بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 33: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
الموضوع/ الصفحه
الباب الثالث عشر باب شهادة عمار رضی اللّٰه عنه و ظهور بغی الفئة الباغیة بعد ما كان أبین من الشمس الضاحیة و شهادة غیره من أتباع الأئمة الهادیة 7
الباب الرابع عشر باب ما ظهر من إعجازه علیه السلام فی بلاد صفّین و سائر ما وقع فیها من النوادر 39
الباب الخامس عشر باب ما جری بین معاویة و عمرو بن العاص فی [التحامل علی] علیّ علیه السلام 49
الباب السادس عشر باب كتبه علیه السلام إلی معاویة و احتجاجاته علیه و مراسلاته إلیه و إلی أصحابه 57
الباب السابع عشر باب ما ورد فی معاویة و عمرو بن العاص و أولیائهما و قد مضی بعضها فی باب مثالب بنی أمیّة 161
الباب الثامن عشر باب ما جری بینه علیه السلام و بین عمرو بن العاص لعنه اللّٰه و بعض أحواله 221
الباب التاسع عشر باب نادر 233
الباب العشرون باب نوادر الاحتجاج علی معاویة 241
الباب الواحد و العشرون باب بدو قصّةالتحكیم و الحكمین و حكمهما بالجور رأی العین 297
الباب الثانی و العشرون باب إخبار النبیّ صّلی الّله علیه و آله بقتال الخوارج و كفرهم 325
الباب الثالث و العشرون باب قتال الخوارج و احتجاجاته صلوات اللّٰه علیه 343
الباب الرابع و العشرون باب سائر ما جری بینه و بین الخوارج سوی وقعة النهروان 405
الباب الخامس و العشرون باب إبطال مذهب الخوارج و احتجاجات الأئمة علیهم السلام و أصحابهم علیهم 421
ص: 5
الباب السادس و العشرون باب ما جری بینه صلوات اللّٰه علیه و بین ابن الكواء و أضرابه لعنهم اللّٰه و حكم قتال الخوارج بعده علیه السلام 429
الباب السابع و العشرون باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات اللّٰه علیه من قتال الخوارج 437
الباب الثامن و العشرون باب سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام فی حروبه 441
الباب التاسع و العشرون باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام و وصایاه إلی عمّاله و أمراء أجناده 465
أبواب الأمور و الفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج
الباب الثلاثون باب الفتن الحادثة بمصر و شهادة محمد بن أبی بكر و مالك الأشتر رضی اللّٰه عنهما و بعض فضائلهما و أحوالهما و عهود أمیر المؤمنین علیه السلام إلیها 533
ص: 6
«364»-(1)ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ خَلْقٍ كَثِیرٍ وَ قَالُوا قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ هَاجَ النَّاسُ وَ اضْطَرَبُوا قَالَ لِمَا ذَا قَالَ قُتِلَ عَمَّارٌ قَالَ فَمَا ذَا قَالَ أَ لَیْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ دُحِضْتَ فِی قَوْلِكَ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لَمَّا أَلْقَاهُ بَیْنَ رِمَاحِنَا فَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ فَإِذًا رَسُولُ اللَّهِ
ص: 7
صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الَّذِی قَتَلَ حَمْزَةَ وَ أَلْقَاهُ بَیْنَ رِمَاحِ الْمُشْرِكِینَ.
«365»-(1)لی، الأمالی للصدوق ابْنُ مُوسَی عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ مَسْعُودٍ الْمُلَائِیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: أَبْصَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَجُلَیْنِ یَخْتَصِمَانِ فِی رَأْسِ عَمَّارٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلْتُهُ وَ یَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ ابْنُ عَمْرٍو یَخْتَصِمَانِ أَیُّهُمَا یَدْخُلُ النَّارَ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِی النَّارِ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ مَا نَحْنُ قَتَلْنَاهُ وَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ یَلْزَمُهُ عَلَی هَذَا أَنْ یَكُونَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتِلَ حَمْزَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَاتِلَ الشُّهَدَاءِ مَعَهُ لِأَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الَّذِی جَاءَ بِهِمْ.
«366»-(2)لی، الأمالی للصدوق وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ بِلَالِ بْنِ یَحْیَی الْعَبْسِیِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ (3)
ص: 8
أَتَوْا حُذَیْفَةَ فَقَالُوا یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُتِلَ هَذَا الرَّجُلُ وَ قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَمَا تَقُولُ قَالَ أَمَّا إِذَا أَتَیْتُمْ فَأَجْلِسُونِی قَالَ فَأَسْنَدُوهُ إِلَی صَدْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَبُو الْیَقْظَانِ عَلَی الْفِطْرَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَنْ یَدَعَهَا حَتَّی یَمُوتَ.
«367»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ مُوسَی بْنِ قَیْسٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ یَقُولُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَی صِفِّینَ اللَّهُمَّ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَی لَكَ أَنْ أَرْمِیَ بِنَفْسِی مِنْ فَوْقِ هَذَا الْجَبَلِ لَرَمَیْتُ بِهَا وَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَی لَكَ أَنْ أُوقِدَ لِنَفْسِی نَاراً فَأُوقَعَ فِیهَا لَفَعَلْتُ وَ إِنِّی لَا أُقَاتِلُ الشَّامَ إِلَّا وَ أَنَا أُرِیدُ بِذَلِكَ وَجْهَكَ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ لَا تُخَیِّبَنِی وَ أَنَا
ص: 9
أُرِیدُ وَجْهَكَ الْكَرِیمَ.
«368»-(1)ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی حَاتِمٍ عَنْ عُمَرَ الْأَوْدِیِّ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَوْمَ صِفِّینَ ائْتُونِی بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَأُتِیَ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ آخِرَ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةُ لَبَنٍ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ بِسَیْفِهِ فَقَاتَلَ وَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ قَاتِلُهُ فِی النَّارِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.
«369»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ عَمَّارٌ یَنْقُلُ اللَّبِنَ بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ صَدْرِهِ وَ یَقُولُ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
«370»-(3)قب، المناقب لابن شهرآشوب: كثر أصحاب الحدیث علی شریك و طالبوه بأنه یحدثهم بقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله تقتلك الفئة الباغیة فغضب و قال أ تدرون أن لا فخر لعلی أن یقتل معه عمار إنما الفخر لعمار أن یقتل مع علی علیه السلام.
«371»-(4)كش، رجال الكشی ابْنُ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَا تَقُولُ فِی عَمَّارٍ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ عَمَّاراً كَرَّرَ هَذَا ثَلَاثاً قَاتَلَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قُتِلَ
ص: 10
شَهِیداً قَالَ قُلْتُ فِی نَفْسِی مَا تَكُونُ مَنْزِلَةٌ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ لَعَلَّكَ تَقُولُ مِثْلُ الثَّلَاثَةِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ قَالَ قُلْتُ وَ مَا عِلْمُهُ أَنَّهُ یُقْتَلُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا رَأَی الْحَرْبَ لَا یَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً وَ الْقَتْلَ لَا یَزْدَادُ إِلَّا كَثْرَةً تَرَكَ الصَّفَّ وَ جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هُوَ هُوَ قَالَ ارْجِعْ إِلَی صَفِّكَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ لَهُ ارْجِعْ إِلَی صَفِّكَ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِی الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ نَعَمْ فَرَجَعَ إِلَی صَفِّهِ وَ هُوَ یَقُولُ
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
بیان:
الثلاثة سلمان و أبو ذر و مقداد رضی اللّٰه عنهم قوله هو هو أی هذا وقت الوعد الذی وعدت من الشهادة.
«372»- كش، رجال الكشی خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ قَیْسَ بْنَ أَبِی حَازِمٍ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ ادْفِنُونِی فِی ثِیَابِی فَإِنِّی مُخَاصِمٌ.
توضیح:
أی إنی أرید أن أخاصم قاتلی عند اللّٰه فلا تسلبونی ثیابی لتكون لی شاهدا و حجة أو هو كنایة عن الشهادة بالحق فإنه یلزمه المخاصمة أی إنی شهید حقیقة و حكمه أن یدفن بثیابه.
«373»- كش، رجال الكشی خَلَفٌ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ حَبِیبٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: أُتِیَ عَمَّارٌ یَوْمَئِذٍ بِلَبَنٍ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آخِرُ شَرَابٍ تَشْرَبُهُ مِنَ الدُّنْیَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ حَتَّی تَمُوتَ فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْیَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ.
ص: 11
توضیح:
المذقة بالفتح و الضم اللبن الممذوق أی المخلوط بالماء قال فی النهایة المذق المزج و الخلط یقال مذقت اللبن فهو مذیق إذا خلطته بالماء و المذقة الشربة من اللبن الممذوق و الضیاح بالفتح أیضا اللبن الرقیق الممزوج بالماء.
«374»-(1)كش، رجال الكشی خَلَفٌ عَنِ الْفَتْحِ بْنِ عَمْرٍو الْوَرَّاقِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَیْلِدٍ قَالَ: إِنِّی لَجَالِسٌ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلَانِ یَخْتَصِمَانِ فِی رَأْسِ عَمَّارٍ یَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لِیَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمْ نَفْساً لِصَاحِبِهِ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا تُغْنِی عَنَّا بِجُنُونِكَ یَا ابْنَ عَمْرٍو فَمَا بَالُكَ مَعَنَا قَالَ إِنِّی مَعَكُمْ وَ لَسْتُ أُقَاتِلُ إِنَّ أَبِی شَكَانِی إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَیّاً وَ لَا تَعْصِهِ فَإِنِّی مَعَكُمْ وَ لَسْتُ أُقَاتِلُ.
بیان:
قال فی النهایة یقال أغن عنی شرك أی اصرفه و كفه.
«375»-(2)كشف، كشف الغمة فِی هَذَا الْحَرْبِ قُتِلَ أَبُو الْیَقْظَانِ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَایَاتُ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ جِلْدَةُ بَیْنِ عَیْنَیَّ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ فِی صَحِیحِ مُسْلِمٍ (3)عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ
ص: 12
لِعَمَّارٍ یَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ وَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَقْذِفَ بِنَفْسِی فِی هَذَا الْبَحْرِ لَفَعَلْتُهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْ أَنِّی أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَضَعَ ظُبَةَ سَیْفِی فِی بَطْنِی ثُمَّ أَنْحَنِیَ عَلَیْهَا حَتَّی تَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِی لَفَعَلْتُ وَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ الْیَوْمَ عَمَلًا أَرْضَی لَكَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلَاءِ الْفَاسِقِینَ وَ لَوْ أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَرْضَی لَكَ مِنْهُ لَفَعَلْتُهُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی قَوْماً لَیَضْرِبُنَّكُمْ ضَرْباً یَرْتَابُ مِنْهُ الْمُبْطِلُونَ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی بَلَّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ (1)ثُمَّ قَالَ مَنْ یَبْتَغِی رِضْوَانَ رَبِّهِ فلا [لَا] یَرْجِعُ إِلَی مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ فَأَتَاهُ عِصَابَةٌ فَقَالَ اقْصِدُوا بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِینَ یَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا أَرَادُوا الطَّلَبَ بِدَمِهِ وَ لَكِنَّهُمْ ذَاقُوا الدُّنْیَا وَ اسْتَحْقَبُوهَا وَ عَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ إِذَا لَزِمَهُمْ حَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَا یَتَمَرَّغُونَ فِیهِ مِنْهَا وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ سَابِقَةٌ یَسْتَحِقُّونَ بِهَا طَاعَةَ النَّاسِ وَ الْوَلَایَةَ عَلَیْهِمْ فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ بِأَنْ قَالُوا إِمَامُنَا قُتِلَ مَظْلُوماً لِیَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً وَ مُلُوكاً فَبَلَغُوا مَا تَرَوْنَ وَ لَوْ لَا هَذِهِ الشُّبْهَةُ مَا تَبِعَهُمْ رَجُلَانِ مِنَ النَّاسِ اللَّهُمَّ إِنْ تَنْصُرْنَا فَطَالَ مَا نَصَرْتَ وَ إِنْ تَجْعَلْ لَهُمُ الْأَمْرَ فَادَّخِرْ لَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا فِی عِبَادِكَ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ ثُمَّ مَضَی وَ مَعَهُ الْعِصَابَةُ فَكَانَ لَا یَمُرُّ بِوَادٍ مِنْ أَوْدِیَةِ صِفِّینَ إِلَّا تَبِعَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ جَاءَ إِلَی هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی الْوَقَّاصِ وَ هُوَ الْمِرْقَالُ وَ كَانَ صَاحِبَ رَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا هَاشِمُ أَ عَوَراً وَ جُبْناً لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَغْشَی
ص: 13
النَّاسَ ارْكَبْ یَا هَاشِمُ فَرَكِبَ وَ مَضَی مَعَهُ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَعْوَرُ یَبْغِی أَهْلَهُ مَحَلًّا***قَدْ عَالَجَ الْحَیَاةَ حَتَّی مَلَّا
وَ عَمَّارٌ یَقُولُ: تَقَدَّمْ یَا هَاشِمُ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّیُوفِ وَ الْمَوْتُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْأَسَلِ وَ قَدْ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ زُیِّنَتِ الْحُورُ الْعِینُ
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
وَ تَقَدَّمَ حَتَّی دَنَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ یَا عَمْرُو بِعْتَ دِینَكَ بِمِصْرَ تَبّاً لَكَ تَبّاً لَكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالَ لَهُ هَیْهَاتَ أَشْهَدُ عَلَی عِلْمِی فِیكَ أَنَّكَ لَا تَطْلُبُ بِشَیْ ءٍ مِنْ فِعْلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَی وَ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُقْتَلِ الْیَوْمَ تَمُتْ غَداً فَانْظُرْ إِذَا أُعْطِیَ النَّاسُ عَلَی قَدْرِ نِیَّاتِهِمْ مَا نِیَّتُكَ لِغَدٍ فَإِنَّكَ صَاحِبُ هَذِهِ الرَّایَةِ ثَلَاثاً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ مَا هِیَ بِأَبَرَّ وَ لَا أَتْقَی ثُمَّ قَاتَلَ عَمَّارٌ وَ لَمْ یَرْجِعْ وَ قُتِلَ قَالَ حَبَّةُ بْنُ جُوَیْنٍ الْعُرَنِیُّ قُلْتُ لِحُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ حَدِّثْنَا فَإِنَّا نَخَافُ الْفِتَنَ فَقَالَ عَلَیْكُمْ بِالْفِئَةِ الَّتِی فِیهَا ابْنُ سُمَیَّةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ النَّاكِبَةُ عَنِ الطَّرِیقِ وَ إِنَّ آخِرَ رِزْقِهِ ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ قَالَ حَبَّةُ فَشَهِدْتُهُ یَوْمَ قُتِلَ یَقُولُ ائْتُونِی بِآخِرِ رِزْقٍ لِی مِنَ الدُّنْیَا فَأُتِیَ بِضَیَاحٍ مِنْ لَبَنٍ فِی قَدَحٍ أُرْوِحَ بِحَلْقَةٍ حَمْرَاءَ فَمَا أَخْطَأَ حُذَیْفَةُ مِقْیَاسَ شَعْرَةٍ فَقَالَ:
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی بَلَّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْتُ أَنَّنَا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قِیلَ قَتَلَهُ أَبُو الْعَادِیَةِ وَ اجْتَزَّ رَأْسَهُ ابْنُ جوی السَّكْسَكِیُّ وَ كَانَ ذُو الْكَلَاعِ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ.
ص: 14
وَ نُقِلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارَزْمِیِّ (1)قَالَ: شَهِدَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِیُّ الْجَمَلَ وَ هُوَ لَا یَسُلُّ سَیْفاً وَ صِفِّینَ وَ قَالَ لَا أُصَلِّی أَبَداً خَلْفَ إِمَامٍ حَتَّی یُقْتَلَ عَمَّارٌ فَأَنْظُرَ مَنْ یَقْتُلُهُ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ قَالَ خُزَیْمَةُ قَدْ حَانَتْ لِیَ الصَّلَاةُ ثُمَّ اقْتَرَبَ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ وَ كَانَ الَّذِی قَتَلَ عَمَّاراً أَبُو عَادِیَةَ الْمُرِّیُّ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ فَسَقَطَ وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ یُقَاتِلُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَ تِسْعِینَ سَنَةً فَلَمَّا وَقَعَ أَكَبَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَا یَخْتَصِمَانِ كِلَاهُمَا یَقُولُ أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ اللَّهِ إِنْ یَخْتَصِمَانِ إِلَّا فِی النَّارِ فَسَمِعَهَا مُعَاوِیَةُ فَقَالَ لِعَمْرٍو وَ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ قَوْمٌ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ دُونَنَا تَقُولُ لَهُمَا إِنَّكُمَا تَخْتَصِمَانِ فِی النَّارِ فَقَالَ عَمْرٌو هُوَ وَ اللَّهِ ذَلِكَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُهُ وَ لَوَدِدْتُ أَنِّی مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِینَ سَنَةً.
وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: كُنَّا نُعَمِّرُ الْمَسْجِدَ وَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمَّارٌ لَبِنَتَیْنِ لَبِنَتَیْنِ فَرَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِ عَمَّارٍ وَ یَقُولُ یَا عَمَّارُ أَ لَا تَحْمِلُ كَمَا یَحْمِلُ أَصْحَابُكَ قَالَ إِنِّی أُرِیدُ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَ یَقُولُ وَیْحَكَ تَقْتُلُكَ
ص: 15
الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَكَ إِلَی النَّارِ وَ قَالَ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ أَظُنُّهُ قَالَ مِنَ الْفِتَنِ.
قال أحمد بن الحسین البیهقی و هذا صحیح علی شرط البخاری.
وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِأَبِیهِ عَمْرٍو حِینَ قُتِلَ عَمَّارٌ أَ قَتَلْتُمْ عَمَّاراً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِیَةَ أَ تَسْمَعُ مَا یَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ وَ سَمِعَهُ أَهْلُ الشَّامِ فَقَالُوا إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ فَبَلَغَتْ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ إِذاً یَكُونُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتِلَ حَمْزَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ.
وَ نُقِلْتُ عَنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (1)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِنِّی لَأَسِیرُ مَعَ مُعَاوِیَةَ فِی مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّینَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو یَا أَبَتِ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَمَّارٍ وَیْحَكَ یَا ابْنَ سُمَیَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِیَةَ أَ لَا تَسْمَعُ مَا یَقُولُ هَذَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا یَزَالُ یَأْتِینَا بِهَنَةٍ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِینَ جَاءُوا بِهِ.
وَ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَیْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: مَا زَالَ جَدِّی كَافَأَ سِلَاحَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ حَتَّی قُتِلَ عَمَّارٌ بِصِفِّینَ فَسَلَّ سَیْفَهُ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ مِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ عَمَّاراً اسْتَأْذَنَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الطَّیِّبُ الْمُطَیَّبُ ائْذَنْ لَهُ.
وَ مِنَ الْمَنَاقِبِ (2)عَنْ عَلْقَمَةَ وَ الْأَسْوَدِ قَالا أَتَیْنَا أَبَا أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیَّ فَقُلْنَا
ص: 16
یَا أَبَا أَیُّوبَ إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَكَ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَوْحَی إِلَی رَاحِلَتِهِ فَبَرَكَتْ عَلَی بَابِكَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَیْفاً لَكَ فَضِیلَةٌ فَضَّلَكَ اللَّهُ بِهَا أَخْبِرْنَا عَنْ مَخْرَجِكَ مَعَ عَلِیٍّ قَالَ فَإِنِّی أُقْسِمُ لَكُمَا أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِی هَذَا الْبَیْتِ الَّذِی أَنْتُمَا فِیهِ وَ لَیْسَ فِی الْبَیْتِ غَیْرُ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ جَالِسٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ أَنَا عَنْ یَسَارِهِ وَ أَنَسٌ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ تَحَرَّكَ الْبَابُ فَقَالَ علیه السلام انْظُرْ مَنْ بِالْبَابِ فَخَرَجَ أَنَسٌ وَ قَالَ هَذَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ افْتَحْ لِعَمَّارٍ الطَّیِّبِ الْمُطَیَّبِ فَفَتَحَ أَنَسٌ وَ دَخَلَ عَمَّارٌ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَحَّبَ بِهِ وَ قَالَ إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِی فِی أُمَّتِی هَنَاتٌ حَتَّی یَخْتَلِفَ السَّیْفُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ حَتَّی یَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ حَتَّی یَبْرَأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَیْتَ ذَلِكَ فَعَلَیْكَ بِهَذَا الْأَصْلَعِ عَنْ یَمِینِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ إِنْ سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِیاً وَ سَلَكَ عَلِیٌّ وَادِیاً فَاسْلُكْ وَادِیَ عَلِیٍّ وَ خَلِّ عَنِ النَّاسِ إِنَّ عَلِیّاً لَا یَرُدُّكَ عَنْ هُدًی وَ لَا یَدُلُّكَ عَلَی رَدًی یَا عَمَّارُ طَاعَةُ عَلِیٍّ طَاعَتِی وَ طَاعَتِی طَاعَةُ اللَّهِ.
توضیح:
قوله علیه السلام جلدة بین عینی و فی بعض الروایات جلدة ما بین عینی و أنفی و علی التقدیرین كنایة عن غایة الاختصاص و شدة الاتصال.
و قال فی النهایة فی حدیث عمار لو ضربونا حتی یبلغوا بنا سعفات هجر السعفات جمع سعفة بالتحریك و هی أغصان النخیل و قیل إذا یبست سمیت سعفة فإذا كانت رطبة فهی شطبة و إنما خص هجر للمباعدة فی المسافة و لأنها موصوفة بكثرة النخل و هجر اسم بلد معروف بالبحرین.
و فی القاموس احتقبه و استحقبه ادخره و فی الصحاح احتقبه و استحقبه بمعنی أی احتمله و منه قیل احتقب فلان الإثم كأنه جمعه و احتقبه من خلفه.
و فی النهایة العوار بالفتح و قد یضم العیب و قیل إنهم یقولون للردی ء من كل شی ء من الأمور و الأخلاق أعور و كل عیب و خلل فی شی ء فهو عورة و الأسل محركة الرماح قوله أظنه أی قال الخدری أظن أن عمارا قال
ص: 17
أعوذ بالرحمن من الفتن.
و فی النهایة فیه ستكون هنات و هنات أی شرور و فساد یقال فی فلان هنات أی خصال شر و لا یقال فی الخیر و واحدها هنت و قد یجمع علی هنوات و قیل واحدها هنة تأنیث هن و هو كنایة عن كل اسم جنس.
«376»-(1)نص، كفایة الأثر أَبُو الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَمَّارٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام أَصْحَابَ الْأَلْوِیَةِ وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ وَ قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِیَّ وَ قَتَلَ شَیْبَةَ بْنَ نَافِعٍ أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ جَاهَدَ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ فَقَالَ لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ وَارِثُ عِلْمِی وَ قَاضِی دَیْنِی وَ مُنْجِزُ وَعْدِی وَ الْخَلِیفَةُ بَعْدِی وَ لَوْلَاهُ لَمْ یُعْرَفِ الْمُؤْمِنُ الْمَحْضُ بَعْدِی حَرْبُهُ حَرْبِی وَ حَرْبِی حَرْبُ اللَّهِ وَ سِلْمُهُ سِلْمِی وَ سِلْمِی سِلْمُ اللَّهِ أَلَا إِنَّهُ أَبُو سِبْطَیَّ وَ الْأَئِمَّةِ بَعْدِی مِنْ صُلْبِهِ یُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَی الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِینَ وَ مِنْهُمْ مَهْدِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْمَهْدِیُّ قَالَ یَا عَمَّارُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُ یُخْرِجُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَیْنِ أَئِمَّةً تِسْعَةً وَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِهِ یَغِیبُ عَنْهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ یَكُونُ لَهُ غَیْبَةٌ طَوِیلَةٌ یَرْجِعُ عَنْهَا قَوْمٌ وَ یُثْبِتُ عَلَیْهَا آخَرُونَ فَإِذَا كَانَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ یَخْرُجُ فَیَمْلَأُ الدُّنْیَا قِسْطاً وَ عَدْلًا وَ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی التَّنْزِیلِ وَ هُوَ سَمِیِّی وَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِی یَا عَمَّارُ سَیَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِیّاً وَ حِزْبَهُ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ
ص: 18
یَا عَمَّارُ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِی مَعَ عَلِیٍّ صِنْفَیْنِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ ثُمَّ یَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَیْسَ ذَلِكَ عَلَی رِضَا اللَّهِ وَ رِضَاكَ قَالَ نَعَمْ عَلَی رِضَا اللَّهِ وَ رِضَایَ وَ یَكُونُ آخِرُ زَادِكَ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ تَشْرَبُهُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْقِتَالِ قَالَ مَهْلًا رَحِمَكَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَعَادَ عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ فَأَعَادَهُ ثَالِثاً فَبَكَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَنَظَرَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی وَصَفَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَنْ بَغْلَتِهِ وَ عَانَقَ عَمَّاراً وَ وَدَّعَهُ ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ نَبِیِّكَ خَیْراً فَنِعْمَ الْأَخُ كُنْتَ وَ نِعْمَ الصَّاحِبُ كُنْتَ ثُمَّ بَكَی علیه السلام وَ بَكَی عَمَّارٌ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا تَبِعْتُكَ إِلَّا بِبَصِیرَةٍ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ حُنَیْنٍ یَا عَمَّارُ سَتَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِیّاً وَ حِزْبَهُ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ وَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِیَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ فَجَزَاكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ فَلَقَدْ أَدَّیْتَ وَ بَلَّغْتَ وَ نَصَحْتَ ثُمَّ رَكِبَ وَ رَكِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ بَرَزَ إِلَی الْقِتَالِ ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَقِیلَ مَا مَعَنَا مَاءٌ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَسْقَاهُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَكُونَ آخِرُ زَادِی مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةً مِنَ اللَّبَنِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَی الْقَوْمِ فَقَتَلَ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ نَفْساً فَخَرَجَ إِلَیْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَطَعَنَاهُ فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ طَافَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فِی الْقَتْلَی فَوَجَدَ عَمَّاراً مُلْقًی فَجَعَلَ رَأْسَهُ عَلَی فَخِذِهِ ثُمَّ بَكَی علیه السلام وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
أَیَا مَوْتُ كَمْ هَذَا التَّفَرُّقُ عَنْوَةً***فَلَسْتَ تُبَقِّی لِی خَلِیلَ خَلِیلٍ
أَرَاكَ بَصِیراً بِالَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***كَأَنَّكَ تَمْضِی نَحْوَهُمْ بِدَلِیلٍ
ص: 19
بیان:
الشعر فی الدیوان هكذا:
أَلَا أَیُّهَا الْمَوْتُ الَّذِی لَیْسَ تَارِكِی***أَرِحْنِی فَقَدْ أَفْنَیْتَ كُلَّ خَلِیلٍ
أَرَاكَ مُضِرّاً بِالَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***كَأَنَّكَ تَنْحُو نَحْوَهُمْ بِدَلِیلٍ
وَ رَوَی الشَّارِحُ عَنِ ابْنِ أَعْثَمَ أَنَّ عَمَّاراً رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا بَرَزَ یَوْمَ صِفِّینَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ هَلْ مِنْ رَائِحٍ إِلَی اللَّهِ تَطْلُبُ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ الْأَسِنَّةِ
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
فَطَعَنَهُ ابْنُ جَوْنٍ فِی صَدْرِهِ فَرَجَعَ وَ قَالَ اسْقُونِی شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ فَأَتَاهُ رَاشِدٌ مَوْلَاهُ بِلَبَنٍ فَلَمَّا رَآهُ كَبَّرَ وَ قَالَ هَذَا مَا أَخْبَرَنِی بِهِ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَنَّ آخِرَ زَادِی مِنَ الدُّنْیَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ فَلَمَّا شَرِبَ خَرَجَ مِنْ مَكَانِ الْجُرْحِ وَ سَقَطَ وَ تُوُفِّیَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنَّ امْرَأً لَمْ یَدْخُلْ عَلَیْهِ مُصِیبَةٌ مِنْ قَتْلِ عَمَّارٍ فَمَا هُوَ فِی الْإِسْلَامِ مِنْ شَیْ ءٍ ثُمَّ صَلَّی عَلَیْهِ وَ قَرَأَ هَاتَیْنِ الْبَیْتَیْنِ.
«377»-(1)ختص، الإختصاص عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنِی شَیْخٌ مِنْ أَسْلَمَ شَهِدَ صِفِّینَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ عَلَی سَكَنَاتِهِمْ فَمَا رَاعَنَا إِلَّا صَوْتُ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ حِینَ اعْتَدَلَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَعْتَدِلُ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ رَائِحٌ إِلَی الْجَنَّةِ كَالظَّمْآنِ یَرَی الْمَاءَ مَا الْجَنَّةُ إِلَّا تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِی
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ اصْدُقُوا اللَّهَ فِیهِمْ فَإِنَّهُمْ وَ اللَّهِ أَبْنَاءُ الْأَحْزَابِ دَخَلُوا فِی هَذَا الدِّینِ كَارِهِینَ حِینَ أَذَلَّتْهُمْ حَدُّ السُّیُوفِ وَ خَرَجُوا مِنْهُ طَائِعِینَ حَتَّی أَمْكَنَتْهُمُ الْفُرْصَةُ
ص: 20
وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ ابْنَ تِسْعِینَ سَنَةً قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا الْإِلْجَامُ وَ الْإِسْرَاجُ وَ قَالَ عَمَّارٌ حِینَ نَظَرَ إِلَی رَایَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِنَّ هَذِهِ الرَّایَةَ قَدْ قَاتَلَتْنَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هِیَ بِأَرْشَدِهِنَّ ثُمَّ حَمَلَ وَ هُوَ یَقُولُ:
نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَی تَنْزِیلِهِ*** فَالْیَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَی تَأْوِیلِهِ
ضَرْباً یُزِیلُ الْهَامَ عَنْ مَقِیلِهِ***وَ یُذْهِلُ الْخَلِیلَ عَنْ خَلِیلِهِ
أَوْ یَرْجِعَ الْحَقُّ إِلَی سَبِیلِهِ***یَا رَبِّ إِنِّی مُؤْمِنٌ بِقِیلِهِ
ثُمَّ اسْتَسْقَی عَمَّارٌ وَ اشْتَدَّ ظَمَاؤُهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ طَوِیلَةُ الْیَدَیْنِ مَا أَدْرِی أَ عُسٌّ مَعَهَا أَمْ إِدَاوَةٌ فِیهَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ وَ قَالَ الْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَسِنَّةِ
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
وَ اللَّهِ لَوْ هَزَمُونَا حَتَّی یَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ ثُمَّ حَمَلَ وَ حَمَلَ عَلَیْهِ ابْنُ جُوَیْنٍ السَّكْسَكِیُّ وَ أَبُو الْعَادِیَةِ الْفَزَارِیُّ فَأَمَّا أَبُو الْعَادِیَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمَّا ابْنُ جُوَیْنٍ اجْتَزَّ رَأْسَهُ لَعَنَهُمَا اللَّهُ.
إیضاح:
العالیة أعلی الرمح و الجمع العوالی و فی الصحاح لقیته عركة بالتسكین أی مرة و لقیته عركات أی مرات.
«378»-(1) مد، العمدة مِنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ بِأَسَانِیدَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ:
ص: 21
أَخْبَرَنِی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَمَّارٍ حِینَ جَعَلَ یَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَ جَعَلَ یَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ یَقُولُ أَبْشِرْ ابْنَ سُمَیَّةَ یَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِیَةٌ.
وَ بِأَسَانِیدَ أَیْضاً عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ لِلْحُمَیْدِیِّ الْحَدِیثُ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ إِفْرَادِ الْبُخَارِیِّ مِنَ الصَّحِیحِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ لِیَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ لِابْنِهِ عَلِیٍّ انْطَلِقَا إِلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ اسْمَعَا مِنْ حَدِیثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِی حَائِطٍ لَهُ یُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَ احْتَبَی ثُمَّ أَنْشَأَ یُحَدِّثُنَا حَتَّی أَتَی عَلَی ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمَّارٌ اثْنَتَیْنِ اثْنَتَیْنِ فَرَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَ یَقُولُ وَیْحَ عَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ وَ كَانَ یَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخَبَرَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ ثم قال قال الحمیدی: و فی هذا الحدیث زیادة مشهورة لم یذكرها البخاری أصلا فی طریق هذا الحدیث و لعلها لم تقع إلیه أو وقعت فحذفها لغرض قصده (1)
وَ أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِیُّ وَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِیلِیُّ قَبْلَهُ وَ فِی هَذَا الْحَدِیثِ عِنْدَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَیْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ
ص: 22
وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ.
قال أبو مسعود الدمشقی فی كتابه: لم یذكر البخاری هذه الزیادة و هی فی حدیث عبد اللّٰه بن المختار و خالد بن عبد اللّٰه الواسطی و یزید بن زریع و محبوب بن الحسن و شعبة كلهم عن خالد الحذاء و روی إسحاق عن عبد الوهاب هكذا قال و أما حدیث عبد الوهاب الذی أخرجه البخاری من دون تلك الزیادة فلم یقع إلینا من غیر حدیث البخاری هذا آخر معنی ما قاله أبو مسعود أقول قال ابن الأثیر فی مادة ویح ویس (1)من كتاب النهایة فیه
قَالَ لِعَمَّارٍ وَیْحَ ابْنِ سُمَیَّةَ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
ویح كلمة ترحم و توجع تقال لمن وقع فی هلكة لا یستحقها و قد یقال بمعنی المدح و التعجب و هی منصوبة علی المصدر و قد ترفع و تضاف و لا تضاف یقال ویح زید و ویحا له و ویح له.
ثم قال و فیه قال لعمار ویس ابن سمیة و فی روایة یا ویس ابن سمیة ویس كلمة تقال لمن یرحم و یرفق به مثل ویح و حكمها حكمها.
«379»-(2)كش، رجال الكشی جَعْفَرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَقْوَاماً یَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمْ یَكُنْ إِمَاماً حَتَّی أَشْهَرَ سَیْفَهُ قَالَ خَابَ إِذَنْ عَمَّارٌ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ صَاحِبُكَ أَبُو عَمْرَةَ وَ قَدْ خَرَجَ یَوْمَئِذٍ صَائِماً بَیْنَ الْفِئَتَیْنِ بِأَسْهُمٍ فَرَمَی بِهَا قُرْبَی یَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَی اللَّهِ حَتَّی قُتِلَ یَعْنِی عَمَّاراً.
بیان: لعل المعنی أنهم ما كانوا یعتقدون إمامته علیه السلام قبل أن
ص: 23
یشهر سیفه فیكونوا من الخائبین بتلك العقیدة و لعل التخصیص لأنهم كانوا أعرف بهذا الوصف عند السائل من غیرهم و الظاهر أن الزاعمین هم الزیدیة المشترطون فی الإمامة الخروج بالسیف.
قوله علیه السلام صائما یمكن أن یكون صائما ابتداء ثم اضطر إلی شرب اللبن أو شربه تصدیقا لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله.
و قال السید الداماد قدس سره صائما أی قائما واقفا ثابتا للقتال من الصوم بمعنی القیام و الوقوف یقال صام الفرس صوما أی قام علی غیر اعتلاف و صام النهار صوما إذا قام قائم الظهیرة و اعتدل و الصوم ركود الریح و مصام الفرس و مصامته موقفه و الصوم أیضا الثبات و الدوام و السكون و ما صائم و دائم و قائم و ساكن بمعنی.
و الباء فی بأسهم للملابسة و المصاحبة أو خرج بین الفئتین و كان صائما بالصیام الشرعی و الباء أیضا للملابسة أو من الصوم بمعنی البیعة أی خرج مبایعا علی بذل المهجة فی سبیل اللّٰه أو خرج بین صفی الفئتین دامیا بأسهم من قولهم صام النعام أی رمی بذرقه و هو صومه فالباء للصلة أو الدعامة فقد جاء الصوم بهذه المعانی كلها فی الصحاح و أساس البلاغة و المعرب و المغرب و القاموس و النهایة انتهی.
أقول: قد مضی كثیر من أخبار هذا الباب فی باب فضائل عمار و فی باب مطاعن عثمان.
«380»-(1)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ وَ قَیْسِ بْنِ
ص: 24
الرَّبِیعِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: جَاءَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَسْتَأْذِنُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ مَرْحَباً بِالطَّیِّبِ الْمُطَیَّبِ.
وَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ رَآهُمْ یَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ حِجَارَةَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ وَ ذَاكَ دَأْبُ الْأَشْقِیَاءِ الْفُجَّارِ.
وَ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِیلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَقَدْ مُلِئَ عَمَّارٌ إِیمَاناً إِلَی مُشَاشِهِ.
وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی رَبِیعَةَ الْإِیَادِیِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَی ثَلَاثَةٍ عَلِیٍّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانَ.
وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بُنِیَ الْمَسْجِدُ جَعَلَ عَمَّارٌ یَحْمِلُ حَجَرَیْنِ حَجَرَیْنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْیَقْظَانِ لَا تَشُقَّ عَلَی نَفْسِكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَعْمَلَ فِی هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَزْرَقِ الْبُرْجُمِیِّ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی مَلِیكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِأَبِیهِ لَوْ لَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِطَوَاعِیَتِكَ مَا سِرْتُ هَذَا الْمَسِیرَ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.
وَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِیِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: أُصِیبَ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ مَعَ عَلِیٍّ بِصِفِّینَ.
ص: 25
وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِیِّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ نَادَی یَوْمَئِذٍ أَیْنَ مَنْ یَبْغِی رِضْوَانَ رَبِّهِ وَ لَا یَئُوبُ إِلَی مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ قَالَ فَأَتَتْهُ عِصَابَةٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اقْصِدُوا بِنَا نَحْوَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَبْغُونَ دَمَ عُثْمَانَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ إِلَّا ظَالِماً لِنَفْسِهِ الْحَاكِمَ بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ دَفَعَ عَلِیٌّ الرَّایَةَ إِلَی هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَ كَانَ عَلَیْهِ دِرْعَانِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام كَهَیْئَةِ الْمَازِحِ أَیَا هَاشِمُ أَ مَا تَخْشَی عَلَی نَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْوَرَ جَبَاناً قَالَ سَتَعْلَمُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ لَأَلُفَّنَّ بَیْنَ جَمَاجِمِ الْقَوْمِ لَفَّ رَجُلٍ یَنْوِی الْآخِرَةَ فَأَخَذَ رُمْحاً فَهَزَّهُ فَانْكَسَرَ ثُمَّ أَخَذَ آخَرَ فَوَجَدَهُ جَاسِیاً فَأَلْقَاهُ ثُمَّ دَعَا بِرُمْحٍ لَیِّنٍ فَشَدَّ بِهِ لِوَاءَهُ وَ لَمَّا دَفَعَ عَلِیٌّ علیه السلام الرَّایَةَ إِلَی هَاشِمٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَصْحَابِ هَاشِمٍ اقْدَمْ مَا لَكَ یَا هَاشِمُ قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُكَ عَوْراً وَ جُبْناً قَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا فُلَانٌ قَالَ أَهْلُهَا وَ خَیْرٌ مِنْهَا إِذَا رَأَیْتَنِی صُرِعْتُ فَخُذْهَا ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ شُدُّوا شُسُوعَ نِعَالِكُمْ وَ شُدُّوا أُزُرَكُمْ فَإِذَا رَأَیْتُمُونِی قَدْ هَزَزْتُ الرَّایَةَ ثَلَاثاً فَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لَا یَسْبِقُنِی إِلَیْهَا ثُمَّ نَظَرَ هَاشِمٌ إِلَی عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ فَرَأَی جَمْعاً عَظِیماً فَقَالَ مَنْ أُولَئِكَ قَالُوا أَصْحَابُ ذِی الْكَلَاعِ ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَی جُنْداً آخَرَ فَقَالَ مَنْ أُولَئِكَ قَالُوا جُنْدُ أَهْلِ الْمَدِینَةِ قُرَیْشٍ قَالَ قَوْمِی لَا حَاجَةَ لِی فِی قِتَالِهِمْ قَالَ مَنْ عِنْدَ هَذِهِ الْقُبَّةِ الْبَیْضَاءِ قِیلَ مُعَاوِیَةُ وَ جُنْدُهُ فَحَمَلَ حِینَئِذٍ یُرْقِلُ إِرْقَالًا.
وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّینَ وَ الرَّایَةُ مَعَ هَاشِمٍ بْنِ عُتْبَةَ جَعَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَتَنَاوَلُهُ بِالرُّمْحِ وَ یَقُولُ اقْدَمْ یَا أَعْوَرُ لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَأْتِی الْفَزَعَ قَالَ فَجَعَلَ یَسْتَحْیِی مِنْ عَمَّارٍ وَ كَانَ عَالِماً بِالْحَرْبِ فَیَتَقَدَّمُ فَیَرْكُزُ الرَّایَةَ إِذَا
ص: 26
سَامَتْ إِلَیْهِ الصُّفُوفُ قَالَ عَمَّارٌ أَقْدِمْ یَا أَعْوَرُ لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَأْتِی الْفَزَعَ فَجَعَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یَقُولُ إِنِّی لَأَرَی لِصَاحِبِ الرَّایَةِ السَّوْدَاءِ عَمَلًا لَئِنْ دَامَ عَلَی هَذَا لَتَفْنَیَنَّ الْعَرَبُ الْیَوْمَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً وَ جَعَلَ عَمَّارٌ یَقُولُ صَبْراً عِبَادَ اللَّهِ الْجَنَّةُ فِی ظِلَالِ الْبِیضِ قَالَ وَ كَانَتْ عَلَامَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِصِفِّینَ الصُّوفَ الْأَبْیَضَ قَدْ جَعَلُوهُ فِی رُءُوسِهِمْ وَ عَلَی أَكْتَافِهِمْ وَ شِعَارُهُمْ یَا اللَّهُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا رَحِیمُ وَ كَانَتْ عَلَامَةُ أَهْلِ الشَّامِ خِرَقاً بِیضاً قَدْ جَعَلُوهَا عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ أَكْتَافِهِمْ وَ كَانَ شِعَارُهُمْ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ حَقّاً یَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ قَالَ فَاجْتَلَدُوا بِالسُّیُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِیدِ فَمَا تَحَاجَزْنَا حَتَّی حَجَزَ بینا [بَیْنَنَا] سَوَادُ اللَّیْلِ وَ مَا یری [نَرَی] رَجُلًا مِنَّا وَ لَا مِنْهُمْ مُوَلِّیاً فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ ذَلِكَ الْیَوْمُ الثَّلَاثَاءُ خَرَجَ النَّاسُ إِلَی مَصَافِّهِمْ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ فَكُنْتُ فِی خَیْلِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ یَقُولُ مَنْ یَدُلُّنِی عَلَی الْحِمْیَرِیِّ أَبِی نُوحٍ قَالَ قُلْتُ فَقَدْ وَجَدْتَهُ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ذُو الْكَلَاعِ سِرْ إِلَیَّ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَسِیرَ إِلَیْكَ إِلَّا فِی كَتِیبَةٍ قَالَ ذُو الْكَلَاعِ سِرْ فَلَكَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ وَ ذِمَّةُ ذِی الْكَلَاعِ حَتَّی تَرْجِعَ إِلَی خَیْلِكَ فَإِنَّمَا أُرِیدُ بِذَلِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ فِیكُمْ تَمَارَیْنَا فِیهِ فَسَارَا حَتَّی الْتَقَیَا فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ إِنَّمَا دَعَوْتُكَ أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو نُوحٍ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَلْتَقِی أَهْلُ الشَّامِ وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَ فِی إِحْدَی الْكَتِیبَتَیْنِ الْحَقُّ وَ إِمَامُ الْهُدَی وَ مَعَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ لِعَمْرٍو [وَ] اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا قَالَ أَ جَادٌّ هُوَ عَلَی قِتَالِنَا قَالَ أَبُو نُوحٍ نَعَمْ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ لَهُوَ أَشَدُّ عَلَی قِتَالِكُمْ مِنِّی فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَأْتِیَ مَعِی صَفَّ أَهْلِ الشَّامِ فَأَنَا لَكَ جَارٍ مِنْهُمْ حَتَّی تَلْقَی عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَتُخْبِرَهُ عَنْ عَمَّارٍ وَ جِدِّهِ فِی قِتَالِنَا لَعَلَّهُ
ص: 27
یَكُونُ صُلْحاً بَیْنَ هَذَیْنِ الْجُنْدَیْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ إِنَّكَ رَجُلٌ غَادِرٌ وَ أَنْتَ فِی قَوْمٍ غَدُورٍ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تُرِیدُ الْغَدْرَ أَغْدَرُوكَ وَ إِنِّی أَنْ أَمُوتَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَدْخُلَ مَعَ مُعَاوِیَةَ وَ أَدْخُلَ فِی دِینِهِ وَ أَمْرِهِ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ أَنَا جَارٍ لَكَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تُقْتَلَ وَ لَا تُسْلَبَ وَ لَا تُكْرَهَ عَلَی بَیْعَةٍ وَ لَا تُحْبَسَ عَنْ جُنْدِكَ وَ إِنَّمَا هِیَ كَلِمَةٌ تُبْلِغُهَا عَمْراً لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بَیْنَ هَذَیْنِ الْجُنْدَیْنِ وَ یَضَعَ عَنْهُمُ الْحَرْبَ وَ السِّلَاحَ فَسَارَ مَعَهُ حَتَّی أَتَی عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ هُوَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ حَوْلَهُ النَّاسُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو یُحَرِّضُ النَّاسَ فَلَمَّا وَقَفَا عَلَی الْقَوْمِ قَالَ ذُو الْكَلَاعِ لِعَمْرٍو یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِی رَجُلٍ نَاصِحٍ لَبِیبٍ شَفِیقٍ یُخْبِرُكَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ لَا یَكْذِبُكَ قَالَ عَمْرٌو مَنْ هَذَا مَعَكَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَمِّی وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إِنِّی لَأَرَی عَلَیْكَ سِیمَاءَ أَبِی تُرَابٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ عَلَیَّ سِیمَاءُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابِهِ وَ عَلَیْكَ سِیمَاءُ أَبِی جَهْلٍ وَ سِیمَاءُ فِرْعَوْنَ فَقَامَ أَبُو الْأَعْوَرِ فَسَلَّ سَیْفَهُ ثُمَّ قَالَ لَا أَرَی هَذَا الْكَذَّابَ یُشَاتِمُنَا بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَلَیْهِ سِیمَاءُ أَبِی تُرَابٍ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَسَطْتَ یَدَكَ إِلَیْهِ لَأَحْطِمَنَّ أَنْفَكَ بِالسَّیْفِ ابْنُ عَمِّی وَ جَارِی عَقَدْتُ لَهُ ذِمَّتِی وَ جِئْتُ بِهِ إِلَیْكُمْ لِیُخْبِرَكُمْ عَمَّا تَمَارَیْتُمْ فِیهِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو أُذَكِّرُكَ بِاللَّهِ یَا أَبَا نُوحٍ إِلَّا مَا صَدَقْتَ أَ فِیكُمْ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ عَنْهُ حَتَّی تُخْبِرَنِی لِمَ تَسْأَلُ عَنْهُ فَإِنَّ مَعَنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَهُ وَ كُلُّهُمْ جَادٍّ عَلَی قِتَالِكُمْ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ عَمَّاراً تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ إِنَّهُ لَیْسَ یَنْبَغِی لِعَمَّارٍ أَنْ یُفَارِقَ الْحَقَّ وَ لَنْ تَأْكُلَ النَّارُ مِنْهُ شَیْئاً فَقَالَ أَبُو نُوحٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا جَادٍّ عَلَی قِتَالِكُمْ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَجَادٌّ عَلَی قِتَالِنَا قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ حَدَّثَنِی یَوْمَ الْجَمَلِ أَنَّا سَنَظْهَرُ عَلَیْهِمْ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَمْسِ أَنْ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی
ص: 28
یَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی بَاطِلٍ وَ لَكَانَتْ قَتْلَانَا فِی الْجَنَّةِ وَ قَتْلَاهُمْ فِی النَّارِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَجْمَعَ بَیْنَهُ وَ بَیْنِی قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یُبْلِغَهُ أَصْحَابَهُ رَكِبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ ابْنَاهُ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ ذُو الْكَلَاعِ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ حَوْشَبٌ وَ الْوَلِیدُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ فَانْطَلَقُوا حَتَّی أَتَوْا خُیُولَهُمْ وَ سَارَ أَبُو نُوحٍ وَ مَعَهُ شُرَحْبِیلُ بْنُ ذِی الْكَلَاعِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَصْحَابِهِ فَذَهَبَ أَبُو نُوحٍ إِلَی عَمَّارٍ فَوَجَدَهُ قَاعِداً مَعَ أَصْحَابِهِ مَعَ ابْنَیْ بُدَیْلٍ وَ هَاشِمٍ وَ الْأَشْتَرِ وَ جَارِیَةِ بْنِ الْمُثَنَّی وَ خَالِدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَجْلٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنَّهُ دَعَانِی ذُو الْكَلَاعِ وَ هُوَ ذُو رَحِمٍ فَذَكَرَ مَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ وَ قَالَ أَخْبَرَنِی عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ عَمَّارٌ صَدَقَ وَ لَیَضُرُّ بِهِ مَا سَمِعَ وَ لَا یَنْفَعُهُ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَلْقَاكَ فَقَالَ عَمَّارٌ لِأَصْحَابِهِ ارْكَبُوا قَالَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا بِعَمَّارٍ (1)فَسِرْنَا حَتَّی لَقِینَاهُمْ ثُمَّ بَعَثْنَا إِلَیْهِمْ فَارِساً مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ یُسَمَّی عَوْفَ بْنَ بِشْرٍ فَذَهَبَ حَتَّی كَانَ قَرِیباً مِنَ الْقَوْمِ ثُمَّ نَادَی أَیْنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالُوا هَاهُنَا فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِ عَمَّارٍ وَ خَیْلِهِ فَقَالَ عَمْرٌو فَلْیَسِرْ إِلَیْنَا فَقَالَ عَوْفٌ إِنِّی أَخَافُ غَدَرَاتِكَ ثُمَّ جَرَی بَیْنَهُمَا كَلِمَاتٌ تَرَكْتُهَا إِلَی أَنْ قَالَ أَقْبَلَ عَمَّارٌ مَعَ أَصْحَابِهِ فَتَوَاقَفَا فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ إِلَّا كَفَفْتَ سِلَاحَ أَهْلِ هَذَا الْعَسْكَرِ وَ حَقَنْتَ دِمَاءَهُمْ فَعَلَامَ تُقَاتِلُنَا أَ وَ لَسْنَا نَعْبُدُ إِلَهاً وَاحِداً وَ نُصَلِّی [إِلَی] قِبْلَتِكُمْ وَ نَدْعُو دَعَوْتَكُمْ وَ نَقْرَأُ كِتَابَكُمْ وَ نُؤْمِنُ بِرَسُولِكُمْ قَالَ الْحَمْدُ
ص: 29
لِلَّهِ الَّذِی أَخْرَجَهَا مِنْ فِیكَ أَنَّهَا لِی وَ لِأَصْحَابِی الْقِبْلَةُ وَ الدِّینُ وَ عِبَادَةُ الرَّحْمَنِ وَ النَّبِیُّ وَ الْكِتَابُ مِنْ دُونِكَ وَ دُونِ أَصْحَابِكَ وَ جَعَلَكَ ضَالًّا مُضِلًّا لَا تَعْلَمُ هَادٍ أَنْتَ أَمْ ضَالٌّ وَ جَعَلَكَ أَعْمَی وَ سَأُخْبِرُكَ عَلَی مَا قَاتَلْتُكَ عَلَیْهِ أَنْتَ وَ أَصْحَابَكَ أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أُقَاتِلَ النَّاكِثِینَ فَفَعَلْتُ وَ أَمَرَنِی أَنْ أُقَاتِلَ الْقَاسِطِینَ فَأَنْتُمْ هُمْ وَ أَمَّا الْمَارِقُونَ فَمَا أَدْرِی أُدْرِكُهُمْ أَمْ لَا أَیُّهَا الْأَبْتَرُ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ أَنَا مَوْلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ عَلِیٍّ بَعْدَهُ وَ لَیْسَ لَكَ مَوْلًی فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا تَرَی فِی قَتْلِ عُثْمَانَ قَالَ فَتَحَ لَكُمْ بَابَ كُلِّ سُوءٍ قَالَ عَمْرٌو فَعَلِیٌّ قَتَلَهُ قَالَ عَمَّارٌ بَلِ اللَّهُ رَبُّ عَلِیٍّ قَتَلَهُ وَ عَلِیٌّ مَعَهُ قَالَ عَمْرٌو أَ كُنْتَ فِیمَنْ قَتَلَهُ قَالَ أَنَا مَعَ مَنْ قَتَلَهُ وَ أَنَا الْیَوْمَ أُقَاتِلُ مَعَهُ قَالَ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ أَرَادَ أَنْ یُغَیِّرَ دِینَنَا فَقَتَلْنَاهُ قَالَ عَمْرٌو أَ لَا تَسْتَمِعُونَ قَدِ اعْتَرَفَ بِقَتْلِ إِمَامِكُمْ قَالَ عَمَّارٌ وَ قَدْ قَالَهَا فِرْعَوْنُ قَبْلَكَ أَ لا تَسْتَمِعُونَ فَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ وَ لَهُمْ زَجَلٌ فَرَكِبُوا خُیُولَهُمْ وَ رَجَعُوا فَبَلَغَ مُعَاوِیَةَ مَا كَانَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ لَهُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ إِنْ أَخَذَتْهُمْ خِفَّةُ الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ یَعْنِی عَمَّاراً وَ خَرَجَ عَمَّارٌ إِلَی الْقِتَالِ وَ صَفَّتِ الْخُیُولُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَ زَحَفَ النَّاسُ وَ عَلَی عَمَّارٍ دِرْعٌ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ الرَّوَاحُ إِلَی الْجَنَّةِ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِیداً لَمْ یَسْمَعِ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَی حَتَّی إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَشُدُّ طُنُبَ فُسْطَاطِهِ بِیَدِ الرَّجُلِ أَوْ بِرِجْلِهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَقَدْ رَأَیْتُ أَخْبِیَةَ صِفِّینَ وَ أَرْوِقَتَهُمْ وَ مَا مِنْهَا خِبَاءٌ وَ لَا رِوَاقٌ وَ لَا بِنَاءٌ وَ لَا فُسْطَاطٌ إِلَّا مَرْبُوطاً بِیَدِ رَجُلٍ أَوْ رِجْلِهِ وَ جَعَلَ أَبُو سَمَّاكٍ الْأَسَدِیُّ یَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَ شَفْرَةَ حَدِیدٍ فَیَطُوفُ فِی الْقَتْلَی فَإِذَا رَأَی رَجُلًا جَرِیحاً وَ بِهِ رَمَقٌ أَقْعَدَهُ وَ سَأَلَهُ مَنْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
ص: 30
فَإِنْ قَالَ عَلِیٌّ غَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ وَ سَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ وَ إِنْ سَكَتَ وَجَأَهُ بِسِكِّینٍ حَتَّی یَمُوتَ قَالَ فَكَانَ یُسَمَّی الْمُخَضْخِضَ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّی إِلَی جَانِبِ عَمَّارٍ فَتَقَدَّمْنَا حَتَّی إِذَا دَنَوْنَا مِنْ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ لَهُ عَمَّارٌ احْمِلْ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی وَ نَظَرَ عَمَّارٌ إِلَی رِقَّةٍ فِی الْمَیْمَنَةِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا عَمَّارُ إِنَّكَ رَجُلٌ تَأْخُذُكَ خِفَّةٌ فِی الْحَرْبِ وَ إِنِّی إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفاً وَ أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِذَلِكَ حَاجَتِی وَ إِنِّی إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ وَ قَدْ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو وَیْحَكَ یَا عَمْرُو إِنَّ اللِّوَاءَ مَعَ هَاشِمٍ كَأَنَّهُ یُرْقِلُ بِهِ إِرْقَالًا وَ إِنْ زَحَفَ بِهِ زَحْفاً إِنَّهُ لَلْیَوْمُ الْأَطْوَلُ لِأَهْلِ الشَّامِ (1)فَلَمْ یَزَلْ بِهِ عَمَّارٌ حَتَّی حَمَلَ فَبَصُرَ بِهِ مُعَاوِیَةُ فَوَجَّهَ إِلَیْهِ جُمْلَةَ أَصْحَابِهِ وَ مَنْ بَرَزَ بِالنَّاسِ مِنْهُمْ فِی نَاحِیَتِهِ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْجَمْعِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَ مَعَهُ سَیْفَانِ قَدْ تَقَلَّدَ بِوَاحِدٍ وَ هُوَ یَضْرِبُ بِالْآخَرِ وَ أَطَافَتْ بِهِ خَیْلُ عَلِیٍّ فَقَالَ عَمْرٌو یَا اللَّهُ یَا رَحْمَانُ ابْنِی ابْنِی وَ كَانَ یَقُولُ مُعَاوِیَةُ اصْبِرْ اصْبِرْ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَیْهِ قَالَ عَمْرٌو لَوْ كَانَ یَزِیدُ إِذاً لَصَبَرْتَ وَ لَمْ یَزَلْ حُمَاةُ أَهْلِ الشَّامِ یَذُبُّونَ عَنْهُ حَتَّی نَجَا هَارِباً عَلَی فَرَسِهِ وَ مَنْ مَعَهُ وَ أُصِیبَ هَاشِمٌ فِی الْمَعْرِكَةِ قَالَ وَ قَالَ عَمَّارٌ حِینَ نَظَرَ إِلَی رَایَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الرَّایَةَ قَدْ قَاتَلْتُهَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هَذِهِ بِأَرْشَدِهِنَّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْوَ رِوَایَةِ الْإِخْتِصَاصِ إِلَی قَوْلِهِ فَأَمَّا أَبُو الْعَادِیَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمَّا ابْنُ جُوَیْنٍ فَإِنَّهُ اجْتَزَّ رَأْسَهُ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ لِعَمْرٍو وَیْحَكَ مَا هَذَا قَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ سَیَرْجِعُ إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُصَابَ عَمَّارٌ فَأُصِیبَ عَمَّارٌ مَعَ عَلِیٍّ وَ أُصِیبَ ذُو الْكَلَاعِ مَعَ مُعَاوِیَةَ
ص: 31
فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ مَا أَدْرِی بِقَتْلِ أَیِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحاً وَ اللَّهِ لَوْ بَقِیَ ذُو الْكَلَاعِ حَتَّی یُقْتَلَ عَمَّارٌ لَمَالَ بِعَامَّةِ قَوْمِهِ وَ لَأَفْسَدَ عَلَیْنَا جُنْدَنَا قَالَ فَكَانَ لَا یَزَالُ رَجُلٌ یَجِی ءُ فَیَقُولُ أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَیَقُولُ لَهُ عَمْرٌو فَمَا سَمِعْتُمُوهُ یَقُولُ فَیَخْلِطُونَ حَتَّی أَقْبَلَ ابْنُ جُوَیْنٍ فَقَالَ أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا كَانَ آخِرَ مَنْطِقِهِ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ
الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو صَدَقْتَ أَنْتَ صَاحِبُهُ أَمَا وَ اللَّهِ مَا ظَفِرْتَ بِذَلِكَ وَ لَكِنْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ (1)
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رُمِیَ رَمْیَةً فَأُغْمِیَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُصَلِّ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ لَا الْمَغْرِبَ وَ لَا الْعِشَاءَ وَ لَا الْفَجْرَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَضَاهُنَّ جَمِیعاً یَبْدَأُ بِأَوَّلِ شَیْ ءٍ فَاتَهُ ثُمَّ الَّتِی تَلِیهَا.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنِ ابْنِ حُرَیْثٍ قَالَ: أَقْبَلَ غُلَامٌ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ اسْمُهُ رَاشِدٌ یَحْمِلُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ عَمَّارٌ أَمَا إِنِّی سَمِعْتُ خَلِیلِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةُ لَبَنٍ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ الْأَوْسَطِ قَالَ: احْتَجَّ رَجُلَانِ بِصِفِّینَ فِی سَلْبِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ فِی قَتْلِهِ فَأَتَیَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمَا وَیْحَكُمَا اخْرُجَا عَنِّی فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَلِعَتْ قُرَیْشٌ بِعَمَّارٍ مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِی النَّارِ قَالَ فَبَلَغَنِی أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَالَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ أَخْرَجَهُ یَخْدَعُ بِذَلِكَ طَغَامَ أَهْلِ الشَّامِ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ ابْنَ سُمَیَّةَ لَمْ یُخَیَّرْ بَیْنَ أَمْرَیْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ
ص: 32
أَشَدَّهُمَا (1)
وَ فِی حَدِیثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَمَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ هُوَ یَقُولُ:
كَلَّا وَ رَبِّ الْبَیْتِ لَا أَبْرَحُ أَجِی*** حَتَّی أَمُوتَ أَوْ أَرَی مَا أَشْتَهِی
أَنَا مَعَ الْحَقِّ أُقَاتِلُ مَعَ عَلِیٍّ***صِهْرِ النَّبِیِّ ذِی الْأَمَانَاتِ الْوَفِیِّ
إِلَی آخِرِ الْأَبْیَاتِ قَالَ فَضَرَبُوا أَهْلَ الشَّامِ حَتَّی اضْطَرُّوهُمْ إِلَی الْفُرَاتِ قَالَ وَ مَشَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَیْدٍ سَیِّدُ جُرَشَ إِلَی ذِی الْكَلَاعِ فَقَالَ لَهُ لِمَ جَمَعْتَ بَیْنَ الرَّجُلَیْنِ قَالَ لِحَدِیثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعَبْسِیُّ وَ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَیْلًا فَأَصْبَحَ فِی عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَحَدَّثَ النَّاسَ بِقَوْلِ عَمْرٍو فِی عَمَّارٍ فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِیَةُ هَذَا الْقَوْلَ بَعَثَ إِلَی عَمْرٍو فَقَالَ أَفْسَدْتَ عَلَیَّ أَهْلَ الشَّامِ أَ كُلَّ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقُولُهُ فَقَالَ عَمْرٌو قُلْتُهَا وَ لَسْتُ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لَا أَدْرِی أَنَّ صِفِّینَ تَكُونُ وَ عَمَّارٌ خَصْمُنَا (2)وَ قَدْ رَوَیْتَ أَنْتَ فِیهِ مِثْلَ الَّذِی رَوَیْتُ فِیهِ فَاسْأَلْ أَهْلَ الشَّامِ فَغَضِبَ مُعَاوِیَةُ وَ تَنَمَّرَ لِعَمْرٍو وَ مَنَعَهُ خَیْرَهُ فَقَالَ عَمْرٌو لَا خَیْرَ لِی فِی جِوَارِ مُعَاوِیَةَ إِنْ تَجَلَّتْ هَذِهِ الْحَرْبُ عَنَّا وَ كَانَ عَمْرٌو حَمِیَّ الْأَنْفِ فَقَالَ فِی ذَلِكَ
ص: 33
تُعَاتِبُنِی أَنْ قُلْتُ شَیْئاً سَمِعْتُهُ***وَ قَدْ قُلْتَ لَوْ أَنْصَفْتَنِی مِثْلَهُ قَبْلِی
وَ مَا كَانَ لِی عِلْمٌ بِصِفِّینَ أَنَّهَا***تَكُونُ وَ عَمَّارٌ یَحُثُّ عَلَی قَتْلِی
فَلَوْ كَانَ لِی بِالْغَیْبِ عِلْمٌ كَتَمْتُهَا***وَ كَابَدْتُ أَقْوَاماً مَرَاجِلُهُمْ تَغْلِی
إِلَی آخِرِ الْأَبْیَاتِ ثُمَّ أَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ بِأَبْیَاتٍ تَشْتَمِلُ عَلَی الِاعْتِذَارِ فَأَتَاهُ عَمْرٌو وَ أَعْتَبَهُ وَ صَارَ أَمْرُهُمَا وَاحِداً ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَعَا هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ مَعَهُ لِوَاؤُهُ وَ كَانَ أَعْوَرَ وَ قَالَ حَتَّی مَتَی تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَ تَشْرَبُ الْمَاءَ فَقَالَ هَاشِمٌ لَأُجَهَّزَنَّ أَنْ لَا أَرْجِعَ إِلَیْكَ أَبَداً (1)قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ بِإِزَائِكَ ذَا الْكَلَاعِ وَ عِنْدَهُ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ فَتَقَدَّمَ هَاشِمٌ وَ تَعَرَّضَ لَهُ صَاحِبُ لِوَاءِ ذِی الْكَلَاعِ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَیْنِ فَطَعَنَهُ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَی فَحَمَلَ ذُو الْكَلَاعِ فَاجْتَلَدَ النَّاسُ فَقُتِلَا جَمِیعاً وَ أَخَذَ ابْنُ هَاشِمٍ اللِّوَاءَ فَأُسِرَ أَسْراً فَأُتِیَ بِمُعَاوِیَةَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ وَ عِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا الْمُخْتَالُ بْنُ الْمِرْقَالِ فَدُونَكَ الضَّبَّ اللَّاحِظَ (2)فَإِنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَیَّةِ وَ إِنَّمَا تَلِدُ الْحَیَّةُ حَیَّةً وَ جَزَاءُ السَّیِّئَةِ سَیِّئَةٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ مَا أَنَا بِأَوَّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَوْمُهُ وَ أَدْرَكَهُ یَوْمُهُ قَالَ مُعَاوِیَةُ تِلْكَ ضَغَائِنُ صِفِّینَ وَ مَا جَنَی عَلَیْكَ أَبُوكَ فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَمِیرَ
ص: 34
الْمُؤْمِنِینَ أَمْكِنِّی مِنْهُ فَأَشْخَبَ أَوْدَاجَهُ عَلَی أَثْبَاجِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ أَ فَلَا كَانَ هَذَا یَا ابْنَ الْعَاصِ حِینَ أَدْعُوكَ إِلَی الْبِرَازِ وَ قَدِ ابْتَلَّتْ أَقْدَامُ الرِّجَالِ مِنْ نَقْعِ الْجِرْیَالِ (1)إِذْ تَضَایَقَتْ بِكَ الْمَسَالِكُ وَ أَشْرَفْتَ فِیهَا عَلَی الْمَهَالِكِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَكَانُكَ مِنْهُ لَنَشَبَتْ لَكَ مِنِّی خَافِیَةٌ أَرْمِیكَ مِنْ خِلَالِهَا بِأَحَدَّ مِنْ وَقْعِ الْأَثَافِیِّ (2)فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ تُكْثِرُ فِی دَهْشِكَ وَ تَخْبِطُ فِی مَرْسِكَ تَخَبُّطَ الْعَشْوَاءِ فِی اللَّیْلَةِ الْحَنْدَسِ الظَّلْمَاءِ قَالَ فَأَعْجَبَ مُعَاوِیَةَ مَا سَمِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ هَاشِمٍ فَأَمَرَ بِهِ إِلَی السِّجْنِ وَ كَفَّ عَنْ قَتْلِهِ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: لَمَّا صُرِعَ هَاشِمٌ مَرَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ وَ هُوَ صَرِیعٌ بَیْنَ الْقَتْلَی فَقَالَ لَهُ أَقْرِئْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ قُلْ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا أَصْبَحْتَ وَ قَدْ رَبَطْتَ مَقَاوِدَ خَیْلِكَ بِأَرْجُلِ الْقَتْلَی فَإِنَّ الدَّبْرَةَ تُصْبِحُ غَداً لِمَنْ غَلَبَ عَلَی الْقَتْلَی (3)فَأَخْبَرَ الرَّجُلُ عَلِیّاً بِذَلِكَ فَسَارَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی بَعْضِ اللَّیْلِ حَتَّی جَعَلَ الْقَتْلَی خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ كَانَتِ الدَّبْرَةُ لَهُ عَلَیْهِمْ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ (4)عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ أَنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ دَعَا فِی
ص: 35
النَّاسِ عِنْدَ الْمَسَاءِ أَلَا مَنْ كَانَ یُرِیدُ اللَّهَ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَلْیُقْبِلْ إِلَیَّ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ نَاسٌ فَشَدَّ فِی عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ مِرَاراً فَلَیْسَ مِنْ وَجْهٍ یَحْمِلُ عَلَیْهِ إِلَّا صَبَرُوا لَهُ وَ قُوتِلَ فِیهِ قِتَالًا شَدِیداً فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا یَهُولَنَّكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنْ صَبْرِهِمْ فَوَ اللَّهِ مَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ إِلَّا حَمِیَّةَ الْعَرَبِ وَ صَبْرَهَا تَحْتَ رَایَاتِهَا وَ عِنْدَ مَرَاكِزِهَا وَ إِنَّهُمْ لَعَلَی الضَّلَالِ وَ إِنَّكُمْ لَعَلَی الْحَقِّ یَا قَوْمِ اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ اجْتَمِعُوا وَ اصْبِرُوا وَ امْشُوا بِنَا إِلَی عَدُوِّنَا عَلَی تُؤَدَةٍ رُوَیْداً وَ اذْكُرُوا اللَّهَ وَ لَا یُسَلِّمَنَّ رَجُلٌ أَخَاهُ وَ لَا تُكْثِرُوا الِالْتِفَاتَ وَ اصْمِدُوا صَمْدَهُمْ وَ جَالِدُوهُمْ مُحْتَسِبِینَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَضَی فِی عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِیداً هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّی رَأَی بَعْضَ مَا یُسَرُّونَ بِهِ إِذْ خَرَجَ عَلَیْهِمْ فَتًی شَابٌّ وَ شَدَّ یَضْرِبُ بِسَیْفِهِ وَ یَلْعَنُ وَ یَشْتِمُ وَ یُكْثِرُ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَهُ الْخِصَامُ وَ إِنَّ هَذَا الْقِتَالَ بَعْدَهُ الْحِسَابُ فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَی رَبِّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الْمَوْقِفِ وَ مَا أَرَدْتَ بِهِ قَالَ فَإِنِّی أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا یُصَلِّی كَمَا ذُكِرَ لِی وَ أَنَّكُمْ لَا تُصَلُّونَ وَ أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ قَتَلَ خَلِیفَتَنَا وَ أَنْتُمْ وَازَرْتُمُوهُ عَلَی قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ مَا أَنْتَ وَ ابْنَ عَفَّانَ إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَ قُرَّاءُ النَّاسِ حِینَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ خَالَفَ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ هُمْ أَصْحَابُ الدِّینِ وَ أَوْلَی بِالنَّظَرِ فِی أُمُورِ الْمُسْلِمِینَ وَ مَا أَظُنُّ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا أَمْرَ هَذَا الدِّینِ عَنَاكَ طَرْفَةَ عَیْنٍ قَطُّ قَالَ الْفَتَی أَجَلْ وَ اللَّهِ لَا أَكْذِبُ فَإِنَّ الْكَذِبَ یَضُرُّ وَ لَا یَنْفَعُ وَ یَشِینُ وَ لَا یَزِینُ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ فَخَلِّهِ وَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ قَالَ أَظُنُّكَ وَ اللَّهِ قَدْ نَصَحْتَنِی فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا لَا یُصَلِّی فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّی لِلَّهِ مَعَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَفْقَهُهُ فِی دِینِ اللَّهِ وَ أَوْلَاهُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا مَنْ تَرَی مَعَهُ فَكُلُّهُمْ قَارِئُ الْكِتَابِ لَا یَنَامُ اللَّیْلَ تَهَجُّداً فَلَا یَغْرُرْكَ عَنْ دِینِكَ الْأَشْقِیَاءُ الْمَغْرُورُونَ قَالَ الْفَتَی یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّكَ امْرَأً صَالِحاً أَخْبِرْنِی هَلْ تَجِدُ لِی مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ نَعَمْ تُبْ إِلَی اللَّهِ یَتُبْ عَلَیْكَ قَالَ فَذَهَبَ الْفَتَی رَاجِعاً فَقَالَ رَجُلٌ
ص: 36
مِنْ أَهْلِ الشَّامِ خَدَعَكَ الْعِرَاقِیُّ قَالَ لَا وَ لَكِنْ نَصَحَنِی وَ قَاتَلَ هَاشِمٌ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ قِتَالًا شَدِیداً حَتَّی قَتَلَ تِسْعَةَ نَفَرٍ أَوْ عَشَرَةً وَ حَمَلَ عَلَیْهِ الْحَارِثُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَطَعَنَهُ فَسَقَطَ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ قَدِّمْ لِوَاءَكَ فَقَالَ لِلرَّسُولِ انْظُرْ إِلَی بَطْنِی فَإِذَا هُوَ قَدِ انْشَقَّ فَأَخَذَ الرَّایَةَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَ رَفَعَ هَاشِمٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتِیلًا إِلَی جَانِبِهِ فَجَثَا حَتَّی دَنَا مِنْهُ فَعَضَّ عَلَی ثَدْیِهِ حَتَّی تَبَیَّنَتْ فِیهِ أَنْیَابُهُ ثُمَّ مَاتَ هَاشِمٌ وَ هُوَ عَلَی صَدْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ ضُرِبَ الْبَكْرِیُّ فَوَقَعَ فَأَبْصَرَ عُبَیْدَ اللَّهِ فَعَضَّ عَلَی ثَدْیِهِ الْآخَرِ وَ مَاتَ أَیْضاً فَوُجِدَا جَمِیعاً مَاتَا عَلَی صَدْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ لَمَّا قُتِلَ هَاشِمٌ جَزِعَ النَّاسُ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً وَ أُصِیبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنَ الْقُرَّاءِ فَمَرَّ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُمْ قَتْلَی حَوْلَهُ فَقَالَ:
جَزَی اللَّهُ خَیْراً عُصْبَةً أَسْلَمِیَّةً *** صَبَاحَ الْوُجُوهِ صُرِعُوا حَوْلَ هَاشِمٍ
یَزِیدُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بِشْرٌ وَ مَعْبَدٌ *** وَ سُفْیَانُ وَ ابْنَا هَاشِمٍ ذِی الْمَكَارِمِ
وَ عُرْوَةُ لَا یَبْعُدُ ثَنَاهُ وَ ذِكْرُهُ *** إِذَا اخْتَرَطَ الْبِیضُ الْخِفَافُ الصَّوَارِمُ
ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ وَ أَخَذَ الرَّایَةَ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْغُدُوِّ إِلَی الْقَوْمِ فَغَادَاهُمْ إِلَی الْقِتَالِ فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ وَ قَدْ غَلَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَی قَتْلَی أَهْلِ حِمْصٍ وَ غَلَبَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَی قَتْلَی أَهْلِ الْعَالِیَةِ وَ انْهَزَمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ حَتَّی أَتَی الشَّامَ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی فِی النَّاسِ أَنِ اخْرُجُوا إِلَی مَصَافِّكُمْ فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَی مَصَافِّهِمْ وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ إِلَی قَرِیبٍ مِنْ ثُلُثِ اللَّیْلِ.
بیان:
قال الجوهری الإرقال ضرب من الجنب و ناقة مرقل و مرقال إذا كانت كثیرة الإرقال و المرقال لقب هاشم بن عتبة الزهری لأن علیا علیه السلام دفع إلیه الرایة یوم صفین فكان یرقل بها إرقالا قوله سامت إلیه الصفوف فی
ص: 37
أكثر النسخ بالسین المهملة من قولهم سامت الإبل و الریح إذا مرت و استمرت أو من قولهم سامت الطیر علی الشی ء أی حامت و دامت و فی بعضها بالمعجمة من شاممته أی قاربته قوله فدونك الضب شبهه بالضب لبیان كثرة حقده و شدة عداوته قال الجوهری فی المثل أعق من ضب لأنه ربما أكل حسوله و الضب الحقد تقول أضب فلان علی غل فی قلبه أی أضمره و رجل خب ضب أی جربز مراوغ و قال فی المثل العصا من العصیة أی بعض الأمر من بعض و قال الزمخشری فی المستقصی العصا من العصیة هی فرس جزیمة و العصیة أمها یضرب فی مناسبة الشی ء سنخه و كانتا كریمتین و یروی العصا من العصیة و الأفعی بنت حیة و المعنی أن العود الكبیر ینشأ من الصغیر الذی غرس أولا یضرب للشی ء الجلیل الذی یكون فی بدئه حقیرا انتهی.
و الثبج بالتحریك ما بین الكاهل إلی الظهر و قال الجوهری النقع محبس الماء و كذلك ما اجتمع فی البئر منه و المنقع الموضع یستنقع فیه الماء و استنقع الماء فی الغدیر أی اجتمع و ثبت و استنقع الشی ء فی الماء علی ما لم یسم فاعله و قال الجریال صبغ أحمر عن الأصمعی و جریال الذهب حمرته و الجریال الخمر و جربال الخمر لونها و هنا كنایة عن الدم قوله بأحد من وقع الأثافی لعل المراد بالأثافی هنا السمة التی تكوی بها قال الجوهری المثفاة سمة كالأثافی و فی الأثافی مثل آخر مشهور قال فی المستقصی فی الأمثال رماه اللّٰه بثالثة الأثافی یعمد إلی قطعة من الجبل فیضم إلیها حجران ثم ینصب علیها القدر و المراد بثالثتها تلك القطعة و هی مثل لأكبر الشر و أفظعه و قیل معناه أنه رماه بالأثافی أثفیة بعد أثفیة حتی رماه اللّٰه بالثالثة فلم یبق غایة و المراد أنه رماه بالشر كله قوله تكثر فی دهشك أی تكثر الكلام فی تحیرك و خوفك و فی بعض النسخ بالسین المهملة و هو النبت لم یبق علیه لون الخضرة و المكان السهل لیس برمل و لا تراب و المرسة الحبل و الجمع مرس و فی بعض الروایات تكثر فی هوسك و تخبط فی دهسك و تنشب فی مرسك و الهوس شدة الأكل و السوق اللین و المشی الذی یعتمد فیه صاحبه علی الأرض و الإفساد و الدوران أو بالتحریك طرف من الجنون.
ص: 38
«381»-(1)لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الْفِرْیَابِیِّ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی كَثِیرٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ بِنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی بِلَادِ صِفِّینَ نَزَلَ بِقَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا صَنْدَوْدَاءُ ثُمَّ أَمَرَنَا فَعَبَرْنَا عَنْهَا ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا فِی أَرْضٍ بَلْقَعٍ فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُنْزِلُ النَّاسَ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ فَقَالَ یَا مَالِكُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَیَسْقِینَا فِی هَذَا الْمَكَانِ مَاءً أَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْیَنَ مِنَ الزُّبْدِ الزُّلَالِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ فَتَعَجَّبْنَا وَ لَا عَجَبَ مِنْ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ أَقْبَلَ یَجُرُّ رِدَاءَهُ وَ بِیَدِهِ سَیْفُهُ حَتَّی وَقَفَ عَلَی أَرْضٍ بَلْقَعٍ فَقَالَ یَا مَالِكُ احْتَفِرْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ مَالِكٌ فَاحْتَفَرْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِصَخْرَةٍ سَوْدَاءَ عَظِیمَةٍ فِیهَا حَلْقَةٌ تَبْرُقُ كَاللُّجَیْنِ فَقَالَ لَنَا رُومُوهَا فَرُمْنَاهَا بِأَجْمَعِنَا وَ نَحْنُ مِائَةُ رَجُلٍ فَلَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُزِیلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَدَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَافِعاً یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَدْعُو وَ هُوَ یَقُولُ:
ص: 39
طاب طاب مربا بما لم طبیوثا بوثه شتمیا كوبا جاحا نوثا تودیثا برحوثا (1)آمِینَ آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ رَبَّ مُوسَی وَ هَارُونَ ثُمَّ اجْتَذَبَهَا فَرَمَاهَا عَنِ الْعَیْنِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ فَظَهَرَ لَنَا مَاءٌ أَعْذَبُ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ فَشَرِبْنَا وَ سُقِینَا ثُمَّ رَدَّ الصَّخْرَةَ وَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْثُوَ عَلَیْهَا التُّرَابَ ثُمَّ ارْتَحَلَ وَ سِرْنَا فَمَا سِرْنَا إِلَّا غَیْرَ بَعِیدٍ قَالَ مَنْ مِنْكُمْ یَعْرِفُ مَوْضِعَ الْعَیْنِ فَقُلْنَا كُلُّنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَرَجَعْنَا فَطَلَبْنَا الْعَیْنَ فَخَفِیَ مَكَانُهَا عَلَیْنَا أَشَدَّ خَفَاءٍ فَظَنَنَّا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ رَهِقَهُ الْعَطَشُ فَأَوْمَأْنَا بِأَطْرَافِنَا فَإِذَا نَحْنُ بِصَوْمَعَةِ رَاهِبٍ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَإِذَا نَحْنُ بِرَاهِبٍ قَدْ سَقَطَتْ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ مِنَ الْكِبَرِ فَقُلْنَا یَا رَاهِبُ أَ عِنْدَكَ مَاءٌ نَسْقِی مِنْهُ صَاحِبَنَا قَالَ عِنْدِی مَاءٌ قَدِ اسْتَعْذَبْتُهُ مُنْذُ یَوْمَیْنِ فَأَنْزَلَ إِلَیْنَا مَاءً مُرّاً خَشِناً فَقُلْنَا هَذَا قَدِ اسْتَعْذَبْتَهُ مُنْذُ یَوْمَیْنِ فَكَیْفَ وَ لَوْ شَرِبْتَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِی سَقَانَا مِنْهُ صَاحِبُنَا وَ حَدَّثْنَاهُ بِالْأَمْرِ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ هَذَا نَبِیٌّ قُلْنَا لَا وَ لَكِنَّهُ وَصِیُّ نَبِیٍّ فَنَزَلَ إِلَیْنَا بَعْدَ وَحْشَتِهِ مِنَّا وَ قَالَ انْطَلِقُوا بِی إِلَی صَاحِبِكُمْ فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ شَمْعُونُ قَالَ الرَّاهِبُ نَعَمْ شَمْعُونُ هَذَا اسْمٌ سَمَّتْنِی بِهِ أُمِّی مَا اطَّلَعَ عَلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ثُمَّ أَنْتَ فَكَیْفَ عَرَفْتَهُ فَأَتِمَّ حَتَّی أُتِمَّهُ لَكَ قَالَ وَ مَا تَشَاءُ یَا شَمْعُونُ قَالَ هَذَا الْعَیْنَ وَ اسْمَهُ قَالَ هَذَا الْعَیْنُ رَاحُومَا وَ هُوَ مِنَ الْجَنَّةِ شَرِبَ مِنْهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَصِیّاً وَ أَنَا آخِرُ الْوَصِیِّینَ شَرِبْتُ مِنْهُ قَالَ الرَّاهِبُ هَكَذَا وَجَدْتُ فِی جَمِیعِ كُتُبِ الْإِنْجِیلِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ رَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الرَّاهِبُ یَقْدُمُهُ حَتَّی نَزَلَ بِصِفِّینَ وَ نَزَلَ مَعَهُ بِعَابِدَیْنِ وَ الْتَقَی الصَّفَّانِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَصَابَتْهُ الشَّهَادَةُ الرَّاهِبَ فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَیْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَ هُوَ یَقُولُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ الرَّاهِبُ مَعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَفِیقِی فِی الْجَنَّةِ.
بیان:
البلقع و البلقعة الأرض القفر التی لا ماء بها.
ص: 40
«382»-(1)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ زَاذَانَ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالُوا كُنَّا مَعَهُ بِصِفِّینَ فَلَمَّا أَنْ صَافَّ مُعَاوِیَةُ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ مَیْمَنَتِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمَّ أَقْبَلَ ثَانِیَةً فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمَّ أَتَاهُ ثَالِثَةً كَأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَحْمِلُهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ علیه السلام قِفْ فَوَقَفَ فَقَالَ علیه السلام عَلَیَّ بِمَالِكٍ الْأَشْتَرِ فَأَتَاهُ مَالِكٌ فَقَالَ علیه السلام یَا مَالِكُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ تَرَی مَیْسَرَةَ مُعَاوِیَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَرَی صَاحِبَ الْفَرَسِ الْمُعَلَّمِ قَالَ نَعَمْ قَالَ الَّذِی عَلَیْهِ الْقَبَاءُ الْأَحْمَرُ قَالَ نَعَمْ قَالَ انْطَلِقْ فَأْتِنِی بِرَأْسِهِ فَخَرَجَ مَالِكٌ فَدَنَا مِنْهُ وَ ضَرَبَهُ فَسَقَطَ رَأْسُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَلْقَاهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الرَّجُلِ فَقَالَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ كُنْتَ إِذْ نَظَرْتَ إِلَی هَذَا فَرَأَیْتَهُ وَ حُلِیَّهُ وَ هُوَ مَلَأَ قَلْبَكَ فَرَأَیْتَ الْخَلَلَ فِی أَصْحَابِكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ عَلَیْنَا وَ نَحْنُ حَوْلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِی بِهَذَا وَ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ أَ فَتَرَوْنَهُ بَقِیَ بَعْدَ هَذَا شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ.
«383»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام نُرِیدُ صِفِّینَ فَمَرَرْنَا بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی رَاهِبٍ فِی صَوْمَعَتِهِ وَ تَقَطَّعَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ وَ شَكَوْا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام ذَلِكَ وَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ بِهِمْ طَرِیقاً لَا مَاءَ فِیهِ مِنَ الْبَرِّ
ص: 41
وَ تَرَكَ طَرِیقَ الْفُرَاتِ فَدَنَا مِنَ الرَّاهِبِ فَهَتَفَ بِهِ وَ أَشْرَفَ إِلَیْهِ قَالَ أَ قُرْبَ صَوْمَعَتِكَ مَاءٌ قَالَ لَا فَثَنَّی رَأْسَ بَغْلَتِهِ فَنَزَلَ فِی مَوْضِعٍ فِیهِ رَمْلٌ وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یَحْفِرُوا الرَّمْلَ فَحَفَرُوا فَأَصَابُوا تَحْتَهُ صَخْرَةً بَیْضَاءَ فَاجْتَمَعَ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ فَلَمْ یُحَرِّكُوهَا فَقَالَ علیه السلام تَنَحَّوْا فَإِنِّی صَاحِبُهَا ثُمَّ أَدْخَلَ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ الصَّخْرَةِ فَقَلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّی رَآهَا النَّاسُ عَلَی كَفِّهِ فَوَضَعَهَا نَاحِیَةً فَإِذَا تَحْتَهَا عَیْنُ مَاءٍ أَرَقُّ مِنَ الزُّلَالِ وَ أَعْذَبُ مِنَ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ النَّاسُ وَ اسْتَقَوْا وَ تَزَوَّدُوا ثُمَّ رَدَّ الصَّخْرَةَ إِلَی مَوْضِعِهَا وَ جَعَلَ الرَّمْلَ كَمَا كَانَ وَ جَاءَ الرَّاهِبُ فَأَسْلَمَ وَ قَالَ إِنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی عَنْ جَدِّهِ وَ كَانَ مِنْ حَوَارِیِّ عِیسَی أَنَّ تَحْتَ هَذَا الرَّمْلِ عَیْنُ مَاءٍ وَ أَنَّهُ لَا یَسْتَنْبِطُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أَصْحَبَكَ فِی وَجْهِكَ هَذَا قَالَ علیه السلام الْزَمْنِی وَ دَعَا لَهُ فَفَعَلَ فَلَمَّا كَانَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ قُتِلَ الرَّاهِبُ فَدَفَنَهُ بِیَدِهِ وَ قَالَ علیه السلام لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی مَنْزِلِهِ فِی الْجَنَّةِ وَ دَرَجَتِهِ الَّتِی أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا.
«384»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا طَالَ الْمُقَامُ بِصِفِّینَ شَكَوْا إِلَیْهِ نَفَادَ الزَّادِ وَ الْعَلَفِ بِحَیْثُ لَمْ یَجِدْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ شَیْئاً یُؤْكَلُ فَقَالَ علیه السلام طِیبُوا نَفْساً فَإِنَّ غَداً یَصِلُ إِلَیْكُمْ مَا یَكْفِیكُمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ تَقَاضَوْهُ صَعِدَ علیه السلام عَلَی تَلٍّ كَانَ هُنَاكَ وَ دَعَا بِدُعَاءٍ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یُطْعِمَهُمْ وَ یَعْلِفَ دَوَابَّهُمْ ثُمَّ نَزَلَ وَ رَجَعَ إِلَی مَكَانِهِ فَمَا اسْتَقَرَّ إِلَّا وَ قَدْ أَقْبَلَتِ الْعِیرُ بَعْدَ الْعِیرِ عَلَیْهَا اللُّحْمَانُ وَ التَّمْرُ وَ الدَّقِیقُ وَ الْمِیَرُ بِحَیْثُ امْتَلَأَتْ بِهَا الْبَرَارِی وَ فَرَّغَ أَصْحَابُ الْجِمَالِ جَمِیعَ الْأَحْمَالِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَ جَمِیعَ مَا مَعَهُمْ مِنْ عَلَفِ الدَّوَابِّ وَ غَیْرِهَا مِنَ الثِّیَابِ وَ جِلَالِ الدَّوَابِّ وَ جَمِیعَ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ حَتَّی الْخَیْطَ وَ الْمِخْیَطَ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ لَمْ یَدْرِ أَحَدٌ مِنْ أَیِّ الْبِقَاعِ وَرَدُوا مِنَ الْإِنْسِ أَمْ مِنَ الْجِنِّ وَ تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ.
«385»- یج، الخرائج و الجرائح رَوَی عَلِیُّ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُرِیدُ صِفِّینَ فَلَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ وَ قَرُبَ مِنَ الْجَبَلِ وَ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَمْعَنَ بَعِیداً ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَذَّنَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ انْفَلَقَ الْجَبَلُ عَنْ هَامَةٍ بَیْضَاءَ وَ لِحْیَةٍ وَ وَجْهٍ أَبْیَضَ فَقَالَ
ص: 42
السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَرْحَباً بِوَصِیِّ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ سَیِّدِ الْوَصِیِّینَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَخِی شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا وَصِیَّ رُوحِ الْقُدُسِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ كَیْفَ حَالُكَ قَالَ بِخَیْرٍ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَا مُنْتَظِرٌ نُزُولَ رُوحِ الْقُدُسِ فَاصْبِرْ یَا أَخِی عَلَی مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الْأَذَی فَاصْبِرْ یَا أَخِی حَتَّی تَلْقَی الْحَبِیبَ غَداً فَلَمْ أَعْلَمْ أَحَداً أَحْسَنَ بَلَاءً فِی اللَّهِ مِنْكُمْ وَ لَا أَعْظَمَ ثَوَاباً وَ لَا أَرْفَعَ مَكَاناً وَ قَدْ رَأَیْتُ مَا لَقِیَ أَصْحَابُكَ بِالْأَمْسِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَإِنَّهُمْ نُشِرُوا بِالْمَنَاشِیرِ وَ صُلِبُوا عَلَی الْخُشُبِ فَلَوْ تَعْلَمُ تِلْكَ الْوُجُوهُ الْمَارِقَةُ الْمُفَارِقَةُ لَكَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهَا مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَ السَّخَطِ وَ النَّكَالِ لَأَقْصَرَتْ وَ لَوْ تَعْلَمُ هَذِهِ الْوُجُوهُ الْمُتَمَنِّیَةُ بِكَ مَا لَهَا مِنَ الثَّوَابِ فِی طَاعَتِكَ لَتَمَنَّتْ أَنْ تُقْرَضَ بِالْمَقَارِیضِ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ وَ الْتَأَمَ عَلَیْهِ الْجَبَلُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْقِتَالِ فَسَأَلَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ وَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِیُّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیُّ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ الرَّجُلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا وَ كَانُوا قَدْ سَمِعُوا كَلَامَهُمَا فَازْدَادُوا بَصِیرَةً فِی الْمُجَاهَدَةِ مَعَهُ وَ قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ أَبُو أَیُّوبَ بِأُمَّهَاتِنَا وَ آبَائِنَا نَفْدِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَوَ اللَّهِ لَنَنْصُرَنَّكَ كَمَا نَصَرْنَا أَخَاكَ رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا تَأَخَّرَ عَنْكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا شَقِیٌّ فَدَعَا لَهُمَا بِالْخَیْرِ.
«386»-(1)جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ [بْنِ] یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِلْحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ شُعَیْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ قَیْسٍ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِثْلَهُ.
«387»-(2)شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ النَّاسُ مَعَ أَمِیرِ
ص: 43
الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ فَأَخَذَ طَرِیقاً غَیْرَ طَرِیقِنَا الَّذِی أَقْبَلْنَا فِیهِ حَتَّی إِذَا جُزْنَا النُّخَیْلَةَ وَ رَأَیْنَا أَبْیَاتَ الْكُوفَةِ إِذَا شَیْخٌ جَالِسٌ فِی ظِلِّ بَیْتٍ عَلَی وَجْهِهِ أَثَرُ الْمَرَضِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّی سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ سَلَّمْنَا مَعَهُ فَرَدَّ رَدّاً حَسَناً فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا لِی أَرَی وَجْهَكَ مُنْكَسِراً مُصْفَارّاً فَمِمَّ ذَاكَ أَ مِنْ مَرَضٍ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَعَلَّكَ كَرِهْتَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ یَعْتَرِینِی وَ لَكِنْ أَحْتَسِبُ الْخَیْرَ فِیمَا أَصَابَنِی (1)قَالَ فَأَبْشِرْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ غُفْرَانِ ذَنْبِكَ فَمَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَیْمٍ قَالَ مِمَّنْ قَالَ أَمَّا الْأَصْلُ فَمِنْ سَلَامَانِ بْنِ طَیٍّ وَ أَمَّا الْجِوَارُ وَ الدَّعْوَةُ فَمِنْ بَنِی سُلَیْمِ بْنِ مَنْصُورٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا أَحْسَنَ اسْمَكَ وَ اسْمَ أَبِیكَ وَ اسْمَ أَجْدَادِكَ وَ اسْمَ مَنِ اعْتَزَیْتَ إِلَیْهِ فَهَلْ شَهِدْتَ مَعَنَا غَزَاتَنَا هَذِهِ فَقَالَ لَا وَ لَقَدْ أَرَدْتُهَا وَ لَكِنْ مَا تَرَی فِیَّ مِنْ لَجَبِ الْحُمَّی خَذَلَنِی عَنْهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ عَلَی الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَی
ص: 44
الْمَرْضی وَ لا عَلَی الَّذِینَ لا یَجِدُونَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ مِنْ سُورَةِ الْبَرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ فَخَبِّرْنِی مَا قَوْلُ النَّاسِ فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ مِنْهُمُ الْمَسْرُورُ وَ الْمَحْبُورُ فِیمَا كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ هُمْ أَغَشُّ النَّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ قَالَ وَ مِنْهُمُ الْكَاسِفُ الْآسِفُ (1)لِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ أُولَئِكَ نُصَحَاءُ النَّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَیِّئَاتِكَ فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِیهِ وَ لَكِنْ لَا یَدَعُ عَلَی الْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ وَ إِنَّمَا الْأَجْرُ فِی الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ الْعَمَلِ بِالْیَدِ وَ الرِّجْلِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَیُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّیَّةِ وَ السَّرِیرَةِ الصَّالِحَةِ عَالَماً جَمّاً مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ.
بیان: قال الجوهری حبرنی هذا الأمر أی سرنی و قال رجل كاسف البال أی سیئ الحال و كاسف الوجه أی عابس و الجم الكثیر.
«388»-(2)یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا سَارَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی صِفِّینَ وَقَفَ بِالْفُرَاتِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَیْنَ الْمَخَاضُ فَقَالُوا أَنْتَ أَعْلَمُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ امْضِ إِلَی هَذَا التَّلِّ وَ نَادِ یَا جلند [جُلَنْدَی] أَیْنَ الْمَخَاضُ قَالَ فَصَارَ حَتَّی وصلت تل [وَصَلَ إِلَی التَّلِ] وَ نَادَی یَا جلند [جُلَنْدَی] فَأَجَابَهُ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ خَلْقٌ كَثِیرٌ قَالَ فَبُهِتَ وَ لَمْ یَعْلَمْ مَا یَصْنَعُ فَأَتَی إِلَی الْإِمَامِ وَ قَالَ یَا مَوْلَایَ جَاوَبَنِی خَلْقٌ كَثِیرٌ فَقَالَ یَا قَنْبَرُ امْضِ وَ قُلْ یَا جلند [جُلَنْدَی] بْنَ كِرْكِرَ أَیْنَ الْمَخَاضُ قَالَ فَكَلَّمَهُ وَاحِدٌ وَ قَالَ وَیْلَكُمْ مَنْ عَرَفَ اسْمِی وَ اسْمَ أَبِی وَ أَنَا فِی هَذَا الْمَكَانِ وَ قَدْ بَقِیَ قِحْفُ رَأْسِی عَظْمَ نَخِرٍ رَمِیمٍ وَ لِی ثَلَاثُ آلَافِ سَنَةٍ مَا یَعْلَمُ الْمَخَاضَ هُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنِّی یَا وَیْلَكُمْ مَا أَعْمَی قُلُوبَكُمْ وَ أَضْعَفَ نُفُوسَكُمْ وَیْلَكُمْ امْضُوا إِلَیْهِ وَ اتَّبِعُوهُ فَأَیْنَ خَاضَ خُوضُوا مَعَهُ فَإِنَّهُ أَشْرَفُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
ص: 45
بیان: مخاض الماء الموضع الذی یجوز الناس فیه مشاة و ركبانا.
«389»-(1)یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ صِفِّینَ فَعَطِشَ الْجَیْشُ وَ لَمْ یَكُنْ بِتِلْكَ الْأَرْضِ مَاءٌ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی وَارِثِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فَجَعَلَ یَدُورُ فِی تِلْكَ الْأَرْضِ إِلَی أَنِ اسْتَبْطَنَ الْبَرَّ فَرَأَی صَخْرَةً عَظِیمَةً فَوَقَفَ عَلَیْهَا وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكِ أَیَّتُهَا الصَّخْرَةُ فَقَالَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا وَارِثَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فَقَالَ لَهَا أَیْنَ الْمَاءُ قَالَ تَحْتِی یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَتِ الصَّخْرَةُ لَهُ قَالَ فَانْكَبُّوا إِلَیْهَا بِمِائَةِ نَفَرٍ فَعَجَزُوا أَنْ یُحَرِّكُوهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ علیه السلام إِلَیْكُمْ عَنْهَا ثُمَّ إِنَّهُ علیه السلام وَقَفَ عَلَیْهَا وَ حَرَّكَ شَفَتَیْهِ وَ دَفَعَهَا بِیَدِهِ فَانْقَلَبَتْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ وَ إِذَا تَحْتَهَا عَیْنُ مَاءٍ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ فَسَقَوُا الْمُسْلِمِینَ وَ سَقَوْا خُیُولَهُمْ وَ أَكْثَرُوا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ إِنَّهُ علیه السلام أَقْبَلَ إِلَی الصَّخْرَةِ وَ قَالَ لَهَا عُودِی إِلَی مَوْضِعِكِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَتْ تَدُورُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْكُرَةِ فِی الْمَیْدَانِ حَتَّی أَطْبَقَتْ عَلَی الْعَیْنِ ثُمَّ رَجَعُوا وَ رَحَلُوا عَنْهَا.
«390»-(2)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ أَیُّهَا الْوَادِی مَنْ أَنَا فَاضْطَرَبَ وَ تَشَقَّقَتْ أَمْوَاجُهُ وَ قَدْ نَظَرَ النَّاسُ فَسَمِعُوا مِنَ الْفُرَاتِ صَوْتاً أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ.
«391»-(3)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّكْسَكِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا قَدِمَ مِنْ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ انْتَزَعَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهَا قَضِیباً أَصْفَرَ فَضَرَبَ بِهِ الْفُرَاتَ وَ قَالَ
ص: 46
انْفَجِرِی فَانْفَجَرَتْ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً كُلُّ عَیْنٍ كَالطَّوْدِ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ یَفْهَمُوهُ فَأَقْبَلَتِ الْحِیتَانُ رَافِعَةً رُءُوسَهَا بِالتَّهْلِیلِ وَ التَّكْبِیرِ وَ قَالَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فِی أَرْضِهِ وَ یَا عَیْنَ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ خَذَلَكَ قَوْمُكَ بِصِفِّینَ كَمَا خَذَلَ هَارُونَ بْنَ عِمْرَانَ قَوْمُهُ فَقَالَ لَهُمْ أَ سَمِعْتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ آیَةٌ لِی عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَشْهَدْتُكُمْ عَلَیْهِ.
«392»-(1)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: كُنْتُ حَاجّاً إِلَی بَیْتِ اللَّهِ فَبَیْنَا أَنَا فِی الطَّوَافِ إِذْ رَأَیْتُ جَارِیَتَیْنِ عِنْدَ الرُّكْنِ الْیَمَانِیِّ تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَی لَا وَ حَقِّ الْمُنْتَجَبِ لِلْوَصِیَّةِ وَ الْقَاسِمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْعَادِلِ فِی الْقَضِیَّةِ بَعْلِ فَاطِمَةَ الزَّكِیَّةِ الرَّضِیَّةِ الْمَرْضِیَّةِ مَا كَانَ كَذَا فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْمَنْعُوتُ فَقَالَتْ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَمُ الْأَعْلَامِ وَ بَابُ الْأَحْكَامِ قَسِیمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ رَبَّانِیُّ الْأُمَّةِ قُلْتُ مِنْ أَیْنَ تَعْرِفِینَهُ قَالَتْ كَیْفَ لَا أَعْرِفُهُ وَ قَدْ قُتِلَ أَبِی بَیْنَ یَدَیْهِ بِصِفِّینَ وَ لَقَدْ دَخَلَ عَلَی أُمِّی لَمَّا رَجَعَ فَقَالَ یَا أُمَّ الْأَیْتَامِ كَیْفَ أَصْبَحْتِ قَالَتْ بِخَیْرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْنِی وَ أُخْتِی هَذِهِ إِلَیْهِ وَ كَانَ قَدْ رَكِبَتْنِی مِنَ الْجُدَرِیِّ مَا ذَهَبَ بِهِ بَصَرِی فَلَمَّا نَظَرَ علیه السلام إِلَیَّ تَأَوَّهَ وَ قَالَ:
مَا إِنْ تَأَوَّهْتُ مِنْ شَیْ ءٍ رُزِئْتُ بِهِ***كَمَا تَأَوَّهْتُ لِلْأَطْفَالِ فِی الصِّغَرِ
قَدْ مَاتَ وَالِدُهُمْ مَنْ كَانَ یَكْفُلُهُمْ***فِی النَّائِبَاتِ وَ فِی الْأَسْفَارِ وَ الْحَضَرِ
ثُمَّ أَمَرَّ یَدَهُ الْمُبَارَكَةَ عَلَی وَجْهِی فَانْفَتَحَتْ عَیْنِی لِوَقْتِی وَ سَاعَتِی فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی الْجَمَلِ الشَّارِدِ فِی اللَّیْلَةِ الْمُظْلِمَةِ بِبَرَكَتِهِ علیه السلام.
ص: 47
ص: 48
«393»-(1)لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ عَدِیٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصَّقْرِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ: قَالَ مُعَاوِیَةُ یَوْماً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَیُّنَا أَدْهَی قَالَ عَمْرٌو أَنَا لِلْبَدِیهَةِ وَ أَنْتَ لِلرَّوِیَّةِ قَالَ مُعَاوِیَةُ قَضَیْتَ لِی عَلَی نَفْسِكَ وَ أَنَا أَدْهَی مِنْكَ فِی الْبَدِیهَةِ قَالَ عَمْرٌو فَأَیْنَ كَانَ دَهَاؤُكَ یَوْمَ رَفَعْتُ الْمَصَاحِفَ قَالَ بِهَا غَلَبْتَنِی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ فَلَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ تَصْدُقُنِی فِیهِ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ الْكَذِبَ لَقَبِیحٌ فَاسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ أَصْدُقْكَ فَقَالَ هَلْ غَشَشْتَنِی مُنْذُ نَصَحْتَنِی قَالَ لَا قَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَقَدْ غَشَشْتَنِی أَمَا إِنِّی لَا أَقُولُ فِی كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَ لَكِنْ فِی مَوْطِنٍ وَاحِدٍ قَالَ وَ أَیُّ مَوْطِنٍ قَالَ یَوْمَ دَعَانِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لِلْمُبَارَزَةِ فَاسْتَشَرْتُكَ فَقُلْتُ مَا تَرَی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتَ كُفْوٌ كَرِیمٌ فَأَشَرْتَ عَلَیَّ بِمُبَارَزَتِهِ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَنْ هُوَ فَعَلِمْتُ أَنَّكَ غَشَشْتَنِی قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ دَعَاكَ رَجُلٌ إِلَی مُبَارَزَةٍ عَظِیمُ الشَّرَفِ جَلِیلُ الْخَطَرِ وَ كُنْتَ مِنْ مُبَارَزَتِهِ
ص: 49
عَلَی إِحْدَی الحسنین [الْحُسْنَیَیْنِ] إِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ فَتَكُونَ قَدْ قَتَلْتَ قِتَالَ الْأَقْرَانِ وَ تَزْدَادُ بِهِ شَرَفاً إِلَی شَرَفِكَ وَ تَخْلُو بِمُلْكِكَ وَ إِمَّا أَنْ تَعْجَلَ إِلَی مُرَافَقَةِ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً قَالَ مُعَاوِیَةُ هَذِهِ شَرٌّ مِنَ الْأُولَی وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنِّی لَوْ قَتَلْتُهُ دَخَلْتُ النَّارَ وَ لَوْ قَتَلَنِی دَخَلْتُ النَّارَ قَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا حَمَلَكَ عَلَی قِتَالِهِ قَالَ الْمُلْكُ عَقِیمٌ وَ لَنْ یَسْمَعَهَا مِنِّی أَحَدٌ بَعْدَكَ.
«394»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ اسْتَضْحَكَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو مَا أَضْحَكَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَدَامَ اللَّهُ سُرُورَكَ قَالَ ذَكَرْتُ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ غَشِیَكَ بِسَیْفِهِ فَاتَّقَیْتَهُ وَ وَلَّیْتَ فَقَالَ أَ تَشْمَتُ بِی یَا مُعَاوِیَةُ فَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا یَوْمٌ دَعَاكَ إِلَی الْبِرَازِ فَالْتَمَعَ لَوْنُكَ وَ أَطَّتْ أَضْلَاعُكَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ وَ اللَّهِ لَوْ بَارَزْتَهُ لَأَوْجَعَ قَذَالَكَ وَ أَیْتَمَ عِیَالَكَ وَ بَزَّكَ سُلْطَانَكَ وَ أَنْشَأَ عَمْرٌو یَقُولُ:
مُعَاوِیَ لَا تُشْمِتْ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ***لَقِیَ فَارِساً لَا تَعْتَلِیهِ الْفَوَارِسُ
مُعَاوِیَ لَوْ أَبْصَرْتَ فِی الْحَرْبِ مُقْبِلًا***أَبَا حَسَنٍ تَهْوِی عَلَیْكَ الْوَسَاوِسُ
وَ أَیْقَنْتَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنَّهُ*** لِنَفْسِكَ إِنْ لَمْ تُمْعِنِ الرَّكْضَ خَالِسٌ
دَعَاكَ فَصُمَّتْ دُونَهُ الْأُذُنُ إِذْ دَعَا***وَ نَفْسُكَ قَدْ ضَاقَتْ عَلَیْهَا الْأَمَالِسُ
أَ تُشْمِتُ بِی أَنْ نَالَنِی حَدُّ رُمْحِهِ***وَ عَضَّضَنِی نَابٌ مِنَ الْحَرْبِ نَاهِسٌ
فَأَیُّ امْرِئٍ لَاقَاهُ لَمْ یَلْقَ شِلْوَهُ***بِمُعْتَرَكٍ تُسْفَی عَلَیْهِ الرَّوَامِسُ
أَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ لَیْثُ غَابَةٍ***أَبُو أَشْبُلٍ تُهْدَی إِلَیْهِ الْفَرَائِسُ
فَإِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ فَأَرْهِجْ عَجَاجَةً***وَ إِلَّا فَتِلْكَ التُّرَّهَاتُ الْبَسَابِسُ
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَهْلًا یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ لَا كُلَّ هَذَا قَالَ أَنْتَ اسْتَدْعَیْتَهُ.
بیان: استضحك لعله مبالغة فی الضحك أو أراد أن یضحك عمرا
ص: 50
و التمع لونه ذهب و تغیر و أط الرجل و نحوه یئط أطیطا صوت و یقال للجبان انتفخ سحرك أی رئتك و بزه سلبه.
و قال الجوهری البهمة بالضم الفارس الذی لا یدری من أین یؤتی من شدة بأسه و یقال أیضا للجیش بهمة و منه قولهم فلان فارس بهمة و لیث غابة.
و فی القاموس الإملیس و بهاء الفلاة لیس بها نبات و الجمع أمالیس و أمالس شاذ و قال نهس اللحم كمنع و سمع أخذ بمقدم أسنانه و نتفه و قال الشلو بالكسر العضو و الجسد من كل شی ء كالشلا و كل مسلوح أكل منه شی ء و بقیت منه بقیة و قال الروامس الریاح الدوافن للآبار و قال أرهج أثار الغبار و قال العجاج الغبار و قال الترهة كقبرة الباطل و قال الترهات البسابس و بالإضافة الباطل.
«395»-(1)كشف، كشف الغمة: لَمَّا عَزَمَ مُعَاوِیَةُ عَلَی قِتَالِ عَلِیٍّ علیه السلام شَاوَرَ فِیهِ ثِقَاتِهِ وَ أَهْلَ وُدِّهِ فَقَالُوا هَذَا أَمْرٌ عَظِیمٌ لَا یَتِمُّ إِلَّا بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُ قَرِیعُ زَمَانِهِ فِی الدَّهَاءِ وَ الْمَكْرِ وَ قُلُوبُ أَهْلِ الشَّامِ مَائِلَةٌ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَخْدَعُ وَ لَا یُخْدَعُ فَقَالَ صَدَقْتُمْ وَ لَكِنَّهُ یُحِبُّ عَلِیّاً فَأَخَافُ أَنْ یَمْتَنِعَ فَقَالُوا رَغِّبْهُ بِالْمَالِ وَ أَعْطِهِ مِصْرَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ خَلِیفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِمَامِ الْمُسْلِمِینَ وَ خَلِیفَةِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ذِی النُّورَیْنِ خَتَنِ الْمُصْطَفَی عَلَی ابْنَتَیْهِ وَ صَاحِبِ جَیْشِ الْعُسْرَةِ وَ بِئْرِ رُومَةَ الْمَعْدُومِ النَّاصِرِ الْكَثِیرِ الْخَاذِلِ الْمَحْصُورِ فِی مَنْزِلِهِ الْمَقْتُولِ عَطَشاً وَ ظُلْماً فِی مِحْرَابِهِ الْمُعَذَّبِ بِأَسْیَافِ الْفَسَقَةِ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ثِقَتِهِ وَ أَمِیرِ عَسْكَرِهِ بِذَاتِ السَّلَاسِلِ الْمُعَظَّمِ رَأْیُهُ الْمُفَخَّمِ تَدْبِیرُهُ أَمَّا بَعْدُ فَلَنْ یَخْفَی عَلَیْكَ احْتِرَاقُ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَجْعَتُهُمْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ مَا ارْتَكَبَهُ جَارُهُ بَغْیاً وَ حَسَداً وَ امْتِنَاعُهُ عَنْ نُصْرَتِهِ وَ خِذْلَانُهُ إِیَّاهُ حَتَّی قُتِلَ فِی مِحْرَابِهِ فَیَا لَهَا
ص: 51
مُصِیبَةً عَمَّتِ النَّاسَ وَ فَرَضَتْ عَلَیْهِمْ طَلَبَ دَمِهِ مِنْ قَتَلَتِهِ وَ أَنَا أَدْعُوكَ إِلَی الْحَظِّ الْأَجْزَلِ مِنَ الثَّوَابِ وَ النَّصِیبِ الْأَوْفَرِ مِنْ حُسْنِ الْمَآبِ بِقِتَالِ مَنْ آوَی قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ كِتَابُكَ فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُهُ فَأَمَّا مَا دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ مِنْ قِتَالِ عَلِیٍّ فَقَدْ دَعَوْتَنِی وَ اللَّهِ إِلَی خَلْعِ رِبْقَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِی وَ التَّهَوُّرِ فِی الضَّلَالَةِ مَعَكَ وَ إِعَانَتِی إِیَّاكَ عَلَی الْبَاطِلِ وَ اخْتَرَاطِ السَّیْفِ فِی وَجْهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُهُ وَ قَاضِی دَیْنِهِ وَ مُنْجِزُ وَعْدِهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكَ خَلِیفَةُ عُثْمَانَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ تَبَیَّنَ الْیَوْمَ عَزْلُكَ مِنْ خِلَافَتِهِ وَ قَدْ بُویِعَ لِغَیْرِهِ فَزَالَتْ خِلَافَتُكَ وَ أَمَّا مَا عَظَّمْتَنِی بِهِ وَ نَسَبْتَنِی إِلَیْهِ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنِّی صَاحِبُ جَیْشِهِ فَلَا أَغْتَرُّ بِالتَّزْكِیَةِ وَ لَا أَمِیلُ بِهَا عَنِ الْمِلَّةِ وَ أَمَّا مَا نَسَبْتَ أَبَا الْحَسَنِ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیَّهُ إِلَی الْبَغْیِ وَ الْحَسَدِ لِعُثْمَانَ وَ سَمَّیْتَ الصَّحَابَةَ فَسَقَةً وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ أَشْلَاهُمْ عَلَی قَتْلِهِ فَهَذَا كَذِبٌ وَ غَوَایَةٌ وَیْحَكَ یَا مُعَاوِیَةُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بَذَلَ نَفْسَهُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ وَ هُوَ صَاحِبُ السَّبْقِ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْهِجْرَةِ وَ قَالَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ وَ هُوَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ الْغَدِیرِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ خَیْبَرَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ
ص: 52
وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ الطَّیْرِ اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ وَ إِلَیَّ وَ إِلَیَّ وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ النَّضِیرِ عَلِیٌّ إِمَامُ الْبَرَرَةِ وَ قَاتِلُ الْفَجَرَةِ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ وَ قَالَ فِیهِ عَلِیٌّ وَلِیُّكُمْ بَعْدِی وَ أَكَّدَ الْقَوْلَ عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ عَلَی جَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ وَ قَالَ إِنِّی مُخْلِفٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی وَ قَالَ أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا وَ قَدْ عَلِمْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْآیَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ فِی فَضَائِلِهِ الَّتِی لَا یَشْرَكُهُ فِیهَا أَحَدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَی یُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ كَقَوْلِهِ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ كَقَوْلِهِ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ كَقَوْلِهِ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ وَ كَقَوْلِهِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَی أَنْ یَكُونَ سِلْمُكَ سِلْمِی وَ حَرْبُكَ حَرْبِی وَ تَكُونَ أَخِی وَ وَلِیِّی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَحَبَّكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ وَ كِتَابُكَ یَا مُعَاوِیَةُ الَّذِی هَذَا جَوَابُهُ لَیْسَ مِمَّا یَنْخَدِعُ بِهِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ وَ دِینٌ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ یُعْرِضُ عَلَیْهِ الْأَمْوَالَ وَ الْوِلَایَاتِ وَ كَتَبَ فِی آخِرِ كِتَابِهِ
جَهِلْتَ وَ لَمْ تَعْلَمْ مَحَلَّكَ عِنْدَنَا***فَأَرْسَلْتَ شَیْئاً مِنْ خِطَابٍ وَ مَا تَدْرِی
فَثِقْ بِالَّذِی عِنْدِی لَكَ الْیَوْمَ آنِفاً***مِنَ الْعِزِّ وَ الْإِكْرَامِ وَ الْجَاهِ وَ النَّصْرِ
فَأَكْتُبُ عَهْداً تَرْتَضِیهِ مُؤَكَّداً***وَ أَشْفَعُهُ بِالْبَذْلِ مِنِّی وَ بِالْبِرِّ
فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرٌو بِأَبْیَاتٍ لَیْسَ بِالشِّعْرِ الْجَیِّدِ یَطْلُبُ فِیهَا مِصْرَ (1)وَ أَوَّلُهَا:
ص: 53
أَبَی الْقَلْبُ مِنِّی أَنْ أُخَادَعَ بِالْمَكْرِ*** بِقَتْلِ ابْنِ عَفَّانَ أُجَرُّ إِلَی الْكُفْرِ
فَكَتَبَ لَهُ مُعَاوِیَةُ بِذَلِكَ وَ أَنْفَذَهُ إِلَیْهِ فَفَكَّرَ عَمْرٌو وَ لَمْ یَدْرِ مَا یَصْنَعُ وَ ذَهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَقَالَ:
تَطَاوَلَ لَیْلِی بِالْهُمُومِ الطَّوَارِقِ***وَ صَافَحْتُ مِنْ دَهْرِی وُجُوهَ الْبَوَائِقِ
أَ أَخْدَعُهُ وَ الْخَدْعُ مِنِّی سَجِیَّةٌ***أَمْ أُعْطِیهِ مِنْ نَفْسِی نَصِیحَةَ وَامِقٍ
أَمْ أَقْعُدُ فِی بَیْتِی وَ فِی ذَاكَ رَاحَةٌ*** لِشَیْخٍ یَخَافُ الْمَوْتَ فِی كُلِّ شَارِقٍ
فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا مَوْلَاهُ وَرْدَانَ وَ كَانَ عَاقِلًا فَشَاوَرَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ وَرْدَانُ إِنَّ مَعَ عَلِیٍّ آخِرَةً وَ لَا دُنْیَا مَعَهُ وَ هِیَ الَّتِی تَبْقَی لَكَ وَ تَبْقَی فِیهَا وَ إِنَّ مَعَ مُعَاوِیَةَ دُنْیَا وَ لَا آخِرَةَ مَعَهُ وَ هِیَ الَّتِی لَا تَبْقَی عَلَی أَحَدٍ فَاخْتَرْ مَا شِئْتَ فَتَبَسَّمَ عَمْرٌو وَ قَالَ:
یَا قَاتَلَ اللَّهُ وَرْدَاناً وَ فِطْنَتَهُ***لَقَدْ أَصَابَ الَّذِی فِی الْقَلْبِ وَرْدَانُ
لَمَّا تَعَرَّضَتِ الدُّنْیَا عَرَضْتُ لَهَا***بِحِرْصِ نَفْسِی وَ فِی الْأَطْبَاعِ إِدْهَانٌ
نَفْسٌ تَعُفُّ وَ أُخْرَی الْحِرْصُ یَغْلِبُهَا***وَ الْمَرْءُ یَأْكُلُ نَتْناً وَ هُوَ غَرْثَانٌ
أَمَّا عَلِیٌّ فَدِینٌ لَیْسَ یَشْرَكُهُ***دُنْیَا وَ ذَاكَ لَهُ دُنْیَا وَ سُلْطَانٌ
فَاخْتَرْتُ مِنْ طَمَعِی دُنْیَا عَلَی بَصَرِی***وَ مَا مَعِی بِالَّذِی أَخْتَارُ بُرْهَانٌ
إِنِّی لَأَعْرِفُ مَا فِیهَا وَ أُبْصِرُهُ***وَ فِیَّ أَیْضاً لِمَا أَهْوَاهُ أَلْوَانٌ
لَكِنَّ نَفْسِی تُحِبُّ الْعَیْشَ فِی شَرَفٍ***وَ لَیْسَ یَرْضَی بِذُلِّ الْعَیْشِ إِنْسَانٌ
ثُمَّ إِنَّ عَمْراً رَحَلَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَمَنَعَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ وَرْدَانُ فَلَمْ یَمْتَنِعْ فَلَمَّا بَلَغَ مَفْرِقَ الطَّرِیقَیْنِ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ وَرْدَانُ طَرِیقُ الْعِرَاقِ طَرِیقُ الْآخِرَةِ وَ طَرِیقُ الشَّامِ طَرِیقُ الدُّنْیَا فَأَیَّهُمَا تَسْلُكُ قَالَ طَرِیقَ الشَّامِ.
تَوْضِیحٌ: قَالَ الْجَوْهَرِیُّ الْقَرِیعُ الْفَحْلُ وَ السَّیِّدُ یُقَالُ فُلَانٌ قَرِیعُ دَهْرِهِ وَ قَرِیعُكَ الَّذِی یُقَارِعُكَ.
ص: 54
وَ قَالَ فِی النِّهَایَةِ فِیهِ ذِكْرُ بِئْرِ رُومَةَ هِیَ بِضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِینَةِ اشْتَرَاهَا عُثْمَانُ وَ سَبَّلَهَا وَ فِی الْقَامُوسِ أَشْلَی دَابَّتَهُ أَرَاهَا الْمِخْلَاةَ لِتَأْتِیَهُ وَ النَّاقَةَ دَعَاهَا لِلْحَلْبِ وَ الْوَامِقُ الْمُحِبُّ وَ الشَّارِقُ الشَّمْسُ وَ شَرِقَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ وَ الْغَرْثَانُ الْجَائِعُ.
«396»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ لَمْ یُبَایِعْ حَتَّی شَرَطَ أَنْ یُؤْتِیَهُ عَلَی الْبَیْعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَتْ یَدُ الْمُبَایِعِ وَ خَزِیَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا وَ أَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا وَ عَلَا سَنَاهَا وَ اسْتَشْعِرُوا الصَّبْرَ فَإِنَّهُ أَدْعَی إِلَی النَّصْرِ.
بیان:
قوله علیه السلام و لم یبایع قال الشارحون إشارة إلی ما اشتهر من أن أمیر المؤمنین علیه السلام لما نزل بالكوفة بعد فراغه من البصرة كتب إلی معاویة كتابا یدعوه إلی البیعة فدعا قوما من أهل الشام إلی الطلب بدم عثمان فأجابوه و أشار إلیه أخوه بالاستعانة بعمرو بن العاص فلما قدم علیه و عرف حاجته إلیه تباعد عنه و جعل یمدح علیا علیه السلام فی وجهه حتی رضی معاویة أن یعطیه المصر فبایعه فذلك معنی قوله علیه السلام أن یؤتیه علی البیعة ثمنا ثم أردف ذلك بالدعاء علی البائع لدینه و هو عمرو بعدم الظفر فی الحرب أو بالثمن أو بشی ء مما یأمله و ألحقه بالتوبیخ للمبتاع و هو معاویة بذكر هوان أمانته علیه و هی بلاد المسلمین و أموالهم.
و یحتمل أن یكون إسناد الخزی إلی الأمانة إسنادا مجازیا.
و ذهب بعض الشارحین إلی أن المراد بالبائع معاویة و بالمبتاع عمرو و هو ضعیف لأن الثمن إذا كان مصرا فالمبتاع هو معاویة كذا ذكره ابن میثم.
و قال ابن أبی الحدید فی أكثر النسخ فلا ظفرت ید المبایع بمیم المفاعلة و الظاهر ما رویناه.
ص: 55
قوله علیه السلام فقد شب لظاها أی أوقدت نارها و أثیرت و روی بالبناء للفاعل أی ارتفع لهبها و السنا بالقصر الضوء.
أقول: قال ابن أبی الحدید روی ابن قتیبة فی كتاب عیون الأخبار(1)قال رأی عمرو بن العاص معاویة یوما فضحك فقال مم تضحك یا أمیر المؤمنین أضحك اللّٰه سنك قال أضحك من حضور ذهنك حین إبدائك سوأتك یوم ابن أبی طالب علیهما السلام و اللّٰه لقد وجدته منانا و لو شاء أن یقتلك لقتلك فقال عمرو یا أمیر المؤمنین أما و اللّٰه إنی لعن یمینك حین دعاك إلی البراز فاحولت عیناك و انتفخ سحرك و بدا منك ما أكره ذكره فمن نفسك أضحك أو فدع
ص: 56
«397»-(1)نهج، نهج البلاغة ج، الإحتجاج احْتِجَاجُهُ علیه السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ فِی جَوَابِ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَیْهِ وَ فِی غَیْرِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ وَ هُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْحِجَاجِ وَ أَصْوَبِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی (2)كِتَابُكَ تَذْكُرُ اصْطِفَاءَ اللَّهِ تَعَالَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لِدِینِهِ وَ تَأْیِیدَهُ إِیَّاهُ بِمَنْ أَیَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ عِنْدَنَا وَ نِعْمَتِهِ عَلَیْنَا فِی نَبِیِّنَا فَكُنْتَ فِی ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَی هَجَرَ أَوْ دَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَی النِّضَالِ
ص: 57
وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِی الْإِسْلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَاضِلَ وَ الْمَفْضُولَ وَ السَّائِسَ وَ الْمَسُوسَ وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ التَّمْیِیزَ بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ تَرْتِیبَ دَرَجَاتِهِمْ وَ تَعْرِیفَ طَبَقَاتِهِمْ هَیْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَیْسَ مِنْهَا فَطَفِقَ یَحْكُمُ فِیهَا مَنْ عَلَیْهِ الْحُكْمُ لَهَا أَ لَا تَرْبَعُ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَی ظَلْعِكَ وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ وَ تَتَأَخَّرُ حَیْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَیْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ وَ لَا لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ وَ إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِی التِّیهِ رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ أَ لَا تَرَی غَیْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَ لَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّی إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِیدُنَا قِیلَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَبْعِینَ تَكْبِیرَةً عِنْدَ صَلَاتِهِ عَلَیْهِ أَ وَ لَا تَرَی أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَیْدِیهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّی إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا كَمَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِیلَ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَیْنِ وَ لَوْ لَا مَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِیَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِینَ فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِیَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا لَمْ یَمْنَعْنَا قَدِیمُ عِزِّنَا وَ عَادِیُّ طَوْلِنَا عَلَی قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَكَحْنَا وَ أَنْكَحْنَا فِعْلَ الْأَكْفَاءِ وَ لَسْتُمْ هُنَاكَ وَ أَنَّی یَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ مِنَّا النَّبِیُّ وَ مِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْكُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ صِبْیَةُ النَّارِ وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ مِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِی كَثِیرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَیْكُمْ فَإِسْلَامُنَا مَا قَدْ سُمِعَ وَ جَاهِلِیَّتُكُمْ مَا لَا تُدْفَعُ (1)وَ كِتَابُ اللَّهِ یَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ
ص: 58
وَ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَی بِالْقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَوْلَی بِالطَّاعَةِ وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَی الْأَنْصَارِ یَوْمَ السَّقِیفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَجُوا عَلَیْهِمْ فَإِنْ یَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ وَ إِنْ یَكُنْ بِغَیْرِهِ فَالْأَنْصَارُ عَلَی دَعْوَاهُمْ وَ زَعَمْتَ أَنِّی لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ وَ عَلَی كُلِّهِمْ بَغَیْتُ فَإِنْ یَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَیْسَ الْجِنَایَةُ عَلَیْكَ فَیَكُونَ الْعُذْرُ إِلَیْكَ
وَ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
وَ قُلْتَ إِنِّی كُنْتُ أُقَادُ كَمَا یُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّی أُبَایِعَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ وَ مَا عَلَی الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فِی أَنْ یَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ یَكُنْ شَاكّاً فِی دِینِهِ وَ لَا مُرْتَاباً بِیَقِینِهِ وَ هَذِهِ حُجَّتِی إِلَی غَیْرِكَ قَصْدُهَا وَ لَكِنِّی أَطْلَقْتُ لَكَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِی وَ أَمْرِ عُثْمَانَ فَلَكَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هَذِهِ لِرَحِمِكَ مِنْهُ فَأَیُّنَا كَانَ أَعْدَی لَهُ وَ أَهْدَی إِلَی مَقَاتِلِهِ أَ مَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَكَفَّهُ أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخَی عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَیْهِ حَتَّی أَتَی قَدَرُهُ عَلَیْهِ كَلَّا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْكُمْ وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنا وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِیلًا (1)وَ مَا كُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ أَنِّی كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَیْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَیْهِ إِرْشَادِی وَ هِدَایَتِی لَهُ فَرُبَّ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ
وَ قَدْ یَسْتَفِیدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ
وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ
ص: 59
وَ ذَكَرْتَ أَنَّهُ لَیْسَ لِی وَ لِأَصْحَابِی عِنْدَكَ إِلَّا السَّیْفُ فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ مَتَی أَلْفَیْتَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الْأَعْدَاءِ نَاكِلِینَ وَ بِالسُّیُوفِ مُخَوَّفِینَ
فَالْبَثْ قَلِیلًا یَلْحَقِ الْهَیْجَا حَمَلٌ
فَسَیَطْلُبُكَ مَنْ تَطْلُبُ وَ یَقْرُبُ مِنْكَ مَا تَسْتَبْعِدُ وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَكَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ التَّابِعِینَ بِإِحْسَانٍ شَدِیدٍ زِحَامُهُمْ سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِینَ سَرَابِیلَ الْمَوْتِ أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَیْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّیَّةٌ بَدْرِیَّةٌ وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیَّةٌ قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ وَ أَهْلِكَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ.
بیان:
قال ابن أبی الحدید (1)بعد إیراد هذا الكتاب سألت النقیب أبا جعفر یحیی بن أبی زید قلت أری هذا الجواب منطبقا علی كتاب معاویة الذی بعثه مع أبی مسلم الخولانی إلی علی علیه السلام فإن كان هذا هو الجواب فالجواب الذی ذكره أرباب السیرة و أورده نصر بن مزاحم فی كتاب صفین إذن غیر صحیح و إن كان ذاك الجواب فهذا الجواب إذن غیر صحیح و لا ثابت.
فقال لی بل كلاهما ثابت مروی و كلاهما كلام أمیر المؤمنین علیه السلام و ألفاظه ثم أمرنی أن أكتب ما یملیه علی فكتبته.
قال رحمه اللّٰه كان معاویة یتسقط علیا علیه السلام و یبغی علیه ما عساه أن یذكره من حال أبی بكر و عمر و أنهما غصباه حقه و لا یزال یكیده بالكتاب یكتبه و الرسالة یبعثها یطلب غرته لینفث بما فی صدره من حال أبی بكر و عمر إما مكاتبة أو مراسلة فیجعل ذلك حجة علیه عند أهل الشام و یضیفه إلی ما قدره فی أنفسهم من ذنوبه كما زعم فكان غمصه عندهم بأنه قتل عثمان أو مالأ علی قتله و أنه قتل طلحة و الزبیر و أسر عائشة و أراق دماء أهل البصرة
ص: 60
و بقیت خصلة واحدة و هو أن یثبت عندهم أنه یبرأ من أبی بكر و عمر و ینسبهما إلی الظلم و مخالفة الرسول فی أمر الخلافة و أنهما وثبا علیها غلبة و غصباه إیاها فكانت هذه تكون الطامة الكبری و لیست مقتصرة علی إفساد أهل الشام علیه بل و أهل العراق الذین هم جنده و بطانته و أنصاره لأنهم كانوا یعتقدون إمامة الشیخین إلا القلیل الشاذ من خواص الشیعة.
فلما كتب ذلك الكتاب مع أبی مسلم الخولانی قصد أن یغضب علیا و یحرجه و یحوجه إذا قرأ ذكر أبی بكر و أنه أفضل المسلمین إلی أن یرهن خطه فی الجواب بكلمة تقتضی طعنا فی أبی بكر فكان الجواب مجمجما (1)غیر بین لیس فیه تصریح بالتظلیم لهما و لا التصریح ببراءتهما و تارة یترحم علیهما و تارة یقول أخذا حقی و قد تركته لهما.
فأشار عمرو بن العاص علی معاویة أن یكتب كتابا ثانیا مناسبا للكتاب الأول لیستفزا فیه علیا علیه السلام و یستخفاه و یحمله الغضب منه أن یكتب كلاما یتعلقان به فی تقبیح حاله و تهجین مذهبه و قال له عمرو إن علیا علیه السلام رجل نزق تیاه ما استطعمت (2)منه الكلام بمثل تقریظ أبی بكر و عمر فاكتب إلیه ثانیا فكتب كتابا أنفذه إلیه مع أبی أمامة الباهلی و هو من الصحابة بعد أن عزم علی بعثه مع أبی الدرداء و نسخة الكتاب.
من عبد اللّٰه معاویة بن أبی سفیان إلی علی بن أبی طالب أما بعد فإن اللّٰه تعالی جده اصطفی محمدا صلی اللّٰه علیه و آله لرسالته و اختصه بوحیه و تأدیة شریعته فأنقذ به من العمایة و هدی به من الغوایة ثم قبضه إلیه رشیدا حمیدا قد
ص: 61
بلغ الشرع و محق الشرك و أخمد نار الإفك فأحسن اللّٰه جزاءه و ضاعف علیه نعمه و آلاءه.
ثم إن اللّٰه سبحانه اختص محمدا صلی اللّٰه علیه و آله بأصحاب أیدوه و آزروه و نصروه و كانوا كما قال اللّٰه سبحانه لهم أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ فكان أفضلهم مرتبة و أعلاهم عند اللّٰه و المسلمین منزلة الخلیفة الأول الذی جمع الكلمة و لم الدعوة و قاتل أهل الردة ثم الخلیفة الثانی الذی فتح الفتوح و مصر الأمصار و أذل رقاب المشركین ثم الخلیفة الثالث المظلوم الذی نشر الملة و طبق الآفاق بالكلمة الحنیفیة.
فلما استوثق الإسلام و ضرب بجرانه عدوت علیه فبغیته الغوائل و نصبت له المكاید و ضربت له بطن الأمر و ظهره و دسست علیه و أغریت به و قعدت حیث استنصرك عن نصرته و سألك أن تدركه قبل أن یمزق فما أدركته.
و ما یوم المسلمین منك بواحد لقد حسدت أبا بكر و التویت علیه و رمت إفساد أمره و قعدت فی بیتك عنه و استغویت عصابة من الناس حتی تأخروا عن بیعته.
ثم كرهت خلافة عمر و حسدته و استطلت مدته و سررت بقتله و أظهرت الشماتة بمصابه حتی إنك حاولت قتل ولده لأنه قتل قاتل أبیه.
ثم لم تكن أشد حسدا منك لابن عمك عثمان نشرت مقابحه و طویت محاسنه و طعنت فی فقهه ثم فی دینه ثم فی سیرته ثم فی عقله و أغریت به السفهاء من أصحابك و شیعتك حتی قتلوه بمحضر منك لا تدفع عنه بلسان و لا ید.
و ما من هؤلاء إلا من بغیت علیه و تلكأت فی بیعته حتی حملت إلیه قهرا تساق بخزائم الاقتسار (1)كما یساق الفحل المخشوش ثم نهضت الآن
ص: 62
تطلب الخلافة و قتلة عثمان خلصاؤك و سجراؤك (1)و المحدقون بك و تلك من أمانی النفوس و ضلالات الأهواء.
فدع اللجاج و العنت جانبا و ادفع إلینا قتلة عثمان و أعد الأمر شوری بین المسلمین لیتفقوا علی من هو لله رضا فلا بیعة لك فی أعناقها و لا طاعة لك علینا و لا عتبی لك عندنا و لیس لك و لأصحابك عندی إلا السیف و الذی لا إله إلا هو لأطلبن قتلة عثمان أین كانوا و حیث كانوا حتی أقتلهم أو تلحق روحی باللّٰه.
فأما ما لا تزال تمت به من سابقتك و جهادك (2)فإنی وجدت اللّٰه سبحانه یقول یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَیَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ و لو نظرت فی حال نفسك لوجدتها أشد الأنفس امتنانا علی اللّٰه بعملها و إذا كان الامتنان علی السائل یبطل أجر الصدقة فالامتنان علی اللّٰه یبطل أجر الجهاد و یجعله ك صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْ ءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ قال النقیب أبو جعفر فلما وصل هذا الكتاب إلی علی علیه السلام مع أبی أمامة الباهلی كلم أبا أمامة بنحو مما كلم به أبا مسلم الخولانی و كتب معه هذا الجواب.
قال النقیب و فی كتاب معاویة هذا ذكر لفظة الجمل المخشوش أو الفحل المخشوش لا فی الكتاب الواصل مع أبی مسلم و لیس فی ذلك هذه اللفظة و إنما فیه حسدت الخلفاء و بغیت علیهم عرفنا ذلك من نظرك الشزر و قولك
ص: 63
الهجر و تنفسك الصعداء و إبطاؤك عن الخلفاء قال و إنما كثیر من الناس لا یعرفون الكتابین و المشهور عندهم كتاب أبی مسلم فیجعلون هذه اللفظة فیه و الصحیح أنها فی كتاب أبی أمامة أ لا تراها عادت فی الجواب و لو كانت فی كتاب أبی مسلم لعادت فی جوابه.
انتهی كلام النقیب أبی جعفر أقول إنما أوردت هذا الكتاب علی كاتبه و مملیه أشد العذاب لیتضح الجواب و لیظهر لكل عاقل كفر هذا المنافق المرتاب.
قوله علیه السلام فلقد خبأ لنا الدهر قال فی النهایة خبأت الشی ء خبئا إذا أخفیته و الخب ء كل شی ء غائب مستور و لعل المعنی أن الدهر أخفی لنا من أحوالك شیئا عجبا لم نكن نظن ذلك حتی ظهر منك.
و یحتمل أن یكون علی سبیل التجرید أی أنت أعجب الأشیاء فی الدهر كنت مخفیا فظهرت من قبیل لقینی منه أسد: قال ابن میثم و وجه العجب أنه أخبر أهل بیت النبی صلی اللّٰه علیه و آله بحاله و ما أنعم اللّٰه به علیه مع علمهم البالغ بحاله و كونهم أولی بالإخبار عنها و ضرب له فی ذلك مثلین و أصل المثل الأول أن رجلا قدم من هجر إلی البصرة بمال اشتری به شیئا للربح فلم یجد فیها أكسد من التمر فاشتری بماله تمرا و حمله إلی هجر و ادخره فی البیوت ینتظر به السعر فلم یزدد إلا رخصا حتی فسد جمیعه و تلف ما له فضرب مثلا لمن یحمل الشی ء إلی معدنه لینتفع به فیه و هجر معروفة بكثرة التمر حتی أنه ربما یبلغ سعر خمسین جلة بدینار و وزن الجلة مائة رطل فذلك خمسة آلاف رطل و لم یسمع ذلك فی غیرها من البلاد.
و الثانی أنه شبهه بداعی مسدده و أستاده فی الرمی إلی المراماة و مسدده أولی بأن یدعوه إلی ذلك.
قوله علیه السلام إن تم اعتزلك كله أی تباعد عنك و المعنی ذكرت أمرا إن تم لم ینفعك و إن نقص لم یضرك بل لا تعلق له بك أصلا و الثلمة
ص: 64
الخلل فی الحائط و غیره و السیاسة القیام علی الشی ء بما یصلحه و لیس فی هذا الكلام شهادة منه علیه السلام علی فضل الخلفاء لما عرفت من المصلحة فی هذا الإجمال.
و قال فی النهایة أصل الحنین ترجیع الناقة صوتها أثر ولدها و منه كتاب علی علیه السلام إلی معاویة و أما قولك كیت و كیت فقد حن قدح لیس منها هو مثل یضرب لرجل ینتمی إلی نسب لیس منه أو یدعی ما لیس منه فی شی ء و القدح بالكسر أحد سهام المیسر فإذا كان من غیر جوهر أخواته ثم حركها المفیض بها خرج له صوت یخالف أصواتها یعرف به.
قال الزمخشری فی المستقصی القداح التی یضرب بها تكون من نبع فربما ضاع منها قدح فنحیت علی مثاله من غرب أو غیره آخر بالعجلة فإذا احتك معها صوت صوتا لا یشابه أصواتها فیقال ذلك ثم ضربه عمر لعقبة بن أبی معیط حین أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بضرب عنقه یوم بدر فقال اقتل من بین قریش أراد عمر أنك لست من قریش.
و قیل فی بنی الحنان و هم بطن من بلحرث إن جدهم ألقی قدحا فی قداح قوم یضربون بالمسیر و كان یضرب لهم رجل أعمی فلما وقع قدحه فی یده قال حن قدح لیس منها فلقب الحنان لذلك یضرب لمنتحل نسبا أو فضلا انتهی.
قوله علیه السلام یحكم فیها أی فی هذه القصة أو القضیة من كان الحكم لها علیه لا له.
و یجوز إرجاع الضمیر إلی الطبقات.
و قال ابن میثم یضرب لمن یحكم علی قوم و فیهم و هو من أراد لهم و لیس للحكم بأهل بل هم أولی منه به.
و قال الجوهری یقال اربع علی نفسك و اربع علی ظلعك أی ارفق بنفسك و كف یقال ظلعت الأرض بأهلها أی ضاقت بهم من كثرتهم و یقال
ص: 65
ارق علی ظلعك أی اربع علی نفسك و لا تحمل علیها أكثر مما تطیق.
و قال فی النهایة فیه أنه لا یربع علی ظلعك الظلع بالسكون العرج و المعنی لا یقیم علیك فی حال ضعفك و ربع فی المكان إذا أقام به.
و فی الصحاح أصل الذراع هو بسط الید و یقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تطقه و لم تقو علیه.
و قال ابن میثم قوله علیه السلام حیث أخره القدر إشارة إلی مرتبته النازلة التی جری القدر بها أن تكون نازلة عن مراتب السابقین و قد أمره بالتأخر فیها و الوقوف عندها.
قوله علیه السلام فی التیه أی فی الضلال و التحیر أو فی التكبر.
قال فی النهایة تاه یتیه تیها إذا تحیر و ضل و إذا تكبر و الرواغ المیال.
و القصد المعتدل الذی لا یمیل إلی طرفی الإفراط و التفریط.
قوله علیه السلام غیر مخبر أی أتكلم بكلامی هذا لا لإخباری إیاك بل للتحدث بنعمته سبحانه إما لأن معاویة غیر قابل للخطاب و الإخبار بهذا الكلام و المقام مقام تحقیره أو لأنه كان عالما به أو لأنه یتراءی من مثل هذا الكلام و إخبار الخصم به المفاخرة بذكر تلك الفضائل فدفع ذلك التوهم بقوله لكن بنعمة اللّٰه أحدث و ما بعد لكن بهذا الاحتمال أنسب و إن كان قوله علیه السلام لك بالأول ألصق.
قوله علیه السلام قیل سید الشهداء قال ابن أبی الحدید أی فی حیاة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأن علیا علیه السلام مات شهیدا و لا خلاف فی أنه أفضل من حمزة و جعفر و غیرهما بل هو سید المسلمین (1)
ص: 66
قوله بسبعین تكبیرة قال ابن میثم أی فی أربع عشرة صلاة و ذلك أنه كلما كبر علیه خمسا حضرت جماعة أخری من الملائكة فصلی بهم علیه أیضا و ذلك من خصائص حمزة رضی اللّٰه عنه.
قوله علیه السلام لذكر ذاكر یعنی نفسه و إنما نكره و لم یأت بالألف و اللام و لم ینسبه إلی نفسه لئلا یصرح بتزكیة نفسه و استعار لفظ المج لكراهیة النفس لبعض ما یكرر سماعه و إعراضها عنه فإنها تصیر كالقاذف له من الأذن كما یقذف الماج الماء من فیه كذا قیل و الظاهر أنه كنایة عن أنها لوضوحها لا یمكن لأحد إنكارها فغیر المؤمنین و إن ثقل علیهم سماعها فلا یمكنهم إنكارها.
قوله علیه السلام فدع عنك إلخ الرمیة الصید یرمی یقال بئس الرمیة الأرنب أی بئس الشی ء مما یرمی الأرنب و المعنی دع ذكر من مال إلی الدنیا و أمالته إلیها و أمالته عن الطریق المستقیم فإن شأن الصید الخروج عن الطریق و هی إشارة إلی الخلفاء و الكلام فی بیان التفاضل سابقا و لاحقا.
و قال ابن أبی الحدید هذه إشارة إلی عثمان لا إلی أبی بكر و عمر و هذا مما لا یُسْمِنُ وَ لا یُغْنِی مِنْ جُوعٍ مع أن المذكور فی كتاب معاویة لم یكن عثمان وحده كما عرفت.
و قال ابن میثم رحمه اللّٰه أی فدع عنك أصحاب الأغراض الفاسدة و لا تلتفت إلی ما یقولون فی حقنا كعمرو بن العاص و یحتمل أن یكون الإشارة إلی نفسه علی طریقة قولهم إیاك أعنی و اسمعی یا جارة.
و استعار لفظ الرمیة و كنی بها عن الأمور التی تقصدها النفوس و ترمیها بقصودها انتهی.
و لا یخفی بعده و أبعد منه ما ذكره الكیدری حیث قال أراد أنه مطعون فی نسبه و حسبه و أنه أزاله عن مقام التفاخر و التنافر مطاعن شهرت فیه انتهی.
ص: 67
و كأنه حمل الرمیة علی السهام المرمیة.
قوله علیه السلام فإنا صنائع ربنا هذا كلام مشتمل علی أسرار عجیبة من غرائب شأنهم التی تعجز عنها العقول و لنتكلم علی ما یمكننا إظهاره و الخوض فیه فنقول صنیعة الملك من یصطنعه و یرفع قدره و منه قوله تعالی وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی أی اخترتك و أخذتك صنیعتی لتنصرف عن إرادتی و محبتی فالمعنی أنه لیس لأحد من البشر علینا نعمة بل اللّٰه تعالی أنعم علینا فلیس بیننا و بینه واسطة و الناس بأسرهم صنائعنا فنحن الوسائط بینهم و بین اللّٰه سبحانه.
و یحتمل أن یرید بالناس بعض الناس أی المختار من الناس نصطنعه و نرفع قدره.
و قال ابن أبی الحدید هذا مقام جلیل ظاهره ما سمعت و باطنه أنهم عبید اللّٰه و الناس عبیدهم.
و قال ابن میثم لفظ الصنائع فی الموضعین مجاز من قبیل إطلاق اسم المقبول علی القابل و الحال علی المحل یقال فلان صنیعة فلان إذا اختصه لموضع نعمته و النعمة الجزیلة التی اختصهم اللّٰه بها هی نعمة الرسالة و ما یستلزمه من الشرف و الفضل حتی كان الناس عیالاتهم فیها.
قوله علیه السلام و عادی طولنا قال الجوهری عاد قبیلة و هم قوم هود علیه السلام و شی ء عادی أی قدیم كأنه منسوب إلی عاد.
و قال ابن أبی الحدید الطول الفضل و قال الأفعال الجمیلة كما تكون عادیة بطول المدة تكون عادیة بكثرة المناقب و المآثر و المفاخر و إن كانت المدة قصیرة و لا یراد بالقدیم قدیم الزمان بل من قولهم لفلان قدیم أثر أی سابقة حسنة و إنما جعلنا اللفظ مجازا لأن بنی هاشم و بنی أمیة لم یفترقا فی الشرف إلا منذ نشأ هاشم بن عبد مناف ثم لم تكن المدة بین نشإ هاشم و إظهار محمد صلی اللّٰه علیه و آله الدعوة إلا نحو تسعین سنة انتهی.
ص: 68
و أقول: قد ظهر لك مما سبق أن بنی أمیة لم یكن لهم نسب صحیح لیشاركوا فی الحسب آباءه مع أن قدیم عزهم لم ینحصر فی النسب بل أنوارهم علیهم السلام أول المخلوقات و من بدء خلق أنوارهم إلی خلق أجسادهم و ظهور آثارهم كانوا معروفین بالعز و الشرف و الكمالات فی الأرضین و السماوات (1)یخبر بفضلهم كل سلف خلفا و رفع اللّٰه ذكرهم فی كل أمة عزا و شرفا.
و قوله علیه السلام فعل الأكفاء منصوب علی المصدر بفعل مقدر المكذب أبو سفیان و قیل أبو جهل و أسد اللّٰه حمزة رضی اللّٰه عنه و أرضاه و أسد الأحلاف هو أسد بن عبد العزی و قال فی القاموس الحلف بالكسر العهد بین القوم و الصداقة و الصدیق یحلف لصاحبه أن لا یغدر به و الجمع أحلاف. و الأحلاف فی قول زهیر أسد و غطفان لأنهم تحالفوا علی
ص: 69
التناصر و الأحلاف قوم من ثقیف و فی قریش ست قبائل عبد الدار و كعب و جمح و سهم و مخزوم و عدی لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما فی أیدی عبد الدار من الحجابة و السقایة و أبت عبد الدار عقد كل قوم علی أمرهم حلفا مؤكدا علی أن لا یتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طیبا فوضعتها لأحلافهم و هم أسد و زهرة و تیم عند الكعبة فغمسوا أیدیهم فیها و تعاهدوا و تعاقدت بنو عبد الدار و حلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف انتهی و نحوه قال فی النهایة إلا أنه قال بعد قوله فغمسوا أیدیهم فیها و تعاقدوا فسموا المطیبین.
و صبیة النار إشارة إلی الكلمة التی قالها النبی صلی اللّٰه علیه و آله لعقبة بن أبی معیط حین قتله صبرا یوم بدر و قال كالمستعطف له صلی اللّٰه علیه و آله من للصبیة یا محمد قال النار.
و حَمَّالَةَ الْحَطَبِ هی أم جمیل بنت حرب بن أمیة امرأة أبی لهب.
و قوله علیه السلام فی كثیر متعلق بمحذوف أی هذا الذی ذكرنا داخل فی كثیر مما یتضمن ما ینفعنا و یضركم.
قوله علیه السلام و جاهلیتنا أی شرفنا و فضلنا فی الجاهلیة لا یدفعه أحد و فی بعض النسخ و جاهلیتكم و لعله أظهر.
و وجه الاستدلال بالآیة الأولی ظاهر لأنه علیه السلام كان أولی الأرحام برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أقربهم إلیه و كذا الثانیة لأنه كان أقرب الخلق إلی اتباع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أول من آمن به و صدقه.
و قال الجوهری الفلج الظفر و الفوز و قد فلج الرجل علی خصمه یفلج فلجا و الاسم الفلج بالضم.
قوله علیه السلام و تلك شكاة قال الجوهری یقال هذا أمر ظاهر عنك عاره أی زائل قال الشاعر:
و عیرها الواشون إنی أحبها***و تلك شكاة ظاهر عنك عارها
ص: 70
و قال شكوت فلانا شكاة إذا أخبرت بسوء فعله.
و قال ابن میثم البیت لأبی ذویب و هو مثل یضرب لمن ینكر أمرا لیس منه فی شی ء و لا یلزمه دفعه.
و الخشاش بالكسر الذی یدخل فی عظم أنف البعیر و خششت البعیر إذا جعلت فی أنفه الخشاش و الغضاضة بالفتح المذلة و المنقصة.
قوله علیه السلام و هذه حجتی إلی غیرك لعل المعنی لست أنت المقصود بها لحقارتك كقوله علیه السلام غیر مخبر لك أو لعلمی بأنك لا تقبل حججی و لا تؤمن بها أو لأنك عالم بها و لا فائدة فی إخبار العالم بل قصدی بذكرها إلی غیرك من السامعین لعله یؤمن بها من أنكرها و یطمئن بها قلب من آمن بها.
و قال ابن میثم أی لست أنت المقصود بها إذ لست من هذا الأمر فی شی ء بل القصد منها غیرك أی الذین ظلموا و إنما ذكرت منها بقدر ما دعت الحاجة إلیه و سنح لی أن أذكره فی جوابك.
قوله علیه السلام فلك أن تجاب أی هذه لیست مثل السابقة التی لم یكن لك السؤال فیها لأنك من بنی أمیة و بینك و بینه رحم.
و قوله علیه السلام فأینا ابتداء تقریر الجواب: و الأعدی من العداوة أو من العدوان و الأول أصوب و أهدی إلی مقاتله أی لوجوه قتله و مواضعه من الآراء و الحیل أم من بذل أراد به نفسه المقدسة فإنه لما اشتد الحصار علی عثمان بعث علیه السلام إلیه و عرض علیه نصرته فقال عثمان لا أحتاج إلی نصرتك و لكن اقعد و كف شرك و ذلك لأن عثمان كان متهما له علیه السلام بالدخول فی أمره و أراد علیه السلام بقوله من استنصره معاویة و ذلك أنه بعث عثمان حال حصاره إلی الشام مستصرخا بمعاویة فلم یزل یتراخی عنه و یؤخر الخروج إلی أن قتل لطمعه فی الأمر و ذكر القدر و نسبة القتل إلیه هاهنا مناسب لتبریه من دمه و البث
ص: 71
النشر و المنون الدهر و المنیة أی نشر إلیه نوائب الدهر و أسباب المنیة و قوله علیه السلام و اللّٰه لقد علم اللّٰه اقتباس من قوله تعالی قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْكُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه هم الذین كانوا یعوقون غیرهم عن الجهاد مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و التعویق التثبیط وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ یعنی الیهود قالوا لإخوانهم المنافقین هَلُمَّ إِلَیْنا أی تعالوا و أقبلوا إلینا و دعوا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله و قیل القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمین لا تحاربوا و خلوا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله فإنا نخاف علیكم الهلاك وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ أی لا یحضرون القتال و البأس الحرب و أصله الشدة إِلَّا قَلِیلًا إلا كارهین یكون قلوبهم مع المشركین.
و لعل الغرض من الاقتباس أنه سبحانه عاب المعوقین و القائلین فالمتراخی مقصر علی تقدیر وجوب الحضور كما زعمته.
و یحتمل أن یكون غرضه واقعا تعویقه عن نصره علیه السلام و إن أوهم ظاهره نصر عثمان.
و قال الجوهری نقمت علی الرجل أنقم بالكسر إذا عتبت علیه.
و قال ابن میثم
فی قوله علیه السلام فرب ملوم لا ذنب له.
و أنا ذلك الملوم و هو مثل لأكثم بن صیفی یضرب لمن قد ظهر للناس منه أمر أنكروه علیه و هم لا یعرفون حجته و عذره فیه و قوله و قد یستفید إلخ یضرب مثلا لمن یبالغ فی النصیحة حتی یتهم أنه غاش و صدر البیت
و كم سقت فی آثاركم من نصیحة
و قال فی الصحاح و القاموس المتنصح من تشبه بالنصحاء و هذا المعنی و إن كان محتملا فی كلامه علیه السلام علی وجه بعید لكن الظاهر أنه لیس غرضا للشاعر و الظاهر ما ذكره الخلیل فی العین حیث قال التنصح كثرة النصیحة قال أكثم بن صیفی إیاكم و كثرة التنصح فإنه یورث التهمة انتهی و الظنة التهمة.
ص: 72
قوله علیه السلام فلقد أضحكت بعد استعبار قال الجوهری عبرت عینه و استعبرت أی دمعت و العبران الباكی.
و قال ابن میثم أی أتیت بشی ء عجیب بالغ فی الغرابة فإن الضحك بعد البكاء إنما یكون لتعجب بالغ و ذلك كالمثل فی معرض الاستهزاء به.
و قیل معناه لقد أضحكت من سمع منك هذا تعجبا بعد بكائه علی الدین لتصرفك فیه و ألفیت الشی ء وجدته قوله علیه السلام فالبث قلیلا قال ابن میثم مثل یضرب للوعید بالحرب و أصله أن حمل بن بدر رجل من قشیر أغیر علی إبل له فی الجاهلیة فی حرب داحس و الغبراء فاستنقذها و قال:
لبث قلیلا یلحق الهیجاء حمل***ما أحسن الموت إذ الموت نزل
و قیل أصله أن مالك بن زهیر توعد حمل بن بدر فقال حمل لبث قلیلا البیت فأرسل مثلا ثم أتی و قتل مالكا فظفر أخوه قیس بن زهیر به و بأخیه حذیفة فقتلهما و قال:
شفیت النفس من حمل بن بدر***و سیفی من حذیفة قد شفانی
و قال الزمخشری فی المستقصی تمام البیت:
ما أحسن الموت إذا حان الأجل
و قال قالوا فی حمل هو اسم رجل شجاع یستظهر به فی الحرب و لا یبعد أن یراد به حمل بن بدر صاحب الغبراء یضربه من ناصره وراءه انتهی.
ثم اعلم أن حملا فی بعض النسخ بالحاء المهملة و فی بعضها بالجیم.
و قال الفیروزآبادی أرقل أسرع و الإرقال ضرب من الخبب و الجحفل بتقدیم الجیم علی الحاء الجیش و القتام الغبار و سطع الغبار و الرائحة و الصبح ارتفع و السربال القمیص و سرابیل الموت إنما كنایة عن الدروع و الأحوال و الهیئات التی وطنوا نفوسهم علی القتل فیها فكأنها أكفانهم
ص: 73
و قوله علیه السلام ذریة بدریة أی أولاد البدریین.
و قد مر أن أخاه أی معاویة حنظلة و خاله الولید و جده عتبة أبو أمه.
«398»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الشَّامِ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ وُجُوهُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَوْ كَتَبْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ قَبْلَ مَسِیرِنَا إِلَیْهِمْ كِتَاباً تَدْعُوهُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ تَأْمُرُهُمْ بِمَا لَهُمْ فِیهِ مِنَ الْحَظِّ كَانَتِ الْحُجَّةُ تَزْدَادُ عَلَیْهِمْ قُوَّةً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً آمَنُوا بِالتَّنْزِیلِ وَ عَرَفُوا التَّأْوِیلَ وَ فَقُهُوا فِی الدِّینِ وَ بَیَّنَ اللَّهُ فَضْلَهُمْ فِی الْقُرْآنِ الْحَكِیمِ وَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ أَبُوكَ وَ أَهْلُكَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ أَعْدَاءُ الرَّسُولِ مُكَذِّبُونَ بِالْكِتَابِ مُجْتَمِعُونَ عَلَی حَرْبِ الْمُسْلِمِینَ مَنْ لَقِیتَهُمْ مِنْهُمْ حَبَسْتُمُوهُ أَوْ عَذَّبْتُمُوهُ أَوْ قَتَلْتُمُوهُ حَتَّی إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی إِعْزَازَ دِینِهِ وَ إِظْهَارَ رَسُولِهِ دَخَلَتِ الْعَرَبُ فِی دِینِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً فَكُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِی هَذَا الدِّینِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً فَلَیْسَ یَنْبَغِی لَكُمْ أَنْ تُنَازِعُوا أَهْلَ السَّبْقِ وَ مَنْ فَازَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ مَنْ نَازَعَهُ مِنْكُمْ فَبِحَوْبٍ وَ ظُلْمٍ فَلَا یَنْبَغِی لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَنْ یَجْهَلَ قَدْرَهُ وَ لَا یَعْدُوَ طَوْرَهُ وَ لَا یَشْفِیَ نَفْسَهُ بِالْتِمَاسِ مَا لَیْسَ لَهُ
ص: 74
إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ قَدِیماً وَ حَدِیثاً أَقْرَبُهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْكِتَابِ وَ أَقْدَمُهُمْ فِی الدِّینِ وَ أَفْضَلُهُمْ جِهَاداً وَ أَوَّلُهُمْ إِیمَاناً وَ أَشَدُّهُمْ اطِّلَاعاً بِمَا تَجْهَلُهُ الرَّعِیَّةُ عَنْ أَمْرِهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ لِتُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَ اعْلَمُوا أَنَّ خِیَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ بِمَا یَعْلَمُونَ وَ أَنَّ شَرَّهُمُ الْجُهَلَاءُ الَّذِینَ یُنَازِعُونَ بِالْجَهْلِ أَهْلَ الْعِلْمِ أَلَا وَ إِنِّی أَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَقْنِ دِمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قَبِلْتُمْ أَصَبْتُمْ رُشْدَكُمْ وَ هُدِیتُمْ لَحْظَكُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا الْفُرْقَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ تَزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ لَمْ یَزْدَدْ عَلَیْكُمْ إِلَّا سَخَطاً وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ:
لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَمْرٍو عِتَابٌ***غَیْرَ طَعْنِ الْكُلَی وَ حَزِّ الرِّقَابِ
فَلَمَّا وَقَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی جَوَابِهِ بِذَلِكَ قَالَ إِنَّكَ لا تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ.
بیان: الحز بالحاء المهملة و بالجیم المعجمة القطع.
«399»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ یَزِیدَ الْحِمَّانِیِّ قَالَ: كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ إِلَیْنَا كِتَابَهُ وَ لَمْ یَدَعْنَا فِی شُبْهَةٍ وَ لَا عُذْرَ لِمَنْ رَكِبَ ذَنْباً بِجَهَالَةٍ وَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ أَنْتَ مِمَّنْ شَرَعَ الْخِلَافَ مُتَمَادِیاً فِی غَمْرَةِ الْأَمَلِ مُخْتَلِفَ السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ رَغْبَةً فِی الْعَاجِلِ وَ تَكْذِیباً بَعْدُ فِی الْآجِلِ وَ كَأَنَّكَ قَدْ تَذَكَّرْتَ مَا مَضَی مِنْكَ فَلَمْ تَجِدْ إِلَی الرُّجُوعِ سَبِیلًا وَ كَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِی أَعْجَبَكَ مِمَّا بَارَیْتَ مِنَ الدُّنْیَا وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا مُنْقَلَبٌ عَنْكَ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَی الدُّنْیَا
ص: 75
فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَی حَذَرْتَ مَا بَقِیَ وَ انْتَفَعْتَ مِنْهَا بِمَا وُعِظْتَ بِهِ وَ لَكِنَّكَ تَبِعْتَ هَوَاكَ وَ آثَرْتَهُ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ تُؤْثِرْ عَلَی مَا دَعَوْنَاكَ إِلَیْهِ غَیْرَهُ لِأَنَّا أَعْظَمُ رَجَاءً وَ أَوْلَی بِالْحُجَّةِ وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ إِلَی أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَی الْوَالِی أَنْ لَا یُغَیِّرَهُ عَنْ رَعِیَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لَا مَرْتَبَةٌ اخْتَصَّ بِهَا وَ أَنْ یَزِیدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَیْهِمْ أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِی أَنْ لَا أَحْجُبَنَّ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِی حَرْبٍ وَ لَا أَطْوِیَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلَّا فِی حُكْمٍ وَ لَا أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِی فِی الْحَقِّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِی عَلَیْكُمُ الْبَیْعَةُ وَ لَزِمَتْكُمُ الطَّاعَةُ وَ أَنْ لَا تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی صَلَاحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِی عَلَی ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِمَّنْ خَالَفَنِی فِیهِ ثُمَّ أُحِلُّ لَكُمْ فِیهِ عُقُوبَتَهُ وَ لَا تَجِدُوا عِنْدِی فِیهَا رُخْصَةً فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَذَا یَصْلُحْ أَمْرُكُمْ وَ السَّلَامُ.
بیان:
قال الجوهری فلان یباری فلانا أی یعارضه و یفعل مثل فعله و فلان یباری الریح سخاء أی یعارضها خیرا و بركة.
أقول: و سیأتی الكتاب الأخیر بروایة النهج بتغییر ما.
«400»-(1)نهج، نهج البلاغة: وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ- أَنَّهُ بَایَعَنِی الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَی مَا بَایَعُوهُمْ عَلَیْهِ فَلَمْ یَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ یَخْتَارَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ یَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَی لِلْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَی
ص: 76
رَجُلٍ وَ سَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًی فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَی مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَی قَاتَلُوهُ عَلَی اتِّبَاعِهِ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّی وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَةُ لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدُنِی أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ لَتَعْلَمَنَّ أَنِّی كُنْتُ فِی عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّی فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ السَّلَامُ.
تنبیه:
لعل هذا منه علیه السلام إلزام لمعاویة بالإجماع الذی أثبتوا به خلافة أبی بكر و عمر و عثمان و عدم تمسكه علیه السلام بالنص لعدم التفاتهم إلیه فی أول العهد مع عدم تطاول الأیام فكیف مع بعد العهد و قوله علیه السلام إنما الشوری إلخ أی الشوری الذی تعتقدونه و تحتجون به و لا حاجة إلی حمل الكلام علی التقیة كما نقله ابن أبی الحدید من أصحابنا الإمامیة قوله علیه السلام كان ذلك لله رضا أی بزعمهم و العزلة الاسم من الاعتزال و التجنی أن یدعی علیك ذنب لم تفعله.
و قال ابن میثم رحمه اللّٰه هذا الفصل من كتاب كتبه إلی معاویة مع جریر بن عبد اللّٰه البجلی حین نزعه من همدان و صدره أما بعد فإن بیعتی یا معاویة لزمتك و أنت بالشام لأنه بایعنی القوم.
ثم یتلو قوله و ولاه اللّٰه ما تولی تمام الآیة.
و یتصل بها أن قال و إن طلحة و الزبیر بایعانی ثم نقضا بیعتی و كان نقضهما كردتهما فجاهدتهما علی ذلك حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فادخل یا معاویة فیما دخل فیه المسلمون فإن أحب الأمور إلی فیك العافیة إلا أن تتعرض للبلاء فإن تعرضت له قاتلتك و استعنت باللّٰه علیك.
و قد أكثرت فی قتلة عثمان فادخل فیما دخل فیه الناس ثم حاكم القوم إلی أحملك و إیاهم علی كتاب اللّٰه.
و أما هاتیك التی تریدها فهی خدعة الصبی عن اللبن.
ص: 77
ثم یتصل به قوله و لعمری إلی قوله ما بدا لك ثم یتصل به و اعلم أنك من الطلقاء الذین لا تحل لهم الخلافة و لا یعرض فیهم الشوری و قد أرسلت إلیك و إلی من قبلك جریر بن عبد اللّٰه و هو من أهل الإیمان و الهجرة فبایع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
وَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ كُنْتَ عَلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ إِذَنْ مَا قَاتَلْتُكَ وَ لَا اسْتَحْلَلْتُ ذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیْكَ بَیْعَتِی خَطِیئَتُكَ فِی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْحُكَّامَ عَلَی النَّاسِ حِینَ كَانَ الْحَقُّ فِیهِمْ فَلَمَّا تَرَكُوهُ صَارَ أَهْلُ الشَّامِ الْحُكَّامَ عَلَی أَهْلِ الْحِجَازِ وَ غَیْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ وَ لَعَمْرِی مَا حُجَّتُكَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ كَحُجَّتِكَ عَلَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ لَا حُجَّتُكَ عَلَیَّ كَحُجَّتِكَ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَدْ كَانُوا بَایَعُوكَ وَ لَمْ یُبَایِعْكَ أَهْلُ الشَّامِ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَاكَ وَ لَمْ أُبَایِعْكَ وَ أَمَّا فَضْلُكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَوْضِعُكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَلَسْتُ أَدْفَعُهُ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ علیه السلام فِی جَوَابِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ أَتَانِی كِتَابُكَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ قَدْ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً زَعَمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیَّ بَیْعَتَكَ خَطِیئَتِی فِی عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِی مَا كُنْتُ إِلَّا رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْعَلَهُمْ عَلَی ضَلَالٍ وَ لَا یَضْرِبَهُمْ بِعَمًی وَ أَمَّا مَا زَعَمْتَ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ الْحُكَّامُ عَلَی أَهْلِ الْحِجَازِ فَهَاتِ رَجُلَیْنِ مِنْ قُرَیْشِ الشَّامِ یُقْبَلَانِ فِی الشُّورَی أَوْ تَحِلُّ لَهُمَا الْخِلَافَةُ فَإِنْ زَعَمْتَ ذَلِكَ كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ إِلَّا فَأَنَا آتِیكَ بِهِمَا مِنْ قُرَیْشِ الْحِجَازِ وَ أَمَّا مَا مَیَّزْتَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَلَعَمْرِی مَا الْأَمْرُ فِی ذَلِكَ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهَا بَیْعَةٌ عَامَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا یُثَنَّی فِیهَا النَّظَرُ وَ لَا
ص: 78
یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ وَ أَمَّا فَضْلِی فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِی مِنَ الرَّسُولِ وَ شَرَفِی فِی بَنِی هَاشِمٍ فَلَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَهُ لَفَعَلْتَ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إِلَی مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا عَلِیُّ وَ دَعِ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ طَالَ مَا لَمْ یَنْتَفِعْ بِهِ أَهْلُهُ وَ لَا تُفْسِدْ سَابِقَةَ قَدِیمِكَ بِشَرٍّ مِنْ حَدِیثِكَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِخَوَاتِیمِهَا وَ لَا تُلْحِدَنَّ بِبَاطِلٍ فِی حَقِّ مَنْ لَا حَقَّ لَكَ فِی حَقِّهِ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ لَا تُضْلِلْ إِلَّا نَفْسَكَ وَ لَا تَمْحَقْ إِلَّا عَمَلَكَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ مَا مَضَی لَكَ مِنَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ لَحَقِیقَةٌ أَنْ تَرُدَّكَ وَ تَرْدَعَكَ عَمَّا اجْتَرَأْتَ عَلَیْهِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ إِجْلَاءِ أَهْلِ الْحَقِّ عَنِ الْحِلِّ وَ الْحَرَامِ فَاقْرَأْ سُورَةَ الْفَلَقِ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَ مِنْ شَرِّ نَفْسِكَ الْحَاسِدِ إِذا حَسَدَ قَفَلَ اللَّهُ بِقَلْبِكَ وَ أَخَذَ بِنَاصِیَتِكَ وَ عَجَّلَ تَوْفِیقَكَ فَإِنِّی أَسْعَدُ النَّاسِ بِذَلِكَ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ نَمَّقْتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِكَ وَ كِتَابٌ لَیْسَ بِبَعِیدِ الشَّبَهِ مِنْكَ حَمَلَكَ عَلَی الْوُثُوبِ عَلَی مَا لَیْسَ لَكَ فِیهِ حَقٌّ وَ لَوْ لَا عِلْمِی بِكَ وَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ مِمَّا لَا مَرَدَّ لَهُ دُونَ إِنْفَاذِهِ إِذَنْ لَوَعَظْتُكَ وَ لَكِنْ عِظَتِی لَا تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَ لَمْ یَخَفِ الْعِقَابَ وَ لَا یَرْجُو لِلَّهِ وَقاراً وَ لَمْ یَخَفْ لَهُ حِذَاراً فَشَأْنَكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ الْحَیْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ تَجِدِ اللَّهَ فِی ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ مِنْ دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ وَ تَمَنِّیكَ الْأَبَاطِیلَ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ وَ فِی أُمِّكَ وَ أَبِیكَ وَ السَّلَامُ (1)
بیان: أقول: قد روی السید رضی اللّٰه عنه فی النهج بعض الكتابین
ص: 79
الذین أوردهما ابن میثم و خلطهما (1)
قوله علیه السلام فهجر أی هذی و اللغط بالتحریك الصوت و الجلبة ذكره الجوهری و قال خبط البعیر فهو خابط إذا مشی ضالا فخبط بیدیه كل ما یلقاه و لا یتوقی شیئا و خبطه ضربه بالید و منه قیل خبط عشواء أی الناقة التی فی بصرها ضعف.
قوله علیه السلام طاعن قال ابن میثم أی فی صحتها فهو طاعن فی دین اللّٰه فیجب قتاله حتی یرجع إلیها و رویت فی الأمر نظرت فیه و فكرت أی الشاك فیها مداهن و المداهنة نوع من النفاق.
قوله علیه السلام موصلة قال ابن أبی الحدید أی مجموعة الألفاظ من هاهنا و هاهنا و ذلك عیب فی الكتابة و الخطابة و قال حبرت الشی ء تحبیرا حسنته و زینته أی المزینة الألفاظ یشیر علیه السلام إلی أنه قد كان یظهر علیها أثر التكلف و التصنع.
و قال الجوهری نمق الكتاب ینمقه بالضم أی كتبه و نمقه تنمیقا زینه بالكتابة.
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ (2)كَتَبَ مُعَاوِیَةُ فِی أَثْنَاءِ حَرْبِ صِفِّینَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ وَ إِنِّی أُحَذِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُحْبِطَ عَمَلَكَ وَ سَابِقَتَكَ بِشَقِّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ تَفْرِیقِ جَمَاعَتِهَا فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اذْكُرْ مَوْقِفَ الْقِیَامَةِ وَ اقْلَعْ عَمَّا أَسْرَفْتَ فِیهِ مِنَ
ص: 80
الْخَوْضِ فِی دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ وَ عَدَنٍ عَلَی قَتْلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ فَكَیْفَ یَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَعْلَامَ الْمُسْلِمِینَ وَ سَادَاتِ الْمُهَاجِرِینَ بَلْهَ مَا طَحَنَتْ رَحَی حَرْبِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَ ذَوِی الْعِبَادَةِ وَ الْإِیمَانِ مِنْ شَیْخٍ كَبِیرٍ وَ شَابٍّ غَرِیرٍ كُلُّهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَی مُؤْمِنٌ وَ لَهُ مُخْلِصٌ وَ بِرَسُولِهِ مُقِرٌّ عَارِفٌ فَإِنْ كُنْتَ أَبَا حَسَنٍ إِنَّمَا تُحَارِبُ عَلَی الْإِمْرَةِ وَ الْخِلَافَةِ فَلَعَمْرِی لَوْ صَحَّتْ خِلَافَتُكَ لَكُنْتَ قَرِیباً مِنْ أَنْ تُعْذَرَ فِی حَرْبِ الْمُسْلِمِینَ وَ لَكِنَّهَا لَمْ تَصِحَّ لَكَ وَ أَنَّی بِصِحَّتِهَا وَ أَهْلُ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا وَ لَمْ یَرْتَضُوا بِهَا فَخِفِ اللَّهَ وَ سَطَوَاتِهِ وَ اتَّقِ بَأْسَ اللَّهِ وَ نَكَالَهُ وَ اغْمِدْ سَیْفَكَ عَنِ النَّاسِ فَقَدْ وَ اللَّهِ أَكَلَتْهُمُ الْحَرْبُ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا كَالثَّمَدِ فِی قَرَارَةِ الْغَدِیرِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ جَوَاباً عَنْ كِتَابِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ نَمَّقْتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِكَ وَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً فَأَمَّا أَمْرُكَ لِی بِالتَّقْوَی فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَ أَسْتَعِیذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذِینَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وَ أَمَّا تَحْذِیرُكَ إِیَّایَ أَنْ یَحْبَطَ عَمَلِی وَ سَابِقَتِی فِی الْإِسْلَامِ فَلَعَمْرِی لَوْ كُنْتُ الْبَاغِیَ عَلَیْكَ لَكَانَ لَكَ أَنْ تُحَذِّرَنِی ذَلِكَ وَ لَكِنِّی وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ فَنَظَرْنَا إِلَی الْفِئَتَیْنِ فَأَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةَ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا لِأَنَّ بَیْعَتِی بِالْمَدِینَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ كَمَا لَزِمَتْكَ بَیْعَةُ عُثْمَانَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنْتَ أَمِیرٌ لِعُمَرَ عَلَی الشَّامِ وَ كَمَا لَزِمَتْ یَزِیدَ أَخَاكَ بَیْعَةُ عُمَرَ بِالْمَدِینَةِ وَ هُوَ أَمِیرٌ لِأَبِی بَكْرٍ عَلَی الشَّامِ وَ أَمَّا شَقُّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهُ
ص: 81
فَأَمَّا تَخْوِیفُكَ لِی مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْیِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ فِیكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ وَ أَشَارَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَوْلَی مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ (1)وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ بَیْعَتِی لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا فَإِنَّمَا هِیَ بَیْعَةٌ وَاحِدَةٌ تَلْزَمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ لَا یُسْتَثْنَی فِیهَا النَّظَرُ وَ لَا یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ فَارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ وَ انْزِعْ سِرْبَالَ غَیِّكَ وَ اتْرُكْ مَا لَا جَدْوَی لَهُ عَلَیْكَ فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ عِنْدِی إِلَّا السَّیْفُ حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ صَاغِراً وَ تَدْخُلَ فِی الْبَیْعَةِ رَاغِماً وَ السَّلَامُ.
بیان:
قال الجوهری بله كلمة مبنیة علی الفتح مثل كیف و معناها دع و یقال معناها سوی و فی الحدیث أعددت لعبادی الصالحین ما لا عین رأت و لا أذن سمعت و لا خطر علی قلب بشر بله ما اطلعتهم علیه.
(2)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ مُشَاغَبَتِی وَ تَسْتَقْبِحُ مُوَارَبَتِی وَ تَزْعُمُنِی مُتَجَبِّراً وَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ مُقَصِّراً فَسُبْحَانَ اللَّهِ كَیْفَ تَسْتَجِیزُ الْغِیبَةَ وَ تَسْتَحْسِنُ الْعَضِیهَةَ إِنِّی لَمْ أُشَاغِبْ إِلَّا فِی أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْیٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَ لَمْ أَتَجَبَّرْ إِلَّا عَلَی بَاغٍ مَارِقٍ أَوْ مُلْحِدٍ مُنَافِقٍ وَ لَمْ آخُذْ فِی ذَلِكَ إِلَّا بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ وَ أَمَّا التَّقْصِیرُ فِی حَقِّ اللَّهِ فَمَعَاذَ اللَّهِ وَ إِنَّمَا الْمُقَصِّرُ فِی حَقِّ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ
ص: 82
عَطَّلَ الْحُقُوقَ الْمُؤَكَّدَةَ وَ رَكِنَ إِلَی الْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ وَ أَخْلَدَ إِلَی الضَّلَالَةِ الْمُحَیِّرَةِ وَ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ تَصِفَ یَا مُعَاوِیَةُ الْإِحْسَانَ وَ تُخَالِفَ الْبُرْهَانَ وَ تَنْكُثَ الْوَثَائِقَ الَّتِی هِیَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ طَلِبَةٌ وَ عَلَی عِبَادِهِ حُجَّةٌ مَعَ نَبْذِ الْإِسْلَامِ وَ تَضْیِیعِ الْأَحْكَامِ وَ طَمْسِ الْأَعْلَامِ وَ الْجَرْیِ فِی الْهَوَی وَ التَّهَوُّسِ فِی الرَّدَی فَاتَّقِ اللَّهَ فِیمَا لَدَیْكَ وَ انْظُرْ فِی حَقِّهِ عَلَیْكَ وَ ارْجِعْ إِلَی مَعْرِفَةِ مَا لَا تُعْذَرُ بِجَهَالَتِهِ فَإِنَّ لِلطَّاعَةِ أَعْلَاماً وَاضِحَةً وَ سُبُلًا نَیِّرَةً وَ مَحَجَّةً نَهْجَةً وَ غَایَةً مُطَّلَبَةً یَرِدُهَا الْأَكْیَاسُ وَ تُخَالِفُهَا الْأَنْكَاسُ مَنْ نَكَبَ عَنْهَا جَارَ عَنِ الْحَقِّ وَ خَبَطَ فِی التِّیهِ وَ غَیَّرَ اللَّهُ نِعْمَتَهُ وَ أَحَلَّ بِهِ نَقِمَتَهُ فَنَفْسَكَ نَفْسَكَ فَقَدْ بَیَّنَ اللَّهُ لَكَ سَبِیلَكَ وَ حَیْثُ تَنَاهَتْ بِكَ أُمُورُكَ فَقَدْ أَجْرَیْتَ إِلَی غَایَةِ خُسْرٍ وَ مَحَلَّةِ كُفْرٍ وَ إِنَّ نَفْسَكَ قَدْ أَوْحَلَتْكَ شَرّاً وَ أَقْحَمَتْكَ غَیّاً وَ أَوْرَدَتْكَ الْمَهَالِكَ وَ أَوْعَرَتْ عَلَیْكَ الْمَسَالِكَ وَ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَ إِنَّ لِلنَّاسِ جَمَاعَةً یَدُ اللَّهِ عَلَیْهَا وَ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی مَنْ خَالَفَهَا فَنَفْسَكَ نَفْسَكَ قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِكَ فَإِنَّكَ إِلَی اللَّهِ رَاجِعٌ وَ إِلَی حَشْرِهِ مُهْطِعٌ وَ سَیَبْهَظُكَ كَرْبُهُ وَ یَحُلُّ بِكَ غَمُّهُ فِی یَوْمِ لَا یُغْنِی النَّادِمَ نَدَمُهُ وَ لَا یُقْبَلُ مِنَ الْمُعْتَذِرِ عُذْرُهُ یَوْمَ لا یُغْنِی مَوْلًی عَنْ مَوْلًی شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ.
- 399(1)
نهج، نهج البلاغة فَاتَّقِ اللَّهَ فِیمَا لَدَیْكَ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَوْعَرَتْ عَلَیْكَ الْمَسَالِكُ.
توضیح:
قال الفیروزآبادی الشغب تهییج الشر كالتشغیب و شغبهم و بهم و علیهم كمنع و فرح هیج الشر علیهم و شاغبه شاره و قال المواربة المداهاة و المخاتلة و فی أكثر النسخ موازرتی أی موازرتی علیك و العضیهة الإفك و البهتان و ركن إلیه كعلم مال و أخلدت إلی فلان أی ركنت إلیه و أخلد بالمكان أقام و الطمس إخفاء الأثر.
و قال الجوهری الهوس الطوفان باللیل و الهوس شدة الأكل و الهوس السوق اللین یقال هست الإبل فهاست أی ترعی و تسیر و الهوس
ص: 83
بالتحریك طرف من الجنون.
قوله علیه السلام فیما لدیك أی من مال المسلمین و فیئهم أو فی نعمة علیك و معرفة ما لا یعذر بجهالته معرفة الإمام و طاعته و الأعلام الأئمة أو الأدلة و النهج الطریق الواضح.
و المطلبة النسخ المصححة متفقة علی تشدید الطاء قال الجوهری طلبت الشی ء طلبا و كذا اطلبته علی افتعلته و التطلب الطلب مرة بعد أخری انتهی و المعنی غایة من شأنها أن تطلب و یطلبها العقلاء و یكشف عنه قوله علیه السلام یردها الأكیاس.
و قرأ ابن أبی الحدید بتخفیف الطاء و قال أی مساعفة لطالبها یقال طلب فلان منی كذا فاطلبته أی أسعفته به.
و الأنكاس جمع نكس بالكسر و هو الرجل الضعیف ذكره الجوهری و الجزری و قال ابن أبی الحدید و ابن میثم الدنی من الرجال و نكب عن الطریق عدل و الخبط المشی علی غیر استقامة قوله علیه السلام تناهت بك یقال تناهی أی بلغ و الباء للتعدیة أی بین اللّٰه لك سبیلك و غایتك التی توصلك إلیها أعمالك أو المعنی قف حیث تناهت بك أمورك كقولهم حیث أنت و قولهم مكانك فلا یكون معطوفا و لا متصلا بقوله فقد بین اللّٰه لك سبیلك.
قوله علیه السلام فقد أجریت هو من إجراء الخیل للمسابقة و قال فی الصحاح وحل الرجل وقع فی الوحل و أوحله غیره و الاقتحام الدخول فی الأمر بشدة و یقال جبل وعر و مطلب وعر أی صعب حزن و الرمس بالفتح القبر و المهطع المسرع و بهظه الأمر أثقله.
«400»-(1)وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ وَ ابْنُ مِیثَمٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَتَبَ إِلَی
ص: 84
مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا دَارُ تِجَارَةٍ رِبْحُهَا أَوْ خُسْرُهَا الْآخِرَةُ فَالسَّعِیدُ مَنْ كَانَتْ بِضَاعَتُهُ فِیهَا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَ مَنْ رَأَی الدُّنْیَا بِعَیْنِهَا وَ قَدَّرَهَا بِقَدْرِهَا وَ إِنِّی لَأَعِظُكَ مَعَ عِلْمِی بِسَابِقِ الْعِلْمِ فِیكَ مِمَّا لَا مَرَدَّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَخَذَ عَلَی الْعُلَمَاءِ أَنْ یُؤَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ أَنْ یَنْصِحُوا الْغَوِیَّ وَ الرَّشِیدَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَكُنْ مِمَّنْ لَا یَرْجُو لِلَّهِ وَقاراً وَ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فَإِنَّ اللَّهَ بِالْمِرْصَادِ وَ إِنَّ دُنْیَاكَ سَتُدْبِرُ عَنْكَ وَ سَتَعُودُ حَسْرَةً عَلَیْكَ فَانْتَبِهْ مِنَ الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ عَلَی كِبَرِ سِنِّكَ وَ فَنَاءِ عُمُرِكَ فَإِنَّ حَالَكَ الْیَوْمَ كَحَالِ الثَّوْبِ الْمَهِیلِ الَّذِی لَا یَصْلُحُ مِنْ جَانِبٍ إِلَّا فَسُدَ مِنْ آخَرَ وَ قَدْ أَرْدَیْتَ جِیلًا مِنَ النَّاسِ كَثِیراً خَدَعْتَهُمْ بِغَیِّكَ وَ أَلْقَیْتَهُمْ فِی مَوْجِ بَحْرِكَ تَغْشَاهُمُ الظُّلُمَاتُ وَ تَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشُّبُهَاتُ فَجَارُوا عَنْ وِجْهَتِهِمْ وَ نَكَصُوا عَلَی أَعْقَابِهِمْ وَ تَوَلَّوْا عَلَی أَدْبَارِهِمْ وَ عَوَّلُوا عَلَی أَحْسَابِهِمْ إِلَّا مَنْ فَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ فَإِنَّهُمْ فَارَقُوكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِكَ وَ هَرَبُوا إِلَی اللَّهِ مِنْ مُوَازَرَتِكَ إِذْ حَمَلْتَهُمْ عَلَی الصَّعْبِ وَ عَدَلْتَ بِهِمْ عَنِ الْقَصْدِ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا مُعَاوِیَةُ فِی نَفْسِكَ وَ جَاذِبِ الشَّیْطَانَ قِیَادَكَ فَإِنَّ الدُّنْیَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْكَ وَ الْآخِرَةَ قَرِیبٌ مِنْكَ وَ السَّلَامُ
«401»-(1)قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِیُّ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَقَفْتُ عَلَی كِتَابِكَ وَ قَدْ أَبَیْتَ عَلَی الْغَیِّ إِلَّا تَمَادِیاً (2)وَ إِنِّی لَعَالِمٌ أَنَّ الَّذِی یَدْعُوكَ إِلَی ذَاكَ مَصْرَعُكَ الَّذِی لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ وَ إِنْ كُنْتَ مُوَائِلًا فَازْدَدْ غَیّاً إِلَی غَیِّكَ فَطَالَ مَا خَفَّ عَقْلُكَ وَ مَنَّیْتَ نَفْسَكَ مَا لَیْسَ لَكَ وَ الْتَوَیْتَ عَلَی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْكَ ثُمَّ كَانَتِ الْعَافِیَةُ لِغَیْرِكَ وَ احْتَمَلْتَ الْوِزْرَ بِمَا أَحَاطَ بِكَ مِنْ خَطِیئَتِكَ وَ السَّلَامُ
ص: 85
قَالَ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا أَتَیْتَ بِهِ مِنْ ضَلَالِكَ لَیْسَ بِبَعِیدِ الشَّبَهِ مِمَّا أَتَی بِهِ أَهْلُكَ وَ قَوْمُكَ الَّذِینَ حَمَلَهُمُ الْكُفْرُ وَ تَمَنِّی الْأَبَاطِیلِ عَلَی حَسَدِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی صُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَیْثُ عَلِمْتَ لَمْ یَمْنَعُوا حَرِیماً وَ لَمْ یَدْفَعُوا عَظِیماً وَ أَنَا صَاحِبُهُمْ فِی تِلْكَ الْمَوَاطِنِ الصَّالِی بِحَرْبِهِمْ وَ الْفَالُّ لِحَدِّهِمْ وَ الْقَاتِلُ لِرُءُوسِهِمْ وَ رُءُوسِ الضَّلَالَةِ وَ الْمُتْبِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَفَهُمْ بِسَلَفِهِمْ فَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ اتَّبَعَ سَلَفاً وَ مَحَلُّهُ مَحَطَّةُ النَّارِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ طَالَ فِی الْغَیِّ مَا اسْتَمْرَرْتَ إِدْرَاجَكَ كَمَا طَالَ مَا تَمَادَی عَنِ الْحَرْبِ نُكُوصُكَ وَ إِبْطَاؤُكَ تَتَوَعَّدُ وَعِیدَ الْأَسَدِ وَ تَرُوغُ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ فَحَتَّامَ تَحِیدُ عَنِ اللِّقَاءِ وَ مُبَاشَرَةِ اللُّیُوثِ الضَّارِیَةِ وَ الْأَفَاعِی الْمُقَاتِلَةِ فَلَا تَسْتَبْعِدَنَّهَا فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْجَبَ مَا یَأْتِینِی مِنْكَ وَ مَا أَعْلَمَنِی بِمَا أَنْتَ صَائِرٌ إِلَیْهِ وَ لَیْسَ إِبْطَائِی عَنْكَ إِلَّا تَرَقُّباً لِمَا أَنْتَ لَهُ مُكَذِّبٌ وَ أَنَا لَهُ مُصَدِّقُ وَ كَأَنِّی بِكَ غَداً تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ ضَجِیجَ الْجِمَالِ مِنَ الْأَثْقَالِ وَ سَتَدْعُونِی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ إِلَی كِتَابٍ تُعَظِّمُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَجْحَدُونَهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَدَعْنِی مِنْ أَسَاطِیرِكَ وَ اكْفُفْ عَنِّی مِنْ أَحَادِیثِكَ وَ أَقْصِرْ عَنْ تَقَوُّلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ افْتِرَائِكَ مِنَ الْكَذِبِ مَا لَمْ یَقُلْ وَ غُرُورِ مَنْ مَعَكَ وَ الْخِدَاعِ لَهُمْ فَقَدِ اسْتَغْوَیْتَهُمْ وَ یُوشِكُ أَمْرُكَ أَنْ یَنْكَشِفَ لَهُمْ فَیَعْتَزِلُوكَ وَ یَعْلَمُوا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَطَالَ مَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِیَاؤُكَ أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ الْحَقَّ أَسَاطِیرَ الْأَوَّلِینَ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ جَهَدْتُمْ فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ بِأَیْدِیكُمْ وَ أَفْوَاهِكُمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ
ص: 86
وَ لَعَمْرِی لَیُتِمَّنَّ النُّورَ عَلَی كُرْهِكَ وَ لَیُنْفِذَنَّ الْعِلْمَ بِصَغَارِكَ وَ لَتُجَازَیَنَّ بِعَمَلِكَ فَعِثْ فِی دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ مَا طَابَ لَكَ فَكَأَنَّكَ بِأَجَلِكَ قَدِ انْقَضَی وَ عَمَلِكَ قَدْ هَوَی ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی لَظَی لَمْ یَظْلِمْكَ اللَّهُ شَیْئاً وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْظَمَ الرَّیْنَ عَلَی قَلْبِكَ وَ الْغِطَاءَ عَلَی بَصَرِكَ الشَّرُّ مِنْ شِیمَتِكَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَسَاوِیَكَ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ فِیكَ حَالَتْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَنْ یَصْلُحَ أَمْرُكَ أَوْ أَنْ یَرْعَوِیَ قَلْبُكَ یَا ابْنَ الصَّخْرِ اللَّعِینِ زَعَمْتَ أَنْ یَزِنَ الْجِبَالُ حِلْمَكَ وَ یَفْصِلَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّكِّ عِلْمُكَ وَ أَنْتَ الْجِلْفُ الْمُنَافِقُ الْأَغْلَفُ الْقَلْبِ الْقَلِیلُ الْعَقْلِ الْجَبَانُ الرَّذْلُ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِیمَا تَسْطُرُ وَ یُعِینُكَ عَلَیْهِ أَخُو بَنِی سَهْمٍ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ ابْرُزْ لِمَا دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ مِنَ الْحَرْبِ وَ الصَّبْرِ عَلَی الضَّرْبِ وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْقِتَالِ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَاتِلُ جَدِّكَ وَ أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ مَا أَنْتَ مِنْهُمْ بِبَعِیدٍ وَ السَّلَامُ.
إیضاح:
أقول: روی السید رضی اللّٰه عنه فی النهج الكتاب الأول من قوله علیه السلام و أردیت جیلا إلی آخر هذا الكتاب. (1)قوله علیه السلام و من رأی عطف علی من كانت أی السعید من یری الدنیا بعینها أی یعرفها بحقیقتها أو یراها بالعین التی بها تعرف و هی عین البصیرة و یعلم ما هی علیه من التغیر و الزوال و إنها خلقت لغیرها لیقدرها بمقدارها و یجعلها فی نظره لما خلقت له.
قوله علیه السلام ممن لا یرجو لِلَّهِ وَقاراً أی لا یتوقع لله عظمة فیعبده
ص: 87
و یطیعه و الوقار الاسم من التوقیر و هو التعظیم.
و قیل الرجاء هاهنا بمعنی الخوف و المهیل المتداعی فی التمزق و منه رمل مهیل أی ینهال و یسیل و أردیت أی أهلكت و الجیل الصنف و روی بالباء الموحدة و هو الخلق و تغشاهم أی تأتیهم و تحیط بهم و حاروا عدلوا و تحیروا و نكصوا أی رجعوا و عولوا علی أحسابهم أی اعتمدوا علی نخوة الجاهلیة و تعصبهم و رجعوا عن الدین إلا من فاء أی رجع و الموازرة المعاونة و الصعب مقابله الذلول كنایة عن الباطل لاقتحامه بصاحبه فی المهالك و القیاد بالكسر حبل یقاد به الدابة و وائل منه علی فاعل طلب النجاة ذكره الجوهری و قال صلیت اللحم و غیره أصلیه صلیا إذا شویته و یقال أیضا صلیت الرجل نارا إذا أدخلته النار و جعلته یصلاها و صلی فلان النار بالكسر احترق و صلی بالأمر قاسی حره و شدته و قال فللت الجیش هزمته و یقال فله فانفل أی كسره فانكسر.
قوله علیه السلام و محله محطه الضمیر الأول راجع إلی الخلف و الثانی إلی السلف و النار بدل أو عطف بیان لقوله محطه و لعل الأصوب محله و محطه فالضمیران للسلف و درج الرجل مشی و أدرجت الكتاب طویته و قولهم خل درج الضب أی طریقه و الجمع الأدراج و راغ مال قوله علیه السلام لما أنت به مكذب أی ما أخبرنی به النبی صلی اللّٰه علیه و آله من وقت الحرب و شرائطه أو إتمام الحجة و اتباع أمره تعالی فی ذلك و نزول الملائكة للنصرة و بكل ذلك كان لعنه اللّٰه مكذبا قوله علیه السلام فعث من عاث یعیث إذا أفسد و فی بعض النسخ فعش.
أقول: قال ابن أبی الحدید بعد إیراد تلك الكتب قلت و أعجب و أطرف ما جاء به الدهر و إن كانت عجائبه و بدائعه جمة أن یفضی الأمر بعلی علیه السلام إلی أن یصیر معاویة ندا له و نظیرا مماثلا یتعارضان الكتاب و الجواب و یتساویان فیما یواجه به أحدهما صاحبه و لا یقول له علی علیه السلام كلمة إلا قال له مثلها و أخشن منها فلیت محمدا صلی اللّٰه علیه و آله كان
ص: 88
مشاهد ذلك لیری عیانا لا خبرا أن الدعوة التی قام بها و قاسی أعظم المشاق فی تحملها و كابد الأهوال فی الذب عنها و ضرب بالسیوف علیها لما مهد دولتها و شید أركانها و ملأ الآفاق بها خلصت صفوا عفوا لأعدائه الذین كذبوه لما دعا إلیها و أخرجوه عن أوطانه لما حض علیها و أدموا وجهه و قتلوا عمه و أهله فكأنه كان یسعی لهم و یدأب لراحتهم كما قال أبو سفیان فی أیام عثمان و قد مر بقبر حمزة فضربه برجله و قال یا أبا عمارة إن الأمر الذی اجتلدنا علیه بالسیف أمس فی ید غلماننا الیوم یتلعبون به ثم آل الأمر إلی أن یفاخر معاویة علیا كما یتفاخر الأكفاء و النظراء.
(1)وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ (2)كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ علیه السلام مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ لَمْ نَزَلْ نَنْزِعُ مِنْ قَلِیبٍ وَاحِدٍ وَ نَجْرِی فِی حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ وَ لَا لِقَائِمِنَا عَلَی قَاعِدِنَا فَخْرٌ كَلِمَتُنَا مُؤْتَلِفَةٌ وَ أُلْفَتُنَا جَامِعَةٌ وَ دَارُنَا وَاحِدَةٌ وَ یَجْمَعُنَا كَرَمُ الْعِرْقِ وَ یَحْوِینَا شَرَفُ الْفَخَارِ وَ یَحْنُو قَوِیُّنَا عَلَی ضَعِیفِنَا وَ یُوَاسِی غَنِیُّنَا فَقِیرَنَا قَدْ خَلَصَتْ قُلُوبُنَا مِنْ دَغَلِ الْحَسَدِ وَ طَهُرَتْ أَنْفُسُنَا مِنْ خُبْثِ السَّجِیَّةِ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی كَانَ مِنْكَ مِنَ الْإِدْهَانِ فِی أَمْرِ ابْنِ عَمِّكَ وَ الْحَسَدِ لَهُ وَ تَضْرِیبِ النَّاسِ عَلَیْهِ حَتَّی قُتِلَ بِمَشْهَدٍ مِنْكَ لَا تَدْفَعُ عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لَا یَدٍ فَلَیْتَكَ أَظْهَرْتَ نَصْرَهُ حَیْثُ أَشْهَرْتَ خَتْرَهُ فَكُنْتَ كَالْمُتَعَلِّقِ بَیْنَ النَّاسِ بِعُذْرٍ وَ إِنْ ضَعُفَ وَ الْمُتَبَرِّئِ مِنْ دَمِهِ بِدَفْعٍ وَ إِنْ وَهَنَ وَ لَكِنَّكَ جَلَسْتَ فِی دَارِكَ تَدُسُّ إِلَیْهِ الدَّوَاهِیَ وَ تُرْسِلُ عَلَیْهِ الْأَفَاعِیَ حَتَّی إِذَا قَضَیْتَ وَطْرَكَ مِنْهُ أَظْهَرْتَ شَمَاتَةً وَ أَبْدَیْتَ طَلَاقَةً وَ حَسَرْتَ
ص: 89
لِلْأَمْرِ عَنْ سَاعِدِكَ وَ شَمَّرْتَ عَنْ سَاقِكَ وَ دَعَوْتَ إِلَی نَفْسِكَ وَ أَكْرَهْتَ أَعْیَانَ الْمُسْلِمِینَ عَلَی بَیْعَتِكَ ثُمَّ كَانَ مِنْكَ بَعْدَ مَا كَانَ مِنْ قَتْلِكَ شَیْخَیِ الْمُسْلِمِینَ أَبِی مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَیْرَ وَ هُمَا مِنَ الْمَوْعُودِینَ بِالْجَنَّةِ وَ الْمُبَشَّرُ قَاتِلُ أَحَدِهِمَا بِنَارِ الْآخِرَةِ هَذَا إِلَی تَشْرِیدِكَ بِأُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ وَ إِحْلَالِهَا مَحَلَّ الْهَوَانِ مُبْتَذِلَةً بَیْنَ أَیْدِی الْأَعْرَابِ وَ فَسَقَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَمِنْ بَیْنِ مُنْتَهِرٍ لَهَا وَ بَیْنَ شَامِتٍ بِهَا وَ بَیْنَ سَاخِرٍ مِنْهَا أَ تَرَی ابْنَ عَمِّكَ كَانَ بِهَذَا لَوْ رَآهُ رَاضِیاً أَمْ كَانَ یَكُونُ عَلَیْكَ سَاخِطاً وَ لَكَ عَنْهُ زَاجِراً أَنْ تُؤْذِیَ فِی أَهْلِهِ وَ تُشَرِّدَ بِحَلِیلَتِهِ وَ تَسْفِكَ دِمَاءَ أَهْلِ مِلَّتِهِ ثُمَّ تَرْكُكَ دَارَ الْهِجْرَةِ الَّتِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْهَا إِنَّ الْمَدِینَةَ لَتَنْفِی خَبَثَهَا كَمَا یَنْفِی الْكِیرُ خَبَثَ الْحَدِیدِ فَلَعَمْرِی لَقَدْ صَحَّ وَعْدُهُ وَ صَدَقَ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ نَفَتْ خَبَثَهَا وَ طَرَدَتْ مِنْهَا مَنْ لَیْسَ بِأَهْلٍ أَنْ یَسْتَوْطِنَهَا فَأَقَمْتَ بَیْنَ الْمِصْرَیْنِ وَ بَعُدْتَ عَنْ بَرَكَةِ الْحَرَمَیْنِ وَ رَضِیتَ بِالْكُوفَةِ بَدَلًا مِنَ الْمَدِینَةِ وَ بِمُجَاوَرَةِ الْخَوَرْنَقِ وَ الْحَیْرَةِ عِوَضاً عَنْ مُجَاوَرَةِ قَبْرِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ مَا عَنَیْتَ خَلِیفَتَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّامَ حَیَاتِهِمَا فَقَعَدْتَ عَنْهُمَا وَ الْتَوَیْتَ عَلَیْهِمَا وَ امْتَنَعْتَ مِنْ بَیْعَتِهِمَا وَ رُمْتَ أَمْراً لَمْ یَرَكَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ أَهْلًا وَ رَقِیتَ سُلَّماً وَعْراً وَ حَاوَلْتَ مَقَاماً دَحْضاً وَ ادَّعَیْتَ مَا لَمْ تَجِدْ عَلَیْهِ نَاصِراً وَ لَعَمْرِی لَوْ وُلِّیتَهَا حِینَئِذٍ لَمَا ازْدَدْتَ إِلَّا فَسَاداً وَ اضْطِرَاباً وَ لَا أَعْقَبَتْ وَلَایَتُكَهَا إِلَّا انْتِشَاراً وَ ارْتِدَاداً لِأَنَّكَ الشَّامِخُ بِأَنْفِهِ الذَّاهِبُ بِنَفْسِهِ الْمُسْتَطِیلُ عَلَی النَّاسِ بِلِسَانِهِ وَ یَدِهِ وَ هَا أَنَا السَّائِرُ إِلَیْكَ فِی جَمْعٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ تَحُفُّهُمْ سُیُوفٌ شَامِیَّةٌ وَ رِمَاحٌ قَحْطَانِیَّةٌ حَتَّی یُحَاكِمُوكَ إِلَی اللَّهِ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ ادْفَعْ إِلَیَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَإِنَّهُمْ خَاصَّتُكَ وَ خُلَصَاؤُكَ وَ الْمُحْدِقُونَ بِكَ فَإِنْ أَبَیْتَ إِلَّا سُلُوكَ سَبِیلِ اللَّجَاجِ وَ الْإِصْرَارَ عَلَی الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِیكَ وَ فِی أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَكَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْیَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا یَصْنَعُونَ: فَأَجَابَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ بِمَا رَوَاهُ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی النَّهْجِ
ص: 90
وَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْإِحْتِجَاجِ (1)وَ اللَّفْظُ لِلسَّیِّدِ قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ جَوَاباً عَنْ كِتَابٍ مِنْهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا كُنَّا نَحْنُ وَ أَنْتُمْ عَلَی مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْأُلْفَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَفَرَّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ أَمْسِ أَنَّا آمَنَّا وَ كَفَرْتُمْ وَ الْیَوْمَ أَنَّا اسْتَقَمْنَا وَ فُتِنْتُمْ وَ مَا أَسْلَمَ مُسْلِمُكُمْ إِلَّا كَرْهاً وَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَنْفُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِزْباً وَ ذَكَرْتَ أَنِّی قَتَلْتُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ شَرَّدْتُ بِعَائِشَةَ وَ نَزَلْتُ بَیْنَ الْمِصْرَیْنِ وَ ذَلِكَ أَمْرٌ غِبْتَ عَنْهُ فَلَا الْجِنَایَةُ عَلَیْكَ وَ لَا الْعُذْرُ فِیهِ إِلَیْكَ وَ ذَكَرْتَ أَنَّكَ زَائِرِی فِی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ قَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ یَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ فَإِنْ كَانَ فِیكَ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ فَإِنِّی إِنْ أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِیرٌ أَنْ یَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِی لِلنَّقِمَةِ مِنْكَ وَ إِنْ تَزُرْنِی فَكَمَا قَالَ أَخُو بَنِی أَسَدٍ:
مُسْتَقْبِلِینَ رِیَاحَ الصَّیْفِ تَضْرِبُهُمْ*** بِحَاصِبٍ بَیْنَ أَغْوَارٍ وَ جُلْمُودٍ
وَ عِنْدِیَ السَّیْفُ الَّذِی أَعْضَضْتُهُ بِجَدِّكَ وَ خَالِكَ وَ أَخِیكَ فِی مَقَامٍ وَاحِدٍ وَ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ الْأَغْلَفُ الْقَلْبِ الْمُقَارِبُ الْعَقْلِ وَ الْأَوْلَی أَنْ یُقَالَ لَكَ إِنَّكَ رَقِیتَ سُلَّماً أَطْلَعَكَ مَطْلِعَ سَوْءٍ عَلَیْكَ لَا لَكَ لِأَنَّكَ نَشَدْتَ غَیْرَ ضَالَّتِكَ وَ رَعَیْتَ غَیْرَ سَائِمَتِكَ وَ طَلَبْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَا فِی مَعْدِنِهِ فَمَا أَبْعَدَ قَوْلَكَ مِنْ فِعْلِكَ وَ قَرِیبٌ مَا أَشْبَهْتَ مِنْ أَعْمَامٍ وَ أَخْوَالٍ حَمَلَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ وَ تَمَنِّی الْبَاطِلِ عَلَی الْجُحُودِ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَیْثُ عَلِمْتَ لَمْ یَدْفَعُوا عَظِیماً وَ لَمْ یَمْنَعُوا حَرِیماً بِوَقْعِ سُیُوفٍ مَا خَلَا مِنْهَا الْوَغَی وَ لَمْ تُمَاشِهَا الْهُوَیْنَا وَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَمَّا تِلْكَ الَّتِی تُرِیدُ فَإِنَّهَا خُدْعَةُ الصَّبِیِّ عَنِ
ص: 91
اللَّبَنِ فِی أَوَّلِ الْفِصَالِ وَ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ.
تبیین:
قوله علیه السلام كنا نحن و أنتم أی قبل البعثة أنا استقمنا أی علی منهاج الحق و بعد أن كان أنف الإسلام كله لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حزبا فی أكثر النسخ بالزاء بعد الحاء المهملة المكسورة و فی بعضها بالراء المهملة بعد الحاء المفتوحة و كذلك كان فی نسخة ابن أبی الحدید قال أی بعد أن كان أنف الإسلام محاربا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أنف كل شی ء أوله و كان أبو سفیان و أهله من بنی عبد شمس من أشد الناس علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی أول الهجرة إلی فتح مكة انتهی.
و الأظهر ما فی أكثر النسخ كما كان فی نسخة ابن میثم قال أی بعد أن اشتد الإسلام و صار للرسول صلی اللّٰه علیه و آله حزب قوی من الأشراف و استعار لفظ الأنف لهم باعتبار كونهم أعزاء أهله انتهی أو باعتبار أنهم مقدمون علی غیرهم فإنهم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ فیكون هذا الكلام كالدلیل علی كون إسلامهم عن كره و إجبار فلا علیك فی الاحتجاج فلا الجنایة علیك و هو أظهر.
و قال ابن أبی الحدید أجمل علیه السلام فی الجواب و الجواب المفصل أن طلحة و الزبیر قتلا أنفسهما ببیعتهما و نكثهما و لو استقاما علی الطریقة لسلما و من قتله الحق فدمه هدر.
و أما الوعد لهما بالجنة فمشروط بسلامة العاقبة و الكلام فی سلامتها.
و أما قوله بشر قاتل ابن صفیة بالنار فقد اختلف فیه فقال قوم من علماء الحدیث و أرباب السیرة هو كلام علی غیر مرفوع و قوم منهم جعلوه مرفوعا و علی كل حال فهو حق لأن ابن جرموز قتله مولیا خارجا من الصف و قاتل من هذه حاله فاسق مستحق للنار.
و أما عائشة فأی ذنب لأمیر المؤمنین علیه السلام فی ذلك و لو أقامت فی
ص: 92
منزلها لم تبتذل بین الأعراب و أهل الكوفة.
علی أن علیا علیه السلام أكرمها و صانها و عظم من شأنها و لو كانت فعلت بعمر ما فعلت به ثم ظفر بها لقتلها و مزقها إربا إربا و لكن علیا علیه السلام كان حلیما كریما.
و أما قوله لو عاش رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی آخره فلعلی علیه السلام أن یقلب الكلام علیه و یقول أ فتراه لو عاش أ كان رضی لحلیلته أن تؤذی أخاه و وصیه.
و أیضا أ تراه لو عاش أ كان رضی لك یا ابن أبی سفیان أن تنازع علیا الخلافة و تفرق جماعة هذه الأمة.
و أیضا أ تراه لو عاش أ كان رضی لطلحة و الزبیر أن یبایعا ثم ینكثا لا بسبب بل قالوا جئنا نطلب الدراهم فقد قیل لنا إن بالبصرة مالا كثیرا.
فأما قوله ثم تركك دار الهجرة فلا عیب علیه إذا انتقضت علیه أطراف الإسلام بالبغی و الفساد أن یخرج من المدینة إلیها و یهذب أهلها و لیس كل من خرج من المدینة كان خبیثا فقد خرج عنها عمر مرارا إلی الشام.
ثم لعلی علیه السلام أن یقول و أنت یا معاویة قد نفتك المدینة أیضا فأنت إذن خبیث و كذلك طلحة و الزبیر و عائشة الذین تتعصب لهم و تحتج علی الناس بهم.
و قد خرج عن المدینة الصالحون كابن مسعود و أبی ذر و غیرهما و ماتوا فی بلاد نائیة عنها.
و أما قوله بعدت عن بركة الحرمین فكلام إقناعی ضعیف و الواجب علی الإمام أن یقدم الأهم فالأهم من مصالح الإسلام و تقدیم قتال أهل البغی علی المقام فی الحرمین أولی.
و أما ما ذكره من خذلان عثمان و شماتته به و إكراه الناس علی البیعة فكله
ص: 93
دعوی و الأمر بخلافها.
و أما قوله التویت علی أبی بكر و عمر و قعدت عنهما و حاولت الخلافة فإن علیا علیه السلام لم یكن یجحد ذلك و لا ینكره و لا ریب أنه كان یدعی الأمر بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لنفسه علی الجملة إما للنص كما تقوله الشیعة أو لأمر آخر كما یقوله أصحابنا.
فأما قوله لو ولیتها حینئذ لفسد الأمر و اضطرب الإسلام فهذا علم غیب لا یعلمه إلا اللّٰه و لعله لو ولیها حینئذ لاستقام الأمر فإنه ما وقع الاضطراب عند ولایته بعد عثمان إلا لأن أمره هان عندهم بتأخره عن الخلافة و تقدیم غیره علیه فصغر شأنه فی النفوس و قرر من تقدمه فی قلوب الناس أنه لا یصلح لها كل الصلوح و لو كان ولیها ابتداء و هو علی تلك الجلالة التی كان علیها أیام حیاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و تلك المنزلة الرفیعة و الاختصاص الذی كان له لكان الأمر غیر الذی رأیناه.
و أما قوله لأنك الشامخ (1)فقد أسرف فی وصفه بما وصفه به و لا شك أنه علیه السلام كان عنده زهو و لكن لا هكذا و كان علیه السلام مع زهوه ألطف الناس خلقا انتهی كلامه.
و أقول علی أصولنا لا یستحق الملعون الجواب بما قد ظهر من كفره و نفاقه من كل باب و هو علیه السلام كان أعلم بما یأتی به من الحق و الصواب و لا ریب أن الحق یئوب معه حیث آب.
قوله و قد انقطعت الهجرة قال ابن میثم لما أوهم كلامه أنه من المهاجرین أكذبه بقوله و قد انقطعت الهجرة یوم أسر أبوك أی حین الفتح و ذلك أن معاویة و أباه و جماعة من أهله إنما أظهروا الإسلام بعد الفتح و
قد قال صلی اللّٰه علیه و آله لا هجرة بعد الفتح.
و سمی علیه السلام أخذ العباس لأبی سفیان إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله غیر مختار و عرضه علی القتل أسرا.
و روی یوم أسر أخوك و قد كان أسر أخوه عمرو بن أبی سفیان یوم
ص: 94
بدر فعلی هذه الروایة یكون الكلام فی معرض التذكرة له بأن من شأنه و شأن أهله أن یؤسروا و لا یسلموا فكیف یدعون مع ذلك الهجرة فإن الهجرة بهذا الاعتبار منقطعة عنهم و لا یكون یوم أسر ظرفا لانقطاع الهجرة لأن الهجرة إنما انقطعت بعد الفتح انتهی و لا یخفی ما فیه من التكلف و البعد.
و قال ابن أبی الحدید یوم أسر أخوك یعنی یزید بن أبی سفیان أسر یوم الفتح فی باب الخندمة و كان خرج فی نفر من قریش یحاربون و یمنعون من دخول مكة فقتل منهم قوم و أسر یزید بن أبی سفیان أسره خالد بن الولید فخلصه أبو سفیان منه و أدخله داره فآمن
لأن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال من دخل دار أبی سفیان فهو آمن.
قوله فاسترفه أی اطلب الرفاهیة علی نفسك فی ذلك فإنك إنما تستعجل إلی ما یضرك أو لا ترهق نفسك بالعجل فإنی أزورك إن لم تزرنی فكما قال أخو بنی أسد.
قال ابن أبی الحدید كنت أسمع قدیما أن هذا البیت من شعر بشر بن أبی خازم الأسدی و الآن فقد تصفحت شعره فلم أجده و لا وقفت بعد علی قائله.
و ریح حاصب تحمل الحصباء و هی صغار الحصا و إذا كانت بین أغوار و هی ما سفل من الأرض و كانت مع ذاك ریح صیف كانت أعظم مشقة و أشد ضررا علی من تلاقیه.
فأما قوله و جلمود یمكن أن یكون عطفا علی حاصب و أن یكون عطفا علی أغوار أی بین أغوار من الأرض و حرة و ذلك أشد لأذاها لما تكتسبه الحرة من لفح السموم و وهجها و الوجه الأول ألیق انتهی.
و قال الجوهری الجلمد و الجلمود الصخر و قال أعضضته بسیفی أی ضربته به و عض الرجل بصاحبه یعض عضیضا أی لزمه.
و قال ابن أبی الحدید أعضضته أی جعلته معضوضا برءوس أهلك به و أكثر ما یأتی أفعلت أن تجعله فاعلا و هنا من المقلوب أی عضضت رءوس أهلك به.
ص: 95
و قال ابن میثم قوله عضضته یروی بالضاد المعجمة أی جعلته عاضا لهم و ألزمته بهم و یروی أغصصته بالغین المعجمة و الصادین المهملتین تقول أغصصت السیف بفلان أی جعلته یغص به المضروب هو الذی یغص بالسیف أی لا یكاد یسیغه.
و قد مر مرارا أن مراده علیه السلام من قوله الجد جد معاویة عتبة بن ربیعة و الخال الولید و الأخ حنظلة قتلهم علیه السلام یوم بدر.
قوله علیه السلام ما علمت كلمة ما موصولة و هی بصلتها خبر أن و الأغلف بیان للموصول.
و یحتمل أن یكون المعنی ما دمت علمتك و اطلعت علیك وجدتك كذلك.
و قیل ما مصدریة و الأغلف القلب من لا بصیرة له كان قلبه فی غلاف و المقارب العقل فی أكثر النسخ بصیغة الفاعل و كذا صححه الشارحان.
و قال الجوهری شی ء مقارب بكسر الراء بین الجید و الردی ء و لا نقل مقارب بفتح الراء.
و فی بعض النسخ المصححة بالفتح فیحتمل أن یكون بالمعنی المذكور أیضا.
و قال فی القاموس شی ء مقارب بكسر الراء بین الجید و الردی ء أو دین مقارب بالكسر و متاع مقارب بالفتح انتهی.
أو أرید به العقل الذی قاربه الشیطان و مسه أی أنت الذی تخبطه الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ قوله و الأولی أن یقال لك جواب لقوله و رقیت سلما و فی القاموس طلع الجبل علاه كطلع بالكسر علیك لا لك أی هذا المطلع أو الارتقاء وبال علیك غیر نافع لك ما أبعد قولك أی دعواك أنك أمیر المؤمنین و خلیفة المسلمین من فعلك و هو الخروج باغیا علی الإمام المفترض الطاعة و شق عصا المسلمین مع ما ترتكبه من المنكرات و الفسوق كلبس الحریر و المنسوج بالذهب و غیر ذلك كما ذكره ابن أبی الحدید و قریب ما أشبهت ما مصدریة أی قریب شبهك بأعمامك و أخوالك من بنی أمیة
ص: 96
الذین حاربوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بوقع سیوف متعلق بصرعوا و ما خلا صفة لسیوف و الوغی بالتحریك الجلبة و الأصوات و منه قیل للحرب وغی لما فیها من الصوت و الجلبة و لم تماشها الهوینا أی لم یلحق ضربنا و وقعها هون و لا سهولة و لم یجر معها و روی و لم یتماسها بالسین المهملة أی لم یخالطها شی ء من ذلك و الهوینا موصوفها محذوفة كالضربة و الحالة و نحوها.
و أما تلك التی ترید أی طلبك قتلة عثمان.
«403»-(1)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خُضْرَةٌ ذَاتُ زِینَةٍ وَ بَهْجَةٍ لَمْ یُصَبْ إِلَیْهَا أَحَدٌ إِلَّا وَ شَغَلَتْهُ بِزِینَتِهَا عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا وَ بِالْآخِرَةِ أُمِرْنَا وَ عَلَیْهَا حُثِثْنَا فَدَعْ یَا مُعَاوِیَةُ مَا یَفْنَی وَ اعْمَلْ لِمَا یَبْقَی وَ احْذَرِ الْمَوْتَ الَّذِی إِلَیْهِ مَصِیرُكَ وَ الْحِسَابَ الَّذِی إِلَیْهِ عَاقِبَتُكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یَكْرَهُ وَ وَفَّقَهُ لِطَاعَتِهِ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَغْرَاهُ بِالدُّنْیَا وَ أَنْسَاهُ الْآخِرَةَ وَ بَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ وَ عَاقَهُ عَمَّا فِیهِ صَلَاحُهُ وَ قَدْ وَصَلَنِی كِتَابُكَ فَوَجَدْتُكَ تَرْمِی غَیْرَ غَرَضِكَ وَ تُنْشِدُ غَیْرَ ضَالَّتِكَ وَ تَخْبِطُ فِی عَمَایَةٍ وَ تَتِیهُ فِی ضَلَالَةٍ وَ تَعْتَصِمُ بِغَیْرِ حُجَّةٍ وَ تَلُوذُ بِأَضْعَفِ شُبْهَةٍ فَأَمَّا سُؤَالُكَ إِلَیَّ الْمُتَارَكَةَ وَ الْإِقْرَارَ لَكَ عَلَی الشَّامِ فَلَوْ كُنْتُ فَاعِلًا ذَلِكَ الْیَوْمَ لَفَعَلْتُهُ أَمْسِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عُمَرَ وَلَّاكَهَا فَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ مَنْ كَانَ وَلَّاهُ صَاحِبُهُ وَ عَزَلَ عُثْمَانُ مَنْ كَانَ عُمَرُ وَلَّاهُ وَ لَمْ یُنْصَبْ لِلنَّاسِ إِمَامٌ إِلَّا لِیَرَی مِنْ صَلَاحِ الْأُمَّةِ مَا قَدْ كَانَ ظَهَرَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ خَفِیَ عَنْهُمْ غَیُّهُ وَ الْأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَ الْأَمْرِ وَ لِكُلِ
ص: 97
وَالٍ رَأْیٌ وَ اجْتِهَادٌ فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ وَ الْحَیْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ مَعَ تَضْیِیعِ الْحَقَائِقِ وَ اطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ الَّتِی هِیَ لِلَّهِ طَلِبَةٌ وَ عَلَی عِبَادِهِ حُجَّةٌ فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ فِی عُثْمَانَ وَ قَتَلَتِهِ فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ وَ خَذَلْتَهُ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ وَ السَّلَامُ.
«404»-(1)
ج، الإحتجاج مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام فَسُبْحَانَ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ وَ السَّلَامُ.
بیان:
الحقائق هی ما یحق للرجل أن یحمیه كما یقال حامی الحقیقة و قیل هی الأمور التی ینبغی أن یعتقدها من خلافته علیه السلام و وجوب طاعته و وثائق اللّٰه عهوده المطلوبة له و هی علی عباده حجة یوم القیامة.
و قال ابن أبی الحدید (2)و أما قوله علیه السلام إنما نصرت عثمان إلخ فقد روی البلاذری أنه لما أرسل عثمان إلی معاویة یستمده بعث یزید بن أسد القسری جد خالد بن عبد اللّٰه أمیر العراق و قال إذا أتیت ذا خشب فأقم بها و لا تتجاوزها و لا تقل الشاهد یری ما لا یری الغائب فإنی أنا الشاهد و أنت الغائب.
قال فأقام القسری بذی خشب حتی قتل عثمان فاستقدمه حینئذ معاویة فعاد إلی الشام بالجیش الذی كان أرسل معه و إنما صنع ذلك معاویة لیقتل عثمان فیدعو إلی نفسه.
ص: 98
و كتب معاویة إلی ابن عباس عند صلح الحسن علیه السلام كتابا یدعوه فیه إلی بیعته و یقول له فیه و لعمری لو قتلتك بعثمان رجوت أن یكون ذلك لله رضا و أن یكون رأیا صوابا فإنك من الساعین علیه و الخاذلین له و السافكین دمه و ما جری بینی و بینك صلح فیمنعك منی و لا بیدك أمان.
فكتب إلیه ابن عباس جوابا طویلا یقول فیه و أما قولك إنی من الساعین علی عثمان و الخاذلین له و السافكین دمه فأقسم باللّٰه لأنت المتربص بعثمان و المحب لهلاكه و الحابس الناس قبلك عنه علی بصیرة من أمره و لقد أتاك كتابه و صریخه یستغیث بك و یستصرخ فما حفلت حتی بعثت به معذرا بأخرة و أنت تعلم أنهم لن یدركوه حتی یقتل فقتل كما كنت أردت ثم علمت بعد ذلك أن الناس لن یعدلوا بیننا و بینك فطفقت تنعی عثمان و تلزمنا دمه و تقول قتل عثمان مظلوما فإن یك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمین ثم لم تزل مصوبا و مصعدا و جاثما و رابضا تستغوی الجهال و تنازعنا حقنا بالسفهاء حتی أدركت ما طلبت وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ (1)
بیان:
بعثت به أی بالجیش أو الصریخ معذرا بالتشدید و هو المقصر و من یبدی عذرا و لیس بمحق بأخرة أی بتأخیر و تسویف أو آخرا حیث لا ینفع قال الجوهری بعته بأخرة بكسر الخاء و قصر الألف أی بنسئة و جاء فلان بأخرة بفتح الخاء أی أخیرا.
و فی النهایة فیه فصعد فی النظر و صوبه أی نظر إلی أعلای و أسفلی یتأملنی انتهی.
و جثم الطائر تلبد بالأرض و ربوض الغنم و الكلب مثل بروك الإبل و جثوم الطیر فتارة شبهه بالطیور الخاطفة و تارة بالكلاب الضاریة الصائدة.
«405»-(2)وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَنَّهُ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 99
علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ رَأَیْتَ مُرُورَ الدُّنْیَا وَ انْقِضَاءَهَا وَ تَصَرُّمَهَا وَ تَصَرُّفَهَا بِأَهْلِهَا فِیمَا مَضَی مِنْهَا وَ خَیْرُ مَا اكْتَسَبْتَ مِمَّا بَقِیَ مِنَ الدُّنْیَا مَا أَصَابَ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ فِیمَا مَضَی مِنْهَا مِنَ التَّقْوَی وَ مَنْ یَقِسِ الدُّنْیَا بِالْآخِرَةِ یَجِدْ بَیْنَهُمَا بَوْناً بَعِیداً وَ اعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَّكَ قَدِ ادَّعَیْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ لَا فِی الْقَدِیمِ وَ لَا فِی الْحَدِیثِ وَ لَا فِی الْبَقِیَّةِ وَ لَسْتَ تَقُولُ فِیهِ بِأَمْرٍ بَیِّنٍ یُعْرَفُ لَهُ أَثَرٌ وَ لَا عَلَیْكَ مِنْهُ شَاهِدٌ وَ لَسْتَ مُتَعَلِّقاً بِآیَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا عَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَكَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَقَشَّعَتْ عَنْكَ غَیَابَةُ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ دُنْیَا قَدْ فُتِنْتَ بِزِینَتِهَا وَ رَكَنْتَ إِلَی لَذَّتِهَا وَ خَلَّا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ فِیهَا عَدُوٌّ كَلِبٌ مُضِلٌّ جَاهِدٌ مَلِیحٌ مُلِحٌّ مَعَ مَا قَدْ ثَبَتَ فِی نَفْسِكَ مِنْ حُبِّهَا دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا وَ أَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ خُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَی مَا لَا یَجُنُّكَ بِهِ مِجَنٌّ وَ مَتَی كُنْتُمْ یَا مُعَاوِیَةُ سَاسَةَ الرَّعِیَّةِ أَوْ وُلَاةً لِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِلَا قَدَمٍ حَسَنٍ وَ لَا شَرَفٍ تَلِیدٍ عَلَی قَوْمِكُمْ فَاسْتَیْقِظْ مِنْ سِنَتِكَ وَ ارْجِعْ إِلَی خَالِقِكَ وَ شَمِّرْ لِمَا سَیَنْزِلُ بِكَ وَ لَا تُمَكِّنْ عَدُوَّكَ الشَّیْطَانَ مِنْ بُغْیَتِهِ فِیكَ مَعَ أَنِّی أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صَادِقَانِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لُزُومِ سَابِقِ الشَّقَاءِ وَ إِنْ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّی أُعْلِمُكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ إِنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ مِنْكَ الشَّیْطَانُ مَأْخَذَهُ فَجَرَی مِنْكَ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ وَ لَسْتَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا مِنْ رُعَاتِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَوْ كَانَ إِلَی النَّاسِ أَوْ بِأَیْدِیهِمْ لَحَسَدُونَاهُ وَ لَامْتَنُّوا عَلَیْنَا بِهِ
ص: 100
وَ لَكِنَّهُ قَضَاءٌ مِمَّنْ مَنَحَنَاهُ وَ اخْتَصَّنَا بِهِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ الصَّادِقِ الْمُصَدَّقِ لَا أَفْلَحَ مَنْ شَكَّ بَعْدَ الْعِرْفَانِ وَ الْبَیِّنَةِ رَبِّ احْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ عَدُوِّنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمِینَ قَالَ نَصْرٌ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ بِالْجَوَابِ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَدَعِ الْحَسَدَ فَإِنَّكَ طَالَ مَا لَمْ تَنْتَفِعْ بِهِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةِ ابْنِ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ صِفِّینَ لِنَصْرٍ مِثْلَهُ (1)وَ رَوَی ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابَهُ علیه السلام نَحْواً مِمَّا مَرَّ (2)
«406»-(3)وَ ذَكَرَ السَّیِّدُ الرَّضِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی النَّهْجِ بَعْضَهُ فَلْنَذْكُرْهُ لِلِاخْتِلَافِ الْكَثِیرِ بَیْنَهُمَا قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَیْهِ أَیْضاً وَ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشَّفَتْ عَنْكَ جَلَابِیبُ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ دُنْیَا قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِینَتِهَا وَ خَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا وَ أَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا وَ إِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَی مَا لَا یُنْجِیكَ مِنْهُ مِجَنٌّ فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ خُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ وَ شَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ وَ لَا تُمَكِّنِ الْغُوَاةَ مِنْ سَمْعِكَ وَ إِنْ لَا تَفْعَلْ أُعْلِمْكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ الشَّیْطَانُ مِنْكَ مَأْخَذَهُ وَ بَلَغَ فِیكَ أَمَلَهُ وَ جَرَی مِنْكَ مَجْرَی الرُّوحِ وَ الدَّمِ وَ مَتَی كُنْتُمْ یَا مُعَاوِیَةُ سَاسَةَ الرَّعِیَّةِ وَ وُلَاةَ أَمْرِ الْأُمَّةِ بِغَیْرِ قَدَمٍ سَابِقٍ وَ لَا شَرَفٍ بَاسِقٍ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لَوَازِمِ سَابِقِ الشَّقَاءِ وَ أُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مُتَمَادِیاً فِی غِرَّةِ الْأُمْنِیِّةِ مُخْتَلِفَ الْعَلَانِیَةِ وَ السَّرِیرَةِ وَ قَدْ دَعَوْتَ إِلَی الْحَرْبِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ اخْرُجْ إِلَیَّ وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ عَنِ الْقِتَالِ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ وَ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَاتِلُ جَدِّكَ
ص: 101
وَ خَالِكَ وَ أَخِیكَ شَدْخاً یَوْمَ بَدْرٍ وَ ذَلِكَ السَّیْفُ مَعِی وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی مَا اسْتَبْدَلْتُ دِیناً وَ لَا اسْتَحْدَثْتُ نَبِیّاً وَ إِنِّی لَعَلَی الْمِنْهَاجِ الَّذِی تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِینَ وَ دَخَلْتُمْ فِیهِ مُكْرَهِینَ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ جِئْتَ ثَائِراً بِعُثْمَانَ وَ لَقَدْ عَلِمْتَ حَیْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمَانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاكَ إِنْ كُنْتَ طَالِباً فَكَأَنِّی قَدْ رَأَیْتُكَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ إِذَا عَضَّتْكَ ضَجِیجَ الْجِمَالِ بِالْأَثْقَالِ وَ كَأَنِّی بِجَمَاعَتِكَ تَدْعُونِی جَزَعاً مِنَ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ وَ الْقَضَاءِ الْوَاقِعِ وَ مَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ هِیَ كَافِرَةٌ جَاحِدَةٌ أَوْ مُبَایِعَةٌ حَائِدَةٌ.
بیان:
و إنی أحمد إلیك اللّٰه أی أحمد اللّٰه منهیا إلیك قال فی النهایة فی كتابه علیه الصلاة و السلام أما بعد فإنی أحمد إلیك اللّٰه أی أحمده معك فأقام إلی مقام مع و قیل معناه أحمد إلیك نعمة اللّٰه بتحدیثك إیاها.
و قال الجوهری قشعت الریح السحاب أی كشفته فانقشع و تقشع و أقشع أیضا.
و فی القاموس غیابة كل شی ء سترك منه و منه غیابات الجب و غیبان الشجر.
و الجلابیب جمع جلباب و هی الملحفة فی الأصل فاستعیر لغیرها من الثیاب.
قوله علیه السلام قد تبهجت أی صار ذات بهجة و حسن أو تكلفت البهجة.
و قال الجوهری ألاح بسیفه لمع به و ألاحه أهلكه.
قوله أن یقفك واقف وقف جاء لازما و متعدیا و استعمل هنا متعدیا و یقال أیضا وقفه علی ذنبه أی أطلعه علیه و الواقف هو الرب تعالی عند الحساب أو هو علیه السلام فی الدنیا أو عند مخاصمة القیامة و قیل أی الموت و المجن بكسر المیم و فتح الجیم الترس و التلید القدیم و قعس عن الأمر تأخر عنه و الأهبة بالضم الاستعداد لما قد نزل بك أی الابتلاء بسوء العاقبة أو الحرب أو الموت أو القتل و ما بعده تنزیلا لما لا بد من وقوعه منزلة الواقع و تقول أغفلت الشی ء إذا
ص: 102
تركته علی ذكر منك و تغافلت عنه و مفعول أغفلت ضمیر ما و من نفسك بیان ذلك الضمیر و تفسیر له.
كذا ذكره ابن میثم و قیل الظرف متعلق بالإغفال علی تضمین معنی الصرف و الإبعاد.
و الأظهر عندی أن من للتبعیض و هو حال عن الضمیر أی من صفات نفسك و أحوالها و أترفته النعمة أطغته.
قوله علیه السلام مأخذه أی تناولك تناوله الكامل المعروف أو أخذ منك الموضع الذی یمكنه و ینفعه أخذه و یروی بالجمع.
و قال الفیروزآبادی فی مادة سوس من كتاب القاموس سست الرعیة سیاسة أمرتها و نهیتها.
و سابق الشقاء ما سبق فی القضاء و التمادی تفاعل من المدی و هو الغایة و الغرة الغفلة و الأمنیة طمع النفس.
و قال الجوهری الرین الطبع و الدنس یقال ران علی قلبه ذنبه غلب و الشدخ كسر الشی ء الأجوف.
قوله علیه السلام و لقد علمت حیث وقع أی إن كنت تطلب ثارك عند من أجلب و حاصر فالذی فعل ذلك طلحة و الزبیر فاطلب ثارك من بنی تیم و بنی أسد بن عبد العزی و إن كنت تطلبه ممن خذل فاطلبه من نفسك فإنك خذلته و كنت قادرا علی أن تمده بالرجال فخذلته و قعدت عنه بعد أن استغاث بك.
كذا ذكره ابن أبی الحدید و الضجیج الصیاح عند المكروه و المشقة و الجزع أی كأنی شاهد لجزعك من الحرب إذا عضتك الحرب و أصل العض اللزوم و منه العض بالأسنان أی إذا لزمتك و أثرت فیك شدتها تضج كما یضج الجمل بثقل حمله و مصارع بعد مصارع أی من سقوط علی الأرض بعد سقوط و هی كافرة أی جماعتك و الكافرة الجاحدة أصحابه الذین لم یبایعوا و المبایعة الحائدة هم الذین بایعوه ثم عدلوا إلیه من قولهم حاد
ص: 103
عن الشی ء إذا عدل و مال و هذا من إخباره علیه السلام بالغائبات و هو من المعجزات الباهرات.
«407»-(1)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ اسْتَشَارَ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِی أَنْ یَكْتُبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام كِتَاباً یَسْأَلُهُ فِیهِ لِصُلْحٍ فَضَحِكَ عَمْرٌو وَ قَالَ أَیْنَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مِنْ خُدْعَةِ عَلِیٍّ قَالَ أَ لَسْنَا بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ لَهُمُ النُّبُوَّةُ دُونَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكْتُبَ فَاكْتُبْ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ السَّكَاسِكِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَظُنُّكَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ وَ عَلِمْنَا لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَی عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِیَ لَنَا مِنْهَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَی مَا مَضَی وَ نُصْلِحُ مَا بَقِیَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ الشَّامَ عَلَی أَنْ لَا یَلْزَمَنِی لَكَ طَاعَةٌ وَ لَا بَیْعَةٌ فَأَبَیْتَ ذَلِكَ عَلَیَّ فَأَعْطَانِی اللَّهُ مَا مَنَعْتَ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْیَوْمَ إِلَی مَا دَعَوْتُكَ إِلَیْهِ أَمْسِ فَإِنَّكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا مَا أَرْجُو وَ لَا أَخَافُ مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا مَا تَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَجْنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ أَكَلَتِ الْحَرْبُ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِیَتْ وَ إِنَّا فِی الْحَرْبِ وَ الرِّجَالَ سَوَاءٌ وَ نَحْنُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ إِلَّا فَضْلٌ لَا یُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِیزٌ وَ لَا یُسْتَرَقُّ بِهِ حُرٌّ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ تَعَجَّبَ مِنْهُ وَ مِنْ كِتَابِهِ ثُمَّ دَعَا عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبَهُ وَ قَالَ لَهُ اكْتُبْ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ وَ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِیَّاكَ فِی غَایَةٍ لَمْ نَبْلُغْهَا بَعْدُ وَ إِنِّی لَوْ قُتِلْتُ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ حَیِیتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ حَیِیتُ سَبْعِینَ مَرَّةً لَمْ أَرْجِعْ عَنِ الشِّدَّةِ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ الْجِهَادِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ
ص: 104
وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُقُولِنَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَی مَا مَضَی فَإِنِّی مَا نَقَضْتُ عَقْلِی وَ لَا نَدِمْتُ عَلَی فِعْلِی وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَیَّ الشَّامَ فَإِنِّی لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِیَكَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَةَ أَنْفُسٍ بَقِیَتْ أَلَا وَ مَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَی الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَی النَّارِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَسْتَ بِأَمْضَی عَلَی الشَّكِّ مِنِّی عَلَی الْیَقِینِ وَ لَیْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَی الدُّنْیَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ فَلَعَمْرِی إِنَّا بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ وَ لَكِنْ لَیْسَ أُمَیَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ كَأَبِی طَالِبٍ وَ لَا الْمُهَاجِرُ كَالطَّلِیقِ وَ لَا الصَّرِیحُ كَاللَّصِیقِ وَ لَا الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ لَا الْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَ لَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ یَتْبَعُ سَلَفاً هَوَی فِی نَارِ جَهَنَّمَ وَ فِی أَیْدِینَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِی أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِیزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا الذَّلِیلَ وَ لَمَّا أَدْخَلَ اللَّهُ الْعَرَبَ فِی دِینِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِی الدِّینِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَی حِینَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ ذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلَا تَجْعَلَنَّ لِلشَّیْطَانِ فِیكَ نَصِیباً وَ لَا عَلَی نَفْسِكَ سَبِیلًا وَ السَّلَامُ.
توضیح:
أقول: روی الكتاب و الجواب ابن أبی الحدید و بعض الجواب السید رضی اللّٰه عنه فی النهج (1)و أنا جمعت بین الروایات.
قال ابن أبی الحدید یقال طلب إلی فلان كذا و التقدیر طلب كذا راغبا
ص: 105
إلی فلان و الحشاشات جمع حشاشة و هی بقیة الروح فی المریض.
قوله علیه السلام فلست بأمضی قال ابن میثم أی بل أنا أمضی لأنی علی بصیرة و یقین و حینئذ تبطل المساواة التی ادعاها معاویة انتهی.
و أقول: لعله لما كان غرضه لعنه اللّٰه تخویفه علیه السلام ببقیة الجنود و الرجال لكی یرتدع علیه السلام عن الحرب أجابه علیه السلام بأنك إذا لم تنزع عن الحرب مع شكك فی حصول ما تطلبه من الدنیا فكیف أترك أنا الحرب مع یقینی بما أطلبه من الآخرة.
و فی النهج و أما قولك إنا بنو عبد مناف فكذلك نحن و لكن لیس أمیة كهاشم و قال ابن أبی الحدید الترتیب یقتضی أن یجعل هاشما بإزاء عبد شمس لأنه أخوه فی قعدد (1)و كلاهما ولد عبد مناف لصلبه و أن یكون أمیة بإزاء عبد المطلب و أن یكون حرب بإزاء أبی طالب و أبو سفیان بإزاء أمیر المؤمنین علیه السلام و لما كان فی صفین بإزاء معاویة جعل هاشما بإزاء أمیة بن عبد شمس.
و لم یقل و لا أنا كأنت لأنه قبیح أن یقال ذلك كما لا یقال السیف أمضی من العصا بل قبیح به أن یقولها مع أحد من المسلمین كافة نعم قد یقولها لا تصریحا بل تعریضا لأنه یرفع نفسه عن أن یقیسها بأحد و هاهنا قد عرض بذلك فی قوله و لا المهاجر كالطلیق لأن معاویة كان من الطلقاء لأن كل من دخل علیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی فتح مكة عنوة بالسیف فملكه ثم من علیه عن إسلام أو عن غیر إسلام فهو من الطلقاء فممن لم یسلم كصفوان بن أمیة و من أسلم ظاهرا كمعاویة بن أبی سفیان و كذلك كل من أسر فی الحرب ثم أطلق بفداء أو بغیر فداء فهو طلیق.
و أما قوله و لا الصریح كاللصیق أی الصریح فی الإسلام الذی أسلم
ص: 106
اعتقادا و إخلاصا لیس كاللصیق الذی أسلم خوفا من السیف أو رغبة فی الدنیا انتهی ملخص كلامه.
و الظاهر أن قوله كاللصیق إشارة إلی ما هو المشهور فی نسب معاویة كما سیأتی و قد بسط الكلام فی ذلك فی موضع آخر من هذا الشرح و تجاهل هنا حفظا لناموس معاویة.
و قد ذكر بعض علمائنا فی رسالة فی الإمامة أن أمیة لم یكن من صلب عبد شمس و إنما هو عبد من الروم فاستلحقه عبد شمس و نسبه إلی نفسه و كانت العرب فی الجاهلیة إذا كان لأحدهم عبد و أراد أن ینسبه إلی نفسه أعتقه و زوجه كریمة من العرب فیلحق بنسبه قال و بمثل ذلك نسب الْعَوَّامُ أبو الزبیر إلی خویلد فبنو أمیة قاطبة لیسوا من قریش و إنما لحقوا و لصقوا بهم قال و یصدق ذلك قول أمیر المؤمنین علیه السلام جوابا عن كتابه و ادعائه إنا بنو عبد مناف لیس المهاجر كالطلیق و لا الصریح كاللصیق و لم یستطع معاویة إنكار ذلك انتهی.
و قال فی النهایة المدغل أی المنافق من أدغلت فی هذا الأمر إذا أدخلت فیه ما یفسده و قال هوی یهوی هویا إذا هبط و قال نعشه اللّٰه ینعشه نعشا إذا رفعه.
قوله علیه السلام علی حین قال ابن أبی الحدید قال قوم من النحاة حین هنا مبنی علی الفتح و قال قوم منصوب لإضافته إلی الفعل.
قوله علیه السلام لا تجعلن أی لا تستمر علی تلك الحال و إلا فقد كان للشیطان فیك أوفر نصیب.
و قال ابن أبی الحدید ذكر نصر بن مزاحم فی كتاب صفین (1)أن هذا الكتاب كتبه علی علیه السلام إلی معاویة قبل لیلة الهریر بیومین أو ثلاثة ثم قال فلما أتی معاویة كتاب علی علیه السلام كتمه عمرو بن العاص أیاما ثم
ص: 107
دعاه فأقرأه إیاه فشمت به عمرو و لم یكن أحد من قریش أشد إعظاما لعلی من عمرو بن العاص منذ یوم لقیه و صفح عنه.
«408»-(1)وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی رَوْقٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیُّ فِی نَاسٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الشَّامِ إِلَی مُعَاوِیَةَ قَبْلَ مَسِیرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی صِفِّینَ فَقَالُوا لَهُ یَا مُعَاوِیَةُ عَلَامَ تُقَاتِلُ عَلِیّاً علیه السلام وَ لَیْسَ لَكَ مِثْلُ صُحْبَتِهِ وَ لَا مِثْلُ هِجْرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَا سَابِقَتِهِ فَقَالَ إِنِّی لَا أَدَّعِی أَنَّ لِی فِی الْإِسْلَامِ مِثْلَ صُحْبَتِهِ وَ لَا مِثْلَ هِجْرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَكِنْ خَبِّرُونِی عَنْكُمْ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالُوا بَلَی قَالَ فَلْیَدْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَتَهُ لِنَقْتُلَهُمْ بِهِ وَ لَا قِتَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ قَالُوا فَاكْتُبْ إِلَیْهِ كِتَاباً یَأْتِهِ بِهِ بَعْضُنَا فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ مَعَ أَبِی مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیِّ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَی مُحَمَّداً بِعِلْمِهِ وَ جَعَلَهُ الْأَمِینَ عَلَی وَحْیِهِ وَ الرَّسُولَ إِلَی خَلْقِهِ وَ اجْتَبَی لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَعْوَاناً أَیَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَكَانُوا فِی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمْ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنْصَحُهُمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْخَلِیفَةَ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ خَلِیفَةَ خَلِیفَتِهِ مِنْ بَعْدِ خَلِیفَتِهِ ثُمَّ الثَّالِثَ الْخَلِیفَةَ الْمَظْلُومَ عُثْمَانَ فَكُلَّهُمْ حَسَدْتَ وَ عَلَی كُلِّهِمْ بَغَیْتَ عَرَفْنَا ذَلِكَ فِی نَظَرِكَ الشَّزْرِ وَ قَوْلِكَ الْهَجْرِ فِی تَنَفُّسِكَ الصُّعَدَاءِ وَ فِی إِبْطَائِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ تُقَادُ إِلَی كُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا یُقَادُ الْفَحْلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّی تُبَایِعَ وَ أَنْتَ كَارِهٌ
ص: 108
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِأَعْظَمَ حَسَداً مِنْكَ لِابْنِ عَمِّكَ عُثْمَانَ وَ كَانَ أَحَقَّهُمْ أَنْ لَا تَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ فِی قَرَابَتِهِ وَ صِهْرِهِ فَقَطَعْتَ رَحِمَهُ وَ قَبَّحْتَ مَحَاسِنَهُ وَ أَلَّبْتَ النَّاسَ عَلَیْهِ وَ بَطَنْتَ وَ ظَهَرْتَ حَتَّی ضَرَبْتَ إِلَیْهِ آبَاطَ الْإِبِلِ وَ قَیَّدْتَ إِلَیْهِ الْخَیْلَ الْعِرَابَ وَ حُمِلَ عَلَیْهِ السِّلَاحُ فِی حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُتِلَ مَعَكَ فِی الْمَحَلَّةِ وَ أَنْتَ تَسْمَعُ فِی دَارِهِ الْهَائِعَةَ لَا تَرْدَعُ الظَّنَّ وَ التُّهَمَةَ عَنْ نَفْسِكَ فِیهِ بِقَوْلٍ وَ لَا عَمَلٍ وَ أُقْسِمُ قَسَماً صَادِقاً لَوْ قُمْتَ فِیمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَقَاماً وَاحِداً تُنَهْنِهُ النَّاسَ عَنْهُ مَا عَدَلَ بِكَ مَنْ قِبَلَنَا مِنَ النَّاسِ أَحَداً وَ لَمُحِیَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا كَانُوا یَعْرِفُونَكَ بِهِ مِنَ الْمُجَانَبَةِ لِعُثْمَانَ وَ الْبَغْیِ عَلَیْهِ وَ أُخْرَی أَنْتَ بِهَا عِنْدَ أَنْصَارِ عُثْمَانَ ظَنِینٌ إِیوَاؤُكَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَهُمْ عَضُدُكَ وَ أَنْصَارُكَ وَ یَدُكَ وَ بِطَانَتُكَ وَ قَدْ ذُكِرَ لِی أَنَّكَ تَتَنَصَّلُ مِنْ دَمِهِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً أَمْكِنَّا مِنْ قَتَلَتِهِ لِنَقْتُلَهُمْ بِهِ وَ نَحْنُ مِنْ أَسْرَعِ النَّاسِ إِلَیْكَ وَ إِلَّا فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ إِلَّا السَّیْفُ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَنَطْلُبَنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فِی الْجِبَالِ وَ الرِّمَالِ وَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّی یَقْتُلَهُمُ اللَّهُ أَوْ لتحلفن [لَتَلْحَقَنَ] أَرْوَاحُنَا بِاللَّهِ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِهَذَا الْكِتَابِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ قُمْتَ بِأَمْرٍ وُلِّیتَهُ وَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ لِغَیْرِكَ إِنْ أَعْطَیْتَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مُسْلِماً مُحَرَّماً مَظْلُوماً فَادْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَتَهُ وَ أَنْتَ أَمِیرُنَا فَإِنْ خَالَفَكَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ كَانَتْ أَیْدِینَا لَكَ نَاصِرَةً وَ أَلْسِنَتُنَا لَكَ شَاهِدَةً وَ كُنْتَ ذَا عُذْرٍ وَ حُجَّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام اغْدُ عَلَیَّ غَداً فَخُذْ جَوَابَ كِتَابِكَ فَانْصَرَفَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ غَدٍ لِیَأْخُذَ كِتَابَهُ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ بَلَغَهُمُ الَّذِی جَاءَ فِیهِ فَلَبِسَتِ الشِّیعَةُ أَسْلِحَتَهَا ثُمَّ غَدَوْا فَمَلَئُوا الْمَسْجِدَ فَنَادَوْا كُلُّنَا قَتَلَ عُثْمَانَ وَ أَكْثَرُوا مِنَ النِّدَاءِ بِذَلِكَ وَ أَذِنَ لِأَبِی مُسْلِمٍ فَدَخَلَ فَدَفَعَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام جَوَابَ كِتَابِ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ لَقَدْ رَأَیْتُ قَوْماً مَا لَكَ مَعَهُمْ أَمْرٌ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ بَلَغَ الْقَوْمَ أَنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَیْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَضَجُّوا وَ اجْتَمَعُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَهُمْ
ص: 109
إِلَیْكُمْ طَرْفَةَ عَیْنٍ قَطُّ لَقَدْ ضَرَبْتُ هَذَا الْأَمْرَ أَنْفَهُ وَ عَیْنَهُ فَمَا رَأَیْتُهُ یَنْبَغِی لِی أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَیْكَ وَ لَا إِلَی غَیْرِكَ فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ بِالْكِتَابِ وَ هُوَ یَقُولُ الْآنَ طَابَ الضِّرَابُ وَ كَانَ جَوَابُ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَخَا خَوْلَانَ قَدِمَ عَلَیَّ بِكِتَابٍ مِنْكَ تَذْكُرُ فِیهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَیْهِ مِنَ الْهُدَی وَ الْوَحْیِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی صَدَقَ الْوَعْدَ وَ أَیَّدَهُ بِالنَّصْرِ وَ مَكَّنَ لَهُ فِی الْبِلَادِ وَ أَظْهَرَ عَلَی أَهْلِ الْعَدَاوَةِ وَ الشَّنَآنِ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِینَ وَثَبُوا عَلَیْهِ وَ شَنَفُوا لَهُ وَ أَظْهَرُوا تَكْذِیبَهُ وَ بَارَزُوهُ بِالْعَدَاوَةِ وَ ظَاهَرُوا عَلَی إِخْرَاجِهِ وَ عَلَی إِخْرَاجِ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِهِ وَ أَلَّبُوا عَلَیْهِ الْعَرَبَ وَ جَامَعُوهُمْ عَلَی حَرْبِهِ وَ جَهَدُوا فِی أَمْرِهِ كُلَّ الْجَهْدِ وَ قَلَّبُوا لَهُ الْأُمُورَ حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فَكَانَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَیْهِ تَأْلِیباً وَ تَحْرِیضاً أُسْرَتَهُ وَ الْأَدْنَی فَالْأَدْنَی مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ یَا ابْنَ هِنْدٍ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً وَ لَقَدْ قَدِمْتَ فَأَفْحَشْتَ إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا عَنْ بَلَاءِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِینَا فَكُنْتَ فِی ذَلِكَ كَجَالِبِ التَّمْرِ إِلَی هَجَرَ أَوْ كَدَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَی النِّضَالِ وَ ذَكَرْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی اجْتَبَی لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَعْوَاناً أَیَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَكَانُوا فِی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمْ كَمَا زَعَمْتَ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنْصَحُهُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ الْخَلِیفَةَ الصِّدِّیقَ وَ خَلِیفَةَ الْخَلِیفَةِ الْفَارُوقَ وَ لَعَمْرِی ذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ (1)وَ مَا أَنْتَ وَ الصِّدِّیقَ فَالصِّدِّیقُ مَنْ صَدَّقَ بِحَقِّنَا وَ أَبْطَلَ بَاطِلَ عَدُوِّنَا وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَارُوقَ فَالْفَارُوقُ مَنْ فَرَّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَعْدَائِنَا (2)
ص: 110
وَ ذَكَرْتَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ فِی الْفَضْلِ تَالِیَا فَإِنْ یَكُنْ عُثْمَانُ مُحْسِناً فَسَیَجْزِیهِ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ وَ إِنْ یَكُنْ مُسِیئاً فَسَیَلْقَی رَبّاً غَفُوراً لَا یَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ یَغْفِرَهُ وَ لَعَمْرِی إِنِّی لَأَرْجُو إِذَا أَعْطَی اللَّهُ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ وَ نَصِیحَتِهِمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَنْ یَكُونَ نَصِیبُنَا فِی ذَلِكَ الْأَوْفَرَ إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا دَعَا إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّوْحِیدِ لَهُ كُنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ فِیمَا جَاءَ بِهِ فَلَبِثْنَا أَحْوَالًا كَامِلَةً مُجَرَّمَةً تَامَّةً وَ مَا یَعْبُدُ اللَّهَ فِی رَبْعٍ سَاكِنٍ مِنَ الْعَرَبِ غَیْرُنَا فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِیِّنَا وَ اجْتِیَاحَ أَصْلِنَا وَ هَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الْأَفَاعِیلَ
ص: 111
وَ مَنَعُونَا الْمِیرَةَ وَ أَمْسَكُوا عَنَّا الْعَذْبَ وَ أَحْلَسُونَا الْخَوْفَ وَ جَعَلُوا عَلَیْنَا الْإِرْصَادَ وَ الْعُیُونَ وَ اضْطَرُّونَا إِلَی جَبَلٍ وَعِرٍ وَ أَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ وَ كَتَبُوا عَلَیْنَا بَیْنَهُمْ كِتَاباً لَا یُؤَاكِلُونَنَا وَ لَا یُشَارِبُونَنَا وَ لَا یُنَاكِحُونَنَا وَ لَا یُبَایِعُونَنَا وَ لَا نَأْمَنُ فِیهِمْ حَتَّی نَدْفَعَ إِلَیْهِمْ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقْتُلُوهُ وَ یُمَثِّلُوا بِهِ فَلَمْ نَكُنْ نَأْمَنُ فِیهِمْ إِلَّا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَی مَوْسِمٍ فَعَزَمَ اللَّهُ لَنَا عَلَی مَنْعِهِ وَ الذَّبَّ عَنْ حَوْزَتِهِ وَ الرَّمْیَاءَ مِنْ وَرَاءِ جَمْرَتِهِ (1)وَ الْقِیَامَ بِأَسْیَافِنَا دُونَهُ فِی سَاعَاتِ الْخَوْفِ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَمُؤْمِنُنَا یَرْجُو بِذَلِكَ الثَّوَابَ وَ كَافِرُنَا یُحَامِی بِهِ عَنِ الْأَصْلِ وَ أَمَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَیْشٍ بَعْدُ فَإِنَّهُمْ مِمَّا نَحْنُ فِیهِ أَخْلِیَاءُ فَمِنْهُمُ الْحَلِیفُ الْمَمْنُوعُ وَ مِنْهُمْ ذُو الْعَشِیرَةِ الَّتِی تُدَافِعُ عَنْهُ فَلَا یَبْغِیهِ أَحَدٌ مِثْلَ مَا بَغَانَا بِهِ قَوْمُنَا مِنَ التَّلَفِ فَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ نَجْوَةٍ وَ أَمْنٍ فَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَكُونَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی رَسُولَهُ بِالْهِجْرَةِ وَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِی قِتَالِ الْمُشْرِكِینَ فَكَانَ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَ دُعِیَتْ نَزَالِ أَقَامَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَاسْتَقْدَمُوا فَوَقَی أَصْحَابَهُ بِهِمْ حَدَّ الْأَسِنَّةِ وَ السُّیُوفِ فَقُتِلَ عُبَیْدَةُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ حَمْزَةُ یَوْمَ أُحُدٍ وَ جَعْفَرٌ وَ زَیْدٌ یَوْمَ مُؤْتَةَ وَ أَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِی أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَ مَرَّةٍ إِلَّا أَنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ وَ مَنِیَّتَهُ أُخِّرَتْ وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْإِحْسَانِ إِلَیْهِمْ وَ الْمِنَّةُ عَلَیْهِمْ بِمَا قَدْ أَسْلَفُوا مِنَ الصَّالِحَاتِ فَمَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ وَ لَا رَأَیْتُهُ هُوَ أَنْصَحُ لِلَّهِ فِی طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ لَا أَطْوَعُ لِنَبِیِّهِ فِی طَاعَةِ رَبِّهِ وَ لَا أَصْبَرُ عَلَی اللَّأْوَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ وَ مَوَاطِنَ الْمَكْرُوهِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِینَ سَمَّیْتُ لَكَ وَ فِی الْمُهَاجِرِینَ خَیْرٌ كَثِیرٌ تَعْرِفُهُ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَیْراً بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَ ذَكَرْتَ حَسَدِیَ الْخُلَفَاءَ وَ إِبْطَائِی عَنْهُمْ وَ بَغْیِی عَلَیْهِمْ فَأَمَّا الْبَغْیُ عَلَیْهِمْ فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ
ص: 112
وَ أَمَّا الْإِبْطَاءُ عَنْهُمْ وَ الْكَرَاهِیَةُ لِأَمْرِهِمْ فَلَسْتُ أَعْتَذِرُ إِلَی النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ قُرَیْشٌ مِنَّا أَمِیرٌ وَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ مِنَّا مُحَمَّدٌ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ فَعَرَفَتْ ذَلِكَ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمَتْ لَهُمُ الْوِلَایَةَ وَ السُّلْطَانَ فَإِذَا اسْتَحَقُّوهَا بِمُحَمَّدٍ دُونَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ وَ إِلَّا فَإِنَّ الْأَنْصَارَ أَعْظَمُ الْعَرَبِ فِیهَا نَصِیباً فَلَا أَدْرِی أَصْحَابِی سَلِمُوا مِنْ أَنْ یَكُونُوا حَقِّی أَخَذُوا أَوِ الْأَنْصَارُ ظُلِمُوا بَلْ عَرَفْتَ أَنَّ حَقِّی هُوَ الْمَأْخُوذُ وَ قَدْ تَرَكْتُهُ لَهُمْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ وَ قَطِیعَتِی رَحِمَهُ وَ تَأْلِیبِی عَلَیْهِ فَإِنَّ عُثْمَانَ عَمِلَ مَا قَدْ بَلَغَكَ فَصَنَعَ النَّاسُ بِهِ مَا رَأَیْتَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی قَدْ كُنْتُ فِی عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّی فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنِّی نَظَرْتُ فِی هَذَا الْأَمْرِ وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَیْنَهُ فَلَمْ أَرَ دَفْعَهُمْ إِلَیْكَ وَ لَا إِلَی غَیْرِكَ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ عَنْ غَیِّكَ وَ شِقَاقِكَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِیلٍ یَطْلُبُونَكَ لَا یُكَلِّفُونَكَ أَنْ تَطْلُبَهُمْ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ وَ لَا سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ قَدْ أَتَانِی حِینَ وَلَّی النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَنَا زَعِیمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَی مَنْ خَالَفَ عَلَیْكَ ابْسُطْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَلَمْ أَفْعَلْ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ حَتَّی كُنْتُ أَنَا الَّذِی أَبَیْتُ عَلَیْهِ لِقُرْبِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْكُفْرِ وَ مَخَافَةِ الْفُرْقَةِ بَیْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَأَبُوكَ كَانَ أَعْرَفَ بِحَقِّی مِنْكَ فَإِنْ تَعْرِفْ مِنْ حَقِّی مَا كَانَ أَبُوكَ یَعْرِفُ تُصِبْ رُشْدَكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَسَیُغْنِی اللَّهُ عَنْكَ وَ السَّلَامُ.
توضیح:
وجدت الكتاب و الجواب فی أصل كتاب نصر (1)
ص: 113
و قال فی القاموس شزره و إلیه یشزره نظر منه فی أحد شقیه أو هو نظر فیه إعراض أو نظر الغضبان بمؤخر العین أو النظر عن یمین و شمال.
و قال فی النهایة الخشاش عوید یجعل فی أنف البعیر یشد به الزمام لیكون أسرع لانقیاده و منه حدیث جابر فانقادت معه الشجرة كالبعیر المخشوش هو الذی جعل فی أنفه الخشاش انتهی.
و ضرب آباط الإبل كنایة عن ركوبها و السیر علیها و إیجافها و الهائعة الصوت تفزع منه و تخافه من عدو و نهنهه عن الأمر زجره و تنصل إلیه من الجنایة خرج و تبرأ.
و فی النهایة شنفوا له أی أبغضوه و قال الجوهری ألبت الجیش جمعته و تألبوا تجمعوا و التألیب التحریض و هو الحث علی القتال و قال هجر اسم بلد و فی المثل كمبضع التمر إلی هجر و قال فی بضع أبضعت الشی ء و استبضعته أی جعلته بضاعة و فی المثل كمستبضع تمر إلی هجر و ذلك أن هجر معدن التمر.
قوله علیه السلام أو كداعی مسدده أی كمن یدعو من یعلمه الرمی إلی المناضلة أی المراماة قال الجوهری التسدید التوفیق للسداد و هو الصواب و القصد من القول و العمل إلی أن قال و قد استد الشی ء أی استقام و قال:
أعلمه الرمایة كل یوم***فلما استد ساعده رمانی
و قال حول مجرم و سنة مجرمة أی تامة انتهی و الاجتیاح الاستیصال.
قوله علیه السلام و منعونا المیرة و أمسكوا عنا العذب و فی النهج و منعونا العذب و قال ابن أبی الحدید العذب هنا العیش العذب لا الماء العذب علی أنه قد نقل أنهم منعوا أیام الحصار فی شعب بنی هاشم من الماء العذب.
قوله علیه السلام و أحلسونا الخوف أی ألزموناه و الحلس كساء رقیق
ص: 114
یكون تحت برذعة البعیر و أحلاس البیوت ما یبسط تحت حر الثیاب و لما كان حلس البعیر و حلس البیت ملازما لهما قال و أحلسونا الخوف.
قوله علیه السلام إلی جبل وعر أی غلیظ حزن یصعب الصعود إلیه و هذا مثل ضربه لصعوبة مقامهم و یحتمل الحقیقة لأن الشعب الذی حصروا فیه مضیق بین جبلین.
و فی النهج فعزم اللّٰه لنا عن الذب عن حوزته و الرمی من وراء حرمته مؤمننا یبغی بذلك الأجر قوله علیه السلام فعزم اللّٰه لنا أی وفقنا لذلك و جعلنا عازمین و قیل أراد لنا الإرادة اللازمة منه و اختار لنا أن نذب عن حوزة الإسلام و حوزة الملك بیضته و الذب المنع و الدفع و الحرمة ما لا یحل انتهاكه و الرمی من وراء الحرمة كنایة عن المحافظة و المحاماة.
و الوراء إما بمعنی الأمام أو كنایة عن الحمایة الخفیة أو لأن الوراء مظنة أن یؤتی منه غفلة و الضمیران فی حوزته و حرمته راجعان إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو إلی اللّٰه تعالی فإن حرمته حرمة اللّٰه و رمیا بكسر الراء و المیم المشددة و تشدید الیاء مبالغة فی الرمی قال الجوهری و كانت بینهم رمیا ثم صاروا إلی حجیزی و قال الجمرة كل قبیل انضموا فصاروا یدا واحدة و لم یخالفوا غیرهم فهی جمرة قوله علیه السلام یحامی عن الأصل أی یدافع عن محمد صلی اللّٰه علیه و آله حمیة و محافظة علی النسب.
و فی النهج بعد ذلك و من أسلم من قریش خلو مما نحن فیه بحلف یمنعه أو عشیرة تقوم دونه فهو من القتل بمكان أمن و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا احمر البأس و أحجم الناس قدم أهل بیته فوقی بهم أصحابه حر السیوف و الأسنة فقتل عبیدة بن الحرث یوم بدر و قتل حمزة یوم أحد و قتل جعفر یوم مؤتة و أراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذی أرادوا من الشهادة و لكن آجالهم عجلت و منیته أخرت.
و قال ابن میثم الواو فی قوله و من أسلم للحال أی و الحال أن من أسلم من قریش عدا بنی هاشم و بنی عبد المطلب خالین مما نحن فیه من
ص: 115
البلاء آمنین من الخوف أو القتل فمنهم من كان له حلف و عهد مع المشركین یمنعه و منهم من كان له عشیرة تحفظه.
قوله علیه السلام إذا احمر البأس قال السید الرضی (1)فی النهج هذا كنایة عن اشتداد الأمر و قد قیل فی ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمی الحرب بالنار التی تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها.
و مما یؤید ذلك قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله الآن حمی الوطیس و الوطیس مستوقد النار.
و أحجم الناس أی نكصوا و تأخروا و أراد بقوله من لو شئت ذكرت اسمه نفسه علیه السلام.
أقول: ذكر الرضی رضی اللّٰه عنه هكذا المكتوب بإسقاط كثیر و زاد فی آخره بعض الفقرات من مكتوب آخر سیأتی فی محله و رواه ابن میثم أیضا نحوا مما روینا عن ابن أبی الحدید و وجدناه فی مواضع أخر فجمعنا بین الروایات.
«409»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الدُّنْیَا لِمَا بَعْدَهَا وَ ابْتَلَی فِیهَا أَهْلَهَا لِیَعْلَمَ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ لَسْنَا لِلدُّنْیَا خُلِقْنَا وَ لَا بِالسَّعْیِ فِیهَا أُمِرْنَا وَ إِنَّمَا وُضِعْنَا فِیهَا لِنُبْتَلَی بِهَا وَ قَدِ ابْتَلَانِی بِكَ وَ ابْتَلَاكَ بِی فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَی الْآخَرِ فَعَدَوْتَ عَلَی طَلَبِ الدُّنْیَا بِتَأْوِیلِ الْقُرْآنِ فَطَلَبْتَنِی بِمَا لَمْ تَجْنِ یَدِی وَ لَا لِسَانِی وَ عَصَبْتَهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ الشَّامِ بِی وَ أَلَّبَ عَالِمُكُمْ جَاهِلَكُمْ وَ قَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ فَاتَّقِ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ
ص: 116
وَ نَازِعِ الشَّیْطَانَ قِیَادَكَ وَ اصْرِفْ إِلَی الْآخِرَةِ وَجْهَكَ فَهِیَ طَرِیقُنَا وَ طَرِیقُكَ وَ احْذَرْ أَنْ یُصِیبَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسُّ الْأَصْلَ وَ تَقْطَعُ الدَّابِرَ فَإِنِّی أُولِی بِاللَّهِ أَلِیَّةً غَیْرَ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِی وَ إِیَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِكَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ.
توضیح:
قوله علیه السلام بالسعی فیها أی لها و فی تحصیلها و قیل أی ما أمرنا بالسعی فیها لها و قد ابتلانی بك أی بأن أمرنی بنهیك عن المنكر و الجهاد معك و ابتلاك بی بأن فرض علیك طاعتی فجعل أحدنا أی نفسه علیه السلام و فی الإجمال أنواع البلاغة كما لا یخفی فعدوت علی طلب الدنیا أی وثبت علیها و اختلستها و قیل علی هاهنا متعلقة بمحذوف دل علیه الكلام أی تعدیت و ظلمت مصرا علی طلب الدنیا و تأویل القرآن ما كان یموه به معاویة علی أهل الشام و یقول لهم أنا ولی عثمان و قال تعالی مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً ثم یعدهم الظفر و الدولة علی أهل العراق بقوله تعالی فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً و عصبته أی ألزمتنیه كما تلزم العصابة و قال الفیروزآبادی العصب الشد و ألب عالمكم التألیب التحریض.
و قال ابن میثم أی عالمكم بحالی و قائمكم بجهادی و منازعتی (1)
قوله علیه السلام فی نفسك أی فی أمرها أو بینك و بین اللّٰه.
و القیاد ما یقاد به الدابة و منازعته جذبه و عدم الانقیاد له.
و احذر أن یصیبك اللّٰه منه قال ابن أبی الحدید الضمیر فی منه راجع إلی اللّٰه تعالی و من لابتداء الغایة.
ص: 117
و قال القطب الراوندی أی من البهتان الذی أتیته و من للتعلیل أی من أجله و هو بعید و قال الفیروزآبادی القارعة الشدیدة من شدائد الدهر و هی الداهیة یقال قرعتهم قوارع الدهر.
تمس الأصل قال ابن أبی الحدید أی تقطعه و منه ماء ممسوس أی یقطع الغلة انتهی.
و فیه نظر إذ المس بمعنی القطع لم یذكره أحد من أهل اللغة و أما الماء الممسوس فهو الماء بین العذب و المالح كما ذكره الجوهری أو الذی نالته الأیدی كما ذكره الخلیل فی العین و الفیروزآبادی أو الماء الذی یمس الغلة فیشفیها و كل ما شفی الغلیل و العذب الصافی كما ذكره هو.
و الظاهر أنه من المس بالمعنی المعروف أی احذر داهیة تصیب أصلك كما یقال أصابه داء أو بلاء فیكون أصابه الأصل كنایة عن الاستیصال كالفقرة التالیة و الدابر العقب و النسل و التابع و آخر كل شی ء فإنی أولی أی أحلف و الاسم منه الألیة جوامع الأقدار قال ابن أبی الحدید من إضافة الصفة إلی الموصوف للتأكید و قال باحة الدار وسطها حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا أی بالظفر و النصر.
«410»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْبَاصِرِ مِنْ عِیَانِ الْأُمُورِ فَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلَافِكَ بِادِّعَائِكَ الْأَبَاطِیلَ وَ اقْتِحَامِكَ غُرُورَ الْمَیْنِ وَ الْأَكَاذِیبِ وَ بِانْتِحَالِكَ مَا قَدْ عَلَا عَنْكَ وَ ابْتِزَازِكَ لِمَا اخْتُزِنَ دُونَكَ فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ لَحْمِكَ وَ دَمِكَ مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُكَ وَ مُلِئَ بِهِ صَدْرُكَ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ وَ بَعْدَ الْبَیَانِ إِلَّا اللَّبْسُ فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَ اشْتِمَالَهَا عَلَی لُبْسَتِهَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَ مَا أَغْدَفَتْ جَلَابِیبَهَا
ص: 118
وَ أَغْشَتِ الْأَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا وَ قَدْ أَتَانِی كِتَابٌ مِنْكَ ذُو أَفَانِینَ مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ وَ أَسَاطِیرَ لَمْ یَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ وَ لَا حِلْمٌ أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِی الدَّهَاسِ وَ الْخَابِطِ فِی الدِّیمَاسِ وَ تَرَقَّیْتَ إِلَی مَرْقَبَةٍ بَعِیدَةِ الْمَرَامِ نَازِحَةِ الْأَعْلَامِ یَقْصُرُ دُونَهَا الْأَنُوقُ وَ یُحَاذَی بِهَا الْعَیُّوقُ وَ حَاشَ لِلَّهِ أَنْ تَلِیَ لِلْمُسْلِمِینَ بَعْدِی صَدَراً أَوْ وِرْداً أَوْ أُجْرِیَ لَكَ عَلَی أَحَدٍ مِنْهُمْ عَقْداً أَوْ عَهْداً فَمِنَ الْآنَ فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ وَ انْظُرْ لَهَا فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّی یَنْهَدَ إِلَیْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَیْكَ الْأُمُورُ وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْكَ الْیَوْمَ مَقْبُولٌ وَ السَّلَامُ.
بیان:
قال ابن أبی الحدید هذا الكتاب هو جواب كتاب وصل من معاویة إلیه بعد قتل علی علیه السلام الخوارج و فیه تلویح بما كان یقوله من قبل أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وعدنی بقتال طائفة أخری غیر أصحاب الجمل و صفین و إنه سماهم المارقین فلما واقفهم فی النهروان و قتلهم فی یوم واحد و هم عشرة آلاف فارس أحب أن یذكر معاویة بما كان یقوله من قبل و یعد به أصحابه و خواصه فقال له قد آن لك أی قرب و حان أن تنتفع بما عاینت و شاهدت معاینة من صدق القول الذی كنت أقوله للناس و یبلغك و تستهزئ به و قال یقال قد رأیته لمحا باصرا أی نظرا بتحدیق شدید و مخرجه مخرج رجل لابن و تامر أی ذو لبن و تمر فمعنی باصر أی ذو بصر و عیان الأمور معاینتها أی قرب أن تنتفع بما تعلمه یقینا من استحقاقی للخلافة و براءتی من كل شبهة.
و قال ابن میثم وصف اللمح بالباصر مبالغة فی الإبصار كقولهم لیل ألیل و المدرج المسلك و قال ابن أبی الحدید الأباطیل جمع باطل علی غیر القیاس و إقحامك أی إلقائك نفسك بلا رویة فی غرور المین و هو الكذب و بانتحالك أی ادعائك كذبا ما قد علا عنك أی لم تبلغه و لست أهلا له
ص: 119
و ابتزازك أی استلابك لما اختزن دونك أی منعك اللّٰه منه من إمرة المسلمین و بیت مالهم من قولهم اختزن المال أی أحرزه فرارا أی فعلت ذلك كله فرارا من الحق لما هو ألزم لك یعنی من فرض طاعتی علیك.
قال ابن میثم لأنهما دائما فی التغیر و التبدل بخلاف وجوب الطاعة فإنه أمر لازم انتهی.
و یمكن أن یقال لأنك تفارقهما و لا تفارقه و الظاهر أن ذلك مجاز عن شدة اللزوم مما قد وعاه سمعك أی من النص و كلمة ما فی ما ذا استفهامیة أو نافیة علی لبستها فی بعض النسخ بالضم و فی بعضها بالكسر قال فی النهایة اللبسة بالكسر الهیئة و الحالة و قال ابن أبی الحدید اللبسة بالضم یقال فی الأمر لبسة أی اشتباه و لیس بواضح و یجوز أن یكون اشتمالها مصدرا مضافا إلی معاویة أی اشتمالك إیاها علی اللبسة أی ادراعك إیاها و تقمصك بها علی ما فیها من الإبهام و الاشتباه و یجوز أن یكون مصدرا مضافا إلی ضمیر الشبهة فقط أی احذر الشبهة و احتوائها علی اللبسة التی فیها.
و قال أغدفت المرأة قناعها أی أرسلته علی وجهها و أغشت الأبصار أی جعلتها غشاء و سترا للأبصار و فی بعض النسخ بالعین المهملة و هو سوء البصر باللیل أو العمی فالظلمة مرفوعة بالفاعلیة.
ذو أفانین أی أسالیب مختلفة لا یناسب بعضها بعضا.
ضعفت قواها عن السلم قال ابن میثم أی لیس لها قوة أن یوجب صلحا.
و قال ابن أبی الحدید أی عن الإسلام أی لم تصدر تلك الأفانین المختلفة عن مسلم و كان كتب إلیه أن یفرده بالشام و أن یولیه العهد من بعده و أن لا یكلفه الحضور عنده و قرأ أبو عمرو ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ كَافَّةً و قال لیس المعنی بهذا الصلح بل الإسلام و الإیمان لا غیر.
و قال الأساطیر الأباطیل واحدها أسطورة و إسطارة بالكسر و حوك الكلام صنعته و نظمه و الحلم العقل أو الأناة.
ص: 120
و قال ابن میثم لأن الكتاب كان فیه خشونة و تهور و ذلك ینافی الحلم و ینافی غرضه من الصلح.
و قال الجوهری الدهس و الدهاس مثل اللبث و اللباث المكان السهل اللین لا یبلغ أن یكون رملا و لیس هو بتراب و لا طین و لونه الدهسة.
و قال الدیماس السرب المظلم تحت الأرض و السرب البیت فی الأرض تقول السرب الوحشی فی سربه و الغرض عدم استقامة القول و المرقبة الموضع العالی أی دعوی الخلافة و المرام المقصد و بعده كنایة عن الرفعة و نزوح الأعلام كنایة عن صعوبة الوصول إلیها و فی الصحاح نزحت الدار نزوحا بعدت و قال الأنوق علی فعول طائر و هو الرحمة و فی المثل أغر من بیض الأنوق لأنها تحرزه فلا تكاد یظفر بها لأن أوكارها فی رءوس الجبال و الأماكن البعیدة و هی تحمق مع ذلك انتهی.
قوله علیه السلام و حاش لله أصله حاشا لله أی معاذ اللّٰه و هو فعل ماض علی صیغة المفاعلة مأخوذ من الحشی أی الناحیة و فاعله أن تلی و قال الزجاج حاش لله براءة لله.
و الصدر بالتحریك رجوع الشاربة عن الماء كالورد بالكسر الإشراف علی الماء.
قوله علیه السلام فتدارك نفسك أی تدبر آخر أمرك و قوله علیه السلام حتی أی ینهض قوله علیه السلام أرتجت علیك أی أغلقت.
«411»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابِهِ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی عَلَی التَّرَدُّدِ فِی جَوَابِكَ وَ الِاسْتِمَاعِ إِلَی كِتَابِكَ لَمُوَهِّنٌ رَأْیِی وَ مُخَطِّئٌ فِرَاسَتِی وَ إِنَّكَ إِذْ تُحَاوِلُنِی الْأُمُورَ وَ تُرَاجِعُنِی السُّطُورَ كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ تَكْذِبُهُ أَحْلَامُهُ أَوِ الْمُتَحَیِّرِ الْقَائِمِ بَهَظَهُ مَقَامُهُ (2)لَا یَدْرِی أَ لَهُ مَا یَأْتِی أَمْ عَلَیْهِ
ص: 121
وَ لَسْتَ بِهِ غَیْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِیهٌ وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَوْ لَا بَعْضُ الِاسْتِبْقَاءِ لَوَصَلَتْ إِلَیْكَ مِنِّی نَوَازِعُ تَقْرَعُ الْعَظْمَ وَ تَهْلِسُ اللَّحْمَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ثَبَّطَكَ عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِكَ وَ تَأْذَنَ لِمَقَالِ نَصِیحَتِكَ وَ السَّلَامُ.
بیان:
قوله علیه السلام فإنی علی التردد قال ابن أبی الحدید لیس معناه التوقف بل التردد و التكرار أی أنا لائم نفسی علی أنی أكرر تارة بعد تارة أجوبتك عما تكتبه و أجعلك نظیرا لی أكتب و تجیبنی و تكتب و أجیبك و إنما كان ینبغی أن یكون جواب مثلك السكوت.
قوله علیه السلام لموهن رأیی أی أعده واهنا ضعیفا و الغرض المبالغة فی عدم استحقاقه للجواب و إلا فلم یكن فعله علیه السلام إلا حقا و صوابا.
قوله علیه السلام و إنك إذ تحاولنی الأمور الظاهر من كلام الشارحین أنهما حملا المحاولة علی معنی القصد و الإرادة و حینئذ یحتاج إلی تقدیر حرف الجر.
و یحتمل أن یكون مفاعلة من حال بمعنی حجز و منع أی تمانعنی الأمور و تراجعنی السطور أی بالسطور كالمستثقل النائم قال ابن أبی الحدید أی كالنائم یری أحلاما كاذبة أو كمن قام بین یدی سلطان أو بین قوم عقلاء لیعتذر عن أمر أو لیخطب لأمر فی نفسه قد بهظه مقامه ذلك أی أثقله فهو لا یدری هل ینطق بكلام هو له أم علیه فیتحیر انتهی.
و فی قوله علیه السلام إنه بك شبیه إیذان بأن معاویة أقوی فی ذلك و یقال استبقیت من الشی ء أی تركت بعضه و استبقاه أی استحیاه و یحتمل أن یكون من أبقیت علیه أی رحمته نوازع تقرع العظم قال ابن أبی الحدید روی نوازع جمع نازعة أی جاذبة قالعة و یروی قوارع بالقاف و الراء و یروی تهلس اللحم تلهس بتقدیم اللام فأما تهلس بكسر اللام فالمعنی تذیبه حتی یصیر كبدن به الهلاس و هو السل و أما تلهس فهو بمعنی تلحس
ص: 122
أبدلت الحاء هاء و هو من لحست كذا بلسانی بالكسر ألحسته أی تأتی علی اللحم حتی تلحسه لحسا لأن الشی ء إنما یلحس إذا ذهب و بقی أثره.
و یروی و تنهس بالنون و السین المهملة و النهس و النهش بالمهملة و المعجمة هو أخذ اللحم بمقدم الأسنان.
و أما بعض الاستبقاء الذی أشار إلیه فقال ابن میثم لو لا بعض المصالح لوصلت إلیك منی قوارع و أراد شدائد الحرب.
و قال ابن أبی الحدید الإمامیة تقول إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فوض إلیه أمر نسائه بعد موته و جعل إلیه أن یقطع عصمة أیتهن شاء إذا رأی ذلك و له من الصحابة جماعة یشهدون له بذلك فقد كان قادرا علی أن یقطع عصمة أم حبیبة و یبیح نكاحها للرجال عقوبة لها و لمعاویة فإنها كانت تبغض علیا علیه السلام كما یبغضه أخوها و لو فعل ذلك لانتهس لحمه و قد رووا عن رجالهم أنه تهدد عائشة بضرب من ذلك قال و أما أصحابنا فیقولون قد كان معه من الصحابة قوم كثیرون
سمعوا من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یلعن معاویة بعد إسلامه و یقول إنه منافق كافر و إنه من أهل النار.
و الأخبار فی ذلك مشهورة فلو شاء أن یحمل إلی أهل الشام خطوطهم و شهاداتهم بذلك و أسمعهم قوله مشافهة لفعل و لكن رأی العدول عن ذلك مصلحة لأمر یعلمه هو علیه السلام.
و قال أبو زید البصری إنما أبقی علیه لأنه خاف أن یفعل معاویة كفعله علیه السلام فیقول لعمرو بن العاص و حبیب بن مسلمة و بسر بن أرطاة و أمثالهم ارووا أنتم عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه كان یقول فی علی علیه السلام أمثال ذلك انتهی.
و قال الجوهری ثبطه عن الأمر تثبیطا شغله عنه و قال أذن له إذنا استمع.
«412»-(1)وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ مِنْ كِتَابِ أَبِی الْعَبَّاسِ یَعْقُوبَ بْنِ أَبِی أَحْمَدَ
ص: 123
الصَّیْمَرِیِّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ الْمَطْبُوعُ عَلَی قَلْبِكَ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِكَ الشَّرُّ مِنْ شِیمَتِكَ وَ الْعُتُوُّ مِنْ خَلِیقَتِكَ فَشَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ اصْبِرْ لِلضَّرْبِ فَوَ اللَّهِ لَیَرْجِعَنَّ الْأَمْرُ إِلَی مَا عَلِمْتَ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَخْطَأَكَ مَا تَمَنَّی وَ هَوَی قَلْبُكَ فِیمَا هَوَی فَارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ وَ قِسْ شِبْرَكَ بِفَتْرِكَ تَعْلَمْ أَیْنَ حَالُكَ مِنْ حَالِ مَنْ یَزِنُ الْجِبَالَ حِلْمُهُ وَ یَفْصِلُ بَیْنَ أَهْلِ الشَّكِّ عِلْمُهُ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ الصَّخْرِ یَا ابْنَ اللَّعِینِ یَزِنُ الْجِبَالَ فِیمَا زَعَمْتَ حِلْمُكَ وَ یَفْصِلُ بَیْنَ أَهْلِ الْجَهْلِ عِلْمُكَ وَ أَنْتَ الْجَاهِلُ الْقَلِیلُ الْفِقْهِ الْمُتَفَاوِتُ الْعَقْلِ الشَّارِدُ عَنِ الدِّینِ وَ قُلْتَ فَشَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ اصْبِرْ لِلضَّرْبِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِیمَا تَزْعُمُ وَ یُعِینُكَ عَلَیْهِ ابْنُ النَّابِغَةِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْقِتَالِ وَ ابْرُزْ إِلَیَّ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ حَقّاً قَاتِلُ أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ شَدْخاً یَوْمَ بَدْرٍ وَ ذَلِكَ السَّیْفُ بِیَدِی وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی.
ثم قال الشدخ كسر الشی ء الأجوف یقال شدخت رأسه فانشدخ.
و هؤلاء الثلاثة حنظلة بن أبی سفیان و الولید بن عتبة و أبوه عتبة بن ربیعة فحنظلة أخوه و الولید خاله و عتبة جده و قد قتلوا فی غزاة بدر.
«413»-(1)أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْجَبَ مَا یَأْتِینِی مِنْكَ وَ مَا أَعْلَمَنِی بِمَنْزِلَتِكَ الَّتِی أَنْتَ إِلَیْهَا صَائِرٌ وَ نَحْوَهَا سَائِرٌ وَ لَیْسَ إِبْطَائِی عَنْكَ إِلَّا لِوَقْتٍ أَنَا بِهِ مُصَدِّقٌ وَ أَنْتَ بِهِ مُكَذِّبٌ فَكَأَنِّی أَرَاكَ وَ أَنْتَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ وَ إِخْوَانُكَ یَدْعُونَنِی خَوْفاً مِنَ السَّیْفِ
ص: 124
إِلَی كِتَابٍ هُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَ لَهُ جَاحِدُونَ ثُمَّ قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ.
«414»-(1)قَالَ: وَ كَتَبَ أَیْضاً علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَطَالَ مَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِیَاؤُكَ أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ الْحَقَّ أَسَاطِیرَ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ حَاوَلْتُمْ إِطْفَاءَهُ بِأَفْوَاهِكُمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ لَعَمْرِی لَیُنْفِذَنَّ الْعِلْمَ فِیكَ وَ لَیُتِمَّنَّ النُّورَ بِصِغَرِكَ وَ قَمْأَتِكَ وَ لَتُخْسَأَنَّ طَرِیداً مَدْحُوراً أَوْ قَتِیلًا مَثْبُوراً وَ لَتُجْزَیَنَّ بِعَمَلِكَ حَیْثُ لَا نَاصِرَ لَكَ وَ لَا مصرح [مُصْرِخَ] عِنْدَكَ وَ قَدْ أَسْهَبْتَ فِی ذِكْرِ عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِی مَا قَتَلَهُ غَیْرُكَ وَ لَا خَذَلَهُ سِوَاكَ وَ لَقَدْ تَرَبَّصْتَ بِهِ الدَّوَائِرَ وَ تَمَنَّیْتَ لَهُ الْأَمَانِیَّ طَمَعاً فِیمَا ظَهَرَ مِنْكَ وَ دَلَّ عَلَیْهِ فِعْلُكَ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَلْحَقَكَ بِهِ عَلَی أَعْظَمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ أَكْبَرَ مِنْ خَطِیئَتِهِ فَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَاحِبُ السَّیْفِ وَ إِنَّ قَائِمَهُ لَفِی یَدِی وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ قَتَلْتُ بِهِ مِنْ صَنَادِیدِ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ وَ فَرَاعِنَةِ بَنِی سَهْمٍ وَ جُمَحَ وَ مَخْزُومٍ وَ أَیْتَمْتُ أَبْنَاءَهُمْ وَ أَیَّمْتُ نِسَاءَهُمْ وَ أُذَكِّرُكَ مَا لَسْتَ لَهُ نَاسِیاً یَوْمَ قَتَلْتُ أَخَاكَ حَنْظَلَةَ وَ جَرَرْتُ بِرِجْلِهِ إِلَی الْقَلِیبِ وَ أَسَرْتُ أَخَاكَ عَمْراً فَجَعَلْتُ عُنُقَهُ بَیْنَ سَاقَیْهِ رِبَاطاً وَ طَلَبْتُكَ فَفَرَرْتَ وَ لَكَ حُصَاصٌ فَلَوْ لَا أَنِّی لَا أُتْبِعُ فَارّاً لَجَعَلْتُكَ ثَالِثَهُمَا وَ أَنَا أُولِی لَكَ بِاللَّهِ أَلِیَّةَ بَرَّةٍ غَیْرِ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِی وَ إِیَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَأَتْرُكَنَّكَ مَثَلًا یَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ أَبَداً وَ لَأُجَعْجِعَنَّ بِكَ فِی مَنَاخِكَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ وَ لَئِنْ أَنْسَأَ اللَّهُ فِی أَجَلِی قَلِیلًا لَأُغْزِیَنَّكَ سَرَاةَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَأَنْهَدَنَّ إِلَیْكَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ لَا أَقْبَلُ لَكَ مَعْذِرَةً وَ لَا شَفَاعَةً وَ لَا أُجِیبُكَ
ص: 125
إِلَی طَلَبٍ وَ سُؤَالٍ وَ لَتَرْجِعَنَّ إِلَی تَحَیُّرِكَ وَ تَرَدُّدِكَ وَ تَلَدُّدِكَ فَقَدْ شَاهَدْتَ وَ أَبْصَرْتَ وَ رَأَیْتَ سُحُبَ الْمَوْتِ كَیْفَ هَطَلَتْ عَلَیْكَ بِصَیِّبِهَا حَتَّی اعْتَصَمْتَ بِكِتَابٍ أَنْتَ وَ أَبُوكَ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَ كَذَّبَ بِنُزُولِهِ وَ لَقَدْ كُنْتُ تَفَرَّسْتُهَا وَ آذَنْتُكَ أَنْتَ فَاعِلُهَا وَ قَدْ مَضَی مِنْهَا مَا مَضَی وَ انْقَضَی مِنْ كَیْدِكَ فِیهَا مَا انْقَضَی وَ أَنَا سَائِرٌ نَحْوَكَ عَلَی أَثَرِ هَذَا الْكِتَابِ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَ انْظُرْ لَهَا وَ تَدَارَكْهَا فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ وَ اسْتَمْرَرْتَ عَلَی غَیِّكَ وَ غُلَوَائِكَ حَتَّی یَنْهَدَ إِلَیْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَیْكَ الْأُمُورُ وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ الْیَوْمَ مِنْكَ مَقْبُولٌ یَا ابْنَ حَرْبٍ إِنَّ لَجَاجَكَ فِی مُنَازَعَةِ الْأَمْرِ أَهْلَهُ مِنْ سِفَاهِ الرَّأْیِ فَلَا یَطْمَعَنَّكَ أَهْلُ الضَّلَالِ وَ لَا یُوبِقَنَّكَ سَفَهُ رَأْیِ الْجُهَّالِ فَوَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَئِنْ بَرَقَتْ فِی وَجْهِكَ بَارِقَةٌ مِنْ ذِی الْفَقَارِ لَتَصْعَقَنَّ صَعْقَةً لَا تُفِیقُ مِنْهَا حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّورِ النَّفْخَةَ الَّتِی یَئِسْتَ مِنْهَا كَما یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ.
توضیح:
قال ابن الأثیر فی النهایة فی حدیث أبی هریرة إذا سمع الشیطان الأذان ولی و له حصاص الحصاص شدة العدو و حدته و قیل هو أن یمصع بذنبه و یصر بأذنیه و یعدو و قیل هو الضراط و قال جعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع و هی الأرض الجعجاع أیضا الموضع الضیق الخشن و منه كتاب عبید اللّٰه بن زیاد و جعجع بحسین و أصحابه أی ضیق علیهم المكان.
و قال فی القاموس الجعجاع الأرض عامة و الحرب و مناخ سوء لا یقر فیه صاحبه و الفحل الشدید الرغاء و الجعجعة صوت الرحی و نحر الجزور و أصوات الجمال إذا اجتمعت و بروك البعیر و تبریكه و الحبس و القعود علی غیر طمأنینة و تجعجع ضرب بنفسه الأرض من وجع.
و فی النهایة السری النفیس الشریف و قیل السخی ذو المروءة و الجمع سراة بالفتح علی غیر قیاس و تضم السین.
و فی قوله علیه السلام لأغزینك كأنه علی الحذف و الإیصال و فی
ص: 126
بعض النسخ بالزای من أغزاه إذا حمله علی الغزو.
و فی القاموس الجحفل كجعفر الجیش الكثیر.
قوله علیه السلام فقد شاهدت یدل علی أنه كان الكتاب بعد الرجوع عن صفین عند إرادة العود إلیه و الغلواء بضم الغین و فتح اللام و قد تسكن الغلو و شرة الشباب و أوله.
و قال الجوهری أرتجت الباب أغلقته و أرتج علی القارئ علی ما لم یسم فاعله إذا لم یقدر علی القراءة كأنه أطبق علیه كما یرتج الباب و لا تقل ارتج علیه بالتشدید.
«415»-(1)كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، نُسْخَةُ كِتَابِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْهَوَی یُضِلُّ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ الْحِرْصَ یُتْعِبُ الطَّالِبَ الْمَحْرُومَ وَ أَحْمَدُ الْعَاقِبَتَیْنِ مَا هُدِیَ إِلَی سَبِیلٍ وَ مِنَ الْعَجَبِ الْعَجِیبِ ذَامٌّ مَادِحٌ أَوْ زَاهِدٌ رَاغِبٌ وَ مُتَوَكِّلٌ حَرِیصٌ كَلَاماً ضَرَبْتُهُ لَكَ مَثَلًا لِتَدَبَّرَ حِكْمَتَهُ بِجَمْعِ الْفَهْمِ وَ مُبَایَنَةِ الْهَوَی وَ مُنَاصَحَةِ النَّفْسِ فَلَعَمْرِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ لَوْ لَا الرَّحِمُ الَّتِی عَطَفَتْنِی عَلَیْكَ وَ السَّابِقَةُ الَّتِی سَلَفَتْ لَكَ لَقَدْ كَانَ اخْتَطَفَكَ بَعْضُ عُقْبَانِ أَهْلِ الشَّامِ فَصَعِدَ بِكَ فِی الْهَوَاءِ ثُمَّ قَذَفَكَ عَلَی دَكَادِكِ شَوَامِخِ الْأَبْصَارِ فَأُلْفِیتَ كَسَحِیقِ الْفِهْرِ عَلَی مِسَنِّ الصَّلَابَةِ لَا یَجِدُ الذَّرُّ فِیكَ مُرْتَقًی وَ لَقَدْ عَزَمْتُ عَزْمَةَ مَنْ لَا تَعْطِفُهُ رِقَّةٌ إِنْ لَا تَذَرْ وَ لَا تُبَایِنْ مَا قَرَّبْتَ بِهِ أَمَلَكَ وَ طَالَ لَهُ طَلَبُكَ لَأُورِدَنَّكَ مَوْرِداً تَسْتَمِرُّ مَدَاقُّهُ إِنْ فَسُحَ لَكَ فِی الْحَیَاةِ بَلْ نَظُنُّكَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْهَالِكِینَ وَ بِئْسَ الرَّأْیُ رَأْیٌ یُورِدُ أَهْلَهُ الْمَهَالِكَ وَ یُمَنِّیهِمُ الْعَطَبَ إِلَی حِینَ لَاتَ مَنَاصٍ وَ قَدْ قُذِفَ بِالْحَقِّ عَلَی الْبَاطِلِ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ
ص: 127
كارِهُونَ وَ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ وَ الْمِنَّةُ الظَّاهِرَةُ وَ السَّلَامُ جَوَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ بِتَنْوِیقِ الْمَقَالِ وَ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَ انْتِحَالِ الْأَعْمَالِ تَصِفُ الْحِكْمَةَ وَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَ تَذْكُرُ التَّقْوَی وَ أَنْتَ عَلَی ضِدِّهَا قَدِ اتَّبَعْتَ هَوَاكَ فَحَادَ بِكَ عَنِ الْمَحَجَّةِ وَ لَحِجَ بِكَ عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ فَأَنْتَ تَسْحَبُ أَذْیَالَ لَذَّاتِ الْفِتَنِ وَ تَخْبِطُ فِی زَهْرَةِ الدُّنْیَا كَأَنَّكَ لَسْتَ تُوقِنُ بِأَوْبَةِ الْبَعْثِ وَ لَا بِرَجْعَةِ الْمُنْقَلَبِ قَدْ عَقَدْتَ التَّاجَ وَ لَبِسْتَ الْخَزَّ وَ افْتَرَشْتَ الدِّیبَاجَ سُنَّةً هِرَقْلِیَّةً وَ مُلْكاً فَارِسِیّاً ثُمَّ لَمْ یَقْنَعْكَ ذَلِكَ حَتَّی یَبْلُغُنِی أَنَّكَ تَعْقِدُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِكَ لِغَیْرِكَ فَیَمْلِكُ دُونَكَ وَ تُحَاسِبُ دُونَهُ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَمَا وَرِثَتِ الضَّلَالَةُ عَنْ كَلَالَةٍ وَ إِنَّكَ لَابْنُ مَنْ كَانَ یَبْغِی عَلَی أَهْلِ الدِّینِ وَ یَحْسُدُ الْمُسْلِمِینَ وَ ذَكَرْتَ رَحِماً عَطَفَتْكَ عَلَیَّ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ أَنْ لَوْ نَازَعَكَ هَذَا الْأَمْرَ فِی حَیَاتِكَ مَنْ أَنْتَ تَمْهَدُهُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِكَ لَقَطَعْتَ حَبْلَهُ وَ لَبَتَتَّ أَسْبَابَهُ وَ أَمَّا تَهْدِیدُكَ لِی بِالْمَشَارِبِ الْوَبِیئَةِ وَ الْمَوَارِدِ الْمُهْلِكَةِ فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَبْرِزْ إِلَیَّ صَفْحَتَكَ كَلَّا وَ رَبِّ الْبَیْتِ مَا أَنْتَ أَبِی عُذْرٍ عِنْدَ الْقِتَالِ وَ لَا عِنْدَ مُنَافَحَةِ الْأَبْطَالِ وَ كَأَنِّی بِكَ لَوْ شَهِدْتَ الْحَرْبَ وَ قَدْ قَامَتْ عَلَی سَاقٍ وَ كَشَرَتْ عَنْ مَنْظَرٍ كَرِیهٍ وَ الْأَرْوَاحُ تُخْتَطَفُ اخْتِطَافَ الْبَازِیِّ زَغَبَ الْقَطَا لَصِرْتَ كَالْمُولَهَةِ الْحَیْرَانَةِ تَضْرِبُهَا الْعَبْرَةُ بِالصَّدَمَةِ لَا تَعْرِفُ أَعْلَی الْوَادِی عَنْ أَسْفَلِهِ فَدَعْ عَنْكَ مَا لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّ وَقْعَ الْحُسَامِ غَیْرُ تَشْقِیقِ الْكَلَامِ فَكَمْ عَسْكَرٍ قَدْ شَهِدْتُهُ وَ قَرْنٍ نَازَلْتُهُ وَ رَأَیْتُ اصْطِكَاكَ قُرَیْشٍ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مَنْ هُوَ أَعْلَی مِنْكُمَا لِی تَبَعٌ وَ أَنْتَ الْیَوْمَ تُهَدِّدُنِی
ص: 128
فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنْ لَوْ تُبْدِی الْأَیَّامُ عَنْ صَفْحَتِكَ لَنَشَبَ فِیكَ مِخْلَبُ لَیْثٍ هَصُورٍ لَا یَفُوتُهُ فَرِیسَتُهُ بِالْمُرَاوَغَةِ كَیْفَ وَ أَنَّی لَكَ بِذَلِكَ وَ أَنْتَ قَعِیدَةُ بِنْتِ الْبِكْرِ الْمُخَدَّرَةِ یَفْزَعُهَا صَوْتُ الرَّعْدِ وَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الَّذِی لَا أُهَدَّدُ بِالْقِتَالِ وَ لَا أُخَوَّفُ بِالنَّزَالِ فَإِنْ شِئْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فَابْرُزْ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْجَوَابُ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ جَمَعَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَ فِیهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَرَأَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو قَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ كَمْ رَجُلٍ أَحْسَنَ فِی اللَّهِ قَدْ قُتِلَ بَیْنَكُمَا ابْرُزْ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْطَأَتْ اسْتُكَ الْحُفْرَةَ أَنَا أَبْرُزُ إِلَیْهِ مَعَ عِلْمِی أَنَّهُ مَا بَرَزَ إِلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَتَلَهُ لَا وَ اللَّهِ وَ لَكِنِّی سَأُبْرِزُكَ إِلَیْهِ.
«416»-(1)نُسْخَةُ كِتَابٍ آخَرَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجُنَّهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَی عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِیَ لَنَا مِنْهَا مَا نَرُمُّ بِهِ مَا مَضَی وَ نُصْلِحُ مَا بَقِیَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ الشَّامَ عَلَی أَنْ لَا تَلْزَمَنِی لَكَ طَاعَةٌ فَأَبَیْتَ ذَلِكَ عَلَیَّ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْیَوْمَ إِلَی مَا دَعَوْتُكَ إِلَیْهِ أَمْسِ فَإِنَّكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا مَا أَرْجُو وَ لَا تَخَافُ مِنَ الْفَنَاءِ إِلَّا مَا أَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَجْنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ نَحْنُ جَمِیعاً بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَیْسَ لِبَعْضِنَا فَضْلٌ عَلَی بَعْضٍ یُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِیزٌ وَ لَا یُسْتَرَقُّ بِهِ حُرٌّ جَوَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ
ص: 129
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَ فِی كِتَابِكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجُنَّهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِیَّاكَ نَلْتَمِسُ غَایَةً مِنْهَا لَمْ نَبْلُغْهَا بَعْدُ وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَیَّ الشَّامَ فَإِنِّی لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِیَكَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَسْتَ بِأَمْضَی عَلَی الشَّكِّ مِنِّی عَلَی الْیَقِینِ وَ لَا أَهْلُ الشَّامِ عَلَی الدُّنْیَا بِأَحْرَصَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَیْسَ أُمَیَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ كَأَبِی طَالِبٍ وَ لَا الطَّلِیقُ كَالْمُهَاجِرِ وَ لَا الْمُبْطِلُ كَالْمُحِقِّ وَ فِی أَیْدِینَا فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِی قَتَلْنَا بِهَا الْعَزِیزَ وَ بِعْنَا بِهَا الْحُرَّ وَ السَّلَامُ.
توضیح:
الدكادك جمع الدكداك و هو من الرمل ما التبد منه بالأرض و لم یرتفع و الأبصار كأنه جمع البصر بالضم و هو الجانب و حرف كل شی ء.
قوله كسحیق الفهر أی كالشی ء الذی سحقه الفهر.
و فی القاموس الفهر بالكسر الحجر قد رما یدق به الجوز أو ما یملأ الكف و قال الصلایة مدق الطیب انتهی.
و لعل المراد بمسنها وسطها كمسان الطریق و المسن بالكسر حجر یحد علیه السكین.
و فی القاموس المنوق كمعظم المذلل من الجمال و من النخل الملقح و النواق رائض الأمور و مصلحها و النوقة الحذاقة فی كل شی ء و تنوق فی مطعمه و ملبسه تجود و بالغ و قال لحج السیف كفرح نشب فی الغمد و مكان لحج ككتف ضیق و الملحج الملجأ و لحجه كمنعه ضربه و إلیه لجأ.
فما ورثت الضلالة أی لم تأخذ هذه الضلالة من بعید فی النسب بل أخذت من أبیك.
قال الجوهری الكلالة الذی لا ولد له و والد و العرب تقول لم یرثه
ص: 130
كلالة أی لم یرثه عن عرض بل عن قرب و استحقاق قال الفرزدق:
ورثتم قناة الملك غیر كلالة***عن ابنی مناف عبد شمس و هاشم
و الوبیئة فعیلة من الوباء و هو الطاعون أو المرض العام یقال أرض وبیئة أی كثیرة الوباء و قد یخفف فیشدد ما أنت بأبی عذر أی لابتدائی بالقتال یقال فلان أبو عذرها إذا كان هو الذی افترعها و افتضها و قولهم ما أنت بذی عذر هذا الكلام أی لست بأول من افتضه.
و لا یبعد أن یكون بالغین المعجمة و الدال المهملة قال الجوهری رجل ثبت الغدر أی ثابت فی قتال و كلام و المنافحة المدافعة و المضاربة و قرب كل من القرنین إلی الآخر بحیث یصل إلیه نفحه أی ریحه و نفسه.
و قال الجوهری كشر البعیر عن نابه أی كشف عنه و الكشر التبسم و قال الزغب الشعیرات الصفر علی ریش الفرخ و الفراخ زغب و قال یقال شقق الكلام إذا أخرجه أحسن مخرج و الهصر بالكسر و الهصور الأسد و راغ الرجل و الثعلب روغا و روغانا مال و حاد عن الشی ء و قعیدة الرجل امرأته و الخدر ستر یمد للجاریة فی ناحیة البیت و بالفتح إلزام البنت الخدر كالإخدار و التخدیر و هی مخدورة و مخدرة و مخدرة.
«417»-(1)كَنْزُ الْفَوَائِدِ، كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام افْتِخَاراً فَقَالَ علیه السلام أَ عَلَیَّ یَفْتَخِرُ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ ثُمَّ قَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ اكْتُبْ:
مُحَمَّدٌ النَّبِیُّ أَخِی وَ صِنْوِی***وَ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّی
وَ جَعْفَرٌ الَّذِی یُضْحِی وَ یُمْسِی***یَطِیرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ابْنُ أُمِّی
وَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَكَنِی وَ عِرْسِی***مُسَاطٌ لَحْمُهَا (2)بِدَمِی وَ لَحْمِی
ص: 131
وَ سِبْطَا أَحْمَدَ ابْنَایَ مِنْهَا***فَأَیُّكُمْ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِی
سَبَقْتُكُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ طُرّاً***غُلَاماً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِی
وَ أَوْجَبَ لِی الْوَلَاءَ مَعاً عَلَیْكُمْ***خَلِیلِی یَوْمَ دَوْحِ غَدِیرِ خُمِّی
أَقُولُ ذَكَرَهَا فِی الدِّیوَانِ مَعَ زِیَادَةٍ وَ تَغْیِیرٍ هَكَذَا:
وَ أَوْجَبَ لِی وَلَایَتَهُ عَلَیْكُمْ***رَسُولُ اللَّهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ
وَ أَوْصَانِی النَّبِیُّ عَلَی اخْتِیَارٍ*** لِأُمَّتِهِ رِضًی مِنْكُمْ بِحُكْمِی
أَلَا مَنْ شَاءَ فَلْیُؤْمِنْ بِهَذَا***وَ إِلَّا فَلْیَمُتْ كَمَداً بِغَمٍّ
أَنَا الْبَطَلُ الَّذِی لَمْ تُنْكِرُوهُ*** لِیَوْمِ كَرِیهَةٍ وَ لِیَوْمِ سِلْمِی
بیان:
السكن بالتحریك كل ما سكنت إلیه و العرس بالكسر امرأة الرجل و السوط خلط الشی ء بعضه ببعض و سوطه أی خلطه و الدوح جمع الدوحة و هی الشجرة العظیمة و الكمد بالتحریك الحزن المكتوم.
«418»-(1)ج، الإحتجاج رَوَی أَبُو عُبَیْدَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّ لِی فَضَائِلَ كَثِیرَةً كَانَ أَبِی سَیِّداً فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ صِرْتُ مَلِكاً فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنَا صِهْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَالُ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَاتِبُ الْوَحْیِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ بِالْفَضَائِلِ یَبْغِی عَلَیَّ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ اكْتُبْ إِلَیْهِ یَا غُلَامُ
مُحَمَّدٌ النَّبِیُّ أَخِی وَ صِهْرِی
وَ سَاقَ الْأَبْیَاتَ إِلَی قَوْلِهِ:
سَبَقْتُكُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ طُرّاً***مُقِرّاً بِالنَّبِیِّ فِی بَطْنِ أُمِّی
وَ صَلَّیْتُ الصَّلَاةَ وَ كُنْتُ طِفْلًا***صَغِیراً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِی
ص: 132
وَ سَاقَ الْأَبْیَاتَ إِلَی قَوْلِهِ:
فَوَیْلٌ ثُمَّ وَیْلٌ ثُمَّ وَیْلٌ*** لِمَنْ یَلْقَی الْإِلَهَ غَداً بِظُلْمِی
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اخْفُوا هَذَا الْكِتَابَ لَا یَقْرَؤُهُ أَهْلُ الشَّامِ فَیَمِیلُوا إِلَی ابْنِ أَبِی طَالِبٍ.
«419»-(1)كِتَابُ صِفِّینَ لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ:
أَصْبَحْتَ مِنِّی یَا ابْنَ حَرْبٍ جَاهِلًا***إِنْ لَمْ نُرَامِ مِنْكُمُ الْكَوَاهِلَا
بِالْحَقِّ وَ الْحَقُّ یُزِیلُ الْبَاطِلَا***هَذَا لَكَ الْعَامَ وَ عَاماً قَابِلًا
«420»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ، قَالَ رُوِیَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ اخْتَارَ خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ اصْطَفَی صَفْوَةً مِنْ عِبَادِهِ یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ یَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (3)فَأَمَرَ الْأَمْرَ وَ شَرَعَ الدِّینَ وَ قَسَمَ الْقَسْمَ عَلَی ذَلِكَ وَ هُوَ فَاعِلُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ هُوَ الْخَالِقُ وَ هُوَ الْمُصْطَفِی وَ هُوَ الْمُشَرِّعُ وَ هُوَ الْقَاسِمُ وَ هُوَ الْفَاعِلُ لِمَا یَشَاءَ لَهُ الْخَلْقُ وَ لَهُ الْأَمْرُ وَ لَهُ الْخِیَرَةُ وَ الْمَشِیئَةُ وَ الْإِرَادَةُ وَ الْقُدْرَةُ وَ الْمُلْكُ وَ السُّلْطَانُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ خِیَرَتَهُ وَ صَفْوَتَهُ بِالْهُدَی وَ دِینِ الْحَقِّ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَابَهُ فِیهِ تِبْیَانُ كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْ شَرَائِعِ دِینِهِ فَبَیَّنَهُ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ وَ فِیهِ فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَ قَسَّمَ فِیهِ سِهَاماً أَحَلَّ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ وَ حَرَّمَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ بَیِّنْهَا یَا مُعَاوِیَةُ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ الْحُجَّةَ وَ ضَرَبَ أَمْثَالًا لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ فَأَنَا سَائِلُكَ عَنْهَا أَوْ بَعْضِهَا إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ وَ اتَّخَذَ الْحُجَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ عَلَی الْعَالَمِینَ فَمَا هِیَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ لِمَنْ هِیَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُنَّ حُجَّةٌ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ عَلَی مَنْ
ص: 133
خَالَفَنَا وَ نَازَعَنَا وَ فَارَقَنَا وَ بَغَی عَلَیْنَا وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَ كَانَ جُمْلَةُ تَبْلِیغِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ فِیمَا أَمَرَهُ وَ شَرَعَ وَ فَرَضَ وَ قَسَمَ جُمْلَةُ الدِّینِ یَقُولُ اللَّهُ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ هِیَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ لَیْسَتْ لَكُمْ ثُمَّ نَهَی عَنِ الْمُنَازَعَةِ وَ الْفُرْقَةِ وَ أَمَرَ بِالتَّسْلِیمِ وَ الْجَمَاعَةِ فَكُنْتُمْ أَنْتُمُ الْقَوْمَ الَّذِینَ أَقْرَرْتُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَبَدَا لَكُمْ (1)فَأَخْبَرَكُمُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّداً لَمْ یَكُ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ (2)وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ فَأَنْتَ وَ شُرَكَاؤُكَ یَا مُعَاوِیَةُ الْقَوْمُ الَّذِینَ انْقَلَبُوا عَلَی أَعْقَابِهِمْ وَ ارْتَدُّوا وَ نَقَضُوا الْأَمْرَ وَ الْعَهْدَ فِیمَا عَاهَدُوا اللَّهَ وَ نَكَثُوا الْبَیْعَةَ وَ لَمْ یَضُرُّوا اللَّهَ شَیْئاً أَ لَمْ تَعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنَّا لَیْسَتْ مِنْكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أُولِی الْأَمْرِ هُمُ الْمُسْتَنْبِطُو الْعِلْمِ (3)وَ أَخْبَرَكُمْ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ یُرَدُّ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ الْمُسْتَنْبِطِی الْعِلْمِ فَمَنْ أَوْفَی بِمَا عَاهَدَ اللَّهُ عَلَیْهِ یَجِدِ اللَّهَ مُوفِیاً بِعَهْدِهِ یَقُولُ اللَّهُ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً وَ قَالَ لِلنَّاسِ بَعْدَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ فَتَبَوَّأْ مَقْعَدَكَ مِنْ جَهَنَّمَ وَ كَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ الْمَحْسُودُونَ وَ أَنْتَ الْحَاسِدُ لَنَا
ص: 134
خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَةَ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَ اصْطَفَاهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَحَسَدَهُ الشَّیْطَانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ وَ نُوحاً حَسَدَهُ قَوْمُهُ إِذْ قَالُوا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یُرِیدُ أَنْ یَتَفَضَّلَ عَلَیْكُمْ ذَلِكَ حَسَدٌ مِنْهُمْ لِنُوحٍ أَنْ یُقِرُّوا لَهُ بِالْفَضْلِ وَ هُوَ بَشَرٌ وَ مِنْ بَعْدِهِ حَسَدُوا هُوداً إِذْ یَقُولُ قَوْمُهُ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ قَالُوا ذَلِكَ حَسَداً أَنْ یُفَضِّلَ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ ابْنُ آدَمَ قَابِیلُ قَتَلَ هَابِیلَ حَسَداً فَكَانَ مِنَ الْخَاسِرِینَ وَ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ طَالُوتَ مَلِكاً حَسَدُوهُ وَ قالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا (1)وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ كُلَّ ذَلِكَ نَقُصُّ عَلَیْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَ عِنْدَنَا تَفْسِیرُهُ وَ عِنْدَنَا تَأْوِیلُهُ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری وَ نَعْرِفُ فِیكُمْ شِبْهَهُ وَ أَمْثَالَهُ وَ ما تُغْنِی الْآیاتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا یُؤْمِنُونَ فَكَانَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (2)حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (3)حَسَداً مِنَ الْقَوْمِ عَلَی تَفْضِیلِ بَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ أَلَا وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ آلُ إِبْرَاهِیمَ الْمَحْسُودُونَ حُسِدْنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلِنَا سُنَّةً وَ مَثَلًا وَ قَالَ اللَّهُ وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ لُوطٍ وَ آلَ عِمْرانَ وَ آلِ یَعْقُوبَ وَ
ص: 135
آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ وَ آلَ داوُدَ (1)فَنَحْنُ آلُ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَمْ تَعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ نَحْنُ أُولُو الْأَرْحَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَنَا اللَّهُ وَ اصْطَفَانَا وَ جَعَلَ النُّبُوَّةَ فِینَا وَ الْكِتَابَ لَنَا وَ الْحِكْمَةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْإِیمَانَ وَ بَیْتَ اللَّهِ وَ مَسْكَنَ إِسْمَاعِیلَ وَ مَقَامَ إِبْرَاهِیمَ فَالْمُلْكُ لَنَا وَیْلَكَ یَا مُعَاوِیَةُ
ص: 136
وَ نَحْنُ أَوْلَی بِإِبْرَاهِیمَ وَ نَحْنُ آلُهُ وَ آلُ عِمْرَانَ وَ أَوْلَی بِعِمْرَانَ وَ آلُ لُوطٍ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِلُوطٍ وَ آلُ یَعْقُوبَ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِیَعْقُوبَ وَ آلُ مُوسَی وَ آلُ هَارُونَ وَ آلُ دَاوُدَ وَ أَوْلَی بِهِمْ وَ آلُ مُحَمَّدٍ أَوْلَی بِهِ وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً (1)وَ لِكُلِّ نَبِیٍّ دَعْوَةٌ فِی خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ أَهْلِهِ وَ لِكُلِّ نَبِیٍّ وَصِیَّةٌ فِی آلِهِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ أَوْصَی بابنه [ابْنَهُ] یَعْقُوبَ وَ یَعْقُوبَ أَوْصَی بَنِیهِ إِذْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً أَوْصَی إِلَی آلِهِ سُنَّةَ إِبْرَاهِیمَ وَ النَّبِیِّینَ اقْتِدَاءً بِهِمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ لَیْسَ لَكَ مِنْهُمْ وَ لَا مِنْهُ سُنَّةٌ فِی النَّبِیِّینَ وَ فِی هَذِهِ الذُّرِّیَّةِ الَّتِی بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ (2)وَ هُمَا یَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَیْتِ رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ فَنَحْنُ الْأُمَّةُ الْمُسْلِمَةُ وَ قَالا رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِكَ فَنَحْنُ أَهْلُ هَذِهِ الدَّعْوَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُنَا أَوْلَی بِبَعْضٍ فِی الْوَلَایَةِ وَ الْمِیرَاثِ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (3)وَ عَلَیْنَا نَزَلَ الْكِتَابُ وَ فِینَا بُعِثَ الرَّسُولُ وَ عَلَیْنَا تُلِیَتِ الْآیَاتُ وَ نَحْنُ الْمُنْتَحِلُونَ لِلْكِتَابِ وَ الشُّهَدَاءُ عَلَیْهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَیْهِ وَ الْقُوَّامُ بِهِ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَهُ یُؤْمِنُونَ (4)أَ فَغَیْرَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ تَبْغِی رَبّاً أَمْ غَیْرَ كِتَابِهِ كِتَاباً أَمْ غَیْرَ الْكَعْبَةِ بَیْتِ اللَّهِ وَ مَسْكَنِ إِسْمَاعِیلَ وَ مَقَامِ أَبِینَا إِبْرَاهِیمَ تَبْغِی قِبْلَةً أَمْ غَیْرَ مِلَّتِهِ تَبْغِی
ص: 137
دِیناً أَمْ غَیْرَ اللَّهِ تَبْغِی مَلِكاً: فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِینَا فَقَدْ أَبْدَیْتَ عَدَاوَتَكَ لَنَا وَ حَسَدَكَ وَ بُغْضَكَ وَ نَقْضَكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ تَحْرِیفَكَ آیَاتِ اللَّهِ وَ تَبْدِیلَكَ قَوْلَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ أَ فَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّتِهِ وَ قَدِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِینَ أَمْ غَیْرَ الْحُكْمِ تَبْغِی حُكْماً أَمْ غَیْرَ الْمُسْتَحْفَظِ مِنَّا تَبْغِی إِمَاماً الْإِمَامَةُ لِإِبْرَاهِیمَ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ تَبَعٌ لَهُمْ لَا یَرْغَبُونَ عَنْ مِلَّتِهِ قَالَ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی أَدْعُوكَ یَا مُعَاوِیَةُ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ كِتَابِهِ وَ وَلِیِّ أَمْرِهِ الْحَكِیمِ مِنْ آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِلَی الَّذِی أَقْرَرْتَ بِهِ زَعَمْتَ إِلَی اللَّهِ وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا (1)وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ (2)وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ فَنَحْنُ الْأُمَّةُ الْأَرْبَی فَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ (3)اتَّبِعْنَا وَ اقْتَدِ بِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ عَلَی الْعَالَمِینَ مُفْتَرَضٌ فَإِنَّ الْأَفْئِدَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ تَهْوِی إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ (4)فَهَلْ
ص: 138
تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَیْنَا (1)وَ اقْتَدَیْنَا وَ اتَّبَعْنَا مِلَّةَ إِبْرَاهِیمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَدِ انْتَهَی إِلَیَّ كِتَابُكَ فَأَكْثَرْتَ فِیهِ ذِكْرَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ آدَمَ وَ نُوحٍ وَ النَّبِیِّینَ وَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ قَرَابَتَكُمْ مِنْهُ وَ مَنْزِلَتَكُمْ وَ حَقَّكَ وَ لَمْ تَرْضَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ مُحَمَّدٍ حَتَّی انْتَسَبْتَ إِلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ أَلَا وَ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولًا مِنَ الرُّسُلِ إِلَی النَّاسِ كَافَّةً فَبَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ لَا یَمْلِكُ شَیْئاً غَیْرَهُ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ قَدْ خِفْتُ عَلَیْكَ أَنْ تُضَارِعَهُمْ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِی كِتَابِهِ أَنَّهُ لَمْ یَكُ یَتَّخِذُ وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَرِیكٌ فِی الْمُلْكِ وَ لَا وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ فَأَخْبِرْنَا مَا فَضْلُ قَرَابَتِكَ وَ مَا فَضْلُ حَقِّكَ وَ أَیْنَ وَجَدْتَ اسْمَكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ مُلْكَكَ وَ إِمَامَتَكَ وَ فَضْلَكَ أَلَا وَ إِنَّمَا نَقْتَدِی بِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَ الْخُلَفَاءِ الَّذِینَ اقْتَدَیْتَ بِهِمْ فَكُنْتَ كَمَنِ اخْتَارَ وَ رَضِیَ وَ لَسْنَا مِنْكُمْ قُتِلَ خَلِیفَتُنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَنَحْنُ أَوْلَی بِعُثْمَانَ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ أَنْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَلَی رِضًی مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَعَلْتُمُوهُ خَلِیفَةً وَ سَمِعْتُمْ لَهُ وَ أَطَعْتُمْ فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا الَّذِی عَیَّرْتَنِی بِهِ یَا مُعَاوِیَةُ مِنْ كِتَابِی وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ آبَائِی إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ النَّبِیِّینَ فَإِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ آبَاءَهُ أَكْثَرَ ذِكْرَهُمْ فَذِكْرُهُمْ حُبُّ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنَا أُعَیِّرُكَ بِبُغْضِهِمْ فَإِنَّ بُغْضَهُمْ بُغْضُ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أُعَیِّرُكَ بِحُبِّكَ آبَاءَكَ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِمْ فَإِنَّ حُبَّهُمْ كُفْرٌ
ص: 139
وَ أَمَّا الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ نَسَبِی مِنْ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ قَرَابَتِی مِنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَضْلِی وَ حَقِّی وَ مُلْكِی وَ إِمَامَتِی فَإِنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُنْكِراً لِذَلِكَ لَمْ یُؤْمِنْ بِهِ قَلْبُكَ أَلَا وَ إِنَّا أَهْلَ الْبَیْتَ كَذَلِكَ لَا یُحِبُّنَا كَافِرٌ وَ لَا یُبْغِضُنَا مُؤْمِنٌ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَأَنْكَرْتَ أَنْ تَكُونَ فِینَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِهِ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ إِمَامَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا وَ لَمْ یَكُنْ إِمَاماً فَإِنَّ إِنْكَارَكَ عَلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ الْأَئِمَّةِ وَ لَكِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا نَبِیّاً إِمَاماً صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِسَانُكَ دَلِیلٌ عَلَی مَا فِی قَلْبِكَ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ یُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَیْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ أَلَا وَ قَدْ عَرَفْنَاكَ قَبْلَ الْیَوْمِ وَ عَدَاوَتَكَ وَ حَسَدَكَ وَ مَا فِی قَلْبِكَ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِی أَخْرَجَهُ اللَّهُ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ قَرَابَتِی وَ حَقِّی فَإِنَّ سَهْمَنَا وَ حَقَّنَا فِی كِتَابِ اللَّهِ قِسْمَةٌ لَنَا مَعَ نَبِیِّنَا فَقَالَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ قَالَ فَآتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَ لَیْسَ وَجَدْتَ سَهْمَنَا مَعَ سَهْمِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ سَهْمَكَ مَعَ الْأَبْعَدِینَ لَا سَهْمَ لَكَ إِنْ فَارَقْتَهُ فَقَدْ أَثْبَتَ اللَّهُ سَهْمَنَا وَ أَسْقَطَ سَهْمَكَ بِفِرَاقِكَ وَ أَنْكَرْتَ إِمَامَتِی وَ مُلْكِی فَهَلْ تَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ قَوْلَهُ لِآلِ إِبْرَاهِیمَ وَ اصْطَفَاهُمْ عَلَی الْعَالَمِینَ فَهُوَ فَضَّلَنَا عَلَی الْعَالَمِینَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَسْتَ مِنَ الْعَالَمِینَ أَوْ تَزْعُمُ أَنَّا لَسْنَا مِنْ آلِ إِبْرَاهِیمَ فَإِنْ أَنْكَرْتَ ذَلِكَ لَنَا فَقَدْ أَنْكَرْتَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُفَرِّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ إِبْرَاهِیمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَافْعَلْ.
ص: 140
بیان:
قوله علیه السلام جملة الدین كان یحتمل الجیم و الحاء المهملة فعلی الأول لعله بدل أو عطف بیان أو تأكید لقوله جملة تبلیغه و قوله یقول اللّٰه بتأویل المصدر خبر و یمكن أن یقرأ بقول اللّٰه بالباء الموحدة و علی الثانی جملة الدین خبر.
قوله علیه السلام إن أولی الأمر إشارة إلی قوله سبحانه وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ قوله علیه السلام دعوة المرء المسلم لعل المراد به إبراهیم علیه السلام حیث قال رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ و إنما عبر هكذا للإشارة إلی أن قائله أحد الذین مر ذكرهما حیث قالا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ الآیة.
قوله علیه السلام و اصطفاهم إشارة إلی قوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ
«421»-(1)كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، مِنْ عَیْنِهِ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْهُ قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَیْضاً عُمَرُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ وَ زَعَمَ أَبُو هُرَیْرَةَ الْعَبْدِیُّ أَنَّهُ سَمِعَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ دَعَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ نَحْنُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِصِفِّینَ وَ دَعَا أَبَا هُرَیْرَةَ فَقَالَ لَهُمَا انْطَلِقَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقْرِئَاهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ قُولَا لَهُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ وَ أَحَقُّ بِهَا مِنِّی لِأَنَّكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ أَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ وَ لَیْسَ لِی مِثْلُ سَابِقَتِكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِلْمِكَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ وَ لَقَدْ بَایَعَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بَعْدَ مَا تَشَاوَرُوا قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ ثُمَ
ص: 141
أَتَوْكَ فَبَایَعُوكَ طَائِعِینَ غَیْرَ مُكْرَهِینَ وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَكَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتَكَ ظُلْماً وَ طَلَبَا مَا لَیْسَ لَهُمَا وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَعْتَذِرُ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ وَ تَتَبَرَّأُ مِنْ دَمِهِ وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ قُتِلَ وَ أَنْتَ قَاعِدٌ فِی بَیْتِكَ وَ أَنَّكَ قَدْ قُلْتَ حِینَ قُتِلَ اللَّهُمَّ لَمْ أَرْضَ وَ لَمْ أُمَالِئْ وَ قُلْتَ لَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ حِینَ نَادَوْا یَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ قُلْتَ كُبَّتْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ الْیَوْمَ لِوَجْهِهِمْ إِلَی النَّارِ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ هُمَا وَ صَاحِبَتُهُمَا وَ أَمَرُوا بِقَتْلِهِ وَ أَنَا قَاعِدٌ فِی بَیْتِی وَ أَنَا ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَ الْمُطَالِبُ بِدَمِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ فَأَمْكِنَّا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ ادْفَعْهُمْ إِلَیْنَا نَقْتُلْهُمْ بِابْنِ عَمِّنَا وَ نُبَایِعْكَ وَ نُسَلِّمْ إِلَیْكَ الْأَمْرَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَقَدْ أَنْبَأَتْنِی عُیُونِی وَ أَتَتْنِی الْكُتُبُ عَنْ أَوْلِیَاءِ عُثْمَانَ مِمَّنْ هُوَ مَعَكَ یُقَاتِلُ وَ تَحْسَبُ أَنَّهُ عَلَی رَأْیِكَ وَ رَاضٍ بِأَمْرِكَ وَ هَوَاهُ مَعَنَا وَ قَلْبُهُ عِنْدَنَا وَ جَسَدُهُ مَعَكَ و أَنَّكَ تُظْهِرُ وَلَایَةَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ تَتَرَحَّمُ عَلَیْهِمَا وَ تَكُفُّ عَنْ عُثْمَانَ وَ لَا تَذْكُرُهُ وَ لَا تَتَرَحَّمُ عَلَیْهِ وَ لَا تَلْعَنُهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ لَا تَسُبُّهُ وَ لَا تَتَبَرَّأُ مِنْهُ وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ إِذَا خَلَوْتَ بِبِطَانَتِكَ الْخَبِیثَةِ وَ شِیعَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ الضَّالَّةِ الْمُغِیرَةِ الْكَاذِبَةِ تَبَرَّأْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ لَعَنْتَهُمْ وَ ادَّعَیْتَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ فِی أُمَّتِهِ وَ خَلِیفَتُهُ فِیهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّ اسْمُهُ فَرَضَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ طَاعَتَكَ وَ أَمَرَ بِوَلَایَتِكَ فِی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ أَمَرَ مُحَمَّداً أَنْ یَقُومَ بِذَلِكَ فِی أُمَّتِهِ وَ أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَیْهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فَجَمَعَ قُرَیْشاً وَ الْأَنْصَارَ وَ بَنِی أُمَیَّةَ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَجَمَعَ أُمَّتَهُ بِغَدِیرِ خُمٍّ فَبَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ فِیكَ عَنِ اللَّهِ وَ أَمَرَ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّكَ أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ لَا تَخْطُبُ خُطْبَةً إِلَّا قُلْتَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَنْ مِنْبَرِكَ وَ اللَّهِ إِنِّی
ص: 142
لَأَوْلَی بِالنَّاسِ وَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِی عَنْكَ حَقّاً فَلَظُلْمُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِیَّاكَ أَعْظَمُ مِنْ ظُلْمِ عُثْمَانَ لِأَنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقُولُ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَ نَحْنُ شُهُودٌ فَانْطَلَقَ عُمَرُ وَ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ وَ مَا اسْتَأْمَرَكَ وَ لَا شَاوَرَكَ وَ لَقَدْ خَاصَمَ الرَّجُلَانِ الْأَنْصَارَ بِحَقِّكَ وَ حُجَّتِكَ وَ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَوْ سَلَّمَا لَكَ الْأَمْرَ وَ بَایَعَاكَ كَانَ عُثْمَانُ أَسْرَعَ النَّاسِ إِلَی ذَلِكَ لِقَرَابَتِكَ مِنْهُ وَ حَقِّكَ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّكَ وَ ابْنُ عَمَّتِكَ ثُمَّ عَمَدَ أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّهَا إِلَی عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ مَا شَاوَرَكَ وَ لَا اسْتَأْمَرَكَ حِینَ اسْتَخْلَفَهُ وَ بَایَعَ لَهُ ثُمَّ جَعَلَكَ عُمَرُ فِی الشُّورَی بَیْنَ سِتَّةٍ مِنْكُمْ وَ أَخْرَجَ مِنْهَا جَمِیعَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ غَیْرَهُمْ فَوَلَّیْتُمُ ابْنَ عَوْفٍ أَمْرَكُمْ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ حِینَ رَأَیْتُمُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا وَ اخْتَرَطُوا سُیُوفَهُمْ وَ حَلَفُوا بِاللَّهِ لَئِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ لَمْ تَخْتَارُوا أَحَدَكُمْ لَنَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ وَ لَنُنْفِذُ فِیكُمْ أَمْرَ عُمَرَ وَ وَصِیَّتَهُ فَوَلَّیْتُمْ أَمْرَكُمْ ابْنَ عَوْفٍ فَبَایَعَ عُثْمَانَ وَ بَایَعْتُمُوهُ ثُمَّ حُصِرَ عُثْمَانُ فَاسْتَنْصَرَكُمْ فَلَمْ تَنْصُرُوهُ وَ دَعَاكُمْ فَلَمْ تُجِیبُوهُ وَ بَیْعَتُهُ فِی أَعْنَاقِكُمْ وَ أَنْتُمْ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ حُضُورٌ شُهُودٌ فَخَلَّیْتُمْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَهْلِ مِصْرَ فَخَلَّیْتُمْ حَتَّی قَتَلُوهُ وَ أَعَانَهُمْ طَوَائِفُ مِنْكُمْ عَلَی قَتْلِهِ وَ خَذَلَهُ عَامَّتُكُمْ فَصِرْتُمْ فِی أَمْرِهِ بَیْنَ قَاتِلٍ وَ آمِرٍ وَ خَاذِلٍ ثُمَّ بَایَعَكَ النَّاسُ وَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مِنِّی فَأَمْكِنِّی مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ حَتَّی أَقْتُلَهُمْ وَ أُسَلِّمَ الْأَمْرَ لَكَ وَ أُبَایِعَكَ أَنَا وَ جَمِیعُ مَنْ قِبَلِی مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَ مُعَاوِیَةَ وَ بَلَّغَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ رِسَالَتَهُ وَ مَقَالَتَهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَبِی الدَّرْدَاءِ قَدْ أَبْلَغْتُمَانِی مَا أَرْسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِیَةُ فَاسْمَعَا مِنِّی ثُمَّ أَبْلِغَاهُ عَنِّی وَ قُولَا لَهُ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ لَا یَعْدُو أَنْ یَكُونَ أَحَدَ رَجُلَیْنِ إِمَّا إِمَامَ هُدًی حَرَامَ
ص: 143
الدَّمِ وَاجِبَ النُّصْرَةِ لَا تَحِلُّ مَعْصِیَتُهُ وَ لَا یَسَعُ الْأُمَّةَ خِذْلَانُهُ أَوْ إِمَامَ ضَلَالَةٍ حَلَالَ الدَّمِ لَا تَحِلُّ وَلَایَتُهُ وَ لَا نُصْرَتُهُ فَلَا یَخْلُو مِنْ إِحْدَی الْخَصْلَتَیْنِ وَ الْوَاجِبُ فِی حُكْمِ اللَّهِ وَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ بَعْدَ مَا یَمُوتُ إِمَامُهُمْ أَوْ یُقْتَلُ ضَالًّا كَانَ أَوْ مُهْتَدِیاً مَظْلُوماً كَانَ أَوْ ظَالِماً حَلَالَ الدَّمِ أَوْ حَرَامَ الدَّمِ أَنْ لَا یَعْمَلُوا عَمَلًا وَ لَا یُحْدِثُوا حَدَثاً وَ لَا یُقَدِّمُوا یَداً وَ لَا رِجْلًا وَ لَا یَبْدَءُوا بِشَیْ ءٍ قَبْلَ أَنْ یَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ إِمَاماً یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ عَفِیفاً عَالِماً وَرِعاً عَارِفاً بِالْقَضَاءِ وَ السُّنَّةِ یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ وَ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ وَ یَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ وَ یَحْفَظُ أَطْرَافَهُمْ وَ یَجْبِی فَیْئَهُمْ وَ یُقِیمُ حِجَّتَهُمْ وَ جُمْعَتَهُمْ وَ یَجْبِی صَدَقَاتِهِمْ ثُمَّ یَحْتَكِمُونَ إِلَیْهِ فِی إِمَامِهِمُ الْمَقْتُولِ ظُلْماً لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَإِنْ كَانَ إِمَامُهُمْ قُتِلَ مَظْلُوماً حَكَمَ لِأَوْلِیَائِهِ بِدَمِهِ وَ إِنْ كَانَ قُتِلَ ظَالِماً أُنْظِرَ كَیْفَ كَانَ الْحُكْمُ فِی هَذَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِینَ أَنْ یَفْعَلُوهُ أَنْ یَخْتَارُوا إِمَاماً یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ إِنْ كَانَتِ الْخِیَرَةُ لَهُمْ وَ یُتَابِعُوهُ وَ یُطِیعُوهُ وَ إِنْ كَانَتِ الْخِیَرَةُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُمُ النَّظَرَ فِی ذَلِكَ وَ الِاخْتِیَارَ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ رَضِیَ لَهُمْ إِمَاماً وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِهِ وَ قَدْ بَایَعَنِی النَّاسُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ وَ بَایَعَنِی الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بَعْدَ مَا تَشَاوَرُوا بِی ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ هُمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ عَقَدُوا إِمَامَتَهُمْ وَلِیَ بِذَلِكَ أَهْلُ بَدْرٍ وَ السَّابِقَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ غَیْرَ أَنَّهُمْ بَایَعُوهُمْ قَبْلُ عَلَی غَیْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ وَ إِنَّ بَیْعَتِی كَانَتْ بِمَشُورَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ فَإِنْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ جَعَلَ الِاخْتِیَارَ إِلَی الْأُمَّةِ وَ هُمُ الَّذِینَ یَخْتَارُونَ وَ یَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَ اخْتِیَارُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرُهُمْ لَهَا خَیْرٌ لَهُمْ مِنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لَهُمْ وَ كَانَ مَنِ اخْتَارُوهُ وَ بَایَعُوهُ بَیْعَتُهُ بَیْعَةُ هُدًی وَ كَانَ إِمَاماً وَاجِباً عَلَی النَّاسِ طَاعَتُهُ وَ نُصْرَتُهُ فَقَدْ تَشَاوَرُوا فِیَّ وَ اخْتَارُونِی بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ وَ إِنْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ هُوَ الَّذِی یَخْتَارُ وَ لَهُ الْخِیَرَةُ فَقَدِ اخْتَارَنِی لِلْأُمَّةِ وَ اسْتَخْلَفَنِی عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِی وَ نُصْرَتِی فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَلِكَ أَقْوَی بِحُجَّتِی وَ أَوْجَبُ بِحَقِّی
ص: 144
وَ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ عَلَی عَهْدِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ أَ كَانَ لِمُعَاوِیَةَ قِتَالُهُمَا وَ الْخُرُوجُ عَلَیْهِمَا لِلطَّلَبِ قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَكَذَلِكَ أَنَا فَإِنْ قَالَ مُعَاوِیَةُ نَعَمْ فَقُولَا لَهُ إِذاً یَجُوزَ لِكُلِّ مَنْ ظُلِمَ بِمَظْلِمَةٍ أَوْ قُتِلَ لَهُ قتیلا [قَتِیلٌ] أَنْ یَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ یُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ وَ یَدْعُوَ إِلَی نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ وُلْدَ عُثْمَانَ أَوْلَی بِطَلَبِ دَمِ أَبِیهِمْ مِنْ مُعَاوِیَةَ قَالَ فَسَكَتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ قَالا قَدْ أَنْصَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَعَمْرِی لَقَدْ أَنْصَفَنِی مُعَاوِیَةُ إِنْ تَمَّ عَلَیَّ قَوْلُهُ وَ صَدَقَ مَا أَعْطَانِی فَهَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ رِجَالٌ قَدْ أَدْرَكُوا لَیْسُوا بِأَطْفَالٍ وَ لَا مُوَلَّی عَلَیْهِمْ فَلْیَأْتُوا أَجْمَعْ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ قَتَلَةِ أَبِیهِمْ فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ حُجَّتِهِمْ فَلْیَشْهَدُوا لِمُعَاوِیَةَ بِأَنَّهُ وَلِیُّهُمْ وَ وَكِیلُهُمْ فِی خُصُومَتِهِمْ وَ لْیَقْعُدُوا هُمْ وَ خُصَمَاؤُهُمْ بَیْنَ یَدَیَّ مَقْعَدَ الْخُصُومِ إِلَی الْإِمَامِ وَ الْوَالِی الَّذِینَ یُقِرُّونَ بِحُكْمِهِ وَ یُنْفِذُونَ قَضَاءَهُ فَأَنْظُرُ فِی حُجَّتِهِمْ وَ حُجَّةِ خُصَمَائِهِمْ فَإِنْ كَانَ أَبُوهُمْ قُتِلَ ظَالِماً وَ كَانَ حَلَالَ الدَّمِ أَبْطَلْتُ دَمَهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَهْدَرْتُ دَمَهُ وَ إِنْ كَانَ أَبُوهُمْ قُتِلَ مَظْلُوماً حَرَامَ الدَّمِ أَقَدْتُهُمْ مِنْ قَاتِلِ أَبِیهِمْ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَ إِنْ شَاءُوا عَفَوْا وَ إِنْ شَاءُوا قَبِلُوا الدِّیَةَ وَ هَؤُلَاءِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فِی عَسْكَرِی یُقِرُّونَ بِقَتْلِهِ وَ یَرْضَوْنَ بِحُكْمِی عَلَیْهِمْ فَلْیَأْتِنِی وُلْدُ عُثْمَانَ وَ مُعَاوِیَةُ إِنْ كَانَ وَلِیَّهُمْ وَ وَكِیلَهُمْ فَلْیُخَاصِمُوا قَتَلَتَهُ وَ لْیُحَاكِمُوهُمْ حَتَّی أَحْكُمَ بَیْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ كَانَ مُعَاوِیَةُ إِنَّمَا یَتَجَنَّی وَ یَطْلُبُ الْأَعَالِیلَ وَ الْأَبَاطِیلَ فَلْیَتَجَنَّ مَا بَدَا لَهُ فَسَوْفَ یُعِینُ اللَّهُ عَلَیْهِ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ قَدْ وَ اللَّهِ أَنْصَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ وَ زِدْتَ عَلَی النَّصَفَةِ وَ أَزَحْتَ عِلَّتَهُ وَ قَطَعْتَ حُجَّتَهُ وَ جِئْتَ بِحُجَّةٍ قَوِیَّةٍ صَادِقَةٍ مَا عَلَیْهَا لَوْنٌ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَإِذَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِینَ أَلْفَ رَجُلٍ مُقَنَّعِینَ فِی الْحَدِیدِ فَقَالُوا نَحْنُ قَتَلَةُ عُثْمَانَ مُقِرُّونَ رَاضُونَ بِحُكْمِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَیْنَا وَ لَنَا فَلْیَأْتِنَا أَوْلِیَاءُ عُثْمَانَ فَلْیُحَاكِمُونَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی دَمِ أَبِیهِمْ وَ إِنْ وَجَبَ عَلَیْنَا الْقَوَدُ أَوِ الدِّیَةُ اصْطَبَرْنَا لِحُكْمِهِ وَ سَلَّمْنَا فَقَالا قَدْ
ص: 145
أَنْصَفْتُمْ وَ لَا یَحِلُّ لِعَلِیٍّ علیه السلام دَفْعُكُمْ وَ لَا قَتْلُكُمْ حَتَّی یُحَاكِمُوكُمْ إِلَیْهِ فَیَحْكُمَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ أَصْحَابِكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْطَلَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ حَتَّی قَدِمَا عَلَی مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا قَالَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَ مَا قَالَ أَبُو النُّعْمَانِ بْنُ صمان (1)فَقَالَ مُعَاوِیَةُ فَمَا رَدَّ عَلَیْكُمَا فِی تَرَحُّمِهِ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ كَفِّهِ عَنِ التَّرَحُّمِ عَلَی عُثْمَانَ وَ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ فِی السِّرِّ وَ مَا یَدَّعِی مِنِ اسْتِخْلَافِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاهُ وَ أَنَّهُ لَمْ یَزَلْ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالا بَلَی قَدْ تَرَحَّمَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عِنْدَنَا وَ نَحْنُ نَسْمَعُ ثُمَّ قَالَ لَنَا فَمَا یَقُولُ إِنْ كَانَ اللَّهُ جَعَلَ الْخِیَارَ إِلَی الْأُمَّةِ فَكَانُوا هُمُ الَّذِینَ یَخْتَارُونَ وَ یَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَ كَانَ اخْتِیَارُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرُهُمْ لَهَا خَیْراً لَهُمْ وَ أَرْشَدَ مِنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ وَ اخْتِیَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدِ اخْتَارُونِی وَ بَایَعُونِی فَبَیْعَتِی بَیْعَةُ هُدًی وَ أَنَا إِمَامٌ وَاجِبٌ عَلَی النَّاسِ نُصْرَتِی لِأَنَّهُمْ قَدْ تَشَاوَرُوا فِیَّ وَ اخْتَارُونِی وَ إِنْ كَانَ اخْتِیَارُ اللَّهِ وَ اخْتِیَارُ رَسُولِهِ خَیْراً لَهُمْ وَ أَرْشَدَ مِنِ اخْتِیَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرِهِمْ لَهَا فَقَدِ اخْتَارَنِی اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لِلْأُمَّةِ وَ اسْتَخْلَفَانِی عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَاهُمْ بِنُصْرَتِی وَ طَاعَتِی فِی كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ الْمُرْسَلِ وَ ذَلِكَ أَقْوَی بِحُجَّتِی وَ أَوْجَبُ لِحَقِّی ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِی عَسْكَرِهِ وَ جَمَعَ النَّاسَ وَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ النَّوَاحِی وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارَ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ مَنَاقِبِی أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَی وَ بَعْدَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنِّی سَأُنَبِّئُكُمْ عَنْ خِصَالٍ سَبْعَةٍ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ أَكْتَفِی بِهَا مِنْ جَمِیعِ مَنَاقِبِی وَ فَضْلِی أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ فِی كِتَابِهِ النَّاطِقِ السَّابِقَ إِلَی الْإِسْلَامِ فِی غَیْرِ آیَةٍ مِنْ كِتَابِهِ عَلَی الْمَسْبُوقِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَسْبِقْنِی إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ
ص: 146
قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِی الْأَنْبِیَاءِ وَ أَوْصِیَائِهِمْ وَ أَنَا أَفْضَلُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ وَصِیِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَفْضَلُ الْأَوْصِیَاءِ فَقَامَ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِینَ بَدْرِیّاً جُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ بَقِیَّتُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ مِنْهُمْ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ فِی الْمُهَاجِرِینَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ذَلِكَ قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ فِی قَوْلِ اللَّهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ قَوْلِهِ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ الْآیَةَ (1)ثُمَّ قَالَ وَ لَمْ یَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِینَ وَلِیجَةً (2)فَقَالَ النَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ خَاصٌّ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِینَ أَمْ عَامٌّ لِجَمِیعِهِمْ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ أَنْ یُعَلِّمَهُمْ وَ أَنْ یُفَسِّرَ لَهُمْ مِنَ الْوَلَایَةِ مَا فَسَّرَ لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَ صِیَامِهِمْ وَ زَكَاتِهِمْ وَ حَجِّهِمْ فَنَصَبَنِی لِلنَّاسِ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِی بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صَدْرِی وَ ظَنَنْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِی بِهَا فَأَوْعَدَنِی لَأُبَلِّغَنَّهَا أَوْ یُعَذِّبَنِی قُمْ یَا عَلِیُّ ثُمَّ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ یُنَادِیَ بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَصَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ مَوْلَایَ وَ أَنَا مَوْلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَا أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ
ص: 147
مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ فَقَامَ إِلَیْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَاؤُهُ فِیمَا ذَا فَقَالَ وَلَاؤُهُ كَوَلَایَتِی مَنْ كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِیناً فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَاتُ فِی عَلِیٍّ خَاصَّةً فَقَالَ فِیهِ وَ فِی أَوْصِیَائِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیِّنْهُمْ لَنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَصِیِّی وَ صِنْوِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی وَ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ وُلْدِهِ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ علیهما السلام ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ وَ هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ لَا یُفَارِقُونَهُ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْبَدْرِیِّینَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا قُلْتَ سَوَاءً لَمْ تَزِدْ حَرْفاً وَ لَمْ تَنْقُصْ حَرْفاً وَ قَالَ بَقِیَّةُ السَّبْعِینَ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ وَ لَمْ نَحْفَظْهُ كُلَّهُ وَ هَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ خِیَارُنَا وَ أَفْضَلُنَا فَقَالَ صَدَقْتُمْ لَیْسَ كُلُّ النَّاسِ یَحْفَظُ بَعْضُهُمْ أَحْفَظُ مِنْ بَعْضٍ فَقَامَ مِنَ الِاثْنَیْ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ عَمَّارٌ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَفِظْنَا أَنَّهُ قَالَ یَوْمَئِذٍ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِمٌ إِلَی جَانِبِهِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَنْصِبَ لَكُمْ إِمَاماً یَكُونُ وَصِیِّی فِیكُمْ وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ فِی أَهْلِ بَیْتِی مِنْ بَعْدِی وَ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ طَاعَتَهُ وَ أَمَرَكُمْ فِیهِ بِوَلَایَتِهِ فَرَاجَعْتُ رَبِّی خَشْیَةَ طَعْنِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ تَكْذِیبِهِمْ فَأَوْعَدَنِی لَأُبَلِّغُهَا أَوْ لَیُعَذِّبَنِّی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ فِی كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ وَ قَدْ بَیَّنْتُهَا لَكُمْ وَ سَنَنْتُهَا وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ فَبَیَّنْتُهَا وَ فَسَّرْتُهَا لَكُمْ وَ أَمَرَكُمْ فِی كِتَابِهِ بِالْوَلَایَةِ وَ إِنِّی أُشْهِدُكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ الْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِی وَ وُلْدِ أَخِی وَ وَصِیِّی عَلِیٌّ أَوَّلُهُمْ ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام
ص: 148
لَا یُفَارِقُونَ الْكِتَابَ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ مَفْزَعَكُمْ وَ إِمَامَكُمْ بَعْدِی وَ دَلِیلَكُمْ وَ هَادِیَكُمْ وَ هُوَ أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ فِیكُمْ بِمَنْزِلَتِی فَقَلِّدُوهُ دِینَكُمْ وَ أَطِیعُوهُ فِی جَمِیعِ أُمُورِكُمْ فَإِنَّ عِنْدَهُ جَمِیعَ مَا عَلَّمَنِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَرَنِی اللَّهُ أَنْ أُعَلِّمَهُ إِیَّاكُمْ وَ أُعَلِّمَكُمْ أَنَّهُ عِنْدَهُ فَاسْأَلُوهُ وَ تَعَلَّمُوا مِنْهُ وَ مِنْ أَوْصِیَائِهِ بَعْدَهُ وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ وَ لَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَ لَا تَتَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُمْ لَا یُزَایِلُونَهُ وَ لَا یُزَایِلُهُمْ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَبِی الدَّرْدَاءِ وَ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ مَنْ حَوْلَهُ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْزَلَ فِی كِتَابِهِ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فَجَمَعَنِی رَسُولُ [اللَّهِ] صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ فِی كِسَاءٍ وَ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ [أَحِبَّتِی وَ عِتْرَتِی وَ حَامَّتِی وَ أَهْلُ بَیْتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ أَنَا فَقَالَ إِنَّكِ إِلَی خَیْرٍ وَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِیَّ وَ فِی أَخِی عَلِیٍّ وَ ابْنَتِی فَاطِمَةَ وَ ابْنَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ خَاصَّةً لَیْسَ مَعَنَا غَیْرُنَا وَ فِی تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ مِنْ بَعْدِی فَقَامَ كُلُّهُمْ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنَا بِذَلِكَ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَدَّثَنَا بِهِ كَمَا حَدَّثَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْزَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ عَامَّةٌ أَمْ خَاصَّةٌ فَقَالَ أَمَّا الْمَأْمُورُونَ فَعَامَّةٌ لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُؤْمِنِینَ أُمِرُوا بِذَلِكَ وَ أَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةٌ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ أَوْصِیَائِی مِنْ بَعْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ خَلَّفْتَنِی فَقَالَ إِنَّ الْمَدِینَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِی أَوْ بِكَ وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی
ص: 149
فَقَامَ رِجَالٌ مِمَّنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِی سُورَةِ الْحَجِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ (1)فَقَامَ سَلْمَانُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ أَنْتَ عَلَیْهِمْ شَهِیدٌ وَ هُمْ شُهَدَاءُ عَلَی النَّاسِ الَّذِینَ اجْتَبَاهُمُ اللَّهُ وَ مَا جَعَلَ عَلَیْهِمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِیهِمْ إِبْرَاهِیمَ قَالَ عَنَی بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً أَنَا وَ أَخِی وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ خَطِیباً وَ لَمْ یَخْطُبْ بَعْدَهَا وَ قَالَ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَمْرَیْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَإِنَّهُ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ أَنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ شَهِدْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَالَ حَسْبِیَ اللَّهُ فَقَامَ الِاثْنَا عَشَرَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ خَطَبَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شِبْهَ الْمُغْضَبِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ كُلُّ أَهْلِ بَیْتِكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَوْصِیَائِی مِنْهُمْ عَلِیٌّ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی هَذَا أَوَّلُهُمْ وَ آخِرُهُمْ ثُمَّ وَصِیِّی ابْنِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی الْحَسَنِ ثُمَّ وَصِیُّهُ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی الْحُسَیْنِ ثُمَّ وَصِیِّی ابْنِی وَ سَمِیُّ أَخِی ثُمَّ وَصِیُّهُ سَمِیِّی ثُمَّ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ شُهَدَاءَ لِلَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ حُجَجَهُ عَلَی خَلْقِهِ مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ عَصَی اللَّهَ فَقَامَ السَّبْعُونَ الْبَدْرِیُّونَ وَ نَحْوُهُمْ مِنَ الْآخَرِینَ فَقَالُوا أَدْرَكْنَا وَ مَا كُنَّا نَسِینَا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
ص: 150
فَلَمْ یَدَعْ علیه السلام شَیْئاً إِلَّا نَاشَدَهُمْ فِیهِ حَتَّی أَتَی عَلَی آخِرِ مَنَاقِبِهِ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ كُلَّ ذَلِكَ یُصَدِّقُونَهُ وَ یَشْهَدُونَ أَنَّهُ حَقٌّ فَلَمَّا حَدَّثَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ مُعَاوِیَةَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَ بِمَا رَدَّ عَلَیْهِ النَّاسُ وَجَمَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ یَا أَبَا هُرَیْرَةَ لَئِنْ كَانَ مَا تُحَدِّثَانِّی عَنْهُ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ غَیْرَهُ وَ غَیْرَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ شِیعَتِهِ ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ وَ ادَّعَیْتَ وَ اسْتَشْهَدْتَ عَلَیْهِ أَصْحَابَكَ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ جَمِیعُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ غَیْرَكَ وَ غَیْرَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ شِیعَتِكَ وَ قَدْ بَلَغَنِی تَرَحُّمُكَ عَلَیْهِمْ وَ اسْتِغْفَارُكَ لَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَعَلَی وَجْهَیْنِ مَا لَهَا ثَالِثٌ إِمَّا تَقِیَّةٌ إِنْ أَنْتَ تَبَرَّأْتَ مِنْهُمْ خِفْتَ أَنْ یَتَفَرَّقَ عَنْكَ أَهْلُ عَسْكَرِكَ الَّذِینَ تُقَاتِلُنِی بِهِمْ وَ إِنْ كَانَ الَّذِی ادَّعَیْتَ بَاطِلًا وَ كَذِباً فَقَدْ جَاءَنِی بَعْضُ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ خَاصَّتِكَ بِأَنَّكَ تَقُولُ لِشِیعَتِكَ وَ بِطَانَتِكَ بِطَانَةِ السَّوْءِ إِنِّی قَدْ سَمَّیْتُ ثَلَاثَةً مِنْ بَنِیَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فَإِذَا سَمِعْتُمُونِی أَتَرَحَّمُ عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ فَإِنَّمَا أَعْنِی بِذَلِكَ بَنِیَّ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَلَی صِدْقِ مَا أَتَوْنِی بِهِ وَ رَقَّوْهُ إِلَیَّ أَنْ قَدْ رَأَیْنَاكَ بِأَعْیُنِنَا فَلَا نَحْتَاجُ أَنْ نَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ غَیْرَنَا وَ إِلَّا فَلِمَ حَمَلْتَ امْرَأَتَكَ فَاطِمَةَ عَلَی حِمَارٍ وَ أَخَذْتَ بِیَدِ ابْنَیْكَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِذْ بُویِعَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَدَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ السَّابِقَةِ إِلَّا وَ قَدْ دَعَوْتَهُمْ وَ اسْتَنْفَرْتَهُمْ عَلَیْهِ فَلَمْ تَجِدْ مِنْهُمْ إِنْسَاناً غَیْرَ أَرْبَعَةٍ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ لَعَمْرِی لَوْ كُنْتَ مُحِقّاً لَأَجَابُوكَ وَ سَاعَدُوكَ وَ نَصَرُوكَ وَ لَكِنِ ادَّعَیْتَ بَاطِلًا وَ مَا لَا یُقِرُّونَ بِهِ وَ سَمِعَتْكَ أُذُنَایَ وَ أَنْتَ تَقُولُ لِأَبِی سُفْیَانَ حِینَ قَالَ لَكَ غَلَبَكَ عَلَیْهِ أَذَلُّ أَحْیَاءِ قُرَیْشٍ تَیْمٌ وَ عَدِیٌّ وَ دَعَاكَ إِلَی أَنْ یَنْصُرَكَ فَقُلْتَ لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَاناً أَرْبَعِینَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ السَّابِقَةِ لَنَاهَضْتُ الرَّجُلَ فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ غَیْرَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ بَایَعْتُ مُكْرَهاً قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ فَكَثُرَ مَا یُعْجِبُنِی مِمَّا خَطَّتْ فِیهِ یَدُكَ وَ أَطْنَبْتَ
ص: 151
فِیهِ مِنْ كَلَامِكَ وَ مِنَ الْبَلَاءِ الْعَظِیمِ وَ الْخَطْبِ الْجَلِیلِ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ یَكُونَ مِثْلُكَ یَتَكَلَّمُ أَوْ یَنْظُرُ فِی عَامَّةِ أَمْرِهِمْ أَوْ خَاصَّتِهِ وَ أَنْتَ مَنْ تَعْلَمُ وَ ابْنُ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ وَ أَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ وَ ابْنُ مَنْ تَعْلَمُ وَ سَأُجِیبُكَ فِیمَا قَدْ كَتَبْتَ بِجَوَابٍ لَا أَظُنُّكَ تَعْقِلُهُ أَنْتَ وَ لَا وَزِیرُكَ ابْنُ النَّابِغَةِ عَمْرٌو الْمُوَافِقُ لَكَ كَمَا وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِی أَمَرَكَ بِهَذَا الْكِتَابِ وَ زَیَّنَهُ لَكَ أَوْ حَضَرَكُمَا فِیهِ إِبْلِیسُ وَ مَرَدَةُ أَصْحَابِهِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ مَرَدَةُ أَبَالِسَتِهِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ كَانَ خَبَّرَنِی أَنَّهُ رَأَی عَلَی مِنْبَرِهِ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا أَئِمَّةَ ضَلَالَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ یَصْعَدُونَ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَنْزِلُونَ عَلَی صُورَةِ الْقُرُودِ یَرُدُّونَ أُمَّتَهُ عَلَی أَدْبَارِهِمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِیمِ اللَّهُمَّ وَ قَدْ خَبَّرَنِی بِأَسْمَائِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا وَ كَمْ یَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ رَجُلَیْنِ مِنْ حَیَّیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ عَلَیْهِمَا مِثْلُ أَوْزَارِ الْأُمَّةِ جَمِیعاً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِثْلُ جَمِیعِ عَذَابِهِمْ فَلَیْسَ دَمٌ یُهَرَاقُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ لَا فَرْجٌ یُغْشَی وَ لَا حُكْمٌ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا كَانَ عَلَیْهِمَا وِزْرُهُ (1)وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ بَنِی أَبِی الْعَاصِ إِذَا بَلَغُوا ثَلَاثِینَ رَجُلًا جَعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللَّهِ دُوَلًا (2)وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَخِی إِنَّكَ لَسْتَ كَمِثْلِی إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَصْدَعَ بِالْحَقِّ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یَعْصِمُنِی
ص: 152
مِنَ النَّاسِ فَأَمَرَنِی أَنْ أُجَاهِدَ وَ لَوْ بِنَفْسِی فَقَالَ فَقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ قَالَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْقِتالِ (1)وَ قَدْ مَكَثْتُ بِمَكَّةَ مَا مَكَثْتُ لَمْ أُومَرْ بِقِتَالٍ ثُمَّ أَمَرَنِی بِالْقِتَالِ لِأَنَّهُ لَا یُعْرَفُ الدِّینُ إِلَّا بِی وَ لَا الشَّرَائِعُ وَ لَا السُّنَنُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْحُدُودُ وَ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ وَ إِنَّ النَّاسَ یَدَعُونَ بَعْدِی مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ مَا أَمَرَهُمْ فِیكَ مِنْ وَلَایَتِكَ وَ مَا أَظْهَرْتُ مِنْ مَحَبَّتِكَ مُتَعَمِّدِینَ غَیْرَ جَاهِلِینَ مُخَالِفَةً لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ فَإِنْ وَجَدْتَ أَعْوَاناً عَلَیْهِمْ فَجَاهِدْهُمْ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ فَإِنَّكَ إِنْ نَابَذْتَهُمْ قَتَلُوكَ وَ إِنْ تَابَعُوكَ وَ أَطَاعُوكَ فَاحْمِلْهُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ إِلَّا فَادْعُ النَّاسَ فَإِنِ اسْتَجَابُوا لَكَ وَ وَازَرُوكَ فَنَابِذْهُمْ وَ جَاهِدْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ دَعَوْتَهُمْ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَكَ فَلَا تَدَعَنَّ عَنْ أَنْ تَجْعَلَ الْحُجَّةَ عَلَیْهِمْ إِنَّكَ یَا أَخِی لَسْتَ مِثْلِی إِنِّی قَدْ أَقَمْتُ حُجَّتَكَ وَ أَظْهَرْتُ لَهُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ وَ إِنَّهُ لَمْ یُعْلَمْ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ حَقِّی وَ طَاعَتِی وَاجِبَانِ حَتَّی أَظْهَرْتُ ذَلِكَ وَ أَمَّا أَنْتَ فَإِنِّی كُنْتُ قَدْ أَظْهَرْتُ حُجَّتَكَ وَ قُمْتُ بِأَمْرِكَ فَإِنْ سَكَتَّ عَنْهُمْ لَمْ تَأْثَمْ غَیْرَ أَنَّهُ أُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَهُمْ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَكَ وَ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْكَ وَ تَظَاهَرَتْ عَلَیْكَ ظَلَمَةُ قُرَیْشٍ فَدَعْهُمْ فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ إِنْ نَاهَضْتَ الْقَوْمَ وَ نَابَذْتَهُمْ وَ جَاهَدْتَهُمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ مَعَكَ فِئَةٌ تَقْوَی بِهِمْ أَنْ یَقْتُلُوكَ وَ التَّقِیَّةُ مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ لَا دِینَ لِمَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ قَضَی الِاخْتِلَافَ وَ الْفُرْقَةَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی وَ لَمْ یَخْتَلِفْ اثْنَانِ مِنْهَا وَ لَا مِنْ خَلْقِهِ وَ لَمْ یُتَنَازَعْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَمْ یَجْحَدِ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ لَوْ شَاءَ عَجَّلَ مِنْهُ النَّقِمَةَ وَ كَانَ مِنْهُ التَّغْیِیرُ حِینَ یُكَذِّبُ الظَّالِمُ وَ یَعْلَمُ الْحَقَّ أَیْنَ مَصِیرُهُ وَ اللَّهُ جَعَلَ الدُّنْیَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی فَقُلْتُ شُكْراً لِلَّهِ عَلَی نَعْمَائِهِ وَ صَبْراً عَلَی بَلَائِهِ وَ تَسْلِیماً وَ رِضًی بِقَضَائِهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَخِی أَبْشِرْ فَإِنَّ حَیَاتَكَ وَ مَوْتَكَ مَعِی (2)وَ أَنْتَ أَخِی وَ أَنْتَ
ص: 153
وَصِیِّی وَ أَنْتَ وَزِیرِی وَ أَنْتَ وَارِثِی وَ أَنْتَ تُقَاتِلُ عَلَی سُنَّتِی وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ أَهْلُهُ وَ تَظَاهَرُوا عَلَیْهِ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَیْشٍ إِیَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْكَ فَإِنَّهَا ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ قَوْمٍ لَهُمْ أَحْقَادُ بَدْرٍ وَ تُرَاثُ أُحُدٍ وَ إِنَّ مُوسَی أَمَرَ هَارُونَ حِینَ اسْتَخْلَفَهُ فِی قَوْمِهِ إِنْ ضَلُّوا فَوَجَدَ أَعْوَاناً أَنْ یُجَاهِدَهُمْ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً أَنْ یَكُفَّ یَدَهُ وَ یَحْقُنَ دَمَهُ وَ لَا یُفَرِّقَ بَیْنَهُمْ فَافْعَلْ أَنْتَ كَذَلِكَ إِنْ وَجَدْتَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً فَجَاهِدْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ فَإِنَّكَ إِنْ نَابَذْتَهُمْ قَتَلُوكَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُفَّ یَدَكَ وَ تَحْقُنْ دَمَكَ إِذَنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً تَخَوَّفْتُ عَلَیْكَ أَنْ یَرْجِعَ النَّاسُ إِلَی عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَ الْجُحُودِ بِأَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَاسْتَظْهِرْ بِالْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ وَ دَعْهُمْ لِیَهْلِكَ النَّاصِبُونَ لَكَ وَ الْبَاغُونَ عَلَیْكَ وَ یَسْلَمَ الْعَامَّةُ وَ الْخَاصَّةُ فَإِذَا وَجَدْتَ یَوْماً أَعْوَاناً عَلَی إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ فَقَاتِلْ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتَ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَإِنَّمَا یَهْلِكُ مِنَ الْأُمَّةِ مَنْ نَصَبَ لَكَ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِیَائِكَ وَ عَادَی وَ جَحَدَ وَ دَانَ بِخِلَافِ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَةُ لَوْ تَرَحَّمْتُ عَلَیْكَ وَ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ كَانَ تَرَحُّمِی عَلَیْكُمْ وَ اسْتِغْفَارِی لَكُمْ لَعْنَةً عَلَیْكُمْ وَ عَذَاباً وَ مَا أَنْتَ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ بِأَعْظَمَ جُرْماً وَ لَا أَصْغَرَ ذَنْباً وَ لَا أَهْوَنَ بِدْعَةً وَ ضَلَالَةً مِنَ الذین [اللَّذَیْنِ] أَسَّسَا لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ الَّذِی تَطْلُبُ بِدَمِهِ وَ وَطَّئَا لَكُمَا ظُلْمَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ حَمَلَاكُمْ عَلَی رِقَابِنَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلًا أُولئِكَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ یَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیراً أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَنَحْنُ النَّاسُ وَ نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ آتَیْنا
ص: 154
آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَالْمُلْكُ الْعَظِیمُ أَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ أَئِمَّةً مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ عَصَی اللَّهَ وَ الْكِتَابُ وَ الْحِكْمَةُ و النُّبُوَّةُ فَلِمَ یُقِرُّونَ بِذَلِكَ فِی آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ یُنْكِرُونَهُ فِی آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُعَاوِیَةُ فَإِنْ تَكْفُرْ بِهَا أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ وَ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ طَغَامِ أَهْلِ الشَّامِ وَ الْیَمَنِ وَ الْأَعْرَابِ أَعْرَابِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ جُفَاةِ الْأُمَّةِ فَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِها قَوْماً لَیْسُوا بِها بِكافِرِینَ (1)یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَ نُورٌ وَ هُدًی وَ رَحْمَةٌ وَ شِفَاءٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ فِی آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ عَمًی (2)یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَدَعْ صِنْفاً مِنْ أَصْنَافِ الضَّلَالَةِ وَ الدُّعَاةِ إِلَی النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ رَدَّ عَلَیْهِمْ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ فِی الْقُرْآنِ وَ نَهَی عَنِ اتِّبَاعِهِمْ وَ أَنْزَلَ فِیهِمْ قُرْآناً نَاطِقاً عِلْمُهُ مِنْ عِلْمِهِ وَ جَهْلُهُ مِنْ جَهْلِهِ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَیْسَ مِنَ الْقُرْآنِ آیَةٌ إِلَّا وَ لَهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ وَ مَا مِنْ حَرْفٍ إِلَّا وَ لَهُ تَأْوِیلٌ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ مَا مِنْهُ حَرْفٌ إِلَّا وَ لَهُ حَدُّ مُطَّلِعٌ عَلَی ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَ بَطْنِهِ وَ تَأْوِیلِهِ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ نَحْنُ آلَ مُحَمَّدٍ وَ أَمَرَ اللَّهُ سَائِرَ الْأُمَّةِ أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما یَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ أَنْ یُسَلِّمُوا إِلَیْنَا وَ یَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَیْنَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ هُمُ الَّذِینَ یُسْأَلُونَ عَنْهُ وَ یُطْلَبُونَهُ
ص: 155
وَ لَعَمْرِی لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلَّمُوا لَنَا وَ اتَّبَعُونَا وَ قَلَّدُونَا أُمُورَهُمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ لَمَا طَمِعْتَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فَمَا فَاتَهُمْ مِنَّا أَكْثَرُ مِمَّا فَاتَنَا مِنْهُمْ وَ لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ فِیكَ آیَاتٍ مِنْ سُورَةٍ خَاصَّةٍ الْأُمَّةُ یُؤَوِّلُونَهَا عَلَی الظَّاهِرِ وَ لَا یَعْلَمُونَ مَا الْبَاطِنُ وَ هِیَ فِی سُورَةِ الْحَاقَّةِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یُدْعَی بِكُلِّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ وَ إِمَامِ هُدًی وَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ الَّذِینَ بَایَعُوهُ فَیُدْعَی بِی وَ بِكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ أَنْتَ صَاحِبُ السِّلْسِلَةِ الَّذِی یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُوتَ كِتابِیَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِیَهْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ كُلُّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ كَانَ قَبْلَكَ أَوْ یَكُونُ بَعْدَكَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ خِزْیِ اللَّهِ وَ عَذَابِهِ وَ نَزَلَ فِیكُمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ (1)وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَأَی اثْنَیْ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ عَلَی مِنْبَرِهِ یَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی رَجُلَانِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ عَشَرَةٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ صَاحِبُكَ الَّذِی تَطْلُبُ بِدَمِهِ وَ أَنْتَ وَ ابْنُكَ وَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ أَوَّلُهُمْ مَرْوَانُ (2)وَ قَدْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ طَرَدَهُ وَ مَا وَلَدَ حِینَ أُسْمِعَ
ص: 156
نَبِیُّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَرْضَ لَنَا الدُّنْیَا ثَوَاباً وَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ وَ وَزِیرُكَ وَ صُوَیْحِبُكَ یَقُولُ إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا اتَّخَذُوا كِتَابَ اللَّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللَّهِ دُوَلًا یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ زَكَرِیَّا نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ وَ یَحْیَی ذُبِحَ وَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذَلِكَ لِهَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ إِنَّ أَوْلِیَاءَ الشَّیْطَانِ قَدْ حَارَبُوا أَوْلِیَاءَ الرَّحْمَنِ قَالَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِینَ یَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ یَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ یَقْتُلُونَ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتَهُ سَیَخْضِبُونَ لِحْیَتِی مِنْ دَمِ رَأْسِی وَ أَنِّی مُسْتَشْهَدٌ وَ سَتَلِی الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِی وَ أَنَّكَ سَتَقْتُلُ ابْنِیَ الْحَسَنَ غَدْراً بِالسَّمِّ وَ أَنَّ ابْنَكَ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ سَیَقْتُلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنَ یَلِی ذَلِكَ مِنْهُ ابْنُ زَانِیَةٍ وَ أَنَّ الْأُمَّةَ سَیَلِیهَا مِنْ بَعْدِكَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ أَبِی الْعَاصِ وَ وُلْدِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَ خَمْسَةٌ مِنْ وُلْدِهِ تكلمه [تُكْمِلُهُ] اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً قَدْ رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ یَتَوَاثَبُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ تَوَاثُبَ الْقِرَدَةِ یَرُدُّونَ أُمَّتَهُ عَنْ دِینِ اللَّهِ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی وَ أَنَّهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ سَیُخْرِجُ الْخِلَافَةَ مِنْهُمْ بِرَایَاتٍ سُودٍ تُقْبِلُ مِنَ الْمَشْرِقِ یُذِلُّهُمُ اللَّهُ بِهِمْ وَ یَقْتُلُهُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ وَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِكَ مَیْشُومٌ وَ مَلْعُونٌ جِلْفٌ جَافٍ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ فَظٌّ غَلِیظٌ قَاسٍ قَدْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ الرَّأْفَةَ وَ الرَّحْمَةَ أَخْوَالُهُ مِنْ كَلْبٍ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ لَوْ شِئْتُ لَسَمَّیْتُهُ وَ وَصَفْتُهُ وَ ابْنُ كَمْ هُوَ فَیَبْعَثُ جَیْشاً إِلَی الْمَدِینَةِ فَیَدْخُلُونَهَا فَیُسْرِفُونَ فِیهَا فِی الْقَتْلِ وَ الْفَوَاحِشِ وَ یَهْرُبُ مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِی زَكِیٌّ تَقِیٌّ الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ اسْمَهُ وَ ابْنَ كَمْ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَ عَلَامَتَهُ وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنِیَ الْحُسَیْنِ علیه السلام الَّذِی یَقْتُلُهُ ابْنُكَ یَزِیدُ وَ هُوَ الثَّائِرُ بِدَمِ أَبِیهِ فَیَهْرُبُ إِلَی مَكَّةَ وَ یَقْتُلُ صَاحِبُ ذَلِكَ الْجَیْشِ رَجُلًا مِنْ وُلْدِی زَكِیّاً بَرِیئاً عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّیْتِ ثُمَّ یَصِیرُ ذَلِكَ الْجَیْشُ إِلَی مَكَّةَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ اسْمَ أَمِیرِهِمْ وَ عِدَّتَهُمْ وَ أَسْمَاءَهُمْ وَ سِمَاتِ
ص: 157
خُیُولِهِمْ فَإِذَا دَخَلُوا الْبَیْدَاءَ وَ اسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ خُسِفَ بِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ تَری إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ قَالَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ فَلَا یَبْقَی مِنْ ذَلِكَ الْجَیْشِ أَحَدٌ غَیْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ یُقَلِّبُ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ لِلْمَهْدِیِّ أَقْوَاماً یُجْمَعُونَ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِیفِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَ اسْمَ أَمِیرِهِمْ وَ مُنَاخَ رِكَابِهِمْ فَیَدْخُلُ الْمَهْدِیُّ الْكَعْبَةَ وَ یَبْكِی وَ یَتَضَرَّعُ قَالَ جَلَّ وَ عَزَّ أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَكْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ هَذَا لَنَا خَاصَّةً أَهْلَ الْبَیْتَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ لَقَدْ كَتَبْتُ إِلَیْكَ هَذَا الْكِتَابَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَنْتَفِعُ بِهِ وَ أَنَّكَ سَتَفْرَحُ إِذَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ سَتَلِی الْأَمْرَ وَ ابْنُكَ بَعْدَكَ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَیْسَتْ مِنْ بَالِكَ وَ إِنَّكَ بِالْآخِرَةِ لَمِنَ الْكَافِرِینَ وَ سَتَنْدَمُ كَمَا نَدِمَ مَنْ أَسَّسَ هَذَا الْأَمْرَ لَكَ وَ حَمَلَكَ عَلَی رِقَابِنَا حِینَ لَمْ تَنْفَعْهُ النَّدَامَةُ وَ مِمَّا دَعَانِی إِلَی الْكِتَابِ بِمَا كَتَبْتُ بِهِ أَنِّی أَمَرْتُ كَاتِبِی أَنْ یَنْسَخَ ذَلِكَ لِشِیعَتِی وَ أَصْحَابِی لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَنْفَعَهُمْ بِذَلِكَ أَوْ یَقْرَأَهُ وَاحِدٌ مِنْ قِبَلِكَ فَخَرَجَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَی الْهُدَی وَ مِنْ ظُلْمِكَ وَ ظُلْمِ أَصْحَابِكَ وَ فِتْنَتِكُمْ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَحْتَجَّ عَلَیْكَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ هَنِیئاً لَكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ تَمَلُّكُ الْآخِرَةِ وَ هَنِیئاً لَنَا تَمَلُّكُ الدُّنْیَا.
بیان: قال الجوهری مالأته علی الأمر ممالاة ساعدته علیه و شایعته و فی الحدیث ما قتلت عثمان و لا مالأت علی قتله و قال القود القصاص و أقدت القاتل بالقتیل أی قتلته به یقال أقاده السلطان من أخیه و استقدت الحاكم أی سألته أن یقید القاتل بالقتیل و قال زاح الشی ء بعد و ذهب ما علیها لون اللون الدقل و هو أردأ التمر أی ما ذكرت فی حجتك كلها قویة لیس فیها كلام شعیف تشبیها بهذا النوع من التمر و قال الجوهری قولهم وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ (1)قال ابن السكیت هو شن بن أفصی بن عبد القیس و طبق
ص: 158
حی من إیاد و كانت شن لا یقام لها فواقعتها طبق فانتصفت منها فقیل وافق شن طبقة وافقه فاعتنقه انتهی.
و سیأتی الكلام فیه و فی أجزاء الخبر.
«422»-(1)نی، الغیبة للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَ عَبْدُ الْعَزِیزِ وَ عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ عَنْ رِجَالِهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ وَ أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ غَیْرِ هَذِهِ الطُّرُقِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُعَلَّی الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَامِعِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ شَیْخٍ لَنَا كُوفِیٍّ ثِقَةٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ سُلَیْمٍ وَ ذَكَرَ أَبَانٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ أَیْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ مَعْمَرٌ وَ ذَكَرَ إِبْرَاهِیمُ الْعَبْدِیُّ أَنَّهُ أَیْضاً سَمِعَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ سُلَیْمٍ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا دَعَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ أَبَا هُرَیْرَةَ وَ نَحْنُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی صِفِّینَ فَحَمَّلَهُمَا الرِّسَالَةَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَدَّیَاهَا إِلَیْهِ قَالَ قَدْ بَلَّغْتُمَانِی مَا أَرْسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِیَةُ فَاسْتَمِعَا مِنِّی وَ أَبْلِغَاهُ عَنِّی كَمَا بَلَّغْتُمَانِی قَالا نَعَمْ فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام الْجَوَابَ بِطُولِهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی ذِكْرِ نَصْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاهُ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا رَوَیْنَا مِنْ كِتَابِ سُلَیْمٍ إِلَی قَوْلِهِ فَانْطَلَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ فَحَدَّثَا مُعَاوِیَةَ بِكُلِّ مَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اسْتَشْهَدَ عَلَیْهِ وَ مَا رَدَّ عَلَیْهِ النَّاسُ وَ شَهِدُوا بِهِ.
ص: 159
ص: 160
«423»-(1)فس، تفسیر القمی وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَةً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ نَزَلَتْ فِی مُعَاوِیَةَ لَمَّا خَانَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام.
بیان: لعل المراد أن أمیر المؤمنین عمل بهذا الحكم فی معاویة قال البیضاوی و وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ معاهدین خیانة نقض عهد تلوح لك فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ فاطرح إلیهم عهدهم عَلی سَواءٍ علی عدل أو طریق قصد فی العداوة و لا تناجزهم الحرب فإنه یكون خیانة منك أو علی سواء فی الخوف أو العلم بنقض العهد.
«424»-(2)قب، المناقب لابن شهرآشوب المحاضرات عَنِ الرَّاغِبِ أَنَّهُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا یَمُوتُ ابْنُ هِنْدٍ حَتَّی یُعَلِّقَ الصَّلِیبَ فِی عُنُقِهِ- وَ قَدْ رَوَاهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِیُّ وَ الْأَعْثَمُ الْكُوفِیُّ وَ أَبُو حَیَّانَ التَّوْحِیدِیُّ وَ أَبُو الثَّلَّاجِ فِی جَمَاعَةٍ
ص: 161
فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام.
«425»-(1)فس، تفسیر القمی وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِی وَلَایَةِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَنْتَ قَسِیمُ النَّارِ تَقُولُ هَذَا لِی وَ هَذَا لَكَ قَالُوا فَمَتَی یَكُونُ مَتَی مَا تَعِدُنَا یَا مُحَمَّدُ مِنْ أَمْرِ عَلِیٍّ وَ النَّارِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی حَتَّی إِذا رَأَوْا ما یُوعَدُونَ یَعْنِی الْمَوْتَ وَ الْقِیَامَةَ فَسَیَعْلَمُونَ یَعْنِی فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَصْحَابَ الضَّغَائِنِ مِنْ قُرَیْشٍ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (2)
«426»-(3)فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّا لا نَدْرِی أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فَقَالَ لَا بَلْ وَ اللَّهِ شَرٌّ أُرِیدَ بِهِمْ حِینَ بَایَعُوا مُعَاوِیَةَ وَ تَرَكُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا.
«427»-(4)ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 162
أَنَّ أَهْلَ صِفِّینَ قَدْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری
«428»-(1)فس، تفسیر القمی فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا إِلَی بَیْعَةِ عَلِیٍّ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ فَلَمَّا بَلَّغَ النَّاسَ وَ أَخْبَرَهُمْ فِی عَلِیٍّ مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُخْبِرَهُمْ بِهِ رَجَعُوا النَّاسُ فَاتَّكَأَ مُعَاوِیَةُ عَلَی الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ ثُمَّ أَقْبَلَ یَتَمَطَّی نَحْوَ أَهْلِهِ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا نُقِرُّ لِعَلِیٍّ بِالْوَلَایَةِ أَبَداً وَ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّداً مَقَالَتَهُ فِیهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّی ثُمَّ ذَهَبَ إِلی أَهْلِهِ یَتَمَطَّی أَوْلی لَكَ فَأَوْلی وَعِیداً لِلْفَاسِقِ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ وَ هُوَ یُرِیدُ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُسَمِّهِ.
بیان:
فَلا صَدَّقَ من الصدق أو التصدیق یَتَمَطَّی أی یتبختر افتخارا بذلك أَوْلی لَكَ ویل لك.
«429»-(2)فس، تفسیر القمی دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ وَ فِیهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ الْحَكَمُ بْنُ
ص: 163
أَبِی الْعَاصِ فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَبَا الْأَبْتَرِ وَ كَانَ الرَّجُلُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ إِذَا لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلَدٌ یُسَمَّی أَبْتَرَ ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو وَ إِنِّی لَأَشْنَأُ مُحَمَّداً أَیْ أُبْغِضُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ شانِئَكَ أَیْ مُبْغِضَكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ هُوَ الْأَبْتَرُ یَعْنِی لَا دِینَ لَهُ وَ لَا نَسَبَ.
«430»-(1)یب، تهذیب الأحكام ابْنُ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ یُؤَاجِرُوا دُورَهُمْ وَ أَنْ یُغْلِقُوا عَلَیْهَا أَبْوَاباً وَ قَالَ سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ قَالَ وَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی كَانَ فِی زَمَنِ مُعَاوِیَةَ.
«431»-(2)مع، معانی الأخبار الْمُكَتِّبُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ وَ مُعَاوِیَةُ یَتْبَعُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ الْعَنِ التَّابِعَ وَ الْمَتْبُوعَ اللَّهُمَّ عَلَیْكَ بِالْأُقَیْعِسِ قَالَ ابْنُ الْبَرَاءِ لِأَبِیهِ مَنِ الْأُقَیْعِسُ قَالَ مُعَاوِیَةُ.
«432»-(3)كِتَابُ صِفِّینَ، مِثْلَهُ.
ص: 164
قال الصدوق رضی اللّٰه عنه الأقیعس تصغیر الأقعس و هو الملتوی العنق و القعاس التواء یأخذ فی العنق من ریح كأنما یكسره إلی ما وراءه و الأقعس العزیز الممتنع و یقال عز أقعس و القوعس الغلیظ العنق الشدید الظهر من كل شی ء و القعوس الشیخ الكبیر و القعس نقیض الحدب و الفعل قعس یقعس قعسا و الجمع قعساوات و قعس و القعساء من النملة الرافعة صدرها و ذنبها و الاقعنساس شدة و التقاعس هو من تقاعس فلان إذا لم ینفذ و لم یمض لما كلف و مقاعس حی من تمیم.
«433»-(1)مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّا وَ آلَ أَبِی سُفْیَانَ أَهْلُ بَیْتَیْنِ تَعَادَیْنَا فِی اللَّهِ قُلْنَا صَدَقَ اللَّهُ وَ قَالُوا كَذَبَ اللَّهُ قَاتَلَ أَبُو سُفْیَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَاتَلَ مُعَاوِیَةُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَاتَلَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ السُّفْیَانِیُّ یُقَاتِلُ الْقَائِمَ علیه السلام.
«434»-(2)قب، المناقب لابن شهرآشوب كِتَابُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ الصَّرِیرِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سُمَیٍّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ فِی تَفْسِیرِ ابْنِ جُرَیْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِینَ وَ قَدْ
ص: 165
دَخَلَتِ الرِّوَایَاتُ بَعْضُهَا فِی بَعْضٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ فِی بَیْتِ أُمِّ هَانِئٍ فَزِعاً فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا أُمَّ هَانِئٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَضَ عَلَیَّ فِی مَنَامِی الْقِیَامَةَ وَ أَهْوَالَهَا وَ الْجَنَّةَ وَ نَعِیمَهَا وَ النَّارَ وَ مَا فِیهَا وَ عَذَابَهَا فَأَطْلَعْتُ فِی النَّارِ فَإِذَا أَنَا بِمُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَائِمَیْنِ فِی حَرِّ جَهَنَّمَ تَرْضَخُ رُءُوسَهُمَا الزَّبَانِیَةُ بِحِجَارَةٍ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ یَقُولُونَ لَهُمَا هَلْ آمَنْتُمَا بِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَیَخْرُجُ عَلِیٌّ مِنْ حِجَابِ الْعَظَمَةِ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً وَ یُنَادِی حُكِمَ لِی وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِینَ فَیُبْعَثُ الْخَبِیثُ إِلَی النَّارِ وَ یَقُومُ عَلِیٌّ فِی الْمَوْقِفِ یَشْفَعُ فِی أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ شِیعَتِهِ.
«435»-(1)مع، معانی الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُعَاوِیَةُ یَكْتُبُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی خَاصِرَتِهِ بِالسَّیْفِ مَنْ أَدْرَكَ هَذَا یَوْماً أَمِیراً فَلْیَبْقُرْ خَاصِرَتَهُ بِالسَّیْفِ فَرَآهُ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً وَ هُوَ یَخْطُبُ بِالشَّامِ عَلَی النَّاسِ فَاخْتَرَطَ سَیْفَهُ ثُمَّ مَشَی إِلَیْهِ فَحَالَ النَّاسُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ فَقَالُوا یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا لَكَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ هَذَا یَوْماً أَمِیراً فَلْیَبْقُرْ خَاصِرَتَهُ بِالسَّیْفِ قَالَ فَقَالُوا أَ تَدْرِی مَنِ اسْتَعْمَلَهُ قَالَ لَا قَالُوا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُمَرُ فَقَالَ الرَّجُلُ سمع [سَمْعاً] وَ طَاعَةً لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ.
بیان: بقره كمنعه شقه و وسعه.
«436»-(2)ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصَّوْلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 166
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَلَفَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَیْسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّامَ كَانَ الرِّضَا علیه السلام بِهَا فَأَفْتَی الْفُقَهَاءُ بِطَلَاقِهَا فَسُئِلَ الرِّضَا علیه السلام فَأَفْتَی أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ فَكَتَبَ الْفُقَهَاءُ رُقْعَةً أَنْفَذُوهَا إِلَیْهِ وَ قَالُوا لَهُ مِنْ أَیْنَ قُلْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهَا لَمْ تُطَلَّقْ فَوَقَّعَ علیه السلام فِی رُقْعَتِهِمْ قُلْتُ هَذَا مِنْ رِوَایَتِكُمْ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَ قَدْ كَثُرُوا عَلَیْهِ أَنْتُمْ خَیْرٌ وَ أَصْحَابِی خَیْرٌ وَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَأَبْطَلَ الْهِجْرَةَ وَ لَمْ یَجْعَلْ هَؤُلَاءِ أَصْحَاباً لَهُ فَرَجَعُوا إِلَی قَوْلِهِ.
«437»-(1)ل، الخصال ابْنُ مُوسَی عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ نُصَیْرِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ خَمْسَةٌ إِبْلِیسُ وَ ابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ رَدَّهُمْ عَنْ دِینِهِمْ وَ رَجُلٌ مِنْ هذا [هَذِهِ] الْأُمَّةِ یُبَایَعُ عَلَی كُفْرٍ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُ مُعَاوِیَةَ یُبَایَعُ عِنْدَ لُدٍّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَحِقْتُ بِعَلِیٍّ فَكُنْتُ مَعَهُ.
«438»-(2)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی مِثْلَهُ بیان قال الفیروزآبادی لد بالضم قریة بفلسطین یقتل عیسی علیه السلام الدجال عند بابها.
«439»-(3)یر، بصائر الدرجات الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ
ص: 167
عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ أَبِی وَ هُوَ عَلَی بَغْلَتِهِ فَنَفَرَتْ بَغْلَتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ شَیْخٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ وَ رَجُلٌ یَتْبَعُهُ فَقَالَ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ اسْقِنِی اسْقِنِی فَقَالَ الرَّجُلُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ وَ كَانَ الشَّیْخُ مُعَاوِیَةَ.
«440»-(1)ختص، الإختصاص أَیُّوبُ بْنُ نُوحٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الْعَبَّاسِ مِثْلَهُ.
«441»-(2)یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أُمِّ الطَّوِیلِ قَالَ: صَحِبْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی الْمَدِینَةِ إِلَی مَكَّةَ وَ هُوَ عَلَی بَغْلَتِهِ وَ أَنَا عَلَی رَاحِلَةٍ فَجُزْنَا وَادِیَ ضَجْنَانَ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ أَسْوَدَ فِی رَقَبَتِهِ سِلْسِلَةٌ قَالَ وَ هُوَ یَقُولُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ اسْقِنِی سَقَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجُلٌ یَجْذِبُهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ فَحَرَّكْتُ رَاحِلَتِی فَلَحِقْتُ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ فَقَالَ لِی أَیَّ شَیْ ءٍ رَأَیْتَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ذَاكَ مُعَاوِیَةُ.
«442»-(3)حة، فرحة الغری مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الذَّیَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَوْهُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاضِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ نَصْرِ بْنِ
ص: 168
مُزَاحِمٍ التَّمِیمِیِّ فِی كِتَابِ صِفِّینَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِیَةُ إِذَا قَنَتَ لَعَنَ عَلِیّاً علیه السلام وَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام وَ لَمْ یُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَیْهِ إِمَّا خَوْفاً مِنْ مُؤْمِنٍ أَوِ اعْتِقَاداً مِنْ جَاهِلٍ وَ كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ كَرِیزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَمْعَمَةَ بْنِ حَرِیزِ بْنِ شَقِّ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ یَشْكُرَ بْنِ دَهْمِ بْنِ أَفْرَكِ بْنِ بَدِیرِ بْنِ قَسْرٍ الْقَسْرِیُّ یَقُولُ عَلَی الْمِنْبَرِ الْعَنُوا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ لُصُّ بْنُ لُصٍّ بِضَمِّ اللَّامِ فَقَامَ إِلَیْهِ أَعْرَابِیٌّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ أَعْجَبُ مِنْ سَبِّكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَمْ مِنْ مَعْرِفَتِكَ بِالْعَرَبِیَّةِ.
«443»-(1)كشف، كشف الغمة مِنْ كِتَابِ الْمُوَفَّقِیَّاتِ لِلزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ الزُّبَیْرِیِّ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَفَدْتُ مَعَ أَبِی الْمُغِیرَةِ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ أَبِی یَأْتِیهِ فَیَتَحَدَّثُ مَعَهُ ثُمَّ یَنْصَرِفُ إِلَیَّ فَیَذْكُرُ مُعَاوِیَةَ وَ یَذْكُرُ عَقْلَهُ وَ یُعْجَبُ بِمَا یَرَی مِنْهُ إِذْ جَاءَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَأَمْسَكَ عَنِ الْعَشَاءِ وَ رَأَیْتُهُ مُغْتَمّاً فَانْتَظَرْتُهُ سَاعَةً وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لِشَیْ ءٍ حَدَثَ فِینَا وَ فِی عَمَلِنَا فَقُلْتُ مَا لِی أَرَاكَ مُغْتَمّاً مُنْذُ اللَّیْلَةِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ جِئْتُ مِنْ عِنْدِ أَخْبَثِ النَّاسِ قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ وَ خَلَوْتُ بِهِ إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً فَلَوْ أَظْهَرْتَ عَدْلًا وَ بَسَطْتَ خَیْراً فَإِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَ لَوْ نَظَرْتَ إِلَی إِخْوَتِكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَوَصَلْتَ أَرْحَامَهُمْ فَوَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُمُ الْیَوْمَ شَیْ ءٌ تَخَافُهُ فَقَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ مَلِكَ أَخُو تَیْمٍ فَعَدَلَ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ إِلَّا أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ مَلِكَ أَخُو بَنِی عَدِیٍّ فَاجْتَهَدَ وَ شَمَّرَ عَشْرَ سِنِینَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ إِلَّا أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ عُمَرُ ثُمَّ مَلِكَ عُثْمَانُ فَهَلَكَ رَجُلٌ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ فِی مِثْلِ نَسَبِهِ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ وَ عُمِلَ بِهِ مَا عُمِلَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ وَ ذِكْرُ مَا فُعِلَ بِهِ وَ إِنَّ أَخَا بَنِی
ص: 169
هَاشِمٍ یُصَاحُ بِهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَأَیُّ عَمَلٍ یَبْقَی بَعْدَ هَذَا لَا أُمَّ لَكَ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا دَفْناً دَفْناً.
بیان: أی أقتلهم و أدفنهم دفنا أو أدفن و أخفی ذكرهم و فضائلهم و هو أظهر.
«444»-(1)كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَاقَّةِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ فِی مُعَاوِیَةَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ جَزَاءُ مَا عَمِلَهُ.
«445»-(2)وَ یُؤَیِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ إِلَی آخِرِ الْآیَاتِ فَهُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَالشَّامِیُّ.
«446»-(3)وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ صَاحِبُ السِّلْسِلَةِ وَ هُوَ فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
«447»-(4)كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا الْعَقْلُ قَالَ مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَ اكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ قَالَ قُلْتُ فَالَّذِی كَانَ فِی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ تِلْكَ النَّكْرَاءُ تِلْكَ الشَّیْطَنَةُ وَ هِیَ شَبِیهَةٌ بِالْعَقْلِ.
«448»-(5)كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی
ص: 170
الْعَلَاءِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ مُعَاوِیَةَ أَوَّلُ مَنْ عَلَّقَ عَلَی بَابِهِ مِصْرَاعَیْنِ بِمَكَّةَ فَمَنَعَ حَاجَّ بَیْتِ اللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ وَ كَانَ النَّاسُ إِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ نَزَلَ الْبَادِی عَلَی الْحَاضِرِ حَتَّی یَقْضِیَ حَجَّهُ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ صَاحِبَ السِّلْسِلَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ وَ كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
«449»-(1)كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَكُنْ لِدُورِ مَكَّةَ أَبْوَابٌ وَ كَانَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ یَأْتُونَ بِقُطْوَانِهِمْ فَیَدْخُلُونَ فَیَضْرِبُونَ بِهَا وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَوَّبَهَا مُعَاوِیَةَ.
أقول: سیأتی أخبار كثیرة فی كتاب الحج فی أن أول من ابتدع ذلك معاویة.
«450»-(2)یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ وَ هُوَ جَالِسٌ مُعَاوِیَةُ وَ اسْتَأْذَنَ النَّاسَ فِی ذَلِكَ مِنْ وَجَعٍ كَانَ فِی رُكْبَتَیْهِ وَ كَانَ یَخْطُبُ خُطْبَةً وَ هُوَ جَالِسٌ وَ خُطْبَةً وَ هُوَ قَائِمٌ ثُمَّ یَجْلِسُ بَیْنَهُمَا.
«451»-(3)د، العدد القویة كَانَ مُعَاوِیَةُ یَكْتُبُ فِیمَا یَنْزِلُ بِهِ یَسْأَلُ لَهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ
ص: 171
علیهما السلام عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُهُ قَالَ ذَهَبَ الْفِقْهُ وَ الْعِلْمُ بِمَوْتِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عُتْبَةُ لَا یَسْمَعُ هَذَا أَهْلُ الشَّامِ فَقَالَ دَعْنِی عَنْكَ.
«452»-(1)ختص، الإختصاص هَلَكَ مُعَاوِیَةُ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانِیَ وَ سَبْعِینَ سَنَةً وَ وَلِیَ الْأَمْرَ عِشْرِینَ سَنَةً.
«453»-(2) ختص، الإختصاص ابْنُ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ قَالَ: نَزَلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام بِضَجْنَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَ أَ تَدْرُونَ لِمَنْ قُلْتُ أَوْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ مَرَّ بِی مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ یَجُرُّ سِلْسِلَةً قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ یَسْأَلُنِی أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ یُقَالُ إِنَّهُ وَادٍ مِنْ أَوْدِیَةِ جَهَنَّمَ.
أقول: قد أوردنا مثله بأسانید فی باب أحوال البرزخ و باب معجزات الباقر علیه السلام.
«454»-(3)كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا كَانَ سَنَةُ إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ أَرَادَ مُعَاوِیَةُ الْحَجَّ فَأَرْسَلَ نَجَّاراً وَ أَرْسَلَ بِالْآلَةِ وَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِ الْمَدِینَةِ أَنْ یَقْلَعَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَجْعَلُوهُ عَلَی قَدْرِ مِنْبَرِهِ بِالشَّامِ فَلَمَّا نَهَضُوا لِیَقْلَعُوهُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَكَفُّوا
ص: 172
وَ كَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ یَعْزِمُ عَلَیْهِمْ لِمَا فَعَلُوهُ فَفَعَلُوا فَمِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدْخَلُ الَّذِی رَأَیْتَ.
«455»-(1)تَقْرِیبٌ، قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ أَرَادَ مُعَاوِیَةُ فِی سَنَةِ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ أَنْ یَنْقُلَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الشَّامِ وَ قَالَ لَا نَتْرُكُ مِنْبَرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَصَاهُ فِی الْمَدِینَةِ وَ هُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَ طَلَبَ الْعَصَا وَ هِیَ عِنْدَ سَعْدٍ الْقُرَظِیِّ فَحَرَّكَ الْمِنْبَرَ فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ حَتَّی رُئِیَتِ النُّجُومُ بَادِیَةً فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ وَ قِیلَ أَتَاهُ جَابِرٌ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ فَقَالا لَا یَصْلُحُ أَنْ یُخْرَجَ مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَوْضِعٍ وَضَعَهُ فِیهِ وَ تَنَقَّلَ عَصَاهُ إِلَی الشَّامِ فَتَرَكَهُ وَ زَادَ فِیهِ سِتَّ دَرَجَاتِ وَ اعْتَذَرَ مِمَّا صَنَعَ.
أقول: یظهر من الخبر أن هذا اعتذار من القوم له.
«456»-(2)كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ سُلَیْمٍ وَ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالا قَدِمَ مُعَاوِیَةُ حَاجّاً فِی خِلَافَتِهِ الْمَدِینَةَ بَعْدَ مَا قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ
ص: 173
عَلَیْهِ وَ صَالَحَ الْحَسَنُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی بَعْدَ مَا مَاتَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ اسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَدِینَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا الَّذِی اسْتَقْبَلَهُ مِنْ قُرَیْشٍ أَكْثَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِیلَ إِنَّهُمْ یَحْتَاجُونَ لَیْسَتْ لَهُمْ دَوَابُّ فَالْتَفَتَ مُعَاوِیَةُ إِلَی قَیْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا لَكُمْ لَا تَسْتَقْبِلُونِّی مَعَ إِخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ قَیْسٌ وَ كَانَ سَیِّدَ الْأَنْصَارِ وَ ابْنَ سَیِّدِهِمْ أَقْعَدَنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ لَمْ یَكُنْ لَنَا دَوَابُّ قَالَ مُعَاوِیَةُ فَأَیْنَ النَّوَاضِحُ فَقَالَ قَیْسٌ أَفْنَیْنَاهَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ مَا بَعْدَهُمَا فِی مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ حِینَ ضَرَبْنَاكَ وَ أَبَاكَ عَلَی الْإِسْلَامِ حَتَّی ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ كَارِهُونَ قَالَ مُعَاوِیَةُ اللَّهُمَّ غَفْراً قَالَ قَیْسٌ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِی أَثَرَةً ثُمَّ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ تُعَیِّرُنَا بِنَوَاضِحِنَا وَ اللَّهِ لَقَدْ لَقِینَاكُمْ عَلَیْهَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ أَنْتُمْ جَاهِدُونَ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ أَنْ یَكُونَ كَلِمَةُ الشَّیْطَانِ هِیَ الْعُلْیَا ثُمَّ دَخَلْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ كَرْهاً فِی الْإِسْلَامِ الَّذِی ضَرَبْنَاكُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ كَأَنَّكَ تَمُنُّ عَلَیْنَا بِنُصْرَتِكُمْ إِیَّانَا فَلِلَّهِ وَ لِقُرَیْشٍ بِذَلِكَ الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ أَ لَسْتُمْ تَمُنُّونَ عَلَیْنَا یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ بِنُصْرَتِكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ قُرَیْشٍ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّنَا وَ مِنَّا فَلَنَا الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ أَنْ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَنْصَارَنَا وَ أَتْبَاعَنَا فَهَدَاكُمْ بِنَا فَقَالَ قَیْسٌ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَبَعَثَهُ إِلَی النَّاسِ كَافَّةً وَ إِلَی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَبْیَضِ اخْتَارَهُ لِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ وَ آمَنَ بِهِ ابْنَ عَمِّهِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَبُو طَالِبٍ یَذُبُّ عَنْهُ وَ یَمْنَعُهُ وَ یَحُولُ بَیْنَ كُفَّارِ قُرَیْشٍ وَ بَیْنَ أَنْ یَرْدَعُوهُ وَ یُؤْذُوهُ وَ أَمَرَ أَنْ یُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمْ یَزَلْ مَمْنُوعاً مِنَ الضَّیْمِ وَ الْأَذَی حَتَّی مَاتَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَ أَمَرَ ابْنَهُ بِمُوَازَرَتِهِ فَوَازَرَهُ وَ نَصَرَهُ وَ جَعَلَ نَفْسَهُ دُونَهُ فِی كُلِّ شَدِیدَةٍ وَ كُلِّ ضِیقٍ وَ كُلِّ خَوْفٍ وَ اخْتَصَّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلِیّاً علیه السلام مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ وَ أَكْرَمَهُ مِنْ بَیْنِ جَمِیعِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمِیعَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِیهِمْ أَبُو طَالِبٍ وَ أَبُو لَهَبٍ وَ هُمْ یَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَادِمُهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 174
فِی حَجْرِ عَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ أَیُّكُمْ یَنْتَدِبُ أَنْ یَكُونَ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِی فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ حَتَّی أَعَادَهَا ثَلَاثاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِهِ وَ تَفَلَ فِی فِیهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ امْلَأْ جَوْفَهُ عِلْماً وَ فَهْماً وَ حُكْماً ثُمَّ قَالَ لِأَبِی طَالِبٍ یَا أَبَا طَالِبٍ اسْمَعِ الْآنَ لِابْنِكَ وَ أَطِعْ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ نَبِیِّهِ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ آخَی صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ عَلِیٍّ وَ بَیْنَ نَفْسِهِ فَلَمْ یَدَعْ قَیْسٌ شَیْئاً مِنْ مَنَاقِبِهِ إِلَّا ذَكَرَهَا وَ احْتَجَّ بِهَا وَ قَالَ مِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ بِجَنَاحَیْنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِذَلِكَ مِنْ بَیْنِ النَّاسِ وَ مِنْهُمْ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ مِنْهُمْ فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا وَضَعْتَ مِنْ قُرَیْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ عِتْرَتَهُ الطَّیِّبِینَ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْكُمْ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِلَی أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْكُمْ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَی أَبِی ثُمَّ قَالُوا نُبَایِعُ سَعْداً فَجَاءَتْ قُرَیْشٌ فَخَاصَمُونَا بِحَقِّهِ وَ قَرَابَتِهِ فَمَا یَعْدُو قُرَیْشٌ أَنْ یَكُونُوا ظَلَمُوا الْأَنْصَارَ أَوْ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ وَ لَعَمْرِی مَا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ لَا لِقُرَیْشٍ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فِی الْخِلَافَةِ حَقٌّ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَغَضِبَ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ یَا ابْنَ سَعْدٍ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا وَ عَمَّنْ رَوَیْتَهُ وَ عَمَّنْ سَمِعْتَهُ أَبُوكَ أَخْبَرَكَ بِذَلِكَ وَ عَنْهُ أَخَذْتَهُ فَقَالَ قَیْسٌ سَمِعْتُهُ وَ أَخَذْتُهُ مِمَّنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْ أَبِی وَ أَعْظَمُ عَلَیَّ حَقّاً مِنْ أَبِی قَالَ مَنْ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ صِدِّیقُهَا الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ قُلْ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ فَلَمْ یَدَعْ قَیْسٌ آیَةً نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام إِلَّا ذَكَرَهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ فَإِنَّ صِدِّیقَهَا أَبُو بَكْرٍ وَ فَارُوقَهَا عُمَرُ وَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ قَیْسٌ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ أَوْلَی بِهَا الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ
ص: 175
رَبِّهِ وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ الَّذِی نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِغَدِیرِ خُمٍّ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادَی مُنَادِیَهُ وَ كَتَبَ بِذَلِكَ نُسْخَةً إِلَی عُمَّالِهِ أَلَا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی حَدِیثاً فِی مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ قَامَتِ الْخُطْبَةُ فِی كُلِّ مَكَانٍ عَلَی الْمَنَابِرِ بِلَعْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ (1)وَ الْوَقِیعَةِ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ اللَّعْنَةِ لَهُمْ بِمَا لَیْسَ فِیهِمْ علیهم السلام
ص: 176
ص: 177
ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَیْهِ غَیْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْقِیَامِ كَمَا قَامَ أَصْحَابُكَ إِلَّا لِمَوْجِدَةٍ عَلَیَّ بِقِتَالِی إِیَّاكُمْ یَوْمَ صِفِّینَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ ابْنَ عَمِّی عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ قُتِلَ أَیْضاً مَظْلُوماً قَالَ فَتُسَلِّمُ
ص: 178
الْأَمْرَ إِلَی وُلْدِهِ وَ هَذَا ابْنُهُ قَالَ إِنَّ عُمَرَ قَتَلَهُ مُشْرِكٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ قَالَ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ فَذَلِكَ أَدْحَضُ لِحُجَّتِكَ وَ أَحَلُّ لِدَمِهِ إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَتَلُوهُ وَ خَذَلُوهُ فَلَیْسَ إِلَّا بِحَقٍّ قَالَ فَإِنَّا قَدْ كَتَبْنَا فِی الْآفَاقِ نَنْهَی عَنْ ذِكْرِ مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَكُفَّ لِسَانَكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَ ارْبَعْ عَلَی نَفْسِكَ قَالَ فَتَنْهَانَا عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ فَتَنْهَانَا عَنْ تَأْوِیلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَقْرَؤُهُ وَ لَا نَسْأَلُ عَنْ مَا عَنَی اللَّهُ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَیُّمَا أَوْجَبُ عَلَیْنَا قِرَاءَتُهُ أَوِ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ فَكَیْفَ نَعْمَلُ بِهِ حَتَّی نَعْلَمَ مَا عَنَی اللَّهُ بِمَا أَنْزَلَ عَلَیْنَا قَالَ یُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ یَتَأَوَّلُهُ عَلَی غَیْرِ مَا تَتَأَوَّلُهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَی أَهْلِ بَیْتِی فَأَسْأَلُ عَنْهُ آلَ أَبِی سُفْیَانَ وَ آلَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی وَ الْمَجُوسَ قَالَ فَقَدْ عَدَلْتَنِی بِهَؤُلَاءِ قَالَ لَعَمْرِی مَا أَعْدِلُكَ بِهِمْ إِلَّا إِذَا نَهَیْتَ الْأُمَّةَ أَنْ یَعْبُدُوا اللَّهَ بِالْقُرْآنِ وَ بِمَا فِیهِ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْیٍ أَوْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ نَاسِخٍ أَوْ مَنْسُوخٍ أَوْ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ أَوْ مُحْكَمٍ أَوْ مُتَشَابِهٍ وَ إِنْ لَمْ تَسْأَلِ الْأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ هَلَكُوا وَ اخْتَلَفُوا وَ تَاهُوا قَالَ مُعَاوِیَةُ فَاقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَ لَا تَرْوُوا شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمْ وَ مِمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ ارْوُوا مَا سِوَی ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْقُرْآنِ یُرِیدُونَ أَنْ یُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ اكْفِنِی نَفْسَكَ وَ كُفَّ عَنِّی لِسَانَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْیَكُنْ سِرّاً فَلَا تُسْمِعْهُ أَحَداً عَلَانِیَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِالْأَمْصَارِ كُلِّهَا عَلَی شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ بَلِیَّةً أَهْلُ الْكُوفَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ بِهَا مِنَ الشِّیعَةِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَیْهَا زِیَاداً ضَمَّهَا إِلَیْهِ مَعَ الْبَصْرَةِ وَ جَمَعَ لَهُ الْعِرَاقَیْنِ وَ كَانَ یُتْبِعُ الشِّیعَةَ وَ هُوَ بِهِمْ عَالِمٌ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ عَرَفَهُمْ وَ سَمِعَ كَلَامَهُمْ أَوَّلَ شَیْ ءٍ فَقَتَلَهُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ وَ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ أَخَافَهُمْ وَ قَطَعَ الْأَیْدِیَ وَ الْأَرْجُلَ مِنْهُمْ وَ صَلَبَهُمْ عَلَی جُذُوعِ النَّخْلِ وَ سَمَلَ أَعْیُنَهُمْ وَ طَرَدَهُمْ وَ شَرَّدَهُمْ حَتَّی انْتَزَحُوا عَنِ الْعِرَاقِ فَلَمْ یَبْقَ بِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مَقْتُولٌ أَوْ مَصْلُوبٌ أَوْ طَرِیدٌ أَوْ هَارِبٌ
ص: 179
وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عُمَّالِهِ وَ وُلَاتِهِ فِی جَمِیعِ الْأَرَضِینَ وَ الْأَمْصَارِ أَنْ لَا یُجِیزُوا لِأَحَدٍ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ لَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَا مِنْ أَهْلِ وَلَایَتِهِ الَّذِینَ یَرْوُونَ فَضْلَهُ وَ یَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ شَهَادَةً وَ كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ انْظُرُوا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ وَ مُحِبِّیهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَهْلِ وَلَایَتِهِ الَّذِینَ یَرْوُونَ فَضْلَهُ وَ یَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ فَادْنُوا مَجَالِسَهُمْ وَ أَكْرِمُوهُمْ وَ قَرِّبُوهُمْ وَ شَرِّفُوهُمْ وَ اكْتُبُوا إِلَیَّ بِمَا یَرْوِی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِیهِ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِیهِ وَ مِمَّنْ هُوَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّی أَكْثَرُوا فِی عُثْمَانَ الْحَدِیثَ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ بِالصِّلَاتِ وَ الْكِسَی وَ أَكْثَرَ لَهُمُ الْقَطَائِعَ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْمَوَالِی فَكَثُرُوا فِی كُلِّ مِصْرٍ وَ تَنَافَسُوا فِی الْمَنَازِلِ وَ الضِّیَاعِ وَ اتَّسَعَتْ عَلَیْهِمُ الدُّنْیَا فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ یَأْتِی عَامِلَ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ وَ لَا قَرْیَةٍ فَیَرْوِی فِی عُثْمَانَ مَنْقَبَةً أَوْ یَذْكُرُ لَهُ فَضِیلَةً إِلَّا كُتِبَ اسْمُهُ وَ قُرِّبَ وَ شُفِّعَ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ أَنَّ الْحَدِیثَ قَدْ كَثُرَ فِی عُثْمَانَ وَ فَشَا فِی كُلِّ مِصْرٍ وَ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِی هَذَا فَادْعُوهُمْ إِلَی الرِّوَایَةِ فِی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَإِنَّ فَضْلَهُمَا وَ سَوَابِقَهُمَا أَحَبُّ إِلَیَّ وَ أَقَرُّ لِعَیْنِی وَ أَدْحَضُ لِحُجَّةِ أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ وَ أَشَدُّ عَلَیْهِمْ مِنْ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ وَ فَضْلِهِ فَقَرَأَ كُلُّ قَاضٍ وَ أَمِیرٍ مِنْ وُلَاتِهِ كِتَابَهُ عَلَی النَّاسِ وَ أَخَذَ النَّاسُ فِی الرِّوَایَاتِ فِیهِمْ وَ فِی مَنَاقِبِهِمْ ثُمَّ كَتَبَ نُسْخَةً جَمَعَ فِیهَا جَمِیعَ مَا رُوِیَ فِیهِمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ وَ الْفَضَائِلِ وَ أَنْفَذَهُمَا إِلَی عُمَّالِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا عَلَی الْمَنَابِرِ فِی كُلِّ كُورَةٍ وَ فِی كُلِّ مَسْجِدٍ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُنْفِذُوا إِلَی مُعَلِّمِی الْكَتَاتِیبِ أَنْ یُعَلِّمُوهَا صِبْیَانَهُمْ حَتَّی یَرْوُوهَا وَ یَتَعَلَّمُوهَا كَمَا یَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ حَتَّی عَلَّمُوهَا بَنَاتِهِمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ خَدَمَهُمْ وَ حَشَمَهُمْ فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عمال [عُمَّالِهِ] نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَی جَمِیعِ الْبُلْدَانِ انْظُرُوا مَنْ قَامَتْ عَلَیْهِ الْبَیِّنَةُ أَنَّهُ یُحِبُّ عَلِیّاً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَامْحُوهُ مِنَ الدِّیوَانِ وَ لَا تُجِیزُوا لَهُ شَهَادَةً ثُمَّ كَتَبَ كِتَاباً آخَرَ مَنِ اتَّهَمْتُمُوهُ وَ لَمْ تُقَمْ عَلَیْهِ بَیِّنَةٌ فَاقْتُلُوهُ فَقَتَلُوهُمْ عَلَی التُّهَمِ وَ الظَّنِّ وَ الشُّبَهِ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ حَتَّی لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ یَسْقُطُ بِالْكَلِمَةِ فَیُضْرَبُ عُنُقُهُ وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ الْبَلَاءُ فِی بَلَدٍ أَكْبَرَ وَ لَا أَشَدَّ مِنْهُ بِالْعِرَاقِ وَ لَا سِیَّمَا
ص: 180
بِالْكُوفَةِ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ مِمَّنْ بَقِیَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِینَةِ وَ غَیْرِهَا لَیَأْتِیهِ مَنْ یَثِقُ بِهِ فَیَدْخُلُ بَیْتَهُ ثُمَّ یُلْقَی عَلَیْهِ سِتْرٌ فَیَخَافُ مِنْ خَادِمِهِ وَ مَمْلُوكِهِ فَلَا یُحَدِّثُهُ حَتَّی یَأْخُذَ عَلَیْهِ الْأَیْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ لَیَكْتُمَنَّ عَلَیْهِ وَ جُعِلَ الْأَمْرُ لَا یَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً وَ كَثُرَ عِنْدَهُمْ عَدُوُّهُمْ وَ أَظْهَرُوا أَحَادِیثَهُمُ الْكَاذِبَةَ فِی أَصْحَابِهِمْ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَیَنْشَأُ النَّاسُ عَلَی ذَلِكَ وَ لَا یَتَعَلَّمُونَ إِلَّا مِنْهُمْ وَ مَضَی عَلَی ذَلِكَ قُضَاتُهُمْ وَ وُلَاتُهُمْ وَ فُقَهَاؤُهُمْ وَ كَانَ أَعْظَمَ النَّاسِ فِی ذَلِكَ بَلَاءً وَ فِتْنَةً الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ الْمُتَصَنِّعُونَ الَّذِینَ یُظْهِرُونَ لَهُمُ الْحُزْنَ وَ الْخُشُوعَ وَ النُّسُكَ وَ یَكْذِبُونَ وَ یُعَلِّمُونَ الْأَحَادِیثَ لِیَحْظَوْا بِذَلِكَ عِنْدَ وُلَاتِهِمْ وَ یَدْنُوْا لِذَلِكَ مَجَالِسَهُمْ وَ یُصِیبُوا بِذَلِكَ الْأَمْوَالَ وَ الْقَطَائِعَ وَ الْمَنَازِلَ حَتَّی صَارَتْ أَحَادِیثُهُمْ تِلْكَ وَ رِوَایَاتُهُمْ فِی أَیْدِی مَنْ یَحْسَبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَ أَنَّهَا صِدْقٌ فَرَوَوْهَا وَ قَبِلُوهَا وَ تَعَلَّمُوهَا وَ عَلَّمُوهَا وَ أَحَبُّوا عَلَیْهَا وَ أَبْغَضُوا وَ صَارَتْ بِأَیْدِی النَّاسِ الْمُتَدَیِّنِینَ الَّذِینَ لَا یَسْتَحِلُّونَ الْكَذِبَ وَ یُبْغِضُونَ عَلَیْهِ أَهْلَهُ فَقَبِلُوهَا وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنَّهَا حَقٌّ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا بَاطِلٌ لَمْ یَرْوُوهَا وَ لَمْ یَتَدَیَّنُوا بِهَا فَصَارَ الْحَقُّ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ بَاطِلًا وَ الْبَاطِلُ حَقّاً وَ الصِّدْقُ كَذِباً وَ الْكَذِبُ صِدْقاً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَتَشْمَلَنَّكُمْ فِتْنَةٌ یَرْبُوا فِیهَا الْوَلِیدُ وَ یَنْشَأُ فِیهَا الْكَبِیرُ تَجْرِی النَّاسُ عَلَیْهَا وَ یَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً فَإِذَا غُیِّرَ مِنْهَا شَیْ ءٌ قَالُوا أَتَی النَّاسُ مُنْكَراً غُیِّرَتِ السُّنَّةُ فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمْ یَزَلِ الْفِتْنَةُ وَ الْبَلَاءُ یَعْظُمَانِ وَ یَشْتَدَّانِ فَلَمْ یَبْقَ وَلِیٌّ لِلَّهِ إِلَّا خَائِفاً عَلَی دَمِهِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی إِلَّا خَائِفاً عَلَی دَمِهِ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَ إِلَّا طَرِیداً وَ لَمْ یَبْقَ عَدُوٌّ لِلَّهِ إِلَّا مُظْهِراً الْحُجَّةَ غَیْرَ مُسْتَتِرٍ بِبِدْعَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِیَةَ بِسَنَةٍ حَجَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَمَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَنِی هَاشِمٍ رِجَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ مَوَالِیَهُمْ وَ مَنْ حَجَّ مِنْهُمْ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ یَعْرِفُهُ الْحُسَیْنُ وَ أَهْلُ
ص: 181
بَیْتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ رُسُلًا لَا تَدَعُوا أَحَداً مِمَّنْ حَجَّ الْعَامَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَعْرُوفِینَ بِالصَّلَاحِ وَ النُّسُكِ إِلَّا اجْمَعُوهُمْ لِی فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ بِمِنًی أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ وَ هُمْ فِی سُرَادِقِهِ عَامَّتُهُمْ مِنَ التَّابِعِینَ وَ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَیْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ فِیهِمْ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الطَّاغِیَةَ قَدْ فَعَلَ بِنَا وَ بِشِیعَتِنَا مَا قَدْ رَأَیْتُمْ وَ عَلِمْتُمْ وَ شَهِدْتُمْ وَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَیْ ءٍ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِی وَ إِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِی وَ أَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ حَقِّ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَرَابَتِی مِنْ نَبِیِّكُمْ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ لَمَّا سَتَرْتُمْ مَقَامِی هَذَا وَ وَصَفْتُمْ مَقَالَتِی وَ دَعَوْتُمْ أَجْمَعِینَ فِی أَمْصَارِكُمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ مَنْ أَمِنْتُمْ مِنَ النَّاسِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی بَعْدَ قَوْلِهِ فَكَذِّبُونِی اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ اكْتُبُوا قَوْلِی ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَی أَمْصَارِكُمْ وَ قَبَائِلِكُمْ فَمَنْ أَمِنْتُمْ مِنَ النَّاسِ وَ وَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إِلَی مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنَا فَإِنِّی أَتَخَوَّفُ أَنْ یَدْرُسَ هَذَا الْأَمْرُ وَ یَذْهَبَ الْحَقُّ وَ یُغْلَبَ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ مَا تَرَكَ شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا تَلَاهُ وَ فَسَّرَهُ وَ لَا شَیْئاً مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَبِیهِ وَ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ فِی نَفْسِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ إِلَّا رَوَاهُ وَ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ أَصْحَابُهُ اللَّهُمَّ نَعَمْ وَ قَدْ سَمِعْنَاهُ وَ شَهِدْنَاهُ وَ یَقُولُ التَّابِعُ اللَّهُمَّ قَدْ حَدَّثَنِی بِهِ مَنْ أُصَدِّقُهُ وَ أَئْتَمِنُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ إِلَّا حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَ بِدِینِهِ قَالَ سُلَیْمٌ فَكَانَ فِیمَا نَاشَدَهُمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ ذَكَّرَهُمْ أَنْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام كَانَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ حِینَ آخَی بَیْنَ أَصْحَابِهِ فَآخَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ نَفْسِهِ وَ قَالَ أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اشْتَرَی مَوْضِعَ
ص: 182
مَسْجِدِهِ وَ مَنَازِلِهِ فَابْتَنَاهُ ثُمَّ ابْتَنَی فِیهِ عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسْعَةً لَهُ وَ جَعَلَ عَاشِرَهَا فِی وَسَطِهَا لِأَبِی ثُمَّ سَدَّ كُلَّ بَابٍ شَارِعٍ إِلَی الْمَسْجِدِ غَیْرَ بَابِهِ فَتَكَلَّمَ فِی ذَلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ فَقَالَ مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَ فَتَحْتُ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ فَتْحِ بَابِهِ ثُمَّ نَهَی النَّاسَ أَنْ یَنَامُوا فِی الْمَسْجِدِ غَیْرَهُ وَ كَانَ یُجْنِبُ فِی الْمَسْجِدِ وَ مَنْزِلُهُ فِی مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوُلِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ أَوْلَادٌ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَصَ عَلَی كُوَّةٍ قَدْرَ عَیْنِهِ یَدَعُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَی الْمَسْجِدِ فَأَبَی عَلَیْهِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَبْنِیَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا یَسْكُنُهُ غَیْرِی وَ غَیْرُ أَخِی وَ ابْنَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَصَبَهُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ فَنَادَی لَهُ بِالْوَلَایَةِ وَ قَالَ لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ دَعَا النَّصَارَی مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ إِلَی الْمُبَاهَلَةِ لَمْ یَأْتِ إِلَّا بِهِ وَ بِصَاحِبَتِهِ وَ ابْنَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَیْهِ اللِّوَاءَ یَوْمَ خَیْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَأَدْفَعُهَا إِلَی رَجُلٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ كَرَّارٍ غَیْرِ فَرَّارٍ یَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَهُ بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ لَا یُبَلِّغُ عَنِّی إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَنْزِلْ بِهِ شَدِیدَةٌ قَطُّ إِلَّا قَدَّمَهُ لَهَا ثِقَةً بِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَدْعُهُ بِاسْمِهِ قَطُّ إِلَّا یَقُولُ یَا أَخِی وَ ادْعُوا إِلَیَّ أَخِی
ص: 183
قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَضَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ جَعْفَرٍ وَ زَیْدٍ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّ یَوْمٍ خَلْوَةٌ وَ كُلَّ لَیْلَةٍ دَخْلَةٌ إِذَا سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ إِذَا سَكَتَ ابْتَدَأَهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضَّلَهُ عَلَی جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ حِینَ قَالَ لِفَاطِمَةَ زَوَّجْتُكِ خَیْرَ أَهْلِ بَیْتِی أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَكْبَرَهُمْ عِلْماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ أَخِی عَلِیٌّ سَیِّدُ الْعَرَبِ وَ فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ابْنَایَ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَهُ بِغُسْلِهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام یُعِینُهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَلَمْ یَدَعْ شَیْئاً أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام خَاصَّةً وَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ لَا عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا نَاشَدَهُمْ فِیهِ فَیَقُولُ الصَّحَابَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَ یَقُولُ التَّابِعُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ حَدَّثَنِیهِ مَنْ أَثِقُ بِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ثُمَّ قَدْ نَاشَدَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوهُ یَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً فَقَدْ كَذَبَ لَیْسَ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَبْغَضَنِی فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا
ص: 184
وَ تَفَرَّقُوا عَلَی ذَلِكَ.
بیان: قوله اللّٰهم غفرا أی اللّٰهم اغفر لی غفرا أو اللّٰهم افتتاح للكلام و الخطاب لقیس أی اغفر ما وقع منی أو استر معایبی.
و قال ابن الأثیر فی النهایة فیه
قال للأنصار إنكم ستلقون بعدی أثرة فاصبروا.
الأثرة بفتح الهمزة و الثاء الاسم من آثر یؤثر إیثارا إذا أعطی أراد أنه یستأثر علیكم فیفضل غیركم فی نصیبه من الفی ء و الاستیثار الانفراد بالشی ء.
و قال الجوهری سمل العین فقأها یقال سملت عینه تسمل إذا فقأت بحدیدة محماة و قال نزحت الدار بعدت و بلد نازح و قوم منازیح و قد نزح بفلان إذا بعد عن دیاره غیبة بعیدة و تقول أنت بمنتزح من كذا أی بعید منه.
قوله علیه السلام فولد لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی ولد له أولاد من فاطمة كانوا أولادا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
«457»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَابِسٍ عَنْ حُصَیْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَنَتَ فِی الصُّبْحِ فَلَعَنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَبَا مُوسَی وَ أَبَا الْأَعْوَرِ وَ أَصْحَابَهُمْ.
«458»-(2)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
ص: 185
یُونُسَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنْ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی رَایَاتِ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَی عَدَاوَتِهِمْ مِنَّا إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ یَدَعُوا الصَّلَاةَ.
«459»-(1)وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّینَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارٍ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أَ لَمْ یَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ قَاتِلُوا النَّاسَ حَتَّی یُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا عَصَمُوا مِنِّی دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّی وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً.
«460»-(2)وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ حَبِیبٍ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِیِّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ لَمَّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَعْلَی الْوَادِی وَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَ مَلَئُوا الْأَوْدِیَةَ كَتَائِبَ یَعْنِی یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اسْتَسْلَمُوا حَتَّی وَجَدُوا أَعْوَاناً (3)
«461»-(4)وَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ وَ أَیْضاً عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ الْحَسَنُ فَمَا فَعَلُوا وَ لَا أَفْلَحُوا.
«462»-(5)وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاقْتُلُوهُ (6)
ص: 186
قَالَ فَحَدَّثَنِی بَعْضُهُمْ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ: فَلَمْ نَفْعَلْ وَ لَمْ نُفْلِحْ (1)
«463»-(2)وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَیْثَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ فِی تَابُوتٍ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَوْ لَا كَلِمَةُ فِرْعَوْنَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی مَا كَانَ أَحَدٌ أَسْفَلَ مِنْ مُعَاوِیَةَ.
«464»-(3)وَ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ لَیْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمُوتُ مُعَاوِیَةُ عَلَی غَیْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ.
«465»-(4)وَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ لَیْثٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمُوتُ مُعَاوِیَةُ عَلَی غَیْرِ مِلَّتِی.
«466»-(5)وَ عَنْ قَیْسِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ سُلَیْمَانَ بْنِ قَرْمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ التَّیْمِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 187
فِی النَّوْمِ فَشَكَوْتُ إِلَیْهِ مَا لَقِیتُ مِنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْأَوَدِ وَ اللَّدَدِ فَقَالَ انْظُرْ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةُ مُعَلَّقَیْنِ مُنَكَّسَیْنِ تُشْدَخُ رُءُوسُهُمَا بِالصَّخْرِ (1)
«467»-(2)وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِیِّ عَنْ أَبِی الْمُثَنَّی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا بَیْنَ تَابُوتِ مُعَاوِیَةَ وَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ إِلَّا دَرَجَةٌ وَ مَا انْخَفَضَتْ تِلْكَ الدَّرَجَةُ إِلَّا لِأَنَّهُ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی
«468»-(3)وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ یَزِیدَ الْقُرَشِیِّ (4)عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: دَخَلَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَی السَّرِیرِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ زَیْدٌ جَاءَ حَتَّی رَمَی بِنَفْسِهِ بَیْنَهُمَا فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَ مَا وَجَدْتَ لَكَ مَجْلِساً إِلَّا أَنْ تَقْطَعَ بَیْنِی وَ بَیْنَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ زَیْدٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَزَا غَزْوَةً وَ أَنْتُمَا مَعَهُ فَرَآكُمَا مُجْتَمِعَیْنِ فَنَظَرَ إِلَیْكُمَا نَظَراً شَدِیداً ثُمَّ رَآكُمَا الْیَوْمَ الثَّانِیَ وَ الْیَوْمَ الثَّالِثَ كُلَّ ذَلِكَ یُدِیمُ النَّظَرَ إِلَیْكُمَا فَقَالَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مُجْتَمِعَیْنِ فَفَرِّقُوا بَیْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا لَنْ یَجْتَمِعَا عَلَی خَیْرٍ.
«469»-(5)وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ (6)عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ
ص: 188
الْأَحْوَصِ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو هِلَالٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِیَّ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمِعُوا غِنَاءً فَتَشَرَّفُوا لَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَمَعَ لَهُ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ فَأَتَاهُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُمَا مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یُجِیبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَ هُوَ یَقُولُ:
لَا یَزَالُ حَوَارِیَّ تَلُوحُ عِظَامُهُ***زَوَی الْحَرْبُ عَنْهُ أَنْ یُجَنَّ فَیُقْبَرَا
فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ یَدَیْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْكُسْهُمْ فِی الْفِتْنَةِ رَكْساً اللَّهُمَّ دُعَّهُمْ إِلَی النَّارِ دَعّاً.
«470»-(1)وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ تَابُوتَ مُعَاوِیَةَ فِی النَّارِ فَوْقَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ وَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی
«471»-(2)وَ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ لَیْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَیْتُ النَّبِیَ
ص: 189
صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ یَطْلُعُ عَلَیْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ یَمُوتُ حِینَ یَمُوتُ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ سُنَّتِی فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ وَ تَرَكْتُ أَبِی یَلْبَسُ ثِیَابَهُ وَ یَجِی ءُ فَطَلَعَ مُعَاوِیَةُ.
«472»-(1)وَ عَنْ تَلِیدِ (2)بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْأَقْمَرِ قَالَ: وَفَدْنَا عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَضَیْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ قُلْنَا لَوْ مَرَرْنَا بِرَجُلٍ قَدْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَایَنَهُ فَأَتَیْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْنَا یَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ حَدِّثْنَا مَا شَهِدْتَ وَ رَأَیْتَ قَالَ إِنَّ هَذَا أَرْسَلَ إِلَیَّ یَعْنِی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَئِنْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تُحَدِّثُ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَجَثَوْتُ عَلَی رُكْبَتَیَّ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَدِدْتُ أَنَّ أَحَدَّ سَیْفٍ فِی جُنْدِكَ عَلَی عُنُقِی (3)فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَكَ وَ لَا أَقْتُلَكَ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا یَمْنَعُنِی أَنْ أُحَدِّثَكُمْ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِیهِ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْسَلَ إِلَیْهِ یَدْعُوهُ وَ كَانَ یَكْتُبُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَقَالَ هُوَ یَأْكُلُ فَأَعَادَ عَلَیْهِ الرَّسُولَ الثَّالِثَةَ (4)فَقَالَ هُوَ یَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فَهَلْ تَرَوْنَهُ یَشْبَعُ.
«473»-(5)قَالَ: وَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ مِنْ فَجٍّ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ مُعَاوِیَةُ وَ أَخُوهُ أَحَدُهُمَا قَائِدٌ وَ الْآخَرُ سَائِقٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنِ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ وَ الرَّاكِبَ قُلْنَا أَنْتَ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ وَ إِلَّا فَصَمَّتَا أُذُنَایَ كَمَا عَمِیَتَا عَیْنَایَ (6)
ص: 190
«474»-(1)وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ عَلَی مِنْبَرِی یَخْطُبُ فَاقْتُلُوهُ.
«475»-(2)أَقُولُ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ، رَوَی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَیْفٍ الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْأَحْدَاثِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِیَةُ نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَی عُمَّالِهِ بَعْدَ عَامِ الْجَمَاعَةِ أَنْ بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی شَیْئاً مِنْ فَضْلِ أَبِی تُرَابٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَقَامَتِ الْخُطَبَاءُ فِی كُلِّ كُورَةٍ وَ عَلَی كُلِّ مِنْبَرٍ یَلْعَنُونَ عَلِیّاً وَ یَبْرَءُونَ مِنْهُ وَ یَقَعُونَ فِیهِ وَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَی أَنْ (3)قَالَ
ص: 191
ص: 192
فَلَمْ یَزَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّی مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَازْدَادَ الْبَلَاءُ وَ الْفِتْنَةُ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْقَبِیلِ إِلَّا خَائِفٌ عَلَی دَمِهِ أَوْ طَرِیدٌ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ تَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ وَلِیَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَی الشِّیعَةِ وَ وَلَّی عَلَیْهِمُ الْحَجَّاجَ بْنَ یُوسُفَ فَتَقَرَّبَ إِلَیْهِ أَهْلُ النُّسُكِ وَ الصَّلَاحِ وَ الدِّینِ بِبُغْضِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مُوَالاةِ أَعْدَائِهِ وَ مُوَالاةِ مَنْ یَدَّعِی مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ أَیْضاً أَعْدَاؤُهُ فَأَكْثَرُوا فِی الرِّوَایَةِ فِی فَضْلِهِمْ وَ سَوَابِقِهِمْ وَ مَنَاقِبِهِمْ وَ أَكْثَرُوا مِنَ النَّقْصِ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَیْبِهِ وَ الطَّعْنِ فِیهِ وَ الشَّنَآنِ لَهُ حَتَّی إِنَّ إِنْسَاناً وَقَفَ لِلْحَجَّاجِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ جَدُّ الْأَصْمَعِیِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِیبٍ فَصَاحَ بِهِ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنَّ أَهْلِی عَقُّونِی وَ سَمَّوْنِی عَلِیّاً وَ إِنِّی فَقِیرٌ بَائِسٌ وَ أَنَا إِلَی صِلَةِ الْأَمِیرِ مُحْتَاجٌ فَتَضَاحَكَ لَهُ الْحَجَّاجُ وَ قَالَ لِلُطْفِ مَا تَوَسَّلْتَ بِهِ قَدْ
ص: 193
وَلَّیْتُكَ مَوْضِعَ كَذَا.
و قد روی ابن عرفة المعروف بنفطویه و هو من أكابر المحدثین و أعلامهم فی تاریخه ما یناسب هذا الخبر و قال: إن أكثر الأحادیث الموضوعة فی فضائل الصحابة افتعلت فی أیام بنی أمیة تقربا إلیهم بما یظنون أنهم یرغمون به أنف بنی هاشم.
«476»-(1)مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ لِرَزِینٍ الْعَبْدَرِیِّ مِنْ صَحِیحِ النَّسَائِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَی أَبِی ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ كُنَّا بِالشَّامِ فَقَرَأْتُ وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ الْآیَةَ قَالَ مُعَاوِیَةُ مَا هَذِهِ فِینَا مَا هَذِهِ إِلَّا فِی أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُلْتُ إِنَّهَا فِینَا وَ فِیهِمْ فَكَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فِی هَذَا الْكَلَامِ
ص: 194
فَوَصَلَ ذَلِكَ إِلَی عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَیَّ إِنْ شِئْتَ تَنَحَّیْتَ عَنْهُ فَذَلِكَ الَّذِی أَنْزَلَنِی هُنَا.
«477»-(1)وَ مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ لِلْحُمَیْدِیِّ مِنْ إِفْرَادِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْیَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَوَارَیْتُ خَلْفَ بَابٍ فَجَاءَ فَحَطَأَنِی حَطْأَةً وَ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ یَأْكُلُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ یَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ.
«478»-(2)أَقُولُ رَوَاهُ فِی الْإِسْتِیعَابِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
«479»-(3)و روی العلامة قدس سره فی كشف الحق نقلا عن صحیح مسلم مثله ثم قال قال الحسن بن مثنی قلت ما معنی حطأنی قال وقذنی وقذة و أقول قال فی مادة حطا من النهایة
فی حدیث ابن عباس قال أخذ النبی بقفای فحطانی حطوة.
قال الهروی هكذا جاء به الراوی غیر مهموز و قال قال ابن الأعرابی الحطو تحریك الشی ء مزعزعا و قال رواه شمر بالهمزة یقال حطأه یحطؤه حطأ إذا دفعه بكفه و قیل لا یكون الحطأة إلا ضربة
ص: 195
بالكف بین الكتفین انتهی.
«480»-(1)وَ رُوِیَ فِی الْمُسْتَدْرَكِ مِنَ الْفِرْدَوْسِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَنْ یَخْتَصِمُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَیْنَ یَدَیِ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةُ.
«481»-(2)كِتَابُ عَبَّادٍ الْعُصْفُرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی الْعَبْسِیِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ یَحْیَی عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی الْمِنْبَرِ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّیْفِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ وَ لَوْ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُ الْخَبَرَ.
«482»-(3)كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِ
ص: 196
قَالَ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِیرَةِ النَّضْرِیُّ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَبَا مَعْقِلٍ الْمُزَنِیَّ حَدَّثَنِی عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ صَلَّی بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَقَنَتَ فِی الرَّكْعَةِ الثَّانِیَةِ وَ لَعَنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ وَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ قَالَ الشَّیْخُ علیه السلام صَدَقَ فَالْعَنْهُمْ.
«483»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِیَةُ بِأَدْهَی مِنِّی وَ لَكِنَّهُ یَغْدِرُ وَ یَفْجُرُ وَ لَوْ لَا كَرَاهِیَةُ الْغَدْرِ كُنْتُ مِنْ أَدْهَی النَّاسِ وَ لَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ یُعْرَفُ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ اللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِیدَةِ وَ لَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِیدَةِ.
بیان: قوله بأدهی منی الدهاء بالفتح الفطنة و جودة الرأی و یقال رجل داهیة و هو الذی لم یغلب علیه أحد فی تدابیر أمور الدنیا.
و قال ابن أبی الحدید الغدرة بضم الفاء و فتح العین الكثیر الغدر و الكفرة و الفجرة الكثیر الكفر و الفجور و كل ما كان علی هذا البناء فهو الفاعل فإن سكنت العین فهو المفعول تقول رجل ضحكة أی یضحك و ضحكة أی یضحك منه و یروی غدرة و فجرة و كفرة علی فعلة للمرة الواحدة.
و قال ابن میثم قال بعض الشارحین وجه لزوم الكفر هنالك أن الغدر علی وجه استباحة ذلك و استحلاله كما هو المشهور من حال ابن العاص و معاویة فی استباحة ما علم تحریمه ضرورة و جحده هو الكفر و یحتمل أن یرید كفر نعم اللّٰه و سترها بإظهار معصیته كما هو المفهوم منه لغة.
أقول: إطلاق الكفر علی ارتكاب الكبائر و اجتناب الفرائض شائع فی الأخبار.
قوله علیه السلام ما أستغفل أی لا یمكن للخصم أن یجعلنی غافلا بكیده بل
ص: 197
أعلم مقصوده لكنی قد أعرض عنه للمصلحة و أحكم بظاهر الأمر رعایة للشریعة أو لا تجوز المكیدة علی كما تجوز علی ذوی الغفلة و لا أستغمز الغمز العصر بالید و الكبس أی لا ألین بالخطب الشدید بل أصبر علیه و یروی بالراء المهملة أی لا أستجهل بشدائد المكاره.
«484»-(1)كشف الحق، للعلامة قدس اللّٰه روحه قال روی صاحب كتاب الهاویة أن معاویة قتل أربعین ألفا من المهاجرین و الأنصار و أولادهم.
«485»-(2)
أقول: قال مؤلف إلزام النواصب و العلامة رحمه اللّٰه فی كشف الحق، روی أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبی فی كتاب المثالب كان معاویة لعمارة بن الولید المخزومی و لمسافر بن أبی عمرو و لأبی سفیان و لرجل آخر سماه و كانت هند أمه من المغلمات و كان أحب الرجال إلیها السودان و كانت إذا ولدت أسود دفنته و كانت حمامة إحدی جدات معاویة لها رایة فی ذی المجاز.
قالا و ذكر أبو سعید إسماعیل بن علی السمعانی الحنفی من علماء أهل السنة فی مثالب بنی أمیة و الشیخ أبو الفتوح جعفر بن محمد الهمدانی من علمائهم فی كتاب بهجة المستفید أن مسافر بن عمرو بن أمیة بن عبد شمس كان ذا جمال و سخاء فعشق هندا و جامعها سفاحا و اشتهر ذلك فی قریش فلما حملت و ظهر السفاح هرب مسافر من أبیها إلی الحیرة و كان سلطان العرب عمرو بن هند و طلب أبوها عتبة أبا سفیان و وعده بمال جزیل و زوجه هندا فوضعت بعد ثلاثة أشهر معاویة ثم ورد أبو سفیان علی عمرو بن هند فسأله مسافر عن حال هند فقال إنی تزوجتها فمرض و مات.
«486»-(3)و قال العلامة رحمه اللّٰه فی كشف الحق، ادعی معاویة أخوة زیاد
ص: 198
و كان له مدّع یقال له أبو عبیدة عبد بنی علاج من ثقیف فأقدم معاویة علی تكذیب ذلك الرجل مع أن زیادا ولد علی فراشه و ادعی معاویة أن أبا سفیان زنی بوالدة زیاد و هی عند زوجها المذكور و إن زیادا من أبی سفیان انتهی.
«487»-(1)و قال العلامة الشیرازی فی نزهة القلوب،: أولاد الزنا نجب لأن الرجل یزنی بشهوته و نشاطه فیخرج الولد كاملا و ما یكون من الحلال فمن تصنع الرجل إلی المرأة و لهذا كان عمرو بن العاص و معاویة بن أبی سفیان من دهاة الناس ثم ساق الكلام فی بیان نسبهما علی ما سیأتی من كتاب ربیع الأبرار ثم زاد علی ذلك و قال و منهم زیاد ابن أبیه و فیه یقول الشاعر:
ألا أبلغ معاویة بن حرب***مغلغلة من الرجل الیمانی
أ تغضب أن یقال أبوك عف***و ترضی أن یكون أبوك زان
«488»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ كُلَیْبٍ الْمَسْعُودِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ الطَّائِیِّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ الْبَارِقِیِّ قَالَ: قَدِمَ عَقِیلٌ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ جَالِسٌ فِی صَحْنِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَبَا یَزِیدَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ قُمْ وَ أَنْزِلْ عَمَّكَ فَذَهَبَ بِهِ وَ أَنْزَلَهُ وَ عَادَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ اشْتَرِ لَهُ قَمِیصاً جَدِیداً وَ رِدَاءً جَدِیداً وَ إِزَاراً جَدِیداً وَ نَعْلًا جَدِیداً فَغَدَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی الثِّیَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَبَا یَزِیدَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَرَاكَ أَصَبْتَ مِنَ الدُّنْیَا شَیْئاً إِلَّا هَذِهِ الْحَصْبَاءَ قَالَ یَا أَبَا یَزِیدَ یَخْرُجُ عَطَائِی فَأُعْطِیكَاهُ فَارْتَحَلَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ مُعَاوِیَةُ نَصَبَ
ص: 199
كَرَاسِیَّهُ وَ أَجْلَسَ جُلَسَاءَهُ فَوَرَدَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْعَسْكَرَیْنِ قَالَ مَرَرْتُ بِعَسْكَرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِذَا لَیْلٌ كَلَیْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَهَارٌ كَنَهَارِ النَّبِیِّ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ فِی الْقَوْمِ وَ مَرَرْتُ بِعَسْكَرِكَ فَاسْتَقْبَلَنِی قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ مِمَّنْ نَفَرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِی عَنْ یَمِینِكَ یَا مُعَاوِیَةُ قَالَ هَذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ هَذَا الَّذِی اخْتَصَمَ فِیهِ سِتَّةُ نَفَرٍ فَغَلَبَ عَلَیْهِ جَزَّارُهَا فَمَنِ الْآخَرُ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَیْسٍ الْفِهْرِیُّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَبُوهُ جَیِّدَ الْأَخْذِ خَسِیسَ النَّفْسِ فَمَنْ هَذَا الْآخَرُ قَالَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ قَالَ هَذَا ابْنُ الْمَرَاقَةِ فَلَمَّا رَأَی مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ قَدْ أَغْضَبَ جُلَسَاءَهُ قَالَ یَا أَبَا یَزِیدَ مَا تَقُولُ فِیَّ قَالَ دَعْ عَنْكَ قَالَ لَتَقُولَنَّ قَالَ أَ تَعْرِفُ حَمَامَةَ قَالَ وَ مَنْ حَمَامَةُ قَالَ أَخْبَرْتُكَ وَ مَضَی عَقِیلٌ فَأَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی النَّسَّابَةِ فَقَالَ أَخْبِرْنِی مَنْ حَمَامَةُ قَالَ أَعْطِنِی الْأَمَانَ عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِی فَأَعْطَاهُ قَالَ حَمَامَةُ جَدَّتُكَ وَ كَانَتْ بَغِیَّةً فِی الْجَاهِلِیَّةِ لَهَا رَایَةٌ تُؤْتَی.
قال الشیخ: قال أبو بكر بن زبین (1)هی أم أم أبی سفیان.
«489»-(2)و قال ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة: معاویة هو أبو عبد الرحمن معاویة بن أبی سفیان صخر بن حرب بن أمیة بن عبد شمس بن عبد مناف و أمه هند بنت عتبة بن ربیعة بن عبد شمس بن عبد مناف و أبو سفیان هو الذی قاد قریشا فی حروبها إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كانت هند
ص: 200
تذكر فی مكة بفجور و عهر.
و قال الزمخشری فی كتاب ربیع الأبرار،: كان معاویة یعزی إلی أربعة إلی مسافر بن أبی عمرو و إلی عمارة بن الولید بن المغیرة و إلی العباس بن عبد المطلب و إلی الصباح مغن كان لعمارة بن الولید قال و كان أبو سفیان دمیما قصیرا و كان الصباح عسیفا لأبی سفیان شابا وسیما فدعته هند إلی نفسها فغشیها و قالوا إن عتبة بن أبی سفیان من الصباح أیضا و قالوا إنها كرهت أن تضعه فی منزلها فخرجت إلی أجیاد فوضعته هناك و فی هذا المعنی یقول حسان أیام المهاجاة بین المسلمین و المشركین فی حیاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قبل عام الفتح:
لمن الصبی بجانب البطحاء***فی الترب ملقی غیر ذی مهد
نجلت به بیضاء آنسه***من عبد شمس صلته الخد:
قال ابن أبی الحدید: و ولی معاویة اثنتین و أربعین سنة منها اثنتان و عشرون سنة ولی فیها إمارة الشام مذ مات أخوه یزید بن أبی سفیان بعد خمس سنین من خلافة عمر إلی أن قتل أمیر المؤمنین علیه السلام فی سنة أربعین و منها عشرون سنة خلیفة إلی أن مات فی سنة ستین و كان أحد كُتَّاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اختلف فی كتابته له كیف كانت فالذی علیه المحققون من أهل السیرة أن الوحی كان یكتبه علی علیه السلام و زید بن ثابت و زید بن أرقم و إن حنظلة بن الربیع و معاویة بن أبی سفیان كانا یكتبان له إلی الملوك و إلی رؤساء القبائل و یكتبان حوائجه بین یدیه و یكتبان ما یجبی من أموال الصدقات ما یقسم له فی أربابها و كان معاویة علی أس الدهر مبغضا لعلی علیه السلام شدید الانحراف عنه و كیف لا یبغضه و قد قتل أخاه حنظلة یوم بدر و خاله الولید بن عتبة و شرك عمه حمزة فی جده و هو عتبة أو فی عمه و هو شیبة علی اختلاف الروایة و قتل من بنی عمه من بنی عبد شمس نفرا كثیرا من أعیانهم و أماثلهم ثم
ص: 201
جاءت الطامة الكبری واقعة عثمان فنسبها كلها إلیه بشبهة إمساكه عنه و انضواء كثیر من قتلته إلیه فتأكدت البغضة و ثارت الأحقاد و تذكرت تلك التراث الأولی حتی أفضی الأمر إلی ما أفضی إلیه و قد كان معاویة مع عظم قدر علی علیه السلام فی النفوس و اعتراف العرب بشجاعته و أنه البطل الذی لا یقام له یتهدده و عثمان بعد حی بالحرب و المنابذة و یراسله من الشام رسائل خشنة ثم قال و معاویة مطعون فی دینه عند شیوخنا یرمی بالزندقة و قد ذكرنا فی نقض السفیانیة علی شیخنا أبی عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا فی كتبهم الكلامیة عنه من الإلحاد و التعرض لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ما تظاهر به من الجبر و الإرجاء و لو لم یكن شی ء من ذلك لكان فی محاربته الإمام ما یكفی فی فساد حاله لا سیما علی قواعد أصحابنا و كونهم بالكبیرة الواحدة یقطعون علی المصیر إلی النار و الخلود فیها إن لم یكفرها التوبة و قال فی موضع آخر معاویة عند أصحابنا مطعون فی دینه منسوب إلی الإلحاد قد طعن فیه شیخنا أبو عبد اللّٰه البصری فی كتاب نقض السفیانیة علی الجاحظ و روی عنه أخبارا تدل علی ذلك.
«490»-(1)رَوَی ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِی طَاهِرٍ فِی كِتَابِ أَخْبَارِ الْمُلُوكِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَهَا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لِلَّهِ أَبُوكَ یَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ عَالِی الْهِمَّةِ مَا رَضِیتَ لِنَفْسِكَ إِلَّا أَنْ تَقْرِنَ اسْمَكَ بِاسْمِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.
«491»-(2)قَالَ وَ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ
ص: 202
الْحَسَنِ قَالَ وَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ أَیْضاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ فَوَ اللَّهِ مَا فَعَلُوا وَ لَا أَفْلَحُوا.
«492»-(1)وَ رَوَی أَیْضاً فِی مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ تَارِیخِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: فِی هَذِهِ السَّنَةِ [284] عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَی لَعْنِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی الْمَنَابِرِ وَ أَمَرَ بِإِنْشَاءِ كِتَابٍ یُقْرَأُ عَلَی النَّاسِ فَخَوَّفَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ اضْطِرَابَ الْعَامَّةِ وَ أَنَّهُ لَا یَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ فَكَانَ أَوَّلُ شَیْ ءٍ بَدَأَ بِهِ الْمُعْتَضِدُ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِیمَ إِلَی الْعَامَّةِ بِلُزُومِ أَعْمَالِهِمْ وَ تَرْكِ الِاجْتِمَاعِ وَ الْعَصَبِیَّةِ وَ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ السُّلْطَانِ إِلَّا أَنْ یُسْأَلُوا (2)وَ مَنَعَ الْقُصَّاصَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَی الطُّرُقَاتِ وَ أُنْشِئَ هَذَا الْكِتَابُ وَ عُمِلَتْ مِنْهُ نُسَخٌ قُرِئَتْ بِالْجَانِبَیْنِ مِنْ مَدِینَةِ السَّلَامِ فِی الْأَرْبَاعِ وَ الْمَحَالِّ وَ الْأَسْوَاقِ فِی یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِسِتٍّ بَقِینَ مِنْهَا وَ مُنِعَ الْقُصَّاصُ مِنَ الْقُعُودِ فِی الْجَانِبَیْنِ وَ مُنِعَ أَهْلُ الْحِلَقِ فِی الْفُتْیَا أَوْ غَیْرُهُمْ مِنَ الْقُعُودِ فِی الْمَسْجِدَیْنِ
ص: 203
وَ نُودِیَ فِی الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِنَهْیِ النَّاسِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ عَلَی قَاصٍّ أَوْ غَیْرِهِ وَ مُنِعَ الْقُصَّاصُ وَ أَهْلُ الْحِلَقِ مِنَ الْقُعُودِ وَ نُودِیَ إِنَّ الذِّمَّةَ قَدْ بَرِئَتْ مِمَّنِ اجْتَمَعَ مِنَ النَّاسِ فِی مُنَاظَرَةٍ وَ جَدَلٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَی الشُّرَّابِ الَّذِینَ یُسْقَوْنَ الْمَاءَ فِی الْجَامِعَیْنِ أَنْ لَا یَتَرَحَّمُوا عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ لَا یَذْكُرُوهُ بِخَیْرٍ وَ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِیَةً بِالتَّرَحُّمِ وَ تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِی قَدْ أَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِإِنْشَائِهِ بِلَعْنِ مُعَاوِیَةَ یُقْرَأُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَی الْمِنْبَرِ فَلَمَّا صَلَّی النَّاسُ الْجُمُعَةَ بَادَرُوا إِلَی الْمَقْصُورَةِ لِیَسْمَعُوا قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فَلَمْ یُقْرَأْ وَ قِیلَ (1)إِنَّ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَیْمَانَ صَرَفَهُ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَ إِنَّهُ أَحْضَرَ یُوسُفَ بْنَ
ص: 204
یَعْقُوبَ الْقَاضِیَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَعْمَلَ الْحِیلَةَ فِی إِبْطَالِ مَا عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَیْهِ فَمَضَی یُوسُفُ فَكَلَّمَ الْمُعْتَضِدَ فِی ذَلِكَ وَ قَالَ لَهُ إِنِّی أَخَافُ أَنْ تَضْطَرِبَ الْعَامَّةُ وَ یَكُونَ مِنْهَا عِنْدَ سَمَاعِهَا هَذَا الْكِتَابَ حَرَكَةٌ فَقَالَ إِنْ تَحَرَّكَتِ الْعَامَّةُ أَوْ نَطَقَتْ وَضَعْتُ السَّیْفَ فِیهَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا تَصْنَعُ بِالطَّالِبِیِّینَ الَّذِینَ یَخْرُجُونَ فِی كُلِّ نَاحِیَةٍ وَ یَمِیلُ إِلَیْهِمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا فِی هَذَا الْكِتَابِ مِنْ إِطْرَائِهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ وَ إِذَا سَمِعَ النَّاسُ هَذَا كَانُوا إِلَیْهِمْ أَمْیَلَ وَ كَانُوا هُمْ أَبْسَطَ أَلْسِنَةً وَ أَثْبَتَ حُجَّةً مِنْهُمُ الْیَوْمَ فَأَمْسَكَ الْمُعْتَضِدُ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ جَوَاباً وَ لَمْ یَأْمُرْ بَعْدَ ذَلِكَ فِی الْكِتَابِ بِشَیْ ءٍ وَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ حَمْدَ اللَّهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ انْتَهَی إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَا عَلَیْهِ جَمَاعَةُ الْعَامَّةِ مِنْ شُبْهَةٍ قَدْ دَخَلَتْهُمْ فِی أَدْیَانِهِمْ وَ فَسَادٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فِی مُعْتَقَدِهِمْ وَ عَصَبِیَّةٍ قَدْ غَلَبَتْ عَلَیْهَا أَهْوَاؤُهُمْ وَ نَطَقَتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ عَلَی غَیْرِ مَعْرِفَةٍ وَ لَا رَوِیَّةٍ قَدْ قَلَّدُوا فِیهَا قَادَةَ الضَّلَالَةِ بِلَا بَیِّنَةٍ وَ لَا بَصِیرَةٍ وَ خَالَفُوا السُّنَنَ الْمُتَّبَعَةَ إِلَی الْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ خُرُوجاً عَنِ الْجَمَاعَةِ وَ مُسَارَعَةً
ص: 205
إِلَی الْفِتْنَةِ وَ إِیثَاراً لِلْفُرْقَةِ وَ تَشْتِیتاً لِلْكَلِمَةِ وَ إِظْهَاراً لِمُوَالاةِ مَنْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُوَالاةَ وَ بَتَرَ مِنْهُ الْعِصْمَةَ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْمِلَّةِ وَ أَوْجَبَ عَلَیْهِ اللَّعْنَةَ وَ تَعْظِیماً لِمَنْ صَغَّرَ اللَّهُ حَقَّهُ وَ أَوْهَنَ أَمْرَهُ وَ أَضْعَفَ رُكْنَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ وَ مُخَالَفَةً لِمَنِ اسْتَنْقَذَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ أَسْبَغَ عَلَیْهِمْ بِهِ النِّعْمَةَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ الْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ فَأَعْظَمَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا انْتَهَی إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ وَ رَأَی تَرْكَ إِنْكَارِهِ حَرَجاً عَلَیْهِ فِی الدِّینِ وَ فَسَاداً لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّهُ أَمْرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ إِهْمَالًا لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ تَقْوِیمِ الْمُخَالِفِینَ وَ تَبْصِیرِ الْجَاهِلِینَ وَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَی الشَّاكِّینَ وَ بَسْطِ الْیَدِ عَنِ الْمُعَانِدِینَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یُخْبِرُكُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا ابْتَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِدِینِهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَصْدَعَ بِأَمْرِهِ بَدَأَ بِأَهْلِهِ وَ عَشِیرَتِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی رَبِّهِ وَ أَنْذَرَهُمْ وَ بَشَّرَهُمْ وَ نَصَحَ لَهُمْ وَ أَرْشَدَهُمْ وَ كَانَ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَ صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ اتَّبَعَ أَمْرَهُ نَفَرٌ یَسِیرٌ مِنْ بَنِی أَبِیهِ (1)مِنْ بَیْنِ مُؤْمِنٍ بِمَا أَتَی بِهِ مِنْ رَبِّهِ وَ نَاصِرٍ لِكَلِمَتِهِ وَ إِنْ لَمْ یَتَّبِعْ دِینَهُ إِعْزَازاً لَهُ وَ إِشْفَاقاً عَلَیْهِ فَمُؤْمِنُهُمْ مُجَاهِدٌ بِبَصِیرَتِهِ وَ كَافِرُهُمْ مُجَاهِدٌ بِنُصْرَتِهِ وَ حَمِیَّتِهِ یَدْفَعُونَ مَنْ نَابَذَهُ وَ یَقْهَرُونَ مَنْ عَابَهُ وَ عَانَدَهُ وَ یَتَوَثَّقُونَ لَهُ مِمَّنْ كَانَفَهُ وَ عَاضَدَهُ وَ یُبَایِعُونَ لَهُ مَنْ سَمِحَ لَهُ بِنُصْرَتِهِ وَ یَتَجَسَّسُونَ أَخْبَارَ أَعْدَائِهِ وَ یَكِیدُونَ لَهُ بِظَهْرِ الْغَیْبِ كَمَا یَكِیدُونَ لَهُ بِرَأْیِ الْعَیْنِ حَتَّی بَلَغَ الْمَدَی وَ حَانَ وَقْتُ الِاهْتِدَاءِ فَدَخَلُوا فِی دِینِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ تَصْدِیقِ رَسُولِهِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ بِأَثْبَتِ بَصِیرَةٍ وَ أَحْسَنِ هُدًی وَ رَغْبَةٍ فَجَعَلَهُمُ اللَّهُ أَهْلَ بَیْتِ الرَّحْمَةِ أَهْلَ بَیْتِهِ الَّذِینَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً مَعْدِنَ الْحِكْمَةِ وَ وَرَثَةَ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعَ الْخِلَافَةِ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ الْفَضِیلَةَ وَ أَلْزَمَ الْعِبَادَ لَهُمُ الطَّاعَةَ (2)
ص: 206
وَ كَانَ مِمَّنْ عَانَدَهُ وَ كَذَّبَهُ وَ حَارَبَهُ مِنْ عَشِیرَتِهِ الْعَدَدُ الْكَثِیرُ وَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ یَتَلَقَّوْنَهُ بِالضَّرَرِ وَ التَّثْرِیبِ وَ یَقْصِدُونَهُ بِالْأَذَی وَ التَّخْوِیفِ وَ یُنَابِذُونَهُ بِالْعَدَاوَةِ وَ یَنْصِبُونَ لَهُ الْمُحَارَبَةَ وَ یَصُدُّونَ عَنْ قَصْدِهِ وَ یَنَالُونَ بِالتَّعْذِیبِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ كَانَ أَشَدُّهُمْ فِی ذَلِكَ عَدَاوَةً وَ أَعْظَمُهُمْ لَهُ مُخَالَفَةً أَوَّلَهُمْ فِی كُلِّ حَرْبٍ وَ مُنَاصَبَةٍ وَ رَأْسَهُمْ فِی كُلِّ إِجْلَابٍ وَ فِتْنَةٍ لَا تُرْفَعُ عَنِ الْإِسْلَامِ رَایَةٌ إِلَّا كَانَ صَاحِبُهَا وَ قَائِدُهَا وَ رَئِیسُهَا أَبَا سُفْیَانَ بْنَ حَرْبٍ صَاحِبَ أُحُدٍ وَ الْخَنْدَقِ وَ غَیْرِهِمَا وَ أَشْیَاعَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ الْمَلْعُونِینَ فِی كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ الْمَلْعُونِینَ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَوَاطِنَ عِدَّةٍ لِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِیهِمْ وَ مَاضِی حُكْمِهِ فِی أَمْرِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ وَ نِفَاقِهِمْ فَلَمْ یَزَلْ لَعَنَهُ اللَّهُ یُحَارِبُ مُجَاهِداً وَ یُدَافِعُ مُكَایِداً وَ یَجْلِبُ مُنَابِذاً حَتَّی قَهَرَهُ السَّیْفُ وَ عَلَا أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فَتَعَوَّذَ بِالْإِسْلَامِ غَیْرَ مَنْطُوٍّ عَلَیْهِ وَ أَسَرَّ الْكُفْرَ غَیْرَ مُقْلِعٍ عَنْهُ فَقَبِلَهُ وَ قَبِلَ وُلْدُهُ عَلَی عِلْمٍ مِنْهُ بِحَالِهِ وَ حَالِهِمْ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی كِتَاباً فِیمَا أَنْزَلَهُ عَلَی رَسُولِهِ یَذْكُرُ فِیهِ شَأْنَهُمْ (1)وَ هُوَ
ص: 207
قَوْلُهُ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ لَا خِلَافَ بَیْنَ أَحَدٍ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَرَادَ بِهَا بَنِی أُمَیَّةَ وَ مِمَّا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِی السُّنَّةِ وَ رَوَاهُ ثِقَاتُ الْأُمَّةِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ وَ قَدْ رَآهُ مُقْبِلًا عَلَی حِمَارٍ وَ مُعَاوِیَةُ یَقُودُهُ وَ یَزِیدُ یَسُوقُهُ لَعَنَ اللَّهُ الرَّاكِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ وَ مِنْهُ مَا رَوَتْهُ الرُّوَاةُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ یَوْمَ بَیْعَةِ عُثْمَانَ تَلَقَّفُوهَا یَا بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ تَلَقُّفَ الْكُرَةِ فَوَ اللَّهِ مَا مِنْ جَنَّةٍ وَ لَا نَارٍ وَ هَذَا كُفْرٌ صِرَاحٌ یَلْحَقُهُ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ كَمَا لَحِقَتِ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ وَ مِنْهُ مَا یُرْوَی مِنْ وُقُوفِهِ عَلَی ثَنِیَّةِ أُحُدٍ بَعْدَ ذَهَابِ بَصَرِهِ وَ قَوْلِهِ لِقَائِدِهِ هُنَالِكَ دَمَیْنَا مُحَمَّداً وَ قَتَلْنَا أَصْحَابَهُ (1)وَ مِنْهَا الْكَلِمَةُ الَّتِی قَالَهَا لِلْعَبَّاسِ قَبْلَ الْفَتْحِ وَ قَدْ عُرِضَتْ عَلَیْهِ الْجُنُودُ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِیكَ عَظِیماً فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ وَیْحَكَ إِنَّهُ لَیْسَ بِمُلْكٍ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ یَوْمَ الْفَتْحِ وَ قَدْ رَأَی بِلَالًا عَلَی ظَهْرِ الْكَعْبَةِ یُؤَذِّنُ وَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أَسْعَدَ اللَّهُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ إِذْ لَمْ یَشْهَدْ هَذَا الْمَشْهَدَ
ص: 208
وَ مِنْهَا الرُّؤْیَا الَّتِی رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَمَ لَهَا قَالُوا فَمَا رُئِیَ بَعْدَهَا ضَاحِكاً رَأَی نَفَراً مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ یَنْزُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ (1)وَ مِنْهَا طَرْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ لِمُحَاكَاتِهِ إِیَّاهُ فِی مِشْیَتِهِ وَ أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِدَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آفَةً بَاقِیَةً حِینَ الْتَفَتَ إِلَیْهِ فَرَآهُ یَتَخَلَّجُ یَحْكِیهِ فَقَالَ كُنْ كَمَا أَنْتَ فَبَقِیَ عَلَی ذَلِكَ سَائِرَ عُمُرِهِ هَذَا إِلَی مَا كَانَ مِنْ مَرْوَانَ ابْنِهِ وَ افْتِتَاحِهِ أَوَّلَ فِتْنَةٍ كَانَتْ فِی الْإِسْلَامِ وَ احْتِقَابِهِ كُلَّ دَمٍ حَرَامٍ سُفِكَ فِیهَا أَوْ أُرِیقَ بَعْدَهَا (2)وَ مِنْهَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قَالُوا مُلْكُ بَنِی أُمَیَّةَ (3)وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا مُعَاوِیَةَ لِیَكْتُبَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَدَافَعَ بِأَمْرِهِ وَ اعْتَلَّ بِطَعَامِهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فَبَقِیَ لَا یَشْبَعُ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَتْرُكُ الطَّعَامَ شِبَعاً وَ لَكِنْ إِعْیَاءً وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَطْلُعُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِی یَحْشُرُ عَلَی غَیْرِ مِلَّتِی فَطَلَعَ مُعَاوِیَةُ وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ عَلَی مِنْبَرِی فَاقْتُلُوهُ
ص: 209
وَ مِنْهَا الْحَدِیثُ الْمَشْهُورُ الْمَرْفُوعُ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ یُنَادِی یَا حَنَّانُ یَا مَنَّانُ فَیُقَالُ لَهُ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ وَ مِنْهَا انْتِزَاؤُهُ بِالْمُحَارَبَةِ لِأَفْضَلِ الْمُسْلِمِینَ فِی الْإِسْلَامِ مَكَاناً وَ أَقْدَمِهِمْ إِلَیْهِ سَبْقاً وَ أَحْسَنِهِمْ فِیهِ أَثَراً وَ ذِكْراً عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یُنَازِعُهُ حَقَّهُ بِبَاطِلِهِ وَ یُجَاهِدُ أَنْصَارَهُ بِضُلَّالِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ یُحَاوِلُ مَا لَمْ یَزَلْ هُوَ وَ أَبُوهُ یُحَاوِلَانِهِ مِنْ إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ جُحُودِ دِینِهِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1)یَسْتَهْوِی أَهْلَ الْجَهَالَةِ وَ یُمَوِّهُ لِأَهْلِ الْغَبَاوَةِ بِمَكْرِهِ وَ بَغْیِهِ الذین [اللَّذَیْنِ] قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْخَبَرَ عَنْهُمَا فَقَالَ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَكَ إِلَی النَّارِ مُؤْثِراً لِلْعَاجِلَةِ كَافِراً بِالْآجِلَةِ خَارِجاً مِنْ طَرِیقَةِ الْإِسْلَامِ (2)مُسْتَحِلًّا لِلدَّمِ الْحَرَامِ حَتَّی سُفِكَ فِی فِتْنَتِهِ وَ عَلَی سَبِیلِ غَوَایَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ دِمَاءٌ مَا لَا یُحْصَی عَدَدُهُ مِنْ خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ الذَّابِّینَ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ النَّاصِرِینَ لِحَقِّهِ مُجَاهِداً فِی عَدَاوَةِ اللَّهِ مُجْتَهِداً فِی أَنْ یُعْصَی اللَّهُ فَلَا یُطَاعَ وَ تَبْطُلَ أَحْكَامُهُ فَلَا تُقَامَ وَ یُخَالَفَ دِینُهُ فَلَا یُدَانَ وَ أَنْ تَعْلُوَ كَلِمَةُ الضَّلَالِ وَ تَرْتَفِعَ دَعْوَةُ الْبَاطِلِ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ دِینُهُ الْمَنْصُورُ وَ حُكْمُهُ النَّافِذُ وَ أَمْرُهُ الْغَالِبُ وَ كَیْدُ مَنْ عَادَاهُ وَ حَادَّهُ الْمَغْلُوبُ الدَّاحِضُ حَتَّی احْتَمَلَ أَوْزَارَ تِلْكَ الْحُرُوبِ وَ مَا اتَّبَعَهَا وَ تَطَوَّقَ تِلْكَ الدِّمَاءَ وَ مَا سُفِكَ بَعْدَهَا وَ سَنَّ سُنَنَ الْفَسَادِ الَّتِی عَلَیْهِ إِثْمُهَا وَ إِثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَ أَبَاحَ الْمَحَارِمَ لِمَنِ ارْتَكَبَهَا وَ مَنَعَ الْحُقُوقَ أَهْلَهَا وَ غَرَّتْهُ الْآمَالُ وَ اسْتَدْرَجَهُ الْإِمْهَالُ وَ كَانَ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِهِ اللَّعْنَةَ قَتْلُهُ مَنْ قَتَلَ صَبْراً (3)مِنْ خِیَارِ
ص: 210
الصَّحَابَةِ وَ التَّابِعِینَ وَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَ الدِّینِ مِثْلِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیِّ وَ حُجْرِ بْنِ عَدِیٍّ الْكِنْدِیِّ فِیمَنْ قَتَلَ مِنْ أَمْثَالِهِمْ عَلَی أَنْ یَكُونَ لَهُ الْعِزَّةُ وَ الْمُلْكُ وَ الْغَلَبَةُ ثُمَّ ادَّعَاؤُهُ زِیَادَ بْنَ سُمَیَّةَ أَخاً وَ نِسْبَتُهُ إِیَّاهُ إِلَی أَبِیهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی یَقُولُ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ یَقُولُ مَلْعُونٌ مَنِ ادَّعَی إِلَی غَیْرِ أَبِیهِ أَوِ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ (1)وَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَخَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَی وَ رَسُولِهِ جِهَاراً وَ جَعَلَ الْوَلَدَ لِغَیْرِ الْفِرَاشِ وَ الْحَجَرَ لِغَیْرِ الْعَاهِرِ فَأَحَلَّ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فِی أُمِّ حَبِیبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ وَ فِی غَیْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ مِنْ شُعُورٍ وَ وُجُوهٍ قَدْ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَ أَثْبَتَ بِهَا مِنْ قُرْبِیٍّ قَدْ أَبْعَدَهَا اللَّهُ مَا لَمْ یَدْخُلِ الدِّینَ خَلَلٌ مِثْلُهُ وَ لَمْ یَنَلِ الْإِسْلَامُ تَبْدِیلًا یُشْبِهُهُ وَ مِنْ ذَلِكَ إِیثَارُهُ لِخِلَافَةِ اللَّهِ عَلَی عِبَادِهِ ابْنَهُ یَزِیدَ السِّكِّیرَ الْخِمِّیرَ صَاحِبَ الدِّیَكَةِ وَ الْفُهُودِ وَ الْقِرَدَةِ وَ أَخْذُ الْبَیْعَةِ لَهُ عَلَی خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ بِالْقَهْرِ وَ السَّطْوَةِ وَ التَّوَعُّدِ وَ الْإِخَافَةِ وَ التَّهْدِیدِ وَ الرَّهْبَةِ وَ هُوَ یَعْلَمُ سَفَهَهُ وَ یَطَّلِعُ عَلَی رَهْقِهِ وَ خُبْثِهِ وَ یُعَایِنُ سَكَرَاتِهِ وَ فَعَلَاتِهِ وَ فُجُورَهُ وَ كُفْرَهُ فَلَمَّا تَمَكَّنَ قَاتَلَهُ اللَّهُ فِیمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ طَلَبَ بِثَأْرَاتِ الْمُشْرِكِینَ وَ طَوَائِلِهِمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِینَ فَأَوْقَعَ بِأَهْلِ الْمَدِینَةِ فِی وَقْعَةِ الْحَرَّةِ
ص: 211
الْوَقْعَةَ الَّتِی لَمْ یَكُنْ فِی الْإِسْلَامِ أَشْنَعُ مِنْهَا وَ لَا أَفْحَشُ فَشَفَی عِنْدَ نَفْسِهِ غَلِیلَهُ وَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدِ انْتَقَمَ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ بَلَغَ الثَّأْرَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فَقَالَ مُجَاهِراً بِكُفْرِهِ وَ مُظْهِراً لِشِرْكِهِ:
لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ
قَوْلَ مَنْ لَا یَرْجِعُ إِلَی اللَّهِ وَ لَا إِلَی دِینِهِ وَ لَا إِلَی كِتَابِهِ وَ لَا إِلَی رَسُولِهِ وَ لَا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ مِنْ أَغْلَظِ مَا انْتَهَكَ وَ أَعْظَمِ مَا اجْتَرَمَ سَفْكُهُ دَمَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا مَعَ مَوقِعِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَكَانِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ مِنَ الدِّینِ وَ الْفَضْلِ وَ الشَّهَادَةِ لَهُ وَ لِأَخِیهِ بِسِیَادَةِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اجْتِرَاءً عَلَی اللَّهِ وَ كُفْراً بِدِینِهِ وَ عَدَاوَةً لِرَسُولِهِ وَ مُجَاهَرَةً لِعِتْرَتِهِ وَ اسْتِهَانَةً لِحُرْمَتِهِ كَأَنَّمَا یَقْتُلُ لَعَنَهُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ كَفَرَةِ التُّرْكِ وَ الدَّیْلَمِ لَا یَخَافُ مِنَ اللَّهِ نَقِمَةً وَ لَا یُرَاقِبُ مِنْهُ سَطْوَةً فَبَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ وَ اجْتَثَّ أَصْلَهُ وَ فَرْعَهُ وَ سَلَبَهُ مَا تَحْتَ یَدِهِ وَ أَعَدَّ لَهُ مِنْ عَذَابِهِ وَ عُقُوبَتِهِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنَ اللَّهِ بِمَعْصِیَتِهِ هَذَا إِلَی مَا كَانَ مِنْ بَنِی مَرْوَانَ مِنْ تَبْدِیلِ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَعْطِیلِ أَحْكَامِ اللَّهِ وَ اتِّخَاذِ مَالِ اللَّهِ بَیْنَهُمْ دُوَلًا وَ هَدْمِ بَیْتِ اللَّهِ وَ اسْتِحْلَالِ حَرَامِهِ وَ نَصْبِهِمُ الْمَجَانِیقَ عَلَیْهِ وَ رَمْیِهِمْ بِالنِّیرَانِ إِلَیْهِ لَا یَأْلُونَ إِحْرَاقاً وَ إِخْرَاباً وَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهُ اسْتِبَاحَةً وَ انْتِهَاكاً وَ لِمَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ قَتْلًا وَ تَنْكِیلًا وَ لِمَنْ آمَنَهُ اللَّهُ بِهِ إِخَافَةً وَ تَشْرِیداً حَتَّی إِذَا حَقَّتْ عَلَیْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَ اسْتَحَقُّوا مِنَ اللَّهِ الِانْتِقَامَ وَ مَلَئُوا الْأَرْضَ بِالْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ وَ عَمُّوا عِبَادَ اللَّهِ بِالظُّلْمِ وَ الِاقْتِسَارِ وَ حَلَّتْ عَلَیْهِمُ السَّخَطُ وَ نَزَلَتْ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ السَّطْوَةُ أَتَاحَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّهِ وَ أَهْلِ وِرَاثَتِهِ وَ مَنِ اسْتَخْلَصَهُ مِنْهُمْ لِخِلَافَتِهِ مِثْلَ مَا أَتَاحَ مِنْ أَسْلَافِهِمُ الْمُؤْمِنِینَ وَ آبَائِهِمُ الْمُجَاهِدِینَ لِأَوَائِلِهِمُ الْكَافِرِینَ فَسَفَكَ اللَّهُ دِمَاءَهُمْ مُرْتَدِّینَ كَمَا سَفَكَ بِآبَائِهِمْ دِمَاءَ آبَائِهِمْ مُشْرِكِینَ وَ قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ لِیُطَاعَ وَ مَثَّلَ لِیُتَمَثَّلَ وَ حَكَمَ لِیُفْعَلَ قَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِینَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِیراً وَ قَالَ
ص: 212
أُولئِكَ یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ یَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ فَالْعَنُوا أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ فَارِقُوا مَنْ لَا تَنَالُونَ الْقُرْبَةَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بِمُفَارَقَتِهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ أَبَا سُفْیَانَ بْنَ أُمَیَّةَ وَ مُعَاوِیَةَ ابْنَهُ وَ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ وَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ وَ قَادَةَ الضَّلَالِ وَ أَعْدَاءَ الدِّینِ وَ مُجَاهِدِی الرَّسُولِ وَ مُعَطِّلِی الْأَحْكَامِ وَ مُبَدِّلِی الْكِتَابِ وَ مُنْتَهِكِی الدَّمِ الْحَرَامِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ مُوَالاةِ أَعْدَائِكَ وَ مِنَ الْإِغْمَاضِ لِأَهْلِ مَعْصِیَتِكَ كَمَا قُلْتَ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَیُّهَا النَّاسُ اعْرِفُوا الْحَقَّ تَعْرِفُوا أَهْلَهُ وَ تَأَمَّلُوا سُبُلَ الضَّلَالَةِ تَعْرِفُوا سَابِلَهَا فَقِفُوا عِنْدَ مَا وَقَّفَكُمُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ أَنْفِذُوا لِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَسْتَعْصِمُ بِاللَّهِ لَكُمْ وَ یَسْأَلُهُ تَوْفِیقَكُمْ وَ یَرْغَبُ إِلَیْهِ فِی هِدَایَتِكُمْ وَ اللَّهُ حَسْبُهُ وَ عَلَیْهِ تَوَكُّلُهُ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (1)
ص: 213
وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ (1)إِنَّ مُعَاوِیَةَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْعِرَاقِ وَ الشَّامِ وَ غَیْرِهِمَا بِسَبِّ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ خَطَبَ بِذَلِكَ عَلَی مَنَابِرِ الْإِسْلَامِ وَ صَارَ ذَلِكَ سُنَّةً فِی أَیَّامِ بَنِی أُمَیَّةَ إِلَی أَنْ قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ فَأَزَالَهُ.
وَ قَالَ الْجَاحِظُ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَانَ یَقُولُ فِی آخِرِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اللَّهُمَّ إِنَّ أَبَا تُرَابٍ أَلْحَدَ فِی دِینِكَ وَ صَدَّ عَنْ سَبِیلِكَ فَالْعَنْهُ لَعْناً وَبِیلًا وَ عَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِیماً وَ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَی الْآفَاقِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ یُنَادَی بِهَا عَلَی الْمَنَابِرِ إِلَی خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ.
وَ ذَكَر الْمُبَرَّدُ فِی الْكَامِلِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِیَّ لَمَّا كَانَ أَمِیرَ الْعِرَاقِ فِی خِلَافَةِ هِشَامٍ كَانَ یَلْعَنُ عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ.
وَ ذَكَرَ الْجَاحِظُ أَنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ قَالُوا لِمُعَاوِیَةَ إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ مَا أَمَّلْتَ فَلَوْ كَفَفْتَ عَنْ لَعْنِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی یَرْبُوَ عَلَیْهِ الصَّغِیرُ وَ یَهْرَمَ عَلَیْهِ الْكَبِیرُ وَ لَا یَذْكُرَ لَهُ ذَاكِرٌ فَضْلًا وَ أَرَادَ زِیَادٌ أَنْ یَعْرِضَ عَلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَلِیٍّ وَ لَعْنَهُ وَ أَنْ یَقْتُلَ كُلَّ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَ یُخَرِّبَ مَنْزِلَهُ فَضَرَبَهُ اللَّهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ بِالطَّاعُونِ فَمَاتَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ ذَلِكَ فِی أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ.
ص: 214
قَالَ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بَذَلَ لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّی یَرْوِیَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یُشْهِدُ اللَّهَ عَلی ما فِی قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَ إِذا تَوَلَّی سَعی فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیها وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسادَ وَ أَنَّ الْآیَةَ الثَّانِیَةَ نَزَلَتْ فِی ابْنِ مُلْجَمٍ وَ هِیَ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ لَهُ مِائَتَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَبِلَ وَ رَوَی ذَلِكَ.
وَ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَضَعَ قَوْماً مِنَ الصَّحَابَةِ وَ قَوْماً مِنَ التَّابِعِینَ عَلَی رِوَایَةِ أَخْبَارٍ قَبِیحَةٍ فِی عَلِیٍّ علیه السلام فَاخْتَلَفُوا مَا أَرْضَاهُ مِنْهُمْ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ مِنَ التَّابِعِینَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَیْرِ.
قَالَ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَكْذَبُ النَّاسِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبُو هُرَیْرَةَ الدَّوْسِیُّ.
قَالَ وَ قَدْ رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا عَادَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی الشَّامِ خَطَبَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّكَ سَتَلِی الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِی فَاخْتَرِ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَإِنَّ فِیهَا الْأَبْدَالَ وَ قَدِ اخْتَرْتُكُمْ فَالْعَنُوا أَبَا تُرَابٍ فَلَعَنُوهُ.
قَالَ وَ رَوَی شَیْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِیُّ الْمُتَكَلِّمُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّیْثِیِّ (1)عَنْ أَبِیهِ قَالَ: أَتَیْنَا مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ
ص: 215
یَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا مُعَاوِیَةُ قَامَ السَّاعَةَ فَأَخَذَ بِیَدِ أَبِی سُفْیَانَ فَخَرَجَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَنَ اللَّهُ التَّابِعَ وَ الْمَتْبُوعَ رُبَّ یَوْمٍ لِأُمَّتِی مِنْ مُعَاوِیَةَ ذِی الْأَسْتَاهِ قَالُوا یَعْنِی كَبِیرَ الْعَجُزِ.
ص: 216
قَالَ وَ رَوَی الْعَلَاءُ بْنُ جَرِیرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِمُعَاوِیَةَ لَتَتَّخِذَنَّ یَا مُعَاوِیَةُ الْبِدْعَةَ سُنَّةً وَ الْقَبِیحَ حَسَناً أَكْلُكَ كَثِیرٌ وَ ظُلْمُكَ عَظِیمٌ.
قَالَ وَ رَوَی الْحَارِثُ بْنُ حَصِیرَةَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ رَبِیعَةَ بْنِ نَاجِذٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام نَحْنُ وَ آلُ أَبِی سُفْیَانَ قَوْمٌ تَعَادَوْا فِی اللَّهِ وَ الْأَمْرُ یَع