاً سواء دخل بها أو لا، و كذا مع جهلهما بهما، لكن بشرط الدخول بها. و لا فرق في التزويج بين الدوام و المتعة، كما لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر (3).

و لايلحق بالعدّة أيّام استبراء الأمة، فلايوجب التزويج فيها حرمة أبديّة و لو مع العلم و الدخول، بل لايبعد جواز تزويجها فيها و إن حرم (1). الگلپايگاني: و كذا لايجوز التصريح بالخطبة في عدّة الغير مطلقاً و يجوز التعريض في غير الرجعيّة، و أمّافيها فلايجوز لأنّها زوجة؛ نعم، للزوج التصريح بالخطبة و التزويج لنفسه في عدّة البائن إذا لم يكن مانع من تزويجها

مكارم الشيرازي: و العمدة فيه بعد كتاب اللّه و السنّة، ما يستفاد من مفهوم العدّة عرفاً، فإنّها حريم النكاح و لايجوز الورود فيه مادامت المرأة مشغولة بها (2). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه بعد الإجماع، الأخبار الواردة في الباب 17 من أبواب المصاهرة، فإنّها على طوائف: 1- ما يدلّ على الحرمة الأبديّة مطلقاً (الرواية 21 و 22). 2- ما يدلّ على الجواز كذلك (الرواية 16 و 19). 3- ما يدلّ على التفصيل بين العلم و الجهل (الرواية 1 و 4 و 5 و 10) على إشكال في بعضها. 4- ما يدلّ على التفصيل بين الدخول و عدمه (الرواية 2 و 6 و 7 و 8 و 9) كذلك. 5- ما يدلّ على التفصيل بالدخول و العلم كليهما (الرواية 3). و طريق الجمع بينها بعد حمل المطلق على المقيّد ظاهر (3). الگلپايگاني: لإطلاق الدخول الوارد في النصّ و لما ورد أنّه أحد المأتيّين و لما في الحكم بالتحريم أبداًمن الاحتياط؛ نعم، لو عقدها بعد العدّة اتّفاقاً فلايُترك الاحتياط بالطلاق أيضاً

مكارم الشيرازي: مشكل، فلايُترك الاحتياط، لاحتمال انصراف الإطلاقات إلى القبل، فإنّه المعهود المتعارف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 781

الوطي قبل انقضائها، فإنّ المحرّم فيها هو الوطي دون سائر الاستمتاعات. و كذا لايلحق بالتزويج الوطي بالملك أو التحليل،

فلو كانت مزوّجة فمات زوجها أو طلّقها و إن كان لايجوز لمالكها وطيها و لا الاستمتاع بها في أيّام عدّتها و لا تحليلها للغير، لكن لو وطئها أو حلّلها للغير فوطئها لم تحرم أبداً عليه (1) أو على ذلك الغير و لو مع العلم بالحكم و الموضوع.

مسألة 1: لايلحق بالتزويج في العدّة وطي المعتدّة شبهةً (2) من غير عقد، بل و لا زنا، إلّا إذا كانت العدّة رجعيّة، كما سيأتي، و كذا إذا كان بعقد فاسد، لعدم تماميّة أركانه؛ و أمّا إذا كان بعقد تامّ الأركان وكان فساده لتعبّد شرعيّ، كما إذا تزوّج اخت زوجته في عدّتها أو امّها (3) أو بنتها (4) أو نحو ذلك ممّا يصدق عليه التزويج و إن كان فاسداً شرعاً، ففي كونه كالتزويج الصحيح إلّامن جهة كونه في العدّة و عدمه، لأنّ المتبادر من الأخبار التزويج الصحيح مع قطع النظر عن كونه في العدّة إشكال، و الأحوط الإلحاق (5) في التحريم (6) الأبديّ (7)، فيوجب (1). الخوئي: هذا في غير العدّة الرجعيّة؛ و أمّا فيها فيجري عليها حكم الزنا بذات البعل (2). مكارم الشيرازي: للمسألة صور أربع: 1- وطي الشبهة في عدّة الغير، و حيث لايدخل في عنوان التزويج لايدخل تحت إطلاقات التحريم، فلا إشكال فيه. 2- الزنا في العدّة، و هو أيضاً غير داخل في الإطلاقات؛ اللّهم إلّاأن تكون في العدّة الرجعيّة، فهو بحكم الزنا بذات البعل، بناءً على كون المعتدّة رجعيّة بحكم المزوّجة في جميع آثارها. 3- العقد الفاسد المختلّ أركانه، و هو أيضاً خارج عن الإطلاقات. 4- العقد الفاسد شرعاً، الصحيح عرفاً، كما إذا كان من قبيل الجمع بين الاختين؛ و الأقوى أيضاً عدم دخوله، لانصراف الإطلاقات إلى

العقد الصحيح الشرعيّ مع قطع النظر عن العدّة (3). الخوئي: هذه الكلمة من سهو القلم أو غلط النسّاخ (4). الگلپايگاني: ذكر الامّ في المقام لعلّه من سهو الناسخ، لأنّ امّ الزوجة من المحرّمات الأبديّة و عقدها في العدّة لا تأثير له في التحريم و كذلك الربيبة مع الدخول بامّها، و مع عدم الدخول بالامّ فالعقد عليها بعد بينونة الامّ صحيح لولا العدّة؛ نعم، لوتزوّج الامّ و البنت بعقد واحد في عدّتهما فكانت من صغريات هذه المسألة، و كذا الاختين

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ ذكر الامّ من سهو القلم، فإنّ امّ الزوجة محرّمة أبداً مع قطع النظر عن النكاح في العدّة؛ و أمّا البنت، أعني الربيبة، فهي من أمثلة المسألة، لكن بشرط عدم الدخول بالامّ (5). الخوئي: لا بأس بتركه (6). الگلپايگاني: بأن لايتزوّجها، ولكن لو عقد عليها و لو جهلًا فلايترك الاحتياط بالطلاق (7). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم الحرمة، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 782

الحرمة مع العلم مطلقاً و مع الدخول في صورة الجهل.

مسألة 2: إذا زوّجه الوليّ في عدّة الغير (1) مع علمه بالحكم و الموضوع، أو زوّجه الوكيل في التزويج (2) بدون تعيين الزوجة كذلك، لايوجب الحرمة الأبديّة، لأنّ المناط علم الزوج لا وليّه أو وكيله؛ نعم، لو كان وكيلًا في تزويج امرأة معيّنة (3) و هي في العدّة، فالظاهر كونه كمباشرته بنفسه (4)، لكنّ المدار علم الموكّل لا الوكيل.

مسألة 3: لا إشكال في جواز تزويج من في العدّة لنفسه؛ سواء كانت عدّة الطلاق أو الوطي شبهةً أو عدّة المتعة أو الفسخ بأحد الموجبات أو المجوّزات له. و العقد صحيح، إلّافي العدّة الرجعيّة فإنّ التزويج فيها باطل، لكونها بمنزلة الزوجة (5)، و إلّافي

الطلاق الثالث الّذي يحتاج إلى المحلّل فإنّه أيضاً باطل، بل حرام (6)، و لكن مع ذلك لايوجب الحرمة الأبديّة، و إلّا في عدّة الطلاق التاسع في الصورة الّتي تحرم أبداً (7)، و إلّافي العدّة لوطيه زوجة الغير شبهةً، لكن لا من حيث كونها في العدّة، بل لكونها ذات بعل (8)، و كذا في العدّة لوطيه في العدّة (1). الگلپايگاني: لا ولاية لأحد على غيره بالنسبة إلى التزويج في العدّة و لذا لايترتّب عليه شي ء من آثارالعقد في العدّة مطلقاً و لو مع الدخول و علم الوليّ، و كذلك الوكيل في العقد الصحيح؛ سواء كان وكيلًا في عقد امرأة معيّنة أو غير معيّنة؛ نعم، لو كان وكيلًا للعقد في العدّة أو لعقد امرأة معيّنة في عدّتها، ففيه وجهان؛ من بطلان الوكالة و المتيقّن ممّا يوجب الحرمة الأبديّة عقده مباشرةً، و من صدق العقد في العدّة و لو بالتسبيب، و المناط حينئذٍ علم الموكّل

مكارم الشيرازي: ليس للوليّ ولاية في مثل هذا، فلايوجب نشر الحرمة ولو علم المولّى عليه (2). مكارم الشيرازي: الوكالة على الحرام باطلة، فلاتشمل الوكالة العامّة للحرام، فيكون تزويجه فضوليّاً؛ نعم، لو أجاز العقد بعد حصوله، أمكن القول بنشر الحرمة إذا كان الموكّل عالماً (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ هذه الوكالة باطلة (4). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (5). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: إنّ الإتيان بمقدّمات التزويج من مصاديق الرجوع، فلاتصل النوبة إلى التزويج، بناءً على حصول الرجوع بمثل هذه الامور، كما هو المعروف (6). مكارم الشيرازي: على الأحوط في الحرمة التكليفيّة (7). مكارم الشيرازي: ذكر هذا المثال لا أثر له بعد كون المورد محرّماً أبداً، مع قطع النظر عن التزويج في

العدّة؛ نعم، الحرمة التكليفيّة على القول بها تجري هنا أيضاً (8). الگلپايگاني: و يأتي حكمها من حيث الحرمة الأبديّة

مكارم الشيرازي: حكم تزويج ذات البعل من حيث الحرمة الأبديّة يأتي في المسألة التاسعة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 783

شبهةً (1) إذا حملت منه بناءً على عدم تداخل العدّتين، فإنّ عدّة وطي الشبهة حينئذٍ مقدّمة على العدّة السابقة الّتي هي عدّة الطلاق أو نحوه، لمكان الحمل، و بعد وضعه تأتي بتتمّة العدّة السابقة، فلايجوز له تزويجها في هذه العدّة، أعني عدّة وطي الشبهة و إن كانت لنفسه، فلو تزوّجها فيها عالماً أو جاهلًا بطل (2)، و لكن في إيجابه التحريم الأبديّ إشكال (3).

مسألة 4: هل يعتبر في الدخول الّذي هو شرط في الحرمة الأبديّة في صورة الجهل أن يكون في العدّة (4)، أو يكفي كون التزويج في العدّة مع الدخول بعد انقضائها، قولان؛ الأحوط الثاني، بل لايخلو عن قوّة (5)، لإطلاق الأخبار بعد منع الانصراف إلى الدخول في العدّة.

مسألة 5: لو شكّ في أنّها في العدّة أم لا، مع عدم العلم سابقاً، جاز التزويج خصوصاً إذا أخبرت بالعدم، و كذا إذا علم كونها في العدّة سابقاً و شكّ في بقائها إذا أخبرت بالانقضاء؛ و أمّا مع عدم إخبارها بالانقضاء فمقتضى استصحاب بقائها عدم جواز تزويجها، و هل تحرم أبداً إذا تزوّجها مع ذلك؟ الظاهر ذلك (6). و إذا تزوّجها باعتقاد خروجها عن العدّة أو من (1). مكارم الشيرازي: المراد أنّها كانت في عدّة الغير، ثمّ وطئها غير الزوج شبهةً، فحملت، فيكون هنا عدّتان: عدّة للوطي بالشبهة، و عدّة للزوج (بناءً على عدم التداخل)؛ فحينئذٍ إذا تزوّجها في عدّة نفسه، كان حراماً بلا إشكال، لأنّها محكومة بحفظ العدّة للغير بعد

وضع الحمل؛ و أمّا نشر الحرمة الأبديّة فهو منوط بإطلاق الأدلّة السابقة، ولكنّه بعيد؛ فالأقوى عدم الحرمة الأبديّة و إن كانت أحوط (2). الامام الخميني: على تأمّل، و لايبعد عدم إيجابه التحريم (3). الخوئي: لايبعد جريان حكم التزويج في العدّة عليه (4). مكارم الشيرازي: الأقوى اعتبار كونه في العدّة، كما اختاره في الجواهر و المسالك، لانصراف إطلاقات الباب إليه بقرينة الروايات الكثيرة الّتي يكون الدخول في العدّة مفروض الوجود فيها في كلام الإمام عليه السلام (مثل الحديث 2 و 6 و 9 و 20 من الباب 17 من أبواب المصاهرة) (5). الگلپايگاني: لا قوّة فيه، و لكن لايُترك الاحتياط بترك التزويج و بالطلاق على فرض التزويج (6). الامام الخميني: أي محكوم بذلك ظاهراً ما لم ينكشف الخلاف، و مع ذلك في صورة عدم الدخول لايخلومن إشكال

الگلپايگاني: ما لم ينكشف الخلاف

مكارم الشيرازي: و المسألة مبنيّة على أنّ العلم المأخوذ في موضوع الحكم بالحرمة أبداً اخذ بعنوان الطريقيّة فيقوم مقامه الاستصحاب، أو بما أنّه كاشف خاصّ فلايقوم مقامه غيره، و الأوّل أظهر، لاسيّما أنّ العلم ببقاء العدّة يحصل غالباً من إخبارها و لايعلم علماً يقينيّاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 784

غير التفات إليها، ثمّ أخبرت بأنّها كانت في العدّة، فالظاهر قبول قولها (1) و إجراء حكم التزويج في العدّة، فمع الدخول بها تحرم أبداً (2).

مسألة 6: إذا علم أنّ التزويج كان في العدّة مع الجهل بها حكماً أو موضوعاً، و لكن شكّ في أنّه دخل بها حتّى تحرم أبداً أو لا، يبني على عدم الدخول. و كذا إذا علم بعدم الدخول بها وشكّ في أنّها كانت عالمة أو جاهلة، فإنّه يبني على عدم علمها، فلايحكم بالحرمة الأبديّة (3).

مسألة 7: إذا

علم إجمالًا بكون إحدى الامرأتين المعيّنتين في العدّة و لم يعلمها بعينها، وجب عليه ترك تزويجهما، و لو تزوّج إحداهما بطل، و لكن لايوجب (4) الحرمة (5) الأبديّة (6)، لعدم إحراز كون هذا التزويج في العدّة (7)؛ نعم، لو تزوّجهما معاً، حرمتا عليه (8) في الظاهر عملًا (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع؛ نعم، إذا أخبرت قبل الدخول بها أنّها في العدّة، لزم الفحص، على ما دلّت عليه صحيحة أبي بصير

الگلپايگاني: بل الظاهر أنّها لاتصدّق بعد الدخول كما في النصّ، فالعقد محكوم بالصحّة ما لم يقطع بصدقها و لم يثبت شرعاً و مع ذلك لايُترك مراعاة الاحتياط؛ و أمّا قبل الدخول فالأحوط التفحّص، فإن انكشف الحال فهو و إلّافلايُترك الاحتياط بالطلاق أو العقد الجديد بعد العلم بخروجها عن العدّة؛ نعم، لو ادّعت العلم بالعدّة و حرمة التزويج فالأحوط ترك تزويجها مطلقاً

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، و الوجه فيه أنّ دعواها مخالفة لأصالة الصحّة الجارية في النكاح، هذا مضافاً إلى معارضة دعواها لظاهر فعلها؛ اللّهم إلّاأن يعلم بجهلها حال النكاح بالحكم أو الموضوع (2). الامام الخميني: على الأحوط (3). الگلپايگاني: إلّاإذا كانت مسبوقة بالعلم بالعدّة، حيث إنّ مقتضى استصحابها إلى زمان وقوع العقد الحرمة الأبديّة (4). الگلپايگاني: إلّاإذا كانت كلّ واحدة منهما مستصحبة العدّة (5). الامام الخميني: الأحوط إيجابها إذا كانتا معتدّتين و علم إجمالًا بخروج إحداهما من العدّة، إلّاإذا انكشف الخلاف (6). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كانت الحالة السابقة كونهما في العدّة، ثمّ علم بخروج إحداهما و لم يعلم بعينها (7). مكارم الشيرازي: بل لجريان أصالة الحلّ فيها بلا معارض، لأنّ مجرّد الشكّ كافٍ في الأمن عن العقاب، و هو من قبيل الملاقي للشبهة المحصورة الّذي يجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض

(8). الگلپايگاني: بل مقتضى العلم الإجمالي الاحتياط من حيث حرمة وطيهما و وجوب الإنفاق عليهما و سائر الأحكام ممّا يمكن فيه الاحتياط إلّاأن يطلّقهما

العروة الوثقى، ج 2، ص: 785

بالعلم الإجمالي (1).

مسألة 8: إذا علم أنّ هذه الامرأة المعيّنة في العدّة، لكن لايدري أنّها في عدّة نفسه أو في عدّة لغيره، جاز له (2) تزويجها (3)، لأصالة عدم كونها في عدّة الغير، فحاله حال الشكّ البدويّ.

مسألة 9: يلحق بالتزويج (4) في العدّة في إيجاب الحرمة الأبديّة تزويج ذات البعل (5)، فلو تزوّجها مع العلم بأنّها ذات بعل حرمت عليه أبداً مطلقاً؛ سواء دخل بها أم لا. و لو تزوّجها مع الجهل لم تحرم (6) إلّامع الدخول بها، من غير فرق بين كونها حرّة أو أمة مزوّجة و بين الدوام والمتعة في العقد السابق و اللاحق؛ و أمّا تزويج أمة الغير بدون إذنه مع عدم كونها مزوّجة، فلايوجب الحرمة الأبديّة وإن كان مع الدخول و العلم.

مسألة 10: إذا تزوّج امرأة عليها عدّة و لم تشرع فيها، كما إذا مات زوجها و لم يبلغها الخبر فإنّ عدّتها من حين بلوغ الخبر، فهل يوجب الحرمة الأبديّة أم لا؟ قولان؛ أحوطهما الأوّل، بل لايخلو عن قوّة (7). (1). الخوئي: إلّاأنّ هنا علماً إجمالياً آخر و هو العلم الإجمالي بحرمة وطي كلّ واحدة منهما أو وجوبه قبل مضيّ أربعة أشهر، فيدور أمر كلّ منهما بين المحذورين، فلا مناص عندئذٍ من الرجوع إلى القرعة في المقام أو إلى طلاق كلتيهما (2). الامام الخميني: إلّاإذا كان طرف العلم هو العدّة الرجعيّة لنفسها، و المسألة مطلقاً لاتخلو من تأمّل و إشكال (3). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان لكونها في عدّة نفسه أثر شرعيّ آخر، فحينئذٍ لايجوز تزويجها، لتنجّز العلم

الإجماليّ؛ و الأحوط ترك التزويج هنا مطلقاً (4). الگلپايگاني: فيه إشكال، لكن لايُترك مراعاة الاحتياط (5). مكارم الشيرازي: على الأحوط لو لم يكن أقوى؛ و استدلّ له تارةً بالأولويّة و هي ممنوعة، لاحتمال تشديد الشارع في المعتدّة، لكونها أشدّ ابتلاءً من نكاح ذات البعل؛ و اخرى بالأخبار، و هي طوائف (ذكرها جميعاً في الباب 16 من أبواب المصاهرة)؛ منها ما يدلّ على الحرمة مطلقاً. و منها: ما يدلّ عليها إذا دخل بها. و منها ما يدلّ عليها عند العلم. فيمكن تقييد بعضها ببعض، ولكن يعارضها الرواية 4 و 7 من هذا الباب بعينه، فإنّهما تدلّان على الجواز في فرض الدخول؛ اللّهم إلّاأن يقال بإعراض المشهور عنهما، أو يقال باختيار الاولى بعد التعارض، لكونها أحوط (6). الخوئي: حتّى مع علم الزوجة بالحال على الأظهر؛ و بذلك يظهر الفرق بين المعتدّة و ذات البعل (7). الامام الخميني: بل الثاني لايخلو من قوّة

الگلپايگاني: لا قوّة فيه، فلايُترك مراعاة الاحتياط

مكارم الشيرازي: القوّة غير ثابتة، لكن لاينبغي ترك الاحتياط و ذلك لخروجها عن مسرح روايات ذات العدّة و المزوّجة؛ و القول بأنّها ليست قسماً ثالثاً، كماترى؛ كما أنّ دعوى الأولويّة مشكلة و إن كان الأحوط ما ذكرنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 786

مسألة 11: إذا تزوّج امرأة في عدّتها و دخل بها مع الجهل فحملت، مع كونها مدخولة للزوج الأوّل، فجائت بولد، فإن مضى من وطي الثاني أقلّ من ستّة أشهر و لم يمض من وطي الزوج الأوّل أقصى مدّة الحمل، لحق الولد بالأوّل؛ و إن مضى من وطي الأوّل أقصى المدّة و من وطي الثاني ستّة أشهر أو أزيد إلى ما قبل الأقصى، فهو ملحق بالثاني؛ و إن مضى من الأوّل أقصى المدّة

و من الثاني أقلّ من ستّة أشهر فليس ملحقاً بواحد منهما؛ و إن مضى من الأوّل ستّة فما فوق و كذا من الثاني، فهل يلحق بالأوّل أو الثاني أو يقرع؟ وجوه أو أقوال (1)؛ و الأقوى لحوقه بالثاني (2)، لجملة من الأخبار (3). و كذا إذا تزوّجها (4) الثاني بعد تمام العدّة للأوّل (5) واشتبه حال الولد. (1). الگلپايگاني: لم أظفر على أكثر من قولين لأصحابنا؛ أحدهما: ما قوّاه في المتن و هو مختار النهاية، و مستندهذا القول مرسلة جميل بن درّاج على نقل الفقيه الواردة في خصوص المورد يعني التزويج في العدّة و الأخبار الواردة في التزويج بذات البعل بعد إلغاء الخصوصيّة. و ثانيهما: القرعة و هي مختار المبسوط مشيراً إلى كونها مجمعاً عليها بقوله عندنا. و أمّا الإلحاق بالأوّل ففي المسالك أنّه لا خلاف في عدمه؛ نعم، في المبسوط: «و عند قوم يرجع إلى القافّة و يلحق الولد بمن ألحقوه به و مع عدم التمكّن أو حصول الشبهة لهم يلحق بمن ينتسب به بعد البلوغ» و الظاهر أنّ مقصوده من القوم هو العامّة (2). الخوئي: فيه إشكال، و لايبعد الرجوع إلى القرعة (3). مكارم الشيرازي: إلحاقه بالثاني مشكل، و مقتضى القاعدة هنا القرعة، لأنّ المفروض إمكان إلحاقه بكليهما، فكان من الأمر المشكل الّذي فيه القرعة. و أمّا الأخبار الّتي أشار إليها، لا ربط لها بالمقام ما عدا مرسلة جميل، و ليس فيها غير الإطلاق، و سندها ضعيف؛ نعم، رواها في «من لايحضر» بغير إرسال (ج 3، ص 301) ولكنّها غير مسندة إلى الإمام عليه السلام فيه، فلايمكن الاعتماد على هذه الرواية (4). الگلپايگاني: إلحاق الولد بالثاني فيه أقوى من إلحاقه به في الفرع الأوّل،

للأخبار الواردة في المسألة، و لذا لم يختر الشيخ فيه القرعة و إن نسبها إليه غير واحد من الأساطين، و لكن لم نجدها في مظانّ التعرّض مع كثرة التفحّص، فراجع أنت لعلّه خفيّ علينا (5). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه مضافاً إلى اختصاص الفراش بالثاني و الولد للفراش، عدّة من الروايات الواردة فيها في باب 17 من أحكام الأولاد؛ و قد استند إليها في الفرض السابق أيضاً، ولكن إشكاله ظاهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 787

مسألة 12: إذا اجتمعت عدّة وطي الشبهة مع التزويج أو لا معه و عدّة الطلاق أو الوفاة أو نحوهما، فهل تتداخل العدّتان أو يجب التعدّد؟ قولان؛ المشهور على الثاني (1)، و هو الأحوط (2) وإن كان الأوّل لايخلو عن قوّة، حملًا للأخبار (3) الدالّة على التعدّد على التقيّة (4) بشهادة خبر زرارة و خبر يونس. و على التعدّد يقدّم ما تقدّم سببه (5)، إلّاإذا كان إحدى العدّتين بوضع الحمل، فتقدّم و إن كان سببها متأخّراً، لعدم إمكان التأخير حينئذٍ. و لو كان المتقدّمة عدّة وطي الشبهة و المتأخّرة عدّة الطلاق الرجعيّ، فهل يجوز الرجوع قبل مجي ء زمان عدّته؟ و هل ترث الزوج إذا مات قبله في زمان عدّة وطي الشبهة؟ وجهان، بل قولان، لايخلو الأوّل منهما من قوّة (6). و لو كانت المتأخّرة عدّة الطلاق البائن، فهل يجوز تزويج المطلّق لها في زمان عدّة الوطي قبل مجي ء زمان عدّة الطلاق؟ وجهان؛ لايبعد (7) (1). الامام الخميني: و هو الأحوط لو لم يكن أقوى، فلايترك (2). الگلپايگاني: بل الأقوى

مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، لتعارض روايات الباب و موافقة المشهور لروايات التعدّد؛ اللّهم إلّاأن يقال بجواز الجمع بينهما جمعاً دلالياً بالحمل على الاستحباب، و هو أيضاً

لايخلو عن إشكال، أو حمل ما دلّ على التعدّد على التقيّة، و هو أيضاً بعيد (3). الخوئي: لا وجه للحمل على التقيّة، و الظاهر هو التفصيل بين عدّة الوفاة و غيرها بالالتزام بالتعدّد في الاولى و التداخل في الثانية، و ذلك لأنّ الروايات على طوائف ثلاث:

إحداها: تدلّ على عدم التداخل مطلقاً.

و ثانيتها: تدلّ على التداخل مطلقاً.

و ثالثتها: تدلّ على عدم التداخل في خصوص الموت. و بما أنّ النسبة بين الطائفة الثالثة و الطائفة الثانية عموم مطلق، فتقيّد الطائفة الثالثة إطلاق الطائفة الثانية، و بعد ذلك تنقلب النسبة بين الطائفة الثانية و الطائفة الاولى فتصبح الطائفة الثانية أخصّ من الطائفة الاولى فتقيّد إطلاقها، فالنتيجة هي عدم التداخل في خصوص الموت و التداخل في غير الموت، فإذن لا معارضة بين الروايات (4). الگلپايگاني: بعيد يظهر بالتتبّع و التأمّل (5). الخوئي: قد عرفت أنّه لا تعدّد إلّافيما إذا كان الوطي بشبهة في عدّة الوفاة، و لابدّ فيه من إتمام عدّة الوفاةأوّلًا ثمّ الاعتداد بعدّة الوطي بالشبهة (6). مكارم الشيرازي: لايُترك العمل بالاحتياط هنا؛ فإنّ الأولويّة و إن اقتضت جواز الرجوع، كما أنّ إطلاق الأخبار الدالّة على جوازه قبل أن تنقضي العدّة و إن كان ذلك، ولكنّ الأولويّة ليست قطعيّة، كما أنّ الثاني ناظر إلى صورة شروع العدّة (راجع الروايات الباب 17 من أبواب المصاهرة) (7). الگلپايگاني: بل الأقوى عدم الجواز بمقتضى دليل العدّة، و عدم بطلان النكاح بعدّة الوطي بالشبهةلايستلزم جواز النكاح فيها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 788

الجواز (1)، بناءً على أنّ الممنوع في عدّة وطي الشبهة وطي الزوج لها، لا سائر الاستمتاعات بها كما هوالأظهر. و لو قلنا بعدم جواز التزويج حينئذٍ للمطلّق، فيحتمل كونه موجباً للحرمة الأبديّة

أيضاً، لصدق التزويج في عدّة الغير، لكنّه بعيد (2)، لانصراف أخبار التحريم المؤبّد عن هذه الصورة.

هذا، و لو كانت العدّتان لشخص واحد، كما إذا طلّق زوجته بائناً ثمّ وطئها شبهةً في أثناء العدّة، فلاينبغي الإشكال (3) في التداخل (4) و إن كان مقتضى إطلاق بعض العلماء التعدّد في هذه الصورة أيضاً.

مسألة 13: لا إشكال في ثبوت مهر المثل (5) في الوطي بالشبهة المجرّدة عن التزويج إذا (1). الامام الخميني: بل لايبعد عدم الجواز و لايبعد كونه موجباً للحرمة الأبديّة

الخوئي: بل هو بعيد، و لايبعد جريان حكم التزويج في العدّة عليه

مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لما ادّعي من الإجماع على عدم جواز العقد على المعتدّة و لو في الوطي بالشبهة؛ و جواز سائر الاستمتاعات لايكون دليلًا على الجواز هنا بعد إطلاق منع النكاح في العدّة، هذا مضافاً إلى أنّ جواز سائر الاستمتاعات أيضاً محلّ إشكال، كما أنّ الأحوط كونه موجباً للحرمة الأبديّة أيضاً؛ و ما ذكره من انصراف الأخبار عن هذه الصورة قابل للمنع (2). الگلپايگاني: بل لا بعد فيه، و الانصراف ممنوع (3). الامام الخميني: الأحوط التعدّد في هذه الصورة أيضاً (4). الگلپايگاني: بل لا وجه للتداخل بالنسبة إلى الغير، وأمّا لنفسه فلا عدّة لها أصلًا؛ وأمّا في عدّة الطلاق و الوفاة فهو تبديل، لا تداخل، و دليله النصّ

مكارم الشيرازي: والأحوط هنا أيضاً عدم التداخل و إن كان الأوفق بظاهر الأدلّة التداخل، و ذلك لأنّ الأخبار الدالّة على عدم التداخل ناظرة إلى كون العدّتين من شخصين، بل صريحة في ذلك؛ و أمّا إطلاق أدلّة العدّة يقتضي التداخل، لعدم مانع من الجمع بينهما هنا. و ليعلم أنّ محلّ الكلام اعتدادها بالنسبة إلى الغير، وأمّا

بالنسبة إلى زوجها السابق فلا عدّة لها أبداً، فيجوز العقد عليها مهما أراد (5). مكارم الشيرازي: و هل المراد منه مهر المثل في العقد الدائم أو المنقطع بمقدار وقع الوطي فيه؟ لايبعد الثاني و إن كان ظاهر الأصحاب الأوّل؛ و المسألة لاتخلو عن إشكال، فلايُترك الاحتياط؛ أمّا أصل ثبوت المهر، فيدلّ عليه مضافاً إلى عدم الخلاف فيه و أنّ البضع له الاجرة إذا لم يكن عن بغي، غير واحد من الروايات الواردة في الباب 16 و 17 من أبواب المصاهرة؛ نعم، موردها الوطي بعد التزويج، ولكن من الواضح عدم تأثير للعقد الفاسد، بمقتضى مفهوم الشرطيّة في نفس تلك الأخبار و لظهور قوله: «بما استحلّ من فرجها» إلى غير ذلك ممّا يدلّ عليه. و أمّا كونه مهر المثل في العقد الدائم أو المنقطع، فقد عرفت ظهور كلمات القوم في الأوّل، ولكن لايخفى أنّ فيه ضرراً عظيماً في كثير من الفروض، فهل يلزم بتعلّق مهر كامل بوطي واحد للشبهة؟ مضافاً إلى أنّ الظاهر كون «الباء» في قوله: «بما استحلّ من فرجها» للمقابلة، كما أنّ «ما» في قوله: «بما استحلّ» تحتمل الموصولة و المصدريّة، فلايُترك الاحتياط بالمصالحة، ولكن على كلّ حال لابدّ من ملاحظة الأشخاص و تفاوتهم في ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 789

كانت الموطوئة مشتبهة و إن كان الواطي عالماً؛ و أمّا إذا كان بالتزويج ففي ثبوت المسمّى أو مهر المثل قولان؛ أقواهما الثاني (1). و إذا كان التزويج مجرّداً عن الوطي، فلا مهر أصلًا (2).

مسألة 14: مبدأ العدّة في وطي الشبهة المجرّدة عن التزويج حين الفراغ من الوطي (3)؛ و أمّا إذا كان مع التزويج، فهل هو كذلك أو من حين تبيّن الحال؟ وجهان؛ و الأحوط الثاني،

(1). الامام الخميني: محلّ تأمّل

الگلپايگاني: في كون الثاني أقوى تأمّل، و الأحوط المصالحة في التفاوت

مكارم الشيرازي: احتمال ثبوت المسمّى ضعيف جدّاً، لأنّ السبب للمهر هنا الوطي، لا العقد الفاسد، و يدلّ عليه أيضاً قوله: «بما استحلّ من فرجها» في غير واحد من روايات الباب؛ و أمّا إطلاق قوله: فلها المهر، لاينصرف إلى المهر المسمّى بأن يكون اللام للعهد، بل يمكن أن يكون للجنس، و المسألة تشبه ما يستفاد من قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و قد ذكر في محلّه أنّ الضمان هنا ضمان المثل، لا ضمان المسمّى (2). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه واضح، إلّاأنّه ورد في الباب 17، الحديث 21 ما يدلّ على النصف؛ ولكن هذه رواية متروكة عند الأصحاب و معارضة بما هو أكثر منه، و هي ما يستفاد من مفهوم حديث 7 و 8 (3). مكارم الشيرازي: بل الأحوط كون المبدأ حين التبيّن مطلقاً؛ و الأصل في كون المبدأ من حين الوطي أنّه السبب في العدّة، لكن يظهر من بعض الأخبار كونها بعد ظهور الحال، مثل الرواية 8 من الباب 16 من أبواب المصاهرة، فإنّ ظاهرها بقرينة قوله: «ثمّ تعتدّ» كون العدّة بعد ظهور الحال؛ و هكذا الرواية 11 و 12 و 14 من الباب 17 من أبواب المصاهرة؛ ولكن كلّها تدلّ على تداخل العدّتين الّذي قد عرفت أنّه خلاف المشهور و خلاف التحقيق؛ ثمّ إنّ هذه الروايات و إن كانت بأجمعها واردة في مورد اقتران الشبهة للتزويج، إلّاأنّ تأثير العقد الفاسد في ذلك غير معلوم، بل الملاك اتّخاذه فراشاً، فإلغاء الخصوصيّة منها غير بعيد. و ما ذكر في الجواهر من كون «وقت الاعتداد من الشبهة آخر وطيه، لا

وقت الانجلاء، لأنّ المراد حصول العلم ببرائة رحمها من ذلك الوطي الّذي هو في الحقيقة موجب للعدّة» و إن كان صحيحاً موافقاً لمقتضى القاعدة، لكن ظاهر ما عرفت من الروايات يدلّ على كون مبدأها من حين الانجلاء إذا كان مع العقد الفاسد، و يجوز إلغاء هذه الخصوصيّة منها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 790

بل لعلّه الظاهر من الأخبار (1).

مسألة 15: إذا كانت الموطوئة بالشبهة عالمة، بأن كان الاشتباه من طرف الواطي فقط، فلا مهر لها إذا كانت حرّة، إذ لا مهر لبغيّ؛ و لو كانت أمة ففي كون الحكم كذلك أو يثبت المهر لأنّه حقّ السيّد، وجهان (2)؛ لايخلو الأوّل منهما من قوّة (3).

مسألة 16: لايتعدّد المهر بتعدّد الوطي (4) مع استمرار الاشتباه؛ نعم، لو كان مع تعدّد الاشتباه، تعدّد (5).

مسألة 17: لا بأس بتزويج المرأة الزانية (6) غير ذات البعل (7) للزاني وغيره، و الأحوط (1). الخوئي: لكن معتبرة زرارة واضحة الدلالة على أنّ المبدأ من حين الفراغ من وطي الشبهة، و أنّ الاستبراء إنّما يكون بثلاثة قروء من حين الوطي (2). الامام الخميني: هنا وجه آخر لايبعد أن يكون أوجه منهما، و هو ثبوت عشر قيمتها للمولى إن كانت بكراً، و نصف العشر إن كانت ثيّباً (3). الگلپايگاني: بل الأقوى هو الثاني، إلّاإذا أذن المولى لها في المعصية (4). مكارم الشيرازي: لانصراف إطلاق قوله: «ما استحلّ من فرجها» إلى جنس الاستحلال، فلا تعدّد و لا تكرار؛ و لاستغراب وجوب المهر اللازم للعقد الدائم بتعدّد الوطي، فلو تعدّد مأة مرّة فيجب عليه مهر الدائم مأة مرّة، و هذا مقطوع البطلان لايمكن الالتزام به. و على كلّ حال، هذا البحث مبنيّ على ما يستفاد من ظاهر المشهور

من كون المهر مهر العقد الدائم؛ و أمّا بناءً على ما احتملناه سابقاً من كونه مهر المتعة، فلايبقى مجال لهذا البحث، بل هو تابع لمدّة الشبهة، و هذا من المؤيّدات لما ذكرناه قبلًا (5). الامام الخميني: محلّ تأمّل في بعض صوره، لكنّه أحوط مطلقاً و أقوى في بعض الصور (6). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالترك في المشهورة بالزنا؛ و الأولى ترك المصرّة على الزنا أيضاً، إلّاأن يعرف توبتها، و بها تخرج عن عنوان الزانية؛ و ذلك لما يبدو عن الآية الشريفة: «الزاني لاينكح إلّازانية ...» إلى قوله تعالى: «و حرّم ذلك على المؤمنين» ثمّ تحمل على المشهورة و المصرّة بقرينة ما ورد في تفسيره في الروايات، و كونها القدر المتيقّن، ولأنّ هذا هو مقتضى الجمع بين روايات الباب بعد ضمّ بعضها ببعض (فراجع ما ورد في الباب 11 و 12 و 13 من أبواب المصاهرة، و ما ورد في الباب 8 و 9 من المتعة). و الظاهر أنّها مع التوبة تخرج عن عنوان الزانية، كما عرفت، لزوال الوصف العنواني بها؛ كما أنّ عنوان الفاسق و الكذّاب و غيرها من أشباهها يزول بسبب التوبة (7). الخوئي: و في حكمها ذات العدّة الرجعيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 791

الأولى (1) أن يكون بعد استبراء رحمها (2) بحيضة من مائه أو ماء غيره إن لم تكن حاملًا، و أمّا الحامل فلا حاجة فيها إلى الاستبراء، بل يجوز تزويجها و وطيها بلا فصل؛ نعم، الأحوط (3) ترك تزويج المشهورة بالزنا إلّابعد ظهور توبتها، بل الأحوط ذلك بالنسبة إلى الزاني بها، و أحوط من ذلك ترك تزويج الزانية مطلقاً إلّابعد توبتها، و يظهر ذلك بدعائها إلى الفجور، فإن أبت ظهر توبتها.

مسألة 18: لاتحرم

الزوجة على زوجها بزناها وإن كانت مصرّة (4) على ذلك، و لايجب عليه أن يطلّقها.

مسألة 19: إذا زنى بذات بعل دواماً أو متعةً حرمت عليه أبداً (5)، فلايجوز له نكاحها بعد (1). الامام الخميني: لايُترك حتّى الإمكان

الخوئي: لايُترك الاحتياط في تزويج نفس الزاني (2). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط؛ و ذلك لظهور بعض ما دلّ عليه في الوجوب (فراجع 4/ 11 من أبواب المصاهرة) (3). الخوئي: هذا الاحتياط لايُترك (4). الگلپايگاني: لكن إذا صارت مشهورة يأتي فيها الاحتياط المذكور في المسألة السابقة، لعدم فرق بين الابتداء و الاستدامة بحسب الآية و الأخبار، فالأحوط اعتزالها بمجرّد الاشتهار و تجديد عقدها بعد التوبة مع عدم إرادة الطلاق، و إلّافالطلاق

مكارم الشيرازي: لايبعد جريان الاحتياط الّذي ذكرناه في المسألة السابقة في المشهورات بالزنا، هنا أيضاً؛ و عن غير واحد، الحرمة مطلقاً؛ و لعلّها مبنيّة على ما اختاروه في المسألة السابقة من الحرمة مطلقاً. و أمّا استدلال للحرمة بالروايات الواردة في الباب 6 من أبواب العيوب و التدليس، فيرد عليه أوّلًا: أنّها مقيّدة بما قبل الدخول، و ثانياً: أنّها ناظرة إلى كون الزنا الثابت بشهادة الشهود مع إجراء الحدّ، عيباً يجوز أن تردّ المرأة به، بل ظاهرها عدم الحاجة إلى الطلاق، فيكون فسخاً، بل ظاهر غير واحد منها عدم الصداق لها، لأنّ الحدث كان من قبلها، فإذن لا ربط لها بما نحن فيه من حكم صحّة النكاح لو أراد الرجل البقاء معها؛ فتدبّر (5). الخوئي: على الأحوط

مكارم الشيرازي: و العمدة فيه الأولويّة بالنسبة إلى الوطي بالشبهة مع ذات البعل، كما إذا نعى إليها زوجها فتزوّجها بعد عدّتها و دخل بها، ثمّ أتاها زوجها؛ و قد نصّ على ذلك في روايات

الباب 16 من أبواب المصاهرة، و أفتى به الأصحاب؛ فإذا كان الوطي بالشبهة مع العقد الفاسد عليها موجباً للتحريم، فالزنا بطريق أولى. و الظاهر أنّ مدرك المجمعين في المسألة أيضاً ذلك، و وجود العقد هنا غير مفيد بعد العلم بفساده و كونه لغواً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 792

موت زوجها أو طلاقه لها أو انقضاء مدّتها إذا كانت متعة. و لا فرق على الظاهر بين كونه حال الزنا عالماً بأنّها ذات بعل أو لا، كما لا فرق بين كونها حرّة أو أمة، و زوجها حرّاً أو عبداً، كبيراً أو صغيراً، و لا بين كونها مدخولًا بها من زوجها أو لا، و لا بين أن يكون ذلك بإجراء العقد عليها و عدمه بعد فرض العلم بعدم (1) صحّة العقد، و لا بين أن تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة؛ نعم، لو كانت هي الزانية و كان الواطي مشتبهاً فالأقوى (2) عدم الحرمة الأبديّة. و لايلحق بذات البعل الأمة المستفرشة و لا المحلّلة؛ نعم، لو كانت الأمة مزوّجة فوطئها سيّدها لم يبعد الحرمة الأبديّة عليه و إن كان لايخلو عن إشكال. و لو كان الواطي مكرهاً على الزنا، فالظاهر (3) لحوق الحكم و إن كان لايخلو عن إشكال (4) أيضاً.

مسألة 20: إذا زنى بامرأة في العدّة الرجعيّة حرمت عليه أبداً (5)، دون البائنة و عدّة الوفاة و عدّة المتعة و الوطي بالشبهة و الفسخ (6). و لو شكّ في كونها في العدّة أو لا، أو في العدّة الرجعيّة أو البائنة، فلا حرمة مادام باقياً على الشكّ؛ نعم، لو علم كونها في عدّة رجعيّة و شكّ في انقضائها و عدمه، فالظاهر الحرمة، خصوصاً إذا أخبرت هي بعدم الانقضاء؛ و لا

فرق بين أن يكون الزنا في القبل أو الدبر، و كذا في المسألة السابقة.

مسألة 21: من لاط بغلام فأوقب و لو بعض الحشفة (7)، حرمت عليه امّه أبداً و إن علت، (1). الگلپايگاني: يعني لو تزوّجها جاهلًا بكونها ذات بعل ثمّ انكشف له قبل الدخول و دخل بها يكون زناً، و أمّاإن دخل بها قبل الانكشاف فيدخل في المسألة التاسعة (2). الگلپايگاني: إن لم يكن عقد في البين، و إلّافيدخل في المسألة التاسعة (3). الامام الخميني: بل الأحوط (4). مكارم الشيرازي: بل منع و إن كان أحوط؛ و ذلك لانصراف الأدلّة عنه قطعاً و عدم إمكان دعوى الأولويّة هنا (5). الخوئي: على الأحوط (6). مكارم الشيرازي: في الاستثناء إشكال، لايُترك الاحتياط فيها بالترك؛ و ذلك لجريان الأولويّة بالنسبة إلى تزويج ذات العدّة الّذي مرّ حكمه في أوّل هذا الفصل؛ و إجراء العقد الفاسد عليها هناك لا أثر له، فتأمّل (7). الخوئي: الحكم بالحرمة في هذه الصورة مبنيّ على الاحتياط

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً؛ و الأقوى عدم الحرمة بمجرّد البعض، لعدم صدق عنوان الإيقاب و الثقب و الإتيان، الواردة في النصوص؛ و لا أقلّ من الشكّ فيه، و الأصل الحليّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 793

و بنته و إن نزلت، و اخته، من غير فرق بين كونهما كبيرين أو صغيرين (1) أو مختلفين. و لاتحرم على الموطوء امّ الواطي و بنته و اخته على الأقوى. و لو كان الموطوء خنثى (2)، حرمت امّها و بنتها على الواطي، لأنّه إمّا لواط أو زنا و هو محرّم إذا كان سابقاً، كما مرّ (3)؛ و الأحوط (4) حرمة المذكورات على الواطي و إن كان ذلك بعد التزويج (5)، خصوصاً إذا طلّقها (6) و

أراد تزويجها جديداً؛ و الامّ الرضاعيّة كالنسبيّة، و كذلك الاخت والبنت. و الظاهر (7) عدم الفرق في الوطي بين أن يكون عن علم و عمد واختيار، أو مع الاشتباه (8)، كما إذا تخيّله امرأته أو كان مكرهاً أو كان المباشر (9) للفعل هو المفعول. و لوكان الموطوء ميّتاً ففي التحريم إشكال (10). (1). الخوئي: الظاهر اختصاص الحكم بما إذا كان الواطئ كبيراً و الموطوء صغيراً

مكارم الشيرازي: اختصاص الحكم بما إذا كان الواطئ كبيراً قويّ، لأنّ النصوص مصرّحة بالرجل، و شموله للصغير ممنوع، و إلغاء الخصوصيّة هنا لا دليل عليه؛ و شمول الأحكام الوضعيّة للصغير و إن كان معلوماً، إلّاأنّ الإشكال هنا في إطلاق الدليل و شموله (2). الامام الخميني: و كان الوطي في دُبُرها (3). الخوئي: هذا من سهو القلم، و الصحيح: «كما يأتي»؛ ثمّ إنّه يأتي ما هو المختار من أنّ الزنا بالمرأة لايوجب تحريم امّها و بنتها إلّافي الخالة و العمّة، و عليه فلاتحرم امّ الخنثى و بنتها على الواطئ، لعدم إحراز كونه ذكراً

الگلپايگاني: بل كما يأتي

مكارم الشيرازي: يأتي الكلام فيه في المسألة (28) من المحرّمات بالمصاهرة (4). الامام الخميني: و إن كان الأقوى عدمها (5). الگلپايگاني: و قبل الدخول؛ و أمّا بعد الدخول فالأقوى عدم الحرمة، كما يأتي منه قدس سره

مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط مستحبّ، و يجوز تركه إلّاإذا طلّقها و أراد تزويجها، لعدم دليل يدلّ عليه، ما عدا مرسلة إبن ابي عمير (الحديث 2، من الباب 15 المصاهرة) و هو مضافاً إلى الإشكال فيها، معرض عنها عند المشهور، و قد ورد في غير واحد من الروايات: «إنّ الحرام لايحرّم الحلال»؛ ولكن لوطلّقها و أراد تزويجها جديداً، شمول الإطلاقات له غير

بعيد، فلايُترك الاحتياط فيها (6). الخوئي: لا بأس بترك الاحتياط في غير هذه الصورة (7). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (8). مكارم الشيرازي: لا دليل على الحرمة في الاشتباه و شبهه، بعد عدم شمول الإطلاقات لها و عدم إمكان إلغاء الخصوصيّة عنها، إلّامن طريق القياس الممنوع (9). الامام الخميني: على الأحوط في هذه الصورة إذا لم يتحقّق من الفاعل العمل (10). الخوئي: أظهره عدم التحريم

الامام الخميني: بل منع

مكارم الشيرازي: بل منع، لعدم إطلاق في الأدلّة من هذه الجهة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 794

ولو شكّ في تحقّق الإيقاب و عدمه، بنى على العدم. و لاتحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة، فلا بأس بنكاح ولد الواطي ابنةَ الموطوء أو اخته أو امّه و إن كان الأولى (1) الترك في ابنته.

[فصل من المحرّمات الأبديّة: التزويج حال الإحرام

[فصل من المحرّمات الأبديّة: التزويج حال الإحرام

لايجوز للمحرم أن يتزوّج امرأة محرمة أو محلّة، سواء كان بالمباشرة أو بالتوكيل مع إجراء الوكيل العقد حال الإحرام، سواء كان الوكيل محرماً أو محلًاّ و كانت الوكالة قبل الإحرام أو حاله (2)؛ و كذا لو كان بإجازة عقد الفضوليّ (3) الواقع حال الإحرام أو قبله، مع كونها حاله، بناءً على النقل، بل على الكشف (4) الحكميّ، بل الأحوط مطلقاً. و لا إشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة. و إن كان مع العلم بالحرمة حرمت الزوجة عليه أبداً؛ سواء دخل بها أو لا (5)، و إن كان مع الجهل بها لم تحرم عليه على الأقوى، دخل بها أو (1). الخوئي: ليس للأولويّة وجه يعتدّ به (2). مكارم الشيرازي: إذا كانت الوكالة مطلقة و لم تكن ناظرة إلى حال الإحرام إلّامن باب شمول العنوان، فالحكم بالحرمة الأبديّة حينئذٍ مشكل

جدّاً، لاسيّما مع جهل الوكيل بالإحرام؛ و ذلك لعدم إطلاق في روايات الباب، بعد عدم إقدام الموكّل على خصوص عنوان التزويج في حال الإحرام؛ فتأمّل. بل لقائل أن يقول: لو وكّله على التزويج في خصوص حال الإحرام، كانت الوكالة باطلة، و مع بطلانها لا أثر لهذه الوكالة الباطلة في التحريم (3). مكارم الشيرازي: لا وجه للاحتياط بالنسبة إلى الكشف الحقيقي؛ فإنّ معناه كون الإجازة كاشفة عن وقوع العقد و تحقّق الزوجيّة قبل الإحرام؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّ الحكم هنا لايختصّ بإحداث التزويج حال الإحرام، بل يشمل كلّ عمل له ربط بحدوث الزوجيّة مثل الإجازة على الكشف الحقيقي، و فيه منع واضح؛ ولكنّ الكلام بعد في صحّة الكشف الحقيقي (4). الامام الخميني: على الأحوط فيه (5). مكارم الشيرازي: قد يقال: إنّه إذا كان جاهلًا و دخل بها، حرمت أبداً أيضاً، كما عن الشيخ و ابن إدريس و السيّد أبي المكارم الشيرازي و غير واحد من قدماء الأصحاب. و الظاهر أنّ دليلهم عليه إطلاق الأخبار الدالّة على الحرمة (مثل الحديث 1 و 2، من الباب 15 من أبواب تروك الإحرام) و قيامها على تزويج ذات العدّة؛ لكنّ الأخير واضح الضعف، و الأخبار المطلقة مقيّدة بما دلّ على اعتبار العلم (مثل الحديث 1، من الباب 31 من المصاهرة؛ و ظاهره أنّه أخبار ثلاثة رواها زرارة و داود بن سرحان و أديم بيّاع الهروي) مع شهرة العمل بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 795

لم يدخل، لكنّ العقد باطل على أىّ حال. بل لو كان المباشر للعقد محرماً بطل و إن كان من له العقد محلًاّ. و لو كان الزوج محلًاّ و كانت الزوجة محرمة فلا إشكال في بطلان العقد، لكن هل يوجب

الحرمة (1) الأبديّة؟ فيه قولان؛ الأحوط الحرمة، بل لايخلو عن قوّة (2). و لا فرق في البطلان و التحريم الأبديّ بين أن يكون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة، و لا في النكاح بين الدوام و المتعة.

مسألة 1: لو تزوّج في حال الإحرام مع العلم بالحكم، لكن كان غافلًا عن كونه محرماً أو ناسياً له، فلا إشكال في بطلانه، لكن في كونه محرّماً أبداً إشكال، و الأحوط ذلك (3).

مسألة 2: لايلحق وطي زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الإحرام بالتزويج في التحريم الأبديّ، فلايوجبه و إن كان مع العلم بالحرمة و العقد.

مسألة 3: لو تزوّج في حال الإحرام و لكن كان باطلًا من غير جهة الإحرام كتزويج اخت الزوجة أو الخامسة، هل يوجب التحريم أو لا؟ الظاهر ذلك (4)، لصدق (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّ مناط الحكم في المسألتين واحد، لأنّ المذكور في الروايات ليس إلّاالمحرم، فإن كان محمولًا على الجنس يحمل عليه في كلا الحكمين و ذكر الرجل في بعض الأخبار يحمل على كونه من باب المثال و إن اخذ بالمتيقّن من المحرم و هو الرجل فالمتيقّن بطلان عقد المحرم دون المحرمة، و الأقوى ما في المتن كما صرّح به في الخلاف مستدلًاّ بالأخبار و الإجماع منه (2). مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط و إن كان القوّة محلّ إشكال (3). الخوئي: لا بأس بتركه

مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في عدم الحرمة؛ و ذلك لعدم صدق قوله: «المحرم إذا تزوّج و هو يعلم أنّه حرام عليه، لم تحلّ له أبداً» (الوارد في رواية 1، من الباب 31 من المصاهرة) عليه، لأنّ ظاهره العلم بالحرمة عليه فعلًا، و هو لايتمّ إلّابالعلم بالصغرى و الكبرى (الموضوع و

الحكم) معاً، فالاحتياط فيه مستحبّ (4). الخوئي: فيه إشكال، و الأظهر عدم التحريم، و قد مرّ منه قدس سره الإشكال في نظيره في الفصل السابق

مكارم الشيرازي: بل الظاهر عدم الحرمة، لانصراف أدلّتها إلى تزويج الصحيح من جميع الجهات، عدا كونه في الإحرام؛ سواء قلنا بالصحيح أو بالأعمّ، لأنّ الانصراف إلى صحيح ثابت على كلّ حال، فيبقى الحكم على مقتضى الأصل و هو الصحّة؛ و أمّا ما رواه حكم بن عيينة (الحديث 15، من الباب 17 من أبواب المصاهرة) فلا دخل له بالمقام

العروة الوثقى، ج 2، ص: 796

التزويج (1)، فيشمله (2) الأخبار؛ نعم، لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان، بحيث لايصدق عليه التزويج، لم يوجب.

مسألة 4: لو شكّ في أنّ تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله؟ بنى على (3) عدم كونه فيه، بل و كذا لو شكّ في أنّه كان في حال الإحرام أو بعده على إشكال (4)؛ و حينئذٍ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله أو حال الإحلال سابقاً أو لاحقاً قدّم قول من يدّعي الصحّة، من غير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما؛ نعم، لو كان محرماً و شكّ في أنّه أحلّ من إحرامه أم لا، لايجوز له التزويج، فإن تزوّج مع ذلك بطل و حرمت عليه (5) أبداً، كما هو مقتضى استصحاب بقاء الإحرام.

مسألة 5: إذا تزوّج حال الإحرام عالماً بالحكم و الموضوع، ثمّ انكشف فساد إحرامه، صحّ العقد و لم يوجب الحرمة؛ نعم، لو كان إحرامه صحيحاً فأفسده (6) ثمّ تزوّج، ففيه وجهان (7)؛ من أنّه قد فسد (8)، و من معاملته معاملة الصحيح في جميع أحكامه.

مسألة 6: يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعيّة، و كذا تملّك الإماء.

مسألة

7: يجوز للمحرم أن يوكّل محلًاّ في أن يزوّجه بعد إحلاله، و كذا يجوز له أن يوكّل (1). الگلپايگاني: و ربّما يستأنس ذلك ممّا رواه في التهذيب عن حكم بن عيينة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن محرم تزوّج امرأة في عدّتها قال عليه السلام: «يفرّق بينهما و لاتحلّ له أبداً» و إن كان الفرق بين المسألتين واضحاً (2). الامام الخميني: فيه إشكال (3). الامام الخميني: أي بنى على صحّته، و كذا فيما يتلوه على الأقوى (4). الخوئي: لكنّه ضعيف (5). الامام الخميني: مع علمه بالحرمة، و إنّما تكون الحرمة في الظاهر ما لم ينكشف الخلاف (6). الامام الخميني: لكنّه فرض غير واقع. و ما هو محلّ الكلام هو فساد الحجّ في بعض الموارد، لا فسادالإحرام، فإنّ الظاهر عدم فساده مع فساد الحجّ (7). الخوئي: أظهرهما الثاني فيما إذا كان الإفساد بجماع أو نحوه؛ و أمّا إذا كان بترك أعمال الحجّ أو العمرة بحيث لايتمكّن من الإتيان بها بعد ذلك، فالأظهر هو الأوّل (8). الگلپايگاني: هذا على القول بفساد الحجّ و فساد الإحرام بفساده؛ أمّا على القول بعدم فساد الحجّ، كما هو الظاهر من بعض الأخبار أو عدم فساد الإحرام بفساده، فالوجه الثاني هو المتعيّن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 797

محرماً في أن يزوّجه بعد إحلالهما.

مسألة 8: لو زوّجه فضوليّ في حال إحرامه لم يجز له إجازته في حال إحرامه. و هل له ذلك بعد إحلاله؟ الأحوط العدم (1) و لو على القول بالنقل، هذا إذا كان الفضوليّ محلًاّ، و إلّا فعقده باطل (2) لايقبل الإجازة و لو كان المعقود له محلًاّ.

[فصل في المحرّمات بالمصاهرة]

فصل في المحرّمات بالمصاهرة

و هي علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجيّة أو الملك

(3)، عيناً أو انتفاعاً، بالتحليل أو الوطي (4) شبهةً أو زنا أو النظر و اللمس في صورة مخصوصة.

مسألة 1: تحرم زوجة كلّ من الأب و الابن على الآخر فصاعداً في الأوّل و نازلًا في الثاني نسباً أو رضاعاً، دواماً أو متعةً بمجرّد العقد و إن لم يكن دخل. و لا فرق في الزوجين و الأب و الابن بين الحرّ و المملوك.

مسألة 2: لاتحرم مملوكة الأب على الابن و بالعكس مع عدم الدخول وعدم اللمس و النظر، و تحرم مع الدخول أو أحد الأمرين إذا كان بشهوة (5)، و كذا لاتحرم المحلّلة لأحدهما (1). الخوئي: لا بأس بتركه

الگلپايگاني: بل لايخلو عن قوّة

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالترك و إن كان للصحّة وجه؛ و ذلك لأنّ انتساب العقد إليه و تأثيره إنّما هو في زمان الإحلال، و مجرّد اجراء الصيغة في حال الإحرام لا أثر له؛ اللّهم إلّاأن يقال: النهي عن العقد حال الإحرام يشمله، لأنّ الصيغة من أركانه، كما أنّ الإجازة ركن آخر (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط، لما ثبت في محلّه من أنّ مجرّد إنشاء الفضوليّ لا أثر له و لايعدّ تزويجاً، فيمكن أن يقال بالصحّة؛ و من أنّ إنشاء الفضوليّ من الأركان، فوقع العقد في حال الإحرام و هو فاسد (3). الگلپايگاني: حدوث العلاقة المذكورة بمجرّد الملك عيناً أو انتفاعاً غير معلوم، و المتيقّن هو حدوثهابالوطي مملوكة كانت أو محلّلة و بالنظر و اللمس في المملوكة؛ نعم، في الزوجة تحدث بمجرّد الزوجيّة و إن كان التحريم في بعض المحرّمات مشروطاً بالدخول (4). مكارم الشيرازي: بناءً على تأثير جميع المذكورات في الحرمة؛ و سيأتي الكلام فيها إن شاء اللّه (5). الامام الخميني: على الأحوط، بل الأحوط

مطلق اللمس و النظر إلى ما لايحلّ لغير المالك

الگلپايگاني: بل و إن لم يكونا بشهوة على الأحوط، إلّاإذا كان النظر إلى ما لايحرم لغير المالك النظر إليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 798

على الآخر إذا لم تكن مدخولة (1).

مسألة 3: تحرم على الزوج امّ الزوجة و إن علت، نسباً أو رضاعاً، مطلقاً؛ و كذا بنتها و إن نزلت بشرط الدخول بالامّ، سواء كانت في حجره أو لا (2) و إن كان تولّدها بعد خروج الامّ عن زوجيّته. و كذا تحرم امّ المملوكة الموطوئة على الواطي و إن علت مطلقاً، و بنتها.

مسألة 4: لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر (3)، و تكفي الحشفة أو مقدارها (4)، و لايكفي الإنزال على فرجها من غير دخول وإن حبلت به. و كذا لا فرق بين أن يكون في حال اليقظة أو النوم، اختياراً أو جبراً، منه أو منها.

مسألة 5: لايجوز لكلّ من الأب و الابن وطي مملوكة الآخر من غير عقد و لا تحليل و إن لم تكن مدخولة له، و إلّاكان زانياً.

مسألة 6: يجوز للأب أن يقوّم مملوكة ابنه الصغير على نفسه و وطيها. و الظاهر إلحاق الجدّ بالأب و البنت بالابن و إن كان الأحوط خلافه. و لايعتبر إجراء (5) صيغة البيع (6) أو نحوه و إن كان أحوط (7)؛ و كذا لايعتبر كونه مصلحة للصبيّ؛ نعم، يعتبر عدم المفسدة؛ و كذا لايعتبر الملائة في الأب و إن كان أحوط.

مسألة 7: إذا زنى الابن بمملوكة الأب، حُدّ؛ و أمّا إذا زنى الأب بمملوكة الابن، فالمشهور عدم الحدّ عليه، و فيه إشكال (8). (1). الامام الخميني: و ملموسة و منظورة (2). مكارم الشيرازي: و ذكر التقييد بالحجور في كتاب

اللّه من باب القيد الغالبي الّذي لا مفهوم له؛ و في الحقيقة يقول اللّه تعالى: كيف تتزوّجون بهنّ و قد ربّين في حجوركم و صرن كبناتكم؟ دلّ على ذلك الروايات المتضافرة، مع الشهرة القريبة بالإجماع بين الفريقين (3). مكارم الشيرازي: على الأحوط، لاحتمال انصراف الإطلاقات إلى ما هو المتعارف من الدخول في القُبُل (4). الامام الخميني: كفاية المسمّى في مقطوع الحشفة لاتخلو من قوّة (5). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط فيه، بل اعتباره لايخلو من وجه (6). الامام الخميني: لكن يكون التقويم بعنوان التملّك في مقابل العوض (7). الخوئي: لايُترك الاحتياط فيه و فيما بعده (8). الخوئي: بل الظاهر ثبوت الحدّ عليه. ويظهر من المسالك في المسألة الرابعة من حدّ السارق المفروغيّة عن ترتّب حدّ الزاني على الأب لو زنى بجارية الابن

العروة الوثقى، ج 2، ص: 799

مسألة 8: إذا وطئ أحدهما مملوكة الآخر شبهةً، لم يُحَدّ، و لكن عليه مهر المثل؛ و لو حبلت، فإن كان الواطي هو الابن عتق الولد قهراً مطلقاً، و إن كان الأب لم ينعتق (1) إلّاإذا كان انثى؛ نعم، يجب (2) على الأب فكّه إن كان ذكراً.

مسألة 9: لايجوز نكاح بنت الأخ أو الاخت على العمّة و الخالة إلّابإذنهما (3)، من غير فرق بين الدوام والانقطاع و لا بين علم العمّة و الخالة و جهلهما؛ و يجوز العكس و إن كانت العمّة و الخالة جاهلتين بالحال على الأقوى.

مسألة 10: الظاهر عدم الفرق بين الصغيرتين (4) و الكبيرتين (5) و المختلفتين، و لا بين اطّلاع العمّة والخالة على ذلك و عدم اطّلاعهما أبداً، و لا بين كون مدّة الانقطاع قصيرة و لو ساعةً أو طويلة، على إشكال في بعض (6) هذه الصور (7)، لإمكان دعوى

انصراف الأخبار (8).

مسألة 11: الظاهر (9) أنّ حكم اقتران العقدين حكم سبق العمّة و الخالة (10). (1). الخوئي: الظاهر هو الانعتاق، كما صرّح به في المسألة الثامنة في فصل نكاح العبيد و الإماء (2). الامام الخميني: يحتاج إلى المراجعة (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه مضافاً إلى الشهرة المؤكّدة، الروايات الدالّة على وجوب التفريق بينهما لو تزوّج بدون الإذن (مثل الحديث 4 من الباب 30 من أبواب المصاهرة) و ما دلّ على بطلان النكاح (مثل الحديث 3، منه) و إلّافما دلّ على النهي يمكن حمله على الكراهة بقرينة بعض ما دلّ على الجواز (4). الگلپايگاني: في كفاية إجازة الوليّ في العمّة و الخالة الصغيرتين إشكال، فالأحوط ترك العقد و لو مع إجازة الوليّ (5). مكارم الشيرازي: لكن يشكل إجازة الوليّ في هذه المقامات؛ اللّهم إلّاأن يكون هناك ضرورة موجبة لفعل الوليّ (6). الامام الخميني: الأقوى التعميم (7). مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال فيها، لإطلاق الأدلّة. و التعبير بإجلال العمّة و الخالة في بعض روايات الباب، من قبيل الحكمة، لا العلّة، فلاينافي عموم الحكمة عدم وجودها في بعض الموارد (8). الگلپايگاني: دعوى الانصراف ممنوعة (9). الامام الخميني: فيه إشكال، بل الأشبه عكسه

الخوئي: فيه إشكال، و الاحتياط لاينبغي تركه

الگلپايگاني: لا منشأ لذلك الاستظهار؛ نعم، هذا الحكم مطابق للاحتياط (10). مكارم الشيرازي: لا دليل على البطلان هنا و إن كان أحوط؛ و ذلك لاختصاص الأدلّة بما إذا أوردهما على العمّة و الخالة، ماعدا بعض الروايات الضعيفة الدالّة على حرمة جمعهما؛ و إلغاء الخصوصيّة لايخلو عن إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 800

مسألة 12: لا فرق بين المسلمتين و الكافرتين و المختلفتين.

مسألة 13: لا فرق في العمّة و الخالة بين

الدنيا منهما و العليا.

مسألة 14: في كفاية الرضا الباطني منهما من دون إظهاره و عدمها و كون اللازم إظهاره بالإذن قولًا أو فعلًا وجهان (1).

مسألة 15: إذا أذنت ثمّ رجعت و لم يبلغه الخبر فتزوّج، لم يكفه الإذن السابق.

مسألة 16: إذا رجعت عن الإذن بعد العقد لم يؤثّر في البطلان.

مسألة 17: الظاهر كفاية إذنهما و إن كان عن غرور (2)، بأن وعدها أن يعطيها شيئاً فرضيت ثمّ لم يف بوعده، سواء كان بانياً على الوفاء حين العقد أم لا؛ نعم، لو قيّدت الإذن بإعطاء شي ء فتزوّج ثمّ لم يعط، كشف عن بطلان الإذن (3) و العقد وإن كان حين العقد بانياً على العمل به. (1). الامام الخميني: الأحوط الثاني

الخوئي: و الأوجه هو الأوّل

الگلپايگاني: أقواهما الأوّل في صورة العلم بالرضا و أحوطهما الثاني

مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط بالترك إذا لم تأذن؛ و ذلك لورود التقييد بالإذن في جميع روايات الباب، ماعدا واحدة، الّتي يتعارض فيها الصدر و الذيل، مضافاً إلى إمكان حملها على الإذن أيضاً (فراجع الباب 30 من أبواب المصاهرة) (2). مكارم الشيرازي: و الفرق بين الصورتين أنّه في الأوّل من قبيل الداعي، و في الثاني من قبيل الشرط المتأخّر، و من الواضح أنّ تخلّف الداعي لايوجب الفساد في العقود، ولكن تخلّف الشرط قد يوجب ذلك؛ و في الحقيقة هو من قبيل القرض بداعي المنفعة أو الإقراض من ناحية المستقرض في المستقبل، فإنّه لايوجب فساداً و لا ربا؛ بخلاف ما إذا اشترط ذلك في العقد؛ نعم، قد لايكون الشرط مذكوراً في متن الإذن، ولكنّه من قبيل ما تواطيا عليه، و فهم ذلك منوط بالعرف. و الظاهر أنّ الكشف هنا (أي كشف فساد العقد لو لم يعمل بالشرط) من قبيل الكشف

الحقيقي، أعني أنّه إذا تخلّف عن الشرط ينكشف أنّ الإذن الّذي هو من قبيل الإيقاع لم يكن من أوّل أمره موجوداً (3). الخوئي: لايتّصف الإذن بالصحّة و البطلان، فإنّه إمّا موجود أو معدوم، و لعلّه يريد بذلك عدم تحقّقه باعتبارعدم تحقّق المعلّق عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 801

مسألة 18: الظاهر (1) أنّ اعتبار إذنهما من باب الحكم الشرعيّ، لا أن يكون لحقّ منهما، فلايسقط بالإسقاط.

مسألة 19: إذا اشترط في عقد العمّة أو الخالة إذنهما في تزويج بنت الأخ أو الاخت، ثمّ لم تأذنا عصياناً منهما في العمل بالشرط، لم يصحّ العقد على إحدى البنتين، و هل له إجبارهما في الإذن؟ وجهان (2)؛ نعم، إذا اشترط عليهما في ضمن عقدهما أن يكون له العقد على ابنة الأخ أو الاخت، فالظاهر (3) الصحّة (4) و إن أظهرتا الكراهة بعد هذا.

مسألة 20: إذا تزوّجهما من غير إذن ثمّ أجازتا، صحّ على الأقوى (5). (1). الگلپايگاني: منشأ الاستظهار غير معلوم؛ نعم، مقتضى الاستصحاب عدم التأثير، لا الإسقاط (2). الخوئي: الظاهر هو جواز الإجبار، إلّاأنّه لايجدي، فإنّ الموضوع لصحّة العقد على بنت الأخ أو الاخت رضا العمّة أو الخالة و هو لايتحقّق به

الگلپايگاني: لو كان المعتبر الإذن الكاشف عن الرضا كما هو الظاهر، فلايتحقّق بالإجبار

مكارم الشيرازي: الأقوى هو العدم، لأنّ الإذن الّذي ينشأ من الرضا قلباً لايمكن فيه الإجبار؛ نعم، لو كان الشرط من قبيل الخياطة الّذي شرطها في عقد البيع، يمكن الإجبار عليه؛ و كذا غيره من الأفعال الخارجيّة (3). الگلپايگاني: الظاهر أنّ الشرط المذكور إن لم يقيّد بالرضا و لا بعدمه، يكون بمنزلة الإذن، فيصحّ العقد ما لم تظهر الكراهة (4). الامام الخميني: لو رجع الشرط إلى سقوط إذنه فالظاهر بطلان الشرط

الخوئي: بل

الظاهر الفساد، إلّاإذا رجع الاشتراط إلى اشتراط وكالته عنهما في الإذن

مكارم الشيرازي: بل الظاهر الفساد لو أظهرتا الكراهة، فإنّ اشتراط إذنهما من قبيل الحكم لا الحقّ، كما عرفت. ولايصحّ تغيير الأحكام بالشرط، لرجوعه إلى اشتراط ما يخالف الكتاب و السنّة؛ نعم، ظاهر هذا الشرط عند النكاح، إذنهما؛ فما دام لم ترجعا عنه، يصحّ العقد على إبنة الأخ أو الاخت، و إذا رجعتا لم يجز (5). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط عدم الاكتفاء به

مكارم الشيرازي: و قد يقال بالفساد، إمّا لأنّ المعتبر مقارنة الإذن للعقد، فلايكفي اللحوق؛ و إمّا لأنّ العقد يقع باطلًا بدون الإذن، فلايفيده لحوق الرضا؛ و إمّا لأنّه من قبيل ما نهى اللّه، فلايفيده الرضا بعده؛ كما ورد في حديث زرارة (الحديث 1، من الباب 24 من نكاح العبيد): «إنّه لم يعص اللّه و إنّما عصى سيّده، و إذا أجاز جاز» ولكن يرد على الأخير أنّه على خلاف المطلوب أدلّ، لأنّه من قبيل ما نهى عنه السيّد. و يرد ما قبله أنّ وقوعه باطلًا أوّل الكلام إذا لم نشترط المقارنة؛ فيبقى الأوّل، فهو اعتبار مقارنة الرضا للعقد، و هو ممنوع، لأنّه ليس بأقوى من إذن السيّد، بل إذن الزوجين؛ فإذا جاز الفضوليّ في أصل النكاح، فجوازه في هذا الشرط بطريق أولى؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 802

مسألة 21: إذا تزوّج العمّة و ابنة الأخ و شكّ (1) في سبق عقد العمّة أو سبق عقد الابنة، حكم بالصحّة؛ و كذا إذا شكّ في السبق و الاقتران، بناءً على البطلان مع الاقتران.

مسألة 22: إذا ادّعت العمّة أو الخالة عدم الإذن و ادّعى هو الإذن منهما، قدّم قولهما (2). و إذا كانت الدعوى بين العمّة و ابنة الأخ مثلًا في

الإذن و عدمه، فكذلك قدّم قول العمّة.

مسألة 23: إذا تزوّج ابنة الأخ أو الاخت و شكّ في أنّه هل كان عن إذن (3) من العمّة و الخالة أو لا؟ حمل فعله على الصحّة.

مسألة 24: إذا حصل بنتيّة الأخ أو الاخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل، و كذا إذا جمع بينهما في حال الكفر ثمّ أسلم (4) على وجه (5).

مسألة 25: إذا طلّق العمّة أو الخالة طلاقاً رجعيّاً، لم يجز تزويج أحد البنتين إلّابعد خروجهما عن العدّة، و لو كان الطلاق بائناً جاز من حينه.

مسألة 26: إذا طلّق أحدهما بطلاق الخلع جاز له العقد على البنت، لأنّ طلاق الخلع بائن. و إن رجعت في البذل لم يبطل العقد.

مسألة 27: هل يجري الحكم في المملوكتين و المختلفتين؟ وجهان؛ أقواهما العدم. (1). مكارم الشيرازي: هذا إذا لم يكن السبق و اللحوق من قبيل المسائل الاتّفاقيّة، و إلّافيشكل الصحّة؛ نظير ما إذا توضّأ غافلًا عن لبس الخاتم، ثمّ بعد الوضوء شكّ في جريان الماء تحته من باب التصادف (2). مكارم الشيرازي: و الوجه فيه أصالة عدم الإذن؛ و لا معنى هنا للتمسّك بأصالة الصحّة في فعل المدّعي، كما في نظائره، كمن باع مال غيره مدّعياً الوكالة و أنكر المالك ذلك، أو باع العين المرهونة مدّعياً الإذن فيه من المرتهن و أنكر المرتهن ذلك، فلاينبغي الشكّ في الحكم بالفساد ما لم تقم بيّنة على الإذن، و إلّالم يستقرّ حجر على حجر! (3). مكارم الشيرازي: إلّاإذا كان غافلًا بالمرّة و كانت الصحّة أمراً اتّفاقيّاً (4). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّه مبنيّ على استصحاب الصحّة، و هو غير جارٍ عندنا في الشبهات الحكميّة؛ مضافاً إلى احتمال تبدّل الموضوع؛ فتأمّل؛ اللّهم إلّاأن يقال بقصور الإطلاقات عن شمول المقام،

ولكنّه مشكل (5). الامام الخميني: فيه تأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 803

مسألة 28: الزنا الطاري على التزويج لايوجب الحرمة (1) إذا كان بعد الوطي، بل قبله أيضاً (2) على الأقوى؛ فلو تزوّج امرأة ثمّ زنى بامّها أو بنتها لم تحرم عليه امرأته. و كذا لو زنى الأب بامرأة الابن، لم تحرم على الابن. و كذا لو زنى الابن بامرأة الأب، لاتحرم على أبيه. و كذا الحال في اللواط الطاري على التزويج؛ فلو تزوّج امرأة و لاط بأخيها أو أبيها أو ابنها لم تحرم عليه امرأته، إلّاأنّ الاحتياط (3) فيه لايُترك (4). و أمّا إذا كان الزنا سابقاً على التزويج، فإن كان بالعمّة أو الخالة يوجب حرمة بنتيهما (5) و إن كان بغيرهما ففيه خلاف، و الأحوط التحريم، بل لعلّه لايخلو عن قوّة (6). و كذا الكلام في الوطي بالشبهة، فإنّه إن كان طارئاً لايوجب الحرمة، و إن كان سابقاً على التزويج أوجبها (7). (1). مكارم الشيرازي: إن قلنا أنّ الزنا السابق لايوجب نشر الحرمة و الفساد، كما سيأتي، فالطارئ بطريق أولى. هذا مضافاً إلى أنّ الحكم في الزنا الطارئ على التزويج إذا كان بعد الوطي، إجماعي؛ و أمّا بالنسبة إلى ما قبل الوطي، ففيه خلاف، لاختلاف الروايات في ذلك و إطلاق بعضها و تقييد الآخر، و مقتضى الجمع الحرمة؛ و لكنّها معارضة ببعض ما يخالفها (كالحديث 2، من الباب 4 من المصاهرة) ولكن على المختار يمكن حملها على تفاوت درجات الكراهة (2). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط فيما إذا كان الزنا قبل الوطي و كذا في اللواط الطارئ قبل الوطي (3). الگلپايگاني: إذا كان اللواط قبل الوطي؛ و أمّا إذا كان بعد الوطي فالأقوى عدم وجوب مراعاته (4). الامام الخميني:

لاينبغي تركه

الخوئي: لا بأس بتركه في غير ما إذا أراد التزويج بها ثانياً

مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (21) من الفصل السابق أنّ هذا الاحتياط مستحبّ (5). الخوئي: على الأحوط في بنت العمّة

مكارم الشيرازي: الحكم في بنت العمّة محلّ إشكال، ولكن لايُترك الاحتياط بالترك؛ و ذلك لاختصاص الأدلّة ببنت الخالة؛ اللّهم إلّابإلغاء الخصوصيّة، و هو محلّ إشكال أو منع (6). الخوئي: في القوّة إشكال، بل منع

الامام الخميني: في القوّة إشكال، و كذا في الوطي بالشبهة

مكارم الشيرازي: القوّة محلّ منع؛ بل الظاهر الجواز مع الكراهة، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط فيه؛ و ذلك لتعارض الروايات من الجانبين و وجود القائل بكليهما بين الأصحاب، بل و بين العامّة، و مقتضى الجمع الدلالي هو الجواز مع الكراهة (فراجع الباب 6 و 7 و 8 و 10 من أبواب المصاهرة) (7). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 804

مسألة 29: إذا زنى بمملوكة أبيه، فإن كان قبل أن يطأها الأب حرمت على الأب (1)، و إن كان بعد وطيه لها لم تحرم. و كذا الكلام إذا زنى الأب بمملوكة ابنه.

مسألة 30: لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل أو الدبر (2).

مسألة 31: إذا شكّ في تحقّق الزنا و عدمه، بني على العدم. و إذا شكّ في كونه سابقاً أو لا، بني على كونه لاحقاً (3).

مسألة 32: إذا علم أنّه زنى بأحد الامرأتين و لم يدر أيّتهما هي؟ وجب عليه الاحتياط (4) إذا كان لكلّ منهما امّ أو بنت؛ و أمّا إذا لم يكن لإحداهما امّ و لا بنت، فالظاهر جواز (5) نكاح الامّ أو البنت من الاخرى.

مسألة 33: لا فرق في الزنا بين كونه اختياريّاً أو إجباريّاً أو

اضطراريّاً (6)، و لا بين كونه في حال النوم (7) أو اليقظة، و لا بين كون الزاني بالغاً أو غير بالغ، و كذا المزنيّ بها، بل لو أدخلت الامرأة ذكر الرضيع في فرجها نشر الحرمة على إشكال (8)، بل لو زنى بالميتة فكذلك، على إشكال (9) أيضاً؛ و أشكل من ذلك لو أدخلت ذكر الميّت المتّصل. و أمّا لو أدخلت الذكر (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (2). مكارم الشيرازي: على الأحوط، و ذلك لإطلاق الأدلّة، مع إمكان الإشكال عليها بانصرافها إلى خصوص الزنا في القُبُل (3). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: بني على عدم كونه سابقاً، فإنّه مقتضى الأصل؛ و أمّا كونه لاحقاً، فلا أصل له، لعدم حجيّة أصالة تأخّر الحادث، بل لا حاجة إليه، كما لايخفى (4). الخوئي: في إطلاقه منع ظاهر (5). الامام الخميني: هذا إذا كانت المرأة زانية، لامشتبهة (6). الخوئي: نشر الحرمة بالزنا بالنسبة إلى الزاني نفسه في فرض الإكراه أو الاضطرار لايخلو من إشكال، بل منع (7). الخوئي: الظاهر عدم شمول الحكم لما إذا كان الواطئ نائماً، و ذلك لاعتبار الاختيار في مفهوم الزنا (8). مكارم الشيرازي: شمول الأدلّة لمثل هذا الفرض، بل و ما يأتي من الزنا بالميتة مشكل جدّاً؛ و أشكل من الجميع ما ذكره أخيراً من إدخال ذكر الميّت في فرجها و إن كان الأحوط ترك الجميع؛ و أمّا ما أفاده أخيراً من أنّ الظاهر عدم نشر الحرمة لو أدخلت الذكر المقطوع، فالأولى أن يقال: لاينبغي الشكّ في عدم نشر الحرمة حينئذٍ (9). الخوئي: قويّ جدّاً، بل الظاهر عدم النشر؛ و كذا الحال فيما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 805

المقطوع فالظاهر عدم النشر.

مسألة 34: إذا كان الزنا

لاحقاً فطلّقت الزوجة رجعيّاً، ثمّ رجع الزوج في أثناء العدّة لم يعدّ سابقاً حتّى ينشر الحرمة، لأنّ الرجوع إعادة الزوجيّة الاولى (1). و أمّا إذا نكحها بعد الخروج عن العدّة، أو طلّقت بائناً فنكحها بعقد جديد، ففي صحّة النكاح و عدمها وجهان؛ من أنّ الزنا حين وقوعه لم يؤثّر في الحرمة، لكونه لاحقاً فلا أثر له بعد هذا أيضاً، و من أنّه سابق بالنسبة إلى هذا العقد الجديد، و الأحوط النشر (2).

مسألة 35: إذا زوّجه رجل امرأة فضولًا فزنى بامّها أو بنتها (3)، ثمّ أجاز العقد، فإن قلنا بالكشف الحقيقيّ كان الزنا لاحقاً، و إن قلنا بالكشف الحكميّ (4) أو النقل كان سابقاً (5).

مسألة 36: إذا كان للأب مملوكة منظورة أو ملموسة له بشهوة، حرمت على ابنه، و كذا العكس على الأقوى فيهما، بخلاف ما إذا كان النظر أو اللمس بغير شهوة، كما إذا كان (6) للاختبار (7) أو للطّبابة أو كان اتّفاقيّاً، بل و إن أوجب شهوة أيضاً؛ نعم، لو لمسها لإثارة (1). الخوئي: بل الزوجيّة الاولى باقية حقيقةً، و الرجوع إبطال لأثر الطلاق (2). مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم النشر؛ و ذلك لأنّ ظاهر الأدلّة كون الحرمة الحاصلة من وطي الامّ أو البنت متّصلة بالوطي، لا أنّ الوطي الحاصل في زمن قبل ذلك ولو بسنين يؤثّر في حدوث الحرمة بعد الطلاق البائن؛ و الإنصاف أنّ الإطلاقات لا نظر لها إلى مثل ذلك، مضافاً إلى كونه في نفسه أمراً مستبعداً جدّاً (3). مكارم الشيرازي: لكنّ الإنصاف بطلان الكشف الحقيقي، كما ذكرنا في محلّه، فيكون العقد باطلًا؛ و قد يقال: إنّ الإجازة على الكشف الحقيقي أيضاً باطل، لأنّها فرع صدور عقد صحيح مع قطع النظر عن الإجازة،

و هو غير موجود بعد سبق الزنا، كما أنّه قد يقال بأنّ الكشف الحكمي يقتضي الحكم بسبق الزوجيّة على الزنا، فيكون صحيحاً؛ ولكنّ الإنصاف أنّ المراد بالكشف الحكمي ترتيب آثار العقد بذاته، لا بهذه الخصوصيّات الخارجة عنه (4). الامام الخميني: فيه تأمّل (5). الگلپايگاني: الحكم بسبق الزنا مخالف للكشف الحكميّ، لأنّ مقتضاه الحكم بسبق الزوجيّة، لكن لايُترك الاحتياط (6). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (7). الگلپايگاني: لايُترك الاحتياط فيما إذا تعمّد النظر إلى الفرج و لو للاختبار

العروة الوثقى، ج 2، ص: 806

الشهوة، كما إذا مسّ فرجها أو ثديها أو ضمّها لتحريك الشهوة، فالظاهر النشر.

مسألة 37: لاتحرم امّ المملوكة الملموسة و المنظورة على اللامس و الناظر على الأقوى و إن كان الأحوط الاجتناب، كما أنّ الأحوط اجتناب الربيبة الملموسة أو المنظورة امّها و إن كان الأقوى عدمه (1)، بل قد يقال: إنّ اللمس و النظر يقومان مقام الوطي في كلّ مورد يكون الوطي ناشراً للحرمة (2)، فتحرم الأجنبيّة الملموسة أو المنظورة شبهةً أو حراماً على الأب و الابن، و تحرم امّها و بنتها حرّةً كانت أو أمةً، و هو و إن كان أحوط، إلّاأنّ الأقوى خلافه. و على ما ذكر فتنحصر الحرمة في مملوكة كلّ من الأب و الابن على الآخر إذا كانت ملموسة أو منظورة بشهوة.

مسألة 38: في إيجاب النظر أو اللمس إلى الوجه و الكفّين إذا كان بشهوة نظر، و الأقوى العدم و إن كان هو الأحوط (3).

مسألة 39: لايجوز الجمع بين الاختين في النكاح، دواماً أو متعة، سواء كانتا نسبيّتين أو رضاعيّتين (4) [أو مختلفتين (5)]؛ (1). مكارم الشيرازي: ولكنّه مكروه، لشهادة روايات عديدة ناهية عنها محمولة على الكراهة، بشهادة قوله تعالى: «و ربائبكم

اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ» فإنّ ظاهرها تأثير الدخول مع أنّه مسبوق بالنظر و اللمس عادةً، فالحكم مستند إليهما على القول بتأثير النظر و اللمس (2). مكارم الشيرازي: ولكن لم يوجد له قائل به، و لا دليل، كما اعترف به غير واحد من أئمّة الفقه؛ فالاحتياط فيه أيضاً ضعيف. و مثل هذه المسألة مع شدّة الابتلاء بها بين الناس، لو كان لبان و اشتهر غايةالاشتهار، وحرّمت كثير من النساء على كثير من الرجال؛ وهذا دليل آخر على ضعف الاحتياط المذكور (3). الامام الخميني: لايُترك في اللمس بشهوة

الخوئي: لايُترك الاحتياط في اللمس

الگلپايگاني: لايُترك في اللمس (4). الگلپايگاني: في بعض الكتب الغير المصحّحة كتبت بعد «الرضاعيّتين» كلمة: «أو مختلفتين» لكن في النسخة الّتي عندي لم تكن تلك الكلمة و هي مصحّحة في عصر المصنّف قدس سره و بمرآه (5). الامام الخميني: كرضيعة من لبن فحل مع بنته النسبيّة الّتي لم ترتضع من لبنه، فهما اختان مختلفتا الانتساب لم تحصل اختيّتهما بالرضاعة و لا بالنسب، بل بهما على الاختلاف

الخوئي: يريد بذلك ما إذا كانت الاختيّة بين المرأتين ناشئة من ولادة إحداهما و ارتضاع الاخرى

مكارم الشيرازي: الاختيّة من الامور المتضايفة المتساوية، فلايتصوّر الاختلاف فيها؛ فلو كانت إحداهما اختاً رضاعيّاً، كانت نسبة الاخرى إليها أيضاً كذلك؛ و لا معنى لكون انتساب إحداهما إلى الاخرى بالنسب، و الاخرى إليه بالرضاع، و لذا ضرب على هذه الكلمة (مختلفتين) في بعض النسخ. و ما قيل في توجيهه في بعض الحواشي من أنّه يريد بذلك ما إذا كانت الاختيّة بين المرأتين ناشئة من ولادة إحداهما و ارتضاع الاخرى، كما ترى؛ فإنّه من مصاديق الاختين الرضاعيّتين بلا إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 807

و كذا لايجوز

(1) الجمع بينهما في الملك مع وطيهما، و أمّا الجمع بينهما في مجرّد الملك من غير وطي فلا مانع منه. و هل يجوز الجمع بينهما في الملك مع الاستمتاع بما دون الوطي، بأن لم يطأهما أو وطئ إحداهما و استمتع بالاخرى بما دون الوطي؟ فيه نظر؛ مقتضى بعض النصوص (2) الجواز، و هو الأقوى (3)، لكنّ الأحوط العدم.

مسألة 40: لو تزوّج بإحدى الاختين و تملّك الاخرى، لايجوز له وطي المملوكة إلّابعد طلاق المزوّجة وخروجها عن العدّة إن كانت رجعيّة؛ فلو وطئها قبل ذلك فعل حراماً، لكن لاتحرم عليه الزوجة بذلك و لايحدّ حدّ الزنا بوطي المملوكة، بل يعزّر، فيكون حرمة وطيها كحرمة وطي الحائض.

مسألة 41: لو وطى ء إحدى الاختين بالملك، ثمّ تزوّج الاخرى، فالأظهر (4) بطلان التزويج؛ و قد يقال بصحّته و حرمة وطي (5) الاولى، إلّابعد طلاق الثانية.

مسألة 42: لو تزوّج باحدى الاختين ثمّ تزوّج بالاخرى، بطل عقد الثانية؛ سواء كان بعد وطي الاولى أو قبله. و لايحرم بذلك وطي الاولى وإن كان قد دخل بالثانية؛ نعم، لو دخل بها مع الجهل بأنّها اخت الاولى، يكره له وطي الاولى قبل خروج الثانية عن العدّة، بل قيل: يحرم، للنصّ الصحيح، و هو الأحوط (6). (1). الامام الخميني: ما لايجوز هو وطيهما بالملك، لا جمعهما فيه مع وطيهما (2). الخوئي: النصّ الوارد في المقام ضعيف جدّاً (3). الخوئي: في القوّة إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: محلّ تأمّل (5). الگلپايگاني: مستندها غير واضح، بل مقتضى الاستصحاب حليّة وطي الاولى و حرمة وطي الثانية و لو على فرض صحّة النكاح بعد العلم بحرمة الجمع في الوطي و عدم معيّن لإحداهما (6). الخوئي: لايُترك، بل هو الأظهر

الامام الخميني، الگلپايگاني:

لايُترك

مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، لأنّ إعراض المشهور عن سند هذا النصّ غيرثابت، بل لعلّهم أعرضوا عن دلالته، بقرينة العمومات؛ مضافاً إلى أنّه عمل جماعة من القدماء بمضمونه، كما حكي عنهم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 808

مسألة 43: لو تزوّج بالاختين و لم يعلم السابق و اللاحق، فإن علم تاريخ أحد العقدين، حكم بصحّته (1) دون المجهول، و إن جهل تاريخهما حرم عليه وطيهما (2) و كذا وطي إحداهما، إلّابعد طلاقهما أو طلاق الزوجة الواقعيّة منهما ثمّ تزويج من شاء منهما بعقد جديد بعد خروج الاخرى عن العدّة، إن كان دخل بها أو بهما. و هل يجبر على هذا الطلاق دفعاً لضرر الصبر (3) عليهما؟ لايبعد ذلك (4)، لقوله تعالى: «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».

و ربّما يقال بعدم وجوب الطلاق عليه و عدم إجباره، و أنّه يعيّن بالقرعة، و قد يقال: إنّ الحاكم يفسخ نكاحهما (5). ثمّ مقتضى العلم الإجمالي بكون إحداهما زوجة، وجوب الإنفاق (1). الخوئي: فيه إشكال، بل منع، و ذلك لما بنينا عليه من معارضة الاستصحابين في أمثال المقام (2). مكارم الشيرازي: و قد يقال هنا بالقرعة، كما مال إليها في الجواهر، ولكنّه بعيد جدّاً، لما ذكرناه في محلّه من أنّ مورد القرعة هو ما إذا لم يمكن الاحتياط و لا غيره، و إلّالم يكن من الأمر المشكل، و لذا لايرجع إلى القرعة في شي ء من موارد الاحتياط؛ نعم، لو لم يكن هناك طريق إلى طلاقهما ثمّ اختيار من شاء منهما، أمكن القول بالقرعة، ولكن طريق الطلاق طريق واسع (3). الگلپايگاني: بل فراراً عن ترك الواجب المبتلى به، حيث يعلم إجمالًا بوجوب الاضطجاع عليه في كلّ أربعة ليال و وجوب الوطي في كلّ أربعة أشهر، و لايتمكّن من

أداء الواجب و لاللتخلّص منه إلّابالطلاق (4). الامام الخميني: الأقرب هو الرجوع إلى القرعة في تعيين السابق منهما، فتسقط الاحتمالات اللاحقة؛ و كذا الحال في الرجوع إلى القرعة في نظائر المقام، إلّابعض الموارد النادرة ممّا خرج عنها بالنصّ، فحينئذٍ تستعمل بالنسبة إلى المهر لو طلّقها. و ما هو المعروف بين المتأخّرين من الإشكال في أدلّة القرعة، قد فرغنا عن جوابه في محلّه، و أنّه ممّا لا أساس له، وأمّا الآية الشريفة الّتي تمسّك بها في المتن فهي غير مربوطة بالمسألة و إن تمسّك بها العلّامة أيضاً

الخوئي: لا دليل عليه، و الآية الكريمة على ما فُسّرت راجعة إلى النفقة، فإذن ينتهي الأمر إلى القرعة

مكارم الشيرازي: بناءً على عموم (لاضرر) و شموله لأمثال المقام، كما هو الأقوى؛ و قد يقال بأنّ إجباره على الطلاق ناشٍ عن تركه الواجب عليه لو لم يطلّقهما، من وجوب القسم و وجوب الوطي في كلّ أربعة أشهر، كما أشار إليه في القواعد على ما حكي عنه؛ ولكنّه فرع وجوب إعدام الموضوع فيما دار الأمر بين المحذورين؛ وأمّا القول بالقرعة هنا، كما ذكره بعضهم، فقد عرفت أنّ المقام ليس من موارد القرعة بعد وجود طريق آخر لحلّ الأمر المشكل؛ و على هذا الوجه، لو صبرتا، لم يكن دليل على جواز إجباره على الطلاق (5). مكارم الشيرازي: المراد من فسخ الحاكم هو طلاقه ولايةً عن الزوج، و إلّالا معنى للفسخ هنا؛ هذا، و طلاق الحاكم لا وجه له أيضاً عند إمكان إجبار الزوج بالطلاق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 809

عليهما (1) ما لم يطلّق، و مع الطلاق قبل الدخول نصف المهر لكلّ منهما، و إن كان بعد الدخول فتمامه. لكن ذكر بعضهم أنّه لايجب عليه إلّانصف المهر (2)

لهما، فلكلّ منهما الربع في صورة عدم الدخول و تمام أحد المهرين لهما في صورة الدخول (3)؛ و المسألة محلّ إشكال كنظائرها من العلم الإجمالي في الماليّات.

مسألة 44: لو اقترن عقد الاختين، بأن تزوّجهما بصيغة واحدة أو عقد على إحداهما و وكيله على الاخرى في زمان واحد، بطلا معاً. و ربّما يقال بكونه مخيّراً (4) في اختيار أيّهما شاء، (1). مكارم الشيرازي: و لايجوز تقسيم إنفاق واحد عليهما كالمهر فيما سيأتي إن شاء اللّه؛ و ذلك لأنّ إقدامه على إبقاء الزوجيّة موجب لوجوب الإنفاق عليهما معاً بمقتضى العلم الإجمالي من دون مانع (2). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لأنّ المقام من مقامات التنصيف و إجراء قاعدة العدل و الإنصاف. ولكن في صورة الدخول يجب عليه مهر المثل لكلّ واحد منهما قطعاً، بمقتضى الدخول؛ و إنّما الكلام في زيادة المسمّى على المثل، فهي الّتي يجب تنصيفها على قول هذا البعض، وقد عرفت أنّه الأقوى، و العجب أنّه لم يشر عليه في المتن، مع أنّ وجوب مهر المثل في الدخول من الواضحات عندهم؛ ثمّ إنّه لو اختلف المسمّى، فهل يقرع، أو يؤخذ نصفاً من كلّ منهما؟ الظاهر هو الثاني؛ فلو كان أحدهما مأة و الآخر مأتين، يعطى نصف المأتين لصاحب المأتين و نصف المأة لصاحب المأة، و لايجمع بينهما ثمّ ينصف، لأنّ ذلك قد يوجب أخذ أحدهما أزيد ممّا هو تمام مهر المسمّى؛ فتدبّر جيّداً (3). الخوئي: إذا فرض الدخول فيهما معاً وجب عليه تمام المهر لكلّ منهما، غاية الأمر أنّ أحد المهرين مهرالمثل و الآخر مهر المسمّى، و تعيين ذلك إنّما هو بالقرعة؛ و كذا الحال في فرض عدم الدخول، فإنّ نصف المهر يتعيّن بالقرعة (4). الخوئي: لاتبعد

صحّة هذا القول، فإنّ الرواية صحيحة و ظاهرة الدلالة و قد عمل بها جماعة من الأصحاب، فلا وجه لحملها على خلاف ظاهرها، هذا في الصورة الاولى؛ و أمّا الصورة الثانية فلاتبعد صحّة عقد نفسه فيها، و بما ذكرنا يظهر ما في الحكم ببطلانهما في فرض الشكّ في السبق و الاقتران، و عليه فإن كان محتمل السبق عقد إحداهما معيّنة فيؤخذ به، و إن كانت غير معيّنة فالمرجع هو القرعة لتعيين السبق و الاقتران

مكارم الشيرازي: ولكنّ القول بالتخيير ضعيف؛ و ذلك لأنّ الرواية المذكورة (الحديث 1 و 2، من الباب 25 من أبواب المصاهرة) مرويّة في الكافي و التهذيب و الفقيه، ولكنّها في الأوّلين مرسلة و الأخير مسندة بأسناد صحيحة، كلّها تنتهي إلى الجميل، و الظاهر أنّها رواية واحدة، و من المستبعد جدّاً أن يكون جميل سمعها تارةً بلا واسطة عن المعصوم عليه السلام و اخرى مع الواسطة بعبارة واحدة بعينها؛ فالظاهر وقوع الاشتباه في أحد الكتابين، إمّا الفقيه و إمّا الكافي؛ ولو اخذ بأصالة عدم الزيادة و رجّح على أصالة عدم النقيصة، كان الأقوى إرسال الرواية؛ هذا مضافاً إلى فتوى المشهور بخلافها، لاسيّما بالنسبة إلى ما ورد في ذيلها من العقد على خمس زوجات؛ فتأمّل. و الإنصاف أنّه مع ذلك يشكل الاعتماد عليها و الفتوى بها مع مخالفتها للقواعد، و العجب أنّ الكليني؛ رواها في باب الجمع بين الاختين مرسلةً (الحديث 3) و في الباب الّذي عنده أربع نسوة مسندةً (الحديث 5)

العروة الوثقى، ج 2، ص: 810

لرواية محمولة على التخيير بعقد جديد (1). و لو تزوّجهما و شكّ في السبق (2) و الاقتران، حكم ببطلانهما أيضاً (3).

مسألة 45: لو كان عنده اختان مملوكتان فوطئ إحداهما

حرمت عليه الاخرى حتّى تموت الاولى، أو يخرجها عن ملكه ببيع أو صلح أو هبة أو نحوهما و لو بأن يهبها من ولده، و الظاهر كفاية التمليك الّذي له فيه الخيار و إن كان الأحوط اعتبار لزومه، و لايكفي على الأقوى ما يمنع من المقاربة مع بقاء الملكيّة كالتزويج للغير و الرهن و الكتابة و نذر عدم المقاربة و نحوها؛ و لو وطئها من غير إخراج للُاولى لم يكن زنا (4)، فلايحدّ و يلحق به الولد؛ نعم، يعزّر.

مسألة 46: إذا وطئ الثانية بعد وطي الاولى حرمتا عليه مع علمه بالموضوع و الحكم؛ و حينئذٍ فإن أخرج الاولى عن ملكه حلّت الثانية مطلقاً و إن كان ذلك بقصد الرجوع إليها، و إن أخرج الثانية عن ملكه يشترط في حليّة الاولى أن يكون إخراجه لها لا بقصد الرجوع إلى الاولى، و إلّالم تحلّ. و أمّا في صورة الجهل بالحرمة موضوعاً أو حكماً، فلايبعد بقاء الاولى على حليّتها و الثانية على حرمتها و إن كان الأحوط عدم حلّية الاولى إلّابإخراج الثانية و لو كان بقصد الرجوع إلى الاولى، و أحوط من ذلك كونها كصورة العلم.

مسألة 47: لو كانت الاختان كلتاهما أو إحداهما من الزنا، فالأحوط لحوق الحكم من (1). الگلپايگاني: و مع ذلك، الأحوط له اختيار إحداهما ثمّ الطلاق إذا أراد التسريح و العقد الجديد عليها إذاأراد الإمساك (2). الامام الخميني: مع الجهل بتاريخهما (3). مكارم الشيرازي: إذا جهل تاريخهما؛ و أمّا لو علم تاريخ أحدهما و جهل الاخرى، حكم بصحّة معلوم التاريخ (4). الگلپايگاني: المسألة محلّ إشكال، لأنّ الجمع بين الاختين المملوكتين بالوطي إذا كان حراماً فيكون وطي اخت المملوكة الموطوئة نظير وطي امّها و لا أظنّ أحداً أن لايحكم

بأنّه زنا، و لكن مع ذلك «الحدود تدرأ بالشبهات»

العروة الوثقى، ج 2، ص: 811

حرمة الجمع بينهما في النكاح و الوطي إذا كانتا مملوكتين.

مسألة 48: إذا تزوّج بإحدى الاختين ثمّ طلّقها طلاقاً رجعيّاً، لايجوز له نكاح الاخرى إلّا بعد خروج الاولى عن العدّة؛ و أمّا إذا كان بائناً، بأن كان قبل الدخول أو ثالثاً أو كان الفراق بالفسخ لأحد العيوب أو بالخلع أو المباراة، جاز له نكاح الاخرى. و الظاهر عدم صحّة رجوع الزوجة في البذل بعد تزويج اختها، كما سيأتي في باب الخلع إن شاء اللّه؛ نعم، لو كان عنده إحدى الاختين بعقد الانقطاع و انقضت المدّة، لايجوز له على الأحوط نكاح اختها في عدّتها (1) و إن كانت بائنة، للنصّ الصحيح. و الظاهر أنّه كذلك إذا وهب مدّتها و إن كان مورد النصّ انقضاء المدّة.

مسألة 49: إذا زنى بإحدى الاختين جاز له نكاح الاخرى في مدّة استبراء الاولى. و كذا إذا وطئها شبهةً، جاز له نكاح اختها في عدّتها، لأنّها بائنة؛ نعم، الأحوط اعتبار الخروج عن العدّة، خصوصاً (2) في صورة كون الشبهة من طرفه و الزنا من طرفها، من جهة الخبر (3) الوارد في تدليس الاخت الّتي نامت في فراش اختها بعد لبسها لباسها. (1). مكارم الشيرازي: الحقّ جواز ترك هذا الاحتياط؛ و ذلك لأنّ النصّ الصحيح الدالّ عليه (الحديث 1، من الباب 27 من أبواب المصاهرة) معرض عنه عند أكثر أصحاب، مضافاً إلى معارضته بما يستفاد من أدلّة الجواز في العقد الدائم؛ فإنّ قوله: إذا برئت عصمتها و لم يكن له عليها رجعة، فله أن يخطب اختها (الحديث 1، من الباب 28 من أبواب المصاهرة) الّذي هو كالتعليل، يدلّ على الجواز في المتعة أيضاً

بعد انقضاء الأجل؛ و تخصيص مثل هذا التعليل بحديث يونس و ابن سعيد، ليس بأولى من حمله على الكراهة، كما مال إليه في الجواهر في بعض كلماته، لاسيّما مع معارضته للُاصول، كما ذكره في السرائر؛ نعم، لاينبغي ترك الاحتياط في أمثال المقام. و قد يتوهّم في المقام جواز التمسّك بالأولويّة، فإنّه إذا جاز ذلك في العقد الدائم بعد الطلاق، يجوز في المتعة بعد تمام المدّة بطريق أولى؛ ولكنّ الإنصاف أنّ الأولويّة غير ثابتة، بل الأمر على العكس (2). الخوئي: لم يظهر وجه للخصوصيّة (3). الامام الخميني: هو صحيحة بريد العجلي، و هي غير مربوطة بالمقام، بل يمكن دعوى إشعارها بخلاف ما ذكره؛ نعم، الأحوط ترك وطي الاخت الّتي هي زوجته مع وطي اختها المدلّسة، للصحيحة

الخوئي: الخبر صحيح، و مثله صحيح زرارة بن أعين في الدلالة على هذا الحكم و إن كان مورده غير صورة التدليس

مكارم الشيرازي: فيه إشكال؛ و المراد من الخبر هو خبر بريد العجلي (الحديث 1، من الباب 9 من أبواب التدليس) و لا دخل له بما نحن بصدده، فإنّ الكلام إنّما هو في التزويج بعد وطي الشبهة بالاخت، و في مورد الخبر التزويج وقع قبله، و إنّما نهى عن وطيها قبل تمام عدّة الاخرى؛ اللّهم إلّاأن يتمسّك بالأولويّة، ولكنّ العمدة أنّ الرواية معرض عنها عند الأصحاب، كما قيل، و الأولويّة غير ثابتة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 812

مسألة 50: الأقوى جواز الجمع بين فاطميّتين على كراهة (1). و ذهب جماعة من الأخباريّة إلى الحرمة و البطلان بالنسبة إلى الثانية، و منهم من قال بالحرمة دون البطلان.

فالأحوط الترك. و لو جمع بينهما فالأحوط طلاق الثانية أو طلاق الاولى (2) و تجديد العقد على الثانية بعد

خروج الاولى عن العدّة و إن كان الأظهر على القول بالحرمة عدم البطلان، لأنّها تكليفيّة، فلاتدلّ على الفساد. ثمّ الظاهر عدم الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطميّاً أو لا، كما أنّ الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطميّة من طرف الأبوين أو الأب، فلاتجري في المنتسب إليها- صلوات اللّه عليها- من طرف الامّ، خصوصاً إذا كان انتسابها إليها بإحدى الجدّات العاليات. و كيف كان، فالأقوى عدم الحرمة و إن كان النصّ الوارد في المنع صحيحاً (3) على ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن (1). مكارم الشيرازي: و ممّا يبعد الحرمة، أنّه لم يقل بها أحد من أصحابنا المتقدّمين و لا المتأخّرين منهم، بل لم يفت بالكراهة أيضاً (كما ذكره في الجواهر) و إنّما نشأ القول بالحرمة من زمن بعض متأخّري المحدّثين؛ هذا مع أنّ المسألة كانت موضعاً للابتلاء في الصدر الأوّل، لاسيّما بين الهاشميّين؛ هذا مضافاً إلى أنّ دليلها و هو مصحّحة حمّاد (الحديث 1، من الباب 40 من أبواب المصاهرة) و إن كانت عن طريق الشيخ مرسلة مضمرة، ولكنّ الظاهر أنّها من طريق الصدوق صحيحة؛ ولكنّ الكلام في دلالتها، فإنّ قوله: «إنّ ذلك يبلغها فيشقّ عليها» يناسب الكراهة، فليس كلّما يشقّ عليهم- صلوات اللّه عليهم أجمعين- حراماً، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يشقّ عليه حرمان الجار جاره المسلم و عدم عيادة مرضاهم و عدم الحضور لجماعتهم و ترك مساعدتهم، مع أنّ ذلك كلّه يكون غالباً من قبيل ترك المستحبّات أو فعل المكروهات؛ نعم، إذا كان مصداقاً للإيذاء، حرم قطعاً، ولكنّ المقام ليس منه قطعاً؛ هذا، ولو فرض القول بالحرمة، لكانت الحرمة تكليفيّة بلا إشكال، كما صرّح

به بعض (2). مكارم الشيرازي: هذا الحكم مشكل جدّاً، لأنّ طلاقها قد يشقّ عليها عليها السلام أكثر ممّا يحصل من بقائها على زوجتها، كما لايخفى؛ و هذا الاحتياط ممّا لاينبغي العمل به، إلّافي موارد خاصّة (3). الخوئي: النصّ غير صحيح، لأنّ في سنده محمّد بن علي ماجيلويه و هو لم يوثّق، و مجرّد كونه شيخاًللصدوق لايدلّ على وثاقته، و عليه فالحكم بالكراهة مبنيّ على قاعدة التسامح

العروة الوثقى، ج 2، ص: 813

حمّاد، قال: «سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول: لايحلّ لأحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة عليها السلام؛ إنّ ذلك يبلغها فيشقّ عليها، قلت: يبلغها؟ قال عليه السلام: اي واللّه» و ذلك لإعراض المشهور عنه مع أنّ تعليله ظاهر في الكراهة، إذ لانسلّم أنّ مطلق كون ذلك شاقّاً عليها إيذاء لها، حتّى يدخل في قوله صلى الله عليه و آله: «من آذاها فقد آذاني».

مسألة 51: الأحوط ترك تزويج الأمة دواماً مع عدم الشرطين (1)، من عدم التمكّن من المهر للحرّة و خوف العنت بمعنى المشقّة أو الوقوع في الزنا، بل الأحوط (2) تركه متعةً أيضاً و إن كان القول بالجواز فيها غير بعيد (3)؛ و أمّا مع الشرطين فلا إشكال في الجواز، لقوله تعالى:

«و من لم يستطع» إلى آخر الآية؛ و مع ذلك، الصبر أفضل في صورة عدم خوف الوقوع في الزنا، كما لا إشكال في جواز وطيها بالملك، بل وكذا بالتحليل، و لا فرق بين القنّ و غيره؛ نعم، الظاهر جوازه في المبعّضة (4)، لعدم صدق الأمة عليها و إن لم يصدق الحرّة أيضاً.

مسألة 52: لو تزوّجها مع عدم الشرطين فالأحوط طلاقها. و لو حصلا بعد التزويج جدّد نكاحها إن أراد على الأحوط.

مسألة 53: لو

تحقّق الشرطان فتزوّجها ثمّ زالا أو زال أحدهما، لم يبطل، ولايجب الطلاق.

مسألة 54: لو لم يجد الطَّول أو خاف (5) العنت، و لكن أمكنه الوطي بالتحليل أو بملك اليمين، يشكل جواز التزويج.

مسألة 55: إذا تمكّن من تزويج حرّة لايقدر على مقاربتها لمرض أو رتق أو قرن أو (1). مكارم الشيرازي: قد صرّفنا النظر عن التعليق على هذه المسألة إلى الفصل الآتي في العقد و أحكامه، نظراً إلى عدم الابتلاء بأحكام العبيد و الإماء في أيّامنا هذه؛ فكان تركها و الاشتغال بما هو أهمّ، أولى (2). الامام الخميني: لايُترك (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع

الگلپايگاني: مستند التفصيل بين المتعة والدوام غير معلوم (4). الامام الخميني: فيه تأمّل

الگلپايگاني: بل الظاهر أنّ المبعّضة في حكم الأمة من جهة مملوكيّة بعضها (5). الگلپايگاني: الظاهر أنّ كلمة «أو» اشتباه من الناسخ، و الصحيح: «و خاف» لكن مع التمكّن من وطي الأمةبالملك أو التحليل ينتفي موضوع خوف العنت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 814

صغر أو نحو ذلك، فكما لم يتمكّن. و كذا لو كانت عنده واحدة من هذه، أو كانت زوجته الحرّة غائبة.

مسألة 56: إذا لم تكفه في صورة تحقّق الشرطين أمة واحدة يجوز الاثنتين؛ أمّا الأزيد، فلايجوز، كما سيأتي.

مسألة 57: إذا كان قادراً على مهر الحرّة، لكنّها تريد أزيد من مهر أمثالها بمقدار يعدّ ضرراً عليه (1)، فكصورة عدم القدرة (2)، لقاعدة نفي الضرر (3)، نظير سائر المقامات؛ كمسألة وجوب الحجّ إذا كان مستطيعاً و لكن يتوقّف تحصيل الزاد و الراحلة على بيع بعض أملاكه بأقلّ من ثمن المثل أو على شراء الراحلة بأزيد من ثمن المثل، فإنّ الظاهر سقوط الوجوب وإن كان قادراً على ذلك؛ و الأحوط في الجميع اعتبار كون الزيادة

ممّا يضرّ بحاله، لا مطلقاً.

[فصل في الجمع بين الحرّة والأمة]

[فصل في الجمع بين الحرّة والأمة]

الأقوى جواز نكاح الأمة على الحرّة مع إذنها، و الأحوط اعتبار الشرطين من عدم الطَّول و خوف العنت؛ و أمّا مع عدم إذنها فلايجوز و إن قلنا في المسألة المتقدّمة بجواز عقد الأمة مع عدم الشرطين، بل هو باطل؛ نعم، لو أجازت بعد العقد صحّ على الأقوى (4) بشرط تحقّق الشرطين على الأحوط. و لا فرق في المنع بين كون العقدين دواميّين أو انقطاعيّين أو مختلفين، بل الأقوى عدم الفرق بين إمكان وطي الحرّة و عدمه لمرض أو قرن أو رتق، إلّامع عدم الشرطين (5)؛ نعم، لايبعد الجواز (6) إذا لم تكن الحرّة قابلة للإذن لصغر أو جنون، خصوصاً (1). الامام الخميني: بل حرجاً عليه، و كذا في أمثال المقام؛ و أمّا قاعدة الضرر ففيها إشكال (2). الخوئي: فيه منع، فإنّ قاعدة نفي الضرر إنّما توجب نفي الإلزام لا صحّة العقد، و العبرة في عدم جواز العقد على الأمة إنّما هي القدرة على عقد الحرّة، و هي موجودة هنا (3). الگلپايگاني: قاعدة نفي الضرر تقتضي عدم وجوب نكاح الحرّة إذا كان ضرريّاً، لكن لايقتضي جواز عقد الأمة مع التمكّن من مهر الحرّة؛ نعم، إذا كان بحيث يصدق عليه أنّه لايتمكّن و لايستطيع فيتحقّق الشرط (4). الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط بتجديد العقد عند إرادة الإمساك و الطلاق عند إرادة التسريح (5). الخوئي: هذه الجملة زائدة أو أنّ في العبارة تقديماً و تأخيراً

الگلپايگاني: الظاهر أنّ كلمة «إلّا» هنا زائدة (6). الگلپايگاني: مشكل، فلايُترك الاحتياط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 815

إذا كان عقدها انقطاعيّاً، و لكنّ الأحوط مع ذلك، المنع؛ و أمّا العكس و هو نكاح الحرّة على الأمة فهو جائز،

و لازم إذا كانت الحرّة عالمة بالحال، و أمّا مع جهلها فالأقوى خيارها في بقائها مع الأمة و فسخها و رجوعها إلى أهلها، و الأظهر عدم وجوب إعلامها بالحال، فعلى هذا لو أخفى عليها ذلك أبداً لم يفعل محرّماً.

مسألة 1: لو نكح الحرّة و الأمة في عقد واحد مع علم الحرّة صحّ، و مع جهلها صحّ بالنسبة إليها و بطل (1) بالنسبة إلى الأمة، إلّامع إجازتها، و كذا الحال لو تزوّجهما بعقدين في زمان واحد على الأقوى.

مسألة 2: لا إشكال في جواز نكاح المبعّضة (2) على المبعّضة؛ و أمّا على الحرّة ففيه إشكال و إن كان لايبعد جوازه، لأنّ الممنوع نكاح الأمة على الحرّة، و لايصدق الأمة على المبعّضة و إن كان لايصدق أنّها حرّة أيضاً.

مسألة 3: إذا تزوّج الأمة على الحرّة فماتت الحرّة، أو طلّقها أو وهب مدّتها في المتعة أو انقضت، لم يثمر في الصحّة، بل لابدّ من العقد على الأمة جديداً إذا أراد.

مسألة 4: إذا كان تحته حرّة فطلّقها طلاقاً بائناً، يجوز له نكاح الأمة في عدّتها؛ و أمّا إذا كان الطلاق رجعيّاً ففيه إشكال و إن كان لايبعد الجواز (3)، لانصراف الأخبار (4) عن هذه الصورة.

مسألة 5: إذا زوّجه فضوليّ حرّة، فتزوّج أمة ثمّ أجاز عقد الفضوليّ، فعلى النقل لايكون من نكاح الأمة على الحرّة فلا مانع منه، و على الكشف (5) مشكل.

(1). الگلپايگاني: في بطلانه تأمّل، فلايُترك الاحتياط؛ و كذا في كفاية الإجازة، كما مرّ (2). الگلپايگاني: قد مرّ أنّ المبعّضة في حكم الأمة من جهة مملوكيّة بعضها، فنفي الإشكال عن نكاح كلّ منهماعلى الآخر غير موجّه و لا أقلّ من أنّه خلاف الاحتياط، و منع الصدق حقيقة محلّ منع (3). الخوئي: هذا

إذا لم يرجع إليها بعد التزويج بالأمة، و إلّافالحكم بالجواز بعيد جدّاً (4). الگلپايگاني: لو كان المدرك الأخبار الدالّة على عدم جواز نكاح الأمة على الحرّة يمكن دعوى الانصراف؛ و أمّا ما دلّ من الأخبار و الإجماع على كون المطلّقة الرجعيّة بمنزلة الزوجة بل هي زوجة، يشمل ذلك الأثر أيضاً (5). الگلپايگاني: حتى الحكمى منه؛ و على النقل يكون من نكاح الحرة على الأمة.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 816

مسألة 6: إذا عقد على حرّة و عقد وكيله له على أمة و شكّ في السابق منهما لايبعد صحّتهما و إن لم تجز الحرّة، و الأحوط (1) طلاق الأمة مع عدم إجازة الحرّة.

مسألة 7: لو شرط في عقد الحرّة أن تأذن في نكاح الأمة عليها صحّ، و لكن إذا لم تأذن لم يصحّ، بخلاف ما إذا شرط عليها (2) أن يكون له نكاح الأمة (3).

[فصل في نكاح العبيد و الإماء]

فصل في نكاح العبيد و الإماء (4)

مسألة 1: أمر تزويج العبد و الأمة بيد السيّد، فيجوز له تزويجهما و لو من غير رضاهما أو إجبارهما على ذلك، و لايجوز لهما العقد على نفسهما من غير إذنه، كما لايجوز لغيرهما العقد عليهما كذلك حتّى لو كان لهما أب حرّ (5)، بل يكون إيقاع العقد منهما أو من غيرهما عليهما حراماً (6) إذا كان ذلك بقصد ترتيب الأثر و لولا مع إجازة المولى؛ نعم، لو كان ذلك بتوقّع الإجازة منه فالظاهر عدم حرمته، لأنّه ليس تصرّفاً في مال الغير عرفاً، كبيع الفضوليّ مال غيره؛ و أمّا عقدهما على نفسهما من غير إذن المولى و من غيرهما (7) بتوقّع الإجازة، فقد يقال بحرمته (8) لسلب قدرتهما و إن لم يكونا مسلوبي لعبارة، لكنّه مشكل (9)، (1). الگلپايگانى: كما أن الأحوط طلاق

الحرة عند اختيار فسخ عقد نفسها، بل لا يترك الاحتياط بطلاقها عند عدم إجازة الحرة مطلقا، اختار الفسخ أو لا، مراعاة للعلم الإجمالى.

(2). الگلپايگانى: قد مرد أن الشرط المذكور بمنزلة الإذن، فيصح نكاح الأمة ما لم تظهر الكراهة.

(3). الخوئى: لا أثر لهذا الشرط، إلا أنيرجع إلى اشتراط الوكالة للزوج فى الإذن من قبلها.

(4). الامام الخمينى: قد أغمضنا عن هذا الفصل و الفصلين التاليين مما تتعلق بالعبيد و الإماء، لعدم الابتداء بهما.

(5). الگلپايگانى: و كانا صغيرين.

(6). الخوئى: ليس هذا حراما شرعيا، بل هو داخل فى نية المعصية و هى نوع من التجرى.

الگلپايگانى: على الأحوط (7). الخوئى: فى العبارة تشويش، و المراد ظاهر، فإن موضع هذه العبارة قبل سطرين، يعنى بعد قوله: «نعم لو كان ذلك» كما يظهر وجهه بأدنى تأمل.

(8). الخوئى: لا وجه للقول بالحرمة أصلا، فإن سلب القدرة لا يكون منشأ للحرمة و إنما يكون منشأ لعدم النفوذ.

(9). الگلپايگاني: إلّامع نهي المولى، حيث إنّ مخالفته حرام تكليفاً، و أمّا نفوذه فموقوف على إجازة المولى.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 817

لانصراف سلب القدرة عن مثل ذلك. و كذا لو باشر أحدهما العقد للغير بإذنه أو فضولة، فإنّه ليس بحرام على الأقوى و إن قيل بكونه حراماً.

مسألة 2: لو تزوّج العبد من غير إذن المولى، وقف على إجازته، فإن أجاز صحّ، و كذا الأمة على الأقوى؛ و الإجازة كاشفة، و لا فرق في صحّته بها بين أن يكون بتوقّعها أو لا، بل على الوجه المحرّم، و لايضرّه النهي، لأنّه متعلّق بأمر خارج (1) متّحد. و الظاهر اشتراط عدم الردّ منه قبل الإجازة، فلاتنفع الإجازة (2) بعد الردّ. و هل يشترط في تأثيرها عدم سبق النهي من المولى فيكون النهي

السابق كالردّ بعد العقد أو لا؟ وجهان؛ أقواهما الثاني.

مسألة 3: لو باشر المولى تزويج عبده أو أجبره على التزويج، فالمهر إن لم يعيّن في عين يكون في ذمّة المولى، و يجوز أن يجعله في ذمّة العبد يتبع به (3) بعد العتق مع رضاه. و هل له ذلك قهراً عليه؟ فيه إشكال، كما إذا استدان على أن يكون الدين في ذمّة العبد من غير رضاه؛ و أمّا لو أذن له في التزويج، فإن عيّن كون المهر في ذمّته أو في ذمّة العبد أو في عين معيّن، تعيّن، و إن أطلق ففي كونه في ذمّته أو في ذمّة العبد مع ضمانه له و تعهّده أدائه عنه أو كونه في كسب العبد وجوه (4)؛ أقواها الأوّل، لأنّ الإذن في الشي ء إذن في لوازمه، و كون المهر عليه بعد عدم قدرة العبد على شي ء و كونه كلًاّ على مولاه من لوازم الإذن في التزويج عرفاً؛ و كذا الكلام في النفقة. و يدلّ عليه أيضاً في المهر رواية عليّ بن أبي حمزة، و في النفقة موثّقة عمّار الساباطي. و لو تزوّج العبد من غير إذن مولاه ثمّ أجاز، ففي كونه كالإذن السابق في كون المهر على المولى أو بتعهّده أو لا؟ وجهان. و يمكن الفرق بين ما لو جعل المهر في ذمّته فلا دخل له (5) بالمولى و إن أجاز العقد، أو في مال معيّن من المولى أو في ذمّته، فيكون كما عيّن أو أطلق، فيكون على المولى. ثمّ إنّ المولى إذا أذن فتارةً يعيّن مقدار المهر و تارةً يعمّم و تار (1). الخوئي: التعليل ضعيف جدّاً، و الصحيح أن يقال: إنّه على تقدير الحرمة فهي في المعاملات لاتوجب الفساد (2). الخوئي:

فيه إشكال، بل منع (3). الگلپايگاني: سلطنة المولى على اشتغال ذمّة العبد مستقلًاّ بحيث يتبع به بعد العتق محلّ إشكال، بل منع و لومع رضاه، لأنّ رضاه غير مؤثّر في شي ء و سلطنة المولى محدودة بحدود ملكه و لا معنى لعهدة العبد إلّاعهدة المولى (4). الگلپايگاني: و له وجه آخر و هو كونه في ذمّة العبد، لكن معنى اشتغال ذمّته اشتغال ذمّة المولى؛ و الأقوى الأوّل، لأنّ ذلك الوجه أيضاً يحتاج إلى مؤونة و اعتبار زائد، بل هو من أقسام التعيين (5). الگلپايگاني: الظاهر أنّ التفصيل غير وجيه، لأنّ ذمّة العبد ليس إلّاذمّة المولى، فبإجازته يشتغل ذمّته

العروة الوثقى، ج 2، ص: 818

يطلق؛ فعلى الأوّلين لا إشكال، و على الأخير ينصرف إلى المتعارف، و إذا تعدّى وقف على إجازته، و قيل: يكون (1) الزائد في ذمّته يتبع به بعد العتق. و كذا الحال بالنسبة إلى شخص الزوجة، فإنّه إن لم يعيّن ينصرف إلى اللائق بحال العبد من حيث الشرف و الضعة، فإن تعدّى وقف على إجازته.

مسألة 4: مهر الأمة المزوّجة للمولى؛ سواء كان هوالمباشر أو هي بإذنه أو بإجازته. و نفقتها على الزوج، إلّاإذا منعها مولاها (2) عن التمكين لزوجها أو اشترط (3) كونها عليه، و للمولى استخدامها بما لاينافي حقّ الزوج، والمشهور أنّ للمولى أن يستخدمها نهاراً و يخلّي بينها و بين الزوج ليلًا، و لا بأس به، بل يستفاد من بعض الأخبار (4)، و لو اشترطا غير ذلك فهما على شرطهما. و لو أراد زوجها أن يسافر بها، هل له ذلك من دون إذن السيّد؟ قد يقال:

ليس له، بخلاف ما إذا أراد السيّد أن يسافر بها، فإنّه يجوز له من دون إذن الزوج، و الأقوى العكس

(5)، لأنّ السيّد إذا أذن بالتزويج فقد التزم بلوازم الزوجيّة، و الرجال قوّامون على النساء. و أمّا العبد المأذون في التزويج فأمره بيد مولاه، فلو منعه من الاستمتاع يجب عليه طاعته، إلّاما كان واجباً عليه من الوطي في كلّ أربعة أشهر و من حقّ القسم.

مسألة 5: إذا أذن المولى للأمة في التزويج و جعل المهر لها، صحّ على الأقوى من ملكيّة العبد والأمة و إن كان للمولى أن يتملّك ما ملكاه، بل الأقوى كونه مالكاً لهما و لما لهما ملكيّةً طوليّة. (1). الگلپايگاني: و لكنّه ضعيف (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ المناط في عدم وجوب النفقة على الزوج نشوز الزوجة، و منع المولى و عدمه لا تأثير فيه (3). الگلپايگاني: صحّة هذا الشرط محلّ إشكال، بل منع؛ نعم، يصحّ شرط الإنفاق على المولى فيجب عليه الوفاء، و لو عصى فالنفقة على الزوج (4). الخوئي: لكنّه ضعيف، و الأوجه ما ذكره أوّلًا (5). الخوئي: بل الأقوى عدم الجواز لكلّ من السيد و الزوج بدون إذن الآخر، لأنّ لكلّ منهما حقّ الانتفاع من الأمة أحدهما بالاستخدام و الآخر بالاستمتاع، ولايجوز لواحد منهما تفويت حقّ الآخر بدون رضاه؛ و أمّا الأمة فبما أنّه يجب عليها إطاعة زوجها و إطاعة سيّدها، ففي صورة المعارضة بينهما يدور أمرها بين المحذورين و لايبعد تقديم حقّ السيد لاحتمال أهميّته

الگلپايگاني: يعني يجوز للعبد أن يسافر بها من دون إذن مولاها دون العكس، لكنّ المسلّم منه فيما إذا أراد منها الاستمتاع في السفر، و إلّافوجوب السفر عليها بأمر الزوج غير معلوم

العروة الوثقى، ج 2، ص: 819

مسألة 6: لو كان العبد أو الأمة لمالكين أو أكثر، توقّف صحّة النكاح على إذن الجميع أو إجازتهم، و لو كانا

مبعّضين توقّف على إذنهما و إذن المالك و ليس له إجبارهما حينئذٍ.

مسألة 7: إذا اشترت العبد زوجته، بطل النكاح و تستحقّ المهر إن كان ذلك بعد الدخول؛ و أمّا إن كان قبله ففي سقوطه أو سقوط نصفه أو ثبوت تمامه (1) وجوه مبنيّة على أنّه بطلان أو انفساخ. ثمّ هل يجري عليها حكم الطلاق قبل الدخول أو لا؟ و على السقوط كلًاّ إذا اشترته بالمهر الّذي كان لها في ذمّة السيّد بطل الشراء، للزوم خلوّ البيع عن العوض؛ نعم، لا بأس به إذا كان الشراء بعد الدخول، لاستقرار المهر حينئذٍ؛ و عن العلّامة في القواعد البطلان إذا اشترته بالمهر الّذي في ذمّة العبد وإن كان بعد الدخول، لأنّ تملّكها له يستلزم براءة ذمّته من المهر فيخلو البيع عن العوض، و هو مبنيّ على عدم صحّة (2) ملكيّة المولى في ذمّة العبد. و يمكن منع عدم الصحّة مع أنّه لايجتمع ملكيّتها له و لما في ذمّته، بل ينتقل ما في ذمّته (3) إلى المولى بالبيع حين انتقال العبد إليها.

مسألة 8: الولد بين المملوكين رقّ؛ سواء كان عن تزويج مأذون فيه أو مجاز، أو عن شبهة مع العقد أو مجرّدة، أو عن زنا منهما أو من أحدهما، بلا عقد أو عن عقد معلوم الفساد عندهما أو عند أحدهما؛ و أمّا إذا كان أحد الأبوين حرّاً فالولد حرّ إذا كان عن عقد صحيح أو شبهة مع العقد أو مجرّدة، حتّى فيما لو دلّست الأمة نفسها بدعواها الحرّيّة فتزوّجها حرّ على الأقوى (4) و إن كان يجب عليه حينئذٍ دفع قيمته الولد إلى مولاها؛ و أمّا إذا كان عن عقد (1). الخوئي: لايبعد أنّه المتعيّن (2). الگلپايگاني: هذا الوجه

ذكره غير واحد من شُرّاح القواعد، لكنّ الظاهر عدم ابتناء خلوّ البيع عن الثمن على ذلك، بل يلزم ذلك ولو على القول بصحّة ملكيّة المولى لذمّة عبده، و ذلك لأنّها اشترت عبداً و جعلت ثمنه فراغة ذمّته، و هذا نفع يعود إلى العبد و لايعود إلى البائع، لأنّ برائته بعد الخروج عن ملكه غير مربوط به فيصدق أنّه بلا ثمن يرجع إلى البائع، لكن هذا مبنيّ على أن يكون الثمن برائة ذمّته لا انتقال ما في ذمّته إلى المولى، و عليه فيأتي حكمه (3). الگلپايگاني: لايخفى أنّ الثمن إن كان نفس ما في ذمّة العبد ففي فرض عدم صحّة تملّك المولى ما في ذمّة عبده يكون الحكم بصحّة البيع مستلزماً للدور، لأنّ صحّة البيع تتوقّف على قابليّة الثمن لملكيّة البايع و هي تتوقّف على صحّة البيع، لأنّ العبد ما لم ينتقل إلى الزوجة لم يكن ما في ذمّته قابلًا لتملّك البايع (4). الخوئي: فيه تفصيل يأتي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 820

بلا إذن مع العلم من الحرّ بفساد العقد، أو عن زنا من الحرّ أو منهما، فالولد رقّ (1). ثمّ إذا كان المملوكان لمالك واحد فالولد له، و إن كان كلّ منهما لمالك فالولد بين المالكين بالسويّة (2)، إلّا إذا اشترطا (3) التفاوت أو الاختصاص بأحدهما، هذا إذا كان العقد بإذن المالكين أو مع عدم الإذن من واحد منهما (4)؛ و أمّا إذا كان بالإذن من أحدهما فالظاهر أنّه كذلك، و لكنّ المشهور أنّ الولد حينئذٍ لمن لم يأذن، و يمكن أن يكون مرادهم في صورة إطلاق الإذن بحيث يستفاد منه إسقاط حقّ نمائيّة الولد، حيث إنّ مقتضى الإطلاق جواز التزويج بالحرّ أو الحرّة، و إلّافلا وجه له (5). و

كذا لو كان الوطي شبهة منهما، سواء كان مع العقد أو شبهة مجردّة، فإنّ الولد مشترك؛ و أمّا لو كان الولد عن زنا من العبد، فالظاهر عدم الخلاف في أنّ الولد لمالك الأمة، سواء كان من طرفها شبهة أو زنا.

مسألة 9: إذا كان أحد الأبوين حرّاً فالولد حرّ، لايصحّ اشتراط رقّيّته على الأقوى في ضمن عقد التزويج، فضلًا عن عقد خارج لازم، و لايضرّ بالعقد إذا كان في ضمن عقد خارج، و أمّا إن كان في ضمن عقد التزويج فمبنيّ على فساد العقد بفساد الشرط و عدمه، و الأقوى عدمه، و يحتمل الفساد و إن لم نقل به في سائر العقود إذا كان من له الشرط جاهلًا بفساده، لأنّ في سائر العقود يمكن جبر تخلّف شرطه (6) بالخيار بخلاف المقام (7)، حيث إنّه (1). هذا إذ كانت الام أمة؛ و أما إذ كانت الام حرة فلا يبعد أن يكون الواحد حرا و إن كانت (الام) زانية أو عالمة بفساد العقد و سيأتى منه قدس سره الشريف فى المسالة الرابعة عشرة الفرق بين الزنا و فساد العقد على خلاف ما ذكره هنا.

(2). الخوئى: لا يبعد أن يكون الولد لمالك الأمة، على أساس أنه نماؤها كما هو الحال فى سائر الحيوانات.

(3). الخوئى: الظاهر أنه لا أثر لهذا الاشتراط إذا كان على نحو شرط النتيجة؛ و بذلك يظهر حال ما بعده.

(4). الخوئى: لعله يريد بذلك و بما بعده عدم العلم بفساد العقد ليكون الوطى شبهة و إلا فهو داخل فى ذيل المسألة و هو قول الماتن: «و أما لو كان الولد عن زنا من العبد ... الخ».

(5). الگلپايگانى: إلا الشهرة و ادعا النص من بعض المؤيد بذكره فى الكتب

المبينة على ذكر ما فى النصوص بصورة الفتوى.

(6). الخوئى: الشرط الفاسد لا يوجب الخيار فى سائر العقود أيضا.

(7). الگلپايگاني: هذا الفرق غير فارق، مع أنّ الخيار بتخلّف الشرط الفاسد غير مذكور في كلمات العلماء؛ نعم، في الجواهر لا بأس بالالتزام به.

العروة الوثقى، ج 2، ص: 821

لايجري خيار الاشتراط في النكاح؛ نعم، مع العلم بالفساد لا فرق، إذ لا خيار في سائر العقود أيضاً.

مسألة 10: إذا تزوّج حرٌّ أمةً من غير إذن مولاها، حرم عليه وطيها و إن كان بتوقّع الإجازة، و حينئذٍ فإن أجاز المولى كشف عن صحّته على الأقوى من كون الإجازة كاشفة، و عليه المهر، و الولد حرّ و لايحدّ حدّ الزنا و إن كان عالماً بالتحريم، بل يعزّر؛ و إن كان عالماً بلحوق الإجازة، فالظاهر عدم الحرمة (1) و عدم التعزير أيضاً. و إن لم يجز المولى، كشف عن بطلان التزويج، و يحدّ حينئذٍ حدّ الزنا إذا كان عالماً بالحكم و لم يكن مشتبهاً من جهة اخرى، و عليه المهر بالدخول و إن كانت الأمة أيضاً عالمة على الأقوى (2)، و في كونه المسمّى أو مهر المثل أو العشر إن كانت بكراً و نصفه إن كانت ثيّباً، وجوه بل أقوال؛ أقواها الأخير. و يكون الولد لمولى الأمة. و أمّا إذا كان جاهلًا بالحكم أو مشتبهاً من جهة اخرى، فلايحدّ، و يكون الولد حرّاً (3)؛ نعم، ذكر بعضهم أنّ عليه قيمته يوم سقط حيّاً (4)، و لكن لا دليل عليه في المقام. و دعوى أنّه تفويت لمنفعة الأمة، كماترى (5)، إذ التفويت إنّما جاء من قبل حكم الشارع بالحرّيّة، و على فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولّد، بل مقتضى القاعدة قيمة يوم الانعقاد، لأنّه انعقد حرّاً

فيكون التفويت في ذلك الوقت.

مسألة 11: إذا لم يجز المولى العقد الواقع على أمته و لم يردّه أيضاً حتّى مات، فهل يصحّ (1). الخوئي: بل الظاهر هو التحريم، و لاينافي ذلك الحكم بعدم الحرمة بعد الإجازة؛ و كذلك الحال في التعزير، إلّا إذا فرض أنّه كان مشتبهاً

الگلپايگاني: بل الظاهر الحرمة على ما هو الصحيح من معنى الكشف؛ نعم، يمكن القول بعدم التعزير، لوقوع الخلاف فيه و الحدود تدرأ بالشبهات (2). الخوئي: في ثبوت المهر في هذا الفرض إشكال، بل منع، كما تقدّم منه أيضاً في المسألة الخامسة عشرة من فصل عدم جواز التزويج في عدّة الغير (3). الگلپايگاني: لأصالة عدم المملوكيّة و لما يستفاد من أخبار التزويج على أنّها حرّة بعد إلغاء خصوصيّة العقدو إلحاقاً للشبهة بالعقد حتّى في أنّ الولد تابع للحرّ من الوالدين (4). الخوئي: هذا هو الصحيح، لمعتبرة سماعة و غيرها، و عليه فمن الغريب من الماتن قدس سره حيث إنّه نفى الدليل عليه في المقام، و ذلك لأنّ مورد الروايات هو هذا المقام و هو ما إذا كان الواطئ جاهلًا بالحكم أو مشتبهاً (5). الگلپايگاني: لكن لايبعد دعوى أنّ ولد الحرّ يعدّ منفعة مستوفاة من أمة الغير عرفاً، و معلوم أنّه يحسب منفعة يوم ولد حيّاً. و يمكن استفادة ذلك من رواية سماعة بعد حمل جملة «يوم تصير إليه» على يوم الولادة، أي يوم تصير ذات ولد دون يوم التسليم، لأنّها بهذا المعنى غير معمول بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 822

إجازة وارثه له أم لا؟ وجهان؛ أقواهما العدم، لأنّها على فرضها كاشفة، و لايمكن الكشف هنا، لأنّ المفروض أنّها كانت للمورّث، و هو نظير من باع شيئاً ثمّ ملك (1).

مسألة 12: إذا دلّست أمة فادّعت أنّها

حرّة، فتزوّجها حرّ و دخل بها ثمّ تبيّن الخلاف، وجب عليه المفارقة، و عليه المهر لسيّدها و هو العشر و نصف العشر على الأقوى، لا المسمّى و لا مهر المثل. و إن كان أعطاها المهر، استردّ منها إن كان موجوداً، و إلّاتبعت به (2) بعد العتق (3). و لو جائت بولد ففي كونه حرّاً أو رقّاً لمولاها، قولان؛ فعن المشهور أنّه رقّ، و لكن يجب على الأب فكّه بدفع قيمته يوم سقط حيّاً، و إن لم يكن عنده ما يفكّه به سعى في قيمته، و إن أبى وجب على الإمام عليه السلام دفعها من سهم الرقاب أو من مطلق بيت المال؛ و الأقوى كونه حرّاً، كما في سائر موارد اشتباه الحرّ، حيث إنّه لا إشكال في كون الولد حرّاً، فلا خصوصيّة لهذه الصورة. و الأخبار الدالّة على رقّيّته (4) منزّلة على أنّ للمولى أخذه ليتسلّم القيمة، جمعاً بينها و بين ما دلّ على كونه حرّاً. و على هذا القول أيضاً يجب عليه ما ذكر من (1). الخوئي: ليس المقام نظير ذلك، بل هو نظير ما إذا بيع دار زيد فضولًا من عمرو، ثمّ انتقلت الدار منه إلى بكر ببيع أو نحوه فأجاز بكر ذلك العقد الواقع فضولًا، هذا مضافاً إلى أنّه قد ثبت صحّة العقد فيمن باع شيئاً ثمّ ملك بالنصّ؛ و أمّا المقام فلا نصّ فيه، و مقتضى القاعدة فيه هو البطلان

الگلپايگاني: من حيث وقوع العقد قبل انتقال الملك إلى المجيز، و الأقوى اشتراط كون الإجازة من المالك حين العقد (2). الگلپايگاني: هذا خلاف النصّ، ففي صحيح ابن الوليد: «و إن لم يجد شيئاً فلا شي ء له» لكن لمّا كان الظاهر من بعض أنّ الحكم من

المسلّمات، فالأحوط التصالح فيما تلف من المهر (3). الخوئي: هذا الحكم و إن كان مشهوراً بين الفقهاء، بل أرسلوه إرسال المسلّمات، إلّاأنّه مشكل جدّاً، بل لايبعد عدمه بمقتضى قوله عليه السلام في صحيحة الوليد بن صبيح: «و إن لم يجد شيئاً فلا شي ء له عليها» فإنّه ينافي ثبوت شي ء عليها في ذمّتها (4). الخوئي: الصحيح في المقام أن يقال: إنّ مقتضى عدّة من الروايات العامّة أنّ الولد حرّ إذا كان أحد أبويه حرّاًفيما إذا كان الوطي صحيحاً ولو كان شبهة، ولكن لابدّ من رفع اليد عن إطلاق تلك الروايات بالروايات الواردة في المقام المفصّلة بين ما إذا كان الوطي بالشبهة مستنداً إلى بيّنة شرعيّة و ما إذا لم يكن مستنداً إليها، فعلى الأوّل الولد حرّ و على الثاني رقّ، فهذه الصورة بمقتضى هذه الروايات خارجة عن تلك المطلقات رغم أنّ الوطي فيها كان بشبهة؛ نعم، يجب على أبيه أن يفكّه عن الرقيّة بإعطاء قيمته لمولى الأمة يوم سقط حيّاً، و هو اليوم الّذي يصير إليه كما في موثّقة سماعة، و إن لم يكن عند الأب ما يفكّه به سعى في قيمته، و إن أبى فعلى الإمام عليه السلام أن يفديه؛ و بذلك يظهر الحال فيما بعده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 823

دفع القيمة أو السعي أو دفع الإمام عليه السلام، لموثّقة سماعة (1)، هذا كلّه إذا كان الوطي حال اعتقاده كونها حرّة؛ و أمّا إذا وطئها بعد العلم بكونها أمة فالولد رقّ، لأنّه من زنا حينئذٍ، بل و كذا لو علم سبق رقّيّتها فادّعت أنّ مولاها أعتقها، و لم يحصل له العلم بذلك و لم يشهد به شاهدان (2)، فإنّ الوطي حينئذٍ أيضاً لايجوز، لاستصحاب بقائها على الرقّيّة (3)؛ نعم،

لو لم يعلم سبق رقّيّتها جاز له التعويل على قولها، لأصالة الحرّيّة. فلو تبيّن الخلاف لم يحكم برقّيّة الولد، و كذا مع سبقها مع قيام البيّنة (4) على دعواها.

مسألة 13: إذا تزوّج عبد بحرّة من دون إذن مولاه و لا إجازته، كان النكاح باطلًا، فلاتستحقّ مهراً و لا نفقة، بل الظاهر أنّها تحدّ حدّ الزنا إذا كانت عالمة بالحال و أنّه لايجوز لها ذلك؛ نعم، لو كان ذلك لها بتوقّع الإجازة و اعتقدت جواز الإقدام حينئذٍ بحيث تكون شبهة في حقّها، لم تحدّ، كما أنّه كذلك (5) إذا علمت بمجي ء الإجازة (6)؛ و أمّا إذا كان بتوقّع الإجازة و علمت مع ذلك بعدم جواز ذلك فتحدّ مع عدم حصولها، بخلاف ما إذا حصلت فإنّها تعزّر حينئذٍ، لمكان تجرّيها (7). و إذا جائت بولد فالولد لمولى العبد مع كونه مشتبهاً، بل مع كونه زانياً أيضاً، لقاعدة النمائيّة (8) بعد عدم لحوقه بالحرّة؛ و أمّا إذا كانت جاهلة بالحال (1). الگلپايگاني: على ما مرّ لها من المعنى (2). الگلپايگاني: و لم يتحقّق شي ء آخر يصحّ الاعتماد عليه أو اعتقد صحّة الاعتماد عليه و لو لاعتقاد عدم حجيّة الاستصحاب، حيث إنّ الولد في جميع ما ذكر ولد شبهة و حرّ (3). الخوئي: هذا إذا لم تكن شبهة، و إلّاكما إذا اعتقد أنّ قولها حجّة فتزوّجها ثمّ وطأها كان الوطي وطي شبهة، و حكمه ما عرفت بالإضافة إلى الولد، يعني أنّ الولد رقّ، ولكن يجب على أبيه فكّه على ما تقدّم (4). الگلپايگاني: أو حصول شبهة له، كما فصّلنا في الحاشية السابقة (5). الگلپايگاني: في عدم الحدّ و إن كان الوطي محرّماً، كما مرّ نظيره (6). الخوئي: مجرّد العلم بتحقّق الإجازة فيما بعد لايوجب سقوط

الحدّ عنها ما لم تتحقّق في الخارج، إلّاإذا كانت مشتبهة و كانت معتقدة بالجواز في هذا الفرض (7). الخوئي: بل لارتكابها المحرّم واقعاً في ظرفه

الگلپايگاني: بل لما فعلت من الحرام (8). الخوئي: لم تثبت هذه القاعدة في طرف العبد، و إنّما هي ثابتة من طرف الأمة، و على تقدير ثبوتها فلا فرق بين الزنا المجرّد عن العقد الفاسد و الزنا المقرون به و لا دليل على هذا الفرق أصلًا؛ و أمّا إذا كان المدرك لذلك رواية العلاء بن رزين فهي ضعيفة سنداً، ولو تمّت الرواية لم يختصّ الحكم بصورة العلم، بل يعمّ صورة الجهل أيضاً مع أنّ الماتن قدس سره قد حكم في صورة جهل المرأة بكون الولد حرّاً

الگلپايگاني: تماميّة تلك القاعدة في طرف الأب مشكلة؛ نعم، يمكن التمسّك بخبر علاء بعد حمله على عدم تحقّق الشبهة من طرف الزوجة، لأنّها كانت مكلّفة بالتفحّص و زوّجت نفسها متساهلة في التكليف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 824

فلا حدّ، و الولد حرّ (1) و تستحقّ عليه المهر يتبع به بعد العتق.

مسألة 14: إذا زنى العبد بحرّة من غير عقد، فالولد حرّ (2) و إن كانت الحرّة أيضاً زانية؛ ففرق بين الزنا (3) المجرّد عن عقد (4) والزنا المقرون به مع العلم بفساده، حيث قلنا إنّ الولد لمولى العبد.

مسألة 15: إذا زنى حرّ بأمة، فالولد لمولاها و إن كانت هي أيضاً زانية (5)؛ و كذا لو زنى عبد بأمة الغير، فإنّ الولد لمولاها (6).

مسألة 16: يجوز للمولى تحليل أمته لعبده، و كذا يجوز له أن ينكحه إيّاها؛ و الأقوى أنّه حينئذٍ نكاح لا تحليل، كما أنّ الأقوى كفاية أن يقول له: أنكحتك فلانة، و لايحتاج (7) إلى القبول منه أو من العبد،

لإطلاق الأخبار و لأنّ الأمر بيده، فإيجابه مغنٍ عن القبول، بل لايبعد (8) أن يكون الأمر كذلك (9) في سائر المقامات مثل الوليّ و الوكيل عن الطرفين و كذا إذا وكّل غيره في التزويج فيكفي قول الوكيل: أنكحت أمة موكّلي لعبده فلان، أو أنكحت عبد موكّلي أمته. و أمّا لو أذن للعبد و الأمة في التزويج بينهما فالظاهر الحاجة إلى الإيجاب (1). الگلپايگاني: إلحاقاً للشبهة بالعقد الصحيح حتّى في أنّ الولد تابع لأشرف أبويه في الحريّة (2). الگلپايگاني: لأصالة عدم الرقّيّة و عدم تماميّة قاعدة النماء في طرف الأب، كما مرّ، و عدم شي ء آخريقتضي الرقّيّة (3). الگلپايگاني: و الفارق خبر علاء، على ما مرّ من معناه (4). الخوئي: تقدّم أنّه لا فرق بينهما و أنّ الولد حرّ على التقديرين، كما أنّه تقدّم منه قدس سره عدم الفرق بينهما و أنّ الولد رقّ على التقديرين في المسألة الثامنة من هذا الفصل (5). الگلپايگاني: لفحوى ما دلّ عليه في الأمة المدلّسة مع عدم الشبهة من طرف الزوج، لكنّ الإنصاف أنّ الفرق بين زنا العبد بالحرّة و زنا الحرّ بالأمة محلّ إشكال، لتحقّق الفحوى في المسألتين (6). الگلپايگاني: لقاعدة النماء (7). الگلپايگاني: مشكل، فلا يُترك الاحتياط بالقبول (8). الگلپايگاني: بل بعيد (9). الخوئي: بل هو بعيد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 825

والقبول.

مسألة 17: إذا أراد المولى التفريق بينهما لا حاجة إلى الطلاق، بل يكفي أمره إيّاهما بالمفارقة. و لايبعد جواز الطلاق أيضاً، بأن يأمر عبده بطلاقها و إن كان لايخلو من إشكال أيضاً (1).

مسألة 18: إذا زوّج عبده أمته يستحبّ أن يعطيها شيئاً (2)؛ سواء ذكره في العقد أو لا، بل هو الأحوط. و تملك الأمة ذلك، بناءً على المختار

من صحّة ملكيّة المملوك إذا ملّكه مولاه أو غيره.

مسألة 19: إذا مات المولى و انتقلا إلى الورثة فلهم أيضاً الأمر بالمفارقة بدون الطلاق، و الظاهر كفاية أمر أحدهم (3) في ذلك.

مسألة 20: إذا زوّج الأمة غير مولاها من حرّ فأولدها جاهلًا بكونها لغيره، عليه العشر أو نصف العشر لمولاها و قيمة الولد، و يرجع بها على ذلك الغير (4)، لأنّه كان مغروراً من قبله، كما أنّه إذا غرّته الأمة بتدليسها و دعواها الحرّيّة تضمن القيمة و تتبع به بعد العتق (5)، و كذا إذا صار مغروراً من قبل الشاهدين على حرّيّتها.

مسألة 21: لو تزوّج أمة بين شريكين بإذنهما ثمّ اشترى حصّة أحدهما أو بعضها أو بعضاً من حصّة كلّ منهما، بطل نكاحه، و لايجوز له بعد ذلك وطيها؛ و كذا لو كانت لواحد و اشترى بعضها. و هل يجوز به وطيها إذا حلّلها الشريك؟ قولان؛ أقواهما نعم، للنصّ (6). و كذا لايجوز وطي من بعضه حرّ إذا اشترى نصيب الرقّيّة لا بالعقد و لا بالتحليل منها؛ نعم، لو (1). الخوئي: الإشكال ضعيف جدّاً (2). الخوئي: لايبعد وجوبه (3). الخوئي: لايخلو عن إشكال، بل منع (4). الخوئي: لا دليل عليه، لأنّ قاعدة الغرور غير ثابتة مطلقاً، و الرواية الدالّة على ذلك ضعيفة سنداً، بل لايبعدأن يكون المستفاد من صحيحة الوليد عدم وجوب شي ء عليه غير المهر (5). الخوئي: لا دليل على ذلك، و تقدّم الكلام في نظير ذلك [في هذا الفصل، المسألة 12] (6). الگلپايگاني: لكنّ الأحوط الترك، و النصّ لم يعمل به إلّاابن ادريس و المتأخّرون؛ نعم، لايبعد أن لايكون الحكم على خلاف القاعدة حتّى يحتاج إلى النصّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 826

هاياها، فالأقوى جواز التمتّع بها

في الزمان الّذي لها، عملًا بالنصّ الصحيح و إن كان الأحوط (1) خلافه.

[فصل في الطوارئ

فصل في الطوارئ

و هي العتق و البيع و الطلاق.

أمّا العتق، فإذا اعتقت الأمة المزوّجة كان لها فسخ نكاحها إذا كانت تحت عبد، بل مطلقاً و إن كانت تحت حرّ على الأقوى (2)، و الظاهر عدم الفرق بين النكاح الدائم و المنقطع؛ نعم، الحكم مخصوص بما إذا اعتق كلّها، فلا خيار لها مع عتق بعضها على الأقوى؛ نعم، إذا اعتق البعض الآخر أيضاً و لو بعد مدّة كان لها الخيار.

مسألة 1: إذا كان عتقها بعد الدخول ثبت تمام المهر؛ و هل هو لمولاها أو لها أو تابع للجعل في العقد؟ فإن جعل لها فلها، و إلّافله؛ و لمولاها في الصورة الاولى تملّكه كما في سائر الموارد، إذ له تملّك مال مملوكه بناءً على القول بالملكيّة، لكن هذا إذا كان قبل انعتاقها، و أمّا بعد انعتاقها فليس له ذلك. و إن كان قبل الدخول ففي سقوطه أو سقوط نصفه أو عدم سقوطه أصلًا، وجوه؛ أقواها الأخير و إن كان مقتضى الفسخ الأوّل، و ذلك لعدم معلوميّة كون المقام من باب الفسخ، لاحتمال كونه من باب بطلان النكاح (3) مع اختيارها المفارقة، و القياس على الطلاق في ثبوت النصف لا وجه له.

مسألة 2: إذا كان العتق قبل الدخول و الفسخ بعده، فإن كان المهر جعل لها فلها، و إن جعل للمولى أو اطلق ففي كونه لها أو له قولان؛ أقواهما الثاني، لأنّه ثابت بالعقد و إن كان يستقرّ بالدخول، و المفروض أنّها كانت أمة حين العقد.

مسألة 3: لو كان نكاحها بالتفويض، فإن كان بتفويض المهر فالظاهر أنّ حاله حال ما إذا عيّن في العقد،

و إن كان بتفويض البضع فإن كان الانعتاق بعد الدخول و بعد التعيين (4) (1). الگلپايگاني: لا يُترك (2). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (3). الگلپايگاني: بل الظاهر من الأخبار أنّه مفارقة و نزع شبه الطلاق، و مع ذلك لايقاس به (4). الخوئي: لايبعد أن يكون المراد أحدهما، بمعنى أنّه مع الدخول أو مع التعيين قبل الدخول يكون حال المهر حاله مع التعيين حال العقد

الگلپايگاني: و كذا لو كان قبل الدخول و بعد التعيين

العروة الوثقى، ج 2، ص: 827

فحاله حال ما إذا عيّن حين العقد، و إن كان قبل الدخول (1) فالظاهر أنّ المهر لها، لأنّه يثبت حينئذٍ بالدخول و المفروض حرّيّتها حينه.

مسألة 4: إذا كان العتق في العدّة الرجعيّة فالظاهر أنّ الخيار باقٍ (2)، فإن اختارت الفسخ لم يبق للزوج الرجوع حينئذٍ، و إن اختارت البقاء بقي له حقّ الرجوع؛ ثمّ إذا اختارت الفسخ لاتتعدّد العدّة، بل يكفيها عدّة واحدة، و لكن عليها تتميمها (3) عدّة الحرّة. وإن كانت العدّة بائنة فلا خيار لها على الأقوى.

مسألة 5: لايحتاج فسخها إلى إذن الحاكم.

مسألة 6: الخيار على الفور على الأحوط (4) فوراً عرفيّاً؛ نعم، لو كانت جاهلة بالعتق أو بالخيار أو بالفوريّة (5) جاز لها الفسخ بعد العلم، و لايضرّه التأخير حينئذٍ.

مسألة 7: إن كانت صبيّة أو مجنونة فالأقوى أنّ وليّها يتولّى خيارها.

مسألة 8: لايجب على الزوج إعلامها بالعتق أو بالخيار إذا لم تعلم، بل يجوز له إخفاء الأمر عليها.

مسألة 9: ظاهر المشهور عدم الفرق في ثبوت الخيار لها بين أن يكون المولى هو المباشر لتزويجها أو آذنها فاختارت هي زوجاً برضاها، و لكن يمكن دعوى انصراف الأخبار (6) إلى (1). الگلپايگاني: و قبل التعيين (2). الگلپايگاني: ثبوت الخيار

بالعتق في العدّة محلّ تأمّل، فلايُترك مراعاة الاحتياط فيها بعدم اختيار الزوجةالفسخ و عدم رجوع الزوج لو اختارت الفسخ و عدم إمساكها بلا عقد جديد إذا رجع بعد الفسخ و عدم تزويج الزوجة بدون الطلاق مع الرجوع بعد الفسخ (3). الگلپايگاني: بل الأحوط في الفرض استيناف عدّة الحرّة من حين الفسخ (4). الخوئي: و إن كان الأظهر عدم فوريّته (5). الگلپايگاني: في بقاء الخيار مع الجهل بالفوريّة تأمّل (6). الخوئي: لا وجه لهذه الدعوى

الگلپايگاني: دعوى الانصراف في المقام لا وجه لها، و لا مانع من الأخذ بالإطلاق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 828

صورة مباشرة المولى بلا اختيار منها.

مسألة 10: لو شرط مولاها في العتق عدم فسخها، فالظاهر صحّته (1).

مسألة 11: لو اعتق العبد، لا خيار له و لا لزوجته.

مسألة 12: لو كان عند العبد حرّة و أمتان فاعتقت إحدى الأمتين، فهل لها الخيار أو لا؟

وجهان (2)؛ وعلى الأوّل إن اختارت البقاء، فهل يثبت للزوج التخيير أو يبطل نكاحها؟

وجهان؛ وكذا إذا كان عنده ثلاث (3) أو أربع إماء (4) فاعتقت إحداها. و لو اعتق في هذا الفرض جميعهنّ دفعةً (5)، ففي كون الزوج مخيّراً و بعد اختياره يكون التخيير للباقيات أو التخيير من الأوّل للزوجات، فإن اخترن البقاء فله التخيير أو يبطل نكاح الجميع، وجوه (6). (1). الخوئي: هذا الشرط و إن كان صحيحاً و يجب عليها العمل به، إلّاأنّها إذا فسخت كان فسخها مؤثّراً و موجباً لبطلان العقد (2). الخوئي: الأظهر هو الوجه الأوّل، و عليه فإن اختارت الفسخ بطل نكاحها فحسب، و إن اختارت البقاءفالأظهر رجوع الزوج إلى القرعة، كما مرّ نظيره سابقاً (3). الگلپايگاني: لو كان عنده ثلاث إماء و اعتقت إحداها فقد

جمع بين حرّة و أمتين و مرّ أنّه لا إشكال فيه

الخوئي: هذا من سهو القلم، فإنّه إذا اعتقت واحدة منها فلا مانع من الجمع بينها و بين الأمتين الباقيتين، حيث إنّه من الجمع بين حرّة و أمتين (4). الخوئي: يظهر حكم ذلك ممّا تقدّم (5). الگلپايگاني: الظاهر أنّ جهات المسألة في جميع الفروض متماثلة، فلا وجه للفرق بين الفرض و الفرضين السابقين، و الأشبه في الجميع البطلان و على القول بعدمه فالتخيير للزوج ابتداءً ثمّ للباقيات، و يظهر وجهه بالتأمّل (6). الخوئي: قد عرفت أنّ الأظهر هو ثبوت الخيار لهنّ جميعاً، فإن اخترن البقاء فالأظهر رجوع الزوج إلى القرعة، و إن اخترن الفسخ بطل نكاحهنّ جميعاً؛ و بذلك يظهر حال التبعيض

تتمّة

إنّ الماتن قدس سره لم يتعرّض لحكم البيع و الطلاق، فالمناسب أن نتعرّض له؛ فنقول: إذا باع المالك أمته المزوّجة كان ذلك طلاقاً، سواء كان زوجها حرّاً أم كان عبداً، ولكن يتخيّر المشتري بين إمضاء عقد النكاح و فسخه، و المشهور على أنّ خياره فوريّ؛ و فيه إشكال، بل منع؛ نعم، إذا أمضى المشتري العقد و لم يفسخه سقط خياره و ليس له الفسخ بعد ذلك، و كذلك العبد المزوّج من أمته، فإذا بيع كان ذلك طلاق زوجته و كان للمشتري الخيار؛ و أمّا لو كانت زوجته حرّة فبيع، فالمشهور أنّ بيعه أيضاً طلاق زوجته، إلّاأنّه لايخلو عن إشكال، بل منع. و إذا زوّج المولى عبده من أمته كان الطلاق بيد المولى، بل له أن يفرّق بينهما بلا طلاق، كما مرّ، و أمّا إذا زوّجه من أمة لغيره أو حرّة أو تزوّج العبد بإذنه فالطلاق بيد العبد و ليس للمولى إجباره على الطلاق، ولو بيعت الأمة

المطلّقة أثناء عدّتها أتمّت العدّة، و هل عليها الاستبراء زائداً على ذلك؟ قيل: نعم، ولكنّ الأظهر عدم لزومه

[فصل في العقد و أحكامه

فصل في العقد و أحكامه

مسألة 1: يشترط في النكاح الصيغة، بمعنى الإيجاب و القبول اللفظيّين فلايكفي التراضي الباطني (1) و لا الإيجاب و القبول الفعليّين؛ و أن يكون الإيجاب بلفظ النكاح أو التزويج على الأحوط (2)، فلايكفي بلفظ المتعة في النكاح الدائم (3) و إن كان لايبعد كفايته مع الإتيان بما يدلّ (4) على إرادة الدوام. و يشترط العربيّة (5) مع التمكّن منها و لو بالتوكيل (6) على الأحوط (7)؛ نعم، مع عدم التمكّن منها و لو بالتوكيل (8) يكفي غيرها من الألسنة إذا اتي بترجمة اللفظين من النكاح و التزويج. و الأحوط اعتبار الماضويّة و إن كان الأقوى عدمه، فيكفي المستقبل (1). مكارم الشيرازي: عدم جواز المعاطاة في النكاح مع عموم أدلّة المعاطاة، ليس إلّالظهور الإجماع، لا إجماع الأصحاب فقط، بل إجماع المسلمين؛ و لما يظهر من روايات عديدة الواردة في أبواب أحكام عقد النكاح، من كون ذلك أمراً مقطوعاً به في الصدر الأوّل و فيما بين الرواة، ولكنّ الاستدلال له بأنّ مرجع المعاطاة فيه إلى الزنا فاسد جدّاً، لأنّ الزنا و إن كان فيه التراضي كثيراً، ولكن ليس فيه قصد إنشاء النكاح بالفعل قطعاً؛ و الفرق بينهما واضح جدّاً (2). الخوئي: هذا الاحتياط لايُترك (3). مكارم الشيرازي: بل يكفي إذا احتفّ بقرائن يوجب ظهورها في العقد الدائم، لعدم الدليل على اعتبار أزيد من الظهور العرفي في الصيغة؛ مضافاً إلى ما ورد في مورد ترك ذكر الأجل في المتعة، و أنّه إن تركه كان نكاحاً دائماً؛ فتأمّل (4). الامام الخميني: أي يجعله ظاهراً في الدوام،

و مع ذلك لاينبغي ترك الاحتياط (5). مكارم الشيرازي: لا دليل على وجوبها، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط فيها؛ و عمدة ما استدلّوا عليه، أصالة الفساد و توقيفيّة عقد النكاح و لزوم الاحتياط في الفروج و انصراف الإطلاقات إلى المتعارف و هو العربيّ، و شبه ذلك؛ ولكن جميع ذلك قابل للدفع بعد ظهور العمومات و كون المتعارف لكلّ قوم، العقد بلسانهم؛ نعم، يمكن أن يقال: إنّ كثرة الأسئلة و ذكر القيود في أحكام عقد النكاح ربّما توجب إلحاقه بالامور التوقيفيّة، فلايجوز التمسّك فيه بإطلاق أدلّة العقود، ولكنّ الإنصاف أنّه لاتطمئنّ النفس بذلك بعد مراجعة الروايات، فلا مانع من الرجوع إلى الإطلاقات (6). الامام الخميني: و إن كان الجواز مع عجز نفسه لايخلو من قوّة و إن تمكّن من التوكيل (7). مكارم الشيرازي: الأقوى كفاية غير العربيّة هنا و عدم وجوب التوكيل، لعدم الدليل عليه بعد ما عرفت من الإشكال في أصل المسألة و عدم وجود إجماع هنا ولو سلّمناه هناك (8). الگلپايگاني: لكنّ الظاهر كفاية غيرها لغير المتمكّن منها و لو مع التمكّن من التوكيل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 830

و الجملة الخبريّة، كأن يقول: ازوّجك أو أنا مزوّجك فلانة، كما أنّ الأحوط تقديم الإيجاب على القبول و إن كان الأقوى جواز العكس (1) أيضاً. و كذا الأحوط (2) أن يكون الإيجاب من جانب الزوجة و القبول من جانب الزوج و إن كان الأقوى جواز العكس (3). و أن يكون القبول بلفظ «قبلت»، و لايبعد كفاية «رضيت» و لايشترط ذكر المتعلّقات، فيجوز الاقتصار على لفظ «قبلت» من دون أن يقول: «قبلت النكاح لنفسي أو لموكّلي بالمهر المعلوم». و الأقوى كفاية الإتيان بلفظ الأمر (4)، كأن يقول: زوّجني

فلانة، فقال: زوّجتكها و إن كان الأحوط (5) خلافه (6). (1). الامام الخميني: بمثل «تزوّجت»، لا بمثل «قبلت»

مكارم الشيرازي: تقديم القبول بلفظ «قبلت» غير كافٍ قطعاً؛ نعم، يصحّ بلفظ «أتزوّجك» أو «تزوّجتك»، سواء سمّيته قبولًا مقدّماً أو إيجاباً من ناحية الزوج؛ كلّ ذلك لعدم الدليل على أكثر منه و لإطلاق الأدلّة، و لورود جوازها في خصوص بعض الروايات (2). الگلپايگاني: بل الأقوى، لأنّ حقيقة النكاح على ما هو الظاهر اعتبار إضافة و علاقة بين الزوجين مستلزمة لتسلّط الزوج على الزوجة في لوازم المزاوجة و آثارها و إن كان لها عليه حقوق أيضاً، فيعتبر الإيجاب من قبل الزوجة باعتبار تسلّطها على نفسها بأن تجعلها تحت سلطنة الزوج بإنشاء زوجيّتها له و لا سلطنة للزوج عليها حتّى يجعلها تحت سلطنته بإنشاء زوجيّتها لنفسه أو زوجيّته لها، فلا محالة يعتبر منه قبول ما أنشأت و القول بأنّ المزاوجة علاقة بينهما من دون استلزام سلطنة من أحدهما على الآخر و إنّما أوجب عليهما الشارع ما أوجب لمصالح فهو خلاف ما يترائى من العرف و الشرع، حيث قال- عزّ و جلّ-: «الرجال قوّامون على النساء» و خيّرهم في إمساكهنّ بالمعروف أو تسريحهنّ بالإحسان و غير ذلك من الأحكام ممّا لا مجال لذكره في المقام

الامام الخميني: لايُترك (3). مكارم الشيرازي: إنّما يجوز العكس إذا كان بصيغة «تزوّجتك» أو «أتزوّجك» و شبهها ممّا فيه معنى المطاوعة؛ و أمّا لو كان بصيغة «زوّجتك» أو «أنكحتك» ممّا ليس فيه المطاوعة، فمشكل جدّاً، لأنّ الّذي يكثر في أذهان أهل الشرع في مفهوم النكاح، أنّ المرأة تبذل نفسها و الرجل يقبلها، كما في البايع و المشتري؛ و أمّا غير ذلك، فلا دليل على صحّته (4).

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لأنّ الأمر لا ظهور له في إنشاء العقد، بل هو طلب و استدعاء؛ و أمّا ما روي من قصّة السهل الساعدي أو غيره، فليس فيها دلالة أصلًا، لأنّ الظاهر أنّ الأمر فيها استدعاء عن النبيّ صلى الله عليه و آله لا إيجاب صيغة العقد، لأنّه لم يكن واثقاً بقبول النبيّ صلى الله عليه و آله و ما كان يدري مقدار المهر، فكان من قبيل الخطبة الّتي تكون قبل النكاح و المقاولة الّتي تكون قبل البيع (5). الخوئي: لايُترك الاحتياط (6). الامام الخميني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 831

مسألة 2: الأخرس يكفيه الإيجاب و القبول بالإشارة (1) مع قصد الإنشاء و إن تمكّن من التوكيل (2) على الأقوى.

مسألة 3: لايكفي (3) في الإيجاب و القبول الكتابة (4). (1). الخوئي: و بتحريك لسانه أيضاً (2). مكارم الشيرازي: و الأحوط للقادر على الكتابة إنشاؤه بها أيضاً؛ و أمّا أصل المسألة، فيدلّ عليه عمومات العقود و فحوى جوازها في الطلاق، مضافاً إلى كونه مجمعاً عليه؛ أضف إلى ذلك أنّ التوكيل أيضاً عقد يحتاج إلى الإنشاء و الإيجاب، فلو جاز بالإشارة، لِمَ لايجوز عقد النكاح بذلك؟ هذا، و لايُترك الاحتياط في القادر على الكتابة بإنشائه كتباً، لأنّها أصرح و أقوى من الإشارة بلسانه (3). الگلپايگاني: للقادر على التكلّم؛ و أمّا للعاجز ففيه إشكال، و كذا في الاكتفاء بالإشارة مع القدرة على الكتابة، فالأحوط للعاجز عن التكلّم الجمع بين الكتابة و الإشارة مع عدم التوكيل (4). مكارم الشيرازي: لايبعد الاكتفاء بالكتابة في مقام الإنشاء حتّى للقادر على اللفظ و إن كان مخالفاً للاحتياط؛ و ذلك لأنّ العمدة في دليلهم على عدم الجواز عدم صراحة الكتابة و كونها من

قبيل الكناية؛ ولكنّ الإنصاف أنّ الأمر ليس كذلك. توضيحه: إنّه لم يكن للكتابة في الصدر الأوّل قيمة في البيوع و العقود و النكاح و الطلاق، لعدم تداوله؛ ولو كان هناك كتابة مثل ما ورد في الدين في الكتاب العزيز، فإنّما كان لكونها سنداً على حصول القبض و الإقباض في الدين و شبهه، لا من جهة كونها إنشاء لعقد الدين و غيره، و هكذا كان الأمر في عصر الأئمّة الهداة المهديّين عليهم السلام؛ و من يعرف الكتابة و إن كان كثيراً في عهدهم، ولكن لم يتداول الإنشاء بها إلى أن انتهى الأمر إلى عصرنا، فصارت الكتابة هي الأصل في الإنشاء، بحيث لايقبل في الامور المهمّة إلّاالكتابة و التوقيع عليها، فالعقود المتداولة بين الحكومات و الشركات و الأفراد في المسائل الخطيرة لاتمضى إلّابعد التوقيع عليها، و هكذا إنّما يتمّ الإنشاء في كلّ عقد و عهد عالميّ بالتوقيع و الإمضاء عليها، فهي الأصل في الإنشاء و لايعتنى بغيرها في هذه الامور، و إن شئت قلت: في سابق الأزمنة كان البناء على الألفاظ فقط، و انقلب الأمر في زماننا و صار البناء في كثير من العقود على الكتابة فقط، إلّافي الامور اليسيرة الساذجة الّتي تقبل فيها الألفاظ، فكيف يصحّ إنكار الكتابة في عصرنا؛ و ليعلم أنّ هذا البناء العقلائي في هذه الموارد أوجب تبدّل موضوع الحكم، فكيف يصحّ لنا الحكم ببطلان عقد بيع أو نكاح لم يكن فيه إنشاء إلّامن طريق الكتابة؟ ولكنّ الاحتياط لاينبغي تركه على كلّ حال؛ نعم، عدم فتوى الفقهاء به أوجب الجرأة على إنكار ذلك، ولكن قد عرفت أنّ الموضوع قد تغيّر، فلا أقلّ من أن يقال نجتزي بالألفاظ أو الكتابة و يصحّ العقد بكلّ واحد منهما؛ ولكن

مع ذلك كلّه الاكتفاء بالكتابة في عقد النكاح مع اهتمام الشارع بأمر الفروج و الاحتياط فيها، مخالف للاحتياط، ولاينبغي ترك الاحتياط هنا، فإنّ وحشة الانفراد في الفتوى قد تمنع عن ذلك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 832

مسألة 4: لايجب التطابق بين الإيجاب و القبول في ألفاظ المتعلّقات، فلو قال: أنكحتك فلانة، فقال: قبلت التزويج، أو بالعكس، كفى؛ و كذا لو قال: على المهر المعلوم، فقال الآخر:

على الصداق المعلوم. و هكذا في سائر المتعلّقات.

مسألة 5: يكفي على الأقوى في الإيجاب لفظ «نعم» بعد الاستفهام (1)، كما إذا قال:

زوّجتني فلانة بكذا؟ فقال: نعم، فقال الأوّل: قبلت؛ لكنّ الأحوط (2) عدم الاكتفاء (3).

مسألة 6: إذا لحن في الصيغة، فإن كان مغيّراً للمعنى (4) لم يكف، و إن لم يكن مغيّراً فلا بأس به إذا كان في المتعلّقات، و إن كان في نفس اللفظين كأن يقول: جوّزتك (5) بدل «زوّجتك» فالأحوط عدم الاكتفاء به. و كذا اللحن في الإعراب.

مسألة 7: يشترط قصد الإنشاء في إجراء الصيغة.

مسألة 8: لايشترط في المجري للصيغة أن يكون عارفاً بمعنى الصيغة تفصيلًا، بأن يكون مميّزاً للفعل و الفاعل و المفعول، بل يكفي (6) علمه إجمالًا بأنّ معنى هذه الصيغة إنشاء النكاح و التزويج، لكنّ الأحوط (7) العلم التفصيليّ.

مسألة 9: يشترط الموالاة بين الإيجاب و القبول، و تكفي العرفيّة منها، فلايضرّ الفصل (1). مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه، بل الأقوى عدمه، لأنّ لفظ «نعم» بعد الاستفهام ظاهر في الإخبار، و إرادة الإنشاء منه مخالف للظاهر و غير مأنوس بالقرينة، فلايصحّ الاكتفاء به؛ و ما ورد في رواية أبان بن تغلب، لا دخل له بما نحن فيه (2). الامام الخميني، الگلپايگاني: لايُترك (3). الخوئي: بل لايبعد أن يكون هو

الأظهر (4). مكارم الشيرازي: المدار على ظهور اللفظ ظهوراً عرفيّاً و إن كان غلطاً مشهوراً أو غير مشهور، سواء كان في المتعلّقات أو في نفس العقد؛ فعلى هذا مجرّد عدم كونه مغيّراً للمعنى أولم يكن كذلك، لا أثر له؛ و لعلّ التعبير ب «جوّزتك» بدل «زوّجتك» في بعض بلاد العرب من قبيل الغلط المشهور، كما يظهر ذلك من تعليقات بعض الأعلام من أهل اللغة (5). الامام الخميني: لايكفي بمثل ذلك ممّا يكون اللحن مغيّراً للمعنى

الگلپايگاني: الأقوى عدم كفايته، لأنّه لحن مغيّر للمعنى (6). الامام الخميني: إذا كان جاهلًا باللغة بحيث لايفهم أنّ العلقة تحصل بلفظ «زوّجت» مثلًا أو بلفظ «موكّلتي»، فصحّته محلّ إشكال و إن علم أنّ هذه الجملة لهذا المعنى (7). الگلپايگاني: لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 833

في الجملة بحيث يصدق معه أنّ هذا قبول لذلك الإيجاب (1)، كما لايضرّ الفصل بمتعلّقات العقد من القيود و الشروط و غيرها و إن كثرت.

مسألة 10: ذكر بعضهم أنّه يشترط اتّحاد مجلس الإيجاب والقبول، فلو كان القابل غائباً عن المجلس، فقال الموجب: زوّجت فلاناً فلانة، و بعد بلوغ الخبر إليه قال: قبلت، لم يصحّ. و فيه: أنّه لا دليل على اعتباره (2) من حيث هو؛ و عدم الصحّة في الفرض المذكور إنّما هو من جهة الفصل الطويل أو عدم صدق المعاقدة و المعاهدة، لعدم التخاطب، و إلّافلو فرض صدق المعاقدة و عدم الفصل مع تعدّد المجلس صحّ، كما إذا خاطبه و هو في مكان آخر لكنّه يسمع صوته و يقول: قبلت، بلا فصل مضرّ، فإنّه يصدق عليه المعاقدة.

مسألة 11: و يشترط فيه التنجيز كما في سائر العقود، فلو علّقه على شرط أو مجي ء زمان بطل؛ نعم، لو علّقه

على أمر محقّق معلوم كأن يقول: إن كان هذا يوم الجمعة زوّجتك فلانة، مع علمه بأنّه يوم الجمعة صحّ (3)، و أمّا مع عدم علمه فمشكل (4).

مسألة 12: إذا أوقعا العقد على وجه يخالف الاحتياط اللّازم مراعاته، فإن أرادا البقاء فاللازم الإعادة على الوجه الصحيح، و إن أرادا الفراق فالأحوط الطلاق (5) و إن كان يمكن (1). مكارم الشيرازي: و بعبارة اخرى: المدار على عدم خروج الإيجاب عن قابليّة تركّبه مع القبول و صيرورتهما عقداً واحداً؛ فلا عبرة بمضيّ الزمان، قليلًا كان أو كثيراً؛ فلو قلنا بجواز الإنشاء بالكتابة، فأوجب العقد في كتاب و أرسله إلى بلد آخر، فلمّا وصل إليه بعد اسبوع مثلًا أمضاه و وقّع عليه، كفى و إن كان بينهما فصل طويل ولكنّه غير مضرّ بالموالاة (2). مكارم الشيرازي: فعلى هذا يجوز إجراء صيغة العقد بالهاتف و شبهه و إن كان المتعاقدان في بلدين مختلفين. و الدليل عليه إطلاقات الصحّة، مع صدق عنوان العقد عليه، مضافاً إلى تداوله بين العقلاء من أهل العرف في أمر البيع و الشراء و غيره (3). مكارم الشيرازي: الأقوى بطلان العقد، سواء علّقه على أمر محقّق أو مجهول؛ و العمدة فيه عدم تعارفه بين العقلاء، فإنّهم لايرون لمثل هذا العقد معلّق على شي ء قيمةً، فلايشمله أدلّة وجوب الوفاء بالعقد؛ أمّا كون الإنشاء من قبيل الإيجاد، و الإيجاد المعلّق غير ممكن أو أنّه ممكن، ففيه كلام ذكرناه في محلّه في الواجب المشروط و المعلّق (4). الگلپايگاني: بل باطل (5). الخوئي: هذا الاحتياط لايُترك

العروة الوثقى، ج 2، ص: 834

التمسّك بأصالة (1) عدم التأثير (2) في الزوجيّة (3) و إن كان على وجه يخالف الاحتياط الاستحبابي؛ فمع إرادة البقاء، الأحوط

الاستحبابي إعادته على الوجه المعلوم صحّته، و مع إرادة الفراق فاللازم الطلاق.

مسألة 13: يشترط في العاقد المجري للصيغة الكمال بالبلوغ و العقل، سواء كان عاقداً لنفسه أو لغيره، وكالةً أو ولايةً أو فضولًا، فلا اعتبار بعقد الصبيّ و لا المجنون و لو كان أدواريّاً حال جنونه و إن أجاز وليّه أو أجاز هو بعد بلوغه أو إفاقته على المشهور، بل لا خلاف فيه. لكنّه في الصبيّ الوكيل عن الغير محلّ تأمّل (4)، لعدم الدليل على سلب عبارته (5) إذا كان عارفاً بالعربيّة و علم قصده حقيقة، و حديث رفع القلم منصرف عن مثل هذا. و كذا إذا كان لنفسه بإذن الوليّ أو إجازته أو إجازته هو بعد البلوغ (6). و كذا لا اعتبار بعقد (1). الگلپايگاني: يعني يمكن للفقيه التمسّك بأصالة عدم التأثير في الزوجيّة (2). الامام الخميني: هذا الأصل ممّا لا أصل له؛ نعم، يجري بعض اصول اخر، لكنّ المجري هو المجتهد (3). مكارم الشيرازي: الأقوى عدم إمكان التمسّك بها، بل اللازم الاحتياط بالطلاق في فرض المسألة؛ و ذلك لأنّ المفروض بمقتضى الاحتياط الوجوبي أنّه لا فتوى للمجتهد فيها، و الأخذ بأصالة عدم التأثير من قبيل الفتوى، فكيف يجتمعان؟ فلو أخذ بهذا الأصل، أي أصالة الفساد الّتي هي المرجع عند الشكّ في جميع أبواب العقود، كان الاحتياط من قبيل الاحتياط الاستحبابي لا الوجوبي، كما لايخفى (4). الخوئي: بل منع

الگلپايگاني: فلايُترك فيه مراعاة الاحتياط، و كذا في عقده لنفسه بإذن الوليّ أو إجازته

مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة عقده إذا كان مراهقاً و كان وكيلًا في مجرّد إجراء الصيغة، و ذلك لعين ما ذكره في المتن. و العجب أنّه استدلّ على الجواز، ولكنّه صرّح أنّه

محلّ تأمّل، مع أنّ المناسب الاستدلال على طرفي المسألة (5). الامام الخميني: الأقوى سلب عبارته (6). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً؛ و ذلك لأنّ العمدة في جواز عقد الصغير هو سيرة العقلاء على جواز معاملاته في الجملة؛ و السيرة و إن كان محققّة، إلّاأنّ الظاهر أنّها في الامور اليسيرة، لا في الامور الخطيرة مثل النكاح؛ و أمّا ما روي عن إبراهيم بن يحيى عن أبي عبداللّه عليه السلام «تزوّج رسول اللّه صلى الله عليه و آله امّ سلمة، زوّجها إيّاه عمر بن أبي سلمة، و هو صغير لم يبلغ الحلم»، فالظاهر أنّه كان من باب الوكالة، مضافاً إلى ضعف الرواية، لجهالة إبراهيم بن أبي يحيى

العروة الوثقى، ج 2، ص: 835

السكران، فلايصحّ و لو مع الإجازة بعد الإفاقة؛ و أمّا عقد السكرى إذا أجازت بعد الإفاقة ففيه قولان (1)؛ فالمشهور أنّه كذلك، و ذهب جماعة إلى الصحّة مستندين إلى صحيحة ابن بزيع، و لا بأس (2) بالعمل بها و إن كان الأحوط خلافه، لإمكان حملها (3) على ما إذا لم يكن سكرها بحيث لا التفات لها إلى ما تقول، مع أنّ المشهور لم يعملوا بها و حملوها على محامل، فلايُترك الاحتياط.

مسألة 14: لا بأس بعقد السفيه إذا كان وكيلًا عن الغير في إجراء الصيغة أو أصيلًا مع إجازة الوليّ، و كذا لا بأس بعقد المكره على إجراء الصيغة للغير أو لنفسه إذا أجاز بعد ذلك.

مسألة 15: لايشترط الذكورة في العاقد، فيجوز للمرأة الوكالة عن الغير في إجراء الصيغة، كما يجوز إجراؤها لنفسها.

مسألة 16: يشترط بقاء المتعاقدين على الأهليّة إلى تمام العقد (4)، فلو أوجب ثمّ جنّ أو اغمي عليه قبل مجي ء القبول لم يصحّ، و كذا لو أوجب ثمّ نام، بل

أو غفل عن العقد بالمرّة، و كذا الحال في سائر العقود؛ و الوجه عدم صدق المعاقدة و المعاهدة، مضافاً إلى دعوى الإجماع وانصراف الأدلّة. (1). مكارم الشيرازي: الأقوى بطلان عقدها، كما ذهب إليه المشهور؛ ولو قلنا بالصحّة، لا فرق بين السكرى و السكران؛ و ذلك لأنّ محلّ الكلام ما إذا كان السكر منافياً للقصد؛ و المراد من القصد هي الإرادة الناشئة عن عقل و شعور و درك المصالح و المفاسد، و حينئذٍ لايبقى مورد للإجازة؛ و ما ورد في صحيحة ابن بزيع، يمكن حملها على صورة توكيل غيرها بإجراء الصيغة، كما هو الغالب، و حينئذٍ تبطل الوكالة و يكون من قبيل الفضوليّ، و يصحّ بعد إجازتها، و إنكار المرأة و فزعها لايكون من قبيل الردّ، كما أنّ بقائها مع الزوج بظنّ أنّه يلزمها العقد يمكن أن يكون من قبيل الدواعي، و حينئذٍ ينطبق على موازين الفضوليّ؛ هذا مضافاً إلى إعراض المشهور عنها؛ ولو فرض القول به في السكرى، يجب القول به للسكران أيضاً، للتعليل الوارد في نفس الرواية (2). الگلپايگاني: مشكل فيما إذا كان السكر بحيث لا التفات لها إلى ما تقول (3). الخوئي: هو بعيد جدّاً، و العمدة دعوى إعراض المشهور، و هي غير ثابتة لعمل جماعة من المتقدّمين بها، على أنّ كبرى هذه الدعوى غير ثابتة (4). مكارم الشيرازي: والعمدة في هذا الشرط، عدم صدق العقد بدونه؛ فلذا لم يحك الخلاف فيه عن أحد، كما قيل؛ ولكن لوقلنا بجواز إنشائه بالكتابة، تفاوت الحال، لأنّ الموجب إذا أوقع على الإنشاء، ثمّ ذهب إلى بيته فنام، و جاء القابل فأمضى السند، كان معتبراً عند العقلاء بلا إشكال؛ نعم، في الموت و الجنون و شبههما باطل

العروة

الوثقى، ج 2، ص: 836

مسألة 17: يشترط تعيين الزوج و الزوجة (1) على وجه يمتاز كلّ منهما عن غيره، بالاسم أو الوصف الموجب له أو الإشارة؛ فلو قال: زوّجتك إحدى بناتي، بطل، و كذا لو قال:

زوّجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين، و كذا لو عيّن كلّ منهما غير ما عيّنه الآخر، بل و كذا لو عيّنا معيّناً من غير معاهدة بينهما، بل من باب الاتّفاق صار ما قصده أحدهما عين ما قصده الآخر؛ و أمّا لو كان ذلك مع المعاهدة (2)، لكن لم يكن هناك دالّ على ذلك من لفظ أو فعل أو قرينة خارجيّة مفهمة، فلايبعد الصحّة (3) و إن كان الأحوط خلافه. و لايلزم تميّز ذلك المعيّن عندهما حال العقد، بل يكفي التميّز الواقعي مع إمكان العلم به بعد ذلك (4)، كما إذا قال:

زوّجتك بنتي الكبرى و لم يكن حال العقد عالماً بتاريخ تولّد البنتين، لكن بالرجوع إلى الدفتر يحصل له العلم؛ نعم، إذا كان مميّزاً واقعاً و لكن لم يمكن العلم به ظاهراً كما إذا نسي (1). مكارم الشيرازي: و الأصل فيه و إن قيل أنّه الإجماعات المتضافرة نقلها، ولكنّ الإنصاف أنّ الإجماع هنا أيضاً متّخذ من بناء العقلاء، فإنّ تعيين الزوج و الزوجة من أركان العقد و ليست الزوجيّة من قبيل البيع الّذي قد يقوم بالكلّي في الذمّة أو الكلّي في المعيّن، بل قوامها عند العقلاء دائماً بالجزئي الحقيقي المعيّن؛ و أمّا ما ورد في مصحّحة أبي عبيدة ممّا يوهم جواز العقد على إحدى البنات، فالظاهر كما يعلم بعد الدقّة في متنها أنّ العاقد نوى جزئيّاً حقيقيّاً و رضى الزوج بما نواه مع مشاهدتهنّ جمعاء قبل ذلك، ثمّ بدا له غير ذلك؛ فراجع (2).

الامام الخميني: إذا تقاولا و تعاهدا على معيّن فعقدا بلا فصل مبنيّاً عليه، فالظاهر الصحّة، كما إذا قال بعدذلك: زوّجت بنتي منك، لكنّه من قبيل القرينة الخارجيّة الحافّة بالكلام؛ نعم، لو قال بعد التعاهد: زوّجت إحدى بناتي، يشكل الصحّة

الگلپايگاني: بأن يكون الزوجان معلومين عندهما من غير أن يذكرا في العقد إلّابعبارات مشتركة مثل ابني و بنتي و ابنك و بنتك (3). مكارم الشيرازي: إن كان المعاهدة في تعيين الزوج و الزوجة من قبيل الشرائط المبنيّ عليها العقد، بحيث يكون قرينة لظهور العقد عرفاً، فلا إشكال في الصحّة عندنا، و إلّافلا إشكال في البطلان؛ و ذلك لأنّ المدار على الظهور العرفي في باب صيغ العقود، كما عرفت (4). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، لخروجه من عنوان العقد المعتبر بين العقلاء؛ و ذلك كما إذا زوّجه بنته الكبرى، ثمّ وقع الخلاف في تعيينها، حتّى رجعوا إلى تاريخ ولادتهنّ، فمجرّد التعيين الواقعي غير كافٍ في مثل ذلك، و أظهر منه الصورة التالية الّتي لايمكن تعيين ما هو المعيّن في الواقع، و الأصل في جميع ذلك الفساد. و الرجوع إلى الإطلاقات بعد خروجها عن المتعارف بين العقلاء مشكل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 837

تاريخ ولادتهما و لم يمكنه العلم به، فالأقوى البطلان (1)، لانصراف الأدلّة عن مثله، فالقول بالصحّة و التشخيص بالقرعة ضعيف.

مسألة 18: لو اختلف الاسم والوصف أو أحدهما مع الإشارة (2)، اخذ بما هو المقصود و الغي ما وقع غلطاً (3)؛ مثلًا لو قال: زوّجتك الكبرى من بناتي فاطمة، و تبيّن أنّ اسمها خديجة، صحّ العقد على خديجة الّتي هي الكبرى. و لو قال: زوّجتك فاطمة و هي الكبرى، فتبيّن أنّها صغرى، صحّ على فاطمة، لأنّها المقصود و وصفها بأنّها

كبرى وقع غلطاً، فيلغى؛ و كذا لو قال: زوّجتك هذه و هي فاطمة أو و هي الكبرى، فتبيّن أنّ اسمها خديجة أو أنّها صغرى فإنّ المقصود تزويج المشار إليها و تسميتها بفاطمة أو وصفها بأنّها الكبرى وقع غلطاً، فيلغى.

مسألة 19: إذا تنازع الزوج و الزوجة في التعيين (4) و عدمه (5) حتّى يكون العقد صحيحاً أو باطلًا، فالقول قول مدّعي الصحّة (6)، كما في سائر الشروط إذا اختلفا فيها، و كما في سائر (1). الامام الخميني: محلّ إشكال، فلايُترك التخلّص بالاحتياط

الخوئي: في القوة إشكال، بل الصحّة غير بعيدة

الگلپايگاني: لايُترك فيه مراعاة الاحتياط (2). الامام الخميني: لكن إذا كان المقصود العقد على الكبرى فتخيّل أنّ المرأة الحاضرة هي الكبرى فقال: زوّجتك هذه و هي الكبرى فالصحّة بالنسبة إلى الحاضرة لاتخلو من وجه، لكن لايُترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق (3). مكارم الشيرازي: مجرّد كونه مقصوداً غير كافٍ، بل ولا ذكره أوّلًا في الكلام، بل المدار على ظهور اللفظ مع القرائن في كون أحدهما مقصوداً بالإنشاء و الآخر غلطاً؛ و ذلك لما عرفت أنّ المدار في جميع صيغ العقود على الظهور العرفي، دون مجرّد النيّة و القصد. و العجب من بعضهم أنّه بنى المسألة على تعدّد المطلوب و وحدته، مع أنّ النكاح قائم بشخص معيّن دائماً، و لا معنى لوحدة المطلوب و تعدّده فيه، فليس من قبيل اشتراء مقدار من الحنطة بأن يكون أصل الحنطة مطلوباً و كونها عشرين منّاً مثلًا مطلوباً آخر (4). الامام الخميني: بعد اتّفاقهما في وقوع العقد و الاختلاف في التعيين و اللاتعيين (5). الگلپايگاني: إن كان النزاع في عدم التعيين حتّى قبل العقد فهو يرجع إلى النزاع في وقوع العقد على المعيّن

و الأصل عدمه، و إن كان النزاع في التعيين عند ذكر اللفظ بأن يدّعي بعدم إتيان لفظ دالّ على التعيين و إن كان الزوجان معيّنين عند العاقدين فقد تقدّم منه قدس سره الحكم بالصحّة (6). الخوئي: إذا كان النزاع في وقوع العقد على المعيّن و عدمه كما هو ظاهر العبارة، لم يكن مجال للتمسّك بأصالة الصحّة

مكارم الشيرازي: هذا إذا كان الزوج و الزوجة معيّنين بحسب القصد و كان النزاع في ظهور اللفظ و عدمها؛ و أمّا إذا رجع النزاع إلى التعيين و عدمه، فأصالة الصحّة غير جارية، لأنّ التعيين من المقوّمات لعقد النكاح و هو مشكوك، فيكون الشكّ في أصل وقوع العقد لا في صحّته؛ و قياسه على سائر الشروط قياس مع الفارق

العروة الوثقى، ج 2، ص: 838

العقود. و إن اتّفقا الزوج و وليّ الزوجة على أنّهما عيّنا معيّناً و تنازعا فيه أنّها فاطمة أو خديجة، فمع عدم البيّنة المرجع التحالف (1)، كما في سائر العقود؛ نعم، هنا صورة واحدة اختلفوا فيها و هي ما إذا كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة و لم يسمّها عند العقد (2) و لا عيّنها بغير الاسم لكنّه قصدها معيّنة، و اختلفا فيها، فالمشهور على الرجوع إلى التحالف الّذي هو مقتضى قاعدة الدعاوي. و ذهب جماعة إلى التفصيل بين ما لو كان الزوج رآهنّ جميعاً، فالقول قول الأب، و ما لو لم يرهنّ فالنكاح باطل؛ و مستندهم صحيحة أبي عبيدة الحذّاء و هي و إن كانت صحيحة، إلّاأنّ إعراض المشهور عنها مضافاً إلى مخالفتها للقواعد مع إمكان حملها على بعض المحامل يمنع عن العمل بها، فقول المشهور لايخلو عن قوّة (3)، و مع ذلك، (1). الخوئي: و يترتّب عليه سقوط الدعوى فقط، فليس

لكلّ من طرفي الدعوى إلزام الآخر بما يدّعيه؛ و أمّاكون التحالف موجباً لانفساخ العقد كما في الجواهر، فمحلّ منع، بل اللّازم على كلّ منهما أن يعمل بما هو وظيفته في الواقع (2). مكارم الشيرازي: يمكن القول ببطلان العقد هنا من غير حاجة إلى التحالف و إن كان الأحوط التحالف، بل الأحوط بعده طلاق الزوجة الواقعيّة، و ذلك لأنّ مفروض الكلام عدم تعيين الزوجة في ظاهر اللفظ عند الإنشاء، و قد عرفت أنّه من الشرائط اللازمة في الصيغة، فالنكاح باطل رأساً؛ هذا مضافاً إلى ما عرفت من إمكان حمل الصحيحة على ما إذا وكّل الزوج الأب في تعيين الزوجة، لأنّه رآهنّ و رضي بهنّ، و بالجملة: لايمكن رفع اليد عن القواعد بمثل هذه الرواية، و قد ذكرنا في محلّه من بحث حجيّة خبر الواحد أنّ الاكتفاء برواية واحدة صحيحة في رفع اليد عن القواعد المسلّمة قد يكون مشكلًا، كما لايخفى على من راجع سيرة العقلاء في حجيّة خبر الثقة الّتي هي الأصل في حجيّة خبر الواحد (3). الخوئي: إنّ هنا مسألتين قد خلط الماتن قدس سره بينهما: الاولى ما إذا اتّفق الزوج و أبو البنات على وقوع العقدعلى بنت معيّنة ثمّ اختلفا فادّعى الأب أنّها الكبرى مثلًا و ادّعى الزوج أنّها الصغرى، ففي هذه المسألة ينتهي الأمر مع عدم البيّنة إلى التحالف لامحالة، بلا فرق بين رؤية الزوج إيّاهنّ و عدم رؤيته، و لم ينسب القول بالبطلان فيها في فرض عدم الرؤية و بتقديم قول الأب في فرض الرؤية إلى أحد. الثانية ما إذا لم يتّفقا على وقوع العقد على امرأة معيّنة واتّفقا على عدم التسمية و التعيين حال العقد فادّعى الأب أنّه نوى تزويج الكبرى و ادّعى

الزوج أنّه نوى التزويج بالصغيرة، ففي هذه الصورة حكم الشيخ و أتباعه و جملة من المتأخّرين بل قيل: إنّه الأشهر، بتقديم قول الأب فيما إذا رآهنّ الزوج و بالبطلان فيما إذا لم يرهنّ، عملًا بصحيحة أبي عبيدة الواردة في هذا الموضوع، و هذا هو الصحيح، و خالف في ذلك الحلّي فحكم بالبطلان على الإطلاق فإنّه مقتضى القاعدة و هو لايعمل بأخبار الآحاد، و اختاره جماعة ممّن تأخّر عنه، و لم ينسب القول بالتحالف في هذه المسألة إلى أحد، بل لا معنى له إذ لا تداعي في المقام حتّى ينتهي الأمر إلى التحالف

العروة الوثقى، ج 2، ص: 839

الأحوط (1) مراعاة الاحتياط، و كيف كان لايتعدّى عن موردها.

مسألة 20: لايصحّ نكاح الحمل و إنكاحه (2) و إن علم ذكوريّته أو انوثيّته، و ذلك لانصراف الأدلّة (3)؛ كما لايصحّ البيع أو الشراء منه و لو بتولّي الوليّ و إن قلنا بصحّة الوصيّة له عهديّة، بل أو تمليكيّة أيضاً.

مسألة 21: لايشترط في النكاح علم كلّ من الزوج و الزوجة بأوصاف الآخر (4)، ممّا يختلف به الرغبات و تكون موجبة لزيادة المهر أو قلّته، فلايضرّ بعد تعيين شخصها الجهل بأوصافها، فلاتجري قاعدة الغرر هنا.

[فصل في مسائل متفرّقة]

اشارة

فصل في مسائل متفرّقة

[الاولى: لايجوز في النكاح دواماً أو متعةً اشتراط الخيار في نفس العقد]

الاولى: لايجوز في النكاح دواماً أو متعةً اشتراط الخيار في نفس العقد، فلو شرطه بطل، و في بطلان العقد به قولان؛ المشهور على أنّه باطل (5)، و عن ابن إدريس أنّه لايبطل ببطلان (1). الامام الخميني: لايُترك (2). مكارم الشيرازي: لا لانصراف الأدلّة فقط، كما ذكره، بل لأنّ الزوجيّة اعتبار عقلائي لايجري بين الحمل و غيره، كما هو ظاهر (3). الخوئي: الظاهر أنّه لايوجد إطلاق يعمّ نكاح الحمل حتّى يدّعى انصرافه

الگلپايگاني: لايبعد عدم اعتبار النكاح للحمل عند العرف، فلايكون نكاحه نكاحاً حتّى يحتاج إلى التمسّك بانصراف الأدلّة (4). مكارم الشيرازي: الأولى علمهما بذلك ليكون النكاح مطمئنّاً لايؤول إلى الطلاق، بل لايُترك الاحتياط في الأوصاف الّتي لايتعارف النكاح بدون العلم بها في ما بين العقلاء مثل ما إذا لم يعلم أنّها شابّة حديث السنّ أو عجوزة في الغابرين؛ و ما ادّعاه في الجواهر من الضرورة على عدم اعتبار العلم بالأوصاف، بعد عدم تعرّض كثير منهم لذلك، غير مفيد، بعد ما عرفت (5). الخوئي: و هو الصحيح؛ و الفرق بينه و بين سائر الشروط الفاسدة هو أنّ اشتراط الخيار يرجع إلى تحديدالزوجيّة بما قبل الفسخ لامحالة، و هو ينافي قصد الزواج الدائم أو المؤجّل إلى أجل معلوم، و هذا بخلاف سائر الشروط الفاسدة، فإنّها بحسب الارتكاز العرفيّ لاترجع في خصوص النكاح إلى جعل الخيار على تقدير التخلّف، و إنّما ترجع إلى تعليق الالتزام بترتيب الآثار على وجود الشرط، ففسادها لايسري إلى العقد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 840

الشرط المذكور، و لايخلو قوله عن قوّة (1)، إذ لا فرق بينه و بين سائر الشروط الفاسدة فيه، مع أنّ المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد. و دعوى

كون هذا الشرط منافياً لمقتضى العقد بخلاف سائر الشروط الفاسدة الّتي لايقولون بكونها مفسدة، كماترى. و أمّا اشتراط الخيار في المهر فلا مانع منه (2)، و لكن لابدّ من تعيين مدّته (3) و إذا فسخ قبل انقضاء المدّة يكون كالعقد بلا ذكر المهر، فيرجع إلى مهر المثل، هذا في العقد الدائم الّذي لايلزم فيه ذكر المهر؛ و أمّا في المتعة، حيث إنّها لاتصحّ بلا مهر، فاشتراط الخيار في المهر فيها مشكل.

[الثانية: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة فصدّقته، أو ادّعت امرأة زوجيّة رجل فصدّقها]

الثانية: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة فصدّقته، أو ادّعت امرأة زوجيّة رجل فصدّقها، حكم لهما (4) بذلك في ظاهر الشرع و يرتّب جميع آثار الزوجيّة بينهما، لأنّ الحقّ لايعدوهما، و لقاعدة الإقرار؛ و إذا مات أحدهما ورثه الآخر، و لا فرق في ذلك بين كونهما بلديّين معروفين أو غريبين. و أمّا إذا ادّعى أحدهما الزوجيّة و أنكر الآخر، فيجري عليهما قواعد (1). الگلپايگاني: لولا الإجماع على خلافه، كما ادّعاه الشيخ قدس سره في الخلاف

مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، بل الأظهر بطلان العقد به، كما هو المشهور؛ و العمدة في ذلك أنّ الرضا بالعقد مشروط بهذا الشرط، و عند فقدانه يفقد؛ نعم، قد يقال في البيع و نحوه أنّ فقدان بعض الشروط أو الأوصاف الّتي لاتعدّ ركناً، لايوجب ارتفاع الرضا بأصل العقد، كما في العقد على المعيب أو بيع ما يملك و ما لايملك؛ ولكنّ الفرق بين المقامين واضح، فإنّه يجبر بخيار العيب و تبعّض الصفقة و غيرها، بل صرّح الشيخ الأعظم في مكاسبه بإمكان الالتزام بالخيار عند فساد الشرط في البيع أيضاً، و قد عرفت أنّ الخيار لايجري في النكاح، للإجماع؛ فإذن لا مناص إلّاعن بطلان العقد ببطلان الشرط (2). الگلپايگاني: كما هو المشهور،

و لكن لايخلو من كلام

مكارم الشيرازي: و لايخلو أيضاً عن إشكال، فإنّه مبنيّ على كون المهر عقداً مستقلًاّ أو من قبيل الالتزام في الالتزام، لا قيداً لعقد النكاح، لكنّ الظاهر أنّ المهر جزء لعقد النكاح، و عدم بطلان العقد بترك ذكر المهر إنّما هو لانصرافه إلى مهر المثل، لا الخلوّ عنه مطلقاً (3). الخوئي: فيه إشكال، بل منع (4). الامام الخميني: مع الاحتمال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 841

الدعوى، فإن كان للمدّعي بيّنة، و إلّافيحلف (1) المنكر، أو يردّ اليمين فيحلف المدّعي و يحكم له بالزوجيّة، وعلى المنكر ترتيب آثاره (2) في الظاهر (3)، لكن يجب على كلّ منهما العمل على الواقع بينه و بين اللّه؛ و إذا حلف المنكر حكم بعدم الزوجيّة بينهما، لكنّ المدّعي مأخوذ بإقراره المستفاد من دعواه، فليس له إن كان هو الرجل تزويج الخامسة و لا امّ المنكرة و لابنتها مع الدخول بها و لا بنت أخيها أو اختها إلّابرضاها، و يجب عليه إيصال المهر إليها (4)؛ نعم، لايجب عليه نفقتها، لنشوزها بالإنكار (5). و إن كانت هي المدّعية لايجوز لها التزويج بغيره (6)، (1). الگلپايگاني: إن كان منكراً بتّاً؛ و إن كان يظهر الشكّ فالظاهر عدم السماع إلّابالبيّنة، لعدم جواز الحلف مع الشكّ و لا الردّ، من غير فرق بين كون المدّعى عليه الزوج أو الزوجة؛ و لعلّ هذه الصورة هي المراد من عبارة القواعد حيث قال: لو ادّعى رجل زوجيّة امرأة لم تسمع إلّابالبيّنة، سواء كانت معقوداً عليها أم لا (2). الگلپايگاني: يعني آثارها المحلّلة مثل الإنفاق على الزوجة و ترك الخروج بدون إذن الزوج؛ و أمّا المحرّمةمثل الوطي فيجب على المحكوم عليه العالم بالخلاف طلاق المرأة في الظاهر لئلّا يجبر على وطي المحرّم

باعتقاده و يجب على المحكوم عليها إرضاء الزوج بالطلاق أو ترك الوطي و لو ببذل المال، و على فرض عدم التمكّن من التخلّص لكلّ منهما فليقتصر على المقدار المضطرّ إليه (3). الامام الخميني: بمقدار لايمكن التخلّص عنه لو كان عالماً، بخلاف مدّعي الزوجيّة، و إن كان المنكر هو الزوج يجب عليه الطلاق في الظاهر أو تجديد النكاح مع الإمكان

مكارم الشيرازي: يعني بمقدار يجبر عليه أو في خصوص الآثار المحلّلة، كالإنفاق على الزوجة و ترك خروج الزوجة بدون إذن الزوج؛ و أمّا في الآثار المحرّمة إذا قدر على التخلّص، يتخلّص منه. و ذلك كلّه لأنّ حكم الحاكم من قبيل الأحكام الظاهريّة و لايتغيّر معه الحكم الواقعي (4). الامام الخميني: و لايجوز لها أخذه، فلو كان الزوج عالماً بالواقعة يجب عليه إيصال المهر بنحوٍ إليها (5). مكارم الشيرازي: الأولى أن يقال: لنشوزها بعدم التمكين، لأنّ مجرّد الإنكار ليس نشوزاً، لكن عدم التمكين نشوز. و ما قديقال من أنّ النشوز لابدّ أن يكون عن تمرّد لا عن عذر، و المفروض أنّه هنا قد يكون معذوراً لعدم علمها بالزوجيّة فليست ناشزة، كما ترى؛ و قياسه على ترك التمكين في حال الحيض أو الصوم الواجب أو الحجّ الواجب، قياس مع الفارق، بل الإنصاف أنّ إطلاقات أدلّة الإنفاق على الزوجة غير شاملة لما نحن فيه؛ كما لايخفى على من راجعها في أبواب الإنفاق (راجع الوسائل باب 1 من أبواب النفقات ج 15) (6). مكارم الشيرازي: لكن لو كان الزوج مصرّاً على عدم الزوجيّة ولكنّها تعلم أنّها زوجة له، جاز لها الرجوع إلى الحاكم الشرعيّ حتّى يأمره بالطلاق على فرض كونها زوجته، أو يطلّقها هو إن لم يقبل الزوج ذلك، لأنّ في

بقائها على هذه الحالة مضرّة عظيمة عليها فيجوز الطلاق دفعاً للضرر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 842

إلّا إذا طلّقها (1) و لو بأن يقول: هي طالق إن كانت زوجتي؛ و لايجوز لها السفر (2) من دون إذنه (3)، و كذا كلّ ما يتوقّف (4) على إذنه. و لو رجع المنكر إلى الإقرار هل يسمع منه (5) و يحكم بالزوجيّة بينهما؟ فيه قولان؛ و الأقوى السماع (6) إذا أظهر عذراً، لإنكاره و لم يكن متّهماً و إن كان ذلك بعد الحلف (7)، و كذا المدّعي إذا رجع عن دعواه و كذّب نفسه؛ نعم، يشكل (8) السماع منه إذا كان ذلك بعد إقامة البيّنة منه على دعواه، إلّاإذا كذّبت البيّنة أيضاً نفسها.

[الثالثة: إذا تزوّج امرأة تدّعي خلوّها عن الزوج فادّعى زوجيّتها رجل آخر]

الثالثة: إذا تزوّج امرأة تدّعي خلوّها عن الزوج فادّعى زوجيّتها رجل آخر، لم تسمع دعواه (9) إلّابالبيّنة (10)؛ نعم، له مع عدمها على كلّ منهما اليمين (11)، فإن وجّه الدعوى على الامرأة فأنكرت و حلفت سقط دعواه عليها، و إن نكلت أو ردّت اليمين عليه فحلف، لايكون (1). الخوئي: و أمّا إذا امتنع عن الطلاق فللحاكم الشرعيّ أن يطلّقها (2). الخوئي: فيه و فيما بعده إشكال (3). مكارم الشيرازي: بل يجوز لها ذلك على الأقوى؛ فإنّ أدلّة الاستيذان من الزوج لاتشمل محلّ الكلام قطعاً (4). الگلپايگاني: في حرمة ما يتوقّف على إذنه بدونه إشكال، لانصراف الأدلّة عن منكر الزوجيّة عمداً، بل يمكن أن يكون إنكاره بمنزلة إسقاط حقّه أو إذنه؛ نعم، لو اشتبه عليه الأمر، فعلى المرأة المراعاة لحقّه الواقعي (5). مكارم الشيرازي: فيه كلام يأتي في محلّه من كتاب القضاء إن شاء اللّه؛ و كذا ما قبله (6). الخوئي: هذا بالإضافة إلى الحقوق الّتي ادّعيت عليه، و الظاهر

أنّه لايعتبر في سماعه حينئذٍ أن يظهر عذراًلإنكاره و أن لايكون متّهماً؛ و أمّا بالإضافة إلى حقوقه على المدّعي ففي سماعه إشكال، و كذلك الحال فيما إذا رجع المدّعي عن دعواه و كذب نفسه، بلا فرق بين الرجوع قبل إقامة البيّنة و الرجوع بعدها (7). الگلپايگاني: بناءً على عدم كون الحلف فسخاً، كما احتمله بعض (8). الگلپايگاني: الظاهر عدم الإشكال في سقوط النزاع و انتفاء موضوع الحكم برجوع المدّعي عن الدعوى؛ سواء كان قبل الحكم أو بعده، كذّبت البيّنة نفسها أو لا (9). الگلپايگاني: يعني لم تسمع بحيث كانت حجّة على الزوج و الزوجة، فلاينافي قوله بعد ذلك: نعم، إلى آخره؛ لكن ظاهر النصّ و فتوى الأكثر، على ما قيل، عدم السماع مطلقاً إلّابالبيّنة، فلا محلّ لتوجّه اليمين على أحدهما (10). الخوئي: و الظاهر أنّه حينئذٍ ليس له إحلاف الزوج و لا الزوجة؛ أمّا الزوج فيكفي له عدم علمه بالحال، و أمّا الزوجة فلأنّ اعترافها بالزوجيّة لا أثر له حتّى يكون لحلفها أثر؛ و بذلك يظهر الحال في بقيّة المسألة (11). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لعدم الأثر هنا للإقرار، فلاينفع الحلف و الإنكار، لأنّه في حقّ غيره؛ اللّهم إلّاأن يقال بأنّ الأثر قد يظهر بعد موت المدّعي أو بعد إقرارهما معاً، أو في الحال بالنسبة إلى تفويت حقّ الزوج الأوّل من المهر، بناءً على كونه من باب التفويت؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 843

حلفه حجّة على الزوج، و تبقى على زوجيّة الزوج مع عدمها؛ سواء كان عالماً بكذب المدّعي أو لا و إن أخبر ثقة واحد بصدق المدّعي و إن كان الأحوط حينئذٍ طلاقها (1)، فيبقى النزاع بينه و بين الزوج، فإن حلف سقط دعواه بالنسبة

إليه أيضاً، و إن نكل (2) أو ردّ اليمين عليه فحلف، حكم له بالزوجيّة (3) إذا كان ذلك بعد أن حلف في الدعوى على الزوجيّة بعد الردّ عليه، و إن كان قبل تماميّة الدعوى مع الزوجيّة فيبقى النزاع بينه و بينها، كما إذا وجّه الدعوى أوّلًا عليه. و الحاصل: أنّ هذه دعوى على كلّ من الزوج و الزوجة، فمع عدم البيّنة إن حلفا سقط دعواه عليهما، و إن نكلا (4) أو ردّ اليمين عليه فحلف ثبت مدّعاه. و إن حلف أحدهما دون الآخر فلكلٍّ حكمه، فإذا حلف الزوج في الدعوى عليه فسقط بالنسبة إليه، و الزوجة لم تحلف، بل ردّت اليمين على المدّعي أو نكلت و ردّ الحاكم عليه فحلف و إن كان لايتسلّط عليها لمكان حقّ الزوج، إلّاأنّه لو طلّقها أو مات عنها ردّت إليه، سواء قلنا إنّ اليمين المردودة بمنزلة الإقرار أو بمنزلة البيّنة أو قسم ثالث؛ نعم، في استحقاقها النفقة و المهر المسمّى على الزوج إشكال، خصوصاً إن قلنا إنّه بمنزلة الإقرار أو البيّنة، هذا كلّه إذا كانت منكرة لدعوى المدّعي؛ و أمّا إذا صدّقته و أقرّت بزوجيّته فلايسمع بالنسبة إلى حقّ الزوج، و لكنّها مأخوذة بإقرارها، فلاتستحقّ النفقة (5) على الزوج و لا المهر المسمّى، بل و لا مهر (1). مكارم الشيرازي: لايُترك هذا الاحتياط، لما ورد في موثّق سماعة من أنّه إذا كان المدّعي ثقة، فعلى الزوج أن لايقرّبها. و هو موافق لما ذكرنا في محلّه من حجيّة خبر الواحد الثقة في الموضوعات في غير باب القضاء؛ ولكن قد يناقش فيه هنا بعدم ظهور الفتوى به. و على كلّ حال، كان الأولى أن يقول: «و إن كان المدّعي ثقة»، فإنّ مورد

الرواية وثاقة المدّعي، لا مخبر آخر (2). الامام الخميني: الظاهر عدم ثبوت الحقّ بمجرّد النكول، بل يرد الحاكم الحلف على المدّعي، فإن حلف يثبت الحقّ و المسألة سيّالة (3). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ قوله: «فحلف» قيد للنكول أو ردّ اليمين، فحينئذٍ لايرد عليه ما في بعض الحواشي من أنّ مجرّد النكول غيركافٍ في الحكم، بل الحاكم يرد الحلف على المدّعي حينئذٍ؛ كما يظهر ممّا سيأتي في كلامه في هذه المسألة (4). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه (5). الخوئي: لعلّه يريد بذلك أنّها لاتستحقّ مطالبة النفقة و المهر لاعترافها بأنّها بغيّة، و أمّا الزوج فيجب عليه النفقة و المهر، فإنّ الحكم بجواز الوطي مع عدم وجوب النفقة و المهر مخالف للتكليف المعلوم إجمالًا، لكن قيام الحجّة على صحّة العقد يوجب انحلال العلم، فإذا صحّ العقد وجبت النفقة و المهر لامحالة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 844

المثل إذا دخل بها، لأنّها بغيّة بمقتضى إقرارها، إلّاأن تظهر عذراً في ذلك و تردّ على المدّعي بعد موت الزوج أو طلاقه، إلى غير ذلك.

[الرابعة: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة و أنكرت، فهل يجوز لها أن تتزوّج من غيره قبل تماميّة الدعوى مع الأوّل

الرابعة: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة و أنكرت، فهل يجوز لها أن تتزوّج من غيره قبل تماميّة الدعوى مع الأوّل، و كذا يجوز لذلك الغير تزويجها أو لا، إلّابعد فراغها من المدّعى؟

وجهان (1)؛ من أنّها قبل ثبوت دعوى المدّعي خليّة و مسلّطة على نفسها، و من تعلّق حقّ المدّعي بها (2) و كونها في معرض ثبوت زوجيّتها للمدّعي، مع أنّ ذلك تفويت حقّ المدّعي إذا ردّت الحلف عليه و حلف، فإنّه ليس حجّة على غيرها و هو الزوج؛ و يحتمل التفصيل بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز للضرر عليها بمنعها حينئذٍ، و بين غير هذه الصورة، و الأظهر الوجه الأوّل،

و حينئذٍ فإن أقام المدّعي بيّنة و حكم له بها، كشف عن فساد العقد عليها، وإن لم يكن له بيّنة و حلفت (3) بقيت على زوجيّتها (4). و إن ردّت اليمين على المدّعي و حلف، (1). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: إنّ الملاك في جميع موارد الدعوى أنّ التصرّفات الّتي يوجب إفناء موضوع الدعوى، غير جائز؛ و أمّا ما لاينتفي معه الموضوع، فهو جائز؛ نعم، لو طالت المدّة و تضرّر المدّعي عليه، أمكن القول بالجواز و لو مع انتفاء الموضوع دفعاً للضرر إذا كان ضرر صبره أقوى؛ و ذلك لأنّ دليل السلطنة مأخوذ من بناء العقلاء، و عمومها و شمولها لما إذا أوجب فناء موضوع حقّ المدّعي أوّل الكلام؛ و إطلاقات الروايات أيضاً منصرفة إلى ما ذكرناه، سواء ذلك في باب الأموال و النفوس و النكاح و غيره؛ يؤيّده أنّه لولا ذلك، حصل ضرر عظيم في كثير من الدعاوي، فإنّ المدّعى عليه إذا علم أنّ الدعوى تنتهي إلى محكوميّته يتشبّث بإفناء الموضوع كي لايتسلّط المدّعي على حقّه؛ و من سبر الدعاوي المطروحة بين الناس حقّها، تيقّن ما ذكرناه؛ و منه يظهر الحال في ما نحن فيه، فإنّ إقدام المرأة على التزويج المنافي لحقّ المدّعي مشكل جدّاً، فإنّه قد لايثبت الادّعاء إلّامن طريق اليمين المردودة، و حينئذٍ لايجوز الأخذ به لو قلنا أنّه بمنزلة الإقرار، فإنّ إقرار العقلاء في حقّ غيرهم غير جائز؛ ثمّ إنّ الإنصاف أنّ هذه مسائل سيّالة، و الأولى إيكال أمرها إلى أبواب القضاء، لا عنوانها في كلّ كتاب فقهي من النكاح و البيع و غيرهما الّذي يوجب التطويل بغير طائل (2). الگلپايگاني: الظاهر أنّ حقّ المدّعي ليس إلّاأنّ له أن يدّعي، لكن قبل الإثبات،

و حكم الحاكم لا يمنع المدّعى عليه من التصرّفات و لايثبت بمجرّد الدعوى حقّ حتّى يحكم بحرمة تفويته (3). الگلپايگاني: الظاهر عدم سماع الدعوى، و كذلك الحكم في نظائرها (4). الخوئي: تقدّم أنّ الحلف لايتوجّه على الزوجة بعد التزويج كما هو المفروض هنا، حيث لا موضوع لحلفها، فإنّ موضوعه إنّما هو فيما إذا كان لاعترافها أثر و لا أثر له في المقام، و بذلك يظهر حال اليمين المردودة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 845

ففيه وجهان؛ من كشف كونها زوجة للمدّعي فيبطل العقد عليها، و من أنّ اليمين المردودة لايكون مسقطاً لحقّ الغير و هو الزوج، و هذا هو الأوجه، فيثمر فيما إذا طلّقها الزوج أو مات عنها، فإنّها حينئذٍ تردّ على المدّعي. و المسألة سيّالة تجري في دعوى الأملاك و غيرها أيضاً.

و اللّه العالم.

[الخامسة: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة فأنكرت و ادّعت زوجيّة امرأة اخرى

الخامسة: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة فأنكرت و ادّعت زوجيّة امرأة اخرى لايصحّ شرعاً زوجيّتها لذلك الرجل مع الامرأة الاولى، كما إذا كانت اخت الاولى أو امّها أو بنتها، فهناك دعويان: إحداهما من الرجل على الامرأة، و الثانية من الامرأة الاخرى على ذلك الرجل، و حينئذٍ فإمّا أن لايكون هناك بيّنة لواحد من المدّعيين أو يكون لأحدهما دون الآخر أو لكليهما؛ فعلى الأوّل يتوجّه اليمين على المنكر في كلتا الدعويين، فإن حلفا سقطت الدعويان (1)، و كذا إن نكلا (2) و حلف كلّ من المدّعيين اليمين المردودة، و إن حلف أحدهما و نكل الآخر و حلف مدّعيه اليمين المردودة سقطت دعوى الأوّل و ثبت مدّعى الثاني. و على الثاني و هو ما إذا كان لأحدهما بيّنة، ثبت مدّعى من له البيّنة، و هل تسقط دعوى الآخر أو يجري عليه قواعد الدعوى، من حلف

المنكر أو ردّه؟ قديدّعى القطع بالثاني، لأنّ كلّ دعوى لابدّ فيها من البيّنة أو الحلف، و لكن لايبعد (3) تقوية الوجه الأوّل، لأنّ البيّنة حجّة شرعيّة (4) و إذا ثبت بها زوجيّة إحدى الامرأتين لايمكن معه زوجيّة الاخرى، لأنّ (1). الگلپايگاني: بمقتضى الحلفين (2). الگلپايگاني: أي سقطت الدعويان، لكن لتعارض الحلفين

مكارم الشيرازي: أمّا سقوط الدعويين عند حلف المنكر في المقامين، فظاهر، فإنّه نتيجة الحلفين؛ و أمّا في فرض النكول، فلتعارض الزوجين. و من هنا يمكن التفصيل بينما إذا كانت الدعويان متقارنتين فيحكم بالتساقط، و أمّا إذا كانتا مختلفتين بحسب الزمان فاقيمت إحداهما و ثبتت الزوجيّة بحكم الشرع لإحدى الاختين، و حينئذٍ لا أثر للدعوى الثانية و لا لليمين المردودة بعد أن كان متعلّقاً لحقّ الغير. و ما في كلمات غير واحد منهم من التفصيل بينما إذا دخل بإحديهما و عدمه، نظراً إلى تكذيب الفعل للقول و تعارض الأصل و الظاهر غير جيّد، لأنّ فعل الدخول أعمّ من الزوجيّة، فتأمّل (3). الامام الخميني: الأقرب هو الوجه الأوّل (4). مكارم الشيرازي: يمكن أن يقال: حجيّة اللوازم الشرعيّة أو العقليّة في الأمارات و منها البيّنة إنّما هي في غير مقام الدعوى، و لا أقلّ من الشكّ، و الأصل عدم حجّيتها؛ فالمدار على المعنى المطابقي للبيّنة، بل هو معنى الشهادة؛ و حينئذٍ لاتصل النوبة إلى أنّ البيّنة بالنسبة إلى اللازم في المقام من قبيل بيّنة المنكر، و قد وقع الخلاف في محلّه في جواز إقامة البيّنة من المنكر أم لا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 846

المفروض عدم إمكان الجمع بين الامرأتين، فلازم ثبوت زوجيّة إحداهما بالأمارة الشرعيّة عدم زوجيّة الاخرى. و على الثالث فإمّا أن يكون البيّنتان مطلقتين أو مورّختين

متقارنتين أو تاريخ إحداهما أسبق من الاخرى؛ فعلى الأوّلين تتساقطان و يكون كما لو لم يكن بيّنة أصلًا، و على الثالث ترجّح الأسبق (1) إذا كانت تشهد بالزوجيّة من ذلك التاريخ إلى زمان الثانية (2)، و إن لم تشهد ببقائها إلى زمان الثانية فكذلك إذا كانت الامرأتان الامّ و البنت مع تقدّم تاريخ البنت، بخلاف الاختين و الامّ و البنت مع تقدّم تاريخ الامّ، لإمكان صحّة العقدين، بأن طلّق الاولى و عقد على الثانية في الاختين و طلّق الامّ مع عدم الدخول بها، و حينئذٍ ففي ترجيح الثانية أو التساقط وجهان (3). هذا، و لكن وردت رواية تدلّ على تقديم (1). الگلپايگاني: هذا إذا شهدت المتقدّمة بوقوع العقد السابق و بقائه إلى زمان تشهّد المتأخّر بوقوع العقدالثاني فيه، فإنّ مقتضى العمل بكلتا البيّنتين بطلان العقد الثاني، و أمّا إذا شهدت البيّنتان على زوجيّتهما الفعليّة فالظاهر تعارض البيّنتين (2). مكارم الشيرازي: إنّما ترجّح الأسبق إذا شهدت بوقوع العقد من قبل و شهدت الثانية بوقوع العقد بعده؛ و أمّا إذا شهدتا بالزوجيّة في الحال، فلامحالة يقع التعارض بينهما و إن كانت شهادة أحدهما أسبق. و عبارة المصنّف مبهمة، يظهر من بعضها أنّ النزاع في وقوع العقد و من بعضها أنّ النزاع في وقوع الزوجيّة؛ ولكنّ الحكم ما عرفت (3). الامام الخميني: فيه تفصيل

الخوئي: تارة يفرض شهادة البيّنتين على العقد و اخرى يفرض شهادتهما على الزوجيّة، فعلى الأوّل لا تنافي بينهما إلّافي الامّ و البنت و كان تاريخ عقد البنت مقدّماً على تاريخ عقد الامّ، و في مثله تتقدّم البيّنة الاولى على البيّنة الثانية لأنّها ترفع موضوعها، و أمّا في غير الامّ و البنت كما في الاختين أو فيهما

إذا كان تاريخ عقد الامّ متقدّماً على عقد البنت، فعندئذٍ لا تنافي بين البيّنتين لإمكان صحّة كلا العقدين معاً، إذ من المحتمل أن يطلّق الاولى و يتزوّج بالاخرى، و عليه فيؤخذ على طبق البيّنة الثانية فيحكم بصحّة العقد على المرأة الاخرى لأصالة الصحّة، و على الثاني فإن كانت البيّنة الاولى قائمة على زوجيّة المرأة الاولى فعلًا فعندئذٍ تسقط من جهة المعارضة مع البيّنة الثانية الّتي تدلّ على زوجيّة المرأة الاخرى، فيكون المرجع في المسألة هو استصحاب بقاء زوجيّة الاولى إلّافيما كانت المعارضة بينهما في الامّ و البنت و كانت زوجيّة البنت متقدّمة على زوجيّة الامّ، فإنّه حينئذٍ كما أنّ البيّنة الثانية تعارض البيّنة الاولى في البقاء كذلك تعارضها في الحدوث، و عليه فبعد سقوطهما لايمكن الرجوع إلى استصحاب بقاء زوجيّة الاولى. و أمّا الرواية الواردة في المسألة فهي ضعيفة لايمكن الاعتماد عليها، و بذلك يظهر ما في قول الماتن قدس سره قبل أسطر: «ترجّح الأسبق إذا كانت تشهد ... الخ»، و إن كان البيّنة الاولى قائمة على زوجيّة المرأة الاولى فحسب، من دون دلالتها على أنّها زوجته فعلًا، فعندئذٍ حال هذا الفرض حال الفرض الأوّل

الگلپايگاني: مع فرض إمكان الجمع لا وجه للترديد بين الترجيح و التساقط، بل يعمل بكلتا البيّنتين؛ و لو شهدت كلتاهما بالزوجيّة الفعليّة، فلا وجه إلّاالتساقط

مكارم الشيرازي: لا وجه لترجيح الثانية و لا التساقط، بل يعمل بكليهما و إن كانت النتيجة في الحال زوجيّة الثانية و ذلك لأنّ محتوى البيّنة الاولى كون الامّ أو الاخت زوجة له من قبل، فيؤخذ به و يرتّب عليه آثاره بالنسبة إلى الزمان الماضي، و مفهوم البيّنة الثانية كونها زوجة له في الحال، فيؤخذ به؛ نعم،

مقتضى الاستصحاب بعد ثبوت الزوجيّة السابقة بقاؤها إلى الحال، ولكن لا ربط له بمفهوم البيّنة، و من الواضح أنّه لا قيمة للاستصحاب في قبال البيّنة الثانية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 847

بيّنة الرجل (1)، إلّامع سبق بيّنة الامرأة المدّعية أو الدخول بها في الاختين، و قد عمل بها المشهور في خصوص الاختين. و منهم من تعدّى إلى الامّ و البنت أيضاً، و لكنّ العمل بها حتّى في موردها مشكل (2)، لمخالفتها للقواعد و إمكان حملها على بعض المحامل الّتي لاتخالف القواعد.

[السادسة: إذا تزوّج العبد بمملوكة ثمّ اشتراها بإذن المولى

السادسة: إذا تزوّج العبد بمملوكة ثمّ اشتراها بإذن المولى، فإن اشتراها للمولى بقي نكاحها (3) على حاله و لا إشكال في جواز وطيها، و إن اشتراها لنفسه بطل نكاحها و حلّت له بالملك على الأقوى من ملكيّة العبد (4). و هل يفتقر وطيها حينئذٍ إلى الإذن من المولى أو (1). مكارم الشيرازي: هذه الرواية و إن عمل بها المشهور، كما حكي، و يمكن رفع اليد عن القواعد بمثل هذا الدليل الخاصّ، و لكن في كلامه عليه السلام تعبير يوهم كون المورد من موارد التهمة، فإنّ قوله: «و تريد اختها» فساد النكاح يشعر بذلك؛ فلو عمل بها اختصّ بهذه الصورة، و لا بأس به، ولكنّ التعدّي منه إلى غيره مشكل جدّاً؛ هذا، و ذكر في الجواهر في المقام اثني عشرة صورة، ولكن يمكن إنهاؤها إلى ثمانية عشر أو أربعةوعشرين؛ و العمدة ما عرفت من الصور الخمسة المذكورة في كلام المصنّف (2). الامام الخميني: لا إشكال فيه، و لا بأس بمخالفتها للقواعد

الگلپايگاني: لا إشكال في العمل بها في موردها؛ نعم، في التعدّي إشكال (3). الخوئي: تقدّم أنّ بيع الأمة طلاقها و على هذا فيثبت الخيار للمولى على أساس

أنّه المشتري لها، فإن أجازبقي النكاح، و إلّاانفسخ، و عليه فلايجوز للعبد وطؤها إلّابإجازة المولى

الگلپايگاني: و لكن للمولى الخيار في الفسخ و الإمضاء، و الأحوط للعبد ترك وطئها بدون إمضاء المولى (4). الامام الخميني: ملكيّته محلّ تأمّل، كما أنّ بطلان النكاح بها محلّ تأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 848

لا؟ وجهان؛ أقواهما ذلك (1)، لأنّ الإذن السابق إنّما كان بعنوان الزوجيّة وقد زالت بالملك، فيحتاج إلى الإذن الجديد (2). ولو اشتراها لابقصد كونها لنفسه أو للمولى، فإن اشتراها بعين مال المولى كانت له و تبقى الزوجيّة (3)، و إن اشتراها بعين ماله كانت له و بطلت الزوجيّة؛ و كذا إن اشتراها في الذمّة، لانصرافه إلى ذمّة نفسه، وفي الحاجة إلى الإذن الجديد و عدمها الوجهان (4).

[السابعة: يجوز تزويج امرأة تدّعي أنّها خليّة من الزوج من غير فحص، مع عدم حصول العلم (6) بقولها]

السابعة: يجوز تزويج امرأة تدّعي أنّها خليّة من الزوج (5) من غير فحص، مع عدم حصول العلم (6) بقولها، بل و كذا إذا لم تدّع ذلك و لكن دَعَت الرجل إلى تزويجها أو أجابت إذا دُعِيَت إليه. بل الظاهر ذلك و إن علم كونها ذات بعل سابقاً و ادّعت طلاقها أو موته؛ نعم، لو كانت متّهمة في دعواها فالأحوط (7) الفحص (8) عن حالها؛ ومن هنا ظهر جواز تزويج زوجة (1). الگلپايگاني: بل الأوفق بالقواعد أنّه لايفتقر إلى الإذن بمقتضى الملكيّة؛ نعم، للمولى منعه عن الوطي بمقتضى مالكيّته الطوليّة (2). الخوئي: نعم، إلّاأنّ الإذن في الشراء لنفسه إذن له فيه، فلايحتاج إلى إذن آخر (3). الگلپايگاني: مع الخيار للمولى بنحو ما مرّ (4). الگلپايگاني: و قد مرّ أنّ الأوفق بالقواعد عدم الحاجة إلى الإذن (5). مكارم الشيرازي: و يستثنى من ذلك صورتان: إحداهما ما إذا كان الفحص سهلًا جدّاً، بحيث يعلم

حالها بأدنى فحص. و ثانيتها ما إذا كانت متّهمة في دعواها، لشهادة بعض القرائن الظنيّة بكذبها؛ و ذلك لأنّ العمدة في المسألة بعد ظاهر بعض الروايات الواردة في المسألة في الباب 25 من أبواب عقد النكاح، و الباب 10 و 6 من أبواب المتعة مضافاً إلى الشهرة و الإجماع المحكيّ، الأصل و هو أصالة عدم المانع بالنسبة إلى من لم يعلم لها زوج من قبل، و أصالة قبول قولها في أمثال هذه الامور؛ و أمّا استثناء الصورة الاولى، فواضح، لانصراف الأدلّة عنها و بناء العقلاء على الفحص فيها، و كذا الثانية؛ فعلى هذا في زماننا هذا الّذي يمكن العلم بحال المرأة بمراجعة ما عندها من الجنسيّة أو غير ذلك من الأسباب المعمولة الدارجة، يشكل نكاحها من غير فحص (6). الگلپايگاني: الأحوط في هذه الصورة ترك الاعتماد على قولها، إلّاإذا ادّعت أنّها خليّة (7). الامام الخميني: و الأولى (8). الخوئي: لا بأس بتركه فيما إذا لم يكن اطمينان بكذبها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 849

من غاب غيبة منقطعة و لم يعلم موته و حياته إذا ادّعت حصول العلم لها بموته من الأمارات والقرائن أو بإخبار المخبرين و إن لم يحصل العلم بقولها، و يجوز للوكيل أن يجري العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم، و لكنّ الأحوط الترك، خصوصاً إذا كانت متّهمة.

[الثامنة: إذا ادّعت امرأة أنّها خليّة، فتزوّجها رجل، ثمّ ادّعت بعد ذلك كونها ذات بعل

الثامنة: إذا ادّعت امرأة أنّها خليّة، فتزوّجها رجل، ثمّ ادّعت بعد ذلك كونها ذات بعل، لم تسمع دعواها (1)؛ نعم، لو أقامت البيّنة على ذلك فرّق بينها و بينه و إن لم يكن هناك زوج معيّن، بل شهدت بأنّها ذات (2) بعل على وجه الإجمال.

[التاسعة: إذا وكّلا وكيلًا في إجراء الصيغة في زمان معيّن

التاسعة: إذا وكّلا وكيلًا في إجراء الصيغة في زمان معيّن، لايجوز لهما المقاربة بعد مضيّ ذلك الزمان، إلّاإذا حصل لهما العلم بإيقاعه، و لايكفي الظنّ بذلك و إن حصل من إخبار مخبر بذلك و إن كان ثقة (3)؛ نعم، لو أخبر الوكيل بالإجراء، كفى إذا كان ثقة، بل مطلقاً (4)، لأنّ قول الوكيل حجّة فيما وكّل فيه.

[فصل في أولياء العقد]

فصل في أولياء العقد

و هم الأب و الجدّ من طرف الأب بمعنى أب الأب فصاعداً، فلايندرج فيه أب امّ الأب؛ و الوصيّ لأحدهما (5) مع فقد الآخر، و السيّد بالنسبة إلى مملوكه، و الحاكم (6). و لا ولاية للُامّ (1). الگلپايگاني: نعم، لو ادّعت ذلك قبل الدخول، فالأحوط للزوج التفحّص و إن كان الأقوى عدم لزومه (2). الامام الخميني: بأن تشهد بأنّها كانت ذات بعل و تزوّجت من الثاني حين كونها كذلك (3). الامام الخميني: على الأحوط

الخوئي: لايبعد حجيّة قول الثقة و إن لم يحصل الظنّ منه

مكارم الشيرازي: الأقوى قبول قول الثقة، لما مرّ مراراً من حجيّة خبر العدل الواحد، بل الثقة في الموضوعات عندنا، كما حرّرناه في كتابنا «القواعد الفقهيّة» في الجزء الرابع منها (4). مكارم الشيرازي: حجيّة قول الوكيل في مثل هذا إذا لم يكن ثقة، محلّ إشكال، لعدم دليل يعتدّ به عليه، لأنّ المقام ليس مقام إجراء أصالة الصحّة، للشكّ في وقوع الفعل، كما أنّه ليس ممّا يقبل إلّامن قبله، و كذلك كون الوكيل أميناً أجنبيّ عن المقام. و ما ذكره في المتن من الدليل من أنّ قول الوكيل حجّة فيما وكّل به، مصادرة على المطلوب، إلّاأن يكون إشارة إلى استمرار سيرة العقلاء على ذلك، و هو أيضاً غير ثابت (و قد تعرّض القوم له في

كتاب الوكالة في مبحث التنازع، فراجع و تدبّر)؛ هذا مضافاً إلى أنّ الغالب في الوكلاء في مثل هذه الامور، كون الوكيل موثوقاً به، فالتمسّك بإطلاقات أدلّة الوكالة مشكل أيضاً، كما أنّ شمول قاعدة «من ملك» لما نحن فيه قابل للإشكال؛ كما لايخفى (5). الامام الخميني: المسألة مشكلة، لايُترك فيها الاحتياط (6). الامام الخميني: في بعض الموارد، و يأتي الكلام فيه

مكارم الشيرازي: ثبوت الولاية لهم جميعاً في الجملة معلوم؛ ولكن سيأتي الكلام في المسألة (12 و 13) في حدود ولاية الوصيّ و الحاكم و الإشكال فيها إلّافي مواضع الضرورة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 850

و لا الجدّ من قبلها و لو من قبل امّ الأب، و لا الأخ و العمّ و الخال و أولادهم.

مسألة 1: تثبت ولاية الأب و الجدّ على الصغيرين و المجنون المتّصل جنونه بالبلوغ، بل و المنفصل (1) على الأقوى؛ و لا ولاية لهما على البالغ الرشيد و لا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيّبة؛ و اختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة على أقوال (2) و هي استقلال الوليّ و استقلالها (3)، و التفصيل بين الدوام و الانقطاع باستقلالها في الأوّل دون الثاني، و العكس، والتشريك بمعنى اعتبار إذنهما معاً. و المسألة مشكلة، فلايُترك مراعاة الاحتياط بالاستيذان منهما. و لو تزوّجت من دون إذن الأب أو زوّجها الأب من دون إذنها، وجب إمّا إجازة الآخر أو الفراق بالطلاق؛ نعم، إذا عضلها الوليّ، أي منعها من التزويج بالكفو مع ميلها سقط اعتبار إذنه، و أمّا إذا منعها من التزويج بغير الكفو شرعاً (4) فلايكون عضلًا، بل و كذا لو منعها من التزويج بغير الكفو عرفاً (5) ممّن في تزويجه غضاضة و عار عليهم و إن

كان كفواً شرعيّاً، و كذا لو منعها من التزويج بكفو معيّن مع وجود كفو آخر؛ و كذا يسقط اعتبار (1). الگلپايگاني: بل الأقوى فيه ولاية الحاكم، و الأحوط الاستيذان من أحدهما أيضاً (2). مكارم الشيرازي: الأقوى استقلال البالغة الرشيدة، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في تشريك الوليّ، و لاسيّما أنّ البالغة كثيراً ما لاتكون رشيدة في أمر نكاحها. و المسألة معركة الآراء بين فقهاء الخاصّة و العامّة و قد حكي فيه خمسة أقوال، كما أنّ الروايات متعارضة و متضاربة، وردت فيها ما يقرب من أربعين حديثاً، متفرّقة في أبواب مختلفة، منها الباب الثالث و الرابع و السادس و الثامن من أبواب عقد النكاح و الباب الحادي عشر من المُتعة، و هي على طوائف: طائفة تدلّ على استقلالها. و طائفة تدلّ على استقلال الأب و الجدّ. و طائفة ثالثة تدلّ على التشريك أو قابلة للحمل عليه، إلّاأنّ روايات استقلال البكر أصرح دلالةً، و هي موافقة للمشهور بين الأصحاب، بل و مخالفة للمشهور بين العامّة (راجع المغني لإبن قدامة، ج 7، كتاب النكاح ص 337)، بل يمكن الجمع الدلالي بينها، إمّا بحمل ما دلّ على التشريك على الاستحباب و الإرشاد و حمل مادلّ على استقلال الأب على صورة عدم رشدهنّ في أمر النكاح، كما لعلّه الغالب فيهنّ، لاسيّما في تلك الأعصار، أو يحمل على تبعيّة رضاهنّ لرضا أوليائهنّ، كما هو الغالب؛ و مع الغضّ عن جميع ذلك، مقتضى الأصل الأوّلي استقلالها و عدم ولاية أحد عليها، ولكن ينبغي عدم ترك الاحتياط لهنّ، كما عرفت (3). الگلپايگاني: و هذا لايخلو من وجه و لكن لايُترك ما ذكره من الاحتياط (4). مكارم الشيرازي: هذا خارج عن محلّ الكلام، فإنّ التزويج

بالكافر باطل؛ و الكلام في الولاية إنّما هو فيما يصحّ شرعاً (5). الگلپايگاني: مع وجود الكفو العرفي، و إلّافمشكل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 851

إذنه إذا كان غائباً لايمكن الاستيذان منه مع حاجتها إلى التزويج.

مسألة 2: إذا ذهبت بكارتها (1) بغير الوطي (2)، من وثبة و نحوها، فحكمها حكم البكر؛ و أمّا إذا ذهبت بالزنا أو الشبهة ففيه إشكال، و لايبعد (3) الإلحاق (4)، بدعوى أنّ المتبادر من البكر من لم تتزوّج، و عليه فإذا تزوّجت (5) و مات عنها أو طلّقها قبل أن يدخل بها، لايلحقها حكم البكر، و مراعاة الاحتياط أولى.

مسألة 3: لايشترط في ولاية الجدّ حياة الأب و لا موته. والقول بتوقّف ولايته على بقاء الأب، كما اختاره جماعة، ضعيف؛ و أضعف منه القول بتوقّفها على موته، كما اختاره بعض العامّة.

مسألة 4: لا خيار للصغيرة إذا زوّجها الأب (6) أو الجدّ بعد بلوغها و رشدها، بل هو لازم عليها، و كذا الصغير (7) على الأقوى. و القول بخياره في الفسخ و الإمضاء ضعيف. و كذا لا (1). الخوئي: يعني عذرتها، و إلّافالبكارة لاتزول بغير الوطي (2). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّه إذا كان لعارض مثل الوثبة، صدق البكر عليها؛ و كذا إذا طلّقت قبل الدخول، كما أنّه لاينبغي الإشكال في عدم صدق البكر عليها إذا ذهبت بكارتها بالزنا و شبهه؛ و ذلك كلّه للتبادر عرفاً، و لكن في غير واحد من روايات الباب ما يدلّ على دوران الحكم مدار الزواج، و يظهر من بعضها دورانها مدار الدخول، و الإنصاف أنّهما محمولان على المعنى العرفي بحكم الغلبة (3). الگلپايگاني: بل بعيد (4). الامام الخميني: بل لا يبعد عدمه، لكن لا يُترك الاحتياط فيه و في تاليه

الخوئي: بل هو بعيد، و دعوى التبادر لا أساس لها (5). الگلپايگاني: يعني إذا تزوّجت البكر و مات عنها زوجها قبل الدخول أو طلّقها مع كونها بكراً، و الأقوى كونها حينئذٍ محكومة بحكم البكر؛ و ما ذكره مستنداً لعدم الإلحاق ضعيف (6). الخوئي: هذا هو المعروف، بل ادّعي فيه عدم الخلاف، إلّاأن في رواية صحيحة ثبوت الخيار لها و للصغيربعد بلوغهما فيما إذا زوّجهما أبواهما حال الصغر، فالاحتياط في هذه الصورة لايُترك (7). مكارم الشيرازي: لايُترك الاحتياط، لاسيّما في الصغير؛ و ذلك لما ورد في غير واحد من روايات الباب من كونهما بالخيار إذا أدركا، وقد عمل بها جمع من قدماء الأصحاب في خصوص الصغير و إن لم يعمل بها في الصغيرة، ولكنّ الظاهر أنّ ترك العمل بها في الصغيرة ليس للإعراض عنها، بل لترجيح ما دلّ على الجواز في الصغيرة عليها؛ أضف إلى ذلك أنّ صحّة نكاح الوليّ مشروط بوجود المصلحة، كما سيأتي في المسألة الآتية إن شاء اللّه، و وجود المصلحة في مثل هذا النكاح لاسيّما في أعصارنا مشكل جدّاً و إن كانت معمولة في الأزمنة السابقة و كانت فيها المصلحة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 852

خيار للمجنون بعد إفاقته.

مسألة 5: يشترط في صحّة تزويج الأب و الجدّ و نفوذه عدم المفسدة، و إلّايكون العقد فضوليّاً كالأجنبيّ. و يحتمل (1) عدم الصحّة (2) بالإجازة أيضاً، بل الأحوط مراعاة المصلحة (3)، بل يشكل (4) الصحّة إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الآخر بحسب الشرف أو من أجل كثرة المهر أو قلّته بالنسبة إلى الصغير (5)، فاختار الأب غير الأصلح لتشهّي نفسه.

مسألة 6: لو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل أو زوّج الصغير بأزيد منه، فإن كان هناك

مصلحة تقضي ذلك صحّ العقد و المهر و لزم، و إلّاففي صحّة العقد و بطلان المهر و الرجوع إلى مهر المثل أو بطلان العقد أيضاً قولان؛ أقواهما (6) الثاني (7). و المراد من البطلان عدم النفوذ، (1). الامام الخميني: لكنّه ضعيف

الگلپايگاني: هذا الاحتمال في مسألة التزويج ضعيف (2). الخوئي: لكنّه بعيد؛ و كذلك الحال في المسألة الآتية (3). مكارم الشيرازي: بل الأقوى ذلك؛ و المسألة و إن كانت مجمعاً عليها بالنسبة إلى عدم المفسدة، كما قيل، و أدلّة لاضرر و إن كانت حاكمة على عمومات الولاية، ولكنّ العمدة في المقام أمر آخر و هو ما يستفاد من حقيقة الولاية و اعتبارها عند العقلاء، و قد أمضاها الشرع، و هي أنّ منصب الأب و الجدّ لولاية الصغار إنّما هو من باب الحسبة و الدفاع عن حقوقهم و كونهما أقرب من غيرهما، كما ورد في روايات الباب: «هو أنظر لها» لا أنّ الصغار من قبيل الملك لهما يتصرّفان فيهم كيف شائا؛ فعلى هذا، لابدّ من اجتناب المفسدة، بل مراعاة المصلحة. و أمّا ما ورد في بعض الروايات من أنّ «الولد و ماله لأبيه» فهو حكم أخلاقي، و لذا يشمل الصغير و الكبير، و قد أجمع الأصحاب على عدم جواز التصرّف في أموال الصغار إذا كان مشتملًا على المفسدة، ولا أقلّ من الشكّ في أنّ حقيقة الولاية هي الأوّل أو الأخير، و الأصل يقتضي العدم إلّابالنسبة إلى القدر المتيقّن (4). الگلپايگاني: بل لا إشكال فيها ما لم تكن فيه مفسدة و إن كان الأحوط و الأولى للأب مراعاة الأصلح (5). مكارم الشيرازي: المراد به الصغيرة، إمّا لأنّ الأمر في التذكير و التأنيث سهل أو هو من سهو القلم،

فلايرد عليها ما في بعض الشروح (6). الامام الخميني: الأقوى هو صحّة العقد مع عدم المفسدة و توقّف صحّة المهر على الإجازة، و مع عدم الإجازة يرجع إلى مهر المثل (7). مكارم الشيرازي: اختار هذا القول جماعة من أصحابنا الأقدمين، ولكن خالفهم المشهور؛ و العمدة هنا كون العقد و المهر شيئاً واحداً أو من قبيل تعدّد المطلوب، فلو كانا شيئاً واحداً كان الحكم بالفساد أقوى؛ نعم، في البيع و أمثاله قد يحصل التفكيك في العقد الواحد إذا باع ما يملك مع ما لايملك مثلًا، ولكن يجبر بالخيار؛ و حيث إنّ الخيار لايجري في النكاح، يشكل الأمر فيه؛ و قياس المسألة على ما إذا عقد بدون المهر قياس مع الفارق، كما هو الظاهر

العروة الوثقى، ج 2، ص: 853

بمعنى توقّفه على إجازتها بعد البلوغ، و يحتمل (1) البطلان و لو مع الإجازة، بناءً على اعتبار وجود المجيز في الحال.

مسألة 7: لايصحّ نكاح السفيه (2) المبذّر (3) إلّابإذن الوليّ، و عليه أن يعيّن المهر و المرأة (4)؛ و لو تزوّج بدون إذنه وقف على إجازته، فإن رأى المصلحة و أجاز صحّ و لايحتاج إلى إعادة الصيغة، لأنّه ليس كالمجنون و الصبيّ مسلوب العبارة، و لذا يصحّ وكالته عن الغير في إجراء الصيغة و مباشرته لنفسه بعد إذن الوليّ.

مسألة 8: إذا كان الشخص بالغاً رشيداً في الماليّات، لكن لارشد له بالنسبة إلى أمر التزويج (5) و خصوصيّاته، من تعيين الزوجة و كيفيّة الإمهار و نحو ذلك، فالظاهر (6) كونه (1). الامام الخميني: مرّ ضعفه

الگلپايگاني: قد مرّ ضعف هذا الاحتمال في المقام (2). الامام الخميني: إذا حجر عليه للتبذير؛ نعم، السفيه المتّصل سفهه بزمان الصغر محجور مطلقاً (3). الخوئي: الظاهر أنّه

أراد بهذا القيد من لايعلم صلاحه و فساده، و لأجل ذلك يكون القيد توضيحيّاً لا احترازيّاً، حيث إنّ ذلك معنى السفيه في الماليّات، و إلّافلايكاد يظهر وجه للتقييد (4). مكارم الشيرازي: أمّا تعيين المهر، فمعلوم بعد كونه سفيهاً في الأموال؛ و أمّا تعيين المرأة، فلا وجه له إلّاأن يكون المراد منه تعيين الصنف، بأن يقول: لاتتزوّج من بنات التجّار مثلًا لما فيهنّ من المهر الكثير، هذا كلّه في السفيه الماليّ؛ أمّا لو كان سفيهاً بالنسبة إلى عقد النكاح، فإجازة الوليّ بالنسبة إلى المرأة أيضاً شرط، كما سيأتي، و لا فرق بين من كان زمان سفهه متّصلًا بزمان الصغر أم لا (5). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ السفه مهما كان، يوجب ولاية الوليّ؛ و قد عرفت أنّ حكم الولاية أمر عقلائي قد أمضاها الشرع، و ليس أمراً تعبدّياً يختصّ بمورده؛ و العجب من جمع من أعلام المحشّين حيث قصّروا الحكم على السفه في الأموال، مع أنّ الملاك فيهما واحد، بل قد يكون النكاح أولى؛ فلو أنّ إبناً أو بنتاً له خمسة عشرة سنة رضي بالتزويج بزوج أو زوجة له سبعون سنة، مع عدم الكفائة العرفيّة و عدم المصلحة في شي ء من الجهات، و كان ذلك لسفاهة في أمر النكاح، فهل يرضى فقيه في الحكم بلزوم هذا العقد، ولاسيّما في البنات؟ و أمّا عدم تعرّضهم للسفه في غير الأموال لايضرّ بالمقصود، فإنّ الظاهر أنّهم تبعوا في ذلك القرآن المجيد، حيث تعرّض لخصوص السفه في باب الأموال و الاستغناء عنه باشتراط إذن الوليّ في البكر، و لغير ذلك (6). الگلپايگاني: الظهور ممنوع؛ لو لم يكن الظاهر خلافه؛ نعم، الأحوط له الاستيذان من الوليّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 854

كالسفيه

(1) في الماليّات في الحاجة إلى إذن الوليّ و إن لم أر من تعرّض له.

مسألة 9: كلّ من الأب و الجدّ مستقلّ في الولاية، فلايلزم الاشتراك و لا الاستيذان من الآخر، فأيّهما سبق مع مراعاة ما يجب مراعاته لم يبق محلّ للآخر. و لو زوّج كلّ منهما من شخص، فإن علم السابق منهما فهو المقدّم و لغى الآخر، و إن علم التقارن قدّم عقد الجدّ، و كذا إن جهل (2) التاريخان (3)؛ و أمّا إن علم تاريخ أحدهما دون الآخر، فإن كان المعلوم تاريخ عقد الجدّ قدّم أيضاً، وإن كان المعلوم تاريخ عقد الأب احتمل تقدّمه (4)، لكنّ الأظهر (5) تقديم عقد الجدّ، لأنّ المستفاد من خبر عبيد بن زرارة أولويّة الجدّ ما لم يكن الأب زوّجها قبله، فشرط تقديم عقد الأب كونه سابقاً، و ما لم يعلم ذلك يكون عقد الجدّ أولى. فتحصّل أنّ اللّازم تقديم عقد الجدّ في جميع الصور إلّافي صورة معلوميّة سبق عقد الأب. و لو تشاحّ الأب و الجدّ فاختار كلّ منهما واحداً قدّم اختيار الجدّ. و لو بادر الأب فعقد، فهل يكون (1). الامام الخميني: لايبعد فيمن اتّصل زمان سفهه بزمان صغره، دون غيره (2). الامام الخميني: الأقوى فيه لزوم إجراء حكم العلم الإجمالي بكونها زوجة لأحدهما (3). الگلپايگاني: بل فيه يعلم إجمالًا بكون المرأة زوجة لأحدهما و لا معيّن في البين لعدم جريان الأصلين مع جهل التاريخين أو تعارضهما على فرض الجريان على اختلاف المبنى، فعلى المرأة الاحتياط بترك التمكين لهما و ترك التزويج إلّابعد طلاقهما، و كما يجب عليها الاحتياط كذلك يجب على الرجال الاحتياط بترك تزويجها حتّى الرجلين المشتبهين

مكارم الشيرازي: فيه إشكال ظاهر، بل يكون من قبيل العلم الإجمالي

الّذي لابدّ فيه الاحتياط بطلاق المرأة من ناحية الرجلين المعلوم زوجيّة أحدهما. و ذلك لأنّ عقد الجدّ لو كان سابقاً أو مقارناً، كان مؤثّراً قطعاً في فرض تقدّمه و حيث جهل الأمر و إن لم يبق مناص عن الاحتياط؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّ أصالة عدم التقدّم من الطرفين يثبت المقارنة، فيقدّم عقد الجدّ؛ و فيه أنّه من أوضح مصاديق الأصل المثبت، و يحتمل الرجوع إلى القرعة أيضاً إذا لم يرض واحد منهما بالطلاق (4). الگلپايگاني: بل هو المتعيّن، و الرواية تدلّ على صحّة عقد الأب مع سبقه في الواقع من دون دخالة العنوان و لا الإحراز

مكارم الشيرازي: بل المتعيّن تقدّمه، بناءً على جريان أصالة عدم عقد الجدّ إلى زمان وقوع عقد الأب؛ و أمّا رواية عبيد بن زرارة و غيرها (ممّا ورد في الباب 11 من أبواب عقد النكاح) فلا دلالة لها على صورة الشكّ، و إنّما هي ناظرة إلى مقام الثبوت أو صورة القطع (5). الامام الخميني: بل الأظهر تقدّمه و ما تشبّث به غير وجيه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 855

باطلًا أو يصحّ؟ وجهان (1)، بل قولان؛ من كونه سابقاً فيجب تقديمه، و من أنّ لازم أولويّة اختيار الجدّ (2) عدم صحّة خلافه، و الأحوط مراعاة الاحتياط. و لو تشاحّ الجدّ الأسفل و الأعلى، هل يجري عليهما حكم الأب و الجدّ أو لا؟ (3) وجهان؛ أوجههما الثاني (4)، لأنّهما ليسا أباً و جدّاً، بل كلاهما جدّ، فلايشملهما ما دلّ على تقديم الجدّ على الأب.

مسألة 10: لايجوز للوليّ تزويج المولّى عليه بمن به عيب؛ سواء كان من العيوب المجوّزة للفسخ أو لا، لأنّه خلاف المصلحة؛ نعم، لو كان هناك مصلحة لازمة المراعاة جاز؛ و حينئذٍ لا خيار له و

لا للمولّى عليه إن لم يكن من العيوب المجوّزة للفسخ، و إن كان منها ففي ثبوت الخيار للمولّى عليه بعد بلوغه أو إفاقته و عدمه لأنّ المفروض إقدام الوليّ مع علمه به، وجهان (5)؛ أوجههما الأوّل، لإطلاق أدلّة تلك العيوب، و قصوره بمنزلة جهله، و علم الوليّ و لحاظ المصلحة لايوجب سقوط الخيار للمولّى عليه، و غاية ما تفيد المصلحة إنّما هو صحّة (1). مكارم الشيرازي: الأقوى بطلان عقد الأب هنا، لأنّ صريح غير واحد من روايات الباب أنّه لو هوى الأب رجلًا و الجدّ رجلًا آخر، كان الجدّ أولى، و ظاهر الأولويّة هنا الأولويّة الوضعيّة لا التكليفيّة، و بعباره اخرى: لاولاية للأب في مفروض الكلام، فكيف يصحّ عقده (2). الخوئي: لايبعد أن يكون هذا هو الأظهر (3). مكارم الشيرازي: الأقوى جريان حكم الأب و الجدّ عليهما، لعموم التعليل الوارد في خبر عبيد بن زرارة و خبر قرب الإسناد (المرويّين في الباب 11 من أبواب عقد النكاح) و لاسيّما أنّ عليّ بن جعفر رواه أيضاً في كتابه؛ و الإشكال في عموم التعليل، كما عن بعض، لا وجه له (4). الامام الخميني: لايبعد أوجهيّة الأوّل

الگلپايگاني: بل الأوّل، لما يستفاد من وجه تقدّم الجدّ من النصّ (5). الامام الخميني: لايبعد أوجهيّة العدم إذا أعمل الوليّ جهده في إحراز المصلحة، و كشف عدم المصلحةلا تأثير له

مكارم الشيرازي: الأوجه عدم الخيار، بعد فرض علم الوليّ و وجود المصلحة في ذلك؛ و التمسّك بإطلاق أدلّة الخيار ممنوع، لكون أدلّة الولاية حاكمة عليهما؛ و قوله قصور الصغير بمنزلة جهله، ممنوع، بل الأولى أن يقال: علم الوليّ بمنزلة علمه، و بالجملة لا مناص عن القول بفساد العقد، لعدم شمول أدلّة الولاية له، أو القول

بصحّته مع عدم الخيار، كما ذكره في الجواهر، و إن هو إلّاكعقد البيع على المعيب مع علم الوليّ به و اقتضاء المصلحة له، كأن يكون بقيمة رخيصة جدّاً؛ و لا أظنّ أحداً يلتزم بثبوت خيار العيب هنا للصغير إذا بلغ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 856

العقد فتبقى أدلّة الخيار بحالها، بل ربما يحتمل (1) ثبوت الخيار للوليّ أيضاً (2) من باب استيفاء ما للمولّى عليه من الحقّ، و هل له إسقاطه أم لا؟ مشكل، إلّاأن يكون هناك مصلحة ملزمة لذلك. و أمّا إذا كان الوليّ جاهلًا بالعيب و لم يعلم به إلّابعد العقد، فإن كان من العيوب المجوّزة للفسخ فلا إشكال في ثبوت الخيار له (3) و للمولّى عليه إن لم يفسخ، و للمولّى عليه فقط إذا لم يعلم به الوليّ إلى أن بلغ أو أفاق؛ و إن كان من العيوب الاخر فلا خيار للوليّ، و في ثبوته للمولّى عليه و عدمه وجهان (4)؛ أوجههما ذلك (5)، لأنّه يكشف عن عدم المصلحة في ذلك التزويج، بل يمكن أن يقال: إنّ العقد فضوليّ حينئذٍ، لا أنّه صحيح و له الخيار.

مسألة 11: مملوك المملوك كالمملوك في كون أمر تزويجه بيد المولى.

مسألة 12: للوصيّ (6) أن يزوّج المجنون (7) المحتاج إلى الزواج، بل الصغير (1). الگلپايگاني: لو كان الخيار للمولّى عليه بعد البلوغ أو الإفاقة، كما هو ظاهر المتن، فقبله لا حقّ حتّى يستوفيه الوليّ؛ نعم، لو كان للمولّى عليه حقّ فعلًا فللوليّ الخيار نيابةً و هو غير بعيد، كما نفى عنه البعد في الجواهر (2). مكارم الشيرازي: يظهر ضعفه ممّا تقدّم؛ و لاسيّما أنّ ظاهر عبارة المصنّف حصول الخيار بعد البلوغ، و حينئذٍ لا معنى لولاية الوليّ قبله (3). الگلپايگاني: نيابةً؛ و أمّا أصالةً فلا وجه له

مكارم

الشيرازي: هذا إذا كان نفس العقد ولو مع الخيار مصلحةً للصغير، و إلّافيشكل صحّة العقد (4). مكارم الشيرازي: إن كان العقد مع العيب مصلحة للصغير، فلا خيار له و لا للوليّ؛ و إن لم يكن مصلحة، فصحّة العقد محلّ إشكال، فلاتصل النوبة إلى الخيار على كلّ تقدير (5). الخوئي: فيه إشكال، بل منع، فإنّ تزويج الأب إن كان نافذاً في حقّه على أساس أنّ المعتبر في ولايته عليه عدم المفسدة فلايكون عدم المصلحة مانعاً عن نفوذ تصرّفه في حقّه كما مرّ سابقاً، و عليه فلا خيار له، و إن لم يكن نافذاً فالعقد فضوليّ تتوقّف صحّته على إجازة المولّى عليه بعد البلوغ

الگلپايگاني: بل الأوجه عدم الخيار مع فرض المصلحة، و أمّا مع عدمها فالعقد فضوليّ موقوف على إجازة المولّى عليه بعد البلوغ أو الإفاقة (6). الامام الخميني: في مورد ثبوت الولاية للموصي كالمتّصل جنونه بصغره، و الأحوط الّذي لايُترك ضمّ إذن الحاكم؛ و أمّا المجنون الّذي عرض جنونه بعد البلوغ فالأقرب أنّ أمره إلى الحاكم حتّى مع وجود الأب و الجدّ و إن كان الاحتياط حسن، و أمّا أمر الصغير مشكل، فلايُترك الاحتياط فيه (7). الگلپايگاني: المتّصل جنونه بصغره؛ و في المنفصل فالأقوى أنّ الولاية للحاكم، كما مرّ؛ نعم، الأحوط الاستيذان من الوصيّ أيضاً

مكارم الشيرازي: إذا كان هناك ضرورة؛ و لا فرق بين الجنون المتّصل بالصغر و غيره؛ ولكن لايُترك الاحتياط في غير المتّصل باستيذان الوصيّ الحاكمَ الشرعيّ؛ و هذا كلّه إذا كانت الوصيّة مطلقة شاملة للزواج أيضاً أو مع نصّ الوصيّ عليه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 857

أيضاً (1)، لكن بشرط نصّ الموصي عليه (2)؛ سواء عيّن الزوجة أوالزوج أوأطلق. و لا فرق بين أن يكون وصيّاً من قبل

الأب أو من قبل الجدّ، لكن بشرط عدم وجود الآخر، و إلّافالأمر إليه.

مسألة 13: للحاكم الشرعيّ (3) تزويج من لا وليّ له (4)، من الأب و الجدّ و الوصيّ، بشرط الحاجة إليه أو قضاء المصلحة اللازمة المراعاة.

مسألة 14: يستحبّ للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدّها، وإن لم يكونا فتوكّل أخاها، و إن تعدّد اختارت الأكبر.

مسألة 15: ورد في الأخبار أنّ إذن البكر سكوتها عند العرض عليها، و أفتى به العلماء؛ لكنّها محمولة على ما إذا ظهر رضاها و كان سكوتها لحيائها عن النطق بذلك.

مسألة 16: يشترط في ولاية الأولياء المذكورين البلوغ و العقل و الحرّيّة و الإسلام إذا كان المولّى عليه مسلماً؛ فلا ولاية للصغير و الصغيرة على مملوكهما من عبد أو أمة، بل الولاية حينئذٍ لوليّهما، و كذا مع فساد عقلهما (5) بجنون أو إغماء (6) أو (1). الگلپايگاني: الأحوط فيه عدم التزويج إلّامع اقتضاء الضرورة اللازمة

مكارم الشيرازي: فيما إذا كان هناك مصلحة ملزمة، و قد عرفت أنّ المصلحة مفقودة في زواج الصغير في أعصارنا غالباً (2). الخوئي: إذا لم ينصّ الموصي على الزواج ولكن كان للوصيّ التصرّف في مال الصغير بالبيع و الشراء، فالاحتياط بالجمع بين إذنه و إذن الحاكم لايُترك (3). الگلپايگاني: الأحوط لغير الأب و الجدّ من الأولياء عدم تزويج الصغير إلّامع الضرورة اللازمة المراعاة (4). مكارم الشيرازي: و قد يفصّل بين الصغير و غيره، فيقال بعدم تزويج الحاكم الصغير و قد يدّعى الإجماع عليه ولكن من الواضح أنّه قد تكون هناك ضرورة لازمة ترتبط بحياة الصغير و لاتحصل إلّابالنكاح، و المفروض أنّ الحاكم وليّ من لا وليّ له بمقتضى الروايات؛ نعم، لو لم تكن هناك ضرورة، فلا وجه لولايته، لعدم المصلحة فيه،

فينتفي موضوع الولاية (5). مكارم الشيرازي: أي فساد عقل المولى والمولاة إذا كانا كبيرين، فإنّه إذاكانا صغيرين لم يحتج إلى فساد العقل، بل كان الصغر مانعاً؛ و لذا أورد بعضهم على العبارة بأنّها زائدة، لكن يمكن توجيهها بما عرفت (6). مكارم الشيرازي: في حالة الإغماء لايمكن إعمال الولاية، فالأولى حمله على بعض مراتب الإغماء الّذي يشبه السكر ممّا يمكن معه العمل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 858

نحوه (1)؛ و كذا لا ولاية للأب و الجدّ مع جنونهما و نحوه (2)، وإن جنّ أحدهما دون الآخر فالولاية للآخر؛ و كذا لا ولاية للمملوك و لو مبعّضاً على ولده، حرّاً كان أو عبداً، بل الولاية في الأوّل للحاكم و في الثاني لمولاه؛ و كذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم، فتكون للجدّ إذا كان مسلماً و للحاكم إذا كان كافراً أيضاً؛ و الأقوى ثبوت ولايته على ولده الكافر (3). و لايصحّ تزويج الوليّ في حال إحرامه أو إحرام المولّى عليه؛ سواء كان بمباشرته أو بالتوكيل؛ نعم، لا بأس بالتوكيل حال الإحرام ليوقع العقد بعد الإحلال.

مسألة 17: يجب على الوكيل في التزويج أن لايتعدّى عمّا عيّنه الموكّل، من حيث الشخص و المهر و سائر الخصوصيّات، و إلّاكان فضوليّاً موقوفاً على الإجازة، و مع الإطلاق و عدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكّل (4) من سائر الجهات، و مع التعدّي يصير فضوليّاً. و لو وكّلت المرأة رجلًا في تزويجها، لايجوز له أن يزوّجها من نفسه، للانصراف (5) عنه؛ نعم، لو كان التوكيل على وجه يشمل نفسه أيضاً بالعموم أو الإطلاق جاز، و مع التصريح فأولى بالجواز. و لكن ربما يقال بعدم الجواز مع الإطلاق و الجواز مع العموم، بل قد يقال بعدمه حتّى مع التصريح

بتزويجها من نفسه، لرواية عمّار المحمولة على الكراهة (6) أو (1). الخوئي: لاتنتقل الولاية عن المالك إلى غيره بالإغماء و نحوه (2). الخوئي: إذا كان زمان الإغماء و نحوه بل الجنون أيضاً قصيراً، فالظاهر أنّ البكر البالغة لاتستقلّ في أمرها، بل لابدّ لها من الانتظار حتّى يفيق أبوها أو جدّها فتستجيز منه (3). الامام الخميني: إذا لم يكن له جدّ مسلم، و إلّافلايبعد ثبوت الولاية له دون الأب الكافر

الخوئي: فيه إشكال، بل منع

مكارم الشيرازي: سواء كان جدّه مسلماً أم لا؛ و العمدة في ذلك عمومات أدلّة الولاية و شمولها لمحلّ الكلام (4). الگلپايگاني: بحسب المتعارف (5). مكارم الشيرازي: الانصراف غير ثابت في بعض الموارد، بل يختلف باختلاف الألفاظ و الأشخاص والعادات، فالحكم على إطلاقه ممنوع (6). مكارم الشيرازي: حمل الرواية على الكراهة مشكل، لعدم قرينة ظاهرة عليها، لكن يمكن حملها على وجوب الإشهاد أو استحبابه أو حملها على عدم جواز اتّحاد الموجب و القابل، و قد ذكرنا في محلّه عدم جوازه على الأحوط

العروة الوثقى، ج 2، ص: 859

غيرها من المحامل.

مسألة 18: الأقوى صحّة النكاح الواقع فضولًا مع الإجازة؛ سواء كان فضوليّاً من أحد الطرفين أو كليهما، كان المعقود له صغيراً أو كبيراً، حرّاً أو عبداً. و المراد بالفضوليّ العقد الصادر من غير الوليّ و الوكيل؛ سواء كان قريباً كالأخ و العمّ و الخال و غيرهم، أو أجنبيّاً (1)، و كذا الصادر من العبد أو الأمة لنفسه بغير إذن الوليّ، و منه العقد الصادر من الوليّ أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من اللّه أو من الموكّل، كما إذا أوقع الوليّ العقد على خلاف المصلحة أو تعدّى الوكيل عمّا عيّنه الموكّل. و لايعتبر في الإجازة الفوريّة؛

سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد أو مع العلم به و إرادة التروّي أو عدمها أيضاً؛ نعم، لاتصحّ الإجازة بعد الردّ (2)، كما لايجوز الردّ بعد الإجازة (3)، فمعها يلزم العقد. (1). مكارم الشيرازي: جواز عقد الأجنبي له فضولًا إنّما هو في فرض مناسبة عقلائيّة تسمح له بالعقد ولو فضولًا؛ أمّا لو زوّج من كان أجنبيّاً بالمرّة من دون أيّة مناسبة مع المرأة و أهلها و من دون أىّ كلام في ذلك، فهو مشكل، لأنّه بالهزل أشبه من الجدّ، فهل يصحّ عقد كلّ من نراه بالأسواق و الشوارع من كلّ من نريد ولو فضولًا، من دون مناسبة توجب ذلك! و لعلّ ما يحكى عن ابن حمزة من اختصاص الصحّة بالموارد التسعة الواردة في النصوص، أيضاً يشير إلى ذلك لا مايترائى من ظاهره من حصر الصحّة بموارد النصوص؛ و قد ذكرنا هذا الإشكال في جميع مباحث الفضوليّ (2). الخوئي: فيه إشكال، بل لايبعد نفوذها (3). مكارم الشيرازي: عدم جواز الردّ بعد الإجازة واضح؛ و أمّا عدم صحّة الإجازة بعد الردّ، ففيه إشكال، لعدم دليل ظاهر عليه؛ أمّا الإجماع المدّعى في كلام غير واحد منهم، فهو كما ترى في أمثال المقام؛ و أمّا القول بأنّ لمالك الأمر حقّ قطع العلقة الحاصل بعقد الفضوليّ عن ملكه، ممنوع، لعدم حصول علقة بمجرّد عقد الفضوليّ، ولايعدّ ذلك تصرّفاً حتّى ينفى بدليل سلطة المالك؛ و كذا الاستدلال بأنّه يشبه الردّ المتخلّل بين الإيجاب و القبول، فإنّه قياس مع الفارق، لتحقّق العقد هنا، دونه؛ هذا مضافاً إلى دلالة صحيحة محمّد بن قيس الواردة في بيع الفضوليّ الظاهرة في نفوذ الإجازة بعد الردّ فعلًا و قولًا، و لا وجه لطردها من

هذه الجهة، و يؤيّده أو يدلّ عليه ما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام في نكاح العبيد و الإماء؛ هذا كلّه مضافاً إلى أنّه موافق لبناء العقلاء في أبواب العقود، فكم من معاملة فضوليّة لايرضى مالكه أوّلًا بل يردّه، ثمّ يتكلّم معه الدلّال و غيره حتّى يقبل و يجيز، و يكون صحيحاً عندهم ولم يمنع عنه الشرع

العروة الوثقى، ج 2، ص: 860

مسألة 19: لايشترط في الإجازة لفظ خاصّ، بل تقع بكلّ ما دلّ على إنشاء الرضا بذلك العقد، بل تقع بالفعل الدالّ عليه.

مسألة 20: يشترط في المجيز علمه (1) بأنّ له أن لايلتزم (2) بذلك العقد، فلو اعتقد لزوم العقد عليه فرضي به (3) لم يكف في الإجازة (4)؛ نعم، لو اعتقد لزوم الإجازة عليه بعد العلم بعدم لزوم العقد فأجاز، فإن كان على وجه التقييد (5) لم يكف، و إن كان على وجه الداعي يكون كافياً.

مسألة 21: الإجازة كاشفة (6) عن صحّة العقد (7) من حين وقوعه (8)، فيجب ترتيب الآثار (1). الخوئي: العبرة في صحّة العقد إضافته إليه بإجازته و رضاه بذلك العقد حقيقةً، و لايعتبر في ذلك علمه بأنّ له ذلك (2). مكارم الشيرازي: في المسألة ثلاث صور:

الاولى: اعتقاده بلزوم العقد؛ و لا شكّ أنّ الرضا بعد هذا الاعتقاد غير كافٍ، فإنّه ليس رضا بإنشاء العقد حتّى يقوم مقامه، بل رضا بما هو نتيجته.

الثانية: أن يعتقد لزوم الإجازة فيجيز على وجه التقييد، بأن يقول إن كان إجازته لازمة فأجزت، فهذا أيضاً باطل.

و الثالثة: أن يكون على وجه الداعي، فإن كان المراد منه أنّ هذا الاعتقاد كان مشوّقاً له بالرضا، فرضي مختاراً، فلا شكّ في صحّته و تأثيره، و إن كان بمعنى العلّة (يعني الاعتقاد

بوجوب الإجازة) صار علّة للرضا، ولاينبغي الشكّ في بطلانه، لأنّه أيضاً في حكم التقييد. و أمّا ما ورد في رواية محمّد بن إسماعيل بن بزيع (الحديث 1، من الباب 14 من أبواب عقد النكاح) فيمكن حمله على الفرض الأخير (3). الامام الخميني: أي مجرّد الرضا باعتقاد كونه لازماً عليه؛ وأمّا لو أظهر الرضا بالعقد قولًا أو فعلًا، فلايبعدكفايته (4). الگلپايگاني: لايبعد كفاية الرضا الحقيقي و لو لاعتقاد لزوم العقد؛ نعم، لا يكفي التسليم الخالي عن الرضا باعتقاد ذلك (5). الامام الخميني: إن أجاز العقد الخارجيّ و قيّده بذلك على وجه التوصيف، بأن قال: أجزت هذا العقد الّذي يجب علىّ إجازته، فلايبعد كفايته؛ نعم، لو رجع التقييد إلى الاشتراط لايكفي (6). الامام الخميني: المسألة مشكلة لابدّ فيها من الاحتياط (7). الگلپايگاني: حكماً لا حقيقةً (8). مكارم الشيرازي: لايبعد التفصيل؛ فإن كان العقد مقيّداً بتاريخ معيّن، كما هو المعمول في أسناد المعاملات في عصرنا هذا، فالإجازة كاشفة، لكن كشفاً حكميّاً، و إن كان العقد مطلقاً عن الزمان فهي ناقلة من حينها؛ أمّا الأوّل فلأنّه أجاز العقد المقيّد بذاك الزمان، و الكشف الحكمي ممكن عقلًا و شرعاً، بمعنى ترتيب آثار العقد من حين الإجازة و إن كان الكشف الحقيقي باطلًا؛ سواء كان بمعنى عدم دخل الإجازة مطلقاً، أو كون الإجازة شرطاً متأخّراً، أو كون تحقّق العقد بالرضا شرطاً مقارناً، أو كون الرضا التقديري حاصلًا مقارناً للعقد، فإنّ شيئاً من هذه الوجوه الأربعة لايوافق ظواهر أدلّة الشرع، بل بعضها مخالف صريح لها، كما أنّ الكشف الانقلابي بمعنى تأثير الإجازة فيما مضى، و انقلاب العدم إلى الوجود فيما سبق غير معقول رأساً، و أمّا الثانية أعني صحّة العقد المطلق من حين

وقوع الإجازة، فلأنّها ظاهر أدلّة تأثير الرضا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 861

من حينه.

مسألة 22: الرضا الباطنيّ التقديريّ لايكفي (1) في الخروج عن الفضوليّة، فلو لم يكن ملتفتاً حال العقد إلّاأنّه كان بحيث لو كان حاضراً و ملتفتاً كان راضياً، لايلزم العقد عليه بدون الإجازة، بل لو كان حاضراً حال العقد و راضياً به إلّاأنّه لم يصدر منه قول و لا فعل يدلّ (2) على رضاه (3)، فالظاهر أنّه من الفضولي (4)، فله أن لايجيز.

مسألة 23: إذا كان كارهاً حال العقد، إلّاأنّه لم يصدر منه ردّ (5) له، فالظاهر صحّته بالإجازة؛ نعم، لو استؤذن فنهى و لم يأذن، و مع ذلك أوقع الفضوليّ العقد، يشكل صحّته بالإجازة (6)، لأنّه بمنزلة الردّ بعده. و يحتمل (7) صحّته (8) بدعوى الفرق بينه و بين الردّ بعد (1). مكارم الشيرازي: اللّهم إلّاأن يكون بمعنى رضاه بعنوان كلّي لايرى انطباقه على المورد؛ فإنّ ذلك كافٍ إذا تمّ الإنشاء به، و ذلك كما إذا رضي بصلاة ابن عمّه في بيته، ولكن لايعرف الوارد أنّه ابن عمّه، فيظهر عدم الرضا، مع أنّه راضٍ بعنوانه الواقعي (2). الامام الخميني: و لا قرائن قامت على أنّ سكوته إجازة (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّ العقد يحتاج إلى الإنشاء و التنفيذ من قبل المالك، فمجرّد الرضا الباطني غير كافٍ، بل لوأظهره بعنوان الإخبار، لا تنفيذ العقد، غير كافٍ أيضاً (4). الگلپايگاني: بشرط أن لايعدّ سكوته إجازة (5). الخوئي: تقدّم أن الردّ لا أثر له (6). مكارم الشيرازي: الأقوى أنّه صحيح لا إشكال فيه، لما قد عرفت أنّ عدم جواز الإجازة بعد الردّ قابل للمنع، فكيف بالنهي قبل العقد؛ مضافاً إلى الفرق بين المقامين، بل هو أشبه شي ء بعقد المكره

الّذي لا إشكال في صحّته بعد لحوق الرضا؛ و القول بأنّ عقد المكره إنشاؤه من نفس المالك دون الفضوليّ، لا دخل له بما هو المهمّ في المسألة (7). الگلپايگاني: هذا الاحتمال قويّ (8). الامام الخميني: هذا الاحتمال بعيد مع سبقه بالنهي، و قريب مع عدم الإذن و السكوت

الخوئي: هذا الاحتمال هو الأظهر، حتّى على القول بكون الردّ بعد العقد مانعاً عن الإجازة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 862

العقد، فليس بأدون من عقد المكره الّذي نقول بصحّته إذا لحقه الرضا و إن كان لايخلو ذلك أيضاً من إشكال.

مسألة 24: لايشترط في الفضوليّ قصد الفضوليّة و لا الالتفات إلى ذلك، فلو تخيّل كونه وليّاً أو وكيلًا و أوقع العقد، فتبيّن خلافه، يكون من الفضوليّ و يصحّ بالإجازة.

مسألة 25: لو قال في مقام إجراء الصيغة: زوّجت موكّلتي فلانة مثلًا، مع أنّه لم يكن وكيلًا عنها، فهل يصحّ و يقبل الإجازة أم لا؟ الظاهر الصحّة؛ نعم، لو لم يذكر لفظ «فلانة» و نحوه كأن يقول: زوّجت موكّلتي، و كان من قصده امرأة معيّنة مع عدم كونه وكيلًا عنها، يشكل صحّته (1) بالإجازة (2).

مسألة 26: لو أوقع الفضوليّ العقد على مهر معيّن، هل يجوز إجازة العقد دون المهر أو بتعيين المهر على وجه آخر، من حيث الجنس أو من حيث القلّة و الكثرة؟ فيه إشكال (3)، بل الأظهر عدم الصحّة في الصورة الثانية (4) و هي ما إذا عيّن المهر على وجه آخر؛ كما أنّه لاتصحّ الإجازة مع شرط لم يذكر في العقد أو مع إلغاء ما ذكر فيه من الشرط.

مسألة 27: إذا أوقع العقد بعنوان الفضوليّة فتبيّن كونه وكيلًا، فالظاهر صحّته و لزومه (5) (1). الخوئي: لا إشكال فيها إذا كانت المرأة معيّنة

بالقرينة (2). مكارم الشيرازي: و الأحسن أن يفصّل بينما إذا كان للّفظ ظهور عرفيّ في إرادة امرأة معيّنة ولو بمعونة القرائن، فيصحّ بالإجازة و بينما إذا لم يكن كذلك، فيبطل؛ و الوجه فيه ظاهر (3). مكارم الشيرازي: لاينبغي الإشكال في البطلان في جميع صور المسألة؛ و ذلك لأنّ الإجازة قائمة مقام الإيجاب أو القبول؛ و من الواضح لزوم التطابق بينهما، لعدم صدق العقد بدونه؛ و ما يترائى من التفكيك في بيع ما يملك و ما لايملك و بين الشرط الفاسد و أصل العقد، لا دخل له بالمقام، لأنّ العقد هناك تامّ كامل، و إنّما منعه المانع الشرعيّ أو العقلي من نفوذ بعض مدلوله (4). الخوئي: بل في الصورة الاولى أيضاً

الگلپايگاني: لا فرق بين الصورتين على الظاهر (5). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال؛ و ذلك لأنّ عقد الوكيل لابدّ أن يكون عقد للموكّل من طريق التسبيب و إن لم يكن مباشراً؛ و هذا المعنى إنّما يتمّ إذا كان الوكيل عالماً و قاصداً للوكالة. و بعبارة اخرى: صدر العقد منه بسبب ما له من الوكالة، و إلّالم يرتبط العقد بالموكّل ولايكون فعلًا تسبيبيّاً له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 863

إذا كان ناسياً لكونه وكيلًا، بل و كذا إذا صدر التوكيل ممّن له العقد و لكن لم يبلغه الخبر على إشكال (1) فيه (2)؛ و أمّا لو أوقعه بعنوان الفضوليّة فتبيّن كونه وليّاً (3)، ففي لزومه بلا إجازة منه أو من المولّى عليه إشكال (4).

مسألة 28: إذا كان عالماً بأنّه وكيل أو وليّ، و مع ذلك أوقع العقد بعنوان الفضوليّة (5)، فهل يصحّ و يلزم أو يتوقّف على الإجازة أو لايصحّ؟ وجوه (6)؛ أقواها عدم الصحّة (7)، لأنّه يرجع إلى اشتراط كون العقد الصادر

من وليّه جائزاً، فهو كما لو أوقع البالغ العاقل بقصد أن يكون الأمر بيده في الإبقاء والعدم، و بعبارة اخرى: أوقع العقد متزلزلًا. (1). الامام الخميني: الأقرب عدم الخروج عن الفضولي (2). الخوئي: بل لايبعد عدم اللزوم (3). مكارم الشيرازي: مشكل جدّاً، إلّاأن يجيز الوليّ بعد علمه بالولاية؛ و العمدة في ذلك انصراف أدلّة ولاية الأولياء إلى صورة علمهم بالولاية و تصرّفهم بهذا العنوان، فلو أنّ الإنسان باع شيئاً من الأموال بتصوّر أنّه مال نفسه، ولكن تبيّن كونه مال ولده الصغير و صادف الغبطة، فلو رضي بعد هذا العلم و أجاز فلا إشكال، و إلّاأمكن منع شمول إطلاقات الولاية له؛ فتأمّل (4). الامام الخميني: الظاهر صحّته و لزومه مع مراعاة الغبطة

الخوئي: أظهره اللزوم و عدم الحاجة إلى الإجازة

الگلپايگاني: لايبعد الصحّة من دون حاجة إلى الإجازة إذا كان مراعياً لمصلحة المولّى عليه، كما هو المفروض (5). مكارم الشيرازي: هذا فرض نادر قلّما يتّفق، و إذا اتّفق فالأقوى صحّته مع الإجازة اللاحقة إمّا من الوكيل أو الموكّل؛ و ذلك لما عرفت من أنّ اللازم كون العقد منتسباً إلى مالكه إمّا بمباشرة نفسه أو بتسبيبه من طريق الوكيل، ولكن فعل الوكيل إنّما يكون فعله إذا صدر منه بعنوان الوكالة؛ فلو تخلّى نفسه من الوكالة ببعض الجهات، لم ينتسب العقد إلى الموكّل، و كذلك الأمر في سائر موارد التسبيب (6). الخوئي: أقواها الصحّة؛ نعم، لو علّق عقده على رضائه أو رضاء موكّله متأخّراً، جاء فيه إشكال التعليق، ولعلّ مراده قدس سره هو هذه الصورة (7). الامام الخميني: بل الأقوى الصحّة و اللزوم و لغويّة قصدها. و ما ذكره من الرجوع إلى اشتراط الجواز ممنوع، و مع تسليمه فكونه موجباً للبطلان

محلّ إشكال

الگلپايگاني: هذا إذا قيّد المنشأ بالتزلزل ليرجع إلى عدم قصد إنشاء النكاح، و أمّا إذا أنشأ النكاح واشترط جوازه و كونه موقوفاً على إجازة الموكّل أو المولّى عليه فهذا شرط فاسد و مفسد على القول بإفساده؛ و أمّا إذا أنشأ النكاح بغير عنوان الوكالة، بل بعنوان الإنشاء من قبل نفسه بلا قيد و لا شرط، كما هو الظاهر من عنوان المسألة، فالظاهر صحّة العقد و عدم توقّفه على الإجازة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 864

مسألة 29: إذا زوّج الصغيرين وليّهما، فقد مرّ أنّ العقد لازم عليهما (1) و لايجوز لهما بعد البلوغ ردّه أو فسخه. و على هذا فإذا مات أحدهما قبل البلوغ أو بعده ورثه الآخر؛ و أمّا إذا زوّجهما الفضوليّان فيتوقّف على إجازتهما بعد البلوغ أو إجازة وليّهما قبله، فإن بلغا و أجازا ثبتت الزوجيّة و يترتّب عليها أحكامها من حين العقد، لما مرّ (2) من كون الإجازة كاشفة (3)، و إن ردّا أو ردّ أحدهما أو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة كشف عن عدم الصحّة من حين الصدور، و إن بلغ أحدهما و أجاز ثمّ مات قبل بلوغ الآخر (4) يعزل ميراث الآخر على تقدير (1). الخوئي: مرّ الإشكال فيه، ولكنّه مع ذلك يثبت بينهما التوارث، لأنّ المفروض صحّة العقد و إن ثبت لهماالخيار بعد البلوغ

مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ الاحتياط ثبوت الخيار لهما إذا بلغا؛ ولكن هذا لايمنع التوارث بينهما (2). الامام الخميني: قد مرّ الإشكال في الكشف و لزوم الاحتياط و إن لايبعد الالتزام به في المقام لأجل النصّ الخاصّ (3). مكارم الشيرازي: قد عرفت في المسألة (21) التفصيل في المسألة (4). مكارم الشيرازي: المسألة لاتخلو عن إشكال و

إن كانت مشهورة و معروفة بين الأصحاب؛ و الأحوط في هذه الموارد، التصالح و ذلك لأنّ الحكم فيها مخالف للقواعد، فإنّ القاعدة تقتضي فساد العقد هنا؛ فإنّ المفروض عدم وجود طرف العقد عند إجازة الآخر، و هذا يشبه قبول المشتري بعد إيجاب البايع و موته، بل المقام أولى بالفساد، لأنّ الثمن و المثمن باقيان بعد موت البايع، ولكن طرف العقد في النكاح الّذي بحكم المثمن أو الثمن غير باقٍ هنا، و تأثير العقد فيما سبق ولو مع موت أحد الطرفين و إن كان ممكناً ذاتاً، ولكنّه مخالف لما نعرفه من بناء العقلاء، و قد صرّح بكون المسألة مخالفة للقواعد غير واحد من الأكابر، منهم الشهيد الثاني في المسالك و المحقّق الماهرصاحب الجواهر؛ و النصّ و إن كان دالًاّ على هذا الحكم، إلّاأنّ الحكم بتنصيف الموت للمهر مع ما هو المشهور بين الأصحاب من أنّ الطلاق منصف لا غير، ربّما يمنع عن الأخذ به، و التفكيك بين جملات الحديث و إن كان ممكناً، ولكنّه مخالف لمبنى العقلاء في حجيّة خبر الواحد؛ و المسألة تحتاج إلى مزيد تأمّل. و الحاصل أنّ الحكم مخالف للقواعد الثابتة من الشرع و بناء العقلاء في أبواب العقود؛ و إثباته بمثل هذا الخبر الواحد المشتمل على بعض ما يخالف المشهور من تنصيف المهر بالموت، مشكل؛ مضافاً إلى أنّ الأمر بالحلف هنا أيضاً تعبّد محض، لأنّ إجازة العقد طمعاً في الميراث، لا مانع له؛ كما نشاهد الإقدام على العقد غير الفضوليّ في البالغين جمعاً في مال الآخر أو في ميراثه، كلّ ذلك يكون من قبيل الداعي، و لا مانع فيه؛ ولكن مع ذلك اعتبار سند الحديث و ذهاب المشهور إلى العمل بمحتواه، و

كون تنصيف المهر بالموت هو الأرجح في النظر و إن كان مخالفاً للمشهور، لكنّه مخالف لما ذهب إليه العامّة، كما يظهر من المغني لإبن قدامة (ج 8، ص 59) مع احتمال كون الحلف لإثبات الجدّ في إجازة النكاح يؤيّد الفتوى بهذا الحكم؛ فتأمّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 865

الزوجيّة، فإن بلغ و أجاز يحلف على أنّه لم يكن إجازته للطمع (1) في الإرث، فإن حلف يدفع إليه، و إن لم يجز أو أجاز و لم يحلف لم يدفع، بل يردّ إلى الورثة، و كذا لو مات بعد الإجازة و قبل الحلف، هذا إذا كان متّهماً بأنّ إجازته للرغبة في الإرث؛ و أمّا إذا لم يكن متّهماً بذلك، كما إذا أجاز قبل أن يعلم موته أو كان المهر اللّازم عليه أزيد ممّا يرث أو نحو ذلك، فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف.

مسألة 30: يترتّب على تقدير الإجازة والحلف جميع الآثار المرتّبة على الزوجيّة، من المهر و حرمة الامّ و البنت (2) و حرمتها إن كانت هي الباقية على الأب و الابن و نحو ذلك، بل الظاهر ترتّب هذه الآثار بمجرّد الإجازة (3) من غير حاجة (4) إلى الحلف؛ فلو أجاز و لم يحلف مع كونه متّهماً، لايرث، و لكن يرتّب سائر الأحكام.

مسألة 31: الأقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين (5)، بل الظاهر التعدّي إلى سائر (1). الگلپايگاني: هذا ما عبّر به الفقهاء- قدّس سرّهم- و في الرواية يحلف على أنّه ما دعاه على أخذالميراث إلّارضاه بالتزويج، و الفرق بين التعبيرين واضح و لعلّهم استفادوا من الرواية ما عبّروا به (2). الخوئي: هذه الكلمة من سهو القلم أو غلط النسّاخ

مكارم الشيرازي: ذكر البنت من قبيل سهو القلم، بعد عدم كون الامّ مدخولًا بها؛ هذا،

و أصل الحكم أيضاً قابل للإشكال، لما عرفت من أنّ الحكم في المسألة مخالف للقواعد و ليس إلّامن باب التعبّد؛ و على هذا، يمكن القول بالاختصاص بمورد ورد فيه النصّ؛ فتأمّل (3). مكارم الشيرازي: فيه إشكال ظاهر، بعد كون الحكم مخالفاً للقاعدة و وجوب الاقتصار على القدر المتيقّن (4). الامام الخميني: الأقرب هو الحاجة إليه في ترتّب الأحكام ظاهراً (5). مكارم الشيرازي: لا قوّة فيه و فيما بعده من الفروض، بل الأقوى عدم الإلحاق، كما حكاه صاحب الحدائق عن المشهور، و إليه ذهب جمع من أساطين الفقه؛ و ذلك لما عرفت من أنّ الحكم مخالف للقواعد، يؤخذ به خصوص مورد النصّ (على القول به) ولايجوز التعدّي عنه؛ و ليس هنا مورد إلغاء الخصوصيّة أو الأخذ بالأولويّة، و إن هو إلّامثل قبول القابل بعد موت الموجب، و ما يقال من أنّ قياسه على موت الموجب قبل قبول القابل مع الفارق، ليس كذلك، فإنّ العقد الصادر عن الفضوليّ ليس شي ء يعتدّ به قبل إضافته إلى المالكين، فإذا اضيف إلى أحد المالكين و مات قبل إضافته إلى المالك الآخر، لم يكن عقداً عرفاً، و لايشمله أدلّة وجوب الوفاء بالعقد، و كأنّ هؤلاء يعتقدون أنّ العمدة هو العقد الصادر عن الفضوليّين؛ و أمّا الإجازة، فهي من شرائط التأثير، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل العمدة هي إجازة الّتي تقوم مقام إنشاء العقد، و أمّا العقد الفضوليّ فليس عقداً واقعاً، بل هو شبيه بالعقد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 866

الصور، كما إذا كان أحد الطرفين الوليّ والطرف الآخر الفضوليّ، أو كان أحد الطرفين المجنون و الطرف الآخر الصغير، أو كانا بالغين كاملين، أو أحدهما بالغاً و الآخر صغيراً أو مجنوناً أو نحو ذلك، ففي

جميع الصور إذا مات من لزم العقد بالنسبة إليه لعدم الحاجة إلى الإجازة أو لإجازته بعد بلوغه أو رشده و بقي الآخر فإنّه يعزل حصّة الباقي من الميراث إلى أن يردّ أو يجيز، بل الظاهر عدم الحاجة إلى الحلف في ثبوت الميراث في غير الصغيرين من سائر الصور، لاختصاص الموجب له من الأخبار بالصغيرين، و لكنّ الأحوط (1) الإحلاف (2) في الجميع (3) بالنسبة إلى الإرث، بل بالنسبة إلى سائر الأحكام أيضاً.

مسألة 32: إذا كان العقد لازماً على أحد الطرفين، من حيث كونه أصيلًا (4) أو مجيزاً و الطرف الآخر فضوليّاً ولم يتحقّق إجازة ولا ردّ، فهل يثبت على الطرف اللّازم تحريم (1). الامام الخميني: لايُترك في ترتّب جميع الأحكام، بل لاينبغي ترك الاحتياط بالتخليص بالصلح في جميع الصور الخارجة عن النصّ (2). الگلپايگاني: يعني الأحوط على آخذ الإرث الحلف ثمّ الأخذ، و أمّا الأحوط على المعطي فالإعطاء مع الإجازة و لو لم يحلف إلّامع التراضي و التصالح (3). الخوئي: لايُترك الاحتياط بالإضافة إلى الإرث و إلى أخذ المهر، و أمّا بالإضافة إلى بقيّة الأحكام فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف، مع أنّه أحوط (4). مكارم الشيرازي: لا معنى للزوم العقد على أحد الطرفين بعد كونه أمراً قائماً بهما؛ فعلى هذا لا أثر لإيجاب الأصيل أو قبوله قبل لحوق إجازة الآخر، و لايترتّب عليه حكم أصلًا؛ و ذلك كلّه لأنّ العقد أمر واحد غير مركّب ينشأ من الإيجاب و القبول، و قد عرفت آنفاً أنّ تلقّي جمع من الأصحاب من العقد الفضوليّ و أنّه عقد تامّ و الإجازة شرط لتأثيره، غير صحيح قطعاً، بل العمدة هي إجازة من المالكين و بها يكون العقد عقداً و بدونها يكون إنشاءً صادراً

عمّن ليس أهلًا للعقد على ذاك المورد، و في الحقيقة عقد الفضوليّ كالخريطة للبناء و ليس نفس البناء؛ و الدليل عليه أنّ العقد إنّما يكون عقداً إذا صدر عن أهله و عمّن هو مأمور بوجوب الوفاء لقوله تعالى: «أوفوا بالعقود» و أمّا ما صدر عن الفضوليّ فهو شي ء يمكن أن يكون عقداً في المستقبل، و لا فرق بين البيع و النكاح و غيرهما؛ نعم، لو قلنا بالكشف الحقيقي و علمنا بأنّ الطرف الآخر يجيز قطعاً في المستقبل، أثّر العقد أثره قطعاً، و لم يجز للأصيل العدول من قوله؛ ولكنّ الكشف الحقيقي غير صحيح، كما عرفت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 867

المصاهرات، فلو كان زوجاً يحرم عليه نكاح امّ المرأة و بنتها و اختها و الخامسة، و إذا كانت زوجة يحرم عليها التزويج بغيره؟ و بعبارة اخرى: هل يجري عليه آثار الزوجيّة وإن لم تجر على الطرف الآخر أو لا؟ قولان؛ أقواهما الثاني، إلّامع فرض (1) العلم (2) بحصول الإجازة بعد ذلك (3) الكاشفة عن تحقّقها من حين العقد؛ نعم، الأحوط الأوّل، لكونه في معرض ذلك (4) بمجي ء الإجازة (5)؛ نعم، إذا تزوّج الامّ أو البنت مثلًا، ثمّ حصلت الإجازة، كشفت عن بطلان ذلك (6).

مسألة 33: إذا ردّ المعقود أو المعقودة فضولًا العقد و لم يجزه، لايترتّب عليه شي ء من أحكام المصاهرة؛ سواء أجاز الطرف الآخر أو كان أصيلًا أم لا، لعدم حصول الزوجيّة بهذا العقد الغير المجاز و تبيّن كونه كأن لم يكن. و ربما يستشكل في خصوص نكاح امّ المعقود عليها، و هو في غير محلّه بعد أن لم يتحقّق نكاح. و مجرّد العقد لايوجب شيئاً، مع أنّه لا فرق بينه و بين نكاح البنت (7)؛ و كون الحرمة في

الأوّل غير مشروطة بالدخول بخلاف الثاني، لاينفع في الفرق.

مسألة 34: إذا زوّجت امرأة فضولًا من رجل و لم تعلم بالعقد، فتزوّجت من آخر، ثمّ (1). الامام الخميني: في الاستثناء إشكال، بل منع (2). الگلپايگاني: الحكم بثبوت التحريم في فرض العلم بحصول الإجازة بعد ذلك لا يجتمع مع القول بكون الإجازة كاشفة حكماً و ناقلة حقيقةً، كما هو المختار (3). الخوئي: بل مع هذا الفرض أيضاً (4). الگلپايگاني: معرضيّته لذلك موقوف على بقاء الموضوع و لا مانع من القول بانتفائه بتزويج الامّ، فلاتؤثّر الإجازة بعده؛ نعم، على القول بلزوم العقد على الأصيل يحرم ذلك عليه تكليفاً و لكن لو تزوّج صحّ و تكفي الإجازة، لكن مع ذلك لايُترك الاحتياط (5). مكارم الشيرازي: هذا الاحتياط ضعيف، لأنّ الإجازة على القول بالكشف إنّما تؤثّر إذا كان العقد باقياً على حاله؛ و تزويج الامّ و شبهها يمنع عن صحّة وقوع الإجازة؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّ الإجازة على مبنى الكشف، تؤثّر أثره من حين العقد؛ و حينئذٍ تكون التصرّفات المنافية باطلة (6). الخوئي: فيه منع؛ نعم، يتمّ ذلك على الكشف الحقيقي ببعض معانيه، على إشكال فيه أيضاً (7). الخوئي: الأمر و إن كان كذلك في المقام حيث لم يتحقّق عقد قبل الإجازة، إلّاأنّ بين نكاح الامّ و نكاح البنت فرقاً من جهة اخرى، و هي أنّ مجرّد نكاح الامّ لايوجب بطلان العقد على البنت، فلو عقد على البنت و الحال هذه بطل عقد الامّ، و هذا بخلاف عقد البنت فإنّه بمجرّده يوجب بطلان العقد على الامّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 868

علمت بذلك العقد، ليس لها أن تجيز، لفوات محلّ الإجازة؛ و كذا إذا زوّج رجل فضولًا بامرأة و قبل أن يطّلع على ذلك

تزوّج امّها أو بنتها أو اختها ثمّ علم. و دعوى أنّ الإجازة، حيث إنّها كاشفة، إذا حصلت تكشف عن بطلان العقد الثاني، كماترى (1).

مسألة 35: إذا زوّجها أحد الوكيلين من رجل و زوّجها الوكيل الآخر من آخر، فإن علم السابق من العقدين فهو الصحيح، و إن علم الاقتران بطلا معاً. و إن شكّ في السبق و الاقتران (2)، فكذلك (3)، لعدم العلم بتحقّق عقد صحيح، و الأصل عدم تأثير (4) واحد منهما. و إن علم السبق و اللحوق و لم يعلم السابق من اللاحق، فإن علم تاريخ أحدهما حكم بصحّته (5) دون الآخر و إن جهل التاريخان (6) ففي المسألة وجوه (7):

أحدها: التوقيف حتّى يحصل العلم. (1). الگلپايگاني: مناط حكم المسألة و مسألة الإحدى و الثلاثين من حيث الحكم الوضعي واحد؛ نعم، لاتجب الإجازة في الفرض على غير الأصيل تكليفاً و له إفناء الموضوع و لو مع الالتفات، بخلاف المسألة السابقة، حيث إنّه يجب على الأصيل الوفاء و يحرم عليه إفناء الموضوع لكن تكليفاً لا وضعاً، كما مرّ (2). مكارم الشيرازي: الظاهر الحكم بالصحّة في معلوم التاريخ إذا علم تاريخ أحدهما؛ و ذلك لجريان الأصل فيه بلا معارض، و هو حاكم على أصالة الفساد، لأنّه أصل موضوعي بالنسبة إليها (3). الامام الخميني: مع الجهل بتاريخهما؛ وأمّا مع العلم بتاريخ أحدهما يحكم بصحّته دون الآخر (4). الگلپايگاني: و استصحاب عدم تحقّق المجهول إلى زمان مقارن للمعلوم لايترتّب عليه أثر شرعي كي يلحق ذلك بمعلوم السبق، كما أفاده غير واحد من أكابر المحشّين، لأنّ بطلان العقد المقارن بمثله عقلي لاشرعي، بخلاف المسبوق بمثله حيث إنّ بطلانه شرعي فيستصحب عدم وقوع العقد السابق فيترتّب عليه عدم البطلان شرعاً (5).

الخوئي: الظاهر أنّ حكم المعلوم تاريخه حكم مجهوله (6). الامام الخميني: و لم يحتمل الاقتران، و إلّافيحكم ببطلانهما، كما مرّ (7). مكارم الشيرازي: الأقوى أمرهما بالطلاق، فإن أبيا فالحاكم يطلّقها عن زوجها الواقعي، و ذلك للزوم الضرر، فإن اندفع بطلاق من ناحية الزوج فهو، و إلّافعلى الحاكم الشرعيّ الطلاق، دفعاً للضرر، لما ذكرنا في محلّه من شمول قاعدة لاضرر لأبواب النكاح و غيرها، و أمّا الرجوع إلى القرعة، فهو على فرض عدم طريق آخر لحلّ المشكلة، و الطريق هنا موجود بعد وجود موضوع الضرر و حكومة قاعدة لاضرر؛ و القول بأنّ القرعة تدفع الضرر، كماترى؛ فإنّ جريانها فرع وجود موضوعها، و هو الأمر المشكل، و المفروض عدمه؛ و أمّا القول بلزوم التوقيف حتّى يحصل العلم، و هو ظاهر الفساد، لأنّه قد لايحصل العلم أبداً، أو يحصل بعد عشرات سنين؛ و كذا الكلام في الفروع الآتية

العروة الوثقى، ج 2، ص: 869

الثاني: خيار الفسخ للزوجة.

الثالث: أنّ الحاكم يفسخ.

الرابع: القرعة. و الأوفق بالقواعد هو الوجه الأخير (1)؛ و كذا الكلام إذا زوّجه أحد الوكيلين برابعة و الآخر باخرى، أو زوّجه أحدهما بامرأة و الآخر ببنتها (2) أو امّها أو اختها؛ و كذا الحال إذا زوّجت نفسها من رجل و زوّجها وكيلها من آخر، أو تزوّج بامرأة و زوّجه وكيله باخرى لايمكن الجمع بينهما. و لو ادّعى أحد الرجلين المعقود لهما السبق، و قال الآخر:

لاأدري من السابق، و صدّقت المرأة المدّعي للسبق، حكم بالزوجيّة بينهما، لتصادقهما عليها. (1). الخوئي: و إن كان الأحوط أن يطلّقها أحد الرجلين فإن شاء الآخر تزوّجها بعقد جديد، و إلّافالأحوط أن يطلّقها هو أيضاً، و كذلك يراعى الاحتياط في الفروع الآتية

الگلپايگاني: لكنّ الأحوط على الزوجة إرضاؤهما للطلاق

مع التمكّن ولو بإعطاء شي ء عليهما و صرف النظر عن الصداق، كما أنّ الأحوط عليهما الطلاق (2). الخوئي: الظاهر أنّ عقد البنت صحيح و عقد الامّ باطل، كما تقدّم

[كتاب الوصيّة]

اشارة

كتاب الوصيّة

[فصل في معنى الوصيّة و أحكامها و شرائطها]

[فصل في معنى الوصيّة و أحكامها و شرائطها]

و هي إمّا مصدر «وصى يصي» بمعنى الوصل، حيث إنّ الموصي يصل تصرّفه بعد الموت بتصرّفه حال الحياة، و إمّا اسم مصدر بمعنى العهد (1)، من «وصّى يوصّي توصية» أو «أوصى يوصي إيصاء». و هي إمّا تمليكيّة أو عهديّة، و بعبارة اخرى (2): إمّا تمليك عين أو منفعة، أو تسليط على حقّ، أو فكّ ملك، أو عهد متعلّق بالغير، أو عهد متعلّق بنفسه كالوصيّة بما يتعلّق بتجهيزه. و تنقسم انقسام الأحكام الخمسة.

مسألة 1: الوصيّة العهديّة لاتحتاج إلى القبول، و كذا الوصيّة بالفكّ كالعتق؛ و أمّا (1). مكارم الشيرازي: و هنا احتمال ثالث- لعلّه الأظهر- من كتب أهل اللغة و من موارد استعمال هذه الكلمة، و هو أنّها إن كانت من الثلاثي المجرّد فهي بمعنى «الوصل» لا غير، و إن استعملت من المزيد (إمّا من باب الإفعال أو التفعيل) فهو معنى «العهد» لا غير؛ لكنّ الظاهر أنّ الوصيّة اسم مصدر من الثلاثي المزيد فقط و بمعنى العهد، كما يظهر من موارد استعمالاتها في كتاب اللّه العزيز، سواء كان العهد بالنسبة إلى حال الحياة أو بعدها؛ ولكن لايستعمل هذه الكلمة في عرف الفقهاء إلّافي «العهد لما بعد الحياة» و يعادله في الفارسية «سفارش كردن» ولكنّه عامّ لكلّ عهد، من دون تفاوت بين الحياة و المماة (2). الامام الخميني: ما ذكره ليس عبارة اخرى لما سبق، لأنّ الوصيّة بالفكّ ليست من القسمين، و لو جعلت العهديّة أعم من الفكّ لاتكون الوصيّة إلّاقسماً واحداً، و الأمر سهل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 872

التمليكيّة فالمشهور على أنّه يعتبر فيها القبول جزءً، و عليه تكون من العقود (1)، أو شرطاً على وجه الكشف أو

النقل فيكون من الإيقاعات، و يحتمل قويّاً عدم اعتبار القبول فيها (2)، (1). الامام الخميني: الظاهر أنّ تحقّق الوصيّة و ترتّب الأحكام عليها من حرمة التبديل و غيرها لايتوقّف على القبول، لكن تملّك الموصى له متوقّف عليه، فلايتملّك قهراً، فالوصيّة من الإيقاعات لكنّها جزء سبب لحصول الملك للموصى له

الگلپايگاني: و هو الأقوى. و الظاهر أنّ الوصيّة اصطلاحاً عبارة عن العهد المتعلّق بامور راجعة إلى بعد الموت و هي ليست عنواناً قبال سائر العناوين من العقود و الإيقاعات حتّى يبحث في أنّها من أيّهما، فكما أنّ العهود الراجعة إلى امور الناس حال حياتهم مختلفة، بعضها عقود و بعضها إيقاعات و بعضها شرائط و بعضها وعد و بعضها استدعاء، فكذلك العهود الراجعة إلى بعد الموت. فإن كان تمليك عين أو منفعة أو نقل حقّ أو تسليطاً أو وكالة، فهو عقد كما في حال الحياة. و إن كان عتقاً أو إبراءً أو إسقاطاً فهو إيقاع. و إن كان عهداً راجعاً إلى تجهيزه و صلاته و صومه و حجّه و ردّ أمانته و أمثال ذلك، فهو إذن و استدعاء؛ و الفرق أنّ العهود الراجعة إلى بعد الموت معلّقة بالموت بخلاف الراجعة إلى حال الحياة حيث إنّها منجّزة. و أمّا نفوذ أيّ عقد أو إيقاع و جواز العمل بأىّ عهد أو وجوبه أو عدمه فهو تابع للدليل و حيث إنّها اعتبرت للتصرّف بعد الموت، فلايضرّها التعليق بالموت و تخلّل الموت بين الإيجاب و القبول و لا بين الإنشاء و المنشأ، عقداً كان أو إيقاعاً. و الحاصل أنّه يعتبر في التمليكيّة القبول و كذا في العهديّة إن كانت راجعة إلى التصرّف في ماله أو بدنه أو إلى أمر من يكون عليه الولاية، لأنّ

هذه في الحقيقة وكالة و يحتاج إلى القبول؛ و إن لم تكن راجعة إليه كاستدعاء عمل بعد موته، فلايعتبر في جواز العمل بها القبول وإن كان في وجوبه على الموصى إليه يحتاج إليه أحياناً. و أمّا إذا كانت عهداً بتمليك الغير أو إعطاء شي ء إيّاه، فلا إشكال في اعتبار قبول ذلك الغير بعد تمليك الوصيّ أو إعطائه إيّاه، و إن ردّ فالمال للوارث أو يصرف في الخيرات إن كان من الثلث (2). الخوئي: هذا الاحتمال هو الصحيح، بل لا دليل على كون الردّ مانعاً سوى ظهور التسالم عليه فإن تمّ إجماع، و إلّافلا وجه له أيضاً

مكارم الشيرازي: و هذا هو الأقوى، بل لا دليل على كون الردّ مانعاً، لإطلاق الآية الشريفة و لظهور غير واحد من الروايات المرويّة هنا (راجع الحديث 1 و 2 و 3 و 4 و 5، من الباب 29 من أبواب أحكام الوصايا، من المجلّد 13 من الوسائل). و ما قد يدّعى من الإجماع على اعتبار القبول أو كون الردّ مانعاً، ممّا لا اعتبار به في أمثال المقام؛ كما أنّ القول بكون الملك القهري تصرّف في سلطان الغير، فلايجوز إلّابإذنه، كما ترى، فإنّ مجرّد التمليك ليس تصرّفاً في سلطان؛ و هكذا القول بكون التمليك ممّا يحتاج إلى إيجاب و قبول دائماً، فإنّه دعوى بلا برهان، و كذا القول بكون الوصيّة من العقود؛ كلّ ذلك مردود بعد إطلاق الآية و ظهور الروايات؛ نعم، للموصى له عدم القبول بمعنى الإعراض عمّا ملكه؛ و هذا لا دخل له بما نحن بصدده

العروة الوثقى، ج 2، ص: 873

بل يكون الردّ مانعاً، و عليه تكون من الإيقاع الصريح (1). و دعوى أنّه يستلزم الملك القهريّ و هو باطل في غير مثل

الإرث، مدفوعة بأنّه لا مانع منه عقلًا، و مقتضى عمومات الوصيّة ذلك، مع أنّ الملك القهريّ موجود في مثل الوقف.

مسألة 2: بناءً على اعتبار القبول في الوصيّة يصحّ إيقاعه بعد وفاة الموصي بلا إشكال، و قبل وفاته على الأقوى (2)؛ و لا وجه لما عن جماعة من عدم صحّته حال الحياة، لأنّها تمليك بعد الموت، فالقبول قبله كالقبول قبل الوصيّة، فلا محلّ له، و لأنّه كاشف أو ناقل و هما معاً منتفيان حال الحياة، إذ نمنع عدم المحلّ له، إذ الإنشاء المعلّق على الموت قد حصل فيمكن القبول المطابق له، والكشف و النقل إنّما يكونان بعد تحقّق المعلّق عليه، فهما في القبول بعد الموت لا مطلقاً.

مسألة 3: تتضيّق الواجبات الموسّعة بظهور أمارات الموت مثل قضاء الصلوات و الصيام و النذور المطلقة و الكفّارات و نحوها، فيجب المبادرة إلى إتيانها مع الإمكان، و مع عدمه يجب (3) الوصيّة بها (4)؛ سواء فاتت لعذر أو لا لعذر، لوجوب تفريغ الذمّة بما أمكن في حال الحياة، و إن لم يجز فيها النيابة فبعد الموت تجري فيها يجب التفريغ بها بالإيصاء. و كذا يجب ردّ أعيان أموال الناس الّتي كانت عنده كالوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها، و (1). الگلپايگاني: هذا خلاف ما ارتكز عند العرف من كون التمليك و التملّك عقداً لا إيقاعاً فلابدّ لإثباته من دليل شرعي تعبّدي و ليس في أدلّة الوصيّة ما يدلّ على ذلك، إلّاما دلّ على أنّه لو مات الموصى له قبل موت الموصي فالوصيّة لوارثه و ظاهر بعضه عدم اعتبار القبول حتّى من الوارث، و يبعّده ما ذكر من ارتكاز احتياجها إلى القبول عند العامّة فيحمل على أنّ الوصيّة لوارث الموصى له

مع قبوله، فالمتيقّن ممّا ثبت به تعبّداً على خلاف القاعدة قيام الوارث مقامه مع قبوله لا بدون القبول (2). مكارم الشيرازي: و العجب ممّن أورد بعض الإيرادات على القبول هنا، مع ورودها بعينها على الإيجاب أيضاً؛ فلو كان في انفكاك الأثر عن المؤثّر، أعني انفكاك الملكيّة عن القبول، إشكالًا، كان هذا الإشكال متوجّهاً إلى إيجاب الوصيّة بعينها أيضاً؛ و هكذا مسألة التعليق في الإنشاء، بل مسألة الكشف و النقل؛ كما لايخفى على المتأمّل الخبير (3). الامام الخميني: إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات يعلم بها الورثة و يطمئنّ بإيصالهم و تأديتهم على ما هي عليها، لايجب الإيصاء بها وإن كان أولى بل أحوط (4). مكارم الشيرازي: بناءً على جواز الاستيجار للصلوة و الصيام و نحوهما، و قد عرفت الإشكال فيه في محلّه في كتاب الصلوة، ولكن لايُترك الاحتياط بالوصيّة هنا

العروة الوثقى، ج 2، ص: 874

مع عدم الإمكان يجب الوصيّة بها (1). و كذا يجب أداء ديون الناس الحالّة (2)، و مع عدم الإمكان أو مع كونها مؤجّلة يجب الوصيّة بها، إلّاإذا كانت معلومة أو موثّقة بالأسناد المعتبرة. و كذا إذا كان عليه زكاة أو خمس أو نحو ذلك، فإنّه يجب عليه أداؤها أو الوصيّة بها.

و لا فرق فيما ذكر بين ما لو كانت له تركة أو لا، إذا احتمل وجود (3) متبرّع (4) أو أداؤها من بيت المال.

مسألة 4: ردّ الموصى له للوصيّة مبطل لها إذا كان قبل حصول الملكيّة (5)، و إذا كان بعد (1). مكارم الشيرازي: قد لاتكفي مجرّد الوصيّة، لعدم الاعتماد على عمل الورثة بها، فيجب الإشهاد أيضاً بأنّ هذا المال لفلان؛ و قد لايكفي الإشهاد أيضاً، لعدم الثقة لأوصياء،

فيجب إيداعها عنه ثقةً، فالمقامات مختلفة؛ و قدتكون الوصيّة أقرب إلى أداء الحقوق، و اخرى يكون الإشهاد مع الوصيّة، و ثالثة مع الإيداع؛ و قد تتساوى الجميع، فتخيّر بينها؛ فالحكم بوجوب الوصيّة دائماً ممّا لا دليل عليه (2). مكارم الشيرازي: لا شكّ في أنّ الديون المؤجّلة تصير معجّلة بالموت، كما صرّح به جمع من الأصحاب في أحكام موت المفلس، بل ادّعي عليه الإجماع (فراجع المسالك، كتاب المفلس، و الجواهر ج 25، ص 323) و يدلّ عليه روايات متعدّدة (رواها الوسائل في الباب 12 من أبواب الدين، من كتاب التجارة، ج 13) و لكنّ المفروض ظهور أمارات الموت لا الموت نفسه، و لا دليل على حلول الدين بظهور أمارات الموت؛ و إنّما المقطوع و المسلّم حلوله بنفس الموت، و القياس باطل عندنا (3). الگلپايگاني: على الأحوط (4). مكارم الشيرازي: و هذا الاحتمال قريب شايع بين الناس؛ فإذا أوصوا بدين و لم يكن لهم مال و اطّلع عليه أولادهم و أقاربهم، كثيراً ما لايرضون ببقاء الميّت على دينه و يؤدّون عنه تبرّعاً؛ و مع هذا الاحتمال لِمَ لايوصي الميّت بديونه؟ أليس مقدّمة الواجب واجبة؟ و من الواضح أنّ الشكّ هنا من قبيل الشكّ في القدرة الّتي تجب الاحتياط فيها ولايكون مجرى للبراءة (5). الخوئي: المعروف بينهم أنّ ردّ الوصيّة حال حياة الموصي لايبطلها، و هو الصحيح، و قد عرفت حاله بعدالموت و قبل القبول [في التعليقة المتقدّمة]؛ و أمّا الردّ في سائر العقود فالظاهر أنّه لايبطلها، فلو قبل بعده صحّت، بل الأمر كذلك في العقد الفضوليّ أيضاً إن لم يقم إجماع على خلافه

الگلپايگاني: لكن لا مطلقاً، بل المسلّم مبطليّته إذا وقع بعد الموت و قبل القبول، و أمّا

الردّ قبل الموت فسيأتي حكمه. ثمّ التعبير بالمبطل يناسب القول باشتراط القبول في الملك، إمّا جزءً للعقد و إمّا دخيلًا في الإيقاع، و أمّا على القول بحصول الملكيّة بالموت و كون الردّ رافعاً فيناسب التعبير بالفسخ دون المبطل إلّاأن يلتزم بأنّ الردّ بوجوده المتأخّر يمنع عن تأثير الموت حين وقوعه و هو في غاية الإشكال و لايلتزم به في غير المورد

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ ظاهر الأدلّة كون الوصيّة من الإيقاعات، فلاتحتاج إلى القبول، كما لاتبطل بالردّ، و عليه لا مجال لما ذكره من التفصيل؛ لكن لايُترك الاحتياط إذا ردّ في حال الحياة. و العمدة فيه أنّ الوصيّة من هذه الجهة كالوقف العامّ، مثل وقف شي ء على العلماء و الطلّاب أو السادات، فإنّه غير محتاج إلى القبول، لا من ناحيتهم و لا من ناحية الحاكم الشرعيّ؛ و دعوى الإجماع على لزوم القبول في الوصيّة في الجملة إجماعاً، كما ترى، لإمكان استناد المجمعين إلى ما عرفت سابقاً ممّا لايمكن الاعتماد عليها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 875

حصولها لايكون مبطلًا لها. فعلى هذا إذا كان الردّ منه بعد الموت و قبل القبول أو بعد القبول الواقع حال حياة الموصي (1) مع كون الردّ أيضاً كذلك، يكون مبطلًا لها، لعدم حصول (2) الملكيّة (3) بعد، و إذا كان بعد الموت و بعد القبول لايكون مبطلًا، سواء كان القبول بعد الموت أيضاً أو قبله، و سواء كان قبل القبض أو بعده، بناءً على الأقوى من عدم اشتراط القبض في صحّتها، لعدم الدليل على اعتباره، و ذلك لحصول الملكيّة حينئذٍ له، فلاتزول بالردّ، و لا دليل على كون الوصيّة جائزة بعد تماميّتها بالنسبة إلى الموصى له، كما أنّها جائزة بالنسبة إلى الموصي، حيث

إنّه يجوز له الرجوع في وصيّته كما سيأتي.

و ظاهر كلمات العلماء، حيث حكموا ببطلانها بالردّ، عدم صحّة القبول بعده (4)، لأنّه (1). الگلپايگاني: ظاهر عبارة كثير منهم عدم الاعتبار بالردّ الواقع قبل موت الموصي مطلقاً، بعد القبول أو قبله (2). الامام الخميني: هذا بالنسبة إلى الصورة الاولى منافٍ لما سبق منه من قوّة احتمال عدم اعتبار القبول لحصول الملكيّة بموت الموصي قبل قبول الموصى له قهراً و إن كان هو الأقوى، لما سبق منّا من اعتباره في حصول ملكيّته؛ نعم، لو قيل بأنّ الردّ كاشف عن عدم الملكيّة بالموت يرتفع التنافي، لكنّه ضعيف (3). مكارم الشيرازي: لا أثر لحصول الملكيّة و عدمها، بل المعيار كون الردّ بعد القبول أو قبله، بناءً على كون الوصيّة من العقود؛ فإن كان بعد القبول، فلاينفع الردّ، سواء في حال الحياة أو في حال مماة الموصي؛ و إن كان قبل القبول، فالردّ موجب للبطلان في الحالين، و بالجملة: المدار على كمال العقد و عدمه، لا على حصول الملكيّة و عدمها (4). مكارم الشيرازي: الظاهر أنّ الموجب إذا لم يرجع عن إيجابه، فالعقد من ناحيته باقٍ على حاله، فيصحّ القبول ولو بعد الردّ؛ و يشهد له ما ورد في باب الفضوليّ، فإنّ الإجازة قائمة مقام الإيجاب أو القبول، و الظاهر أنّ بناء العقلاء في عقودهم أيضاً على ذلك، فإذا وقع الإيجاب من ناحية الموجب بالكتابة (كما هو المعمول عندهم اليوم) فما دام الموجب باقياً على إيجابه، للقابل إمضاؤه ولو كان بعد الردّ؛ نعم، يمكن أن يقال بأنّه إذا مات الموصي و ردّ الموصى له، لايصحّ القبول بعده، لعدم بقاء إيجابه حينئذٍ، بخلاف حال حياته و استمراره على الإيجاب، و لعلّ هذا هو الوجه في

ما ذكروه من الفرق بين حال حياة الموصي و مماته؛ و لعلّ ما ادّعاه في الجواهر من الإجماع أيضاً ناظر إلى ذلك؛ و منه يظهر الإشكال فيما ذكره المصنّف قدس سره من عدم الفرق بين حال الحياة و الموت

العروة الوثقى، ج 2، ص: 876

عندهم مبطل للإيجاب الصادر من الموصي، كما أنّ الأمر كذلك في سائر العقود، حيث إنّ الردّ بعد الإيجاب يبطله و إن رجع و قبل بلا تأخير، و كما في إجازة الفضوليّ، حيث إنّها لاتصحّ بعد الردّ، لكن لايخلو عن إشكال (1) إذا كان الموصي باقياً (2) على إيجابه، بل في سائر العقود أيضاً مشكل إن لم يكن إجماع، خصوصاً في الفضوليّ، حيث إنّ مقتضى بعض الأخبار صحّتها و لو بعد الردّ. ودعوى عدم صدق المعاهدة عرفاً إذا كان القبول بعد الردّ، ممنوعة (3).

ثمّ إنّهم ذكروا أنّه لو كان القبول بعد الردّ الواقع حال الحياة صحّ؛ و هو أيضاً مشكل على ما ذكروه من كونه مبطلًا للإيجاب، إذ لا فرق حينئذٍ بين ما كان في حال الحياة أو بعد الموت، إلّا إذا قلنا: إنّ الردّ و القبول لا أثر لهما حال الحياة و إنّ محلّهما إنّما هو بعد الموت، و هو محلّ منع.

مسألة 5: لو أوصى له بشيئين بإيجاب واحد، فقبل الموصى له أحدهما دون الآخر، صحّ فيما قبل (4) و بطل فيما ردّ (5)؛ و كذا لو أوصى له بشي ء فقبل بعضه مشاعاً أو مفروزاً و ردّ بعضه (1). الامام الخميني: فيما إذا كان الموصي باقياً على إيجابه الظاهر منه حال حياته نسب إلى المشهور عدم تأثيرالردّ، بل يجوز له القبول بعد حياته، و كيف كان لايبعد الصحّة بعد الردّ و إن قلنا بالبطلان

في الفضولي و الإيجاب في سائر العقود، و لا أظنّ تحقّق إجماع في المقام (2). الگلپايگاني: ظاهر هذه العبارة موهمة لكون المقصود حال حياة الموصي، مع أنّهم لم يحكموا ببطلان الإيجاب بالردّ حال حياة الموصي، كما مرّ في الحاشية السابقة (3). الگلپايگاني: الإنصاف أنّ دعوى الجزم بصدق المعاهدة مع وقوع الردّ بين الإيجاب و القبول مشكلة، والحكم بالصحّة في الوصيّة على القول بها مبنيّ على استدلال ضعيف منهم بأنّ الردّ و القبول حال حياة الموصي لا أثر له؛ اللّهم إلّاأن يقال: إنّ بقاء الوصيّة بعد الردّ بمنزلة وصيّة جديدة و لكنّه ممنوع، و إلّافيمكن أن يقال بذلك في سائر العقود أيضاً (4). الگلپايگاني: الحكم بالصحّة مشكل، لعدم تطابق القبول مع الإيجاب (5). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه أنّه لو لم نقل باشتراط القبول و تأثير الردّ في البطلان، كما قوّيناه سابقاً، فلا كلام؛ و كذا لوقلنا بتأثير الردّ فقط، و أمّا لوقلنا باشتراط القبول فمقتضى القاعدة و إن كان وجوب التطابق بين الإيجاب و القبول في العقود كلّها، لدخله في مفهوم العقد و ماهيّته عرفاً، ولكن إذا كانت القرائن قائمة على تعدّد المطلوب و كون العقد بمنزلة عقود متعدّدة، فلاينبغي الشكّ في جواز قبول بعضها دون بعض. و الإنصاف أنّ عقد الوصيّة حينئذٍ كعقد الهبة المجّانية من قبيل تعدّد المطلوب غالباً، فقد انقلب الأصل فيها إلى صحّة قبول البعض دون بعض؛ نعم، هناك موارد نادرة يعلم فيها وحدة المطلوب أو يشكّ، و لا أصل فيها إلّاالفساد؛ و لكنّها قليلة جدّاً

العروة الوثقى، ج 2، ص: 877

الآخر و إن لم نقل بصحّة مثل ذلك في البيع و نحوه؛ بدعوى عدم التطابق حينئذٍ بين الإيجاب و القبول، لأنّ مقتضى القاعدة (1) الصحّة

في البيع أيضاً إن لم يكن إجماع. و دعوى عدم التطابق ممنوعة (2)؛ نعم، لو علم من حال الموصي إرادته تمليك المجموع من حيث المجموع، لم يصحّ التبعيض (3).

مسألة 6: لايجوز للورثة (4) التصرّف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من القبول أو الردّ (5)، و ليس لهم إجباره على اختيار أحدهما معجّلًا، إلّاإذا كان تأخيره موجباً للضرر عليهم، فيجبره الحاكم حينئذٍ على اختيار أحدهما (6). (1). الامام الخميني: بل مقتضى القاعدة في البيع البطلان، إلّافي بعض الموارد كما لو جمع بين امور مستقلّه في اللحاظ و القيمة في إنشاء واحد؛ و أمّا في الوصيّة فالأقوى الصحّة إلّافيما استثناه (2). الگلپايگاني: عدم التطابق واضح و مقتضى القاعدة البطلان؛ نعم، على القول بكون الوصيّة إيقاعاً وكون القبول شرطاً في الموصى به أو كون الردّ رافعاً، فمقتضى القاعدة صحّة الوصيّة و التبعيض في تحقّق الوصيّة و استقراره، لكنّه ضعيف (3). الخوئي: بل صحّ فيه أيضاً، فإنّ تمليك المجموع من حيث إنّه مجموع لا محصّل له، إلّاأن يكون قبول الوصيّة في كلّ جزء أو عدم ردّها على القول بالاعتبار شرطاً في الوصيّة بالجزء الآخر، و عليه فلايترتّب على التخلّف إلّاالخيار دون البطلان (4). الگلپايگاني: هذا على ما اختاره من عدم اعتبار القبول و حصول الملك بالموت و كون الردّ مانعاً بناءً على إرادة الرفع من المنع فواضح؛ و أمّا على غير هذا المبنى فالحكم مبنيّ على الاحتياط دون الإلزام، لعدم الملزم خصوصاً على القول بكون الوصيّة عقداً (5). مكارم الشيرازي: إذا قلنا باعتبار القبول في الوصيّة و كونها من العقود، لا وجه لمنع الورثة؛ لأنّه من قبيل تصرّف الأصيل قبل إجازة المالك من طرف الفضوليّ، فإنّه جائز على المختار، لعدم

تحقّق عقد هناك؛ نعم، قد يقال بأنّ نفس الوصيّة مشتملة على اشتراط بقاء العين حتّى يختار الموصى له، كما هو كذلك في باب النذر المعلّق، فإنّه لايجوز التصرّف في العين المنذورة و إن كان قبل حصول شرطه؛ و هذا ليس ببعيد، و بناءً عليه يكون لإجبار الحاكم وجه، ولكن بناءً على المختار من كون الوصيّة إيقاعاً فلا مجال لشي ء من هذه الأحكام (6). الخوئي: لا وجه له ولو قلنا باعتبار القبول في صحّة الوصيّة، إذ لا ضرر على الورثة في التأخير، غاية الأمر أنّه يفوت عليهم الانتفاع على تقدير تأخير الردّ

العروة الوثقى، ج 2، ص: 878

مسألة 7: إذا مات الموصى له قبل القبول أو الردّ، فالمشهور قيام وارثه مقامه (1) في ذلك، فله القبول إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته؛ من غير فرق بين كون موته في حياة الموصي أو بعد موته، و بين علم الموصي بموته و عدمه. و قيل بالبطلان بموته قبل القبول، و قيل بالتفصيل بين ما إذا علم أنّ غرض الموصي خصوص الموصى له فتبطل، و بين غيره فلورثته، و القول الأوّل و إن كان على خلاف القاعدة (2) مطلقاً بناءً على اعتبار القبول في صحّتها، لأنّ المفروض أنّ الإيجاب مختصّ بالموصى له و كون قبول الوارث بمنزلة قبوله ممنوع، كما أنّ دعوى انتقال حقّ القبول إلى الوارث أيضاً محلّ منع صغرىً و كبرىً، لمنع كونه حقّاً (3) و منع كون كلّ حقّ منتقلًا إلى الوارث حتّى مثل ما نحن فيه من الحقّ الخاصّ به الّذي لايصدق كونه من تركته، و على ما قوّينا من عدم اعتبار القبول فيها، بل كون الردّ مانعاً أيضاً، يكون الحكم على خلاف القاعدة في خصوص صورة موته قبل موت الموصى له، لعدم

ملكيّته في حياة الموصي؛ لكنّ الأقوى مع ذلك هو إطلاق الصحّة، كما هو المشهور، و ذلك لصحيحة محمّد بن قيس الصريحة في ذلك حتّى في صورة موته في حياة الموصي المؤيّدة بخبر الساباطيّ و صحيح المثنّى، و لايعارضها صحيحتا محمّد بن مسلم و منصور بن حازم بعد إعراض المشهور عنهما وإمكان حملهما على محامل، منها التقيّة، لأنّ المعروف بينهم عدم الصحّة؛ نعم، يمكن دعوى انصراف (4) الصحيحة عمّا إذا علم كون غرض الموصي خصوص (1). مكارم الشيرازي: و هو الأقوى، لما ذكره قدس سره و إن كانت المسألة مخالفة للقواعد في خصوص صورة موت الموصى له قبل الموصي، لأنّه تبطل الوصيّة حينئذٍ على القاعدة؛ و تخصيص القاعده بالنصّ الخاصّ المعتبر غير نادر في طيّات كتب الفقه. و أمّا قوله: لصحيحة محمّد بن قيس الصريحة في ذلك المؤيّدة بخبر الساباطي و صحيح المثنّى (عباس بن عامر) ففيه أوّلًا أنّه لا وجه لقوله: فإنّ الصحيحة مختصّة بهذا المورد لايشمل غيره؛ هذا مضافاً إلى أنّ روايتي الساباطي و المثنّى ظاهرتان أو صريحتان في موت الموصى له بعد الموصي، فلاتشملان صورة موت الموصى له قبل الموصي، كما لايخفى على من راجعهما (2). الامام الخميني: لايبعد أن يكون على وفقها بناءً على ما مرّ في حقيقة الوصيّة (3). الگلپايگاني: و يشهد لذلك عدم كونه قابلًا للإسقاط، و الالتزام بكونه قابلًا للنقل بالإرث دون الإسقاط في غاية الإشكال (4). الگلپايگاني: دعوى الانصراف ممنوعة؛ بل الغالب كون شخص الموصى له مورداً لغرض الموصي؛ نعم، لوقيّد الوصيّة بحياة الموصى له بأن يقول: هذا لك بعد حياتي إن كنت حيّاً، فلاينتقل إلى وارث الموصى له بموته في حياة الموصي، لرواية عبد الرحمن بن أبي عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام؛ و

كذا لو قيّده بما يلازمه، كأن يقول: إن فعلت كذا بعد موتي

العروة الوثقى، ج 2، ص: 879

شخص الموصى له على وجه التقييد، بل ربّما يقال: إنّ محلّ الخلاف غير هذه الصورة، لكنّ الانصراف ممنوع. و على فرضه يختصّ الإشكال بما إذا كان موته قبل موت الموصي، و إلّا فبناءً على عدم اعتبار القبول بموت الموصي صار مالكاً بعد فرض عدم ردّه، فينتقل إلى ورثته.

بقي هنا امور:

أحدها: هل الحكم يشمل ورثة الوارث (1)، كما إذا مات الموصى له قبل القبول و مات وارثه أيضاً قبل القبول، فهل الوصيّة لوارث الوارث أو لا؟ وجوه (2)؛ الشمول و عدمه، لكون الحكم على خلاف القاعدة، و الابتناء على كون مدرك الحكم انتقال حقّ القبول فتشمل، و كونه الأخبار (3) فلا.

الثاني: إذا قبل بعض الورثة و ردّ بعضهم (4)، فهل تبطل (5) أو تصحّ ويرث الرادّ أيضاً مقدار حصّته أو تصحّ بمقدار حصّة القابل فقط أو تصحّ و تمامه للقابل أو التفصيل بين كون (1). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الشمول، لإطلاق صحيحة محمّد بن قيس الّتي هي العمدة في المقام، و لا أقلّ من فهم الملاك عنها و أنّ الحكم يدور مدار الوراثة لا أنّه تعبّد خاصّ؛ و الإرث هنا و إن لم يكن إرثاً حقيقيّاً، لعدم دخول المال في ملك الموصى له، إلّاأنّه بعد حكم الشارع بتحقّق عنوان الإرث هنا يعمّ جميع طبقات الإرث و وارث الوارث (2). الخوئي: أقواها الأوّل، بل لا وجه لغيره إذا كان موت الموصى له بعد موت الموصي، على ما مرّ من عدم اعتبار القبول

الامام الخميني: أقواها الأوّل (3). الگلپايگاني: وهو الأقوى (4). مكارم الشيرازي: الأقوى صحّة الوصيّة في مقدار حصّة القابل فقط؛ و ذلك لما عرفت في

المسألة الخامسة، من أنّ الوصيّة من قبيل تعدّد المطلوب، فتقبل التجزية، فتصحّ في سهم القابل و تبطل في سهم الرادّ؛ نعم، لو كان من باب وحدة المطلوب، تبطل في الجميع بلا إشكال، هذا كلّه بناءً على اعتبار القبول أو مانعيّة الردّ في الوصيّة؛ أمّا على المختار، من عدم اعتبار شي ء من ذلك، فالأمر واضح (5). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في قبول الموصى له بعض الوصيّة، فضلًا عن وارثه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 880

موته قبل موت الموصي فتبطل أو بعده فتصحّ بالنسبة إلى مقدار حصّة القابل؟ وجوه (1).

الثالث: هل ينتقل الموصى به بقبول الوارث إلى الميّت ثمّ إليه، أو إليه ابتداءً من الموصي؟

وجهان؛ أوجههما (2) الثاني (3). و ربما يبنى على كون القبول كاشفاً أو ناقلًا، فعلى الثاني الثاني و على الأوّل الأوّل؛ و فيه: أنّه على الثاني أيضاً يمكن أن يقال بانتقاله إلى الميّت آناً مّا ثمّ إلى وارثه، بل على الأوّل يمكن أن يقال بكشف قبوله عن الانتقال إليه من حين موت الموصي، لأنّه كأنّه هوالقابل فيكون منتقلًا إليه من الأوّل.

الرابع: هل المدار على الوارث حين موت الموصى له إذا كان قبل موت الموصي، أو الوارث حين موت الموصي (4)، أو البناء على كون القبول من الوارث موجباً للانتقال إلى الميّت ثمّ إليه أو كونه موجباً للانتقال إليه أوّلًا من الموصي؟ فعلى الأوّل الأوّل، و على الثاني الثاني؟ وجوه (5). (1). الخوئي: إذا كان موت الموصي قبل موت الموصى له، فلا ريب في تعيّن الوجه الثاني على ما مرّ، و أمّا إذا انعكس الأمر فعلى القول باشتراط تملّك الوارث بعدم ردّه فالمتعيّن هو الثالث؛ و أمّا على ما قوّيناه، من أنّه لا أثر للردّ فيتعيّن الوجه الثاني أيضاً

الامام

الخميني: أقواها الثالث (2). الامام الخميني: لكنّ القسمة بين الورثة على حسب قسمة المواريث (3). الخوئي: هذا فيما إذا مات الموصى له قبل الموصي؛ و أمّا في عكسه فالمال ينتقل إلى الوارث من الموصى له، على ما مرّ

الگلپايگاني: كما هو ظاهر الأخبار

مكارم الشيرازي: ولكن يقسم حسب سهام الإرث؛ و الدليل على ذلك كلّه ظهور صحيحة محمّد بن قيس، فإنّ ظاهره انتقال المال إلى الوارث ابتداءً، كما أنّ جعل الحكم على عنوان الورثة شاهد على أنّ التقسيم على نحو سهام الإرث، و الثمرة تظهر في أخذ الديون و الوصايا منه، لوقلنا بانتقاله ابتداءً إلى ملك الميّت ثمّ منه إلى وارثه؛ هذا، ولكن إطلاق الرواية ينفي ذلك كلّه، و هو شاهد آخر على انتقال الوصيّة إلى الوارث بلا واسطة (4). مكارم الشيرازي: الأقوى هو الثاني، لأنّ ظاهر عنوان الوارث هو الوارث الحيّ حين انتقال المال إليه؛ و العجب من عدّة من الأعلام حيث اختاروا الوجه الأوّل، مع أنّ إطلاق عنوان الوارث على الوارث الميّت غير مأنوس في العرف قطعاً؛ نعم، لو قلنا بالكشف و أنّه بعد موت الموصي ينكشف أنّ الموصى له كان مالكاً له حال حياته، ورثه كلّ من كان حيّاً عند موت الموصى له؛ ولكن هذا المبنى مخالف للتحقيق؛ و منه يظهر بطلان القول بالتفصيل أيضاً (5). الگلپايگاني: لايبعد أن يكون الخبر ظاهراً في الثاني

الامام الخميني: الأوجه الأوّل

الخوئي: أوجهها الأوّل

العروة الوثقى، ج 2، ص: 881

الخامس: إذا أوصى له بأرض فمات قبل القبول، فهل ترث زوجته منها أو لا (1)؟ وجهان مبنيّان على الوجهين (2) في المسألة المتقدّمة (3)؛ فعلى الانتقال إلى الميّت ثمّ إلى الوارث لاترث، و على الانتقال إليه أوّلًا لا مانع من الانتقال إليها، لأنّ

المفروض أنّها لم تنتقل إليه إرثاً من الزوج (4)، بل وصيّة من الموصي. كما أنّه يبنى على الوجهين إخراج الديون (5) و الوصايا (6) من (1). مكارم الشيرازي: الأحوط أن يصالح مع الزوجة؛ و ذلك لإجمال الأدلّة من هذه الجهة. و في المسألة وجوه: أحدها ما ذكره قدس سره في المتن؛ و الثاني أن لاتكون الزوجة محرومة على كلّ تقدير، لأنّ ملكيّة الموصى له ملكيّة تقديريّة مصحّحة لانتقال الملك إلى الورثة، فلايترتّب عليه شي ء سوى تصحيح الانتقال؛ و الثالث أن تكون محرومة على كلّ تقدير، لأنّ الملك و إن انتقل إليها مستقلًاّ، ولكن ظاهر إطلاق الأدلّة أنّه يكون إرثاً فيأتي فيه كلّ ما يأتي في الإرث، و منه حرمان الزوجة عن الأرض على المشهور؛ و لهذا لايُترك الاحتياط فيما ذكرنا (2). الامام الخميني: الأقوى إخراجهما منه على الوجهين و المتولّي للقبول بالنسبة إلى السهمين هو وصيّ الميّت أو الحاكم، و الأحوط ضمّ قبول الورثة إليه (3). الخوئي: و قد عرفت التفصيل فيها (4). الگلپايگاني: لكن لايبعد دعوى انصراف النصّ إلى الانتقال إلى وارث الموصى له بنحو الإرث المعهود في الشرع، فالزوجة محرومة على الوجهين (5). الگلپايگاني: الأحوط إخراج الديون منه بإمضاء الورثة بعد قبولهم الوصيّة، لكنّ القاعدة تقتضي عدم وجوب القبول عليهم على تقدير كون جوازه حكماً، و على تقدير القبول فالمسألة مبنيّة على القولين كما في المتن، و على تقدير كون القبول حقّاً لهم بالإرث فلايبعد جواز إلزام الدائن الورثة على القبول بناءً على انتقال الملك ابتداءً إلى الميّت لتعلّق حقّهم على هذا الحقّ أيضاً، و على القول بانتقال الملك إليهم ابتداءً فيمكن القول بجواز منع الدائن الوارث عن التملّك إلّابعد أداء الدين، لما مرّ من تعلّق حقّه بهذا

الحقّ أيضاً (6). الگلپايگاني: حكم الوصايا حكم الدين فيما تعلّق بمال الميّت؛ نعم، فيما يجب على الوصيّ العمل به؛ و إن لم يكن للميّت مال و توقّف العمل به على القبول فيجب عليه القبول و العمل به

مكارم الشيرازي: الأقوى هنا عدم إخراج الديون و الوصايا مطلقاً؛ و ذلك لأنّ إطلاق النصّ (و هو صحيحة محمّد بن قيس) من هذه الجهة قويّ، فإنّ ابتلاء كثير من الناس بأمر الدين و الوصيّة مستلزم لتقييد النصّ غالباً، و حيث أطلق الإمام عليه السلام يعلم منه عدم إخراج الديون و الوصايا هنا، فتفترق المسألة عن المسألة السابقة، لاسيّما و قد عرفت أنّ الانتقال إلى ورثة الموصى له إنّما يكون من الموصي، لا منه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 882

الموصى به بعد قبول الوارث و عدمه؛ أمّا إذا كانت بما يكون من الحبوة ففي اختصاص الولد الأكبر به بناءً على الانتقال إلى الميّت أوّلًا فمشكل، لانصراف الأدّلة عن مثل هذا.

السادس: إذا كان الموصى به ممّن ينعتق على الموصى له، فإن قلنا بالانتقال إليه أوّلًا بعد قبول الوارث، فإن قلنا به كشفاً و كان موته بعد موت الموصي (1) انعتق عليه و شارك الوارث ممّن في طبقته و يقدّم عليهم (2) مع تقدّم طبقته، فالوارث يقوم مقامه في القبول ثمّ يسقط عن الوارثيّة لوجود من هو مقدّم عليه؛ و إن كان موته قبل موت الموصي أو قلنا بالنقل و أنّه حين قبول الوارث ينتقل إليه آناً مّا، فينعتق، لكن لايرث إلّاإذا كان انعتاقه قبل قسمة الورثة، و ذلك لأنّه على هذا التقدير انعتق بعد سبق سائر الورثة بالإرث؛ نعم، لو انعتق قبل القسمة في صورة تعدّد الورثة، شاركهم (3)؛ و إن قلنا بالانتقال إلى الوارث من

الموصي لا من الموصى له، فلاينعتق عليه، لعدم ملكه، بل يكون للورثة، إلّاإذا كان ممّن ينعتق عليهم أو على بعضهم، فحينئذٍ ينعتق و لكن لايرث، إلّاإذا كان ذلك مع تعدّد الورثة و قبل قسمتهم.

السابع: لا فرق في قيام الوارث مقام الموصى له بين التمليكيّة و العهديّة (4).

مسألة 8: اشتراط القبول- على القول به- مختصّ بالتمليكيّة كما عرفت، فلايعتبر (5) في (1). الخوئي: لا حاجة في هذا الفرض إلى قبول الوارث على ما مرّ، فيحكم بانعتاق الموصى به من الأوّل؛ و أمّاإذا مات الموصي بعد الموصى له فلا وجه للانعتاق أصلًا، لأنّ الوارث حينئذٍ يتلقّى الموصى به من الموصي دون الموصى له (2). الامام الخميني: في غير الكشف الحقيقي، و إلّافتلزم لغويّة إجازتهم، للكشف عن كونهم غير الورثة من أوّل الأمر

الگلپايگاني: و لايلزم من كاشفيّة القبول عدم كاشفيّته إلّاعلى القول بالكشف الحكمي، لأنّ الكاشف قبول الوارث لولا الوصيّة و المكشوف الوارثيّة بالوصيّة، من غير فرق بين الكشف الحقيقي أو الحكمي (3). الگلپايگاني: مع اتّحاد الطبقة؛ و يقدّم عليهم مع تقدّم طبقته (4). مكارم الشيرازي: و المراد بالعهديّة هنا خصوص ما أمر الموصي بإعطاء مال للموصى له، لا كلّ وصيّة عهديّة؛ و أمّا الدليل على عدم الفرق، فلإلغاء الخصوصيّة عن التمليكيّة هنا بحسب متفاهم العرف؛ و رواية عمّار الساباطي (الحديث 3، من الباب 13 من أحكام الوصايا) مؤيّدة للمراد (5). الگلپايگاني: الظاهر من العبارة و من تنظيرها في المسألة الاولى بالعتق و فكّ الملك عدم اعتبار القبول في العهديّة مطلقاً حتّى من الموصى إليه، لكنّ الظاهر منهم الإجماع على عدم الفرق بين الوصيّتين في الحاجة إلى القبول في التمليكيّة من الموصى له و في العهديّة من الموصى إليه؛ نعم، يكفي في قبول الموصى إليه القبول الفعلي؛ و أمّا قبول

الموصى له في العهديّة إذا كانت وصيّة بالتمليك فلا إشكال في اعتباره، لكنّه غير مربوط بقبول الوصيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 883

العهديّة (1)، و يختصّ بما إذا كان لشخص معيّن أو أشخاص معيّنين؛ و أمّا إذا كان للنوع أو للجهات، كالوصيّة للفقراء و العلماء أو للمساجد، فلايعتبر قبولهم (2) أو قبول الحاكم فيما للجهات و إن احتمل (3) ذلك، أو قيل. و دعوى أنّ الوصيّة لها ليست من التمليكيّة بل هي عهديّة (4)، و إلّافلايصحّ تمليك النوع أو الجهات، كماترى. و قد عرفت سابقاً قوّة عدم اعتبار القبول مطلقاً، و إنّما يكون الردّ مانعاً (5)، و هو أيضاً لايجري في مثل المذكورات، فلاتبطل بردّ بعض الفقراء مثلًا، بل إذا انحصر النوع في ذلك الوقت في شخص فردّ لاتبطل.

مسألة 9: الأقوى في تحقّق الوصيّة كفاية كلّ ما دلّ عليها من الألفاظ، و لايعتبر فيه لفظ خاصّ، بل يكفي كلّ فعل دالّ عليها حتّى الإشارة و الكتابة و لو في حال الاختيار (6) إذا (1). الامام الخميني: يعني قبول الموصى له في صحّة الوصيّة، و قد مرّ اعتباره مطلقاً، و في العهديّة لا وجه لاعتباره؛ و أمّا لو عهد أن يعطي شيئاً بشخص ففي تملّكه يعتبر القبول بلا إشكال

مكارم الشيرازي: يعني لايعتبر قبول الموصى له لوأوصى في الوصيّة العهديّة بإعطاء شي ءٍ الآخر؛ ففي هذا المقام لايعتبر في صحّة الوصيّة قبول الموصى له، لأنّها ليست تمليكاً؛ نعم، للموصى له قبوله و ردّه و لايحصل الملكيّة له بدون القبول؛ و الوجه فيه ظاهر (2). مكارم الشيرازي: و هذا استثنائان من شرطيّة القبول، أي تختصّ شرطيّة القبول في الوصيّة التمليكيّة بما إذا كان لشخص معيّن؛ ولكنّ الإنصاف أنّ هذا من الشواهد الظاهرة، و لا أقلّ من

المؤيّدات القويّة لكون الوصيّة من الإيقاعات مطلقاً، و إلّافكيف يمكن أن يكون عنوان واحد كالوصيّة تارةً من العقود و اخرى من الإيقاعات؟ و ذلك باختلاف المتعلّقات (3). الامام الخميني: احتمال اعتبار قبول الفقراء أو العلماء بما أنّهم منطبقات الجهات بعيد غايته، لكن احتمال اعتبار قبول الحاكم ليس بذلك البعد و إن كان الأقرب عدمه، كما أنّ بطلانها بردّ الحاكم فيما تقتضي مصلحة سياسيّة أو كان في قبولها مفسدة كذلك قريب (4). الگلپايگاني: و لايبعد ذلك و إن قلنا بمالكيّة الجهة أو النوع (5). مكارم الشيرازي: قد مرّ أنّ الردّ أيضاً ليس بمانع، لظهور روايات الباب في هذا المعنى؛ نعم، للموصى له الإعراض عنه، فيخرج عن ملكه بهذا؛ كما هو كذلك في سائر الأملاك (6). الگلپايگاني: الأحوط الاقتصار عليهما بحال الضرورة

مكارم الشيرازي: أمّا الإشارة، ففي كفايتها في حال الاختيار إشكال ظاهر؛ و أمّا الكتابة، فالأقوى كفايتها في جميع العقود و الإيقاعات إذا كانت بعنوان الإنشاء؛ و الدليل عليه شمول إطلاقات أدلّة صحّة العقود و الإيقاعات لها، بل المعروف في زماننا كون الكتابة أقوى و أظهر من الألفاظ في مقام الإنشاء، بل لايعتمدون في الامور المهمّة إلّاعلى إمضاء أسناد من طريق الكتابة، ولايعتمدون على مجرّد الألفاظ فيها، فكيف لايعتمدون على الكتابة مع أنّ العقد أمر عرفيّ عقلائي يتّخذ منهم، و ليس من الأحكام الّذي يؤخذ من الشارع المقدّس؛ و لعلّ ما حكي عن المشهور في عدم الاكتفاء بالكتابة في إنشاء العقود و الإيقاعات، كان مختصّاً بأعصار لايتداول فيها الإنشاء بالكتابة؛ ولكنّ الإنصاف أنّ الوصيّة مستثناة من هذه الجهة حتّى في الأعصار القديمة، فإنّ الوصايا حيث كانت متعلّقة بامور مستقبلة، كان إنشاؤها غالباً بالكتابة؛ و ما قديقال من أنّهم كانوا

يكتبون ثمّ ينشرون بالألفاظ على طبقها أو بالعكس، دعوى بلا دليل، بل يظهر من الروايات الكثيرة المرويّة من طرق الخاصّة و العامّة أنّ كتابة الوصيّة كانت متداولة من أقدم الأعصار الإسلاميّة و كانت حجّة لإثباتها (فراجع سنن البيهقي، ج 6، ص 271، من كتاب الوصايا؛ فقد روي فيه روايات عديدة من صحاحهم عنه صلى الله عليه و آله في ذلك، في أنّ المسلم إذا بات تكون وصيّته مكتوبة عنده، أو ما يقرب من هذا. و راجع الوسائل، ج 13، كتاب الوصايا، الباب 1، الحديث 5 و 7 و الباب 48، الحديث 1 و 2، و المستدرك، كتاب الوصايا، الباب 1؛ و ضعف أسنادها لايضرّ بعد تضافرها و تكاثرها) بل يظهر من حديث القرطاس و القلم، المشهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله كفاية الكتابة حتّى في الوصيّة بأمر الخلافة، بل كونها أظهر و أقوى من اللفظ؛ و لذا أنّهم منعوه صلى الله عليه و آله من الكتابة، و بالجملة: لاينبغي الإشكال في الاكتفاء بالكتابة بقصد الإنشاء مع التوقيع عليها في أبواب المعاملات و الإيقاعات كلّها و في الوصيّة بالخصوص

العروة الوثقى، ج 2، ص: 884

كانت صريحة في الدلالة، بل أو ظاهرة، فإنّ ظاهر الأفعال معتبر كظاهر الأقوال. فما يظهر من جماعة اختصاص كفاية الإشارة و الكتابة بحال الضرورة لا وجه له، بل يكفي وجود مكتوب منه بخطّه و مهره إذا علم كونه إنّما كتبه بعنوان الوصيّة؛ و يمكن أن يستدلّ عليه بقوله عليه السلام: «لاينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلّاو وصيّته تحت رأسه»، بل يدلّ عليه ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن محمّد الهمداني: قال: كتبت إليه: كتب رجل كتاباً بخطّه و لم يقل لورثته:

هذه وصيّتي و لم يقل: إنّي قد أوصيت، إلّاأنّه كتب كتاباً فيه ما أراد أن يوصي به، هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطّه و لم يأمرهم بذلك؟ فكتب: «إن كان له ولد ينفذون كلّ شي ء يجدون في كتاب أبيهم في وجه البرّ و غيره».

مسألة 10: يشترط في الموصي امور:

الأوّل: البلوغ، فلاتصحّ وصيّة غير البالغ؛ نعم، الأقوى وفاقاً للمشهور صحّة وصيّة

العروة الوثقى، ج 2، ص: 885

البالغ عشراً إذا كان عاقلًا في وجوه المعروف للأرحام أو غيرهم (1)، لجملة من الأخبار المعتبرة، خلافاً لابن إدريس و تبعه جماعة.

الثاني: العقل، فلاتصحّ وصيّة المجنون؛ نعم، تصحّ وصيّة الأدواريّ منه إذا كانت في دور إفاقته. و كذا لاتصحّ وصيّة السكران حال سكره. و لايعتبر استمرار العقل، فلو أوصى ثمّ جنّ لم تبطل، كما أنّه لو اغمي عليه أو سكر، لاتبطل وصيّته؛ فاعتبار العقل إنّما هو حال إنشاء الوصيّة.

الثالث: الاختيار.

الرابع: الرشد (2)، فلاتصحّ وصيّة السفيه (3) و إن كانت بالمعروف؛ سواء كانت قبل حجر الحاكم (4) أو بعده (5)؛ و أمّا المفلس، فلا مانع من وصيّته و إن كانت بعد حجر الحاكم، لعدم الضرر بها على الغرماء لتقدّم الدين على الوصيّة.

الخامس: الحرّيّة، فلاتصحّ وصيّة المملوك بناءً على عدم ملكه و إن أجاز مولاه، بل و كذا بناءً على ما هو الأقوى (6) من ملكه، لعموم أدلّة الحجر و قوله عليه السلام: «لا وصيّة لمملوك» بناءً على إرادة نفي وصيّته لغيره، لا نفي الوصيّة له؛ نعم، لو أجاز مولاه، صحّ على البناء المذكور. و (1). الخوئي: صحّة وصيّته للغرباء محلّ إشكال

مكارم الشيرازي: بل يختصّ ذلك بالأرحام و وجوه البرّ، لورود هذا القيد في صحيحة محمّد بن مسلم المقيّدة للإطلاقات، و لاسيّما أنّ

الغالب الوصيّة للأرحام؛ و عدم وجود القائل به بين القدماء لايضرّنا بعد عدم اعتبار الإجماع المركّب في أمثال هذه المسائل، و منه يعلم أنّ اللازم كون وصاياه عقلائيّة و في حدود معقولة، لما ورد في جملة من روايات الباب (2). الخوئي: في اعتباره إشكال، و الاحتياط لايُترك (3). مكارم الشيرازي: و العمدة فيه عدم كون عقده و إيقاعه معتبراً عند العقلاء إذا كان في الامور الماليّة، فلاتشمله أدلّة وجوب الوفاء بالعقود، لانصرافها إليه، فإذاً لانحتاج إلى ما يدلّ على التخصيص في أدلّة جواز الوصيّة، كما توهّمه غير واحد من الأعلام؛ و بعبارة اخرى: المقتضي للصحّة هنا مفقود و لانحتاج إلى إثبات وجود المانع (4). الامام الخميني: الأقرب صحّتها قبل حجره، إلّاإذا كان سفهه متّصلًا بصغره (5). مكارم الشيرازي: الظاهر عدم حاجة السفيه إلى حجر الحاكم، بعد ما عرفت من عدم اعتبار عقده عند العقلاء، فلاتشمله العمومات (6). الامام الخميني: ملكه محلّ إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 886

لو أوصى بماله ثمّ انعتق و كان المال باقياً في يده، صحّت (1) على إشكال (2)؛ نعم، لو علّقها على الحرّيّة، فالأقوى صحّتها (3) و لايضرّ التعليق المفروض، كما لايضرّ إذا قال: هذا لزيد إن متّ في سفري. و لو أوصى بدفنه (4) في مكان خاصّ لايحتاج إلى صرف مال، فالأقوى الصحّة (5)، و كذا ما كان من هذا القبيل.

السادس: أن لايكون قاتل نفسه، بأن أوصى بعد ما أحدث في نفسه (6) ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلك، فإنّه لاتصحّ وصيّته على المشهور المدّعى عليه الإجماع، للنصّ الصحيح الصريح، خلافاً لابن إدريس و تبعه بعض. و القدر المنصرف إليه الإطلاق الوصيّة بالمال، و أمّا الوصيّة

بما يتعلّق بالتجهيز و نحوه ممّا لا تعلّق له بالمال فالظاهر صحّتها (7)؛ كما أنّ الحكم مختصّ بما إذا كان فعل ذلك عمداً، لا سهواً أو خطأً، و برجاء أن يموت لا لغرض آخر، و على وجه العصيان لا مثل الجهاد في سبيل اللّه، و بما لو مات من ذلك. و أمّا إذا عوفي ثمّ أوصى، صحّت وصيّته بلا إشكال، و هل تصحّ وصيّته قبل المعافاة؟ (8) (1). الگلپايگاني: مشكل و إن علّقها على الحريّة (2). الامام الخميني: بل الصحّة ممنوعة

الخوئي: الإشكال قويّ فيه و فيما بعده؛ نعم، إذا أجازها بعد العتق صحّت و إن لم يجزها المولى (3). الامام الخميني: لاتخلو من تأمّل (4). الامام الخميني: محلّ تأمّل فيه و فيما كان من هذا القبيل (5). الگلپايگاني: و الأحوط أن تكون بإذنه أو إجازته للوصيّة أو للعمل بها (6). مكارم الشيرازي: لاينبغي الشكّ في أنّ مقتضى العمومات صحّة الوصيّة في هذا الحال و إن أيقن بالموت و كان حياته غير مستقرّة، بل كثير من الوصايا لو لم نقل أكثرها وقعت في حال ظهور أمارات الموت، مع بقاء العقل و الرشد؛ كما يظهر من الوصيّة المعروفة عن النبيّ صلى الله عليه و آله و إنّه و إن منع منه الجبّارون، و كذا وصايا أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما ضربه إبن ملجم، و وصيّة الحسن عليه السلام بعد أن صار مسموماً، و غير ذلك من وصايا الأئمّة عليهم السلام و العلماء- قدّس سرّهم- و غيرهم، لكن تخصّص في القاتل لنفسه، للنصّ الصحيح الصريح مع فتوى المشهور به، فإذا جرح نفسه ثمّ أوصى لاتقبل وصيّته؛ و فتوى إبن إدريس إنّما تصحّ على مبناه، لا على المباني المعروفة في

اصول الفقه من حجيّة خبر الواحد (7). الگلپايگاني: بل مشكل (8). مكارم الشيرازي: لا إشكال في صحّته، لأنّ النصّ ظاهر أو صريح في فرض الموت بذاك الجرح أو شبهه، لا ما إذا لم يمت به، بل عوفي؛ إلّاإذا قيّد وصيّته بفرض موته بذاك السبب، أي الجرح لنفسه و شبهه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 887

إشكال (1). و لايلحق التنجيز بالوصيّة. هذا، و لو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثمّ أحدث، صحّت وصيّته و إن كان حين الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها، للصحيح المتقدّم، مضافاً إلى العمومات.

مسألة 11: يصحّ لكلّ من الأب و الجدّ الوصيّة بالولاية على الأطفال مع فقد الآخر، و لاتصحّ مع وجوده (2)، كما لايصحّ ذلك لغيرهما حتّى الحاكم الشرعي، فإنّه بعد فقدهما له الولاية عليهم مادام حيّاً، و ليس له أن يوصي بها لغيره بعد موته، فيرجع الأمر بعد موته إلى الحاكم الآخر، فحاله حال كلّ من الأب و الجدّ (3) مع وجود الآخر. و لا ولاية في ذلك للُامّ، خلافاً لابن الجنيد، حيث جعل لها بعد الأب إذا كانت رشيدة. و على ما ذكرنا، فلو أوصى للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال و جعل أمره إلى غير الأب و الجدّ و غير الحاكم، لم يصحّ (4)، بل يكون للأب و الجدّ مع وجود أحدهما و للحاكم مع فقدهما؛ نعم، لو أوصى لهم على أن يبقى بيد الوصيّ ثمّ يملّكه لهم بعد بلوغهم (5) أو على أن يصرفه عليهم من (1). الگلپايگاني: الظاهر أنّه لا إشكال فيها إذا أوصى ثمّ عوفي (2). مكارم الشيرازي: فيه إشكال قويّ؛ فإنّه لا دليل على منع أحدهما من الوصيّة بعد ثبوت ولايته و بعد

إطلاق أدلّة صحّة الوصيّة، و لا مزاحمة بين ولاية الوصيّ و ولاية الوليّ الآخر، كما أنّه لا مزاحمة بين ولاية الأب و الجدّ، فإذا أقدم أحدهما أعني الوصيّ و الوليّ الآخر على أمر، صحّ إقدامه؛ و إذا أقدما معاً مختلفين بطلا، أو يقدّم تصرّف الوليّ الأصيل، لرجحانه؛ و على كلّ حال، لم نجد دليلًا عامّاً و لا خاصّاً يمنع الأولياء عن الوصيّة بالنسبة إلى الصغار و الولاية عليهم (3). مكارم الشيرازي: أصل الحكم صحيح؛ ولكن قياس الحاكمين على الأب و الجدّ قياس مع الفارق، فإنّ الحاكم ليس له الولاية بالنسبة إلى ما بعد وفاته، لا لوجود الحاكم الآخر، بل لعدم اقتضاء حكومته أكثر من ذلك، حيث إنّ أدلّة الوصيّة لاتشمله من هذه الجهة؛ و بعبارة اخرى: عدم جواز الوصيّة في الحاكم لعدم وجود المقتضي، و في الأب و الجدّ لوجود المانع (لو قلنا به) (4). مكارم الشيرازي: يعني لم يصحّ جعل الولاية لغير الأب و الجدّ؛ و أمّا الوصيّة بالمال، فهي صحيحة، كما صرّح بذلك في الحدائق (5). الگلپايگاني: هذا لا إشكال فيه و غير مربوط بالوصيّة على الأطفال؛ و أمّا الوصيّة بالصرف عليهم قبل البلوغ من دون المراجعة إلى الوليّ الشرعيّ فلايخلو من إشكال

العروة الوثقى، ج 2، ص: 888

غير أن يملّكهم، يمكن أن يقال (1) بصحّته (2) و عدم رجوع أمره إلى الأب و الجدّ أو الحاكم.

[فصل في الموصى به

فصل في الموصى به

تصحّ الوصيّة بكلّ ما يكون فيه غرض عقلائي محلّل، من عين أو منفعة أو حقّ قابل للنقل؛ و لا فرق في العين بين أن تكون موجودة فعلًا أو قوّةً (3)، فتصحّ بما تحمله الجارية أو الدابّة أو الشجرة، و تصحّ بالعبد الآبق منفرداً و لو لم يصحّ

بيعه إلّابالضميمة. و لاتصحّ بالمحرّمات كالخمر و الخنزير و نحوهما و لا بآلات اللهو و لا بما لا نفع فيه و لا غرض عقلائي كالحشرات و كلب الهراش، و أمّا كلب الصيد فلا مانع منه، و كذا كلب الحائط و الماشية و الزرع و إن قلنا بعدم مملوكيّة ما عدا كلب الصيد، إذ يكفي وجود الفائدة فيها (4). و لاتصحّ بما لايقبل النقل من الحقوق، كحقّ القذف و نحوه. و تصحّ بالخمر المتّخذ للتخليل. و لا فرق في عدم صحّة الوصيّة بالخمر و الخنزير بين كون الموصي و الموصى له مسلمين أو كافرين (5) أو مختلفين، لأنّ الكفّار أيضاً مكلّفون بالفروع (6)؛ نعم، هم يقرّون على مذهبهم و إن لم يكن (1). الامام الخميني: لا إشكال في صحّته في الصورتين (2). مكارم الشيرازي: لايخلو عن إشكال، لأنّ جواز تصرّف الأجنبي في أمر الصغير حتّى يصرف مالًا في اموره ولو من أموال نفسه أو ثالث، غير ثابت، إلّافي أشياء طفيفة جرت السيرة عليها، مثل سقيه إذا كان عطشاناً ممّا يعلم عادةً برضى الوليّ به (3). مكارم الشيرازي: بل ولو كانت معدومة في بعض الصور؛ كما إذا أوصى بثلث ماله و كان له أموال بالفعل، ثمّ حصل له أموال في المستقبل، فإنّ الوصيّة تشمل الجميع؛ نعم، إذا لم يكن له مال موجود مطلقاً، يشكل الوصيّة بالمعدوم فقط؛ و ذلك لعدم معروفيّته بين العقلاء و انصراف الإطلاقات إلى غيره؛ و في الحقيقة تجوز الوصيّة بمجموعة أموال بعضها موجود و بعضها معدوم (4). مكارم الشيرازي: المراد هي الفائدة المقصودة المعتدّ بها، و إلّافلكلّ شي ء فائدة نادرة، مع أنّه لاتصحّ الوصيّة بها (5). الامام الخميني: فيه تأمّل (6). الخوئي: الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر

و الخنزير ولو من الكافر للكافر، لعلّه لايتوقّف على تكليفهم بالفروع

مكارم الشيرازي: و في تعليقات بعض الأعلام أنّ الحكم ببطلان الوصيّة بالخمر و الخنزير ولو من الكافر للكافر، لايتوقّف على تكليفهم بالفروع (إنتهى). و لعلّ نظره إلى أنّ البطلان من آثار عدم الماليّة و عدم الملكيّة الّتي هي من الأحكام الوضعيّة، ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ عدم ماليّة الخمر و الخنزير إنّما نشأ من حرمة منافعهما؛ فلو لم يكن الكفّار مكلّفين بالفروع، كانتا من الأموال عندهم و تصحّ الوصيّة بها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 889

عملهم صحيحاً (1). و لاتصحّ الوصيّة بمال الغير و لو أجاز ذلك الغير إذا أوصى لنفسه؛ نعم، لو أوصى فضولًا عن الغير (2)، احتمل (3) صحّته إذا أجاز (4).

مسألة 1: يشترط في نفوذ الوصيّة كونها بمقدار الثلث أو بأقلّ منه، فلو كانت بأزيد بطلت في الزائد، إلّامع إجازة الورثة بلا إشكال. و ما عن عليّ بن بابويه من نفوذها مطلقاً، على تقدير ثبوت النسبة، شاذّ. و لا فرق بين أن يكون بحصّة مشاعة من التركة أو بعين معيّنة. و لو كانت زائدة و أجازها بعض الورثة دون بعض نفذت في حصّة المجيز (5) فقط، و لايضرّ التبعيض، كما في سائر العقود؛ فلو خلّف ابناً و بنتاً و أوصى بنصف تركته فأجاز الابن دون البنت، كان للموصى له ثلاثة إلّاثلث من ستّة، و لو انعكس كان له اثنان و ثلث من ستّة.

مسألة 2: لايشترط في نفوذها قصد الموصي كونها من الثلث الّذي جعله الشارع له، فلو أوصى بعين غير ملتفت إلى ثلثه و كانت بقدره أو أقلّ صحّت، و لو قصد كونها من الأصل أو من ثلثي الورثة و بقاء ثلثه سليماً مع وصيّته بالثلث

سابقاً أو لاحقاً، بطلت (6) مع (1). مكارم الشيرازي: و أىّ معنى لإقرارهم على مذهبهم، بعد الاعتراف ببطلان عملهم؟ (2). الگلپايگاني: بأن يقول مثلًا: دار زيد بعد وفاته للفقراء، فأمضاه الزيد، و الظاهر عدم الإشكال فيه على تقدير كون الوصيّة عقداً؛ نعم، على تقدير كونها إيقاعاً فجريان الفضولي فيها محلّ تأمّل، بل منع (3). الخوئي: هذا هو الأظهر (4). مكارم الشيرازي: مشكل، بناءً على ما عرفت من كونها من الإيقاعات و عدم اشتراط القبول فيها، لما هو المعروف بينهم من دعوى الإجماع على بطلان الفضوليّ في الإيقاعات (5). مكارم الشيرازي: و كذا إذا أجاز جميع الورثة بعض الوصيّة أو البعض بعضها، لإطلاق الأدلّة في جميع ذلك (6). الامام الخميني: لايبعد لغويّة قصده و صحّة وصيّته في الثلث و لغويّة الوصيّة الثانية بالثلث، و كذا لايبعدصحّتها في الفرض الآتي و لغويّة قصده، لكن في الفرعين إشكال لايُترك التخلّص بالاحتياط

الگلپايگاني: مع وصيّته بالثلث سابقاً؛ و أمّا مع عدمها فإن كان من قصده الوصيّة زائداً عن الثلث فعلًا و قصد بيان مصرف الثلث بعد ذلك فهذه عين الوصيّة بالثلث مع الزيادة و في الزائد موقوفة على إمضاء الورثة؛ و أمّا لو لم يرجع إلى الوصيّة بالثلث فعلًا مع الزيادة، فقصد كون ذلك من الأصل و زائداً على الثلث لغو؛ سواء أوصى بعد ذلك بالثلث أو لم يوص، و هذه الوصيّة نافذة بمقدار الثلث و ما أوصى بعد ذلك فموقوف على الإمضاء

مكارم الشيرازي: أمّا إذا أوصى بالثلث سابقاً، فالبطلان واضح؛ و أمّا في صورة عدم الوصيّة سابقاً، فبطلانه غير معلوم، لأنّه يمكن أن يقال: إنّ الوصيّة تؤدّي من الثلث؛ و قصد كونها من الأصل لغو، لا أثر له، ولكن لايخلو عن

إشكال في فرض تقييد قصده بكونها من الأصل أو من ثلثي الورثة، و الأحوط التصالح بين الورثة و الموصى له

العروة الوثقى، ج 2، ص: 890

عدم إجازة الورثة. بل و كذا إن اتّفق أنّه لم يوص بالثلث أصلًا، لأنّ الوصيّة المفروضة مخالف للشرع (1) و إن لم تكن حينئذٍ زائدة على الثلث؛ نعم، لو كانت في واجب (2)، نفذت (3)، لأنّه يخرج من الأصل (4) إلّامع تصريحه بإخراجه من الثلث.

مسألة 3: إذا أوصى بالأزيد أو بتمام تركته و لم يعلم كونها في واجب حتّى تنفذ أو لا حتّى يتوقّف الزائد على إجازة الورثة، فهل الأصل النفوذ إلّاإذا ثبت عدم كونها بالواجب أو عدمه إلّا إذا ثبت كونها بالواجب؟ وجهان؛ ربّما يقال بالأوّل، و يحمل عليه ما دلّ من الأخبار على أنّه «إذا أوصى بماله كلّه فهو جائز» و «أنّه أحقّ بماله ما دام فيه الروح»، لكنّ الأظهر الثاني (5)، (1). الخوئي: فيه منع ظاهر (2). الامام الخميني: ماليّ دون غيره

الگلپايگاني: يعني فيما يخرج من الأصل (3). مكارم الشيرازي: مراده الواجبات الّتي تخرج من الأصل (4). الخوئي: مرّ أنّ الواجبات البدنيّة كالصلاة و الصوم لاتخرج من الأصل؛ و بذلك يظهر حال المسألة الآتية (5). مكارم الشيرازي: استدلاله قدس سره بعمومات عدم صحّة الوصيّة إذا كانت بالأزيد مخدوش، لأنّ الخارج منه كونها بالواجب في مقام الثبوت، فالتمسّك بعموم العامّ هنا من قبيل التمسّك به في الشبهات المصداقيّة؛ و كون الواجب غير معلوم، لايفيد؛ لأنّه لم يؤخذ العلم في موضوع الحكم، كما أنّ التمسّك بأصالة عدم نفوذها في الأزيد من الثلث إلّامع الإمضاء (كما ذكره بعض أعاظم المحشّين) أيضاً يرجع إلى ذلك. و الأولى الاستدلال عليه بإطلاق أدلّة نفي الزائد على الثلث فإنّ احتمال

الوصيّة بالواجب قائم في كثير من الوصايا الزائدة على الثلث، مع أنّه لم يرد إشارة إليه في تلك العمومات على كثرتها، مضافاً إلى جريان الأصل الموضوعي، أعني أصالة عدم حقّ واجب على الميّت في كثير من الموارد

العروة الوثقى، ج 2، ص: 891

لأنّ مقتضى ما دلّ (1) على عدم صحّتها إذا كانت أزيد من ذلك، و الخارج منه كونها بالواجب، و هو غير معلوم؛ نعم، إذا أقرّ بكون ما أوصى به من الواجب عليه يخرج من الأصل، بل و كذا إذا قال: أعطوا مقدار كذا خمساً أو زكاة أو نذراً أو نحو ذلك (2)، و شكّ في أنّها واجبة عليه أو من باب الاحتياط المستحبيّ، فإنّها أيضاً تخرج من الأصل، لأنّ الظاهر من الخمس و الزكاة الواجب منهما، و الظاهر من كلامه اشتغال ذمّته بهما.

مسألة 4: إذا أجاز الوارث بعد وفاة الموصي، فلا إشكال في نفوذها و لايجوز له الرجوع في إجازته، و أمّا إذا أجاز في حياة الموصي ففي نفوذها و عدمه قولان؛ أقواهما الأوّل، كما هو المشهور، للأخبار المؤيّدة باحتمال (3) كونه ذا حقّ في الثلثين (4) فيرجع إجازته إلى إسقاط حقّه، كما لايبعد استفادته من الأخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّاالثلث. هذا، و الإجازة من الوارث تنفيذ لعمل الموصي و ليست ابتداء عطيّة من الوارث (5)، فلاينتقل الزائد إلى الموصى له من الوارث بأن ينتقل إليه بموت الموصي أوّلًا ثمّ ينتقل إلى الموصى له، بل و لا (1). الگلپايگاني: هذا تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، و الأولى التمسّك بأصالة عدم نفوذها في أزيد من الثلث إلّامع الإمضاء (2). مكارم الشيرازي: بناءً على إخراج النذر و مثله من الواجبات الماليّة الّتي ليست من حقوق الناس، عن

الأصل (3). الگلپايگاني: هذا الاحتمال ضعيف، كما يأتي منه قدس سره (4). مكارم الشيرازي: أصل المسألة أعني جواز إمضاء الورثة للزائد على الثلث حال حياة الموصي، ممّا لاينبغي الشكّ فيها، بعد ورود الروايات المعتبرة و فتوى المشهور بها، ولكن تأييدها بهذا الاحتمال غير متين، لعدم كون الورثة ذا حقّ في الثلثين حال الحياة؛ كما أنّ الاخبار الدالّة على أن ليس للميّت من ماله إلّاالثلث أيضاً خارجة عن محلّ الكلام (5). مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الإجازة قبل الموت واضح؛ و أمّا بالنسبة إلى ما بعد الموت، ففي غاية الإشكال، لأنّ التركة بحسب ظاهر أدلّة الإرث تنتقل إلى ملك الورثة و لاتبقى على ملك الميّت ما لم يكن هناك دين أو وصيّة نافذة؛ و حينئذٍ تكون الإجازة ابتداءً عطيّة أو شبهه؛ اللّهم إلّاأن يقال: عند صدور الوصيّة يبقى مقدارها على ملك الميّت، حتّى ينفذ الوارث الوصيّة أو يردّها، أو يقال بالكشف، أعني إجازة الورثة يكشف عن انتقال الملك إلى الموصى له من حين الوفاة؛ ولكن كلا الوجهين محلّ إشكال؛ و على كلّ حال تظهر الثمرة بين القولين في الأحكام الخاصّة للهبة كالقبض و جواز الرجوع و غيرهما و الأحكام الخاصّة بالمفلس و شبهه

العروة الوثقى، ج 2، ص: 892

بتقدير ملكه، بل ينتقل إليه من الموصي من الأوّل.

مسألة 5: ذكر بعضهم: أنّه لو أوصى بنصف ماله مثلًا، فأجاز الورثة، ثمّ قالوا ظننّا أنّه قليل، قضي عليهم بما ظنّوه (1) و عليهم الحلف على الزائد، فلو قالوا: ظننّا أنّه ألف درهم، فبان أنّه ألف دينار، قضي عليهم بصحّة الإجازة في خمسمأة درهم و أحلفوا على نفي ظنّ الزائد (2)، فللموصى له نصف ألف درهم من التركة و ثلث البقيّة (3)، و ذلك

لأصالة (4) عدم تعلّق الإجازة بالزائد و أصالة عدم (5) علمهم بالزائد، بخلاف ما إذا أوصى بعين معيّنة كدارٍ أو عبد فأجازوا، ثمّ ادّعوا أنّهم ظنّوا أنّ ذلك أزيد من الثلث بقليل، فبان أنّه أزيد بكثير، فإنّه لايسمع منهم ذلك، لأن إجازتهم تعلّقت بمعلوم و هو الدار أو العبد. و منهم من سوّى بين المسألتين في القبول. و منهم من سوّى بينهما في عدم القبول، و هذا هو الأقوى (6)، أخذاً بظاهر كلامهم في الإجازة، كما في سائر المقامات؛ كما إذا أقرّ بشي ء ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا أو وهب أو صالح أو نحو ذلك ثمّ ادّعى أنّه ظنّ كذا، فإنّه لايسمع منه. بل الأقوى عدم السماع حتّى مع (1). مكارم الشيرازي: الأقوى في المسألة التفصيل؛ فإن كان هذا الظنّ من قبيل الدواعي و المقارنات، فالوصيّة نافذة فيما وقع تحت عنوان النصف؛ و إن كان من المقيّدات، فالحقّ ما ذكروه من عدم نفوذ الوصيّة فيما زاد على ظنّهم، هذا بحسب مقام الثبوت؛ أمّا بحسب مقام الإثبات لو كان ظاهر الكلام الإطلاق، يؤخذ به ولاتسمع هذه الدعوى؛ و كذا لو كان ظاهره التقييد، يؤخذ به؛ نعم، لو كان ظاهره مبهماً، يؤخذ بالأقلّ و لايحتاج إلى الحلف في شي ء من ذلك؛ فما ذكره البعض على إطلاقه ممنوع (2). الامام الخميني: بل على نفي احتماله

الگلپايگاني: ليرجع إلى الحلف على نفي الإجازة عن الزائد ممّا ظنّوا، و إلّافمجرّد نفي الظنّ لايفيد نفي الإجازة (3). الگلپايگاني: لا وجه لثلث البقيّة زائداً على خمسمأة درهم، لأنّه لو كان الممضى تمام خمسمأة درهم زائداً على الثلث فللموصى له ثلث المجموع زائداً على خمسمأة درهم، و إن كان الممضى سدس ألف درهم زائداً

على الثلث فللموصى له ثلث المجموع و سدس ألف درهم (4). الامام الخميني: هذان الأصلان غير أصيلين و إن كان المدّعى حقّاً (5). الگلپايگاني: هذا الأصل يفيد لدعوى عدم العلم؛ و أمّا لنفي الإجازة فغير مفيد (6). الگلپايگاني: هذا مع الشكّ في الصدق؛ و أمّا مع العلم بصدق المدّعى فالأقوى في الصورة الاولى السماع، لأنّ النصف في نظر من يعلم بكون الكلّ ألف درهم ليس إلّاخمسمأة درهم بخلاف الصورة الثانية، فإنّ العبد لايتفاوت بكثرة المال و قلّته أو كثرة قيمته و قلّتها؛ نعم، تخيّل ذلك أوجب إمضاء الدار و العبد و هذا لايضرّ بشي ء

العروة الوثقى، ج 2، ص: 893

العلم بصدقهم في دعواهم (1)، إلّاإذا علم كون إجازتهم مقيّدة بكونه بمقدار كذا، فيرجع إلى عدم الإجازة، و معه يشكل السماع (2) فيما ظنّوه أيضاً (3).

مسألة 6: المدار في اعتبار الثلث على حال وفاة الموصي، لا حال الوصيّة، بل على حال حصول قبض الوارث للتركة (4) إن لم تكن بيدهم حال الوفاة، فلو أوصى بحصّة مشاعة كالربع أو الثلث و كان ماله بمقدار ثمّ نقص، كان النقص مشتركاً (5) بين الوارث و الموصي، و لو زاد كانت الزيادة لهما مطلقاً و إن كانت كثيرة جدّاً. و قد يقيّد بما إذا لم تكن كثيرة، إذ لايعلم إرادته هذه الزيادة المتجدّدة، والأصل عدم تعلّق الوصيّة بها؛ و لكن لا وجه له، للزوم العمل بإطلاق الوصيّة؛ نعم، لو كان هناك قرينة قطعيّة على عدم إرادته الزيادة المتجدّدة، صحّ ما ذكر، لكن عليه لا فرق بين كثرة الزيادة و قلّتها (6). و لو أوصى بعين معيّنة كانت بقدر (1). الخوئي: هذا إنّما يتمّ في مثل الوصيّة بمعلوم كالعبد و الدار، فإنّ الإجازة حينئذٍ تكون نافذة

ولو علم مخالفةعلم المجيز لما عليه الموصى به من الماليّة، فإنّ التخلّف حينئذٍ من قبيل تخلّف الداعي و هو لايضرّ بصحّة الإجازة؛ و أمّا في مثل الوصيّة بالنصف مثلًا فالمجاز على تقدير اعتقاد المجيز بأنّ المال ألف درهم فرضاً إنّما هي الوصيّة بخمسمأة درهم فلاتكون الإجازة نافذة في الزائد، و بذلك يظهر أنّه لا مانع من سماع الدعوى في هذه الصورة، إلّاأنّها محتاجة إلى الإثبات، لأنّها مخالفة لظاهر الكلام (2). الخوئي: لعلّه من سهو القلم، و صحيحه: «يشكل القضاء» (3). مكارم الشيرازي: كأنّ نظره في ذلك إلى أنّ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، فليست العبارة من سهو القلم، كما ذكره بعض الأعاظم و قال: «إنّ صحيحه يشكل القضاء»؛ ولكن هذا الإشكال على كلّ حال غير وارد، لعدم المانع من السماع فيما ظنّوه؛ كما لايخفى (4). مكارم الشيرازي: لايعلم وجه صحيح لحال حصول قبض الوارث، لأنّ التركة تنتقل إلى الوارث حين الموت و إن كان متعلّقاً لحقّ الموصى له أيضاً، حتّى أنّ الدية إن قلنا بكونها من جملة التركة و يتعلّق بها حقّ الموصى له لا أثر للقبض فيها؛ و بالجملة: ذكر حال القبض ممّا لايدلّ عليه دليل ولايساعده القواعد المعروفة في الإرث و الوصيّة (5). الگلپايگاني: هذا الحكم متفرّع على أنّ الظاهر من لفظ الموصي الربع حال الوصيّة أو حال الموت و لذا لوصرّح بالربع حال الوصيّة ثمّ زاد كانت الزيادة للوارث؛ و كذا لو نقص، كان النقص عليه ما لم ينقص ربع المال حال الوصيّة عن الثلث حال الوفاة، و كذا لو صرّح بالثلث حال الوصيّة ثمّ زاد المال كانت الزيادة للوارث؛ نعم، لو نقص كان النقص عليهما لعدم نفوذ الوصيّة في أكثر من الثلث حال

الوفاة؛ نعم، ما ذكر من الوصيّة بالعين المعيّنة أو بالكلّي مثل مأة دينار، فهو من فروع كون المدار في الثلث الثلث حال الموت (6). مكارم الشيرازي: الإنصاف أنّ كثرة الزيادة بنفسها قرينة قطعيّة في كثير من الأوقات على إرادة الحصّة حال الوصيّة، فلو أوصى لأجنبي بثلث ماله و كان ألف درهم، ثمّ تجدّد له ملايين درهم أو أكثر، يشكل الحكم بملكيّة الموصى له لثلثها

العروة الوثقى، ج 2، ص: 894

الثلث أو أقلّ، ثمّ حصل نقص في المال أو زيادة في قيمة تلك العين، بحيث صارت أزيد من الثلث حال الوفاة، بطلت بالنسبة إلى الزائد مع عدم إجازة الوارث، و إن كانت أزيد من الثلث حال الوصيّة ثمّ زادت التركة أو نقصت قيمة تلك العين فصارت بقدر الثلث أو أقلّ، صحّت الوصيّة فيها، و كذا الحال إذا أوصى بمقدار معيّن كلّي، كمأة دينار مثلًا.

مسألة 7: ربّما يحتمل فيما لو أوصى بعين معيّنة أو بكلّي كمأة دينار مثلًا، أنّه إذا اتلف من التركة بعد موت الموصي يردّ النقص عليهما أيضاً بالنسبة، كما في الحصّة المشاعة و إن كان الثلث وافياً، وذلك بدعوى أنّ الوصيّة بها ترجع إلى الوصيّة بمقدار مايساوي قيمتها، فيرجع إلى الوصيّة بحصّة مشاعة؛ والأقوى عدم ورود النقص عليهما مادام الثلث وافياً. و رجوعهما إلى الحصّة المشاعة في الثلث أو في التركة لا وجه له، خصوصاً في الوصيّة بالعين المعيّنة.

مسألة 8: إذا حصل للموصي مال بعد الموت، كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته، يخرج منه الوصيّة (1)، كما يخرج منه الديون؛ فلو كان أوصى بالثلث أو الربع اخذ ثلث ذلك المال أيضاً مثلًا. و إذا أوصى بعين و كانت أزيد من الثلث حين الموت و

خرجت منه بضمّ ذلك المال، نفذت فيها، و كذا إذا أوصى بكلّي كمأة دينار مثلًا؛ بل لو أوصى ثمّ قتل، حسبت ديته من جملة تركته، فيخرج منها الثلث كما يخرج منها ديونه إذا كان القتل خطأً، بل و إن كان عمداً و صالحوا على الدية، للنصوص الخاصّة، مضافاً إلى الاعتبار و هو كونه أحقّ بعوض نفسه من غيره. و كذا إذا اخذ دية جرحه خطأً، بل أو عمداً.

والحمد للّه ربّ العالمين و أفضل صلواته على نبيّه و آله الطاهرين

(1). مكارم الشيرازى: المسألة لا تخلو عن إشكال، لأن احيازة يعتبر فيها القصد ولو إجمالا فى أعماق النفس، و هذا منتف بعد الموت، و الفرض أن الورثة ايضا لم يقصدوا الحيازة؛ و مجرد كون الأثر تابعا للمؤثر تبيعية النماء كما فى المستمسك و غيره، غير مفيد بعد قبول اشتراط انية فى الحيازة ولو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت اولصية بالمشاع، فتنتقل إليهما مال وقع فى الشبكة و إن كان هو أيضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد فى الحيازة ولو اجمالا؛ نعم، يمكن أن يقال بأن الشبكة تنتقل إلى ملك الورثة و الموصى له إذا كانت الوصيةبالمشاع، فتنتقل إليهما ما وقع فى الشبكة و إن كان هو ايضا لا يخلو عن إشكال على فرض اشترط القصد فى الحيازة؛ مضافا إلى أنه لا يجرى فى غير المشاع، فالاحوط التصالح فيما هو محل للإشكال.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.