بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 12

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 12: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب النبوة

أبواب قصص إبراهیم علیه السلام

باب 1 علل تسمیته و سنته و فضائله و مكارم أخلاقه و سننه و نقش خاتمه علیه السلام

الآیات؛

آل عمران: «فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ»(95) (و قال تعالی): «یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِی إِبْراهِیمَ وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَ الْإِنْجِیلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِیما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِیما لَیْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* ما كانَ إِبْراهِیمُ یَهُودِیًّا وَ لا نَصْرانِیًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ* إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ»(65-68) (1)

النساء: «وَ مَنْ أَحْسَنُ دِیناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا»(126)

النحل: «إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً وَ لَمْ یَكُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ *شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَ هَداهُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* وَ آتَیْناهُ فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ* ثُمَّ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ»(120-123)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: لِمَ تُحَاجُّونَ قال ابن عباس و غیره إن أحبار الیهود و نصاری نجران اجتمعوا عند رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فتنازعوا فی إبراهیم


1- هكذا فی النسخ و الترتیب یقتضی تقدم الآیات علی قوله: «فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِیمَ».

فقالت الیهود ما كان إبراهیم إلا یهودیا و قالت النصاری ما كان إلا نصرانیا فنزلت الآیة وَ لكِنْ كانَ حَنِیفاً أی مائلا عن الأدیان كلها إلی دین الإسلام و قیل أی مستقیما فی دینه.

إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ أی أحق الناس بنصرة إبراهیم بالحجة أو بالمعونة للدین لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ فی زمانه وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا یتولون نصرته بالحجة لما كان علیه من الحق و تنزیه كل عیب عنه. (1)وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا أی محبا لا خلل فی مودته لكمال خلته و المراد بخلته لله أنه كان موالیا لأولیاء اللّٰه و معادیا لأعداء اللّٰه و المراد بخلة اللّٰه له نصرته علی من أراده بسوء كما أنقذه من نار نمرود و جعلها علیه بردا و سلاما و كما فعله بملك مصر حین راوده عن أهله و جعله إماما للناس و قدوة لهم (2)أُمَّةً أی قدوة و معلما للخیر و قیل إمام هدی و قیل سماه أمة لأن قوام الأمة كان به و قیل لأنه قام بعمل أمة و قیل لأنه انفرد فی دهره بالتوحید فكان مؤمنا وحده و الناس كفار قانِتاً لِلَّهِ أی مطیعا له دائما علی عبادته و قیل مصلیا حَنِیفاً أی مستقیما علی الطاعة اجْتَباهُ أی اختاره اللّٰه فِی الدُّنْیا حَسَنَةً أی نعمة سابغة فی نفسه و فی أولاده و هو قول هذه الأمة كما صلیت علی إبراهیم و آل إبراهیم و قیل هی النبوة و قیل هی أنه لیس من أهل دین إلا و هو یرضاه و یتولاه و قیل تنویه اللّٰه بذكره و قیل إجابة دعوته حتی أكرم بالنبوة ذریته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ أی فی الدعاء إلی توحید اللّٰه و خلع الأنداد له و فی العمل بسنته (3).

«1»-ج، الإحتجاج عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام فِی خَبَرِ الْیَهُودِیِّ (4)الَّذِی سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 2


1- مجمع البیان 2: 456- 457. و لیست هذه العبارة و التفسیر فیه منقولا عن ابن عبّاس. م.
2- مجمع البیان 3: 116. م.
3- مجمع البیان 6: 391. م.
4- و الحدیث طویل أخرجه بتمامه فی كتاب الاحتجاجات فی الباب الثانی من احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام راجعه.

عَنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ تَیَقَّظَ إِبْرَاهِیمُ بِالاعْتِبَارِ عَلَی مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَ أَحَاطَتْ دَلَائِلُهُ بِعِلْمِ الْإِیمَانِ بِهِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1).

«2»-لی، الأمالی للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَدَوِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ الطُّفَاوِیِّ عَنْ قَیْسِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنْ عَطِیَّةَ الْعَوْفِیِّ عَنْ مَحْدُوجٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: یَا عَلِیُّ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ یُدْعَی بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یُدْعَی بِی فَأَقُومُ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ فَأُكْسَی حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ یُدْعَی بِأَبِینَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَیَقُومُ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ فِی ظِلِّهِ فَیُكْسَی حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ یُنَادِی مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِیمُ وَ نِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِیٌّ الْخَبَرَ (2).

أقول: قد مر نقش خاتمه علیه السلام فی باب نقوش خواتیم الأنبیاء علی نبینا و آله و علیهم السلام.

«3»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ أَرْبَعَةً اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ لِلسَّیْفِ إِبْرَاهِیمَ وَ دَاوُدَ وَ مُوسَی وَ أَنَا وَ اخْتَارَ مِنَ الْبُیُوتَاتِ أَرْبَعَةً فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ الْخَبَرَ (3).

«4»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ (4)أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مَخْتُوناً فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَیْثٌ مَخْتُوناً وَ إِدْرِیسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ أُمِرَ بِالْخِتَانِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام (5).

ص: 3


1- تقدم فی كتاب الاحتجاجات ان فی نسخة: و احاطت دلالته.
2- أمالی الصدوق: 195. م.
3- الخصال ج 1: 107. م.
4- و الخبر طویل أخرجه مسندا بتمامه فی كتاب الاحتجاجات فی باب 5 من احتجاجات امیر المؤمنین علیه السلام راجع ج 1 ص 77 و 79.
5- علل الشرائع: 198: العیون: 134- 135. م.

«5»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ أَبِی یُحَدِّثُ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا لِأَنَّهُ لَمْ یَرُدَّ أَحَداً وَ لَمْ یَسْأَلْ أَحَداً قَطُّ غَیْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ(1).

«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِیمُ أَوَّلَ مَنْ أَضَافَ الضَّیْفَ وَ أَوَّلَ مَنْ شَابَ فَقَالَ مَا هَذِهِ قِیلَ وَقَارٌ فِی الدُّنْیَا وَ نُورٌ فِی الْآخِرَةِ (2).

«7»-ع، علل الشرائع سمعت بعض المشایخ من أهل العلم یقول إنه سمی إبراهیم إبراهیم لأنه هم فبر و قد قیل إنه هم بالآخرة فبرئ من الدنیا (3).

«8»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلًا قَالَ لِكَثْرَةِ سُجُودِهِ عَلَی الْأَرْضِ (4).

«9»-ع، علل الشرائع السِّنَانِیُّ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیَّ علیهما السلام یَقُولُ إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلًا لِكَثْرَةِ صَلَوَاتِهِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (5).

«10»-ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ خَارِجٍ الْأَصَمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَیْدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَاهِرٍ عَنْ جَرِیرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِیَّةَ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلًا إِلَّا لِإِطْعَامِهِ الطَّعَامَ وَ صَلَاتِهِ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ (6).

«11»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلًا أَتَاهُ بِبِشَارَةِ الْخُلَّةِ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی صُورَةِ شَابٍّ أَبْیَضَ عَلَیْهِ ثَوْبَانِ أَبْیَضَانِ یَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَ دُهْناً فَدَخَلَ

ص: 4


1- علل الشرائع: 23. العیون: 231. م.
2- أمالی الشیخ: 216. م.
3- علل الشرائع: 23. راجع الخبر الآتی تحت رقم 51.
4- علل الشرائع: 23. راجع الخبر الآتی تحت رقم 51.
5- علل الشرائع: 23. راجع الخبر الآتی تحت رقم 51.
6- علل الشرائع: 23. راجع الخبر الآتی تحت رقم 51.

إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الدَّارَ فَاسْتَقْبَلَهُ خَارِجاً مِنَ الدَّارِ وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام رَجُلًا غَیُوراً وَ كَانَ إِذَا خَرَجَ فِی حَاجَةٍ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَخَذَ مِفْتَاحَهُ فَخَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ فِی حَاجَةٍ وَ أَغْلَقَ بَابَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَفَتَحَ بَابَهُ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ كَأَحْسَنِ مَا یَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ فَأَخَذَتْهُ الْغَیْرَةُ وَ قَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا أَدْخَلَكَ دَارِی فَقَالَ رَبُّهَا أَدْخَلَنِیهَا فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنِّی فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ فَفَزِعَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ قَالَ جِئْتَنِی لِتَسْلُبَنِی رُوحِی فَقَالَ لَا وَ لَكِنِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْداً خَلِیلًا فَجِئْتُ بِبِشَارَتِهِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ فَمَنْ هَذَا الْعَبْدُ لَعَلِّی أَخْدُمُهُ حَتَّی أَمُوتَ قَالَ أَنْتَ هُوَ قَالَ فَدَخَلَ عَلَی سَارَةَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِی خَلِیلًا (1).

بیان: یحتمل أن یكون قوله یقطر رأسه ماء و دهنا كنایة عن حسنه و طراوته و صفائه قال الجوهری قال رؤبة (2)

كغصن بان عوده سرعرع***كأن وردا من دهان یمرع

(3).

أی یكثر دهنه یقول كأن لونه یعلی بالدهن لصفائه و قال قوم مدهّنون بتشدید الهاء علیهم آثار النعم.

«12»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی یَزِیدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا جَاءَ الْمُرْسَلُونَ إِلَی إِبْرَاهِیمَ جَاءَهُمْ بِالْعِجْلِ فَقَالَ كُلُوا فَقَالُوا لَا نَأْكُلُ حَتَّی تُخْبِرَنَا مَا ثَمَنُهُ فَقَالَ إِذَا أَكَلْتُمْ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ وَ إِذَا فَرَغْتُمْ فَقُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فَالْتَفَتَ جَبْرَئِیلُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ كَانُوا أَرْبَعَةً وَ جَبْرَئِیلُ رَئِیسُهُمْ فَقَالَ حَقٌّ لِلَّهِ أَنْ یَتَّخِذَ هَذَا خَلِیلًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی النَّارِ تَلَقَّاهُ جَبْرَئِیلُ فِی الْهَوَاءِ وَ هُوَ یَهْوِی فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ أَ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا (4).

«13»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام هُوَ أَوَّلُ مَنْ حُوِّلَ لَهُ الرَّمْلُ دَقِیقاً وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ صَدِیقاً لَهُ بِمِصْرَ فِی قَرْضِ طَعَامٍ

ص: 5


1- علل الشرائع: 23. م.
2- بضم الراء فالسكون هو رؤبة بن العجاج بن رؤبة التمیمی مادح الامویین و العباسیین، أخذ عنه أهل اللغة و احتجوا بشعره توفی 145.
3- سرع بالفتح و الكسر و سرعرع: كل قضیب رطب.
4- علل الشرائع: 23- 24. م.

فَلَمْ یَجِدْهُ فِی مَنْزِلِهِ فَكَرِهَ أَنْ یَرْجِعَ بِالْحِمَارِ خَالِیاً فَمَلَأَ جِرَابَهُ رَمْلًا فَلَمَّا دَخَلَ مَنْزِلَهُ خَلَّی بَیْنَ الْحِمَارِ وَ بَیْنَ سَارَةَ اسْتِحْیَاءً مِنْهَا وَ دَخَلَ الْبَیْتَ وَ نَامَ فَفَتَحَتْ سَارَةُ عَنْ- دَقِیقٍ أَجْوَدَ مَا یَكُونُ فَخَبَزَتْ وَ قَدَّمَتْ إِلَیْهِ طَعَاماً طَیِّباً فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ مِنْ أَیْنَ لَكِ هَذَا فَقَالَتْ مِنَ الدَّقِیقِ الَّذِی حَمَلْتَهُ مِنْ عِنْدِ خَلِیلِكَ الْمِصْرِیِّ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ خَلِیلِی وَ لَیْسَ بِمِصْرِیٍّ فَلِذَلِكَ أُعْطِیَ الْخَلَّةَ فَشَكَرَ لِلَّهِ وَ حَمِدَهُ وَ أَكَلَ (1).

بیان: لا تنافی بین تلك الأخبار إذ یحتمل أن یكون لكل من تلك الخلال مدخل فی الخلة إذ لا تكون الخلة إلا مع اجتماع الخصال التی یرتضیها الرب تعالی.

«14»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ دُعِیَ مُحَمَّدٌ فَیُكْسَی حُلَّةً وَرْدِیَّةً ثُمَّ یُقَامُ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ ثُمَّ یُدْعَی بِإِبْرَاهِیمَ فَیُكْسَی حُلَّةً بَیْضَاءَ فَیُقَامُ عَنْ یَسَارِ الْعَرْشِ ثُمَّ یُدْعَی بِعَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَیُكْسَی حُلَّةً وَرْدِیَّةً فَیُقَامُ عَنْ یَمِینِ النَّبِیِّ ثُمَّ یُدْعَی بِإِسْمَاعِیلَ فَیُكْسَی حُلَّةً بَیْضَاءَ فَیُقَامُ عَنْ یَسَارِ إِبْرَاهِیمَ- (2)ثُمَّ یُدْعَی بِالْحَسَنِ فَیُكْسَی حُلَّةً وَرْدِیَّةً فَیُقَامُ عَنْ یَمِینِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ یُدْعَی بِالْحُسَیْنِ فَیُكْسَی حُلَّةً وَرْدِیَّةً فَیُقَامُ عَنْ یَمِینِ الْحَسَنِ ثُمَّ یُدْعَی بِالْأَئِمَّةِ فَیُكْسَوْنَ حُلَلًا وَرْدِیَّةً فَیُقَامُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ یَمِینِ صَاحِبِهِ ثُمَّ یُدْعَی بِالشِّیعَةِ فَیَقُومُونَ أَمَامَهُمْ ثُمَّ یُدْعَی بِفَاطِمَةَ علیها السلام وَ نِسَائِهَا مِنْ ذُرِّیَّتِهَا وَ شِیعَتِهَا فَیَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ ثُمَّ یُنَادِی مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ (3)مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ وَ الْأُفُقِ الْأَعْلَی نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ یَا مُحَمَّدُ وَ هُوَ إِبْرَاهِیمُ وَ نِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ وَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ نِعْمَ السِّبْطَانِ سِبْطَاكَ وَ هُوَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ نِعْمَ الْجَنِینُ جَنِینُكَ وَ هُوَ مُحَسِّنٌ وَ نِعْمَ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ ذُرِّیَّتُكَ وَ هُوَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ نِعْمَ الشِّیعَةُ شِیعَتُكَ أَلَا إِنَّ مُحَمَّداً وَ وَصِیَّهُ وَ سِبْطَیْهِ وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ هُمُ

ص: 6


1- تفسیر القمّیّ: 141. م.
2- فی المصدر: فیقام علی یمین أمیر المؤمنین علیه السلام. م.
3- فی النهایة: فی الحدیث: ینادی مناد من بطنان العرش أی من وسطه، و قیل: من أصله، و قیل: البطنان جمع بطن و هو الغامض من الأرض، یرید من دواخل العرش. و منه كلام علی علیه السلام فی الاستسقاء: و تسیل به البطنان.

الْفَائِزُونَ ثُمَّ یُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ (1).

«15»-فس، تفسیر القمی وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً قَالَ هِیَ الْحَنِیفِیَّةُ الْعَشَرَةُ الَّتِی جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِیمُ الَّتِی لَمْ تُنْسَخْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (2).

«16»-فس، تفسیر القمی إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً أَیْ طَاهِراً اجْتَباهُ أَیْ اخْتَارَهُ وَ هَداهُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ قَالَ إِلَی الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ ثُمَّ قَالَ لِنَبِیِّهِ ثُمَّ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ هِیَ الْحَنِیفِیَّةُ الْعَشَرَةُ الَّتِی جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام خَمْسَةٌ فِی الرَّأْسِ وَ خَمْسَةٌ فِی الْبَدَنِ فَالَّتِی فِی الرَّأْسِ فَطَمُّ الشَّعْرِ (3)وَ أَخْذُ الشَّارِبِ وَ إِعْفَاءُ اللِّحَی وَ السِّوَاكُ وَ الْخِلَالُ وَ أَمَّا الَّتِی فِی الْبَدَنِ فَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الطُّهُورُ بِالْمَاءِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ وَ حَلْقُ الشَّعْرِ مِنَ الْبَدَنِ وَ الْخِتَانُ وَ هَذِهِ لَمْ تُنْسَخْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (4).

«17»-فس، تفسیر القمی وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِیمَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ أُولِی الْأَیْدِی وَ الْأَبْصارِ یَعْنِی أُولِی الْقُوَّةِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَی الدَّارِ وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَیْنَ الْأَخْیارِ وَ اذْكُرْ إِسْماعِیلَ الْآیَةَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ أُولِی الْأَیْدِی وَ الْأَبْصارِ یَعْنِی أُولِی الْقُوَّةِ فِی الْعِبَادَةِ وَ الْبَصَرِ فِیهَا (5).

«18»-فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ (6)عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: عَرَضَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صُوَرَ الْأَنْبِیَاءِ فَأَخْرَجَ صَنَماً فَقَالَ علیه السلام هَذِهِ صِفَةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَرِیضُ الصَّدْرِ طَوِیلُ الْجَبْهَةِ الْخَبَرَ (7).

ص: 7


1- تفسیر القمّیّ: 116- 117. م.
2- تفسیر القمّیّ: 141. م.
3- طم الشعر: جزه و قطعه.
4- تفسیر القمّیّ: 167. م.
5- أو عزنا الی اسمه فی ج 10 ص 112.
6- تفسیر القمّیّ ص 571. م.
7- تفسیر القمّیّ: 597. و الخبر طویل أخرجه بتمامه فی باب مناظرات الحسنین علیهما السلام راجع ج 10 ص 111.

«19»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ النَّاسُ لَا یَشِیبُونَ فَأَبْصَرَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام شَیْباً فِی لِحْیَتِهِ فَقَالَ یَا رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ هَذَا وَقَارٌ فَقَالَ رَبِّ زِدْنِی وَقَاراً (1).

«20»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَمَّارٍ (2)عَنْ نُعَیْمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَصْبَحَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَرَأَی فِی لِحْیَتِهِ شَیْباً شَعْرَةً بَیْضَاءَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الَّذِی بَلَّغَنِی هَذَا الْمَبْلَغَ وَ لَمْ أَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَیْنٍ (3)

«21»- ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُثْمَانَ الزَّنْجَانِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزَّمَانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَیُّوبَ الْمَخْزُومِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الطُّفَیْلِ یُحَدِّثُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ یَمُوتُ وَ قَدْ بَلَغَ الْهَرَمَ وَ لَمْ یَشِبْ فَكَانَ الرَّجُلُ یَأْتِی النَّادِیَ (4)فِیهِ الرَّجُلُ وَ بَنُوهُ فَلَا یَعْرِفُ الْأَبَ مِنَ الِابْنِ فَیَقُولُ (5)أَبُوكُمْ فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ إِبْرَاهِیمَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِی شَیْباً (6)أُعْرَفُ بِهِ قَالَ فَشَابَ وَ ابْیَضَّ رَأْسُهُ وَ لِحْیَتُهُ (7).

«22»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ مَنْ قِبَلَنَا یَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلَ الرَّحْمَنِ علیه السلام خَتَنَ نَفْسَهُ بِقَدُومٍ عَلَی دَنٍّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَیْسَ كَمَا یَقُولُونَ كَذَبُوا فَقُلْتُ لَهُ صِفْ لِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام كَانَتْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ غُلَفُهُمْ (8)مَعَ سُرَرِهِمْ یَوْمَ السَّابِعِ الْخَبَرَ (9).

ص: 8


1- علل الشرائع: 45- 46. م.
2- فی نسخة: الحسن بن عمار.
3- علل الشرائع: 46. م.
4- النادی: مجلس القوم ما داموا مجتمعین فیه.
5- فی نسخة: فقال.
6- فی نسخة: اجعل لی شیئا.
7- علل الشرائع: 46. م.
8- الغلفة هی الجلیدة التی یقطعها الخاتن.
9- علل الشرائع: 171. م.

بیان: بینه و بین خبر الشامی تناف ظاهرا و یمكن الجمع بأن یكون المراد به أن سائر الأنبیاء غیر أولی العزم لم یكونوا یحتاجون إلی الختان فكیف یحتاج إبراهیم إلیه مع أنه ولد مختونا و یحتمل أن یكون تبقی لغلفهم بقیة تسقط فی الیوم السابع.

«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام كَانَ عَلَی عَهْدِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ مَارِیَا بْنُ أَوْسٍ قَدْ أَتَتْ عَلَیْهِ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ وَ سِتُّونَ سَنَةً وَ كَانَ یَكُونُ فِی غَیْضَةٍ (1)لَهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ خَلِیجٌ مِنْ مَاءٍ غَمْرٍ وَ كَانَ یَخْرُجُ إِلَی النَّاسِ فِی كُلِّ ثَلَاثِ سِنِینَ فَیُقِیمُ فِی الصَّحْرَاءِ فِی مِحْرَابٍ لَهُ یُصَلِّی فِیهِ فَخَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ فِیمَا كَانَ یَخْرُجُ فَإِذَا هُوَ بِغَنَمٍ كَانَ عَلَیْهَا الدُّهْنُ (2)فَأُعْجِبَ بِهَا وَ فِیهَا شَابٌّ كَأَنَّ وَجْهَهُ شِقَّةُ قَمَرٍ فَقَالَ یَا فَتَی لِمَنْ هَذَا الْغَنَمُ قَالَ لِإِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُهُ إِسْحَاقُ فَقَالَ مَارِیَا فِی نَفْسِهِ اللَّهُمَّ أَرِنِی عَبْدَكَ وَ خَلِیلَكَ حَتَّی أَرَاهُ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَكَانِهِ وَ رَفَعَ إِسْحَاقُ ابْنُهُ خَبَرَهُ إِلَی أَبِیهِ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَكَانَ إِبْرَاهِیمُ یَتَعَاهَدُ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِی هُوَ فِیهِ وَ یُصَلِّی فِیهِ (3)فَسَأَلَهُ إِبْرَاهِیمُ عَنِ اسْمِهِ وَ مَا أَتَی عَلَیْهِ مِنَ السِّنِینَ فَخَبَّرَهُ فَقَالَ أَیْنَ تَسْكُنُ فَقَالَ فِی غَیْضَةٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ آتِیَ مَوْضِعَكَ فَأَنْظُرَ إِلَیْهِ وَ كَیْفَ عَیْشُكَ فِیهَا قَالَ إِنِّی أُیَبِّسُ مِنَ الثِّمَارِ الرَّطْبِ مَا یَكْفِینِی إِلَی قَابِلٍ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَصِلَ إِلَی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ خَلِیجٌ وَ مَاءٌ غَمْرٌ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ فَمَا لَكَ فِیهِ مَعْبَرٌ قَالَ لَا قَالَ فَكَیْفَ تَعْبُرُ قَالَ أَمْشِی عَلَی الْمَاءِ قَالَ إِبْرَاهِیمُ لَعَلَّ الَّذِی سَخَّرَ لَكَ الْمَاءَ یُسَخِّرُهُ لِی قَالَ فَانْطَلِقْ وَ بَدَأَ مَارِیَا فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِی الْمَاءِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ قَالَ إِبْرَاهِیمُ بِسْمِ اللَّهِ فَالْتَفَتَ مَارِیَا وَ إِذَا إِبْرَاهِیمُ یَمْشِی كَمَا یَمْشِی هُوَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلَ الْغَیْضَةَ فَأَقَامَ مَعَهُ إِبْرَاهِیمُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یُعْلِمُهُ مَنْ هُوَ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا مَارِیَا مَا أَحْسَنَ مَوْضِعَكَ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ یَجْمَعَ بَیْنَنَا فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنِّی دَعَوْتُهُ بِدَعْوَةٍ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِینَ فَلَمْ یُجِبْنِی فِیهَا قَالَ وَ مَا الَّذِی دَعَوْتَهُ فَقَصَّ عَلَیْهِ

ص: 9


1- الغیضة: الاجمة. مجتمع الشجر فی مغیض الماء.
2- كنایة اما عن سمنها أی ملئت دهنا، أو صفائها أی طلیت به.
3- فی الهامش: كان هاهنا سقطا كما سیظهر ممّا سیأتی فی سائر الروایات فی باب جمل احواله علیه السلام. منه دام ظله.

خَبَرَ الْغَنَمِ وَ إِسْحَاقَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَجَابَ مِنْكَ أَنَا إِبْرَاهِیمُ فَقَامَ وَ عَانَقَهُ فَكَانَتْ أَوَّلَ مُعَانَقَةٍ (1).

«24»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام فَأَمَّا مُوسَی فَرَجُلٌ طُوَالٌ سَبِطٌ یُشْبِهُ رِجَالَ الزُّطِّ وَ رِجَالَ أَهْلِ شَنُوءَةَ (2)وَ أَمَّا عِیسَی فَرَجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدٌ رَبْعَةٌ (3)قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِبْرَاهِیمُ قَالَ انْظُرُوا إِلَی صَاحِبِكُمْ یَعْنِی نَفْسَهُ صلی اللّٰه علیه و آله (4).

«25»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ علیه السلام حَیْثُ أَسَرَتِ الرُّومُ لُوطاً علیه السلام فَنَفَرَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ اسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَیْدِیهِمْ- (5)وَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام اخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ عَلَی رَأْسِ ثَمَانِینَ سَنَةً (6).

«26»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قِیلَ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام تَطَهَّرْ فَأَخَذَ شَارِبَهُ (7)ثُمَّ قِیلَ لَهُ تَطَهَّرْ فَنَتَفَ تَحْتَ جَنَاحِهِ (8)ثُمَّ قِیلَ لَهُ تَطَهَّرْ فَحَلَقَ عَانَتَهُ ثُمَّ قِیلَ لَهُ تَطَهَّرْ فَاخْتَتَنَ (9).

«27»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 10


1- مخطوط. م.
2- السبط من الشعر: ما استرسل ضد الجعد. و قال الفیروزآبادی: الزط بالضم جیل من الهند معرب جت بالفتح و المستوی الوجه. و الكوسج. و قال الجزریّ: هم جنس من السودان و الهنود. و فی معجم القبائل: شنوءة: بطن من الازد، من القحطانیة و هم بنو نصر بن الازد، و بطن من بنی راشد من لخم من القحطانیة كانت مساكنهم بالبر الشرقی من صعید مصر بین ترعة شریف إلی معصرة بوش.
3- الربعة: الوسیط القامة.
4- مخطوط. م.
5- فی المصدر: حتی استنقذه من أیدیهم. م.
6- نوادر الراوندیّ: 23. م.
7- هاهنا فی المصدر زیادة و هی هكذا: ثم قیل له: تطهر فاخذ من أظفاره. م.
8- فی المصدر: جناحیه. م.
9- النوادر: 23، و تقدم الكلام فی نحو الحدیث عن المصنّف بعد الخبر 22، و لعلّ الحدیثین و أمثالهما محمولة علی التقیة.

یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَاشَ إِبْرَاهِیمُ مِائَةً وَ خَمْساً وَ سَبْعِینَ سَنَةً (1).

«28»-یج، الخرائج و الجرائح كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مِضْیَافاً فَنَزَلَ عَلَیْهِ یَوْماً قَوْمٌ وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ فَقَالَ إِنْ أَخَذْتُ خَشَبَ الدَّارِ وَ بِعْتُهُ مِنَ النَّجَّارِ فَإِنَّهُ یَنْحِتُهُ صَنَماً وَ وَثَناً فَلَمْ یَفْعَلْ وَ خَرَجَ بَعْدَ أَنْ أَنْزَلَهُمْ فِی دَارِ الضِّیَافَةِ وَ مَعَهُ إِزَارٌ إِلَی مَوْضِعٍ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ فَلَمَّا فَرَغَ لَمْ یَجِدِ الْإِزَارَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ هَیَّأَ أَسْبَابَهُ فَلَمَّا دَخَلَ دَارَهُ رَأَی سَارَةَ تَطْبُخُ شَیْئاً فَقَالَ لَهَا أَنَّی لَكِ هَذَا قَالَتْ هَذَا الَّذِی بَعَثْتَهُ عَلَی یَدِ الرَّجُلِ وَ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ جَبْرَئِیلَ أَنْ یَأْخُذَ الرَّمْلَ الَّذِی كَانَ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی صَلَّی فِیهِ إِبْرَاهِیمُ وَ یَجْعَلَهُ فِی إِزَارِهِ وَ الْحِجَارَةَ الْمُلْقَاةَ هُنَاكَ أَیْضاً فَفَعَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام ذَلِكَ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ الرَّمْلَ جَاوَرْسَ مُقَشَّراً وَ الْحِجَارَةَ الْمُدَوَّرَةَ شَلْجَماً وَ الْمُسْتَطِیلَةَ جَزَراً (2).

«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ما كانَ إِبْراهِیمُ یَهُودِیًّا وَ لا نَصْرانِیًّا لَا یَهُودِیّاً یُصَلِّی إِلَی الْمَغْرِبِ وَ لَا نَصْرَانِیّاً یُصَلِّی إِلَی الْمَشْرِقِ وَ لكِنْ كانَ حَنِیفاً مُسْلِماً یَقُولُ كَانَ حَنِیفاً مُسْلِماً عَلَی دِینِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (3).

«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِذَا سَافَرَ أَحَدُكُمْ فَقَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْیَأْتِ أَهْلَهُ بِمَا تَیَسَّرَ وَ لَوْ بِحَجَرٍ فَإِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام كَانَ إِذَا ضَاقَ أَتَی قَوْمَهُ وَ أَنَّهُ ضَاقَ ضَیْقَةً فَأَتَی قَوْمَهُ فَوَافَقَ مِنْهُمْ أَزْمَةً فَرَجَعَ كَمَا ذَهَبَ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهِ نَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ فَمَلَأَ خُرْجَهُ رَمْلًا إِرَادَةَ أَنْ یُسَكِّنَ بِهِ رُوحَ سَارَةَ (4)فَلَمَّا دَخَلَ مَنْزِلَهُ حَطَّ الْخُرْجَ عَنِ الْحِمَارِ وَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَجَاءَتْ سَارَةُ فَفَتَحَتِ الْخُرْجَ فَوَجَدَتْهُ مَمْلُوءاً دَقِیقاً فَاعْتَجَنَتْ مِنْهُ وَ اخْتَبَزَتْ ثُمَّ قَالَتْ لِإِبْرَاهِیمَ انْفَتِلْ مِنْ صَلَاتِكَ فَكُلْ فَقَالَ لَهَا أَنَّی لَكِ هَذَا قَالَتْ مِنَ الدَّقِیقِ الَّذِی فِی الْخُرْجِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْخَلِیلُ (5).

بیان: الأزمة الشدة و القحط.

ص: 11


1- كمال الدین: 289. م.
2- الخرائج لم نجده. م.
3- مخطوط. م.
4- فی نسخة: أن یسكن به زوجه سارة.
5- مخطوط. م.

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُهُ إِنَّ إِبْراهِیمَ لَأَوَّاهٌ حَلِیمٌ قَالَ الْأَوَّاهُ الدَّعَّاءُ (1).

«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ إِبْراهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ قَالَ دَعَّاءٌ (2).

شی، تفسیر العیاشی عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله (3).

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً قَالَ شَیْ ءٌ فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ (4).

«34»-شی، تفسیر العیاشی یُونُسُ بْنُ ظَبْیَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً أُمَّةً وَاحِدَةً(5).

«35»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْداً صَالِحاً یَقُولُ لَقَدْ كَانَتِ الدُّنْیَا وَ مَا كَانَ فِیهَا إِلَّا وَاحِدٌ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ لَوْ كَانَ مَعَهُ غَیْرُهُ إِذاً لَأَضَافَهُ إِلَیْهِ حَیْثُ یَقُولُ إِنَّ إِبْراهِیمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِیفاً وَ لَمْ یَكُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَصَبَرَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی آنَسَهُ بِإِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ فَصَارُوا ثَلَاثَةً (6).

«36»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اتَّخَذَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَبْداً قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ نَبِیّاً وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ نَبِیّاً قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ رَسُولًا وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ رَسُولًا قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ خَلِیلًا وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِیلًا قَبْلَ أَنْ یَجْعَلَهُ إِمَاماً فَلَمَّا جَمَعَ لَهُ الْأَشْیَاءَ قالَ إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قَالَ فَمِنْ عِظَمِهَا فِی عَیْنِ إِبْرَاهِیمَ قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ قَالَ لَا یَكُونُ السَّفِیهُ إِمَامَ التَّقِیِّ (7).

«37»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ أَبِی السَّفَاتِجِ (8)عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَ

ص: 12


1- مخطوط.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- مخطوط.
5- مخطوط.
6- مخطوط.
7- أصول الكافی 1: 175. م.
8- بفتح السین جمع السفتجة بالضم و قیل: بالفتح معرب سفتة.

اللَّهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَبْداً قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ نَبِیّاً وَ اتَّخَذَهُ نَبِیّاً قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ رَسُولًا وَ اتَّخَذَهُ رَسُولًا قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ خَلِیلًا وَ اتَّخَذَهُ خَلِیلًا قَبْلَ أَنْ یَتَّخِذَهُ إِمَاماً فَلَمَّا جَمَعَ لَهُ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ وَ قَبَضَ یَدَهُ قَالَ لَهُ یَا إِبْرَاهِیمُ إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فَمِنْ عِظَمِهَا فِی عَیْنِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قالَ یَا رَبِّ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ (1).

«38»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ النَّعْلَیْنِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام (2).

«39»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَنْ شَابَ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ یَا رَبِّ مَا هَذَا قَالَ نُورٌ وَ تَوْقِیرٌ قَالَ رَبِّ زِدْنِی مِنْهُ (3).

«40»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام كَانَ أَبَا أَضْیَافٍ فَكَانَ إِذَا لَمْ یَكُونُوا عِنْدَهُ خَرَجَ یَطْلُبُهُمْ وَ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَخَذَ الْمَفَاتِیحَ یَطْلُبُ الْأَضْیَافَ وَ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَی دَارِهِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَوْ شِبْهِ رَجُلٍ فِی الدَّارِ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بِإِذْنِ مَنْ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ قَالَ دَخَلْتُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا یُرَدِّدُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَعَرَفَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَنَّهُ جَبْرَئِیلُ فَحَمِدَ رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ أَرْسَلَنِی رَبُّكَ إِلَی عَبْدٍ مِنْ عَبِیدِهِ یَتَّخِذُهُ خَلِیلًا قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَأَعْلِمْنِی مَنْ هُوَ أَخْدُمْهُ حَتَّی أَمُوتَ فَقَالَ فَأَنْتَ هُوَ قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ- (4)قَالَ لِأَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْ أَحَداً شَیْئاً قَطُّ وَ لَمْ تُسْأَلْ شَیْئاً قَطُّ فَقُلْتَ لَا (5).

«41»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ ظَرِیفٍ (6)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ النَّاسُ یَعْتَبِطُونَ (7)اعْتِبَاطاً فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ إِبْرَاهِیمَ

ص: 13


1- أصول الكافی 1: 175. م.
2- فروع الكافی 2: 208. م.
3- فروع الكافی 2: 217. م.
4- فی نسخة و مم ذلك؟.
5- لم نجده. م.
6- هكذا فی النسخ و الصحیح طریف بالطاء المهملة وزان أمیر و هو سعد بن طریف الحنظلی الاسكاف الكوفیّ مولی بنی تمیم.
7- اعتبط و أعبطه الموت: اخذه شابا لا علة فیه.

ع قَالَ یَا رَبِّ اجْعَلْ لِلْمَوْتِ عِلَّةً یُؤْجَرُ بِهَا الْمَیِّتُ وَ یُسْلَی بِهَا عَنِ الْمَصَائِبِ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُومَ وَ هُوَ الْبِرْسَامُ- (1)ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَهُ الدَّاءَ (2).

محمد بن یحیی عن ابن عیسی عن ابن فضال عن عاصم بن حمید عن ابن ظریف (3)عنه علیه السلام مثله (4).

«42»-فس، تفسیر القمی فِیما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ یَعْنِی بِمَا فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِیما لَیْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ یَعْنِی بِمَا فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ عَنْهُ علیه السلام (5).

«43»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ الْوِلْدَانَ تَحْتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ یَسْتَغْفِرُونَ لِآبَائِهِمْ یَحْضُنُهُمْ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ تُرَبِّیهِمْ سَارَةُ علیها السلام فِی جَبَلٍ مِنْ مِسْكٍ وَ عَنْبَرٍ وَ زَعْفَرَانٍ.

باب 2 قصص ولادته علیه السلام إلی كسر الأصنام و ما جری بینه و بین فرعونه و بیان حال أبیه

الآیات؛

البقرة: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ قالَ أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ قالَ إِبْراهِیمُ فَإِنَّ اللَّهَ یَأْتِی بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِی كَفَرَ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ»(258)

الأنعام: «وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ لِأَبِیهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّی أَراكَ وَ قَوْمَكَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ* فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأی كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ* فَلَمَّا رَأَی الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ یَهْدِنِی رَبِّی لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّینَ*

ص: 14


1- البرسام: التهاب فی الحجاب الذی بین الكبد و القلب.
2- فروع الكافی ج 1: 31. م.
3- تقدم الكلام فیه.
4- فروع الكافی ج 1: 31. م.
5- تفسیر القمّیّ: 94: م.

فَلَمَّا رَأَی الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّی هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ یا قَوْمِ إِنِّی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِیفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ* وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَ تُحاجُّونِّی فِی اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ یَشاءَ رَبِّی شَیْئاً وَسِعَ رَبِّی كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ* وَ كَیْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ عَلَیْكُمْ سُلْطاناً فَأَیُّ الْفَرِیقَیْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ* وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَیْناها إِبْراهِیمَ عَلی قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمٌ»(74-83)

التوبة: «وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِیمَ لَأَوَّاهٌ حَلِیمٌ»(114)

مریم: «وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِبْراهِیمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّیقاً نَبِیًّا* إِذْ قالَ لِأَبِیهِ یا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا یَسْمَعُ وَ لا یُبْصِرُ وَ لا یُغْنِی عَنْكَ شَیْئاً *یا أَبَتِ إِنِّی قَدْ جاءَنِی مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ یَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِی أَهْدِكَ صِراطاً سَوِیًّا* یا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّیْطانَ إِنَّ الشَّیْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِیًّا* یا أَبَتِ إِنِّی أَخافُ أَنْ یَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّیْطانِ وَلِیًّا* قالَ أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِی یا إِبْراهِیمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِی مَلِیًّا* قالَ سَلامٌ عَلَیْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّی إِنَّهُ كانَ بِی حَفِیًّا* وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّی عَسی أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّی شَقِیًّا»(41-48)

الأنبیاء: «وَ لَقَدْ آتَیْنا إِبْراهِیمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا بِهِ عالِمِینَ* إِذْ قالَ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِیلُ الَّتِی أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ* قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِینَ* قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِینَ* قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِی فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلی ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِینَ* وَ تَاللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِینَ* فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِیراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَیْهِ یَرْجِعُونَ* قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِینَ* قالُوا سَمِعْنا فَتًی یَذْكُرُهُمْ یُقالُ لَهُ إِبْراهِیمُ* قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلی أَعْیُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَشْهَدُونَ* قالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا یا إِبْراهِیمُ* قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا یَنْطِقُونَ* فَرَجَعُوا إِلی أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ

ص: 15

أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ *ثُمَّ نُكِسُوا عَلی رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ یَنْطِقُونَ* قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَنْفَعُكُمْ شَیْئاً وَ لا یَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* قالُوا حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ* قُلْنا یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ* وَ أَرادُوا بِهِ كَیْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِینَ* وَ نَجَّیْناهُ وَ لُوطاً إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها لِلْعالَمِینَ»(51-71)

الشعراء: «وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِیمَ* إِذْ قالَ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ* قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِینَ* قالَ هَلْ یَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ* أَوْ یَنْفَعُونَكُمْ أَوْ یَضُرُّونَ* قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ یَفْعَلُونَ *قالَ أَ فَرَأَیْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ* أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ* فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِی إِلَّا رَبَّ الْعالَمِینَ* الَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهْدِینِ* وَ الَّذِی هُوَ یُطْعِمُنِی وَ یَسْقِینِ* وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ* وَ الَّذِی یُمِیتُنِی ثُمَّ یُحْیِینِ* وَ الَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ* رَبِّ هَبْ لِی حُكْماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ *وَ اجْعَلْ لِی لِسانَ صِدْقٍ فِی الْآخِرِینَ *وَ اجْعَلْنِی مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِیمِ* وَ اغْفِرْ لِأَبِی إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّینَ* وَ لا تُخْزِنِی یَوْمَ یُبْعَثُونَ»(69-87)

العنكبوت: «وَ إِبْراهِیمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِینَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا یَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ *وَ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ ما عَلَی الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ»(16-18) (ثم قال تعالی): «فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ* وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَیْنِكُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا ثُمَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ یَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِینَ* فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّی مُهاجِرٌ إِلی رَبِّی إِنَّهُ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ»(24-26)

الصافات: «وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لَإِبْراهِیمَ *إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ* إِذْ قالَ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ* أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِیدُونَ* فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ*

ص: 16

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ* فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ *فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِینَ* فَراغَ إِلی آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ* ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ* فَراغَ عَلَیْهِمْ ضَرْباً بِالْیَمِینِ* فَأَقْبَلُوا إِلَیْهِ یَزِفُّونَ* قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ* وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ* قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْیاناً فَأَلْقُوهُ فِی الْجَحِیمِ* فَأَرادُوا بِهِ كَیْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِینَ* وَ قالَ إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ»(83-99)

الزخرف: «وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ إِنَّنِی بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلَّا الَّذِی فَطَرَنِی فَإِنَّهُ سَیَهْدِینِ* وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً فِی عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ»(26-28)

الممتحنة: «قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّی تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ رَبَّنا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَیْكَ أَنَبْنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ *رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ»(4-5)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: أَ لَمْ تَرَ أی أ لم ینته علمك إِلَی الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ أی خاصمه و هو نمرود بن كنعان و هو أول من تجبر و ادعی الربوبیة و اختلف فی وقت الحاجّة فقیل عند كسر الأصنام قبل إلقائه فی النار و قیل بعده و هو المروی عن الصادق علیه السلام فِی رَبِّهِ أی فی رب إبراهیم الذی یدعو إلی توحیده و عبادته أَنْ آتاهُ اللَّهُ أی لأن آتاه الْمُلْكَ و الهاء تعود إلی المحاج لإبراهیم أی بطر الملك و نعیم الدنیا حمله علی المحاجة و الملك علی هذا الوجه جائز أن ینعم اللّٰه به علی أحد فأما الملك بتملیك الأمر و النهی و تدبیر أمور الناس و إیجاب الطاعة علی الخلق فلا یجوز أن یؤتیه اللّٰه إلا من یعلم أنه یدعو إلی الصلاح و السداد و الرشاد و قیل إن الهاء تعود إلی إبراهیم علیه السلام إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ الإماتة هی إخراج الروح من بدن الحی من غیر جرح و لا نقص بنیة و لا إحداث فعل یتصل بالبدن من جهة و هذا خارج عن قدرة البشر قالَ أَنَا أُحْیِی بالتخلیة من الحبس وَ أُمِیتُ بالقتل و هذا جهل من الكافر لأنه اعتمد فی المعارضة علی العبارة فقط دون المعنی عادلا عن وجه الحجة بفعل الحیاة للمیت أو الموت للحی علی سبیل الاختراع الذی ینفرد

ص: 17

سبحانه به و لا یقدر علیه سواه فَبُهِتَ الَّذِی كَفَرَ أی تحیر عند الانقطاع بما بان له من ظهور الحجة.

فإن قیل فهلا قال له نمرود فلیأت بها ربك من المغرب قیل عن ذلك جوابان أحدهما أنه لما علم بما رأی من الآیات أنه لو اقترح ذلك لأتی به اللّٰه تصدیقا لإبراهیم فكان یزداد بذلك فضیحة عدل عن ذلك و الثانی أن اللّٰه خذله و لطف لإبراهیم علیه السلام حتی أنه لم یأت بشبهة و لم یلبس وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ بالمعونة علی بلوغ البغیة من الفساد أو إلی المحاجة أو إلی الجنة أو لا یهدیهم بألطافه و تأییده إذا علم أنه لا لطف لهم.

و فی تفسیر ابن عباس أن اللّٰه سلط علی نمرود بعوضة فعضت شفته فأهوی إلیها لیأخذها بیده فطارت فی منخره فذهب لیستخرجها فطارت فی دماغه فعذبه اللّٰه بها أربعین لیلة ثم أهلكه. (1)وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ أی مثل ما وصفناه من قصة إبراهیم و قوله لأبیه ما قال نری مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أی القدرة التی تقوی بها دلالته علی توحید اللّٰه و قیل معناه كما أریناك یا محمد أریناه آثار قدرتنا فیما خلقنا من العلویات و السفلیات لیستدل بها و قیل ملكوت السماوات و الأرض ملكهما بالنبطیة و قیل أطلق الملكوت علی المملوك الذی هو فی السماوات و الأرض

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام كَشَطَ اللَّهُ لَهُ عَنِ الْأَرَضِینَ حَتَّی رَآهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ عَنِ السَّمَاوَاتِ حَتَّی رَآهُنَّ وَ مَا فِیهِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ حَمَلَةِ الْعَرْشِ.

وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ أی المتیقنین بأن اللّٰه سبحانه هو خالق ذلك و المالك له. (2)فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ أی أظلم و ستر بظلامه كل ضیاء رَأی كَوْكَباً قیل هو الزهرة و قیل هو المشتری فَلَمَّا أَفَلَ أی غرب بازِغاً أی طالعا إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ أی نفسی حَنِیفاً أی مخلصا مائلا عن الشرك إلی الإخلاص (3)و ذكر أهل التفسیر و التاریخ أن إبراهیم علیه السلام ولد فی زمن نمرود بن كنعان و زعم

ص: 18


1- مجمع البیان 1: 366- 268. م.
2- مجمع البیان 4: 322. م.
3- مجمع البیان 4: 323- 324. م.

بعضهم أن نمرود كان من ولاة كیكاوس و بعضهم قال كان ملكا برأسه و قیل لنمرود إنه یولد مولود فی بلده هذه السنة یكون هلاكه و زوال ملكه علی یده ثم اختلفوا فقال بعضهم إنما قالوا ذلك من طریق التنجیم و التكهن و قال آخرون بل وجد ذلك فی كتب الأنبیاء و قال آخرون رأی نمرود كأن كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس و القمر فسأل عنه فعبر بأنه یولد غلام یذهب ملكه علی یده عن السدی فعند ذلك أمر بقتل كل غلام یولد تلك السنة و أمر بأن یعزل الرجال عن النساء و بأن یتفحص عن أحوال النساء فمن وجدت حبلی تحبس حتی تلد فإن كان غلاما قتل و إن كانت جاریة خلیت حتی حبلت أم إبراهیم فلما دنت ولادته خرجت هاربة فذهبت به إلی غار و لفته فی خرقة ثم جعلت علی باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه فجعل اللّٰه رزقه فی إبهامه فجعل یمصها فتشخب لبنا و جعل یشب فی الیوم كما یشب غیره فی الجمعة و یشب فی الجمعة كما یشب غیره فی الشهر و یشب فی الشهر كما یشب غیره فی السنة فمكث ما شاء اللّٰه أن یمكث و قیل كانت تختلف إلیه أمه فكان یمص أصابعه فوجدته یمص من إصبع ماء و من إصبع لبنا و من إصبع عسلا و من إصبع تمرا و من إصبع سمنا عن أبی روق (1)و محمد بن إسحاق و لما خرج من السرب نظر إلی النجم و كان آخر الشهر فرأی الكوكب قبل القمر ثم رأی القمر ثم الشمس فقال ما قال و لما رأی قومه یعبدون الأصنام خالفهم و كان یعیب آلهتهم حتی فشا أمره و جرت المناظرات. (2)وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ أی جادلوه فی الدین و خوفوه من ترك عبادة آلهتهم قالَ أی إبراهیم أَ تُحاجُّونِّی فِی اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أی وفقنی لمعرفته و لطف لی فی العلم بتوحیده و إخلاص العبادة له وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ أی لا أخاف منه ضررا إن كفرت به و لا أرجو نفعا إن عبدته لأنه بین صنم قد كسر فلا یدفع عن نفسه و نجم دل أفوله علی حدثه إِلَّا أَنْ یَشاءَ رَبِّی شَیْئاً فیه قولان أحدهما أن معناه إلا أن یقلب اللّٰه هذه الأصنام فیحییها و یقدرها فتضر و تنفع فیكون ضررها و نفعها إذ ذاك دلیلا علی حدثها

ص: 19


1- بفتح الراء و سكون الواو هو عطیة بن حارث الهمدانیّ الكوفیّ صاحب التفسیر.
2- مجمع البیان 4: 325. م.

أیضا و علی توحید اللّٰه و علی أنه المستحق للعبادة دون غیره و الثانی إلا أن یشاء ربی أن یعذبنی ببعض ذنوبی أو یشاء الإضرار بی ابتداء و الأول أجود وَ كَیْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ من الأوثان و هم لا یضرون و لا ینفعون وَ لا تَخافُونَ من هو القادر علی الضر و النفع بل تجترءون علیه بأنكم أشركتم.

و قیل معناه كیف أخاف شرككم و أنا بری ء منه و اللّٰه لا یعاقبنی بفعلكم و أنتم لا تخافونه و قد أشركتم به فما مصدریة سُلْطاناً أی حجة علی صحته. (1)وَ تِلْكَ حُجَّتُنا أی أدلتنا آتَیْناها أی أعطیناها إِبْراهِیمَ و أخطرناها بباله و جعلناها حججا عَلی قَوْمِهِ من الكفار نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ من المؤمنین بحسب أحوالهم فی الإیمان و الیقین أو للاصطفاء للرسالة. (2)إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ أی إلا صادرا عن موعدة و اختلف فی صاحب هذه الموعدة هل هو إبراهیم أو أبوه فقیل إنها من الأب وعد إبراهیم أنه یؤمن به إن یستغفر له فاستغفر له لذلك فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ و لا یفی بما وعد تَبَرَّأَ مِنْهُ و ترك الدعاء له و قیل إن الموعدة كانت من إبراهیم قال لأبیه إنی أستغفر لك ما دمت حیا و كان یستغفر له مقیدا بشرط الإیمان فلما أیس من إیمانه تبرأ منه

«6»-إِنَّ إِبْراهِیمَ لَأَوَّاهٌ أی كثیر الدعاء و البكاء- و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و قیل الرحیم بعباد اللّٰه و قیل الذی إذا ذكر النار قال أوه (3)و قیل الأواه المؤمن بلغة الحبشة و قیل الموقن أو العفیف أو الراجع عن كل ما یكره اللّٰه أو الخاشع أو الكثیر الذكر و قیل المتأوه شفقا و فرقا المتضرع یقینا بالإجابة و لزوما للطاعة حَلِیمٌ یقال بلغ من حلم إبراهیم علیه السلام أن رجلا قد آذاه و شتمه فقال له هداك اللّٰه. (4)إِنَّهُ كانَ صِدِّیقاً أی كثیر التصدیق فی أمور الدین وَ لا یُغْنِی عَنْكَ أی لا یكفیك

ص: 20


1- مجمع البیان 4: 326- 327. م.
2- مجمع البیان 4: 329. م.
3- كلمة ثقال عند الشكایة أو التوجع، و فیها لغات.
4- مجمع البیان 5: 77. م.

شَیْئاً و لا ینفعك و لا یضرك صِراطاً سَوِیًّا أی طریقا مستقیما عَصِیًّا أی عاصیا أَنْ یَمَسَّكَ أی یصیبك فَتَكُونَ لِلشَّیْطانِ وَلِیًّا أی موكولا إلیه و هو لا یغنی عنك شیئا و قیل أی لاحقا بالشیطان فی اللعن و الخذلان أَ راغِبٌ أی معرض أَنْتَ عَنْ عبادة آلِهَتِی لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة و قیل لأرمینك بالذنب و العیب و أشتمنك و قیل لأقتلنك وَ اهْجُرْنِی مَلِیًّا أی فارقنی دهرا طویلا و قیل ملیا سویا سلیما من عقوبتی قالَ سَلامٌ عَلَیْكَ سلام تودیع و هجر علی ألطف الوجوه و قیل سلام إكرام و بر تأدیة لحق الأبوة.

سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّی فیه أقوال أحدها أنه إنما وعده بالاستغفار علی مقتضی العقل و لم یكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركین و ثانیها أنه قال سأستغفر لك علی ما یصح و یجوز من تركك عبادة الأوثان و ثالثها أن معناه سأدعو اللّٰه أن لا یعذبك فی الدنیا.

إِنَّهُ كانَ بِی حَفِیًّا أی بارا لطیفا رحیما وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أی أتنحی منكم جانبا و أعتزل عبادة الأصنام وَ أَدْعُوا رَبِّی أی و أعبده عَسی أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّی شَقِیًّا كما شقیتم بدعاء الأصنام و إنما ذكر عسی علی وجه الخضوع و قیل معناه لعله یقبل طاعتی و لا أشقی بالرد فإن المؤمن بین الرجاء و الخوف. (1)رُشْدَهُ أی الحجج التی توصله إلی الرشد بمعرفة اللّٰه و توحیده أو هداه أی هدیناه صغیرا و قیل هو النبوة مِنْ قَبْلُ أی من قبل موسی أو محمد أو من قبل بلوغه وَ كُنَّا بِهِ عالِمِینَ أنه أهل لذلك إِذْ قالَ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ حین رآهم یعبدون الأصنام ما هذِهِ التَّماثِیلُ الَّتِی أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ أی ما هذه الصور التی أنتم مقیمون علی عبادتها و التمثال اسم للشی ء المصنوع مشبها بخلق من خلق اللّٰه قیل إنهم جعلوها أمثلة لعلمائهم الذین انقرضوا و قیل للأجسام العلویة قالُوا وَجَدْنا اعترفوا بالتقلید إذ لم یجدوا حجة لعبادتهم إیاها فِی ضَلالٍ مُبِینٍ فی ذهاب عن الحق ظاهر قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أی

ص: 21


1- مجمع البیان 6: 516- 517. م.

أ جاد أنت فیما تقول محق عند نفسك أم لاعب مازح و إنما قالوا ذلك لاستبعادهم إنكار عبادة الأصنام علیهم. (1)قوله قالَ بَلْ رَبُّكُمْ قال البیضاوی إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان علی ما ادعاه و هن للسماوات و الأرض أو للتماثیل مِنَ الشَّاهِدِینَ أی من المحققین له و المبرهنین علیه لَأَكِیدَنَّ أَصْنامَكُمْ أی لأجتهدن فی كسرها بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا عنها مُدْبِرِینَ إلی عیدكم. (2)و قال الطبرسی قیل إنما قال ذلك فی سر من قومه و لم یسمع ذلك إلا رجل منهم فأفشاه و قالوا كان لهم فی كل سنة مجمع و عید إذا رجعوا منه دخلوا علی الأصنام فسجدوا لها فقالوا لإبراهیم أ لا تخرج معنا فخرج فلما كان ببعض الطریق قال أشتكی رجلی و انصرف فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً أی جعل أصنامهم قطعا قطعا إِلَّا كَبِیراً لَهُمْ فی الخلقة أو فی التعظیم تركه علی حاله قالوا جعل یكسرهن بفأس فی یده حتی لم یبق إلا الصنم الكبیر علق الفأس فی عنقه و خرج لَعَلَّهُمْ إِلَیْهِ یَرْجِعُونَ أی إلی إبراهیم فینبههم علی جهلهم أو إلی الكبیر فیسألونه و هو لا ینطق فیعلمون جهل من اتخذه إلها فلما رجع قومه من عیدهم فوجدوا أصنامهم مكسرة قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِینَ من موصولة أی الذی فعل هذا بآلهتنا فإنه ظالم لنفسه لأنه یقتل إذا علم به و قیل إنهم قالوا من فعل هذا استفهاما و أنكروا علیه بقولهم إنه لمن الظالمین قالوا سمعنا فتی أی قال الرجل الذی سمع من إبراهیم قوله لَأَكِیدَنَّ أَصْنامَكُمْ للقوم ما سمعه منه فقالوا سَمِعْنا فَتًی یَذْكُرُهُمْ بسوء و قیل إنهم قالوا سمعنا فتی یعیب آلهتنا و یقول إنها لا تضر و لا تنفع و لا تبصر و لا تسمع فهو الذی كسرها عَلی أَعْیُنِ النَّاسِ أی بحیث یراه الناس و یكون بمشهد منهم لَعَلَّهُمْ یَشْهَدُونَ علیه بما قاله فیكون ذلك حجة علیه بما فعل كرهوا أن یأخذوه بغیر بینة أو لعلهم یحضرون عقابه فَرَجَعُوا إِلی أَنْفُسِهِمْ أی فرجع بعضهم إلی بعض و قال بعضهم لبعض أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ

ص: 22


1- مجمع البیان 7: 52. م.
2- أنوار التنزیل 2: 32. م.

حیث تعبدون ما لا یقدر الدفع عن نفسه و قیل معناه فرجعوا إلی عقولهم و تدبروا فی ذلك إذ علموا صدق إبراهیم علیه السلام فیما قاله و حاروا عن جوابه فأنطقهم اللّٰه تعالی بالحق فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ لهذا الرجل فی سؤاله و هذه آلهتكم حاضرة فاسألوها ثُمَّ نُكِسُوا عَلی رُؤُسِهِمْ إذ تحیروا و علموا أنها لا تنطق. (1)و قال البیضاوی أی انقلبوا إلی المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة شبه عودهم إلی الباطل بصیرورة أسفل الشی ء مستعلیا علی أعلاه. (2)قال الطبرسی فقالوا لَقَدْ عَلِمْتَ یا إبراهیم ما هؤُلاءِ یَنْطِقُونَ فكیف نسألهم فأجابهم إبراهیم علیه السلام بعد اعترافهم بالحجة أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَنْفَعُكُمْ شَیْئاً إن عبدتموه وَ لا یَضُرُّكُمْ إن تركتموه لأنها لو قدرت لدفعت عن أنفسها أُفٍّ لَكُمْ تضجر منه علی إصرارهم بالباطل البین قالُوا حَرِّقُوهُ أی لما سمعوا منه هذا القول قال بعضهم لبعض حرقوه بالنار وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ أی و ادفعوا عنها و عظموها إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ أی إن كنتم ناصریها قیل إن الذی أثار بتحریق إبراهیم بالنار رجل من أكراد فارس فخسف اللّٰه به الأرض فهو یتخلخل فیها إلی یوم القیامة و قال وهب إنما قاله نمرود و فی الكلام حذف قال السدی فجمعوا الحطب حتی إن الرجل لیمرض فیوصی بكذا و كذا من ماله فیشتری به حطب و حتی إن المرأة لتغزل فتشتری به حطبا حتی بلغوا من ذلك ما أرادوا فلما أرادوا أن یلقوا إبراهیم فی النار لم یدروا كیف یلقونه فجاء إبلیس فدلهم علی المنجنیق و هو أول منجنیق صنعت فوضعوه فیها ثم رموه قُلْنا یا نارُ أی لما جمعوا الحطب و ألقوه فی النار قلنا للنار كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ و هذا مثل فإن النار جماد لا یصح خطابه و المراد أنا جعلنا النار بردا علیه و سلامة لا یصیبه من أذاها شی ء و قیل یجوز أن یتكلم اللّٰه سبحانه بذلك و یكون ذلك صلاحا للملائكة و لطفا لهم. (3)و قال الرازی اختلفوا فی أن النار كیف بردت علی ثلاثة أوجه أحدها أن اللّٰه

ص: 23


1- مجمع البیان 7: 52- 54. م.
2- أنوار التنزیل 2: 33. م.
3- مجمع البیان 7: 54- 55. م.

تعالی أزال عنها ما فیها من الحر و الإحراق و أبقی ما فیها من الإضاءة و الإشراق و ثانیها أنه سبحانه خلق فی جسم إبراهیم كیفیة مانعة من وصول أذی النار إلیه كما یفعل بخزنة جهنم فی الآخرة كما أنه ركب بنیة النعامة بحیث لا یضرها ابتلاع الحدیدة المحماة و بدن السمندر بحیث لا یضره المكث فی النار و ثالثها أنه خلق بینه و بین النار حائلا یمنع من وصول النار إلیه قال المحققون و الأول أولی لأن ظاهر قوله یا نارُ كُونِی بَرْداً أن نفس النار صارت باردة.

فإن قیل النار اسم للجسم الموصوف بالحرارة و اللطافة فإذا كانت الحرارة جزءا من مسمی النار امتنع كون النار باردة فإذا وجب أن یقال المراد بالنار الجسم الذی هو أحد أجزاء مسمی النار و ذلك مجاز فلم كان مجازكم أولی من المجازین الآخرین قلنا المجاز الذی ذكرناه یبقی معه حصول البرد و فی المجازین اللذین ذكرتموهما ما لا یبقی ذلك فكان مجازنا أولی. (1)و قال الطبرسی قال أبو العالیة لو لم یقل سبحانه وَ سَلاماً لكانت تؤذیه من شدة بردها و لكان بردها أشد علیه من حرها و لو لم یقل عَلی إِبْراهِیمَ لكان بردها باقیا إلی الأبد.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا أُجْلِسَ إِبْرَاهِیمُ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ أَرَادُوا أَنْ یَرْمُوا بِهِ فِی النَّارِ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا فَلَمَّا طَرَحُوهُ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ یَا اللَّهُ یَا وَاحِدُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا مَنْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فَحُسِرَتِ النَّارُ عَنْهُ وَ إِنَّهُ لمحتبی (2)(لَمُحْتَبٍ) وَ مَعَهُ جَبْرَئِیلُ وَ هُمَا یَتَحَدَّثَانِ فِی رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ.

وَ رَوَی الْوَاحِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ نُمْرُودَ الْجَبَّارَ لَمَّا أَلْقَی إِبْرَاهِیمَ فِی النَّارِ نَزَلَ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلُ بِقَمِیصٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَ طِنْفِسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ الْقَمِیصَ وَ أَقْعَدَهُ عَلَی الطِّنْفِسَةِ وَ قَعَدَ مَعَهُ یُحَدِّثُهُ.

و قال كعب ما أحرقت النار

ص: 24


1- مفاتیح الغیب 6: 131- 132. م.
2- حسرت عنه أی انكشفت عنه. احتبی بالثوب: اشتمل به. جمع بین ظهره و ساقیه بعمامة و نحوها. و فی المصدر: و إنّه لمحتب.

من إبراهیم غیر وثاقه (1)و قیل إن إبراهیم ألقی فی النار و هو ابن ست عشرة سنة.

وَ أَرادُوا بِهِ كَیْداً أی شرا و تدبیرا فی إهلاكه فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِینَ قال ابن عباس هو أن سلط اللّٰه علی نمرود و خیله البعوض حتی أخذت لحومهم و شربت دماءهم و وقعت واحدة فی دماغه حتی أهلكته. (2)إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا أی الشام أو بیت المقدس أو مكة (3)فَنَظَلُّ لَها عاكِفِینَ أی مصلین عن ابن عباس أو نقیم علی عبادتها مداومین هَلْ یَسْمَعُونَكُمْ أی هل یستجیبون دعاءكم إذا دعوتموهم أو ینفعونكم إذا عبدتموهم أو یضرونكم إذا تركتم عبادتها أَ فَرَأَیْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أی الذی كنتم تعبدونه من الأصنام أَنْتُمْ الآن وَ آباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ أی المتقدمون فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِی أی إن عباد الأصنام معها عدو لی إلا أنه غلب ما یعقل و قیل إنه یعنی الأصنام و إنما قال فإنهم لما وصفها بالعداوة التی لا تكون إلا من العقلاء و جعل الأصنام كالعدو فی الضرر من جهة عبادتها و یجوز أن یكون قال فإنهم لأنه كان منهم من یعبد اللّٰه مع عبادته الأصنام فغلب ما یعقل و لذلك استثنی فقال إِلَّا رَبَّ الْعالَمِینَ استثناه من جمیع المعبودین قال الفراء إنه من المقلوب و المعنی فإنی عدو لهم فَهُوَ یَهْدِینِ أی یرشدنی إلی ما فیه نجاتی أو إلی جنته وَ الَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی إنما قال ذلك علیه السلام علی سبیل الانقطاع منه إلی اللّٰه تعالی من غیر ذنب أو المعنی أن یغفر لمن یشفعنی فیه فأضافه إلی نفسه رَبِّ هَبْ لِی حُكْماً أی حكمة و علما أو نبوة وَ اجْعَلْ لِی لِسانَ صِدْقٍ أی ثناء حسنا و ذكرا جمیلا فی الذین یأتون بعدی إلی یوم القیامة و قیل ولد صدق و هو محمد صلی اللّٰه علیه و آله وَ لا تُخْزِنِی هذا أیضا علی الانقطاع. (4)أَوْثاناً أی أصناما من حجارة لا تضر و لا تنفع وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أی تفعلون

ص: 25


1- الوثاق: ما یشد به من قید و حبل و نحوهما.
2- مجمع البیان 7: 55. م.
3- مجمع البیان 7: 56 م.
4- مجمع البیان 7: 193- 194. م.

كذبا بأن تسموا هذه الأوثان آلهة. (1)مَوَدَّةَ بَیْنِكُمْ أی لتتوادوا بها فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أی فصدق بإبراهیم و هو ابن أخته و هو أول من صدق بإبراهیم وَ قالَ إبراهیم إِنِّی مُهاجِرٌ إِلی رَبِّی أی خارج من جملة الظالمین علی جهة الهجر لهم علی قبیح أعمالهم إلی حیث أمرنی ربی و قیل معناه قال لوط إنی مهاجر و خرج إبراهیم و معه لوط و امرأته سارة و كانت ابنة عمته من كوثی (2)و هی قریة من سواد الكوفة إلی أرض الشام. (3)وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لَإِبْراهِیمَ أی من شیعة نوح یعنی أنه علی منهاجه و سننه فی التوحید و العدل و اتباع الحق و قیل من شیعة محمد صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ أی حین صدّق اللّٰه و آمن به بقلب خالص من الشرك بری ء من المعاصی و الغل و الغش علی ذلك عاش و علیه مات و قیل

«6»-بقلب سلیم من كل ما سوی اللّٰه لم یتعلق بشی ء غیره- عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

. (4)أَ إِفْكاً آلِهَةً قال البیضاوی أی تریدون آلهة دون اللّٰه إفكا فقدم المفعول للعنایة ثم المفعول له لأن الأهم أن یقرر أنهم علی الباطل و یجوز أن یكون إفكا مفعولا به و آلهة بدل منه علی أنها إفك فی أنفسها للمبالغة و المراد عبادتها فحذف المضاف أو حالا بمعنی آفكین. (5)قال الطبرسی فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ أن یصنع بكم مع عبادتكم غیره أو كیف تظنون برب تأكلون رزقه و تعبدون غیره أو ما تظنون بربكم أنه علی أی صفة و من أی جنس من أجناس الأشیاء حتی شبهتم به هذه الأصنام فَراغَ إِلی آلِهَتِهِمْ أی فمال إلیها فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ خاطبها و إن كانت جمادا علی وجه التهجین لعابدیها و تنبیههم علی أن من لا یقدر علی الجواب كیف تصح عبادتها و كانوا صنعوا للأصنام طعاما

ص: 26


1- مجمع البیان 8: 277. م.
2- كوثی كطوبی و سیأتی تفسیرها.
3- مجمع البیان 8: 280. م.
4- مجمع البیان 7: 449. م.
5- أنوار التنزیل 2: 133. م.

تقربا إلیها و تبركا بها فَراغَ عَلَیْهِمْ ضَرْباً بِالْیَمِینِ أی فمال علی الأصنام یكسرها و یضربها بالید الیمنی لأنها أقوی و قیل المراد بالیمین القوة و قیل أی بالقسم الذی سبق منه بقوله تَاللَّهِ لَأَكِیدَنَّ یَزِفُّونَ أی یسرعون فإنهم أخبروا بصنیع إبراهیم بأصنامهم فقصدوه مسرعین و حملوه إلی بیت أصنامهم و قالوا له أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا فأجابهم بقوله أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ استفهاما علی الإنكار و التوبیخ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ أی و خلق ما عملتم من الأصنام قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْیاناً قال ابن عباس بنوا حائطا من حجارة طوله فی السماء ثلاثون ذراعا و عرضه عشرون ذراعا و ملئوه نارا و طرحوه فیها فَأَلْقُوهُ فِی الْجَحِیمِ قال الفراء كل نار بعضها فوق بعض فهی جحیم و قیل إن الجحیم النار العظیمة فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِینَ بأن أهلكناهم و نجینا إبراهیم و سلمناه و رددنا كیدهم عنه إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی أی إلی حیث أمرنی أو إلی مرضاة ربی بعملی و نیتی سَیَهْدِینِ أی یهدینی ربی فیما بعد إلی طریق المكان الذی أمرنی بالمصیر إلیه أو إلی الجنة بطاعتی إیاه. (1)وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً أی جعل كلمة التوحید باقیة فی ذریته فلم یزل فیهم من یقولها و قیل الكلمة هی براءة إبراهیم من الشرك و قیل

«6»-هی الإمامة إلی یوم القیامة- عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ عما هم علیه بالاقتداء بأبیهم إبراهیم علیه السلام. (2)أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أی اقتداء حسن كَفَرْنا بِكُمْ أی جحدنا دینكم و أنكرنا معبودكم إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ أی اقتدوا بإبراهیم فی كل أموره إلا فی هذا القول فلا تقتدوا به فیه فإنه علیه السلام إنما استغفر لأبیه عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ بالإیمان فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ قال الحسن و إنما تبین له ذلك عند موت أبیه و قیل كان آزر ینافق إبراهیم و یریه أنه مسلم و یعده إظهار الإسلام لیستغفر له وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ إن أراد عقابك رَبَّنا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا أی و كانوا یقولون ذلك وَ إِلَیْكَ أَنَبْنا أی إلی طاعتك

ص: 27


1- مجمع البیان 8: 449- 451. م.
2- مجمع البیان 9: 45 و فیه: بابیهم إبراهیم علیه السلام فی توحید اللّٰه تعالی كما اقتدی الكفّار بآبائهم. م.

رجعنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ و إلی حكمك المرجع و هذه حكایة لقول إبراهیم و قومه و یحتمل أن یكون تعلیما لعباده أن یقولوا ذلك لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً أی لا تعذبنا بأیدیهم و لا ببلاء من عندك فیقولوا لو كان هؤلاء علی حق لما أصابهم هذا و قیل أی لا تسلطهم علینا فیفتنونا عن دینك و قیل أی الطف لنا حتی نصبر علی أذاهم و لا نتبعهم فنصیر فتنة لهم (1).

«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كُشِطَ (2)لَهُ عَنِ الْأَرْضِ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ عَنِ السَّمَاءِ وَ مَا فِیهَا (3)وَ الْمَلَكِ الَّذِی یَحْمِلُهَا وَ الْعَرْشِ وَ مَنْ عَلَیْهِ وَ فُعِلَ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (4).

«2»-فس، تفسیر القمی الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أَیْ صَدَقُوا وَ لَمْ یَنْكُثُوا وَ لَمْ یَدْخُلُوا فِی الْمَعَاصِی فَیَبْطُلَ إِیمَانُهُمْ وَ تِلْكَ حُجَّتُنا یَعْنِی مَا قَدِ احْتَجَّ إِبْرَاهِیمُ عَلَی أَبِیهِ وَ عَلَیْهِمْ (5).

«3»-فس، تفسیر القمی إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ لِأَبِیهِ إِنْ لَمْ تَعْبُدِ الْأَصْنَامَ اسْتَغْفَرْتُ لَكَ فَلَمَّا لَمْ یَدَعِ الْأَصْنَامَ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ إِبْراهِیمَ لَأَوَّاهٌ حَلِیمٌ أَیْ دَعَّاءٌ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْأَوَّاهُ الْمُتَضَرِّعُ إِلَی اللَّهِ فِی صَلَاتِهِ وَ إِذَا خَلَا فِی قَفْرٍ فِی الْأَرْضِ وَ فِی الْخَلَوَاتِ (6).

«4»-فس، تفسیر القمی وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أَیْ تُقَدِّرُونَ كَذِباً إِنَّ الَّذِینَ تَعْبُدُونَ إِلَی قَوْلِهِ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ وَ انْقَطَعَ خَبَرُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام ثُمَّ خَاطَبَ اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ إِنْ تُكَذِّبُوا إِلَی قَوْلِهِ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ ثُمَّ عَطَفَ عَلَی خَبَرِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَالَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَی قَوْلِهِ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ فَهَذَا مِنَ الْمُنْقَطِعِ الْمَعْطُوفِ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ

ص: 28


1- مجمع البیان 9: 270- 271. م.
2- كشط الشی ء: رفع عنه شیئا قد غشاه. و كشط الغطاء عن الشی ء. نزعه و كشف عنه.
3- فی نسخة: و من فیها.
4- تفسیر القمّیّ: 193. م.
5- تفسیر القمّیّ: 196. م.
6- تفسیر القمّیّ: 282. م.

أَیْ لِإِبْرَاهِیمَ وَ قالَ إِنِّی مُهاجِرٌ إِلی رَبِّی قَالَ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّیِّئَاتِ وَ تَابَ إِلَی اللَّهِ (1).

«5»-فس، تفسیر القمی أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لِیَهْنِئْكُمُ الِاسْمُ قُلْتُ مَا هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لَإِبْراهِیمَ وَ قَوْلُهُ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِی مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ فَلْیَهْنِئْكُمُ الِاسْمُ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ قَالَ الْقَلْبُ السَّلِیمُ مِنَ الشَّكِّ قَوْلُهُ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِیماً وَ مَا كَذَبَ وَ إِنَّمَا عَنَی سَقِیماً فِی دِینِهِ مُرْتَاداً (2)قَوْلُهُ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً یَعْنِی الْإِمَامَةَ (3).

«6»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ آزَرَ (4)أَبَا إِبْرَاهِیمَ كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ فَقَالَ لَهُ إِنِّی أَرَی فِی حِسَابِ النُّجُومِ أَنَّ هَذَا الزَّمَانَ (5)یُحْدِثُ رَجُلًا فَیَنْسَخُ هَذَا الدِّینَ وَ یَدْعُو إِلَی دَیْنٍ آخَرَ فَقَالَ لَهُ نُمْرُودُ فِی أَیِّ بِلَادٍ یَكُونُ قَالَ فِی هَذِهِ الْبِلَادِ وَ كَانَ مَنْزِلُ نُمْرُودَ بِكُوثَی رُبَی (6)فَقَالَ لَهُ نُمْرُودُ قَدْ خَرَجَ إِلَی الدُّنْیَا (7)قَالَ آزَرُ لَا قَالَ فَیَنْبَغِی أَنْ یُفَرَّقَ بَیْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فَفَرَّقَ بَیْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ حَمَلَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ لَمْ یُبَیَّنْ حَمْلُهَا فَلَمَّا

ص: 29


1- تفسیر القمّیّ: 496. م.
2- تفسیر القمّیّ 557، ارتاد الشی ء: طلبه، أی طالبا للحق و دینه.
3- تفسیر القمّیّ 609. الموجود فی المصدر فی طبعیه هكذا «وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً فِی عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ» یعنی فانهم یرجعون أی الأئمّة الی الدنیا. و لم نجد ما ذكره المصنّف.
4- سیأتی أن آزر لم یكن أبیه بل كان عمه.
5- فی المصدر: فی هذا الزمان. م.
6- كوثی كطوبی. و ربی كهدی قال یاقوت: و كوثی العراق كوثیان: أحدهما الطریق، و الآخر كوثی ربی و بها مشهد إبراهیم الخلیل علیه السلام و بها مولده، و هما من أرض بابل و بها طرح إبراهیم فی النار و هما ناحیتان.
7- فی المصدر: قد خرج الینا. م.

حَانَتْ وِلَادَتُهَا (1)قَالَتْ یَا آزَرُ إِنِّی قَدِ اعْتَلَلْتُ وَ أُرِیدُ أَنْ أَعْتَزِلَ عَنْكَ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ الْمَرْأَةُ إِذَا اعْتَلَّتْ اعْتَزَلَتْ عَنْ زَوْجِهَا فَخَرَجَتْ وَ اعْتَزَلَتْ فِی غَارٍ وَ وَضَعَتْ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ هَیَّأَتْهُ وَ قَمَّطَتْهُ (2)وَ رَجَعَتْ إِلَی مَنْزِلِهَا وَ سَدَّتْ بَابَ الْغَارِ بِالْحِجَارَةِ فَأَجْرَی اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَبَناً مِنْ إِبْهَامِهِ وَ كَانَتْ تَأْتِیهِ أُمُّهُ وَ وَكَّلَ نُمْرُودُ بِكُلِّ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَكَانَ یَذْبَحُ كُلَّ وَلَدٍ ذَكَرٍ فَهَرَبَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ بِإِبْرَاهِیمَ مِنَ الذَّبْحِ وَ كَانَ یَشِبُّ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی الْغَارِ یَوْماً كَمَا یَشِبُّ غَیْرُهُ فِی الشَّهْرِ حَتَّی أَتَی لَهُ فِی الْغَارِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ زَارَتْهُ أُمُّهُ فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ تَشَبَّثَ بِهَا فَقَالَ یَا أُمِّی أَخْرِجِینِی فَقَالَتْ لَهُ یَا بُنَیَّ إِنَّ الْمَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّكَ وُلِدْتَ فِی هَذَا الزَّمَانِ قَتَلَكَ فَلَمَّا خَرَجَتْ أُمُّهُ خَرَجَ مِنَ الْغَارِ وَ قَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ نَظَرَ إِلَی الزُّهَرَةِ فِی السَّمَاءِ فَقَالَ هذا رَبِّی فَلَمَّا غَابَتِ الزُّهَرَةُ فَقَالَ لَوْ كَانَ هَذَا رَبِّی مَا تَحَرَّكَ وَ لَا بَرِحَ ثُمَّ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ وَ الْآفِلُ الْغَائِبُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی الْمَشْرِقِ رَأَی وَ قَدْ طَلَعَ الْقَمَرُ قَالَ هذا رَبِّی هَذَا أَكْبَرُ وَ أَحْسَنُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ وَ زَالَ قَالَ لَئِنْ لَمْ یَهْدِنِی رَبِّی لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّینَ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ رَأَی ضَوْأَهَا وَ قَدْ أَضَاءَتِ الشَّمْسُ الدُّنْیَا (3)لِطُلُوعِهَا قَالَ هذا رَبِّی هذا أَكْبَرُ وَ أَحْسَنُ فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ وَ زَالَتْ كَشَطَ اللَّهُ (4)عَنِ السَّمَاوَاتِ حَتَّی رَأَی الْعَرْشَ وَ مَنْ عَلَیْهِ وَ أَرَاهُ اللَّهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ یا قَوْمِ إِنِّی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِیفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَجَاءَ إِلَی أُمِّهِ وَ أَدْخَلَتْهُ دَارَهَا وَ جَعَلَتْهُ بَیْنَ أَوْلَادِهَا (5)وَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ إِبْرَاهِیمَ هذا رَبِّی لِغَیْرِ اللَّهِ هَلْ أَشْرَكَ (6)فِی قَوْلِهِ هذا رَبِّی فَقَالَ مَنْ قَالَ هَذَا الْیَوْمَ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْ إِبْرَاهِیمَ شِرْكٌ

ص: 30


1- أی قرب وقتها.
2- القمط: خرقة عریضة تلف علی الصغیر إذا شد فی المهد.
3- فی المصدر: و قد اضاءت الدنیا. م.
4- فی المصدر: كشف اللّٰه. م.
5- تفسیر القمّیّ: 194- 195. م.
6- فی المصدر: عن قول إبراهیم: هذا ربی أشرك اه. م.

وَ إِنَّمَا كَانَ فِی طَلَبِ رَبِّهِ وَ هُوَ مِنْ غَیْرِهِ شِرْكٌ فَلَمَّا أَدْخَلَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ إِبْرَاهِیمَ دَارَهَا نَظَرَ إِلَیْهِ آزَرُ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِی قَدْ بَقِیَ فِی سُلْطَانِ الْمَلِكِ وَ الْمَلِكُ یَقْتُلُ أَوْلَادَ النَّاسِ قَالَتْ هَذَا ابْنُكَ وَلَدْتُهُ وَقْتَ كَذَا وَ كَذَا حِینَ اعْتَزَلْتُ فَقَالَ وَیْحَكِ إِنْ عَلِمَ الْمَلِكُ هَذَا زَالَتْ مَنْزِلَتُنَا عِنْدَهُ وَ كَانَ آزَرُ صَاحِبَ أَمْرِ نُمْرُودَ وَ وَزِیرَهُ وَ كَانَ یَتَّخِذُ الْأَصْنَامَ لَهُ وَ لِلنَّاسِ وَ یَدْفَعُهَا إِلَی وُلْدِهِ فَیَبِیعُونَهَا وَ كَانَ عَلَی دَارِ الْأَصْنَامِ فَقَالَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ لِآزَرَ لَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یَشْعُرِ الْمَلِكُ بِهِ بَقِیَ لَنَا وَلَدُنَا وَ إِنْ شَعَرَ بِهِ كَفَیْتُكَ الِاحْتِجَاجَ عَنْهُ وَ كَانَ آزَرُ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَی إِبْرَاهِیمَ أَحَبَّهُ حُبّاً شَدِیداً وَ كَانَ یَدْفَعُ إِلَیْهِ الْأَصْنَامَ لِیَبِیعَهَا كَمَا یَبِیعُ إِخْوَتُهُ فَكَانَ یُعَلِّقُ فِی أَعْنَاقِهَا الْخُیُوطَ وَ یَجُرُّهَا عَلَی الْأَرْضِ وَ یَقُولُ مَنْ یَشْتَرِی مَا لَا یَضُرُّهُ وَ لَا یَنْفَعُهُ وَ یُغْرِقُهَا فِی الْمَاءِ وَ الْحَمْأَةِ وَ یَقُولُ لَهَا اشْرَبِی وَ تَكَلَّمِی فَذَكَرَ إِخْوَتُهُ ذَلِكَ لِأَبِیهِ فَنَهَاهُ فَلَمْ یَنْتَهِ فَحَبَسَهُ فِی مَنْزِلِهِ وَ لَمْ یَدَعْهُ یَخْرُجُ (1)وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ إِبْرَاهِیمُ أَ تُحاجُّونِّی فِی اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أَیْ بَیَّنَ لِی وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ یَشاءَ رَبِّی شَیْئاً وَسِعَ رَبِّی كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ وَ كَیْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ عَلَیْكُمْ سُلْطاناً فَأَیُّ الْفَرِیقَیْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَیْ أَنَا أَحَقُّ بِالْأَمْنِ حَیْثُ أَعْبُدُ اللَّهَ أَوْ أَنْتُمُ الَّذِینَ تَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ(2).

«7»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ وُلِدَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ علیه السلام (3).

«8»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا إِبْراهِیمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ إِلَی قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِینَ قَالَ فَلَمَّا نَهَاهُمْ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ فِی عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ فَلَمْ یَنْتَهُوا حَضَرَ عِیدٌ لَهُمْ وَ خَرَجَ نُمْرُودُ وَ جَمِیعُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَی عِیدٍ لَهُمْ وَ كَرِهَ أَنْ یَخْرُجَ إِبْرَاهِیمُ مَعَهُ فَوَكَلَهُ بِبَیْتِ الْأَصْنَامِ فَلَمَّا ذَهَبُوا عَمَدَ إِبْرَاهِیمُ إِلَی طَعَامٍ فَأَدْخَلَهُ بَیْتَ أَصْنَامِهِمْ فَكَانَ یَدْنُو مِنْ

ص: 31


1- فی المصدر: ان یخرج. م.
2- تفسیر القمّیّ: 195. م.
3- فروع الكافی 1: 204. م.

صَنَمٍ صَنَمٍ فَیَقُولُ لَهُ كُلْ وَ تَكَلَّمْ فَإِذَا لَمْ یُجِبْهُ أَخَذَ الْقَدُومَ فَكَسَرَ یَدَهُ وَ رِجْلَهُ حَتَّی فَعَلَ ذَلِكَ بِجَمِیعِ الْأَصْنَامِ ثُمَّ عَلَّقَ الْقَدُومَ فِی عُنُقِ الْكَبِیرِ مِنْهُمُ الَّذِی كَانَ فِی الصَّدْرِ فَلَمَّا رَجَعَ الْمَلِكُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْعِیدِ نَظَرُوا إِلَی الْأَصْنَامِ مُكَسَّرَةً فَقَالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِینَ فَقَالُوا هَاهُنَا فَتًی یَذْكُرُهُمْ یُقالُ لَهُ إِبْراهِیمُ وَ هُوَ ابْنُ آزَرَ فَجَاءُوا بِهِ إِلَی نُمْرُودَ فَقَالَ نُمْرُودُ لِآزَرَ خُنْتَنِی وَ كَتَمْتَ هَذَا الْوَلَدَ عَنِّی فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ هَذَا عَمَلُ أُمِّهِ وَ ذَكَرَتْ أَنَّهَا تَقُومُ بِحُجَّتِهِ فَدَعَا نُمْرُودُ أُمَّ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَكِ عَلَی أَنْ كَتَمْتِنِی أَمْرَ هَذَا الْغُلَامِ حَتَّی فَعَلَ بِآلِهَتِنَا مَا فَعَلَ فَقَالَتْ أَیُّهَا الْمَلِكُ نَظَراً مِنِّی لِرَعِیَّتِكَ قَالَ وَ كَیْفَ ذَلِكِ قَالَتْ رَأَیْتُكَ تَقْتُلُ أَوْلَادَ رَعِیَّتِكَ فَكَانَ یَذْهَبُ النَّسْلُ فَقُلْتُ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِی یَطْلُبُهُ دَفَعْتُهُ إِلَیْهِ لِیَقْتُلَهُ وَ یَكُفَّ عَنْ قَتْلِ أَوْلَادِ النَّاسِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ فَبَقِیَ لَنَا وَلَدُنَا وَ قَدْ ظَفِرْتَ بِهِ فَشَأْنَكَ فَكُفَّ عَنْ أَوْلَادِ النَّاسِ فَصَوَّبَ رَأْیَهَا ثُمَّ قَالَ لِإِبْرَاهِیمَ مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا یَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا یَنْطِقُونَ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ وَ مَا كَذَبَ إِبْرَاهِیمُ فَقِیلَ فَكَیْفَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا قَالَ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هَذَا إِنْ نَطَقَ وَ إِنْ لَمْ یَنْطِقْ فَلَمْ یَفْعَلْ كَبِیرُهُمْ هَذَا شَیْئاً فَاسْتَشَارَ نُمْرُودُ قَوْمَهُ فِی إِبْرَاهِیمَ فَقَالُوا لَهُ حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كَانَ فِرْعَوْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ أَصْحَابُهُ لِغَیْرِ رِشْدَةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لِنُمْرُودَ حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ مُوسَی (1)وَ أَصْحَابُهُ لِرِشْدَةٍ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِی مُوسَی قَالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ یَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِیمٍ فَحَبَسَ إِبْرَاهِیمَ وَ جَمَعَ لَهُ الْحَطَبَ حَتَّی إِذَا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی أَلْقَی فِیهِ نُمْرُودُ إِبْرَاهِیمَ فِی النَّارِ بَرَزَ نُمْرُودُ وَ جُنُودُهُ وَ قَدْ كَانَ بُنِیَ لِنُمْرُودَ بِنَاءٌ یَنْظُرُ مِنْهُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ كَیْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ فَجَاءَ إِبْلِیسُ وَ اتَّخَذَ لَهُمُ الْمَنْجَنِیقَ لِأَنَّهُ لَمْ یَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ یَتَقَارَبَ مِنَ النَّارِ وَ كَانَ الطَّائِرُ (2)إِذَا مَرَّ فِی الْهَوَاءِ یَحْتَرِقُ فَوُضِعَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ جَاءَ أَبُوهُ فَلَطَمَهُ لَطْمَةً وَ قَالَ لَهُ ارْجِعْ عَمَّا أَنْتَ عَلَیْهِ وَ أَنْزَلَ الرَّبُّ (3)(مَلَائِكَتَهُ) إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ لَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ إِلَّا طَلَبَ

ص: 32


1- فی نسخة: بخلاف فرعون موسی.
2- فی نسخة: لانه لم یقدر أحد أن یقرب عن تلك غلوة سهم، و كان الطائر من مسیرة فرسخ یرجع عنها.
3- فی المصدر: ملائكته الی السماء اه. م.

إِلَی رَبِّهِ وَ قَالَتِ الْأَرْضُ یَا رَبِّ لَیْسَ عَلَی ظَهْرِی أَحَدٌ یَعْبُدُكَ غَیْرُهُ فَیُحْرَقُ وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا رَبِّ خَلِیلُكَ إِبْرَاهِیمُ یُحْرَقُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَا إِنَّهُ إِنْ دَعَانِی كَفَیْتُهُ وَ قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا رَبِّ خَلِیلُكَ إِبْرَاهِیمُ لَیْسَ فِی الْأَرْضِ أَحَدٌ یَعْبُدُكَ غَیْرُهُ سَلَّطْتَ عَلَیْهِ عَدُوَّهُ یُحْرِقُهُ بِالنَّارِ (1)فَقَالَ اسْكُتْ إِنَّمَا یَقُولُ هَذَا عَبْدٌ مِثْلُكَ یَخَافُ الْفَوْتَ هُوَ عَبْدِی آخُذُهُ إِذَا شِئْتُ فَإِنْ دَعَانِی أَجَبْتُهُ فَدَعَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام رَبَّهُ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ یَا اللَّهُ یَا وَاحِدُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا مَنْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نَجِّنِی مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ قَالَ فَالْتَقَی مَعَهُ جَبْرَئِیلُ فِی الْهَوَاءِ وَ قَدْ وُضِعَ فِی الْمَنْجَنِیقِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ هَلْ لَكَ إِلَیَّ مِنْ حَاجَةٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا وَ أَمَّا إِلَی رَبِّ الْعَالَمِینَ فَنَعَمْ فَدَفَعَ إِلَیْهِ خَاتَماً عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه أَلْجَأْتُ ظَهْرِی إِلَی اللَّهِ وَ أَسْنَدْتُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ- (2)وَ فَوَّضْتُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی النَّارِ كُونِی بَرْداً (3)فَاضْطَرَبَتْ أَسْنَانُ إِبْرَاهِیمَ مِنَ الْبَرْدِ حَتَّی قَالَ وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ وَ انْحَطَّ جَبْرَئِیلُ وَ جَلَسَ مَعَهُ یُحَدِّثُهُ فِی النَّارِ (4)وَ نَظَرَ إِلَیْهِ نُمْرُودُ فَقَالَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهاً فَلْیَتَّخِذْ مِثْلَ إِلَهِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ عَظِیمٌ مِنْ عُظَمَاءِ أَصْحَابِ نُمْرُودَ إِنِّی عَزَمْتُ (5)عَلَی النَّارِ أَنْ لَا تُحْرِقَهُ فَخَرَجَ عَمُودٌ مِنَ النَّارِ نَحْوَ الرَّجُلِ فَأَحْرَقَهُ (6)وَ نَظَرَ نُمْرُودُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ فِی رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِی النَّارِ مَعَ شَیْخٍ یُحَدِّثُهُ فَقَالَ لِآزَرَ یَا آزَرُ مَا أَكْرَمَ ابْنَكَ عَلَی رَبِّهِ قَالَ وَ كَانَ الْوَزَغُ یَنْفُخُ فِی نَارِ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَ الضِّفْدِعُ یَذْهَبُ بِالْمَاءِ لِیُطْفِئَ بِهِ النَّارَ قَالَ وَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِلنَّارِ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً لَمْ تَعْمَلِ النَّارُ فِی الدُّنْیَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (7)وَ نَجَّیْناهُ وَ لُوطاً إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا

ص: 33


1- فی المصدر: یحرقه، فقال: اه. م.
2- أی جعلت ربی متكای و معتمدی فی الأمور.
3- فی المصدر: یا نار كونی بردا. م.
4- أضاف فی نسخة: و هم فی روضة خضراء.
5- من عزم الراقی أی قرأ العزائم و الرقی.
6- فی المصدر هنا زیادة و هی هكذا: و آمن له لوط و خرج مهاجرا إلی الشام.
7- فی المصدر هنا زیادة و هی هكذا: ثم قال اللّٰه عزّ و جلّ «وَ أَرادُوا بِهِ كَیْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِینَ» فقال اللّٰه: و نجیناه إه.

فِیها لِلْعالَمِینَ إِلَی الشَّامِ وَ سَوَادِ الْكُوفَةِ (1).

«9»-فس، تفسیر القمی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ الْآیَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا أَلْقَی نُمْرُودُ إِبْرَاهِیمَ فِی النَّارِ وَ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً قَالَ نُمْرُودُ یَا إِبْرَاهِیمُ مَنْ رَبُّكَ قَالَ رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ قالَ لَهُ نُمْرُودُ أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ كَیْفَ تُحْیِی وَ تُمِیتُ قَالَ أَعْمِدُ إِلَی رَجُلَیْنِ مِمَّنْ قَدْ وَجَبَ عَلَیْهِمَا الْقَتْلُ فَأُطْلِقُ عَنْ وَاحِدٍ وَ أَقْتُلُ وَاحِداً فَأَكُونُ قَدْ أَمَتُّ وَ أَحْیَیْتُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَأَحْیِ الَّذِی قَتَلْتَهُ ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِیمُ دَعْ هَذَا فَإِنَّ رَبِّی یَأْتِی بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ فَبُهِتَ الَّذِی كَفَرَ أَیِ انْقَطَعَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ أَقْدَمُ مِنْهُ (2).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل فی انتقاله من حجة إلی أخری وجهان أحدهما أن ذلك لم یكن انتقالا و انقطاعا عن إبراهیم فإنه یجوز من كل حكیم إیراد حجة أخری علی سبیل التأكید بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج و علامة تمامه ظهوره من غیر اعتراض علیه بشبهة لها تأثیر عند التأمل و التدبر.

و الثانی أن إبراهیم إنما قال ذلك لیبین أن من شأن من یقدر علی إحیاء الأموات و إماتة الأحیاء أن یقدر علی إتیان الشمس من المشرق فإن كنت قادرا علی ذلك فأت بها من المغرب و إنما فعل ذلك لأنه لو تشاغل معه بأنی أردت اختراع الحیاة و الموت من غیر سبب و لا علاج لاشتبه علی كثیر ممن حضر فعدل إلی ما هو أوضح لأن الأنبیاء علیهم السلام إنما بعثوا للبیان و الإیضاح و لیست أمورهم مبنیة علی لجاج الخصمین و طلب كل واحد منهما غلبة خصمه

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ لَهُ أَحْیِ مَنْ قَتَلْتَهُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً ثُمَّ اسْتَظْهَرَ عَلَیْهِ بِمَا قَالَهُ ثَانِیاً

(3).

«10»-ج، الإحتجاج عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام فِی ذِكْرِ مُعْجِزَاتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مُقَابَلَةِ مُعْجِزَاتِ

ص: 34


1- تفسیر القمّیّ 429- 431 و فیه: یعنی إلی الشام و سواد الكوفة و كوثی ربی. م.
2- تفسیر القمّیّ: 76. م.
3- مجمع البیان 2: 367. م.

الْأَنْبِیَاءِ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ حُجِبَ عَنْ نُمْرُودَ بِحُجُبٍ ثَلَاثٍ (1).

إیضاح: لعل المراد بالحجب الثلاث حجاب البطن و الغار و النار أو الأولان مع الاعتزال عنه إلی بلاد الشام أو حجبه عند الحمل و عند الولادة و عند النمو أو حجبه فی البطن بثلاث البطن و الرحم و المشیمة حیث جعله بحیث لم یتبین حمله و قد یقال إنه إشارة إلی القمیص و الخاتم و التوسل بالأئمة علیهم السلام أو بسورة التوحید كما مر كلها و سیجی ء فالمعنی أنه حجب عن نار نمرود و شرّه بتلك الحجب و اللّٰه یعلم.

«11»-لی، الأمالی للصدوق ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْعُقْبَةِ الصَّیْرَفِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا وُضِعَ فِی كِفَّةِ الْمَنْجَنِیقِ غَضِبَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا یُغْضِبُكَ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ یَا رَبِّ خَلِیلُكَ لَیْسَ مَنْ یَعْبُدُكَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ غَیْرُهُ سَلَّطْتَ عَلَیْهِ عَدُوَّكَ وَ عَدُوَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ اسْكُتْ إِنَّمَا یَعْجَلُ الْعَبْدُ الَّذِی یَخَافُ الْفَوْتَ مِثْلُكَ فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّهُ عَبْدِی آخُذُهُ إِذَا شِئْتُ قَالَ فَطَابَتْ نَفْسُ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَالْتَفَتَ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَالَ هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا فَأَهْبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَهَا خَاتَماً فِیهِ سِتَّةُ أَحْرُفٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَوَّضْتُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ أَسْنَدْتُ ظَهْرِی إِلَی اللَّهِ حَسْبِیَ اللَّهُ فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ أَنْ تَخَتَّمْ بِهَذَا الْخَاتَمِ فَإِنِّی أَجْعَلُ النَّارَ عَلَیْكَ بَرْداً وَ سَلَاماً(2).

ل، الخصال أبی عن أحمد بن إدریس عن الأشعری عن عبد اللّٰه بن أحمد عن محمد بن علی الصیرفی عن الحسین بن خالد عنه علیه السلام مثله (3).

«12»-ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّامِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام لَمَّا رَأَی حِبَالَهُمْ وَ عِصِیَّهُمْ كَیْفَ أَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً وَ لَمْ یُوجِسْهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام

ص: 35


1- لم نجده. م.
2- أمالی الصدوق: 274 العیون: 136. م.
3- الخصال ج 1: 163. م.

حِینَ وُضِعَ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ قُذِفَ بِهِ فِی النَّارِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حِینَ وُضِعَ فِی الْمَنْجَنِیقِ كَانَ مُسْتَنِداً إِلَی مَا فِی صُلْبِهِ مِنْ أَنْوَارِ حُجَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَكُنْ مُوسَی علیه السلام كَذَلِكَ فَلِهَذَا أَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً وَ لَمْ یُوجِسْهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام (1).

«13»-ل، الخصال ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَلَكَ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَرْبَعَةٌ مُؤْمِنَانِ وَ كَافِرَانِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنَانِ فَسُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ الْكَافِرَانِ نُمْرُودُ وَ بُخْتُ نَصَّرَ وَ اسْمُ ذُو الْقَرْنَیْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ضَحَّاكِ بْنِ مَعَدٍّ (2).

«14»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی قُلْنا یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْجَنِیقٍ عُمِلَ فِی الدُّنْیَا مَنْجَنِیقٌ عُمِلَ لِإِبْرَاهِیمَ بِسُورِ الْكُوفَةِ فِی نَهَرٍ یُقَالُ لَهَا كُوثَی وَ فِی قَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا قَنْطَانَا قَالَ عَمِلَ إِبْلِیسُ الْمَنْجَنِیقَ وَ أُجْلِسَ فِیهِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ أَرَادُوا أَنْ یَرْمُوا بِهِ فِی نَارِهَا أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَ لَكَ حَاجَةٌ قَالَ مَا لِی إِلَیْكَ حَاجَةٌ بَعْدَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْنا یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ (3).

«15»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ (4)أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِیهِ مَنْ هُمْ فَقَالَ علیه السلام قَابِیلُ یَفِرُّ مِنْ هَابِیلَ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ مُوسَی وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمُ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ صَاحِبَتِهِ لُوطٌ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ نُوحٌ یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ (5).

«16»-ل، الخصال أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُضْرِمَتِ النَّارُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام شَكَتْ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَصُبَّ عَلَیْهَا الْمَاءَ فَلَمْ

ص: 36


1- لم نجده فی الخصال و رواه فی الأمالی: 389. م.
2- الخصال ج 1: 121- 122. م.
3- تفسیر الفرات: 97. م.
4- تقدم الحدیث بتمامه فی كتاب الاحتجاجات، و أو عزنا هناك ان فی العیون زیادة بعد قوله: إبراهیم و هی: یعنی الأب المربی لا الوالد. راجع ج 10 ص 80.
5- الخصال ج 1: 154، علل الشرائع: 198، العیون: 136. م.

یَأْذَنِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا لِلضِّفْدِعِ فَاحْتَرَقَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَ بَقِیَ مِنْهُ الثُّلُثُ الْخَبَرَ (1).

«17»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَسَبْعَةُ نَفَرٍ أَوَّلُهُمُ ابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ نُمْرُودُ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ وَ اثْنَانِ فِی (2)بَنِی إِسْرَائِیلَ هَوَّدَا قَوْمَهُمْ وَ نَصَّرَاهُمْ وَ فِرْعَوْنُ الَّذِی قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی وَ اثْنَانِ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ (3).

«18»-ج، الإحتجاج قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی حِكْمَةِ خَلْقِ الْأَشْیَاءِ فَأَمَّا الْبَعُوضُ وَ الْبَقُّ فَبَعْضُ سَبَبِهِ أَنَّهُ جُعِلَ أَرْزَاقَ الطَّیْرِ وَ أَهَانَ بِهَا جَبَّاراً تَمَرَّدَ عَلَی اللَّهِ وَ تَجَبَّرَ وَ أَنْكَرَ رُبُوبِیَّتَهُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَضْعَفَ خَلْقِهِ لِیُرِیَهُ قُدْرَتَهُ وَ عَظَمَتَهُ وَ هِیَ الْبَعُوضُ فَدَخَلَتْ فِی مَنْخِرِهِ حَتَّی وَصَلَتْ إِلَی دِمَاغِهِ فَقَتَلَتْهُ (4).

«19»-ع، علل الشرائع ل، الخصال ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی جَوَابِ أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ- (5)یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ علیه السلام فِی النَّارِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَضَعُوهُ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَی نُمْرُودَ الْبَقَّةَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ(6).

«20»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَا إِسْحَاقُ إِنَّ فِی النَّارِ لَوَادِیاً یُقَالُ لَهُ سَقَرُ لَمْ یَتَنَفَّسْ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ فِی التَّنَفُّسِ بِقَدْرِ مِخْیَطٍ لَاحْتَرَقَ (7)مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَیَتَعَوَّذُونَ مِنْ حَرِّ ذَلِكَ الْوَادِی وَ نَتْنِهِ وَ قَذَرِهِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهِ لِأَهْلِهِ وَ إِنَّ فِی ذَلِكَ الْوَادِی لَجَبَلًا یَتَعَوَّذُ جَمِیعُ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِی مِنْ حَرِّ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَ نَتْنِهِ وَ قَذَرِهِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهِ لِأَهْلِهِ وَ إِنَّ فِی ذَلِكَ الْجَبَلِ لَشِعْباً یَتَعَوَّذُ جَمِیعُ أَهْلِ

ص: 37


1- لم نجده. م.
2- فی نسخة «من» بدل «فی» و كذا فیما یتلوه.
3- الخصال ج 2: 4. م.
4- الاحتجاج: 187. م.
5- تقدم تمامه فی كتاب الاحتجاجات فی باب أسئلة الشامیّ عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
6- علل الشرائع: 199. الخصال ج 2: 28، العیون: 136- 137. م.
7- فی المصدر: لاحرق. م.

ذَلِكَ الْجَبَلِ مِنْ حَرِّ ذَلِكَ الشِّعْبِ وَ نَتْنِهِ وَ قَذَرِهِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهِ لِأَهْلِهِ وَ إِنَّ فِی ذَلِكَ الشِّعْبِ لَقَلِیباً (1)یَتَعَوَّذُ جَمِیعُ أَهْلِ ذَلِكَ الشِّعْبِ مِنْ حَرِّ ذَلِكَ الْقَلِیبِ وَ نَتْنِهِ وَ قَذَرِهِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهِ لِأَهْلِهِ وَ إِنَّ فِی ذَلِكَ الْقَلِیبِ لَحَیَّةً یَتَعَوَّذُ جَمِیعُ أَهْلِ ذَلِكَ الْقَلِیبِ مِنْ خُبْثِ تِلْكَ الْحَیَّةِ وَ نَتْنِهَا وَ قَذَرِهَا وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِی أَنْیَابِهَا مِنَ السَّمِّ لِأَهْلِهَا وَ إِنَّ فِی جَوْفِ تِلْكَ الْحَیَّةِ لَسَبْعَةَ صَنَادِیقَ فِیهَا خَمْسَةٌ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنِ الْخَمْسَةُ وَ مَنِ الِاثْنَانُ قَالَ فَأَمَّا الْخَمْسَةُ فَقَابِیلُ الَّذِی قَتَلَ هَابِیلَ وَ نُمْرُودُ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ فَ قالَ أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ وَ فِرْعَوْنُ الَّذِی قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی وَ یَهُودُ الَّذِی هَوَّدَ الْیَهُودَ وَ بُولَسُ الَّذِی نَصَّرَ النَّصَارَی وَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَعْرَابِیَّانِ (2).

أقول: قد مضی و سیأتی مثله بأسانید فی كتاب المعاد و كتاب الفتن.

«21»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی یَزِیدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی النَّارِ فلقاه(تَلَقَّاهُ) جَبْرَئِیلُ فِی الْهَوَاءِ وَ هُوَ یَهْوِی فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ أَ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا(3).

«22»-ع، علل الشرائع بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ فِی النَّارِ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهَا وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَئِنْ آذَیْتِهِ لَأُعَذِّبَنَّكِ وَ قَالَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِهَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ مَا سَخُنَتْ مَاؤُهُمْ (4).

«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ (5)عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ حُجْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ خَالَفَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قَوْمَهُ وَ عَادَی آلِهَتَهُمْ حَتَّی أُدْخِلَ عَلَی نُمْرُودَ فَخَاصَمَهُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ الْآیَةَ وَ كَانَ فِی عِیدٍ لَهُمْ دَخَلَ عَلَی آلِهَتِهِمْ قَالُوا مَا اجْتَرَأَ عَلَیْهَا إِلَّا الْفَتَی الَّذِی یَعِیبُهَا وَ یَبْرَأُ مِنْهَا فَلَمْ یَجِدُوا لَهُ مُثْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ فَأَخْبَرُوا نُمْرُودَ

ص: 38


1- القلیب: البئر.
2- الخصال: 2: 34. م.
3- علل الشرائع: 24. م.
4- علل الشرائع: 24. م.
5- فی نسخة: عن عمر بن أبان.

فَجَمَعَ لَهُ الْحَطَبَ وَ أَوْقَدَ عَلَیْهِ ثُمَّ وَضَعَهُ فِی الْمَنْجَنِیقِ لِیَرْمِیَ بِهِ فِی النَّارِ وَ إِنَّ إِبْلِیسَ دَلَّ عَلَی عَمَلِ الْمَنْجَنِیقِ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام (1).

«24»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ جَبْرَئِیلَ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ نُمْرُودُ إِبْرَاهِیمَ لِیُلْقِیَهُ فِی النَّارِ قُلْتُ یَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ خَلِیلُكَ لَیْسَ فِی أَرْضِكَ أَحَدٌ یَعْبُدُكَ غَیْرُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی هُوَ عَبْدِی آخُذُهُ إِذَا شِئْتُ وَ لَمَّا أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی النَّارِ تَلَقَّاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فِی الْهَوَاءِ وَ هُوَ یَهْوِی إِلَی النَّارِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَیْكَ فَلَا وَ قَالَ یَا اللَّهُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا مَنْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نَجِّنِی مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی النَّارِ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ (2).

«25»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِنُمْرُودَ مَجْلِسٌ یُشْرِفُ مِنْهُ عَلَی النَّارِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ أَشْرَفَ عَلَی النَّارِ هُوَ وَ آزَرُ فَإِذَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مَعَ شَیْخٍ یُحَدِّثُهُ فِی رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ قَالَ فَالْتَفَتَ نُمْرُودُ إِلَی آزَرَ فَقَالَ یَا آزَرُ مَا أَكْرَمَ ابْنَكَ عَلَی رَبِّهِ قَالَ ثُمَّ قَالَ نُمْرُودُ لِإِبْرَاهِیمَ اخْرُجْ عَنِّی وَ لَا تُسَاكِنِّی (3).

«26»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ دُعَاءُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَوْمَئِذٍ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا مَنْ لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثُمَّ تَوَكَّلْتُ عَلَی اللَّهِ فَقَالَ كُفِیتَ وَ قَالَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلنَّارِ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ لَمْ یَعْمَلْ یَوْمَئِذٍ نَارٌ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ لَا انْتَفَعَ بِهَا أَحَدٌ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ قَالَ فَنَزَلَ (4)جَبْرَئِیلُ یُحَدِّثُهُ وَسَطَ النَّارِ قَالَ نُمْرُودُ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهاً فَلْیَتَّخِذْ مِثْلَ إِلَهِ إِبْرَاهِیمَ

ص: 39


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- أمالی الشیخ: ص 58. م.
4- فی نسخة: و نزل جبرئیل.

فَقَالَ عَظِیمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ إِنِّی عَزَمْتُ عَلَی النِّیرَانِ أَنْ لَا تُحْرِقَهُ قَالَ فَخَرَجَتْ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ (1)فَأَحْرَقَتْهُ وَ كَانَ نُمْرُودُ یَنْظُرُ بِشُرْفَةٍ عَلَی النَّارِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ قَالَ نُمْرُودُ لِآزَرَ اصْعَدْ بِنَا حَتَّی نَنْظُرَ فَصَعِدَا فَإِذَا إِبْرَاهِیمُ فِی رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ مَعَهُ شَیْخٌ یُحَدِّثُهُ قَالَ فَالْتَفَتَ نُمْرُودُ إِلَی آزَرَ فَقَالَ مَا أَكْرَمَ ابْنَكَ عَلَی اللَّهِ وَ الْعَرَبُ تُسَمِّی الْعَمَّ أَباً قَالَ تَعَالَی فِی قِصَّةِ یَعْقُوبَ قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ إِسْمَاعِیلُ كَانَ عَمَّ یَعْقُوبَ وَ قَدْ سَمَّاهُ أَباً فِی هَذِهِ الْآیَةِ (2).

«27»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ النَّقَّاشِ عَنْ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: لَمَّا رُمِیَ إِبْرَاهِیمُ فِی النَّارِ دَعَا اللَّهَ بِحَقِّنَا فَجَعَلَ اللَّهُ النَّارَ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً (3).

«28»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی احْتِجَاجِهِ عَلَی الْیَهُودِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ نَجَّی اللَّهُ تَعَالَی نُوحاً مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِیمِ وَ بَرَّدَ اللَّهُ النَّارَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَ جَعَلَهَا عَلَیْهِ سَلَاماً وَ مَكَّنَهُ فِی جَوْفِ النَّارِ عَلَی سَرِیرٍ وَ فِرَاشٍ وَثِیرٍ (4)لَمْ یَرَ ذَلِكَ الطَّاغِیَةُ مِثْلَهُ لِأَحَدٍ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَ أَنْبَتَ مِنْ حَوَالَیْهِ مِنَ الْأَشْجَارِ الْخَضِرَةِ النَّضِرَةِ النَّزِهَةِ وَ غَمَرَ مَا حَوْلَهُ مِنْ أَنْوَاعِ النُّورِ بِمَا لَا یُوجَدُ إِلَّا فِی فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ مِنَ السَّنَةِ (5).

«29»-فض، كتاب الروضة ضه، روضة الواعظین عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِی عَمْرٍو وَ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام هَرَبَ بِهِ أَبُوهُ مِنَ الْمَلِكِ الطَّاغِی فَوَضَعَتْهُ أُمُّهُ بَیْنَ تِلَالٍ بِشَاطِئِ نَهَرٍ مُتَدَفِّقٍ یُقَالُ لَهُ حَزْرَانُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَی إِقْبَالِ اللَّیْلِ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ وَ اسْتَقَرَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ قَامَ مِنْ تَحْتِهَا یَمْسَحُ وَجْهَهُ وَ رَأْسَهُ وَ یُكْثِرُ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْباً وَ اتَّشَحَ بِهِ (6)وَ أُمُّهُ تَرَاهُ فَذُعِرَتْ مِنْهُ ذُعْراً شَدِیداً ثُمَّ مَضَی یُهَرْوِلُ بَیْنَ یَدَیْهَا مَادّاً عَیْنَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ فَكَانَ مِنْهُ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ

ص: 40


1- فی النهایة: یخرج عنق من النار أی طائفة.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- وثر الفراش: وطؤ و لان فهو وثیر.
5- تفسیر الإمام: 115. و فی نسخة: بما لا یوجد فی فصول أربعة من السنة.
6- اتشح بثوبه: لبسه أو أدخله تحت إبطه فألقاه علی منكبه.

مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأی كَوْكَباً إِلَی آخِرِ الْآیَاتِ (1).

«30»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَبُو إِبْرَاهِیمَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ وَ كَانَ نُمْرُودُ لَا یَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْیِهِ فَنَظَرَ فِی النُّجُومِ لَیْلَةً مِنَ اللَّیَالِی فَأَصْبَحَ فَقَالَ لَقَدْ رَأَیْتُ فِی لَیْلَتِی هَذِهِ عَجَباً فَقَالَ لَهُ نُمْرُودُ وَ مَا هُوَ فَقَالَ رَأَیْتُ مَوْلُوداً یُولَدُ فِی أَرْضِنَا هَذِهِ یَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَی یَدَیْهِ وَ لَا یَلْبَثُ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی یُحْمَلَ بِهِ فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ نُمْرُودُ وَ قَالَ هَلْ حَمَلَ بِهِ النِّسَاءُ فَقَالَ لَا وَ كَانَ فِیمَا أُوتِیَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ سَیُحْرَقُ بِالنَّارِ وَ لَمْ یَكُنْ أُوتِیَ أَنَّ اللَّهَ سَیُنْجِیهِ قَالَ فَحَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فَلَمْ یَتْرُكْ امْرَأَةً إِلَّا جُعِلَتْ بِالْمَدِینَةِ حَتَّی لَا یَخْلَصَ إِلَیْهِنَّ الرِّجَالُ قَالَ وَ بَاشَرَ أَبُو إِبْرَاهِیمَ امْرَأَتَهُ فَحَمَلَتْ بِهِ فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فَأَرْسَلَ إِلَی نِسَاءٍ مِنَ الْقَوَابِلِ لَا یَكُونُ فِی الْبَطْنِ شَیْ ءٌ إِلَّا عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ إِلَی أُمِّ إِبْرَاهِیمَ فَأَلْزَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ذِكْرُهُ مَا فِی الرَّحِمِ الظَّهْرَ فَقُلْنَ مَا نَرَی شَیْئاً فِی بَطْنِهَا فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ أَرَادَ أَبُوهُ أَنْ یَذْهَبَ بِهِ إِلَی نُمْرُودَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَا تَذْهَبْ بِابْنِكَ إِلَی نُمْرُودَ فَیَقْتُلَهُ دَعْنِی أَذْهَبْ بِهِ إِلَی بَعْضِ الْغِیرَانِ (2)أَجْعَلْهُ فِیهِ حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیْهِ أَجَلُهُ وَ لَا تَكُونَ أَنْتَ تَقْتُلُ ابْنَكَ فَقَالَ لَهَا فَاذْهَبِی فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَی غَارٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ جَعَلَتْ عَلَی بَابِ الْغَارِ صَخْرَةً ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ فَجَعَلَ اللَّهُ رِزْقَهُ فِی إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ یَمَصُّهَا فَیَشْرَبُ لَبَناً وَ جَعَلَ یَشِبُّ فِی الْیَوْمِ كَمَا یَشِبُّ غَیْرُهُ فِی الْجُمْعَةِ وَ یَشِبُّ فِی الْجُمْعَةِ كَمَا یَشِبُّ غَیْرُهُ فِی الشَّهْرِ وَ یَشِبُّ فِی الشَّهْرِ كَمَا یَشِبُّ غَیْرُهُ فِی السَّنَةِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَمْكُثَ ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِأَبِیهِ لَوْ أَذِنْتَ لِی أَنْ أَذْهَبَ إِلَی ذَلِكَ الصَّبِیِّ فَأَرَاهُ فَعَلْتُ قَالَ ففعل (3)(فَافْعَلِی) فَأَتَتِ الْغَارَ فَإِذَا هِیَ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ إِذَا عَیْنَاهُ تَزْهَرَانِ كَأَنَّهُمَا سِرَاجَانِ فَأَخَذَتْهُ وَ ضَمَّتْهُ إِلَی صَدْرِهَا وَ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ فَسَأَلَهَا أَبُوهُ عَنِ الصَّبِیِّ فَقَالَتْ قَدْ وَارَیْتُهُ فِی التُّرَابِ فَمَكَثَتْ تَعْتَلُّ فَتَخْرُجُ فِی الْحَاجَةِ وَ تَذْهَبُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَتَضُمُّهُ إِلَیْهَا وَ تُرْضِعُهُ ثُمَ

ص: 41


1- الروضة: 134. م.
2- جمع الغار: الكهف.
3- فی المصدر: قال: فافعلی. م.

تَنْصَرِفُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ أُمُّهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِیهِ وَ صَنَعَتْ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ فَلَمَّا أَرَادَتِ الِانْصِرَافَ أَخَذَ ثَوْبَهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ اذْهَبِی بِی مَعَكِ فَقَالَتْ لَهُ حَتَّی أَسْتَأْمِرَ (1)أَبَاكَ فَلَمْ یَزَلْ إِبْرَاهِیمُ فِی الْغَیْبَةِ مَخْفِیّاً لِشَخْصِهِ كَاتِماً لِأَمْرِهِ حَتَّی ظَهَرَ فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ أَظْهَرَ اللَّهُ قُدْرَتَهُ فِیهِ (2).

«31»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ آزَرُ عَمُّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ وَ كَانَ لَا یَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْیِهِ فَقَالَ لَقَدْ رَأَیْتُ فِی لَیْلَتِی عَجَباً فَقَالَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّ مَوْلُوداً یُولَدُ فِی أَرْضِنَا هَذِهِ یَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَی یَدَیْهِ فَحُجِبَتِ الرِّجَالُ عَنِ النِّسَاءِ وَ كَانَ تَارُخُ وَقَعَ عَلَی أُمِّ إِبْرَاهِیمَ فَحَمَلَتْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِهِ(3).

بیان: الظاهر أن ما رواه الراوندی هو هذا الخبر بعینه و إنما غیره لیستقیم علی أصول الإمامیة (4)و سیأتی القول فیه.

و قوله علیه السلام و جعل یشب فی الیوم الظاهر أن التشبیه فی الفقرات لمحض كثرة النمو لا فی خصوص المقادیر كما هو الشائع فی المحاورات و یحتمل أن یكون المراد أنه كان یشب فی الأسبوع الأول كل یوم كما یشب غیره فی أسبوع و إلی تمام الشهر كان ینمو كل أسبوع كما ینمو غیره فی الشهر و إلی تمام السنة كان نموه كل شهر كنمو غیره فی سنة.

«32»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَخَلَ یُوسُفُ علیه السلام عَلَی الْمَلِكِ یَعْنِی نُمْرُودَ قَالَ كَیْفَ أَنْتَ یَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ إِنِّی لَسْتُ بِإِبْرَاهِیمَ أَنَا یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ وَ هُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِیمَ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ قَالَ وَ كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ شَابّاً (5).

«33»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ یَحْیَی

ص: 42


1- استأمره: شاوره.
2- كمال الدین: 82- 83. م.
3- مخطوط. م.
4- هذا تدلیس، و الراوندیّ من أعاظم العلماء و هو أجل من ذلك، فلعله وجد الخبر هكذا.
5- مخطوط. م.

رَفَعَهُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّ هَاتِفاً یَهْتِفُ بِهِ (1)فَقَالَ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ أَیَّ شَیْ ءٍ كَانَتِ الْعَلَامَةُ بَیْنَ یَعْقُوبَ وَ یُوسُفَ فَقَالَ لَمَّا قُذِفَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی النَّارِ هَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِقَمِیصِ فِضَّةٍ (2)فَأَلْبَسَهُ إِیَّاهُ فَفَرَّتْ عَنْهُ النَّارُ وَ نَبَتَ حَوْلَهُ النَّرْجِسُ فَأَخَذَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الْقَمِیصَ فَجَعَلَهُ فِی عُنُقِ إِسْحَاقَ فِی قَصَبَةِ فِضَّةٍ وَ عَلَّقَهَا إِسْحَاقُ فِی عُنُقِ یَعْقُوبَ وَ عَلَّقَهَا یَعْقُوبُ فِی عُنُقِ یُوسُفَ علیهما السلام وَ قَالَ لَهُ إِنْ نُزِعَ هَذَا الْقَمِیصُ مِنْ بَدَنِكَ عَلِمْتُ أَنَّكَ مَیِّتٌ أَوْ قَدْ قُتِلْتَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ إِخْوَتُهُ أَعْطَاهُمُ الْقَصَبَةَ وَ أَخْرَجُوا الْقَمِیصَ فَاحْتَمَلَتِ الرِّیحُ رَائِحَتَهُ فَأَلْقَتْهَا عَلَی وَجْهِ یَعْقُوبَ بِالْأُرْدُنِّ فَقَالَ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (3).

«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَسَبْعَةُ نَفَرٍ أَوَّلُهُمْ ابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ (4).

«35»-أَقُولُ رَوَی الشَّیْخُ أَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِی الْمُهَذَّبِ وَ غَیْرُهُ بِأَسَانِیدِهِمْ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَوْمُ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی كَسَرَ فِیهِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَصْنَامَ قَوْمِهِ (5).

«36»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ نُمْرُودَ أَرَادَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی مَلِكِ السَّمَاءِ فَأَخَذَ نُسُوراً أَرْبَعَةً فَرَبَّاهُنَّ وَ جَعَلَ تَابُوتاً مِنْ خَشَبٍ وَ أَدْخَلَ فِیهِ رَجُلًا ثُمَّ شَدَّ قَوَائِمَ النُّسُورِ بِقَوَائِمِ التَّابُوتِ ثُمَّ جَعَلَ فِی وَسْطِ التَّابُوتِ عَمُوداً وَ جَعَلَ فِی رَأْسِ الْعَمُودِ لَحْماً فَلَمَّا رَأَی النُّسُورُ اللَّحْمَ طِرْنَ وَ طِرْنَ بِالتَّابُوتِ وَ الرَّجُلِ فَارْتَفَعْنَ إِلَی السَّمَاءِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ أَخْرَجَ مِنَ التَّابُوتِ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَإِذَا هِیَ

ص: 43


1- فی نسخة: إن هاتفا هتف به.
2- استظهر فی الهامش أن الصحیح: بقمیص فی قصبة.
3- لم نجده. م.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.
5- المهذب البارع مخطوط. م.

عَلَی حَالِهَا وَ نَظَرَ إِلَی الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ لَا یَرَی الْجِبَالَ إِلَّا كَالذَّرِّ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً فَنَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَإِذَا هِیَ عَلَی حَالِهَا وَ نَظَرَ إِلَی الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ لَا یَرَی إِلَّا الْمَاءَ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً فَنَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَإِذَا هِیَ عَلَی حَالِهَا وَ نَظَرَ إِلَی الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ لَا یَرَی شَیْئاً ثُمَّ وَقَعَ فِی ظُلْمَةٍ لَمْ یَرَ مَا فَوْقَهُ وَ مَا تَحْتَهُ فَفَزِعَ فَأَلْقَی اللَّحْمَ فَاتَّبَعَتْهُ النُّسُورُ مُنْقَضَّاتٍ (1)فَلَمَّا نَظَرَتِ الْجِبَالُ إِلَیْهِنَّ وَ قَدْ أَقْبَلْنَ مُنْقَضَّاتٍ وَ سَمِعَتْ حَفِیفَهُنَّ فَزِعَتْ وَ كَادَتْ أَنْ تَزُولَ مَخَافَةَ أَمْرِ السَّمَاءِ (2)وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (3).

«37»-كا، الكافی فِی الرَّوْضَةِ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حُجْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَالَفَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قَوْمَهُ وَ عَابَ آلِهَتَهُمْ حَتَّی أُدْخِلَ عَلَی نُمْرُودَ فَخَاصَمَهُمْ (4)فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام رَبِّیَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ قالَ أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ قالَ إِبْراهِیمُ فَإِنَّ اللَّهَ یَأْتِی بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِی كَفَرَ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَابَ آلِهَتَهُمْ وَ نَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِیماً وَ مَا كَذَبَ فَلَمَّا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِینَ إِلَی عِیدٍ لَهُمْ دَخَلَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَی آلِهَتِهِمْ بِقَدُومٍ فَكَسَرَهَا إِلَّا كَبِیراً لَهُمْ وَ وَضَعَ الْقَدُومَ فِی عُنُقِهِ فَرَجَعُوا إِلَی آلِهَتِهِمْ فَنَظَرُوا إِلَی مَا صُنِعَ بِهَا فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ مَا اجْتَرَأَ عَلَیْهَا وَ لَا كَسَرَهَا إِلَّا الْفَتَی الَّذِی كَانَ یَعِیبُهَا وَ یَبْرَأُ مِنْهَا فَلَمْ یَجِدُوا لَهُ قِتْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ فَجُمِعَ لَهُ الْحَطَبُ وَ اسْتَجَادُوهُ حَتَّی إِذَا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی یُحْرَقُ فِیهِ بَرَزَ لَهُ نُمْرُودُ وَ جُنُودُهُ وَ قَدْ بُنِیَ لَهُ بِنَاءٌ لِیَنْظُرَ إِلَیْهِ كَیْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ وَ وُضِعَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی مَنْجَنِیقٍ وَ قَالَتِ الْأَرْضُ یَا رَبِّ لَیْسَ عَلَی ظَهْرِی أَحَدٌ (5)یَعْبُدُكَ غَیْرُهُ یُحْرَقُ بِالنَّارِ قَالَ الرَّبُّ إِنْ دَعَانِی كَفَیْتُهُ (6).

«38»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ الْكَرْخِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام

ص: 44


1- من أنقضت العقاب: صوتت.
2- فی نسخة: مخافة من أمر السماء.
3- مخطوط. م.
4- فی نسخة: فخاصمه.
5- فی نسخة: لیس علی ظهری عبد اه.
6- الروضة 368- 369. م.

كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثَی رُبَی وَ كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا وَ كَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ وَ أُمُّ لُوطٍ (1)سَارَةَ وَ وَرَقَةَ وَ فِی نُسْخَةٍ رَقَبَةَ (2)أُخْتَیْنِ وَ هُمَا ابْنَتَانِ لِلَاحِجٍ وَ كَانَ لَاحِجٌ نَبِیّاً مُنْذِراً وَ لَمْ یَكُنْ رَسُولًا (3)وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی شَبِیبَتِهِ عَلَی الْفِطْرَةِ الَّتِی فَطَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَلْقَ عَلَیْهَا حَتَّی هَدَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دِینِهِ وَ اجْتَبَاهُ وَ إِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ ابْنَةَ لَاحِجٍ وَ هِیَ ابْنَةُ خَالَتِهِ وَ كَانَتْ سَارَةُ صَاحِبَةَ مَاشِیَةٍ كَثِیرَةٍ وَ أَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَ حَالٍ حَسَنَةٍ وَ كَانَتْ قَدْ مَلَّكَتْ إِبْرَاهِیمَ جَمِیعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ فَقَامَ فِیهِ وَ أَصْلَحَهُ وَ كَثُرَتِ الْمَاشِیَةُ وَ الزَّرْعُ حَتَّی لَمْ یَكُنْ بِأَرْضِ كُوثَی رُبَی رَجُلٌ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا كَسَرَ أَصْنَامَ نُمْرُودَ وَ أَمَرَ بِهِ نُمْرُودُ فَأُوثِقَ وَ عَمِلَ لَهُ حَیْراً وَ جَمَعَ لَهُ فِیهِ الْحَطَبَ وَ أَلْهَبَ فِیهِ النَّارَ ثُمَّ قَذَفَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی النَّارِ لِتُحْرِقَهُ ثُمَّ اعْتَزَلُوهَا حَتَّی خَمَدَتِ النَّارُ ثُمَّ أَشْرَفُوا عَلَی الْحَیْرِ فَإِذَا هُمْ بِإِبْرَاهِیمَ سَلِیماً مُطْلَقاً مِنْ وَثَاقِهِ فَأُخْبِرَ نُمْرُودُ خَبَرَهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَنْفُوا إِبْرَاهِیمَ مِنْ بِلَادِهِ وَ أَنْ یَمْنَعُوهُ مِنَ الْخُرُوجِ بِمَاشِیَتِهِ وَ مَالِهِ فَحَاجَّهُمْ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْتُمْ مَاشِیَتِی وَ مَالِی فَإِنَّ حَقِّی عَلَیْكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَیَّ مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِی فِی بِلَادِكُمْ وَ اخْتَصَمُوا إِلَی قَاضِی نُمْرُودَ فَقَضَی عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ یُسَلِّمَ إِلَیْهِمْ جَمِیعَ مَا أَصَابَ فِی بِلَادِهِمْ وَ قَضَی عَلَی أَصْحَابِ نُمْرُودَ أَنْ یَرُدُّوا عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِهِ فِی بِلَادِهِمْ وَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ نُمْرُودُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یُخَلُّوا سَبِیلَهُ وَ سَبِیلَ مَاشِیَتِهِ وَ مَالِهِ وَ أَنْ یُخْرِجُوهُ وَ قَالَ إِنَّهُ إِنْ بَقِیَ فِی بِلَادِكُمْ أَفْسَدَ دِینَكُمْ وَ أَضَرَّ بِآلِهَتِكُمْ فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِیمَ وَ لُوطاً مَعَهُ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَی الشَّامِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ وَ مَعَهُ لُوطٌ لَا یُفَارِقُهُ وَ سَارَةُ وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ یَعْنِی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام بِمَاشِیَتِهِ وَ مَالِهِ وَ عَمِلَ تَابُوتاً وَ جَعَلَ فِیهِ سَارَةَ وَ شَدَّ عَلَیْهَا الْأَغْلَاقَ غَیْرَةً مِنْهُ عَلَیْهَا وَ مَضَی حَتَّی خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ وَ سَارَ إِلَی سُلْطَانِ رَجُلٍ

ص: 45


1- هكذا فی أكثر النسخ و فی بعضها: امرأة إبراهیم و امرأة لوط. و هو الصحیح و یدلّ علیه ما یأتی بعد ذلك أنّه تزوج سارة ابنة لاحج. و فی تاریخ الیعقوبی: أن سارة كانت بنت خاران بن ناحور عمه. و فی العرائس: أنها كانت بنت ناحور. و فی الأول أن لوط كان ابن خاران بن تارخ و فی الثانی انه ابن هاران بن تارخ.
2- فی المصدر: رقیة. م.
3- أی لم یكن رسولا صاحب شریعة، أو لم یكن ممن یعاین الملك.

مِنَ الْقِبْطِ یُقَالُ لَهُ عَرَارَةُ فَمَرَّ بِعَاشِرٍ لَهُ فَاعْتَرَضَهُ الْعَاشِرُ (1)لِیَعْشُرَ مَا مَعَهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْعَاشِرِ وَ مَعَهُ التَّابُوتُ قَالَ الْعَاشِرُ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام افْتَحْ هَذَا التَّابُوتَ حَتَّی نَعْشُرَ مَا فِیهِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قُلْ مَا شِئْتَ فِیهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتَّی نُعْطِیَ عُشْرَهُ وَ لَا نَفْتَحَهُ قَالَ فَأَبَی الْعَاشِرُ إِلَّا فَتْحَهُ قَالَ وَ غَضِبَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام عَلَی فَتْحِهِ فَلَمَّا بَدَتْ لَهُ سَارَةُ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ هِیَ حُرْمَتِی وَ ابْنَةُ خَالَتِی فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ فَمَا دَعَاكَ إِلَی أَنْ خَبَیْتَهَا فِی هَذَا التَّابُوتِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الْغَیْرَةُ عَلَیْهَا أَنْ یَرَاهَا أَحَدٌ فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتَّی أُعْلِمَ الْمَلِكَ حَالَهَا وَ حَالَكَ قَالَ فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَی الْمَلِكِ فَأَعْلَمَهُ فَبَعَثَ الْمَلِكُ رَسُولًا مِنْ قِبَلِهِ لِیَأْتُوهُ بِالتَّابُوتِ فَأَتَوْا لِیَذْهَبُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِنِّی لَسْتُ أُفَارِقُ التَّابُوتَ حَتَّی یُفَارِقَ رُوحِی جَسَدِی فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ أَنِ احْمِلُوهُ وَ التَّابُوتَ مَعَهُ فَحَمَلُوا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ التَّابُوتَ وَ جَمِیعَ مَا كَانَ مَعَهُ حَتَّی أُدْخِلَ عَلَی الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ افْتَحِ التَّابُوتَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ فِیهِ حُرْمَتِی وَ بِنْتَ خَالَتِی وَ أَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِیعِ مَا مَعِی قَالَ فغصب(فَغَضِبَ) الْمَلِكُ إِبْرَاهِیمَ عَلَی فَتْحِهِ فَلَمَّا رَأَی سَارَةَ لَمْ یَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ یَدَهُ إِلَیْهَا فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَجْهَهُ عَنْهَا وَ عَنْهُ غَیْرَةً مِنْهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ احْبِسْ یَدَهُ عَنْ حُرْمَتِی وَ ابْنَةِ خَالَتِی فَلَمْ تَصِلْ یَدُهُ إِلَیْهَا وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ إِنَّ إِلَهَكَ هُوَ الَّذِی فَعَلَ بِی هَذَا فَقَالَ لَهُ نَعَمْ إِنَّ إِلَهِی غَیُورٌ یَكْرَهُ الْحَرَامَ وَ هُوَ الَّذِی حَالَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ فَادْعُ إِلَهَكَ یَرُدَّ عَلَیَّ یَدِی فَإِنْ أَجَابَكَ فَلَمْ أَعْرِضْ لَهَا فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَهِی رُدَّ إِلَیْهِ یَدَهُ لِیَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِی قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَدَهُ فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ثُمَّ عَادَ بِیَدِهِ نَحْوَهَا فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِیمُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ غَیْرَةً مِنْهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ احْبِسْ یَدَهُ عَنْهَا قَالَ فَیَبِسَتْ یَدُهُ وَ لَمْ تَصِلْ إِلَیْهَا فَقَالَ الْمَلِكُ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام إِنَّ إِلَهَكَ لَغَیُورٌ وَ إِنَّكَ لَغَیُورٌ فَادْعُ إِلَهَكَ یَرُدَّ عَلَیَّ یَدِی فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ أَعُدْ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَسْأَلُهُ ذَلِكَ عَلَی أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِی أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ نَعَمْ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَرُدَّ یَدَهُ عَلَیْهِ فَرَجَعَتْ إِلَیْهِ یَدُهُ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ الْمَلِكُ مِنَ الْغَیْرَةِ مَا رَأَی وَ رَأَی الْآیَةَ

ص: 46


1- العاشر: آخذ العشر.

فِی یَدِهِ عَظَّمَ إِبْرَاهِیمَ وَ هَابَهُ وَ أَكْرَمَهُ وَ اتَّقَاهُ وَ قَالَ لَهُ قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا أَوْ لِشَیْ ءٍ مِمَّا مَعَكَ فَانْطَلِقْ حَیْثُ شِئْتَ وَ لَكِنْ لِی إِلَیْكَ حَاجَةٌ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مَا هِیَ فَقَالَ لَهُ أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِی أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِیَّةً عِنْدِی جَمِیلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِماً قَالَ فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ فَدَعَا بِهَا فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ وَ هِیَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِیلَ فَسَارَ إِبْرَاهِیمُ بِجَمِیعِ مَا مَعَهُ وَ خَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ یَمْشِی خَلْفَ إِبْرَاهِیمَ إِعْظَاماً لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ هَیْبَةً لَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی إِبْرَاهِیمَ أَنْ قِفْ وَ لَا تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَ یَمْشِی وَ هُوَ خَلْفَكَ وَ لَكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ وَ امْشِ خَلْفَهُ وَ عَظِّمْهُ وَ هَبْهُ فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ وَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِی الْأَرْضِ بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ فَوَقَفَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ قَالَ لِلْمَلِكِ امْضِ فَإِنَّ إِلَهِی أَوْحَی إِلَیَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَ أَهَابَكَ وَ أَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِی وَ أَمْشِیَ خَلْفَكَ إِجْلَالًا لَكَ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَوْحَی إِلَیْكَ بِهَذَا فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَشْهَدُ أَنَّ إِلَهَكَ لَرَفِیقٌ حَلِیمٌ كَرِیمٌ وَ أَنَّكَ تُرَغِّبُنِی فِی دِینِكَ قَالَ وَ وَدَّعَهُ الْمَلِكُ فَسَارَ إِبْرَاهِیمُ حَتَّی نَزَلَ بِأَعْلَی الشَّامَاتِ وَ خَلَّفَ لُوطاً علیه السلام فِی أَدْنَی الشَّامَاتِ ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا أَبْطَأَ عَلَیْهِ الْوَلَدُ قَالَ لِسَارَةَ لَوْ شِئْتِ لَبِعْتِینِی (1)هَاجَرَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنَا مِنْهَا وَلَداً فَیَكُونَ لَنَا خَلَفاً فَابْتَاعَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام هَاجَرَ مِنْ سَارَةَ فَوَقَعَ عَلَیْهَا فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (2).

إیضاح كوثی ربی كان قریة من قری الكوفة كما ذكره المؤرخون (3)و الذی ذكره اللغویون هو كوثی قال الجزری كوثی العراق هی سرة السواد و بها ولد إبراهیم الخلیل علیه السلام انتهی و الشبیبة الحداثة و الشباب قوله ابنة لاحج الظاهر أن كلمة ابنة كانت مكررة فأسقط إحداهما النساخ لتوهم التكرار و یحتمل أن یكون المراد ابنة الابنة مجازا أو یكون المراد بلاحج ثانیا غیر الأول (4)و الحیر بالفتح شبه الحظیرة و یقال عشرت القوم أعشرهم بالضم إذا أخذت عشر أموالهم و غصب فلانا علی الشی ء أی قهره.

ص: 47


1- هكذا فی النسخ و فی المصدر: لبعتنی. و هو الصحیح. م.
2- الروضة 370- 373. م.
3- تقدم تفسیره عن یاقوت.
4- أو أن الصحیح امرأة إبراهیم و امرأة لوط كما تقدم عن نسخة، و علیها لا إشكال.

ثم إن هاهنا فوائد لا بد من التعرض لها الأولی اعلم أن العامة اختلفوا فی والد إبراهیم علیه السلام قال الرازی فی تفسیر قوله تعالی وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ لِأَبِیهِ آزَرَ ظاهر هذه الآیة تدل علی أن اسم والد إبراهیم هو آزر و منهم من قال اسمه تارخ و قال الزجاج لا خلاف بین النسابین أن اسمه تارخ و من الملحدة من جعل هذا طعنا فی القرآن.

أقول ثم ذكر لتوجیه ذلك وجوها إلی أن قال و الوجه الرابع أن والد إبراهیم كان تارخ و آزر كان عما له و العم قد یطلق علیه لفظ الأب كما حكی اللّٰه عن أولاد یعقوب أنهم قالوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ (1)و معلوم أن إسماعیل كان عما لیعقوب و قد أطلقوا علیه لفظ الأب فكذا هاهنا.

أقول ثم قال بعد كلام قالت الشیعة إن أحدا من آباء الرسول و أجداده ما كانوا كافرا و أنكروا أن والد إبراهیم كان كافرا و ذكروا أن آزر كان عم إبراهیم و ما كان والدا له و احتجوا علی قولهم بوجوه الحجة الأولی أن آباء نبینا ما كانوا كفارا و یدل علیه وجوه.

منها قوله تعالی الَّذِی یَراكَ حِینَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِی السَّاجِدِینَ (2)قیل معناه أنه كان ینقل روحه من ساجد إلی ساجد و بهذا التقدیر فالآیة دالة علی أن جمیع آباء محمد صلوات اللّٰه علیهم أجمعین كانوا مسلمین و حینئذ یجب القطع بأن والد إبراهیم كان مسلما ثم قال و مما یدل أیضا علی أن أحدا من آباء محمد صلوات اللّٰه علیهم ما كانوا مشركین قوله صلی اللّٰه علیه و آله لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرین إلی أرحام الطاهرات و قال تعالی إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (3)و ذلك یوجب أن یقال إن أحدا من أجداده ما كان من المشركین انتهی. (4)و قال الشیخ الطبرسی قدس اللّٰه روحه بعد نقل ما مر من كلام الزجاج و هذا

ص: 48


1- البقرة: 133.
2- الشعراء: 119.
3- التوبة: 28.
4- مفاتیح الغیب 4: 72- 73. م.

الذی قاله الزجاج یقوی ما قاله أصحابنا إن آزر كان جد إبراهیم لأمه (1)أو كان عمه من حیث صح عندهم أن آباء النبی صلوات اللّٰه علیهم إلی آدم كلهم كانوا موحدین و أجمعت الطائفة علی ذلك انتهی. (2)أقول الأخبار الدالة علی إسلام آباء النبی صلوات اللّٰه علیهم من طرق الشیعة مستفیضة بل متواترة و قد عرفت إجماع الفرقة المحقة علی إسلام ولد إبراهیم بنقل المخالف و المؤالف فالأخبار الدالة علی أنه كان أباه حقیقة محمولة علی التقیة. (3)الثانیة فی قول إبراهیم علیه السلام إِنِّی سَقِیمٌ و اختلف فی معناه علی أقوال أحدها أنه علیه السلام نظر فی النجوم فاستدل بها علی وقت حمی كانت تعتوره فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ أراد أنه قد حضر وقت علته و زمان نوبتها فكأنه قال إنی سأسقم لا محالة و حان الوقت الذی یعترینی فیه الحمی و قد یسمی المشارف للشی ء باسم الداخل فیه قال اللّٰه تعالی إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ

(4)و ثانیها أنه نظر فی النجوم كنظرهم لأنهم كانوا یتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه یقول بمثل قولهم فقال عند ذلك إِنِّی سَقِیمٌ فتركوه ظنا منهم أن نجمه یدل علی سقمه.

و ثالثها أن یكون اللّٰه أعلمه بالوحی أنه سیسقمه فی وقت مستقبل و جعل العلامة علی ذلك إما طلوع نجم علی وجه مخصوص أو اتصاله بآخر علی وجه مخصوص فلما رأی إبراهیم تلك الأمارة قال إِنِّی سَقِیمٌ تصدیقا لما أخبره اللّٰه تعالی.

ص: 49


1- قال المسعودیّ فی اثبات الوصیة: و قام تارخ و هو أبو إبراهیم الخلیل بالامر فی أربع و ستین سنة من ملك رهو بن طهمسعان. و فی روایة اخری أربع و ثمانین سنة و هو نمرود، و روی عن العالم انه قال: إن آزر كان جد إبراهیم لامه منجما لنمرود و هو رهو بن طهمسعان، و مضی تارخ و إبراهیم مولود صغیر.
2- مجمع البیان 4: 321- 322. م.
3- و حیث اطلق الأب فی القرآن الكریم علی العم أو جد الام مجازا الأئمّة صلوات اللّٰه علیهم اتبعوا القرآن فاستعملوا لفظة اب و أرادوا العم أو جد الام حتّی لا یكون كلامهم مخالفا للكتاب العزیز.
4- الزمر: 30.

و رابعها أن معنی قوله إِنِّی سَقِیمٌ إنی سقیم القلب أو الرأی حزنا من إصرار القوم علی عبادة الأصنام و هی لا تسمع و لا تبصر و یكون علی هذا معنی نظره فی النجوم فكرته فی أنها محدثة مخلوقة مدبرة و تعجبه فی أنه كیف ذهب علی العقلاء ذلك من حالها حتی عبدوها.

و خامسها أن معناه نظر فی النجوم نظر تفكر فاستدل بها كما قصه اللّٰه فی سورة الأنعام علی كونها محدثة غیر قدیمة و لا آلهة و أشار بقوله إِنِّی سَقِیمٌ إلی أنه فی حال مهلة النظر و لیس علی یقین من الأمر و لا شفاء من العلم و قد یسمی الشك بأنه سقم كما یسمی العلم بأنه شفاء ذكره أبو مسلم و لا یخفی ضعفه هذا ما ذكره القوم من الوجوه و قد عرفت مما أوردنا من الأخبار فی هذا الباب و باب العصمة أن الظاهر منها أنه علیه السلام أوهمهم بالنظر فی النجوم موافقتهم و قال إِنِّی سَقِیمٌ توریة و قد وردت أخبار كثیرة فی تجویز الكذب و التوریة عند التقیة و فیها الاستدلال بهذه الآیة و بیان أنها لكونها علی جهة التوریة و المصلحة لیست بكذب و ما ذكر من الوجوه یصلح للتوریة و قد مر أنه كان مراده حزن القلب بما یفعل بالحسین علیه السلام و قیل یمكن أن یكون علی وجه التعریض بمعنی أن كل من كتب علیه الموت فهو سقیم و إن لم یكن به سقم فی الحال.

الثالثة قوله علیه السلام هذا رَبِّی و فی تأویله وجوه الأول أنه علیه السلام إنما قال ذلك عند كمال عقله فی زمان مهلة النظر فإنه تعالی لما أكمل عقله و حرك دواعیه علی الفكر و التأمل رأی الكوكب فأعظمه و أعجبه نوره و حسنه و بهاؤه و قد كان قومه یعبدون الكواكب فقال هذا رَبِّی علی سبیل الفكر فلما غاب علم أن الأفول لا یجوز علی الإله فاستدل بذلك علی أنه محدث مخلوق و كذلك كانت حاله فی رؤیة القمر و الشمس و قال فی آخر كلامه یا قَوْمِ إِنِّی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ و كان هذا القول منه عقیب معرفته باللّٰه تعالی و علمه بأن صفات المحدثین لا تجوز علیه و یحتمل أن یكون هذا قبل البلوغ و التكلیف و بعده و الأول هو مختار الأكثر و هو أظهر و إلی هذا الوجه یشیر بعض الأخبار السالفة و یمكن حملها علی بعض الوجوه الآتیة كما لا یخفی.

ص: 50

الثانی أنه علیه السلام كان عارفا بعدم صلاحیتها للربوبیة و لكن قال ذلك فی مقام الاحتجاج علی عبدة الكواكب علی سبیل الفرض الشائع عند المناظرة فكأنه أعاد كلام الخصم لیلزم علیه المحال و یؤیده قوله تعالی بعد ذلك وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَیْناها إِبْراهِیمَ الثالث أن یكون المراد هذا ربی فی زعمكم و اعتقادكم و نظیره أن یقول الموحد للمجسم إن إلهه جسم محدود أی فی زعمه و اعتقاده و قوله تعالی وَ انْظُرْ إِلی إِلهِكَ الَّذِی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاكِفاً الرابع أن المراد منه الاستفهام علی سبیل الإنكار إلا أنه أسقط حرف الاستفهام عنه كما هو الشائع.

الخامس أن یكون القول مضمرا فیه و التقدیر قال یقولون هذا ربی و إضمار القول كثیر كقوله تعالی وَ إِذْ یَرْفَعُ إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَیْتِ وَ إِسْماعِیلُ رَبَّنا (1)أی یقولان.

السادس أن یكون قوله ذلك علی سبیل الاستهزاء كما یقال لذلیل ساد قوما هذا سیدكم علی وجه الهزء.

السابع أنه علیه السلام أراد أن یبطل قولهم بربوبیة الكواكب إلا أنه كان قد عرف من تقلیدهم لأسلافهم و بعد طبائعهم عن قبول الدلائل أنه لو صرح بالدعوة إلی اللّٰه لم یقبلوه و لم یلتفتوا إلیه فمال إلی طریق به یستدرجهم إلی استماع الحجة و ذلك بأنه ذكر كلاما یوهم كونه مساعدا لهم علی مذهبهم مع أن قلبه كان مطمئنا بالإیمان فكأنه بمنزلة المكره علی إجراء كلمة الكفر علی اللسان علی وجه المصلحة لإحیاء الخلق بالإیمان.

الرابعة وجه استدلاله علیه السلام بالأفول علی عدم صلاحیتها للربوبیة قال الرازی فی تفسیره الأفول عبارة عن غیبوبة الشی ء بعد ظهوره و إذا عرفت هذا فلسائل أن یقول الأفول إنما یدل علی الحدوث من حیث إنه حركة و علی هذا یكون الطلوع أیضا دلیلا علی

ص: 51


1- البقرة: 127.

الحدوث فلم ترك إبراهیم علیه السلام الاستدلال علی حدوثها بالطلوع و عول فی إثبات هذا المطلوب علی الأفول و الجواب أنه لا شك أن الطلوع و الغروب یشتركان فی الدلالة علی الحدوث إلا أن الدلیل الذی یحتج به الأنبیاء فی معرض دعوة الخلق كلهم إلی الإله لا بد و أن یكون ظاهرا جلیا بحیث یشترك فی فهمه الذكی و الغبی و العاقل و دلالة الحركة علی الحدوث و إن كانت یقینیة إلا أنها دقیقة لا یعرفها إلا الأفاضل من الخلق و أما دلالة الأفول فكانت علی هذا المقصود أتم و أیضا قال بعض المحققین الهوی فی خطیرة الإمكان أفول (1)و أحسن الكلام ما یحصل فیه حصة الخواص و حصة الأوساط و حصة العوام فالخواص یفهمون من الأفول الإمكان و كل ممكن محتاج و المحتاج لا یكون مقطعا للحاجة (2)فلا بد من الانتهاء إلی ما یكون منزها عن الإمكان حتی تنقطع الحاجات بسبب وجوده كما قال وَ أَنَّ إِلی رَبِّكَ الْمُنْتَهی (3)و أما الأوساط فإنهم یفهمون من الأفول مطلق الحركة فكل متحرك محدث و كل محدث فهو محتاج إلی القدیم القادر فلا یكون الآفل إلها بل الإله هو الذی احتاج إلیه هذا الآفل و أما العوام فإنهم یفهمون من الأفول الغروب و هم یشاهدون أن كل كوكب یقرب من الأفول فإنه یزول نوره و ینتقص ضوؤه و یذهب سلطانه و یصیر كالمعدوم و من كان كذلك فإنه لم یصلح للإلهیة فهذه الكلمة الواحدة أعنی قوله لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ كلمة مشتملة علی نصیب المقربین و أصحاب الیمین و أصحاب الشمال فكانت أكمل الدلائل و أفضل البراهین و فیه دقیقة أخری و هی أنه علیه السلام إنما كان یناظرهم و هم كانوا منجمین و مذهب أهل النجوم أن الكواكب إذا كان فی الربع الشرقی و یكون صاعدا إلی وسط السماء كان قویا عظیم التأثیر و أما إذا كان غربیا و قریبا من الأفول فإنه یكون ضعیف الأثر قلیل القوة فنبه بهذه الدقیقة علی أن الإله هو الذی لا یتغیر قدرته إلی العجز و كماله إلی النقص و مذهبكم أن الكوكب حال كونه فی الربع الغربی یكون ضعیف القوة ناقص التأثیر عاجزا عن التدبیر و ذلك یدل علی القدح فی إلهیته فظهر أن

ص: 52


1- فی المصدر: فی خطرة الإمكان. م.
2- فی المصدر: مقطوع الحاجة. م.
3- النجم: 42.

علی قول المنجمین للأفول مزید اختصاص فی كونه موجبا للقدح فی الإلهیة انتهی. (1)أقول یمكن إرجاع كلامه علیه السلام إلی الدلیل المشهور بین المتكلمین من عدم الانفكاك عن الحوادث و الاستدلال به علی إمكانها و افتقارها إلی المؤثر أو إلی أنها محل للتغیرات و الحوادث و الواجب تعالی لا یكون كذلك أو إلی أن الأفول و الغروب نقص و هو لا یجوز علی الصانع أو إلی أن هذه الحركة الدائمة المستمرة تدل علی أنها مسخرة لصانع كما مر فی كتاب التوحید و العقل یحكم بأن الصانع مثل هذا الخلق لا یكون مصنوعا أو أن الغیبة و الحضور و الطلوع و الأفول من خواص الأجسام و یلزمها الإمكان لوجوه شتی و لعل الوجه الثانی و الثالث بتوسط ما ذكره الرازی أخیرا أظهر الوجوه و أما ما سواهما فلا یخفی بعدها و لنقتصر علی ذلك فإن بسط القول فی تلك البراهین یوجب الإطناب الذی عزمنا علی تركه فی هذا الكتاب.

الخامسة تأویل قوله تعالی بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ و یمكن توجیهه بوجوه الأول ما ذكره السید المرتضی قدس اللّٰه روحه و هو أن الخبر مشروط غیر مطلق لأنه قال إِنْ كانُوا یَنْطِقُونَ و معلوم أن الأصنام لا تنطق و أن النطق مستحیل علیها فما علق بهذا المستحیل من الفعل أیضا مستحیل و إنما أراد إبراهیم علیه السلام بهذا القول تنبیه القوم و توبیخهم و تعنیفهم بعبادة من لا یسمع و لا یبصر و لا ینطق و لا یقدر أن یخبر عن نفسه بشی ء فقال إن كانت هذه الأصنام تنطق فهی الفاعلة للتكسیر لأن من یجوز أن ینطق یجوز أن یفعل و إذا علم استحالة النطق علیها علم استحالة الفعل و علم باستحالة الأمرین أنه لا یجوز أن تكون آلهة معبودة و أن من عبدها ضال مضل و لا فرق بین قوله إنهم فعلوا ذلك إن كانوا ینطقون و بین قوله إنهم ما فعلوا ذلك و لا غیره لأنهم لا ینطقون و لا یقدرون و أما قوله فَسْئَلُوهُمْ فإنما هو أمر بسؤالهم أیضا علی شرط و النطق منهم شرط فی الأمرین فكأنه قال إن كانوا ینطقون فاسألوهم فإنه لا یمتنع أن یكونوا فعلوه و هذا یجری مجری قول أحدنا لغیره من فعل هذا الفعل فیقول زید إن كان فعل كذا و كذا و یشیر إلی فعل یضیفه السائل إلی زید و لیس فی الحقیقة من فعله و یكون غرض المسئول نفی الأمرین عن زید و تنبیه السائل علی خطائه فی إضافة

ص: 53


1- مفاتیح الغیب 4: 80، و فیه: للقدح فی الهیته. م.

ما أضافه إلی زید و قد قرأ محمد بن السمیع الیمانی فعلّه كبیرهم بتشدید اللام و المعنی فلعلّه أی فلعلّ فاعل ذلك كبیرهم و قد جرت عادة العرب بحذف اللام الأولی من لعل انتهی. (1)الثانی أنه لم یكن قصد إبراهیم علیه السلام إلی أن ینسب الفعل الصادر عنه إلی الصنم و إنما قصد تقریره لنفسه و إثباته لها علی وجه تعریضی و هذا كما لو قال لك صاحبك و قد كتبت كتابا بخط رشیق و أنت تحسن الخط أنت كتبت هذا و صاحبك أمی لا یحسن الخط فقلت له بل كتبت أنت كان قصدك بهذا الجواب تقریره لك مع الاستهزاء لا نفیه عنك.

و الثالث أن إبراهیم علیه السلام غاظته تلك الأصنام حین أبصرهم مصففة مرتبة فكان غیظه من كبیرتها أشد لما رأی من زیادة تعظیمهم لها فأسند الفعل إلیه لأنه هو السبب فی استهانته و حطمه لها و الفعل كما یسند إلی مباشره یسند إلی الحامل علیه.

و الرابع أن یكون حكایة لما یلزم علی مذهبهم كأنه قال نعم ما تنكرون أن یفعله كبیرهم فإن من حق من یعبد أو یدعی إلها أن یقدر علی هذا و أشد منه أو أنه یلزمكم علی قولكم أن لا یقدر علی كسرهم إلا إله أكبر منهم فإن غیر الإله لا یقدر أن یكسر الإله.

و الخامس أنه كنایة عن غیر مذكور أی فعله من فعله و كبیرهم ابتداء كلام و السادس ما یروی عن الكسائی أنه كان یقف عند قوله كَبِیرُهُمْ ثم یبتدئ فیقول هذا فَسْئَلُوهُمْ و المعنی بل فعله كبیرهم و عنی نفسه لأن الإنسان أكبر من كل صنم.

أقول: قد مضی فی باب العصمة الخبر الدال علی الوجه الأول و یظهر من كثیر من الأخبار أن هذا صدر عنه علیه السلام علی وجه التوریة و المصلحة و یمكن توجیه التوریة ببعض الوجوه المتقدمة

وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ

ص: 54


1- تنزیه الأنبیاء: 24.

عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَطَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا كَذِبَ عَلَی مُصْلِحٍ ثُمَّ تَلَا أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا سَرَقُوا وَ مَا كَذَبَ ثُمَّ تَلَا بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا یَنْطِقُونَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلُوهُ وَ مَا كَذَبَ.

وَ رَوَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ الصَّیْقَلِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا قَدْ رُوِّینَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ یُوسُفَ علیه السلام أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا سَرَقُوا وَ مَا كَذَبَ وَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا یَنْطِقُونَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلُوا وَ مَا كَذَبَ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا عِنْدَكُمْ فِیهَا یَا صَیْقَلُ قُلْتُ مَا عِنْدَنَا فِیهَا إِلَّا التَّسْلِیمُ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ اثْنَیْنِ وَ أَبْغَضَ اثْنَیْنِ أَحَبَّ الْخَطَرَ (1)فِیمَا بَیْنَ الصَّفَّیْنِ وَ أَحَبَّ الْكَذِبَ فِی الْإِصْلَاحِ وَ أَبْغَضَ الْخَطَرَ فِی الطُّرُقَاتِ وَ أَبْغَضَ الْكَذِبَ فِی غَیْرِ الْإِصْلَاحِ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ وَ هَذَا إِرَادَةُ الْإِصْلَاحِ وَ دَلَالَةٌ عَلَی أَنَّهُمْ لَا یَعْقِلُونَ وَ قَالَ یُوسُفُ علیه السلام إِرَادَةَ الْإِصْلَاحِ.

وَ رَوَی عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام التَّقِیَّةُ مِنْ دِینِ اللَّهِ قُلْتُ مِنْ دِینِ اللَّهِ قَالَ إِی وَ اللَّهِ مِنْ دِینِ اللَّهِ قَالَ یُوسُفُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وَ اللَّهِ مَا كَانُوا سَرَقُوا شَیْئاً وَ لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنِّی سَقِیمٌ وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِیماً.

ص: 55


1- خطر فی مشیته: مشی و هو یرفع یدیه و یضعها معجبا بنفسه.

باب 3 إراءته علیه السلام ملكوت السماوات و الأرض و سؤاله إحیاء الموتی و الكلمات التی سأل ربه و ما أوحی إلیه و صدر عنه من الحكم

الآیات؛

البقرة: «وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ»(124)

(و قال تعالی): «وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَكَ سَعْیاً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ»(260)

النجم: «أَمْ لَمْ یُنَبَّأْ بِما فِی صُحُفِ مُوسی* وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی* أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری»(36-38)

الأعلی: «إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی* صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی»(18-19)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ أی اختبره و كلفه بِكَلِماتٍ فیه خلاف

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ مَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهِ فِی نَوْمِهِ مِنْ ذَبْحِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِیلَ أَبِی الْعَرَبِ فَأَتَمَّهَا إِبْرَاهِیمُ وَ عَزَمَ عَلَیْهَا وَ سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی فَلَمَّا عَزَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی ثَوَاباً لَهُ لِمَا صَدَّقَ وَ عَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْحَنِیفِیَّةَ وَ هِیَ الطَّهَارَةُ وَ هِیَ عَشَرَةُ أَشْیَاءَ خَمْسَةٌ مِنْهَا فِی الرَّأْسِ وَ خَمْسَةٌ مِنْهَا فِی الْبَدَنِ فَأَمَّا الَّتِی فِی الرَّأْسِ فَأَخْذُ الشَّارِبِ وَ إِعْفَاءُ اللِّحَی وَ طَمُّ الشَّعْرِ (1)وَ السِّوَاكُ وَ الْخِلَالُ وَ أَمَّا الَّتِی فِی الْبَدَنِ فَحَلْقُ الشَّعْرِ مِنَ الْبَدَنِ وَ الْخِتَانُ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ وَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الطُّهُورُ بِالْمَاءِ فَهَذِهِ الْحَنِیفِیَّةُ الطَّاهِرَةُ الَّتِی جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَلَمْ تُنْسَخْ وَ لَا تُنْسَخُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً ذَكَرَهُ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی تَفْسِیرِهِ.

و قال قتادة و ابن عباس إنها عشرة خصال كانت فرضا فی شرعه سنة فی شرعنا المضمضة

ص: 56


1- أعفی الشعر: تركه حتّی یكثر و یطول. طم الشعر: جزه.

و الاستنشاق و فرق الرأس و قص الشارب (1)و السواك فی الرأس و الختان و حلق العانة و نتف الإبط (2)و تقلیم الأظفار و الاستنجاء بالماء فی البدن.

و فی روایة أخری عن ابن عباس أنه ابتلاه بثلاثین خصلة من شرائع الإسلام و لم یبتل أحدا فأقامها كلها إلا إبراهیم أتمهن و كتب له البراءة فقال وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی و هی عشر فی سورة براءة التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ إلی آخرها و عشر فی سورة الأحزاب إِنَّ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِماتِ إلی آخرها و عشر فی سورة المؤمنین قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلی قوله أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ و روی عشر فی سورة سأل سائل إلی قوله وَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ یُحافِظُونَ فجعلها أربعین و فی روایة ثالثة عن ابن عباس أنه أمره بمناسك الحج و قال الحسن ابتلاه اللّٰه بالكوكب و القمر و الشمس و الختان و بذبح ابنه بالنار و بالهجرة فكلهن وفی لله بهن و قال مجاهد ابتلاه اللّٰه بالآیات التی بعدها و هی قوله إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً إلی آخر القصة و قال الجبائی أراد بذلك كل ما كلفه من الطاعات العقلیة و الشرعیة و الآیة محتملة لجمیع هذه الأقاویل و كان سعید بن المسیب یقول كان إبراهیم أول الناس أضاف الضیف و أول الناس اختتن و أول الناس قص شاربه و استحذی (3)و أول الناس رأی الشیب فلما رآه قال یا رب ما هذا قال هذا الوقار قال یا رب فزدنی وقارا

وَ هَذَا أَیْضاً قَدْ رَوَاهُ السَّكُونِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ لَمْ یَذْكُرْ وَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ شَارِبَهُ وَ اسْتَحْذَی وَ زَادَ فِیهِ وَ أَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ إِبْرَاهِیمُ وَ أَوَّلُ مَنْ أَخْرَجَ الْخُمُسَ إِبْرَاهِیمُ وَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ النَّعْلَیْنِ إِبْرَاهِیمُ وَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الرَّایَاتِ إِبْرَاهِیمُ.(4)

أقول: ثم روی رحمه اللّٰه من كتاب النبوة للصدوق رحمه اللّٰه نحوا مما سیأتی من

ص: 57


1- قص الشعر: قطع منه بالمقص.
2- نتف الریش أو الشعر: نزعه.
3- أی طلب الحذاء و الحذاء: النعل و فی نسخة: و استحد- و كذا فیما یتلوه- ای حلق العانة بالحدید.
4- مجمع البیان 1: 200- 201. م.

روایة مفضل مستخرجا من ل، الخصال و مع، معانی الأخبار مع ما أضاف إلیه الصدوق من تحقیقه فی ذلك. (1)فَأَتَمَّهُنَّ أی وفی بهن و عمل بهن علی التمام و قال البلخی الضمیر فی أتمهن عائد إلی اللّٰه تعالی و الكلمات هی الإمامة إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً المستفاد من لفظ الإمام أمران أحدهما أنه المقتدی به فی أفعاله و أقواله.

و الثانی أنه الذی یقوم بتدبیر الأمة و سیاستها و القیام بأمورها و تأدیب جناتها (2)و تولیة ولاتها و إقامة الحدود علی مستحقیها و محاربة من یكیدها و یعادیها فعلی الأول كل نبی إمام و علی الثانی لا یجب فی كل نبی أن یكون إماما إذ یجوز أن لا یكون مأمورا بتأدیب الجناة و محاربة العداة و الدفاع عن حوزة الدین و مجاهدة الكافرین. (3)قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی أی و اجعل من ذریتی من یوشح بالإمامة (4)و یرشح لهذه الكرامة قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ قال مجاهد

العهد الإمامة- و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و استدل بها أصحابنا علی أن الإمام لا یكون إلا معصوما. (5)

فَخُذْ أَرْبَعَةً قیل إنهما الطاوس و الدیك و الحمام و الغراب أمر أن یقطعها و یخلط ریشها بدمها عن مجاهد و ابن جریح و عطا- و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ

رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ مَعْنَاهُ فَرِّقْهُنَّ عَلَی كُلِّ جَبَلٍ وَ كَانَتْ عَشْرَةَ أَجْبُلٍ ثُمَّ خُذْ بِمَنَاقِیرِهِنَّ وَ ادْعُهُنَّ بِاسْمِیَ الْأَكْبَرِ وَ أَحْلِفْهُنَّ بِالْجَبَرُوتِ وَ الْعَظَمَةِ یَأْتِینَكَ سَعْیاً فَفَعَلَ إِبْرَاهِیمُ ذَلِكَ وَ فَرَّقَهُنَّ عَلَی عَشَرَةِ أَجْبُلٍ ثُمَّ دَعَاهُنَّ فَقَالَ أَجِبْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَكَانَتْ تَجْتَمِعُ وَ تَأَلَّفُ لَحْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَ عَظْمُهُ إِلَی رَأْسِهِ وَ طَارَتْ إِلَی

ص: 58


1- مجمع البیان 1: 200- 201. م.
2- جمع الجانی.
3- بل و لا القیام بتدبیر الأمة و سیاستها، إذ یجوز أن یكون نبیّا لنفسه فقط.
4- من وشح بثوبه: لبسه. و یقال: یوشح لولایة العهد أی یربی و یؤهل لها.
5- مجمع البیان: 201- 202. م.

إِبْرَاهِیمَ.

و قیل إن الجبال كانت سبعة و قیل أربعة و قیل أراد كل جبل علی العموم بحسب الإمكان.

و یسأل فیقال كیف قال ثُمَّ ادْعُهُنَّ و دعاء الجماد قبیح و جوابه أنه أراد بذلك الإشارة إلیها و الإیماء لتقبل علیه إذا أحیاها اللّٰه و قیل معنی الدعاء هنا الإخبار عن تكوینها أحیاء كقوله سبحانه كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ (1)وَ إِبْراهِیمَ أی و فی صحف إبراهیم الَّذِی وَفَّی أی تمم و أكمل ما أمر به و قیل بلغ قومه و أدی ما أمر به إلیهم و قیل أكمل ما أوجب اللّٰه علیه من الطاعات فی كل ما أمر و امتحن به ثم بین ما فی صحفهما فقال أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری الآیات (2)إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی أی قوله قَدْ أَفْلَحَ إلی أربع آیات ثم بین الصحف الأولی فقال صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی و فیه دلالة علی أن إبراهیم علیه السلام كان قد أنزل علیه الكتاب خلافا لمن یزعم أنه لم ینزل علیه كتاب

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةً وَ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنْهَا عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَشْرُ صَحَائِفَ- وَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ كَانَ فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ حَافِظاً لِلِسَانِهِ عَارِفاً بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَی شَأْنِهِ.

و قیل إن كتب اللّٰه كلها أنزلت فی شهر رمضان (3).

«1»-فس، تفسیر القمی وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ قَالَ هُوَ مَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهِ مِمَّا أَرَاهُ فِی نَوْمِهِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ فَأَتَمَّهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ سَاقَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الطَّبْرِسِیُّ إِلَی قَوْلِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً (4).

«2»-فس، تفسیر القمی وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی قَالَ وَفَّی بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ وَ ذَبْحِ ابْنِهِ (5).

«3»-فس، تفسیر القمی إِنَّ هذا یَعْنِی مَا قَدْ تَلَوْتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی(6).

ص: 59


1- مجمع البیان 2: 373. 2.
2- مجمع البیان 9: 180 م.
3- مجمع البیان 10: 476. م.
4- تفسیر القمّیّ: 50. م.
5- تفسیر القمّیّ: 655 و فیه بما امره اللّٰه به من الامر اه.
6- تفسیر القمّیّ: 721. م.

«4»-فس، تفسیر القمی لَمَّا عَزَمَ إِبْرَاهِیمُ عَلَی ذَبْحِ ابْنِهِ وَ سَلَّمَا لِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ إِنِّی جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ أَیْ لَا یَكُونُ بِعَهْدِی إِمَامٌ ظَالِمٌ (1).

«5»-م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلَ لَمَّا رُفِعَ فِی الْمَلَكُوتِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّی وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ قَوَّی اللَّهُ بَصَرَهُ لَمَّا رَفَعَهُ دُونَ السَّمَاءِ حَتَّی أَبْصَرَ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا ظَاهِرِینَ وَ مُسْتَتِرِینَ فَرَأَی رَجُلًا وَ امْرَأَةً عَلَی فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَی آخَرَیْنِ فَدَعَا عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَی آخَرَیْنِ فَدَعَا عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَی آخَرَیْنِ فَهَمَّ بِالدُّعَاءِ عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا إِبْرَاهِیمُ اكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِی وَ إِمَائِی فَإِنِّی أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِیمُ الْجَبَّارُ الْحَلِیمُ لَا تَضُرُّنِی ذُنُوبُ عِبَادِی كَمَا لَا تَنْفَعُنِی طَاعَتُهُمْ وَ لَسْتُ أَسُوسُهُمْ (2)بِشِفَاءِ الْغَیْظِ كَسِیَاسَتِكَ فَاكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِی فَإِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ نَذِیرٌ لَا شَرِیكٌ فِی الْمَمْلَكَةِ وَ لَا مُهَیْمِنٌ عَلَیَّ (3)وَ لَا عَلَی عِبَادِی وَ عِبَادِی مَعِی بَیْنَ خِلَالٍ ثَلَاثٍ (4)إِمَّا تَابُوا إِلَیَّ فَتُبْتُ عَلَیْهِمْ وَ غَفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ وَ سَتَرْتُ عُیُوبَهُمْ وَ إِمَّا كَفَفْتُ عَنْهُمْ عَذَابِی لِعِلْمِی بِأَنَّهُ سَیَخْرُجُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ ذُرِّیَّاتٌ مُؤْمِنُونَ فَأَرْفُقُ بِالْآبَاءِ الْكَافِرِینَ وَ أَتَأَنَّی بِالْأُمَّهَاتِ الْكَافِرَاتِ وَ أَرْفَعُ عَنْهُمْ عَذَابِی لِیَخْرُجَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ (5)مِنْ أَصْلَابِهِمْ فَإِذَا تَزَایَلُوا (6)حَقَّ بِهِمْ عَذَابِی وَ حَاقَ بِهِمْ بَلَائِی وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هَذَا وَ لَا هَذَا فَإِنَّ الَّذِی أَعْدَدْتُهُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِی أَعْظَمُ مِمَّا تُرِیدُهُمْ بِهِ فَإِنَّ عَذَابِی لِعِبَادِی عَلَی حَسَبِ جَلَالِی وَ كِبْرِیَائِی یَا إِبْرَاهِیمُ فَخَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَ عِبَادِی فَإِنِّی أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْكَ وَ خَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَ عِبَادِی فَإِنِّی أَنَا الْجَبَّارُ الْحَلِیمُ الْعَلَّامُ الْحَكِیمُ أُدَبِّرُهُمْ بِعِلْمِی وَ أُنَفِّذُ فِیهِمْ قَضَائِی وَ قَدَرِی (7).

ص: 60


1- تفسیر القمّیّ: 50. م.
2- ساس القوم سیاسة: دبرهم و تولی أمرهم.
3- هیمن فلان علی كذا: صار رقیبا علیه و حافظا.
4- الخلال: الخصال.
5- فی نسخة: لیخرج اولئك المؤمنون.
6- أی تفرقوا.
7- تفسیر الإمام: 212، الاحتجاج: 18 و الروایة مفصلة فیه. م.

«6»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا رَأَی إِبْرَاهِیمُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ الْتَفَتَ فَرَأَی رَجُلًا یَزْنِی فَدَعَا عَلَیْهِ فَمَاتَ ثُمَّ رَأَی آخَرَ فَدَعَا عَلَیْهِ فَمَاتَ حَتَّی رَأَی ثَلَاثَةً فَدَعَا عَلَیْهِمْ فَمَاتُوا فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا إِبْرَاهِیمُ دَعْوَتُكَ مُجَابَةٌ فَلَا تدعو (1)(تَدْعُ) عَلَی عِبَادِی فَإِنِّی لَوْ شِئْتُ لَمْ أَخْلُقْهُمْ إِنِّی خَلَقْتُ خَلْقِی عَلَی ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ عَبْداً یَعْبُدُنِی لَا یُشْرِكُ بِی شَیْئاً فَأُثِیبُهُ وَ عَبْداً یَعْبُدُ غَیْرِی فَلَنْ یَفُوتَنِی وَ عَبْداً یَعْبُدُ غَیْرِی فَأُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ یَعْبُدُنِی ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأَی جِیفَةً عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ بَعْضُهَا فِی الْمَاءِ وَ بَعْضُهَا فِی الْبَرِّ تَجِی ءُ سِبَاعُ الْبَحْرِ فَتَأْكُلُ مَا فِی الْمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ فَیَشْتَمِلُ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ فَیَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ یَجِی ءُ سِبَاعُ الْبَرِّ فَتَأْكُلُ مِنْهَا فَیَشْتَمِلُ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ فَیَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِیمُ مِمَّا رَأَی وَ قَالَ یَا رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی هَذِهِ أُمَمٌ یَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی یَعْنِی حَتَّی أَرَی هَذَا (2)كَمَا رَأَیْتُ الْأَشْیَاءَ كُلَّهَا قَالَ خُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَقَطِّعْهُنَّ وَ اخْلِطْهُنَّ كَمَا اخْتَلَطَتْ هَذِهِ الْجِیفَةُ فِی هَذِهِ السِّبَاعِ الَّتِی أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً فَخَلِّطْ ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَكَ سَعْیاً فَلَمَّا دَعَاهُنَّ أَجَبْنَهُ وَ كَانَتِ الْجِبَالُ عَشَرَةً قَالَ وَ كَانَتِ الطُّیُورُ الدِّیكَ وَ الْحَمَامَةَ وَ الطَّاوُسَ وَ الْغُرَابَ (3).

فس، تفسیر القمی أبی عن ابن أبی عمیر إلی قوله من یعبدنی (4)- شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (5)

إیضاح: إراءته ملكوت السماوات و الأرض یحتمل أن یكون ببصر العین بأن

ص: 61


1- فی نسخة: و لا تدع.
2- فی المصدر: فتحیی حتّی أری هذا. م.
3- علل الشرائع: 195. م.
4- تفسیر القمّیّ: 194. م.
5- مخطوط. م.

یكون اللّٰه تعالی قوی بصره و رفع له كل منخفض و كشط له عن أطباق السماء و الأرض حتی رأی ما فیهما ببصره و أن یكون المراد رؤیة القلب بأن أنار قلبه حتی أحاط بها علما و الأول أظهر نقلا و الثانی عقلا و الظاهر علی التقدیرین أنه أحاط علما بكل ما فیهما من الحوادث و الكائنات و أما حمله علی أنه رأی الكواكب و ما خلقه اللّٰه فی الأرض علی وجه الاعتبار و الاستبصار و استدل بها علی إثبات الصانع فلا یخفی بعده عما یظهر من الأخبار.

«7»-ع، علل الشرائع ل، الخصال سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَیْفُورٍ یَقُولُ فِی قَوْلِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی الْآیَةَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ یَزُورَ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِینَ فَزَارَهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ لَهُ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی الدُّنْیَا عَبْداً یُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِیمُ اتَّخَذَهُ خَلِیلًا قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ مَا عَلَامَةُ ذَلِكَ الْعَبْدِ قَالَ یُحْیِی لَهُ الْمَوْتَی فَوَقَعَ لِإِبْرَاهِیمَ أَنَّهُ هُوَ فَسَأَلَهُ أَنْ یُحْیِی لَهُ الْمَوْتَی قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی یَعْنِی عَلَی الْخُلَّةِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ لَهُ فِی ذَلِكَ مُعْجِزَةٌ كَمَا كَانَتْ لِلرُّسُلِ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُحْیِیَ لَهُ الْمَیِّتَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُمِیتَ لِأَجْلِهِ الْحَیَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَ هُوَ لَمَّا أَمَرَهُ بِذَبْحِ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام بِذَبْحِ أَرْبَعَةٍ مِنَ الطَّیْرِ طَاوُساً وَ نَسْراً وَ دِیكاً وَ بَطّاً فَالطَّاوُسُ یُرِیدُ بِهِ زِینَةَ الدُّنْیَا وَ النَّسْرُ یُرِیدُ بِهِ أمل (الْأَمَلَ) الطَّوِیلَ وَ الْبَطُّ یُرِیدُ بِهِ الْحِرْصَ وَ الدِّیكُ یُرِیدُ بِهِ الشَّهْوَةَ (1)یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یَحْیَا قَلْبُكَ وَ یَطْمَئِنَّ مَعِی فَاخْرُجْ عَنْ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْیَاءُ فِی قَلْبٍ فَإِنَّهُ لَا یَطْمَئِنُّ مَعِی وَ سَأَلْتُهُ كَیْفَ قَالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ مَعَ عِلْمِهِ بِسِرِّهِ وَ حَالِهِ فَقَالَ إِنَّهُ لَمَّا قَالَ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی كَانَ ظَاهِرُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ تُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ بِیَقِینٍ فَقَرَّرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِسُؤَالِهِ عَنْهُ إِسْقَاطاً لِلتُّهَمَةِ عَنْهُ وَ تَنْزِیهاً لَهُ مِنَ الشَّكِّ (2).

«8»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَكَمِ

ص: 62


1- هذا تأویل للآیة ذكره محمّد بن عبد اللّٰه بن طیفور من عند نفسه لم یصححه خبر و لا روایة، و لعله تأویل لانتخاب تلك الأربعة من بین الطیور.
2- علل الشرائع: 24، الخصال 1: 127. م.

قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام أُخْبِرُهُ أَنِّی شَاكٌّ وَ قَدْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی وَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تُرِیَنِی شَیْئاً فَكَتَبَ علیه السلام إِلَیَّ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ كَانَ مُؤْمِناً وَ أَحَبَّ أَنْ یَزْدَادَ إِیمَاناً وَ أَنْتَ شَاكٌّ وَ الشَّاكُّ لَا خَیْرَ فِیهِ (1).

«9»-ل، الخصال مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً الْآیَةَ قَالَ أَخَذَ الْهُدْهُدَ وَ الصُّرَدَ وَ الطَّاوُسَ وَ الْغُرَابَ فَذَبَحَهُنَّ وَ عَزَلَ رُءُوسَهُنَّ ثُمَّ نَحَزَ أَبْدَانَهُنَّ فِی الْمِنْحَازِ بِرِیشِهِنَّ وَ لُحُومِهِنَّ وَ عِظَامِهِنَّ حَتَّی اخْتَلَطَتْ ثُمَّ جَزَّأَهُنَّ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ عَلَی عَشَرَةِ أَجْبُلٍ ثُمَّ وَضَعَ عِنْدَهُ حَبّاً وَ مَاءً ثُمَّ جَعَلَ مَنَاقِیرَهُنَّ بَیْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ قَالَ ایتِینَ سَعْیاً بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَطَایَرَ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضِ اللُّحُومِ وَ الرِّیشِ وَ الْعِظَامِ حَتَّی اسْتَوَتِ الْأَبْدَانُ كَمَا كَانَتْ وَ جَاءَ كُلُّ بَدَنٍ حَتَّی الْتَزَقَ بِرَقَبَتِهِ الَّتِی فِیهَا رَأْسُهُ وَ الْمِنْقَارُ فَخَلَّی إِبْرَاهِیمُ عَنْ مَنَاقِیرِهِنَّ فَوَقَعْنَ (2)وَ شَرِبْنَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَ الْتَقَطْنَ مِنْ ذَلِكَ الْحَبِّ ثُمَّ قُلْنَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَحْیَیْتَنَا أَحْیَاكَ اللَّهُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ بَلِ اللَّهُ یُحْیِی وَ یُمِیتُ فَهَذَا تَفْسِیرُ الظَّاهِرِ قَالَ علیه السلام وَ تَفْسِیرُهُ فِی الْبَاطِنِ خُذْ أَرْبَعَةً مِمَّنْ یَحْتَمِلُ الْكَلَامَ فَاسْتَوْدِعْهُمْ عِلْمَكَ ثُمَّ ابْعَثْهُمْ فِی أَطْرَافِ الْأَرَضِینَ حُجَجاً لَكَ عَلَی النَّاسِ وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ یَأْتُوكَ دَعَوْتَهُمْ بِالاسْمِ الْأَكْبَرِ یَأْتُوكَ سَعْیاً بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه الذی عندی فی ذلك أنه علیه السلام أمر بالأمرین جمیعا و روی أن الطیور التی أمر بأخذها الطاوس و النسر و الدیك و البط. (3)بیان قال الجوهری النحز الدق بالمنحاز و هو الهاون.

«10»-ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام تَمِیمٌ الْقُرَشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: سَأَلَ مَأْمُونٌ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قَوْلِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی

ص: 63


1- لم نجده. م.
2- فی نسخة: فوقفن.
3- الخصال 1: 127. م.

قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی كَانَ أَوْحَی إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنِّی مُتَّخِذٌ مِنْ عِبَادِی خَلِیلًا إِنْ سَأَلَنِی إِحْیَاءَ الْمَوْتَی أَجَبْتُهُ فَوَقَعَ (1)فِی نَفْسِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنَّهُ ذَلِكَ الْخَلِیلُ فَقَالَ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی عَلَی الْخُلَّةِ قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَكَ سَعْیاً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ فَأَخَذَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام نَسْراً وَ بَطّاً وَ طَاوُساً وَ دِیكاً فَقَطَّعَهُنَّ فَخَلَطَهُنَّ ثُمَّ جَعَلَ عَلَی كُلِّ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ الَّتِی حَوْلَهُ وَ كَانَتْ عَشَرَةً مِنْهُنَّ جُزْءاً وَ جَعَلَ مَنَاقِیرَهُنَّ بَیْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ دَعَاهُنَّ بِأَسْمَائِهِنَّ وَ وَضَعَ عِنْدَهُ حَبّاً وَ مَاءً فَتَطَایَرَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ حَتَّی اسْتَوَتِ الْأَبْدَانُ وَ جَاءَ كُلُّ بَدَنٍ حَتَّی انْضَمَّ إِلَی رَقَبَتِهِ وَ رَأْسِهِ فَخَلَّی إِبْرَاهِیمُ علیه السلام عَنْ مَنَاقِیرِهِنَّ فَطِرْنَ ثُمَّ وَقَعْنَ- (2)فَشَرِبْنَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَ الْتَقَطْنَ مِنْ ذَلِكَ الْحَبِّ وَ قُلْنَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَحْیَیْتَنَا أَحْیَاكَ اللَّهُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام بَلِ اللَّهُ یُحْیِ الْمَوْتی وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ الْخَبَرَ (3).

ج، الإحتجاج مرسلا مثله (4)بیان هذا أحد وجوه التأویل فی هذه الآیة و قد ذكره جماعة من المفسرین و رووه عن ابن عباس و ابن جبیر و السدی.

و الثانی أنه أحب أن یعلم ذلك علم عیان بعد ما كان عالما به من جهة الاستدلال و البرهان لتزول الخواطر و الوساوس و إلیه یومئ خبر أبی بصیر و غیره.

و الثالث أن سبب السؤال منازعة نمرود إیاه فی الإحیاء فقال أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ و أطلق محبوسا و قتل إنسانا فقال إبراهیم لیس هذا بإحیاء و قال یا رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی لیعلم نمرود ذلك و روی أن نمرود توعده بالقتل إن لم یحی اللّٰه المیت بحیث یشاهده فلذلك قال لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی أی بأن لا یقتلنی الجبار.

ص: 64


1- وقع الكلام فی نفسه: أثر فیها.
2- فی التوحید: ثم وقفن م.
3- توحید الصدوق: 121- 122 عیون الأخبار: 110. م.
4- الاحتجاج: 234. م.

«11»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام نَظَرَ إِلَی جِیفَةٍ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ تَأْكُلُهَا سِبَاعُ الْبَرِّ وَ سِبَاعُ الْبَحْرِ ثُمَّ یَثِبُ السِّبَاعُ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ فَیَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَتَعَجَّبَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَقَالَ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی فَقَالَ اللَّهُ لَهُ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَكَ سَعْیاً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ فَأَخَذَ إِبْرَاهِیمُ الطَّاوُسَ وَ الدِّیكَ وَ الْحَمَامَ وَ الْغُرَابَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ أَیْ قَطِّعْهُنَّ ثُمَّ اخْلِطْ لَحْمَاتِهِنَّ وَ فَرِّقْهَا عَلَی عَشَرَةِ جِبَالٍ ثُمَّ خُذْ مَنَاقِیرَهُنَّ وَ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَكَ سَعْیاً فَفَعَلَ إِبْرَاهِیمُ ذَلِكَ وَ فَرَّقَهُنَّ عَلَی عَشَرَةِ جِبَالٍ (1)ثُمَّ دَعَاهُنَّ فَقَالَ أَجِیبِینِی بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی فَكَانَتْ یَجْتَمِعُ وَ یَتَأَلَّفُ لَحْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَ عَظْمُهُ إِلَی رَأْسِهِ وَ طَارَتْ إِلَی إِبْرَاهِیمَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ أَنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ(2).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه قرأ أبو جعفر و حمزة و خلف و رویس عن یعقوب فصرهن بكسر الصاد و الباقون فَصُرْهُنَّ بضم الصاد ثم قال صرته أصوره أی أملته و صرته أصوره قطعته قال أبو عبیدة فصرهن من الصور و هو القطع و قال أبو الحسن و قد قالوا بمعنی القطع أصار یصیر أیضا فمن جعل فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ بمعنی أملهن إلیك حذف من الكلام و المعنی أملهن إلیك فقطعهن و من قدر فصرهن علی معنی فقطعهن كان لم یحتج إلی إضمار. (3)و قال البیضاوی أی فأملهن و اضممهن إلیك لتتأملها و تعرف شأنها لئلا تلتبس علیك بعد الإحیاء (4)و قال الجوهری صاره یصوره و یصیره أی أماله و قرئ فَصُرْهُنَّ إِلَیْكَ بضم الصاد و كسرها قال الأخفش یعنی وجههن یقال صر إلی و صر وجهك إلی أی أقبل علی و صرت الشی ء أیضا قطعته و فصلته فمن قال هذا جعل فی الآیة تقدیما و تأخیرا

ص: 65


1- فی نسخة: و فرقها علی كل عشرة جبال.
2- تفسیر القمّیّ: 81. م.
3- مجمع البیان 2: 371. م.
4- أنوار التنزیل 1: 65. م.

كأنه قال خذ إلیك أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ أقول یظهر مما مر من الأخبار و ما سیأتی أنه بمعنی التقطیع و إن أمكن أن یكون بیانا لحاصل المعنی.

«12»-ل، الخصال ابْنُ مُوسَی عَنِ الْعَلَوِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ مَا هَذِهِ الْكَلِمَاتُ قَالَ هِیَ الْكَلِمَاتُ الَّتِی تَلَقَّاهَا آدَمُ علیه السلام مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَلَیْهِ وَ هُوَ أَنَّهُ قَالَ یَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَّا تُبْتَ عَلَیَّ فَتَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا یَعْنِی عَزَّ وَ جَلَّ بِقَوْلِهِ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ یَعْنِی فَأَتَمَّهُنَّ إِلَی الْقَائِمِ علیه السلام اثْنَیْ عَشَرَ إِمَاماً تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً فِی عَقِبِهِ قَالَ یَعْنِی بِذَلِكَ الْإِمَامَةَ جَعَلَهَا اللَّهُ فِی عَقِبِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَكَیْفَ صَارَتِ الْإِمَامَةُ فِی وُلْدِ الْحُسَیْنِ دُونَ وُلْدِ الْحَسَنِ وَ هُمَا جَمِیعاً وَلَدَا رَسُولِ اللَّهِ وَ سِبْطَاهُ وَ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ مُوسَی وَ هَارُونَ كَانَا نَبِیَّیْنِ مُرْسَلَینِ أَخَوَیْنِ فَجَعَلَ اللَّهُ النُّبُوَّةَ فِی صُلْبِ هَارُونَ دُونَ صُلْبِ مُوسَی وَ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ یَقُولَ لِمَ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّهِ (1)عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یَقُولَ لِمَ جَعَلَهَا اللَّهُ فِی صُلْبِ الْحُسَیْنِ دُونَ صُلْبِ الْحَسَنِ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكِیمُ فِی أَفْعَالِهِ لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ وَ هُمْ یُسْئَلُونَ (2).

و لقول اللّٰه تبارك و تعالی وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ وجه آخر و ما ذكرناه أصله. و الابتلاء علی ضربین أحدهما مستحیل علی اللّٰه تعالی ذكره و الآخر جائز فأما ما یستحیل فهو أن

ص: 66


1- فی نسخة: و ان الإمامة خلافة اللّٰه.
2- الظاهر أن قوله: «وَ هُمْ یُسْئَلُونَ» تمام الخبر، و بعده من كلام الصدوق قدّس سرّه.

یختبره لیعلم ما تكشف الأیام عنه و هذا ما لا یصح (1)لأنه عز و جل علام الغیوب و الضرب الآخر من الابتلاء أن یبتلیه حتی یصبر فیما یبتلیه به فیكون ما یعطیه من العطاء علی سبیل الاستحقاق و لینظر إلیه الناظر فیقتدی به فیعلم من حكمة اللّٰه عز و جل أنه لم یكل أسباب الإمامة إلا إلی الكافی المستقل (2)الذی كشفت الأیام عنه بخیر فأما الكلمات فمنها ما ذكرناه و منها الیقین و ذلك قول اللّٰه عز و جل وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ و منها المعرفة بقدم بارئه و توحیده و تنزیهه عن التشبیه حین نظر إلی الكوكب و القمر و الشمس و استدل بأفول كل واحد منها علی حدثه و بحدثه علی محدثه ثم علمه بأن الحكم بالنجوم خطأ فی قوله عز و جل فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ و إنما قیده اللّٰه سبحانه بالنظرة الواحدة لأن النظرة الواحدة لا توجب الخطاء إلا بعد النظرة الثانیة

بِدَلَالَةِ قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا عَلِیُّ أَوَّلُ النَّظْرَةِ لَكَ وَ الثَّانِیَةُ عَلَیْكَ لَا لَكَ.

و منها الشجاعة و قد كشفت الأصنام عنه بدلالة قوله عز و جل إِذْ قالَ لِأَبِیهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِیلُ الَّتِی أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِینَ قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِینَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِی فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلی ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِینَ وَ تَاللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِینَ فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِیراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَیْهِ یَرْجِعُونَ و مقاومة الرجل الواحد ألوفا من أعداء اللّٰه عز و جل تمام الشجاعة ثم الحلم مضمن معناه فی قوله عز و جل إِنَّ إِبْراهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ ثم السخاء و بیانه فی حدیث ضیف إبراهیم المكرمین ثم العزلة عن أهل البیت و العشیرة مضمن معناه فی قوله وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآیة و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر بیان ذلك فی قوله عز و جل یا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا یَسْمَعُ وَ لا یُبْصِرُ وَ لا یُغْنِی عَنْكَ شَیْئاً یا أَبَتِ

ص: 67


1- فی نسخة: و هذا ممّا لا یصحّ.
2- فی نسخة: الی الكافی المستقل بها.

إِنِّی قَدْ جاءَنِی مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ یَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِی أَهْدِكَ صِراطاً سَوِیًّا یا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّیْطانَ إِنَّ الشَّیْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِیًّا یا أَبَتِ إِنِّی أَخافُ أَنْ یَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّیْطانِ وَلِیًّا و دفع السیئة بالحسنة و ذلك لما قال أبوه أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِی یا إِبْراهِیمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِی مَلِیًّا فقال فی جواب أبیه سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ (1)رَبِّی إِنَّهُ كانَ بِی حَفِیًّا و التوكل بیان ذلك فی قوله الَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهْدِینِ وَ الَّذِی هُوَ یُطْعِمُنِی وَ یَسْقِینِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ وَ الَّذِی یُمِیتُنِی ثُمَّ یُحْیِینِ وَ الَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ ثم الحكم و الانتماء إلی الصالحین فی قوله رَبِّ هَبْ لِی حُكْماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ یعنی بالصالحین الذین لا یحكمون إلا بحكم اللّٰه عز و جل و لا یحكمون بالآراء و المقاییس حتی یشهد له من یكون بعده من الحجج بالصدق بیان ذلك فی قوله وَ اجْعَلْ لِی لِسانَ صِدْقٍ فِی الْآخِرِینَ أراد به هذه الأمة الفاضلة فأجابه اللّٰه و جعل له و لغیره من أنبیائه لسان صدق فی الآخرین و هو علی بن أبی طالب علیهما السلام و ذلك قوله عز و جل وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِیًّا و المحنة فی النفس حین جعل فی المنجنیق و قذف به فی النار ثم المحنة فی الولد حین أمر بذبح ابنه إسماعیل ثم المحنة بالأهل (2)حین خلص اللّٰه عز و جل حرمته من عزازة (3)القبطی فی الخبر المذكور فی هذه القصة.

ثم الصبر علی سوء خلق سارة ثم استقصار النفس فی الطاعة فی قوله وَ لا تُخْزِنِی یَوْمَ یُبْعَثُونَ ثم النزاهة فی قوله عز و جل ما كانَ إِبْراهِیمُ یَهُودِیًّا وَ لا نَصْرانِیًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ ثم الجمع لأشراط الطاعات فی قوله إِنَّ صَلاتِی وَ نُسُكِی وَ مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِینَ فقد جمع فی قوله مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ جمیع أشراط الطاعات كلها حتی لا یعزب عنها عازبة و لا تغیب عن معانیها منها غائبة ثم استجابة اللّٰه عز و جل دعوته حین قال

ص: 68


1- فی نسخة: سلام علیك سأستغفر لك.
2- فی نسخة: ثم المحنة فی الاهل.
3- فی نسخة: عزارة.

رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی و هذه آیة متشابهة معناها أنه سأل عن الكیفیة و الكیفیة من فعل اللّٰه عز و جل متی لم یعلمها العالم لم یلحقه عیب و لا عرض فی توحیده نقص فقال اللّٰه عز و جل أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلی هذا شرط عام من آمن به متی سئل واحد منهم أ و لم تؤمن وجب أن یقول بلی كما قال إبراهیم علیه السلام و لما قال اللّٰه عز و جل لجمیع أرواح بنی آدم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلی قال أول من قال بلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله فصار بسبقه إلی بلی سید الأولین و الآخرین و أفضل النبیین و المرسلین فمن لم یجب عن هذه المسألة بجواب إبراهیم فقد رغب عن ملته قال اللّٰه عز و جل وَ مَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِیمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ثم اصطفاء اللّٰه عز و جل إیاه فی الدنیا ثم شهادته فی العاقبة أنه من الصالحین فی قوله عز و جل وَ لَقَدِ اصْطَفَیْناهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ و الصالحون هم النبی و الأئمة (1)صلوات اللّٰه علیهم الآخذون عن اللّٰه أمره و نهیه و الملتمسون للصلاح من عنده و المجتنبون للرأی و القیاس فی دینه فی قوله عز و جل إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ ثم اقتداء من بعده من الأنبیاء علیهم السلام فی قوله عز و جل وَ وَصَّی بِها إِبْراهِیمُ بَنِیهِ وَ یَعْقُوبُ یا بَنِیَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ و فی قوله عز و جل لنبیه صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ و فی قوله عز و جل مِلَّةَ أَبِیكُمْ إِبْراهِیمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِینَ مِنْ قَبْلُ و أشراط كلمات الإمام مأخوذة من جهته مما یحتاج إلیه الأمة من مصالح الدنیا و الآخرة و قول إبراهیم علیه السلام وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی من حرف تبعیض لیعلم أن من الذریة من یستحق الإمامة و منهم من لا یستحق الإمامة هذا من جملة المسلمین و ذلك أنه یستحیل أن یدعو إبراهیم علیه السلام بالإمامة للكافر أو للمسلم الذی لیس بمعصوم فصح أن باب التبعیض وقع علی خواص المؤمنین و الخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص ثم المعصوم هو الخاص الأخص و لو كان للتخصیص صورة أدنی علیه لجعل ذلك من أوصاف الإمام.

و قد سمی اللّٰه عز و جل عیسی من ذریة إبراهیم و كان ابن ابنته من بعده و

ص: 69


1- فی نسخة: هم النبیون و الأئمّة.

لما صح أن ابن البنت ذریة و دعا إبراهیم لذریته بالإمامة وجب علی محمد صلی اللّٰه علیه و آله الاقتداء به فی وضع الإمامة فی المعصومین من ذریته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحی اللّٰه عز و جل إلیه و حكم علیه بقوله ثُمَّ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً الآیة و لو خالف ذلك لكان داخلا فی قوله عز و جل وَ مَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِیمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ جل نبی اللّٰه عن ذلك و قال اللّٰه عز و جل إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا و أمیر المؤمنین أبو ذریة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أوضع الإمامة فیه وضعها فی ذریة المعصومین و قوله عز و جل لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ عنی به أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد صنما أو وثنا أو أشرك باللّٰه طرفة عین و إن أسلم بعد ذلك و الظلم وضع الشی ء فی غیر موضعه و أعظم الظلم الشرك قال اللّٰه عز و جل إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ و كذلك لا یصلح الإمامة لمن قد ارتكب (1)من المحارم شیئا صغیرا كان أو كبیرا و إن تاب منه بعد ذلك و كذلك لا یقیم الحد من فی جنبه حد فإذا لا یكون الإمام إلا معصوما و لا تعلم عصمته إلا بنص اللّٰه علیه علی لسان نبیه صلی اللّٰه علیه و آله لأن العصمة لیست فی ظاهر الخلقة فتری كالسواد و البیاض و ما أشبه ذلك و هی مغیبة لا تعرف إلا بتعریف علام الغیوب عز و جل (2)

مع، معانی الأخبار الدَّقَّاقُ عَنِ الْعَلَوِیِّ مِثْلَهُ إِلَی آخِرِ مَا أَضَافَ إِلَیْهِ مِنْ كَلَامِهِ (3).

بیان قوله ثم علمه بأن الحكم بالنجوم خطأ مبنی علی أن نظره علیه السلام إنما كان موافقة للقوم و الحكم بالسقم للتوریة كما مر.

«13»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی قَالَ إِنَّهُ كَانَ یَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَی أَصْبَحْتُ وَ رَبِّی مَحْمُودٌ أَصْبَحْتُ لَا أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لَا أَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَ لَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِیّاً فَسُمِّیَ بِذَلِكَ عَبْداً شَكُوراً (4).

ص: 70


1- فی نسخة: و كذلك لا یصلح للإمامة من ارتكب اه.
2- الخصال ج 1: 146- 149. م.
3- معانی الأخبار: 42- 44. م.
4- علل الشرائع: 24. م.

«14»-ل، الخصال مع، معانی الأخبار عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَارِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ الشَّجَرِیِّ (1)عَنْ عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ عَنْ عَطَا عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عُمَیْرٍ اللَّیْثِیِّ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عِشْرِینَ صَحِیفَةً قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِیمَ قَالَ كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا وَ كَانَ فِیهَا أَیُّهَا الْمَلِكُ الْمُبْتَلَی الْمَغْرُورُ إِنِّی لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْیَا بَعْضَهَا إِلَی بَعْضٍ وَ لَكِنْ (2)بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّی دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّی لَا أَرُدُّهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ وَ عَلَی الْعَاقِلِ مَا لَمْ یَكُنْ مَغْلُوباً أَنْ یَكُونَ لَهُ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ یُنَاجِی فِیهَا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَاعَةٌ یُحَاسِبُ فِیهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ یَتَفَكَّرُ فِیمَا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ وَ سَاعَةٌ یَخْلُو فِیهَا بِحَظِّ نَفْسِهِ مِنَ الْحَلَالِ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ لِتِلْكَ السَّاعَاتِ وَ اسْتِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ وَ تَوْزِیعٌ لَهَا وَ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ بَصِیراً بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَی شَأْنِهِ حَافِظاً لِلِسَانِهِ فَإِنَّ مَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِیمَا یَعْنِیهِ وَ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ طَالِباً لِثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ تَلَذُّذٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَی علیه السلام قَالَ كَانَتْ عِبَراً كُلُّهَا (3)وَ فِیهَا عَجَبٌ (4)لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالنَّارِ لِمَ یَضْحَكُ وَ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا لِمَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ لِمَنْ یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَنْصَبُ وَ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْحِسَابِ لِمَ لَا یَعْمَلُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِی أَیْدِینَا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ مِمَّا كَانَ فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی قَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ اقْرَأْ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّی وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ وَ أَبْقی إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی (5).

ص: 71


1- بفتح الشین و الجیم نسبة إلی شجرة و هی قریة بالمدینة، أو الی غیرها. و فی الخصال المطبوع السجری، و فی نسخة. السحری، و لعلهما مصحف السجزی بكسر السین و سكون الجیم نسبة الی سجستان علی غیر قیاس.
2- فی نسخة: و لكنی.
3- فی نسخة: كان عبرا كلها، و فی المصدر: كانت عبرانیة كلها. م.
4- فی نسخة: و فیها: عجبا.
5- الخصال ج 2: 104- 105. م.

بیان: ما لم یكن مغلوبا أی بالمرض أو بالعدو أو بالمصائب أو علی عقله فیكون تأكیدا و قوله علیه السلام و ساعة یخلو معطوف علی قوله ثلاث ساعات و لعله كان أربع ساعات كما فی الأخبار الأخر و قوله ینصب من النصب بمعنی التعب.

«15»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدٌ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی هَذِهِ الْآیَةِ وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ قَالَ كُشِطَ لَهُ عَنِ الْأَرْضِ حَتَّی رَآهَا وَ مَنْ فِیهَا وَ عَنِ السَّمَاءِ حَتَّی رَآهَا وَ مَنْ فِیهَا وَ الْمَلَكَ الَّذِی یَحْمِلُهَا وَ الْعَرْشَ وَ مَنْ عَلَیْهِ وَ كَذَلِكَ أُرِیَ صَاحِبُكُمْ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن زرارة مثله (2).

«16»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ كُشِطَ لَهُ عَنِ السَّمَاوَاتِ حَتَّی نَظَرَ إِلَی الْعَرْشِ وَ مَا عَلَیْهِ قَالَ وَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كُشِطَ لَهُ عَنِ الْأَرْضِ حَتَّی رَآهَا وَ عَنِ السَّمَاءِ وَ مَا فِیهَا وَ الْمَلَكِ الَّذِی یَحْمِلُهَا وَ الْكُرْسِیِّ وَ مَا عَلَیْهِ (3).

«17»-وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ أُعْطِیَ بَصَرُهُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا یَعْدُو السَّمَاوَاتِ فَرَأَی مَا فِیهَا وَ رَأَی الْعَرْشَ وَ مَا فَوْقَهُ وَ رَأَی مَا فِی الْأَرْضِ وَ مَا تَحْتَهَا (4).

«18»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ قَالَ كُشِطَ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ حَتَّی نَظَرَ إِلَی مَا فَوْقَ الْعَرْشِ وَ كُشِطَ لَهُ الْأَرْضُ حَتَّی رَأَی مَا فِی الْهَوَاءِ وَ فُعِلَ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلُ ذَلِكَ وَ إِنِّی لَأَرَی صَاحِبَكُمْ وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ قَدْ فُعِلَ بِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ (5).

ص: 72


1- بصائر الدرجات: 120. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- بصائر الدرجات: 120. م.

شی، تفسیر العیاشی عن عبد الرحیم مثله (1)أقول سیأتی بعض الأخبار فی أبواب فضائل الأئمة علیهم السلام.

«19»-شی، تفسیر العیاشی رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتِ الْجِبَالُ عَشَرَةً وَ كَانَتِ الطُّیُورُ الدِّیكَ وَ الْحَمَامَةَ وَ الطَّاوُسَ وَ الْغُرَابَ وَ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ فَقَطِّعْهُنَّ بِلَحْمِهِنَّ وَ عِظَامِهِنَّ وَ رِیشِهِنَّ ثُمَّ أَمْسِكْ رُءُوسَهُنَّ ثُمَّ فَرِّقْهُنَّ عَلَی عَشَرَةِ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً فَجَعَلَ مَا كَانَ فِی هَذَا الْجَبَلِ یَذْهَبُ إِلَی هَذَا الْجَبَلِ بِرَأْسِهِ وَ لَحْمِهِ وَ دَمِهِ ثُمَّ یَأْتِیهِ حَتَّی یَضَعَ رَأْسَهُ فِی عُنُقِهِ حَتَّی فَرَغَ مِنْ أَرْبَعَتِهِنَّ (2).

«20»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَوْحَی إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ خُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ عَمَدَ إِبْرَاهِیمُ فَأَخَذَ النَّعَامَةَ وَ الطَّاوُسَ وَ الْوَزَّةَ (3)وَ الدِّیكَ فَنَتَفَ رِیشَهُنَّ بَعْدَ الذَّبْحِ ثُمَّ جَعَلَهُنَّ فِی مِهْرَاسَةٍ (4)فَهَرَسَهُنَّ ثُمَّ فَرَّقَهُنَّ عَلَی جِبَالِ الْأُرْدُنِّ وَ كَانَتْ یَوْمَئِذٍ عَشَرَةَ أَجْبَالٍ فَوَضَعَ عَلَی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ دَعَاهُنَّ بِأَسْمَائِهِنَّ فَأَقْبَلْنَ إِلَیْهِ سَعْیاً یَعْنِی مُسْرِعَاتٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ عِنْدَ ذَلِكَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (5).

«21»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ قالَ بَلی وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی أَ كَانَ فِی قَلْبِهِ شَكٌّ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ أَرَادَ مِنَ اللَّهِ الزِّیَادَةَ فِی یَقِینِهِ قَالَ وَ الْجُزْءُ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ (6).

«22»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ قَالَ: جُمِعَ لِأَبِی جَعْفَرٍ (7)جَمِیعُ الْقُضَاةِ فَقَالَ لَهُمْ رَجُلٌ أَوْصَی بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ فَكَمِ الْجُزْءُ فَلَمْ یَعْلَمُوا كَمِ الْجُزْءُ وَ اشْتَكَوْا إِلَیْهِ فِیهِ فَأْبَرَدَ بَرِیداً إِلَی صَاحِبِ الْمَدِینَةِ أَنْ یَسْأَلَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام رَجُلٌ أَوْصَی بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ فَكَمِ الْجُزْءُ فَقَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَی الْقُضَاةِ فَلَمْ یَعْلَمُوا كَمِ الْجُزْءُ فَإِنْ هُوَ أَخْبَرَكَ بِهِ وَ إِلَّا فَاحْمِلْهُ

ص: 73


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- الوزة لغة فی الاوز: البط.
4- المهراس: الهاون.
5- مخطوط. م.
6- مخطوط. م.
7- أی المنصور الدوانیقی.

عَلَی الْبَرِیدِ وَ وَجِّهْهُ إِلَیَّ فَأَتَی صَاحِبُ الْمَدِینَةِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ بَعَثَ إِلَیَّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَی بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ وَ سَأَلَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ الْقُضَاةِ فَلَمْ یُخْبِرُوهُ مَا هُوَ وَ قَدْ كَتَبَ إِلَیَّ إِنْ فَسَّرْتَ ذَلِكَ لَهُ وَ إِلَّا حَمَلْتُكَ عَلَی الْبَرِیدِ إِلَیْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذَا فِی كِتَابِ اللَّهِ بَیِّنٌ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ لَمَّا قَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی إِلَی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً (1)فَكَانَتِ الطَّیْرُ أَرْبَعَةً وَ الْجِبَالُ عَشَرَةً یُخْرِجُ الرَّجُلُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ جُزْءاً وَاحِداً وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ دَعَا بِمِهْرَاسٍ فَدَقَّ فِیهِ الطُّیُورَ جَمِیعاً وَ حَبَسَ الرُّءُوسَ عِنْدَهُ ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا بِالَّذِی أُمِرَ بِهِ فَجَعَلَ یَنْظُرُ إِلَی الرِّیشِ كَیْفَ یَخْرُجُ وَ إِلَی الْعُرُوقِ عِرْقاً عِرْقاً حَتَّی تَمَّ جَنَاحُهُ مُسْتَوِیاً فَأَهْوَی نَحْوَ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ بِبَعْضِ الرُّءُوسِ فَاسْتَقْبَلَهُ بِهِ فَلَمْ یَكُنِ الرَّأْسُ الَّذِی اسْتَقْبَلَهُ بِهِ لِذَلِكَ الْبَدَنِ حَتَّی انْتَقَلَ إِلَیْهِ غَیْرُهُ فَكَانَ مُوَافِقاً لِلرَّأْسِ فَتَمَّتِ الْعِدَّةُ وَ تَمَّتِ الْأَبْدَانُ(2).

«23»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام أَنَّهُ كَانَ یَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَةَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ لِوَلَدَیَّ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ (3).

«24»-وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَرَأَ رَبَّنَا اغْفِرْ لِی وَ لِوالِدَیَّ قَالَ هَذِهِ كَلِمَةٌ صَحَّفَهَا الْكُتَّابُ إِنَّمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِیمَ لِأَبِیهِ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ وَ إِنَّمَا قَالَ رَبَّنَا اغْفِرْ لِی وَ لِوَلَدَیَّ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ اللَّهِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (4).

«25»-غو، غوالی اللئالی فِی الْحَدِیثِ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَقِیَ مَلَكاً فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَ تَسْتَطِیعُ أَنْ تُرِیَنِی الصُّورَةَ الَّتِی تَقْبِضُ فِیهَا رُوحَ الْمُؤْمِنِ قَالَ نَعَمْ أَعْرِضْ عَنِّی فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ حَسَنُ الصُّورَةِ حَسَنُ الثِّیَابِ حَسَنُ الشَّمَائِلِ طَیِّبُ الرَّائِحَةِ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ لَوْ لَمْ یَلْقَ الْمُؤْمِنُ إِلَّا حُسْنَ صُورَتِكَ لَكَانَ حَسْبَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تُرِیَنِی الصُّورَةَ الَّتِی تَقْبِضُ فِیهَا رُوحَ الْفَاجِرِ فَقَالَ لَا تُطِیقُ

ص: 74


1- هكذا فی النسخ، و فی تفسیر البرهان هكذا: «رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی الی قوله تعالی: «ثُمَّ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً».
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.

فَقَالَ بَلَی قَالَ فَأَعْرِضْ عَنِّی فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَسْوَدُ قَائِمُ الشَّعَرِ مُنْتِنُ الرَّائِحَةِ أَسْوَدُ الثِّیَابِ یَخْرُجُ مِنْ فِیهِ وَ مِنْ مَنَاخِرِهِ النِّیرَانُ وَ الدُّخَانُ فَغُشِیَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ أَفَاقَ وَ قَدْ عَادَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَی حَالَتِهِ الْأُولَی فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ لَوْ لَمْ یَلْقَ الْفَاجِرُ إِلَّا صُورَتَكَ هَذِهِ لَكَفَتْهُ.

«26»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَالَ اجْعَلْ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً وَ كَانَتِ الْجِبَالُ یَوْمَئِذٍ عَشَرَةً (1).

«27»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ (2)

«28»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام الْجُزْءُ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّ الْجِبَالَ كَانَتْ عَشَرَةً وَ الطُّیُورُ أَرْبَعَةً (3).

«29»-كا، الكافی بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أُنْزِلَ صُحُفُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی أَوَّلِ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (4).

ص: 75


1- فروع الكافی ج 2: 245. م.
2- فروع الكافی ج 2: 245. م.
3- فروع الكافی ج 2: 245. م.
4- لم نجده. م.

باب 4 جمل أحواله و وفاته علیه السلام

«1»-لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عِمْرَانَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ التَّمِیمِیِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام بَیْنَا إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ علیه السلام فِی جَبَلِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ یَطْلُبُ مَرْعًی لِغَنَمِهِ إِذْ سَمِعَ صَوْتاً فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ یُصَلِّی طُولُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً فَقَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَنْ تُصَلِّی قَالَ لِإِلَهِ السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام هَلْ بَقِیَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِكَ غَیْرُكَ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ أَیْنَ تَأْكُلُ قَالَ أَجْتَنِی مِنْ هَذَا الشَّجَرِ فِی الصَّیْفِ وَ آكُلُهُ فِی الشِّتَاءِ قَالَ لَهُ فَأَیْنَ مَنْزِلُكَ قَالَ فَأَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی جَبَلٍ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام هَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِی مَعَكَ فَأَبِیتَ عِنْدَكَ اللَّیْلَةَ فَقَالَ إِنَّ قُدَّامِی مَاءً لَا یُخَاضُ قَالَ كَیْفَ تَصْنَعُ قَالَ أَمْشِی عَلَیْهِ قَالَ فَاذْهَبْ بِی مَعَكَ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی مَا رَزَقَكَ قَالَ فَأَخَذَ الْعَابِدُ بِیَدِهِ فَمَضَیَا جَمِیعاً حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی الْمَاءِ فَمَشَی وَ مَشَی إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مَعَهُ حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَیُّ الْأَیَّامِ أَعْظَمُ فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ یَوْمُ الدِّینِ یَوْمَ یُدَانُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَالَ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْفَعَ یَدَكَ وَ أَرْفَعَ یَدِی فَنَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُؤْمِنَنَا مِنْ شَرِّ ذَلِكَ الْیَوْمِ فَقَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِدَعْوَتِی فَوَ اللَّهِ إِنَّ لِی لَدَعْوَةً مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِینَ فَمَا أُجِبْتُ فِیهَا بِشَیْ ءٍ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَ وَ لَا أُخْبِرُكَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ احْتُبِسَتْ دَعْوَتُكَ قَالَ بَلَی قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً احْتَبَسَ دَعْوَتَهُ لِیُنَاجِیَهُ وَ یَسْأَلَهُ وَ یَطْلُبَ إِلَیْهِ وَ إِذَا أَبْغَضَ عَبْداً عَجَّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ أَوْ أَلْقَی الْیَأْسَ فِی قَلْبِهِ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ وَ مَا كَانَتْ دَعْوَتُكَ قَالَ مَرَّ بِی غَنَمٌ وَ مَعَهُ غُلَامٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ فَقُلْتُ یَا غُلَامُ لِمَنْ هَذَا الْغَنَمُ فَقَالَ لِإِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِی الْأَرْضِ خَلِیلٌ فَأَرِنِیهِ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ فَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَكَ أَنَا إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ فَعَانَقَهُ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَتِ الْمُصَافَحَةُ (1).

ص: 76


1- أمالی الصدوق: 178- 179. م.

«2»-ع، علل الشرائع مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی الْجَارُودِ رَفَعَهُ فِیمَا یُرْوَی إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مَرَّ بِبَانِقْیَا فَكَانَ یُزَلْزَلُ بِهَا (1)فَبَاتَ بِهَا فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَ لَمْ یُزَلْزَلْ بِهِمْ فَقَالُوا مَا هَذَا وَ لَیْسَ حَدَثٌ قَالُوا هَاهُنَا شَیْخٌ وَ مَعَهُ غُلَامٌ لَهُ قَالَ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ یَا هَذَا إِنَّهُ كَانَ یُزَلْزَلُ بِنَا كُلَّ لَیْلَةٍ وَ لَمْ یُزَلْزَلْ بِنَا هَذِهِ اللَّیْلَةَ فَبِتْ عِنْدَنَا فَبَاتَ فَلَمْ یُزَلْزَلْ بِهِمْ فَقَالُوا أَقِمْ عِنْدَنَا وَ نَحْنُ نُجْرِی عَلَیْكَ (2)مَا أَحْبَبْتَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ تَبِیعُونِّی هَذَا الظَّهْرَ وَ لَا یُزَلْزَلُ بِكُمْ قَالُوا فَهُوَ لَكَ قَالَ لَا آخُذُهُ إِلَّا بِالشِّرَی قَالُوا فَخُذْهُ بِمَا شِئْتَ فَاشْتَرَاهُ بِسَبْعِ نِعَاجٍ وَ أَرْبَعَةِ أَحْمِرَةٍ فَلِذَلِكَ سُمِّیَ بَانِقْیَا لِأَنَّ النِّعَاجَ بِالنَّبَطِیَّةِ نِقْیَا قَالَ فَقَالَ لَهُ غُلَامُهُ یَا خَلِیلَ الرَّحْمَنِ مَا تَصْنَعُ بِهَذَا الظَّهْرِ لَیْسَ فِیهِ زَرْعٌ وَ لَا ضَرْعٌ فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَحْشُرُ مِنْ هَذَا الظَّهْرِ سَبْعِینَ أَلْفاً یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ یَشْفَعُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لِكَذَا وَ كَذَا (3)

بیان: قال الفیروزآبادی بانقیا قریة بالكوفة أقول المراد به ظهر الكوفة و هو الغری.

«3»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ شَكَتْ إِلَیَّ الْحَیَاءَ مِنْ رُؤْیَةِ عَوْرَتِكَ فَاجْعَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهَا حِجَاباً فَجَعَلَ شَیْئاً هُوَ أَكْثَرُ مِنَ الثِّیَابِ وَ مِنْ دُونِ السَّرَاوِیلِ فَلَبِسَهُ فَكَانَ إِلَی رُكْبَتَیْهِ (4).

بیان: قوله علیه السلام هو أكثر من الثیاب أی زائد علی سائر أثوابه و الظاهر هو أكبر من التبّان قال فی النهایة التبّان سراویل صغیر یستر العورة المغلظة فقط و یكثر لبسه الملاحون.

«4»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِ الْعَمْرِیِّ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَزَرَ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام كَانَ لَهُ یَوْماً ضَیْفٌ وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ مَا یَمُونُ

ص: 77


1- فی نسخة: فكان نزل بها.
2- فی المصدر: نجزی. م.
3- علل الشرائع: 195. م.
4- علل الشرائع: 195. م.

ضَیْفَهُ فَقَالَ فِی نَفْسِهِ أَقُومُ إِلَی سَقْفِی فَأَسْتَخْرِجُ مِنْ جُذُوعِهِ فَأَبِیعُهُ مِنَ النَّجَّارِ فَیَعْمَلُ صَنَماً فَلَمْ یَفْعَلْ وَ خَرَجَ وَ مَعَهُ إِزَارٌ إِلَی مَوْضِعٍ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ فَجَاءَ مَلَكٌ وَ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الرَّمْلِ وَ الْحِجَارَةِ فَقَبَضَهُ فِی إِزَارِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ حَمَلَهُ إِلَی بَیْتِهِ كَهَیْئَةِ رَجُلٍ فَقَالَ لِأَهْلِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام هَذَا إِزَارُ إِبْرَاهِیمَ فَخُذِیهِ فَفَتَحُوا الْإِزَارَ فَإِذَا الرَّمْلُ قَدْ صَارَ ذُرَةً وَ إِذَا الْحِجَارَةُ الطُّوَالُ قَدْ صَارَتْ جَزَراً وَ إِذَا الْحِجَارَةُ الْمُدَوَّرَةُ قَدْ صَارَتْ لِفْتاً (1).

«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ اثْنَیْنِ تَصَافَحَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ اسْتَقْبَلَهُ إِبْرَاهِیمُ فَصَافَحَهُ وَ أَوَّلُ شَجَرَةٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ النَّخْلَةُ (2).

«6»-لی، الأمالی للصدوق سَیَجِی ءُ فِی أَخْبَارِ الْمِعْرَاجِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عَلَی شَیْخٍ قَاعِدٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَ حَوْلَهُ أَطْفَالٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَذَا الشَّیْخُ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِیمُ قَالَ فَمَا هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالُ حَوْلَهُ قَالَ هَؤُلَاءِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِینَ حَوْلَهُ یَغْذُوهُمْ (3).

«7»-ع، علل الشرائع لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الصُّوفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَبْضَ رُوحِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَهْبَطَ إِلَیْهِ مَلَكَ الْمَوْتِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ دَاعٍ أَمْ نَاعٍ قَالَ بَلْ دَاعٍ یَا إِبْرَاهِیمُ فَأَجِبْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَهَلْ رَأَیْتَ خَلِیلًا یُمِیتُ خَلِیلَهُ قَالَ فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّی وَقَفَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ إِلَهِی قَدْ سَمِعْتَ مَا قَالَ خَلِیلُكَ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ اذْهَبْ إِلَیْهِ وَ قُلْ لَهُ هَلْ رَأَیْتَ حَبِیباً یَكْرَهُ لِقَاءَ حَبِیبِهِ إِنَّ الْحَبِیبَ یُحِبُّ لِقَاءَ حَبِیبِهِ (4).

ص: 78


1- علل الشرائع: 185. و اللفت: الشلجم.
2- أمالی الشیخ ص 134. م.
3- أمالی الصدوق: 270. م.
4- علل الشرائع: 24، أمالی الصدوق: 118. م.

بیان: المراد بالداعی أن یكون طلبه علی سبیل التخییر و الرضی كما هو المتعارف فیمن یدعو ضیفا لكرامته و بالناعی أن یكون قاهرا طالبا علی الجزم و الحتم و كان غرض إبراهیم علیه السلام الشفاعة و الدعاء لطلب البقاء لیكثر من عبادة ربه إن علم اللّٰه صلاحه فی ذلك.

«8»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ أَوْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا قَضَی مَنَاسِكَهُ رَجَعَ إِلَی الشَّامِ فَهَلَكَ وَ كَانَ سَبَبُ هَلَاكِهِ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاهُ لِیَقْبِضَهُ فَكَرِهَ إِبْرَاهِیمُ الْمَوْتَ فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ كَرِهَ الْمَوْتَ فَقَالَ دَعْ إِبْرَاهِیمَ فَإِنَّهُ یُحِبُّ أَنْ یَعْبُدَنِی قَالَ حَتَّی رَأَی إِبْرَاهِیمُ شَیْخاً كَبِیراً یَأْكُلُ وَ یَخْرُجُ مِنْهُ مَا یَأْكُلُهُ فَكَرِهَ الْحَیَاةَ وَ أَحَبَّ الْمَوْتَ فَبَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِیمَ أَتَی دَارَهُ فَإِذَا فِیهَا أَحْسَنُ صُورَةٍ مَا رَآهَا قَطُّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَنِ الَّذِی یَكْرَهُ قُرْبَكَ وَ زِیَارَتَكَ وَ أَنْتَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ یَا خَلِیلَ الرَّحْمَنِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً بَعَثَنِی إِلَیْهِ فِی هَذِهِ الصُّورَةِ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً بَعَثَنِی إِلَیْهِ فِی غَیْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَقُبِضَ علیه السلام بِالشَّامِ وَ تُوُفِّیَ بَعْدَهُ إِسْمَاعِیلُ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثِینَ وَ مِائَةِ سَنَةٍ فَدُفِنَ فِی الْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ (1).

«9»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنْ سَارَةَ قَالَتْ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَا إِبْرَاهِیمُ قَدْ كَبِرْتَ فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَكَ وَلَداً تَقَرُّ أَعْیُنُنَا بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اتَّخَذَكَ خَلِیلًا وَ هُوَ مُجِیبٌ لِدَعْوَتِكَ إِنْ شَاءَ قَالَ علیه السلام فَسَأَلَ إِبْرَاهِیمُ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَهُ غُلَاماً عَلِیماً فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ غُلَاماً عَلِیماً ثُمَّ أَبْلُوكَ بِالطَّاعَةِ لِی قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَمَكَثَ إِبْرَاهِیمُ بَعْدَ الْبِشَارَةِ ثَلَاثَ سِنِینَ ثُمَّ جَاءَتْهُ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ سَارَةَ قَدْ قَالَتْ لِإِبْرَاهِیمَ إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَ قَرُبَ أَجَلُكَ فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُنْسِئَ فِی أَجَلِكَ (2)وَ أَنْ یَمُدُّ لَكَ فِی الْعُمُرِ فَتَعِیشَ مَعَنَا وَ تَقَرَّ أَعْیُنُنَا قَالَ فَسَأَلَ إِبْرَاهِیمُ رَبَّهُ ذَلِكَ قَالَ

ص: 79


1- علل الشرائع: 24. م.
2- أی یؤخر فی أجلك، یقال: أنسأ اللّٰه أجله و فی أجله أی أخره.

فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ سَلْ مِنْ زِیَادَةِ الْعُمُرِ مَا أَحْبَبْتَ تُعْطَهُ (1)قَالَ فَأَخْبَرَ إِبْرَاهِیمُ سَارَةَ بِذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ سَلِ اللَّهَ أَنْ لَا یُمِیتَكَ حَتَّی تَكُونَ أَنْتَ الَّذِی تَسْأَلُهُ الْمَوْتَ قَالَ فَسَأَلَ إِبْرَاهِیمُ رَبَّهُ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ ذَلِكَ لَكَ قَالَ فَأَخْبَرَ إِبْرَاهِیمُ سَارَةَ بِمَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ فِی ذَلِكَ فَقَالَتْ سَارَةُ لِإِبْرَاهِیمَ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ اعْمَلْ طَعَاماً وَ ادْعُ عَلَیْهِ الْفُقَرَاءَ وَ أَهْلَ الْحَاجَةِ قَالَ فَفَعَلَ ذَلِكَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَعَا إِلَیْهِ النَّاسَ فَكَانَ فِیمَنْ أَتَی رَجُلٌ كَبِیرٌ ضَعِیفٌ مَكْفُوفٌ (2)مَعَهُ قَائِدٌ لَهُ فَأَجْلَسَهُ عَلَی مَائِدَتِهِ قَالَ فَمَدَّ الْأَعْمَی یَدَهُ فَتَنَاوَلَ لُقْمَةً وَ أَقْبَلَ بِهَا نَحْوَ فِیهِ فَجَعَلَتْ تَذْهَبُ یَمِیناً وَ شِمَالًا مِنْ ضَعْفِهِ ثُمَّ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی جَبْهَتِهِ فَتَنَاوَلَ قَائِدُهُ یَدَهُ فَجَاءَ بِهَا إِلَی فَمِهِ ثُمَّ تَنَاوَلَ الْمَكْفُوفُ لُقْمَةً فَضَرَبَ بِهَا عَیْنَهُ قَالَ وَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام یَنْظُرُ إِلَی الْمَكْفُوفِ وَ إِلَی مَا یَصْنَعُ قَالَ فَتَعَجَّبَ إِبْرَاهِیمُ مِنْ ذَلِكَ وَ سَأَلَ قَائِدَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْقَائِدُ هَذَا الَّذِی تَرَی مِنَ الضَّعْفِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ فِی نَفْسِهِ أَ لَیْسَ إِذَا كَبِرْتُ أَصِیرُ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَیْثُ رَأَی مِنَ الشَّیْخِ مَا رَأَی فَقَالَ اللَّهُمَّ تَوَفَّنِی فِی الْأَجَلِ الَّذِی كَتَبْتَ لِی فَلَا حَاجَةَ لِی فِی الزِّیَادَةِ فِی الْعُمُرِ بَعْدَ الَّذِی رَأَیْتُ (3).

«10»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْیَرِیِّ مَعاً عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ إِبْرَاهِیمُ ذَاتَ یَوْمٍ یَسِیرُ فِی الْبِلَادِ لِیَعْتَبِرَ مَرَّ (4)بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ یُصَلِّی قَدْ قَطَعَ إِلَی السَّمَاءِ صَوْتَهُ وَ لِبَاسُهُ شَعَرٌ فَوَقَفَ عَلَیْهِ إِبْرَاهِیمُ وَ عَجِبَ مِنْهُ وَ جَلَسَ یَنْتَظِرُ (5)فَرَاغَهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَیْهِ حَرَّكَهُ بِیَدِهِ وَ قَالَ لَهُ إِنَّ لِی حَاجَةً فَخَفِّفْ قَالَ فَخَفَّفَ الرَّجُلُ (6)وَ جَلَسَ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ لِمَنْ تُصَلِّی فَقَالَ لِإِلَهِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ لَهُ وَ مَنْ إِلَهُ

ص: 80


1- فی المصدر: نعطه. م.
2- كف بصره: عمی. م.
3- علل الشرائع: 24- 2. م.
4- فی المصدر: فمر. م.
5- فی المصدر: و جعل ینتظر. م.
6- فی المصدر: ان لی حاجة فخفف الرجل اه. م.

إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ الَّذِی خَلَقَكَ وَ خَلَقَنِی فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ لَقَدْ أَعْجَبَنِی نَحْوُكَ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُؤَاخِیَكَ فِی اللَّهِ فَأَیْنَ مَنْزِلُكَ إِذَا أَرَدْتُ زِیَارَتَكَ وَ لِقَاءَكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مَنْزِلِی خَلْفَ النُّطْفَةِ (1)وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی الْبَحْرِ وَ أَمَّا مُصَلَّایَ فَهَذَا الْمَوْضِعُ تُصِیبُنِی فِیهِ إِذَا أَرَدْتَنِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ لِإِبْرَاهِیمَ لَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام نَعَمْ قَالَ وَ مَا هِیَ قَالَ لَهُ تَدْعُو اللَّهَ وَ أُؤَمِّنُ عَلَی دُعَائِكَ أَوْ أَدْعُو أَنَا وَ تُؤَمِّنُ عَلَی دُعَائِی فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَ فِیمَ تَدْعُو اللَّهَ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ لِلْمُذْنِبِینَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الرَّجُلُ لَا فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ لِمَ فَقَالَ لِأَنِّی دَعَوْتُ اللَّهَ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِینَ بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرَ إِجَابَتَهَا إِلَی السَّاعَةِ وَ أَنَا أَسْتَحْیِی مِنَ اللَّهِ أَنْ أَدْعُوَهُ بِدَعْوَةٍ حَتَّی أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَجَابَنِی فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ فِیمَا دَعَوْتَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّی لَفِی مُصَلَّایَ هَذَا ذَاتَ یَوْمٍ إِذْ مَرَّ بِی غُلَامٌ أَرْوَعُ (2)النُّورُ یَطْلُعُ مِنْ جَبِینِهِ لَهُ ذُؤَابَةٌ مِنْ خَلْفِهِ مَعَهُ بَقَرٌ یَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُهِنَتْ دَهْناً وَ غَنَمٌ یَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دَخِشَتْ دَخْشاً قَالَ فَأَعْجَبَنِی مَا رَأَیْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ یَا غُلَامُ لِمَنْ هَذِهِ الْبَقَرُ وَ الْغَنَمُ فَقَالَ لِی فَقُلْتُ وَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ فَدَعَوْتُ اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ أَنْ یُرِیَنِی خَلِیلَهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ فَأَنَا إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ وَ ذَلِكَ الْغُلَامُ ابْنِی فَقَالَ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الَّذِی أَجَابَ دَعْوَتِی قَالَ ثُمَّ قَبَّلَ الرَّجُلُ صَفْحَتَیْ وَجْهِ إِبْرَاهِیمَ وَ عَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ الْآنَ فَنَعَمْ فَادْعُ حَتَّی أُؤَمِّنَ عَلَی دُعَائِكَ فَدَعَا إِبْرَاهِیمُ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ یَوْمِهِ ذَلِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرِّضَی عَنْهُمْ وَ أَمَّنَ الرَّجُلُ عَلَی دُعَائِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَدَعْوَةُ إِبْرَاهِیمَ بَالِغَةٌ لِلْمُذْنِبِینَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ شِیعَتِنَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (3).

بیان: نحوك أی طریقتك فی العبادة أو قصدك أو مثلك و النطفة بالضم البحر و قیل الماء الصافی قل أو كثر و الأروع من الرجال الذی یعجبك حسنه قوله كأنما دهنت دهنا كنایة إما عن سمنها أی ملئت دهنا أو صفائها أی طلیت به یقال دهنه أی طلاه بالدهن قوله كأنما دخست فی بعض النسخ بالخاء المعجمة و السین المهملة قال الجوهری الدخیس

ص: 81


1- فی المصدر: خلف هذه النطفة. م.
2- الاروع: من یعجبك بحسنه او شجاعته.
3- كمال الدین: 83- 84. م.

اللحم المكتنز و كل ذی سمن دخیس و فی بعضها بالحاء المهملة أیضا قال الجزری كل شی ء ملأته فقد دخسته و فی بعضها بالخاء و الشین المعجمتین قال الفیروزآبادی دخش كفرح امتلأ لحما.

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ یَحْیَی اللَّحَّامِ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ نَاجَی رَبَّهُ فَقَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ (تُمِیتُ) ذَا الْعِیَالِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَجْعَلَ لَهُ مِنْ وُلْدِهِ خَلَفاً یَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ فِی عِیَالِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا إِبْرَاهِیمُ أَ وَ تُرِیدُ لَهَا خَلَفاً مِنْكَ یَقُومُ مَقَامَكَ مِنْ بَعْدِكَ خَیْراً مِنِّی قَالَ إِبْرَاهِیمُ اللَّهُمَّ لَا الْآنَ طَابَتْ نَفْسِی (1)

«12»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنْ مَسْجِدِ السَّهْلَةِ سَارَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَی الْیَمَنِ بِالْعَمَالِقَةِ (2).

باب 5 أحوال أولاده و أزواجه صلوات اللّٰه علیهم و بناء البیت

الآیات؛

البقرة: «وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَیْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِیمَ مُصَلًّی وَ عَهِدْنا إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ أَنْ طَهِّرا بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ وَ الْعاكِفِینَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ* وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِیلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلی عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ* وَ إِذْ یَرْفَعُ إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَیْتِ وَ إِسْماعِیلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ* رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَیْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ* رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِكَ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ یُزَكِّیهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ*وَ مَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِیمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَیْناهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ* إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ

ص: 82


1- مخطوط. م.
2- فروع الكافی 1: 139. م.

لِرَبِّ الْعالَمِینَ* وَ وَصَّی بِها إِبْراهِیمُ بَنِیهِ وَ یَعْقُوبُ یا بَنِیَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»(125-132)

الأنعام: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ كُلًّا هَدَیْنا»(84)

هود: «وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ* فَلَمَّا رَأی أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمِ لُوطٍ* وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ* قالَتْ یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِی شَیْخاً إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ* قالُوا أَ تَعْجَبِینَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ* فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِیمَ الرَّوْعُ وَ جاءَتْهُ الْبُشْری یُجادِلُنا فِی قَوْمِ لُوطٍ* إِنَّ إِبْراهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ *یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِیهِمْ عَذابٌ غَیْرُ مَرْدُودٍ»(69-76)

إبراهیم: «وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِی وَ بَنِیَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ* رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصانِی فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِیمٌ* رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُونَ* رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِی وَ ما نُعْلِنُ وَ ما یَخْفی عَلَی اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی وَهَبَ لِی عَلَی الْكِبَرِ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّی لَسَمِیعُ الدُّعاءِ* رَبِّ اجْعَلْنِی مُقِیمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ* رَبَّنَا اغْفِرْ لِی وَ لِوالِدَیَّ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ یَقُومُ الْحِسابُ»(35-41)

مریم: «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِیًّا* وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِیًّا»(49-50)

الأنبیاء: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِینَ*وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِمْ فِعْلَ الْخَیْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِیتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِینَ»(72-73) (و قال تعالی): «وَ إِسْماعِیلَ وَ إِدْرِیسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِینَ»(85)

الحج: «وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِیمَ مَكانَ الْبَیْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِی شَیْئاً وَ طَهِّرْ بَیْتِیَ لِلطَّائِفِینَ

ص: 83

وَ الْقائِمِینَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ* وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلی كُلِّ ضامِرٍ یَأْتِینَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ* لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ یَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِی أَیَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعامِ»(26-27)

العنكبوت: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِی ذُرِّیَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ وَ آتَیْناهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ»(27)

الذاریات: «هَلْ أَتاكَ حَدِیثُ ضَیْفِ إِبْراهِیمَ الْمُكْرَمِینَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَیْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ *فَراغَ إِلی أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِینٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَیْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ* فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِیمٍ* فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِی صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِیمٌ *قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِیمُ الْعَلِیمُ* قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَیُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمٍ مُجْرِمِینَ* لِنُرْسِلَ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِینٍ»(24-33)

تفسیر: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه فی قوله سبحانه: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِیمَ فی المقام دلالة ظاهرة علی نبوة إبراهیم علیه السلام فإن اللّٰه سبحانه جعل الحجر تحت قدمه كالطین حتی دخلت قدمه فیه فكان ذلك معجزة له

وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ مَقَامُ إِبْرَاهِیمَ وَ حَجَرُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ حَجَراً أَبْیَضَ وَ كَانَ أَشَدَّ بَیَاضاً مِنَ الْقَرَاطِیسِ فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَایَا بَنِی آدَمَ.

و قال ابن عباس لما أتی إبراهیم بإسماعیل و هاجر فوضعهما بمكة و أتت علی ذلك مدة و نزلها الجرهمیون و تزوج إسماعیل امرأة منهم و ماتت هاجر استأذن إبراهیم سارة أن یأتی هاجر فأذنت له و شرطت علیه أن لا ینزل فقدم إبراهیم علیه السلام و قد ماتت هاجر فذهب إلی بیت إسماعیل فقال لامرأته أین صاحبك فقالت لیس هو هاهنا ذهب یتصید و كان إسماعیل یخرج من الحرم فیتصید ثم یرجع فقال لها إبراهیم هل عندك ضیافة قالت لیس عندی شی ء و ما عندی أحد فقال لها إبراهیم إذا جاء زوجك فأقرئیه السلام و قولی له فلیغیر عتبة بابه و ذهب إبراهیم علیه السلام و جاء إسماعیل علیه السلام و وجد ریح أبیه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت جاءنی شیخ صفته كذا و كذا كالمستخفة

ص: 84

بشأنه قال فما قال لك قالت قال لی أقرئی زوجك السلام و قولی له فلیغیر عتبة بابه فطلقها و تزوج أخری (1)فلبث إبراهیم ما شاء اللّٰه أن یلبث ثم استأذن سارة أن یزور إسماعیل فأذنت له و اشترطت علیه أن لا ینزل فجاء إبراهیم حتی انتهی إلی باب إسماعیل فقال لامرأته أین صاحبك قالت یتصید و هو یجی ء الآن إن شاء اللّٰه فانزل یرحمك اللّٰه قال لها هل عندك ضیافة قالت نعم فجاءت باللبن و اللحم فدعا لها بالبركة فلو جاءت یومئذ بخبز برا و شعیرا و تمرا لكان أكثر أرض اللّٰه برا و شعیرا و تمرا فقالت له انزل حتی أغسل رأسك فلم ینزل فجاءت بالمقام فوضعته علی شقه الأیمن فوضع قدمه علیه فبقی أثر قدمه علیه فغسلت شق رأسه الأیمن ثم حولت المقام إلی شق رأسه الأیسر فبقی أثر قدمه علیه فغسلت شق رأسه الأیسر فقال لها إذا جاء زوجك فأقرئیه السلام و قولی له قد استقامت عتبة بابك فلما جاء إسماعیل وجد ریح أبیه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت نعم شیخ أحسن الناس وجها و أطیبهم ریحا و قال لی كذا و كذا و غسلت رأسه و هذا موضع قدمیه علی المقام قال لها إسماعیل ذلك إبراهیم علیه السلام.

وَ قَدْ رَوَی هَذِهِ الْقِصَّةَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ إِنِ اخْتَلَفَتْ بَعْضُ أَلْفَاظِهِ وَ قَالَ فِی آخِرِهَا إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِی لَهُ قَدْ جَاءَ هَاهُنَا شَیْخٌ وَ هُوَ یُوصِیكَ بِعَتَبَةِ بَابِكَ خَیْراً قَالَ فَأَكَبَّ إِسْمَاعِیلُ عَلَی الْمَقَامِ یَبْكِی وَ یُقَبِّلَهُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ علیه السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام اسْتَأْذَنَ سَارَةَ أَنْ یَزُورُ إِسْمَاعِیلَ فَأَذِنَتْ لَهُ عَلَی أَنْ لَا یَلْبَثَ عَنْهَا وَ أَنْ لَا یَنْزِلَ عَنْ حِمَارِهِ فَقِیلَ لَهُ كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَرْضَ طُوِیَتْ لَهُ.

وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الرُّكْنُ وَ الْمَقَامُ یَاقُوتَانِ مِنْ یَاقُوتِ الْجَنَّةِ طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا وَ لَوْ لَا أَنَّ نُورَهُمَا طُمِسَ لَأَضَاءَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ.

أَنْ طَهِّرا أی قلنا لهما طهرا بیتی أضاف البیت إلی نفسه تفضیلا له علی سائر البقاع و فی التطهیر وجوه.

أحدها أن المراد طهراه من الفرث و الدم الذی كان المشركون تطرحه عند البیت قبل أن یصیر فی ید إبراهیم و إسماعیل و ثانیها طهراه من الأصنام التی كانوا یعلقونها

ص: 85


1- سماها الیعقوبی الحیفاء بنت مضاض الجرهمیة.

علی باب البیت و ثالثها طهراه ببنائكما له علی الطهارة كقوله تعالی أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْیانَهُ عَلی تَقْوی مِنَ اللَّهِ (1)لِلطَّائِفِینَ وَ الْعاكِفِینَ أكثر المفسرین علی أن الطائفین هم الدائرون حول البیت و العاكفین هم المجاورون للبیت و قیل الطائفون الطارئون (2)علی مكة من الآفاق و العاكفون المقیمون فیها وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ هم المصلون. (3)رَبِّ اجْعَلْ هذا أی مكة بَلَداً آمِناً أی ذا أمن قال ابن عباس یرید لا یصاد طیره و لا یقطع شجره و لا یختلی خلاه (4)وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ

رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الثَّمَرَاتِ تُحْمَلُ إِلَیْهِمْ مِنَ الْآفَاقِ.

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا هُوَ ثَمَرَاتُ الْقُلُوبِ (5)أَیْ حَبِّبْهم إِلَی النَّاسِ لِیَثُوبُوا إِلَیْهِمْ.

مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ إنما خصهم لأنه تعالی كان قد أعلمه أنه یكون فی ذریته الظالمون فخص بالدعاء رزق المؤمنین تأدبا بأدب اللّٰه فیهم قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِیلًا أی قال اللّٰه قد استجبت دعوتك فیمن آمن منهم و من كفر فأمتعه بالرزق الذی أرزقه إلی وقت مماته ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلی عَذابِ النَّارِ أی أدفعه إلیها فی الآخرة. (6)وَ إِذْ یَرْفَعُ أی اذكر إذ یرفع إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَیْتِ أی أصول البیت التی كانت قبل ذلك عن ابن عباس و عطا قالا قد كان آدم بناه ثم عفا أثره (7)فجدده إبراهیم و هو المروی عن أئمتنا صلوات اللّٰه علیهم

وَ فِی كِتَابِ الْعَیَّاشِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْزَلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مِنَ الْجَنَّةِ لآِدَمَ علیه السلام وَ كَانَتِ الْبَیْتُ دُرَّةً بَیْضَاءَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی السَّمَاءِ وَ بَقِیَ أَسَاسُهُ فَهُوَ حِیَالَ هَذَا الْبَیْتِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا یَرْجِعُونَ إِلَیْهِ أَبَداً فَأَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ أَنْ یَبْنِیَا الْبَیْتَ عَلَی الْقَوَاعِدِ.

وَ إِسْماعِیلُ

ص: 86


1- التوبة: 109.
2- جمع الطارئ: الغریب خلاف الاصلی.
3- مجمع البیان 1: 203. 204. م.
4- أی لا یجز عشبه.
5- لا تنافی بین الخبرین لان الثمرات معنی أعمّ یشمل ما فیهما، و یحتمل أن یكون الثانی تفسیرا بالسبب.
6- مجمع البیان 1: 206. م.
7- أی محی و درس و بلی.

أی یرفع إبراهیم و إسماعیل أساس الكعبة یقولان رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا فكان إبراهیم یبنی و إسماعیل یناوله الحجارة.

وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّ إِسْمَاعِیلَ أَوَّلُ مَنْ شُقَّ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِیَّةِ- (1)فَكَانَ أَبُوهُ یَقُولُ لَهُ وَ هُمَا یَبْنِیَانِ الْبَیْتَ یَا إِسْمَاعِیلُ هابی ابن أَیْ أَعْطِنِی حَجَراً فَیَقُولُ لَهُ إِسْمَاعِیلُ یَا أَبَتِ هَاكَ حَجَراً فَإِبْرَاهِیمُ یَبْنِی وَ إِسْمَاعِیلُ یُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ.(2)

وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ أی فی بقیة عمرنا كما جعلتنا مسلمین فی ماضی عمرنا و قیل أی قائمین بجمیع شرائع الإسلام مطیعین لك لأن الإسلام هو الطاعة و الانقیاد مِنْ ذُرِّیَّتِنا أی و اجعل من أولادنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ أی جماعة موحدة منقادة لك یعنی أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمِّةِ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً وَ إِنَّمَا خَصَّا بَعْضَهُمْ لِأَنَّهُ تَعَالَی أَعْلَمَ إِبْرَاهِیمَ أَنَّ فِی ذُرِّیَّتِهِ مَنْ لَا یَنَالُ عَهْدَهُ لِمَا یَرْتَكِبُهُ مِنَ الظُّلْمِ.

وَ أَرِنا مَناسِكَنا أی عرفنا المواضع التی تتعلق النسك بها لنفعله عندها وَ تُبْ عَلَیْنا فیه وجوه.

أحدها أنهما قالا هذه الكلمة علی وجه التسبیح و التعبد و الانقطاع إلی اللّٰه لیقتدی بهما الناس فیها.

و ثانیها أنهما سألا التوبة علی ظلمة ذریتهما.

و ثالثها أن معناه ارجع علینا بالمغفرة و الرحمة. (3)

ص: 87


1- أی من ولد إبراهیم، و ذلك كان بعد ما تزوج إسماعیل من جرهم فاضطر إلی معاشرتهم فتكلم بلغتهم و هی العربیة، راجع ما یأتی تحت رقم 39. و قیل: العربیة الخالصة و هی اللّٰهجة العدنانیة وحی إلهی أوحی اللّٰه إلی إسماعیل علیه السلام. قلت: عد البغدادیّ فی كتاب المحبر من قبائل العاربة الذین ألهموا العربیة و تكلموا بها عاد و عبیل ابنا عوص بن ارم بن سام بن نوح، و ثمود و جدیس ابنا جاثر بن ارم بن سام بن نوح، و عملیق و طسم و أمیم بنو لوذان بن ارم، و بنو یقطن بن عامر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح و هم جرهم، و حضر موت و السلف و جاسم بن عمان بن سبا بن یقشان بن إبراهیم.
2- مجمع البیان 1: 208. م.
3- مجمع البیان 1: 208- 209. م.

وَ ابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولًا هو نبینا محمد صلی اللّٰه علیه و آله كما قال أنا دعوة أبی إبراهیم و بشارة عیسی. (1)وَ مَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِیمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ أی لا یترك دین إبراهیم و شریعته إلا من أهلك نفسه و أوبقها و قیل أضل نفسه و قیل جهل قدره و قیل جهل نفسه بما فیها من الآیات الدالة علی أن لها صانعا لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ (2)وَ لَقَدِ اصْطَفَیْناهُ فِی الدُّنْیا أی اخترناه بالرسالة وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ أی من الفائزین و قیل أی لمع الصالحین أی مع آبائه الأنبیاء فی الجنة إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أی اصطفیناه حین قال له ربه أَسْلِمْ و اختلف فی أنه متی قیل له ذلك فقال الحسن كان هذا حین أفلت الشمس و رأی إبراهیم تلك الآیات و الأدلة و قال یا قَوْمِ إِنِّی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ و قال ابن عباس إنما قال ذلك إبراهیم حین خرج من السرب و إنما قال ذلك بعد النبوة و معنی أَسْلِمْ استقم علی الإسلام و اثبت علی التوحید و قیل معنی أسلم أخلص دینك بالتوحید قالَ أَسْلَمْتُ أی أخلصت الدین لله رب العالمین وَ وَصَّی بِها أی بالملة أو بالكلمة التی هی قوله أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ و قیل بكلمة التوحید إِبْراهِیمُ بَنِیهِ إنما خص البنین لأن إشفاقه علیهم أكثر و هم بقبول وصیته أجدر و إلا فمن المعلوم أنه كان یدعو جمیع الأنام إلی الإسلام وَ یَعْقُوبُ أی و وصی یعقوب بنیه إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ أی اختار لكم دین الإسلام فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أی فلا تتركوا الإسلام فیصادفكم الموت علی تركه. (3)وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا قیل كانوا ثلاثة جبرئیل و میكائیل و إسرافیل عن ابن عباس و قیل أربعة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قیل و الرابع اسمه كروبیل و قیل تسعة و قیل أحد عشر و كانوا علی صورة الغلمان بِالْبُشْری أی بالبشارة بإسحاق و نبوته و أنه یولد له یعقوب

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ هَذِهِ الْبِشَارَةَ كَانَتْ بِإِسْمَاعِیلَ مِنْ هَاجَرَ..

ص: 88


1- مجمع البیان 1: 209- 210. م.
2- و قیل: أذلها و استخف بها.
3- مجمع البیان 1: 212- 213. م.

و قیل بإهلاك قوم لوط قالُوا سَلاماً أی سلمنا سلاما أو أصبت سلاما أی سلامة فَضَحِكَتْ أی تعجبا من غفلة قوم لوط مع قرب نزول العذاب بهم أو من امتناعهم عن الأكل و خدمتها إیاهم بنفسها و قیل ضحكت لأنها قالت لإبراهیم اضمم إلیك ابن أخیك (1)إنی أعلم أنه سینزل بهؤلاء عذاب فضحكت سرورا لما أتی الأمر علی ما توهمت و قیل تعجبا و سرورا من البشارة بإسحاق لأنها كانت هرمت و هی بنت ثمان و تسعین أو تسع و تسعین و قد كان شاخ زوجها و كان ابن تسع و تسعین سنة أو مائة سنة و قیل مائة و عشرین سنة و لم یرزق لهما ولد فی حال شبابهما ففی الكلام تقدیم و تأخیر و روی ذلك عن أبی جعفر علیه السلام وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ أی بعد إسحاق و عن ابن العباس الوراء ولد الولد و قیل

«6»-إن ضحكت بمعنی حاضت- و روی ذلك عن الصادق علیه السلام.

یقال ضحكت الأرنب أی حاضت رَحْمَتُ اللَّهِ خبر أو دعاء یُجادِلُنا أی یجادل رسلنا و یسائلهم فِی قَوْمِ لُوطٍ بما سیأتی فی الأخبار أو یسألهم بم یستحقون العذاب و كیف یقع علیهم و كیف ینجی اللّٰه المؤمنین فسمی الاستقصاء فی السؤال جدالا فقالت الملائكة یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا القول إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ بالعذاب فهو نازل بهم لا محالة. (2)هَذَا الْبَلَدَ یعنی مكة و ما حولها من الحرم رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ أی ضل بعبادتهن كثیر من الناس فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی أی من تبعنی من ذریتی التی أسكنتهم هذا البلد علی دینی فی عبادة اللّٰه وحده فإنه من جملتی و حاله كحالی فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِیمٌ أی ساتر علی العباد معاصیهم رحیم بهم فی جمیع أحوالهم منعم علیهم رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی یرید إسماعیل مع أمه هاجر و هو أكبر ولده

وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ بَقِیَّةُ تِلْكَ الْعِتْرَةِ وَ قَالَ كَانَتْ دَعْوَةُ إِبْرَاهِیمَ لَنَا خَاصَّةً.

بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ یرید وادی مكة و هو الأبطح إذ لم یكن بها یومئذ ماء و لا زرع و لا ضرع عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ أضاف البیت إلیه إذ لم یملكه أحد سواه و وصفه بالمحرم لأنه لا یستطیع أحد الوصول

ص: 89


1- هذا مبنی علی ما ذكره الثعلبی و غیره من أن لوطا كان ابن اخی إبراهیم و هو لوط بن هاران بن تارخ؛ منه قدّس سرّه. قلت: قاله الثعلبی فی العرائس ص 61، و قال الیعقوبی: كان لوط ابن أخیه خاران بن تارخ.
2- مجمع البیان 5: 179- 181. م.

إلیه إلا بالإحرام و قیل لأنه حرم فیه ما أحل فی غیره من البیوت من الجماع و الملابسة بشی ء من الأقذار و الدماء و قیل معناه العظیم الحرمة فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ هذا سؤال من إبراهیم علیه السلام أن یجعل اللّٰه قلوب الخلق تحن إلی ذلك الموضع لیكون فی ذلك أنس لذریته و لیدر أرزاقهم علی مرور الأوقات

وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ أَنْ یَطُوفُوا بِهَذِهِ الْأَحْجَارِ ثُمَّ یَنْفِرُوا إِلَیْنَا فَیُعْلِمُونَا وَلَایَتَهُمْ وَ یَعْرِضُوا عَلَیْنَا نَصْرَهُمْ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی وَهَبَ لِی عَلَی الْكِبَرِ

قال ابن عباس ولد له إسماعیل و هو ابن تسع و تسعین سنة و ولد له إسحاق و هو ابن مائة و اثنتی عشرة سنة و قال ابن جبیر لم یولد لإبراهیم إلا بعد مائة و سبع عشرة سنة وَ لِوالِدَیَّ استدل أصحابنا بهذا علی ما ذهبوا إلیه من أن أبوی إبراهیم لم یكونا كافرین لأنه إنما سأل المغفرة لهما یوم القیامة فلو كانا كافرین لما سأل ذلك. (1)فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ أی فارقهم و هاجرهم إلی الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ولدا وَ یَعْقُوبَ ولد ولد وَ كُلًّا من هذین جَعَلْنا نَبِیًّا یقتدی به فی الدین وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا أی نعمتنا سوی الأولاد و النبوة من نعم الدین و الدنیا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ أی ثناء حسنا فی الناس عَلِیًّا مرتفعا سائرا فی الناس فكل أهل الأدیان یتولون إبراهیم و ذریته و یثنون علیهم و یدعون أنهم علی دینهم و قیل معناه و علینا ذكرهم بأن محمدا و أمته یذكرونهم بالجمیل إلی قیام القیامة بقولهم كما صلیت علی إبراهیم و آل إبراهیم. (2)وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِینَ للنبوة و الرسالة أو حكمنا بكونهم صالحین وَ كانُوا لَنا عابِدِینَ أی مخلصین فی العبادة. (3)وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِیمَ أی و اذكر یا محمد إذ وطأنا لإبراهیم مَكانَ الْبَیْتِ و عرفناه ذلك بما جعلنا له من العلامة قال السدی إن اللّٰه تعالی لما أمره ببناء البیت

ص: 90


1- مجمع البیان 6: 318- 319. م.
2- مجمع البیان 6: 517. م.
3- مجمع البیان 7: 56. م.

لم یدر أین یبنی فبعث اللّٰه ریحا خجوجا (1)فكنست له ما حول الكعبة عن الأساس الأول الذی كان البیت علیه قبل أن یرفع أیام الطوفان.

و قال الكلبی بعث اللّٰه سبحانه علی قدر البیت فیها رأس تتكلم فقامت بحیال الكعبة و قالت یا إبراهیم ابن علی قدری و قیل إن المعنی جعلنا البیت مثواه و مسكنه أَنْ لا تُشْرِكْ بِی شَیْئاً أی أوحینا إلیه أن لا تعبد غیری وَ طَهِّرْ بَیْتِیَ من الشرك و عبادة الأوثان و القائمین أی المقیمین بمكة أو القائمین فی الصلاة

«1»-وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ أی أعلمهم بوجوب الحج و اختلف فی المخاطب به علی قولین أحدهما أنه إبراهیم علیه السلام- عن علی علیه السلام.

و ابن عباس قال قام فی المقام فنادی یا أیها الناس إن اللّٰه دعاكم إلی الحج فأجابوا لبیك اللّٰهم لبیك.

و الثانی أن المخاطب به نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و جمهور المفسرین علی الأول قالوا أسمع اللّٰه صوت إبراهیم كل من سبق علمه بأنه یحج إلی یوم القیامة كما أسمع سلیمان مع ارتفاع منزلته و كثرة جنوده حوله صوت النمل مع خفضه و سكونه و فی روایة عطا عن ابن عباس قال لما أمر اللّٰه إبراهیم أن ینادی فی الناس بالحج صعد أبا قبیس و وضع إصبعیه فی أذنیه و قال یا أیها الناس أجیبوا ربكم فأجابوه بالتلبیة فی أصلاب الرجال و أول من أجابه أهل الیمن. (2)وَ آتَیْناهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیا و هو الذكر الحسن و الولد الصالح أو رضی أهل الأدیان به أو أنه أری مكانه فی الجنة و قیل بقاء ضیافته عند قبره. (3)الْمُكْرَمِینَ عند اللّٰه و قیل أكرمهم إبراهیم فرفع مجالسهم و خدمهم بنفسه و اختلف فی عددهم فقیل كانوا اثنی عشر ملكا و قیل كان جبرئیل و معه سبعة أملاك و قیل كانوا ثلاثة جبرئیل و میكائیل و ملك آخر قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أی قال فی نفسه

ص: 91


1- قال فی النهایة: فی حدیث علیّ علیه السلام و ذكر بناء الكعبة: «فبعث اللّٰه السكینة و هی ریح خجوج فتطوفت بالبیت» هكذا قال الهروی، و فی كتاب القتیبی: فتطوفت موضع البیت كالجحفة، یقال: ریح خجوج أی شدید المرور فی غیر استواء، و أصل الخجّ الشق؛ منه قدّس سرّه.
2- مجمع البیان 7: 80- 81. م.
3- مجمع البیان 8: 280. م.

هؤلاء قوم لا نعرفهم فَراغَ إِلی أَهْلِهِ أی ذهب إلیهم خفیا لئلا یمنعوه من تكلف مأكول فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِینٍ و كان مشویا قال قتادة و كان عامة مال إبراهیم البقر فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً أی فلما امتنعوا من الأكل أوجس منهم خیفة و ظن أنهم یریدون به سوءا قالُوا أی الملائكة بِغُلامٍ عَلِیمٍ أی إسماعیل و قیل هو إسحاق لأنه من سارة و هذه القصة لها فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِی صَرَّةٍ أی فلما سمعت البشارة سارة أقبلت فی صیحة عن ابن عباس و غیره و قیل فی جماعة عن الصادق علیه السلام و قیل فی رنة فَصَكَّتْ وَجْهَها أی جمعت أصابعها فضربت جبینها تعجبا و قیل لطمت وجهها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِیمٌ أی أنا عجوز عاقر فكیف ألد قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ أی كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدین غلاما فلا تشكی فَما خَطْبُكُمْ أی فما شأنكم و لأی أمر جئتم و كأنه قال جئتم لأمر عظیم فما هو (1).

«1»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ طَهِّرا بَیْتِیَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَعْنِی نَحِّ عَنْهُ الْمُشْرِكِینَ وَ قَالَ لَمَّا بَنَی إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الْبَیْتَ وَ حَجَّ النَّاسُ شَكَتِ الْكَعْبَةُ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا یَلْقَی مِنْ أَنْفَاسِ الْمُشْرِكِینَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا قِرِّی كَعْبَةُ فَإِنِّی أَبْعَثُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ قَوْماً یَتَنَظَّفُونَ بِقُضْبَانِ الشَّجَرِ وَ یَتَخَلَّلُونَ قَوْلُهُ وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ فَإِنَّهُ دَعَا إِبْرَاهِیمُ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَ مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ یَا إِبْرَاهِیمُ وَ مَنْ كَفَرَ أَیْضاً أَرْزُقُهُ فَأُمَتِّعُهُ قَلِیلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلی عَذابِ النَّارِ- (2)قَوْلُهُ رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولًا فَإِنَّهُ یَعْنِی مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا دَعْوَةُ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام (3).

«2»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً یَعْنِی مَكَّةَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ فَإِنَّ الْأَصْنَامَ لَمْ تُضِلَّ وَ إِنَّمَا ضَلَّ النَّاسُ بِهَا قَوْلُهُ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ أَیْ مِنْ ثَمَرَاتِ الْقُلُوبِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُونَ یَعْنِی لِكَیْ یَشْكُرُوا.

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ حَنَانٍ عَنْ

ص: 92


1- مجمع البیان 9: 157- 158. م.
2- تفسیر القمّیّ: 50- 51. م.
3- تفسیر القمّیّ: 53. م.

أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ الْآیَةَ قَالَ نَحْنُ وَ اللَّهِ بَقِیَّةُ تِلْكَ الْعِتْرَةِ- (1)قَوْلُهُ رَبَّنَا اغْفِرْ لِی وَ لِوالِدَیَّ قَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ وَ لِوَلَدَیَّ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ (2).

بیان: قال فی مجمع البیان قرأ الحسین بن علی و أبو جعفر محمد بن علی علیهما السلام و الزهری و إبراهیم النخعی وَ لِوَلَدَیَّ و قرأ یحیی بن یعمر و لولدی (3).

«3»-فس، تفسیر القمی فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ یَعْنِی إِبْرَاهِیمَ وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا یَعْنِی لِإِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ مِنْ رَحْمَتِنا یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِیًّا یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام- حَدَّثَنِی بِذَلِكَ أَبِی عَنِ الْإِمَامِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام (4).

«4»-فس، تفسیر القمی نافِلَةً قَالَ وَلَدُ وَلَدٍ قَوْلُهُ فِی صَرَّةٍ أَیْ فِی جَمَاعَةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها أَیْ غَطَّتْهُ بِمَا بَشَّرَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِإِسْحَاقَ وَ قالَتْ إِنِّی عَجُوزٌ عَقِیمٌ أَیْ لَا تَلِدُ (5).

«5»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ كُلْثُومِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْحَرَّانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ یَحُجَّ وَ یَحُجَّ بِإِسْمَاعِیلَ مَعَهُ وَ یُسْكِنَهُ الْحَرَمَ قَالَ فَحَجَّا عَلَی جَمَلٍ أَحْمَرَ مَا مَعَهُمَا إِلَّا جَبْرَئِیلُ فَلَمَّا بَلَغَا الْحَرَمَ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَا إِبْرَاهِیمُ انْزِلَا فَاغْتَسِلَا قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا الْحَرَمَ فَنَزَلَا وَ اغْتَسَلَا وَ أَرَاهُمَا كَیْفَ تَهَیَّئَا لِلْإِحْرَامِ (6)فَفَعَلَا ثُمَّ أَمَرَهُمَا فَأَهَلَّا بِالْحَجِّ وَ أَمَرَهُمَا بِالتَّلْبِیَةِ الْأَرْبَعِ الَّتِی لَبَّی بِهَا الْمُرْسَلُونَ ثُمَّ سَارَ بِهِمَا حَتَّی أَتَی بِهِمَا بَابَ الصَّفَا فَنَزَلَا عَنِ الْبَعِیرِ وَ قَامَ جَبْرَئِیلُ بَیْنَهُمَا فَاسْتَقْبَلَ الْبَیْتَ فَكَبَّرَ وَ كَبَّرَا وَ حَمَّدَ اللَّهَ وَ حَمَّدَا وَ مَجَّدَ اللَّهَ وَ مَجَّدَا وَ أَثْنَی عَلَیْهِ فَفَعَلَا مِثْلَ مَا فَعَلَ وَ تَقَدَّمَ جَبْرَئِیلُ وَ تَقَدَّمَا یُثْنُونَ عَلَی اللَّهِ وَ یُمَجِّدُونَهُ (7)حَتَّی انْتَهَی

ص: 93


1- تفسیر القمّیّ: 347. م.
2- تفسیر القمّیّ: 347- 348. م.
3- مجمع البیان 6: 317. م.
4- تفسیر القمّیّ: 411. م.
5- تفسیر القمّیّ: 448. م.
6- فی الكافی: كیف یتهیئان.
7- فی الكافی: فكبر اللّٰه و كبرا و هلل اللّٰه و هللا و حمد اللّٰه إه و فیه: یتهیئان علی اللّٰه و یمجدانه.

بِهِمَا إِلَی مَوْضِعِ الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام الْحَجَرَ وَ أَمَرَهُمَا أَنْ یَسْتَلِمَا وَ طَافَ بِهِمَا أُسْبُوعاً ثُمَّ قَامَ بِهِمَا فِی مَوْضِعِ مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَ صَلَّیَا ثُمَّ أَرَاهُمَا الْمَنَاسِكَ وَ مَا یَعْمَلَانِهِ فَلَمَّا قَضَیَا نُسُكَهُمَا (1)أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ بِالانْصِرَافِ وَ أَقَامَ إِسْمَاعِیلَ وَحْدَهُ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَیْرُهُ- (2)فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَبْلِ قَابِلٍ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِإِبْرَاهِیمَ فِی الْحَجِّ وَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَحُجُّ إِلَیْهِ وَ كَانَ رَدْماً (3)إِلَّا أَنَّ قَوَاعِدَهُ مَعْرُوفَةٌ فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ جَمَعَ إِسْمَاعِیلُ الْحِجَارَةَ وَ طَرَحَهَا فِی جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَلَمَّا أَنْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْبِنَاءِ قَدِمَ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ قَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَكَشَفَا عَنْهَا فَإِذَا هُوَ حَجَرٌ وَاحِدٌ أَحْمَرُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ ضَعْ بِنَاءَهَا عَلَیْهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ یَجْمَعُونَ لَهُ الْحِجَارَةَ فَصَارَ إِبْرَاهِیمُ (4)وَ إِسْمَاعِیلُ یَضَعَانِ الْحِجَارَةَ وَ الْمَلَائِكَةُ تُنَاوِلُهُمَا حَتَّی تَمَّتِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعاً وَ هَیَّئَا لَهُ بَاباً یُدْخَلُ مِنْهُ (5)وَ بَاباً یُخْرَجُ مِنْهُ وَ وَضَعَ عَلَیْهِ (6)عَتَبَةً وَ شَرِیجاً مِنْ حَدِیدٍ عَلَی أَبْوَابِهِ وَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ عُرْیَانَةً (7)فَلَمَّا وَرَدَ عَلَیْهِ النَّاسُ أَتَی امْرَأَةً مِنْ حِمْیَرٍ أَعْجَبَتْهُ جَمَالُهَا (8)فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَوِّجَهَا إِیَّاهُ وَ كَانَ لَهَا بَعْلٌ- (9)فَقَضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی بَعْلِهَا الْمَوْتَ فَأَقَامَتْ بِمَكَّةَ حُزْناً عَلَی بَعْلِهَا فَأَسْلَی اللَّهُ (10)عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ عَنْهَا وَ زَوَّجَهَا إِسْمَاعِیلَ وَ قَدِمَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام لِلْحَجِّ وَ كَانَتِ امْرَأَةً مُوَافِقَةً (11)

ص: 94


1- فی الكافی: و ما یعملان به، فلما قضیا مناسكهما.
2- فی الكافی: ما معه أحد غیر أمه؛ و هو الصحیح.
3- فی الكافی: و إنّما كان ردما. و الردم: ما یسقط من الحائط المتهدم.
4- فی الكافی: یجمعون إلیه الحجارة، فكان إبراهیم اه.
5- فی الكافی: و هیئا له بابین: باب یدخل منه اه.
6- فی الكافی: و وضعا علیه عتبة و شریجا، و فی نسخة: و شرجا. العتبة: اسكفة الباب أی خشبة الباب التی یوطأ علیه. الشرج: العری.
7- فی الكافی: هنا زیادة و هی هكذا: فصدر إبراهیم و قد سوی البیت و أقام إسماعیل.
8- فی الكافی: نظر إلی امرأة من حمیر أعجبه جمالها.
9- فی الكافی: و هو علیه السلام لم یعلم أن لها زوجا.
10- أسلاه عن همه: كشفه عنه.
11- فی الكافی: موفقة، أی وصلت الی الكمال فی قلیل من السن.

وَ خَرَجَ إِسْمَاعِیلُ إِلَی الطَّائِفِ یَمْتَارُ لِأَهْلِهِ طَعَاماً- (1)فَنَظَرَتْ إِلَی شَیْخٍ شَعِثٍ فَسَأَلَهَا عَنْ حَالِهِمْ فَأَخْبَرَتْهُ بِحُسْنِ حَالِهِمْ وَ سَأَلَهَا عَنْهُ خَاصَّةً فَأَخْبَرَتْهُ بِحُسْنِ حَالِهِ (2)وَ سَأَلَهَا مِمَّنْ أَنْتِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حِمْیَرٍ فَسَارَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ لَمْ یَلْقَ إِسْمَاعِیلَ وَ قَدْ كَتَبَ إِبْرَاهِیمُ كِتَاباً فَقَالَ ادْفَعِی هَذَا الْكِتَابَ إِلَی بَعْلِكِ إِذَا أَتَی إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِمَ عَلَیْهَا إِسْمَاعِیلُ علیه السلام فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ وَ قَالَ أَ تَدْرِینَ مَنْ ذَلِكِ الشَّیْخُ فَقَالَتْ لَقَدْ رَأَیْتُهُ جَمِیلًا فِیهِ مُشَابَهَةٌ مِنْكَ قَالَ ذَاكِ أَبِی فَقَالَتْ یَا سَوْأَتَاهْ مِنْهُ (3)قَالَ وَ لِمَ نَظَرَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ مَحَاسِنِكِ قَالَتْ لَا وَ لَكِنْ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ قَصَّرْتُ وَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَ كَانَتْ عَاقِلَةً فَهَلَّا نُعَلِّقُ عَلَی هَذَیْنِ الْبَابَیْنِ سِتْرَیْنِ- (4)سِتْراً مِنْ هَاهُنَا وَ سِتْراً مِنْ هَاهُنَا قَالَ نَعَمْ فَعَمِلَا لَهُ سِتْرَیْنِ طُولُهُمَا اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعاً فَعَلَّقَهُمَا عَلَی الْبَابَیْنِ فَأَعْجَبَهَا ذَلِكَ- (5)فَقَالَتْ فَهَلَّا أَحُوكُ لِلْكَعْبَةِ ثِیَاباً وَ نَسْتُرُهَا كُلَّهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْجَارَ سَمِجَةٌ فَقَالَ لَهَا إِسْمَاعِیلُ بَلَی فَأَسْرَعَتْ فِی ذَلِكَ وَ بَعَثَتْ إِلَی قَوْمِهَا بِصُوفٍ كَثِیرٍ تَسْتَغْزِلُ بِهِنَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ إِنَّمَا وَقَعَ اسْتِغْزَالُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ مِنْ بَعْضٍ لِذَاكَ قَالَ فَأَسْرَعَتْ وَ اسْتَعَانَتْ فِی ذَلِكَ فَكُلَّمَا فَرَغَتْ مِنْ شِقَّةٍ عَلَّقَتْهَا فَجَاءَ الْمَوْسِمُ وَ قَدْ بَقِیَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْكَعْبَةِ فَقَالَتْ لِإِسْمَاعِیلَ علیه السلام كَیْفَ نَصْنَعُ بِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِی لَمْ نُدْرِكْهُ بِكِسْوَةٍ فَنَكْسُوهُ خَصَفاً (6)فَجَاءَ الْمَوْسِمُ فَجَاءَتْهُ الْعَرَبُ عَلَی حَالِ مَا كَانَتْ تَأْتِیهِ فَنَظَرُوا إِلَی أَمْرٍ فَأَعْجَبَهُمْ فَقَالُوا یَنْبَغِی لِعَامِرِ (7)هَذَا الْبَیْتِ أَنْ یُهْدَی إِلَیْهِ فَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْهَدْیُ فَأَتَی كُلُّ فَخِذٍ (8)مِنَ الْعَرَبِ بِشَیْ ءٍ تَحْمِلُهُ مِنْ وَرِقٍ وَ مِنْ أَشْیَاءَ غَیْرِ ذَلِكَ حَتَّی اجْتَمَعَ شَیْ ءٌ كَثِیرٌ فَنَزَعُوا ذَلِكَ الْخَصَفَ وَ أَتَمُّوا كِسْوَةَ الْبَیْتِ وَ عَلَّقُوا عَلَیْهَا بَابَیْنِ وَ كَانَتِ

ص: 95


1- أی یجمع لهم طعاما.
2- فی الكافی: فاخبرته بحسن الدین.
3- فی الكافی: قال: ذاك إبراهیم فقالت: وا سوأتاه.
4- فی الكافی: فعملا لهما سترین.
5- فی الكافی: فاعجبهما.
6- فی الكافی: لم تدركه الكسوة فكسوه خصفا. قلت: الخصف: الجلة التی یكنز فیه التمر.
7- فی الكافی: «لعامل» و كذا فیما یأتی.
8- الفخذ: هو ما انقسم فیه أنساب البطن كبنی هاشم و بنی أمیّة.

الْكَعْبَةُ لَیْسَتْ بِمُسَقَّفَةٍ فَوَضَعَ إِسْمَاعِیلُ عَلَیْهَا أَعْمِدَةً (1)مِثْلَ هَذِهِ الْأَعْمِدَةِ الَّتِی تَرَوْنَ مِنْ خَشَبٍ فَسَقَّفَهَا إِسْمَاعِیلُ بِالْجَرَائِدِ وَ سَوَّاهَا بِالطِّینِ فَجَاءَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْحَوْلِ فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ وَ رَأَوْا عِمَارَتَهَا فَقَالُوا یَنْبَغِی لِعَامِرِ هَذَا الْبَیْتِ أَنْ یُزَادَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ جَاءَهُ الْهَدْیُ فَلَمْ یَدْرِ إِسْمَاعِیلُ كَیْفَ یَصْنَعُ بِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنِ انْحَرْهُ وَ أَطْعِمْهُ الْحَاجَّ قَالَ وَ شَكَا إِسْمَاعِیلُ قِلَّةَ الْمَاءِ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنِ احْتَفِرْ بِئْراً یَكُونُ فِیهَا شِرْبُ الْحَاجِّ (2)فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَاحْتَفَرَ قَلِیبَهُمْ یَعْنِی زَمْزَمَ حَتَّی ظَهَرَ مَاؤُهَا ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ انْزِلْ یَا إِبْرَاهِیمُ فَنَزَلَ بَعْدُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ اضْرِبْ یَا إِبْرَاهِیمُ فِی أَرْبَعِ زَوَایَا الْبِئْرِ وَ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ قَالَ فَضَرَبَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی الزَّاوِیَةِ الَّتِی تَلِی الْبَیْتَ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَانْفَجَرَتْ عَیْناً (3)ثُمَّ ضَرَبَ فِی الْأُخْرَی (4)وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَانْفَجَرَتْ عَیْناً ثُمَّ ضَرَبَ فِی الثَّالِثَةِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَانْفَجَرَتْ عَیْناً ثُمَّ ضَرَبَ فِی الرَّابِعَةِ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَانْفَجَرَتْ عَیْناً فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام اشْرَبْ یَا إِبْرَاهِیمُ وَ ادْعُ لِوُلْدِكَ فِیهَا بِالْبَرَكَةِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ جَبْرَئِیلُ جَمِیعاً مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لَهُ أَفِضْ عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ وَ طُفْ حَوْلَ الْبَیْتِ فَهَذِهِ سُقْیَا سَقَاهَا اللَّهُ وَلَدَكَ إِسْمَاعِیلَ وَ سَارَ إِبْرَاهِیمُ وَ شَیَّعَهُ إِسْمَاعِیلُ حَتَّی خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ فَذَهَبَ إِبْرَاهِیمُ وَ رَجَعَ إِسْمَاعِیلُ إِلَی الْحَرَمِ فَرَزَقَهُ اللَّهُ مِنَ الْحِمْیَرِیَّةِ وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ عَقِبٌ قَالَ وَ تَزَوَّجَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام مِنْ بَعْدِهَا أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَوُلِدَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةُ غِلْمَانٍ وَ قَضَی اللَّهُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ الْمَوْتَ فَلَمْ یَرَهُ إِسْمَاعِیلُ وَ لَمْ یَخْبُرْ بِمَوْتِهِ حَتَّی كَانَ أَیَّامُ الْمَوْسِمِ وَ تَهَیَّأَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام لِأَبِیهِ إِبْرَاهِیمَ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَعَزَّاهُ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا إِسْمَاعِیلُ لَا تَقُولُ فِی مَوْتِ أَبِیكَ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ وَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ عَبْداً دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَاحِقٌ بِأَبِیهِ وَ كَانَ لِإِسْمَاعِیلَ ابْنٌ صَغِیرٌ یُحِبُّهُ وَ كَانَ هَوَی إِسْمَاعِیلَ فِیهِ فَأَبَی اللَّهُ عَلَیْهِ ذَلِكَ فَقَالَ یَا إِسْمَاعِیلُ هُوَ فُلَانٌ قَالَ فَلَمَّا قَضَی الْمَوْتَ

ص: 96


1- فی الكافی: فیها أعمدة.
2- فی الكافی: یكون منها شراب الحاجّ.
3- فی الكافی: عین و كذا فیما یأتی بعده.
4- فی الكافی: فی الثانیة.

عَلَی إِسْمَاعِیلَ دَعَا وَصِیَّهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِذَا حَضَرَكَ الْمَوْتُ فَافْعَلْ كَمَا فَعَلْتُ فَمِنْ ذَلِكَ لَیْسَ یَمُوتُ إِمَامٌ إِلَّا أَخْبَرَهُ اللَّهُ إِلَی مَنْ یُوصِی (1).

بیان: رواه فی الكافی عن محمد بن یحیی و أحمد بن إدریس عن عیسی بن محمد بن أیوب (2)عن علی بن مهزیار عن الحسین بن سعید عن علی بن منصور إلی قوله و رجع إسماعیل إلی الحرم (3).

و شریجا من حدید فی بعض النسخ هنا و فی الكافی شرجا و قال الفیروزآبادی الشرج محركة العری أی علق علیه عری و حلقا و الشریج لعله مصغر و حمیر (4)قبیلة من الیمن و الفخذ ككتف حی الرجل إذا كان من أقرب عشیرته فقال یا إسماعیل هو فلان أی أوحی اللّٰه إلیه أن وصیك و خلیفتك فلان مشیرا إلی غیر من كان یهواه.

«6»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام كَانَ نَازِلًا فِی بَادِیَةِ الشَّامِ فَلَمَّا وُلِدَ لَهُ مِنْ هَاجَرَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام اغْتَمَّتْ سَارَةُ مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَ كَانَتْ تُؤْذِی إِبْرَاهِیمَ فِی هَاجَرَ فَتَغُمُّهُ فَشَكَا إِبْرَاهِیمُ ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ إِنَّمَا مَثَلُ الْمَرْأَةِ مَثَلُ الضِّلْعِ الْعَوْجَاءِ إِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَ إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یُخْرِجَ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام وَ أُمَّهُ عَنْهَا فَقَالَ یَا رَبِّ إِلَی أَیِّ مَكَانٍ قَالَ إِلَی حَرَمِی وَ أَمْنِی وَ أَوَّلِ بُقْعَةٍ خَلَقْتُهَا مِنَ الْأَرْضِ وَ هِیَ مَكَّةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلَ بِالْبُرَاقِ فَحَمَلَ هَاجَرَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ لَا یَمُرُّ بِمَوْضِعٍ حَسَنٍ فِیهِ شَجَرٌ وَ نَخْلٌ وَ زَرْعٌ إِلَّا وَ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ إِلَی هَاهُنَا إِلَی هَاهُنَا فَیَقُولُ جَبْرَئِیلُ لَا امْضِ امْضِ حَتَّی وَافَی بِهِ مَكَّةَ فَوَضَعَهُ فِی مَوْضِعِ الْبَیْتِ وَ قَدْ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام عَاهَدَ سَارَةَ أَنْ لَا یَنْزِلَ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْهَا فَلَمَّا نَزَلُوا فِی ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ فِیهِ شَجَرٌ فَأَلْقَتْ هَاجَرُ عَلَی ذَلِكَ الشَّجَرِ كِسَاءً كَانَ مَعَهَا فَاسْتَظَلُّوا تَحْتَهُ فَلَمَّا سَرَحَهُمْ

ص: 97


1- علل الشرائع: 195- 196. م.
2- فی المصدر: عیسی بن محمّد بن أبی أیوب.
3- فروع الكافی 1: 220- 221 م.
4- حمیر كدرهم: بطن عظیم من القحطانیة ینتسب الی الحمیر بن سبا بن یشجب بن یعرب بن قحطان، و اسم حمیر العرفج.

إِبْرَاهِیمُ وَ وَضَعَهُمْ وَ أَرَادَ الِانْصِرَافَ عَنْهُمْ إِلَی سَارَةَ (1)قَالَتْ لَهُ هَاجَرُ یَا إِبْرَاهِیمُ لِمَ تَدَعُنَا (2)فِی مَوْضِعٍ لَیْسَ فِیهِ أَنِیسٌ وَ لَا مَاءٌ وَ لَا زَرْعٌ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ الَّذِی أَمَرَنِی أَنْ أَضَعَكُمْ فِی هَذَا الْمَكَانِ هُوَ یَكْفِیكُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ (3)فَلَمَّا بَلَغَ كُدًی (4)وَ هُوَ جَبَلٌ بِذِی طُوًی الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ (5)إِبْرَاهِیمُ رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُونَ ثُمَّ مَضَی وَ بَقِیَتْ هَاجَرُ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ عَطِشَ إِسْمَاعِیلُ وَ طَلَبَ الْمَاءَ فَقَامَتْ هَاجَرُ فِی الْوَادِی فِی مَوْضِعِ الْمَسْعَی فَنَادَتْ هَلْ فِی الْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ فَغَابَ إِسْمَاعِیلُ عَنْهَا فَصَعِدَتْ عَلَی الصَّفَا وَ لَمَعَ لَهَا السَّرَابُ فِی الْوَادِی وَ ظَنَّتْ أَنَّهُ مَاءٌ فَنَزَلَتْ فِی بَطْنِ الْوَادِی وَ سَعَتْ فَلَمَّا بَلَغَتِ الْمَسْعَی غَابَ عَنْهَا إِسْمَاعِیلُ ثُمَّ لَمَعَ لَهَا السَّرَابُ فِی نَاحِیَةِ الصَّفَا فَهَبَطَتْ إِلَی الْوَادِی تَطْلُبُ (6)الْمَاءَ فَلَمَّا غَابَ عَنْهَا إِسْمَاعِیلُ عَادَتْ حَتَّی بَلَغَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ حَتَّی فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا كَانَ فِی الشَّوْطِ السَّابِعِ وَ هِیَ عَلَی الْمَرْوَةِ نَظَرَتْ إِلَی إِسْمَاعِیلَ وَ قَدْ ظَهَرَ الْمَاءُ مِنْ تَحْتِ رِجْلَیْهِ فَعَدَتْ (7)حَتَّی جَمَعَتْ حَوْلَهُ رَمْلًا فَإِنَّهُ كَانَ سَائِلًا فَزَمَّتْهُ بِمَا جَعَلَتْهُ حَوْلَهُ (8)فَلِذَلِكَ سُمِّیَتْ زَمْزَمَ وَ كَانَ جُرْهُمُ نَازِلَةً بِذِی الْمَجَازِ وَ عَرَفَاتٍ فَلَمَّا ظَهَرَ الْمَاءُ بِمَكَّةَ عَكَفَتِ الطَّیْرُ (9)وَ الْوَحْشُ عَلَی الْمَاءِ فَنَظَرَتْ جُرْهُمُ إِلَی تَعَكُّفِ الطَّیْرِ عَلَی ذَلِكَ الْمَكَانِ وَ اتَّبَعُوهَا حَتَّی نَظَرُوا إِلَی امْرَأَةٍ وَ صَبِیٍّ نَازِلَیْنِ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَدِ اسْتَظَلَّا

ص: 98


1- فی نسخة: فلما سرح بهما و وضعهما و أراد الانصراف عنهما إلی سارة.
2- فی نسخة: بم تدعنا؟.
3- فی نسخة: الذی أمرنی أن أضعكم فی هذا المكان حاضر علیكم ثمّ انصرف عنهما.
4- قال الفیروزآبادی: كداء كسماء: اسم لعرفات و جبل بأعلی مكّة، دخل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم مكّة منه. و كسمی: جبل بأسفلها و خرج منه. و جبل آخر بقرب عرفة. و كقری: جبل مسفلة مكّة علی طریق الیمن.
5- فی نسخة: التفت إلیهما.
6- فی المصدر: وسعت تطلب. م.
7- فی المصدر: قعدت. و فی نسخة: فعمدت.
8- فی نسخة: فزمته بما جمعت حوله.
9- فی نسخة: فنظرت جرهم إلی انعطاف الطیر و الوحش.

بِشَجَرَةٍ وَ قَدْ ظَهَرَ الْمَاءُ لَهُمَا فَقَالُوا لِهَاجَرَ مَنْ أَنْتِ وَ مَا شَأْنُكِ وَ شَأْنُ هَذَا الصَّبِیِّ قَالَتْ أَنَا أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ وَ هَذَا ابْنُهُ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یُنْزِلَنَا هَاهُنَا فَقَالُوا لَهَا فَتَأْذَنِینَ لَنَا أَنْ نَكُونَ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ- (1)قَالَتْ لَهُمْ حَتَّی یَأْتِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَلَمَّا زَارَهُمْ إِبْرَاهِیمُ یَوْمَ الثَّالِثِ قَالَتْ هَاجَرُ یَا خَلِیلَ اللَّهِ إِنَّ هَاهُنَا قَوْماً مِنْ جُرْهُمَ یَسْأَلُونَكَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُمْ حَتَّی یَكُونُوا بِالْقُرْبِ مِنَّا أَ فَتَأْذَنُ لَهُمْ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ نَعَمْ فَأَذِنَتْ هَاجَرُ لِجُرْهُمَ فَنَزَلُوا بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ وَ ضَرَبُوا خِیَامَهُمْ- (2)فَأَنِسَتْ هَاجَرُ وَ إِسْمَاعِیلُ بِهِمْ فَلَمَّا زَارَهُمْ إِبْرَاهِیمُ فِی الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ نَظَرَ إِلَی كَثْرَةِ النَّاسِ حَوْلَهُمْ فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُوراً شَدِیداً فَلَمَّا تَرَعْرَعَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام (3) وَ كَانَتْ جُرْهُمُ قَدْ وَهَبُوا لِإِسْمَاعِیلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً وَ شَاتَیْنِ وَ كَانَتْ هَاجَرُ وَ إِسْمَاعِیلُ یَعِیشَانِ بِهَا فَلَمَّا بَلَغَ إِسْمَاعِیلُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ أَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ یَبْنِیَ الْبَیْتَ فَقَالَ یَا رَبِّ فِی أَیَّةِ بُقْعَةٍ (4)قَالَ فِی الْبُقْعَةِ الَّتِی أَنْزَلْتُ عَلَی آدَمَ الْقُبَّةَ فَأَضَاءَ لَهَا الْحَرَمُ فَلَمْ تَزَلِ الْقُبَّةُ الَّتِی أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَی آدَمَ قَائِمَةً حَتَّی كَانَ أَیَّامُ الطُّوفَانِ أَیَّامُ نُوحٍ علیه السلام فَلَمَّا غَرِقَتِ الدُّنْیَا رَفَعَ اللَّهُ تِلْكَ الْقُبَّةَ وَ غَرِقَتِ الدُّنْیَا إِلَّا مَوْضِعَ الْبَیْتِ فَسُمِّیَتِ الْبَیْتَ الْعَتِیقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ أَنْ یَبْنِیَ الْبَیْتَ لَمْ یَدْرِ فِی أَیِّ مَكَانٍ یَبْنِیهِ فَبَعَثَ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَخَطَّ لَهُ مَوْضِعَ الْبَیْتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ الْحَجَرُ الَّذِی أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَی آدَمَ أَشَدَّ بَیَاضاً مِنَ الثَّلْجِ فَلَمَّا مَسَّتْهُ أَیْدِی الْكُفَّارِ اسْوَدَّ فَبَنَی إِبْرَاهِیمُ الْبَیْتَ وَ نَقَلَ إِسْمَاعِیلُ الْحَجَرَ مِنْ ذِی طُوًی فَرَفَعَهُ فِی السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ ثُمَّ دَلَّهُ عَلَی مَوْضِعِ الْحَجَرِ (5)فَاسْتَخْرَجَهُ إِبْرَاهِیمُ وَ وَضَعَهُ فِی مَوْضِعِهِ الَّذِی هُوَ فِیهِ الْآنَ وَ جَعَلَ (6)لَهُ بَابَیْنِ بَاباً إِلَی الْمَشْرِقِ وَ بَاباً إِلَی الْمَغْرِبِ وَ الْبَابُ الَّذِی إِلَی الْمَغْرِبِ یُسَمَّی الْمُسْتَجَارَ ثُمَّ أَلْقَی عَلَیْهِ

ص: 99


1- فی نسخة: بالقرب منكما. و فی أخری: منكن. و كذا بعد ذلك: فلما زارهما. و فی أخری: زارها.
2- فی نسخة: و ضربوا خباهم.
3- فی المصدر و فی نسخة: فلما تحرك إسماعیل.
4- فی نسخة: فی أی بقعة.
5- فی نسخة: ثم دل علی موضع الحجر.
6- فی نسخة: فلما بنی جعل اه.

الشَّجَرَ وَ الْإِذْخِرَ وَ عَلَّقَتْ هَاجَرُ عَلَی بَابِهِ كِسَاءً كَانَ مَعَهَا وَ كَانُوا یَكُونُونَ تَحْتَهُ (1)فَلَمَّا بَنَاهُ وَ فَرَغَ مِنْهُ حَجَّ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ نَزَلَ عَلَیْهِمَا جَبْرَئِیلُ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ لِثَمَانٍ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ قُمْ فَارْتَوِ مِنَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ بِمِنًی وَ عَرَفَاتٍ مَاءٌ فَسُمِّیَتِ التَّرْوِیَةَ لِذَلِكَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَی مِنًی فَبَاتَ بِهَا فَفُعِلَ بِهِ مَا فُعِلَ بِآدَمَ علیه السلام فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَیْتِ (2)رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ قَالَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْقُلُوبِ أَیْ حَبِّبْهُمْ إِلَی النَّاسِ لِیَنْتَابُوا إِلَیْهِمْ وَ یَعُودُوا إِلَیْهِ(3).

بیان: قوله علیه السلام فزمته قال الفیروزآبادی زمه فأزم شده و القربة ملأها و ماء زمزم كجعفر و علابط كثیر.

أقول قوله فلذلك سمیت یحتمل أن یكون مبنیا علی أن زمزم یكون بمعنی الحبس و المنع (4)أو الماء الممنوع من الجریان و إن لم یذكره اللغویون و یحتمل أن یكون المراد أنها لكثرتها و سیلانها قبل الزم سمیت زمزم أو أنها لما منعت من السیلان و احتبست كثرت فی مكان واحد فلذلك سمیت به.

و قال الفیروزآبادی جرهم (5)كقنفذ حی من الیمن تزوج فیهم إسماعیل علیه السلام و قال ترعرع الصبی تحرك و نشأ و الضمیر فی قوله إلیه راجع إلی البیت.

«7»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَزَعَةَ (6)قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ مَنْ قِبَلَنَا

ص: 100


1- فی نسخة: و كانوا یكنون تحته. و فی نسخة: یكبون تحته.
2- فی نسخة: لما فرغ من بناء البیت و الحجّ.
3- تفسیر القمّیّ: 51- 53. و فی نسخة: لیعودوا الیهم.
4- بل من زمزمه بمعنی جمعه و ردّ اطراف ما انتشر منه.
5- جرهم: بطن من القحطانیة كانت منازلهم أولا الیمن؟ فلما ملك یعرب بن قحطان الیمن ولی أخاه جرهما الحجاز فاستولی علیه و ملكه. ثم ملك بعده ابناؤه و لم یزالوا بمكّة إلی أن نزل إسماعیل مكّة فنزلوا علیه فتزوج منهم و تكلم بلهجتهم، و قیل: إنّما نزلت جرهم الحجاز مع بنی قطور من العمالقة لقحط أصاب الیمن ثمّ غلب جرهم العمالقة علی مكّة و ملكوا أمرها.
6- فی نسخة: محمّد بن عرفة.

یَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلَ الرَّحْمَنِ علیه السلام خَتَنَ نَفْسَهُ بِقَدُومٍ عَلَی دَنٍّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَیْسَ كَمَا یَقُولُونَ كَذَبُوا عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ صِفْ لِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام كَانَتْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ غُلُفُهُمْ مَعَ سُرَرِهِمْ یَوْمَ السَّابِعِ (1)فَلَمَّا وُلِدَ لِإِبْرَاهِیمَ إِسْمَاعِیلُ مِنْ هَاجَرَ (2)عَیَّرَتْهَا سَارَةُ بِمَا تُعَیَّرُ بِهِ الْإِمَاءُ قَالَ فَبَكَتْ هَاجَرُ وَ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَیْهَا فَلَمَّا رَآهَا إِسْمَاعِیلُ تَبْكِی بَكَی لِبُكَائِهَا قَالَ فَدَخَلَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَقَالَ مَا یُبْكِیكَ یَا إِسْمَاعِیلُ فَقَالَ إِنَّ سَارَةَ عَیَّرَتْ أُمِّی بِكَذَا وَ كَذَا فَبَكَتْ فَبَكَیْتُ لِبُكَائِهَا فَقَامَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَی مُصَلَّاهُ فَنَاجَی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ وَ سَأَلَهُ أَنْ یُلْقِیَ ذَلِكَ عَنْ هَاجَرَ قَالَ فَأَلْقَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا فَلَمَّا وَلَدَتْ سَارَةُ إِسْحَاقَ وَ كَانَ یَوْمُ السَّابِعِ (3)سَقَطَتْ مِنْ إِسْحَاقَ سُرَّتُهُ وَ لَمْ تَسْقُطُ غُلْفَتُهُ قَالَ فَجَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ سَارَةُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ مَا هَذَا الْحَادِثُ الَّذِی قَدْ حَدَثَ فِی آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ هَذَا ابْنُكَ إِسْحَاقُ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ سُرَّتُهُ وَ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ غُلْفَتُهُ فَقَامَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَی مُصَلَّاهُ فَنَاجَی فِیهِ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ یَا رَبِّ مَا هَذَا الْحَادِثُ الَّذِی قَدْ حَدَثَ فِی آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ هَذَا إِسْحَاقُ ابْنِی قَدْ سَقَطَتْ سُرَّتُهُ وَ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ غُلْفَتُهُ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَا إِبْرَاهِیمُ هَذَا لِمَا عَیَّرَتْ سَارَةُ هَاجَرَ فَآلَیْتُ أَنْ لَا أُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ بَعْدَ تَعْیِیرِهَا لِهَاجَرَ فَاخْتِنْ إِسْحَاقَ بِالْحَدِیدِ (4)وَ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِیدِ قَالَ فَخَتَنَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِسْحَاقَ بِحَدِیدٍ فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِالْخِتَانِ فِی النَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ (5).

سن، المحاسن أبی عن ابن محبوب عن محمد بن قزعة مثله (6)بیان قال الجزری إن زوج فریعة قتل بطرف القدوم و هو بالتخفیف و التشدید

ص: 101


1- فی المحاسن: الیوم السابع.
2- هنا زیادة فی المحاسن و هی هكذا: سقطت عنه غلفته مع سرته و عیرت بعد ذلك سارة هاجر بما تعیر.
3- فی المحاسن: الیوم السابع.
4- فی المصدر: فاختن إسحاق و اذقه اه. م.
5- علل الشرائع: 171- 172، و فیه و فی بعض النسخ: فجرت السنة فی إسحاق بعد ذلك.
6- محاسن البرقی: 300- 301. م.

موضع علی ستة أمیال من المدینة و منه الحدیث أن إبراهیم علیه السلام اختتن بالقدوم قیل هی قریة بالشام و یروی بغیر ألف و لام و قیل القدوم بالتخفیف و التشدید قدوم النجار و قال الفیروزآبادی الدن الراقود العظیم و أطول من الحب أو أصغر منه له عسعس لا یقعد إلا أن یحفر له.

أقول لعل المراد بما تعیر به الإماء سواد لونهن فصیرها اللّٰه بیضاء أو النتن الذی قد ینسب إلی الإماء فصیرها اللّٰه عطرا أو المملوكیة و دناءة النسب فالمراد بإلقاء ذلك عنها صرف همة سارة عن أذاها أو تكریمها و تشریفها بولدها أو بالخفض التی صنعت بها فجعله اللّٰه سنة و ذهب عاره.

«8»-ب، قرب الإسناد أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ الْجِمَارَ إِنَّمَا رُمِیَتْ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام (1)حِینَ أَرَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام الْمَشَاعِرَ بَرَزَ لَهُ إِبْلِیسُ فَأَمَرَهُ جَبْرَئِیلُ أَنْ یَرْمِیَهُ فَرَمَاهُ (2)بِسَبْعِ حَصَیَاتٍ فَدَخَلَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَی تَحْتَ الْأَرْضِ فَأَمْسَكَ ثُمَّ إِنَّهُ بَرَزَ لَهُ عِنْدَ الثَّانِیَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَیَاتٍ أُخَرَ فَدَخَلَ تَحْتَ الْأَرْضِ فِی مَوْضِعِ الثَّانِیَةِ ثُمَّ بَرَزَ لَهُ فِی مَوْضِعِ الثَّالِثَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَیَاتٍ فَدَخَلَ مَوْضِعَهَا (3).

«9»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَیُّ شَیْ ءٍ السَّكِینَةُ عِنْدَكُمْ فَلَمْ یَدْرِ الْقَوْمُ مَا هِیَ فَقَالُوا جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ مَا هِیَ قَالَ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ طَیِّبَةٌ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ تَكُونُ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ هِیَ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حِینَ بَنَی الْكَعْبَةَ فَجَعَلَتْ تَأْخُذُ كَذَا وَ كَذَا وَ یَبْنِی الْأَسَاسَ عَلَیْهَا (4).

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عنه علیه السلام مثله (5)- علی عن أبیه عن ابن أسباط مثله (6).

ص: 102


1- فی المصدر: لان جبرئیل اه. م.
2- فی نسخة: فرمی.
3- قرب الإسناد: 68- 69. م.
4- عیون الأخبار: 173. م.
5- فروع الكافی 1: 221. و فیه: فبنی الاساس علیها. م.
6- فروع الكافی 1: 221. م.

«10»-ب، قرب الإسناد ابْنُ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا السَّكِینَةُ قَالَ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ وَ رَائِحَةٌ طَیِّبَةٌ وَ هِیَ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَأَقْبَلَتْ تَدُورُ حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَیْتِ وَ هُوَ یَضَعُ الْأَسَاطِینَ الْخَبَرَ (1).

«11»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ قَالَ حَاضَتْ (2).

«12»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً قَالَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةٌ (3).

بیان: قال الرازی اعلم أن النافلة عطیة خاصة و كذلك النفل و یسمی الرجل الكثیر العطاء نوفلا ثم للمفسرین هاهنا قولان الأول أنه هاهنا مصدر من وَهَبْنا لَهُ من غیر لفظه و لا فرق بین ذلك و بین قوله و وهبنا له هبة أی وهبنا له عطیة و فضلا من غیر أن یكون جزاء مستحقا و هذا قول مجاهد و عطا.

و الثانی و هو قول أبی بن كعب و ابن عباس و قتادة و الفراء و الزجاج إن إبراهیم لما سأل اللّٰه تعالی ولدا قال رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ فأجاب دعاءه و وهب له إسحاق و أعطاه یعقوب من غیر دعاء فكان ذلك نافلة كالشی ء المتطوع من الآدمیین انتهی. (4)و قال البیضاوی نافِلَةً عطیة فهو حال منهما أو ولد ولد أو زیادة علی ما سأل و هو إسحاق فیختص بیعقوب و لا بأس به للقرینة و قال الجوهری النافلة ولد الولد (5).

ص: 103


1- قرب الإسناد: 164. م.
2- معانی الأخبار: 82. م.
3- معانی الأخبار: 67. م.
4- مفاتیح الغیب 6: 168. م.
5- أنوار التنزیل 2: 33. م.

«13»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِیلَ دَفَنَ أُمَّهُ فِی الْحِجْرِ وَ جَعَلَهُ عَلِیّاً وَ جَعَلَ عَلَیْهَا حَائِطاً لِئَلَّا یُوطَأَ قَبْرُهَا (1).

ص : بالاسناد إلی الصدوق عن أبیه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن النعمان مثله ، ولیس فیه « وجعلنا علیا ». (2)

كا : محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن النعمان مثله. (3)

«14»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ نُعْمَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَمَّا زَادُوا فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ حَدَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَا بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ (4).

«15»-وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَطَّ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام بِمَكَّةَ مَا بَیْنَ الْحَزْوَرَةِ (5)إِلَی الْمَسْعَی فَذَلِكَ الَّذِی خَطَّ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام یَعْنِی الْمَسْجِدَ (6).

«16»-ع، علل الشرائع مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْخَیْلُ الْعِرَابُ وُحُوشاً بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَلَمَّا رَفَعَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَیْتِ قَالَ اللَّهُ إِنِّی قَدْ أَعْطَیْتُكَ كَنْزاً لَمْ أُعْطِهِ أَحَداً كَانَ قَبْلَكَ قَالَ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ حَتَّی صَعِدَا جِیَاداً (7)فَقَالا أَلَا هَلَا أَلَا هَلُمَّ فَلَمْ یَبْقَ فِی أَرْضِ الْعَرَبِ فَرَسٌ إِلَّا أَتَاهُ وَ تَذَلَّلَ لَهُ وَ أَعْطَتْ بِنَوَاصِیهَا وَ إِنَّمَا سُمِّیَتْ جِیَاداً لِهَذَا فَمَا زَالَتِ الْخَیْلُ بَعْدُ تَدْعُو اللَّهَ أَنْ یحبها (8)(یُحَبِّبَهَا) إِلَی أَرْبَابِهَا فَلَمْ تَزَلِ الْخَیْلُ حَتَّی اتَّخَذَهَا سُلَیْمَانُ

ص: 104


1- علل الشرائع: 24. م.
2- مخطوط. م
3- فروع الكافی ١ : ٢٢٣. وفیه : دفن امه فی الحجر وحجر علیها لئلا یوطأ قبرام اسماعیل فی الحجر. م
4- فروع الكافی 1: 222- 223. م.
5- حزورة بفتح الحاء ثمّ السكون فالفتح: كانت سوق مكّة و قد دخلت فی المسجد لما زید فیه.
6- فروع الكافی 1: 223. و فیه: دفن أمه فی الحجر و حجر علیها لئلا یوطأ قبر أم إسماعیل فی الحجر. م.
7- فی المصدر: حتی صعدا جبلا.
8- فی نسخة: أن یجیبها.

فَلَمَّا أَلْهَتْهُ أَمَرَ بِهَا أَنْ یُمْسَحَ رِقَابُهَا وَ سُوقُهَا- (1)حَتَّی بَقِیَ أَرْبَعُونَ فَرَساً (2).

بیان: قال الجوهری جاد الفرس أی صار رائعا یجود جودة بالضم فهو جواد للذكر و الأنثی من خیل جیاد و أجیاد و أجاوید و الأجیاد جبل بمكة سمی بذلك لموضع خیل تبع و قال هلا زجر للخیل و هال مثله أی اقربی.

أقول لعل الجبل كان یسمی بالجیاد أیضا أو یكون الألف سقط من النساخ كما سیأتی (3).

«17»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ علیهما السلام بِبُنْیَانِ الْبَیْتِ وَ تَمَّ بِنَاؤُهُ أَمَرَهُ أَنْ یَصْعَدَ رُكْناً ثُمَّ یُنَادِیَ فِی النَّاسِ أَلَا هَلُمَّ الْحَجَّ فَلَوْ نَادَی هَلُمُّوا إِلَی الْحَجِّ لَمْ یَحُجَّ إِلَّا مَنْ كَانَ یَوْمَئِذٍ إِنْسِیّاً مَخْلُوقاً وَ لَكِنْ نَادَی هَلُمَّ الْحَجَّ فَلَبَّی النَّاسُ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ لَبَّیْكَ دَاعِیَ اللَّهِ لَبَّیْكَ دَاعِیَ اللَّهِ فَمَنْ لَبَّی عَشْراً حَجَّ عَشْراً وَ مَنْ لَبَّی خَمْساً حَجَّ خَمْساً وَ مَنْ لَبَّی أَكْثَرَ فَبِعَدَدِ ذَلِكَ وَ مَنْ لَبَّی وَاحِداً حَجَّ وَاحِداً وَ مَنْ لَمْ یُلَبِّ لَمْ یَحُجَّ (4).

كا، الكافی العدة عن ابن عیسی مثله (5)

إیضاح: الظاهر أن الفرق باعتبار أن الأصل فی الخطاب أن یكون متوجها إلی الموجودین و أما شمول الحكم للمعدومین فیستفاد من دلائل أخر لا من نفس الخطاب إلا أن یكون المراد بالخطاب الخطاب العام المتوجه إلی كل من یصلح للخطاب فإنه شامل للواحد و الكثیر و الموجود و المعدوم و الشائع فی مثل هذا الخطاب أن یكون بلفظ المفرد بل صرح بعض أهل العربیة بأنه لا یتأتی إلا بالمفرد و علی ما روینا موافقا للكافی من سقوط كلمة إلی فی المفرد و وجودها فی الجمع یمكن أن یكون هذا مناط الفرق بأن یكون فی المفرد المخاطب الحج مجازا لبیان كونه مطلوبا من غیر خصوصیة شخص أی هلم

ص: 105


1- سیأتی الكلام حوله فی باب قصص سلیمان علیه السلام.
2- علل الشرائع: 24. م.
3- فی الخبر 46.
4- علل الشرائع: 145. م.
5- فروع الكافی 1: 221- 222. م.

أیها الحج و فی الفقیه كلمة إلی موجودة فی المواضع و فیه عند ذكر المفرد فی الموضعین نادی و عند ذكر الجمع ناداهم و لذا قال بعض الأفاضل لیس المناط الفرق بین إفراد الصیغة و جمعها بل ما فی الحدیث بیان للواقعة و المراد أن إبراهیم علیه السلام نادی هلم إلی الحج بلا قصد إلی منادی معین أی الموجودین فلذا یعم الموجودین و المعدومین فلو ناداهم أی الموجودین و قال هلموا إلی الحج قاصدا إلی الموجودین لكان الحج مخصوصا بالموجودین فضمیر هم فی ناداهم راجع إلی الناس الموجودین فالمناط قصد المنادی المعین المشعر إلیه بلفظ هم فی إحدی العبارتین و عدم القصد فی الأخری المشعر إلیه بذكر نادی مطلقا لا الإفراد و الجمع.

«18»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ وَ عَلِیٍّ ابْنَیِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِمَا عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمَّا أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ یُنَادِی فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ قَامَ عَلَی الْمَقَامِ فَارْتَفَعَ بِهِ حَتَّی صَارَ بِإِزَاءِ أَبِی قُبَیْسٍ فَنَادَی فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ فَأَسْمَعَ مَنْ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ (1).

«19»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا خَلَّفَ إِسْمَاعِیلَ بِمَكَّةَ عَطِشَ الصَّبِیُّ وَ كَانَ فِیمَا بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ شَجَرٌ فَخَرَجَتْ أُمُّهُ حَتَّی قَامَتْ عَلَی الصَّفَا فَقَالَتْ هَلْ بِالْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ فَلَمْ یُجِبْهَا أَحَدٌ فَمَضَتْ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی الْمَرْوَةِ فَقَالَتْ هَلْ بِالْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ فَلَمْ یُجِبْهَا أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَی الصَّفَا فَقَالَتْ كَذَلِكَ حَتَّی صَنَعَتْ ذَلِكَ سَبْعاً فَأَجْرَی اللَّهُ ذَلِكَ سُنَّةً فَأَتَاهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ إِلَی مَنْ وَكَلَكُمْ فَقَالَتْ أَمَّا إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قُلْتُ لَهُ حَیْثُ أَرَادَ الذَّهَابَ یَا إِبْرَاهِیمُ إِلَی مَنْ تَكِلُنَا فَقَالَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام لَقَدْ وَكَلَكُمْ إِلَی كَافٍ (2)قَالَ وَ كَانَ النَّاسُ یَتَجَنَّبُونَ الْمَمَرَّ بِمَكَّةَ لِمَكَانِ الْمَاءِ فَفَحَصَ الصَّبِیُّ بِرِجْلِهِ (3)فَنَبَعَتْ زَمْزَمُ وَ رَجَعَتْ مِنَ

ص: 106


1- علل الشرائع: 144. م.
2- فی نسخة: لقد وكلكم الی كافی.
3- فحص برجله أی حفر.

الْمَرْوَةِ إِلَی الصَّبِیِّ وَ قَدْ نَبَعَ الْمَاءُ فَأَقْبَلَتْ تَجْمَعُ التُّرَابَ حَوْلَهُ مَخَافَةَ أَنْ یَسِیحَ الْمَاءُ- (1)وَ لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَ سَیْحاً قَالَ فَلَمَّا رَأَتِ الطَّیْرُ الْمَاءَ حَلَّقَتْ عَلَیْهِ قَالَ فَمَرَّ رَكْبٌ مِنَ الْیَمَنِ فَلَمَّا رَأَوُا الطَّیْرَ حَلَّقَتْ عَلَیْهِ قَالُوا مَا حَلَّقَتْ إِلَّا عَلَی مَاءٍ فَأَتَوْهُمْ فَسَقَوْهُمْ مِنَ الْمَاءِ وَ أَطْعَمُوهُمُ الرَّكْبُ مِنَ الطَّعَامِ وَ أَجْرَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ رِزْقاً فَكَانَتِ الرَّكْبُ تَمُرُّ بِمَكَّةَ فَیُطْعِمُونَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَ یَسْقُونَهُمْ مِنَ الْمَاءِ (2).

كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر مثله (3).

«20»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ لِمَ جُعِلَتِ التَّلْبِیَةُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی إِبْرَاهِیمَ وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوكَ رِجالًا فَنَادَی فَأُجِیبَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ یُلَبُّونَ (4).

«21»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُبْدُوسِ بْنِ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ أَوَّلُ مَنْ رَكِبَ الْخَیْلَ إِسْمَاعِیلُ وَ كَانَتْ وَحْشِیَّةً لَا تُرْكَبُ فَحَشَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی إِسْمَاعِیلَ مِنْ جَبَلِ مِنًی وَ إِنَّمَا سُمِّیَتِ الْخَیْلَ الْعِرَابَ (5) لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَهَا إِسْمَاعِیلُ (6).

«22»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ بَنَاتِ الْأَنْبِیَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ لَا یَطْمَثْنَ إِنَّمَا الطَّمْثُ عُقُوبَةٌ وَ أَوَّلُ مَنْ طَمِثَتْ سَارَةُ (7).

«23»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُعَاوِیَةَ

ص: 107


1- أی یجری علی وجه الأرض.
2- علل الشرائع: 149. م.
3- فروع الكافی 1: 220. م.
4- علل الشرائع: 144. م.
5- فی النهایة: خیلا عرابا ای عربیة منسوبة إلی العرب، فرقوا بین الخیل و الناس فقالوا فی الناس: عرب و أعراب، و فی الخیل عراب.
6- لم نجده.
7- لم نجده: 106. م.

بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَارَ السَّعْیُ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ لِأَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَرَضَ لَهُ إِبْلِیسُ فَأَمَرَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَشَدَّ عَلَیْهِ فَهَرَبَ مِنْهُ فَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ یَعْنِی بِهِ الْهَرْوَلَةَ (1).

«24»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَیْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ جُعِلَ السَّعْیُ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ لِأَنَّ الشَّیْطَانَ تَرَاءَی لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی الْوَادِی فَسَعَی وَ هُوَ مُنَازِلُ الشَّیْطَانِ (2).

بیان: فی الفقیه منازل الشیاطین و یمكن أن یقرأ منازل بضم المیم علی صیغة اسم الفاعل من المنازلة بمعنی المحاربة موافقا لما مر فی خبر معاویة.

«25»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام أَتَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَالَ تَمَنَّ یَا إِبْرَاهِیمُ فَكَانَتْ تُسَمَّی مُنًی فَسَمَّاهَا النَّاسُ مِنًی (3).

بیان: الظاهر أن الأول بضم المیم علی صیغة الجمع (4)و الثانی بكسرها.

«26»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی عِلَلِ ابْنِ سِنَانٍ أَنَّ الرِّضَا علیه السلام كَتَبَ إِلَیْهِ إِنَّمَا سُمِّیَتْ مِنًی مِنًی لِأَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام قَالَ هُنَاكَ یَا إِبْرَاهِیمُ تَمَنَّ عَلَی رَبِّكَ مَا شِئْتَ فَتَمَنَّی إِبْرَاهِیمُ فِی نَفْسِهِ أَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ مَكَانَ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ كَبْشاً یَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ فِدَاءً لَهُ فَأُعْطِیَ مُنَاهُ(5).

«27»-ع، علل الشرائع حَمْزَةُ الْعَلَوِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ عَرَفَاتٍ لِمَ سُمِّیَتْ عَرَفَاتٍ فَقَالَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام خَرَجَ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَوْمَ عَرَفَةَ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ یَا إِبْرَاهِیمُ اعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ

ص: 108


1- علل الشرائع: 149. م.
2- علل الشرائع: 149. م.
3- علل الشرائع: 150. م.
4- و یمكن أن یكون أیضا بفتح المیم و تشدید النون علی صیغة الماضی أی منی جبرئیل إبراهیم فی هذا الموضع ای جعله یتمناه. و قال الفیروزآبادی: منی كإلی سمیت لما یمنی من الدماء. و قال ابن عبّاس: لان جبرئیل لما أراد أن یفارق آدم قال له: تمن، قال: أتمنی الجنة فسمیت منی لامنیة آدم.
5- علل الشرائع: 150، عیون الأخبار: 242- 243. م.

وَ اعْرِفْ مَنَاسِكَكَ فَسُمِّیَتْ عَرَفَاتٍ لِقَوْلِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام لَهُ اعْتَرِفْ فَاعْتَرَفَ (1).

«28»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی حَدِیثِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام انْتَهَی بِهِ إِلَی الْمَوْقِفِ فَأَقَامَ بِهِ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَفَاضَ بِهِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ ازْدَلِفْ إِلَی الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَسُمِّیَتْ مُزْدَلِفَةَ (2).

بیان: ازدلف تقدم.

«6»-29- ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ سَارَةَ اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا صَنَعْتُ بِهَاجَرَ أَنَّهَا كَانَتْ خَفَضَتْهَا فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ (3).

«30»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فِی الطَّائِفِ أَ تَدْرِی لِمَ سُمِّیَ الطَّائِفَ قُلْتُ لَا فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام دَعَا رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَ أَهْلَهُ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَقَطَعَ لَهُمْ قِطْعَةً مِنَ الْأُرْدُنِّ فَأَقْبَلَتْ حَتَّی طَافَتْ بِالْبَیْتِ سَبْعاً ثُمَّ أَقَرَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مَوْضِعِهَا فَإِنَّمَا سُمِّیَتِ الطَّائِفَ لِلطَّوَافِ بِالْبَیْتِ (4).

«31»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ مَعاً عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ تَدْرِی لِمَ سُمِّیَتِ الطَّائِفُ الطَّائِفَ قُلْتُ لَا قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا دَعَاهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَنْ یَرْزُقَ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ أَمَرَ بِقِطْعَةٍ مِنَ الْأُرْدُنِّ فَسَارَتْ بِثِمَارِهَا حَتَّی طَافَتْ بِالْبَیْتِ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَنْصَرِفَ إِلَی هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِی سُمِّیَ الطَّائِفَ فَلِذَلِكَ سُمِّیَ الطَّائِفَ (5).

شی، تفسیر العیاشی عن البزنطی مثله (6)بیان قال الفیروزآبادی الأردن بضمتین و شد الدال كورة بالشام.

ص: 109


1- علل الشرائع: 150. م.
2- علل الشرائع: 150. م.
3- علل الشرائع: 152. م.
4- علل الشرائع: 152. م.
5- علل الشرائع: 152. م.
6- مخطوط. م.

«32»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ (1)عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَمْیِ الْجِمَارِ لِمَ جُعِلَ قَالَ لِأَنَّ إِبْلِیسَ اللَّعِینَ كَانَ یَتَرَاءَی لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی مَوْضِعِ الْجِمَارِ فَرَجَمَهُ إِبْرَاهِیمُ فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ (2).

«33»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَمَی الْجِمَارَ آدَمُ علیه السلام وَ قَالَ أَتَی جَبْرَئِیلُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ قَالَ ارْمِ یَا إِبْرَاهِیمُ فَرَمَی جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الشَّیْطَانَ تَمَثَّلَ لَهُ عِنْدَهَا (3).

«34»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْكَرْخِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثَی وَ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَ كَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِیمَ وَ أُمُّ لُوطٍ علیهما السلام أُخْتَیْنِ وَ إِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ بِنْتَ لَاحِجٍ وَ هِیَ بِنْتُ خَالَتِهِ وَ كَانَتْ صَاحِبَةَ مَاشِیَةٍ كَثِیرَةٍ وَ حَالٍ حَسَنَةٍ فَمَلَّكَتْ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام جَمِیعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ فَقَامَ فِیهِ وَ أَصْلَحَهُ فَكَثُرَتِ الْمَاشِیَةُ وَ الزَّرْعُ حَتَّی لَمْ یَكُنْ بِأَرْضِ كُوثَی رَجُلٌ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ فِی رِوَایَةِ الْكُلَیْنِیِّ (4).

«35»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام ابْنَانِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمَا ابْنَ الْأَمَةِ (5).

«36»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ یَعْنِی حَاضَتْ وَ هِیَ یَوْمَئِذٍ ابْنَةُ تِسْعِینَ

ص: 110


1- بفتح العین فالسكون ثمّ الفتح هو العمركی بن علیّ بن محمّد البوفكی، و بوفك قریة من قری نیشابور، شیخ من أصحابنا ثقة، روی عنه شیوخ أصحابنا منهم: عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری، و محمّد بن أحمد بن یحیی، و محمّد بن یحیی العطار، و محمّد بن أحمد بن إسماعیل العلوی، و جعفر بن محمّد، و یروی كثیرا عن علیّ بن جعفر الصادق، له كتاب الملاحم و النوادر.
2- علل الشرائع: 150. م.
3- علل الشرائع: 150. م.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. و تقدم روایة الكلینی فی باب قصص ولادته الی كسر الأصنام. م.
5- قصص الأنبیاء مخطوط. و ابن الأمة هو إسماعیل بن هاجر.

سَنَةً وَ إِبْرَاهِیمُ ابْنُ مِائَةٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ وَ إِنَّ قَوْمَ إِبْرَاهِیمَ نَظَرُوا إِلَی إِسْحَاقَ علیه السلام وَ قَالُوا مَا أَعْجَبَ هَذَا وَ هَذِهِ یَعْنُونَ إِبْرَاهِیمَ وَ سَارَةَ أَخَذَا صَبِیّاً وَ قَالا هَذَا ابْنُنَا یَعْنُونَ إِسْحَاقَ فَلَمَّا كَبِرَ لَمْ یُعْرَفْ هَذَا وَ هَذَا لِتَشَابُهِهِمَا حَتَّی صَارَ إِبْرَاهِیمُ یُعْرَفُ بِالشَّیْبِ قَالَ فَثَنَی (1)إِبْرَاهِیمُ لِحْیَتَهُ فَرَأَی فِیهَا طَاقَةً بَیْضَاءَ فَقَالَ اللَّهُمَّ مَا هَذَا فَقَالَ وَقَارٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْنِی وَقَاراً (2).

«37»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْعَبْقَرِیِّ عَنْ إِسْرَائِیلَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ (3)عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: شَبَّ إِسْمَاعِیلُ وَ إِسْحَاقُ فَتَسَابَقَا فَسَبَقَ إِسْمَاعِیلُ فَأَخَذَهُ إِبْرَاهِیمُ فَأَجْلَسَهُ فِی حَجْرِهِ وَ أَجْلَسَ إِسْحَاقَ إِلَی جَنْبِهِ فَغَضِبَتْ سَارَةُ وَ قَالَتْ أَمَا إِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ أَنْ لَا تُسَوِّیَ بَیْنَهُمَا فَاعْزِلْهَا عَنِّی فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِیمُ بِإِسْمَاعِیلَ وَ بِأُمِّهِ هَاجَرَ حَتَّی أَنْزَلَهُمَا مَكَّةَ فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ فَأَرَادَ إِبْرَاهِیمُ أَنْ یَنْطَلِقَ فَیَلْتَمِسَ لَهُمْ طَعَاماً فَقَالَتْ هَاجَرُ إِلَی مَنْ تَكِلُنَا فَقَالَ أَكِلُكُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ أَصَابَهُمَا جُوعٌ شَدِیدٌ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ لِهَاجَرَ إِلَی مَنْ وَكَلَكُمَا قَالَتْ وَكَلَنَا إِلَی اللَّهِ قَالَ لَقَدْ وَكَلَكُمَا إِلَی كَافٍ وَ وَضَعَ جَبْرَئِیلُ یَدَهُ فِی زَمْزَمَ ثُمَّ طَوَاهَا فَإِذَا الْمَاءُ قَدْ نَبَعَ فَأَخَذَتْ هَاجَرُ قِرْبَةً مَخَافَةَ أَنْ یَذْهَبَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّهَا تَبْقَی فَادْعِی ابْنَكِ فَأَقْبَلَ فَشَرِبُوا وَ عَاشُوا حَتَّی أَتَاهُمْ إِبْرَاهِیمُ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ فَقَالَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام (4).

«38»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْعَمَالِقَةِ یُقَالُ لَهَا سَامَةُ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ اشْتَاقَ إِلَیْهِ فَرَكِبَ حِمَاراً فَأَخَذَتْ عَلَیْهِ سَارَةُ أَنْ لَا یَنْزِلَ حَتَّی یَرْجِعَ قَالَ فَأَتَاهُ وَ قَدْ هَلَكَتْ أُمُّهُ فَلَمْ یُوَافِقْهُ وَ وَافَقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَیْنَ زَوْجُكِ فَقَالَتْ خَرَجَ یَتَصَیَّدُ فَقَالَ كَیْفَ حَالُكُمْ فَقَالَتْ حَالُنَا شَدِیدَةٌ وَ عَیْشُنَا

ص: 111


1- ثنی الشی ء: عطفه. رد بعضه علی بعض.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. م.
3- بتشدید الراء المكسورة هو حارثة بن مضرب العبدی الكوفیّ وثقه ابن حجر فی التقریب ص 91.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

شَدِیدٌ قَالَ وَ لَمْ تَعْرِضْ عَلَیْهِ الْمَنْزِلَ فَقَالَ إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِی لَهُ جَاءَ هَاهُنَا شَیْخٌ وَ هُوَ یَأْمُرُكَ أَنْ تُغَیِّرَ عَتَبَةَ بَابِكَ فَلَمَّا أَقْبَلَ إِسْمَاعِیلُ وَ صَعِدَ الثَّنِیَّةَ وَجَدَ رِیحَ أَبِیهِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهَا وَ قَالَ أَتَاكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَیْخٌ قَدْ سَأَلَنِی عَنْكَ فَقَالَ لَهَا هَلْ أَمَرَكِ بِشَیْ ءٍ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لِی إِذَا دَخَلَ زَوْجُكِ فَقُولِی لَهُ جَاءَ شَیْخٌ وَ هُوَ یَأْمُرُكَ أَنْ تُغَیِّرَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ فَخَلَّی سَبِیلَهَا ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام رَكِبَ إِلَیْهِ الثَّانِیَةَ فَأَخَذَتْ عَلَیْهِ سَارَةُ أَنْ لَا یَنْزِلَ حَتَّی یَرْجِعَ فَلَمْ یُوَافِقْهُ وَ وَافَقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ أَیْنَ زَوْجُكِ قَالَتْ خَرَجَ عَافَاكَ اللَّهُ لِلصَّیْدِ فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ فَقَالَتْ صَالِحُونَ قَالَ وَ كَیْفَ حَالُكُمْ قَالَتْ حَسَنَةٌ وَ نَحْنُ بِخَیْرٍ انْزِلْ یَرْحَمُكَ اللَّهِ حَتَّی یَأْتِیَ قَالَ فَأَبَی وَ لَمْ تَزَلْ بِهِ تُرِیدُهُ عَلَی النُّزُولِ فَأَبَی قَالَتْ أَعْطِنِی رَأْسَكَ حَتَّی أَغْسِلَهُ فَإِنِّی أَرَاهُ شَعِثاً فَجَعَلَتْ لَهُ غَسُولًا ثُمَّ أَدْنَتْ مِنْهُ الْحَجَرَ فَوَضَعَ قَدَمَهُ عَلَیْهِ فَغَسَلَتْ جَانِبَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَلَّبَتْ قَدَمَهُ الْأُخْرَی فَغَسَلَتِ الشِّقَّ الْآخَرَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَیْهَا وَ قَالَ إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِی لَهُ قَدْ جَاءَ هَاهُنَا شَیْخٌ وَ هُوَ یُوصِیكَ بِعَتَبَةِ بَابِكَ خَیْراً ثُمَّ إِنَّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الثَّنِیَّةِ وَجَدَ رِیحَ أَبِیهِ فَقَالَ لَهَا هَلْ أَتَاكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَیْخٌ وَ هَذَا أَثَرُ قَدَمَیْهِ فَأَكَبَّ عَلَی الْمَقَامِ وَ قَبَّلَهُ وَ قَالَ شَكَا إِبْرَاهِیمُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مَا یَلْقَی مِنْ سُوءِ خُلُقِ سَارَةَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنَّ مَثَلَ الْمَرْأَةِ مَثَلُ الضِّلْعِ الْأَعْوَجِ إِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ وَ إِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ وَ قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام تَزَوَّجَ سَارَةَ وَ كَانَتْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ عَلَی أَنْ لَا یُخَالِفَهَا وَ لَا یَعْصِیَ لَهَا أَمْراً فِیمَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ كَانَ یَأْتِی مَكَّةَ مِنَ الْحِیرَةِ فِی كُلِّ یَوْمٍ (1).

«39»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام اسْتَأْذَنَ سَارَةَ أَنْ یَزُورَ إِسْمَاعِیلَ بِمَكَّةَ فَأَذِنَتْ لَهُ عَلَی أَنْ لَا یَبِیتَ عَنْهَا وَ لَا یَنْزِلَ عَنْ حِمَارِهِ قُلْتُ كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَ طُوِیَتْ لَهُ الْأَرْضُ (2).

«40»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام لَمَّا تَرَعْرَعَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام وَ كَبِرَ أَعْطَوْهُ سَبْعَةَ أَعْنُزٍ فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلَ مَالِهِ فَنَشَأَ وَ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ تَعَلَّمَ الرَّمْیَ وَ كَانَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ تَزَوَّجَ

ص: 112


1- قصص الأنبیاء: مخطوط. م.
2- قصص الأنبیاء: مخطوط. م.

امْرَأَةً مِنْ جُرْهُمَ اسْمُهَا زَعْلَةُ أَوْ عِمَادَةُ وَ طَلَّقَهَا وَ لَمْ تَلِدْ لَهُ شَیْئاً ثُمَّ تَزَوَّجَ السَّیِّدَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ (1)فَوَلَدَتْ لَهُ وَ كَانَ عُمْرُ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام مِائَةً وَ سَبْعاً وَ ثَلَاثِینَ- (2)وَ مَاتَ علیه السلام وَ دُفِنَ فِی الْحِجْرِ وَ فِیهِ قُبُورُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ فِیهِ فَلْیَكُنْ صَلَاتُهُ عَلَی ذِرَاعَیْنِ مِنْ طَرَفِهِ مِمَّا یَلِی بَابَ الْبَیْتِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ شَبِیرٍ وَ شَبَّرَ ابْنَیْ هَارُونَ علیه السلام (3).

«41»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام تُوُفِّیَ وَ هُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِالْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ فَلَمْ یَزَلْ بَنُو إِسْمَاعِیلَ وُلَاةَ الْأَمْرِ یُقِیمُونَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ وَ أَمْرَ دِینِهِمْ یَتَوَارَثُونَهَا كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ حَتَّی كَانَ زَمَنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ (4).

«42»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَاشَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ علیهما السلام مِائَةً وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ عَاشَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ علیهما السلام مِائَةً وَ ثَمَانِینَ سَنَةً (5).

بیان: لعل هذا أصح الأخبار فی عمره علیه السلام إذ هو أبعد عن أقوال المخالفین إذ الأشهر بینهم أنه عاش مائة و سبعا و ثلاثین سنة و قیل مائة و ثلاثین و لم أر القول بما فی هذا الخبر بینهم فیمكن حمل الخبرین السابقین علی التقیة.

«43»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ السَّعْیِ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا خَلَّفَ هَاجَرَ وَ إِسْمَاعِیلَ بِمَكَّةَ عَطِشَ إِسْمَاعِیلُ فَبَكَی فَخَرَجَتْ حَتَّی عَلَتْ عَلَی الصَّفَا وَ بِالْوَادِی أَشْجَارٌ فَنَادَتْ هَلْ بِالْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ فَلَمْ یُجِبْهَا أَحَدٌ فَانْحَدَرَتْ حَتَّی عَلَتْ عَلَی الْمَرْوَةِ فَنَادَتْ هَلْ بِالْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ فَلَمْ تَزَلْ تَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّی فَعَلَتْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا كَانَتِ السَّابِعَةُ هَبَطَ عَلَیْهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ

ص: 113


1- و به قال الثعلبی الا انه قال: بنت مضاض بن عمرو الجرهمی. و قال الیعقوبی: هی حیفاء بنت مضاض الجرهمیة.
2- و به قال الثعلبی فی العرائس، و قال المسعودیّ فی اثبات الوصیة: عاش مائة و عشرین سنة.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- اكمال الدین: 289. م.

مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ لَهَا وَ إِلَی مَنْ خَلَّفَكِ قَالَتْ أَمَّا إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قُلْتُ لَهُ یَا إِبْرَاهِیمُ إِلَی مَنْ تُخَلِّفُنِی هَاهُنَا فَقَالَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُخَلِّفُكِ فَقَالَ لَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام نِعْمَ مَا خَلَّفَكِ إِلَیْهِ لَقَدْ وَكَلَكُمْ إِلَی كَافٍ فَارْجِعِی إِلَی وَلَدِكِ فَرَجَعَتْ إِلَی الْبَیْتِ وَ قَدْ نَبَعَتْ زَمْزَمُ وَ الْمَاءُ ظَاهِرٌ یَجْرِی فَجَمَعَتْ حَوْلَهُ التُّرَابَ فَحَبَسَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَ سَیْحاً ثُمَّ قَالَ مَرَّ رَكْبٌ مِنَ الْیَمَنِ وَ لَمْ یَكُونُوا یَدْخُلُونَ مَكَّةَ فَنَظَرُوا إِلَی الطَّیْرِ مُقْبِلَةً عَلَی مَكَّةَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ فَقَالُوا مَا أَقْبَلَتِ الطَّیْرُ عَلَی مَكَّةَ إِلَّا وَ قَدْ رَأَتِ الْمَاءَ فَمَالُوا إِلَی مَكَّةَ حَتَّی أَتَوْا مَوْضِعَ الْبَیْتِ فَنَزَلُوا وَ اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ وَ تَزَوَّدُوا مَا یَكْفِیهِمْ وَ خَلَّفُوا عِنْدَهُمَا مِنَ الزَّادِ مَا یَكْفِیهِمَا فَأَجْرَی اللَّهُ لَهُمْ بِذَلِكَ رِزْقاً (1).

«44»-و روی محمد بن خلف عن بعض أصحابه قال فكان الناس یمرون بمكة فیطعمونهم من الطعام و یسقونهم من الماء (2).

«45»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: سَأَلْنَا عَنِ السَّعْیِ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَقَالَ إِنَّ هَاجَرَ لَمَّا وَلَدَتْ بِإِسْمَاعِیلَ دَخَلَتْ سَارَةَ غَیْرَةٌ شَدِیدَةٌ فَأَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ أَنْ یُطِیعَهَا فَقَالَتْ یَا إِبْرَاهِیمُ احْمِلْ هَاجَرَ حَتَّی تَضَعَهَا بِبِلَادٍ لَیْسَ فِیهَا زَرْعٌ وَ لَا ضَرْعٌ فَأَتَی بِهَا الْبَیْتَ وَ لَیْسَ بِمَكَّةَ إِذْ ذَاكَ زَرْعٌ وَ لَا ضَرْعٌ وَ لَا مَاءٌ وَ لَا أَحَدٌ فَخَلَّفَهَا عِنْدَ الْبَیْتِ وَ انْصَرَفَ عَنْهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فَبَكَی (3).

«46»-سن، المحاسن غَیْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَتِ الْخَیْلُ وُحُوشاً فِی بِلَادِ الْعَرَبِ فَصَعِدَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ علیهما السلام عَلَی أَجْیَادٍ فَصَاحَا أَلَا هَلَا أَلَا هَلُمَّ فَمَا فَرَسٌ إِلَّا أُعْطِیَ بِیَدِهِ وَ أَمْكَنَ مِنْ نَاصِیَتِهِ (4).

«47»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَی الْكَاتِبِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام لَمَّا أَسْكَنَ إِسْمَاعِیلَ وَ هَاجَرَ مَكَّةَ وَ وَدَّعَهُمَا لِیَنْصَرِفَ عَنْهُمَا بَكَیَا فَقَالَ لَهُمَا إِبْرَاهِیمُ مَا یُبْكِیكُمَا فَقَدْ خَلَّفْتُكُمَا فِی أَحَبِّ الْأَرْضِ إِلَی اللَّهِ وَ فِی حَرَمِ اللَّهِ فَقَالَتْ

ص: 114


1- محاسن البرقی: 337- 338. م.
2- محاسن البرقی: 337- 338. م.
3- محاسن البرقی: 338. م.
4- محاسن البرقی: 630. م.

لَهُ هَاجَرُ یَا إِبْرَاهِیمُ مَا كُنْتُ أَرَی أَنَّ نَبِیّاً مِثْلَكَ یَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ قَالَ وَ مَا فَعَلْتُ فَقَالَتْ إِنَّكَ خَلَّفْتَ امْرَأَةً ضَعِیفَةً وَ غُلَاماً ضَعِیفاً لَا حِیلَةَ لَهُمَا بِلَا أَنِیسٍ مِنْ بَشَرٍ وَ لَا مَاءٍ یَظْهَرُ وَ لَا زَرْعٍ قَدْ بَلَغَ وَ لَا ضَرْعٍ یُحْلَبُ قَالَ فَرَقَّ إِبْرَاهِیمُ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ عِنْدَ مَا سَمِعَ مِنْهَا فَأَقْبَلَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی بَابِ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَیِ (1)الْكَعْبَةِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُونَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ أَنِ اصْعَدْ أَبَا قُبَیْسٍ فَنَادِ فِی النَّاسِ یَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ بِحَجِّ هَذَا الْبَیْتِ الَّذِی بِمَكَّةَ مُحَرَّماً مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا فَرِیضَةً مِنَ اللَّهِ قَالَ فَصَعِدَ إِبْرَاهِیمُ أَبَا قُبَیْسٍ فَنَادَی فِی النَّاسِ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ بِحَجِّ هَذَا الْبَیْتِ الَّذِی بِمَكَّةَ مُحَرَّماً مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا فَرِیضَةً مِنَ اللَّهِ قَالَ فَمَدَّ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ فِی صَوْتِهِ حَتَّی أَسْمَعَ بِهِ أَهْلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَا بَیْنَهُمَا مِنْ جَمِیعِ مَا قَدَّرَ اللَّهُ وَ قَضَی فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِنَ النُّطَفِ وَ جَمِیعِ مَا قَدَّرَ اللَّهُ وَ قَضَی فِی أَرْحَامِ النِّسَاءِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَهُنَاكَ یَا فَضْلُ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَی جَمِیعِ الْخَلَائِقِ فَالتَّلْبِیَةُ مِنَ الْحَاجِّ فِی أَیَّامِ الْحَجِّ هِیَ إِجَابَةٌ لِنِدَاءِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَوْمَئِذٍ بِالْحَجِّ عَنِ اللَّهِ (2).

«48»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدَوَیْهِ (3)بْنِ عَامِرٍ وَ غَیْرِهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِیلُ حَمَلَهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ أُمَّهُ عَلَی حِمَارٍ وَ أَقْبَلَ مَعَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام حَتَّی وَضَعَهُ فِی مَوْضِعِ الْحِجْرِ وَ مَعَهُ شَیْ ءٌ مِنْ زَادٍ وَ سِقَاءٌ فِیهِ شَیْ ءٌ مِنْ مَاءٍ وَ الْبَیْتُ یَوْمَئِذٍ رَبْوَةٌ (4)حَمْرَاءُ مِنْ مَدَرٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لِجَبْرَئِیلَ هَاهُنَا أُمِرْتَ

ص: 115


1- عضادتی الباب: خشبتاه من جانبیه.
2- مخطوط. م.
3- بفتح العین فالسكون ثمّ الفتح.
4- بتثلیث الراء ما ارتفع من الأرض.

قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ مَكَّةُ یَوْمَئِذٍ سَلَمٌ وَ سَمُرٌ (1)وَ حَوْلَ مَكَّةَ یَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنَ الْعَمَالِیقِ (2).

«49»-وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ أَیْضاً قَالَ: فَلَمَّا وَلَّی إِبْرَاهِیمُ قَالَتْ هَاجَرُ یَا إِبْرَاهِیمُ إِلَی مَنْ تَدَعُنَا قَالَ أَدَعُكُمَا إِلَی رَبِّ هَذِهِ الْبَنِیَّةِ قَالَ فَلَمَّا نَفِدَ الْمَاءُ (3)وَ عَطِشَ الْغُلَامُ خَرَجَتْ حَتَّی صَعِدَتْ عَلَی الصَّفَا فَنَادَتْ هَلْ بِالْوَادِی مِنْ أَنِیسٍ ثُمَّ انْحَدَرَتْ حَتَّی أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَنَادَتْ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَلَتْ رَاجِعَةً إِلَی ابْنِهَا فَإِذَا عَقِبُهُ یَفْحَصُ فِی مَاءٍ فَجَمَعَتْهُ فَسَاخَ (4)وَ لَوْ تَرَكَتْهُ لَسَاحَ(5).

«50»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ إِبْرَاهِیمَ شَكَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا یَلْقَی مِنْ سُوءِ خُلُقِ سَارَةَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ إِنَّمَا مَثَلُ الْمَرْأَةِ مَثَلُ الضِّلْعِ الْمُعْوَجِّ إِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ وَ إِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ اصْبِرْ عَلَیْهَا (6).

«51»-فس، تفسیر القمی وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِیمَ مَكانَ الْبَیْتِ أَیْ عَرَّفْنَاهُ قَوْلُهُ وَ عَلی كُلِّ ضامِرٍ یَقُولُ الْإِبِلُ الْمَهْزُولَةُ قَالَ وَ لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِیمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَیْتِ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یُؤَذِّنَ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ فَقَالَ یَا رَبِّ وَ مَا یَبْلُغُ صَوْتِی فَقَالَ اللَّهُ أَذِّنْ عَلَیْكَ الْأَذَانُ وَ عَلَیَّ الْبَلَاغُ وَ ارْتَفَعَ إِلَی الْمَقَامِ (7)وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ یَلْصَقُ بِالْبَیْتِ فَارْتَفَعَ بِهِ الْمَقَامُ حَتَّی كَانَ أَطْوَلَ مِنَالْجِبَالِ فَنَادَی وَ أَدْخَلَ إِصْبَعَهُ فِی أُذُنَیْهِ وَ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ شَرْقاً وَ غَرْباً یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ

ص: 116


1- السلم: شجر من العضاه یدبغ به، و منه سمی «ذو السلم» السمر: شجر من العضاه، و لیس فی العضاه أجود خشبا منه و العضاه: شجر أم غیلان، و كل شجر یعظم و له شوك.
2- فروع الكافی 1: 22. و العمالیق: قوم من ولد عملیق و یقال: عملاق بن لاوز بن ارم بن سام بن نوح.
3- فی نسخة: فلما فقد الماء.
4- ساخ: غاص و غاب.
5- فروع الكافی 1: 220. م.
6- فروع الكافی 2: 62. م.
7- فی نسخة: علی المقام. م.

كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْحَجُّ إِلَی الْبَیْتِ الْعَتِیقِ فَأَجِیبُوا رَبَّكُمْ فَأَجَابُوهُ مِنْ تَحْتِ الْبُحُورِ السَّبْعِ (1)وَ مِنْ بَیْنِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ إِلَی مُنْقَطَعِ التُّرَابِ مِنْ أَطْرَافِهَا أَیِ الْأَرْضِ كُلِّهَا وَ مِنْ أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ بِالتَّلْبِیَةِ لَبَّیْكَ اللَّهُمَّ لَبَّیْكَ أَ وَ لَا تَرَوْنَهُمْ یَأْتُونَ یُلَبُّونَ فَمَنْ حَجَّ مِنْ یَوْمِئِذٍ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَهُمْ مِمَّنِ اسْتَجَابَ اللَّهَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِیهِ آیاتٌ بَیِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِیمَ یَعْنِی نِدَاءَ إِبْرَاهِیمَ عَلَی الْمَقَامِ بِالْحَجِّ (2).

«52»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَصْلَ حَمَامِ الْحَرَمِ بَقِیَّةُ حَمَامٍ كَانَتْ لِإِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام (3).

«53»-یب، تهذیب الأحكام أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلَ الرَّحْمَنِ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَهُ ابْنَةً تَبْكِیهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (4).

«54»-كا، الكافی بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْحِجْرُ بَیْتُ إِسْمَاعِیلَ وَ فِیهِ قَبْرُ هَاجَرَ وَ قَبْرُ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (5).

«55»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْحِجْرِ أَ مِنَ الْبَیْتِ هُوَ أَوْ فِیهِ شَیْ ءٌ مِنَ الْبَیْتِ فَقَالَ لَا وَ لَا قُلَامَةُ ظُفُرٍ وَ لَكِنَّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام دَفَنَ أُمَّهُ فِیهِ فَكَرِهَ أَنْ تُوطَأَ فَحَجَّرَ عَلَیْهِ حِجْراً وَ فِیهِ قُبُورُ أَنْبِیَاءَ (6).

«56»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ شَبَابٍ الصَّیْرَفِیِ

ص: 117


1- فی نسخة: من وراء البحور السبع.
2- تفسیر القمّیّ: 439- 440. م.
3- لم نجده. م.
4- التهذیب 1: 131. م.
5- فروع الكافی 1: 223. م.
6- فروع الكافی 1: 223. م.

عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام دُفِنَ فِی الْحِجْرِ مِمَّا یَلِی الرُّكْنَ الثَّالِثَ عَذَارَی بَنَاتِ إِسْمَاعِیلَ (1).

«57»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدیً لِلْعالَمِینَ فِیهِ آیاتٌ بَیِّناتٌ مَا هَذِهِ الْآیَاتُ قَالَ مَقَامُ إِبْرَاهِیمَ حَیْثُ قَامَ عَلَی الْحَجَرِ فَأَثَّرَتْ فِیهِ قَدَمَاهُ وَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَ مَنْزِلُ إِسْمَاعِیلَ (2).

«58»-أَقُولُ قَالَ السَّیِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ، وَجَدْتُ فِی السِّفْرِ التَّاسِعِ مِنَ التَّوْرَاةِ الْمُتَرْجَمِ أَنَّ سَارَةَ امْرَأَةَ إِبْرَاهِیمَ لَمْ یَكُنْ یُولَدُ لَهَا وَلَدٌ وَ كَانَتْ لَهَا أَمَةٌ (3)اسْمُهَا هَاجَرُ فَقَالَتْ سَارَةُ لِإِبْرَاهِیمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَمَنِیَ الْوَلَدَ فَادْخُلْ عَلَی أَمَتِی وَ ابْنِ لَهَا (4)لَعَلِّی أَتَعَزَّی بِوَلَدٍ مِنْهَا (5)فَسَمِعَ إِبْرَاهِیمُ قَوْلَ سَارَةَ وَ أَطَاعَهَا فَانْطَلَقَتْ سَارَةُ امْرَأَةُ إِبْرَاهِیمَ بِهَاجَرَ أَمَتِهَا (6)وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا سَكَنَ إِبْرَاهِیمُ أَرْضَ كَنْعَانَ عَشْرَ سِنِینَ فَأَدْخَلَتْهَا عَلَی إِبْرَاهِیمَ زَوْجِهَا فَدَخَلَ إِبْرَاهِیمُ عَلَی هَاجَرَ فَحَبِلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ هَاجَرُ أَنَّهَا قَدْ حَمَلَتْ اسْتَسْفَهَتْ (7)هَاجَرُ سَارَةَ سَیِّدَتَهَا وَ هَانَتْ فِی عَیْنِهَا فَقَالَتْ سَارَةُ یَا إِبْرَاهِیمُ أَنْتَ صَاحِبُ ظُلَامَتِی إِنَّمَا وَضَعْتُ أَمَتِی فِی حِضْنِكَ فَلَمَّا حَبِلَتْ هُنْتُ عَلَیْهَا- (8)یَحْكُمُ الرَّبُّ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لِسَارَةَ امْرَأَتِهِ هَذِهِ أَمَتُكِ مُسَلَّمَةً فِی یَدِكِ فَاصْنَعِی بِهَا مَا أَحْبَبْتِ وَ حَسُنَ فِی عَیْنِكِ وَ سَرَّكِ وَ وَافَقَكِ (9)

ص: 118


1- فروع الكافی 1: 223. م.
2- فروع الكافی 1: 227. م.
3- فی المصدر: أمة مصریة. م.
4- أی ادخل علیها.
5- تعزی إلیه: انتسب به. و فی المصدر: أعثر بولد منها.
6- فی المصدر: أمتها المصریة. م.
7- لعله من سفه نفسه: أذلها و استخف بها. و فی المصدر: استسرها أی بالغ فی اخفائها.
8- فی المصدر: أنت ضامن ظلامتی. و الحضن: ما دون الابط الی الكشح، أو الصدر و العضدان و ما بینهما. هنت علیها لعله من هان الامر علی فلان أی لان و سهل، أو من هن عندی الیوم أی أقم عندی و استرح. و فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: أنا رفعت أمتی إلی حضنك، فلما رأت أنّها حامل تهاونت بی.
9- فی المصدر: و حسن فی عینیك ما سرك و وافقك.

فَأَهَانَتْهَا سَارَةُ سَیِّدَتُهَا فَهَرَبَتْ مِنْهَا فَلَقِیَهَا مَلَاكُ الرَّبِّ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ فِی الْبَرِّیَّةِ فِی طَرِیقِ حَذَارِ فَقَالَتْ لَهَا یَا هَاجَرُ (1)أَمَةَ سَارَةَ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتِ وَ أَیْنَ تُرِیدِینَ فَقَالَتْ أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ سَارَةَ سَیِّدَتِی فَقَالَ لَهَا مَلَاكُ الرَّبِّ انْطَلِقِی إِلَی سَیِّدَتِكِ وَ تَعَبَّدِی لَهَا (2)ثُمَّ قَالَ لَهَا مَلَاكُ الرَّبِّ عَنْ قَوْلِ الرَّبِّ أَنَا مُكْثِرُ ذَرْعِكِ وَ مُثْمِرُهُ حَتَّی لَا یُحْصَوْا مِنْ كَثْرَتِهِمْ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَلَاكُ الرَّبِّ إِنَّكِ حَبِلْتِ وَ سَتَلِدِینَ ابْناً وَ تَدْعِینَ اسْمَهُ إِسْمَاعِیلَ لِأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَرَفَ ذُلَّكِ وَ خُضُوعَكِ وَ یَكُونُ ابْنُكِ هَذَا وَحْشِیّاً مِنَ النَّاسِ یَدُهُ عَلَی كُلِّ یَدٍ (3)وَ سَیَجِلُّ عَلَی جَمِیعِ حُدُودِ إِخْوَتِهِ (4)قَالَ ثُمَّ قَالَ فِی السِّفْرِ الْعَاشِرِ قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ حَقّاً إِنَّ سَارَةَ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَ تُسَمِّیهِ إِسْحَاقَ (5)وَ أُثْبِتُ الْعَهْدَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ إِلَی الْأَبَدِ وَ لِذُرِّیَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ قَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ فِی إِسْمَاعِیلَ وَ بَرَّكْتُهُ وَ كَبَّرْتُهُ وَ أَنْمَیْتُهُ جَدّاً جَدّاً یُولَدُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَظِیماً وَ أَجْعَلُهُ رَئِیساً لِشِعْبٍ عَظِیمٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ كَرَاهَةَ سَارَةَ (6)لِمَقَامِ هَاجَرَ وَ إِسْمَاعِیلَ عِنْدَهَا قَالَ فَغَدَا إِبْرَاهِیمُ بَاكِراً فَأَخَذَ خُبُزاً وَ إِدَاوَةً (7)مِنْ مَاءٍ وَ أَعْطَاهُ هَاجَرَ

ص: 119


1- فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: فلما وجدها ملاك الرب عند معین الماء فی البریة التی هی فی طریق سور فی القفر قال لها: یا هاجر.
2- فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة: و اتضعی تحت یدیها.
3- فی المصدر هكذا: انك حبلی و ستلدین ابنا و تدعین اسمه إسماعیل لان الرب قد عرف ذلك بخضوعك، و یكون ابنك هذا حسنا عند الناس، و یده علی كل ید. و المصدر خالیة عن قوله: و سیجل علی جمیع حدود اخوته.
4- فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: و یده ضد للجمیع، و ید الجمیع ضده. و قباله جمیع اخوته ینصب المضارب.
5- فی هامش الكتاب هنا نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: و اقیم له میثاقی عهدا مؤبدا و لنسله من بعده، و علی إسماعیل استجبت لك، هو ذا اباركه و أكثره جدا فسیلد اثنی عشر رئیسا و أجعله لشعب كثیر.
6- فی المصدر هكذا: فصل فیما نذكره من الكراس الثالث عشر من الوجهة الأولی بعد ما ذكره من كراهیة سارة.
7- الاداوة: اناء صغیر من جلد.

فَحَمَلَهَا وَ الصَّبِیَّ وَ الطَّعَامَ فَأَرْسَلَهَا وَ انْطَلَقَتْ وَ تَاهَتْ فِی بَرِیَّةِ بِئْرٍ سَبْعٍ (1)وَ نَفِدَ الْمَاءُ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَأَلْقَتِ الصَّبِیَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ مِنْ شَجَرَةٍ الشِّیحِ- (2)فَانْطَلَقَتْ فَجَلَسَتْ قُبَالَتَهُ وَ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ كَرَمْیَةِ السَّهْمِ وَ رَفَعَتْ صَوْتَهَا (3)وَ بَكَتْ فَسَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَ الصَّبِیِّ فَدَعَا (4)مَلَاكُ الرَّبِّ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ یَا هَاجَرُ لَا تَخَافِی لِأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ الصَّبِیِّ حَیْثُ هُوَ قُوْمِی فَاحْمِلِی الصَّبِیَّ (5)وَ شُدِّی بِهِ یَدَیْكِ إِنِّی أَجْعَلُهُ رَئِیساً لِشِعْبٍ عَظِیمٍ وَ أَجْلَی اللَّهُ عَنْ بَصَرِهَا فَرَأَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَانْطَلَقَتْ فَمَلَأَتِ الْإِدَاوَةَ وَ سَقَتِ الْغُلَامَ وَ كَانَ اللَّهُ مَعَ الْغُلَامِ فَشَبَّ الْغُلَامُ وَ سَكَنَ بَرِیَّةَ فَارَانَ (6)وَ كَانَ یَتَعَلَّمُ الرَّمْیَ فِی تِلْكَ الْبَرِیَّةِ وَ زَوَّجَتْهُ أُمُّهُ (7)امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ (8).

ص: 120


1- فی المصدر فی بریة وسیعة، و لیست فیها «بئر سبع». قلت: السبع بالباء: ناحیة فی فلسطین بین بیت المقدس و الكرك فیه سبع آبار سمی الموضع بذلك، و یقال بالعبری: شبع بالشین. قال المصنّف رحمه اللّٰه فی هامش الكتاب: و قال الكفعمیّ فی شرح دعاء السمات: رقمها الشهید بالشین المعجمة و الیاء المثناة من تحت، فقیل: هی بئر طمست فأمر إسحاق ملكا اسمه أبو مالك أن یعیدها كما كانت و یكنسها و یرمی بقمامتها فیكون مأخوذا من قولك شاعت الناقة: إذا رمت ببولها، و یجوز أن یكون مأخوذا من الشیع و هی الاصحاب و الاعوان لتشایعهم علی حفرها و كنسها، و من قرأها بالسین و الباء المفردة فقال: إن إسحاق قال: و علیها ملكا یقال له أبو مالك و تعاهدا علی البئر بسبعة من الكباش فسمیت بذلك بئر سبع انتهی. و الأظهر علی نسخة الشین أیضا الباء الموحدة فان السین شین فی العبری.
2- فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: فطرحت الصبی تحت شجرة هناك و مضت فجلست بازائه من بعید نحو رمیة سهم لأنّها قالت: لا أری الصبی یموت، و جلست قبالته و رفعت صوتها.
3- فی المصدر: كرمیة السهم لأنّها قالت: لا اعابر برب الصبی فجلست إزاءه و رفعت صوتها.
4- فی نسخة: فنادی.
5- فی هامش الكتاب نقلا عن ترجمة التوراة هكذا: فخذی الصبی و أمسكی بیده.
6- قال یاقوت: فاران كلمة عبرانیة معربة، و هی من أسماء مكّة ذكرها فی التوراة، قیل: هو اسم لجبال مكّة.
7- فی المصدر: و زوجه أبیه. و لعله مصحف أبوه أو أمه.
8- سعد السعود: 41- 42. م.

«59»-كنز الفوائد، للكراجكی عن سالم الأعرج مولی بنی زریق (1)قال حفرنا بئرا فی دور بنی زریق فرأینا أثر حفر قدیم فعلمنا أنه حفر مستأثر فحفرناه فأفضینا إلی صخرة عظیمة فقلبناها فإذا رجل قاعد كأنه یتكلم فإذا هو لا یشبه الأموات فأصبنا فوق رأسه كتابة فیها أنا قادم (2)بن إسماعیل بن إبراهیم خلیل الرحمن هربت بدین الحق من أشملك (3)الكافر و أنا أشهد أن اللّٰه حق و وعده حق لا أشرك به شیئا و لا أتخذ من دونه ولیا

باب 6 قصة الذبح و تعیین الذبیح

الآیات؛

الصافات: «وَ قالَ إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ* رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ* فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ* فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَری قالَ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ* فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِینِ*(4)وَ نادَیْناهُ أَنْ یا إِبْراهِیمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِینُ *وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ* وَ تَرَكْنا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ* سَلامٌ عَلی إِبْراهِیمَ *كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِینَ* وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ* وَ بارَكْنا عَلَیْهِ وَ عَلی إِسْحاقَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِما مُحْسِنٌ وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِینٌ»(99-113)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ أی شب حتی بلغ سعیه

ص: 121


1- بتقدیم المعجمة علی المهملة أو بالعكس: كلاهما بطن من العرب، و لعلّ الصحیح هنا الأول.
2- هكذا فی النسخ، و فی المحبر: قیذم. و فی الطبریّ: قیدمان و قال: یقول بعضهم: قادمن.
3- فی نسخة: من الملك الكافر.
4- اصل معنی تله: اسقطه علی التل كقولك: تربه: اسقطه علی التراب.

سعی إبراهیم و المعنی بلغ إلی أن یتصرف و یمشی معه و یعینه علی أموره قالوا و كان یومئذ ابن ثلاث عشرة سنة.

و قیل یعنی بالسعی العمل لله و العبادة إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أی أبصرت فی المنام رؤیا تأویلها الأمر بذبحك فانظر ما ذا تراه من الرأی و الأولی أن یكون اللّٰه تعالی قد أوحی إلیه فی الیقظة بأن یمضی ما یأمره به فی حال نومه من حیث إن منامات الأنبیاء لا تكون إلا صحیحة فَلَمَّا أَسْلَما أی استسلما لأمر اللّٰه و رضیا به وَ تَلَّهُ لِلْجَبِینِ أی أضجعه علی جبینه و قیل وضع جبینه علی الأرض لئلا یری وجهه فتلحقه رقة الآباء و روی أنه قال اذبحنی و أنا ساجد لا تنظر إلی وجهی فعسی أن ترحمنی قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا أی فعلت ما أمرت به فی الرؤیا إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِینُ أی الامتحان الظاهر و الاختبار الشدید أو النعمة الظاهرة وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ الذبح هو المذبوح فقیل كان كبشا من الغنم قال ابن عباس هو الكبش الذی تقبل من هابیل حین قربه. (1)و قیل فدی بوعل (2)أهبط علیه من ثبیر (3)و سمی عظیما لأنه كان مقبولا أو لأن قدر غیره من الكباش یصغر بالإضافة إلیه و قیل لأنه رعی فی الجنة أربعین خریفا و قیل لأنه كان من عند اللّٰه كونه و لم یكن عن نسل و قیل لأنه فداء عبد عظیم وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ من قال إن الذبیح إسحاق قال یعنی بشرناه بنبوة إسحاق بصبره وَ بارَكْنا عَلَیْهِ وَ عَلی إِسْحاقَ أی و جعلنا فیما أعطیناهما من الخیر البركة و النماء و الثبات و یجوز أن یكون أراد كثرة ولدهما و بقاءهم قرنا بعد قرن إلی أن تقوم الساعة وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِما أی و من أولاد إبراهیم و إسحاق مُحْسِنٌ بالإیمان و الطاعة وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ بالكفر و المعاصی مُبِینٌ بیّن الظلم (4).

«1»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال الْقَطَّانُ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ

ص: 122


1- فعلیه وصفه بالعظیم لانه وقع موقع القبول حین قربه هابیل، أو لانه قتل بسببه هابیل.
2- الوعل: تیس الجبل قال البغدادیّ فی المحبر: كان اسم كبش إبراهیم: جریر.
3- ثبیر كشریف: اسم جبل بمكّة.
4- مجمع البیان 8: 452- 454. م.

قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ مَعْنَی قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا ابْنُ الذَّبِیحَیْنِ قَالَ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَمَّا إِسْمَاعِیلُ فَهُوَ الْغُلَامُ الْحَلِیمُ الَّذِی بَشَّرَ اللَّهُ بِهِ إِبْرَاهِیمَ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَری قالَ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ وَ لَمْ یَقُلْ لَهُ یَا أَبَتِ افْعَلْ مَا رَأَیْتَ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَی ذَبْحِهِ فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ بِكَبْشٍ أَمْلَحَ یَأْكُلُ فِی سَوَادٍ (1)وَ یَشْرَبُ فِی سَوَادٍ وَ یَنْظُرُ فِی سَوَادٍ وَ یَمْشِی فِی سَوَادٍ وَ یَبُولُ وَ یَبْعَرُ فِی سَوَادٍ وَ كَانَ یَرْتَعُ قَبْلَ ذَلِكَ فِی رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَرْبَعِینَ عَاماً وَ مَا خَرَجَ مِنْ رَحِمِ أُنْثَی وَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ لَهُ كُنْ فَكَانَ لِیَفْتَدِیَ بِهِ إِسْمَاعِیلَ (2)فَكُلُّ مَا یُذْبَحُ بِمِنًی فَهُوَ فِدْیَةٌ لِإِسْمَاعِیلَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَهَذَا أَحَدُ الذَّبِیحَیْنِ(3).

أقول: ثم ساق الخبر و ذكر قصة عبد اللّٰه و سیجی ء الخبر بتمامه.

ثم قال الصدوق رحمه اللّٰه: قد اختلفت الروایات فی الذبیح فمنها ما ورد بأنه إسماعیل و منها ما ورد بأنه إسحاق و لا سبیل إلی رد الأخبار متی صح طرقها و

كان الذبیح إسماعیل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنی أن یكون هو الذی أمر أبوه بذبحه فكان یصبر لأمر اللّٰه و یسلم له كصبر أخیه و تسلیمه فینال بذلك درجته فی الثواب فعلم اللّٰه عز و جل ذلك من قلبه فسماه بین ملائكته ذبیحا لتمنیه لذلك.

- و حدثنا بذلك (4)محمد بن علی بن بشار عن المظفر بن أحمد القزوینی عن محمد بن جعفر الكوفی الأسدی عن محمد بن إسماعیل البرمكی عن عبد اللّٰه بن

ص: 123


1- فی النهایة: فیه: أنه ضحی بكبش یطأ فی سواد، و ینظر فی سواد، و یبرك فی سواد أی اسود القوائم، فعلیه یكون المراد أن هذه المواضع منه كانت سودا، و قیل: إن المراد أنّه كان مقیما فی الحشیش و المرعی، و الخضرة إذا أشبعث مالت إلی السواد، أو كان ذا ظل عظیم لسمنه و عظم جثته بحیث یمشی فیه و یأكل و ینظر و یبعر مجازا فی السمن.
2- فی نسخة: لیفدی به إسماعیل.
3- عیون الأخبار: 117، الخصال ج 1: 29. م.
4- لم یذكر العدة فی العیون بل قال: و قد أخرجت الخبر فی ذلك مسندا فی كتاب النبوّة. نعم ذكره فی الخصال.

داهر (1)عن أبی قتادة الحرانی (2)عن وكیع بن الجراح عن سلیمان بن مهران عن أبی عبد اللّٰه الصادق جعفر بن محمد علیهما السلام.

و قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنا ابن الذبیحین یؤید ذلك (3)لأن العم قد سماه اللّٰه عز و جل أبا فی قوله أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ یَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِیهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِی قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ (4)و كان إسماعیل عم یعقوب فسماه اللّٰه فی هذا الموضع أبا

وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَمُّ وَالِدٌ.

فعلی هذا الأصل أیضا یطرد (5)قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنا ابن الذبیحین أحدهما ذبیح بالحقیقة و الآخر ذبیح بالمجاز و استحقاق الثواب علی النیة و التمنی فالنبی صلی اللّٰه علیه و آله هو ابن الذبیحین من وجهین علی ما ذكرناه. و للذبح العظیم وجه آخر

حَدَّثَنَا ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ أَنْ یَذْبَحَ مَكَانَ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ الْكَبْشَ الَّذِی أَنْزَلَهُ عَلَیْهِ تَمَنَّی إِبْرَاهِیمُ أَنْ یَكُونَ قَدْ ذَبَحَ ابْنَهُ إِسْمَاعِیلَ بِیَدِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ یُؤْمَرْ بِذَبْحِ الْكَبْشِ مَكَانَهُ لِیَرْجِعَ إِلَی قَلْبِهِ مَا یَرْجِعُ إِلَی قَلْبِ الْوَالِدِ الَّذِی یَذْبَحُ أَعَزَّ وُلْدِهِ عَلَیْهِ بِیَدِهِ فَیَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَی الْمَصَائِبِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا إِبْرَاهِیمُ مَنْ أَحَبُّ خَلْقِی إِلَیْكَ فَقَالَ یَا رَبِّ مَا خَلَقْتَ خَلْقاً هُوَ

ص: 124


1- بالدال المهملة لعله عبد اللّٰه بن داهر بن یحیی بن داهر الرازیّ أبو سلیمان المعروف بالاحمری المترجم فی لسان المیزان 3 ص 282 و فی فهرست النجاشیّ ص 158 و اسم داهر محمد.
2- هو عبد اللّٰه بن واقد الحرّانیّ أبو قتادة المتوفی فی 210 كان أصله من خراسان ترجمه ابن حجر فی التقریب ص 295.
3- هكذا فی طبعه القدیم، و فی الجدید نقله عن نسخ خطیة هكذا: یرید بذلك العم. قلت أی یرید بأحدهما العم و هو إسحاق و بالآخر الأب و هو إسماعیل، و قد عرفت قبل ذلك فی الخبر الأوّل خلاف ذلك و هو أن أحدهما جده إسماعیل، و الآخر أبوه عبد اللّٰه.
4- البقرة: 133.
5- من اطرد الامر أی تبع بعضه بعضا و استقام، و تماثلت أحكامه.

أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ حَبِیبِكَ مُحَمَّدٍ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَیْكَ أَمْ نَفْسُكَ- (1)قَالَ بَلْ هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ نَفْسِی قَالَ فَوَلَدُهُ أَحَبُّ إِلَیْكَ أَمْ وَلَدُكَ قَالَ بَلْ وَلَدُهُ قَالَ فَذَبْحُ وَلَدِهِ ظُلْماً عَلَی أَیْدِی أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِكَ أَوْ ذَبْحُ وَلَدِكَ بِیَدِكَ فِی طَاعَتِی قَالَ یَا رَبِّ بَلْ ذَبْحُهُ عَلَی أَیْدِی أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِی قَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ فَإِنَّ طَائِفَةً تَزْعُمُ أَنَّهَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ سَتَقْتُلُ الْحُسَیْنَ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً كَمَا یُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ یَسْتَوْجِبُونَ بِذَلِكَ سَخَطِی فَجَزِعَ إِبْرَاهِیمُ لِذَلِكَ وَ تَوَجَّعَ قَلْبُهُ وَ أَقْبَلَ یَبْكِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا إِبْرَاهِیمُ قَدْ فَدَیْتُ جَزَعَكَ عَلَی ابْنِكَ إِسْمَاعِیلَ لَوْ ذَبَحْتَهُ بِیَدِكَ بِجَزَعِكَ (2)عَلَی الْحُسَیْنِ وَ قَتْلِهِ وَ أَوْجَبْتُ لَكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَی الْمَصَائِبِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ. (3)

أقول: قد روی هذا الخبر فی ن عیون أخبار الرضا علیه السلام أیضا (4).

«2»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ التَّرْوِیَةِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ ارْتَوِ مِنَ الْمَاءِ لَكَ وَ لِأَهْلِكَ وَ لَمْ یَكُنْ بَیْنَ مَكَّةَ وَ عَرَفَاتٍ مَاءٌ فَسُمِّیَتِ التَّرْوِیَةَ لِذَلِكَ فَذَهَبَ بِهِ حَتَّی انْتَهَی بِهِ إِلَی مِنًی فَصَلَّی بِهِ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْعِشَاءَیْنِ وَ الْفَجْرَ حَتَّی إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ إِلَی عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَ هِیَ بَطْنُ عُرَنَةَ (5)فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ وَ قَدِ اغْتَسَلَ فَصَلَّی الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَیْنِ وَ صَلَّی فِی مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِی بِعَرَفَاتٍ وَ قَدْ كَانَتْ ثَمَّ أَحْجَارٌ بِیْضٌ فَأُدْخِلَتْ فِی الْمَسْجِدِ الَّذِی بُنِیَ ثُمَّ مَضَی بِهِ إِلَی الْمَوْقِفِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ اعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ وَ اعْرِفْ مَنَاسِكَكَ وَ لِذَلِكَ سُمِّیَتْ عَرَفَةَ وَ أَقَامَ بِهِ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ

ص: 125


1- فی نسخة: أو نفسك.
2- فی نسخة من المصدر: قد قبلت جزعك.
3- الخصال ج 1: 30- 31. م.
4- عیون الأخبار: 116- 117. م.
5- بالفتح فالكسر: ناحیة بعرفة. و عرنة كهمزة: واد بحذاء عرفات. و قیل: بطن عرنة: مسجد عرفة و المسیل كله.

ثُمَّ أَفَاضَ بِهِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ ازْدَلِفْ إِلَی الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَسُمِّیَتِ الْمُزْدَلِفَةَ وَ أَتَی بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَصَلَّی بِهِ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَیْنِ ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّی إِذَا صَلَّی بِهَا صَلَاةَ الصُّبْحِ أَرَاهُ الْمَوْقِفَ ثُمَّ أَفَاضَ بِهِ إِلَی مِنًی فَأَمَرَهُ فَرَمَی جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَ عِنْدَهَا ظَهَرَ لَهُ إِبْلِیسُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالذَّبْحِ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حِینَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ بَاتَ عَلَی الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَ هُوَ قُزَحُ (1)فَرَأَی فِی النَّوْمِ أَنْ یَذْبَحَ ابْنَهُ (2)وَ قَدْ كَانَ حَجَّ بِوَالِدَتِهِ- (3)فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی مِنًی رَمَی الْجَمْرَةَ (4)هُوَ وَ أَهْلُهُ وَ أَمَرَ سَارَةَ أَنْ زُورِی الْبَیْتَ وَ احْتَبَسَ الْغُلَامَ (5)فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَی مَوْضِعِ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَی فَاسْتَشَارَ ابْنَهُ وَ قَالَ كَمَا حَكَی اللَّهُ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَری فَقَالَ الْغُلَامُ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ امْضِ لِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ وَ سَلَّمَا لِأَمْرِ اللَّهِ- (6)وَ أَقْبَلَ شَیْخٌ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ مَا تُرِیدُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ قَالَ أُرِیدُ أَنْ أَذْبَحَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَذْبَحُ غُلَاماً لَمْ یَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَیْنٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِذَلِكَ فَقَالَ رَبُّكَ یَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا أَمَرَكَ بِهَذَا الشَّیْطَانُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ وَیْلَكَ إِنَّ الَّذِی بَلَّغَنِی هَذَا الْمَبْلَغَ هُوَ الَّذِی أَمَرَنِی بِهِ وَ الْكَلَامَ الَّذِی وَقَعَ فِی أُذُنِی فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ بِهَذَا إِلَّا الشَّیْطَانُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لَا وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ ثُمَّ عَزَمَ عَلَی الذَّبْحِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ إِنَّكَ إِمَامٌ یُقْتَدَی بِكَ وَ إِنَّكَ إِنْ ذَبَحْتَهُ ذَبَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ فَلَمْ یُكَلِّمْهُ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْغُلَامِ وَ اسْتَشَارَهُ فِی الذَّبْحِ فَلَمَّا أَسْلَمَا

ص: 126


1- فی المصدر: و هو فرغ و فی نسخة: و هو فرح. و لعلها مصحفان. و قزح بالضم فالفتح: القرن الذی یقف الامام عنده بالمزدلفة عن یمین الامام و هو المیقدة و هو الموضع الذی كانت توقد فیه النیران فی الجاهلیة، و هو موقف قریش فی الجاهلیة إذ كانت لا تقف بعرفة؛ قاله یاقوت فی المعجم. قلت القرن باسكان الراء: الجبل الصغیر.
2- فی نسخة: انه یذبح ابنه.
3- فی المصدر: بوالدته سارة و أهله. م.
4- فی نسخة: رمی جمرة العقبة.
5- فی المصدر و نسخة: و مرت سارة الی البیت و احتبس الغلام؛ الا ان فی النسخة: و أخذ الغلام.
6- فی نسخة: و سلما للّٰه الامر.

جَمِیعاً لِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ الْغُلَامُ یَا أَبَتَاهْ خَمِّرِّ وَجْهِی (1)وَ شُدَّ وَثَاقِی فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ یَا بُنَیَّ الْوَثَاقَ مَعَ الذَّبْحِ لَا وَ اللَّهِ لَا أَجْمَعُهُمَا عَلَیْكَ الْیَوْمَ فَرَمَی لَهُ بِقُرْطَانِ الْحِمَارِ ثُمَّ أَضْجَعَهُ عَلَیْهِ وَ أَخَذَ الْمُدْیَةَ فَوَضَعَهَا عَلَی حَلْقِهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ انْتَحَی عَلَیْهِ الْمُدْیَةَ وَ قَلَبَ جَبْرَئِیلُ الْمُدْیَةَ عَلَی قَفَاهَا (2)وَ اجْتَرَّ الْكَبْشَ مِنْ قِبَلِ ثَبِیرٍ وَ أَثَارَ الْغُلَامَ مِنْ تَحْتِهِ وَ وَضَعَ الْكَبْشَ مَكَانَ الْغُلَامِ وَ نُودِیَ مِنْ مَیْسَرَةِ مَسْجِدِ الْخَیْفِ أَنْ یا إِبْراهِیمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِینُ (3)قَالَ وَ لَحِقَ إِبْلِیسُ بِأُمِّ الْغُلَامِ حِینَ نَظَرَتْ إِلَی الْكَعْبَةِ فِی وَسْطِ الْوَادِی بِحِذَاءِ الْبَیْتِ فَقَالَ لَهَا مَا شَیْخٌ رَأَیْتُهُ قَالَتْ ذَاكَ بَعْلِی قَالَ فَوَصِیفٌ رَأَیْتُهُ مَعَهُ قَالَتْ ذَاكَ ابْنِی قَالَ فَإِنِّی رَأَیْتُهُ وَ قَدْ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْیَةَ لِیَذْبَحَهُ فَقَالَتْ كَذَبْتَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ أَرْحَمُ النَّاسِ كَیْفَ یَذْبَحُ ابْنَهُ قَالَ فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رَبِّ هَذَا الْبَیْتِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْیَةَ فَقَالَتْ وَ لِمَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكِ قَالَتْ فَحَقٌّ لَهُ أَنْ یُطِیعَ رَبَّهُ فَوَقَعَ فِی نَفْسِهَا أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ فِی ابْنِهَا بِأَمْرٍ فَلَمَّا قَضَتْ نُسُكَهَا (4)أَسْرَعَتْ فِی الْوَادِی رَاجِعَةً إِلَی مِنًی وَ هِیَ وَاضِعَةٌ یَدَهَا عَلَی رَأْسِهَا تَقُولُ یَا رَبِّ لَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا عَمِلْتُ بِأُمِّ إِسْمَاعِیلَ قُلْتُ فَأَیْنَ أَرَادَ أَنْ یَذْبَحَهُ قَالَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَی قَالَ وَ نَزَلَ الْكَبْشُ عَلَی الْجَبَلِ الَّذِی عَنْ یَمِینِ مَسْجِدِ مِنًی نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَ یَأْكُلُ فِی سَوَادٍ وَ یَمْشِی فِی سَوَادٍ أَقْرَنَ قُلْتُ مَا كَانَ لَوْنُهُ قَالَ كَانَ أَمْلَحَ أَغْبَرَ (5).

«3»-قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی وَ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْنَاهُ عَنْ صَاحِبِ الذِّبْحِ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام وَ رُوِیَ َ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ أَنَا ابْنُ الذَّبِیحَیْنِ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

ص: 127


1- أی استر وجهی.
2- فی نسخة: و قلبها جبرئیل علی قفاها.
3- الآیة الأخیرة لیست فی المصدر. م.
4- فی نسخة: فلما قضت مناسكها.
5- الاغبر: ما لونه الغبرة. و فی نسخة: الاعین و هو الذی عظم سواد عینه فی سعة.

فهذان الخبران عن الخاص فی الذبیح قد اختلفا فی إسحاق و إسماعیل و قد روت العامة خبرین مختلفین فی إسماعیل و إسحاق. (1)بیان قوله علیه السلام و الكلام الذی وقع فی أذنی لعله معطوف علی الموصول المتقدم أی الكلام الذی وقع فی أذنی أمرنی بهذا فیكون كالتفسیر لقوله الذی بلغنی هذا المبلغ أو المراد بالأول الرب تعالی و بالثانی وحیه و یحتمل أن یكون خبرا لمبتدإ محذوف أی و هو الكلام الذی وقع فی أذنی و فی الكافی ویلك الكلام الذی سمعت هو الذی بلغ بی ما تری. (2)و علی التقادیر المراد أن هذا الوحی هو الذی جعلنی نبیا و لا أشك فیه و القرطان البرزعة و هی الحلس الذی یلقی تحت الرحل و قال الجوهری أنحیت علی حلقه السكین أی عرضت له و قال الفیروزآبادی انتحی جد و فی الشی ء اعتمد و الوصیف كأمیر الخادم و الخادمة و إنما عبر الملعون هكذا تجاهلا عن أنه ابنه لیكون أبعد عن التهمة و الملحة بیاض یخالطه سواد و الأعین عظیم العین و فی بعض النسخ أغبر و لعله أظهر.

«4»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدَوَیْهِ بْنِ عَامِرٍ جَمِیعاً عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَ مَا مَرَّ فِی خَبَرِ مُعَاوِیَةَ وَ فِیهِ ثُمَّ انْتَحَی عَلَیْهِ فَقَلَبَهَا جَبْرَئِیلُ عَنْ حَلْقِهِ فَنَظَرَ إِبْرَاهِیمُ فَإِذَا هِیَ مَقْلُوبَةٌ فَقَلَبَهَا إِبْرَاهِیمُ عَلَی حَدِّهَا وَ قَلَبَهَا جَبْرَئِیلُ عَلَی قَفَاهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً ثُمَّ نُودِیَ مِنْ مَیْسَرَةِ مَسْجِدِ الْخَیْفِ یَا إِبْرَاهِیمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا وَ اجْتَرَّ الْغُلَامَ مِنْ تَحْتِهِ وَ فِی آخِرِهِ قَالَ فَلَمَّا جَاءَتْ سَارَةُ فَأُخْبِرَتِ الْخَبَرَ قَامَتْ إِلَی ابْنِهَا تَنْظُرُ فَإِذَا أَثَّرَ السِّكِّینُ خُدُوشاً فِی حَلْقِهِ فَفَزِعَتْ وَ اشْتَكَتْ وَ كَانَ بَدْوَ مَرَضِهَا الَّذِی هَلَكَتْ فَذَكَرَ أَبَانٌ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ أَرَادَ أَنْ یَذْبَحَهُ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی حَمَلَتْ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَی فَلَمْ یَزَلْ مَضْرَبَهُمْ یَتَوَارَثُونَهُ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ

ص: 128


1- تفسیر القمّیّ: 557- 559. م.
2- فروع الكافی 1: 222. م.

حَتَّی كَانَ آخِرَ مَنِ ارْتَحَلَ مِنْهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی شَیْ ءٍ كَانَ بَیْنَ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَیْنَ بَنِی أُمَیَّةَ فَارْتَحَلَ فَضَرَبَ بِالْعَرِینِ (1).

«5»-فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِمْ قَالَ: سَأَلَ مَلِكُ الرُّومِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ لَمْ تَرْكُضْ فِی رَحِمٍ فَقَالَ علیه السلام أَوَّلُ هَذَا آدَمُ ثُمَّ حَوَّاءُ ثُمَّ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ نَاقَةُ اللَّهِ ثُمَّ إِبْلِیسُ الْمَلْعُونُ ثُمَّ الْحَیَّةُ ثُمَّ الْغُرَابُ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ (2).

«6»-ل، الخصال مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَشْكُرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنِ الْحَسَنِ علیه السلام مِثْلَهُ (3)

«7»-ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ قَالَ: سَأَلَ الْحُسَیْنُ بْنُ أَسْبَاطٍ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام وَ أَنَا أَسْمَعُ عَنِ الذَّبِیحِ إِسْمَاعِیلُ أَوْ إِسْحَاقُ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ (4).

«8»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ سِتَّةٍ لَمْ یَرْكُضُوا فِی رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَصَا مُوسَی وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ الْخُفَّاشُ الَّذِی عَمِلَهُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فَطَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (5).

«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَنْبَسَةَ بْنِ عُمَرَ وَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: الذَّبِیحُ إِسْمَاعِیلُ (6).

ص: 129


1- فروع الكافی 1: 222، و فیه اختلافات راجعه. و العرین كامیر فی المعجم هو قباب مكّة. و فی المجمع: فی الحدیث: «ارتحل فضرب بالعرین» هو كأمیر فناء الدار و البلد، و عرنة كهمزة و فی لغة بضمتین: موضع بعرفات و لیس من الموقف.
2- تفسیر القمّیّ: 598. و أخرجه المصنّف بتمامه فی باب مناظرات الحسن و الحسین علیهما السلام راجع ج 10 ص 129- 131.
3- الخصال ج 2: 8. م.
4- قرب الإسناد: 173. م.
5- الخصال ج 1: 156، علل الشرائع: 198، العیون ص 135 و قد اخرج المصنّف الحدیث بتمامه فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10: 75- 83.
6- أمالی الشیخ ص 215- 216. م.

«10»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ صَارَ الطِّحَالُ حَرَاماً وَ هُوَ مِنَ الذَّبِیحَةِ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام هَبَطَ عَلَیْهِ الْكَبْشُ مِنْ ثَبِیرٍ وَ هُوَ جَبَلٌ بِمَكَّةَ لِیَذْبَحَهُ أَتَاهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ لَهُ أَعْطِنِی نَصِیبِی مِنْ هَذَا الْكَبْشِ قَالَ وَ أَیُّ نَصِیبٍ لَكَ وَ هُوَ قُرْبَانٌ لِرَبِّی وَ فِدَاءٌ لِابْنِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنَّ لَهُ فِیهِ نَصِیباً وَ هُوَ الطِّحَالُ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الدَّمِ وَ حَرُمَ الْخُصْیَتَانِ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعٌ لِلنِّكَاحِ وَ مَجْرًی لِلنُّطْفَةِ فَأَعْطَاهُ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الطِّحَالَ وَ الْأُنْثَیَیْنِ وَ هُمَا الْخُصْیَتَانِ قَالَ فَقُلْتُ فَكَیْفَ حَرُمَ النُّخَاعُ قَالَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْمَاءِ الدَّافِعِ مِنْ كُلِّ ذَكَرٍ وَ أُنْثَی وَ هُوَ الْمُخُّ الطَّوِیلُ الَّذِی یَكُونُ فِی فَقَارِ الظَّهْرِ (1).

«11»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِیرٍ الرَّقِّیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ إِسْمَاعِیلُ أَوْ إِسْحَاقُ وَ أَیُّهُمَا كَانَ الذَّبِیحَ فَقَالَ كَانَ إِسْمَاعِیلُ أَكْبَرَ مِنْ إِسْحَاقَ بِخَمْسِ سِنِینَ وَ كَانَ الذَّبِیحُ إِسْمَاعِیلَ وَ كَانَتْ مَكَّةُ مَنْزِلَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِنَّمَا أَرَادَ إِبْرَاهِیمُ أَنْ یَذْبَحَ إِسْمَاعِیلَ أَیَّامَ الْمَوْسِمِ بِمِنًی قَالَ وَ كَانَ بَیْنَ بِشَارَةِ اللَّهِ لِإِبْرَاهِیمَ بِإِسْمَاعِیلَ وَ بَیْنَ بِشَارَتِهِ بِإِسْحَاقَ خَمْسَ سِنِینَ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حَیْثُ یَقُولُ رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ إِنَّمَا سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَرْزُقَهُ غُلَاماً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ قَالَ فِی سُورَةِ الصَّافَّاتِ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ مِنْ هَاجَرَ قَالَ فَفُدِیَ إِسْمَاعِیلُ بِكَبْشٍ عَظِیمٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ وَ بارَكْنا عَلَیْهِ وَ عَلی إِسْحاقَ یَعْنِی بِذَلِكَ إِسْمَاعِیلَ قَبْلَ الْبِشَارَةِ بِإِسْحَاقَ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِیلَ وَ أَنَّ الذَّبِیحَ إِسْحَاقُ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ مِنْ نَبَئِهِمَا (2).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بإسناده إلی الصدوق مثله (3).

«12»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ

ص: 130


1- علل الشرائع: 188. م.
2- معانی الأخبار: 111. م.
3- مخطوط. م.

أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَیْئاً أَكْرَمَ مِنَ الضَّأْنِ لَفَدَی بِهِ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (1).

«13»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَظُنُّهُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: لَوْ خَلَقَ اللَّهُ مُضْغَةً هِیَ أَطْیَبُ مِنَ الضَّأْنِ لَفَدَی بِهَا إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (2).

«14»-كا، الكافی بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ خَیْراً مِنَ الضَّأْنِ لَفَدَی بِهِ قَالَ یَعْنِی إِسْحَاقَ (3)هَكَذَا جَاءَ فِی الْحَدِیثِ (4).

«15»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُقَرِّنٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ یَعْقُوبُ إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ نُبْتَلَی فَقَدِ ابْتُلِیَ أَبُونَا إِبْرَاهِیمُ بِالنَّارِ فَوَقَاهُ اللَّهُ وَ ابْتُلِیَ أَبُونَا إِسْحَاقُ بِالذَّبْحِ(5).

«16»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سَارَةَ قَالَتْ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَدْ كَبِرْتَ فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَكَ وَلَداً فَیُقِرَّ أَعْیُنَنَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اتَّخَذَكَ خَلِیلًا وَ هُوَ مُجِیبٌ دَعْوَتَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَسَأَلَ إِبْرَاهِیمُ رَبَّهُ أَنْ یَرْزُقَهُ غُلَاماً عَلِیماً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ غُلَاماً عَلِیماً ثُمَّ أَبْلُوكَ فِیهِ بِالطَّاعَةِ لِی قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَمَكَثَ إِبْرَاهِیمُ بَعْدَ الْبِشَارَةِ ثَلَاثَ سِنِینَ ثُمَّ جَاءَتْهُ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ بِإِسْمَاعِیلَ مَرَّةً أُخْرَی بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِینَ (6).

«17»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام أَیْنَ أَرَادَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَنْ یَذْبَحَ ابْنَهُ قَالَ عَلَی الْجَمْرَةِ الْوُسْطَی وَ سَأَلْتُهُ عَنْ كَبْشِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مَا كَانَ لَوْنُهُ وَ أَیْنَ نَزَلَ فَقَالَ أَمْلَحَ وَ كَانَ أَقْرَنَ وَ

ص: 131


1- فروع الكافی 2: 168. م.
2- فروع الكافی 2: 167- 168 و هذا جزء من الحدیث. م.
3- الظاهر أن التفسیر من الراوی، و قد تقدم عن سعد بن سعد راوی الحدیث أن الذبیح إسماعیل.
4- فروع الكافی 2: 168. م.
5- مخطوط. م.
6- مخطوط. م.

نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَی الْجَبَلِ الْأَیْمَنِ مِنْ مَسْجِدِ مِنًی وَ كَانَ یَمْشِی فِی سَوَادٍ وَ یَأْكُلُ فِی سَوَادٍ وَ یَنْظُرُ وَ یَبْعَرُ وَ یَبُولُ فِی سَوَادٍ (1).

فوائد لا بد من التعرض لها الأولی فی تعیین الذبیح قال الرازی فی تفسیره اختلفوا فی أن هذا الذبیح من هو فقیل إنه إسحاق و قیل إن هذا قول (2)عمر و علی و العباس بن عبد المطلب و ابن مسعود و كعب الأحبار و قتادة و سعید بن جبیر و مسروق و عكرمة و الزهری و السدی و مقاتل و قیل إنه إسماعیل و هو قول ابن عباس و ابن عمر و سعید بن المسیب و الحسن و الشعبی و مجاهد و الكلبی.

و احتج القائلون بأنه إسماعیل بوجوه

الْأَوَّلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَنَا ابْنُ الذَّبِیحَیْنِ وَ قَالَ لَهُ أَعْرَابِیٌّ یَا ابْنَ الذَّبِیحَیْنِ فَتَبَسَّمَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَ نَذَرَ إِنْ سَهَّلَ اللَّهُ (3)لَهُ أَمْرَهَا لَیَذْبَحَنَّ أَحَدَ وُلْدِهِ فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ وَ قَالُوا لَهُ افْدِ ابْنَكَ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ وَ الذَّبِیحُ الثَّانِی إِسْمَاعِیلُ.

الحجة الثانیة نقل عن الأصمعی أنه قال سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبیح فقال أیا أصمعی أین عقلك و متی كان إسحاق بمكة و إنما كان إسماعیل بمكة و هو الذی بنی البیت مع أبیه و النحر بمكة.

الحجة الثالثة أن اللّٰه تعالی وصف إسماعیل بالصبر دون إسحاق فی قوله وَ إِسْماعِیلَ وَ إِدْرِیسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِینَ و هو صبره علی الذبح فوفی به.

الحجة الرابعة قوله تعالی فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فنقول لو كان الذبیح إسحاق لكان الأمر بذبحه قبل ظهور یعقوب منه أو بعد ذلك و الأول باطل لأنه تعالی لما بشره بإسحاق و بشر معه بأنه یحصل منه یعقوب فقبل ظهور یعقوب منه لم یجز الأمر بذبحه و إلا حصل الخلف فی قوله وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ و الثانی

ص: 132


1- فروع الكافی 1: 222. م.
2- فی المصدر: و هذا قول عمر اه. م.
3- فی المصدر: نذر للّٰه لئن سهل اه. م.

باطل لأن قوله فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ یدل علی أن ذلك الابن لما قدر علی السعی و وصل إلی حد القدرة علی الفعل أمر اللّٰه تعالی إبراهیم بذبحه و هذه تنافی وقوع هذه القصة فی زمان آخر فثبت أنه لا یجوز أن یكون الذبیح هو إسحاق.

الحجة الخامسة حكی اللّٰه تعالی عنه أنه قال إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ ثم طلب من اللّٰه تعالی ولدا لیستأنس به فی غربته قال رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ و هذا السؤال إنما یحسن قبل أن یحصل له الولد لأنه لو حصل له ولد واحد لما طلب الولد الواحد لأن طلب الحاصل محال و قوله هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ لا یفید إلا طلب الواحد و كلمة من للتبعیض و أقل درجات البعضیة الواحد فكان قوله مِنَ الصَّالِحِینَ لا یفید إلا طلب الولد الواحد فثبت أن هذا السؤال لا یحسن إلا عند عدم كل الأولاد فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الأول و أجمع الناس علی أن إسماعیل متقدم فی الوجود علی إسحاق فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعیل ثم إن اللّٰه تعالی ذكر عقیبه قصة الذبح فوجب أن یكون الذبیح هو إسماعیل.

الحجة السادسة الأخبار كثیرة فی تعلیق قرنی الكبش بالكعبة و كان الذبح بمكة و لو كان الذبیح إسحاق لكان الذبح بالشام.

و احتج من قال بأنه إسحاق بأن أول الآیة و آخرها یدل علی ذلك أما أولها فإنه تعالی حكی عن إبراهیم علیه السلام قبل هذه الآیة أنه قال إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ و أجمعوا علی أن المراد مهاجرته إلی الشام ثم قال فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ فوجب أن یكون هذا الغلام الحلیم قد حصل له فی الشام و ذلك الغلام لیس إلا إسحاق ثم قال بعده فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ هو ذلك الغلام الذی حصل فی الشام فثبت أن مقدمة هذه الآیة تدل علی أن الذبیح هو إسحاق و أما مؤخرة الآیة فهی أیضا تدل علی ذلك لأنه تعالی لما تمم قصة الذبیح قال بعده وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ و معناه أنه بشره بكونه نبیا من الصالحین و ذكر هذه البشارة عند حكایة تلك القصة یدل علی أنه تعالی إنما بشره بهذه النبوة لأجل أنه تحمل الشدائد فی قصة الذبح

ص: 133

فثبت لما ذكرنا أن أول الآیة و آخرها یدل علی أن الذبیح هو إسحاق علیه السلام. الحجة الثانیة ما اشتهر من كتاب یعقوب علیه السلام (1)من یعقوب إسرائیل اللّٰه بن إسحاق ذبیح اللّٰه بن إبراهیم خلیل اللّٰه.

فهذا جملة الكلام فی هذا الباب و كان الزجاج یقول اللّٰه أعلم أیهما الذبیح.

و اعلم أنه یتفرع علی ما ذكرناه اختلافهم فی موضع الذبح فالذین قالوا الذبیح هو إسماعیل قالوا كان المذبح بمنی و الذین قالوا إنه إسحاق قالوا هو بالشام و قیل بیت المقدس و اللّٰه أعلم انتهی. (2)و قال الشیخ أمین الدین الطبرسی قدس اللّٰه روحه بعد ذكر القولین و كلا القولین قد رواه أصحابنا عن أئمتنا علیهم السلام إلا أن الأظهر فی الروایات أنه إسماعیل ثم ذكر بعض ما مر من الوجوه ثم قال و حجة من قال إنه إسحاق أن أهل الكتابین أجمعوا علی ذلك و جوابه أن إجماعهم لیس بحجة و قولهم غیر مقبول و روی محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظی (3)قال كنت عند عمر بن عبد العزیز فسألنی عن الذبیح فقلت إسماعیل و استدللت بقوله وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ فأرسل إلی رجل بالشام كان یهودیا و أسلم و حسن إسلامه و كان یری أنه من علماء الیهود فسأله عمر بن عبد العزیز عن ذلك و أنا عنده فقال إسماعیل ثم قال و اللّٰه یا أمیر المؤمنین إن الیهود لیعلم ذلك و لكنهم یحسدونكم معشر العرب علی أن یكون أبوكم الذی كان من أمر اللّٰه فیه ما كان فهم یجحدون ذلك و یزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم انتهی. (4)

أقول: لا یخفی ضعف ما احتجوا به علی القول الأخیر سوی الأخبار الدالة علی ذلك لكن یعارضها ما هو أكثر و أصح منها و یؤیدها ما ذكر من الوجوه أولا و إن كان بعضها لا یخلو من وهن و اشتهار هذا القول بین علماء الشیعة و محدثیهم فی جمیع الأعصار.

ص: 134


1- فی المصدر: من كتاب یعقوب علیه السلام إلی یوسف. م.
2- مفاتیح الغیب 7: 155- 156. م.
3- بضم القاف و فتح الراء نسبة إلی قریظة.
4- مجمع البیان 8: 453. م.

و أما الجمع بین الأخبار فیمكن حمل الأخبار الدالة علی المذهب الثانی علی التقیة بأن یكون زمان صدور الخبر هذا القول أشهر بین علماء المخالفین و یمكن حمل بعضها علی ما مر فی الخبر من تمنی الذبح و یمكن الجمع أیضا بالقول بوقوعهما معا إن لم ینعقد إجماع علی كون الذبیح أحدهما.

وَ قَالَ الْكُلَیْنِیُّ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ رِوَایَةَ عُقْبَةَ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَذَّنَ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَهُ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ.

قال و حج إبراهیم علیه السلام هو و أهله و ولده و قال فمن زعم أن الذبیح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه.

وَ ذَكَرَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَزْعُمَانِ أَنَّهُ إِسْحَاقُ وَ أَمَّا زُرَارَةُ فَزَعَمَ أَنَّهُ إِسْمَاعِیلُ (1).

و غرضه رحمه اللّٰه من هذا الكلام رفع استبعاد عن كون إسحاق ذبیحا بأن إسحاق كان بالشام و الذی كان بمكة إسماعیل علیه السلام فكون إسحاق ذبیحا مستبعد فدفع هذا الاستبعاد بأن هذا الخبر یدل علی أن إبراهیم علیه السلام قد حج مع أهله و ولده فیمكن أن یكون الأمر بذبح إسحاق فی هذا الوقت و یظهر منه رحمه اللّٰه أنه فی ذلك من المتوقفین. (2)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه و من قال إن الذبیح إسماعیل فمنهم محمد بن إسحاق بن بشار (3)و ذكر أن إبراهیم كان إذا زار إسماعیل و هاجر حمل علی البراق فیغدو من الشام فیقیل بمكة و یروح (4)من مكة فیبیت عند أهله بالشام حتی إذا بلغ السعی أری فی

ص: 135


1- فروع الكافی 1: 221. م.
2- لا یستفاد منه توقفه قدّس سرّه، لانه ذكر دلیل المخالف فقط من دون أن یوعز إلی الخلاف أو الوفاق فیمكن أن یكون قدّس سرّه اكتفی بالشهرة أو الإجماع بین الإمامیّة من أنّه إسماعیل.
3- هكذا فی النسخ و هو مصحف و الصحیح محمّد بن إسحاق بن یسار و هو محمّد بن إسحاق بن یسار أبو بكر المطلبی مولاهم المدنیّ نزیل العراق إمام المغازی، أورده الشیخ فی رجاله فی أصحاب الباقر و الصادق علیهما السلام، و قال: روی عنهما، و ترجمه العامّة فی كتبهم و بالغوا فی الثناء علیه، و ارخ وفاته الشیخ فی سنة احدی و خمسین و مائة و ابن حجر فی سنة 150.
4- یقیل أی ینام فی القائلة أی منتصف النهار. یروح أی یذهب فی الرواح أی العشی.

المنام أن یذبحه فقال له یا بنی خذ الحبل و المدیة ثم انطلق بنا إلی هذا الشعب لنحتطب (1)فلما خلا إبراهیم بابنه فی شعب ثبیر أخبره بما قد ذكره اللّٰه عنه فقال یا أبة اشدد رباطی حتی لا أضطرب و اكفف عنی ثیابك حتی لا ینتضح من دمی شی ء فتراه أمی و اشحذ شفرتك (2)و أسرع مر السكین علی حلقی لیكون أهون علی فإن الموت شدید فقال له إبراهیم نعم العون أنت یا بنی علی أمر اللّٰه ثم ذكر نحوا مما تقدم ذكره.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْعِجْلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَمْ كَانَ بَیْنَ بِشَارَةِ إِبْرَاهِیمَ بِإِسْمَاعِیلَ وَ بَیْنَ بِشَارَتِهِ بِإِسْحَاقَ قَالَ كَانَ بَیْنَ الْبِشَارَتَیْنِ خَمْسُ سِنِینَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ یَعْنِی إِسْمَاعِیلَ وَ هِیَ أَوَّلُ بِشَارَةٍ بَشَّرَ اللَّهُ بِهَا إِبْرَاهِیمَ فِی الْوَلَدِ وَ لَمَّا وُلِدَ لِإِبْرَاهِیمَ إِسْحَاقُ مِنْ سَارَةَ وَ بَلَغَ إِسْحَاقُ ثَلَاثَ سِنِینَ أَقْبَلَ إِسْمَاعِیلُ إِلَی إِسْحَاقَ وَ هُوَ فِی حَجْرِ إِبْرَاهِیمَ فَنَحَّاهُ وَ جَلَسَ فِی مَجْلِسِهِ فَبَصُرَتْ بِهِ سَارَةُ فَقَالَتْ یَا إِبْرَاهِیمُ یُنَحِّی ابْنُ هَاجَرَ ابْنِی مِنْ حَجْرِكَ وَ یَجْلِسُ هُوَ مَكَانَهُ لَا وَ اللَّهِ لَا یُجَاوِرُنِی هَاجَرُ وَ ابْنُهَا فِی بِلَادٍ أَبَداً فَنَحِّهِمَا عَنِّی وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ مُكْرِماً لِسَارَةَ یُعِزُّهَا وَ یَعْرِفُ حَقَّهَا وَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ وُلْدِ الْأَنْبِیَاءِ وَ بِنْتَ خَالَتِهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَ اغْتَمَّ لِفِرَاقِ إِسْمَاعِیلَ فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلِ أَتَی إِبْرَاهِیمَ آتٍ مِنْ رَبِّهِ فَأَرَاهُ الرُّؤْیَا فِی ذَبْحِ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ بِمَوْسِمِ مَكَّةَ فَأَصْبَحَ إِبْرَاهِیمُ حَزِیناً لِلرُّؤْیَا الَّتِی رَآهَا فَلَمَّا حَضَرَ مَوْسِمُ ذَلِكَ الْعَامِ حَمَلَ إِبْرَاهِیمُ هَاجَرَ وَ إِسْمَاعِیلَ فِی ذِی الْحِجَّةِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ فَانْطَلَقَ بِهِمَا إِلَی مَكَّةَ لِیَذْبَحَهُ فِی الْمَوْسِمَ فَبَدَأَ بِقَوَاعِدِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَلَمَّا رَفَعَ قَوَاعِدَهُ وَ خَرَجَ إِلَی مِنًی حَاجّاً وَ قَضَی نُسُكَهُ بِمِنًی رَجَعَ إِلَی مَكَّةَ فَطَافَا بِالْبَیْتِ أُسْبُوعاً ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَی السَّعْیِ فَلَمَّا صَارَا فِی الْمَسْعَی قَالَ إِبْرَاهِیمُ لِإِسْمَاعِیلَ یَا بُنَیَّ إِنِّی أَرَی فِی الْمَنَامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فِی الْمَوْسِمِ عَامِی هَذَا فَمَا ذَا تَرَی قَالَ یَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَعْیِهِمَا انْطَلَقَ بِهِ إِبْرَاهِیمُ إِلَی مِنًی وَ ذَلِكَ یَوْمَ النَّحْرِ فَلَمَّا انْتَهَی بِهِ إِلَی الْجَمْرَةِ الْوُسْطَی وَ أَضْجَعَهُ لِجَنْبِهِ

ص: 136


1- هذا لا یخلو عن غرابة علی مذهب الإمامیّة، و هو بمذهب العامّة أشبه، و قد عرفت أن قائله من العامّة و إن كان یروی عن أئمة الشیعة أیضا.
2- شحذ الشفرة: أحدها. و الشفرة: السكین العظیمة العریضة.

الْأَیْسَرِ وَ أَخَذَ السِّكِّینَ (1)لِیَذْبَحَهُ نُودِیَ أَنْ یا إِبْراهِیمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا إِلَی آخِرِهِ وَ فُدِیَ إِسْمَاعِیلُ بِكَبْشٍ عَظِیمٍ فَذَبَحَهُ وَ تَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ عَلَی الْمَسَاكِینِ.

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَاحِبِ الذِّبْحِ قَالَ هُوَ إِسْمَاعِیلُ.

وَ عَنْ زِیَادِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَاحِبِ الذِّبْحِ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام انْتَهَی (2).

أقول هذه الأخبار المعتبرة أیضا مصرحة بكون الذبیح إسماعیل و سیأتی فی كتاب الدعاء و كتاب المزار فی تضاعیف الدعوات و الزیارات ما یدل علی ذلك أیضا. (3)الثانیة فی كیفیة هذا الأمر و رفعه قال الرازی اختلف الناس فی أن إبراهیم علیه السلام هل كان مأمورا بما ذا و هذا الاختلاف متفرع علی مسألة من مسائل أصول الفقه و هی أنه هل یجوز نسخ الحكم قبل حضور مدة الامتثال فقال أكثر أصحابنا إنه یجوز و قالت المعتزلة و كثیر من فقهاء الشافعیة و الحنفیة إنه لا یجوز فعلی القول الأول إن اللّٰه تعالی أمره بالذبح و علی القول الثانی لم یأمره بالذبح و إنما أمره بمقدمات الذبح و هذه مسألة شریفة من مسائل باب النسخ و احتج أصحابنا علی أنه یجوز نسخ الأمر قبل مجی ء مدة الامتثال بأن اللّٰه تعالی أمر إبراهیم صلی اللّٰه علیه و آله بذبح ولده ثم إنه تعالی نسخه عنه قبل إقدامه علیه و ذلك یفید المطلوب و إنما قلنا إنه تعالی أمره بذبح الولد لوجهین.

الأول أنه علیه السلام قال لولده إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فقال الولد افْعَلْ ما تُؤْمَرُ و هذا یدل علی أنه علیه السلام ما كان مأمورا بمقدمات الذبح بل بنفس الذبح ثم إنه أتی بمقدمات الذبح و أدخلها فی الوجود فحینئذ یكون قد أمر بشی ء و قد أتی به و فی هذا الموضع لا یحتاج إلی الفداء لكنه احتاج إلی الفداء بدلیل قوله تعالی

ص: 137


1- فی نسخة: و أخذ الشفرة.
2- مجمع البیان 8: 454- 455. م.
3- و ممّا یؤید ذلك ما ورد أن أم الذبیح اشتكت و مرضت فماتت بعد ما رأت أثر السكین فی حلق ابنه، و لا خلاف أن هاجر ماتت بمكّة و دفنت فی حجر، و ان سارة ماتت بالشام.

وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ فدل هذا علی أنه لما أتی بالمأمور به و قد ثبت أنه أتی بكل مقدمات الذبح فهذا یدل علی أنه تعالی كان قد أمره بنفس الذبح فإذا ثبت هذا فنقول إنه تعالی نسخ ذلك الحكم قبل إثباته و ذلك یدل علی المقصود.

و قالت المعتزلة لا نسلم أن اللّٰه تعالی أمره بذبح الولد بل نقول إنه تعالی أمره بمقدمات الذبح و یدل علیه وجوه الأول أنه ما أتی بالذبح و إنما أتی بمقدمات الذبح ثم إن اللّٰه تعالی أخبر عنه بأنه أتی بما أمر به بدلیل قوله تعالی وَ نادَیْناهُ أَنْ یا إِبْراهِیمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا و ذلك یدل علی أنه تعالی إنما أمره فی المنام بمقدمات الذبح لا بنفس الذبح و تلك المقدمات عبارة عن إضجاعه و وضع السكین علی حلقه و العزم الصحیح علی الإتیان بذلك الفعل.

الثانی الذبح عبارة عن قطع الحلقوم فلعل إبراهیم علیه السلام قطع الحلقوم إلا أنه كلما قطع جزءا أعاده اللّٰه التألیف فلهذا السبب لم یحصل الموت. و الوجه الثالث و هو الذی علیه تعویل القوم أنه تعالی لو أمر شخصا معینا بإیقاع فعل معین فی وقت معین فهذا یدل علی أن إیقاع ذلك الفعل فی ذلك الوقت حسن فإذا نهی عنه فذلك النهی یدل علی أن إیقاع ذلك الفعل فی ذلك الوقت قبیح فلو حصل هذا النهی عقیب ذلك الأمر لزم أحد أمرین لأنه تعالی إن كان عالما بحال ذلك الفعل لزم أن یقال أمر بالقبیح أو نهی عن الحسن و إن لم یكن عالما به لزم جهل اللّٰه تعالی و أنه محال فهذا تمام الكلام فی هذا الباب.

و الجواب عن الأول أنا قد دللنا علی أنه تعالی إنما أمره بالذبح أما قوله تعالی قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیا فهذا یدل علی أنه اعترف بكون ذلك الرؤیا (1)واجب العمل به و لا یدل علی أنه أتی بكل ما رآه فی ذلك المنام.

و أما قوله ثانیا كلما قطع إبراهیم علیه السلام جزءا أعاد اللّٰه التألیف إلیه فنقول هذا باطل لأن إبراهیم علیه السلام لو أتی بكل ما أمر به لما احتاج إلی الفداء و حیث احتاج إلیه علمنا أنه لم یأت بما أمر به.

ص: 138


1- فی المصدر: تلك الرؤیا. م.

و أما قوله ثالثا إنه یلزم إما الأمر بالقبیح و إما الجهل فنقول هذا بناء علی أن اللّٰه تعالی لا یأمر إلا بما یكون حسنا فی ذاته و لا ینهی إلا عما یكون قبیحا فی ذاته و هذا قولك بناء (1)علی تحسین العقل و تقبیحه و هو باطل و أیضا إنا نسلم ذلك إلا أنا نقول لم لا یجوز أن یقال أنه تعالی الآمر بالشی ء تارة یأمر لكون المأمور به حسنا و تارة یأمر لأجل أن ذلك الأمر یفعل لمصلحة (2)من المصالح و لو لم یكن المأمور به حسنا أ لا تری أن السید إذا أراد أن یروض عبده فإنه یقول له إذا جاء یوم الجمعة فافعل الفعل الفلانی و یكون ذلك الفعل من الأفعال الشاقة و یكون مقصود السید من ذلك الأمر لیس أن یأتی ذلك العبد بذلك الفعل بل أن یوطن العبد نفسه علی الانقیاد و الطاعة ثم إن السید إذا علم منه أنه وطن نفسه علی الطاعة فقد یزیل عنه ذلك التكلیف فكذا هاهنا فلما لم تقیموا الدلالة علی فساد هذا الاحتمال لم یتم كلامكم و اللّٰه أعلم انتهی. (3)

أقول: لا ریب فی وقوع مثل ذلك الأمر الذی رفع قبل وقت الامتثال و إنما الخلاف فی توجیهه فذهبت المعتزلة و أكثر المتكلمین من الإمامیة إلی أن رفع التكلیف قبل الامتثال قرینة دالة علی أن الأمر لم یكن علی ظاهره بل كان المراد به أمرا آخر غیر ما كان متبادرا منه كما فی قصة الذبح فإن رفع التكلیف به قرینة علی أن الأمر إنما كان متوجها إلی مقدمات الذبح و أما الآخرون فقالوا إن الأمر كان متوجها إلی نفس الذبح لكنه كان مشروطا بعدم النسخ قبل الفعل فالفریقان متفقان فی أنه قد ظهر بعد ذلك أمر كان المتبادر قبل ذلك خلافه و أن ثمرة هذا التكلیف لیس إلا العزم و توطین النفس علی الفعل و أن الفداء كان لأمر قد ظهر عدم تعلق التكلیف به إما لنسخه و كونه مشروطا بعدم النسخ أو لانكشاف أن الأمر إنما كان متوجها إلی مقدمات الفعل فإذا تأملت فیما ذكرنا یظهر لك أن الإشكالات الموردة فی هذا المقام مشتركة

ص: 139


1- فی المصدر: و هذا بناء. م.
2- : الامر یفید صحة مصلحة اه. م.
3- مفاتیح الغیب 7: 151- 152. م.

بین الفریقین و أن الخلاف فی ذلك قلیل الجدوی و تفصیل القول فی ذلك یطلب من مظانه.

الثالثة قال البیضاوی فی قوله تعالی فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ أی فلما وجد و بلغ أن یسعی معه فی أعماله و معه متعلق بمحذوف دل علیه السعی لا به لأن صلة المصدر لا یتقدمه و لا ببلغ فإن بلوغهما لم یكن معا انتهی. (1)أقول قد ظهر من بعض الأخبار السالفة أنه یحتمل أن یكون المراد بالسعی النسك المعروف بین الصفا و المروة فلا یحتاج إلی ما تكلفه إذ یحتمل تعلقه ببلغ كما لا یخفی.

باب 7 قصص لوط علیه السلام و قومه

الآیات؛

الأعراف: «وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ* وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْیَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَهَّرُونَ* فَأَنْجَیْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ *وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِینَ»(80-84)

هود: «وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِی ءَ بِهِمْ وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قالَ هذا یَوْمٌ عَصِیبٌ* وَ جاءَهُ قَوْمُهُ یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ وَ مِنْ قَبْلُ كانُوا یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ قالَ یا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ* قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِی بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِیدُ* قالَ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ*

ص: 140


1- أنوار التنزیل 2: 134 و تمام كلامه هذا: كأنّه قال: فلما بلغ السعی، فقیل مع من؟ فقیل: معه. و تخصیصه لان الأب أكمل فی الرفق و الاستصلاح له فلا یستسعیه قبل أوانه، أو لانه استوهبه لذلك و كان له یومئذ ثلاث عشرة سنة انتهی. م.

قالُوا یا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِیبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَیْسَ الصُّبْحُ بِقَرِیبٍ* فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِیَها سافِلَها وَ أَمْطَرْنا عَلَیْها حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ مَنْضُودٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ»(77-83)

الحجر: «وَ نَبِّئْهُمْ عَنْ ضَیْفِ إِبْراهِیمَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَیْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ* قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِیمٍ* قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِی عَلی أَنْ مَسَّنِیَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ* قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِینَ* قالَ وَ مَنْ یَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ* قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَیُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمٍ مُجْرِمِینَ *إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِینَ* إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِینَ* فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ* قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ* قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِیهِ یَمْتَرُونَ* وَ أَتَیْناكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ* فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ اتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَ امْضُوا حَیْثُ تُؤْمَرُونَ* وَ قَضَیْنا إِلَیْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِینَ* وَ جاءَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ یَسْتَبْشِرُونَ* قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَیْفِی فَلا تَفْضَحُونِ* وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ* قالُوا أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِینَ* قالَ هؤُلاءِ بَناتِی إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ* لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِی سَكْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ مُشْرِقِینَ* فَجَعَلْنا عالِیَها سافِلَها وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِینَ* وَ إِنَّها لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ»(51-77)

الأنبیاء: «وَ لُوطاً آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّیْناهُ مِنَ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِینَ* وَ أَدْخَلْناهُ فِی رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِینَ»(74-75)

الشعراء: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَ لا تَتَّقُونَ* إِنِّی لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ *فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ* أَ تَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِینَ* وَ تَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ* قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ یا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِینَ* قالَ إِنِّی لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِینَ* رَبِّ نَجِّنِی وَ أَهْلِی مِمَّا یَعْمَلُونَ* فَنَجَّیْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِینَ* إِلَّا عَجُوزاً فِی

ص: 141

الْغابِرِینَ* ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِینَ*وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِینَ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ* وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ»(160-175)

النمل: «وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ* أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ *فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْیَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَهَّرُونَ* فَأَنْجَیْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِینَ* وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِینَ»(54-58)

العنكبوت: «وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ* أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِیلَ وَ تَأْتُونَ فِی نادِیكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ* قالَ رَبِّ انْصُرْنِی عَلَی الْقَوْمِ الْمُفْسِدِینَ* وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِینَ* قالَ إِنَّ فِیها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ* وَ لَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِی ءَ بِهِمْ وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قالُوا لا تَخَفْ وَ لا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَ أَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ* إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلی أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آیَةً بَیِّنَةً لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ»(28-35)

الصافات: «وَ إِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ نَجَّیْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِینَ* إِلَّا عَجُوزاً فِی الْغابِرِینَ* ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِینَ* وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَیْهِمْ مُصْبِحِینَ* وَ بِاللَّیْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ»(133-138)

الذاریات: «قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَیُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمٍ مُجْرِمِینَ* لِنُرْسِلَ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِینٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِینَ* فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِیها مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* فَما وَجَدْنا فِیها غَیْرَ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ *وَ تَرَكْنا فِیها آیَةً لِلَّذِینَ یَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِیمَ»(31-37)

القمر: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّیْناهُمْ بِسَحَر*ٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِی مَنْ شَكَرَ *وَ لَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا

ص: 142

بِالنُّذُرِ* وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَیْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْیُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِی وَ نُذُرِ* وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ* فَذُوقُوا عَذابِی وَ نُذُرِ* وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ* فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ»(33-40)

التحریم: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ یُغْنِیا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَیْئاً وَ قِیلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِینَ»(10)

تفسیر: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه: وَ لُوطاً أی أرسلنا أو اذكر لوطا و هو لوط بن هاران بن تارخ ابن أخی إبراهیم الخلیل علیه السلام (1)و قیل إنه كان ابن خالة إبراهیم (2)و كانت سارة امرأة إبراهیم أخت لوط (3)أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أی السیئة العظیمة القبح یعنی إتیان الرجال فی أدبارهم ما سَبَقَكُمْ بِها قیل ما نزا ذكر علی ذكر قبل قوم لوط قال الحسن و كانوا یفعلون ذلك بالغرباء. (4)شَهْوَةً قال البیضاوی مفعول له أو مصدر فی موقع الحال و فی التقیید بها وصفهم بالبهیمیة الصرفة و تنبیه علی أن العاقل ینبغی أن یكون الداعی له إلی المباشرة طلب الولد و بقاء النوع لا قضاء الوطر. (5)مُسْرِفُونَ قال الطبرسی أی متجاوزون عن الحد فی الظلم و الفساد یَتَطَهَّرُونَ أی یتحرجون عن أدبار الرجال أو یتنزهون عن أفعالكم و طرائقكم. (6)وَ أَهْلَهُ قال البیضاوی أی من آمن به مِنَ الْغابِرِینَ من الذین بقوا فی دیارهم

ص: 143


1- و به قال الثعلبی فی العرائس و الطبریّ فی تاریخه، و قال الیعقوبی: و كان لوط ابن أخیه خاران بن تارخ. و تقدم عن الطبرسیّ فی باب قصص ولادة إبراهیم انه ابن أخته و كان إبراهیم خاله: و به قال المسعودیّ فی اثبات الوصیة.
2- سیأتی ذلك فی الخبر الأوّل و غیره.
3- قال الیعقوبی: كانت بنت خاران بن ناحور عم إبراهیم، و به قال الطبریّ الا أنّه قال: هاران الأكبر عم إبراهیم. و قال البغدادیّ فی المحبر: هو سارة بنت لابن بن بتوبل بن ناحور.
4- مجمع البیان 4: 444. م.
5- أنوار التنزیل 1: 168. م.
6- مجمع البیان 4: 445. م.

فهلكوا مَطَراً أی نوعا من المطر عجیبا أی حجارة من سجیل قیل خسف بالمقیمین منهم و أمطرت الحجارة علی مسافریهم. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه سِی ءَ بِهِمْ أی ساءه مجیئهم لأنه خاف علیهم من قومه وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أی ضاق بمجیئهم ذرعه أی قلبه لما رأی لهم من حسن الصورة و قد دعوه إلی الضیافة و قومه كانوا یسارعون إلی أمثالهم بالفاحشة و قیل ضاق بحفظهم من قومه ذرعه حیث لم یجد سبیلا إلی حفظهم و قد أتوه فی صورة الغلمان المرد و أصله أن الشی ء إذا ضاق ذرعه لم یتسع له ما اتسع فاستعیر ضیق الذرع عند تعذر الإمكان یَوْمٌ عَصِیبٌ أی شدید من عصبه إذا شده یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ أی یسرعون فی المشی لطلب الفاحشة و قیل أی یساقون و لیس هناك سائق غیرهم فكأن بعضهم یسوق بعضا وَ مِنْ قَبْلُ أی قبل إتیان الملائكة أو قبل مجی ء قوم لوط إلی ضیفانه أو قبل بعثة لوط إلیهم كانُوا یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ أی الفواحش مع الذكور وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی أی لا تلزمونی عارا و فضیحة و لا تخجلونی بالهجوم علی أضیافی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ قد أصاب الرشد فیعمل بالمعروف و ینهی عن المنكر أو مرشد یرشدكم إلی الحق لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أی منعة و قدرة و جماعة أتقوی بهم علیكم أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ أی أنضم إلی عشیرة منیعة قال قتادة ذكر لنا أن اللّٰه تعالی لم یبعث نبیا بعد لوط إلا فی عز من عشیرته و منعة من قومه وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أی لا ینظر أحد منكم وراءه أو لا یلتفت أحد منكم إلی ماله و لا متاعه بالمدینة أو لا یتخلف أحد و قیل أمرهم أن لا یلتفتوا إذا سمعوا الرجفة و الهدة إن امرأتك قیل إنها التفتت حین سمعت الرجفة و قالت یا قوماه فأصابها حجر فقتلتها و قیل إِلَّا امْرَأَتَكَ لا تسر بها عِنْدَ رَبِّكَ أی فی علمه أو خزائنه التی لا یتصرف فیها أحد إلا بأمره وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ أی و ما تلك الحجارة من الظالمین من أمتك یا محمد ببعید و قیل یعنی بذلك قوم لوط و ذكر أن حجرا بقی معلقا بین السماء و الأرض أربعین یوما یتوقع به رجل من قوم لوط كان فی الحرم حتی خرج منه

ص: 144


1- أنوار التنزیل 1: 168. م.

فأصابه قال قتادة كانوا أربعة آلاف ألف. (1)مِنَ الْقانِطِینَ أی الآیسین فأجابهم إبراهیم علیه السلام بأن قال وَ مَنْ یَقْنَطُ تنبیها علی أنه لم یكن كلامه من جهة القنوط وَ أَتَیْناكَ بِالْحَقِّ أی بالعذاب المستیقن به وَ اتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ أی كن وراءهم لتكون عینا علیهم فلا یتخلف أحد منهم وَ امْضُوا حَیْثُ تُؤْمَرُونَ أی اذهبوا إلی الموضع الذی أمركم اللّٰه بالذهاب إلیه و هو الشام وَ قَضَیْنا إِلَیْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أی أعلمنا لوطا و أوحینا إلیه ما ینزل بهم من العذاب یَسْتَبْشِرُونَ أی یبشر بعضهم بعضا بأضیاف لوط أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِینَ أی أن تجیر أحدا أو تضیف أحدا و هذا الكلام الذی تقدم إنما كان من لوط لقومه قبل أن یعلم أنهم ملائكة و إنما ذكر مؤخرا لَعَمْرُكَ أی و حیاتك یا محمد إِنَّهُمْ لَفِی سَكْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ أی فی غفلتهم یتحیرون و یترددون فلا یبصرون طریق الرشد فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ مُشْرِقِینَ أی أخذتهم الصوت الهائل فی حال شروق الشمس إِنَّ فِی ذلِكَ أی فیما سبق ذكره من إهلاك قوم لوط لَآیاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِینَ لدلالات للمتفكرین المعتبرین. (2)آتَیْناهُ حُكْماً أی نبوة أو الفصل بین الخصوم بالحق الَّتِی كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ فإنهم كانوا یأتون الذكران و یتضارطون فی أندیتهم و غیر ذلك من القبائح. (3)قَوْمٌ عادُونَ أی ظالمون متعدون الحلال إلی الحرام مِنَ الْمُخْرَجِینَ أی عن بلدنا مِنَ الْقالِینَ أی المبغضین فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِینَ أی بئس مطر الكافرین مطرهم. (4)وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أی تعلمون أنها فاحشة أو یری بعضكم ذلك من بعض تَجْهَلُونَ أی تفعلون أفعال الجهال أو تجهلون القیامة و عاقبة العصیان. (5)وَ تَقْطَعُونَ السَّبِیلَ أی سبیل الولد باختیاركم الرجال أو تقطعون الناس عن الأسفار بإتیان هذه الفاحشة فإنهم كانوا یفعلونه بالمجتازین فی دیارهم و كانوا یرمون

ص: 145


1- مجمع البیان 5: 173- 185. م.
2- مجمع البیان 6: 340- 343. م.
3- مجمع البیان 7: 56. م.
4- مجمع البیان 7: 200- 201. م.
5- مجمع البیان 7: 228. م.

ابن السبیل بالحجارة بالخذف (1)فأیهم أصابه كان أولی به و یأخذون ماله و ینكحونه و یغرمونه ثلاثة دراهم و كان لهم قاض یقضی بذلك أو كانوا یقطعون الطریق علی الناس بالسرقة وَ تَأْتُونَ فِی نادِیكُمُ الْمُنْكَرَ قیل كانوا یتضارطون فی مجالسهم من غیر حشمة و لا حیاء عن ابن عباس و روی ذلك عن الرضا علیه السلام و قیل إنهم كانوا یأتون الرجال فی مجالسهم یری بعضهم بعضا و قیل كانت مجالسهم تشتمل علی أنواع المناكیر مثل الشتم و السخف و الصفع و القمار و ضرب المخراق و خذف الأحجار علی من مر بهم و ضرب المعازف و المزامیر و كشف العورات و اللواط رِجْزاً أی عذابا آیَةً بَیِّنَةً قیل هی الحجارة التی أمطرت علیهم و قیل هی آثار منازلهم الخربة و قیل هی الماء الأسود علی وجه الأرض. (2)وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ أی فی ذهابكم و مجیئكم إلی الشام. (3)غَیْرَ بَیْتٍ أی أهل بیت مِنَ الْمُسْلِمِینَ یعنی لوطا و بنتیه. (4)بِالنُّذُرِ أی بالإنذار أو بالرسل حاصِباً أی ریحا حصبتهم أی رمتهم بالحجارة و الحصباء قال ابن عباس یرید ما حصبوا به من السماء من الحجارة فی الریح نِعْمَةً أی إنعاما مفعول له أو مصدر وَ لَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط بَطْشَتَنا أی أخذنا إیاهم بالعذاب فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ أی تدافعوا بالإنذار علی وجه الجدال بالباطل و قیل أی فشكوا و لم یصدقوا وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَیْفِهِ أی طلبوا منه أن یسلم إلیهم أضیافه فَطَمَسْنا أَعْیُنَهُمْ أی محونا و المعنی عمیت أبصارهم فَذُوقُوا عَذابِی وَ نُذُرِ أی فقلنا لقوم لوط ذوقوا عذابی و نذری وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ أی أتاهم صباحا عذاب نازل بهم حتی هلكوا. (5)فَخانَتاهُما قال ابن عباس كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس إنه مجنون

ص: 146


1- الخذف: الرمی من بین السبابتین، أو بالمخذفة أی المقلاع.
2- مجمع البیان 8: 280- 282. م.
3- مجمع البیان 8: 458. م.
4- مجمع البیان 9: 158. م.
5- مجمع البیان 9: 192. م.

و إذا آمن أحد بنوح أخبرت الجبابرة من قوم نوح به و كانت امرأة لوط تدل علی أضیافه فكان ذلك خیانتهما لهما و ما بغت امرأة نبی قط و إنما كانت خیانتهما فی الدین.

و قال السدی كانت خیانتهما أنهما كانتا كافرتین و قیل كانتا منافقتین و قال الضحاك خیانتهما النمیمة إذا أوحی اللّٰه إلیهما أفشتاه إلی المشركین و قیل إن اسم امرأة نوح واغلة (1)و اسم امرأة لوط واهلة و قال مقاتل والغة و والهة (2).

«1»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَعَوَّذُ مِنَ الْبُخْلِ فَقَالَ نَعَمْ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِی كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ وَ نَحْنُ نَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الْبُخْلِ اللَّهُ یَقُولُ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ عَاقِبَةِ الْبُخْلِ إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْیَةٍ أَشِحَّاءَ عَلَی الطَّعَامِ فَأَعْقَبَهُمُ الْبُخْلُ دَاءً لَا دَوَاءَ لَهُ فِی فُرُوجِهِمْ فَقُلْتُ وَ مَا أَعْقَبَهُمْ فَقَالَ إِنَّ قَرْیَةَ قَوْمِ لُوطٍ كَانَتْ عَلَی طَرِیقِ السَّیَّارَةِ إِلَی الشَّامِ وَ مِصْرَ فَكَانَتِ السَّیَّارَةُ تَنْزِلُ بِهِمْ فَیُضِیفُونَهُمْ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ ضَاقُوا بِذَلِكَ ذَرْعاً بُخْلًا وَ لُؤْماً فَدَعَاهُمُ الْبُخْلُ إِلَی أَنْ كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمُ الضَّیْفُ فَضَحُوهُ مِنْ غَیْرِ شَهْوَةٍ بِهِمْ إِلَی ذَلِكَ وَ إِنَّمَا كَانُوا یَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِالضَّیْفِ حَتَّی یَنْكُلَ النَّازِلُ عَنْهُمْ- (3)فَشَاعَ أَمْرُهُمْ فِی الْقُرَی وَ حَذَرَ مِنْهُمُ النَّازِلَةُ فَأَوْرَثَهُمُ الْبُخْلُ بَلَاءً لَا یَسْتَطِیعُونَ دَفْعَهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ غَیْرِ شَهْوَةٍ لَهُمْ إِلَی ذَلِكَ حَتَّی صَارُوا یَطْلُبُونَهُ مِنَ الرِّجَالِ فِی الْبِلَادِ وَ یُعطُونَهُمْ عَلَیْهِ الْجُعْلَ ثُمَّ قَالَ فَأَیُّ دَاءٍ أَدْأَی (4)مِنَ الْبُخْلِ وَ لَا أَضَرُّ عَاقِبَةً وَ لَا أَفْحَشُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَهَلْ كَانَ أَهْلُ قَرْیَةِ لُوطٍ كُلُّهُمْ هَكَذَا یَعْمَلُونَ فَقَالَ نَعَمْ إِلَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ (5)أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَی فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِیها مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَما وَجَدْنا فِیها غَیْرَ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ لُوطاً لَبِثَ فِی قَوْمِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یُحَذِّرُهُمْ

ص: 147


1- فی المحبر: اسمها واعلة- بالعین المهملة-.
2- مجمع البیان 10: 319. م.
3- نكل عنه: نكص و أحجم عنه.
4- فی نسخة: أعدی، و فی أخری: أدوی، و فی المصدر: أوذی.
5- فی نسخة: الا أهل بیت منهم من المسلمین.

عَذَابَهُ وَ كَانُوا قَوْماً لَا یَتَنَظَّفُونَ مِنَ الْغَائِطِ وَ لَا یَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ كَانَ لُوطٌ ابْنَ خَالَةِ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَتِ امْرَأَةُ إِبْرَاهِیمَ سَارَةُ أُخْتَ لُوطٍ وَ كَانَ لُوطٌ وَ إِبْرَاهِیمُ نَبِیَّیْنِ مُرْسَلَینِ مُنْذِرَینِ وَ كَانَ لُوطٌ رَجُلًا سَخِیّاً كَرِیماً یَقْرِی الضَّیْفَ إِذَا نَزَلَ بِهِ وَ یُحَذِّرُهُمْ قَوْمَهُ قَالَ فَلَمَّا رَأَی قَوْمُ لُوطٍ ذَلِكَ مِنْهُ قَالُوا لَهُ إِنَّا نَنْهَاكَ عَنِ الْعَالَمِینَ لَا تَقْرِ ضَیْفاً یَنْزِلُ بِكَ إِنْ فَعَلْتَ فَضَحْنَا ضَیْفَكَ الَّذِی یَنْزِلُ بِكَ وَ أَخْزَیْنَاكَ فَكَانَ لُوطٌ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّیْفُ كَتَمَ أَمْرَهُ مَخَافَةَ أَنْ یَفْضَحَهُ قَوْمُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لِلُوطٍ عَشِیرَةٌ قَالَ وَ لَمْ یَزَلْ لُوطٌ وَ إِبْرَاهِیمُ یَتَوَقَّعَانِ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَی قَوْمِهِ فَكَانَتْ لِإِبْرَاهِیمَ وَ لِلُوطٍ مَنْزِلَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرِیفَةٌ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ إِذَا أَرَادَ عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ أَدْرَكَتْهُ مَوَدَّةُ إِبْرَاهِیمَ وَ خُلَّتُهُ وَ مَحَبَّةُ لُوطٍ فَیُرَاقِبُهُمْ فَیُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَمَّا اشْتَدَّ أَسَفُ اللَّهِ (1)عَلَی قَوْمِ لُوطٍ وَ قَدَّرَ عَذَابَهُمْ وَ قَضَی أَنْ یُعَوِّضَ إِبْرَاهِیمَ مِنْ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ بِغُلَامٍ عَلِیمٍ فَیُسَلِّیَ بِهِ مُصَابَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ فَبَعَثَ اللَّهُ رُسُلًا إِلَی إِبْرَاهِیمَ یُبَشِّرُونَهُ بِإِسْمَاعِیلَ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ لَیْلًا فَفَزِعَ مِنْهُمْ وَ خَافَ أَنْ یَكُونُوا سُرَّاقاً فَلَمَّا رَأَتْهُ الرُّسُلُ فَزِعاً مَذْعُوراً قَالُوا سَلاماً قالَ سَلَامٌ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ نُبَشِّرُكَ (2)بِغُلامٍ عَلِیمٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ الْغُلَامُ الْعَلِیمُ هُوَ إِسْمَاعِیلُ مِنْ هَاجَرَ فَ قالَ إِبْرَاهِیمُ لِلرُّسُلِ أَ بَشَّرْتُمُونِی عَلی أَنْ مَسَّنِیَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِینَ فَ قالَ إِبْرَاهِیمُ فَما خَطْبُكُمْ بَعْدَ الْبِشَارَةِ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمٍ مُجْرِمِینَ قَوْمِ لُوطٍ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِینَ لِنُنْذِرَهُمْ عَذَابَ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَ قالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام لِلرُّسُلِ إِنَّ فِیها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِینَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِینَ (3)قَالَ فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِیهِ

ص: 148


1- أی غضب اللّٰه. أی فلما فعلوا القوم ما یستحقون أن یغضب علیهم و ینزل علیهم العذاب.
2- فی المصدر: لا توجل انا نبشرك اه. م.
3- جمع علیه السلام بین الآیتین من المصحف الشریف: الأولی: «إِنَّ فِیها لُوطاً» إلی قوله: «وَ أَهْلَهُ» فهی الآیة 32 من العنكبوت، و الثانیة: «أَجْمَعِینَ» إلی قوله: «الْغابِرِینَ» فهی الآیة 59 و 60 من الحجر.

قَوْمُكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ یَمْتَرُونَ وَ أَتَیْناكَ بِالْحَقِّ لِنُنْذِرَ قَوْمَكَ الْعَذَابَ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ (1)فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ یَا لُوطُ إِذَا مَضَی لَكَ مِنْ یَوْمِكَ هَذَا سَبْعَةُ أَیَّامٍ وَ لَیَالِیهَا بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ إِذَا مَضَی نِصْفُ اللَّیْلِ وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِیبُها ما أَصابَهُمْ وَ امْضُوا فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ حَیْثُ تُؤْمَرُونَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَضَوْا ذَلِكَ الْأَمْرَ إِلَی لُوطٍ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِینَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الثَّامِنِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رُسُلًا إِلَی إِبْرَاهِیمَ یُبَشِّرُونَهُ بِإِسْحَاقَ وَ یُعَزُّونَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ یَعْنِی زَكِیّاً مَشْوِیّاً نَضِیجاً فَلَمَّا رَأی إِبْرَاهِیمُ أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فَضَحِكَتْ یَعْنِی فَتَعَجَّبَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ قالَتْ یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِی شَیْخاً إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ قالُوا أَ تَعْجَبِینَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَمَّا جَاءَتْ إِبْرَاهِیمَ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ وَ ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ أَقْبَلَ یُنَاجِی رَبَّهُ فِی قَوْمِ لُوطٍ وَ یَسْأَلُهُ كَشْفَ الْبَلَاءِ عَنْهُمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِیهِمْ عَذَابِی بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِكَ مَحْتُوماً غَیْرُ مَرْدُودٍ (2).

شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (3)بیان هذا الخبر یدل علی تعدد البشارة و أن الآیات الأول إشارة إلی الأولی و الثوانی إلی الثانیة و لم یذكره المفسرون و یؤیده ما ذكره سبحانه فی سورة الصافات حیث قال فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِیمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ إلی أن قال وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ فظهر أن الغلام العلیم الحلیم المبشر به هو إسماعیل علیه السلام و هو الذبیح

ص: 149


1- إلی هنا من سورة الحجر، و بعده الی قوله: «ما أَصابَهُمْ» من سورة هود، و قوله: «وَ امْضُوا حَیْثُ تُؤْمَرُونَ» هو ذیل الآیة السابقة من سورة الحجر.
2- علل الشرائع: 183- 184. و فیه: من یوم محتوم و غیر مردود. م.
3- مخطوط. م.

و بشر إبراهیم علیه السلام بعد ذلك بإسحاق و مر فی باب الذبح قوله تعالی سَلاماً أی نسلم علیك سلاما أو سلمنا سلاما.

قوله أَ بَشَّرْتُمُونِی عَلی أَنْ مَسَّنِیَ الْكِبَرُ تعجب من أن یولد له مع الكبر فَبِمَ تُبَشِّرُونَ أی فبأی أعجوبة تبشرونی أو أ بأمر اللّٰه أم من جهة أنفسكم و كان استعجابه علیه السلام باعتبار العادة دون القدرة و قیل كان غرضه أن یعلم أنه هل یولد له علی تلك الحال أو یرد إلی الشباب قوله فَما خَطْبُكُمْ أی فما شأنكم الذی أرسلتم لأجله سوی البشارة قوله تعالی لَمِنَ الْغابِرِینَ أی الباقین مع الكفرة لتهلك معهم قوله مُنْكَرُونَ أی ینكركم نفسی و ینفر عنكم مخافة أن تطرقونی أو لا أعرفكم فعرفونی أنفسكم قوله بِما كانُوا فِیهِ یَمْتَرُونَ أی بالعذاب الذی كانوا یشكون فیه إذا وعدتهم فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ أی فاذهب بهم اللیل بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ فی طائفة من اللیل و قیل فی آخره و علی الأول یحمل تفسیره علیه السلام أی المراد بقطع نصف اللیل و قوله إِلَّا امْرَأَتَكَ لیس فی خلال تلك الآیات (1)و إنما ذكره علیه السلام لبیان أنه كان المراد بالأهل غیرها أو أنها هلكت فی حال الخروج حیث التفتت فأصابها العذاب كما روی قوله أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ أی آخر من یبقی منهم یهلك وقت الصبح أی أنهم مستأصلون بالعذاب وقت الصباح علی وجه لا یبقی منهم أثر و لا نسل و لا عقب.

و قال الفیروزآبادی حنذ الشاة یحنذها حنذا و تحناذا شواها و جعل فوقها حجارة محماة لینضجها فهی حنیذ أو هو الحال (2)الذی یقطر ماؤه انتهی.

و الإیجاس الإدراك أو الإضمار اختلف فی سبب الخوف فقیل إنه لما رآهم شبانا أقویاء و كان ینزل طرفا من البلد و كانوا یمتنعون من تناول طعامه لم یأمن أن یكون ذلك لبلاء و ذلك أن أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمنه صاحب الطعام علی نفسه و ماله و لهذا یقال تحرم فلان بطعامنا أی أثبتت الحرمة بیننا بأكله الطعام و قیل إنه ظنهم لصوصا یریدون به سوءا و قیل إنه ظن أنهم لیسوا من البشر جاءوا لأمر عظیم و قیل علم أنهم ملائكة فخاف أن یكون قومه المقصودین بالعذاب حتی

ص: 150


1- راجع ما قدمنا ذیل الآیات.
2- كذا فی النسخ، و فی القاموس أو هو الحار الذی اه. م.

قالُوا له لا تَخَفْ یا إبراهیم إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمِ لُوطٍ بالعذاب لا إلی قومك و قیل إنهم دعوا اللّٰه فأحیا العجل الذی كان ذبحه إبراهیم علیه السلام و شواه فطفر و رغا (1)فعلم حینئذ أنهم رسل اللّٰه.

«2»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِیهِ مَنْ هُمْ فَقَالَ علیه السلام قَابِیلُ یَفِرُّ مِنْ هَابِیلَ علیه السلام وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ مُوسَی علیه السلام وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام (2)وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ صَاحِبَتِهِ لُوطٌ علیه السلام وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ نُوحٌ علیه السلام یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ (3).

«3»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ سِتَّةٌ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَخْلَاقِ قَوْمِ لُوطٍ الْجُلَاهِقُ وَ هُوَ الْبُنْدُقُ وَ الْخَذْفُ وَ مَضْغُ الْعِلْكِ (4)وَ إِرْخَاءُ الْإِزَارِ خُیَلَاءَ وَ حَلُّ الْأَزْرَارِ مِنَ الْقَبَاءِ وَ الْقَمِیصِ (5).

«4»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مَخْتُوناً فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَیْثٌ مَخْتُوناً وَ إِدْرِیسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ وَ سَأَلَهُ علیه السلام عَنْ یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ التَّطَیُّرِ مِنْهُ فَقَالَ علیه السلام آخِرُ أَرْبِعَاءَ مِنَ الشَّهْرِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْضَ قَوْمِ لُوطٍ عَالِیَهَا سَافِلَهَا وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمْطَرَ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ (6).

ص: 151


1- طفر أی وثب فی ارتفاع كما یطفر الإنسان علی الحائط. رغا: صوت و ضج.
2- فی العیون هنا زیادة و هی هذه: یعنی الأب المربی لا الوالد.
3- الخصال ج 1: 154، علل الشرائع: 198، العیون ص 136، و قد تقدم الحدیث بتمامه فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10 ص 75- 82.
4- العلك: كل صمغ یعلك أی یمضغ، و لعلّ المراد مضغه فی النادی و فی المعابر و الاسواق و الخذف: أن تضع الحصاة علی بطن ابهامك و تدفعها بظفر السبابة. و الجلاهق: جسم صغیرة كروی من طین أو رصاص یرمی به، و الكلمة فارسیة. و الازرار جمع الزر و هو ما یجعل فی العروة.
5- الخصال ج 1: 160- 161. م.
6- علل الشرائع: 199 العیون: 134، و قد تقدم الحدیث بتمامه فی ج 10 ص 81- 82 راجعه.

«5»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ أَمَّا الْقَرْیَةُ الَّتِی أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ فَهِیَ سَدُومُ (1)قَرْیَةُ قَوْمِ لُوطٍ أَمْطَرَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ یَقُولُ مِنْ طِینٍ (2).

«6»-فس، تفسیر القمی فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أَیْ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَوْلُهُ وَ تَأْتُونَ فِی نادِیكُمُ الْمُنْكَرَ قَالَ هُمْ قَوْمُ لُوطٍ یَضْرِطُ (3)بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِ حاصِباً هُمْ قَوْمُ لُوطٍ (4).

«7»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَأَلَ جَبْرَئِیلَ كَیْفَ كَانَ مَهْلِكُ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْیَةٍ لَا یَتَنَظَّفُونَ مِنَ الْغَائِطِ وَ لَا یَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ بُخَلَاءَ أَشِحَّاءَ عَلَی الطَّعَامِ وَ إِنَّ لُوطاً لَبِثَ فِیهِمْ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ إِنَّمَا كَانَ نَازِلًا عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ وَ لَا عَشِیرَةٌ لَهُ فِیهِمْ وَ لَا قَوْمٌ وَ إِنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی الْإِیمَانِ وَ اتِّبَاعِهِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَ حَثَّهُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ فَلَمْ یُجِیبُوهُ وَ لَمْ یُطِیعُوهُ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَرَادَ عَذَابَهُمْ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رُسُلًا مُنْذِرِینَ عُذْراً نُذْراً فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ أَمْرِهِ بَعَثَ إِلَیْهِمْ مَلَائِكَةً لِیُخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِی قَرْیَتِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا وَجَدُوا فِیها غَیْرَ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْهَا وَ قَالُوا لِلُوطٍ أَسْرِ بِأَهْلِكَ مِنْ هَذِهِ الْقَرْیَةِ اللَّیْلَةَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ ... وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَ امْضُوا حَیْثُ تُؤْمَرُونَ فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّیْلُ سَارَ لُوطٌ بِبَنَاتِهِ وَ تَوَلَّتِ امْرَأَتُهُ مُدْبِرَةً فَانْقَطَعَتْ إِلَی قَوْمِهَا تَسْعَی بِلُوطٍ وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّ لُوطاً قَدْ سَارَ بِبَنَاتِهِ وَ إِنِّی نُودِیتُ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ لَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ یَا جَبْرَئِیلُ حَقَّ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ بِحَتْمِ عَذَابِ (5)قَوْمِ لُوطٍ

ص: 152


1- ضبطه الجوهریّ و غیره بالدال، و قال الفیروزآبادی: الصواب أنّه بالذال. و قال البغدادیّ فی المحبر ص 467: و مدائن قوم لوط: سدوم، و صبوایم، و دادوما، و عامورا. و یقال صیورا. و قیل: إنّه اسم القاضی كان بها لا اسم البلد، و الخبر الآتی یؤیده.
2- تفسیر القمّیّ: 466. م.
3- فی المصدر: كان یضرط اه. م.
4- تفسیر القمّیّ: 496 و فیه: و هم قوم لوط. م.
5- فی المصدر: و تحتم بعذاب، و فی نسخة: و نحتم عذاب قوم لوط. م.

فَاهْبِطْ إِلَی قَرْیَةِ قَوْمِ لُوطٍ وَ مَا حَوَتْ فَاقْلَعْهَا مِنْ تَحْتِ سَبْعِ أَرَضِینَ ثُمَّ اعْرُجْ بِهَا إِلَی السَّمَاءِ فَأَوْقِفْهَا حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرُ الْجَبَّارِ فِی قَلْبِهَا وَ دَعْ مِنْهَا آیَةً بَیِّنَةً مِنْ مَنْزِلِ لُوطٍ عِبْرَةً لِلسَّیَّارَةِ فَهَبَطْتُ عَلَی أَهْلِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِینَ فَضَرَبْتُ بِجَنَاحِیَ الْأَیْمَنِ عَلَی مَا حَوَی عَلَیْهِ شَرْقِیُّهَا وَ ضَرَبْتُ بِجَنَاحِیَ الْأَیْسَرِ عَلَی مَا حَوَی عَلَیْهِ غَرْبِیُّهَا فَاقْتَلَعْتُهَا یَا مُحَمَّدُ مِنْ تَحْتِ سَبْعِ أَرَضِینَ إِلَّا مَنْزِلَ آلِ لُوطٍ (1)آیَةً لِلسَّیَّارَةِ ثُمَّ عَرَجْتُ بِهَا فِی جَوَافِی (2)جَنَاحِی حَتَّی أَوْقَفْتُهَا حَیْثُ یَسْمَعُ أَهْلُ السَّمَاءِ زُقَاءَ دُیُوكِهَا وَ نُبَاحَ كِلَابِهَا فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ نُودِیتُ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ یَا جَبْرَئِیلُ اقْلِبِ الْقَرْیَةَ عَلَی الْقَوْمِ فَقَلَبْتُهَا عَلَیْهِمْ حَتَّی صَارَ أَسْفَلُهَا أَعْلَاهَا وَ أَمْطَرَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِیَ یَا مُحَمَّدُ مِنَ الظَّالِمِینَ مِنْ أُمَّتِكَ بِبَعِیدٍ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ وَ أَیْنَ كَانَتْ قَرْیَتُهُمْ مِنَ الْبِلَادِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ كَانَ مَوْضِعُ قَرْیَتِهِمْ فِی مَوْضِعِ بُحَیْرَةِ طَبَرِیَّةَ الْیَوْمَ وَ هِیَ فِی نَوَاحِی الشَّامِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ رَأَیْتَكَ حِینَ قَلَبْتَهَا عَلَیْهِمْ فِی أَیِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرَضِینَ وَقَعَتِ الْقَرْیَةُ وَ أَهْلُهَا فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ وَقَعَتْ فِیمَا بَیْنَ بَحْرِ الشَّامِ إِلَی مِصْرَ فَصَارَتْ تُلُولًا فِی الْبَحْرِ (3).

شی، تفسیر العیاشی عن أبی حمزة مثله (4)بیان الجوافی جمع الجوفاء أی الواسعة أو الجافیة من الجفو بمعنی البعد و منه التجافی و یحتمل أن یكون فی الأصل أجواف فصحف و الأظهر الخوافی بالخاء المعجمة (5)قال فی القاموس قال الأصمعی الخوافی ما دون الریشات العشر من مقدم الجناح و قال قوادم الطیر مقادیم ریشه و هی عشر فی كل جناح انتهی و الزقاء الصیاح.

«8»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری إِلَی قَوْلِهِ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ أَیْ مَشْوِیٍّ نَضِیجٍ فَإِنَّهُ لَمَّا أَلْقَی نُمْرُودُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً بَقِیَ

ص: 153


1- فی المصدر: منزل لوط. م.
2- فی المصدر: خوافی. م.
3- علل الشرائع: 184. م.
4- مخطوط. م.
5- و قد عرفت أن فی المصدر أیضا كذلك.

إِبْرَاهِیمُ مَعَ نُمْرُودَ وَ خَافَ نُمْرُودُ مِنْ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ اخْرُجْ عَنْ بِلَادِی وَ لَا تُسَاكِنِّی فِیهَا وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قَدْ تَزَوَّجَ بِسَارَةَ وَ هِیَ بِنْتُ خَالِهِ (1)وَ قَدْ كَانَتْ آمَنَتْ بِهِ وَ آمَنَ بِهِ لُوطٌ وَ كَانَ غُلَاماً وَ قَدْ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام عِنْدَهُ غُنَیْمَاتٌ (2)كَانَ مَعَاشُهُ مِنْهَا فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مِنْ بِلَادِ نُمْرُودَ وَ مَعَهُ سَارَةُ فِی صُنْدُوقٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ شَدِیدَ الْغَیْرَةِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ (3)مِنْ بِلَادِ نُمْرُودَ مَنَعُوهُ وَ أَرَادُوا أَنْ یَأْخُذُوا مِنْهُ غُنَیْمَاتِهِ وَ قَالُوا لَهُ هَذَا كَسَبْتَهُ فِی سُلْطَانِ الْمَلِكِ وَ بِلَادِهِ وَ أَنْتَ مُخَالِفٌ لَهُ فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِیمُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ قَاضِی الْمَلِكِ سَنْدُومُ (4)فَصَارُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِدِینِ الْمَلِكِ وَ مَا مَعَهُ كَسَبَهُ فِی بِلَادِ الْمَلِكِ وَ لَا نَدَعُهُ یُخْرِجُ مَعَهُ شَیْئاً فَقَالَ سَنْدُومُ صَدَقُوا خَلِّ عَمَّا فِی یَدَیْكَ- (5)فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لَهُ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْضِ بِالْحَقِّ مِتَّ السَّاعَةَ قَالَ وَ مَا الْحَقُّ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَرُدُّوا عَلَیَّ عُمُرِیَ الَّذِی أَفْنَیْتُهُ فِی كَسْبِ مَا مَعِی حَتَّی أَرُدَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ سَنْدُومُ یَجِبُ أَنْ تَرُدُّوا عُمُرَهُ فَخَلُّوا عَنْهُ وَ عَمَّا كَانَ فِی یَدِهِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ كَتَبَ نُمْرُودُ فِی الدُّنْیَا أَنْ لَا تَدَعُوهُ یَسْكُنُ الْعُمْرَانَ فَمَرَّ بِبَعْضِ عُمَّالِ نُمْرُودَ وَ كَانَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ یَأْخُذُ عُشْرَ مَا مَعَهُ وَ كَانَتْ سَارَةُ مَعَ إِبْرَاهِیمَ فِی الصُّنْدُوقِ فَأَخَذَ عُشْرَ مَا كَانَ مَعَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام ثُمَّ جَاءَ إِلَی الصُّنْدُوقِ فَقَالَ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَفْتَحَهُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ عُدَّهُ مَا شِئْتَ وَ خُذْ عُشْرَهُ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ فَتْحِهِ فَفَتَحَهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی سَارَةَ تَعَجَّبَ مِنْ جَمَالِهَا فَقَالَ لِإِبْرَاهِیمَ مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِی هِیَ مَعَكَ قَالَ هِیَ أُخْتِی وَ إِنَّمَا عَنَی أُخْتَهُ فِی الدِّیْنِ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتَّی أُعْلِمَ الْمَلِكَ بِحَالِهَا وَ حَالِكَ فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَی الْمَلِكِ فَأَعْرَضَهَا فَحُمِلَتْ إِلَیْهِ فَهَمَّ بِهَا- (6)وَ مَدَّ یَدَهُ إِلَیْهَا فَقَالَتْ لَهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَجَفَّتْ یَدُهُ وَ الْتَصَقَتْ بِصَدْرِهِ وَ أَصَابَتْهُ مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ فَقَالَ یَا سَارَةُ (7)مَا هَذَا

ص: 154


1- فی هامش الكتاب: بنت خالته ظ.
2- فی نسخة: و قد كان إبراهیم علیه السلام قد كسب عنده غنیمات.
3- فی المصدر: اراد الخروج. م.
4- هكذا فی النسخ و فی المصدر: سدوم فی المواضع. و هو الصحیح.
5- فی نسخة: خل ما فی یدیك.
6- فی نسخة: فأمر أجناده فحملوها إلیه فلما نظر إلیها فهم بها.
7- فی نسخة: فقال لسارة.

الَّذِی أَصَابَنِی مِنْكِ فَقَالَتْ لِمَا هَمَمْتَ بِهِ (1)فَقَالَ قَدْ هَمَمْتُ لَكِ بِالْخَیْرِ فَادْعِی اللَّهَ أَنْ یَرُدَّنِی إِلَی مَا كُنْتُ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَرُدَّهُ كَمَا كَانَ فَرَجَعَ إِلَی مَا كَانَ وَ كَانَتْ عَلَی رَأْسِهِ جَارِیَةٌ فَقَالَ یَا سَارَةُ خُذِی هَذِهِ الْجَارِیَةَ تَخْدُمْكِ وَ هِیَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام فَحَمَلَ إِبْرَاهِیمُ سَارَةَ وَ هَاجَرَ فَنَزَلُوا الْبَادِیَةَ عَلَی مَمَرِّ طَرِیقِ الْیَمَنِ (2)وَ الشَّامِ وَ جَمِیعِ الدُّنْیَا فَكَانَ یَمُرُّ بِهِ النَّاسُ فَیَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ قَدْ كَانَ شَاعَ خَبَرُهُ فِی الدُّنْیَا أَنَّ الْمَلِكَ أَلْقَاهُ فِی النَّارِ فَلَمْ یَحْتَرِقْ وَ كَانُوا یَقُولُونَ لَهُ لَا تُخَالِفْ دِیْنَ الْمَلِكِ فَإِنَّ الْمَلِكَ یَقْتُلُ مَنْ خَالَفَهُ- (3)وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ یُضِیفُهُ وَ كَانَ عَلَی سَبْعَةِ فَرَاسِخَ مِنْهُ بِلَادٌ عَامِرَةٌ (4)كَثِیرُ الشَّجَرِ وَ النَّبَاتِ وَ الْخَیْرِ (5)وَ كَانَ الطَّرِیقُ عَلَیْهَا وَ كَانَ كُلُّ مَنْ یَمُرُّ بِتِلْكَ الْبِلَادِ یَتَنَاوَلُ مِنْ ثِمَارِهِمْ وَ زُرُوعِهِمْ فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمْ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ شَیْخٍ فَقَالَ لَهُمْ أَدُلُّكُمْ عَلَی مَا إِنْ فَعَلْتُمُوهُ لَمْ یَمُرَّ بِكُمْ أَحَدٌ فَقَالُوا مَا هُوَ فَقَالَ مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَانْكِحُوهُ فِی دُبُرِهِ وَ اسْلُبُوهُ ثِیَابَهُ ثُمَّ تَصَوَّرَ لَهُمْ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ أَمْرَدَ أَحْسَنَ مَا یَكُونُ مِنَ الشَّبَابِ (6)فَجَاءَهُمْ فَوَثَبُوا عَلَیْهِ فَفَجَرُوا بِهِ كَمَا أَمَرَهُمْ فَاسْتَطَابُوهُ فَكَانُوا یَفْعَلُونَهُ بِالرِّجَالِ فَاسْتَغْنَی الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ فَشَكَا النَّاسُ ذَلِكَ إِلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ لُوطاً یُحَذِّرُهُمْ وَ یُنْذِرُهُمْ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی لُوطٍ قَالُوا مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُ خَالِ إِبْرَاهِیمَ الَّذیِ أَلْقَاهُ الْمَلِكُ فِی النَّارِ فَلَمْ یَحْتَرِقْ وَ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَفْعَلُوا هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ یُهْلِكُكُمْ فَلَمْ یَجْسُرُوا عَلَیْهِ وَ خَافُوهُ وَ كَفُّوا عَنْهُ وَ كَانَ لُوطٌ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ رَجُلٌ یُرِیدُونَهُ (7)بِسُوءٍ خَلَّصَهُ مِنْ أَیْدِیهِمْ وَ تَزَوَّجَ لُوطٌ فِیهِمْ وَ وُلِدَ لَهُ بَنَاتٌ فَلَمَّا

ص: 155


1- فی المصدر: بما هممت به. م.
2- فی نسخة: علی ممر الطریق الی الیمن. م.
3- فی نسخة: من یخالفه.
4- فی نسخة: و فی المصدر: من البلاد العامرة.
5- فی المصدر: الخبز. م.
6- فی نسخة: فی صورة أمرد حسن الوجه اه.
7- فی المصدر: یریده. م.

طَالَ ذَلِكَ عَلَی لُوطٍ وَ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْهُ قَالُوا لَهُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ یا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِینَ (1)أَیْ لَنَرْجُمَنَّكَ وَ لَنُخْرِجَنَّكَ فَدَعَا عَلَیْهِمْ لُوطٌ فَبَیْنَا إِبْرَاهِیمُ قَاعِدٌ فِی مَوْضِعِهِ الَّذِی (2) كَانَ فِیهِ وَ قَدْ كَانَ أَضَافَ قَوْماً وَ خَرَجُوا وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ فَنَظَرَ إِلَی أَرْبَعَةِ نَفَرٍ قَدْ وَقَفُوا عَلَیْهِ لَا یُشْبِهُونَ النَّاسَ فَقالُوا سَلاماً فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ سَلَامٌ فَجَاءَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام إِلَی سَارَةَ فَقَالَ لَهَا قَدْ جَاءَنِی أَضْیَافٌ لَا یُشْبِهُونَ النَّاسَ فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلَّا هَذَا الْعِجْلُ فَذَبَحَهُ وَ شَوَاهُ وَ حَمَلَهُ إِلَیْهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ فَلَمَّا رَأی أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً وَ جَاءَتْ سَارَةُ فِی جَمَاعَةٍ مَعَهَا فَقَالَتْ لَهُمْ مَا لَكُمْ تَمْتَنِعُونَ مِنْ طَعَامِ خَلِیلِ اللَّهِ فَ قالُوا لِإِبْرَاهِیمَ لا تَوْجَلْ (3)أَیْ لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمِ لُوطٍ فَفَزِعَتْ سَارَةُ وَ ضَحِكَتْ أَیْ حَاضَتْ وَ قَدْ كَانَ ارْتَفَعَ حَیْضُهَا مُنْذُ دَهْرٍ طَوِیلٍ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فَوَضَعَتْ یَدَهَا عَلَی وَجْهِهَا فَ قالَتْ یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِی شَیْخاً إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ فَقَالَ لَهَا جَبْرَئِیلُ أَ تَعْجَبِینَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِیمَ الرَّوْعُ وَ جاءَتْهُ الْبُشْری بِإِسْحَاقَ أَقْبَلَ یُجَادِلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ یُجادِلُنا فِی قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْراهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لِجَبْرَئِیلَ بِمَا ذَا أُرْسِلْتَ قَالَ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ فِیها لُوطاً قَالَ جَبْرَئِیلُ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ یَا جَبْرَئِیلُ إِنْ كَانَ فِی الْمَدِینَةِ مِائَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ یُهْلِكُهُمُ اللَّهُ (4)قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانَ فِیهِمْ خمسین (خَمْسُونَ) قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانَ فِیهِمْ عَشْرَةٌ قَالَ لَا قَالَ وَ إِنْ كَانَ فِیهِمْ وَاحِدٌ

ص: 156


1- الصحیح كما فی المصدر: من المخرجین.
2- فی نسخة: فبینما إبراهیم قاعد فی الموضع الذی.
3- الموجود فی المصحف الشریف فی تلك الآیة: «لا تَخَفْ» نعم فی سورة الحجر: «لا تَوْجَلْ» و قد جمع رحمه اللّٰه كثیرا بین آیات قصة لوط علیه السلام.
4- فی نسخة: تهلكهم؟.

قَالَ لَا وَ هُوَ قَوْلُهُ فَما وَجَدْنا فِیها غَیْرَ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ یَا جَبْرَئِیلُ رَاجِعْ رَبَّكَ فِیهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ كَلَمْحِ الْبَصَرِ یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِیهِمْ عَذابٌ غَیْرُ مَرْدُودٍ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَوَقَفُوا عَلَی لُوطٍ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ هُوَ یَسْقِی زَرْعَهُ فَقَالَ لَهُمْ لُوطٌ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ أَبْنَاءُ السَّبِیلِ أَضِفْنَا اللَّیْلَةَ فَقَالَ لَهُمْ یَا قَوْمِ إِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْقَرْیَةِ قَوْمُ سَوْءٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ أَهْلَكَهُمُ یَنْكِحُونَ الرِّجَالَ وَ یَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ فَقَالُوا فَقَدْ أَبْطَأْنَا فَأَضِفْنَا فَجَاءَ لُوطٌ إِلَی أَهْلِهِ وَ كَانَتْ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهَا إِنَّهُ قَدْ أَتَانِی أَضْیَافٌ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ فَاكْتُمِی عَلَیْهِمْ حَتَّی أَعْفُوَ عَنْكِ إِلَی هَذَا الْوَقْتِ قَالَتْ أَفْعَلُ وَ كَانَتِ الْعَلَامَةُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ قَوْمِهَا إِذَا كَانَ عِنْدَ لُوطٍ أَضْیَافٌ بِالنَّهَارِ تُدَخِّنُ فَوْقَ السَّطْحِ وَ إِذَا كَانَ بِاللَّیْلِ تُوقِدُ النَّارَ فَلَمَّا دَخَلَ جَبْرَئِیلُ وَ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ بَیْتَ لُوطٍ علیه السلام وَثَبَتِ امْرَأَتُهُ عَلَی السَّطْحِ فَأَوْقَدَتْ نَاراً فَعَلِمُوا أَهْلُ الْقَرْیَةِ (1)وَ أَقْبَلُوا إِلَیْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جاءَهُ قَوْمُهُ یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ أَیْ یُسْرِعُونَ وَ یَعْدُونَ فَلَمَّا صَارُوا إِلَی بَابِ الْبَیْتِ (2)قالُوا یَا لُوطُ أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِینَ فَقَالَ لَهُمْ كَمَا حَكَی اللَّهُ هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ (3)

فِی قَوْلِ لُوطٍ هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ قَالَ عَنَی بِهِ أَزْوَاجَهُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِیَّ (4)هُوَ أَبُو أُمَّتِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی الْحَلَالِ وَ لَمْ یَكُنْ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْحَرَامِ فَقَالَ أَزْوَاجُكُمْ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِی بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِیدُ فَقَالَ لُوطٌ لَمَّا أَیِسَ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ

أَخْبَرَنِی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً بَعْدَ لُوطٍ إِلَّا فِی عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ.

ص: 157


1- فی نسخة: أهل المدینة.
2- فی نسخة: الی بیت لوط.
3- فی نسخة: و حدّثنی أبی، عن محمّد بن هارون.
4- فی نسخة: و ذلك أن كلّ نبیّ.

وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی قَوْلِهِ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً قَالَ الْقُوَّةُ الْقَائِمُ علیه السلام (1)وَ الرُّكْنُ الشَّدِیدُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ (2)لَوْ عَلِمَ مَا لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ فَقَالَ (3)مَنْ أَنْتُمْ قَالَ جَبْرَئِیلُ أَنَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لُوطٌ بِمَا ذَا أُمِرْتَ قَالَ بِهَلَاكِهِمْ قَالَ السَّاعَةَ (4)فَقَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَیْسَ الصُّبْحُ بِقَرِیبٍ فَكَسَرُوا الْبَابَ (5)وَ دَخَلُوا الْبَیْتَ فَضَرَبَ جَبْرَئِیلُ بِجَنَاحِهِ (6)عَلَی وُجُوهِهِمْ فَطَمَسَهَا وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَیْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْیُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِی وَ نُذُرِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ قَدْ أَتَاهُمُ الْعَذَابُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لِلُوطٍ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ اخْرُجْ مِنْ بَیْنِهِمْ أَنْتَ وَ وُلْدُكَ وَ لا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِیبُها ما أَصابَهُمْ وَ كَانَ فِی قَوْمِ لُوطٍ رَجُلٌ عَالِمٌ فَقَالَ لَهُمْ یَا قَوْمِ قَدْ جَاءَكُمُ الْعَذَابُ الَّذِی كَانَ یَعِدُكُمْ لُوطٌ فَاحْرُسُوهُ وَ لَا تَدَعُوهُ یَخْرُجْ مِنْ بَیْنِكُمْ فَإِنَّهُ مَا دَامَ فِیكُمْ لَا یَأْتِیكُمُ الْعَذَابُ فَاجْتَمَعُوا حَوْلَ دَارِهِ یَحْرُسُونَهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا لُوطُ اخْرُجْ مِنْ بَیْنِهِمْ فَقَالَ كَیْفَ أَخْرُجُ وَ قَدِ اجْتَمَعُوا حَوْلَ دَارِی فَوَضَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ عَمُوداً مِنْ نُورٍ فَقَالَ لَهُ اتَّبِعْ هَذَا الْعَمُودَ لَا یَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَخَرَجُوا مِنَ الْقَرْیَةِ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ فَالْتَفَتَتِ امْرَأَتُهُ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهَا صَخْرَةً فَقَتَلَهَا فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَارَتِ الْمَلَائِكَةُ الْأَرْبَعَةُ كُلُّ وَاحِدٍ فِی طَرَفٍ مِنْ قَرْیَتِهِمْ فَقَلَعُوهَا مِنْ سَبْعِ أَرَضِینَ إِلَی تُخُومِ الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعُوهَا فِی الْهَوَاءِ حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ صُرَاخَ الدِّیكِ- (7)ثُمَّ قَلَبُوهَا عَلَیْهِمْ وَ أَمْطَرَهُمُ اللَّهُ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ

ص: 158


1- فی المصدر: فی قوله: «قوة» قال: القائم علیه السلام. م.
2- فی نسخة: فقال جبرئیل للملائكة معه.
3- فی نسخة: فقال لوط اه.
4- فی نسخة: فسأله الساعة. و فی المصدر: بما ذا جئت ترید؟ قال: هلاكهم فسأله الساعة اه.
5- فی نسخة: قال: فكسروا الباب.
6- فی نسخة: بجناحیه.
7- فی نسخة: و صراخ الدیكة.

قوله منضود یعنی بعضها علی بعض منضدة و قوله مسومة أی منقوطة. (1)بیان قوله علیه السلام فأعرضها أی أظهرها لملكه و عرض أمرها علیه قال فی القاموس أعرض الشی ء له أظهره له.

قوله علیه السلام و كانوا یقولون له الظاهر أنه من تتمة الخبر الشائع فی الناس (2)أی كان قد شاع أنهم نهوه عن ذلك و توعده بالقتل فلم ینته عما كان علیه حتی ألقی فی النار فلم یحترق.

قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه وَ أَمْطَرْنا عَلَیْها حِجارَةً أی و أمطرنا علی القریة أی علی الفاسقین من أهلها حجارة عن الجبائی و قیل أمطرت الحجارة علی تلك القریة حین رفعها جبرئیل علیه السلام و قیل إنما أمطر علیهم الحجارة بعد أن قلبت قریتهم تغلیظا للعقوبة مِنْ سِجِّیلٍ أی سنگ و گل عن ابن عباس و سعید بن جبیر بین بذلك صلابتها و مباینتها للبرد و أنها لیست من جنس ما جرت به عادتهم فی سقوط البرد من الغیوم و قیل إن السجیل الطین عن قتادة و عكرمة و یؤیده قوله تعالی لِنُرْسِلَ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِینٍ (3)و روی عن عكرمة أیضا أنه بحر معلق فی الهواء بین الأرض و السماء منه أنزلت الحجارة و قال الضحاك هو الآجر و قال الفراء هو طین قد طبخ حتی صار بمنزلة الأرحاء (4)و قال كان أصل الحجارة طینا فشددت عن الحسن و قیل إن السجیل السماء الدنیا عن ابن زید فكانت تلك الحجارة منزلة من السماء الدنیا. (5)و قال البیضاوی أی من طین متحجر و قیل إنه من أسجله إذا أرسله أو من السجل أی ما كتب اللّٰه أن یعذبهم به و قیل أصله من سجین أی من جهنم فأبدلت نونه لاما مَنْضُودٍ نضدا معدا لعذابهم أو نضد فی الإرسال یتتابع بعضه بعضا كقطار

ص: 159


1- تفسیر القمّیّ: 308- 313. م.
2- أو أن المارین كانوا یقولون له عند دعائهم الی الإسلام و رفض الأصنام و ترك اتباع السلطان: لا تخالف دین الملك فان الملك یقتل من یخالفه.
3- الذاریات: 33.
4- جمع الرحی: الطاحون.
5- مجمع البیان 5: 185. م.

الأمطار أو نضد بعضه علی بعض و ألصق به مُسَوَّمَةً معلمة للعذاب و قیل معلمة ببیاض و حمرة أو بسیماء یتمیز به عن حجارة الأرض أو باسم من یرمی به (1).

«9»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ أَمْطَرْنا عَلَیْها حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا یَسْتَحِلُّ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ إِلَّا رَمَی اللَّهُ كَبِدَهُ مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ (2)یَكُونُ مَنِیَّتُهُ فِیهَا وَ لَكِنَّ الْخَلْقَ لَا یَرَوْنَهُ(3).

«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَیْمُونٍ اللبان (الْبَانِ) مِثْلَهُ (4).

«11»-فس، تفسیر القمی وَ قَضَیْنا إِلَیْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَیْ أَعْلَمْنَاهُ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ یَعْنِی قَوْمَ لُوطٍ لَعَمْرُكَ أَیْ وَ حَیَاتِكَ یَا مُحَمَّدُ فَهَذِهِ فَضِیلَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْأَنْبِیَاءِ (5).

«12»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا جَاءَتْ فِی هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَةِ قَالَتْ سَارَةُ وَ عَجِبْتُ مِنْ قِلَّتِهِمْ وَ كَثْرَةِ أَهْلِ الْقَرْیَةِ فَقَالَتْ وَ مَنْ یُطِیقُ قَوْمَ لُوطٍ فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِیمٌ وَ هِیَ یَوْمَئِذٍ ابْنَةُ تِسْعِینَ سَنَةً وَ إِبْرَاهِیمُ یَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِینَ وَ مِائَةِ سَنَةٍ فَجَادَلَ إِبْرَاهِیمُ عَنْهُمْ وَ قالَ إِنَّ فِیها لُوطاً قَالَ جَبْرَئِیلُ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها فَزَادَهُ إِبْرَاهِیمُ (6)فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِیهِمْ عَذابٌ غَیْرُ مَرْدُودٍ قَالَ وَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ لَمَّا أَتَی لُوطاً فِی هَلَاكِ قَوْمِهِ (7)فَدَخَلُوا عَلَیْهِ وَ جَاءُوا قَوْمُهُ یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ قَامَ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی الْبَابِ ثُمَّ نَاشَدَهُمْ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی قالُوا أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِینَ

ص: 160


1- أنوار التنزیل 1: 223. م.
2- فی نسخة: الا رماه اللّٰه بحجر من تلك الحجارة یكون منیته فیها.
3- تفسیر القمّیّ: 313. م.
4- مخطوط. و الصحیح: میمون البان.
5- تفسیر القمّیّ: 352- 353. م.
6- لعل الصحیح: فراده، من راده فی الكلام أی راجعه ایاه.
7- الصحیح كما فی المصدر و المصحف الشریف: «وَ جاءَهُ قَوْمُهُ».

ثُمَّ عَرَضَ عَلَیْهِمْ بَنَاتِهِ نِكَاحاً قالُوا ... ما لَنا فِی بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِیدُ قَالَ فَمَا مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ قَالَ فَأَبَوْا فَ قالَ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ قَالَ وَ جَبْرَئِیلُ یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ فَقَالَ لَوْ یَعْلَمُ أَیُّ قُوَّةٍ لَهُ ثُمَّ دَعَاهُ فَأَتَاهُ فَفَتَحُوا الْبَابَ وَ دَخَلُوا فَأَشَارَ إِلَیْهِمْ جَبْرَئِیلُ بِیَدِهِ فَرَجَعُوا عُمْیَاناً یَلْتَمِسُونَ الْجِدَارَ بِأَیْدِیهِمْ یُعَاهِدُونَ اللَّهَ لَئِنْ أَصْبَحْنَا لَا نَسْتَبْقِی أَحَداً مِنْ آلِ لُوطٍ قَالَ لَمَّا قَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ قَالَ لَهُ لُوطٌ یَا جَبْرَئِیلُ عَجِّلْ قَالَ نَعَمْ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ عَجِّلْ قَالَ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَیْسَ الصُّبْحُ بِقَرِیبٍ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا لُوطُ اخْرُجْ مِنْهَا أَنْتَ وَ وُلْدُكَ حَتَّی تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّ حُمُرِی ضِعَافٌ قَالَ ارْتَحِلْ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَارْتَحَلَ حَتَّی إِذَا كَانَ السَّحَرُ نَزَلَ إِلَیْهَا جَبْرَئِیلُ فَأَدْخَلَ جَنَاحَهُ تَحْتَهَا حَتَّی إِذَا اسْتَعْلَتْ قَلَبَهَا عَلَیْهِمْ وَ رَمَی جُدْرَانَ الْمَدِینَةِ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّیلٍ وَ سَمِعَتِ امْرَأَةُ لُوطٍ الْهَدَّةَ فَهَلَكَتْ مِنْهَا (1).

شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (2)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: اختلف فی ذلك یعنی عرض البنات فقیل أراد بناته لصلبه عن قتادة و قیل أراد النساء من أمته لأنهن كالبنات له فإن كل نبی أبو أمته و أزواجه أمهاتهم عن مجاهد و سعید بن جبیر و اختلف أیضا فی كیفیة عرضهن فقیل بالتزویج و كان یجوز فی شرعه تزویج المؤمنة من الكافر و كذا كان یجوز أیضا فی مبتدإ الإسلام

و قد زوج النبی صلی اللّٰه علیه و آله بنته من أبی العاص بن الربیع قبل أن یسلم ثم نسخ ذلك و قیل أراد التزویج بشرط الإیمان.

عن الزجاج و كانوا یخطبون بناته فلا یزوجهن منهم لكفرهم و قیل إنه كان لهم سیدان مطاعان فیهم فأراد أن یزوجهما بنتیه زعوراء و ریثاء (3).

«13»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام فِی قَوْلِ لُوطٍ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ فَقَالَ إِنَّ إِبْلِیسَ أَتَاهُمْ فِی صُورَةٍ حَسَنَةٍ (4)فِیهِ تَأْنِیثٌ

ص: 161


1- علل الشرائع: 184- 185. م.
2- مخطوط. م.
3- مجمع البیان 5: 184. م.
4- فی نسخة: فی صورة شاب حسن.

عَلَیْهِ ثِیَابٌ حَسَنَةٌ فَجَاءَ إِلَی شَبَابٍ مِنْهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَقَعُوا بِهِ وَ لَوْ طَلَبَ إِلَیْهِمْ أَنْ یَقَعَ بِهِمْ لَأَبَوْا عَلَیْهِ وَ لَكِنْ طَلَبَ إِلَیْهِمْ أَنْ یَقَعُوا بِهِ فَلَمَّا وَقَعُوا بِهِ الْتَذُّوهُ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُمْ وَ تَرَكَهُمْ فَأَحَالَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ (1).

ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن أبیه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال عن عمر الجرجانی ، عن أبان ، عن أبی بصیر مثله. (2)

كا : علی ، عن أبیه ، عن البزنطی مثله. (3)

«14»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ عَطِیَّةَ (4)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی الْمَنْكُوحِ مِنَ الرِّجَالِ هُمْ بَقِیَّةُ سَدُومَ أَمَا إِنِّی لَسْتُ أَعْنِی بَقِیَّتَهُمْ أَنَّهُمْ وُلْدُهُ (5)وَ لَكِنْ مِنْ طِینَتِهِمْ قُلْتُ سَدُومَ الَّذِی قُلِبَتْ عَلَیْهِمْ قَالَ هِیَ أَرْبَعَةُ مَدَائِنَ سَدُومُ وَ صَدِیمُ وَ لَدْنَا (6)وَ عُمَیْرَاءُ قَالَ فَأَتَاهُمْ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ هُنَّ مَقْلُوبَاتٌ (7)إِلَی تُخُومِ الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ فَوَضَعَ جَنَاحَهُ تَحْتَ السُّفْلَی مِنْهُنَّ وَ رَفَعَهُنَّ جَمِیعاً حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا نُبَاحَ كِلَابِهِمْ ثُمَّ قَلَبَهَا (8).

كا، الكافی علی عن أبیه عن علی بن معبد مثله (9)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قیل كانت أربع مدائن و هی المؤتفكات سدوم و

ص: 162


1- علل الشرائع: 183. م.
2- مخطوط. م
3- فروع الكافی ٢ : ٧٠ _ ٧١. م
4- فی المصدر: عطیة اخی ابی المعزا. م.
5- فی نسخة: انه ولدهم.
6- فی نسخة: صیدم و لدما. و فی الكافی: صریم و لدما.
7- فی نسخة: مقلوعات. قال المصنّف قدّس سرّه فی حاشیته علی العلل: كذا فی بعض نسخ الكافی و هو الظاهر أی قلعها اللّٰه تعالی أولا، فجاء جبرئیل فوضع جناحه تحتها، و علی الأصل یكون معترضة علی خلاف الترتیب و اللّٰه یعلم.
8- علل الشرائع: 185. م.
9- فروع الكافی 2: 72. م.

عامورا و داذوما و صبوایم و أعظمها سدوم و كان لوط یسكنها. (1)قال المسعودی أرسل اللّٰه لوطا إلی المدائن الخمسة و هی سدوم و عموراء و أدوما و صاعورا و صابورا (2)و قال صاحب الكامل كانت خمسة سدوم و صبعة و عمرة و دوما و صعوة (3).

«15»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لَهُ كَیْفَ كَانَ یَعْلَمُ قَوْمُ لُوطٍ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ لُوطاً رِجَالٌ قَالَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ تَخْرُجُ فَتُصَفِّرُ فَإِذَا سَمِعُوا التَّصْفِیرَ جَاءُوا فَلِذَلِكَ كُرِهَ التَّصْفِیرُ (4).

«16»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ رَجُلٍ (5)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ فِی هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ مَضَوْا حَتَّی أَتَوْا لُوطاً وَ هُوَ فِی زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ الْمَدِینَةِ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ فَلَمَّا رَآهُمْ رَأَی هَیْئَةً حَسَنَةً وَ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ بِیضٌ وَ عَمَائِمُ بِیضٌ فَقَالَ لَهُمُ الْمَنْزِلَ قَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَهُمْ وَ مَشَوْا خَلْفَهُ فَنَدِمَ عَلَی عَرْضِهِ عَلَیْهِمُ الْمَنْزِلَ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ قَالَ اللَّهُ لَهُ لَا تُعَذِّبْهُمْ حَتَّی یَشْهَدَ عَلَیْهِمْ ثَلَاثَ شَهَادَاتٍ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ مَشَی سَاعَةً فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ ثِنْتَانِ ثُمَّ مَشَی فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الْمَدِینَةِ الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ ثَلَاثٌ ثُمَّ دَخَلَ وَ دَخَلُوا مَعَهُ مَنْزِلَهُ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِمُ امْرَأَتُهُ أَبْصَرَتْ هَیْئَةً حَسَنَةً فَصَعِدَتْ فَوْقَ السَّطْحِ فَصَفَقَتْ فَلَمْ یَسْمَعُوا فَدَخَّنَتْ فَلَمَّا رَأَوُا الدُّخَانَ أَقْبَلُوا یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ حَتَّی وَقَفُوا بِالْبَابِ فَقَالَ لُوطٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی ثُمَّ كَابَرُوهُ حَتَّی دَخَلُوا عَلَیْهِ قَالَ فَصَاحَ

ص: 163


1- مجمع البیان 5: 185. م.
2- مروج الذهب ج 1: 21. م.
3- كامل التواریخ ج 1: 48 و قال البغدادیّ فی المحبر ص 467: و مدائن قوم لوط: سدوما، و صبوایم، و دادوما، و عامورا. و یقال: صبورا.
4- علل الشرائع: 183. م.
5- سیأتی فی الخبر انه أبو یزید الحمار.

جَبْرَئِیلُ یَا لُوطُ دَعْهُمْ یَدْخُلُوا قَالَ فَدَخَلُوا فَأَهْوَی جَبْرَئِیلُ إِصْبَعَیْهِ (1)وَ هُوَ قَوْلُهُ فَطَمَسْنا أَعْیُنَهُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ (2).

«17»-ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَوْمُ لُوطٍ أَفْضَلَ قَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَطَلَبَهُمْ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ الطَّلَبَ الشَّدِیدَ وَ كَانَ مِنْ فَضْلِهِمْ وَ خَیْرِهِمْ أَنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَی الْعَمَلِ خَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَ تَبْقَی النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ فَأَتَی إِبْلِیسُ عِبَادَتَهُمْ (3)وَ كَانُوا إِذَا رَجَعُوا خَرَّبَ إِبْلِیسُ مَا یَعْمَلُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَعَالَوْا نَرْصُدْ هَذَا الَّذِی یُخَرِّبُ مَتَاعَنَا فَرَصَدُوهُ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ أَحْسَنُ مَا یَكُونُ مِنَ الْغِلْمَانِ فَقَالُوا أَنْتَ الَّذِی تُخَرِّبُ مَتَاعَنَا فَقَالَ نَعَمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ اجْتَمَعَ (4)رَأْیُهُمْ عَلَی أَنْ یَقْتُلُوهُ فَبَیَّتُوهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ صَاحَ فَقَالَ مَا لَكَ فَقَالَ كَانَ أَبِی یُنَوِّمُنِی عَلَی بَطْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَنَمْ عَلَی بَطْنِی (5)قَالَ فَلَمْ یَزَلْ یَدْلُكُ الرَّجُلَ حَتَّی عَلَّمَهُ أَنْ یَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَأَوَّلًا عَلَّمَهُ إِبْلِیسُ وَ الثَّانِیَةَ عَلَّمَهُ هُوَ (6)ثُمَّ انْسَلَّ فَفَرَّ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ یُخْبِرُ بِمَا فَعَلَ بِالْغُلَامِ وَ یُعْجِبُهُمْ مِنْهُ شَیْ ءٌ لَا یَعْرِفُونَهُ فَوَضَعُوا أَیْدِیَهُمْ فِیهِ حَتَّی اكْتَفَی الرِّجَالُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ جَعَلُوا یَرْصُدُونَ مَارَّ الطَّرِیقِ فَیَفْعَلُونَ بِهِمْ حَتَّی تَرَكَ مَدِینَتَهُمُ النَّاسُ ثُمَّ تَرَكُوا نِسَاءَهُمْ فَأَقْبَلُوا عَلَی الْغِلْمَانِ فَلَمَّا رَأَی إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْكَمَ أَمْرَهُ فِی الرِّجَالِ دَارَ إِلَی النِّسَاءِ (7)فَصَیَّرَ نَفْسَهُ

ص: 164


1- فی نسخة: فأهوی جبرئیل باصبعه.
2- مخطوط. م.
3- فی الكافی: فكان إبلیس یعتادهم. و فی المحاسن: فلما حسدهم إبلیس لعبادتهم كانوا إذا رجعوا اه.
4- فی المحاسن و الكافی: فقالوا: أنت الذی تخرب متاعنا مرة بعد مرة؟ و زاد فی المحاسن: فقال: نعم، فأخذوه فاجتمع اه.
5- فی الكافی: فقال له: تعال فنم علی بطنی.
6- فی المصدر و المحاسن: فاولا عمله إبلیس و الثانیة عمله هو.
7- فی نسخة و فی الكافی: جاء إلی النساء.

امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ إِنَّ رِجَالَكُمْ (1)یَفْعَلُونَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ قَالُوا نَعَمْ قَدْ رَأَیْنَا ذَلِكَ (2)وَ عَلَی ذَلِكَ یَعِظُهُمْ لُوطٌ وَ یُوصِیهِمْ (3)حَتَّی اسْتَكْفَتِ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ (4)فَلَمَّا كَمَلَتْ (5)عَلَیْهِمُ الْحُجَّةُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ فِی زِیِّ غِلْمَانٍ عَلَیْهِمْ أَقْبِیَةٌ فَمَرُّوا بِلُوطٍ علیه السلام وَ هُوَ یَحْرُثُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدُونَ فَمَا رَأَیْتُ أَجْمَلَ مِنْكُمْ قَطُّ قَالُوا أَرْسَلَنَا سَیِّدُنَا إِلَی رَبِّ هَذِهِ الْمَدِینَةِ قَالَ وَ لَمْ یَبْلُغْ (6)سَیِّدَكُمْ مَا یَفْعَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَدِینَةِ یَا بَنِیَّ إِنَّهُمْ وَ اللَّهِ یَأْخُذُونَ الرِّجَالَ فَیَفْعَلُونَ بِهِمْ حَتَّی یَخْرُجَ الدَّمُ فَقَالُوا أَمَرَنَا سَیِّدُنَا أَنْ نَمُرَّ وَسَطَهَا قَالَ فَلِی إِلَیْكُمْ حَاجَةٌ قَالُوا وَ مَا هِیَ قَالَ تَصْبِرُونَ هَاهُنَا إِلَی اخْتِلَاطِ الظَّلَامِ قَالَ فَجَلَسُوا قَالَ فَبَعَثَ ابْنَتَهُ فَقَالَ جِیئِینِی لَهُمْ بِخُبُزٍ (7)وَ جِیئِینِی لَهُمْ بِمَاءٍ فِی الْقَرْعَةِ وَ جِیئِینِی لَهُمْ بِعَبَاءَةٍ یَتَغَطَّوْنَ بِهَا مِنَ الْبَرْدِ فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَتْ إِلَی الْبَیْتِ أَقْبَلَ الْمَطَرُ وَ امْتَلَأَ الْوَادِی فَقَالَ لُوطٌ السَّاعَةَ یَذْهَبُ بِالصِّبْیَانِ الْوَادِی قَالَ قُومُوا حَتَّی نَمْضِیَ فَجَعَلَ لُوطٌ علیه السلام یَمْشِی فِی أَصْلِ الْحَائِطِ وَ جَعَلَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ یَمْشُونَ وَسَطَ الطَّرِیقِ فَقَالَ یَا بَنِیَّ هَاهُنَا قَالُوا أَمَرَنَا سَیِّدُنَا أَنْ نَمُرَّ فِی وَسَطِهَا وَ كَانَ لُوطٌ علیه السلام یَسْتَغْنِمُ الظَّلَامَ وَ مَرَّ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَخَذَ مِنْ حَجْرِ امْرَأَتِهِ صَبِیّاً فَطَرَحَهُ فِی الْبِئْرِ فَتَصَایَحَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ كُلُّهُمْ عَلَی بَابِ لُوطٍ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی الْغِلْمَانِ فِی مَنْزِلِ لُوطٍ علیه السلام قَالُوا یَا لُوطُ قَدْ دَخَلْتَ فِی عَمَلِنَا قَالَ هَؤُلَاءِ ضَیْفِی فَلَا تَفْضَحُونِ- (8)قَالُوا هُمْ ثَلَاثَةٌ خُذْ وَاحِداً وَ أَعْطِنَا اثْنَیْنِ قَالَ وَ أَدْخَلَهُمُ الْحُجْرَةَ وَ قَالَ لُوطٌ علیه السلام لَوْ أَنَّ لِی أَهْلَ بَیْتِ یَمْنَعُونَنِی مِنْكُمْ قَالَ وَ قَدْ تَدَافَعُوا عَلَی

ص: 165


1- فی المحاسن و الكافی: إن رجالكن. و فی الكافی: یفعل بعضهم ببعض.
2- فی نسخة و فی الكافی: و كل ذلك.
3- فی الكافی هنا زیادة و هی هكذا: و إبلیس یغویهم.
4- فی المصادر: حتی استغنت النساء بالنساء.
5- فی المحاسن: نعم قد رأینا ذلك، فقال: و أنتن افعلن كذلك، و علمهن المساحقة ففعلن حتّی استغنت النساء بالنساء و كل ذلك یعظهم لوط و یوصیهم، فلما كملت.
6- فی المصادر: أو لم یبلغ.
7- فی الثواب و الكافی: جیئی. فی المواضع.
8- فی الكافی و المحاسن: فلا تفضحون فی ضیفی.

الْبَابِ فَكَسَرُوا بَابَ لُوطٍ علیه السلام وَ طَرَحُوا لُوطاً فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ بَطْحَاءَ فَضَرَبَ بِهَا وُجُوهَهُمْ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَعَمِیَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ كُلُّهُمْ فَقَالَ لَهُمْ لُوطٌ یَا رُسُلَ رَبِّی بِمَا أَمَرَكُمْ فِیهِمْ (1)قَالُوا أَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَهُمْ بِالسَّحَرِ قَالَ فَلِی إِلَیْكُمْ حَاجَةٌ قَالُوا وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَأْخُذُونَهُمُ السَّاعَةَ (2)قَالُوا یَا لُوطُ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَیْسَ الصُّبْحُ بِقَرِیبٍ لِمَنْ یُرِیدُ أَنْ یُؤْخَذَ (3)فَخُذْ أَنْتَ بَنَاتِكَ وَ امْضِ وَ دَعِ امْرَأَتَكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ لُوطاً لَوْ یَدْرِی مَنْ مَعَهُ فِی الْحُجْرَةِ لَعَلِمَ أَنَّهُ مَنْصُورٌ حِینَ یَقُولُ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ أَیُّ رُكْنٍ أَشَدُّ مِنْ جَبْرَئِیلَ مَعَهُ فِی الْحُجْرَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ أَیْ مِنْ ظَالِمِی أُمَّتِكَ إِنْ عَمِلُوا عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ (4).

كا، الكافی العدة عن البرقی عن محمد بن سعید مثله (5)- سن، المحاسن محمد بن سعید مثله (6)بیان قوله فأولا علمه إبلیس هكذا فی الكتابین و فی الكافی و لعل الأظهر عمله بتقدیم المیم فی الموضعین و علی ما فی النسخ لعل المراد أنه كان أولا معلم هذا الفعل إبلیس حیث علمه ذلك الرجل ثم صار ذلك الرجل معلم الناس و انسل بتشدید اللام انطلق فی استخفاء و القرعة بالفتح حمل الیقطین و شاهت الوجوه أی قبحت.

«18»-فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَلَحَّ فِی وَطْءِ الرِّجَالِ لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَدْعُوَ الرِّجَالَ إِلَی نَفْسِهِ.

ص: 166


1- فی المصدر: بم امركم ربی فیهم؟ و فی الكافی: فما أمركم ربی فیهم؟.
2- زاد فی الكافی و المحاسن: فانی أخاف أن یبدو لربی فیهم. قلت: قد عرفت معنی البداء فی كتاب التوحید راجعه.
3- فی نسخة: لمن ترید أن یؤخذ. و فی أخری: لمن نرید أن نأخذ. و المصدر خال عنهما جمیعا و الموجود فیه: لكن ترید أن ترحل فخذ إه. نعم هی فی الكافی و المحاسن موجود هكذا: لمن یرید أن یأخذ.
4- ثواب الأعمال: 255- 257. م.
5- فروع الكافی 2: 71. م.
6- المحاسن: 110- 112. م.

«19»-وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی رَجُلٍ لَعِبَ بِغُلَامٍ قَالَ إِذَا وَقَبَ لَنْ یَحِلَّ لَهُ أُخْتُهُ أَبَداً.

«20»-وَ قَالَ علیه السلام لَوْ كَانَ یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یُرْجَمَ مَرَّتَیْنِ لَرُجِمَ لُوطِیٌّ مَرَّتَیْنِ.

«21»-وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ اللِّوَاطُ مَا دُونَ الدُّبُرِ وَ هُوَ لِوَاطٌ وَ الدُّبُرُ هُوَ الْكُفْرُ (1).

«22»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ غَزْوَانَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا عَمِلَ قَوْمُ لُوطٍ مَا عَمِلُوا بَكَتِ الْأَرْضُ إِلَی رَبِّهَا حَتَّی بَلَغَتْ دُمُوعُهَا السَّمَاءَ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ حَتَّی بَلَغَتْ دُمُوعُهَا الْعَرْشَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی السَّمَاءِ أَنِ احْصِبِیهِمْ (2)وَ أَوْحَی إِلَی الْأَرْضِ أَنِ اخْسِفِی بِهِمْ(3).

سن، المحاسن ابن فضال مثله (4).

«23»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَزِیدَ بْنِ ثَابِتٍ (5)قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ یُؤْتَی النِّسَاءُ فِی أَدْبَارِهِنَّ فَقَالَ سَفِلْتَ سَفِلَ اللَّهُ بِكَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ یَقُولُ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ (6).

«24»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ذُكِرَ عِنْدَهُ إِتْیَانُ

ص: 167


1- الأحادیث الأربعة الأخیرة موجود فی المطبوع فقط و غیر موجود فیما عندنا من سائر النسخ.
2- أی ارمیهم بالحصباء.
3- ثواب الأعمال: 255. م.
4- محاسن البرقی: 110. م.
5- لعله یزید بن ثابت بن الضحّاك الأنصاریّ أخو زید بن ثابت و أخرجه الشیخ الحرّ عن تفسیر العیّاشیّ فی الوسائل فی باب الوطی فی الدبر عن زید بن ثابت، و علی أی فالرجل من العامّة و الحدیث یوافق مذهبهم فی حرمة الوطی دبرا، و اما أصحابنا رضوان اللّٰه تعالی علیهم فأكثرهم قد حكموا بكراهة ذلك، و الروایات تختلف ففی بعضها الجواز، و فی أخری النهی عن ذلك، و حملوا النهی علی الكراهة.
6- مخطوط. م.

النِّسَاءِ فِی أَدْبَارِهِنَّ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ آیَةً فِی الْقُرْآنِ أَحَلَّتْ ذَلِكَ إِلَّا وَاحِدَةً إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ الْآیَةَ (1).

«25»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی یَزِیدَ الْحَمَّارِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ بِإِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ كَرُّوبِیلَ فَمَرُّوا بِإِبْرَاهِیمَ وَ هُمْ مُتَعَمِّمُونَ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ لَمْ یَعْرِفْهُمْ وَ رَأَی هَیْئَةً حَسَنَةً فَقَالَ لَا یَخْدُمُ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنَا بِنَفْسِی وَ كَانَ صَاحِبَ أَضْیَافٍ فَشَوَی لَهُمْ عِجْلًا سَمِیناً حَتَّی أَنْضَجَهُ ثُمَّ قَرَّبَهُ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا وَضَعَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ رَأی أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ (2)فَعَرَفَهُ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَ مَرَّتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ قَالَتْ مَا قَالَ اللَّهُ وَ أَجَابُوهَا بِمَا فِی الْكِتَابِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ فِیمَا جِئْتُمْ قَالُوا فِی هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ كَانَ فِیهَا مِائَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُهْلِكُونَهُمْ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا خَمْسِینَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثِینَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا عِشْرِینَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ كَانُوا وَاحِداً قَالَ لَا قالَ إِنَّ فِیها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ ثُمَّ مَضَوْا قَالَ وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ لَا أَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ إِلَّا وَ هُوَ یَسْتَبْقِیهِمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ یُجادِلُنا فِی قَوْمِ لُوطٍ (3).

«26»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ فَقَالَ كُلُوا فَقَالُوا لَا نَأْكُلُ حَتَّی تُخْبِرَنَا مَا ثَمَنُهُ فَقَالَ إِذَا أَكَلْتُمْ فَقُولُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَ إِذَا فَرَغْتُمْ فَقُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فَالْتَفَتَ جَبْرَئِیلُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ كَانُوا أَرْبَعَةً رَئِیسُهُمْ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ حَقٌّ لِلَّهِ أَنْ یَتَّخِذَ هَذَا خَلِیلًا(4).

ص: 168


1- مخطوط. م.
2- أی كشفها عن وجهه.
3- مخطوط. و قد أخرج الزیادة أیضا عن كتاب العلل فی الباب الأوّل من قصص إبراهیم علیه السلام، و فیه: داود بن أبی یزید، عن عبد اللّٰه بن هلال.
4- مخطوط. و قد أخرج الزیادة أیضا عن كتاب العلل فی الباب الأوّل من قصص إبراهیم علیه السلام، و فیه: داود بن أبی یزید، عن عبد اللّٰه بن هلال.

بیان: قال الحسن بن علی أی ابن فضال كما سیظهر مما سنورده من سند الكافی أی أظن أن غرض إبراهیم علیه السلام كان استبقاء القوم و الشفاعة لهم لا محض إنجاء لوط من بینهم.

«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی یَزِیدَ الْحَمَّارِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ فِی إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ كَرُّوبِیلَ فَأَتَوْا لُوطاً وَ هُوَ فِی زِرَاعَةٍ (1)قُرْبَ الْقَرْیَةِ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ هُمْ مُتَعَمِّمُونَ فَلَمَّا رَآهُمْ رَأَی هَیْئَةً حَسَنَةً عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ بِیضٌ وَ عَمَائِمُ بِیضٌ فَقَالَ لَهُمُ الْمَنْزِلَ فَقَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَهُمْ وَ مَشَوْا خَلْفَهُ فَنَدِمَ عَلَی عَرْضِهِ الْمَنْزِلَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَیَّ شَیْ ءٍ صَنَعْتُ آتِی بِهِمْ قَوْمِی وَ أَنَا أَعْرِفُهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لَا تَعْجَلْ عَلَیْهِمْ (2)حَتَّی یَشْهَدَ عَلَیْهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ مَضَی سَاعَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ اثْنَتَانِ ثُمَّ مَشَی فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الْمَدِینَةِ الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذِهِ الثَّالِثَةُ ثُمَّ دَخَلَ وَ دَخَلُوا مَعَهُ حَتَّی دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَلَمَّا رَأَتْهُمُ امْرَأَتُهُ رَأَتْ هَیْئَةً حَسَنَةً فَصَعِدَتْ فَوْقَ السَّطْحِ فَصَفَقَتْ (3)فَلَمْ یَسْمَعُوا فَدَخَّنَتْ فَلَمَّا رَأَوُا الدُّخَانَ أَقْبَلُوا یُهْرَعُونَ حَتَّی جَاءُوا إِلَی الْبَابِ فَنَزَلَتِ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ عِنْدَهُ قَوْمٌ مَا رَأَیْتُ قَوْماً قَطُّ أَحْسَنَ هَیْئَةً مِنْهُمْ فَجَاءُوا إِلَی الْبَابِ لِیَدْخُلُوا فَلَمَّا رَآهُمْ لُوطٌ قَامَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ یَا قَوْمِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ وَ قَالَ هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَدَعَاهُمْ إِلَی الْحَلَالِ فَقَالُوا ما لَنا فِی بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِیدُ قالَ لَهُمْ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ قَالَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لَوْ یَعْلَمُ أَیُّ قُوَّةٍ لَهُ قَالَ فَكَاثَرُوهُ حَتَّی دَخَلُوا الْبَیْتَ فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا لُوطُ دَعْهُمْ یَدْخُلُونَ فَلَمَّا دَخَلُوا أَهْوَی جَبْرَئِیلُ بِإِصْبَعِهِ نَحْوَهُمْ فَذَهَبَتْ أَعْیُنُهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ فَطَمَسْنا أَعْیُنَهُمْ ثُمَّ نَادَاهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّا بُعِثْنَا فِی إِهْلَاكِهِمْ فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ عَجِّلْ فَقَالَ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَیْسَ الصُّبْحُ بِقَرِیبٍ فَأَمَرَهُ فَتَحَمَّلَ وَ مَنْ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ ثُمَّ اقْتَلَعَهَا یَعْنِی الْمَدِینَةَ جَبْرَئِیلُ بِجَنَاحِهِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِینَ ثُمَّ رَفَعَهَا حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ صُرَاخَ

ص: 169


1- فی نسخة: و هو فی زراعته.
2- كذا فی النسخ و الظاهر أن یكون هكذا: فقال اللّٰه لجبرئیل: لا تعجل علیهم اه.
3- فی نسخة: فصعقت.

الدُّیُوكِ ثُمَّ قَلَبَهَا وَ أَمْطَرَ عَلَیْهَا وَ عَلَی مَنْ حَوْلَ الْمَدِینَةِ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ (1).

كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبی یزید مثل الخبرین معا (2).

«28»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ قَالَ مَشْوِیّاً نَضِیجاً (3).

«29»-شی، تفسیر العیاشی قَوْلُهُ تَعَالَی هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَرَضَ عَلَیْهِمُ التَّزْوِیجَ (4).

«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ قَالَ قُوَّةُ الْقَائِمِ وَ الرُّكْنُ الشَّدِیدُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَصْحَابُهُ (5).

بیان: یحتمل أن یكون المعنی أنه تمنی قوة مثل قوة القائم و أصحابا مثل أصحابه أو مصداقهما فی هذه الأمة القائم و أصحابه مع أنه لا یبعد أن یكون تمنی إدراك زمان القائم علیه السلام و حضوره و أصحابه عنده إذ لا یلزم فی المتمنی إمكان الحصول.

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ مُظْلِماً قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هَكَذَا قِرَاءَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (6).

«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا قَضَی عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ وَ قَدَّرَهُ أَحَبَّ أَنْ یُعَوِّضَ إِبْرَاهِیمَ مِنْ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ بِغُلامٍ عَلِیمٍ لِیُسَلِّیَ بِهِ مُصَابَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ رُسُلًا إِلَی إِبْرَاهِیمَ یُبَشِّرُونَهُ بِإِسْمَاعِیلَ قَالَ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ لَیْلًا فَفَزِعَ مِنْهُمْ وَ خَافَ أَنْ یَكُونُوا سُرَّاقاً فَلَمَّا رَأَتْهُ الرُّسُلُ فَزِعاً مَذْعُوراً قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ- إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ

ص: 170


1- مخطوط. م.
2- فروع الكافی 2: 71- 72، و قد أخرجه الكلینی أیضا فی الروضة: 327- 330 و فیه: قال الحسن العسكریّ أبو محمد. قلت: لعل كلمة العسكریّ زیادة من النسّاخ، و أبو محمّد كنیة للحسن بن علیّ بن فضال. و احتمله و غیره المصنّف فی شرحه علی الكافی راجع.
3- مخطوط.
4- مخطوط.
5- مخطوط.
6- مخطوط.

عَلِیمٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ الْغُلَامُ الْعَلِیمُ هُوَ إِسْمَاعِیلُ مِنْ هَاجَرَ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لِلرُّسُلِ أَ بَشَّرْتُمُونِی عَلی أَنْ مَسَّنِیَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِینَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ لِلرُّسُلِ فَما خَطْبُكُمْ بَعْدَ الْبِشَارَةِ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمٍ مُجْرِمِینَ قَوْمِ لُوطٍ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِینَ لِنُنْذِرَهُمْ عَذَابَ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قالَ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ فِیها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِینَ فَلَمَّا عَذَّبَهُمْ اللَّهُ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَی إِبْرَاهِیمَ رُسُلًا یُبَشِّرُونَهُ بِإِسْحَاقَ وَ یُعَزُّونَهُ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْری فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِیذٍ یَعْنِی زَكِیّاً مَشْوِیّاً نَضِیجاً فَلَمَّا رَأی أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلی قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنَّمَا عَنَوْا سَارَةَ (1)قَائِمَةً فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فَضَحِكَتْ یَعْنِی فَعَجِبَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ فَضَحِكَتْ قَالَ حَاضَتْ فَعَجِبَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ وَ قالَتْ یا وَیْلَتی أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِی شَیْخاً إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ إِلَی قَوْلِهِ حَمِیدٌ مَجِیدٌ فَلَمَّا جَاءَتْ إِبْرَاهِیمَ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ فَذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ أَقْبَلَ یُنَاجِی رَبَّهُ فِی قَوْمِ لُوطٍ وَ یَسْأَلُهُ كَشْفَ الْبَلَاءِ عَنْهُمْ فَقَالَ اللَّهُ یا إِبْراهِیمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِیهِمْ عَذَابِی بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِكَ مَحْتُوماً غَیْرُ مَرْدُودٍ (2).

«33»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ لُوطٍ علیه السلام هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ قَالَ عَرَضَ عَلَیْهِمُ التَّزْوِیجَ (3).

«34»-یب، تهذیب الأحكام عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْخَذْفُ فِی النَّادِی مِنْ أَخْلَاقِ قَوْمِ لُوطٍ ثُمَّ تَلَا علیه السلام وَ تَأْتُونَ فِی نادِیكُمُ الْمُنْكَرَ قَالَ هُوَ الْخَذْفُ.

«35»-فس، تفسیر القمی كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ قَالَ كَانُوا یَنْكِحُونَ الرِّجَالَ.

(4)

ص: 171


1- فی نسخة: انما عنی سارة.
2- مخطوط. م.
3- فروع الكافی 2: 72. م.
4- تفسیر القمّیّ: 431. م.

باب 8 قصص ذی القرنین

الآیات؛

الكهف: «وَ یَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً *إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً* فَأَتْبَعَ سَبَباً *حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً* قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً* قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً* وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنی وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا یُسْراً* ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً* كَذلِكَ وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَیْهِ خُبْراً *ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً *حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا* قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا* قالَ ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً *آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً *قالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً *فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً* قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا»(83-98)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ أی بسطنا یده فی الأرض و ملكناه حتی استولی علیها

وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ السَّحَابَ فَحَمَلَهُ عَلَیْهَا وَ مَدَّ لَهُ فِی الْأَسْبَابِ وَ بَسَطَ لَهُ النُّورَ فَكَانَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ عَلَیْهِ سَوَاءً فَهَذَا مَعْنَی تَمْكِینِهِ فِی الْأَرْضِ.

وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً أی و أعطیناه من كل شی ء علما و قدرة و آلة یتسبب بها إلی إرادته فَأَتْبَعَ سَبَباً أی فأتبع طریقا و أخذ فی سلوكه أو فأتبع سببا من الأسباب التی أوتیها فی المسیر إلی المغرب حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ أی آخر العمارة من جانب المغرب و بلغ قوما لم یكن وراءهم أحد إلی موضع غروب

ص: 172

الشمس وَجَدَها تَغْرُبُ أی كأنها تغرب فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ و إن كانت تغرب وراءها لأن الشمس لا تزایل الفلك و لا تدخل عین الماء و لكن لما بلغ ذلك الموضع تراءی له كأنّ الشمس تغرب فی عین كما أن من كان فی البحر یراها كأنها تغرب فی الماء و من كان فی البر یراها كأنها تغرب فی الأرض الملساء و العین الحمئة هی ذات الحمإ و هی الطین الأسود المنتن و الحامیة الحارة و عن كعب قال أجدها فی التوراة تغرب فی ماء و طین إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ أی بالقتل من أقام منهم علی الشرك وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً أی تأسرهم و تمسكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدی و قیل معناه و إما أن تعفو عنهم و استدل من ذهب إلی أنه كان نبیا بهذا و قیل ألهمه و لم یوح إلیه أَمَّا مَنْ ظَلَمَ أی أشرك فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ أی نقتله إذا لم یسلم نُكْراً أی منكرا غیر معهود فی النار فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنی أی له المثوبة الحسنی جزاء وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا یُسْراً أی قولا جمیلا و سنأمره بما یتیسر علیه ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أی طریقا آخر من الأرض یوصله إلی مطلع الشمس حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ أی ابتداء المعمورة من جانب المشرق (1)كَذلِكَ قال البیضاوی أی أمر ذی القرنین كما وصفناه فی رفعة المكان و بسطة الملك أو أمره فیهم كأمره فی أهل المغرب من التخییر و الاختیار وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَیْهِ من الجنود و الآلات و العدد و الأسباب خُبْراً أی علما تعلق بظواهره و خفایاه و المراد أن كثرة ذلك بلغت مبلغا لا یحیط به إلا علم اللطیف الخبیر ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً یعنی طریقا ثالثا معترضا بین المشرق و المغرب آخذا من الجنوب إلی الشمال حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ بین الجبلین المبنی علیهما سده و هما جبلا أرمنیة و آذربیجان و قیل جبلان فی أواخر الشمال فی منقطع أرض الترك من ورائهما یأجوج و مأجوج لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا لغرابة لغتهم و قلة فطنتهم قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ أی قال مترجمهم و فی مصحف ابن مسعود قال الذین من دونهم فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً أی جعلا نخرجه من أموالنا قالَ ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ أی ما جعلنی فیه مكینا من المال و الملك خیر مما تبذلون لی من الخراج و لا حاجة بی إلیه فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أی بفعلة أو بما أتقوی به من الآلات رَدْماً أی حاجزا

ص: 173


1- مجمع البیان 6: 489- 491. م.

حصینا و هو أكبر من السد زُبَرَ الْحَدِیدِ أی قطعه بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ أی بین جانبی الجبلین بتنضیدها قالَ انْفُخُوا أی قال للعملة انفخوا فی الأكوار و الحدید حَتَّی إِذا جَعَلَهُ أی جعل المنفوخ فیه ناراً أی كالنار بالإحماء قالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً أی آتونی قطرا أی نحاسا مذابا أفرغ علیه قطرا فحذف الأول لدلالة الثانی علیه فَمَا اسْطاعُوا بحذف التاء حذرا من تلاقی متقاربین أَنْ یَظْهَرُوهُ أی أن یعلوه بالصعود لارتفاعه و انملاسه وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً لثخنه و صلابته قیل حفر للأساس حتی بلغ الماء و جعله من الصخرة و النحاس المذاب و البنیان من زبر الحدید بینهما الحطب و الفحم حتی ساوی أعلی الجبلین ثم وضع المنافخ حتی صارت كالنار فصب النحاس المذاب علیها فاختلط و التصق بعضها ببعض و صار جبلا صلدا و قیل بناه من الصخور مرتبطا بعضها ببعض بكلالیب من حدید و نحاس مذاب فی تجاویفها قالَ هذا السد أو الإقدار علی تسویته رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی علی عباده فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی وقت وعده بخروج یأجوج و مأجوج أو بقیام الساعة بأن شارف یوم القیامة جَعَلَهُ دَكَّاءَ مدكوكا مسویا بالأرض. (1)

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل إن هذا السد وراء بحر الروم بین جبلین هناك یلی مؤخرهما البحر المحیط و قیل إنه وراء دربند و خزران من ناحیة أرمنیة و آذربیجان و قیل إن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع و عرض الحائط نحو من خمسین ذراعا و جاء فی الحدیث أنهم یدأبون فی حفره نهارهم حتی إذا أمسوا و كادوا یبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا و نفتحه و لا یستثنون فیعودون من الغد و قد استوی كما كان حتی إذا جاء وعد اللّٰه قالوا غدا نفتح و نخرج إن شاء اللّٰه فیعودون إلیه و هو كهیئته حین تركوه بالأمس فیخرقونه فیخرجون علی الناس فینشفون المیاه و تتحصن الناس فی حصونهم منهم فیرمون سهامهم إلی السماء فترجع و فیها كهیئة الدماء فیقولون قد قهرنا أهل الأرض و علونا أهل السماء فیبعث اللّٰه علیهم نغفا (2)فی أقفائهم فتدخل فی آذانهم فیهلكون بها

فَقَالَ

ص: 174


1- أنوار التنزیل 2: 11- 12. م.
2- قال فی القاموس: النغف محركة: دود فی انوف الإبل و الغنم، الواحدة النغفة؛ أو دود أبیض یكون فی النوی المنقع؛ أو دود عقف ینسلخ عن الخنافس و نحوها. و قال فی النهایة: فی حدیث یأجوج مأجوج: «فیرسل اللّٰه علیهم النغف» هو بالتحریك: دود یكون فی انوف الإبل و الغنم، واحدتها نغفة. منه طاب ثراه.

النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَ تَشْكَرُ مِنْ لُحُومِهِمْ شَكَراً.

و فی تفسیر الكلبی أن الخضر و إلیاس یجتمعان كل لیلة علی ذلك السد یحجبان یأجوج و مأجوج عن الخروج (1).

«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام كان اسم ذی القرنین عیاشا و كان أول الملوك بعد نوح علیه السلام ملك ما بین المشرق و المغرب (2).

«2»-ع، علل الشرائع لی، الأمالی للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الزَّنْجَانِیُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّی الْعَنْبَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ جُوَیْرِیَةَ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی وَائِلٍ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: وَجَدْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ عَمَلِ السَّدِّ انْطَلَقَ عَلَی وَجْهِهِ فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ وَ جُنُودَهُ إِذْ مَرَّ عَلَی شَیْخٍ یُصَلِّی فَوَقَفَ عَلَیْهِ بِجُنُودِهِ حَتَّی انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ كَیْفَ لَمْ یُرَوِّعْكَ مَا حَضَرَكَ مِنْ جُنُودِی قَالَ كُنْتُ أُنَاجِی مَنْ هُوَ أَكْثَرُ جُنُوداً مِنْكَ وَ أَعَزُّ سُلْطَاناً وَ أَشَدُّ قُوَّةً وَ لَوْ صَرَفْتُ وَجْهِی إِلَیْكَ لَمْ أُدْرِكْ حَاجَتِی قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ هَلْ لَكَ فِی أَنْ تَنْطَلِقَ مَعِی فَأُوَاسِیَكَ بِنَفْسِی وَ أَسْتَعِینَ بِكَ عَلَی بَعْضِ أَمْرِی قَالَ نَعَمْ إِنْ ضَمِنْتَ لِی أَرْبَعَ خِصَالٍ نَعِیماً لَا یَزُولُ وَ صِحَّةً لَا سُقْمَ فِیهَا وَ شَبَاباً لَا هَرَمَ فِیهِ وَ حَیَاةً لَا مَوْتَ فِیهَا فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ أَیُّ مَخْلُوقٍ یَقْدِرُ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ فَقَالَ الشَّیْخُ فَإِنِّی مَعَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَیْهَا وَ یَمْلِكُهَا وَ إِیَّاكَ ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ لِذِی الْقَرْنَیْنِ أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْئَیْنِ مُنْذُ خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَیْنِ وَ عَنْ شَیْئَیْنِ جَارِیَیْنِ وَ شَیْئَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ وَ شَیْئَیْنِ مُتَبَاغِضَیْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْقَائِمَانِ فَالسَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْجَارِیَانِ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْمُخْتَلِفَانِ فَاللَّیْلُ وَ النَّهَارُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْمُتَبَاغِضَانِ فَالْمَوْتُ وَ الْحَیَاةُ فَقَالَ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ عَالِمٌ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَسِیرُ فِی الْبِلَادِ حَتَّی مَرَّ بِشَیْخٍ یُقَلِّبُ جَمَاجِمَ الْمَوْتَی فَوَقَفَ عَلَیْهِ بِجُنُودِهِ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی أَیُّهَا الشَّیْخُ لِأَیِّ شَیْ ءٍ تُقَلِّبُ هَذِهِ الْجَمَاجِمَ قَالَ لِأَعْرِفَ الشَّرِیفَ مِنَ الْوَضِیعِ وَ الْغَنِیَّ مِنَ الْفَقِیرِ فَمَا عَرَفْتُ

ص: 175


1- مجمع البیان 6: 495. م.
2- مخطوط. م.

وَ إِنِّی لَأُقَلِّبُهَا مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ تَرَكَهُ فَقَالَ مَا عَنَیْتَ بِهَذَا أَحَداً غَیْرِی فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ إِذَا وَقَعَ إِلَی الْأُمَّةِ (1)الْعَالِمَةِ مِنْ قَوْمِ مُوسَی الَّذِینَ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ لَهُمْ أَیُّهَا الْقَوْمُ أَخْبِرُونِی بِخَبَرِكُمْ فَإِنِّی قَدْ دُرْتُ الْأَرْضَ شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا وَ بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا وَ سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا وَ نُورَهَا وَ ظُلْمَتَهَا فَلَمْ أَلْقَ مِثْلَكُمْ فَأَخْبِرُونِی مَا بَالُ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ عَلَی أَبْوَابِ بُیُوتِكُمْ قَالُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا نَنْسَی الْمَوْتَ وَ لَا یَخْرُجَ ذِكْرُهُ مِنْ قُلُوبِنَا قَالَ فَمَا بَالُ بُیُوتِكُمْ لَیْسَ عَلَیْهَا أَبْوَابٌ قَالُوا لَیْسَ فِینَا لِصٌّ وَ لَا ظَنِینٌ وَ لَیْسَ فِینَا إِلَّا أَمِینٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ عَلَیْكُمْ أُمَرَاءُ قَالُوا لَا نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ بَیْنَكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا لَا نَخْتَصِمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ فِیكُمْ مُلُوكٌ قَالُوا لَا نَتَكَاثَرُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَتَفَاضَلُونَ وَ لَا تَتَفَاوَتُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا مُتَوَاسُونَ مُتَرَاحِمُونَ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَتَنَازَعُونَ وَ لَا تَخْتَلِفُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أُلْفَةِ قُلُوبِنَا وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَیْنِنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَسْتَبُونَ وَ لَا تَقْتُلُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا غَلَبْنَا طَبَائِعَنَا بِالْعَزْمِ وَ سُسْنَا (2)أَنْفُسَنَا بِالْحِلْمِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ كَلِمَتُكُمْ وَاحِدَةٌ وَ طَرِیقَتُكُمْ مُسْتَقِیمَةٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَكَاذَبُ وَ لَا نَتَخَادَعُ وَ لَا یَغْتَابُ بَعْضُنَا بَعْضاً قَالَ فَأَخْبِرُونِی لِمَ لَیْسَ فِیكُمْ مِسْكِینٌ وَ لَا فَقِیرٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نُقَسِّمُ بِالسَّوِیَّةِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ فِیكُمْ فَظٌّ (3)وَ لَا غَلِیظٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذُّلِّ وَ التَّوَاضُعِ قَالَ فَلِمَ جَعَلَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَطْوَلَ النَّاسِ أَعْمَاراً قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَتَعَاطَی الْحَقَّ وَ نَحْكُمُ بِالْعَدْلِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُقْحَطُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَغْفَلُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَحْزَنُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا (4)عَلَی الْبَلَاءِ فَعَزَّیْنَا أَنْفُسَنَا (5)قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا یُصِیبُكُمُ الْآفَاتُ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا

ص: 176


1- فی نسخة: وقع علی الأمة. و فی العلل: الأمة العادلة.
2- ساس الدوابّ: قام علیها و راضها. ساس القوم: دبرهم و تولی أمرهم. و فی الأمالی: و سبینا.
3- الفظ: الغلیظ السیئ الخلق الخشن الكلام.
4- وطن نفسه علی الامر و للامر: هیأها لفعله و حمله علیه، توطنت نفسه علی كذا: حملت علیه.
5- فی العلل: فقوینا أنفسنا. م.

لَا نَتَوَكَّلُ عَلَی غَیْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا نَسْتَمْطِرُ بِالْأَنْوَاءِ (1)وَ النُّجُومِ قَالَ فَحَدِّثُونِی أَیُّهَا الْقَوْمُ هَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ یَفْعَلُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا یَرْحَمُونَ مِسْكِینَهُمْ وَ یُوَاسُونَ فَقِیرَهُمْ وَ یَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ یُحْسِنُونَ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهِمْ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِمُسِیئِهِمْ وَ یَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ وَ یُؤَدُّونَ أَمَانَتَهُمْ وَ یَصْدُقُونَ وَ لَا یَكْذِبُونَ فَأَصْلَحَ اللَّهُ لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرَهُمْ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ ذُو الْقَرْنَیْنِ حَتَّی قُبِضَ وَ كَانَ لَهُ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ (2).

«3»-ل، الخصال الطَّالَقَانِیُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یَحْیَی الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ قَالَ: قَرَأْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ عَمَلِ السَّدِّ انْطَلَقَ عَلَی وَجْهِهِ فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ وَ جُنُودَهُ إِذْ مَرَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ لِذِی الْقَرْنَیْنِ أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْئَیْنِ مُنْذُ خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَیْنِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ عَالِمٌ ثُمَّ قَالَ وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ (3).

بیان: الظنین المتهم و قوله لا تستبون غیر مهموز من السبی یقال سباه و استباه بمعنی.

«4»-فس، تفسیر القمی جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی یَسْئَلُونَكَ عَنْ

ص: 177


1- قال الجزریّ: قد تكرر ذكر النوء و الانواء فی الحدیث و منه الحدیث: «مطرنا بنوء كذا» و الانواء هو ثمان و عشرون منزلة ینزل القمر كل لیلة فی منزلة منها و منه قوله تعالی: «وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ» یسقط فی الغرب كل ثلاث عشرة لیلة منزلة مع طلوع الفجر و تطلع اخری مقابلتها ذلك الوقت فی الشرق، فتنقضی جمیعها مع انقضاء السنة و كانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة و طلوع رقیبها یكون مطر و ینسبونه إلیها، فیقولون: مطرنا بنوء كذا، و انما سمی نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، من ناء ینوء أی نهض و طلع، و إنّما غلظ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی امر الانواء لان العرب كانت تنسب المطر إلیها، فاما من جعل المطر من فعل اللّٰه تعالی و أراد بقوله: بنوء كذا أی فی وقت هذا فان ذلك جائز.
2- علل الشرائع: 161- 162، الأمالی: 103- 104. م.
3- الخصال ج 1: 31. قلت: أورده بتمامه فی كتابه كمال الدین و أخرجه المصنّف بعد ذلك راجع ما یأتی تحت الرقم 16.

ذِی الْقَرْنَیْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَیْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً قَالَ إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی قَوْمِهِ فَضُرِبَ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْمَنِ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَیْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَضُرِبَ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْسَرِ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَیْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَلَّكَهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا مِنْ حَیْثُ تَطْلُعُ الشَّمْسُ إِلَی حَیْثُ تَغْرُبُ فَهُوَ قَوْلُهُ حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ (1)إِلَی قَوْلِهِ عَذاباً نُكْراً قَالَ فِی النَّارِ فَجَعَلَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بَیْنَهُمْ بَاباً مِنْ نُحَاسٍ وَ حَدِیدٍ وَ زِفْتٍ وَ قَطِرَانٍ- (2)فَحَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَیْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ یَمُوتُ حَتَّی یُولَدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ أَلْفُ ذَكَرٍ ثُمَّ قَالَ هُمْ أَكْثَرُ خَلْقٍ خُلِقُوا بَعْدَ الْمَلَائِكَةِ.

«5»-وَ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ أَ نَبِیّاً كَانَ أَمْ مَلَكاً فَقَالَ لَا نَبِیّاً وَ لَا مَلَكاً بَلْ عَبْداً (3)أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ (4)وَ نَصَحَ لِلَّهِ فَنَصَحَ لَهُ فَبَعَثَهُ إِلَی قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْمَنِ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَغِیبَ ثُمَّ بَعَثَهُ الثَّانِیَةَ فَضَرَبُوهُ (5)عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْسَرِ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَغِیبَ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ الثَّالِثَةَ فَمَكَّنَ اللَّهُ لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ فِیكُمْ مِثْلُهُ یَعْنِی نَفْسَهُ فَ بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ فَ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً- (6)قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً قالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فَیُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أَیْ دَلِیلًا حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً قَالَ لَمْ یَعْلَمُوا صَنْعَةَ ثِیَابٍ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أَیْ دَلِیلًا حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَأْتُوهُ بِالْحَدِیدِ

ص: 178


1- فی نسخة: فی عین حامیة و كذا فیما یأتی بعده.
2- الزفت: القیر القطران: سیال دهنی یتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر و الأرز.
3- فی المصدر: لا نبی و لا ملك بل عبد. م.
4- فی نسخة: فأحبه اللّٰه.
5- فی المصدر: فضرب. م.
6- فی المصدر: و وجد عندها قوما، و سألوا یا ذا القرنین. م.

فَأَتَوْا بِهِ فَوَضَعَهُ بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ یَعْنِی بَیْنَ الْجَبَلَیْنِ حَتَّی سَوَّی بَیْنَهُمَا ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَأْتُوا بِالنَّارِ فَأَتَوْا بِهَا فَنَفَخُوا تَحْتَ الْحَدِیدِ حَتَّی صَارَ (1)مِثْلَ النَّارِ ثُمَّ صَبَّ عَلَیْهِ الْقِطْرَ وَ هُوَ الصُّفْرُ حَتَّی سَدَّهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً إِلَی قَوْلِهِ نَقْباً فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا قَالَ إِذَا كَانَ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ فِی آخِرِ الزَّمَانِ انْهَدَمَ ذَلِكَ السَّدُّ وَ خَرَجَ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ إِلَی الدُّنْیَا وَ أَكَلُوا النَّاسَ وَ هُوَ قَوْلُهُ حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ (2)قَالَ فَسَارَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَی نَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِقَرْیَةٍ زَأَرَ فِیهَا كَمَا یَزْأَرُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ فَیَنْبَعِثُ فِی الْقَرْیَةِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ وَ صَوَاعِقُ یَهْلِكُ مَنْ نَاوَاهُ (3)وَ خَالَفَهُ فَلَمْ یَبْلُغْ مَغْرِبَ الشَّمْسِ حَتَّی دَانَ لَهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً أَیْ دَلِیلًا فَقِیلَ لَهُ إِنَّ لِلَّهِ فِی أَرْضِهِ عَیْناً یُقَالُ لَهَا عَیْنُ الْحَیَاةِ لَا یَشْرَبُ مِنْهَا ذُو رُوحٍ إِلَّا لَمْ یَمُتْ حَتَّی الصَّیْحَةِ فَدَعَا ذُو الْقَرْنَیْنِ الْخَضِرَ وَ كَانَ أَفْضَلَ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ وَ دَعَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ رَجُلًا وَ دَفَعَ إِلَی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَمَكَةً وَ قَالَ لَهُمْ اذْهَبُوا إِلَی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ هُنَاكَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ عَیْناً فَلْیَغْسِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَمَكَتَهُ فِی عَیْنٍ غَیْرِ عَیْنِ صَاحِبِهِ فَذَهَبُوا یَغْسِلُونَ وَ قَعَدَ الْخَضِرُ یَغْسِلُ فَانْسَابَتِ (4)السَّمَكَةُ مِنْهُ فِی الْعَیْنِ وَ بَقِیَ الْخَضِرُ مُتَعَجِّباً مِمَّا رَأَی وَ قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا أَقُولُ لِذِی الْقَرْنَیْنِ ثُمَّ نَزَعَ ثِیَابَهُ یَطْلُبُ السَّمَكَةَ فَشَرِبَ مِنْ مَائِهَا وَ اغْتَمَسَ فِیهِ وَ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی السَّمَكَةِ فَرَجَعُوا إِلَی ذِی الْقَرْنَیْنِ فَأَمَرَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِقَبْضِ السَّمَكِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی الْخَضِرِ لَمْ یَجِدُوا مَعَهُ شَیْئاً فَدَعَاهُ وَ قَالَ لَهُ (5)

ص: 179


1- فی المصدر: حتی صار الحدید. م.
2- حدب أی نشز، و هو كل مرتفع من الأرض، أراد من كل جانب أی من البلدان و الاراضی البعیدة و الغریبة. ینسلون أی یسرعون.
3- أی عاداه و قصد علیه.
4- أی مشت مسرعة.
5- فی نسخة: فقال له.

مَا حَالُ السَّمَكَةِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ فَصَنَعْتَ مَا ذَا (1)قَالَ اغْتَمَسْتُ فِیهَا فَجَعَلْتُ أَغُوصُ وَ أَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا قَالَ فَشَرِبْتَ مِنْ مَائِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَطَلَبَ ذُو الْقَرْنَیْنِ الْعَیْنَ فَلَمْ یَجِدْهَا فَقَالَ لِلْخَضِرِ كُنْتَ أَنْتَ صَاحِبَهَا (2).

بیان: الزأر و الزئیر صوت الأسد من صدره یقال زأر كضرب و منع و سمع.

«6»-شی، تفسیر العیاشی ج، الإحتجاج عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ أَ نَبِیّاً كَانَ أَمْ مَلَكاً وَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَرْنَیْهِ (3)أَ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یَكُنْ نَبِیّاً وَ لَا مَلَكاً وَ لَمْ یَكُنْ قَرْنَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا مِنْ فِضَّةٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ نَصَحَ لِلَّهِ فَنَصَحَ اللَّهُ لَهُ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ ذُو الْقَرْنَیْنِ لِأَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ حِیناً ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِمْ فَضَرَبُوهُ بِالسَّیْفِ عَلَی قَرْنِهِ الْآخَرِ وَ فِیكُمْ مِثْلُهُ (4).

ع، علل الشرائع أبی عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن القاسم بن عروة عن برید العجلی عن الأصبغ مثله (5)- ك، إكمال الدین العطار عن أبیه (6).

«7»-فس، تفسیر القمی حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ قَالَ إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ خَرَجَ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ إِلَی الدُّنْیَا وَ یَأْكُلُونَ النَّاسَ (7).

«8»-لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (8)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام

ص: 180


1- فی نسخة: ما ذا صنعت؟.
2- تفسیر القمّیّ ص 401- 403. م.
3- زعم أن كان له تاج ذو قرنین فسأل عن قرنیه كان من ذهب أم فضة؟.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، الاحتجاج: 122. م.
5- علل الشرائع: 25. م.
6- كمال الدین: 220. م.
7- تفسیر القمّیّ: 433. م.
8- هكذا فی النسخ: و لعلّ الصحیح: عبد اللّٰه بن عمرو كما یأتی عن التهذیب.

قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمَّا انْتَهَی إِلَی السَّدِّ جَاوَزَهُ فَدَخَلَ فِی الظُّلُمَاتِ فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ قَائِمٍ عَلَی جَبَلٍ طُولُهُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَ مَا كَانَ خَلْفَكَ مَسْلَكٌ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ مُوَكَّلٌ بِهَذَا الْجَبَلِ فَلَیْسَ مِنْ جَبَلٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ لَهُ عِرْقٌ إِلَی هَذَا الْجَبَلِ (1)فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَلْزِلَ مَدِینَةً أَوْحَی إِلَیَّ فَزَلْزَلْتُهَا (2).

-شی، تفسیر العیاشی عن جمیل عنه علیه السلام مثله (3)

- یب، تهذیب الأحكام محمد بن علی بن محبوب عن ابن معروف عن ابن مهزیار عن الحسین بن سعید عن عبد اللّٰه بن عمرو عن حماد بن عثمان عن جمیل عنه علیه السلام مثله.

«9»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ أَنْبِیَاءَ مُلُوكاً فِی الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ اسْمُهُ عَیَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ یُوسُفُ علیهم السلام فَأَمَّا عَیَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مُلْكُ سُلَیْمَانَ (4)وَ أَمَّا یُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِیَهَا لَمْ یُجَاوِزْهَا إِلَی غَیْرِهَا (5).

شی، تفسیر العیاشی عن الثمالی عنه علیه السلام مثله (6)

قال الصدوق رحمه اللّٰه جاء هذا الخبر هكذا و الصحیح الذی أعتقده فی ذی القرنین أنه لم یكن نبیا و إنما كان عبدا صالحا أحب اللّٰه فأحبه اللّٰه و نصح لله فنصحه اللّٰه

قال

ص: 181


1- یستفاد من الحدیث أن الجبال یشتبك بعضها فی بعض من تحت الأرض و هو من غرائب علم الطبیعی التی لم تكن كشفت الا جدیدا، و أمّا الملك الموكل بزلزلة الأرض لا ینافی ما ثبت فی علم الطبیعی أنّها للابخرة الكامنة فی جوف الأرض لان لكل علة مادیة علة مجردة علی ما ثبت فی محله علی أن كثیرا ما یعبر فی الأحادیث عن القوی المدبرة بالملك.
2- الأمالی: 278. م.
3- مخطوط. م.
4- فی نسخة: كذلك كان ملك سلیمان.
5- الخصال ج 1: 118. م.
6- مخطوط. م.

أمیر المؤمنین علیه السلام و فیكم مثله (1)و ذو القرنین ملك مبعوث و لیس برسول و لا نبی كما كان طالوت (2)

قال اللّٰه عز و جل وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً و قد یجوز أن یذكر فی جملة الأنبیاء من لیس بنبی كما یجوز أن یذكر فی جملة الملائكة من لیس بملك قال اللّٰه جل ثناؤه وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ

(3).

«10»-ل، الخصال ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَلَكَ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَرْبَعَةٌ مُؤْمِنَانِ وَ كَافِرَانِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنَانِ فَسُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ الْكَافِرَانِ نُمْرُودُ وَ بُخْتَنَصَّرُ وَ اسْمُ ذُو الْقَرْنَیْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ضَحَّاكِ بْنِ مَعَدٍّ (4).

«11»-ع، علل الشرائع (5)الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ اثْنَیْنِ تَصَافَحَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ اسْتَقْبَلَهُ إِبْرَاهِیمُ فَصَافَحَهُ وَ أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ النَّخْلَةُ.

«12»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ وَ أَبِی سَلَّامٍ عَنْ سَوْرَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ قَدْ خُیِّرَ السَّحَابَیْنِ وَ اخْتَارَ الذَّلُولَ وَ ذَخَرَ لِصَاحِبِكُمُ الصَّعْبَ

ص: 182


1- أی فیكم من یضرب علی قرنه مرتین، قال الجزریّ فی النهایة: و فیه: انه قال لعلی علیه السلام: ان لك بیتا فی الجنة و انك ذو قرنیها أی ذو قرنی الأمة؛ و منه حدیث علیّ علیه السلام. و ذكر قصة ذی القرنین ثمّ قال: و فیكم مثله، فیری انه انما عنی نفسه لانه ضرب علی رأسه ضربتین: أحدهما یوم الخندق، و الأخری ضربة ابن ملجم لعنه اللّٰه انتهی. و قال الراغب فی المفردات فی الحدیث الأول: یعنی ذو قرنی الأمة أی انت فیهم كذی القرنین.
2- فی نسخة: كما كان طالوت ملكا.
3- الخصال ج 1: 118. م.
4- الخصال ج 1: 121- 122. م.
5- كذا فی النسخ و هو سهو ظاهر فان الصدوق اقدم زمانا من المفید، و الروایة فی امالی الطوسیّ: 134. م.

قَالَ قُلْتُ وَ مَا الصَّعْبُ قَالَ مَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ فِیهِ رَعْدٌ وَ صَاعِقَةٌ أَوْ بَرْقٌ فَصَاحِبُكُمْ (1)یَرْكَبُهُ أَمَا إِنَّهُ سَیَرْكَبُ السَّحَابَ وَ یَرْقَی فِی الْأَسْبَابِ أَسْبَابِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ خَمْسٌ عَوَامِرُ وَ اثْنَتَانِ خَرَابَانِ (2).

«13»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ أَبِی یَحْیَی قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ خَیَّرَ ذَا الْقَرْنَیْنِ السَّحَابَیْنِ الذَّلُولَ وَ الصَّعْبَ فَاخْتَارَ الذَّلُولَ وَ هُوَ مَا لَیْسَ فِیهِ بَرْقٌ وَ لَا رَعْدٌ وَ لَوِ اخْتَارَ الصَّعْبَ لَمْ یَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ ادَّخَرَهُ لِلْقَائِمِ علیه السلام (3).

«14»-سن، المحاسن ابْنُ یَزِیدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی سَمَّاكٍ (4)عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ فَلَمَّا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً قَالَ لَمْ یَعْلَمُوا صَنْعَةَ الْبِنَاءِ (5).

«15»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ قَالَ قَرَأْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِیَّةِ وَ أُمُّهُ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ لَیْسَ لَهَا وَلَدٌ غَیْرُهُ یُقَالُ لَهُ إِسْكَنْدَرُوسُ (6)وَ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَ خُلُقٌ وَ عِفَّةٌ مِنْ وَقْتِ مَا كَانَ فِیهِ غُلَاماً (7)إِلَی أَنْ بَلَغَ رَجُلًا وَ كَانَ رَأَی فِی الْمَنَامِ كَأَنَّهُ دَنَا مِنَ الشَّمْسِ حَتَّی أَخَذَ بِقَرْنَیْهَا شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا فَلَمَّا قَصَّ رُؤْیَاهُ عَلَی قَوْمِهِ سَمَّوْهُ ذَا الْقَرْنَیْنِ فَلَمَّا رَأَی

ص: 183


1- یعنی الحجة المنتظر المهدی عجل اللّٰه تعالی فرجه الشریف، فیستفاد من الحدیث أنه علیه السلام یستخدم القوی الممكنة فی العالم من الرعد و الصاعقة و البرق، و یركب ما یرقیه الی السماء، و یصعد الی سائر الكرات المعلقة فی السماء، كل ذلك بعد ما آتاه اللّٰه أسباب السماوات و الأرض أی علوما و قدرة یتمكن بهما العروج فی السماوات و الأرض. و فی الحدیث ایعاز الی امكان استخدام هذه القوی العمالة فی العالم، و إمكان الصعود علی كرات اخری.
2- بصائر الدرجات: 29. م.
3- بصائر الدرجات: 29. م.
4- باللام أو بالكاف علی اختلاف.
5- و قد تقدم فی الخبر الخامس انهم لم یعلموا صنعة الثیاب.
6- قال الثعلبی فی وجه تسمیته بذلك: ان امها هلالة بنت ملك الروم كانت بها نتن و رائحة كریهة فاجتمع رأی أهل المعرفة فی مداواتها علی شجرة یقال لها اسكندروس فلما ولدت لها غلاما فسمعته باسم الشجرة التی غسلت بها و هی اسكندروس، ثمّ خفف فقیل: اسكندر.
7- فی المصدر: من وقت كان غلاما. م.

هَذِهِ الرُّؤْیَا بَعُدَتْ هِمَّتُهُ وَ عَلَا صَوْتُهُ وَ عَزَّ فِی قَوْمِهِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَا أَجْمَعَ عَلَیْهِ أَمْرَهُ أَنْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا قَوْمَهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا هَیْبَةً لَهُ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَبْنُوا لَهُ مَسْجِداً فَأَجَابُوهُ إِلَی ذَلِكَ فَأَمَرَ أَنْ یُجْعَلَ طُولُهُ أَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهُ مِائَتَیْ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُ حَائِطِهِ اثْنَیْنِ وَ عِشْرِینَ ذِرَاعاً وَ عُلُوُّهُ (1)إِلَی السَّمَاءِ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَقَالُوا لَهُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ كَیْفَ لَكَ بِخَشَبٍ یَبْلُغُ مَا بَیْنَ الْحَائِطَیْنِ فَقَالَ لَهُمْ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ بُنْیَانِ الْحَائِطَیْنِ فَاكْبِسُوهُ (2)بِالتُّرَابِ حَتَّی یَسْتَوِیَ الْكَبْسُ مَعَ حِیطَانِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَرَضْتُمْ عَلَی كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی قَدْرِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ثُمَّ قَطَعْتُمُوهُ مِثْلَ قُلَامَةِ الظُّفُرِ (3)وَ خَلَطْتُمُوهُ مَعَ ذَلِكَ الْكَبْسِ وَ عَمِلْتُمْ لَهُ خَشَباً مِنْ نُحَاسٍ وَ صَفَائِحَ (4)تُذِیبُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنَ الْعَمَلِ كَیْفَ شِئْتُمْ عَلَی أَرْضٍ مُسْتَوِیَةٍ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ دَعَوْتُمُ الْمَسَاكِینَ لِنَقْلِ ذَلِكَ التُّرَابِ فَیُسَارِعُونَ فِیهِ (5)مِنْ أَجْلِ مَا فِیهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَبَنَوُا الْمَسْجِدَ وَ أَخْرَجَ الْمَسَاكِینُ ذَلِكَ التُّرَابَ وَ قَدِ اسْتَقَلَّ (6)السَّقْفُ بِمَا فِیهِ وَ اسْتَغْنَی الْمَسَاكِینُ فَجَنَّدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَجْنَادٍ فِی كُلِّ جُنْدٍ عَشْرَةُ آلَافٍ ثُمَّ نَشَرَهُمْ فِی الْبِلَادِ وَ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالسَّیْرِ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ نَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَا تُؤْثِرْ عَلَیْنَا بِنَفْسِكَ غَیْرَنَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرُؤْیَتِكَ وَ فِینَا كَانَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ وَ بَیْنَنَا نَشَأْتَ وَ رُبِّیتَ وَ هَذِهِ أَمْوَالُنَا وَ أَنْفُسُنَا وَ أَنْتَ الْحَاكِمُ فِیهَا وَ هَذِهِ أُمُّكَ عَجُوزٌ كَبِیرَةٌ وَ هِیَ أَعْظَمُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَیْكَ حَقّاً فَلَیْسَ یَنْبَغِی عَلَیْكَ أَنْ تَعْصِیَهَا وَ لَا تُخَالِفَهَا فَقَالَ لَهُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَوْلَ لَقَوْلُكُمْ وَ إِنَّ الرَّأْیَ لَرَأْیُكُمْ وَ لَكِنِّی بِمَنْزِلَةِ الْمَأْخُوذِ بِقَلْبِهِ وَ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ یُقَادُ وَ یُدْفَعُ مِنْ خَلْفِهِ لَا یَدْرِی أَیْنَ یُؤْخَذُ بِهِ وَ لَا مَا یُرَادُ بِهِ وَ لَكِنْ هَلُمُّوا مَعْشَرَ قَوْمِی فَادْخُلُوا هَذَا الْمَسْجِدَ وَ أَسْلِمُوا عَنْ آخِرِكُمْ وَ لَا تُخَالِفُوا عَلَیَّ فَتَهْلِكُوا

ص: 184


1- فی المصدر: و طوله. م.
2- كبس البئر طمها بالتراب، أی سواها و دفنها.
3- قلامة الظفر: ما سقط من طرفه.
4- فی المصدر: و صفائحا من نحاس. م.
5- فی المصدر: فتسارعوا إلیه لاجل. اه.
6- أی رفع.

ثُمَّ دَعَا دِهْقَانَ (1)الْإِسْكَنْدَرِیَّةِ فَقَالَ لَهُ اعْمُرْ مَسْجِدِی وَ عَزِّ عَنِّی أُمِّی فَلَمَّا رَأَی الدِّهْقَانُ جَزَعَ أُمِّهِ وَ طُولَ بُكَائِهَا احْتَالَ لِیُعَزِّیَهَا بِمَا أَصَابَ النَّاسَ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَ الْبَلَاءِ فَصَنَعَ عِیداً عَظِیماً ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ یُؤْذِنُكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَسْرِعُوا (2)وَ احْذَرُوا أَنْ یَحْضُرَ هَذَا الْعِیدَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ عَرِیَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ فَاحْتُبِسَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَ قَالُوا لَیْسَ فِینَا أَحَدٌ عَرِیَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ أُصِیبَتْ بِبَلَاءٍ أَوْ بِمَوْتِ حَمِیمٍ فَسَمِعَتْ أُمُّ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَأَعْجَبَهَا وَ لَمْ تَدْرِ مَا أَرَادَ الدِّهْقَانُ ثُمَّ إِنَّ الدِّهْقَانَ بَعَثَ مُنَادِیاً یُنَادِی فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا وَ لَا یَحْضُرَ إِلَّا رَجُلٌ قَدِ ابْتُلِیَ وَ أُصِیبَ وَ فُجِعَ وَ لَا یَحْضُرُهُ أَحَدٌ عَرِیَ مِنَ الْبَلَاءِ فَإِنَّهُ لَا خَیْرَ فِیمَنْ لَا یُصِیبُهُ الْبَلَاءُ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ النَّاسُ هَذَا رَجُلٌ قَدْ بَخِلَ (3)ثُمَّ نَدِمَ وَ اسْتَحْیَا فَتَدَارَكَ أَمْرَهُ وَ مَحَا عَیْبَهُ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَطَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنِّی لَمْ أَجْمَعْكُمْ لِمَا دَعَوْتُكُمْ لَهُ وَ لَكِنِّی جَمَعْتُكُمْ لِأُكَلِّمَكُمْ فِی ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ فِیمَا فُجِعْنَا بِهِ مِنْ فَقْدِهِ وَ فِرَاقِهِ فَاذْكُرُوا آدَمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَ أَكْرَمَهُ بِكَرَامَةٍ لَمْ یُكْرِمْ بِهَا أَحَداً ثُمَّ ابْتَلَاهُ بِأَعْظَمِ بَلِیَّةٍ كَانَتْ فِی الدُّنْیَا وَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هِیَ الْمُصِیبَةُ الَّتِی لَا جَبْرَ لَهَا ثُمَّ ابْتَلَی إِبْرَاهِیمَ مِنْ بَعْدِهِ بِالْحَرِیقِ وَ ابْتَلَی ابْنَهُ بِالذَّبْحِ وَ یَعْقُوبَ بِالْحُزْنِ وَ الْبُكَاءِ وَ یُوسُفَ بِالرِّقِّ وَ أَیُّوبَ بِالسُّقْمِ وَ یَحْیَی بِالذَّبْحِ وَ زَكَرِیَّا بِالْقَتْلِ وَ عِیسَی بِالْأَسْرِ وَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِیراً لَا یُحْصِیهِمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ لَهُمْ انْطَلِقُوا وَ عَزُّوا أُمَّ الْإِسْكَنْدَرُوسِ لِنَنْظُرَ كَیْفَ صَبْرُهَا فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مُصِیبَةً فِی ابْنِهَا فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَیْهَا قَالُوا لَهَا هَلْ حَضَرْتِ الْجَمْعَ الْیَوْمَ وَ سَمِعْتِ الْكَلَامَ قَالَتْ لَهُمْ مَا غَابَ (4)عَنِّی مِنْ أَمْرِكُمْ شَیْ ءٌ وَ لَا سَقَطَ عَنِّی مِنْ كَلَامِكُمْ شَیْ ءٌ وَ مَا كَانَ فِیكُمْ أَحَدٌ أَعْظَمَ مُصِیبَةً بِالْإِسْكَنْدَرُوسِ مِنِّی وَ لَقَدْ صَبَّرَنِیَ اللَّهُ وَ أَرْضَانِی وَ رَبَطَ

ص: 185


1- الدهقان: رئیس اقلیم.
2- فی المصدر: احضروا و اسرعوا اه. م.
3- فی المصدر: قد كان بخل. م.
4- فی المصدر: ما خفی عنی. م.

عَلَی قَلْبِی وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَكُونَ أَجْرِی عَلَی قَدْرِ ذَلِكَ وَ أَرْجُو لَكُمْ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا رُزِیتُمْ بِهِ مِنْ فَقْدِ أَخِیكُمْ وَ أَنْ تُؤْجَرُوا عَلَی قَدْرِ مَا نَوَیْتُمْ فِی أُمِّهِ وَ أَرْجُو أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لِی وَ لَكُمْ وَ یَرْحَمَنِی وَ إِیَّاكُمْ فَلَمَّا رَأَوْا حُسْنَ عَزَائِهَا وَ صَبْرَهَا انْصَرَفُوا عَنْهَا وَ تَرَكُوهَا وَ انْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَسِیرُ عَلَی وَجْهِهِ حَتَّی أَمْعَنَ فِی الْبِلَادِ (1)یَؤُمُّ الْمَغْرِبَ (2)وَ جُنُودُهُ یَوْمَئِذٍ الْمَسَاكِینُ فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَنْتَ حُجَّتِی عَلَی جَمِیعِ الْخَلَائِقِ مَا بَیْنَ الْخَافِقَیْنِ (3)مِنْ مَطْلِعِ الشَّمْسِ إِلَی مَغْرِبِهَا وَ حُجَّتِی عَلَیْهِمْ وَ هَذَا تَأْوِیلُ رُؤْیَاكَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَهِی إِنَّكَ نَدَبْتَنِی (4)لِأَمْرٍ عَظِیمٍ لَا یُقَدِّرُ قَدْرَهُ غَیْرُكَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَیَّةِ قَوْمٍ أُكَاثرُهُمْ (5)وَ بِأَیِّ عَدَدٍ أَغْلِبُهُمْ وَ بِأَیَّةِ حِیلَةٍ أَكِیدُهُمْ وَ بِأَیِّ صَبْرٍ أُقَاسِیهِمْ وَ بِأَیِّ لِسَانٍ أُكَلِّمُهُمْ وَ كَیْفَ لِی بِأَنْ أَعْرِفَ لُغَاتِهِمْ وَ بِأَیِّ سَمْعٍ أَعِی قَوْلَهُمْ وَ بِأَیِّ بَصَرٍ أَنْفُذُهُمْ (6)وَ بِأَیَّةِ حُجَّةٍ أُخَاصِمُهُمْ وَ بِأَیِّ قَلْبٍ أَغْفُلُ عَنْهُمْ وَ بِأَیَّةِ حِكْمَةٍ أُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَیِّ حِلْمٍ أُصَابِرُهُمْ وَ بِأَیِّ قِسْطٍ أَعْدِلُ فِیهِمْ (7)وَ بِأَیَّةِ مَعْرِفَةٍ أَفْصِلُ بَیْنَهُمْ وَ بِأَیِّ عِلْمٍ أُتْقِنُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَیِّ عَقْلٍ أُحْصِیهِمْ وَ بِأَیِّ جُنْدٍ أُقَاتِلُهُمْ فَإِنَّهُ لَیْسَ عِنْدِی مِمَّا ذَكَرْتُ شَیْ ءٌ یَا رَبِّ فَقَوِّنِی عَلَیْهِمْ فَإِنَّكَ الرَّبُّ الرَّحِیمُ لَا تُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا تَحْمِلُهَا إِلَّا طَاقَتَهَا فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ أَنِّی سَأُطَوِّقُكَ مَا حَمَّلْتُكَ وَ أَشْرَحُ لَكَ صَدْرَكَ فَتَسْمَعُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ أَشْرَحُ لَكَ فَهْمَكَ فَتَفْقَهُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ أُطْلِقُ لِسَانَكَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ أُحْصِی لَكَ (8)فَلَا یَفُوتُكَ شَیْ ءٌ وَ أَحْفَظُ عَلَیْكَ فَلَا یَعْزُبُ عَنْكَ شَیْ ءٌ وَ أَشُدُّ ظَهْرَكَ فَلَا یَهُولُكَ شَیْ ءٌ

ص: 186


1- أمعن الضب فی حجره: غاب فی أقصاه.
2- فی المصدر: فی المغرب. م.
3- الخافقان: المشرق و المغرب.
4- ندب فلانا للامر او الی الامر: دعاه و رشحه للقیام به و حثه علیه. ندبه الی الحرب: وجهه.
5- فی المصدر: بأی قوة اكابرهم. م.
6- فی نسخة و فی المصدر: انقذهم. م.
7- فی المصدر: بینهم. م.
8- فی المصدر: بعد قوله: بكل شی ء: و أفتح لك سمعك فتعی كل شی ء، و أكشف لك عن بصرك فتبصر كل شی ء، فأحضر لك اه. م.

وَ أُلْبِسُكَ الْهَیْبَةَ فَلَا یُرَوِّعُكَ شَیْ ءٌ وَ أُسَدِّدُ لَكَ رَأْیَكَ فَتُصِیبُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ جَسَدَكَ فَتُحِسُّ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ وَ أَجْعَلُهُمَا جُنْدَیْنِ مِنْ جُنْدِكَ النُّورُ یَهْدِیكَ وَ الظُّلْمَةُ تَحُوطُكَ (1)وَ تَحُوشُ عَلَیْكَ الْأُمَمَ مِنْ وَرَائِكَ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِرِسَالَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَیَّدَهُ اللَّهُ بِمَا وَعَدَهُ فَمَرَّ بِمَغْرِبِ الشَّمْسِ فَلَا یَمُرُّ بِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ أَجَابُوهُ قَبِلَ مِنْهُمْ وَ إِنْ لَمْ یُجِیبُوهُ أَغْشَاهُمُ الظُّلْمَةَ فَأَظْلَمَتْ مَدَائِنُهُمْ وَ قُرَاهُمْ وَ حُصُونُهُمْ وَ بُیُوتُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ وَ أَغْشَتْ أَبْصَارَهُمْ وَ دَخَلَتْ فِی أَفْوَاهِهِمْ وَ آنَافِهِمْ (2)وَ أَجْوَافِهِمْ فَلَا یَزَالُوا فِیهَا مُتَحَیِّرِینَ حَتَّی یَسْتَجِیبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَعِجُّوا إِلَیْهِ حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَ عِنْدَهَا الْأُمَّةَ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فَفَعَلَ بِهِمْ مَا كَانَ فَعَلَهُ بِمَنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَهُمْ حَتَّی فَرَغَ مِمَّا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ وَجَدَ جَمْعاً وَ عَدَداً لَا یُحْصِیهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُوَّةً وَ بَأْساً لَا یُطِیقُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أَلْسِنَةً مُخْتَلِفَةً وَ أَهْوَاءً مُتَشَتِّتَةً وَ قُلُوباً مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ مَشَی عَلَی الظُّلْمَةِ ثَمَانِیَةَ أَیَّامٍ وَ ثَمَانَ لَیَالٍ وَ أَصْحَابُهُ یَنْظُرُونَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْجَبَلِ الَّذِی هُوَ مُحِیطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا فَإِذَا بِمَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَابِضٍ عَلَی الْجَبَلِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّی مِنَ الْآنَ إِلَی مُنْتَهَی الدَّهْرِ سُبْحَانَ رَبِّی مِنْ أَوَّلِ الدُّنْیَا إِلَی آخِرِهَا سُبْحَانَ رَبِّی مِنْ مَوْضِعِ كَفِّی إِلَی عَرْشِ رَبِّی سُبْحَانَ رَبِّی مِنْ مُنْتَهَی الظُّلْمَةِ إِلَی النُّورِ فَلَمَّا سَمِعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ خَرَّ سَاجِداً فَلَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّی قَوَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعَانَهُ عَلَی النَّظَرِ إِلَی ذَلِكَ الْمَلَكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ كَیْفَ قَوِیتَ یَا ابْنَ آدَمَ عَلَی أَنْ تَبْلُغَ إِلَی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ لَمْ یَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَبْلَكَ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ قَوَّانِی عَلَی ذَلِكَ الَّذِی قَوَّاكَ عَلَی قَبْضِ هَذَا الْجَبَلِ- (3)وَ هُوَ مُحِیطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا قَالَ لَهُ الْمَلَكُ صَدَقْتَ وَ لَوْ لَا هَذَا الْجَبَلُ لَانْكَفَأَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا (4)وَ لَیْسَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ جَبَلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَ هُوَ أَوَّلُ جَبَلٍ أَسَّسَهُ اللَّهُ (5)عَزَّ وَ جَلَّ فَرَأْسُهُ مُلْصَقٌ

ص: 187


1- أی تحفظك و تعهدك.
2- فی المصدر: أفواههم و آذانهم و أجوافهم. م.
3- فی المصدر بعد ذلك: فأخبرنی عنك أیها الملك، قال: انی موكل بهذا الجبل و هو اه. م.
4- أی مالت بأهلها و قلبتها.
5- فی المصدر: اثبته اللّٰه. م.

بِالسَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ أَسْفَلُهُ فِی الْأَرْضِ (1)السَّابِعَةِ السُّفْلَی وَ هُوَ مُحِیطٌ بِهَا كَالْحَلْقَةِ وَ لَیْسَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَدِینَةٌ إِلَّا وَ لَهَا عِرْقٌ إِلَی هَذَا الْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَلْزِلَ مَدِینَةً فَأَوْحَی إِلَیَّ فَحَرَّكْتُ الْعِرْقَ الَّذِی یَلِیهَا فَزَلْزَلْتُهَا فَلَمَّا أَرَادَ ذُو الْقَرْنَیْنِ الرُّجُوعَ قَالَ لِلْمَلَكِ أَوْصِنِی قَالَ الْمَلَكُ لَا یَهُمَّنَّكَ رِزْقُ غَدٍ وَ لَا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْیَوْمِ لِغَدٍ وَ لَا تَحْزَنْ عَلَی مَا فَاتَكَ وَ عَلَیْكَ بِالرِّفْقِ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً مُتَكَبِّراً ثُمَّ إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ رَجَعَ إِلَی أَصْحَابِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِهِمْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ یَسْتَقْرِی مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَشْرِقِ مِنَ الْأُمَمِ فَیَفْعَلُ بِهِمْ مَا فَعَلَ بِأُمَمِ الْمَغْرِبِ قَبْلَهُمْ حَتَّی إِذَا فَرَغَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ (2)عَطَفَ نَحْوَ الرُّومِ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فَإِذَا هُوَ بِأُمَّةٍ لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا وَ إِذَا مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الرُّومِ مَشْحُونٌ مِنْ أُمَّةٍ یُقَالُ لَهَا یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ یَتَوَالَدُونَ هُمْ ذُكُورٌ وَ إِنَاثٌ وَ فِیهِمْ مَشَابِهُ مِنَ النَّاسِ الْوُجُوهُ وَ الْأَجْسَادُ وَ الْخِلْقَةُ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ نُقِصُوا فِی الْأَبْدَانِ نَقْصاً شَدِیداً وَ هُمْ فِی طُولِ الْغِلْمَانِ لَیْسَ مِنْهُمْ أُنْثَی وَ لَا ذَكَرٌ یُجَاوِزُ طُولُهُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ وَ هُمْ عَلَی مِقْدَارٍ وَاحِدٍ فِی الْخَلْقِ وَ الصُّوَرِ عُرَاةٌ حُفَاةٌ لَا یَغْزِلُونَ وَ لَا یَلْبَسُونَ وَ لَا یَحْتَذُونَ عَلَیْهِمْ وَبَرٌ كَوَبَرِ الْإِبِلِ یُوَارِیهِمْ وَ یَسْتُرُهُمْ مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُذُنَانِ أَحَدُهُمَا ذَاتُ شَعَرٍ وَ الْأُخْرَی ذَاتُ وَبَرٍ ظَاهِرُهُمَا وَ بَاطِنُهُمَا وَ لَهُمْ مَخَالِبُ فِی مَوْضِعِ الْأَظْفَارِ وَ أَضْرَاسٌ وَ أَنْیَابٌ كَأَضْرَاسِ السِّبَاعِ وَ أَنْیَابِهَا وَ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ افْتَرَشَ إِحْدَی أُذُنَیْهِ وَ الْتَحَفَ الْأُخْرَی فَتَسَعُهُ لِحَافاً (3)وَ هُمْ یُرْزَقُونَ تِنِّینَ الْبَحْرِ (4)كُلَّ عَامٍ یَقْذِفُهُ عَلَیْهِمُ السَّحَابُ فَیَعِیشُونَ بِهِ عَیْشاً خِصْباً وَ یَصْلُحُونَ عَلَیْهِ وَ یَسْتَمْطِرُونَهُ فِی إِبَّانِهِ (5)كَمَا یَسْتَمْطِرُ النَّاسُ الْمَطَرَ فِی إِبَّانِ الْمَطَرِ فَإِذَا قُذِفُوا بِهِ أَخْصَبُوا وَ سَمِنُوا وَ تَوَالَدُوا وَ كَثُرُوا فَأَكَلُوا مِنْهُ حَوْلًا كَامِلًا إِلَی مِثْلِهِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَ لَا

ص: 188


1- فی نسخة: و أسفله بالارض.
2- فی نسخة: مما بین المشرق و المغرب.
3- قد عرفت فی اول الحدیث ان عبد اللّٰه بن سلیمان أخذ الحدیث عن كتب الاقدمین و الحدیث و كل ما فیه من الغرابة فعهدته علیه و علی تلك الكتب، و لیس الحدیث مرویا عن أئمتنا علیهم السلام.
4- فی نسخة: نون، و التنین كسجین: الحوت، الحیة العظیمة.
5- فی نسخة: فی أیامه. و إبان الشی ء: اوله. حینه.

یَأْكُلُونَ مَعَهُ شَیْئاً غَیْرَهُ وَ هُمْ لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِی خَلَقَهُمْ وَ إِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّینُ قُحِطُوا وَ أُجْدِبُوا وَ جَاعُوا وَ انْقَطَعَ النَّسْلُ وَ الْوَلَدُ وَ هُمْ یَتَسَافَدُونَ- (1)كَمَا تَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ وَ حَیْثُ مَا الْتَقَوْا فَإِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّینُ جَاعُوا وَ سَاحُوا فِی الْبِلَادِ فَلَا یَدَعُونَ شَیْئاً أَتَوْا عَلَیْهِ إِلَّا أَفْسَدُوهُ وَ أَكَلُوهُ فَهُمْ أَشَدُّ فَسَاداً فِیمَا أَتَوْا عَلَیْهِ مِنَ الْأَرْضِ مِنَ الْجَرَادِ وَ الْبَرَدِ وَ الْآفَاتِ كُلِّهَا وَ إِذَا أَقْبَلُوا مِنْ أَرْضٍ إِلَی أَرْضٍ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ خَلَّوْهَا وَ لَیْسَ یُغْلَبُونَ وَ لَا یُدْفَعُونَ حَتَّی لَا یَجِدُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مَوْضِعاً لِقَدَمِهِ وَ لَا یَخْلُو لِلْإِنْسَانِ قَدْرُ مَجْلِسِهِ وَ لَا یَدْرِی أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَی آخِرِهِمْ وَ لَا یَسْتَطِیعُ شَیْ ءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ یَنْظُرَ إِلَیْهِمْ وَ لَا یَدْنُوَ مِنْهُمْ نَجَاسَةً وَ قَذَراً وَ سُوءَ حِلْیَةٍ فَبِهَذَا غَلَبُوا وَ لَهُمْ حِسٌّ وَ حَنِیْنٌ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَی الْأَرْضِ یُسْمَعُ حِسُّهُمْ مِنْ مَسِیرَةِ مِائَةِ فَرْسَخٍ لِكَثْرَتِهِمْ كَمَا یُسْمَعُ حِسُّ الرِّیحِ الْبَعِیدَةِ أَوْ حِسُّ الْمَطَرِ الْبَعِیدِ وَ لَهُمْ هَمْهَمَةٌ إِذَا وَقَعُوا فِی الْبِلَادِ كَهَمْهَمَةِ النَّحْلِ إِلَّا أَنَّهُ أَشَدُّ وَ أَعْلَی صَوْتاً یَمْلَأُ الْأَرْضَ حَتَّی لَا یَكَادُ أَحَدٌ یَسْمَعُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْهَمْهَمَةِ شَیْئاً وَ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَی الْأَرْضِ حَاشُوا وُحُوشَهَا وَ سِبَاعَهَا حَتَّی لَا یَبْقَی فِیهَا شَیْ ءٌ مِنْهَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ یَمْلَئُونَ مَا بَیْنَ أَقْطَارِهَا وَ لَا یَتَخَلَّفُ وَرَاءَهُمْ مِنْ سَاكِنِ الْأَرْضِ شَیْ ءٌ فِیهِ رُوحٌ إِلَّا اجْتَلَبُوهُ (2)مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ أَمْرُهُمْ عَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ وَ لَیْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ عَرَفَ مَتَی یَمُوتُ وَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا یَمُوتُ مِنْهُمْ ذَكَرٌ حَتَّی یُولَدَ لَهُ أَلْفُ وَلَدٍ وَ لَا یَمُوتُ مِنْهُمْ أُنْثَی حَتَّی تَلِدَ أَلْفَ وَلَدٍ فَبِذَلِكَ عَرَفُوا آجَالَهُمْ فَإِذَا وَلَدُوا الْأَلْفَ بَرَزُوا لِلْمَوْتِ وَ تَرَكُوا طَلَبَ مَا كَانُوا فِیهِ مِنَ الْمَعِیشَةِ وَ الْحَیَاةِ فَتِلْكَ قِصَّتُهُمْ مِنْ یَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی یَوْمِ یُفْنِیهِمْ (3)ثُمَّ إِنَّهُمْ أَجْفَلُوا (4)فِی زَمَانِ ذِی الْقَرْنَیْنِ یَدُورُونَ أَرْضاً أَرْضاً مِنَ الْأَرَضِینَ وَ أُمَّةً أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ وَ هُمْ إِذَا تَوَجَّهُوا الْوَجْهَ لَمْ یَعْدِلُوا عَنْهُ أَبَداً وَ لَا یَنْصَرِفُوا یَمِیناً وَ شِمَالًا (5)

ص: 189


1- أی یجامعون.
2- فی المصدر: الا احتلفوه اجتلبوه خ ل اجتلبوه أی جاءوا به. و اختلفوا: أخذه من خلفه. و اختلف الی المكان: تردد.
3- فی نسخة: إلی یوم القیامة یفنیهم.
4- فی المصدر: جعلوا م.
5- فی نسخة: و لا شمالا.

وَ لَا یَلْتَفِتُوا فَلَمَّا أَحَسَّتْ تِلْكَ الْأُمَمُ بِهِمْ وَ سَمِعُوا هَمْهَمَتَهُمْ اسْتَغَاثُوا بِذِی الْقَرْنَیْنِ وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَوْمَئِذٍ نَازِلٌ فِی نَاحِیَتِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ وَ مَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مِنَ الْهَیْبَةِ وَ مَا أَیَّدَكَ بِهِ مِنْ جُنُودِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ مِنَ النُّورِ وَ الظُّلْمَةِ وَ إِنَّا جِیرَانُ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ لَیْسَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ سِوَی هَذِهِ الْجِبَالِ وَ لَیْسَ لَهُمْ إِلَیْنَا طَرِیقٌ إِلَّا مِنْ هَذَیْنِ الصَّدَفَیْنِ لَوْ مَالُوا عَلَیْنَا أَجْلَوْنَا مِنْ بِلَادِنَا (1)لِكَثْرَتِهِمْ حَتَّی لَا یَكُونُ لَنَا فِیهَا قَرَارٌ وَ هُمْ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِیرٌ فِیهِمْ مَشَابِهُ مِنَ الْإِنْسِ وَ هُمْ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ یَأْكُلُونَ الْعُشْبَ وَ یَفْرِسُونَ (2)الدَّوَابَّ وَ الْوُحُوشَ كَمَا تَفْتَرِسُهَا السِّبَاعُ وَ یَأْكُلُونَ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كُلَّهَا مِنَ الْحَیَّاتِ وَ الْعَقَارِبِ وَ كُلَّ ذِی رُوحٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَیْسَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقٌ یَنْمُو نِمَاهُمْ وَ زِیَادَتَهُمْ وَ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ یَمْلَئُونَ الْأَرْضَ (3)وَ یُجْلُونَ أَهْلَهَا مِنْهَا وَ یُفْسِدُونَ وَ نَحْنُ نَخْشَی كُلَّ وَقْتٍ أَنْ یَطْلُعَ عَلَیْنَا أَوَائِلُهُمْ مِنْ هَذَیْنِ الْجَبَلَیْنِ وَ قَدْ آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْحِیلَةِ وَ الْقُوَّةِ مَا لَمْ یُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِینَ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا قالَ ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ قَالُوا وَ مِنْ أَیْنَ لَنَا مِنَ الْحَدِیدِ وَ النُّحَاسِ مَا یَسَعُ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِی تُرِیدُ أَنْ تَعْمَلَ قَالَ إِنِّی سَأَدُلُّكُمْ عَلَی مَعْدِنِ الْحَدِیدِ وَ النُّحَاسِ فَضَرَبَ لَهُمْ فِی جَبَلَیْنِ حَتَّی فَتَقَهُمَا وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهُمَا مَعْدِنَیْنِ مِنَ الْحَدِیدِ وَ النُّحَاسِ قَالُوا بِأَیِّ قُوَّةٍ نَقْطَعُ الْحَدِیدَ وَ النُّحَاسَ فَاسْتَخْرَجَ لَهُمْ مَعْدِناً آخَرَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ یُقَالُ لَهُ السَّامُورُ (4)وَ هُوَ أَشَدُّ شَیْ ءٍّ بَیَاضاً (5)وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْهُ یُوضَعُ عَلَی شَیْ ءٍ إِلَّا ذَابَ تَحْتَهُ فَصَنَعَ لَهُمْ مِنْهُ أَدَاةً یَعْمَلُونَ بِهَا وَ بِهِ قَطَعَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام أَسَاطِینَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ صُخُورَهُ جَاءَتْ بِهِ الشَّیَاطِینُ مِنْ تِلْكَ الْمَعَادِنِ فَجَمَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا اكْتَفَوْا بِهِ فَأَوْقَدُوا عَلَی الْحَدِیدِ حَتَّی صَنَعُوا مِنْهُ زُبَراً مِثْلَ الصُّخُورِ فَجَعَلَ حِجَارَتَهُ

ص: 190


1- فی المصدر بعد قوله: الصدفین: و لو ینسلون اجلونا عن بلادنا اه. م.
2- فی المصدر: یأكلون من العشب و یفترسون اه. م.
3- فی المصدر: و لیس ممّا خلق اللّٰه جلّ جلاله خلق ینمو نماهم فی العام الواحد فان كانت لهم اه.
4- السامور: الالماس.
5- فی المصدر: اشد بیاضا من الثلج. م.

مِنْ حَدِیدٍ (1)ثُمَّ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ كَالطِّینِ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَی وَ قَاسَ مَا بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ فَوَجَدَهُ ثَلَاثَةَ أَمْیَالٍ فَحَفَرَ لَهُ أَسَاساً حَتَّی كَادَ یَبْلُغُ الْمَاءَ وَ جَعَلَ عَرْضَهُ مِیلًا وَ جَعَلَ حَشْوَهُ زُبَرَ الْحَدِیدِ وَ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ خِلَالَ الْحَدِیدِ فَجَعَلَ طَبَقَةً (2)مِنْ نُحَاسٍ وَ أُخْرَی مِنْ حَدِیدٍ حَتَّی سَاوَی الرَّدْمَ بِطُولِ الصَّدَفَیْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْدُ حِبَرَةٍ مِنْ صُفْرَةِ النُّحَاسِ وَ حُمْرَتِهِ وَ سَوَادِ الْحَدِیدِ فَیَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ یَنْتَابُونَهُ (3)فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ یَسِیحُونَ فِی بِلَادِهِمْ حَتَّی إِذَا وَقَعُوا إِلَی الرَّدْمِ حَبَسَهُمْ فَرَجَعُوا یَسِیحُونَ فِی بِلَادِهِمْ فَلَا یَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی تَقْرُبَ السَّاعَةُ وَ یَجِی ءَ أَشْرَاطُهَا (4)فَإِذَا جَاءَ أَشْرَاطُهَا وَ هُوَ قِیَامُ الْقَائِمِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ فَلَمَّا فَرَغَ ذُو الْقَرْنَیْنِ مِنْ عَمَلِ السَّدِّ انْطَلَقَ عَلَی وَجْهِهِ فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ وَ جُنُودَهُ إِذْ مَرَّ عَلَی شَخْصٍ یُصَلِّی فَوَقَفَ عَلَیْهِ (5)حَتَّی انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ كَیْفَ لَمْ یَرُعْكَ مَا حَضَرَكَ مِنَ الْجُنُودِ قَالَ كُنْتُ أُنَاجِی مَنْ هُوَ أَكْثَرُ جُنُوداً مِنْكَ وَ أَعَزُّ سُلْطَاناً وَ أَشَدُّ قُوَّةً وَ لَوْ صَرَفْتُ وَجْهِی إِلَیْكَ لَمْ أُدْرِكْ حَاجَتِی قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ هَلْ لَكَ أَنْ تَنْطَلِقَ مَعِی فَأُوَاسِیَكَ بِنَفْسِی وَ أَسْتَعِینَ بِكَ عَلَی بَعْضِ أُمُورِی قَالَ نَعَمْ إِنْ ضَمِنْتَ لِی أَرْبَعَ خِصَالٍ نَعِیماً لَا یَزُولُ وَ صِحَّةً لَا سُقْمَ فِیهَا وَ شَبَاباً لَا هَرَمَ مَعَهُ وَ حَیَاةً لَا مَوْتَ مَعَهَا فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ أَیُّ مَخْلُوقٍ یَقْدِرُ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ قَالَ فَإِنِّی مَعَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ وَ یَمْلِكُهَا وَ إِیَّاكَ ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ لِذِی الْقَرْنَیْنِ أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْئَیْنِ مُنْذُ خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَیْنِ وَ عَنْ شَیْئَیْنِ جَارِیَیْنِ وَ شَیْئَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ وَ شَیْئَیْنِ مُتَبَاغِضَیْنِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْقَائِمَانِ فَالسَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْجَارِیَانِ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْمُخْتَلِفَانِ فَاللَّیْلُ وَ النَّهَارُ وَ أَمَّا الشَّیْئَانِ الْمُتَبَاغِضَانِ فَالْمَوْتُ وَ الْحَیَاةُ فَقَالَ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ

ص: 191


1- فی نسخة: فجعلن حجارته من حدید.
2- فی المصدر: فصنع طبقة اه. م.
3- أی یأتونه مرة بعد اخری. و فی نسخة: یتناوبونه.
4- أی علائمها.
5- فی المصدر: فوقف علیه بجنوده. م.

عَالِمٌ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَسِیرُ فِی الْبِلَادِ حَتَّی مَرَّ بِشَیْخٍ یُقَلِّبُ جَمَاجِمَ الْمَوْتَی فَوَقَفَ عَلَیْهِ بِجُنُودِهِ فَقَالَ أَخْبِرْنِی أَیُّهَا الشَّیْخُ لِأَیِّ شَیْ ءٍ تُقَلِّبُ هَذِهِ الْجَمَاجِمَ قَالَ لِأَعْرِفَ الشَّرِیفَ مِنَ الْوَضِیعِ فَمَا عَرَفْتُ وَ إِنِّی لَأُقَلِّبُهَا عِشْرِینَ سَنَةً (1)فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ تَرَكَهُ وَ قَالَ مَا أَرَاكَ عَنَیْتَ بِهَذَا أَحَداً غَیْرِی فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ إِذْ وَقَعَ إِلَی الْأُمَّةِ الْعَالِمَةِ الَّذِینَ مِنْهُمْ قَوْمُ مُوسَی الَّذِینَ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ فَوَجَدَ أُمَّةً مُقْسِطَةً (2)عَادِلَةً یُقْسِمُونَ بِالسَّوِیَّةِ وَ یَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ وَ یَتَوَاسَوْنَ وَ یَتَرَاحَمُونَ حَالُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مُؤْتَلِفَةٌ وَ طَرِیقَتُهُمْ مُسْتَقِیمَةٌ وَ سِیرَتُهُمْ جَمِیلَةٌ وَ قُبُورُ مَوْتَاهُمْ فِی أَفْنِیَتِهِمْ وَ عَلَی أَبْوَابِ دُورِهِمْ لَیْسَ لِبُیُوتِهِمْ أَبْوَابٌ وَ لَیْسَ عَلَیْهِمْ أُمَرَاءُ وَ لَیْسَ بَیْنَهُمْ قُضَاةٌ وَ لَیْسَ فِیهِمْ أَغْنِیَاءُ وَ لَا مُلُوكٌ وَ لَا أَشْرَافٌ وَ لَا یَتَفَاوَتُونَ وَ لَا یَتَفَاضَلُونَ وَ لَا یَخْتَلِفُونَ وَ لَا یَتَنَازَعُونَ وَ لَا یَسْتَبُّونَ وَ لَا یَقْتَتِلُونَ وَ لَا تُصِیبُهُمُ الْآفَاتُ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ مُلِئَ مِنْهُمْ عَجَباً فَقَالَ لَهُمْ أَیُّهَا الْقَوْمُ أَخْبِرُونِی خَبَرَكُمْ فَإِنِّی قَدْ دُرْتُ فِی الْأَرْضِ شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا وَ بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا وَ سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا وَ نُورَهَا وَ ظُلْمَتَهَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَكُمْ فَأَخْبِرُونِی مَا بَالُ قُبُورِكُمْ عَلَی أَبْوَابِ أَفْنِیَتِكُمْ قَالُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ عَمْداً لِئَلَّا نَنْسَی الْمَوْتَ وَ لَا یَخْرُجَ ذِكْرُهُ مِنْ قُلُوبِنَا قَالَ فَمَا بَالُ بُیُوتِكُمْ لَیْسَ عَلَیْهَا أَبْوَابٌ قَالُوا لَیْسَ فِینَا لِصٌّ وَ لَا خَائِنٌ وَ لَیْسَ فِینَا إِلَّا أَمِینٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ عَلَیْكُمْ أُمَرَاءُ قَالُوا إِنَّا لَا نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ عَلَیْكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا إِنَّا لَا نَخْتَصِمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ فِیكُمْ مُلُوكٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَكَاثَرُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ فِیكُمْ أَشْرَافٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَنَافَسُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَتَفَاضَلُونَ وَ لَا تَتَفَاوَتُونَ (3) قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَا مُتَوَاسُونَ مُتَرَاحِمُونَ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُنَازِعُونَ وَ لَا تَخْتَصِمُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أُلْفَةِ قُلُوبِنَا وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَیْنِنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَسْتَبُونَ وَ لَا تَقْتَتِلُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا غَلَبْنَا طَبَائِعَنَا بِالْعَزْمِ وَ سَنَنَّا أَنْفُسَنَا بِالْحِلْمِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ كَلِمَتُكُمْ وَاحِدَةٌ وَ طَرِیقَتُكُمْ مُسْتَقِیمَةٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَكَاذَبُ وَ لَا نَتَخَادَعُ وَ لَا یَغْتَابُ بَعْضُنَا بَعْضاً قَالَ فَأَخْبِرُونِی لِمَ لَیْسَ فِیكُمْ فَقِیرٌ وَ لَا مِسْكِینٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَقْسِمُ بِالسَّوِیَّةِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَیْسَ

ص: 192


1- فی المصدر: منذ عشرین سنة. م.
2- أی عادلة.
3- فی المصدر: و لا تتناوبون. م.

فِیكُمْ فَظٌّ وَ لَا غَلِیظٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذُّلِّ وَ التَّوَاضُعِ قَالَ فَلِمَ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَطْوَلَ النَّاسِ أَعْمَاراً قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَتَعَاطَی الْحَقَّ وَ نَحْكُمُ بِالْعَدْلِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُقْحَطُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَغْفُلُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَحْزَنُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا عَلَی الْبَلَاءِ وَ حَرَصْنَا عَلَیْهِ فَعَزَّیْنَا أَنْفُسَنَا (1)قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُصِیبُكُمُ الْآفَاتُ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَوَكَّلُ عَلَی غَیْرِ اللَّهِ وَ لَا نَسْتَمْطِرُ بِالْأَنْوَاءِ وَ النُّجُومِ (2)وَ قَالَ حَدِّثُونِی أَیُّهَا الْقَوْمُ أَ هَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ یَفْعَلُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا یَرْحَمُونَ مِسْكِینَهُمْ وَ یُوَاسُونَ فَقِیرَهُمْ وَ یَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ یُحْسِنُونَ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهِمْ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِمُسِیئِهِمْ وَ یَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ وَ یُؤَدُّونَ أَمَانَاتِهِمْ وَ یَصْدُقُونَ وَ لَا یَكْذِبُونَ فَأَصْلَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرَهُمْ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ ذُو الْقَرْنَیْنِ حَتَّی قُبِضَ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِیهِمْ عُمُرٌ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَ السِّنَّ فَأَدْرَكَهُ الْكِبَرُ وَ كَانَ عِدَّةُ مَا سَارَ فِی الْبِلَادِ مِنْ یَوْمَ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی یَوْمَ قُبِضَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ (3).

بیان: قوله ما رزیتم من الرزیئة بالهمزة بمعنی المصیبة و یقال أمعن الفرس أی تباعد و فی الأمر أبعد و الضب فی حجره غاب فی أقصاها ذكره الفیروزآبادی و قال طوقنی اللّٰه أداء حقه قوانی علیه و حاش الإبل جمعها و قال الجوهری أجفل القوم أی هربوا مسرعین و أجفلت الریح أی أسرعت و انجفل القوم أی انقلعوا كلهم و مضوا انتهی و التنافس الرغبة فی الشی ء و الانفراد به.

«16»-ك، إكمال الدین أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ یُونُسَ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَشَّارٍ الْمَدِینِیِّ (4)عَنْ عَمْرِو بْنِ

ص: 193


1- فی المصدر: مغربا أنفسنا. م.
2- تقدم معنی الانواء و سائر الألفاظ الغریبة من الحدیث ذیل الخبر الثانی.
3- كمال الدین: 221- 227. و فیه: ستمائة عام. م.
4- فی نسخة: محمّد بن إسحاق بن بشار المدینی، و یحتمل كونه تصحیف محمّد بن إسحاق بن یسار المدنیّ.

ثَابِتٍ عَنْ سِمَاكِ (1)بْنِ حَرْبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِی أَسَدٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِیّاً علیه السلام أَ رَأَیْتَ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَیْفَ اسْتَطَاعَ أَنْ یَبْلُغَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ قَالَ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ السَّحَابَ وَ مَدَّ لَهُ فِی الْأَسْبَابِ وَ بَسَطَ لَهُ النُّورَ فَكَانَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ عَلَیْهِ سَوَاءً (2).

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمْ یَكُنْ نَبِیّاً لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً صَالِحاً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ وَ نَاصَحَ اللَّهَ فَنَاصَحَهُ اللَّهُ أَمَرَ قَوْمَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِمْ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْآخَرِ وَ فِیكُمْ مَنْ هُوَ عَلَی سُنَّتِهِ- (3)وَ إِنَّهُ خُیِّرَ السَّحَابَ الصَّعْبَ وَ السَّحَابَ الذَّلُولَ فَاخْتَارَ الذَّلُولَ فَرَكِبَ الذَّلُولَ وَ كَانَ إِذَا انْتَهَی إِلَی قَوْمٍ كَانَ رَسُولَ نَفْسِهِ إِلَیْهِمْ لِكَیْلَا یُكَذَّبَ الرُّسُلُ (4).

ك، إكمال الدین أبی عن سعد إلی قوله من هو علی سنته (5)- شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (6).

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبِ بْنِ حَبِیبٍ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سُخِّرَتْ لَهُ السَّحَابُ وَ قَرُبَتْ لَهُ الْأَسْبَابُ وَ بُسِطَ لَهُ فِی النُّورِ فَقَالَ علیه السلام كَانَ یُبْصِرُ بِاللَّیْلِ كَمَا یُبْصِرُ بِالنَّهَارِ (7).

«19»-ك، إكمال الدین عَنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِیِّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص

ص: 194


1- بكسر السین و تخفیف المیم.
2- كمال الدین: 220. م.
3- أی من یضرب علی قرنه مرتین. راجع ما قدمنا ذیل الخبر التاسع.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- كمال الدین: 220. م.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
7- قصص الأنبیاء مخطوط.

یَقُولُ إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً جَعَلَهُ اللَّهُ حُجَّةً عَلَی عِبَادِهِ فَدَعَا قَوْمَهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَرَهُمْ بِتَقْوَاهُ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً حَتَّی قِیلَ مَاتَ أَوْ هَلَكَ بِأَیِّ وَادٍ سَلَكَ ثُمَّ ظَهَرَ وَ رَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْآخَرِ أَلَا وَ فِیكُمْ مَنْ هُوَ عَلَی سُنَّتِهِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَكَّنَ لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَاهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً وَ بَلَغَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَیُجْرِی سُنَّتَهُ فِی الْقَائِمِ مِنْ وُلْدِی وَ یُبَلِّغُهُ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا حَتَّی لَا یَبْقَی سَهْلٌ وَ لَا مَوْضِعٌ مِنْ سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ وَطِئَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَّا وَطِئَهُ وَ یُظْهِرُ اللَّهُ لَهُ كُنُوزَ الْأَرْضِ وَ مَعَادِنَهَا وَ یَنْصُرُهُ بِالرُّعْبِ یَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً (1).

«20»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: حَجَّ ذُو الْقَرْنَیْنِ فِی سِتِّمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَرَمَ شَیَّعَهُ (2)بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَی الْبَیْتِ فَلَمَّا انْصَرَفَ فَقَالَ رَأَیْتُ رَجُلًا مَا رَأَیْتُ رَجُلًا أَكْثَرَ نُوراً وَ وَجْهاً مِنْهُ قَالُوا ذَاكَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ علیه السلام قَالَ أَسْرِجُوا فَتَسَرَّجُوا (3)سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دَابَّةٍ فِی مِقْدَارِ مَا یُسْرَجُ دَابَّةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ لَا بَلْ نَمْشِی إِلَی خَلِیلِ الرَّحْمَنِ فَمَشَی وَ مَشَی مَعَهُ أَصْحَابُهُ حَتَّی الْتَقَیَا قَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام بِمَ قَطَعْتَ الدَّهْرَ قَالَ بِإِحْدَی عَشْرَةَ كَلِمَةً سُبْحَانَ مَنْ هُوَ بَاقٍ لَا یَفْنَی سُبْحَانَ مَنْ هُوَ عَالِمٌ لَا یَنْسَی سُبْحَانَ مَنْ هُوَ حَافِظٌ لَا یَسْقُطُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ بَصِیرٌ لَا یَرْتَابُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَیُّومٌ لَا یَنَامُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ مَلِكٌ لَا یُرَامُ- (4)سُبْحَانَ مَنْ هُوَ عَزِیزٌ لَا یُضَامُ (5)سُبْحَانَ مَنْ هُوَ مُحْتَجِبٌ لَا یُرَی سُبْحَانَ مَنْ هُوَ وَاسِعٌ لَا یَتَكَلَّفُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا یَلْهُو سُبْحَانَ مَنْ هُوَ دَائِمٌ لَا یَسْهُو (6).

ص: 195


1- كمال الدین: 220- 221. م.
2- هكذا فی النسخ و فی القصص للجزائری، و استظهر فی هامش النسخة التی قوبلت علی المصنّف أن الصحیح: سبقه.
3- فی نسخة: فأسرجوا.
4- أی لا یقصده أحد بسوء، و لا یرید أحد ان یتصرف فی سلطانه و كبریائه.
5- أی لا یقهر و لا یظلم.
6- مخطوط.

«21»-سن، المحاسن الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: مَلَكَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَیْ عَشَرَ وَ مَكَثَ فِی مُلْكِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً.

بیان: یمكن الجمع بینه و بین ما مر بحمله علی ملكه قبل غیبته أو بأن یكون المراد مدة استیلائه علی جمیع الأرض و استقرار دولته.

«22»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ رَزِینٍ الْقَاضِی قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام وَ لَمْ یَكُنْ رَآنِی قَطُّ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ السَّدِّ أَنْتَ فَقُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَابِ فَقَالَ الثَّانِیَةَ مِنْ أَهْلِ السَّدِّ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَابِ قَالَ مِنْ أَهْلِ السَّدِّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ذَاكَ السَّدُّ الَّذِی عَمِلَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ (1).

أقول: أوردنا بعض أخباره فی باب أحوال خضر علیه السلام.

«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُصَیْنٍ الْبَاهِلِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عُقْبَةَ الْأَنْصَارِیُّ كُنْتُ فِی خِدْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ فَقَالُوا اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَمَّا جِئْنَا نَسْأَلُكَ عَنْهُ قَالَ جِئْتُمُونِی تَسْأَلُونَنِی عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ كَانَ غُلَاماً مِنْ أَهْلِ الرُّومِ نَاصِحاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ وَ مَلَكَ الْأَرْضَ فَسَارَ حَتَّی أَتَی مَغْرِبَ الشَّمْسِ ثُمَّ سَارَ إِلَی مَطْلِعِهَا ثُمَّ سَارَ إِلَی خَیْلِ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ فَبَنَی فِیهَا السَّدَّ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا شَأْنُهُ وَ أَنَّهُ لَفِی التَّوْرَاةِ (2).

«24»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمْ یَكُنْ نَبِیّاً وَ لَا رَسُولًا كَانَ عَبْداً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ نَاصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَهُ دَعَا قَوْمَهُ فَضَرَبُوهُ عَلَی أَحَدِ

ص: 196


1- قصص الأنبیاء مخطوط. م.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.

قَرْنَیْهِ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ الْآخَرِ فَقَتَلُوهُ(1).

«25»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَمِیعاً قَالَ لَهُمَا مَا مَنْزِلَتُكُمْ وَ مَنْ تُشْبِهُونَ مِمَّنْ مَضَی قَالا صَاحِبُ مُوسَی وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ كَانَا عَالِمَیْنِ وَ لَمْ یَكُونَا نَبِیَّیْنِ (2).

«26»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ الْوَرْقَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ مَا كَانَ قَرْنَاهُ فَقَالَ لَعَلَّكَ تَحْسَبُ كَانَ قَرْنُهُ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً أَوْ كَانَ نَبِیّاً بَلْ كَانَ عَبْداً صَالِحاً بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَی أُنَاسٍ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی الْخَیْرِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَضَرَبَ قَرْنَهُ الْأَیْسَرَ فَمَاتَ ثُمَّ بَعَثَهُ فَأَحْیَاهُ وَ بَعَثَهُ إِلَی أُنَاسٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَضَرَبَ قَرْنَهُ الْأَیْمَنَ فَمَاتَ فَسَمَّاهُ ذَا الْقَرْنَیْنِ (3).

«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ بَعْضِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام (4)قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً طُوِیَتْ لَهُ الْأَسْبَابُ وَ مُكِّنَ لَهُ فِی الْبِلَادِ وَ كَانَ قَدْ وُصِفَ لَهُ عَیْنُ الْحَیَاةِ وَ قِیلَ لَهُ مَنْ یَشْرَبْ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَسْمَعَ الصَّوْتَ وَ إِنَّهُ خَرَجَ فِی طَلَبِهَا حَتَّی أَتَی مَوْضِعَهَا وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتِّینَ (5)عَیْناً وَ كَانَ الْخَضِرُ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّ أَصْحَابِهِ (6)عِنْدَهُ فَدَعَاهُ فَأَعْطَاهُ وَ أَعْطَی قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ حُوتاً مُمَلَّحاً فَقَالَ انْطَلِقُوا إِلَی هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْیَغْسِلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُوتَهُ عِنْدَ عَیْنٍ وَ لَا یَغْسِلْ مَعَهُ أَحَدٌ فَانْطَلَقُوا یَلْزَمُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَیْناً فَغَسَلَ فِیهَا حُوتَهُ وَ إِنَّ الْخَضِرَ انْتَهَی إِلَی عَیْنٍ مِنْ تِلْكَ الْعُیُونِ فَلَمَّا غَمَسَ الْحُوتَ وَ وَجَدَ الْحُوتُ رِیحَ الْمَاءِ حَیِیَ فَانْسَابَ فِی الْمَاءِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ الْخَضِرُ رَمَی بِثِیَابِهِ وَ سَقَطَ وَ جَعَلَ یَرْتَمِسُ فِی الْمَاءِ وَ یَشْرَبُ وَ یَجْتَهِدُ أَنْ یُصِیبَهُ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ رَجَعَ فَرَجَعَ أَصْحَابُهُ وَ أَمَرَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِقَبْضِ السَّمَكِ فَقَالَ انْظُرُوا فَقَدْ تَخَلَّفَتْ سَمَكَةٌ فَقَالُوا الْخَضِرُ صَاحِبُهَا قَالَ فَدَعَاهُ فَقَالَ مَا خُلِّفَ

ص: 197


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- لعله أبو بصیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. راجع الخبر الرابع و هناك شرح بعض ألفاظ الحدیث.
5- فی هامش المطبوع: ستون ظ.
6- فی نسخة: من آثر أصحابه.

سَمَكُكَ قَالَ فَأَخْبَرَهُ الْخَضِرُ فَقَالَ لَهُ فَصَنَعْتَ مَا ذَا قَالَ سَقَطْتُ عَلَیْهَا فَجَعَلْتُ أَغُوصُ فَأَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا فَقَالَ فَشَرِبْتَ مِنَ الْمَاءِ (1)قَالَ نَعَمْ قَالَ فَطَلَبَ ذُو الْقَرْنَیْنِ الْعَیْنَ فَلَمْ یَجِدْهَا فَقَالَ لِلْخَضِرِ أَنْتَ صَاحِبُهَا (2).

«28»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَارِثِ بْنِ حَبِیبٍ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ لَهُ سُخِّرَ لَهُ السَّحَابُ وَ قَرُبَتْ لَهُ الْأَسْبَابُ وَ بُسِطَ لَهُ فِی النُّورِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ كَیْفَ بُسِطَ لَهُ فِی النُّورِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَانَ یُبْصِرُ بِاللَّیْلِ كَمَا یُبْصِرُ بِالنَّهَارِ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِلرَّجُلِ أَزِیدُكَ فِیهِ فَسَكَتَ (3).

«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً وَ اسْمُهُ عَیَّاشٌ اخْتَارَهُ اللَّهُ وَ ابْتَعَثَهُ إِلَی قَرْنٍ مِنَ الْقُرُونَ الْأُولَی فِی نَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ طُوفَانِ نُوحٍ فَضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِ رَأْسِهِ الْأَیْمَنِ فَمَاتَ مِنْهَا ثُمَّ أَحْیَاهُ اللَّهُ بَعْدَ مِائَةِ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَی قَرْنٍ مِنَ الْقُرُونِ الْأُولَی فِی نَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ فَكَذَّبُوهُ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَةً عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْسَرِ فَمَاتَ مِنْهَا ثُمَّ أَحْیَاهُ اللَّهُ بَعْدَ مِائَةِ عَامٍ وَ عَوَّضَهُ مِنَ الضَّرْبَتَیْنِ اللَّتَیْنِ عَلَی رَأْسِهِ قَرْنَیْنِ فِی مَوْضِعِ الضَّرْبَتَیْنِ أَجْوَفَیْنِ وَ جَعَلَ عِزَّ مُلْكِهِ وَ آیَةَ نُبُوَّتِهِ فِی قَرْنَیْهِ ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَكَشَطَ لَهُ عَنِ الْأَرْضِ كُلِّهَا جِبَالِهَا وَ سُهُولِهَا وَ فِجَاجِهَا حَتَّی أَبْصَرَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ آتَاهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ عِلْماً یَعْرِفُ بِهِ الْحَقَّ وَ الْبَاطِلَ وَ أَیَّدَهُ فِی قَرْنَیْهِ بِكَسْفٍ مِنَ السَّمَاءِ فِیهِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ ثُمَّ أَهْبَطَ إِلَی الْأَرْضِ وَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ سِرْ فِی نَاحِیَةِ غَرْبِ الْأَرْضِ وَ شَرْقِهَا فَقَدْ طَوَیْتُ لَكَ الْبِلَادَ وَ ذَلَّلْتُ لَكَ الْعِبَادَ فَأَرْهَبْتُهُمْ مِنْكَ فَسَارَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَی نَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِقَرْیَةٍ زَأَرَ فِیهَا كَمَا یَزْأَرُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ فَیُبْعَثُ مِنْ قَرْنَیْهِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ وَ صَوَاعِقُ تُهْلِكُ مَنْ نَاوَاهُ وَ خَالَفَهُ فَلَمْ یَبْلُغْ مَغْرِبَ الشَّمْسِ حَتَّی دَانَ لَهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً فَسَارَ حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ إِلَی قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ وَ لَمْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ فِی الدُّنْیَا بِعَذَابِ الدُّنْیَا ثُمَّ یُرَدُّ إِلی رَبِّهِ فِی مَرْجِعِهِ فَیُعَذِّبُهُ

ص: 198


1- فی نسخة: نشرب من الماء؟ و الظاهر أنّه مصحف.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.

عَذاباً نُكْراً إِلَی قَوْلِهِ وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا یُسْراً ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ذُو الْقَرْنَیْنِ مِنَ الشَّمْسِ سَبَباً ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمَّا انْتَهَی مَعَ الشَّمْسِ إِلَی الْعَیْنِ الْحَامِیَةِ وَجَدَ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِیهَا وَ مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یَجُرُّونَهَا بِسَلَاسِلِ الْحَدِیدِ وَ الْكَلَالِیبِ یَجُرُّونَهَا مِنْ قَعْرِ الْبَحْرِ فِی قُطْرِ الْأَرْضِ الْأَیْمَنِ كَمَا یَجْرِی السَّفِینَةُ عَلَی ظَهْرِ الْمَاءِ فَلَمَّا انْتَهَی مَعَهَا إِلَی مَطْلَعِ الشَّمْسِ سَبَباً وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ إِلَی بِما لَدَیْهِ خُبْراً (1)فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ وَرَدَ عَلَی قَوْمٍ قَدْ أَحْرَقَتْهُمُ الشَّمْسُ وَ غَیَّرَتْ أَجْسَادَهُمْ وَ أَلْوَانَهُمْ حَتَّی صَیَّرَتْهُمْ كَالظُّلْمَةِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ سَبَباً فِی نَاحِیَةِ الظُّلْمَةِ حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ خَلْفَ هَذَیْنِ الْجَبَلَیْنِ وَ هُمْ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ إِذَا كَانَ إِبَّانُ زُرُوعِنَا وَ ثِمَارِنَا خَرَجُوا عَلَیْنَا مِنْ هَذَیْنِ السَّدَّیْنِ فَرَعَوْا فِی ثِمَارِنَا وَ زُرُوعِنَا حَتَّی لَا یُبْقُونَ مِنْهَا شَیْئاً فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً نُؤَدِّیهِ إِلَیْكَ فِی كُلِّ عَامٍ عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا إِلَی قَوْلِهِ زُبَرَ الْحَدِیدِ قَالَ فَاحْتُفِرَ لَهُ جَبَلُ حَدِیدٍ فَقَلَعُوا لَهُ أَمْثَالَ اللَّبِنِ فَطَرَحَ بَعْضَهُ عَلَی بَعْضٍ فِیمَا بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ وَ كَانَ ذُو الْقَرْنَیْنِ هُوَ أَوَّلَ مَنْ بَنَی رَدْماً عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ جَمَعَ عَلَیْهِ الْحَطَبَ وَ أَلْهَبَ فِیهِ النَّارَ وَ وَضَعَ عَلَیْهِ الْمَنَافِیخَ فَنَفَخُوا عَلَیْهِ فَلَمَّا ذَابَ قَالَ آتُونِی بِقِطْرٍ وَ هُوَ الْمِسُّ الْأَحْمَرُ قَالَ فَاحْتَفَرُوا لَهُ جَبَلًا مِنْ مِسٍّ فَطَرَحُوهُ عَلَی الْحَدِیدِ فَذَابَ مَعَهُ وَ اخْتَلَطَ بِهِ قَالَ فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً یَعْنِی یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا.

إلی هاهنا روایة علی بن الحسین و روایة محمد بن نصر.

وَ زَادَ جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ فِی حَدِیثِهِ بِأَسَانِیدَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ یَعْنِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ كَانَ ذُو الْقَرْنَیْنِ عَبْداً صَالِحاً وَ كَانَ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ نَصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَ لَهُ وَ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ كَانَ قَدْ سَبَّبَ لَهُ

ص: 199


1- أی إلی قوله تعالی: «بِما لَدَیْهِ خُبْراً».

فِی الْبِلَادِ وَ مَكَّنَ لَهُ فِیهَا حَتَّی مَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ- (1)وَ كَانَ لَهُ خَلِیلٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یُقَالُ لَهُ رَقَائِیلُ (2)یَنْزِلُ إِلَیْهِ فَیُحَدِّثُهُ وَ یُنَاجِیهِ فَبَیْنَا هُوَ ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَهُ إِذْ قَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَا رَقَائِیلُ كَیْفَ عِبَادَةُ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَیْنَ هِیَ مِنْ عِبَادَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ رَقَائِیلُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ وَ مَا عِبَادَةُ أَهْلِ الْأَرْضِ- (3)فَقَالَ أَمَّا عِبَادَةُ أَهْلِ السَّمَاءِ مَا فِی السَّمَاوَاتِ مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ عَلَیْهِ مَلَكٌ قَائِمٌ لَا یَقْعُدُ أَبَداً أَوْ رَاكِعٌ لَا یَسْجُدُ أَبَداً أَوْ سَاجِدٌ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ أَبَداً فَبَكَی (4)ذُو الْقَرْنَیْنِ بُكَاءً شَدِیداً فَقَالَ یَا رَقَائِیلُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَعِیشَ حَتَّی أَبْلُغَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّی وَ حَقِّ طَاعَتِهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ قَالَ رَقَائِیلُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ لِلَّهِ فِی الْأَرْضِ عَیْناً (5)تُدْعَی عَیْنَ الْحَیَاةِ فِیهَا عَزِیمَةٌ مِنَ اللَّهِ أَنَّهُ مَنْ یَشْرَبْ مِنْهَا لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَكُونَ هُوَ الَّذِی یَسْأَلُ اللَّهَ الْمَوْتَ (6)فَإِنْ ظَفِرْتَ بِهَا تَعِشْ مَا شِئْتَ قَالَ وَ أَیْنَ ذَلِكَ الْعَیْنُ وَ هَلْ تَعْرِفُهَا قَالَ لَا غَیْرَ أَنَّا نَتَحَدَّثُ (7)فِی السَّمَاءِ أَنَّ لِلَّهِ فِی الْأَرْضِ ظُلْمَةً لَمْ یَطَأْهَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ (8)فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ أَیْنَ تِلْكَ الظُّلْمَةُ قَالَ رَقَائِیلُ مَا أَدْرِی ثُمَّ صَعِدَ رَقَائِیلُ فَدَخَلَ ذَا الْقَرْنَیْنِ حُزْنٌ طَوِیلٌ مِنْ قَوْلِ رَقَائِیلَ وَ مِمَّا أَخْبَرَهُ عَنِ الْعَیْنِ وَ الظُّلْمَةِ وَ لَمْ یُخْبِرْهُ بِعِلْمٍ یَنْتَفِعُ بِهِ مِنْهُمَا فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فُقَهَاءَ

ص: 200


1- قد أخرجه الثعلبی فی العرائس ص 205 ط مصر من هنا فقال: روی عن علیّ بن أبی طالب كرم اللّٰه وجهه انه قال: كان ذو القرنین قد ملك ما بین المشرق و المغرب اه. و فیه اختلافات نشیر إلی بعضها بعد ذلك.
2- فی نسخة: رفائیل و كذا فی المواضع التی تأتی بعد ذلك. و فی العرائس: روفائیل.
3- فی العرائس: و كان له خلیل من الملائكة اسمه روفائیل، یأتیه و یزوره، فبینما هما ذات یوم یتحدثان إذ قال له ذو القرنین: یا روفائیل حدّثنی عن عبادتكم فی السماء، فبكی و قال: یا ذا القرنین و ما عبادتكم عند عبادتنا؟ ان فی السماء من الملائكة اه.
4- فی العرائس: ان فی السماء من الملائكة من هو قائم لا یجلس أبدا، و من هو ساجد لا یرفع رأسه أبدا، و من هو راكع لا یستوی قائما أبدا، یقولون: «سبحان القدوس الملك القدوس ربّ الملائكة و الروح، ربنا ما عبدناك حقّ عبادتك» فبكی ذو القرنین. منه قدّس سرّه.
5- فی العرائس: قال روفائیل: او تحب ذلك یا ذا القرنین؟ قال: نعم، قال روفائیل: فان لله عینا فی الأرض تسمی اه.
6- فی نسخة: لم یمت أبدا. و فی أخری: حتی یكون هو یسأل. و فی ثلاثة: هو بالذی یسأل.
7- فی نسخة: نحدث.
8- و فی العرائس زاد: فنحن نظن أن تلك العین فی تلك الظلمة.

أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ عُلَمَاءَهُمْ وَ أَهْلَ دِرَاسَةِ الْكُتُبِ وَ آثَارِ النُّبُوَّةِ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَا مَعْشَرَ الْفُقَهَاءِ وَ أَهْلَ الْكُتُبِ وَ آثَارِ النُّبُوَّةِ هَلْ وَجَدْتُمْ فِیمَا قَرَأْتُمْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَ فِی كُتُبِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمُلُوكِ أَنَّ لِلَّهِ عَیْناً تُدْعَی عَیْنَ الْحَیَاةِ فِیهَا مِنَ اللَّهِ عَزِیمَةٌ أَنَّهُ مَنْ یَشْرَبْ مِنْهَا لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَكُونَ هُوَ الَّذِی یَسْأَلُ اللَّهَ الْمَوْتَ قَالُوا لَا یَا أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ فَهَلْ وَجَدْتُمْ فِیمَا قَرَأْتُمْ مِنَ الْكُتُبِ أَنَّ لِلَّهِ فِی الْأَرْضِ ظُلْمَةً لَمْ یَطَأْهَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ قَالُوا لَا یَا أَیُّهَا الْمَلِكُ فَحَزِنَ عَلَیْهِ ذُو الْقَرْنَیْنِ حُزْناً شَدِیداً وَ بَكَی إِذْ لَمْ یُخْبَرْ عَنِ الْعَیْنِ وَ الظٌّلْمَةِ بِمَا یُحِبُّ وَ كَانَ فِیمَنْ حَضَرَهُ غُلَامٌ مِنَ الْغِلْمَانِ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْصِیَاءِ أَوْصِیَاءِ الْأَنْبِیَاءِ وَ كَانَ سَاكِتاً لَا یَتَكَلَّمُ حَتَّی إِذَا أَیِسَ ذُو الْقَرْنَیْنِ مِنْهُمْ قَالَ لَهُ الْغُلَامُ (1)أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّكَ تَسْأَلُ هَؤُلَاءِ عَنْ أَمْرٍ لَیْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ عِلْمُ مَا تُرِیدُ عِنْدِی فَفَرِحَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَرَحاً شَدِیداً حَتَّی نَزَلَ عَنْ فِرَاشِهِ وَ قَالَ لَهُ ادْنُ مِنِّی فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِی قَالَ نَعَمْ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنِّی وَجَدْتُ فِی كِتَابِ آدَمَ الَّذِی كَتَبَ یَوْمَ سُمِّیَ لَهُ مَا فِی الْأَرْضِ مِنْ عَیْنٍ أَوْ شَجَرٍ فَوَجَدْتُ فِیهِ أَنَّ لِلَّهِ عَیْناً تُدْعَی عَیْنَ الْحَیَاةِ فِیهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزِیمَةٌ أَنَّهُ مَنْ یَشْرَبْ مِنْهَا لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَكُونَ هُوَ الَّذِی یَسْأَلُ اللَّهَ الْمَوْتَ بِظُلْمَةٍ لَمْ یَطَأْهَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ فَفَرِحَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ قَالَ ادْنُ مِنِّی یَا أَیُّهَا الْغُلَامُ تَدْرِی أَیْنَ مَوْضِعُهَا قَالَ نَعَمْ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ آدَمَ أَنَّهَا عَلَی قَرْنِ الشَّمْسِ یَعْنِی مَطْلِعَهَا فَفَرِحَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ بَعَثَ إِلَی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَجَمَعَ أَشْرَافَهُمْ وَ فُقَهَاءَهُمْ وَ عُلَمَاءَهُمْ وَ أَهْلَ الْحُكْمِ مِنْهُمْ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَلْفُ حَكِیمٍ وَ عَالِمٍ وَ فَقِیهٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ تَهَیَّأَ لِلْمَسِیرِ وَ تَأَهَّبَ لَهُ بِأَعَدِّ الْعُدَّةِ وَ أَقْوَی الْقُوَّةِ فَسَارَ بِهِمْ یُرِیدُ مَطْلِعَ الشَّمْسِ یَخُوضُ الْبِحَارَ وَ یَقْطَعُ الْجِبَالَ وَ الْفَیَافِیَ وَ الْأَرَضِینَ وَ الْمَفَاوِزَ فَسَارَ اثْنَیْ عَشَرَ سَنَةً حَتَّی انْتَهَی إِلَی طَرَفِ الظٌّلْمَةِ فَإِذَا هِیَ لَیْسَتْ بِظُلْمَةِ لَیْلٍ وَ لَا دُخَانٍ (2)وَ لَكِنَّهَا هَوَاءٌ یَفُورُ سَدَّ مَا بَیْنَ الْأُفُقَیْنِ (3)فَنَزَلَ بِطَرَفِهَا

ص: 201


1- فی العرائس: فقال عالم من العلماء: إنی قرأت وصیة آدم علیه السلام فوجدت فیها أن خلق اللّٰه فی الأرض ظلمة لم یطأها انس و لا جان، و وضع فیها عین الخلد، فقال ذو القرنین: و أین وجدتها؟ قال: فی الأرض التی علی قرن الشمس. و لیس فیه جملة «و كان فیمن حضره» و لا الجمل التی یأتی بعد ذلك. و الظاهر أنّه اختصر الحدیث.
2- فی الرائس فذا ظلمةتفور مثل الدخان لیست بظلمة لیل. فعسكر هناك اه.
3- فی نسخة: ما بین الخافقین.

وَ عَسْكَرَ عَلَیْهَا وَ جَمَعَ عُلَمَاءَ أَهْلِ عَسْكَرِهِ وَ فُقَهَاءَهُمْ وَ أَهْلَ الْفَضْلِ مِنْهُمْ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْفُقَهَاءِ وَ الْعُلَمَاءِ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْلُكَ هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّكَ لَتَطْلُبُ أَمْراً مَا طَلَبَهُ وَ لَا سَلَكَهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ لَا مِنَ الْمُلُوكِ قَالَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِی مِنْ طَلَبِهَا قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ إِذَا سَلَكْتَهَا ظَفِرْتَ بِحَاجَتِكَ مِنْهَا بِغَیْرِ عَنَتٍ عَلَیْكَ لَأَمَرْنَا (1)وَ لَكِنَّا نَخَافُ أَنْ یَعْلَقَ بِكَ (2)مِنْهَا أَمْرٌ یَكُونُ فِیهِ هَلَاكُ مُلْكِكَ وَ زَوَالُ سُلْطَانِكَ وَ فَسَادٌ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا فَخَرُّوا سُجَّداً لِلَّهِ وَ قَالُوا إِنَّا نَتَبَرَّأُ إِلَیْكَ مِمَّا یُرِیدُ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ أَخْبِرُونِی بِأَبْصَرِ الدَّوَابِّ قَالُوا الْخَیْلُ الْإِنَاثُ الْبِكَارَةُ أَبْصَرُ الدَّوَابِّ فَانْتَخَبَ مِنْ عَسْكَرِهِ فَأَصَابَ سِتَّةَ آلَافِ فَرَسٍ إِنَاثاً أَبْكَاراً (3)وَ انْتَخَبَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَ الْفَضْلِ وَ الْحِكْمَةِ سِتَّةَ آلَافِ رَجُلٍ فَدَفَعَ إِلَی كُلِّ رَجُلٍ فَرَساً وَ وَلَّی فَسْحَرَ (4)وَ هُوَ الْخَضِرُ عَلَی أَلْفَیْ فَرَسٍ فَجَعَلَهُمْ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوا الظُّلْمَةَ وَ سَارَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ أَمَرَ أَهْلَ عَسْكَرِهِ أَنْ یَلْزَمُوا مُعَسْكَرَهُ اثْنَیْ عَشَرَ سَنَةً (5)فَإِنْ رَجَعَ هُوَ إِلَیْهِمْ إِلَی ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ إِلَّا تَفَرَّقُوا فِی الْبِلَادِ وَ لَحِقُوا بِبِلَادِهِمْ أَوْ حَیْثُ شَاءُوا فَقَالَ الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّا نَسْلُكَ فِی الظُّلْمَةِ لَا یَرَی بَعْضُنَا بَعْضاً كَیْفَ نَصْنَعُ بِالضَّلَالِ إِذَا أَصَابَنَا فَأَعْطَاهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ خَرَزَةً حَمْرَاءَ (6)كَأَنَّهَا مَشْعَلَةٌ لَهَا ضَوْءٌ فَقَالَ خُذْ هَذِهِ الْخَرَزَةَ فَإِذَا أَصَابَكُمُ الضَّلَالُ فَارْمِ بِهَا إِلَی الْأَرْضِ فَإِنَّهَا تَصِیحُ فَإِذَا صَاحَتْ رَجَعَ أَهْلُ الضَّلَالِ إِلَی صَوْتِهَا فَأَخَذَهَا الْخَضِرُ وَ مَضَی فِی الظُّلْمَةِ وَ كَانَ الْخَضِرُ یَرْتَحِلُ وَ یَنْزِلُ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَبَیْنَا الْخَضِرُ یَسِیرُ ذَاتَ یَوْمٍ إِذْ عَرَضَ لَهُ وَادٍ فِی الظُّلْمَةِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ قِفُوا فِی هَذَا الْمَوْضِعِ لَا یَتَحَرَّكَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ

ص: 202


1- فی نسخة: لاتبعناك.
2- فی نسخة: أن ینفتق علیك.
3- فی نسخة: اناثا بكارة.
4- فی نسخة: و عقد لا فسحر.
5- فی نسخة اثنتی عشرة سنة.
6- الخرز: ما ینظم فی السلك من الجذع و الودع. الحب المثقوب من الزجاج و غیره: فصوص من حجارة. الواحدة: الخرزة. خرزات الملك: جواهر تاجه.

عَنْ مَوْضِعِهِ وَ نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَتَنَاوَلَ الْخَرَزَةَ فَرَمَی بِهَا فِی الْوَادِی فَأَبْطَأَتْ عَنْهُ بِالْإِجَابَةِ حَتَّی خَافَ أَنْ لَا یُجِیبَهُ ثُمَّ أَجَابَتْهُ فَخَرَجَ إِلَی صَوْتِهَا (1)فَإِذَا هِیَ عَلَی جَانِبِ الْعَیْنِ وَ إِذَا مَاؤُهَا أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ خَلَعَ ثِیَابَهُ فَاغْتَسَلَ مِنْهَا ثُمَّ لَبِسَ ثِیَابَهُ ثُمَّ رَمَی بِالْخَرَزَةِ نَحْوَ أَصْحَابِهِ فَأَجَابَتْهُ فَخَرَجَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ رَكِبَ وَ أَمَرَهُمْ بِالْمَسِیرِ فَسَارُوا وَ مَرَّ ذُو الْقَرْنَیْنِ بَعْدَهُ فَأَخْطَأَ الْوَادِیَ فَسَلَكُوا تِلْكَ الظُّلْمَةَ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً ثُمَّ خَرَجُوا بِضَوْءٍ لَیْسَ بِضَوْءِ نَهَارٍ وَ لَا شَمْسٍ وَ لَا قَمَرٍ وَ لَكِنَّهُ نُورٌ فَخَرَجُوا إِلَی أَرْضٍ حَمْرَاءَ رَمِلَةٍ خَشْخَاشَةٍ (2)فَرِكَةٍ كَأَنَّ حَصَاهَا اللُّؤْلُؤُ فَإِذَا هُوَ بِقَصْرٍ مَبْنِیٍّ عَلَی طُولِ فَرْسَخٍ (3)فَجَاءَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَی الْبَابِ فَعَسْكَرَ عَلَیْهِ ثُمَّ تَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ وَحْدَهُ إِلَی الْقَصْرِ فَإِذَا طَائِرٌ وَ إِذَا حَدِیدَةٌ طَوِیلَةٌ قَدْ وُضِعَ طَرَفَاهَا عَلَی جَانِبَیِ الْقَصْرِ وَ الطَّیْرُ أَسْوَدُ مُعَلَّقٌ فِی تِلْكَ الْحَدِیدَةِ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ الْخُطَّافُ أَوْ صُورَةُ الْخُطَّافِ أَوْ شَبِیهٌ بِالْخُطَّافِ أَوْ هُوَ خُطَّافٌ (4)فَلَمَّا سَمِعَ الطَّائِرُ خَشْخَشَةَ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا ذُو الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ الطَّائِرُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَ مَا كَفَاكَ مَا وَرَاءَكَ حَتَّی وَصَلْتَ إِلَی حَدِّ بَابِی هَذَا فَفَرِقَ (5)ذُو الْقَرْنَیْنِ فَرَقاً شَدِیداً فَقَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلْ كَثُرَ فِی الْأَرْضِ بُنْیَانُ الْآجُرِّ وَ الْجِصِّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَانْتَفَضَ الطَّیْرُ وَ امْتَلَأَ حَتَّی مَلَأَ مِنَ الْحَدِیدَةِ ثُلُثَهَا فَفَرِقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلْ كَثُرَتِ الْمَعَازِفُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَانْتَفَضَ الطَّیْرُ وَ امْتَلَأَ حَتَّی مَلَأَ مِنَ الْحَدِیدَةِ ثُلُثَیْهَا فَفَرِقَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلِ ارْتَكَبَ النَّاسُ شَهَادَةَ الزُّورِ فِی الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ فَانْتَفَضَ انْتِفَاضَةً وَ انْتَفَخَ فَسَدَّ مَا بَیْنَ جِدَارَیِ الْقَصْرِ قَالَ فَامْتَلَأَ ذُو الْقَرْنَیْنِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرَقاً مِنْهُ فَقَالَ لَهُ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ

ص: 203


1- فی نسخة: فخرج إلی ضوئها.
2- فی نسخة: و رملة خشخاشة.
3- فی العرائس: فاذا بقصر مبنی فی تلك الأرض طوله فرسخ فی فرسخ علیه باب اه.
4- فی العرائس: و إذا طائر أسود یشبه الخطاف مزموما بأنفه الی الحدیدة معلقا بین السماء و الأرض.
5- أی ففزع.

سَلْ قَالَ هَلْ تَرَكَ النَّاسُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا فَانْضَمَّ ثُلُثُهُ ثُمَّ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلْ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ قَالَ لَا قَالَ فَانْضَمَّ ثُلُثٌ آخَرُ ثُمَّ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ لَا تَخَفْ وَ أَخْبِرْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلْ تَرَكَ النَّاسُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ قَالَ لَا قَالَ فَانْضَمَّ حَتَّی عَادَ إِلَی حَالِهِ الْأَوَّلِ فَإِذَا هُوَ بِدَرَجَةٍ مُدْرَجَةٍ إِلَی أَعْلَی الْقَصْرِ فَقَالَ الطَّیْرُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ اسْلُكْ هَذِهِ الدَّرَجَةَ فَسَلَكَهَا وَ هُوَ خَائِفٌ لَا یَدْرِی مَا یَهْجُمُ عَلَیْهِ حَتَّی اسْتَوَی عَلَی ظَهْرِهَا فَإِذَا هُوَ بِسَطْحٍ مَمْدُودٍ مَدَّ الْبَصَرِ وَ إِذَا رَجُلٌ شَابٌّ أَبْیَضُ مُضِی ءُ الْوَجْهِ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ حَتَّی كَأَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ فِی صُورَةِ رَجُلٍ أَوْ شَبِیهٌ بِالرَّجُلِ أَوْ هُوَ رَجُلٌ وَ إِذَا هُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَنْظُرُ إِلَیْهَا وَاضِعٌ یَدَهُ عَلَی فِیهِ فَلَمَّا سَمِعَ خَشْخَشَةَ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا ذُو الْقَرْنَیْنِ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَ مَا كَفَاكَ مَا وَرَاءَكَ حَتَّی وَصَلْتَ إِلَیَّ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ مَا لِی أَرَاكَ وَاضِعاً یَدَكَ عَلَی فِیكَ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَنَا صَاحِبُ الصُّورِ وَ إِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ وَ أَنَا أَنْتَظِرُ أَنْ أُومَرَ بِالنَّفْخِ فَأَنْفُخَ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ فَتَنَاوَلَ حَجَراً فَرَمَی بِهِ إِلَی ذِی الْقَرْنَیْنِ كَأَنَّهُ حَجَرٌ أَوْ شِبْهُ حَجَرٍ أَوْ هُوَ حَجَرٌ فَقَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ خُذْهَا فَإِنْ جَاعَ جُعْتَ وَ إِنْ شَبِعَ شَبِعْتَ فَارْجِعْ فَرَجَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِذَلِكَ الْحَجَرِ حَتَّی خَرَجَ بِهِ إِلَی أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِالطَّیْرِ وَ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَ مَا قَالَ لَهُ وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِصَاحِبِ السَّطْحِ وَ مَا قَالَ لَهُ وَ مَا أَعْطَاهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ إِنَّهُ أَعْطَانِی هَذَا الْحَجَرَ وَ قَالَ لِی إِنْ جَاعَ جُعْتَ وَ إِنْ شَبِعَ شَبِعْتَ قَالَ أَخْبِرُونِی بِأَمْرِ هَذَا الْحَجَرِ فَوُضِعَ فِی إِحْدَی الْكَفَّیْنِ فَوُضِعَ حَجَرٌ مِثْلُهُ فِی الْكِفَّةِ الْأُخْرَی ثُمَّ رُفِعَ الْمِیزَانُ (1)فَإِذَا الْحَجَرُ الَّذِی جَاءَ بِهِ أَرْجَحُ بِمِثْلِ الْآخَرِ (2)فَوَضَعُوا آخَرَ فَمَالَ بِهِ حَتَّی وَضَعُوا أَلْفَ حَجَرٍ كُلُّهَا مِثْلُهُ ثُمَّ رَفَعُوا الْمِیزَانَ فَمَالَ بِهَا وَ لَمْ یَسْتَمِلْ بِهِ الْأَلْفُ حَجَرٍ فَقَالُوا یَا أَیُّهَا الْمَلِكُ لَا عِلْمَ لَنَا بِهَذَا فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّكَ تَسْأَلُ هَؤُلَاءِ عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ وَ قَدْ أُوتِیتُ عِلْمَ

ص: 204


1- فی العرائس: فوضعت العلماء ذلك الحجر فی كفة میزان، و أخذوا حجرا مثله و وضعوه فی الكفة الأخری ثمّ رفعوا المیزان.
2- فی نسخة: یمیل بالآخر.

هَذَا الْحَجَرِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَأَخْبِرْنَا بِهِ وَ بَیِّنْهُ لَنَا فَتَنَاوَلَ الْخَضِرُ الْمِیزَانَ فَوَضَعَ الْحَجَرَ الَّذِی جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَیْنِ فِی كِفَّةِ الْمِیزَانِ ثُمَّ وَضَعَ حَجَراً آخَرَ فِی كِفَّةٍ أُخْرَی ثُمَّ وَضَعَ كِفَّةَ تُرَابٍ عَلَی حَجَرِ ذِی الْقَرْنَیْنِ یَزِیدُهُ ثِقْلًا ثُمَّ رَفَعَ الْمِیزَانَ فَاعْتَدَلَ وَ عَجِبُوا وَ خَرُّوا سُجَّداً لِلَّهِ تَعَالَی وَ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ هَذَا أَمْرٌ لَمْ یَبْلُغْهُ عِلْمُنَا وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ الْخَضِرَ لَیْسَ بِسَاحِرٍ فَكَیْفَ هَذَا وَ قَدْ وَضَعْنَا مَعَهُ أَلْفَ حَجَرٍ كُلُّهَا مِثْلُهُ فَمَالَ بِهَا وَ هَذَا قَدِ اعْتَدَلَ بِهِ وَ زَادَهُ تُرَاباً قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بَیِّنْ یَا خَضِرُ لَنَا أَمْرَ هَذَا الْحَجَرِ قَالَ الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ أَمْرَ اللَّهِ نَافِذٌ فِی عِبَادِهِ وَ سُلْطَانَهُ قَاهِرٌ وَ حُكْمَهُ فَاصِلٌ وَ إِنَّ اللَّهَ ابْتَلَی عِبَادَهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ وَ ابْتَلَی الْعَالِمَ بِالْعَالِمِ وَ الْجَاهِلَ بِالْجَاهِلِ وَ الْعَالِمَ بِالْجَاهِلِ وَ الْجَاهِلَ بِالْعَالِمِ وَ إِنَّهُ ابْتَلَانِی بِكَ وَ ابْتَلَاكَ بِی فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَرْحَمُكَ اللَّهُ یَا خَضِرُ إِنَّمَا تَقُولُ ابْتَلَانِی بِكَ حِینَ جُعِلْتَ أَعْلَمَ مِنِّی وَ جُعِلْتَ تَحْتَ یَدِی أَخْبِرْنِی یَرْحَمُكَ اللَّهُ عَنْ أَمْرِ هَذَا الْحَجَرِ فَقَالَ الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذَا الْحَجَرَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ یَقُولُ إِنَّ مَثَلَ بَنِی آدَمَ مَثَلُ هَذَا الْحَجَرِ الَّذِی وُضِعَ وَ وُضِعَ مَعَهُ أَلْفُ حَجَرٍ فَمَالَ بِهَا ثُمَّ إِذَا وُضِعَ عَلَیْهِ التُّرَابُ شَبِعَ وَ عَادَ حَجَراً مِثْلَهُ فَیَقُولُ كَذَلِكَ مَثَلُكَ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمُلْكِ مَا أَعْطَاكَ فَلَمْ تَرْضَ بِهِ حَتَّی طَلَبْتَ أَمْراً لَمْ یَطْلُبْهُ أَبَداً مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ دَخَلْتَ مَدْخَلًا لَمْ یَدْخُلْهُ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ یَقُولُ كَذَلِكَ ابْنُ آدَمَ وَ لَا یَشْبَعُ حَتَّی یُحْثَی عَلَیْهِ التُّرَابُ قَالَ فَبَكَی ذُو الْقَرْنَیْنِ بُكَاءً شَدِیداً وَ قَالَ صَدَقْتَ یَا خَضِرُ یَضْرِبُ لِی هَذَا الْمَثَلَ لَا جَرَمَ أَنِّی لَا أَطْلُبُ أَثَراً فِی الْبِلَادِ بَعْدَ مَسْلَكِی هَذَا ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعاً فِی الظٌّلْمَةِ فَبَیْنَا هُمْ یَسِیرُونَ إِذَا سَمِعُوا خَشْخَشَةً تَحْتَ سَنَابِكِ (1)خَیْلِهِمْ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ مَا هَذَا فَقَالَ خُذُوا مِنْهُ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ نَدِمَ وَ مَنْ تَرَكَهُ نَدِمَ فَأَخَذَ بَعْضٌ وَ تَرَكَ بَعْضٌ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الظُّلْمَةِ إِذَا هُمْ بِالزَّبَرْجَدِ فَنَدِمَ الْآخِذُ وَ التَّارِكُ وَ رَجَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَی دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَ كَانَ بِهَا مَنْزِلُهُ فَلَمْ یَزَلْ بِهَا حَتَّی قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ قَالَ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله (2)إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِیثِ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَخِی ذَا الْقَرْنَیْنِ مَا كَانَ مُخْطِئاً إِذْ سَلَكَ مَا سَلَكَ وَ طَلَبَ مَا طَلَبَ وَ لَوْ ظَفِرَ بِوَادِی الزَّبَرْجَدِ فِی مَذْهَبِهِ لَمَا تَرَكَ فِیهِ شَیْئاً إِلَّا أَخْرَجَهُ إِلَی النَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ رَاغِباً

ص: 205


1- جمع السنبك: طرف الحافر.
2- فی نسخة: و كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

وَ لَكِنَّهُ ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ مَا رَجَعَ فَقَدْ زَهِدَ (1).

«30»-جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ عَمِلَ صُنْدُوقاً مِنْ قَوَارِیرَ ثُمَّ حَمَلَ فِی مَسِیرِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَكِبَ الْبَحْرَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی مَوْضِعٍ مِنْهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ دُلُّونِی فَإِذَا حَرَّكْتُ الْحَبْلَ فَأَخْرِجُونِی فَإِنْ لَمْ أُحَرِّكِ الْحَبْلَ فَأَرْسِلُونِی إِلَی آخِرِهِ فَأَرْسَلُوهُ فِی الْبَحْرِ وَ أَرْسَلُوا الْحَبْلَ مَسِیرَةَ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَإِذَا ضَارِبٌ یَضْرِبُ حَیْثُ الصُّنْدُوقُ وَ یَقُولُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَیْنَ تُرِیدُ قَالَ أُرِیدُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَی مُلْكِ رَبِّی فِی الْبَحْرِ كَمَا رَأَیْتُهُ فِی الْبَرِّ فَقَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ مَرَّ فِیهِ نُوحٌ زَمَانَ الطُّوفَانِ فَسَقَطَ مِنْهُ قَدُومٌ فَهُوَ یَهْوِی فِی قَعْرِ الْبَحْرِ إِلَی السَّاعَةِ لَمْ یَبْلُغْ قَعْرَهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ ذَلِكَ حَرَّكَ الْحَبْلَ وَ خَرَجَ .

بیان: قال الفیروزآبادی الخشخشة صوت السلاح و كل شی ء یابس إذا حل بعضه ببعض و الدخول فی الشی ء انتهی و قوله علیه السلام فركة أی كانت لینة بحیث كان یمكن فركها بالید.

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَغْرُبُ الشَّمْسُ فِی عَیْنٍ حَامِیَةٍ فِی بَحْرٍ دُونَ الْمَدِینَةِ الَّتِی مِمَّا یَلِی الْمَغْرِبَ یَعْنِی جَابَلْقَا (2).

بیان: قرأ ابن عامر و حمزة و الكسائی و أبو بكر حامیة أی حارة و قرأ الباقون حَمِئَةٍ أی ذات حمئة و طین أسود و أولت بأن المراد أنه بلغ ساحل البحر المحیط فرآها كذلك إذ لم یكن فی مطمح نظره غیر الماء و لذا قال تعالی وَجَدَها تَغْرُبُ و لم یقل كانت تغرب.

«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذَلِكَ قَالَ لَمْ یَعْلَمُوا صَنْعَةَ الْبُیُوتِ (3).

إیضاح قال الرازی فیه قولان الأول أنه شاطئ بحر لا جبل و لا شی ء یمنع من وقوع شعاع الشمس علیهم فلهذا إذا طلعت الشمس دخلوا فی أسراب واغلة (4)فی الأرض

ص: 206


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- مخلوط .م
4- أسراب جمع السرب: الحفیر تحت الأرض. و الواغلة: الملجأ.

أو غاصوا فی الماء فیكون عند طلوع الشمس یتعذر علیهم التصرف فی المعاش و عند غروبها یشتغلون بتحصیل مهمات المعاش و حالهم بالضد من أحوال سائر الخلق.

و القول الثانی أن معناه لا ثیاب لهم و یكونون كسائر الحیوانات عراة أبدا و فی كتب الهیئة أن حال أكثر أهل الزنج كذلك و حال كل من سكن البلاد القریبة من خط الإستواء كذلك و ذكر فی بعض كتب التفسیر أن بعضهم قال سافرت حتی جاوزت الصین فسألت عن هؤلاء القوم فقیل بینك و بینهم مسیرة یوم و لیلة فبلغتهم و إذا أحدهم یفرش إحدی أذنیه و یلبس الأخری فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتا كهیئة الصلصلة فغشی علی ثم أفقت فلما طلعت الشمس إذا هی فوق الماء كهیئة الزیت فأدخلونی سربا لهم فلما ارتفع النهار جعلوا یصطادون السمك و یطرحون فی الشمس فینضج (1).

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اجْعَلْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ سَدّاً فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً قَالَ هُوَ السَّدُّ التَّقِیَّةُ (2).

«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَأَلْتُ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً قَالَ التَّقِیَّةَ فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً قَالَ مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً إِذَا عُمِلَ بِالتَّقِیَّةِ لَمْ یَقْدِرُوا فِی ذَلِكَ عَلَی حِیلَةٍ وَ هُوَ الْحِصْنُ الْحَصِینُ وَ صَارَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَعْدَاءِ اللَّهِ سَدّاً لَا یَسْتَطِیعُونَ لَهُ نَقْباً قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَكَّاءَ قَالَ رَفَعَ التَّقِیَّةَ عِنْدَ قِیَامِ الْقَائِمِ فَیَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ (3).

بیان: كأن هذا كلام علی سبیل التمثیل و التشبیه أی جعل اللّٰه التقیة لكم سدا لرفع ضرر المخالفین عنكم إلی قیام القائم علیه السلام و رفع التقیة كما أن ذا القرنین وضع السد لرفع فتنة یأجوج و مأجوج إلی أن یأذن اللّٰه لرفعها.

تكملة قال الرازی اختلف الناس فی أن ذا القرنین من هو و ذكروا أقوالا

ص: 207


1- مفاتیح الغیب 5: 755. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.

الأول أنه الإسكندر بن فیلقوس الیونانی قالوا و الدلیل علیه أن القرآن دل علی أن الرجل المسمی بذی القرنین بلغ ملكه إلی أقصی المغرب بدلیل قوله حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ و أیضا بلغ ملكه أقصی المشرق بدلیل قوله حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ و أیضا بلغ ملكه أقصی الشمال بدلیل أن یأجوج و مأجوج قوم من الترك و یسكنون فی أقصی الشمال و بدلیل أن السد المذكور فی القرآن یقال فی كتب التواریخ إنه فی أقصی الشمال (1)فهذا المسمی بذی القرنین فی القرآن قد دل القرآن علی أن ملكه بلغ أقصی المشرق و المغرب و الشمال و هذا هو تمام القدر المعمور (2)من الأرض و مثل ذلك الملك البسیط لا شك أنه علی خلاف العادة و ما كان كذلك وجب أن یبقی ذكره مخلدا علی وجه الدهر و أن لا یبقی مخفیا مستترا و الملك الذی اشتهر فی كتب التواریخ أنه بلغ ملكه إلی هذا القدر لیس إلا الإسكندر و ذلك لأنه لما مات أبوه جمع ملك الروم (3)بعد أن كانوا طوائف ثم قصد (4)ملوك المغرب و قهرهم و أمعن (5)حتی انتهی إلی البحر الأخضر ثم عاد إلی مصر و بنی الإسكندریة و سماها باسم نفسه ثم دخل الشام و قصد بنی إسرائیل (6)و ورد بیت المقدس و ذبح فی مذبحه ثم انعطف إلی أرمنیة و باب الأبواب و دانت له العبرانیون و القبط و البربر و توجه بعد ذلك إلی دارا بن دارا و هزمه مرات إلی أن قتله صاحب حرسه و استولی الإسكندر علی ملوك الفرس و قصد الهند و الصین و غزا الأمم البعیدة و رجع إلی خراسان و بنی المدن الكثیرة و رجع إلی العراق و مرض بشهرذور و مات بها فلما ثبت بالقرآن أن ذا القرنین كان رجلا ملك الأرض بالكلیة أو ما یقرب منها و ثبت بعلم التواریخ أن الذی هذا شأنه ما كان إلا الإسكندر وجب القطع بأن المراد بذی القرنین هو الإسكندر بن فیلقوس الیونانی. (7)

ص: 208


1- فی المصدر: انه بنی فی اقصی الشمال اه. م.
2- فی نسخة: هو نهایة القدر المعمور.
3- فی نسخة: جمع ملوك الروم.
4- فی نسخة: ثم حصد.
5- أمعن فی الطلب: ابعد و بالغ فی الاستقصاء. امعن الضب فی حجره: غاب فی اقصاء.
6- فی نسخة: و قهر بنی إسرائیل.
7- و به قال الیعقوبی فی تاریخه، و قال الثعلبی فی العرائس: به قال أكثر أهل السیر.

ثم ذكروا فی تسمیة ذی القرنین بهذا الاسم وجوها الأول أنه لقب بهذا اللقب لأجل بلوغه قرنی الشمس أی مطلعها و مغربها كما لقب أردشیر بطول الیدین (1)لنفوذ أمره حیث أراده و الثانی أن الفرس قالوا إن دارا الأكبر كان تزوج بابنة فیلقوس فلما قرب منها وجد منها رائحة منكرة فردها إلی أبیها و كانت قد حملت منه بالإسكندر فولدت الإسكندر بعد عودها إلی أبیها فیلقس فبقی الإسكندر عند فیلقس و أظهر أنه ابنه و هو فی الحقیقة ابن دارا الأكبر قالوا و الدلیل علی ذلك أن الإسكندر لما أدرك دارا بن دارا و به رمق وضع رأسه فی حجره و قال لدارا یا أخی أخبرنی عمن فعل هذا لأنتقم لك منه فهذا ما قاله الفرس قالوا فعلی هذا التقدیر فالإسكندر أبوه دارا الأكبر و أمه بنت فیلقس فهذا إنما تولد من أصلین مختلفین الفرس (2)و الروم و هذا الذی قاله الفرس و إنما ذكروه لأنهم أرادوا أن یجعلوه من نسل ملوك العجم حتی لا یكون ملك مثله من نسب غیر نسب ملوك العجم و هو فی الحقیقة كذب و إنما قال الإسكندر لدارا یا أخی علی سبیل التواضع و أكرم دارا بذلك الخطاب.

و القول الثانی قال أبو الریحان البیرونی المنجم فی كتابه الذی سماه بالآثار الباقیة من القرون الخالیة قیل إن ذا القرنین هو أبو كرب شمر (3)بن عمیر بن أفریقش الحمیری (4)و هو الذی بلغ ملكه مشارق الأرض و مغاربها و هو الذی افتخر به أحد الشعراء من حمیر حیث قال

قد كان ذو القرنین قبلی مسلما*** ملكا علا فی الأرض غیر معبد

(5)

ص: 209


1- فی المصدر: اردشیر بن بهمن. و فی نسخة: بطویل الیدین. م.
2- ذكره الثعلبی عن بعض القدماء، و قد تقدم وجه تسمیته بالاسكندر.
3- فی المصدر: شمس. م.
4- قال البغدادیّ فی المحبر ص 365: یقال: الصعب بن قرین بن الهمال هو ذو القرنین الذی ذكره اللّٰه فی كتابه. و قال فی ص 393: ذو القرنین هو هرمس بن میطون بن رومی بن لنطی ابن كسلوحین بن یونان بن یافث بن نوح؛ و الظاهر من الثعلبی و المسعودیّ أن هرمس هو جد الاسكندر و قد ذكرا فی نسبه اختلافا راجع العرائس و مروج الذهب.
5- فی نسخة: غیر مقید. و فی العرائس: «ملكا تدین له الملوك و تسجد» و المصرع الثانی من البیت الآتی فیه هكذا: «اسباب أمر من حكیم مرشد» و زاد: فرأی مغیب الشمس عند غروبها فی عین ذی خلب وثاط حرمد

بلغ المشارق و المغارب یبتغی*** أسباب ملك من كریم سید

ثم قال أبو الریحان و یشبه أن یكون هذا القول أقرب لأن الأذواء (1)كانوا من الیمن و هم الذین لا تخلو أسامیهم من ذی كذی المنار و ذی نواس (2)و ذی النون و ذی یزن.

و الثالث أنه كان عبدا صالحا ملكه اللّٰه الأرض و أعطاه العلم و الحكمة و ألبسه الهیبة و إن كنا لا نعرف من هو ثم ذكروا فی تسمیته بذی القرنین وجوها:

الأول

سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ قَالَ أَ مَلِكٌ أَوْ نَبِیٌّ قَالَ لَا مَلِكٌ وَ لَا نَبِیٌّ كَانَ عَبْداً صَالِحاً ضُرِبَ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْمَنِ فَمَاتَ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ فَضُرِبَ عَلَی قَرْنِهِ الْأَیْسَرِ فَمَاتَ فَبَعَثَهُ اللَّهُ فَسُمِّیَ ذَا الْقَرْنَیْنِ وَ فِیكُمْ مِثْلُهُ (3).

الثانی سمی بذی القرنین لأنه انقرض فی وقته قرنان من الناس

الثالث قیل كانت صفحتا رأسه من نحاس

الرابع كان علی رأسه ما یشبه القرنین

الخامس كان لتاجه قرنان

السادس عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ سُمِّیَ ذَا الْقَرْنَیْنِ لِأَنَّهُ طَافَ قَرْنَیِ الدُّنْیَا یَعْنِی شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا.

السابع كان له قرنان أی ضفیرتان

الثامن أن اللّٰه تعالی سخر له النور و الظلمة فإذا سری یهدیه النور من أمامه و یمتد الظلمة من ورائه

التاسع یجوز أن یلقب بذلك لشجاعته كما سمی الشجاع بالقرن لأنه یقطع (4)أقرانه

العاشر أنه رأی فی المنام كأنه صعد الفلك و تعلق بطرفی الشمس و قرنیها أی جانبیها فسمی لهذا السبب بذی القرنین

الحادی عشر سمی بذلك لأنه دخل النور و الظلمة.

و القول الرابع أن ذا القرنین ملك من الملائكة عن عمر و أنه سمع رجلا یقول

ص: 210


1- أی الملوك الذین كان فی صدر ألقابهم «ذو».
2- فی المصدر: كذی الناد. م.
3- رواه أیضا جابر بن عبد اللّٰه عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، و رواه عن علیّ علیه السلام أیضا الأصبغ بن نباتة و حارث بن حبیب و ابن الورقاء و أبی الطفیل و غیرهم، و رواه أبو بصیر عن ابی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام كما تقدم.
4- فی المصدر: كما سمی الشجاع بالكبش لانه ینطح اه. م.

یا ذا القرنین فقال اللّٰهم اغفر (1)أ ما رضیتم أن تسموا بأسماء الأنبیاء حتی سمیتم بأسماء الملائكة (2)فهذا جملة ما قیل فی هذا الباب و القول الأول أظهر لأجل الدلیل الذی ذكرناه و هو أن مثل هذا الملك العظیم یجب أن یكون معلوم الحال و هذا الملك العظیم هو الإسكندر فوجب أن یكون المراد بذی القرنین هو إلا أن فیه إشكالا قویا و هو أنه كان تلمیذا لأرسطاطالیس الحكیم و كان علی مذهبه فتعظیم اللّٰه إیاه یوجب الحكم بأن مذهب أرسطاطالیس حق و صدق و ذلك مما لا سبیل إلیه.

المسألة الثانیة اختلفوا فی أن ذا القرنین هل كان من الأنبیاء أم لا منهم من قال إنه كان من الأنبیاء و احتجوا علیه بوجوه الأول قوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِی الْأَرْضِ و الأولی حمله علی التمكین فی الدین و التمكین الكامل فی الدین هو النبوة.

و الثانی قوله وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً و من جملة الأشیاء النبوة فمقتضی العموم فی قوله وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً هو أنه تعالی آتاه من النبوة سببا.

و الثالث قوله تعالی قُلْنا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِیهِمْ حُسْناً و الذی یتكلم اللّٰه معه لا بد و أن یكون نبیا و منهم من قال إنه كان عبدا صالحا و ما كان نبیا انتهی. (3)أقول الظاهر من الأخبار أنه غیر الإسكندر (4)و أنه كان فی زمن إبراهیم علیه السلام (5)و أنه أول الملوك بعد نوح علیه السلام و أما استدلاله فلا یخفی ضعفه بعد ما قد عرفت

ص: 211


1- فی نسخة: اللّٰهمّ غفرا.
2- فی نسخة: أن تتسموا باسماء الأنبیاء حتّی تسمیتم بأسماء الملائكة.
3- مفاتیح الغیب 5: 750- 752. م.
4- سماء فی الخبر 15 الاسكندر و فی الخبر 23 قال: كان غلاما من أهل الروم؛ و لكنهما مرویان من طرق العامّة، و فیما تقدم من الاخبار أن اسمه عیّاش و فی الخبر 11 أنّه عبد اللّٰه بن ضحاك بن معد، و قدمنا قبل ذلك كلام البغدادیّ و غیره فی تسمیته.
5- تقدم فی الخبر الثانی أنّه كان بعد موسی علیه السلام و فی الخبر 16 أنّه كان بعد عیسی علیه السلام لكنهما مرویان من غیر طرقنا.

مع أن الملوك المتقدمة لم یضبط أحوالهم بحیث لا یشذ عنهم أحد و أیضا الظاهر من كلام أهل الكتاب الذین علیهم یعولون فی التواریخ عدم الاتحاد ثم الظاهر مما ذكرنا من الأخبار و غیرهما مما أورده الكلینی و غیره أنه لم یكن نبیا (1)و لكنه كان عبدا صالحا مؤیدا من عنده تعالی. و أما یأجوج و مأجوج فقد ذكر الشیخ الطبرسی أن فسادهم أنهم كانوا یخرجون فیقتلونهم و یأكلون لحومهم و دوابهم و قیل كانوا یخرجون أیام الربیع فلا یدعون شیئا أخضر إلا أكلوه و لا یابسا إلا احتملوه عن الكلبی و قیل أرادوا أنهم سیفسدون فی المستقبل عند خروجهم وَ وَرَدَ فِی الْخَبَرِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ فَقَالَ یَأْجُوجُ أُمَّةٌ وَ مَأْجُوجُ أُمَّةٌ كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أُمَّةٍ لَا یَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّی یَنْظُرَ إِلَی أَلْفِ ذَكَرٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلٌّ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ مِنْهُمْ أَمْثَالُ الْأَرْزِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْأَرْزُ قَالَ شَجَرٌ بِالشَّامِ طَوِیلٌ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ طُولُهُمْ وَ عَرْضُهُمْ سَوَاءٌ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَا یَقُومُ لَهُمْ جَبَلٌ وَ لَا حَدِیدٌ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ یَفْتَرِشُ أَحَدُهُمْ إِحْدَی أُذُنَیْهِ وَ یَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَی وَ لَا یَمُرُّونَ بِفِیلٍ وَ لَا وَحْشٍ وَ لَا جَمَلٍ وَ لَا خِنْزِیرٍ إِلَّا أَكَلُوهُ وَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَكَلُوهُ مُقَدِّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَ سَاقَتُهُمْ بِخُرَاسَانَ یَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشْرِقِ وَ بُحَیْرَةَ طَبَرِیَّةَ (2).

قال وهب و مقاتل إنهم من ولد یافث بن نوح أبی الترك و قال السدی الترك سریة من یأجوج و مأجوج خرجت تغیر (3)فجاء ذو القرنین فضرب السد فبقیت خارجه و قال قتادة إن ذا القرنین بنی السد علی إحدی و عشرین قبیلة و بقیت منهم قبیلة دون السد فهم الترك و قال كعب هم نادرة من ولد آدم و ذلك أن آدم احتلم ذات یوم و امتزجت نطفته بالتراب فخلق اللّٰه من ذلك الماء و التراب یأجوج و مأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم و هذا بعید انتهی. (4)

ص: 212


1- و اما ما تقدم فی الخبر 16 من انه أوحی إلیه فقد عرفت أن الخبر وارد من غیر طرقنا مع أنّه یمكن توجیهه.
2- الخبر مرویّ عن العامّة راجع.
3- أی تهجم و توقع بغیرهم.
4- مجمع البیان 6: 494. م.

أقول: سیأتی بیان أحوالهم فی كتاب الغیبة إن شاء اللّٰه تعالی ثم اعلم أنا إنما أوردنا قصة ذی القرنین بعد قصص إبراهیم علیه السلام تبعا للصدوق رحمه اللّٰه و لما مر من أنه كان فی زمنه علیه السلام و ذهب بعض المؤرخین إلی أنه كان متقدما علی إبراهیم علیه السلام.

غریبة قال الثعلبی فی العرائس یحكی أن الواثق باللّٰه رأی فی المنام كأن السد مفتوح فوجه سلاما الترجمان فی خمسین رجلا و أعطاه دیته خمسة آلاف دینار و أعطی كل رجل من الخمسین ألف درهم و رزق سنة و أعطاه مائتی بغل لحمل الزاد و الماء فتوجه من سرمن رأی بكتاب من الواثق إلی إسحاق بن إسماعیل صاحب إرمینیة و كان بتفلیس و كتب له إسحاق إلی صاحب السریر ملك الأردن و كتب له ملك الأردن إلی طلخیذ فیلاذ شاه ملك الخور (1)فأقام عنده حتی وجه خمسین رجلا أدلاء فساروا خمسة و عشرین یوما حتی انتهوا إلی أرض سوداء منتنة الریح و كانوا قد حملوا خلا یشمونه من الرائحة الكریهة (2)فساروا فیها سبعة و عشرین یوما (3)فمات هاهنا قوم.

ثم ساروا فی مدن خربة عشرین یوما فسألوا عن تلك المدن فقالوا إنها قد ظهرت یأجوج و مأجوج فخربوها ثم ساروا إلی حصون بالقرب من الجبل یتكلمون بالعربیة و الفارسیة یقرءون القرآن لهم كتاتیب (4)و مساجد فقالوا من القوم قالوا رسل أمیر المؤمنین فقالوا من أمیر المؤمنین قالوا بالعراق فتعجبوا و قالوا شیخ أو شاب و زعموا أنه لم یبلغهم خبره ثم ساروا (5)إلی جبل أملس لیس علیه خضرة و إذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة و خمسون ذراعا فإذا عضادتان مبنیتان مقابلتا الجبل من جنبتی الوادی كل عضادة خمسة و عشرون ذراعا (6)الظاهر من تحتها عشرة أذرع مبنیة بلبن من حدید مركبة بنحاس

ص: 213


1- فیه تصحیف، و الموجود فی العرائس: و كتب إسحاق الی صاحب السریر، و كتب له صاحب السریر إلی ملك اللان، و كتب له ملك اللان الی الازلی طلجند فبلاد شاه ملك الخزر. قلت: قال یاقوت فی المعجم: اللان آخره نون: بلاد واسعة فی طرف ارمینیة قرب باب الأبواب مجاورون للخزر.
2- فی العرائس: قد حملوا شیئا یشمونه من الرائحة الذكیة.
3- فی العرائس: تسعة و عشرین یوما.
4- فی المصدر: مكاتب. و هما جمع المكتب و المكتبة: موضع التعلیم.
5- فی العرائس: فقالوا: من هو أمیر المؤمنین؟ قلنا: من أولاد العباس ملك بالعراق، فتعجبوا منه و قالوا: شیخ أو شاب؟ و زعموا انهم لم یبلغهم خبره، ثمّ فارقوهم و ساروا.
6- فی المصدر: عضادتاه مبنیتان مقابلتا الجبل، عرض كل عضادة خمسة و عشرون ذراعا.

فی سمك خمسین ذراعا و إذا دروند (1)من حدید طرفاه علی عضادتین طوله مائة و عشرون ذراعا قد ركبت طرفاه العضادتین علی كل واحدة (2)مقدار عشرة أذرع فی عرض خمسة أذرع و فوق ذلك الدروند بنی بذلك اللبن من الحدید المنصب فی النحاس (3)إلی رأس الجبل و ارتفاعه مد البصر و فوق ذلك شرف من حدید فی طرف كل شرفه قرنان مبنی بعضها إلی بعض كل واحد إلی صاحبه و إذا باب مصراعان منصوبان (4)من حدید عرض كل باب خمسون ذراعا فی ارتفاع خمسین ذراعا قائمتاهما فی دورهما علی قدر الدروند و علی الباب قفل طوله سبعة أذرع فی غلظ ذراع و ارتفاع القفل من الأرض خمسة و خمسون ذراعا و فوق القفل مقدار خمسة أذرع غلق (5)و علی الغلق مفتاح طوله ذراع و نصف و له اثنتا عشرة دندانجة كل واحدة كدسجدة منجل من أعظم ما یكون (6)و معلق فی سلسلة طولها ثمانیة أذرع فی استدارة أربعة أشبار و الحلقة التی فی السلسلة مثل حلقة المنجنیق و عتبة الباب عشرة أذرع فی وسطه مائة ذراع سوی ما تحت العضادتین و الظاهر منها (7)خمسة أذرع هذا كله بذراع السواد و رئیس تلك الحصون یركب فی كل جمعة فی عشرة فوارس مع كل فارس مرزبة (8)من حدید كل واحد منها خمسون منا فیضرب القفل بالمرزبات فی كل یوم ثلاث ضربات یسمع من وراء الباب الصوت و یعلمون أن هناك حفظة و یعلم هؤلاء أن أولئك لم یحدثوا فی الباب حدثا و إذا ضربوا أصغوا إلیها بآذانهم یسمعون من داخل دویا و بالقرب من هذا الجبل حصن عظیم كبیر عشرة فراسخ

ص: 214


1- معرب دربند و هو الباب الواسع.
2- فی المصدر: علو كل واحدة
3- فی المصدر: فوق ذلك اللبن الحدید المغیب فی النحاس.
4- فی المصدر: منظومة كل واحدة فی صاحبتها. و إذا باب له مصراعان.
5- الغلق: ما یغلق به الباب.
6- هكذا فی النسخ، و المصدر خال عن الجملة، و الظاهر أن دندانجة معرب دندانه. و أما دسجدة فلم نقف علی معناه و المنجل: آلة من حدید عكفاء یقضب بها الزرع، یقال لها بالفارسیة: داس.
7- فی المصدر: و عرض عتبة الباب عشرة أذرع فی طول مائة ذراع سوی ما فی العضادتین و الظاهر منها اه.
8- بتشدید الباء و تخفیفها: عصیة من حدید.

فی عشرة فراسخ تكسیرها مائة فرسخ و مع الباب حصنان یكون كل واحد منهما مائتی ذراع (1)فی مائتی ذراع و علی باب هذین الحصنین صخرتان و بین الحصنین عین ماء عذب و فی أحد الحصنین آلة البناء التی بنی بها السد من قدور الحدید و مغارف من حدید مثل قدر الصابون (2)و هناك بعض اللبن من الحدید قد التصق بعضه ببعض من الصدأ (3)و اللبنة ذراع و نصف فی طول شبر (4)و سألنا هل رأوا هناك أحدا من یأجوج و مأجوج فذكروا أنهم رأوا عدة منهم فوق الشرف فهبت ریح سوداء فألقتهم إلی جانبهم و كان مقدار الرجل فی رأی العین شبرا و نصفا.

قال فلما انصرفنا أخذتنا الأدلاء (5)علی نواحی خراسان فعدلنا إلیها فوقعنا إلی القرب من سمرقند علی سبع فراسخ و كان أصحاب الحصن قد زودونا الطعام ثم سرنا إلی عبد اللّٰه بن طاهر فوصلنا بمائة ألف درهم و وصل كل رجل كان معی خمسمائة درهم و أجری (6)علی كل فارس خمسة دراهم و علی كل راجل ثلاثة دراهم كل یوم حتی صرنا إلی الری و رجعنا إلی سرمن رأی بعد ثمانیة و عشرین شهرا.

(7)

ص: 215


1- فی المصدر: و مع الباب حصنان طول كل واحدة منهما مائتا ذراع.
2- المصدر خال عن قوله: مثل قدر الصابون.
3- الصدأ: مادة لونها یأخذ من الحمرة و الشقرة تتكون علی وجه الحدید و نحوه بسبب رطوبة الهواء یقال بالفارسیة لها: زنك.
4- فی المصدر: فی عرض شبر.
5- فی المصدر: أخذ بنا الادلاء.
6- أجری علیه الرزق: أفاضه و عینه.
7- العرائس 229- 230. م.

باب 9 قصص یعقوب و یوسف علی نبینا و آله و علیهما الصلاة و السلام

الآیات؛

البقرة: «وَ وَصَّی بِها إِبْراهِیمُ بَنِیهِ وَ یَعْقُوبُ یا بَنِیَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ یَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِیهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِی قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(132-133)

آل عمران: «كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ»(93)

یوسف: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ (إلی قوله): وَ هُمْ یَمْكُرُونَ»(3-102)

مریم: «وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِیًّا»(49)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ أی یعقوب عَلی نَفْسِهِ اختلفوا فی ذلك الطعام فقیل إن یعقوب أخذه وجع العرق الذی یقال له عرق النسا فنذر إن شفاه اللّٰه أن یحرم العروق و لحم الإبل و هو أحب الطعام إلیه عن ابن عباس و غیره و قیل حرم إسرائیل علی نفسه لحم الجزور تعبدا لله و سأل اللّٰه أن یجیز له فحرم اللّٰه تعالی ذلك علی ولده و قیل حرم زائدة الكبد و الكلیتین و الشحم إلا ما حملته الظهور و اختلف فی أنه علیه السلام كیف حرم علی نفسه فقیل بالاجتهاد و هو باطل و قیل بالنذر و قیل بنص ورد علیه و قیل حرمه كما یحرم المستظهر فی دینه من الزهاد اللذة علی نفسه مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ أی كل الطعام كان حلالا لبنی إسرائیل قبل أن تنزل التوراة علی موسی فإنها تضمنت تحریم ما كانت حلالا لبنی إسرائیل و اختلفوا فیما حرم علیهم فقیل إنه حرم علیهم ما كانوا یحرمونه قبل نزولها اقتداء بأبیهم یعقوب و قیل لم یحرمه اللّٰه علیهم فی التوراة و إنما حرم علیهم بعد التوراة بظلمهم و كفرهم و كانت بنو إسرائیل إذا أصابوا ذنبا عظیما حرم اللّٰه علیهم طعاما طیبا و صب علیهم رجزا

ص: 216

و هو الموت و ذلك قوله تعالی فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا الآیة و قیل لم یكن شیئا (1)من ذلك حراما علیهم فی التوراة و إنما هو شی ء حرموه علی أنفسهم اتباعا لأبیهم و أضافوا تحریمه إلی اللّٰه فكذبهم اللّٰه تعالی و احتج علیهم بالتوراة فلم یجسروا علی إتیان التوراة لعلمهم بصدق النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كذبهم و كان ذلك دلیلا ظاهرا علی صحة نبوة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله (2).

«1»-فس، تفسیر القمی محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد عن علی بن محمد عمن حدثه (3)عن المنقری عن عمرو بن شمر عن إسماعیل بن السندی عن عبد الرحمن بن أسباط القرشی عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری فی قول اللّٰه إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ قال فی تسمیة النجوم هو الطارق و حوبان و الذیال (4)و ذو الكتفین و وثاب و قابس و عمودان و فیلق (5)و مصبح و الصرح (6)و الفروغ (7)و الضیاء و النور یعنی الشمس و القمر و كل هذا النجوم محیطة بالسماء.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: تَأْوِیلُ هَذِهِ الرُّؤْیَا أَنَّهُ سَیَمْلِكُ مِصْرَ وَ یَدْخُلُ عَلَیْهِ أَبَوَاهُ وَ إِخْوَتُهُ أَمَّا الشَّمْسُ فَأُمُّ یُوسُفَ رَاحِیلُ وَ الْقَمَرُ یَعْقُوبُ وَ أَمَّا أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً فَإِخْوَتُهُ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَیْهِ سَجَدُوا شُكْراً لِلَّهِ وَحْدَهُ حِینَ نَظَرُوا إِلَیْهِ وَ كَانَ ذَلِكَ السُّجُودُ لِلَّهِ.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَحَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ مِنْ خَبَرِ یُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ أَخاً وَ كَانَ لَهُ مِنْ أُمِّهِ أَخٌ وَاحِدٌ

ص: 217


1- كذا فی النسخ.
2- مجمع البیان 2: 475. م.
3- فی نسخة: عن حارثة.
4- فی الخصال فی روایة: «جوبان» و فی أخری «حربان» و فی العرائس «جریان» و فیه: «الذبال».
5- فی نسخة: فلیق.
6- فی نسخة: «الصوح» و فی أخری «الضرح» و فی العرائس «الضروح» و فی الخصال: «الضروج».
7- فی نسخة: «الفروع» و فی المصدر «القروع» و فی العرائس «الفرع» و فی الخصال: «ذو القرع».

یُسَمَّی بِنْیَامِینَ (1)وَ كَانَ یَعْقُوبُ إِسْرَائِیلَ اللَّهِ وَ مَعْنَی إِسْرَائِیلِ اللَّهِ أَیْ خَالِصُ اللَّهِ ابْنُ إِسْحَاقَ نَبِیِّ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ فَرَأَی یُوسُفُ هَذِهِ الرُّؤْیَا وَ لَهُ تِسْعُ سِنِینَ فَقَصَّهَا عَلَی أَبِیهِ فَقَالَ یَعْقُوبُ یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاكَ عَلی إِخْوَتِكَ فَیَكِیدُوا لَكَ كَیْداً إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ قَوْلُهُ فَیَكِیدُوا لَكَ كَیْداً أَیْ یَحْتَالُوا عَلَیْكَ فَقَالَ یَعْقُوبُ لِیُوسُفَ وَ كَذلِكَ یَجْتَبِیكَ رَبُّكَ وَ یُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ وَ یُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكَ وَ عَلی آلِ یَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلی أَبَوَیْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِیمَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِیمٌ حَكِیمٌ وَ كَانَ یُوسُفُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً وَ كَانَ یَعْقُوبُ یُحِبُّهُ وَ یُؤْثِرُهُ عَلَی أَوْلَادِهِ فَحَسَدُوهُ إِخْوَتُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ قَالُوا فِیمَا بَیْنَهُمْ مَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذْ قالُوا لَیُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلی أَبِینا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أَیْ جَمَاعَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ فَعَمَدُوا عَلَی قَتْلِ یُوسُفَ فَقَالُوا نَقْتُلُهُ حَتَّی یَخْلُوَ لَنَا وَجْهُ أَبِینَا فَقَالَ لَاوَی لَا یَجُوزُ قَتْلُهُ وَ لَكِنْ نُغَیِّبُهُ عَنْ أَبِینَا وَ نَحْنُ نَخْلُو بِهِ فَقَالُوا كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلی یُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ وَ یَلْعَبْ أَیْ یَرْعَی الْغَنَمَ وَ یَلْعَبُ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فَأَجْرَی اللَّهُ عَلَی لِسَانِ یَعْقُوبَ إِنِّی لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ یَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ فَقَالُوا كَمَا حَكَی اللَّهُ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ الْعُصْبَةُ عَشَرَةٌ إِلَی ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ یَجْعَلُوهُ فِی غَیابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ أَیْ تُخْبِرُهُمْ بِمَا هَمُّوا بِهِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ یَقُولُ لَا یَشْعُرُونَ أَنَّكَ أَنْتَ یُوسُفُ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ (2).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه یعقوب هو إسرائیل اللّٰه و معناه عبد اللّٰه الخالص ابن إسحاق نبی اللّٰه ابن إبراهیم خلیل اللّٰه

وَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْكَرِیمُ ابْنُ الْكَرِیمِ ابْنِ الْكَرِیمِ ابْنِ الْكَرِیمِ یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ.

و عن ابن عباس أن یوسف رأی فی المنام لیلة الجمعة لیلة القدر أحد عشر كوكبا نزلت من السماء فسجدت

ص: 218


1- فی نسخة و فی المصدر: ابن یامین.
2- تفسیر القمّیّ: 316- 317. م.

له و رأی الشمس و القمر نزلا من السماء فسجدا له قال فالشمس و القمر أبواه و الكواكب إخوته الأحد عشر و قال السدی الشمس أبوه و القمر خالته و ذلك أن أمه راحیل قد ماتت و قال ابن عباس الشمس أمه و القمر أبوه و قال وهب كان یوسف رأی و هو ابن سبع سنین أن أحد عشر عصا طوالا كانت مركوزة فی الأرض كهیئة الدائرة و إذا عصا صغیرة وثبت علیها حتی اقتلعتها و غلبتها فوصف ذلك لأبیه فقال له إیاك أن تذكر ذلك لإخوتك ثم رأی و هو ابن اثنتی عشرة سنة أن أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر سجدن له فقصها علی أبیه فقال له لا تَقْصُصْ الآیة و قیل إنه كان بین رؤیاه و بین مصیر أبیه و إخوته إلی مصر أربعون سنة و قیل ثمانون سنة.

قوله تعالی وَ كَذلِكَ أی كما أراك هذه الرؤیا یَجْتَبِیكَ رَبُّكَ أی یصطفیك و یختارك للنبوة وَ یُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ أی من تعبیر الرؤیا قیل و كان أعبر الناس للرؤیا أو مطلق العلوم و الأخبار السالفة و الآتیة لَقَدْ كانَ فِی یُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ كان لیعقوب اثنا عشر ولدا و قیل أسماؤهم روبیل و هو أكبرهم و شمعون و لاوی و یهودا و ریالون (1)و یشجر و أمهم لیا (2)بنت لیان و هی ابنة خالة یعقوب ثم توفیت لیا فتزوج یعقوب أختها راحیل فولدت له یوسف و بنیامین (3)و قیل ابن یامین و ولد له من سریتین (4)

ص: 219


1- فی الیعقوبی و الطبریّ و المحبر «یهوذا» بالذال. و فی المصدر و فی الطبریّ «زبالون» و فی الیعقوبی «زفولون» و فی المحبر «زبلون» و أمّا یشجر ففی الطبریّ «یشجر و یشحر» بالحاء المهملة و فی الیعقوبی «یشاجر» و المحبر «یساخر» الا أنّه لم یعجم الیاء.
2- و به قال الیعقوبی و الطبریّ، و قال البغدادیّ فی المحبر: هی الیة. و أمّا أبوها ففی تاریخ الطبریّ: هو لیان بن بتویل بن الیاس. و فی تاریخ الیعقوبی: لابان. و فی المحبر. أحبن بن نتویل ابن ناحور. «3»-
3- قال الطبریّ: هو بالعربیة: شداد.
4- فی المطبوع هنا هامش نذكره بالفاظه: قوله: «و سریة» اختلف فی سریة فقال بعضهم: انها مشتقة من السر الذی هو الجماع أو الذی یكتم للمناسبة المعنویة اذ الغالب أن السریة تكتم عن الحرة و قال بعضهم: انها من السراة، ثمّ القائلون بأنها من السر اختلفوا فذهب بعضهم الی أنّها فعلیة منسوبة الیه وضعت سینها مع أن القیاس الكسر كما قالوا دهری فی النسبة الی الدهر، و ذهب آخرون الی انها فی الأصل سرّورة علی وزن فعلولة من السر أیضا أبدلوا من الراء الأخیرة یاء للتضعیف ثمّ قلبوا الواو یاء و ادغموا ثمّ كسروا ما قبل الیاء للمناسبة، فهی علی هذا فعلیلة صغیرة عن فعلولة و القائلون بأنها من السراة و هی الخیار ذهبوا إلی ذلك لأنّها لا یجعل لامة سریة إلّا بعد اختیارها لنفسه، و وزنها عندهم فعیلة فیكون الراء الواحدة و الیاء الواحدة زائدة و المختار الأول و هو أنّها فعلیة من السر لقوة المعنی كما تقدم و اللفظ أیضا لكثرة فعلیة كحریة و قلة فعلولة و عدم فعلیة، و هنا مذهب آخر و ذهب إلیه الاخفش و لم یذكره المصنّف و هو أنّها فعولة من السرور لأنّها یسر بها فابدلوا من الراء الأخیرة یاء ثمّ قلبوا و ادغموا كما مر. جاربردی.

له اسم إحداهما زلفة و الأخری بلهة (1)أربعة بنین دار (2)و یقنالی و حاد و أشر لَیُوسُفُ وَ أَخُوهُ أی بنیامین وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أی جماعة یتعصب بعضنا لبعض و یعین بعضنا بعضا فنحن أنفع لأبینا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ أی ذهاب عن طریق الصواب الذی هو التعدیل بیننا أو فی خطاء من الرأی فی أمور الأولاد و التدبیر الدنیوی إذ نحن أقوم بأموره و أكثر المفسرین علی أن إخوة یوسف كانوا أنبیاء و قال بعضهم لم یكونوا أنبیاء لأن الأنبیاء لا یقع منهم القبائح (3)

وَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ فِی كِتَابِ النُّبُوَّةِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ كَانَ أَوْلَادُ یَعْقُوبَ أَنْبِیَاءَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ وَ لَمْ یُفَارِقُوا الدُّنْیَا إِلَّا سُعَدَاءَ تَابُوا وَ تَذَكَّرُوا مَا صَنَعُوا.

یَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِیكُمْ أَیْ تَخْلُصْ لَكُمْ مَحَبَّتُهُ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ أی روبیل و قیل یهودا و قیل لاوی فِی غَیابَتِ الْجُبِّ أی فی قعر البئر و اختلف فیه فقیل هو بئر بیت المقدس و قیل بأرض الأردن و قیل بین مدین و مصر و قیل علی ثلاثة فراسخ من منزل یعقوب أَخافُ أَنْ یَأْكُلَهُ الذِّئْبُ قیل كانت أرضهم مذئبة و كانت السباع ضاریة فی ذلك الوقت و قیل إن یعقوب علیه السلام رأی فی منامه كأن یوسف قد شد علیه عشرة أذؤب لیقتلوه و إذا ذئب منها یحمی عنه فكأن الأرض انشقت فدخل فیها یوسف فلم

ص: 220


1- فی المحبر: بلها، و فیه و فی الیعقوبی: زلفاء.
2- فی المصدر و الیعقوبی و الطبریّ و المحبر: «دان» بالنون. و فی الاولین: «نفتالی» و فی الآخرین «نفتالی» أما حاد ففی المصدر: «جاد» بالجیم، و فی الطبریّ «جاد و حادر» و فی المحبر: «جاذ» بالذال، و فی الیعقوبی: «كاذ».
3- و به قالت أصحابنا الإمامیّة، حیث انهم قالوا ان الأنبیاء لا یصدر عنهم الذنوب و القبائح و هم معصومون عنها، و تقدم الكلام فی ذلك فی أول المجلد 11.

یخرج إلا بعد ثلاثة أیام فمن ثم قال هذا فلقنهم العلة و كانوا لا یدرون و

روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه قال لا تلقنوا الكذب فتكذبوا فإن بنی یعقوب لم یعلموا أن الذئب یأكل الإنسان حتی لقنهم أبوهم (1).

و قیل كنی عنهم بالذئب مساترة عنهم و قال الحسن جعل یوسف فی الجب و هو ابن سبع عشرة سنة و كان فی البلاء إلی أن وصل إلیه أبوه ثمانین سنة و لبث بعد الاجتماع ثلاثا و عشرین سنة و مات و هو ابن مائة و عشرین سنة (2)و قیل كان له یوم ألقی فی الجب عشر سنین و قیل اثنا عشر و قیل سبع و قیل تسع و جمع بینه و بین أبیه و هو ابن أربعین سنة (3).

«2»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ لَاوَی أَلْقُوهُ فِی هَذَا الْجُبِّ یَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّیَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِینَ فَأَدْنَوْهُ مِنْ رَأْسِ الْجُبِّ فَقَالُوا لَهُ انْزِعْ قَمِیصَكَ فَبَكَی فَقَالَ یَا إِخْوَتِی تُجَرِّدُونِّی فَسَلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَیْهِ السِّكِّینَ فَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْهُ لَأَقْتُلَنَّكَ فَنَزَعَهُ (4)فَدَلَّوْهُ فِی الْیَمِّ (5)وَ تَنَحَّوْا عَنْهُ فَقَالَ یُوسُفُ فِی الْجُبِّ یَا إِلَهَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ ارْحَمْ ضَعْفِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ صِغَرِی فَنَزَلَتْ سَیَّارَةٌ (6)مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَبَعَثُوا

ص: 221


1- رواه الثعلبی فی العرائس بإسناده عن ابن عمر.
2- فی الیعقوبی: مائة و أربعون سنة.
3- مجمع البیان 5: 209- 213 و 216. م.
4- فی نسخة: فنزعوه.
5- هكذا فی المصدر و نسخ من الكتاب، و فی نسخة: فی الجب.
6- قال الطبرسیّ ره: فی قوله تعالی: «وَ جاءَتْ سَیَّارَةٌ» أی جماعة مارة، قالوا: و إنّما جاءت من قبل مدین یریدون مصر فاخطئوا الطریق فانطلقوا یهیمون حتّی نزلوا قریبا من الجب و كان الجب فی قفرة بعیدة من العمران و إنّما هو للرعاة و المجتازة، و كان ماؤه ملحا فعذب، و قیل: كان الجب بظهر الطریق «فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ» أی بعثوا من یطلب لهم الماء، قالوا: فكان رجلا یقال له مالك بن زعر «فَأَدْلی دَلْوَهُ» أی أرسل دلوه فی البئر لیستقی، فتعلق یوسف بالحبل، فلما خرج إذا هو بغلام أحسن ما یكون من الغلمان، قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: «اعطی یوسف شطر الحسن و النصف الآخر لسائر الناس» و قال كعب: كان یوسف حسن الوجه، جعد الشعر، ضخم العین، مستوی الخلق، أبیض اللون، غلیظ الساقین و العضدین، خمیص البطن، صغیر السرة، و كان إذا تبسم رئیت النور فی ضواحكه: و إذا تكلم رئیت فی كلامه شعاع النور یلتهب عن ثنایاه، و لا یستطیع أحد وصفه، و كان حسنه كضوء النهار عن اللیل، و كان یشبه آدم علیه السلام یوم خلقه اللّٰه و صوره و نفخ فیه من روحه قبل أن یصیب المعصیة «قالَ یا بُشْری بشر نفسه؛ و قیل هو اسم رجل من أصحابه ناداه «وَ أَسَرُّوهُ بِضاعَةً» أی و أسروا یوسف الذین وجدوه من رفقائهم من التجار مخافة شركتهم، فقالوا: هذه بضاعة لاهل الماء دفعوه الینا لنبیه لهم؛ و قیل: و أسر إخوته یكتمون أنّه أخوهم فقالوا: هو عبد لنا قد أبق، و قالوا بالعبرانیة: «لئن قلت: أنا أخوهم قتلناك» فتابعهم علی ذلك لئلا یقتلوه، عن ابن عبّاس «وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ» أی ناقص قلیل «دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ» أی قلیلة، و ذكر العدد عبارة عن القلة، و قیل إنهم كانوا لا یزنون الدراهم ما دون الاوقیة و هی الأربعون، و یزنون الاوقیة فما زاد علیها «وَ كانُوا فِیهِ مِنَ الزَّاهِدِینَ» قیل: یعنی ان الذین اشتروه كانوا غیر الراغبین فی شرائه لانهم وجدوا علیه علامة الاحرار؛ و قیل: یعنی ان الذین باعوه من اخوته كانوا غیر راغبین فی یوسف و لا فی ثمنه و لكنهم باعوه حتّی لا یظهر ما فعلوا به؛ و قیل: كانوا من الزاهدین فیه لم یعرفوا موضعه من اللّٰه و كرامته منه طاب اللّٰه ثراه.

رَجُلًا لِیَسْتَقِیَ لَهُمُ الْمَاءَ مِنَ الْجُبِّ فَلَمَّا أَدْلَی الدَّلْوَ عَلَی یُوسُفَ تَشَبَّثَ بِالدَّلْوِ فَجَرُّوهُ فَنَظَرُوا إِلَی غُلَامٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً فَعَدَوْا إِلَی صَاحِبِهِمْ فَقَالُوا یا بُشْری هذا غُلامٌ فَنُخْرِجُهُ وَ نَبِیعُهُ وَ نَجْعَلُهُ بِضَاعَةً لَنَا فَبَلَغَ إِخْوَتَهُ فَجَاءُوا فَقَالُوا هَذَا عَبْدٌ لَنَا أَبَقَ ثُمَّ قَالُوا لِیُوسُفَ لَئِنْ لَمْ تُقِرَّ بِالْعُبُودِیَّةِ لَنَقْتُلَنَّكَ فَقَالَتِ السَّیَّارَةُ لِیُوسُفَ مَا تَقُولُ قَالَ أَنَا عَبْدُهُمْ فَقَالَتِ السَّیَّارَةُ فَتَبِیعُوهُ (1)مِنَّا قَالُوا نَعَمْ فَبَاعُوهُ مِنْهُمْ عَلَی أَنْ یَحْمِلُوهُ إِلَی مِصْرَ وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِیهِ مِنَ الزَّاهِدِینَ قَالَ الَّذِی بِیعَ بِهَا یُوسُفُ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ دِرْهَماً وَ كَانَ عِنْدَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَ كانُوا فِیهِ مِنَ الزَّاهِدِینَ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قَالَ كَانَتْ عِشْرِینَ دِرْهَماً وَ الْبَخْسُ النَّقْصُ وَ هِیَ قِیمَةُ كَلْبِ الصَّیْدِ إِذَا قُتِلَ كَانَ قِیمَتُهُ عِشْرِینَ دِرْهَماً (2).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد عن الصدوق عن ابن الولید عن الصفار عن ابن عیسی مثله (3)

ص: 222


1- هكذا فی النسخ و فی المصدر.
2- تفسیر القمّیّ: 317- 318. م.
3- مخطوط. م.

بیان: المشهور بین الأصحاب فی كلب الغنم عشرین (1)و فی كلب الصید أربعین أو القیمة فیهما و سیأتی فی كتاب الدیات و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل كانت الدراهم عشرین درهما عن ابن مسعود و ابن عباس و السدی و هو المروی عن علی بن الحسین علیهما السلام قالوا و كانوا عشرة فاقتسموها درهمین درهمین و قیل كانت اثنین و عشرین درهما عن مجاهد و قیل كانت أربعین درهما عن عكرمة و قیل ثمانیة عشر درهما عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و اختلف فیمن باعه فقیل إن إخوة یوسف باعوه و كان یهودا منتبذا (2)ینظر إلی یوسف فلما أخرجوه من البئر أخبر إخوته فأتوا مالكا و باعوه منه عن ابن عباس و مجاهد و أكثر المفسرین و قیل باعه الواجدون بمصر عن قتادة و قیل إن الذین أخرجوه من الجب باعوه من السیارة عن الأصم و الأصح الأول و ذكر أبو حمزة الثمالی فی تفسیره قال فلم یزل مالك بن زعر و أصحابه یتعرفون من اللّٰه الخیر فی سفرهم ذلك حتی فارقوا یوسف ففقدوا ذلك قال و تحرك قلب مالك لیوسف فأتاه فقال أخبرنی من أنت فانتسب له یوسف و لم یكن مالك یعرفه فقال أنا یوسف بن یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم فالتزمه مالك و بكی و كان مالك رجلا عاقرا لا یولد له فقال لیوسف لو دعوت ربك أن یهب لی ولدا فدعا یوسف ربه أن یهب له ولدا و یجعلهم ذكورا فولد له اثنا عشر بطنا فی كل بطن غلامان. (3)و قال السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب تنزیه الأنبیاء فإن قال قائل كیف صبر یوسف علیه السلام علی العبودیة و لم ینكرها و كیف یجوز علی نبی الصبر علی أن یستعبد و یسترق الجواب قیل له إن یوسف علیه السلام لم یكن فی تلك الحال نبیا علی ما قاله كثیر من الناس و لما خاف علی نفسه القتل جاز أن یصبر علی الاسترقاق و من ذهب إلی هذا الوجه یتأول قوله تعالی وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ علی أن الوحی لم یكن فی تلك الحال بل كان فی غیرها و یصرف ذلك إلی الحال المستقبلة التی كان فیها نبیا.

ص: 223


1- كذا فی النسخ.
2- أی متنحیا عنهم.
3- مجمع البیان 5: 220. م.

و وجه آخر و هو أن اللّٰه لا یمتنع أن یكون أمره بكتمان أمره و الصبر علی مشقة العبودیة امتحانا و تشدیدا فی التكلیف كما امتحن أبویه إبراهیم و إسحاق أحدهما بنمرود و الآخر بالذبح.

و وجه آخر و هو أنه یجوز أن یكون علیه السلام قد خبرهم بأنه غیر عبد و أنكر علیهم ما فعلوه من استرقاقه إلا أنهم لم یسمعوا منه و لا أصغوا إلی قوله و إن لم ینقل ذلك فلیس كل ما جری فی تلك الأزمان قد اتصل بنا.

و وجه آخر و هو أن قوما قالوا إنه خاف القتل فكتم أمر نبوته و صبر علی العبودیة و هذا جواب فاسد لأن النبی لا یجوز أن یكتم ما أرسل به خوفا من القتل لأنه یعلم أن اللّٰه تعالی لم یبعثه للأداء إلا و هو عاصم له من القتل حتی یقع الأداء و یسمع الدعوة و إلا كان نقضا للغرض انتهی كلامه رحمة اللّٰه علیه (1).

«3»-فس، تفسیر القمی وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ جاؤُ عَلی قَمِیصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ إِنَّهُمْ ذَبَحُوا جَدْیاً عَلَی قَمِیصِهِ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ رَجَعَ إِخْوَتُهُ وَ قَالُوا نَعْمِدُ إِلَی قَمِیصِهِ فَنُلَطِّخُهُ بِالدَّمِ فَنَقُولُ لِأَبِینَا إِنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ لَاوَی یَا قَوْمِ أَ لَسْنَا بَنِی یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ نَبِیِّ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ أَ فَتَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ یَكْتُمُ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَنْبِیَائِهِ- (2)فَقَالُوا وَ مَا الْحِیلَةُ قَالَ نَقُومُ وَ نَغْتَسِلُ وَ نُصَلِّی جَمَاعَةً وَ نَتَضَرَّعُ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ یَكْتُمَ ذَلِكَ عَنْ أَبِینَا فَإِنَّهُ جَوَادٌ كَرِیمٌ فَقَامُوا وَ اغْتَسَلُوا وَ كَانَ فِی سُنَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ أَنَّهُمْ لَا یُصَلُّونَ جَمَاعَةً حَتَّی یَبْلُغُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا فَیَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِمَامَ عَشَرَةٍ یُصَلُّونَ خَلْفَهُ (3)فَقَالُوا كَیْفَ نَصْنَعُ وَ لَیْسَ لَنَا إِمَامٌ فَقَالَ لَاوَی نَجْعَلُ اللَّهَ إِمَامَنَا فَصَلَّوْا وَ بَكَوْا وَ تَضَرَّعُوا وَ قَالُوا یَا رَبِّ اكْتُمْ عَلَیْنَا هَذَا ثُمَّ جَاءُوا إِلَی أَبِیهِمْ عِشاءً یَبْكُونَ وَ مَعَهُمُ الْقَمِیصُ قَدْ لَطَّخُوهُ بِالدَّمِ فَ قالُوا یا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أَیْ نَعْدُو (4)وَ تَرَكْنا یُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ إِلَی قَوْلِهِ

ص: 224


1- تنزیه الأنبیاء: 47- 48. م.
2- فی نسخة: عن أبینا.
3- فی نسخة: فیكون واحد منهم اماما و عشرة یصلون خلفه.
4- و قیل: أی ننتصل و نترامی. منه رحمه اللّٰه.

عَلی ما تَصِفُونَ ثُمَّ قَالَ یَعْقُوبُ مَا كَانَ أَشَدَّ غَضَبَ ذَلِكَ الذِّئْبِ عَلَی یُوسُفَ وَ أَشْفَقَهُ عَلَی قَمِیصِهِ حَیْثُ أَكَلَ یُوسُفَ وَ لَمْ یَمْزِقْ قَمِیصَهُ قَالَ فَحَمَلُوا یُوسُفَ إِلَی مِصْرَ وَ بَاعُوهُ مِنْ عَزِیزِ مِصْرَ (1)فَقَالَ الْعَزِیزُ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِی مَثْواهُ أَیْ مَكَانَهُ عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَأَكْرَمُوهُ وَ رَبَّوْهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ هَوَتْهُ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ وَ كَانَتْ لَا تَنْظُرُ إِلَی یُوسُفَ امْرَأَةٌ إِلَّا هَوَتْهُ وَ لَا رَجُلٌ إِلَّا أَحَبَّهُ وَ كَانَ وَجْهُهُ مِثْلَ الْقَمَرِ لَیْلَةَ الْبَدْرِ فَرَاوَدَتْهُ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ راوَدَتْهُ الَّتِی هُوَ فِی بَیْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَ قالَتْ هَیْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّی أَحْسَنَ مَثْوایَ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فَمَا زَالَتْ تَخْدَعُهُ حَتَّی كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ فَقَامَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ فَلَمَّا هَمَّا (2)رَأَی یُوسُفُ صُورَةَ یَعْقُوبَ فِی نَاحِیَةِ الْبَیْتِ عَاضّاً عَلَی إِصْبَعِهِ یَقُولُ یَا یُوسُفُ أَنْتَ فِی السَّمَاءِ مَكْتُوبٌ فِی النَّبِیِّینَ وَ تُرِیدُ أَنْ تُكْتَبَ فِی الْأَرْضِ مِنَ الزُّنَاةِ فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ وَ تَعَدَّی.

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا قَامَتْ إِلَی صَنَمٍ فِی بَیْتِهَا فَأَلْقَتْ عَلَیْهِ مُلَاءَةً لَهَا فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ مَا تَعْمَلِینَ فَقَالَتْ أُلْقِی عَلَی هَذَا الصَّنَمِ ثَوْباً لَا یَرَانَا فَإِنِّی أَسْتَحْیِی مِنْهُ فَقَالَ یُوسُفُ أَنْتِ تَسْتَحْیِینَ مِنْ صَنَمٍ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُبْصِرُ وَ لَا أَسْتَحْیِی أَنَا مِنْ رَبِّی فَوَثَبَ وَ عَدَا وَ عَدَتْ مِنْ خَلْفِهِ وَ أَدْرَكَهُمَا الْعَزِیزُ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ اسْتَبَقَا الْبابَ وَ قَدَّتْ قَمِیصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَ أَلْفَیا سَیِّدَها لَدَی الْبابِ

ص: 225


1- قال الطبرسیّ فی قوله تعالی: «وَ قالَ الَّذِی اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ»: أی من أهل مصر و كان المشتری خازن فرعون مصر و خلیفته، و اسمه قطفیر، و قیل: اطفیر، و كان یلقب بالعزیز، و باعه مالك بن زعر منه بأربعین دینارا و زوج نعل و ثوبین أبیضین، عن ابن عبّاس؛ و قیل: تزایدوا حتّی بلغ وزنه ورقا و مسكا و حریرا، و اسم امرأة العزیز راعیل و لقبها زلیخا، و الملك كان الریان بن الولید: و قیل: لم یمت حتّی آمن بیوسف، و ملك بعده قابوس بن مصعب، فدعاه یوسف إلی الإسلام فأبی، و قال ابن عبّاس: العزیز ملك مصر «وَ راوَدَتْهُ» أی طلبت منه أن یواقعها «وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ» قالوا: كانت سبعة «وَ قالَتْ هَیْتَ لَكَ» أی أقبل و بادر «إِنَّهُ رَبِّی» الضمیر عائد الی زوجها فالرب بمعنی السیّد انه كان مالكه ظاهرا أو الی الرب تعالی. منه طاب ثراه.
2- فی المصدر: فلما همّ. م.

فَبَادَرَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ فَقَالَتْ لِلْعَزِیزِ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ یُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِیمٌ فَقَالَ یُوسُفُ لِلْعَزِیزِ هِیَ راوَدَتْنِی عَنْ نَفْسِی وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها (1)فَأَلْهَمَ اللَّهُ یُوسُفَ أَنْ قَالَ لِلْمَلِكِ سَلْ هَذَا الصَّبِیَّ فِی الْمَهْدِ فَإِنَّهُ یَشْهَدُ أَنَّهَا رَاوَدَتْنِی عَنْ نَفْسِی فَقَالَ الْعَزِیزُ لِلصَّبِیِّ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الصَّبِیَّ فِی الْمَهْدِ لِیُوسُفَ حَتَّی قَالَ إِنْ كانَ قَمِیصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكاذِبِینَ وَ إِنْ كانَ قَمِیصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصَّادِقِینَ فَلَمَّا رَأَی الْعَزِیزُ قَمِیصَ یُوسُفَ قَدْ تَخَرَّقَ مِنْ دُبُرٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنَّهُ مِنْ كَیْدِكُنَّ إِنَّ كَیْدَكُنَّ عَظِیمٌ ثُمَّ قَالَ لِیُوسُفَ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِی لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِینَ وَ شَاعَ الْخَبَرُ

ص: 226


1- قوله تعالی: «وَ شَهِدَ شاهِدٌ» قال ابن عبّاس و ابن جبیر: انه كان صبی فی المهد، قیل: و كان الصبی ابن اخت زلیخا و هو ابن ثلاثة أشهر، و قیل: شهد رجل حكیم من أهلها «وَ قالَ نِسْوَةٌ» قیل: هن أربع نسوة، امرأة ساقی الملك، و امرأة الخباز، و امرأة صاحب الدوابّ، و امرأة صاحب السجن، و زاد مقاتل امرأة الحاجب «بِمَكْرِهِنَّ» سماه مكرا لان قصدهن كان ان تریهن یوسف؛ لانها استكتمهن ذلك فأظهرته «وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً» أی وسائد تتكین علیها، و قیل: أراد به الطعام لان من دعی الی طعام یعدّ له المتكأ و قیل: الطعام الزماورد. و قال عكرمة: هو كل ما یجز بسكین لانه یؤكل فی الغالب علی متكئا، و قیل: إنّه كان طعام و شراب علی عمومه. و روی عن ابن عبّاس و غیره «متكأ» خفیفة ساكنة التاء، و قالوا: المتك: الأترج. أقول: لعل علیّ بن إبراهیم هكذا رواه فلذا فسره بذلك، أو فسره بمطلق الطعام، و لما كان الواقع ذلك فسره به «فَلَمَّا رَأَیْنَهُ أَكْبَرْنَهُ» أعظمنه و تحیرن فی جماله «وَ قَطَّعْنَ أَیْدِیَهُنَّ» بتلك السكاكین علی جهة الخطاء بدل قطع الفواكه، فما أحسن الا بالدم، لم یجدن ألم القطع لاشتغال قلوبهن بیوسف، و المعنی: جرحن أیدیهن؛ و قیل: أبنها «وَ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ» أی صار یوسف فی حشا، أی فی ناحیة ممّا قذف به لخوفه للّٰه و مراقبة أمره، أو تنزیها له عما رمته به امرأة العزیز، أو تنزیها للّٰه من صفات العجز و تعجبا من قدرته علی خلق مثله «ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِیمٌ» أی هذا الجمال غیر معهود من البشر بل ملك كریم لحسنه و لطافته أو لجمعه بین الحسن الرائق و الكمال الفائق و العصمة البالغة، و روی عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أنّه قال: رأیت لیلة المعراج یوسف فی السماء الثانیة و صورته صورة القمر لیلة البدر «ثُمَّ بَدا لَهُمْ» انما لم یقل «لهن» لانه أراد به الملك أو زلیخا بأعوانها فغلب المذكر. منه رفع اللّٰه درجاته.

بِمِصْرَ وَ جَعَلَتِ النِّسَاءُ (1)یَتَحَدَّثْنَ بِحَدِیثِهَا- (2)وَ یَعْذِلْنَهَا وَ یَذْكُرْنَهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ قالَ نِسْوَةٌ فِی الْمَدِینَةِ امْرَأَتُ الْعَزِیزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةَ الْعَزِیزِ فَبَعَثَتْ إِلَی كُلِّ امْرَأَةٍ رَئِیسَةٍ فَجَمَعَتْهُنَّ (3)فِی مَنْزِلِهَا وَ هَیَّأَتْ لَهُنَّ مَجْلِساً وَ دَفَعَتْ إِلَی كُلِّ امْرَأَةٍ أُتْرُجَّةً وَ سِكِّیناً فَقَالَتِ اقْطَعْنَ ثُمَّ قَالَتْ لِیُوسُفَ اخْرُجْ عَلَیْهِنَّ وَ كَانَ فِی بَیْتٍ فَخَرَجَ یُوسُفُ عَلَیْهِنَّ فَلَمَّا نَظَرْنَ (4)إِلَیْهِ أَقْبَلْنَ یَقْطَعْنَ أَیْدِیَهُنَّ وَ قُلْنَ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَیْهِنَّ وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أَیْ أُتْرُجَّةً وَ آتَتْ وَ أَعْطَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّیناً وَ قالَتِ اخْرُجْ عَلَیْهِنَّ فَلَمَّا رَأَیْنَهُ أَكْبَرْنَهُ إِلَی قَوْلِهِ إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِیمٌ فَقَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ فَذلِكُنَّ الَّذِی لُمْتُنَّنِی فِیهِ فِی حُبِّهِ وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَیْ دَعَوْتُهُ فَاسْتَعْصَمَ أَیْ امْتَنَعَ ثُمَّ قَالَتْ وَ لَئِنْ لَمْ یَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَیُسْجَنَنَّ وَ لَیَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِینَ فَمَا أَمْسَی یُوسُفُ فِی ذَلِكَ الْبَیْتِ (5)حَتَّی بَعَثَتْ إِلَیْهِ كُلُّ امْرَأَةٍ رَأَتْهُ تَدْعُوهُ إِلَی نَفْسِهَا فَضَجِرَ یُوسُفُ فِی ذَلِكَ الْبَیْتِ فَقَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ وَ إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّی كَیْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَیْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِینَ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَیْدَهُنَّ أَیْ حِیلَتَهُنَّ أَصْبُ إِلَیْهِنَّ أَیْ أَمِیلُ إِلَیْهِنَّ وَ أَمَرَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ بِحَبْسِهِ فَحُبِسَ فِی السِّجْنِ (6).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه یسأل و یقال كیف قال یوسف السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ و لا یجوز أن یراد السجن الذی هو المكان و إن عنی السجن الذی هو المصدر فإن السجن معصیة كما أن ما دعونه إلیه معصیة فلا یجوز أن یریده فالجواب أنه لم یرد المحبة التی هی الإرادة و إنما أراد أن ذلك أخف علی و أسهل و وجه

ص: 227


1- فی نسخة: و جعلن النساء.
2- فی نسخة: و یعیرنها.
3- فی نسخة: فجمعن.
4- فی نسخة: فلما أن نظرن إلیه.
5- فی نسخة: فی ذلك الیوم. و كذا فیما بعده.
6- تفسیر القمّیّ: 318- 320. م.

آخر المعنی لو كان مما أرید لكان إرادتی له أشد و قیل إن معناه توطینی النفس علی السجن أحب إلی من توطینی النفس علی الزنا.

ثم قال فإن قیل ما معنی سؤال یوسف اللطف من اللّٰه و هو عالم بأن اللّٰه یعلمه لا محالة فالجواب أنه یجوز أن تتعلق المصلحة بالألطاف عند الدعاء المجدد و متی قیل كیف علم أنه لو لا اللطف لركب الفاحشة و إذا وجد اللطف امتنع قلنا لما وجد فی نفسه من الشهوة و علم أنه لو لا لطف اللّٰه ارتكب القبیح و علم أن اللّٰه یعصم أنبیاءه بالألطاف و أن من لا یكون له لطف لا یبعثه اللّٰه نبیا (1).

«4»-فس، تفسیر القمی وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآیاتِ لَیَسْجُنُنَّهُ حَتَّی حِینٍ فَالْآیَاتُ شَهَادَةُ الصَّبِیِّ وَ الْقَمِیصُ الْمُخَرَّقُ مِنْ دُبُرٍ وَ اسْتِبَاقُهُمَا الْبَابَ حَتَّی سَمِعَ مُجَاذَبَتَهَا إِیَّاهُ عَلَی الْبَابِ فَلَمَّا عَصَاهَا لَمْ تَزَلْ مُولَعَةً لِزَوْجِهَا حَتَّی حَبَسَهُ وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَیانِ یَقُولُ عَبْدَانِ لِلْمَلِكِ- (2)أَحَدُهُمَا خَبَّازُهُ وَ الْآخَرُ صَاحِبُ الشَّرَابِ وَ الَّذِی كَذَبَ وَ لَمْ یَرَ الْمَنَامَ هُوَ الْخَبَّازُ (3).

إیضاح: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: كان یوسف علیه السلام لما دخل السجن قال لأهله إنی أعبر الرؤیا فقال أحد العبدین لصاحبه هلم فلنجربه فسألاه من غیر أن یكون رأیا شیئا عن ابن مسعود و قیل بل رأیا علی صحة و حقیقة و لكنهما كذبا فی الإنكار عن مجاهد و الجبائی و قیل إن المصلوب منهما كان كاذبا و الآخر صادقا عن أبی مجاز (4)و رواه علی بن إبراهیم أیضا فی تفسیره عنهم علیهم السلام و المعنی قال أحدهما و هو الساقی رأیت أصل حبلة (5)علیها ثلاثة عناقید من عنب فجنیتها و عصرتها فی كأس الملك فسقیته إیاها

ص: 228


1- مجمع البیان ٥ : ٢٣١. م
2- أی للملك الأكبر و اسمه الولید بن ریان، فنمی إلیه أن صاحب الطعام یرید أن یسمه، و الآخر ساعده علیه، كذا قیل. منه رحمه اللّٰه.
3- تفسیر القمّیّ: 320- 321. م.
4- هكذا فی النسخ: و الصحیح كما فی المصدر: أبی مجلز، و هو كمنبر كنیة لاحق بن حمید البصری التابعی.
5- واحدة الحبل: شجر العنب أو قضبانه.

و تقدیره أعصر عنب خمر أی العنب الذی یكون عصیره خمرا فحذف المضاف قال الزجاج و ابن الأنباری و العرب تسمی الشی ء باسم ما یئول إلیه إذا وضح المعنی و لم یلتبس یقولون فلان یطبخ الآجر و یطبخ الدبس و إنما یطبخ اللبن و العصیر و قال قوم إن بعض العرب یسمون العنب خمرا حكی الأصمعی عن المعتمر بن سلیمان أنه لقی أعرابیا و معه عنب فقال له ما معك قال خمر و هو قول الضحاك فیكون معناه أنی أعصر عنبا و روی فی قراءة عبد اللّٰه و أبی جمیعا إِنِّی رَأَیْتُنِی أَعْصِرُ عِنَباً و قال صاحب الطعام إنی رأیت كأن فوق رأسی ثلاث سلال فیها الخبز و أنواع الأطعمة و سباع الطیر تنهش منه (1)و أما تعبیر رؤیا الساقی فروی أنه قال أما العناقید الثلاثة فإنها ثلاثة أیام تبقی فی السجن ثم یخرجك الملك فی الیوم الرابع و تعود إلی ما كنت علیه و أجری علی مالكه صفة الرب لأنه عبده فأضافه إلیه كما یقال رب الدار و رب الضیعة و أما صاحب الطعام فروی أنه قال له بئسما رأیت أما السلال الثلاث فإنها ثلاثة أیام تبقی فی السجن ثم یخرجك الملك فیصلبك فتأكل الطیر من رأسك فقال عند ذلك ما رأیت شیئا و كنت ألعب فقال یوسف قُضِیَ الْأَمْرُ الَّذِی فِیهِ تَسْتَفْتِیانِ أی فرغ من الأمر الذی تساءلان و تطلبان معرفته و ما قلته لكما فإنه نازل بكما و هو كائن لا محالة و فی هذا دلالة علی أنه كان یقول ذلك علی جهة الإخبار عن الغیب بما یوحی إلیه لا كما یعبر أحدنا الرؤیا علی جهة التأویل انتهی. (2)أقول لا یخفی أن ظاهر الآیات هو أنهما كانا رأیا فی المنام ما ذكره علیه السلام علی وجه التعبیر فإن كان ما أورده علی بن إبراهیم خبرا كما فهمه رحمه اللّٰه فلتأویله وجه و إلا فلا (3).

«5»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ وَكَّلَ الْمَلِكُ بِیُوسُفَ رَجُلَیْنِ یَحْفَظَانِهِ فَلَمَّا

ص: 229


1- نهش اللحم: أخذه بمقدم أسنانه و نتفه.
2- تفسیر القمّیّ: 232- 234. م.
3- یمكن استظهار كلا الموضوعین عن قوله تعالی: «قُضِیَ الْأَمْرُ الَّذِی فِیهِ تَسْتَفْتِیانِ» و یستظهر الثانی أیضا من قوله: «ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِی رَبِّی».

دَخَلَ السِّجْنَ قَالُوا لَهُ مَا صِنَاعَتُكَ قَالَ أَعْبُرُ الرُّؤْیَا فَرَأَی أَحَدُ الْمُوَكَّلَینِ فِی نَوْمِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْصِرُ خَمْراً قَالَ یُوسُفُ تَخْرُجُ مِنَ السِّجْنِ وَ تَصِیرُ عَلَی شَرَابِ الْمَلِكِ وَ تَرْتَفِعُ مَنْزِلَتُكَ عِنْدَهُ وَ قَالَ الْآخَرُ إِنِّی أَرانِی أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِی خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْهُ وَ لَمْ یَكُنْ رَأَی ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ أَنْتَ یَقْتُلُكَ الْمَلِكُ وَ یَصْلِبُكَ وَ تَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْ دِمَاغِكَ فَجَحَدَ الرَّجُلُ وَ قَالَ إِنِّی لَمْ أَرَ ذَلِكَ فَقَالَ یُوسُفُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا صاحِبَیِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَیَسْقِی رَبَّهُ خَمْراً وَ أَمَّا الْآخَرُ فَیُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِیَ الْأَمْرُ الَّذِی فِیهِ تَسْتَفْتِیانِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ قَالَ كَانَ یَقُومُ عَلَی الْمَرِیضِ وَ یَلْتَمِسُ الْمُحْتَاجَ وَ یُوَسِّعُ عَلَی الْمَحْبُوسِ (1)فَلَمَّا أَرَادَ مَنْ رَأَی فِی نَوْمِهِ أَنْ یَعْصِرَ خَمْراً الْخُرُوجَ مِنَ الْحَبْسِ قَالَ لَهُ یُوسُفُ اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ فَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنْساهُ الشَّیْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ (2).

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُمَرَ (3)عَنْ شُعَیْبٍ الْعَقَرْقُوفِیِّ (4)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ إِنَّ رَبَّ الْعَالَمِینَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ مَنْ جَعَلَكَ أَحْسَنَ خَلْقِهِ قَالَ فَصَاحَ وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ ثُمَّ قَالَ لَهُ وَ یَقُولُ لَكَ مَنْ حَبَّبَكَ إِلَی أَبِیكَ دُونَ إِخْوَتِكَ قَالَ

ص: 230


1- و قیل: أی ممن یحسن تأویل الرؤیا. منه رحمه اللّٰه.
2- قوله: «لا یَأْتِیكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ» أی فی المنام. قوله تعالی: «فَأَنْساهُ الشَّیْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ» أی أنسی الشیطان الساقی ذكر یوسف عند الملك؛ و قیل: أنسی یوسف ذكر اللّٰه فی تلك الحال حتّی استغاث بمخلوق، و هو مخالف للاخبار. و قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: و اختلف فی البضع فقال بعضهم: ما بین الثلاث الی الخمس، و قیل: الی السبع، و قیل: إلی التسع، و أكثر المفسرین علی ان البضع فی الآیة سبع سنین. و قال الكلبی: هذا السبع سوی الخمسة التی كانت قبل ذلك. منه رحمه اللّٰه.
3- فی بعض النسخ: إسماعیل عمرو، و لعله إسماعیل بن عمر بن أبان الكلبی.
4- فی بعض النسخ: العقرقوقی و هو غلط، و العقرقوفی بفتح العین و القاف و سكون الراء و ضم القاف الثانیة و سكون الواو نسبة الی عقرقوف: قریة قدیمة بالقرب من بغداد.

فَصَاحَ وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَی الْأَرْضِ وَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ وَ یَقُولُ لَكَ مَنْ أَخْرَجَكَ مِنَ الْجُبِّ بَعْدَ أَنْ طُرِحْتَ فِیهَا وَ أَیْقَنْتَ بِالْهَلَكَةِ قَالَ فَصَاحَ وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَإِنَّ رَبَّكَ قَدْ جَعَلَ لَكَ عُقُوبَةً فِی اسْتِغَاثَتِكَ (1)بِغَیْرِهِ فَالْبَثْ (2)فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِینَ قَالَ فَلَمَّا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِی دُعَاءِ الْفَرَجِ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِی قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِی عِنْدَكَ فَإِنِّی أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ بِوَجْهِ آبَائِیَ الصَّالِحِینَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ نَدْعُو نَحْنُ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَقَالَ ادْعُ بِمِثْلِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِی قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِی عِنْدَكَ فَإِنِّی أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ بِنَبِیِّكَ نَبِیِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام (3).

شی، تفسیر العیاشی عن العقرقوفی مثله (4)بیان قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه بعد نقل أمثال هذه الروایة و القول فی ذلك أن الاستعانة بالعباد فی دفع المضار و التخلص من المكاره جائز غیر منكر و لا قبیح بل ربما یجب و كان نبیا یستعین فیما ینوبه بالمهاجرین و الأنصار و غیرهم و لو كان قبیحا لم یفعله فلو صحت هذه الروایات فإنما عوتب علیه السلام علی ترك عادته الجمیلة فی الصبر و التوكل علی اللّٰه سبحانه فی كل أموره دون غیره وقتا ما و ابتلاء و تشدیدا و إنما كان یكون قبیحا لو ترك التوكل علی اللّٰه سبحانه و اقتصر علی غیره و فی هذا ترغیب فی الاعتصام باللّٰه و الاستعانة به دون غیره فی الشدائد و إن جاز أیضا أن یستعان بغیره انتهی. (5)أقول ما ذكره رحمه اللّٰه من كون هذه الاستعانة جائزة غیر محرمة لا ریب فیه و أما مقایستها باستعانة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله بالمهاجرین و الأنصار فقیاس مع الفارق إذ ما كان بأمر اللّٰه لابتلاء الخلق و تكلیفهم لیس من هذا الباب.

ص: 231


1- فی نسخة: فی استعانتك.
2- فی نسخة: فلبث.
3- تفسیر القمّیّ: 321- 322. م.
4- مخطوط. م.
5- مجمع البیان 5: 235. م.

«6»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَی رُؤْیَا فَقَالَ لِوُزَرَائِهِ (1)إِنِّی رَأَیْتُ فِی نَوْمِی سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ یَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ أَیْ مَهَازِیلُ وَ رَأَیْتُ سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ یابِساتٍ وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام سَبْعَ سَنَابِلَ خُضْرٍ ثُمَّ قَالَ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی رُءْیایَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْیا تَعْبُرُونَ فَلَمْ یَعْرِفُوا تَأْوِیلَ ذَلِكَ فَذَكَرَ الَّذِی كَانَ

ص: 232


1- قال الكلبی: ان رسول الملك جاءه فقال له: قم فان الملك یدعوك و ألق ثیاب السجن عنك و البس ثیابا جددا، فأقبل یوسف و تنظف من درن السجن و لبس ثیابه و أتی الملك و هو یومئذ ابن ثلاثین سنة، فلما رآه الملك شابا حدث السن قال: یا غلام هذا تأویل رؤیای و لم تعلم السحرة و الكهنة؟ قال: نعم فأقعده قدامه و قص علیه رؤیاه و رأی أن یوسف لما خرج من السجن دعا لاهله و قال: اللّٰهمّ اعطف علیهم بقلوب الأخیار و لا تعم عنهم الاخبار، فلذلك تكون أصحاب السجن أعرف الناس فی الاخبار فی كل بلدة، و كتب علی باب السجن: هذا قبور الاحیاء، و بیت الاحزان، و محزنة الاصدقاء و شماتة الاعداء. قال وهب: و لما وقف بباب الملك قال: «حسبی ربی من دنیای» إلی آخر ما سیأتی بروایة الثعلبی من قوله: فاشتعلت فیهن النار و احرقتهن و صرن سودا متغیرات فهذا آخر ما رأیت من الرؤیا ثمّ انتبهت من نومك مذعورا، فقال الملك: و اللّٰه ما شأن هذه الرؤیا بأعجب ما سمعته منك، فما تری فی رؤیای أیها الصدیق؟ فقال یوسف: أری أن تجمع الطعام و تزرع زرعا كثیرا فی هذه السنین المخصبة و تبنی الاهراء و الخزائن فتجمع الطعام فیها بقصبه و سنبله لیكون قصبه و سنبله علفا للدواب، و تأمر الناس فیرفعون من طعامهم الخمس فیكفیك من الطعام الذی جمعته لاهل مصر و من حولها، و یأتیك الخلق من النواحی فیما ترون منك بحكمك، و یجتمع عندك من الكنوز ما لم یجتمع لاحد، فقال الملك: و من لی بهذا و من یجمعه و یبیعه و یكفی الشغل فیه؟ فعند ذلك قال: «اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ» أی ارضك حافظا و والیا فانی حفیظ أحفظه من الخیانة علیم بمن یستحق و من لا یستحق، و قیل: حفیظ للحساب، عالم بالالسن. منه طاب اللّٰه ثراه. قال الطبرسیّ أی الولید و العزیز وزیره «یَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ» أی مهازیل قد خلت السمان فی بطون المهازیل حتّی لم أر منهن شیئا «وَ أُخَرَ یابِساتٍ» قد استحصدت فالتوت الیابسات علی الخضر حتّی غلبن علیها «یا أَیُّهَا الْمَلَأُ» أی الاشراف، و قیل: جمع السحرة و الكهنة و قص رؤیاه علیهم «قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ» أی أباطیل أحلام، أو تخالیطها، أی منامات كاذبة لا یصحّ تأویلها «وَ ما نَحْنُ بِتَأْوِیلِ الْأَحْلامِ» أی التی هذه صفتها «وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» أی تذكر بعد حین من الدهر و زمان طویل «فَأَرْسِلُونِ» أی أرسلونی الی من عنده علم «لَعَلَّهُمْ یَعْلَمُونَ» أی تأویلها أو مكانك و فضلك «إِلَّا قَلِیلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ» أی تحرزون و تدخرون لبذر الزراعة انتهی. و اعلم أن اسم الملك مختلف فی الكتب ففی بعض مواضع تفسیری الطبرسیّ و الثعلبی الولید ابن الریان، و فی بعضها الریان بن الولید و لذا اختلف ذكره فی كتابنا، و الظاهر: الریان بن الولید لاتفاق سائر الكتب علیه. منه رحمه اللّٰه. قلت: ذكر البغدادیّ فی المحبر ص 466 الفراعنة و قال: الثانی الریان بن الولید بن لیث ابن فاران بن عمرو بن عملیق بن یلمع و هو فرعون یوسف.

عَلَی رَأْسِ الْمَلِكِ رُؤْیَاهُ الَّتِی رَآهَا وَ ذَكَرَ یُوسُفَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِینَ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ قالَ الَّذِی نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَیْ بَعْدَ حِینٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِیلِهِ فَأَرْسِلُونِ فَجَاءَ إِلَی یُوسُفَ فَقَالَ أَیُّهَا الصِّدِّیقُ أَفْتِنا فِی سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ یَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ یابِساتٍ فَقَالَ یُوسُفُ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِینَ دَأَباً أَیْ وَلْیاً (1)فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِی سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِیلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ أَیْ لَا تَدُوسُوهُ فَإِنَّهُ یَفْسُدُ (2)فِی طُولِ سَبْعِ سِنِینَ فَإِذَا كَانَ فِی سُنْبُلِهِ لَا یَفْسُدُ ثُمَّ یَأْتِی مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ یَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أَیْ سَبْعَ سِنِینَ مَجَاعَةٌ شَدِیدَةٌ یَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُهُمْ لَهُنَّ فِی سَبْعِ سِنِینَ الْمَاضِیَةِ (3)وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّمَا نَزَلَ مَا قَرَّبْتُمْ لَهُنَّ ثُمَّ یَأْتِی مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِیهِ یُغاثُ النَّاسُ وَ فِیهِ یَعْصِرُونَ أَیْ یُمْطَرُونَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَرَأَ رَجُلٌ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ یَأْتِی مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِیهِ یُغاثُ النَّاسُ وَ فِیهِ یَعْصِرُونَ فَقَالَ وَیْحَكَ أَیَّ شَیْ ءٍ یَعْصِرُونَ أَ یَعْصِرُ الْخَمْرَ قَالَ الرَّجُلُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَیْفَ أَقْرَؤُهَا فَقَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ عَامٌ فِیهِ یُغَاثُ النَّاسُ وَ فِیهِ یُعْصَرُونَ أَیْ یُمْطَرُونَ بَعْدَ سِنِی الْمَجَاعَةِ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (4).

توضیح قوله تعالی دَأَباً قال البیضاوی أی علی عادتكم المستمرة. (5)

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه: أی فازرعوا سبع سنین متوالیة عن ابن عباس أی زراعة

ص: 233


1- فی المصدر: أی متوالیة.
2- فی نسخة: فانه ینفسد.
3- فی نسخة: فی السبع السنین الماضیة.
4- تفسیر القمّیّ: 322- 323. م.
5- أنوار التنزیل 1: 232. م.

متوالیة فی هذه السنین علی عادتكم فی الزراعة سائر السنین و قیل دَأَباً أی بجد و اجتهاد فی الزراعة انتهی و قوله تعالی یَأْكُلْنَ أی یأكل أهلهن و الإسناد مجازی (1)

قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ سَبْعَ سَنَابِلَ وَ قَرَأَ أَیْضاً مَا قَرَّبْتُمْ لَهُنَّ.

و قرأ هو و الأعرج و عیسی بن عمر وَ فِیهِ یُعْصَرُونَ (2)بیاء مضمومة و صاد مفتوحة ثم قال فی بیان هذه القراءة یجوز أن یكون من العصرة و العصر المنجاة و یجوز أن یكون من عصرت السحابة ماءها علیهم ثم ذكر ما أورده علی بن إبراهیم (3).

أقول لعل المعنی الأول ذكره مع قطع النظر عن الخبر و قال البیضاوی فِیهِ یُغاثُ النَّاسُ یمطرون من الغیث أو یغاثون من القحط من الغوث وَ فِیهِ یَعْصِرُونَ ما یعصر كالعنب و الزیتون لكثرة الثمار و قیل یحلبون الضروع و قرئ علی بناء المفعول من عصره إذا أنجاه و یحتمل أن یكون المبنی للفاعل منه أی یغیثهم اللّٰه و یغیث بعضهم بعضا أو من أعصرت السحابة علیهم فعدی بنزع الخافض أو بتضمینه معنی المطر (4).

«7»-فس، تفسیر القمی فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَی الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ یُوسُفُ فَ قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِی بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلی رَبِّكَ یَعْنِی إِلَی الْمَلِكِ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِی قَطَّعْنَ أَیْدِیَهُنَّ إِنَّ رَبِّی بِكَیْدِهِنَّ عَلِیمٌ (5)فَجَمَعَ الْمَلِكُ النِّسْوَةَ فَقَالَ لَهُنَّ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ یُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَیْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِینَ ذلِكَ لِیَعْلَمَ أَنِّی لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَیْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی كَیْدَ الْخائِنِینَ أَیْ لَا أَكْذِبُ عَلَیْهِ الْآنَ كَمَا كَذَبْتُ عَلَیْهِ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ قَالَتْ

ص: 234


1- مجمع البیان 5: 238. م.
2- و ذلك قراءة علیّ علیه السلام كما تقدم عن القمّیّ.
3- مجمع البیان 5: 236. م.
4- أنوار التنزیل 1: 232. م.
5- أبی یوسف أن یخرج مع الرسول حتّی یتبین براءته ممّا قذف به. منه رحمه اللّٰه.

وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِی إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ (1)أَیْ تَأْمُرُ بِالسُّوءِ فَ قالَ الْمَلِكُ ائْتُونِی بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِی فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی یُوسُفَ قَالَ إِنَّكَ الْیَوْمَ لَدَیْنا مَكِینٌ أَمِینٌ سَلْ حَاجَتَكَ قالَ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ یَعْنِی عَلَی الْكَنَادِیجِ وَ الْأَنَابِیرِ فَجَعَلَهُ عَلَیْهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِیُوسُفَ فِی الْأَرْضِ یَتَبَوَّأُ مِنْها حَیْثُ یَشاءُ فَأَمَرَ یُوسُفَ أَنْ یَبْنِیَ كَنَادِیجَ مِنْ صَخْرٍ وَ طَیَّنَهَا بِالْكِلْسِ ثُمَّ أَمَرَ بِزُرُوعِ مِصْرَ فَحُصِدَتْ وَ دُفِعَ إِلَی كُلِّ إِنْسَانٍ حِصَّتُهُ وَ تُرِكَ الْبَاقِی فِی سُنْبُلِهِ لَمْ یَدُسْهُ فَوَضَعَهُ فِی الْكَنَادِیجِ فَفَعَلَ ذَلِكَ سَبْعَ سِنِینَ فَلَمَّا جَاءَ سنی (سِنُو) الْجَدْبِ كَانَ یُخْرِجُ السُّنْبُلَ فَیَبِیعُ بِمَا شَاءَ (2)

بیان: ما خَطْبُكُنَّ أی ما شأنكن و الخطب الأمر الذی یحق أن یخاطب فیه صاحبه حاشَ لِلَّهِ تنزیه له و تعجب من قدرته علی خلق عفیف مثله حَصْحَصَ الْحَقُّ أی ثبت و استقر من حصحص البعیر إذا ألقی مباركه لیناخ أو ظهر من حص شعره إذا استأصله بحیث ظهر بشرة رأسه (3)قوله ذلِكَ لِیَعْلَمَ إلی قوله وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِی هذا من كلام یوسف علی قول أكثر المفسرین و قیل هو من كلام امرأة العزیز كما ذكره علی بن إبراهیم و الأول أشهر و أظهر.

ص: 235


1- لم یتعرض علیه السلام لامرأة العزیز مع ما صنعت به كرما و مراعاة للادب، و قال الطبرسیّ: روی عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أنّه قال: لقد عجبت من یوسف و كرمه و صبره- و اللّٰه یغفر له حین یسأل عن البقرات العجاف و السمان و لو كنت مكانه ما اخبرتهم حتّی أشترط أن یخرجونی من السجن، و لقد عجبت من یوسف و صبره و كرمه- و اللّٰه یغفر له- حین أتاه الرسول فقال: ارجع الی ربك و لو كنت مكانه و لبثت فی السجن ما لبث لاسرعت الإجابة و بادرتهم الی الباب و ما ابتغیت العذر انه كان حلیما ذا أناة. أقول: لو صح الخبر لكان هذا منه صلّی اللّٰه علیه و آله تواضعا و المراد غیره. منه طاب اللّٰه ثراه. قلت: ذكر الخبر الثعلبی مرسلا فی العرائس و الظاهر أنّه من مرویات العامّة فقط.
2- تفسیر القمّیّ: 323. م.
3- قال الطبرسیّ: قال الزجاج: حصحص الحق اشتقاقه من الحصة، أی بانت حصة الحق و جهته من حصة الباطل، و قال غیره: هو مكرر من قولهم: حص شعره: إذا استأصل قطعه و أزاله عن الرأس فیكون معناه: انقطع الحق عن الباطل بظهوره و بیانه. و حصحص البعیر بثفناته فی الأرض إذا حرك حتّی تستبین آثارها فیه، قال حمید: و حصحص فی صم الحصی ثفناته و رام القیام ساعة ثمّ صمما

و قال الفیروزآبادی الكندوج شبه المخزن معرب الكندو و قال الأنبار بیت التاجر ینضد فیه المتاع الواحد نبر بالكسر و الكلس بالكسر الصاروج.

«8»-فس، تفسیر القمی وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَبِیهِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ كَانَ فِی بَادِیَةٍ وَ كَانَ النَّاسُ مِنَ الْآفَاقِ یَخْرُجُونَ إِلَی مِصْرَ لِیَمْتَارُوا (1)طَعَاماً وَ كَانَ یَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ نُزُولًا فِی بَادِیَةٍ فِیهِ مُقْلٌ- (2)فَأَخَذَ إِخْوَةُ (3)یُوسُفَ مِنْ ذَلِكَ الْمُقْلِ وَ حَمَلُوهُ إِلَی مِصْرَ لِیَمْتَارُوا (4)بِهِ طَعَاماً وَ كَانَ یُوسُفُ یَتَوَلَّی الْبَیْعَ بِنَفْسِهِ فَلَمَّا دَخَلَ إِخْوَتُهُ عَلَی یُوسُفَ عَرَفَهُمْ وَ لَمْ یَعْرِفُوهُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِمْ فِی الْكَیْلِ قَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ بَنُو یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ الَّذِی أَلْقَاهُ نُمْرُودُ فِی النَّارِ فَلَمْ یَحْتَرِقْ فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً قَالَ فَمَا فَعَلَ أَبُوكُمْ قَالُوا شَیْخٌ ضَعِیفٌ قَالَ فَلَكُمْ أَخٌ غَیْرُكُمْ قَالُوا لَنَا أَخٌ مِنْ أَبِینَا لَا مِنْ أُمِّنَا قَالَ فَإِذَا رَجَعْتُمْ إِلَیَّ فَأْتُوْنِی بِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ ائْتُونِی بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِیكُمْ أَ لا تَرَوْنَ أَنِّی أُوفِی الْكَیْلَ وَ أَنَا خَیْرُ الْمُنْزِلِینَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِی بِهِ فَلا كَیْلَ لَكُمْ عِنْدِی وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ ثُمَّ قَالَ یُوسُفُ لِقَوْمِهِ رُدُّوا هَذِهِ الْبِضَاعَةَ الَّتِی حَمَلُوهَا إِلَیْنَا اجْعَلُوهَا فِیمَا بَیْنَ رِحَالِهِمْ حَتَّی إِذَا رَجَعُوا إِلَی مَنَازِلِهِمْ وَ رَأَوْهَا رَجَعُوا إِلَیْنَا وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ قالَ لِفِتْیانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِی رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ یَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلی أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (5)یَعْنِی كَیْ یرجعون (یَرْجِعُوا) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلی أَبِیهِمْ قالُوا یا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَیْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ یَعْقُوبُ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَیْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَیْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَیْهِمْ فِی رِحَالِهِمُ الَّتِی حَمَلُوهَا إِلَی مِصْرَ قالُوا یا أَبانا ما نَبْغِی أَیْ مَا نُرِیدُ هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَیْنا وَ نَمِیرُ أَهْلَنا وَ نَحْفَظُ أَخانا وَ نَزْدادُ كَیْلَ بَعِیرٍ ذلِكَ كَیْلٌ یَسِیرٌ قالَ یَعْقُوبُ لَنْ

ص: 236


1- فی نسخة: لیمتارون، و فی المصدر: یمتارون.
2- فی نسخة: فیها مقل.
3- فی نسخة: فأخذوا اخوة یوسف.
4- أی لیجمعوا به طعاما.
5- اجعلوا بضاعتهم أی ثمن طعامهم، و قیل كانت بضاعتهم النعال و الادم، و قیل: كانت الورق كذا ذكره الطبرسیّ رحمه اللّٰه؛ منه طاب اللّٰه ثراه.

أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّی تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِی بِهِ إِلَّا أَنْ یُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ یَعْقُوبُ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ فَخَرَجُوا وَ قَالَ لَهُمْ یَعْقُوبُ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ ما أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَیْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ یُغْنِی عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا حاجَةً فِی نَفْسِ یَعْقُوبَ قَضاها وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (1).

بیان: قال البیضاوی فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (2)أی عرفهم یوسف و لم یعرفوه لطول العهد و مفارقتهم إیاه فی سن الحداثة و نسیانهم إیاه و توهمهم أنه هلك و بعد حاله التی رأوه علیها من حاله حین فارقوه و قلة تأملهم فی حلاه من التهیب و الاستعظام و قال فی قوله اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِی رِحالِهِمْ إنما فعل ذلك توسیعا و تفضلا علیهم و ترفعا من أن یأخذ ثمن الطعام منهم و خوفا من أن لا یكون عند أبیه ما یرجعون به قوله مُنِعَ مِنَّا الْكَیْلُ أی حكم بمنعه بعد هذا إن لم نذهب ببنیامین قوله ما نَبْغِی أی ما ذا نطلب هل من مزید علی ذلك أكرمنا و أحسن مثوانا و باع منا و رد علینا متاعنا أو لا نطلب وراء ذلك إحسانا أو لا نبغی فی القول و لا نزید فیما حكینا لك من إحسانه قوله إِلَّا أَنْ یُحاطَ بِكُمْ أی إلا أن تغلبوا فلا تطیقوا ذلك أو إلا أن تهلكوا جمیعا قوله لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ المشهور بین المفسرین أنه إنما قال ذلك لما خاف علیهم من العین و قیل لما اشتهروا بمصر بالحسن و الجمال و إكرام الملك لهم خاف علیهم حسد الناس و قیل لم یأمن علیهم من أن یخافهم الملك فیحبسهم و قیل إنه علیه السلام كان عالما بأن ملك مصر ولده یوسف إلا أن اللّٰه تعالی لم یأذن له فی إظهار ذلك فلما بعث أبناءه إلیه قال لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ و كان غرضه أن یصل بنیامین إلی یوسف فی وقت الخلوة.

ص: 237


1- تفسیر القمّیّ: 323- 325. م.
2- قال الطبرسیّ: قال ابن عبّاس: كان بین أن قذفوه فی الجب و بین دخولهم علیه أربعون سنة فلذلك أنكروه لانهم رأوه ملكا جالسا علی السریر و لم یكن یخطر ببالهم انه یصیر علی تلك الحالة منه طاب اللّٰه ثراه.

ثم إن العبد لما كان مأمورا بملاحظة الأسباب و عدم الاعتماد علیها و التوكل علی اللّٰه قال أولا ما یلزمه من الحزم و التدبیر ثم تبرأ عن الاعتماد علی الأسباب بقوله وَ ما أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ ثم إنه تعالی صدقه علی ما ذكره من عدم الاعتماد علی الأسباب بقوله تعالی وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَیْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ أی من أبواب متفرقة فی البلد ما كانَ یُغْنِی عَنْهُمْ رأی یعقوب و اتباعهم له مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ مما قضاه علیهم كما قال یعقوب فأخذ بنیامین بوجدان الصواع فی رحله و تضاعفت المصیبة علی یعقوب إِلَّا حاجَةً فِی نَفْسِ یَعْقُوبَ استثناء منقطع أی و لكن حاجة فی نفسه یعنی شفقته علیهم و خوفه من أن یعانوا أو غیر ذلك مما مر قَضاها أی أظهرها و وصی بها وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ بالوحی و نصب الحجج و لذلك قال وَ ما أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ و لم یغتر بتدبیره وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ أسرار القدر (1).

«9»-فس، تفسیر القمی فَخَرَجُوا وَ خَرَجَ مَعَهُمْ بِنْیَامِینُ وَ كَانَ لَا یُؤَاكِلُهُمْ وَ لَا یُجَالِسُهُمْ وَ لَا یُكَلِّمُهُمْ فَلَمَّا وَافَوْا مِصْرَ دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ وَ سَلَّمُوا فَنَظَرَ یُوسُفُ إِلَی أَخِیهِ فَعَرَفَهُ فَجَلَسَ مِنْهُمْ بِالْبَعِیدِ (2)فَقَالَ یُوسُفُ أَنْتَ أَخُوهُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ لَا تَجْلِسُ مَعَهُمْ قَالَ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا أَخِی مِنْ أَبِی وَ أُمِّی ثُمَّ رَجَعُوا وَ لَمْ یَرُدُّوهُ وَ زَعَمُوا أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ فَآلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا أَجْتَمِعَ مَعَهُمْ عَلَی أَمْرٍ مَا دُمْتُ حَیّاً قَالَ فَهَلْ تَزَوَّجْتَ قَالَ بَلَی قَالَ فَوُلِدَ لَكَ وَلَدٌ قَالَ بَلَی قَالَ كَمْ وُلِدَ لَكَ (3)قَالَ ثَلَاثَةُ بَنِینَ قَالَ فَمَا سَمَّیْتَهُمْ قَالَ سَمَّیْتُ وَاحِداً مِنْهُمْ الذِّئْبَ وَ وَاحِداً الْقَمِیصَ وَ وَاحِداً الدَّمَ قَالَ وَ كَیْفَ اخْتَرْتَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ قَالَ لِئَلَّا أَنْسَی أَخِی كُلَّمَا دَعَوْتُ وَاحِداً مِنْ وُلْدِی (4)ذَكَرْتُ أَخِی قَالَ یُوسُفُ لَهُمْ اخْرُجُوا وَ حَبَسَ بِنْیَامِینَ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ یُوسُفُ لِأَخِیهِ أَنَا أَخُوكَ یُوسُفُ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا یَعْمَلُونَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ عِنْدِی فَقَالَ لَا یَدَعُونِّی إِخْوَتِی فَإِنَّ أَبِی قَدْ أَخَذَ عَلَیْهِمْ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ أَنْ یَرُدُّونِی إِلَیْهِ قَالَ فَأَنَا أَحْتَالُ بِحِیلَةٍ فَلَا تُنْكِرُ

ص: 238


1- أنوار التنزیل 1: 233 و 234. و فیه: سر القدر و انه لا یغنی عنه الحذر. م.
2- فی نسخة و فی المصدر: فجلس منهم بالبعد.
3- فی نسخة: كم ولدك؟.
4- فی نسخة: كلما دعوت واحدا من أولادی.

إِذَا رَأَیْتَ شَیْئاً وَ لَا تُخْبِرُهُمْ فَقَالَ لَا فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِمْ قَالَ لِبَعْضِ قُوَّامِهِ اجْعَلُوا هَذَا الصَّاعَ فِی رَحْلِ هَذَا وَ كَانَ الصَّاعُ الَّذِی یَكِیلُونَ بِهِ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلُوهُ فِی رَحْلِهِ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَقِفُوا عَلَیْهِ إِخْوَتُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلُوا بَعَثَ إِلَیْهِمْ یُوسُفُ وَ حَبَسَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِیاً یُنَادِی أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فَقَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِیرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ أَیْ كَفِیلٌ فَقَالَ إِخْوَةُ (1)یُوسُفَ لِیُوسُفَ تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِی الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِینَ (2)قَالَ یُوسُفُ فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِینَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَاحْبِسْهُ (3)فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ فَبَدَأَ بِأَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِیهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِیهِ (4)فَتَشَبَّثُوا بِأَخِیهِ وَ حَبَسُوهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ كَذلِكَ كِدْنا لِیُوسُفَ أَیْ احْتَلْنَا لَهُ ما كانَ لِیَأْخُذَ أَخاهُ فِی دِینِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ فَسُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قَالَ مَا سَرَقَ وَ مَا كَذَبَ یُوسُفُ فَإِنَّمَا عَنَی سَرَقْتُمْ یُوسُفَ علیه السلام مِنْ أَبِیهِ وَ قَوْلُهُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ مَعْنَاهُ یَا أَهْلَ الْعِیرِ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُمْ لِأَبِیهِمْ وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی كُنَّا فِیها وَ الْعِیرَ الَّتِی أَقْبَلْنا فِیها یَعْنِی أَهْلَ الْقَرْیَةِ وَ أَهْلَ الْعِیرِ فَلَمَّا أُخْرِجَ لِیُوسُفَ الصَّاعُ مِنْ رَحْلِ أَخِیهِ قَالَ إِخْوَتُهُ إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ یَعْنُونَ بِهِ یُوسُفَ فَتَغَافَلَ یُوسُفُ عَنْهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَأَسَرَّها یُوسُفُ فِی نَفْسِهِ وَ لَمْ یُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (5)فَاجْتَمَعُوا إِلَی یُوسُفَ

ص: 239


1- فی نسخة و فی المصدر: فقالوا اخوة یوسف.
2- أی قد ظهر لكم من حسن سیرتنا و معاملتنا معكم مرة بعد اخری ما تعلمون به أنّه لیس من شأننا السرقة؛ و قیل: انهم قالوا ذلك لانهم رأوا البضاعة التی وجدوها فی رحالهم مخافة أن یكون وضع ذلك بغیر اذن یوسف؛ و قیل: إنهم لما دخلوا مصر وجدوهم قد شدوا أفواه دوابهم كیلا تتناول الحرث و الزرع، كذا ذكره الطبرسیّ منه طاب اللّٰه ثراه.
3- فی نسخة: احبسه.
4- إنّما فعل ذلك لرفع التهمة. منه طاب اللّٰه ثراه.
5- «أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً» قال الطبرسیّ: أی فی السرق لانكم سرقتم أخاكم من أبیكم و أسر هذه المقالة فی نفسه ثمّ جهر بقوله: «وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ» منه طاب اللّٰه ثراه.

وَ جُلُودُهُمْ تَقْطُرُ دَماً أَصْفَرَ فَكَانُوا یُجَادِلُونَهُ فِی حَبْسِهِ وَ كَانَ وُلْدُ یَعْقُوبَ (1)إِذَا غَضِبُوا خَرَجَ مِنْ ثِیَابِهِمْ شَعَرٌ وَ یَقْطُرُ مِنْ رُءُوسِهَا دَمٌ أَصْفَرُ وَ هُمْ یَقُولُونَ لَهُ یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَیْخاً كَبِیراً (2)فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ فَأَطْلِقْ عَنْ هَذَا فَلَمَّا رَأَی یُوسُفُ ذَلِكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ وَ لَمْ یَقُلْ إِلَّا مَنْ سَرَقَ مَتَاعَنَا إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا أَیِسُوا (3)وَ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ إِلَی أَبِیهِمْ قَالَ لَهُمْ لَاوَی بْنُ یَعْقُوبَ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَیْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ فِی هَذَا وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِی یُوسُفَ فَارْجِعُوا أَنْتُمْ إِلَی أَبِیكُمْ أَمَّا أَنَا فَلَا أَرْجِعُ إِلَیْهِ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ ارْجِعُوا إِلی أَبِیكُمْ فَقُولُوا یا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَ ما كُنَّا لِلْغَیْبِ حافِظِینَ وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی كُنَّا فِیها وَ الْعِیرَ الَّتِی أَقْبَلْنا فِیها أَیْ أَهْلَ الْقَرْیَةِ وَ أَهْلَ الْعِیرِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ قَالَ فَرَجَعَ إِخْوَةُ یُوسُفَ إِلَی أَبِیهِمْ وَ تَخَلَّفَ یَهُودَا فَدَخَلَ عَلَی یُوسُفَ وَ كَلَّمَهُ حَتَّی ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ یُوسُفَ وَ غَضِبَ وَ كَانَتْ عَلَی كَتِفِ یَهُودَا شَعْرَةٌ فَقَامَتِ الشَّعْرَةُ فَأَقْبَلَتْ تَقْذِفُ بِالدَّمِ وَ كَانَ لَا یَسْكُنُ حَتَّی یَمَسَّهُ بَعْضُ أَوْلَادِ یَعْقُوبَ (4)قَالَ فَكَانَ بَیْنَ یَدَیِ یُوسُفَ ابْنٌ لَهُ فِی یَدِهِ رُمَّانَةٌ مِنْ ذَهَبٍ یَلْعَبُ بِهَا فَلَمَّا رَأَی یُوسُفُ أَنَّ یَهُودَا قَدْ غَضِبَ وَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ تَقْذِفُ بِالدَّمِ أَخَذَ الرُّمَّانَةَ مِنَ الصَّبِیِّ ثُمَّ دَحْرَجَهَا نَحْوَ یَهُودَا وَ تَبِعَهَا الصَّبِیُّ لِیَأْخُذَهَا فَوَقَعَتْ یَدُهُ عَلَی یَدِ یَهُودَا فَذَهَبَ غَضَبُهُ فَارْتَابَ یَهُودَا وَ رَجَعَ الصَّبِیُّ بِالرُّمَّانَةِ إِلَی یُوسُفَ قَالَ ثُمَّ ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا حَتَّی غَضِبَ یَهُودَا وَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ تَقْذِفُ بِالدَّمِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ یُوسُفُ دَحْرَجَ الرُّمَّانَةَ نَحْوَ یَهُودَا وَ تَبِعَهَا الصَّبِیُّ لِیَأْخُذَهَا فَوَقَعَتْ یَدُهُ عَلَی یَهُودَا (5)فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَ قَالَ إِنَّ فِی الْبَیْتِ لَمِنْ وُلْدِ یَعْقُوبَ حَتَّی صَنَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (6).

بیان: فَلا تَبْتَئِسْ أی لا تحزن افتعال من البؤس قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل إن

ص: 240


1- فی نسخة و المصدر: و كانوا ولد یعقوب.
2- أی كبیرا فی السن او فی القدر و المنزلة. منه قدّس سرّه.
3- فی نسخة: فلما آیسوا منه. و فی المصدر: فلما استیأسوا منه.
4- فی نسخة: بعض ولد یعقوب.
5- فی نسخة: فوقعت یده علی یده یهودا.
6- تفسیر القمّیّ: 325- 327. م.

السقایة هی المشربة التی كان یشرب منها الملك ثم جعل صاعا فی السنین الشداد القحاط یكال به الطعام و قیل كان من ذهب عن أبی زید و روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل كان من فضة عن ابن عباس و الحسن و قیل كان من فضة مرصعة بالجواهر عن عكرمة انتهی. (1)و أما قوله أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فالظاهر أنه كان علی وجه المصلحة توریة و كان وجه التوریة فیه ما ورد فی الأخبار أنه كان غرضه علیه السلام أنكم سرقتم یوسف من أبیه و قیل إنما قال ذلك بعض من فقد الصاع من قوم یوسف من غیر أمره و قیل إن الكلام یجوز أن یكون خارجا مخرج الاستفهام كأنه قال أ إنكم لسارقون فأسقطت الهمزة و الأول هو الموافق لما ورد فیه من الأخبار.

قال الطبرسی رحمه اللّٰه و متی قیل كیف جاز لیوسف أن یحزن والده و إخوته بهذا الصنیع و یجعلهم متهمین بالسرقة فالجواب أن الغرض فیه التسبب إلی احتباس أخیه عنده و یجوز أن یكون ذلك بأمر من اللّٰه و روی أنه أعلم أخاه بذلك لیجعله طریقا إلی التمسك به و إذا كان إدخال هذا الحزن سببا مؤدیا إلی إزالة غموم كثیرة عن الجمیع و لا شك أنه یتعلق به المصلحة فقد ثبت جوازه و أما التعرض للتهمة بالسرقة فغیر صحیح فإن وجود السقایة فی رحله یحتمل أمورا كثیرة غیر السرقة فعلی هذا من حمله علی السرقة مع علمه بأنهم أولاد الأنبیاء توجهت اللائمة علیه انتهی.

أقول: العمدة فی هذا الباب أن بعد ثبوت العصمة بالبراهین القاطعة لا مجال للاعتراض علیهم فی أمثال ذلك و لكل منها وجوه و محامل یمكن حمله علیها بحیث لا ینافی علو شأنهم.

قوله قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ أی قال إخوة یوسف جزاء السرقة السارق و هو الإنسان الذی وجد المسروق فی رحله و معناه أن السنة كانت فی آل یعقوب أن یستخدم السارق و یسترق علی قدر سرقته و فی دین الملك الضرب و الضمان و قیل كان یسترق سنة و قوله كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ تأكید لبیان اطراد هذا الحكم

ص: 241


1- مجمع البیان 5: 252. م.

عندهم و قیل إن ذلك جواب یوسف علیه السلام قوله تعالی ما كانَ لِیَأْخُذَ أَخاهُ قال الرازی المعنی أنه كان حكم الملك فی السارق أن یضرب و یغرم ضعفی ما سرق فما كان یوسف قادرا علی حبس أخیه عند نفسه بناء علی دین الملك و حكمه إلا أن اللّٰه تعالی كاد له و أجری علی لسان إخوته أن جزاء السارق هو الاسترقاق و هو معنی قوله إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ ثم اعلم أنهم اختلفوا فی قوله تعالی قالَ كَبِیرُهُمْ فقیل هو روبیل و كان كبیرهم فی السن و قیل شمعون و كان رئیسهم و قیل یهودا و كان كبیرهم فی العقل و قیل لاوی و لعله بنی الكلام أولا علی أحد القولین و ثانیا علی القول الآخر و یحتمل أن یكون تخلف یهودا ثم لحقهم (1).

«10»-فس، تفسیر القمی فَلَمَّا رَجَعُوا (2)إِخْوَةُ یُوسُفَ إِلَی أَبِیهِمْ وَ أَخْبَرُوهُ بِخَبَرِ أَخِیهِمْ قَالَ یَعْقُوبُ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ ثُمَّ تَوَلَّی عَنْهُمْ وَ قالَ یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ وَ ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ یَعْنِی عَمِیَتْ (3)مِنَ الْبُكَاءِ فَهُوَ كَظِیمٌ (4)أَیْ مَحْزُونٌ وَ الْأَسَفُ أَشَدُّ الْحُزْنِ وَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِ یَعْقُوبَ عَلَی یُوسُفَ قَالَ حُزْنَ سَبْعِینَ ثَكْلَی بِأَوْلَادِهَا (5)وَ قَالَ إِنَّ یَعْقُوبَ لَمْ یَعْرِفِ الِاسْتِرْجَاعَ فَمِنْهَا قَالَ (6)وَا أَسَفَاهْ عَلَی یُوسُفَ فَقَالُوا لَهُ تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوسُفَ أَیْ لَا تَفْتَأُ عَنْ ذِكْرِ یُوسُفَ حَتَّی تَكُونَ حَرَضاً أَیْ مَیِّتاً (7)أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِینَ فَ قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (8).

تفسیر بَلْ سَوَّلَتْ أی زینت و سهلت لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً أردتموه و قررتموه

ص: 242


1- قوله: «فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ» ای لا ازول عن ارض مصر. منه رحمه اللّٰه.
2- كذا فی المصدر و فی نسخ، و فی نسخة من الكتاب: فلما رجع.
3- فی نسخة: یعنی عمیتا من البكاء.
4- أی مملوء من الغیظ علی أولاده، ممسك له فی قلبه لا یظهره. منه رحمه اللّٰه.
5- فی نسخة: علی أولادها.
6- فی المصدر: و لذلك قال. و هو الصحیح.
7- الظاهر بقرینة بعده انه أراد الاشراف علی الهلاك.
8- تفسیر القمّیّ: 327- 328. م.

و إلا فما أدری الملك أن السارق یؤخذ بسرقته فَصَبْرٌ جَمِیلٌ فأمری صبر جمیل أو فصبر جمیل أجمل عَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعاً بیوسف و بنیامین و أخیهما الذی توقف بمصر إِنَّهُ هُوَ الْعَلِیمُ بحالی و حالهم الْحَكِیمُ فی تدبیرها وَ تَوَلَّی عَنْهُمْ أی أعرض عنهم كراهة لما صادف منهم وَ قالَ یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ أی یا أسف تعال فهذا أوانك و الأسف أشد الحزن و الحسرة و الألف بدل من یاء المتكلم قال البیضاوی و فی الحدیث (1)

لم تعط أمة من الأمم إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ عند المصیبة إلا أمة محمد.

أ لا تری إلی یعقوب حین أصابه ما أصاب لم یسترجع و قال یا أسفی انتهی. (2)ثم اعلم أنه اختلف فی قوله وَ ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ كما أن الشیعة اختلفوا فی أنه هل یجوز علی الأنبیاء مثل هذا النقص فی الخلقة قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه فقیل لا یجوز لأن ذلك ینفر و قیل یجوز أن لا یكون فیه تنفیر و یكون بمنزلة سائر العلل و الأمراض انتهی (3)فمن لا یجوز ذلك یقول إنه ما عمی و لكنه صار بحیث یدرك إدراكا ضعیفا أو یؤول بأن المراد أنه غلبه البكاء و عند غلبة البكاء یكثر الماء فی العین فتصیر العین كأنها ابیضت من بیاض ذلك الماء و من یجوز ذلك یحملها علی ظاهرها و الحق أنه لم یقم دلیل علی امتناع ذلك حتی نحتاج إلی تأویل الآیات و الأخبار الدالة علی حصوله علی أنه یحتمل أن یكون علی وجه لا یكون نقص فیه و عیب فی ظاهر الخلقة و الأنبیاء علیهم السلام یبصرون بقلوبهم ما یبصر غیرهم بعینه.

قال البیضاوی فی قوله تعالی تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوسُفَ أی لا تفتأ و لا تزال تذكره تفجعا علیه فحذف لا حَتَّی تَكُونَ حَرَضاً مشفیا علی الهلاك و قیل الحرض الذی أذابه هم أو مرض أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِینَ من المیتین قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی أی همی الذی لا أقدر الصبر علیه من البث بمعنی النشر انتهی. (4)

ص: 243


1- قال الطبرسیّ: روی عن ابن جبیر انه قال: لقد اعطیت هذه الأمة عند المصیبة ما لم یعط الأنبیاء قبلهم: «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» و لو اعطیها انبیاء لاعطیها یعقوب إذ یقول: یا اسفا علی یوسف. منه رحمه اللّٰه.
2- أنوار التنزیل 1: 235. م.
3- مجمع البیان: 257. م.
4- أنوار التنزیل 1: 235. م.

أقول: علی ما فسر علی بن إبراهیم الحرض لعله حمل الهلاك علی الهلاك المعنوی بترك الصبر (1).

«11»-فس، تفسیر القمی حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ یَعْقُوبَ حِینَ قَالَ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ أَ كَانَ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ وَ قَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً وَ ذَهَبَتْ عَیْنَاهُ (2)عَلَیْهِ مِنَ الْبُكَاءِ قَالَ نَعَمْ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ حَتَّی إِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ فِی السَّحَرِ أَنْ یَهْبِطَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَبَطَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ بِأَطْیَبِ رَائِحَةٍ (3)وَ أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ أَ لَیْسَ سَأَلْتَ اللَّهَ أَنْ یُنْزِلَنِی عَلَیْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا حَاجَتُكَ یَا یَعْقُوبُ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا جُمْلَةً أَوْ تَفَارِیقاً قَالَ تَقْبِضُهَا أَعْوَانِی مُتَفَرِّقَةً وَ تُعْرَضُ عَلَیَّ مُجْتَمِعَةً قَالَ یَعْقُوبُ فَأَسْأَلُكَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ هَلْ عُرِضَ عَلَیْكَ فِی الْأَرْوَاحِ رُوحُ یُوسُفَ فَقَالَ لَا فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ فَقَالَ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا (4)مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ وَ كَتَبَ عَزِیزُ مِصْرَ (5)إِلَی یَعْقُوبَ أَمَّا بَعْدُ فَهَذَا ابْنُكَ اشْتَرَیْتُهُ (6)بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ وَ هُوَ یُوسُفُ وَ اتَّخَذْتُهُ عَبْداً وَ هَذَا ابْنُكَ بِنْیَامِینُ قَدْ سَرَقَ وَ أَخَذْتُهُ فَقَدْ وَجَدْتُ مَتَاعِی عِنْدَهُ وَ اتَّخَذْتُهُ عَبْداً فَمَا وَرَدَ عَلَی یَعْقُوبَ شَیْ ءٌ كَانَ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَقَالَ لِلرَّسُولِ مَكَانَكَ حَتَّی أُجِیبَهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ یَعْقُوبُ علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ مِنْ یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ تَذْكُرُ فِیهِ أَنَّكَ اشْتَرَیْتَ ابْنِی وَ اتَّخَذْتَهُ عَبْداً وَ أَنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلٌ بِبَنِی آدَمَ

ص: 244


1- لا یحتاج إلی حمله علی ذلك بعد ما عرفت انه أراد الاشراف و الاشفاء.
2- فی نسخة: و ذهب عیناه.
3- فی نسخة: فی اطیب رائحة.
4- أی تجسسوا و تتبعوا خبر یوسف.
5- لعل المراد ان یوسف كتب ذلك، و كان عنوان الكتاب: من عزیز مصر إلی یعقوب. و یأتی بعد ذلك «فلما ورد الكتاب إلی یوسف» و بالجملة فلا یخلو عن اشكال.
6- فی نسخة: قد اشتریته.

إِنَّ جَدِّی إِبْرَاهِیمَ أَلْقَاهُ نُمْرُودُ مَلِكُ الدُّنْیَا فِی النَّارِ فَلَمْ یَحْتَرِقْ وَ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ إِنَّ أَبِی إِسْحَاقَ أَمَرَ اللَّهُ جَدِّی أَنْ یَذْبَحَهُ بِیَدِهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَذْبَحَهُ فَدَاهُ اللَّهُ بِكَبْشٍ عَظِیمٍ وَ إِنَّهُ كَانَ لِی وَلَدٌ لَمْ یَكُنْ فِی الدُّنْیَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْهُ وَ كَانَ قُرَّةَ عَیْنِی وَ ثَمَرَةَ فُؤَادِی فَأَخْرَجُوهُ إِخْوَتُهُ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَیَّ وَ زَعَمُوا أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ فَاحْدَوْدَبَ (1)لِذَلِكَ ظَهْرِی وَ ذَهَبَ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ عَلَیْهِ بَصَرِی وَ كَانَ لَهُ أَخٌ مِنْ أُمِّهِ كُنْتُ آنَسُ بِهِ فَخَرَجَ مَعَ إِخْوَتِهِ إِلَی مَا قِبَلَكَ لِیَمْتَارُوا لَنَا طَعَاماً فَرَجَعُوا إِلَیَّ وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ سَرَقَ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَ قَدْ حَبَسْتَهُ وَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَا یَلِیقُ بِنَا السَّرَقُ وَ لَا الْفَاحِشَةُ وَ أَنَا أَسْأَلُكَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ إِلَّا مَنَنْتَ عَلَیَّ بِهِ وَ تَقَرَّبْتَ إِلَی اللَّهِ وَ رَدَدْتَهُ إِلَیَّ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ إِلَی یُوسُفَ (2)أَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَی وَجْهِهِ وَ قَبَّلَهُ وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً ثُمَّ نَظَرَ إِلَی إِخْوَتِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (3)فَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ یُوسُفُ (4)قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا إِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ وَ یَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ فَقَالُوا لَهُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِینَ قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ أَیْ لَا تَخْلِیطَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّی الرَّسُولُ إِلَی الْمَلِكِ بِكِتَابِ یَعْقُوبَ رَفَعَ یَعْقُوبُ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ (5)فَقَالَ یَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ یَا كَرِیمَ الْمَعُونَةِ یَا خَیْرَ إِلَهٍ ائْتِنِی بِرَوْحٍ مِنْكَ (6)وَ فَرَجٍ مِنْ عِنْدِكَ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا یَعْقُوبُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ دَعَوَاتٍ یَرُدَّ اللَّهُ عَلَیْكَ بَصَرَكَ وَ ابْنَیْكَ

ص: 245


1- أی صار أحدب. و هو من خرج ظهره و دخل صدره و بطنه.
2- فی النسخه :فرد اللّٰه علیه
3- أی شبان أو صبیان، فكان تلقینا لهم كیف یعتذرون، و روی عن الصادق علیه السلام: كل ذنب عمله العبد و ان كان عالما فهو جاهل حین خاطر بنفسه معصیة ربّه، فقد حكی اللّٰه سبحانه قول یوسف لاخوته: «هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ» فنسبهم الی الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم فی معصیة اللّٰه. منه طاب اللّٰه ثراه.
4- قیل: إنّه علیه السلام تبسم فلما أبصروا ثنایاه و كانت كاللؤلؤ المنظوم شبهوه بیوسف، عن ابن عبّاس؛ و قیل: رفع التاج عن رأسه فعرفوه. منه رحمه اللّٰه.
5- فی نسخة: رفع یعقوب یدیه الی السماء.
6- فی نسخة و فی المصدر: یا خیرا كله ائتنی بروح منك.

قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْ یَا مَنْ لَمْ یَعْلَمْ أَحَدٌ كَیْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ یَا مَنْ سَدَّ السَّمَاءَ بِالْهَوَاءِ وَ كَبَسَ الْأَرْضَ (1)عَلَی الْمَاءِ وَ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَحْسَنَ الْأَسْمَاءِ ائْتِنِی بِرَوْحٍ مِنْكَ وَ فَرَجٍ مِنْ عِنْدِكَ قَالَ فَمَا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ حَتَّی أُتِیَ بِالْقَمِیصِ فَطُرِحَ عَلَیْهِ وَ رَدَّ اللَّهُ (2)عَلَیْهِ بَصَرَهُ وَ وُلْدَهُ (3).

بیان: قال الطبرسی التثریب التوبیخ یقال ثرب و أثرب عن ابن الأعرابی و قیل التثریب اللوم و الإفساد و التقریر بالذنب قال أبو عبیدة و أصله الإفساد و قال تغلب (4)ثرب فلان علی فلان أی عدد علیه ذنوبه و قال أبو مسلم هو مأخوذ من الثرب و هو شحم الجوف فكأنه موضوع للمبالغة فی اللوم و التعنیف و البلوغ بذلك إلی أقصی غایاته انتهی. (5)أقول لعل مراده بالتخلیط ما یرجع إلی الإفساد (6).

«12»-فس، تفسیر القمی وَ قَالَ وَ لَمَّا أَمَرَ الْمَلِكُ بِحَبْسِ یُوسُفَ فِی السِّجْنِ أَلْهَمَهُ اللَّهُ تَأْوِیلَ الرُّؤْیَا فَكَانَ یُعَبِّرُ لِأَهْلِ السِّجْنِ فَلَمَّا سَأَلَاهُ الْفَتَیَانِ الرُّؤْیَا وَ عَبَّرَ لَهُمَا وَ قَالَ لِلَّذِی ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ وَ لَمْ یَفْزَعْ فِی تِلْكَ الْحَالِ إِلَی اللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مَنْ أَرَاكَ الرُّؤْیَا الَّتِی رَأَیْتَهَا قَالَ یُوسُفُ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَمَنْ حَبَّبَكَ إِلَی أَبِیكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَمَنْ وَجَّهَ إِلَیْكَ السَّیَّارَةَ الَّتِی رَأَیْتَهَا قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَمَنْ عَلَّمَكَ الدُّعَاءَ الَّذِی دَعَوْتَ بِهِ حَتَّی جَعَلْتُ لَكَ مِنَ الْجُبِّ فَرَجاً قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَمَنْ أَنْطَقَ لِسَانَ الصَّبِیِّ بِعُذْرِكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَمَنْ أَلْهَمَكَ تَأْوِیلَ الرُّؤْیَا قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَكَیْفَ اسْتَعَنْتَ بِغَیْرِی وَ لَمْ تَسْتَعِنْ بِی وَ أَمَّلْتَ عَبْداً مِنْ عَبِیدِی لِیَذْكُرَكَ إِلَی مَخْلُوقٍ مِنْ خَلْقِی وَ فِی قَبْضَتِی وَ لَمْ تَفْزَعْ إِلَیَّ الْبَثْ فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِینَ فَقَالَ یُوسُفُ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ آبَائِی عَلَیْكَ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا یُوسُفُ وَ أَیُّ حَقٍّ لِآبَائِكَ عَلَیَّ إِنْ كَانَ أَبُوكَ آدَمُ خَلَقْتُهُ

ص: 246


1- كبس علی الشی ء: شد و ضغط. كبس علی الشی ء: اقتحم علیه.
2- فی نسخة: فرد اللّٰه علیه.
3- تفسیر القمّیّ: 328- 329. م.
4- فی المصدر و فی نسخة: و قال ثعلب.
5- مجمع البیان 5: 260. م.
6- و منه قول الفیروزآبادی: الشراب: المخلط المفسد.

بِیَدِی وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی وَ أَسْكَنْتُهُ جَنَّتِی وَ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا یَقْرَبَ شَجَرَةً مِنْهَا فَعَصَانِی وَ سَأَلَنِی فَتُبْتُ عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ أَبُوكَ نوح (نُوحاً) انْتَجَبْتُهُ مِنْ بَیْنِ خَلْقِی وَ جَعَلْتُهُ رَسُولًا إِلَیْهِمْ فَلَمَّا عَصَوْا وَ دَعَانِی فَاسْتَجَبْتُ لَهُ وَ غَرَّقْتُهُمْ وَ أَنْجَیْتُهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِی الْفُلْكِ وَ إِنْ كَانَ أَبُوكَ إِبْرَاهِیمَ اتَّخَذْتُهُ خَلِیلًا وَ أَنْجَیْتُهُ مِنَ النَّارِ وَ جَعَلْتُهَا عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ إِنْ كَانَ أَبُوكَ یَعْقُوبَ وَهَبْتُ لَهُ اثْنَیْ عَشَرَ وَلَداً فَغَیَّبْتُ عَنْهُ وَاحِداً فَمَا زَالَ یَبْكِی حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ قَعَدَ عَلَی الطَّرِیقِ (1)یَشْكُونِی إِلَی خَلْقِی فَأَیُّ حَقٍّ لِآبَائِكَ عَلَیَّ قَالَ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ قُلْ یَا یُوسُفُ أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ الْعَظِیمِ وَ إِحْسَانِكَ الْقَدِیمِ وَ لُطْفِكَ الْعَمِیمِ یَا رَحْمَانُ یَا رَحِیمُ فَقَالَهَا فَرَأَی الْمَلِكُ الرُّؤْیَا فَكَانَ فَرَجُهُ فِیهَا.

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قَالَ السَّجَّانُ لِیُوسُفَ إِنِّی لَأُحِبُّكَ فَقَالَ یُوسُفُ مَا أَصَابَنِی إِلَّا مِنَ الْحُبِّ إِنْ كَانَ خَالَتِی أَحَبَّتْنِی سَرَّقَتْنِی- (2)وَ إِنْ كَانَ أَبِی أَحَبَّنِی فَحَسَدُونِی إِخْوَتِی وَ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ أَحَبَّتْنِی فَحَبَسَتْنِی قَالَ وَ شَكَا یُوسُفُ فِی السِّجْنِ إِلَی اللَّهِ فَقَالَ یَا رَبِّ بِمَا ذَا اسْتَحْقَقْتُ السِّجْنَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْتَ اخْتَرْتَهُ حِینَ قُلْتَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ هَلَّا قُلْتَ الْعَافِیَةُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ(3).

شی، تفسیر العیاشی عن العباس مثله (4)بیان سرقتنی بتشدید الراء قال الفیروزآبادی التسریق النسبة إلی السرقة.

«13»-فس، تفسیر القمی حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِی سَیَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا طَرَحَ إِخْوَةُ یُوسُفَ یُوسُفَ فِی الْجُبِّ دَخَلَ عَلَیْهِ

ص: 247


1- فی نسخة: و قعد فی الطریق یشكونی.
2- فی نسخة: ان كان عمتی أحبتنی سرقتنی. و هو الصحیح، و قصتها مذكورة فی تاریخ الطبریّ و غیره.
3- تفسیر القمّیّ: 330. م.
4- مخطوط. م.

جَبْرَئِیلُ وَ هُوَ فِی الْجُبِّ فَقَالَ یَا غُلَامُ مَنْ طَرَحَكَ فِی هَذَا الْجُبِّ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ إِخْوَتِی لِمَنْزِلَتِی مِنْ أَبِی حَسَدُونِی وَ لِذَلِكَ فِی الْجُبِّ طَرَحُونِی (1)قَالَ فَتُحِبُّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ ذَاكَ إِلَی إِلَهِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ قَالَ فَإِنَّ إِلَهَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ یَقُولُ لَكَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِأَنَّ (فَإِنَّ) لَكَ الْحَمْدَ كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِیعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ أَمْرِی فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِی مِنْ حَیْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ فَدَعَا رَبَّهُ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْجُبِّ فَرَجاً وَ مِنْ كَیْدِ المَرْأَةِ مَخْرَجاً وَ أَعْطَاهُ مُلْكَ مِصْرَ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبْ (2).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد إلی الصدوق بإسناده إلی ابن محبوب مثله (3)- شی، تفسیر العیاشی عن أبی سیار مثله(4).

«14»-فس، تفسیر القمی وَ أَمَّا قَوْلُهُ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا فَأَلْقُوهُ عَلی وَجْهِ أَبِی یَأْتِ بَصِیراً وَ أْتُونِی بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِینَ (5).

فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ السَّرَّاجِ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ مُفَضَّلٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَخْبِرْنِی مَا كَانَ قَمِیصُ یُوسُفَ قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ لَمَّا أُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِثَوْبٍ مِنْ ثِیَابِ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ إِیَّاهُ فَلَمْ یَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ فَلَمَّا حَضَرَ إِبْرَاهِیمَ الْمَوْتُ جَعَلَهُ فِی تَمِیمَةٍ (6)وَ عَلَّقَهُ عَلَی إِسْحَاقَ وَ عَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَی یَعْقُوبَ فَلَمَّا وُلِدَ لِیَعْقُوبَ یُوسُفُ عَلَّقَهُ

ص: 248


1- فی نسخة: فلذلك فی الجب طرحونی.
2- تفسیر القمّیّ: 330- 331 و فی نسخة: من حیث لن یحتسب: و فی أخری: من حیث لا یحتسب.
3- مخطوط. قال المصنّف فی هامش الكتاب: روی الطبرسیّ من كتاب النبوّة للصدوق بإسناده عن ابن محبوب مثله.
4- مخطوط.
5- قال الطبرسیّ: قیل ان یوسف قال: انما یذهب بقمیصی من ذهب به أولا، فقال یهودا: أنا ذهبت به و هو ملطخ بالدم، قال: فاذهب بهذا أیضا و أخبره أنّه حی و أفرحه كما أحزنته، فحمل القمیص و خرج حافیا حاسرا حتّی أتاه و كان معه سبعة أرغفة، و كانت المسافة ثمانین فرسخا، فلم یستوف الا ارغفة فی الطریق. منه رحمه اللّٰه.
6- التمیمة: خرزة أو ما یشبهها، كان الاعراب یضعونها علی أولادهم للوقایة من العین و دفع الأرواح.

عَلَیْهِ فَكَانَ فِی عُنُقِهِ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ فَلَمَّا أَخْرَجَ یُوسُفُ الْقَمِیصَ مِنَ التَّمِیمَةِ وَجَدَ یَعْقُوبُ رِیحَهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ وَ هُوَ ذَلِكَ الْقَمِیصُ الَّذِی أُنْزِلَ مِنَ الْجَنَّةِ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِلَی مَنْ صَارَ ذَلِكَ الْقَمِیصُ فَقَالَ إِلَی أَهْلِهِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ نَبِیٍّ وَرِثَ عِلْماً أَوْ غَیْرَهُ فَقَدِ انْتَهَی إِلَی مُحَمَّدٍ وَ كَانَ یَعْقُوبُ بِفِلَسْطِینَ وَ فَصَلَتِ الْعِیرُ مِنْ مِصْرَ فَوَجَدَ یَعْقُوبُ رِیحَهُ وَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْقَمِیصِ الَّذِی أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ نَحْنُ وَرَثَتُهُ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن المفضل مثله (2)- ع، علل الشرائع المظفر عن ابن العیاشی عن أبیه عن محمد بن نصیر عن ابن عیسی عن ابن معروف عن ابن مهزیار مثله (3)- ك، إكمال الدین ماجیلویه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن محمد بن إسماعیل عن السراج مثله (4)بیان قصة القمیص علی ما ورد فی الخبر ذكرها العامة و الخاصة بطرق كثیرة و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قوله لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ معناه لو لا أن تسفهونی عن ابن عباس و مجاهد و قیل لو لا أن تضعفونی فی الرأی عن ابن إسحاق و قیل لو لا أن تكذبونی و الفند الكذب عن سعید بن جبیر و السدی و الضحاك و روی ذلك أیضا عن ابن عباس و قیل لو لا أن تهرمونی عن الحسن و قتادة (5).

«15»-فس، تفسیر القمی أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بِنْتِ إِلْیَاسَ وَ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: كَانَتِ الْحُكُومَةُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذَا سَرَقَ أَحَدٌ شَیْئاً اسْتُرِقَّ بِهِ وَ كَانَ یُوسُفُ عِنْدَ عَمَّتِهِ وَ هُوَ صَغِیرٌ وَ كَانَتْ تُحِبُّهُ وَ كَانَتْ لِإِسْحَاقَ مِنْطَقَةٌ

ص: 249


1- تفسیر القمّیّ: 331 قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: قال ابن عبّاس: هاجت ریح فحملت ریح قمیص یوسف الی یعقوب، و ذكر فی القصة أن الصبا استأذنت ربها فی أن تأتی یعقوب بریح یوسف قیل أن یأتیه البشیر بالقمیص فاذن لها فأتته بها، و لذلك یستروح كل محزون بریح الصبا، و قد أكثر الشعراء من ذكرها. منه رحمه اللّٰه.
2- مخطوط. م.
3- علل الشرائع: 29. م.
4- كمال الدین: 85. و بینهما اختلاف یسیر. م.
5- مجمع البیان 5: 263. م.

أَلْبَسَهَا یَعْقُوبَ وَ كَانَتْ عِنْدَ أُخْتِهِ وَ إِنَّ یَعْقُوبَ طَلَبَ یُوسُفَ لِیَأْخُذَهُ مِنْ عَمَّتِهِ فَاغْتَمَّتْ لِذَلِكَ وَ قَالَتْ دَعْهُ حَتَّی أُرْسِلَهُ إِلَیْكَ وَ أَخَذَتِ الْمِنْطَقَةَ وَ شَدَّتْ بِهَا وَسْطَهُ تَحْتَ الثِّیَابِ فَلَمَّا أَتَی یُوسُفُ أَبَاهُ جَاءَتْ وَ قَالَتْ قَدْ سُرِقَتِ الْمِنْطَقَةُ (1)فَفَتَّشَتْهُ فَوَجَدَتْهَا مَعَهُ فِی وَسْطِهِ فَلِذَلِكَ قَالَتْ إِخْوَةُ یُوسُفَ لَمَّا حَبَسَ یُوسُفُ أَخَاهُ حَیْثُ جَعَلَ الصَّاعَ فِی وِعَاءِ أَخِیهِ فَقَالَ یُوسُفُ مَا جَزَاءُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ قَالُوا هُوَ جَزَاؤُهُ السُّنَّةُ الَّتِی تَجْرِی فِیهِمْ فَلِذَلِكَ قَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها یُوسُفُ فِی نَفْسِهِ وَ لَمْ یُبْدِها لَهُمْ (2).

ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام المظفر العلوی عن ابن العیاشی عن أبیه عن عبد اللّٰه بن محمد بن خالد عن الوشاء مثله (3)- شی، تفسیر العیاشی عن الوشاء بسندین مثله (4).

«16»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ رَحَلَ یَعْقُوبُ (5)وَ أَهْلُهُ مِنَ الْبَادِیَةِ بَعْدَ مَا رَجَعَ إِلَیْهِ بَنُوهُ بِالْقَمِیصِ فَأَلْقَوْهُ عَلی وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِیراً فَقَالَ لَهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا لَهُ یا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِینَ فَقَالَ لَهُمْ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ قَالَ أَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ وَ الِاسْتِغْفَارَ مُسْتَجَابٌ فِیهِ (6)فَلَمَّا وَافَی یَعْقُوبُ وَ أَهْلُهُ وَ وُلْدُهُ مِصْرَ قَعَدَ یُوسُفُ عَلَی سَرِیرِهِ

ص: 250


1- فی نسخة: قد سرق المنطقة.
2- تفسیر القمّیّ: 331- 332. م.
3- علل الشرائع: 28- 29. عیون الأخبار: 232. م.
4- مخطوط. م.
5- قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: قیل: إن یوسف علیه السلام بعث مع البشیر مائتی راحلة ما یحتاج إلیه فی السفر، و سألهم أن یأتوه بأهلهم أجمعین، فلما دنا یعقوب من مصر تلقاه یوسف فی الجند و أهل مصر، فقال یعقوب: یا یهودا هذا فرعون مصر؟ قال: لا هذا ابنك فتلاقیا، قال الكلبی: علی یوم من مصر فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه بدأ یعقوب بالسلام فقال: السلام علیك یا مذهب الاحزان. و قال وهب: إنهم دخلوا مصر و هم ثلاثة و سبعون إنسانا، و خرجوا مع موسی علیه السلام و هم ستمائة ألف و خمسمائة و بضع و سبعون رجلا، و كان بین یوسف و موسی أربعمائة سنة. منه رحمه اللّٰه.
6- قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: قیل: إنّه كان یستغفر لهم كل لیلة جمعة فی نیف و عشرین سنة و قیل: إنّه كان یقوم و یصفّ أولاده خلفه عشرین سنة و یدعو و یؤمنون علی دعائه و استغفاره لهم حتی نزل قبول توبتهم. منه قدّس سرّه.

وَ وَضَعَ تَاجَ الْمُلْكِ عَلَی رَأْسِهِ فَأَرَادَ أَنْ یَرَاهُ أَبُوهُ عَلَی تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُوهُ لَمْ یَقُمْ لَهُ فَخَرُّوا كُلُّهُمْ لَهُ سُجَّداً فَقَالَ یُوسُفُ یا أَبَتِ هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّی حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بِی إِذْ أَخْرَجَنِی مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ (1)مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّیْطانُ بَیْنِی وَ بَیْنَ إِخْوَتِی إِنَّ رَبِّی لَطِیفٌ لِما یَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ

وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ یَحْیَی بْنِ أَكْثَمَ (2)سَأَلَ مُوسَی بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی مَسَائِلَ فَعَرَضَهَا عَلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَكَانَ أَحَدُهَا أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أَ سَجَدَ یَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ لِیُوسُفَ وَ هُمْ أَنْبِیَاءُ فَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام أَمَّا سُجُودُ یَعْقُوبَ وَ وُلْدِهِ فَإِنَّهُ لَمْ یَكُنْ لِیُوسُفَ وَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ یَعْقُوبَ وَ وُلْدِهِ طَاعَةً لِلَّهِ وَ تَحِیَّةً لِیُوسُفَ كَمَا كَانَ السُّجُودُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ وَ لَمْ یَكُنْ لِآدَمَ وَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُمْ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ تَحِیَّةً لِآدَمَ فَسَجَدَ یَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ وَ یُوسُفُ مَعَهُمْ شُكْراً لِلَّهِ لِاجْتِمَاعِ شَمْلِهِمْ أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُ یَقُولُ فِی شُكْرِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ رَبِّ قَدْ آتَیْتَنِی مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِی مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِیِّی فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِی مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ (3).

ف، تحف العقول عنه علیه السلام مثله(4).

شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ الْأَزْدِیِّ صَاحِبِ مُوسَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا عَنْ مُوسَی أَنَّهُ قَالَ لِأَخِیهِ إِنَّ یَحْیَی بْنَ أَكْثَمَ كَتَبَ إِلَیْهِ یَسْأَلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ (5).

«17»-فس، تفسیر القمی فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ أَخْرِجْ یَدَكَ فَأَخْرَجَهَا فَخَرَجَ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ نُورٌ فَقَالَ یُوسُفُ مَا هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذِهِ النُّبُوَّةُ أَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنْ صُلْبِكَ لِأَنَّكَ لَمْ تَقُمْ إِلَی أَبِیكَ فَحَطَّ اللَّهُ نُورَهُ (6)وَ مَحَا النُّبُوَّةَ مِنْ صُلْبِهِ وَ جَعَلَهَا فِی وُلْدِ لَاوَی أَخِی یُوسُفَ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ یُوسُفَ قَالَ لا تَقْتُلُوا یُوسُفَ وَ أَلْقُوهُ

ص: 251


1- أی من البادیة، قیل: و انما لم یذكر الجب لاشتماله علی تعییر إخوته. منه قدس اللّٰه روحه.
2- كذا فی النسخ.
3- تفسیر القمّیّ: 332- 333. م.
4- تحف العقول: 477- 478. م.
5- مخطوط. م.
6- فی نسخة: فحبط اللّٰه نوره.

فِی غَیابَتِ الْجُبِّ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ یَرْجِعُوا إِلَی أَبِیهِمْ مِنْ مِصْرَ وَ قَدْ حَبَسَ یُوسُفُ أَخَاهُ قَالَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَكَانَ (1)أَنْبِیَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ وُلْدِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ كَانَ مُوسَی مِنْ وُلْدِهِ وَ هُوَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ بْنِ یَهْصِرَ (2)بْنِ وَاهِیثَ بْنِ لَاوَی بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ یَعْقُوبُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ أَخْبِرْنِی مَا فَعَلَ بِكَ إِخْوَتُكَ حِینَ أَخْرَجُوكَ مِنْ عِنْدِی- (3)قَالَ یَا أَبَتِ أَعْفِنِی مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَخْبِرْنِی بِبَعْضِهِ فَقَالَ یَا أَبَتِ إِنَّهُمْ لَمَّا أَدْنَوْنِی مِنَ الْجُبِّ قَالُوا انْزِعْ قَمِیصَكَ فَقُلْتُ لَهُمْ یَا إِخْوَتِی اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تُجَرِّدُونِی فَسَلُّوا عَلَیَّ السِّكِّینَ وَ قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ لَنَذْبَحَنَّكَ فَنَزَعْتُ

ص: 252


1- فی نسخة: فكانوا.
2- هكذا فی النسخ، و الصحیح «یصهر» بتقدیم الصاد كما فی المصدر و العرائس. و فی نسخة: فاهیث، و فی المصدر: واهث، و فی العرائس: قاهث، و فی تاریخ الیعقوبی: موسی بن عمران بن قهث بن لاوی، و فی المحبر: موسی بن عمران بن قاهث.
3- روی الطبرسیّ رحمه اللّٰه من كتاب النبوّة بإسناده عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: قال یعقوب لیوسف: یا بنی حدّثنی كیف صنع بك اخوتك؟ قال: یا ابت دعنی، فقال: أقسمت علیك الا أخبرتنی، فقال له: أخذونی و أقعدونی علی رأس الجب، ثمّ قالوا لی: انزع قمیصك، فقلت لهم: انی أسألكم بوجه یعقوب أن لا تنزعوا قمیصی و لا تبدوا عورتی، فرفع فلان السكین علی و قال: انزع، فصاح یعقوب و سقط مغشیا علیه، ثمّ أفاق فقال له: یا بنی كیف صنعوا بك؟ فقال له یوسف: انی اسألك بإله إبراهیم و إسماعیل و إسحاق الا أعفیتنی، قال: فتركه. و روی أیضا أن یوسف قال لیعقوب علیه السلام: یا أبت لا تسألنی عن صنیع اخوتی بی و اسأل عن صنع اللّٰه بی، و قال أبو حمزة: بلغنا أن یعقوب عاش مائة و سبعا و أربعین سنة، و دخل مصر علی یوسف و هو ابن مائة و ثلاثین سنة و كان عند یوسف بمصر سبع عشرة سنة. و قال ابن إسحاق: أقام یعقوب بمصر أربعا و عشرین سنة ثمّ توفی و دفن بالشام. و قال ابن جبیر: نقل یعقوب إلی بیت المقدس فی تابوت من سأج، و وافق ذلك یوم مات عیص فدفنا فی قبر واحد، فمن ثمّ ینقل الیهود موتاه إلی بیت المقدس و ولد یعقوب و عیص فی یوم واحد فی بطن واحد و دفنا فی قبر واحد، و كان عمرهما جمیعا مائة و سبع و أربعون سنة، و كان أول رسول فی بنی إسرائیل ثمّ مات و أوصی أن یدفن عند قبور آبائه علیهم السلام، و قیل: دفن بمصر ثمّ أخرج موسی عظامه فحمله حتّی دفنه عند أبیه. منه رحمه اللّٰه قلت: قاله أیضا الثعلبی فی العرائس و لكن المسعودیّ قال فی اثبات الوصیة: قبض و سنه مائة و ست و أربعون سنة، و قال الیعقوبی: اقام بمصر سبع عشرة سنة و توفی و له مائة و أربعون سنة، و یأتی فی خبر انه اقام بمصر سنتین و فی أخری أن عمره كان مائة و عشرین.

الْقَمِیصَ وَ أَلْقَوْنِی فِی الْجُبِّ عُرْیَاناً قَالَ فَشَهَقَ یَعْقُوبُ شَهْقَةً وَ أُغْمِیَ عَلَیْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ یَا بُنَیَّ حَدِّثْنِی فَقَالَ یَا أَبَتِ أَسْأَلُكَ بِإِلَهِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ إِلَّا أَعْفَیْتَنِی فَأَعْفَاهُ قَالَ وَ لَمَّا مَاتَ الْعَزِیزُ وَ ذَلِكَ فِی السِّنِینَ الْجَدْبَةِ افْتَقَرَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ وَ احْتَاجَتْ حَتَّی سَأَلَتِ النَّاسَ فَقَالُوا لَهَا مَا یَضُرُّكِ لَوْ قَعَدْتِ لِلْعَزِیزِ وَ كَانَ یُوسُفُ سُمِّیَ الْعَزِیزَ فَقَالَتْ أَسْتَحْیِی مِنْهُ فَلَمْ یَزَالُوا بِهَا حَتَّی قَعَدَتْ لَهُ فَأَقْبَلَ یُوسُفُ فِی مَوْكِبِهِ فَقَامَتْ إِلَیْهِ وَ قَالَتْ سُبْحَانَ الَّذِی جَعَلَ الْمُلُوكَ بِالْمَعْصِیَةِ عَبِیداً وَ جَعَلَ الْعَبِیدَ بِالطَّاعَةِ مُلُوكاً فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ أَنْتِ هَاتِیكِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَ كَانَتِ اسْمُهَا زَلِیخَا فَأَمَرَ بِهَا وَ حُوِّلَتْ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ كَانَتْ هَرِمَةً فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ أَ لَسْتِ فَعَلْتِ بِی كَذَا وَ كَذَا فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَا تَلُمْنِی فَإِنِّی بُلِیتُ بِثَلَاثَةٍ لَمْ یُبْلَ بِهَا أَحَدٌ قَالَ وَ مَا هِیَ قَالَتْ بُلِیتُ بِحُبِّكَ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا لَكَ نَظِیراً وَ بُلِیتُ بِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ (1)بِمِصْرَ امْرَأَةٌ أَجْمَلَ مِنِّی وَ لَا أَكْثَرَ مَالًا مِنِّی نُزِعَ عَنِّی (2)فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ فَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ تَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّ عَلَیَّ شَبَابِی فَسَأَلَ اللَّهَ فَرَدَّ عَلَیْهَا شَبَابَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَ هِیَ بِكْرٌ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا یَقُولُ قَدْ حَجَبَهَا حُبُّهُ عَنِ النَّاسِ فَلَا تَعْقِلُ غَیْرَهُ وَ الْحِجَابُ هُوَ الشَّغَافُ وَ الشَّغَافُ هُوَ حِجَابُ الْقَلْبِ (3).

بیان: المشهور بین المفسرین و اللغویین أن المراد شق شغاف قلبها و هو حجابه حتی وصل إلی فؤادها.

و قوله حُبًّا نصبه علی التمییز و ما ورد فی الخبر یحتمل أن یكون بیانا لحاصل المعنی أی لما تعلق حبه بشغاف قلبها فكأنه حجبها عن أن تعقل و تتخیل غیره و یحتمل أن یكون الشغاف مستعملا هنا بمعنی مطلق الحجاب مجازا و یكون شغفها بمعنی حجبها.

و

قال الطبرسی: روی عن علی و علی بن الحسین و محمد بن علی و جعفر بن محمد علهیم السلام

ص: 253


1- فی نسخة: و بلیت فانه لم یكن.
2- قد سقطت الثالثة عن المصدر و هی هكذا: و بلیت بزوج عنین.
3- تفسیر القمّیّ: 333 و 334. م.

و غیرهم قَدْ شَعَفَهَا بالعین.

قال الزجاج شعفها ذهب بها كل مذهب من شعفات الجبال أی رءوسها یقال فلان مشعوف بكذا أی قد ذهب به الحب أقصی المذاهب و قال ابن جنی معناه وصل حبه إلی قلبها فكان یحرقه بحدته و أصله من البعیر (1)یهنأ بالقطران فتصل حرارة ذلك إلی قلبه (2).

«18»-لی، الأمالی للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الزَّنْجَانِیُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّی الْعَنْبَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ جُوَیْرِیَةَ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی وَائِلٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: وَجَدْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ یُوسُفَ علیه السلام مَرَّ فِی مَوْكِبِهِ عَلَی امْرَأَةِ الْعَزِیزِ وَ هِیَ جَالِسَةٌ عَلَی مَزْبَلَةٍ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْمُلُوكَ بِمَعْصِیَتِهِمْ عَبِیداً وَ جَعَلَ الْعَبِیدَ بِطَاعَتِهِمْ مُلُوكاً أَصَابَتْنَا فَاقَةٌ فَتَصَدَّقْ عَلَیْنَا فَقَالَ یُوسُفُ علیه السلام غُمُوطُ النِّعَمِ سُقْمُ دَوَامِهَا فَرَاجِعِی مَا یُمَحِّصُ عَنْكِ دَنَسَ الْخَطِیئَةِ فَإِنَّ مَحَلَّ الِاسْتِجَابَةِ قُدْسُ الْقُلُوبِ وَ طَهَارَةُ الْأَعْمَالِ فَقَالَتْ مَا اشْتَمَلْتُ بَعْدُ عَلَی هَیْئَةِ التَّأَثُّمِ وَ إِنِّی لَأَسْتَحْیِی أَنْ یَرَی اللَّهُ لِی مَوْقِفَ اسْتِعْطَافٍ وَ لَهَا تُهَرِیقُ الْعَیْنُ عَبْرَتَهَا وَ یُؤَدِّی الْحَسَدُ نَدَامَةً فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ فَجِدِّی فَالسَّبِیلُ هَدَفُ الْإِمْكَانِ قَبْلَ مُزَاحَمَةِ الْعُدَّةِ وَ نَفَادِ الْمُدَّةِ فَقَالَتْ هُوَ عَقِیدَتِی وَ سَیَبْلُغُكَ إِنْ بَقِیتَ بَعْدِی فَأَمَرَ لَهَا بِقِنْطَارٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ الْقُوتُ بَتَّةٌ مَا كُنْتُ لِأَرْجِعَ إِلَی الْخَفْضِ وَ أَنَا مَأْسُورَةٌ فِی السَّخَطِ فَقَالَ بَعْضُ وُلْدِ یُوسُفَ لِیُوسُفَ یَا أَبَهْ مَنْ هَذِهِ الَّتِی قَدْ تَفَتَّتَ لَهَا كَبِدِی وَ رَقَّ لَهَا قَلْبِی قَالَ هَذِهِ دَابَّةُ التَّرَحِ فِی حِبَالِ الِانْتِقَامِ فَتَزَوَّجَهَا یُوسُفُ علیه السلام فَوَجَدَهَا بِكْراً فَقَالَ أَنَّی وَ قَدْ كَانَ لَكِ بَعْلٌ فَقَالَتْ كَانَ مَحْصُوراً بِفَقْدِ الْحَرَكَةِ وَ صَرْدِ الْمَجَارِی (3).

بیان: غمط النعمة تحقیرها و البطر بها و ترك شكرها أی لما كفرت بأنعم اللّٰه و قابلتها بالمعاصی قطعها اللّٰه عنك فارجعی إلی ما یزیل عنك دنس الخطیئة أی التوبة و الندم و الاستغفار و تدارك ما قد مضی حتی یرد اللّٰه نعمه علیك فإنه لا یستجاب الدعاء بالمغفرة أو برجوع النعمة إلا بعد قدس القلوب من دنس الخطایا و آثارها و طهارة الأعمال

ص: 254


1- أی أصله من شعف البعیر. قلت: هنأ الإبل أی طلاها بالهناء أی القطران.
2- مجمع البیان 5: 228. م.
3- أمالی الصدوق: 4. م.

و خلوصها عما یشوبها من الأغراض الفاسدة و السیئات الماحیة فأجابته بما یؤید ما أفاده علیه السلام حیث قالت ما اشتملت بعد علی هیئة التأثم أی لما لم أقم بعد ما یوجب تدارك ما فات لم أطلب من اللّٰه المغفرة حیاء مما صنعت.

قال الفیروزآبادی یقال تأثم فلان إذا فعل فعلا خرج به عن الإثم انتهی.

فأجابها علیه السلام بالأمر بالاجتهاد و السعی فی العمل و بالحث علی الرجاء من رحمة اللّٰه و علل بأن سبیل الطاعة و القرب هدف لسهام إمكان حصول المقاصد قبل مزاحمة العدة بالكسر أی قبل انتهاء الأجل و عدد أیام العمر و ساعاته و یحتمل الضم أیضا من الاستعداد أی قبل نفاد القوی و الجوارح و الأدوات التی بها یتیسر العمل.

قولها إن بقیت بعدی بصیغة التكلم أی إن بقیت أنا بعد زمانی هذا أو بصیغه الخطاب أی إن بقیت أنت بعد هذا الزمان أو بعد وفاتی لتطلع علی جمیع أحوال عمری ثم لما أمر علیه السلام لها بالقنطار لم تقبل و اعتذرت بأن الرزق المقدر علی قدر الحاجة لا بد منه و اللّٰه تعالی یبعثه إلی و أما التوسع فیه فإنما هو للخفض و الراحة و طیب العیش و أنا ما أرجع إلی تلك الأحوال ما دمت مأسورة فی إسار سخط اللّٰه و غضبه و التفتت التكسر و الترح ضد الفرح و الهلاك و الانقطاع أی هذه دابة قد وقعت فی الحزن و الهلاك بسبب انتقامه تعالی منها و الصرد البرد أی كان عنینا بسبب البرودة المستولیة علی مزاجه و كان لا یتأتی منه تلك الحركة المعهودة.

«19»-لی، الأمالی للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام مَا كَانَ دُعَاءُ یُوسُفَ علیه السلام فِی الْجُبِّ فَإِنَّا قَدْ اخْتَلَفْنَا فِیهِ فَقَالَ إِنَّ یُوسُفَ علیه السلام لَمَّا صَارَ فِی الْجُبِّ وَ أَیِسَ مِنَ الْحَیَاةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتِ الْخَطَایَا وَ الذُّنُوبُ قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِی عِنْدَكَ فَلَنْ تَرْفَعَ لِی إِلَیْكَ صَوْتاً وَ لَنْ تَسْتَجِیبَ لِی دَعْوَةً فَإِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الشَّیْخِ یَعْقُوبَ فَارْحَمْ ضَعْفَهُ وَ اجْمَعْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ فَقَدْ عَلِمْتَ رِقَّتَهُ عَلَیَّ وَ شَوْقِی إِلَیْهِ قَالَ ثُمَّ بَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ أَنَا أَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتِ الْخَطَایَا وَ الذُّنُوبُ قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِی عِنْدَكَ فَلَنْ تَرْفَعَ لِی إِلَیْكَ صَوْتاً فَإِنِّی أَسْأَلُكَ بِكَ فَلَیْسَ كَمِثْلِكَ شَیْ ءٌ وَ أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِیِّكَ نَبِیِّ الرَّحْمَةِ یَا اللَّهُ یَا اللَّهُ یَا اللَّهُ یَا اللَّهُ

ص: 255

یَا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قُولُوا هَذَا وَ أَكْثِرُوا مِنْهُ فَإِنِّی كَثِیراً مَا أَقُولُهُ عِنْدَ الْكُرَبِ الْعِظَامِ (1).

«6»-20- لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا سَیَّارٍ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ علیه السلام یَقُولُ جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِلَی یُوسُفَ علیه السلام وَ هُوَ فِی السِّجْنِ فَقَالَ قُلْ فِی دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِی مِنْ أَمْرِی فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِی مِنْ حَیْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (2).

«21»-مصبا، المصباحین فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ مُحَرَّمٍ كَانَ خَلَاصُ یُوسُفَ علیه السلام مِنَ الْجُبِّ عَلَی مَا رُوِیَ فِی الْأَخْبَارِ (3).

«22»-ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی قَمِیصِ یُوسُفَ ثَلَاثُ آیَاتٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ جاؤُ عَلی قَمِیصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ (4)وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ كانَ قَمِیصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ الْآیَةَ وَ قَوْلِهِ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا الْآیَةَ (5).

«23»-لی، الأمالی للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ تَغْلِبَ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ آلَ یَعْقُوبَ مَا أَصَابَ النَّاسَ مِنْ ضِیقِ الطَّعَامِ جَمَعَ یَعْقُوبُ بَنِیهِ فَقَالَ لَهُمْ یَا بَنِیَّ إِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّهُ یُبَاعُ بِمِصْرَ طَعَامٌ طَیِّبٌ وَ أَنَّ صَاحِبَهُ رَجُلٌ صَالِحٌ لَا یَحْبِسُ النَّاسَ فَاذْهَبُوا إِلَیْهِ وَ اشْتَرُوا مِنْهُ طَعَاماً فَإِنَّهُ سَیُحْسِنُ إِلَیْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَجَهَّزُوا وَ سَارُوا حَتَّی وَرَدُوا مِصْرَ فَأُدْخِلُوا عَلَی یُوسُفَ علیه السلام فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا

ص: 256


1- أمالی الصدوق: 242- 243. م.
2- أمالی الصدوق: 343- 344. م.
3- مصباح المتهجد: 509. م.
4- كان فیه ثلاث آیات: الأولی أن الذئب لم یأكله لانه لو كان أكله لمزق قمیصه أیضا، و لذا قیل: لما قالوا لیعقوب: فأكله الذئب قال لهم: أرونی قمیصه، فأروه فقال: تاللّٰه ما عهدت كالیوم ذئبا أحلم من هذا، أكل ابنی و لم یمزق قمیصه؟! و الثانیة براءة ساحة یوسف عما رمت به امرأة العزیز، لانه لو كان راودها لكان الشق من بین یدیه. و الثالثة: صیرورة یعقوب بصیرا حین القی علی وجهه.
5- الخصال ج 1: 58. م.

نَحْنُ أَوْلَادُ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ وَ نَحْنُ مِنْ جَبَلِ كَنْعَانَ قَالَ یُوسُفُ وَلَدَكُمْ إِذاً ثَلَاثَةُ أَنْبِیَاءَ وَ مَا أَنْتُمْ بِحُلَمَاءَ وَ لَا فِیكُمْ وَقَارٌ وَ لَا خُشُوعٌ فَلَعَلَّكُمْ جَوَاسِیسُ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ جِئْتُمْ إِلَی بِلَادِی فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ لَسْنَا بِجَوَاسِیسَ وَ لَا أَصْحَابَ الْحَرْبِ وَ لَوْ تَعْلَمُ بِأَبِینَا إِذاً لَكَرُمْنَا عَلَیْكَ فَإِنَّهُ نَبِیُّ اللَّهِ وَ ابْنُ أَنْبِیَائِهِ وَ إِنَّهُ لَمَحْزُونٌ قَالَ لَهُمْ یُوسُفُ فَمِمَّا حُزْنُهُ وَ هُوَ نَبِیُّ اللَّهِ وَ ابْنُ أَنْبِیَائِهِ وَ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ وَ هُوَ یَنْظُرُ إِلَیْكُمْ فِی مِثْلِ عَدَدِكُمْ وَ قُوَّتِكُمْ فَلَعَلَّ حُزْنَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ سَفَهِكُمْ وَ جَهْلِكُمْ وَ كَذِبِكُمْ وَ كَیْدِكُمْ وَ مَكْرِكُمْ قَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ لَسْنَا بِجُهَّالٍ وَ لَا سُفَهَاءَ وَ لَا أَتَاهُ الْحُزْنُ مِنْ قِبَلِنَا وَ لَكِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ كَانَ أَصْغَرَنَا سِنّاً یُقَالُ لَهُ یُوسُفُ فَخَرَجَ مَعَنَا إِلَی الصَّیْدِ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فَلَمْ یَزَلْ بَعْدَهُ كَئِیباً حَزِیناً بَاكِیاً فَقَالَ لَهُمْ یُوسُفُ علیه السلام كُلُّكُمْ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ قَالُوا أَبُونَا وَاحِدٌ وَ أُمَّهَاتُنَا شَتَّی قَالَ فَمَا حَمَلَ أَبَاكُمْ عَلَی أَنْ سَرَّحَكُمْ (1)كُلَّكُمْ أَلَّا حَبَسَ مِنْكُمْ وَاحِداً یَأْنَسُ بِهِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَیْهِ قَالُوا قَدْ فَعَلَ قَدْ حَبَسَ مِنَّا وَاحِداً هُوَ أَصْغَرُنَا سِنّاً قَالَ وَ لِمَ اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ بَیْنِكُمْ قَالُوا لِأَنَّهُ أَحَبُّ أَوْلَادِهِ إِلَیْهِ بَعْدَ یُوسُفَ فَقَالَ لَهُمْ یُوسُفُ علیه السلام إِنِّی أَحْبِسُ مِنْكُمْ وَاحِداً یَكُونُ عِنْدِی وَ ارْجِعُوا إِلَی أَبِیكُمْ وَ أَقْرِءُوهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ قُولُوا لَهُ یُرْسِلْ إِلَیَّ بِابْنِهِ الَّذِی زَعَمْتُمْ أَنَّهُ حَبَسَهُ عِنْدَهُ لِیُخْبِرَنِی عَنْ حُزْنِهِ مَا الَّذِی أَحْزَنَهُ وَ عَنْ سُرْعَةِ الشَّیْبِ إِلَیْهِ قَبْلَ أَوَانِ مَشِیبِهِ وَ عَنْ بُكَائِهِ وَ ذَهَابِ بَصَرِهِ فَلَمَّا قَالَ هَذَا اقْتَرَعُوا بَیْنَهُمْ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ عَلَی شَمْعُونَ (2)فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ فَلَمَّا وَدَّعُوا شَمْعُونَ قَالَ لَهُمْ یَا إِخْوَتَاهْ انْظُرُوا مَا ذَا وَقَعْتُ فِیهِ وَ أَقْرِءُوا وَالِدِی مِنِّی السَّلَامَ فَوَدَّعُوهُ وَ سَارُوا حَتَّی وَرَدُوا الشَّامَ وَ دَخَلُوا عَلَی یَعْقُوبَ علیه السلام وَ سَلَّمُوا عَلَیْهِ سَلَاماً ضَعِیفاً فَقَالَ لَهُمْ یَا بَنِیَّ مَا لَكُمْ تُسَلِّمُونَ سَلَاماً ضَعِیفاً وَ مَا لِی لَا أَسْمَعُ فِیكُمْ صَوْتَ خَلِیلِی شَمْعُونَ قَالُوا یَا أَبَانَا إِنَّا جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَعْظَمِ النَّاسِ مُلْكاً لَمْ یَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ خُشُوعاً وَ سَكِینَةً وَ وَقَاراً وَ لَئِنْ كَانَ لَكَ شَبِیهٌ فَإِنَّهُ لَشَبِیهُكَ وَ لَكِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ خُلِقْنَا لِلْبَلَاءِ اتَّهَمَنَا الْمَلِكُ وَ زَعَمَ أَنَّهُ لَا یُصَدِّقُنَا حَتَّی تُرْسِلَ مَعَنَا بِابْنِ یَامِینَ بِرِسَالَةٍ مِنْكَ یُخْبِرُهُ عَنْ حُزْنِكَ وَ

ص: 257


1- أی ارسلكم و اطلقكم.
2- و قیل: إن یوسف اختار شمعون لانه كان احسنهم رأیا فیه. منه رحمه اللّٰه.

عَنْ سُرْعَةِ الشَّیْبِ إِلَیْكَ قَبْلَ أَوَانِ الْمَشِیبِ وَ عَنْ بُكَائِكَ وَ ذَهَابِ بَصَرِكَ فَظَنَّ یَعْقُوبُ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ یَا بَنِیَّ بِئْسَ الْعَادَةُ عَادَتُكُمْ كُلَّمَا خَرَجْتُمْ فِی وَجْهٍ نَقَصَ مِنْكُمْ وَاحِدٌ لَا أُرْسِلُهُ مَعَكُمْ فَ لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَیْهِمْ مِنْ غَیْرِ عِلْمٍ (1)مِنْهُمْ أَقْبَلُوا إِلَی أَبِیهِمْ فَرِحِینَ قَالُوا یَا أَبَانَا مَا رَأَی النَّاسُ مِثْلَ هَذَا الْمَلِكِ أَشَدَّ اتِّقَاءً لِلْإِثْمِ مِنْهُ رَدَّ عَلَیْنَا بِضَاعَتَنَا مَخَافَةَ الْإِثْمِ وَ هِیَ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَیْنا وَ نَمِیرُ أَهْلَنا (2)وَ نَحْفَظُ أَخانا وَ نَزْدادُ كَیْلَ بَعِیرٍ ذلِكَ كَیْلٌ یَسِیرٌ قَالَ یَعْقُوبُ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ ابْنَ یَامِینَ أَحَبُّكُمْ إِلَیَّ بَعْدَ أَخِیكُمْ یُوسُفَ وَ بِهِ أُنْسِی وَ إِلَیْهِ سُكُونِی مِنْ بَیْنِ جَمَاعَتِكُمْ فَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّی تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِی بِهِ إِلَّا أَنْ یُحاطَ بِكُمْ فَضَمِنَهُ یَهُودَا فَخَرَجُوا حَتَّی وَرَدُوا مِصْرَ فَدَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ علیه السلام فَقَالَ لَهُمْ هَلْ بَلَّغْتُمْ رِسَالَتِی قَالُوا نَعَمْ وَ قَدْ جِئْنَاكَ بِجَوَابِهَا مَعَ هَذَا الْغُلَامِ فَسَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ لَهُ یُوسُفُ بِمَا أَرْسَلَكَ أَبُوكَ إِلَیَّ یَا غُلَامُ قَالَ أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ إِنَّكَ أَرْسَلْتَ إِلَیَّ تَسْأَلُنِی عَنْ حُزْنِی وَ عَنْ سُرْعَةِ الشَّیْبِ إِلَیَّ قَبْلَ أَوَانِ الْمَشِیبِ وَ عَنْ بُكَائِی وَ ذَهَابِ بَصَرِی فَإِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حُزْناً وَ خَوْفاً أَذْكَرُهُمْ لِلْمَعَادِ وَ إِنَّمَا أَسْرَعَ الشَّیْبُ إِلَیَّ قَبْلَ أَوَانِ الْمَشِیبِ لِذِكْرِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَبْكَانِی وَ بَیَّضَ عَیْنِیَ الْحُزْنُ عَلَی حَبِیبِی یُوسُفَ وَ قَدْ بَلَغَنِی حُزْنُكَ بِحُزْنِی وَ اهْتِمَامُكَ بِأَمْرِی فَكَانَ اللَّهُ لَكَ جَازِیاً وَ مُثِیباً وَ إِنَّكَ لَنْ تَصِلَنِی بِشَیْ ءٍ أَنَا أَشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِنْ أَنْ تُعَجِّلَ عَلَیَّ وَلَدِی ابْنَ یَامِینَ فَإِنَّهُ أَحَبُّ أَوْلَادِی إِلَیَّ بَعْدَ یُوسُفَ فَأُونِسَ بِهِ وَحْشَتِی وَ أَصِلَ بِهِ وَحْدَتِی تُعَجِّلَ عَلَیَّ بِمَا أَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی عِیَالِی فَلَمَّا قَالَ هَذَا خَنَقَتْ یُوسُفَ علیه السلام الْعَبْرَةُ وَ لَمْ یَصْبِرْ حَتَّی قَامَ فَدَخَلَ الْبَیْتَ وَ بَكَی سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْهِمْ وَ أَمَرَ لَهُمْ بِطَعَامٍ وَ قَالَ لِیَجْلِسْ كُلُّ بَنِی أُمٍّ عَلَی مَائِدَةٍ فَجَلَسُوا وَ بَقِیَ ابْنُ یَامِینَ قَائِماً فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ مَا لَكَ لَمْ تَجْلِسْ فَقَالَ لَهُ لَیْسَ لِی فِیهِمْ ابْنُ أُمٍّ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ أَ فَمَا كَانَ لَكَ ابْنُ أُمٍّ فَقَالَ لَهُ ابْنُ یَامِینَ بَلَی فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ فَمَا فَعَلَ قَالَ زَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَیْهِ قَالَ وُلِدَ لِی اثْنَا عَشَرَ ابْناً كُلُّهُمُ أَشْتَقُّ لَهُ اسْماً مِنِ اسْمِهِ

ص: 258


1- فی نسخة: بغیر علم.
2- أی نجلب الیهم الطعام. منه رحمه اللّٰه.

فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ علیه السلام أَرَاكَ قَدْ عَانَقْتَ النِّسَاءَ وَ شَمِمْتَ الْوَلَدَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ یَامِینَ إِنَّ لِی أَباً صَالِحاً وَ إِنَّهُ قَالَ لِی تَزَوَّجْ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُخْرِجُ مِنْكَ ذُرِّیَّةً یُثْقِلُ الْأَرْضَ بِالتَّسْبِیحِ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ تَعَالَ فَاجْلِسْ عَلَی مَائِدَتِی فَقَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ لَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ یُوسُفَ وَ أَخَاهُ حَتَّی إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَی مَائِدَتِهِ فَأَمَرَ یُوسُفُ أَنْ یُجْعَلَ صُوَاعُ الْمَلِكِ فِی رَحْلِ ابْنِ یَامِینَ فَلَمَّا تَجَهَّزُوا أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَیْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِیرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ (1)قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِی الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِینَ وَ كَانَ الرَّسْمَ فِیهِمْ وَ الْحُكْمَ أَنَّ السَّارِقَ یُسْتَرَقُّ وَ لَا یُقْطَعُ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِینَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ فَبَدَأَ بِأَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِیهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِیهِ فَحَبَسَهُ فَقَالَ إِخْوَتُهُ لَمَّا أَصَابُوا الصُّوَاعَ فِی وِعَاءِ ابْنِ یَامِینَ إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها یُوسُفُ فِی نَفْسِهِ وَ لَمْ یُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ قالُوا یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَیْخاً كَبِیراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَیْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِیًّا قالَ كَبِیرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَیْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِی یُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ ارْجِعُوا إِلی أَبِیكُمْ فَقُولُوا یا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَ ما كُنَّا لِلْغَیْبِ حافِظِینَ وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی كُنَّا فِیها وَ الْعِیرَ الَّتِی أَقْبَلْنا فِیها وَ إِنَّا لَصادِقُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَی أَبِیهِمْ قَالُوا ذَلِكَ لَهُ قَالَ إِنَّ ابْنِی لَا یَسْرِقُ بَلْ سَوَّلَتْ (2)لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ ثُمَّ أَمَرَ بَنِیهِ بِالتَّجْهِیزِ إِلَی مِصْرَ فَسَارُوا حَتَّی أَتَوْا مِصْرَ فَدَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ وَ دَفَعُوا إِلَیْهِ كِتَاباً مِنْ یَعْقُوبَ یَسْتَعْطِفُهُ فِیهِ وَ یَسْأَلُهُ رَدَّ وَلَدِهِ عَلَیْهِ فَلَمَّا نَظَرَ فِیهِ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَ لَمْ

ص: 259


1- أی كفیل اؤدبه إلی من رده. منه رحمه اللّٰه.
2- أی زینت و سهلت لكم أنفسكم أمرا عظیما.

یَصْبِرْ حَتَّی قَامَ فَدَخَلَ الْبَیْتَ فَبَكَی سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْهِمْ فَقَالُوا لَهُ یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ (1)فَأَوْفِ لَنَا الْكَیْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَیْنا إِنَّ اللَّهَ یَجْزِی الْمُتَصَدِّقِینَ فَقَالَ لَهُمْ یُوسُفُ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا إِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ وَ یَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِینَ قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ (2)الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالانْصِرَافِ إِلَی یَعْقُوبَ وَ قَالَ لَهُمْ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا فَأَلْقُوهُ عَلی وَجْهِ أَبِی یَأْتِ بَصِیراً وَ أْتُونِی بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِینَ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی یَعْقُوبَ علیه السلام فَقَالَ یَا یَعْقُوبُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً یَرُدُّ اللَّهُ عَلَیْكَ بِهِ بَصَرَكَ وَ یَرُدُّ عَلَیْكَ ابْنَیْكَ قَالَ بَلَی قَالَ قُلْ مَا قَالَهُ أَبُوكَ آدَمُ فَتَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ مَا قَالَهُ نُوحٌ فَاسْتَوَتْ بِهِ سَفِینَتُهُ عَلَی الْجُودِیِّ وَ نَجَا مِنَ الْغَرَقِ وَ مَا قَالَهُ أَبُوكَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ حِینَ أُلْقِیَ فِی النَّارِ فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً فَقَالَ یَعْقُوبُ وَ مَا ذَاكَ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ قُلْ یَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ أَنْ تَأْتِیَنِی بِیُوسُفَ وَ ابْنِ یَامِینَ جَمِیعاً وَ تَرُدَّ عَلَیَّ عَیْنَیَّ فَمَا اسْتَتَمَّ یَعْقُوبُ هَذَا الدُّعَاءَ حَتَّی جَاءَ الْبَشِیرُ فَأَلْقَی قَمِیصَ یُوسُفَ عَلَیْهِ فَارْتَدَّ بَصِیراً فَقَالَ لَهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا یا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِینَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ فَرُوِیَ فِی خَبَرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ أَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ فَأَقْبَلَ یَعْقُوبُ إِلَی مِصْرَ وَ خَرَجَ یُوسُفُ لِیَسْتَقْبِلَهُ فَهَمَّ بِأَنْ یَتَرَجَّلَ لِیَعْقُوبَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْمُلْكِ فَلَمْ یَفْعَلْ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ لَكَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْزِلَ إِلَی عَبْدِیَ الصَّالِحِ مَا كُنْتَ فِیهِ ابْسُطْ یَدَكَ فَبَسَطَهَا فَخَرَجَ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ نُورٌ فَقَالَ مَا هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا أَنَّهُ لَا یَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ نَبِیٌّ أَبَداً عُقُوبَةً بِمَا صَنَعْتَ بِیَعْقُوبَ إِذْ لَمْ تَنْزِلْ إِلَیْهِ فَقَالَ یُوسُفُ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِینَ وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فَقَالَ یُوسُفُ لِیَعْقُوبَ یا أَبَتِ

ص: 260


1- أی قلیلة، أو بضاعة ردیئة یرغب عنها كل تاجر.
2- أی لا تقریع و لا تعییر علیكم. و التثریب: هو الاستقصاء فی اللوم و التوبیخ.

هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّی حَقًّا إِلَی قَوْلِهِ تَوَفَّنِی مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ فَرُوِیَ فِی خَبَرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ یُوسُفُ السِّجْنَ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِیهِ (1)ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ بَقِیَ بَعْدَ خُرُوجِهِ ثَمَانِینَ سَنَةً فَذَلِكَ مِائَةُ سَنَةٍ وَ عَشْرُ سِنِینَ (2).

توضیح: ذلِكَ كَیْلٌ یَسِیرٌ قال البیضاوی أی مكیل قلیل لا یكفینا استقلوا ما كیل لهم فأرادوا أن یضاعفوه بالرجوع إلی الملك و یزدادوا إلیه ما یكال لأخیهم و یجوز أن یكون الإشارة إلی كَیْلَ بَعِیرٍ أی ذلك شی ء قلیل لا یضایقنا فیه الملك و لا یتعاظمه و قیل إنه من كلام یعقوب و معناه و إن حمل بعیر شی ء یسیر لا یخاطر لمثله بالولد قوله تعالی خَلَصُوا نَجِیًّا أی تخلصوا و اعتزلوا متناجین انتهی. (3)و قال السید قدس اللّٰه روحه فإن قیل ما الوجه فی طلب یوسف علیه السلام أخاه من إخوته ثم حبسه له عن الرجوع إلی أبیه مع علمه بما یلحقه علیه من الحزن و هل هذا إلا إضرار به و بأبیه قلنا الوجه فی ذلك ظاهر لأن یوسف علیه السلام لم یفعل ذلك إلا بوحی من اللّٰه تعالی إلیه و ذلك امتحان منه لنبیه یعقوب علیه السلام و ابتلاء لصبره و تعریض للعالی من منزلة الثواب و نظیر ذلك امتحانه علیه السلام بأن صرف عنه خبر یوسف طول تلك المدة حتی ذهب بصره بالبكاء علیه و إنما أمرهم یوسف علیه السلام بأن یلطفوا بأبیهم فی إرساله من غیر أن یكذبوه أو یخدعوه فإن قیل أ لیس قد قالوا له سنراود أباه و المراودة هی الخداع و المكر قلنا لیس المراودة علی ما ظننتم بل هی التلطف و التسبب و الاحتیال و قد یكون ذلك من جهة الصدق و الكذب جمیعا و إنما أمرهم بفعله علی أحسن الوجوه فإن خالفوه فلا لوم إلا علیهم.

فإن قیل فما بال یوسف لم یعلم أباه علیه السلام بخبره لتسكن نفسه و یزول وجده مع علمه بشدة تحرقه و عظم قلقه قلنا فی ذلك وجهان أحدهما أن ذلك كان له ممكنا و كان علیه قادرا فأوحی اللّٰه تعالی إلیه بأن یعدل عن اطلاعه علی خبره تشدیدا للمحنة

ص: 261


1- فی نسخة: و مكث فیها.
2- أمالی الصدوق: 149- 152. م.
3- أنوار التنزیل 1: 233. م.

علیه و تعریضا للمنزلة الرفیعة فی البلوی و له تعالی أن یصعب التكلیف و أن یسهله و الجواب الآخر أنه جائز أن یكون علیه السلام لم یتمكن من ذلك و لا قدر علیه فلذلك عدل عنه (1).

«24»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ الْعُمَرِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قالُوا إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها یُوسُفُ فِی نَفْسِهِ وَ لَمْ یُبْدِها لَهُمْ قَالَ كَانَتْ لِإِسْحَاقَ النَّبِیِّ علیه السلام مِنْطَقَةٌ تَتَوَارَثُهَا الْأَنْبِیَاءُ الْأَكَابِرُ (2)وَ كَانَتْ عِنْدَ عَمَّةِ یُوسُفَ وَ كَانَ یُوسُفُ عِنْدَهَا وَ كَانَتْ تُحِبُّهُ فَبَعَثَ إِلَیْهَا أَبُوهُ ابْعَثِیهِ إِلَیَّ وَ أَرُدُّهُ إِلَیْكَ فَبَعَثَتْ إِلَیْهِ دَعْهُ عِنْدِیَ اللَّیْلَةَ أَشُمَّهُ ثُمَّ أُرْسِلَهُ إِلَیْكَ غَدَاةً قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَخَذَتِ الْمِنْطَقَةَ فَشَدَّتْهَا فِی وَسَطِهِ تَحْتَ الثِّیَابِ وَ بَعَثَتْ بِهِ إِلَی أَبِیهِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا طَلَبَتِ الْمِنْطَقَةَ فَوَجَدَتْ عَلَیْهِ (3)وَ كَانَ إِذَا سَرَقَ أَحَدٌ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ دُفِعَ إِلَی صَاحِبِ السَّرِقَةِ فَكَانَ عَبْدَهُ (4).

شی، تفسیر العیاشی عن إسماعیل مثله (5)- 25- ل، الخصال أبی عن محمد العطار عن الأشعری عن علی بن محمد عن رجل عن

ص: 262


1- تنزیه الأنبیاء: 57- 59 قلت: سیأتی فی الخبر 58 أن یوسف أرسل إلی أبیه رجلا یقول له: انی رأیت رجلا بمصر یقرؤك السلام و یقول لك: ان ودیعتك عند اللّٰه عزّ و جلّ لن تضیع، فعلم یعقوب ان یوسف حی و لذا كان یقول: «إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ» و یقول: «إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ» و غیر ذلك.
2- أی تتوارثها الأنبیاء بعد یعقوب و یوسف.
3- متن الحدیث فی العیون هكذا: فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها فی حقوه و ألبسته قمیصا و بعثت به الی أبیه، فلما خرج من عندها طلبت المنطقة و قالت: سرقت المنطقة فوجدت علیه. و كذا فی العلل الا ان فیه: الی أبیه و قالت: سرقت اه.
4- علل الشرائع: 28، عیون الأخبار: 232. م.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.

سلیمان بن زیاد المنقری (1)عن عمرو بن شمر عن إسماعیل السدی عن عبد الرحمن بن سابط القرشی (2)عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری فی قول اللّٰه عز و جل حكایة عن یوسف إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ فقال فی تسمیة النجوم هو الطارق و جوبان و الذیال و ذو الكنفان و قابس و وثاب و عمودان و فیلق و مصبح و الصدح و ذو الفزع و الضیاء و النور یعنی الشمس و القمر و كل هذه الكواكب محیطة بالسماء (3).

«26»-ل، الخصال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ یُقَالُ لَهُ بُسْتَانٌ (4)الْیَهُودِیُّ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِی رَآهَا یُوسُفُ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ مَا أَسْمَاؤُهُمَا فَلَمْ یُجِبْهُ نَبِیُّ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ فِی شَیْ ءٍ وَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ بَعْدُ فَأَخْبَرَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَسْمَائِهَا قَالَ فَبَعَثَ نَبِیُّ اللَّهِ إِلَی بُسْتَانٍ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ أَنْتَ مُسْلِمٌ إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِأَسْمَائِهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جربانٌ وَ الطَّارِقُ وَ الذَّیَّالُ وَ ذُو الْكَنَفَانِ وَ قَابِسُ وَ وَثَّابٌ وَ عَمُودَانُ وَ الْفَیْلَقُ وَ الْمُصْبِحُ وَ الضَّرُوحُ وَ ذُو الْفَزَعِ وَ الضِّیَاءِ وَ النُّورِ رَآهَا فِی أُفُقِ السَّمَاءِ سَاجِدَةً لَهُ فَلَمَّا قَصَّهَا یُوسُفُ علیه السلام عَلَی یَعْقُوبَ علیه السلام قَالَ یَعْقُوبُ هَذَا أَمْرٌ مُتَشَتِّتٌ یَجْمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدُ قَالَ فَقَالَ بُسْتَانٌ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَأَسْمَاؤُهَا (5).

ص: 263


1- هكذا فی المصدر و نسخ من الكتاب، و فی نسخة: سلیمان بن داود المنقریّ و لعله الصحیح.
2- فی نسخة: سائط، و الصحیح: سابط بالموحدة، یقال: هو عبد الرحمن بن عبد اللّٰه بن سابط و یقال: عبد الرحمن بن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن بن سابط بن أبی حمیضة بن عمرو بن أهیب بن حذافة بن جمح الجمحی المكی تابعی، ذكره ابن حجر فی تهذیب التهذیب 6: 180.
3- الخصال 2: 63. و الموجود فی الخصال المطبوع فی السند الأول: ذو الكتفان مضبح و الضروج. و فی الثانی: حربان مضبح و الضروج و ذا القرع. و رواه الثعلبی بإسناده عن الحكم بن ظهیر فی العرائس، و فیه: جریان و الطارق و الذبال و ذو الكتعین و الفرغ و وثاب و عمودان و المصبح و الضلیق و الضروح، و تقدم فی الحدیث الأول و ذیله ذكرها و ذكر الخلاف.
4- فی العرائس: یقال له: نستار.
5- الخصال 2: 63. و الموجود فی الخصال المطبوع فی السند الأول: ذو الكتفان مضبح و الضروج. و فی الثانی: حربان مضبح و الضروج و ذا القرع. و رواه الثعلبی بإسناده عن الحكم بن ظهیر فی العرائس، و فیه: جریان و الطارق و الذبال و ذو الكتعین و الفرغ و وثاب و عمودان و المصبح و الضلیق و الضروح، و تقدم فی الحدیث الأول و ذیله ذكرها و ذكر الخلاف.

بیان: فی البیضاوی ذو الكتفین (1)و فی العرائس ذو الكنفات (2)و فی أكثر نسخ البیضاوی الفلیق و فی العرائس كما فی الخبر (3).

«27»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْبَحْرَانِیِّ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْبَكَّاءُونَ خَمْسَةٌ آدَمُ وَ یَعْقُوبُ وَ یُوسُفُ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَأَمَّا آدَمُ فَبَكَی عَلَی الْجَنَّةِ حَتَّی صَارَ فِی خَدَّیْهِ أَمْثَالُ الْأَوْدِیَةِ وَ أَمَّا یَعْقُوبُ فَبَكَی عَلَی یُوسُفَ حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ حَتَّی قِیلَ لَهُ تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوسُفَ حَتَّی تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِینَ وَ أَمَّا یُوسُفُ فَبَكَی عَلَی یَعْقُوبَ حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَقَالُوا لَهُ إِمَّا أَنْ تَبْكِیَ اللَّیْلَ وَ تَسْكُتَ بِالنَّهَارِ وَ إِمَّا أَنْ تَبْكِیَ النَّهَارَ وَ تَسْكُتَ بِاللَّیْلِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَ أَمَّا فَاطِمَةُ فَبَكَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ الْمَدِینَةِ فَقَالُوا لَهَا قَدْ آذَیْتِنَا بِكَثْرَةِ بُكَائِكِ فَكَانَتْ تَخْرُجُ إِلَی الْمَقَابِرِ مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ فَتَبْكِی حَتَّی تَنْقَضِیَ حَاجَتُهَا ثُمَّ تَنْصَرِفُ وَ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَبَكَی عَلَی الْحُسَیْنِ عِشْرِینَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِینَ سَنَةً مَا وُضِعَ بَیْنَ یَدَیْهِ طَعَامٌ إِلَّا بَكَی حَتَّی قَالَ لَهُ مَوْلًی لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ (4)قَالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ إِنِّی مَا أَذْكُرُ مَصْرَعَ بَنِی فَاطِمَةَ إِلَّا خَنَقَتْنِی لِذَلِكَ عَبْرَةٌ (5).

«28»-سن، المحاسن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْكَاهِلِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ یَعْقُوبَ لَمَّا ذَهَبَ مِنْهُ ابْنُ یَامِینَ (6)نَادَی یَا رَبِّ أَ مَا تَرْحَمُنِی أَذْهَبْتَ عَیْنَیَّ وَ أَذْهَبْتَ ابْنَیَّ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ لَوْ أَمَتُّهُمَا لَأَحْیَیْتُهُمَا حَتَّی أَجْمَعَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمَا وَ لَكِنْ أَ مَا تَذْكُرُ الشَّاةَ ذَبَحْتَهَا وَ شَوَیْتَهَا

ص: 264


1- أنوار التنزیل 1: 227، و فیه: «الفرغ» مكان «ذو الفزع». م.
2- قد عرفت أن فیه ذو الكتفین.
3- العرائس: 70 و قد ذكرنا قبل ذلك أسماءها عن العرائس فلیراجعه.
4- هكذا فی المصدر و فی نسخ، و فی نسخة من الكتاب الهالكین و كذلك فی الخصال المطبوع جدیدا ذكره عن نسخ مخطوطة، و هو الأصحّ.
5- الخصال 1: 131. م.
6- قد عرفت قبلا الخلاف فی ذلك، و أنّه بنیامین أو ابن یامین.

وَ أَكَلْتَ وَ فُلَانٌ إِلَی جَنْبِكَ صَائِمٌ لَمْ تُنِلْهُ مِنْهَا شَیْئاً قَالَ ابْنُ أَسْبَاطٍ قَالَ یَعْقُوبُ حَدَّثَنِی الْمِیثَمِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ یَعْقُوبَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ یُنَادِی مُنَادِیهِ كُلَّ غَدَاةٍ مِنْ مَنْزِلِهِ عَلَی فَرْسَخٍ أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ (1)فَلْیَأْتِ آلَ یَعْقُوبَ وَ إِذَا أَمْسَی نَادَی أَلَا مَنْ أَرَادَ الْعَشَاءَ فَلْیَأْتِ آلَ یَعْقُوبَ (2).

«29»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ أَنْبِیَاءَ مُلُوكاً فِی الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ اسْمُهُ عَیَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ یُوسُفُ علیهم السلام فَأَمَّا عَیَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مَلَكَ سُلَیْمَانُ وَ أَمَّا یُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِیَهَا لَمْ یُجَاوِزْهَا إِلَی غَیْرِهَا (3).

«30»-ع، علل الشرائع الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ یَعْقُوبُ وَ عِیصٌ تَوْأَمَیْنِ فَوُلِدَ عِیصٌ ثُمَّ وُلِدَ یَعْقُوبُ فَسُمِّیَ یَعْقُوبَ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِعَقِبِ أَخِیهِ عِیصٍ وَ یَعْقُوبُ هُوَ إِسْرَائِیلُ وَ مَعْنَی إِسْرَائِیلَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَنَّ الْإِسْرَا هُوَ عَبْدٌ وَ إِیلَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رُوِیَ فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ الْإِسْرَا هُوَ الْقُوَّةُ وَ إِیلَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَعْنَی إِسْرَائِیلَ قُوَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (4).

«31»-ع، علل الشرائع عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الدِّمَشْقِیِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ (5)فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ یَقُولُ فِیهِ إِنَّمَا سُمِّیَ إِسْرَائِیلُ إِسْرَائِیلَ اللَّهِ لِأَنَّ یَعْقُوبَ كَانَ یَخْدُمُ بَیْتَ الْمَقْدِسِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ یَدْخُلُ وَ آخِرَ مَنْ یَخْرُجُ وَ كَانَ یُسْرِجُ الْقَنَادِیلَ وَ كَانَ إِذَا كَانَ بِالْغَدَاةِ رَآهَا مُطْفَأَةً قَالَ

ص: 265


1- الغداء: طعام الغدوة و یقابله العشاء.
2- محاسن البرقی: 399. م.
3- الخصال 1: 118.
4- علل الشرائع: 26. م.
5- هكذا فی نسخ و فی المصدر، و فی المطبوع: كعب الاحبار بالحاء المهملة و هو الصحیح.

فَبَاتَ لَیْلَةً فِی مَسْجِدِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَإِذَا بِجِنِّیٍّ یُطْفِئُهَا فَأَخَذَهُ فَأَسَرَهُ إِلَی سَارِیَةٍ فِی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا رَأَوْهُ أَسِیراً وَ كَانَ اسْمُ الْجِنِّیِّ إِیلَ فَسُمِّیَ إِسْرَائِیلَ لِذَلِكَ (1).

«32»-یه، من لا یحضر الفقیه فِی رِوَایَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ یَعْقُوبُ لِابْنِهِ یُوسُفَ یَا بُنَیَّ لَا تَزْنِ فَإِنَّ الطَّیْرَ لَوْ زَنَی لَتَنَاثَرَ رِیشُهُ (2).

«33»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَاءَ رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ لِیَ ابْنَةَ عَمٍّ قَدْ رَضِیتُ جَمَالَهَا وَ حُسْنَهَا وَ دِینَهَا وَ لَكِنَّهَا عَاقِرٌ فَقَالَ لَا تَتَزَوَّجْهَا إِنَّ یُوسُفَ بْنَ یَعْقُوبَ لَقِیَ أَخَاهُ فَقَالَ یَا أَخِی كَیْفَ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَتَزَوَّجَ النِّسَاءَ بَعْدِی فَقَالَ إِنَّ أَبِی أَمَرَنِی وَ قَالَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ لَكَ ذُرِّیَّةٌ تُثْقِلُ الْأَرْضَ بِالتَّسْبِیحِ فَافْعَلْ (3).

«34»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرُ وَقْتٍ دَعَوْتُمُ اللَّهَ فِیهِ الْأَسْحَارُ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ فِی قَوْلِ یَعْقُوبَ علیه السلام سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی فَقَالَ أَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ (4).

«35»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ قَالَ قَامَتِ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ إِلَی الصَّنَمِ فَأَلْقَتْ عَلَیْهِ ثَوْباً فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ مَا هَذَا فَقَالَتْ أَسْتَحِی (5)مِنَ الصَّنَمِ أَنْ یَرَانَا فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ أَ تَسْتَحْیِینَ مَنْ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُبْصِرُ وَ لَا یَفْقَهُ وَ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا أَسْتَحِی (6)أَنَا مِمَّنْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَ عَلَّمَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ (7).

صح : عنه 7 مثله. (8)

ص: 266


1- علل الشرائع:26 .م
2- الفقیه: 471. م.
3- فروع الكافی ج 2: 6 و للحدیث ذیل. م.
4- أصول الكافی ج 2: 477. م.
5- فی نسخة: أستحیی.
6- فی نسخة: أستحیی.
7- عیون الأخبار: 209. م.
8- صحیفة الرضا : ٣٧ وفیها : ولا استحیی ممن خلق الاشیاء وعلمها. م

«36»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: أَخَذَ النَّاسُ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخَذُوا الصَّبْرَ عَنْ أَیُّوبَ علیه السلام وَ الشُّكْرَ عَنْ نُوحٍ علیه السلام وَ الْحَسَدَ عَنْ بَنِی یَعْقُوبَ (1).

صح : عنه 7 مثله. (2)

«37»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی قَالَ رَوَی أَصْحَابُنَا عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَصْلَحَكَ اللَّهُ كَیْفَ صِرْتَ إِلَی مَا صِرْتَ إِلَیْهِ مِنَ الْمَأْمُونِ وَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَا هَذَا أَیُّهُمَا أَفْضَلُ النَّبِیُّ أَوِ الْوَصِیُّ قَالَ لَا بَلِ النَّبِیُّ قَالَ فَأَیُّهُمَا أَفْضَلُ مُسْلِمٌ أَوْ مُشْرِكٌ قَالَ لَا بَلْ مُسْلِمٌ قَالَ فَإِنَّ الْعَزِیزَ عَزِیزَ مِصْرَ كَانَ مُشْرِكاً وَ كَانَ یُوسُفُ علیه السلام نَبِیّاً وَ إِنَّ الْمَأْمُونَ مسلما (3)(مُسْلِمٌ) وَ أَنَا وَصِیٌّ وَ یُوسُفُ سَأَلَ الْعَزِیزَ أَنْ یُوَلِّیَهُ حِینَ قَالَ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ وَ أَنَا أُجْبِرْتُ عَلَی ذَلِكَ وَ قَالَ علیه السلام فِی قَوْلِهِ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ قَالَ حَافِظٌ لِمَا فِی یَدَیَّ عَالِمٌ بِكُلِّ لِسَانٍ (4).

شی، تفسیر العیاشی عن الحسن بن موسی مثله (5)بیان قال السید قدس اللّٰه روحه فإن قیل ما معنی قول یوسف علیه السلام للعزیز اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ و كیف یجوز أن یطلب الولایة من قبل الظالم قلنا إنما التمس تمكینه من خزائن الأرض لیحكم فیها بالعدل و لیصرفها إلی مستحقیها و كان ذلك له من غیر ولایة و إنما سأل الولایة لیتمكن من الحق الذی له أن یفعله و لمن لم یتمكن من إقامة الحق و الأمر بالمعروف أن یتسبب إلیه و یتوصل إلی فعله فلا لوم فی ذلك علی یوسف علیه السلام و لا حرج (6).

«38»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْفَحَّامُ عَنِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عِیسَی بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ

ص: 267


1- عیون الأخبار: 209. م.
2- صحیفه الرضا : ٣٧. م
3- فی المصدرین: مسلم. م.
4- علل الشرائع: 90، عیون الأخبار: 278. م.
5- مخطوط. م.
6- تنزیه الأنبیاء: 60- 61. م.

الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قَوْلِ یَعْقُوبَ فَصَبْرٌ جَمِیلٌ قَالَ بِلَا شَكْوَی (1).

«39»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولُوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ دُعَاءِ یُوسُفَ علیه السلام مَا كَانَ فَقَالَ إِنَّ دُعَاءَ یُوسُفَ علیه السلام كَانَ كَثِیراً لَكِنَّهُ لَمَّا اشْتَدَّ عَلَیْهِ الْحَبْسُ خَرَّ لِلَّهِ سَاجِداً وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتِ الذُّنُوبُ قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِی عِنْدَكَ فَلَنْ تَرْفَعَ لِی إِلَیْكَ صَوْتاً فَأَنَا أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ بِوَجْهِ الشَّیْخِ یَعْقُوبَ قَالَ ثُمَّ بَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی یَعْقُوبَ وَ عَلَی یُوسُفَ وَ أَنَا أَقُولُ اللَّهُمَّ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

«40»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی مَحْمُودٍ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ علیه السلام لَمَّا أَنْ كَانَ فِی السِّجْنِ شَكَا إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَكْلَ الْخُبُزِ وَحْدَهُ وَ سَأَلَ إِدَاماً یَأْتَدِمُ بِهِ وَ قَدْ كَانَ كَثُرَ عِنْدَهُ قِطَعُ الْخُبُزِ الْیَابِسِ فَأَمَرَهُ أَنْ یَأْخُذَ الْخُبُزَ وَ یَجْعَلَهُ فِی إِجَّانَةٍ (3)وَ یَصُبَّ عَلَیْهِ الْمَاءَ وَ الْمِلْحَ فَصَارَ مُرِّیّاً وَ جَعَلَ یَأْتَدِمُ بِهِ علیه السلام (4).

بیان: قال الفیروزآبادی المرّیّ كدرّیّ إدام كالكامخ أقول هو الذی یقال له بالفارسیة آب كامه.

قل، إقبال الأعمال عَنِ الْمُفِیدِ فِی كِتَابِ حَدَائِقِ الرِّیَاضِ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ الْمُحَرَّمِ كَانَ خَلَاصُ یُوسُفَ علیه السلام مِنَ الْجُبِّ (5).

«42»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَشْجَعِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا أَصَابَتِ امْرَأَةَ الْعَزِیزِ الْحَاجَةُ قِیلَ لَهَا لَوْ أَتَیْتِ یُوسُفَ بْنَ یَعْقُوبَ

ص: 268


1- أمالی الطوسیّ: 184. م.
2- أمالی الطوسیّ: 264. أی انا أقول: أتوجه اللّٰهمّ بك و برسولك.
3- الاجانة: اناء تغسل فیه الثیاب.
4- فروع الكافی ج 2: 173 ذكره فی باب المری من الاطعمة. م.
5- اقبال الاعمال: 554. م.

فَشَاوَرَتْ فِی ذَلِكَ فَقِیلَ لَهَا إِنَّا نَخَافُهُ عَلَیْكِ قَالَتْ كَلَّا إِنِّی لَا أَخَافُ مَنْ یَخَافُ اللَّهَ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَیْهِ فَرَأَتْهُ فِی مُلْكِهِ قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْعَبِیدَ مُلُوكاً بِطَاعَتِهِ وَ جَعَلَ الْمُلُوكَ عَبِیداً بِالْمَعْصِیَةِ فَتَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا بِكْراً فَقَالَ لَهَا أَ لَیْسَ هَذَا أَحْسَنَ أَ لَیْسَ هَذَا أَجْمَلَ فَقَالَتْ إِنِّی كُنْتُ بُلِیتُ مِنْكَ بِأَرْبَعِ خِلَالٍ كُنْتُ أَجْمَلَ أَهْلِ زَمَانِی وَ كُنْتَ أَجْمَلَ أَهْلِ زَمَانِكَ وَ كُنْتُ بِكْراً وَ كَانَ زَوْجِی عِنِّیناً فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ إِخْوَةِ یُوسُفَ مَا كَانَ كَتَبَ یَعْقُوبُ علیه السلام إِلَی یُوسُفَ علیه السلام وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ أَنَّهُ یُوسُفُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی عَزِیزِ آلِ فِرْعَوْنَ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ مُولَعَةٌ بِنَا أَسْبَابُ الْبَلَاءِ كَانَ جَدِّی إِبْرَاهِیمُ أُلْقِیَ فِی النَّارِ فِی طَاعَةِ رَبِّهِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ أَمَرَ اللَّهُ جَدِّی أَنْ یَذْبَحَ أَبِی فَفَدَاهُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَ كَانَ لِیَ ابْنٌ وَ كَانَ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ عَلَیَّ فَفَقَدْتُهُ فَأَذْهَبَ حُزْنِی عَلَیْهِ نُورَ بَصَرِی وَ كَانَ لَهُ أَخٌ مِنْ أُمِّهِ فَكُنْتُ إِذَا ذَكَرْتُ الْمَفْقُودَ ضَمَمْتُ أَخَاهُ هَذَا إِلَی صَدْرِی فَأَذْهَبَ عَنِّی بَعْضَ وُجْدِی (1)وَ هُوَ الْمَحْبُوسُ عِنْدَكَ فِی السَّرِقَةِ وَ إِنِّی أُشْهِدُكَ أَنِّی لَمْ أَسْرِقْ وَ لَمْ أَلِدْ سَارِقاً فَلَمَّا قَرَأَ یُوسُفُ الْكِتَابَ بَكَی وَ صَاحَ وَ قَالَ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا فَأَلْقُوهُ عَلی وَجْهِ أَبِی یَأْتِ بَصِیراً وَ أْتُونِی بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِینَ(2).

«43»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی (3)قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ إِخْوَةِ یُوسُفَ مَا كَانَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ مِنْ یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ ذَبِیحِ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ وَ كَانَ لِیَ ابْنٌ وَ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَیَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ هُوَ مِنَ الْمَحْبُوسِینَ عِنْدَكَ إِنِّی أُخْبِرُكَ أَنِّی لَمْ أَسْرِقْ وَ لَمْ أَلِدْ سَارِقاً فَلَمَّا قَرَأَ یُوسُفُ كِتَابَهُ بَكَی وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ اصْبِرْ كَمَا صَبَرُوا تَظْفَرْ كَمَا ظَفِرُوا فَلَمَّا انْتَهَی الْكِتَابُ إِلَی یَعْقُوبَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا هَذَا بِكَلَامِ الْمُلُوكِ وَ الْفَرَاعِنَةِ بَلْ هُوَ

ص: 269


1- فی المصدر: فیذهب عنی بعض وجدی. قلت: أی بعض حزنی.
2- أمالی الطوسیّ: 291- 292. م.
3- فی نسخة: عن عبد اللّٰه بن موسی.

كَلَامُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ فَحِینَئِذٍ قَالَ یا بَنِیَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ(1).

«44»-وَ مِنْهُ قَالَ: سَأَلَ بَعْضُهُمْ فَقِیلَ إِنَّ إِخْوَةَ یُوسُفَ علیه السلام أَلْقَوْهُ فِی الْجُبِّ وَ بَاعُوهُ وَ لَمْ یُصِبْهُمْ شَیْ ءٌ مِنَ الْبَلَاءِ وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ كُلُّهُ یُوسُفَ وَ حُبِسَ فِی السِّجْنِ وَ ابْتُلِیَ بِسَائِرِ الْبَلَاءِ فَمَا الْحِكْمَةُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ یَكُونُوا أَهْلًا لَهُ لَا كُلُّ بَدَنٍ یَصْلُحُ لِبَلِیَّتِهِ (2).

«45»-وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَكَثَ یُوسُفُ علیه السلام فِی مَنْزِلِ الْمَلِكِ وَ زَلِیخَا ثَلَاثَ سِنِینَ ثُمَّ أَحَبَّتْهُ فَرَاوَدَتْهُ فَبَلَغَنَا وَ اللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا مَكَثَتْ سَبْعَ سِنِینَ عَلَی صَدْرِ قَدَمَیْهَا وَ هُوَ مُطْرِقٌ إِلَی الْأَرْضِ لَا یَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَیْهَا مَخَافَةً مِنْ رَبِّهِ فَقَالَتْ یَوْماً ارْفَعْ طَرْفَكَ وَ انْظُرْ إِلَیَّ قَالَ أَخْشَی الْعَمَی فِی بَصَرِی قَالَتْ مَا أَحْسَنَ عَیْنَیْكَ قَالَ هُمَا أَوَّلُ سَاقِطٍ عَلَی خَدِّی فِی قَبْرِی قَالَتْ مَا أَطْیَبَ رِیحَكَ قَالَ لَوْ سَمِعْتِ رَائِحَتِی بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ مَوْتِی لَهَرَبْتِ مِنِّی قَالَتْ لِمَ لَا تَقْرُبُ مِنِّی قَالَ أَرْجُو بِذَلِكِ الْقُرْبَ مِنْ رَبِّی قَالَتْ فَرْشِیَ الْحَرِیرُ فَقُمْ وَ اقْضِ حَاجَتِی قَالَ أَخْشَی أَنْ یَذْهَبَ مِنَ الْجَنَّةِ نَصِیبِی قَالَتْ أُسَلِّمُكَ إِلَی الْمُعَذِّبِینَ قَالَ إِذاً یَكْفِیَنِی رَبِّی (3).

«46»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَیْنٍ (4)عَنْ مُوسَی بْنِ سَعِیدٍ الرَّقَاشِیِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ یَعْقُوبُ علیه السلام خَرَجَ یُوسُفُ علیه السلام فَاسْتَقْبَلَهُ فِی مَوْكِبِهِ فَمَرَّ بِامْرَأَةِ الْعَزِیزِ وَ هِیَ تَعْبُدُ فِی غُرْفَةٍ لَهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ عَرَفَتْهُ فَنَادَتْهُ بِصَوْتٍ حَزِینٍ أَیُّهَا الذَّاهِبُ طَالَ مَا أَحْزَنْتَنِی مَا أَحْسَنَ التَّقْوَی كَیْفَ حَرَّرَ الْعَبِیدَ وَ أَقْبَحَ الْخَطِیئَةَ كَیْفَ عَبَّدَتِ الْأَحْرَارَ (5).

«47»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ سَهْلٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا صَارَتِ الْأَشْیَاءُ لِیُوسُفَ بْنِ یَعْقُوبَ

ص: 270


1- دعوات الراوندیّ مخطوط. م.
2- دعوات الراوندیّ مخطوط. م.
3- دعوات الراوندیّ مخطوط. م.
4- فی المصدر: قال: حدّثنا مخلد بن الحسین بالمصیصة، قلت: هو الصحیح، و محمّد مصحف، قال ابن حجر فی التقریب ص 485: مخلد بن الحسین- بالضم- الأزدیّ الرملی أبو محمّد البصری نزیل المصیصة، ثقة فاضل من كبار التاسعة، مات سنة احدی و تسعین. قلت: أی بعد المائتین.
5- أمالی الطوسیّ: 292. م.

علیه السلام جَعَلَ الطَّعَامَ فِی بُیُوتٍ وَ أَمَرَ بَعْضَ وُكَلَائِهِ یَبِیعُ فَكَانَ یَقُولُ بِعْ بِكَذَا وَ كَذَا وَ السِّعْرُ قَائِمٌ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ یَزِیدُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ كَرِهَ أَنْ یَجْرِیَ الْغَلَاءُ عَلَی لِسَانِهِ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَبِعْ وَ لَمْ یُسَمِّ لَهُ سِعْراً فَذَهَبَ الْوَكِیلُ غَیْرَ بَعِیدٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ وَ بِعْ وَ كَرِهَ أَنْ یَجْرِیَ الْغَلَاءُ عَلَی لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْوَكِیلُ فَجَاءَ أَوَّلُ مَنِ اكْتَالَ فَلَمَّا بَلَغَ دُونَ مَا كَالَ بِالْأَمْسِ بِمِكْیَالٍ قَالَ الْمُشْتَرِی حَسْبُكَ إِنَّمَا أَرَدْتُ بِكَذَا وَ كَذَا فَعَلِمَ الْوَكِیلُ أَنَّهُ قَدْ غَلَا بِمِكْیَالٍ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ لَهُ كِلْ لِی فَكَالَ فَلَمَّا بَلَغَ دُونَ الَّذِی كَالَ لِلْأَوَّلِ بِمِكْیَالٍ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِی حَسْبُكَ إِنَّمَا أَرَدْتُ بِكَذَا وَ كَذَا فَعَلِمَ الْوَكِیلُ أَنَّهُ قَدْ غَلَا بِمِكْیَالٍ حَتَّی صَارَ إِلَی وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ (1).

«48»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام الْفَجْرَ بِالْمَدِینَةِ یَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَ سُبْحَتِهِ (2)نَهَضَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ أَنَا مَعَهُ فَدَعَا مَوْلَاةً لَهُ تُسَمَّی سُكَیْنَةَ فَقَالَ لَهَا لَا یَعْبُرْ عَلَی بَابِی سَائِلٌ إِلَّا أَطْعَمْتُمُوهُ فَإِنَّ الْیَوْمَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ قُلْتُ لَهُ لَیْسَ كُلُّ مَنْ یَسْأَلُ مُسْتَحِقّاً فَقَالَ یَا ثَابِتُ أَخَافُ أَنْ یَكُونَ بَعْضُ مَنْ یَسْأَلُنَا مُسْتَحِقّاً (3)فَلَا نُطْعِمَهُ وَ نَرُدَّهُ فَیَنْزِلَ بِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ مَا نَزَلَ بِیَعْقُوبَ وَ آلِهِ أَطْعِمُوهُمْ أَطْعِمُوهُمْ إِنَّ یَعْقُوبَ كَانَ یَذْبَحُ كُلَّ یَوْمٍ كَبْشاً فَیَتَصَدَّقُ مِنْهُ وَ یَأْكُلُ هُوَ وَ عِیَالُهُ مِنْهُ وَ إِنً سَائِلًا مُؤْمِناً صَوَّاماً مُسْتَحِقّاً (4)لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ وَ كَانَ مُجْتَازاً غَرِیباً اعْتَرَّ عَلَی بَابِ (5)یَعْقُوبَ عَشِیَّةَ جُمُعَةٍ عِنْدَ أَوَانِ إِفْطَارِهِ یَهْتِفُ عَلَی بَابِهِ أَطْعِمُوا السَّائِلَ الْمُجْتَازَ الْغَرِیبَ الْجَائِعَ مِنْ فَضْلِ طَعَامِكُمْ یَهْتِفُ بِذَلِكَ عَلَی بَابِهِ مِرَاراً وَ هُمْ یَسْمَعُونَهُ قَدْ جَهِلُوا حَقَّهُ وَ لَمْ یُصَدِّقُوا قَوْلَهُ فَلَمَّا یَئِسَ أَنْ یُطْعِمُوهُ وَ غَشِیَهُ اللَّیْلُ اسْتَرْجَعَ وَ اسْتَعْبَرَ (6)وَ شَكَا جُوعَهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَاتَ طَاوِیاً وَ أَصْبَحَ صَائِماً

ص: 271


1- فروع الكافی ج 1: 374- 375. م.
2- السبحة بالضم: الدعاء و التسبیح. و الصلاة النافلة. و فی نسخة: فرغ من صلاته و تسبیحه.
3- فی نسخة: محقا.
4- فی نسخة: محقا.
5- اعتره: أتاه للمعروف. و فی المصدر: و كان محتاجا غریبا عبر علی باب یعقوب.
6- استعبر: جرت عبرته، و العبرة: الدمعة.

جَائِعاً صَابِراً حَامِداً لِلَّهِ تَعَالَی وَ بَاتَ یَعْقُوبُ وَ آلُ یَعْقُوبَ شِبَاعاً بِطَاناً وَ أَصْبَحُوا وَ عِنْدَهُمْ فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامِهِمْ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی یَعْقُوبَ فِی صَبِیحَةِ تِلْكَ اللَّیْلَةِ لَقَدْ أَذْلَلْتَ یَا یَعْقُوبُ عَبْدِی ذِلَّةً اسْتَجْرَرْتَ بِهَا غَضَبِی وَ اسْتَوْجَبْتَ بِهَا أَدَبِی وَ نُزُولَ عُقُوبَتِی وَ بَلْوَایَ عَلَیْكَ وَ عَلَی وُلْدِكَ یَا یَعْقُوبُ إِنَّ أَحَبَّ أَنْبِیَائِی إِلَیَّ وَ أَكْرَمَهُمْ عَلَیَّ مَنْ رَحِمَ مَسَاكِینَ عِبَادِی وَ قَرَّبَهُمْ إِلَیْهِ وَ أَطْعَمَهُمْ وَ كَانَ لَهُمْ مَأْوًی وَ مَلْجَأً یَا یَعْقُوبُ أَ مَا رَحِمْتَ ذِمْیَالَ (1)عَبْدِی الْمُجْتَهِدَ فِی عِبَادَتِهِ الْقَانِعَ بِالْیَسِیرِ مِنْ ظَاهِرِ الدُّنْیَا (2)عِشَاءَ أَمْسِ لَمَّا اعْتَرَّ بِبَابِكَ عِنْدَ أَوَانِ إِفْطَارِهِ وَ هَتَفَ بِكُمْ أَطْعِمُوا السَّائِلَ الْغَرِیبَ الْمُجْتَازَ الْقَانِعَ فَلَمْ تُطْعِمُوهُ شَیْئاً فَاسْتَرْجَعَ وَ اسْتَعْبَرَ وَ شَكَا مَا بِهِ إِلَیَّ وَ بَاتَ طَاوِیاً حَامِداً لِی وَ أَصْبَحَ لِی صَائِماً وَ أَنْتَ یَا یَعْقُوبُ وَ وُلْدُكَ شِبَاعٌ وَ أَصْبَحَتْ عِنْدَكُمْ فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامِكُمْ أَ وَ مَا عَلِمْتَ یَا یَعْقُوبُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ وَ الْبَلْوَی إِلَی أَوْلِیَائِی أَسْرَعُ مِنْهَا إِلَی أَعْدَائِی وَ ذَلِكَ حُسْنُ النَّظَرِ مِنِّی لِأَوْلِیَائِی وَ اسْتِدْرَاجٌ مِنِّی لِأَعْدَائِی أَمَا وَ عِزَّتِی لَأُنْزِلُ بِكَ بَلْوَایَ وَ لَأَجْعَلَنَّكَ وَ وُلْدَكَ غَرَضاً لِمَصَائِبِی وَ لَأُوذِیَنَّكَ بِعُقُوبَتِی فَاسْتَعِدُّوا لِبَلْوَایَ وَ ارْضَوْا بِقَضَائِی وَ اصْبِرُوا لِلْمَصَائِبِ فَقُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَی رَأَی یُوسُفُ الرُّؤْیَا فَقَالَ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ الَّتِی بَاتَ فِیهَا یَعْقُوبُ وَ آلُ یَعْقُوبَ شِبَاعاً وَ بَاتَ فِیهَا ذِمْیَالُ طَاوِیاً جَائِعاً فَلَمَّا رَأَی یُوسُفُ الرُّؤْیَا وَ أَصْبَحَ یَقُصُّهَا عَلَی أَبِیهِ یَعْقُوبَ فَاغْتَمَّ یَعْقُوبُ لِمَا سَمِعَ مِنْ یُوسُفَ مَعَ مَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ- (3)أَنِ اسْتَعِدَّ لِلْبَلَاءِ فَقَالَ یَعْقُوبُ لِیُوسُفَ لَا تَقْصُصْ رُؤْیَاكَ هَذِهِ عَلَی إِخْوَتِكَ فَإِنِّی أَخَافُ أَنْ یَكِیدُوا لَكَ كَیْداً فَلَمْ یَكْتُمْ یُوسُفُ رُؤْیَاهُ وَ قَصَّهَا عَلَی إِخْوَتِهِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ كَانَتْ أَوَّلُ بَلْوَی نَزَلَتْ بِیَعْقُوبَ وَ آلِ یَعْقُوبَ الْحَسَدَ لِیُوسُفَ لَمَّا سَمِعُوا مِنْهُ الرُّؤْیَا (4)قَالَ فَاشْتَدَّتْ رِقَّةُ یَعْقُوبَ عَلَی یُوسُفَ وَ خَافَ أَنْ یَكُونَ مَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مِنَ

ص: 272


1- ذمل البعیر: سار سیرا لینا، و فی القاموس: الذمیلة: المعیبة، و لعلّ المراد فی الحدیث الذلة و الاحتیاج.
2- فی نسخة: من طاهر الدنیا.
3- فی نسخة: مغتما فأوحی اللّٰه إلیه.
4- فی نسخة: لما سمعوا منه من الرؤیا.

الِاسْتِعْدَادِ لِلْبَلَاءِ هُوَ فِی یُوسُفَ خَاصَّةً فَاشْتَدَّتْ رِقَّتُهُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْنِ وُلْدِهِ فَلَمَّا رَأَی إِخْوَةُ یُوسُفَ مَا یَصْنَعُ یَعْقُوبُ (1)بِیُوسُفَ وَ تَكْرِمَتَهُ إِیَّاهُ وَ إِیثَارَهُ إِیَّاهُ عَلَیْهِمْ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ بَدَا الْبَلَاءُ فِیهِمْ فَتَآمَرُوا (2)فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ قَالُوا إِنَّ یُوسُفَ وَ أَخَاهُ أَحَبُّ إِلی أَبِینا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ اقْتُلُوا یُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً یَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِیكُمْ وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِینَ أَیْ تَتُوبُونَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا یا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلی یُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً یَرْتَعْ فَقَالَ یَعْقُوبُ إِنِّی لَیَحْزُنُنِی أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ یَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فَانْتَزَعَهُ حَذَراً عَلَیْهِ مِنْهُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْبَلْوَی مِنَ اللَّهِ عَلَی یَعْقُوبَ فِی یُوسُفَ خَاصَّةً لِمَوْقِعِهِ مِنْ قَلْبِهِ وَ حُبِّهِ لَهُ قَالَ فَغَلَبَتْ قُدْرَةُ اللَّهِ وَ قَضَاؤُهُ وَ نَافِذُ أَمْرِهِ فِی یَعْقُوبَ وَ یُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ فَلَمْ یَقْدِرْ یَعْقُوبُ عَلَی دَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْ نَفْسِهِ وَ لَا عَنْ یُوسُفَ وَ وُلْدِهِ فَدَفَعَهُ إِلَیْهِمْ وَ هُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ مُتَوَقِّعٌ لِلْبَلْوَی مِنَ اللَّهِ فِی یُوسُفَ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ مَنْزِلِهِمْ لَحِقَهُمْ مُسْرِعاً فَانْتَزَعَهُ مِنْ أَیْدِیهِمْ فَضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ اعْتَنَقَهُ وَ بَكَی وَ دَفَعَهُ إِلَیْهِمْ فَانْطَلَقُوا بِهِ مُسْرِعِینَ مَخَافَةَ أَنْ یَأْخُذَهُ مِنْهُمْ وَ لَا یَدْفَعَهُ إِلَیْهِمْ (3)فَلَمَّا أَمْعَنُوا بِهِ أَتَوْا بِهِ غَیْضَةَ أَشْجَارٍ فَقَالُوا نَذْبَحُهُ وَ نُلْقِیهِ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَیَأْكُلُهُ الذِّئْبُ اللَّیْلَةَ فَقَالَ كَبِیرُهُمْ لا تَقْتُلُوا یُوسُفَ وَ لَكِنْ أَلْقُوهُ فِی غَیابَتِ الْجُبِّ یَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّیَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِینَ فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَی الْجُبِّ فَأَلْقَوْهُ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ یَغْرَقُ فِیهِ فَلَمَّا صَارَ فِی قَعْرِ الْجُبِّ نَادَاهُمْ یَا وُلْدَ رُومِینَ أَقْرِءُوا یَعْقُوبَ عَنِّی السَّلَامَ فَلَمَّا سَمِعُوا كَلَامَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تَزَالُوا مِنْ هَاهُنَا حَتَّی تَعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَلَمْ یَزَالُوا بِحَضْرَتِهِ حَتَّی أَمْسَوْا- (4)وَ رَجَعُوا إِلَی أَبِیهِمْ عِشاءً یَبْكُونَ قالُوا یا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا یُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهُمُ اسْتَرْجَعَ وَ اسْتَعْبَرَ وَ ذَكَرَ مَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْبَلَاءِ فَصَبَرَ وَ أَذْعَنَ لِلْبَلْوَی (5)وَ قَالَ لَهُمْ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ

ص: 273


1- فی نسخة: صنیع یعقوب. و فی أخری: ما صنع یعقوب.
2- أی تشاوروا.
3- فی نسخة: و لا یعیده الیهم.
4- فی نسخة: حتی أیسوا.
5- فی المصدر: للبلاء. م.

أَمْراً وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیُطْعِمَ لَحْمَ یُوسُفَ الذِّئْبَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أُرِیَ (1)تَأْوِیلَ رُؤْیَاهُ الصَّادِقَةِ (2)قَالَ أَبُو حَمْزَةَ ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِیثُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عِنْدَ هَذَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَوْتُ عَلَیْهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ حَدَّثْتَنِی أَمْسِ بِحَدِیثٍ لِیَعْقُوبَ (3)وَ وُلْدِهِ ثُمَّ قَطَعْتَهُ مَا كَانَ مِنْ قِصَّةِ إِخْوَةِ یُوسُفَ وَ قِصَّةِ یُوسُفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَمَّا أَصْبَحُوا قَالُوا انْطَلِقُوا بِنَا حَتَّی نَنْظُرَ مَا حَالُ یُوسُفَ أَ مَاتَ أَمْ هُوَ حَیٌّ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی الْجُبِّ وَجَدُوا بِحَضْرَةِ الْجُبِّ سَیَّارَةً وَ قَدْ أَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلی دَلْوَهُ فَلَمَّا جَذَبَ دَلْوَهُ إِذَا هُوَ بِغُلَامٍ مُتَعَلِّقٍ بِدَلْوِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ یا بُشْری هذا غُلامٌ فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ أَقْبَلُوا إِلَیْهِمْ (4)إِخْوَةُ یُوسُفَ فَقَالُوا (5)هَذَا عَبْدُنَا سَقَطَ مِنَّا أَمْسِ فِی هَذَا الْجُبِّ وَ جِئْنَا الْیَوْمَ لِنُخْرِجَهُ فَانْتَزَعُوهُ

ص: 274


1- فی نسخة من المصدر: من قبل أن رأی.
2- قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: قیل: ان یعقوب لما أرسله معهم أخرجوه مكرما، فلما وصلوا الی الصحراء أظهروا له العداوة و جعلوا یضربونه و هو یستغیث بواحد واحد منهم فلا یغیثه، و كان یقول: یا أبتاه، فهموا بقتله فمنعهم یهودا منه و قیل لاوی كما رواه بعض أصحابنا، و انطلقوا به الی الجب فجعلوا یدلونه فی البئر و هو یتعلق بشفیرها، ثمّ نزعوا قمیصه عنه، و هو یقول: لا تفعلوا ردوا علی قمیصی أتواری به، فیقولون: ادع الشمس و القمر و الاحد عشر كوكبا تؤنسنك، فدلوه الی البئر حتّی إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن یموت، و كان فی البئر ماء فسقط فیه، ثمّ آوی إلی صخرة فقام علیها، و كان یهودا یأتیه بالطعام، عن السدی؛ و قیل: ان الجب أضاء له و عذب ماؤه حتّی أغناه عن الطعام و من الشراب؛ و قیل: كان الماء كدرا فصفا و عذب و وكل اللّٰه به ملكا یحرسه و یطعمه، عن مقاتل؛ و قیل: ان جبرئیل علیه السلام كان یؤنسه؛ و قیل: ان اللّٰه تعالی أمر بصخرة حتّی ارتفعت من أسفل البئر فوقف یوسف علیها و هو عریان، و كان إبراهیم الخلیل حین القی فی النار جرد من ثیابه و قذف فی النار عریانا فأتاه جبرئیل بقمیص من حریر الجنة فألبسه ایاه، و كان ذلك عند إبراهیم علیه السلام فلما مات ورثه إسحاق، فلما مات إسحاق ورثه یعقوب، فلما شب یوسف جعل یعقوب ذلك القمیص فی تعویذ و علقه فی عنقه و كان لا یفارقه، فلما القی فی البئر عریانا جاءه جبرئیل و كان علیه ذلك التعویذ فأخرج منه القمیص و ألبسه إیاه، و روی ذلك المفضل بن عمر، عن الصادق علیه السلام، قال: و هو القمیص الذی وجد یعقوب ریحه لما فصلت العیر من مصر، و كان یعقوب بفلسطین فقال: انی لاجد ریح یوسف. منه طاب اللّٰه ثراه.
3- فی المصدر: بحدیث یعقوب. م.
4- فی نسخة: اقبل الیهم. م.
5- فی نسخة: و قالوا.

مِنْ أَیْدِیهِمْ وَ تَنَحَّوْا بِهِ نَاحِیَةً فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تُقِرَّ لَنَا أَنَّكَ عَبْدٌ لَنَا فَنَبِیعَكَ بَعْضَ هَذِهِ السَّیَّارَةِ أَوْ نَقْتُلَكَ فَقَالَ لَهُمْ یُوسُفُ علیه السلام لَا تَقْتُلُونِی وَ اصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ فَأَقْبَلُوا بِهِ إِلَی السَّیَّارَةِ فَقَالُوا مِنْكُمْ مَنْ یَشْتَرِی مِنَّا هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِعِشْرِینَ دِرْهَماً وَ كَانَ إِخْوَتُهُ فِیهِ مِنَ الزَّاهِدِینَ وَ سَارَ بِهِ الَّذِی اشْتَرَاهُ مِنَ الْبَدْوِ حَتَّی أَدْخَلَهُ مِصْرَ فَبَاعَهُ الَّذِی اشْتَرَاهُ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ مَلِكِ مِصْرَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالَ الَّذِی اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِی مَثْواهُ عَسی أَنْ یَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَقُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام ابْنَ كَمْ كَانَ یُوسُفُ یَوْمَ أَلْقَوْهُ فِی الْجُبِّ فَقَالَ كَانَ ابْنَ تِسْعِ (1)سِنِینَ فَقُلْتُ كَمْ كَانَ بَیْنَ مَنْزِلِ یَعْقُوبَ یَوْمَئِذٍ وَ بَیْنَ مِصْرَ فَقَالَ مَسِیرَةَ اثْنَیْ عَشَرَ یَوْماً قَالَ وَ كَانَ یُوسُفُ مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَلَمَّا رَاهَقَ یُوسُفُ رَاوَدَتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَهَا مَعَاذَ اللَّهِ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ لَا یَزْنُونَ فَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ عَلَیْهَا وَ عَلَیْهِ وَ قَالَتْ لَا تَخَفْ وَ أَلْقَتْ نَفْسَهَا عَلَیْهِ فَأَفْلَتَ مِنْهَا (2)هَارِباً إِلَی الْبَابِ فَفَتَحَهُ فَلَحِقَتْهُ فَجَذَبَتْ قَمِیصَهُ مِنْ خَلْفِهِ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْهُ (3)فَأَفْلَتَ یُوسُفُ مِنْهَا فِی ثِیَابِهِ وَ أَلْفَیا سَیِّدَها لَدَی الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ یُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِیمٌ قَالَ فَهَمَّ الْمَلِكُ بِیُوسُفَ لِیُعَذِّبَهُ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ وَ إِلَهِ یَعْقُوبَ مَا أَرَدْتُ بِأَهْلِكَ سُوءاً بَلْ هِیَ رَاوَدَتْنِی عَنْ نَفْسِی فَاسْأَلْ هَذَا الصَّبِیَّ أَیُّنَا رَاوَدَ صَاحِبَهُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ وَ كَانَ عِنْدَهَا مِنْ أَهْلِهَا صَبِیٌّ زَائِرٌ (4)لَهَا فَأَنْطَقَ اللَّهُ الصَّبِیَّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ انْظُرْ إِلَی قَمِیصِ یُوسُفَ فَإِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ قُدَّامِهِ فَهُوَ الَّذِی رَاوَدَهَا وَ إِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ فَهِیَ الَّتِی رَاوَدَتْهُ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلَامَ الصَّبِیِّ وَ مَا اقْتَصَّ أَفْزَعَهُ ذَلِكَ فَزَعاً شَدِیداً فَجِی ءَ بِالْقَمِیصِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ فَلَمَّا رَآهُ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ قَالَ لَهَا إِنَّهُ مِنْ كَیْدِكُنَّ إِنَّ كَیْدَكُنَّ عَظِیمٌ وَ قَالَ لِیُوسُفَ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ لَا یَسْمَعْهُ مِنْكَ أَحَدٌ وَ اكْتُمْهُ قَالَ فَلَمْ یَكْتُمْهُ یُوسُفُ وَ أَذَاعَهُ فِی الْمَدِینَةِ حَتَّی قُلْنَ نِسْوَةٌ مِنْهُنَّ امْرَأَتُ الْعَزِیزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فَبَلَغَهَا

ص: 275


1- فی هامش نسخة المصنّف: سبع «شی».
2- أی فتخلص منها.
3- استظهر فی هامش نسخة المصنّف أن صحیحه: فخرقته.
4- أی باك.

ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَیْهِنَّ وَ هَیَّأَتْ لَهُنَّ طَعَاماً وَ مَجْلِساً ثُمَّ أَتَتْهُنَّ بِأُتْرُجٍّ وَ آتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّیناً ثُمَّ قَالَتْ لِیُوسُفَ اخْرُجْ عَلَیْهِنَّ فَلَمَّا رَأَیْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَیْدِیَهُنَّ وَ قُلْنَ مَا قُلْنَ فَقَالَتْ لَهُنَّ هَذَا الَّذِی لُمْتُنَّنِی فِیهِ یَعْنِی فِی حُبِّهِ وَ خَرَجْنَ النِّسْوَةُ مِنْ عِنْدِهَا فَأَرْسَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِلَی یُوسُفَ سِرّاً مِنْ صَاحِبَتِهَا تَسْأَلُهُ الزِّیَارَةَ (1)فَأَبَی عَلَیْهِنَّ وَ قَالَ إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّی كَیْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَیْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِینَ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ كَیْدَهُنَّ فَلَمَّا شَاعَ أَمْرُ یُوسُفَ وَ أَمْرُ امْرَأَةِ الْعَزِیزِ وَ النِّسْوَةِ فِی مِصْرَ بَدَا لِلْمَلِكِ بَعْدَ مَا سَمِعَ قَوْلَ الصَّبِیِّ لَیَسْجُنَنَّ یُوسُفَ فَسَجَنَهُ فِی السِّجْنِ وَ دَخَلَ السِّجْنَ (2)مَعَ یُوسُفَ فَتَیَانِ وَ كَانَ مِنْ قِصَّتِهِمَا وَ قِصَّةِ یُوسُفَ مَا قَصَّهُ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِیثُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام (3).

شی، تفسیر العیاشی عن الثمالی مثله (4)

بیان: السبحة بالضم الدعاء و الصلاة النافلة ذكره الفیروزآبادی و یقال عرّه و اعتره و عراه و اعتراه إذا أتاه متعرضا لفوائده.

و الطوی الجوع یقال هو طاو و طیان و الاسترجاع قول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ و بطن بالكسر یبطن بطنا عظم بطنه من الشبع و یقال أمعن الفرس إذا

ص: 276


1- قال الطبرسیّ بعد نقل هذه الروایة: و قیل: انهن قلن له: اطع مولاتك و اقض حاجاتها فانها المظلومة و أنت الظالم؛ و قیل: انهن لما رأین یوسف استأذن امرأة العزیز بأن تخلو كل واحدة منهن به و تدعوه إلی ما أرادته منه، فلما خلون به دعته كل واحدة منهن إلی نفسها فلذلك قال: «مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ» و المراد بالآیات العلامات الدالة علی براءة یوسف؛ و قیل: العلامات الدالة علی الایاس منه؛ و قال السدی: سبب السجن أن المرأة قالت لزوجها: إن هذا العبد قد فضحنی بین الناس و لست اطیق أن أعتذر بعذری، فاما أن تأذن بی فأخرج و أعتذر، و اما أن تحبسه كما حبستنی، فحبسه بعد علمه ببراءته؛ و قیل: ان الغرض من الحبس أن یظهر للناس ان الذنب كان له؛ و قیل: كان الحبس قریبا منها فأرادت أن یكون بقربها حتّی إذا أشرفت علیه رأته. و قوله: «حَتَّی حِینٍ» قیل: الی سبع سنین؛ و قیل: إلی خمس سنین؛ و قیل: الی وقت ینسی حدیث المرأة معه. منه رحمه اللّٰه.
2- فی المصدر: و دخل فی السجن. م.
3- علل الشرائع: 27- 28. م.
4- مخطوط. م.

تباعد فی عدوه و الغیضة بالفتح الأجمة و مجتمع الشجر و راهق الغلام أی قارب الاحتلام.

«49»-ع، علل الشرائع سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَیْفُورٍ یَقُولُ فِی قَوْلِ یُوسُفَ علیه السلام رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ إِنَّ یُوسُفَ رَجَعَ إِلَی اخْتِیَارِ نَفْسِهِ فَاخْتَارَ السِّجْنَ فَوُكِلَ إِلَی اخْتِیَارِهِ وَ الْتَجَأَ نَبِیُّ اللَّهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْخِیَارِ فَتَبَرَّأَ مِنَ الِاخْتِیَارِ وَ دَعَا دُعَاءَ الِافْتِقَارِ فَقَالَ عَلَی رُؤْیَةِ الِاضْطِرَارِ یَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَ الْأَبْصَارِ ثَبِّتْ قَلْبِی عَلَی طَاعَتِكَ فَعُوفِیَ مِنَ الْعِلَّةِ وَ عُصِمَ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ أَحْسَنَ إِجَابَتَهُ وَ هُوَ أَنَّ اللَّهَ عَصَمَهُ ظَاهِراً وَ بَاطِناً وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ فِی قَوْلِ یَعْقُوبَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَیْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَیْنِ فَهَذَا مَعْنَاهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ سَلَّمَ یُوسُفَ إِلَیْهِمْ فَغَشَّوْهُ حِینَ اعْتَمَدَ عَلَی حِفْظِهِمْ لَهُ وَ انْقَطَعَ فِی رِعَایَتِهِ إِلَیْهِمْ فَأَلْقَوْهُ فِی غَیَابَةِ الْجُبِّ وَ بَاعُوهُ وَ لَمَّا انْقَطَعَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الِابْنِ الثَّانِی وَ سَلَّمَهُ وَ اعْتَمَدَ فِی حَفِظِهِ عَلَیْهِ وَ قَالَ فَاللَّهُ خَیْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ أَقْعَدَهُ عَلَی سَرِیرِ الْمَمْلَكَةِ وَ رَدَّ یُوسُفَ إِلَیْهِ وَ خَرَجَ الْقَوْمُ مِنَ الْمِحْنَةِ وَ اسْتَقَامَتْ أَسْبَابُهُمْ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ فِی قَوْلِ یَعْقُوبَ یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ إِنَّهُ عَرَضَ فِی التَّأَسُّفِ بِیُوسُفَ وَ قَدْ رَأَی فِی مُفَارَقَتِهِ فِرَاقاً آخَرَ وَ فِی قَطِیعَتِهِ قَطِیعَةً أُخْرَی فَتَلَهَّبَ عَلَیْهَا (1)وَ تَأَسَّفَ مِنْ أَجْلِهَا كَقَوْلِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی مَعْنَی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَنُذِیقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنی دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ إِنَّ هَذَا فِرَاقُ الْأَحِبَّةِ فِی دَارِ الدُّنْیَا لِیَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَی فِرَاقِ الْمَوْلَی فَلِذَلِكَ یَعْقُوبُ تَأَسَّفَ عَلَی یُوسُفَ مِنْ خَوْفِ فِرَاقِ غَیْرِهِ فَذَكَرَ یُوسُفَ لِذَلِكَ (2).

«50»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ یَعْقُوبَ حِینَ قَالَ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ أَ كَانَ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ وَ قَدْ فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً وَ ذَهَبَتْ عَیْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ قَالَ نَعَمْ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ قُلْتُ وَ كَیْفَ عَلِمَ قَالَ إِنَّهُ دَعَا فِی السَّحَرِ أَنْ یَهْبِطَ

ص: 277


1- أی فتحرقت علیها. و فی المصدر: فتلهف علیها. أی حزن علیها و تحسر.
2- علل الشرائع: 28. م.

عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَبَطَ عَلَیْهِ تَرْیَالُ فَهُوَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ تَرْیَالُ مَا حَاجَتُكَ یَا یَعْقُوبُ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَرْوَاحِ تَقْبِضُهَا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً فَقَالَ بَلْ مُتَفَرِّقَةً وَ رُوحاً رُوحاً قَالَ فَمَرَّ بِكَ رُوحُ یُوسُفَ قَالَ لَا (1)قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ حَیٌّ فَقَالَ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ (2).

شی، تفسیر العیاشی عن سدیر مثله (3)بیان لعل السؤال لأنه لو كان یقبضها مجتمعة بعد زمان لا یعلم من عدم قبضه عدم موته علیه السلام إذ یمكن حینئذ أن یكون قد قبضته الملائكة القابضون و لم یصل إلیه بعد.

«51»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ یُونُسَ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ لَا خَیْرَ فِیمَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ وَ لَقَدْ قَالَ یُوسُفُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وَ مَا سَرَقُوا (4).

«52»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام التَّقِیَّةُ دِینُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ مِنْ دِینِ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ إِی وَ اللَّهِ مِنْ دِینِ اللَّهِ لَقَدْ قَالَ یُوسُفُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وَ اللَّهِ مَا كَانُوا سَرَقُوا شَیْئاً (5).

شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (6).

«53»-ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ إِلَی الْعَیَّاشِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ النَّهَاوَنْدِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی یُوسُفَ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قَالَ إِنَّهُمْ سَرَقُوا یُوسُفَ مِنْ أَبِیهِ أَ لَا تَرَی أَنَّهُ

ص: 278


1- روی الطبرسیّ رحمه اللّٰه من كتاب النبوّة بإسناده الی سدیر الصیرفی عن أبی جعفر علیه السلام قال: ان یعقوب دعا اللّٰه سبحانه أن یهبط علیه ملك الموت علیه السلام: فأجابه، فقال: ما حاجتك؟ قال: اخبرنی هل مر بك روح یوسف فی الأرواح؟ فقال: لا، فعلم انه حی فقال: «یا بَنِیَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ» منه طاب اللّٰه ثراه.
2- علل الشرائع: 29. م.
3- مخطوط. م.
4- علل الشرائع: 29. م.
5- علل الشرائع: 29. م.
6- مخطوط. م.

قَالَ لَهُمْ حِینَ قَالُوا ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لَمْ یَقُولُوا سَرَقْتُمْ صُوَاعَ الْمَلِكِ إِنَّمَا عَنَی أَنَّكُمْ سَرَقْتُمْ یُوسُفَ عَنْ أَبِیهِ (1).

مع، معانی الأخبار أبی عن محمد العطار عن الأشعری عن إبراهیم بن هاشم عن صالح بن سعید مثله (2)- شی، تفسیر العیاشی عن رجل من أصحابنا مثله (3).

«54»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ یُوسُفَ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قَالَ مَا سَرَقُوا وَ مَا كَذَبَ (4).

«55»-ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَخِی مُرَازِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِیرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قَالَ وَجَدَ یَعْقُوبُ رِیحَ قَمِیصِ إِبْرَاهِیمَ حِینَ فَصَلَتِ الْعِیْرُ مِنْ مِصْرَ وَ هُوَ بِفِلَسْطِینَ (5).

شی، تفسیر العیاشی عن أخی مرازم مثله (6)بیان فلسطین بكسر الفاء و قد تفتح كورة بالشام.

«56»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْقَمِیصُ الَّذِی نُزِّلَ بِهِ عَلَی إِبْرَاهِیمَ مِنَ الْجَنَّةِ فِی قَصَبَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ كَانَ إِذَا لَبِسَ كَانَ وَاسِعاً كَبِیراً (7)فَلَمَّا فَصَلُوا وَ یَعْقُوبُ بِالرَّمْلَةِ (8)وَ یُوسُفُ بِمِصْرَ قَالَ یَعْقُوبُ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ عَنَی رِیحَ الْجَنَّةِ حِینَ فَصَلُوا بِالْقَمِیصِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْجَنَّةِ (9).

شی، تفسیر العیاشی عن ابن أبی البلاد مثله (10).

ص: 279


1- علل الشرائع: 29. و فی نسخة: سرقتم یوسف من أبیه. م.
2- معانی الأخبار: 64. م.
3- مخطوط. م.
4- علل الشرائع: 29. م.
5- علل الشرائع: 29. م.
6- مخطوط. م.
7- فی نسخة: واسعا كثیرا.
8- الرملة: مدینة عظیمة بفلسطین و كانت قصبتها قد خربت الآن.
9- علل الشرائع: 29. م.
10- مخطوط. م.

«57»-ع، علل الشرائع الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْخَزَّازِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَخْبِرْنِی عَنْ یَعْقُوبَ علیه السلام لَمَّا قَالَ لَهُ بَنُوهُ یا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِینَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی فَأَخَّرَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ وَ یُوسُفَ علیه السلام لَمَّا قَالُوا لَهُ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِینَ قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ قَالَ لِأَنَّ قَلْبَ الشَّابِّ أَرَقُّ مِنْ قَلْبِ الشَّیْخِ وَ كَانَتْ (1)جِنَایَةُ وُلْدِ یَعْقُوبَ عَلَی یُوسُفَ وَ جِنَایَتُهُمْ عَلَی یَعْقُوبَ إِنَّمَا كَانَتْ بِجِنَایَتِهِمْ عَلَی یُوسُفَ فَبَادَرَ یُوسُفُ إِلَی الْعَفْوِ عَنْ حَقِّهِ وَ أَخَّرَ یَعْقُوبُ الْعَفْوَ لِأَنَّ عَفْوَهُ إِنَّمَا كَانَ عَنْ حَقِّ غَیْرِهِ فَأَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ وَ أَمَّا الْعِلَّةُ الَّتِی (2)كَانَتْ مِنْ أَجْلِهَا عَرَفَ یُوسُفُ إِخْوَتَهُ وَ لَمْ یَعْرِفُوهُ لَمَّا دَخَلُوا عَلَیْهِ فَإِنِّی سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَیْفُورٍ یَقُولُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جاءَ إِخْوَةُ یُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ إِنَّ ذَلِكَ لِتَرْكِهِمُ حُرْمَةَ یُوسُفَ وَ قَدْ یَمْتَحِنُ اللَّهُ الْمَرْءَ بِتَرْكِهِ الْحُرْمَةَ أَ لَا تَرَی یَعْقُوبَ علیه السلام حِینَ تَرَكَ حُرْمَةً (3)غَیَّبُوهُ عَنْ عَیْنِهِ فَامْتُحِنَ مِنْ حَیْثُ تَرَكَ الْحُرْمَةَ بِغَیْبَتِهِ عَنْ عَیْنِهِ لَا عَنْ قَلْبِهِ عِشْرِینَ سَنَةً وَ تَرَكَ إِخْوَةُ یُوسُفَ حُرْمَتَهُ فِی قُلُوبِهِمْ حَیْثُ عَادَوْهُ وَ أَرَادُوا الْقَطِیعَةَ لِلْحَسَدِ الَّذِی فِی قُلُوبِهِمْ فَامْتُحِنُوا فِی قُلُوبِهِمْ كَأَنَّهُمْ یَرَوْنَهُ وَ لَا یَعْرِفُونَهُ وَ لَمْ یَكُنْ لِأَخِیهِ مِنْ أُمِّهِ حَسَدٌ مِثْلُ مَا كَانَ لِإِخْوَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ إِنِّی أَنَا أَخُوكَ (4)عَلَی یَقِینٍ عَرَفَهُ فَسَلِمَ مِنَ الْمِحَنِ فِیهِ حِینَ لَمْ یَتْرُكْ حُرْمَتَهُ وَ هَكَذَا الْعِبَادُ (5).

«58»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ

ص: 280


1- فی نسخة: و كان.
2- من هنا الی الآخر رأی رآه محمّد بن عبد اللّٰه بن طیفور، و لم یسنده إلی روایة، و هو وجه غیر وجیه.
3- فی المصدر: حرمة یوسف.
4- القائل لهذا یوسف دون أخیه بنیامین، فلا یتوجه مارام.
5- علل الشرائع: 29- 30. م.

عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ رَفَعُوهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا تَلَقَّی یُوسُفُ یَعْقُوبَ تَرَجَّلَ لَهُ یَعْقُوبُ وَ لَمْ یَتَرَجَّلْ لَهُ یُوسُفُ فَلَمْ یَنْفَصِلَا مِنَ الْعِنَاقِ (1)حَتَّی أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ تَرَجَّلَ لَكَ الصِّدِّیقُ وَ لَمْ تَتَرَجَّلْ لَهُ ابْسُطْ یَدَكَ فَبَسَطَهَا فَخَرَجَ نُورٌ مِنْ رَاحَتِهِ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ مَا هَذَا قَالَ لَا یَخْرُجُ مِنْ عَقِبِكَ نَبِیٌّ عُقُوبَةً (2).

بیان: العناق المعانقة.

«59»-ع، علل الشرائع مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ (3)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ یَعْقُوبُ علیه السلام إِلَی مِصْرَ خَرَجَ یُوسُفُ علیه السلام لِیَسْتَقْبِلَهُ فَلَمَّا رَآهُ یُوسُفُ هَمَّ بِأَنْ یَتَرَجَّلَ لِیَعْقُوبَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْمُلْكِ فَلَمْ یَفْعَلْ فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَی یَعْقُوبَ نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ لَكَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْزِلَ إِلَی عَبْدِیَ الصَّالِحِ مَا أَنْتَ فِیهِ- (4)ابْسُطْ یَدَكَ فَبَسَطَهَا فَخَرَجَ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ نُورٌ فَقَالَ مَا هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا أَنَّهُ لَا یَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ نَبِیٌّ أَبَداً عُقُوبَةً لَكَ بِمَا صَنَعْتَ بِیَعْقُوبَ إِذْ لَمْ تَنْزِلْ إِلَیْهِ (5).

بیان: ما أنت استفهام (6)أی أ منعك ما أنت فیه من الملك ثم إنه علیه السلام لعله راعی بعض مصالح الملك فی ترك الترجل و كان الأولی و الأفضل ترك تلك المصلحة و تقدیم تكریم الوالد علیه لا أنه ترك واجبا أو فعل محرما لما قد ثبت من عصمتهم علیهم السلام.

«60»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اسْتَأْذَنَتْ زَلِیخَا عَلَی یُوسُفَ فَقِیلَ لَهَا یَا زَلِیخَا إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُقَدِّمَ بِكِ عَلَیْهِ لِمَا كَانَ مِنْكِ إِلَیْهِ قَالَتْ إِنِّی لَا أَخَافُ مَنْ یَخَافُ اللَّهَ فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا یَا زَلِیخَا مَا لِی

ص: 281


1- فی نسخة: لم ینفصلا عن العناق.
2- علل الشرائع: 30 و فی نسخة و قال هذا إنّه لا یخرج من صلبك نبی عقوبة.
3- روی الطبرسیّ رحمه اللّٰه من كتاب النبوّة للصدوق بإسناده عن ابن أبی عمیر، عن هشام مثله. منه رحمه اللّٰه.
4- فی نسخة: مما أنت فیه، و فی المصدر: الا ما انت فیه.
5- علل الشرائع: 30. م.
6- و علی ما فی المصدر فما نافیة.

أَرَاكِ قَدْ تَغَیَّرَ لَوْنُكِ قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْمُلُوكَ بِمَعْصِیَتِهِمْ عَبِیداً وَ جَعَلَ الْعَبِیدَ بِطَاعَتِهِمْ مُلُوكاً قَالَ لَهَا یَا زَلِیخَا مَا الَّذِی دَعَاكِ إِلَی مَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ حُسْنُ وَجْهِكَ یَا یُوسُفُ فَقَالَ كَیْفَ لَوْ رَأَیْتِ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ یَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ أَحْسَنَ مِنِّی وَجْهاً وَ أَحْسَنَ مِنِّی خُلُقاً وَ أَسْمَحَ مِنِّی كَفّاً قَالَتْ صَدَقْتَ قَالَ وَ كَیْفَ عَلِمْتِ أَنِّی صَدَقْتُ قَالَتْ لِأَنَّكَ حِینَ ذَكَرْتَهُ وَقَعَ حُبُّهُ فِی قَلْبِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی یُوسُفَ أَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ وَ أَنِّی قَدْ أَحْبَبْتُهَا لِحُبِّهَا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ یَتَزَوَّجَهَا (1).

ص: 5242

ص: 282


1- علل الشرائع: 30. م.

«61»-ك، إكمال الدین ع، علل الشرائع أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ فِی الْقَائِمِ سُنَّةً مِنْ یُوسُفَ قُلْتُ كَأَنَّكَ تَذْكُرُ حَیْرَةً أَوْ غَیْبَةً قَالَ لِی وَ مَا تُنْكِرُ مِنْ هَذَا هَذِهِ الْأُمَّةُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِیرِ (1)إِنَّ إِخْوَةَ یُوسُفَ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِیَاءَ تَاجَرُوا یُوسُفَ وَ بَایَعُوهُ وَ خَاطَبُوهُ وَ هُمْ إِخْوَتُهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ فَلَمْ یَعْرِفُوهُ حَتَّی قَالَ لَهُمْ یُوسُفُ أَنَا یُوسُفُ فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمَلْعُونَةُ أَنْ یَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ یُرِیدُ أَنْ یَسْتُرَ حُجَّتَهُ لَقَدْ كَانَ یُوسُفُ إِلَیْهِ مُلْكُ مِصْرَ وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ وَالِدِهِ مَسِیرَةُ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُعَرِّفَ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَی ذَلِكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَارَ یَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَیَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ (2)إِلَی مِصْرَ فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ یَكُونَ اللَّهُ یَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِیُوسُفَ أَنْ یَكُونَ یَسِیرُ فِی أَسْوَاقِهِمْ وَ یَطَأُ بُسُطَهُمْ وَ هُمْ لَا یَعْرِفُونَهُ حَتَّی یَأْذَنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَنْ یُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أَذِنَ لِیُوسُفَ حِینَ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی (3).

«62»-ع، علل الشرائع أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ بَنِی یَعْقُوبَ لَمَّا سَأَلُوا أَبَاهُمْ یَعْقُوبَ أَنْ یَأْذَنَ لِیُوسُفَ فِی الْخُرُوجِ مَعَهُمْ قَالَ لَهُمْ إِنِّی أَخافُ أَنْ یَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَرَّبَ یَعْقُوبُ لَهُمُ الْعِلَّةَ اعْتَلُّوا بِهَا فِی یُوسُفَ علیه السلام (4).

«63»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ یُوسُفَ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ قَالَ حَفِیظٌ بِمَا تَحْتَ یَدَیَّ عَلِیمٌ بِكُلِّ لِسَانِ (5).

ص: 283


1- فی العلل: و ما تنكر من هذه الأمة أشباه الخنازیر؟ و فی كمال الدین: و ما تنكر هذه الأمة. م.
2- البدو: البادیة و الصحراء.
3- كمال الدین: 86، علل الشرائع: 92. م.
4- علل الشرائع: 200. م.
5- علل الشرائع: 53. م.

یر، بصائر الدرجات ابن أبی الخطاب مثله (1).

«64»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ أَكْرَمِ النَّاسِ نَسَباً فَقَالَ صِدِّیقُ اللَّهِ یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلِ اللَّهِ ابْنِ إِسْحَاقَ ذَبِیحِ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ (2).

«65»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی یَعْقُوبَ أَنَّهُ كَانَ وَ عِیصٌ تَوْأَمَیْنِ فَوُلِدَ عِیصٌ ثُمَّ وُلِدَ یَعْقُوبُ یَعْقُبُ أَخَاهُ عِیصَ وَ مَعْنَی إِسْرَائِیلَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَنَّ إِسْرَا هُوَ عَبْدٌ وَ إِیلَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رُوِیَ فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ إِسْرَا هُوَ الْقُوَّةُ وَ إِیلَ هُوَ اللَّهُ فَمَعْنَی إِسْرَائِیلَ قُوَّةُ اللَّهِ وَ مَعْنَی یُوسُفَ مَأْخُوذٌ مِنْ آسَفَ یُؤْسِفُ أَیْ أَغْضَبَ یُغْضِبُ إِخْوَتَهُ- (3)قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَ الْمُرَادُ بِتَسْمِیَتِهِ یُوسُفَ أَنَّهُ یُغْضِبُ إِخْوَتَهُ مَا یَظْهَرُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَیْهِمْ (4).

«66»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام كَانَ لَهُ مُنَادٍ یُنَادِی كُلَّ غَدَاةٍ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَی فَرْسَخٍ أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ فَلْیَأْتِ إِلَی مَنْزِلِ یَعْقُوبَ علیه السلام وَ إِذَا أَمْسَی یُنَادِی أَلَا مَنْ أَرَادَ الْعَشَاءَ فَلْیَأْتِ إِلَی مَنْزِلِ یَعْقُوبَ علیه السلام (5).

«67»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً قَالَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةٌ (6).

«68»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوی قَالَ أَشُدُّهُ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ اسْتَوَی الْتَحَی (7).

ص: 284


1- بصائر الدرجات: 61. م.
2- علل الشرائع: 198، عیون الأخبار: 135- 136. م.
3- فی المصدر و فی نسخة: یغضب إخوانه.
4- معانی الأخبار: 19. و فی العرائس: قال یوسف لأخیه: ما اسمك؟ قال: بنیامین، قاله له: و ما بنیامین؟ قال: المشكل؛ و ذلك انه لما ولد فقد أمه.
5- فروع الكافی ج 2: 161. م.
6- معانی الأخبار: 67. م.
7- معانی الأخبار: 67. م.

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه أَشُدَّهُ أی منتهی شبابه و قوته و كمال عقله و قیل الأشد من ثمانی عشرة إلی ثلاثین سنة عن ابن عباس و قیل إن أقصی الأشد أربعون سنة و قیل ستون سنة و هو قول الأكثرین

وَ یُؤَیِّدُهُ الْحَدِیثُ مَنْ عَمَّرَهُ اللَّهُ سِتِّینَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَیْهِ.

و قیل إن ابتداء الأشد من ثلاث و ثلاثین عن مجاهد و كثیر من المفسرین و قیل من عشرین سنة عن الضحاك انتهی. (1)أقول هذه الآیة وردت فی قصة موسی علیه السلام و إنما أوردنا تفسیرها هنا لاشتراك لفظ الأشد.

«69»-ك، إكمال الدین مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَسِّنٍ عَنِ الْحَسَنِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِیٌّ عَلَی یُوسُفَ لِیَشْتَرِیَ مِنْهُ طَعَاماً فَبَاعَهُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ یُوسُفُ أَیْنَ مَنْزِلُكَ قَالَ لَهُ بِمَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَقَالَ لَهُ إِذَا مَرَرْتَ بِوَادِی كَذَا وَ كَذَا فَقِفْ فَنَادِ یَا یَعْقُوبُ یَا یَعْقُوبُ فَإِنَّهُ سَیَخْرُجُ إِلَیْكَ رَجُلٌ عَظِیمٌ جَمِیلٌ وَسِیمٌ فَقُلْ لَهُ لَقِیتُ رَجُلًا بِمِصْرَ وَ هُوَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ إِنَّ وَدِیعَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَنْ تَضِیعَ قَالَ فَمَضَی الْأَعْرَابِیُّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْمَوْضِعِ فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ احْفَظُوا عَلَیَّ الْإِبِلَ ثُمَّ نَادَی یَا یَعْقُوبُ یَا یَعْقُوبُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ رَجُلٌ أَعْمَی طَوِیلٌ جَسِیمٌ جَمِیلٌ یَتَّقِی الْحَائِطَ بِیَدِهِ حَتَّی أَقْبَلَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَنْتَ یَعْقُوبُ قَالَ نَعَمْ فَأَبْلَغَهُ مَا قَالَ لَهُ یُوسُفُ فَسَقَطَ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ وَ قَالَ لِلْأَعْرَابِیِّ یَا أَعْرَابِیُّ أَ لَكَ حَاجَةٌ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ لَهُ نَعَمْ إِنِّی رَجُلٌ كَثِیرُ الْمَالِ وَ لِیَ ابْنَةُ عَمٍّ لَمْ یُولَدْ لِی مِنْهَا وَ أُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی وَلَداً فَتَوَضَّأَ یَعْقُوبُ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرُزِقَ أَرْبَعَةَ بُطُونٍ أَوْ قَالَ سِتَّةَ بُطُونٍ فِی كُلِّ بَطْنٍ اثْنَانِ فَكَانَ یَعْقُوبُ علیه السلام یَعْلَمُ أَنَّ یُوسُفَ حَیٌّ لَمْ یَمُتْ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ سَیُظْهِرُهُ لَهُ بَعْدَ غَیْبَةٍ وَ كَانَ یَقُولُ لِبَنِیهِ إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وَ كَانَ بَنُوهُ یُفَنِّدُونَهُ عَلَی ذِكْرِهِ لِیُوسُفَ حَتَّی إِنَّهُ لَمَّا وَجَدَ رِیحَ یُوسُفَ قَالَ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ وَ هُوَ یَهُودَا ابْنُهُ إِنَّكَ لَفِی ضَلالِكَ الْقَدِیمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِیرُ

ص: 285


1- مجمع البیان 5: 221- 222. م.

فَأَلْقَی قَمِیصَ یُوسُفَ عَلی وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِیراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (1).

بیان: الوسامة أثر الحسن و یظهر من هذا الخبر أن یهودا لم یذهب مع إخوته فی المرة الأخیرة و هو خلاف المشهور كما عرفت و ذكر المفسرون أن قائل هذا القول كان أولاد أولاده.

«70»-ك، إكمال الدین وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام عَلِمَ بِحَیَاةِ یُوسُفَ وَ أَنَّهُ إِنَّمَا غُیِّبَ عَنْهُ لِبَلْوَی وَ اخْتِبَارٍ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَیْهِ بَنُوهُ یَبْكُونَ قَالَ لَهُمْ یَا بَنِیَّ مَا لَكُمْ تَبْكُونَ (2)وَ تَدْعُونَ بِالْوَیْلِ وَ مَا لِی لَا أَرَی فِیكُمْ حَبِیبِی یُوسُفَ قَالُوا یا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا یُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِینَ وَ هَذَا قَمِیصُهُ قَدْ أَتَیْنَاكَ بِهِ قَالَ أَلْقُوْهُ إِلَیَّ فَأَلْقَوْهُ إِلَیْهِ وَ أَلْقَاهُ عَلَی وَجْهِهِ وَ خَرَّ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَهُمْ یَا بَنِیَّ أَ لَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَ حَبِیبِی یُوسُفَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مَا لِی لَا أَشَمُّ رِیحَ لَحْمِهِ وَ مَا لِی أَرَی قَمِیصَهُ صَحِیحاً هَبُوا (3)أَنَّ الْقَمِیصَ انْكَشَفَ مِنْ أَسْفَلِهِ أَ رَأَیْتُمْ مَا كَانَ فِی مَنْكِبَیْهِ وَ عُنُقِهِ كَیْفَ یَخْلُصُ إِلَیْهِ الذِّئْبُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَخْرِقَهُ إِنَّ هَذَا الذِّئْبَ لَمَكْذُوبٌ عَلَیْهِ وَ إِنَّ ابْنِی لَمَظْلُومٌ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلی ما تَصِفُونَ وَ تَوَلَّی عَنْهُمْ لَیْلَتَهُمْ تِلْكَ (4)وَ أَقْبَلَ یَرْثِی یُوسُفَ وَ یَقُولُ حَبِیبِی یُوسُفُ الَّذِی كُنْتُ أُؤْثِرُهُ عَلَی جَمِیعِ أَوْلَادِی فَاخْتُلِسَ مِنِّی حَبِیبِی یُوسُفُ الَّذِی كُنْتُ أَرْجُوهُ مِنْ بَیْنِ أَوْلَادِی فَاخْتُلِسَ مِنِّی حَبِیبِی یُوسُفُ الَّذِی كُنْتُ أُوَسِّدُهُ یَمِینِی وَ أُدَثِّرُهُ بِشِمَالِی فَاخْتُلِسَ مِنِّی حَبِیبِی یُوسُفُ الَّذِی كُنْتُ أُؤْنِسُ بِهِ وَحْشَتِی وَ أَصِلُ بِهِ وَحْدَتِی فَاخْتُلِسَ مِنِّی حَبِیبِی یُوسُفُ لَیْتَ شِعْرِی فِی أَیِّ الْجِبَالِ طَرَحُوكَ أَمْ فِی أَیِّ الْبِحَارِ غَرَّقُوكَ حَبِیبِی یُوسُفُ لَیْتَنِی كُنْتُ مَعَكَ فَیُصِیبَنِیَ الَّذِی أَصَابَكَ وَ مِنَ الدَّلِیلِ عَلَی أَنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام عَلِمَ بِحَیَاةِ یُوسُفَ علیه السلام وَ أَنَّهُ فِی الْغَیْبَةِ قَوْلُهُ

ص: 286


1- كمال الدین: 84- 85. م.
2- فی المصدر: ما لكم؟ لم تبكون؟. م.
3- أی احسبوا.
4- فی المصدر: لیلته تلك. م.

عَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعاً وَ قَوْلُهُ لِبَنِیهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (1).

«71»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَقَدَ یَعْقُوبُ یُوسُفَ علیه السلام اشْتَدَّ حُزْنُهُ وَ تَغَیَّرَ حَالُهُ وَ كَانَ یَمْتَارُ الْقَمْحَ مِنْ مِصْرَ لِعِیَالِهِ فِی السَّنَةِ مَرَّتَیْنِ فِی الشِّتَاءِ وَ الصَّیْفِ فَإِنَّهُ بَعَثَ عِدَّةً مِنْ وُلْدِهِ بِبِضَاعَةٍ یَسِیرَةٍ مَعَ رِفْقَةٍ خَرَجَتْ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ علیه السلام عَرَفَهُمْ وَ لَمْ یَعْرِفُوهُ فَقَالَ هَلُمُّوا بِضَاعَتَكُمْ حَتَّی أَبْدَأَ بِكُمْ قَبْلَ الرِّفَاق وَ قَالَ لِفِتْیَانِهِ عَجِّلُوا لِهَؤُلَاءِ بِالْكَیْلِ وَ أَقْرُوهُمْ (2)وَ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِی رِحَالِهِمْ إِذَا فَرَغْتُمْ وَ قَالَ یُوسُفُ لَهُمْ كَانَ أَخَوَانِ مِنْ أَبِیكُمْ فَمَا فَعَلَا قَالُوا أَمَّا الْكَبِیرُ مِنْهُمَا فَإِنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ وَ أَمَّا الْأَصْغَرُ فَخَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَبِیهِ وَ هُوَ بِهِ ضَنِینٌ (3)وَ عَلَیْهِ شَفِیقٌ قَالَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَأْتُونِی بِهِ مَعَكُمْ إِذَا جِئْتُمْ لِتَمْتَارُوا وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ فِیهَا قالُوا یا أَبانا ما نَبْغِی هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَیْنا فَلَمَّا احْتَاجُوا إِلَی الْمِیرَةِ (4)بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعَثَهُمْ وَ بَعَثَ مَعَهُمُ ابْنَ یَامِینَ (5)بِبِضَاعَةٍ یَسِیرَةٍ فَأَخَذَ عَلَیْهِمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِی بِهِ فَانْطَلَقُوا مَعَ الرِّفَاقِ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ فَهَیَّأَ لَهُمْ طَعَاماً وَ قَالَ لِیَجْلِسْ كُلُّ بَنِی أُمٍّ عَلَی مَائِدَةٍ فَجَلَسُوا وَ بَقِیَ ابْنُ یَامِینَ قَائِماً فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ مَا لَكَ لَمْ تَجْلِسْ فَقَالَ لَیْسَ لِی فِیهِمْ ابْنُ أُمٍّ فَقَالَ یُوسُفُ فَمَا لَكَ ابْنُ أُمٍّ قَالَ بَلَی زَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَیْهِ قَالَ وُلِدَ لِی أَحَدَ عَشَرَ ابْناً لِكُلِّهِمْ أَشْتَقُّ اسْماً مِنِ اسْمِهِ قَالَ أَرَاكَ قَدْ عَانَقْتَ النِّسَاءَ فَشَمِمْتَ الْوَلَدَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ إِنَّ لِی أَباً صَالِحاً قَالَ لِی تَزَوَّجْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُخْرِجَ مِنْكَ ذُرِّیَّةً یُثْقِلُ الْأَرْضَ بِالتَّسْبِیحِ قَالَ یُوسُفُ

ص: 287


1- كمال الدین: 85- 86. م.
2- من أوقر الدابّة: حملها ثقیلا.
3- أی به بخیل، یختص به.
4- المیرة: الطعام الذی یدخره الإنسان.
5- قد تكرر فی الحدیث و فی غیره ذكر ابن یامین. و تقدم أن الأصحّ بنیامین و اللّٰه أعلم.

تَعَالَ فَاجْلِسْ مَعِی عَلَی مَائِدَتِی فَقَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ لَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ یُوسُفَ وَ أَخَاهُ حَتَّی إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَی مَائِدَتِهِ وَ قَالَ یُوسُفُ لِابْنِ یَامِینَ إِنِّی أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ (1)بِمَا تَرَانِی أَفْعَلُ وَ اكْتُمْ مَا أَخْبَرْتُكَ وَ لَا تَحْزَنْ وَ لَا تَخَفْ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَیْهِمْ وَ أَمَرَ فِتْیَتَهُ أَنْ یَأْخُذُوا بِضَاعَتَهُمْ وَ یُعَجِّلُوا لَهُمُ الْكَیْلَ وَ إِذَا فَرَغُوا فَاجْعَلُوا الْمِكْیَالَ فِی رَحْلِ أَخِیهِ ابْنِ یَامِینَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ ارْتَحَلَ الْقَوْمُ مَعَ الرِّفْقَةِ فَمَضَوْا وَ لَحِقَهُمْ فِتْیَةُ یُوسُفَ فَنَادَوْا أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا ... ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ قَالُوا ما كُنَّا سارِقِینَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِینَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ ... فَبَدَأَ بِأَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِیهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِیهِ ... قالُوا إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ قالُوا یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَیْخاً كَبِیراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ ... قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ... قالَ كَبِیرُهُمْ إِنِّی لَسْتُ أَبْرَحُ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی فَمَضَی إِخْوَةُ یُوسُفَ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی یَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَقَالَ لَهُمْ أَیْنَ ابْنُ یَامِینَ فَقَالُوا سَرَقَ مِكْیَالَ الْمَلِكِ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ فَاسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْیَةِ وَ الْعِیْرَ حَتَّی یُخْبِرُوكَ بِذَلِكَ فَاسْتَرْجَعَ یَعْقُوبُ وَ اسْتَعْبَرَ حَتَّی تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ فَقَالَ یَعْقُوبُ یا بَنِیَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ نَفَرٌ وَ بَعَثَ مَعَهُمْ بِبِضَاعَةٍ وَ كَتَبَ مَعَهُمْ كِتَاباً إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ یَعْطِفُهُ (2)عَلَی نَفْسِهِ وَ وُلْدِهِ فَدَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ بِكِتَابِ أَبِیهِمْ فَأَخَذَهُ وَ قَبَّلَهُ وَ بَكَی ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَ قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ قَالُوا أَ أَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی وَ قَالَ یُوسُفُ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا بَلَّتْهُ دُمُوعِی فَأَلْقُوهُ عَلی وَجْهِ أَبِی ... وَ أْتُونِی بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِینَ فَأَقْبَلَ وُلْدُ یَعْقُوبَ یُحِثُّونَ السَّیْرَ بِالْقَمِیصِ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَیْهِ قَالَ لَهُمْ مَا فَعَلَ ابْنُ یَامِینَ قَالُوا خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخِیهِ صَالِحاً فَحَمِدَ اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ یَعْقُوبُ وَ سَجَدَ لِرَبِّهِ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَ اعْتَدَلَ ظَهْرُهُ وَ قَالَ لِوُلْدِهِ تَحَمَّلُوا إِلَی یُوسُفَ مِنْ یَوْمِكُمْ فَسَارُوا فِی تِسْعَةِ أَیَّامٍ إِلَی مِصْرَ فَلَمَّا دَخَلُوا اعْتَنَقَ یُوسُفُ أَبَاهُ وَ رَفَعَ خَالَتَهُ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ ادَّهَنَ وَ لَبِسَ ثِیَابَ الْمُلْكِ فَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا شُكْراً لِلَّهِ وَ مَا تَطَیَّبَ یُوسُفُ

ص: 288


1- أی لا تحزن و لا تشتك.
2- فی نسخة: یشفقه.

فِی تِلْكَ الْمُدَّةِ وَ لَا مَسَّ النِّسَاءَ (1)حَتَّی جَمَعَ اللَّهُ لِیَعْقُوبَ شَمْلَهُ (2).

بیان: اختلفت الأخبار فی عدد أولاد بنیامین و یشكل الجمع بینها قال الثعلبی فی كتاب عرائس المجالس لما خلا یوسف بأخیه قال له ما اسمك قال ابن یامین (3)قال و ما ابن یامین قال ابن المثكل و ذلك أنه لما ولد هلكت أمه قال و ما اسم أمك قال راحیل بنت لیان بن ناحور قال فهل لك من ولد قال نعم عشرة بنین قال فما أسماؤهم قال لقد اشتققت أسماءهم من اسم أخ لی من أمی هلك فقال یوسف لقد اضطرك إلی ذلك حزن شدید فما سمیتهم قال بالعا و أخیرا و أشكل و أحیا و خیر و نعمان و أدر و أرس و حییم و میتم (4)قال فما هذه قال أما بالعا فإن أخی ابتلعته الأرض و أما أخیرا فإنه كان بكر ولد أمی (5)و أما أشكل فإنه كان أخی لأبی و أمی و سنی (6)و أما خیر فإنه خیر حیث كان و أما نعمان فإنه ناعم بین أبویه و أما أدر (7)فإنه كان بمنزلة الورد فی الحسن و أما أرس (8)فإنه كان بمنزلة الرأس من الجسد و أما حییم (9)فأعلمنی أبی أنه حی و أما میتم (10)فلو رأیته لقرت عینی و تم سروری فقال یوسف أحب أن أكون أخاك (11)بدل أخیك

ص: 289


1- لعل المراد من عدم مس النساء علی وجه اللذة فلا ینافی مسهن لاتباع السنة و حصول الولد كما مرّ أنّه قد كان حصل له أولاد. منه طاب ثراه.
2- مخطوط. م.
3- فی المصدر: بنیامین و كذا فیما یأتی بعده.
4- فی المصدر: و ورد و رأس و حیثم و عیتم.
5- فی المصدر: فانه كان بكر امی و أبی.
6- هكذا فی النسخ، و استظهر فی الهامش انه: و شبهی، و قد سقطت هنا جملة و هی علی ما فی المصدر: و أمّا أحیا فلكونه كان حییا.
7- فی المصدر: و أمّا ورد.
8- فی المصدر: و أمّا الرأس.
9- فی المصدر: و اما حیثم.
10- فی المصدر: و أمّا عیتم.
11- فی المصدر: أ تحب أن أكون أخاك؟.

الهالك فقال ابن یامین أیها الملك و من یجد أخا مثلك و لكن لم یلدك یعقوب و لا راحیل فبكی یوسف علیه السلام و قام إلیه و عانقه و قال إِنِّی أَنَا أَخُوكَ یوسف فَلا تَبْتَئِسْ و لا تعلمهم بشی ء من هذا قال كعب لما قال له إِنِّی أَنَا أَخُوكَ قال ابن یامین فأنا لا أفارقك قال یوسف قد علمت اغتمام الوالد بی فإذا حبستك ازداد غمه و لا یمكننی حبسك إلا بعد أن أشهرك بأمر فظیع قال لا أبالی فافعل ما بدا لك فإنی لا أفارقك قال فإنی أدس صاعی هذا فی رحلك ثم أنادی علیك بالسرقة لیتهیأ لی ردك بعد تسریحك قال فافعل انتهی. (1)ثم اعلم أن هذا الخبر یدل علی أن المراد بأبویه فی الآیة أبوه و خالته تجوزا كما ذهب إلیه الأكثر قال الطبرسی رحمه اللّٰه قال أكثر المفسرین إنه یعنی بأبویه أباه و خالته فسمی الخالة أما كما سمی العم أبا فی قوله وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ و ذلك أن أمه كانت قد ماتت فی نفاسها بابن یامین فتزوجها أبوه و قیل یرید أباه و أمه و كانا حیین عن ابن إسحاق و الجبائی و قیل إن راحیل أمه نشرت من قبرها حتی سجدت له تحقیقا للرؤیا عن الحسن (2).

«72»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ الْفَرَّاءِ عَنْ طِرْبَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَمَرَ الْمَلِكُ بِحَبْسِ یُوسُفَ علیه السلام فِی السِّجْنِ أَلْهَمَهُ اللَّهُ تَأْوِیلَ الرُّؤْیَا فَكَانَ یُعَبِّرُ لِأَهْلِ السِّجْنِ رُؤْیَاهُمْ (3).

«73»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ یُوسُفُ علیه السلام بَیْنَ أَبَوَیْهِ مُكَرَّماً ثُمَّ صَارَ عَبْداً فَصَارَ مَلِكاً (4).

«74»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْحِیِّ (5)قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 290


1- عرائس الثعلبی: 83. م.
2- مجمع البیان ج 5: 264. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- مخطوط. م.

مَا حَالُ بَنِی یَعْقُوبَ هَلْ خَرَجُوا مِنَ الْإِیمَانِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَقُولُ فِی آدَمَ علیه السلام قَالَ دَعْ آدَمَ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن الطلحی مثله (2).

«75»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ كَانَ أَوْلَادُ یَعْقُوبَ أَنْبِیَاءَ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِیَاءَ (3)وَ لَمْ یُفَارِقُوا إِلَّا سُعَدَاءَ تَابُوا وَ تَذَكَّرُوا مِمَّا صَنَعُوا (4).

شی، تفسیر العیاشی عن حنان عن أبیه مثله (5).

«76»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِ یَعْقُوبَ عَلَی یُوسُفَ قَالَ حُزْنَ سَبْعِینَ ثَكْلَی قَالَ وَ لَمَّا كَانَ یُوسُفُ علیه السلام فِی السِّجْنِ دَخَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكَ وَ ابْتَلَی أَبَاكَ وَ إِنَّ اللَّهَ یُنْجِیكَ مِنْ هَذَا السِّجْنِ فَاسْأَلِ اللَّهَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ أَنْ یُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ فَقَالَ یُوسُفُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ إِلَّا عَجَّلْتَ فَرَجِی وَ أَرَحْتَنِی مِمَّا أَنَا فِیهِ قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَبْشِرْ أَیُّهَا الصِّدِّیقُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ بِالْبِشَارَةِ بِأَنَّهُ یُخْرِجُكَ مِنَ السِّجْنِ إِلَی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ یُمَلِّكُكَ مِصْرَ وَ أَهْلَهَا یُخْدِمُكَ أَشْرَافَهَا وَ یَجْمَعُ إِلَیْكَ إِخْوَتَكَ وَ أَبَاكَ فَأَبْشِرْ أَیُّهَا الصِّدِّیقُ أَنَّكَ صَفِیُّ اللَّهِ وَ ابْنُ صَفِیِّهِ فَلَمْ یَلْبَثْ یُوسُفُ علیه السلام إِلَّا تِلْكَ اللَّیْلَةَ حَتَّی رَأَی الْمَلِكُ رُؤْیَا أَفْزَعَتْهُ فَقَصَّهَا عَلَی أَعْوَانِهِ فَلَمْ یَدْرُوا مَا تَأْوِیلُهَا فَذَكَرَ الْغُلَامُ الَّذِی نَجَا مِنَ السِّجْنِ یُوسُفَ فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَرْسِلْنِی إِلَی السِّجْنِ فَإِنَّ فِیهِ رَجُلًا لَمْ یُرَ مِثْلُهُ حِلْماً وَ عِلْماً وَ تَفْسِیراً وَ قَدْ كُنْتُ أَنَا وَ فُلَانٌ غَضِبْتَ عَلَیْنَا وَ أَمَرْتَ بِحَبْسِنَا رَأَیْنَا رُؤْیَا فَعَبَّرَهَا لَنَا وَ كَانَ كَمَا قَالَ فَفُلَانٌ صُلِبَ وَ أَمَّا أَنَا فَنَجَوْتُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ انْطَلِقْ إِلَیْهِ فَدَخَلَ وَ قَالَ یُوسُفُ أَفْتِنَا فِی سَبْعِ بَقَرَاتٍ فَلَمَّا بَلَغَ رِسَالَةُ یُوسُفَ الْمَلِكَ قَالَ ائْتُونِی بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِی فَلَمَّا بَلَغَ یُوسُفَ رِسَالَةُ

ص: 291


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.
3- فی نسخة: أولاد الأنبیاء. و فی نسخة: و لم یكونوا یفارقون الدنیا إلا سعداء.
4- مخطوط. و فی نسخة: و تذكروا ما صنعوا.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.

الْمَلِكِ قَالَ كَیْفَ أَرْجُو كَرَامَتَهُ وَ قَدْ عَرَفَ بَرَاءَتِی وَ حَبَسَنِی سِنِینَ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ أَرْسَلَ إِلَی النِّسْوَةِ فَ قالَ ما خَطْبُكُنَّ فَ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَیْهِ مِنْ سُوءٍ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أَعْجَبَهُ كَمَالُهُ وَ عَقْلُهُ فَقَالَ لَهُ اقْصُصْ رُؤْیَایَ فَإِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْمَعَهَا مِنْكَ فَذَكَرَهُ یُوسُفُ كَمَا رَأَی وَ فَسَّرَهُ قَالَ الْمَلِكُ صَدَقْتَ فَمَنْ لِی بِجَمْعِ ذَلِكَ وَ حِفْظِهِ فَقَالَ یُوسُفُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَیَّ أَنِّی مُدَبِّرُهُ وَ الْقَیِّمُ بِهِ فِی تِلْكَ السِّنِینَ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ صَدَقْتَ دُونَكَ خَاتَمِی (1)وَ سَرِیرِی وَ تَاجِی فَأَقْبَلَ یُوسُفُ عَلَی جَمْعِ الطَّعَامِ فِی السِّنِینَ السَّبْعِ الْخَصِیبَةِ یَكْبِسُهُ فِی الْخَزَائِنِ فِی سُنْبُلِهِ ثُمَّ أَقْبَلَتِ السِّنُونَ الْجَدْبَةُ أَقْبَلَ (2)یُوسُفُ علیه السلام عَلَی بَیْعِ الطَّعَامِ فَبَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ الْأُولَی بِالدَّرَاهِمِ وَ الدَّنَانِیرِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دِینَارٌ وَ لَا دِرْهَمٌ إِلَّا صَارَ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ علیه السلام وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ الثَّانِیَةِ بِالْحُلِیِّ وَ الْجَوَاهِرِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا حُلِیٌّ وَ لَا جَوَاهِرُ إِلَّا صَارَ فِی مَمْلَكَتِهِ وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِالدَّوَابِّ وَ الْمَوَاشِی حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دَابَّةٌ وَ لَا مَاشِیَةٌ إِلَّا صَارَتْ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ الرَّابِعَةِ بِالْعَبِیدِ وَ الْإِمَاءِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا عَبْدٌ وَ لَا أَمَةٌ إِلَّا صَارَتْ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ الْخَامِسَةِ بِالدُّورِ وَ الْعَقَارِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دَارٌ وَ لَا عَقَارٌ إِلَّا صَارَ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ السَّادِسَةِ بِالْمَزَارِعِ وَ الْأَنْهَارِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا نَهَرٌ وَ لَا مَزْرَعَةٌ إِلَّا صَارَ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ علیه السلام وَ بَاعَهُمْ فِی السَّنَةِ السَّابِعَةِ بِرِقَابِهِمْ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا عَبْدٌ وَ لَا حُرٌّ إِلَّا صَارَ فِی مَمْلَكَةِ یُوسُفَ وَ صَارُوا عَبِیداً لَهُ فَقَالَ یُوسُفُ لِلْمَلِكِ مَا تَرَی فِیمَا خَوَّلَنِی رَبِّی قَالَ الرَّأْیُ رَأْیُكَ قَالَ إِنِّی أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ أَنِّی أَعْتَقْتُ أَهْلَ مِصْرَ كُلَّهُمْ وَ رَدَدْتُ عَلَیْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَ عَبِیدَهُمْ وَ رَدَدْتُ عَلَیْكَ خَاتَمَكَ وَ سَرِیرَكَ وَ تَاجَكَ عَلَی أَنْ لَا تَسِیرَ إِلَّا بِسِیرَتِی وَ لَا تَحْكُمَ إِلَّا بِحُكْمِی فَاللَّهُ أَنْجَاهُمْ عَلَیَّ فَقَالَ الْمَلِكُ إِنَّ ذَلِكَ لَدِینِی وَ فَخْرِی- (3)وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ

ص: 292


1- أی خذ خاتمی.
2- فی نسخة: فأقبل.
3- فی نسخة: إن ذلك لزینی و فخری.

إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُهُ (1)وَ كَانَ مِنْ إِخْوَةِ یُوسُفَ وَ أَبِیهِ علیه السلام مَا ذَكَرْتُهُ (2).

تتمیم: قال فی العرائس فلما تبین للملك عذر یوسف و عرف أمانته و كفایته و

ص: 293


1- روی الطبرسیّ رحمه اللّٰه من كتاب النبوّة بالاسناد عن ابن عیسی، عن الوشاء، عن الرضا علیه السلام قال: و أقبل یوسف علی جمع الطعام فجمع فی السبع السنین المخصبة فكبسه فی الخزائن، فلما انقضت تلك السنون و أقبلت السنون المجدبة أقبل یوسف علی بیع الطعام فباعهم فی السنة الأولی بالذهب و الفضة حتّی لم یبق بمصر و ما حولها ذهب و لا فضة الا صار فی مملكة یوسف، ثمّ باعهم فی السنة الثانیة بالحلی و الجواهر حتّی لم یبق بمصر و ما حولها حلی و لا جواهر الا صارت فی مملكته، و باعهم فی السنة الثالثة بالدواب و المواشی حتّی لم یبق بمصر و ما حولها دابة و لا ماشیة الا صارت فی مملكته، و باعهم فی السنة الرابعة بالعبید و الإماء حتّی لم یبق بمصر عبد و لا أمة الا صارت فی مملكته، و باعهم فی السنة الخامسة بالدور و العقار حتّی لم یبق بمصر و ما حولها دار و لا عقار الا صار فی مملكته، و باعهم فی السنة السادسة بالمزارع و الأنهار حتّی لم یبق بمصر و ما حولها نهر و لا مزرعة إلا صار فی مملكته، و باعهم فی السنة السابعة برقابهم حتّی لم یبق بمصر و ما حولها عبد و لا حر الا صاروا عبیدا لیوسف، فملك أحرارهم و عبیدهم و أموالهم، و قال الناس: ما رأینا و لا سمعنا بملك أعطاه اللّٰه من الملك ما أعطی هذا الملك حكما و علما و تدبیرا. ثم قال یوسف للملك: أیها الملك ما تری فیما خولنی ربی من ملك مصر و أهلها؟ أشر علینا برأیك، فانی لم اصلحهم لافسدهم، و لم انجهم من البلاء لیكون بلاء علیهم، و لكن اللّٰه سبحانه أنجاهم علی یدی، قال له الملك: الرأی رأیك، قال: انی اشهد اللّٰه و اشهدك أیها الملك أنی قد اعتقت أهل مصر كلهم، و رددت علیهم اموالهم و عبیدهم، و رددت علیك أیها الملك خاتمك و سریرك و تاجك علی أن لا تسیر الا بسیرتی و لا تحكم الا بحكمی؛ قال الملك: إن ذلك لزینی و فخری أن لا أسیر الا بسیرتك و لا أحكم الا بحكمك، و لولاك ما قویت علیه و لا اهتدیت له، و لقد جعلت سلطانی عزیزا ما یرام، و أنا أشهد أن لا إله إلّا اللّٰه وحده لا شریك له، و أنك رسوله، فاقم علی ما ولیتك فانّك لدینا مكین أمین. أقول: و انما أوردت هذا الخبر لما بینه و بین ما رواه الراوندیّ من الاختلاف فی السند و المتن، ثمّ قال الطبرسیّ: و قیل: ان یوسف علیه السلام كان لا یمتلئ شبعا من الطعام فی تلك الأیّام المجدبة فقیل له: تجوع و بیدك خزائن الأرض؟! فقال: أخاف أن أشبع فأنسی الجیاع. منه رحمه اللّٰه.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. م.

علمه و عقله قال ائتونی به أستخلصه لنفسی فلما جاءه الرسول قال له أجب الملك الآن فخرج یوسف و دعا لأهل السجن بدعاء یعرف إلی الیوم و ذلك أنه قال اللّٰهم اعطف علیهم بقلوب الأخیار و لا تعم علیهم الأخبار فهم أعلم الناس بالأخبار إلی الیوم فی كل بلدة فلما خرج من السجن كتب علی بابه هذا قبور الأحیاء و بیت الأحزان و تجربة الأصدقاء و شماتة الأعداء ثم اغتسل علیه السلام و تنظف من درن السجن و لبس ثیابا جددا حسانا و قصد الملك قال وهب فلما وقف بباب الملك قال علیه السلام حسبی ربی من دنیای و حسبی ربی من خلقه عز جاره و جل ثناؤه و لا إله غیره فلما دخل علی الملك قال اللّٰهم إنی أسألك بخیرك من خیره و أعوذ بك من شره و شر غیره فلما أن نظر إلیه الملك سلم علیه یوسف بالعربیة فقال له الملك ما هذا اللسان قال لسان عمی إسماعیل علیه السلام ثم دعا بالعبرانیة فقال له الملك ما هذا اللسان قال لسان آبائی قال وهب و كان الملك یتكلم بسبعین لسانا فكلما كلم الملك یوسف بلسان أجابه یوسف بذلك اللسان فأعجب الملك بما رأی منه و كان یوسف یومئذ ابن ثلاثین سنة فلما رأی الملك حداثة سنه و غزارة علمه قال لمن عنده إن هذا علم تأویل رؤیای و لم یعلمه السحرة و الكهنة ثم أجلسه و قال له إنی أحب أن أسمع رؤیای منك شفاها فقال یوسف نعم أیها الملك رأیت سبع بقرات سمان شهب حسان غر (1)كشف لك عنهن النیل فطلعن علیك من شاطئه تشخب أخلافهن (2)لبنا فبینا أنت تنظر إلیهن و یعجبك حسنهن إذا نضب النیل (3)و غار ماؤه و بدا قعره فخرج من حماته و وحله سبع بقرات عجاف شعث غبر مقلصات البطون (4)لیس لهن ضروع و أخلاف و لهن أنیاب و أضراس و

ص: 294


1- الشهب: بیاض یتخلله سواد، و فی المصدر: حسان غیر عجاف كشف لك عنهن نهر النیل.
2- شاطئ النهر: جانبه. تشخب أی تسیل. و الاخلاف جمع الخلف بالكسر: حلمة ضرع البقر و نحوه.
3- نضب الماء: غار و ذهب فی الأرض.
4- أی انكمشت بطونهن و انضمت. و فی المصدر: ملصقات البطون.

أكف كأكف الكلاب و خراطیم كخراطیم السباع فاختلطن بالسمان فافترسهن افتراس السبع و أكلن لحومهن و مزقن جلودهن و حطمن عظامهن و تمششن مخهن (1)فبینا أنت تنظر و تتعجب (2)إذا سبع سنابل خضر و سبع سنابل أخر سود (3)فی منبت واحد عروقهن فی الثری و الماء فبینا أنت تقول أنی هذا (4)و هؤلاء خضر مثمرات و هؤلاء سود یابسات و المنبت واحد و أصولهن فی الماء أذهبت ریح فذرت الأزقان (5)من السود الیابسات علی الخضر المثمرات فأشعلت فیهن النار فأحرقتهن فصرن سودا متغیرات فهذا آخر ما رأیت من الرؤیا (6).

«77»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلَاءٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ یَعْقُوبَ علیه السلام كَمْ عَاشَ مَعَ یُوسُفَ بِمِصْرَ بَعْدَ مَا جَمَعَ اللَّهُ لِیَعْقُوبَ شَمْلَهُ وَ أَرَاهُ تَأْوِیلَ رُؤْیَا یُوسُفَ الصَّادِقَةِ قَالَ عَاشَ حَوْلَیْنِ قُلْتُ فَمَنْ كَانَ الْحُجَّةَ (7)فِی الْأَرْضِ یَعْقُوبُ أَمْ یُوسُفُ قَالَ كَانَ یَعْقُوبُ الْحُجَّةَ وَ كَانَ الْمُلْكُ لِیُوسُفَ فَلَمَّا مَاتَ یَعْقُوبُ علیه السلام حَمَلَهُ یُوسُفُ فِی تَابُوتٍ إِلَی أَرْضِ الشَّامِ فَدَفَنَهُ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَ یُوسُفُ بَعْدَ یَعْقُوبَ الْحُجَّةَ قُلْتُ فَكَانَ یُوسُفُ رَسُولًا نَبِیّاً قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَقَدْ جاءَكُمْ یُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَیِّناتِ (8).

شی، تفسیر العیاشی عن محمد بن مسلم مثله (9)

ص: 295


1- أی مصصن عظمهن و استخرجن منه مخهن.
2- هنا فی المصدر زیادة و هی هكذا: و تعجب كیف غلبهن و هن مهازیل ثمّ لم یظهر فیهن سمن و لا زیادة بعد أكلهن اه.
3- فی المصدر: سود یابسات.
4- فی المصدر: فبینا انت تقول فی نفسك: ما هذا؟ هؤلاء اه.
5- هكذا فی نسخ؛ و فی نسخة: الارفات، و الصحیح كما فی المصدر: الاوراق.
6- العرائس: 79- 80. م.
7- فی نسخة: فمن كان الحجة للّٰه.
8- قصص الأنبیاء مخطوط. م.
9- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.

بیان: لعل موضع الاستشهاد قوله تعالی قُلْتُمْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا

«78»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا صَارَ یُوسُفُ إِلَی مَا صَارَ إِلَیْهِ تَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةُ الْعَزِیزِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا تِیكُمْ (1)فَقَالَ لَهَا انْصَرِفِی فَإِنِّی سَأُغْنِیكِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَیْهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (2).

«79»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ لَمَّا تَزَوَّجَ امْرَأَةَ الْعَزِیزِ وَجَدَهَا عَذْرَاءَ فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَكِ عَلَی الَّذِی صَنَعْتِ قَالَتْ ثَلَاثُ خِصَالٍ الشَّبَابُ وَ الْمَالُ وَ أَنِّی كُنْتُ لَا زَوْجَ لِی یَعْنِی كَانَ الْمَلِكُ عِنِّیناً (3).

«80»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا یَرْفَعُهُ قَالَتْ إِنَّ امْرَأَةَ الْعَزِیزِ احْتَاجَتْ فَقِیلَ لَهَا لَوْ تَعَرَّضْتِ لِیُوسُفَ علیه السلام فَقَعَدْتِ عَلَی الطَّرِیقِ فَلَمَّا مَرَّ بِهَا قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْعَبِیدَ بِطَاعَتِهِمْ لِرَبِّهِمْ مُلُوكاً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ بِمَعْصِیَتِهِ الْمُلُوكَ عَبِیداً قَالَ مَنْ أَنْتِ قَالَتْ أَنَا زَلِیخَا فَتَزَوَّجَهَا (4).

«81»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَخَلَ یُوسُفُ علیه السلام عَلَی الْمَلِكِ یَعْنِی نُمْرُودَ قَالَ كَیْفَ أَنْتَ یَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ إِنِّی لَسْتُ بِإِبْرَاهِیمَ أَنَا یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ وَ هُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِیمَ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ (5)قَالَ وَ كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ شَابّاً (6).

ص: 296


1- هكذا فی النسخ.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- قد عرفت سابقا أن نمرود إبراهیم هو الریان بن الولید، و أمّا نمرود یوسف فقد نص البغدادیّ فی المحبر انه سنان بن الاشل بن علوان بن العبید بن عریج بن عملیق بن یلمع بن عامر بن اسلیحات ابن لوذ بن سام بن نوح. و اللّٰه أعلم.
6- مخطوط. م.

«82»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ (1)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ یُوسُفُ علیه السلام السِّجْنَ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِیهِ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً (2)وَ بَقِیَ بَعْدَ خُرُوجِهِ ثَمَانِینَ سَنَةً فَذَلِكَ مِائَةٌ وَ عَشْرُ سِنِینَ (3).

«83»-كا، الكافی سَهْلُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ الشَّامِیِّ مَوْلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَعْجَبَ إِلَی النَّاسِ مَنْ یَأْكُلُ الْجَشِبَ وَ یَلْبَسُ الْخَشِنَ وَ یَتَخَشَّعُ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ یُوسُفَ علیه السلام نَبِیٌّ وَ ابْنُ نَبِیٍّ كَانَ یَلْبَسُ أَقْبِیَةَ الدِّیبَاجِ مَزْرُورَةً بِالذَّهَبِ وَ یَجْلِسُ فِی مَجَالِسِ آلِ فِرْعَوْنَ یَحْكُمُ فَلَمْ یَحْتَجِ النَّاسُ إِلَی لِبَاسِهِ وَ إِنَّمَا احْتَاجُوا إِلَی قِسْطِهِ (4).

«84»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ یَحْیَی الْأَزْرَقِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَقِیَّةِ قَوْمِ عَادٍ قَدْ أَدْرَكَ فِرْعَوْنَ یُوسُفَ وَ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ قَدْ وَلِعُوا بِالْعَادِیِّ یَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ وَ إِنَّهُ أَتَی فِرْعَوْنَ یُوسُفَ فَقَالَ أَجِرْنِی عَنِ النَّاسِ وَ أُحَدِّثَكَ بِأَعَاجِیبَ رَأَیْتُهَا وَ لَا أُحَدِّثَكَ إِلَّا بِالْحَقِّ فَأَجَارَهُ فِرْعَوْنُ یُوسُفَ وَ مَنَعَهُ وَ جَالَسَهُ وَ حَدَّثَهُ فَوَقَعَ مِنْهُ كُلَّ مَوْقِعٍ وَ رَأَی مِنْهُ أَمْراً جَمِیلًا قَالَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ لَمْ یَتَعَلَّقْ عَلَی یُوسُفَ بِكَذِبَةٍ وَ لَا عَلَی الْعَادِیِّ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِیُوسُفَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً خَیْراً مِنْكَ قَالَ نَعَمْ أَبِی یَعْقُوبُ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ یَعْقُوبُ علیه السلام عَلَی فِرْعَوْنَ حَیَّاهُ بِتَحِیَّةِ الْمُلُوكِ فَأَكْرَمَهُ وَ قَرَّبَهُ وَ زَادَهُ إِكْرَاماً لِیُوسُفَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِیَعْقُوبَ علیه السلام یَا شَیْخُ كَمْ أَتَی عَلَیْكَ قَالَ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً قَالَ الْعَادِیُّ كَذَبَ فَسَكَتَ یَعْقُوبُ وَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَی فِرْعَوْنَ حِینَ كَذَّبَهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِیَعْقُوبَ كَمْ أَتَی عَلَیْكَ قَالَ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً قَالَ الْعَادِیُّ كَذَبَ فَقَالَ یَعْقُوبُ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَبَ فَاطْرَحْ

ص: 297


1- روی الطبرسیّ من كتاب النبوّة بإسناده إلی ابی خالد مثله. منه رحمه اللّٰه.
2- فی نسخة: ثمانیة عشر سنة.
3- مخطوط. م.
4- فروع الكافی 2: 206. و هذا بعض الحدیث. م.

لِحْیَتَهُ عَلَی صَدْرِهِ فَسَقَطَتْ لِحْیَتُهُ عَلَی صَدْرِهِ فَهَالَ ذَلِكَ فِرْعَوْنَ وَ قَالَ لِیَعْقُوبَ عَمَدْتَ إِلَی رَجُلٍ أَجَرْتُهُ فَدَعَوْتَ إِلَیْهِ أُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ إِلَهَكَ بِرَدِّهِ فَدَعَا لَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَیْهِ فَقَالَ الْعَادِیُّ إِنِّی رَأَیْتُ هَذَا مَعَ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ فِی زَمَنِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ یَعْقُوبُ لَیْسَ أَنَا الَّذِی رَأَیْتَهُ إِنَّمَا رَأَیْتَ إِسْحَاقَ فَقَالَ لَهُ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا یَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ علیه السلام فَقَالَ الْعَادِیُّ صَدَقْتَ ذَلِكَ الَّذِی رَأَیْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ وَ صَدَقْتُ (1).

«85»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: عَاشَ یَعْقُوبُ مِائَةً وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ عَاشَ یُوسُفُ مِائَةً وَ عِشْرِینَ سَنَةً (2).

«86»-یج، الخرائج و الجرائح رَوَی سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وَ السَّائِلُ رَجُلٌ مِنْ قُمَّ وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ علیه السلام مَا سَرَقَ یُوسُفُ إِنَّمَا كَانَ لِیَعْقُوبَ مِنْطَقَةٌ وَرِثَهَا مِنْ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَتْ تِلْكَ الْمِنْطَقَةُ لَا یَسْرِقُهَا أَحَدٌ إِلَّا اسْتُعْبِدَ فَكَانَ إِذَا سَرَقَهَا إِنْسَانٌ نَزَلَ جَبْرَائِیلُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَخَذَ مِنْهُ وَ أُخِذَ عَبْداً وَ إِنَّ الْمِنْطَقَةَ كَانَتْ عِنْدَ سَارَةَ بِنْتِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَتْ سُمِّیَتْ أُمَّ إِسْحَاقَ وَ إِنَّ سَارَةَ أَحَبَّتْ یُوسُفَ وَ أَرَادَتْ أَنْ تَتَّخِذَهُ وَلَداً لَهَا وَ إِنَّهَا أَخَذَتِ الْمِنْطَقَةَ فَرَبَطَتْهَا عَلَی وَسْطِهِ ثُمَّ سَدَلَتْ عَلَیْهِ سِرْبَالَهُ وَ قَالَتْ لِیَعْقُوبَ إِنَّ الْمِنْطَقَةَ سُرِقَتْ فَأَتَاهُ جَبْرَائِیلُ فَقَالَ یَا یَعْقُوبُ إِنَّ الْمِنْطَقَةَ مَعَ یُوسُفَ وَ لَمْ یُخْبِرْهُ بِخَبَرِ مَا صَنَعَتْ سَارَةُ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ فَقَامَ یَعْقُوبُ إِلَی یُوسُفَ فَفَتَّشَهُ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ غُلَامٌ یَافِعٌ (3)وَ اسْتَخْرَجَ الْمِنْطَقَةَ فَقَالَتْ سَارَةُ بِنْتُ إِسْحَاقَ مَتَی سَرَقَهَا (4)یُوسُفُ فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ فَقَالَ لَهَا یَعْقُوبُ فَإِنَّهُ عَبْدُكِ عَلَی أَنْ لَا تَبِیعِیهِ وَ لَا تَهَبِیهِ قَالَتْ فَأَنَا أَقْبَلُهُ عَلَی أَنْ لَا تَأْخُذَهُ مِنِّی وَ أَنَا أُعْتِقُهُ

ص: 298


1- مخطوط. م.
2- كمال الدین: 289. م.
3- أی ترعرع و ناهز البلوغ.
4- هكذا فی النسخ و الظاهر أنّه مصحف: منی سرقها.

السَّاعَةَ فَأَعْطَاهَا فَأَعْتَقَتْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ فَجَعَلْتُ أُجِیلُ هَذَا فِی نَفْسِی أُفَكِّرُ وَ أَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَعَ قُرْبِ یَعْقُوبَ مِنْ یُوسُفَ وَ حُزْنِ یَعْقُوبَ عَلَیْهِ حَتَّی ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ وَ هُوَ كَظِیمٌ وَ الْمَسَافَةُ قَرِیبَةٌ فَأَقْبَلَ عَلَیَّ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ یَا أَبَا هَاشِمٍ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّا جَرَی فِی نَفْسِكَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ أَنْ یَرْفَعَ السَّنَامَ الْأَعْلَی (1)بَیْنَ یَعْقُوبَ وَ یُوسُفَ حَتَّی كَانَا یَتَرَاءَانِ فَعَلَ وَ لَكِنْ لَهُ أَجَلٌ هُوَ بَالِغُهُ وَ مَعْلُومٌ یَنْتَهِی إِلَیْهِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَالْخِیَارُ مِنَ اللَّهِ لِأَوْلِیَائِهِ (2).

«87»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ لُحُومَ الْإِبِلِ هَیَّجَ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ (3)لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَمْ یَأْكُلْهُ(4).

«88»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ فِی قَوْلِ اللَّهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (5)قَالَ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِینَ (6).

«6»-89- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُوتِیَ بِقَمِیصِ

ص: 299


1- السنام: كل مرتفع علی الأرض.
2- الخرائج و الجرائح: 156- 157. فی الكتاب زیادة علی الأصل المطبوع الموجود عندنا. م.
3- فی الخبر غرابة ظاهرة اذ الظاهر رجوع ضمیر «حرمه» الی إسرائیل و هو علیه السلام كان قبل موسی علیه السلام و نزول التوراة بكثیر، و لذا أوله المصنّف و ذكر له توجیها تقدم فی ج 9 ص 196 و 197 راجعه.
4- مخطوط. و فی هامش المطبوع: أقول سیأتی شرح هذا الخبر فی باب ما ناجی به موسی علیه السلام ربّه. منه طاب ثراه.
5- قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: «وَ أَوْحَیْنا إِلَیْهِ» قال الحسن: أعطاه اللّٰه النبوّة و هو فی الجب و البشارة بالنجاة و الملك، «لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا» أی لتخبرنهم بقبیح فعلهم بعد هذا الوقت، یرید ما ذكره سبحانه فی آخر السورة من قوله: «هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ». «وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ» أنك یوسف و قیل: یرید: و هم لا یشعرون بأنّه أوحی إلیه. منه رحمه اللّٰه.
6- مخطوط. م.

یُوسُفَ إِلَی یَعْقُوبَ قَالَ اللَّهُمَّ لَقَدْ كَانَ ذِئْباً رَفِیقاً حِینَ لَمْ یَشُقَّ الْقَمِیصَ قَالَ وَ كَانَ بِهِ نَضْحٌ مِنْ دَمٍ (1).

«90»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قَالَ كَانَتْ عِشْرِینَ دِرْهَماً (2).

«91»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ الْبَخْسُ النَّقْصُ وَ هِیَ قِیمَةُ كَلْبِ الصَّیْدِ إِذَا قُتِلَ كَانَتْ دِیَتُهُ عِشْرِینَ دِرْهَماً (3).

«92»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: قَدْ كَانَ یُوسُفُ بَیْنَ أَبَوَیْهِ مُكَرَّماً ثُمَّ صَارَ عَبْداً حَتَّی بِیعَ بِأَخَسِّ وَ أَوْكَسِ (4)الثَّمَنِ ثُمَّ لَمْ یَمْنَعِ اللَّهُ أَنْ بَلَغَ بِهِ حَتَّی صَارَ مَلِكاً (5).

«93»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ حُصَیْنٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قَالَ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ ثَمَانِیَةَ دِرْهَماً (6).

«94»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَتِ الدَّرَاهِمُ عِشْرِینَ دِرْهَماً وَ هِیَ قِیمَةُ كَلْبِ الصَّیْدِ إِذَا قُتِلَ وَ الْبَخْسُ النَّقْصُ (7).

«95»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا قَالَتْ كَمَا أَنْتَ (8)قَالَ وَ لِمَ قَالَتْ حَتَّی أُغَطِّیَ وَجْهَ الصَّنَمِ لَا یَرَانَا فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ یَرَاهُ فَفَرَّ مِنْهَا (9).

«96»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ یُوسُفَ لَمَّا حَلَّ سَرَاوِیلَهُ رَأَی مِثَالَ یَعْقُوبَ عَاضّاً عَلَی إِصْبَعِهِ (10)وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ یُوسُفُ قَالَ فَهَرَبَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَكِنِّی وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ عَوْرَةَ أَبِی قَطُّ وَ لَا رَأَی أَبِی عَوْرَةَ جَدِّی قَطُّ

ص: 300


1- مخطوط.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- الاوكس: الانقص.
5- مخطوط.
6- مخطوط.
7- مخطوط.
8- أی كن علی ما أنت علیه من الحال و التهیؤ.
9- مخطوط.
10- محمول علی التقیة بدلالة الخبر الآتی، و الا ففی الروایة ما یخالف عقائد الإمامیّة.

وَ لَا رَأَی جَدِّی عَوْرَةَ أَبِیهِ قَطُّ قَالَ وَ هُوَ عَاضٌّ عَلَی إِصْبَعِهِ فَوَثَبَ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ إِبْهَامِ رِجْلِهِ (1).

«97»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَیَّ شَیْ ءٍ یَقُولُ النَّاسُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ قُلْتُ یَقُولُونَ رَأَی یَعْقُوبَ عَاضّاً عَلَی إِصْبَعِهِ فَقَالَ لَا لَیْسَ كَمَا یَقُولُونَ فَقُلْتُ فَأَیَّ شَیْ ءٍ رَأَی قَالَ لَمَّا هَمَّتِ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا قَامَتْ إِلَی صَنَمٍ مَعَهَا فِی الْبَیْتِ فَأَلْقَتْ عَلَیْهِ ثَوْباً فَقَالَ لَهَا یُوسُفُ مَا صَنَعْتِ قَالَتْ طَرَحْتُ عَلَیْهِ ثَوْباً أَسْتَحِی أَنْ یَرَانَا قَالَ فَقَالَ یُوسُفُ فَأَنْتِ تَسْتَحِینَ مِنْ صَنَمِكِ وَ هُوَ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُبْصِرُ وَ لَا أَسْتَحِی أَنَا مِنْ رَبِّی (2).

«98»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یُوسُفَ خَطَبَ امْرَأَةً جَمِیلَةً كَانَتْ فِی زَمَانِهِ فَرَدَّتْ عَلَیْهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ إِیَّایَ یَطْلُبُ قَالَ فَطَلَبَهَا إِلَی أَبِیهَا فَقَالَ لَهُ أَبُوهَا إِنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهَا قَالَ فَطَلَبَهَا إِلَی رَبِّهِ وَ بَكَی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ زَوَّجْتُكَهَا ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَیْهَا أَنِّی أُرِیدُ أَنْ أَزُورَكُمْ فَأَرْسَلَتْ إِلَیْهِ أَنْ تَعَالَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهَا أَضَاءَ الْبَیْتُ لِنُورِهِ فَقَالَتْ مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِیمٌ فَاسْتَسْقَی فَقَامَتْ إِلَی الطَّاسِ لِتَسْقِیَهُ فَجَعَلَتْ تَتَنَاوَلُ الطَّاسَ مِنْ یَدِهِ فَتَنَاوَلَهُ فَاهَا (3)فَجَعَلَ یَقُولُ لَهَا انْتَظِرِی وَ لَا تَعْجَلِی قَالَ فَتَزَوَّجَهَا (4).

«6»-99- شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی یُوسُفَ فِی السِّجْنِ قَالَ قُلْ فِی دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ فَرِیضَةٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِی فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِی مِنْ حَیْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ (5).

«100»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ طِرْبَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَمَرَ الْمَلِكُ فَحُبِسَ یُوسُفُ فِی السِّجْنِ أَلْهَمَهُ اللَّهُ عِلْمَ تَأْوِیلِ الرُّؤْیَا فَكَانَ یُعَبِّرُ لِأَهْلِ السِّجْنِ رُؤْیَاهُمْ وَ إِنَّ فَتَیَیْنِ أُدْخِلَا مَعَهُ السِّجْنَ یَوْمَ حَبْسِهِ فَلَمَّا بَاتَا أَصْبَحَا فَقَالا لَهُ إِنَّا رَأَیْنَا رُؤْیَا فَعَبِّرْهَا لَنَا فَقَالَ وَ مَا رَأَیْتُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّی أَرانِی أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِی خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْهُ وَ قَالَ الْآخَرُ رَأَیْتُ

ص: 301


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- كذا فی النسخ.
4- مخطوط. م.
5- مخطوط. م.

أَنِّی أَسْقِی الْمَلِكَ خَمْراً فَفَسَّرَ لَهُمَا رُؤْیَاهُمَا عَلَی مَا فِی الْكِتَابِ ثُمَّ قالَ لِلَّذِی ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ قَالَ وَ لَمْ یَفْزَعْ یُوسُفُ فِی حَالِهِ إِلَی اللَّهِ فَیَدْعُوَهُ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ فَأَنْساهُ الشَّیْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِینَ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی یُوسُفَ فِی سَاعَتِهِ تِلْكَ یَا یُوسُفُ مَنْ أَرَاكَ الرُّؤْیَا الَّتِی رَأَیْتَهَا قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ حَبَّبَكَ إِلَی أَبِیكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ وَجَّهَ السَّیَّارَةَ إِلَیْكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ عَلَّمَكَ الدُّعَاءَ الَّذِی دَعَوْتَ بِهِ حَتَّی جَعَلَ لَكَ مِنَ الْجُبِّ فَرَجاً قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ جَعَلَ لَكَ مِنْ كَیْدِ المَرْأَةِ مَخْرَجاً قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ أَنْطَقَ لِسَانَ الصَّبِیِّ بِعُذْرِكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ صَرَفَ عَنْكَ كَیْدَ امْرَأَةِ الْعَزِیزِ وَ النِّسْوَةِ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَمَنْ أَلْهَمَكَ تَأْوِیلَ الرُّؤْیَا قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّی قَالَ فَكَیْفَ اسْتَغَثْتَ بِغَیْرِی وَ لَمْ تَسْتَغِثْ بِی وَ تَسْأَلْنِی أَنْ أُخْرِجَكَ مِنَ السِّجْنِ وَ اسْتَغَثْتَ وَ أَمَّلْتَ عَبْداً مِنْ عِبَادِی لِیَذْكُرَكَ إِلَی مَخْلُوقٍ مِنْ خَلْقِی فِی قَبْضَتِی وَ لَمْ تَفْزَعْ إِلَیَّ الْبَثْ فِی السِّجْنِ بِذَنْبِكَ بِضْعَ سِنِینَ بِإِرْسَالِكَ عَبْداً إِلَی عَبْدٍ قَالَ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ ابْنُ أَبِی حَمْزَةَ فَمَكَثَ فِی السِّجْنِ عِشْرِینَ سَنَةً.

سَمَاعَةُ (1)

عَنْ قَوْلِ اللَّهِ اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ قَالَ هُوَ الْعَزِیزُ (2).

«101»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قالَ الْآخَرُ إِنِّی أَرانِی أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِی خُبْزاً قَالَ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِی جَفْنَةً فِیهَا خُبْزٌ تَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْهُ (3).

«102»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ لِیُوسُفَ أَ لَسْتُ الَّذِی حَبَّبْتُكَ إِلَی أَبِیكَ وَ فَضَّلْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِالْحُسْنِ أَ وَ لَسْتُ الَّذِی سُقْتُ إِلَیْكَ السَّیَّارَةَ وَ أَنْقَذْتُكَ وَ أَخْرَجْتُكَ مِنَ الْجُبِّ أَ وَ لَسْتُ الَّذِی صَرَفْتُ عَنْكَ كَیْدَ النِّسْوَةِ فَمَا حَمَلَكَ عَلَی أَنْ تَرْفَعَ رَغْبَتَكَ وَ تَدْعُوَ مَخْلُوقاً دُونِی فَالْبَثْ لِمَا قُلْتَ فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِینَ (4).

«103»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَالَ لِلْفَتَی اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ حَتَّی كُشِطَ لَهُ عَنِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ انْظُرْ مَا ذَا تَرَی قَالَ أَرَی حَجَراً صَغِیراً فَفَلَقَ الْحَجَرَ فَقَالَ مَا ذَا تَرَی قَالَ أَرَی دُودَةً

ص: 302


1- هكذا فی النسخ، و الظاهر أن الصحیح: قال سماعة فی قول اللّٰه.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.

صَغِیرَةً قَالَ فَمَنْ رَازِقُهَا قَالَ اللَّهُ قَالَ فَإِنَّ رَبَّكَ یَقُولُ لَمْ أَنْسَ هَذِهِ الدُّودَةَ فِی ذَلِكَ الْحَجَرِ فِی قَعْرِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ أَ ظَنَنْتَ أَنِّی أَنْسَاكَ حَتَّی تَقُولَ لِلْفَتَی اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ لَتَلْبَثَنَّ فِی السِّجْنِ بِمَقَالَتِكَ هَذِهِ بِضْعَ سِنِینَ قَالَ فَبَكَی یُوسُفُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّی بَكَی لِبُكَائِهِ الْحِیطَانُ قَالَ فَتَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَبْكِیَ یَوْماً وَ یَسْكُتَ یَوْماً وَ كَانَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی یَسْكُتُ أَسْوَأَ حَالًا (1).

«104»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَكَی أَحَدٌ بُكَاءَ ثَلَاثَةٍ آدَمَ وَ یُوسُفَ وَ دَاوُدَ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِهِمْ قَالَ أَمَّا آدَمُ فَبَكَی حِینَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِی بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَبَكَی حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ بَكَی حَتَّی هَاجَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَ إِنْ كَانَ لَیَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَیُحْرِقُ مَا نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ (2)وَ أَمَّا یُوسُفُ فَإِنَّهُ كَانَ یَبْكِی عَلَی أَبِیهِ یَعْقُوبَ وَ هُوَ فِی السِّجْنِ فَتَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَبْكِیَ یَوْماً وَ یَسْكُتَ یَوْماً (3).

«105»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی فَلَبِثَ فِی السِّجْنِ بِضْعَ سِنِینَ قَالَ سَبْعَ سِنِینَ (4).

«106»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْهُمَا قَالا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَوْ كُنْتُ بِمَنْزِلَةِ یُوسُفَ حِینَ أَرْسَلَ إِلَیْهِ الْمَلِكُ یَسْأَلُهُ عَنْ رُؤْیَاهُ مَا حَدَّثْتُهُ حَتَّی أَشْتَرِطَ عَلَیْهِ أَنْ یُخْرِجَنِی مِنَ السِّجْنِ وَ عَجِبْتُ لِصَبْرِهِ عَنْ شَأْنِ امْرَأَةِ الْمَلِكِ حَتَّی أَظْهَرَ اللَّهُ عُذْرَهُ (5).

«107»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقْرَأُ سَبْعِ سَنَابِلَ خُضْرٍ (6).

«108»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ سَبَقَ یُوسُفَ الْغَلَاءُ الَّذِی أَصَابَ النَّاسَ وَ لَمْ یَتَمَنَّ الْغَلَاءَ لِأَحَدٍ قَطُّ قَالَ فَأَتَاهُ التُّجَّارُ فَقَالُوا بِعْنَا فَقَالَ اشْتَرُوا فَقَالُوا نَأْخُذُ كَذَا بِكَذَا قَالَ خُذُوا وَ أَمَرَ فَكَالُوهُمْ فَحَمَلُوا وَ مَضَوْا حَتَّی دَخَلُوا الْمَدِینَةَ فلقاهم (فَلَقِیَهُمْ) قَوْمٌ تُجَّارٌ فَقَالُوا لَهُمْ كَیْفَ أَخَذْتُمْ قَالُوا كَذَا بِكَذَا وَ أَضْعَفُوا الثَّمَنَ

ص: 303


1- مخطوط. م.
2- الحدیث لا یخلو عن غرابة.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- مخطوط. م.
6- مخطوط. م.

قَالَ وَ قَدِمُوا أُولَئِكَ عَلَی یُوسُفَ فَقَالُوا بِعْنَا فَقَالَ اشْتَرُوا كَیْفَ تَأْخُذُونَ قَالُوا بِعْنَا كَمَا بِعْتَ كَذَا بِكَذَا فَقَالَ مَا هُوَ كَمَا یَقُولُونَ وَ لَكِنْ خُذُوا فَأَخَذُوا ثُمَّ مَضَوْا حَتَّی دَخَلُوا الْمَدِینَةَ فلقاهم (فَلَقِیَهُمْ) آخَرُونَ فَقَالُوا كَیْفَ أَخَذْتُمْ فَقَالُوا كَذَا بِكَذَا وَ أَضْعَفُوا الثَّمَنَ قَالَ فَعَظَّمَ النَّاسُ ذَلِكَ الْغَلَاءَ وَ قَالُوا اذْهَبُوا بِنَا حَتَّی نَشْتَرِیَ قَالَ فَذَهَبُوا إِلَی یُوسُفَ فَقَالُوا بِعْنَا فَقَالَ اشْتَرُوا فَقَالُوا بِعْنَا كَمَا بِعْتَ فَقَالَ وَ كَیْفَ بِعْتُ قَالُوا كَذَا بِكَذَا فَقَالَ مَا هُوَ كَذَلِكَ وَ لَكِنْ خُذُوا قَالَ فَأَخَذُوا وَ رَجَعُوا إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَخْبَرُوا النَّاسَ فَقَالُوا فِیمَا بَیْنَهُمْ تَعَالَوْا حَتَّی نَكْذِبَ فِی الرُّخْصِ كَمَا كَذَبْنَا فِی الْغَلَاءِ قَالَ فَذَهَبُوا إِلَی یُوسُفَ فَقَالُوا لَهُ بِعْنَا فَقَالَ اشْتَرُوا فَقَالُوا بِعْنَا كَمَا بِعْتَ قَالَ وَ كَیْفَ بِعْتُ قَالُوا كَذَا بِكَذَا بِالْحَطِّ مِنَ السِّعْرِ الْأَوَّلِ فَقَالَ مَا هُوَ هَكَذَا وَ لَكِنْ خُذُوا قَالَ فَأَخَذُوا وَ ذَهَبُوا إِلَی الْمَدِینَةِ فلقاهم (فَلَقِیَهُمُ) النَّاسُ فَسَأَلُوهُمْ بِكَمِ اشْتَرَیْتُمْ فَقَالُوا كَذَا بِكَذَا بِنِصْفِ الْحَطِّ الْأَوَّلِ فَقَالَ الْآخَرُونَ اذْهَبُوا بِنَا حَتَّی نَشْتَرِیَ فَذَهَبُوا إِلَی یُوسُفَ فَقَالُوا بِعْنَا فَقَالَ اشْتَرُوا فَقَالُوا بِعْنَا كَمَا بِعْتَ فَقَالَ وَ كَیْفَ بِعْتُ قَالُوا بِكَذَا وَ كَذَا بِالْحَطِّ مِنَ النِّصْفِ فَقَالَ مَا هُوَ كَمَا یَقُولُونَ وَ لَكِنْ خُذُوا فَلَمْ یَزَالُوا یَتَكَاذَبُونَ حَتَّی رَجَعَ السِّعْرُ (1)إِلَی الْأَمْرِ الْأَوَّلِ كَمَا أَرَادَ اللَّهُ (2).

«109»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَامٌ فِیهِ یُغَاثُ النَّاسُ وَ فِیهِ یُعْصَرُونَ بِضَمِّ الْیَاءِ یُمْطَرُونَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (3).

«110»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَامٌ فِیهِ یُغَاثُ النَّاسُ وَ فِیهِ یُعْصَرُونَ مَضْمُومَةٌ ثُمَّ قَالَ (4)وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (5).

«111»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ارْجِعْ إِلی رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ قَالَ یَعْنِی الْعَزِیزَ (6).

«112»-شی، تفسیر العیاشی قَالَ سُلَیْمَانُ قَالَ سُفْیَانُ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یَجُوزُ أَنْ یُزَكِّیَ

ص: 304


1- السعر بالكسر: الثمن.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- أی ثمّ استشهد لذلك بقوله تعالی: «وَ أَنْزَلْنا»* اه.
5- مخطوط.
6- مخطوط.

الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا اضْطُرَّ إِلَیْهِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ یُوسُفَ اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ (1)وَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِینٌ (2).

«113»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَلَكَ یُوسُفُ مِصْرَ وَ بَرَارِیَهَا لَمْ یُجَاوِزْهَا إِلَی غَیْرِهَا (3).

«114»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا فَقَدَ یَعْقُوبُ یُوسُفَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَیْهِ وَ بُكَاؤُهُ حَتَّی ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ وَ احْتَاجَ حَاجَةً شَدِیدَةً وَ تَغَیَّرَتْ حَالُهُ قَالَ وَ كَانَ یَمْتَارُ الْقَمْحَ مِنْ مِصْرَ لِعِیَالِهِ فِی السَّنَةِ مَرَّتَیْنِ لِلشِّتَاءِ وَ الصَّیْفِ وَ إِنَّهُ بَعَثَ عِدَّةً مِنْ وُلْدِهِ بِبِضَاعَةٍ یَسِیرَةٍ إِلَی مِصْرَ مَعَ رِفْقَةٍ خَرَجَتْ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا وَلَّاهُ الْعَزِیزُ مِصْرَ فَعَرَفَهُمْ یُوسُفُ وَ لَمْ یَعْرِفْهُ إِخْوَتُهُ لِهَیْبَةِ الْمَلِكِ وَ عِزِّهِ فَقَالَ لَهُمْ هَلُمُّوا بِضَاعَتَكُمْ قَبْلَ الرِّفَاقِ وَ قَالَ لِفِتْیَانِهِ عَجِّلُوا لِهَؤُلَاءِ الْكَیْلَ وَ أَوْفُوهُمْ فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَاجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ هَذِهِ فِی رِحَالِهِمْ وَ لَا تُعْلِمُوهُمْ بِذَلِكَ فَفَعَلُوا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ یُوسُفُ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّهُ كَانَ لَكُمْ أَخَوَانِ لِأَبِیكُمْ فَمَا فَعَلَا قَالُوا أَمَّا الْكَبِیرُ مِنْهُمَا فَإِنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ وَ أَمَّا الصَّغِیرُ فَخَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَبِیهِ وَ هُوَ بِهِ ضَنِینٌ (4)وَ عَلَیْهِ شَفِیقٌ قَالَ فَإِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَأْتُونِی بِهِ مَعَكُمْ إِذَا جِئْتُمْ لِتَمْتَارُوا فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِی بِهِ فَلا كَیْلَ لَكُمْ عِنْدِی وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلی أَبِیهِمْ ... فَتَحُوا مَتاعَهُمْ فَوَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ فِیهِ قالُوا یا أَبانا ما نَبْغِی هذِهِ

ص: 305


1- قال الطبرسیّ ره: قال المفسرون: لما قال یوسف: «اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ» قال الملك: و من أحق به منك؟ فولاه ذلك. و روی عن ابن عبّاس عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أنه قال: رحم اللّٰه أخی یوسف لو لم یقل «اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ» لولاه من ساعته، و لكنه أخر ذلك سنة. قال ابن عبّاس: فأقام فی بیت الملك سنة، فلما انصرمت السنة من یوم سأل الامارة دعاه الامیر فتوجه و رداه بسیفه و أمر أن یوضع له سریر من ذهب مكلل بالدر و الیاقوت و یضرب علیه كلة من استبرق ثمّ أمره أن یخرج متوجا لونه كالثلج و وجهه كالقمر، یری الناظر فیه وجهه، فانطلق حتّی جلس علی السریر و دانت له الملوك فعدل بین الناس فأحبه الرجال و النساء. منه طاب اللّٰه ثراه.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- الضنین: البخیل: أی هو یختص به یحفظه عن غیره.

بِضاعَتُنا قَدْ رُدَّتْ إِلَیْنا وَ كِیلَ لَنَا كَیْلٌ قَدْ زَادَ حِمْلَ بَعِیرٍ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَیْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ فَلَمَّا احْتَاجُوا إِلَی الْمِیرَةِ (1)بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعَثَهُمْ یَعْقُوبُ وَ بَعَثَ مَعَهُمْ بِضَاعَةً یَسِیرَةً وَ بَعَثَ مَعَهُمُ ابْنَ یَامِیلَ (2)وَ أَخَذَ عَلَیْهِمْ بِذَلِكَ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِی بِهِ إِلَّا أَنْ یُحاطَ بِكُمْ أَجْمَعِینَ فَانْطَلَقُوا مَعَ الرِّفَاقِ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ فَقَالَ لَهُمْ مَعَكُمُ ابْنُ یَامِیلَ قَالُوا نَعَمْ هُوَ فِی الرَّحْلِ قَالَ لَهُمْ فَأْتُوْنِی بِهِ فَأَتَوْهُ بِهِ وَ هُوَ فِی دَارِ الْمَلِكِ فَقَالَ أَدْخِلُوهُ وَحْدَهُ فَأَدْخَلُوهُ عَلَیْهِ فَضَمَّهُ یُوسُفُ إِلَیْهِ وَ بَكَی وَ قَالَ لَهُ أَنَا أَخُوكَ یُوسُفُ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا تَرَانِی أَعْمَلُ وَ اكْتُمْ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ وَ لَا تَحْزَنْ وَ لَا تَخَفْ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَیْهِمْ وَ أَمَرَ فِتْیَتَهُ أَنْ یَأْخُذُوا بِضَاعَتَهُمْ وَ یُعَجِّلُوا لَهُمُ الْكَیْلَ فَإِذَا فَرَغُوا جَعَلُوا الْمِكْیَالَ فِی رَحْلِ ابْنِ یَامِیلَ فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ وَ ارْتَحَلَ الْقَوْمُ مَعَ الرِّفْقَةِ فَمَضَوْا فَلَحِقَهُمْ یُوسُفُ وَ فِتْیَتُهُ فَنَادَوْا فِیهِمْ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَیْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِیرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِی الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِینَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِینَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ قَالَ فَبَدَأَ بِأَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِیهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِیهِ ... قالُوا إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَقَالَ لَهُمْ یُوسُفُ ارْتَحِلُوا عَنْ بِلَادِنَا قالُوا یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَیْخاً كَبِیراً وَ قَدْ أَخَذَ عَلَیْنَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لِنَرُدَّ بِهِ إِلَیْهِ فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ إِنْ فَعَلْتَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ فَ قالَ كَبِیرُهُمْ إِنِّی لَسْتُ أَبْرَحُ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ مَضَی إِخْوَةُ یُوسُفَ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی یَعْقُوبَ فَقَالَ لَهُمْ فَأَیْنَ ابْنُ یَامِیلَ قَالُوا ابْنُ یَامِیلَ سَرَقَ مِكْیَالَ الْمَلِكِ فَأَخَذَ الْمَلِكُ سَرِقَتَهُ فَحَبَسَ عِنْدَهُ فَاسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْیَةِ وَ الْعِیْرَ (3)حَتَّی یُخْبِرُوكَ بِذَلِكَ فَاسْتَرْجَعَ وَ اسْتَعْبَرَ وَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ حَتَّی تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ (4).

ص: 306


1- المیرة: الطعام الذی یدخره الإنسان.
2- هكذا فی النسخ و فیما یأتی بعد ذلك. و هو مصحف ابن یامین أو بنیامین، و الظاهر كما سیأتی أن نسخة تفسیر المصنّف كانت مصحفة.
3- العیر: قافلة من الحمیر، و اطلقت علی كل قافلة.
4- مخطوط. م.

شی، تفسیر العیاشی أبو حمزة عن أبی بصیر عنه ذكر فیه ابن یامین و لم یذكر ابن یامیل (1).

«115»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَخَلَ إِخْوَةُ یُوسُفَ عَلَیْهِ وَ قَدْ جَاءُوا بِأَخِیهِمْ مَعَهُمْ وَضَعَ لَهُمُ الْمَوَائِدَ قَالَ یَمْتَارُ (2)كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَعَ أَخِیهِ لِأُمِّهِ عَلَی الْخِوَانِ فَجَلَسُوا وَ بَقِیَ أَخُوهُ قَائِماً فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ لَا تَجْلِسُ مَعَ إِخْوَتِكَ قَالَ لَیْسَ لِی مِنْهُمْ أَخٌ مِنْ أُمِّی قَالَ فَلَكَ أَخٌ مِنْ أُمِّكَ زَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاقْعُدْ وَ كُلْ مَعِی قَالَ فَتَرَكَ إِخْوَتُهُ الْأَكْلَ قَالُوا إِنَّا نُرِیدُ أَمْراً وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یَرْفَعَ وَلَدَ یَامِینَ (3)عَلَیْنَا ثُمَّ قَالَ حِینَ فَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِمْ أَمَرَ أَنْ یَضَعَ الصَّاعَ فِی رَحْلِ أَخِیهِ فَلَمَّا فَصَلُوا نَادَی مُنَادٍ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قَالَ فَرَجَعُوا فَقَالُوا ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ إِلَی قَوْلِهِ جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِی رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ یَعْنُونَ السُّنَّةَ الَّتِی تَجْرِی فِیهِمْ أَنْ یَحْبِسَهُ فَبَدَأَ بِأَوْعِیَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِیهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِیهِ فَ قالُوا إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْوَشَّاءُ فَسَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ یَعْنُونَ الْمِنْطَقَةَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَدَائِهِ قَالَ مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَی أَخِیكَ قَالَ وُلِدَ لِی عَشَرَةُ أَوْلَادٍ فَكُلُّهُمْ شَقَقْتُ لَهُمْ مِنِ اسْمِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ مَا أَرَاكَ حَزِنْتَ عَلَیْهِ حَیْثُ اتَّخَذْتَ النِّسَاءَ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ أَیُّهَا الْعَزِیزُ إِنَّ لِی أَباً شَیْخاً كَبِیراً صَالِحاً فَقَالَ یَا بُنَیَّ تَزَوَّجْ لَعَلَّكَ أَنْ تُصِیبَ وَلَداً یُثْقِلُ الْأَرْضَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (4)هَذَا مِنْ رِوَایَةِ الرِّضَا علیه السلام (5).

«116»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَ قَدْ كَانَ هَیَّأَ لَهُمْ طَعَاماً فَلَمَّا دَخَلُوا إِلَیْهِ قَالَ لِیَجْلِسْ كُلُّ بَنِی أُمٍّ عَلَی مَائِدَةٍ

ص: 307


1- مخطوط. م.
2- أی یجمع، و لكن أرید یأكل كل واحد منكم.
3- یستفاد من ذلك أن اسم امهما كان یامین، و قد تقدم أن اسمها راحیل، و لعله كان لها اسمان، أو أن یامین كانت اختا لراحیل أم یوسف كما سیأتی فی الخبر 119 و 130.
4- كان أبو محمّد فی سلسلة إسناد العیّاشیّ. و قد عرفت فی مقدّمة الكتاب أن الناسخ حذف أسانید الكتاب للاختصار.
5- مخطوط. م.

قَالَ فَجَلَسُوا وَ بَقِیَ ابْنُ یَامِینَ قَائِماً فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ مَا لَكَ لَا تَجْلِسُ قَالَ لَهُ إِنَّكَ قُلْتَ لِیَجْلِسْ كُلُّ بَنِی أُمٍّ عَلَی مَائِدَةٍ وَ لَیْسَ لِی مِنْهُمُ ابْنُ أُمٍّ فَقَالَ یُوسُفُ أَ مَا كَانَ لَكَ ابْنُ أُمٍّ قَالَ لَهُ ابْنُ یَامِینَ بَلَی قَالَ یُوسُفُ فَمَا فَعَلَ قَالَ زَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَیْهِ قَالَ وُلِدَ لِی أَحَدَ عَشَرَ ابْناً كُلُّهُمْ أَشْتَقُّ لَهُ اسْماً مِنِ اسْمِهِ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ أَرَاكَ قَدْ عَانَقْتَ النِّسَاءَ وَ شَمِمْتَ الْوَلَدَ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ لَهُ ابْنُ یَامِینَ إِنَّ لِی أَباً صَالِحاً وَ إِنَّهُ قَالَ تَزَوَّجْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُخْرِجَ مِنْكَ ذُرِّیَّةً تُثْقِلُ الْأَرْضَ بِالتَّسْبِیحِ فَقَالَ لَهُ تَعَالَ فَاجْلِسْ مَعِی عَلَی مَائِدَتِی فَقَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ لَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ یُوسُفَ وَ أَخَاهُ حَتَّی إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَی مَائِدَتِهِ (1).

«117»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ لَا خَیْرَ فِیمَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ وَ لَقَدْ قَالَ یُوسُفُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وَ مَا سَرَقُوا (2).

«118»-شی، تفسیر العیاشی وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لَهُ وَ أَنَا عِنْدَهُ عَنْ (3)سَالِمِ بْنِ أَبِی حَفْصَةَ یَرْوِی عَنْكَ أَنَّكَ تَكَلَّمُ عَلَی سَبْعِینَ وَجْهاً لَكَ مِنْهَا الْمَخْرَجُ فَقَالَ مَا یُرِیدُ سَالِمٌ مِنِّی أَ یُرِیدُ أَنْ أَجِی ءَ بِالْمَلَائِكَةِ فَوَ اللَّهِ مَا جَاءَ بِهِمُ النَّبِیُّونَ وَ لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنِّی سَقِیمٌ وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِیماً وَ مَا كَذَبَ وَ لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ وَ مَا فَعَلَهُ كَبِیرُهُمْ وَ مَا كَذَبَ وَ لَقَدْ قَالَ یُوسُفُ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ وَ اللَّهِ مَا كَانُوا سَرَقُوا وَ مَا كَذَبَ (4).

«119»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ صُوَاعُ الْمَلِكِ طَاسُهُ الَّذِی یَشْرَبُ فِیهِ (5).

«120»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ صُواعَ الْمَلِكِ قَالَ كَانَ قَدَحاً مِنْ ذَهَبٍ وَ قَالَ كَانَ صُوَاعَ یُوسُفَ إِذْ كِیْلَ بِهِ (6).

«121»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرَ بَنِی یَعْقُوبَ قَالَ كَانُوا إِذَا غَضِبُوا اشْتَدَّ غَضَبُهُمْ حَتَّی تَقْطُرَ جُلُودُهُمْ دَماً أَصْفَرَ وَ هُمْ یَقُولُونَ خُذْ أَحَدَنَا

ص: 308


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- كذا فی النسخ.
4- مخطوط. م.
5- مخطوط. م.
6- مخطوط. م.

مَكَانَهُ یَعْنِی جَزَاءَهُ فَأَخَذَ الَّذِی وَجَدَ الصَّاعَ عِنْدَهُ (1).

«122»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا اسْتَیْأَسَ إِخْوَةُ یُوسُفَ مِنْ أَخِیهِمْ قَالَ لَهُمْ یَهُودَا وَ كَانَ أَكْبَرَهُمْ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ قَالَ وَ رَجَعَ إِلَی یُوسُفَ یُكَلِّمُهُ فِی أَخِیهِ فَكَلَّمَهُ حَتَّی ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا حَتَّی غَضِبَ یَهُودَا وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ قَامَتْ شَعْرَةٌ فِی كَتِفِهِ وَ خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ (2)قَالَ وَ كَانَ بَیْنَ یَدَیْ یُوسُفَ ابْنٌ لَهُ صَغِیرٌ مَعَهُ رُمَّانَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ كَانَ الصَّبِیُّ یَلْعَبُ بِهَا قَالَ فَأَخَذَهَا یُوسُفُ مِنَ الصَّبِیِّ فَدَحْرَجَهَا نَحْوَ یَهُودَا قَالَ وَ حَبَا الصَّبِیُّ لِیَأْخُذَهَا فَمَسَّ یَهُودَا فَسَكَنَ یَهُودَا ثُمَّ عَادَ إِلَی یُوسُفَ فَكَلَّمَهُ فِی أَخِیهِ حَتَّی ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا حَتَّی غَضِبَ یَهُودَا وَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ وَ سَالَ مِنْهَا الدَّمُ فَأَخَذَ یُوسُفُ الرُّمَّانَةَ مِنَ الصَّبِیِّ فَدَحْرَجَهَا نَحْوَ یَهُودَا وَ حَبَا الصَّبِیُّ نَحْوَ یَهُودَا فَسَكَنَ یَهُودَا فَقَالَ یَهُودَا إِنَّ فِی الْبَیْتِ مَعَنَا لَبَعْضَ وُلْدِ یَعْقُوبَ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ یُوسُفُ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ

وَ فِی رِوَایَةِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَخَذَ یُوسُفُ أَخَاهُ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ إِخْوَتُهُ فَقَالُوا لَهُ خُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ وَ جُلُودُهُمْ تَقْطُرُ دَماً أَصْفَرَ وَ هُمْ یَقُولُونَ خُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ قَالَ فَلَمَّا أَنْ أَبَی عَلَیْهِمْ وَ أُخْرِجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُمْ یَهُودَا قَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ- (3)فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ قَالَ فَرَجَعُوا إِلَی أَبِیهِمْ وَ تَخَلَّفَ یَهُودَا قَالَ فَدَخَلَ عَلَی یُوسُفَ فَكَلَّمَهُ فِی أَخِیهِ حَتَّی ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ وَ غَضِبَ وَ كَانَ عَلَی كَتِفِهِ شَعْرَةٌ إِذَا غَضِبَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ فَلَا تَزَالُ تَقْذِفُ بِالدَّمِ حَتَّی یَمَسَّهُ بَعْضُ وُلْدِ یَعْقُوبَ قَالَ فَكَانَ بَیْنَ یَدَیْ یُوسُفَ ابْنٌ لَهُ صَغِیرٌ فِی یَدِهِ رُمَّانَةٌ مِنْ ذَهَبٍ یَلْعَبُ بِهَا فَلَمَّا رَآهُ یُوسُفُ قَدْ غَضِبَ وَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ تَقْذِفُ بِالدَّمِ أَخَذَ الرُّمَّانَةَ مِنْ یَدَیِ الصَّبِیِّ ثُمَّ دَحْرَجَهَا نَحْوَ یَهُودَا وَ ابْتَغَی الصَّبِیُّ لِیَأْخُذَهَا فَوَقَعَتْ یَدُهُ عَلَی یَهُودَا قَالَ فَذَهَبَ غَضَبُهُ قَالَ فَارْتَابَ یَهُودَا وَ رَجَعَ الصَّبِیُّ بِالرُّمَّانَةِ إِلَی یُوسُفَ ثُمَّ ارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا حَتَّی

ص: 309


1- مخطوط. م.
2- فی نسخة: و كان لا یسكن حتّی یمسه بعض ولد یعقوب.
3- الظاهر من المصحف الشریف و من الاخبار أن القائل لذلك هو یوسف علیه السلام لاخوته حین رجعوا فی المرة الثالثة.

غَضِبَ وَ قَامَتِ الشَّعْرَةُ فَجَعَلَتْ تَقْذِفُ بِالدَّمِ فَلَمَّا رَأَی یُوسُفُ دَحْرَجَ الرُّمَّانَةَ نَحْوَ یَهُودَا وَ أَتْبَعَهَا الصَّبِیُّ لِیَأْخُذَهَا فَوَقَعَتْ یَدُهُ عَلَی یَهُودَا فَسَكَنَ غَضَبُهُ قَالَ فَقَالَ یَهُودَا إِنَّ فِی الْبَیْتِ لَمِنْ وُلْدِ یَعْقُوبَ حَتَّی صَنَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ أی لا أزال بهذه الأرض و لا أزول عنها و هی أرض مصر حَتَّی یَأْذَنَ لِی أَبِی فی البراح و الرجوع إلیه أَوْ یَحْكُمَ اللَّهُ لِی بالخروج و ترك أخی هنا و قیل بالموت و قیل بما یكون عذرا لنا عند أبینا عن أبی مسلم و قیل بالسیف حتی أحارب من حبس أخی عن الجبائی انتهی. (2)و قال الفیروزآبادی حبا الرجل مشی علی یدیه و بطنه و الصبی حبوا كسهو مشی علی استه انتهی.

و یظهر من الخبر الأول أنه علیه السلام أظهر الأمر لیهودا قبل رجوع إخوته و فیه مخالفة ما لسائر الأخبار.

«123»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام رَحِمَكَ اللَّهُ مَا الصَّبْرُ الْجَمِیلُ فَقَالَ كَانَ (ذَاكَ) صَبْرٌ لَیْسَ فِیهِ شَكْوَی إِلَی النَّاسِ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ (3)بَعَثَ یَعْقُوبَ إِلَی رَاهِبٍ مِنَ الرُّهْبَانِ عَابِدٍ مِنَ الْعُبَّادِ فِی حَاجَةٍ فَلَمَّا رَآهُ الرَّاهِبُ حَسِبَهُ إِبْرَاهِیمَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ قَالَ مَرْحَباً بِخَلِیلِ الرَّحْمَنِ قَالَ یَعْقُوبُ إِنِّی لَسْتُ بِإِبْرَاهِیمَ وَ لَكِنِّی یَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَی مِنَ الْكِبَرِ قَالَ الْهَمُّ وَ الْحُزْنُ فَمَا جَاوَزَ صَغِیرَ الْبَابِ حَتَّی أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَا یَعْقُوبُ شَكَوْتَنِی إِلَی الْعِبَادِ فَخَرَّ سَاجِداً عِنْدَ عَتَبَةِ الْبَابِ یَقُولُ رَبِّ لَا أَعُودُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ فَلَا تَعُودَنَّ إِلَی مِثْلِهَا فَمَا شَكَا شَیْئاً مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ نَوَائِبِ الدُّنْیَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ یَوْماً إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی (4)وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (5).

ص: 310


1- مخطوط. م.
2- مجمع البیان 5: 255. م.
3- فی نسخة: ان اللّٰه.
4- البث: شدة الحزن.
5- مخطوط. م.

أقول: رواه السید ابن طاوس فی كتاب سعد السعود من تفسیر ابن عقدة الحافظ عن عثمان بن عیسی عن المفضل عن جابر مثله (1)بیان بعث إبراهیم یعقوب علیه السلام بعد كبر یعقوب غریب و لعله كان بعد فوت إبراهیم و كان البعث علی سبیل الوصیة و فی بعض النسخ إن اللّٰه بعث و هو الصواب و قوله صغیر الباب لعله من إضافة الصفة إلی الموصوف أی الباب الصغیر أی باب البیت دون باب الدار و رواه فی كتاب التمحیص عن جابر و فیه فما جاز عتبة الباب.

«124»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِ یَعْقُوبَ عَلَی یُوسُفَ قَالَ حُزْنَ سَبْعِینَ ثَكْلَی حَرَّی (2).

«125»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ قَالَ: قِیلَ لَهُ كَیْفَ تَحَزَّنَ یَعْقُوبُ عَلَی یُوسُفَ وَ قَدْ أَخْبَرَهُ جَبْرَئِیلُ أَنَّهُ لَمْ یَمُتْ وَ أَنَّهُ سَیَرْجِعُ إِلَیْهِ فَقَالَ إِنَّهُ نَسِیَ ذَلِكَ (3).

بیان: لعل المراد أنه لشدة حبه له كان محزونا علی مفارقته حتی كأنه نسی ذلك.

«126»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْبَحْرَانِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْبَكَّاءُونَ خَمْسَةٌ آدَمُ وَ یَعْقُوبُ وَ یُوسُفُ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَمَّا یَعْقُوبُ فَبَكَی عَلَی یُوسُفَ حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ حَتَّی قِیلَ لَهُ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ یُوسُفَ حَتَّی تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِینَ (4).

«127»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یَعْقُوبَ أَتَی مَلِكاً بِنَاحِیَتِكُمْ یَسْأَلُهُ الْحَاجَةَ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَنْتَ إِبْرَاهِیمُ قَالَ لَا قَالَ وَ أَنْتَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا یَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَی مَعَ حَدَاثَةِ السِّنِّ قَالَ الْحُزْنُ عَلَی یُوسُفَ قَالَ لَقَدْ بَلَغَ بِكَ الْحُزْنُ یَا یَعْقُوبُ كُلَّ مَبْلَغٍ فَقَالَ إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِیَاءِ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ الْبَلَاءُ إِلَیْنَا ثُمَّ الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ مِنَ

ص: 311


1- سعد السعود: 120. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.

النَّاسِ فَقَضَی حَاجَتَهُ فَلَمَّا جَاوَزَ بَابَهُ هَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا یَعْقُوبُ رَبُّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ شَكَوْتَنِی إِلَی النَّاسِ فَعَفَّرَ وَجْهَهُ فِی التُّرَابِ وَ قَالَ یَا رَبِّ زَلَّةً أَقِلْنِیهَا فَلَا أَعُودُ بَعْدَ هَذَا أَبَداً ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا یَعْقُوبُ ارْفَعْ رَأْسَكَ رَبُّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ قَدْ أَقَلْتُكَ فَلَا تَعُودُ تَشْكُونِی إِلَی خَلْقِی فَمَا رُئِیَ نَاطِقاً بِكَلِمَةٍ مِمَّا كَانَ فِیهِ حَتَّی أَتَاهُ بَنُوهُ فَصَرَفَ وَجْهَهُ إِلَی الْحَائِطِ وَ قَالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَی اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (1).

«128»-وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ جَاءَ یَعْقُوبُ إِلَی نُمْرُودَ فِی حَاجَةٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ وَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِإِبْرَاهِیمَ قَالَ لَهُ أَنْتَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ قَالَ لَا الْحَدِیثَ (2).

«129»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام عَادَ إِلَی الْحَدِیثِ الْأَوَّلِ (3)قَالَ وَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ یَعْنِی یَعْقُوبَ حَتَّی تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ وَ أَدْبَرَتِ الدُّنْیَا عَنْ یَعْقُوبَ وَ وُلْدِهِ حَتَّی احْتَاجُوا حَاجَةً شَدِیدَةً وَ فَنِیَتْ مِیَرُهُمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ یَعْقُوبُ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ فَخَرَجَ مِنْهُمْ نَفَرٌ وَ بَعَثَ مَعَهُمْ بِضَاعَةً یَسِیرَةً وَ كَتَبَ مَعَهُمْ كِتَاباً إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ یَعْطِفُهُ (4)عَلَی نَفْسِهِ وَ وُلْدِهِ وَ أَوْصَی وُلْدَهُ أَنْ یَبْدُوا بِدَفْعِ كِتَابِهِ قَبْلَ الْبِضَاعَةِ فَكَتَبَ (5)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ وَ مَظْهَرِ الْعَدْلِ وَ مُوفِی الْكَیْلِ مِنْ یَعْقُوبَ

ص: 312


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- أراد بالحدیث الأول ما تقدم تحت رقم 114. م.
4- فی نسخة: یستعطفه.
5- روی الطبرسیّ رحمه اللّٰه من كتاب النبوّة بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبی إسماعیل الفراء عن طربال، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی خبر طویل أن یعقوب كتب إلی یوسف: بسم اللّٰه الرحمن الرحیم إلی عزیز مصر؛ و ذكر الكتاب مثل ما فی روایة أبی بصیر إلی قوله: و اسمح لنا فی السعر و أوف لنا الكیل و عجل سراح آل إبراهیم، قال: فمضوا بكتابه حتّی دخلوا علی یوسف فی دار الملك و قالوا: «یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ» الی آخر الآیة، و تصدق علینا بأخینا ابن یامین، و هذا كتاب یعقوب أبینا إلیك فی أمره، یسألك تخلیة سبیله فمن به علینا. فأخذ یوسف الكتاب فقبله و وضعه علی عینیه و بكی و انتحب حتّی بل دموعه القمیص الذی علیه، ثمّ أقبل علیهم فقال: هل علمتم ما فعلتم بیوسف الآیة. منه رحمه اللّٰه.

بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ صَاحِبِ نُمْرُودَ الَّذِی جَمَعَ لِإِبْرَاهِیمَ الْحَطَبَ وَ النَّارَ لِیُحْرِقَهُ بِهَا فَجَعَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ أَنْجَاهُ مِنْهَا أُخْبِرُكَ أَیُّهَا الْعَزِیزُ أَنَّا أَهْلُ بَیْتٍ قَدِیمٍ لَمْ یَزَلِ الْبَلَاءُ إِلَیْنَا سَرِیعاً مِنَ اللَّهِ لِیَبْلُوَنَا بِذَلِكَ عِنْدَ السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ أَنَّ مَصَائِبَ تَتَابَعَتْ عَلَیَّ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً أَوَّلُهَا أَنَّهُ كَانَ لِیَ ابْنٌ سَمَّیْتُهُ یُوسُفَ وَ كَانَ سُرُورِی مِنْ بَیْنِ وُلْدِی وَ قُرَّةَ عَیْنِی وَ ثَمَرَةَ فُؤَادِی وَ أَنَّ إِخْوَتَهُ مِنْ غَیْرِ أُمِّهِ سَأَلُونِی أَنْ أَبْعَثَهُ مَعَهُمْ یَرْتَعْ وَ یَلْعَبْ فَبَعَثْتُهُ مَعَهُمْ بُكْرَةً وَ إِنَّهُمْ جَاءُونِی عِشاءً یَبْكُونَ وَ جَاءُونِی عَلی قَمِیصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ فَزَعَمُوا أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ فَاشْتَدَّ لِفَقْدِهِ حُزْنِی وَ كَثُرَ عَلَی فِرَاقِهِ بُكَائِی حَتَّی ابْیَضَّتْ عَیْنَایَ مِنَ الْحُزْنِ وَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَخٌ مِنْ خَالَتِهِ (1)وَ كُنْتُ بِهِ مُعْجَباً وَ عَلَیْهِ رَفِیقاً وَ كَانَ لِی أَنِیساً وَ كُنْتُ إِذَا ذَكَرْتُ یُوسُفَ ضَمَمْتُهُ إِلَی صَدْرِی فَیَسْكُنُ بَعْضُ مَا أَجِدُ فِی صَدْرِی وَ أَنَّ إِخْوَتَهُ ذَكَرُوا لِی أَنَّكَ أَیُّهَا الْعَزِیزُ سَأَلْتَهُمْ عَنْهُ وَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ یَأْتُوكَ بِهِ وَ إِنْ لَمْ یَأْتُوكَ بِهِ مَنَعْتَهُمُ الْمِیرَةَ لَنَا مِنَ الْقَمْحِ مِنْ مِصْرَ فَبَعَثْتُهُ مَعَهُمْ لِیَمْتَارُوا لَنَا قَمْحاً فَرَجَعُوا إِلَیَّ فَلَیْسَ هُوَ مَعَهُمْ وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ سَرَقَ مِكْیَالَ الْمَلِكِ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ لَا نَسْرِقُ وَ قَدْ حَبَسْتَهُ وَ فَجَعْتَنِی بِهِ وَ قَدِ اشْتَدَّ لِفِرَاقِهِ حُزْنِی حَتَّی تَقَوَّسَ لِذَلِكَ ظَهْرِی وَ عَظُمَتْ بِهِ مُصِیبَتِی مَعَ مَصَائِبَ مُتَتَابِعَاتٍ عَلَیَّ (2)فَمُنَّ عَلَیَّ بِتَخْلِیَةِ سَبِیلِهِ وَ إِطْلَاقِهِ مِنْ مَحْبَسِهِ (3)وَ طَیِّبْ لَنَا الْقَمْحَ وَ اسْمَحْ لَنَا فِی السِّعْرِ وَ عَجِّلْ سَرَاحَ آلِ یَعْقُوبَ فَلَمَّا مَضَی وُلْدُ یَعْقُوبَ مِنْ عِنْدِهِ نَحْوَ مِصْرَ بِكِتَابِهِ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی یَعْقُوبَ فَقَالَ لَهُ یَا یَعْقُوبُ إِنَّ رَبَّكَ یَقُولُ لَكَ مَنِ ابْتَلَاكَ بِمَصَائِبِكَ الَّتِی كَتَبْتَ بِهَا إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ قَالَ یَعْقُوبُ أَنْتَ بَلَوْتَنِی بِهَا عُقُوبَةً مِنْكَ وَ أَدَباً لِی قَالَ اللَّهُ فَهَلْ كَانَ یَقْدِرُ عَلَی صَرْفِهَا عَنْكَ أَحَدٌ غَیْرِی قَالَ یَعْقُوبُ اللَّهُمَّ لَا قَالَ أَ فَمَا اسْتَحْیَیْتَ مِنِّی حِینَ شَكَوْتَ مَصَائِبَكَ إِلَی غَیْرِی وَ لَمْ تَسْتَغِثْ بِی وَ تَشْكُو مَا بِكَ إِلَیَّ فَقَالَ یَعْقُوبُ أَسْتَغْفِرُكَ یَا إِلَهِی وَ أَتُوبُ إِلَیْكَ وَ أَشْكُو بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَیْكَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ بَلَغْتُ بِكَ یَا یَعْقُوبُ وَ بِوُلْدِكَ الْخَاطِئِینَ

ص: 313


1- هذا الخبر یدلّ علی أن بنیامین لم یكن من أم یوسف بل كان من خالته، و انما دعاه أخا من أمه مجازا و سیأتی مثله تحت رقم 144 و غیره.
2- فی نسخة: تتابعت علی.
3- فی نسخة: و إطلاقه من حبسك.

الْغَایَةَ فِی أَدَبِی وَ لَوْ كُنْتَ یَا یَعْقُوبُ شَكَوْتَ مَصَائِبَكَ إِلَیَّ عِنْدَ نُزُولِهَا بِكَ وَ اسْتَغْفَرْتَ وَ تُبْتَ إِلَیَّ مِنْ ذَنْبِكَ لَصَرَفْتُهَا عَنْكَ بَعْدَ تَقْدِیرِی إِیَّاهَا عَلَیْكَ وَ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ أَنْسَاكَ ذِكْرِی فَصِرْتَ إِلَی الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَتِی وَ أَنَا اللَّهُ الْجَوَادُ الْكَرِیمُ أُحِبُّ عِبَادِیَ الْمُسْتَغْفِرِینَ التَّائِبِینَ الرَّاغِبِینَ إِلَیَّ فِیمَا عِنْدِی یَا یَعْقُوبُ أَنَا رَادٌّ إِلَیْكَ یُوسُفَ وَ أَخَاهُ وَ مُعِیدٌ إِلَیْكَ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِكَ وَ لَحْمِكَ وَ دَمِكَ وَ رَادٌّ إِلَیْكَ بَصَرَكَ وَ یَقُومُ لَكَ ظَهْرُكَ فَطِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَیْناً وَ إِنَّ الَّذِی فَعَلْتُهُ بِكَ كَانَ أَدَباً مِنِّی لَكَ فَاقْبَلْ أَدَبِی وَ مَضَی وُلْدُ یَعْقُوبَ بِكِتَابِهِ نَحْوَ مِصْرَ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ فِی دَارِ الْمَمْلَكَةِ فَ قالُوا یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَیْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَیْنا بِأَخِینَا ابْنِ یَامِینَ وَ هَذَا كِتَابُ أَبِینَا یَعْقُوبَ إِلَیْكَ فِی أَمْرِهِ یَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَیْهِ قَالَ فَأَخَذَ یُوسُفُ كِتَابَ یَعْقُوبَ فَقَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَی عَیْنَیْهِ وَ بَكَی وَ انْتَحَبَ حَتَّی بَلَّتْ دُمُوعُهُ الْقَمِیصَ الَّذِی عَلَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَ قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ مِنْ قَبْلُ وَ أَخِیهِ مِنْ بَعْدُ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ یُوسُفُ قالَ أَنَا یُوسُفُ وَ هذا أَخِی قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنا قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا فَلَا تَفْضَحْنَا وَ لَا تُعَاقِبْنَا الْیَوْمَ وَ اغْفِرْ لَنَا قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ

و فی روایة أخری عن أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام نحوه (1).

«130»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: لَمَّا قَالَ إِخْوَةُ یُوسُفَ یا أَیُّهَا الْعَزِیزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ قَالَ قَالَ یُوسُفُ لَا صَبْرَ عَلَی ضُرِّ آلِ یَعْقُوبَ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ الْآیَةَ (2).

«131»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ قَالَ الْمُقْلُ وَ فِی هَذِهِ الرِّوَایَةِ وَ جِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجِئَةٍ قَالَ كَانَتِ الْمُقْلَ وَ كَانَتْ بِلَادُهُمْ بِلَادَ الْمُقْلِ وَ هِیَ الْبِضَاعَةُ (3).

بیان: قال البیضاوی مُزْجاةٍ ردیئة أو قلیلة ترد و تدفع رغبة عنها من أزجیته

ص: 314


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.

إذا دفعته و قیل كانت دراهم زیوفا (1)و قیل صوفا و سمنا و قیل صنوبر و حبة الخضراء و قیل الأقط و سویق المقل انتهی. (2)و فی روایة أخری لعله علیه السلام قرأ مُزَجَّاةٍ بتشدید الجیم أو مزْجِیَّة بكسر الجیم و تشدید الیاء و لم ینقل فی القراءة الشاذة غیر القراءة المشهورة.

«132»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ قَالَ: كَتَبَ یَعْقُوبُ النَّبِیُّ إِلَی یُوسُفَ مِنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ ذَبِیحِ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ إِلَی عَزِیزِ مِصْرَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَمْ یَزَلِ الْبَلَاءُ سَرِیعاً إِلَیْنَا ابْتُلِیَ إِبْرَاهِیمُ جَدِّی فَأُلْقِیَ فِی النَّارِ ثُمَّ ابْتُلِیَ أَبِی إِسْحَاقُ بِالذَّبْحِ فَكَانَ لِیَ ابْنٌ وَ كَانَ قُرَّةَ عَیْنِی وَ كُنْتُ أُسَرُّ بِهِ فَابْتُلِیتُ بِأَنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بَصَرِی حُزْناً عَلَیْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَ كَانَ لَهُ أَخٌ وَ كُنْتُ أُسَرُّ بِهِ بَعْدَهُ فَأَخَذْتَهُ فِی سَرَقٍ وَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَمْ نَسْرِقْ قَطُّ وَ لَا نُعْرَفُ بِالسَّرَقِ فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ تَمُنَّ عَلَیَّ بِهِ فَعَلْتَ قَالَ فَلَمَّا أُتِیَ یُوسُفُ بِالْكِتَابِ فَتَحَهُ وَ قَرَأَهُ فَصَاحَ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَرَأَ وَ بَكَی ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی إِخْوَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَقَرَأَهُ فَصَاحَ وَ بَكَی ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَرَأَهُ وَ بَكَی ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَ عَادَ إِلَی إِخْوَتِهِ فَقَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ وَ أَعْطَاهُمْ قَمِیصَهُ وَ هُوَ قَمِیصُ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَ یَعْقُوبُ بِالرَّمْلَةِ فَلَمَّا فَصَلُوا بِالْقَمِیصِ مِنْ مِصْرَ قَالَ یَعْقُوبُ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِی ضَلالِكَ الْقَدِیمِ (3).

«133»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ یَمُوتُ وَ لَا یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُقِرَّ لِلْإِمَامِ بِإِمَامَتِهِ كَمَا أَقَرَّ وُلْدُ یَعْقُوبَ لِیُوسُفَ حِینَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا (4).

ص: 315


1- الزیوف جمع الزائف: الردی ء المردود لغش فیه.
2- أنوار التنزیل 1: 236. و المقل: ثمر شجر الدوم. صمغ شجرة یتداوی به.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.

«134»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ علیه السلام قَالَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُدْخِلَ یُوسُفُ السِّجْنَ (1).

«135»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَهُ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: إِنَّ یَعْقُوبَ وَجَدَ رِیحَ قَمِیصِ یُوسُفَ مِنْ مَسِیرَةِ عَشَرَةِ لَیَالٍ وَ كَانَ یَعْقُوبُ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ یُوسُفُ بِمِصْرَ وَ هُوَ الْقَمِیصُ الَّذِی نَزَلَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ مِنَ الْجَنَّةِ فَدَفَعَهُ إِبْرَاهِیمُ إِلَی إِسْحَاقَ وَ إِسْحَاقُ إِلَی یَعْقُوبَ وَ دَفَعَهُ یَعْقُوبُ إِلَی یُوسُفَ علیه السلام (2)

«136»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ نَشِیطِ بْنِ صَالِحٍ الْبَجَلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ كَانَ إِخْوَةُ یُوسُفَ أَنْبِیَاءَ قَالَ لَا وَ لَا بَرَرَةً أَتْقِیَاءَ وَ كَیْفَ وَ هُمْ یَقُولُونَ لِأَبِیهِمْ یَعْقُوبَ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِی ضَلالِكَ الْقَدِیمِ (3).

شی، تفسیر العیاشی عن نشیط عن رجل مثله (4).

«137»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ بَنِی یَعْقُوبَ بَعْدَ مَا صَنَعُوا بِیُوسُفَ أَذْنَبُوا فَكَانُوا أَنْبِیَاءَ (5).

بیان: استفهام علی الإنكار.

«6»-138 شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُقَرِّنٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ عَزِیزُ مِصْرَ إِلَی یَعْقُوبَ أَمَّا بَعْدُ فَهَذَا ابْنُكَ یُوسُفُ اشْتَرَیْتُهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ اتَّخَذْتُهُ عَبْداً وَ هَذَا ابْنُكَ ابْنُ یَامِینَ أَخَذْتُهُ قَدْ سَرَقَ وَ اتَّخَذْتُهُ عَبْداً (6)قَالَ فَمَا وَرَدَ عَلَی یَعْقُوبَ شَیْ ءٌ أَشَدُّ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَقَالَ لِلرَّسُولِ مَكَانَكَ حَتَّی أُجِیبَهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ یَعْقُوبُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ أَنَّكَ أَخَذْتَ ابْنِی بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَ اتَّخَذْتَهُ عَبْداً وَ أَنَّكَ اتَّخَذْتَ ابْنِی ابْنَ یَامِینَ وَ قَدْ سَرَقَ فَاتَّخَذْتَهُ عَبْداً فَإِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَا نَسْرِقُ وَ لَكِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ نُبْتَلَی وَ قَدِ ابْتُلِیَ أَبُونَا إِبْرَاهِیمُ بِالنَّارِ فَوَقَاهُ اللَّهُ وَ ابْتُلِیَ أَبُونَا إِسْحَاقُ بِالذَّبْحِ فَوَقَاهُ اللَّهُ وَ إِنِّی قَدِ ابْتُلِیتُ بِذَهَابِ بَصَرِی وَ ذَهَابِ ابْنَیَّ وَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَنِی بِهِمْ جَمِیعاً

ص: 316


1- الخصال ج 2: 298، علل الشرائع: 199، عیون الأخبار: 137. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- مخطوط. م.
6- قد أشرنا سابقا أن الروایة لا تخلو عن اشكال.

قَالَ فَلَمَّا وَلَّی الرَّسُولُ عَنْهُ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ یَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ یَا كَرِیمَ الْمَعُونَةِ (1)یَا خَیْراً كُلُّهُ ائْتِنِی بِرَوْحٍ مِنْكَ وَ فَرَجٍ مِنْ عِنْدِكَ قَالَ فَهَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا یَعْقُوبُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ دَعَوَاتٍ یَرُدُّ اللَّهُ عَلَیْكَ بِهَا بَصَرَكَ وَ یَرُدُّ عَلَیْكَ ابْنَیْكَ (2)فَقَالَ بَلَی فَقَالَ قُلْ یَا مَنْ لَا یَعْلَمُ أَحَدٌ كَیْفَ هُوَ وَ حَیْثُ هُوَ وَ قُدْرَتَهُ إِلَّا هُوَ یَا مَنْ سَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ وَ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَی الْمَاءِ وَ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَحْسَنَ الْأَسْمَاءِ ائْتِنِی بِرَوْحٍ مِنْكَ وَ فَرَجٍ مِنْ عِنْدِكَ فَمَا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ حَتَّی أُتِیَ بِالْقَمِیصِ فَطُرِحَ عَلَی وَجْهِهِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ بَصَرَهُ وَ رَدَّ عَلَیْهِ وُلْدَهُ (3).

«139»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام كَانَ اشْتَدَّ بِهِ الْحُزْنُ وَ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ یَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ (4).

«140»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام عَادَ إِلَی الْحَدِیثِ الْأَوَّلِ الَّذِی قَطَعْنَاهُ (5)قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِیصِی هذا الَّذِی بَلَّتْهُ دُمُوعُ عَیْنِی فَأَلْقُوهُ عَلی وَجْهِ أَبِی یَرْتَدَّ بَصِیراً لَوْ قَدْ شَمَّ بِرِیحِی وَ أْتُونِی بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِینَ وَ رَدَّهُمْ إِلَی یَعْقُوبَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ جَهَّزَهُمْ بِجَمِیعِ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ فَلَمَّا فَصَلَتْ عِیرُهُمْ مِنْ مِصْرَ وَجَدَ یَعْقُوبُ رِیحَ یُوسُفَ فَقَالَ لِمَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ وُلْدِهِ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قَالَ وَ أَقْبَلَ وُلْدُهُ یُحِثُّونَ السَّیْرَ بِالْقَمِیصِ فَرَحاً وَ سُرُوراً بِمَا رَأَوْا مِنْ حَالِ یُوسُفَ وَ الْمُلْكِ الَّذِی أَعْطَاهُ اللَّهُ وَ الْعِزِّ الَّذِی صَارُوا إِلَیْهِ فِی سُلْطَانِ یُوسُفَ وَ كَانَ مَسِیرُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَی بَدْوِ (بَلَدِ) یَعْقُوبَ تِسْعَةَ أَیَّامٍ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِیرُ أَلْقَی الْقَمِیصَ عَلی وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِیراً وَ قَالَ لَهُمْ مَا فَعَلَ ابْنُ یَامِیلَ (6)قَالُوا خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخِیهِ صَالِحاً قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ یَعْقُوبُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ سَجَدَ لِرَبِّهِ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَ رَجَعَ إِلَیْهِ بَصَرُهُ وَ تَقَوَّمَ لَهُ ظَهْرُهُ وَ قَالَ لِوُلْدِهِ تَحَمَّلُوا إِلَی یُوسُفَ فِی یَوْمِكُمْ هَذَا بِأَجْمَعِكُمْ فَسَارُوا إِلَی یُوسُفَ وَ مَعَهُمْ یَعْقُوبُ وَ خَالَةُ یُوسُفَ یَامِیلُ (7)

ص: 317


1- فی نسخة: یا كثیر المعونة.
2- فی نسخة: و یرد علیك ابنك. و فی أخری: ولدیك.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- أراد بالحدیث ما تقدم تحت رقم 114، و قد أورد قطعة منها تحت رقم 129.
6- راجع ما تقدم ذیل الخبر 114.
7- راجع ما تقدم ذیل الخبر 114.

فَأَحَثُّوا السَّیْرَ فَرَحاً وَ سُرُوراً فَسَارُوا تِسْعَةَ أَیَّامٍ إِلَی مِصْرَ (1).

«141»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی فَقَالَ أَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ قَالَ یَا رَبِّ إِنَّمَا ذَنْبُهُمْ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ (2).

«142»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّی قَالَ أَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ (3).

«143»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ فِی تَتِمَّةِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ (4)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: فَصَارُوا تِسْعَةَ أَیَّامٍ إِلَی مِصْرَ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَی یُوسُفَ فِی دَارِ الْمَلِكِ اعْتَنَقَ أَبَاهُ فَقَبَّلَهُ وَ بَكَی وَ رَفَعَهُ وَ رَفَعَ خَالَتَهُ عَلَی سَرِیرِ الْمُلْكِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَادَّهَنَ وَ اكْتَحَلَ وَ لَبِسَ ثِیَابَ الْعِزِّ وَ الْمُلْكِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا جَمِیعاً لَهُ إِعْظَاماً لَهُ وَ شُكْراً لِلَّهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ یا أَبَتِ هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ إِلَی قَوْلِهِ بَیْنِی وَ بَیْنَ إِخْوَتِی قَالَ وَ لَمْ یَكُنْ یُوسُفُ فِی تِلْكَ الْعِشْرِینَ السَّنَةَ یَدَّهِنُ وَ لَا یَكْتَحِلُ وَ لَا یَتَطَیَّبُ وَ لَا یَضْحَكُ وَ لَا یَمَسُّ النِّسَاءَ- (5)حَتَّی جَمَعَ اللَّهُ یَعْقُوبَ علیه السلام شَمْلَهُ وَ جَمَعَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ یَعْقُوبَ وَ إِخْوَتِهِ (6).

بیان: قال الرازی اختلفوا فی مقدار المدة بین هذا الوقت و بین وقت الرؤیا فقیل ثمانون سنة و قیل سبعون و قیل أربعون سنة و هو قول الأكثرین و لذلك یقولون إن تأویل الرؤیا ربما صحت بعد أربعین سنة و قیل ثمانی عشرة سنة و عن الحسن أنه ألقی فی الجب ابن سبع عشرة سنة و بقی فی العبودیة و السجن و الملك ثمانین سنة ثم

ص: 318


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- أی ما تقدم تحت رقم 114.
5- أی شهوة و التذاذا بل كان یمس تبعا للسنة و تكثیرا للنسل و هو كقول بنیامین حین قال له یوسف: فما بلغ حزنك علیه؟- أی علی یوسف- قال: ولد لی أحد عشر ابنا لكلهم اشتق اسما من اسمه فقال: أراك قد عانقت النساء و شممت الولد من بعده؟! أی اتیان النساء و شم الولد ینافیان ما ادعیت من الحزن، فقال: ان لی ابا صالحا قال: تزوج لعلّ اللّٰه أن یخرج منك ذرّیة یثقل الأرض بالتسبیح.
6- مخطوط. م.

وصل إلی أبیه و أقاربه و عاش بعد ذلك ثلاثا و عشرین سنة فكان عمره مائة و عشرین سنة و اللّٰه أعلم بالحقائق(1).

«144»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام فِی كَمْ دَخَلَ یَعْقُوبُ مِنْ وُلْدِهِ عَلَی یُوسُفَ قَالَ فِی أَحَدَ عَشَرَ ابْناً لَهُ فَقِیلَ لَهُ أَسْبَاطٌ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ أَ كَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ أَمْ ابْنَ خَالَتِهِ فَقَالَ ابْنَ خَالَتِهِ (2).

بیان: هذا الخبر یدل علی أن بنیامین لم یكن من أم یوسف بل من خالته و إنما دعاه أخا من أمه مجازا كما تجوز فی قوله وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ و هو قول جماعة من المفسرین و المؤرخین.

«145»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ قَالَ الْعَرْشُ السَّرِیرُ وَ فِی قَوْلِهِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً قَالَ كَانَ سُجُودُهُمْ ذَلِكَ عِبَادَةً لِلَّهِ (3).

«146»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِهْرُوزَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ یَعْقُوبَ قَالَ لِیُوسُفَ حَیْثُ الْتَقَیَا أَخْبِرْنِی یَا بُنَیَّ كَیْفَ صُنِعَ بِكَ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ انْطَلِقْ بِی فَأُقْعِدْتُ عَلَی رَأْسِ الْجُبِّ فَقِیلَ لِیَ انْزِعِ الْقَمِیصَ فَقُلْتُ لَهُمْ إِنِّی أَسْأَلُكَ (4)بِوَجْهِ أَبِیَ الصِّدِّیقِ یَعْقُوبَ أَنْ لَا تُبْدُوا عَوْرَتِی وَ لَا تَسْلُبُونِی قَمِیصِی قَالَ فَأَخْرَجَ عَلَیَّ فُلَانٌ السِّكِّینَ فَغُشِیَ عَلَی یَعْقُوبَ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَهُ یَعْقُوبُ حَدِّثْنِی كَیْفَ صُنِعَ بِكَ فَقَالَ لَهُ یُوسُفُ إِنِّی أُطَالَبُ یَا أَبَتَاهْ لَمَّا كَفَفْتَ فَكَفَّ (5).

«147»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَی یُوسُفَ وَ هُوَ فِی السِّجْنِ- (6)یَا ابْنَ یَعْقُوبَ مَا أَسْكَنَكَ مَعَ الْخَطَّائِینَ قَالَ جُرْمِی قَالَ فَاعْتَرَفَ بِجُرْمِهِ فَأُخْرِجَ- (7)فَاعْتَرَفَ بِمَجْلِسِهِ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَهُ ادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ یَا كَبِیرَ كُلِّ كَبِیرٍ یَا مَنْ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ لَا وَزِیرَ یَا خَالِقَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ الْمُنِیرِ

ص: 319


1- مفاتیح الغیب 5: 172. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.
4- كذا فی النسخ.
5- مخطوط. م.
6- أی بعث ملكا هو فی السجن و هو یقول: یا ابن اه.
7- لعل الصحیح: فاعترف بجرمك فاخرج. و الحدیث یتضمن ما فیه غرابة جدا بل ما هو یخالف المذهب، و إسحاق بن یسار مجهول.

یَا عِصْمَةَ الْمُضْطَرِّ الضَّرِیرِ یَا قَاصِمَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ یَا مُغْنِیَ الْبَائِسِ الْفَقِیرِ یَا جَابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِیرِ یَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ (1)الْأَسِیرِ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَجْعَلَ لِی مِنْ أَمْرِی فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ تَرْزُقَنِی مِنْ حَیْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَاهُ الْمَلِكُ فَخَلَّی سَبِیلَهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ قَدْ أَحْسَنَ بِی إِذْ أَخْرَجَنِی مِنَ السِّجْنِ (2).

«148»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبَّاسِ بْنِ یَزِیدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ إِذْ قَالَ أَحَبَّ یُوسُفُ أَنْ یَسْتَوْثِقَ لِنَفْسِهِ قَالَ فَقِیلَ بِمَا ذَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا عَزَلَ لَهُ عَزِیزُ مِصْرَ عَنْ مِصْرَ لَبِسَ ثَوْبَیْنِ جَدِیدَیْنِ أَوْ قَالَ لَطِیفَیْنِ وَ خَرَجَ إِلَی فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَصَلَّی رَكَعَاتٍ فَلَمَّا فَرَغَ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ رَبِّ قَدْ آتَیْتَنِی مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِی مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِیِّی فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ قَالَ فَهَبَطَ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا یُوسُفُ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ رَبِّ تَوَفَّنِی مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام خَشِیَ الْفِتَنَ (3).

أقول: ذكر السید فی سعد السعود نقلا عن ترجمة التوراة أن إخوة یوسف باعوه بعشرین مثقالا من فضة و أن عمره كان عشرین سنة و أن عمر یعقوب كان مائة و سبعا و أربعین سنة و أن یوسف بكی علی أبیه سبعة أیام و ناح المقربون علیه سبعین یوما و أن عمر یوسف كان مائة و عشرین سنة ثم قال و ذكر محمد بن خالد البرقی فی كتاب المبتدإ أن عمره یوم باعوه كان ثلاث عشرة سنة. (4)

ص: 320


1- المكبل: المقید بالكبل و هو القید.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. و فی هامش المطبوع: قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: قال المفسرون: لما جمع اللّٰه سبحانه لیوسف شمله و أقر له عینه و أتم له رؤیاه و وسع علیه فی ملك الدنیا و نعیمها علم أن ذلك لا یبقی له و لا یدوم، فطلب من اللّٰه عزّ و جلّ نعیما لا یفنی، و تاقت نفسه الی الجنة فتمنی الموت و دعی به، و لم یتمن ذلك قبله و لا بعده أحد، قیل: فتوفاه اللّٰه بمصر و هو نبی، فدفن فی النیل فی صندوق من رخام، و ذلك أنّه لما مات تشاح الناس علیه كل یحب أن یدفن فی محلته لما كانوا یرجون من بركته، فرأوا أن یدفنوه فی النیل فیمر الماء علیه، ثمّ یصل الی جمیع مصر فیكون كلهم فیه شركاء و فی بركته شرعا سواء فكان قبره فی النیل الی أن حمله موسی علیه السلام حین خرج من مصر منه رحمه اللّٰه.
3- مخطوط. م.
4- سعد السعود: 43، و فیه: و ذكر الزمخشریّ فی الكشّاف فی روایة ان عمر یوسف لما باعوه كان سبعة عشر سنة.

أقول: وجدت فی كتاب الفهرست لأبی غالب الزراری ما هذا لفظه أبو حمزة البطائنی اسمه سالم روی عنه أن صاع یوسف كان یصوت بصوت حسن واحد و اثنان.

تذنیب: فی حل ما یورد من الإشكال علی ما مر من الآیات و الأخبار و فیه فصول:

الأول فیما یتعلق بأحوال یعقوب و لنذكر هنا بعض ما أورده السید قدس اللّٰه روحه فی كتاب تنزیه الأنبیاء.

قال فإن قیل فما معنی تفضیل یعقوب لیوسف علیه السلام علی إخوته فی البر و التقریب و المحبة حتی أوقع ذلك التحاسد بینهم و بینه و أفضی إلی الحال المكروهة التی نطق بها القرآن حتی قالوا علی ما حكاه اللّٰه تعالی عنهم لَیُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلی أَبِینا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ فنسبوه إلی الضلال و الخطاء و لیس لكم أن تقولوا إن یعقوب علیه السلام لم یعلم بذلك من حالهم قبل أن یكون منه التفضیل لیوسف علیه السلام لأن ذلك لا بد من أن یكون معلوما من حیث كان فی طباع البشر التنافس و التحاسد.

الجواب قیل له لیس فیما نطق به القرآن ما یدل علی أن یعقوب فضله بشی ء من فعله لأن المحبة التی هی میل الطباع لیست مما یكتسبه الإنسان و یختاره و إنما ذلك موقوف علی فعل اللّٰه تعالی فیه و لهذا یكون للرجل عدة أولاد فیحب أحدهم دون غیره و ربما كان المحبوب أدونهم فی الجمال و الكمال و قد قال اللّٰه تعالی وَ لَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ و إنما أراد ما بیناه من میل النفس الذی لا یمكن الإنسان أن یعدل فیه بین نسائه لأن ما عدا ذلك من البر و العطاء و التقریب و ما أشبهه یستطیع الإنسان أن یعدل فیه بین النساء.

فإن قیل فكأنكم نفیتم عن یعقوب علیه السلام القبیح و الاستفساد و أضفتموها إلی اللّٰه فما الجواب عن المسألة علی هذا الوجه قلنا عنها جوابان أحدهما أنه لا یمتنع أن یكون اللّٰه تعالی علم أن إخوة یوسف سیكون بینهم ذلك التحاسد و الفعل القبیح علی كل حال و إن لم یفضل یوسف فی محبة أبیه له (1)

ص: 321


1- فی المصدر: فی محبة أبیه لهم. و بعده زیادة و هی هذه: و انما یكون ذلك استفسادا إذا وقع عنده الفساد و ارتفع عند ارتفاعه و لم یكن تمكینا.

و الجواب الآخر أن یكون ذلك جاریا مجری التمكین و التكلیف الشاق لأن هؤلاء الإخوة متی امتنعوا من حسد أخیهم و البغی علیه و الإضرار به و هو غیر مفضل علیهم و لا مقدم لا یستحقون من الثواب ما یستحقونه إذا امتنعوا من ذلك مع التقدیم و التفضیل فأراد اللّٰه تعالی منهم أن یمتنعوا علی هذا الوجه الشاق و إذا كان مكلفا علی هذا الوجه فلا استفساد فی تمییله طباع أبیهم إلی محبة یوسف علیه السلام لأن بذلك ینتظم هذا التكلیف و یجری هذا الباب مجری خلق إبلیس مع علمه تعالی بضلال من ضل عند خلقه ممن لو لم یخلقه لم یكن ضالا و مجری زیادة الشهوة فیمن یعلم تعالی أنه عند هذه الزیادة یفعل قبیحا لولاها لم یفعله.

و وجه آخر فی الجواب عن أصل المسألة و هو أنه یجوز أن یكون یعقوب علیه السلام كان مفضلا لیوسف علیه السلام فی العطاء و التقریب و الترحیب و البر الذی وصل إلیه من جهته و لیس ذلك بقبیح لأنه لا یمتنع أن یكون یعقوب علیه السلام لم یعلم أن ذلك یؤدی إلی ما أدی إلیه (1)و یجوز أن یكون رأی من سیرة إخوته و سدادهم و جمیل ظاهرهم ما غلب علی ظنه أنهم لا یحسدونه و إن فضله علیهم فإن الحسد و إن كان كثیرا ما یكون فی الطباع فإن كثیرا من الناس یتنزهون عنه و یتجنبونه و یظهر من أحوالهم أمارات یظن معها بهم ما ذكرناه و لیس التفضیل لبعض الأولاد علی بعض فی العطاء محاباة لأن المحاباة هی مفاعلة من الحباء و معناها أن تحبو غیرك لیحبوك و هذا خارج عن معنی التفضیل بالبر الذی لا یقصد به إلی (2)ما ذكرناه فأما قولهم إِنَّ أَبانا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ فلم یریدوا به الضلال عن الدین و إنما أرادوا الذهاب عن التسویة بینهم فی العطیة لأنهم رأوا أن ذلك أصوب فی تدبیرهم و أصل الضلال هو العدول و كل من عدل عن شی ء و ذهب عنه فقد ضل و یجوز أیضا أن یریدوا بذلك الضلال عن الدین لأنهم خبروا عن اعتقادهم و قد یجوز أن یعتقدوا فی الصواب الخطاء فإن قیل كیف یجوز أن یقع من إخوة یوسف هذا الخطاء العظیم و الفعل القبیح

ص: 322


1- ظاهر قول یعقوب فیما حكی اللّٰه عنه خلاف ذلك، حیث هو یقول: «یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاكَ عَلی إِخْوَتِكَ فَیَكِیدُوا لَكَ كَیْداً إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ» و ظاهره انه كان یعلم من حالهم أنهم یكیدونه لو قص علیهم رؤیاه، الا أن یقال انه استحاط فی ذلك.
2- المصدر خال من كلمة «الی». م.

و قد كانوا أنبیاء فإن قلتم لم یكونوا أنبیاء فی الحال قیل لكم و أی منفعة فی ذلك لكم و أنتم تذهبون إلی أن الأنبیاء لا یواقعون القبائح قبل النبوة و لا بعدها قلنا لم یقم الحجة بأن إخوة یوسف الذین فعلوا به ما فعلوه كانوا أنبیاء فی حال من الأحوال و إذا لم یقم بذلك الحجة جاز علی هؤلاء الإخوة من فعل القبیح ما یجوز علی كل مكلف لم تقم حجة بعصمته و لیس لأحد أن یقول كیف تدفعون نبوتهم و الظاهر أن الأسباط من بنی یعقوب كانوا أنبیاء لأنه لا یمتنع أن یكون الأسباط الذین كانوا أنبیاء غیر هؤلاء الإخوة الذین فعلوا بیوسف ما قصه اللّٰه تعالی عنهم و لیس فی ظاهر الكتاب أن جمیع إخوة یوسف و سائر أسباط یعقوب كادوا یوسف علیه السلام بما حكاه اللّٰه تعالی من الكید و قد قیل إن هؤلاء الإخوة فی تلك الحال لم یكونوا بلغوا الحلم و لا توجه إلیهم التكلیف و قد یقع ممن قارب البلوغ من الغلمان مثل هذه الأفعال و قد یلزمهم بعض العتاب و اللوم فإن ثبت هذا الوجه سقطت المسألة أیضا مع تسلیم أن هؤلاء الإخوة كانوا أنبیاء فی المستقبل انتهی كلامه رحمه اللّٰه. (1)أقول الأظهر فی الجواب هو ما أومئ إلیه من أن التفضیل بین الأولاد فی العطاء و المحبة و الإكرام إذا كان لأمر دینی و لفضیلة واقعیة لم یدل دلیل علی كونه مرجوحا بل دلت الأخبار المعتبرة علی رجحانه كما سیأتی فی بابه فعلی هذا لا حرج فی تفضیل یعقوب یوسف مع علمه بأنه سیكون من الأنبیاء و الصدیقین علیهم و لا یوجب العلم بحسد الإخوة ترك أمر راجح دینی یقتضیه العقل و الشرع و أما خطاء الإخوة فقد عرفت بما مر من الأخبار أنهم لم یكونوا من الأنبیاء (2)و ذهب كثیر من العامة أیضا إلی ذلك فلا یستبعد منهم صدور الذنب و لكن دلت الآیة ظاهرا و الأخبار صریحا علی أنهم فارقوا الدنیا تائبین مغفورین كما عرفت.

ص: 323


1- تنزیه الأنبیاء: 43- 45. م.
2- و أمّا قوله تعالی: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلی إِبْراهِیمَ» الی قوله: «وَ الْأَسْباطِ» فالمراد یوسف و داود و سلیمان علیهم السلام؛ و قوله تعالی: «وَ أَوْحَیْنا إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ» فالمراد یوسف علیه السلام فتأمل.

ثم قال قدس اللّٰه روحه مسألة فإن قال فلم أرسل یعقوب علیه السلام یوسف مع إخوته مع خوفه علیه منهم و قوله أَخافُ أَنْ یَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ و هل هذا إلا تغریر به و مخاطرة.

الجواب قیل له لیس یمتنع أن یكون یعقوب لما رأی من بنیه ما رأی من الأیمان و العهود و الاجتهاد فی الحفظ و الرعایة لأخیهم ظن مع ذلك السلامة و غلب النجاة بعد أن كان خائفا مغلبا لغیر السلامة و قوی فی نفسه أن یرسله معهم إشفاقه من إیقاع الوحشة و العداوة بینهم لأنه إذا لم یرسله مع الطلب منهم و الحرص علموا أن سبب ذلك هو التهمة لهم و الخوف من ناحیتهم و استوحشوا منه و من یوسف علیه السلام و انضاف هذا الداعی إلی ما ظنه من السلامة و النجاة فأرسله. (1)مسألة فإن قال فما معنی قولهم لیعقوب علیه السلام وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِینَ و كیف یجوز أن ینسبوه إلی أنه لا یصدق الصادق و یكذبه.

الجواب إنهم لما علموا علی مرور الأیام شدة تهمة أبیهم لهم و خوفه علی أخیهم منهم لما كان یظهر منهم من أمارات الحسد و النفاسة أیقنوا بأنه یكذبهم فیما أخبروا به من أكل الذئب أخاهم فقالوا له إنك لا تصدقنا فی هذا الخبر لما سبق إلی قلبك من تهمتنا و إن كنا صادقین و قد یفعل مثل ذلك المخادع المماكر إذا أراد أن یوقع فی قلب من یخبره بالشی ء لیصدقه فیقول له أنا أعلم أنك لا تصدقنی فی كذا و كذا و إن كنت صادقا و هذا بین.

مسألة فإن قال فلم أسرف یعقوب علیه السلام فی الحزن و التهالك و ترك التماسك حتی ابیضت عیناه من البكاء و من شأن الأنبیاء التجلد (2)و التصبر و تحمل الأثقال و لهذه الحالة ما عظمت منازلهم و ارتفعت درجاتهم. (3)الجواب قیل له إن یعقوب علیه السلام بلی و امتحن فی ابنه بما لم یمتحن به أحد

ص: 324


1- تنزیه الأنبیاء: 45- 46. م.
2- التجلد: تكلف الجلد و الصبر.
3- هكذا فی النسخ؛ و فی المصدر: و لو لا هذه الحال ما عظمت منازلهم و ارتفعت درجاتهم. و هو الصحیح.

قبله لأن اللّٰه تعالی رزقه من یوسف أحسن الناس و أجملهم و أكملهم علما و فضلا و أدبا و عفافا ثم أصیب به أعجب مصیبة و أطرفها لأنه لم یمرض بین یدیه مرضا یئول إلی الموت فیسلیه عنه تمریضه له ثم یئس منه بالموت بل فقده فقدا لا یقطع معه علی الهلاك فییأس و لا یجد أمارة علی حیاته و سلامته فیرجو و یطمع فكان متردد الفكر بین یأس و طمع و هذا أغلظ ما یكون علی الإنسان و أنكی لقلبه و قد یرد علی الإنسان من الحزن ما لا یملك رده و لا یقوی علی دفعه و لهذا لم یكن أحد منهیا عن مجرد الحزن و البكاء و إنما نهی عن اللطم و النوح و أن یطلق لسانه بما سخط ربه

وَ قَدْ بَكَی نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی ابْنِهِ إِبْرَاهِیمَ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَ قَالَ الْعَیْنُ تَدْمَعُ وَ الْقَلْبُ یَخْشَعُ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ.

و هو علیه الصلاة و السلام القدوة فی جمیع الآداب و الفضائل علی أن یعقوب علیه السلام إنما أبدی من حزنه یسیرا من كثیر و كان ما یخبه (1)و یتصبر علیه و یغالبه أكثر و أوسع مما أظهره و بعد فإن التجلد علی المصائب و كظم الحزن من المندوب إلیه و لیس بواجب لازم و قد یعدل الأنبیاء علیهم السلام عن كثیر من المندوبات انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه. (2)أقول قد حققنا فی بعض كتبنا أن محبة المقربین لأولادهم و أقربائهم و أحبائهم لیست من جهة الدواعی النفسانیة و الشهوات البشریة بل تجردوا عن جمیع ذلك و أخلصوا حبهم و ودهم و إرادتهم لله فهم ما یحبون سوی اللّٰه تعالی و حبهم لغیره تعالی إنما یرجع إلی حبهم له و لذا لم یحب یعقوب علیه السلام من سائر أولاده مثل ما أحب یوسف علیه السلام و هم لجهلهم بسبب حبه له نسبوه إلی الضلال و قالوا نحن عصبة و نحن أحق بأن نكون محبوبین له لأنا أقویاء علی تمشیة ما یریده من أمور الدنیا ففرط حبه لیوسف إنما كان لحب اللّٰه تعالی له و اصطفائه إیاه و محبوب المحبوب محبوب فإفراطه فی حب یوسف لا ینافی خلوص حبه لربه و لا یخل بعلو قدره و منزلته عند سیده (3)و سیأتی الكلام

ص: 325


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: و كان ما یخفیه.
2- تنزیه الأنبیاء: 46- 47. م.
3- و هو وجه وجیه لو لا ما تقدم من الاخبار الدالة علی مؤاخذته تعالی علی كثرة جزعه و بكائه.

فی ذلك علی وجه أبسط فی محله و فیما أوردته كفایة لأولی الألباب.

ثم قال رحمه اللّٰه مسألة فإن قال كیف لم یتسل یعقوب علیه السلام و یخفف عنه الحزن ما تحققه من رؤیا ابنه یوسف و رؤیا الأنبیاء لا تكون إلا صادقة.

الجواب قیل له عن ذلك جوابان أحدهما أن یوسف علیه السلام رأی تلك الرؤیا و هو صبی غیر نبی و لا موحی إلیه فلا وجه فی تلك الحال للقطع علی صدقها و صحتها و الآخر أن أكثر ما فی هذا الباب أن یكون یعقوب علیه السلام قاطعا علی بقاء ابنه و أن الأمر سیئول فیه إلی ما تضمنته الرؤیا و هذا لا یوجب نفی الحزن و الجزع لأنا نعلم أن طول المفارقة و استمرار الغیبة تقتضیان الحزن مع القطع علی أن المفارق باق یجوز أن یئول حاله إلی القدوم و قد جزع الأنبیاء علیهم السلام و من جری مجراهم من المؤمنین المطهرین من مفارقة أولادهم و أحبائهم مع ثقتهم بالالتقاء بهم فی الآخرة و الحصول معهم فی الجنة و الوجه فی ذلك ما ذكرناه انتهی كلامه رحمه اللّٰه. (1)الفصل الثانی فی تأویل قوله تعالی وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ و لنذكر هنا ما أورده الرازی فی تفسیره فی هذا المقام فإن اعتراف الخصم أجدی لإتمام المرام.

قال اعلم أن هذه الآیة من المهمات التی یجب الاعتناء بالبحث عنها و فی هذه الآیة مسائل.

المسألة الأولی فی أنه علیه السلام هل صدر عنه ذنب أم لا و فی هذه المسألة قولان أحدهما أن یوسف علیه السلام هم بالفاحشة قال الواحدی فی كتاب البسیط قال المفسرون الموثوق بعلمهم المرجوع إلی روایتهم هم یوسف أیضا بهذه المرأة همّا صحیحا و جلس منها مجلس الرجل من المرأة فلما رأی البرهان من ربه زالت كل شهوة عنه

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ أَنَّهُ قَالَ: طَمِعَتْ فِیهِ وَ طَمِعَ فِیهَا وَ كَانَ طَمَعَهُ

ص: 326


1- تنزیه الأنبیاء: 47. م.

فِیهَا أَنَّهُ هَمَّ أَنْ یَحِلَّ التِّكَّةَ (1).

و عن ابن عباس رضی اللّٰه عنه قال حل الهمیان (2)و جلس منها مجلس الخائن و عنه أیضا أنها استلقت له و قعد هو بین رجلیها ینزع ثیابه ثم إن الواحدی طول فی كلمات عدیمة الفائدة فی هذا الباب و ما ذكر آیة یحتج بها أو حدیثا (3)صحیحا یعول علیه فی تصحیح هذه المقالة و لما أمعن فی الكلمات العاریة عن الفائدة روی أن یوسف لما قال ذلِكَ لِیَعْلَمَ أَنِّی لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَیْبِ قال له جبرئیل و لا حین هممت یا یوسف فقال یوسف عند ذلك وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِی ثم قال و الذین أثبتوا هذا العمل لیوسف كانوا أعرف بحقوق الأنبیاء و ارتفاع منازلهم عند اللّٰه من الذین نفوا لهم عنه (4)فهذا خلاصة كلامه فی هذا الباب.

و القول الثانی أن یوسف علیه السلام كان بریئا من العمل الباطل و الهم المحرم و هذا قول المحققین من المفسرین و المتكلمین و به نقول و عنه نذب.

و اعلم أن الدلائل الدالة علی وجوب عصمة الأنبیاء علیهم السلام كثیرة استقصیناها فی سورة البقرة فی قصة آدم علیه السلام فلا نعیدها إلا أنا نزید هاهنا وجوها.

فالحجة الأولی أن الزنا من منكرات الكبائر و الخیانة من معرض الأمانة من منكرات الذنوب و أیضا مقابلة الإحسان العظیم الدائم بالإساءة الموجبة للفضیحة الباقیة و العار الشدید من منكرات الذنوب و أیضا الصبی إذا تربی فی حجر إنسان و بقی مكفی المئونة مصون العرض من أول صباه إلی زمان شبابه و كمال قوته فإقدام هذا الصبی علی

ص: 327


1- و الخبر كغیره من الآحاد التی لا یوجب علما و لا عملا و هو مخالف لاصول الشیعة بل لظاهر الكتاب، فلو كان ورد بطریق صحیح لكان وجب حمله او طرحه فكیف و هو مرسل ورد من غیر طریقنا.
2- الهمیان: شداد السراویل أو التكة.
3- فی المصدر: و لا حدیث.
4- انظر كیف عرفوا حقوق الأنبیاء و ارتفاع منازلهم عند اللّٰه و هم نسبوهم الی ما لا ینسب إلیه آحاد الأمة، و ما لا یفعله الا الفساق من الرعیة، و هل یبقی لو ثبتت تلك النسب مجال لدعوی وجوب اتباعهم و الوثوق باقوالهم و قبول شهاداتهم؟ و هل یجب نهیهم عنها و اقامة الحدود علیهم؟ و فی اثبات ذلك العمل و امثاله لهم محاذیر عظیمة ذكرها المصنّف فی باب عصمة الأنبیاء، و یذكر بعضها الرازیّ بعد ذلك.

إیصال أقبح أنواع الإساءة إلی ذلك المنعم من منكرات الأعمال إذا ثبت هذا فنقول إن هذه التی نسبوها إلی یوسف كانت موصوفة بجمیع هذه الجهات الأربعة و مثل هذه المعصیة لو نسبت إلی أفسق خلق اللّٰه و أبعدهم عن كل خیر لاستنكف منه فكیف یجوز إسناده إلی الرسول المؤید بالمعجزات القاهرة الباهرة.

الثانی أنه تعالی قال فی عین هذه الواقعة كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ و ذلك یدل علی أن ماهیة السوء و ماهیة الفحشاء مصروفة عنه و لا شك أن المعصیة التی نسبوها إلیه أعظم أنواع السوء و أفحش أقسام الفحشاء فكیف یلیق برب العالمین أن یشهد فی عین هذه الواقعة بكونه بریئا من السوء و الفحشاء مع أنه كان قد أتی بأعظم أنواع السوء و الفحشاء و أیضا فالآیة تدل علی قولنا من وجه آخر و ذلك لأنا نقول هب أن هذه الآیة لا تدل علی نفی هذه المعصیة عنه إلا أنه لا شك أنها تفید المدح العظیم و الثناء البالغ و لا یلیق بحكمة اللّٰه تعالی أن یحكی عن إنسان إقدامه علی معصیة عظیمة ثم إنه یمدحه و یثنی علیه بأعظم المدائح و الأثنیة عقیب أن یحكی عنه ذلك الذنب العظیم فإن مثاله ما إذا حكی السلطان عن بعض عبیده أقبح الذنوب و أفحش الأعمال ثم یذكره بالمدح العظیم و الثناء البالغ عقیبه فإن ذلك یستنكر جدا فكذا هاهنا.

الثالث أن الأنبیاء متی صدرت عنهم زلة أو هفوة (1)استعظموا ذلك و أتبعوها بإظهار الندامة و التوبة و التواضع و لو كان یوسف أقدم هاهنا علی هذه الكبیرة المنكرة لكان من المحال أن لا یتبعها بالتوبة و الاستغفار و لو أتی بالتوبة لحكی اللّٰه عنه إتیانه بها كما فی سائر المواضع و حیث لم یوجد شی ء من ذلك علمنا أنه ما صدر عنه فی هذه الواقعة ذنب و لا معصیة.

الرابع أن كل من كان له تعلق بتلك الواقعة فقد شهد ببراءة یوسف علیه السلام عن المعصیة.

و اعلم أن الذین لهم تعلق بهذه الواقعة یوسف و تلك المرأة و زوجها و النسوة و الشهود و رب العالمین شهد ببراءته عن الذنب و إبلیس أیضا أقر ببراءته عن المعصیة

ص: 328


1- الهفوة. السقطة و الزلة.

و إذا كان الأمر كذلك فحینئذ لم یبق للمسلم توقف فی هذا الباب أما بیان أن یوسف علیه السلام ادعی البراءة عن الذنب فهو قوله علیه السلام هِیَ راوَدَتْنِی عَنْ نَفْسِی و قوله علیه السلام رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ (1)و أما بیان أن المرأة اعترفت بذلك فلأنها قالت للنسوة وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ و أیضا قالت الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِینَ و أما بیان أن زوج المرأة أقر بذلك فهو قوله إِنَّهُ مِنْ كَیْدِكُنَّ إِنَّ كَیْدَكُنَّ عَظِیمٌ یُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِی لِذَنْبِكِ و أما النسوة فلقولهن امْرَأَتُ الْعَزِیزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِی ضَلالٍ مُبِینٍ و قولهن حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَیْهِ مِنْ سُوءٍ (2)و أما الشهود فقوله تعالی وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِیصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ إلی آخر الآیة و أما شهادة اللّٰه بذلك فقوله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِینَ فقد شهد اللّٰه تعالی فی هذه الآیة علی طهارته أربع مرات أولها قوله لنصرف عنه السوء و اللام للتأكید و المبالغة و الثانی قوله وَ الْفَحْشاءَ أی كذلك لنصرف عنه الفحشاء و الثالث قوله إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا مع أنه تعالی قال وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً الرابع قوله الْمُخْلَصِینَ و فیه قراءتان تارة باسم الفاعل و تارة باسم المفعول فوروده باسم الفاعل دل علی كونه آتیا بالطاعات و القربات مع صفة الإخلاص و وروده باسم المفعول یدل علی أن اللّٰه تعالی استخلصه لنفسه و اصطفاه لحضرته و علی كلا الوجهین فإنه من أدل الألفاظ علی كونه منزها مما أضافوه إلیه (3)و أما بیان أن إبلیس أقر بطهارته فلأنه قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ

ص: 329


1- و قوله: «ذلِكَ لِیَعْلَمَ أَنِّی لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَیْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی كَیْدَ الْخائِنِینَ» و قوله: «مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّی أَحْسَنَ مَثْوایَ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» و قوله: «إِنَّ رَبِّی بِكَیْدِهِنَّ عَلِیمٌ».
2- المصدر خال عن اعتراف النسوة بالبراءة. م.
3- و أیضا قال اللّٰه تعالی: «وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ» ففیه شهادة اللّٰه أنّه كان من المحسنین، و قوله تعالی: «ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآیاتِ لَیَسْجُنُنَّهُ حَتَّی حِینٍ» أی بعد ما رأوا آیات تدلّ علی براءته و نزاهة ساحته ممّا نسبت إلیه، و قوله تعالی: «وَ لا نُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ».

الْمُخْلَصِینَ فأقر بأنه لا یمكنه إغواء المخلصین و یوسف من المخلصین لقوله تعالی إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِینَ و كان هذا إقرارا من إبلیس بأنه ما أغواه و ما أضله عن طریق الهدی و عند هذا نقول هؤلاء الجهال الذین نسبوا إلی یوسف علیه السلام هذه الفضیحة إن كانوا من أتباع دین اللّٰه فلیقبلوا شهادة اللّٰه علی طهارته و إن كانوا من أتباع إبلیس و جنوده فلیقبلوا شهادة إبلیس علی طهارته و لعلهم یقولون كنا فی أول الأمر تلامذة إبلیس إلا أنا تخرجنا و زدنا علیه فی السفاهة كما قال الحروری:

و كنت فتی من جند إبلیس فارتقی*** بی الأمر حتی صار إبلیس من جندی

فلو مات قبلی كنت أحسن بعده***طرائق فسق لیس یحسنها بعدی

فثبت بهذه الدلائل أن یوسف علیه السلام بری ء عما یقوله هؤلاء الجهال.

و إذا عرفت هذا فنقول الكلام علی ظاهر هذه الآیة یقع فی مقامین المقام الأول أن نقول لا نسلم أن یوسف علیه السلام هم بها و الدلیل علیه أنه تعالی قال وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ و جواب لو لا هاهنا مقدم و هو كما یقال قد كنت من الهالكین لو لا أخلصك (1)و طعن الزجاج فی هذا الجواب من وجهین.

الأول أن تقدم جواب لو لا شاذ و غیر موجود فی الكلام الفصیح الثانی أن لو لا یجاب باللام فلو كان الأمر علی ما ذكرتم لقال و لقد همت به و لهم بها و ذكر غیر الزجاج سؤالا ثالثا و هو أنه لو لم یوجد الهم لما بقی لقوله لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة.

و اعلم أن ما ذكره الزجاج بعید لأنا نسلم أن تأخیر جواب لو لا حسن جائز إلا أن جوازه لا یمنع من جواز تقدیم هذا الجواب و كیف و نقل عن سیبویه أنه قال إنهم یقدمون الأهم و الذی هم بشأنه أعنی فكان الأمر فی جواز التقدیم و التأخیر مربوطا بشدة الاهتمام فأما تعیین بعض الألفاظ بالمنع فذلك ما لا یلیق بالحكمة و أیضا ذكر جواب لو لا باللام جائز أما هذا لا یدل علی أن ذكره بغیر اللام لا یجوز لأنا نذكر آیة أخری تدل علی فساد قول الزجاج فی هذین السؤالین و هو قوله تعالی إِنْ كادَتْ لَتُبْدِی

ص: 330


1- فی المصدر: لو لا أن فلانا خلصك. م.

بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلی قَلْبِها و أما السؤال الثالث و هو أنه لو لم یوجد الهم لم یبق لقوله لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة فنقول بل فیه أعظم الفوائد و هو بیان أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته فی النساء و عدم قدرته علیهن بل لأجل أن دلائل دین اللّٰه منعته عن ذلك العمل ثم نقول الذی یدل علی أن جواب لو لا ما ذكرناه أن لو لا یستدعی جوابا و هذا المذكور یصلح جوابا له فوجب الحكم بكونه جوابا له.

لا یقال إنا نضمر له جوابا و ترك الجواب كثیر فی القرآن فنقول لا نزاع أنه كثیر فی القرآن إلا أن الأصل أن لا یكون محذوفا و أیضا فالجواب إنما یحسن تركه و حذفه إذا حصل فی الملفوظ ما یدل علی تعینه فهاهنا بتقدیر أن یكون الجواب محذوفا فلیس فی اللفظ ما یدل علی تعیین ذلك الجواب فإن هاهنا أنواعا من الإضمارات یحسن إضمار كل واحد منها و لیس إضمار بعضها أولی من إضمار الباقی فظهر الفرق.

المقام الثانی فی الكلام علی هذه الآیة أن نقول سلمنا أن الهم قد حصل إلا أنا نقول إن قوله وَ هَمَّ بِها لا یمكن حمله علی ظاهره لأن تعلیق الهم بذات المرأة محال لأن الهم من جنس القصد و القصد لا یتعلق بالذوات الباقیة فثبت أنه لا بد من إضمار فعل مخصوص یجعل متعلق ذلك الهم و ذلك الفعل غیر مذكور فهم زعموا أن ذلك المضمر هو إیقاع الفاحشة و نحن نضمر شیئا آخر یغایر ما ذكروه و بیانه من وجوه.

الأول المراد أنه علیه السلام هم بدفعها عن نفسه و منعها من ذلك القبیح لأن الهم هو القصد فوجب أن یحمل فی حق كل واحد علی القصد الذی یلیق به فاللائق بالمرأة القصد إلی تحصیل اللذة و التنعم و التمتع و اللائق بالرسول المبعوث إلی الخلق القصد إلی زجر العاصی عن معصیته و إلی الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر یقال هممت بفلان أی بضربه و دفعه.

فإن قالوا فعلی هذا التقدیر لا یبقی لقوله لَوْ لا أَنْ رَأی بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة قلنا بل فیه أعظم الفوائد و بیانه من وجهین الأول أنه تعالی أعلم یوسف علیه السلام أنه

ص: 331

لو هم بدفعها لقتلته أو لكانت تأمر الحاضرین بقتله فأعلمه تعالی أن الامتناع من ضربها أولی صونا للنفس عن الهلاك و الثانی أنه علیه السلام لو اشتغل بدفعها عن نفسه فربما تعلقت به فكان یتمزق ثوبه من قدام و كان فی علم اللّٰه تعالی أن الشاهد یشهد بأن ثوبه لو تمزق من قدام لكان یوسف هو الجانی (1)و لو كان ثوبه متمزقا من خلف لكانت المرأة هی الجانیة (2)فاللّٰه تعالی أعلمه هذا المعنی فلا جرم لم یشتغل بدفعها عن نفسه بل ولی هاربا عنها حتی صارت شهادة الشاهد حجة له علی براءته عن المعصیة.

الوجه الثانی فی الجواب أن نفسر الهم بالشهوة و هذا مستعمل فی اللغة الشائعة یقول القائل فیما لا یشتهیه ما یهمنی هذا و فیما یشتهیه هذا أهم الأشیاء إلی فسمی اللّٰه تعالی شهوة یوسف هما فمعنی الآیة و لقد اشتهته و اشتهاها و لو لا أن رأی برهان ربه لدخل ذلك العمل فی الوجود.

الثالث أن نفسر الهم بحدیث النفس و ذلك لأن المرأة الفائقة فی الحسن و الجمال إذا تزینت و تهیأت للرجل الشاب القوی فلا بد و أن یقع هناك بین الشهوة و الحكمة و بین النفس و العقل مجاذبات و منازعات فتارة تقوی داعیة الطبیعة و الشهوة و تارة تقوی داعیة العقل و الحكمة فالهم عبارة عن جواذب الطبیعة و رؤیة البرهان عبارة عن جواذب العبودیة و مثاله أن الرجل الصالح الصائم فی الصیف الصائف إذا رأی الجلاب المبرد بالثلج فإن طبیعته تحمله علی شربه إلا أن دینه و هداه یمنعه منه فهذا لا یدل علی حصول الذنب بل كلما كانت هذه الحالة أشد كانت القوة فی القیام بلوازم العبودیة أكمل فقد ظهر بحمد اللّٰه صحة القول الذی ذهبنا إلیه و لم یبق فی ید الواحدی إلا مجرد التصلف و تعدید أسماء المفسرین و لو كان قد ذكر فی تقریر ذلك شبهة لأجبنا عنها إلا أنه ما زاد علی الروایة عن بعض المفسرین.

و اعلم أن

بعض الحشویة روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه قال ما كذب إبراهیم إلا ثلاث كذبات.

فقلت الأولی أن لا یقبل مثل هذه الأخبار فقال علی طریق الاستنكار

ص: 332


1- فی المصدر: الخائن. م.
2- فی المصدر: الخائنة م.

فإن لم نقبله لزمنا تكذیب الرواة فقلت له یا مسكین إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذیب إبراهیم و إن رددناه لزمنا الحكم بتكذیب الرواة و لا شك أن صون إبراهیم علیه السلام عن الكذب أولی من صون طائفة من المجاهیل عن الكذب إذا عرفت هذا الأصل فنقول للواحدی و من الذی یضمن لنا أن الذین نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرین كانوا صادقین أم كاذبین المسألة الثانیة فی أن المراد بذلك البرهان ما هو أما المحققون المثبتون للعصمة فقد فسروا رؤیة البرهان بوجوه.

الأول أنه حجة اللّٰه تعالی فی تحریم الزنا و العلم بما علی الزانی من العقاب.

و الثانی أن اللّٰه تعال طهر نفوس الأنبیاء عن الأخلاق الذمیمة بل نقول إنه تعالی طهر نفوس المتصلین بهم عنها كما قال إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً (1)فالمراد برؤیة البرهان هو حصول تلك الأخلاق و تذكیر الأحوال الرادعة لهم عن الإقدام علی المنكرات.

الثالث أنه رأی مكتوبا فی سقف البیت وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً و مقتا وَ ساءَ سَبِیلًا (2)الرابع أنه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش و الدلیل علیه أن الأنبیاء بعثوا لمنع الخلق عن القبائح و الفضائح فلو أنهم منعوا الناس عنها ثم أقدموا علی أقبح أنواعها و أفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3)و أیضا إن اللّٰه تعالی عیر الیهود بقوله أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (4)و ما یكون عیبا فی حق الیهود كیف ینسب إلی الرسول المؤید بالمعجزات.

ص: 333


1- الأحزاب: 33.
2- الإسراء: 32.
3- الصف: 2 و 3.
4- البقرة: 44.

و أما الذین نسبوا المعصیة إلی یوسف علیه السلام فقد ذكروا فی تفسیر ذلك البرهان أمورا:

الأول قالوا إن المرأة قامت إلی صنم مكلل بالدر و الیاقوت فی زاویة البیت فسترته بثوب فقال یوسف و لم قالت أستحی من إلهی هذا أن یرانی علی المعصیة فقال یوسف تستحی من صنم لا یعقل و لا یسمع و لا أستحی من إلهی القائم علی كل نفس بما كسبت فو اللّٰه لا أفعل ذلك أبدا قالوا فهذا هو البرهان.

الثانی نقلوا عن ابن عباس أنه مثل له یعقوب فرآه عاضا علی أصابعه و یقول له أ تعمل عمل الفجار و أنت مكتوب فی زمرة الأنبیاء فاستحیا منه قالوا هو قول عكرمة و مجاهد و الحسن و سعید بن جبیر و قتادة و الضحاك و مقاتل و ابن سیرین قال سعید بن جبیر تمثل له یعقوب فضرب فی صدره فخرجت شهوته من أنامله.

الثالث قالوا إنه سمع فی الهواء قائلا یقول یا ابن یعقوب لا تكن كالطیر یكون له ریش فإذا زنی ذهب ریشه.

و الرابع نقلوا عن ابن عباس أن یوسف لم یزدجر برؤیة صورة یعقوب حتی ركضه جبرئیل علیه السلام فلم یبق فیه شی ء من الشهوة إلا خرج.

و لما نقل الواحدی هذه الروایات تصلف (1)و قال هذا الذی ذكرناه قول أئمة التفسیر الذین أخذوا التأویل عمن شاهد التنزیل فیقال له إنك لا تأتینا البتة إلا بهذه التصلفات التی لا فائدة فیها فأین الحجة و الدلیل و أیضا فإن ترادف الدلائل علی الشی ء الواحد جائز و إنه علیه السلام كان ممتنعا عن الزنا بحسب الدلائل الأصلیة فلما انضاف إلیها هذه الزواجر قوی الانزجار و كمل الاحتراز و العجب أنهم نقلوا أن جروا (2)دخل تحت حجرة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و بقی هناك بغیر علمه قالوا فامتنع جبرئیل من الدخول علیه أربعین یوما و هاهنا زعموا أن یوسف حال اشتغاله بالفاحشة ذهب إلیه جبرئیل و العجب أیضا أنهم زعموا أنه لم یمتنع عن ذلك العمل بسبب حضور جبرئیل و لو أن أفسق الخلق و أكفرهم

ص: 334


1- أی تكلف الصلف، و هو التمدح بما لیس فیه او عنده و ادعاء فوق ذلك اعجابا و تكبرا.
2- الجرو: ولد الكلب.

كان مشغولا بفاحشة فإذا دخل علیه رجل صالح علی زی الصالحین استحیا منه و فر و ترك ذلك العمل و هاهنا رأی یعقوب عض علی أنامله و لم یلتفت ثم إن جبرئیل علی جلالة قدره دخل علیه فلم یمتنع أیضا عن ذلك القبیح بسبب حضوره حتی احتاج جبرئیل إلی أن ركضه علی ظهره نسأل اللّٰه تعالی أن یصوننا عن العمی فی الدین و الخذلان فی طلب الیقین فهذا هو الكلام الملخص فی هذه المسألة انتهی. (1)أقول قد عرفت أن الوجهین اللذین اختارهما أومأ الرضا علیه السلام إلی أحدهما فی خبر أبی الصلت حیث قال و أما قوله عز و جل فی یوسف وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها فإنها همت بالمعصیة و هم یوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله فصرف اللّٰه عنه قتلها و الفاحشة و هو قوله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ یعنی القتل وَ الْفَحْشاءَ یعنی الزنا و أشار إلیهما معا فی خبر ابن الجهم حیث قال لقد همت به و لو لا أن رأی برهان ربه لهم بها كما همت لكنه كان معصوما و المعصوم لا یهم بذنب و لا یأتیه

وَ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: هَمَّتْ بِأَنْ تَفْعَلَ وَ هَمَّ بِأَنْ لَا یَفْعَلَ.

أقول: لا یتوهم خطاء فی قصده القتل إذ الدفع عن العرض و الاحتراز عن المعصیة لازم و إن انجر إلی القتل و لكن اللّٰه تعالی نهاه عند ذلك لمصلحة إما لئلا یقتل قودا (2)أو لئلا یتهم بسوء كما یومئ إلیهما كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ أو لغیر ذلك من المصالح و یمكن أن یكون فی شرعه علیه السلام قتل مرید مثل هذا الأمر مجوزا و علی الخبر الأخیر یمكن أن یكون المراد برؤیة برهان ربه نزول جبرئیل علیه تعبیرا عن النبوة بما یلزمه.

ثم اعلم أن الأخبار الأخر الموافقة لجماعة كثیرة من المخالفین فظاهر أنها محمولة علی التقیة و قد اتضح ذلك من الأخبار أیضا و أما أخبار إلقاء الثوب فإذا لم نحملها علی التقیة فلیس فیها تصریح بأن ذلك وقع بعد قصد الفاحشة أو رضاه علیه السلام بما همت

ص: 335


1- مفاتیح الغیب 5: 172- 178. م.
2- أی بدلا منها.

به و لعله تعالی سبب ذلك تأییدا للعصمة و إلقاء للحجة التی یحتج بها یوسف علیه السلام علیها كما أومأ إلیه الرازی أیضا.

الفصل الثالث فی معنی سجودهم له علیه السلام.

أقول: قد ذكرنا بعض ما یناسب هذا المقام فی باب سجود الملائكة لآدم علیه السلام و قد أوردنا فی هذا الباب الذی نحن فیه الأخبار الواردة فی توجیه ذلك و لنذكر هنا ما ذكره الرازی فی هذا المقام لكمال الإیضاح قال و أما قوله وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً ففیه إشكال و ذلك لأن یعقوب كان أبا یوسف و حق الأبوة حق عظیم قال تعالی وَ قَضی رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً (1)فقرن حق الوالدین بحق نفسه و أیضا أنه كان شیخا و الشاب یجب علیه تعظیم الشیخ. و الثالث أنه كان من أكابر الأنبیاء و یوسف و إن كان نبیا إلا أن یعقوب كان أعلی حالا منه. و الرابع أن جده و اجتهاده فی تكثیر الطاعات أكثر من جد یوسف و لما اجتمعت هذه الجهات الكثیرة فهذا یوجب أن یبالغ یوسف فی خدمة یعقوب فكیف استجاز یوسف أن یسجد له یعقوب هذا تقریر السؤال و الجواب عنه من وجوه.

الأول و هو قول ابن عباس فی روایة عطا أن المراد بهذه الآیة أنهم خروا له أی لأجل وجدانه سجدا لله و حاصله أنه كان ذلك سجود الشكر فالمسجود له هو اللّٰه إلا أن ذلك السجود إنما كان لأجله و الدلیل علی صحة هذا التأویل أن قوله وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً مشعر بأنهم صعدوا ذلك السریر ثم سجدوا و لو أنهم سجدوا لیوسف لسجدوا له قبل الصعود علی السریر لأن ذلك أدخل فی التواضع.

فإن قالوا هذا التأویل لا یطابق قوله یا أَبَتِ هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ و المراد منه قوله إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ قلنا بل هذا مطابق له و یكون المراد من قوله وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ أی رأیتهم ساجدین لأجلی أی أنها سجدت لله لطلب مصلحتی و السعی فی إعلاء منصبی و إذا كان هذا

ص: 336


1- الإسراء: 23.

محتملا سقط السؤال و عندی أن هذا التأویل متعین لأنه یبعد من عقل یوسف و دینه أن یرضی بأن یسجد له أبوه مع سابقته فی حقوق الولادة و الشیخوخة و العلم و الدین و كمال النبوة.

و الوجه الثانی فی الجواب أن یقال إنهم جعلوا یوسف كالقبلة و سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه و هذا أیضا تأویل حسن فإنه یقال صلیت للكعبة كما یقال صلیت إلی الكعبة.

قال حسان:

ما كنت أعرف أن الأمر منصرف***عن هاشم ثم منها عن أبی حسن

أ لیس أول من صلی لقبلتكم***و أعرف الناس بالآثار و السنن

و هذا یدل علی أنه یجوز أن یقال فلان صلی للقبلة فكذلك یجوز أن یقال سجد للقبلة فقوله وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أی جعلوه كالقبلة ثم سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه.

الوجه الثالث فی الجواب أن التواضع قد یسمی سجودا كقوله تری الأكم فیها سجدا للحوافر فكان المراد هاهنا التواضع إلا أن هذا مشكل لأنه تعالی قال و خروا له سجدا و الخرور إلی السجدة مشعر بالإتیان بالسجدة علی أكمل الوجوه و أجیب عنه بأن الخرور یعنی به (1)المرور فقط قال تعالی لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْها صُمًّا وَ عُمْیاناً (2)یعنی لم یمروا.

الوجه الرابع فی الجواب أن نقول الضمیر فی قوله وَ خَرُّوا لَهُ غیر عائد إلی الأبوین لا محالة و إلا لقال و خرا له ساجدین بل الضمیر عائد إلی إخوته و إلی سائر من كان یدخل علیه لأجل التهنئة فالتقدیر و رفع أبویه علی العرش مبالغة فی تعظیمهما و أما الإخوة و سائر الداخلین فخروا له ساجدین فإن قالوا فهذا لا یلائم قوله یا أَبَتِ هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ قلنا إن تعبیر الرؤیا لا یجب أن یكون مطابقا للرؤیا بحسب

ص: 337


1- فی المصدر: قد یعنی به.
2- الفرقان: 73.

الصورة و الصفة من كل الوجوه فسجود الكواكب و الشمس و القمر تعبیره تعظیم الأكابر من الناس له و لا شك أن ذهاب یعقوب مع أولاده من كنعان إلی مصر لأجل نهایة التعظیم له فیكفی هذا القدر فی صحة الرؤیا فأما أن یكون التعبیر مساویا لأصل الرؤیا فی الصفة و الصورة فلم یقل بوجوبه أحد من العقلاء.

الوجه الخامس فی الجواب لعل الفعل الدال علی التحیة و الإكرام فی ذلك الوقت هو السجود فكان مقصودهم من السجود تعظیمه و هو فی غایة البعد لأن المبالغة فی التعظیم كانت ألیق بیوسف منها بیعقوب فلو كان الأمر كما قلتم لكان من الواجب أن یسجد یوسف لیعقوب.

الوجه السادس فیه أن یقال لعل إخوته حملتهم الأنفة و الاستعلاء علی أن لا یسجدوا له علی سبیل التواضع و علم یعقوب أنهم لو لم یفعلوا ذلك لصار ذلك سببا لثوران الفتن و ظهور الأحقاد القدیمة بعد كمونها فهو مع جلالة قدره و عظیم حقه بسبب الأبوة و الشیخوخة و التقدم فی الدین و العلم و النبوة فعل ذلك السجود حتی یصیر مشاهدتهم لذلك سببا لزوال تلك الأنفة و النفرة عن قلوبهم.

أ لا تری أن السلطان الكبیر إذا نصب محتسبا فإذا أراد تربیته مكنه من إقامة الحسبة علیه لیصیر ذلك سببا فی أن لا یبقی فی قلب أحد منازعة ذلك المحتسب فی إقامة الحسبة فكذا هاهنا.

الوجه السابع لعل اللّٰه تعالی أمر یعقوب بتلك السجدة لحكمة خفیة لا یعرفها إلا هو كما أنه أمر الملائكة بسجودهم لآدم لحكمة لا یعرفها إلا هو و یوسف ما كان راضیا بذلك فی قلبه إلا أنه لما علم أن اللّٰه أمره بذلك سكت.

ثم حكی تعالی أن یوسف لما رأی هذه الحالة قال یا أَبَتِ هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّی حَقًّا و فیه بحثان.

الأول (1)قال ابن عباس لما رأی سجود أبویه و إخوته له هاله ذلك و اقشعر جلده منه و قال لیعقوب هذا تَأْوِیلُ رُءْیایَ مِنْ قَبْلُ و أقول هذا یقوی الجواب السابع

ص: 338


1- و البحث الثانی ما تقدم من ذكر الاختلاف فی مقدار المدة بین هذا الوقت و بین الرؤیا.

كأنه یقول یا أبت لا یلیق بمثلك علی جلالتك من العلم و الدین و النبوة أن تسجد لولدك إلا أن هذا أمر أمرت به و تكلیف كلفت به فإن رؤیا الأنبیاء حق فكما أن رؤیا إبراهیم علیه السلام ذبح ولده صار سببا لوجوب ذلك الذبح علیه فی الیقظة فكذلك صارت هذه الرؤیا التی رآها یوسف و حكاها لیعقوب سببا لوجوب ذلك السجود علیه فلهذا السبب حكی ابن عباس أن یوسف لما رأی ذلك هاله و اقشعر منه جلده و لكنه لم یقل شیئا.

و أقول: لا یبعد أن یكون ذلك من تمام تشدید اللّٰه تعالی علی یعقوب كأنه قیل له أنت كنت دائم الرغبة فی وصاله دائم الحزن بسبب فراقه فإذا وجدته فاسجد له فكان الأمر بتلك السجدة من تمام التشدید و اللّٰه العالم بحقائق الأمور. (1)انتهی ما أردنا إیراده من كلامه و لا نشتغل برد ما حققه و قبوله لئلا یطول الكلام و إنما أوردنا كلامه بطوله لیتضح لك ما صدر عنهم علیهم السلام فی الأخبار السالفة لتوجیه ذلك و لعلك لا تحتاج بعد ذلك إلی مزید إیضاح و بیان و من اللّٰه التوفیق و علیه التكلان.

باب 10 قصص أیوب علیه السلام

الآیات؛

الأنبیاء: «وَ أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِكْری لِلْعابِدِینَ»(83-84)

ص: «وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ *ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ *وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْری لِأُولِی الْأَلْبابِ* وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ»(41-44)

ص: 339


1- مفاتیح الغیب 5: 244- 247. م.

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: وَ أَیُّوبَ أی و اذكر أیوب حین دعا ربه لما اشتدت المحنة به أَنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ أی نالنی الضر و أصابنی الجهد وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ و هذا تعریض منه بالدعاء لإزالة ما به من البلاء. (1)بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ أی بتعب و مكروه و مشقة و قیل بوسوسة فیقول له طال مرضك و لا یرحمك ربك و قیل بأن یذكره ما كان فیه من نعم اللّٰه تعالی و كیف زال ذلك كله طمعا أن یزله بذلك فوجده صابرا مسلما لأمر اللّٰه و قیل إنه اشتد مرضه حتی تجنبه الناس فوسوس الشیطان إلی الناس أن یستقذروه و یخرجوه من بینهم و لا یتركوا امرأته التی تخدمه أن تدخل علیهم فكان أیوب یتأذی بذلك و یتألم منه و لم یشك الألم الذی كان من أمر اللّٰه قال قتادة دام ذلك سبع سنین و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ارْكُضْ بِرِجْلِكَ أی ادفع برجلك الأرض هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ و فی الكلام حذف أی فركض برجله فنبعت بركضته عین ماء و قیل نبعت عینان فاغتسل من إحداهما فبرأ و شرب من الأخری فروی و المغتسل الموضع الذی یغتسل فیه و قیل هو اسم للماء الذی یغتسل به وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً و هو مل ء الكف من الشماریخ و ما أشبه ذلك أی و قلنا له ذلك و ذلك أنه حلف علی امرأته لأمر أنكره من قولها إن عوفی لیضربنها مائة جلدة فقیل له خذ ضغثا بعدد ما حلفت فَاضْرِبْ بِهِ أی و اضربها به دفعة واحدة فإنك إذا فعلت ذلك برَّت یمینك وَ لا تَحْنَثْ فی یمینك.

و روی عن ابن عباس أنه قال كان السبب فی ذلك أن إبلیس لقیها فی صورة طبیب فدعته إلی مداواة أیوب فقال أداویه علی أنه إذا برئ قال أنت شفیتنی لا أرید جزاء سواه قالت نعم فأشارت إلی أیوب بذلك فحلف لیضربنها و قیل إنها كانت ذهبت فی حاجة فأبطأت فی الرجوع فضاق صدر المریض فحلف إِنَّهُ أَوَّابٌ أی رجّاع إلی اللّٰه منقطع إلیه.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَبَّادَ الْمَكِّیِّ قَالَ: قَالَ لِی سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ إِنِّی أَرَی لَكَ مِنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مَنْزِلَةً فَاسْأَلْهُ عَنْ رَجُلٍ زَنَی وَ هُوَ مَرِیضٌ فَإِنْ أُقِیمَ عَلَیْهِ الْحَدُّ خَافُوا أَنْ یَمُوتَ

ص: 340


1- مجمع البیان 7: 59. م.

مَا یَقُولُ فِیهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِی هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ أَوْ أَمَرَكَ بِهَا إِنْسَانٌ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْیَانَ الثَّوْرِیَّ أَمَرَنِی أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أُتِیَ بِرَجُلٍ أَحْبَنَ قَدِ اسْتَسْقَی بَطْنُهُ وَ بَدَتْ عُرُوقُ فَخِذَیْهِ وَ قَدْ زَنَی بِامْرَأَةٍ مَرِیضَةٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأُتِیَ بِعُرْجُونٍ فِیهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهُ بِهِ ضَرْبَةً وَ خَلَّی سَبِیلَهُمَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ انْتَهَی (1).

- أقول: روی الصدوق فی الفقیه بسنده الصحیح عن الحسن بن محبوب عن حنان بن سدیر عن عباد المكی مثله (2)و الحَبَن محركة داء فی البطن یعظم منه و یرم.

«1»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُثْمَانَ النَّوَّاءِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَبْتَلِی الْمُؤْمِنَ بِكُلِّ بَلِیَّةٍ وَ یُمِیتُهُ بِكُلِّ مِیتَةٍ وَ لَا یَبْتَلِیهِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَ مَا تَرَی أَیُّوبَ كَیْفَ سُلِّطَ إِبْلِیسُ عَلَی مَالِهِ وَ عَلَی وُلْدِهِ وَ عَلَی أَهْلِهِ وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْهُ وَ لَمْ یُسَلَّطْ عَلَی عَقْلِهِ تُرِكَ لَهُ لِیُوَحِّدَ اللَّهَ بِهِ.

عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن محمد بن سنان مثله (3).

«2»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ تُؤْتَی بِالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ الَّتِی قَدِ افْتُتِنَتْ فِی حُسْنِهَا فَتَقُولُ یَا رَبِّ حَسَّنْتَ خَلْقِی حَتَّی لَقِیتُ مَا لَقِیتُ فَیُجَاءُ بِمَرْیَمَ علیها السلام فَیُقَالُ أَنْتِ أَحْسَنُ أَوْ هَذِهِ قَدْ حَسَّنَّاهَا فَلَمْ تُفْتَتَنْ وَ یُجَاءُ بِالرَّجُلِ الْحَسَنِ الَّذِی قَدِ افْتُتِنَ فِی حُسْنِهِ فَیَقُولُ یَا رَبِّ حَسَّنْتَ خَلْقِی حَتَّی لَقِیتُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَقِیتُ فَیُجَاءُ بِیُوسُفَ وَ یُقَالُ أَنْتَ أَحْسَنُ أَوْ هَذَا قَدْ حَسَّنَّاهُ فَلَمْ یُفْتَتَنْ وَ یُجَاءُ بِصَاحِبِ الْبَلَاءِ الَّذِی قَدْ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ فِی بَلَائِهِ فَیَقُولُ یَا رَبِّ شَدَّدْتَ عَلَیَّ الْبَلَاءَ حَتَّی افْتُتِنْتُ فَیُؤْتَی بِأَیُّوبَ فَیُقَالُ أَ بَلِیَّتُكَ أَشَدُّ أَوْ بَلِیَّةُ هَذَا فَقَدِ ابْتُلِیَ فَلَمْ یُفْتَتَنْ (4).

«3»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ

ص: 341


1- مجمع البیان 8: 478. م.
2- من لا یحضره الفقیه: 473. م.
3- فروع الكافی 1: 31. و فیه: ترك ما یوحد اللّٰه عزّ و جلّ به. م.
4- روضة الكافی: 228- 229. م.

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِیَّةِ أَیُّوبَ علیه السلام الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا فِی الدُّنْیَا لِأَیِّ عِلَّةٍ كَانَتْ قَالَ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِهَا فِی الدُّنْیَا وَ أَدَّی شُكْرَهَا وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا یُحْجَبُ إِبْلِیسُ عَنْ دُونِ الْعَرْشِ (1)فَلَمَّا صَعِدَ وَ رَأَی شُكْرَ نِعْمَةِ أَیُّوبَ حَسَدَهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ لَمْ یُؤَدِّ إِلَیْكَ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ (2)إِلَّا بِمَا أَعْطَیْتَهُ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْیَاهُ مَا أَدَّی إِلَیْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً فَسَلِّطْنِی عَلَی دُنْیَاهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا یُؤَدِّی إِلَیْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً فَقِیلَ لَهُ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی مَالِهِ وَ وُلْدِهِ قَالَ فَانْحَدَرَ إِبْلِیسُ فَلَمْ یُبْقِ لَهُ (3)مَالًا وَ لَا وَلَداً إِلَّا أَعْطَبَهُ (4)فَازْدَادَ أَیُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً فَقَالَ فَسَلِّطْنِی عَلَی زَرْعِهِ یَا رَبِّ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَجَاءَ مَعَ شَیَاطِینِهِ فَنَفَخَ فِیهِ فَاحْتَرَقَ فَازْدَادَ أَیُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً فَقَالَ یَا رَبِّ سَلِّطْنِی عَلَی غَنَمِهِ فَسَلَّطَهُ عَلَی غَنَمِهِ فَأَهْلَكَهَا فَازْدَادَ أَیُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً فَقَالَ یَا رَبِّ سَلِّطْنِی عَلَی بَدَنِهِ فَسَلَّطَهُ عَلَی بَدَنِهِ مَا خَلَا عَقْلَهُ وَ عَیْنَیْهِ فَنَفَخَ فِیهِ إِبْلِیسُ فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ فَبَقِیَ فِی ذَلِكَ دَهْراً طَوِیلًا یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یَشْكُرُهُ حَتَّی وَقَعَ فِی بَدَنِهِ الدُّودُ وَ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَدَنِهِ (5)فَیَرُدُّهَا وَ یَقُولُ لَهَا ارْجِعِی إِلَی مَوْضِعِكِ الَّذِی خَلَقَكِ اللَّهُ مِنْهُ وَ نَتُنَ حَتَّی أَخْرَجَهُ أَهْلُ الْقَرْیَةِ مِنَ الْقَرْیَةِ وَ أَلْقَوْهُ عَلَی الْمَزْبَلَةِ (6)خَارِجَ الْقَرْیَةِ وَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ رَحْمَةَ بِنْتَ یُوسُفَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ (7)إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ عَلَیْهَا تَتَصَدَّقُ مِنَ النَّاسِ وَ تَأْتِیهِ بِمَا تَجِدُهُ قَالَ فَلَمَّا طَالَ عَلَیْهِ الْبَلَاءُ وَ رَأَی إِبْلِیسُ صَبْرَهُ أَتَی أَصْحَاباً لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِی الْجِبَالِ وَ قَالَ لَهُمْ مُرُّوا بِنَا إِلَی هَذَا الْعَبْدِ الْمُبْتَلَی فَنَسْأَلَهُ عَنْ بَلِیَّتِهِ فَرَكِبُوا بِغَالًا شُهْباً وَ جَاءُوا فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ مِنْ نَتْنِ رِیحِهِ فَقَرَنُوا بَعْضاً إِلَی بَعْضٍ (8)ثُمَّ مَشَوْا

ص: 342


1- فی نسخة: من دون العرش. م.
2- فی نسخة: شكر هذه النعم.
3- فی نسخة: أعنی أیوب.
4- أی أهلكه.
5- فی نسخة: فكانت تخرج من بدنه.
6- فی نسخة: حتی أخرجوه أهل القریة من القریة و ألقوه فی المزبلة.
7- فی نسخة: رحمة بنت افرائیم بن یوسف بن یعقوب، و هو الأظهر.
8- فی نسخة: فقربوا بعضا إلی بعض.

إِلَیْهِ وَ كَانَ فِیهِمْ شَابٌّ حَدَثُ السِّنِّ فَقَعَدُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا یَا أَیُّوبُ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ لَعَلَّ اللَّهَ كَانَ یُهْلِكُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ مَا نَرَی ابْتِلَاءَكَ الَّذِی لَمْ یُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ فَقَالَ أَیُّوبُ وَ عِزَّةِ رَبِّی إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنِّی مَا أَكَلْتُ طَعَاماً إِلَّا وَ یَتِیمٌ أَوْ ضَعِیفٌ یَأْكُلُ مَعِی وَ مَا عَرَضَ لِی أَمْرَانِ كِلَاهُمَا طَاعَةٌ لِلَّهِ إِلَّا أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِی فَقَالَ الشَّابُّ سَوْأَةً لَكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَی نَبِیِّ اللَّهِ فَعَیَّرْتُمُوهُ حَتَّی أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ (1)مَا كَانَ یَسْتُرُهَا فَقَالَ أَیُّوبُ یَا رَبِّ لَوْ جَلَسْتُ مَجْلِسَ الْحَكَمِ مِنْكَ لَأَدْلَیْتُ بِحُجَّتِی فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِ غَمَامَةً فَقَالَ یَا أَیُّوبُ أَدْلِنِی بِحُجَّتِكَ فَقَدْ أَقْعَدْتُكَ مَقْعَدَ الْحَكَمِ (2)وَ هَا أَنَا ذَا قَرِیبٌ وَ لَمْ أَزَلْ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ یَعْرِضْ لِی أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إِلَّا أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی نَفْسِی أَ لَمْ أَحْمَدْكَ أَ لَمْ أَشْكُرْكَ أَ لَمْ أُسَبِّحْكَ قَالَ فَنُودِیَ مِنَ الْغَمَامَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ لِسَانٍ یَا أَیُّوبُ مَنْ صَیَّرَكَ تَعْبُدُ اللَّهَ وَ النَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَ تَحْمَدُهُ وَ تُسَبِّحُهُ وَ تُكَبِّرُهُ وَ النَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ أَ تَمُنُّ عَلَی اللَّهِ بِمَا لِلَّهِ الْمَنُّ فِیهِ عَلَیْكَ (3)قَالَ فَأَخَذَ أَیُّوبُ التُّرَابَ فَوَضَعَهُ فِی فِیهِ ثُمَّ قَالَ لَكَ الْعُتْبَی یَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِی فَعَلْتَ ذَلِكَ بِی قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ مَلَكاً فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ الْمَاءُ فَغَسَّلَهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ وَ أَطْرَأَ وَ أَنْبَتَ اللَّهُ عَلَیْهِ رَوْضَةً خَضْرَاءَ وَ رَدَّ عَلَیْهِ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ وَ وُلْدَهُ وَ زَرْعَهُ وَ قَعَدَ مَعَهُ الْمَلَكُ یُحَدِّثُهُ وَ یُؤْنِسُهُ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ وَ مَعَهَا الْكِسَرُ (4)فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَی الْمَوْضِعِ إِذاً الْمَوْضِعُ مُتَغَیِّرٌ وَ إِذاً رَجُلَانِ جَالِسَانِ فَبَكَتْ وَ صَاحَتْ وَ قَالَتْ یَا أَیُّوبُ مَا دَهَاكَ فَنَادَاهَا أَیُّوبُ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْهُ وَ قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ بَدَنَهُ وَ نِعْمَتَهُ سَجَدَتْ لِلَّهِ شُكْراً فَرَأَی ذَوَائِبَهَا (5)مَقْطُوعَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهَا سَأَلَتْ قَوْماً أَنْ یُعْطُوهَا مَا تَحْمِلُهُ إِلَی أَیُّوبَ مِنَ الطَّعَامِ وَ كَانَتْ حَسَنَةَ الذُّؤَابَةِ فَقَالُوا لَهَا تَبِیعِینَّا ذُؤَابَتَكِ هَذِهِ حَتَّی نُعْطِیَكِ فَقَطَعَتْهَا

ص: 343


1- فی نسخة: حتی اظهر من عبادة اللّٰه.
2- فی نسخة: فقد أقعدتك مقعد الخصم.
3- فی نسخة: و فی المصدر: بما للّٰه فیه المنة علیك. م.
4- الكسر: الجزء من العضو. أو جزء من العظم مع ما علیه من اللحم.
5- فی نسخة: فرأی ذؤابتها مقطوعة.

وَ دَفَعَتْهَا إِلَیْهِمْ وَ أَخَذَتْ مِنْهُمْ طَعَاماً لِأَیُّوبَ فَلَمَّا رَآهَا مَقْطُوعَةَ الشَّعْرِ غَضِبَ وَ حَلَفَ عَلَیْهَا أَنْ یَضْرِبَهَا مِائَةً فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ كَانَ سَبَبُهُ كَیْتَ وَ كَیْتَ (1)فَاغْتَمَّ أَیُّوبُ مِنْ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ فَأَخَذَ مِائَةَ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَخَرَجَ مِنْ یَمِینِهِ (2)ثُمَّ قَالَ وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْری لِأُولِی الْأَلْبابِ قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ أَهْلَهُ الَّذِینَ مَاتُوا قَبْلَ الْبَلِیَّةِ وَ رَدَّ عَلَیْهِ أَهْلَهُ الَّذِینَ مَاتُوا بَعْدَ مَا أَصَابَهُمُ الْبَلَاءُ كُلَّهُمْ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ فَعَاشُوا مَعَهُ وَ سُئِلَ أَیُّوبُ بَعْدَ مَا عَافَاهُ اللَّهُ أَیُّ شَیْ ءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَیْكَ مِمَّا مَرَّ عَلَیْكَ قَالَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ قَالَ فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی دَارِهِ فَرَاشَ الذَّهَبِ وَ كَانَ یَجْمَعُهُ فَإِذَا ذَهَبَ (3)الرِّیحُ مِنْهُ بِشَیْ ءٍ عَدَا خَلْفَهُ فَرَدَّهُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ مَا تَشْبَعُ یَا أَیُّوبُ قَالَ وَ مَنْ یَشْبَعُ مِنْ رِزْقِ رَبِّهِ (4).

بیان: قوله لعل اللّٰه یهلكنا أی لا یمكننا أن نسأل اللّٰه تعالی عن ذنبك لعلو قدرك عنده تعالی و استعلامهم منه تعالی إما بتوسط نبی آخر أو بأنفسهم إذ كان فی تلك الأزمنة یتأتی مثل ذلك لغیر الأنبیاء أیضا كما نقل و یحتمل أن یكون سؤال العفو عن ذنبه و الاستغفار له و أدلی بحجته أی احتج بها و العتبی بالضم الرجوع عن الذنب و الإساءة و الركض تحریك الرجل قولها ما دهاك أی ما أصابك من الداهیة و البلاء و الضغث بالكسر الحزمة الصغیرة من الحشیش و غیره (5).

«4»-ع، علل الشرائع مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَلِیَّةُ أَیُّوبَ الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا فِی الدُّنْیَا

ص: 344


1- بالفتح و قد یكسر یكنی بهما عن الحدیث و الخبر، و یستعملان بلا واو ایضا، و لا یستعملان الا مكررین.
2- فی نسخة: فخرج عن یمینه.
3- فی نسخة:فكان اذا ذهب.
4- تفسیر القمّیّ: 569- 571. م.
5- و الحدیث یتضمن أمورا لا یوافق أصول المذهب، و سیأتی من المصنّف و السیّد المرتضی الایعاز الی ذلك و یأتی فی الخبر 13 ما ینافی كل ذلك و هو الاوفق بالمذهب.

لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَیْهِ فَأَدَّی شُكْرَهَا وَ كَانَ إِبْلِیسُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا یُحْجَبُ دُونَ الْعَرْشِ فَلَمَّا صَعِدَ عَمَلُ أَیُّوبَ بِأَدَاءِ شُكْرِ النِّعْمَةِ حَسَدَهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ لَمْ یُؤَدِّ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ إِلَّا بِمَا أَعْطَیْتَهُ مِنَ الدُّنْیَا فَلَوْ حُلْتَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ دُنْیَاهُ مَا أَدَّی إِلَیْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ فَسَلِّطْنِی عَلَی دُنْیَاهُ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَا یُؤَدِّی شُكْرَ نِعْمَةٍ فَقَالَ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی دُنْیَاهُ فَلَمْ یَدَعْ لَهُ دُنْیَا وَ لَا وَلَداً إِلَّا أَهْلَكَ كُلَّ ذَلِكَ وَ هُوَ یَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ یَعْلَمُ أَنَّكَ سَتَرُدُّ إِلَیْهِ دُنْیَاهُ الَّتِی أَخَذْتَهَا مِنْهُ فَسَلِّطْنِی عَلَی بَدَنِهِ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا یُؤَدِّی شُكْرَ نِعْمَةٍ (1)قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی بَدَنِهِ مَا عَدَا عَیْنَیْهِ (2)وَ قَلْبَهُ وَ لِسَانَهُ وَ سَمْعَهُ فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَانْقَضَّ مُبَادِراً خَشْیَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ فَنَفَخَ فِی مَنْخِرَیْهِ مِنْ نَارِ السَّمُومِ فَصَارَ جَسَدُهُ نُقَطاً نُقَطاً (3).

بیان: انقضّ الطائر هوی لیقع.

«5»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْمَاضِیَ علیه السلام عَنْ بَلِیَّةِ أَیُّوبَ الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا فِی الدُّنْیَا لِأَیَّةِ عِلَّةٍ كَانَتْ قَالَ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِهَا فِی الدُّنْیَا فَأَدَّی شُكْرَهَا وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا یُحْجَبُ إِبْلِیسُ دُونَ الْعَرْشِ فَلَمَّا صَعِدَ أَدَاءُ شُكْرِ نِعْمَةِ أَیُّوبَ حَسَدَهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ لَمْ یُؤَدِّ إِلَیْكَ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ إِلَّا بِمَا أَعْطَیْتَهُ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْیَاهُ مَا أَدَّی إِلَیْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً قَالَ فَقِیلَ لَهُ إِنِّی قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی مَالِهِ وَ وُلْدِهِ قَالَ فَانْحَدَرَ إِبْلِیسُ فَلَمْ یُبْقِ لَهُ مَالًا وَ لَا وَلَداً إِلَّا أَعْطَبَهُ فَلَمَّا رَأَی إِبْلِیسُ أَنَّهُ لَا یَصِلُ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ یَعْلَمُ أَنَّكَ سَتَرُدُّ عَلَیْهِ دُنْیَاهُ الَّتِی أَخَذْتَهَا مِنْهُ فَسَلِّطْنِی عَلَی بَدَنِهِ قَالَ فَقِیلَ لَهُ إِنِّی قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی بَدَنِهِ مَا خَلَا قَلْبَهُ وَ لِسَانَهُ وَ عَیْنَیْهِ وَ سَمْعَهُ قَالَ فَانْحَدَرَ إِبْلِیسُ مُسْتَعْجِلًا مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَیُّوبَ فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهِ الْبَلَاءُ وَ كَانَ فِی آخِرِ بَلِیَّتِهِ جَاءَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَهُ یَا أَیُّوبُ

ص: 345


1- فی نسخة: لا یؤدی شكر نعمته.
2- فی نسخة: ما عدا عینه.
3- علل الشرائع : ٣٦ _ ٣٧. م

مَا نَعْلَمُ أَحَداً ابْتُلِیَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْبَلِیَّةِ إِلَّا لِسَرِیرَةِ سُوءٍ (1)فَلَعَلَّكَ أَسْرَرْتَ سُوءاً فِی الَّذِی تُبْدِی لَنَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَاجَی أَیُّوبُ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ رَبِّ ابْتَلَیْتَنِی بِهَذِهِ الْبَلِیَّةِ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ یَعْرِضْ لِی أَمْرَانِ قَطُّ إِلَّا أَلْزَمْتُ أَخْشَنَهُمَا عَلَی بَدَنِی وَ لَمْ آكُلْ أُكْلَةً قَطُّ إِلَّا وَ عَلَی خِوَانِی یَتِیمٌ فَلَوْ أَنَّ لِی مِنْكَ مَقْعَدَ الْخَصْمِ لَأَدْلَیْتُ بِحُجَّتِی قَالَ فَعَرَضَتْ لَهُ سَحَابَةٌ (2)فَنَطَقَ فِیهَا نَاطِقٌ فَقَالَ یَا أَیُّوبُ أَدْلِ بِحُجَّتِكَ قَالَ فَشَدَّ عَلَیْهِ مِئْزَرَهُ وَ جَثَا عَلَی رُكْبَتَیْهِ (3)فَقَالَ ابْتَلَیْتَنِی بِهَذِهِ الْبَلِیَّةِ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ یَعْرِضْ لِی أَمْرَانِ قَطُّ إِلَّا أَلْزَمْتُ أَخْشَنَهُمَا عَلَی بَدَنِی وَ لَمْ آكُلْ أُكْلَةً مِنْ طَعَامٍ إِلَّا وَ عَلَی خِوَانِی یَتِیمٌ قَالَ فَقِیلَ لَهُ یَا أَیُّوبُ مَنْ حَبَّبَ إِلَیْكَ الطَّاعَةَ قَالَ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ تُرَابٍ فَوَضَعَهُ فِی فِیهِ (4)ثُمَّ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ (5).

بیان: عل و لعل لغتان بمعنی.

«6»-فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قَالَ أَحْیَا اللَّهُ لَهُ أَهْلَهُ الَّذِینَ كَانُوا قَبْلَ الْبَلِیَّةِ وَ أَحْیَا لَهُ أَهْلَهُ الَّذِینَ مَاتُوا وَ هُوَ فِی بَلِیَّةٍ (6).

بیان: قال الشیخ الطبرسی قال ابن عباس و ابن مسعود رد اللّٰه سبحانه علیه أهله الذین هلكوا بأعیانهم و أعطاه مثلهم معهم و كذلك رد اللّٰه علیه أمواله و مواشیه بأعیانها و أعطاه مثلها معها و به قال الحسن و قتادة و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل إنه خیر أیوب فاختار إحیاء أهله فی الآخرة و مثلهم فی الدنیا فأوتی علی ما اختار عن عكرمة و مجاهد.

و قال وهب كان له سبع بنات و ثلاثة بنین و قال ابن یسار سبعة بنین و سبع

ص: 346


1- فی نسخة: الا سریرة شر.
2- فی نسخة: تعرضت له سحابة.
3- أی قام علی ركبتیه أو قام علی اطراف أصابعه.
4- فی نسخة: فوضعه علی رأسه.
5- علل الشرائع: 37. و الظاهر أن روایات أبی بصیر متحدة و ان رویت مفصلا و مختصرا.
6- تفسیر القمّیّ: 570 و فیه: ماتوا قبل البلیة إلخ. م.

بنات (1)انتهی و قال البیضاوی بأن ولد له ضعف ما كان أو أحیا ولده و ولد له منهم نوافل انتهی (2)و روی بعض المفسرین عن ابن عباس أن اللّٰه تعالی رد علی المرأة شبابها فولدت له ستة و عشرین ذكرا و كان له سبعة بنین و سبع بنات أحیاهم اللّٰه له بأعیانهم.

«7»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قُلْتُ وُلْدُهُ كَیْفَ أُوتِیَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قَالَ أَحْیَا لَهُ مِنْ وُلْدِهِ الَّذِینَ كَانُوا مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ مِثْلَ الَّذِینَ هَلَكُوا یَوْمَئِذٍ (3).

«8»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ دُرُسْتَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَیُّوبَ ابْتُلِیَ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ (4).

«9»-ع، علل الشرائع بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ فَضْلٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ابْتُلِیَ أَیُّوبُ سَبْعَ سِنِینَ بِلَا ذَنْبٍ (5).

ل، الخصال أبی عن سعد عن ابن عیسی عن الوشاء مثله (6)بیان ما دلت علیه الروایة من كون مدة ابتلائه علیه السلام سبع سنین هو المعتمد و قال البیضاوی ثمانی عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو سبعا و سبعة أشهر و سبع ساعات (7).

«10»-ع، علل الشرائع بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ فَضْلٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِیعِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ابْتَلَی أَیُّوبَ علیه السلام بِلَا ذَنْبٍ فَصَبَرَ حَتَّی عُیِّرَ وَ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَا یَصْبِرُونَ عَلَی التَّعْیِیرِ (8).

«11»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْحَی اللَّهُ إِلَی أَیُّوبَ علیه السلام هَلْ

ص: 347


1- مجمع البیان 7: 59. م.
2- أنوار التنزیل 2: 34. و النافلة: ولد الولد.
3- روضة الكافی: 252. م.
4- علل الشرائع: 37. م.
5- علل الشرائع: 37. م.
6- الخصال ج 2: 34- 35. م.
7- أنوار التنزیل 2: 34. م.
8- علل الشرائع: 37. م.

تَدْرِی مَا ذَنْبُكَ إِلَیَّ حِینَ أَصَابَكَ الْبَلَاءُ قَالَ لَا قَالَ إِنَّكَ دَخَلْتَ عَلَی فِرْعَوْنَ فَدَاهَنْتَ فِی كَلِمَتَیْنِ (1).

«12»-وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ أَیُّوبَ قَالَتْ لَهُ یَوْماً لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ یَشْفِیَكَ فَقَالَ وَیْحَكِ كُنَّا فِی النَّعْمَاءِ سَبْعِینَ عَاماً فَهَلُمَّ نَصْبِرْ فِی الضَّرَّاءِ مِثْلَهَا قَالَ فَلَمْ یَمْكُثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی عُوفِیَ (2).

«13»-ل، الخصال الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَیُّوبَ ابْتُلِیَ سَبْعَ سِنِینَ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ- (3)وَ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَا یُذْنِبُونَ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ لَا یُذْنِبُونَ وَ لَا یَزِیغُونَ وَ لَا یَرْتَكِبُونَ ذَنْباً صَغِیراً وَ لَا كَبِیراً وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ أَیُّوبَ مِنْ جَمِیعِ مَا ابْتُلِیَ بِهِ (4)لَمْ تُنْتِنْ لَهُ رَائِحَةٌ وَ لَا قَبُحَتْ لَهُ صُورَةٌ وَ لَا خَرَجَتْ مِنْهُ مِدَّةٌ مِنْ دَمٍ وَ لَا قَیْحٌ وَ لَا اسْتَقْذَرَهُ أَحَدٌ رَآهُ وَ لَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ أَحَدٌ شَاهَدَهُ وَ لَا تَدَوَّدَ شَیْ ءٌ مِنْ جَسَدِهِ وَ هَكَذَا یَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِجَمِیعِ مَنْ یَبْتَلِیهِ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ الْمُكَرَّمِینَ عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا اجْتَنَبَهُ النَّاسُ لِفَقْرِهِ وَ ضَعْفِهِ فِی ظَاهِرِ أَمْرِهِ لِجَهْلِهِمْ بِمَا لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مِنَ التَّأْیِیدِ وَ الْفَرَجِ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْظَمُ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِیَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ (5)وَ إِنَّمَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبَلَاءِ الْعَظِیمِ الَّذِی یَهُونُ مَعَهُ عَلَی جَمِیعِ النَّاسِ لِئَلَّا یَدَّعُوا لَهُ (6)الرُّبُوبِیَّةَ إِذَا شَاهَدُوا مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُوصِلَهُ إِلَیْهِ مِنْ عَظَائِمِ نِعَمِهِ تَعَالَی مَتَی شَاهَدُوهُ وَ لِیَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلَی أَنَّ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ عَلَی ضَرْبَیْنِ اسْتِحْقَاقٍ وَ اخْتِصَاصٍ وَ لِئَلَّا یَحْتَقِرُوا (7)ضَعِیفاً لِضَعْفِهِ وَ لَا فَقِیراً لِفَقْرِهِ

ص: 348


1- مخطوط. و یعارضه ما سبق و ما یأتی من انه ابتلی بلا ذنب، مع أن الحدیث فی نفسه لم یثبت حجیته لانه مرسل.
2- مخطوط. م.
3- فی نسخة: بغیر ذنب.
4- فی نسخة: إن أیوب مع جمیع ما ابتلی به.
5- الامثل: الافضل.
6- فی نسخة: لكیلا یدعوا.
7- فی نسخة: و لكیلا یحتقروا.

وَ لَا مَرِیضاً لِمَرَضِهِ وَ لِیَعْلَمُوا أَنَّهُ یُسْقِمُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَشْفِی مَنْ یَشَاءُ مَتَی شَاءَ كَیْفَ شَاءَ بِأَیِّ سَبَبٍ شَاءَ (1)وَ یَجْعَلُ ذَلِكَ عِبْرَةً لِمَنْ شَاءَ وَ شَقَاوَةً لِمَنْ شَاءَ وَ سَعَادَةً لِمَنْ شَاءَ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی جَمِیعِ ذَلِكَ عَدْلٌ فِی قَضَائِهِ وَ حَكِیمٌ فِی أَفْعَالِهِ لَا یَفْعَلُ بِعِبَادِهِ إِلَّا الْأَصْلَحَ لَهُمْ وَ لَا قُوَّةَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ (2).

بیان: هذا الخبر أوفق بأصول متكلمی الإمامیة من كونهم علیهم السلام منزهین عما یوجب تنفر الطباع عنهم فیكون الأخبار الأخر محمولة علی التقیة موافقة للعامة فیما رووه لكن إقامة الدلیل علی نفی ذلك عنهم مطلقا و لو بعد ثبوت نبوتهم و حجیتهم لا یخلو من إشكال مع أن الأخبار الدالة علی ثبوتها أكثر و أصح (3)و بالجملة للتوقف فیه مجال.

قال السید المرتضی قدس اللّٰه روحه فی كتاب تنزیه الأنبیاء: فإن قیل أ فتصححون ما روی من أن الجذام أصابه حتی تساقطت أعضاؤه قلنا أما العلل المستقذرة التی تنفر من رآها و توحشه كالبرص و الجذام فلا یجوز شی ء منها علی الأنبیاء علیهم السلام لما تقدم ذكره لأن النفور لیس بواقف علی الأمور القبیحة بل قد یكون من الحسن و القبیح معا و لیس ینكر أن یكون أمراض أیوب علیه السلام و أوجاعه و محنته فی جسمه ثم فی أهله و ماله بلغت مبلغا عظیما تزید فی الغم و الألم علی ما ینال المجذوم و لیس ینكر تزاید الألم فیه و إنما ینكر ما اقتضی التنفیر (4).

«14»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: أَخَذَ النَّاسُ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخَذُوا الصَّبْرَ عَنْ أَیُّوبَ وَ الشُّكْرَ عَنْ نُوحٍ وَ الْحَسَدَ عَنْ بَنِی یَعْقُوبَ (5).

ص: 349


1- فی نسخة: بأی شی ء شاء.
2- الخصال ج 2: 34. م.
3- لكنها موافقة للعامة.
4- تنزیه الأنبیاء: 63. م.
5- العیون: 209 و فیه: من بنی یعقوب. م.

«15»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَیُّوبُ النَّبِیُّ علیه السلام حِینَ دَعَا رَبَّهُ یَا رَبِّ كَیْفَ ابْتَلَیْتَنِی بِهَذَا الْبَلَاءِ الَّذِی لَمْ تَبْتَلِ بِهِ أَحَداً فَوَ عِزَّتِكَ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ مَا عَرَضَ لِی أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إِلَّا عَمِلْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِی قَالَ فَنُودِیَ وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكَ یَا أَیُّوبُ قَالَ فَأَخَذَ التُّرَابَ فَوَضَعَهُ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ (1).

«16»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا عَافَی أَیُّوبَ علیه السلام نَظَرَ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَدِ ازْدَرَعَتْ فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ إِلَهِی وَ سَیِّدِی عَبْدُكَ أَیُّوبُ الْمُبْتَلَی عَافَیْتَهُ وَ لَمْ یَزْدَرِعْ شَیْئاً وَ هَذَا لِبَنِی إِسْرَائِیلَ زَرْعٌ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا أَیُّوبُ خُذْ مِنْ سُبْحَتِكَ كَفّاً فَابْذُرْهُ وَ كَانَتْ سُبْحَتُهُ فِیهَا مِلْحٌ فَأَخَذَ أَیُّوبُ علیه السلام كَفّاً مِنْهَا فَبَذَرَهُ فَخَرَجَ هَذَا الْعَدَسُ وَ أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ الْحِمِّصَ وَ نَحْنُ نُسَمِّیهِ الْعَدَسَ (2).

بیان: من سبحتك فی أكثر النسخ بالحاء المهملة و فیه بعد إلا أن یقرأ الملح بضم المیم جمع الأملح و هو بیاض یخالطه سواد و فی بعضها بالخاء المعجمة و هو أظهر (3).

«17»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی أَیُّوبَ مِنْ آبَ یَئُوبُ وَ هُوَ أَنَّهُ یَرْجِعُ إِلَی الْعَافِیَةِ وَ النِّعْمَةِ وَ الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْبَلَاءِ (4).

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَا سَأَلَ أَیُّوبُ الْعَافِیَةَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ بَلَائِهِ (5).

«19»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرَ أَیُّوبَ علیه السلام فَقَالَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِنَّ عَبْدِی أَیُّوبَ مَا أُنْعِمُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ إِلَّا ازْدَادَ شُكْراً فَقَالَ الشَّیْطَانُ لَوْ نَصَبْتَ عَلَیْهِ

ص: 350


1- أمالی ابن الشیخ: 60. م.
2- فروع الكافی 2: 176. م.
3- السبخة: أرض ذات نز و ملح.
4- معانی الأخبار: 19. م.
5- مخطوط. م.

الْبَلَاءَ (1)فَابْتَلَیْتَهُ كَیْفَ صَبْرُهُ فَسَلَّطَهُ عَلَی إِبِلِهِ وَ رَقِیقِهِ فَلَمْ یَتْرُكْ لَهُ شَیْئاً غَیْرَ غُلَامٍ وَاحِدٍ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ فَقَالَ یَا أَیُّوبُ مَا بَقِیَ مِنْ إِبِلَكَ وَ لَا مِنْ رَقِیقِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ مَاتَ فَقَالَ أَیُّوبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَعْطَاهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَخَذَهُ فَقَالَ الشَّیْطَانُ إِنَّ خَیْلَهُ أَعْجَبُ إِلَیْهِ فَسَلَّطَ عَلَیْهَا فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا شَیْ ءٌ إِلَّا هَلَكَ فَقَالَ أَیُّوبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَعْطَی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَخَذَ وَ كَذَلِكَ بِبَقَرِهِ وَ غَنَمِهِ وَ مَزَارِعِهِ وَ أَرْضِهِ وَ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ حَتَّی مَرِضَ مَرَضاً شَدِیداً فَأَتَاهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَقَالُوا یَا أَیُّوبُ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فِی أَنْفُسِنَا وَ لَا خَیْرٌ عَلَانِیَةً خَیْراً عِنْدَنَا مِنْكَ فَلَعَلَّ هَذَا الشَّیْ ءَ (2)كُنْتَ أَسْرَرْتَهُ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ رَبِّكَ لَمْ تُطْلِعْ عَلَیْهِ أَحَداً فَابْتَلَاكَ اللَّهُ مِنْ أَجْلِهِ فَجَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً وَ دَعَا رَبَّهُ فَشَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ رَدَّ عَلَیْهِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ قَلِیلٍ أَوْ كَثِیرٍ فِی الدُّنْیَا قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً فَقَالَ الَّذِینَ كَانُوا مَاتُوا (3).

«20»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ یَعْنِی آخِرَ الشَّهْرِ ابْتَلَی اللَّهُ أَیُّوبَ بِذَهَابِ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ (4).

«21»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا طَالَ بَلَاءُ أَیُّوبَ وَ رَأَی إِبْلِیسُ صَبْرَهُ أَتَی إِلَی أَصْحَابٍ لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِی الْجِبَالِ فَقَالَ لَهُمْ مُرُّوا بِنَا إِلَی هَذَا الْعَبْدِ الْمُبْتَلَی نَسْأَلْهُ عَنْ بَلِیَّتِهِ قَالَ فَرَكِبُوا وَ جَاءُوهُ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ فَقَرَّبُوهَا بَعْضاً إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ مَشَوْا إِلَیْهِ وَ كَانَ فِیهِمْ شَابٌّ حَدَثٌ فَسَلَّمُوا عَلَی أَیُّوبَ وَ قَعَدُوا وَ قَالُوا یَا أَیُّوبُ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ فَلَا نَرَی تُبْتَلَی بِهَذَا الْبَلَاءِ إِلَّا لِأَمْرٍ كُنْتَ تُسِرُّهُ قَالَ أَیُّوبُ علیه السلام وَ عِزَّةِ رَبِّی إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنِّی مَا أَكَلْتُ طَعَاماً قَطُّ إِلَّا وَ مَعِیَ یَتِیمٌ أَوْ ضَعِیفٌ یَأْكُلُ مَعِی وَ مَا عَرَضَ لِی أَمْرَانِ كِلَاهُمَا طَاعَةٌ إِلَّا أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِی فَقَالَ الشَّابُّ سَوْءَةً لَكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَی نَبِیِّ اللَّهِ فَعَنَّفْتُمُوهُ حَتَّی أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مَا كَانَ یَسْتُرُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا رَبَّهُ وَ قَالَ رَبِّ إِنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ وَ قَالَ قِیلَ

ص: 351


1- فی نسخة: لو صببت علیه البلاء.
2- فی نسخة: فلعل هذا الشی ء.
3- مخطوط. م.
4- الخصال ج 2: 28، علل الشرائع: 199، عیون الأخبار: 137. م.

لِأَیُّوبَ علیه السلام بَعْدَ مَا عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَی أَیُّ شَیْ ءٍ أَشَدُّ مَا مَرَّ عَلَیْكَ قَالَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ (1).

«22»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَمْطَرَ اللَّهُ عَلَی أَیُّوبَ مِنَ السَّمَاءِ فَرَاشاً مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَیُّوبُ یَأْخُذُ مَا كَانَ خَارِجاً مِنْ دَارِهِ فَیُدْخِلُهُ دَارَهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَ مَا تَشْبَعُ یَا أَیُّوبُ قَالَ وَ مَنْ یَشْبَعُ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِ (2).

«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ أَیُّوبَ كَانَ فِی زَمَنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ صِهْراً لَهُ تَحْتَهُ ابْنَةُ یَعْقُوبَ یُقَالُ لَهَا إِلْیَا وَ كَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ كَانَتْ أُمُّ أَیُّوبَ ابْنَةَ لُوطٍ وَ كَانَ لُوطٌ جَدَّ أَیُّوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَبَا أُمِّهِ وَ لَمَّا اسْتَحْكَمَ الْبَلَاءُ عَلَی أَیُّوبَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ صَبَرَتْ عَلَیْهِ امْرَأَتُهُ فَحَسَدَ إِبْلِیسُ عَلَی مُلَازَمَتِهَا بِالْخِدْمَةِ وَ كَانَتْ بِنْتَ یَعْقُوبَ فَقَالَ لَهَا أَ لَسْتِ أُخْتَ یُوسُفَ الصِّدِّیقِ علیه السلام قَالَتْ بَلَی قَالَ فَمَا هَذَا الْجَهْدُ وَ مَا هَذِهِ الْبَلِیَّةُ الَّتِی أَرَاكُمْ فِیهَا قَالَتْ هُوَ الَّذِی فَعَلَ بِنَا لِیُؤْجِرَنَا بِفَضْلِهِ عَلَیْنَا لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ بِفَضْلِهِ مُنْعِماً ثُمَّ أَخَذَهُ لِیَبْتَلِیَنَا فَهَلْ رَأَیْتَ مُنْعِماً أَفْضَلَ مِنْهُ فَعَلَی إِعْطَائِهِ نَشْكُرُهُ وَ عَلَی ابْتِلَائِهِ نَحْمَدُهُ فَقَدْ جَعَلَ لَنَا الْحُسْنَیَیْنِ كِلْتَیْهِمَا فَابْتَلَاهُ لِیَرَی صَبْرَنَا وَ لَا نَجِدُ عَلَی الصَّبْرِ قُوَّةً إِلَّا بِمَعُونَتِهِ وَ تَوْفِیقِهِ فَلَهُ الْحَمْدُ وَ الْمِنَّةُ مَا أَوْلَانَا وَ أَبْلَانَا فَقَالَ لَهَا أَخْطَأْتِ خَطَاءً عَظِیماً لَیْسَ مِنْ هَاهُنَا أَلَحَّ عَلَیْكُمُ الْبَلَاءُ وَ أَدْخَلَ عَلَیْهَا شُبَهاً دَفَعَتْهَا كُلَّهَا وَ انْصَرَفَتْ إِلَی أَیُّوبَ علیه السلام مُسْرِعَةً وَ حَكَتْ لَهُ مَا قَالَ اللَّعِینُ فَقَالَ أَیُّوبُ الْقَائِلُ إِبْلِیسُ لَقَدْ حَرَصَ عَلَی قَتْلِی إِنِّی لَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأُجَلِّدَنَّكِ مِائَةً لِمَ أَصْغَیْتِ إِلَیْهِ إِنْ شَفَانِیَ اللَّهُ قَالَ وَهْبٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَحْیَا اللَّهُ لَهُمَا أَوْلَادَهُمَا وَ أَمْوَالَهُمَا وَ رَدَّ عَلَیْهِ كُلَّ شَیْ ءٍ لَهُمَا بِعَیْنِهِ وَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ فَأَخَذَ ضِغْثاً مِنْ قُضْبَانٍ دِقَاقٍ مِنْ شَجَرَةٍ یُقَالُ لَهَا الثُّمَامُ فَبَرَّ بِهِ یَمِینَهُ وَ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَ قِیلَ أَخَذَ عَشَرَةً مِنْهَا فَضَرَبَهَا بِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ كَانَ عُمُرُ أَیُّوبَ ثَلَاثاً وَ سَبْعِینَ قَبْلَ أَنْ یُصِیبَهَا الْبَلَاءُ فَزَادَهَا اللَّهُ مِثْلَهَا ثَلَاثاً وَ سَبْعِینَ سَنَةً أُخْرَی (3).

ص: 352


1- مخطوط. م.
2- مخطوط. م.
3- مخطوط. م.

بیان: قال البیضاوی روی أن امرأته ماخیر بنت میشا بن یوسف أو رحمة بنت إفرائیم بن یوسف (1).

«24»-ضا، فقه الرضا علیه السلام رُوِیَ أَنَّ أَیُّوبَ علیه السلام لَمَّا جَهَدَهُ الْبَلَاءُ قَالَ لَأَقْعُدَنَّ مَقْعَدَ الْخَصْمِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ تَكَلَّمْ فَجَثَا عَلَی الرَّمَادِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ مَا عَرَضَ لِی أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لَكَ (فِیهِ) رِضًی إِلَّا اخْتَرْتُ أَشَدَّهُمَا عَلَی بَدَنِی فَنُودِیَ مِنْ غَمَامَةٍ بَیْضَاءَ بِسِتَّةِ آلَافِ أَلْفِ لُغَةٍ فَلِمَنِ الْمَنُّ فَوَضَعَ الرَّمَادَ عَلَی رَأْسِهِ وَ خَرَّ سَاجِداً یُنَادِی لَكَ الْمَنُّ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ فَكَشَفَ اللَّهُ ضُرَّهُ (2).

«25»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْخَزَّازُ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ أَیُّوبَ النَّبِیَّ علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ مَا سَأَلْتُكَ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا قَطُّ وَ دَاخَلَهُ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَتْ إِلَیْهِ سَحَابَةٌ حَتَّی نَادَتْهُ یَا أَیُّوبُ مَنْ وَفَّقَكَ لِذَلِكَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ (3).

تذییل: قال السید قدس سره فی كتاب تنزیه الأنبیاء فإن قیل فما قولكم فی الأمراض و المحن التی لحقت نبی اللّٰه أیوب علیه السلام أ و لیس قد نطق القرآن بأنها كانت جزاء علی ذنب فی قوله أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ و العذاب لا یكون إلا جزاء كالعقاب و الآلام الواقعة علی سبیل الامتحان لا تسمی عذابا و لا عقابا أ و لیس قد روی جمیع المفسرین أن اللّٰه تعالی إنما عاقبه بذلك البلاء لتركه الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و قصته مشهورة یطول شرحها.

الجواب قلنا أما ظاهر القرآن فلیس یدل علی أن أیوب علیه السلام عوقب بما نزل به من المضار و لیس فی ظاهره شی ء مما ظنه السائل لأنه تعالی قال وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ و النصب هو التعب و فیه لغتان فتح النون و الصاد و ضم النون و تسكین الصاد و التعب هو المضرة التی لا تختص بها العقاب و قد تكون علی سبیل الاختبار و الامتحان فأما العذاب فهو أیضا یجری

ص: 353


1- أنوار التنزیل 1: 34. م.
2- فقه الرضا: 51. م.
3- مخطوط. م.

مجری المضار التی لا یختص إطلاق ذكرها بجهة دون جهة و لهذا یقال للظالم المبتدی بالظلم إنه معذب و مضر و مولم و ربما قیل معاقب علی سبیل المجاز و لیس لفظة العذاب بجاریة مجری لفظة العقاب لأن لفظة العقاب یقتضی بظاهرها الجزاء لأنها من التعقیب و المعاقبة و لفظة العذاب لیست كذلك فأما إضافته ذلك إلی الشیطان و إنما ابتلاه اللّٰه تعالی به فله وجه صحیح لأنه لم یضف المرض و السقم إلی الشیطان و إنما أضاف إلیه ما كان یستضر به من وسوسته و یتعب به من تذكیره له ما كان فیه من النعم و العافیة و الرخاء و دعائه له إلی التضجر و التبرم (1)بما هو علیه و لأنه كان أیضا یوسوس إلی قومه بأن یستقذروه و یتجنبوه لما كان علیه من الأمراض البشعة المنظر و یخرجوه من بینهم و كل هذا ضرر من جهة اللعین إبلیس.

و قد روی أن زوجته علیه السلام كانت تخدم الناس فی منازلهم و تصیر إلیه بما یأكله و یشربه و كان الشیطان یلقی إلیهم أن داءه یعدی و یحسن إلیهم تجنب خدمة زوجته من حیث كانت تباشر قروحه و تمس جسده و هذه مضار لا شبهة فیها فأما قوله تعالی فی سورة الأنبیاء وَ أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِكْری لِلْعابِدِینَ فلا ظاهر لها أیضا یقتضی ما ذكروه لأن الضر هو الضرر الذی قد یكون محنة كما یكون عقوبة فأما ما روی فی هذا الباب عن جملة المفسرین فمما لا یلتفت إلی مثله لأن هؤلاء لا یزالون یضیفون إلی ربهم تعالی و إلی رسله علیهم السلام كل قبیح و یقرفونهم (2)بكل عظیم و فی روایتهم هذه السخیفة ما إذا تأمله المتأمل علم أنه موضوع باطل مصنوع لأنهم رووا أن اللّٰه تعالی سلط إبلیس علی مال أیوب علیه السلام و غنمه و أهله فلما أهلكهم و دمر علیهم و رأی صبره و تماسكه قال إبلیس لربه یا رب إن أیوب قد علم أنه ستخلف له ماله و ولده فسلطنی علی جسده فقال قد سلطتك علی جسده إلا قلبه و بصره قال فأتاه فنفخه من لدن قرنه إلی قدمه فصار قرحة واحدة فقذف علی كناسة لبنی إسرائیل سبع سنین و

ص: 354


1- التبرم: التضجر.
2- أقرفه: ذكره بسوء.

أشهرا یختلف الدواب فی جسده إلی شرح طویل نصون كتابنا عن ذكر تفصیله فمن یقبل عقله هذا الجهل و الكفر كیف یوثق بروایته و من لا یعلم أن اللّٰه تعالی لا یسلط إبلیس علی خلقه و أن إبلیس لا یقدر علی أن یقرح الأجساد و لا أن یفعل الأمراض كیف یعتمد روایته فأما هذه الأمراض النازلة بأیوب علیه السلام فلم یكن إلا اختبارا و امتحانا و تعریضا للثواب بالصبر علیها و العوض العظیم النفیس فی مقابلتها و هذه سنة اللّٰه تعالی فی أصفیائه و أولیائه

فَقَدْ رُوِیَ عَنِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: وَ قَدْ سُئِلَ أَیُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً فَقَالَ الْأَنْبِیَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ.

فظهر من صبره علی محنته و تماسكه ما صار إلی الآن مثلا حتی روی أنه كان فی خلال ذلك كله شاكرا محتسبا ناطقا بما له فیه من المنفعة و الفائدة و أنه ما سمعت له شكوی و لا تفوّه بتضجر و لا تبرم فعوّضه اللّٰه تعالی مع نعیم الآخرة العظیم الدائم أن رد علیه ماله و أهله و ضاعف عددهم فی قوله وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ و فی سورة صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ثم مسح ما به و شفاه و عافاه و أمره علی ما وردت به الروایة یركض رجله الأرض فظهرت عین اغتسل منها فتساقط ما كان علی جسده من الداء قال اللّٰه ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ و الركض هو التحریك و منه ركضت الدابة انتهی كلامه أعلی اللّٰه مقامه. (1)أقول لا أعرف وجها لهذا الإنكار الفظیع و التشنیع علی تلك الروایة و لا أعرف فرقا بین ما صدر من أشقیاء الإنس بالنسبة إلی الأنبیاء حیث خلاهم اللّٰه مع إرادتهم بمقتضی حكمته الكاملة و لم یمنعهم عنها و بین ما نقل من تسلیط إبلیس فی تلك الواقعة و الجواب مشترك نعم لا یجوز أن یتسلط الشیطان علی أدیانهم كما دلت علیه الآیات و أما الأبدان فلم یقم دلیل علی نفی تسلطه علیها أحیانا لضرب من المصلحة و كیف لا و هو الذی یغری جمیع الأشرار فی قتل الأخیار و إضرارهم و أیضا أی دلیل قام علی امتناع قدرة إبلیس علی فعل یوجب تقریح الأجساد و حدوث الأمراض و أی فرق بین الشیاطین و الإنس فی ذلك نعم لو قیل بعدم ثبوت بعض الخصوصیات من جهة الأخبار لأمكن ذلك لكن الحكم بنفیها بمجرد الاستبعاد غیر موجه و اللّٰه یعلم.

ص: 355


1- تنزیه الأنبیاء: 61- 63. م.

تكملة قال الثعلبی فی العرائس قال وهب و كعب و غیرهما من أهل الكتاب كان أیوب النبی علیه السلام رجلا من الروم و كان رجلا طویلا عظیم الرأس جعد الشعر حسن العینین و الخلق قصیر العنق غلیظ الساقین و الساعدین و كان مكتوبا علی جبهته المبتلی الصابر و هو أیوب بن أموص بن رازخ (1)بن روم بن عیص بن إسحاق بن إبراهیم (2)و كانت أمه من ولد لوط بن هاران علیه السلام و كان اللّٰه تعالی قد اصطفاه و نبأه و بسط علیه الدنیا و كانت له البثنة (3)من أرض الشام كلها سهلها و جبلها بما فیها و كان له فیها من أصناف المال كله من الإبل و البقر و الخیل و الغنم و الحمر ما لا یكون للرجل أفضل منه فی العدة و الكثرة و كان له بها خمسمائة فدان (4)یتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة و ولد و مال و تحمل آلة كل فدان أتان لكل أتان ولد من اثنین و ثلاثة و أربعة و خمسة و فوق ذلك و كان اللّٰه تعالی أعطاه أهلا و ولدا من رجال و نساء و كان برا تقیا رحیما بالمساكین یكفل الأرامل و الأیتام و یكرم الضیف و یبلغ ابن السبیل و كان شاكرا لأنعم اللّٰه تعالی مؤدیا لحق اللّٰه تعالی قد امتنع من عدو اللّٰه إبلیس أن یصیب منه ما یصیب من أهل الغنی (5)من الغرة و الغفلة و السهو و التشاغل من أمر اللّٰه تعالی (6)بما هو فیه من الدنیا و كان معه ثلاثة قد آمنوا به و صدقوه و عرفوا فضله رجل من أهل الیمن یقال له الیفن و رجلان من أهل بلاده یقال لأحدهما بلدد و للآخر صافن (7)و كانوا كهولا.

ص: 356


1- فی المصدر: تارخ.
2- فی تاریخ الیعقوبی: هو أیوب بن أموص بن زارح بن رعوئیل بن عیصو بن إسحاق بن إبراهیم و فی المحبر: أیوب بن زارح بن أموص بن لیفرز بن العیص بن إسحاق.
3- قال یاقوت فی المعجم: البثنة بالفتح ثمّ السكون و نون هو اسم ناحیة من نواحی دمشق، و هی البثنیة، و قیل: هی قریة بین دمشق و أذرعات و كان أیوب النبیّ علیه السلام منها.
4- الفدان: الثوران یقرن بینهما للحرث.
5- فی المصدر: ما أصاب من أهل الغنی.
6- فی المصدر: و التشاغل و السهو عن أمر اللّٰه.
7- فی المصدر: یقال لأحدهما مالك و للآخر ظافر.

قال وهب إن لجبرئیل علیه السلام بین یدی اللّٰه تعالی مقاما لیس لأحد من الملائكة فی القربة و الفضیلة و إن جبرئیل هو الذی یتلقی الكلام فإذا ذكر اللّٰه تعالی عبدا بخیر تلقاه جبرئیل ثم لقاه میكائیل و حوله الملائكة المقربون حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (1)فإذا شاع ذلك فی الملائكة المقربین شاعت الصلوات علی ذلك العبد من أهل السماوات فإذا صلت علیه ملائكة السماوات هبطت علیه بالصلوات إلی ملائكة الأرض و كان إبلیس لعنه اللّٰه لا یحجب عن شی ء من السماوات و كان یقف فیهن حیثما أراد و من هناك وصل إلی آدم حین أخرجه من الجنة فلم یزل علی ذلك یصعد فی السماوات حتی رفع اللّٰه تعالی عیسی ابن مریم علیه السلام فحجب من أربع و كان یصعد فی ثلاث فلما بعث اللّٰه تعالی محمدا صلی اللّٰه علیه و آله حجب من الثلاث الباقیة فهو و جنوده محجوبون من جمیع السماوات إلی یوم القیامة إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ قال فلما سمع إبلیس تجاوب الملائكة بالصلوات علی أیوب علیه السلام و ذلك حین ذكره اللّٰه تعالی و أثنی علیه فأدركه البغی و الحسد فصعد سریعا حتی وقف من السماء موقفا كان یقفه فقال یا إلهی نظرت فی أمر عبدك أیوب فوجدته عبدا أنعمت علیه فشكرك و عافیته فحمدك ثم لم تجرّبه بشدة و بلاء (2)و أنا لك زعیم لئن ضربته ببلاء لیكفرن بك و لینسینك فقال اللّٰه تعالی انطلق فقد سلطتك علی ماله فانقضّ علیه عدو اللّٰه حتی وقع إلی الأرض ثم جمع عفاریت الشیاطین و عظماءهم فقال لهم ما ذا عندكم من القوة و المعرفة فإنی قد سلطت علی مال أیوب و هی المصیبة الفادحة (3)و الفتنة التی لا یصبر علیها الرجال قال عفریت من الشیاطین أعطیت من القوة ما إذا شئت تحولت إعصارا (4)من نار و أحرقت كل شی ء آتی علیه فقال له إبلیس فأت الإبل و رعاءها فانطلق یؤم الإبل و ذلك حین وضعت رءوسها و ثبتت فی مراعیها فلم یشعر الناس حتی ثار من تحت الأرض إعصار من نار تنفح منها أرواح السموم لا یدنو منها أحد

ص: 357


1- فی المصدر: ثم من حوله من الملائكة المقربین و الحافین من حول العرش.
2- فی المصدر: ثم لم تختبره لا بشدة و لا بلاء.
3- الفادح: الصعب المثقل.
4- الاعصار: الریح الشدیدة المثیرة للغبار فیرتفع الی السماء مستدیرا كانه عمود.

إلا احترق فلم یزل یحرقها و رعاءها حتی أتی علی آخرها فلما فرغ منها تمثل إبلیس براعیها ثم انطلق یؤم أیوب حتی وجده قائما یصلی فقال یا أیوب قال لبیك قال هل تدری ما الذی صنع ربك الذی اخترته و عبدته بإبلك و رعائها قال أیوب أیهاً إنها ماله أعارنیه و هو أولی به إذا شاء تركه و إن شاء نزعه و قدیما ما وطنت نفسی و مالی علی الفناء.

فقال إبلیس فإن ربك أرسل علیها نارا من السماء فاحترقت كلها فترك الناس مبهوتین وقوفا علیها یتعجبون منها منهم من یقول ما كان أیوب یعبد شیئا و ما كان إلا فی غرور و منهم من یقول لو كان إله أیوب یقدر علی أن یصنع شیئا لمنع ولیه (1)و منهم من یقول بل هو الذی فعل ما فعل یشمت به عدوه و یفجع به صدیقه قال أیوب الحمد لله حین أعطانی و حین نزع منی عریانا خرجت من بطن أمی و عریانا أعود فی التراب و عریانا أحشر إلی اللّٰه تعالی لیس ینبغی لك أن تفرح حین أعارك اللّٰه و تجزع حین قبض عاریته اللّٰه أولی بك و بما أعطاك و لو علم اللّٰه فیك أیها العبد خیرا لقبل روحك (2)مع تلك الأرواح فآجرنی فیك و صرت شهیدا و لكنه علم منك شرا فأخرك اللّٰه و خلصك من البلاء كما یخلص الزؤان (3)من القمح الخالص فرجع إبلیس لعنه اللّٰه إلی أصحابه خاسئا ذلیلا فقال لهم ما ذا عندكم من القوة فإنی لم أكلم قلبه قال عفریت من عظمائهم عندی من القوة ما إذا شئت صحت صوتا لا یسمعه ذو روح إلا خرجت مهجة نفسه قال له إبلیس فأت الغنم و رعاءها فانطلق یؤم الغنم و رعاءها حتی إذا توسطها صاح صوتا تجثمت أمواتا من عند آخرها (4)و مات رعاؤها ثم خرج إبلیس متمثلا بقهرمان (5)الرعاء حتی جاء أیوب و هو قائم یصلی فقال له القول الأول و ردّ علیه أیوب الرد الأول ثم إن إبلیس رجع إلی أصحابه فقال لهم ما ذا عندكم من القوة فإنی لم أكلم

ص: 358


1- فی المصدر: لمنع ولیه من حریق مواشیه.
2- فی المصدر: لنقل روحك.
3- الزؤان: ما ینبت غالبا بین الحنطة: و حبّه یشبه حبها الا انه أصغر، و إذا اكل یجلب النوم.
4- فی المصدر: صاح صوتا ماتت منه الغنم جمیعا. قلت: تجثم الطائر او الرجل او الحیوان تلبد بالارض.
5- القهرمان: الوكیل أو أمین الدخل و الخرج.

قلب أیوب فقال عفریت من عظمائهم عندی من القوة ما إذا شئت تحولت ریحا عاصفا تنسف كل شی ء فآتی علیه (1)حتی لا أبقی منها شیئا قال له إبلیس فأت الفدادین و الحرث فانطلق یؤمهم و ذلك حین قرنوا الفدادین و أنشئوا فی الحرث و أولادها رتوع (2)فلم یشعروا حتی هبت ریح عاصف فنسفت كل شی ء من ذلك حتی كأنه لم یكن ثم خرج إبلیس متمثلا بقهرمان الحرث حتی جاء أیوب و هو قائم یصلی فقال له مثل قوله الأول و رد علیه أیوب مثل رده الأول فجعل إبلیس یصیب ماله مالا مالا حتی مر علی آخره كلما انتهی إلیه هلاك مال من ماله حمد اللّٰه و أحسن علیه الثناء و رضی بالقضاء و وطن نفسه للصبر علی البلاء حتی لم یبق له مال فلما رأی إبلیس أنه قد أفنی ماله و لم ینجح منه بشی ء صعد سریعا حتی وقف (3)الموقف الذی كان یقفه فقال إلهی إن أیوب یری أنك ما متعته بنفسه و ولده (4)فأنت معطیه المال فهل أنت مسلطی علی ولده فإنها الفتنة المضلة و المصیبة التی لا یقوم لها قلوب الرجال و لا یقوی علیها صبرهم فقال اللّٰه تعالی انطلق فقد سلطتك علی ولده.

فانقض عدو اللّٰه حتی جاء بنی أیوب علیه السلام و هم فی قصرهم فلم یزل یزلزل بهم حتی تداعی من قواعده (5)ثم جعل یناطح (6)جدره بعضها ببعض و یرمیهم بالخشب و الجندل (7)حتی إذا مثل بهم كل مثلة رفع بهم القصر (8)و قلبه فصاروا منكبین (9)و انطلق إلی أیوب متمثلا بالمعلم الذی كان یعلمهم الحكمة و هو جریح مشدوخ الوجه

ص: 359


1- فی المصدر: تأتی علیه حتّی لا یبقی منه شی ء.
2- الرتوع جمع الراتع: الذی یتبع بابله المراتع الخصبة.
3- فی المصدر: فلما رأی إبلیس انه قد افنی ما له و لم ینل منه شیئا و لا نجح فی شی ء من أفعاله شق علیه ذلك و صعد سریعا و وقف.
4- فی المصدر: مهما متعته من نفسه و ولده.
5- أی تهادمت و تصادعت من غیر أن تسقط.
6- ناطحه الثور: أصابه بقرنه.
7- الجندل: الصخر العظیم.
8- فی المصدر: ثم رفع بهم القصر.
9- فی المصدر: فصاروا منكسین.

یسیل دمه و دماغه و أخبره بذلك و قال یا أیوب لو رأیت بنیك كیف عذبوا و كیف قلبوا فكانوا منكسین علی رءوسهم یسیل دماؤهم و دماغهم من أنوفهم و أشفارهم و أجوافهم (1)و لو رأیت كیف شقت بطونهم فتناثرت أمعاؤهم لتقطع قلبك فلم یزل یقول هذا و نحوه و یرققه حتی رق أیوب علیه السلام فبكی و قبض قبضة من التراب فوضعها علی رأسه فاغتنم إبلیس ذلك فصعد سریعا بالذی كان من جزع أیوب مسرورا به ثم لم یلبث أیوب أن فاء (2)و أبصر فاستغفر (3)و صعد قرناؤه من الملائكة بتوبته فبدروا إبلیس إلی اللّٰه تعالی و هو أعلم فوقف (4)إبلیس خاسئا ذلیلا فقال یا إلهی إنما هون علی أیوب خطر المال و الولد إنه یری أنك ما متعته بنفسه فأنت تعید له المال و الولد فهل أنت مسلطی علی جسده فإنی لك زعیم لئن ابتلیته فی جسده لینسینك و لیكفرن بك و لیجحدن نعمتك فقال اللّٰه عز و جل انطلق فقد سلطتك علی جسده و لكن لیس لك سلطان علی لسانه و لا علی قلبه و لا علی عقله و كان اللّٰه هو أعلم به لم یسلطه علیه إلا رحمة لیعظم له الثواب و جعله عبرة للصابرین (5)و ذكری للعابدین فی كل بلاء نزل لیأنسوا به (6)بالصبر و رجاء الثواب.

فانقضّ عدو اللّٰه تعالی سریعا فوجد أیوب علیه السلام ساجدا فعجل قبل أن یرفع رأسه فأتاه من قبل الأرض فی موضع وجهه فنفخ فی منخره نفخة اشتعل منها جسده فرهل (7)و خرج به من فرقه إلی قدمه ثآلیل مثل ألیات الغنم و وقعت فیه حكة لا یملكها فحك بأظفاره حتی سقطت كلها ثم حكها بالمسوح (8)الخشنة حتی قطعها ثم حكها بالفخار

ص: 360


1- فی المصدر: و كیف قلب بهم القصر، و كیف نكسوا علی رءوسهم تسیل دماؤهم و أدمغتهم من انوفهم و شفاهم.
2- أی رجع و تاب.
3- فی المصدر: فاستغفر و شكر.
4- فی المصدر: فبادروا إبلیس و سبقوه إلی اللّٰه و اللّٰه أعلم بما كان، فوقف اه.
5- فی المصدر: و یجعله عبرة للصابرین.
6- هكذا فی الكتاب، و الصحیح كما فی المصدر: لیتأسوا به.
7- فی الصحاح: رهل لحمه أی اضطرب و استرخی. و فی المصدر: ذهل و هو مصحف.
8- المسح: الكساء من شعر.

و الحجارة الخشنة فلم یزل یحكها حتی نغل لحمه (1)و تقطع و تغیر و أنتن فأخرجه أهل القریة فجعلوه علی كناسة و جعلوا له عریشا و رفضه خلق اللّٰه كلهم غیر امرأته و هی رحمة بنت إفرائیم بن یوسف بن یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم صلوات اللّٰه تعالی و سلامه علی نبینا و علیهم و كانت تختلف إلیه بما یصلحه و تلزمه فلما رأت الثلاثة من أصحابه و هم یفن و بلدد و صافن (2)ما ابتلاه اللّٰه تعالی به اتهموه و رفضوه من غیر أن یتركوا دینه فلما طال به البلاء انطلقوا إلیه و هو فی بلائه فبكتوه (3)و لاموه و قالوا له تب إلی اللّٰه عز و جل من الذنب الذی عوقبت به.

قالا و حضره معهم فتی حدیث السن و كان قد آمن به و صدقه فقال لهم إنكم تكلمتم أیها الكهول و كنتم أحق بالكلام لأسنانكم و لكن قد تركتم من القول أحسن من الذی قلتم و من الرأی أصوب من الذی رأیتم و من الأمر أجمل من الذی أتیتم و قد كان لأیوب علیه السلام علیكم من الحق و الذمام أفضل من الذی وصفتم فهل تدرون أیها الكهول حق من انتقصتم و حرمة من انتهكتم و من الرجل الذی عبتم و اتهمتم أ لم تعلموا أن أیوب نبی اللّٰه و خیرته و صفوته (4)من أهل الأرض یومكم هذا ثم لم تعلموا و لم یطلعكم اللّٰه تعالی علی أنه سخط شیئا من أمره منذ أتاه ما أتاه إلی یومكم هذا و لا علی أنه نزع منه (5)شیئا من الكرامة التی أكرمه بها و لا أن أیوب فعل غیر الحق فی طول ما صحبتموه إلی یومكم هذا فإن كان البلاء هو الذی أزری عندكم (6)و وضعه فی أنفسكم فقد علمتم أن اللّٰه تعالی یبتلی النبیین و الشهداء و الصالحین ثم لیس بلاؤه

ص: 361


1- أی فسد.
2- فی المصدر: فلما رأی أصحابه له ثلاثة ما ابتلاء اللّٰه. قلت: تقدم أن اسمهم یفن و مالك و ظافر.
3- أی عنفوه و قرعوه.
4- فی المصدر: أن أیوب نبی اللّٰه و حبیبه و خیرته و صفوته.
5- فی المصدر: و لا علمتم انه نزع منه شیئا.
6- أزری بالامر: تهاون. أزری به و أزراه عابه و وضع من حقه. و فی المصدر: أزری به عندكم.

لأولئك بدلیل علی سخطه علیهم و لا لهوانه لهم (1)و لكنها كرامة و خیرة لهم و لو كان أیوب لیس من اللّٰه تعالی بهذه المنزلة إلا أنه أخ آخیتموه علی وجه الصحبة لكان لا یجمل بالحلیم أن یعذل (2)أخاه عند البلاء و لا یعیره بالمصیبة و لا یعیبه بما لا یعلم و هو مكروب حزین و لكنه یرحمه و یبكی معه و یستغفر له و یحزن لحزنه و یدل علی مراشد أمره و لیس بحكیم و لا رشید من جهل هذا فاللّٰه اللّٰه أیها الكهول و قد كان فی عظمة اللّٰه و جلاله و ذكر الموت ما یقطع ألسنتكم و یكسر قلوبكم أ لم تعلموا أن لله تعالی عبادا أسكتتهم خشیته من غیر عی و لا بكم و إنهم لهم الفصحاء و البلغاء و الأولیاء النبلاء الألباء (3)العالمون باللّٰه و بآیاته و لكنهم إذا ذكروا عظمة اللّٰه انقطعت ألسنتهم و اقشعرت جلودهم و انكسرت قلوبهم و طاشت عقولهم (4)إعظاما لله و إعزازا و إجلالا فإذا استفاقوا استبقوا إلی اللّٰه تعالی بالأعمال الزاكیة یعدون أنفسهم مع الخاطئین و الظالمین و إنهم لأبرار و مع المقصرین المفرطین (5)و إنهم لأكیاس أقویاء و لكنهم لا یستكثرون لله الكثیر و لا یرضون له بالقلیل و لا یدلون علیه بالأعمال (6)فهم مروعون خاشعون مستكینون فقال أیوب علیه السلام إن اللّٰه تعالی یزرع الحكمة بالرحمة فی قلب الصغیر و الكبیر (7)فمتی تنبت فی القلب یظهرها اللّٰه تعالی علی اللسان و لیست تكون الحكمة من قبل السن و الشیبة و لا طول التجربة و إذا جعل اللّٰه تعالی العبد حكیما فی الصغر لم تسقط منزلته عند الحكماء و هم یرون من اللّٰه تعالی علیه نور الكرامة.

ثم أقبل أیوب علیه السلام علی الثلاثة فقال أتیتمونی غضابا رهبتم قبل أن تسترهبوا

ص: 362


1- فی المصدر: ثم ان بلاءهم لیس دلیلا علی سخطه علیهم و لا هوانهم علیه.
2- عذله: لامه.
3- فی المصدر: و انهم لهم الفصحاء النبلاء البلغاء الالباء.
4- أی ذهبت عقولهم.
5- فی المصدر: و إنهم برآء و یعدون انفسهم مع المفرطین المقصرین.
6- أی لا یمنون و لا یفتخرون علیه بأعمالهم.
7- فی المصدر: فی قلب المؤمن الكبیر و الصغیر.

و بكیتم قبل أن تضربوا كیف بی (1)لو قلت لكم تصدقوا عنی بأموالكم لعل اللّٰه تعالی أن یخلصنی و قربوا عنی قربانا لعل اللّٰه تعالی یتقبله و یرضی عنی و إنكم قد أعجبتكم أنفسكم و ظننتم أنكم قد عوفیتم بإحسانكم فهنالك بغیتم و تعززتم و لو نظرتم فیما بینكم و بین ربكم ثم صدقتم لوجدتم لكم عیوبا سترها اللّٰه تعالی بالعافیة التی ألبسكم و قد كنت فیما خلا و الرجال یوقروننی (2)و أنا مسموع كلامی معروف حقی منتقم من خصمی (3)فأصبحت الیوم و لیس لی رأی و لا كلام معكم فإنكم كنتم أشد علی من مصیبتی. (4)ثم أعرض عنهم و أقبل علی ربه تعالی مستغیثا به متضرعا إلیه فقال رب لأی شی ء خلقتنی لیتنی إذ كرهتنی لم تخلقنی یا لیتنی كنت حیضة ألقتنی أمی و یا لیتنی عرفت الذنب الذی أذنبت و العمل الذی عملت فصرفت وجهك الكریم عنی لو كنت أمتنی فألحقنی بآبائی فالموت كان أجمل إلی (5)أ لم أكن للغریب دارا و للمسكین قرارا و للیتیم ولیا و للأرملة قیما إلهی أنا عبد ذلیل إن أحسنت فالمن لك و إن أسأت فبیدك عقوبتی جعلتنی للبلاء غرضا و للفتنة نصبا و قد وقع علی بلاء لو سلطته علی جبل ضعف عن حمله فكیف یحمله ضعفی إلهی تقطعت أصابعی فإنی لأرفع الأكلة من الطعام بیدی جمیعا فما تبلغان فمی إلا علی الجهد منی تساقطت لهواتی و لحم رأسی فما بین أذنی من سداد حتی أن أحدهما یری من الآخر و إن دماغی لیسیل من فمی تساقط شعر عینی فكأنما حرق بالنار وجهی و حدقتای متدلیتان علی خدی و ورم لسانی حتی ملأ فمی فما أدخل منه طعاما إلا غصنی و ورمت شفتای حتی غطت العلیا أنفی و السفلی ذقنی و تقطعت أمعائی فی بطنی فإنی لأدخله الطعام فیخرج كما

ص: 363


1- فی المصدر: كیف بكم.
2- فی المصدر: و قد كنتم فیما خلا الرجال توقروننی.
3- فی المصدر: منتصف من خصمی.
4- فی المصدر: فانتم الیوم أشدّ علی من مصیبتی.
5- فی المصدر: أجمل لی. یا الهی اه.

دخل ما أحسه و لا ینفعنی ذهبت قوة رجلی فكأنهما قربتا ماء لا أطیق حملهما ذهب المال فصرت أسأل بكفی فیطعمنی من كنت أعوله اللقمة الواحدة فیمنها علی و یعیرنی هلك أولادی (1)و لو بقی أحد منهم أعاننی علی بلائی و نفعنی و قد ملنی أهلی و عقنی أرحامی و تنكرت معارفی و رغب عنی صدیقی و قطعنی أصحابی و جحدت حقوقی و نسیت صنائعی أصرخ فلا یصرخوننی و أعتذر فلا یعذروننی دعوت غلامی فلم یجبنی و تضرعت لأمتی فلم ترحمنی و إن قضاءك هو الذی أذلنی و أقمأنی (2)و إن سلطانك هو الذی أسقمنی و أنحل جسمی و لو أن ربی نزع الهیبة التی فی صدری و أطلق لسانی حتی أتكلم بمل ء فمی بمكان ینبغی (3)للعبد أن یحاج عن نفسه لرجوت أن یعافینی عند ذلك مما بی و لكنه ألقانی و تعالی عنی (4)فهو یرانی و لا أراه و یسمعنی و لا أسمعه لا نظر إلی فرحمنی و لا دنا منی و لا أدنانی فأتكلم ببراءتی و أخاصم عن نفسی. فلما قال ذلك أیوب علیه السلام و أصحابه عنده أظله غمام حتی ظن أصحابه أنه عذاب ثم نودی یا أیوب إن اللّٰه عز و جل یقول لك ها أنا قد دنوت منك و لم أزل منك قریبا فقم فأدل بعذرك (5)و تكلم ببراءتك و خاصم عن نفسك و اشدد إزارك و قم مقام جبار فإنه لا ینبغی أن یخاصمنی إلا جبار مثلی و لا ینبغی أن یخاصمنی إلا من یجعل الزیار (6)فی فم الأسد و السحال فی فم العنقاء و اللجام فی فم التنین (7)و یكیل مكیالا من النور و یزن مثقالا من الریح و یصر صرة من الشمس و یرد أمس لقد منتك نفسك أمرا ما تبلغ بمثل قوتك و لو كنت إذ منتك ذلك و دعتك إلیه تذكرت أی مرام

ص: 364


1- فی المصدر: الهی هلك أولادی.
2- فی المصدر: أذلنی و ادنانی و أهاننی و أقامنی.
3- فی المصدر: و لو كان ینبغی للعبد.
4- فی المصدر: و تخلی عنی.
5- أی احضره و احتج به.
6- فی المصدر: الا من یجعل الزمام فی فم الأسد. قلت: الزیار: خشبتان یضغط بهما البیطار جحفلة الفرس أی شفتیه فیذل فیتمكن من بیطرته. و السحال: اللجام.
7- التنین كسكین: حیة عظیمة.

رام بك أردت أن تخاصمنی بعیك أو أردت أن تحاجنی بخطابك أم أردت أن تكابرنی (1)بضعفك أین أنت منی یوم خلقت الأرض فوضعتها علی أساسها هل علمت بأی مقدار قدرتها أم كنت معی تمد بأطرافها (2)أم تعلم ما بعد زوایاها أم علی أی شی ء وضعت أكنافها أ بطاعتك حمل الماء الأرض أم بحكمتك كانت الأرض للماء غطاء أین كنت منی یوم رفعت السماء سقفا فی الهواء لا بعلائق سببت و لا تحملها دعم من تحتها (3)هل یبلغ من حكمتك أن تجری نورها أو تسیر نجومها أو تختلف بأمرك لیلها و نهارها أین أنت منی یوم سجرت البحار و أنبعت الأنهار أ قدرتك حبست أمواج البحار علی حدودها أم قدرتك فتحت الأرحام حین بلغت مدتها أین أنت منی یوم صببت الماء علی التراب و نصبت شوامخ الجبال هل لك من ذراع تطیق حملها أم هل تدری كم من مثقال فیها (4)أم أین الماء الذی أنزلت من السماء هل تدری أم تلد أو أب یولده أ حكمتك أحصت القطر و قسمت الأرزاق أم قدرتك تثیر السحاب و تجری الماء هل تدری ما أصوات الرعود أم من أی شی ء لهب البرق و هل رأیت عمق البحر هل تدری ما بعد الهواء أم هل خزنت أرواح الأموات أم هل تدری أین خزانة الثلج و أین خزانة البرد أم أین جبال البرد أم هل تدری أین خزانة اللیل و النهار و أین طریق النور و بأی لغة تتكلم الأشجار و أین خزانة الریح و كیف تحبسه و من جعل العقول فی أجواف الرجال و من شق الأسماع و الأبصار و من ذلت الملائكة لملكه و قهر الجبارین بجبروته و قسم أرزاق الدواب بحكمته من قسم للأسد أرزاقها و عرف الطیر معایشها و عطفها علی أفراخها من أعتق الوحش من الخدمة و جعل مساكنها البریة لا تستأنس بالأصوات و لا تهاب المسلطین أم من حكمتك عطفت أمهاتها علیها حتی أخرجت لها الطعام من بطونها و آثرتها بالعیش علی نفوسها

ص: 365


1- فی المصدر: تكاثرنی.
2- فی المصدر: تمر باطرافها.
3- فی المصدر: لا معالیق تمسكها و لا تحملها دعائیم من تحتها. قلت: المعالیق جمع المعلاق: كل ما یعلق به. و الدعائم جمع الدعامة: عماد البیت. الخشب المنصوب للعریش.
4- فی المصدر: كم مثقال ما فیها.

أم من حكمتك تبصر العقاب الصید البعید و أصبح فی أماكن القتلی. (1)فقال أیوب علیه السلام قصرت عن هذا الأمر الذی تعرض علی لیت الأرض انشقت لی فذهبت فیها و لم أتكلم بشی ء یسخط ربی اجتمع علی البلاء (2)إلهی قد جعلتنی لك مثل العدو و قد كنت تكرمنی و تعرف نصحی و قد علمت أن كل الذی ذكرت صنع یدیك و تدبیر حكمتك و أعظم من هذا لو شئت عملت لا یعجزك شی ء و لا یخفی علیك خافیة و لا یغیب عنك غائبة من هذا الذی یظن أن یسر عنك سرا و أنت تعلم ما تخطر علی القلوب (3)و إنما تكلمت لتعذرنی و سكت حین سكت لترحمنی كلمة زلت عن لسانی فلن أعود و قد وضعت یدی علی فمی و عضضت علی لسانی و ألصقت بالتراب خدی و دمست فیه وجهی لصغاری و سكت كما أسكتتنی خطیئتی فاغفر لی ما قلت فلن أعود لشی ء تكرهه منی.

فقال اللّٰه تعالی یا أیوب نفذ فیك علمی و سبقت رحمتی غضبی إذا خطئت فقد غفرت لك (4)و رددت علیك أهلك و مالك و مثلهم معهم لتكون لمن خلفك آیة و تكون عبرة لأهل البلاء و عزا للصابرین (5)ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ فیه شفاء و قرب عن صحابتك قربانا و استغفر لهم فإنهم قد عصونی فیك فركض برجله فانفجرت له عین فدخل فیها فاغتسل فأذهب اللّٰه تعالی عنه كل ما كان به من البلاء ثم خرج فجلس و أقبلت امرأته فقامت تلتمسه فی مضجعه فلم تجده فقامت مترددة كالواله (6)ثم قالت یا عبد اللّٰه هل لك علم بالرجل المبتلی الذی كان هاهنا فقال لها فهل تعرفینه إذا رأیته قالت نعم و ما لی لا أعرفه فتبسم و قال أنا هو فعرفته بمضحكه

ص: 366


1- قد أسقط المصنّف من هنا قطعة یطول ذكرها فمن شاء فلیراجع المصدر.
2- فی المصدر: حین اجتمع علی البلاء.
3- فی المصدر زیادة و هی هذه: و قد علمت منك فی بلائی هذا ما لم أكن أعلم، و خفت أن یكون أمر أكثر ممّا كنت أخاف، انما كنت أسمع بصوتك فاما الآن فهو نظر العین.
4- فی المصدر: فقد غفرت لك ما قلت و رحمتك و رددت.
5- فی المصدر: و عزاء للصابرین، فاركض اه.
6- فی المصدر: فقامت متكدرة كالوالهة فمرت به فقالت: یا عبد اللّٰه.

فاعتنقته (1)و قال ابن عباس فو الذی نفس عبد اللّٰه بیده ما فارقته من عناقه حتی مر بهما كل مال لهما و ولد (2)فذلك قوله وَ أَیُّوبَ إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ و اختلف العلماء فی وقت ندائه و مدة بلائه و السبب الذی قال لأجله مَسَّنِیَ الضُّرُّ

فعن أنس بن مالك (3)قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إن أیوب نبی اللّٰه لبث به بلاؤه ثمانی عشرة سنة فرفضه القریب و البعید إلا رجلین من إخوانه كانا یغدوان إلیه و یروحان فقال أحدهما لصاحبه و اللّٰه لقد أذنب أیوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمین فقال له صاحبه و ما ذاك قال منذ ثمانی عشرة سنة لم یرحمه اللّٰه (4)عز و جل فیكشف ما به فلما راحا إلی أیوب لم یصبر الرجل حتی ذكر ذلك فقال أیوب ما أدری ما تقولان غیر أن اللّٰه تعالی یعلم أنی كنت أمر بالرجلین یتنازعان فیذكران اللّٰه تعالی فأرجع إلی بیتی فأكفر عنهما كراهیة أن یذكر اللّٰه تعالی إلا فی حق قال و كان یخرج لحاجته فإذا قضی حاجته أمسكت امرأته بیده حتی یبلغ فلما كان ذات یوم أبطأ علیها و أوحی إلی أیوب فی مكانه أن ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ فاستبطأته فتلقته تنظر و أقبل علیها (5)و قد أذهب اللّٰه عز و جل ما به من البلاء و هو أحسن ما كان فلما رأته قالت هل رأیت نبی اللّٰه هذا المبتلی قال إنی أنا هو و كان له أندران أندر للقمح و أندر للشعیر فبعث اللّٰه تعالی سحابتین فلما كانت إحداهما علی أندر القمح أفرغت فیه الذهب حتی فاض و أفرغت الأخری فی أندر الشعیر الورق حتی فاض و یروی أن اللّٰه تعالی أمطر علیه جرادا من ذهب فجعل یحثی منها فی ثوبه (6)فناداه ربه أ لم أغنك عما

ص: 367


1- فی المصدر: و كیف لا أعرفه؟ فتبسم و قال: ها أنا هو، فعرفته لما ضحك فاعتنقته.
2- فی المصدر: كل ما كان لهما من المال و الولد.
3- أسقط المصنّف اسناد الحدیث للاختصار، و هو هكذا: حدّثنا الامام أبو الحسین محمّد بن علی بن سهل إملاء فی شهر ربیع الأوّل سنة 384، أخبرنا أبو طالب عمر بن الربیع بن سلیمان الخشاب بمصر، أخبرنا یحیی بن أیوب العلّاف، أخبرنا سعید بن أبی مریم، أخبرنا نافع بن یزید، عن عقیل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك.
4- فی المصدر: و ما أدراك؟ قال: منذ ثمانی عشرة سنة له فی البلاء لم یرحمه اللّٰه.
5- فی المصدر: فاستبطأته فذهبت لتنظر ما شأنه فأقبل علیها.
6- فی المصدر: و لعلّ الصحیح: یحشی منها ثوبه أی یملأ. و فی المصدر: یحثو.

أری قال بلی یا رب و لكن لا غنی بی (1)عن فضلك و رحمتك و من یشبع من نعمك.

و قال الحسن مكث أیوب مطروحا علی كناسة فی مزبلة لبنی إسرائیل سبع سنین و أشهرا یختلف فیه الدواب و قال وهب لم یكن بأیوب أكلة إنما یخرج منه مثل ثدی النساء ثم تتفقا (2)قال الحسن و لم یبق له مال و لا ولد و لا صدیق و لا أحد یقربه غیر رحمة صبرت معه تصدق (3)و تأتیه بطعام و تحمد اللّٰه تعالی معه إذا حمد و أیوب علی ذلك لا یفتر من ذكر اللّٰه و الثناء علیه و الصبر علی ما ابتلاه فصرخ عدو اللّٰه إبلیس صرخة جمع فیها جنوده من أقطار الأرض جزعا من صبر أیوب فلما اجتمعوا إلیه قالوا ما أحزنك قال أعیانی هذا العبد الذی سألت اللّٰه أن یسلطنی علی ماله و ولده فلم أدع له مالا و لا ولدا فلم یزد بذلك إلا صبرا و ثناء علی اللّٰه تعالی ثم سلطت علی جسده و تركته قرحة ملقاة علی كناسة بنی إسرائیل لا یقربه إلا امرأته فقد افتضحت بربی فاستغثت بكم لتعینونی علیه فقالوا له أین مكرك أین علمك الذی أهلكت به من مضی قال بطل ذلك كله فی أمر أیوب فأشیروا علی قالوا نشیر علیك أ رأیت آدم حین أخرجته من الجنة من أین أتیته قال من قبل امرأته قالوا فأته من قبل امرأته فإنه لا یستطیع أن یعصیها و لیس أحد یقربه غیرها قال أصبتم فانطلق حتی أتی امرأته و هی تصدق فتمثل لها فی صورة رجل فقال أین بعلك یا أمة اللّٰه قالت هو ذلك یحك قروحه و یتردد الدواب فی جسده فلما سمعها طمع أن یكون كلمة جزع فوسوس إلیها فذكرها ما كانت فیه من النعیم و المال و ذكرها جمال أیوب و شبابه و ما هو فیه من الضر و أن ذلك لا ینقطع عنهم أبدا.

قال الحسن فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال لیذبح هذا لی أیوب و لا یذكر علیه اسم اللّٰه عز و جل فإنه یبرأ قال فجاءت تصرخ یا أیوب حتی متی یعذبك ربك أ لا یرحمك أین المال أین الماشیة أین الولد أین الصدیق

ص: 368


1- فی المصدر: لا غنی لی.
2- أی تشقق.
3- فی المصدر: غیر رحمة امرأته صبرت معه تخدمه و تأتیه بطعام.

أین لونك الحسن قد تغیر و صار مثل الرماد أین جسمك الحسن الذی قد بلی و تردد فیه الدواب اذبح هذه السخلة و استرح قال أیوب أتاك عدو اللّٰه فنفخ فیك و أجبته ویلك أ رأیت ما كنا فیه من المال و الولد و الصحة من أعطانیه قالت اللّٰه قال فكم متعنا به قالت ثمانین سنة قال فمذ كم ابتلانی اللّٰه تعالی بهذا البلاء قالت منذ سبع سنین و أشهر قال ویلك و اللّٰه ما عدلت و لا أنصفت ربك ألا صبرت فی البلاء الذی ابتلانا اللّٰه به ثمانین سنة كما كنا فی الرخاء ثمانین سنة و اللّٰه لئن شفانی اللّٰه عز و جل لأجلدنك مائة جلدة حین أمرتنی أن أذبح لغیر اللّٰه طعامك و شرابك الذی أتیتنی به علی حرام أن أذوق مما تأتینی بعد إذ قلت لی هذا فاعزبی عنی (1)فلا أراك فطردها فذهبت فلما نظر أیوب إلی امرأته قد طردها و لیس عنده طعام و لا شراب و لا صدیق خر ساجدا فقال رب إنی مَسَّنِیَ الضُّرُّ ثم رد ذلك إلی ربه فقال وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فقیل له ارفع رأسك فقد استجیب لك ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فركض برجله فنبعت عین فاغتسل منها فلم یبق علیه من دائه شی ء ظاهر إلا سقط (2)فأذهب اللّٰه تعالی عنه كل ألم و كل سقم و عاد إلیه شبابه و جماله أحسن ما كان (3)و أفضل ما كان ثم ضرب برجله فنبعت عین أخری فشرب منها فلم یبق فی جوفه داء إلا خرج فقام صحیحا و كسی حلة قال فجعل یلتفت فلا یری شیئا مما كان له من أهل و مال إلا و قد أضعفه اللّٰه تعالی له فخرج حتی جلس علی مكان مشرف.

ثم إن امرأته قالت أ رأیت إن كان طردنی إلی من أكله أدعه یموت جوعا و یضیع فتأكله السباع لأرجعن إلیه فرجعت فلا كناسة تری و لا تلك الحال التی كانت و إذا الأمور تغیرت فجعلت تطوف حیث كانت الكناسة و تبكی علی أیوب (4)قال و هابت صاحب الحلة أن تأتیه فتسأله عنه فأرسل إلیها أیوب فدعاها فقال ما تریدین

ص: 369


1- عزب: بعد و غاب و خفی.
2- فی المصدر: إلا سقط أثره و أذهب اللّٰه.
3- فی المصدر: و أفضل ممّا مضی.
4- فی المصدر: و تبكی و أیوب ینظرها.

یا أمة اللّٰه فبكت و قالت أردت ذلك المبتلی الذی كان منبوذا علی الكناسة لا أدری أ ضاع أم ما فعل (1)قال لها أیوب ما كان منك فبكت فقالت بعلی فهل رأیته قال و هل تعرفینه إذا رأیته قالت و هل یخفی علی أحد ربه ثم جعلت تنظر إلیه (2)و هی تهابه ثم قالت أما إنه كان أشبه خلق اللّٰه بك إذ كان صحیحا قال فإنی أنا أیوب الذی أمرتنی أن أذبح لإبلیس و إنی أطعت اللّٰه تعالی و عصیت الشیطان و دعوت اللّٰه تعالی فرد علی ما ترین و قال كعب كان أیوب فی بلائه سبع سنین و قال وهب لبث أیوب فی ذلك البلاء ثلاث سنین لم یزد یوما واحدا فلما غلب أیوب إبلیس و لم یستطع منه شیئا اعترض امرأته فی هیئة لیست كهیئة بنی آدم فی العظم و الجسم و الجمال علی مركب لیس من مراكب الناس له عظم و بهاء و جمال فقال أنت صاحبة أیوب هذا الرجل المبتلی قالت نعم قال فهل تعرفینی قالت لا قال فأنا إله الأرض و أنا الذی صنعت بصاحبك ما صنعت و ذلك أنه عبد إله السماء و تركنی فأغضبنی و لو سجد لی واحدة رددت علیه و علیك كل ما كان لكما من مال و ولد فإنه عندی ثم أراها إیاهم فیما تری ببطن الوادی الذی لقیها فیه قال وهب و قد سمعت أنه قال لو أن صاحبك أكل طعاما و لم یسم علیه لعوفی مما به من البلاء و اللّٰه أعلم و أراد عدو اللّٰه أن یأتیه من قبلها.

و رأیت فی بعض الكتب أن إبلیس لعنه اللّٰه قال لرحمة و إن شئت فاسجدی لی سجدة واحدة حتی أرد علیك المال و الأولاد و أعافی زوجك فرجعت إلی أیوب علیه الصلاة و السلام فأخبرته بما قال لها و ما أراها قال لقد أتاك عدو اللّٰه لفتنك عن دینك ثم أقسم إن عافاه اللّٰه تعالی لیضربنها مائة جلدة و قال عند ذلك مَسَّنِیَ الضُّرُّ فی طمع إبلیس فی سجود رحمة له و دعائه إیاها و إیای إلی الكفر قالوا ثم إن اللّٰه تعالی رحم رحمة امرأة أیوب بصبرها معه علی البلاء و خفف عنها و أراد أن یبر یمین أیوب فأمره أن یأخذ جماعة من الشجرة یبلغ مائة قضیب خفافا لطافا فیضربها بها ضربة واحدة كما قال

ص: 370


1- فی المصدر: أم ما ذا فعل به؟.
2- فی المصدر: و هل یخفی علی؟ ثم انها جعلت تنظر إلیه.

اللّٰه تعالی وَ خُذْ بِیَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ و قال كانت امرأة أیوب تكتسب له و تعمل للناس و تجیئه بقوته فلما طال علیها البلاء و سئمها الناس فلم یستعملها التمست له یوما من الأیام ما تطعمه فما وجدت شیئا فجزت قرنا من رأسها فباعته برغیف فأتته به فقال لها أین قرنك فأخبرته فقال عند ذلك مَسَّنِیَ الضُّرُّ و قیل إنما قال ذلك حین قصدت الدود قلبه و لسانه فخشی أن یبقی خالیا عن الذكر و الفكر و قیل إنما قال ذلك حین وقعت دودة من فخذه فرفعها و ردها إلی موضعها فقال لها قد جعلنی اللّٰه طعامك فعضته عضة زاد ألمها علی جمیع ما قاسی من عض الدیدان.

و قال عبد اللّٰه بن عبید اللّٰه بن عمیر (1)كان لأیوب علیه السلام أخوان فأتیاه فقاما من بعید لا یقدران الدنو منه من ریحه فقال أحدهما لصاحبه لو كان اللّٰه تعالی علم فی أیوب خیرا ما ابتلاه بما نری قال فلم یسمع أیوب شیئا كان أشد علیه من هذه الكلمة و ما جزع من شی ء أصابه جزعة من تلك الكلمة فعند ذلك قال مَسَّنِیَ الضُّرُّ ثم قال اللّٰهم إنك تعلم (2)أنی لم أبت لیلة شبعان قط و أنا أعلم مكان جائع فصدقنی فصدق و هما یسمعان ثم قال اللّٰهم إن كنت تعلم أنی لم أتخذ قمیصی قط و أنا أعلم مكان عار فصدقنی فصدق و هما یسمعان فخر ساجدا و قیل معناه مسنی الضر من شماتة الأعداء یدل علیه ما روی أنه قیل بعد ما عوفی ما كان أشد علیك فی بلائك قال شماتة الأعداء.

قوله تعالی فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَیْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً اختلف العلماء فی كیفیة ذلك فقال (3)إنما أتی اللّٰه أیوب فی الدنیا مثل أهله الذین هلكوا فأما الذین هلكوا فإنهم لم یردوا علیه فی الدنیا و إنما وعد اللّٰه تعالی أیوب أن یؤتیه إیاهم فی الآخرة قال وهب كان له سبع بنات و ثلاثة بنین و قال آخرون بل ردهم اللّٰه تعالی

ص: 371


1- فی المصدر: قال عبد اللّٰه بن عمر.
2- فی المصدر: اللّٰهمّ ان كنت تعلم.
3- فی المصدر: فقال قوم اه.

إلیه بأعیانهم و أعطاه مثلهم معهم و هو قول ابن مسعود و ابن عباس و قتادة و كعب قال أحیاهم اللّٰه تعالی و آتاه مثلهم و هذا القول أشبه بظاهر الآیة و ذكر أن عمر أیوب علیه السلام كان ثلاثا و تسعین سنة (1)و أنه أوصی عند موته إلی ابنه حومل و أن اللّٰه تعالی بعث بعده ابنه بشر بن أیوب نبیا و سماه ذا الكفل و أمره بالدعاء إلی توحیده و أنه كان مقیما بالشام عمره حتی مات و كان مبلغ عمره خمسا و تسعین سنة و أن بشرا أوصی إلی ابنه عبدان و أن اللّٰه تعالی بعث بعده شعیبا نبیا. (2)بیان البثنیة بضم الباء و فتح الثاء اسم موضع و الفدادین بالتخفیف البقر التی تحرث و الواحد الفدان بالتشدید و الإعصار ریح تثیر الغبار و یرتفع إلی السماء كأنه عمود و تنفح بالحاء المهملة تشم و أیها بالفتح و النصب أمر بالسكوت و الزؤان بالضم و الكسر حب یخالط البر و الكلم الجرح و جثم الإنسان و الطائر لزم مكانه فلم یبرح أو وقع علی صدره و تداعت الحیطان للخراب أی تهادمت قوله یناطح جدره أی یقع بعضها علی بعض و یضرب بعضها بعضا مأخوذ من نطح البهائم و الجندل الحجارة و رهل لحمه بالكسر اضطرب و استرخی و انتفخ أو ورم من غیر داء و نغل بالغین المعجمة المكسورة أی فسل و التبكیت التقریع و التعنیف و السداد بالضم داء فی الأنف و بالكسر ما یسد به القارورة و غیرها و هو المراد هنا و أقمأه صغره و أذله و الزیار بالكسر ما یزیر به البیطار الدابة أی یلوی جحفلته و السحال ككتاب اللجام أو الحدیدة التی منه تجعل فی فم الدابة و دمست الشی ء دفنته و خبأته و الأندر البیدر أو كدس القمح.

أقول إنما أوردت هذه القصة بطولها مع عدم اعتمادی علیها (3)لكونها كالشرح و التفصیل لبعض ما أوردته بالأسانید المعتبرة فما وافقها فهو المعتمد و ما خالفها فلا یعول علیه و اللّٰه الموفق لكل خیر.

(4)

ص: 372


1- و فی المحبر: كان عمره مائتی سنة.
2- العرائس: 96- 103. م.
3- لانها متضمنة لما فیه غرابة جدة.
4- و أورد المسعودیّ فی كتابه اثبات الوصیة الأنبیاء أو الأوصیاء الذین كانوا بین یوسف و شعیب علیهما السلام، و ذكرهم اجمالا ممّا یناسب المقام، قال: فلما قربت وفاة یوسف علیه السلام أوحی اللّٰه إلیه: أن استودع نور اللّٰه و حكمته و جمیع المواریث التی فی یدیك ببرز بن لاوی بن یعقوب، فسلم التابوت و النور و الحكمة و جمیع المواریث إلیه، فقام ببرز بن لاوی بن یعقوب بامر اللّٰه جل و عزّ یدبره علی سبیل آبائه، فلما حضرته الوفاة أوحی اللّٰه إلیه أن یستودع نور اللّٰه و حكمته و ما فی یدیه ابنه أحرب، فدعاه و أوصی إلیه، فقام أحرب بن ببرز بن لاوی بامر اللّٰه و اتبعه المؤمنون، و جری علی منهاج آبائه حتّی إذا حضرته الوفاة أوحی اللّٰه إلیه أن یجعل الوصیة الی ابنه میتاح، فأحضره و أوصی إلیه و سلم مواریث الأنبیاء و ما فی یده إلیه، فقام میتاح بأمر اللّٰه جل ذكره و اتبعهم المؤمنون و هم الاقلون عددا فی ذلك الزمان، المستخفون من الجبار، المتوقعون الفرج، فلما حضرت میتاح الوفاة فأوحی اللّٰه إلیه أن یوصی الی ابنه عاق، فاحضره و أوصی إلیه، فقام عاق بأمر اللّٰه و اتبعه المؤمنون علی سبیل من تقدمه من آبائه. فلما حضرته الوفاة أوحی اللّٰه الیه أن یوصی الی ابنه خیام، فأحضره و أوصی إلیه، و قام خیام بامر اللّٰه الی أن حضرته الوفاة فأوحی اللّٰه إلیه أن یستودع نور اللّٰه و حكمته ابنه مادوم، فقام مادوم بن خیام بأمر اللّٰه عزّ و جلّ الی أن حضرته الوفاة فأوحی اللّٰه إلیه أن یوصی الی شعیب فأحضره و أوصی إلیه، و كان شعیب من ولد نابت بن إبراهیم، لم یكن من ولد إسماعیل و إسحاق علیهما السلام.

باب 11 قصص شعیب

الآیات؛

الأعراف: «وَ إِلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ *وَ لا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَ اذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِیلًا فَكَثَّرَكُمْ وَ انْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِینَ* وَ إِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِی أُرْسِلْتُ بِهِ وَ طائِفَةٌ لَمْ یُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ* قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ یا شُعَیْبُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْیَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنا قالَ أَ وَ لَوْ كُنَّا كارِهِینَ* قَدِ افْتَرَیْنا عَلَی اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِی مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها

ص: 373

وَ ما یَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِیها إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْماً عَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ* وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ*الَّذِینَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كَأَنْ لَمْ یَغْنَوْا فِیهَا الَّذِینَ كَذَّبُوا شُعَیْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِینَ* فَتَوَلَّی عَنْهُمْ وَ قالَ یا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَیْفَ آسی عَلی قَوْمٍ كافِرِینَ»(85-93)

هود: «وَ إِلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ وَ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ مُحِیطٍ* وَ یا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ* بَقِیَّتُ اللَّهِ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ *وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیظٍ *قالُوا یا شُعَیْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما یَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِی أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ* قالَ یا قَوْمِ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی وَ رَزَقَنِی مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَ ما أُرِیدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلی ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِیدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ* وَ یا قَوْمِ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِی أَنْ یُصِیبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِیدٍ* وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّی رَحِیمٌ وَدُودٌ* قالُوا یا شُعَیْبُ ما نَفْقَهُ كَثِیراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِینا ضَعِیفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَیْنا بِعَزِیزٍ* قالَ یا قَوْمِ أَ رَهْطِی أَعَزُّ عَلَیْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِیًّا إِنَّ رَبِّی بِما تَعْمَلُونَ مُحِیطٌ* وَ یا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنِّی عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ یَأْتِیهِ عَذابٌ یُخْزِیهِ وَ مَنْ هُوَ كاذِبٌ وَ ارْتَقِبُوا إِنِّی مَعَكُمْ رَقِیبٌ* وَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّیْنا شُعَیْباً وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ أَخَذَتِ الَّذِینَ ظَلَمُوا الصَّیْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِی دِیارِهِمْ جاثِمِینَ *كَأَنْ لَمْ یَغْنَوْا فِیها أَلا بُعْداً لِمَدْیَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ»(84-95)

الحجر: «وَ إِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ لَظالِمِینَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِینٍ»(78-79)

الشعراء: «كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَیْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ*

ص: 374

إِنِّی لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ* وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا عَلی رَبِّ الْعالَمِینَ* أَوْفُوا الْكَیْلَ وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِینَ* وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ* وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ* وَ اتَّقُوا الَّذِی خَلَقَكُمْ وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِینَ* قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِینَ *وَ ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ إِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِینَ* فَأَسْقِطْ عَلَیْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ* قالَ رَبِّی أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ* فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ *وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ»(176-191)

القصص: «وَ ما كُنْتَ ثاوِیاً فِی أَهْلِ مَدْیَنَ تَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِنا وَ لكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِینَ»(45)

العنكبوت: «وَ إِلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً فَقالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ ارْجُوا الْیَوْمَ الْآخِرَ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ* فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ»(26-27)

ق: «وَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِیدِ»(14)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: وَ إِلی مَدْیَنَ (1)أی أهل مدین أو هو اسم القبیلة قیل إن مدین ابن إبراهیم الخلیل فنسبت القبیلة إلیه قال عطا هو شعیب بن توبة بن مدین بن إبراهیم و قال قتادة هو شعیب بن نویب (2)و قال ابن إسحاق هو

ص: 375


1- فی المصدر: «وَ إِلی مَدْیَنَ»* ای و ارسلنا الی مدین اخاهم شعیبا. م.
2- قد وقع الخلاف فی نسبه بین المؤرخین، قال الیعقوبی فی تاریخه: هو شعیب بن نویب ابن عیا بن مدین بن إبراهیم. و كذا قال البغدادیّ فی المحبر الا ان فیه: یوبب بن عیفا، و قال الطبریّ: هو شعیب بن صیفون بن عنقا بن ثابت بن مدین بن إبراهیم، و قال: قال بعضهم: لم یكن شعیب من ولد إبراهیم، و انما هو من ولد بعض من كان آمن بابراهیم و اتبعه علی دینه و هاجر معه الی الشام، و لكنه ابن بنت لوط، فجدة شعیب ابنة لوط. و قیل: ان اسم شعیب یترون انتهی. و قال الثعلبی فی العرائس: هو شعیب بن صفوان بن عیفا بن نابت بن مدین، و هو یوافق ما قد عرفت آنفا عن المسعودیّ أنّه كان من ولد نابت بن إبراهیم، و سیأتی قول صاحب الكامل فی آخر الباب.

شعیب بن میكیل (1)بن یشجب بن مدین بن إبراهیم و أم میكیل بنت لوط و كان یقال له خطیب الأنبیاء لحسن مراجعته قومه و هم أَصْحابُ الْأَیْكَةِ (2)و قال قتادة أرسل شعیب مرتین إلی مدین مرة و إلی أصحاب الأیكة مرة فَأَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ أی أدوا حقوق الناس علی التمام فی المعاملات وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ أی لا تنقصوهم حقوقهم وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أی لا تعملوا فی الأرض بالمعاصی و استحلال المحارم بعد أن أصلحها اللّٰه بالأمر و النهی و بعثة الأنبیاء و قیل لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا فیهلك اللّٰه الحرث و النسل وَ لا تَقْعُدُوا فیه أقوال أحدها أنهم كانوا یقعدون علی طریق من قصد شعیبا للإیمان به فیخوفونه بالقتل و ثانیها أنهم كانوا یقطعون الطریق فنهاهم عنه و ثالثها أن المراد لا تقعدوا بكل طریق من طرق الدین فتطلبون له العوج بإیراد الشبهة وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ أی تمنعون عن دین اللّٰه مَنْ آمَنَ بِهِ أی من أراد الإیمان وَ تَبْغُونَها أی السبیل عِوَجاً بأن تقولوا هو باطل فَكَثَّرَكُمْ أی كثر عددكم قال ابن عباس و ذلك أن مدین بن إبراهیم تزوج بنت لوط فولدت حتی كثر أولادها و قیل جعلكم أغنیاء بعد أن كنتم فقراء عاقِبَةُ الْمُفْسِدِینَ أی فكروا فی عواقب أمر عاد و ثمود و قوم لوط أَوْ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنا لأنه كان عندهم أنه كان قبل ذلك علی دینهم فلذلك أطلقوا لفظ العود و قد كان یخفی دینه فیهم و یحتمل أنهم أرادوا به قومه فأدخلوه معهم فی الخطاب أو یراد بالعود الابتداء مجازا قال أی شعیب أَ وَ لَوْ كُنَّا كارِهِینَ أی أ یعبدوننا فی مثلكم و لو كنا كارهین للدخول فیها قَدِ افْتَرَیْنا أی إن عدنا فی ملتكم بأن نحل ما تحلونه و نحرم ما تحرمونه و ننسبه إلی اللّٰه تعالی بعد إذ نجانا اللّٰه منها بأن أقام الدلیل و أوضح الحق لنا فقد اختلقنا علی اللّٰه كذبا فیما دعوناكم إلیه وَ ما یَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِیها إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا فیه وجوه أحدها أن المراد بالملة الشریعة لا ما یرجع إلی الاعتقاد فی اللّٰه سبحانه و صفاته و فی شریعتهم أشیاء یجوز أن

ص: 376


1- فی الطبریّ: میكائیل. و فی العرائس: شعیب ابن میكائیل بن یشجر، و قال: اسمه بالسریانیة: یترون، و أمه میكیل ابنة لوط.
2- الایكة الغیضة، و هی غیضة شجر قرب مدین، و قیل: هو الشجر الملتف.

یتعبد اللّٰه بها فكأنه قال لیس لنا أن نعود فی ملتكم إلا أن یشاء اللّٰه أن یتعبدنا بها و ینسخ ما نحن فیه من الشریعة.

و ثانیها أنه علق ما لا یكون بما علم أنه لا یكون علی وجه التبعید كما قال وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ (1)و ثالثها إلا أن یشاء اللّٰه أن یمكنكم من إكراهنا و یخلی بینكم و بینه فنعود إلی إظهارها مكرهین.

و رابعها أن تعود الهاء إلی القریة أی سنخرج من قریتكم و لا نعود فیها إلا أن یشاء اللّٰه بما ینجزه لنا من الوعد فی الإظهار علیكم و الظفر بكم فنعود فیها.

و خامسها أن یكون المعنی إلا أن یشاء اللّٰه أن یردكم إلی الحق فنكون جمیعا علی ملة واحدة لأنه لما قال حاكیا عنهم أَوْ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنا كأن معناه أو لنكونن علی ملة واحدة فحسن أن یقول من بعد إلا أن یشاء اللّٰه أن یجمعكم معنا علی ملة واحدة عَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْنا فی الانتصار منكم و فی كل أمورنا رَبَّنَا افْتَحْ سؤال من شعیب و رغبة منه إلی اللّٰه تعالی فی أن یحكم بینه و بین قومه بالحق علی سبیل الانقطاع إلیه و إن كان من المعلوم أن اللّٰه سیفعله لا محالة و قیل أی اكشف بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا و بین أننا علی حق و هذه استعجال منه للنصر وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ أی الحاكمین و الفاصلین إِذاً لَخاسِرُونَ أی بمنزلة من ذهب رأس ماله و قیل مغبونون و قیل هالكون جاثِمِینَ أی میتین ملقین علی وجوههم كَأَنْ لَمْ یَغْنَوْا فِیهَا أی كأن لم یقیموا بها قط لأن المهلك یصیر كأن لم یكن فَتَوَلَّی عَنْهُمْ أی أعرض عنهم لما رأی إقبال العذاب علیهم إعراض الآیس منهم فَكَیْفَ آسی أی أحزن عَلی قَوْمٍ كافِرِینَ حل العذاب بهم مع استحقاقهم له. (2)إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ أی برخص السعر و الحصب و قیل أراد بالخیر المال و زینة الدنیا فحذرهم الغلاء و زیادة السعر و زوال النعمة أو المعنی أراكم فی كثرة الأموال و سعة الرزق فلا حاجة لكم إلی نقصان الكیل و الوزن یَوْمٍ مُحِیطٍ أی یوم القیامة یحیط عذابه

ص: 377


1- الأعراف: 40.
2- مجمع البیان 4: 447- 450. م.

بجمیع الكفار بَقِیَّتُ اللَّهِ خَیْرٌ لَكُمْ أی ما أبقی اللّٰه لكم من الحلال بعد إتمام الكیل و الوزن خیر من البخس و التطفیف و شرط الإیمان لأنهم إن كانوا مؤمنین باللّٰه عرفوا صحة هذا القول و قیل معناه إبقاء اللّٰه النعیم علیكم خیر لكم مما یحصل من النفع بالتطفیف و قیل طاعة اللّٰه (1)و قیل رزق اللّٰه وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیظٍ أی و ما أنا بحافظ نعم اللّٰه علیكم إن أراد أن یزیلها عنكم أو ما أنا بحافظ لأعمالكم إن علی إلا البلاغ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ إنما قالوا ذلك لأن شعیبا كان كثیر الصلاة و كان یقول إذا صلی إن الصلاة رادعة عن الشر ناهیة عن الفحشاء و المنكر فقالوا أ صلاتك التی تزعم أنها تأمر بالخیر و تنهی عن الشر أمرتك بهذا عن ابن عباس و قیل معناه أ دینك یأمرك بترك دین السلف كنی عن الدین بالصلاة لأنها من أجل أمور الدین و إنما قالوا ذلك علی وجه الاستهزاء (2)أَوْ أَنْ نَفْعَلَ قال البیضاوی عطف علی ما أی و أن نترك فعلنا ما نشاء فی أموالنا و هو جواب النهی عن التطفیف و الأمر بالإیفاء و قیل كان ینهاهم عن تقطیع الدراهم و الدنانیر فأرادوا به ذلك عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی إشارة إلی ما آتاه اللّٰه من العلم و النبوة وَ رَزَقَنِی إشارة إلی ما آتاه اللّٰه من المال الحلال و جواب الشرط محذوف تقدیره فهل یسع لی مع هذا الإنعام أن أخون فی وحیه و أخالفه فی أمره و نهیه وَ ما أُرِیدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ أی و ما أرید أن آتی ما أنهاكم عنه لأستبد به فلو كان صوابا لآثرته و لم أعرض عنه فضلا أن أنهاكم عنه یقال خالفت زیدا إلی كذا إذا قصدته و هو مول عنه و خالفته عنه إذا كان الأمر بالعكس إن أرید أی ما أرید إلا أن أصلحكم بأمری بالمعروف و نهیی عن المنكر ما دمت أستطیع الإصلاح فلو وجدت الإصلاح فیما أنتم علیه لما نهیتكم وَ ما تَوْفِیقِی لإصابة الحق و الرشاد إلا بهدایته و معونته. (3)

ص: 378


1- و أضاف السیّد الرضیّ علی هذه الوجوه وجها آخر، قال: و قد قیل: بقیة اللّٰه أی عفو اللّٰه عنكم و رحمته لكم بعد استحقاقكم العذاب، كما یقول العرب المتحاربون بعضهم لبعض إذا استحر فیهم القتل و اعضلهم الخطب: البقیة البقیة أی نسألكم البقیة علینا، و البقیة هاهنا و الابقاء بمعنی واحد.
2- مجمع البیان 5: 187- 188. م.
3- أنوار التنزیل 1: 224. م.

وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ قال الطبرسی أی إلیه أرجع فی المعاد أو إلیه أرجع بعملی و نیتی أی أعمالی كلها لوجه اللّٰه لا یَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِی أی لا یكسبنكم خلافی و معاداتی أَنْ یُصِیبَكُمْ من عذاب العاجلة وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِیدٍ أی هم قریب منكم فی الزمان أو دارهم قریبة من داركم فیجب أن تتعظوا بهم اسْتَغْفِرُوا أی اطلبوا المغفرة من اللّٰه ثم توصلوا إلیها بالتوبة أو استغفروا للماضی و اعزموا فی المستقبل أو استغفروا ثم دوموا علی التوبة أو استغفروا علانیة و أضمروا الندامة فی القلب وَدُودٌ أی محب لهم مرید لمنافعهم أو متودد إلیهم بكثرة إنعامه علیهم ما نَفْقَهُ أی ما نفهم عنك معنی كثیر من كلامك أو لا نقبل كثیرا منه و لا نعمل به ضَعِیفاً أی ضعیف البدن أو ضعیف البصر أو مهینا و قیل كان علیه السلام أعمی.

و اختلف فی أن النبی هل یجوز أن یكون أعمی فقیل لا یجوز لأن ذلك ینفر و قیل یجوز أن لا یكون فیه تنفیر و یكون بمنزلة سائر العلل و الأمراض.

وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ أی و لو لا حرمة عشیرتك لقتلناك بالحجارة و قیل معناه لشتمناك و سببناك وَ ما أَنْتَ عَلَیْنا بِعَزِیزٍ أی لم ندع قتلك لعزتك علینا و لكن لأجل قومك ظِهْرِیًّا أی اتخذتم اللّٰه وراء ظهوركم یعنی نسیتموه (1)و قیل الهاء عائدة إلی ما جاء به شعیب عَلی مَكانَتِكُمْ أی علی حالتكم هذه و هذا تهدید فی صورة الأمر إِنِّی عامِلٌ علی ما أمرنی ربی و قیل إنی عامل علی ما أنا علیه من الإنذار وَ ارْتَقِبُوا أی انتظروا ما وعدكم ربكم من العذاب إنی معكم منتظر لذلك أو انتظروا مواعید الشیطان و أنا أنتظر مواعید الرحمن.

وَ رُوِیَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا أَحْسَنَ الصَّبْرَ وَ انْتِظَارَ الْفَرَجِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَ ارْتَقِبُوا إِنِّی مَعَكُمْ رَقِیبٌ

الصَّیْحَةُ صاح بهم جبرئیل صیحة فماتوا قال البلخی یجوز أن تكون الصیحة صیحة علی الحقیقة كما روی و یجوز أن یكون ضربا من العذاب تقول العرب صاح الزمان

ص: 379


1- قال السیّد: المراد انكم جعلتم امر اللّٰه سبحانه وراء ظهوركم، و هذا معروف فی لسان العرب أن یقول الرجل منهم لمن أغفل قضاء حاجته: جعلت حاجتی وراء ظهرك.

بهم إذا هلكوا أَلا بُعْداً أی بعدوا من رحمة اللّٰه بعدا و قیل أی هلاكا لهم كما هلكت ثمود. (1)أَصْحابُ الْأَیْكَةِ هم أهل الشجر الذین أرسل إلیهم شعیب و أرسل إلی أهل مدین فأهلكوا بالصیحة و أما أصحاب الأیكة فأهلكوا بالظلة التی احترقوا بنارها و كانوا أصحاب غیاض فعاقبهم اللّٰه بالحر سبعة أیام ثم أنشأ سحابة فاستظلوا بها یلتمسون الروح فیها فلما اجتمعوا تحتها أرسل منها صاعقة فاحترقوا جمیعا فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ أی من قوم شعیب و قوم لوط وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِینٍ أی إن مدینتی قوم لوط و أصحاب الأیكة بطریق یؤم و یتبع و یهتدی به أو إن حدیث مدینتهما لمكتوب فی اللوح المحفوظ. (2)مِنَ الْمُخْسِرِینَ أی من الناقصین للكیل و الوزن بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ أی بالمیزان السوی و الجبلة الخلیقة كِسَفاً أی قطعا و الظلة السحابة التی أظلتهم. (3)وَ ما كُنْتَ ثاوِیاً أی مقیما فی قوم شعیب فتقرأ علی أهل مكة خبرهم و لكنا أرسلنا و أنزلنا علیك هذه الأخبار و لو لا ذلك لما علمتها أو أنك لم تشاهد قصص الأنبیاء و لا تلیت علیك و لكنا أوحیناها إلیك فیدل ذلك علی صحة نبوتك (4).

«1»-ع، علل الشرائع الطَّالَقَانِیُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ یُوسُفَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الرَّقِّیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِیٍّ الرَّقِّیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَكَی شُعَیْبٌ علیه السلام مِنْ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی عَمِیَ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ بَصَرَهُ ثُمَّ بَكَی حَتَّی عَمِیَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ بَصَرَهُ ثُمَّ بَكَی حَتَّی عَمِیَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِ بَصَرَهُ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا شُعَیْبُ إِلَی مَتَی یَكُونُ هَذَا أَبَداً مِنْكَ إِنْ یَكُنْ هَذَا خَوْفاً مِنَ النَّارِ فَقَدْ آجَرْتُكَ- (5)وَ إِنْ یَكُنْ شَوْقاً إِلَی الْجَنَّةِ فَقَدْ أَبَحْتُكَ فَقَالَ

ص: 380


1- مجمع البیان 5: 187- 189. م.
2- مجمع البیان 6: 343. م.
3- مجمع البیان 7: 202. و هو نقل بالمعنی، اصل العبارة هكذا: «بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ»* ای بالعدل الذی لا حیف فیه یعنی زنوا وزنا بجمع الایفاء و الاستیفاء انتهی. م.
4- مجمع البیان 7: 257. م.
5- أی أنقذتك.

إِلَهِی وَ سَیِّدِی أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی مَا بَكَیْتُ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَا شَوْقاً إِلَی جَنَّتِكَ وَ لَكِنْ عَقَدَ حُبُّكَ عَلَی قَلْبِی فَلَسْتُ أَصْبِرُ أَوْ أَرَاكَ فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ أَمَّا إِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَمِنْ أَجْلِ هَذَا سَأُخْدِمُكَ كَلِیمِی مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ قَالَ الصَّدُوقُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَعْنِی بِذَلِكَ لَا أَزَالُ أَبْكِی أَوْ أَرَاكَ قَدْ قَبِلْتَنِی حَبِیباً (1).

بیان: كلمة أو بمعنی إلی أن أو إلا أن أی إلی أن یحصل لی غایة العرفان و الإیقان المعبر عنها بالرؤیة و هی رؤیة القلب لا البصر و الحاصل طلب كمال المعرفة بحسب الاستعداد و القابلیة و الوسع و الطاقة (2)و قد مضی توضیح ذلك فی كتاب التوحید.

«2»-فس، تفسیر القمی بَعَثَ اللَّهُ شُعَیْباً إِلَی مَدْیَنَ وَ هِیَ قَرْیَةٌ عَلَی طَرِیقِ الشَّامِ فَلَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ وَ حَكَی اللَّهُ قَوْلَهُمْ قالُوا یا شُعَیْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما یَعْبُدُ آباؤُنا إِلَی قَوْلِهِ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ قَالَ قَالُوا إِنَّكَ لَأَنْتَ السَّفِیهُ الْجَاهِلُ فَحَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَهُمْ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ وَ إِنَّمَا أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَی بِنَقْصِ الْمِكْیَالِ وَ الْمِیزَانِ (3).

بیان: قال البیضاوی فی قوله تعالی إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِیمُ الرَّشِیدُ تحكموا به و قصدوا وصفه بضد ذلك أو عللوا إنكار ما سمعوا منه و استبعادهم بأنه موسوم بالحلم و الرشد المانعین عن المبادرة إلی أمثال ذلك انتهی. (4)أقول ما ذكر فی تفسیر علی بن إبراهیم غیر الوجهین و حاصله أنه تعالی عبر عما قالوه بضد قولهم إیماء إلی أن ما قالوه مما لا یمكن ذكره لاستهجانه و ركاكته (5).

«3»-فس، تفسیر القمی وَ إِنَّا لَنَراكَ فِینا ضَعِیفاً وَ قَدْ كَانَ ضَعُفَ بَصَرُهُ وَ ارْتَقِبُوا أَیِ انْتَظِرُوا

ص: 381


1- علل الشرائع: 30- 31. م.
2- و یمكن أن یكون كنایة عن الموت أی الی أن أموت.
3- تفسیر القمّیّ 313. م.
4- أنوار التنزیل 1: 224. م.
5- و أمكن أن قالوا ذلك علی سبیل الاستفهام انكارا علیه بأن ذلك لا یصدر عن الحلیم الرشید فكانهم قالوا: أ انت الحلیم الرشید مع قولك هذا؟!.

فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ صَیْحَةً فَمَاتُوا- (1)وَ ما كُنْتَ ثاوِیاً أَیْ بَاقِیاً (2).

«4»-فس، تفسیر القمی فَكَذَّبُوهُ قَالَ قَوْمُ شُعَیْبٍ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ قَالَ یَوْمُ حَرٍّ وَ سَمَائِمَ- (3)قَوْلُهُ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ الْأَیْكَةُ الْغَیْضَةُ مِنَ الشَّجَرِ.

بیان: قال البیضاوی أَصْحابُ الْأَیْكَةِ هم قوم شعیب كانوا یسكنون الغیضة فبعثه اللّٰه إلیهم فكذبوه فأهلكوا بالظلة و الأیكة الشجر المتكاثفة (4).

«5»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَغِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ یَوْمِ الْحِسابِ قَالَ نَصِیبَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ (5).

إیضاح قال البیضاوی أی قسطنا من العذاب الذی توعدنا به أو الجنة التی تعد المؤمنین و هو من قطه إذا قطعه و یقال للصحیفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس و قد فسر بها أی عجل لنا صحیفة أعمالنا ننظر فیها (6).

«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ شُعَیْبٌ النَّبِیُّ علیه السلام عَمِلَهُ بِیَدِهِ فَكَانُوا یَكِیلُونَ وَ یُوفُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدُ طَفَّفُوا فِی الْمِكْیَالِ وَ بَخِسُوا فِی الْمِیزَانِ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَعُذِّبُوا بِهَا فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ (7).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أی فأخذ قوم شعیب الزلزلة عن الكلبی و قیل أرسل اللّٰه علیهم وقدة (8)و حرا شدیدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا

ص: 382


1- تفسیر القمّیّ: 314. م.
2- تفسیر القمّیّ: 489. م.
3- تفسیر القمّیّ: 474. م.
4- أنوار التنزیل 1: 253. م.
5- معانی الأخبار: 67. م.
6- أنوار التنزیل 2: 138 و فیه: للنظر فیها. م.
7- مخطوط.
8- الوقدة: النار.

أجواف البیوت فدخل علیهم البیوت فلم ینفعهم ظل و لا ماء و أنضجهم الحر فبعث اللّٰه تعالی سحابة فیها ریح طیبة فوجدوا برد الریح و طیبها و ظل السحابة فتنادوا علیكم بها فخرجوا إلی البریة فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها اللّٰه علیهم نارا و رجفت بهم الأرض فاحترقوا كما یحترق الجراد المقلی و صاروا رمادا و هو عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ عن ابن عباس و غیره من المفسرین.

و قیل بعث اللّٰه علیهم صیحة واحدة فماتوا بها عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل إنه كان لشعیب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة (1).

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعِیدٍ قَالَ: بَعَثَنِی هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَسْتَخْرِجُ لَهُ بِئْراً فِی رُصَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ (2)فَحَفَرْنَا مِنْهَا مِائَتَیْ قَامَةٍ ثُمَّ بَدَتْ لَنَا جُمْجُمَةُ رَجُلٍ طَوِیلٍ فَحَفَرْنَا مَا حَوْلَهَا فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَی صَخْرَةٍ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ وَ إِذَا كَفُّهُ الْیُمْنَی عَلَی رَأْسِهِ عَلَی مَوْضِعِ ضَرْبَةٍ بِرَأْسِهِ فَكُنَّا إِذَا نَحَّیْنَا یَدَهُ عَنْ رَأْسِهِ سَالَتِ الدِّمَاءُ وَ إِذَا تَرَكْنَاهَا عَادَتْ فَسَدَّتِ الْجُرْحَ وَ إِذَا فِی ثَوْبِهِ مَكْتُوبٌ أَنَا شُعَیْبُ بْنُ صَالِحٍ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی قَوْمِهِ (3)فَضَرَبُونِی وَ أَضَرُّوا بِی وَ طَرَحُونِی فِی هَذَا الْجُبِّ وَ هَالُوا إِلَیَّ التُّرَابَ- (4)فَكَتَبْنَا إِلَی هِشَامٍ بِمَا رَأَیْنَاهُ فَكَتَبَ أَعِیدُوا عَلَیْهِ التُّرَابَ كَمَا كَانَ وَ احْتَفِرُوا فِی مَكَانٍ آخَرَ (5).

یج، الخرائج و الجرائح ذكر ابن بابویه فی كتاب النبوة بإسناده عن سهل بن سعید و ذكر مثله.

«8»-كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِیَادٍ الْإِفْرِیقِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ بِإِفْرِیقِیَةَ مَعَ عَمٍّ لِی إِلَی مَزْرُوعٍ لَنَا قَالَ فَحَفَرْنَا مَوْضِعاً فَأَصَبْنَا تُرَاباً هَشّاً (6)فَحَفَرْنَا

ص: 383


1- مجمع البیان 4: 450. م.
2- بضم الراء، و لعلّ الصحیح رصافة هشام بن عبد الملك، قال یاقوت: هی فی غربی الرقة بینهما أربعة فراسخ علی طرف البریة بناها هشام لما وقع الطاعون بالشام و كان یسكنها فی الصیف.
3- فی نسخة: رسول رسول اللّٰه شعیب النبیّ الی قومه.
4- أی صبوا علی التراب.
5- مخطوط. م.
6- الهش: الرخو اللین من كل شی ء. و فی المصدر: فأصبنا ترابا هشا فطمحنا فیه فحفرنا.

عَامَّةَ یَوْمِنَا حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی بَیْتٍ كَهَیْئَةِ الْأَزَجِ (1)فَإِذَا فِیهِ شَیْخٌ مُسَجًّی (2)وَ إِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ كِتَابَةٌ فَقَرَأْتُهَا فَإِذَا أَنَا حَسَّانُ بْنُ سِنَانٍ الْأَوْزَاعِیُّ رَسُولُ شُعَیْبٍ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَهْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ دَعَوْتُهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ فَكَذَّبُونِی وَ حَبَسُونِی فِی هَذَا الْحَفِیرِ إِلَی أَنْ یَبْعَثَنِیَ اللَّهُ وَ أُخَاصِمَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (3)وَ ذَكَرُوا أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ مَرَّ بِوَادِی الْقُرَی فَأَمَرَ بِبِئْرٍ یُحْفَرُ فِیهِ فَفَعَلُوا فَانْتَهَی إِلَی صَخْرَةٍ فَاسْتُخْرِجَتْ فَإِذَا تَحْتَهَا رَجُلٌ عَلَیْهِ قَمِیصَانِ وَاضِعٌ یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ فَجُذِبَتْ یَدُهُ فَمَجَّ مَكَانُهَا بِدَمٍ ثُمَّ تُرِكَتْ فَرَجَعَتْ إِلَی مَكَانِهَا فَرَقَأَ الدَّمُ- (4)فَإِذَا مَعَهُ كِتَابٌ فِیهِ أَنَا الْحَارِثُ بْنُ شُعَیْبٍ الْغَسَّانِیُّ رَسُولُ شُعَیْبٍ إِلَی أَهْلِ مَدْیَنَ فَكَذَّبُونِی وَ قَتَلُونِی (5).

«9»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی وَهْبٍ قَالَ: إِنَّ شُعَیْباً النَّبِیَّ وَ أَیُّوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ بَلْعَمَ بْنَ بَاعُورَاءَ كَانُوا مِنْ وُلْدِ رَهْطٍ آمَنُوا لِإِبْرَاهِیمَ یَوْمَ أُحْرِقَ فَنَجَا وَ هَاجَرُوا مَعَهُ إِلَی الشَّامِ فَزَوَّجَهُمْ بَنَاتِ لُوطٍ فَكُلُّ نَبِیٍّ كَانَ قَبْلَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَعْدَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَبَعَثَ اللَّهُ شُعَیْباً إِلَی أَهْلِ مَدْیَنَ وَ لَمْ یَكُونُوا فَصِیلَةَ شُعَیْبٍ وَ لَا قَبِیلَتَهُ الَّتِی كَانَ مِنْهَا وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ بُعِثَ إِلَیْهِمْ شُعَیْبٌ وَ كَانَ عَلَیْهِمْ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ لَا یُطِیقُهُ أَحَدٌ مِنْ مُلُوكِ عَصْرِهِ وَ كَانُوا یَنْقُصُونَ الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ وَ یَبْخَسُونَ النَّاسَ أَشْیَاءَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ تَكْذِیبِهِمْ لِنَبِیِّهِ وَ عُتُوِّهِمْ وَ كَانُوا یَسْتَوْفُونَ إِذَا اكْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُ فَكَانُوا فِی سَعَةٍ مِنَ الْعَیْشِ فَأَمَرَهُمُ الْمَلِكُ بِاحْتِكَارِ الطَّعَامِ وَ نَقْصِ مَكَایِیلِهِمْ وَ مَوَازِینِهِمْ وَ وَعَظَهُمْ شُعَیْبٌ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ الْمَلِكُ مَا تَقُولُ فِیمَا صَنَعْتُ أَ رَاضٍ أَنْتَ أَمْ سَاخِطٌ فَقَالَ شُعَیْبٌ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیَّ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ یُقَالُ لَهُ مَلِكٌ فَاجِرٌ

ص: 384


1- الازج: البیت یبنی طولا.
2- سجی المیت: مد علیه ثوبا.
3- كنز الفوائد: 179- 180. م.
4- أی و انقطع و جف.
5- كنز الفوائد: 179- 180. م.

فَكَذَّبَهُ الْمَلِكُ وَ أَخْرَجَهُ وَ قَوْمَهُ مِنْ مَدِینَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی حِكَایَةً عَنْهُمْ لَنُخْرِجَنَّكَ یا شُعَیْبُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْیَتِنا فَزَادَهُمْ شُعَیْبٌ فِی الْوَعْظِ فَقَالُوا یا شُعَیْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما یَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِی أَمْوالِنا ما نَشؤُا فَآذَوْهُ بِالنَّفْیِ مِنْ بِلَادِهِمْ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْحَرَّ وَ الْغَیْمَ حَتَّی أَنْضَجَهُمُ اللَّهُ فَلَبِثُوا فِیهِ تِسْعَةَ أَیَّامٍ وَ صَارَ مَاؤُهُمْ حَمِیماً (1)لَا یَسْتَطِیعُونَ شُرْبَهُ فَانْطَلَقُوا إِلَی غَیْضَةٍ (2)لَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی أَصْحابُ الْأَیْكَةِ فَرَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ فَاجْتَمَعُوا فِی ظِلِّهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ نَاراً مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَلَمْ یَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فَأَخَذَهُمْ عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ شُعَیْبٌ قَالَ ذَلِكَ خَطِیبُ الْأَنْبِیَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَمَّا أَصَابَ قَوْمَهُ مَا أَصَابَهُمْ لَحِقَ شُعَیْبٌ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ بِمَكَّةَ فَلَمْ یَزَالُوا بِهَا حَتَّی مَاتُوا وَ الرِّوَایَةُ الصَّحِیحَةُ أَنَّ شُعَیْباً علیه السلام صَارَ مِنْهَا إِلَی مَدْیَنَ فَأَقَامَ بِهَا وَ بِهَا لَقِیَهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا (3).

توضیح: فصیلة الرجل عشیرته و رهطه الأدنون.

«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ رَفَعَهُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: قِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَدِّثْنَا قَالَ إِنَّ شُعَیْباً النَّبِیَّ علیه السلام دَعَا قَوْمَهُ إِلَی اللَّهِ حَتَّی كَبِرَ سِنُّهُ وَ دَقَّ عَظْمُهُ ثُمَّ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِمْ شَابّاً فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالُوا مَا صَدَّقْنَاكَ شَیْخاً فَكَیْفَ نُصَدِّقُكَ شَابّاً وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُكَرِّرُ عَلَیْهِمُ الْحَدِیثَ مِرَاراً كَثِیرَةً (4).

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الْعَلَاءِ عَنِ الْفُضَیْلِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمْ یَبْعَثِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا خَمْسَةً (5)هُوداً وَ صَالِحاً وَ إِسْمَاعِیلَ وَ شُعَیْباً وَ مُحَمَّداً خَاتَمَ النَّبِیِّینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ شُعَیْبٌ بَكَّاءً (6).

ص: 385


1- فی نسخة: فصار ماؤها حمیما.
2- الغیضة: مجتمع الشجر فی مغیض الماء، و المغیض: مجتمع الماء.
3- مخطوط. م.
4- مخطوط. م.
5- فی نسخة: الا خمسة أنبیاء.
6- مخطوط. م.

«12»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ بَشِیرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عِصْمَةَ قَاضِی مَرْوَ (1)عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی شُعَیْبٍ النَّبِیِّ أَنِّی مُعَذِّبٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِینَ أَلْفاً مِنْ شِرَارِهِمْ وَ سِتِّینَ أَلْفاً مِنْ خِیَارِهِمْ فَقَالَ علیه السلام یَا رَبِّ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ فَمَا بَالُ الْأَخْیَارِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ دَاهَنُوا أَهْلَ الْمَعَاصِی وَ لَمْ یَغْضَبُوا لِغَضَبِی (2).

«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ عِیسَی بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خُزَیْمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ شُعَیْباً إِلَی قَوْمِهِ وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ فَأَصَابَهُ مِنْهُمْ بَلَاءٌ فَلَمَّا رَأَی الْمَلِكُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَصِبُوا أَرْسَلَ إِلَی عُمَّالِهِ فَحَبَسُوا عَلَی النَّاسِ الطَّعَامَ وَ أَغْلَوْا أَسْعَارَهُمْ وَ نَقَصُوا مَكَایِیلَهُمْ وَ مَوَازِینَهُمْ وَ بَخِسُوا النَّاسَ أَشْیَاءَهُمْ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَكَانُوا مُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ شُعَیْبٌ علیه السلام قَالَ لَهُمْ لا تَنْقُصُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ وَ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ مُحِیطٍ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ إِلَیْهِ بِالْإِنْكَارِ فَقَالَ شُعَیْبٌ إِنَّهُ مَنْهِیٌّ فِی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الْوَحْیُ الَّذِی أَوْحَی اللَّهُ إِلَیَّ بِهِ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا كَانَ بِمَنْزِلَتِكَ الَّتِی نَزَلْتَهَا (3)یُنْزِلُ اللَّهُ بِسَاحَتِهِ نَقِمَتَهُ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْقَرْیَةِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ سَحَابَةً فَأَظَلَّتْهُمْ فَأَرْسَلَ عَلَیْهِمْ فِی بُیُوتِهِمُ السَّمُومَ وَ فِی طَرِیقِهِمُ الشَّمْسَ الْحَارَّةَ وَ فِی الْقَرْیَةِ فَجَعَلُوا یَخْرُجُونَ مِنْ بُیُوتِهِمْ وَ یَنْظُرُونَ إِلَی السَّحَابَةِ الَّتِی قَدْ أَظَلَّتْهُمْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَانْطَلَقُوا سَرِیعاً كُلُّهُمْ إِلَی أَهْلِ بَیْتٍ كَانُوا یُوفُونَ

ص: 386


1- هو نوح بن أبی مریم أبو عصمة المروزی القرشیّ العامی المعروف بالجامع المترجم فی تقریب ابن حجر و غیره؛ رموه بالكذب و الوضع و هو الذی قال شیخنا الشهید فی كتابه الدرایة فی حقه: و من ذلك- أی من الروایات التی وضعتها الزهاد و الصالحون حسبة- ما روی عن أبی عصمة نوح بن أبی مریم المروزی أنّه قیل له: من این لك عن عكرمة عن ابن عبّاس فی فضائل القرآن سورة سورة و لیس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: انی رأیت الناس قد أعرضوا عن القرآن و اشتغلوا بفقه ابی حنیفة و مغازی محمّد بن إسحاق فوضعت الحدیث حسبة! و كان یقال لابی عصمة هذا: الجامع، فقال أبو حاتم بن حبان: جمع كل شی ء الا الصدق! انتهی. قلت: توفّی سنة 173.
2- فروع الكافی 1: 343 و له صدر طویل. م.
3- فی نسخة: تنزلتها.

الْمِكْیَالَ وَ الْمِیزَانَ وَ لَا یَبْخَسُونَ النَّاسَ أَشْیَاءَهُمْ فَنَصَحَهُمُ اللَّهُ- (1)وَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ بَیْنِ الْعُصَاةِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَی أَهْلِ الْقَرْیَةِ مِنْ تِلْكَ السَّحَابَةِ عَذَاباً وَ نَاراً فَأَهْلَكَتْهُمْ وَ عَاشَ شُعَیْبٌ علیه السلام مِائَتَیْنِ وَ اثْنَتَیْنِ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً (2).

«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ قَالَ كَانَ سِعْرُهُمْ رَخِیصاً (3).

تتمیم: قال صاحب الكامل قیل إن اسم شعیب یثرون بن صیفون بن عنقا بن ثابت بن مدین بن إبراهیم و قیل هو شعیب بن میكیل من ولد مدین و قیل لم یكن شعیب من ولد إبراهیم و إنما هو من ولد بعض من آمن بإبراهیم و هاجر معه إلی الشام و لكنه ابن بنت لوط فجدة شعیب ابنة لوط و كان ضریر البصر و هو معنی قوله وَ إِنَّا لَنَراكَ فِینا ضَعِیفاً أی ضریر البصر و

كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إذا ذكره قال ذاك خطیب الأنبیاء بحسن مراجعته قومه.

و إن اللّٰه عز و جل أرسله إلی أهل مدین و هم أَصْحابُ الْأَیْكَةِ و الأیكة الشجر الملتف و كانوا أهل كفر باللّٰه تعالی و بخس للناس فی المكاییل و الموازین و إفساد لأموالهم و كان اللّٰه وسع علیهم فی الرزق و بسط لهم فی العیش استدراجا لهم منه مع كفرهم باللّٰه فقال لهم شعیب یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ وَ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ مُحِیطٍ فلما طال تمادیهم فی غیهم (4)و ضلالتهم لم یزدهم تذكیر شعیب إیاهم و تحذیره عذاب اللّٰه إیاهم إلا تمادیا و لما أراد اللّٰه إهلاكهم سلط علیهم عذاب یوم الظلة و هو ما ذكره ابن عباس رضی اللّٰه عنه فی تفسیر قوله تعالی فَأَخَذَهُمْ عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ فقال بعث اللّٰه علیهم وقدة و حرا شدیدا فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البیوت هرابا إلی البریة فبعث اللّٰه سبحانه علیهم سحابا فأظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا و لذة فنادی بعضهم بعضا حتی اجتمعوا تحتها فأرسل اللّٰه علیهم نارا قال عبد اللّٰه بن عباس فذاك عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ و قال قتادة بعث اللّٰه شعیبا إلی أمتین إلی قومه أهل مدین و إلی أصحاب الأیكة

ص: 387


1- فی نسخة: فنضحهم.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. م.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. م.
4- تمادی فی غیه: دام علی فعله و لج.

و كانت الأیكة من شجر ملتف فلما أراد اللّٰه أن یعذبهم بعث علیهم حرا شدیدا و رفع لهم العذاب كأنه سحابة فلما دنت منهم خرجوا إلیها و جاءوها فلما كانوا تحتها أمطرت علیهم نارا قال فكذلك قوله فَأَخَذَهُمْ عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ و أما أهل مدین فهم من ولد مدین بن إبراهیم الخلیل فعذبهم اللّٰه بالرجفة و هی الزلزلة فأهلكوا.

قال بعض العلماء كانت قوم شعیب عطلوا حدا فوسع اللّٰه علیهم فی الرزق (1)حتی إذا أراد إهلاكهم سلط علیهم حرا لا یستطیعون أن یتقاروا و لا ینفعهم ظل و لا ماء حتی ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روحا فنادی أصحابه هلموا إلی الروح فذهبوا إلیه سراعا حتی إذا اجتمعوا ألهبها اللّٰه علیهم نارا فذلك عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ و قد

روی عامر عن ابن عباس أنه قال من حدثك ما عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ فكذبه.

و قال مجاهد عَذابُ یَوْمِ الظُّلَّةِ هو إظلال العذاب علی قوم شعیب و قال برید بن أسلم فی قوله تعالی یا شُعَیْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما یَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِی أَمْوالِنا ما نَشؤُا قال مما كان نهاهم عنه قطع الدراهم (2).

ص: 388


1- فی هامش المطبوع: ثم تعطلوا حدا فوسع اللّٰه علیهم الرزق، فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع اللّٰه علیهم فی الرزق، كذا ذكره صاحب الكامل فی تاریخه.
2- كامل التواریخ 1: 54- 55. م.

فهرست ما فی هذا الجزء

الموضوع/ الصفحه

باب 1 علل تسمیة أبراهیم و سنّه و فضائله و مكارم أخلاقه سننه و نقش خاتمه علیه السلام؛ و فیه 43 حدیثاً. 1- 14 باب 2 قصص ولادته علیه السلام إلی كسر الأصنام، و ما یجری بینه و بین فرعونه و بیان حال أبیه؛ و فیه 38 حدیثاً. 14- 55 باب 3 إراءته علیه السلام ملكوت السماوات و الأرض و سؤاله أحیاء الموتی و الكلمات التی سأل ربّه و ما أوحی إلیه و صدر عنه من الحكم؛ و فیه 29 حدیثاً. 56- 75 باب 4 جمل أحواله و وفاته علیه السلام؛ و فیه 12 حدیثاً. 76- 82 باب 5 أحوال أولاده و أزواجه صلوات اللّٰه علیهم و بناء البیت؛ و فیه 59 حدیثاً. 82- 121 باب 6 قصة الذبح و تعیین الذبیح؛ و فیه 17 حدیثاً. 121- 140 باب 7 قصص لوط علیه السلام و قومه؛ و فیه 35 حدیثاً. 140- 171 باب 8 قصص ذی القرنین؛ و فیه 34 حدیثاً. 172- 215 باب 9 قصص یعقوب و یوسف علیهما السلام؛ و فیه 148 حدیثاً. 216- 339 باب 10 قصص أیوب علیه السلام؛ و فیه 25 حدیثاً. 339- 372 باب 11 قصص شعیب علیه السلام؛ و فیه 14 حدیثاً. 373- 388

ص: 389

ألی هنا تمّ الجزء الثانی عشر من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفیسة؛ و یحوی هذا الجزء 455 حدیثاً فی 11 باب. و یتلوه الجزء الثالث عشر بعون اللّٰه تعالی و یبدء بقصص موسی و هارون علی نبینا و آله و علیهما السلام و قد بذلنا غایة جهدنا فی مقابلة الكتاب و تصحیحه بما لا مزید علیه؛ و لا ننسی الثناء أبداً علی الذین یؤازرونا فی هذا المشروع الفخم بإتحافهم النسخ الخطّیّة النفیسة من أجزاء الكتاب لا سیّما العالم الفاضل المحقق السیّد جلال الدین المحدّث وفّقه اللّٰه و إیّانا لجمیع مرضاته إنّه ولیّ التوفیق.

جمادی الثانیة 1378 یحیی العابدی الزنجانی

ص: 390

تصویر

صورة فتوغرافیّة لصحیفة من النسخة النفیسة الثمینة المصحّحة لمكتبة المحقّق الفاضل السیّد جلال الدین المحدّث دام توفیقه و لا زال نقدّم إلیه ثناءنا العاطر حیث لا یضنّ علینا بنفائس مخطوطات كتاب البحار.

ص: 391

تصویر

صورة فتوغرافیة لصحیفة من النسخة النفیسة المقروءة علی العلّامة المصنّف قدسّ سرّه الشریف، و قد أتحفنا إیّاها صدیقنا الفاضل العالم السیّد مهدیّ اللّازوردیّ القمیّ دام توفیقه، و له الشكر الجمیل.

ص: 392

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).

ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 393

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.