ص :2

ص :4

[باب المختار من کتب مولانا أمیر المؤمنین ع و رسائله إلی أعدائه و أولیاء (1) بلاده و یدخل فی ذلک ما اختیر من عهوده إلی عماله و وصایاه لأهله و أصحابه ]

لما فرغ من إیراد المختار من خطب أمیر المؤمنین ع و کلامه الجاری مجری الخطب من المواعظ و الزواجر شرع فی إیراد باب من مختار کلامه ع و هو ما کان جاریا مجری الرسائل و الکتب و یدخل فی ذلک العهود و الوصایا و قد أورد فی هذا الباب ما هو بالباب الأول أشبه نحو کلامه ع لشریح القاضی لما اشتری دارا و کلامه لشریح بن هانئ لما جعله علی مقدّمته إلی الشام .

و سمی ما یکتب للولاة عهدا اشتقاقا من قولهم عهدت إلی فلان أی أوصیته

ص :5

قوله ع و سنام العرب أی أهل الرفعة و العلو منهم لأن السنام أعلی أعضاء البعیر .

قوله ع أکثر استعتابه و أقل عتابه الاستعتاب طلب العتبی و هی الرضا قال کنت أکثر طلب رضاه و أقل عتابه و تعنیفه علی الأمور و أما طلحة و الزبیر فکانا شدیدین علیه.

و الوجیف سیر سریع و هذا مثل للمشمرین (1) فی الطعن علیه حتّی إن السیر السریع أبطأ ما یسیران فی أمره و الحداء العنیف أرفق ما یحرضان به علیه .

و دار الهجرة المدینة .

و قوله قد قلعت بأهلها و قلعوا بها الباء هاهنا زائدة فی أحد الموضعین و هو الأول و بمعنی من فی الثانی یقول فارقت أهلها و فارقوها و منه قولهم هذا منزل قلعة أی لیس بمستوطن.

و جاشت

اضطربت و المرجل القدر.

و من لطیف الکلام قوله ع فکنت رجلا من المهاجرین فإن فی ذلک من التخلص و التبری ما لا یخفی علی المتأمل أ لا تری أنّه لم یبق علیه فی ذلک حجة لطاعن حیث کان قد جعل نفسه کواحد من عرض المهاجرین الذین بنفر یسیر منهم انعقدت خلافة أبی بکر و هم أهل الحل و العقد و إنّما کان الإجماع حجة لدخولهم فیه.

و من لطیف الکلام أیضا قوله فأتیح له قوم قتلوه و لم یقل أتاح اللّه له قوما و لا قال أتاح له الشیطان قوما و جعل الأمر مبهما.

و قد ذکر أن خط الرضی رحمه اللّه مستکرهین بکسر الراء و الفتح أحسن و أصوب و إن کان قد جاء استکرهت الشیء بمعنی کرهته.

ص :7

و قال الراوندیّ المراد بدار الهجرة هاهنا الکوفة التی هاجر أمیر المؤمنین ع إلیها و لیس بصحیح بل المراد المدینة و سیاق الکلام یقتضی ذلک و لأنّه کان حین کتب هذا الکتاب إلی أهل الکوفة بعیدا عنهم فکیف یکتب إلیهم یخبرهم عن أنفسهم

3830

1- فَأَمَّا رِوَایَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَکْرٍ اَلْکُوفَةَ اسْتَنْفَرَا (1) النَّاسَ فَدَخَلَ قَوْمٌ مِنْهُمْ عَلَی أَبِی مُوسَی لَیْلاً فَقَالُوا لَهُ أَشِرْ عَلَیْنَا بِرَأْیِکَ فِی الْخُرُوجِ مَعَ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ إِلَی عَلِیٍّ ع فَقَالَ أَمَّا سَبِیلُ الْآخِرَةِ فَالْزَمُوا بُیُوتَکُمْ وَ أَمَّا سَبِیلُ الدُّنْیَا فَاشْخَصُوا مَعَهُمَا فَمَنَعَ بِذَلِکَ أَهْلَ اَلْکُوفَةِ مِنَ الْخُرُوجِ وَ بَلَغَ ذَلِکَ اَلْمُحَمَّدَیْنِ فَأَغْلَظَا لِأَبِی مُوسَی فَقَالَ أَبُو مُوسَی وَ اللَّهِ إِنَّ بَیْعَةَ عُثْمَانَ لَفِی عُنُقِ عَلِیٍّ وَ عُنُقِی وَ أَعْنَاقِکُمَا وَ لَوْ أَرَدْنَا قِتَالاً مَا کُنَّا لِنَبْدَأَ بِأَحَدٍ قَبْلَ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَحِقَا بِعَلِیٍّ ع فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ

.

3831

1- وَ أَمَّا رِوَایَةُ أَبِی مِخْنَفٍ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ لَمَّا قَدِمَ اَلْکُوفَةَ دَعَا أَبُو مُوسَی اَلسَّائِبَ بْنَ مَالِکٍ الْأَشْعَرِیَّ فَاسْتَشَارَهُ فَقَالَ اتَّبِعْ مَا کَتَبَ بِهِ إِلَیْکَ فَأَبَی ذَلِکَ وَ حَبَسَ الْکِتَابَ وَ بَعَثَ إِلَی هَاشِمٍ یَتَوَعَّدُهُ وَ یُخَوِّفُهُ.

قَالَ اَلسَّائِبُ فَأَتَیْتُ هَاشِماً فَأَخْبَرْتُهُ بِرَأْیِ أَبِی مُوسَی فَکَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ ع لِعَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ أَمَّا بَعْدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنِّی قَدِمْتُ بِکِتَابِکَ عَلَی امْرِئٍ مُشَاقٍّ بَعِیدِ الْوُدِّ ظَاهِرِ الْغِلِّ وَ الشَّنَآنِ فَتَهَدَّدَنِی بِالسِّجْنِ وَ خَوَّفَنِی بِالْقَتْلِ وَ قَدْ کَتَبْتُ إِلَیْکَ هَذَا الْکِتَابَ مَعَ اَلْمُحِلِّ بْنِ خَلِیفَةَ أَخِی طَیِّئٍ وَ هُوَ مِنْ شِیعَتِکَ وَ أَنْصَارِکَ وَ عِنْدَهُ عِلْمُ مَا قِبَلَنَا فَاسْأَلْهُ عَمَّا بَدَا لَکَ وَ اکْتُبْ إِلَیَّ بِرَأْیِکَ وَ السَّلاَمُ.

قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ اَلْمُحِلُّ بِکِتَابِ هَاشِمٍ عَلَی عَلِیٍّ ع سَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَدَّی الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ فَکَرِهَ ذَلِکَ قَوْمٌ قَدْ وَ اللَّهِ کَرِهُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ ص ثُمَّ بَارَزُوهُ وَ جَاهَدُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ کَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَنُجَاهِدَنَّهُمْ مَعَکَ فِی کُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِی أَهْلِ بَیْتِهِ إِذْ صَارُوا أَعْدَاءً لَهُمْ بَعْدَهُ.

ص :9

فَرَحَّبَ بِهِ عَلِیٌّ ع وَ قَالَ لَهُ خَیْراً ثُمَّ أَجْلَسَهُ إِلَی جَانِبِهِ وَ قَرَأَ کِتَابَ هَاشِمٍ وَ سَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ وَ عَنْ أَبِی مُوسَی فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَثِقُ بِهِ وَ لاَ آمَنُهُ عَلَی خِلاَفِکَ إِنْ وَجَدَ مَنْ یُسَاعِدُهُ عَلَی ذَلِکَ فَقَالَ عَلِیٌّ ع وَ اللَّهِ مَا کَانَ عِنْدِی بِمُؤْتَمَنٍ وَ لاَ نَاصِحٍ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ فَأَتَانِی اَلْأَشْتَرُ فَسَأَلَنِی أَنْ أُقِرَّهُ وَ ذَکَرَ أَنَّ أَهْلَ اَلْکُوفَةِ بِهِ رَاضُونَ فَأَقْرَرْتُهُ

.

و

3832

1,2- رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ وَ بَعَثَ عَلِیٌّ ع مِنَ اَلرَّبَذَةِ بَعْدَ وُصُولِ اَلْمُحِلِّ بْنِ خَلِیفَةَ (1) أَخِی طَیِّئٍ (2) عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَکْرٍ إِلَی أَبِی مُوسَی وَ کَتَبَ مَعَهُمَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ الْحَائِکِ یَا عَاضَّ أَیْرِ أَبِیهِ فَوَ اللَّهِ إِنِّی کُنْتُ لَأَرَی أَنَّ بُعْدَکَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْکَ اللَّهُ لَهُ أَهْلاً وَ لاَ جَعَلَ لَکَ فِیهِ نَصِیباً سَیَمْنَعُکَ مِنْ رَدِّ أَمْرِی وَ الاِنْتِزَاءِ (3) عَلَیَّ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْکَ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَ اِبْنَ أَبِی بَکْرٍ فَخَلِّهِمَا وَ الْمِصْرَ وَ أَهْلَهُ وَ اعْتَزِلْ عَمَلَنَا مَذْؤُماً مَدْحُوراً فَإِنْ فَعَلْتَ وَ إِلاَّ فَإِنِّی قَدْ أَمَرْتُهُمَا أَنْ یُنَابِذَاکَ عَلیٰ سَوٰاءٍ أَنَّ اللّٰهَ لاٰ یَهْدِی کَیْدَ الْخٰائِنِینَ فَإِذَا ظَهَرَا عَلَیْکَ قَطَّعَاکَ إِرْباً إِرْباً وَ السَّلاَمُ عَلَی مَنْ شَکَرَ النِّعْمَةَ وَ وَفَی بِالْبَیْعَةِ وَ عَمِلَ بِرَجَاءِ الْعَاقِبَةِ.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَلَمَّا أَبْطَأَ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَ اِبْنُ أَبِی بَکْرٍ عَنْ عَلِیٍّ ع وَ لَمْ یَدْرِ مَا صَنَعَا رَحَلَ عَنِ اَلرَّبَذَةِ إِلَی ذِی قَارٍ فَنَزَلَهَا فَلَمَّا نَزَلَ ذَا قَارٍ بَعَثَ إِلَی اَلْکُوفَةِ اَلْحَسَنَ ابْنَهُ ع وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ زَیْدَ بْنَ صُوحَانَ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ مَعَهُمْ کِتَابٌ إِلَی أَهْلِ اَلْکُوفَةِ فَأَقْبَلُوا حَتَّی کَانُوا بِالْقَادِسِیَّةِ فَتَلَقَّاهُمُ النَّاسُ فَلَمَّا دَخَلُوا اَلْکُوفَةَ قَرَءُوا کِتَابَ عَلِیٍّ وَ هُوَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ بِالْکُوفَةِ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ

ص :10

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ مَخْرَجِی هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیَّ فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً بَلَغَهُ کِتَابِی هَذَا إِلاَّ نَفَرَ إِلَیَّ فَإِنْ کُنْتُ مَظْلُوماً أَعَانَنِی وَ إِنْ کُنْتُ ظَالِماً اسْتَعْتَبَنِی وَ السَّلاَمُ

.

3833

2,1- قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَحَدَّثَنِی مُوسَی بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِیهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ اَلْحَسَنِ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ مِنْ ذِی قَارٍ حَتَّی نَزَلْنَا اَلْقَادِسِیَّةَ فَنَزَلَ اَلْحَسَنُ وَ عَمَّارٌ وَ نَزَلْنَا مَعَهُمَا فَاحْتَبَی عَمَّارٌ بِحَمَائِلِ سَیْفِهِ ثُمَّ جَعَلَ یَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ أَهْلِ اَلْکُوفَةِ وَ عَنْ حَالِهِمْ ثُمَّ سَمِعْتُهُ یَقُولُ مَا تَرَکْتُ فِی نَفْسِی حَزَّةً أَهَمَّ إِلَیَّ مِنْ أَلاَّ نَکُونَ نَبَشْنَا عُثْمَانَ مِنْ قَبْرِهِ ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ بِالنَّارِ.

قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ اَلْحَسَنُ وَ عَمَّارٌ اَلْکُوفَةَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِمَا النَّاسُ فَقَامَ اَلْحَسَنُ فَاسْتَنْفَرَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا جِئْنَا نَدْعُوکُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی کِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ إِلَی أَفْقَهِ مَنْ تَفَقَّهَ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ أَعْدَلِ مَنْ تُعَدِّلُونَ وَ أَفْضَلِ مَنْ تُفَضِّلُونَ وَ أَوْفَی مَنْ تُبَایِعُونَ مَنْ لَمْ یَعِبْهُ اَلْقُرْآنُ وَ لَمْ تَجْهَلْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ تَقْعُدْ بِهِ السَّابِقَةُ إِلَی مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَی (1) إِلَی رَسُولِهِ قَرَابَتَیْنِ قَرَابَةَ الدِّینِ وَ قَرَابَةَ الرَّحِمِ إِلَی مَنْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَی کُلِّ مَأْثُرَةٍ إِلَی مَنْ کَفَی اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَ النَّاسُ مُتَخَاذِلُونَ فَقَرُبَ مِنْهُ وَ هُمْ مُتَبَاعِدُونَ وَ صَلَّی مَعَهُ وَ هُمْ مُشْرِکُونَ وَ قَاتَلَ مَعَهُ وَ هُمْ مُنْهَزِمُونَ وَ بَارَزَ مَعَهُمْ وَ هُمْ مُحْجِمُونَ وَ صَدَّقَهُ وَ هُمْ یُکَذِّبُونَ إِلَی مَنْ لَمْ تُرَدَّ لَهُ رِوَایَةٌ وَ لاَ تُکَافَأُ لَهُ سَابِقَةٌ وَ هُوَ یَسْأَلُکُمْ النَّصْرَ وَ یَدْعُوکُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ یَأْمُرُکُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَیْهِ لِتُوَازِرُوهُ وَ تَنْصُرُوهُ عَلَی قَوْمٍ نَکَثُوا بَیْعَتَهُ وَ قَتَلُوا أَهْلَ الصَّلاَحِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ مَثَّلُوا بِعُمَّالِهِ وَ انْتَهَبُوا بَیْتَ مَالِهِ فَاشْخَصُوا إِلَیْهِ رَحِمَکُمُ اللَّهُ فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ وَ احْضُرُوا بِمَا یَحْضُرُ بِهِ الصَّالِحُونَ

(2)

.

3834

2,1,14- قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ حَدَّثَنِی جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ قَالَ حَدَّثَنِی تَمِیمُ بْنُ حِذْیَمٍ النَّاجِی قَالَ قَدِمَ عَلَیْنَا

ص :11

اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ ع

وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَسْتَنْفِرَانِ النَّاسَ إِلَی عَلِیٍّ ع وَ مَعَهُمَا کِتَابُهُ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ قِرَاءَةِ کِتَابِهِ قَامَ اَلْحَسَنُ وَ هُوَ فَتًی حَدَثٌ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْثِی لَهُ مِنْ حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَ صُعُوبَةِ مَقَامِهِ فَرَمَاهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ وَ هُمْ یَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَدِّدْ مَنْطِقَ اِبْنِ بِنْتِ نَبِیِّنَا فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی عَمُودٍ یَتَسَانَدُ إِلَیْهِ وَ کَانَ عَلِیلاً مِنْ شَکْوَی بِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْکَبِیرِ الْمُتَعَالِ سَوٰاءٌ مِنْکُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّیْلِ وَ سٰارِبٌ بِالنَّهٰارِ أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلاَءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ عَلَی مَا أَحْبَبْنَا وَ کَرِهْنَا مِنْ شِدَّةٍ وَ رَخَاءٍ وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِیکَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ امْتَنَّ عَلَیْنَا بِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ وَحْیَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ وَ أَرْسَلَهُ إِلَی الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ حِینَ عُبِدَتِ الْأَوْثَانُ وَ أُطِیعَ اَلشَّیْطَانُ وَ جُحِدَ الرَّحْمَنُ فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَی آلِهِ وَ جَزَاهُ أَفْضَلَ مَا جَزَی اَلْمُسْلِمِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لاَ أَقُولُ لَکُمْ إِلاَّ مَا تَعْرِفُونَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَرْشَدَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَ أَعَزَّ نَصْرَهُ بَعَثَنِی إِلَیْکُمْ یَدْعُوکُمْ إِلَی الصَّوَابِ وَ إِلَی الْعَمَلِ بِالْکِتَابِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنْ کَانَ فِی عَاجِلِ ذَلِکَ مَا تَکْرَهُونَ فَإِنَّ فِی آجِلِهِ مَا تُحِبُّونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عَلِیّاً صَلَّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَحْدَهُ وَ إِنَّهُ یَوْمَ صَدَّقَ بِهِ لَفِی عَاشِرَةٍ مِنْ سِنِّهِ ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص جَمِیعَ مَشَاهِدِهِ وَ کَانَ مِنْ اجْتِهَادِهِ فِی مَرْضَاةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ آثَارِهِ الْحَسَنَةِ فِی اَلْإِسْلاَمِ مَا قَدْ بَلَغَکُمْ وَ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ص رَاضِیاً عَنْهُ حَتَّی غَمَّضَهُ بِیَدِهِ وَ غَسَّلَهُ وَحْدَهُ وَ الْمَلاَئِکَةُ أَعْوَانُهُ وَ اَلْفَضْلُ ابْنُ عَمِّهِ یَنْقُلُ إِلَیْهِ الْمَاءَ ثُمَّ أَدْخَلَهُ حُفْرَتَهُ وَ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَیْنِهِ وَ عِدَاتِهِ وَ غَیْرِ ذَلِکَ مِنْ أُمُورِهِ کُلُّ ذَلِکَ مِنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ وَ اللَّهِ مَا دَعَا إِلَی نَفْسِهِ وَ لَقَدْ تَدَاکَّ النَّاسُ عَلَیْهِ تَدَاکَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ عِنْدَ وُرُودِهَا فَبَایَعُوهُ طَائِعِینَ ثُمَّ نَکَثَ مِنْهُمْ نَاکِثُونَ بِلاَ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ وَ لاَ خِلاَفٍ أَتَاهُ حَسَداً لَهُ وَ بَغْیاً عَلَیْهِ فَعَلَیْکُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ الْجِدِّ وَ الصَّبْرِ وَ الاِسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ

ص :12

وَ الْخُفُوفِ إِلَی مَا دَعَاکُمْ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاکُمْ بِمَا عَصَمَ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ وَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاکُمْ تَقْوَاهُ وَ أَعَانَنَا وَ إِیَّاکُمْ عَلَی جِهَادِ أَعْدَائِهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِیمَ لِی وَ لَکُمْ ثُمَّ مَضَی إِلَی اَلرَّحْبَةِ فَهَیَّأَ مَنْزِلاً لِأَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ .

قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لِتَمِیمٍ کَیْفَ أَطَاقَ هَذَا الْغُلاَمُ مَا قَدْ قَصَصْتَهُ مِنْ کَلاَمِهِ فَقَالَ وَ لَمَا سَقَطَ عَنِّی مِنْ قَوْلِهِ أَکْثَرُ وَ لَقَدْ حَفِظْتُ بَعْضَ مَا سَمِعْتُ.

قَالَ وَ لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ ع ذَا قَارٍ کَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَی حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُکِ أَنَّ عَلِیّاً قَدْ نَزَلَ ذَا قَارٍ وَ أَقَامَ بِهَا مَرْعُوباً خَائِفاً لِمَا بَلَغَهُ مِنْ عُدَّتِنَا وَ جَمَاعَتِنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَشْقَرِ إِنْ تَقَدَّمَ عُقِرَ وَ إِنْ تَأَخَّرَ نُحِرَ فَدَعَتْ حَفْصَةُ جَوَارِیَ لَهَا یَتَغَنَّیْنَ وَ یَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ فَأَمَرَتْهُنَّ أَنْ یَقُلْنَ فِی غِنَائِهِنَّ مَا الْخَبَرُ مَا الْخَبَرُ

وَ جَعَلَتْ بَنَاتُ الطُّلَقَاءِ یَدْخُلْنَ عَلَی حَفْصَةَ وَ یَجْتَمِعْنَ لِسَمَاعِ ذَلِکَ الْغِنَاءِ.

فَبَلَغَ أُمَّ کُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِیٍّ ع فَلَبِسَتْ جَلاَبِیبَهَا وَ دَخَلَتْ عَلَیْهِنَّ فِی نِسْوَةٍ مُتَنَکِّرَاتٍ ثُمَّ أَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَلَمَّا عَرَفَتْهَا حَفْصَةُ خَجِلَتْ وَ اسْتَرْجَعَتْ فَقَالَتْ أُمُّ کُلْثُومٍ لَئِنْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَیْهِ مُنْذُ الْیَوْمِ لَقَدْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیکُمَا مَا أَنْزَلَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ کَفَی رَحِمَکِ اللَّهُ وَ أَمَرَتْ بِالْکِتَابِ فَمُزِّقَ وَ اسْتَغْفَرَتْ اللَّهَ.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ رَوَی هَذَا جَرِیرُ بْنُ یَزِیدَ عَنِ اَلْحَکَمِ وَ رَوَاهُ اَلْحَسَنُ بْنُ دِینَارٍ عَنِ اَلْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ

.

3835

1- وَ ذَکَرَ اَلْوَاقِدِیُّ مِثْلَ ذَلِکَ وَ ذَکَرَ اَلْمَدَائِنِیُّ أَیْضاً مِثْلَهُ قَالَ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فِی ذَلِکَ هَذِهِ الْأَشْعَارَ

ص :13

عَذَرْنَا الرِّجَالَ بِحَرْبِ الرِّجَالِ

قَالَ فَحَدَّثَنَا اَلْکَلْبِیُّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ أَنَّ عَلِیّاً ع لَمَّا نَزَلَ ذَا قَارٍ فِی قِلَّةٍ مِنْ عَسْکَرِهِ صَعِدَ اَلزُّبَیْرُ مِنْبَرَ اَلْبَصْرَةِ فَقَالَ أَ لاَ أَلْفُ فَارِسٍ أَسِیرُ بِهِمْ إِلَی عَلِیٍّ فَأُبَیِّتُهُ بَیَاتاً وَ أُصَبِّحُهُ صَبَاحاً قَبْلَ أَنْ یَأْتِیَهُ الْمَدَدُ فَلَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ فَنَزَلَ وَاجِماً وَ قَالَ هَذِهِ وَ اللَّهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی کُنَّا نُحَدِّثُ بِهَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَوَالِیهِ رَحِمَکَ اللَّهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُسَمِّیهَا فِتْنَةً ثُمَّ نُقَاتِلُ فِیهَا فَقَالَ وَیْحَکَ وَ اللَّهِ إِنَّا لَنُبْصِرُ ثُمَّ لاَ نَصْبِرُ فَاسْتَرْجَعَ الْمَوْلَی ثُمَّ خَرَجَ فِی اللَّیْلِ فَارّاً إِلَی عَلِیٍّ ع فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ اَللَّهُمَّ عَلَیْکَ بِهِ

.

3836

2,1,14- قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ لَمَّا فَرَغَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ ع مِنْ خُطْبَتِهِ قَامَ بَعْدَهُ عَمَّارٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَخُو نَبِیِّکُمْ وَ ابْنُ عَمِّهِ یَسْتَنْفِرُکُمْ لِنَصْرِ دِینِ اللَّهِ وَ قَدْ بَلاَکُمْ اللَّهُ بِحَقِّ دِینِکُمْ وَ حُرْمَةِ أُمِّکُمْ فَحَقُّ دِینِکُمْ أَوْجَبُ وَ حُرْمَتُهُ أَعْظَمُ أَیُّهَا النَّاسُ عَلَیْکُمْ بِإِمَامٍ لاَ یُؤَدَّبُ وَ فَقِیهٍ لاَ یُعَلَّمُ وَ صَاحِبُ بَأْسٍ لاَ یَنْکُلُ وَ ذِی سَابِقَةٍ فِی اَلْإِسْلاَمِ لَیْسَتْ لِأَحَدٍ وَ إِنَّکُمْ لَوْ قَدْ حَضَرْتُمُوهُ بَیَّنَ لَکُمْ أَمْرَکُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو مُوسَی خُطْبَةَ اَلْحَسَنِ وَ عَمَّارٍ قَامَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَکْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ فَجَمَعَنَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَ جَعَلَنَا إِخْوَاناً مُتَحَابِّینَ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ وَ حَرَّمَ عَلَیْنَا دِمَاءَنَا وَ أَمْوَالَنَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ لاٰ تَأْکُلُوا أَمْوٰالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبٰاطِلِ (1)

ص :14

وَ قَالَ تَعَالَی وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِیهٰا (1) فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ ضَعُوا أَسْلِحَتَکُمْ وَ کُفُّوا عَنِ قِتَالِ إِخْوَانِکُمْ.

أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ اَلْکُوفَةِ إِنْ تُطِیعُوا اللَّهَ بَادِیاً وَ تُطِیعُونِی ثَانِیاً تَکُونُوا جُرْثُومَةً مِنْ جَرَاثِیمِ اَلْعَرَبِ یَأْوِی إِلَیْکُمْ الْمُضْطَرُّ وَ یَأْمَنُ فِیکُمْ الْخَائِفُ إِنَّ عَلِیّاً إِنَّمَا یَسْتَنْفِرُکُمْ لِجِهَادِ أُمِّکُمْ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرَ حَوَارِیِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ مَعَهُمْ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِهَذِهِ الْفِتَنِ أَنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ شُبِّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَسْفَرَتْ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ أَنْ یَلْتَقِیَ غَارَّانِ مِنْکُمْ فَیَقْتَتِلاَ ثُمَّ یُتْرَکَا کَالْأَحْلاَسِ الْمُلْقَاةِ بِنَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ یَبْقَی رَجْرَجَةٌ (2) مِنَ النَّاسِ لاَ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ لاَ یَنْهَوْنَ عَنْ مُنْکَرٍ إِنَّهَا قَدْ جَاءَتْکُمْ فِتْنَةٌ کَافِرَةٌ لاَ یُدْرَی مِنْ أَیْنَ تُؤْتَی تَتْرُکُ الْحَلِیمَ حَیْرَانَ کَأَنِّی أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ص بِالْأَمْسِ یَذْکُرُ الْفِتَنَ فَیَقُولُ أَنْتَ فِیهَا نَائِماً خَیْرٌ مِنْکَ قَاعِداً وَ أَنْتَ فِیهَا جَالِساً خَیْرٌ مِنْکَ قَائِماً وَ أَنْتَ فِیهَا قَائِماً خَیْرٌ مِنْکَ سَاعِیاً فَثَلِّمُوا سُیُوفَکُمْ وَ قَصِّفُوا رِمَاحَکُمْ وَ انْصِلُوا (3) سِهَامَکُمْ وَ قَطِّعُوا أَوْتَارَکُمْ وَ خَلُّوا قُرَیْشاً تَرْتِقْ فَتْقَهَا وَ تَرْأَبْ صَدْعَهَا فَإِنْ فَعَلَتْ فَلِأَنْفُسِهَا مَا فَعَلَتْ وَ إِنْ أَبَتْ فَعَلَی أَنْفُسِهَا مَا جَنَتْ سَمْنُهَا فِی أَدِیمِهَا اسْتَنْصِحُونِی وَ لاَ تَسْتَغِشُّونِی وَ أَطِیعُونِی وَ لاَ تَعْصُونِی یَتَبَیَّنُ لَکُمْ رُشْدُکُمْ وَ یَصْلَی هَذِهِ الْفِتْنَةَ مَنْ جَنَاهَا فَقَامَ إِلَیْهِ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ ذَلِکَ قَالَ نَعَمْ هَذِهِ یَدِی بِمَا قُلْتُ فَقَالَ إِنْ کُنْتَ صَادِقاً فَإِنَّمَا عَنَاکَ بِذَلِکَ وَحْدَکَ وَ اتَّخَذَ عَلَیْکَ الْحُجَّةَ فَالْزَمْ بَیْتَکَ وَ لاَ تَدْخُلَنَّ فِی الْفِتْنَةِ أَمَا إِنِّی أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَرَ عَلِیّاً بِقِتَالِ اَلنَّاکِثِینَ وَ سَمَّی لَهُ فِیهِمْ مَنْ سَمَّی وَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ اَلْقَاسِطِینَ وَ إِنْ شِئْتَ لَأُقِیمَنَّ لَکَ شُهُوداً یَشْهَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص

ص :15

إِنَّمَا نَهَاکَ وَحْدَکَ وَ حَذَّرَکَ مِنَ الدُّخُولِ فِی الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَعْطِنِی یَدَکَ عَلَی مَا سَمِعْتَ فَمَدَّ إِلَیْهِ یَدَهُ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ غَلَبَ اللَّهُ مَنْ غَالَبَهُ وَ جَاهَدَهُ ثُمَّ جَذَبَهُ فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ

.

3837

1- وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ فِی اَلتَّارِیخِ قَالَ لَمَّا أَتَی عَلِیّاً ع الْخَبَرُ وَ هُوَ بِالْمَدِینَةِ بِأَمْرِ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرِ وَ أَنَّهُمْ قَدْ تَوَجَّهُوا نَحْوَ اَلْعِرَاقِ خَرَجَ یُبَادِرُ (1) وَ هُوَ یَرْجُو أَنْ یُدْرِکَهُمْ وَ یَرُدَّهُمْ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی اَلرَّبَذَةِ أَتَاهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ أَمْعَنُوا فَأَقَامَ بِالرَّبَذَةِ أَیَّاماً وَ أَتَاهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ یُرِیدُونَ اَلْبَصْرَةَ فَسُرَّ بِذَلِکَ وَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ اَلْکُوفَةِ أَشَدُّ لِی حُبّاً وَ فِیهِمْ رُؤَسَاءُ اَلْعَرَبِ وَ أَعْلاَمُهُمْ فَکَتَبَ إِلَیْهِمْ إِنِّی قَدْ اخْتَرْتُکُمْ عَلَی الْأَمْصَارِ وَ إِنِّی بِالْأَثَرِ

(2)

.

3838

1,2,14- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِیرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ کَتَبَ عَلِیٌّ ع مِنَ اَلرَّبَذَةِ إِلَی أَهْلِ اَلْکُوفَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ اخْتَرْتُکُمْ وَ آثَرْتُ النُّزُولَ بَیْنَ أَظْهُرِکُمْ لِمَا أَعْرِفُ مِنْ مَوَدَّتِکُمْ وَ حُبِّکُمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ فَمَنْ جَاءَنِی وَ نَصَرَنِی فَقَدْ أَجَابَ الْحَقَّ وَ قَضَی الَّذِی عَلَیْهِ .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَوَّلُ مَنْ بَعَثَهُ عَلِیٌّ ع مِنَ اَلرَّبَذَةِ إِلَی اَلْکُوفَةِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَکْرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَاءَ أَهْلُ اَلْکُوفَةِ إِلَی أَبِی مُوسَی وَ هُوَ الْأَمِیرُ عَلَیْهِمْ لِیَسْتَشِیرُوهُ (3) فِی الْخُرُوجِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع فَقَالَ لَهُمْ أَمَّا سَبِیلُ الْآخِرَةِ فَأَنْ تَقْعُدُوا وَ أَمَّا سَبِیلُ الدُّنْیَا فَأَنْ تَخْرُجُوا.

وَ بَلَغَ اَلْمُحَمَّدَیْنِ قَوْلُ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ فَأَتَیَاهُ وَ أَغْلَظَا لَهُ فَأَغْلَظَ لَهُمَا وَ قَالَ

ص :16

لاَ یَحِلُّ لَکَ الْقِتَالُ مَعَ عَلِیٍّ حَتَّی لاَ یَبْقَی أَحَدٌ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ إِلاَّ قُتِلَ حَیْثُ کَانَ وَ قَالَتْ أُخْتُ عَلِیِّ بْنِ عَدِیٍّ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَ کَانَ أَخُوهَا عَلِیُّ بْنُ عَدِیٍّ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ ع وَ فِی جُمْلَةِ عَسْکَرِهِ لاَهُمَّ فَاعْقِرْ بِعَلِیٍّ جَمَلَهُ وَ لاَ تُبَارِکْ فِی بَعِیرٍ حَمَلَهُ أَلاَ عَلِیُّ بْنُ عَدِیٍّ لَیْسَ لَهُ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ أَجْمَعَ عَلِیٌّ ع عَلَی الْمَسِیرِ مِنَ اَلرَّبَذَةِ إِلَی اَلْبَصْرَةِ فَقَامَ إِلَیْهِ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَیَّ شَیْءٍ تُرِیدُ وَ أَیْنَ تَذْهَبُ بِنَا قَالَ أَمَّا الَّذِی نُرِیدُ وَ نَنْوِی فَإِصْلاَحٌ إِنْ قَبِلُوا مِنَّا وَ أَجَابُوا إِلَیْهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ یَقْبَلُوا قَالَ نَدْعُوهُمْ وَ نُعْطِیهِمْ مِنَ الْحَقِّ مَا نَرْجُو أَنْ یَرْضَوْا بِهِ (1) قَالَ فَإِنْ لَمْ یَرْضَوْا قَالَ نَدَعُهُمْ مَا تَرَکُونَا قَالَ فَإِنْ لَمْ یَتْرُکُونَا قَالَ نَمْتَنِعُ مِنْهُمْ قَالَ فَنَعَمْ إِذاً.

وَ قَامَ اَلْحَجَّاجُ بْنُ غُزَیَّةَ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَأُرْضِیَنَّکَ بِالْفِعْلِ کَمَا أَرْضَیْتَنِی مُنْذُ الْیَوْمِ بِالْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ دَرَاکِهَا دَرَاکِهَا قَبْلَ الْفَوْتِ وَ انْفِرْ بِنَا وَ اسْمِ بِنَا نَحْوَ الصَّوْتِ لاَ وَأَلَتْ نَفْسِیَ إِنْ خِفْتُ الْمَوْتَ وَ لِلَّهِ لَنَنْصُرَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ کَمَا سَمَّانَا أَنْصَاراً.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ سَارَ عَلِیٌّ ع نَحْوَ اَلْبَصْرَةِ وَ رَأَیْتُهُ مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ عَلَی مَیْمَنَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ وَ عَلِیٌّ ع فِی الْقَلْبِ عَلَی نَاقَةٍ حَمْرَاءَ یَقُودُ فَرَساً کُمَیْتاً (2) فَتَلَقَّاهُ بِفَیْدَ غُلاَمٌ مِنْ

ص :17

بَنِی سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ یُدْعَی مُرَّةَ فَقَالَ مَنْ هَؤُلاَءِ قِیلَ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ سُفْرَةٌ قَانِیَةٌ فِیهَا دِمَاءٌ مِنْ نُفُوسٍ فَانِیَةٍ فَسَمِعَهَا عَلِیٌّ ع فَدَعَاهُ فَقَالَ مَا اسْمُکَ قَالَ مُرَّةُ قَالَ أَمَرَّ اللَّهُ عَیْشَکَ أَ کَاهِنٌ سَائِرَ الْیَوْمِ قَالَ بَلْ عَائِفٌ فَخَلَّی سَبِیلَهُ وَ نَزَلَ بِفَیْدَ فَأَتَتْهُ أَسَدٌ وَ طَیْئٌ فَعَرَضُوا عَلَیْهِ أَنْفُسَهُمْ فَقَالَ اِلْزَمُوا قَرَارَکُمْ فَفِی اَلْمُهَاجِرِینَ کِفَایَةٌ .

وَ قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ اَلْکُوفَةِ فَیْداً فَأَتَی عَلِیّاً ع فَقَالَ لَهُ مَنِ الرَّجُلِ قَالَ عَامِرُ بْنُ مِطْرَفٍ قَالَ اَللَّیْثِیُّ قَالَ اَلشَّیْبَانِیُّ قَالَ أَخْبِرْنِی عَمَّا وَرَاءَکَ قَالَ إِنْ أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَأَبُو مُوسَی صَاحِبُکَ وَ إِنْ أَرَدْتَ الْقِتَالَ فَأَبُو مُوسَی لَیْسَ لَکَ بِصَاحِبٍ فَقَالَ ع مَا أُرِیدُ إِلاَّ الصُّلْحَ إِلاَّ أَنْ یُرَدَّ عَلَیْنَا (1) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ قَدِمَ عَلَیْهِ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ قَدْ نَتَفَ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَیْرُ شَعْرَ رَأْسِهِ وَ لِحْیَتِهِ وَ حَاجِبَیْهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بَعَثْتَنِی ذَا لِحْیَةٍ وَ جِئْتُکَ أَمْرَدَ فَقَالَ أُصِبْتَ خَیْراً وَ أَجْراً ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرَ بَایَعَانِی ثُمَّ نَکَثَانِی بَیْعَتِی وَ أَلَّبَا عَلَیَّ النَّاسَ وَ مِنَ الْعَجَبِ انْقِیَادُهُمَا لِأَبِی بَکْرٍ وَ عُمَرَ وَ خِلاَفُهُمَا عَلَیَّ وَ اللَّهِ إِنَّهُمَا لَیَعْلَمَانِ أَنِّی لَسْتُ بِدُونِهِمَا (2) اللَّهُمَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لاَ تُبْرِمْ مَا قَدْ أَحْکَمَا فِی أَنْفُسِهِمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا قَدْ عَمِلاَ (3) .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ عَادَ مُحَمَّدٌ بْنُ أَبِی بَکْرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَی عَلِیٍّ ع فَلَقِیَاهُ وَ قَدِ انْتَهَی إِلَی ذِی قَارٍ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ عَلِیٌّ ع لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ اِذْهَبْ أَنْتَ إِلَی اَلْکُوفَةِ فَادْعُ أَبَا مُوسَی إِلَی الطَّاعَةِ وَ حَذِّرْهُ مِنَ الْعِصْیَانِ وَ الْخِلاَفِ وَ اسْتَنْفِرِ النَّاسَ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَتَّی قَدِمَ اَلْکُوفَةَ فَلَقِیَ أَبَا مُوسَی وَ اجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مِنْ أَهْلِ اَلْکُوفَةِ فَقَامَ أَبُو مُوسَی فَخَطَبَهُمْ وَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ص صَحِبُوهُ فِی مَوَاطِنَ کَثِیرَةٍ فَهُمْ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِمَّنْ لَمْ یَصْحَبْهُ وَ إِنَّ لَکُمْ عَلَیَّ حَقّاً

ص :18

وَ أَنَا مُؤَدِّیهِ إِلَیْکُمْ أَمْرَ أَلاَّ تَسْتَخِفُّوا بِسُلْطَانِ اللَّهِ وَ أَلاَّ تَجْتَرِءُوا عَلَی اللَّهِ أَنْ تَأْخُذُوا کُلَّ مَنْ قَدِمَ عَلَیْکُمْ مِنْ أَهْلِ اَلْمَدِینَةِ فِی هَذَا الْأَمْرِ فَتَرِدُوهُ إِلَی اَلْمَدِینَةِ حَتَّی تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَی إِمَامٍ تَرْتَضِی بِهِ إِنَّهَا فِتْنَةٌ صَمَّاءُ النَّائِمُ فِیهَا خَیْرٌ مِنَ الْیَقْظَانِ وَ الْیَقْظَانُ خَیْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ وَ الْقَاعِدُ خَیْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَ الْقَائِمُ خَیْرٌ مِنَ الرَّاکِبِ فَکُونُوا جُرْثُومَةً مِنْ جَرَاثِیمِ اَلْعَرَبِ أَغْمِدُوا سُیُوفَکُمْ وَ أَنْصِلُوا أَسِنَّتَکُمْ وَ اقْطَعُوا أَوْتَارَ قِسِیِّکُمْ حَتَّی یَلْتَئِمَ هَذَا الْأَمْرُ وَ تَنْجَلِیَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَرَجَعَ اِبْنُ عَبَّاسٍ إِلَی عَلِیٍّ ع فَأَخْبَرَهُ فَدَعَا اَلْحَسَنَ ابْنَهُ ع وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ أَرْسَلَهُمَا إِلَی اَلْکُوفَةِ فَلَمَّا قَدِمَاهَا کَانَ أَوَّلَ مَنْ أَتَاهُمَا مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمَا وَ أَقْبَلَ عَلَی عَمَّارٍ فَقَالَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ عَلاَمَ قَتَلْتُمْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ عَلَی شَتْمِ أَعْرَاضِنَا وَ ضَرْبِ أَبْشَارِنَا قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا عَاقَبْتُمْ بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَکَانَ خَیْراً لِلصَّابِرِینَ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو مُوسَی فَلَقِیَ اَلْحَسَنَ ع فَضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ لِعَمَّارٍ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أَ غَدَوْتَ فِیمَنْ غَدَا عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (1) وَ أَحْلَلْتَ نَفْسَکَ مَعَ الْفُجَّارِ قَالَ لَمْ أَفْعَلْ وَ لَمْ تَسُوءْنِی فَقَطَعَ عَلَیْهِمَا اَلْحَسَنُ وَ قَالَ لِأَبِی مُوسَی یَا أَبَا مُوسَی لِمَ تُثَبِّطُ النَّاسَ عَنَّا فَوَ اللَّهِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْإِصْلاَحَ وَ مَا مِثْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ یَخَافُ عَلَی شَیْءٍ قَالَ أَبُو مُوسَی صَدَقْتَ بِأَبِی وَ أُمِّی وَ لَکِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ سَتَکُونُ فِتْنَةٌ (2) وَ ذَکَرَ تَمَامَ الْحَدِیثِ فَغَضِبَ عَمَّارٌ وَ سَاءَهُ ذَلِکَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِکَ لَهُ خَاصَّةً وَ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَالَ لِعَمَّارٍ اسْکُتْ أَیُّهَا الْعَبْدُ أَنْتَ أَمْسِ مَعَ الْغَوْغَاءِ وَ تُسَافِهُ أَمِیرَنَا الْیَوْمَ وَ ثَارَ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ وَ طَبَقَتَهُ فَانْتَصَرُوا لِعَمَّارٍ وَ جَعَلَ أَبُو مُوسَی یَکُفُّ النَّاسَ وَ یَرْدَعُهُمْ عَنِ الْفِتْنَةِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّی صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَقْبَلَ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ وَ مَعَهُ کِتَابٌ مِنْ عَائِشَةَ إِلَیْهِ خَاصَّةً وَ کِتَابٌ مِنْهَا إِلَی أَهْلِ اَلْکُوفَةِ عَامَّةً تُثَبِّطُهُمْ عَنْ نُصْرَةِ

ص :19

عَلِیٍّ وَ تَأْمُرُهُمْ بِلُزُومِ الْأَرْضِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ انْظُرُوا إِلَی هَذِهِ أُمِرَتْ أَنْ تَقَرَّ فِی بَیْتِهَا وَ أُمِرْنَا نَحْنُ أَنْ نُقَاتِلَ حَتَّی لاَ تَکُونَ فِتْنَةٌ فَأَمَرَتْنَا بِمَا أُمِرَتْ بِهِ وَ رَکِبَتْ مَا أُمِرْنَا بِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ فَقَالَ لَهُ وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاکَ أَیُّهَا الْعُمَّانِیُّ الْأَحْمَقُ سَرَقْتَ أَمْسِ بِجَلُولاَءَ فَقَطَعَکَ اللَّهُ وَ تَسُبُّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَقَامَ زَیْدٌ وَ شَالَ یَدَهُ الْمَقْطُوعَةَ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی أَبِی مُوسَی وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ قَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَیْسٍ أَ تَرُدُّ اَلْفُرَاتَ عَنْ أَمْوَاجِهِ دَعْ عَنْکَ مَا لَسْتَ تُدْرِکُهُ ثُمَّ قَرَأَ الم أَ حَسِبَ النّٰاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنّٰا... (1) الْآیَتَیْنِ ثُمَّ نَادَی سِیرُوا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ صِرَاطِ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ انْفِرُوا إِلَیْهِ أَجْمَعِینَ وَ قَامَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ ع فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَجِیبُوا دَعْوَةَ إِمَامِکُمْ وَ سِیرُوا إِلَی إِخْوَانِکُمْ فَإِنَّهُ سَیُوجَدُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ یَنْفِرُ إِلَیْهِ وَ اللَّهِ لَأَنْ یَلِیَهُ أُولُو النُّهَی أَمْثَلُ فِی الْعَاجِلَةِ وَ خَیْرٌ فِی الْعَاقِبَةِ فَأَجِیبُوا دَعَوْتَنَا وَ أَعِینُونَا عَلَی أَمْرِنَا أَصْلَحَکُمُ اللَّهُ.

وَ قَامَ عَبْدُ خَیْرٍ فَقَالَ یَا أَبَا مُوسَی أَخْبِرْنِی عَنْ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ أَ لَمْ یُبَایِعَا عَلِیّاً قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَأَحْدَثَ عَلِیٌّ حَدَثاً یَحِلُّ بِهِ نَقْضُ بَیْعَتِهِ قَالَ لاَ أَدْرِی قَالَ لاَ دَرَیْتَ وَ لاَ أَتَیْتَ إِذَا کُنْتَ لاَ تَدْرِی فَنَحْنُ تَارِکُوکَ حَتَّی تَدْرِیَ أَخْبِرْنِی هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً خَارِجاً عَنْ هَذِهِ الْفِرَقِ الْأَرْبَعِ عَلِیٍّ بِظَهْرِ اَلْکُوفَةِ وَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرِ بِالْبَصْرَةِ وَ مُعَاوِیَةَ بِالشَّامِ وَ فِرْقَةٍ رَابِعَةٍ بِالْحِجَازِ قُعُودٍ لاَ یُجْبَی بِهِمْ فَیْءٌ وَ لاَ یُقَاتَلُ بِهِمْ عَدُوٌّ فَقَالَ أَبُو مُوسَی أُولَئِکَ خَیْرُ النَّاسِ قَالَ عَبْدُ خَیْرٍ اسْکُتْ یَا أَبَا مُوسَی فَقَدْ غَلَبَ عَلَیْکَ غِشُّکَ (2) .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَتَتِ الْأَخْبَارُ عَلِیّاً ع بِاخْتِلاَفِ النَّاسِ بِالْکُوفَةِ فَقَالَ لِلْأَشْتَرِ أَنْتَ شَفَعْتَ فِی أَبِی مُوسَی أَنْ أُقِرَّهُ عَلَی اَلْکُوفَةِ فَاذْهَبْ فَأَصْلِحْ مَا أَفْسَدْتَ

ص :20

فَقَامَ اَلْأَشْتَرُ فَشَخَصَ نَحْوَ اَلْکُوفَةِ فَأَقْبَلَ حَتَّی دَخَلَهَا وَ النَّاسُ فِی اَلْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَجَعَلَ لاَ یَمُرُّ بِقَبِیلَةٍ إِلاَّ دَعَاهُمْ وَ قَالَ اتَّبِعُونِی إِلَی اَلْقَصْرِ حَتَّی وَصَلَ اَلْقَصْرَ فَاقْتَحَمَهُ وَ أَبُو مُوسَی یَوْمَئِذٍ یَخْطُبُ النَّاسَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ یُثَبِّطُهُمْ وَ عَمَّارٌ یُخَاطِبُهُ وَ اَلْحَسَنُ ع یَقُولُ اعْتَزِلْ عَمَلَنَا وَ تَنَحَّ عَنْ مِنْبَرِنَا لاَ أُمَّ لَکَ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَرَوَی أَبُو مَرْیَمَ الثَّقَفِیُّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَفِی الْمَسْجِدِ یَوْمَئِذٍ إِذْ دَخَلَ عَلَیْنَا غِلْمَانُ أَبِی مُوسَی یَشْتَدُّونَ وَ یُبَادِرُونَ (1) أَبَا مُوسَی أَیُّهَا الْأَمِیرُ هَذَا اَلْأَشْتَرُ قَدْ جَاءَ فَدَخَلَ اَلْقَصْرَ فَضَرَبَنَا وَ أَخْرَجَنَا فَنَزَلَ أَبُو مُوسَی مِنَ الْمِنْبَرِ وَ جَاءَ حَتَّی دَخَلَ اَلْقَصْرَ فَصَاحَ بِهِ اَلْأَشْتَرُ اخْرُجْ مِنْ قَصْرِنَا لاَ أُمَّ لَکَ أَخْرَجَ اللَّهُ نَفْسَکَ فَوَ اللَّهِ إِنَّکَ لَمِنَ الْمُنَافِقِینَ قَدِیماً قَالَ أَجِّلْنِی هَذِهِ الْعَشِیَّةَ قَالَ قَدْ أَجَّلْتُکَ وَ لاَ تَبِیتَنَّ فِی اَلْقَصْرِ اللَّیْلَةَ (2) وَ دَخَلَ النَّاسُ یَنْتَهِبُونَ مَتَاعَ أَبِی مُوسَی فَمَنَعَهُمْ اَلْأَشْتَرُ وَ قَالَ إِنِّی قَدْ أَخْرَجْتُهُ وَ عَزَلْتُهُ عَنْکُمْ فَکَفَّ النَّاسُ حِینَئِذٍ عَنْهُ

(3)

.

3839

1- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَرَوَی اَلشَّعْبِیُّ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ ع یَأْتِیکُمْ مِنَ اَلْکُوفَةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَوَ اللَّهِ لَقَعَدْتُ عَلَی نَجَفَةِ (4) ذِی قَارٍ فَأَحْصَیْتُهُمْ وَاحِداً وَاحِداً فَمَا زَادُوا رَجُلاً وَ لاَ نَقَصُوا رَجُلاً .

(5)

أما نسبها فإنها ابنة أبی بکر و قد ذکرنا نسبه فیما تقدم و أمها أُمُّ رُومَانَ ابنة عامر بن عویمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذینة بن سبیع بن دُهمان بن الحارث بن تمیم بن مالک بن کنانة

3840

14- تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَکَّةَ قَبْلَ اَلْهِجْرَةِ بِسَنَتَیْنِ وَ قِیلَ بِثَلاَثٍ وَ هِیَ بِنْتُ سِتِّ سِنِینَ وَ قِیلَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِینَ وَ بَنَی عَلَیْهَا بِالْمَدِینَةِ وَ هِیَ بِنْتُ تِسْعٍ لَمْ یَخْتَلِفُوا فِی ذَلِکَ.

وَ کَانَتْ تُذْکَرُ لِجُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَ تُسَمَّی لَهُ .

3841

14- وَ وَرَدَ فِی الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أُرِیَ عَائِشَةَ فِی الْمَنَامِ فِی سَرِقَةِ حَرِیرٍ مُتَوَفَّی خَدِیجَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ إِنْ یَکُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ یُمْضِهِ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَوْتِ خَدِیجَةَ بِثَلاَثِ سِنِینَ وَ تَزَوَّجَهَا فِی شَوَّالٍ وَ أَعْرَسَ بِهَا بِالْمَدِینَةِ فِی شَوَّالٍ عَلَی رَأْسِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ شَهْراً مِنَ مُهَاجَرِهِ إِلَی اَلْمَدِینَةِ

(1)

.

3842

14- وَ قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی کِتَابِ اَلْإِسْتِیعَابِ کَانَتْ عَائِشَةُ تُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ النِّسَاءُ مِنْ أَهْلِهَا وَ أَحِبَّتِهَا فِی شَوَّالٍ عَلَی أَزْوَاجِهِنَّ وَ تَقُولُ هَلْ کَانَ فِی نِسَائِهِ أَحْظَی عِنْدَهُ مِنِّی وَ قَدْ نَکَحَنِی وَ بَنَی عَلَیَّ فِی شَوَّالٍ

(2)

.

قلت قرئ هذا الکلام علی بعض الناس فقال کیف رأت الحال بینها و بین أحمائها و أهل بیت زوجها.

3843

14- وَ رَوَی أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی الْکِتَابِ الْمَذْکُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص تُوُفِّیَ عَنْهَا وَ هِیَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً فَکَانَ سِنُّهَا مَعَهُ تِسْعَ سِنِینَ وَ لَمْ یَنْکِحْ بِکْراً غَیْرَهَا وَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص فِی الْکُنْیَةِ فَقَالَ لَهَا اکْتَنِی بِابْنِکِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ یَعْنِی ابْنَ أُخْتِهَا فَکَانَتْ کُنْیَتُهَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ .

و کانت فقیهة عالمة بالفرائض و الشعر و الطب (3) .

ص :22

و

3844

رُوِیَ أَنَّ اَلنَّبِیَّ ص قَالَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَی النِّسَاءِ کَفَضْلِ الثَّرِیدِ عَلَی الطَّعَامِ.

و أصحابنا یحملون لفظة النساء فی هذا الخبر علی زوجاته لأن فاطمة ع عندهم أفضل منها

3845

لِقَوْلِهِ ص إِنَّهَا سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ.

3846

14- وَ قُذِفَتْ بِصَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِیِّ فِی سَنَةِ سِتٍّ مُنْصَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ غَزَاةِ بَنِی الْمُصْطَلَقِ وَ کَانَتْ مَعَهُ فَقَالَ فِیهَا أَهْلُ الْإِفْکِ مَا قَالُوا وَ نَزَلَ اَلْقُرْآنُ بِبَرَاءَتِهَا .

و قوم من الشیعة زعموا أن الآیات التی فی سورة النور لم تنزل فیها و إنّما أنزلت فی ماریة القبطیة و ما قذفت به مع الأسود القبطی و جحدهم لإنزال ذلک فی عائشة جحد لما یعلم ضرورة من الأخبار المتواترة ثمّ کان من أمرها و أمر حفصة و ما جری لهما مع رسول اللّه ص فی الأمر الذی أسره علی إحداهما ما قد نطق الکتاب العزیز به و اعتزل رسول اللّه ص نساءه کلهن و اعتزلهما معهن ثمّ صالحهن و طلق حفصة ثم راجعها و جرت بین عائشة و فاطمة إبلاغات و حدیث یوغر الصدور فتولد بین عائشة و بین علی ع نوع ضغینة و انضم إلی ذلک إشارته علی رسول اللّه ص فی قصة الإفک بضرب الجاریة و تقریرها و قوله إن النساء کثیر .

ثمّ جری حدیث صلاة أبی بکر بالناس فتزعم الشیعة أن رسول اللّه ص لم یأمر بذلک و أنّه إنّما صلی بالناس عن أمر عائشة ابنته و أن رسول اللّه ص خرج متحاملا و هو مثقل فنحاه عن المحراب و زعم معظم المحدثین أن ذلک کان عن أمر رسول اللّه ص و قوله ثمّ اختلفوا فمنهم من قال نحاه و صلی هو بالناس و منهم من قال بل ائتم بأبی بکر کسائر الناس و منهم

ص :23

من قال کان الناس یصلون بصلاة أبی بکر و أبو بکر یصلی بصلاة رسول اللّه ص .

ثمّ کان منها فی أمر عثمان و تضریب الناس علیه ما قد ذکرناه فی مواضعه ثمّ تلا ذلک یوم الجمل .

و اختلف المتکلمون فی حالها و حال من حضر واقعة الجمل فقالت الإمامیّة کفر أصحاب الجمل کلهم الرؤساء و الأتباع و قال قوم من الحشویة و العامّة اجتهدوا فلا إثم علیهم و لا نحکم بخطئهم و لا خطإ علی ع و أصحابه.

و قال قوم من هؤلاء بل نقول أصحاب الجمل أخطئوا و لکنه خطأ مغفور و کخطإ المجتهد فی بعض مسائل الفروع عند من قال بالأشبه و إلی هذا القول یذهب أکثر الأشعریة .

و قال أصحابنا المعتزلة کل أهل الجمل هالکون إلاّ من ثبتت توبته منهم قالوا و عائشة ممن ثبتت توبتها و کذلک طلحة و الزبیر أما عائشة فإنها اعترفت لعلی ع یوم الجمل بالخطإ و سألته العفو و قد تواترت الروایة عنها بإظهار الندم و أنّها کانت تقول لیته کان لی من رسول اللّه ص بنون عشرة کلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و ثکلتهم و لم یکن یوم الجمل و أنّها کانت تقول لیتنی مت قبل یوم الجمل و أنّها کانت إذا ذکرت ذلک الیوم تبکی حتّی تبل خمارها و أما الزبیر فرجع عن الحرب معترفا بالخطإ لما أذکره علی ع ما أذکره و أما طلحة فإنه مر به و هو صریع فارس فقال له قف فوقف قال من أی الفریقین أنت قال من أصحاب أمیر المؤمنین قال أقعدنی فأقعده فقال امدد یدک أبایعک لأمیر المؤمنین فبایعه.

ص :24

و قال شیوخنا لیس لقائل أن یقول ما یروی من أخبار الآحاد بتوبتهم لا یعارض ما علم قطعا من معصیتهم قالوا لأن التوبة إنّما یحکم بها للمکلف علی غالب الظنّ فی جمیع المواضع لا علی القطع أ لا تری أنا نجوز أن یکون من أظهر التوبة منافقا و کاذبا فبان أن المرجع فی قبولها فی کل موضع إنّما هو إلی الظنّ فجاز أن یعارض ما علم من معصیتهم بما یظن من توبتهم

ص :25

الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ هَذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ وَ الدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ فَمَا أَدْرَکَ هَذَا الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَی مِنْهُ مِنْ دَرَکٍ فَعَلَی مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوکِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ وَ مُزِیلِ مُلْکِ اَلْفَرَاعِنَةِ مِثْلِ کِسْرَی وَ قَیْصَرَ وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَی الْمَالِ فَأَکْثَرَ وَ مَنْ بَنَی وَ شَیَّدَ وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ إِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ خَسِرَ هُنٰالِکَ الْمُبْطِلُونَ شَهِدَ عَلَی ذَلِکَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَی وَ سَلِمَ مِنْ عَلاَئِقِ الدُّنْیَا.

العمل فأعفاه فلزم منزله إلی أن مات و عمر عمرا طویلا قیل إنّه عاش مائة سنة و ثمانیا و ستین و قیل مائة سنة و توفّی سنة سبع و ثمانین .

و کان خفیف الروح مزاحا فقدم إلیه رجلان فأقر أحدهما بما ادعی به خصمه و هو لا یعلم فقضی علیه فقال لشریح من شهد عندک بهذا قال ابن أخت خالک و قیل إنّه جاءته امرأته تبکی و تتظلم علی خصمها فما رق لها حتّی قال له إنسان کان بحضرته أ لا تنظر أیها القاضی إلی بکائها فقال إن إخوة یوسف جٰاؤُ أَبٰاهُمْ عِشٰاءً یَبْکُونَ .

3847

1- وَ أَقَرَّ عَلِیٌّ ع شُرَیْحاً عَلَی الْقَضَاءِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لَهُ فِی مَسَائِلَ کَثِیرَةٍ مِنَ اَلْفِقْهِ مَذْکُورَةٍ فِی کُتُبِ الْفُقَهَاءِ.

وَ اسْتَأْذَنَهُ شُرَیْحٌ وَ غَیْرُهُ مِنَ قُضَاةِ عُثْمَانَ فِی الْقَضَاءِ أَوَّلَ مَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ فَقَالَ اِقْضُوا کَمَا کُنْتُمْ تَقْضُونَ حَتَّی تَکُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ أَوْ أَمُوتَ کَمَا مَاتَ أَصْحَابِی .

وَ سَخِطَ عَلِیٌّ ع مَرَّةً عَلَیْهِ فَطَرَدَهُ عَنِ اَلْکُوفَةِ وَ لَمْ یَعْزِلْهُ عَنِ الْقَضَاءِ وَ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بِبَانِقْیَا وَ کَانَتْ قَرْیَةً قَرِیبَةً مِنَ اَلْکُوفَةِ أَکْثَرُ سَاکِنِهَا اَلْیَهُودُ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً حَتَّی رَضِیَ عَنْهُ وَ أَعَادَهُ إِلَی اَلْکُوفَةِ

.

3848

وَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی کِتَابِ اَلْإِسْتِیعَابِ أَدْرَکَ شُرَیْحٌ اَلْجَاهِلِیَّةَ وَ لاَ یُعَدُّ مِنَ اَلصَّحَابَةِ بَلْ مِنَ اَلتَّابِعِینَ وَ کَانَ شَاعِراً مُحْسِناً وَ کَانَ سُنَاطاً لاَ شَعَرَ فِی وَجْهِهِ (1) .

قوله ع و خطة الهالکین بکسر الخاء و هی الأرض التی یختطها الإنسان

ص :29

أی یعلم علیها علامة بالخط لیعمرها و منه خطط الکوفة و البصرة .

و زخرف البناء أی ذهب جدرانه بالزخرف و هو الذهب.

و نجد

فرش المنزل بالوسائد و النجاد الذی یعالج الفرش و الوسائد و یخیطهما و التنجید التزیین بذلک و یجوز أن یرید بقوله نجد رفع و علا من النجد و هو المرتفع من الأرض.

و اعتقد

جعل لنفسه عقدة کالضیعة أو الذخیرة من المال الصامت.

و إشخاصهم مرفوع بالابتداء و خبره الجار المجرور المقدم و هو قوله فعلی مبلبل أجسام الملوک و موضع الاستحسان من هذا الفصل و إن کان کله حسنا أمران أحدهما أنّه ع نظر إلیه نظر مغضب إنکارا لابتیاعه دارا بثمانین دینارا و هذا یدلّ علی زهد شدید فی الدنیا و استکثار للقلیل منها و نسبه هذا المشتری إلی الإسراف و خوف من أن یکون ابتاعها بمال حرام.

الثانی أنّه أملی علیه کتابا زهدیا وعظیا مماثلا لکتب الشروط التی تکتب فی ابتیاع الأملاک فإنهم یکتبون هذا ما اشتری فلان من فلان اشتری منه دارا من شارع کذا و خطة کذا و یجمع هذه الدار حدود أربعة فحد منها ینتهی إلی دار فلان و حدّ آخر ینتهی إلی ملک فلان و حدّ آخر ینتهی إلی ما کان یعرف بفلان و هو الآن معروف بفلان و حدّ آخر ینتهی إلی کذا و منه شروع باب هذه الدار و طریقها اشتری هذا المشتری المذکور من البائع المذکور جمیع الدار المذکورة بثمن مبلغه کذا و کذا دینارا أو درهما فما أدرک المشتری المذکور من درک فمرجوع به علی من یوجب الشرع الرجوع به علیه ثمّ تکتب الشهود فی آخر الکتاب شهد فلان ابن فلان بذلک و شهد فلان ابن فلان به أیضا و هذا یدلّ علی أن الشروط المکتوبة الآن قد کانت

ص :30

فی زمن الصحابة تکتب مثلها أو نحوها إلاّ أنا ما سمعنا عن أحد منهم نقل صیغة الشرط الفقهی إلی معنی آخر کما قد نظمه هو ع و لا غرو فما زال سباقا إلی العجائب و الغرائب.

فإن قلت لم جعل الشیطان المغوی فی الحدّ الرابع قلت لیقول و فیه یشرع باب هذه الدار لأنّه إذا کان الحدّ إلیه ینتهی کان أسهل لدخوله إلیها و دخول أتباعه و أولیائه من أهل الشیطنة و الضلال

ص :31

و لا جعله لک أکلا و لکنه أمانة فی یدک و عنقک للمسلمین و فوقک سلطان أنت له رعیة فلیس لک أن تفتات فی الرعیة الذین تحت یدک یقال افتات فلان علی فلان إذا فعل بغیر إذنه ما سبیله أن یستأذنه فیه و أصله من الفوت و هو السبق کأنّه سبقه إلی ذلک الأمر و قوله و لا تخاطر إلاّ بوثیقة أی لا تقدم علی أمر مخوف فیما یتعلق بالمال الذی تتولاه إلاّ بعد أن تتوثق لنفسک یقال أخذ فلان بالوثیقة فی أمره أی احتاط ثمّ قال له و لعلی لا أکون شر ولاتک و هو کلام یطیب به نفسه و یسکن به جأشه لأن فی أول الکلام إیحاشا له إذ کانت ألفاظه تدلّ علی أنّه لم یره أمینا علی المال فاستدرک ذلک بالکلمة الأخیرة أی ربما تحمد خلافتی و ولایتی علیک و تصادف منی إحسانا إلیک أی عسی ألا یکون شکرک لعثمان و من قبله أکثر من شکرک لی و هذا من باب وعدک الخفی و تسمیه العرب الملث.

و أول هذا الکتاب

3849

1- مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ لاَ هَنَاتٌ وَ هَنَاتٌ کَانَتْ مِنْکَ کُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِی هَذَا الْأَمْرِ قَبْلَ النَّاسِ وَ لَعَلَّ أَمْراً کَانَ یَحْمِلُ بَعْضُهُ بَعْضاً إِنِ اتَّقَیْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ کَانَ مِنْ بَیْعَةِ النَّاسِ إِیَّایَ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَ کَانَ مِنْ أَمْرِ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرِ مَا قَدْ بَلَغَکَ فَخَرَجْتُ إِلَیْهِمَا فَأَبْلَغْتُ فِی الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنْتُ فِی الْبَقِیَّةِ وَ إِنَّ عَمَلَکَ لَیْسَ لَکَ بِطُعْمَةٍ . إلی آخر الکلام و هذا الکتاب کتبه إلی الأشعث بن قیس بعد انقضاء الجمل

ص :34

و المشهور المروی فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة أی رغبة عن ذلک الإمام الذی وقع الاختیار له.

3851

1- وَ الْمَرْوِیُّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلاَّهُ اللَّهُ بَعْدَ مٰا تَوَلّٰی وَ أَصْلاَهُ جَهَنَّمَ وَ سٰاءَتْ مَصِیراً وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَیْرَ بَایَعَانِی ثُمَّ نَقَضَا بَیْعَتِی فَکَانَ نَقْضُهُمَا کَرَدَّتِهِمَا فَجَاهَدْتُهُمَا عَلَی ذَلِکَ حَتّٰی جٰاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللّٰهِ وَ هُمْ کٰارِهُونَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ اَلْمُسْلِمُونَ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیَّ فِیکَ الْعَافِیَةُ إِلاَّ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْبَلاَءِ فَإِنْ تَعَرَّضْتَ لَهُ قَاتَلْتُکَ وَ اسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَیْکَ وَ قَدْ أَکْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ النَّاسُ فِیهِ ثُمَّ حَاکِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْکَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی کِتَابِ اللَّهِ فَأَمَّا تِلْکَ الَّتِی تُرِیدُهَا فَخُدْعَةُ الصَّبِیِّ عَنِ اللَّبَنِ وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَةُ إِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِکَ إِلَی آخِرِ الْکَلاَمِ.

وَ بُعْدِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّکَ مِنَ الطُّلَقَاءِ الَّذِینَ لاَ تَحِلُّ لَهُمُ الْخِلاَفَةُ وَ لاَ تَعْتَرِضُ بِهِمْ اَلشُّورَی وَ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَیْکَ جَرِیرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیَّ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِیمَانِ وَ الْهِجْرَةِ فَبَایِعْ وَ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ .

و اعلم أن هذا الفصل دال بصریحه علی کون الاختیار طریقا إلی الإمامة کما یذکره أصحابنا المتکلمون لأنّه احتج علی معاویة ببیعة أهل الحل و العقد له و لم یراع فی ذلک إجماع المسلمین کلهم و قیاسه علی بیعة أهل الحل و العقد لأبی بکر فإنه ما روعی فیها إجماع المسلمین لأن سعد بن عبادة لم یبایع و لا أحد من أهل بیته و ولده و لأن علیا و بنی هاشم و من انضوی إلیهم لم یبایعوا فی مبدإ الأمر و امتنعوا و لم یتوقف المسلمون فی تصحیح إمامة أبی بکر و تنفیذ أحکامه علی بیعتهم و هذا دلیل علی صحة الاختیار و کونه طریقا إلی الإمامة و أنّه لا یقدح فی إمامته ع امتناع معاویة من البیعة و أهل الشام فأما الإمامیّة فتحمل هذا الکتاب منه ع علی التقیة و تقول إنّه ما کان یمکنه

ص :36

أن یصرح لمعاویة فی مکتوبه بباطن الحال و یقول له أنا منصوص علی من رسول اللّه ص و معهود إلی المسلمین أن أکون خلیفة فیهم بلا فصل فیکون فی ذلک طعن علی الأئمة المتقدمین و تفسد حاله مع الذین بایعوه من أهل المدینة و هذا القول من الإمامیّة دعوی لو عضدها دلیل لوجب أن یقال بها و یصار إلیها و لکن لا دلیل لهم علی ما یذهبون إلیه من الأصول التی تسوقهم إلی حمل هذا الکلام علی التقیة.

3852

فَأَمَّا قَوْلُهُ ع

وَ قَدْ أَکْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ اَلْمُسْلِمُونَ ثُمَّ حَاکِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْکَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی کِتَابِ اللَّهِ .

فیجب أن یذکر فی شرحه ما یقول المتکلمون فی هذه الواقعة قال أصحابنا المعتزلة رحمهم اللّه هذا الکلام حقّ و صواب لأن أولیاء الدم یجب أن یبایعوا الإمام و یدخلوا تحت طاعته ثمّ یرفعوا خصومهم إلیه فإن حکم بالحق استدیمت إمامته و إن حاد عن الحق انقضت خلافته و أولیاء عثمان الذین هم بنوه لم یبایعوا علیا ع و لا دخلوا تحت طاعته ثمّ و کذلک معاویة ابن عم عثمان لم یبایع و لا أطاع فمطالبتهم له بأن یقتص لهم من قاتلی عثمان قبل بیعتهم إیاه و طاعتهم له ظلم منهم و عدوان.

فإن قلت هب أن القصاص من قتلة عثمان موقوف علی ما ذکره ع أ ما کان یجب علیه لا من طریق القصاص أن ینهی عن المنکر و أنتم تذهبون إلی أن النهی عن المنکر واجب علی من هو سوقة فکیف علی الإمام الأعظم قلت هذا غیر وارد هاهنا لأن النهی عن المنکر إنّما یجب قبل وقوع المنکر لکیلا یقع فإذا وقع المنکر فأی نهی یکون عنه و قد نهی علی ع أهل مصر و غیرهم عن قتل عثمان قبل قتله مرارا و نابذهم بیده و لسانه و بأولاده فلم یغن

ص :37

شیئا و تفاقم الأمر حتّی قتل و لا یجب بعد القتل إلاّ القصاص فإذا امتنع أولیاء الدم من طاعة الإمام لم یجب علیه أن یقتص من القاتلین لأن اةلقصاص حقهم و قد سقط ببغیهم علی الإمام و خروجهم عن طاعته و قد قلنا نحن فیما تقدم أن القصاص إنّما یجب علی من باشر القتل و الذین باشروا قتل عثمان قتلوا یوم قتل عثمان فی دار عثمان و الذین کان معاویة یطالبهم بدم عثمان لم یباشروا القتل و إنّما کثروا السواد و حصروه[حصروا]

عثمان فی الدار و أجلبوا علیه و شتموه و توعدوه و منهم من تسور علیه داره و لم ینزل إلیه و منهم من نزل فحضر محضر قتله و لم یشرک فیه و کل هؤلاء لا یجب علیهم القصاص فی الشرع

قَالَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَیْهِ کِتَاباً مِنْ اَلْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ وَ هُوَ أَخُو عُثْمَانَ لِأُمِّهِ کَتَبَهُ مَعَ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ اَلْکُوفَةِ سِرّاً أَوَّلِهِ مُعَاوِیَّ إِنَّ الْمَلِکَ قَدْ جُبٍّ غَارِبِهِ.

الْأَبْیَاتِ الَّتِی ذَکَرْنَا فِیمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ فَقَالَ لِی مُعَاوِیَةَ أَقِمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ نَفَرُوا عِنْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ حَتَّی یَسْکُنُوا فَأَقَمْتُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَاءَهُ کِتَابٍ آخَرَ مِنَ اَلْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ أَوَّلِهِ أَلاَ أَبْلِغْ مُعَاوِیَةَ بْنَ حَرْبٍ

قَالَ فَلَمَّا جَاءَهُ هَذَا الْکِتَابِ وَصَلَ بَیْنَ طومارین (1) أَبْیَضَیْنِ ثُمَّ طواهما وَ کَتَبَ عنوانهما

ص :39

مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ دَفَعَهُمَا إِلَیَّ لاَ أَعْلَمُ مَا فِیهِمَا وَ لاَ أَظُنُّهُمَا إِلاَّ جَوَاباً وَ بَعَثَ مَعِی رَجُلاً مِنْ بَنِی عَبْسٍ لاَ أَدْرِی مَا مَعَهُ فَخَرَجْنَا حَتَّی قَدِمْنَا إِلَی اَلْکُوفَةِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِی الْمَسْجِدِ لاَ یَشُکُّونَ أَنَّهَا بَیْعَةُ أَهْلِ اَلشَّامِ فَلَمَّا فَتَحَ عَلَیَّ ع الْکِتَابَ لَمْ یَجِدْ شَیْئاً وَ قَامَ اَلْعَبْسِیِّ فَقَالَ مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَحْیَاءِ قَیْسٍ وَ أَخَصِّ مِنْ قَیْسٍ غَطَفَانَ وَ أَخَصِّ مِنْ غَطَفَانَ عَبْساً إِنِّی أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ تَرَکْتَ تَحْتَ قَمِیصَ عُثْمَانَ أَکْثَرَ مِنْ خَمْسِینَ أَلْفَ شَیْخٍ خاضبی لِحَاهُمْ بِدُمُوعٍ أَعْیُنِهِمْ متعاقدین متحالفین لَیَقْتُلُنَّ قَتَلْتُهُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِنِّی أَحْلِفُ بِاللَّهِ لیقتحمنها عَلَیْکُمْ اِبْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِأَکْثَرَ مِنْ أَرْبَعِینَ أَلْفاً مِنْ خصیان الْخَیْلُ فَمَا ظَنُّکُمْ بَعْدَ بِمَا فِیهَا مِنْ الْفُحُولِ ثُمَّ دَفَعَ إِلَی عَلِیٍّ ع کِتَاباً مِنْ مُعَاوِیَةَ فَفَتَحَهُ فَوَجَدَ فِیهِ أَتَانِی أَمْرٌ فِیهِ لِلنَّفْسِ غُمَّةَ

.

و قد ذکرنا هذا الشعر فیما تقدم

ص :40

و خبط البعیر فهو خابط إذا مشی ضالا فحبط بیدیه کل ما یلقاه و لا یتوقی شیئا.

و هذا الکتاب کتبه علی ع جوابا عن کتاب کتبه معاویة إلیه فی أثناء حرب صفّین بل فی أواخرها

3854

1,14- وَ کَانَ کِتَابُ مُعَاوِیَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی مُحْکَمِ کِتَابِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْکَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکَ لَئِنْ أَشْرَکْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِینَ (1) وَ إِنِّی أُحَذِّرُکَ اللَّهَ أَنْ تُحْبِطَ عَمَلِکَ وَ سَابِقَتَکَ بِشِقِّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ تَفْرِیقِ جَمَاعَتِهَا فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اذْکُرِ مَوْقِفِ اَلْقِیَامَةِ وَ أَقْلَعَ عَمَّا أَسْرَفْتُ فِیهِ مِنَ الْخَوْضِ فِی دِمَاءِ اَلْمُسْلِمِینَ وَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ وَ عَدْنٍ عَلَی قَتْلِ رَجُلٍ وَاحِدٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ لَأَکَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی اَلنَّارِ فَکَیْفَ یَکُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَعْلاَمُ اَلْمُسْلِمِینَ وَ سَادَاتُ اَلْمُهَاجِرِینَ بَلَهٍ مَا طَحَنَتْ رَحَی حَرْبِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرْآنِ وَ ذِی الْعِبَادَةِ وَ الْإِیمَانُ مَنْ شَیْخٌ کَبِیرٌ وَ شَابٌّ غریر کُلُّهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَی مُؤْمِنٌ وَ لَهُ مُخْلِصٍ وَ بِرَسُولِهِ مُقِرٌّ عَارِفٌ فَإِنْ کُنْتَ أَبَا حَسَنٍ إِنَّمَا تُحَارِبْ عَلَی الْإِمْرَةِ وَ الْخِلاَفَةُ فَلَعَمْرِی لَوْ صَحَّتْ خِلاَفَتَکَ لَکُنْتُ قَرِیباً مِنَ أَنْ تَعَذُّرَ فِی حَرْبِ اَلْمُسْلِمِینَ وَ لَکِنَّهَا مَا صَحَّتْ لَکَ أَنَّی بصحتها وَ أَهْلِ اَلشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا وَ لَمْ یرتضوا بِهَا وَ خَفِ اللَّهَ وَ سَطَوَاتِهِ وَ اتَّقِ بَأْسَهُ وَ نَکَالِهِ وَ أَغْمَدَ سَیْفَکَ عَنِ النَّاسِ فَقَدْ وَ اللَّهِ أَکَلَتْهُمُ الْحَرْبِ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ کالثمد فِی قَرَارَةِ الْغَدِیرِ وَ اللّٰهُ الْمُسْتَعٰانُ .

فَکَتَبَ عَلِیٌّ ع إِلَیْهِ جَوَاباً عَنْ کِتَابِهِ

ص :42

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْکَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ نَمَّقْتَهَا بِضَلاَلِکَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِکَ وَ کِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لاَ قَائِدٌ یُرْشِدُهُ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ فَهَجَرَ لاَغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً فَأَمَّا أَمْرِکَ لِی بِالتَّقْوَی فَأَرْجُو أَنْ أَکُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَ أَسْتَعِیذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَکُونَ مِنَ الَّذِینَ إِذَا أَمَرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ اَلْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وَ أَمَّا تَحْذِیرَکَ إِیَّایَ أَنْ یُحْبِطُ عَمَلِی وَ سَابِقَتِی فِی اَلْإِسْلاَمِ فَلَعَمْرِی لَوْ کُنْتُ الْبَاغِی عَلَیْکَ لَکَانَ لَکَ أَنْ تحذرنی ذَلِکَ وَ لَکِنِّی وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فَقٰاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتّٰی تَفِیءَ إِلیٰ أَمْرِ اللّٰهِ (1) فَنَظَرْنَا إِلَی الْفِئَتَیْنِ أَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا لِأَنَّ بَیْعَتِی بِالْمَدِینَةِ لَزِمَتْکَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ کَمَا لَزِمَتْکَ بَیْعَةِ عُثْمَانَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنْتَ أَمِیرُ لِعُمَرَ عَلَی اَلشَّامِ وَ کَمَا لَزِمْتُ یَزِیدَ أَخَاکَ بَیْعَةِ عُمَرَ وَ هُوَ أَمِیرُ لِأَبِی بَکْرٍ عَلَی اَلشَّامِ وَ أَمَّا شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاکَ عَنْهُ فَأَمَّا تخویفک لِی مَنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْیِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَرَنِی بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ فِیکُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ اَلْقُرْآنِ کَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ وَ أَشَارَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَوْلَی مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَ أَمَّا قَوْلُکَ إِنَّ بَیْعَتِی لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا کَیْفَ وَ إِنَّمَا هِیَ بَیْعَةٌ وَاحِدَةٌ تَلْزَمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ لاَ یُثَنَّی فِیهَا النَّظَرُ وَ لاَ یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ فَارْبَعْ عَلَی ظَلْعِکَ وَ انْزِعْ سِرْبَالَ غَیِّکَ وَ اتْرُکْ مَا لاَ جَدْوَی لَهُ عَلَیْکَ فَلَیْسَ لَکَ عِنْدِی إِلاَّ السَّیْفُ حَتّٰی تَفِیءَ إِلیٰ أَمْرِ اللّٰهِ صَاغِراً وَ تَدْخُلَ فِی الْبَیْعَةِ رَاغِماً وَ السَّلاَمُ

.

ص :43

وَ [مِنْ هَذَا الْکِتَابِ]

مِنْهُ لِأَنَّهَا بَیْعَةٌ وَاحِدَةٌ لاَ یُثَنَّی فِیهَا النَّظَرُ وَ لاَ یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ .

لا یثنی فیها النظر

أی لا یعاود و لا یراجع ثانیة و لا یستأنف فیها الخیار لیس بعد عقدها خیار لمن عقدها و لا لغیرهم لأنّها تلزم غیر العاقدین کما تلزم العاقدین فیسقط الخیار فیها الخارج منها طاعن علی الأمة لأنّهم أجمعوا علی أن الاختیار طریق الإمامة.

و المروی فیها مداهن

أی الذی یرتئی و یبطئ عن الطاعة و یفکر و أصله من الرویة و المداهن المنافق

ص :44

قوله فانبذ إلیه من قوله تعالی فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلیٰ سَوٰاءٍ (1) و أصله العهد و الهدنة و عقد الحلف یکون بین الرجلین أو بین القبیلتین ثمّ یبدو لهما فی ذلک فینتقلان إلی الحرب فینبذ أحدهما إلی الآخر عهده کأنّه کتاب مکتوب بینهما قد نبذه أحدهما یوم الحرب و أبطله فاستعیر ذلک للمجاهرة بالعداوة و المکاشفة و نسخ شریعة السلام السابقة بالحرب المعاقبة لها

ص :46

وَ لاَ سَهْلٍ إِلاَّ أَنَّهُ طَلَبٌ یَسُوءُکَ وِجْدَانُهُ وَ زَوْرٌ لاَ یَسُرُّکَ لُقْیَانُهُ وَ السَّلاَمُ لِأَهْلِهِ .

قوله ع فأراد قومنا یعنی قریشا .

و الاجتیاح الاستئصال و منه الجائحة و هی السنة أو الفتنة التی تجتاح المال أو الأنفس.

قوله و منعونا العذب أی العیش العذب لا أنهم منعوهم الماء العذب علی أنّه قد نقل أنهم منعوا أیّام الحصار فی شعب بنی هاشم من الماء العذب و سنذکر ذلک.

قوله و أحلسونا الخوف أی ألزموناه و الحلس کساء رقیق یکون تحت برذعة البعیر و أحلاس البیوت ما یبسط تحت حر الثیاب و

3855

فِی الْحَدِیثِ کُنْ حِلْسَ بَیْتِکَ.

أی لا تخالط الناس و اعتزل عنهم فلما کان الحلس ملازما ظهر البعیر و أحلاس البیوت ملازمة لها قال و أحلسونا الخوف أی جعلوه لنا کالحلس الملازم.

قوله و اضطرونا إلی جبل وعر مثل ضربه ع لخشونة مقامهم و شظف منزلهم أی کانت حالنا فیه کحال من اضطر إلی رکوب جبل وعر و یجوز أن یکون حقیقة لا مثلا لأن الشعب الذی حصروهم فیه مضیق بین جبلین .

قوله فعزم اللّه لنا أی قضی اللّه لنا و وفقنا لذلک و جعلنا عازمین علیه.

و الحوزة الناحیة و حوزة الملک بیضته.

ص :48

و حومة الماء و الرمل معظمه.

و الرمی عنها المناضلة و المحاماة و یروی و الرمی من وراء حرمته و الضمیر فی حوزته و حومته راجع إلی النبیّ ص و قد سبق ذکره و هو قوله نبیّنا و یروی و الرمیا .

و قال الراوندیّ و هموا بنا الهموم أی هموا نزول الهم بنا فحذف المضاف و أقام المضاف إلیه مقامه و لیس ما قاله بجید بل الهموم منصوب هاهنا علی المصدر أی هموا بنا هموما کثیرة و هموا بنا أی أرادوا نهبنا کقوله تعالی وَ هَمَّ بِهٰا (1) علی تفسیر أصحابنا و إنّما أدخل لام التعریف فی الهموم أی هموا بنا تلک الهموم التی تعرفونها فأتی باللام لیکون أعظم و أکبر فی الصدور من تنکیرها أی تلک الهموم معروفة مشهورة بین الناس لتکرر عزم المشرکین فی أوقات کثیرة مختلفة علی الإیقاع.

و قوله و فعلوا بنا الأفاعیل یقال لمن أثروا آثارا منکرة فعلوا بنا الأفاعیل و قل أن یقال ذلک فی غیر الضرر و الأذی و منه قول أمیة بن خلف لعبد الرحمن بن عوف و هو یذکر حمزة بن عبد المطلب یوم بدر ذاک الذی فعل بنا الأفاعیل .

قوله یحامی عن الأصل أی یدافع عن محمد و یذب عنه حمیة و محافظة علی النسب.

قوله خلو ممّا نحن فیه أی خال و الحلف العهد .

و احمر البأس کلمة مستعارة أی اشتدت الحرب حتّی احمرت الأرض من الدم فجعل البأس هو الأحمر مجازا کقولهم الموت الأحمر.

ص :49

قوله و أحجم الناس أی کفوا عن الحرب و جبنوا عن الإقدام یقال حجمت فلانا عن کذا أحجمه بالضم فأحجم هو و هذه اللفظة من النوادر کقولهم کببته فأکب .

و یوم مؤتة بالهمز و مؤتة أرض معروفة.

و قوله و أراد من لو شئت لذکرت اسمه یعنی به نفسه .

قوله إذ صرت یقرن بی من لم یسع بقدمی إشارة إلی معاویة فی الظاهر و إلی من تقدم علیه من الخلفاء فی الباطن و الدلیل علیه قوله التی لا یدلی أحد بمثلها فأطلق القول إطلاقا عاما مستغرقا لکل الناس أجمعین.

ثمّ قال إلا أن یدعی مدع ما لا أعرفه و لا أظن اللّه یعرفه أی کل من ادعی خلاف ما ذکرته فهو کاذب لأنّه لو کان صادقا لکان علی ع یعرفه لا محالة فإذا قال عن نفسه إن کل دعوة تخالف ما ذکرت فإنی لا أعرف صحتها فمعناه أنّها باطلة.

و قوله و لا أظن اللّه یعرفه فالظن هاهنا بمعنی العلم کقوله تعالی وَ رَأَی الْمُجْرِمُونَ اَلنّٰارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوٰاقِعُوهٰا (1) و أخرج هذه الکلمة مخرج قوله تعالی قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللّٰهَ بِمٰا لاٰ یَعْلَمُ فِی السَّمٰاوٰاتِ وَ لاٰ فِی الْأَرْضِ (2) و لیس المراد سلب العلم بل العلم بالسلب کذلک لیس مراده ع سلب الظنّ الذی هو بمعنی العلم بل ظنّ السلب أی علم السلب أی و أعلم أن اللّه سبحانه یعرف انتفاءه و کل ما یعلم اللّه انتفاءه فلیس بثابت.

و قال الراوندیّ قوله ع و لا أظن اللّه یعرفه مثل قوله تعالی وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتّٰی نَعْلَمَ الْمُجٰاهِدِینَ مِنْکُمْ وَ الصّٰابِرِینَ (3) .

ص :50

و اللّه یعلم کل شیء قبل وجوده و إنّما معناه حتّی نعلم جهادهم موجودا و لیست هذه الکلمة من الآیة بسبیل لتجعل مثالا لها و لکن الراوندیّ یتکلم بکل ما یخطر له من غیر أن یمیز ما یقول.

و تقول أدلی فلان بحجته أی احتج بها و فلان مُدْلٍ برحمه أی مت [مُؤْتٍ]

بها و أدلی بماله إلی الحاکم دفعه إلیه لیجعله وسیلة إلی قضاء حاجته منه فأما الشفاعة فلا یقال فیها أدلیت و لکن دلوت بفلان أی استشفعت به و قال عمرُ لَمَّا اسْتَسْقَی بِالْعَبَّاسِ رحمه اللّه اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَقَرَّبُ إِلَیْکَ بِعَمِّ نَبِیِّکَ وَ قَفِیَّةِ آبَائِهِ و کُبْرِ رِجَالِهِ دَلَوْنَا بِهِ إِلَیْکَ مُسْتَشْفِعِینَ (1) قوله ع فلم أره یسعنی أی لم أر أنّه یحل لی دفعهم إلیک و الضمیر فی أره ضمیر الشأن و القصة و أره من الرأی لا من الرؤیة کقولک لم أر الرأی الفلانی .

و نزع فلان عن کذا أی فارقه و ترکه ینزع بالکسر و الغی الجهل و الضلال.

و الشقاق الخلاف.

الوِجدان مصدر وجدت کذا أی أصبته و الزور الزائر.

و اللُّقیان مصدر لقیت تقول لقیته لقاء و لقیانا.

ثمّ قال و السلام لأهله لم یستجز فی الدین أن یقول له و السلام علیک لأنّه عنده فاسق لا یجوز إکرامه فقال و السلام لأهله أی علی أهله.

و یجب أن نتکلم فی هذا الفصل فی مواضع منها ذکر ما جاء فی السیرة من إجلاب قریش علی رسول اللّه ص و بنی هاشم و حصرهم فی الشعب.

ص :51

و منها الکلام فی المؤمنین و الکافرین من بنی هاشم الذین کانوا فی الشعب محصورین معه ص من هم.

و منها شرح قصة بدر .

و منها شرح غزاة أحد .

و منها شرح غزاة مؤتة

دِینِی وَ دِینَ آبَائِی وَ مَا کَانُوا عَلَیْهِ وَ لَکِنْ وَ اللَّهِ لاَ یَخْلُصُ (1) إِلَیْکَ شَیْءٌ تَکْرَهُهُ مَا بَقِیتُ فَزَعَمُوا (2) أَنَّهُ قَالَ لِعَلِیٍّ أَیْ بُنَیَّ مَا هَذَا الَّذِی تَصْنَعُ قَالَ یَا أَبَتَاهْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ صَدَّقْتُهُ فِیمَا جَاءَ بِهِ وَ صَلَّیْتُ إِلَیْهِ وَ اتَّبَعْتُ قَوْلَ نَبِیِّهِ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَمَا إِنَّهُ لاَ یَدْعُوکَ أَوْ لَنْ یَدْعُوَکَ إِلاَّ إِلَی خَیْرٍ فَالْزَمْهُ.

قَالَ اِبْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ أَسْلَمَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَکَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَ صَلَّی مَعَهُ بَعْدَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع .

ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو بَکْرِ بْنُ أَبِی قُحَافَةَ فَکَانَ ثَالِثاً لَهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَصَارُوا ثَمَانِیَةً فَهُمُ الثَّمَانِیَةُ الَّذِینَ سَبَقُوا النَّاسَ إِلَی اَلْإِسْلاَمِ بِمَکَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ هَؤُلاَءِ الثَّمَانِیَةِ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَ أَرْقَمُ بْنُ أَبِی أَرْقَمَ ثُمَّ انْتَشَرَ اَلْإِسْلاَمُ بِمَکَّةَ وَ فَشَا ذِکْرُهُ وَ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهِ وَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ یَصْدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ فَکَانَتْ مُدَّةُ إِخْفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ص نَفْسَهُ وَ شَأْنَهُ إِلَی أَنْ أُمِرَ بِإِظْهَارِ الدِّینِ ثَلاَثَ سِنِینَ فِیمَا بَلَغَنِی (3) .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ لَمْ تَکُنْ قُرَیْشٌ تُنْکِرُ أَمْرَهُ حِینَئِذٍ کُلَّ الْإِنْکَارِ حَتَّی ذَکَرَ آلِهَتَهُمْ وَ عَابَهَا فَأَعْظَمُوا ذَلِکَ وَ أَنْکَرُوهُ وَ أَجْمَعُوا عَلَی عَدَاوَتِهِ وَ خِلاَفِهِ وَ حَدَبَ عَلَیْهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَمَنَعَهُ وَ قَامَ دُونَهُ حَتَّی مَضَی مُظْهِراً لِأَمْرِ اللَّهِ لاَ یَرُدُّهُ عَنْهُ شَیْءٌ قَالَ فَلَمَّا رَأَتْ قُرَیْشٌ مُحَامَاةَ أَبِی طَالِبٍ عَنْهُ وَ قِیَامَهُ دُونَهُ وَ امْتِنَاعَهُ مِنْ أَنْ یُسْلِمَهُ مَشَی إِلَیْهِ رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَیْشٍ مِنْهُمْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةُ أَخُوهُ وَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامٍ وَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَ اَلْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ وَ أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ

ص :53

وَ اَلْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ وَ نَبِیهٌ وَ مُنَبِّهٌ ابْنَا اَلْحَجَّاجِ وَ أَمْثَالُهُمْ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَیْشٍ فَقَالُوا یَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ اِبْنَ أَخِیکَ قَدْ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ عَابَ دِینَنَا وَ سَفَّهَ أَحْلاَمَنَا وَ ضَلَّلَ آرَاءَنَا فَإِمَّا أَنْ تَکُفَّهُ عَنَّا وَ إِمَّا أَنْ تُخَلِّیَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ قَوْلاً رَفِیقاً وَ رَدَّهُمْ رَدّاً جَمِیلاً فَانْصَرَفُوا عَنْهُ وَ مَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ یُظْهِرُ دِینَ اللَّهِ وَ یَدْعُو إِلَیْهِ ثُمَّ شَرِقَ [شَرِیَ]

(1) الْأَمْرُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ تَبَاعُداً وَ تَضَاغُناً (2) حَتَّی أَکْثَرَتْ قُرَیْشٌ ذِکْرَ رَسُولِ اللَّهِ ص بَیْنَهَا وَ تَذَامَرُوا فِیهِ وَ حَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَیْهِ فَمَشَوْا إِلَی أَبِی طَالِبٍ مَرَّةً ثَانِیَةً فَقَالُوا یَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ لَکَ سِنّاً وَ شَرَفاً وَ مَنْزِلَةً فِینَا وَ إِنَّا قَدْ اسْتَنْهَیْنَاکَ مِنِ اِبْنِ أَخِیکَ فَلَمْ تَنْهَهُ عَنَّا وَ إِنَّا وَ اللَّهِ لاَ نَصْبِرُ عَلَی شَتْمِ آبَائِنَا وَ تَسْفِیهِ أَحْلاَمِنَا وَ عَیْبِ آلِهَتِنَا فَإِمَّا أَنْ تَکُفَّهُ عَنَّا أَوْ نُنَازِلَهُ وَ إِیَّاکَ (3) حَتَّی یَهْلِکَ أَحَدُ الْفَرِیقَیْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَعَظُمَ عَلَی أَبِی طَالِبٍ فِرَاقُ قَوْمِهِ وَ عَدَاوَتُهُمْ وَ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِإِسْلاَمِ اِبْنِ أَخِیهِ لَهُمْ وَ خِذْلاَنِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا ابْنَ أَخِی إِنَّ قَوْمَکَ قَدْ جَاءُونِی فَقَالُوا لِی کَذَا وَ کَذَا لِلَّذِی قَالُوا فَأَبْقِ عَلَیَّ وَ عَلَی نَفْسِکَ وَ لاَ تَحْمِلْنِی مِنَ الْأَمْرِ مَا لاَ أُطِیقُهُ قَالَ فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِیهِ بَدَاءٌ وَ أَنَّهُ خَاذِلُهُ وَ مُسَلِّمُهُ وَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ عَنْ نُصْرَتِهِ وَ الْقِیَامِ دُونَهُ فَقَالَ یَا عَمِّ وَ اللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِی یَمِینِی وَ الْقَمَرَ فِی شِمَالِی عَلَی أَنْ أَتْرُکَ هَذَا الْأَمْرَ مَا تَرَکْتُهُ حَتَّی یُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ أَهْلِکَ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ بَاکِیاً وَ قَامَ فَلَمَّا وَلَّی نَادَاهُ أَبُو طَالِبٍ أَقْبِلْ یَا اِبْنَ أَخِی فَأَقْبَلَ رَاجِعاً فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ یَا اِبْنَ أَخِی فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ فَوَ اللَّهِ لاَ أُسَلِّمُکَ لِشَیْءٍ أَبَداً (4) .

ص :54

قَالَ اِبْنُ إِسْحَاقَ وَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ یَذْکُرُ مَا أَجْمَعَتْ عَلَیْهِ قُرَیْشٌ مِنْ حَرْبِهِ لَمَّا قَامَ بِنَصْرِ مُحَمَّدٍ ص وَ اللَّهِ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْکَ بِجَمْعِهِمْ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ إِنَّ قُرَیْشاً حِینَ عَرَفَتْ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ أَبَی خِذْلاَنَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِسْلاَمَهُ إِلَیْهِمْ وَ رَأَوْا إِجْمَاعَهُ عَلَی مُفَارَقَتِهِمْ وَ عَدَاوَتِهِمْ مَشَوْا إِلَیْهِ بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیِّ وَ کَانَ أَجْمَلَ فَتًی فِی قُرَیْشٍ فَقَالُوا لَهُ یَا أَبَا طَالِبٍ هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِیدِ أَبْهَی (1) فَتًی فِی قُرَیْشٍ وَ أَجْمَلُهُ فَخُذْهُ إِلَیْکَ (2) فَاتَّخِذْهُ وَلَداً فَهُوَ لَکَ وَ أَسْلِمْ لَنَا هَذَا اِبْنَ أَخِیکَ الَّذِی قَدْ خَالَفَ دِینَکَ وَ دِینَ آبَائِکَ وَ فَرِّقْ جَمَاعَةَ قَوْمِکَ لِنَقْتُلَهُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ وَ اللَّهِ مَا أَنْصَفْتُمُونِی (3) تُعْطُونِّی ابْنَکُمْ أَغْذُوهُ لَکُمْ وَ أُعْطِیکُمْ ابْنِی تَقْتُلُونَهُ هَذَا وَ اللَّهِ مَا لاَ یَکُونُ أَبَداً فَقَالَ لَهُ اَلمُطْعِمُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلٍ وَ کَانَ لَهُ صَدِیقاً مُصَافِیاً وَ اللَّهِ یَا أَبَا طَالِبٍ مَا أَرَاکَ تُرِیدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْ قَوْمِکَ شَیْئاً لَعَمْرِی قَدْ جَهَدُوا فِی التَّخَلُّصِ مِمَّا تَکْرَهُ وَ أَرَاکَ لاَ تُنْصِفُهُمْ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ وَ اللَّهِ مَا أَنْصَفُونِی وَ لاَ أَنْصَفْتَنِی وَ لَکِنَّکَ قَدْ أَجْمَعْتَ عَلَی خِذْلاَنِی وَ مُظَاهَرَةِ (4) الْقَوْمِ عَلَیَّ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَکَ (5)

ص :55

قَالَ فَعِنْدَ ذَلِکَ تَنَابَذَ الْقَوْمُ وَ صَارَتِ الْأَحْقَادُ وَ نَادَی بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ تَذَامَرُوا بَیْنَهُمْ عَلَی مَنْ فِی القَبَائِلِ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا مُحَمَّداً ص فَوَثَبَتْ کُلُّ قَبِیلَةٍ عَلَی مَنْ فِیهَا مِنْهُمْ یُعَذِّبُونَهُمْ وَ یَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِینِهِمْ وَ مَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْهُمْ بِعَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَامَ فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِینَ رَأَی قُرَیْشاً تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ فَدَعَاهُمْ إِلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الْقِیَامِ دُونَهُ فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ وَ قَامُوا مَعَهُ وَ أَجَابُوهُ إِلَی مَا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلاَّ مَا کَانَ مِنْ أَبِی لَهَبٍ فَإِنَّهُ لَمْ یَجْتَمِعْ مَعَهُمْ عَلَی ذَلِکَ فَکَانَ أَبُو طَالِبٍ یُرْسِلُ إِلَیْهِ الْأَشْعَارَ وَ یُنَاشِدُهُ النَّصْرَ مِنْهَا الْقِطْعَةُ الَّتِی أَوَّلُهَا حَدِیثٌ عَنْ أَبِی لَهَبٍ أَتَانَا وَ کَانَفَهُ عَلَی ذَاکُمْ رِجَالٌ.

وَ مِنْهَا الْقِطْعَةُ الَّتِی أَوَّلُهَا أَ ظَنَنْتَ عَنِّی قَدْ خَذَلْتُ وَ غَالَنِی مِنْکَ الْغَوَائِلُ بَعْدَ شَیْبِ الْمُکْبَرِ.

وَ مِنْهَا الْقِطْعَةُ الَّتِی أَوَّلُهَا تَسْتَعْرِضُ الْأَقْوَامَ تُوسِعُهُمْ عُذْراً وَ مَا إِنْ قُلْتُ مِنْ عُذْرٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمْ یُؤْثَرْ عَنْ أَبِی لَهَبٍ خَیْرٌ قَطُّ إِلاَّ مَا یُرْوَی أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِیَّ لَمَّا وَثَبَ عَلَیْهِ قَوْمُهُ لِیُعَذِّبُوهُ وَ یَفْتِنُوهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ هَرَبَ مِنْهُمْ فَاسْتَجَارَ بِأَبِی طَالِبٍ وَ أُمُّ أَبِی طَالِبٍ مَخْزُومِیَّةٌ وَ هِیَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَالِدُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَجَارَهُ فَمَشَی إِلَیْهِ رِجَالٌ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ وَ قَالُوا لَهُ یَا أَبَا طَالِبٍ هَبْکَ مَنَعْتَ مِنَّا ابْنَ أَخِیکَ مُحَمَّداً فَمَا لَکَ وَ لِصَاحِبِنَا تَمْنَعُهُ مِنَّا قَالَ إِنَّهُ اسْتَجَارَ بِی وَ هُوَ ابْنُ أُخْتِی وَ إِنْ أَنَا لَمْ أَمْنَعْ ابْنَ أُخْتِی لَمْ أَمْنَعْ اِبْنَ أَخِی فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَ أَصْوَاتُهُ فَقَامَ أَبُو لَهَبٍ وَ لَمْ یَنْصُرْ أَبَا طَالِبٍ قَبْلَهَا وَ لاَ بَعْدَهَا فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَکْثَرْتُمْ عَلَی هَذَا

ص :56

الشَّیْخِ لاَ تَزَالُونَ تَتَوَثَّبُونَ عَلَیْهِ فِی جِوَارِهِ مِنْ بَیْنِ قَوْمِهِ أَمَا وَ اللَّهِ لَتَنْتَهُنَّ عَنْهُ أَوْ لَنَقُومَنَّ مَعَهُ فِیمَا قَامَ فِیهِ حَتَّی یَبْلُغَ مَا أَرَادَ فَقَالُوا بَلْ نَنْصَرِفُ عَمَّا تَکْرَهُ یَا أَبَا عُتْبَةَ فَقَامُوا فَانْصَرَفُوا وَ کَانَ وَلِیّاً لَهُمْ وَ مُعِیناً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَبِی طَالِبٍ فَاتَّقَوْهُ وَ خَافُوا أَنْ تَحْمِلَهُ الْحَمِیَّةُ عَلَی اَلْإِسْلاَمِ فَطَمِعَ فِیهِ أَبُو طَالِبٍ حَیْثُ سَمِعَهُ قَالَ مَا قَالَ وَ أَمَّلَ أَنْ یَقُومَ مَعَهُ فِی نُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ یُحَرِّضُهُ عَلَی ذَلِکَ وَ إِنَّ امْرَأً أَبُو عُتَیْبَةَ عَمُّهُ

وَ قَالَ یُخَاطِبُ أَبَا لَهَبٍ أَیْضاً عَجِبْتُ لِحِلْمٍ یَا اِبْنَ شَیْبَةَ عَازِبٍ

ص :57

وَ زَاحِمْ جَمِیعَ النَّاسِ عَنْهُ وَ کُنْ لَهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا طَالَ الْبَلاَءُ عَلَی اَلْمُسْلِمِینَ وَ الْفِتْنَةُ وَ الْعَذَابُ وَ ارْتَدَّ کَثِیرٌ عَنِ الدِّینِ بِاللِّسَانِ لاَ بِالْقَلْبِ کَانُوا إِذَا عَذَّبُوهُمْ یَقُولُونَ نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا اللَّهُ وَ أَنَّ اَللاَّتَ وَ اَلْعُزَّی هِیَ الْآلِهَةُ فَإِذَا خَلَوْا عَنْهُمْ عَادُوا إِلَی اَلْإِسْلاَمِ فَحَبَسُوهُمْ وَ أَوْثَقُوهُمْ بِالْقَدِّ وَ جَعَلُوهُمْ فِی حَرِّ الشَّمْسِ عَلَی الصَّخْرِ وَ الصَّفَا وَ امْتَدَّتْ أَیَّامُ الشَّقَاءِ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یَصِلُوا إِلَی مُحَمَّدٍ ص لِقِیَامِ أَبِی طَالِبٍ دُونَهُ فَأَجْمَعَتْ قُرَیْشٌ عَلَی أَنْ یَکْتُبُوا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ بَنِی هَاشِمٍ صَحِیفَةً یَتَعَاقَدُونَ فِیهَا أَلاَّ یُنَاکِحُوهُمْ وَ لاَ یُبَایِعُوهُمْ وَ لاَ یُجَالِسُوهُمْ فَکَتَبُوهَا وَ عَلَّقُوهَا فِی جَوْفِ اَلْکَعْبَةِ تَأْکِیداً عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ کَانَ کَاتِبُهَا مَنْصُورَ بْنَ عِکْرِمَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِکَ انْحَازَتْ هَاشِمٌ وَ اَلْمُطَّلِبُ فَدَخَلُوا کُلُّهُمْ مَعَ أَبِی طَالِبٍ فِی اَلشِّعْبِ فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ وَ خَرَجَ مِنْهُمْ أَبُو لَهَبٍ إِلَی قُرَیْشٍ فَظَاهَرَهَا عَلَی قَوْمِهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَضَاقَ الْأَمْرُ بِبَنِی هَاشِمٍ وَ عَدِمُوا الْقُوتَ إِلاَّ مَا کَانَ یُحْمَلُ إِلَیْهِمْ سِرّاً وَ خُفْیَةً وَ هُوَ شَیْءٌ قَلِیلٌ لاَ یُمْسِکُ أَرْمَاقَهُمْ وَ أَخَافَتْهُمْ قُرَیْشٌ فَلَمْ یَکُنْ یَظْهَرُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ لاَ یَدْخُلُ إِلَیْهِمْ أَحَدٌ وَ ذَلِکَ أَشَدُّ مَا لَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَهْلُ بَیْتِهِ بِمَکَّةَ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَأَقَامُوا عَلَی ذَلِکَ سَنَتَیْنِ أَوْ ثَلاَثاً حَتَّی جَهَدُوا أَلاَّ یَصِلَ إِلَیْهِمْ

ص :58

شَیْءٌ إِلاَّ الْقَلِیلُ سِرّاً مِمَّنْ یُرِیدُ صِلَتَهُمْ مِنْ قُرَیْشٍ وَ قَدْ کَانَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ لَقِیَ حَکِیمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَیْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی مَعَهُ غُلاَمٌ یَحْمِلُ قَمْحاً یُرِیدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِیجَةَ بِنْتَ خُوَیْلِدٍ وَ هِیَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مُحَاصَرَةٌ فِی اَلشِّعْبِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَ قَالَ أَ تَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ وَ اللَّهِ لاَ تَبْرَحُ أَنْتَ وَ طَعَامُکَ حَتَّی أَفْضَحَکَ بِمَکَّةَ فَجَاءَهُ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ الْعَاصُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی فَقَالَ مَا لَکَ وَ لَهُ قَالَ إِنَّهُ یَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ یَا هَذَا إِنَّ طَعَاماً کَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ بَعَثَتْ إِلَیْهِ فِیهِ أَ فَتَمْنَعُهُ أَنْ یَأْتِیهَا بِطَعَامِهَا خَلِّ سَبِیلَ الرَّجُلِ فَأَبَی أَبُو جَهْلٍ حَتَّی نَالَ کُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَأَخَذَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ لِحَی بَعِیرٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَشَجَّهُ وَ وَطِئَهُ وَطْئَا شَدِیداً فَانْصَرَفَ وَ هُوَ یَکْرَهُ أَنْ یَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ بَنُو هَاشِمٍ بِذَلِکَ فَیَشْمَتُوا فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ إِبْطَالِ الصَّحِیفَةِ وَ الْفَرَجِ عَنْ بَنِی هَاشِمٍ مِنَ الضِّیقِ وَ الْأَزْلِ الَّذِی کَانُوا فِیهِ قَامَ هِشَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِیبِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِکِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ فِی ذَلِکَ أَحْسَنَ قِیَامٍ وَ ذَلِکَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ کَانَ أَخاً لِنَضْلَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیٍّ مِنْ أُمِّهِ فَکَانَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو یُحْسَبُ لِذَلِکَ وَاصِلاً بِبَنِی هَاشِمٍ وَ کَانَ ذَا شَرَفٍ فِی قَوْمِهِ بَنِی عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ فَکَانَ یَأْتِی بِالْبَعِیرِ لَیْلاً وَ قَدْ أَوْقَرَهُ طَعَاماً وَ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو الْمُطَّلِبِ فِی اَلشِّعْبِ حَتَّی إِذَا أَقْبَلَ بِهِ فَمَ اَلشِّعْبِ فَمَنَعَ بِخِطَامِهِ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ یَضْرِبُهُ عَلَی جَنْبِهِ فَیَدْخُلُ اَلشِّعْبَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ یَأْتِی بِهِ مَرَّةً أُخْرَی وَ قَدْ أَوْقَرَهُ تَمْراً فَیَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ذَلِکَ ثُمَّ إِنَّهُ مَشَی إِلَی زُهَیْرِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیِّ فَقَالَ یَا زُهَیْرُ أَ رَضِیتَ أَنْ تَأْکُلَ الطَّعَامَ وَ تَشْرَبَ الشَّرَابَ وَ تَلْبَسَ الثِّیَابَ وَ تَنْکِحَ النِّسَاءَ وَ أَخْوَالُکَ حَیْثُ قَدْ عَلِمْتَ لاَ یَبْتَاعُونَ وَ لاَ یُبْتَاعُ مِنْهُمْ وَ لاَ یَنْکِحُونَ وَ لاَ یُنْکَحُ إِلَیْهِمْ وَ لاَ یُوَاصَلُونَ وَ لاَ یُزَارُونَ أَمَا إِنِّی أَحْلِفُ لَوْ کَانَ أَخُوکَ أَبُو الْحَکَمِ بْنُ هِشَامٍ وَ دَعَوْتُهُ إِلَی مِثْلِ مَا دَعَاکَ

ص :59

إِلَیْهِ مِنْهُمْ مَا أَجَابَکَ أَبَداً قَالَ وَیْحَکَ یَا هِشَامُ فَمَا ذَا أَصْنَعُ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ اللَّهِ لَوْ کَانَ مَعِی رَجُلٌ آخَرُ لَقُمْتُ فِی نَقْضِ هَذِهِ الصَّحِیفَةِ الْقَاطِعَةِ قَالَ قَدْ وَجَدْتَ رَجُلاً قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ أَنَا قَالَ زُهَیْرٌ ابْغِنَا ثَالِثاً فَذَهَبَ إِلَی مُطْعِمِ بْنِ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَقَالَ لَهُ یَا مُطْعِمُ أَ رَضِیتَ أَنْ یَهْلِکَ بَطْنَانِ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ جُوعاً وَ جَهْداً وَ أَنْتَ شَاهِدٌ عَلَی ذَلِکَ مُوَافِقٌ لِقُرَیْشٍ فِیهِ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ أَمْکَنْتُمُوهُمْ مِنْ هَذَا لَتَجِدَنَّ قُرَیْشاً إِلَی مَسَاءَتِکُمْ فِی غَیْرِهِ سَرِیعَةً قَالَ وَیْحَکَ مَا ذَا أَصْنَعُ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَالَ قَدْ وَجَدْتَ ثَانِیاً قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ أَنَا قَالَ ابْغِنِی ثَالِثاً قَالَ قَدْ وَجَدْتَ قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ زُهَیْرُ بْنُ أُمَیَّةَ قَالَ أَنَا قَالَ ابْغِنَا رَابِعاً فَذَهَبَ إِلَی أَبِی الْبَخْتَرِیِّ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ نَحْوَ مَا قَالَ لِلْمُطْعِمِ قَالَ وَ هَلْ مِنْ أَحَدٍ یُعِینُ عَلَی هَذَا قَالَ نَعَمْ وَ ذَکَرَهُمْ قَالَ فَابْغِنَا خَامِساً فَمَضَی إِلَی زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی فَکَلَّمَهُ فَقَالَ وَ هَلْ یُعِینُ عَلَی ذَلِکَ مِنْ أَحَدٍ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ سَمَّی لَهُ الْقَوْمَ فَاتَّعَدُوا خُطُمَ اَلْحَجُونِ لَیْلاً بِأَعْلَی مَکَّةَ فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ تَعَاقَدُوا عَلَی الْقِیَامِ فِی الصَّحِیفَةِ حَتَّی یَنْقُضُوهَا وَ قَالَ زُهَیْرٌ أَنَا أَبْدَؤُکُمْ وَ أَکُونُ أَوَّلَکُمْ یَتَکَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا إِلَی أَنْدِیَتِهِمْ وَ غَدَا زُهَیْرُ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ عَلَیْهِ حُلَّةٌ لَهُ فَطَافَ بِالْبَیْتِ سَبْعاً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ یَا أَهْلَ مَکَّةَ أَ نَأْکُلُ الطَّعَامَ وَ نَشْرَبُ الشَّرَابَ وَ نَلْبَسُ الثِّیَابَ وَ بَنُو هَاشِمٍ هَلْکَی وَ اللَّهِ لاَ أَقْعُدُ حَتَّی تُشَقَّ هَذِهِ الصَّحِیفَةُ الْقَاطِعَةُ الظَّالِمَةُ وَ کَانَ أَبُو جَهْلٍ فِی نَاحِیَةِ اَلْمَسْجِدِ فَقَالَ کَذَبْتَ وَ اللَّهِ لاَ تُشَقُّ فَقَالَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ لِأَبِی جَهْلٍ وَ اللَّهِ أَنْتَ أَکْذَبُ مَا رَضِینَا وَ اللَّهِ بِهَا حِینَ کُتِبَتْ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ مَعَهُ صَدَقَ وَ اللَّهِ زَمْعَةُ لاَ نَرْضَی بِهَا وَ لاَ نُقِرُّ بِمَا کُتِبَ فِیهَا فَقَالَ اَلمُطْعِمُ بْنُ عَدِیٍّ صَدَقَا وَ اللَّهِ وَ کَذَبَ مَنْ قَالَ غَیْرَ ذَلِکَ نَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِنْهَا وَ مِمَّا کُتِبَ فِیهَا وَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا أَمْرٌ قُضِیَ بِلَیْلٍ وَ قَامَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِیٍّ إِلَی الصَّحِیفَةِ فَحَطَّهَا وَ شَقَّهَا فَوَجَدَ الْأَرَضَةَ قَدْ أَکَلَتْهَا إِلاَّ

ص :60

مَا کَانَ مِنْ بِاسْمِکَ اللَّهُمَّ قَالُوا وَ أَمَّا کَاتِبُهَا مَنْصُورُ بْنُ عِکْرِمَةَ فَشُلَّتْ یَدُهُ فِیمَا یَذْکُرُونَ فَلَمَّا مُزِّقَتِ الصَّحِیفَةُ خَرَجَ بَنُو هَاشِمٍ مِنْ حِصَارِ اَلشِّعْبِ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمْ یَزَلْ أَبُو طَالِبٍ ثَابِتاً صَابِراً مُسْتَمِرّاً عَلَی نَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ حِمَایَتِهِ وَ الْقِیَامِ دُونَهُ حَتَّی مَاتَ فِی أَوَّلِ السَّنَةِ الْحَادِیَةَ الْعَشَرَةَ مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَطَمِعَتْ فِیهِ قُرَیْشٌ حِینَئِذٍ وَ نَالَتْ مِنْهُ فَخَرَجَ عَنْ مَکَّةَ خَائِفاً یَطْلُبُ أَحْیَاءَ اَلْعَرَبِ یَعْرِضُ عَلَیْهِمْ نَفْسَهُ فَلَمْ یَزَلْ کَذَلِکَ حَتَّی دَخَلَ مَکَّةَ فِی جِوَارِ اَلمُطْعِمِ بْنِ عَدِیٍّ ثُمَّ کَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ اَلْخَزْرَجِ مَا کَانَ لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ .

قَالَ وَ مِنْ شِعْرِ أَبِی طَالِبٍ الَّذِی یَذْکُرُ فِیهِ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ قِیَامَهُ دُونَهُ أَرِقْتَ وَ قَدْ تَصَوَّبَتِ النُّجُومُ وَ مِنْ ذَلِکَ قَوْلُهُ وَ قَالُوا لِأَحْمَدَ أَنْتَ امْرُؤٌ خَلُوفُ الْحَدِیثِ ضَعِیفُ السَّبَبِ

ص :61

وَ إِنْ کَانَ أَحْمَدُ قَدْ جَاءَهُمْ

.

3857

14- وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ قَتْلَی بَدْرٍ وَ أَمَرَ بِطَرْحِهِمْ فِی الْقَلِیبِ جَعَلَ یَتَذَکَّرُ مِنْ شِعْرِ أَبِی طَالِبٍ بَیْتاً فَلاَ یَحْضُرُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَکْرٍ لَعَلَّهُ قَوْلُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنَّا لَعَمْرُ اللَّهِ إِنْ جَدَّ جَدُّنَا لَتَلْتَبِسَنْ أَسْیَافُنَا بِالْأَمَاثِلِ (1) .

فَسُرَّ بِظَفَرِهِ بِالْبَیْتِ وَ قَالَ إِی لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدِ الْتَبَسَتْ

.

و من شعر أبی طالب قوله ألا أبلغا عنی لؤیا رسالة

ص :62

و تلقوا بیع الأبطحین محمّدا

قلت کان صدیقنا علی بن یحیی البطریق رحمه اللّه یقول لو لا خاصّة النبوّة و سرها لما کان مثل أبی طالب و هو شیخ قریش و رئیسها و ذو شرفها یمدح ابن أخیه محمّدا و هو شاب قد ربی فی حجره و هو یتیمه و مکفوله و جار مجری أولاده بمثل قوله و تلقوا ربیع الأبطحین محمّدا

و مثل قوله و أبیض یستسقی الغمام بوجهه

فإن هذا الأسلوب من الشعر لا یمدح به التابع و الذنابی من الناس و إنّما هو من مدیح الملوک و العظماء فإذا تصورت أنّه شعر أبی طالب ذاک الشیخ المبجل العظیم فی محمد ص و هو شاب مستجیر به معتصم بظله من قریش قد رباه فی حجره غلاما و علی عاتقه طفلا و بین یدیه شابا یأکل من زاده و یأوی إلی داره علمت موضع خاصیة النبوّة و سرها و أن أمره کان عظیما و أن اللّه تعالی أوقع فی القلوب و الأنفس له منزلة رفیعة و مکانا جلیلا

ص :63

3858

14,1- وَ قَرَأْتُ فِی أَمَالِی أَبِی جَعْفَرِ بْنِ حَبِیبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ کَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا رَأَی رَسُولَ اللَّهِ ص أَحْیَاناً یَبْکِی وَ یَقُولُ إِذَا رَأَیْتَهُ ذَکَرْتُ أَخِی وَ کَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَخَاهُ لِأَبَوَیْهِ وَ کَانَ شَدِیدَ الْحُبِّ وَ الْحِنْوِ عَلَیْهِ وَ کَذَلِکَ کَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ شَدِیدَ الْحُبِّ لَهُ وَ کَانَ أَبُو طَالِبٍ کَثِیراً مَا یَخَافُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص الْبَیَاتَ إِذَا عَرَفَ مَضْجَعَهُ یُقِیمُهُ لَیْلاً مِنْ مَنَامِهِ وَ یُضْجِعُ ابْنَهُ عَلِیّاً مَکَانَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ لَیْلَةً یَا أَبَتِ إِنِّی مَقْتُولٌ فَقَالَ لَهُ اِصْبِرَنْ یَا بُنَیَّ فَالصَّبْرُ أَحْجَی

فَأَجَابَ عَلِیٍّ ع فَقَالَ لَهُ أَ تَأْمُرُنِی بِالصَّبْرِ فِی نَصْرِ أَحْمَدَ

.

فهم من القتل بمکان أمن

فنقول إن بنی هاشم لما حصروا فی الشعب بعد أن منعوا رسول اللّه ص من قریش کانوا صنفین مسلمین و کفارا فکان علی ع و حمزة بن عبد المطلب مسلمین .

و اختلف فی جعفر بن أبی طالب هل حصر فی الشعب معهم أم لا فقیل حصر فی الشعب معهم و قیل بل کان قد هاجر إلی الحبشة و لم یشهد حصار الشعب و هذا هو القول الأصح و کان من المسلمین المحصورین فی الشعب مع بنی هاشم عبیدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف و هو و إن لم یکن من بنی هاشم إلا أنّه یجری مجراهم لأن بنی المطلب و بنی هاشم کانوا یدا واحدة لم یفترقوا فی جاهلیة و لا إسلام .

و کان العبّاس رحمه اللّه فی حصار الشعب معهم إلاّ أنّه کان علی دین قومه و کذلک عقیل بن أبی طالب و طالب بن أبی طالب و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب و أبو سفیان بن الحارث بن عبد المطلب و ابنه الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب و کان شدیدا علی رسول اللّه ص یبغضه و یهجوه بالأشعار إلاّ أنّه کان لا یرضی بقتله و لا یقار قریشا فی دمه محافظة علی النسب و کان سید المحصورین فی الشعب و رئیسهم و شیخهم- أبو طالب بن عبد المطلب و هو الکافل و المحامی

و قال بعض شیوخنا المعتزلة بذلک منهم الشیخ أبو القاسم البلخیّ و أبو جعفر الإسکافی و غیرهما.

و قال أکثر الناس من أهل الحدیث و العامّة من شیوخنا البصریین و غیرهم مات علی دین قومه و

3859

14- یَرْوُونَ فِی ذَلِکَ حَدِیثاً مَشْهُوراً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ قُلْ یَا عَمِّ کَلِمَةً أَشْهَدُ لَکَ بِهَا غَداً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ لَوْ لاَ أَنْ تَقُولَ اَلْعَرَبُ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ جَزِعَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَیْنَکَ .

و روی أنّه قال أنا علی دین الأشیاخ.

و قیل إنّه قال أنا علی دین عبد المطلب و قیل غیر ذلک.

3860

14- وَ رَوَی کَثِیرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِینَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَی مٰا کٰانَ لِلنَّبِیِّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکِینَ وَ لَوْ کٰانُوا أُولِی قُرْبیٰ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحٰابُ اَلْجَحِیمِ وَ مٰا کٰانَ اسْتِغْفٰارُ إِبْرٰاهِیمَ لِأَبِیهِ إِلاّٰ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهٰا إِیّٰاهُ فَلَمّٰا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّٰهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ (1) الْآیَةَ أُنْزِلَتْ فِی أَبِی طَالِبٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ .

و رووا أن قوله تعالی إِنَّکَ لاٰ تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ (2) نزلت فی أبی طالب .

3861

وَ رَوَوْا أَنَّ عَلِیّاً ع جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص بَعْدَ مَوْتِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّ عَمَّکَ الضَّالَّ قَدْ قَضَی فَمَا الَّذِی تَأْمُرُنِی فِیهِ .

و احتجوا بأنّه لم ینقل أحد عنه أنّه رآه یصلی و الصلاة هی المفرقة بین المسلم و الکافر و أن علیا و جعفرا لم یأخذا من ترکته شیئا و

3862

رَوَوْا عَنِ اَلنَّبِیِّ ص أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِی بِتَخْفِیفِ عَذَابِهِ لِمَا صَنَعَ فِی حَقِّی وَ إِنَّهُ فِی ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ.

و

3863

14- رَوَوْا عَنْهُ أَیْضاً أَنَّهُ قِیلَ لَهُ لَوْ اسْتَغْفَرْتَ لِأَبِیکَ وَ أُمِّکَ فَقَالَ لَوْ اسْتَغْفَرْتُ لَهُمَا لاَسْتَغْفَرْتُ لِأَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ صَنَعَ إِلَیَّ مَا لَمْ یَصْنَعَا وَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَ آمِنَةَ وَ أَبَا طَالِبٍ جَمَرَاتٌ مِنْ جَمَرَاتِ جَهَنَّمَ .

ص :66

فأما الذین زعموا أنّه کان مسلما فقد رووا خلاف ذلک و

3864

14- أَسْنَدُوا خَبَراً إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ع أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ لِی جَبْرَائِیلُ إِنَّ اللَّهَ مُشَفِّعُکَ فِی سِتَّةٍ بَطْنٍ حَمَلَتْکَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَ صُلْبٍ أَنْزَلَکَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ حَجْرٍ کَفَلَکَ أَبِی طَالِبٍ وَ بَیْتٍ آوَاکَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَخٍ کَانَ لَکَ فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا کَانَ فِعْلُهُ قَالَ کَانَ سَخِیّاً یُطْعِمُ الطَّعَامَ وَ یَجُودُ بِالنَّوَالِ وَ ثَدْیٍ أَرْضَعَتْکَ حَلِیمَةَ بِنْتِ أَبِی ذُؤَیْبٍ .

قلت سألت النقیب أبا جعفر یحیی بن أبی زید عن هذا الخبر و قد قرأته علیه هل کان لرسول اللّه ص أخ من أبیه أو من أمه أو منهما فی الجاهلیة فقال لا إنّما یعنی أخا له فی المودة و الصحبة قلت له فمن هو قال لا أدری.

قالوا و

3865

قَدْ نَقَلَ النَّاسُ کَافَّةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ نُقِلْنَا مِنَ الْأَصْلاَبِ الطَّاهِرَةِ إِلَی الْأَرْحَامِ الزَّکِیَّةِ.

فوجب بهذا أن یکون آباؤه کلهم منزهین عن الشرک لأنّهم لو کانوا عبدة أصنام لما کانوا طاهرین.

قالوا و أمّا ما ذکر فی القرآن من إبراهیم و أبیه آزر و کونه کان ضالا مشرکا فلا یقدح فی مذهبنا لأن آزر کان عم إبراهیم فأما أبوه فتارخ بن ناحور و سمی العم أبا کما قال أَمْ کُنْتُمْ شُهَدٰاءَ إِذْ حَضَرَ یَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قٰالَ لِبَنِیهِ مٰا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِی قٰالُوا نَعْبُدُ إِلٰهَکَ وَ إِلٰهَ آبٰائِکَ (1) ثم عد فیهم إسماعیل و لیس من آبائه و لکنه عمه.

قلت و هذا الاحتجاج عندی ضعیف لأن المراد من قوله نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلی الأرحام الزکیة تنزیه آبائه و أجداده و أمهاته عن السفاح لا غیر هذا مقتضی

ص :67

سیاقة الکلام لأن العرب کان یعیب بعضها بعضا باختلاط المیاه و اشتباه الأنساب و نکاح الشبهة.

و قولهم لو کانوا عبدة أصنام لما کانوا طاهرین یقال لهم لم قلتم إنهم لو کانوا عبدة أصنام لما کانوا طاهری الأصلاب فإنّه لا منافاة بین طهارة الأصلاب و عبادة الصنم أ لا تری أنّه لو أراد ما زعموه لما ذکر الأصلاب و الأرحام بل جعل عوضها العقائد و اعتذارهم عن إبراهیم و أبیه یقدح فی قولهم فی أبی طالب لأنّه لم یکن أبا محمد ص بل کان عمه فإذا جاز عندهم أن یکون العم و هو آزر مشرکا کما قد اقترحوه فی تأویلهم لم یکن لهم حجة من هذا الوجه علی إسلام أبی طالب .

و احتجوا فی إسلام الآباء

3866

بِمَا رُوِیَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ قَالَ یَبْعَثُ اللَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْهِ سِیمَاءُ الْأَنْبِیَاءِ وَ بَهَاءُ الْمُلُوکِ.

و

3867

14- رُوِیَ أَنَّ اَلْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص بِالْمَدِینَةِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرْجُو لِأَبِی طَالِبٍ فَقَالَ أَرْجُو لَهُ کُلَّ خَیْرٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

و

3868

8- رُوِیَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ رِجَالِ اَلشِّیعَةِ وَ هُوَ أَبَانُ بْنُ مَحْمُودٍ کَتَبَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا ع جُعِلْتُ فِدَاکَ إِنِّی قَدْ شَکَکْتُ فِی إِسْلاَمِ أَبِی طَالِبٍ فَکَتَبَ إِلَیْهِ وَ مَنْ یُشٰاقِقِ اَلرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدیٰ وَ یَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ (1) الْآیَةِ وَ بَعْدَهَا إِنَّکَ إِنْ لَمْ تُقِرَّ بِإِیمَانِ أَبِی طَالِبٍ کَانَ مَصِیرُکَ إِلَی اَلنَّارِ . و

3869

4,1- قَدْ رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ [مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ]

الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا یَقُولُهُ النَّاسُ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ فِی ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ فَقَالَ لَوْ وُضِعَ إِیمَانُ أَبِی طَالِبٍ فِی کِفَّةِ مِیزَانٍ وَ إِیمَانُ هَذَا الْخَلْقِ فِی الْکِفَّةِ الْأُخْرَی لَرَجَحَ إِیمَانُهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً ع کَانَ یَأْمُرُ أَنْ یُحَجَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِیهِ (2) أَبِی طَالِبٍ فِی حَیَاتِهِ ثُمَّ أَوْصَی فِی وَصِیَّتِهِ بِالْحَجِّ عَنْهُمْ

.

3870

14- وَ رُوِیَ أَنَّ أَبَا بَکْرٍ جَاءَ بِأَبِی قُحَافَةَ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص عَامَ الْفَتْحِ یَقُودُهُ

ص :68

وَ هُوَ شَیْخٌ کَبِیرٌ أَعْمَی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَ لاَ تَرَکْتَ الشَّیْخَ حَتَّی نَأْتِیَهُ فَقَالَ أَرَدْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ یَأْجُرَهُ اللَّهُ أَمَا وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ لَأَنَا کُنْتُ أَشَدَّ فَرَحاً بِإِسْلاَمِ عَمِّکَ أَبِی طَالِبٍ مِنِّی بِإِسْلاَمِ أَبِی أَلْتَمِسُ بِذَلِکَ قُرَّةَ عَیْنِکَ فَقَالَ صَدَقْتَ .

و

3871

4,14- رُوِیَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ ع سُئِلَ عَنْ هَذَا فَقَالَ وَا عَجَباً إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی نَهَی رَسُولَهُ أَنْ یُقِرَّ مُسْلِمَةً عَلَی نِکَاحِ کَافِرٍ وَ قَدْ کَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ مِنَ السَّابِقَاتِ إِلَی اَلْإِسْلاَمِ وَ لَمْ تَزَلْ تَحْتَ أَبِی طَالِبٍ حَتَّی مَاتَ

.

3872

14- وَ یَرْوِی قَوْمٌ مِنَ اَلزَّیْدِیَّةِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ أَسْنَدَ الْمُحَدِّثُونَ عَنْهُ حَدِیثاً یَنْتَهِی إِلَی أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ یَقُولُ بِمَکَّةَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدٌ ابْنُ أَخِی أَنَّ رَبَّهُ بَعَثَهُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَ أَنْ یَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لاَ یَعْبُدَ مَعَهُ غَیْرَهُ وَ مُحَمَّدٌ عِنْدِی الصَّادِقُ الْأَمِینُ .

و قال قوم إن

3873

قَوْلَ اَلنَّبِیِّ ص أَنَا وَ کَافِلُ الْیَتِیمِ کَهَاتَیْنِ فِی اَلْجَنَّةِ . إنّما عَنَی بِهِ أَبَا طَالِبٍ .

و قالت الإمامیّة إن ما یرویه العامّة من أن علیا ع و جعفرا لم یأخذا من ترکة أبی طالب شیئا حدیث موضوع و مذهب أهل البیت بخلاف ذلک فإن المسلم عندهم یرث الکافر و لا یرث الکافر المسلم و لو کان أعلی درجة منه فی النسب.

قالوا و

3874

قَوْلُهُ ص لاَ تَوَارُثَ بَیْنَ أَهْلِ مِلَّتَیْنِ.

نقول بموجبه لأن التوارث تفاعل و لا تفاعل عندنا فی میراثهما و اللفظ یستدعی الطرفین کالتضارب لا یکون إلاّ من اثنین قالوا و حبّ رسول اللّه ص

ص :69

لأبی طالب معلوم مشهور و لو کان کافرا ما جاز له حبّه لقوله تعالی لاٰ تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ (1) الآیة.

قالوا و قد اشتهر و استفاض الحدیث و هو

3875

قَوْلُهُ ص لِعَقِیلٍ أَنَا أُحِبُّکَ حُبَّیْنِ حُبّاً لَکَ وَ حُبّاً لِحُبِّ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ کَانَ یُحِبُّکَ.

3876

14- قَالُوا وَ خُطْبَةُ النِّکَاحِ مَشْهُورَةٌ خَطَبَهَا أَبُو طَالِبٍ عِنْدَ نِکَاحِ مُحَمَّدٍ ص خَدِیجَةَ وَ هِیَ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَنَا مِنْ ذُرِّیَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ زَرْعِ إِسْمَاعِیلَ وَ جَعَلَ لَنَا بَلَداً حَرَاماً وَ بَیْتاً مَحْجُوجاً وَ جَعَلَنَا الْحُکَّامَ عَلَی النَّاسِ ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخِی مَنْ لاَ یُوَازَنُ بِهِ فَتًی مِنْ قُرَیْشٍ إِلاَّ رَجَحَ عَلَیْهِ بِرّاً وَ فَضْلاً وَ حَزْماً وَ عَقْلاً وَ رَأْیاً وَ نَبْلاً وَ إِنْ کَانَ فِی الْمَالِ قُلٌّ فَإِنَّمَا الْمَالُ ظِلٌّ زَائِلٌ وَ عَارِیَّةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ وَ لَهُ فِی خَدِیجَةَ بِنْتِ خُوَیْلِدٍ رَغْبَةٌ وَ لَهَا فِیهِ مِثْلُ ذَلِکَ وَ مَا أَحْبَبْتُمْ مِنَ الصَّدَاقِ فَعَلَیَّ وَ لَهُ وَ اللَّهِ بَعْدُ نَبَأٌ شَائِعٌ وَ خَطْبٌ جَلِیلٌ

.

قالوا أ فتراه یعلم نبأه الشائع و خطبه الجلیل ثمّ یعانده و یکذبه و هو من أولی الألباب هذا غیر سائغ فی العقول.

قالوا و

3877

قَدْ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْکَهْفِ أَسَرُّوا الْإِیمَانَ وَ أَظْهَرُوا الْکُفْرَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَیْنِ وَ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ أَسَرَّ الْإِیمَانَ وَ أَظْهَرَ الشِّرْکَ فَآتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَیْنِ.

و

3878

فِی الْحَدِیثِ الْمَشْهُورِ أَنَّ جَبْرَائِیلَ ع قَالَ لَهُ لَیْلَةَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ اخْرُجْ مِنْهَا فَقَدْ مَاتَ نَاصِرُکَ.

قالوا و أمّا حدیث الضحضاح من النار فإنما یرویه الناس کلهم عن رجل واحد و هو المغیرة بن شعبة و بغضه لبنی هاشم و علی الخصوص لعلی ع مشهور معلوم و قصته و فسقه أمر غیر خاف.

ص :70

و قالوا و قد روی بأسانید کثیرة بعضها عن العبّاس بن عبد المطلب و بعضها عن أبی بکر بن أبی قحافة أن أبا طالب ما مات حتّی قال لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه

3879

14- وَ الْخَبَرُ مَشْهُورٌ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ کَلاَماً خَفِیّاً فَأَصْغَی إِلَیْهِ أَخُوهُ اَلْعَبَّاسُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ یَا اِبْنَ أَخِی وَ اللَّهِ لَقَدْ قَالَهَا عَمُّکَ وَ لَکِنَّهُ ضَعُفَ عَنْ أَنْ یَبْلُغَکَ صَوْتُهُ

.

و

3880

1,14- رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ ع أَنَّهُ قَالَ مَا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ حَتَّی أَعْطَی رَسُولَ اللَّهِ ص مِنْ نَفْسِهِ الرِّضَا .

قالوا و أشعار أبی طالب تدل علی أنّه کان مسلما و لا فرق بین الکلام المنظوم و المنثور إذا تضمنا إقرارا بالإسلام أ لا تری أن یهودیا لو توسط جماعة من المسلمین و أنشد شعرا قد ارتجله و نظمه یتضمن الإقرار بنبوة محمد ص لکنا نحکم بإسلامه کما لو قال أشهد أن محمّدا رسول اللّه ص فمن تلک الأشعار قوله (1) یرجون منا خطة دون نیلها

ص :71

فلا تحسبونا مسلمیه فمثله

إذا کان فی قوم فلیس بمسلم.

و من شعر أبی طالب فی أمر الصحیفة التی کتبتها قریش فی قطیعة بنی هاشم ألا أبلغا عنی علی ذات بینها

ص :72

و لکننا أهل الحفائظ و النهی

إذا طار أرواح الکماة من الرعب.

و من ذلک قوله فلا تسفهوا أحلامکم فی محمد

و من ذلک قوله و قد غضب لعثمان بن مظعون الجمحی حین عذبته قریش و نالت منه أ من تذکر دهر غیر مأمون

ص :73

أو تؤمنوا بکتاب منزل عجب

علی نبی موسی أو کذی النون (1) .

3881

14- قَالُوا وَ قَدْ جَاءَ فِی الْخَبَرِ أَنَّ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ جَاءَ مَرَّةً إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ سَاجِدٌ وَ بِیَدِهِ حَجَرٌ یُرِیدُ أَنْ یَرْضَخَ بِهِ رَأْسَهُ فَلَصِقَ الْحَجَرُ بِکَفِّهِ فَلَمْ یَسْتَطِعْ مَا أَرَادَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ فِی ذَلِکَ مِنْ جُمْلَةِ أَبْیَاتٍ أَفِیقُوا بَنِی عَمِّنَا وَ انْتَهُوا

وَ مِنْهَا وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَاکَ فِی أَمْرِکُمْ

. قالوا و قد اشتهر عن عبد اللّه المأمون رحمه اللّه أنّه کان یقول أسلم أبو طالب و اللّه بقوله نصرت الرسول رسول الملیک

ص :74

3882

14- قَالُوا وَ قَدْ جَاءَ فِی السِّیرَةِ وَ ذَکَرَهُ أَکْثَرُ الْمُؤَرِّخِینَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَمَّا خَرَجَ إِلَی بِلاَدِ اَلْحَبَشَةِ لِیَکِیدَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابَهُ عِنْدَ اَلنَّجَاشِیِّ قَالَ تَقُولُ ابْنَتِی أَیْنَ أَیْنَ الرَّحِیلُ

قَالُوا فَکَانَ عَمْرٌو یُسَمَّی الشَّانِئَ ابْنَ الشَّانِئِ لِأَنَّ أَبَاهُ کَانَ إِذَا مَرَّ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَکَّةَ یَقُولُ لَهُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَشْنَؤُکَ وَ فِیهِ أُنْزِلَ إِنَّ شٰانِئَکَ هُوَ الْأَبْتَرُ (1) قَالُوا فَکَتَبَ أَبُو طَالِبٍ إِلَی اَلنَّجَاشِیِّ شِعْراً یُحَرِّضُهُ فِیهِ عَلَی إِکْرَامِ جَعْفَرٍ وَ أَصْحَابِهِ وَ الْإِعْرَاضِ عَمَّا یَقُولُهُ عَمْرٌو فِیهِ وَ فِیهِمْ مِنْ جُمْلَتِهِ أَلاَ لَیْتَ شِعْرِی کَیْفَ فِی النَّاسِ جَعْفَرٌ

فِی أَبْیَاتٍ کَثِیرَةٌ

.

3883

قَالُوا وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ ع أَنَّهُ قَالَ

قَالَ لِی أَبِی یَا بُنَیَّ الْزَمْ اِبْنَ عَمِّکَ فَإِنَّکَ تَسْلَمُ بِهِ مِنْ کُلِّ بَأْسٍ عَاجِلٍ وَ آجِلٍ ثُمَّ قَالَ لِی إِنَّ الْوَثِیقَةَ فِی لُزُومِ مُحَمَّدٍ فَاشْدُدْ بِصُحْبَتِهِ عَلَی أَیْدِیکَا .

ص :75

و من شعره المناسب لهذا المعنی قوله إن علیا و جعفرا ثقتی

قالوا

3884

1,14- وَ قَدْ جَاءَتِ الرِّوَایَةُ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا مَاتَ جَاءَ عَلِیٌّ ع إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَآذَنَهُ بِمَوْتِهِ فَتَوَجَّعَ عَظِیماً وَ حَزِنَ شَدِیداً ثُمَّ قَالَ لَهُ امْضِ فَتَوَلَّ غُسْلَهُ فَإِذَا رَفَعْتَهُ عَلَی سَرِیرِهِ فَأَعْلِمْنِی فَفَعَلَ فَاعْتَرَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَی رُءُوسِ الرِّجَالِ فَقَالَ وَصَلَتْکَ رَحِمٌ یَا عَمِّ وَ جُزِیتَ خَیْراً فَلَقَدْ رَبَّیْتَ وَ کَفَّلْتَ صَغِیراً وَ نَصَرْتَ وَ آزَرْتَ کَبِیراً ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَی حُفْرَتِهِ فَوَقَفَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَکَ وَ لَأَشْفَعَنَّ فِیکَ شَفَاعَةً یَعْجَبُ لَهَا الثَّقَلاَنِ

.

قالوا و المسلم لا یجوز أن یتولی غسل الکافر و لا یجوز للنبی أن یرق لکافر و لا أن یدعو له بخیر و لا أن یعده بالاستغفار و الشفاعة و إنّما تولی علی ع غسله لأن طالبا و عقیلا لم یکونا أسلما بعد و کان جعفر بالحبشة و لم تکن صلاة الجنائز شرعت بعد و لا صلی رسول اللّه ص علی خدیجة و إنّما کان تشییع و رقة و دعاء.

قالوا و من شعر أبی طالب یخاطب أخاه حمزة و کان یکنی أبا یعلی فصبرا أبا یعلی علی دین أحمد

ص :76

و باد قریشا بالذی قد أتیته

جهارا و قل ما کان أحمد ساحرا.

قالوا و من شعره المشهور أنت النبیّ محمد

قالوا و من شعره المشهور أیضا قوله یخاطب محمّدا و یسکن جأشه و یأمره بإظهار الدعوة لا یمنعنک من حقّ تقوم به أید تصول و لا سلق بأصوات (1)

ص :77

فإن کفک کفی إن بلیت بهم

و دون نفسک نفسی فی الملمات.

و من ذلک قوله و یقال إنها لطالب بن أبی طالب إذا قیل من خیر هذا الوری

و من ذلک قوله لقد أکرم اللّه النبیّ محمّدا

3885

وَ قَوْلُهُ أَیْضاً وَ قَدْ یُرْوَی لِعَلِیٍّ ع

یَا شَاهِدَ اللَّهِ عَلَیَّ فَاشْهَدْ (1)

أَنِّی عَلَی دِیْنِ النَّبِیِّ أَحْمَدَ مَنْ ضَلَّ فِی الدِّینِ فَإِنِّی مُهْتَدٍ

.

قالوا فکل هذه الأشعار قد جاءت مجیء التواتر لأنّه إن لم تکن آحادها متواترة فمجموعها یدلّ علی أمر واحد مشترک و هو تصدیق محمد ص و مجموعها متواتر کما أن کل واحدة من قتلات علی ع الفرسان منقولة آحادا و مجموعها متواتر یفیدنا العلم الضروری بشجاعته و کذلک القول فیما روی من سخاء حاتم و حلم الأحنف و معاویة و ذکاء إیاس و خلاعة أبی نواس و غیر ذلک قالوا و اترکوا هذا کله جانبا ما قولکم فی القصیدة اللامیة التی شهرتها کشهرة قفا نبک.. و إن جاز الشک فیها أو فی شیء من أبیاتها جاز الشک فی قفا نبک.. و فی بعض أبیاتها و نحن نذکر منها هاهنا قطعة و هی قوله

ص :78

أعوذ برب البیت من کل طاعن

ص :79

3886

1,14- وَ وَرَدَ فِی السِّیرَةِ وَ الْمَغَازِی أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ أَوْ شَیْبَةَ لَمَّا قَطَعَ رِجْلَ عُبَیْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ یَوْمَ بَدْرٍ أَشْبَلَ (1) عَلَیْهِ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ فَاسْتَنْقَذَاهُ مِنْهُ وَ خَبَطَا عُتْبَةَ بِسَیْفَیْهِمَا حَتَّی قَتَلاَهُ وَ احْتَمَلاَ صَاحِبَهُمَا مِنَ الْمَعْرَکَةِ إِلَی اَلْعَرِیشِ فَأَلْقَیَاهُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّ مُخَّ سَاقِهِ لَیَسِیلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ کَانَ أَبُو طَالِبٍ حَیّاً لَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِی قَوْلِهِ کَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ نُخْلِی مُحَمَّداً

فَقَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص اسْتَغْفَرَ لَهُ وَ لِأَبِی طَالِبٍ یَوْمَئِذٍ وَ بَلَغَ عُبَیْدَةُ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص إِلَی اَلصَّفْرَاءِ فَمَاتَ فَدُفِنَ بِهَا

.

3887

14,1- قَالُوا وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ أَعْرَابِیّاً جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فِی عَامِ جَدْبٍ فَقَالَ أَتَیْنَاکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَمْ یَبْقَ لَنَا صَبِیٌّ یَرْتَضِعُ وَ لاَ شَارِفٌ (2) یَجْتَرُّ ثُمَّ أَنْشَدَهُ أَتَیْنَاکَ وَ الْعَذْرَاءُ تَدْمَی لَبَانُهَا

فَقَامَ اَلنَّبِیُّ ص یَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّی صَعِدَ اَلْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَیْثاً مُغِیثاً مَرِیئاً هَنِیئاً مَرِیعاً سَحّاً سِجَالاً غَدَقاً طَبَقاً قَاطِباً دَائِماً دَرّاً تُحْیِی بِهِ الْأَرْضَ وَ تُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ وَ تُدِرُّ بِهِ الضَّرْعَ وَ اجْعَلْهُ سُقْیَا نَافِعاً عَاجِلاً غَیْرَ رَائِثٍ فَوَ اللَّهِ مَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ص یَدَهُ إِلَی نَحْرِهِ حَتَّی أَلْقَتْ السَّمَاءُ

ص :80

أَرْوَاقَهَا وَ جَاءَ النَّاسُ یَضِجُّونَ الْغَرَقَ الْغَرَقَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَیْنَا وَ لاَ عَلَیْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ اَلْمَدِینَةِ حَتَّی اسْتَدَارَ حَوْلَهَا کَالْإِکْلِیلِ فَضَحِکَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّی بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ دَرُّ أَبِی طَالِبٍ لَوْ کَانَ حَیّاً لَقَرَّتْ عَیْنُهُ مَنْ یُنْشِدُنَا قَوْلَهُ فَقَامَ عَلِیٌّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّکَ أَرَدْتَ وَ أَبْیَضُ یُسْتَسْقَی الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ قَالَ أَجَلْ فَأَنْشَدَهُ أَبْیَاتاً مِنْ هَذِهِ الْقَصِیدَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ یَسْتَغْفِرُ لِأَبِی طَالِبٍ عَلَی اَلْمِنْبَرِ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ کِنَانَةَ فَأَنْشَدَهُ لَکَ الْحَمْدُ وَ الْحَمْدُ مِمَّنْ شَکَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنْ یَکُنْ شَاعِرٌ أَحْسَنَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ

. قالوا و إنّما لم یظهر أبو طالب الإسلام و یجاهر به لأنّه لو أظهره لم یتهیأ له من نصرة النبیّ ص ما تهیأ له و کان کواحد من المسلمین الذین اتبعوه نحو أبی بکر و عبد الرحمن بن عوف و غیرهما ممن أسلم و لم یتمکن من نصرته و القیام دونه

ص :81

حینئذ و إنّما تمکن أبو طالب من المحاماة عنه بالثبات فی الظاهر علی دین قریش و إن أبطن الإسلام کما لو أن إنسانا کان یبطن التشیع مثلا و هو فی بلد من بلاد الکرامیة و له فی ذلک البلد وجاهة و قدم و هو یظهر مذهب الکرامیة و یحفظ ناموسه بینهم بذلک و کان فی ذلک البلد نفر یسیر من الشیعة لا یزالون ینالون بالأذی و الضرر من أهل ذلک البلد و رؤسائه فإنّه ما دام قادرا علی إظهار مذهب أهل البلد یکون أشدّ تمکنا من المدافعة و المحاماة عن أولئک النفر فلو أظهر ما یجوز من التشیع و کاشف أهل البلد بذلک صار حکمه حکم واحد من أولئک النفر و لحقه من الأذی و الضرر ما یلحقهم و لم یتمکن من الدفاع أحیانا عنهم کما کان أولا.

قلت فأما أنا فإن الحال ملتبسة عندی و الأخبار متعارضة و اللّه أعلم بحقیقة حاله کیف کانت (1) .

و یقف فی صدری رسالة النفس الزکیة (2) إلی المنصور و قوله فیها فأنا ابن خیر الأخیار و أنا ابن شر الأشرار و أنا ابن سید أهل الجنة و أنا ابن سید أهل النار .

فإن هذه شهادة منه علی أبی طالب بالکفر و هو ابنه و غیر متهم علیه و عهده قریب من عهد النبیّ ص لم یطل الزمان فیکون الخبر مفتعلا.

و جملة الأمر أنّه قد روی فی إسلامه أخبار کثیرة و روی فی موته علی دین قومه أخبار کثیرة فتعارض الجرح و التعدیل فکان کتعارض البینتین عند الحاکم و ذلک یقتضی التوقف فأنا فی أمره من المتوقفین.

ص :82

فأما الصلاة و کونه لم ینقل عنه أنّه صلی فیجوز أن یکون لأن الصلاة لم تکن بعد قد فرضت و إنّما کانت نفلا غیر واجب فمن شاء صلی و من شاء ترک و لم تفرض إلاّ بالمدینة و یمکن أن یقول أصحاب الحدیث إذا تعارض الجرح و التعدیل کما قد أشرتم إلیه فالترجیح عند أصحاب أصول الفقه لجانب الجرح لأن الجارح قد اطلع علی زیادة لم یطلع علیها المعدل.

و لخصومهم أن یجیبوا عن هذا فنقول إن هذا إنّما یقال و یذکر فی أصول الفقه فی طعن مفصل فی مقابلة تعدیل مجمل مثاله أن یروی شعبة مثلا حدیثا عن رجل فهو بروایته عنه قد وثقه و یکفی فی توثیقه له أن یکون مستور الحال ظاهره العدالة فیطعن فیه الدارقطنی مثلا بأن یقول کان مدلسا أو کان یرتکب الذنب الفلانی فیکون قد طعن طعنا مفصلا فی مقابلة تعدیل مجمل و فیما نحن فیه و بصدده الروایتان متعارضتان تفصیلا لا إجمالا لأن هؤلاء یروون أنّه تلفظ بکلمتی الشهادة عند الموت و هؤلاء یروون أنّه قال عند الموت أنا علی دین الأشیاخ.

و بمثل هذا یجاب علی من یقول من الشیعة روایتنا فی إسلامه أرجح لأنا نروی حکما إیجابیا و نشهد علی إثبات و خصومنا یشهدون علی النفی و لا شهادة علی النفی و ذلک أن الشهادة فی الجانبین معا إنّما هی علی إثبات و لکنه إثبات متضاد.

و صنف بعض الطالبیین فی هذا العصر کتابا فی إسلام أبی طالب و بعثه إلی و سألنی أن أکتب علیه (1) بخطی نظما أو نثرا أشهد فیه بصحة ذلک و بوثاقة الأدلة علیه فتحرجت أن أحکم بذلک حکما قاطعا لما عندی من التوقف فیه و لم أستجز أن أقعد عن تعظیم أبی طالب فإنی أعلم أنّه لولاه لما قامت للإسلام دعامة و أعلم أن حقه واجب علی کل مسلم فی الدنیا إلی أن تقوم الساعة فکتبت علی ظاهر المجلد

ص :83

و لو لا أبو طالب و ابنه

فوفیته حقه من التعظیم و الإجلال و لم أجزم بأمر عندی فیه وقفة

یَتَجَسَّسَانِ خَبَرَ الْعِیرِ حَتَّی نَزَلاَ عَلَی کَشَدِ (1) الْجُهَنِیِّ بِالْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالنُّخْبَارِ (2) وَ هُوَ مِنْ وَرَاءِ ذِی الْمَرْوَةِ عَلَی السَّاحِلِ فَأَجَارَهُمَا وَ أَنْزَلَهُمَا فَلَمْ یَزَالاَ مُقِیمَیْنِ فِی خِبَاءِ وَبَرٍ حَتَّی مَرَّتْ الْعِیرُ فَرَفَعَهُمَا عَلَی نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ فَنَظَرَا إِلَی الْقَوْمِ وَ إِلَی مَا تَحْمِلُ الْعِیرُ وَ جَعَلَ أَهْلُ الْعِیرِ یَقُولُونَ لِکَشَدٍ یَا کَشَدُ هَلْ رَأَیْتَ أَحَداً مِنْ عُیُونِ مُحَمَّدٍ فَیَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَ أَنَّی لِمُحَمَّدٍ عُیُونٌ بِالنُّخْبَارِ فَلَمَّا رَاحَتِ الْعِیرُ بَاتَا حَتَّی أَصْبَحَا ثُمَّ خَرَجَا وَ خَرَجَ مَعَهُمَا کَشَدٌ خَفِیراً حَتَّی أَوْرَدَهُمَا ذَا الْمَرْوَةِ وَ سَاحَلَتِ الْعِیرُ فَأَسْرَعَتْ وَ سَارَ بِهَا أَصْحَابُهَا لَیْلاً وَ نَهَاراً فَرَقاً مِنَ الطَّلَبِ وَ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ سَعِیدٌ اَلْمَدِینَةَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی لَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ ص قُرَیْشاً بِبَدْرٍ فَخَرَجَا یَعْتَرِضَانِ رَسُولَ اللَّهِ ص فَلَقِیَاهُ بِتُرْبَانَ وَ تُرْبَانُ بَیْنَ مَلَلَ وَ اَلسَّالَةِ عَلَی الْمَحَجَّةِ وَ کَانَتْ مَنْزِلَ عُرْوَةَ بْنِ أُذَیْنَةَ الشَّاعِرِ وَ قَدِمَ کَشَدٌ بَعْدَ ذَلِکَ عَلَی اَلنَّبِیِّ ص وَ قَدْ أَخْبَرَ طَلْحَةُ وَ سَعِیدٌ رَسُولَ اللَّهِ ص بِمَا صَنَعَ بِهِمَا فَحَبَاهُ وَ أَکْرَمَهُ وَ قَالَ أَ لاَ أَقْطَعُ لَکَ یَنْبُعَ قَالَ إِنِّی کَبِیرٌ وَ قَدْ نَفِدَ عُمُرِی وَ لَکِنْ اقْطَعْهَا لاِبْنِ أَخِی فَأَقْطَعَهَا لَهُ (3) قَالُوا وَ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص اَلْمُسْلِمِینَ وَ قَالَ هَذِهِ عِیرُ قُرَیْشٍ فِیهَا أَمْوَالُهُمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُغْنِیَکُمُوهَا فَأَسْرَعَ مَنْ أَسْرَعَ حَتَّی إِنْ کَانَ الرَّجُلُ لَیُسَاهِمُ أَبَاهُ فِی الْخُرُوجِ فَکَانَ مِمَّنْ سَاهَمَ أَبَاهُ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ فَقَالَ سَعْدٌ لِأَبِیهِ إِنَّهُ لَوْ کَانَ غَیْرَ اَلْجَنَّةِ آثَرْتُکَ بِهِ إِنِّی لَأَرْجُو الشَّهَادَةَ فِی وَجْهِی هَذَا فَقَالَ خَیْثَمَةُ آثِرْنِی وَ قِرَّ مَعَ نِسَائِکَ فَأَبَی سَعْدٌ فَقَالَ خَیْثَمَةُ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِأَحَدِنَا مِنْ أَنْ یُقِیمَ فَاسْتَهِمَا فَخَرَجَ سَهْمُ سَعْدٍ فَقُتِلَ بِبَدْرٍ وَ أَبْطَأَ عَنِ اَلنَّبِیِّ ص بَشَرٌ کَثِیرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ کَرِهُوا خُرُوجَهُ وَ کَانَ فِی ذَلِکَ کَلاَمٌ کَثِیرٌ وَ اخْتِلاَفٌ وَ بَعْضُهُمْ تَخَلَّفَ مِنْ أَهْلِ النِّیَّاتِ وَ الْبَصَائِرِ لَمْ یَظُنُّوا أَنَّهُ یَکُونُ قِتَالٌ إِنَّمَا هُوَ الْخُرُوجُ لِلْغَنِیمَةِ وَ لَوْ ظَنُّوا أَنَّهُ یَکُونُ قِتَالٌ لَمَا تَخَلَّفُوا مِنْهُمْ أُسَیْدُ

ص :85

بْنُ حُضَیْرٍ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ أُسَیْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی سَرَّکَ وَ أَظْهَرَکَ عَلَی عَدُوِّکَ وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْکَ رَغْبَةً بِنَفْسِی عَنْ نَفْسِکَ وَ لاَ ظَنَنْتُ أَنَّکَ تُلاَقِی عَدُوّاً وَ لاَ ظَنَنْتُ إِلاَّ أَنَّهَا الْعِیرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص صَدَقْتَ.

قَالَ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْمَکَانِ الْمَعْرُوفِ بِالْبُقَعِ (1) وَ هِیَ بُیُوتُ السُّقْیَا (2) وَ هِیَ مُتَّصِلَةٌ بِبُیُوتِ اَلْمَدِینَةِ فَضَرَبَ عَسْکَرَهُ هُنَاکَ وَ عُرِضَ الْمُقَاتِلَةَ فَعُرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ وَ رَافِعُ بْنُ خَدِیجٍ وَ اَلْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ ظُهَیْرٍ وَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ زَیْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَرَدَّهُمْ وَ لَمْ یُجِزْهُمْ

.

3889

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی أَبُو بَکْرِ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ رَأَیْتُ أَخِی عُمَیْرَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ قَبْلَ أَنْ یَعْرِضَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص یَتَوَارَی فَقُلْتُ مَا لَکَ یَا أَخِی قَالَ إِنِّی أَخَافُ أَنْ یَرَانِی رَسُولُ اللَّهِ ص فَیَسْتَصْغِرَنِی فَیَرُدَّنِی وَ أَنَا أُحِبُّ الْخُرُوجَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی الشَّهَادَةَ قَالَ فَعُرِضَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَاسْتَصْغَرَهُ فَقَالَ ارْجِعْ فَبَکَی عُمَیْرٌ (3) فَأَجَازَهُ.

قَالَ فَکَانَ سَعْدٌ یَقُولُ کُنْتُ أَعْقِدُ لَهُ حَمَائِلَ سَیْفِهِ مِنْ صِغَرِهِ فَقُتِلَ بِبَدْرٍ وَ هُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.

قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ ع بُیُوتَ السُّقْیَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ یَسْتَقُوا (4) مِنْ بِئْرِهِمْ وَ شَرِبَ ع مِنْهَا کَانَ أَوَّلَ مَنْ شَرِبَ وَ صَلَّی عِنْدَهَا وَ دَعَا یَوْمَئِذٍ لِأَهْلِ اَلْمَدِینَةِ فَقَالَ

ص :86

اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ عَبْدُکَ وَ خَلِیلُکَ وَ نَبِیُّکَ دَعَاکَ لِأَهْلِ مَکَّةَ وَ إِنِّی مُحَمَّدٌ عَبْدُکَ وَ نَبِیُّکَ أَدْعُوکَ لِأَهْلِ اَلْمَدِینَةِ أَنْ تُبَارِکَ لَهُمْ فِی صَاعِهِمْ وَ مُدِّهِمْ وَ ثِمَارِهِمْ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَیْنَا اَلْمَدِینَةَ وَ اجْعَلْ مَا بِهَا مِنَ الْوَبَاءِ بِخُمٍّ اللَّهُمَّ إِنِّی حَرَّمْتُ مَا بَیْنَ لاَبَتَیْهَا کَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُکَ مَکَّةَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خُمٌّ عَلَی مِیلَیْنِ مِنَ اَلْجُحْفَةِ .

وَ قَدِمَ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَامَهُ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ وَ بَسِیسُ بْنُ عَمْرٍو وَ جَاءَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَرَّنِی مَنْزِلُکَ هَذَا وَ عَرْضُکَ فِیهِ أَصْحَابَکَ وَ تَفَاءَلْتُ بِهِ إِنَّ هَذَا مَنْزِلُنَا فِی بَنِی سَلَمَةَ حَیْثُ کَانَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَهْلِ حُسَیْکَةَ مَا کَانَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ هِیَ حُسَیْکَةُ (1) الذُّبَابِ وَ اَلذُّبَابُ (2) جَبَلٌ بِنَاحِیَةِ اَلْمَدِینَةِ وَ کَانَ بِحُسَیْکَةَ یَهُودٌ وَ کَانَ لَهُمْ بِهَا مَنَازِلُ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَعَرَضْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ هَاهُنَا أَصْحَابَنَا فَأَجَزْنَا مَنْ کَانَ یُطِیقُ السِّلاَحَ وَ رَدَدْنَا مَنْ صَغُرَ عَنْ حَمْلِ السِّلاَحِ ثُمَّ سِرْنَا إِلَی یَهُودِ حُسَیْکَةَ وَ هُمْ أَعَزُّ یَهُودٍ کَانُوا یَوْمَئِذٍ فَقَتَلْنَاهُمْ کَیْفَ شِئْنَا فَذَلَّتْ لَنَا سَائِرُ (3) یَهُودٍ إِلَی الْیَوْمِ وَ أَنَا أَرْجُو یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَلْتَقِیَ نَحْنُ وَ قُرَیْشٌ فَیُقِرَّ اللَّهُ عَیْنَکَ مِنْهُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ خَلاَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ لَمَّا کَانَ مِنَ النَّهَارِ رَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ بِخَرْبَاءَ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ مَا ظَنَنْتُ إِلاَّ أَنَّکُمْ قَدْ سِرْتُمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص یُعْرَضُ النَّاسَ بِالْبَقِیعِ فَقَالَ عَمْرٌو نِعْمَ الْفَأْلُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ تَغْنَمُوا وَ أَنْ تَظْفَرُوا بِمُشْرِکِی قُرَیْشٍ إِنَّ هَذَا مَنْزِلُنَا یَوْمَ سِرْنَا إِلَی حُسَیْکَةَ

ص :87

قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ غَیَّرَ اسْمَهُ وَ سَمَّاهُ اَلسُّقْیَا قَالَ فَکَانَتْ فِی نَفْسِی أَنْ أَشْتَرِیَهَا حَتَّی اشْتَرَاهَا سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ بِبَکْرَیْنِ وَ یُقَالُ بِسَبْعِ أَوَاقٍ فَذُکِرَ لِلنَّبِیِّ ص أَنَّ سَعْداً اشْتَرَاهَا فَقَالَ رَبِحَ الْبَیْعُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ بُیُوتِ السُّقْیَا لاِثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً (1) مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَ خَرَجَ اَلْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ خَمْسَةٌ وَ تَخَلَّفَ ثَمَانِیَةٌ ضُرِبَ لَهُمْ بِسِهَامِهِمْ وَ أُجُورِهِمْ فَکَانَتِ الْإِبِلُ سَبْعِینَ بَعِیراً وَ کَانُوا یَتَعَاقَبُونَ الْإِبِلَ الاِثْنَیْنِ وَ الثَّلاَثَةَ وَ الْأَرْبَعَةَ فَکَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع وَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِی مَرْثَدٍ وَ یُقَالُ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَکَانَ مَرْثَدٍ یَتَعَاقَبُونَ بَعِیراً وَاحِداً وَ کَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ أَبُو کَبْشَةَ وَ أَنَسَةُ مَوَالِیَ اَلنَّبِیِّ ص عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَ اَلطُّفَیْلُ وَ اَلْحُصَیْنُ ابْنَا اَلْحَارِثِ وَ مِسْطَحُ بْنُ أُثَاَثَةَ عَلَی بَعِیرٍ لِعُبَیْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ نَاضِحٍ (2) ابْتَاعَهُ مِنْ أَبِی دَاوُدَ الْمَازِنِیِّ وَ کَانَ مُعَاذٌ وَ عَوْفٌ وَ مُعَوِّذٌ بَنُو عَفْرَاءَ وَ مَوْلاَهُمْ أَبُو الْحَمْرَاءِ عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ أُبَیُّ بْنُ کَعْبٍ وَ عُمَارَةُ بْنُ حِزَامٍ وَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ وَ قُطَبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِیدَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ وَ طُلَیْبُ بْنُ عُمَیْرٍ عَلَی جَمَلٍ لِعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ یُقَالُ لَهُ اَلْعَبْسُ وَ کَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ وَ سُوَیْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ وَ مَسْعُودُ بْنُ رَبِیعٍ عَلَی جَمَلٍ لِمُصْعَبٍ وَ کَانَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ کَعْبٍ وَ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِیُّ وَ سَلِیطُ بْنُ قَیْسٍ عَلَی جَمَلٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ کَعْبٍ وَ کَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَظْعُونٍ وَ اَلسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ عَلَی بَعِیرٍ یَتَعَاقَبُونَ وَ کَانَ أَبُو بَکْرٍ وَ عُمَرُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَی بَعِیرٍ وَ کَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ أَخُوهُ وَ ابْنُ أَخِیهِ اَلْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ أَنَسٍ عَلَی جَمَلٍ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ نَاضِحٍ یُقَالُ لَهُ اَلذَّیَّالُ وَ کَانَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ وَ سَلَمَةُ بْنِ

ص :88

سَلاَمَةَ بْنِ وَقْشٍ وَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَ رَافِعُ بْنُ یَزِیدَ عَلَی نَاضِحٍ لِسَعِیدِ بْنِ زَیْدٍ مَا تَزَوَّدُوا إِلاَّ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ

.

3890

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص إِلَی بَدْرٍ وَ کَانَ کُلُّ ثَلاَثَةٍ یَتَعَاقَبُونَ بَعِیراً فَکُنْتُ أَنَا وَ أَخِی خَلاَّدُ بْنُ رَافِعٍ عَلَی بَکْرٍ لَنَا وَ مَعَنَا عُبَیْدَةُ بْنُ یَزِیدَ بْنِ عَامِرٍ فَکُنَّا نَتَعَاقَبُ فَسِرْنَا حَتَّی إِذَا کُنَّا بِالرَّوْحَاءِ إِذْ مَرَّ بِنَا بَکْرُنَا وَ بَرَکَ عَلَیْنَا وَ أَعْیَا فَقَالَ أَخِی اللَّهُمَّ إِنَّ لَکَ عَلَیَّ نَذْراً لَئِنْ رَدَدْتَنَا إِلَی اَلْمَدِینَةِ لَأَنْحَرَنَّهُ فَمَرَّ بِنَا اَلنَّبِیُّ ص وَ نَحْنُ عَلَی تِلْکَ الْحَالِ فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ بَرَکَ عَلَیْنَا بَکْرُنَا فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ وَ تَوَضَّأَ فِی إِنَاءٍ ثُمَّ قَالَ افْتَحَا فَاهُ فَفَعَلْنَا فَصَبَّهُ فِی فِیهِ ثُمَّ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ عَلَی عُنُقِهِ ثُمَّ عَلَی حَارِکِهِ ثُمَّ عَلَی سَنَامِهِ ثُمَّ عَلَی عَجُزِهِ ثُمَّ عَلَی ذَنَبِهِ ثُمَّ قَالَ ارْکَبَا وَ مَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَحِقْنَاهُ أَسْفَلَ مِنَ الْمُنْصَرَفِ وَ إِنَّ بَکْرَنَا لَیَنْفِرُ بِنَا حَتَّی إِذَا کُنَّا بِالْمُصَلَّی رَاجِعِینَ مِنْ بَدْرٍ بَرَکَ عَلَیْنَا فَنَحَرَهُ أَخِی فَقَسَمَ لَحْمَهُ وَ تَصَدَّقَ بِهِ

.

3891

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ حَمَلَ فِی بَدْرٍ عَلَی عِشْرِینَ جَمَلاً.

3892

14- قَالَ وَ رُوِیَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فَخَرَجْنَا إِلَی بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَعَنَا سَبْعُونَ بَعِیراً فَکَانُوا یَتَعَاقَبُونَ الثَّلاَثَةُ وَ الْأَرْبَعَةُ وَ الاِثْنَانِ عَلَی بَعِیرٍ وَ کُنْتُ أَنَا مِنْ أَعْظَمِ أَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ع عَنْهُ غَنَاءً وَ أَرْجَلِهِمْ رُجْلَةً (1) وَ أَرْمَاهُمْ لِسَهْمٍ لَمْ أَرْکَبْ خُطْوَةً ذَاهِباً وَ لاَ رَاجِعاً

.

3893

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حِینَ فَصَلَ مِنْ بُیُوتِ السُّقْیَا اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ وَ عُرَاةٌ فَاکْسُهُمْ وَ جِیَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ وَ عَالَةٌ فَأَغْنِهِمْ مِنْ فَضْلِکَ فَمَا رَجَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ یُرِیدُ أَنْ یَرْکَبَ إِلاَّ وَجَدَ ظَهْراً لِلرَّجُلِ الْبَعِیرُ وَ الْبَعِیرَانِ وَ اکْتَسَی

ص :89

مَنْ کَانَ عَارِیاً وَ أَصَابُوا طَعَاماً مِنْ أَزْوَادِهِمْ وَ أَصَابُوا فِدَاءَ الْأَسْرَی (1) فَأَغْنَی بِهِ کُلَّ عَائِلٍ.

قَالَ وَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی الْمُشَاةِ قَیْسَ بْنَ أَبِی صَعْصَعَةَ وَ اسْمُ أَبِی صَعْصَعَةَ عُمَرُ بْنُ یَزِیدَ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولٍ وَ أَمَرَهُ اَلنَّبِیُّ ص حِینَ فَصَلَ مِنْ بُیُوتِ السُّقْیَا أَنْ یَعُدَّ اَلْمُسْلِمِینَ فَوَقَفَ لَهُمْ بِبِئْرِ أَبِی عُبَیْدَةَ یَعِدُهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَ اَلنَّبِیَّ ص وَ خَرَجَ مِنْ بُیُوتِ السُّقْیَا حَتَّی سَلَکَ بَطْنَ الْعَقِیقِ ثُمَّ سَلَکَ طَرِیقَ اَلْمُکَیْمِنِ (2) حَتَّی خَرَجَ عَلَی بَطْحَاءَ بْنِ أَزْهَرَ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ هُنَاکَ فَقَامَ أَبُو بَکْرٍ إِلَی حِجَارَةٍ هُنَاکَ فَبَنَی مِنْهَا مَسْجِداً فَصَلَّی فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَصْبَحَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ هُوَ هُنَاکَ ثُمَّ صَارَ إِلَی بَطْنِ مَلَلَ وَ تُرْبَانَ بَیْنَ اَلْحَفِیرَةِ وَ مَلَلَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ یَقُولُ لَمَّا کُنَّا بِتُرْبَانَ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ ص یَا سَعْدُ انْظُرْ إِلَی الظَّبْیِ فَأَفْوِقْ لَهُ بِسَهْمٍ وَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَوَضَعَ رَأْسَهُ بَیْنَ مَنْکِبِی وَ أُذُنِی ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْیَتَهُ قَالَ فَمَا أَخْطَأَ سَهْمِی عَنْ نَحْرِهِ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ خَرَجْتُ أَعْدُو فَأَخَذْتُهُ وَ بِهِ رَمَقٌ فَذَکَّیْتُهُ (3) فَحَمَلْنَاهُ حَتَّی نَزَلْنَا قَرِیباً وَ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقُسِّمَ بَیْنَ أَصْحَابِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مَعَهُمْ فَرَسَانِ فَرَسٌ لِمَرْثَدِ بْنِ أَبِی مَرْثَدٍ الْغَنَوِیِّ وَ فَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْبَهْرَانِیِّ حَلِیفِ بَنِی زُهْرَةَ وَ یُقَالُ فَرَسٌ لِلزُّبَیْرِ وَ لَمْ یَکُنْ إِلاَّ فَرَسَانِ لاِخْتِلاَفٍ عِنْدَهُمْ أَنَّ اَلْمِقْدَادَ لَهُ فَرَسٌ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَیْرِ عَنِ اَلْمِقْدَادِ

ص :90

قَالَ کَانَ مَعِی یَوْمَ بَدْرٍ فَرَسٌ یُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ وَ قَدْ رَوَی سَعْدُ بْنُ مَالِکٍ الْغَنَوِیُّ عَنْ آبَائِهِ أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِی مَرْثَدٍ الْغَنَوِیَّ شَهِدَ بَدْراً عَلَی فَرَسٍ لَهُ یُقَالُ لَهُ اَلسَّیْلُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَحِقَتْ قُرَیْشٌ بِالشَّامِ فِی عِیرِهَا وَ کَانَتِ الْعِیرُ أَلْفَ بَعِیرٍ وَ کَانَ فِیهَا أَمْوَالٌ عِظَامٌ وَ لَمْ یَبْقَ بِمَکَّةَ قُرَشِیٌّ وَ لاَ قُرَشِیَّةٌ لَهُ مِثْقَالٌ فَصَاعِداً إِلاَّ بَعَثَ بِهِ فِی الْعِیرِ حَتَّی إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَبْعَثُ بِالشَّیْءِ التَّافِهِ وَ کَانَ یُقَالُ إِنَّ فِیهَا لَخَمْسِینَ أَلْفَ دِینَارٍ وَ قَالُوا أَقَلَّ وَ إِنْ کَانَ لَیُقَالُ إِنَّ أَکْثَرَ مَا فِیهَا مِنَ الْمَالِ لِآلِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ لِأَبِی أُحَیْحَةَ إِمَّا مَالٌ لَهُمْ أَوْ مَالٌ مَعَ قَوْمٍ قِرَاضٌ عَلَی النِّصْفِ وَ کَانَ عَامَّةُ الْعِیرِ لَهُمْ وَ یُقَالُ بَلْ کَانَ لِبَنِی مَخْزُومٍ فِیهَا مِائَتَا بَعِیرٍ وَ خَمْسَةُ أَوْ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مِثْقَالٍ ذَهَباً وَ کَانَ یُقَالُ لِلْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ فِیهَا أَلْفَا مِثْقَالٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِی الْحُوَیْرِثِ قَالَ کَانَ لِبَنِی عَبْدِ مَنَافٍ فِیهَا عَشَرَةُ آلاَفِ مِثْقَالٍ وَ کَانَ مَتْجَرُهُمْ إِلَی غَزَّةَ مِنْ أَرْضِ اَلشَّامِ

.

3894

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی عَوْنٍ مَوْلَی اَلْمِسْوَرِ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ لَمَّا لَحِقْنَا بِالشَّامِ أَدْرَکَنَا رَجُلٌ مِنْ جُذَامَ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ کَانَ عَرَضَ لِعِیرِنَا فِی بَدْأَتِنَا وَ أَنَّهُ تَرَکَهُ مُقِیماً یَنْتَظِرُ رَجْعَتَنَا قَدْ حَالَفَ عَلَیْنَا أَهْلَ الطَّرِیقِ وَ وَادَعَهُمْ قَالَ مَخْرَمَةُ فَخَرَجْنَا خَائِفِینَ نَخَافُ الرَّصَدَ فَبَعَثْنَا ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو حِینَ فَصَلْنَا مِنَ اَلشَّامِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مَعَ الْعِیرِ وَ کَانَ یُحَدِّثُ بَعْدَ ذَلِکَ یَقُولُ لَمَّا کُنَّا بِالزَّرْقَاءِ وَ اَلزَّرْقَاءُ بِالشَّامِ مِنْ أَذْرِعَاتٍ عَلَی مَرْحَلَتَیْنِ وَ نَحْنُ مُنْحَدِرُونَ إِلَی مَکَّةَ لَقِینَا رَجُلاً مِنْ جُذَامَ فَقَالَ قَدْ کَانَ عَرَضَ مُحَمَّدٌ لَکُمْ فِی بَدْأَتِکُمْ فِی أَصْحَابِهِ فَقُلْنَا مَا شَعَرْنَا قَالَ بَلَی فَأَقَامَ شَهْراً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی یَثْرِبَ وَ أَنْتُمْ یَوْمَ عَرَضَ مُحَمَّدٌ لَکُمْ مُخِفُّونَ فَهُوَ الْآنَ أَحْرَی أَنْ یَعْرِضَ لَکُمْ إِنَّمَا یَعُدُّ لَکُمْ الْأَیَّامَ عَدّاً فَاحْذَرُوا عَلَی عِیرِکُمْ

ص :91

وَ ارْتَئُوا آرَاءَکُمْ فَوَ اللَّهِ مَا أَرَی مِنْ عَدَدٍ وَ لاَ کُرَاعٍ وَ لاَ حَلْقَةٍ (1) فَأَجْمَعَ الْقَوْمُ أَمْرَهُمْ فَبَعَثُوا ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو وَ کَانَ فِی الْعِیرِ وَ قَدْ کَانَتْ قُرَیْشٌ مَرَّتْ بِهِ وَ هُوَ بِالسَّاحِلِ مَعَهُ بَکْرَانِ فَاسْتَأْجَرُوهُ بِعِشْرِینَ مِثْقَالاً وَ أَمَرَهُ أَبُو سُفْیَانَ أَنْ یُخْبِرَ قُرَیْشاً أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ عَرَضَ لِعِیرِهِمْ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَجْدَعَ بَعِیرَهُ إِذَا دَخَلَ وَ یُحَوِّلَ رَحْلَهُ وَ یَشُقَّ قَمِیصَهُ مِنْ قُبُلِهِ وَ دُبُرِهِ وَ یَصِیحَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ وَ یُقَالُ إِنَّمَا بَعَثُوهُ مِنْ تَبُوکَ وَ کَانَ فِی الْعِیرِ ثَلاَثُونَ رَجُلاً مِنْ قُرَیْشٍ فِیهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ کَانَتْ عَاتِکَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَأَتْ قَبْلَ مَجِیءِ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو رُؤْیَا أَفْزَعَتْهَا وَ عَظُمَتْ فِی صَدْرِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَی أَخِیهَا اَلْعَبَّاسِ فَقَالَتْ یَا أَخِی لَقَدْ وَ اللَّهِ رَأَیْتُ رُؤْیَا أَفْزَعَتْنِی (2) وَ تَخَوَّفْتُ أَنْ یَدْخُلَ عَلَی قَوْمِکَ مِنْهَا شَرٌّ وَ مُصِیبَةٌ فَاکْتُمْ عَلَیَّ مَا أُحَدِّثُکَ مِنْهَا رَأَیْتُ رَاکِباً أَقْبَلَ عَلَی بَعِیرٍ حَتَّی وَقَفَ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا آلَ غُدَرَ انْفِرُوا إِلَی مَصَارِعِکُمْ فِی ثَلاَثٍ فَصَرَخَ بِهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَأَرَی النَّاسَ اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ ثُمَّ دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ وَ النَّاسُ یَتْبَعُونَهُ إِذْ مُثِّلَ بِهِ بَعِیرُهُ عَلَی ظَهْرِ اَلْکَعْبَةِ فَصَرَخَ مِثْلَهَا ثَلاَثاً ثُمَّ مُثِّلَ بِهِ بَعِیرُهُ عَلَی رَأْسِ أَبِی قُبَیْسٍ فَصَرَخَ بِمِثْلِهَا ثَلاَثاً ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةً مِنْ أَبِی قُبَیْسٍ فَأَرْسَلَهَا فَأَقْبَلَتْ تَهْوِی حَتَّی إِذَا کَانَتْ فِی أَسْفَلِ الْجَبَلِ ارْفَضَّتْ فَمَا بَقِیَ بَیْتٌ مِنْ بُیُوتِ مَکَّةَ وَ لاَ دَارٌ مِنْ دُورِهَا إِلاَّ دَخَلَتْهُ مِنْهَا فِلْذَةٌ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یُحَدِّثُ بَعْدَ ذَلِکَ فَیَقُولُ لَقَدْ رَأَیْتُ کُلَّ هَذَا وَ لَقَدْ رَأَیْتُ فِی دَارِنَا فِلْقَةً مِنَ الصَّخْرَةِ الَّتِی انْفَلَقَتْ مِنْ أَبِی قُبَیْسٍ وَ لَقَدْ کَانَ ذَلِکَ عِبْرَةً وَ لَکِنَّ اللَّهَ لَمْ یُرِدْ أَنْ نُسْلِمَ یَوْمَئِذٍ لَکِنَّهُ أَخَّرَ إِسْلاَمَنَا إِلَی مَا أَرَادَ

.

قلت کان بعض أصحابنا یقول لم یکف عمرا أن یقول رأیت الصخرة فی دور مکّة عیانا فیخرج ذلک مخرج الاستهزاء باطنا علی وجه النفاق و استخفافه بعقول المسلمین

ص :92

زعم حتّی یضیف إلی ذلک القول بالخبر الصراح فیقول إن اللّه تعالی لم یکن أراد منه الإسلام یومئذ.

3895

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالُوا وَ لَمْ یَدْخُلْ دَاراً وَ لاَ بَیْتاً مِنْ دُورِ بَنِی هَاشِمٍ وَ لاَ بَنِی زُهْرَةَ مِنْ تِلْکَ الصَّخْرَةِ شَیْءٌ قَالَ فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْیَا فَخَرَجَ مُغْتَمّاً حَتَّی لَقِیَ اَلْوَلِیدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ وَ کَانَ لَهُ صَدِیقاً فَذَکَرَهَا لَهُ وَ اسْتَکْتَمَهُ فَفَشَا الْحَدِیثُ فِی النَّاسِ قَالَ اَلْعَبَّاسُ فَغَدَوْتُ أَطُوفُ بِالْبَیْتِ وَ أَبُو جَهْلٍ فِی رَهْطٍ مِنْ قُرَیْشٍ یَتَحَدَّثُونَ بِرُؤْیَا عَاتِکَةَ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ مَا رَأَتْ عَاتِکَةُ هَذِهِ فَقُلْتُ وَ مَا ذَاکَ فَقَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَ مَا رَضِیتُمْ بِأَنْ تَتَنَبَّأَ رِجَالُکُمْ حَتَّی تَتَنَبَّأَ نِسَاؤُکُمْ زَعَمَتْ عَاتِکَةُ أَنَّهَا رَأَتْ فِی الْمَنَامِ کَذَا وَ کَذَا لِلَّذِی رَأَتْ فَسَنَتَرَبَّصُ بِکُمْ ثَلاَثاً فَإِنْ یَکُنْ مَا قَالَتْ حَقّاً فَسَیَکُونُ وَ إِنْ مَضَتِ الثَّلاَثُ وَ لَمْ یَکُنْ نَکْتُبُ عَلَیْکُمْ أَنَّکُمْ أَکْذَبُ أَهْلِ بَیْتٍ فِی اَلْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ اَلْعَبَّاسُ یَا مُصَفِّرَ إِسْتِهِ أَنْتَ أَوْلَی بِالْکَذِبِ وَ اللُّؤْمِ مِنَّا فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ إِنَّا اسْتَبَقْنَا الْمَجْدَ وَ أَنْتُمْ فَقُلْتُمْ فِینَا السِّقَایَةُ فَقُلْنَا لاَ نُبَالِی تَسْقُونَ الْحُجَّاجَ ثُمَّ قُلْتُمْ فِینَا الْحِجَابَةُ فَقُلْنَا لاَ نُبَالِی تَحْجُبُونَ اَلْبَیْتَ ثُمَّ قُلْتُمْ فِینَا النَّدْوَةُ قُلْنَا لاَ نُبَالِی یَکُونُ الطَّعَامُ فَتُطْعِمُونَ النَّاسَ ثُمَّ قُلْتُمْ فِینَا الرِّفَادَةُ فَقُلْنَا لاَ نُبَالِی تَجْمَعُونَ عِنْدَکُمْ مَا تَرْفِدُونَ بِهِ الضَّعِیفَ فَلَمَّا أَطْعَمْنَا النَّاسَ وَ أَطْعَمْتُمْ وَ ازْدَحَمَتِ الرُّکَبُ وَ اسْتَبَقْنَا الْمَجْدَ فَکُنَّا کَفَرَسَیْ رِهَانٍ قُلْتُمْ مِنَّا نَبِیٌّ ثُمَّ قُلْتُمْ مِنَّا نَبِیَّةٌ فَلاَ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی لاَ کَانَ هَذَا أَبَداً

.

قلت لا أری کلام أبی جهل منتظما لأنّه إذا سلم للعباس أن هذه الخصال کلها فیهم و هی الخصال التی تشرف بها القبائل بعضها علی بعض فکیف یقول لا نبالی لا نبالی و کیف یقول فلما أطعمنا للناس و أطعمتم و قد کان الکلام منتظما لو قال و لنا بإزاء هذه المفاخر کذا و کذا ثمّ یقول بعد ذلک استبقنا المجد فکنا کفرسی رهان و ازدحمت الرکب و لم یقل شیئا و لا عد مآثره و لعل أبا جهل قد قال ما لم ینقل

ص :93

3896

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالَ اَلْعَبَّاسُ فَوَ اللَّهِ مَا کَانَ مِنِّی غَیْرُ أَنِّی جَحَدْتُ ذَلِکَ وَ أَنْکَرْتُ أَنْ تَکُونَ عَاتِکَةُ رَأَتْ شَیْئاً فَلَمَّا أَمْسَیْتُ لَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ أَصَابَتْهَا وِلاَدَةُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ جَاءَتْ فَقُلْنَ لِی أَ رَضِیتُمْ بِهَذَا الْفَاسِقِ الْخَبِیثِ یَقَعُ فِی رِجَالِکُمْ ثُمَّ قَدْ تَنَاوَلَ نِسَاءَکُمْ وَ لَمْ تَکُنْ لَکَ عِنْدَ ذَلِکَ غَیْرَةُ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ لِأَنِّی لاَ أُبَالِی بِهِ وَ لاَیْمُ اللَّهِ لَأَعْرِضَنَّ لَهُ غَداً فَإِنَّ عَادَ کَفَیْتُکُنَّ إِیَّاهُ فَلَمَّا أَصْبَحُوا مِنْ ذَلِکَ الْیَوْمِ الَّذِی رَأَتْ فِیهِ عَاتِکَةُ مَا رَأَتْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذِهِ ثَلاَثَةُ أَیَّامٍ مَا بَقِیَ قَالَ اَلْعَبَّاسُ وَ غَدَوْتُ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ وَ أَنَا حَدِیدٌ مُغْضَبٌ أَرَی أَنْ قَدْ فَاتَنِی مِنْهُ أَمْرٌ أُحِبُّ أَنْ أُدْرِکَهُ وَ أَذْکُرَ مَا أَحْفَظَنِی بِهِ النِّسَاءُ مِنْ مَقَالَتِهِنَّ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَمْشِی نَحْوَهُ وَ کَانَ رَجُلاً خَفِیفاً حَدِیدَ الْوَجْهِ حَدِیدَ اللِّسَانِ حَدِیدَ النَّظَرِ إِذْ خَرَجَ نَحْوَ بَابِ بَنِی سَهْمٍ یَشْتَدُّ فَقُلْتُ مَا بَالُهُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَ کُلُّ هَذَا فَرَقاً مِنْ أَنْ أُشَاتِمَهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ یَا آلَ لُؤَیِّ بْنِ غَالِبٍ اللَّطِیمَةَ قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ فِی أَصْحَابِهِ الْغَوْثَ الْغَوْثَ وَ اللَّهِ مَا أَرَی أَنْ تُدْرِکُوهَا وَ ضَمْضَمٌ یُنَادِی بِذَلِکَ فِی بَطْنِ الْوَادِی وَ قَدْ جَدَعَ أُذُنَیْ بَعِیرِهِ وَ شَقَّ قَمِیصَهُ قُبُلاً وَ دُبُراً وَ حَوَّلَ رَحْلَهُ وَ کَانَ یَقُولُ لَقَدْ رَأَیْتُنِی قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَکَّةَ وَ إِنِّی لَأَرَی فِی النَّوْمِ وَ أَنَا عَلَی رَاحِلَتِی کَأَنَّ وَادِیَ مَکَّةَ یَسِیلُ مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَی أَعْلاَهُ دَماً فَاسْتَیْقَظْتُ فَزِعاً مَذْعُوراً فَکَرِهْتُهَا لِقُرَیْشٍ وَ وَقَعَ فِی نَفْسِی أَنَّهَا مُصِیبَةٌ فِی أَنْفُسِهِمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِیُّ یَقُولُ مَا رَأَیْتُ أَعْجَبَ مِنْ أَمْرِ ضَمْضَمٍ قَطُّ وَ مَا صَرَّحَ عَلَی لِسَانِهِ إِلاَّ شَیْطَانٌ کَأَنَّهُ لَمْ یَمْلِکْنَا مِنْ أُمُورِنَا شَیْئاً حَتَّی نَفَرْنَا عَلَی الصَّعْبِ وَ الذَّلُولِ وَ کَانَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ یَقُولُ مَا کَانَ الَّذِی جَاءَنَا فَاسْتَنْفَرْنَا إِلَی الْعِیرِ إِنْسَاناً إِنْ هُوَ إِلاَّ شَیْطَانٌ قِیلَ کَیْفَ یَا أَبَا خَالِدٍ قَالَ إِنِّی لَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا مَلَکْنَا مِنْ أَمْرِنَا شَیْئاً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَجَهَّزَ النَّاسَ وَ شُغِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَ کَانَ النَّاسُ بَیْنَ رَجُلَیْنِ إِمَّا خَارِجٍ وَ إِمَّا بَاعِثٍ مَکَانَهُ رَجُلاً وَ أَشْفَقَتْ قُرَیْشٌ لِرُؤْیَا عَاتِکَةَ وَ سُرَّ بَنُو هَاشِمٍ

ص :94

وَ قَالَ قَائِلُهُمْ کَلاَّ زَعَمْتُمْ أَنَا کَذَبْنَا وَ کَذَبَتْ عَاتِکَةُ فَأَقَامَتْ قُرَیْشٌ ثَلاَثاً تَتَجَهَّزُ وَ یُقَالُ یَوْمَیْنِ وَ أَخْرَجَتْ أَسْلِحَتَهَا وَ اشْتَرَوْا سِلاَحاً وَ أَعَانَ قَوِیُّهُمْ ضَعِیفَهُمْ وَ قَامَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فِی رِجَالٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ الصُّبَاةَ مَعَهُ مِنْ شُبَّانِکُمْ وَ أَهْلِ یَثْرِبَ قَدْ عَرَضُوا لِعِیرِکُمُ وَ لَطِیمَتِکُمْ (1) فَمَنْ أَرَادَ ظَهْراً فَهَذَا ظَهْرٌ وَ مَنْ أَرَادَ قُوَّةً فَهَذِهِ قُوَّةٌ وَ قَامَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَالَ إِنَّهُ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی مَا نَزَلَ بِکُمْ أَمْرٌ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ طَمِعَ مُحَمَّدٌ وَ أَهْلُ یَثْرِبَ أَنْ یَعْرِضُوا لِعِیرِکُمْ فِیهَا خَزَائِنُکُمْ فَأَوْعِبُوا (2) وَ لاَ یَتَخَلَّفْ مِنْکُمْ أَحَدٌ وَ مَنْ کَانَ لاَ قُوَّةَ لَهُ فَهَذِهِ قُوَّةٌ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابَهَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ لاَ یَرُوعُکُمْ مِنْهُمْ إِلاَّ وَ قَدْ دَخَلُوا عَلَیْکُمْ بُیُوتَکُمْ وَ قَالَ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیٍّ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ اللَّهِ مَا نَزَلَ بِکُمْ أَمْرٌ أَجَلُّ مِنْ هَذِهِ أَنْ یُسْتَبَاحَ عِیرُکُمْ وَ لَطِیمَةُ قُرَیْشٍ فِیهَا أَمْوَالُکُمْ وَ خَزَائِنُکُمْ وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ رَجُلاً وَ لاَ امْرَأَةً مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ لَهُ نِشٌّ (3) فَصَاعِداً إِلاَّ وَ هُوَ فِی هَذِهِ الْعِیرِ فَمَنْ کَانَ لاَ قُوَّةَ بِهِ فَعِنْدَنَا قُوَّةٌ نَحْمِلُهُ وَ نَقْوَاهُ فَحَمَلَ عَلَی عِشْرِینَ بَعِیراً وَ قَوِیَ بِهِمْ وَ خَلَّفَهُمْ فِی أَهْلِهِمْ بِمَعُونَةٍ وَ قَامَ حَنْظَلَةَ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ عَمْرُو بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَحَضَّا النَّاسَ عَلَی الْخُرُوجِ وَ لَمْ یَدْعُوا إِلَی قُوَّةٍ وَ لاَ حُمْلاَنٍ فَقِیلَ لَهُمَا أَ لاَ تَدْعُوَانِ إِلَی مَا دَعَا إِلَیْهِ قَوْمُکُمَا مِنَ الْحُمْلاَنِ قَالاَ وَ اللَّهِ مَا لَنَا مَالٌ وَ مَا الْمَالُ إِلاَّ لِأَبِی سُفْیَانَ وَ مَشَی نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِیَةَ الدَّیْلَمِیُّ إِلَی أَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ کَلَّمَهُمْ فِی بَذْلِ النَّفَقَةِ وَ الْحُمْلاَنِ لِمَنْ خَرَجَ فَکَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَبِیعَةَ فَقَالَ هَذِهِ خَمْسُمِائَةِ دِینَارٍ تَضَعُهَا حَیْثُ رَأَیْتَ وَ کَلَّمَ حُوَیْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّی فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَتَیْ دِینَارٍ أَوْ ثَلاَثَمِائَةٍ ثُمَّ قَوِیَ بِهَا فِی السِّلاَحِ وَ الظَّهْرِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ ذَکَرُوا أَنَّهُ کَانَ لاَ یَتَخَلَّفُ أَحَدٌ مِنْ قُرَیْشٍ إِلاَّ بَعَثَ مَکَانَهُ بَعْثاً فَمَشَتْ قُرَیْشٌ إِلَی أَبِی لَهَبٍ فَقَالُوا لَهُ إِنَّکَ سَیِّدٌ مِنْ سَادَاتِ قُرَیْشٍ وَ إِنَّکَ إِنْ تَخَلَّفْتَ عَنِ

ص :95

النَّفِیرِ یَعْتَبِرُ بِکَ غَیْرُکَ مِنْ قَوْمِکَ فَاخْرُجْ أَوْ ابْعَثْ رَجُلاً فَقَالَ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی لاَ أَخْرُجُ وَ لاَ أَبْعَثُ أَحَداً فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ أَقِمْ یَا أَبَا عُتْبَةَ فَوَ اللَّهِ مَا خَرَجْنَا إِلاَّ غَضَباً لِدِینِکَ وَ دِینِ آبَائِکَ وَ خَافَ أَبُو جَهْلٍ أَنْ یُسْلِمَ أَبُو لَهَبٍ فَسَکَتَ أَبُو لَهَبٍ وَ لَمْ یَخْرُجْ وَ لَمْ یَبْعَثْ وَ مَا مَنَعَ أَبَا لَهَبٍ أَنْ یَخْرُجَ إِلاَّ الْإِشْفَاقُ مِنْ رُؤْیَا عَاتِکَةَ کَانَ یَقُولُ إِنَّمَا رُؤْیَا عَاتِکَةُ أَخْذٌ بِالْیَدِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ بَعَثَ مَکَانَهُ اَلْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ کَانَ لَهُ عَلَیْهِ دَیْنٌ فَقَالَ اخْرُجْ وَ دَیْنِی عَلَیْکَ لَکَ فَخَرَجَ عَنْهُ

.

3897

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِی اَلْمَغَازِی کَانَ دَیْنُ أَبِی لَهَبٍ عَلَی اَلْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَمَطَلَهُ بِهَا وَ أَفْلَسَ فَتَرَکَهَا لَهُ عَلَی أَنْ یَکُونَ مَکَانَهُ فَخَرَجَ مَکَانَهُ.

3898

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَخْرَجَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ دُرُوعاً لَهُمَا فَنَظَرَ إِلَیْهِمَا مَوْلاَهُمَا عَدَّاسٌ وَ هُمَا یُصْلِحَانِ دُرُوعَهُمَا وَ آلَةَ حَرْبِهِمَا فَقَالَ مَا تُرِیدَانِ فَقَالاَ أَ لَمْ تَرَ إِلَی اَلرَّجُلِ الَّذِی أَرْسَلْنَاکَ إِلَیْهِ بِالْعِنَبِ فِی کَرْمِنَا بِالطَّائِفِ قَالَ نَعَمْ قَالاَ نَخْرُجُ فَنُقَاتِلُهُ فَبَکَی وَ قَالَ لاَ تَخْرُجَا فَوَ اللَّهِ إِنَّهُ لَنَبِیٌّ فَأَبَیَا فَخَرَجَا وَ خَرَجَ مَعَهُمَا فَقُتِلَ بِبَدْرٍ مَعَهُمَا

.

قلت حدیث العنب فی کرم ابنی ربیعة بالطائف قد ذکره أرباب السیرة

3899

14,1- وَ شَرَحَهُ اَلطَّبَرِیُّ فِی اَلتَّارِیخِ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بِمَکَّةَ طَمِعَتْ قُرَیْشٌ فِی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ نَالَتْ مِنْهُ مَا لَمْ تَکُنْ تَنَالُهُ فِی حَیَاةِ أَبِی طَالِبٍ فَخَرَجَ مِنْ مَکَّةَ خَائِفاً عَلَی نَفْسِهِ مُهَاجِراً إِلَی رَبِّهِ یَؤُمُّ اَلطَّائِفَ رَاجِیاً أَنْ یَدْعُوَ أَهْلَهَا إِلَی اَلْإِسْلاَمِ فَیُجِیبُوهُ وَ ذَلِکَ فِی شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ عَشْرٍ مِنَ النُّبُوَّةِ فَأَقَامَ بِالطَّائِفِ عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ قِیلَ شَهْراً لاَ یَدَعُ أَحَداً مِنْ أَشْرَافِ ثَقِیفٍ إِلاَّ جَاءَهُ وَ کَلَّمَهُ فَلَمْ یُجِیبُوهُ وَ أَشَارُوا عَلَیْهِ أَنْ یَخْرُجَ عَنْ أَرْضِهِمْ وَ یَلْحَقَ بِمَجَاهِلِ الْأَرْضِ وَ بِحَیْثُ لاَ یُعْرَفُ وَ أَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّی إِنَّ رِجْلَیْهِ لَتُدْمَیَانِ فَکَانَ مَعَهُ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَکَانَ یَقِیهِ بِنَفْسِهِ حَتَّی لَقَدْ شُجَّ فِی رَأْسِهِ.

ص :96

وَ اَلشِّیعَةُ تَرْوِی أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ کَانَ مَعَهُ أَیْضاً فِی هِجْرَةِ اَلطَّائِفِ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ ثَقِیفٍ وَ هُوَ مَحْزُونٌ بَعْدَ أَنْ مَشَی إِلَی عَبْدِ یَالِیلَ وَ مَسْعُودٍ وَ حَبِیبٍ ابْنَیْ عَمْرِو بْنِ عُمَیْرٍ وَ هُمْ یَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِیفٍ فَجَلَسَ إِلَیْهِمْ وَ دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی نُصْرَتِهِ وَ الْقِیَامِ مَعَهُ عَلَی قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ أَنَا أَمْرَطُ (1) بِبَابِ اَلْکَعْبَةِ إِنْ کَانَ اللَّهُ أَرْسَلَکَ وَ قَالَ الْآخَرُ أَ مَا وَجَدَ اللَّهُ أَحَداً أَرْسَلَهُ غَیْرَکَ وَ قَالَ الثَّالِثُ وَ اللَّهِ لاَ أُکَلِّمُکَ کَلِمَةً أَبَداً لَئِنْ کُنْتَ رَسُولاً مِنَ اللَّهِ کَمَا تَقُولُ لَأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَراً مَنْ أَنْ أَرُدَّ عَلَیْکَ الْکَلاَمَ وَ لَئِنْ کُنْتَ کَاذِباً عَلَی اللَّهِ مَا یَنْبَغِی أَنْ أُکَلِّمَکَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ عِنْدِهِمْ وَ قَدْ یَئِسَ مِنْ خَیْرِ ثَقِیفٍ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ صِبْیَانُهُمْ وَ سُفَهَاؤُهُمْ وَ صَاحُوا بِهِ وَ سَبُّوهُ وَ طَرَدُوهُ حَتَّی اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ یَعْجَبُونَ مِنْهُ وَ أَلْجَئُوهُ بِالْحِجَارَةِ وَ الطَّرْدِ وَ الشَّتْمِ إِلَی حَائِطٍ (2) لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ هُمَا یَوْمَئِذٍ فِی الْحَائِطِ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ رَجَعَ عَنْهُ سُفَهَاءُ ثَقِیفٍ فَعَمَدَ إِلَی ظِلِّ حَبَلَةٍ (3) مِنْهُ فَجَلَسَ فِیهِ وَ ابْنَا رَبِیعَةَ یَنْظُرَانِ وَ یَرَیَانِ مَا لَقِیَ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِیفٍ قَالَ اَلطَّبَرِیُّ فَلَمَّا اطْمَأَنَّ بِهِ قَالَ فِیمَا ذَکَرَ لِی اللَّهُمَّ إِلَیْکَ أَشْکُو ضَعْفَ قُوَّتِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ هَوَانِی عَلَی النَّاسِ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِینَ وَ أَنْتَ رَبِّی إِلَی مَنْ تَکِلُنِی إِلَی بَعِیدٍ فَیَتَجَهَّمَنِی أَمْ إِلَی عَدُوٍّ مَلَّکْتَهُ أَمْرِی فَإِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْکَ غَضَبٌ عَلَیَّ فَلاَ أُبَالِی وَ لَکِنْ عَافِیَتُکَ هِیَ أَوْسَعُ لِی أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِکَ الَّذِی أَشْرَقَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ وَ صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مِنْ أَنْ یَنْزِلَ بِی غَضَبُکَ أَوْ یَحِلَّ عَلَیَّ سَخَطُکَ لَکَ الْعُتْبَی حَتَّی تَرْضَی لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِکَ .

فَلَمَّا رَأَی عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ مَا لَقِیَ تَحَرَّکَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا فَدَعَوُا غُلاَماً نَصْرَانِیّاً لَهُمَا یُقَالُ لَهُ

ص :97

عَدَّاسٌ فَقَالاَ لَهُ خُذْ قُطُفاً (1) مِنْ هَذَا الْعِنَبِ وَ ضَعْهُ فِی ذَلِکَ الطَّبَقِ ثُمَّ اذْهَبْ بِهِ إِلَی ذَلِکَ الرَّجُلِ وَ قُلْ لَهُ فَلْیَأْکُلْ مِنْهُ فَفَعَلَ وَ أَقْبَلَ بِهِ حَتَّی وَضَعَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَوَضَعَ یَدَهُ فِیهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ أَکَلَ فَقَالَ عَدَّاسٌ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْکَلِمَةَ لاَ یَقُولُهَا أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ أَیِّ الْبِلاَدِ أَنْتَ وَ مَا دِینُکَ قَالَ أَنَا نَصْرَانِیٌّ مِنْ أَهْلِ نَیْنَوَی قَالَ أَ مِنْ قَرْیَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ یُونُسَ بْنَ مَتَّی قَالَ وَ مَا یُدْرِیکَ مَنْ یُونُسُ بْنُ مَتَّی قَالَ ذَاکَ أَخِی کَانَ نَبِیّاً وَ أَنَا نَبِیُّ فَأَکَبَّ عَدَّاسٌ عَلَی یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ رَأْسِهِ یُقَبِّلُهَا قَالَ یَقُولُ ابْنَا رَبِیعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَمَّا غُلاَمُکَ فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَیْکَ فَلَمَّا جَاءَهُمَا قَالاَ وَیْلَکَ وَیْلَکَ یَا عَدَّاسُ مَا لَکَ تُقَبِّلُ رَأْسَ هَذَا الرَّجُلِ وَ یَدَیْهِ وَ قَدَمَیْهِ قَالَ یَا سَیِّدِی مَا فِی الْأَرْضِ خَیْرٌ مِنْ هَذَا فَقَدْ أَخْبَرَنِی بِأَمْرٍ لاَ یَعْلَمُهُ إِلاَّ نَبِیٌّ

(2)

.

3900

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ اسْتَقْسَمَتْ قُرَیْشٌ بِالْأَزْلاَمِ عِنْدَ هُبَلَ لِلْخُرُوجِ وَ اسْتَقْسَمَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ بِالْآمِرِ وَ النَّاهِی فَخَرَجَ الْقِدْحُ (3) النَّاهِی فَأَجْمَعُوا الْمَقَامَ حَتَّی أَزْعَجَهُمْ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَا اسْتَقْسَمْتُ وَ لاَ نَتَخَلَّفُ عَنْ عِیرِنَا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ لَمَّا تَوَجَّهَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ خَارِجاً فَکَانَ بِذِی طُوًی أَخْرَجَ قِدَاحَهُ وَ اسْتَقْسَمَ بِهَا فَخَرَجَ النَّاهِی عَنِ الْخُرُوجِ فَلَقِیَ غَیْظاً ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّانِیَةَ فَخَرَجَ مِثْلُ ذَلِکَ فَکَسَرَهَا وَ قَالَ مَا رَأَیْتُ کَالْیَوْمِ قِدْحاً أَکْذَبَ وَ مَرَّ بِهِ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ هُوَ عَلَی تِلْکَ الْحَالِ فَقَالَ مَا لِی أَرَاکَ غَضْبَانَ یَا أَبَا حَکِیمَةَ فَأَخْبَرَهُ زَمْعَةُ فَقَالَ امْضِ عَنْکَ أَیُّهَا الرَّجُلُ قَدْ أَخْبَرَنِی عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ لَقِیَهُ مِثْلُ الَّذِی أَخْبَرْتَنِی فَمَضَوْا عَلَی هَذَا الْحَدِیثِ (4) .

ص :98

3901

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُوسَی بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ لِضَمْضَمٍ إِذَا قَدِمْتَ عَلَی قُرَیْشٍ فَقُلْ لَهَا لاَ تَسْتَقْسِمْ بِالْأَزْلاَمِ.

3902

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اَلزُّهْرِیِّ عَنْ أَبِی بَکْرِ بْنِ سُلَیْمِ بْنِ أَبِی خَیْثَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ حَکِیمَ بْنَ حِزَامٍ یَقُولُ مَا تَوَجَّهْتُ وَجْهاً قَطُّ کَانَ أَکْرَهَ إِلَیَّ مِنْ مَسِیرِی إِلَی بَدْرٍ وَ لاَ بَانَ لِی فِی وَجْهٍ قَطُّ مَا بَانَ لِی قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ ثُمَّ قَالَ قَدِمَ ضَمْضَمٌ فَصَاحَ بِالنَّفِیرِ فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلاَمِ کُلَّ ذَلِکَ یَخْرُجُ الَّذِی أَکْرَهُ ثُمَّ خَرَجْتُ عَلَی ذَلِکَ حَتَّی نَزَلْنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ فَنَحَرَ اِبْنُ الْحَنْظَلِیَّةِ جَزُوراً مِنْهَا بِهَا حَیَاةٌ فَمَا بَقِیَ خِبَاءٌ مِنْ أَخْبِیَةِ الْعَسْکَرِ إِلاَّ أَصَابَهُ مِنْ دَمِهَا فَکَانَ هَذَا بَیِّناً (1) ثُمَّ هَمَمْتُ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ أَذْکُرُ اِبْنَ الْحَنْظَلِیَّةِ وَ شُؤْمَهُ فَیَرُدُّنِی حَتَّی مَضَیْتُ لِوَجْهِی وَ کَانَ حُکَیْمٌ یَقُولُ لَقَدْ رَأَیْنَا حِینَ بَلَغْنَا اَلثَّنِیَّةَ الْبَیْضَاءَ وَ هِیَ الثَّنِیَّةُ الَّتِی تُهْبِطُکَ عَلَی فَخٍّ وَ أَنْتَ مُقْبِلٌ مِنَ اَلْمَدِینَةِ إِذَا عَدَّاسٌ (2) جَالِسٌ عَلَیْهَا وَ النَّاسُ یَمُرُّونَ إِذْ مَرَّ عَلَیْنَا ابْنَا رَبِیعَةَ فَوَثَبَ إِلَیْهِمَا فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهِمَا فِی غَرْزِهِمَا وَ هُوَ یَقُولُ بِأَبِی أَنْتُمَا وَ أُمِّی وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَا تُسَاقَانِ إِلاَّ إِلَی مَصَارِعِکُمَا وَ إِنَّ عَیْنَیْهِ لَتَسِیلُ دَمْعاً عَلَی خَدَّیْهِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ أَیْضاً ثُمَّ مَضَیْتُ وَ مَرَّ بِهِ اَلْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَوَقَفَ عَلَیْهِ حِینَ وَلَّی عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ فَقَالَ مَا یُبْکِیکَ قَالَ یُبْکِینِی سَیِّدَایَ أَوْ سَیِّدَا أَهْلِ (3) الْوَادِی یَخْرُجَانِ إِلَی مَصَارِعِهِمَا وَ یُقَاتِلاَنِ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ اَلْعَاصُ وَ إِنَّ مُحَمَّداً لَرَسُولُ اللَّهِ فَانْتَفَضَ عَدَّاسٌ انْتِفَاضَةً وَ اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ ثُمَّ بَکَی وَ قَالَ إِی وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَی النَّاسِ کَافَّةً قَالَ فَأَسْلَمَ اَلْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَ مَضَی وَ هُوَ عَلَی الشَّکِّ حَتَّی قُتِلَ مَعَ اَلْمُشْرِکِینَ عَلَی شَکٍّ وَ ارْتِیَابٍ وَ یُقَالُ رَجَعَ عَدَّاسٌ وَ لَمْ یَشْهَدْ بَدْراً وَ یُقَالُ شَهِدَ بَدْراً وَ قُتِلَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا.

ص :99

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِراً قَبْلَ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَی أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ وَ قَالَ أَ تَتْرُکُ هَذَا وَ قَدْ آوَی مُحَمَّداً وَ آذَنَنَا بِالْحَرْبِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قُلْ مَا شِئْتَ أَمَا إِنَّ طَرِیقَ عِیرِکُمْ عَلَیْنَا قَالَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ مَهْ لاَ تَقُلْ هَذَا لِأَبِی الْحَکَمِ فَإِنَّهُ سَیِّدُ أَهْلِ الْوَادِی قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ أَنْتَ تَقُولُ ذَلِکَ یَا أُمَیَّةُ أَمَا وَ اللَّهِ لَسَمِعْتُ مُحَمَّداً یَقُولُ لَأَقْتُلَنَّ أُمَیَّةَ بْنَ خَلَفٍ قَالَ أُمَیَّةُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَوَقَعَ فِی نَفْسِهِ فَلَمَّا جَاءَ النَّفِیرُ أَبَی أُمَیَّةُ أَنْ یَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَی بَدْرٍ فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ مَعَ عُقْبَةَ مِجْمَرَةٌ فِیهَا بَخُورٌ وَ مَعَ أَبِی جَهْلٍ مُکْحُلَةٌ وَ مِرْوَدٌ فَأَدْخَلَهَا عُقْبَةُ تَحْتَهُ فَقَالَ تُبَخِّرُ فَإِنَّمَا أَنْتَ امْرَأَةٌ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ اکْتَحِلْ فَإِنَّمَا أَنْتَ امْرَأَةٌ فَقَالَ أُمَیَّةُ ابْتَاعُوا لِی أَفْضَلَ بَعِیرٍ فِی الْوَادِی فَابْتَاعُوا لَهُ جَمَلاً بِثَلاَثِمِائَةِ دِینَارٍ مِنْ نَعَمِ بَنِی قُشَیْرٍ فَغَنِمَهُ اَلْمُسْلِمُونَ یَوْمَ بَدْرٍ فَصَارَ فِی سَهْمِ خُبَیْبِ (1) بْنِ یَسَافٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا مَا کَانَ أَحَدٌ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَی الْعِیرِ أَکْرَهَ لِلْخُرُوجِ مِنَ اَلْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ وَ قَالَ لَیْتَ قُرَیْشاً تَعْزِمُ عَلَی الْقُعُودِ وَ أَنَّ مَالِی فِی الْعِیرِ تُلَفُّ وَ مَالُ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ أَیْضاً فَیُقَالُ لَهُ إِنَّکَ سَیِّدٌ مِنْ سَادَاتِهَا أَ فَلاَ تَرْدَعُهَا عَنِ الْخُرُوجِ قَالَ إِنِّی أَرَی قُرَیْشاً قَدْ أَزْمَعَتْ عَلَی الْخُرُوجِ وَ لاَ أَرَی أَحَداً بِهِ طُرْقٌ (2) تَخَلَّفَ إِلاَّ مِنْ عِلَّةٍ وَ أَنَا أَکْرَهُ خِلاَفَهَا وَ مَا أُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ قُرَیْشٌ مَا أَقُولُ عَلَی أَنَّ اِبْنَ الْحَنْظَلِیَّةِ رَجُلٌ مَشْئُومٌ عَلَی قَوْمِهِ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ یُحْرِزُ قَوْمَهُ أَهْلُ یَثْرِبَ وَ لَقَدْ قَسَمَ اَلْحَارِثُ (3) مَالاً مِنْ مَالِهِ بَیْنَ وُلْدِهِ وَ وَقَعَ فِی نَفْسِهِ أَنَّهُ لاَ یَرْجِعُ إِلَی مَکَّةَ وَ جَاءَهُ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو وَ کَانَتْ لِلْحَارِثِ عِنْدَهُ أَیَادٍ فَقَالَ أَبَا عَامِرٍ إِنِّی رَأَیْتُ رُؤْیَا کَرِهْتُهَا وَ إِنِّی لَکَالْیَقْظَانِ عَلَی رَاحِلَتِی وَ أَرَاکُمْ أَنَّ وَادِیَکُمْ یَسِیلُ دَماً مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَی أَعْلاَهُ فَقَالَ اَلْحَارِثُ مَا خَرَجَ أَحَدٌ وَجْهاً مِنَ الْوُجُوهِ أَکْرَهَ لَهُ مِنْ وَجْهِی هَذَا قَالَ یَقُولُ ضَمْضَمٌ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی لَکَ أَنْ تَجْلِسَ فَقَالَ لَوْ سَمِعْتُ

ص :100

هَذَا مِنْکَ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مَا سِرْتُ خُطْوَةً فَاطْوِ هَذَا الْخَبَرَ أَنْ تَعْلَمَهُ قُرَیْشٌ فَإِنَّهَا تَتَّهِمُ کُلَّ مَنْ عَوَّقَهَا عَنِ الْمَسِیرِ وَ کَانَ ضَمْضَمٌ قَدْ ذَکَرَ هَذَا الْحَدِیثَ لِلْحَارِثِ بِبَطْنِ یَأْجِجَ (1) قَالُوا وَ کَرِهَتْ قُرَیْشٌ أَهْلُ الرَّأْیِ مِنْهُمْ الْمَسِیرَ وَ مَشَی بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ کَانَ مِمَّنْ أَبْطَأَ بِهِمْ عَنْ ذَلِکَ اَلْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ ابْنَا رَبِیعَةَ وَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ عَلِیُّ بْنُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ اَلْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهٍ حَتَّی بَکَّتَهُمْ أَبُو جَهْلٍ بِالْجُبْنِ وَ أَعَانَهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ وَ اَلنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ کَلَدَةَ وَ حَضُّوهُمْ عَلَی الْخُرُوجِ وَ قَالُوا هَذَا فِعْلُ النِّسَاءِ فَأَجْمِعُوا الْمَسِیرَ وَ قَالَتْ قُرَیْشٌ لاَ تَدَعُوا أَحَداً مِنْ عَدُوِّکُمْ خَلْفَکُمْ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَی کَرَاهَةِ اَلْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ لِلْخُرُوجِ وَ عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ أَنَّهُ مَا عَرَضَ رَجُلُ مِنْهُمْ حُمْلاَناً وَ لاَ حَمَلُوا أَحَداً مِنَ النَّاسِ وَ إِنْ کَانَ الرَّجُلُ لَیَأْتِیهِمْ حَلِیفاً أَوْ عَدِیداً وَ لاَ قُوَّةَ لَهُ فَیَطْلُبَ الْحُمْلاَنِ مِنْهُمْ فَیَقُولُونَ إِنْ کَانَ لَکَ مَالٌ وَ أَحْبَبْتَ أَنْ تَخْرُجَ فَافْعَلْ وَ إِلاَّ فَأَقِمْ حَتَّی کَانَتْ قُرَیْشٌ تَعْرِفُ ذَلِکَ مِنْهُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ إِلَی الْخُرُوجِ وَ الْمَسِیرِ ذَکَرُوا الَّذِی بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ بَنِی بَکْرٍ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ خَافُوهُمْ عَلَی مَنْ یَخْلُفُونَهُ وَ کَانَ أَشَدَّهُمْ خَوْفاً عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ کَانَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِنَّکُمْ وَ إِنْ ظَفِرْتُمْ بِالَّذِی تُرِیدُونَ فَإِنَّا لاَ نَأْمَنُ عَلَی مَنْ نُخْلِفُ إِنَّمَا نُخْلِفُ نِسَاءً وَ لاَ ذُرِّیَّةً وَ مَنْ لاَ طَعْمَ بِهِ فَارْتَئُوا آرَاءَکُمْ (3) فَتَصَوَّرَ لَهُمْ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِیِّ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ قَدْ عَرَفْتُمْ شَرَفِی وَ مَکَانِی فِی قَوْمِی أَنَا لَکُمْ جَارٌ أَنْ تَأْتِیَکُمْ کِنَانَةَ بِشَیْءٍ تَکْرَهُونَهُ فَطَابَتْ نَفْسُ عُتْبَةَ وَ قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ

ص :101

فَمَا تُرِیدُ هَذَا سَیِّدُ کِنَانَةَ هُوَ لَنَا جَارٌ عَلَی (1) مَنْ نُخْلِفُ فَقَالَ عُتْبَةُ لاَ شَیْءَ أَنَا خَارِجٌ (2) قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ الَّذِی بَیْنَ بَنِی کِنَانَةَ وَ قُرَیْشٍ أَنَّ ابْناً لِحَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ أَحَدِ بَنِی مُعَیْطٍ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ خَرَجَ یَبْغِی ضَالَّةً وَ هُوَ غُلاَمٌ فِی رَأْسِهِ ذُؤَابَةٌ وَ عَلَیْهِ حُلَّةٌ وَ کَانَ غُلاَماً وَضِیئاً فَمَرَّ بِعَامِرِ بْنِ یَزِیدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُلَوَّحِ بْنِ یَعْمُرَ أَحَدِ رُؤَسَاءِ بَنِی کِنَانَةَ وَ کَانَ بِضَجْنَانَ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ یَا غُلاَمُ قَالَ ابْنٌ لِحَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ فَقَالَ یَا بَنِی بَکْرٍ أَ لَکُمْ فِی قُرَیْشٍ دَمٌ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مَا کَانَ رَجُلٌ یَقْتُلُ هَذَا بِرِجْلِهِ إِلاَّ اسْتَوْفَی فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی بَکْرِ فَقَتَلَهُ بِدَمٍ لَهُ فِی قُرَیْشٍ فَتَکَلَّمَتْ فِیهِ قُرَیْشٌ فَقَالَ عَامِرُ بْنُ یَزِیدَ قَدْ کَانَتْ لَنَا فِیکُمْ دِمَاءٌ فَإِنْ شِئْتُمْ فَأَدُّوا مَا لَنَا قِبَلَکُمْ وَ نُؤَدِّیَ إِلَیْکُمْ مَا کَانَ فِینَا وَ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ الدَّمُ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَ إِنْ شِئْتُمْ فَتَجَافَوْا عَنَّا فِیمَا قِبَلَنَا وَ نَتَجَافَی عَنْکُمْ فِیمَا قِبَلَکُمْ فَهَانَ ذَلِکَ الْغُلاَمُ عَلَی قُرَیْشٍ وَ قَالُوا صَدَقَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ فَلَهَوْا عَنْهُ أَنْ یَطْلُبُوا بِدَمِهِ فَبَیْنَا أَخُوهُ مِکْرَزُ بْنُ حَفْصٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ إِذْ نَظَرَ عَامِرُ بْنُ یَزِیدَ وَ هُوَ سَیِّدُ بَنِی بَکْرٍ عَلَی جَمَلٍ لَهُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ مَا أَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَیْنٍ وَ أَنَاخَ بَعِیرَهُ وَ هُوَ مُتَوَشِّحٌ سَیْفَهُ فَعَلاَهُ بِهِ حَتَّی قَتَلَهُ ثُمَّ أَتَی مَکَّةَ مِنَ اللَّیْلِ فَعَلَّقَ سَیْفَ عَامِرِ بْنِ یَزِیدَ بِأَسْتَارِ اَلْکَعْبَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ قُرَیْشٌ رَأَوْا سَیْفَ عَامِرِ بْنِ یَزِیدَ فَعَرَفُوا أَنَّ مِکْرَزَ بْنَ حَفْصٍ قَتَلَهُ وَ قَدْ کَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ مِکْرَزٍ فِی ذَلِکَ قَوْلاً وَ جَزِعَتْ بَنُو بَکْرٍ مِنْ قَتْلِ سَیِّدِهَا فَکَانَتْ مُعَدَّةً لِقَتْلِ رَجُلَیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ سَیِّدَیْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ مِنْ سَادَاتِهَا فَجَاءَ النَّفِیرُ وَ هُمْ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ فَخَافُوهُمْ عَلَی مَنْ تَخَلَّفَ بِمَکَّةَ مِنْ ذَرَارِیِّهِمْ فَلَمَّا قَالَ سُرَاقَةُ مَا قَالَ وَ هُوَ یَنْطِقُ بِلِسَانِ إِبْلِیسَ شَجَّعَ الْقَوْمَ (3) .

ص :102

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خَرَجَتْ قُرَیْشٌ سِرَاعاً وَ خَرَجُوا بِالْقِیَانِ وَ الدُّفُوفِ سَارَةُ مَوْلاَةُ عَمْرِو بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ عَزَّةُ مَوْلاَةُ أَسْوَدَ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَ فُلاَنَةُ مَوْلاَةُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ یُغَنِّینَ فِی کُلِّ مَنْهَلٍ وَ یَنْحَرُونَ الْجُزُرَ وَ خَرَجُوا بِالْجَیْشِ یَتَقَاذَفُونَ بِالْحِرَابِ وَ خَرَجُوا بِتِسْعِمِائَةٍ وَ خَمْسِینَ مُقَاتِلاً وَ قَادُوا مِائَةَ فَرَسٍ بَطَراً وَ رِئٰاءَ النّٰاسِ کَمَا ذَکَرَ اللَّهُ تَعَالَی فِی کِتَابِهِ (1) وَ أَبُو جَهْلٍ یَقُولُ أَ یَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنْ یُصِیبَ مِنَّا مَا أَصَابَ بِنَخْلَةٍ وَ أَصْحَابُهُ سَیَعْلَمُ أَ نَمْنَعُ (2) عِیرَنَا أَمْ لاَ

.

3903

14- قُلْتُ سَرِیَّةُ نَخْلَةٍ سَرِیَّةٌ قَبْلَ بَدْرٍ وَ کَانَ أَمِیرُهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قُتِلَ فِیهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِیِّ حَلِیفُ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ قَتَلَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِیمِیُّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَ أُسِرَ اَلْحَکَمُ بْنُ کَیْسَانَ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ اسْتَاقَ اَلْمُسْلِمُونَ الْعِیرَ وَ کَانَتْ خَمْسَمِائَةِ بَعِیرٍ فَخَمَّسَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَسَمَ أَرْبَعَمِائَةٍ فِیمَنْ شَهِدَهَا مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ هُمْ مِائَتَا رَجُلٍ فَأَصَابَ کُلَّ رَجُلٍ بَعِیرَانِ .

3904

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتِ الْخَیْلُ لِأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَ کَانَ فِی بَنِی مَخْزُومٍ مِنْهَا ثَلاَثُونَ فَرَساً وَ کَانَتِ الْإِبِلُ سَبْعَمِائَةِ بَعِیرٍ وَ کَانَ أَهْلُ الْخَیْلِ کُلُّهُمْ دَارِعٌ وَ کَانُوا مِائَةً وَ کَانَ فِی الرَّجَّالَةِ دُرُوعٌ سِوَی ذَلِکَ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ بِالْعِیرِ وَ خَافَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ خَوْفاً شَدِیداً حِینَ دَنَوْا مِنَ اَلْمَدِینَةِ وَ اسْتَبْطَئُوا ضَمْضَماً وَ النَّفِیرَ فَلَمَّا کَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی یُصْبِحُونَ فِیهَا عَلَی مَاءِ بَدْرٍ جُعِلَتِ الْعِیرُ تُقْبِلُ بِوُجُوهِهَا إِلَی مَاءِ بَدْرٍ وَ کَانُوا بَاتُوا مِنْ وَرَاءِ بَدْرٍ آخِرَ لَیْلَتِهِمْ وَ هُمْ عَلَی

ص :103

أَنْ یُصْبِحُوا بَدْراً إِنْ لَمْ یَعْتَرِضْ لَهُمْ فَمَا أَقَرَّتْهُمُ الْعِیرُ حَتَّی ضَرَبُوهَا بِالْعَقْلِ (1) عَلَی أَنَّ بَعْضَهَا لَیُثْنَی بِعِقَالَیْنِ وَ هِیَ تَرْجِعُ (2) الْحَنِینَ تَوَارُداً إِلَی مَاءِ بَدْرٍ وَ مَا إِنْ بِهَا إِلَی الْمَاءِ مِنْ حَاجَةٍ لَقَدْ شَرِبَتْ بِالْأَمْسِ وَ جَعَلَ أَهْلَ الْعِیرِ یَقُولُونَ إِنَّ هَذَا شَیْءٌ مَا صَنَعَتْهُ الْإِبِلُ مُنْذُ خَرَجْنَا قَالُوا وَ غَشِیَنَا تِلْکَ اللَّیْلَةَ ظُلْمَةٌ شَدِیدَةٌ حَتَّی مَا نُبْصِرُ شَیْئاً (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ بَسْبَسُ بْنُ عَمْرٍو وَ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ وَرَدَا عَلَی مَجْدِیٍّ بَدْراً یَتَجَسَّسَانِ (4) الْخَبَرَ فَلَمَّا نَزَلاَ مَاءَ بَدْرٍ أَنَاخَا رَاحِلَتَیْهِمَا إِلَی قَرِیبٍ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ أَخَذَا أَسْقِیَتَهُمَا یَسْقِیَانِ مِنَ الْمَاءِ فَسَمِعَا جَارِیَتَیْنِ مِنْ جِوَارِی جُهَیْنَةَ یُقَالُ لِإِحْدَاهُمَا بَرْزَةُ وَ هِیَ تَلْزَمُ صَاحِبَتَهَا فِی دِرْهَمٍ کَانَ لَهَا عَلَیْهَا وَ صَاحِبَتُهَا تَقُولُ إِنَّمَا الْعِیرُ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ قَدْ نَزَلَتْ وَ مَجْدِیُّ بْنُ عُمَرَ یَسْمَعُهَا فَقَالَ صَدَقْتَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِکَ بَسْبَسُ وَ عَدِیٌّ انْطَلَقَا رَاجِعَیْنِ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص حَتَّی أَتَیَاهُ بِعِرْقِ الظَّبْیَةِ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ (5)

.

3905

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی کَثِیرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ وَ کَانَ أَحَدَ الْبَکَّاءِینَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَقَدْ سَلَکَ فَجَّ اَلرَّوْحَاءِ مُوسَی النَّبِیُّ ع فِی سَبْعِینَ أَلْفاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ صَلَّوْا فِی الْمَسْجِدِ الَّذِی بِعِرْقِ الظَّبْیَةِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ هِیَ مِنَ اَلرَّوْحَاءِ عَلَی مِیلَیْنِ مِمَّا یَلِی اَلْمَدِینَةِ إِذَا خَرَجْتَ عَلَی یَسَارِکَ .

3906

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَصْبَحَ أَبُو سُفْیَانَ بِبَدْرٍ قَدْ تَقَدَّمَ الْعِیرُ وَ هُوَ خَائِفٌ مِنَ الرَّصَدِ فَقَالَ یَا مَجْدِیُّ هَلْ أَحْسَسْتَ أَحَداً تَعْلَمُ وَ اللَّهِ مَا بِمَکَّةَ قُرَشِیٌّ وَ لاَ قُرَشِیَّةٌ لَهُ نَشٌّ

ص :104

فَصَاعِداً وَ النَّشُّ نِصْفُ أُوقِیَّةٍ وَزْنُ عِشْرِینَ دِرْهَماً إِلاَّ وَ قَدْ بَعَثَ بِهِ مَعَنَا وَ لَئِنْ کَتَمْتَنَا شَأْنَ عَدُوِّنَا لاَ یُصَالِحُکَ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً (1) فَقَالَ مَجْدِیٌّ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ أَحَداً أَنْکَرَهُ وَ لاَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ یَثْرِبَ مِنْ عَدُوٍّ وَ لَوْ کَانَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَهَا عَدُوٌّ لَمْ یَخْفَ عَلَیْنَا وَ مَا کُنْتُ لِأُخْفِیَهُ عَنْکَ إِلاَّ أَنِّی قَدْ رَأَیْتُ رَاکِبَیْنِ أَتَیَا إِلَی هَذَا الْمَکَانِ وَ أَشَارَ إِلَی مُنَاخِ عَدِیٍّ وَ بَسْبَسٍ فَأَنَاخَا بِهِ ثُمَّ اسْتَقَیَا بِأَسْقِیَتِهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَا فَجَاءَ أَبُو سُفْیَانَ مُنَاخَهُمَا فَأَخَذَ أَبْعَاراً مِنْ أَبْعَار بَعِیرَیْهِمَا فَفَتَّهُاَ فَإِذَا فِیهَا نَوًی فَقَالَ هَذِهِ وَ اللَّهِ عَلاَئِفُ یَثْرِبَ هَذِهِ وَ اللَّهِ عُیُونُ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ مَا أَرَی الْقَوْمَ إِلاَّ قَرِیباً فَضَرَبَ وَجْهَ عِیرِهِ فَسَاحَلَ (2) بِهَا وَ تَرَکَ بَدْراً یَسَاراً وَ انْطَلَقَ سَرِیعاً وَ أَقْبَلَتْ قُرَیْشٌ مِنْ مَکَّةَ یَنْزِلُونَ کُلَّ مَنْهَلٍ یُطْعِمُونَ الطَّعَامَ مَنْ أَتَاهُمْ وَ یَنْحَرُونَ الْجَزُورَ فَبَیْنَا هُمْ کَذَلِکَ فِی مَسِیرِهِمْ إِذْ تَخَلَّفَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ هُمَا یَتَرَدَّدَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَ لَمْ تَرَ إِلَی رُؤْیَا عَاتِکَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَقَدْ خَشِیتُ (3) مِنْهَا قَالَ الْآخَرُ فَأَذْکُرُهَا وَ ذَکَرَهَا فَأَدْرَکَهُمَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَا تَتَحَادَثُونَ بِهِ قَالاَ نَذْکُرُ رُؤْیَا عَاتِکَةَ قَالَ یَا عَجَباً مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ یَرْضَوْا أَنْ تَتَنَبَّأَ عَلَیْنَا رِجَالُهُمْ حَتَّی تَنَبَّأَتْ عَلَیْنَا النِّسَاءُ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَی مَکَّةَ لَنَفْعَلَنَّ بِهِمْ وَ لَنَفْعَلَنَّ قَالَ عُتْبَةُ إِنَّ لَهُمْ أَرْحَاماً وَ قَرَابَةً قَرِیبَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَلْ لَکَ أَنْ تَرْجِعَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ أَ تَرْجِعَانِ بَعْدَ مَا سِرْنَا فَتَخْذُلاَنِ قَوْمَکُمَا وَ تَقْطَعَانِ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ رَأَیْتُمْ ثَأْرَکُمْ بِأَعْیُنِکُمْ أَ تَظُنَّانِ أَنَّ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ یُلاَقُونَکُمَا کَلاَّ وَ اللَّهِ إِنَّ مَعِی مِنْ قَوْمِی مِائَةً وَ ثَمَانِینَ کُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی یُحِلُّونَ إِذَا أَحْلَلْتُ وَ یَرْحَلُونَ إِذَا رَحَلْتُ فَارْجِعَا إِنْ شِئْتُمَا قَالاَ وَ اللَّهِ لَقَدْ هَلَکْتَ وَ أَهْلَکْتَ قَوْمَکَ.

ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ لِأَخِیهِ شَیْبَةَ إِنَّ هَذَا رَجُلٌ مَشْئُومٌ یَعْنِی أَبَا جَهْلٍ وَ إِنَّهُ لاَ یَمَسُّهُ مِنْ قَرَابَةِ مُحَمَّدٍ مَا یَمَسُّنَا مَعَ أَنَّ مُحَمَّداً مَعَهُ الْوَلَدُ فَارْجِعْ بِنَا وَ دَعْ قَوْلَهُ (4) .

ص :105

قُلْتُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّ مُحَمَّداً مَعَهُ الْوَلَدُ أَبُو حُذَیْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ کَانَ أَسْلَمَ وَ شَهِدَ بَدْراً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَقَالَ شَیْبَةُ وَ اللَّهِ تَکُونُ عَلَیْنَا سُبَّةً یَا أَبَا الْوَلِیدِ أَنْ نَرْجِعَ الْآنَ بَعْدَ مَا سِرْنَا فَمَضَیْنَا ثُمَّ انْتَهَی إِلَی اَلْجُحْفَةِ عِشَاءً فَنَامَ جُهَیْمُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَقَالَ إِنِّی لَأَرَی بَیْنَ النَّائِمِ وَ الْیَقْظَانِ أَنْظُرُ إِلَی رَجُلٍ أَقْبَلَ عَلَی فَرَسٍ مَعَهُ بَعِیرٌ لَهُ حَتَّی وَقَفَ عَلَیَّ فَقَالَ قُتِلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ أَبُو الْحَکَمِ وَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَیْلِدٍ فِی رِجَالٍ سَمَّاهُمْ مِنْ أَشْرَافِ قُرَیْشٍ وَ أُسِرَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ فَرَّ اَلْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَخِیهِ قَالَ وَ کَأَنَّ قَائِلاً یَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّهُمْ الَّذِینَ یَخْرُجُونَ إِلَی مَصَارِعِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَرَاهُ ضَرَبَ فِی لَبَّةِ بَعِیرِهِ فَأَرْسَلَهُ فِی الْعَسْکَرِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَ هَذَا نَبِیٌّ آخَرُ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ سَتَعْلَمُ غَداً مَنِ الْمَقْتُولُ نَحْنُ أَوْ مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ وَ قَالَتْ قُرَیْشٌ لِجُهَیْمٍ إِنَّمَا یَلْعَبُ بِکَ اَلشَّیْطَانُ فِی مَنَامِکَ فَسَتَرَی غَداً خِلاَفَ مَا رَأَیْتَ یُقْتَلُ أَشْرَافُ مُحَمَّدٍ وَ یُؤْسَرُونَ قَالَ فَخَلاَ عُتْبَةُ بِأَخِیهِ شَیْبَةَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَکَ فِی الرُّجُوعِ فَهَذِهِ الرُّؤْیَا مِثْلُ رُؤْیَا عَاتِکَةَ وَ مِثْلُ قَوْلِ عَدَّاسٍ وَ اللَّهِ مَا کَذَبَنَا عَدَّاسٌ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ کَانَ مُحَمَّدُ کَاذِباً إِنَّ فِی اَلْعَرَبِ لَمَنْ یَکْفِینَاهُ وَ لَئِنْ کَانَ صَادِقاً إِنَّا لَأَسْعَدُ اَلْعَرَبِ بِهِ لِلُحْمَتِهِ فَقَالَ شَیْبَةُ هُوَ عَلَی مَا تَقُولُ أَ فَنَرْجِعُ مِنْ بَیْنِ أَهْلِ الْعَسْکَرِ فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ وَ هُمَا عَلَی ذَلِکَ فَقَالَ مَا تُرِیدَانِ قَالاَ الرُّجُوعَ أَ لاَ تَرَی إِلَی رُؤْیَا عَاتِکَةَ وَ إِلَی رُؤْیَا جُهَیْمِ بْنِ الصَّلْتِ مَعَ قَوْلِ عَدَّاسٍ لَنَا فَقَالَ لاَ تَخْذُلاَنِ وَ اللَّهِ قَوْمَکُمَا وَ تَقْطَعَانِ بِهِمْ قَالاَ هَلَکْتَ وَ اللَّهِ وَ أَهْلَکْتَ قَوْمَکَ فَمَضَیَا عَلَی ذَلِکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا أَفْلَتَ أَبُو سُفْیَانَ بِالْعِیرِ وَ رَأَی أَنْ قَدْ أَحْرَزَهَا وَ أَمِنَ عَلَیْهَا أَرْسَلَ إِلَی قُرَیْشٍ قَیْسَ بْنَ إِمْرِئِ الْقَیْسِ وَ کَانَ مَعَ أَصْحَابِ الْعِیرِ خَرَجَ مَعَهُمْ مِنْ مَکَّةَ فَأَرْسَلَهُ أَبُو سُفْیَانَ یَأْمُرُهُمْ بِالرُّجُوعِ وَ یَقُولُ قَدْ نَجَتْ عِیرُکُمْ وَ أَمْوَالُکُمْ فَلاَ تُحْرِزُوا أَنْفُسَکُمْ

ص :106

أَهْلَ یَثْرِبَ فَلاَ حَاجَةَ لَکُمْ فِیمَا وَرَاءَ ذَلِکَ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِیرَکُمْ وَ أَمْوَالَکُمْ وَ قَدْ نَجَّاهَا اللَّهُ فَإِنْ أَبَوْا عَلَیْکَ فَلاَ یَأْبَوْنَ خَصْلَةً وَاحِدَةً یَرُدُّونَ الْقِیَانَ (1) فَعَالَجَ قَیْسُ بْنُ إِمْرِئِ الْقَیْسِ قُرَیْشاً فَأَبَتِ الرُّجُوعَ قَالُوا أَمَّا الْقِیَانُ فَسَنَرُدُّهُنَّ فَرَدَّوْهُنَّ مِنَ اَلْجُحْفَةِ (2)

.

قلت لا أعلم مراد أبی سفیان برد القیان و هو الذی أخرجهن مع الجیش یوم أحد یحرضن قریشا علی إدراک الثأر و یغنین و یضربن الدفوف فکیف نهی عن ذلک فی بدر و فعله فی أحد و أقول من تأمل الحال علم أن قریشا لم یمکن أن تنتصر یوم بدر لأن الذی خالطها من التخاذل و التواکل و کراهیة الحرب و حبّ الرجوع و خوف اللقاء و خفوق الهمم و فتور العزائم و رجوع بنی زهرة و غیرهم من الطریق و اختلاف آرائهم فی القتال یکفی بعضه فی هلاکهم و عدم فلاحهم لو کانوا قد لقوا قوما جبناء فکیف و إنّما لقوا الأوس و الخزرج و هم أشجع العرب و فیهم علیّ بن أبی طالب ع و حمزة بن عبد المطلب و هما أشجع البشر و جماعة من المهاجرین أنجاد أبطال و رئیسهم محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه الداعی إلی الحق و العدل و التوحید المؤید بالقوة الإلهیة دع ما أضیف إلی ذلک من ملائکة السماء کما نطق به الکتاب .

3907

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَحِقَ الرَّسُولُ أَبَا سُفْیَانَ بِالْهِدَّةِ وَ اَلْهِدَّةُ عَلَی سَبْعَةِ أَمْیَالٍ مِنْ عَقَبَةِ عُسْفَانَ عَلَی تِسْعَةٍ وَ ثَلاَثِینَ مِیلاً مِنْ مَکَّةَ فَأَخْبَرَهُ بِمُضِیِّ قُرَیْشٍ فَقَالَ وَا قَوْمَاهْ هَذَا عَمَلُ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ یَکْرَهُ أَنْ یَرْجِعَ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَأَّسَ عَلَی النَّاسِ وَ بَغَی وَ الْبَغْیُ مَنْقَصَةٌ وَ شُؤْمٌ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ النَّفِیرُ ذَلَلْنَا إِلَی أَنْ یَدْخُلَ مَکَّةَ عَلَیْنَا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَ اللَّهِ لاَ نَرْجِعُ حَتَّی نَرِدَ بَدْراً وَ کَانَتْ بَدْرٌ مَوْسِماً

ص :107

مِنْ مَوَاسِمِ اَلْعَرَبِ فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ یَجْتَمِعُونَ بِهَا وَ فِیهَا سُوقٌ تَسْمَعُ بِنَا اَلْعَرَبُ وَ بِمَسِیرِنَا فَنُقِیمُ عَلَی بَدْرٍ ثَلاَثاً نَنْحَرُ الْجُزُرَ وَ نُطْعِمُ الطَّعَامَ وَ نَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ تَعْزِفُ عَلَیْنَا الْقِیَانُ فَلَنْ تَزَالَ اَلْعَرَبُ تَهَابُنَا أَبَداً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ اَلْفُرَاتُ بْنُ حَیَّانَ الْعِجْلِیُّ أَرْسَلَتْهُ قُرَیْشٌ حِینَ فَصَلَتْ مِنْ مَکَّةَ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ بْنِ حَرْبٍ یُخْبِرُهُ بِمَسِیرِهَا وَ فُصُولِهَا وَ مَا قَدْ حَشَدَتْ فَحَالَفَ أَبَا سُفْیَانَ فِی الطَّرِیقِ وَ ذَلِکَ أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ لَصِقَ بِالْبَحْرِ وَ لَزِمَ اَلْفُرَاتُ بْنُ حَیَّانَ الْمَحَجَّةَ فَوَافَی اَلْمُشْرِکِینَ بِالْجُحْفَةِ فَسَمِعَ کَلاَمَ أَبِی جَهْلٍ وَ هُوَ یَقُولُ لاَ نَرْجِعُ فَقَالَ مَا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِکَ رَغْبَةً وَ إِنَّ الَّذِی یَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ رَأَی ثَأْرَهُ مِنْ کُثُبٍ لَضَعِیفٌ فَمَضَی مَعَ قُرَیْشٍ فَتَرَکَ أَبَا سُفْیَانَ وَ جُرِحَ یَوْمَ بَدْرٍ جِرَاحَاتٍ کَثِیرَةً وَ هَرَبَ عَلَی قَدَمَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ مَا رَأَیْتُ کَالْیَوْمِ أَمْراً أَنْکَدَ (1) إِنَّ اِبْنَ الْحَنْظَلِیَّةِ لَغَیْرُ مُبَارَکِ الْأَمْرِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ اَلْأَخْنَسُ بْنُ شُرَیْقٍ (2) وَ اسْمُهُ أُبَیٌّ وَ کَانَ حَلِیفاً لِبَنِی زُهْرَةَ یَا بَنِی زُهْرَةَ قَدْ نَجَّی اللَّهُ عِیرَکُمْ وَ خَلَّصَ أَمْوَالَکُمْ وَ نَجَّی صَاحِبَکُمْ مَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوهُ وَ مَالَهُ وَ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ رَجُلٌ مِنْکُمْ ابْنُ أُخْتِکُمْ فَإِنْ یَکُ نَبِیّاً فَأَنْتُمْ أَسْعَدُ بِهِ وَ إِنْ یَکُ کَاذِباً یَلِی قَتْلَهُ غَیْرُکُمْ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَلُوْا قَتْلَ ابْنِ أُخْتِکُمْ فَارْجِعُوا وَ اجْعَلُوا خَبَثَهَا لِی فَلاَ حَاجَةَ لَکُمْ أَنْ تُخْرِجُوا فِی غَیْرِ مَا یُهِمُّکُمْ وَ دَعُوا مَا یَقُولُهُ هَذَا الرَّجُلُ یَعْنِی أَبَا جَهْلٍ فَإِنَّهُ مُهْلِکٌ قَوْمَهُ سَرِیعٌ فِی فَسَادِهِمْ فَأَطَاعَتْهُ بَنُو زُهْرَةَ وَ کَانَ فِیهِمْ مُطَاعاً وَ کَانُوا یَتَیَمَّنُونَ بِهِ فَقَالُوا فَکَیْفَ نَصْنَعُ بِالرُّجُوعِ حَتَّی نَرْجِعَ فَقَالَ اَلْأَخْنَسُ نَسِیرُ مَعَ الْقَوْمِ فَإِذَا أَمْسَیْتُ سَقَطْتُ عَنْ بَعِیرِی فَیَقُولُونَ نَحَلَ (3) اَلْأَخْنَسُ فَإِذَا أَصْبَحُوا فَقَالُوا سِیرُوا فَقُولُوا لاَ نُفَارِقُ صَاحِبَنَا حَتَّی نَعْلَمَ أَ حَیٌّ هُوَ أَمْ مَیِّتٌ

ص :108

فَنَدْفَنَهَ فَإِذَا مَضَوْا رَجَعْنَا إِلَی مَکَّةَ فَفَعَلَتْ بَنُو زُهْرَةَ ذَلِکَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا بِالْأَبْوَاءِ رَاجِعِینَ تَبَیَّنَ لِلنَّاسِ أَنَّ بَنِی زُهْرَةَ رَجَعُوا فَلَمْ یَشْهَدْهَا زُهْرِیُّ (1) الْبَتَّةَ وَ کَانُوا مِائَةً وَ قِیلَ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ وَ هُوَ أَثْبَتُ وَ قَالَ قَوْمٌ کَانُوا ثَلاَثَمِائَةٍ وَ لَمْ یَثْبُتْ ذَلِکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ مُنْحَدَرَهُ (2) مِنْ بَدْرٍ إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ انْتَشَرَتِ الرِّکَابُ عَلَیْهِ فَجَعَلَ عَدِیٌّ یَقُولُ (3) أَقِمْ لَهَا صُدُورَهَا یَا بَسْبَسُ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ ذَکَرَ أَبُو بَکْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنَّ بَنِی عَدِیٍّ خَرَجُوا مِنَ النَّفِیرِ حَتَّی کَانُوا بِثَنِیَّةِ لَفْتٍ (4) فَلَمَّا کَانَ فِی السَّحَرِ عَدَلُوا فِی السَّاحِلِ مُنْصَرِفِینَ إِلَی مَکَّةَ فَصَادَفَهُمْ أَبُو سُفْیَانَ فَقَالَ کَیْفَ رَجَعْتُمْ یَا بَنِی عَدِیٍّ وَ لاَ فِی الْعِیرِ وَ لاَ فِی النَّفِیرِ قَالُوا أَنْتَ أَرْسَلْتَ إِلَی قُرَیْشٍ أَنْ تَرْجِعَ فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ وَ مَضَی مَنْ مَضَی فَلَمْ یَشْهَدْهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِی عَدِیٍّ وَ یُقَالُ إِنَّهُ لاَقَاهُمْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَقَالَ تِلْکَ الْمَقَالَةُ لَهُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ص (5) فَکَانَ صَبِیحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِرْقِ الظَّبْیَةِ فَجَاءَ أَعْرَابِیٌّ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ تِهَامَةَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ اَلنَّبِیِّ ص هَلْ لَکَ عِلْمٌ بِأَبِی سُفْیَانَ بْنِ حَرْبٍ قَالَ مَا لِی بِأَبِی سُفْیَانَ عِلْمٌ قَالُوا تَعَالَ فَسَلِّمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ أَ وَ فِیکُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَیُّکُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا هَذَا فَقَالَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا فِی

ص :109

بَطْنِ نَاقَتِی هَذِهِ إِنْ کُنْتَ صَادِقاً فَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ سَلاَمَةَ بْنِ وَقْشٍ نَکَحْتَهَا وَ هِیَ حُبْلَی مِنْکَ فَکَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَقَالَتَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّی أَتَی اَلرَّوْحَاءَ لَیْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَذَا سَجَاسِجُ یَعْنِی وَادِیَ الرَّوْحَاءِ هَذَا أَفْضَلُ أَوْدِیَةِ اَلْعَرَبِ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ ص بِالرَّوْحَاءِ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّکْعَةِ الْأَخِیرَةِ مِنْ وَتْرِهِ لَعَنَ اَلْکَفَرَةَ وَ دَعَا عَلَیْهِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تُفْلِتَنَّ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ اللَّهُمَّ لاَ تُفْلِتَنَّ زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ اللَّهُمَّ أَسْخِنْ عَیْنَ أَبِی زَمَعَةَ اللَّهُمَّ أَعْمِ بَصَرَ أَبِی دُبَیْلَةَ (2) اللَّهُمَّ لاَ تُفْلِتَنَّ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو ثُمَّ دَعَا لِقَوْمٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَ عَیَّاشَ بْنَ أَبِی رَبِیعَةَ وَ الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَمْ یَدْعُ لِلْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ یَوْمَئِذٍ وَ أُسِرَ بِبَدْرٍ وَ لَکِنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَی مَکَّةَ بَعْدَ بَدْرٍ أَسْلَمَ وَ أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ إِلَی اَلْمَدِینَةِ فَحُبِسَ فَدَعَا لَهُ اَلنَّبِیُّ ص بَعْدَ ذَلِکَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافَ (3) رَجُلاً شُجَاعاً وَ کَانَ یَأْبَی اَلْإِسْلاَمَ فَلَمَّا خَرَجَ اَلنَّبِیُّ ص إِلَی بَدْرٍ خَرَجَ هُوَ وَ قَیْسُ بْنُ مِحْرَثٍ وَ یُقَالُ اِبْنُ الْحَارِثِ وَ هُمَا عَلَی دِینِ قَوْمِهِمَا فَأَدْرَکَا رَسُولَ اللَّهِ ص بِالْعَقِیقِ وَ خُبَیْبٌ مُقَنَّعُ فِی الْحَدِیدِ فَعَرَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ فَالْتَفَتَ إِلَی سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ هُوَ یَسِیرُ إِلَی جَنْبِهِ فَقَالَ أَ لَیْسَ بِخُبَیْبٍ بْنِ یَسَافَ قَالَ بَلَی فَأَقْبَلَ خُبَیْبٌ حَتَّی أَخَذَ

ص :110

بِبِطَانِ (1) نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ وَ لِقَیْسِ بْنِ مِحْرَثٍ مَا أَخْرَجَکُمَا قَالَ کُنْتَ ابْنَ أُخْتِنَا وَ جَارَنَا وَ خَرَجْنَا مَعَ قَوْمِنَا لِلْغَنِیمَةِ فَقَالَ ص لاَ یَخْرُجَنَّ مَعَنَا رَجُلٌ لَیْسَ عَلَی دِینِنَا فَقَالَ خُبَیْبٌ لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِی أَنِّی عَظِیمُ الْغَنَاءِ فِی الْحَرْبِ شَدِیدُ النِّکَایَةِ فَأُقَاتِلُ مَعَکَ لِلْغَنِیمَةِ وَ لاَ أُسْلِمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ وَ لَکِنْ أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ فَلَمَّا کَانَ بِالرَّوْحَاءِ جَاءَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ وَ شَهِدْتُ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ فَسُرَّ بِذَلِکَ وَ قَالَ امْضِهْ فَکَانَ عَظِیمَ الْغَنَاءِ فِی بَدْرٍ وَ فِی غَیْرِ بَدْرٍ وَ أَمَّا قَیْسُ بْنُ الْحَارِثِ فَأَبَی أَنْ یُسْلِمَ فَرَجَعَ إِلَی اَلْمَدِینَةِ فَلَمَّا قَدِمَ اَلنَّبِیُّ ص مِنْ بَدْرٍ أَسْلَمَ وَ شَهِدَ أُحُداً فَقُتِلَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص صَامَ یَوْماً أَوْ یَوْمَیْنِ ثُمَّ نَادَی مُنَادِیهِ یَا مَعْشَرَ الْعُصَاةِ إِنِّی مُفْطِرٌ فَأَفْطِرُوا وَ ذَلِکَ أَنَّهُ قَدْ کَانَ قَالَ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِکَ أَفْطِرُوا فَلَمْ یَفْعَلُوا

(2)

.

قلت هذا هو سر النبوّة و خاصیتها إذا تأمل المتأملون ذلک و هو أن یبلغ بهم حبّه و طاعته و قبول قوله علی أن یکلفهم ما یشق علیهم فیمتثلوه امتثالا صادرا عن حبّ شدید و حرص عظیم علی الطاعة حتّی إنّه لینسخه عنهم و یسقط وجوبه علیهم فیکرهون ذلک و لا یسقطونه عن أنفسهم إلاّ بعد الإنکار التام و هذا أحسن من المعجزات الخارقة للعادات بل هذا بعینه معجزة خارقة للعادة أقوی و آکد من شق البحر و قلب العصا حیة.

3908

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّی إِذَا کَانَ دُوَیْنَ بَدْرٍ أَتَاهُ الْخَبَرُ بِمَسِیرِ قُرَیْشٍ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَسِیرِهِمْ وَ اسْتَشَارَ النَّاسَ

ص :111

فَقَامَ أَبُو بَکْرٍ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ثُمَّ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قُرَیْشٌ وَ عِزُّهَا وَ اللَّهِ مَا ذَلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَ لاَ آمَنَتْ مُنْذُ کَفَرَتْ وَ اللَّهِ لاَ تُسَلِّمْ عِزَّهَا أَبَداً وَ لَتُقَاتِلَنَّکَ فَاتَّهِبْ لِذَلِکَ أُهْبَتَهُ وَ أَعِدَّ عُدَّتَهُ ثُمَّ قَامَ اَلْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لِأَمْرِ اللَّهِ فَنَحْنُ مَعَکَ وَ اللَّهِ لاَ نَقُولُ لَکَ کَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِنَبِیِّهَا اذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ (1) وَ لَکِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ فَقَاتِلاَ إِنَّا مَعَکُمْ مُقَاتِلُونَ وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَی بَرْکِ الْغَمَادِ لَسِرْنَا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ بَرْکُ الْغَمَادِ مِنْ وَرَاءِ مَکَّةَ بِخَمْسِ لَیَالٍ مِنْ وَرَاءِ السَّاحِلِ مِمَّا یَلِی الْبَحْرَ وَ هُوَ عَلَی ثَمَانِ لَیَالٍ مِنْ مَکَّةَ إِلَی اَلْیَمَنِ .

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص خَیْراً وَ دَعَا لَهُ بِخَیْرٍ ثُمَّ قَالَ ص أَشِیرُوا عَلَیَّ أَیُّهَا النَّاسُ وَ إِنَّمَا یُرِیدُ اَلْأَنْصَارَ وَ کَانَ یَظُنُّ أَنَّ اَلْأَنْصَارَ لاَ تَنْصُرُهُ إِلاَّ فِی الدَّارِ وَ ذَلِکَ أَنَّهُمْ شَرَطُوا أَنْ یَمْنَعُوهُ مِمَّا یَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَهُمْ وَ أَوْلاَدَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَشِیرُوا عَلَیَّ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ أَنَا أُجِیبُ عَنِ اَلْأَنْصَارِ کَأَنَّکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ تُرِیدُنَا قَالَ أَجَلْ قَالَ إِنَّکَ عَسَی أَنْ تَکُونَ خَرَجْتَ عَنْ أَمْرٍ قَدْ أُوحِیَ إِلَیْکَ وَ إِنَّا قَدْ آمَنَّا بِکَ وَ صَدَّقْنَاکَ وَ شَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ وَ أَعْطَیْنَاکَ مَوَاثِیقَنَا وَ عُهُودَنَا عَلَی السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ فَامْضِ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَوَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَکَ مَا بَقِیَ مِنَّا رَجُلٌ وَ صِلْ مَنْ شِئْتَ وَ خُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا أَرَدْتَ فَمَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِنَا أَحَبُّ إِلَیْنَا مِمَّا تَرَکْتَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا سَلَکْتُ هَذِهِ الطَّرِیقَ قَطُّ وَ مَا لِی بِهَا مِنْ عِلْمٍ وَ إِنَّا لاَ نَکْرَهُ أَنْ نَلْقَی عَدُوَّنَا غَداً إِنَّا لَصُبَّرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ صِدْقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ لَعَلَّ اللَّهَ یُرِیکَ مِنَّا بَعْضَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُکَ

(2)

.

ص :112

3909

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ یَوْمَئِذٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ خَلَّفْنَا مِنْ قَوْمِنَا قَوْماً مَا نَحْنُ بِأَشَدَّ حُبّاً لَکَ مِنْهُمْ وَ لاَ أَطْوَعَ لَهُمْ رَغْبَةً وَ نِیَّةً فِی الْجِهَادِ وَ لَوْ ظَنُّوا أَنَّکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُلاَقٍ عَدُوّاً مَا تَخَلَّفُوا عَنْکَ وَ لَکِنْ إِنَّمَا ظَنُّوا أَنَّهَا الْعِیرُ نَبْنِی لَکَ عَرِیشاً فَتَکُونُ فِیهِ وَ نَعُدُّ عِنْدَکَ رَوَاحِلَکَ ثُمَّ نَلْقَی عَدُوَّنَا فَإِنْ أَعَزَّنَا اللَّهُ وَ أَظْهَرْنَا عَلَی عَدُوِّنَا کَانَ ذَلِکَ مَا أَحْبَبْنَا وَ إِنْ تَکُنِ الْأُخْرَی جَلَسْتَ عَلَی رَوَاحِلِکَ فَلَحِقْتَ مَنْ وَرَاءَنَا فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِیُّ ص خَیْراً ثُمَّ قَالَ أَ وَ یَقْضِی اللَّهُ خَیْراً یَا سَعْدُ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا فَرَغَ سَعْدٌ مِنَ الْمَشُورَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سِیرُوا عَلَی بَرَکَةِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِی إِحْدَی الطّٰائِفَتَیْنِ وَ اللَّهِ لَکَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی مَصَارِعِ الْقَوْمِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا لَقَدْ أَرَانَا رَسُولُ اللَّهِ ص مَصَارِعَهُمْ یَوْمَئِذٍ هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ وَ هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ فَمَا عَدَا کُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَصْرَعَهُ قَالَ فَعَلِمَ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ یُلاَقُونَ الْقِتَالَ وَ أَنَّ الْعِیرَ تَفَلَّتَ وَ رَجَا الْقَوْمُ النَّصْرَ لِقَوْلِ اَلنَّبِیِّ ص (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَمِنْ یَوْمِئِذٍ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْأَلْوِیَةَ وَ کَانَتْ ثَلاَثَةً وَ أَظْهَرَ السِّلاَحَ وَ کَانَ خَرَجَ مِنَ اَلْمَدِینَةِ عَلَی غَیْرِ لِوَاءٍ مَعْقُودٍ وَ سَارَ فَلَقِیَ سُفْیَانَ الضَّمْرِیَّ وَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنِ الرَّجُلُ فَقَالَ اَلضَّمْرِیُّ بَلْ وَ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تُخْبِرُنَا وَ نُخْبِرُکَ فَقَالَ اَلضَّمْرِیُّ وَ ذَاکَ بِذَاکَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اَلضَّمْرِیُّ فَاسْأَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ فَقَالَ لَهُ ص أَخْبِرْنَا عَنِ قُرَیْشٍ قَالَ اَلضَّمْرِیُّ بَلَغَنِی أَنَّهُمْ خَرَجُوا یَوْمَ کَذَا مِنْ مَکَّةَ فَإِنْ کَانَ الْخَبَرُ صَادِقاً فَإِنَّهُمْ بِجَنْبِ هَذَا الْوَادِی ثُمَّ قَالَ

ص :113

اَلضَّمْرِیُّ فَمَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص نَحْنُ مِنْ مَاءٍ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ نَحْوَ اَلْعِرَاقِ فَجَعَلَ اَلضَّمْرِیُّ یَقُولُ مِنْ مَاءٍ مِنْ أَیِّ مَاءٍ مِنَ اَلْعِرَاقِ أَمْ مِنْ غَیْرِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی أَصْحَابِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَبَاتَ الْفَرِیقَانِ کُلٌّ مِنْهُمْ لاَ یَعْلَمُ بِمَنْزِلِ صَاحِبِهِ إِنَّمَا بَیْنَهُمْ قُوزٌ (1) مِنْ رَمْلٍ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص بِجَبَلَیْنِ فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَقَالُوا هَذَا مَسْلَحٌ (3) وَ مَخْرِئٌ فَقَالَ مَنْ سَاکِنُهُمَا فَقِیلَ بَنُو النَّارِ وَ بَنُو حَرَّاقٍ فَانْصَرَفَ عَنْهُمَا وَ جَعَلَهُمَا یَسَاراً (4) وَ لَقِیَهُ بَسْبَسُ بْنُ عَمْرٍو وَ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ فَأَخْبَرَاهُ خَبَرَ قُرَیْشٍ وَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَادِیَ بَدْرٍ عِشَاءَ لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَبَعَثَ عَلِیّاً ع وَ اَلزُّبَیْرَ وَ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ وَ بَسْبَسَ بْنَ عَمْرٍو یَتَحَسَّسُونَ (5) عَلَی الْمَاءِ وَ أَشَارَ لَهُمْ إِلَی ظَرِیبٍ (6) وَ قَالَ أَرْجُو أَنْ تَجِدُوا الْخَیْرَ عِنْدَ الْقَلِیبِ الَّذِی (7) یَلِی هَذَا اَلظَّرِیبَ (8) فَانْدَفَعُوا تِلْقَاءَهُ فَوَجَدُوا عَلَی تِلْکَ الْقَلِیبِ رَوَایَا قُرَیْشٍ فِیهَا سِقَاؤُهُمْ فَأَسَرُوهُمْ وَ أَفْلَتَ بَعْضُهُمْ فَکَانَ مِمَّنْ عَرَفَ أَنَّهُ أَفْلَتَ عُجَیْرٌ فَکَانَ أَوَّلَ مَنْ جَاءَ قُرَیْشاً بِخَبَرِ اَلنَّبِیِّ ص وَ أَصْحَابِهِ فَنَادَی یَا آلَ غَالِبٍ هَذَا اِبْنُ أَبِی کَبْشَةَ وَ أَصْحَابُهُ وَ قَدْ أَخَذُوا سِقَاءَکُمْ فَمَاجَ الْعَسْکَرُ وَ کَرِهُوا مَا جَاءَ بِهِ (9) .

ص :114

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ یُحَدِّثُ قَالَ کُنَّا یَوْمَئِذٍ فِی خِبَاءٍ لَنَا عَلَی جَزُورٍ نَشْوِی مِنْ لَحْمِهَا فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْنَا الْخَبَرَ فَامْتَنَعَ الطَّعَامَ مِنَّا وَ لَقِیَ بَعْضُنَا بَعْضاً وَ لَقِیَنِی عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ فَقَالَ یَا أَبَا خَالِدٍ مَا أَعْلَمُ أَحَداً یَسِیرُ أَعْجَبَ مِنْ مَسِیرِنَا إِنَّ عِیرَنَا قَدْ نَجَتْ وَ إِنَّا جِئْنَا إِلَی قَوْمٍ فِی بِلاَدِهِمْ بَغْیاً عَلَیْهِمْ فَقُلْتُ أَرَاهُ لِأَمْرِ حم وَ لاَ رَأْیَ لِمَنْ لاَ یُطَاعُ هَذَا شُؤْمُ اِبْنِ الْحَنْظَلِیَّةِ فَقَالَ عُتْبَةُ أَبَا خَالِدٍ أَ تَخَافُ أَنْ تُبَیِّتَنَا الْقَوْمُ قُلْتُ لَأَنْتَ آمَنُ مِنْ ذَلِکَ قَالَ فَمَا الرَّأْیُ یَا أَبَا خَالِدٍ قُلْتُ نَتَحَارَسُ حَتَّی نُصْبِحَ وَ تَرَوْنَ رَأْیَکُمْ قَالَ عُتْبَةُ هَذَا الرَّأْیُ قَالَ فَتَحَارَسْنَا حَتَّی أَصْبَحْنَا فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا عَنْ أَمْرِ عُتْبَةَ کَرِهَ قِتَالَ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ یَعْتَرِضُونَ لِجَمْعِکُمْ وَ اللَّهِ لَأَنْتَحِیَنَّ نَاحِیَةً بِقَوْمِی فَلاَ یَحْرُسُنَا أَحَدٌ فَتَنَحَّی نَاحِیَةً وَ إِنَّ السَّمَاءَ لَتُمْطِرُ عَلَیْهِ قَالَ یَقُولُ عُتْبَةُ إِنَّ هَذَا لَهُوَ النَّکَدُ (1) قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ أَخَذَ مِنَ السِّقَاءِ مَنْ عَلَی الْقَلِیبِ یَسَارُ غُلاَمُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ أَسْلَمَ غُلاَمٌ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ أَبُو رَافِعٍ غُلاَمُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ فَأُتِیَ بِهِمُ اَلنَّبِیُّ ص وَ هُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی فَسَأَلَهُمْ اَلْمُسْلِمُونَ فَقَالُوا نَحْنُ سَقَّاءُ قُرَیْشٍ بَعَثُونَا نُسْقِیهِمْ مِنَ الْمَاءِ فَکَرِهَ الْقَوْمُ خَبَرُهُمْ وَ رَجَوْا أَنْ یَکُونُوا لِأَبِی سُفْیَانَ وَ أَصْحَابُ الْعِیرَ فَضَرَبُوهُمْ فَلَمَّا أَذْلَقُوهُمْ (2) بِالضَّرْبِ قَالُوا نَحْنُ لِأَبِی سُفْیَانَ وَ نَحْنُ فِی الْعِیرِ وَ هَذَا الْعِیرُ بِهَذَا الْقُوزِ فَکَانُوا إِذَا قَالُوا ذَلِکَ یُمْسِکُونَ عَنْ ضَرْبِهِمُ فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ قَالَ إِنْ صَدَقُوکُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ وَ إِنْ کَذَبُوکُمْ تَرَکْتُمُوهُمْ فَقَالَ أَصْحَابُهُ ع إِنَّهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُونَ إِنَّ قُرَیْشاً قَدْ جَاءَتْ فَقَالَ لَقَدْ صَدَقُوکُمْ خَرَجَتْ قُرَیْشٌ تَمْنَعُ عِیرَهَا وَ خَافُوکُمْ عَلَیْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ ص عَلَی السِّقَاءِ فَقَالَ أَیْنَ

ص :115

قُرَیْشٌ فَقَالُوا خَلْفَ هَذَا الْکَثِیبِ الَّذِی تَرَی قَالَ کَمْ هُمْ قَالُوا کَثِیرٌ قَالَ کَمْ عَدَدُهُمْ قَالُوا لاَ نَدْرِی قَالَ کَمْ یَنْحَرُونَ قَالُوا یَوْماً عَشْرَةَ وَ یَوْماً تِسْعَةً فَقَالَ الْقَوْمُ مَا بَیْنَ الْأَلْفِ وَ التِّسْعِمِائَةِ ثُمَّ قَالَ لِلسِّقَاءِ کَمْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَکَّةَ قَالُوا لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طُعْمٌ إِلاَّ خَرَجَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی النَّاسِ فَقَالَ هَذِهِ مَکَّةُ قَدْ أَلْقَتْ إِلَیْکُمْ أَفْلاَذَ کَبِدِهَا ثُمَّ سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص هَلْ رَجَعَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ رَجَعَ اِبْنُ أَبِی شُرَیْقٍ بِبَنِی زُهْرَةَ فَقَالَ ص رَاشِدُهُمْ (1) وَ مَا کَانَ بِرَشِیدٍ وَ إِنْ کَانَ مَا عَلِمْتُ لَمُعَادِیاً لِلَّهِ وَ لِکِتَابِهِ ثُمَّ قَالَ فَأَحَدٌ غَیْرُهُمْ قَالُوا نَعَمْ بَنُو عَدِیِّ بْنِ کَعْبٍ فَتَرَکَهُمُ رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَشِیرُوا عَلَیَّ فِی الْمَنْزِلِ فَقَالَ اَلْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ مَنْزِلَکَ هَذَا أَ هُوَ مَنْزِلٌ أَنْزَلَکَهُ اللَّهُ فَلَیْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَ لاَ نَتَأَخَّرَ عَنْهُ أَمْ هُوَ الرَّأْیُ وَ الْحَرْبُ وَ الْمَکِیدَةُ قَالَ بَلْ هُوَ الرَّأْیُ وَ الْحَرْبُ وَ الْمَکِیدَةُ قَالَ فَإِنَّ هَذَا لَیْسَ بِمَنْزِلٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَی أَدْنَی مِیَاهِ الْقَوْمِ فَإِنِّی عَالِمٌ بِهَا وَ بِقُلُبِهَا فَإِنَّ بِهَا قَلِیباً قَدْ عَرَفْتَ عُذُوبَةَ مَائِهَا وَ مَاؤُهَا کَثِیرٌ لاَ یُنْزَحُ نَبْنِی عَلَیْهَا حَوْضاً وَ نَقْذِفُ فِیهَا بِالْآنِیَةِ فَنَشْرَبُ وَ نُقَاتِلُ وَ نُعَوِّرُ (2) مَا سِوَاهَا مِنَ الْقُلُبِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ اِبْنُ عَبَّاسٍ یَقُولُ نَزَلَ جِبْرِیلُ عَلَی اَلنَّبِیِّ ص فَقَالَ الرَّأْیُ مَا أَشَارَ بِهِ اَلْحُبَابُ فَقَالَ یَا حُبَابُ أَشَرْتَ بِالرَّأْیِ وَ نَهَضَ وَ فَعَلَ کُلَّ ذَلِکَ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ بَعَثَ اللَّهُ السَّمَاءَ وَ کَانَ الْوَادِی دَهِساً أَیْ کَثِیرَ الرَّمْلِ فَأَصَابَ اَلْمُسْلِمِینَ مَا لَبَّدَ الْأَرْضَ وَ لَمْ یَمْنَعْهُمْ مِنَ الْمَسِیرِ وَ أَصَابَ قُرَیْشاً مَا لَمْ یَقْدِرُوا مَعَهُ أَنْ یَرْتَحِلُوا مِنْهُ وَ إِنَّمَا بَیْنَ الطَّائِفَتَیْنِ قُوزٌ مِنْ رَمْلٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَصَابَ اَلْمُسْلِمِینَ تِلْکَ اللَّیْلَةَ النُّعَاسُ أُلْقِیَ عَلَیْهِمْ فَنَامُوا وَ لَمْ یُصِبْهُمْ مِنَ الْمَطَرِ مَا یُؤْذِیهِمْ.

ص :116

قَالَ اَلزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ لَقَدْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ النُّعَاسَ تِلْکَ اللَّیْلَةَ حَتَّی إِنِّی کُنْتُ لَأَتَشَدَّدُ وَ النُّعَاسُ یَجْلِدُ بِی الْأَرْضَ فَمَا أُطِیقُ إِلاَّ ذَلِکَ فَکَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَصْحَابُهُ عَلَی مِثْلِ ذَلِکَ الْحَالِ وَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ لَقَدْ رَأَیْتُنِی وَ إِنَّ ذَقَنِی بَیْنَ ثَدْیَیَّ فَمَا أَشْعُرُ حَتَّی أَقَعْ عَلَی جَنْبِی.

وَ قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِکٍ لَقَدْ غَلَبَنِی النَّوْمُ فَاحْتَلَمْتُ حَتَّی اغْتَسَلْتُ آخِرَ اللَّیْلِ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی الْمَنْزِلِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ السِّقَاءَ أَرْسَلَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَأَطَافَا بِالْقَوْمِ ثُمَّ رَجَعَا إِلَیْهِ فَقَالاَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْقَوْمُ مَذْعُورُونَ فَزِعُونَ إِنَّ الْفَرَسَ لَیُرِیدُ أَنْ یَصْهَلَ فَیَضْرِبَ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ السَّمَاءَ تَسُحُّ عَلَیْهِمْ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ مُنَبِّهُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَ کَانَ رَجُلاً یُبْصِرُ الْأَثَرَ هَذَا وَ اللَّهِ أَثَرُ اِبْنِ سُمَیَّةَ وَ اِبْنِ أُمِّ عَبْدٍ أَعْرِفُهُمَا لَقَدْ جَاءَنَا مُحَمَّدٌ بِسُفَهَائِنَا وَ سُفَهَاءِ أَهْلِ یَثْرِبَ ثُمَّ قَالَ لَمْ یَتْرُکْ الْجُوعُ لَنَا مَبِیتاً لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ أَوْ نُمِیتَا (3) .

یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ انْظُرُوا غَداً إِنْ لَقِیَنَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ فَاتَّقُوا عَلَی شُبَّانِکُمْ وَ فِتْیَانِکُمْ

ص :117

بِأَهْلِ یَثْرِبَ فَإِنَّا إِنْ نَرْجِعْ بِهِمْ إِلَی مَکَّةَ یُبْصِرُوا مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ مَا فَارَقُوا مِنْ دِینِ آبَائِهِمْ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی الْقَلِیبِ بُنِیَ لَهُ عَرِیشٌ مِنْ جَرِیدٍ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلَی بَابِ اَلْعَرِیشِ مُتَوَشِّحاً سَیْفَهُ فَدَخَلَ اَلنَّبِیُّ ص وَ أَبُو بَکْرٍ

(2)

.

قلت لأعجب من أمر العریش من أین کان لهم أو معهم من سعف النخل ما یبنون به عریشا و لیس تلک الأرض أعنی أرض بدر أرض نخل و الذی کان معهم من سعف النخل یجری مجری السلاح کان یسیرا جدا قیل إنّه کان بأیدی سبعة منهم سعاف عوض السیوف و الباقون کانوا بالسیوف و القسی و هذا قول شاذ و الصحیح أنّه ما خلا أحد منهم عن سلاح اللّهمّ إلاّ أن یکون معهم سعافات یسیرة و ظلل علیها بثوب أو ستر و إلاّ فلا أری لبناء عریش من جرید النخل هناک وجها.

3910

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ صَفَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَصْحَابَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ قُرَیْشٌ فَطَلَعَتْ قُرَیْشٌ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَصِفُّ أَصْحَابَهُ وَ قَدْ أَتْرَعُوا حَوْضاً یُفْرِطُونَ فِیهِ مِنَ السَّحَرِ وَ قُذِفَتْ فِیهِ الْآنِیَةُ وَ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَایَتَهُ إِلَی مُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ فَتَقَدَّمَ بِهَا إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی أَمَرَهُ أَنْ یَضَعَهَا وَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَنْظُرُ إِلَی الصُّفُوفِ فَاسْتَقْبَلَ الْمَغَارِبَ وَ جَعَلَ الشَّمْسَ خَلْفَهُ وَ أَقْبَلَ اَلْمُشْرِکُونَ فَاسْتَقْبَلُوا الشَّمْسَ وَ نَزَلَ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْیٰا مِنَ الْوَادِی وَ نَزَلُوا بِالْعُدْوَةِ (3) الْیَمَانِیَّةِ وَ هِیَ الْقُصْوَی وَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ کَانَ هَذَا عَنْ وَحْیٍ فَامْضِ لَهُ وَ إِلاَّ فَإِنِّی

ص :118

أَرَی أَنْ تَعْلُوَا الْوَادِیَ فَإِنِّی أَرَی رِیحاً قَدْ هَاجَتْ مِنْ أَعْلاَهَا وَ أَرَاهَا بُعِثَتْ بِنَصْرِکَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ صَفَفْتُ صُفُوفِی وَ وَضَعْتُ رَایَتِی فَلاَ أُغَیِّرُ ذَلِکَ ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِکَةِ

(1)

.

3911

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَیْرِ قَالَ عَدَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصُّفُوفَ یَوْمَئِذٍ فَتَقَدَّمَ سَوَادُ بْنُ غُزَیَّةَ أَمَامَ الصَّفِّ فَدَفَعَ اَلنَّبِیُّ ص بِقِدْحٍ فِی بَطْنِهِ وَ قَالَ اسْتَوِ یَا سَوَادُ فَقَالَ أَوْجَعْتَنِی وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ أَقِدْنِی فَکَشَفَ ص عَنْ بَطْنِهِ وَ قَالَ اسْتَقِدْ فَاعْتَنَقَهُ وَ قَبَّلَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَکَ عَلَی مَا صَنَعْتَ قَالَ حَضَرَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا قَدْ تَرَی وَ خَشِیتُ الْقَتْلَ فَأَرَدْتُ أَنْ یَکُونَ آخِرُ عَهْدِی بِکِ وَ أَنْ اعْتَنَقْکَ

(2)

.

3912

1,14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی مُوسَی بْنُ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی الْحُوَیْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِی أَوْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً ع یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِ اَلْکُوفَةِ وَ یَقُولُ بَیْنَا أَنَا أُمِیحُ (3) فِی قَلِیبِ بَدْرٍ جَاءَتْ رِیحٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ شِدَّةً ثُمَّ ذَهَبْتُ فَجَاءَتْ أُخْرَی لَمْ أَرَ مِثْلَهَا إِلاَّ الَّتِی کَانَتْ قَبْلَهَا ثُمَّ جَاءَتْ رِیحٌ أُخْرَی لَمْ أَرَ مِثْلَهَا إِلاَّ الْأُولَیَیْنِ فَکَانَتِ الْأُولَی جِبْرِیلُ فِی أَلْفٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الثَّانِیَةَ مِیکَائِیلُ فِی أَلْفٍ عَنْ مَیْمَنَتِهِ وَ الثَّالِثَةَ إِسْرَافِیلُ فِی أَلْفٍ عَنْ مَیْسَرَتِهِ فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ حَمَلَنِی رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی فَرَسٍ فَجَرَتْ بِی فَلَمَّا جَرَتْ بِی خَرَرْتُ عَلَی عُنُقِهَا فَدَعَوْتُ رَبِّی فَأَمْسَکَنِی حَتَّی اسْتَوَیْتُ وَ مَا لِی وَ لِلْخَیْلِ وَ إِنَّمَا کُنْتُ صَاحِبَ الْحَشَمِ فَلَمَّا اسْتَوَیْتُ طَعَنْتُ فِیهِمْ بِیَدِی هَذِهِ حَتَّی اخْتَضَبَتْ مِنِّی (4) ذِی یَعْنِی إِبْطَهُ

(5)

.

ص :119

قلت أکثر الرواة یروونه فحملنی رسول اللّه علی فرسه و الصحیح ما ذکرناه لأنّه لم یکن لرسول اللّه ص فرس یوم بدر و إنّما حضرها راکب بعیر و لکنه لما اصطدم الصفان و قتل قوم من فرسان المشرکین حمل رسول اللّه ص علیا ع علی بعض الخیل المأخوذة منهم.

3913

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالُوا کَانَ عَلَی مَیْمَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَبُو بَکْرٍ وَ کَانَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع وَ کَانَ عَلَی مَیْمَنَةِ قُرَیْشٍ هُبَیْرَةُ بْنُ أَبِی وَهْبٍ الْمَخْزُومِیُّ وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِمْ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ قِیلَ کَانَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَلَی مَیْسَرَتِهِمْ وَ قِیلَ بَلْ کَانَ عَلَی خَیْلِ اَلْمُشْرِکِینَ وَ قِیلَ الَّذِی عَلَی الْخَیْلِ اَلْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَ قَالَ قَوْمٌ لَمْ یَکُنْ هُبَیْرَةُ عَلَی الْمَیْمَنَةِ بَلْ کَانَ عَلَیْهَا اَلْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ

(1)

.

3914

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ رُومَانَ وَ اِبْنِ أَبِی حَبِیبَةَ قَالاَ مَا کَانَ عَلَی مَیْمَنَةِ اَلنَّبِیِّ ص یَوْمَ بَدْرٍ وَ لاَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ أَحَدٌ یُسَمَّی وَ کَذَلِکَ مَیْمَنَةُ اَلْمُشْرِکِینَ وَ مَیْسَرَتُهُمْ مَا سَمِعْنَا فِیهَا بِأَحَدٍ (2) قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ هَذَا هُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا قَالَ وَ کَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ص یَوْمَئِذٍ الْأَعْظَمُ لِوَاءَ اَلْمُهَاجِرِینَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ وَ لِوَاءُ اَلْخَزْرَجِ مَعَ اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَ لِوَاءُ اَلْأَوْسِ مَعَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ کَانَ مَعَ قُرَیْشٍ ثَلاَثَةُ أَلْوِیَةٍ لِوَاءٌ مَعَ أَبِی عَزِیزٍ (3) وَ لِوَاءٌ مَعَ اَلْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ وَ لِوَاءٌ مَعَ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ (4) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص اَلْمُسْلِمِینَ یَوْمَئِذٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَحُثُّکُمْ عَلَی مَا حَثَّکُمْ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنْهَاکُمْ عَمَّا نَهَاکُمُ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَظِیمٌ شَأْنُهُ یَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَ یُحِبُّ الصِّدْقَ وَ یُعْطِی عَلَی الْخَیْرِ أَهْلَهُ عَلَی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ

ص :120

بِهِ یَذْکُرُونَ وَ بِهِ یَتَفَاضَلُونَ وَ إِنَّکُمْ أَصْبَحْتُمْ بِمَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْحَقِّ لاَ یَقْبَلُ اللَّهُ فِیهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ مَا ابْتَغَی بِهِ وَجْهَهُ وَ إِنَّ الصَّبْرَ فِی الْبَأْسِ مِمَّا یُفَرِّجُ اللَّهُ بِهِ الْهَمَّ وَ یُنْجِی بِهِ مِنَ الْغَمِّ تُدْرِکُونَ بِهِ النَّجَاةَ فِی الْآخِرَةِ فِیکُمْ نَبِیُّ اللَّهِ یُحَذِّرُکُمْ وَ یَأْمُرُکُمْ فَاسْتَحْیُوا الْیَوْمَ أَنْ یَطَّلِعَ اللَّهُ عَلَی شَیْءٍ مِنْ أَمْرِکُمْ یُمْقِتُکُمْ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ تَعَالَی یَقُولُ لَمَقْتُ اللّٰهِ أَکْبَرُ مِنْ مَقْتِکُمْ أَنْفُسَکُمْ (1) انْظُرُوا إِلَی الَّذِی أَمَرَکُمْ بِهِ مِنْ کِتَابِهِ وَ أَرَاکُمْ مِنْ آیَاتِهِ وَ مَا أَعَزَّکُمْ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ فَاسْتَمْسِکُوا بِهِ یَرْضَ رَبُّکُمْ عَنْکُمْ وَ أُبْلُوا رَبَّکُمْ فِی هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَمْراً تَسْتَوْجِبُونَ بِهِ الَّذِی وَعَدَکُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ مَغْفِرَتِهِ فَإِنَّ وَعْدَهُ حَقٌّ وَ قَوْلَهُ صِدْقٌ وَ عِقَابَهُ شَدِیدٌ وَ إِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ بِاللَّهِ الْحَیِّ الْقَیُّومِ إِلَیْهِ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا وَ بِهِ اعْتَصَمْنَا وَ عَلَیْهِ تَوَکَّلْنَا وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ وَ یَغْفِرُ اللَّهُ لِی وَ لِلْمُسْلِمِینَ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا رَأَی رَسُولُ اللَّهِ ص قُرَیْشاً تَصَوَّبُ مِنَ الْوَادِی وَ کَانَ أَوَّلَ مَنْ طَلَعَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَلَی فَرَسٍ لَهُ یَتْبَعُهُ ابْنُهُ فَاسْتَجَالَ بِفَرَسِهِ یُرِیدُ أَنْ یَبْنُوَا لِلْقَوْمِ مَنْزِلاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اللَّهُمَّ إِنَّکَ أَنْزَلْتَ عَلَیَّ اَلْکِتَابَ وَ أَمَرْتَنِی بِالْقِتَالِ وَ وَعَدْتَنِی إِحْدَی الطّٰائِفَتَیْنِ وَ أَنْتَ لاٰ تُخْلِفُ الْمِیعٰادَ اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَیْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُیَلاَئِهَا وَ فَخْرِهَا تُخَاذِلُ وَ تُکَذِّبُ رَسُولَکَ اللَّهُمَّ نَصْرَکَ الَّذِی وَعَدْتَنِی اللَّهُمَّ أَحِنْهُمُ الْغَدَاةَ وَ طَلَعَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ عَلَی جَمَلٍ أَحْمَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ یَکُ فِی أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَیْرٌ فَفِی صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ إِنْ یُطِیعُوهُ یُرْشَدُوا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ إِیمَاءُ بْنُ رَحْضَةَ قَدْ بَعَثَ إِلَی قُرَیْشٍ ابْناً لَهُ بِعَشْرِ جَزَائِرَ حِینَ مَرُّوا بِهِ أَهْدَاهَا لَهُمْ وَ قَالَ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ یُمِدَّکُمْ بِسِلاَحٍ وَ رِجَالٍ فَإِنَّا مُعِدُّونَ لِذَلِکَ مُؤَدُّونَ فِعْلَنَا فَأَرْسِلُوا إِنْ وَصَلَتْکَ رَحِمٌ قَدْ قَضَیْتَ الَّذِی عَلَیْکَ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ

ص :121

کُنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ مَا بِنَا ضَعْفٌ عَنْهُمْ وَ لَئِنْ کُنَّا نُقَاتِلُ اللَّهَ بِزَعْمِ مُحَمَّدٍ فَمَا لِأَحَدٍ بِاللَّهِ طَاقَةٌ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی خُفَافُ بْنُ إِیمَاءِ بْنِ رَحْضَةَ قَالَ کَانَ أَبِی لَیْسَ شَیْءٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنْ إِصْلاَحٍ بَیْنَ النَّاسِ مُوَکَّلاً بِذَلِکَ فَلَمَّا مَرَّتْ بِهِ قُرَیْشٌ أَرْسَلَنِی بِجَزَائِرَ عَشْرٍ هَدِیَّةً لَهَا فَأَقْبَلْتُ أَسُوقُهَا وَ تَبِعَنِی أَبِی فَدَفَعْتُهَا إِلَی قُرَیْشٍ فَقَبِلُوهَا وَ وَزَّعُوهَا فِی القَبَائِلِ فَمَرَّ أَبِی عَلَی عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ وَ هُوَ سَیِّدُ النَّاسُ یَوْمَئِذٍ فَقَالَ یَا أَبَا الْوَلِیدِ مَا هَذَا الْمَسِیرُ قَالَ لاَ أَدْرِی وَ اللَّهِ غُلِبْتُ قَالَ فَأَنْتَ سَیِّدُ الْعَشِیرَةِ فَمَا یَمْنَعُکَ أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَ تَحَمَّلَ دَمَ حَلِیفِکَ وَ تَحَمَّلَ الْعِیرَ الَّتِی أَصَابُوا بِنَخْلَةٍ فَتُوزِعَهَا عَلَی قَوْمِکَ فَوَ اللَّهِ مَا یَطْلُبُونَ قَبْلَ مُحَمَّدٍ إِلاَّ هَذَا وَ اللَّهِ یَا أَبَا الْوَلِیدِ مَا تَقْتُلُونَ بِمُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلاَّ أَنْفُسَکُمْ

(2)

.

3915

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی الزِّنَادِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ مَا سَمِعْنَا بِأَحَدٍ سَارَ بِغَیْرِ مَالٍ إِلاَّ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ (3) .

3916

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ جُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَ الْقَوْمُ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَی قُرَیْشٍ فَقَالَ ارْجِعُوا فَلَأَنْ یَلِی هَذَا الْأَمْرَ مِنِّی غَیْرُکُمْ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ تَلَوْهُ مِنِّی وَ أَنْ أَلِیَهُ مِنْ غَیْرِکُمْ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلِیَهُ مِنْکُمْ فَقَالَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ قَدْ عَرَضَ نَصَفاً فَلَبَّوْهُ (4) وَ اللَّهِ لاَ تُنْصَرُونَ عَلَیْهِ بَعْدَ أَنْ عَرَضَ عَلَیْکُمْ مِنَ النَّصَفِ مَا عَرَضَ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ لاَ نَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ أَمْکَنَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لاَ نَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَیْنٍ وَ لاَ یَعْرِضُ (5) لِعِیرِنَا بَعْدَ هَذَا أَبَداً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ قُرَیْشٍ حَتَّی وَرَدُوا الْحَوْضَ مِنْهُمْ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ فَأَرَادَ اَلْمُسْلِمُونَ تَنْحِیَتَهُمْ (6) عَنْهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص دَعَوْهُمْ فَوَرَدُوا الْمَاءَ

ص :122

فَشَرِبُوا فَلَمْ یَشْرَبْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ قُتِلَ إِلاَّ مَا کَانَ مِنْ حَکِیمِ بْنِ حِزَامٍ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ یَقُولُ نَجَا حَکِیمٌ مِنَ الدَّهْرِ مَرَّتَیْنِ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ مِنَ الْخَیْرِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی نَفَرٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ وَ هُمْ جُلُوسٌ یُرِیدُونَهُ فَقَرَأَ یَس وَ نَثَرَ عَلَی رُءُوسِهِمُ التُّرَابَ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ قُتِلَ مَا عَدَا حَکِیمَ بْنَ حِزَامٍ وَ وَرَدَ الْحَوْضَ یَوْمَ بَدْرٍ مَعَ مَنْ وَرَدَهُ مَعَ اَلْمُشْرِکِینَ فَمَا وَرَدَهُ إِلاَّ مَنْ قُتِلَ إِلاَّ حَکِیمَ بْنَ حِزَامٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا اطْمَأَنَّ الْقَوْمُ بَعَثُوا عُمَیْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِیَّ وَ کَانَ صَاحِبَ قِدَاحٍ فَقَالُوا أَحْزِرْ (2) لَنَا مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ فَاسْتَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ الْعَسْکَرِ وَ صَوَّبَ فِی الْوَادِی وَ صَعِدَ یَقُولُ عَسَی أَنْ یَکُونَ لَهُمْ مَدَدٌ أَوْ کَمِینٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ مَدَدٌ وَ لاَ کَمِینٌ وَ الْقَوْمُ ثَلاَثُمِائَةٍ إِنْ زَادُوا قَلِیلاً وَ مَعَهُمْ سَبْعُونَ بَعِیراً وَ مَعَهُمْ فَرَسَانِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ الْبَلاَیَا تَحْمِلُ الْمَنَایَا نَوَاضِحَ یَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ قَوْمٌ لَیْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَ لاَ مَلْجَأٌ إِلاَّ سُیُوفُهُمْ أَ لاَ تَرَوْنَهُمْ خُرْساً لاَ یَتَکَلَّمُونَ یَتَلَمَّظُونَ تَلَمُّظَ الْأَفَاعِیِّ وَ اللَّهِ مَا أَرَی أَنْ یُقْتَلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّی یَقْتُلَ رَجُلاً فَإِذَا أَصَابُوا مِنْکُمْ عَدَدَهُمْ فَمَا خَیْرٌ فِی الْعَیْشِ بَعْدَ ذَلِکَ فَرَؤُا رَأْیَکُمْ

(3)

.

3917

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی یُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَرْسَلُوا أَبَا أُسَامَةَ الْجُشَمِیَّ وَ کَانَ فَارِساً فَأَطَافَ بِالنَّبِیِّ ص وَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِمْ فَقَالُوا لَهُ مَا رَأَیْتَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ جَلْداً وَ لاَ عَدَداً وَ لاَ حَلْقَةً (4) وَ لاَ کُرَاعاً وَ لَکِنِّی وَ اللَّهِ رَأَیْتُ قَوْماً لاَ یُرِیدُونَ أَنْ یَرِدُوا إِلَی أَهْلِیهِمْ رَأَیْتُ قَوْماً مُسْتَمِیتِینَ لَیْسَتْ مَعَهُمْ مَنَعَةٌ وَ لاَ مَلْجَأٌ إِلاَّ سُیُوفُهُمْ زُرْقَ الْعُیُونِ

ص :123

کَأَنَّهُمْ الْحَصَا تَحْتَ الْحَجَفَ (1) ثُمَّ قَالَ أَخْشَی أَنْ یَکُونَ لَهُمْ کَمِینٌ أَوْ مَدَدٌ فَصَوَّبَ فِی الْوَادِی ثُمَّ صَعِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ لاَ کَمِینٌ وَ لاَ مَدَدٌ فَرَؤُا رَأْیَکُمْ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا سَمِعَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ مَا قَالَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ مَشَی فِی النَّاسِ فَأَتَی عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ فَقَالَ یَا أَبَا الْوَلِیدِ أَنْتَ کَبِیرُ قُرَیْشٍ وَ سَیِّدُهَا وَ الْمُطَاعُ فِیهَا فَهَلْ لَکَ أَلاَّ تَزَالَ تُذْکَرُ فِیهَا بِخَیْرٍ آخِرَ الدَّهْرِ مَعَ مَا فَعَلْتَ یَوْمَ عُکَاظٍ وَ عُتْبَةُ یَوْمَئِذٍ رَئِیسُ النَّاسِ فَقَالَ وَ مَا ذَاکَ یَا أَبَا خَالِدٍ قَالَ تَرْجِعُ بِالنَّاسِ وَ تَحَمَّلُ دَمَ حَلِیفِکَ وَ مَا أَصَابَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ تِلْکَ الْعِیرِ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ إِنَّکُمْ لاَ تَطْلُبُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ شَیْئاً غَیْرَ هَذَا الدَّمِ وَ الْعِیرِ فَقَالَ عُتْبَةُ قَدْ فَعَلْتُ وَ أَنْتَ عَلَیَّ بِذَلِکَ ثُمَّ جَلَسَ عُتْبَةُ عَلَی جَمَلِهِ فَسَارَ فِی اَلْمُشْرِکِینَ مِنْ قُرَیْشٍ یَقُولُ یَا قَوْمِ أَطِیعُونِی وَ لاَ تُقَاتِلُوا هَذَا الرَّجُلَ وَ أَصْحَابَهُ وَ اعْصِبُوا هَذَا الْأَمْرَ بِرَأْسِی وَ اجْعَلُوا جُبْنَهَا (3) فِیَّ فَإِنَّ مِنْهُمْ رِجَالاً قَرَابَتُهُمْ قَرِیبَةٌ وَ لاَ یَزَالُ الرَّجُلُ مِنْکُمْ یَنْظُرُ إِلَی قَاتِلِ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ فَیُورِثُ ذَلِکَ بَیْنَکُمْ شَحْنَاءَ وَ أَضْغَاناً وَ لَنْ تَخْلُصُوا إِلَی قَتْلِهِمْ حَتَّی یُصِیبُوا مِنْکُمْ عَدَدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لاَ آمَنُ أَنْ تَکُونَ الدَّائِرَةُ عَلَیْکُمْ وَ أَنْتُمْ لاَ تَطْلُبُونَ إِلاَّ دَمَ الْقَتِیلِ مِنْکُمْ وَ الْعِیرَ الَّتِی أُصِیبَتْ وَ أَنَا أَحْتَمِلُ ذَلِکَ وَ هُوَ عَلَیَّ یَا قَوْمِ إِنْ یَکُ مُحَمَّدٌ کَاذِباً یَکْفِیکُمُوهُ ذُؤْبَانُ اَلْعَرَبِ وَ إِنْ یَکُ مَلِکاً کُنْتُمْ فِی مِلْکِ ابْنِ أَخِیکُمْ وَ إِنْ یَکُ نَبِیّاً کُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ یَا قَوْمِ لاَ تَرُدُّوا نَصِیحَتِی وَ لاَ تَسْفَهُوا رَأْیِی فَحَسَدَهُ أَبُو جَهْلٍ حِینَ سَمِعَ خُطْبَتَهُ وَ قَالَ إِنْ یَرْجِعِ النَّاسُ عَنْ خُطْبَةِ عُتْبَةَ یَکُنْ سَیِّدَ الْجَمَاعَةِ وَ کَانَ عُتْبَةُ أَنْطَقَ النَّاسِ وَ أَطْوَلَهُمْ لِسَاناً وَ أَجْمَلَهُمْ جَمَالاً ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ لَهُمْ أَنْشُدُکُمُ اللَّهَ فِی هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِی کَأَنَّهَا الْمَصَابِیحُ أَنْ تَجْعَلُوهَا أَنْدَاداً لِهَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِی کَأَنَّهَا وُجُوهُ الْحَیَّاتِ فَلَمَّا فَرَغَ عُتْبَةُ مِنْ کَلاَمِهِ قَالَ أَبُو جَهْلٍ إِنَّ عُتْبَةَ یُشِیرُ عَلَیْکُمْ بِهَذَا

ص :124

لِأَنَّ مُحَمَّداً ابْنُ عَمِّهِ وَ هُوَ یَکْرَهُ أَنْ یُقْتَلَ ابْنُهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ امْتَلَأَ وَ اللَّهِ سَحْرُکَ یَا عُتْبَةُ وَ جَبُنْتَ حِینَ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ (1) الْآنَ تُخْذَلُ بَیْنَنَا وَ تَأْمُرُنَا بِالرُّجُوعِ لاَ وَ اللَّهِ لاَ نَرْجِعُ حَتَّی یَحْکُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ فَغَضِبَ عُتْبَةُ فَقَالَ یَا مُصَفِّرَاً اسْتَهُ سَتَعْلَمُ أَیُّنَا أَجْبَنُ وَ أَلْأَمُ وَ سَتَعْلَمُ قُرَیْشٌ مَنِ الْجَبَانُ الْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ وَ أَنْشَدَ هَذَایَ وَ أَمَرْتُ أَمْرِی فَبُشْرَی بِالثُّکْلِ أُمِّ عَمْرٍو (2) قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ ذَهَبَ أَبُو جَهْلٍ إِلَی عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِیِّ أَخِی عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِیِّ الْمَقْتُولِ بِنَخْلَةٍ فَقَالَ لَهُ هَذَا حَلِیفُکَ یَعْنِی عُتْبَةَ یُرِیدُ أَنْ یَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَ قَدْ رَأَیْتَ ثَأْرَکَ بِعَیْنِکَ وَ تُخْذَلُ بَیْنَ النَّاسِ أَ قَدْ تَحَمَّلَ دَمَ أَخِیکَ وَ زَعَمَ أَنَّکَ قَابِلٌ الدِّیَةَ أَ لاَ تَسْتَحِی تَقْبَلُ الدِّیَةَ وَ قَدْ قَدَرْتَ عَلَی قَاتِلِ أَخِیکَ قُمْ فَانْشُدْ خَفِرَتِکَ فَقَامَ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِیِّ فَاکْتَشَفَ (3) ثُمَّ حَثَا عَلَی اسْتِهِ التُّرَابَ وَ صَرَخَ وَا عَمْرَاهْ یُخْزِی بِذَلِکَ عُتْبَةَ لِأَنَّهُ حَلِیفُهُ مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ فَأَفْسَدَ عَلَی النَّاسِ الرَّأْیَ الَّذِی دَعَاهُمْ إِلَیْهِ عُتْبَةُ وَ حَلَفَ عَامِرٌ لاَ یَرْجِعُ حَتَّی یُقْتَلَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ لِعُمَیْرِ بْنِ وَهْبٍ حَرِّشْ بَیْنَ النَّاسِ فَحَمَلَ عُمَیْرٌ فَنَاوَشَ اَلْمُسْلِمِینَ لِأَنْ یَنْفُضَ الصَّفُّ فَثَبَتَ اَلْمُسْلِمُونَ عَلَی صَفِّهِمْ وَ لَمْ یَزُولُوا وَ تَقَدَّمَ اِبْنُ الْحَضْرَمِیِّ فَشَدَّ عَلَی الْقَوْمِ فَنَشَبَتِ الْحَرْبُ (4) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی نَافِعُ بْنُ جُبَیْرٍ عَنْ حَکِیمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ لَمَّا أَفْسَدَ الرَّأْیَ أَبُو جَهْلٍ عَلَی النَّاسِ وَ حَرَّشَ بَیْنَهُمْ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِیِّ فَأَقْحَمَ فَرَسَهُ کَانَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ إِلَیْهِ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ مِهْجَعٌ مَوْلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَتَلَهُ عَامِرٌ وَ کَانَ أَوَّلَ قَتِیلٍ قُتِلَ مِنَ اَلْأَنْصَارِ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ قَتَلَهُ حَیَّانُ بْنُ الْعَرْقَةِ (5) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِی مَجْلِسِ وَلاَیَتِهِ یَا عُمَیْرَ بْنَ وَهْبٍ أَنْتَ

ص :125

حَاذِرُنَا لِلْمُشْرِکِینَ یَوْمَ بَدْرٍ تَصْعَدُ فِی الْوَادِی وَ تُصَوِّبُ کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی فَرَسِکَ تَحْتَکَ تُخْبِرُ اَلْمُشْرِکِینَ أَنَّهُ لاَ کَمِینَ لَنَا وَ لاَ مَدَدَ قَالَ إِی وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أُخْرَی أَنَا وَ اللَّهِ الَّذِی حَرَّشْتُ بَیْنَ النَّاسِ یَوْمَئِذٍ وَ لَکِنَّ اللَّهَ جَاءَنَا بِالْإِسْلاَمِ وَ هَدَانَا لَهُ وَ مَا کَانَ فِینَا مِنَ الشِّرْکِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِکَ قَالَ عُمَرُ صَدَقْتَ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ کَلَّمَ حَکِیمَ بْنَ حِزَامٍ وَ قَالَ لَیْسَ عِنْدَ أَحَدٍ خِلاَفٌ إِلاَّ عِنْدَ اِبْنِ الْحَنْظَلِیَّةِ فَاذْهَبْ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّ عُتْبَةَ یَحْمِلُ دَمَ حَلِیفِهِ وَ یَضْمَنُ الْعِیرَ قَالَ حَکِیمٌ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَهْلٍ وَ هُوَ یَتَخَلَّقُ بِخَلُوقٍ طَیِّبٍ وَ دِرْعُهُ مَوْضُوعَةٌ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقُلْتُ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ بَعَثَنِی إِلَیْکَ فَأَقْبَلَ عَلَیَّ مُغْضَباً فَقَالَ مَا وَجَدَ عُتْبَةُ أَحَداً یُرْسِلُهُ غَیْرَکَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَوْ کَانَ غَیْرُهُ أَرْسَلَنِی مَا مَشَیْتُ فِی ذَلِکَ وَ لَکِنِّی مَشَیْتُ فِی إِصْلاَحٍ بَیْنَ النَّاسِ وَ کَانَ أَبُو الْوَلِیدِ سَیِّدَ الْعَشِیرَةِ فَغَضِبَ غَضْبَةُ أُخْرَی قَالَ وَ تَقُولُ أَیْضاً سَیِّدُ الْعَشِیرَةِ فَقُلْتُ أَنَا أَقُولُهُ وَ قُرَیْشٌ کُلُّهَا تَقُولُهُ فَأَمَرَ عَامِراً أَنْ یَصِیحَ بِخَفْرَتِهِ وَ اکْتَشَفَ وَ قَالَ إِنَّ عُتْبَةَ جَاعَ فَاسْقُوهُ سَوِیقاً وَ جَعَلَ اَلْمُشْرِکِینَ یَقُولُونَ عُتْبَةُ جَاعٍ فَاسْقُوهُ سَوِیقاً وَ جَعَلَ أَبُو جَهْلٍ یُسَرُّ بِمَا صَنَعَ اَلْمُشْرِکُونَ بِعُتْبَةَ قَالَ حَکِیمٌ فَجِئْتُ إِلَی مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِأَبِی جَهْلٍ فَوَجَدْتُهُ خَیْراً مِنْ أَبِی جَهْلٍ قَالَ نِعِمَّا مَشَیْتُ فِیهِ وَ مَا دَعَا إِلَیْهِ عُتْبَةُ فَرَجَعْتُ إِلَی عُتْبَةَ فَوَجَدْتُهُ قَدْ غَضِبَ مِنْ کَلاَمِ قُرَیْشٍ فَنَزَلَ عَنْ جَمَلِهِ وَ قَدْ کَانَ طَافَ عَلَیْهِمْ فِی عَسْکَرِهِمْ یَأْمُرُهُمْ بِالْکَفِّ عَنِ الْقِتَالِ فَیَأْبَوْنَ فَحَمِیَ فَنَزَلَ فَلَبِسَ دِرْعَهُ وَ طَلَبُوا لَهُ بَیْضَةً فَلَمْ یُوجَدْ فِی الْجَیْشِ بَیْضَةٌ تَسَعُ رَأْسَهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِکَ اعْتَجَرَ ثُمَّ بَرَزَ رَاجِلاً بَیْنَ أَخِیهِ شَیْبَةَ وَ بَیْنَ ابْنِهِ اَلْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ فَبَیْنَا أَبُو جَهْلٍ فِی الصَّفِّ عَلَی فَرَسٍ أُنْثَی حَاذَاهُ عُتْبَةُ وَ سَلَّ سَیْفَهُ فَقِیلَ هُوَ وَ اللَّهِ یَقْتُلُهُ فَضَرَبَ بِالسَّیْفِ عُرْقُوبَ فَرَسِ أَبِی جَهْلٍ فَاکْتَسَعَتِ (2) الْفَرَسُ

ص :126

وَ قَالَ انْزِلْ فَإِنَّ هَذَا الْیَوْمَ لَیْسَ بِیَوْمِ رُکُوبٍ لَیْسَ کُلُّ قَوْمِکَ رَاکِباً فَنَزَلَ أَبُو جَهْلٍ وَ عُتْبَةُ یَقُولُ سَیَعْلَمُ أَیُّنَا شُؤْمُ عَشِیرَتِهِ الْغَدَاةَ قَالَ حَکِیمٌ فَقُلْتُ تَاللَّهِ مَا رَأَیْتُ کَالْیَوْمِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ دَعَا عُتْبَةُ إِلَی الْمُبَارَزَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی اَلْعَرِیشِ وَ أَصْحَابُهُ عَلَی صُفُوفِهِمْ فَاضْطَجَعَ فَغَشِیَهُ النَّوْمُ وَ قَالَ لاَ تُقَاتِلُوا حَتَّی أُوذِنَکُمْ وَ إِنْ کَثَبُوکُمْ فَارْمُوهُمْ وَ لاَ تَسُلُّوا السُّیُوفَ حَتَّی یَغُشُّوکُمْ فَقَالَ أَبُو بَکْرٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ دَنَا الْقَوْمُ وَ قَدْ نَالُوا مِنَّا فَاسْتَیْقِظْ وَ قَدْ أَرَاهُ اللَّهُ إِیَّاهُمْ فِی مَنَامِهِ قَلِیلاً وَ قَلَّلَ بَعْضَهُمْ فِی أَعْیُنِ بَعْضٍ فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ رَافِعٌ یَدَیْهِ یُنَاشِدُ رَبَّهُ مَا وَعَدَهُ مِنَ النَّصْرِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ تَظْهَرْ عَلَیَّ هَذِهِ الْعِصَابَةُ یَظْهَرِ الشِّرْکُ وَ لاَ یَقُمْ لَکَ دِینٌ وَ أَبُو بَکْرٍ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَیَنْصُرَنَّکَ اللَّهُ وَ لَیُبَیِّضَنَّ وَجْهَکَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُشِیرُ عَلَیْکَ وَ أَنْتَ أَعْظَمُ وَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ یُشَارَ عَلَیْکَ إِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یُنْشِدَ وَعْدَهُ فَقَالَ ع یَا اِبْنَ رَوَاحَةَ أَ لاَ أَنْشَدَ اللَّهَ وَعْدَهُ إِنَّ اللّٰهَ لاٰ یُخْلِفُ الْمِیعٰادَ وَ أَقْبَلَ عُتْبَةُ یَعْمِدُ إِلَی الْقِتَالِ فَقَالَ لَهُ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ مَهْلاً مَهْلاً یَا أَبَا الْوَلِیدِ لاَ تَنْهَ عَنْ شَیْءٍ وَ تَکُونَ أَوَّلَهُ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالَ خُفَافُ بْنُ إِیمَاءَ فَرَأَیْتُ أَصْحَابَ اَلنَّبِیِّ ص یَوْمَ بَدْرٍ وَ قَدْ تَصَافَّ النَّاسُ وَ تَزَاحَفُوا وَ هُمْ لاَ یَسُلُّونَ السُّیُوفَ وَ لَکِنَّهُمْ قَدْ انْتَضَوْا الْقَسِّیَّ وَ قَدْ تَتَرَّسَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِصُفُوفٍ مُتَقَارِبَةٍ لاَ فُرَجَ بَیْنَهَا وَ الْآخَرُونَ قَدْ سَلُّوا السُّیُوفَ حِینَ طَلَعُوا فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِکَ فَسَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِکَ رَجُلاً مِنَ اَلْمُهَاجِرِینَ فَقَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَلاَّ نَسُلَّ السُّیُوفَ حَتَّی یَغْشَوْنَا(2).

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا تَزَاحَفَ النَّاسُ قَالَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِیُّ حِینَ دَنَا مِنَ

ص :127

الْحَوْضِ أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَشْرِبَنَّ مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لَأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ فَشَدَّ حَتَّی دَنَا مِنَ الْحَوْضِ وَ اسْتَقْبَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَضَرَبَهُ فَأَطَنَّ (1) قَدَمَهُ فَزَحَفَ اَلْأَسْوَدُ لِیُبِرَّ قَسَمَهُ زَعَمَ حَتَّی وَقَفَ فِی الْحَوْضِ فهَدَمَهُ بِرِجْلِهِ الصَّحِیحَةِ وَ شَرِبَ مِنْهُ وَ أَتْبَعَهُ حَمْزَةُ فَضَرَبَهُ فِی الْحَوْضِ فَقَتَلَهُ وَ اَلْمُشْرِکُونَ یَنْظُرُونَ ذَلِکَ عَلَی صُفُوفِهِمْ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَخَرَجَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ اَلْوَلِیدُ حَتَّی فَصَلُوا مِنَ الصَّفِّ ثُمَّ دَعَوْا إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ فِتْیَانٌ ثَلاَثَةٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ وَ هُمْ بَنُو عَفْرَاءَ مُعَاذٌ وَ مِعْوَذٌ وَ عَوْفٌ بَنُو الْحَارِثِ وَ یُقَالُ إِنَّ ثَالِثَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ الثَّابِتُ عِنْدَنَا أَنَّهُمْ بَنُو عَفْرَاءَ فَاسْتَحَی رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ ذَلِکَ وَ کَرِهَ أَنْ یَکُونَ أَوَّلَ قِتَالٍ لَقِیَ اَلْمُسْلِمُونَ فِیهِ اَلْمُشْرِکِینَ فِی اَلْأَنْصَارِ وَ أَحَبَّ أَنْ تَکُونَ الشَّوْکَةُ لِبَنِی عَمِّهِ وَ قَوْمِهِ فَأَمَرَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَی مَصَافِّهِمْ وَ قَالَ لَهُمْ خَیْراً ثُمَّ نَادَی مُنَادِی اَلْمُشْرِکِینَ یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَیْنَا الْأَکْفَاءَ مِنْ قَوْمِنَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص یَا بَنِی هَاشِمٍ قُومُوا فَقَاتِلُوا بِحَقِّکُمْ الَّذِی بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِیَّکُمْ إِذْ جَاءُوا بِبَاطِلِهِمْ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللّٰهِ فَقَامَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَمَشَوْا إِلَیْهِمْ فَقَالَ عُتْبَةُ تَکَلَّمُوا نَعْرِفْکُمْ وَ کَانَ عَلَیْهِمُ الْبَیْضُ فَأَنْکَرُوهُمْ فَإِنْ کُنْتُمْ أَکْفَاءَنَا قَاتَلْنَاکُمْ

(3)

.

3918

14- وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِی کِتَابِ اَلْمَغَازِی خِلاَفَ هَذِهِ الرِّوَایَةِ قَالَ إِنَّ بَنِی عَفْرَاءَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ بَرَزُوا إِلَی عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ وَ اَلْوَلِیدِ فَقَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا رَهْطٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَقَالُوا ارْجِعُوا فَمَا لَنَا بِکُمْ مِنْ حَاجَةٍ ثُمَّ نَادَی مُنَادِیهِمْ یَا مُحَمَّدُ

ص :128

أَخْرِجْ إِلَیْنَا أَکْفَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قُمْ یَا فُلاَنُ قُمْ یَا فُلاَنُ قُمْ یَا فُلاَنُ

(1)

.

قلت و هذه الروایة أشهر من روایة الواقدی و فی روایة الواقدی ما یؤکد صحة روایة محمّد بن إسحاق و هو قوله إن منادی المشرکین نادی یا محمد أخرج إلینا الأکفاء من قومنا فلو لم یکن قد کلمهم بنو عفراء و کلموهم و ردوهم لما نادی منادیهم بذلک و یدلّ علی ذلک قول بعض القرشیین لبعض الأنصار فی فخر فخر به علیه أنا من قوم لم یرض مشرکوهم أن یقتلوا مؤمنی قومک.

3919

1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَقَالَ حَمْزَةُ أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ فَقَالَ عُتْبَةُ کُفْءٌ کَرِیمٌ وَ أَنَا أَسَدُ الْحَلْفَاءِ مَنْ هَذَانِ مَعَکَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ کُفْآنِ کَرِیمَانِ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالَ اِبْنُ أَبِی الزِّنَادِ حَدَّثَنِی أَبِی قَالَ لَمْ أَسْمَعْ لِعُتْبَةَ کَلِمَةً قَطُّ أَوْهَنَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَا أَسَدُ الْحَلْفَاءِ یَعْنِی بِالْحَلْفَاءِ الْأَجَمَةَ.

قُلْتُ قَدْ رُوِیَ هَذِهِ الْکَلِمَةُ عَلَی صِیغَةٍ أُخْرَی وَ أَنَا أَسَدُ الْحَلْفَاءِ وَ رُوِیَ أَنَا أَسَدُ الأَحْلاَفِ.

قَالُوا فِی تَفْسِیرِهِمَا أَرَادَ أَنَا سَیِّدُ أَهْلِ اَلْحَلْفِ الْمُطَیَّبِینَ وَ کَانَ الَّذِینَ حَضَرُوهُ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی وَ بَنِی تَیْمٍ وَ بَنِی زُهْرَةَ وَ بَنِی الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ خَمْسَ قَبَائِلَ وَ رَدَّ قَوْمٌ هَذَا التَّأْوِیلَ فَقَالُوا إِنَّ الْمُطَیَّبِینَ لَمْ یَکُنْ یُقَالُ لَهُمْ الْحَلْفَاءِ وَ لاَ الأَحْلاَفُ وَ إِنَّمَا ذَلِکَ لَقَبُ خُصُومِهِمْ وَ أَعْدَائِهِمْ الَّذِینَ وَقَعَ التَّحَالُفُ لِأَجْلِهِمْ وَ هُمْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَ بَنُو مَخْزُومٍ وَ بَنُو سَهْمٍ وَ بَنُو جُمَحٍ وَ بَنُو عَدِیِّ بْنِ کَعْبٍ خَمْسُ

ص :129

قَبَائِلَ وَ قَالَ قَوْمٌ فِی تَفْسِیرِهِمَا إِنَّمَا عَنَی حِلْفَ الْفُضُولِ وَ کَانَ بَعْدَ حِلْفِ الْمُطَیَّبِینَ بِزَمَانٍ وَ شَهِدَ حِلْفَ الْفُضُولِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ صَغِیرٌ فِی دَارِ اِبْنِ جُدْعَانَ وَ کَانَ سَبَبُهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ اَلْیَمَنِ قَدِمَ مَکَّةَ بِمَتَاعٍ فَاشْتَرَاهُ اَلْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِیُّ وَ مَطَلَهُ بِالثَّمَنِ حَتَّی أَتْعَبَهُ فَقَامَ بِالْحَجَرِ وَ نَاشَدَ قُرَیْشاً ظُلاَمَتَهُ فَاجْتَمَعَ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی وَ بَنُو زُهْرَةَ وَ بَنُو تَمِیمٍ فِی دَارِ اِبْنِ جُدْعَانَ فَتَحَالَفُوا غَمَسُوا أَیْدِیَهُمْ فِی مَاءِ زَمْزَمَ بَعْدَ أَنْ غَسَلُوا بِهِ أَرْکَانَ اَلْبَیْتِ أَنْ یَنْصُرُوا کُلَّ مَظْلُومٍ بِمَکَّةَ وَ یَرُدُّوا عَلَیْهِ ظُلاَمَتَهُ وَ یَأْخُذُوا عَلَی یَدِ الظَّالِمِ وَ یَنْهَوْا عَنْ کُلِّ مُنْکَرٍ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً فَسُمِّیَ حِلْفَ الْفُضُولِ لِفَضْلِهِ وَ قَدْ ذَکَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ شَهِدْتُهُ وَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِی بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَ لاَ یَزِیدُهُ اَلْإِسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً .

و هذا التفسیر أیضا غیر صحیح لأن بنی عبد الشمس لم یکونوا فی حلف الفضول فقد بان أن ما ذکره الواقدی أصح و أثبت.

3920

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ لاِبْنِهِ قُمْ یَا وَلِیدُ فَقَامَ اَلْوَلِیدُ وَ قَامَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ وَ کَانَا أَصْغَرَ النَّفْرِ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ فَقَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ وَ قَامَ إِلَیْهِ حَمْزَةُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ شَیْبَةُ وَ قَامَ إِلَیْهِ عُبَیْدَةُ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَضَرَبَ شَیْبَةُ رِجْلَ عُبَیْدَةَ بِذُبَابِ السَّیْفِ فَأَصَابَ عَضَلَةَ سَاقِهِ فَقَطَعَهَا وَ کَرَّ حَمْزَةُ وَ عَلِیٌّ عَلَی شَیْبَةَ فَقَتَلاَهُ وَ احْتَمَلاَ عُبَیْدَةَ فَحَازَاهُ إِلَی الصَّفِّ وَ مُخُّ سَاقِهِ یَسِیلُ فَقَالَ عُبَیْدَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَسْتُ شَهِیداً قَالَ بَلَی قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ کَانَ أَبُو طَالِبٍ حَیّاً لَعَلِمَ أَنِّی أَحَقُّ بِمَا قَالَ حِینَ یَقُولُ کَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ نُخْلِی مُحَمَّداً

وَ نَزَلَتْ فِیهِمْ هَذِهِ الْآیَةُ هٰذٰانِ خَصْمٰانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ

(1)

.

ص :130

3921

1- وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ عُتْبَةَ بَارَزَ عُبَیْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ وَ أَنَّ شَیْبَةَ بَارَزَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَتَلَ حَمْزَةُ شَیْبَةَ لَمْ یُمْهِلْهُ أَنْ قَتَلَهُ وَ لَمْ یُمْهِلْ عَلِیٌّ اَلْوَلِیدَ أَنْ قَتَلَهُ وَ اخْتَلَفَ عُبَیْدَةُ وَ عُتْبَةُ بَیْنَهُمَا ضَرْبَتَیْنِ کِلاَهُمَا أَثْبَتَ (1) صَاحِبَهُ وَ کَرَّ حَمْزَةُ وَ عَلِیٌّ ع عَلَی عُتْبَةَ بِأَسْیَافِهِمَا حَتَّی وَقَعَا عَلَیْهِ (2) وَ احْتَمَلاَ صَاحِبَهُمَا فَحَازَاهُ إِلَی الصَّفِّ

(3)

.

قُلْتُ

3922

وَ هَذِهِ الرِّوَایَةُ تُوَافِقُ مَا یَذْکُرُهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ع فِی کَلاَمِهِ إِذْ یَقُولُ لِمُعَاوِیَةَ

وَ عِنْدِی السَّیْفُ الَّذِی أَعْضَضْتُ بِهِ أَخَاکَ وَ خَالَکَ وَ جَدَّکَ یَوْمَ بَدْرٍ .

3923

وَ یَقُولُ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ

قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیکَ وَ خَالِکَ وَ جَدِّکَ وَ مٰا هِیَ مِنَ الظّٰالِمِینَ بِبَعِیدٍ .

3924

1- وَ اخْتَارَ اَلْبَلاذُرِیِّ رِوَایَةَ اَلْوَاقِدِیِّ وَ قَالَ إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ عُتْبَةَ وَ إِنَّ عَلِیّاً ع قَتَلَ اَلْوَلِیدَ وَ شَرِکَ فِی قَتْلِ شَیْبَةَ (4) .

و هذا هو المناسب لأحوالهم من طریق السن لأن شیبة أسن الثلاثة فجعل بإزاء عبیدة و هو أسن الثلاثة و الولید أصغر الثلاثة سنا فجعل بإزاء علی ع و هو أصغر الثلاثة سنا و عتبة أوسطهم سنا فجعل بإزاء حمزة و هو أوسطهم سنا و أیضا فإن عتبة کان أمثل الثلاثة فمقتضی القیاس أن یکون قرنه أمثل الثلاثة و هو حمزة إذ ذاک لأن علیا ع لم یکن قد اشتهر أمره جدا و إنّما اشتهر الشهرة التامة بعد بدر و لمن روی أن حمزة بارز شیبة و هی روایة ابن إسحاق أن ینتصر بشعر هند بنت عتبة ترثی أباها أ عینی جودا بدمع سرب

ص :131

فإذا کانت قد قالت إن عتبة أباها أذاقه بنو هاشم و بنو المطلب حر أسیافهم فقد ثبت أن المبارز لعتبة إنّما هو عبیدة لأنّه من بنی المطلب جرح عتبة فأثبته ثمّ ذفف (1) علیه حمزة و علی ع

3925

1- فَأَمَّا اَلشِّیعَةُ فَإِنَّهَا تَرْوِی أَنَّ حَمْزَةَ بَادَرَ عُتْبَةَ فَقَتَلَهُ وَ أَنْ اشْتَرَاکَ عَلِیٍّ وَ حَمْزَةَ إِنَّمَا هُوَ فِی دَمِ شَیْبَةَ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ هَکَذَا ذَکَرَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ فِی کِتَابِ اَلْإِرْشَادِ . و هو خلاف ما تنطق به کتب أمیر المؤمنین ع إلی معاویة و الأمر عندی مشتبه فی هذا الموضع.

و

3926

رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ع أَنَّهُ کَانَ یَذْکُرُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَقُولُ أَخْتَلِفُ أَنَا وَ اَلْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ ضَرْبَتَیْنِ فَأَخْطَأَتْنِی ضَرَبْتُهُ وَ أَضْرِبُهُ فَاتَّقَانِی بِیَدِهِ الْیُسْرَی فَأَبَانَهَا السَّیْفُ فَکَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی وَمِیضِ خَاتَمٍ فِی شِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبْتُهُ أُخْرَی فَصَرَعْتُهُ وَ سَلَبْتُهُ فَرَأَیْتُ بِهِ الرَّدْعَ (2) مِنْ خَلُوقٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَرِیبُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ .

3927

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ حِینَ دَعَا إِلَی الْبِرَازِ قَامَ إِلَیْهِ ابْنُهُ أَبُو حُذَیْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ یُبَارِزُهُ فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِیُّ ص اجْلِسْ فَلَمَّا قَامَ إِلَیْهِ النَّفَرُ أَعَانَ أَبُو حُذَیْفَةَ عَلَی أَبِیهِ عُتْبَةَ بِضَرْبَةٍ

(3)

.

3928

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَخْبَرَنِی اِبْنُ أَبِی الزِّنَادِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ شَیْبَةُ أَکْبَرُ مِنْ عَتَبَةِ بِثَلاَثِ سِنِینَ وَ حَمْزَةَ أَسَنَّ مِنْ اَلنَّبِیِّ ص بِأَرْبَعِ سِنِینَ وَ اَلْعَبَّاسِ أَسَنُّ مِنَ اَلنَّبِیِّ ص بِثَلاَثِ سِنِینَ

(4)

.

3929

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ اسْتَفْتَحَ أَبُو جَهْلٍ یَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَقْطَعَنَا لِلرَّحِمِ وَ آتَانَا بِمَا لاَ یَعْلَمُ فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جٰاءَکُمُ الْفَتْحُ (5) الْآیَةَ .

ص :132

3930

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ اَلنَّبِیَّ ص جَعَلَ شِعَارَ اَلْمُهَاجِرِینَ یَوْمَ بَدْرٍ یَا بَنِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ شِعَارَ اَلْخَزْرَجِ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ وَ شِعَارَ اَلْأَوْسِ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ .

3931

14- قَالَ وَ رَوَی زَیْدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ ع أَنَّ شِعَارَ رَسُولِ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ یَا مَنْصُورُ أَمِتْ

(1)

.

3932

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ قَتْلِ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ وَ کَانَ قَدْ لَبِسَ السِّلاَحَ بِمَکَّةَ یَوْماً قَبْلَ اَلْهِجْرَةِ فِی بَعْضِ مَا کَانَ یَنَالُ اَلنَّبِیَّ ص مِنَ الْأَذَی وَ قَالَ لاَ یَعْرِضُ الْیَوْمَ أَحَدٌ لِمُحَمَّدٍ بِأَذًی إِلاَّ وَضَعْتُ فِیهِ السِّلاَحَ فَشَکَرَ ذَلِکَ لَهُ اَلنَّبِیُّ ص قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِیُّ فَلَحِقْتُهُ یَوْمَ بَدْرٍ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ نَهَی عَنْ قَتْلِکَ إِنْ أَعْطَیْتَ بِیَدِکَ قَالَ وَ مَا تُرِیدُ إِلَیَّ إِنْ کَانَ قَدْ نَهَی عَنْ قَتْلِی فَقَدْ کُنْتَ أَبْلَیْتَهُ ذَلِکَ فَأَمَّا أَنْ أُعْطِیَ بِیَدِی فَوَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی لَقَدْ عَلِمَتْ نِسْوَةٌ بِمَکَّةَ أَنِّی لاَ أُعْطِی بِیَدِی وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّکَ لاَ تَدَعُنِی فَافْعَلْ الَّذِی تُرِیدُ فَرَمَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَهْمٍ وَ قَالَ اللَّهُمَّ سَهْمُکَ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَبْدُکَ فَضَعْهُ فِی مَقْتَلِهِ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ دَارِعٌ فَفَتَقَ السَّهْمُ الدِّرْعَ فَقَتَلَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُقَالُ إِنَّ اَلْمُجَذَّرَ بْنَ ذِیَادٍ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِیِّ وَ لاَ یَعْرِفُهُ وَ قَالَ اَلْمُجَذَّرُ فِی ذَلِکَ شِعْراً عَرَفَ مِنْهُ أَنَّهُ قَاتِلُهُ (2)

.

3933

14- وَ فِی رِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَی یَوْمَ بَدْرٍ عَنْ قَتْلِ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ وَ اسْمُهُ اَلْوَلِیدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی لِأَنَّهُ کَانَ أَکَفَّ

ص :133

النَّاسِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَکَّةَ کَانَ لاَ یُؤْذِیهِ وَ لاَ یَبْلُغُهُ عَنْهُ شَیْءٌ یَکْرَهُهُ وَ کَانَ فِیمَنْ قَامَ فِی نَقْضِ الصَّحِیفَةِ الَّتِی کَتَبَتْهَا قُرَیْشٌ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ فَلَقِیَهُ اَلْمُجَذَّرُ بْنُ ذِیَادٍ الْبَلَوِیُّ حَلِیفُ اَلْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَانَا عَنْ قَتْلِکَ وَ مَعَ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ زَمِیلٌ لَهُ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَکَّةَ یُقَالُ لَهُ جُنَادَةُ بْنُ مَلِیحَةَ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ زَمِیلِی قَالَ اَلْمُجَذَّرُ وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِتَارِکِی زَمِیلِکَ مَا نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ص إِلاَّ عَنْکَ وَحْدَکَ (1) قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَ هُوَ جَمِیعاً لاَ تَتَحَدَّثُ عَنِّی نِسَاءُ أَهْلِ مَکَّةَ أَنِّی تَرَکْتُ زَمِیلِی حِرْصاً عَلَی الْحَیَاةِ فَنَاَزَلَهُ اَلْمُجَذَّرُ وَ ارْتَجَزَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ (2) فَقَالَ لَنْ یُسْلِمَ ابْنُ حُرَّةَ زَمِیلَهُ حَتَّی یَمُوتَ أَوْ یَرَی سَبِیلَهُ.

ثُمَّ اقْتَتَلاَ فَقَتَلَهُ اَلْمُجَذَّرُ وَ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَهُ وَ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جَهَدْتُ أَنْ یَسْتَأْسِرَ فَآتِیَکَ بِهِ فَأَبَی إِلاَّ الْقِتَالَ فَقَاتَلْتُهُ (3) فَقَتَلْتُهُ

(4)

.

3934

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ نَهَی اَلنَّبِیُّ ص عَنْ قَتْلِ اَلْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ وَ قَالَ ائْسِرُوهُ وَ لاَ تَقْتُلُوهُ وَ کَانَ کَارِهاً لِلْخُرُوجِ إِلَی بَدْرٍ فَلَقِیَهُ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافَ فَقَتَلَهُ وَ لاَ یَعْرِفُهُ فَبَلَغَ اَلنَّبِیَّ ص ذَلِکَ فَقَالَ لَوْ وَجَدْتُهُ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ لَتَرَکْتُهُ لِنِسَائِهِ وَ نَهَی عَنْ قَتْلِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ فَقَتَلَهُ ثَابِتُ بْنُ الْجَذَعِ وَ لاَ یَعْرِفُهُ .

3935

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ ارْتَجَزَ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ یَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ أَنَا عَدِیٌّ وَ اَلسَّحْلُ أَمْشِی بِهَا مَشْیَ الْفَحْلِ.

یَعْنِی دِرْعَهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص مَنْ عَدِیٌّ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ مَا ذَا قَالَ ابْنُ فُلاَنٍ قَالَ لَسْتَ أَنْتَ عَدِیّاً فَقَالَ عَدِیُّ بْنُ أَبِی

ص :134

الزَّغْبَاءِ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ عَدِیٌّ قَالَ وَ مَا ذَا (1) قَالَ وَ اَلسَّحْلُ أَمْشِی بِهَا مَشْیَ الْفَحْلِ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص وَ مَا اَلسَّحْلُ قَالَ دِرْعِی فَقَالَ ص نِعْمَ اَلْعَدِیُّ عَدِیُّ بْنُ أَبِی الزَّغْبَاءِ

(2)

.

3936

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ قَالَ بِمَکَّةَ حِینَ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی اَلْمَدِینَةِ یَا رَاکِبَ النَّاقَةِ الْقَصْوَاءِ هَاجَرَنَا

فَبَلَغَ قَوْلُهُ اَلنَّبِیَّ ص فَقَالَ اللَّهُمَّ أَکِبَّهُ لِمَنْخِرِهِ وَ اصْرَعْهُ فَجَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ یَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ أَنْ وَلَّی النَّاسُ فَأَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلاَنِیُّ أَسِیراً وَ أَمَرَ اَلنَّبِیُّ ص عَاصِمَ بْنَ أَبِی الْأَقْلَحِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ صَبْراً

(3)

.

3937

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یُحَدِّثُ یَقُولُ إِنِّی لَأَجْمَعُ أَدْرَاعاً یَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ أَنْ وَلَّی النَّاسُ فَإِذَا أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ کَانَ لِی صَدِیقاً فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ وَ کَانَ اسْمِی عَبْدَ عَمْرٍو فَلَمَّا جَاءَ اَلْإِسْلاَمُ تَسَمَّیْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَکَانَ یَلْقَانِی بِمَکَّةَ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ عَمْرٍو فَلاَ أُجِیبُهُ فَیَقُولُ إِنِّی لاَ أَقُولُ لَکَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِنَّ مُسَیْلَمَةَ بِالْیَمَامَةِ (4) تَسَمَّی بِالرَّحْمَنِ فَأَنَا لاَ أَدْعُوکَ إِلَیْهِ فَکَانَ یَدْعُونِی عَبْدَ الْإِلَهِ فَلَمَّا کَانَ یَوْمُ بَدْرٍ رَأَیْتُهُ وَ کَأَنَّهُ جَمَلٌ یُسَاقُ وَ مَعَهُ ابْنُهُ عَلِیٌّ فَنَادَانِی یَا عَبْدَ عَمْرٍو فَأَبَیْتُ أَنْ أُجِیبَهُ فَنَادَانِی یَا عَبْدَ الْإِلَهِ فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ أَ مَا لَکُمْ حَاجَةٌ فِی اللَّبَنِ نَحْنُ خَیْرٌ لَکَ مِنْ أَدْرُعِکَ هَذِهِ فَقُلْتُ امْضِیَا فَجَعَلْتُ أَسُوقُهُمَا أَمَامِی وَ قَدْ رَأَی أُمَیَّةُ أَنَّهُ قَدْ أَمِنَ بَعْضَ الْأَمْنِ فَقَالَ لِی أُمَیَّةُ رَأَیْتُ رَجُلاً فِیکُمْ الْیَوْمَ مُعَلَّماً فِی صَدْرِهِ بِرِیشَةِ نَعَامَةٍ مَنْ هُوَ فَقُلْتُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

ص :135

فَقَالَ ذَاکَ الَّذِی فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِیلَ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ رَجُلٌ دَحْدَاحٌ قَصِیرٌ مُعَلَّمٌ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ قُلْتُ ذَاکَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ یُقَالُ لَهُ سِمَاکُ بْنُ خَرَشَةَ قَالَ وَ بِذَاکَ أَیْضاً یَا عَبْدَ الْإِلَهِ صِرْنَا الْیَوْمَ جُزُراً لَکُمْ قَالَ فَبَیْنَا هُوَ مَعِی أُزْجِیهِ (1) أَمَامِی وَ مَعَهُ ابْنُهُ إِذْ بَصُرَ بِهِ بِلاَلٌ وَ هُوَ یَعْجِنُ عَجِیناً لَهُ فَتَرَکَ الْعَجِینَ وَ جَعَلَ یَفْتِلُ یَدَیْهِ مِنْهُ فَتَلاَ ذَرِیعاً وَ هُوَ یُنَادِی یَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ رَأْسُ الْکُفْرِ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ قَالَ لِأَنَّهُ کَانَ یُعَذِّبُهُ بِمَکَّةَ فَأَقْبَلَتِ اَلْأَنْصَارُ کَأَنَّهُمْ عُوَّذٌ حَنَّتْ إِلَی أَوْلاَدِهَا حَتَّی طَرَحُوا أُمَیَّةَ عَلَی ظَهْرِهِ وَ اضْطَجَعْتُ عَلَیْهِ أَحْمِیهِ مِنْهُمْ فَأَقْبَلَ اَلْخَبَّابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَأَدْخَلَ سَیْفَهُ فَاقْتَطَعَ أَرْنَبَةَ أَنْفِهِ فَلَمَّا فَقَدَ أُمَیَّةُ أَنْفَهُ قَالَ لِی إِیهاً عَنْکَ أَیْ خَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَکَرْتُ قَوْلَ حَسَّانَ أَوْ عَنْ ذَلِکَ الْأَنْفِ جَادِعٌ.

قَالَ وَ یَقْبَلُ إِلَیْهِ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافَ فَضَرَبَهُ حَتَّی قَتَلَهُ وَ قَدْ کَانَ أُمَیَّةُ ضَرَبَ خُبَیْبَ بْنَ یَسَافٍ حَتَّی قَطَعَ یَدَهُ مِنَ الْمَنْکِبِ فَأَعَادَهَا اَلنَّبِیُّ ص فَالْتَحَمَتْ وَ اسْتَوَتْ فَتَزَوَّجَ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافَ بَعْدَ ذَلِکَ ابْنَةَ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ فَرَأَتْ تِلْکَ الضَّرْبَةَ فَقَالَتْ لاَ یَشِلُّ اللَّهُ یَدَ رَجُلٍ فَعَلَ هَذَا فَقَالَ خُبَیْبٌ وَ أَنَا وَ اللَّهِ قَدْ أَوْرَدْتُهُ شُعُوبَ فَکَانَ خُبَیْبٌ یُحَدِّثُ یَقُولُ فَأَضْرِبُهُ فَوْقَ الْعَاتِقِ فَأَقْطَعُ عَاتِقَهُ حَتَّی بَلَغْتُ مُؤْتَزَرَهُ وَ عَلَیْهِ الدِّرْعُ وَ أَنَا أَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ یِسَافَ وَ أَخَذْتُ سِلاَحَهُ وَ دِرْعَهُ وَ أَقْبَلَ عَلِیُّ بْنُ أُمَیَّةَ فَتَعَرَّضَ لَهُ اَلْخَبَّابُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَصَاحَ صَیْحَةً مَا سُمِعَ مِثْلُهَا قَطُّ وَ لَقِیَهُ عَمَّارٌ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ یُقَالُ إِنَّ عَمَّاراً لاَقَاهُ قَبْلَ ضَرْبَةِ اَلْخَبَّابِ فَاخْتَلَفَا ضَرَبَاتٍ فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ وَ الْأُولَی أَثْبَتُ أَنَّهُ ضَرَبَهُ بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ (2)

.

3938

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ سَمِعْنَا فِی قَتْلِ أُمَیَّةَ غَیْرَ ذَلِکَ حَدَّثَنِی عُبَیْدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُعَاذِ بْنِ

ص :136

رِفَاعَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ لَمَّا کَانَ یَوْمُ بَدْرٍ وَ أَحْدَقْنَا بِأُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ کَانَ لَهُ فِیهِمْ شَأْنٌ وَ مَعِی رُمْحِی وَ مَعَهُ رُمْحُهُ فَتَطَاعَنَّا حَتَّی سَقَطَتْ أَزِجَّتُهَا ثُمَّ صِرْنَا إِلَی السَّیْفَیْنِ فَتَضَارَبْنَا بِهِمَا حَتَّی انْثَلَمَا ثُمَّ بَصُرْتُ بِفَتْقٍ فِی دِرْعِهِ تَحْتَ إِبْطِهِ فَحَشَشْتُ السَّیْفَ فِیهِ حَتَّی قَتَلْتُهُ وَ خَرَجَ السَّیْفُ عَلَیْهِ الْوَدَکُ (1) .

3939

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ سَمِعْنَا وَجْهاً آخَرَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنُ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ بْنُ خَلَفٍ یَوْماً یَا قُدَامَ لِقُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ أَنْتَ الْمُشْلِی (2) بِأَبِی یَوْمَ بَدْرٍ النَّاسِ فَقَالَ قُدَامَةُ لاَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلْتُ وَ لَوْ فَعَلْتُ مَا اعْتَذَرْتُ مِنْ قَتْلِ مُشْرِکٍ قَالَ صَفْوَانُ فَمَنْ یَا قُدَامَ الْمُشْلِی بِهِ یَوْمَ بَدْرٍ قَالَ رَأَیْتُ فِتْیَةً مِنَ اَلْأَنْصَارِ أَقْبَلُوا إِلَیْهِ فِیهِمْ مَعْمَرُ بْنُ خُبَیْبِ بْنِ عُبَیْدٍ الْحَارِثِ یَرْفَعُ سَیْفَهُ وَ یَضَعُهُ فِیهِ فَقَالَ صَفْوَانُ أَبُو قِرْدٍ وَ کَانَ مَعْمَرٌ رَجُلاً دَمِیماً فَسَمِعَ بِذَلِکَ اَلْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ فَغَضِبَ لَهُ فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ صَفْوَانَ فَقَالَ مَا یَدَعُنَا صَفْوَانُ مِنَ الْأَذَی فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ وَ اَلْإِسْلاَمِ قَالَتْ وَ مَا ذَاکَ فَأَخْبَرَهَا بِمَقَالَةِ صَفْوَانَ لِمَعْمَرٍ حِینَ قَالَ أَبُو قِرْدٍ فَقَالَتْ أُمُّ صَفْوَانَ یَا صَفْوَانُ أَ تَنْتَقِصُ مَعْمَرَ بْنَ خُبَیْبٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ اللَّهِ لاَ أَقْبَلُ لَکَ کَرَامَةً سَنَةً قَالَ صَفْوَانُ یَا أُمَّهْ لاَ أَعُودُ وَ اللَّهِ أَبَداً تَکَلَّمْتُ بِکَلِمَةٍ لَمْ أَلْقَ لَهَا بَالاً (3) .

3940

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ قِیلَ لِأُمِّ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ وَ نَظَرَتْ إِلَی اَلْخَبَّابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بِمَکَّةَ هَذَا الَّذِی قَطَعَ رِجْلَ عَلِیِّ بْنِ أُمَیَّةَ یَوْمَ بَدْرٍ قَالَتْ دَعُونَا عَنْ ذِکْرِ مَنْ قُتِلَ عَلَی اَلشِّرْکِ قَدْ أَهَانَ اللَّهُ عَلِیّاً بِضَرْبَةِ اَلْخَبَّابِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَ أَکْرَمَ اللَّهُ اَلْخَبَّابَ بِضَرْبَتِهِ عَلِیّاً وَ لَقَدْ کَانَ عَلَی اَلْإِسْلاَمِ حِینَ خَرَجَ مِنْ هَاهُنَا فَقُتِلَ عَلَی غَیْرِ ذَلِکَ (4) .

ص :137

3941

فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَخَذْتُ بِیَدِ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ یَدِ ابْنِهِ عَلِیِّ بْنِ أُمَیَّةَ أَسِیرَیْنِ یَوْمَ بَدْرٍ فَبَیْنَا أَنَا أَمْشِی بَیْنَهُمَا رَآنَا بِلاَلٌ وَ کَانَ أُمَیَّةُ هُوَ الَّذِی یُعَذِّبُ بِلاَلاً بِمَکَّةَ یُخْرِجُهُ إِلَی رَمْضَاءِ (1) مَکَّةَ إِذَا حَمِیَتْ فَیُضْجِعُهُ عَلَی ظَهْرِهِ ثُمَّ یَأْمُرُهُ بِالصَّخْرَةِ الْعَظِیمَةِ فَتُوضَعُ بِحَرَارَتِهَا عَلَی صَدْرِهِ وَ یَقُولُ لَهُ لاَ تَزَالُ هَکَذَا أَوْ تُفَارِقَ دِینَ مُحَمَّدٍ فَیَقُولُ بِلاَلٌ أَحَدٌ أَحَدٌ لاَ یَزِیدُهُ عَلَی ذَلِکَ فَلَمَّا رَآهُ صَاحَ رَأْسُ الْکُفْرِ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ أَیْ بِلاَلُ أَسِیرِی فَقَالَ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا فَقُلْتُ اسْتَمِعْ یَا ابْنَ السَّوْدَاءِ قَالَ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا أَنْصَارَ اللَّهِ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ رَأْسُ الْکُفْرِ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا فَأَحَاطُوا بِنَا حَتَّی جَعَلُونَا فِی مِثْلِ الْمَسَکَةِ (2) وَ أَنَا أَذُبُّ عَنْهُ (3) وَ یَحْذِفُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ عَلِیّاً ابْنَهُ بِالسَّیْفِ فَأَصَابَ رِجْلَهُ فَوَقَعَ وَ صَاحَ أُمَیَّةُ صَیْحَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ (4) فَخَلَّیْتُ عَنْهُ وَ قُلْتُ انْجُ بِنَفْسِکَ وَ لاَ نَجَاءَ بِهِ فَوَ اللَّهِ مَا أُغْنِی عَنْکَ شَیْئاً قَالَ فَهَبَرُوهُمَا (5) بِأَسْیَافِهِمْ حَتَّی فَرَغُوا مِنْهُمَا قَالَ فَکَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ یَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ بِلاَلاً أَذْهَبَ أَدْرُعِی وَ فَجَّعَنِی بِأَسِیرِی (6) .

3942

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ اَلزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ یُحَدِّثُ فَیَقُولُ لَمَّا کَانَ یَوْمَئِذٍ لَقِیتُ عُبَیْدَةَ بْنَ سَعْدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَی فَرَسٍ عَلَیْهِ لَأْمَةٌ کَامِلَةٌ لاَ یُرَی مِنْهُ إِلاَّ عَیْنَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ وَ کَانَتْ لَهُ صَبِیَّةٌ صَغِیرَةٌ یَحْمِلُهَا وَ کَانَ لَهَا بُطَیْنٌ وَ کَانَتْ مُقْسِمَةً أَنَا أَبُو ذَاتِ الْکَرِشِ أَنَا أَبُو ذَاتِ

ص :138

الْکَرِشِ قَالَ وَ فِی یَدِی عَنَزَةٌ (1) فَأَطْعَنُ بِهَا فِی عَیْنِهِ وَ وَقَعَ وَ أَطَؤُهُ بِرِجْلِی عَلَی خَدِّهِ حَتَّی أَخْرَجْتُ الْعَنَزَةَ مُتَعَقِّفَةً وَ أَخْرَجْتُ حَدَقَتَهُ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص تِلْکَ الْعَنَزَةَ فَکَانَتْ تُحْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ صَارَتْ تُحْمَلُ بَیْنَ یَدَیْ أَبِی بَکْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ عَاصِمُ بْنُ أَبِی عَوْفِ بْنِ صُبَیْرَةَ السَّهْمِیُّ لَمَّا جَالَ النَّاسُ وَ اخْتَلَطُوا وَ کَأَنَّهُ ذِئْبٌ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ عَلَیْکُمْ بِالْقَاطِعِ مُفَرِّقِ الْجَمَاعَةِ الْآتِی بِمَا لاَ یَعْرِفُ مُحَمَّدٌ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا وَ یَعْتَرِضُهُ أَبُو دُجَانَةَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ وَ یَضْرِبُهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ وَ وَقَفَ عَلَی سَلَبِهِ یَسْلُبُهُ فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ دَعْ سَلَبَهُ حَتَّی یَجْهَضَ (3) الْعَدُوُّ وَ أَنَا أَشْهَدُ لَکَ بِهِ (4) قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُقْبِلُ مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ أَحَدُ بَنِی عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ فَضَرَبَ أَبَا دُجَانَةَ ضَرْبَةً بَرَکَ مِنْهَا أَبُو دُجَانَةَ کَمَا یَبْرُکُ الْجَمَلُ ثُمَّ انْتَهَضَ وَ أَقْبَلَ عَلَی مَعْبَدٍ فَضَرَبَهُ ضَرَبَاتٍ لَمْ یَصْنَعْ سَیْفُهُ شَیْئاً حَتَّی یَقَعَ مَعْبَدٌ بِحُفْرَةٍ أَمَامَهُ لاَ یَرَاهَا وَ نَزَلَ أَبُو دُجَانَةَ عَلَیْهِ فَذَبَحَهُ ذَبْحاً وَ أَخَذَ سَلَبَهُ (5) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا کَانَ یَوْمَئِذٍ وَ رَأَتْ بَنُو مَخْزُومٍ مَقْتَلَ مَنْ قُتِلَ قَالَتْ أَبُو الْحَکَمِ لاَ یَخْلُصُ إِلَیْهِ فَإِنَّ ابْنَیْ رَبِیعَةَ عَجِلاَ وَ بَطِرَا وَ لَمْ تُحَامِ عَنْهُمَا (6) عَشِیرَتُهُمَا فَاجْتَمَعَتْ بَنُو مَخْزُومٍ فَأَحْدَقُوا بِهِ فَجَعَلُوهُ فِی (7) مِثْلِ الْحَرْجَةِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ یُلْبِسُوا لَأْمَةَ أَبِی جَهْلٍ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَلْبَسُوهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ فَصَمَدَ لَهُ عَلِیٌّ ع فَقَتَلَهُ وَ هُوَ یَرَاهُ أَبَا جَهْلٍ وَ مَضَی عَنْهُ وَ هُوَ یَقُولُ أَنَا اِبْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ أَلْبَسُوهَا أَبَا قَیْسِ بْنِ

ص :139

الْفَاکِهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ فَصَمَدَ لَهُ حَمْزَةُ وَ هُوَ یَرَاهُ أَبَا جَهْلٍ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ وَ هُوَ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ أَلْبَسُوهَا حَرْمَلَةَ بْنَ عَمْرٍو فَصَمَدَ لَهُ عَلِیٌّ ع فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ یَلْبَسُوهَا خَالِدَ بْنَ الْأَعْلَمِ فَأَبَی أَنْ یَلْبَسَهَا قَالَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فَنَظَرْتُ یَوْمَئِذٍ إِلَی أَبِی جَهْلٍ فِی مِثْلِ الْحَرْجَةِ وَ هُمْ یَقُولُونَ أَبُو الْحَکَمِ لاَ یَخْلُصُ إِلَیْهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ هُوَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ الْیَوْمَ أَوْ لَأَخْلِصَنَّ إِلَیْهِ فَصَمَدْتُ لَهُ حَتَّی إِذَا أَمْکَنَتْنِی مِنْهُ غِرَّةٌ حَمَلْتُ عَلَیْهِ فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً طَرَحْتُ رِجْلَهُ مِنَ السَّاقِ فَشَبَّهْتُهَا النَّوَاةَ تَنْزُو مِنْ تَحْتِ الْمَرَاضِخِ فَأَقْبَلَ ابْنُهُ عِکْرِمَةُ عَلَیَّ فَضَرَبَنِی عَلَی عَاتِقِی فَطَرَحَ یَدِی مِنَ الْعَاتِقِ إِلاَّ أَنَّهُ بَقِیَتْ جِلْدَةٌ فَذَهَبْتُ أَسْحَبُ یَدِی بِتِلْکَ الْجِلْدَةِ خَلْفِی فَلَمَّا آذَتْنِی وَضَعْتُ عَلَیْهَا رِجْلِی ثُمَّ تَمَطَّیْتُ عَلَیْهَا فَقَطَعْتُهَا ثُمَّ لاَقَیْتُ عِکْرِمَةَ وَ هُوَ یَلُوذُ کُلَّ مَلاَذٍ وَ لَوْ کَانَتْ یَدِی مَعِی لَرَجَوْتُ یَوْمَئِذٍ أَنْ أُصِیبَهُ وَ مَاتَ مُعَاذٌ فِی زَمَنِ عُثْمَانَ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَفَلَ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ سَیْفَ أَبِی جَهْلٍ وَ أَنَّهُ عِنْدَ آلِ مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو الْیَوْمَ وَ بِهِ فُلٌّ بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ اَلنَّبِیُّ ص إِلَی عِکْرِمَةَ بْنِ أَبِی جَهْلٍ یَسْأَلُهُ مَنْ قَتَلَ أَبَاکَ قَالَ الَّذِی قُطِعَتْ یَدُهُ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَیْفَهُ إِلَی مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو لِأَنَّ عِکْرِمَةَ بْنَ أَبِی جَهْلٍ قَطَعَ یَدَهُ یَوْمَ بَدْرٍ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مَا کَانَ بَنُو الْمُغِیرَةِ یَشْکُونَ أَنَّ سَیْفَ أَبِی الْحَکَمِ صَارَ إِلَی مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ یَوْمَ بَدْرٍ (3)

.

3943

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ سَمِعْتُ فِی قَتْلِهِ وَ أَخْذِ سَلَبِهِ غَیْرَ هَذَا حَدَّثَنِی عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَکَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ عَبَّأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِلَیْلٍ فَأَصْبَحْنَا وَ نَحْنُ عَلَی صُفُوفِنَا فَإِذَا بِغُلاَمَیْنِ لَیْسَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ إِلاَّ قَدْ

ص :140

رُبِطَتْ حَمَائِلُ سَیْفِهِ فِی عُنُقِهِ لِصِغَرِهِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ أَحَدُهُمَا فَقَالَ یَا عَمِّ أَیُّهُمْ أَبُو جَهْلٍ قَالَ قُلْتُ وَ مَا تَصْنَعُ بِهِ یَا ابْنَ أَخِی قَالَ بَلَغَنِی أَنَّهُ یَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَحَلَفْتُ لَئِنْ رَأَیْتُهُ لَأَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ فَأَشَرْتُ إِلَیْهِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ الْآخَرُ وَ قَالَ لِی مِثْلَ ذَلِکَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَیْهِ وَ قُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتُمَا قَالاَ ابْنَا اَلْحَارِثِ قَالَ فَجَعَلاَ لاَ یَطْرِفَانِ عَنْ أَبِی جَهْلٍ حَتَّی إِذَا کَانَ الْقِتَالُ خَلَصَا إِلَیْهِ فَقَتَلاَهُ وَ قَتَلَهُمَا

(1)

.

3944

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا کَانَ یَوْمَئِذٍ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ نَظَرَ إِلَیْهِمَا عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ لَیْتَهُ کَانَ إِلَی جَنْبِی مَنْ هُوَ أَبْدَنُ مِنْ هَذَیْنِ الصَّبِیَّیْنِ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ الْتَفَتُّ إِلَی عَوْفٍ فَقَالَ أَیُّهُمْ أَبُو جَهْلٍ فَقُلْتُ ذَاکَ حَیْثُ تَرَی فَخَرَجَ یَعْدُو إِلَیْهِ کَأَنَّهُ سَبُعٌ وَ لَحِقَهُ أَخُوهُ فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَضْطَرِبُونَ بِالسُّیُوفِ ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص یَمُرُّ بِهِمْ فِی الْقَتْلَی وَ هُمَا إِلَی جَانِبِ أَبِی جَهْلٍ

(2)

.

3945

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی یُنْکِرُ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِی ابْنَیْ عَفْرَاءَ مِنْ صِغَرِهِمَا وَ یَقُولُ کَانَا یَوْمَ بَدْرٍ أَصْغَرُهُمَا ابْنَ خَمْسٍ وَ ثَلاَثِینَ سَنَةً فَهَذَا یَرْبِطُ حَمَائِلَ سَیْفِهِ- قال الواقدی و القول الأوّل أثبت (3) .

3946

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ عَنْ رُبَیِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ دَخَلْتُ فِی نِسْوَةٍ مِنَ اَلْأَنْصَارِ عَلَی أَسْمَاءَ أُمِّ أَبِی جَهْلٍ فِی زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ کَانَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَبِیعَةَ یَبْعَثُ إِلَیْهَا بِعِطْرٍ مِنَ اَلْیَمَنِ فَکَانَتْ تَبِیعُهُ إِلَی الْأَعْطِیَةِ فَکُنَّا نَشْتَرِی مِنْهَا فَلَمَّا جَعَلَتْ لِی فِی قَوَارِیرِی وَ وَزَنَتْ لِی کَمَا وَزَنَتْ لِصَوَاحِبِی قَالَ اکْتُبْنَ لِی عَلَیْکُنَّ حَقِّی قُلْتُ نَعَمْ اکْتُبْ لَهَا عَلَی اَلرُّبَیِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ خَلْفِی وَ إِنَّکِ

ص :141

لاَبْنَةُ قَاتِلِ سَیِّدِهِ فَقُلْتُ لاَ وَ لَکِنْ ابْنَةُ قَاتِلِ عَبْدِهِ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لاَ أَبِیعُکِ شَیْئاً أَبَداً فَقُلْتُ أَنَا وَ اللَّهِ لاَ أَشْتَرِی مِنْکِ أَبَداً فَوَ اللَّهِ مَا هُوَ بِطِیبٍ وَ لاَ عَرْفٍ وَ اللَّهِ یَا بُنَیَّ مَا شَمِمْتُ عِطْراً قَطُّ کَانَ أَطْیَبَ مِنْهُ وَ لَکِنِّی یَا بُنَیَّ غَضِبْتُ (1) .

3947

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ یُلْتَمَسَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدْتُهُ فِی آخِرِ رَمَقٍ فَوَضَعَتْ رِجْلِی عَلَی عُنُقِهِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَخْزَاکَ قَالَ إِنَّمَا أَخْزَی اللَّهُ الْعَبْدَ اِبْنَ أُمِّ عَبْدٍ لَقَدْ ارْتَقَیْتَ یَا رُوَیْعِیَ الْغَنَمِ مُرْتَقًی صَعْباً لِمَنِ الدَّبْرَةُ قُلْتُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ فَأَقْلَعُ بَیْضَتَهُ عَنْ قَفَاهُ وَ قُلْتُ إِنِّی قَاتِلُکَ قَالَ لَسْتُ بِأَوَّلِ عَبْدِ قَتَلَ سَیِّدَهُ أَمَا إِنَّ أَشَدَّ مَا لَقِیتُهُ الْیَوْمَ لَقَتْلُکَ إِیَّایَ أَ لاَ یَکُونُ وَلِیَّ قَتْلِی رَجُلٌ مِنَ الأَحْلاَفِ أَوْ مِنَ الْمُطَیَّبِینَ قَالَ فَضَرَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ ضَرْبَةً وَقَعَ رَأْسُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ سَلَبَهُ وَ أَقْبَلَ بِسِلاَحِهِ وَ دِرْعِهِ وَ بَیْضَتِهِ فَوَضَعَهَا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَبْشِرْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِی جَهْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَ حَقّاً یَا عَبْدَ اللَّهِ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَهُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ أَوْ کَمَا قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ أَصَابَهُ جَحْشٌ (2) مِنْ دَفْعٍ دَفَعْتُهُ فِی مَأْدُبَةِ اِبْنِ جُدْعَانَ فَجَحِشَتْ رُکْبَتُهُ فَالْتَمَسُوهُ فَوَجَدُوا ذَلِکَ الْأَثَرَ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِیَّ کَانَ عِنْدَ اَلنَّبِیِّ ص تِلْکَ السَّاعَةَ فَوَجَدَ فِی نَفْسِهِ وَ أَقْبَلَ عَلَی اِبْنِ مَسْعُودٍ وَ قَالَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ قَالَ نَعَمْ اللَّهُ قَتَلَهُ قَالَ أَبُو سَلْمَةَ أَنْتَ وُلِّیتَ قَتْلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَوْ شَاءَ لَجَعَلَکَ فِی کُمِّهِ فَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ فَقَدْ وَ اللَّهِ قَتَلْتُهُ وَ جَرَّدْتُهُ فَقَالَ أَبُو سَلْمَةَ فَمَا عَلاَمَتُهُ قَالَ شَامَةٌ سَوْدَاءُ بِبَطْنِ فَخِذِهِ الْیُمْنَی فَعَرَفَ أَبُو سَلَمَةَ النَّعْتَ فَقَالَ أَ جَرَّدْتَهُ وَ لَمْ یُجَرَّدْ قُرَشِیٌّ غَیْرُهُ فَقَالَ

ص :142

اِبْنُ مَسْعُودٍ إِنَّهُ وَ اللَّهِ لَمْ یَکُنْ فِی قُرَیْشٍ وَ لاَ فِی حُلَفَائِهَا أَحَدٌ أَعْدَی لِلَّهِ وَ لاَ لِرَسُولِهِ مِنْهُ وَ مَا أَعْتَذِرُ مِنْ شَیْءٍ صَنَعْتُهُ بِهِ فَأَمْسَکَ أَبُو سَلَمَةَ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ سُمِعَ أَبُو سَلَمَةَ بَعْدَ ذَلِکَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ کَلاَمِهِ فِی أَبِی جَهْلٍ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّکَ قَدْ أَنْجَزْتَ مَا وَعَدْتَنِی فَتَمِّمْ عَلَیَّ نِعْمَتَکَ قَالَ وَ کَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ یَقُولُ سَیْفُ أَبِی جَهْلٍ عِنْدَنَا مُحَلًّی بِفِضَّةٍ غَنِمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ یَوْمَئِذٍ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ اجْتَمَعَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَمْرٍو وَ ابْنَیْ عَفْرَاءَ أَثْبَتُوهُ وَ ضَرَبَ اِبْنُ مَسْعُودٍ عُنُقَهُ فِی آخِرِ رَمَقٍ فَکُلٌّ شَرِکَ فِی قَتْلِهِ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَقَفَ عَلَی مَصْرَعِ ابْنَیْ عَفْرَاءَ فَقَالَ یَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَیْ عَفْرَاءَ فَإِنَّهُمَا قَدْ شَرِکَا فِی قَتْلِ فِرْعَوْنِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ رَأْسِ أَئِمَّةِ الْکُفْرِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ قَتَلَهُ مَعَهُمَا قَالَ الْمَلاَئِکَةُ وَ ذَفَّفَ عَلَیْهِ اِبْنُ مَسْعُودٍ فَکَانَ قَدْ شَرِکَ فِی قَتْلِهِ

.

3948

1,14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مَعْمَرٌ عَنِ اَلزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ اللَّهُمَّ اکْفِنِی نَوْفَلَ بْنَ الْعَدَوِیَّةِ وَ هُوَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَیْلِدٍ مِنْ بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی وَ أَقْبَلَ نَوْفَلٌ یَوْمَئِذٍ یَصِیحُ وَ هُوَ مَرْعُوبٌ قَدْ رَأَی قَتْلَ أَصْحَابِهِ وَ کَانَ فِی أَوَّلِ مَا الْتَقَوْا هُمْ وَ اَلْمُسْلِمُونَ یَصِیحُ بِصَوْتٍ لَهُ زَجَلٌ رَافِعاً عَقِیرَتَهُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ یَوْمُ الْعَلاَءِ وَ الرِّفْعَةِ فَلَمَّا رَأَی قُرَیْشاً قَدِ انْکَشَفَتْ جَعَلَ یَصِیحُ بِالْأَنْصَارِ مَا حَاجَتُکُمْ إِلَی دِمَائِنَا أَ مَا تَرَوْنَ مَنْ تَقْتُلُونَ أَ مَا لَکُمْ فِی اللَّبَنِ مِنْ حَاجَةٍ فَأَسَرَهُ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَهُوَ یَسُوقُهُ أَمَامَهُ فَجَعَلَ نَوْفَلٌ یَقُولُ لِجَبَّارٍ وَ رَأَی عَلِیّاً ع مُقْبِلاً نَحْوَهُ یَا أَخَا اَلْأَنْصَارِ مَنْ هَذَا وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی إِنِّی لَأَرَی رَجُلاً إِنَّهُ لَیُرِیدُنِی قَالَ

ص :143

جَبَّارٌ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ نَوْفَلٌ تَاللَّهِ مَا رَأَیْتُ کَالْیَوْمِ رَجُلاً أَسْرَعَ فِی قَوْمِهِ فَصَمَدَ لَهُ عَلِیٌّ ع فَیَضْرِبُهُ فَیَنْشِبُ سَیْفَ عَلِیٍّ فِی حَجَفَتِهِ (1) سَاعَةً ثُمَّ یَنْزِعُهُ فَیَضْرِبُ بِهِ سَاقَیْهِ وَ دِرْعِهِ مُشَتَمِّرَةً فَیَقْطَعُهَا ثُمَّ أَجْهَزَ عَلَیْهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِنَوْفَلِ بْنِ خُوَیْلِدٍ قَالَ عَلِیٌّ ع أَنَا قَتَلْتُهُ فَکَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَجَابَ دَعْوَتِی فِیهِ

(2)

.

3949

1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ اَلْعَاصُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ یَبْحَثُ لِلْقِتَالِ فَالْتَقَی هُوَ وَ عَلِیٌّ ع وَ قَتَلَهُ عَلِیٌّ فَکَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَقُولُ لاِبْنِهِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ مَا لِی أَرَاکَ مُعْرِضاً تَظُنُّ أَنِّی قَتَلْتُ أَبَاکَ فَقَالَ سَعِیدٌ لَوْ قَتَلْتَهُ لَکَانَ عَلَی الْبَاطِلِ وَ کُنْتَ عَلَی الْحَقِّ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ قُرَیْشاً أَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلاَماً وَ أَکْثَرُهَا أَمَانَةً لاَ یَبْغِیهِمْ أَحَدٌ الْغَوَائِلَ إِلاَّ کَبَّهُ اللَّهُ لِفِیهِ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِسَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ مَا لِی أَرَاکَ مُعْرِضاً کَأَنِّی قَتَلْتُ أَبَاکَ یَوْمَ بَدْرٍ وَ إِنْ کُنْتُ لاَ أَعْتَذِرُ مِنْ قَتْلِ مُشْرِکٍ لَقَدْ قَتَلْتُ خَالِی بِیَدِی اَلْعَاصَ بْنَ هَاشِمِ بْنِ الْمُغِیرَةِ

.

3950

1- وَ نَقَلْتُ مِنْ غَیْرِ کِتَابِ اَلْوَاقِدِیِّ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَ سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ حَضَرَا عِنْدَ عُمَرَ فِی أَیَّامِ خِلاَفَتِهِ فَجَلَسَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ حُجْرَةً (4) فَنَظَرَ إِلَیْهِ عُمَرُ فَقَالَ مَا لِی أَرَاکَ مُعْرِضاً کَأَنِّی قَتَلْتُ أَبَاکَ إِنِّی لَمْ أَقْتُلْهُ وَ لَکِنَّهُ قَتَلَهُ أَبُو حَسَنٍ وَ کَانَ عَلِیٌّ ع حَاضِراً فَقَالَ اَللَّهُمَّ غَفْراً ذَهَبَ الشِّرْکُ بِمَا فِیهِ وَ مَحَا اَلْإِسْلاَمُ مَا قَبْلَهُ فَلِمَا ذَا تُهَاجُ

ص :144

الْقُلُوبُ فَسَکَتَ عُمَرُ وَ قَالَ سَعِیدٌ لَقَدْ قَتَلَهُ کُفْءٌ کَرِیمٌ وَ هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ یَقْتُلَهُ مَنْ لَیْسَ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَلِیٌّ ع یُحَدِّثُ فَیَقُولُ إِنِّی یَوْمَئِذٍ بَعْدَ مَا مُتِّعَ [اِرْتَفَعَ]

(1) النَّهَارُ وَ نَحْنُ وَ اَلْمُشْرِکُونَ قَدْ اخْتَلَطَتْ صُفُوفُنَا وَ صُفُوفُهُمْ خَرَجْتُ فِی إِثْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ عَلَی کَثِیبِ رَمْلٍ وَ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ وَ هُمَا یَقْتَتِلاَنِ حَتَّی قُتِلَ اَلْمُشْرِکُ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ وَ اَلْمُشْرِکُ مُقَنَّعُ فِی الْحَدِیدِ وَ کَانَ فَارِساً فَاقْتَحَمَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرَفَنِی وَ هُوَ مُعَلَّمٌ فَنَادَانِی هَلُمَّ یَا اِبْنَ أَبِی طَالِبٍ إِلَی الْبِرَازِ فَعَطَفْتُ إِلَی الْبِرَازِ فَعَطَفْتُ عَلَیْهِ فَانْحَطَّ إِلَیَّ مُقْبِلاً وَ کُنْتُ رَجُلاً قَصِیراً فَانْحَطَطْتُ رَاجِعاً لِکَیْ یَنْزِلَ إِلَیَّ کَرِهْتُ أَنْ یَعْلُوَنِی فَقَالَ یَا اِبْنَ أَبِی طَالِبٍ فَرَرْتَ فَقُلْتُ قَرِیباً مَفَرُّ اِبْنِ الشَّتْرَاءِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ قَدَمَایَ وَ ثَبَتَ أَقْبَلَ فَاتَّقَیْتُ فَلَمَّا دَنَا مِنِّی ضَرَبَنِی بِالدَّرَقَةِ فَوَقَعَ سَیْفُهُ فَلَحِجَ (2) فَأَضْرِبُهُ عَلَی عَاتِقِهِ وَ هُوَ دَارِعٌ فَارْتَعَشَ وَ لَقَدْ قَطَّ سَیْفِی دِرْعَهُ فَظَنَنْتُ أَنَّ سَیْفِی سَیَقْتُلُهُ فَإِذَا بَرِیقُ سَیْفٍ مِنْ وَرَائِی فَطَأْطَأْتُ رَأْسِی وَ یَقَعَ السَّیْفُ فَأَطَنَّ قِحْفَ رَأْسِهِ بِالْبَیْضَةِ وَ هُوَ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَالْتَفَتُّ مِنْ وَرَائِی فَإِذَا هُوَ حَمْزَةُ عَمِّی (3) وَ الْمَقْتُولُ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیٍّ

(4)

.

3951

1- قُلْتُ فِی رِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ أَنَّ طُعَیْمَةَ بْنَ عَدِیٍّ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع ثُمَّ قَالَ وَ قِیلَ قَتَلَهُ حَمْزَةُ (5) .

وَ فِی رِوَایَةِ اَلشِّیعَةِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ شَجَرَهُ بِالرُّمْحِ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لاَ تُخَاصِمُنَا فِی اللَّهِ بَعْدَ الْیَوْمِ أَبَداً وَ هَکَذَا رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ .

ص :145

و

3952

14- رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ وَ خَرَجَ اَلنَّبِیُّ ص مِنَ اَلْعَرِیشِ إِلَی النَّاسِ یَنْظُرُ الْقِتَالَ فَحَرَّضَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ قَالَ کُلُّ امْرِئٍ بِمَا أَصَابَ وَ قَالَ وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لاَ یُقَاتِلُهُمْ الْیَوْمَ رَجُلٌ فِی جُمْلَةٍ فَیُقْتُلُ صَابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلاً غَیْرَ مُدْبِرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ اَلْجَنَّةَ فَقَالَ عُمَیْرُ بْنُ الْحَمَامِ أَخُو بَنِی سَلِمَةَ وَ فِی یَدِهِ تَمَرَاتٌ یَأْکُلُهُنَّ بَخْ بَخْ فَمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ أَنْ أَدْخُلَ اَلْجَنَّةَ إِلاَّ أَنْ یَقْتُلَنِی هَؤُلاَءِ ثُمَّ قَذَفَ التَّمَرَاتِ مِنْ یَدِهِ وَ أَخَذَ سَیْفَهُ فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّی قُتِلَ

(1)

.

3953

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ حَدَّثَنِی عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ وَ هُوَ اِبْنُ عَفْرَاءَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ ص مَا یُضْحِکُ الرَّبَّ مِنْ عَبْدِهِ قَالَ غَمْسُهُ یَدَهُ فِی الْعَدُوِّ حَاسِراً فَنَزَعَ عَوْفٌ دِرْعاً کَانَتْ عَلَیْهِ وَ قَذَفَهَا ثُمَّ أَخَذَ سَیْفَهُ فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّی قُتِلَ

(2)

.

3954

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ اِبْنُ إِسْحَاقَ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص کَفّاً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَرَمَاهُمْ بِهَا وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ (3) اللَّهُمَّ أَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ فَانْهَزَمَ اَلْمُشْرِکُونَ لاَ یَلْوُونَ عَلَی شَیْءٍ وَ اَلْمُسْلِمُونَ یَتْبَعُونَهُمْ یَقْتُلُونَ وَ یَأْسِرُونَ

(4)

.

3955

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ هُبَیْرَةَ بْنُ أَبِی وَهْبٍ الْمَخْزُومِیُّ لَمَّا رَأَی الْهَزِیمَةَ انْخَزَلَ ظَهْرُهُ فَعُقِرَ فَلَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یَقُومَ فَأَتَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِیُّ حَلِیفُهُ فَفَتَقَ دِرْعَهُ وَ احْتَمَلَهُ وَ یُقَالُ ضَرَبَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِیُّ بِالسَّیْفِ فَقَطَعَ دِرْعَهُ وَ وَقَعَ لِوَجْهِهِ وَ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ جَاوَزَهُ أَبُو دَاوُدَ وَ بَصُرَ بِهِ اِبْنَا زُهَیْرٍ الْجُشَمِیَّانِ مَالِکٌ وَ أَبُو أُسَامَةَ وَ هُمَا حَلِیفَاهُ فَذَبَّا عَنْهُ حَتَّی نَجَوْا بِهِ وَ احْتَمَلَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَ مَالِکٌ یَذُبُّ عَنْهُ حَتَّی خَلَّصَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَمَاهُ کَلْبَاهُ الْحَلِیفَانِ

(5)

.

ص :146

3956

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُکَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ قَالَ انْقَطَعَ سَیْفِی یَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْطَانِی رَسُولُ اللَّهِ ص عُوداً فَإِذَا هُوَ سَیْفٌ أَبْیَضُ طَوِیلٌ فَقَاتَلْتُ بِهِ حَتَّی هَزَمَ اللَّهُ اَلْمُشْرِکِینَ وَ لَمْ یَزَلْ ذَلِکَ السَّیْفُ عِنْدَ عُکَّاشَةَ حَتَّی هَلَکَ.

قَالَ وَ قَدْ رَوَی رِجَالٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِدَّةٌ قَالُوا انْکَسَرَ سَیْفُ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ (1) بْنِ حَرِیشٍ (2) یَوْمَ بَدْرٍ فَبَقِیَ أَعْزَلَ لاَ سِلاَحَ مَعَهُ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قَضِیباً کَانَ فِی یَدِهِ مِنْ عَرَاجِینِ ابْنِ طَابٍ (3) فَقَالَ اضْرِبْ بِهِ فَإِذَا هُوَ سَیْفٌ جَیِّدٌ فَلَمْ یَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّی قُتِلَ یَوْمَ جِسْرِ أَبِی عُبَیْدٍ (4) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَصَابَ حَارِثَةَ بْنَ سُرَاقَةَ وَ هُوَ یَکْرَعُ فِی الْحَوْضِ سَهْمٌ غَرِبٌ (5) مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ فَوَقَعَ فِی نَحْرِهِ فَمَاتَ فَلَقَدْ شَرِبَ الْقَوْمُ آخِرَ النَّهَارِ مِنْ دَمِهِ وَ بَلَغَ أُمَّهُ وَ أُخْتَهُ وَ هُمَا بِالْمَدِینَةِ مَقْتَلُهُ فَقَالَتْ أُمُّهُ وَ اللَّهِ لاَ أَبْکِی عَلَیْهِ حَتَّی یَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَسْأَلَهُ فَإِنْ کَانَ فِی اَلْجَنَّةِ لَمْ أَبْکِ عَلَیْهِ وَ إِنْ کَانَ فِی اَلنَّارِ بَکَیْتُهُ لَعَمْرُ اللَّهِ فَأَعْوَلْتُهُ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ بَدْرٍ جَاءَتْ أُمُّهُ إِلَیْهِ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتُ مَوْضِعَ حَارِثَةَ فِی قَلْبِی فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْکِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ قُلْتُ لاَ أَفْعَلُ حَتَّی أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْهُ فَإِنْ کَانَ فِی اَلْجَنَّةِ لَمْ أَبْکِهِ وَ إِنْ کَانَ فِی اَلنَّارِ بَکَیْتُهُ فَأَعْوَلْتُهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص هَبَلْتِ أَ جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ إِنَّهَا جِنَانٌ کَثِیرَةٌ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّهُ لَفِی اَلْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی قَالَتْ فَلاَ أَبْکِی عَلَیْهِ أَبَداً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص حِینَئِذٍ بِمَاءٍ فِی إِنَاءٍ فَغَمَسَ یَدَهُ فِیهِ وَ مَضْمَضَ فَاهُ ثُمَّ نَاوَلَ أُمَّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ فَشَرِبَتْ ثُمَّ نَاوَلَتْ ابْنَتَهَا فَشَرِبَتْ

ص :147

ثُمَّ أَمَرَهُمَا فَنَضَحَتَا فِی جُیُوبِهِمَا ثُمَّ رَجَعَتَا مِنْ عِنْدِ اَلنَّبِیِّ ص وَ مَا بِالْمَدِینَةِ امْرَأَتَانِ أَقَرَّ عَیْناً مِنْهُمَا وَ لاَ أَسَرَّ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ یَقُولُ انْهَزَمْنَا یَوْمَ بَدْرٍ فَجَعَلْتُ أَسْعَی وَ أَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ اِبْنَ الْحَنْظَلِیَّةِ یَزْعُمُ أَنَّ النَّهَارَ قَدْ ذَهَبَ وَ اللَّهِ إِنَّ النَّهَارَ لَکَمَا هُوَ قَالَ حَکِیمٌ وَ مَا ذَا بِی إِلاَّ حُبّاً أَنْ یَأْتِیَ اللَّیْلُ فَیَقْصُرَ عَنَّا طَلَبُ الْقَوْمِ فَیُدْرِکَ حَکِیمٌ عُبَیْدَ اللَّهِ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَنِی الْعَوَّامِ عَلَی جَمَلٍ لَهُمَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَخِیهِ انْزِلْ فَاحْمِلْ أَبَا خَالِدٍ وَ کَانَ عُبَیْدُ اللَّهِ رَجُلاً أَعْرَجَ لاَ رِجْلَةَ (2) بِهِ فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ رِجْلَةَ بِی کَمَا تَرَی وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ اللَّهِ إِنَّ مِنْهُ لاَ بُدَّ أَلاَّ نَحْمِلَ رَجُلاً إِنْ مِتْنَا کَفَانَا مَا خَلَّفْنَا مِنْ عِیَالِنَا وَ إِنْ عِشْنَا حَمَلْنَا کُلَّنَا فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ أَخُوهُ اَلْأَعْرَجُ فَحَمَلاَهُ فَکَانُوا یَتَعَاقَبُونَ الْجَمَلَ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَکَّةَ وَ کَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ هَاهُنَا أَمْراً مَا کَانَ یَخْرُجُ عَلَی مِثْلِهِ أَحَدٌ لَهُ رَأْیٌ وَ لَکِنَّهُ شُؤْمُ اِبْنِ الْحَنْظَلِیَّةِ إِنَّ جَزُوراً نُحِرَتْ هَاهُنَا فَلَمْ یَبْقَ خِبَاءٌ إِلاَّ أَصَابَهُ مِنْ دَمِهَا فَقَالاَ قَدْ رَأَیْنَا ذَلِکَ وَ لَکِنْ رَأَیْنَاکَ وَ قَوْمَکَ قَدْ مَضَیْتُمْ فَمَضَیْنَا مَعَکُمْ وَ لَمْ یَکُنْ لَنَا مَعَکُمْ أَمْرٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُخَلَّدِ بْنِ خُفَافٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ کَانَتِ الدُّرُوعُ فِی قُرَیْشٍ کَثِیرَةً یَوْمَئِذٍ فَلَمَّا انْهَزَمُوا جَعَلُوا یُلْقُونَهَا وَ جَعَلَ اَلْمُسْلِمُونَ یَتْبَعُونَهُمْ وَ یَلْقَطُونَ مَا طَرَحُوا وَ لَقَدْ رَأَیْتُنِی یَوْمَئِذٍ الْتَقَطْتُ ثَلاَثَ أَدْرُعٍ جِئْتُ بِهَا أَهْلِی فَکَانَتْ عِنْدَنَا بَعْدُ فَزَعَمَ لِی رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ رَأَی دِرْعاً مِنْهَا عِنْدَنَا فَعَرَفَهَا قَالَ هَذِهِ دِرْعُ اَلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ حُمَیْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَیَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِی مَنْ انْکَشَفَ مِنْ قُرَیْشٍ یَوْمَئِذٍ مُنْهَزِماً وَ إِنَّهُ لَیَقُولُ فِی نَفْسِهِ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا فَرَّ مِنْهُ إِلاَّ النِّسَاءَ (4) .

ص :148

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ کَانَ قُبَاثُ بْنُ أَشْیَمَ الْکِنَانِیُّ یَقُولُ شَهِدْتُ مَعَ اَلْمُشْرِکِینَ بَدْراً وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی قِلَّةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فِی عَیْنِی وَ کَثْرَةِ مَنْ مَعَنَا مِنَ الْخَیْلِ وَ الرَّجُلِ فَانْهَزَمْتُ فِیمَنْ انْهَزَمَ فَلَقَدْ رَأَیْتُنِی وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی اَلْمُشْرِکِینَ فِی کُلِّ وَجْهٍ وَ إِنِّی لَأَقُولُ فِی نَفْسِی مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا الْأَمْرِ فَرَّ مِنْهُ إِلاَّ النِّسَاءَ وَ صَاحَبَنِی رَجُلٌ فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ مَعِی إِذْ لَحِقَنَا مَنْ خَلْفَنَا فَقُلْتُ لِصَاحِبِی أَ بِکَ نُهُوضٌ قَالَ لاَ وَ اللَّهِ مَا بِی قَالَ وَ عُقِرَ وَ تَرَفَّعْتُ فَلَقَدْ صَبَّحْتُ غَیْقَةَ قَالَ وَ غَیْقَةُ عَنْ یَسَارِ اَلسُّقْیَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ اَلْفَرْعِ لَیْلَةٌ وَ بَیْنَ اَلْفَرْعِ وَ اَلْمَدِینَةِ ثَمَانِیَةُ بُرُدٍ قَبْلَ الشَّمْسِ کُنْتُ هَادِیاً بِالطَّرِیقِ وَ لَمْ أَسْلُکِ الْمَحَاجَّ (1) وَ خِفْتُ مِنَ الطَّلَبِ فَتَنَکَّبَتْ عَنْهَا فَلَقِیَنِی رَجُلٌ مِنْ قَوْمِی بِغَیْقَةَ فَقَالَ مَا وَرَاءَکَ قُلْتُ لاَ شَیْءَ قُتِلْنَا وَ أُسِرْنَا وَ انْهَزَمْنَا فَهَلْ عِنْدَکَ مِنْ حُمْلاَنٍ قَالَ فَحَمَلَنِی عَلَی بَعِیرٍ وَ زَوَّدَنِی زَاداً حَتَّی لَقِیتُ الطَّرِیقَ بِالْجُحْفَةِ ثُمَّ مَضَیْتُ حَتَّی دَخَلْتُ مَکَّةَ وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی اَلْحَیْسَمَانِ بْنِ حَابِسٍ الْخُزَاعِیِّ بِالْغَمِیمِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ یَنْعَی قُرَیْشاً بِمَکَّةَ فَلَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْبِقَهُ لَسَبَقْتُهُ فَتَنَکَّبْتُ (2) عَنْهُ حَتَّی سَبَقَنِی بِبَعْضِ النَّهَارِ فَقَدِمْتُ وَ قَدِ انْتَهَی إِلَی مَکَّةَ خَبَرُ قَتْلاَهُمْ وَ هُمْ یَلْعَنُونَ اَلْخُزَاعِیَّ وَ یَقُولُونَ مَا جَاءَنَا بِخَیْرٍ فَمَکَثْتُ بِمَکَّةَ فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ اَلْخَنْدَقِ قُلْتُ لَوْ قَدِمْتُ اَلْمَدِینَةَ فَنَظَرْتُ مَا یَقُولُ مُحَمَّدٌ وَ قَدْ وَقَعَ فِی قَلْبِی اَلْإِسْلاَمُ فَقَدِمْتُ اَلْمَدِینَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا هُوَ ذَاکَ فِی ظِلِّ الْمَسْجِدِ مَعَ مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَتَیْتُهُ وَ أَنَا لاَ أَعْرِفُهُ مِنْ بَیْنِهِمْ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ یَا قُبَاثَ بْنَ أَشْیَمَ أَنْتَ الْقَائِلُ یَوْمَ بَدْرٍ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا الْأَمْرِ فَرَّ مِنْهُ إِلاَّ النِّسَاءَ قُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَا خَرَجَ مِنِّی إِلَی أَحَدٍ قَطُّ وَ مَا تَرَمْرَمْتُ (3) بِهِ إِلاَّ شَیْئاً حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسِی فَلَوْ لاَ أَنَّکَ نَبِیٌّ مَا أَطْلَعَکَ اللَّهُ عَلَیْهِ هَلُمَّ حَتَّی أُبَایِعَکَ فَأَسْلَمْتُ (4)

ص :149

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا تَوَجَّهَ اَلْمُشْرِکُونَ إِلَی بَدْرٍ کَانَ فِتْیَانٌ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ بِمَکَّةَ سُمَّاراً یَسْمُرُونَ بِذِی طُوًی فِی الْقَمَرِ حَتَّی یَذْهَبَ اللَّیْلُ یَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ وَ یَتَحَدَّثُونَ فَبَیْنَا هُمْ کَذَلِکَ إِذْ سَمِعُوا صَوْتاً قَرِیباً مِنْهُمْ وَ لاَ یَرَوْنَ الْقَائِلَ رَافِعاً صَوْتَهُ یَتَغَنَّی أَزَادَ اَلْحَنِیفِیُّونَ بَدْراً مُصِیبَةً

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ أَنْشَدَنِیهِ (1) وَ رَوَاهُ لِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ فَاسْتَمَعُوا الصَّوْتَ فَلاَ یَرَوْنَ أَحَداً فَخَرَجُوا فِی طَلَبِهِ فَلَمْ یَرَوْا أَحَداً فَخَرَجُوا فَزِعِینَ حَتَّی جَازُوا اَلْحَجَرَ فَوَجَدُوا مَشِیخَةً مِنْهُمْ جِلَّةً سُمَّاراً فَأَخْبَرُوهُمْ الْخَبَرَ فَقَالُوا لَهُمْ إِنْ کَانَ مَا تَقُولُونَ فَإِنَّ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ یُسَمَّوْنَ اَلْحَنِیفِیَّةَ قَالَ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْفِتْیَانِ الَّذِینَ کَانُوا بِذِی طُوًی إِلاَّ وُعِکَ فَمَا مَکَثُوا إِلاَّ لَیْلَتَیْنِ أَوْ ثَلاَثاً حَتَّی قَدِمَ اَلْحَیْسَمَانُ (2) الْخُزَاعِیُّ بِخَبَرِ أَهْلِ بَدْرٍ وَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَجَعَلَ یُخْبِرُهُمْ فَیَقُولُ قُتِلَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ ابْنَا رَبِیعَةَ وَ قُتِلَ ابْنَا اَلْحَجَّاجِ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ وَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ فِی اَلْحِجْرِ جَالِسٌ یَقُولُ لاَ یَعْقِلُ هَذَا شَیْئاً مِمَّا یَتَکَلَّمُ بِهِ سَلُوهُ عَنِّی فَقَالُوا صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ قَالَ نَعَمْ هُوَ ذَاکَ فِی اَلْحِجْرِ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ أَبَاهُ وَ أَخَاهُ مَقْتُولَیْنِ وَ رَأَیْتُ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو وَ اَلنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ أَسِیرَیْنِ رَأَیْتُهُمَا مَقْرُونَیْنِ فِی الْحِبَالِ (3) .

ص :150

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ بَلَغَ اَلنَّجَاشِیَّ مَقْتَلُ قُرَیْشٍ وَ مَا ظَفَّرَ اللَّهُ بِهِ (1) رَسُولَهُ فَخَرَجَ فِی ثَوْبَیْنِ أَبْیَضَیْنِ ثُمَّ جَلَسَ عَلَی الْأَرْضِ وَ دَعَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ أَیُّکُمْ یَعْرِفُ (2) بَدْراً فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ أَنَا عَارِفٌ بِهَا قَدْ رَعَیْتُ الْغَنَمَ فِی (3) جَوَانِبِهَا هِیَ مِنَ السَّاحِلِ عَلَی بَعْضِ نَهَارٍ وَ لَکِنِّی أَرَدْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ مِنْکُمْ قَدْ نَصَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِبَدْرٍ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَی ذَلِکَ فَقَالَ بَطَارِقَتُهُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِکَ إِنَّ هَذَا شَیْءٌ لَمْ تَکُنْ تَصْنَعُهُ یُرِیدُونَ لُبْسَ الْبَیَاضِ وَ الْجُلُوسَ عَلَی الْأَرْضِ فَقَالَ إِنَّ عِیسَی بْنَ مَرْیَمَ کَانَ إِذَا حَدَثَتْ لَهُ نِعْمَةٌ ازْدَادَ بِهَا تَوَاضُعاً (4) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرَیْشٌ إِلَی مَکَّةَ قَامَ فِیهِمْ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لاَ تَبْکُوا عَلَی قَتْلاَکُمْ وَ لاَ تَنْحُ عَلَیْهِمْ نَائِحَةٌ وَ لاَ یَنْدُبُهُمْ شَاعِرٌ وَ أَظْهِرُوا الْجَلَدَ وَ الْعَزَاءَ فَإِنَّکُمْ إِذَا نُحْتُمْ عَلَیْهِمْ وَ بَکَیْتُمُوهُمْ بِالشِّعْرِ أَذْهَبَ ذَلِکَ غَیْظَکُمْ فَأَکَلَکُمْ ذَلِکَ (5) عَنْ عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ مَعَ أَنَّ مُحَمَّداً إِنْ بَلَغَهُ وَ أَصْحَابَهُ ذَلِکَ شَمِتُوا بِکُمْ فَتَکُونَ أَعْظَمَ الْمُصِیبَتَیْنِ وَ لَعَلَّکُمْ تُدْرِکُونَ ثَأْرَکُمْ فَالدُّهْنُ وَ النِّسَاءُ عَلَیَّ حَرَامٌ حَتَّی أَغْزُوَ مُحَمَّداً فَمَکَثَتْ قُرَیْشٌ شَهْراً لاَ یُبْکِیهِمْ شَاعِرٌ وَ لاَ تَنُوحُ عَلَیْهِمْ نَائِحَةٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ قَدْ کَمَدَ عَلَی مَنْ قُتِلَ مِنْ وُلْدِهِ وَ کَانَ یُحِبُّ أَنْ یَبْکِیَ عَلَیْهِمْ فَتَأْبَی عَلَیْهِ قُرَیْشٌ ذَلِکَ فَکَانَ یَقُولُ لِغُلاَمِهِ بَیْنَ الْیَوْمَیْنِ وَیْلَکَ احْمِلْ مَعِی خَمْراً وَ اسْلُکْ بِی الْفَجَّ الَّذِی سَلَکَهُ أَبُو حَکِیمَةَ یَعْنِی زَمْعَةَ وَلَدَهُ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ فَیَأْتِی بِهِ غُلاَمُهُ عَلَی الطَّرِیقِ عِنْدَ ذَلِکَ الْفَجِّ فَیَجْلِسُ فَیَسْقِیهِ الْخَمْرَ

ص :151

حَتَّی یَنْتَشِیَ ثُمَّ یَبْکِیَ عَلَی أَبِی حَکِیمَةَ وَ إِخْوَتِهِ ثُمَّ یَحْثِی التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهِ وَ یَقُولُ لِغُلاَمِهِ وَیْحَکَ اکْتُمْ عَلَیَّ فَإِنِّی أَکْرَهُ أَنْ تَعْلَمَ بِی قُرَیْشٌ إِنِّی أَرَاهَا لَمْ تُجْمِعِ الْبُکَاءَ عَلَی قَتْلاَهَا (1)

.

3957

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ حَدَّثَنِی مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عِیسَی بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَتْ قُرَیْشٌ حِینَ رَجَعُوا إِلَی مَکَّةَ لاَ تَبْکُوا عَلَی قَتْلاَکُمْ فَیَبْلُغَ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ فَیَشْمَتُوا بِکُمْ وَ لاَ تَبْعَثُوا فِی أَسْرَاکُمْ فَیَأْرَبَ (2) بِکُمُ الْقَوْمُ أَلاَ فَأَمْسِکُوا عَنِ الْبُکَاءِ.

قَالَ وَ کَانَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أُصِیبَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنْ وُلْدِهِ زَمْعَةُ وَ عَقِیلٌ وَ اَلْحَارِثُ بْنِ زَمْعَةَ فَکَانَ یُحِبُّ أَنْ یَبْکِیَ عَلَی قَتْلاَهُ فَبَیْنَا هُوَ کَذَلِکَ إِذْ سَمِعَ نَائِحَةً مِنَ اللَّیْلِ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ وَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ انْظُرْ هَلْ بَکَتْ قُرَیْشٌ عَلَی قَتْلاَهَا لَعَلِّی أَبْکِی عَلَی أَبِی حَکِیمَةَ یَعْنِی زَمْعَةَ فَإِنَّ جَوْفِی قَدْ احْتَرَقَ فَذَهَبَ الْغُلاَمُ وَ رَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ إِنَّمَا هِیَ امْرَأَةٌ تَبْکِی عَلَی بَعِیرِهَا قَدْ أَضَلَّتْهُ فَقَالَ اَلْأَسْوَدُ تَبْکِی أَنْ یَضِلَّ لَهَا بَعِیرٌ

ص :152

عَلَی بَدْرٍ سُرَاةُ بَنِی هَصِیصٍ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مَشَتْ نِسَاءٌ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَی هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ فَقُلْنَ أَ لاَ تَبْکِینَ عَلَی أَبِیکِ وَ أَخِیکِ وَ عَمِّکِ وَ أَهْلِ بَیْتِکِ فَقَالَتْ حَلَأَنِی (1) أَنْ أَبْکِیَهُمْ فَیَبْلُغَ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ فَیَشْمَتُوا بِنَا وَ نِسَاءَ بَنِی الْخَزْرَجِ لاَ وَ اللَّهِ حَتَّی أَثْأَرَ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ وَ الدُّهْنُ عَلَیَّ حَرَامٌ إِنْ دَخَلَ رَأْسِی حَتَّی نَغْزُوَ مُحَمَّداً وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ الْحُزْنَ یَذْهَبُ عَنْ قَلْبِی لَبَکَیْتُ وَ لَکِنْ لاَ یُذْهِبُهُ إِلاَّ أَنْ أَرَی ثَأْرِی بِعَیْنِی مِنْ قَتَلَةِ الْأَحِبَّةِ فَمَکَثَتْ عَلَی حَالِهَا لاَ تَقْرَبُ الدُّهْنِ وَ لاَ قَرُبْتُ فِرَاشَ أَبِی سُفْیَانَ مِنْ یَوْمَ حَلَفْتُ حَتَّی کَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ بَلَغَ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِیَةَ الدِّیَلِیِّ وَ هُوَ فِی أَهْلِهِ وَ قَدْ کَانَ شَهِدَ مَعَهُمْ بَدْراً أَنَّ قُرَیْشاً بَکَتْ عَلَی قَتَلاَهَا فَقَدِمَ مَکَّةَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لَقَدْ خَفَّتْ أَحْلاَمُکُمْ وَ سَفِهَ رَأْیُکُمْ وَ أَطَعْتُمْ نِسَاءَکُمْ أَ مِثْلُ قَتْلاَکُمْ یُبْکَی عَلَیْهِمْ هُمُ أَجَلُّ مِنَ الْبُکَاءِ مَعَ أَنَّ ذَلِکَ یَذْهَبُ غَیْظَکُمْ عَنْ عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ فَلاَ یَنْبَغِی أَنْ یَذْهَبَ الْغَیْظَ عَنْکُمْ إِلاَّ أَنْ تُدْرِکُوا ثَأْرَکُمْ مِنْ عَدُوِّکُمْ فَسَمِعَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ کَلاَمَهُ فَقَالَ یَا أَبَا مُعَاوِیَةَ غُلِبْتُ وَ اللَّهِ مَا نَاحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ عَلَی قَتِیلٍ لَهَا إِلَی الْیَوْمِ وَ لاَ بَکَّاهُمْ شَاعِرٌ إِلاَّ نَهَیْتُهُ حَتَّی نُدْرِکَ ثَأْرَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ وَ إِنِّی لَأَنَا الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ قُتِلَ ابْنِی حَنْظَلَةُ وَ سَادَةُ أَهْلِ هَذَا الْوَادِی أَصْبَحَ هَذَا الْوَادِی مُقْشَعِرّاً لِفَقْدِهِمْ (3)

.

3958

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ لَمَّا رَجَعَ اَلْمُشْرِکُونَ إِلَی مَکَّةَ وَ قَدْ قُتِلَ صَنَادِیدُهُمْ وَ أَشْرَافُهُمْ أَقْبَلَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عُمَیْرٍ الْجُمَحِیُّ حَتَّی جَلَسَ إِلَی صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فِی اَلْحِجْرِ فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ قَبُحَ الْعَیْشُ

ص :153

بَعْدَ قَتْلَی بَدْرٍ قَالَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ أَجَلْ وَ اللَّهِ مَا فِی الْعَیْشِ بَعْدَهُمْ خَیْرٌ وَ لَوْ لاَ دَیْنٌ عَلَیَّ لاَ أَجِدُ لَهُ قَضَاءً وَ عِیَالٌ لاَ أَدَعُ لَهُمْ شَیْئاً لَرَحَلْتُ إِلَی مُحَمَّدٍ حَتَّی أَقْتُلَهُ إِنْ مَلَأَتْ عَیْنِی مِنْهُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّهُ یَطُوفُ فِی الْأَسْوَاقِ فَإِنَّ لِی عِنْدَهُمْ عِلَّةً أَقُولُ قَدِمْتُ عَلَی ابْنِی هَذَا الْأَسِیرِ فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ وَ قَالَ یَا أَبَا أُمَیَّةَ وَ هَلْ نَرَاکَ فَاعِلاً قَالَ إِی وَ رَبِّ هَذِهِ الْبَنِیَّةِ قَالَ صَفْوَانُ فَعَلَیَّ دَیْنُکَ وَ عِیَالُکَ أُسْوَةُ عِیَالِی فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ بِمَکَّةَ رَجُلٌ أَشَدُّ تَوَسُّعاً عَلَی عِیَالِهِ مِنِّی قَالَ عُمَیْرٌ قَدْ عَرَفْتَ ذَلِکَ یَا أَبَا وَهْبٍ قَالَ صَفْوَانُ فَإِنَّ عِیَالَکَ مَعَ عِیَالِی لاَ یَسَعُنِی شَیْءٌ وَ نَعْجِزَ عَنْهُمْ وَ دَیْنُکَ عَلَیَّ فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ عَلَی بَعِیرِهِ وَ جَهَّزَهُ وَ أَجْرَی عَلَی عِیَالِهِ مِثْلَ مَا یُجْرِی عَلَی عِیَالِ نَفْسِهِ وَ أَمَرَ عُمَیْرٌ بِسَیْفِهِ فَشُحِذَ وَ سُمَّ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ قَالَ لِصَفْوَانَ اکْتُمْ عَلَیَّ أَیَّاماً حَتَّی أَقْدَمَهَا وَ خَرَجَ فَلَمْ یَذْکُرْهُ صَفْوَانُ وَ قَدِمَ عُمَیْرٌ فَنَزَلَ عَلَی بَابِ اَلْمَسْجِدِ وَ عَقَلَ رَاحِلَتَهُ وَ أَخَذَ السَّیْفَ فَتَقَلَّدَهُ ثُمَّ عَمَدَ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِی نَفَرٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ یَتَحَدَّثُونَ (1) وَ یَذْکُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فِی بَدْرٍ فَرَأَی عُمَیْراً وَ عَلَیْهِ السَّیْفُ فَفَزِعَ عُمَرُ مِنْهُ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ دُونَکُمْ الْکَلْبَ هَذَا عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ عَدُوُّ اللَّهِ الَّذِی حَرَّشَ بَیْنَنَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ حَزَّرَنَا لِلْقَوْمِ وَ صَعِدَ فِینَا وَ صَوَّبَ یُخْبِرُ قُرَیْشاً أَنَّهُ لاَ عَدَدٌ لَنَا وَ لاَ کَمِینٌ فَقَامُوا إِلَیْهِ فَأَخَذُوهُ فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ وَ مَعَهُ السِّلاَحُ وَ هُوَ الْغَادِرُ الْخَبِیثُ الَّذِی لاَ یُؤْمَنُ عَلَی شَیْءٍ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص أَدْخِلْهُ عَلَیَّ فَخَرَجَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِحَمَائِلِ سَیْفِهِ فَقَبَضَ بِیَدِهِ عَلَیْهَا وَ أَخَذَ بِیَدِهِ الْأُخْرَی قَائِمَ السَّیْفِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا رَآهُ قَالَ یَا عُمَرُ تَأَخَّرْ عَنْهُ فَلَمَّا دَنَا عُمَیْرٌ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص قَالَ أَنْعِمْ صَبَاحاً فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِیُّ ص قَدْ أَکْرَمَنَا اللَّهُ عَنْ تَحِیَّتِکَ وَ جَعَلَ تَحِیَّتَنَا السَّلاَمَ وَ هِیَ تَحِیَّةُ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ قَالَ عُمَیْرٌ إِنَّ عَهْدَکَ بِهَا لَحَدِیثٌ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص قَدْ أَبْدَلَنَا

ص :154

اللَّهُ خَیْراً فَمَا أَقْدَمَکَ یَا عُمَیْرُ قَالَ قَدِمْتُ فِی أَسِیرِی عِنْدَکُمْ تُفَادُونَهُ وَ تُقَارِبُونَنَا فِیهِ فَإِنَّکُمْ الْعَشِیرَةُ وَ الْأَصْلُ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص فَمَا بَالُ السَّیْفِ قَالَ عُمَیْرٌ قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُیُوفٍ وَ هَلْ أَغْنَتْ مِنْ شَیْءٍ إِنَّمَا نَسِیتُهُ حِینَ نَزَلْتُ وَ هُوَ فِی رَقَبَتِی وَ لَعَمْرِی إِنَّ لِی لَهُمَا غَیْرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اصْدُقْ یَا عُمَیْرُ مَا الَّذِی أَقْدَمَکَ قَالَ مَا قَدِمْتُ إِلاَّ فِی أَسِیرِی قَالَ ص فَمَا شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فِی اَلْحِجْرِ فَفَزِعَ عُمَیْرٌ وَ قَالَ مَا ذَا شَرَطْتُ لَهُ قَالَ تَحَمَّلْتَ بِقَتْلِی عَلَی أَنْ یَقْضِیَ دَیْنَکَ وَ یَعُولَ عِیَالَکَ وَ اللَّهُ حَائِلٌ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ ذَلِکَ قَالَ عُمَیْرٌ أَشْهَدُ أَنَّکَ صَادِقٌ وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ کُنَّا یَا رَسُولَ اللَّهِ نُکَذِّبُکَ بِالْوَحْیِ وَ بِمَا یَأْتِیکَ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِنَّ هَذَا الْحَدِیثَ کَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ صَفْوَانَ کَمَا قُلْتَ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ غَیْرُهُ وَ غَیْرِی وَ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ یَکْتُمَهُ (1) لَیَالِیَ فَأَطْلَعَکَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ شَهِدْتُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی سَاقَنِی هَذَا الْمَسَاقَ وَ فَرِحَ اَلْمُسْلِمُونَ حِینَ هَدَاهُ اللَّهُ وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَخِنْزِیرٌ کَانَ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْهُ حِینَ طَلَعَ وَ هُوَ السَّاعَةَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ بَعْضِ وُلْدِی وَ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص عَلِّمُوا أَخَاکُمُ اَلْقُرْآنَ وَ أَطْلِقُوا لَهُ أَسِیرَهُ فَقَالَ عُمَیْرٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی کُنْتُ جَاهِداً عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَلَهُ الْحَمْدُ أَنْ هَدَانِی فَأْذَنْ لِی فَأَلْحَقَ قُرَیْشاً فَأَدْعُوَهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی اَلْإِسْلاَمِ فَلَعَلَّ اللَّهَ یَهْدِیهِمْ وَ یَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَکَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ فَلَحِقَ بِمَکَّةَ وَ کَانَ صَفْوَانُ یَسْأَلُ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ وَهْبٍ کُلَّ رَاکِبٍ یَقْدَمُ مِنَ اَلْمَدِینَةِ یَقُولُ هَلْ حَدَثَ بِالْمَدِینَةِ مِنْ حَدَثٍ وَ یَقُولُ لِقُرَیْشٍ أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تُنْسِیکُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ فَقَدِمَ رَجُلٌ مِنَ اَلْمَدِینَةِ فَسَأَلَهُ صَفْوَانُ عَنْ عُمَیْرٍ فَقَالَ أَسْلَمَ فَلَعَنَهُ صَفْوَانُ وَ لَعَنَهُ اَلْمُشْرِکُونَ بِمَکَّةَ وَ قَالُوا صَبَأَ عُمَیْرٌ وَ حَلَفَ صَفْوَانُ أَلاَّ یُکَلِّمَهُ أَبَداً وَ لاَ یَنْفَعَهُ وَ طَرَحَ عِیَالَهُ وَ قَدِمَ عُمَیْرٌ فَنَزَلَ فِی أَهْلِهِ وَ لَمْ یَأْتِ صَفْوَانَ وَ أَظْهَرَ اَلْإِسْلاَمَ فَبَلَغَ صَفْوَانَ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُ حِینَ لَمْ یَبْدَأْ بِی قَبْلَ مَنْزِلِهِ وَ قَدْ کَانَ رَجُلٌ

ص :155

أَخْبَرَنِی أَنَّهُ ارْتَکَسَ لاَ أُکَلِّمُهُ مِنْ رَأْسِی أَبَداً وَ لاَ أَنْفَعُهُ وَ لاَ عِیَالَهُ بِنَافِعَةٍ أَبَداً فَوَقَعَ عَلَیْهِ عُمَیْرٌ وَ هُوَ فِی اَلْحِجْرِ فَقَالَ یَا أَبَا وَهْبٍ فَأَعْرَضَ صَفْوَانُ عَنْهُ فَقَالَ عُمَیْرٌ أَنْتَ سَیِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا أَ رَأَیْتَ الَّذِی کُنَّا عَلَیْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ وَ الذَّبْحِ لَهُ أَ هَذَا دِینٌ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَلَمْ یُجِبْهُ صَفْوَانُ بِکَلِمَةٍ وَ أَسْلَمَ مَعَ عُمَیْرٍ بَشَرٌ کَثِیرٌ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ فِتْیَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ خَمْسَةٌ قَدْ أَسْلَمُوا فَاحْتَبَسَهُمْ آبَاؤُهُمْ فَخَرَجُوا مَعَ أَهْلِهِمْ وَ قَوْمِهِمْ إِلَی بَدْرٍ وَ هُمْ عَلَی الشَّکِّ وَ الاِرْتِیَابِ لَمْ یُخْلِصُوا إِسْلاَمَهُمْ وَ هُمْ قَیْسُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ أَبُو قَیْسِ بْنُ الْفَاکِهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَ عَلِیُّ بْنُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ اَلْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَلَمَّا قَدِمُوا بَدْراً وَ رَأَوْا قِلَّةَ أَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ص قَالُوا غَرَّ هَؤُلاَءِ دِینُهُمْ فَفِیهِمْ أُنْزِلَ إِذْ یَقُولُ الْمُنٰافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاٰءِ دِینُهُمْ (2) ثُمَّ أُنْزِلَ فِیهِمْ إِنَّ الَّذِینَ تَوَفّٰاهُمُ الْمَلاٰئِکَةُ ظٰالِمِی أَنْفُسِهِمْ قٰالُوا فِیمَ کُنْتُمْ قٰالُوا کُنّٰا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قٰالُوا أَ لَمْ تَکُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِیهٰا (3) إِلَی تَمَامِ ثَلاَثِ آیَاتٍ (4) .

قَالَ فَکَتَبَ بِهَا اَلْمُهَاجِرُونَ بِالْمَدِینَةِ إِلَی مَنْ أَقَامَ بِمَکَّةَ مُسْلِماً فَقَالَ جُنْدَبُ بْنُ ضَمْرَةَ الْخُزَاعِیُّ لاَ عُذْرَ لِی وَ لاَ حُجَّةَ فِی مُقَامِی بِمَکَّةَ وَ کَانَ مَرِیضاً فَقَالَ لِأَهْلِهِ أَخْرِجُونِی لَعَلِّی أَجِدُ رَوْحاً قَالُوا أَیَّ وَجْهٍ أَحَبُّ إِلَیْکَ قَالَ نِعْمَ اَلتَّنْعِیمُ فَخَرَجُوا بِهِ إِلَی اَلتَّنْعِیمِ وَ بَیْنَ اَلتَّنْعِیمِ وَ مَکَّةَ أَرْبَعَةُ أَمْیَالٍ مِنْ طَرِیقِ اَلْمَدِینَةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی خَرَجْتُ إِلَیْکَ مُهَاجِراً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ مَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهٰاجِراً إِلَی اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ (5) الْآیَةَ فَلَمَّا رَأَی ذَلِکَ مَنْ کَانَ بِمَکَّةَ مِمَّنْ یُطِیقُ الْخُرُوجَ خَرَجُوا فَطَلَبَهُمْ أَبُو سُفْیَانَ فِی رِجَالٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ

ص :156

فَرَدُّوهُمْ وَ سَجَنُوهُمْ فَافْتَتَنَ مِنْهُمْ نَاسٌ وَ کَانَ الَّذِینَ افْتَتَنُوا إِنَّمَا افْتَتَنُوا حِینَ أَصَابَهُمْ الْبَلاَءُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِمْ وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنّٰا بِاللّٰهِ فَإِذٰا أُوذِیَ فِی اللّٰهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّٰاسِ کَعَذٰابِ اللّٰهِ (1) الْآیَةَ وَ مَا بَعْدَهَا فَکَتَبَ بِهَا اَلْمُهَاجِرُونَ بِالْمَدِینَةِ إِلَی مَنْ کَانَ بِمَکَّةَ مُسْلِماً فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْکِتَابُ بِمَا أُنْزِلَ فِیهِمْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنَّ لَکَ عَلَیْنَا إِنْ أَفْلَتْنَا أَلاَّ نَعْدِلَ بِکَ أَحَداً فَخَرَجُوا الثَّانِیَةَ فَطَلَبَهُمْ أَبُو سُفْیَانَ وَ اَلْمُشْرِکُونَ فَأَعْجَزُوهُمْ هَرَباً فِی الْجِبَالِ حَتَّی قَدِمُوا اَلْمَدِینَةَ وَ اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَی مَنْ رُدُّوا مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ فَضَرَبُوهُمْ وَ آذَوْهُمْ وَ أَکْرَهُوهُمْ عَلَی تَرْکِ اَلْإِسْلاَمِ وَ رَجَعَ اِبْنُ أَبِی سَرْحٍ مُشْرِکاً فَقَالَ لِقُرَیْشٍ مَا کَانَ یُعْلِمُ مُحَمَّداً إِلاَّ اِبْنُ قَمْطَةَ (2) عَبْدٌ نَصْرَانِیٌّ لَقَدْ کُنْتُ أَکْتُبُ لَهُ فَأُحَوِّلُ مَا أَرَدْتُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّمٰا یُعَلِّمُهُ بَشَرٌ (3) الْآیَةَ

(4)

.

سَاعَةً ثُمَّ کُشِفَ عَنْهُ فَبَشَّرَ الْمُؤْمِنِینَ بِجَبْرَائِیلَ فِی جُنْدٍ مِنَ الْمَلاَئِکَةِ فِی مَیْمَنَةِ النَّاسِ وَ مِیکَائِیلَ فِی جُنْدٍ آخَرَ فِی مَیْسَرَةِ النَّاسِ وَ إِسْرَافِیلَ فِی جُنْدٍ آخَرَ فِی أَلْفٍ وَ کَانَ إِبْلِیسُ قَدْ تَصَوَّرَ لِلْمُشْرِکِینَ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِیِّ یَذْمُرُ اَلْمُشْرِکِینَ وَ یُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لاَ غَالِبَ لَهُمْ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا أَبْصَرَ عَدُوُّ اللَّهِ الْمَلاَئِکَةَ نَکَصَ عَلیٰ عَقِبَیْهِ وَ قٰالَ إِنِّی بَرِیءٌ مِنْکُمْ إِنِّی أَریٰ مٰا لاٰ تَرَوْنَ فَتَشَبَّثَ بِهِ اَلْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَ هُوَ یَرَی أَنَّهُ سُرَاقَةُ لَمَّا سَمِعَ مِنْ کَلاَمِهِ فَضَرَبَ فِی صَدْرِ اَلْحَارِثِ فَسَقَطَ اَلْحَارِثُ وَ انْطَلَقَ إِبْلِیسُ لاَ یُرَی حَتَّی وَقَعَ فِی الْبَحْرِ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ قَائِلاً یَا رَبِّ مَوْعِدَکَ الَّذِی وَعَدْتَنِی وَ أَقْبَلَ أَبُو جَهْلِ عَلَی أَصْحَابِهِ یَحُضُّهُمْ عَلَی الْقِتَالِ وَ قَالَ لاَ یَغُرَّنَّکُمْ خِذْلاَنُ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ إِیَّاکُمْ فَإِنَّمَا کَانَ عَلَی مِیعَادٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ سَیَعْلَمُ إِذَا رَجَعْنَا إِلَی قُدَیْدٍ مَا نَصْنَعُ بِقَوْمِهِ وَ لاَ یَهُولَنَّکُمْ مَقْتَلُ عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ وَ اَلْوَلِیدِ فَإِنَّهُمْ عَجِلُوا وَ بَطِرُوا حِینَ قَاتَلُوا وَ أَیْمُ اللَّهِ لاَ نَرْجِعُ الْیَوْمَ حَتَّی نُقْرِنَ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ فِی الْحِبَالِ فَلاَ أَلْفَیَنَّ أَحَداً مِنْکُمْ قَتَلَ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لَکِنْ خُذُوهُمْ أَخْذاً نَعْرِفُهُمْ بِالَّذِی صَنَعُوا لِمُفَارَقَتِهِمْ دِینَکُمْ وَ رَغْبَتِهِمْ عَمَّا کَانَ یَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ

.

3960

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عُتْبَةُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ إِنْ کُنَّا لَنَسْمَعُ لِإِبْلِیسَ یَوْمَئِذٍ خُوَاراً وَ دُعَاءً بِالثُّبُورِ وَ الْوَیْلِ وَ تَصَوَّرَ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ حَتَّی هَرَبَ فَاقْتَحَمَ الْبَحْرَ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ مَادّاً لَهُمَا یَقُولُ یَا رَبِّ مَا وَعَدْتَنِی وَ لَقَدْ کَانَتْ قُرَیْشٌ بَعْدَ ذَلِکَ تُعَیِّرُ سُرَاقَةَ بِمَا صَنَعَ یَوْمَئِذٍ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ مَا صَنَعْتُ شَیْئاً.

3961

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی أَبُو إِسْحَاقَ الْأَسْلَمِیُّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ مَوْلَی بَنِی الْعَبَّاسِ عَنْ عُمَارَةَ اللَّیْثِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی شَیْخٌ صَیَّادٌ مِنَ الْحَیِّ وَ کَانَ یَوْمَئِذٍ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ قَالَ سَمِعْتُ صِیَاحاً یَا وَیْلاَهْ یَا وَیْلاَهْ قَدْ مَلَأَ الْوَادِیَ یَا حَرْبَاهْ یَا حَرْبَاهْ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ مَا لَکَ فِدَاکَ أَبِی وَ أُمِّی فَلَمْ یَرْجِعْ إِلَیَّ شَیْئاً ثُمَّ أَرَاهُ اقْتَحَمَ الْبَحْرَ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ مَادّاً یَقُولُ یَا رَبِّ مَا وَعَدْتَنِی فَقُلْتُ

ص :158

فِی نَفْسِی جُنَّ وَ بَیْتِ اللَّهِ سُرَاقَةُ وَ ذَلِکَ حِینَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَ ذَلِکَ عِنْدَ انْهِزَامِهِمْ یَوْمَ بَدْرٍ (1) .

3962

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَالُوا کَانَتْ سِیمَاءُ الْمَلاَئِکَةُ عَمَائِمُ قَدْ أَرْخَوْهَا بَیْنَ أَکْتَافِهِمْ خَضْرَاءَ وَ صَفْرَاءَ وَ حَمْرَاءَ مِنْ نُورٍ وَ الصُّوفُ فِی نَوَاصِی خَیْلِهِمْ.

3963

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ إِنَّ الْمَلاَئِکَةَ قَدْ سَوَّمَتْ فَسَوِّمُوا فَأَعْلَمَ اَلْمُسْلِمُونَ بِالصُّوفِ فِی مَغَافِرِهِمْ وَ قَلاَنِسِهِمْ (2) .

3964

1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ کَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص یُعَلَّمُونَ (3) فِی الزُّحُوفِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ کَانَ یَوْمَ بَدْرٍ مُعَلَّماً بِرِیشَةِ نَعَامَةٍ وَ کَانَ عَلِیٌّ ع مُعَلَّماً بِصُوفَةٍ بَیْضَاءَ وَ کَانَ اَلزُّبَیْرُ مُعَلَّماً بِعِصَابَةٍ صَفْرَاءَ وَ کَانَ أَبُو دُجَانَةَ یُعَلَّمُ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ وَ کَانَ اَلزُّبَیْرُ یُحَدِّثُ أَنَّ الْمَلاَئِکَةَ نَزَلَتْ یَوْمَ بَدْرٍ عَلَی خَیْلٍ بُلْقٍ عَلَیْهَا عَمَائِمُ صُفْرٌ فَکَانَتْ عَلَی صُورَةِ اَلزُّبَیْرِ

.

3965

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرُوِیَ عَنْ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَقَدْ رَأَیْتُ یَوْمَ بَدْرٍ رِجَالاً بِیضاً عَلَی خَیْلٍ بُلْقٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مُعَلَّمِینَ یُقْبِلُونَ وَ یَأْسِرُونَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ أَبُو أَسَدٍ السَّاعِدِیُّ یُحَدِّثُ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ یَقُولُ لَوْ کُنْتُ مَعَکُمْ الْآنَ بِبَدْرٍ وَ مَعِی بَصَرِی لَأَرَیْتُکُمْ الشِّعْبَ الَّذِی خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلاَئِکَةُ لاَ أَشُکُّ فِیهِ وَ لاَ أَمْتَرِی قَالَ وَ کَانَ أُسَیْدٌ یُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِی غِفَارٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَ ابْنَ عَمٍّ لِی یَوْمَ بَدْرٍ حَتَّی صَعِدْنَا عَلَی جَبَلٍ وَ نَحْنُ یَوْمَئِذٍ عَلَی الشِّرْکِ نَنْظُرُ الْوَقْعَةَ وَ عَلَی مَنْ تَکُونُ الدَّبْرَةُ فَنَنْتَهِبَ مَعَ مَنْ یَنْتَهِبُ إِذْ رَأَیْتُ سَحَابَةً دَنَتْ مِنَّا فَسَمِعْتُ مِنْهَا

ص :159

هَمْهَمَةَ الْخَیْلِ وَ قَعْقَعَةَ الْحَدِیدِ وَ سَمِعْتُ قَائِلاً یَقُولُ أَقْدِمْ حَیْزُومُ فَأَمَّا ابْنُ عَمِّی فَانْکَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ وَ أَمَّا أَنَا فَکِدْتُ أَهْلِکُ فَتَمَاسَکْتُ وَ أَتْبَعْتُ بَصَرِی حَیْثُ تَذْهَبُ السَّحَابَةُ فَجَاءَتْ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص وَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ وَ لَیْسَ فِیهَا شَیْءٌ مِمَّا کُنْتُ أَسْمَعُ

.

3966

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی خَارِجَةُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَیْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَبْرَائِیلَ مَنِ الْقَائِلُ یَوْمَ بَدْرٍ أَقْبِلْ حَیْزُومُ فَقَالَ جَبْرَائِیلُ یَا مُحَمَّدُ مَا کُلَّ أَهْلِ السَّمَاءِ أَعْرِفُ .

3967

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عُبَیْدَةَ بْنِ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی رُهْمٍ الْغِفَارِیِّ عَنِ اِبْنِ عَمٍّ لَهُ قَالَ بَیْنَا أَنَا وَ ابْنَ عَمٍّ لِی عَلَی مَاءِ بَدْرٍ فَلَمَّا رَأَیْنَا قِلَّةَ مَنْ مَعَ مُحَمَّدٍ وَ کَثْرَةَ قُرَیْشٍ قُلْنَا إِذَا الْتَقَتِ الْفِئَتَانِ عَمَدْنَا إِلَی عَسْکَرِ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ فَانْتَهَبْنَاهُ فَانْطَلَقْنَا نَحْوَ الْمَجْنَبَةِ الْیُسْرَی مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ نَحْنُ نَقُولُ هَؤُلاَءِ رُبُعُ قُرَیْشٍ فَبَیْنَا نَحْنُ نَمْشِی فِی الْمَیْسَرَةِ إِذْ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَغَشِیَتْنَا فَرَفَعْنَا أَبْصَارَنَا لَهَا فَسَمِعْنَا أَصْوَاتَ الرِّجَالِ وَ السِّلاَحِ وَ سَمِعْنَا قَائِلاً یَقُولُ لِفَرَسِهِ أَقْدِمْ حَیْزُومُ وَ سَمِعْنَاهُمْ یَقُولُونَ رُوَیْداً تَتَاءَمُ أُخْرَاکُمْ فَنَزَلُوا عَلَی مَیْمَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ جَاءَتْ أُخْرَی مِثْلَ تِلْکَ فَکَانَتْ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص فَنَظَرْنَا إِلَی أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ إِذَا هُمْ عَلَی الضَّعْفِ مِنْ قُرَیْشٍ فَمَاتَ ابْنُ عَمِّی وَ أَمَّا أَنَا فَتَمَاسَکْتُ وَ أَخْبَرْتُ اَلنَّبِیَّ ص بِذَلِکَ وَ أَسْلَمْتُ

.

3968

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ مَا رُئِیَ اَلشَّیْطَانُ یَوْماً هُوَ فِیهِ أَصْغَرُ وَ لاَ أَحْقَرُ وَ لاَ أَدْحَرُ وَ لاَ أَغْضَبُ مِنْهُ فِی یَوْمِ عَرَفَةَ وَ مَا ذَاکَ إِلاَّ لِمَا رَأَی مِنْ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَ تَجَاوُزِ اللَّهِ تَعَالَی عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلاَّ مَا رَأَی یَوْمَ بَدْرٍ قِیلَ وَ مَا رَأَی

ص :160

یَا رَسُولَ اللَّهِ یَوْمَ بَدْرٍ قَالَ أَمَا إِنَّهُ رَأَی جِبْرِیلَ یُوَزِّعُ الْمَلاَئِکَةَ .

3969

قَالَ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ یَوْمَئِذٍ هَذَا جَبْرَائِیلُ یَسُوقُ بِرِیحٍ کَأَنَّهُ دِحْیَةُ الْکَلْبِیُّ إِنِّی نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِکَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ (1) .

3970

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ یَقُولُ رَأَیْتُ یَوْمَ بَدْرٍ رَجُلَیْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ یَمِینِ اَلنَّبِیِّ ص وَ الْآخَرُ عَنْ یَسَارِهِ یُقَاتِلاَنِ أَشَدَّ الْقِتَالِ ثُمَّ ثَلَّثَهُمَا ثَالِثٌ مِنْ خَلْفِهِ ثُمَّ رَبَّعَهُمَا رَابِعٌ أَمَامَهُ (2) .

قَالَ وَ قَدْ رَوَی سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ مِثْلَ ذَلِکَ قَالَ رَأَیْتُ رَجُلَیْنِ یَوْمَ بَدْرٍ یُقَاتِلاَنِ عَنِ اَلنَّبِیِّ ص أَحَدُهُمَا عَنْ یَمِینِهِ وَ الْآخَرُ عَنْ یَسَارِهِ وَ إِنِّی لَأَرَاهُ یَنْظُرُ إِلَی ذَا مَرَّةً وَ إِلَی ذَا مَرَّةً سُرُوراً بِمَا فَتَحَهُ (3) اللَّهُ تَعَالَی

(4)

.

3971

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی إِسْحَاقُ بْنُ یَحْیَی عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ مَا أَدْرِی کَمْ یَدٍ مَقْطُوعَةٍ وَ ضَرْبَةٍ جَائِفَةٍ لَمْ یُدْمِ کَلْمُهَا یَوْمَ بَدْرٍ قَدْ رَأَیْتُهَا (5) .

3972

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِیَارٍ قَالَ جِئْتُ یَوْمَ بَدْرٍ بِثَلاَثَةِ رُءُوسٍ فَوَضَعْتُهَا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا اثْنَانِ فَقَتَلْتُهُمَا وَ أَمَّا الثَّالِثُ فَإِنِّی رَأَیْتُ رَجُلاً طَوِیلاً أَبْیَضَ ضَرَبَهُ فَتَدَهْدَهَ (6) أَمَامَهُ فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاکَ فُلاَنٌ مِنَ الْمَلاَئِکَةِ

(7)

.

3973

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ اِبْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ یَقُولُ لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلاَئِکَةُ إِلاَّ یَوْمَ بَدْرٍ (8) .

ص :161

3974

قَالَ وَ حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی حَبِیبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ عِکْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ کَانَ الْمَلَکُ یَتَصَوَّرُ فِی صُورَةٍ مَنْ یَعْرِفُهُ اَلْمُسْلِمُونَ مِنَ النَّاسِ (1) لِیُثَبِّتَهُمْ فَیَقُولُ إِنِّی قَدْ دَنَوْتُ مِنْ اَلْمُشْرِکِینَ فَسَمِعْتُهُمْ یَقُولُونَ لَوْ حَمَلُوا عَلَیْنَا مَا ثَبَتْنَا لَهُمْ وَ لَیْسُوا بِشَیْءٍ فَاحْمِلُوا عَلَیْهِمْ وَ ذَلِکَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذْ یُوحِی رَبُّکَ إِلَی الْمَلاٰئِکَةِ أَنِّی مَعَکُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا (2) الْآیَةَ (3) .

3975

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُوسَی بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ کَانَ اَلسَّائِبُ بْنُ أَبِی حُبَیْشٍ الْأَسَدِیُّ یُحَدِّثَ فِی زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَسَرَنِی یَوْمَ بَدْرٍ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فَیُقَالُ فَمَنْ فَیَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَتْ قُرَیْشٌ انْهَزَمْتُ مَعَهَا فَیُدْرِکُنِی رَجُلٌ أَبْیَضُ طَوِیلٌ عَلَی فَرَسٍ أَبْلَقَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَأَوْثَقَنِی رِبَاطاً وَ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَجَدَنِی مَرْبُوطاً وَ کَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یُنَادِی فِی الْعَسْکَرِ مَنْ أَسَرَ هَذَا فَلَیْسَ أَحَدٌ یَزْعُمُ أَنَّهُ أَسَرَنِی حَتَّی انْتَهَی بِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ یَا اِبْنَ أَبِی حُبَیْشٍ مَنْ أَسَرَکَ قُلْتُ لاَ أَعْرِفُهُ وَ کَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِالَّذِی رَأَیْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَسَرَهُ مَلَکٌ مِنَ الْمَلاَئِکَةِ کَرِیمٌ اذْهَبْ یَا اِبْنَ عَوْفٍ بِأَسِیرِکَ فَذَهَبَ بِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ اَلسَّائِبُ وَ مَا زَالَتْ تِلْکَ الْکَلِمَةُ أَحْفَظُهَا وَ تَأَخَّرَ إِسْلاَمِی حَتَّی کَانَ مِنْ إِسْلاَمِی مَا کَانَ

(4)

.

3976

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ یَقُولُ لَقَدْ رَأَیْتُنَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ قَدْ وَقَعَ بِوَادِی خَلَصَ بِجَادٌ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ قَالَ وَ وَادِی خَلَصَ نَاحِیَةُ اَلرُّوَیْثَةِ قَالَ فَإِذَا الْوَادِی یَسِیلُ نَمْلاً فَوَقَعَ فِی نَفْسِی أَنَّ هَذَا شَیْءٌ مِنَ السَّمَاءِ أُیِّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ فَمَا کَانَتْ إِلاَّ الْهَزِیمَةُ وَ هِیَ الْمَلاَئِکَةُ (5) .

ص :162

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ قَالُوا إِنَّهُ لَمَّا الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَافِعٌ یَدَیْهِ یَسْأَلُ اللَّهَ النَّصْرَ وَ مَا وَعَدَهُ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ ظَهَرَتْ عَلَیَّ هَذِهِ الْعِصَابَةُ ظَهَرَ الشِّرْکُ وَ لاَ یَقُومُ لَکَ دِینٌ وَ أَبُو بَکْرٍ یَقُولُ-وَ اللَّهِ لَیَنْصُرَنَّکَ اللَّهُ وَ لَیُبَیِّضَنَّ وَجْهَکَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی أَلْفاً مِنَ الْمَلاٰئِکَةِ مُرْدِفِینَ عِنْدَ أَکْتَافِ الْعَدُوِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَا أَبَا بَکْرٍ أَبْشِرْ هَذَا جَبْرَائِیلُ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْأَرْضَ تَغَیَّبَ عَنِّی سَاعَةً ثُمَّ طَلَعَ عَلَی ثَنَایَاهُ النَّقْعُ یَقُولُ أَتَاکَ النَّصْرُ مِنَ اللَّهِ إِذْ دَعْوَتَهُ

(1)

.

3977

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُوسَی بْنُ یَعْقُوبَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَکْرِ بْنَ سُلَیْمَانَ بْنِ أَبِی خَیْثَمَةَ یَقُولُ سَمِعْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَکَمِ یَسْأَلُ حَکِیمَ بْنَ حِزَامٍ عَنْ یَوْمِ بَدْرٍ فَجَعَلَ الشَّیْخُ یَکْرَهُ ذَلِکَ حَتَّی أَلَحَّ عَلَیْهِ فَقَالَ حَکِیمٌ الْتَقَیْنَا فَاقْتَتَلْنَا فَسَمِعْتُ صَوْتاً وَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ مِثْلَ وَقْعِ الْحَصَاةِ فِی الطَّسْتِ وَ قَبَضَ اَلنَّبِیُّ ص الْقَبْضَةَ فَرَمَی بِهَا فَانْهَزَمْنَا

.

3978

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صَغِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِیَةَ الدُّؤَلِیَّ یَقُولُ انْهَزَمْنَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ نَحْنُ نَسْمَعُ کَوَقْعِ الْحَصَی فِی الطِّسَاسِ بَیْنَ أَیْدِینَا وَ مِنْ خَلْفِنَا فَکَانَ ذَلِکَ أَشَدَّ الرُّعْبِ عَلَیْنَا. فأما الذین قالوا نزلت الملائکة و لم تقاتل فذکر الزمخشری فی کتابه فی تفسیر القرآن المعروف بالکشاف أن قوما أنکروا قتال الملائکة یوم بدر و قالوا لو قاتل واحد من الملائکة جمیع البشر لم یثبتوا له و لاستأصلهم بأجمعهم ببعض قوته فإن جبرائیل ع رفع مدائن قوم لوط کما جاء فی الخبر علی خافقة من جناحه

ص :163

حتی بلغ بها إلی السماء ثمّ قلبها فجعل عٰالِیَهٰا سٰافِلَهٰا فما عسی أن یبلغ قوة ألف رجل من قریش لیحتاج فی مقاومتها و حربها إلی ألف ملک من ملائکة السماء مضافین إلی ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من بنی آدم و جعل هؤلاء قوله تعالی فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنٰاقِ (1) أمرا للمسلمین لا أمرا للملائکة.

و رووا فی نصرة قولهم روایات قالوا و إنّما کان نزول الملائکة لیکثروا سواد المسلمین فی أعین المشرکین فإنهم کانوا یرونهم فی مبدأ الحال قلیلین فی أعینهم کما قال تعالی وَ یُقَلِّلُکُمْ (2) لیطمع المشرکون فیهم و یجترءوا علی حربهم فلما نشبت الحرب کثرهم اللّه تعالی بالملائکة فی أعین المشرکین لیفروا و لا یثبتوا و أیضا فإن الملائکة نزلت و تصورت بصور البشر الذین یعرفهم المسلمون و قالوا لهم ما جرت العادة أن یقال مثله من تثبیت القلوب یوم الحرب نحو قولهم لیس المشرکون بشیء لا قوة عندهم لا قلوب لهم لو حملتم علیهم لهزمتموهم و أمثال ذلک.

و لقائل أن یقول إذا کان قادرا علی أن یقلل ثلاثمائة إنسان فی أعین قریش حتی یظنوهم مائة فهو قادر علی أن یکثرهم فی أعین قریش بعد التقاء حلقتی البطان فیظنوهم ألفین و أکثر من غیر حاجة إلی إنزال الملائکة.

فإن قلت لعلّ فی إنزالهم لطفا للمکلفین قلت و لعلّ فی محاربتهم لطفا للمکلفین و أمّا أصحاب المعانی فإنهم لم یحملوا الکلام علی ظاهره و لهم فی تأویله قول لیس هذا موضع ذکره

ص :164

الْخُمُسَ فِیمَا کَانَ مِنْ أَوَّلِ غَنِیمَةٍ بَعْدَ بَدْرٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ أَبِی أُسَیْدٍ السَّاعِدِیِّ مِثْلَهُ

.

3981

14- وَ رَوَی عِکْرِمَةُ قَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِی الْغَنَائِمِ یَوْمَ بَدْرٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْغَنَائِمِ أَنْ تُرَدَّ فِی الْمَقْسَمِ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا شَیْءٌ إِلاَّ رُدَّ وَ ظَنَّ أَهْلُ الشَّجَاعَةِ أَنَّهُ ص یَخُصُّهُمْ بِهَا دُونَ غَیْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الضَّعْفِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ تُقْسَمَ بَیْنَهُمْ عَلَی سَوَاءٍ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ تُعْطِی فَارِسَ الْقَوْمِ الَّذِی یَحْمِیهِمْ مِثْلَ مَا تُعْطِی الضَّعِیفَ فَقَالَ ص ثَکِلَتْکَ أُمُّکَ وَ هَلْ تُنْصَرُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِکُمْ

.

3982

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ خَیْثَمَةَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ تُرَدَّ الْأَسْرَی وَ الْأَسْلاَبُ وَ مَا أَخَذُوا مِنَ الْمَغْنَمِ ثُمَّ أَقْرَعَ بَیْنَهُمْ فِی الْأَسْرَی وَ قَسَّمَ أَسْلاَبَ الْمَقْتُولِینَ الَّذِینَ یُعْرَفُ قَاتِلُوهُمْ بَیْنَ قَاتِلِیهِمْ وَ قَسَّمَ مَا وَجَدَهُ فِی الْعَسْکَرِ بَیْنَ جَمِیعِ اَلْمُسْلِمِینَ عَنْ فِرَاقٍ .

3983

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ سَأَلْتُ مُوسَی بْنَ سَعْدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ کَیْفَ فَعَلَ اَلنَّبِیُّ ص یَوْمَ بَدْرٍ فِی الْأَسْرَی وَ الْأَسْلاَبَ وَ الْأَنْفَالَ فَقَالَ نَادَی مُنَادِیهِ یَوْمَئِذٍ مَنْ قَتَلَ قَتِیلاً فَلَهُ سَلَبُهُ وَ مَنْ أَسَرَ أَسِیراً فَهُوَ لَهُ وَ أَمَرَ بِمَا وُجِدَ فِی الْعَسْکَرِ وَ مَا أُخِذَ بِغَیْرِ قِتَالٍ فَقَسَمَهُ بَیْنَهُمْ عَنْ فِرَاقٍ فَقُلْتُ لِعَبْدِ الْحَمِیدِ فَلِمَنْ أَعْطَی سَلَبَ أَبِی جَهْلٍ فَقَالَ قَدْ قِیلَ إِنَّهُ أَعْطَاهُ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَ قِیلَ أَعْطَاهُ اِبْنَ مَسْعُودٍ .

قَالَ وَ أَخَذَ عَلِیٌّ ع دِرْعَ اَلْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ وَ بَیْضَتَهُ وَ مِغْفَرَهُ وَ أَخَذَ حَمْزَةُ سِلاَحَ عُتْبَةَ وَ أَخَذَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ سِلاَحَ شَیْبَةَ ثُمَّ صَارَ إِلَی وَرَثَتِهِ.

ص :166

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَتِ الْقِسْمَةُ عَلَی ثَلاَثِمِائَةٍ وَ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْماً لِأَنَّ الرِّجَالَ کَانَتْ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَ کَانَ مَعَهُمْ فُرْسَانٌ لَهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ قَسَمَ أَیْضاً فَوْقَ ذَلِکَ لِثَمَانِیَةِ أَسْهُمٍ لَمْ یَحْضُرُوا ضُرِبَ لَهُمْ بِسِهَامِهِمْ وَ أُجُورِهِمْ ثَلاَثَةٌ مِنَ اَلْمُهَاجِرِینَ لاَ خِلاَفَ فِیهِمْ وَ هُمُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی ابْنَتِهِ رُقَیَّةَ وَ مَاتَتْ یَوْمَ قَدِمَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِالْبِشَارَةِ إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ سَعْدُ بْنِ زَیْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ بَعَثَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ص یَتَجَسَّسَانِ خَبَرَ الْعِیرِ وَ خَمْسَةٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ هُمْ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ خَلَّفَهُ عَلَی اَلْمَدِینَةِ وَ عَاصِمُ بْنُ عَدِیٍّ خَلَّفَهُ عَلَی قُبَاءَ وَ أَهْلِ اَلْعَالِیَةِ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ أَمَرَهُ بِأَمْرٍ فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَ خَوَّاتُ بْنُ جُبَیْرٍ کُسِرَ بِالرَّوْحَاءِ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ مِثْلُهُ فَلاَ اخْتِلاَفَ فِی هَؤُلاَءِ وَ اخْتُلِفَ فِی أَرْبَعَةٍ غَیْرِهِمْ فَرُوِیَ أَنَّهُ ضُرِبَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِسَهْمِهِ وَ أَجْرِهِ وَ قَالَ لَئِنْ لَمْ یَشْهَدْهَا لَقَدْ کَانَ فِیهَا رَاغِباً وَ ذَلِکَ أَنَّهُ کَانَ یَحُضُّ النَّاسَ عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی بَدْرٍ فَنَهَشَ فَمَنَعَهُ ذَلِکَ مِنَ الْخُرُوجِ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ ضُرِبَ لِسَعْدِ بْنِ مَالِکٍ السَّاعِدِیِّ بِسَهْمِهِ وَ أَجْرِهِ وَ کَانَ تَجَهَّزَ إِلَی بَدْرٍ فَمَرِضَ بِالْمَدِینَةِ فَمَاتَ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَوْصَی إِلَیْهِ ع.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ ضُرِبَ لِرَجُلَیْنِ آخَرَیْنِ مِنَ اَلْأَنْصَارِ وَ لَمْ یُسَمِّهِمَا اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ هَؤُلاَءِ الْأَرْبَعَةُ غَیْرُ مُجْمَعٍ عَلَیْهِمْ کَإِجْمَاعِهِمْ عَلَی الثَّمَانِیَةِ.

قَالَ وَ قَدِ اخْتُلِفَ هَلْ ضُرِبَ بِسَهْمٍ فِی الْغَنِیمَةِ لِقَتْلَی بَدْرٍ فَقَالَ الْأَکْثَرُونَ لَمْ یُضْرَبْ لَهُمْ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ ضُرِبَ لَهُمْ

.

3984

14- حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص ضَرَبَ لِشُهَدَاءِ بَدْرٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً قَالَ وَ قَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَیْثَمَةَ أَخَذْنَا سَهْمَ أَبِی الَّذِی ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص حِینَ

ص :167

قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَ حَمَلَهُ إِلَیْنَا عُوَیْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ

.

3985

14- قَالَ وَ قَدْ رَوَی اَلسَّائِبُ بْنُ أَبِی لُبَابَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَسْهَمَ لِمُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ وَ قَدْ قَدِمَ بِسَهْمِهِ عَلَیْنَا مَعْنُ بْنُ عَدِیٍّ .

3986

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتِ الْإِبِلُ الَّتِی أَصَابُوا یَوْمَئِذٍ مِائَةً وَ خَمْسِینَ بَعِیراً وَ کَانَ مَعَهُ أُدُمٌ کَثِیرٌ حَمَلُوهُ لِلتِّجَارَةِ فَمَنَعَهُ اَلْمُسْلِمُونَ یَوْمَئِذٍ وَ کَانَ فِیمَا أَصَابُوا قَطِیفَةٌ حَمْرَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا لَنَا لاَ نَرَی الْقَطِیفَةَ مَا نَرَی رَسُولَ اللَّهِ ص إِلاَّ أَخَذَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ مٰا کٰانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَغُلَّ (1) وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَناً غَلَّ قَطِیفَةً فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص الرَّجُلَ فَقَالَ لَمْ أَفْعَلْ فَقَالَ الدَّالُّ یَا رَسُولَ اللَّهِ احْفِرُوا هَاهُنَا فَحَفَرْنَا فَاسْتُخْرِجَتِ الْقَطِیفَةُ فَقَالَ قَائِلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِفُلاَنٍ مَرَّتَیْنِ أَوْ مِرَاراً فَقَالَ ع دَعُونَا مِنْ أَبِی حُرٍّ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَصَابَ اَلْمُسْلِمُونَ مِنْ خُیُولِهِمْ عَشْرَةَ أَفْرَاسٍ وَ کَانَ جَمَلُ أَبِی جَهْلٍ فِیمَا غَنِمُوهُ فَأَخَذَهُ اَلنَّبِیُّ ص فَلَمْ یَزَلْ عِنْدَهُ یَضْرِبُ فِی إِبِلِهِ وَ یَغْزُو عَلَیْهِ حَتَّی سَاقَهُ فِی هَدْیِ اَلْحُدَیْبِیَةِ فَسَأَلَهُ یَوْمَئِذٍ اَلْمُشْرِکُونَ الْجَمَلَ بِمِائَةِ بَعِیرٍ فَقَالَ لَوْ لاَ أَنَّا سَمَّیْنَاهُ فِی الْهَدْیِ لَفَعَلْنَا قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص صَفِیٌّ (2) مِنَ الْغَنِیمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَتَنَفَّلَ سَیْفَهُ ذَا الْفَقَارِ یَوْمَئِذٍ کَانَ لِمُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ غَزَا إِلَی بَدْرٍ بِسَیْفٍ وَهَبَهُ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ یُقَالُ لَهُ اَلْعَضْبُ .

قَالَ وَ سَمِعْتُ اِبْنَ أَبِی سَبْرَةَ یَقُولُ سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ کَیْسَانَ یَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ

ص :168

اللَّهِ ص

یَوْمَ بَدْرٍ وَ مَا مَعَهُ سَیْفٌ وَ کَانَ أَوَّلَ سَیْفِ قَلَّدَهُ سَیْفُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ غَنِمَهُ یَوْمَ بَدْرٍ .

وَ قَالَ اَلْبَلاذُرِیُّ کَانَ ذُو الْفَقَارِ لِلْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ یُقَالُ لِمُنَبِّهٍ وَ یُقَالُ لِشَیْبَةَ وَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّهُ کَانَ لِلْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ أَبُو أُسَیْدٍ السَّاعِدِیُّ إِذَا ذُکِرَ اَلْأَرْقَمُ بْنُ أَبِی الْأَرْقَمِ یَقُولُ مَا یَوْمِی مِنْهُ بِوَاحِدٍ فَیُقَالُ مَا هَذَا هُوَ فَیَقُولُ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص اَلْمُسْلِمِینَ أَنْ یَرُدُّوا یَوْمَ بَدْرٍ مَا فِی أَیْدِیهِمْ مِنَ الْمَغْنَمِ فَرَدَدْتُ سَیْفَ أَبِی عَائِذٍ الْمَخْزُومِیِّ وَ اسْمُ السَّیْفِ اَلْمَرْزُبَانُ وَ کَانَ لَهُ قِیمَةٌ وَ قَدْرٌ وَ أَنَا أَطْمَعُ أَنْ یَرُدَّ إِلَیَّ فَکَلَّمَ اَلْأَرْقَمُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِیهِ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ یَمْنَعُ شَیْئاً یَسْأَلُهُ فَأَعْطَاهُ السَّیْفَ وَ خَرَجَ بُنَیٌّ لَهُ یَفَعَةٌ (1) فَاحْتَمَلَهُ الْغُولُ فَذَهَبْتُ بِهِ مُتَوَرِّکَةً ظَهْراً فَقِیلَ لِأَبِی أَسِیدٍ وَ کَانَتِ الْغِیلاَنُ فِی ذَلِکَ الزَّمَانِ فَقَالَ نَعَمْ وَ لَکِنَّهَا قَدْ هَلَکَتْ فَلَقِیَ بُنَیَّ اَلْأَرْقَمِ بْنِ أَبِی الْأَرْقَمِ فَبَهِشَ (2) إِلَیْهِ بَاکِیاً مُسْتَجِیراً بِهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَتِ الْغُولُ أَنَا حَاضِنَتُهُ فَلَهَا عَنْهُ وَ الصَّبِیُّ یُکْذِبُهَا فَلَمْ یُعَرِّجْ عَلَیْهِ حَتَّی السَّاعَةِ فَخَرَجَ مِنْ دَارِی فَرَسٌ لِی فَقَطَعَ رَسَنَهُ فَلَقِیَهُ اَلْأَرْقَمُ بِالْغَابَةِ فَرَکِبَهُ حَتَّی إِذَا دَنَا مِنَ اَلْمَدِینَةِ أَفْلَتَ مِنْهُ فَتَعَذَّرَ إِلَیَّ أَنَّهُ أَفْلَتَ مِنِّی فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَیْهِ حَتَّی السَّاعَةِ.

قَالَ وَ رَوَی عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ سَیْفَ اَلْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَأَعْطَاهُ قَالَ وَ أَخَذَ ع مَمَالِیکَ حَضَرُوا بَدْراً وَ لَمْ یُسْهِمْ لَهُمْ وَ هُمْ ثَلاَثَةُ أَعْبُدٍ غُلاَمٌ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص :169

بْنِ عَوْفٍ وَ غُلاَمٌ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ اسْتَعْمَلَ ص شُقْرَانَ غُلاَمَهُ عَلَی الْأَسْرَی فَأَخَذُوا مِنَ کُلِّ أَسِیرٍ مَا لَوْ کَانَ حُرّاً مَا أَصَابَهُ فِی الْمُقْسَمِ

.

3987

14- وَ رَوَی عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ رَمَیْتُ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو یَوْمَ بَدْرٍ فَقَطَعْتُ نَسَاءَهُ فَاتَّبَعْتُ أَثَرَ الدَّمِ حَتَّی وَجَدْتُهُ قَدْ أَخَذَهُ مَالِکُ بْنُ الدُّخْشُمِ وَ هُوَ مُمْسِکٌ بِنَاصِیَتِهِ فَقُلْتُ أَسِیرِی رَمَیْتُهُ فَقَالَ أَسِیرِی أَخَذْتُهُ فَأَتَیْنَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَهُ مِنَّا جَمِیعاً وَ أَفْلَتَ سَهْلَ اَلرَّوْحَاءِ فَصَاحَ ع بِالنَّاسِ فَخَرَجُوا فِی طَلَبِهِ فَقَالَ ص مَنْ وَجَدَهُ فَلْیَقْتُلْهُ فَوَجَدَهُ هُوَ ص فَلَمْ یَقْتُلْهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَصَابَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِیَارٍ أَسِیراً مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ یُقَالُ لَهُ مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ مِنْ بَنِی سَعْدِ بْنِ لَیْثٍ فَلَقِیَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ کَانَ عُمَرُ یَحُضُّ عَلَی قَتْلِ الْأَسْرَی لاَ یَرَی أَحَداً فِی یَدَیْهِ أَسِیراً إِلاَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَ ذَلِکَ قَبْلَ أَنْ یَتَفَرَّقَ النَّاسُ فَلَقِیَهُ مَعْبَدٌ وَ هُوَ أَسِیرٌ مَعَ أَبِی بُرْدَةَ فَقَالَ أَ تَرَوْنَ یَا عُمَرُ أَنَّکُمْ قَدْ غُلِبْتُمْ کُلاَّ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّی فَقَالَ عُمَرُ عِبَادَ اللَّهِ اَلْمُسْلِمِینَ أَ تَتَکَلَّمُ وَ أَنْتَ أَسِیرٌ فِی أَیْدِینَا ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْ أَبِی بُرْدَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ یُقَالُ إِنَّ أَبَا بُرْدَةَ قَتَلَهُ

.

3988

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی أَبُو بَکْرِ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص یَوْمَئِذٍ لاَ تُخْبِرُوا سَعْداً بِقَتْلِ أَخِیهِ فَیَقْتُلَ کُلَّ أَسِیرٍ فِی أَیْدِیکُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا جِیءَ بِالْأَسْرَی کَرِهَ ذَلِکَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص کَأَنَّهُ شَقَّ عَلَیْکَ أَنْ یُؤسَرُوا قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ کَانَتْ أَوَّلَ

ص :170

وَقْعَةٍ الْتَقَیْنَا فِیهَا بِالْمُشْرِکِینَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ یُذِلَّهُمُ اللَّهُ وَ أَنْ یُثْخِنَ فِیهِمْ الْقَتْلَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ اَلنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ أَسَرَهُ اَلْمِقْدَادُ یَوْمَئِذٍ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ بَدْرٍ فَکَانَ اَلْأَثِیلُ عُرِضَ عَلَیْهِ الْأَسْرَی فَنَظَرَ إِلَی اَلنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ فَأَبَّدَهَ الْبَصَرُ فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَی جَنْبِهِ مُحَمَّدٌ وَ اللَّهِ قَاتِلِی لَقَدْ نَظَرَ إِلَیَّ بِعَیْنَیْنِ فِیهِمَا الْمَوْتُ فَقَالَ الَّذِی إِلَی جَنْبِهِ وَ اللَّهِ مَا هَذَا مِنْکَ إِلاَّ رُعْبٌ فَقَالَ اَلنَّضْرُ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ یَا مُصْعَبُ أَنْتَ أَقْرَبُ مَنْ هَاهُنَا بِی رَحِماً کَلِّمْ صَاحِبَکَ أَنْ یَجْعَلَنِی کَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِی هُوَ وَ اللَّهِ قَاتِلِی إِنْ لَمْ تَفْعَلْ قَالَ مُصْعَبٌ إِنَّکَ کُنْتَ تَقُولُ فِی کِتَابِ اللَّهِ کَذَا وَ کَذَا وَ تَقُولُ فِی نَبِیِّهِ کَذَا وَ کَذَا قَالَ یَا مُصْعَبُ فَلْیَجْعَلْنِی کَأَحَدِ أَصْحَابِی إِنْ قُتِلُوا قُتِلْتُ وَ إِنْ مَنَّ عَلَیْهِمْ مَنَّ عَلَیَّ قَالَ مُصْعَبُ إِنَّکَ کُنْتَ تُعَذِّبُ أَصْحَابَهُ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَسَرَتْکَ قُرَیْشٌ مَا قُتِلْتَ أَبَداً وَ أَنَا حَیٌّ قَالَ مُصْعَبُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَاکَ صَادِقاً وَ لَکِنْ لَسْتُ مِثْلَکَ قَطَعَ اَلْإِسْلاَمُ الْعُهُودَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ عُرِضَتِ الْأَسْرَی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَرَأَی اَلنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ فَقَالَ اضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ اَلْمِقْدَادُ أَسِیرِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَغْنِ اَلْمِقْدَادَ مِنْ فَضْلِکَ قُمْ یَا عَلِیُّ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَامَ عَلِیٌّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِالسَّیْفِ صَبْراً وَ ذَلِکَ بِالْأَثِیلِ فَقَالَتْ أُخْتُهُ (1) یَا رَاکِباً إِنَّ اَلْأَثِیلَ مَظِنَّةٌ

ص :171

فَلْیَسْمَعَنَّ اَلنَّضْرُ إِنْ نَادَیْتُهُ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ اَلنَّبِیَّ ص لَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِ شِعْرُهَا رَقَّ لَهُ وَ قَالَ لَوْ کُنْتُ سَمِعْتُ شِعْرَهَا قَبْلَ أَنْ أَقْتُلَهُ لَمَا قَتَلْتُهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا أُسِرَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَا رَسُولَ اللَّهِ انْزِعْ ثَنِیَّتَیْهِ یَدْلَعُ لِسَانَهُ فَلاَ یَقُومُ عَلَیْکَ خَطِیباً أَبَداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ أُمَثِّلُ بِهِ فَیُمَثِّلُ اللَّهُ بِی وَ إِنْ کُنْتُ نَبِیّاً وَ لَعَلَّهُ یَقُومُ مَقَاماً لاَ تَکْرَهُهُ فَقَامَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو بِمَکَّةَ حِینَ جَاءَهُ وَفَاةُ اَلنَّبِیِّ ص بِخُطْبَةِ أَبِی بَکْرٍ بِالْمَدِینَةِ کَأَنَّهُ کَانَ یَسْمَعُهَا فَقَالَ عُمَرُ حِینَ بَلَغَهُ کَلاَمُ سُهَیْلٍ أَشْهَدُ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ یُرِیدُ قَوْلَهُ ص لَعَلَّهُ یَقُومُ مَقَاماً لاَ تَکْرَهُهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَلِیٌّ ع یُحَدِّثُ فَیَقُولُ أَتَی جِبْرِیلُ اَلنَّبِیَّ ص یَوْمَ بَدْرٍ فَخَیَّرَهُ فِی الْأَسْرَی أَنْ یَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ أَوْ یَأْخُذَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ وَ یُسْتَشْهَدَ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ فِی قَابِلٍ عِدَّتُهُمْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَصْحَابَهُ وَ قَالَ هَذَا جِبْرِیلُ یُخَیِّرُکُمْ فِی الْأَسْرَی بَیْنَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ أَوْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ الْفِدْیَةُ وَ یُسْتَشْهَدَ

ص :172

مِنْکُمْ قَابِلاً عِدَّتُهُمْ قَالُوا بَلْ نَأْخُذُ الْفِدْیَةَ وَ نَسْتَعِینُ بِهَا وَ یُسْتَشْهَدَ مِنَّا مَنْ یَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ فَقَبِلَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ وَ قُتِلَ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ قَابِلاً عِدَّتُهُمْ بِأُحُدٍ

.

قلت لو کان هذا الحدیث صحیحا لما عوتبوا فقیل لهم مٰا کٰانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَکُونَ لَهُ أَسْریٰ حَتّٰی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیٰا وَ اللّٰهُ یُرِیدُ الْآخِرَةَ (1) ثم قال لَوْ لاٰ کِتٰابٌ مِنَ اللّٰهِ سَبَقَ لَمَسَّکُمْ فِیمٰا أَخَذْتُمْ عَذٰابٌ عَظِیمٌ (2) لأنّه إذا کان خیرهم فقد أباحهم أخذ الفداء و أخبرهم أنّه حسن فلا یجوز فیما بعد أن ینکره علیهم و یقول إنّه قبیح

3989

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ لَمَّا حَبَسَ الْأَسْرَی وَ جَعَلَ عَلَیْهِمُ شُقْرَانَ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ ص طَمِعُوا فِی الْحَیَاةِ فَقَالُوا لَوْ بَعَثْنَا إِلَی أَبِی بَکْرٍ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ قُرَیْشٍ لِأَرْحَامِنَا فَبَعَثُوا إِلَی أَبِی بَکْرٍ فَأَتَاهُمْ فَقَالُوا یَا أَبَا بَکْرٍ إِنَّ فِینَا الْآبَاءَ وَ الْأَبْنَاءَ وَ الْإِخْوَانَ وَ الْعُمُومَةَ وَ بَنِی الْعَمِّ وَ أَبْعَدُنَا قَرِیبٌ کَلِّمْ صَاحِبَکَ فَلْیَمُنَّ عَلَیْنَا وَ یُفَادِنَا فَقَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ آلُوکُمْ خَیْراً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص قَالُوا وَ ابْعَثُوا إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَإِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ وَ لاَ یُؤْمَنُ أَنْ یُفْسِدَ عَلَیْکُمْ لَعَلَّهُ یَکُفُّ عَنْکُمْ فَأَرْسَلُوا إِلَیْهِ فَجَاءَهُمْ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالُوا لِأَبِی بَکْرٍ فَقَالَ لاَ آلُوکُمْ شَرّاً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص فَوَجَدَ أَبَا بَکْرٍ عِنْدَهُ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ أَبُو بَکْرٍ یُلِینُهُ وَ یَغْشَاهُ وَ یَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی قَوْمُکَ فِیهِمْ الْآبَاءُ وَ الْأَبْنَاءُ وَ الْعُمُومَةُ وَ الْإِخْوَانُ وَ بَنُو الْعَمِّ وَ أَبْعَدُهُمْ عَنْکَ قَرِیبٌ فَامْنُنْ عَلَیْهِمْ مِنَ اللَّهِ عَلَیْکَ أَوْ فَادِهِمْ قُوَّةً لِلْمُسْلِمِینَ فَلَعَلَّ اللَّهَ یَقْبَلُ بِقُلُوبِهِمْ إِلَیْکَ ثُمَّ قَامَ فَتَنَحَّی نَاحِیَةً وَ سَکَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ یُجِبْهُ فَجَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِی بَکْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ کَذَّبُوکَ

ص :173

وَ قَاتَلُوکَ وَ أَخْرَجُوکَ اضْرِبْ رِقَابَهُمْ فَهُمْ رُءُوسُ الْکُفْرِ وَ أَئِمَّةُ الضَّلاَلَةِ یُوَطِّئُ اللَّهُ بِهِمْ اَلْإِسْلاَمَ وَ یُذِلُّ بِهِمُ اَلشِّرْکَ فَسَکَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ لَمْ یُجِبْهُ وَ عَادَ أَبُو بَکْرٍ إِلَی مَقْعَدِهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی قَوْمُکَ فِیهِمْ الْآبَاءُ وَ الْأَبْنَاءُ وَ العُمُومَةُ وَ الْإِخْوَانُ وَ بَنُو الْعَمِّ وَ أَبْعَدُهُمْ مِنْکَ قَرِیبٌ فَامْنُنْ عَلَیْهِمْ أَوْ فَادِهِمْ هُمْ عَشِیرَتُکَ وَ قَوْمُکَ لاَ تَکُنْ أَوَّلَ مَنْ یَسْتَأْصِلُهُمْ وَ أَنْ یَهْدِیهُمُ اللَّهُ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یُهْلِکَهُمْ فَسَکَتَ ص عَنْهُ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ شَیْئاً وَ قَامَ نَاحِیَةً فَقَامَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَنْتَظِرُ بِهِمْ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ یُوَطِّئُ اللَّهُ بِهِمْ اَلْإِسْلاَمَ وَ یُذِلُّ أَهْلَ اَلشِّرْکِ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ کَذَّبُوکَ وَ أَخْرَجُوکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ اشْفِ صُدُورَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ قَدَرُوا مِنَّا عَلَی مِثْلِ هَذَا مَا أَقَالُونَا أَبَداً فَسَکَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ یُجِبْهُ فَقَامَ نَاحِیَةً فَجَلَسَ وَ عَادَ أَبُو بَکْرٍ فَکَلَّمَهُ مِثْلَ کَلاَمِهِ الْأَوَّلِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ تَنَحَّی فَجَاءَ عُمَرُ فَکَلَّمَهُ بِمِثْلِ کَلاَمِهِ الْأَوَّلِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَدَخَلَ قُبَّتَهُ فَمَکَثَ فِیهَا سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ وَ النَّاسُ یَخُوضُونَ فِی شَأْنِهِمْ یَقُولُ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو بَکْرٍ وَ آخَرُونَ یَقُولُونَ الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لِلنَّاسِ مَا تَقُولُونَ فِی صَاحِبَیْکُمْ هَذَیْنِ دَعُوهُمَا فَإِنَّ لَهُمَا مَثَلاً مَثَلُ أَبِی بَکْرٍ فِی الْمَلاَئِکَةِ کَمِیکَائِیلَ یَنْزِلُ بِرِضَا اللَّهِ وَ عَفْوِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ مِثْلُهُ فِی الْأَنْبِیَاءِ کَمِثْلِ إِبْرَاهِیمَ کَانَ أَلْیَنَ عَلَی قَوْمِهِ مِنَ الْعَسَلِ أَوْقَدَ لَهُ قَوْمُهُ النَّارَ فَطَرَحُوهُ فِیهَا فَمَا زَادَ عَلَی أَنْ قَالَ أُفٍّ لَکُمْ وَ لِمٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ (1) وَ قَالَ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصٰانِی فَإِنَّکَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (2) وَ کَعِیسَی إِذْ یَقُولُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُکَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (3) وَ مَثَلُ عُمَرَ فِی الْمَلاَئِکَةِ کَمَثَلِ جِبْرِیلَ یَنْزِلُ بِالسَّخَطِ مِنَ اللَّهِ وَ النَّقِمَةِ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ مَثَلُهُ فِی الْأَنْبِیَاءِ کَمَثَلِ نُوحٍ کَانَ أَشَدَّ عَلَی قَوْمِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ إِذْ یَقُولُ رَبِّ لاٰ تَذَرْ عَلَی

ص :174

الْأَرْضِ مِنَ الْکٰافِرِینَ دَیّٰاراً

(1)

فَدَعَا عَلَیْهِمْ دَعْوَةً أَغْرَقَ اللَّهُ بِهَا الْأَرْضَ جَمِیعاً وَ مَثَلُ مُوسَی إِذْ یَقُولُ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلیٰ أَمْوٰالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلیٰ قُلُوبِهِمْ فَلاٰ یُؤْمِنُوا حَتّٰی یَرَوُا الْعَذٰابَ الْأَلِیمَ (2) وَ إِنَّ بِکُمْ عَیْلَةً فَلاَ یَفُوتَنَّکُمْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاَءِ إِلاَّ بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ سُهَیْلَ بْنَ بَیْضَاءَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ هَکَذَا رَوَی اِبْنُ أَبِی حَبِیبَةَ وَ هَذَا وَهَمٌ سُهَیْلُ بْنُ بَیْضَاءَ مُسْلِمٌ مِنْ مُهَاجَرَةِ اَلْحَبَشَةِ وَ شَهِدَ بَدْراً وَ إِنَّمَا هُوَ أَخٌ لَهُ وَ یُقَالُ لَهُ سُهَیْلٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَإِنِّی رَأَیْتُهُ یُظْهِرُ اَلْإِسْلاَمَ بِمَکَّةَ قَالَ فَسَکَتَ اَلنَّبِیُّ ص قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَمَا مَرَّتْ عَلَیَّ سَاعَةٌ قَطُّ کَانَتْ أَشَدَّ عَلَیَّ مِنْ تِلْکَ السَّاعَةِ جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ أَتَخَوَّفُ أَنْ تَسْقُطَ عَلَیَّ الْحِجَارَةُ لِتَقَدُّمِی بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ بِالْکَلاَمِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَأْسَهُ فَقَالَ إِلاَّ سُهَیْلَ بْنَ بَیْضَاءَ قَالَ فَمَا مَرَّتْ عَلَیَّ سَاعَةٌ أَقَرَّ لِعَیْنِی مِنْهَا إِذْ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَیُشَدِّدُ الْقَلْبَ حَتَّی یَکُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ وَ إِنَّهُ لَیُلَیِّنُ الْقَلْبَ حَتَّی یَکُونَ أَلْیَنَ مِنَ الزُّبْدِ فَقَبِلَ الْفِدَاءَ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لَوْ نَزَلَ عَذَابٌ یَوْمَ بَدْرٍ لَمَا نَجَا مِنْهُ إِلاَّ عُمَرُ کَانَ یَقُولُ اقْتُلْ وَ لاَ تَأْخُذِ الْفِدَاءَ وَ کَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ یَقُولُ اقْتُلْ وَ لاَ تَأْخُذِ الْفِدَاءَ

.

قلت عندی فی هذا کلام أما فی أصل الحدیث فلأن فیه أن رسول اللّه ص قال و مثله کعیسی إذ قال إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُکَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ و هذه الآیة من المائدة و المائدة أنزلت فی آخر عمره و لم ینزل بعدها إلاّ سورة براءة و بدر کانت فی السنة الثانیة من الهجرة فکیف هذا اللّهمّ إلاّ أن یکون قوله تعالی وَ إِذْ قٰالَ اللّٰهُ یٰا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلٰهَیْنِ الآیات قد کانت أنزلت أما بمکّة أو بالمدینة قبل بدر

ص :175

فلما جمع عثمان القرآن ضمها إلی سورة المائدة فلعله قد کان ذلک فینبغی أن ننظر فی هذا فهو مشکل.

و أمّا حدیث سهیل بن بیضاء فإنه یوهم مذهب موسی بن عمران فی أن النبیّ ص کان یحکم فی الوقائع بما یشاء لأنّه قیل له احکم بما تشاء فإنک لا تحکم إلاّ بالحق و هو مذهب متروک إلاّ أنّه یمکن أن یقال لعله لما سکت ص عند ما قال ابن مسعود ذلک القول نزل علیه فی تلک السکتة الوحی و قیل له إلاّ سهیل بن بیضاء فقال حینئذ إلاّ سهیل بن بیضاء کما أوحی إلیه.

و أمّا الحدیث الذی فیه لو نزل عذاب لما نجا منه إلاّ عمر فالواقدی و غیره من المحدثین اتفقوا علی أن سعد بن معاذ کان یقول مثل ما قاله عمر بل هو المتبدئ بذلک الرأی و رسول اللّه ص بعد فی العریش و المشرکون لم ینفض جمعهم کل ذلک الانفضاض فکیف خص عمر بالنجاة وحده دون سعد و یمکن أن یقال إنّه کان شدید التألیب و التحریض علیهم و کثیر الإلحاح علی رسول اللّه ص فی أمرهم فنسب ذلک الرأی إلیه لاشتهاره به و إن شرکه فیه غیره.

3990

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مَعْمَرٌ عَنِ اَلزُّهْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ لَوْ کَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِیٍّ حَیّاً لَوَهَبْتُ لَهُ هَؤُلاَءِ النَّتْنَی (1) قَالَ وَ کَانَتْ لِمُطْعِمِ بْنِ عَدِیٍّ عِنْدَ اَلنَّبِیِّ ص یَدٌ أَجَارَهُ حِینَ رَجَعَ مِنَ اَلطَّائِفِ

.

ص :176

3991

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اَلزُّهْرِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ الْأَسْرَی یَوْمَ بَدْرٍ أَبَا عَزَّةَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَیْرٍ الْجُمَحِیَّ وَ کَانَ شَاعِراً فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَالَ لَهُ إِنَّ لِی خَمْسَ بَنَاتٍ لَیْسَ لَهُنَّ شَیْءٌ فَتَصَدَّقْ بِی عَلَیْهِنَّ یَا مُحَمَّدُ فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِکَ وَ قَالَ أَبُو عَزَّةَ أُعْطِیکَ مَوْثِقاً أَلاَّ أُقَاتِلَکَ وَ لاَ أُکْثِرَ عَلَیْکَ أَبَداً فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمَّا خَرَجَتْ قُرَیْشٌ إِلَی أُحُدٍ جَاءَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَنَا قَالَ إِنِّی قَدْ أَعْطَیْتُ مُحَمَّداً مَوْثِقاً أَلاَّ أُقَاتِلَهُ وَ لاَ أُکْثِرَ عَلَیْهِ أَبَداً وَ قَدْ مَنَّ عَلَیَّ وَ لَمْ یَمُنَّ عَلَی غَیْرِی حَتَّی قَتَلَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ الْفِدَاءَ فَضَمِنَ لَهُ صَفْوَانُ أَنْ یَجْعَلَ بَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِهِ إِنْ قُتِلَ وَ إِنْ عَاشَ أَعْطَاهُ مَالاً کَثِیراً لا یَأْکُلُهُ عِیَالُهُ فَخَرَجَ أَبُو عَزَّةَ یَدْعُو اَلْعَرَبَ وَ یَحْشُرُهَا ثُمَّ خَرَجَ مَعَ قُرَیْشٍ یَوْمَ أُحُدٍ فَأُسِرَ وَ لَمْ یُؤْسَرْ غَیْرُهُ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا خَرَجْتُ کُرْهاً وَ لِی بَنَاتٌ فَامْنُنْ عَلَیَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَیْنَ مَا أَعْطَیْتَنِی مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِیثَاقِ لاَ وَ اللَّهِ لاَ تَمْسَحُ عَارِضَیْکَ بِمَکَّةَ تَقُولُ سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَیْنِ (1) فَقَتَلَهُ.

قَالَ وَ رَوَی سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ یَوْمَئِذٍ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ یُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَیْنِ یَا عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ قَدِّمْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَدَّمَهُ عَاصِمٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ بَدْرٍ بِالْقُلُبِ أَنْ تُغَوَّرَ (2) ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَی فَطُرِحُوا فِیهَا کُلُّهُمْ إِلاَّ أُمَیَّةَ بْنَ خَلَفٍ فَإِنَّهُ کَانَ مُسْمَناً (3) انْتَفَخَ مِنْ یَوْمِهِ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ یَلْقَوْهُ تَزَایَلَ لَحْمُهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص اتْرُکُوهُ (4)

ص :177

وَ قَالَ اِبْنُ إِسْحَاقَ انْتَفَخَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِی دِرْعِهِ حَتَّی مَلَأَهَا فَلَمَّا ذَهَبُوا یُحَرِّکُونَهُ تَزَایَلَ فَأَقَرُّوهُ وَ أَلْقَوْا عَلَیْهِ التُّرَابَ وَ الْحِجَارَةَ مَا غَیَّبَهُ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ یُجَرُّ إِلَی الْقَلِیبِ وَ کَانَ رَجُلاً جَسِیماً وَ فِی وَجْهِهِ أَثَرُ الْجُدَرِیِّ فَتَغَیَّرَ وَجْهُ ابْنِهِ أَبِی حُذَیْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِیُّ ص مَا لَکَ کَأَنَّکَ سَاءَکَ (2) مَا أَصَابَ أَبَاکَ قَالَ لاَ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَکِنِّی رَأَیْتُ لِأَبِی عَقْلاً وَ شَرَفاً کُنْتُ أَرْجُو أَنْ یَهْدِیَهُ ذَلِکَ إِلَی اَلْإِسْلاَمِ فَلَمَّا أَخْطَأَهُ ذَلِکَ وَ رَأَیْتُ مَا أَصَابَهُ غَاظَنِی فَقَالَ أَبُو بَکْرٍ کَانَ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْقَی فِی الْعَشِیرَةِ مِنْ غَیْرِهِ وَ لَقَدْ کَانَ کَارِهاً لِوَجْهِهِ وَ لَکِنَّ الْحَیْنَ وَ مَصَارِعَ السَّوْءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ خَدَّ أَبِی جَهْلٍ الْأَسْفَلَ وَ صَرَعَهُ وَ شَفَانَا مِنْهُ فَلَمَّا تَوَافَوْا فِی الْقَلِیبِ وَ قَدْ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَطُوفُ عَلَیْهِمْ وَ هُمْ مُصْرَعُونَ جَعَلَ أَبُو بَکْرٍ یُخْبِرُهُ بِهِمْ رَجُلاً رَجُلاً وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یَشْکُرُهُ وَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْجَزَ لِی مَا وَعَدَنِی فَقَدْ وَعَدَنِی إِحْدَی الطّٰائِفَتَیْنِ ثُمَّ وَقَفَ عَلَی أَهْلِ الْقَلِیبِ فَنَادَاهُمْ رَجُلاً رَجُلاً یَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ یَا شَیْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ یَا أُمَیَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَ یَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ هَلْ وَجَدْتُمْ مٰا وَعَدَ رَبُّکُمْ حَقًّا فَإِنِّی وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً بِئْسَ الْقَوْمُ کُنْتُمْ لِنَبِیِّکُمْ کَذَّبْتُمُونِی وَ صَدَّقَنِی النَّاسُ وَ أَخْرَجْتُمُونِی وَ آوَانِی النَّاسُ وَ قَاتَلْتُمُونِی وَ نَصَرَنِی النَّاسُ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تُنَادِی قَوْماً قَدْ مَاتُوا فَقَالَ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ رَبُّهُمْ حَقٌّ

(3)

.

3992

14- وَ قَالَ اِبْنُ إِسْحَاقَ فِی کِتَابِ اَلْمَغَازِی إِنَّ عَائِشَةَ کَانَتْ تَرْوِی هَذَا الْخَبَرَ وَ تَقُولُ فَالنَّاسُ یَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَقَدْ سَمِعُوا مَا قُلْتُ لَهُمْ وَ لَیْسَ کَذَلِکَ إِنَّمَا قَالَ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا وَعَدَهُمُ رَبُّهُمْ حَقٌّ

(4)

.

ص :178

3993

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ حَدَّثَنِی حُمَیْدٌ الطَّوِیلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِکٍ قَالَ لَمَّا نَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ لَهُ اَلْمُسْلِمُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تُنَادِی قَوْماً قَدْ أَنْتَنُوا فَقَالَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَ لَکِنَّهُمْ لاَ یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یُجِیبُونِی

(1)

.

قلت لقائل أن یقول لعائشة إذا جاز أن یعلموا و هم موتی جاز أن یسمعوا و هم موتی فإن قالت ما أخبرت أن یعلموا و هم موتی و لکن تعود الأرواح إلی أبدانهم و هی فی القلیب و یرون العذاب فیعلمون أن ما وعدهم به الرسول حق قیل لها و لا مانع من أن تعود الأرواح إلی أبدانهم و هی فی القلیب فیسمعوا صوت رسول اللّه ص فإذن لا وجه لإنکارها ما یقوله الناس.

و یمکن أن ینتصر لقول عائشة علی وجه حکمی و هو أن الأنفس بعد المفارقة تعلم و لا تسمع لأن الإحساس إنّما یکون بواسطة الآلة و بعد الموت تفسد الآلة فأما العلم فإنّه لا یحتاج إلی الآلة لأن النفس تعلم بجوهرها فقط.

3994

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ انْهِزَامُ قُرَیْشٍ وَ تَوَلِّیهَا حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِبَدْرٍ وَ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ کَعْبٍ بِقَبْضِ الْغَنَائِمِ وَ حَمَلَهَا وَ أَمَرَ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ یُعِینُوهُ فَصَلَّی الْعَصْرَ بِبَدْرٍ ثُمَّ رَاحَ فَمَرَّ بِالْأَثِیلِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِهِ وَ بَاتَ بِهِ وَ بِأَصْحَابِهِ جِرَاحٌ وَ لَیْسَتْ بِالْکَثِیرَةِ وَ قَالَ مَنْ رَجُلٌ یَحْفَظُنَا اللَّیْلَةَ فَأُسْکِتَ الْقَوْمُ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ ذَکْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ قَالَ اجْلِسْ ثُمَّ أَعَادَ الْقَوْلَ الثَّانِیَةَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْقَیْسِ فَقَالَ اجْلِسْ ثُمَّ مَکَثَ سَاعَةً وَ أَعَادَ الْقَوْلَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَبُو سَبْعٍ (2) فَسَکَتَ.

ص :179

ثُمَّ مَکَثَ سَاعَةً وَ قَالَ قُومُوا ثَلاَثَتُکُمْ فَقَامَ ذَکْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ وَحْدَهُ فَقَالَ لَهُ وَ أَیْنَ صَاحِبَاکَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا الَّذِی کُنْتُ أُجِیبُکَ اللَّیْلَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَحَفَظَکَ اللَّهُ فَبَاتَ ذَکْوَانُ یَحْرُسُ اَلْمُسْلِمِینَ تِلْکَ اللَّیْلَةَ حَتَّی کَانَ آخِرُ اللَّیْلِ فَارْتَحَلَ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَّی الْعَصْرَ بِالْأَثِیلِ فَلَمَّا صَلَّی رَکْعَةً تَبَسَّمَ فَلَمَّا سَلَّمَ سُئِلَ عَنْ تَبَسُّمِهِ فَقَالَ مَرَّ بِی مِیکَائِیلُ وَ عَلَی جَنَاحِهِ النَّقْعُ فَتَبَسَّمَ إِلَیَّ وَ قَالَ إِنِّی کُنْتُ فِی طَلَبِ الْقَوْمِ وَ أَتَانِی جِبْرِیلُ عَلَی فَرَسٍ أُنْثَی مَعْقُودِ النَّاصِیَةِ قَدْ عَمَّ ثَنِیَتَیْهِ الْغُبَارُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبِّی بَعَثَنِی إِلَیْکَ وَ أَمَرَنِی أَلاَّ أُفَارِقَکَ حَتَّی تَرْضَی فَهَلْ رَضِیَتْ فَقُلْتُ نَعَمْ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْأَسْرَی حَتَّی إِذَا کَانَ بِعِرْقِ الظَّبْیَةِ أَمَرَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِی الْأَقْلَحِ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِی مُعَیْطِ بْنِ أَبِی عَمْرِو بْنِ أُمَیَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَ کَانَ أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلاَنِیُّ فَجَعَلَ عُقْبَةُ یَقُولُ یَا وَیْلِی عَلاَمَ أُقْتَلُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ مِنْ بَیْنِ مَنْ هَاهُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَدَاوَتِکَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ مِنْکَ أَفْضَلُ فَاجْعَلْنِی کَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِی إِنْ قَتَلْتَهُمْ قَتَلْتَنِی وَ إِنْ مَنَنْتَ عَلَیْهِمْ مَنَنْتَ عَلَیَّ وَ إِنْ أَخَذْتَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ کُنْتُ کَأَحَدِهِمْ یَا مُحَمَّدُ مَنْ لِلصِّبْیَةِ فَقَالَ النَّارُ قَدِّمْهُ یَا عَاصِمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَدَّمَهُ عَاصِمٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص بِئْسَ الرَّجُلُ کُنْتَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ کَافِراً بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِکِتَابِهِ مُؤْذِیاً لِنَبِیِّهِ فَأَحْمَدِ اللَّهَ الَّذِی قَتَلَکَ وَ أَقَرَّ عَیْنِی مِنْکَ

(3)

.

3995

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ رَوَی عِکْرِمَةُ مَوْلَی اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِی رَافِعٍ قَالَ کُنْتُ غُلاَماً لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ کَانَ اَلْإِسْلاَمُ قَدْ فَشَا فِینَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَأَسْلَمَ اَلْعَبَّاسُ

ص :180

وَ أَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ زَوْجَتُهُ وَ کَانَ اَلْعَبَّاسُ یَهَابُ قَوْمَهُ وَ یَکْرَهُ خِلاَفَهُمْ فَکَانَ یَکْتُمُ إِسْلاَمَهُ وَ کَانَ ذَا مَالٍ کَثِیرٍ مُتَفَرِّقٍ فِی قَوْمِهِ وَ کَانَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ وَ بَعَثَ مَکَانَهُ اَلْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ کَذَلِکَ کَانُوا صَنَعُوا لَمْ یَتَخَلَّفْ رَجُلٌ إِلاَّ بَعَثَ مَکَانَهُ رَجُلاً فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَیْشٍ کَبَتَهُ (1) اللَّهُ وَ أَخْزَاهُ وَ وَجَدْنَا فِی أَنْفُسِنَا قُوَّةً وَ عِزّاً.

قَالَ وَ کُنْتُ رَجُلاً ضَعِیفاً وَ کُنْتُ أَعْمَلُ الْقِدَاحَ (2) أَنْحَتُهَا فِی حُجْرَةِ زَمْزَمَ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَجَالِسٌ أَنْحَتُ قِدَاحِی وَ عِنْدِی أُمُّ الْفَضْلِ جَالِسَةً وَ قَدْ سَرَّنَا مَا جَاءَنَا مِنَ الْخَبَرِ إِذْ أَقْبَلَ الْفَاسِقُ أَبُو لَهَبٍ یَجُرُّ رِجْلَیْهِ بِشَرٍّ حَتَّی جَلَسَ إِلَی طُنُبِ (3) الْحُجْرَةِ فَکَانَ ظَهْرُهُ إِلَی ظَهْرِی فَبَیْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ لِلنَّاسِ هَذَا أَبُو سُفْیَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ وَ کَانَ شَهِدَ مَعَ اَلْمُشْرِکِینَ بَدْراً فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ هَلُمَّ یَا ابْنَ أَخِی فَعِنْدَکَ وَ اللَّهِ الْخَبَرُ قَالَ فَجَلَسَ إِلَیْهِ وَ النَّاسُ قِیَامٌ حَوْلَهُ فَقَالَ یَا ابْنَ أَخِی أَخْبِرْنِی کَیْفَ کَانَ أَمْرُ النَّاسِ قَالَ لاَ شَیْءَ وَ اللَّهِ إِنْ هُوَ إِلاَّ أَنْ لَقِینَاهُمْ فَمَنَحْنَاهُمْ أَکْتَافَنَا فَقَتَلُونَا کَیْفَ شَاءُوا وَ أَسَرُونَا کَیْفَ شَاءُوا وَ أَیْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِکَ مَا لُمْتُ النَّاسَ لَقِینَا رِجَالاً بَیْضاً عَلَی خَیْلٍ بُلْقٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لاَ وَ اللَّهِ مَا تُبْقِی (4) شَیْئاً وَ لاَ یَقُومُ لَهَا شَیْءٌ قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ ثُمَّ قُلْتُ تِلْکَ وَ اللَّهِ الْمَلاَئِکَةُ قَالَ (5) فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ یَدَهُ فَضَرَبَ بِی الْأَرْضَ ثُمَّ بَرَکَ عَلَیَّ یَضْرِبُنِی (6) وَ کُنْتُ رَجُلاً ضَعِیفاً فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَی عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ فَأَخَذَتْهُ فَضَرَبَتْهُ عَلَی (7) رَأْسِهِ فَشَجَّتْهُ شَجَّةً مُنْکَرَةً وَ قَالَتْ اسْتَضْعَفْتَهْ إِذْ غَابَ

ص :181

سَیِّدُهُ فَقَامَ مُوَلِّیاً ذَلِیلاً فَوَ اللَّهِ مَا عَاشَ إِلاَّ سَبْعَ لَیَالٍ حَتَّی رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ (1) فَقَتَلَتْهُ (2) .

وَ لَقَدْ تَرَکَهُ ابْنَاهُ لَیْلَتَیْنِ أَوْ ثَلاَثاً وَ مَا یَدْفِنَانِهِ حَتَّی أَنْتَنَ فِی بَیْتِهِ وَ کَانَتْ قُرَیْشٌ تَتَّقِی الْعَدَسَةَ وَ عَدْوَاهَا کَمَا یَتَّقِی النَّاسُ الطَّاعُونَ حَتَّی قَالَ لَهُمَا رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَیْحَکُمَا أَ لاَ تَسْتَحِیَانِ أَنَّ أَبَاکُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِی بَیْتِهِ لاَ تُغَیِّبَانِهِ قَالاَ إِنَّا نَخْشَی هَذِهِ الْقُرْحَةَ قَالَ فَانْطَلِقَا وَ أَنَا مَعَکُمَا فَوَ اللَّهِ مَا غَسَّلُوهُ إِلاَّ قَذْفاً عَلَیْهِ بِالْمَاءِ مِنْ بَعِیدٍ مَا یَمَسُّونَهُ وَ أَخْرَجُوهُ فَأَلْقَوْهُ بِأَعْلَی مَکَّةَ إِلَی کِنَانٍ هُنَاکَ وَ قَذَفُوا عَلَیْهِ بِالْحِجَارَةِ حَتَّی وَارَوْهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَحَضَرَ اَلْعَبَّاسُ بَدْراً فَأُسِرَ فِیمَنْ أُسِرَ وَ کَانَ الَّذِی أَسَرَهُ أَبُو الْیُسْرِ کَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِی سَلَمَةَ فَلَمَّا أَمْسَی الْقَوْمُ وَ الْأُسَارَی مَحْبُوسُونَ فِی الْوَثَاقِ وَ بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ص تِلْکَ اللَّیْلَةَ سَاهِراً فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ مَا لَکَ لاَ تَنَامُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنِینَ اَلْعَبَّاسِ مِنْ وَثَاقِهِ فَقَامُوا إِلَیْهِ فَأَطْلَقُوهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص (3) .

قَالَ وَ رَوَی اِبْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ کَانَ أَبُو الْیُسْرِ رَجُلاً مَجْمُوعاً وَ کَانَ اَلْعَبَّاسُ طَوِیلاً جَسِیماً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَا أَبَا الْیُسْرِ کَیْفَ أَسَرْتَ اَلْعَبَّاسَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَعَانَنِی عَلَیْهِ رَجُلٌ مَا رَأَیْتُهُ مِنْ قَبْلُ مَنْ هَیْئَتُهُ کَذَا قَالَ ص لَقَدْ أَعَانَکَ عَلَیْهِ مَلَکٌ کَرِیمٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَدْ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی أَوَّلِ الْوَقْعَةِ فَنَهَی أَنْ یُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنِی بِذَلِکَ اَلزُّهْرِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ حَلِیفُ بَنِی زُهْرَةَ

.

3996

14- قَالَ وَ حَدَّثَنِی اَلْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص :182

قَالَ وَ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص لِأَصْحَابِهِ إِنِّی قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالاً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ غَیْرَهُمْ قَدْ أُخْرِجُوا کُرْهاً لاَ حَاجَةَ لَنَا بِقَتْلِهِمْ فَمَنْ لَقِیَ مِنْکُمْ أَحَداً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَلاَ یَقْتُلْهُ وَ مَنْ لَقِیَ أَبَا الْبَخْتَرِیِّ فَلاَ یَقْتُلْهُ وَ مَنْ لَقِیَ اَلْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلاَ یَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مُسْتَکْرَهاً فَقَالَ أَبُو حُذَیْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ أَ نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ عَشَائِرَنَا وَ نَتْرُکُ اَلْعَبَّاسَ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَقِیتُهُ لَأُلْحِمَنَّهُ (1) السَّیْفَ فَسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ یَا أَبَا حَفْصٍ یَقُولُ عُمَرُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَأَوَّلُ یَوْمٍ کَنَانِی فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَبِی حَفْصٍ أَ یُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ص بِالسَّیْفِ فَقَالَ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ بِالسَّیْفِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ قَالَ فَکَانَ أَبُو حُذَیْفَةَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِآمِنٍ مِنْ تِلْکَ الْکَلِمَةِ الَّتِی قُلْتُ یَوْمَئِذٍ وَ لاَ أَزَالُ مِنْهَا خَائِفاً أَبَداً إِلاَّ أَنْ یُکَفِّرَهَا اللَّهُ عَنِّی بِشَهَادَةٍ فَقُتِلَ یَوْمَ اَلْیَمَامَةِ شَهِیداً (2) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا اسْتَشَارَ أَبَا بَکْرٍ وَ عُمَرَ وَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِی أَمْرِ الْأُسَارَی غَلَظَ عُمَرُ عَلَیْهِمْ غِلْظَةً شَدِیدَةً فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَطِعْنِی فِیمَا أُشِیرُ بِهِ عَلَیْکَ فَإِنِّی لاَ آلُوکَ نُصْحاً قَدِّمْ عَمَّکَ اَلْعَبَّاسَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ بِیَدِکَ وَ قَدِّمْ عَقِیلاً إِلَی عَلِیٍّ أَخِیهِ یَضْرِبْ عُنُقَهُ وَ قَدِّمْ کُلَّ أَسِیرٍ مِنْهُمْ إِلَی أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَیْهِ یَقْتُلْهُ قَالَ فَکَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِکَ وَ لَمْ یُعْجِبُهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا قُدِمَ بِالْأَسْرَی إِلَی اَلْمَدِینَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص

ص :183

افْدِ نَفْسَکَ یَا عَبَّاسُ وَ ابْنَیْ أَخَوَیْکَ عَقِیلَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ حَلِیفَکَ عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّکَ ذُو مَالٍ فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی کُنْتُ مُسْلِماً وَ لَکِنَّ الْقَوْمَ اسْتَکْرَهُونِی فَقَالَ ص اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْلاَمِکَ إِنْ یَکُنْ مَا قُلْتَ حَقّاً فَإِنَّ اللَّهَ یَجْزِیکَ بِهِ وَ أَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِکَ فَقَدْ کَانَ عَلَیْنَا فَافْتَدِ نَفْسَکَ وَ قَدْ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَخَذَ مِنْهُ عِشْرِینَ أُوقِیَّةً مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مَعَهُ حِینَ أُسِرَ فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ احْسُبْهَا لِی مِنْ فِدَائِی فَقَالَ ص ذَاکَ شَیْءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْکَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَیْسَ لِی مَالٌ قَالَ فَأَیْنَ الْمَالُ الَّذِی وَضَعْتَهُ بِمَکَّةَ حِینَ خَرَجْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ وَ لَیْسَ مَعَکُمَا أَحَدٌ ثُمَّ قُلْتَ إِنْ أُصِبْتُ فِی سَفَرِی هَذَا فَلِلْفَضْلِ کَذَا وَ کَذَا وَ لِعَبْدِ اللَّهِ کَذَا وَ کَذَا وَ لِقُثَمَ کَذَا وَ کَذَا فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ غَیْرُهَا وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ فَدَی نَفْسَهُ وَ ابْنَیْ أَخَوَیْهِ وَ حَلِیفَهُ

.

3997

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ اَلْأَثِیلِ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ یُبَشِّرَانِ النَّاسَ بِالْمَدِینَةِ فَجَاءَ یَوْمَ الْأَحَدِ فِی الضُّحَی وَ فَارَقَ عَبْدُ اللَّهِ زَیْداً بِالْعَقِیقِ فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ یُنَادِی عَوَالِیَ اَلْمَدِینَةِ یَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ أَبْشِرُوا بِسَلاَمَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَتْلِ اَلْمُشْرِکِینَ وَ أَسْرِهِمْ قُتِلَ ابْنَا رَبِیعَةَ وَ ابْنَا اَلْحَجَّاجِ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ أُسِرَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو ذُو الْأَنْیَابِ فِی أَسْرَی کَثِیرٍ قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِیٍّ فَقُمْتُ إِلَیْهِ فَنَحَوْتُهُ فَقُلْتُ أَ حَقّاً مَا تَقُولُ یَا اِبْنَ رَوَاحَةَ قَالَ إِی وَ اللَّهِ وَ غَداً یَقْدَمُ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ مَعَهُ الْأَسْرَی مُقْرِنِینَ ثُمَّ تَتَبَّعَ دُورَ اَلْأَنْصَارِ بِالْعَالِیَةِ یُبَشِّرُهُمْ دَاراً دَاراً وَ الصِّبْیَانُ یَشْتَدُّونَ مَعَهُ وَ یَقُولُونَ قَتَلَ أَبُو جَهْلٍ الْفَاسِقُ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی

ص :184

دُورِ بَنِی أُمَیَّةَ بْنِ زَیْدٍ وَ قَدِمَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَی نَاقَةِ اَلنَّبِیِّ ص الْقَصْوَاءِ یُبَشِّرُ أَهْلَ اَلْمَدِینَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْمُصَلَّی صَاحَ عَلَی رَاحِلَتِهِ قُتِلَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ ابْنَا رَبِیعَةَ وَ ابْنَا اَلْحَجَّاجِ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ أُسِرَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو ذُو الْأَنْیَابِ فِی أَسْرَی کَثِیرَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ لاَ یُصَدِّقُونَ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ یَقُولُونَ مَا جَاءَ زَیْدٌ إِلاَّ فَلاَ حَتَّی غَاظَ اَلْمُسْلِمِینَ ذَلِکَ وَ خَافُوا قَالَ وَ کَانَ قُدُومُ زَیْدٍ حِینَ سَوَّوْا عَلَی رُقَیَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص التُّرَابَ بِالْبَقِیعِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ قُتِلَ صَاحِبُکُمْ وَ مَنْ مَعَهُ وَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ لِأَبِی لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَدْ تَفَرَّقَ أَصْحَابُکُمْ تَفَرُّقاً لاَ یَجْتَمِعُونَ مَعَهُ أَبَداً وَ قَدْ قُتِلَ عِلْیَةُ أَصْحَابِکُمْ وَ قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَ هَذِهِ نَاقَتُهُ نَعْرِفُهَا وَ هَذَا زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ لاَ یَدْرِی مَا یَقُولُ مِنَ الرُّعْبِ وَ قَدْ جَاءَ فَلاَ فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ کَذَّبَ اللَّهُ قَوْلَکَ وَ قَالَتْ یَهُودُ مَا جَاءَ زَیْدٌ إِلاَّ فَلاَ قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ فَجِئْتُ حَتَّی خَلَوْتُ بِأَبِی فَقُلْتُ یَا أَبَتِ أَ حَقٌّ مَا تَقُولُ فَقَالَ إِی وَ اللَّهِ حَقّاً یَا بُنَیَّ فَقَوِیَتْ نَفْسِی فَرَجَعْتُ إِلَی ذَلِکَ الْمُنَافِقِ فَقُلْتُ أَنْتَ الْمُرْجِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ بِالْمُسْلِمِینَ لَنُقَدِّمَنَّکَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص إِذَا قَدِمَ فَلَیَضْرِبَنَّ عُنُقَکَ فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هُوَ شَیْءٌ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَقُدِّمَ بِالْأَسْرَی وَ عَلَیْهِمْ شُقْرَانُ وَ هُمْ تِسْعَةٌ وَ أَرْبَعُونَ رَجُلاً الَّذِینَ أَحْصَوْا وَ هُمْ سَبْعُونَ فِی الْأَصْلِ مُجْمَعٌ عَلَیْهِ لاَ شَکَّ فِیهِ إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ یُحْصِ سَائِرَهُمْ وَ لَقِیَ النَّاسَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالرَّوْحَاءِ یُهَنِّئُونَهُ بِفَتْحِ اللَّهِ عَلَیْهِ فَلَقِیَهُ وُجُوهُ اَلْخَزْرَجِ فَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ سَلاَمَةَ بْنِ وَقْشٍ مَا الَّذِی تُهَنِّئُونَهُ فَوَ اللَّهِ مَا قَتَلْنَا إِلاَّ عَجَائِزَ صُلْعاً فَتَبَسَّمَ اَلنَّبِیُّ ص فَقَالَ یَا ابْنَ أَخِی أُولَئِکَ الْمَلَأُ لَوْ رَأَیْتَهُمْ لَهِبْتَهُمْ وَ لَوْ أَمَرُوکَ لَأَطَعْتَهُمْ وَ لَوْ رَأَیْتَ فَعَالَکَ مَعَ فَعَالِهِمْ لاَحْتَقَرْتَهَا وَ بِئْسَ الْقَوْمُ کَانُوا عَلَی ذَلِکَ لِنَبِیِّهِمْ فَقَالَ سَلَمَةُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ إِنَّکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ تَزَلْ عَنِّی مُعْرِضاً مُنْذُ کُنَّا بِالرَّوْحَاءِ

ص :185

فِی بَدْأَتِنَا فَقَالَ ص أَمَّا مَا قُلْتَ لِلْأَعْرَابِیِّ وَقَعَتْ عَلَی نَاقَتِکَ فَهِیَ حُبْلَی مِنْکَ فَفَحَشْتَ وَ قُلْتَ مَا لاَ عِلْمَ لَکَ بِهِ وَ أَمَّا مَا قُلْتَ فِی الْقَوْمِ فَإِنَّکَ عَمَدْتَ إِلَی نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَزْهَدُهَا فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَعْذِرَتَهُ وَ کَانَ مِنْ عِلْیَةِ أَصْحَابِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی اَلزُّهْرِیُّ قَالَ لَقِیَ أَبُو هِنْدٍ الْبَیَاضِیُّ مَوْلَی فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو رَسُولَ اللَّهِ وَ مَعَهُ حَمِیتٌ مَمْلُوءٌ حَیْساً (1) أَهْدَاهُ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّمَا أَبُو هِنْدٍ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَأَنْکِحُوهُ وَ أَنْکِحُوا إِلَیْهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَقِیَهُ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی ظَفَّرَکَ وَ أَقَرَّ عَیْنَکَ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا کَانَ تَخَلُّفِی عَنْ بَدْرٍ وَ أَنَا أَظُنُّ بِکَ أَنَّکَ تَلْقَی عَدُوّاً وَ لَکِنِّی ظَنَنْتُ أَنَّهَا الْعِیرُ وَ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لَمَا تَخَلَّفْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَدَقْتَ.

قَالَ وَ لَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَیْسٍ بِتُرْبَانَ (2) فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی سَلاَمَتِکَ وَ ظَفَرِکَ کُنْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیَالِیَ خَرَجْتَ مَوْرُوداً أَیْ مَحْمُوماً فَلَمْ تُفَارِقْنِی حَتَّی کَانَ بِالْأَمْسِ فَأَقْبَلْتُ إِلَیْکَ فَقَالَ آجَرَکَ اللَّهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو لَمَّا کَانَ بِتَنَّوکَةَ بَیْنَ اَلسُّقْیَا وَ مَلَلَ کَانَ مَعَ مَالِکِ بْنِ الدُّخْشُمِ الَّذِی أَسَرَهُ فَقَالَ لَهُ خَلِّ سَبِیلِی لِلْغَائِطِ فَقَامَ مَعَهُ فَقَالَ سُهَیْلٌ إِنِّی أَحْتَشِمُ فَاسْتَأْخَرَ عَنِّی فَاسْتَأْخَرَ عَنْهُ فَمَضَی سُهَیْلٌ عَلَی وَجْهِهِ انْتَزَعَ یَدَهُ مِنَ اَلْقُرْآنِ وَ مَضَی فَلَمَّا أَبْطَأَ سُهَیْلٌ عَلَی مَالِکِ بْنِ الدُّخْشُمِ أَقْبَلَ فَصَاحَ فِی النَّاسِ فَخَرَجُوا فِی طَلَبِهِ وَ خَرَجَ اَلنَّبِیُّ ص فِی طَلَبِهِ بِنَفْسِهِ وَ قَالَ مَنْ وَجَدَهُ فَلْیَقْتُلْهُ فَوَجَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص

ص :186

بِنَفْسِهِ أَخْفَی نَفْسَهُ بَیْنَ شَجَرَاتٍ فَأَمَرَ بِهِ فَرُبِطَتْ یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ ثُمَّ قَرَنَهُ إِلَی رَاحِلَتِهِ فَلَمْ یَرْکَبْ سُهَیْلٌ خُطْوَةً حَتَّی قَدِمَ اَلْمَدِینَةَ

(1)

.

3998

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی إِسْحَاقُ بْنُ حَازِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ لَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی نَاقَتِهِ الْقُصْوَی فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو مَجْبُوبٌ وَ یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی سُهَیْلٍ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَبُو یَزِیدَ قَالَ نَعَمْ هَذَا الَّذِی کَانَ یُطْعِمُ الْخُبُزَ بِمَکَّةَ وَ قَالَ اَلْبَلاذُرِیُّ قَالَ أُسَامَةُ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِی کَانَ یُطْعِمُ النَّاسَ بِمَکَّةَ السَّرِیدَ یَعْنِی الثَّرِیدَ

(2)

.

قلت هذه لثغة مقلوبة لأن الألثغ یبدل السین ثاء و هذا أبدل الثاء سینا و من الناس من یرویها هذا الذی کان یطعم الناس بمکّة الشرید بالشین المعجمة.

3999

14- قَالَ اَلْبَلاذُرِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَیْرِیُّ عَنْ أَشْیَاخِهِ أَنَّ أُسَامَةَ رَأَی سُهَیْلاً یَوْمَئِذٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِی کَانَ یُطْعِمُ السَّرِیدَ بِمَکَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا أَبُو یَزِیدَ الَّذِی یُطْعِمُ الطَّعَامَ وَ لَکِنَّهُ سَعَی فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَأَمْکَنَ اللَّهُ مِنْهُ .

قال و فیه یقول أمیة بن أبی الصلت الثقفی یا با یزید رأیت سیبک واسعا و سماء جودک تستهل فتمطر.

ص :187

قال و فیه یقول مالک بن الدخشم (1) و هو الذی أسره یوم بدر أسرت سهیلا فلا أبتغی

أی علی ذی العلم بسکون اللام و لکنه حرکه للضرورة.

و کان سهیل أعلم مشقوق الشفة العلیا فکانت أنیابه بادیة فلذلک قالوا ذو الأنیاب .

4000

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا قَدِمَ بِالْأَسْرَی کَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ اَلنَّبِیِّ ص عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِی مَنَاحَتِهِمْ عَلَی عَوْفٍ وَ مُعَوِّذٍ وَ ذَلِکَ قَبْلَ أَنْ یُضْرَبَ الْحِجَابُ قَالَتْ سَوْدَةُ فَأَتَیْنَا فَقِیلَ لَنَا هَؤُلاَءِ الْأَسْرَی قَدْ أُتِیَ بِهِمْ فَخَرَجْتُ إِلَی بَیْتِی وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِیهِ وَ إِذَا أَبُو یَزِیدَ مَجْمُوعَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ فِی نَاحِیَةِ الْبَیْتِ فَوَ اللَّهِ مَا مَلَکْتُ نَفْسِی حِینَ رَأَیْتُهُ مَجْمُوعَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ أَنْ قُلْتُ أَبَا یَزِیدَ أُعْطِیتُمْ بِأَیْدِیکُمْ أَلاَ مِتُّمْ کِرَاماً فَوَ اللَّهِ مَا رَاعَنِی إِلاَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الْبَیْتِ یَا سَوْدَةُ أَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ فَقُلْتُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ إِنِّی مَا مَلَکْتُ نَفْسِی حِینَ رَأَیْتُ أَبَا یَزِیدَ مَجْمُوعَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ

.

4001

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی خَالِدُ بْنُ إِلْیَاسَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو بَکْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی جَهْمٍ قَالَ دَخَلَ یَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ مَنْزِلَ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُمُّ سَلَمَةَ فِی مَنَاحَةِ آلِ عَفْرَاءَ فَقِیلَ لَهَا أُتِیَ بِالْأَسْرَی فَخَرَجْتِ فَدَخَلْتِ عَلَیْهِمْ فَلَمْ تُکَلِّمُهُمْ حَتَّی

ص :188

رَجَعْتِ فَتَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِی بَیْتِ عَائِشَةَ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِی عَمِّی طَلَبُوا أَنْ یُدْخَلَ بِهِمْ عَلَیَّ فَأُضِیفَهُمْ وَ أَدْهُنَ رُءُوسَهُمْ وَ أُلِمَّ مِنْ شَعَثِهِمْ وَ لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَفْعَلَ شَیْئاً مِنْ ذَلِکَ حَتَّی أَسْتَأْمِرَکَ فَقَالَ ص لَسْتُ أَکْرَهُ شَیْئاً مِنْ ذَلِکِ فَافْعَلِی مِنْ هَذَا مَا بَدَا لَکِ

.

4002

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اَلزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِیعِ کُنْتُ مُسْتَأْسَراً مَعَ رَهْطٍ مِنَ اَلْأَنْصَارِ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَیْراً کُنَّا إِذَا تَعَشَّیْنَا أَوْ تَغَدَّیْنَا آثَرُونِی بِالْخُبُزِ وَ أَکَلُوا التَّمْرَ وَ الْخُبْزُ عِنْدَهُمْ قَلِیلٌ وَ التَّمْرُ زَادُهُمْ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ لَتَقَعُ فِی یَدِهِ الْکِسْرَةُ فَیَدْفَعُهَا إِلَیَّ وَ کَانَ اَلْوَلِیدُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ یَقُولُ مِثْلَ ذَلِکَ وَ یَزِیدُ قَالَ وَ کَانُوا یَحْمِلُونَنَا وَ یَمْشُونَ.

4003

14- وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِی کِتَابِهِ کَانَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِیعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ ص زَوَّجُ ابْنَتِهِ زَیْنَبَ وَ کَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَکَّةَ الْمَعْدُودِینَ مَالاً وَ أَمَانَةً وَ تِجَارَةً وَ کَانَ ابْناً لِهَالَةَ بِنْتِ خُوَیْلِدٍ أُخْتِ خَدِیجَةَ بِنْتِ خُوَیْلِدٍ وَ کَانَ اَلرَّبِیعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّی بَعْلَ هَذِهِ فَکَانَتْ خَدِیجَةُ خَالَتَهُ فَسَأَلَتْ خَدِیجَةُ رَسُولَ اللَّهِ ص أَنْ یُزَوِّجَهُ زَیْنَبَ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ یُخَالِفُ خَدِیجَةَ وَ ذَلِکَ قَبْلَ أَنْ یُنْزَلَ عَلَیْهِ الْوَحْیُ فَزَوَّجَهُ إِیَّاهَا فَکَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ خَدِیجَةَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا فَلَمَّا أَکْرَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِنُبُوَّتِهِ آمَنَتْ بِهِ خَدِیجَةُ وَ بَنَاتُهُ کُلُّهُنَّ وَ صَدَّقَتْهُ وَ شَهِدْنَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَ دِنَّ بِدِینِهِ وَ ثَبَتَ أَبُو الْعَاصِ عَلَی شِرْکِهِ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ زَوَّجَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِی لَهَبٍ إِحْدَی ابْنَتَیْهِ رُقَیَّةَ أَوْ أُمَّ کُلْثُومٍ وَ ذَلِکَ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُنْزَلَ عَلَیْهِ فَلَمَّا أُنْزِلَ عَلَیْهِ الْوَحْیُ وَ نَادَی قَوْمَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ بَاعَدُوه فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّکُمْ قَدْ فَرَغْتُمْ مُحَمَّداً مِنْ هَمِّهِ أَخَذْتُمْ عَنْهُ بَنَاتِهِ وَ أَخْرَجْتُمُوهُنَّ مِنْ عِیَالِهِ فَرُدُّوا عَلَیْهِ بَنَاتِهِ فَأَشْغِلُوهُ بِهِنَّ فَمَشَوْا إِلَی أَبِی الْعَاصِ بْنِ الرَّبِیعِ فَقَالُوا فَارِقْ صَاحِبَتَکَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ وَ نَحْنُ نُزَوِّجُکَ أَیَّ

ص :189

امْرَأَةٍ شِئْتَ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ لاَهَا اللَّهِ إِذَنْ لاَ أُفَارِقُ صَاحِبَتِی وَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِی بِهَا امْرَأَةً مِنْ قُرَیْشٍ فَکَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا ذَکَرَهُ یُثْنِی عَلَیْهِ خَیْراً فِی صِهْرِهِ ثُمَّ مَشَوْا إِلَی الْفَاسِقِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی لَهَبٍ فَقَالُوا لَهُ طَلِّقَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ نَحْنُ نُنْکِحُکَ أَیَّ امْرَأَةٍ شِئْتَ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ إِنْ أَنْتُمْ زَوَّجْتُمُونِی ابْنَةَ أَبَانِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ أَوْ ابْنَةَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ فَارَقْتُهَا فَزَوِّجُوهُ ابْنَةَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ فَفَارَقَهَا وَ لَمْ یَکُنْ دَخَلَ بِهَا فَأَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنْ یَدِهِ کَرَامَةً لَهَا وَ هَوَاناً لَهُ ثُمَّ خَلَفَ عَلَیْهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بَعْدَهُ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَغْلُوباً عَلَی أَمْرِهِ بِمَکَّةَ لاَ یُحِلُّ وَ لاَ یُحَرِّمُ وَ کَانَ اَلْإِسْلاَمُ قَدْ فَرَّقَ بَیْنَ زَیْنَبَ وَ أَبِی الْعَاصِ إِلاَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص کَانَ لاَ یَقْدِرُ وَ هُوَ بِمَکَّةَ أَنْ یُفَرِّقَ بَیْنَهُمَا فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَی إِسْلاَمِهَا وَ هُوَ عَلَی شِرْکِهِ حَتَّی هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ بَقِیَتْ زَیْنَبُ بِمَکَّةَ مَعَ أَبِی الْعَاصِ فَلَمَّا سَارَتْ قُرَیْشٌ إِلَی بَدْرٍ سَارَ أَبُو الْعَاصِ مَعَهُمْ فَأُصِیبَ فِی الْأَسْرَی یَوْمَ بَدْرٍ فَأُتِیَ بِهِ اَلنَّبِیُّ ص فَکَانَ عِنْدَهُ مَعَ الْأُسَارَی فَلَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَکَّةَ فِی فِدَاءِ أُسَارَاهُمْ بَعَثَتْ زَیْنَبَ فِی فِدَاءِ أَبِی الْعَاصِ بَعْلِهَا بِمَالٍ وَ کَانَ فِیمَا بَعَثَتْ بِهِ قِلاَدَةً کَانَتْ خَدِیجَةُ أُمُّهَا أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَی أَبِی الْعَاصِ لَیْلَةَ زِفَافِهَا عَلَیْهِ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ص رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِیدَةً وَ قَالَ لِلْمُسْلِمِینَ إِنْ رَأَیْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِیرَهَا وَ تَرُدُّوا عَلَیْهَا مَا بَعَثَتْ بِهِ مِنَ الْفِدَاءِ فَافْعَلُوا فَقَالُوا نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْدِیکَ بِأَنْفُسِنَا وَ أَمْوَالِنَا فَرَدُّوا عَلَیْهَا مَا بَعَثَتْ بِهِ وَ أَطْلَقُوا لَهَا أَبَا الْعَاصِ بِغَیْرِ فِدَاءٍ

(1)

.

قلت قرأت علی النقیب أبی جعفر یحیی بن أبی زید البصری العلوی رحمه اللّه هذا الخبر فقال أ تری أبا بکر و عمر لم یشهدا هذا المشهد أ ما کان یقتضی التکریم و الإحسان

ص :190

أن یطیب قلب فاطمة بفدک و یستوهب لها من المسلمین أ تقصر منزلتها عند رسول اللّه ص عن منزلة زینب أختها و هی سیدة نساء العالمین هذا إذا لم یثبت لها حقّ لا بالنحلة و لا بالإرث فقلت له فدک بموجب الخبر الذی رواه أبو بکر قد صار حقا من حقوق المسلمین فلم یجز له أن یأخذه منهم فقال و فداء أبی العاص بن الربیع قد صار حقا من حقوق المسلمین و قد أخذه رسول اللّه ص منهم فقلت رسول اللّه ص صاحب الشریعة و الحکم حکمه و لیس أبو بکر کذلک فقال ما قلت هلا أخذه أبو بکر من المسلمین قهرا فدفعه إلی فاطمة و إنّما قلت هلا استنزل المسلمین عنه و استوهبه منهم لها کما استوهب رسول اللّه ص المسلمین فداء أبی العاص أ تراه لو قال هذه بنت نبیّکم قد حضرت تطلب هذه النخلات أ فتطیبون عنها نفسا أ کانوا منعوها ذلک فقلت له قد قال قاضی القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد نحو هذا قال إنهما لم یأتیا بحسن فی شرع التکرم و إن کان ما أتیاه حسنا فی الدین.

4004

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا أَطْلَقَ سَبِیلَ أَبِی الْعَاصِ أَخَذَ عَلَیْهِ فِیمَا نَرَی أَوْ شَرَطَ عَلَیْهِ فِی إِطْلاَقِهِ أَوْ أَنَّ أَبَا الْعَاصِ وَعَدَ رَسُولَ اللَّهِ ص ابْتِدَاءً بِأَنْ یَحْمِلَ زَیْنَبَ إِلَیْهِ إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ لَمْ یَظْهَرْ ذَلِکَ مِنْ أَبِی الْعَاصِ وَ لاَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا خُلِّیَ سَبِیلُهُ وَ خَرَجَ إِلَی مَکَّةَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَعْدَهُ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ رَجُلاً مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُمَا کُونَا بِمَکَانِ کَذَا (1) حَتَّی تَمُرَّ بِکُمَا زَیْنَبُ فَتَصْحَبَانِهَا حَتَّی تَأْتِیَانِی بِهَا فَخَرَجَا نَحْوَ مَکَّةَ وَ ذَلِکَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ

ص :191

أَوْ شَیَّعَهُ (1) فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَکَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِیهَا فَأَخَذَتْ تَتَجَهَّزُ (2) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَحُدِّثْتُ عَنْ زَیْنَبَ أَنَّهَا قَالَتْ بَیْنَا أَنَا أَتَجَهَّزُ لِلُّحُوقِ بِأَبِی لَقِیتْنِی هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ أَ لَمْ یَبْلُغْنِی یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ أَنَّکِ تُرِیدِینَ اللُّحُوقَ بِأَبِیکِ فَقُلْتُ مَا أَرَدْتَ ذَلِکِ فَقَالَتْ أَیْ بِنْتَ عَمِّ.لاَ تَفْعَلِی إِنْ کَانَتْ لَکِ حَاجَةٌ فِی مَتَاعٍ أَوْ فِیمَا یَرْفُقُ بِکِ فِی سَفَرِکِ أَوْ مَالٍ تَبْلُغِینَ بِهِ إِلَی أَبِیکِ فَإِنَّ عِنْدِی حَاجَتُکِ فَلاَ تَضْطَنِّی (3) مِنِّی فَإِنَّهُ لاَ یَدْخُلُ بَیْنَ النِّسَاءِ مَا یَدْخُلُ بَیْنَ الرِّجَالِ قَالَتْ وَ أَیْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّهَا حِینَئِذٍ صَادِقَةً مَا أَظُنُّهَا قَالَتْ حِینَئِذٍ إِلاَّ لِتَفْعَلَ وَ لَکِنْ خِفْتُهَا فَأَنْکَرْتُ أَنْ أَکُونَ أُرِیدُ ذَلِکَ قَالَتْ وَ تَجَهَّزْتُ حَتَّی فَرَغْتُ مِنْ جِهَازِی فَحَمَلَنِی أَخُو بَعْلِی وَ هُوَ کِنَانَةُ بْنُ الرَّبِیعِ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَدَّمَ لَهَا کِنَانَةُ بْنُ الرَّبِیعِ بَعِیراً فَرَکِبَتْهُ وَ أَخَذَ قَوْسَهُ وَ کِنَانَتَهُ وَ خَرَجَ بِهَا نَهَاراً یَقُودُ بَعِیرَهَا وَ هِیَ فِی هَوْدَجٍ لَهَا وَ تَحَدَّثَ بِذَلِکَ الرِّجَالُ مِنْ قُرَیْشٍ وَ النِّسَاءُ وَ تَلاَوَمَتْ فِی ذَلِکَ وَ أَشْفَقَتْ أَنْ تَخْرُجَ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَیْنِهِمْ عَلَی تِلْکَ الْحَالِ فَخَرَجُوا فِی طَلَبِهَا سِرَاعاً حَتَّی أَدْرَکُوهَا بِذِی طُوًی فَکَانَ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إِلَیْهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ قُصَیٍّ وَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْقَیْسِ الْفِهْرِیُّ فَرَوَّعَهَا هَبَّارٌ بِالرُّمْحِ وَ هِیَ فِی الْهَوْدَجِ وَ کَانَتْ حَامِلاً فَلَمَّا رَجَعَتْ طَرَحَتْ مَا فِی بَطْنِهَا وَ قَدْ کَانَتْ مِنْ خَوْفِهَا رَأَتْ دَماً وَ هِیَ فِی الْهَوْدَجِ فَلِذَلِکَ أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ فَتْحِ مَکَّةَ دَمَ هَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ (4)

.

ص :192

قلت و هذا الخبر أیضا قرأته علی النقیب أبی جعفر رحمه اللّه فقال إذا کان رسول اللّه ص أباح دم هبار بن الأسود لأنّه روع زینب فألقت ذا بطنها فظهر الحال أنّه لو کان حیا لأباح دم من روع فاطمة حتی ألقت ذا بطنها فقلت أروی عنک ما یقوله قوم

4005

15- إِنَّ فَاطِمَةَ رُوِّعَتْ فَأَلْقَتِ اَلْمُحْسِنَ (1) . فقال لا تروه عنی و لا ترو عنی بطلانه فإنی متوقف فی هذا الموضع لتعارض الأخبار عندی فیه.

4006

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَبَرَکَ حَمُوهَا کِنَانَةُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ نَثَلَ (2) کِنَانَتَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْهَا سَهْماً فَوَضَعَهُ فِی کَبِدِ قَوْسِهِ وَ قَالَ أَحْلِفُ بِاللَّهِ لاَ یَدْنُو الْیَوْمَ مِنْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَضَعْتُ فِیهِ سَهْماً فَتَکِرُّ (3) النَّاسُ عَنْهُ.

قَالَ وَ جَاءَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ فِی جِلَّةٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ أَیُّهَا الرَّجُلُ اکْفُفْ عَنَّا نَبْلَکَ حَتَّی نُکَلِّمَکَ فَکَفَّ فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِ فَقَالَ إِنَّکَ لَمْ تُحْسِنْ وَ لَمْ تُصِبْ خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَی رُءُوسِ النَّاسِ عَلاَنِیَةً جِهَاراً وَ قَدْ عَرَفْتَ مُصِیبَتَنَا وَ نِکْبَتَنَا وَ مَا دَخَلَ عَلَیْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ أَبِیهَا فَیَظُنُّ النَّاسُ إِذَا أَنْتَ خَرَجْتَ بِابْنَتِهِ إِلَیْهِ جِهَاراً أَنَّ ذَلِکَ عَنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا وَ أَنَّ ذَلِکَ مِنَّا وَهْنٌ وَ لَعَمْرِی مَا لَنَا فِی حَبْسِهَا عَنْ أَبِیهَا مِنْ حَاجَةٍ وَ مَا فِیهَا مِنْ ثَأْرٍ وَ لَکِنِ ارْجِعْ بِالْمَرْأَةِ حَتَّی إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرَدِّهَا سُلَّهَا سَلاًّ خَفِیّاً فَأَلْحِقْهَا بِأَبِیهَا فَرَدَّهَا کِنَانَةُ بْنُ الرَّبِیعِ إِلَی مَکَّةَ فَأَقَامَتْ بِهَا لَیَالِیَ حَتَّی إِذَا هَدَأَ الصَّوْتُ عَنْهَا حَمَلَهَا عَلَی بَعِیرِهَا وَ خَرَجَ بِهَا لَیْلاً حَتَّی سَلَّمَهَا إِلَی زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَ صَاحِبِهِ فَقَدِمَا بِهَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص (4)

.

4007

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَی سُلَیْمَانُ بْنُ یَسَارٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الدَّوْسِیِّ عَنْ

ص :193

أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَرِیَّةً أَنَا فِیهَا إِلَی عِیرٍ لِقُرَیْشٍ فِیهَا مَتَاعٌ لَهُمْ وَ نَاسٌ مِنْهُمْ فَقَالَ إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَیْسٍ فَحَرَّقُوهُمَا بِالنَّارِ حَتَّی إِذَا کَانَ الْغَدُ بَعَثَ فَقَالَ لَنَا إِنِّی کُنْتُ قَدْ أَمَرْتُکُمْ بِتَحْرِیقِ الرَّجُلَیْنِ إِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا ثُمَّ رَأَیْتُ أَنَّهُ لاَ یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَی فَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا وَ لاَ تُحْرِقُوهُمَا (1)

.

قلت لقائل من المجبرة أن یقول أ لیس هذا نسخ الشیء قبل تقضی (2) وقت فعله و أهل العدل لا یجیزون ذلک و هذا السؤال مشکل و لا جواب عنه إلاّ بدفع الخبر أما بتضعیف أحد من رواته أو إبطال الاحتجاج به لکونه خبر واحد أو بوجه آخر و هو أن نجیز للنبی الاجتهاد فی الأحکام الشرعیة کما یذهب إلیه کثیر من شیوخنا و هو مذهب القاضی أبی یوسف صاحب أبی حنیفة و مثل هذا الخبر حدیث براءة و إنفاذها مع أبی بکر و بعث علی ع فأخذها منه فی الطریق و قرأها علی أهل مکّة بعد أن کان أبو بکر هو المأمور بقراءتها علیهم.

4008

14- فَأَمَّا اَلْبَلاذُرِیِّ فَإِنَّهُ رَوَی أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ کَانَ مِمَّنْ عَرَضَ لِزَیْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص حِینَ حُمِلَتْ مِنْ مَکَّةَ إِلَی اَلْمَدِینَةِ فَکَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَأْمُرُ سَرَایَاهُ إِنْ ظَفِرُوا بِهِ أَنْ یُحْرِقُوهُ بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ (3) لاَ یُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ اَلنَّارِ وَ أَمَرَهُمْ إِنْ ظَفِرُوا بِهِ أَنْ یُقَطِّعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ یَقْتُلُوهُ فَلَمْ یَظْفَرُوا بِهِ حَتَّی إِذَا کَانَ یَوْمُ الْفَتْحِ هَرَبَ هَبَّارٌ ثُمَّ قَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص بِالْمَدِینَةِ وَ یُقَالُ أَتَاهُ بِالْجِعْرَانَةِ حِینَ فَرَغَ مِنْ أَمْرِ حُنَیْنٍ فَمَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَبِلَ إِسْلاَمَهُ وَ أَمَرَ أَلاَّ یُعْرَضَ لَهُ وَ خَرَجَتْ سَلْمَی مَوْلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص

ص :194

فَقَالَتْ لاَ أَنْعَمَ اللَّهُ بِکَ عَیْناً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَهْلاً فَقَدْ مَحَا اَلْإِسْلاَمُ مَا قَبْلَهُ.

قَالَ اَلْبَلاذُرِیُّ فَقَالَ اَلزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ لَقَدْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص بَعْدَ غِلْظَتِهِ عَلَی هَبَّارٍ بْنِ الْأَسْوَدِ یُطَأْطِئُ رَأْسَهُ اسْتِحْیَاءً مِنْهُ وَ هَبَّارٌ یَعْتَذِرُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَعْتَذِرُ إِلَی هَبَّارٍ أَیْضاً (1)

.

4009

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَأَقَامَ أَبُو الْعَاصِ بِمَکَّةَ عَلَی شِرْکِهِ وَ أَقَامَتْ زَیْنَبُ عِنْدَ أَبِیهَا ص بِالْمَدِینَةِ قَدْ فَرَّقَ بَیْنَهُمَا اَلْإِسْلاَمُ حَتَّی إِذَا کَانَ قَبْلَ اَلْفَتْحِ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِراً إِلَی اَلشَّامِ بِمَالٍ لَهُ وَ أَمْوَالٍ لِقُرَیْشٍ أَبْضَعُوا (2) بِهَا مَعَهُ وَ کَانَ رَجُلاً مَأْمُوناً فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ وَ أَقْبَلَ قَافِلاً لَقِیَتْهُ سَرِیَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ وَ أَعْجَزَهُمْ هُوَ هَارِباً فَخَرَجَتِ السُّرِّیَّةُ بِمَا أَصَابَتْ مِنْ مَالِهِ حَتَّی قَدِمَتْ بِهِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَحْتَ اللَّیْلِ حَتَّی دَخَلَ عَلَی زَیْنَبَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص مَنْزِلِهَا فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ وَ إِنَّمَا جَاءَ فِی طَلَبِ مَالِهِ الَّذِی أَصَابَتْهُ تِلْکَ السَّرَیِةُ فَلَمَّا کَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی صَلاَةِ الصُّبْحِ وَ کَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ صَرَخَتْ زَیْنَبُ مِنْ صِفَةِ النِّسَاءِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِیعِ فَصَلَّی رَسُولُ اللَّهِ ص بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ هَلْ سَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَمَا وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ مَا عَلِمْتُ بِشَیْءٍ مِمَّا کَانَ حَتَّی سَمِعْتُمْ إِنَّهُ یُجِیرُ عَلَی النَّاسِ أَدْنَاهُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ دَخَلَ عَلَی ابْنَتِهِ زَیْنَبَ فَقَالَ أَیْ بُنَیَّةُ أَکْرِمِی مَثْوَاهُ وَ أَحْسِنِی قِرَاهُ وَ لاَ یَصِلَنَّ إِلَیْکِ فَإِنَّکِ

ص :195

لاَ تَحَلَّیْنَ لَهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَی تِلْکَ السَّرِیَّةِ الَّذِینَ کَانُوا أَصَابُوا مَالَ أَبِی الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَّا بِحَیْثُ عَلِمْتُمْ وَ قَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مَالاً فَإِنْ تُحْسِنُوا وَ تَرُدُّوا عَلَیْهِ الَّذِی لَهُ فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِکَ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ فَهُوَ فَیْءُ اللَّهِ الَّذِی أَفَاءَ عَلَیْکُمْ وَ أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ نَرُدُّهُ عَلَیْهِ فَرَدُّوا عَلَیْهِ مَالَهُ وَ مَتَاعَهُ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ کَانَ یَأْتِی بِالْحَبْلِ (1) وَ یَأْتِی الْآخَرُ بِالشَّنَّةِ (2) وَ یَأْتِی الْآخَرُ بِالْإِدَاوَةِ (3) وَ الْآخَرُ بِالشِّظَاظِ (4) حَتَّی رَدُّوا مَالَهُ وَ مَتَاعَهُ بِأَسْرِهِ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِ وَ لَمْ یَفْقِدْ مِنْهُ شَیْئاً ثُمَّ احْتَمَلَ إِلَی مَکَّةَ فَلَمَّا قَدِمَهَا أَدَّی إِلَی کُلِّ ذِی مَالٍ مِنْ قُرَیْشٍ مَالَهُ مِمَّنْ کَانَ أَبْضَعَ مَعَهُ بِشَیْءٍ حَتَّی إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِکَ قَالَ لَهُمْ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ هَلْ بَقِیَ لِأَحَدٍ مِنْکُمْ عِنْدِی مَالٌ لَمْ یَأْخُذْهُ قَالُوا لاَ فَجَزَاکَ اللَّهُ خَیْراً لَقَدْ وَجَدْنَاکَ وَفِیّاً کَرِیماً قَالَ فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِی مِنَ اَلْإِسْلاَمِ إِلاَّ تَخَوُّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّی أَرَدْتُ أَنْ آکُلَ أَمْوَالَکُمْ وَ أَذْهَبَ بِهَا فَإِذْ سَلَّمَهَا اللَّهُ لَکُمْ وَ أَدَّاهَا إِلَیْکُمْ فَإِنِّی أُشْهِدُکُمْ أَنِّی قَدْ أَسْلَمْتُ وَ اتَّبَعْتُ دِینَ مُحَمَّدٍ ثُمَّ خَرَجَ سَرِیعاً حَتَّی قَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ اَلْمَدِینَةَ (5)

.

4010

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِی دَاوُدُ بْنُ الْحُصَیْنِ عَنْ عِکْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص رَدَّ زَیْنَبَ بَعْدَ سِتِّ سِنِینَ عَلَی أَبِی الْعَاصِ بِالنِّکَاحِ الْأَوَّلِ لَمْ یُحْدِثْ شَیْئاً (6) .

4011

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ أَمْرِ الْأُسَارَی وَ فَرَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبَدْرٍ بَیْنَ الْکُفْرِ وَ الْإِیمَانِ أَذَلَّ رِقَابَ اَلْمُشْرِکِینَ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ اَلْیَهُودِ وَ لَمْ یَبْقَ بِالْمَدِینَةِ یَهُودِیٌّ وَ لاَ مُنَافِقٌ إِلاَّ خَضَعَتْ عُنُقُهُ.

ص :196

وَ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ لَیْتَنَا خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّی نُصِیبَ غَنِیمَةً وَ قَالَتْ یَهُودٌ فِیمَا بَیْنَهَا هُوَ الَّذِی نَجِدُ نَعْتَهُ فِی کُتُبِنَا وَ اللَّهِ لاَ تُرْفَعُ لَهُ رَایَةٌ بَعْدَ الْیَوْمِ إِلاَّ ظَهَرَتْ.

وَ قَالَ کَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ بَطْنُ الْأَرْضِ الْیَوْمَ خَیْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا هَؤُلاَءِ أَشْرَافُ النَّاسِ وَ سَادَاتُهُمْ وَ مُلُوکُ اَلْعَرَبِ وَ أَهْلُ اَلْحَرَمِ وَ الْأَمْنِ قَدْ أُصِیبُوا وَ خَرَجَ إِلَی مَکَّةَ فَنَزَلَ عَلَی أَبِی وَدَاعَةَ بْنِ ضُبَیْرَةَ وَ جَعَلَهُ یُرْسِلُ هِجَاءَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ رَثَی قَتْلَی بَدْرٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ فَقَالَ طَحَنَتْ رَحَی بَدْرٍ لِمَهْلِکِ أَهْلِهِ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ أَمْلاَهَا عَلَیَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَ اِبْنُ أَبِی الزِّنَادِ فَلَمَّا أَرْسَلَ کَعْبٌ هَذِهِ الْأَبْیَاتَ أَخَذَهَا النَّاسُ بِمَکَّةَ عَنْهُ وَ أَظْهَرُوا الْمَرَاثِیَ وَ قَدْ کَانُوا حَرَّمُوهَا کَیْلاَ یَشْمَتَ اَلْمُسْلِمُونَ بِهِمْ وَ جَعَلَ الصِّبْیَانُ وَ الْجَوَارِی یُنْشِدُونَهَا بِمَکَّةَ فَنَاحَتْ بِهَا قُرَیْشٌ

ص :197

عَلَی قَتْلاَهَا شَهْراً وَ لَمْ تَبْقَ دَارٌ بِمَکَّةَ إِلاَّ فِیهَا النَّوْحُ وَ جَزُّ النِّسَاءِ شُعُورَهُنَّ وَ کَانَ یُؤْتَی بِرَاحِلَةِ الرَّجُلِ مِنْهُمْ أَوْ بِفَرَسِهِ فَتُوَقَّفُ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ فَیَنُوحُونَ حَوْلَهَا وَ خَرَجْنَ إِلَی السِّکَکِ وَ ضَرَبْنَ السُّتُورَ فِی الْأَزِقَّةِ وَ قَطَعْنَ (1) فَخَرَجْنَ إِلَیْهَا یَنُحْنَ وَ صَدَّقَ أَهْلُ مَکَّةَ رُؤْیَا عَاتِکَةَ وَ جُهَیْمِ بْنِ الصَّلْتِ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ الَّذِینَ قَدِمُوا مِنْ قُرَیْشٍ فِی فِدَاءِ الْأَسْرَی أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَ قِیلَ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَ کَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ اَلْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِی وَدَاعَةَ ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ بَعْدَهُ بِثَلاَثِ لَیَالٍ.

قَالَ فَحَدَّثَنِی إِسْحَاقُ بْنُ یَحْیَی قَالَ سَأَلْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَیْرٍ کَیْفَ کَانَ الْفِدَاءُ قَالَ أَرْفَعُهُمْ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ إِلَی ثَلاَثَةِ آلاَفٍ إِلَی أَلْفَیْنِ إِلَی أَلْفِ إِلاَّ قَوْماً لاَ مَالَ لَهُمْ مَنَّ عَلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی أَبِی وَدَاعَةَ إِنَّ لَهُ بِمَکَّةَ ابْناً کَیِّساً لَهُ مَالٌ وَ هُوَ مُغِلٌّ فِدَاءَهُ فَلَمَّا قَدِمَ افْتَدَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ وَ کَانَ أَوَّلَ أَسِیرٍ افْتُدِیَ وَ ذَلِکَ أَنَّ قُرَیْشاً قَالَتْ لاِبْنِهِ اَلْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِی وَدَاعَةَ وَ رَأَتْهُ یَتَجَهَّزُ یَخْرُجُ إِلَیْهِ لاَ تَعْجَلْ فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُفْسِدَ عَلَیْنَا فِی أُسَارَانَا وَ یَرَی مُحَمَّدٌ تَهَالُکَنَا فَیَغْلِی عَلَیْنَا الْفِدْیَةَ فَإِنْ کُنْتَ تَجِدُ فَإِنَّ کُلَّ قَوْمَکَ لاَ یَجِدُونَ مِنَ السَّعَةِ مَا تَجِدُ فَقَالَ لاَ أَخْرُجُ حَتَّی تَخْرُجُوا فَخَادَعَهُمْ حَتَّی إِذَا غَفَلُوا خَرَجَ مِنَ اللَّیْلِ عَلَی رَاحِلَتِهِ فَسَارَ أَرْبَعَةَ لَیَالٍ إِلَی اَلْمَدِینَةِ فَافْتَدَی أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَلاَمَهُ قُرَیْشٌ فِی ذَلِکَ فَقَالَ مَا کُنْتُ لِأَتْرُکَ أَبِی أَسِیراً فِی أَیْدِی الْقَوْمِ وَ أَنْتُمْ مُضْجِعُونَ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ إِنَّ هَذَا غُلاَمٌ حَدَثٌ یُعْجَبُ بِنَفْسِهِ وَ بِرَأْیِهِ وَ هُوَ مُفْسِدٌ عَلَیْکُمْ إِنِّی وَ اللَّهِ غَیْرُ مُفْتَدٍ عَمْرَو بْنَ أَبِی سُفْیَانَ وَ لَوْ مَکَثَ سَنَةً

ص :198

أَوْ یُرْسِلَهُ مُحَمَّدٌ وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِأَعْوَذِکُمْ وَ لَکِنِّی أَکْرَهُ أَنْ أُدْخِلَ عَلَیْکُمْ مَا یَشُقُّ عَلَیْکُمْ وَ لَکِنْ یَکُونُ عَمْرٌو کَأُسْوَتِکُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَأَمَّا أَسْمَاءُ الْقَوْمِ الَّذِینَ قَدِمُوا فِی الْأَسْرَی فَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ اَلْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ وَ عَمْرُو بْنُ الرَّبِیعِ أَخُو أَبِی الْعَاصِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ مِنْ بَنِی نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ طَلْحَةُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ وَ مِنْ بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ قُصَیٍّ عُثْمَانُ بْنُ أَبِی حُبَیْشٍ وَ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَبِیعَةَ وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ فَرْوَةُ بْنُ السَّائِبِ وَ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ وَ مِنْ بَنِی جُمَحٍ أُبَیُّ بْنُ خَلَفٍ وَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ وَ مِنْ بَنِی سَهْمٍ اَلْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِی وَدَاعَةَ وَ عَمْرُو بْنُ قَیْسٍ وَ مِنْ بَنِی مَالِکِ بْنِ حِسْلٍ مِکْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ کُلُّ هَؤُلاَءِ قَدِمُوا اَلْمَدِینَةَ فِی فِدَاءِ أَهْلِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ کَانَ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ یَقُولُ دَخَلَ اَلْإِسْلاَمُ فِی قَلْبِی مُنْذُ قَدِمْتُ اَلْمَدِینَةَ فِی الْفِدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقْرَأُ فِی صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَ الطُّورِ وَ کِتٰابٍ مَسْطُورٍ فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ فَدَخَلَ اَلْإِسْلاَمُ فِی قَلْبِی مُنْذُ ذَلِکَ الْیَوْمِ (1)

.

بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَرَهُ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ وَ أُسِرَ حَلِیفٌ لِبَنِی هَاشِمٍ مِنْ بَنِی فِهْرٍ اسْمُهُ عُتْبَةُ فَهَؤُلاَءِ أَرْبَعَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ اَلسَّائِبُ بْنُ عُبَیْدٍ وَ عُبَیْدُ بْنُ عَمْرِو (1) بْنِ عَلْقَمَةَ رَجُلاَنِ أَسَرَهُمَا سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ حَرِیشٍ الْأَشْهَلِیُّ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ حَدَّثَنِی بِذَلِکَ اِبْنُ أَبِی حَبِیبَةَ قَالَ وَ لَمْ یُقْدِمْ لَهُمَا أَحَدٌ وَ کَانَا لاَ مَالَ لَهُمَا فَفَکَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْهُمَا بِغَیْرِ فِدْیَةٍ.

وَ مِنْ بَنِی عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ الْمَقْتُولُ صَبْراً (2) عَلَی یَدِ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِی الْأَقْلَحِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ الْعِجْلاَنِیُّ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ أَبِی وَحْرَةَ بْنِ أَبِی عَمْرِو بْنِ أُمَیَّةَ أَسَرَّهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَقَدِمَ فِی فِدَائِهِ اَلْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ فَافْتَدَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ کَانَ اَلْحَارِثُ هَذَا لَمَّا أَمَرَ اَلنَّبِیُّ ص بِرَدِّ الْأُسَارَی ثُمَّ أَقْرَعَ بَیْنَ أَصْحَابِهِ عَلَیْهِمْ وَقَعَ فِی سَهْمِ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ الَّذِی کَانَ أَسَرَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ عَمْرُو بْنُ أَبِی سُفْیَانَ أَسَرَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع وَ صَارَ بِالْقُرْعَةِ فِی سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأُطْلَقَهُ بِغَیْرِ فَدِیَةٍ أَطْلَقَهُ بِسَعْدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَکَّالٍ مِنْ بَنِی مُعَاوِیَةَ خَرَجَ مُعْتَمِراً فَحُبِسَ بِمَکَّةَ فَلَمْ یُطْلِقْهُ اَلْمُشْرِکُونَ حَتَّی أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَمْرَو بْنَ أَبِی سُفْیَانَ

.

4013

1,14- وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِی کِتَابِ اَلْمَغَازِی أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِی سُفْیَانَ أَسَرَهُ عَلِیٌّ ع یَوْمَ بَدْرٍ وَ کَانَتْ أُمُّهُ ابْنَةَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ فَمَکَثَ فِی یَدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقِیلَ لِأَبِی سُفْیَانَ أَ لاَ تَفْتَدِی ابْنَکَ عَمْراً قَالَ أَ یُجْمَعُ عَلَیَّ دَمِی وَ مَالِی قَتَلُوا حَنْظَلَةَ وَ أَفْتَدِی عَمْراً دَعُوهُ فِی أَیْدِیهِمْ فَلْیُمْسِکُوهُ مَا بَدَا لَهُمْ فَبَیْنَا هُوَ مَحْبُوسٌ بِالْمَدِینَةِ خَرَجَ

ص :200

سَعْدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ أَکَّالٍ أَخُو بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مُعْتَمِراً وَ مَعَهُ امْرَأَةٌ (1) لَهُ وَ کَانَ شَیْخاً کَبِیراً لاَ یَخْشَی مَا صَنَعَ (2) بِهِ أَبُو سُفْیَانَ وَ قَدْ عَهِدَ قُرَیْشاً أَلاَّ یَعْرِضَ لِحَاجٍّ وَ لاَ مُعْتَمِرٍ (3) فَعَدَا عَلَیْهِ أَبُو سُفْیَانَ فَحَبَسَهُ بِمَکَّةَ بِابْنِهِ عَمْرِو بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ أَرْسَلَ إِلَی قَوْمٍ بِالْمَدِینَةِ هَذَا الشِّعْرَ أَ رَهْطُ اِبْنِ أَکَّالٍ أَجِیبُوا دُعَاءَهُ

فَمَشَی بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حِینَ بَلَغَهُمُ الْخَبَرُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِکَ وَ سَأَلُوهُ أَنْ یُعْطِیَهُمْ عَمْرُو بْنُ أَبِی سُفْیَانَ لِیَفُکُّوا بِهِ صَاحِبَهُمْ فَأَعْطَاهُمْ إِیَّاهُ فَبَعَثُوا بِهِ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ فَخَلَّی سَبِیلَ سَعْدٍ وَ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ یُجِیبُ أَبَا سُفْیَانَ وَ لَوْ کَانَ سَعْدٌ یَوْمَ مَکَّةَ مُطْلَقاً

وَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِیعِ أَسَرَهُ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ فَقَدِمَ فِی فِدَائِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِی الرَّبِیعِ أَخُوهُ وَ حَلِیفٌ لَهُمْ یُقَالُ لَهُ أَبُو رِیشَةٍ افْتَدَاهُ عَمْرُو بْنُ الرَّبِیعِ أَیْضاً وَ عَمْرُو بْنُ الْأَزْرَقِ أَفْتَکَهُ عَمْرُو بْنُ الرَّبِیعِ أَیْضاً وَ کَانَ قَدْ صَارَ فِی سَهْمِ تَمِیمٍ مَوْلَی خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةِ وَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَضْرَمِیُّ أَسَرَهُ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ فَصَارَ فِی الْقُرْعَةِ لِأُبَیِّ بْنِ کَعْبٍ افْتَدَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِی سُفْیَانَ بْنِ أُمَیَّةَ وَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسَرَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ ابْنُ عَمِّهِ فَهَؤُلاَءِ ثَمَانِیَةٌ.

ص :201

وَ مِنْ بَنِی نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عَدِیُّ بْنُ الْخِیَارِ أَسَرَهُ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ ابْنِ أَخِی عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ حَلِیفُهُمْ (1) أَسَرَهُ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَ أَبُو ثَوْرٍ أَسَرَهُ أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِیُّ فَهَؤُلاَءِ ثَلاَثَةٌ افْتَدَاهُمْ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ .

وَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ أَبُو عَزِیزِ بْنُ عُمَیْرٍ أَسَرَهُ أَبُو الْیُسْرِ ثُمَّ صَارَ بِالْقُرْعَةِ لِمُحْرِزِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ أَبُو عَزِیزٍ هَذَا هُوَ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ لِأَبِیهِ وَ أُمِّهِ وَ قَالَ مُصْعَبُ لِمُحْرِزِ بْنِ نَضْلَةَ اشْدُدْ یَدَیْکَ بِهِ فَإِنَّ لَهُ أُمّاً بِمَکَّةَ کَثِیرَةَ الْمَالِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَزِیزٍ هَذِهِ وَصَاتُکَ بِی یَا أَخِی فَقَالَ مُصْعَبٌ إِنَّهُ أَخِی دُونَکَ فَبَعَثَتْ فِیهِ أُمُّهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ وَ ذَلِکَ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْ مَا أَغْلَی مَا تُفَادِی بِهِ قُرَیْشٌ فَقِیلَ لَهَا أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ السَّبَّاقِ أَسَرَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهَذَانِ اثْنَانِ قَدِمَ فِی فِدَائِهِمَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ وَ مِنْ بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ قُصَیٍّ اَلسَّائِبِ بْنِ أَبِی حُبَیْشٍ بْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی أَسَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَیْرِثِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی أَسَرَهُ حَاطِبُ بْنُ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ سَالِمُ بْنِ شِمَاخٍ أَسَرَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَهَؤُلاَءِ ثَلاَثَةٌ قَدِمَ فِی فِدَائِهِمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِی حُبَیْشٍ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ لِکُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ.

وَ مِنْ بَنِی تَمِیمِ بْنِ مُرَّةَ مَالِکُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ أَسَرَهُ قُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِیدَةً فَمَاتَ فِی اَلْمَدِینَةِ أَسِیراً.

وَ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ خَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِیرَةِ أَسَرَهُ سَوَادُ بْنُ غُزَیَّةَ وَ أُمَیَّةُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ أَسَرَهُ بِلاَلٌ وَ عُثْمَانُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ کَانَ أَفْلَتَ یَوْمَ نَخْلَةٍ أَسَرَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِیمِیُّ یَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَمْکَنَنِی مِنْکَ فَقَدْ کُنْتَ أَفْلَتَّ یَوْمَ نَخْلَةٍ وَ قَدِمَ فِی فِدَاءِ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَبِیعَةَ افْتَدَی کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ وَ اَلْوَلِیدُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ

ص :202

فَقَدِمَ فِی فِدَائِهِ أَخَوَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِیدِ فَتَمَنَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَتَّی أَفْتَکَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَجَعَلَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِیدِ یُرِیدُ أَلاَّ یَبْلُغَ ذَلِکَ یُرِیدُ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ فَقَالَ خَالِدٌ لِهِشَامٍ إِنَّهُ لَیْسَ بِابْنِ أُمِّکَ وَ اللَّهِ لَوْ أَبَی فِیهِ إِلاَّ کَذَا وَ کَذَا لَفَعَلْتُ فَلَمَّا افْتَدَیَاهُ خَرَجَا بِهِ حَتَّی بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَیْفَةِ فَأَفْلَتَ فَأَتَی اَلنَّبِیَّ ص فَأَسْلَمَ فَقِیلَ أَ لاَ أَسْلَمْتَ قَبْلَ أَنْ تَفْتَدِیَ قَالَ کَرِهْتُ أَنْ أُسْلِمَ حَتَّی أَکُونَ أُسْوَةً بِقَوْمِی.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُقَالُ إِنَّ الَّذِی أَسَرَ اَلْوَلِیدَ بْنَ الْوَلِیدِ سَلِیطُ بْنُ قَیْسٍ الْمَازِنِیُّ وَ قَیْسُ بْنُ السَّائِبِ أَسَرَهُ عَبْدَةُ بْنُ الْحَسْحَاسُ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ حِیناً وَ هُوَ یَظُنُّ أَنَّ لَهُ مَالاً ثُمَّ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ أَخُوهُ فَرْوَةُ بْنُ السَّائِبِ فَأَقَامَ أَیْضاً حِیناً ثُمَّ افْتَدَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ فِیهَا عُرُوضٌ.

وَ مِنْ بَنِی أَبِی رِفَاعَةَ صَیْفِیُّ بْنُ أَبِی رِفَاعَةَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَیْرِ بْنِ مَخْزُومٍ وَ کَانَ لاَ مَالَ لَهُ أَسَرَهُ رَجُلٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ فَمَکَثَ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَ أَبُو الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِی رِفَاعَةَ بْنِ عَائِذٍ افْتُدِیَ بِأَلْفَیْنِ وَ لَمْ یَذْکُرِ اَلْوَاقِدِیُّ مَنْ أَسَرَهُ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ هُوَ أَبُو عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ افْتُدِیَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَسَرَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ اَلْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَیْدِ بْنِ عُمَیْرٍ بْنِ مَخْزُومٍ أَسَرَهُ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ مَالٌ فَأَرْسَلَهُ بَعْدَ حِینٍ وَ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْعُقَیْلِیُّ حَلِیفٌ لِبَنِی مَخْزُومٍ وَ هُوَ الَّذِی یَقُولُ وَ لَسْنَا عَلَی الْأَعْقَابِ تُدْمَی کُلُومُنَا وَ لَکِنْ عَلَی أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدَّمَا (1) .

ص :203

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رُوِیَ أَنَّهُ کَانَ أَوَّلَ الْمُنْهَزِمِینَ (1) أَسَرَهُ اَلْخَبَّابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ وَ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ فَهَؤُلاَءِ عَشْرَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی جُمَحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیِّ بْنِ خَلَفٍ أَسَرَهُ فَرْوَةُ بْنُ أَبِی عَمْرٍو الْبَیَاضِیُّ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ أَبُوهُ أُبَیُّ بْنُ خَلَفٍ فَتَمَنَّعَ بِهِ فَرْوَةُ حِیناً وَ أَبُو غَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَطْلَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِغَیْرِ فِدْیَةٍ وَ کَانَ شَاعِراً خَبِیثَ اللِّسَانِ ثُمَّ قَتَلَهُ یَوْمَ أُحُدٍ بَعْدَ أَنْ أَسَرَهُ وَ لَمْ یَذْکُرْ اَلْوَاقِدِیُّ الَّذِی أَسَرَهُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ وَهْبُ بْنُ عُمَیْرٍ بْنِ وَهْبٍ أَسَرَهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ الزُّرَقِیُّ وَ قَدِمَ أَبُوهُ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ فِی فِدَائِهِ فَأَسْلَمَ فَأَرْسَلَ اَلنَّبِیُّ ص لَهُ ابْنُهُ بِغَیْرِ فِدَاءٍ وَ رَبِیعَةُ بْنُ دَرَّاجٍ بْنِ الْعَنْبَسِ بْنِ وَهْبَانَ (2) بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ وَ کَانَ لاَ مَالَ لَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ بِشَیْءٍ یَسِیرٍ وَ أَرْسَلَ بِهِ وَ لَمْ یَذْکُرِ اَلْوَاقِدِیُّ مَنْ أَسَرَهُ وَ اَلْفَاکِهُ مَوْلَی أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَسَرَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَهَؤُلاَءِ خَمْسَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو أَبُو وَدَاعَةَ بْنِ ضُبَیْرَةَ وَ کَانَ أَوَّلَ أَسِیرٍ افْتُدِیَ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ ابْنُهُ اَلْمُطَّلِبُ فَافْتَدَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ وَ لَمْ یَذْکُرِ اَلْوَاقِدِیُّ مَنْ أَسَرَهُ وَ فَرْوَةُ بْنُ قَیْسِ بْنِ عَدِیِّ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَعِیدِ بْنِ سَهْمٍ أَسَرَهُ ثَابِتُ بْنُ أَقْزَمَ وَ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ عَمْرُو بْنُ قَیْسٍ افْتَدَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ قَبِیصَةَ بْنِ حَذَاقَةَ بْنِ سَعْدٍ أَسَرَهُ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَ اَلْحَجَّاجُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَیْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ أَسَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَأَفْلَتَ فَأَخَذَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِیُّ فَهَؤُلاَءِ أَرْبَعَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی مَالِکِ بْنِ حِسْلٍ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِکِ أَسَرَهُ مَالِکُ بْنُ الدُّخْشُمِ وَ قَدِمَ فِی فِدَائِهِ مِکْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَحْنَفِ وَ انْتَهَی فِی فِدَائِهِ إِلَی إِرْضَائِهِمْ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَقَالُوا هَاتِ الْمَالَ فَقَالَ نَعَمْ اجْعَلُوا رَجُلاً مَکَانَ رَجُلٍ

ص :204

وَ قَوْمٌ یَرْوُونَهَا رَجُلاً مَکَانَ رَجُلٍ فَخَلَّوْا سَبِیلَ سُهَیْلٍ وَ حَبَسُوا مِکْرَزَ بْنَ حَفْصٍ عِنْدَهُمْ حَتَّی بَعَثَ سُهَیْلٌ بِالْمَالِ مِنْ مَکَّةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ قَیْسِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِکِ أَسَرَهُ عُمَیْرُ بْنُ عَوْفٍ مَوْلَی سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو وَ عَبْدُ الْعُزَّی بْنُ مَشْنُوءِ بْنِ وَقْدَانَ بْنِ قَیْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدٍّ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بَعْدَ إِسْلاَمِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسَرَهُ اَلنُّعْمَانُ بْنُ مَالِکٍ فَهَؤُلاَءِ ثَلاَثَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی فِهْرٍ اَلطُّفَیْلُ بْنُ أَبِی قُنَیْعٍ فَهَؤُلاَءِ سِتَّةٌ وَ أَرْبَعُونَ (1) أَسِیراً.

وَ فِی کِتَابِ اَلْوَاقِدِیِّ أَنَّهُ کَانَ الْأُسَارَی الَّذِینَ أُحْصُوْا وَ عُرِفُوا تِسْعَةً وَ أَرْبَعِینَ وَ لَمْ نَجِدِ التَّفْصِیلَ یَلْحَقُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ (2) .

وَ رَوَی اَلْوَاقِدِیُّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ کَانَتِ الْأُسَارَی سَبْعِینَ وَ أَنَّ الْقَتْلَی کَانَتْ زِیَادَةً عَلَی سَبْعِینَ إِلاَّ أَنَّ الْمَعْرُوفِینَ مِنَ الْأَسْرَی هُمُ الَّذِینَ ذَکَرْنَاهُمْ وَ الْبَاقُونَ لَمْ یَذْکُرِ الْمُؤَرِّخُونَ أَسْمَاءَهُمْ

.

وَ مِنْ بَنِی سَهْمٍ نَبِیهٌ وَ مُنَبِّهٌ ابْنَا اَلْحَجَّاجِ .

فَهَؤُلاَءِ تِسْعَةٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ یَقُولُ مَا أَطْعَمَ أَحَدٌ بِبَدْرٍ إِلاَّ قُتِلَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ قَدْ ذَکَرُوا عِدَّةً مِنَ الْمُطْعِمِینَ اخْتُلِفَ (1) فِیهِمْ کَسُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو وَ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ وَ غَیْرِهِمَا (2) .

قَالَ حَدَّثَنِی إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُوسَی بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ نَحَرَ لَهُمْ أَبُو جَهْلٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ عَشْراً ثُمَّ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ بِعُسْفَانَ تِسْعاً ثُمَّ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو بِقُدَیْدٍ عَشْراً ثُمَّ مَالُوا إِلَی مِیَاهٍ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ ضَلُّوا الطَّرِیقَ فَأَقَامُوا بِهَا یَوْماً فَنَحَرَ لَهُمْ شَیْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ تِسْعاً ثُمَّ أَصْبَحُوا بِالْأَبْوَاءِ فَنَحَرَ لَهُمْ قَیْسٌ الْجُمَحِیُّ تِسْعاً ثُمَّ نَحَرَ عُتْبَةُ عَشْراً وَ نَحَرَ لَهُمْ اَلْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو تِسْعاً ثُمَّ نَحَرَ لَهُمْ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَلَی مَاءِ بَدْرٍ عَشْراً وَ نَحَرَ لَهُمْ مُقِیسُ بْنُ ضُبَابَةَ عَلَی مَاءِ بَدْرٍ تِسْعاً ثُمَّ شَغَلَتْهُمُ الْحَرْبُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ کَانَ اِبْنُ أَبِی الزِّنَادِ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ مُقِیساً کَانَ یَقْدِرُ عَلَی قَلُوصٍ وَاحِدَةٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَعْرِفُ قَیْساً الْجُمَحِیَّ قَالَ وَ قَدْ رَوَتْ أُمُّ بَکْرٍ عَنِ اَلْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ابْنِهَا قَالَ کَانَ النَّفَرُ یَشْتَرِکُونَ فِی الْإِطْعَامِ فَیُنْسَبُ إِلَی الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَ یُسْکَتُ عَنْ سَائِرِهِمْ (3) .

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ اَلْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ کَانَ مِنَ الْمُطْعِمِینَ فِی بَدْرٍ وَ کَذَلِکَ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلِ کَانَ یَعْتَقِبُ هُوَ وَ حَکِیمٌ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ وَ کَانَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ یَعْتَقِبُ هُوَ وَ حَکِیمُ بْنُ حِزَامٍ فِی الْإِطْعَامِ وَ کَانَ اَلنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ کَلَدَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ مِنَ الْمُطْعِمِینَ قَالَ وَ کَانَ اَلنَّبِیُّ ص یَکْرَهُ قَتْلَ

ص :206

اَلْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ یَوْمَ بَدْرٍ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْکُمْ فَلْیَتْرُکْهُ لِأَیْتَامِ بَنِی نَوْفَلِ فَقُتِلَ فِی الْمَعْرَکَةِ (1)

.

وَ مِنْ بَنِی سَلِمَةَ بْنِ حَرَامٍ عُمَیْرُ بْنُ الْحَمَّامِ بْنِ الْجَمُوحِ قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْعُقَیْلِیُّ وَ یُقَالُ إِنَّ عُمَیْرَ بْنَ الْحَمَّامِ أَوَّلُ قَتِیلٍ قُتِلَ مِنَ اَلْأَنْصَارِ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ أَوَّلَ قَتِیلٍ مِنْهُمْ حَارِثُ بْنُ سُرَاقَةَ .

وَ مِنْ بَنِی زُرَیْقٍ رَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّی قَتَلَهُ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ .

وَ مِنْ بَنِی الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ یَزِیدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قُسْحُمٍ (1) قَتَلَهُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِیَةَ الدِّیَلِیُّ .

فَهَؤُلاَءِ الثَّمَانِیَةُ مِنَ اَلْأَنْصَارِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ عِکْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَنَسَةَ مَوْلَی اَلنَّبِیِّ ص قُتِلَ بِبَدْرٍ .

وَ رُوِیَ [أَنَّ]

(2) مُعَاذَ بْنَ مَاعِص جَرَحَ بِبَدْرٍ فَمَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَّ عُبَیْدَ بْنَ السَّکَنِ جَرَحَ فَاشْتَکَی جُرْحَهُ فَمَاتَ مِنْهُ حِینَ قَدِمَ (3)

.

وَ رَوَی اَلْبَلاذِرِیُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص صَلَبَهُ بَعْدَ قَتْلِهِ فَکَانَ أَوَّلَ مَصْلُوبٍ فِی اَلْإِسْلاَمِ قَالَ وَ فِیهِ یَقُولُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ عَیْنُ بَکِّی لِعُقْبَةَ بْنِ أَبَانٍ فَرْعِ فِهْرٍ وَ فَارِسِ الْفُرْسَانِ (1) .

وَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ شَیْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ قَتَلَهُ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَ حَمْزَةُ وَ عَلِیٌّ الثَّلاَثَةُ اشْتَرَکُوا فِی قَتْلِهِ وَ اَلْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع وَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَلِیفٌ لَهُمْ مِنْ أَنْمَارٍ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع وَ قِیلَ قَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَهَؤُلاَءِ اثْنَا عَشَرَ.

وَ مِنْ بَنِی نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ اَلْحَارِثُ بْنُ نَوْفَلٍ قَتَلَهُ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافٍ (2) وَ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیٍّ وَ یُکَنَّی أَبَا الرَّیَّانِ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِی رِوَایَةِ اَلْوَاقِدِیِّ وَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع فِی رِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (3) وَ رَوَی اَلْبَلاذُرِیُّ رِوَایَةً غَرِیبَةً أَنْ طُعَیْمَةَ بْنِ عَدِیِّ أُسِرَ یَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَهُ اَلنَّبِیِّ ص صَبْراً عَلَی یَدِ حَمْزَةَ فَهَؤُلاَءِ اثْنَانِ.

وَ مِنْ بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَتَلَهُ أَبُو دُجَانَةَ (4) وَ قِیلَ قَتَلَهُ ثَابِتٍ بْنِ الْجِذْعِ (5) وَ اَلْحَارِثُ بْنَ زَمْعَةَ بْنُ الْأَسْوَدِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ عَقِیلُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَتَلَهُ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةَ شِرْکاً فِی قَتْلِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَحْدَهُ وَ قِیلَ قَتَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِیِّ وَحْدَهُ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ وَ هُوَ اَلْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ قَتَلَهُ المجذر بْنِ

ص :209

زِیَادٍ وَ قِیلَ قَتَلَهُ أَبُو الْیُسْرِ وَ نَوْفَلُ بْنَ خُوَیْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی وَ هُوَ اِبْنُ الْعَدَوِیَّةِ قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع فَهَؤُلاَءِ خَمْسَةٌ.

وَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ اَلنَّضْرِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ کَلَدَةَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع صَبْراً بِالسَّیْفِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ کَانَ الَّذِی أَسَرَهُ اَلْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو فَوَعَدَ اَلْمِقْدَادِ إِنَّ اسْتَنْقَذَهُ بِفِدَاءِ جَلِیلٌ فَلَمَّا قَدِمَ لِیُقْتَلَ قَالَ اَلْمِقْدَادُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی ذُو عِیَالٍ وَ أَحَبَّ الدِّینِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَغْنِ اَلْمِقْدَادِ مِنْ فَضْلِکَ یَا عَلِیُّ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ زَیْدُ بْنُ ملیص مَوْلَی عَمْرِو بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ عَبْدِ الدَّارِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ قِیلَ قَتَلَهُ بِلاَلٍ فَهَؤُلاَءِ اثْنَانِ.

وَ مِنْ بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ عُمَیْرٍ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ کَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ عُثْمَانَ بْنِ مَالِکِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَتَلَهُ صُهَیْبٍ فَهَؤُلاَءِ اثْنَانِ وَ لَمْ یَذْکُرْ اَلْبَلاذُرِیِّ عُثْمَانَ بْنِ مَالِکٍ .

وَ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ بْنِ یَقَظَةٍ ثُمَّ مِنْ بَنِی الْمُغِیرَةِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَیْرٍ بْنِ مَخْزُومٍ أَبُو جَهْلٍ عَمْرَو بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِیرَةِ ضَرَبَهُ مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنُ الْجَمُوحِ وَ معوذ وَ عَوْفٍ ابْنَا عَفْرَاءُ وَ ذفف (1) عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ اَلْعَاصُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْمُغِیرَةِ خَالٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَتَلَهُ عَمْرُو بْنِ یَزِیدَ بْنِ تَمِیمٍ التَّمِیمِیِّ حَلِیفُ لَهُمْ قَتْلُهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ قِیلَ قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع .

وَ مِنْ بَنِی الْوَلِیدِ بْنُ الْمُغِیرَةِ أَبُو قَیْسِ بْنُ الْوَلِیدِ بْنَ الْوَلِیدِ أَخُو خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع .

وَ مِنْ بَنِی الْفَاکِهَ بْنَ الْمُغِیرَةِ أَبُو قَیْسِ بْنُ الْفَاکِهِ بْنَ الْمُغِیرَةِ قَتَلَهُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ قِیلَ قَتَلَهُ اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ .

ص :210

وَ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ مَسْعُودٍ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع .

وَ مِنْ بَنِی عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَیْرٍ بْنِ مَخْزُومٍ ثُمَّ مَنْ بَنِی رِفَاعَةَ أُمَیَّةَ بْنِ عَائِذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ قَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ أَبُو الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِی رِفَاعَةَ قَتَلَهُ مَعْنِ بْنِ عَدِیٍّ الْعَجْلاَنِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ زُهَیْرُ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ قَتَلَهُ أَبُو أُسَیْدٍ السَّاعِدِیُّ وَ اَلسَّائِبُ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ قَتَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ .

وَ مِنْ بَنِی أَبِی السَّائِبِ الْمَخْزُومِیُّ وَ هُوَ صَیْفِیِّ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ السَّائِبِ بْنِ السَّائِبِ قَتَلَهُ اَلزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَ اَلْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ حَلِیفُ لَهُمْ مِنْ طَیِّئٍ وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ شَیْبَانَ (1) قَتَلَهُ یَزِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ حَلِیفُ آخَرَ وَ هُوَ جَبَّارِ بْنِ سُفْیَانَ أَخُو عَمْرِو بْنُ سُفْیَانَ الْمُقَدَّمِ ذِکْرُهُ قَتَلَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نیار .

وَ مِنْ بَنِی عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ حَاجِزِ (2) بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُوَیْمِرُ بْنُ عَائِذٍ قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع .

وَ رَوَی اَلْبَلاذِرِیُّ أَنَّ حَاجِزاً هَذَا وَ أَخَاهُ عُوَیْمِرُ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُوَیْمِرُ قَتْلِهِمَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع (3) وَ عُوَیْمِرُ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ قَتَلَهُ اَلنُّعْمَانِ بْنُ أَبِی مَالِکٍ فَهَؤُلاَءِ تِسْعَةَ عَشَرَ.

وَ مِنْ بَنِی جُمَحٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ هصیص أُمَیَّةَ بْنُ خَلَفٍ قَتَلَهُ خُبَیْبُ بْنُ یِسَافٍ وَ بِلاَلٌ شِرْکاً فِیهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مُعَاذُ بْنِ رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعِ یَقُولُ بَلْ قَتَلَهُ أَبُو رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعٍ .

ص :211

وَ عَلِیُّ بْنُ أُمَیَّةَ بْنُ خَلَفٍ قَتَلَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَوْسٍ بْنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ لَوْذَانَ قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع وَ عُثْمَانَ بْنُ مَظْعُونٍ شِرْکاً فِیهِ فَهَؤُلاَءِ ثَلاَثَةً.

وَ مِنْ بَنِی سَهْمٍ مُنَبِّهٍ بْنِ الْحَجَّاجِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ قِیلَ قَتَلَهُ أَبُو أُسَیْدٍ السَّاعِدِیُّ وَ نَبِیِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ اَلْعَاصُ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع وَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ قَیْسِ بْنِ عَدِیِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ قَتَلَهُ أَبُو دُجَانَةَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی أَبُو مَعْشَرٍ عَنِ أَصْحَابِهِ قَالُوا قَتَلَهُ عَلِیٌّ ع وَ عَاصٍ بْنِ أَبِی عَوْفِ بْنِ صبیرة بْنِ سَعِیدِ بْنِ سَعْدٍ قَتَلَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَهَؤُلاَءِ خَمْسَةَ وَ مِنْ بَنِی عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ ثُمَّ مَنْ بَنِی مَالِکِ بْنِ حِسْلٍ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَبْدِ قَیْسٍ حَلِیفُ لَهُمْ قَتْلُهُ عُکَّاشَةَ بْنُ مِحْصَنٍ وَ مَعْبَدٍ بْنِ وَهْبٍ حَلِیفُ لَهُمْ مِنْ کَلْبٍ قَتَلَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَهَؤُلاَءِ اثْنَانِ

.

فجمیع من قتل ببدر فی روایة الواقدی من المشرکین فی الحرب صبرا اثنان و خمسون رجلا قتل علی ع منهم مع الذین شرک فی قتلهم أربعة و عشرین رجلا و قد کثرت الروایة أن المقتولین ببدر کانوا سبعین و لکن الذین عرفوا و حفظت أسماؤهم من ذکرناه

4017

1- وَ فِی رِوَایَةٍ اَلشِّیعَةِ أَنَّ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَتَلَهُ عَلِیٌّ وَ الْأَشْهُرُ فِی الرِّوَایَةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ اَلْحَارِثِ بْنَ زَمْعَةَ وَ أَنْ زَمْعَةَ قَتَلَهُ أَبُو دُجَانَةَ (1)

.

قَالَ وَ لَمْ یَشْهَدْ بَدْراً مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ إِلاَّ قُرَشِیٌّ أَوْ حَلِیفُ لِقُرَشِیٍّ أَوْ أَنْصَارِی أَوْ حَلِیفُ لأنصاری أَوْ مَوْلَی وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ هَکَذَا مَنْ جَانِبِ اَلْمُشْرِکِینَ فَإِنَّهُ لَمْ یَشْهَدْهَا إِلاَّ قُرَشِیٌّ أَوْ حَلِیفُ لِقُرَشِیٍّ أَوْ مَوْلَی لَهُمْ.

قَالَ فَکَانَتْ قُرَیْشٌ وَ مَوَالِیهَا وَ حُلَفَاؤُهَا سِتَّةٌ وَ ثَمَانِینَ رَجُلاً وَ کَانَتِ اَلْأَنْصَارُ وَ مَوَالِیهَا وَ حُلَفَاؤُهَا مِائَتَیْنِ وَ سَبْعَةٌ وَ عِشْرِینَ رَجُلاً (1)

.

فأما تفصیل أسماء من شهدها من المسلمین فله موضع فی کتب المحدثین أملک به من هذا الموضع

تَرَی مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِنَا وَ أَبْنَائِنَا وَ عَشَائِرِنَا فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ وَ قَدْ طَابَتْ أَنْفُسٍ قُرَیْشٍ بِذَلِکَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَی ذَلِکَ وَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَعِی فَأَنَا وَ اللَّهِ الْمَوْتُورُ وَ الثَّائِرِ (1) وَ قَدْ قُتِلَ ابْنِیَ حَنْظَلَةَ بِبَدْرٍ وَ أَشْرَافَ قَوْمِی فَلَمْ تَزَلْ الْعِیرَ مَوْقُوفَةٌ حَتَّی تُجْهِزُوا لِلْخُرُوجِ فَبَاعُوهَا فَصَارَتْ ذَهَباً عَیْناً وَ یُقَالُ إِنَّمَا قَالُوا یَا أَبَا سُفْیَانَ بِعْ الْعِیرَ ثُمَّ اعْزِلْ أَرْبَاحَهَا فَکَانَتْ الْعِیرَ أَلْفَ بَعِیرٍ وَ کَانَ الْمَالُ خَمْسِینَ أَلْفُ دِینَارٍ وَ کَانُوا یربحون فِی تِجَارَاتِهِمْ للدینار دِینَاراً وَ کَانَ متجرهم مِنَ اَلشَّامِ غَزَّةَ لاَ یَعُدُّونَهَا إِلَی غَیْرِهَا وَ کَانَ أَبُو سُفْیَانَ قَدْ حَبَسَ عِیرُ بَنِی زُهْرَةَ لِأَنَّهُمْ رَجَعُوا مِنْ طَرِیقِ بَدْرٍ وَ سَلَّمَ مَا کَانَ لمخرمة بْنِ نَوْفَلٍ وَ لِبَنِی أَبِیهِ وَ بَنِی عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَأَبَی مَخْرَمَةَ أَنَّ یَقْبَلَ عَیَّرَهُ حَتَّی یُسَلَّمَ إِلَی بَنِی زُهْرَةَ جَمِیعاً (2) وَ تَکَلَّمَ اَلْأَخْنَسِ فَقَالَ وَ مَا لِعِیرِ بَنِی زُهْرَةَ مِنْ بَیْنَ عِیرَاتِ قُرَیْشٍ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ لِأَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ قُرَیْشٍ قَالَ اَلْأَخْنَسِ أَنْتَ أَرْسَلْتَ إِلَی قُرَیْشٍ أَنَّ ارْجِعُوا فَقَدْ أَحْرَزْنَا الْعِیرَ لاَ تَخْرُجُوا فِی غَیْرِ شَیْءٍ فَرَجَعْنَا فَأَخَذْتُ بَنُو زُهْرَةَ عَیِّرْهَا وَ أَخَذَ أَقْوَامٌ مِنْ أَهْلِ مَکَّةَ أَهْلِ ضَعُفَ لاَ عشائر لَهُمْ وَ لاَ مَنَعَةَ کُلُّ مَا کَانَ لَهُمْ فِی الْعِیرِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ هَذَا یُبَیِّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا أُخْرِجَ الْقَوْمُ أَرْبَاحِ الْعِیرَ قَالَ وَ فِیهِمْ أَنْزَلَ (3) إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا یُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ لِیَصُدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللّٰهِ الْآیَةَ.

قَالَ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَی الْمَسِیرِ قَالُوا نَسِیرُ فِی اَلْعَرَبِ فنستنصرهم فَإِنَّ عَبْدِ مَنَاةَ غَیْرَ مُتَخَلِّفِینَ عَنَّا هُمْ أَوْصَلَ اَلْعَرَبِ لأرحامنا وَ مَنِ اتَّبَعَنَا مِنَ اَلْأَحَابِیشِ فَأَجْمَعُوا عَلَی أَنْ یَبْعَثُوا أَرْبَعَةً مِنْ قُرَیْشٍ یَسِیرُونَ فِی اَلْعَرَبِ یَدْعُونَهُمْ إِلَی نَصَرَهُمْ فَبَعَثُوا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ هُبَیْرَةُ بْنِ وَهْبٍ وَ اِبْنِ الزِّبَعْرَی وَ أَبَا عَزَّةَ الْجُمَحِیَّ فَأَبَی أَبُو عَزَةَ أَنْ یَسِیرٍ (4) وَ قَالَ مِنْ

ص :214

عَلِیٍّ مُحَمَّدُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ حَلَفْتُ أَلاَ أظاهر (1) عَلَیْهِ عَدُوّاً أَبَداً فَمَشَی إِلَیْهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فَقَالَ اخْرُجْ فَأَبَی وَ قَالَ عَاهَدْتُ مُحَمَّداً یَوْمَ بَدْرٍ أَلاَ أظاهر عَلَیْهِ عَدُوّاً أَبَداً وَ أَنَا أَفِی لَهُ بِمَا عَاهَدْتَهُ عَلَیْهِ (2) مِنْ عَلِیٍّ وَ لَمْ یُمْنِ عَلَی غَیْرِی حَتَّی قَتَلَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ الْفِدَاءَ فَقَالَ صَفْوَانَ اخْرُجْ مَعَنَا فَإِنَّ تُسَلِّمُ أُعْطِکَ مِنَ الْمَالِ مَا شِئْتَ وَ إِنْ تُقْتَلْ تَکُنْ عِیَالِکَ مَعَ عِیَالِی فَأَبَی أَبُو عَزَةَ حَتَّی کَانَ الْغَدِ وَ انْصَرِفْ عَنْهُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ آیِساً مِنْهُ فَلَمَّا کَانَ الْغَدُ جَاءَهُ صَفْوَانَ وَ جُبَیْرُ بْنِ مُطْعِمٍ فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ الْکَلاَمِ الْأَوَّلِ فَأَبَی فَقَالَ جُبَیْرٌ مَا کُنْتُ أَظُنُّ أَنِّی أَعِیشُ حَتَّی یَمْشِی إِلَیْکَ أَبُو وَهْبٍ فِی أَمْرِ تَأْبَی عَلَیْهِ فأحفظه فَقَالَ أَنَا أَخْرُجُ قَالَ فَخَرَجَ إِلَی اَلْعَرَبِ یَجْمَعُهَا وَ یَقُولُ إِیهِ بَنِی عَبْدِ مَنَاةَ الرزام (3) وَ خَرَجَ النَّفْرِ مَعَ أَبِی عَزَّةَ فألبوا اَلْعَرَبِ وَ جَمَعُوا وَ بَلَغُوا ثَقِیفاً فأوعبوا (4) فَلَمَّا أَجْمَعُوا الْمَسِیرِ وَ تَأَلَّبَ مَنْ کَانَ مَعَهُمْ مِنَ اَلْعَرَبِ وَ حَضَرُوا وَ اخْتَلَفَتِ قُرَیْشٍ فِی إِخْرَاجِ الظَّعْنِ مَعَهُمْ قَالَ صَفْوَانُ بْنِ أُمَیَّةَ اخْرُجُوا بِالظَّعْنِ (5) فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ فَإِنَّهُ أقمن أَنْ یحفظنکم وَ یذکرنکم قَتْلَی بَدْرٍ فَإِنْ الْعَهْدُ حَدِیثٌ وَ نَحْنُ قَوْمٌ موتورون مستمیتون لاَ نُرِیدُ أَنْ نَرْجِعَ إِلَی دِیَارِنَا حَتَّی نُدْرِکَ ثَأْرَنَا أَوْ نَمُوتَ دُونَهُ فَقَالَ عِکْرِمَةَ بْنُ أَبِی جَهْلٍ أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَی مَا دَعَوْتَ إِلَیْهِ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِثْلَ ذَلِکَ فَمَشَی فِی ذَلِکَ

ص :215

نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِیَةَ الدیلی فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ هَذَا لَیْسَ بِرَأْیٍ أَنْ تَعَرَّضُوا حَرَمَکُمْ لِعَدُوِّکُمْ وَ لاَ آمَنُ أَنْ تَکُونَ الدَّبْرَةُ (1) لَهُمْ فَتَفْتَضِحُوا فِی نِسَائِکُمْ فَقَالَ صَفْوَانَ لاَ کَانَ غَیْرَ هَذَا أَبَداً فَجَاءَ نَوْفَلٍ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ لَهُ تِلْکَ الْمَقَالَةِ فَصَاحَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ إِنَّکَ وَ اللَّهِ سَلِمْتَ یَوْمَ بَدْرٍ فَرَجَعْتُ إِلَی نِسَائِکَ نَعَمْ نَخْرُجُ فَنَشْهَدُ الْقِتَالِ فَقَدْ رُدَّتْ الْقِیَانَ مِنَ اَلْجُحْفَةِ فِی سَفَرِهِمْ إِلَی بَدْرٍ فَقَتَلْتُ الْأَحِبَّةِ یَوْمَئِذٍ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ لَسْتُ أُخَالِفُ قُرَیْشاً أَنَا رَجُلٌ مِنْهَا مَا فَعَلْتُ فَعَلْتَ فَخَرَجُوا بِالظَّعْنِ فَخَرَجَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ بِامْرَأَتَیْنِ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنُ رَبِیعَةَ وَ أُمَیْمَةُ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ أَشْیَمَ بْنِ کِنَانَةَ وَ خَرَجَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ بِامْرَأَتَیْنِ بَرْزَةَ بِنْتُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیِّ وَ هِیَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ الْأَکْبَرُ وَ البغوم بِنْتُ المعذل مِنْ کِنَانَةَ وَ هِیَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْغَرُ وَ خَرَجَ طَلْحَةُ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ بِامْرَأَتِهِ سُلاَفَةَ بِنْتِ سَعْدٍ بْنِ شَهِیدٍ وَ هِیَ مِنْ اَلْأَوْسِ وَ هِیَ أُمُّ بَنِیهِ مُسَافِعَ وَ اَلْحَارِثُ وَ کِلاَب وَ اَلْجُلاَسِ بَنِی طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ وَ خَرَجَ عِکْرِمَةَ بْنُ أَبِی جَهْلٍ بِامْرَأَتِهِ أُمُّ حَکِیمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَ خَرَجَ اَلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بِامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِیدِ بْنُ الْمُغِیرَةِ وَ خَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِامْرَأَتِهِ هِنْدٍ بِنْتِ مُنَبِّهٍ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ هِیَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنُ الْعَاصِ وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ اسْمُهَا رَیْطَةٍ وَ خَرَجْتُ خناس بِنْتُ مَالِکِ بْنِ الْمِضْرَبَ إِحْدَی نِسَاءِ بَنِی مَالِکِ بْنِ حِسْلٍ مَعَ ابْنِهَا أَبِی عَزِیزٍ بْنُ عُمَیْرٍ أَخِی مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ وَ خَرَجَ اَلْحَارِثِ بْنِ سُفْیَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بِامْرَأَتِهِ رَمْلَةُ بِنْتُ طَارِقِ بْنِ عَلْقَمَةَ الکنانیة وَ خَرَجَ کِنَانَةَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بِامْرَأَتِهِ أُمُّ حَکِیمٍ بِنْتُ طَارِقٍ وَ خَرَجَ سُفْیَانَ بْنِ عویف بِامْرَأَتِهِ قُتَیْلَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ هِلاَلٍ وَ خَرَجَ اَلنُّعْمَانِ بْنِ عَمْرٍو وَ جَابِرٌ مِسْکٍ الذِّئْبُ أَخُوهُ بِأُمِّهِمَا

ص :216

الدغینة وَ خَرَجَ غُرَابٍ بْنِ سُفْیَانَ بْنِ عویف بِامْرَأَتِهِ عَمْرَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ الکنانیة وَ هِیَ الَّتِی رَفَعْتَ لِوَاءِ قُرَیْشٍ حِینَ سَقَطْتَ حَتَّی تَرَاجَعَتْ قُرَیْشٍ إِلَی لوائها وَ فِیهَا یَقُولُ حَسَّانَ وَ لَوْ لاَ لِوَاءُ اَلْحَارِثِیَّةِ أَصْبَحُوا یُبَاعَوْنَ فِی الْأَسْوَاقِ بِالثَّمَنِ الْبَخْسُ.

قَالُوا وَ خَرَجَ سُفْیَانَ بْنِ عویف بِعَشَرَةِ مِنْ وُلْدِهِ وَ حشدت بَنُو کِنَانَةَ وَ کَانَتْ الْأَلْوِیَةِ یَوْمَ خَرَجُوا مِنْ مَکَّةَ ثَلاَثَةُ عقدوها فِی دَارِ النَّدْوَةِ لِوَاءُ یَحْمِلُهُ سُفْیَانَ بْنِ عویف لِبَنِی کِنَانَةَ وَ لِوَاءُ اَلْأَحَابِیشِ یَحْمِلُهُ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ لِوَاءُ لِقُرَیْشٍ یَحْمِلُهُ (1) طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُقَالُ خَرَجَتْ قُرَیْشٌ وَ لُفَّهَا (2) کُلُّهُمْ مِنْ کِنَانَةَ وَ اَلْأَحَابِیشِ وَ غَیْرِهِمْ عَلَی لِوَاءُ وَاحِدٍ یَحْمِلُهُ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ وَ هُوَ الأثبت عِنْدَنَا.

قَالَ وَ خَرَجَتْ قُرَیْشٌ وَ هُمْ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ بِمَنْ ضَوَی (3) إِلَیْهَا وَ کَانَ فِیهِمْ مِنْ ثَقِیفٍ مِائَةَ رَجُلٍ وَ خَرَجُوا بِعِدَّةِ وَ سِلاَحٌ کَثِیرٌ وَ قادوا مِائَتَیْ فَرَسٌ وَ کَانَ فِیهِمْ سَبْعَمِائَةِ دَرَّاعٍ وَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ بَعِیرٍ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَی الْمَسِیرِ کَتَبَ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ کِتَاباً وَ خَتَمَهُ وَ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِی غِفَارٍ وَ شَرَطَ عَلَیْهِ أَنَّ یَسِیرَ ثَلاَثاً إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص یُخْبِرُهُ أَنَّ قُرَیْشاً قَدِ اجْتَمَعَتْ (4) لِلْمَسِیرِ إِلَیْکَ فَمَا کُنْتَ صَانِعاً إِذَا حُلْواً (5) بِکَ فَاصْنَعْهُ وَ قَدْ وَجَّهُوا وَ هُمْ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَ قادوا مِائَتَیْ فَرَسٍ وَ فِیهِمْ سَبْعَمِائَةِ دَرَّاعٍ وَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ بَعِیرٍ وَ قَدْ أوعبوا مِنَ السِّلاَحِ فَقَدِمَ اَلْغِفَارِیِّ فَلَمْ یَجِدْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْمَدِینَةِ وَجَدَهُ بِقُبَاءَ فَخَرَجَ حَتَّی وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی بَابِ مَسْجِدِ قُبَاءَ یَرْکَبُ

ص :217

حِمَارِهِ فَدَفَعَ إِلَیْهِ الْکِتَابَ فَقَرَأَهُ عَلَیْهِ أَبِی بْنِ کَعْبٍ وَ اسْتَکْتَمَ أَبَیَا مَا فِیهِ وَ دَخَلَ مَنْزِلِ سَعْدِ بْنُ الرَّبِیعِ فَقَالَ أَ فِی الْبَیْتِ أَحَدٌ فَقَالَ سَعْدٌ لاَ فَتَکَلَّمَ بِحَاجَتِکَ فَأَخْبَرَهُ بِکِتَابِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَجُعِلَ سَعْدٌ یَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَکُونَ فِی ذَلِکَ خَیْرٌ وَ أرجعت (1) یَهُودِ اَلْمَدِینَةِ وَ الْمُنَافِقُونَ وَ قَالُوا مَا جَاءَ مُحَمَّداً شَیْءٍ یُحِبُّهُ وَ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی اَلْمَدِینَةِ وَ قَدْ اسْتَکْتَمَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ الْخَبَرَ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ مَنْزِلِهِ خَرَجَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنُ الرَّبِیعِ إِلَیْهِ فَقَالَتْ مَا قَالَ لَکِ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ مَا لَکَ وَ لِذَاکَ لاَ أُمَّ لَکَ قَالَتْ کُنْتُ أَسْتَمِعُ عَلَیْکُمْ وَ أَخْبَرْتُ سَعْداً الْخَبَرِ فَاسْتَرْجَعَ سَعْدٌ وَ قَالَ لاَ أَرَاکَ تستمعین عَلَیْنَا وَ أَنَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص تَکَلَّمَ بِحَاجَتِکَ ثُمَّ أَخَذَ بِجَمْعٍ لمتها (2) ثُمَّ خَرَجَ یَعْدُو بِهَا حَتَّی أَدْرَکَ رَسُولَ اللَّهِ ص بالجسر وَ قَدْ بلحت فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِی سَأَلْتَنِی عَمَّا قُلْتُ فَکَتَمْتُهَا فَقَالَتْ قَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ جَاءَتْ بِالْحَدِیثِ کُلَّهُ فَخَشِیتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ یَظْهَرَ مِنَ ذَلِکَ شَیْءٌ فَتَظُنُّ أَنِّی أَفْشَیْتُ سِرِّکَ فَقَالَ ص خَلِّ سَبِیلَهَا وَ شَاعَ الْخَبَرُ بَیْنَ النَّاسِ بِمَسِیرِ قُرَیْشٍ وَ قَدِمَ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ الْخُزَاعِیِّ فِی نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ سَارُوا مِنْ مَکَّةَ أَرْبَعاً فَوَافَوْا قُرَیْشاً وَ قَدْ عَسْکَرُوا بِذِی طُوًی فَأَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ ص الْخَبَرَ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ لَقُوا قُرَیْشاً بِبَطْنِ رابغ وَ هُوَ أَرْبَعٌ لَیَالٍ مِنَ اَلْمَدِینَةِ فنکبوا عَنْ قُرَیْشٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو سُفْیَانَ بِالْأَبْوَاءِ أَخْبَرَ أَنَّ عَمْرَو بْنِ سَالِمٍ وَ أَصْحَابِهِ رَاحُوا أَمْسِ ممسین إِلَی مَکَّةَ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ أَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهُمْ جَاءُوا مُحَمَّداً فخبروه بمسیرنا وَ عَدَدِنَا (3) وَ حَذَّرُوهُ مِنَّا فَهُمْ الْآنَ یُلْزَمُونَ صَیَاصِیهِمْ فَمَا أَرَانَا نَصِیبٌ مِنْهُمْ شَیْئاً فِی وَجَّهْنَا فَقَالَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ إِنَّ لَمْ یصحروا (4) لَنَا عَمَدْنَا إِلَی نَخْلٍ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ فقطعناه

ص :218

فترکناهم وَ لاَ أَمْوَالٍ لَهُمْ فَلاَ یختارونها أَبَداً وَ إِنْ أصحروا لَنَا فَعَدَدْنَا أَکْثَرَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَ سلاحنا أَکْثَرَ مِنْ سِلاَحَهُمْ وَ لَنَا خَیْلٌ وَ لاَ خَیْلَ مَعَهُمْ وَ نَحْنُ نُقَاتِلُ عَلَی وَتْرٍ عِنْدَهُمْ وَ لاَ وَتْرُ لَهُمْ عِنْدَنَا قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ أَبُو عَامِرٍ الْفَاسِقُ قَدْ خَرَجَ فِی خَمْسِینَ رَجُلاً مِنَ اَلْأَوْسِ حَتَّی قَدِمَ بِهِمْ مَکَّةَ حِینَ قَدِمَ اَلنَّبِیُّ ص یحرضها وَ یُعَلِّمَهَا أَنَّهَا عَلَی الْحَقِّ وَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ بَاطِلٌ فَسَارَتْ قُرَیْشٌ إِلَی بَدْرٍ وَ لَمْ یُسَرَّ مَعَهَا فَلَمَّا خَرَجَتْ قُرَیْشٌ إِلَی أَحَدٍ سَارَ مَعَهَا وَ کَانَ یَقُولُ لِقُرَیْشٍ إِنِّی لَوْ قَدِمْتَ عَلَی قَوْمِی لَمْ یَخْتَلِفْ عَلَیْکُمْ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَ هَؤُلاَءِ مَعِی نَفَرٌ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلاً فَصَدِّقُوهُ بِمَا قَالَ وَ طَمِعُوا فِی نَصَرَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خَرَجَ النِّسَاءِ مَعَهُنَّ الدُّفُوفَ یحرضن الرِّجَالِ وَ یذکرنهم قَتْلَی بَدْرٍ فِی کُلِّ مَنْزِلٍ وَ جُعِلْتُ قُرَیْشٍ تُنْزَلُ کُلُّ مَنْهَلٍ یَنْحَرُونَ مَا نَحَرُوا مِنْ الْجَزْرِ مِمَّا کَانُوا جَمَعُوا مِنَ الْعَیْنِ وَ یَتَقَوَّوْنَ بِهِ فِی مَسِیرِهِمْ وَ یَأْکُلُونَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ مِمَّا جَمَعُوا مِنْ الْأَمْوَالِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتْ قُرَیْشٌ لَمَّا مَرَّتْ بِالْأَبْوَاءِ قَالَتْ إِنَّکُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ بِالظَّعْنِ مَعَکُمْ وَ نَحْنُ نَخَافُ عَلَی نِسَائِنَا فَتَعَالَوْا ننبش قَبْرُ أُمِّ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ النِّسَاءَ عَوْرَةٌ فَإِنْ یَصُبُّ مِنْ نِسَائِکُمْ أَحَداً قُلْتُمْ هَذِهِ رُمَّةٍ أُمِّکَ فَإِنْ کَانَ بَرّاً بِأُمِّهِ کَمَا یَزْعُمُ فَلَعَمْرِی لنفادینکم بُرْمَةٍ أُمِّهِ وَ إِنْ لَمْ یَظْفَرْ بِأَحَدٍ مِنْ نِسَائِکُمْ فَلَعَمْرِی لیفدین رُمَّةٍ أُمِّهِ بِمَالٍ کَثِیرٍ إِنْ کَانَ بِهَا بَرّاً فَاسْتَشَارَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ أَهْلِ الرَّأْیِ مِنْ قُرَیْشٍ فِی ذَلِکَ فَقَالُوا لاَ تَذْکُرُ مِنْ هَذَا شَیْئاً فَلَوْ فَعَلْنَا نَبَشْتُ بَنُو بَکْرٍ وَ خُزَاعَةَ مَوْتَانَا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتْ قُرَیْشٌ بِذِی الْحُلَیْفَةِ یَوْمَ الْخَمِیسِ صَبِیحَةَ عَشَرَ مِنْ مُخْرِجُهُمْ مِنْ مَکَّةَ وَ ذَلِکَ لِخَمْسِ لَیَالٍ مَضَیْنَ مِنْ شَوَّالٍ عَلَی رَأْسِ اثْنَیْنِ وَ ثَلاَثِینَ شَهْراً مِنَ الْهِجْرَةِ فَلَمَّا

ص :219

أَصْبَحُوا بِذِی الْحُلَیْفَةِ خَرَجَ فُرْسَانِ مِنْهُمْ فَأَنْزِلُوهُمْ الْوِطَاءُ (1) وَ بَعْثِ اَلنَّبِیُّ ص عَیْنَیْنِ لَهُ آنِساً وَ مُؤْنِساً ابْنِی فَضَالَةَ لَیْلَةَ الْخَمِیسِ فاعترضا لِقُرَیْشٍ بِالْعَقِیقِ فَسَارَا مَعَهُمْ حَتَّی نَزَلُوا اَلْوِطَاءُ وَ أَتَیَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَاهُ وَ کَانَ اَلْمُسْلِمُونَ قَدْ ازدرعوا اَلْعَرْضِ (2) وَ اَلْعَرْضِ مَا بَیْنَ اَلْوِطَاءُ بِأَحَدٍ إِلَی اَلْجُرْفِ إِلَی اَلْعَرْصَةِ عَرْصَةِ الْبَقْلِ الْیَوْمِ وَ کَانَ أَهْلُهُ بَنُو سَلَمَةَ وَ حَارِثَةُ وَ ظَفِرَ وَ عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَ کَانَ الْمَاءُ یَوْمَئِذٍ بِالْجُرْفِ نشطة لاَ یرمم سَابِقٍ النَّاضِحِ مَجْلِساً وَاحِداً یَنْفَتِلْ الْجَمَلِ فِی سَاعَتِهِ حَتَّی ذَهَبَتْ بمیاهه عُیُونِ الْغَابَةِ الَّتِی حَفَرَهَا مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ (3) وَ کَانَ اَلْمُسْلِمُونَ قَدْ أَدْخِلُوا آلَةٍ زَرْعِهِمْ لَیْلَةَ الْخَمِیسِ اَلْمَدِینَةِ فَقَدِمَ اَلْمُشْرِکُونَ عَلَی زَرْعِهِمْ فَخَلَّوْا فِیهِ إِبِلِهِمْ وَ خُیُولُهُمْ وَ کَانَ لِأُسَیْدِ بْنِ حُضَیْرٍ فِی اَلْعَرْضِ عِشْرُونَ نَاضِحاً تَسْقِی شَعِیراً وَ کَانَ اَلْمُسْلِمُونَ قَدْ حَذِرُوا عَلَی جِمَالِهِمْ وَ عُمَّالِهِمْ وَ آلَةِ حرثهم وَ کَانَ اَلْمُشْرِکُونَ یَرْعَوْنَ یَوْمَ الْخَمِیسِ فَلَمَّا أَمْسَوْا جَمَعُوا الْإِبِلِ وَ قصلوا عَلَیْهَا الْقَصِیلِ وَ قصلوا عَلَی خُیُولِهِمْ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا یَوْمَ الْجُمُعَةِ خَلُّوا ظَهْرِهِمْ فِی الزَّرْعِ وَ خَیْلِهِمْ حَتَّی تَرَکُوا اَلْعَرْضِ لَیْسَ بِهِ خَضْرَاءَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَمَّا نَزَلُوا وَ حَلُّوا الْعَقْدُ وَ اطْمَأَنُّوا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ إِلَی الْقَوْمِ فَدَخَلَ فِیهِمْ وَ حزر وَ نَظَرَ إِلَی جَمِیعِ مَا یُرِیدُ وَ کَانَ قَدْ بَعَثَهُ سِرّاً وَ قَالَ لَهُ إِذَا رَجَعْتَ فَلاَ تُخْبِرُنِی بَیْنَ أَحَدٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ إِلاَّ أَنْ تَرَی فِی الْقَوْمِ قِلَّةُ فَرَجَعَ إِلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ خَالِیاً وَ قَالَ لَهُ رَأَیْتُ عَدَداً حزرتهم ثَلاَثُ آلاَفِ یَزِیدُونَ قَلِیلاً أَوْ یَنْقُصُونَ قَلِیلاً وَ الْخَیْلُ مِائَتَا فَرَسٍ وَ رَأَیْتُ دُرُوعاً ظَاهِرَةً حزرتها سَبْعُمِائَةِ دِرْعٍ قَالَ هَلْ رَأَیْتَ ظَعْناً قَالَ نَعَمْ رَأَیْتُ النِّسَاءَ مَعَهُنَّ الدِّفَافِ وَ الأکبار وَ هِیَ الطبول فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرَدْنَ أَنْ یحرضن الْقَوْمِ وَ یذکرنهم قَتْلَی بَدْرٍ هَکَذَا

ص :220

جَاءَنِی خَبَرُهُمْ لاَ تَذْکُرُ مِنَ شَأْنِهِمْ حَرْفاً حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ اللَّهُمَّ بِکَ أَحُولُ وَ بِکَ أَصُولُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ خَرَجَ سَلَمَةَ بْنِ سَلاَمَةَ بْنِ وقش یَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّی إِذَا کَانَ بِأَدْنَی اَلْعَرْضِ إِذَا طَلِیعَةً خَیْلٌ اَلْمُشْرِکِینَ عَشْرَةَ أَفْرَاسٍ رکضوا فِی أَثَرِهِ فَوَقَفَ لَهُمْ عَلَی نَشَزٍ (1) مِنَ اَلْحُرَّةِ فرشقهم بِالنَّبْلِ مَرَّةً وَ بِالْحِجَارَةِ أُخْرَی حَتَّی انْکَشَفُوا عَنْهُ فَلَمَّا وَلَّوْا جَاءَ إِلَی مزرعته بِأَدْنَی اَلْعَرْضِ فَاسْتَخْرَجَ سَیْفاً کَانَ لَهُ وَ دِرْعٌ حَدِیدٍ کَانَ لَهُ دُفِنَا فِی نَاحِیَةٍ الْمَزْرَعَةَ وَ خَرَجَ بِهِمَا یَعْدُو حَتَّی أَتَی بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَخَبَرَ قَوْمَهُ بِمَا لَقِیَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مُقَدَّمَ قُرَیْشٍ یَوْمَ الْخَمِیسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ وَ کَانَتْ الْوَقْعَةِ یَوْمُ السَّبْتِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ وَ بَاتَتْ وُجُوهِ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ سَعْدُ بْنِ عُبَادَةَ فِی عُدَّةِ مِنْهُمْ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ عَلَیْهِمْ السِّلاَحَ فِی اَلْمَسْجِدِ بِبَابِ اَلنَّبِیِّ ص خَوْفاً مِنْ تَبْیِیتٍ اَلْمُشْرِکِینَ وَ حُرِسَتِ اَلْمَدِینَةِ تِلْکَ اللَّیْلَةَ حَتَّی أَصْبَحُوا وَ رَأَی رَسُولُ اللَّهِ ص رُؤْیَا لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ اجْتَمَعَ اَلْمُسْلِمُونَ خَطَبَهُمْ

.

4020

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ قَالَ ظَهْرِ اَلنَّبِیِّ ص اَلْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَأَیْتُ فِی مَنَامِی رُؤْیَا رَأَیْتُ کَأَنِّی فِی دِرْعٍ حَصِینَةٍ وَ رَأَیْتُ کَأَنَّ سَیْفِی ذَا الْفَقَارِ انفصم (2) مِنْ عِنْدِ ظُبَتِهِ وَ رَأَیْتُ بَقَراً تُذْبَحُ وَ رَأَیْتُ کَأَنِّی مُرْدِفٌ کَبْشاً فَقَالَ النَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا أَوَّلْتَهَا قَالَ أَمَّا الدِّرْعُ الْحَصِینَةُ فَالْمَدِینَةُ فَامْکُثُوا فِیهَا وَ أَمَّا

ص :221

انْفِصَامَ (1) سَیْفِی عِنْدَ ظُبَتِهِ فَمُصِیبَةٌ فِی نَفْسِی وَ أَمَّا الْبَقَرُ الْمَذْبَحُ فَقَتْلَی فِی أَصْحَابِی وَ أَمَّا أَنِّی مُرْدِفٌ (2) کَبْشاً فَکَبْشُ الْکَتِیبَةِ نَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

.

4021

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ أَمَّا انْفِصَامَ سَیْفِی فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی.

4022

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی اَلْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص وَ رَأَیْتُ فِی سَیْفِی فَلاَ فَکَرِهْتُهُ هُوَ الَّذِی أَصَابَ وَجْهِهِ ع .

4023

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ اَلنَّبِیُّ ص أَشِیرُوا عَلَیَّ وَ رَأَی ص أَلاَ یَخْرُجْ مِنَ اَلْمَدِینَةِ لِهَذِهِ الرُّؤْیَا وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یُحِبُّ أَنْ یُوَافِقُ عَلَی مِثْلِ مَا رَأَی وَ عَلَی مَا عَبَرَ عَلَیْهِ الرُّؤْیَا فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِی فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ کُنَّا نُقَاتِلُ فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ فِی هَذِهِ الْمَدِینَةِ وَ نَجْعَلُ النِّسَاءُ وَ الذَّرَارِیُّ فِی هَذِهِ الصَّیَاصِی وَ نَجْعَلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةِ وَ اللَّهِ لَرُبَّمَا مَکَثَ الْوِلْدَانِ شَهْراً یَنْقُلُونَ الْحِجَارَةِ إعدادا لِعَدُوِّنَا وَ نشبک اَلْمَدِینَةِ بِالْبُنْیَانِ فَتَکُونَ کَالْحِصْنِ مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ وَ تُرْمَی الْمَرْأَةَ وَ الصَّبِیَّ مِنْ فَوْقَ الصَّیَاصِی وَ الْآطَامِ وَ نُقَاتِلُ بِأَسْیَافِنَا فِی السِّکَکِ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَدِینَتَنَا عَذْرَاءَ مَا فضت عَلَیْنَا قَطُّ وَ مَا خَرَجْنَا إِلَی عَدُوٍّ قَطُّ مِنْهَا إِلاَّ أَصَابَ مِنَّا وَ مَا دَخَلَ عَلَیْنَا قَطُّ إِلاَّ أَصَبْنَاهُ فَدَعْهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ إِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشْرٍ مَحْبِسٍ وَ إِنْ رَجَعُوا رَجَعُوا خَاسِرِینَ مَغْلُوبِینَ لَمْ یَنَالُوا خَیْراً یَا رَسُولَ اللَّهِ أَطِعْنِی فِی هَذَا الْأَمْرِ وَ اعْلَمْ أَنِّی وَرِثْتُ هَذَا الرَّأْیِ مِنْ أَکَابِرِ قَوْمِی وَ أَهْلِ الرَّأْیِ مِنْهُمْ فَهُمْ کَانُوا أَهْلِ الْحَرْبِ وَ التَّجْرِبَةِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ رَأْیُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَعَ رَأْیِ اِبْنِ أَبِی وَ کَانَ ذَلِکَ رَأْیٌ الْأَکَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ اَلْمُهَاجِرِینَ وَ اَلْأَنْصَارِ

ص :222

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص امْکُثُوا فِی اَلْمَدِینَةِ وَ اجْعَلُوا النِّسَاءُ وَ الذَّرَارِیُّ فِی الْآطَامِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَیْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِی الْأَزِقَّةِ فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُمْ وَ رَمَوْا مِنْ فَوْقَ الصَّیَاصِی وَ الْآطَامِ وَ کَانُوا قَدْ شبکوا اَلْمَدِینَةِ بِالْبُنْیَانِ مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ فَهِیَ کَالْحِصْنِ فَقَالَ فِتْیَانُ أَحْدَاثِ لَمْ یَشْهَدُوا بَدْراً وَ طَلَبُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ الْخُرُوجَ إِلَی عَدُوَّهُمْ وَ رَغِبُوا فِی الشَّهَادَةِ وَ أَحِبُّوا لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَ قَالُوا اخْرُجْ بِنَا إِلَی عَدُوِّنَا وَ قَالَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ النبه (1) وَ أَهْلِ السِّنِّ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ سَعْدُ بْنِ عُبَادَةَ وَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ مَالِکِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَ غَیْرِهِمْ مِنَ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ إِنَّا نَخْشَی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ یَظُنُّ عَدُوِّنَا أَنَا کَرِهْنَا الْخُرُوجَ إِلَیْهِمْ جُبُنّاً عَنْ لِقَائِهِمْ فَیَکُونُ هَذَا جُرْأَةً مِنْهُمْ عَلَیْنَا وَ قَدْ کُنْتُ یَوْمَ بَدْرٍ فِی ثَلاَثِمِائَةِ رَجُلٍ فظفرک اللَّهُ بِهِمْ وَ نَحْنُ الْیَوْمَ بَشَرٌ کَثِیرٌ وَ کُنَّا نَتَمَنَّی هَذَا الْیَوْمِ وَ نَدْعُو اللَّهَ بِهِ فَقَدْ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَیْنَا فِی سَاحَتِنَا هَذِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا رَأَی مِنَ إلحاحهم کَارِهٍ وَ قَدْ لَبِسُوا السِّلاَحَ یخطرون بِسُیُوفِهِمْ یتساومون کَأَنَّهُمْ الْفُحُولِ وَ قَالَ مَالِکُ بْنِ سِنَانٍ أَبُو أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ یَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ وَ اللَّهِ بَیْنَ إِحْدَی الْحُسْنَیَیْنِ إِمَّا یظفرنا اللَّهِ بِهِمْ فَهَذَا الَّذِی نُرِیدُ فَیُذِلَّهُمْ اللَّهِ لَنَا فَتَکُونُ هَذِهِ وَقْعَةِ مَعَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَلاَ یَبْقَی مِنْهُمْ إِلاَّ الشَّرِیدُ وَ الْأُخْرَی یَا رَسُولَ اللَّهِ یَرْزُقُنَا اللَّهُ الشَّهَادَةَ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نُبَالِی أَیُّهُمَا کَانَ إِنْ کُلاًّ لَفِیهِ الْخَیْرِ فَلَمْ یَبْلُغُنَا أَنَّ اَلنَّبِیَّ ص رَجَعَ إِلَیْهِ قَوْلاً وَ سَکَتُّ وَ قَالَ حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ الَّذِی أُنْزِلَ عَلَیْهِ اَلْکِتَابُ لاَ أَطْعَمُ الْیَوْمَ طَعَاماً حَتَّی أجالدهم بِسَیْفِی خَارِجاً مِنَ اَلْمَدِینَةِ وَ کَانَ یُقَالُ کَانَ حَمْزَةَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ صَائِماً وَ یَوْمَ السَّبْتِ فلاقاهم وَ هُوَ صَائِمٌ وَ قَالَ اَلنُّعْمَانِ بْنِ مَالِکِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِی سَالِمٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ الْبَقَرِ الْمَذْبَحُ قَتْلَی مِنْ أَصْحَابِکَ وَ أَنِّی مِنْهُمْ فَلَمْ تَحْرِمْنَا اَلْجَنَّةُ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ

ص :223

لأدخلنها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَ قَالَ إِنِّی أُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولُهُ وَ لاَ أَفِرُّ یَوْمَ الزَّحْفِ فَقَالَ صَدَقْتَ فَاسْتُشْهِدَ یَوْمَئِذٍ.

وَ قَالَ إِیَاسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ عَتِیکٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ مِنَ الْبَقَرِ الْمَذْبَحُ نَرْجُو یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَذْبَحَ فِی الْقَوْمِ وَ یَذْبَحُ فِینَا فنصیر إِلَی اَلْجَنَّةِ وَ یَصِیرُونَ إِلَی اَلنَّارِ مَعَ أَنِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أُحِبُّ أَنْ تَرْجِعَ قُرَیْشٍ إِلَی قَوْمِهَا فَتَقُولُ حَصْرَنَا مُحَمَّدٍ فِی صَیَاصِی یَثْرِبَ وَ آطامها فَتَکُونُ هَذِهِ جُرْأَةً لِقُرَیْشٍ وَ قَدْ وَطِئُوا سعفنا فَإِذَا لَمْ نذب عَنْ عَرَضْنَا فَلَمْ ندرع وَ قَدْ کُنَّا یَا رَسُولَ فِی جَاهِلِیَّتِنَا وَ اَلْعَرَبِ یَأْتُونَنَا فَلاَ یَطْمَعُونَ بِهَذَا مِنَّا حَتَّی نَخْرُجُ إِلَیْهِمْ بِأَسْیَافِنَا فنذبهم عَنَّا فَنَحْنُ الْیَوْمَ أَحَقُّ إِذْ أمدنا اللَّهُ بِکَ وَ عَرِّفْنَا مَصِیرُنَا لاَ نحصر أَنْفُسِنَا فِی بُیُوتِنَا.

وَ قَامَ خَیْثَمَةَ أَبُو سَعْدِ بْنُ خَیْثَمَةَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُرَیْشاً مَکَثَتْ حَوْلاً تَجْمَعُ الْجُمُوعَ وَ تَسْتَجْلِبُ اَلْعَرَبِ فِی بوادیها وَ مَنِ اتَّبَعَهَا مِنْ أحابیشها ثُمَّ جَاءُونَا قَدْ قادوا الْخَیْلِ وَ اعْتَلُّوا الْإِبِلِ حَتَّی نَزَلُوا بساحتنا فیحصروننا فِی بُیُوتِنَا وَ صیاصینا ثُمَّ یَرْجِعُونَ وافرین لَمْ یُکَلِّمُوا فیجرئهم ذَلِکَ عَلَیْنَا حَتَّی یشنوا الْغَارَاتِ عَلَیْنَا وَ یُصِیبُوا أطلالنا وَ یَضَعُوا الْعُیُونُ وَ الْأَرْصَادَ عَلَیْنَا مَعَ مَا قَدْ صَنَعُوا بحروثنا وَ یَجْتَرِئُ عَلَیْنَا اَلْعَرَبِ حَوْلَنَا حَتَّی یَطْمَعُوا فِینَا إِذَا رَأَوْنَا لَمْ نَخْرُجْ إِلَیْهِمْ فنذبهم عَنْ حَرِیمِنَا وَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یظفرنا بِهِمْ فَتِلْکَ عَادَةُ اللَّهِ عِنْدَنَا أَوْ تَکُونُ الْأُخْرَی فَهِیَ الشَّهَادَةِ لَقَدْ أَخْطَأْتَنِی وَقْعَةِ بَدْرٍ وَ قَدْ کُنْتُ عَلَیْهَا حَرِیصاً لَقَدْ بَلَغَ مِنْ حِرْصِی أَنْ ساهمت ابْنِی فِی الْخُرُوجِ فَخَرَجَ سَهْمُهُ فَرِزْقُ الشَّهَادَةَ وَ قَدْ کُنْتُ حَرِیصاً عَلَی الشَّهَادَةِ وَ قَدْ رَأَیْتُ ابْنِیَ الْبَارِحَةَ فِی النَّوْمِ فِی أَحْسَنِ صُورَةٍ یُسَرِّحُ فِی ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ وَ أَنْهَارِهَا وَ هُوَ یَقُولُ الْحَقُّ بِنَا ترافقنا فِی اَلْجَنَّةِ فَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً وَ قَدْ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتُ مُشْتَاقاً إِلَی مُرَافَقَتَهُ فِی اَلْجَنَّةِ وَ قَدْ کَبِرَتْ سِنِّی وَ دَقَّ عَظْمِی وَ أَحْبَبْتُ

ص :224

لِقَاءَ رَبِّی فَادْعُ اللَّهَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ یَرْزُقَنِی الشَّهَادَةَ وَ مُرَافَقَةَ سَعْدٌ فِی اَلْجَنَّةِ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِذَلِکَ فَقَتَلَ بِأَحَدٍ شَهِیداً.

قَالَ أَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هِیَ إِحْدَی الْحُسْنَیَیْنِ إِمَّا الشَّهَادَةِ وَ إِمَّا الْغَنِیمَةِ وَ الظَّفَرِ بِقَتْلِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمُ الْهَزِیمَةِ.

فَلَمَّا أَبَوْا إِلاَّ الْخُرُوجُ وَ الْجِهَادِ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالنَّاسِ ثُمَّ وَعَظَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ بِالْجِدِّ وَ الاِجْتِهَادِ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ لَهُمْ الصَّبْرُ مَا صَبَرُوا فَفَرِحَ النَّاسُ حَیْثُ أَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالشُّخُوصِ إِلَی عَدُوَّهُمْ وَ کَرِهَ ذَلِکَ الْمَخْرَجَ بَشَرٌ کَثِیرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَرَهُمْ بِالتَّهَیُّؤِ لِعَدُوِّهِمْ ثُمَّ صَلَّی الْعَصْرَ بِالنَّاسِ وَ قَدْ حَشَدَ النَّاسُ وَ حَضَرَ أَهْلُ اَلْعَوَالِی وَ رَفَعُوا النِّسَاءِ إِلَی الْآطَامِ فَحَضَرَتِ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بلفها وَ النبیت وَ لُفَّهَا وَ تَلْبَسُوا السِّلاَحَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَیْتَهُ وَ دَخَلَ مَعَهُ أَبُو بَکْرٍ وَ عُمَرَ فعمماه وَ لبساه وَ صَفَّ [النَّاسُ]

(1) لَهُ مَا بَیْنَ حُجْرَتِهِ إِلَی مِنْبَرِهِ یَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ فَجَاءَهُمْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ فَقَالاَ لَهُمْ قُلْتُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ مَا قُلْتُمْ وَ استکرهتموه عَلَی الْخُرُوجِ وَ الْأَمْرُ یَنْزِلُ عَلَیْهِ مِنَ السَّمَاءِ فَرَدُّوا الْأَمْرَ إِلَیْهِ فَمَا أَمَرَکُمْ فافعلوه وَ مَا رَأَیْتُمْ فِیهِ [لَهُ]

(2) هَوًی أَوْ أَدَباً فَأَطِیعُوهُ فَبَیْنَا (3) الْقَوْمُ عَلَی ذَلِکَ مِنَ الْأَمْرِ وَ بَعْضُ الْقَوْمِ یَقُولُ الْقَوْلُ مَا قَالَ سَعْدٌ وَ بَعْضُهُمْ عَلَی الْبَصِیرَةِ عَلَی الشُّخُوصَ وَ بَعْضُهُمْ لِلْخُرُوجِ کَارِهٍ إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ لَبِسَ لاَمَتَهُ وَ قَدْ لَبِسَ الدِّرْعَ فأظهرها وَ حَزْمٌ وَسَطِهَا بِمِنْطَقَةٍ مِنَ حَمَائِلِ سَیْفِ مِنْ أَدَمٍ کَانَتْ بَعْدَ عِنْدَ آلِ أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ اعْتَمَّ وَ تَقَلَّدَ السَّیْفَ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَدِمُوا جَمِیعاً

ص :225

عَلَی مَا صَنَعُوا وَ قَالَ الَّذِینَ یلحون عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص مَا کَانَ لَنَا أَنْ نخالفک فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَکَ وَ مَا کَانَ لَنَا أَنْ نستکرهک وَ الْأَمْرُ إِلَی اللَّهِ ثُمَّ إِلَیْکَ فَقَالَ قَدْ دَعَوْتُکُمْ إِلَی هَذَا الْحَدِیثَ فَأَبَیْتُمْ وَ لاَ یَنْبَغِی لِنَبِیٍّ إِذَا لَبِسَ لاَمَتُهُ أَنْ یَضَعَهَا حَتَّی یَحْکُمَ اللَّهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَعْدَائِهِ قَالَ وَ کَانَتِ الْأَنْبِیَاءُ قَبْلَهُ إِذَا لَبِسَ النَّبِیِّ لاَمَتُهُ لَمْ یَضَعْهَا حَتَّی یَحْکُمَ اللَّهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَعْدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ انْظُرُوا مَا أَمَرْتُکُمْ بِهِ فَاتَّبِعُوهُ امْضُوا عَلَی اسْمِ اللَّهِ فَلَکُمْ النَّصْرِ مَا صَبَرْتُمْ

.

قلت فمن تأمل أحوال المسلمین فی هذه الغزاة من فشلهم و خورهم و اختلافهم فی الخروج من المدینة و المقام بها و کراهة النبیّ ص للخروج ثمّ خروجه علی مضض ثمّ ندم القوم الذین أشاروا بالخروج ثمّ انخزال طائفة کثیرة من الجیش عن الحرب و رجوعهم إلی المدینة علم أنّه لا انتصار لهم علی العدو أصلا فإن النصر معروف بالعزم و الجد و البصیرة فی الحرب و اتفاق الکلمة و من تأمل أیضا هذه الأحوال علم أنّها ضد الأحوال التی کانت فی غزاة بدر و أن أحوال قریش لما خرجت إلی بدر کانت مماثلة لأحوال المسلمین لما خرجوا إلی أحد و لذلک کانت الدبرة فی بدر علی قریش .

4024

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مَالِکُ بْنُ عَمْرٍو النَّجَّارِیِّ مَاتَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَبِسَ لاَمَتَهُ وَ خَرَجَ وَ هُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَ مَوْضِعٍ الْجَنَائِزِ صَلَّی (1) عَلَیْهِ ثُمَّ دَعَا بِدَابَّتِهِ فَرَکِبَ إِلَی أَحَدٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ جَاءَ جُعَیْلَ بْنَ سُرَاقَةَ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی أَحَدٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قِیلَ لِی إِنَّکَ تُقْتَلُ غَداً وَ هُوَ یَتَنَفَّسُ مَکْرُوباً فَضَرَبَ اَلنَّبِیُّ ص بِیَدِهِ إِلَی صَدْرِهِ وَ قَالَ أَ لَیْسَ الدَّهْرَ کُلَّهُ غَداً قَالَ ثُمَّ دَعَا بِثَلاَثَةِ أَرْمَاحُ فَعَقَدَ ثَلاَثَةَ أَلْوِیَةٌ فَدَفَعَ لِوَاءُ اَلْأَوْسِ إِلَی أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ دَفَعَ لِوَاءُ اَلْخَزْرَجِ إِلَی اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ وَ یُقَالُ إِلَی سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ دَفَعَ لِوَاءُ اَلْمُهَاجِرِینَ

ص :226

إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ یُقَالُ إِلَی مُصْعَبِ بْنُ عُمَیْرٍ ثُمَّ دَعَا بِفَرَسِهِ فَرَکِبَهُ وَ تَقَلَّدَ الْقَوْسِ وَ أَخَذَ بِیَدِهِ قَنَاةٍ زُجَّ الرُّمْحُ یَوْمَئِذٍ مِنْ شَبَّهَ وَ اَلْمُسْلِمُونَ متلبسون السِّلاَحَ قَدْ أَظْهَرُوا الدُّرُوعُ فَهُمْ مِائَةَ دَارِعٌ فَلَمَّا رَکِبَ ص خَرَجَ اَلسَّعْدَانِ أَمَامَهُ یعدوان سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ سَعْدُ بْنِ عُبَادَةَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارِعٌ وَ النَّاسِ عَنْ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ حَتَّی سَلَکَ عَلَی اَلْبَدَائِعِ ثُمَّ زُقَاقٍ الحسی حَتَّی أَتَی اَلشَّیْخَیْنِ وَ هُمَا أطمان کَانَا فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ فِیهِمَا شَیْخٌ أَعْمَی وَ عَجُوزِ عَمْیَاءُ یَتَحَدَّثَانِ فَسُمِّیَ الأطمان الشَّیْخَیْنِ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی رَأْسِ الثَّنِیَّةِ الْتَفَتَ فَنَظَرَ إِلَی کَتِیبَةٍ خَشْنَاءَ لَهَا زَجَلٌ (1) خَلْفَهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالَ هَذِهِ حُلَفَاءَ (2) اِبْنِ أَبِی مِنَ اَلْیَهُودِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ نَسْتَنْصِرُ بِأَهْلِ الشِّرْکُ عَلَی أَهْلِ الشِّرْکِ وَ مَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَرَضَ عَسْکَرَهُ بالشیخین فَعَرَضَ عَلَیْهِ غِلْمَانٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ وَ زَیْدُ بْنِ ثَابِتٍ وَ أُسَامَةُ بْنَ زَیْدٍ وَ اَلنُّعْمَانُ بْنِ بَشِیرٍ وَ زَیْدُ بْنِ أَرْقَمَ وَ اَلْبَرَاءُ بْنِ عَازِبٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ ظُهَیْرٍ وَ عرابة بْنِ أَوْسٍ وَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ وَ رَافِعُ بْنِ خَدِیجٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ رَافِعٍ بْنِ خَدِیجٍ فَقَالَ ظُهَیْرٍ بْنِ رَافِعٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ رَامَ یُعِینُنِی قَالَ وَ جَعَلْتُ أتطاول وَ عَلِیٌّ خُفَّانِ لِی فأجازنی رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمَّا أَجَازَنِی قَالَ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ لمری بْنِ سِنَانٍ الْحَارِثِیُّ وَ هُوَ زَوْجُ أُمَّهُ یَا أَبِیهِ أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ وَ رَدَّنِی وَ أَنَا أصرع رَافِعاً فَقَالَ مُرِی یَا رَسُولَ اللَّهِ رُدِدْتُ ابْنِی وَ أَجَزْتَ رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ وَ ابْنِی یَصْرَعُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تصارعا فَصُرِعَ سَمُرَةَ رَافِعاً فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ اِبْنُ أَبِی فَنَزَلَ نَاحِیَةً الْعَسْکَرِ فَجَعَلَ حلفاؤه وَ مَنْ مَعَهُ (3) مِنَ الْمُنَافِقِینَ یَقُولُونَ لاِبْنِ أَبِی أَشَرْتَ عَلَیْهِ بِالرَّأْیِ وَ نَصَحْتُهُ وَ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ هَذَا رَأْیٌ مَنْ

ص :227

مَضَی مِنْ آبَائِکَ وَ کَانَ ذَلِکَ رَأْیَهُ مَعَ رَأْیُکَ فَأَبَی أَنْ یَقْبَلَهُ وَ أَطَاعَ هَؤُلاَءِ الْغِلْمَانِ الَّذِینَ مَعَهُ قَالَ فَصَادَفُوا مِنِ اِبْنِ أَبِی نِفَاقاً وَ غِشّاً فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ص بالشیخین وَ بَاتَ اِبْنِ أَبِی فِی أَصْحَابِهِ وَ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ عَرْضٍ مِنْ عَرَضِ وَ غَابَتْ الشَّمْسُ فَأَذَّنَ بِلاَلٌ بِالْمَغْرِبِ فَصَلَّی رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ أَذِنَ بِالْعِشَاءِ فَصَلَّی رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَصْحَابِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَازِلٌ فِی بَنِی النَّجَّارِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَی الْحَرَسِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِی خَمْسِینَ رَجُلاً یُطِیفُونَ بِالْعَسْکَرِ حَتَّی ادلج (1) رَسُولُ اللَّهِ ص وَ کَانَ اَلْمُشْرِکُونَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ ص حَیْثُ ادلج وَ نَزَلَ بالشیخین فَجَمَعُوا خَیْلِهِمْ وَ ظَهْرِهِمْ وَ اسْتَعْمَلُوا عَلَی حرسهم عِکْرِمَةَ بْنُ أَبِی جَهْلٍ فِی خَیْلٍ مِنْ اَلْمُشْرِکِینَ وَ بَاتَتْ صاهلة خَیْلِهِمْ لاَ تَهْدَأُ تَدْنُو طَلاَئِعُهُمْ حَتَّی تُلْصِقَ بِالْحُرَّةِ فَلاَ تَصْعَدُ فِیهَا حَتَّی تَرْجِعَ خَیْلِهِمْ وَ یهابون مَوْضِعٍ اَلْحُرَّةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ حِینَ صَلَّی الْعِشَاءَ مِنْ یحفظنا اللَّیْلَةَ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ ذَکْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْقَیْسِ فَقَالَ اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ ثَانِیَةً مِنْ رَجُلٍ یحفظنا اللَّیْلَةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَبُو سَبْعٍ قَالَ اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ ثَالِثَةً مِثْلَ ذَلِکَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا اِبْنُ عَبْدِ قَیْسٍ فَمَکَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَاعَةً ثُمَّ قَالَ قُومُوا ثلاثتکم فَقَامَ ذَکْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَیْنَ صَاحِبَاکَ فَقَالَ ذَکْوَانَ أَنَا الَّذِی کُنْتُ أُجِیبُکَ اللَّیْلَةِ قَالَ فَاذْهَبْ حَفِظَکَ اللَّهِ.

قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِیثَ بِذَاتِهِ فِی غَزْوَةِ بَدْرٍ وَ ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ مکرر

ص :228

وَ أَنَّهُ إِنَّمَا کَانَ فِی غَزَاةِ وَاحِدَةً وَ یَجُوزُ أَنْ یَکُونَ قَدْ وَقَعَ فِی الغزاتین وَ لَکِنْ عَلَی بَعْدَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَلَبِسَ ذَکْوَانَ دِرْعَهُ وَ أَخَذَ دَرَقَتِهِ فَکَانَ یَطُوفُ عَلَی الْعَسْکَرِ تِلْکَ اللَّیْلَةِ وَ یُقَالُ کَانَ یَحْرُسُ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ یُفَارِقْهُ.

قَالَ وَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّی ادلج فَلَمَّا کَانَ فِی السَّحَرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَیْنَ الْأَدِلاَّءِ مِنْ رَجُلٍ یَدُلُّنَا عَلَی الطَّرِیقِ وَ یُخْرِجَنَا عَلَی الْقَوْمِ مِنْ کُثُبٍ فَقَامَ أَبُو خُثَیْمَةَ الْحَارِثِیِّ فَقَالَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ یُقَالُ أَوْسُ بْنُ قیظی وَ یُقَالُ مُحَیِّصَةُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَثْبَتَ ذَلِکَ عِنْدَنَا أَبُو خُثَیْمَةَ خَرَجَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ رَکِبَ فَرَسَهُ فَسَلَکَ بِهِ فِی بَنِی حَارِثَةَ ثُمَّ أَخَذَ فِی الْأَمْوَالِ حَتَّی مَرَّ بِحَائِطٍ مُرْبِعٌ بْنِ قیظی وَ کَانَ أَعْمَی الْبَصَرِ مُنَافِقاً فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَائِطِهِ قَامَ یَحْثِی التُّرَابِ فِی وُجُوهِ اَلْمُسْلِمِینَ وَ یَقُولُ إِنْ کُنْتَ رَسُولِ اللَّهِ فَلاَ تَدْخُلْ حَائِطِی فَلاَ أَحَلَّهُ لَکَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ وَ قَدْ ذَکَرَ أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّی لاَ أُصِیبَ غَیْرُکَ یَا مُحَمَّدُ لَضَرَبْتُ بِهَا وَجْهَکَ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَضَرَبَهُ سَعْدِ بْنِ زَیْدِ الْأَشْهَلِیُّ بِقَوْسٍ فِی یَدِهِ فَشَجَّهُ فِی رَأْسِهِ فَنَزَلَ الدَّمُ فَغَضِبَ لَهُ بَعْضُ بَنِی حَارِثَةَ مِمَّنْ هُوَ عَلَی مِثْلِ رَأْیِهِ فَقَالَ (2) هِیَ عَلَی عَدَاوَتِکُمْ یَا بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ لاَ تدعونها أَبَداً لَنَا (3) فَقَالَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ لاَ وَ اللَّهِ وَ لَکِنْ نفاقکم وَ اللَّهِ لَوْ لاَ أَنِّی لاَ أَدْرِی مَا یُوَافِقُ اَلنَّبِیِّ ص لَضَرَبْتُ عُنُقُهُ وَ عُنُقٌ مَنْ هُوَ عَلَی مِثْلِ رَأْیِهِ.

قَالَ وَ نَهَاهُمْ اَلنَّبِیُّ ص عَنِ الْکَلاَمِ فأسکتوا.

ص :229

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص دَعُوهُ فَإِنَّهُ أَعْمَی الْبَصَرِ أَعْمَی الْقَلْبِ یَعْنِی مُرْبِعٌ بْنِ قیظی (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ مَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص فَبَیْنَا هُوَ فِی مَسِیرِهِ إِذْ ذَبَّ فَرَسٍ أَبِی بُرْدَةَ بْنِ نیار بِذَنْبِهِ فَأَصَابَ کِلاَبُ سَیْفَهُ فَسَلْ سَیْفَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَا صَاحِبَ السَّیْفِ شَمَّ (2) سَیْفَکَ فَإِنِّی أخال السُّیُوفُ ستسل الْیَوْمَ فَیَکْثُرُ سَلْهَا.

قَالَ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یُحِبُّ الْفَأْلَ وَ یَکْرَهُ الطِّیَرَةُ قَالَ وَ لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ اَلشَّیْخَیْنِ دِرْعاً وَاحِدَةً حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَحَدٍ فَلَبِسَ دِرْعاً أُخْرَی وَ مغفرا وَ بَیْضَةٍ فَوْقَ الْمِغْفَرَ فَلَمَّا نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ اَلشَّیْخَیْنِ زَحَفَ اَلْمُشْرِکِینَ عَلَی تَعْبِئَةٍ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی مَوْضِعِ أَرْضٍ ابْنِ عَامِرٍ الْیَوْمَ فَلَمَّا انْتَهَی رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی مَوْضِعٍ الْقَنْطَرَةِ الْیَوْمَ جَاءَهُ وَ قَدْ حَانَتْ الصَّلاَةِ وَ هُوَ یَرَی اَلْمُشْرِکِینَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ صَلَّی بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحِ صُفُوفاً وَ انخزل (3) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی مِنْ ذَلِکَ الْمَکَانِ فِی کتیبته کَأَنَّهُ هیقه (4) تَقَدَّمَهُمْ فَأَتْبَعَهُمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَالَ أُذَکِّرُکُمُ اللَّهَ وَ دِینِکُمْ وَ نَبِیُّکُمْ وَ مَا شرطتم لَهُ أَنْ تمنعوه مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَکُمْ وَ أَوْلاَدِکُمْ وَ نِسَاءَکُمْ فَقَالَ اِبْنُ أَبِی مَا أَرَی أَنَّهُ یَکُونُ بَیْنَهُمْ قِتَالٌ وَ إِنْ أَطَعْتَنِی یَا أَبَا جَابِرٍ لَتَرْجِعَنَّ فَإِنَّ أَهْلِ الرَّأْیِ وَ الْحِجَی قَدْ رَجَعُوا وَ نَحْنُ نَاصِرُوهُ فِی مَدِینَتَنَا وَ قَدْ خَالَفَنَا وَ أَشَرْتَ عَلَیْهِ بِالرَّأْیِ فَأَبَی إِلاَّ طَوَاعِیَةِ الْغِلْمَانِ فَلَمَّا أَبَی عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ یَرْجِعَ وَ دَخَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ أَزِقَّةِ اَلْمَدِینَةِ قَالَ لَهُمْ أَبُو جَابِرٍ أَبْعَدُکُمْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ سیغنی اَلنَّبِیِّ وَ الْمُؤْمِنِینَ عَنْ نَصَرَکُمُ فَانْصَرَفَ اِبْنُ أَبِی وَ هُوَ یَقُولُ أَ یَعْصِینِی وَ یُطِیعُ الْوِلْدَانِ وَ انْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو یَعْدُو حَتَّی لَحِقَ رَسُولَ اللَّهِ وَ هُوَ یُسَوِّی الصُّفُوفِ فَلَمَّا أُصِیبَ أَصْحَابِ

ص :230

رَسُولِ اللَّهِ ص

سِرْ اِبْنُ أَبِی وَ أَظْهَرَ الشَّمَاتَةَ وَ قَالَ عَصَانِی وَ أَطَاعَ مِنْ لاَ رَأْیَ لَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَصِفُ أَصْحَابِهِ وَ جَعَلَ الرُّمَاةِ خَمْسِینَ رَجُلاً عَلَی عَیْنَیْنِ عَلَیْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جُبَیْرٍ وَ یُقَالُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ الثَّبْتِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ وَ جَعَلَ أَحَداً خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ اسْتَقْبَلَ اَلْمَدِینَةِ وَ جَعَلَ عَیْنَیْنِ عَنْ یَسَارِهِ وَ أَقْبَلَ اَلْمُشْرِکُونَ وَ اسْتَدْبَرُوا اَلْمَدِینَةِ فِی الْوَادِی وَ اسْتَقْبَلُوا أَحَداً وَ یُقَالُ جَعَلَ عَیْنَیْنِ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ اسْتَدْبَرَ الشَّمْسِ وَ اسْتَقْبَلَهَا اَلْمُشْرِکُونَ .

قَالَ وَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَثْبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ أَحَداً کَانَ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ هُوَ ع مُسْتَقْبِلَ اَلْمَدِینَةِ قَالَ وَ نَهَی أَنْ یُقَاتِلَ أَحَدٌ حَتَّی یَأْمُرُهُمْ بِالْقِتَالِ فَقَالَ عُمَارَةَ بْنِ یَزِیدَ بْنِ السَّکَنِ أَنَّی نُغِیرَ عَلَی زَرْعٍ بَنِی قَیْلَةَ وَ لَمَّا نُضَارِبَ وَ أَقْبَلَ اَلْمُشْرِکُونَ قَدْ صَفُّوا صُفُوفِهِمْ وَ اسْتَعْمَلُوا عَلَی الْمَیْمَنَةِ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ وَ عَلَی الْمَیْسَرَةِ عِکْرِمَةَ بْنُ أَبِی جَهْلٍ وَ لَهُمْ مجنبتان مِائَتَا فَرَسٍ وَ جَعَلُوا عَلَی الْخَیْلِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ وَ یُقَالُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ عَلَی الرُّمَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَبِیعَةَ وَ کَانُوا مِائَةَ رَامَ وَ دَفَعُوا اللِّوَاءَ إِلَی طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ وَ اسْمُ أَبِی طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ (1) بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ وَ صَاحَ أَبُو سُفْیَانَ یَوْمَئِذٍ یَا بَنِی عَبْدِ الدَّارِ نَحْنُ نَعْرِفُ أَنَّکُمْ أَحَقُّ بِاللِّوَاءِ مِنَّا وَ أَنَا إِنَّمَا أَتَیْنَا یَوْمَ بَدْرٍ مِنْ اللِّوَاءِ وَ إِنَّمَا یُؤْتَی الْقَوْمِ مِنْ قَبْلِ لِوَائِهِمْ فَالْزَمُوا لواءکم وَ حَافِظُوا عَلَیْهِ وَ خَلُّوا بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ فَإِنَّا قَوْمٌ مستمیتون موتورون نَطْلُبُ ثأرا حَدِیثٍ الْعَهْدَ وَ جَعَلَ یَقُولُ إِذَا زَالَتِ الْأَلْوِیَةِ فَمَا قِوَامُ النَّاسِ وَ بَقَاؤُهُمْ بَعْدَهَا فَغَضِبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَ قَالُوا نَحْنُ نُسَلِّمُ لواءنا لاَ کَانَ هَذَا أَبَداً وَ أَمَّا الْمُحَافَظَةُ (2) عَلَیْهِ فَسَتَرَی ثُمَّ أَسْنَدُوا الرِّمَاحِ إِلَیْهِ وَ أَحْدَقَتْ بِهِ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ

ص :231

وَ أَغْلَظُوا لِأَبِی سُفْیَانَ بَعْضِ الْإِغْلاَظَ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ فَنَجْعَلُ لِوَاءُ آخَرَ قَالُوا نَعَمْ وَ لاَ یَحْمِلُهُ إِلاَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ لاَ کَانَ غَیْرَ ذَلِکَ أَبَداً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَمْشِی عَلَی رِجْلَیْهِ یُسَوِّی تِلْکَ الصُّفُوفِ وَ یبوئ أَصْحَابِهِ مَقٰاعِدَ لِلْقِتٰالِ یَقُولُ تَقَدَّمْ یَا فُلاَنُ وَ تَأَخَّرَ یَا فُلاَنُ حَتَّی إِنَّهُ لَیُرَی مَنْکِبِ الرَّجُلُ خَارِجاً فَیُؤَخِّرَهُ فَهُوَ یقومهم کَأَنَّمَا یَقُومُ الْقَدَّاحِ حَتَّی إِذَا اسْتَوَتْ الصُّفُوفِ سَأَلَ مِنْ یَحْمِلُ لِوَاءَ اَلْمُشْرِکِینَ قِیلَ عَبْدِ الدَّارِ قَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ مِنْهُمْ أَیْنَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ قَالَ هَا أَنَا ذَا قَالَ خُذْ اللِّوَاءَ فَأَخَذَهُ مُصْعَبٍ فَتَقَدَّمَ بِهِ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ ص .

قَالَ اَلْبَلاذِرِیُّ أَخَذَهُ مِنْ عَلِیٍّ ع فَدَفَعَهُ إِلَی مُصْعَبِ بْنُ عُمَیْرٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ (1) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ قَامَ ع فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ ص أَیُّهَا النَّاسُ أُوصِیکُمْ بِمَا أَوْصَانِی بِهِ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ مِنَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ التَّنَاهِی عَنْ مَحَارِمِهِ ثُمَّ إِنَّکُمْ الْیَوْمَ بِمَنْزِلٍ أَجْرٌ وَ ذَخَرَ لِمَنْ ذَکَرَ الَّذِی عَلَیْهِ ثُمَّ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَی الصَّبْرِ وَ الْیَقِینِ وَ الْجَدِّ وَ النَّشَاطُ فَإِنَّ جِهَادَ الْعَدُوِّ شَدِیدٌ کَرِیهِ قَلِیلٌ مِنَ یَصْبِرُ عَلَیْهِ إِلاَّ مَنْ عَزَمَ لَهُ عَلَی رُشْدِهِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ أَطَاعَهُ وَ إِنَّ اَلشَّیْطَانَ مَعَ مَنْ عَصَاهُ فاستفتحوا أَعْمَالِکُمْ بِالصَّبْرِ عَلَی الْجِهَادِ وَ الْتَمِسُوا بِذَلِکَ مَا وَعَدَکُمْ اللَّهَ وَ عَلَیْکُمْ بِالَّذِی آمُرُکُمْ بِهِ فَإِنِّی حَرِیصٍ عَلَی رُشْدِکُمْ إِنَّ الاِخْتِلاَفِ وَ التَّنَازُعِ وَ التَّثْبِیطِ مِنْ أَمْرِ الْعَجْزِ وَ الضَّعْفُ وَ هُوَ مِمَّا لاَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ لاَ یُعْطِی عَلَیْهِ النَّصْرَ وَ الظَّفَرَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قُذِفَ فِی قَلْبِی أَنَّ مَنْ کَانَ عَلَی حَرَامٍ فَرَغِبَ عَنْهُ ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللَّهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ وَ مَنْ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ (2) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ مَلاَئِکَتُهُ

ص :232

عَشْراً وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ کَافِرٍ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللّٰهِ فِی عَاجِلِ دُنْیَاهُ أَوْ فِی آجِلِ آخِرَتِهِ وَ مَنْ کٰانَ یُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَیْهِ اَلْجُمُعَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلاَّ صَبِیّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَرِیضاً أَوْ عَبْداً مَمْلُوکاً وَ مَنِ اسْتَغْنَی عَنْهَا اسْتَغْنَی اللَّهُ عَنْهُ وَ اللّٰهُ غَنِیٌّ حَمِیدٌ مَا أَعْلَمُ مِنْ عَمَلٍ یُقَرِّبُکُمْ إِلَی اللَّهِ إِلاَّ وَ قَدْ أَمَرْتُکُمْ بِهِ وَ لاَ أَعْلَمُ مِنْ عَمَلٍ یُقَرِّبُکُمْ إِلَی اَلنَّارِ إِلاَّ وَ قَدْ نَهَیْتُکُمْ عَنْهُ وَ إِنَّهُ قَدْ نَفَثَ اَلرُّوحُ الْأَمِینُ فِی رُوعِی أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّی تَسْتَوْفِیَ أَقْصَی رِزْقِهَا لاَ یَنْقُصُ مِنْهُ شَیْءٌ وَ إِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فِ اِتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّکُمْ وَ أَجْمِلُوا فِی طَلَبِ الرِّزْقِ وَ لاَ یَحْمِلَنَّکُمُ اسْتِبْطَاؤُهُ عَلَی أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِیَةِ رَبِّکُمْ فَإِنَّهُ لاَ یَقْدِرُ عَلَی مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ قَدْ بَیَّنَ لَکُمُ الْحَلاَلَ وَ الْحَرَامَ غَیْرَ أَنَّ بَیْنَهُمَا شَبَهاً مِنَ الْأَمْرِ لَمْ یَعْلَمْهَا کَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَنْ عُصِمَ فَمَنْ تَرَکَهَا حَفِظَ عِرْضَهُ وَ دِینِهِ وَ مَنْ وَقَعَ فِیهَا کَانَ کَالرَّاعِی إِلَی جَنْبِ الْحِمَی أَوْشَکَ أَنْ یَقَعَ فِیهِ وَ یَفْعَلُهُ وَ لَیْسَ مُلْکُ إِلاَّ وَ لَهُ حِمًی أَلاَ وَ إِنَّ حِمَی اللَّهِ مَحَارِمُهُ وَ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ کَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَکَی تَدَاعَی إِلَیْهِ سَائِرِ جَسَدِهِ وَ السَّلاَمُ عَلَیْکُمْ

.

4025

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ اَلْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَنْشَبْ الْحَرْبَ بَیْنَهُمْ أَبُو عَامِرٍ طَلَعَ فِی خَمْسِینَ مِنْ قَوْمِهِ مَعَهُ عَبِیدُ قُرَیْشٍ فَنَادَی أَبُو عَامِرٍ وَ اسْمُهُ عَبْدُ عَمْرٍو یَا لِلْأَوْسِ أَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالُوا لاَ مَرْحَباً بِکَ وَ لاَ أَهْلاً یَا فَاسِقُ فَقَالَ لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِی بَعْدِی شَرٌّ قَالَ وَ مَعَهُ عُبَیْدَ أَهْلِ مَکَّةَ فَتَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ هُمْ وَ اَلْمُسْلِمُونَ حَتَّی تراضخوا بِهَا سَاعَةً إِلَی أَنْ وَلَّی أَبُو عَامِرٍ وَ أَصْحَابُهُ وَ یُقَالُ إِنَّ الْعَبِیدِ لَمْ یُقَاتِلُوا وَ إِنَّهُمْ أَمَرُوهُمْ بِحِفْظِ عَسْکَرِهِمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ جَعَلَ نِسَاءِ اَلْمُشْرِکِینَ قَبْلَ أَنْ یَلْتَقِیَ الْجَمْعَانِ أَمَامَ صُفُوفِ اَلْمُشْرِکِینَ یَضْرِبْنَ بالأکبار (1) وَ الدِّفَافِ وَ الغرابیل (2) ثُمَّ یَرْجِعْنَ فِیکُنَّ إِلَی مُؤَخَّرِ الصَّفِّ حَتَّی

ص :233

إِذَا دَنَوْا مِنْ اَلْمُسْلِمِینَ تَأَخَّرَ النِّسَاءِ فَقُمْنَ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَ جَعَلْنَ کُلَّمَا وَلَّی رَجُلٍ حرضنه وَ ذکرنه قَتْلَی بَدْرٍ .

وَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ قُزْمَانُ مِنَ الْمُنَافِقِینَ وَ کَانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ أَحَدٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ عَیَّرَهُ نِسَاءُ بَنِی ظَفَرٍ فَقُلْنَ یَا قُزْمَانُ قَدْ خَرَجَ الرِّجَالُ وَ بَقِیتُ اسْتَحْیِ یَا قُزْمَانُ أَ لاَ تَسْتَحْیِی مِمَّا صَنَعْتَ مَا أَنْتَ إِلاَّ امْرَأَةٌ خَرَجَ قَوْمِکَ وَ بَقِیَتْ فِی الدَّارِ فأحفظنه فَدَخَلَ بَیْتِهِ فَأَخْرَجَ قَوْسِهِ وَ جعبته وَ سَیْفُهُ وَ کَانَ یَعْرِفُ بِالشَّجَاعَةِ وَ خَرَجَ یَعْدُو حَتَّی انْتَهَی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ یُسَوِّی صُفُوفَ اَلْمُسْلِمِینَ فَجَاءَ مِنْ خَلْفِ الصَّفَّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَکَانَ فِیهِ وَ کَانَ أَوَّلَ مَنْ رَمَی بِسَهْمٍ مِنْ اَلْمُسْلِمِینَ جَعَلَ یُرْسِلُ نُبْلاً کَأَنَّهَا الرِّمَاحِ وَ إِنَّهُ لیکت کتیت (1) الْجَمَلِ ثُمَّ صَارَ إِلَی السَّیْفِ فَفَعَلَ الْأَفَاعِیلَ حَتَّی إِذَا کَانَ آخِرُ ذَلِکَ قَتْلِ نَفْسِهِ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا ذَکَرَهُ قَالَ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ قَالَ فَلَمَّا انْکَشَفَ اَلْمُسْلِمُونَ کَسَرَ جَفْنَ سَیْفِهِ وَ جَعَلَ یَقُولُ الْمَوْتُ أَحْسَنَ مِنْ الْفِرَارِ یَا لِلْأَوْسِ قَاتَلُوا عَلَی الْأَحْسَابِ وَ اصْنَعُوا مِثْلَ مَا أَصْنَعُ قَالَ فَیَدْخُلُ بِالسَّیْفِ وَسْطَ اَلْمُشْرِکِینَ حَتَّی یُقَالَ قَدْ قَتَلَ ثُمَّ یَطْلُعُ فَیَقُولُ أَنَا الْغُلاَمُ الظُّفْرِیِّ حَتَّی قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَ أَصَابَتْهُ الْجِرَاحَةُ وَ کَثُرَتْ فِیهِ فَوَقَعَ فَمَرَّ بِهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَقَالَ لَهُ أَبَا الْغَیْدَاقُ قَالَ قُزْمَانُ لَبَّیْکَ قَالَ هَنِیئاً لَکَ الشَّهَادَةِ قَالَ قُزْمَانُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُ یَا أَبَا عَمْرٍو عَلَی دِینٍ مَا قَاتَلْتُ إِلاَّ عَلَی الْحُفَّاظِ أَنَّ تَسِیرَ قُرَیْشٍ إِلَیْنَا فتطأ سعفنا قَالَ فَآذَتْهُ الْجِرَاحَةُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص إِنَّ اللَّهَ یُؤَیِّدُ هَذَا الدِّینَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ (2) .

ص :234

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی الرُّمَاةِ فَقَالَ احموا لَنَا ظُهُورِنَا فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ نُؤْتَی مِنْ وَرَائِنَا وَ الْزَمُوا مَکَانَکُمْ لاَ تَبْرَحُوا مِنْهُ وَ إِنْ رَأَیْتُمُونَا نهزمهم حَتَّی نَدْخُلَ عَسْکَرِهِمْ فَلاَ تُفَارِقُوا مَکَانِکُمْ وَ إِنْ رَأَیْتُمُونَا نَقْتُلُ فَلاَ تعینونا وَ لاَ تَدْفَعُوا عَنَّا اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُکَ عَلَیْهِمْ ارشقوا (1) خَیْلِهِمْ بِالنَّبْلِ فَإِنْ الْخَیْلِ لاَ تُقْدِمْ عَلَی النَّبْلُ وَ کَانَ لِلْمُشْرِکِینَ مجنبتان مَیْمَنَةِ عَلَیْهَا خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ وَ مَیْسَرَةُ عَلَیْهَا عِکْرِمَةَ بْنُ أَبِی جَهْلٍ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ ص لِنَفْسِهِ مَیْمَنَةً وَ مَیْسَرَةً وَ دَفَعَ اللِّوَاءَ الْأَعْظَمَ إِلَی مُصْعَبِ بْنُ عُمَیْرٍ وَ دَفَعَ لِوَاءُ اَلْأَوْسِ إِلَی أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ لِوَاءُ اَلْخَزْرَجِ إِلَی سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ قِیلَ إِلَی اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَجَعَلْتُ الرُّمَاةِ تَحْمِی ظُهُورِ اَلْمُسْلِمِینَ وَ ترشق خَیْلٌ اَلْمُشْرِکِینَ بِالنَّبْلِ فَوَلَّتْ هَارِبَةً قَالَ بَعْضُ اَلْمُسْلِمِینَ (2) وَ اللَّهِ لَقَدْ رَمَقَتْ نَبْلَنَا یَوْمَئِذٍ مَا رَأَیْتُ سَهْماً وَاحِداً مِمَّا یُرْمَی بِهِ خَیْلِهِمْ یَقَعُ فِی الْأَرْضِ إِمَّا فِی فَرَسٍ أَوْ فِی رَجُلٍ وَ دَنَا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ قَدَّمُوا طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ صَاحِبِ لِوَائِهِمْ وَ صَفُّوا صُفُوفِهِمْ وَ أَقَامُوا النِّسَاءُ خَلْفَ الرِّجَالِ یَضْرِبْنَ بَیْنَ أَکْتَافِهِمْ بالأکبار وَ الدُّفُوفَ وَ هِنْدَ وَ صَوَاحِبَهَا یحرضن وَ یذمرن (3) الرِّجَالِ وَ یَذْکُرْنَ مَنْ أُصِیبَ بِبَدْرٍ وَ یَقُلْنَ نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقٍ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ بَرَزَ طَلْحَةَ فَصَاحَ مِنْ یُبَارِزُ فَقَالَ عَلِیٌّ ع لَهُ هَلْ لَکَ فِی مُبَارَزَتِی قَالَ نَعَمْ فبرزا بَیْنَ الصَّفَّیْنِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِسٌ تَحْتَ

ص :235

الرَّایَةَ عَلَیْهِ دِرْعَانِ وَ مِغْفَرٌ وَ بَیْضَتُهُ فَالْتَقَیَا فَبَدَرَهُ عَلِیٌّ ع (1) بِضَرْبَةٍ عَلَی رَأْسِهِ فَمَضَی السَّیْفَ حَتَّی فَلَقَ هَامَتَهُ إِلَی أَنِ انْتَهَی إِلَی لِحْیَتِهِ فَوَقَعَ وَ انْصَرَفَ عَلِیٌّ ع فَقِیلَ لَهُ هَلاَّ ذففت (2) عَلَیْهِ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا صُرِعَ اسْتَقْبَلَنِی بِعَوْرَتِهِ فعطفتنی عَلَیْهِ الرَّحِمِ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سیقتله هُوَ کَبْشَ الْکَتِیبَةِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ طَلْحَةَ حُمِلَ عَلَی عَلِیٍّ ع فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَاتَّقَاهُ بالدرقة فَلَمْ یَصْنَعْ شَیْئاً وَ حَمَلَ عَلِیٌّ ع وَ عَلَی طَلْحَةَ دِرْعٌ وَ مِغْفَرٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَقَطَعَ سَاقَیْهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ یُذَفَّفَ عَلَیْهِ فَسَأَلَهُ طَلْحَةَ بِالرَّحِمِ أَلاَ یَفْعَلَ فَتَرَکَهُ وَ لَمْ یُذَفَّفَ عَلَیْهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُقَالُ إِنَّ عَلِیّاً ع دفف عَلَیْهِ وَ یُقَالُ إِنَّ بَعْضَ اَلْمُسْلِمِینَ مَرَّ بِهِ فِی الْمَعْرَکَةِ فَذَفَفَ عَلَیْهِ قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ طَلْحَةَ سَرَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ کَبَّرَ تَکْبِیراً عَالِیاً وَ کَبَّرَ اَلْمُسْلِمُونَ ثُمَّ شَدَّ أَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَی کَتَائِبَ اَلْمُشْرِکِینَ فَجَعَلُوا یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّی انْتَقَضَتْ صُفُوفِهِمْ وَ لَمْ یَقْتُلُ إِلاَّ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ وَحْدَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ حَمَلَ لِوَاءُ اَلْمُشْرِکِینَ بَعْدَ طَلْحَةَ أَخُوهُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ وَ هُوَ أَبُو شَیْبَةَ فَارْتَجَزَ وَ قَالَ إِنَّ عَلِیَّ رَبِّ اللِّوَاءِ حَقّاً أَنْ تُخْصِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ تَنْدَقَّا.

فَتَقَدَّمَ بِاللِّوَاءِ وَ النِّسْوَةِ خَلْفَهُ یحرضن وَ یَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ فَحَمَلَ عَلَیْهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ عَلَی کَاهِلِهِ فَقَطَعَ یَدَهُ وَ کَتِفِهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی

ص :236

مؤتزره فَبَدَا سِحْرِهِ (1) وَ رَجَعَ فَقَالَ أَنَا ابْنُ سَاقِی الْحَجِیجِ ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءِ أخوهما أَبُو سَعْدِ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ فَرَمَاهُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فَأَصَابَ حَنْجَرَتِهِ وَ کَانَ دراعا وَ عَلَیْهِ مِغْفَرٌ لاَ رَفْرَفَ عَلَیْهِ (2) وَ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَتُهُ فأدلع لِسَانَهُ (3) إدلاع الْکَلْبِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ أَبَا سَعْدٍ لَمَّا حُمِلَ اللِّوَاءِ قَامَ النِّسَاءُ خَلْفَهُ یَقُلْنَ ضَرْباً بَنِی عَبْدِ الدَّارِ ضَرْباً حُمَاةُ الْأَدْبَارَ ضَرْباً بِکُلِّ بتار.

قَالَ سَعْدُ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فأحمل عَلَیْهِ فَأَقْطَعُ یَدَهُ الْیُمْنَی فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِالْیَدِ الْیُسْرَی فَأَضْرِبُهُ عَلَی یَدِهِ الْیُسْرَی فَقَطَعَتْهَا فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِذِرَاعَیْهِ جَمِیعاً وَ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ حَنَی عَلَیْهِ ظَهْرِهِ قَالَ سَعْدٌ فَأَدْخَلَ سیة الْقَوْسِ بَیْنَ الدِّرْعَ وَ الْمِغْفَرَ فَأَقْلِعْ (4) الْمِغْفَرَ فَأَرْمِی بِهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ثُمَّ ضَرَبْتَهُ حَتَّی قَتَلَتْهُ وَ أَخَذْتُ أُسْلَبُهُ دِرْعَهُ فَنَهَضَ إِلَیَّ سُبَیْعُ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ وَ نَفَرٌ مَعَهُ فمنعونی سَلَبَهُ وَ کَانَ سَلَبَهُ أَجْوَدَ سُلِبَ رَجُلٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ دِرْعٍ فضفاضة وَ مِغْفَرٌ وَ سَیْفٌ جَیِّدٌ وَ لَکِنْ حِیلَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ هَذَا أَثْبَتُ الْقَوْلَیْنِ

.

قلت شتان بین علی و سعد هذا یجاحش علی السلب و یتأسف علی فواته و ذلک یقتل عمرو بن عبد ود یوم الخندق و هو فارس قریش و صندیدها و مبارزه فیعرض عن سلبه فیقال له کیف ترکت سلبه و هو أنفس سلب فیقول کرهت أن أبز السبی ثیابه فکأن حبیبا عناه بقوله

ص :237

إن الأسود أسود الغاب همتها

یوم الکریهة فی المسلوب لا السلب (1) .

4026

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ حَمَلَ لِوَاءُ اَلْمُشْرِکِینَ بَعْدَ أَبِی سَعْدِ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ مُسَافِعُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ فَرَمَاهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِی الأقلح فَقَتَلَهُ فَحَمَلَ إِلَی أُمِّهِ سُلاَفَةَ بِنْتِ سَعْدٍ بْنِ الشَّهِیدُ وَ هِیَ مَعَ النِّسَاءِ بِأَحَدٍ فَقَالَتْ مَنْ أَصَابَکَ قَالَ لاَ أَدْرِی سَمِعْتُهُ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ الأقلح فَقَالَتْ أقلحی وَ اللَّهِ أَیْ هُوَ مِنْ رَهْطِی وَ کَانَتْ مِنْ اَلْأَوْسِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ عَاصِماً لَمَّا رَمَاهُ قَالَ لَهُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ کِسْرَةً وَ کَانُوا یُقَالُ لَهُمْ فِی اَلْجَاهِلِیَّةِ بَنُو کَسَرَ الذَّهَبِ فَقَالَ لِأُمِّهِ لاَ أَدْرِی إِلاَّ أَنِّی سَمِعْتُهُ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ کِسْرَةً فَقَالَتْ سُلاَفَةَ أوسی وَ اللَّهِ کَسْرِی أَیْ أَنَّهُ مِنَّا فَیَوْمَئِذٍ نَذَرَتْ سُلاَفَةَ أَنْ تَشْرَبَ فِی قِحْفِ رَأْسِ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَمْرِ وَ جَعَلْتُ لِمَنْ جَاءَهَا بِهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ.

قُلْتُ فَلَمَّا قَتَلَهُ اَلْمُشْرِکُونَ فِی یَوْمِ الرَّجِیعِ أَرَادُوا أَنْ یَأْخُذُوا رَأْسَهُ فَیَحْمِلُوهُ إِلَی سُلاَفَةَ فحمته الدُّبُرِ (2) یَوْمَهُ ذَلِکَ فَلَمَّا جَاءَ اللَّیْلُ فَظَنُّوا أَنَّ الدُّبُرِ لاَ تحمیه لَیْلاً جَاءَ الْوَادِی بسیل عَظِیمٌ فَذَهَبَ بِرَأْسِهِ وَ بَدَنُهُ اتَّفَقَ الْمُؤَرِّخُونَ عَلَی ذَلِکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءِ بَعْدَ اَلْحَارِثِ أَخُوهُ کِلاَبِ بْنِ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ فَقَتَلَهُ اَلزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ثُمَّ حَمَلَهُ أَخُوهُ اَلْجُلاَسِ بْنِ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ فَقَتَلَهُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ ثُمَّ حَمَلَهُ أَرْطَاةَ بْنِ عَبْدِ شُرَحْبِیلَ فَقَتَلَهُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع ثُمَّ حَمَلَهُ شُرَیْحٍ بْنِ

ص :238

قَانِطٍ

(1)

فَقَتَلَ لاَ یُدْرَی مَنْ قَتَلَهُ ثُمَّ حَمَلَهُ صَوَابٍ غُلاَمٌ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ فَاخْتَلَفَ فِی قَاتِلِهِ فَقِیلَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ع وَ قِیلَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ قِیلَ قُزْمَانُ وَ هُوَ أَثْبَتَ الْأَقْوَالِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ انْتَهَی قُزْمَانُ إِلَی صَوَابٍ فَحَمَلَ عَلَیْهِ فَقَطَعَ یَدَهُ الْیُمْنَی فَاحْتَمَلَ اللِّوَاءِ بِالْیُسْرَی فَقَطَعَ الْیُسْرَی فَاحْتَضَنَ اللِّوَاءِ بِذِرَاعَیْهِ وَ عَضُدَیْهِ وَ حَنَی عَلَیْهِ ظَهْرُهُ وَ قَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الدَّارِ هَلْ أَعْذَرْتُ فَحَمَلَ عَلَیْهِ قُزْمَانُ فَقَتَلَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا مَا ظَفِرَ اللَّهُ تَعَالَی نَبِیَّهُ فِی مَوْطِنٍ قَطُّ مَا ظُفُرَهُ وَ أَصْحَابُهُ یَوْمَ أُحُدٍ حَتَّی عَصَوْا اَلرَّسُولِ وَ تَنَازَعُوا فِی الْأَمْرِ لَقَدْ قُتِلَ أَصْحَابَ اللِّوَاءِ وَ انْکَشَفَ اَلْمُشْرِکُونَ مِنْهُمْ لاَ یَلْوُونَ وَ نِسَاؤُهُمْ یَدْعُونَ بِالْوَیْلِ بَعْدَ ضَرَبَ الدِّفَافِ وَ الْفَرَحِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَدْ رَوَی کَثِیرٌ مِنَ اَلصَّحَابَةِ مِمَّنْ شَهِدَ أَحَداً قَالَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی هِنْدٌ وَ صَوَاحِبَهَا منهزمات مَا دُونَ أَخْذِهِنَّ شَیْءٌ لِمَنْ أَرَادَهُ وَ لَکِنْ لاَ مَرَدَّ لِقَضَاءِ اللَّهِ قَالُوا وَ کَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ کُلَّمَا أَتَی مِنْ قَبْلَ مَیْسَرَةَ اَلنَّبِیِّ ص لیجوز حَتَّی یَأْتِیَهُمُ مِنْ قَبْلَ السَّفْحِ تَرُدَّهُ الرُّمَاةِ حَتَّی فَعَلَ وَ فَعَلُوا ذَلِکَ مِرَاراً وَ لَکِنْ اَلْمُسْلِمِینَ أَتَوْا مِنْ قَبْلَ الرُّمَاةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَوْعِزْ إِلَیْهِمْ فَقَالَ قُومُوا عَلَی مَصَافِّکُمْ هَذِهِ فاحموا ظُهُورِنَا فَإِنْ رَأَیْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلاَ تُشْرِکُونَا وَ إِنْ رَأَیْتُمُونَا نَقْتُلُ فَلاَ تَنْصُرُونَا فَلَمَّا انْهَزَمَ اَلْمُشْرِکُونَ وَ تَبِعَهُمْ اَلْمُسْلِمُونَ یَضَعُونَ السِّلاَحَ فِیهِمْ حَیْثُ شَاءُوا حَتَّی أجهزوهم عَنْ الْمُعَسْکَرِ وَ وَقَعُوا ینتهبونه قَالَ بَعْضُ الرُّمَاةِ لِبَعْضِ لَمْ تُقِیمُونَ هَاهُنَا فِی غَیْرِ شَیْءٍ قَدْ هَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوُّ وَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُکُمْ یَنْهَبُونَ عَسْکَرِهِمْ فَادْخُلُوا عَسْکَرَ اَلْمُشْرِکِینَ فاغنموا مَعَ إِخْوَانِکُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَکُمْ احموا ظُهُورِنَا وَ إِنْ غَنِمْنَا فَلاَ تُشْرِکُونَا

ص :239

فَقَالَ الْآخَرُونَ لَمْ یُرِدْ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا وَ قَدْ أَذَلَّ اللَّهُ اَلْمُشْرِکِینَ وَ هَزَمَهُمْ فَادْخُلُوا الْعَسْکَرِ فَانْتَهَبُوا مَعَ إِخْوَانِکُمْ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا خَطَبَهُمْ أَمِیرُهُمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَیْرٍ وَ کَانَ یَوْمَئِذٍ مُعَلَّماً بِثِیَابٍ بَیْضَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ وَ أَلاَ یُخَالِفُ أَمَرَهُ فَعَصَوْهُ وَ انْطَلَقُوا فَلَمْ یَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ نُفَیْرٍ مَا یَبْلُغُونَ الْعَشَرَةِ مِنْهُمْ اَلْحَارِثُ بْنُ أَنَسِ بْنِ رَافِعٍ یَقُولُ یَا قَوْمِ اذْکُرُوا عَهْدَ نَبِیِّکُمْ إِلَیْکُمْ وَ أَطِیعُوا أَمِیرُکُمْ فَأَبَوْا وَ ذَهَبُوا إِلَی عَسْکَرِ اَلْمُشْرِکِینَ یَنْتَهِبُونَ وَ خَلُّوا الْجَبَلِ (1) وَ انْتَقَضَتْ صُفُوفِ اَلْمُشْرِکِینَ وَ اسْتَدَارَتْ رِحَالِهِمْ وَ دَارَتْ (2) الرِّیحُ وَ کَانَتْ إِلَی أَنْ انْتَقَضَ صِفْهُمْ صَبّاً فَصَارَتْ دَبُوراً فَنَظَرَ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ إِلَی خَلاَءٍ الْجَبَلِ وَ قِلَّةَ أَهْلِهِ فَکَّرَ بِالْخَیْلِ وَ تَبِعَهُ عِکْرِمَةَ بِالْخَیْلِ فَانْطَلَقَا إِلَی مَوْضِعِ الرُّمَاةِ فَحَمَلُوا عَلَیْهِمْ فَرَمَاهُمْ الْقَوْمِ حَتَّی أَصِیبُوا وَ رَمَی عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جُبَیْرٍ حَتَّی فَنِیَتْ نَبْلُهُ ثُمَّ طَاعِنٌ بِالرُّمْحِ حَتَّی انْکَسَرَ ثُمَّ کَسَرَ جَفْنَ سَیْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ وَ أَفْلَتَ جُعَیْلَ بْنَ سُرَاقَةَ وَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نیار بَعْدَ أَنْ شَاهِداً قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جُبَیْرٍ وَ کَانَ آخِرُ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْخَیْلِ فَلَحِقَا بِالْمُسْلِمِینَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ خَالِدٍ الرُّمَاةِ أَقْبَلَ بِالْخَیْلِ وَ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ یَتْلُوهُ فخالطنا وَ قَدْ انْتَقَضَتْ صُفُوفَنَا وَ نَادَی إِبْلِیسُ وَ تَصَوَّرَ فِی صُورَةِ جُعَیْلَ بْنَ سُرَاقَةَ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ ثَلاَثٌ صرخات فَابْتُلِیَ یَوْمَئِذٍ جُعَیْلَ بْنَ سُرَاقَةَ بِبَلِیَّةٍ عَظِیمَةٌ حِینَ تَصَوَّرَ إِبْلِیسُ فِی صُورَتِهِ وَ إِنَّ جعیلا لَیُقَاتِلُ مَعَ اَلْمُسْلِمِینَ أَشَدَّ الْقِتَالِ وَ إِنَّهُ إِلَی جَنْبِ أَبِی بُرْدَةَ بْنِ نیار وَ خَوَّاتِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَیْنَا دَوْلَةِ کَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ دَوْلَةِ اَلْمُشْرِکِینَ عَلَیْنَا وَ أَقْبَلَ اَلْمُسْلِمُونَ عَلَی جُعَیْلَ بْنَ سُرَاقَةَ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ یَقُولُونَ هَذَا الَّذِی صَاحَ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ فَشَهِدَ لَهُ خَوَّاتُ بْنِ جُبَیْرٍ وَ أَبُو بُرْدَةَ أَنَّهُ کَانَ إِلَی جَنْبِهِمَا حِینَ صَاحَ الصَّائِحَ وَ أَنْ الصَّائِحَ غَیْرِهِ.

ص :240

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی رَافِعٍ قَالَ أَتَیْنَا مِنْ قَبْلَ أَنْفُسِنَا وَ مَعْصِیَةٍ نَبِیِّنَا وَ اخْتَلَطَ اَلْمُسْلِمُونَ وَ صَارُوا یُقْتَلُونَ وَ یَضْرِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ مَا یَشْعُرُونَ بِمَا یَصْنَعُونَ مِنْ الدهش وَ الْعِجْلِ وَ قَدْ جُرِحَ یَوْمَئِذٍ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ جرحین ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نیار وَ مَا یَدْرِی یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا الْغُلاَمُ الْأَنْصَارِیِّ وَ کَرَّ أَبُو زعنة فِی حَوْمَةِ الْقِتَالِ فَضَرَبَ أَبَا بُرْدَةَ ضَرْبَتَیْنِ مَا یُشْعِرُ أَنَّهُ هُوَ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا أَبُو زعنة حَتَّی عَرَفَهُ بَعْدَ فَکَانَ إِذَا لَقِیَهُ قَالَ انْظُرْ مَا صَنَعْتَ بِی فَیَقُولُ أَبُو زعنة وَ أَنْتَ فَقَدْ ضَرَبْتُ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ لاَ تَشْعُرُ وَ لَکِنْ هَذَا الْجُرْحُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَذَکَرَ ذَلِکَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ هُوَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یَا أَبَا بُرْدَةَ لَکَ أَجْرُهُ حَتَّی کَأَنَّکَ ضَرْبَکَ أَحَدٌ اَلْمُشْرِکِینَ وَ مَنْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِیدٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ الشَّیْخَانِ حسیل بْنِ جَابِرٍ وَ رِفَاعَةُ بْنُ وقش شَیْخَیْنِ کَبِیرَیْنِ قَدْ رَفَعَا فِی الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لاَ أَبَا لَکَ مَا نَسْتَبْقِی مِنْ أَنْفُسِنَا فَوَ اللَّهِ مَا نَحْنُ إِلاَّ هَامَّةٍ الْیَوْمِ أَوْ غَدٍ وَ مَا بَقِیَ مِنْ أَجِّلْنَا قَدْرِ ظمء (1) دَابَّةٍ فَلَوْ أَخَذْنَا أَسْیَافَنَا فَلَحِقَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص لَعَلَّ اللَّهَ یَرْزُقُنَا الشَّهَادَةِ قَالَ فَلَحِقَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَأَمَّا رِفَاعَةَ فَقَتَلَهُ اَلْمُشْرِکُونَ وَ أَمَّا حسیل بْنِ جَابِرٍ فَالْتَفَتَ عَلَیْهِ سُیُوفِ اَلْمُسْلِمِینَ وَ هُمْ لاَ یَعْرِفُونَهُ حِینَ اخْتَلَطُوا وَ ابْنُهُ حُذَیْفَةَ یَقُولُ أَبِی أَبِی حَتَّی قُتِلَ فَقَالَ حُذَیْفَةُ یَغْفِرُ اللّٰهُ لَکُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّٰاحِمِینَ مَا صَنَعْتُمْ فَزَادَ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص خَیْراً وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِدِیَتِهِ أَنْ تَخْرُجَ وَ یُقَالُ إِنَّ الَّذِی أَصَابَهُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فَتَصَدَّقْ حُذَیْفَةَ ابْنُهُ بِدَمِهِ عَلَی اَلْمُسْلِمِینَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ یَوْمَئِذٍ اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ یَصِیحُ یَا آلِ سَلَمَةَ فَأَقْبَلُوا

ص :241

عُنُقاً (1) وَاحِداً لَبَّیْکَ دَاعِیَ اللَّهِ لَبَّیْکَ دَاعِیَ اللَّهِ فَیَضْرِبُ یَوْمَئِذٍ جَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ ضَرْبَةً فِی رَأْسِهِ مُثْقِلَةٍ وَ مَا یَدْرِی حَتَّی أَظْهَرُوا الشِّعَارُ بَیْنَهُمْ فَجَعَلُوا یَصِیحُونَ أَمِتْ أَمِتْ فَکَفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ نسطاس مَوْلَی ضِرَارُ بْنُ أُمَیَّةَ مِمَّنْ حَضَرَ أَحَداً مَعَ اَلْمُشْرِکِینَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ وَ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ فَکَانَ یُحَدِّثُ قَالَ قَدْ کُنْتَ مِمَّنْ خَلَّفَ فِی الْعَسْکَرِ یَوْمَئِذٍ وَ لَمْ یُقَاتِلْ مَعَهُمْ عَبْدِ إِلاَّ وَحْشِیٍّ وَ صَوَابٍ غُلاَمٌ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ فَکَانَ أَبُو سُفْیَانَ صَاحَ فِیهِمْ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ خَلُّوا (2) غِلْمَانُکُمْ عَلَی مَتَاعِکُمْ یَکُونُوا هُمُ الَّذِینَ یَقُومُونَ عَلَی رحالکم فَجَمَعَنَا بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ وَ عَقَلْنَا الْإِبِلِ وَ انْطَلَقَ الْقَوْمُ عَلَی تعبئتهم مَیْمَنَةً وَ مَیْسَرَةً وَ أَلْبِسْنَا الرِّحَالُ الْأَنْطَاعَ وَ دَنَا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً وَ إِذَا أَصْحَابِنَا منهزمون فَدَخَلَ اَلْمُسْلِمُونَ مُعَسْکَرَنَا وَ نَحْنُ فِی الرِّحَالِ فأحدقوا (3) بِنَا فَکُنْتُ فِیمَنْ أَسَرُّوا وَ انْتَهَبُوا الْمُعَسْکَرِ أَقْبَحَ انْتِهَابِ حَتَّی إِنَّ رَجُلاً مِنْهُمُ قَالَ أَیْنَ مَالٌ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَ إِلاَّ نَفَقَةٍ فِی الرَّحْلِ فَخَرَجَ یَسُوقُنِی حَتَّی أَخْرَجْتُهَا مِنْ الْعَیْبَةِ خَمْسِینَ وَ مِائَةَ مِثْقَالٍ ذَهَباً وَ قَدْ وَلَّی أَصْحَابِنَا وَ أَیِسْنَا مِنْهُمْ وَ انحاش النِّسَاءِ فَهُنَّ فِی حجرهن سَلَّمَ لِمَنْ أرادهن فَصَارَ النَّهْبِ فِی أَیْدِی اَلْمُسْلِمِینَ .

قَالَ نسطاس فَإِنَّا لَعَلَی مَا نَحْنُ عَلَیْهِ مِنْ الاِسْتِسْلاَمِ وَ نَظَرْتُ إِلَی الْجَبَلِ فَإِذَا خَیْلٌ مُقْبِلَةً تَرْکُضُ فَدَخَلُوا الْعَسْکَرِ فَلَمْ یَکُنْ أَحَدٌ یَرُدُّهُمْ قَدْ ضَیَّعْتَ الثُّغُورِ الَّتِی کَانَ بِهَا الرُّمَاةُ وَ جَاءُوا إِلَی النَّهْبِ وَ الرُّمَاةَ یَنْتَهِبُونَ وَ أَنَا أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ متأبطی قِسِیَّهُمْ وَ جعابهم کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِی یَدَیْهِ أَوْ حِضْنِهِ شَیْءٍ قَدْ أَخَذَهُ فَلَمَّا دَخَلْتُ خَیْلُنَا دَخَلْتَ عَلَی قَوْمٍ غارین آمِنِینَ فَوَضَعُوا فِیهِمْ السُّیُوفُ فَقَتَلُوهُمْ قَتْلاً ذَرِیعاً وَ تَفَرَّقَ اَلْمُسْلِمُونَ فِی کُلِّ وَجْهٍ

ص :242

وَ تَرَکُوا مَا انْتَهَبُوا وَ أَجِلُّوا عَنْ عَسْکَرِنَا فارتجعنا بَعْدَ لَمْ نَفْقِدُ مِنْهُ شَیْئاً وَ خَلُّوا أَسْرَانَا وَ وَجَدْنَا الذَّهَبِ فِی الْمَعْرَکَةِ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ یَوْمَئِذٍ رَجُلاً مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ ضَمَّ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ إِلَیْهِ ضَمَّةِ ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَیَمُوتُ حَتَّی أَدْرَکَتْهُ وَ بِهِ رَمَقٌ فوجأت (1) ذَلِکَ اَلْمُسْلِمِ بِخَنْجَرٍ مَعِی فَوَقَعَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِیلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی سَاعِدَةَ ثُمَّ هَدَانِی اللَّهُ بَعْدَ لِلْإِسْلاَمِ

.

4027

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَحَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَکَمِ قَالَ مَا عَلِمْنَا أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص الَّذِینَ أَغَارُوا عَلَی النَّهْبِ فَأَخَذُوا مَا أَخَذُوا مِنْ الذَّهَبِ بَقِیَ مَعَهُ مِنْ ذَلِکَ شَیْءٌ یَرْجِعُ بِهِ حَیْثُ غَشِیَنَا اَلْمُشْرِکُونَ وَ اخْتَلَفُوا إِلاَّ رَجُلَیْنِ أَحَدُهُمَا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِی الأقلح جَاءَ بِمِنْطَقَةٍ وَجَدَهَا فِی الْعَسْکَرِ فِیهَا خَمْسُونَ دِینَاراً فَشُدَّهَا عَلَی حَقْوَیْهِ مِنْ تَحْتِ ثِیَابِهِ وَ جَاءَ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ بِصُرَّةٍ فِیهَا ثَلاَثَةَ عَشَرَ مِثْقَالاً أَلْقَاهَا فِی جَیْبِ قَمِیصَهُ وَ فَوْقَهَا الدِّرْعُ وَ قَدْ حَزَمَ وَسَطَهُ فَأَتَیَا بِذَلِکَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ یُخَمِّسُهُ وَ نفلهما إِیَّاهُ

.

4028

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی یَعْقُوبُ بْنِ أَبِی صَعْصَعَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ لَمَّا صَاحَ اَلشَّیْطَانِ أَزَبُّ (2) الْعَقَبَةِ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِکَ سَقَطَ فِی أَیْدِی اَلْمُسْلِمِینَ وَ تَفَرَّقُوا فِی کُلِّ وَجْهٍ وَ أَصْعَدُوا فِی الْجَبَلِ فَکَانَ أَوَّلَ مَنْ بَشَّرَهُمْ بِکَوْنِ رَسُولُ اللَّهِ ص سَالِماً کَعْبِ بْنِ مَالِکٍ قَالَ کَعْبٌ عَرَفْتُهُ فَجَعَلْتُ أَصِیحُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ هُوَ یُشِیرُ إِلَیَّ بِإِصْبَعِهِ عَلَی فِیهِ أَنِ اسْکُتْ

.

4029

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَتْ عَمِیرَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ کَعْبِ بْنِ مَالِکٍ عَنْ أَبِیهَا قَالَتْ قَالَ أَبِی لَمَّا انْکَشَفَ النَّاسُ کُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص

ص :243

وَ بَشَّرْتَ بِهِ اَلْمُسْلِمِینَ حَیّاً سَوِیّاً عَرَفْتَ عَیْنَیْهِ مِنَ تَحْتَ الْمِغْفَرَ فَنَادَیْتُ یَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ أَبْشِرُوا فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَشَارَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ اصْمُتْ قَالَ وَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِکَعْبِ فَلَبِسَ لاَمَتَهُ وَ أُلْبِسَ کَعْباً لاَمَّةٍ نَفْسِهِ وَ قَاتِلُ کَعْبٍ قِتَالاً شَدِیداً جَرَحَ سَبْعَةَ عَشَرَ جُرْحاً

.

4030

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ اَلْأَعْرَجِ قَالَ لَمَّا صَاحَ اَلشَّیْطَانُ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ أَیُّکُمْ قَتَلَ مُحَمَّداً قَالَ اِبْنُ قَمِیئَةَ أَنَا قَتَلْتُهُ قَالَ نسورک (1) کَمَا تَفْعَلُ اَلْأَعَاجِمِ بأبطالها وَ جَعَلَ أَبُو سُفْیَانَ یَطُوفُ بِأَبِی عَامِرٍ الْفَاسِقِ فِی الْمَعْرَکَةِ هَلْ یَرَی مُحَمَّداً بَیْنَ الْقَتْلَی فَمَرَّ بِخَارِجَةٍ بْنِ زَیْدِ بْنِ أَبِی زُهَیْرٍ فَقَالَ یَا أَبَا سُفْیَانَ هَلْ تَدْرِی مَنْ هَذَا قَالَ لاَ قَالَ هَذَا خَارِجَةَ بْنِ زَیْدٍ هَذَا أُسَیْدٍ بَنِی الْحَارِثِ بْنُ الْخَزْرَجِ وَ مَرَّ بِعَبَّاسِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ إِلَی جَنْبِهِ قَالَ أَ تَعْرِفُهُ قَالَ لاَ قَالَ هَذَا اِبْنُ قوقل هَذَا الشَّرِیفِ فِی بَیْتِ الشَّرَفِ ثُمَّ مَرَّ بذکوان بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ فَقَالَ وَ هَذَا مِنْ سَادَاتِهِمْ ثُمَّ مَرَّ بِابْنِهِ حَنْظَلَةَ بْنُ أَبِی عَامِرٍ فَوَقَفَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ مِنْ هَذَا قَالَ هَذَا أَعَزَّ مِنَ هَاهُنَا عَلِیُّ هَذَا ابْنِی حَنْظَلَةَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ مَا نَرَی مَصْرَعَ مُحَمَّدٍ وَ لَوْ کَانَ قَتَلَ لرأیناه کَذَبَ اِبْنُ قَمِیئَةَ وَ لَقِیَ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ فَقَالَ هَلْ تَبِینُ عِنْدَکَ قَتْلَ مُحَمَّدٌ قَالَ لاَ رَأَیْتُهُ أَقْبَلَ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مُصْعِدِینَ فِی الْجَبَلِ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ هَذَا حَقٌّ کَذَبَ اِبْنَ قَمِیئَةَ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ

.

قلت قرأت علی النقیب أبی یزید رحمه اللّه هذه الغزاة من کتاب الواقدی و قلت له کیف جری لهؤلاء فی هذه الوقعة فإنی أستعظم ما جری فقال و ما فی ذلک ممّا تستعظمه حمل قلب المسلمین من بعد قتل أصحاب الألویة علی قلب المشرکین فکسره

ص :244

فلو ثبتت مجنبتا رسول اللّه اللتان فیهما أسید بن حضیر و الحباب بن المنذر بإزاء مجنبتی المشرکین لم ینکسر عسکر الإسلام و لکن مجنبتا المسلمین أطبقت إطباقا واحدا علی قلب المشرکین مضافا إلی قلب المسلمین فصار عسکر رسول اللّه ص قلبا واحدا و کتیبة واحدة فحطمه قلب قریش حطمة شدیدة فلما رأت مجنبتا قریش أنه لیس بإزائها أحد استدارت المجنبتان من وراء عسکر المسلمین و صمد کثیر منهم للرماة الذین کانوا یحمون ظهر المسلمین فقتلوهم عن آخرهم لأنّهم لم یکونوا ممن یقومون لخالد و عکرمة و هما فی ألفی رجل و إنّما کانوا خمسین رجلا لا سیما و قد ترک کثیر منهم مرکزه و شره إلی الغنیمة فأکب علی النهب قال رحمه اللّه و الذی کسر المسلمین یومئذ و نال کل منال خالد بن الولید و کان فارسا شجاعا و معه خیل کثیرة و رجال أبطال موتورون و استدار خلف الجبل فدخل من الثغرة التی کان الرماة علیها فأتاه من وراء المسلمین و تراجع قلب المشرکین بعد الهزیمة فصار المسلمون بینهم فی مثل الحلقة المستدیرة و اختلط الناس فلم یعرف المسلمون بعضهم بعضا و ضرب الرجل منهم أخاه و أباه بالسیف و هو لا یعرفه لشدة النقع و الغبار و لما اعتراهم من الدهش و العجلة و الخوف فکانت الدبرة علیهم بعد أن کانت لهم و مثل هذا یجری دائما فی الحرب.

فقلت له رحمه اللّه فلما انکشف المسلمون و فر منهم من فر ما کانت حال رسول اللّه ص فقال ثبت فی نفر یسیر من أصحابه یحامون عنه.

فقلت ثمّ ما ذا قال ثمّ ثابت إلیه الأنصار و ردت إلیه عنقا واحدا بعد فرارهم و تفرقهم و امتاز المسلمون عن المشرکین و کانوا ناحیة ثمّ التحمت الحرب و اصطدم الفیلقان (1) .

ص :245

قلت ثمّ ما ذا قال لم یزل المسلمون یحامون عن رسول اللّه ص و المشرکون یتکاثرون علیهم و یقتلون فیهم حتّی لم یبق من النهار إلاّ القلیل و الدولة للمشرکین .

قلت ثمّ ما ذا قال ثمّ علم الذین بقوا من المسلمین أنه لا طاقة لهم بالمشرکین فأصعدوا فی الجبل فاعتصموا به.

فقلت له فرسول اللّه ص ما الذی صنع فقال صعد فی الجبال.

قلت له أ فیجوز أن یقال إنّه فر فقال إنّما یکون الفرار ممن أمعن فی الهرب فی الصحراء و البیداء فأما من الجبل مطل علیه و هو فی سفحه فلما رأی ما لا یعجبه أصعد فی الجبل فإنّه لا یسمی فارا ثمّ سکت رحمه اللّه ساعة ثمّ قال هکذا وقعت الحال فإن شئت أن تسمی ذلک فرارا فسمه فقد خرج من مکّة یوم الهجرة فارا من المشرکین و لا وصمة علیه فی ذلک.

فقلت له

4031

14- قَدْ رَوَی اَلْوَاقِدِیُّ عَنْ بَعْضِ اَلصَّحَابَةِ قَالَ لَمْ یَبْرَحْ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِکَ الْیَوْمَ شِبْراً وَاحِداً حَتَّی تحاجزت الْفِئَتَانِ .

فقال دع صاحب هذه الروایة فلیقل ما شاء فالصحیح ما ذکرته لک ثمّ قال کیف یقال لم یزل واقفا حتّی تحاجزت الفئتان و إنّما تحاجزا بعد أن ناداه أبو سفیان و هو فی أعلی الجبل بما ناداه فلما عرف أنّه حی و أنّه فی أعلی الجبل و أن الخیل لا تستطیع الصعود إلیه و أن القوم إن صعدوا إلیه رجالة لم یثقوا بالظفر به لأن معه أکثر أصحابه و هم مستمیتون إن صعد القوم إلیهم و أنهم لا یقتلون منهم واحدا حتّی یقتلوا منهم اثنین أو ثلاثة لأنّهم لا سبیل لهم إلی الهرب لکونهم محصورین فی ذرو واحد فالرجل منهم یحامی عن خیط رقبته کفوا عن الصعود و قنعوا بما وصلوا إلیه من قتل من قتلوه فی الحرب و أملوا

ص :246

یوما ثانیا یکون لهم فیه الظفر الکلی بالنبی ص فرجعوا عنهم و طلبوا مکّة .

4032

14- وَ رَوَی اَلْوَاقِدِیُّ عَنْ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی فَرْوَةَ عَنْ أَبِی الْحُوَیْرِثِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ اَلْمُهَاجِرِینَ یَقُولُ شَهِدْتُ أَحَداً فَنَظَرْتُ إِلَی النَّبْلِ یَأْتِی مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی وَسَطِهَا کُلُّ ذَلِکَ یَصْرِفُ عَنْهُ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِیِّ یَقُولُ یَوْمَئِذٍ دُلُّونِی عَلَی مُحَمَّدٍ فَلاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص إِلَی جَنْبِهِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ جَاوَزَهُ وَ لَقِیَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ ترحت (1) هَلاَّ ضُرِبَتْ مُحَمَّداً فَقُطِعَتْ هَذِهِ الشَّأْفَةِ فَقَدْ أَمْکَنَکَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ اِبْنُ شِهَابٍ وَ هَلْ رَأَیْتَهُ قَالَ نَعَمْ أَنْتَ إِلَی جَنْبِهِ قَالَ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُهُ أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّهُ مِنَّا لممنوع خَرَجْنَا أَرْبَعَةَ تَعَاهَدْنَا وَ تَعَاقُدِنَا عَلَی قَتْلِهِ فَلَمْ نُخَلِّصَ إِلَی ذَلِکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَرَوَی نَمْلَةٌ وَ اسْمُ أَبِی نَمْلَةٌ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَ کَانَ أَبُوهُ مُعَاذٍ أَخَا اَلْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ لِأُمِّهِ قَالَ لَمَّا انْکَشَفَ اَلْمُسْلِمُونَ ذَلِکَ الْیَوْمِ نَظَرَتْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا مَعَهُ أَحَدٌ إِلاَّ نُفَیْرٍ قَدْ أَحْدَقُوا بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ اَلْمُهَاجِرِینَ وَ اَلْأَنْصَارِ فَانْطَلِقُوا بِهِ إِلَی الشِّعْبِ وَ مَا لِلْمُسْلِمِینَ لِوَاءُ قَائِمٌ وَ لاَ فِئَةٍ وَ لاَ جَمَعَ وَ إِنْ کَتَائِبَ اَلْمُشْرِکِینَ لتحوشهم مُقْبِلَةً وَ مُدْبِرَةً فِی الْوَادِی یَلْتَقُونَ وَ یَفْتَرِقُونَ مَا یَرَوْنَ أَحَداً یَرُدُّهُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی إِبْرَاهِیمُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِیلَ الْعَبْدَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ حَمَلَ مُصْعَبٍ اللِّوَاءَ فَلَمَّا جَالَ اَلْمُسْلِمُونَ ثَبِّتْ بِهِ مُصْعَبٍ قَبْلَ اِبْنُ قَمِیئَةَ وَ هُوَ فَارِسٌ فَضَرَبَ یَدِ مُصْعَبٍ فَقَطَعَهَا فَقَالَ مُصْعَبٌ وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ .

وَ أَخَذَ اللِّوَاءَ بِیَدِهِ الْیُسْرَی وَ حَنَی عَلَیْهِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ الْیُسْرَی فَضَمَّهُ بِعَضُدَیْهِ إِلَی صَدْرِهِ

ص :247

وَ هُوَ یَقُولُ وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِ الثَّالِثَةَ بِالرُّمْحِ فَأَنْفَذَهُ وَ انْدَقَّ الرُّمْحُ وَ وَقَعَ مُصْعَبٍ وَ سَقَطَ اللِّوَاءُ وَ ابْتَدَرَهُ رَجُلاَنِ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ سُوَیْبِطٌ بْنِ حَرْمَلَةَ وَ أَبُو الرُّومِ فَأَخَذَهُ أَبُو الرُّومِ فَلَمْ یَزَلْ بِیَدِهِ حَتَّی دَخَلَ بِهِ اَلْمَدِینَةَ حِینَ انْصَرَفَ اَلْمُسْلِمُونَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا لَحْمُهُ الْقِتَالِ وَ خَلَصَ إِلَیْهِ وَ ذَبَّ عَنْهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ حَتَّی کَثُرَتِ بِهِ الْجِرَاحَةُ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَقُولُ مَنْ رَجُلٍ یَشْرِی نَفْسَهُ فَوَثَبَ فِئَةٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ عُمَارَةَ بْنُ زِیَادِ بْنِ السَّکَنِ فَقَاتَلَ حَتَّی أَثْبَتَ وَ فَاءَتِ فِئَةٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ حَتَّی أجهضوا أَعْدَاءِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعُمَارَةَ بْنِ زِیَادٍ ادْنُ مِنِّی حَتَّی وَسَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدَّمَهُ وَ إِنْ بِهِ لِأَرْبَعَةٍ عَشَرَ جُرْحاً حَتَّی مَاتَ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یذمر النَّاسَ وَ یَحُضُّهُمْ عَلَی الْقِتَالِ وَ کَانَ رِجَالٌ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ قَدْ أذلقوا (1) اَلْمُسْلِمِینَ بِالرَّمْیِ مِنْهُمْ حَیَّانَ بْنِ الْعَرْقَةُ وَ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِیِّ فَجَعَلَ اَلنَّبِیُّ ص یَقُولُ لِسَعْدِ ارْمِ فِدَاکَ أَبِی وَ أُمِّی فَرَمَی حَیَّانَ بْنِ الْعَرْقَةُ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ ذَیْلِ أُمُّ أَیْمَنَ وَ کَانَتْ جَاءَتْ یَوْمَئِذٍ تَسْقِی الْجَرْحَی فَقَلَبَهَا وَ انْکَشَفَ ذَیْلَهَا عَنْهَا فَاسْتَغْرَبَ حَیَّانَ بْنِ الْعَرْقَةُ ضِحْکاً وَ شَقَّ ذَلِکَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَدَفَعَ إِلَی سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ سَهْماً لاَ نَصْلَ لَهُ وَ قَالَ ارْمِ بِهِ فَرَمَی فَوَضَعَ السَّهْمُ فِی ثَغْرَةٍ نَحَرَ حَیَّانَ فَوَقَعَ مُسْتَلْقِیاً وَ بَدَتْ عَوْرَتُهُ.

قَالَ سَعْدٌ فَرَأَیْتُ اَلنَّبِیَّ ص ضَحِکَ یَوْمَئِذٍ حَتَّی بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَ قَالَ اسْتَقَادَ لَهَا سَعْدٍ أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَکَ وَ سَدَّدَ رَمْیَتِکَ وَ رَمَی یَوْمَئِذٍ مَالِکُ بْنُ زُهَیْرٍ الْجُشَمِیِّ أَخُو أَبِی أُسَامَةَ الْجُشَمِیِّ اَلْمُسْلِمِینَ رَمْیاً شَدِیداً وَ کَانَ هُوَ وَ رَیَّانَ بْنِ الْعَرْقَةُ قَدْ أَسْرَعَا فِی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أکثرا فِیهِمْ الْقَتْلَ یَسْتَتِرَانِ بِالصَّخْرِ وَ یُرْمَیَانِ

ص :248

فَبَیْنَا هُمْ عَلَی ذَلِکَ أَبْصَرَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ مَالِکُ بْنُ زُهَیْرٍ یَرْمِی مِنْ وَرَاءِ صَخْرَةٍ قَدْ رَمَی وَ أَطْلِعْ رَأْسَهُ فَیَرْمِیَهُ سَعْدٍ فَأَصَابَ السَّهْمُ عَیْنُهُ حَتَّی خَرَجَ مِنْ قَفَاهُ فَتَرَی (1) فِی السَّمَاءِ قَامَةً ثُمَّ رَجَعَ فَسَقَطَ فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَمَی رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ قَوْسِهِ یَوْمَئِذٍ حَتَّی صَارَتْ شظایا فَأَخَذَهَا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَ کَانَتْ عِنْدَهُ وَ أُصِیبَتْ یَوْمَئِذٍ عَیْنُ قَتَادَةَ حَتَّی وَقَعَتْ عَلَی وَجْنَتِهِ قَالَ قَتَادَةَ فَجِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ تَحْتِی امْرَأَةً شَابَّةً جَمِیلَةً أُحِبُّهَا وَ تُحِبُّنِی وَ أَنَا أَخْشَی أَنْ تُقَذِّرَ مَکَانَ عَیْنِی فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَرَدَّهَا وَ انْصَرَفَ بِهَا وَ عَادَتْ کَمَا کَانَتْ فَلَمْ تُضْرَبُ عَلَیْهِ سَاعَةً مِنْ لَیْلٍ وَ نَهَارٍ وَ کَانَ یَقُولُ بَعْدَ أَنْ أَسَنَّ هِیَ أَقْوَی عَیْنِی وَ کَانَتْ أَحْسَنَهُمَا.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ بَاشَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ فَرَمَی بِالنَّبْلِ حَتَّی فَنِیَتْ نَبْلُهُ وَ انْکَسَرَتْ سیة قَوْسِهِ وَ قَبْلَ ذَلِکَ انْقَطَعَ وَتْرِهِ وَ بَقِیَتْ فِی یَدِهِ قِطْعَةٌ تَکُونُ شِبْراً فِی سیة الْقَوْسِ فَأَخَذَ الْقَوْسَ عُکَّاشَةَ بْنُ مِحْصَنٍ یوتره لَهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ یَبْلُغُ الْوَتْرِ فَقَالَ مَدَّهُ یَبْلُغْ قَالَ عُکَّاشَةَ فَوَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لمددته حَتَّی بَلَغَ وَ طَوَیْتُ مِنْهُ لیتین أَوْ ثَلاَثَةً عَلَی سیة الْقَوْسِ ثُمَّ أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَمَا زَالَ یُرَامِی الْقَوْمِ وَ أَبُو طَلْحَةَ أَمَامَهُ یَسْتُرُهُ مترسا عَنْهُ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَی سیة قَوْسَهُ قَدْ تحطمت فَأَخَذَهَا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ أَبُو طَلْحَةَ یَوْمَ أُحُدٍ قَدْ نثل کِنَانَتِهِ (2) بَیْنَ یَدَیِ اَلنَّبِیِّ ص وَ کَانَ رَامِیاً وَ کَانَ صِیتاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِصَوْتِ أَبِی طَلْحَةَ فِی الْجَیْشِ خَیْرٌ مِنْ أَرْبَعِینَ رَجُلاً وَ کَانَ فِی کِنَانَتِهِ خَمْسُونَ سَهْماً نثلها بَیْنَ یَدَیْ

ص :249

رَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَعَلَ یَصِیحُ نَفْسِی دُونَ نَفْسِکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ یَزَلْ یَرْمِی بِهَا سَهْماً سَهْماً وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَطْلُعُ رَأْسَهُ مِنَ خَلْفِ أَبِی طَلْحَةَ بَیْنَ أُذُنِهِ وَ مَنْکِبِهِ یَنْظُرُ إِلَی مَوَاقِعِ النَّبْلِ حَتَّی فَنِیَتْ نَبْلُهُ وَ هُوَ یَقُولُ نَحْرِی دُونَ نَحَرَکَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاکَ قَالُوا إِنَّهُ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِیَأْخُذْ الْعُودَ مِنَ الْأَرْضِ فَیَقُولُ ارْمِ یَا أَبَا طَلْحَةَ فَیَرْمِی بِهِ سَهْماً جَیِّداً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ الرُّمَاةِ الْمَذْکُورُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو طَلْحَةَ وَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَ اَلسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ مَظْعُونٍ وَ اَلْمِقْدَادُ بْنِ عَمْرٍو وَ زَیْدُ بْنِ حَارِثَةَ وَ حَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ عُتْبَةُ بْنِ غَزْوَانَ وَ خِرَاشٍ بْنِ الصِّمَّةِ وَ قُطَبَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ حَدِیدَةً وَ بِشْرَ بْنُ الْبَرَاءِ بْنُ مَعْرُورٍ وَ أَبُو نَائِلَةَ مَلَکَانِ بْنِ سَلاَمَةَ وَ قَتَادَةُ بْنِ النُّعْمَانِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَمَی أَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِیِّ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ نَحْرِهِ فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَصَقَ عَلَیْهِ فَبَرَأَ فَکَانَ أَبُو رُهْمٍ بَعْدَ ذَلِکَ یُسَمَّی المنحور

.

4033

14,1- وَ رَوَی أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدِ اللُّغَوِیِّ غُلاَمِ ثَعْلَبٍ وَ رَوَاهُ أَیْضاً مُحَمَّدُ بْنِ حَبِیبٍ فِی أَمَالِیهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا فَرَّ مُعَظَّمٍ أَصْحَابِهِ عَنْهُ یَوْمَ أُحُدٍ کَثُرَتْ عَلَیْهِ کَتَائِبَ اَلْمُشْرِکِینَ وَ قَصَدْتُهُ کَتِیبَةٍ مِنْ بَنِی کِنَانَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ کِنَانَةَ فِیهَا بَنُو سُفْیَانَ بْنِ عویف وَ هُمْ خَالِدٍ بْنِ سُفْیَانَ وَ أَبُو الشَّعْثَاءِ بْنِ سُفْیَانَ وَ أَبُو الْحَمْرَاءِ بْنِ سُفْیَانَ وَ غُرَابٌ بْنِ سُفْیَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَا عَلِیُّ اکْفِنِی هَذِهِ الْکَتِیبَةِ فَحَمَلَ عَلَیْهَا وَ إِنَّهَا لتقارب خَمْسِینَ فَارِساً وَ هُوَ ع رَاجِلٍ فَمَا زَالَ یَضْرِبُهَا بِالسَّیْفِ حَتَّی تَتَفَرَّقَ عَنْهُ ثُمَّ تَجْتَمِعُ (1) عَلَیْهِ هَکَذَا مِرَاراً حَتَّی قُتِلَ بَنِی سُفْیَانَ بْنِ عویف الْأَرْبَعَةِ وَ تَمَامَ الْعَشَرَةِ مِنْهَا مِمَّنْ لاَ یَعْرِفُ بِأَسْمَائِهِمْ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ ع

ص :250

لِرَسُولِ اللَّهِ ص یَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ الْمُوَاسَاةُ لَقَدْ عَجِبَتِ الْمَلاَئِکَةُ مِنْ مُوَاسَاةِ هَذَا الْفَتَی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَا یَمْنَعُهُ وَ هُوَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَائِیلُ ع وَ أَنَا مِنْکُمَا قَالَ وَ سَمِعَ ذَلِکَ الْیَوْمِ صَوْتُ مَنْ قَبْلَ السَّمَاءِ لاَ یَرَی شَخْصٌ الصَّارِخُ بِهِ یُنَادِی مِرَاراً لاَ سَیْفَ إِلاَّ ذُو الْفَقَارِ وَ لاَ فَتَی إِلاَّ عَلِیٌّ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْهُ فَقَالَ هَذَا جَبْرَائِیلُ

.

قلت و قد روی هذا الخبر جماعة من المحدثین و هو من الأخبار المشهورة و وقفت علیه فی بعض نسخ مغازی محمّد بن إسحاق و رأیت بعضها خالیا عنه و سألت شیخی عبد الوهاب بن سکینة رحمه اللّه عن هذا الخبر فقال خبر صحیح فقلت فما بال الصحاح لم تشتمل علیه قال أ و کلما کان صحیحا تشتمل علیه کتب الصحاح کم قد أهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحیحة.

4034

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیُّ یَحْضُرُ (1) فَرَساً لَهُ أَبْلَقَ یُرِیدُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَیْهِ لاَمَّةٍ کَامِلَةً وَ رَسُولُ اللَّهِ ص مُتَوَجِّهٌ إِلَی الشِّعْبِ وَ هُوَ یَصِیحُ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ فَیَقِفُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ یَعْثُرُ بِعُثْمَانَ فَرَسِهِ فِی بَعْضِ تِلْکَ الْحَفْرِ الَّتِی حَفَرَهَا أَبُو عَامِرٍ الْفَاسِقُ لِلْمُسْلِمِینَ فَیَقَعُ الْفَرَسِ لِوَجْهِهِ وَ سَقَطَ عُثْمَانَ عَنْهُ وَ خَرَجَ الْفَرَسِ غائرا فَیَأْخُذُهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ یَمْشِی إِلَیْهِ اَلْحَارِثُ بْنِ الصِّمَّةِ فاضطربا سَاعَةً بِالسَّیْفَیْنِ ثُمَّ یُضْرَبُ اَلْحَارِثِ رِجْلَهُ وَ کَانَتْ دِرْعُهُ مُشَمَّرَةً فَبَرَکَ وَ ذفف (2) عَلَیْهِ وَ أَخَذَ اَلْحَارِثِ

ص :251

یَوْمَئِذٍ سَلَبَهُ دِرْعاً جَیِّداً وَ مغفرا وَ سَیْفاً جَیِّداً وَ لَمْ یَسْمَعْ بِأَحَدٍ مِنْ اَلْمُشْرِکِینَ سُلِبَ یَوْمَئِذٍ غَیْرِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَنْظُرُ إِلَی قِتَالَهُمَا فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ قِیلَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أحانه (1) وَ قَدْ کَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ أَسَرَّهُ مِنْ قَبْلَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ حَتَّی قَدِمَ بِهِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَافْتَدَی وَ رَجَعَ إِلَی قُرَیْشٍ وَ غَزَا مَعَهُمْ أَحَداً فَقَتَلَ هُنَاکَ وَ یَرَی مَصْرَعَ عُثْمَانَ عُبَیْدِ بْنِ حَاجِزٍ الْعَامِرِیِّ أَحَدُ بَنِی عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ فَأَقْبَلَ یَعْدُو کَأَنَّهُ سَبْعَ فَیَضْرِبُ حَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ضَرْبَةً عَلَی عَاتِقِهِ فَوَقَعَ اَلْحَارِثِ جَرِیحاً حَتَّی احْتَمَلَهُ أَصْحَابِهِ وَ یَقْبَلُ أَبُو دُجَانَةَ عَلَی عُبَیْدِ بْنِ حَاجِزٍ فتناوشا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَتَّقِی بالدرقة سَیْفَ صَاحِبِهِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَاحْتَضَنَهُ ثُمَّ جَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ وَ ذَبْحِهِ بِالسَّیْفِ کَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یُرْوَی أَنَّ سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ جَعَلَ یَنْضِحُ بِالنَّبْلِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ نبلوا سَهْلاً (2) فَإِنَّهُ سَهْلٍ وَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَی أَبِی الدَّرْدَاءِ وَ النَّاسُ منهزمون فِی کُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ نَعَمْ الْفَارِسُ عُوَیْمِرُ غَیْرَ أَنَّهُ لَمْ یُشْهِدْ أَحَداً .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی اَلْحَارِثُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ کَعْبِ بْنِ مَالِکٍ قَالَ حَدَّثَنِی مَنْ نَظَرَ إِلَی أَبِی سَبْرَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَ لَقِیَ أَحَدٌ اَلْمُشْرِکِینَ فَاخْتَلَفَا ضَرَبَاتٍ کُلُّ ذَلِکَ یَرُوغُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ قَالَ فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَیْهِمَا کَأَنَّهُمَا سبعان ضَارِیَانِ یقفان مَرَّةً وَ یَقْتَتِلاَنِ أُخْرَی ثُمَّ تَعَانَقَا فَوَقَعَا إِلَی الْأَرْضِ جَمِیعاً فَعَلاَهُ أَبُو سَبْرَةَ فَذَبَحَهُ بِسَیْفِهِ کَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ وَ نَهَضَ عَنْهُ فَیُقْبِلُ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ یَجُرُّ قَنَاةٍ طَوِیلَةٍ فَطَعَنَ أَبَا سَبْرَةَ مِنْ خَلْفِهِ فَنَظَرْتُ إِلَی سِنَانٍ الرُّمْحُ خَرَجَ مِنْ صَدْرِهِ

ص :252

وَ وَقَعَ أَبُو سَبْرَةَ مَیِّتاً وَ انْصَرَفَ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ یَقُولُ أَنَا أَبُو سُلَیْمَانَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَاتَلَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّبِیِّ ص قِتَالاً شَدِیداً وَ کَانَ طَلْحَةُ یَقُولُ لَقَدْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص حَیْثُ انْهَزَمَ أَصْحَابِهِ وَ کَثُرَ اَلْمُشْرِکُونَ فأحدقوا بِالنَّبِیِّ ص مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ فَمَا أَدْرِی أَقُومُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ أَوْ مِنْ وَرَائِهِ أَمْ عَنْ یَمِینِهِ أَمْ شِمَالِهِ فأذب بِالسَّیْفِ عَنْهُ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا حَتَّی انْکَشَفُوا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَئِذٍ یَقُولُ لِطَلْحَةَ لَقَدْ أَوْجَبَ وَ رُوِیَ لَقَدْ أَنْحِبُ أَیْ قَضَی نَذْرِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ سَعْدَ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ ذَکَرَ طَلْحَةَ فَقَالَ یَرْحَمُهُ اللَّهِ إِنَّهُ کَانَ أَعْظَمُنَا غَنَاءً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص یَوْمَ أُحُدٍ قِیلَ کَیْفَ یَا أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ لَزِمَ اَلنَّبِیِّ ص وَ کُنَّا نَتَفَرَّقَ عَنْهُ ثُمَّ نثوب إِلَیْهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ یَدُورُ حَوْلَ اَلنَّبِیِّ ص یترس بِنَفْسِهِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ سُئِلَ طَلْحَةَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا أَصَابَ إِصْبَعَکَ قَالَ رَمَی مَالِکُ بْنُ زُهَیْرٍ الْجُشَمِیِّ بِسَهْمٍ یُرِیدُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ کَانَ لاَ تُخْطِئُ رَمْیَتَهُ فاتقیت بِیَدِی عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَصَابَ خنصری فَشَلٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا إِنَّ طَلْحَةَ قَالَ لَمَّا رُمِیَ حِسَّ (1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَدَخَلَ اَلْجَنَّةِ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ [إِلَیْهِ]

(2) مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی رَجُلٍ یَمْشِی فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَلْیَنْظُرْ إِلَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ طَلْحَةَ مِمَّنْ قَضیٰ نَحْبَهُ (3) .

ص :253

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ طَلْحَةُ یُحَدِّثُ یَقُولُ لَمَّا جَالَ اَلْمُسْلِمُونَ تِلْکَ الْجَوْلَةِ ثُمَّ تَرَاجَعُوا أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی عَامِرِ بْنِ لُؤَیٍّ یُدْعَی شَیْبَةَ بْنَ مَالِکِ بْنِ الْمِضْرَبَ یَجُرُّ رُمْحَهُ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ أَغَرَّ کُمَیْتُ مُدَجَّجاً فِی الْحَدِیدِ یَصِیحُ أَنَا أَبُو ذَاتَ الوذع دُلُّونِی عَلَی مُحَمَّدٍ فَأَضْرِبُ عُرْقُوبُ فَرَسِهِ فاکتسعت (1) [ بِهِ]

(2) ثُمَّ أَتَنَاوَلَ رُمْحَهُ فَوَ اللَّهِ مَا أَخْطَأَتْ بِهِ عَنْ حَدَقَتُهُ فَخَّارٍ کَمَا یَخُورُ الثَّوْرُ فَمَا بَرِحْتُ بِهِ وَاضِعاً رِجْلِی عَلَی خَدِّهِ حَتَّی أزرته شُعُوبِ (3) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ طَلْحَةُ قَدْ أَصَابَتْهُ فِی رَأْسِهِ المصلبة ضَرَبَهُ رَجُلٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ ضَرْبَتَیْنِ ضَرْبَةً وَ هُوَ مُقْبِلٌ وَ ضَرْبَةٍ وَ هُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ وَ کَانَ نَزُفُّ مِنْهَا الدَّمُ قَالَ أَبُو بَکْرٍ جِئْتُ اَلنَّبِیَّ ص یَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ عَلَیْکَ بِابْنِ عَمِّکَ فَأُتِیَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ قَدْ نَزُفُّ الدَّمِ فَجَعَلْتُ أنضح فِی وَجْهِهِ الْمَاءَ وَ هُوَ مُغْشِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقُلْتُ خَیْراً هُوَ أَرْسَلَنِی إِلَیْکَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ کُلَّ مُصِیبَةٍ بَعْدَهُ جَلَّلَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِیُّ یَقُولُ نَظَرْتُ إِلَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ عِنْدَ اَلْمَرْوَةِ فِی عُمْرَةٍ فَنَظَرْتُ إِلَی المصلبة فِی رَأْسِهِ فَکَانَ ضِرَارٍ یَقُولُ أَنَا وَ اللَّهِ ضَرَبْتُهُ هُوَ اسْتَقْبَلَنِی فَضَرَبْتُهُ ثُمَّ أَکِرُّ عَلَیْهِ وَ قَدْ أَعْرَضَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَی

ص :254

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا کَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ وَ قَتَلَ عَلِیٌّ ع مَنْ قُتِلَ مِنْ النَّاسِ وَ دَخَلَ اَلْبَصْرَةِ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ اَلْعَرَبِ فَتَکَلَّمَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ نَالَ مِنْ طَلْحَةَ فَزَبَرَهُ عَلِیٍّ ع وَ قَالَ إِنَّکَ لَمْ تَشْهَدْ یَوْمَ أُحُدٍ وَ عَظُمَ غِنَائِهِ عَنْ اَلْإِسْلاَمِ مَعَ مَکَانَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَانْکَسَرَ الرَّجُلُ وَ سَکَتَ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ مَا کَانَ غَنَاؤُهُ وَ بَلاَؤُهُ یَرْحَمُهُ اللَّهُ یَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ عَلِیٌّ ع نَعَمْ یَرْحَمُهُ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ وَ إِنَّهُ لیترس بِنَفْسِهِ دُونَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ إِنَّ السُّیُوفَ لتغشاه وَ النُّبْلُ مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ وَ مَا هُوَ إِلاَّ جَنَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص یَقِیهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ رَجُلٌ لَقَدْ کَانَ یَوْمُ أُحُدٍ یَوْماً قُتِلَ فِیهِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَصَابَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص فِیهِ الْجِرَاحَةُ فَقَالَ عَلِیٌّ ع أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ لَیْتَ أَنِّی غودرت مَعَ أَصْحَابِی بنحص (1) الْجَبَلِ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ ع لَقَدْ رَأَیْتَنِی یَوْمَئِذٍ وَ إِنِّی لَأَذُبُّهُمْ فِی نَاحِیَةٍ وَ إِنَّ أَبَا دُجَانَةَ لَفِی نَاحِیَةٍ یَذُبُّ طَائِفَةً مِنْهُمْ حَتَّی فَرَّجَ اللَّهُ ذَلِکَ کُلِّهِ وَ لَقَدْ رَأَیْتُنِی وَ انْفَرَدَتْ مِنْهُمْ یَوْمَئِذٍ فِرْقَةٌ خَشْنَاءُ (2) فِیهَا عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ فَدَخَلْتُ وَسْطَهُمْ بِالسَّیْفِ فَضَرَبْتُ بِهِ وَ اشْتَمَلُوا عَلَیَّ حَتَّی أَفْضَیْتُ إِلَی آخِرِهِمْ ثُمَّ کَرَرْتُ فِیهِمُ الثَّانِیَةَ حَتَّی رَجَعْتُ مِنْ حَیْثُ جِئْتُ وَ لَکِنَّ الْأَجَلَ اسْتَأْخَرَ وَ یَقْضِی اَللّٰهُ أَمْراً کٰانَ مَفْعُولاً

.

4035

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی جَابِرُ بْنُ سُلَیْمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَیْمَةَ قَالَ حَدَّثَنِی مَنْ نَظَرَ إِلَی اَلْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ وَ إِنَّهُ لیحوشهم (3) یَوْمَئِذٍ کَمَا تُحَاشِ الْغَنَمِ وَ لَقَدْ اشْتَمَلُوا عَلَیْهِ حَتَّی قِیلَ قَدْ قَتَلَ ثُمَّ بَرَزَ وَ السَّیْفُ فِی یَدِهِ وَ افْتَرَقُوا عَنْهُ وَ جَعَلَ یَحْمِلُ عَلَی فُرْقَةٍ مِنْهُمْ وَ إِنَّهُمْ لیهربون مِنْهُ إِلَی جَمْعٍ مِنْهُمْ

ص :255

وَ صَارَ اَلْحُبَابِ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص وَ کَانَ اَلْحُبَابِ یَوْمَئِذٍ مُعَلَّماً بِعِصَابَةٍ خَضْرَاءَ فِی مِغْفَرَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ طَلَعَ یَوْمَئِذٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَکْرٍ عَلَی فَرَسٍ مُدَجَّجاً لاَ یُرَی مِنْهُ إِلاَّ عَیْنَاهُ فَقَالَ مَنْ یُبَارِزُ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتِیقٍ فَنَهَضَ إِلَیْهِ أَبُو بَکْرٍ وَ قَالَ أَنَا أُبَارِزُهُ وَ جَرَّدَ سَیْفَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص شَمَّ سَیْفَکَ وَ ارْجِعْ إِلَی مَکَانِکَ وَ مَتِّعْنَا بِنَفْسِکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا وَجَدْتُ لشماس بْنِ عُثْمَانَ شَبَهاً إِلاَّ اَلْجَنَّةُ یَعْنِی مِمَّا یُقَاتِلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لاَ یَأْخُذُ یَمِیناً وَ لاَ شِمَالاً إِلاَّ رَأَی شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ فِی ذَلِکَ الْوَجْهِ یَذُبُّ بِسَیْفِهِ عَنْهُ حَتَّی غُشِیَ رَسُولُ اللَّهِ ص فترس (1) بِنَفْسِهِ دُونَهُ حَتَّی قُتِلَ فَذَلِکَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص مَا وَجَدْتُ لشماس شَبَهاً إِلاَّ اَلْجَنَّةُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا وَلَّی اَلْمُسْلِمُونَ حِینَ عَطَفَ عَلَیْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ مِنْ خَلْفِهِمْ کَانَ أَوَّلَ مَنْ أَقْبَلَ مِنْ اَلْمُسْلِمِینَ بَعْدَ التَّوْلِیَةِ قَیْسٍ بْنِ محرث مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ اَلْأَنْصَارِ وَ قَدْ کَانُوا بَلَغُوا بَنِی حَارِثَةَ فَرَجَعُوا سِرَاعاً فَصَادَفُوا اَلْمُشْرِکِینَ فِی کَثْرَتِهِمْ فَدَخَلُوا فِی حَوْمَتَهُمْ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّی قُتِلُوا کُلُّهُمْ وَ لَقَدْ ضاربهم قَیْسٍ بْنِ محرث فَامْتَنَعَ بِسَیْفِهِ حَتَّی قُتِلَ مِنْهُمْ نَفَراً فَمَا قَتَلُوهُ إِلاَّ بِالرِّمَاحِ نظموه وَ لَقَدْ وَجَدَ بِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ طَعْنَةً جَائِفَةً (2) وَ عَشْرَ ضَرَبَاتٍ بِالسَّیْفِ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نظلة الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قوقل وَ خَارِجَةُ بْنِ

ص :256

زَیْدِ بْنِ أَبِی زُهَیْرٍ وَ أَوْسٍ بْنِ أَرْقَمَ بْنِ زَیْدٍ وَ عَبَّاسٍ رَافِعٍ صَوْتَهُ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ اَلْمُسْلِمِینَ اللَّهِ وَ نَبِیُّکُمْ هَذَا الَّذِی أَصَابَکُمْ بِمَعْصِیَةِ نَبِیِّکُمْ وَعَدَکُمْ (1) النَّصْرَ فَمَا صَبَرْتُمْ ثُمَّ نَزَعَ مِغْفَرَهُ عَنْ رَأْسِهِ وَ خَلْعِ دِرْعَهُ وَ قَالَ لخارجة بْنِ زَیْدٍ هَلْ لَکَ فِی دِرْعِی وَ مغفری قَالَ خَارِجَةَ لاَ أَنَا أُرِیدُ الَّذِی تُرِیدُ فخالطوا الْقَوْمُ جَمِیعاً وَ عَبَّاسٍ یَقُولُ مَا عُذْرَنَا عِنْدَ رَبِّنَا إِنَّ أُصِیبَ نَبِیِّنَا وَ مِنَّا عَیْنٌ تَطْرِفُ قَالَ فَیَقُولُ (2) خَارِجَةَ لاَ عُذْرَ لَنَا وَ اللَّهِ عِنْدَ رَبِّنَا وَ لاَ حُجَّةَ فَأَمَّا عَبَّاسٍ فَقَتَلَهُ سُفْیَانَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ السُّلَمِیُّ وَ لَقَدْ ضَرَبَهُ عَبَّاسٍ ضَرْبَتَیْنِ فَجَرَحَهُ جرحین عَظِیمَیْنِ فَارْتُثَّ یَوْمَئِذٍ جَرِیحاً فَمَکَثَ جَرِیحاً سَنَةً ثُمَّ استبل وَ أَخَذْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَیْدِ الرِّمَاحِ فَجُرِحَ بِضْعَةَ عَشَرَ جُرْحاً فَمَرَّ بِهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ فَعَرَفَهُ فَقَالَ هَذَا مِنْ أَکَابِرِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ بِهِ رَمَقٌ فَأَجْهَزَ عَلَیْهِ وَ قُتِلَ أَوْسُ بْنِ أَرْقَمَ وَ قَالَ صَفْوَانُ مَنْ رَأَی خُبَیْبُ بْنُ یِسَافٍ وَ هُوَ یَطْلُبُهُ فَلاَ یُقْدَرُ عَلَیْهِ وَ مَثَلُ یَوْمَئِذٍ بِخَارِجَةٍ وَ قَالَ هَذَا مِمَّنْ أُغْرِیَ بِأَبِی یَوْمَ بَدْرٍ یَعْنِی أُمَیَّةَ بْنُ خَلَفٍ وَ قَالَ الْآنَ شَفَیْتَ نَفْسِی حِینَ قَتَلَتْ الْأَمَاثِلُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ قَتَلْتَ اِبْنَ قوقل وَ قَتَلْتُ اِبْنَ أَبِی زُهَیْرٍ وَ قَتَلْتُ أَوْسُ بْنِ أَرْقَمَ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَئِذٍ مَنْ یَأْخُذُ هَذَا السَّیْفَ بِحَقِّهِ قَالُوا وَ مَا حَقُّهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یُضْرَبُ بِهِ الْعَدُوُّ فَقَالَ عُمَرُ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ عَرَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِذَلِکَ الشَّرْطُ فَقَامَ اَلزُّبَیْرِ فَقَالَ أَنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّی وَجَدَ (3) عُمَرُ وَ اَلزُّبَیْرَ فِی أَنْفُسِهِمَا ثُمَّ عَرَضَهُ الثَّالِثَةِ فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ وَ قَالَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ آخُذُهُ بِحَقِّهِ فَدَفَعَهُ إِلَیْهِ فَصَدَقَ حِینَ لَقِیَ بِهِ الْعَدُوُّ وَ أَعْطَی السَّیْفَ حَقَّهُ فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَیْنِ إِمَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْ اَلزُّبَیْرُ وَ اللَّهِ لَأَجْعَلَنَّ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی أَعْطَاهُ السَّیْفَ وَ مَنَعَنِیهِ مِنْ شَأْنِی قَالَ فَاتَّبَعْتُهُ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ أَحَداً قَاتَلَ أَفْضَلُ

ص :257

مِنْ قِتَالِهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ یَضْرِبُ بِهِ حَتَّی إِذَا کُلِّ عَلَیْهِ وَ خَافَ أَلاَ یَحِیکُ (1) عَمَدَ بِهِ إِلَی الْحِجَارَةِ فشحذه ثُمَّ یَضْرِبُ بِهِ الْعَدُوُّ حَتَّی یَرُدَّهُ (2) کَأَنَّهُ منجل وَ کَانَ حِینَ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص السَّیْفَ مَشَی بَیْنَ الصَّفَّیْنِ وَ اخْتَالَ فِی مِشْیَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حِینَ رَآهُ یَمْشِی تِلْکَ الْمَشِیَّةُ إِنَّ هَذِهِ لَمِشْیَةٌ یُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَی إِلاَّ فِی مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ قَالَ وَ کَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ص یَعْلَمُونَ فِی الزَّحُوفِ أَحَدُهُمْ أَبُو دُجَانَةَ کَانَ یَعْصِبُ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ وَ کَانَ قَوْمِهِ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِذَا اعتصب بِهَا أَحْسَنَ الْقِتَالِ وَ کَانَ عَلِیٌّ ع یَعْلَمُ بصوفة بَیْضَاءَ وَ کَانَ اَلزُّبَیْرُ یَعْلَمُ بِعِصَابَةٍ صَفْرَاءَ وَ کَانَ حَمْزَةُ یَعْلَمُ بریش نَعَامَةً.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ أَبُو دُجَانَةَ یُحَدِّثُ یَقُولُ إِنِّی لَأَنْظُرُ یَوْمَئِذٍ إِلَی امْرَأَةٍ تَقْذِفُ النَّاسِ وَ تحوشهم حوشا مُنْکَراً فَرَفَعْتُ عَلَیْهَا السَّیْفُ وَ مَا أَحْسَبُهَا إِلاَّ رَجُلاً حَتَّی عَلِمْتُ أَنَّهَا امْرَأَةُ وَ کَرِهْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِسَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ ص امْرَأَةٌ وَ المَرْأَةُ عَمْرَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ کَعْبُ بْنِ مَالِکٍ یَقُولُ أَصَابَنِی الْجَرَّاحِ یَوْمَ أُحُدٍ فَلَمَّا رَأَیْتُ اَلْمُشْرِکِینَ یمثلون بِالْمُسْلِمِینَ أَشَدُّ الْمَثَلَ وَ أَقْبَحَهَا قُمْتُ فَتَنَحَّیْتُ عَنْ الْقَتْلَی فَإِنِّی لَفِی مَوْضِعِی أَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْعُقَیْلِیِّ جَامِعِ اللاَّمَّةِ یحوش اَلْمُسْلِمِینَ یَقُولُ اسْتَوْسِقُوا (3) کَمَا یستوسق جُرِّبَ الْغَنَمِ وَ هُوَ مُدَجَّجٍ فِی الْحَدِیدِ یَصِیحُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لاَ تَقْتُلُوا مُحَمَّداً ائسروه أَسْراً حَتَّی نَعْرِفُهُ مَا صَنَعَ وَ یَصْمِدُ لَهُ قُزْمَانُ فَیَضْرِبُهُ بِالسَّیْفِ ضَرْبَةً عَلَی عَاتِقِهِ رَأَیْتُ مِنْهَا سِحْرِهِ ثُمَّ أَخَذَ سَیْفَهُ وَ انْصَرَفَ فَطَلَعَ عَلَیْهِ مِنْ اَلْمُشْرِکِینَ فَارِسَ مَا أَرَی مِنْهُ إِلاَّ عَیْنَیْهِ فَحَمَلَ عَلَیْهِ قُزْمَانُ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً جزله اثْنَیْنِ فَإِذَا هُوَ اَلْوَلِیدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِیُّ ثُمَّ یَقُولُ کَعْبُ إِنِّی لَأَنْظُرُ یَوْمَئِذٍ وَ أَقُولُ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ أَشْجَعُ

ص :258

بِالسَّیْفِ ثُمَّ خَتَمَ لَهُ بِمَا خَتَمَ لَهُ بِهِ فَیُقَالُ لَهُ فَمَا خَتَمَ لَهُ بِهِ فَیَقُولُ مَنْ أَهْلِ اَلنَّارِ قَتْلُ نَفْسَهُ یَوْمَئِذٍ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی أَبُو النَّمِرِ الْکِنَانِیِّ قَالَ أَقْبَلْتُ یَوْمَ أُحُدٍ وَ أَنَا مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ وَ قَدْ انْکَشَفَ اَلْمُسْلِمُونَ وَ قَدْ حَضَرَتِ فِی عَشَرَةٍ مِنْ إِخْوَتِی فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَ کَانَ الرِّیحُ لِلْمُسْلِمِینَ أَوَّلُ مَا الْتَقَیْنَا فَلَقَدْ رَأَیْتُنِی وَ انکشفنا مُوَلِّینَ وَ أَقْبَلَ أَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ص عَلَی نَهَبَ الْعَسْکَرِ حَتَّی بَلَغْتُ الْجَمَّاءِ ثُمَّ کَرَّتْ خَیْلُنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا کَرَّتْ الْخَیْلِ إِلاَّ عَنْ أَمْرِ رَأَتْهُ فکررنا عَلَی أَقْدَامِنَا کَأَنَّنَا الْخَیْلِ فَنُجِّدَ الْقَوْمَ قَدْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً یُقَاتِلُونَ عَلَی غَیْرِ صُفُوفِ مَا یَدْرِی بَعْضُهُمْ مِنْ یَضْرِبُ وَ مَا لِلْمُسْلِمِینَ لِوَاءُ قَائِمٌ وَ مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ لِوَاءَ اَلْمُشْرِکِینَ وَ أَنَا أَسْمَعُ شِعَارُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بَیْنَهُمْ أَمِتْ أَمِتْ فَأَقُولُ فِی نَفْسِی مَا أَمِتْ وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ مُحْدِقُونَ بِهِ وَ إِنْ النَّبْلِ لَیَمُرُّ عَنْ یَمِینِهِ وَ یَسَارِهِ وَ یَقَعُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ یَخْرُجُ مِنْ وَرَائِهِ وَ لَقَدْ رَمَیْتَ یَوْمَئِذٍ بِخَمْسِینَ مرماة فَأَصَبْتُ مِنْهَا بَأْسَهُمْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ هَدَانِی اللَّهُ إِلَی اَلْإِسْلاَمِ .

*قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَمْرُو بْنِ ثَابِتِ بْنِ وقش شَاکّاً فِی اَلْإِسْلاَمِ وَ کَانَ قَوْمِهِ یُکَلِّمُونَهُ فِی اَلْإِسْلاَمِ فَیَقُولُ لَوْ أَعْلَمُ مَا تَقُولُونَ حَقّاً مَا تَأَخَّرْتَ عَنْهُ حَتَّی إِذَا کَانَ یَوْمُ أُحُدٍ بَدَا لَهُ اَلْإِسْلاَمِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَحَدٍ وَ أَخَذَ سَیْفَهُ وَ أَسْلَمَ وَ خَرَجَ حَتَّی دَخَلَ فِی الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّی أَثْبَتَ (1) فَوَجَدَ فِی الْقَتْلَی جَرِیحاً مَیِّتاً فَدَنَوْا مِنْهُ وَ هُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ فَقَالُوا مَا جَاءَ بِکَ یَا عَمْرُو قَالَ اَلْإِسْلاَمِ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ أَخَذْتُ سَیْفِی وَ حَضَرَتِ فَرَزَقَنِی اللَّهُ الشَّهَادَةَ وَ مَاتَ فِی أَیْدِیهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّهُ لِمَنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ

ص :259

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَکَانَ أَبُو هُرَیْرَةَ یَقُولُ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ أَخْبِرُونِی بِرَجُلٍ یَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ لَمْ یُصَلِّ لِلَّهِ تَعَالَی سَجْدَةً فَیَسْکُتُ النَّاسِ فَیَقُولُ أَبُو هُرَیْرَةَ هُوَ أَخُو بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَمْرِو بْنِ ثَابِتِ بْنِ وقش .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مخیرق اَلْیَهُودِیَّ مَنْ أَحْبَارِ یَهُودِ فَقَالَ یَوْمُ السَّبْتِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَحَدٍ یَا مَعْشَرَ یَهُودُ وَ اللَّهِ إِنَّکُمْ لتعلمون أَنَّ مُحَمَّداً نَبِیٌّ وَ أَنَّ نَصَرَهُ عَلَیْکُمْ حَقٌّ فَقَالُوا وَیْحَکَ الْیَوْمُ یَوْمُ السَّبْتِ فَقَالَ لاَ سَبْتٍ ثُمَّ أَخَذَ سِلاَحَهُ وَ حَضَرَ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص فَأُصِیبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مخیرق خَیْرٌ یَهُودُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ مخیرق قَالَ حِینَ خَرَجَ إِلَی أَحَدٍ إِنْ أَصَبْتَ فأموالی لِمُحَمَّدٍ یَضَعُهَا حَیْثُ أَرَاهُ اللَّهُ فِیهِ فَهِیَ عَامَّةً صَدَقَاتِ اَلنَّبِیِّ ص .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ حَاطِبُ بْنُ أُمَیَّةَ مُنَافِقاً وَ کَانَ ابْنُهُ یَزِیدَ بْنِ حَاطِبٍ رَجُلَ صِدْقٍ شَهِدَ أَحَداً مَعَ اَلنَّبِیِّ ص فَارْتُثَّ (1) جَرِیحاً فَرَجَعَ بِهِ قَوْمُهُ إِلَی مَنْزِلِهِ قَالَ یَقُولُ أَبُوهُ وَ هُوَ یَرَی أَهْلَ الدَّارِ یَبْکُونَ عِنْدَهُ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ صَنَعْتُمْ هَذَا بِهِ قَالُوا کَیْفَ قَالَ أغررتموه مِنْ نَفْسِهِ حَتَّی خَرَجَ فَقُتِلَ ثُمَّ صِرْتُمْ مَعَهُ إِلَی شَیْءٍ آخَرَ تعدونه جَنَّةِ یَدْخُلُ فِیهَا حَبَّةٌ مِنَ حَرْمَلٍ قَالُوا قَاتَلَکَ اللَّهِ قَالَ هُوَ ذَاکَ وَ لَمْ یُقِرَّ بِالْإِسْلاَمِ (2) .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ قُزْمَانُ عسیفا (3) مِنْ بَنِی ظَفَرٍ لاَ یُدْرَی مِمَّنْ هُوَ وَ کَانَ لَهُمْ مُحِبّاً

ص :260

وَ کَانَ مُقِلاًّ وَ لاَ وَلَدَ لَهُ وَ لاَ زَوْجَةٍ وَ کَانَ شُجَاعاً یُعْرَفُ بِذَلِکَ فِی حروبهم الَّتِی کَانَتْ تَکُونُ بَیْنَهُمْ فَشَهِدَ أَحَداً وَ قَاتَلَ قِتَالاً شَدِیداً فَقُتِلَ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً فَأَصَابَتْهُ الْجَرَّاحِ فَقِیلَ لِلنَّبِیِّ ص إِنَّ قُزْمَانَ قَدِ أَصَابَتْهُ الْجَرَّاحِ فَهُوَ شَهِیدٌ فَقَالَ بَلْ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ فَجَاءُوا إِلَی قُزْمَانُ فَقَالُوا هَنِیئاً لَکَ أَبَا الْغَیْدَاقُ الشَّهَادَةَ فَقَالَ بِمَ تبشروننی وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَا إِلاَّ عَلَی الْأَحْسَابِ قَالُوا بشرناک بِالْجَنَّةِ قَالَ حَبَّةٌ وَ اللَّهِ مِنْ حَرْمَلٍ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَا عَلَی جَنَّةَ وَ لاَ عَلَی نَارٍ إِنَّمَا قَاتَلْنَا عَلَی أحسابنا ثُمَّ أَخْرَجَ سَهْماً مِنْ کِنَانَتِهِ فَجَعَلَ یتوجأ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَیْهِ الْمِشْقَصَ أَخَذَ السَّیْفُ فَاتَّکَأَ عَلَیْهِ حَتَّی خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ فَذَکَرَ ذَلِکَ لِلنَّبِیِّ ص فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلاً أَعْرَجَ فَلَمَّا کَانَ یَوْمُ أُحُدٍ وَ کَانَ لَهُ بَنُونَ أَرْبَعَةَ یَشْهَدُونَ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص الْمَشَاهِدِ أَمْثَالُ الْأَسَدِ أَرَادَ قَوْمَهُ أَنْ یَحْبِسُوهُ وَ قَالُوا أَنْتَ رَجُلٌ أَعْرَجَ وَ لاَ حَرَجَ عَلَیْکَ وَ قَدْ ذَهَبَ بَنُوکَ مَعَ اَلنَّبِیِّ ص قَالَ بَخْ یَذْهَبُونَ إِلَی اَلْجَنَّةِ وَ أَجْلَسَ أَنَا عِنْدَکُمْ فَقَالَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ امْرَأَتَهُ کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ مُوَلِّیاً قَدْ أَخَذَ دَرَقَتِهِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ لاَ تَرُدَّنِی إِلَی أَهْلِی فَخَرَجَ وَ لَحِقَهُ بَعْضِ قَوْمِهِ یُکَلِّمُونَهُ فِی الْقُعُودِ فَأَبَی وَ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمِی یُرِیدُونَ أَنْ یحبسونی عَنْ هَذَا الْوَجْهِ وَ الْخُرُوجُ مَعَکَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَطَأَ بعرجتی هَذِهِ فِی اَلْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عُذْرَکَ اللَّهِ وَ لاَ جِهَادٍ عَلَیْکَ فَأَبَی فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص لِقَوْمِهِ وَ بَنِیهِ لاَ عَلَیْکُمْ أَنْ تمنعوه لَعَلَّ اللَّهَ یَرْزُقُهُ الشَّهَادَةِ فَخَلَّوْا عَنْهُ فَقُتِلَ یَوْمَئِذٍ شَهِیداً وَ کَانَ أَبُو طَلْحَةَ یُحَدِّثُ یَقُولُ نَظَرْتُ إِلَی عَمْرِو بْنُ الْجَمُوحِ حِینَ انْکَشَفَ اَلْمُسْلِمُونَ ثُمَّ ثَابُوا وَ هُوَ فِی الرَّعِیلِ الْأَوَّلِ لَکَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی ضِلْعِهِ وَ هُوَ یَعْرُجُ فِی مِشْیَتِهِ وَ هُوَ یَقُولُ أَنَا وَ اللَّهِ مُشْتَاقٌ إِلَی اَلْجَنَّةِ ثُمَّ أَنْظُرُ إِلَی ابْنِهِ یَعْدُو فِی أَثَرِهِ حَتَّی قُتِلاَ جَمِیعاً.

ص :261

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتْ عَائِشَةُ خَرَجَتْ فِی نِسْوَةٍ تستروح الْخَبَرَ وَ لَمْ یَکُنْ قَدْ ضَرَبَ الْحِجَابِ یَوْمَئِذٍ حَتَّی کَانَتْ بِمُنْقَطَعِ اَلْحُرَّةِ وَ هِیَ هَابِطَةً مِنْ بَنِی حَارِثَةَ إِلَی الْوَادِی لَقِیتُ هِنْداً بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ أُخْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ تَسُوقُ بَعِیراً لَهَا عَلَیْهِ زَوْجُهَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَ ابْنُهَا خَلاَّدٍ بْنِ عَمْرِو بْنُ الْجَمُوحِ وَ أَخُوهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ (1) أَبُو جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ عِنْدَکَ الْخَبَرِ فَمَا وَرَاءَکَ فَقَالَتْ هِنْدٌ خَیْرٍ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ص فَصَالَحَ وَ کُلِّ مُصِیبَةٍ بَعْدَهُ جَلَّلَ وَ اتَّخَذَ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ شُهَدَاءُ وَ رَدَّ اللّٰهُ الَّذِینَ کَفَرُوا بِغَیْظِهِمْ لَمْ یَنٰالُوا خَیْراً وَ کَفَی اللّٰهُ الْمُؤْمِنِینَ الْقِتٰالَ وَ کٰانَ اللّٰهُ قَوِیًّا عَزِیزاً .

قُلْتُ هَکَذَا وَرَدَتْ الرِّوَایَةِ وَ عِنْدِی أَنَّهَا لَمْ تَقُلْ کُلِّ ذَلِکَ وَ لَعَلَّهَا قَالَتْ وَ رَدَّ اللّٰهُ الَّذِینَ کَفَرُوا بِغَیْظِهِمْ لاَ غَیْرُ وَ إِلاَّ فَکَیْفَ یُوَاطِئُ کَلاَمَهَا آیَةً مِنْ کَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَی أُنْزِلَتْ بَعْدَ اَلْخَنْدَقِ وَ اَلْخَنْدَقِ بَعْدَ أُحُدٍ هَذَا مِنْ الْبَعِیدِ جِدّاً.

قَالَ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ فَمَنْ هَؤُلاَءِ قَالَتْ أَخِی وَ ابْنَیَّ وَ زَوْجِی قَتْلَی قَالَتْ فَأَیْنَ تَذْهَبِینَ بِهِمْ قَالَتْ إِلَی اَلْمَدِینَةِ أقبرهم بِهَا حَلْ حَلْ تَزْجُرُ بَعِیرِهَا فَبَرَکَ الْبَعِیرِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِثِقَلِ مَا حَمَلَ قَالَتْ هِنْدٌ مَا ذَاکَ بِهِ لَرُبَّمَا حَمْلِ مَا یَحْمِلُهُ الْبَعِیرَانِ وَ لَکِنِّی أَرَاهُ لِغَیْرِ ذَلِکَ فزجرته فَقَامَ فَلَمَّا وَجَّهْتُ بِهِ إِلَی اَلْمَدِینَةِ بِرِّکَ فوجهته رَاجِعَةً إِلَی أَحَدٍ فَأَسْرَعَ فَرَجَعْتُ إِلَی اَلنَّبِیِّ ص فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِکَ فَقَالَ إِنَّ الْجَمَلَ لِمَأْمُورٍ هَلْ قَالَ عَمْرٌو شَیْئاً قَالَتْ نَعَمْ إِنَّهُ لَمَّا وَجَّهَ إِلَی أَحَدٍ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَرُدَّنِی إِلَی أَهْلِی وَ ارْزُقْنِی الشَّهَادَةَ فَقَالَ ص فَلِذَلِکَ الْجَمَلِ لاَ یَمْضِی إِنَّ مِنْکُمْ یَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَی اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ یَا هِنْدُ مَا زَالَتِ الْمَلاَئِکَةُ مِظَلَّةٌ عَلَی أَخِیکَ مِنْ لَدُنْ قُتِلَ إِلَی السَّاعَةِ یَنْظُرُونَ أَیْنَ یُدْفَنُ ثُمَّ مَکَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِی قَبْرُهُمْ ثُمَّ قَالَ یَا هِنْدُ قَدْ ترافقوا فِی اَلْجَنَّةِ

ص :262

جَمِیعاً عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بَعْلُکِ وَ خَلاَّدٍ ابْنِکَ وَ عَبْدُ اللَّهِ أَخُوکَ فَقَالَتْ هِنْدٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَادْعُ اللَّهَ لِی عَسَی أَنْ یَجْعَلَنِی مَعَهُمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ جَابِرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ اصْطَبَحَ نَاسٌ یَوْمَ أُحُدٍ الْخَمْرِ مِنْهُمْ أَبِی فَقَتَلُوا شُهَدَاءُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ جَابِرٌ یَقُولُ أَوَّلَ قَتِیلٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ یَوْمَ أُحُدٍ أَبِی قَتَلَهُ سُفْیَانَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ فَصَلَّی عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص قَبْلَ الْهَزِیمَةَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ جَابِرٌ یُحَدِّثُ وَ یَقُولُ اسْتُشْهِدَ أَبِی وَ جُعِلْتُ عَمَّتِی تَبْکِی فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص مَا یبکیها مَا زَالَتِ الْمَلاَئِکَةُ تَظَلُّ عَلَیْهِ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّی دُفِنَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ رَأَیْتُ فِی النَّوْمِ قَبْلَ یَوْمِ أُحُدٍ بِأَیَّامٍ مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَحَدٌ الشُّهَدَاءِ بِبَدْرٍ یَقُولُ لِی أَنْتَ قَادِمٍ عَلَیْنَا فِی أَیَّامِ فَقُلْتُ فَأَیْنَ أَنْتَ قَالَ فِی اَلْجَنَّةِ نسرح مِنْهَا حَیْثُ نَشَاءُ فَقُلْتُ لَهُ أَ لَمْ تُقْتَلْ یَوْمَ بَدْرٍ قَالَ بَلَی ثُمَّ أَحْیَیْتَ فَذَکَرَ ذَلِکَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ یَا جَابِرُ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ أُحُدٍ ادْفِنُوا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ وَ یُقَالُ إِنَّهُمَا وُجِدَا وَ قَدْ مُثِّلَ بِهِمَا کُلَّ مُثْلَةٍ قُطِعَتْ آرابهما (1) عُضْواً عُضْواً فَلاَ تُعْرَفُ أَبْدَانِهِمَا فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص ادْفِنُوهُمَا فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ وَ یُقَالُ إِنَّمَا أُمِرَ بِدَفْنِهِمَا فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ لَمَا کَانَ بَیْنَهُمَا

ص :263

مِنَ الصَّفَاءِ فَقَالَ ادْفِنُوا هَذَیْنِ الْمُتَحَابِّینَ فِی الدُّنْیَا فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ.

وَ کَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ رَجُلاً أَحْمَرَ أَصْلَعُ لَیْسَ بِالطَّوِیلِ وَ کَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ طَوِیلاً فَعُرِفَا وَ دَخَلَ السَّیْلِ بَعْدَ عَلَیْهِمَا وَ کَانَ قَبْرِهِمَا مِمَّا یَلِی السَّیْلِ فَحَفَرَ عَنْهُمَا وَ عَلَیْهِمَا نمرتان وَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِی وَجْهِهِ فیده عَلَی وَجْهِهِ (1) فأمیطت یَدَهُ عَنْ جُرْحَهُ فثعب (2) الدَّمُ فَرُدَّتْ إِلَی مَکَانِهَا فَسَکَنَ الدَّمَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ جَابِرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ رَأَیْتُ أَبِی فِی حُفْرَتِهِ وَ کَأَنَّهُ نَائِمٌ وَ مَا تَغَیَّرَ مِنْ حَالِهِ قَلِیلٌ وَ لاَ کَثِیرٌ فَقِیلَ لَهُ أَ فَرَأَیْتَ أَکْفَانَهُ قَالَ إِنَّمَا کُفِّنَ فِی نَمِرَةٍ (3) خَمْرٌ بِهَا وَجْهَهُ وَ عَلَی رِجْلَیْهِ الْحَرْمَلُ فَوَجَدْنَا النَّمِرَةِ کَمَا هِیَ وَ الْحَرْمَلُ عَلَی رِجْلَیْهِ کَهَیْئَتِهِ وَ بَیْنَ ذَلِکَ وَ بَیْنَ وَقْتٍ دَفْنِهِ سِتٌّ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً فشاورهم جَابِرٌ فِی أَنْ یُطَیِّبُهُ بِمِسْکٍ فَأَبَی ذَلِکَ أَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ص وَ قَالُوا لاَ تُحَدِّثُوا فِیهِمْ شَیْئاً.

قَالَ وَ یُقَالُ إِنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یُجْرِیَ الْعَیْنَ الَّتِی أَحْدَثَهَا بِالْمَدِینَةِ وَ هِیَ کَظُلْمَةِ نَادَی مُنَادِیهِ بِالْمَدِینَةِ مَنْ کَانَ لَهُ قَتِیلٌ بِأَحَدٍ فَلْیَشْهَدْ فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَی قَتْلاَهُمْ فَوَجَدُوهُمْ رِطَاباً یَتَثَنَّوْنَ فَأَصَابَتْ الْمِسْحَاةُ رَجُلٍ رَجُلٍ مِنْهُمْ فثعبت دَماً فَقَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ لاَ یُنْکِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْکِرٌ أَبَداً.

قَالَ وَ وَجَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ وَ وَجَدَ خَارِجَةَ بْنِ زَیْدِ بْنِ أَبِی زُهَیْرٍ وَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا قَبْرَ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَمْرُو فَحَوَّلَ وَ ذَلِکَ أَنَّ الْقَنَاةَ کَانَتْ تَمُرُّ عَلَی قَبْرِهَا وَ أَمَّا قَبْرُ خَارِجَةَ وَ سَعْدُ فَتَرَکَ وَ ذَلِکَ لِأَنَّ مَکَانِهِ کَانَ مُعْتَزِلاً وَ سُوِّیَ عَلَیْهِمَا التُّرَابِ وَ لَقَدْ کَانُوا یَحْفِرُونَ التُّرَابِ فَکُلَّمَا حَفَرُوا قِتْرَةَ مِنْ تُرَابٍ فَاحَ عَلَیْهِمْ الْمِسْکَ.

ص :264

قَالَ وَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لِجَابِرِ یَا جَابِرُ أَ لاَ أُبَشِّرُکَ فَقَالَ بَلَی بِأَبِی وَ أُمِّی قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَحْیَا أَبَاکَ ثُمَّ کَلَّمَهُ کَلاَماً فَقَالَ لَهُ تَمَنَّ عَلَی رَبِّکَ مَا شِئْتَ فَقَالَ أَتَمَنَّی أَنْ أَرْجِعَ فَأَقْتُلَ مَعَ نَبِیِّکَ ثُمَّ أَحْیَا فَأَقْتُلَ مَعَ نَبِیِّکَ فَقَالَ إِنِّی قَدْ قَضَیْتُ أَنَّهُمْ لاَ یَرْجِعُونَ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَتْ نَسِیبَةُ بِنْتُ کَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ بْنِ غَزِیَّةَ بْنِ عَمْرٍو قَدْ شَهِدْتُ أَحَداً وَ زَوْجُهَا (1) غَزِیَّةَ وَ ابْنَاهَا عُمَارَةَ بْنِ غَزِیَّةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَیْدٍ وَ خَرَجْتُ وَ مَعَهَا شَنٍّ (2) لَهَا فِی أَوَّلِ النَّهَارِ تُرِیدُ تَسْقِی الْجَرْحَی فَقَاتَلْتُ یَوْمَئِذٍ وَ أَبْلَتِ بَلاَءٍ حَسَناً فجرحت اثْنَیْ عَشَرَ جُرْحاً بَیْنَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ ضَرْبَةً بِسَیْفٍ فَکَانَتْ أُمَّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ تُحَدِّثْ فَتَقُولُ دَخَلْتُ عَلَیْهَا فَقَالَتْ لَهَا یَا خَالَةٍ حَدِّثِینِی خَبَرَکَ فَقَالَتْ خَرَجَتْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَی أَحَدٍ وَ أَنَا أَنْظُرُ مَا یَصْنَعُ النَّاسُ وَ مَعِی سِقَاءٌ فِیهِ مَاءٌ فَانْتَهَیْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ فِی اَلصَّحَابَةِ وَ الدَّوْلَةُ وَ الرِّیحُ لِلْمُسْلِمِینَ فَلَمَّا انْهَزَمَ اَلْمُسْلِمُونَ انحزت إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَجَعَلْتُ أباشر الْقِتَالِ وَ أَذُبُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص بِالسَّیْفِ وَ أَرْمِی بِالْقَوْسِ حَتَّی خَلَصَتْ إِلَی الْجَرَّاحِ فَرَأَیْتُ عَلَی عَاتِقِهَا جُرْحاً أَجْوَفَ لَهُ غَوْرَ فَقُلْتُ یَا أُمَّ عُمَارَةَ مَنْ أَصَابَکَ بِهَذَا قَالَتْ أَقْبَلَ اِبْنُ قَمِیئَةَ وَ قَدْ وَلَّی النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص یَصِیحُ دُلُّونِی عَلَی مُحَمَّدٍ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا فَاعْتَرَضَ لَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ وَ نَاسٌ مَعَهُ فَکُنْتُ فِیهِمْ فَضَرَبَنِی هَذِهِ الضَّرْبَةُ وَ لَقَدْ ضَرَبْتُهُ عَلَی ذَلِکَ ضَرَبَاتٍ وَ لَکِنْ عَدُوَّ اللَّهِ کَانَ عَلَیْهِ دِرْعَانِ فَقَالَتْ لَهَا یَدَکَ مَا أَصَابَهَا قَالَتْ أُصِیبَتْ یَوْمَ اَلْیَمَامَةِ لَمَّا جُعِلْتُ اَلْأَعْرَابِ تنهزم بِالنَّاسِ نَادَتْ اَلْأَنْصَارِ أخلصونا فأخلصت اَلْأَنْصَارِ فَکُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی حَدِیقَةٍ الْمَوْتِ فَاقْتَتَلْنَا عَلَیْهَا سَاعَةً حَتَّی قُتِلَ أَبُو دُجَانَةَ عَلَی بَابِ الْحَدِیقَةِ وَ دَخَلَتْهَا

ص :265

وَ أَنَا أُرِیدُ عَدُوَّ اللَّهِ مُسَیْلَمَةَ فَیَعْرِضُ لِی رَجُلٌ فَضَرَبَ یَدَیْ فَقَطَعَهَا فَوَ اللَّهِ مَا کَانَتْ ناهیة وَ لاَ عَرَجْتُ عَلَیْهَا حَتَّی وَقَفْتُ عَلَی الْخَبِیثِ مَقْتُولاً وَ ابْنَیْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ الْمَازِنِیِّ یَمْسَحُ سَیْفَهُ بِثِیَابِهِ فَقُلْتُ أَ قَتَلْتَهُ قَالَ نَعَمْ فَسَجَدْتُ شُکْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ انْصَرَفْتُ

.

4036

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ ضَمْرَةُ بْنِ سَعِیدٍ یُحَدِّثُ عَنْ جَدَّتِهِ وَ کَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ أَحَداً تَسْقِی الْمَاءَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ یَوْمَئِذٍ لَمَقَامُ نَسِیبَةُ بِنْتُ کَعْبٍ الْیَوْمَ خَیْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلاَنٍ وَ فُلاَنٌ وَ کَانَ یَرَاهَا یَوْمَئِذٍ تُقَاتِلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ وَ إِنَّهَا لحاجزة ثَوْبَهَا عَلَی وَسَطِهَا حَتَّی جُرِحَتْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ جُرْحاً .

قلت لیت الراوی لم یکن هذه الکنایة و کان یذکرهما باسمهما حتّی لا تترامی الظنون إلی أمور مشتبهة و من أمانة المحدث أن یذکر الحدیث علی وجهه و لا یکتم منه شیئا فما باله کتم اسم هذین الرجلین.

4037

14- قَالَ فَلَمَّا حَضَرَتْ نَسِیبَةُ (1) الْوَفَاةُ کُنْتُ فِیمَنْ غَسَّلَهَا فَعَدَدْتُ جراحها جُرْحاً جُرْحاً فَوَجَدْتُهَا ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَ کَانَتْ تَقُولُ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی اِبْنُ قَمِیئَةَ وَ هُوَ یَضْرِبُهَا عَلَی عَاتِقِهَا وَ کَانَ أَعْظَمَ جراحها لَقَدْ داوته سَنَةً ثُمَّ نَادَی مُنَادِی اَلنَّبِیِّ ص بَعْدَ انْقِضَاءِ أَحَدٌ إِلَی حَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَشَدَّتْ عَلَیْهَا ثِیَابَهَا فَمَا اسْتَطَاعَتْ مِنْ نَزْفُ الدَّمِ وَ لَقَدْ مَکَثْنَا لَیْلَتِنَا نکمد الْجَرَّاحِ حَتَّی أَصْبَحْنَا فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ لَمْ یَصِلْ إِلَی بَیْتِهِ حَتَّی أَرْسَلَ إِلَیْهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ کَعْبٍ الْمَازِنِیِّ یَسْأَلُ عَنْهَا فَرَجَعَ إِلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ بِسَلاَمَتِهَا فَسُرَّ بِذَلِکَ

.

4038

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِیَّةَ قَالَ قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ

ص :266

لَقَدْ رَأَیْتُنِی وَ انْکَشَفَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَمَا بَقِیَ إِلاَّ نُفَیْرٍ مَا یُتِمُّونَ عَشْرَةَ وَ أَنَا وَ أَبْنَائِی وَ زَوْجِی بَیْنَ یَدَیْهِ نذب عَنْهُ وَ النَّاسُ یَمُرُّونَ عَنْهُ مُنْهَزِمِینَ فَرَآنِی وَ لاَ تُرْسُ مَعِی وَ رَأَی رَجُلاً مُوَلِّیاً مَعَهُ تُرْسُ فَقَالَ یَا صَاحِبَ التُّرْسِ أَلْقِ تُرْسَکَ إِلَی مَنْ یُقَاتِلُ فَأَلْقَی تُرْسَهُ فَأَخَذْتُهُ فَجَعَلْتُ أترس بِهِ عَلَی اَلنَّبِیِّ ص وَ إِنَّمَا فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِیلَ أَصْحَابِ الْخَیْلِ وَ لَوْ کَانُوا رَجَّالَةً مَثَلُنَا أصبناهم فَیُقْبِلُ رَجُلٌ عَلَی فَرَسٍ فَضَرَبَنِی وَ ترست لَهُ فَلَمْ یَصْنَعْ سَیْفُهُ شَیْئاً وَ وَلَّی وَ أَضْرِبُ عُرْقُوبُ فَرَسِهِ فَوَقَعَ عَلَی ظَهْرِهِ فَجَعَلَ اَلنَّبِیُّ ص یَصِیحُ یَا اِبْنَ عُمَارَةَ أُمِّکَ أُمِّکَ قَالَتْ فعاوننی عَلَیْهِ حَتَّی أَوْرَدَتْهُ شُعُوبِ (1)

.

4039

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَیْدٍ الْمَازِنِیِّ قَالَ جُرِحْتُ جُرْحاً فِی عَضُدِی الْیُسْرَی ضَرَبَنِی رَجُلٍ کَأَنَّهُ الرقل وَ لَمْ یَعْرُجُ عَلِیٌّ وَ مَضَی عَنِّی وَ جَعَلَ الدَّمُ لاَ یَرْقَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اعصب جَرَحَکَ فَتَقَبَّلْ أُمِّی إِلَیَّ وَ مَعَهَا عَصَائِبُ فِی حَقْوَیْهَا قَدْ أَعَدْتُهَا للجراح فَرُبِطَتْ جُرْحِی وَ اَلنَّبِیُّ ص وَاقِفٌ یَنْظُرُ ثُمَّ قَالَتْ انْهَضْ یَا بُنَیَّ فَضَارَبَ الْقَوْمُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَقُولُ وَ مَنْ یُطِیقُ مَا تطیقین یَا أُمَّ عُمَارَةَ قَالَتْ وَ أَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِی ضَرَبَنِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا ضَارِبَ ابْنَکَ فَاعْتَرَضْتُ أُمِّی لَهُ فَضَرَبْتُ سَاقَهُ فَبَرَکَ فَرَأَیْتُ اَلنَّبِیَّ ص تَبَسَّمَ حَتَّی بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ اسْتَقَدْتُ یَا أُمَّ عُمَارَةَ ثُمَّ أَقْبَلْنَا نعلوه (2) بِالسِّلاَحِ حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی ظفرک وَ أَقَرَّ عَیْنَکَ مِنْ عَدُوِّکَ وَ أَرَاکَ ثأرک بِعَیْنِکَ

.

ص :267

4040

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی مُوسَی بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ أُتِیَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِی أَیَّامِ خِلاَفَتِهِ بمروط (1) کَانَ فِیهَا مِرْطٌ وَاسِعٌ جَیِّدٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ هَذَا الْمِرْطِ بِثَمَنٍ کَذَا فَلَوْ أَرْسَلْتَ بِهِ إِلَی زَوْجَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ صَفِیَّةَ بِنْتِ أَبِی عُبَیْدٍ وَ ذَلِکَ حِدْثَانَ (2) مَا دَخَلْتُ عَلَی اِبْنِ عُمَرَ فَقَالَ بَلْ أَبْعَثُ بِهِ إِلَی مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهَا أَمْ عُمَارَةَ نَسِیبَةُ بِنْتُ کَعْبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَوْمَ أُحُدٍ یَقُولُ مَا أَلْتَفِتْ یَمِیناً وَ شِمَالاً إِلاَّ وَ أَنَا أَرَاهَا تُقَاتِلُ دُونِی .

4041

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی مَرْوَانُ بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْمُعَلَّی قَالَ قِیلَ لِأُمِّ عُمَارَةَ یَا أُمَّ عُمَارَةَ هَلْ کُنَّ نِسَاءُ قُرَیْشٍ یَوْمَئِذٍ یُقَاتِلْنَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ لاَ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ امْرَأَةً مِنْهُنَّ رَمَتْ بِسَهْمٍ وَ لاَ حَجَرٌ وَ لَکِنْ رَأَیْتُ مَعَهُنَّ الدِّفَافِ وَ الأکبار یَضْرِبْنَ وَ یَذْکُرْنَ الْقَوْمِ قَتْلَی بَدْرٍ وَ مَعَهُنَّ مکاحل وَ مَرَاوِدَ فَکُلَّمَا وَلَّی رَجُلٍ أَوْ تکعکع نَاوَلْتَهُ إِحْدَاهُنَّ مِرْوَداً وَ مُکْحُلَةً وَ یَقُلْنَ إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ وَ لَقَدْ رَأَیْتُهُنَّ ولین منهزمات مشمرات وَ لَهَا عَنْهُنَّ الرِّجَالِ أَصْحَابِ الْخَیْلِ وَ نَجَوْا عَلَی مُتُونِ خَیْلِهِمْ وَ جَعَلْنَ یَتْبَعَنَّ الرِّجَالِ عَلَی أَقْدَامُهُنَّ فجعلن یَسْقُطْنَ فِی الطَّرِیقِ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ هِنْداً بِنْتَ عُتْبَةَ وَ کَانَتِ امْرَأَةً ثَقِیلَةٍ وَ لَهَا خَلْقٌ قَاعِدَةً خاشیة مِنَ الْخَیْلِ مَا بِهَا مَشْیُ وَ مَعَهَا امْرَأَةً أُخْرَی حَتَّی کَثُرَ الْقَوْمِ عَلَیْنَا فَأَصَابُوا مِنَّا مَا أَصَابُوا فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مَا أَصَابَنَا یَوْمَئِذٍ مِنْ قَبْلَ الرُّمَاةُ وَ مَعْصِیَتُهُمْ لِرَسُولِ (3) اللَّهِ ص .

4042

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی اِبْنُ أَبِی سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی صَعْصَعَةَ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ زَیْدِ بْنِ عَاصِمٍ یَقُولُ شَهِدْتُ أَحَداً

ص :268

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ دَنَوْتُ مِنْهُ وَ أُمِّی تَذُبُّ عَنْهُ فَقَالَ یَا اِبْنَ عُمَارَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ارْمِ فَرَمَیْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ رَجُلاً مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ بِحَجَرٍ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ فأصیبت عَیْنٍ الْفَرَسِ فَاضْطَرَبَ الْفَرَسُ حَتَّی وَقَعَ هُوَ وَ صَاحِبُهُ وَ جُعِلْتُ أعلوه بِالْحِجَارَةِ حَتَّی نُضِّدَتْ عَلَیْهِ مِنْهَا وِقْراً وَ اَلنَّبِیُّ ص یَنْظُرُ إِلَیَّ وَ یَتَبَسَّمُ فَنَظَرَ إِلَی جُرْحٍ بِأُمِّی عَلَی عَاتِقِهَا فَقَالَ أُمِّکَ أُمِّکَ اعصب جُرْحِهَا بَارَکَ اللَّهُ عَلَیْکُمْ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ لِمَقَامِ أُمِّکَ خَیْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلاَنٍ وَ فُلاَنٌ وَ مَقَامُ ربیبک یَعْنِی زَوَّجَ أُمَّهُ خَیْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلاَنٍ رَحِمَکُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ فَقَالَتْ أُمِّی ادْعُ لَنَا اللَّهَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نرافقک فِی اَلْجَنَّةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ رُفَقَائِی فِی اَلْجَنَّةِ قَالَتْ فَمَا أُبَالِی مَا أَصَابَنِی مِنْ الدُّنْیَا

.

4043

14,1- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی عَامِرٍ تَزَوَّجَ جَمِیلَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بْنِ سَلُولٍ فَأُدْخِلْتُ عَلَیْهِ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی فِی صَبِیحَتِهَا قِتَالِ أَحَدٌ وَ کَانَ قَدْ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ ص أَنْ یَبِیتَ عِنْدَهَا فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا صَلَّی الصُّبْحَ غَداً یُرِیدُ اَلنَّبِیَّ ص فَلَزِمَتْهُ جَمِیلَةَ فَعَادَ فَکَانَ مَعَهَا فَأَجْنَبَ مِنْهَا ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَ قَدْ أَرْسَلْتُ قَبْلَ ذَلِکَ إِلَی أَرْبَعَةٍ مِنْ قَوْمِهَا فأشهدتهم أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَقِیلَ لَهَا بَعْدَ لَمْ أُشْهِدْتُ عَلَیْهِ قَالَتْ رَأَیْتُ کَأَنَّ السَّمَاءِ فَرَّجْتَ فَدَخَلَ فِیهَا ثُمَّ أَطْبَقَتْ فَقُلْتُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ فَأَشْهَدَتْ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِی فَعَلِقَتْ مِنْهُ بِعَبْدٍ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَابِتِ بْنِ قَیْسٍ بَعْدَ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدُ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَیْسٍ وَ أَخَذَ حَنْظَلَةَ بْنُ أَبِی عَامِرٍ سِلاَحَهُ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص بِأَحَدٍ وَ هُوَ یُسَوِّی الصُّفُوفِ فَلَمَّا انْکَشَفَ اَلْمُشْرِکُونَ اعْتَرَضَ حَنْظَلَةَ لِأَبِی سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ فاکتسعت الْفَرَسِ وَ یَقَعُ أَبُو سُفْیَانَ إِلَی الْأَرْضِ فَجَعَلَ یَصِیحُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ أَنَا أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ حَنْظَلَةَ یُرِیدُ ذَبْحَهُ بِالسَّیْفِ فَأَسْمَعَ الصَّوْتَ رِجَالاً لاَ یَلْتَفِتُونَ إِلَیْهِ مِنْ الْهَزِیمَةِ حَتَّی عَایَنَهُ اَلْأَسْوَدِ بْنِ شُعُوبِ فَحَمَلَ عَلَی حَنْظَلَةَ بِالرُّمْحِ

ص :269

فَأَنْفَذَهُ وَ مَشَی حَنْظَلَةَ إِلَیْهِ فِی الرُّمْحُ فَضَرَبَهُ ثَانِیَةً فَقَتَلَهُ وَ هَرَبَ أَبُو سُفْیَانَ یَعْدُو عَلَی قَدَمَیْهِ فَلَحِقَ بِبَعْضِ قُرَیْشٍ فَنَزَلَ عَنْ صَدْرٍ فَرَسِهِ وَ رَدِفَ وَرَاءَهُ أَبَا سُفْیَانَ فَذَلِکَ قَوْلُ أَبِی سُفْیَانَ یَذْکُرُ صَبْرُهُ وَ وُقُوفُهُ وَ أَنَّهُ لَمْ یَفِرُّ وَ ذَکَرَهُ مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ (1) وَ لَوْ شِئْتَ نجتنی کُمَیْتُ طِمِرَّةٍ

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ مَرَّ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ عَلَی حَنْظَلَةَ ابْنَهُ وَ هُوَ مَقْتُولٌ إِلَی جَنْبِ

ص :270

حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فَقَالَ إِنْ کُنْتَ لأحدرک هَذَا الرَّجُلِ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ ص مَنْ قَبَّلَ هَذَا الْمَصْرَعَ وَ اللَّهِ إِنْ کُنْتَ لَبَرّاً بِالْوَالِدِ شَرِیفِ الْخُلُقِ فِی حَیَاتِکَ وَ إِنْ مَمَاتِکَ لَمَعَ سَرَاةُ أَصْحَابِکَ وَ أَشْرَافَهُمْ إِنَّ جَزَی اللَّهُ هَذَا الْقَتِیلَ یَعْنِی حَمْزَةَ خَیْراً أَوْ جَزَی أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ خَیْراً فلیجزک ثُمَّ نَادَی یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ حَنْظَلَةَ لاَ یُمَثَّلُ بِهِ وَ إِنْ کَانَ خَالَفَنِی وَ خَالَفَکُمْ فَلَمْ یَأْلُ لِنَفْسِهِ فِیمَا یَرَی خَیْراً فَمَثَلُ بِالنَّاسِ وَ تَرَکَ حَنْظَلَةَ فَلَمْ یُمَثَّلُ بِهِ.

وَ کَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ أَوَّلُ مَنْ مَثَّلَ بِأَصْحَابِ اَلنَّبِیِّ ص وَ أَمَرْتُ النِّسَاءِ بِالْمَثَلِ وَ بِجَدْعٍ الْأُنُوفَ وَ الْآذَانُ فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ إِلاَّ عَلَیْهَا معضدان (1) وَ مَسَکَتَانِ (2) وَ خدمتان (3) إِلاَّ حَنْظَلَةَ لَمْ یُمَثَّلُ بِهِ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنِّی رَأَیْتُ الْمَلاَئِکَةَ تَغْسِلُ حَنْظَلَةَ بْنُ أَبِی عَامِرٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِی صِحَافٍ الْفِضَّةِ قَالَ أَبُو أُسَیْدٍ السَّاعِدِیُّ فَذَهَبْنَا فَنَظَرْنَا إِلَیْهِ فَإِذَا رَأْسُهُ یَقْطُرُ مَاءً فَرَجَعْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَی امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ وَ هُوَ جُنُبٌ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ أَقْبَلَ وَهْبِ بْنِ قَابُوسَ الْمُزَنِیِّ وَ مَعَهُ ابْنُ أَخِیهِ اَلْحَارِثِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ قَابُوسَ بِغَنَمٍ لَهُمَا مِنْ جَبَلِ مُزَیْنَةَ فَوَجَدَ اَلْمَدِینَةِ خَلُّوا فَسَأَلاَ أَیْنَ النَّاسُ قَالُوا بِأَحَدٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص یُقَاتِلُ اَلْمُشْرِکِینَ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ لاَ نَبْتَغِیَ أَثَراً بَعْدَ عَیْنٍ فَخَرَجَا حَتَّی أَتَیَا اَلنَّبِیُّ ص بِأُحُدٍ فیجدان الْقَوْمِ یَقْتَتِلُونَ وَ الدَّوْلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَصْحَابُهُ فَأَغَارَا مَعَ اَلْمُسْلِمِینَ فِی النَّهْبِ وَ جَاءَتْ الْخَیْلِ مِنْ وَرَائِهِمْ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ وَ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ فَاخْتَلَطَ النَّاسِ فَقَاتَلاَ أَشَدَّ الْقِتَالِ فانفرقت فِرْقَةٍ مِنَ اَلْمُشْرِکِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لِهَذِهِ الْفِرْقَةِ فَقَالَ وَهَبَ بْنِ قَابُوسَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَامَ فَرَمَاهُمْ بِالنَّبْلِ حَتَّی انْصَرَفُوا ثُمَّ رَجَعَ فانفرقت فِرْقَةٌ

ص :271

أُخْرَی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لِهَذِهِ الْکَتِیبَةِ فَقَالَ اَلْمُزَنِیِّ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَامَ فذبها بِالسَّیْفِ حَتَّی وَلَّتْ ثُمَّ رَجَعَ فَطَلَعَتِ کَتِیبَةٌ أُخْرَی فَقَالَ اَلنَّبِیُّ ص مَنْ یَقُومُ لِهَؤُلاَءِ فَقَالَ اَلْمُزَنِیِّ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ قُمْ وَ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ .

فَقَالَ اَلْمُزَنِیِّ مَسْرُوراً یَقُولُ وَ اللَّهِ لاَ أُقِیلُ وَ لاَ أَسْتَقْیِلُ فَجَعَلَ یُدْخِلُ فِیهِمْ فَیَضْرِبُ بِالسَّیْفِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ اَلْمُسْلِمُونَ حَتَّی خَرَجَ مِنْ أَقْصَی الْکَتِیبَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَقُولُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ثُمَّ یَرْجِعُ فِیهِمْ فَمَا زَالَ کَذَلِکَ وَ هُمْ مُحْدِقُونَ بِهِ حَتَّی اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ أَسْیَافَهُمْ وَ رِمَاحُهُمْ فَقَتَلُوهُ فَوَجَدَ بِهِ یَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ طَعْنَةً بِالرِّمَاحِ کُلَّهَا قَدْ خَلَصَتْ إِلَی مقتلی وَ مَثَّلَ بِهِ أَقْبَحَ الْمَثَلُ یَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَامَ ابْنُ أَخِیهِ فَقَاتَلَ کَنَحْوِ قِتَالُهُ حَتَّی قُتِلَ فَکَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَقُولُ إِنَّ أَحَبَّ مِیتَةً أَمُوتُ عَلَیْهَا لِمَا مَاتَ عَلَیْهَا اَلْمُزَنِیِّ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ بِلاَلٌ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِیُّ یُحَدِّثُ یَقُولُ شَهِدْنَا اَلْقَادِسِیَّةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَ قَسَمْتَ بَیْنَنَا غنائمنا أَسْقَطَ فَتًی مِنْ آلِ قَابُوسَ مِنْ مُزَیْنَةَ فَجِئْتُ سَعْداً حِینَ فَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ فَقَالَ بِلاَلٌ قُلْتُ بِلاَلٍ قَالَ مَرْحَباً بِکِ مِنْ هَذَا مَعَکَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِی قَالَ مَا أَنْتَ یَا فَتَی مِنْ اَلْمُزَنِیِّ الَّذِی قُتِلَ یَوْمَ أُحُدٍ قَالَ ابْنَ أَخِیهِ قَالَ سَعْدٌ مَرْحَباً وَ أَهْلاً أَنْعَمَ اللَّهُ بِکَ عَیْناً لَقَدْ شَهِدْتُ مِنْ ذَلِکَ الرَّجُلُ یَوْمَ أُحُدٍ مَشْهَداً مَا شَهِدْتُ مِنْ أَحَدٍ قَطُّ لَقَدْ رَأَیْتُنَا وَ قَدْ أَحْدَقَ اَلْمُشْرِکُونَ بِنَا مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَسْطَنَا وَ الْکَتَائِبَ تَطْلُعُ مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص یَرْمِی بِبَصَرِهِ فِی النَّاسِ یتوسمهم وَ یَقُولُ مَنْ لِهَذِهِ الْکَتِیبَةِ کُلَّ ذَلِکَ یَقُولُ اَلْمُزَنِیِّ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ کُلُّ ذَلِکَ یَرُدُّ الْکَتِیبَةِ فَمَا أَنْسَی آخِرِ مَرَّةٍ قَالَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص قُمْ

ص :272

وَ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَقَامَ وَ قُمْتُ عَلَی أَثَرِهِ یَعْلَمَ اللَّهُ أَنِّی أَطْلُبُ مِثْلَ مَا یُطْلَبُ یَوْمَئِذٍ مِنْ الشَّهَادَةِ فَخُضْنَا حَوْمَتَهُمْ حَتَّی رَجَعْنَا فِیهِمْ الثَّانِیَةَ فَأَصَابُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ وَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنِّی کُنْتُ أَصَبْتَ یَوْمَئِذٍ مَعَهُ وَ لَکِنْ أَجْلِ (1) اسْتَأْخَرَ ثُمَّ دَعَا مَنْ سَاعَتِهِ بِسَهْمِهِ فَأَعْطَاهُ وَ فَضْلِهِ وَ قَالَ اخْتَرْ فِی الْمَقَامِ عِنْدَنَا أَوْ الرُّجُوعُ إِلَی أَهْلِکَ فَقَالَ بِلاَلٌ إِنَّهُ یُسْتَحَبُّ الرُّجُوعِ فَرَجَعَ.

فَقَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ سَعْدُ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ أَشْهَدُ لَرَأَیْتَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَاقِفاً عَلَی اَلْمُزَنِیِّ وَ هُوَ مَقْتُولٌ وَ هُوَ یَقُولُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْکَ فَإِنِّی عَنْکَ رَاضٍ ثُمَّ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص قَامَ عَلَی قَدَمَیْهِ وَ قَدْ نَالَهُ ع مِنْ أَلَمِ الْجَرَاحِ مَا نَالَهُ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّ الْقِیَامَ یَشُقُّ عَلَیْهِ عَلَی قَبْرِهِ حَتَّی وُضِعَ فِی لَحْدِهِ وَ عَلَیْهِ بُرْدَةٌ لَهَا أَعْلاَمٌ حُمْرِ فَمَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ص الْبُرْدَةَ عَلَی رَأْسِهِ فخمره وَ أَدْرَجَهُ فِیهَا طُولاً فَبَلَغَتْ نِصْفِ سَاقَیْهِ فَأَمَرَنَا فَجَمَعَنَا الْحَرْمَلُ فَجَعَلْنَاهُ عَلَی رِجْلَیْهِ وَ هُوَ فِی لَحْدِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَمَا حَالُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ عَلَیْهَا وَ أَلْقَی اللَّهُ عَلَیْهَا مِنَ حَالٍ اَلْمُزَنِیِّ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ أُحُدٍ قَدْ خَاصَمَ إِلَیْهِ یَتِیمٌ مِنْ اَلْأَنْصَارِ أَبَا لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَطَلَبَ بَیْنَهُمَا فَقَضَی رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَبِی لُبَابَةَ فَجَزِعَ الْیَتِیمِ عَلَی الْعَذْقُ فَطَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْعَذْقُ إِلَی أَبِی لُبَابَةَ لِلْیَتِیمِ فَأَبَی أَنْ یَدْفَعَهُ إِلَیْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَقُولُ لِأَبِی لُبَابَةَ ادْفَعْهُ إِلَیْهِ وَ لَکَ عَذْقٌ فِی اَلْجَنَّةِ فَأَبَی أَبُو لُبَابَةَ وَ قَالَ ثَابِتِ (2) بْنِ أَبِی الدحداحة یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ إِنْ أَعْطَیْتَ الْیَتِیمِ عَذْقِهِ مِنْ مَالِی قَالَ لَکَ بِهِ عَذْقٌ فِی اَلْجَنَّةِ فَذَهَبَ ثَابِتٍ بْنِ الدحداحة فَاشْتَرَی مِنْ أَبِی لُبَابَةَ ذَلِکَ الْعِذْقَ بِحَدِیقَةٍ نَخْلٍ ثُمَّ رَدَّ الْعَذْقُ إِلَی الْغُلاَمِ

ص :273

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رُبَّ عَذْقٌ مُذَلَّلٌ (1) لاِبْنِ الدحداحة فِی اَلْجَنَّةِ فَکَانَتْ تُرْجَی لَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِکَ الْقَوْلِ فَقُتِلَ یَوْمَ أُحُدٍ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ یَقْبَلُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ فَارِساً یَجُرُّ قَنَاةٍ لَهُ طَوِیلَةٍ فَیَطْعَنُ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ فَأَنْفَذَهُ وَ یَمْشِی عَمْرِو إِلَیْهِ حَتَّی غَلَبَ فَوَقَعَ لِوَجْهِهِ قَالَ یَقُولُ ضِرَارٍ لاَ تعدمن رَجُلاً زَوَّجَکِ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ وَ کَانَ یَقُولُ زَوَّجْتُ یَوْمَ أَحَدَ عَشْرَةَ مِنَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الْحُورُ الْعِینُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ فَسَأَلْتُ شُیُوخِ الْحَدِیثِ هَلْ قُتِلَ عَشَرَةَ قَالُوا مَا بَلَغْنَا أَنَّهُ قَتَلَ إِلاَّ ثَلاَثَةً وَ لَقَدْ ضَرَبَ یَوْمَئِذٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حِینَ جَالَ اَلْمُسْلِمُونَ تِلْکَ الْجَوْلَةَ بِالْقَنَاةِ وَ قَالَ یَا اِبْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهَا نِعْمَةً مَشْکُورَةً مَا کُنْتُ لِأَقْتُلَکَ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ کَانَ ضِرَارٍ یُحْدِثُ بَعْدَ وَ یَذْکُرُ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَ یَذْکُرُ اَلْأَنْصَارِ فیترحم عَلَیْهِمْ وَ یُذْکَرُ غناءهم فِی اَلْإِسْلاَمِ وَ شجاعتهم وَ إِقْدَامِهِمْ عَلَی الْمَوْتِ ثُمَّ یَقُولُ لَقَدْ قُتِلَ أَشْرَافُ قَوْمِی بِبَدْرٍ فَأَقُولُ مَنْ قَتَلَ أَبَا الْحَکَمِ فَیُقَالُ (2) اِبْنُ عَفْرَاءُ مَنْ قَتَلَ أُمَیَّةَ بْنُ خَلَفٍ فَیُقَالُ خُبَیْبُ بْنُ یَسَافٍ مَنْ قَتَلَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ فَیُقَالُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ قَتَلَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فَیُسَمِّی لِی مِنَ اَلْأَنْصَارِ مِنْ أَسَرَّ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فَیُقَالُ مَالِکِ بْنِ الدخشم فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَی أَحَدٍ وَ أَنَا أَقُولُ إِنَّ قَامُوا فِی صَیَاصِیهِمْ فَهِیَ مَنِیعَةٌ لاَ سَبِیلَ لَنَا إِلَیْهِمْ نُقِیمُ أَیَّاماً ثُمَّ نَنْصَرِفْ وَ إِنْ خَرَجُوا إِلَیْنَا مِنْ صَیَاصِیهِمْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ فَإِنَّ مَعَنَا عَدَداً أَکْثَرَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَ نَحْنُ قَوْمٌ موتورون خَرَجْنَا بِالظَّعْنِ یذکرننا قَتْلَی بَدْرٍ وَ مَعَنَا کُرَاعٍ وَ لاَ کُرَاعٍ مَعَهُمْ وَ سلاحنا أَکْثَرَ مِنْ سِلاَحَهُمْ فَقُضِیَ لَهُمْ أَنْ خَرَجُوا فَالْتَقَیْنَا فَوَ اللَّهِ مَا قُمْنَا لَهُمْ حَتَّی هَزَمَنَا وَ انکشفنا مُوَلِّینَ فَقُلْتُ

ص :274

فِی نَفْسِی هَذِهِ أَشَدُّ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَ جُعِلْتُ أَقُولُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ کُرٍّ عَلَی الْقَوْمِ فَیَقُولُ وَ تَرَی وَجْهاً نَکِرَ فِیهِ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَی الْجَبَلِ الَّذِی کَانَ عَلَیْهِ الرُّمَاةِ خَالِیاً فَقُلْتُ یَا أَبَا سُلَیْمَانَ انْظُرْ وَرَاءَکَ فَعَطَفَ عِنَانَ فَرَسِهِ وَ کَرَّرْنَا مَعَهُ فَانْتَهَیْنَا إِلَی الْجَبَلِ فَلَمْ نَجِدْ عَلَیْهِ أَحَداً لَهُ بَالُ وَجَدْنَا نفیرا فأصبناهم ثُمَّ دَخَلْنَا الْعَسْکَرِ وَ الْقَوْمُ غَارُّونَ یَنْتَبِهُونَ عَسْکَرِنَا فأقحمنا الْخَیْلِ عَلَیْهِمْ فتطایروا فِی کُلِّ وَجْهٍ وَ وَضَعْنَا السُّیُوفُ فِیهِمْ حَیْثُ شِئْنَا وَ جُعِلْتُ أَطْلُبُ الْأَکَابِرِ مِنَ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ قَتَلَةِ الْأَحِبَّةِ فَلاَ أَرَی أَحَداً هَرَبُوا فَمَا کَانَ حَلَبَ نَاقَةً حَتَّی تَدَاعَتْ اَلْأَنْصَارِ بَیْنَهَا فَأَقْبَلَتْ فخالطونا وَ نَحْنُ فُرْسَانِ فَصَبَرْنَا لَهُمْ وَ صَبَرُوا لَنَا وَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ حَتَّی عَقَرُوا فَرَسِی وَ تَرَجَّلْتَ فَقَتَلْتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ لَقِیتُ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ الْمَوْتَ النَّاقِعُ حَتَّی وَجَدْتُ رِیحَ الدَّمُ وَ هُوَ مُعَانِقِی مَا یُفَارِقُنِی حَتَّی أَخَذَتْهُ الرِّمَاحِ مِنْ کُلِّ نَاحِیَةٍ فَوَقَعَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَکْرَمَهُمْ بِیَدِی وَ لَمْ یُهَنِّی بِأَیْدِیهِمْ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَ أُحُدٍ مِنْ لَهُ عِلْمٌ بذکوان بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ فَقَالَ عَلِیٌّ ع أَنَا رَأَیْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَارِساً یَرْکُضُ فِی أَثَرِهِ حَتَّی لَحِقَهُ وَ هُوَ یَقُولُ لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ فَحَمَلَ عَلَیْهِ فَرَسِهِ وَ ذَکْوَانَ رَاجِلٍ فَضَرَبَهُ وَ هُوَ یَقُولُ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ عِلاَجٍ فَقَتَلَهُ فَأَهْوَیْتُ إِلَی الْفَارِسِ فَضَرَبْتُ رِجْلَهُ بِالسَّیْفِ حَتَّی قَطَعْتَهَا مِنْ نِصْفِ الْفَخِذِ ثُمَّ طَرَحَتْهُ عَنْ فَرَسِهِ فذففت عَلَیْهِ وَ إِذَا هُوَ أَبُو الْحَکَمِ بْنُ أَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ بْنِ عِلاَجٍ بْنِ عَمْرِو بْنُ وَهْبٍ الثَّقَفِیِّ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالَ عَلِیٌّ ع لَمَّا کَانَ یَوْمُ أُحُدٍ وَ جَالَ النَّاسِ تِلْکَ الْجَوْلَةَ أَقْبَلَ أُمَیَّةُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ هُوَ دَارِعٌ مُقَنَّعُ فِی الْحَدِیدِ مَا یُرَی مِنْهُ إِلاَّ عَیْنَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَوْمٌ بِیَوْمِ بَدْرٍ فَیَعْرِضُ لَهُ رَجُلٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ فَقَتَلَهُ أُمَیَّةُ قَالَ عَلِیٌّ ع وَ أَصْمُدُ لَهُ فَأَضْرِبُهُ بِالسَّیْفِ عَلَی هَامَتِهِ وَ عَلَیْهِ بَیْضَةٍ وَ تَحْتَ الْبَیْضَةِ مِغْفَرٌ فَنَبَا سَیْفِی

ص :275

وَ کُنْتُ رَجُلاً قَصِیراً وَ یَضْرِبُنِی بِسَیْفِهِ فأتقی بالدرقة فلحج سَیْفَهُ فَأَضْرِبُهُ وَ کَانَتْ دِرْعُهُ مُشَمَّرَةً فَأَقْطَعُ رِجْلَیْهِ فَوَقَعَ وَ جَعَلَ یُعَالِجُ سَیْفَهُ حَتَّی خَلَّصَهُ مِنْ الدرقة وَ جَعَلَ یناوشنی وَ هُوَ بَارِکْ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَی فَتْقٍ تَحْتَ إِبْطِهِ فأحش فِیهِ بِالسَّیْفِ فَمَالَ فَمَاتَ وَ انْصَرَفَتْ .

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ فِی یَوْمِ أُحُدٍ انْتَمَی رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِکِ وَ قَالَ أَیْضاً أَنَا اَلنَّبِیُّ لاَ کَذِبٌ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ بَیْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَوْمَئِذٍ فِی رَهْطٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ قُعُودٌ مَرَّ بِهِمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمٍ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِکٍ فَقَالَ مَا یُقْعِدُکُمْ قَالُوا قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَیَاةِ بَعْدَهُ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَی مَا مَاتَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَامَ فجالد بِسَیْفِهِ حَتَّی قُتِلَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَبْعَثَهُ اللَّهُ أُمَّةً وَحْدَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَجَدَ بِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً فِی وَجْهِهِ مَا عَرَفَ حَتَّی عَرَفْتُهُ أُخْتَهُ.

قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ قَالُوا إِنَّ مَالِکَ بْنَ الدخشم مَرَّ عَلَی خَارِجَةَ بْنِ زَیْدِ بْنِ زُهَیْرٍ یَوْمَئِذٍ وَ هُوَ قَاعِدٌ وَ فِی حَشَوْتَهُ (1) ثَلاَثَةَ عَشَرَ جُرْحاً کُلَّهَا قَدْ خَلَصَتْ إِلَی مَقْتَلِ فَقَالَ لَهُ مَالِکُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ قَالَ خَارِجَةَ فَإِنْ کَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَإِنَّ اللَّهَ حَیَّ لاَ یُقْتَلُ وَ لاَ یَمُوتُ وَ إِنَّ مُحَمَّداً قَدْ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَاذْهَبْ أَنْتَ فَقَاتَلَ عَنْ دِینِکَ.

قَالَ وَ مَرَّ مَالِکِ بْنِ الدخشم أَیْضاً عَلَی سَعْدِ بْنُ الرَّبِیعِ وَ بِهِ اثْنَا عَشَرَ جُرْحاً کُلَّهَا قَدْ خَلَصَتْ إِلَی مَقْتَلِ فَقَالَ أَ عَلِمْتَ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَقَاتَلَ أَنْتَ عَنْ دِینِکَ فَإِنَّ اللَّهَ حَیٌّ لاَ یَمُوتُ

.

ص :276

4044

14- قَالَ مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی صَعْصَعَةَ الْمَازِنِیِّ أَخُو بَنِی النَّجَّارِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَوْمَئِذٍ مِنْ رَجُلٍ یَنْظُرُ مَا فَعَلَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ أَ فِی الْأَحْیَاءِ هُوَ أَمْ فِی الْأَمْوَاتِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ أَنَا أَنْظُرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ فَنَظَرَ فَوَجَدَهُ جَرِیحاً فِی الْقَتْلَی وَ بِهِ رَمَقٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَرَنِی أَنْ أَنْظُرَ فِی الْأَحْیَاءِ أَنْتَ أَمْ فِی الْأَمْوَاتِ قَالَ أَنَا فِی الْأَمْوَاتِ فَأَبْلَغَ رَسُولِ اللَّهِ مِنِّی السَّلاَمَ وَ قُلْ لَهُ إِنَّ سَعْدَ بْنُ الرَّبِیعِ یَقُولُ جَزَاکَ اللَّهُ خَیْراً عَنَّا مَا جَزَی نَبِیّاً عَنْ أُمَّتِهِ وَ أَبْلِغْ قَوْمَکَ السَّلاَمُ عَنِّی وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ سَعْدَ بْنُ الرَّبِیعِ یَقُولُ لَکُمْ لاَ عُذْرَ لَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَنَّ یَخْلُصَ إِلَی نَبِیِّکُمْ وَ مِنْکُمْ عَیْنٌ تَطْرِفُ قَالَ فَلَمْ أَبْرَحْ عِنْدَهُ حَتَّی مَاتَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ سَعْدِ بْنُ الرَّبِیعِ

.

4045

14- قَالَ اَلْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ الْفُضَیْلِ الْخَطْمِیُّ قَالَ أَقْبَلَ ثَابِتٍ بْنِ الدحداحة یَوْمَئِذٍ وَ اَلْمُسْلِمُونَ أَوْزَاعٌ قَدْ سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ فَجَعَلَ یَصِیحُ یَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ إِلَیَّ إِلَیَّ أَنَا ثَابِتٍ بْنِ الدحداحة إِنْ کَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَإِنَّ اللَّهَ حَیٌّ لاَ یَمُوتُ قَاتَلُوا عَنْ دِینِکُمْ فَإِنَّ اللَّهَ مظهرکم وَ نَاصِرُکُمْ فَنَهَضَ إِلَیْهِ نَفَرٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَجَعَلَ یَحْمِلُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ وَ قَدْ وَقَفْتُ لَهُمْ کَتِیبَةٍ خَشْنَاءَ (1) فِیهَا رُؤَسَاؤُهُمْ خَالِدٍ بْنُ الْوَلِیدِ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ عِکْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ وَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ جَعَلُوا یناوشونهم ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ بِالرُّمْحِ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ فَوَقَعَ مَیِّتاً وَ قُتِلَ مَنْ کَانَ مَعَهُ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَیُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ آخِرُ مَنْ قُتِلَ مِنَ اَلْمُسْلِمِینَ فِی ذَلِکَ الْیَوْمِ

. و قال عبد اللّه بن الزبعری یذکر یوم أحد ألا ذرفت من مقلتیک دموع و قد بان فی حبل الشباب قطوع (2)

ص :277

و شط بمن تهوی المزار و فرقت

و قال ابن الزبعری أیضا من قصیدة مشهورة و هی

ص :278

یا غراب البین أ سمعت فقل

ص :279

فقتلنا النصف من ساداتهم

قلت کثیر من الناس یعتقدون أن هذا البیت لیزید بن معاویة و هو قوله لیت أشیاخی و قال من أکره التصریح باسمه هذا البیت لیزید فقلت له إنّما قاله یزید متمثلا لما حمل إلیه رأس الحسین ع و هو لابن الزبعری فلم تسکن نفسه إلی ذلک حتّی أوضحته له فقلت أ لا تراه یقول جزع الخزرج من وقع الأسل و الحسین ع لم تحارب عنه الخزرج و کان یلیق أن یقول جزع بنی هاشم من وقع الأسل فقال بعض من کان حاضرا لعله قاله فی یوم الحرة فقلت المنقول أنّه أنشده لما حمل إلیه رأس الحسین ع و المنقول أنّه شعر ابن الزبعری و لا یجوز أن یترک المنقول إلی ما لیس بمنقول.

و علی ذکر هذا الشعر فإنی حضرت و أنا غلام بالنظامیة ببغداد فی بیت عبد القادر بن داود الواسطی المعروف بالمحب خازن دار الکتب بها و عنده فی البیت باتکین الرومی الذی ولی إربل أخیرا و عنده أیضا جعفر بن مکی الحاجب فجری ذکر یوم أحد و شعر ابن الزبعری هذا و غیره و أن المسلمین اعتصموا بالجبل فأصعدوا فیه و أن اللیل حال أیضا بین المشرکین و بینهم فأنشد ابن مکی بیتین لأبی تمام متمثلا لو لا الظلام و قلة علقوا بها باتت رقابهم بغیر قلال (1)

ص :280

فلیشکروا جنح الظلام و دروذا

فهم لدروذ و الظلام موالی.

فقال باتکین لا تقل هذا و لکن قل وَ لَقَدْ صَدَقَکُمُ اللّٰهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتّٰی إِذٰا فَشِلْتُمْ وَ تَنٰازَعْتُمْ فِی الْأَمْرِ وَ عَصَیْتُمْ مِنْ بَعْدِ مٰا أَرٰاکُمْ مٰا تُحِبُّونَ مِنْکُمْ مَنْ یُرِیدُ الدُّنْیٰا وَ مِنْکُمْ مَنْ یُرِیدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَکُمْ عَنْهُمْ لِیَبْتَلِیَکُمْ وَ لَقَدْ عَفٰا عَنْکُمْ وَ اللّٰهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (1) و کان باتکین مسلما و کان جعفر سامحه اللّه مغموصا علیه فی دینه.

تم الجزء الرابع عشر من شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید و یلیه الجزء الخامس عشر

ص :281