بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 10: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
«1»- ل، الخصال عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ سَعِیدٍ الْجَبَلِیِّ الصَّیْدَنَانِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ وَ اللَّفْظُ لَهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ نَصْرٍ الْخَزَّازِ عَنْ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ یَهُودِیَّانِ أَخَوَانِ مِنْ رُؤَسَاءِ الْیَهُودِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَقَالا یَا قَوْمُ إِنَّ نَبِیّاً حُدِّثْنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بِتِهَامَةَ نَبِیٌّ یُسَفِّهُ أَحْلَامَ الْیَهُودِ وَ یَطْعُنُ فِی دِینِهِمْ وَ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ یُزِیلَنَا عَمَّا كَانَ عَلَیْهِ آبَاؤُنَا فَأَیُّكُمْ هَذَا النَّبِیُّ فَإِنْ یَكُنِ الَّذِی بَشَّرَ بِهِ دَاوُدُ آمَنَّا بِهِ وَ اتَّبَعْنَاهُ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ یُورِدُ الْكَلَامَ عَلَی ائْتِلَافِهِ وَ یَقُولُ الشِّعْرَ وَ یَقْهَرُنَا بِلِسَانِهِ جَاهَدْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا وَ أَمْوَالِنَا فَأَیُّكُمْ هَذَا النَّبِیُّ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِنَّ نَبِیَّنَا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ قُبِضَ فَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ فَأَیُّكُمْ وَصِیُّهُ فَمَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیّاً إِلَی قَوْمٍ إِلَّا وَ لَهُ وَصِیٌّ یُؤَدِّی عَنْهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ یَحْكِی عَنْهُ مَا أَمَرَهُ رَبُّهُ فَأَوْمَأَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالُوا هَذَا (هُوَ خ ل) وَصِیُّهُ
فَقَالا لِأَبِی بَكْرٍ إِنَّا نُلْقِی عَلَیْكَ مِنَ الْمَسَائِلِ مَا یُلْقَی عَلَی الْأَوْصِیَاءِ وَ نَسْأَلُكَ عَمَّا تُسْأَلُ الْأَوْصِیَاءُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ أَلْقِیَا مَا شِئْتُمَا أُخْبِرْكُمَا بِجَوَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَا أَنَا وَ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا نَفْسٌ فِی نَفْسٍ لَیْسَ بَیْنَهُمَا رَحِمٌ وَ لَا قَرَابَةٌ وَ مَا قَبْرٌ سَارَ بِصَاحِبِهِ وَ مِنْ أَیْنَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَ فِی أَیْنَ تَغْرُبُ وَ أَیْنَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ لَمْ تَطْلُعْ فِیهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَ أَیْنَ تَكُونُ الْجَنَّةُ وَ أَیْنَ تَكُونُ النَّارُ وَ رَبُّكَ یَحْمِلُ أَوْ یُحْمَلُ وَ أَیْنَ یَكُونُ وَجْهُ رَبِّكَ وَ مَا اثْنَانِ شَاهِدَانِ وَ اثْنَانِ غَائِبَانِ وَ اثْنَانِ مُتَبَاغِضَانِ وَ مَا الْوَاحِدُ وَ مَا الِاثْنَانِ وَ مَا الثَّلَاثَةُ وَ مَا الْأَرْبَعَةُ وَ مَا الْخَمْسَةُ وَ مَا السِّتَّةُ وَ مَا السَّبْعَةُ وَ مَا الثَّمَانِیَةُ وَ مَا التِّسْعَةُ وَ مَا الْعَشَرَةُ وَ مَا الْأَحَدَ عَشَرَ وَ مَا الِاثْنَا عَشَرَ وَ مَا الْعِشْرُونَ وَ مَا الثَّلَاثُونَ وَ مَا الْأَرْبَعُونَ وَ مَا الْخَمْسُونَ وَ مَا السِّتُّونَ وَ مَا السَّبْعُونَ وَ مَا الثَّمَانُونَ وَ مَا التِّسْعُونَ وَ مَا الْمِائَةُ قَالَ فَبَقِیَ أَبُو بَكْرٍ لَا یَرُدُّ جَوَاباً وَ تَخَوَّفْنَا أَنْ یَرْتَدَّ الْقَوْمُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَأَتَیْتُ مَنْزِلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقُلْتُ لَهُ یَا عَلِیُّ إِنَّ رُؤَسَاءَ الْیَهُودِ قَدْ قَدِمُوا الْمَدِینَةَ وَ أَلْقَوْا عَلَی أَبِی بَكْرٍ مَسَائِلَ فَبَقِیَ أَبُو بَكْرٍ لَا یَرُدُّ جَوَاباً فَتَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام ضَاحِكاً ثُمَّ قَالَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وَعَدَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِ فَأَقْبَلَ یَمْشِی أَمَامِی وَ مَا أَخْطَأَتْ مِشْیَتُهُ مِنْ مِشْیَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْئاً حَتَّی قَعَدَ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی كَانَ یَقْعُدُ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْیَهُودِیَّیْنِ فَقَالَ علیه السلام یَا یَهُودِیَّانِ ادْنُوَا مِنِّی وَ أَلْقِیَا عَلَیَّ مَا أَلْقَیْتُمَاهُ عَلَی الشَّیْخِ فَقَالَ الْیَهُودِیَّانِ وَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ لَهُمَا أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخُو النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ وَ أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ وَصِیُّهُ فِی حَالاتِهِ كُلِّهَا وَ صَاحِبُ كُلِّ مَنْقَبَةٍ وَ عِزٍّ وَ مَوْضِعُ سِرِّ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ أَحَدُ الْیَهُودِیَّیْنِ مَا أَنَا وَ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ علیه السلام أَنَا مُؤْمِنٌ مُنْذُ عَرَفْتُ نَفْسِی وَ أَنْتَ كَافِرٌ مُنْذُ عَرَفْتَ نَفْسَكَ فَمَا أَدْرِی مَا یُحْدِثُ اللَّهُ فِیكَ یَا یَهُودِیُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ فَمَا نَفْسٌ فِی نَفْسٍ لَیْسَ بَیْنَهُمَا رَحِمٌ وَ لَا قَرَابَةٌ قَالَ علیه السلام ذَاكَ یُونُسُ علیه السلام فِی بَطْنِ الْحُوتِ
ص: 2
قَالَ لَهُ فَمَا قَبْرٌ سَارَ بِصَاحِبِهِ قَالَ یُونُسُ حِینَ طَافَ بِهِ الْحُوتُ فِی سَبْعَةِ أَبْحُرٍ قَالَ لَهُ فَالشَّمْسُ مِنْ أَیْنَ تَطْلُعُ قَالَ مِنْ قَرْنَیِ الشَّیْطَانِ قَالَ فَأَیْنَ تَغْرُبُ قَالَ فِی عَیْنٍ حَامِئَةٍ قَالَ لِی حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تُصَلَّی فِی إِقْبَالِهَا وَ لَا فِی إِدْبَارِهَا حَتَّی تَصِیرَ مِقْدَارَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَیْنِ قَالَ فَأَیْنَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ لَمْ تَطْلُعْ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ فِی الْبَحْرِ حِینَ فَلَقَهُ اللَّهُ لِقَوْمِ مُوسَی علیه السلام قَالَ لَهُ فَرَبُّكَ یَحْمِلُ أَوْ یُحْمَلُ قَالَ إِنَّ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ یَحْمِلُ كُلَّ شَیْ ءٍ بِقُدْرَتِهِ وَ لَا یَحْمِلُهُ شَیْ ءٌ قَالَ فَكَیْفَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ قَالَ یَا یَهُودِیُّ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّری فَكُلُّ شَیْ ءٍ عَلَی الثَّرَی وَ الثَّرَی عَلَی الْقُدْرَةِ وَ الْقُدْرَةُ بِهِ تَحْمِلُ كُلَّ شَیْ ءٍ قَالَ فَأَیْنَ تَكُونُ الْجَنَّةُ وَ أَیْنَ تَكُونُ النَّارُ قَالَ أَمَّا الْجَنَّةُ فَفِی السَّمَاءِ وَ أَمَّا النَّارُ فَفِی الْأَرْضِ قَالَ فَأَیْنَ یَكُونُ وَجْهُ رَبِّكَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لِی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ ائْتِنِی بِنَارٍ وَ حَطَبٍ فَأَتَیْتُهُ بِنَارٍ وَ حَطَبٍ فَأَضْرَمَهَا ثُمَّ قَالَ یَا یَهُودِیُّ أَیْنَ یَكُونُ وَجْهُ هَذِهِ النَّارِ قَالَ لَا أَقِفُ لَهَا عَلَی وَجْهٍ قَالَ فَإِنَّ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ هَذَا الْمَثَلِ وَ لَهُ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَا اثْنَانِ شَاهِدَانِ قَالَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ لَا یَغِیبَانِ سَاعَةً قَالَ فَمَا اثْنَانِ غَائِبَانِ قَالَ الْمَوْتُ وَ الْحَیَاةُ لَا یُوقَفُ عَلَیْهِمَا قَالَ فَمَا اثْنَانِ مُتَبَاغِضَانِ قَالَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ قَالَ فَمَا الْوَاحِدُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَمَا الِاثْنَانِ قَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ قَالَ فَمَا الثَّلَاثَةُ قَالَ كَذَبَتِ النَّصَارَی عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالُوا ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَ اللَّهُ لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً قَالَ فَمَا الْأَرْبَعَةُ قَالَ الْقُرْآنُ وَ الزَّبُورُ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ قَالَ فَمَا الْخَمْسَةُ قَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مُفْتَرَضَاتٍ قَالَ فَمَا السِّتَّةُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ
ص: 3
قَالَ فَمَا السَّبْعَةُ قَالَ سَبْعَةُ أَبْوَابِ النَّارِ مُتَطَابِقَاتٌ قَالَ فَمَا الثَّمَانِیَةُ قَالَ ثَمَانِیَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ قَالَ فَمَا التِّسْعَةُ قَالَ تِسْعَةُ رَهْطٍ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ وَ لا یُصْلِحُونَ قَالَ فَمَا الْعَشَرَةُ قَالَ عَشَرَةُ أَیَّامِ الْعَشْرِ قَالَ فَمَا الْأَحَدَ عَشَرَ قَالَ قَوْلُ یُوسُفَ لِأَبِیهِ یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ قَالَ فَمَا الِاثْنَا عَشَرَ قَالَ شُهُورُ السَّنَةِ قَالَ فَمَا الْعِشْرُونَ قَالَ بَیْعُ یُوسُفَ بِعِشْرِینَ دِرْهَماً قَالَ فَمَا الثَّلَاثُونَ قَالَ ثَلَاثُونَ یَوْماً شَهْرُ رَمَضَانَ صِیَامُهُ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَی كُلِّ مُؤْمِنٍ إِلَّا مَنْ كَانَ مَرِیضاً أَوْ عَلَی سَفَرٍ قَالَ فَمَا الْأَرْبَعُونَ قَالَ كَانَ مِیقَاتُ مُوسَی علیه السلام ثلاثون (ثَلَاثِینَ) لَیْلَةً فَأَتَمَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً قَالَ فَمَا الْخَمْسُونَ قَالَ لَبِثَ نُوحٌ علیه السلام فِی قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عاماً قَالَ فَمَا السِّتُّونَ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً إِذَا لَمْ یَقْدِرْ عَلَی صِیَامِ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ قَالَ فَمَا السَّبْعُونَ قَالَ اخْتَارَ مُوسَی مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقَاتِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَمَا الثَّمَانُونَ قَالَ قَرْیَةٌ بِالْجَزِیرَةِ یُقَالُ لَهَا ثَمَانُونَ مِنْهَا قَعَدَ نُوحٌ علیه السلام فِی السَّفِینَةِ وَ اسْتَوَتْ عَلَی الْجُودِیِّ وَ أَغْرَقَ اللَّهُ الْقَوْمَ قَالَ فَمَا التِّسْعُونَ قَالَ الْفُلْكُ الْمَشْحُونُ اتَّخَذَ نُوحٌ علیه السلام فِیهِ تِسْعِینَ بَیْتاً لِلْبَهَائِمِ قَالَ فَمَا الْمِائَةُ قَالَ كَانَ أَجَلُ دَاوُدَ علیه السلام سِتِّینَ سَنَةً فَوَهَبَ لَهُ آدَمُ علیه السلام أَرْبَعِینَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ آدَمَ الْوَفَاةُ جَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّیَّتُهُ فَقَالَ لَهُ یَا شَابُّ صِفْ لِی مُحَمَّداً كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ حَتَّی أُومِنَ بِهِ السَّاعَةَ فَبَكَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا یَهُودِیُّ هَیَّجْتَ أَحْزَانِی كَانَ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلْتَ الْجَبِینِ مَقْرُونَ الْحَاجِبَیْنِ أَدْعَجَ الْعَیْنَیْنِ سَهْلَ الْخَدَّیْنِ أَقْنَی الْأَنْفِ دَقِیقَ الْمَسْرُبَةِ كَثَّ اللِّحْیَةِ بَرَّاقَ الثَّنَایَا كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِیقُ فِضَّةٍ كَانَ لَهُ شُعَیْرَاتٌ مِنْ
ص: 4
لَبَّتِهِ إِلَی سُرَّتِهِ مَلْفُوفَةٌ كَأَنَّهَا قَضِیبُ كَافُورٍ لَمْ یَكُنْ فِی بَدَنِهِ شُعَیْرَاتٌ غَیْرُهَا لَمْ یَكُنْ بِالطَّوِیلِ الذَّاهِبِ وَ لَا بِالْقَصِیرِ النَّزْرِ كَانَ إِذَا مَشَی مَعَ النَّاسِ غَمَرَهُمْ نُورُهُ وَ كَانَ إِذَا مَشَی كَأَنَّهُ یَنْقَلِعُ مِنْ صَخْرٍ أَوْ یَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ كَانَ مُدَوَّرَ الْكَعْبَیْنِ لَطِیفَ الْقَدَمَیْنِ دَقِیقَ الْخَصْرِ (1)عِمَامَتُهُ السَّحَابُ وَ سَیْفُهُ ذُو الْفَقَارِ وَ بَغْلَتُهُ دُلْدُلٌ وَ حِمَارُهُ الْیَعْفُورُ وَ نَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ وَ فَرَسُهُ لِزَازٌ وَ قَضِیبُهُ الْمَمْشُوقُ كَانَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ أَشْفَقَ النَّاسِ عَلَی النَّاسِ وَ أَرْأَفَ النَّاسِ بِالنَّاسِ كَانَ بَیْنَ كَتِفَیْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ مَكْتُوبٌ عَلَی الْخَاتَمِ سَطْرَانِ أَمَّا أَوَّلُ سَطْرٍ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَمَّا الثَّانِی فَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ صِفَتُهُ یَا یَهُودِیُّ فَقَالَ الْیَهُوِدیَّانِ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ حَقّاً فَأَسْلَمَا وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُمَا وَ لَزِمَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَانَا مَعَهُ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ مَا كَانَ فَخَرَجَا مَعَهُ إِلَی الْبَصْرَةِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا فِی وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَ بَقِیَ الْآخَرُ حَتَّی خَرَجَ مَعَهُ إِلَی صِفِّینَ فَقُتِلَ بِصِفِّینَ(2).
بیان: قوله علیه السلام و القدرة تحمل كل شی ء أی لیست القدرة شیئا غیر الذات بها تحمل الذات الأشیاء بل معنی حمل القدرة أن الذات سبب لوجود كل شی ء و بقائه قوله علیه السلام الموت و الحیاة لا یوقف علیهما أی علی وقت حدوثهما و زوالهما قوله متطابقات أی مغلقات علی أهلها أو موافقات بعضها لبعض قوله أیام العشر أی عشر ذی الحجة أو العشرة بدل الهدی كما سیأتی (3).
أقول: تفسیر سائر أجزاء الخبر مفرق فی الأبواب المناسبة لها.
ص: 5
«2»- ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ إِلَی بَعْضِ الصَّادِقِینَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ مِنْ یَهُودِ خَیْبَرَ وَ مَعَهُمَا التَّوْرَاةُ مَنْشُورَةً یُرِیدَانِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَدَاهُ قَدْ قُبِضَ فَأَتَیَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالا إِنَّا قَدْ جِئْنَا نُرِیدُ النَّبِیَّ لِنَسْأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُبِضَ فَقَالَ وَ مَا مَسْأَلَتُكُمَا قَالا أَخْبِرْنَا عَنِ الْوَاحِدِ وَ الِاثْنَیْنِ وَ الثَّلَاثَةِ وَ الْأَرْبَعَةِ وَ الْخَمْسَةِ وَ السِّتَّةِ وَ السَّبْعَةِ وَ الثَّمَانِیَةِ وَ التِّسْعَةِ وَ الْعَشَرَةِ وَ الْعِشْرِینَ وَ الثَّلَاثِینَ وَ الْأَرْبَعِینَ وَ الْخَمْسِینَ وَ السِّتِّینَ وَ السَّبْعِینَ وَ الثَّمَانِینَ وَ التِّسْعِینَ وَ الْمِائَةِ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ مَا عِنْدِی فِی هَذَا شَیْ ءٌ ائْتِیَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ فَأَتَیَاهُ فَقَصَّا عَلَیْهِ الْقِصَّةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَ مَعَهُمَا التَّوْرَاةُ مَنْشُورَةً فَقَالَ لَهُمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا تَجِدَانِهِ عِنْدَكُمَا تُسْلِمَانِ قَالا نَعَمْ قَالَ أَمَّا الْوَاحِدُ فَهُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَمَّا الِاثْنَانِ فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لا تَتَّخِذُوا إِلهَیْنِ اثْنَیْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ وَ الْأَرْبَعَةُ وَ الْخَمْسَةُ وَ السِّتَّةُ وَ السَّبْعَةُ وَ الثَّمَانِیَةُ فَهُنَّ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فِی أَصْحَابِ الْكَهْفِ سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ أَمَّا التِّسْعَةُ فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ كانَ فِی الْمَدِینَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ وَ لا یُصْلِحُونَ وَ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ وَ أَمَّا الْعِشْرُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ وَ أَمَّا الثَّلَاثُونَ وَ الْأَرْبَعُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً وَ أَمَّا الْخَمْسُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ
ص: 6
وَ أَمَّا السِّتُّونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً وَ أَمَّا السَّبْعُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا وَ أَمَّا الثَّمَانُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً وَ أَمَّا التِّسْعُونَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ أَمَّا الْمِائَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قَالَ فَأَسْلَمَ الْیَهُودِیَّانِ عَلَی یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1).
«3»- ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عِیسَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: أَتَی قَوْمٌ مِنَ الْیَهُودِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَالٍ عَلَی النَّاسِ فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ وَالِی هَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ وَ قَدْ أَتَیْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَشْیَاءَ إِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنَا بِهَا آمَنَّا وَ صَدَّقْنَا وَ اتَّبَعْنَاكَ فَقَالَ عُمَرُ سَلُوا عَمَّا بَدَا لَكُمْ قَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ أَقْفَالِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَفَاتِیحِهَا وَ أَخْبِرْنَا عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ وَ أَخْبِرْنَا عَمَّنْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ أَخْبِرْنَا عَنْ مَوْضِعٍ طَلَعَتْ فِیهِ الشَّمْسُ وَ لَمْ تَعُدْ إِلَیْهِ وَ أَخْبِرْنَا عَنْ خَمْسَةٍ لَمْ یُخْلَقُوا فِی الْأَرْحَامِ وَ عَنْ وَاحِدٍ وَ اثْنَیْنِ وَ ثَلَاثَةٍ وَ أَرْبَعَةٍ وَ خَمْسَةٍ وَ سِتَّةٍ وَ سَبْعَةٍ وَ عَنْ ثَمَانِیَةٍ وَ تِسْعَةٍ وَ عَشَرَةٍ وَ حَادِیَ عَشَرَ وَ ثَانِیَ عَشَرَ قَالَ فَأَطْرَقَ عُمَرُ سَاعَةً ثُمَّ فَتَحَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ سَأَلْتُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَمَّا لَیْسَ
ص: 7
لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَ لَكِنِ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ یُخْبِرُكُمْ بِمَا سَأَلْتُمُونِی عَنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ فَدَعَاهُ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ مَعْشَرَ الْیَهُودِ سَأَلُونِی عَنْ أَشْیَاءَ لَمْ أُجِبْهُمْ فِیهَا بِشَیْ ءٍ وَ قَدْ ضَمِنُوا لِی إِنْ أَخْبَرْتُهُمْ أَنْ یُؤْمِنُوا بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ اعْرِضُوا عَلَیَّ مَسَائِلَكُمْ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالُوا لِعُمَرَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تُرِیدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا عَنْ شَیْ ءٍ سِوَی هَذَا قَالُوا لَا یَا أَبَا شَبَّرَ وَ شَبِیرٍ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا أَقْفَالُ السَّمَاوَاتِ فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ وَ مَفَاتِیحُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَمَّا الْقَبْرُ الَّذِی سَارَ بِصَاحِبِهِ فَالْحُوتُ سَارَ بِیُونُسَ فِی بَطْنِهِ الْبِحَارَ السَّبْعَةَ وَ أَمَّا الَّذِی أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَتِلْكَ نَمْلَةُ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ أَمَّا الْمَوْضِعُ الَّذِی طَلَعَتْ فِیهِ الشَّمْسُ فَلَمْ تَعُدْ إِلَیْهِ فَذَاكَ الْبَحْرُ الَّذِی أَنْجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ مُوسَی علیه السلام وَ غَرَّقَ فِیهِ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابَهُ وَ أَمَّا الْخَمْسَةُ الَّذِینَ لَمْ یُخْلَقُوا فِی الْأَرْحَامِ فَآدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ عَصَا مُوسَی وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ أَمَّا الْوَاحِدُ فَاللَّهُ الْوَاحِدُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَمَّا الِاثْنَانِ فَآدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ فَجَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَالتَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ وَ أَمَّا الْخَمْسُ فَخَمْسُ صَلَوَاتٍ مَفْرُوضَاتٍ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا السِّتَّةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ أَمَّا السَّبْعَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ
ص: 8
وَ أَمَّا التِّسْعَةُ فَالْآیَاتُ الْمُنْزَلَاتُ عَلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام وَ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ وَ أَمَّا الْحَادِیَ عَشَرَ فَقَوْلُ یُوسُفَ لِأَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ أَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی علیه السلام اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً قَالَ فَأَقْبَلَ الْیَهُودُ یَقُولُونَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَی عُمَرَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَقَامِ مِنْكَ وَ أَسْلَمَ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُمْ (1).
«4»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ رَجَعَ عُمَرُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَقَعَدَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ وَ أَنَا عَلَّامَتُهُمْ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسَائِلَ إِنْ أَجَبْتَنِی فِیهَا أَسْلَمْتُ قَالَ مَا هِیَ قَالَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثٌ وَ وَاحِدَةٌ فَإِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ وَ إِنْ كَانَ فِی الْقَوْمِ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْكَ أَرْشِدْنِی إِلَیْهِ قَالَ عَلَیْكَ بِذَلِكَ الشَّابِّ یَعْنِی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَتَی عَلِیّاً علیه السلام فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ قُلْتَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثاً وَ وَاحِدَةً أَلَّا قُلْتَ سَبْعاً قَالَ إِنِّی إِذاً لَجَاهِلٌ إِنْ لَمْ تُجِبْنِی فِی الثَّلَاثِ اكْتَفَیْتُ قَالَ فَإِنْ أَجَبْتُكَ تُسْلِمُ قَالَ نَعَمْ قَالَ سَلْ قَالَ أَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَوَّلِ عَیْنٍ نَبَعَتْ وَ أَوَّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ قَالَ یَا یَهُودِیُّ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَوَّلَ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الْحَجَرُ الَّذِی فِی الْبَیْتِ الْمُقَدَّسِ وَ كَذَبْتُمْ هُوَ الْحَجَرُ الَّذِی نَزَلَ بِهِ آدَمُ علیه السلام مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی
ص: 9
قَالَ وَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَوَّلَ عَیْنٍ نَبَعَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الْعَیْنُ الَّتِی بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَذَبْتُمْ هِیَ عَیْنُ الْحَیَاةِ الَّتِی غَسَلَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ السَّمَكَةَ (1)وَ هِیَ الْعَیْنُ الَّتِی شَرِبَ مِنْهَا الْخَضِرُ وَ لَیْسَ یَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا حَیَّ (حَیِیَ خ ل) قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی قَالَ وَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَوَّلَ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الزَّیْتُونُ وَ كَذَبْتُمْ هِیَ الْعَجْوَةُ (2)الَّتِی نَزَلَ بِهَا آدَمُ علیه السلام مِنَ الْجَنَّةِ مَعَهُ قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی علیه السلام قَالَ وَ الثَّلَاثُ الْأُخْرَی كَمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ إِمَامٍ هُدًی لَا یَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ قَالَ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی قَالَ فَأَیْنَ یَسْكُنُ نَبِیُّكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ فِی أَعْلَاهَا دَرَجَةً وَ أَشْرَفِهَا مَكَاناً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی ثُمَّ قَالَ فَمَنْ یَنْزِلُ مَعَهُ فِی مَنْزِلِهِ قَالَ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی علیه السلام ثُمَّ قَالَ السَّابِعَةَ فَأَسْلَمَ كَمْ یَعِیشُ وَصِیُّهُ بَعْدَهُ قَالَ ثَلَاثِینَ سَنَةً قَالَ ثُمَّ مَهْ یَمُوتُ أَوْ یُقْتَلُ قَالَ یُقْتَلُ یُضْرَبُ عَلَی قَرْنِهِ وَ تُخْضَبُ لِحْیَتُهُ قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی علیه السلام.
قال الصدوق رحمه اللّٰه فی ل و قد أخرجت هذا الحدیث من طرق فی كتاب الأوائل (3)ك، إكمال الدین حدثنا أبی و ابن الولید معا عن سعد مثله (4)ج، الإحتجاج عن صالح بن عقبة مثله (5)
ص: 10
«5»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِیُّ الرَّازِیُّ الْعَدْلُ بِبَلْخٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَیْمَانَ الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ یَهُودِیّاً سَأَلَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَمَّا لَیْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا مَا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَهُوَ قَوْلُكُمْ یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ إِنَّ عُزَیْراً ابْنُ اللَّهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی لَا یَعْلَمُ لَهُ وَلَداً أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ لِلَّهِ فَلَیْسَ لِلَّهِ شَرِیكٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی فَلَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ ظُلْمٌ لِلْعِبَادِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1)
ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بالأسانید الثلاثة عن الرضا علیه السلام مثله (2)صح، صحیفة الرضا علیه السلام عنه علیه السلام مثله (3)
«6»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی شَیْخُ الطَّائِفَةِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْفَحَّامِ السُّرَّمَرَّائِیِّ (4)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَمَّا لَیْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمَّا مَا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَلَا یَعْلَمُ أَنَّ لَهُ وَلَداً تَكْذِیباً لَكُمْ حَیْثُ قُلْتُمْ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ لِلَّهِ فَلَیْسَ لَهُ شَرِیكٌ (5)وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ
ص: 11
فَلَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ ظُلْمُ الْعِبَادِ (1)فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْحَقُّ وَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَ قُلْتَ الْحَقَّ وَ أَسْلَمَ عَلَی یَدِهِ (2)
«7»- ع، علل الشرائع حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَهُودِیٌّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْیَاءَ إِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنِی بِهَا أَسْلَمْتُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَلْنِی یَا یَهُودِیُّ عَمَّا بَدَا لَكَ فَإِنَّكَ لَا تُصِیبُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَخْبِرْنِی عَنْ قَرَارِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَی مَا هُوَ وَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ وَ مِنْ أَیِّ النُّطْفَتَیْنِ یَكُونُ الشَّعْرُ وَ اللَّحْمُ وَ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ لِمَ سُمِّیَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً وَ لِمَ سُمِّیَتِ الدُّنْیَا دُنْیَا وَ لِمَ سُمِّیَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً وَ لِمَ سُمِّیَ آدَمُ آدَمَ وَ لِمَ سُمِّیَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ وَ لِمَ سُمِّیَتِ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً وَ لِمَ سُمِّیَتِ الدِّینَارُ دِینَاراً وَ لِمَ قِیلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ وَ لِمَ قِیلَ لِلْبَغْلِ عَدْ وَ لِمَ قِیلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا قَرَارُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا یَكُونُ إِلَّا عَلَی عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ الْمَلِكِ عَلَی صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَی قَرْنِ ثَوْرٍ وَ الثَّوْرُ قَوَائِمُهُ عَلَی ظَهْرِ الْحُوتِ فِی الْیَمِّ الْأَسْفَلِ وَ الْیَمُّ عَلَی الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةُ عَلَی الْعَقِیمِ وَ الْعَقِیمُ عَلَی الثَّرَی وَ مَا یَعْلَمُ تَحْتَ الثَّرَی إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ (3)وَ أَمَّا شَبَهُ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ فَإِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ إِلَی الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَی أَعْمَامِهِ وَ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ یَكُونُ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ إِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ نُطْفَةَ الرَّجُلِ إِلَی الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَی أَخْوَالِهِ وَ مِنْ نُطْفَتِهَا یَكُونُ الشَّعْرُ وَ
ص: 12
الْجِلْدُ وَ اللَّحْمُ لِأَنَّهَا صَفْرَاءُ رَقِیقَةٌ وَ سُمِّیَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً لِأَنَّهَا وَسْمُ الْمَاءِ یَعْنِی مَعْدِنَ الْمَاءِ وَ إِنَّمَا سُمِّیَتِ الدُّنْیَا دُنْیَا لِأَنَّهَا أَدْنَی مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ سُمِّیَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً لِأَنَّ فِیهَا الْجَزَاءُ وَ الثَّوَابُ وَ سُمِّیَ آدَمُ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ جَبْرَئِیلَ علیه السلام وَ أَمَرَهُ أَنْ یَأْتِیَهُ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ بِأَرْبَعِ طِینَاتٍ طِینَةٍ بَیْضَاءَ وَ طِینَةٍ حَمْرَاءَ وَ طِینَةٍ غَبْرَاءَ وَ طِینَةٍ سَوْدَاءَ وَ ذَلِكَ مِنْ سَهْلِهَا وَ حَزْنِهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یَأْتِیَهُ بِأَرْبَعِ مِیَاهٍ مَاءٍ عَذْبٍ وَ مَاءٍ مِلْحٍ وَ مَاءٍ مُرٍّ وَ مَاءٍ مُنْتِنٍ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یُفْرِغَ الْمَاءَ فِی الطِّینِ وَ أَدَمَهُ اللَّهُ بِیَدِهِ فَلَمْ یَفْضُلْ شَیْ ءٌ مِنَ الطِّینِ یَحْتَاجُ إِلَی الْمَاءِ وَ لَا مِنَ الْمَاءِ شَیْ ءٌ یَحْتَاجُ إِلَی الطِّینِ فَجَعَلَ الْمَاءَ الْعَذْبَ فِی حَلْقِهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمَالِحَ فِی عَیْنَیْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمُرَّ فِی أُذُنَیْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمُنْتِنَ فِی أَنْفِهِ وَ إِنَّمَا سُمِّیَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْحَیَوَانِ وَ إِنَّمَا قِیلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْخَیْلَ قَابِیلُ یَوْمَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِیلَ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ إِجِدِ الْیَوْمَ وَ مَا تَرَكَ النَّاسُ دَماً فَقِیلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِذَلِكَ وَ إِنَّمَا قِیلَ لِلْبَغْلِ عَدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْبَغْلَ آدَمُ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنٌ یُقَالُ لَهُ مَعَدٌ وَ كَانَ عَشُوقاً لِلدَّوَابِّ وَ كَانَ یَسُوقُ بِآدَمَ علیه السلام فَإِذَا تَقَاعَسَ الْبَغْلُ (1)نَادَی یَا مَعَدُ سُقْهَا فَأَلِفَتِ الْبَغْلَةُ (2)اسْمَ مَعَدٍ فَتَرَكَ النَّاسُ مَعَدَ وَ قَالُوا عَدْ وَ إِنَّمَا قِیلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْحِمَارَ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حِمَارَةٌ وَ كَانَتْ تَرْكَبُهَا لِزِیَارَةِ قَبْرِ وَلَدِهَا هَابِیلَ وَ كَانَتْ تَقُولُ فِی مَسِیرِهَا وَا حَرَّاهْ فَإِذَا قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ سَارَتِ الْحِمَارَةُ وَ إِذَا أَمْسَكَتْ تَقَاعَسَتْ فَتَرَكَ النَّاسُ ذَلِكَ وَ قَالُوا حَرِّ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً لِأَنَّهُ دَارُ هَمٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ یُنْفِقْهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ النَّارَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الدِّینَارُ دِینَاراً لِأَنَّهُ دَارُ النَّارِ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ یُنْفِقْهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی أَوْرَثَهُ النَّارَ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا لَنَجِدُ جَمِیعَ مَا وَصَفْتَ فِی التَّوْرَاةِ
ص: 13
فَأَسْلَمَ عَلَی یَدِهِ وَ لَازَمَهُ حَتَّی قُتِلَ یَوْمَ صِفِّینَ (1)
بیان: قوله علیه السلام لأنه وسم الماء یدل علی أن السماء مشتق من السمة التی أصلها الوسم و هو بمعنی العلامة و إنما عبر عنها بالمعدن لأن معدن كل شی ء علامة له قال الفیروزآبادی اسم الشی ء بالضم و الكسر و سمه و سماه مثلثتین علامته (2)قوله علیه السلام لأنه أدنی من كل شی ء أی أقرب إلینا أو أسفل أو أخس قوله لأن فیها الجزاء أی و الجزاء متأخر عن العمل.
و قال الجوهری و ربما سمی وجه الأرض أدیما و قال الأدم الألفة و الاتفاق یقال أدم اللّٰه بینهما أی أصلح و ألف.
قوله أجد الیوم كأنه من الإجادة أی أجد السعی لأن الناس لا یتركون الدم بل یطلبونه منی إن ظفروا بی أو من الوجدان أی أجد الناس الیوم لا یتركون الدم أو بتشدید الدال من الجد و السعی فیرجع إلی الأول و یمكن أن یكون فی الأصل مكان و ما قوله دما أی أجد الیوم أخذت لنفسی دما و انتقمت من عدوی فیكون ترك الناس دما كلام الإمام علیه السلام.
ثم إن القول للفرس الظاهر أنه یقال له ذلك عند زجره قال الفیروزآبادی إجد بكسرتین ساكنة الدال زجر للإبل و قال عدعد زجر للبغل (3)قوله علیه السلام لأنه دار همّ لعله كان أصله هكذا فصار بكثرة الاستعمال درهما.
«8»- مع، معانی الأخبار مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ عَنْ یُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَیَّارٍ عَنْ أَبَوَیْهِمَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ أَنَّهُ قَالَ: كَذَّبَتْ قُرَیْشٌ وَ الْیَهُودُ بِالْقُرْآنِ وَ قَالُوا سِحْرٌ مُبِینٌ تَقَوَّلَهُ (4)فَقَالَ اللَّهُ الم ذلِكَ الْكِتابُ أَیْ یَا مُحَمَّدُ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِی أَنْزَلْتُهُ (5)عَلَیْكَ هُوَ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِی مِنْهَا أَلِفٌ
ص: 14
لَامٌ مِیمٌ وَ هُوَ بِلُغَتِكُمْ وَ حُرُوفِ هِجَائِكُمْ فَأْتُوا بِمِثْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ وَ اسْتَعِینُوا عَلَی ذَلِكَ بِسَائِرِ شُهَدَائِكُمْ ثُمَّ بَیَّنَ أَنَّهُمْ لَا یَقْدِرُونَ عَلَیْهِ بِقَوْلِهِ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الم هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِی افْتُتِحَ بالم هُوَ ذلِكَ الْكِتابُ الَّذِی أَخْبَرْتُ مُوسَی فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ (1)فَأَخْبَرُوا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنِّی سَأُنْزِلُهُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ كِتَاباً عَزِیزاً (2)لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ لا رَیْبَ فِیهِ لَا شَكَّ فِیهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُمْ كَمَا أَخْبَرَهُمْ أَنْبِیَاؤُهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً یُنْزَلُ عَلَیْهِ كِتَابٌ لَا یَمْحُوهُ الْبَاطِلُ یَقْرَؤُهُ هُوَ وَ أُمَّتُهُمْ عَلَی سَائِرِ أَحْوَالِهِمْ هُدیً بَیَانٌ مِنَ الضَّلَالَةِ لِلْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یَتَّقُونَ الْمُوبِقَاتِ وَ یَتَّقُونَ تَسْلِیطَ السَّفَهِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ حَتَّی إِذَا عَلِمُوا مَا یَجِبُ عَلَیْهِمْ عِلْمُهُ عَمِلُوا بِمَا یُوجِبُ لَهُمْ رِضَا رَبِّهِمْ.
قَالَ: وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام ثُمَّ الْأَلِفُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ قَوْلِكَ اللَّهُ دُلَّ بِالْأَلِفِ عَلَی قَوْلِكَ اللَّهُ وَ دُلَّ بِاللَّامِ عَلَی قَوْلِكَ الْمَلِكُ الْعَظِیمُ الْقَاهِرُ لِلْخَلْقِ أَجْمَعِینَ وَ دُلَّ بِالْمِیمِ عَلَی أَنَّهُ الْمَجِیدُ الْمَحْمُودُ فِی كُلِّ أَفْعَالِهِ وَ جُعِلَ هَذَا الْقَوْلُ حُجَّةً عَلَی الْیَهُودِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا بَعَثَ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَكُنْ فِیهِمْ قَوْمٌ (3)إِلَّا أَخَذُوا عَلَیْهِمُ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ لَیُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ الْعَرَبِیِّ الْأُمِّیِّ الْمَبْعُوثِ- بِمَكَّةَ الَّذِی یُهَاجِرُ إِلَی الْمَدِینَةِ یَأْتِی بِكِتَابٍ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ (4)افْتِتَاحَ بَعْضِ سُوَرِهِ یَحْفَظُهُ أُمَّتُهُ فَیَقْرَءُونَهُ قِیَاماً وَ قُعُوداً وَ مُشَاةً وَ عَلَی كُلِّ الْأَحْوَالِ یُسَهِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِفْظَهُ عَلَیْهِمْ وَ یَقْرِنُونَ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَاهُ وَ وَصِیَّهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام الْآخِذَ عَنْهُ عُلُومَهُ الَّتِی عَلَّمَهَا وَ الْمُتَقَلِّدَ عَنْهُ لِأَمَانَتِهِ الَّتِی قَلَّدَهَا وَ مُذَلِّلَ كُلِّ مَنْ عَانَدَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِسَیْفِهِ الْبَاتِرِ وَ مُفْحِمَ كُلِّ مَنْ حَاوَلَهُ وَ خَاصَمَهُ بِدَلِیلِهِ الْقَاهِرِ یُقَاتِلُ عِبَادَ اللَّهِ عَلَی تَنْزِیلِ كِتَابِ اللَّهِ حَتَّی یَقُودَهُمْ
ص: 15
إِلَی قَبُولِهِ طَائِعِینَ وَ كَارِهِینَ ثُمَّ إِذَا صَارَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ارْتَدَّ كَثِیرٌ مِمَّنْ كَانَ أَعْطَاهُ ظَاهِرَ الْإِیمَانِ وَ حَرَّفُوا تَأْوِیلَاتِهِ وَ غَیَّرُوا مَعَانِیَهُ وَ وَضَعُوهَا عَلَی خِلَافِ وُجُوهِهَا قَاتَلَهُمْ بَعْدُ عَلَی تَأْوِیلِهِ حَتَّی یَكُونَ إِبْلِیسُ الْغَاوِی لَهُمْ هُوَ الْخَاسِرَ الذَّلِیلَ الْمَطْرُودَ الْمَغْلُولَ قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً وَ أَظْهَرَهُ بِمَكَّةَ ثُمَّ سَیَّرَهُ مِنْهَا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ أَظْهَرَهُ بِهَا ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الْكِتَابَ وَ جَعَلَ افْتِتَاحَ سُورَتِهِ الْكُبْرَی بِالم یَعْنِی الم ذلِكَ الْكِتابُ وَ هُوَ ذَلِكَ الْكِتَابُ الَّذِی أَخْبَرْتُ أَنْبِیَائِیَ السَّالِفِینَ أَنِّی سَأُنْزِلُهُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ لا رَیْبَ فِیهِ فَقَدْ ظَهَرَ كَمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ أَنْبِیَاؤُهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً یُنْزَلُ عَلَیْهِ كِتَابٌ مُبَارَكٌ لَا یَمْحُوهُ الْبَاطِلُ یَقْرَؤُهُ هُوَ وَ أُمَّتُهُ عَلَی سَائِرِ أَحْوَالِهِمْ ثُمَّ الْیَهُودُ یُحَرِّفُونَهُ عَنْ جِهَتِهِ وَ یَتَأَوَّلُونَهُ عَلَی غَیْرِ وَجْهِهِ وَ یَتَعَاطَوْنَ التَّوَصُّلَ إِلَی عِلْمِ مَا قَدْ طَوَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ حَالِ أَجَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ كَمْ مُدَّةُ مُلْكِهِ فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ فَوَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام مُخَاطَبَتَهُمْ (1)فَقَالَ قَائِلُهُمْ إِنْ كَانَ مَا یَقُولُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله حَقّاً لَقَدْ عَلَّمْنَاكُمْ قَدْرَ مُلْكِ أُمَّتِهِ هُوَ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ سَنَةً الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الْمِیمُ أَرْبَعُونَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَا تَصْنَعُونَ بِ المص وَ قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَیْهِ قَالُوا هَذِهِ إِحْدَی وَ سِتُّونَ وَ مِائَةُ سَنَةٍ قَالَ فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ بِ الر وَ قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَیْهِ فَقَالُوا هَذِهِ أَكْثَرُ هَذِهِ مِائَتَانِ وَ إِحْدَی وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَیْهِ المر قَالُوا (2)هَذِهِ مِائَتَانِ وَ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ سَنَةً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَوَاحِدَةٌ مِنْ هَذِهِ لَهُ أَوْ جَمِیعُهَا لَهُ فَاخْتَلَطَ كَلَامُهُمْ فَبَعْضُهُمْ قَالَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَ بَعْضُهُمْ قَالَ بَلْ یُجْمَعُ لَهُ كُلُّهَا وَ ذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ یَرْجِعُ الْمُلْكُ إِلَیْنَا یَعْنِی إِلَی الْیَهُودِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ كِتَابٌ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ نَطَقَ بِهَذَا أَمْ آرَاؤُكُمْ دَلَّتْكُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ
ص: 16
بَعْضُهُمْ كِتَابُ اللَّهِ نَطَقَ بِهِ وَ قَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بَلْ آرَاؤُنَا دَلَّتْ عَلَیْهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأْتُوا بِالْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ یَنْطِقُ بِمَا تَقُولُونَ فَعَجَزُوا عَنْ إِیرَادِ ذَلِكَ وَ قَالَ لِلْآخَرِینَ فَدُلُّونَا عَلَی صَوَابِ هَذَا الرَّأْیِ فَقَالُوا صَوَابُ رَأْیِنَا دَلِیلُهُ أَنَّ هَذَا حِسَابُ الْجُمَّلِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَیْفَ دَلَّ عَلَی مَا تَقُولُونَ وَ لَیْسَ فِی هَذِهِ الْحُرُوفِ مَا اقْتَرَحْتُمْ بِلَا بَیَانٍ (1)أَ رَأَیْتُمْ إِنْ قِیلَ لَكُمْ إِنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ لَیْسَتْ دَالَّةً عَلَی هَذِهِ الْمُدَّةِ لِمُلْكِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَی أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ قَدْ لُعِنَ بِعَدَدِ هَذَا الْحِسَابِ أَوْ أَنَّ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ دَیْناً بِعَدَدِ هَذَا الْحِسَابِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِیرَ (2)أَوْ أَنَّ لَعَلَی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ (3)دَیْناً عَدَدُ مَالِهِ مِثْلُ عَدَدِ هَذَا الْحِسَابِ قَالُوا یَا أَبَا الْحَسَنِ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِمَّا ذَكَرْتَهُ مَنْصُوصاً عَلَیْهِ فِی الم وَ المص وَ الر وَ المر فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَا شَیْ ءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ مَنْصُوصٌ عَلَیْهِ فِی الم وَ المص وَ الر وَ المر فَإِنْ بَطَلَ قَوْلُنَا لِمَا قُلْتُمْ بَطَلَ قَوْلُكُمْ لِمَا قُلْنَا فَقَالَ خَطِیبُهُمْ وَ مِنْطِیقُهُمْ لَا تَفْرَحْ یَا عَلِیُّ بِأَنْ عَجَزْنَا عَنْ إِقَامَةِ حُجَّةٍ فِیمَا نَقُولُهُ عَلَی دَعْوَانَا فَأَیُّ حُجَّةٍ لَكَ فِی دَعْوَاكَ إِلَّا أَنْ تَجْعَلَ عَجْزَنَا حُجَّتَكَ فَإِذاً مَا لَنَا حُجَّةٌ فِیمَا نَقُولُ وَ لَا لَكُمْ حُجَّةٌ فِیمَا تَقُولُونَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا سَوَاءٌ إِنَّ لَنَا حُجَّةً هِیَ الْمُعْجِزَةُ الْبَاهِرَةُ ثُمَّ نَادَی جِمَالَ الْیَهُودِ یَا أَیَّتُهَا الْجِمَالُ اشْهَدِی لِمُحَمَّدٍ وَ لِوَصِیِّهِ فَتَبَادَرَ الْجِمَالُ (4)صَدَقْتَ صَدَقْتَ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ وَ كَذَبَ هَؤُلَاءِ الْیَهُودُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَؤُلَاءِ جِنْسٌ مِنَ الشُّهُودِ (5)یَا ثِیَابَ الْیَهُودِ الَّتِی عَلَیْهِمْ اشْهَدِی لِمُحَمَّدٍ وَ لِوَصِیِّهِ فَنَطَقَتْ ثِیَابُهُمْ كُلُّهَا صَدَقْتَ صَدَقْتَ یَا عَلِیُّ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً وَ أَنَّكَ یَا عَلِیُّ وَصِیُّهُ حَقّاً لَمْ یَثْبُتْ مُحَمَّداً قَدَمٌ فِی مَكْرُمَةٍ إِلَّا وَطِئْتَ عَلَی
ص: 17
مَوْضِعِ قَدَمِهِ بِمِثْلِ مَكْرُمَتِهِ فَأَنْتُمَا شَقِیقَانِ مِنْ أَشْرَفِ أَنْوَارِ اللَّهِ (1)فَمُیِّزْتُمَا اثْنَیْنِ وَ أَنْتُمَا فِی الْفَضَائِلِ شَرِیكَانِ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرِسَتِ الْیَهُودُ وَ آمَنَ بَعْضُ النَّظَّارَةِ مِنْهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَی الْیَهُودِ وَ سَائِرِ النَّظَّارَةِ الْآخَرِینَ فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لا رَیْبَ فِیهِ أَنَّهُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَوْلِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ثُمَّ قَالَ هُدیً بَیَانٌ وَ شِفَاءٌ لِلْمُتَّقِینَ مِنْ شِیعَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ علیه السلام إِنَّهُمْ اتَّقَوْا أَنْوَاعَ الْكُفْرِ فَتَرَكُوهَا وَ اتَّقَوُا الذُّنُوبَ الْمُوبِقَاتِ فَرَفَضُوهَا وَ اتَّقَوْا إِظْهَارَ أَسْرَارِ اللَّهِ وَ أَسْرَارِ أَزْكِیَاءِ عِبَادِهِ الْأَوْصِیَاءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَتَمُوهَا وَ اتَّقَوْا سَتْرَ الْعُلُومِ (2)عَنْ أَهْلِهَا الْمُسْتَحِقِّینَ لَهَا وَ مِنْهُمْ نَشَرُوهَا (3).
«9»- ید، التوحید الْقَطَّانُ وَ الدَّقَّاقُ مَعاً عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْوَدَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَدِیقَانِ یَهُودِیَّانِ قَدْ آمَنَا بِمُوسَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَتَیَا مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَمِعَا مِنْهُ وَ قَدْ كَانَا قَرَءَا التَّوْرَاةَ وَ صُحُفَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ عَلِمَا عِلْمَ الْكُتُبِ الْأُولَی فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رَسُولَهُ أَقْبَلَا یَسْأَلَانِ عَنْ صَاحِبِ الْأَمْرِ بَعْدَهُ وَ قَالا إِنَّهُ لَمْ یَمُتْ نَبِیٌّ قَطُّ إِلَّا وَ لَهُ خَلِیفَةٌ یَقُومُ بِالْأَمْرِ فِی أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ قَرِیبُ الْقَرَابَةِ إِلَیْهِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ عَظِیمُ الْخَطَرِ (4)جَلِیلُ الشَّأْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَلْ تَعْرِفُ صَاحِبَ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ هَذَا النَّبِیِّ قَالَ الْآخَرُ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا بِالصِّفَةِ الَّتِی أَجِدُهَا فِی التَّوْرَاةِ هُوَ الْأَصْلَعُ الْمُصَفَّرُ (5)فَإِنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا دَخَلَا الْمَدِینَةَ وَ سَأَلَا عَنِ الْخَلِیفَةِ أُرْشِدَا إِلَی أَبِی بَكْرٍ
ص: 18
فَلَمَّا نَظَرَا إِلَیْهِ قَالا لَیْسَ هَذَا صَاحِبَنَا ثُمَّ قَالا لَهُ مَا قَرَابَتُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ إِنِّی رَجُلٌ مِنْ عَشِیرَتِهِ وَ هُوَ زَوْجُ ابْنَتِی عَائِشَةَ قَالا هَلْ غَیْرُ هَذَا قَالَ لَا قَالا لَیْسَتْ هَذِهِ بِقَرَابَةٍ فَأَخْبِرْنَا أَیْنَ رَبُّكَ قَالَ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ قَالَ هَلْ غَیْرُ هَذَا قَالَ لَا قَالا دُلَّنَا عَلَی مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَإِنَّكَ أَنْتَ لَسْتَ بِالرَّجُلِ الَّذِی نَجِدُ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّهُ وَصِیُّ هَذَا النَّبِیِّ وَ خَلِیفَتُهُ قَالَ فَتَغَیَّظَ مِنْ قَوْلِهِمَا وَ هَمَّ بِهِمَا ثُمَّ أَرْشَدَهُمَا إِلَی عُمَرَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَرَفَ مِنْ عُمَرَ أَنَّهُمَا إِنِ اسْتَقْبَلَاهُ بِشَیْ ءٍ بَطَشَ بِهِمَا فَلَمَّا أَتَیَاهُ قَالا مَا قَرَابَتُكَ مِنْ هَذَا النَّبِیِّ قَالَ أَنَا مِنْ عَشِیرَتِهِ وَ هُوَ زَوْجُ ابْنَتِی حَفْصَةَ قَالا هَلْ غَیْرُ هَذَا قَالا لَیْسَتْ هَذِهِ بِقَرَابَةٍ وَ لَیْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةَ الَّتِی نَجِدُهَا فِی التَّوْرَاةِ ثُمَّ قَالا لَهُ فَأَیْنَ رَبُّكَ قَالَ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ قَالا هَلْ غَیْرُ هَذَا قَالَ لَا قَالا دُلَّنَا عَلَی مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَأَرْشَدَهُمَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا جَاءَاهُ فَنَظَرَا إِلَیْهِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِی صِفَتُهُ فِی التَّوْرَاةِ إِنَّهُ وَصِیُّ هَذَا النَّبِیِّ وَ خَلِیفَتُهُ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ وَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ قَالا لِعَلِیٍّ علیه السلام أَیُّهَا الرَّجُلُ مَا قَرَابَتُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ هُوَ أَخِی وَ أَنَا وَارِثُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ أَنَا زَوْجُ ابْنَتِهِ قَالا هَذِهِ الْقَرَابَةُ الْفَاخِرَةُ وَ الْمَنْزِلَةُ الْقَرِیبَةُ وَ هَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِی نَجِدُهَا فِی التَّوْرَاةِ فَأَیْنَ رَبُّكَ (1)عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَهُمَا عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ شِئْتُمَا أَنْبَأْتُكُمَا بِالَّذِی كَانَ عَلَی عَهْدِ نَبِیِّكُمَا مُوسَی علیه السلام وَ إِنْ شِئْتُمَا أَنْبَأْتُكُمَا بِالَّذِی كَانَ عَلَی عَهْدِ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالا أَنْبِئْنَا بِالَّذِی كَانَ عَلَی عَهْدِ نَبِیِّنَا مُوسَی علیه السلام قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَقْبَلَ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ مَلَكٌ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَلَكٌ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَشْرِقِ لِصَاحِبِ الْمَغْرِبِ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ رَبِّی وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ لِصَاحِبِ الْمَشْرِقِ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ رَبِّی وَ قَالَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ لِلْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ
ص: 19
رَبِّی وَ قَالَ الْخَارِجُ مِنَ الْأَرْضِ لِلنَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ رَبِّی فَهَذَا مَا كَانَ عَلَی عَهْدِ نَبِیِّكُمَا مُوسَی علیه السلام وَ أَمَّا مَا كَانَ عَلَی عَهْدِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَذَلِكَ قَوْلُهُ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا الْآیَةَ قَالَ الْیَهُودِیَّانِ فَمَا مَنَعَ صَاحِبَیْكَ أَنْ یَكُونَا جَعَلَاكَ فِی مَوْضِعِكَ الَّذِی أَنْتَ أَهْلُهُ فَوَ الَّذِی أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَی مُوسَی علیه السلام إِنَّكَ لَأَنْتَ الْخَلِیفَةُ حَقّاً نَجِدُ صِفَتَكَ فِی كُتُبِنَا وَ نَقْرَؤُهُ فِی كَنَائِسِنَا وَ إِنَّكَ لَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَوْلَی بِهِ مِمَّنْ قَدْ غَلَبَكَ عَلَیْهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدَّمَا وَ أَخَّرَا وَ حِسَابُهُمَا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُوقَفَانِ وَ یُسْأَلَانِ (1).
بیان: المصفّر كمعظم الجائع و اصفر افتقر و فی بعض النسخ بالغین المعجمة و علی التقادیر لعله كنایة عن المغصوبیة و المظلومیة قوله قدما أی من أخره اللّٰه عن رتبة الإمامة و أخرا أی عن الإمامة من جعله اللّٰه أهلا لها.
«10»- ك، إكمال الدین مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ یَحْیَی الْأَسْلَمِیِّ (2)عَنْ عَمَّارِ بْنِ جُوَیْنٍ (3)عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ (4)قَالَ: شَهِدْنَا الصَّلَاةَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ ثُمَّ اجْتَمَعْنَا إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَبَایَعْنَاهُ وَ أَقَمْنَا أَیَّاماً نَخْتَلِفُ إِلَی الْمَسْجِدِ إِلَیْهِ حَتَّی سَمَّوْهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَبَیْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَهُ یَوْماً إِذْ جَاءَ یَهُودِیٌّ مِنْ یَهُودِ الْمَدِینَةِ وَ هُوَ یَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ أَخِی مُوسَی علیه السلام
ص: 20
حَتَّی وَقَفَ عَلَی عُمَرَ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَیُّكُمْ أَعْلَمُ بِعِلْمِ نَبِیِّكُمْ وَ كِتَابِ رَبِّكُمْ حَتَّی أَسْأَلَهُ عَمَّا أُرِیدُ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَ كَذَلِكَ أَنْتَ یَا عَلِیُّ علیه السلام قَالَ علیه السلام نَعَمْ سَلْ عَمَّا تُرِیدُ قَالَ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ وَ عَنْ ثَلَاثٍ وَ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لِمَ لَا تَقُولُ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ سَبْعٍ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ فَإِنْ أَصَبْتَ فِیهِنَّ سَأَلْتُكَ عَنِ الثَّلَاثِ الْأُخْرَی فَإِنْ أَصَبْتَ سَأَلْتُكَ عَنِ الْوَاحِدَةِ وَ إِنْ أَخْطَأْتَ فِی الثَّلَاثِ الْأُولَی لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ شَیْ ءٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا یُدْرِیكَ إِذَا سَأَلْتَنِی فَأَجَبْتُكَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ فَضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی كُمِّهِ فَاسْتَخْرَجَ كِتَاباً عَتِیقاً فَقَالَ هَذَا وَرِثْتُهُ عَنْ آبَائِی وَ أَجْدَادِی إِمْلَاءُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ خَطُّ هَارُونَ وَ فِیهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الَّتِی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ عَلَیْكَ (1)إِنْ أَجَبْتُكَ فِیهِنَّ بِالصَّوَابِ أَنْ تُسْلِمَ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ وَ اللَّهِ إِنْ أَجَبْتَنِی فِیهِنَّ بِالصَّوَابِ لَأُسْلِمَنَّ السَّاعَةَ عَلَی یَدَیْكَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ عَیْنٍ نَبَعَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا یَهُودِیُّ أَمَّا أَوَّلُ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا صَخْرُ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَذَبُوا وَ لَكِنَّهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ نَزَلَ بِهِ آدَمُ علیه السلام مِنَ الْجَنَّةِ (2)فَوَضَعَهُ فِی رُكْنِ الْبَیْتِ وَ النَّاسُ یَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَ یُقَبِّلُونَهُ وَ یُجَدِّدُونَ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا الزَّیْتُونُ وَ كَذَبُوا وَ لَكِنَّهَا النَّخْلَةُ مِنَ الْعَجْوَةِ نَزَلَ بِهَا آدَمُ علیه السلام مَعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَصْلُ النَّخْلِ كُلِّهِ مِنَ الْعَجْوَةِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا أَوَّلُ عَیْنٍ نَبَعَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ
ص: 21
أَنَّهَا الْعَیْنُ الَّتِی نَبَعَتْ تَحْتَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَذَبُوا وَ لَكِنَّهَا عَیْنُ الْحَیَاةِ (1)الَّتِی نَسِیَ عِنْدَهَا صَاحِبُ مُوسَی السَّمَكَةَ الْمَالِحَةَ فَلَمَّا أَصَابَهَا مَاءُ الْعَیْنِ عَاشَتْ وَ سَرَبَتْ فَاتَّبَعَهَا مُوسَی وَ صَاحِبُهُ فَلَقِیَا الْخَضِرَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سَلْ (2)قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمْ لَهَا بَعْدَ نَبِیِّهَا مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ أَخْبِرْنِی عَنْ مَنْزِلِ مُحَمَّدٍ أَیْنَ هُوَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ مَنْ یَسْكُنُ مَعَهُ فِی مَنْزِلِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام یَا یَهُودِیُّ یَكُونُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِیِّهَا اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَدْلًا لَا یَضُرُّهُمْ خِلَافُ مَنْ خَالَفَ عَلَیْهِمْ (3)قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ (4)لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا مَنْزِلُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْجَنَّةِ فِی جَنَّةِ عَدْنٍ وَ هِیَ وَسَطُ الْجِنَانِ وَ أَقْرَبُهَا إِلَی عَرْشِ الرَّحْمَنِ جَلَّ جَلَالُهُ قَالَ لَهُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الَّذِینَ یَسْكُنُونَ مَعَهُ فِی الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ إِمَاماً (5)قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سَلْ (6)قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ وَصِیِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَهْلِهِ (7)كَمْ یَعِیشُ مِنْ بَعْدِهِ وَ هَلْ یَمُوتُ مَوْتاً أَوْ یُقْتَلُ قَتْلًا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام یَا یَهُودِیُّ یَعِیشُ بَعْدَهُ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ یُخْضَبُ مِنْهُ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی رَأْسِهِ قَالَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ الْیَهُودِیُّ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ (8)
«11»- نی، الغیبة للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ (بْنِ) الْفَضْلِ (9)عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَنْ خَاقَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ (10)عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی یَحْیَی الْمَدَنِیِّ (11)عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْدِیِّ (12)
ص: 22
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ رَبِیبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1)وَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالا شَهِدْنَا الصَّلَاةَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ سَاقَا الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِهِ (2).
ك، إكمال الدین ماجیلویه عن محمد بن الهیثم (3)عن البرقی عن أبیه عن عبد اللّٰه بن القاسم عن حیان السراج عن داود بن سلیمان عن أبی الطفیل مثله (4)
«12»- ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ جَمِیعاً عَنِ الْبَرْقِیِّ وَ ابْنِ یَزِیدَ وَ ابْنِ هَاشِمٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَیْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی یَحْیَی الْمَدَنِیِّ (5)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ(6).
و قد أوردنا الخبر بهذین السندین فی باب نص أمیر المؤمنین علیه السلام علی الاثنی عشر صلوات اللّٰه علیهم و قد أوردنا هناك خبرا آخر قریبا مما أوردنا هاهنا.
«13»- نی، الغیبة للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْمُؤَدِّبِ عَنْ أَبِیهِ وَ كَانَ مُؤَدِّباً
ص: 23
لِبَعْضِ وُلْدِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَخَلَ الْمَدِینَةَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ دَاوُدَ عَلَی دِینِ الْیَهُودِیَّةِ فَرَأَی السِّكَكَ خَالِیَةً فَقَالَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ مَا حَالُكُمْ فَقِیلَ لَهُ تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الدَّاوُدِیُّ أَمَا إِنَّهُ تُوُفِّیَ الْیَوْمَ الَّذِی هُوَ فِی كِتَابِنَا ثُمَّ قَالَ فَأَیْنَ النَّاسُ فَقِیلَ لَهُ فِی الْمَسْجِدِ فَأَتَی الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ النَّاسُ قَدْ غَصَّ الْمَسْجِدُ بِهِمْ فَقَالَ أَوْسِعُوا حَتَّی أَدْخُلَ وَ أَرْشِدُونِی إِلَی الَّذِی خَلَّفَهُ نَبِیُّكُمْ فَأَرْشَدُوهُ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّنِی مِنْ وُلْدِ دَاوُدَ عَلَی دِینِ الْیَهُودِیَّةِ وَ قَدْ جِئْتُ لِأَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ فَإِنْ خُبِّرْتُ بِهَا أَسْلَمْتُ فَقَالُوا لَهُ انْتَظِرْ قَلِیلًا وَ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا لَهُ عَلَیْكَ بِالْفَتَی فَقَامَ إِلَیْهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْتَ فُلَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ نَعَمْ فَأَخَذَ عَلَی یَدِهِ وَ جَاءَ بِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ إِنِّی سَأَلْتُ هَؤُلَاءِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ فَأَرْشَدُونِی إِلَیْكَ لِأَسْأَلَكَ قَالَ اسْأَلْ قَالَ مَا أَوَّلُ حَرْفٍ كَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ نَبِیَّكُمْ لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ وَ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ وَ خَبِّرْنِی عَنِ الْمَلَكِ الَّذِی زَحَمَ نَبِیَّكُمْ وَ لَمْ یُسَلِّمْ عَلَیْهِ وَ خَبِّرْنِی عَنِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِینَ كَشَفَ عَنْهُمْ مَالِكٌ طَبَقاً مِنَ النَّارِ وَ كَلَّمُوا نَبِیَّكُمْ و خَبِّرْنِی عَنْ مِنْبَرِ نَبِیِّكُمْ أَیُّ مَوْضِعٍ هِیَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَوَّلُ مَا كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ نَبِیَّنَا صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ قَالَ لَیْسَ هَذَا أَرَدْتُ قَالَ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ قَالَ لَیْسَ هَذَا أَرَدْتُ قَالَ اتْرُكِ الْأَمْرَ مَسْتُوراً قَالَ لِتُخْبِرْنِی أَ وَ لَسْتَ أَنْتَ هُوَ قَالَ أَمَّا إِذْ أَبَیْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ وَ الْحُجُبُ تُرْفَعُ لَهُ قَبْلَ أَنْ یَصِیرَ إِلَی مَوْضِعِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام نَادَاهُ مَلَكٌ یَا أَحْمَدُ قَالَ لَبَّیْكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ اقْرَأْ عَلَی
ص: 24
السَّیِّدِ الْوَلِیِّ (1)مِنَّا السَّلَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنِ السَّیِّدُ الْوَلِیُّ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَجِدُ ذَلِكَ فِی كِتَابِ أَبِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا الْمَلَكُ الَّذِی زَحَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَلَكُ الْمَوْتِ جَاءَ مِنْ عِنْدِ جَبَّارٍ مِنْ أَهْلِ الدُّنْیَا قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ عَظِیمٍ فَغَضِبَ لِلَّهِ فَزَحَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَعْرِفْهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَا مَلَكَ الْمَوْتِ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ أَحْمَدُ حَبِیبُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَجَعَ إِلَیْهِ فَلَصِقَ بِهِ وَ اعْتَذَرَ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أَتَیْتُ مَلِكاً جَبَّاراً قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ عَظِیمٍ فَغَضِبْتُ لِلَّهِ وَ لَمْ أَعْرِفْكَ فَعَذَّرَهُ وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّذِینَ كَشَفَ عَنْهُمْ مَالِكٌ طَبَقاً مِنَ النَّارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ بِمَالِكٍ وَ لَمْ یَضْحَكْ قَطُّ (2)فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَا مَالِكُ هَذَا نَبِیُّ الرَّحْمَةِ (3)فَتَبَسَّمَ فِی وَجْهِهِ (4)فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُرْهُ یَكْشِفْ طَبَقاً مِنَ النَّارِ (5)فَكَشَفَ طَبَقاً فَإِذَا قَابِیلُ وَ نُمْرُودُ وَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ اسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ یَرُدَّنَا إِلَی دَارِ الدُّنْیَا حَتَّی نَعْمَلَ صَالِحاً فَغَضِبَ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ بِرِیشَةٍ مِنْ رِیشِ جَنَاحِهِ فَرَدَّ عَلَیْهِمْ طَبَقَ النَّارِ وَ أَمَّا مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّ مَسْكَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَنَّةُ عَدْنٍ هِیَ جَنَّةٌ (6)خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَی بِیَدِهِ وَ مَعَهُ فِیهَا اثْنَا عَشَرَ وَصِیّاً وَ فَوْقَهُ (7)قُبَّةٌ یُقَالُ لَهَا الرِّضْوَانُ وَ فَوْقَ الرِّضْوَانِ مَنْزِلٌ یُقَالُ لَهَا الْوَسِیلَةُ وَ لَیْسَ فِی الْجَنَّةِ مَنْزِلٌ یُشْبِهُهُ هُوَ مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِی كِتَابِ أَبِی دَاوُدَ یَتَوَارَثُونَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی صَارَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّهُ الَّذِی بَشَّرَ
ص: 25
بِهِ مُوسَی علیه السلام وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَعَلَّمَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ شَرَائِعَ الدِّینِ (1).
«14»- یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ یَهُودِیٌّ فِی خِلَافَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ قَالَ أُرِیدُ خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءُوا بِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَنْتَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ نَعَمْ أَ مَا تَنْظُرُنِی فِی مَقَامِهِ وَ مِحْرَابِهِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ یَا أَبَا بَكْرٍ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْیَاءَ (2)قَالَ اسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ وَ مَا تُرِیدُ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَخْبِرْنِی عَمَّا لَیْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ هَذِهِ مَسَائِلُ الزَّنَادِقَةِ یَا یَهُودِیُّ فَعِنْدَ ذَلِكَ هَمَّ الْمُسْلِمُونَ بِقَتْلِهِ وَ كَانَ فِیمَنْ حَضَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَزَعَقَ بِالنَّاسِ وَ قَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَمْهِلْ فِی قَتْلِهِ قَالَ لَهُ أَ مَا سَمِعْتَ (3)مَا قَدْ تَكَلَّمَ بِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنْ كَانَ جَوَابُهُ عِنْدَكُمْ وَ إِلَّا فَأَخْرِجُوهُ حَیْثُ شَاءَ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ فَأَخْرَجُوهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ قَوْماً جَلَسُوا فِی غَیْرِ مَرَاتِبِهِمْ (4)یُرِیدُونَ قَتْلَ النَّفْسِ الَّتِی قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ بِغَیْرِ عِلْمٍ قَالَ فَخَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ ذَهَبَ الْإِسْلَامُ حَتَّی لَا یُجِیبُونَ (5)أَیْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَیْنَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَتَبِعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ (6)إِلَی عَیْبَةِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ إِلَی مَنْزِلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ الْمُسْلِمُونَ فِی طَلَبِ الْیَهُودِیِّ فَلَحِقُوهُ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ فَأَخَذُوهُ وَ جَاءُوا بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام
ص: 26
فَاسْتَأْذَنُوا عَلَیْهِ ثُمَّ دَخَلُوا عَلَیْهِ وَ قَدِ ازْدَحَمَ النَّاسُ قَوْمٌ یَبْكُونَ وَ قَوْمٌ یَضْحَكُونَ قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا الْیَهُودِیَّ سَأَلَنِی عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الزَّنَادِقَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ علیه السلام مَا تَقُولُ یَا یَهُودِیُّ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَسْأَلُ وَ تَفْعَلُ بِی مِثْلَ مَا فَعَلَ بِی هَؤُلَاءِ قَالَ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ أَرَادُوا یَفْعَلُونَ بِكَ (1)قَالَ أَرَادُوا أَنْ یَذْهَبُوا بِدَمِی فَقَالَ الْإِمَامُ علیه السلام دَعْ هَذَا وَ اسْأَلْ عَمَّا شِئْتَ فَقَالَ سُؤَالِی لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ قَالَ اسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ (2)فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَجِبْنِی عَمَّا لَیْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی شَرْطٍ یَا أَخَا الْیَهُودِ قَالَ وَ مَا الشَّرْطُ قَالَ تَقُولُ مَعِی قَوْلًا عَدْلًا مُخْلِصاً (3)لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ نَعَمْ یَا مَوْلَایَ (4)فَقَالَ علیه السلام یَا أَخَا الْیَهُودِ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ لِلَّهِ فَلَیْسَ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَ لَا وَلَدٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مَوْلَایَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ فَلَیْسَ عِنْدَ اللَّهِ الظُّلْمُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مَوْلَایَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَرِیكاً وَ لَا وَزِیراً وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (5)فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مُدَّ یَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ خَلِیفَتُهُ حَقّاً وَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَیْراً قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا كَاشِفَ الْكُرُبَاتِ یَا عَلِیُّ أَنْتَ فَارِجُ الْهَمِ
ص: 27
قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ وَ رَقِیَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ أَقِیلُونِی أَقِیلُونِی أَقِیلُونِی لَسْتُ بِخَیْرِكُمْ وَ عَلِیٌّ فِیكُمْ قَالَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عُمَرُ وَ قَالَ أَمْسِكْ یَا أَبَا بَكْرٍ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ فَقَدِ ارْتَضَیْنَاكَ لِأَنْفُسِنَا ثُمَّ أَنْزَلَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1).
بیان: الزَّعْق الصیاح.
«1»- ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ یَهُودِیّاً مِنْ یَهُودِ الشَّامِ وَ أَحْبَارِهِمْ كَانَ قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ صُحُفَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام وَ عَرَفَ دَلَائِلَهُمْ جَاءَ إِلَی مَجْلِسٍ فِیهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِیهِمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ أَبُو مَعْبَدٍ الْجُهَنِیُّ (2)فَقَالَ یَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا تَرَكْتُمْ لِنَبِیٍّ دَرَجَةً وَ لَا لِمُرْسَلٍ فَضِیلَةً إِلَّا نَحَلْتُمُوهَا نَبِیَّكُمْ فَهَلْ تُجِیبُونِّی عَمَّا أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ فَكَاعَ الْقَوْمُ عَنْهُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام نَعَمْ مَا أَعْطَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیّاً دَرَجَةً وَ لَا مُرْسَلًا فَضِیلَةً إِلَّا وَ قَدْ جَمَعَهَا لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَادَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْأَنْبِیَاءِ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَهَلْ أَنْتَ مُجِیبُنِی قَالَ لَهُ نَعَمْ سَأَذْكُرُ لَكَ الْیَوْمَ مِنْ فَضَائِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُقِرُّ اللَّهُ بِهِ أَعْیُنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَكُونُ فِیهِ إِزَالَةٌ لِشَكِّ الشَّاكِّینَ فِی فَضَائِلِهِ إِنَّهُ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ لِنَفْسِهِ فَضِیلَةً قَالَ وَ لَا فَخْرَ وَ أَنَا أَذْكُرُ لَكَ فَضَائِلَهُ غَیْرَ مُزْرٍ بِالْأَنْبِیَاءِ وَ لَا مُنْتَقِصٍ لَهُمْ وَ لَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَا أَعْطَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلَ مَا أَعْطَاهُمْ وَ مَا زَادَهُ اللَّهُ وَ مَا فَضَّلَهُ عَلَیْهِمْ
ص: 28
فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ إِنِّی أَسْأَلُكَ فَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام هَاتِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ هَذَا آدَمُ علیه السلام أَسْجَدَ اللَّهُ لَهُ مَلَائِكَتَهُ فَهَلْ فَعَلَ بِمُحَمَّدٍ شَیْئاً مِنْ هَذَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ لَئِنْ أَسْجَدَ اللَّهُ لآِدَمَ مَلَائِكَتَهُ فَإِنَّ سُجُودَهُمْ لَمْ یَكُنْ سُجُودَ طَاعَةٍ أَنَّهُمْ عَبَدُوا آدَمَ (1)مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنِ اعْتَرَفُوا لآِدَمَ بِالْفَضِیلَةِ وَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لَهُ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی صَلَّی عَلَیْهِ فِی جَبَرُوتِهِ وَ الْمَلَائِكَةَ بِأَجْمَعِهَا وَ تَعَبَّدَ الْمُؤْمِنِینَ بِالصَّلَاةِ عَلَیْهِ فَهَذِهِ زِیَادَةٌ لَهُ یَا یَهُودِیُّ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ آدَمَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ بَعْدِ خَطِیئَتِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَزَلَ فِیهِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ أَتَی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِیَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ إِنَّ مُحَمَّداً غَیْرُ مُوَافٍ فِی الْقِیَامَةِ بِوِزْرٍ وَ لَا مَطْلُوبٍ فِیهَا بِذَنْبٍ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا إِدْرِیسُ علیه السلام رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَكَاناً عَلِیّاً وَ أَطْعَمَهُ مِنْ تُحَفِ الْجَنَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِیهِ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فَكَفَی بِهَذَا مِنَ اللَّهِ رِفْعَةً وَ لَئِنْ أُطْعِمَ إِدْرِیسُ مِنْ تُحَفِ الْجَنَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أُطْعِمَ فِی الدُّنْیَا فِی حَیَاتِهِ بَیْنَمَا یَتَضَوَّرُ جُوعاً (2)فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِجَامٍ مِنَ الْجَنَّةِ فِیهِ تُحْفَةٌ فَهَلَّلَ الْجَامُ وَ هَلَّلَتِ التُّحْفَةُ فِی یَدِهِ وَ سَبَّحَا وَ كَبَّرَا وَ حَمَّدَا فَنَاوَلَهَا أَهْلَ بَیْتِهِ فَفَعَلَ الْجَامُ مِثْلَ ذَلِكَ فَهَمَّ أَنْ یُنَاوِلَهَا بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ كُلْهَا فَإِنَّهَا تُحْفَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ أَتْحَفَكَ اللَّهُ بِهَا وَ إِنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِنَبِیٍّ أَوْ وَصِیِّ نَبِیٍّ فَأَكَلَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَكَلْنَا مَعَهُ وَ إِنِّی لَأَجِدُ حَلَاوَتَهَا سَاعَتِی هَذِهِ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَهَذَا نُوحٌ علیه السلام صَبَرَ فِی ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعْذَرَ قَوْمَهُ إِذْ كُذِّبَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله صَبَرَ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ أَعْذَرَ قَوْمَهُ إِذْ كُذِّبَ
ص: 29
وَ شُرِّدَ وَ حُصِبَ بِالْحَصَی وَ عَلَاهُ أَبُو لَهَبٍ بِسَلَا شَاةٍ (1)فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی جَابِیلَ (2)مَلَكِ الْجِبَالِ أَنْ شُقَّ الْجِبَالَ وَ انْتَهِ إِلَی أَمْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّی قَدْ أُمِرْتُ لَكَ بِالطَّاعَةِ فَإِنْ أَمَرْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَیْهِمُ الْجِبَالَ (3)فَأَهْلَكْتُهُمْ بِهَا قَالَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ إِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً رَبِّ اهْدِ أُمَّتِی فَإِنَّهُمْ لَا یَعْلَمُونَ وَیْحَكَ یَا یَهُودِیُّ إِنَّ نُوحاً لَمَّا شَاهَدَ غَرَقَ قَوْمِهِ رَقَّ عَلَیْهِمْ رِقَّةَ الْقَرَابَةِ وَ أَظْهَرَ عَلَیْهِمْ شَفَقَةً فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِی مِنْ أَهْلِی فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْمُهُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَیْرُ صالِحٍ أَرَادَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنْ یُسَلِّیَهُ بِذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا عَلَنَتْ مِنْ قَوْمِهِ الْمُعَانَدَةُ (4)شَهَرَ عَلَیْهِمْ سَیْفَ النَّقِمَةِ وَ لَمْ تُدْرِكْهُ فِیهِمْ رِقَّةُ الْقَرَابَةِ وَ لَمْ یَنْظُرْ إِلَیْهِمْ بِعَیْنِ مَقْتٍ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ نُوحاً دَعَا رَبَّهُ فَهَطَلَتْ لَهُ السَّمَاءُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (5)قَالَ لَهُ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ كَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ غَضَبٍ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله هَطَلَتْ لَهُ السَّمَاءُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ رَحْمَةً إِنَّهُ علیه السلام لَمَّا هَاجَرَ (6)إِلَی الْمَدِینَةِ أَتَاهُ أَهْلُهَا فِی یَوْمِ جُمُعَةٍ فَقَالُوا لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله احْتَبَسَ الْقَطْرُ وَ اصْفَرَّ الْعُودُ وَ تَهَافَتَ الْوَرَقُ (7)فَرَفَعَ یَدَهُ الْمُبَارَكَةَ حَتَّی رُئِیَ بَیَاضُ إِبْطَیْهِ وَ مَا تُرَی فِی السَّمَاءِ سَحَابَةٌ فَمَا بَرِحَ حَتَّی سَقَاهُمُ اللَّهُ حَتَّی إِنَّ الشَّابَّ الْمُعْجَبَ بِشَبَابِهِ لَتَهُمُّهُ نَفْسُهُ فِی الرُّجُوعِ إِلَی مَنْزِلِهِ فَمَا یَقْدِرُ مِنْ شِدَّةِ السَّیْلِ فَدَامَ أُسْبُوعاً فَأَتَوْهُ فِی الْجُمُعَةِ الثَّانِیَةِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَهَدَّمَتِ الْجُدُرُ وَ احْتَبَسَ الرَّكْبُ وَ السَّفْرُ فَضَحِكَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ قَالَ هَذِهِ سُرْعَةُ مَلَالَةِ ابْنِ آدَمَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَیْنَا وَ لَا عَلَیْنَا اللَّهُمَّ فِی أُصُولِ الشِّیحِ وَ مَرَاتِعِ الْبُقَعِ فَرُئِیَ حَوَالَیِ الْمَدِینَةِ
ص: 30
الْمَطَرُ یَقْطُرُ قَطْراً وَ مَا یَقَعُ فِی الْمَدِینَةِ قَطْرَةٌ لِكَرَامَتِهِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا هُودٌ علیه السلام قَدِ انْتَصَرَ اللَّهُ لَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ بِالرِّیحِ فَهَلْ فَعَلَ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْئاً مِنْ هَذَا قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرُهُ قَدِ انْتَصَرَ لَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ بِالرِّیحِ یَوْمَ الْخَنْدَقِ إِذْ أَرْسَلَ عَلَیْهِمْ رِیحاً تَذْرُو الْحَصَی وَ جُنُوداً لَمْ یَرَوْهَا فَزَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی هُودٍ بِثَمَانِیَةِ آلَافِ مَلَكٍ وَ فَضَّلَهُ عَلَی هُودٍ بِأَنَّ رِیحَ عَادٍ رِیحُ سَخَطٍ وَ رِیحَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله رِیحُ رَحْمَةٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا صَالِحٌ أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ نَاقَةً جَعَلَهَا لِقَوْمِهِ عِبْرَةً قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ نَاقَةَ صَالِحٍ لَمْ تُكَلِّمْ صَالِحاً وَ لَمْ تُنَاطِقْهُ وَ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَمَا نَحْنُ مَعَهُ فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ إِذَا هُوَ بِبَعِیرٍ قَدْ دَنَا ثُمَّ رَغَا (1)فَأَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً اسْتَعْمَلَنِی حَتَّی كَبِرْتُ وَ یُرِیدُ نَحْرِی فَأَنَا أَسْتَعِیذُ بِكَ مِنْهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی صَاحِبِهِ فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهُ فَوَهَبَهُ لَهُ وَ خَلَّاهُ وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَهُ فَإِذَا نَحْنُ بِأَعْرَابِیٍّ مَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ یَسُوقُهَا وَ قَدِ اسْتَسْلَمَ لِلْقَطْعِ لِمَا زُوِّرَ عَلَیْهِ مِنَ الشُّهُودِ فَنَطَقَتْ لَهُ النَّاقَةُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً مِنِّی بَرِی ءٌ وَ إِنَّ الشُّهُودَ یَشْهَدُونَ عَلَیْهِ بِالزُّورِ وَ إِنَّ سَارِقِی فُلَانٌ الْیَهُودِیُّ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا إِبْرَاهِیمُ قَدْ تَیَقَّظَ بِالاعْتِبَارِ عَلَی مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَحَاطَتْ دَلَالَتُهُ بِعِلْمِ الْإِیمَانِ بِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ أُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْ تَیَقَّظَ بِالاعْتِبَارِ عَلَی مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَحَاطَتْ دَلَالَتُهُ بِعِلْمِ الْإِیمَانِ بِهِ وَ تَیَقَّظَ إِبْرَاهِیمُ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِینَ قَدِمَ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَی فَنَزَلُوا بِتِجَارَتِهِمْ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ بَعْضُهُمْ فَعَرَفَهُ بِصِفَتِهِ وَ نَعْتِهِ وَ خَبَرِ مَبْعَثِهِ وَ آیَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 31
فَقَالُوا لَهُ یَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالُوا مَا اسْمُ أَبِیكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالُوا مَا اسْمُ هَذِهِ وَ أَشَارُوا بِأَیْدِیهِمْ إِلَی الْأَرْضِ قَالَ الْأَرْضُ قَالُوا فَمَا اسْمُ هَذِهِ وَ أَشَارُوا بِأَیْدِیهِمْ إِلَی السَّمَاءِ قَالَ السَّمَاءُ قَالُوا فَمَنْ رَبُّهُمَا قَالَ اللَّهُ ثُمَّ انْتَهَرَهُمْ وَ قَالَ أَ تُشَكِّكُونَنِی فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَیْحَكَ یَا یَهُودِیُّ لَقَدْ تَیَقَّظَ بِالاعْتِبَارِ عَلَی مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ كُفْرِ قَوْمِهِ إِذْ هُوَ بَیْنَهُمْ یَسْتَقْسِمُونَ بِالْأَزْلَامِ وَ یَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَ هُوَ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حُجِبَ عَنْ نُمْرُودَ بِحُجُبٍ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله حُجِبَ عَمَّنْ أَرَادَ قَتْلَهُ بِحُجُبٍ خَمْسٍ فَثَلَاثَةٌ بِثَلَاثَةٍ وَ اثْنَانِ فَضْلٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ یَصِفُ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا فَهَذَا الْحِجَابُ الْأَوَّلُ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَهَذَا الْحِجَابُ الثَّانِی فَأَغْشَیْناهُمْ فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ فَهَذَا الْحِجَابُ الثَّالِثُ ثُمَّ قَالَ وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً فَهَذَا الْحِجَابُ الرَّابِعُ ثُمَّ قَالَ فَهِیَ إِلَی الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ فَهَذِهِ حُجُبٌ خَمْسَةٌ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَدْ بَهَتَ الَّذِی كَفَرَ بِبُرْهَانِ نُبُوَّتِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَاهُ مُكَذِّبٌ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ هُوَ أُبَیُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِیُّ مَعَهُ عَظْمٌ نَخِرٌ فَفَرَكَهُ (1)ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ فَأَنْطَقَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِمُحْكَمِ آیَاتِهِ وَ بَهَتَهُ بِبُرْهَانِ نُبُوَّتِهِ فَقَالَ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ فَانْصَرَفَ مَبْهُوتاً قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا إِبْرَاهِیمُ جَذَّ (2)أَصْنَامَ قَوْمِهِ غَضَباً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ نَكَسَ عَنِ الْكَعْبَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ صَنَماً وَ نَفَاهَا مِنْ جَزِیرَةِ الْعَرَبِ وَ أَذَلَّ مَنْ عَبَدَهَا بِالسَّیْفِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قَدْ أَضْجَعَ وَلَدَهُ وَ تَلَّهُ (3)لِلْجَبِینِ فَقَالَ
ص: 32
لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ أُعْطِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام بَعْدَ الْإِضْجَاعِ الْفِدَاءَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُصِیبَ بِأَفْجَعَ مِنْهُ فَجِیعَةً إِنَّهُ وَقَفَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ عَلَی عَمِّهِ حَمْزَةَ أَسَدِ اللَّهِ وَ أَسَدِ رَسُولِهِ وَ نَاصِرِ دِینِهِ وَ قَدْ فُرِّقَ بَیْنَ رُوحِهِ وَ جَسَدِهِ فَلَمْ یُبَیِّنْ عَلَیْهِ حُرْقَةً وَ لَمْ یُفِضْ عَلَیْهِ عَبْرَةً وَ لَمْ یَنْظُرْ إِلَی مَوْضِعِهِ مِنْ قَلْبِهِ وَ قُلُوبِ أَهْلِ بَیْتِهِ لِیُرْضِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِصَبْرِهِ وَ یَسْتَسْلِمَ لِأَمْرِهِ فِی جَمِیعِ الْفِعَالِ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ لَا أَنْ تَحْزَنَ صَفِیَّةُ لَتَرَكْتُهُ حَتَّی یُحْشَرَ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ وَ حَوَاصِلِ الطَّیْرِ وَ لَوْ لَا أَنْ یَكُونَ سُنَّةً بَعْدِی لَفَعَلْتُ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَدْ أَسْلَمَهُ قَوْمُهُ إِلَی الْحَرِیقِ فَصَبَرَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً فَهَلْ فَعَلَ بِمُحَمَّدٍ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَزَلَ بِخَیْبَرَ سَمَّتْهُ الْخَیْبَرِیَّةُ فَسَتَرَ اللَّهُ السَّمَّ (1)فِی جَوْفِهِ بَرْداً وَ سَلَاماً إِلَی مُنْتَهَی أَجَلِهِ فَالسَّمُّ یُحْرِقُ إِذَا اسْتَقَرَّ فِی الْجَوْفِ كَمَا أَنَّ النَّارَ تُحْرِقُ فَهَذَا مِنْ قُدْرَتِهِ لَا تُنْكِرْهُ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا یَعْقُوبُ علیه السلام أُعْظِمَ فِی الْخَیْرِ نَصِیبُهُ إِذْ جُعِلَ الْأَسْبَاطُ مِنْ سُلَالَةِ صُلْبِهِ وَ مَرْیَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ مِنْ بَنَاتِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْظَمُ فِی الْخَیْرِ نَصِیباً مِنْهُ إِذْ جُعِلَ فَاطِمَةُ علیها السلام سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ مِنْ بَنَاتِهِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ مِنْ حَفَدَتِهِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام قَدْ صَبَرَ عَلَی فِرَاقِ وَلَدِهِ حَتَّی كَادَ یَحْرُضُ (2)مِنَ الْحُزْنِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ كَانَ حُزْنُ یَعْقُوبَ حُزْناً بَعْدَهُ تَلَاقٍ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قُبِضَ وَلَدُهُ إِبْرَاهِیمُ قُرَّةُ عَیْنِهِ فِی حَیَاةٍ مِنْهُ وَ خَصَّهُ بِالاخْتِبَارِ لِیُعَظِّمَ لَهُ الِادِّخَارَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله تَحْزَنُ النَّفْسُ وَ یَجْزَعُ الْقَلْبُ وَ إِنَّا عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ لَمَحْزُونُونَ وَ لَا نَقُولُ مَا یُسْخِطُ الرَّبَّ فِی كُلِّ ذَلِكَ یُؤْثِرُ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ الِاسْتِسْلَامَ لَهُ فِی جَمِیعِ الْفِعَالِ
ص: 33
فَقَالَ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا یُوسُفُ علیه السلام قَاسَی مَرَارَةَ الْفُرْقَةِ وَ حُبِسَ فِی السِّجْنِ تَوَقِّیاً لِلْمَعْصِیَةِ فَأُلْقِیَ فِی الْجُبِّ وَحِیداً قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَاسَی مَرَارَةَ الْغُرْبَةِ وَ فَارَقَ الْأَهْلَ وَ الْأَوْلَادَ وَ الْمَالَ مُهَاجِراً مِنْ حَرَمِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَمْنِهِ فَلَمَّا رَأَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَآبَتَهُ وَ اسْتِشْعَارَهُ الْحُزْنَ (1)أَرَاهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْمَهُ رُؤْیَا تُوَازِی رُؤْیَا یُوسُفَ علیه السلام فِی تَأْوِیلِهَا وَ أَبَانَ لِلْعَالَمِینَ صِدْقَ تَحْقِیقِهَا فَقَالَ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِینَ لا تَخافُونَ وَ لَئِنْ كَانَ یُوسُفُ علیه السلام حُبِسَ فِی السِّجْنِ فَلَقَدْ حَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَفْسَهُ فِی الشِّعْبِ ثَلَاثَةَ سِنِینَ وَ قَطَعَ مِنْهُ أَقَارِبُهُ وَ ذَوُو الرَّحِمِ وَ أَلْجَئُوهُ إِلَی أَضْیَقِ الْمَضِیقِ فَلَقَدْ كَادَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ كَیْداً مُسْتَبِیناً إِذْ بَعَثَ أَضْعَفَ خَلْقِهِ فَأَكَلَ عَهْدَهُمُ الَّذِی كَتَبُوهُ بَیْنَهُمْ فِی قَطِیعَةِ رَحِمِهِ وَ لَئِنْ كَانَ یُوسُفُ علیه السلام أُلْقِیَ فِی الْجُبِّ فَلَقَدْ حَبَسَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَفْسَهُ مَخَافَةَ عَدُوِّهِ فِی الْغَارِ حَتَّی قَالَ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا وَ مَدَحَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَهَذَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ علیه السلام آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ الَّتِی فِیهَا حُكْمٌ (2)قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ أَعْطَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَ الْمَائِدَةِ بِالْإِنْجِیلِ وَ طَوَاسِینَ وَ طه وَ نِصْفَ الْمُفَصَّلِ وَ الْحَوَامِیمَ بِالتَّوْرَاةِ وَ أَعْطَی نِصْفَ الْمُفَصَّلِ وَ التَّسَابِیحَ بِالزَّبُورِ وَ أَعْطَی سُورَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَرَاءَةً بِصُحُفِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ صُحُفِ مُوسَی علیه السلام وَ زَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله السَّبْعَ الطِّوَالَ وَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ هِیَ السَّبْعُ الْمَثَانِی وَ الْقُرْآنُ الْعَظِیمُ وَ أَعْطَی الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام نَاجَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی طُورِ سَیْنَاءَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهی فَمَقَامُهُ فِی السَّمَاءِ مَحْمُودٌ وَ عِنْدَ مُنْتَهَی الْعَرْشِ مَذْكُورٌ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَلَقَدْ أَلْقَی اللَّهُ عَلَی مُوسَی علیه السلام مَحَبَّةً مِنْهُ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام
ص: 34
لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ أَعْطَی اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ لَقَدْ أَلْقَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ مَحَبَّةً مِنْهُ فَمَنْ هَذَا الَّذِی یَشْرَكُهُ فِی هَذَا الِاسْمِ إِذْ تَمَّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ الشَّهَادَةُ فَلَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ یُقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ یُنَادَی بِهِ عَلَی الْمَنَابِرِ فَلَا یُرْفَعُ صَوْتٌ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا رُفِعَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ لَقَدْ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی أُمِّ مُوسَی لِفَضْلِ مَنْزِلَةِ مُوسَی علیه السلام عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ لَطَفَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِأُمِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَنْ أَوْصَلَ إِلَیْهَا اسْمَهُ حَتَّی قَالَتْ أَشْهَدُ وَ الْعَالَمُونَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مُنْتَظَرٌ وَ شَهِدَ الْمَلَائِكَةُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوهُ فِی الْأَسْفَارِ (1)وَ بِلُطْفٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَاقَهُ إِلَیْهَا وَ وَصَلَ إِلَیْهَا اسْمَهُ لِفَضْلِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ حَتَّی رَأَتْ فِی الْمَنَامِ أَنَّهُ قِیلَ لَهَا إِنَّ مَا فِی بَطْنِكِ سَیِّدٌ فَإِذَا وَلَدْتِهِ فَسَمِّیهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَاشْتَقَّ اللَّهُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِهِ فَاللَّهُ مَحْمُودٌ وَ هَذَا مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ قَدْ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَی فِرْعَوْنَ وَ أَرَاهُ الْآیَةَ الْكُبْری قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْسَلَهُ إِلَی فَرَاعِنَةٍ شَتَّی مِثْلَ أَبِی جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةَ وَ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ وَ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَ أُبَیِّ بْنِ خَلَفٍ وَ مُنَبِّهٍ وَ نُبَیْهٍ ابْنَیِ الْحَجَّاجِ وَ إِلَی الْخَمْسَةِ الْمُسْتَهْزِءِینَ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیِّ وَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِیِّ وَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ یَغُوثَ الزُّهْرِیِّ وَ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَ الْحَارِثِ بْنِ الطَّلَاطِلَةِ (2)فَأَرَاهُمُ الْآیَاتِ فِی الْآفاقِ وَ فِی أَنْفُسِهِمْ حَتَّی تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ لَقَدِ انْتَقَمَ اللَّهُ لِمُوسَی علیه السلام مِنْ فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدِ انْتَقَمَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْفَرَاعِنَةِ فَأَمَّا الْمُسْتَهْزِءُونَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ فَقَتَلَ اللَّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَیْرِ قِتْلَةِ صَاحِبِهِ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ فَمَرَّ بِنَبْلٍ لِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ قَدْ رَاشَهُ وَ وَضَعَهُ فِی الطَّرِیقِ فَأَصَابَهُ شَظِیَّةٌ مِنْهُ فَانْقَطَعَ أَكْحَلُهُ حَتَّی أَدْمَاهُ فَمَاتَ وَ هُوَ یَقُولُ قَتَلَنِی رَبُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 35
وَ أَمَّا الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَإِنَّهُ خَرَجَ فِی حَاجَةٍ لَهُ إِلَی مَوْضِعٍ فَتَدَهْدَهَ (1)تَحْتَهُ حَجَرٌ فَسَقَطَ فَتَقَطَّعَ قِطْعَةً قِطْعَةً فَمَاتَ وَ هُوَ یَقُولُ قَتَلَنِی رَبُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ یَغُوثَ فَإِنَّهُ خَرَجَ یَسْتَقْبِلُ ابْنَهُ زَمْعَةَ فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَخَذَ رَأْسَهُ فَنَطَحَ بِهِ الشَّجَرَةَ فَقَالَ لِغُلَامِهِ امْنَعْ عَنِّی هَذَا فَقَالَ مَا أَرَی أَحَداً یَصْنَعُ بِكَ شَیْئاً إِلَّا نَفْسَكَ فَقَتَلَهُ وَ هُوَ یَقُولُ قَتَلَنِی رَبُّ مُحَمَّدٍ وَ أَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا عَلَیْهِ أَنْ یُعْمِیَ اللَّهُ بَصَرَهُ وَ أَنْ یُثْكِلَهُ وُلْدَهُ فَلَمَّا كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ خَرَجَ حَتَّی صَارَ إِلَی مَوْضِعٍ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ فَعَمِیَ وَ بَقِیَ حَتَّی أَثْكَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وُلْدَهُ وَ أَمَّا الْحَارِثُ بْنُ الطَّلَاطِلَةِ (2)فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَیْتِهِ فِی السَّمُومِ (3)فَتَحَوَّلَ حَبَشِیّاً فَرَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ فَقَالَ أَنَا الْحَارِثُ فَغَضِبُوا عَلَیْهِ فَقَتَلُوهُ وَ هُوَ یَقُولُ قَتَلَنِی رَبُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.
-وَ رُوِیَ أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ الْحَارِثِ أَكَلَ حُوتاً مَالِحاً فَأَصَابَهُ الْعَطَشُ فَلَمْ یَزَلْ یَشْرَبُ الْمَاءَ حَتَّی انْشَقَّ بَطْنُهُ فَمَاتَ وَ هُوَ یَقُولُ قَتَلَنِی رَبُّ مُحَمَّدٍ كُلُّ ذَلِكَ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا لَهُ یَا مُحَمَّدُ نَنْتَظِرُ بِكَ إِلَی الظُّهْرِ فَإِنْ رَجَعْتَ عَنْ قَوْلِكَ وَ إِلَّا قَتَلْنَاكَ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنْزِلِهِ فَأَغْلَقَ عَلَیْهِ بَابَهُ مُغْتَمّاً لِقَوْلِهِمْ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَنِ اللَّهِ سَاعَتَهُ فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ السَّلَامُ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ هُوَ یَقُولُ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ یَعْنِی أَظْهِرْ أَمْرَكَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَ ادْعُهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ كَیْفَ أَصْنَعُ بِالْمُسْتَهْزِءِینَ وَ مَا أَوْعَدُونِی قَالَ لَهُ إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ كَانُوا السَّاعَةَ بَیْنَ یَدَیَّ قَالَ قَدْ كُفِیتَهُمْ فَأَظْهَرَ أَمْرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ
ص: 36
وَ أَمَّا بَقِیَّتُهُمْ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ (1)فَقُتِلُوا یَوْمَ بَدْرٍ بِالسَّیْفِ وَ هَزَمَ اللَّهُ الْجَمْعَ وَ وَلَّوُا الدُّبُرَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ قَدْ أُعْطِیَ الْعَصَا فَكَانَتْ تَتَحَوَّلُ ثُعْبَاناً قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ رَجُلًا كَانَ یُطَالِبُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ بِدَیْنِ ثَمَنِ جَزُورٍ قَدِ اشْتَرَاهُ فَاشْتَغَلَ عَنْهُ وَ جَلَسَ یَشْرَبُ فَطَلَبَهُ الرَّجُلُ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُسْتَهْزِءِینَ مَنْ تَطْلُبُ قَالَ عَمْرَو بْنَ هِشَامٍ یَعْنِی أَبَا جَهْلٍ لِی عَلَیْهِ دَیْنٌ قَالَ فَأَدُلُّكَ عَلَی مَنْ یَسْتَخْرِجُ الْحُقُوقَ قَالَ نَعَمْ فَدَلَّهُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ أَبُو جَهْلٍ یَقُولُ لَیْتَ لِمُحَمَّدٍ إِلَیَّ حَاجَةً فَأَسْخَرَ بِهِ وَ أَرُدَّهُ فَأَتَی الرَّجُلُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ بَلَغَنِی أَنَّ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ حَسَنٌ (2)وَ أَنَا أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَیْهِ فَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَی بَابَهُ فَقَالَ لَهُ قُمْ یَا أَبَا جَهْلٍ فَأَدِّ إِلَی الرَّجُلِ حَقَّهُ وَ إِنَّمَا كَنَّاهُ أَبَا جَهْلٍ (3)ذَلِكَ الْیَوْمَ فَقَامَ مُسْرِعاً حَتَّی أَدَّی إِلَیْهِ حَقَّهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی مَجْلِسِهِ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَرَقاً مِنْ مُحَمَّدٍ قَالَ وَیْحَكُمْ أَعْذِرُونِی إِنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ رَأَیْتُ عَنْ یَمِینِهِ رِجَالًا بِأَیْدِیهِمْ حِرَابٌ تَتَلَأْلَأُ وَ عَنْ یَسَارِهِ ثُعْبَانَانِ تَصْطَكُّ أَسْنَانُهُمَا وَ تَلْمَعُ النِّیرَانُ مِنْ أَبْصَارِهِمَا لَوِ امْتَنَعْتُ لَمْ آمَنْ أَنْ یَبْعَجُوا بِالْحِرَابِ بَطْنِی وَ یَقْضَمَنِی الثُّعْبَانَانِ هَذَا أَكْبَرُ مِمَّا أُعْطِیَ (4)ثُعْبَانٌ بِثُعْبَانِ مُوسَی علیه السلام وَ زَادَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله ثُعْبَاناً وَ ثَمَانِیَةَ أَمْلَاكٍ مَعَهُمُ الْحِرَابُ وَ لَقَدْ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُؤْذِی قُرَیْشاً بِالدُّعَاءِ فَقَامَ یَوْماً فَسَفَّهَ أَحْلَامَهُمْ وَ عَابَ دِینَهُمْ وَ شَتَمَ أَصْنَامَهُمْ وَ ضَلَّلَ آبَاءَهُمْ فَاغْتَمُّوا مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَ اللَّهِ لَلْمَوْتُ خَیْرٌ لَنَا مِنَ الْحَیَاةِ فَلَیْسَ فِیكُمْ مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ أَحَدٌ یَقْتُلُ مُحَمَّداً فَیُقْتَلَ بِهِ فَقَالُوا لَهُ لَا قَالَ فَأَنَا أَقْتُلُهُ فَإِنْ شَاءَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَتَلُونِی بِهِ وَ إِلَّا تَرَكُونِی قَالُوا إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ اصْطَنَعْتَ إِلَی أَهْلِ الْوَادِی مَعْرُوفاً لَا تَزَالُ تُذْكَرُ بِهِ
ص: 37
قَالَ إِنَّهُ كَثِیرُ السُّجُودِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَإِذَا جَاءَ وَ سَجَدَ أَخَذْتُ حَجَراً فَشَدَخْتُهُ بِهِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَطَافَ بِالْبَیْتِ أُسْبُوعاً ثُمَّ صَلَّی وَ أَطَالَ السُّجُودَ فَأَخَذَ أَبُو جَهْلٍ حَجَراً فَأَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَلَمَّا أَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَقْبَلَ فَحْلٌ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ فَاغِراً فَاهُ نَحْوَهُ فَلَمَّا أَنْ رَآهُ أَبُو جَهْلٍ فَزِعَ مِنْهُ وَ ارْتَعَدَتْ یَدُهُ وَ طَرَحَ الْحَجَرَ فَشَدَخَ رِجْلَهُ فَرَجَعَ مُدْمًی مُتَغَیِّرَ اللَّوْنِ یُفِیضُ عَرَقاً فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ مَا رَأَیْنَا كَالْیَوْمِ (1)قَالَ وَیْحَكُمْ أَعْذِرُونِی فَإِنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ عِنْدِهِ فَحْلٌ فَكَادَ یَبْتَلِعُنِی فَرَمَیْتُ بِالْحَجَرِ فَشَدَخْتُ رِجْلِی قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام قَدْ أُعْطِیَ الْیَدَ الْبَیْضَاءَ فَهَلْ فُعِلَ بِمُحَمَّدٍ شَیْ ءٌ مِنْ هَذَا قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ نُوراً كَانَ یُضِی ءُ عَنْ یَمِینِهِ حَیْثُمَا جَلَسَ وَ عَنْ یَسَارِهِ أَیْنَمَا جَلَسَ وَ كَانَ یَرَاهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام قَدْ ضُرِبَ لَهُ فِی الْبَحْرِ طَرِیقٌ فَهَلْ فُعِلَ بِمُحَمَّدٍ شَیْ ءٌ مِنْ هَذَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَی حُنَیْنٍ فَإِذَا نَحْنُ بِوَادٍ یَشْخُبُ (2)فَقَدَّرْنَاهُ فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ قَامَةً فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَدُوُّ مِنْ وَرَائِنَا وَ الْوَادِی أَمَامَنَا كَمَا قالَ أَصْحابُ مُوسی إِنَّا لَمُدْرَكُونَ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ جَعَلْتَ لِكُلِّ مُرْسَلٍ دَلَالَةً فَأَرِنِی قُدْرَتَكَ وَ رَكِبَ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَبَرَتِ الْخَیْلُ لَا تَنْدَی (3)حَوَافِرُهَا وَ الْإِبِلُ لَا تَنْدَی أَخْفَافُهَا فَرَجَعْنَا فَكَانَ فَتْحُنَا فَتْحاً قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام قَدْ أُعْطِیَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَزَلَ الْحُدَیْبِیَةَ وَ حَاصَرَهُ أَهْلُ مَكَّةَ قَدْ أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَهُ شَكَوْا إِلَیْهِ الظَّمَأَ وَ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ حَتَّی الْتَفَّتْ خَوَاصِرُ الْخَیْلِ فَذَكَرُوا لَهُ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فَدَعَا بِرَكْوَةٍ یَمَانِیَّةٍ ثُمَّ نَصَبَ
ص: 38
یَدَهُ الْمُبَارَكَةَ فِیهَا فَتَفَجَّرَتْ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ عُیُونُ الْمَاءِ فَصَدَرْنَا وَ صَدَرَتِ الْخَیْلُ (1)رِوَاءً وَ مَلَأْنَا كُلَّ مَزَادَةٍ (2)وَ سِقَاءٍ وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَهُ بِالْحُدَیْبِیَةِ وَ إِذَا ثَمَّ قَلِیبٌ (3)جَافَّةٌ فَأَخْرَجَ علیه السلام سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَاوَلَهُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهَذَا السَّهْمِ إِلَی تِلْكَ الْقَلِیبِ الْجَافَّةِ فَاغْرِسْهُ فِیهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ فَتَفَجَّرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً مِنْ تَحْتِ السَّهْمِ وَ لَقَدْ كَانَ یَوْمُ الْمِیضَاةِ (4)عِبْرَةً وَ عَلَامَةً لِلْمُنْكِرِینَ لِنُبُوَّتِهِ كَحَجَرِ مُوسَی حَیْثُ دَعَا بِالْمِیضَاةِ فَنَصَبَ یَدَهُ فِیهَا فَفَاضَتْ بِالْمَاءِ وَ ارْتَفَعَ حَتَّی تَوَضَّأَ مِنْهُ ثَمَانِیَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ شَرِبُوا حَاجَتَهُمْ وَ سَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَ حَمَلُوا مَا أَرَادُوا قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام قَدْ أُعْطِیَ الْمَنَّ وَ السَّلْوَی فَهَلْ أُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَظِیرَ هَذَا (5)قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَلَّ لَهُ الْغَنَائِمَ وَ لِأُمَّتِهِ وَ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ فَهَذَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَنِّ وَ السَّلْوَی ثُمَّ زَادَهُ أَنْ جَعَلَ النِّیَّةَ لَهُ وَ لِأُمَّتِهِ عَمَلًا صَالِحاً (6)وَ لَمْ یَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَإِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِحَسَنَةٍ وَ لَمْ یَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشَرَةٌ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ مُوسَی علیه السلام قَدْ ظُلِّلَ عَلَیْهِ الْغَمَامُ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ قَدْ فُعِلَ ذَلِكَ لِمُوسَی علیه السلام فِی التِّیهِ وَ أُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ هَذَا إِنَّ الْغَمَامَةَ كَانَتْ تُظَلِّلُهُ مِنْ یَوْمَ وُلِدَ إِلَی یَوْمَ قُبِضَ فِی حَضَرِهِ وَ أَسْفَارِهِ فَهَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِیَ مُوسَی علیه السلام قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَهَذَا دَاوُدُ قَدْ أَلَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الْحَدِیدَ (7)فَعَمِلَ مِنْهُ الدُّرُوعَ قَالَ لَهُ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِنَّهُ لَیَّنَ
ص: 39
اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الصُّمَّ الصُّخُورَ الصِّلَابَ وَ جَعَلَهَا غَاراً وَ لَقَدْ غَارَتِ الصَّخْرَةُ تَحْتَ یَدِهِ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ لِینَةً حَتَّی صَارَتْ كَهَیْئَةِ الْعَجِینِ قَدْ رَأَیْنَا ذَلِكَ وَ الْتَمَسْنَاهُ تَحْتَ رَایَتِهِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا دَاوُدُ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ حَتَّی سَارَتِ الْجِبَالُ مَعَهُ لِخَوْفِهِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَی الصَّلَاةِ سُمِعَ لِصَدْرِهِ وَ جَوْفِهِ أَزِیزٌ كَأَزِیزِ الْمِرْجَلِ عَلَی الْأَثَافِیِّ مِنْ شِدَّةِ الْبُكَاءِ وَ قَدْ أَمَّنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عِقَابِهِ فَأَرَادَ أَنْ یَتَخَشَّعَ لِرَبِّهِ بِبُكَائِهِ وَ یَكُونَ إِمَاماً لِمَنِ اقْتَدَی بِهِ وَ لَقَدْ قَامَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ عَشْرَ سِنِینَ عَلَی أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّی تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ وَ اصْفَرَّ وَجْهُهُ یَقُومُ اللَّیْلَ أَجْمَعَ حَتَّی عُوتِبَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ طه ما أَنْزَلْنا عَلَیْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقی بَلْ لِتَسْعَدَ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ یَبْكِی حَتَّی یُغْشَی عَلَیْهِ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَیْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ قَالَ بَلَی أَ فَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً وَ لَئِنْ سَارَتِ الْجِبَالُ وَ سَبَّحَتْ مَعَهُ لَقَدْ عَمِلَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِذْ كُنَّا مَعَهُ عَلَی جَبَلِ حِرَاءَ إِذْ تَحَرَّكَ الْجَبَلُ فَقَالَ لَهُ قِرَّ فَلَیْسَ عَلَیْكَ إِلَّا نَبِیٌّ وَ صِدِّیقٌ شَهِیدٌ فَقَرَّ الْجَبَلُ مُجِیباً لِأَمْرِهِ وَ مُنْتَهِیاً إِلَی طَاعَتِهِ وَ لَقَدْ مَرَرْنَا مَعَهُ بِجَبَلٍ وَ إِذَا الدُّمُوعُ تَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُبْكِیكَ یَا جَبَلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ الْمَسِیحُ مَرَّ بِی وَ هُوَ یُخَوِّفُ النَّاسَ بِنَارٍ (1)وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ فَأَنَا أَخَافُ أَنْ أَكُونَ مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ قَالَ لَهُ لَا تَخَفْ تِلْكَ حِجَارَةُ الْكِبْرِیتِ فَقَرَّ الْجَبَلُ وَ سَكَنَ وَ هَدَأَ وَ أَجَابَ لِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا سُلَیْمَانُ أُعْطِیَ مُلْكاً لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّهُ هَبَطَ إِلَیْهِ مَلَكٌ لَمْ یَهْبِطْ إِلَی الْأَرْضِ قَبْلَهُ وَ هُوَ مِیكَائِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ عِشْ مَلِكاً مُنْعَماً وَ هَذِهِ مَفَاتِیحُ خَزَائِنِ الْأَرْضِ مَعَكَ وَ تَسِیرُ مَعَكَ جِبَالُهَا ذَهَباً وَ فِضَّةً لَا یَنْقُصُ لَكَ فِیمَا ادُّخِرَ لَكَ فِی الْآخِرَةِ شَیْ ءٌ فَأَوْمَأَ إِلَی جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ خَلِیلَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَشَارَ إِلَیْهِ أَنْ تَوَاضَعْ فَقَالَ بَلْ أَعِیشُ نَبِیّاً عَبْداً آكُلُ یَوْماً وَ لَا آكُلُ
ص: 40
یَوْمَیْنِ وَ أَلْحَقُ بِإِخْوَانِی مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مِنْ قَبْلِی فَزَادَهُ اللَّهُ تَعَالَی الْكَوْثَرَ وَ أَعْطَاهُ الشَّفَاعَةَ وَ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ مُلْكٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَی آخِرِهَا سَبْعِینَ مَرَّةً وَ وَعَدَهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَقْعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الْعَرْشِ فَهَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا سُلَیْمَانُ قَدْ سُخِّرَتْ لَهُ الرِّیَاحُ فَسَارَتْ فِی بِلَادِهِ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّهُ أُسْرِیَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ عُرِجَ بِهِ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ مَسِیرَةَ خَمْسِینَ أَلْفَ عَامٍ فِی أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ لَیْلَةٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاقِ الْعَرْشِ فَدَنَا بِالْعِلْمِ فَتَدَلَّی فَدُلِّیَ لَهُ مِنَ الْجَنَّةِ رَفْرَفٌ أَخْضَرُ وَ غَشَی النُّورُ بَصَرَهُ فَرَأَی عَظَمَةَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِفُؤَادِهِ وَ لَمْ یَرَهَا بِعَیْنِهِ فَكَانَ كَقَابِ قَوْسَیْنِ بَیْنَهَا وَ بَیْنَهُ أَوْ أَدْنی فَأَوْحی إِلی عَبْدِهِ ما أَوْحی فَكَانَ فِیمَا أَوْحَی إِلَیْهِ الْآیَةُ الَّتِی فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَوْلُهُ تَعَالَی لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ كَانَتِ الْآیَةُ قَدْ عُرِضَتْ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ علیه السلام إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ عُرِضَتْ عَلَی الْأُمَمِ فَأَبَوْا أَنْ یَقْبَلُوهَا مِنْ ثِقْلِهَا وَ قَبِلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَرَضَهَا عَلَی أُمَّتِهِ فَقَبِلُوهَا فَلَمَّا رَأَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْهُمُ الْقَبُولَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا یُطِیقُونَهَا فَلَمَّا أَنْ صَارَ إِلَی سَاقِ الْعَرْشِ كَرَّرَ عَلَیْهِ الْكَلَامَ لِیُفْهِمَهُ فَقَالَ آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ فَأَجَابَ صلی اللّٰه علیه و آله مُجِیباً عَنْهُ وَ عَنْ أُمَّتِهِ فَقَالَ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَ الْمَغْفِرَةُ عَلَی أَنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا إِذَا فَعَلْتَ بِنَا ذَلِكَ فَ غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ یَعْنِی الْمَرْجِعَ فِی الْآخِرَةِ قَالَ فَأَجَابَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ وَ بِأُمَّتِكَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَّا إِذَا قَبِلْتَ الْآیَةَ بِتَشْدِیدِهَا وَ عِظَمِ مَا فِیهَا وَ قَدْ عَرَضْتُهَا عَلَی الْأُمَمِ فَأَبَوْا أَنْ یَقْبَلُوهَا وَ قَبِلَتْهَا أُمَّتُكَ فَحَقَّ عَلَیَّ أَنْ أَرْفَعَهَا عَنْ أُمَّتِكَ فَقَالَ
ص: 41
لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ مِنْ خَیْرٍ وَ عَلَیْها مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِی وَ بِأُمَّتِی فَزِدْنِی قَالَ سَلْ قَالَ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَسْتُ أُؤَاخِذُ أُمَّتَكَ بِالنِّسْیَانِ وَ الْخَطَإِ لِكَرَامَتِكَ عَلَیَّ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْتُ عَلَیْهِمْ أَبْوَابَ الْعَذَابِ وَ قَدْ رَفَعْتُ ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا أَخْطَئُوا أُخِذُوا بِالْخَطَإِ وَ عُوقِبُوا عَلَیْهِ وَ قَدْ رَفَعْتُ ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِكَ لِكَرَامَتِكَ عَلَیَّ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِذْ أَعْطَیْتَنِی ذَلِكَ فَزِدْنِی فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ سَلْ قَالَ رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَیْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنا یَعْنِی بِالْإِصْرِ الشَّدَائِدَ الَّتِی كَانَتْ عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَأَجَابَهُ اللَّهُ إِلَی ذَلِكَ فَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ رَفَعْتُ عَنْ أُمَّتِكَ الْآصَارَ الَّتِی كَانَتْ عَلَی الْأُمَمِ السَّالِفَةِ كُنْتُ لَا أَقْبَلُ صَلَاتَهُمْ إِلَّا فِی بِقَاعٍ مِنَ الْأَرْضِ مَعْلُومَةٍ اخْتَرْتُهَا لَهُمْ وَ إِنْ بَعُدَتْ وَ قَدْ جَعَلْتُ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِأُمَّتِكَ مَسْجِداً وَ طَهُوراً فَهَذِهِ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَی الْأُمَمِ قَبْلَكَ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا أَصَابَهُمْ أَذًی مِنْ نَجَاسَةٍ قَرَضُوهَا مِنْ أَجْسَادِهِمْ وَ قَدْ جَعَلْتُ الْمَاءَ لِأُمَّتِكَ طَهُوراً فَهَذِهِ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ تَحْمِلُ قَرَابِینَهَا عَلَی أَعْنَاقِهَا إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَمَنْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ أَرْسَلْتُ عَلَیْهِ نَاراً فَأَكَلَتْهُ فَرَجَعَ مَسْرُوراً وَ مَنْ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ رَجَعَ مَثْبُوراً (1)وَ قَدْ جَعَلْتُ قُرْبَانَ أُمَّتِكَ فِی بُطُونِ فُقَرَائِهَا وَ مَسَاكِینِهَا فَمَنْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ أَضْعَفْتُ ذَلِكَ لَهُ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَ مَنْ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ رَفَعْتُ عَنْهُ عُقُوبَاتِ الدُّنْیَا وَ قَدْ رَفَعْتُ ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِكَ وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ صَلَاتُهَا مَفْرُوضَةٌ عَلَیْهَا فِی ظُلَمِ اللَّیْلِ وَ أَنْصَافِ النَّهَارِ وَ هِیَ مِنَ الشَّدَائِدِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ فَرَضْتُ عَلَیْهِمْ صَلَوَاتِهِمْ فِی أَطْرَافِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ فِی أَوْقَاتِ نَشَاطِهِمْ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ قَدْ فَرَضْتُ عَلَیْهِمْ خَمْسِینَ صَلَاةً فِی خَمْسِینَ وَقْتاً وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ جَعَلْتُهَا خَمْساً فِی خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ وَ هِیَ إِحْدَی وَ خَمْسُونَ رَكْعَةً وَ
ص: 42
جَعَلْتُ لَهُمْ أَجْرَ خَمْسِینَ صَلَاةً وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ حَسَنَتُهُمْ بِحَسَنَةٍ وَ سَیِّئَتُهُمْ بِسَیِّئَةٍ وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ جَعَلْتُ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةٍ وَ السَّیِّئَةَ بِوَاحِدَةٍ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا نَوَی أَحَدُهُمْ حَسَنَةً ثُمَّ لَمْ یَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ لَهُ وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِنَّ أُمَّتَكَ إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِحَسَنَةٍ وَ لَمْ یَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِسَیِّئَةٍ ثُمَّ لَمْ یَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَیْهِ وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَیْهِ سَیِّئَةٌ وَ إِنَّ أُمَّتَكَ إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِسَیِّئَةٍ ثُمَّ لَمْ یَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ هَذِهِ مِنْ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُ ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِكَ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ إِذَا أَذْنَبُوا كَتَبْتُ ذُنُوبَهُمْ عَلَی أَبْوَابِهِمْ وَ جَعَلْتُ تَوْبَتَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ أَنْ حَرَّمْتُ عَلَیْهِمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَیْهِمْ وَ قَدْ رَفَعْتُ ذَلِكَ عَنْ أُمَّتِكَ وَ جَعَلْتُ ذُنُوبَهُمْ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ وَ جَعَلْتُ عَلَیْهِمْ سُتُوراً كَثِیفَةً وَ قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ بِلَا عُقُوبَةٍ وَ لَا أُعَاقِبُهُمْ بِأَنْ أُحَرِّمَ عَلَیْهِمْ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَیْهِمْ وَ كَانَتِ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ یَتُوبُ أَحَدُهُمْ مِنَ الذَّنْبِ الْوَاحِدِ (1)مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ ثَمَانِینَ سَنَةً أَوْ خَمْسِینَ سَنَةً ثُمَّ لَا أَقْبَلُ تَوْبَتَهُ دُونَ أَنْ أُعَاقِبَهُ فِی الدُّنْیَا بِعُقُوبَةٍ وَ هِیَ مِنَ الْآصَارِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ فَرَفَعْتُهَا عَنْ أُمَّتِكَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِكَ لَیُذْنِبُ عِشْرِینَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثِینَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَوْ مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ یَتُوبُ وَ یَنْدَمُ طَرْفَةَ الْعَیْنِ فَأَغْفِرُ لَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِذْ أَعْطَیْتَنِی ذَلِكَ كُلَّهُ فَزِدْنِی قَالَ سَلْ قَالَ رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ فَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِأُمَّتِكَ وَ قَدْ رَفَعْتُ عَنْهُمْ عِظَمَ بَلَایَا الْأُمَمِ وَ ذَلِكَ حُكْمِی فِی جَمِیعِ الْأُمَمِ أَنْ لَا أُكَلِّفَ خَلْقاً فَوْقَ طَاقَتِهِمْ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِتَائِبِی أُمَّتِكَ ثُمَّ قَالَ فَانْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ إِنَّ أُمَّتَكَ فِی الْأَرْضِ كَالشَّامَةِ الْبَیْضَاءِ فِی الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ هُمُ الْقَادِرُونَ وَ هُمُ الْقَاهِرُونَ یَسْتَخْدِمُونَ وَ لَا یُسْتَخْدَمُونَ لِكَرَامَتِكَ
ص: 43
عَلَیَّ وَ حَقٌّ عَلَیَّ أَنْ أَظْهَرَ دِینَكَ عَلَی الْأَدْیَانِ حَتَّی لَا یَبْقَی فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا دِیْنٌ إِلَّا دِینُكَ أَوْ یُؤَدُّونَ إِلَی أَهْلِ دِینِكَ الْجِزْیَةَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا سُلَیْمَانُ علیه السلام سُخِّرَتْ لَهُ الشَّیَاطِینُ یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ أُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ هَذَا إِنَّ الشَّیَاطِینَ سُخِّرَتْ لِسُلَیْمَانَ وَ هِیَ مُقِیمَةٌ عَلَی كُفْرِهَا وَ قَدْ سُخِّرَتْ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الشَّیَاطِینُ بِالْإِیمَانِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ الْجِنُّ التِّسْعَةُ مِنْ أَشْرَافِهِمْ مِنْ جِنِّ نَصِیبِینَ وَ الْیَمَنِ مِنْ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ (1)مِنَ الْأَحِجَّةِ مِنْهُمْ شضاة وَ مضاة (2)وَ الْهَمْلَكَانُ وَ الْمَرْزُبَانُ وَ المازمان وَ نضاة وَ هَاصِبٌ وَ هَاضِبٌ (3)وَ عَمْرٌو وَ هُمُ الَّذِینَ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِیهِمْ وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ وَ هُمُ التِّسْعَةُ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ الْجِنُّ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِبَطْنِ النَّخْلِ فَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً وَ لَقَدْ أَقْبَلَ إِلَیْهِ أَحَدٌ وَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْهُمْ فَبَایَعُوهُ عَلَی الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ نُصْحِ الْمُسْلِمِینَ فَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ قَالُوا عَلَی اللَّهِ شَطَطاً وَ هَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَهَا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَتَمَرَّدُ وَ تَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً فَلَقَدْ شَمِلَ مَبْعَثُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَا لَا یُحْصَی قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَهَذَا یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا یُقَالُ إِنَّهُ أُوتِیَ الْحُكْمَ صَبِیّاً وَ الْحِلْمَ وَ الْفَهْمَ وَ إِنَّهُ كَانَ یَبْكِی مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ وَ كَانَ یُوَاصِلُ الصَّوْمَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا كَانَ فِی عَصْرٍ لَا أَوْثَانَ فِیهِ وَ لَا جَاهِلِیَّةَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُوتِیَ الْحُكْمَ وَ الْفَهْمَ صَبِیّاً بَیْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَ حِزْبِ الشَّیْطَانِ وَ لَمْ یَرْغَبْ لَهُمْ فِی صَنَمٍ قَطُّ وَ لَمْ یَنْشَطْ لِأَعْیَادِهِمْ وَ لَمْ یُرَ مِنْهُ كَذِبٌ قَطُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ أَمِیناً صَدُوقاً حَلِیماً وَ كَانَ یُوَاصِلُ صَوْمَ
ص: 44
الْأُسْبُوعِ وَ الْأَقَلِّ وَ الْأَكْثَرِ فَیُقَالُ لَهُ فِی ذَلِكَ فَیَقُولُ إِنِّی لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ إِنِّی أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّی فَیُطْعِمُنِی وَ یَسْقِینِی وَ كَانَ یَبْكِی صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَبْتَلَّ مُصَلَّاهُ خَشْیَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ غَیْرِ جُرْمٍ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَاضِعاً یَدَهُ الْیُسْرَی عَلَی الْأَرْضِ وَ رَافِعاً یَدَهُ الْیُمْنَی إِلَی السَّمَاءِ یُحَرِّكُ شَفَتَیْهِ بِالتَّوْحِیدِ وَ بَدَا مِنْ فِیهِ نُورٌ رَأَی أَهْلُ مَكَّةَ مِنْهُ قُصُورَ بُصْرَی مِنَ الشَّامِ وَ مَا یَلِیهَا وَ الْقُصُورَ الْحُمْرَ مِنْ أَرْضِ الْیَمَنِ وَ مَا یَلِیهَا وَ الْقُصُورَ الْبِیضَ مِنْ إِصْطَخْرَ وَ مَا یَلِیهَا وَ لَقَدْ أَضَاءَتِ الدُّنْیَا لَیْلَةَ وُلِدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی فَزِعَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ قَالُوا حَدَثَ فِی الْأَرْضِ حَدَثٌ وَ لَقَدْ رُئِیَتِ الْمَلَائِكَةُ لَیْلَةَ وُلِدَ تَصْعَدُ وَ تَنْزِلُ وَ تُسَبِّحُ وَ تُقَدِّسُ وَ تَضْطَرِبُ النُّجُومُ وَ تَتَسَاقَطُ عَلَامَةً لِمِیلَادِهِ وَ لَقَدْ هَمَّ إِبْلِیسُ بِالظَّعْنِ فِی السَّمَاءِ لِمَا رَأَی مِنَ الْأَعَاجِیبِ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ وَ كَانَ لَهُ مَقْعَدٌ فِی السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ الشَّیَاطِینُ یَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ فَلَمَّا رَأَوُا الْأَعَاجِیبَ أَرَادُوا أَنْ یَسْتَرِقُوا السَّمْعَ فَإِذَا هَمُّوا قَدْ حُجِبُوا مِنَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا وَ رُمُوا بِالشُّهُبِ دَلَالَةً لِنُبُوَّتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ عِیسَی یَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أُعْطِیَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ أَبْرَأَ ذَا الْعَاهَةِ مِنْ عَاهَتِهِ فَبَیْنَمَا هُوَ جَالِسٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِنَ الْبَلَاءِ كَهَیْئَةِ الْفَرْخِ لَا رِیشَ عَلَیْهِ فَأَتَاهُ علیه السلام فَإِذَا هُوَ كَهَیْئَةِ الْفَرْخِ مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاءِ فَقَالَ قَدْ كُنْتَ تَدْعُو فِی صِحَّتِكَ دُعَاءً قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ یَا رَبِّ أَیُّمَا عُقُوبَةٍ مُعَاقِبِی بِهَا فِی الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهَا لِی فِی الدُّنْیَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ فَقَالَهَا فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ (1)وَ قَامَ صَحِیحاً وَ خَرَجَ مَعَنَا وَ لَقَدْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ جُهَیْنَةَ أَجْذَمَ یَتَقَطَّعُ مِنَ الْجُذَامِ فَشَكَا إِلَیْهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ قَدَحاً مِنْ مَاءٍ
ص: 45
فَتَفَلَ فِیهِ ثُمَّ قَالَ امْسَحْ بِهِ جَسَدَكَ فَفَعَلَ فَبَرَأَ حَتَّی لَمْ یُوجَدْ فِیهِ شَیْ ءٌ وَ لَقَدْ أَتَی أَعْرَابِیٌّ أَبْرَصُ (1)فَتَفَلَ مِنْ فِیهِ عَلَیْهِ فَمَا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَّا صَحِیحاً وَ لَئِنْ زَعَمَتْ أَنَّ عِیسَی علیه السلام أَبْرَأَ ذَوِی الْعَاهَاتِ مِنْ عَاهَاتِهِمْ فَإِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَا هُوَ فِی بَعْضِ أَصْحَابِهِ إِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِی قَدْ أَشْرَفَ عَلَی حِیَاضِ الْمَوْتِ كُلَّمَا أَتَیْتُهُ بِطَعَامٍ وَقَعَ عَلَیْهِ التَّثَاؤُبُ فَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُمْنَا مَعَهُ فَلَمَّا أَتَیْنَاهُ قَالَ لَهُ جَانِبْ یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَلِیَّ اللَّهِ فَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَجَانَبَهُ الشَّیْطَانُ فَقَامَ صَحِیحاً وَ هُوَ مَعَنَا فِی عَسْكَرِنَا وَ لَئِنْ زَعَمَتْ أَنَّ عِیسَی علیه السلام أَبْرَأَ الْعُمْیَانَ فَإِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ فَعَلَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (2)إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِیٍّ كَانَ رَجُلًا صَبِیحاً فَلَمَّا أَنْ كَانَ یَوْمُ أُحُدٍ أَصَابَتْهُ طَعْنَةٌ فِی عَیْنِهِ فَبَدَرَتْ حَدَقَتُهُ فَأَخَذَهَا بِیَدِهِ ثُمَّ أَتَی بِهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِی الْآنَ تُبْغِضُنِی فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ یَدِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا مَكَانَهَا فَلَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ إِلَّا بِفَضْلِ حُسْنِهَا وَ فَضْلِ ضَوْئِهَا عَلَی الْعَیْنِ الْأُخْرَی وَ لَقَدْ جُرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِیكٍ وَ بَانَتْ یَدُهُ یَوْمَ ابْنِ أَبِی الْحُقَیْقِ فَجَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلًا فَمَسَحَ عَلَیْهِ یَدَهُ (3)فَلَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ مِنَ الْیَدِ الْأُخْرَی وَ لَقَدْ أَصَابَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ یَوْمَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ مِثْلُ ذَلِكَ فِی عَیْنِهِ وَ یَدِهِ فَمَسَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ تَسْتَبِینَا وَ لَقَدْ أَصَابَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَیْسٍ مِثْلُ ذَلِكَ فِی عَیْنِهِ فَمَسَحَهَا فَمَا عُرِفَتْ مِنَ الْأُخْرَی فَهَذِهِ كُلُّهَا دَلَالَةٌ لِنُبُوَّتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ أَحْیَا الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله سَبَّحَتْ فِی یَدِهِ تِسْعُ حَصَیَاتٍ تُسْمَعُ نَغَمَاتُهَا فِی جُمُودِهَا وَ لَا رُوحَ فِیهَا لِتَمَامِ حُجَّةِ نُبُوَّتِهِ وَ لَقَدْ كَلَّمَتْهُ الْمَوْتَی مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ وَ اسْتَغَاثُوهُ مِمَّا خَافُوا مِنْ تَبِعَتِهِ وَ لَقَدْ صَلَّی بِأَصْحَابِهِ ذَاتَ یَوْمٍ فَقَالَ مَا هَاهُنَا
ص: 46
مِنْ بَنِی النَّجَّارِ أَحَدٌ وَ صَاحِبُهُمْ مُحْتَبَسٌ عَلَی بَابِ الْجَنَّةِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لِفُلَانٍ الْیَهُودِیِّ وَ كَانَ شَهِیداً وَ لَئِنْ زَعَمَتْ أَنَّ عِیسَی علیه السلام كَلَّمَ الْمَوْتَی فَلَقَدْ كَانَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَزَلَ بِالطَّائِفِ وَ حَاصَرَ أَهْلَهَا بَعَثُوا إِلَیْهِ بِشَاةٍ مَسْلُوخَةٍ مَطْلِیَّةٍ بِسَمٍّ فَنَطَقَ الذِّرَاعُ مِنْهَا فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَأْكُلْنِی فَإِنِّی مَسْمُومَةٌ فَلَوْ كَلَّمَتْهُ الْبَهِیمَةُ وَ هِیَ حَیَّةٌ لَكَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْمُنْكِرِینَ لِنُبُوَّتِهِ فَكَیْفَ وَ قَدْ كَلَّمَتْهُ مِنْ بَعْدَ ذَبْحٍ وَ سَلْخٍ وَ شَیٍّ وَ لَقَدْ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یَدْعُو بِالشَّجَرَةِ فَتُجِیبُهُ وَ تُكَلِّمُهُ الْبَهِیمَةُ وَ تُكَلِّمُهُ السِّبَاعُ وَ تَشْهَدُ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ تُحَذِّرُهُمْ عِصْیَانَهُ فَهَذَا أَكْثَرُ مِمَّا أُعْطِیَ عِیسَی علیه السلام قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ إِنَّ عِیسَی یَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَنْبَأَ قَوْمَهُ بِمَا یَأْكُلُونَ وَ مَا یَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِهِمْ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَلَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا إِنَّ عِیسَی علیه السلام أَنْبَأَ قَوْمَهُ بِمَا كَانَ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْبَأَ عَنْ مُؤْتَةَ وَ هُوَ عَنْهَا غَائِبٌ وَ وَصَفَ حَرْبَهُمْ وَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ وَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ مَسِیرَةُ شَهْرٍ وَ كَانَ یَأْتِیهِ الرَّجُلُ یُرِیدُ أَنْ یَسْأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ فَیَقُولُ صلی اللّٰه علیه و آله تَقُولُ أَوْ أَقُولُ فَیَقُولُ بَلْ قُلْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَیَقُولُ جِئْتَنِی فِی كَذَا وَ كَذَا حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ لَقَدْ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یُخْبِرُ أَهْلَ مَكَّةَ بِأَسْرَارِهِمْ بِمَكَّةَ حَتَّی لَا یَتْرُكُ مِنْ أَسْرَارِهِمْ شَیْئاً مِنْهَا مَا كَانَ بَیْنَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ وَ بَیْنَ عُمَیْرِ بْنِ وَهْبٍ إِذَا أَتَاهُ عُمَیْرٌ فَقَالَ جِئْتُ فِی فَكَاكِ ابْنِی فَقَالَ لَهُ كَذِبْتَ بَلْ قُلْتَ لِصَفْوَانَ وَ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ فِی الْحَطِیمِ وَ ذَكَرْتُمْ قَتْلَی بَدْرٍ وَ اللَّهِ لَلْمَوْتُ خَیْرٌ لَنَا مِنَ الْبَقَاءِ (1)مَعَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَا وَ هَلْ حَیَاةٌ بَعْدَ أَهْلِ الْقَلِیبِ فَقُلْتَ أَنْتَ لَوْ لَا عِیَالِی وَ دَیْنٌ عَلَیَّ لَأَرَحْتُكَ مِنْ مُحَمَّدٍ فَقَالَ صَفْوَانُ عَلَیَّ أَنْ أَقْضِیَ دَیْنَكَ وَ أَنْ أَجْعَلَ بَنَاتِكَ مَعَ بَنَاتِی یُصِیبُهُنَّ مَا یُصِیبُهُنَّ مِنْ خَیْرٍ أَوْ شَرٍّ فَقُلْتَ أَنْتَ فَاكْتُمْهَا عَلَیَّ وَ جَهِّزْنِی حَتَّی أَذْهَبَ فَأَقْتُلَهُ فَجِئْتَ لِتَقْتُلَنِی فَقَالَ صَدَقْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا لَا یُحْصَی
ص: 47
قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ عِیسَی یَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَلَقَ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَیَنْفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ فَعَلَ مَا هُوَ شَبِیهٌ بِهَذَا أَخَذَ یَوْمَ حُنَیْنٍ حَجَراً فَسَمِعْنَا لِلْحَجَرِ تَسْبِیحاً وَ تَقْدِیساً ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْحَجَرِ انْفَلِقْ فَانْفَلَقَ ثَلَاثَ فِلَقٍ نَسْمَعُ لِكُلِّ فِلْقَةٍ مِنْهَا تَسْبِیحاً لَا یُسْمَعُ لِلْأُخْرَی وَ لَقَدْ بَعَثَ إِلَی شَجَرَةٍ یَوْمَ الْبَطْحَاءِ فَأَجَابَتْهُ وَ لِكُلِّ غُصْنٍ مِنْهَا تَسْبِیحٌ وَ تَهْلِیلٌ وَ تَقْدِیسٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا انْشَقِّی فَانْشَقَّتْ نِصْفَیْنِ ثُمَّ قَالَ لَهَا الْتَزِقِی فَالْتَزَقَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا اشْهَدِی لِی بِالنُّبُوَّةِ فَشَهِدَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا ارْجِعِی إِلَی مَكَانِكِ بِالتَّسْبِیحِ وَ التَّهْلِیلِ وَ التَّقْدِیسِ فَفَعَلَتْ وَ كَانَ مَوْضِعُهَا بِجَنْبِ الْجَزَّارِینَ بِمَكَّةَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ عِیسَی یَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ سَیَّاحاً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَتْ سِیَاحَتُهُ فِی الْجِهَادِ وَ اسْتَنْفَرَ فِی عَشْرِ سِنِینَ مَا لَا یُحْصَی مِنْ حَاضِرٍ وَ بَادٍ وَ أَفْنَی فِئَاماً عَنِ الْعَرَبِ مِنْ مَنْعُوتٍ بِالسَّیْفِ لَا یُدَارِی بِالْكَلَامِ وَ لَا یَنَامُ إِلَّا عَنْ دَمٍ وَ لَا یُسَافِرُ إِلَّا وَ هُوَ مُتَجَهِّزٌ لِقِتَالِ عَدُوِّهِ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ عِیسَی یَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ زَاهِداً قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَزْهَدُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام كَانَ لَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ زَوْجَةً سِوَی مَنْ یُطِیفُ بِهِ مِنَ الْإِمَاءِ مَا رُفِعَتْ لَهُ مَائِدَةٌ قَطُّ وَ عَلَیْهَا طَعَامٌ وَ مَا أَكَلَ خُبْزَ بُرٍّ قَطُّ وَ لَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ شَعِیرٍ ثَلَاثَ لَیَالٍ مُتَوَالِیَاتٍ قَطُّ تُوُفِّیَ وَ دِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ یَهُودِیٍّ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ مَا تَرَكَ صَفْرَاءَ وَ لَا بَیْضَاءَ مَعَ مَا وُطِّئَ لَهُ مِنَ الْبِلَادِ وَ مُكِّنَ لَهُ مِنْ غَنَائِمِ الْعِبَادِ وَ لَقَدْ كَانَ یَقْسِمُ فِی الْیَوْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ وَ یَأْتِیهِ السَّائِلُ بِالْعَشِیِّ فَیَقُولُ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ مَا أَمْسَی فِی آلِ مُحَمَّدٍ صَاعٌ مِنْ شَعِیرٍ وَ لَا صَاعٌ مِنْ بُرٍّ وَ لَا دِرْهَمٌ وَ لَا دِینَارٌ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولُ اللَّهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ مَا أَعْطَی اللَّهُ نَبِیّاً دَرَجَةً وَ لَا مُرْسَلًا فَضِیلَةً إِلَّا وَ قَدْ جَمَعَهَا لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَادَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْأَنْبِیَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَضْعَافَ دَرَجَةٍ
ص: 48
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَشْهَدُ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَنَّكَ مِنَ الرَّاسِخِینَ فِی الْعِلْمِ فَقَالَ وَیْحَكَ وَ مَا لِی لَا أَقُولُ مَا قُلْتَ فِی نَفْسِ مَنِ اسْتَعْظَمَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی عَظَمَتِهِ جَلَّتْ فَقَالَ وَ إِنَّكَ لَعَلی خُلُقٍ عَظِیمٍ (1).
إیضاح المقة بكسر المیم المحبة و التهافت التساقط و الشیح بالكسر نبت تنبت بالبادیة قوله صلوات اللّٰه علیه و مراتع البقع البقع بالضم جمع الأبقع و هو ما خالط بیاضه لون آخر و لعل المراد الغراب الأبقع فإنه یفر من الناس و یرتع فی البوادی و یحتمل أن یكون فی الأصل البقیع أو لفظ آخر و الظاهر أن فیه تصحیفا.
قوله بحجب ثلاثة لعل المراد البطن و الرحم و المشیمة حیث أخفی حمله عن نمرود أو فی الغار بثلاثة حجب أو أحدها عند الحمل و الثانی فی الغار و الثالث فی النار و المقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه و اختلف فی تفسیر الآیة فقیل إنه مثل ضربه اللّٰه تعالی للمشركین فی إعراضهم عن الحق فمثلهم كمثل رجل غلت یداه إلی عنقه لا یمكنه أن یبسطهما إلی خیر و رجل طامح برأسه لا یبصر موطئ قدمیه و قیل إن المعنی بذلك ناس من قریش هموا بقتل النبی صلی اللّٰه علیه و آله فصاروا هكذا و هذا الخبر یدل علی الأخیر و السبع الطوال علی المشهور من البقرة إلی الأعراف و السابعة سورة یونس أو الأنفال و براءة جمیعا لأنهما سورة واحدة عند بعض و المراد هنا ما یبقی بعد إسقاط البقرة و المائدة و براءة.
و قوله و القرآن العظیم أرید به بقیة القرآن أو المراد به الفاتحة أیضا و قوله و أعطی الكتاب إشارة إلی البقیة.
قوله علیه السلام فی هذا الاسم یحتمل أن یكون المعنی أن اسمه صلی اللّٰه علیه و آله یدل علی أن اللّٰه تعالی ألقی محبته علی العباد لدلالته علی كونه محمودا فی السماء و الأرض أو یكون المراد بالاسم الذكر فكثیرا ما یطلق علیه مجازا أو أن قوله إذ تم فی قوة البدل
ص: 49
من الاسم و الحاصل أنه من الذی یشركه فی أن لا یتم الشهادة لله بالوحدانیة إلا بذكر اسمه و الشهادة له بالنبوة كل هذا إذا قرئ من بالفتح و یمكن أن یقرأ بالكسر فیوجه بأحد الوجهین الأخیرین و النبل السهام العربیة و یقال رشت السهم إذا ألزقت علیه الریش و الشظیة الفلقة من العصا و نحوها و الأكحل عرق فی الید یفصد.
قوله و روی الظاهر أنه كلام الطبرسی رحمه اللّٰه أدخله بین الخبر قوله أن یبعجوا بفتح العین أی أن یشقوا و الشدخ كسر الشی ء الأجوف أی شدخت رأسه به و یقال فغر فاه أی فتحه.
قوله و حتی التفت خواصر الخیل أی جنبتاها من شدة العطش قوله علیه السلام و جعلها غارا یدل علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله لیلة الغار أحدث الغار و دخل فیه و لم یكن ثمة غار و أما صخرة بیت المقدس فكان لیلة المعراج.
و أما قوله قد رأینا ذلك و التمسناه تحت رایته أی رأینا تحت رایته علیه الصلاة و السلام أمثال ذلك كثیرا و المراد بالرایة العلامة أی رأی بعض الصحابة ذلك تحت علامته فی بیت المقدس و یلوح لی أن فیه تصحیفا و كان فی الأصل و جعلها هارا فیكون إشارة إلی ما سیأتی فی أبواب معجزاته صلی اللّٰه علیه و آله أن فی غزوة الأحزاب بلغوا إلی أرض صلبة لا تعمل فیها المعاول فصب صلی اللّٰه علیه و آله علیها ماء فصارت هائرة متساقطة فقوله قد رأینا ذلك إشارة إلی هذا.
و قال الجزری فیه أنه كان یصلی و لجوفه أزیز كأزیز المرجل من البكاء أی خنین من الجوف بالخاء المعجمة و هو صوت البكاء و قیل هو أن یجیش جوفه و یغلی بالبكاء انتهی (1)و المرجل كمنبر القدر و الأثافی الأحجار یوضع علیها القدر و الرفرف ثیاب خضر یتخذ منها المحابس و تبسط و كسر الخباء و جوانب الدرع و ما تدلی منها و ما تدلی من أغصان الأیكة (2)و فضول المحابس و الفرش و كل ما
ص: 50
فضل فثنی و الفراش ذكرها الفیروزآبادی (1).
قوله علیه السلام فكان فیما أوحی إلیه لعل المعنی أنه كانت تلك الآیة فیما أوحی اللّٰه إلیه قبل تلك اللیلة لیتأتی تبلیغها أمته و قبولهم لها فیكون ذكرها لبیان سبب ما أوحی إلیه صلی اللّٰه علیه و آله فی هذا الوقت و یحتمل أن یكون التبلیغ إلی أمیر المؤمنین علیه السلام من ذلك المكان فی تلك اللیلة قبل الوصول إلی ساق العرش و یحتمل أن یكون التبلیغ بعد النزول و یكون قوله فلما رأی اللّٰه تعالی منهم القبول أی علم اللّٰه منهم أنهم سیقبلونها و الأول أظهر و الثبور الهلاك و الخسران.
قوله علیه السلام من الأحجة جمع حجیج بمعنی مقیم الحجة علی مذهبه و فی بعض النسخ من الأجنحة أی الرؤساء أو اسم قبیلة منهم قوله علیه السلام و شی أی بعد ما كان مشویا مطبوخا و مؤتة بضم المیم و سكون الهمزة و فتح التاء اسم موضع قتل فیها جعفر بن أبی طالب و سیأتی قصته و كیف أخبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن شهادته و غیرها و الفئام بالكسر مهموزا الجماعة الكثیرة كما ذكره اللغویون و قد فسر فی بعض أخبارنا بمائة ألف.
قوله علیه السلام مع ما وُطِّئَ له من البلاد علی بناء المجهول من باب التفعیل أی مهد و ذلل و یسر له فتحها و الاستیلاء علیها من قولهم فراش وطی ء أی لا یؤذی جنب النائم.
قوله علیه السلام جلت معترضة ثنائیة أی جلت عظمته عن البیان و الأظهر أنه كان فی الأصل حیث قال (2)فصحف و كذا الأظهر أن قوله نفس تصحیف نعت أو وصف.
ص: 51
«1»- ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ وَفْدٌ وُفِدَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ إِلَی الْمَدِینَةِ عَلَی عَهْدِ أَبِی بَكْرٍ وَ فِیهِمْ رَاهِبٌ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَی فَأَتَی مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ بُخْتِیٌّ مُوقَرٌ ذَهَباً وَ فِضَّةً وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ حَاضِراً وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَدَخَلَ عَلَیْهِمْ وَ حَیَّاهُمْ وَ رَحَّبَ بِهِمْ وَ تَصَفَّحَ وُجُوهَهُمْ (1)ثُمَّ قَالَ أَیُّكُمْ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیِّكُمْ وَ أَمِینِ دِینِكُمْ فَأُومِئَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الشَّیْخُ مَا اسْمُكَ قَالَ اسْمِی عَتِیقٌ قَالَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ صِدِّیقٌ قَالَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ مَا أَعْرِفُ لِنَفْسِی اسْماً غَیْرَهُ قَالَ لَسْتَ بِصَاحِبِی فَقَالَ لَهُ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ أَنَا مِنْ بِلَادِ الرُّومِ جِئْتُ مِنْهَا بِبُخْتِیٍّ مُوقَراً ذَهَباً وَ فِضَّةً لِأَسْأَلَ أَمِینَ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ مَسْأَلَةٍ إِنْ أَجَابَنِی عَنْهَا أَسْلَمْتُ وَ بِمَا أَمَرَنِی أَطَعْتُ وَ هَذَا الْمَالَ بَیْنَكُمْ فَرَّقْتُ وَ إِنْ عَجَزَ عَنْهَا رَجَعْتُ إِلَی الْوَرَاءِ بِمَا مَعِی وَ لَمْ أُسْلِمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ الرَّاهِبُ وَ اللَّهِ لَا أَفْتَحُ الْكَلَامَ مَا لَمْ تُؤْمِنِّی مِنْ سَطْوَتِكَ وَ سَطْوَةِ أَصْحَابِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنْتَ آمِنٌ وَ لَیْسَ عَلَیْكَ بَأْسٌ قُلْ مَا شِئْتَ فَقَالَ الرَّاهِبُ أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْ ءٍ لَیْسَ لِلَّهِ وَ لَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ فَارْتَعَشَ أَبُو بَكْرٍ وَ لَمْ یُحِرْ جَوَاباً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ هُنَیْئَةٍ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ائْتِنِی بِأَبِی حَفْصٍ فَجَاءَ بِهِ فَجَلَسَ عِنْدَهُ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الرَّاهِبُ اسْأَلْهُ فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ بِوَجْهِهِ إِلَی عُمَرَ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِأَبِی بَكْرٍ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ أُتِیَ بِعُثْمَانَ فَجَرَی بَیْنَ الرَّاهِبِ وَ بَیْنَ عُثْمَانَ مَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً فَقَالَ الرَّاهِبُ أَشْیَاخٌ كِرَامٌ ذَوُو رِتَاجٍ لِإِسْلَامٍ (2)ثُمَّ نَهَضَ لِیَخْرُجَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ لَا الْعَهْدُ لَخَضَبْتُ الْأَرْضَ بِدَمِكَ
ص: 52
فَقَامَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ جَالِسٌ فِی صَحْنِ دَارِهِ مَعَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَخَرَجَ وَ مَعَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام حَتَّی أَتَی الْمَسْجِدَ فَلَمَّا رَأَی الْقَوْمُ عَلِیّاً علیه السلام كَبَّرُوا اللَّهَ وَ حَمَّدُوا اللَّهَ وَ قَامُوا إِلَیْهِ بِأَجْمَعِهِمْ فَدَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ جَلَسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَیُّهَا الرَّاهِبُ سَائِلْهُ (1)فَإِنَّهُ صَاحِبُكَ وَ بُغْیَتُكَ فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ بِوَجْهِهِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا فَتَی مَا اسْمُكَ فَقَالَ اسْمِی عِنْدَ الْیَهُودِ إِلْیَا وَ عِنْدَ النَّصَارَی إِیلِیَا وَ عِنْدَ وَالِدِی عَلِیٌّ وَ عِنْدَ أُمِّی حَیْدَرَةُ فَقَالَ مَا مَحَلُّكَ مِنْ نَبِیِّكُمْ قَالَ أَخِی وَ صِهْرِی وَ ابْنُ عَمِّی (2)قَالَ الرَّاهِبُ أَنْتَ صَاحِبِی وَ رَبِّ عِیسَی أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْ ءٍ لَیْسَ لِلَّهِ وَ لَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْخَبِیرِ سَقَطْتَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَیْسَ لِلَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَحَدٌ لَیْسَ لَهُ صَاحِبَةٌ وَ لَا وَلَدٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ وَ لَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلَیْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ظُلْمٌ لِأَحَدٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ لَا یَعْلَمُهُ اللَّهُ لَا یَعْلَمُ لَهُ شَرِیكاً فِی الْمُلْكِ فَقَامَ الرَّاهِبُ وَ قَطَعَ زُنَّارَهُ وَ أَخَذَ رَأْسَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْخَلِیفَةُ وَ أَمِینُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ مَعْدِنُ الدِّینِ وَ الْحِكْمَةِ وَ مَنْبَعُ عَیْنِ الْحُجَّةِ لَقَدْ قَرَأْتُ اسْمَكَ فِی التَّوْرَاةِ إِلْیَا وَ فِی الْإِنْجِیلِ إِیلِیَا وَ فِی الْقُرْآنِ عَلِیّاً وَ فِی الْكُتُبِ السَّالِفَةِ حَیْدَرَةُ وَ وَجَدْتُكَ بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَصِیّاً وَ لِلْإِمَارَةِ وَلِیّاً وَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ غَیْرِكَ فَأَخْبِرْنِی مَا شَأْنُكَ وَ شَأْنُ الْقَوْمِ فَأَجَابَهُ بِشَیْ ءٍ فَقَامَ الرَّاهِبُ وَ سَلَّمَ الْمَالَ إِلَیْهِ بِأَجْمَعِهِ فَمَا بَرِحَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ مَكَانِهِ حَتَّی فَرَّقَهُ فِی مَسَاكِینِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ وَ مَحَاوِیجِهِمْ وَ انْصَرَفَ الرَّاهِبُ إِلَی قَوْمِهِ مُسْلِماً (3).
بیان: قوله ذوو رتاج قال الجوهری أرتج علی القارئ علی ما لم یسمّ فاعله
ص: 53
إذا لم یقدر علی القراءة كأنه أطبق علیه كما یرتج الباب من الرجّ (الرتج) و لا تقل ارتجّ علیه بالتشدید و رتج الرجل فی منطقه بالكسر إذا استغلق علیه الكلام و الرتاج الباب العظیم انتهی.
أقول: یحتمل أن یكون مراده أنهم صاحب باب علوم الإسلام و عندهم مفاتیحه علی سبیل التهكم و أن یكون المعنی أنه یرتج علیهم الكلام فی المسائل التی یسأل عنهم فی الإسلام أو یسدون باب الإسلام فلا یدخله أحد لجهلهم و لعله أظهر.
«2»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْكِنْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِیِّ عَنْ بُنْدَارَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی إِدْرِیسَ (1)عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَیْسٍ الْبَصْرِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا زَاذَانُ (2)عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَقَلَّدَ أَبُو بَكْرٍ الْأَمْرَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّصَارَی یَتَقَدَّمُهُمْ جَاثَلِیقٌ لَهُمْ لَهُ سَمْتٌ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْكَلَامِ وَ وُجُوهِهِ وَ حَفِظَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ مَا فِیهِمَا فَقَصَدُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْجَاثَلِیقُ إِنَّا وَجَدْنَا فِی الْإِنْجِیلِ رَسُولًا یَخْرُجُ بَعْدَ عِیسَی وَ قَدْ بَلَغَنَا خُرُوجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ یُذْكَرُ أَنَّهُ ذَلِكَ الرَّسُولُ فَفَزِعْنَا إِلَی مَلِكِنَا (3)فَجَمَعَ وُجُوهَ قَوْمِنَا وَ أَنْفَذَنَا فِی الْتِمَاسِ الْحَقِّ فِیمَا اتَّصَلَ بِنَا وَ قَدْ فَاتَنَا نَبِیُّكُمْ مُحَمَّدٌ وَ فِیمَا قَرَأْنَاهُ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَا یَخْرُجُونَ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا بَعْدَ إِقَامَةِ أَوْصِیَاءَ لَهُمْ یَخْلُفُونَهُمْ فِی أُمَمِهِمْ یُقْتَبَسُ مِنْهُمُ الضِّیَاءُ فِیمَا أَشْكَلَ فَأَنْتَ أَیُّهَا الْأَمِیرُ وَصِیُّهُ لِنَسْأَلْكَ عَمَّا نَحْتَاجُ إِلَیْهِ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَثَا الْجَاثَلِیقُ لِرُكْبَتَیْهِ وَ قَالَ لَهُ خُبِّرْنَا
ص: 54
أَیُّهَا الْخَلِیفَةُ عَنْ فَضْلِكُمْ عَلَیْنَا فِی الدِّینِ فَإِنَّا جِئْنَا نَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ وَ أَنْتُمْ كُفَّارٌ وَ الْمُؤْمِنُ خَیْرٌ مِنَ الْكَافِرِ وَ الْإِیمَانُ خَیْرٌ مِنَ الْكُفْرِ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ هَذِهِ دَعْوَی یَحْتَاجُ إِلَی حُجَّةٍ فَخَبِّرْنِی أَنْتَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ أَمْ عِنْدَ نَفْسِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ نَفْسِی وَ لَا عِلْمَ لِی بِمَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ فَهَلْ أَنَا كَافِرٌ عِنْدَكَ عَلَی مِثْلِ مَا أَنْتَ مُؤْمِنٌ أَمْ أَنَا كَافِرٌ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنْتَ عِنْدِی كَافِرٌ وَ لَا عِلْمَ لِی بِحَالِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ فَمَا أَرَاكَ إِلَّا شَاكّاً فِی نَفْسِكَ وَ فِیَّ وَ لَسْتَ عَلَی یَقِینٍ مِنْ دِینِكَ فَخَبِّرْنِی أَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ فِی الْجَنَّةِ بِمَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الدِّینِ تَعْرِفُهَا فَقَالَ لِی مَنْزِلَةٌ فِی الْجَنَّةِ أَعْرِفُهَا بِالْوَعْدِ وَ لَا أَعْلَمُ هَلْ أَصِلُ إِلَیْهَا أَمْ لَا فَقَالَ لَهُ فَتَرْجُو (1)لِی مَنْزِلَةً مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ أَجَلْ أَرْجُو ذَلِكَ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ فَمَا أَرَاكَ إِلَّا رَاجِیاً لِی وَ خَائِفاً عَلَی نَفْسِكَ فَمَا فَضْلُكَ عَلَیَّ فِی الْعِلْمِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی هَلِ احْتَوَیْتَ عَلَی جَمِیعِ عِلْمِ النَّبِیِّ الْمَبْعُوثِ إِلَیْكَ قَالَ لَا وَ لَكِنِّی أَعْلَمُ مِنْهُ مَا قُضِیَ لِی عِلْمُهُ (2)قَالَ فَكَیْفَ صِرْتَ خَلِیفَةً لِلنَّبِیِّ وَ أَنْتَ لَا تُحِیطُ عِلْماً بِمَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ أُمَّتُهُ مِنْ عِلْمِهِ وَ كَیْفَ قَدَّمَكَ قَوْمُكَ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كُفَّ أَیُّهَا النَّصْرَانِیُّ عَنْ هَذَا التَّعَبِ وَ إِلَّا أَبَحْنَا دَمَكَ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ مَا هَذَا عَدْلٌ عَلَی مَنْ جَاءَ مُسْتَرْشِداً طَالِباً قَالَ سَلْمَانُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَكَأَنَّمَا أُلْبِسْنَا جِلْبَابَ الْمَذَلَّةِ فَنَهَضْتُ حَتَّی أَتَیْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَأَقْبَلَ بِأَبِی وَ أُمِّی حَتَّی جَلَسَ وَ النَّصْرَانِیُّ یَقُولُ دُلُّونِی عَلَی مَنْ أَسْأَلُهُ عَمَّا أَحْتَاجُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَلْ یَا نَصْرَانِیُّ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَا تَسْأَلُنِی عَمَّا مَضَی وَ لَا مَا یَكُونُ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِهِ عَنْ نَبِیِّ الْهُدَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّصْرَانِیُّ أَسْأَلُكَ عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ هَذَا الشَّیْخَ خَبِّرْنِی أَ مُؤْمِنٌ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَمْ عِنْدَ نَفْسِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ كَمَا أَنَا مُؤْمِنٌ فِی عَقِیدَتِی
ص: 55
فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا كَلَامُ وَثِیقٍ بِدِینِهِ مُتَحَقِّقٍ فِیهِ بِصِحَّةِ یَقِینِهِ فَخَبِّرْنِی الْآنَ عَنْ مَنْزِلَتِكَ فِی الْجَنَّةِ مَا هِیَ فَقَالَ علیه السلام مَنْزِلَتِی مَعَ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ فِی الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی لَا أَرْتَابُ بِذَلِكَ وَ لَا أَشُكُّ فِی الْوَعْدِ بِهِ مِنْ رَبِّی قَالَ النَّصْرَانِیُّ فَبِمَا ذَا عَرَفْتَ الْوَعْدَ لَكَ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِی ذَكَرْتَهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكِتَابِ الْمُنْزَلِ وَ صِدْقِ النَّبِیِّ الْمُرْسَلِ قَالَ فَبِمَا عَلِمْتَ صِدْقَ نَبِیِّكَ قَالَ بِالْآیَاتِ الْبَاهِرَاتِ وَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَیِّنَاتِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ هَذَا طَرِیقُ الْحُجَّةِ لِمَنْ أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ خَبِّرْنِی عَنِ اللَّهِ تَعَالَی أَیْنَ هُوَ الْیَوْمَ فَقَالَ علیه السلام یَا نَصْرَانِیٌّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَجِلُّ عَنِ الْأَیْنِ وَ یَتَعَالَی عَنِ الْمَكَانِ كَانَ فِیمَا لَمْ یَزَلْ وَ لَا مَكَانَ وَ هُوَ الْیَوْمَ عَلَی ذَلِكَ لَمْ یَتَغَیَّرْ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ فَقَالَ أَجَلْ أَحْسَنْتَ أَیُّهَا الْعَالِمُ وَ أَجَزْتَ فِی الْجَوَابِ فَخَبِّرْنِی عَنِ اللَّهِ تَعَالَی أَ مُدْرَكٌ بِالْحَوَاسِّ عِنْدَكَ فَیَسْأَلَكَ الْمُسْتَرْشِدُ فِی طَلَبِهِ اسْتِعْمَالَ الْحَوَاسِّ (1)أَمْ كَیْفَ طَرِیقُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَعَالَی الْمَلِكُ الْجَبَّارُ أَنْ یُوصَفَ بِمِقْدَارٍ أَوْ تُدْرِكَهُ الْحَوَاسُّ أَوْ یُقَاسَ بِالنَّاسِ وَ الطَّرِیقُ إِلَی مَعْرِفَةِ صَنَائِعِهِ الْبَاهِرَةِ لِلْعُقُولِ الدَّالَّةِ ذَوِی الِاعْتِبَارِ بِمَا هُوَ مِنْهَا مَشْهُودٌ وَ مَعْقُولٌ قَالَ الْجَاثَلِیقُ صَدَقْتَ هَذَا وَ اللَّهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِی قَدْ ضَلَّ عَنْهُ التَّائِهُونَ فِی الْجَهَالاتِ فَخَبِّرْنِی الْآنَ عَمَّا قَالَهُ نَبِیُّكُمْ فِی الْمَسِیحِ وَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ أَیْنَ أَثْبَتَ لَهُ الْخَلْقَ وَ نَفَی عَنْهُ الْإِلَهِیَّةَ وَ أَوْجَبَ فِیهِ النَّقْصَ وَ قَدْ عَرَفْتَ مَا یَعْتَقِدُ فِیهِ كَثِیرٌ مِنَ الْمُتَدَیِّنِینَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَثْبَتَ لَهُ الْخَلْقَ بِالتَّقْدِیرِ الَّذِی لَزِمَهُ وَ التَّصْوِیرِ وَ التَّغَیُّرِ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ زِیَادَةِ الَّتِی لَمْ یَنْفَكَّ مِنْهَا وَ النُّقْصَانِ وَ لَمْ أَنْفِ عَنْهُ النُّبُوَّةَ وَ لَا أَخْرَجْتُهُ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ الْكَمَالِ وَ التَّأْیِیدِ وَ قَدْ جَاءَنَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَی بِأَنَّهُ مِثْلُ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ فَقَالَ لَهُ الْجَاثَلِیقُ هَذَا مَا لَا یُطْعَنُ فِیهِ الْآنَ غَیْرَ أَنَّ الْحِجَاجَ مِمَّا یَشْتَرِكُ فِیهِ الْحُجَّةُ عَلَی الْخَلْقِ وَ الْمَحْجُوجِ مِنْهُمْ فَبِمَ نُبْتَ أَیُّهَا الْعَالِمُ مِنَ الرَّعِیَّةِ النَّاقِصَةِ عِنْدِی (2)
ص: 56
قَالَ بِمَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ مِنْ عِلْمِی بِمَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ قَالَ الْجَاثَلِیقُ فَهَلُمَّ شَیْئاً مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ أَتَحَقَّقْ بِهِ دَعْوَاكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ خَرَجْتَ أَیُّهَا النَّصْرَانِیُّ مِنْ مُسْتَقَرِّكَ مُسْتَفِزّاً لِمَنْ قَصَدْتَ بِسُؤَالِكَ لَهُ مُضْمِراً خِلَافَ مَا أَظْهَرْتَ مِنَ الطَّلَبِ وَ الِاسْتِرْشَادِ فَأُرِیتَ فِی مَنَامِكَ مَقَامِی وَ حُدِّثْتَ فِیهِ بِكَلَامِی وَ حُذِّرْتَ فِیهِ مِنْ خِلَافِی وَ أُمِرْتَ فِیهِ بِاتِّبَاعِی قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ الَّذِی بَعَثَ الْمَسِیحَ وَ مَا اطَّلَعَ عَلَی مَا أَخْبَرْتَنِی بِهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ وَ أَسْلَمَ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ كَإِسْلَامِهِ وَ قَالُوا نَرْجِعُ إِلَی صَاحِبِنَا فَنُخْبِرُهُ بِمَا وَجَدْنَا عَلَیْهِ هَذَا الْأَمْرَ وَ نَدْعُوهُ إِلَی الْحَقِّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَاكَ أَیُّهَا الرَّجُلُ إِلَی الْحَقِّ وَ هَدَی مَنْ مَعَكَ إِلَیْهِ غَیْرَ أَنَّهُ یَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عِلْمَ النُّبُوَّةِ فِی أَهْلِ بَیْتِ صَاحِبِهَا وَ الْأَمْرُ بَعْدَهُ لِمَنْ خَاطَبْتَ أَوَّلًا بِرِضَا الْأُمَّةِ وَ اصْطِلَاحِهَا عَلَیْهِ وَ تُخْبِرَ صَاحِبَكَ بِذَلِكَ وَ تَدْعُوَهُ إِلَی طَاعَةِ الْخَلِیفَةِ فَقَالَ عَرَفْتُ مَا قُلْتَ أَیُّهَا الرَّجُلُ وَ أَنَا عَلَی یَقِینٍ مِنْ أَمْرِی فِیمَا أَسْرَرْتُ وَ أَعْلَنْتُ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ وَ تَقَدَّمَ عُمَرُ أَنْ لَا یُذْكَرَ ذَلِكَ الْمَقَامُ بَعْدُ وَ تَوَعَّدَ عَلَی مَنْ ذَكَرَهُ بِالْعِقَابِ وَ قَالَ أَمَ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّنِی أَخَافُ أَنْ یَقُولَ النَّاسُ قَتَلَ مُسْلِماً لَقَتَلْتُ هَذَا الشَّیْخَ وَ مَنْ مَعَهُ فَإِنَّنِی أَظُنُّ أَنَّهُمْ شَیَاطِینُ أَرَادُوا الْإِفْسَادَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ إِیقَاعَ الْفُرْقَةِ بَیْنَهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا سَلْمَانُ أَ تَرَی كَیْفَ یَظْهَرُ اللَّهُ الْحُجَّةَ لِأَوْلِیَائِهِ وَ مَا یَزِیدُ بِذَلِكَ قَوْمُنَا عَنَّا إِلَّا نُفُوراً(1).
بیان: قوله مستفزا أی كان غرضك من خروجك إزعاج المسئول و مباهتته و مغالبته و تشكیكه فی دینه لا قبول الحق منه قال فی القاموس استفزه استخفه و أخرجه من داره و أزعجه أفززته أفزعته (2).
ص: 57
«3»- یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: وَفَدَ الْأُسْقُفُّ النَّجْرَانِیُّ عَلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأَجْلِ أَدَائِهِ الْجِزْیَةَ فَدَعَاهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ لِلَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ فَأَیْنَ تَكُونُ النَّارُ قَالَ فَسَكَتَ عُمَرُ وَ لَمْ یَرُدَّ جَوَاباً قَالَ فَقَالَ لَهُ الْجَمَاعَةُ الْحَاضِرُونَ أَجِبْهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَتَّی لَا یُطْعَنَ فِی الْإِسْلَامِ قَالَ فَأَطْرَقَ خَجِلًا مِنَ الْجَمَاعَةِ الْحَاضِرِینَ سَاعَةً لَا یَرُدُّ جَوَاباً فَإِذَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ رَجُلٌ قَدْ سَدَّهُ بِمَنْكِبَیْهِ فَتَأَمَّلُوهُ وَ إِذَا بِهِ عَیْبَةُ (1)عِلْمِ النُّبُوَّةِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَدْ دَخَلَ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ عِنْدَ رُؤْیَتِهِ قَالَ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ الْجَمَاعَةُ عَلَی أَقْدَامِهِمْ وَ قَالَ یَا مَوْلَایَ أَیْنَ كُنْتَ عَنْ هَذَا الْأُسْقُفِّ الَّذِی قَدْ عَلَانَا مِنْهُ الْكَلَامُ أَخْبِرْهُ یَا مَوْلَایَ بِالْعَجَلِ إِنَّهُ یُرِیدُ الْإِسْلَامَ فَأَنْتَ الْبَدْرُ التَّمَامُ (2)وَ مِصْبَاحُ الظَّلَامِ وَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الْأَنَامِ (3)فَقَالَ الْإِمَامُ علیه السلام مَا تَقُولُ یَا أُسْقُفُّ قَالَ یَا فَتَی أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ الْجَنَّةَ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ فَأَیْنَ تَكُونُ النَّارُ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ علیه السلام إِذَا جَاءَ اللَّیْلُ أَیْنَ یَكُونُ النَّهَارُ فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ مَنْ أَنْتَ یَا فَتَی دَعْنِی حَتَّی أَسْأَلَ هَذَا الْفَظَّ الْغَلِیظَ أَنْبِئْنِی یَا عُمَرُ عَنْ أَرْضٍ طَلَعَتْ عَلَیْهَا الشَّمْسُ سَاعَةً وَ لَمْ تَطْلُعْ مَرَّةً أُخْرَی قَالَ عُمَرُ أَعْفِنِی عَنْ هَذَا وَ اسْأَلْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هِیَ أَرْضُ الْبَحْرِ الَّذِی فَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی لِمُوسَی حَتَّی عَبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فَوَقَعَتِ الشَّمْسُ عَلَیْهَا تِلْكَ السَّاعَةَ وَ لَمْ تَطْلُعْ عَلَیْهَا قَبْلُ وَ لَا بَعْدُ وَ انْطَبَقَ الْبَحْرُ عَلَی فِرْعَوْنَ وَ جُنُودِهِ فَقَالَ الْأُسْقُفُّ صَدَقْتَ یَا فَتَی قَوْمِهِ وَ سَیِّدَ عَشِیرَتِهِ أَخْبِرْنِی عَنْ شَیْ ءٍ هُوَ فِی أَهْلِ
ص: 58
الدُّنْیَا تَأْخُذُ النَّاسُ مِنْهُ مَهْمَا أَخَذُوا فَلَا یَنْقُصُ بَلْ یَزْدَادُ (1)قَالَ علیه السلام هُوَ الْقُرْآنُ وَ الْعُلُومُ فَقَالَ صَدَقْتَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ علیه السلام ذَلِكَ الْغُرَابُ الَّذِی بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی لَمَّا قَتَلَ قَابِیلُ أَخَاهُ هَابِیلَ فَبَقِیَ مُتَحَیِّراً لَا یَعْلَمُ مَا یَصْنَعُ بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ غُراباً یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ لِیُرِیَهُ كَیْفَ یُوارِی سَوْأَةَ أَخِیهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا فَتَی فَقَدْ بَقِیَ لِی مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ أُرِیدُ أَنْ یُخْبِرَنِی عَنْهَا هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی عُمَرَ فَقَالَ لَهُ یَا عُمَرُ أَخْبِرْنِی أَیْنَ هُوَ اللَّهُ قَالَ فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ عُمَرُ وَ أَمْسَكَ وَ لَمْ یَرُدَّ جَوَاباً قَالَ فَالْتَفَتَ الْإِمَامُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ لَا تَغْضَبْ یَا أَبَا حَفْصٍ حَتَّی لَا یَقُولَ إِنَّكَ قَدْ عَجَزْتَ فَقَالَ فَأَخْبِرْهُ أَنْتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام كُنْتُ یَوْماً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ إِلَیْهِ مَلَكٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ عِنْدَ رَبِّی فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ عِنْدَ رَبِّی فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَی ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ آخَرُ ثَالِثٌ فَقَالَ لَهُ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ عِنْدَ رَبِّی فِی مَطْلَعِ الشَّمْسِ ثُمَّ جَاءَ مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ رَبِّی فِی مَغْرِبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا یَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَ لَا هُوَ فِی شَیْ ءٍ وَ لَا عَلَی شَیْ ءٍ وَ لَا مِنْ شَیْ ءٍ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ لا یَعْزُبُ (2)عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ الْأُسْقُفُّ قَوْلَهُ قَالَ لَهُ مُدَّ یَدَكَ فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
ص: 59
وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ خَلِیفَةُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ وَصِیُّ رَسُولِهِ وَ أَنَّ هَذَا الْجَالِسَ الْغَلِیظَ الْكَفَلِ (1)الْمُحْبَنْطِئَ لَیْسَ هُوَ لِهَذَا الْمَكَانِ بِأَهْلٍ وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَهْلُهُ فَتَبَسَّمَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2).
بیان: المحبنطئ الممتلئ غیظا.
«4»- مِنْ كِتَابِ إِرْشَادِ الْقُلُوبِ لِلدَّیْلَمِیِّ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، قَالَ: لَمَّا جَلَسَ عُمَرُ فِی الْخِلَافَةِ جَرَی بَیْنَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ یُقَالُ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ سِنَانٍ الْأَزْدِیُّ وَ بَیْنَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَلَامٌ وَ مُنَازَعَةٌ فَلَمْ یَنْتَصِفْ لَهُ عُمَرُ فَلَحِقَ الْحَارِثُ بْنُ سِنَانٍ بِقَیْصَرَ وَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ نَسِیَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ إِلَّا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلامِ دِیناً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِینَ فَسَمِعَ قَیْصَرُ هَذَا الْكَلَامَ قَالَ سَأَكْتُبُ إِلَی مَلِكِ الْعَرَبِ بِمَسَائِلَ فَإِنْ أَخْبَرَنِی بِتَفْسِیرِهَا أَطْلَقْتُ مَنْ عِنْدِی مِنَ الْأُسَارَی وَ إِنْ لَمْ یُخْبِرْنِی بِتَفْسِیرِ مَسَائِلِی عَمَدْتُ إِلَی الْأُسَارَی فَعَرَضْتُ عَلَیْهِمُ النَّصْرَانِیَّةَ فَمَنْ قَبِلَ مِنْهُمُ اسْتَعْبَدْتُهُ وَ مَنْ لَمْ یَقْبَلْ قَتَلْتُهُ وَ كَتَبَ إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَسَائِلَ أَحَدُهَا سُؤَالُهُ تَفْسِیرَ الْفَاتِحَةِ وَ عَنِ الْمَاءِ الَّذِی لَیْسَ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَا مِنَ السَّمَاءِ وَ عَمَّا یَتَنَفَّسُ وَ لَا رُوحَ فِیهِ وَ عَنْ عَصَا مُوسَی علیه السلام مِمَّ كَانَتْ وَ مَا اسْمُهَا وَ مَا طُولُهَا وَ عَنْ جَارِیَةٍ بِكْرٍ لِأَخَوَیْنِ فِی الدُّنْیَا وَ فِی الْآخِرَةِ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا وَرَدَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ عَلَی عُمَرَ لَمْ یَعْرِفْ تَفْسِیرَهَا فَفَزِعَ فِی ذَلِكَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَكَتَبَ إِلَی قَیْصَرَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صِهْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَارِثِ عِلْمِهِ وَ أَقْرَبِ الْخَلْقِ إِلَیْهِ وَ وَزِیرِهِ وَ مَنْ حَقَّتْ لَهُ الْوَلَایَةُ وَ أُمِرَ الْخَلْقُ مِنْ أَعْدَائِهِ بِالْبَرَاءَةِ قُرَّةُ عَیْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ أَبُو وُلْدِهِ إِلَی قَیْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْخَفِیَّاتِ وَ مُنْزِلُ الْبَرَكَاتِ مَنْ یَهْدِی اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِیَ لَهُ وَرَدَ كِتَابُكَ وَ أَقْرَأَنِیهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَمَّا سُؤَالُكَ عَنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَی فَإِنَّهُ اسْمٌ فِیهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ عَوْنٌ عَلَی
ص: 60
كُلِّ دَوَاءٍ وَ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَهُوَ عَوْنٌ لِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ هُوَ اسْمٌ لَمْ یُسَمَّ بِهِ غَیْرُ الرَّحْمَنِ (1)تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ أَمَّا الرَّحِیمُ فَرَحِمَ مَنْ عَصَی وَ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ أَمَّا قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فَذَلِكَ ثَنَاءٌ مِنَّا عَلَی رَبِّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْعَمَ عَلَیْنَا وَ أَمَّا قَوْلُهُ مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ فَإِنَّهُ یَمْلِكُ نَوَاصِی الْخَلْقِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِی الدُّنْیَا شَاكّاً أَوْ جَبَّاراً أَدْخَلَهُ النَّارَ وَ لَا یَمْتَنِعُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَاكٌّ وَ لَا جَبَّارٌ وَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِی الدُّنْیَا طَائِعاً مُدِیماً مُحَافِظاً إِیَّاهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ (2)وَ أَمَّا قَوْلُهُ إِیَّاكَ نَعْبُدُ فَإِنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ وَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَیْئاً وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ إِیَّاكَ نَسْتَعِینُ فَإِنَّا نَسْتَعِینُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ لَا یُضِلُّنَا كَمَا أَضَلَّكُمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ فَذَلِكَ الطَّرِیقُ الْوَاضِحُ مَنْ عَمِلَ فِی الدُّنْیَا عَمَلًا صَالِحاً فَإِنَّهُ یَسْلُكُ عَلَی الصِّرَاطِ إِلَی الْجَنَّةِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ صِراطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ فَتِلْكَ النِّعْمَةُ الَّتِی أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ یُنْعِمَ عَلَیْنَا كَمَا أَنْعَمَ عَلَیْهِمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ فَأُولَئِكَ الْیَهُودُ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً فَغَضِبَ عَلَیْهِمْ فَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِیرَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ لَا یَغْضَبَ عَلَیْنَا كَمَا غَضِبَ عَلَیْهِمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لَا الضَّالِّینَ فَأَنْتَ وَ أَمْثَالُكَ یَا عَابِدَ الصَّلِیبِ الْخَبِیثِ ضَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ لَا یُضِلَّنَا كَمَا ضَلَلْتُمْ وَ أَمَّا سُؤَالُكَ عَنِ الْمَاءِ الَّذِی لَیْسَ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَا مِنَ السَّمَاءِ فَذَلِكَ الَّذِی بَعَثَتْهُ بِلْقِیسُ إِلَی سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ هُوَ عَرَقُ الْخَیْلِ إِذَا جَرَتْ فِی الْحُرُوبِ وَ أَمَّا سُؤَالُكَ عَمَّا یَتَنَفَّسُ وَ لَا رُوحَ لَهُ فَذَلِكَ الصُّبْحُ إِذَا تَنَفَّسَ وَ أَمَّا سُؤَالُكَ عَنْ عَصَا مُوسَی علیه السلام مِمَّا كَانَتْ وَ مَا طُولُهَا وَ مَا اسْمُهَا وَ مَا هِیَ فَإِنَّهَا كَانَتْ یُقَالُ لَهَا الْبَرْنِیَّةُ الرَّائِدَةُ (3)وَ كَانَ إِذَا كَانَ فِیهَا الرُّوحُ زَادَتْ
ص: 61
وَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْهَا الرُّوحُ نَقَصَتْ وَ كَانَ مِنْ عَوْسَجٍ وَ كَانَتْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَ كَانَتْ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْزَلَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام (1)وَ أَمَّا سُؤَالُكَ عَنْ جَارِیَةٍ تَكُونُ فِی الدُّنْیَا لِأَخَوَیْنِ وَ فِی الْآخِرَةِ لِوَاحِدٍ فَتِلْكَ النَّخْلَةُ فِی الدُّنْیَا هِیَ لِمُؤْمِنٍ مِثْلِی وَ لِكَافِرٍ مِثْلُكَ وَ نَحْنُ مِنْ وُلْدِ آدَمَ علیه السلام وَ فِی الْآخِرَةِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْكَافِرِ الْمُشْرِكِ وَ هِیَ فِی الْجَنَّةِ لَیْسَتْ فِی النَّارِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِما فاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمَّانٌ ثُمَّ طَوَی الْكِتَابَ وَ أَنْفَذَهُ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَیْصَرُ عَمَدَ إِلَی الْأُسَارَی فَأَطْلَقَهُمْ وَ أَسْلَمَ وَ دَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْإِیمَانِ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْتَمَعَتْ عَلَیْهِ النَّصَارَی وَ هَمُّوا بِقَتْلِهِ فَجَاءَ بِهِمْ (2)فَقَالَ یَا قَوْمِ إِنِّی أَرَدْتُ أَنْ أُجَرِّبَكُمْ وَ إِنَّمَا أَظْهَرْتُ مِنْهُ مَا أَظْهَرْتُ لِلنَّظَرِ كَیْفَ تَكُونُونَ (3)فَقَدْ حَمِدْتُ الْآنَ أَمْرَكُمْ عِنْدَ الِاخْتِبَارِ فَاسْكُنُوا (4)وَ اطْمَئِنُّوا فَقَالُوا كَذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ وَ كَتَمَ قَیْصَرُ إِسْلَامَهُ حَتَّی مَاتَ وَ هُوَ یَقُولُ لِخَوَاصِّ أَصْحَابِهِ وَ مَنْ یَثِقُ بِهِ إِنَّ عِیسَی عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیٌّ بَعْدَ عِیسَی وَ إِنَّ عِیسَی بَشَّرَ أَصْحَابَهُ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَقُولُ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْیُقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَإِنَّهُ أَخِی وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ وَ مَاتَ قَیْصَرُ عَلَی الْقَوْلِ مُسْلِماً فَلَمَّا مَاتَ وَ تَوَلَّی بَعْدَهُ هِرَقْلُ أَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ قَالَ اكْتُمُوا هَذَا وَ أَنْكِرُوهُ وَ لَا تُقِرُّوا (5)فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ طَمِعَ مَلِكُ الْعَرَبِ وَ فِی ذَلِكَ فَسَادُنَا وَ هَلَاكُنَا فَمَنْ كَانَ مِنْ خَوَاصِّ قَیْصَرَ وَ خَدَمِهِ وَ أَهْلِهِ عَلَی هَذَا الرَّأْیِ كَتَمُوهُ وَ هِرَقْلُ أَظْهَرَ النَّصْرَانِیَّةَ وَ قَوَّی أَمْرَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ (6).
«5»- وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ، قَالَ: سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ الْأَنْصَارِیُّ أَقْبَلْنَا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ فَانْتَهَیْنَا إِلَی دَیْرٍ فِیهِ دَیْرَانِیٌّ فِیمَا بَیْنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ فَأَشْرَفَ
ص: 62
عَلَیْنَا وَ قَالَ مَنْ أَنْتُمْ قُلْنَا نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ إِلَیْنَا فَقَالَ أَیْنَ صَاحِبُكُمْ فَأَتَیْنَا بِهِ إِلَی خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ فَسَلَّمَ عَلَی خَالِدٍ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ قَالَ وَ إِذَا هُوَ شَیْخٌ كَبِیرٌ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ كَمْ أَتَی عَلَیْكَ قَالَ مِائَتَا سَنَةٍ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَ مُنْذُ كَمْ سَكَنْتَ دَیْرَكَ هَذَا قَالَ سَكَنْتُهُ مُنْذُ نَحْوٍ مِنْ سِتِّینَ سَنَةً قَالَ هَلْ لَقِیتَ أَحَداً لَقِیَ عِیسَی قَالَ نَعَمْ لَقِیتُ رَجُلَیْنِ قَالَ وَ مَا قَالا لَكَ قَالَ قَالَ لِی أَحَدُهُمَا إِنَّ عِیسَی عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ وَ رُوحُهُ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ أَمَتِهِ وَ إِنَّ عِیسَی مَخْلُوقٌ غَیْرُ خَالِقٍ فَقَبِلْتُ مِنْهُ وَ صَدَّقْتُهُ وَ قَالَ لِیَ الْآخَرُ إِنَّ عِیسَی هُوَ رَبُّهُ فَكَذَّبْتُهُ وَ لَعَنْتُهُ فَقَالَ خَالِدٌ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ كَیْفَ یَخْتَلِفَانِ وَ قَدْ لَقِیَا عِیسَی قَالَ الدَّیْرَانِیُّ اتَّبَعَ هَذَا هَوَاهُ وَ زَیَّنَ لَهُ الشَّیْطَانُ سُوءَ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعَ ذَلِكَ الْحَقَّ وَ هَدَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ هَلْ قَرَأْتَ الْإِنْجِیلَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَالتَّوْرَاةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَآمَنْتَ بِمُوسَی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ لَكَ فِی الْإِسْلَامِ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تُؤْمِنَ بِهِ قَالَ آمَنْتُ قَبْلَ أَنْ تُؤْمِنَ بِهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمْ أَسْمَعْهُ وَ لَمْ أَرَهُ قَالَ فَأَنْتَ السَّاعَةَ تُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِمَا جَاءَ بِهِ قَالَ وَ كَیْفَ لَا أُومِنُ بِهِ وَ قَدْ قَرَأْتُهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ بَشَّرَنِی بِهِ مُوسَی وَ عِیسَی قَالَ فَمَا مَقَامُكَ فِی هَذَا الدَّیْرِ قَالَ فَأَیْنَ أَذْهَبُ وَ أَنَا شَیْخٌ كَبِیرٌ وَ لَمْ یَكُنْ لِی عُمُرٌ أَنْهَضُ بِهِ (1)وَ بَلَغَنِی مَجِیئُكُمْ فَكُنْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ أَلْقَاكُمْ وَ أُلْقِیَ إِلَیْكُمْ إِسْلَامِی (2)وَ أُخْبِرَكُمْ أَنِّی عَلَی مِلَّتِكُمْ فَمَا فَعَلَ نَبِیُّكُمْ قَالُوا تُوُفِّیَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ فَأَنْتَ وَصِیُّهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ رَجُلٌ مِنْ عَشِیرَتِهِ وَ مِمَّنْ صَحِبَهُ قَالَ فَمَنْ بَعَثَكَ إِلَی هَاهُنَا وَصِیُّهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ خَلِیفَتُهُ قَالَ غَیْرُ وَصِیِّهِ قَالَ نَعَمْ فَوَصِیُّهُ حَیٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَیْفَ ذَلِكَ قَالَ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَی هَذَا الرَّجُلِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ غَیْرِ عَشِیرَتِهِ وَ مِنْ صَالِحِی الصَّحَابَةِ قَالَ وَ مَا أَرَاكَ إِلَّا أَعْجَبَ مِنَ الرَّجُلَیْنِ
ص: 63
اللَّذَیْنِ اخْتَلَفَا فِی عِیسَی وَ لَقَدْ لَقِیَاهُ وَ سَمِعَا بِهِ وَ هُوَ ذَا أَنْتُمْ قَدْ خَالَفْتُمْ نَبِیَّكُمْ وَ فَعَلْتُمْ مِثْلَ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ فَالْتَفَتَ خَالِدٌ إِلَی مَنْ یَلِیهِ وَ قَالَ هُوَ وَ اللَّهِ ذَاكَ اتَّبَعْنَا هَوَانَا وَ اللَّهِ وَ جَعَلْنَا رَجُلًا مَكَانَ رَجُلٍ وَ لَوْ لَا مَا كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَلِیٍّ مِنَ الْخُشُونَةِ عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مَالَأْتُ عَلَیْهِ أَحَداً (1)فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ النَّخَعِیُّ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ وَ لِمَ كَانَ ذَلِكَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَلِیٍّ وَ مَا كَانَ قَالَ خَالِدٌ نَافَسْتُهُ فِی الشَّجَاعَةِ وَ نَافَسَنِی فِیهَا وَ كَانَ لَهُ مِنَ السَّوَابِقِ وَ الْقَرَابَةِ مَا لَمْ یَكُنْ لِی فَدَاخَلَنِی حَمِیَّةُ قُرَیْشٍ فَكَانَ ذَلِكَ وَ لَقَدْ عَاتَبَتْنِی فِی ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ لِی نَاصِحَةٌ فَلَمْ أَقْبَلْ مِنْهَا ثُمَّ عَطَفَ عَلَی الدَّیْرَانِیِّ فَقَالَ هَلُمَّ حَدِیثَكَ وَ مَا تُخْبِرُ بِهِ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّی كُنْتُ مِنْ أَهْلِ دِینٍ كَانَ جَدِیداً فَخَلِقَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَّا الرَّجُلَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ وَ یَخْلُقُ دِینُكُمْ حَتَّی لَا یَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الرَّجُلَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ بِمَوْتِ نَبِیِّكُمْ قَدْ تَرَكْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ دَرَجَةً وَ سَتَتْرُكُونَ بِمَوْتِ وَصِیِّ نَبِیِّكُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ دَرَجَةً أُخْرَی (2)حَتَّی إِذَا لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ رَأَی نَبِیَّكُمْ (3)وَ سَیَخْلُقُ دِینُكُمْ حَتَّی تَفْسُدَ صَلَاتُكُمْ وَ حَجُّكُمْ وَ غَزْوُكُمْ وَ صَوْمُكُمْ وَ تَرْتَفِعُ الْأَمَانَةُ وَ الزَّكَاةُ مِنْكُمْ وَ لَنْ تَزَالَ فِیكُمْ بَقِیَّةٌ مَا بَقِیَ كِتَابُ رَبِّكُمْ عَزَّ وَ جَلَّ فِیكُمْ وَ مَا بَقِیَ فِیكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ فَإِذَا ارْتَفَعَ هَذَانِ مِنْكُمْ لَمْ یَبْقَ مِنْ دِینِكُمْ إِلَّا الشَّهَادَتَانِ شَهَادَةُ التَّوْحِیدِ وَ شَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُومُ قِیَامَتُكُمْ وَ قِیَامَةُ غَیْرِكُمْ وَ یَأْتِیكُمْ مَا تُوعَدُونَ وَ لَمْ تَقُمِ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَیْكُمْ (4)لِأَنَّكُمْ آخِرُ الْأُمَمِ بِكُمْ تُخْتَمُ الدُّنْیَا وَ عَلَیْكُمْ تَقُومُ السَّاعَةُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ قَدْ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِیُّنَا فَأَخْبِرْنَا بِأَعْجَبِ شَیْ ءٍ رَأَیْتَهُ مُنْذُ سَكَنْتَ
ص: 64
دَیْرَكَ هَذَا وَ قَبْلَ أَنْ تَسْكُنَهُ قَالَ لَقَدْ رَأَیْتُ مَا لَا أُحْصِی (1)مِنَ الْعَجَائِبِ وَ أَقْبَلْتُ مَا لَا أُحْصِی مِنَ الْخَلْقِ (2)قَالَ فَحَدِّثْنَا بَعْضَ مَا تَذْكُرُهُ قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَخْرُجُ بَیْنَ اللَّیَالِی إِلَی غَدِیرٍ كَانَ فِی سَفْحِ الْجَبَلِ أَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَ أَتَزَوَّدُ مِنَ الْمَاءِ مَا أَصْعَدُ بِهِ مَعِی إِلَی دَیْرِی وَ كُنْتُ أَسْتَرِیحُ إِلَی النُّزُولِ فِیهِ بَیْنَ الْعِشَاءَیْنِ فَأَنَا عِنْدَهُ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ هَلْ مَرَّ بِكَ قَوْمٌ مَعَهُمْ غَنَمٌ وَ رَاعِی أَوْ حَسَسْتَهُمْ (3)قُلْتُ لَا قَالَ إِنَّ قَوْماً مِنَ الْعَرَبِ مَرُّوا بِغَنَمٍ فِیهَا مَمْلُوكٍ لِی یَرْعَاهَا فَاسْتَاقُوا (4)وَ ذَهَبُوا بِالْعَبْدِ قُلْتُ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ (5)قَالَ فَمَا دِینُكَ قُلْتُ أَنْتَ فَمَا دِینُكَ قَالَ دِینِیَ الْیَهُودِیَّةُ قُلْتُ وَ أَنَا دِینِیَ النَّصْرَانِیَّةُ فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ بِوَجْهِی قَالَ لِی مَا لَكَ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ رَكِبْتُمُ الْخَطَأَ وَ دَخَلْتُمْ فِیهِ وَ تَرَكْتُمُ الصَّوَابَ وَ لَمْ یَزَلْ یُحَاوِرُنِی فَقُلْتُ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ نَرْفَعَ أَیْدِیَنَا وَ نَبْتَهِلَ فَأَیُّنَا كَانَ عَلَی الْبَاطِلِ دَعَوْنَا اللَّهَ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْهِ نَاراً تُحْرِقُهُ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْنَا أَیْدِیَنَا فَمَا اسْتَتَمَّ الْكَلَامَ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَیْهِ یَلْتَهِبُ نَاراً وَ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ هَلْ رَأَیْتَ رَجُلًا مِنْ صِفَتِهِ كَیْتَ وَ كَیْتَ قُلْتُ نَعَمْ وَ حَدَّثْتُهُ قَالَ كَذَبْتَ وَ لَكِنَّكَ قَتَلْتَ أَخِی یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ كَانَ مُسْلِماً فَجَعَلَ یَسُبُّنِی فَجَعَلْتُ أَرُدُّهُ عَنْ نَفْسِی بِالْحِجَارَةِ وَ أَقْبَلَ یَشْتِمُنِی وَ یَشْتِمُ الْمَسِیحَ وَ مَنْ هُوَ عَلَی دَیْنِ الْمَسِیحِ فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا نَظَرْتُ إِلَیْهِ یَحْتَرِقُ وَ قَدْ أَخَذَتْهُ النَّارُ الَّتِی أَخَذَتْ أَخَاهُ ثُمَّ هَوَتْ بِهِ النَّارُ فِی الْأَرْضِ فَبَیْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ قَائِماً أَتَعَجَّبُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ ثَالِثٌ فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ عَلَیْهِ السَّلَامَ
ص: 65
فَقَالَ هَلْ رَأَیْتَ رَجُلَیْنِ مِنْ حَالِهِمَا وَ صِفَتِهِمَا كَیْتَ وَ كَیْتَ قُلْتُ نَعَمْ وَ كَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ كَمَا أَخْبَرْتُ أَخَاهُ فَیُقَاتِلَنِی فَقُلْتُ هَلُمَّ أُرِیكَ أَخَوَیْكَ فَانْتَهَیْتُ بِهِ إِلَی مَوْضِعِهِمَا فَنَظَرَ إِلَی الْأَرْضِ یَخْرُجُ مِنْهَا الدُّخَانُ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَجَابَنِی أَخَوَایَ بِتَصْدِیقِكَ لَاتَّبَعْتُكَ فِی دِینِكَ وَ لَئِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ تَقْتُلُنِی فَصَاحَ بِهِ یَا دَانِیَالُ أَ حَقٌّ مَا یَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ قَالَ نَعَمْ یَا هَارُونُ فَصَدَّقَهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رُوحُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ وَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَاكَ قَالَ فَإِنِّی أُوَاخِیكَ فِی اللَّهِ (1)وَ إِنَّ لِی أَهْلًا وَ وَلَداً وَ غَنِیمَةً وَ لَوْلَاهُمْ لَسِحْتُ مَعَكَ فِی الْأَرْضِ وَ لَكِنْ مُفَارَقَتِی عَلَیْهِمْ شَدِیدَةٌ (2)وَ أَرْجُو أَنْ أَكُونَ فِی الْقِیَامَةِ بِهِمْ مَأْجُوراً وَ لَعَلِّی أَنْطَلِقُ فَآتِیَ بِهِمْ فَأَكُونَ بِالْقُرْبِ مَعَكَ فَانْطَلَقَ فَغَابَ عَنِّی لَیْلًا ثُمَّ أَتَانِی فَهَتَفَ بِی لَیْلَةً مِنَ اللَّیَالِی فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ وَ مَعَهُ أَهْلُهُ وَ غَنَمُهُ فَضَرَبَ لَهُ خَیْمَةً هَاهُنَا بِالْقُرْبِ مِنِّی فَلَمْ أَزَلْ أَنْزِلُ إِلَیْهِ فِی آنَاءِ اللَّیْلِ وَ أَتَعَاهَدُهُ وَ أُلَاقِیهِ وَ كَانَ أَخَ صِدْقٍ فِی اللَّهِ (3)فَقَالَ لِی ذَاتَ لَیْلَةٍ یَا هَذَا إِنِّی قَرَأْتُ فِی التَّوْرَاةِ (4)فَإِذَا هُوَ صِفَةُ مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ فَقُلْتُ وَ أَنَا قَرَأْتُ صِفَتَهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ فَآمَنْتُ بِهِ وَ عَلَّمْتُهُ بِهِ مِنَ الْإِنْجِیلِ وَ أَخْبَرْتُهُ بِصِفَتِهِ فِی الْإِنْجِیلِ فَآمنَّا أَنَا وَ هُوَ وَ أَحْبَبْنَاهُ وَ تَمَنَّیْنَا لِقَاءَهُ قَالَ فَمَكَثَ كَذَلِكَ زَمَاناً وَ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَا رَأَیْتُ وَ كُنْتُ أَسْتَأْنِسُ إِلَیْهِ وَ كَانَ مِنْ فَضْلِهِ أَنَّهُ یَخْرُجُ بِغَنَمِهِ یَرْعَاهَا فَیَنْزِلُ بِالْمَكَانِ الْمُجْدِبِ فَیَصِیرُ مَا حَوْلَهُ أَخْضَرَ مِنَ الْبَقْلِ وَ كَانَ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ جَمَعَ غَنَمَهُ فَیَصِیرُ حَوْلَهُ وَ حَوْلَ غَنَمِهِ وَ خَیْمَتِهِ مِثْلُ الْإِكْلِیلِ مِنْ أَثَرِ الْمَطَرِ وَ لَا یُصِیبُ خَیْمَتَهُ وَ لَا غَنَمَهُ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ الصَّیْفُ كَانَ عَلَی رَأْسِهِ أَیْنَمَا تَوَجَّهَ سَحَابَةٌ وَ كَانَ بَیِّنَ الْفَضْلِ كَثِیرَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ
ص: 66
قَالَ فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَدُعِیتُ إِلَیْهِ فَقُلْتُ لَهُ مَا كَانَ سَبَبُ مَرَضِكَ وَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ قَالَ إِنِّی ذَكَرْتُ خَطِیئَةً كُنْتُ قَارَفْتُهَا فِی حَدَاثَتِی فَغُشِیَ عَلَیَّ ثُمَّ أَفَقْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ خَطِیئَةً أُخْرَی فَغُشِیَ عَلَیَّ وَ أَوْرَثَنِی ذَلِكَ مَرَضاً فَلَسْتُ أَدْرِی مَا حَالِی ثُمَّ قَالَ لِی فَإِنْ لَقِیتَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَبِیَّ الرَّحْمَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ إِنْ لَمْ تَلْقَهُ وَ لَقِیتَ وَصِیَّهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ هِیَ حَاجَتِی إِلَیْكَ وَ وَصِیَّتِی قَالَ الدَّیْرَانِیُّ وَ إِنِّی مُوَدِّعُكُمْ إِلَی وَصِیِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنِّی وَ مِنْ صَاحِبِی السَّلَامَ قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَی الْمَدِینَةِ لَقِیتُ عَلِیّاً علیه السلام فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الدَّیْرَانِیِّ وَ خَبَرَ خَالِدٍ وَ مَا أَوْدَعْنَا إِلَیْهِ الدَّیْرَانِیُّ مِنَ السَّلَامِ مِنْهُ وَ مِنْ صَاحِبِهِ قَالَ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ عَلَیْهِمَا وَ عَلَی مَنْ مِثْلُهُمَا السَّلَامُ وَ عَلَیْكَ یَا سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ السَّلَامُ وَ مَا رَأَیْتُهُ اكْتَرَثَ بِمَا أَخْبَرْتُهُ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ وَ مَا قَالَ وَ مَا رَدَّ عَلَیَّ فِیهِ شَیْئاً غَیْرَ أَنَّهُ قَالَ یَا سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَبْقَ فِی الْأَرْضِ شَیْ ءٌ إِلَّا عَلِمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا شَقِیَّ الثَّقَلَیْنِ وَ عُصَاتَهُمَا قَالَ سَهْلٌ وَ مَا فِی الْأَرْضِ مِنْ شَیْ ءٍ فَاخَرَهُ إِلَّا شَقِیَّ الثَّقَلَیْنِ وَ عُصَاتَهُمَا قَالَ سَهْلٌ فَعَبَرْنَا زَمَاناً (1)وَ نَسِیتُ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِیٍّ علیه السلام مَا كَانَ تَوَجَّهْنَا مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ صِفِّینَ نَزَلْنَا أَرْضاً قَفْراً لَیْسَ بِهَا مَاءٌ فَشَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَانْطَلَقَ یَمْشِی عَلَی قَدَمَیْهِ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی مَوْضِعٍ كَانَ یَعْرِفُهُ (2)فَقَالَ احْفِرُوا هَاهُنَا فَحَفَرْنَا فَإِذَا بِصَخْرَةٍ صَمَّاءَ عَظِیمَةٍ قَالَ اقْلَعُوهَا قَالَ فَجَهَدْنَا أَنْ نَقْلَعَهَا فَمَا اسْتَطَعْنَا قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مِنْ عَجْزِنَا عَنْهَا ثُمَّ أَهْوَی إِلَیْهَا بِیَدَیْهِ جَمِیعاً كَأَنَّمَا كَانَتْ فِی یَدِهِ كُرَةٌ فَإِذَا تَحْتَهَا عَیْنٌ بَیْضَاءُ كَأَنَّهَا مِنْ شِدَّةِ بَیَاضِهَا اللُّجَیْنُ الْمَجْلُوُّ فَقَالَ دُونَكُمْ فَاشْرَبُوا وَ اسْقُوا وَ تَزَوَّدُوا ثُمَّ آذَنُونِی بِهَا قَالَ فَفَعَلْنَا ثُمَّ أَتَیْنَاهُ فَأَقْبَلَ یَمْشِی إِلَیْهَا بِغَیْرِ رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَتَنَاوَلَ الصَّخْرَةَ بِیَدِهِ ثُمَّ دَحَا بِهَا فِی فَمِ الْعَیْنِ
ص: 67
فَأَلْقَمَهَا إِیَّاهَا ثُمَّ حَثَا بِیَدِهِ التُّرَابَ عَلَیْهَا (1)وَ كَانَ ذَلِكَ بِعَیْنِ الدَّیْرَانِیِّ وَ كَانَتْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا وَ مِنَّا یَرَانَا وَ یَسْمَعُ كَلَامَنَا قَالَ فَنَزَلَ فَقَالَ أَیْنَ صَاحِبُكُمْ فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَقَدْ كُنْتُ أَرْسَلْتُ بِالسَّلَامِ عَنِّی وَ عَنْ صَاحِبٍ لِی مَاتَ كَانَ أَوْصَانِی بِذَلِكَ مَعَ جَیْشٍ لَكُمْ (2)مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا مِنَ السِّنِینَ قَالَ سَهْلٌ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا الدَّیْرَانِیُّ الَّذِی كُنْتُ أَبْلَغْتُكَ عَنْهُ (3)
ص: 68
وَ عَنْ صَاحِبِهِ السَّلَامَ قَالَ وَ ذُكِرَ الْحَدِیثُ یَوْمَ مَرَرْنَا مَعَ خَالِدٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَیْفَ عَلِمْتَ أَنِّی وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی وَ كَانَ قَدْ أُتِیَ عَلَیْهِ مِنَ الْعُمُرِ مِثْلَ مَا أُتِیَ عَلَیَّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَمَّنْ قَاتَلَ مَعَ یُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِیِّ مُوسَی حِینَ تَوَجَّهَ فَقَاتَلَ الْجَبَّارِینَ بَعْدَ مُوسَی بِأَرْبَعِینَ سَنَةً أَنَّهُ مَرَّ بِهَذَا الْمَكَانِ وَ أَصْحَابُهُ عَطِشُوا (1)فَشَكَوْا إِلَیْهِ الْعَطَشَ فَقَالَ أَمَا إِنَّ بِقُرْبِكُمْ عَیْناً نَزَلَتْ مِنَ الْجَنَّةِ اسْتَخْرَجَهَا آدَمُ فَقَامَ إِلَیْهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَنَزَعَ عَنْهَا الصَّخْرَةَ ثُمَّ شَرِبَ وَ شَرِبَ أَصْحَابُهُ وَ سُقُوا (2)ثُمَّ قَلَّبَ الصَّخْرَةَ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا یَقْلِبُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ قَالَ فَتَخَلَّفَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ یُوشَعَ بَعْدَ مَا مَضَی فَجَهَدُوا الْجَهْدَ عَلَی أَنْ یَجِدُوا مَوْضِعَهَا فَلَمْ یَجِدُوهُ وَ إِنَّمَا بُنِیَ هَذَا الدَّیْرُ عَلَی هَذِهِ الْعَیْنِ وَ عَلَی بِرْكَتِهَا وَ طِلْیَتِهَا فَعَلِمْتُ حِینَ اسْتَخْرَجْتَهَا أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ أَحْمَدَ الَّذِی كُنْتُ أَطْلُبُ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ قَالَ فَحَمَلَهُ عَلَی فَرَسٍ وَ أَعْطَاهُ سِلَاحاً وَ خَرَجَ مَعَ النَّاسِ وَ كَانَ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ یَوْمَ النَّهْرِ (3)قَالَ وَ فَرِحَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ بِحَدِیثِ الدَّیْرَانِیِّ فَرَحاً شَدِیداً قَالَ وَ تَخَلَّفَ قَوْمٌ بَعْدَ مَا رَحَلَ الْعَسْكَرُ وَ طَلَبُوا الْعَیْنَ فَلَمْ یَدْرُوا أَیْنَ مَوْضِعُهَا فَلَحِقُوا بِالنَّاسِ وَ قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَ أَنَا رَأَیْتُ الدَّیْرَانِیَّ یَوْمَ نَزَلَ إِلَیْنَا حِینَ قَلَبَ عَلِیٌّ الصَّخْرَةَ عَنِ الْعَیْنِ وَ شَرِبَ مِنْهَا النَّاسُ وَ سَمِعْتُ حَدِیثَهُ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ حَدَّثَنِی ذَلِكَ الْیَوْمَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ بِهَذَا الْحَدِیثِ حِینَ مَرُّوا مَعَ خَالِدٍ (4)
بیان: المنافسة المغالبة فی الشی ء النفیس.
ص: 69
«1»- م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَاعِداً ذَاتَ یَوْمٍ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْیُونَانِیِّینَ الْمُدَّعِینَ (1)لِلْفَلْسَفَةِ وَ الطِّبِّ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ بَلَغَنِی خَبَرُ صَاحِبِكَ وَ أَنَّ بِهِ جُنُوناً وَ جِئْتُ لِأُعَالِجَهُ فَلَحِقْتُهُ وَ قَدْ مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ فَاتَنِی مَا أَرَدْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ قِیلَ لِی إِنَّكَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صِهْرُهُ وَ أَرَی بِكَ صُفَاراً قَدْ عَلَاكَ وَ سَاقَیْنِ دَقِیقَیْنِ مَا أَرَاهُمَا یُقِلَّانِكَ (2)فَأَمَّا الصُّفَارُ فَعِنْدِی دَوَاؤُهُ وَ أَمَّا السَّاقَانِ الدَّقِیقَانِ فَلَا حِیلَةَ لِی لِتَغْلِیظِهِمَا وَ الْوَجْهُ أَنْ تَرْفُقَ بِنَفْسِكَ فِی الْمَشْیِ تُقَلِّلُهُ وَ لَا تُكَثِّرُهُ وَ فِیمَا تَحْمِلُهُ عَلَی ظَهْرِكَ وَ تَحْتَضِنُهُ (3)بِصَدْرِكَ أَنْ تُقَلِّلَهُمَا وَ لَا تُكَثِّرَهُمَا فَإِنَّ سَاقَیْكَ دَقِیقَانِ لَا یُؤْمَنُ عِنْدَ حَمْلِ ثَقِیلٍ انْقِصَافُهُمَا (4)وَ أَمَّا الصُّفَارُ فَدَوَاؤُهُ عِنْدِی وَ هُوَ هَذَا وَ أَخْرَجَ دَوَاءً وَ قَالَ هَذَا لَا یُؤْذِیكَ وَ لَا یُخَیِّبُكَ وَ لَكِنَّهُ یَلْزَمُكَ حِمْیَةٌ مِنَ اللَّحْمِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً ثُمَّ یُزِیلُ صُفَارَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَدْ ذَكَرْتَ نَفْعَ هَذَا الدَّوَاءَ لِصُفَارِی فَهَلْ عَرَفْتَ شَیْئاً یَزِیدُ فِیهِ فَیَضُرُّهُ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَی حَبَّةٌ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی دَوَاءٍ مَعَهُ وَ قَالَ إِنْ تَنَاوَلَهُ الْإِنْسَانُ وَ بِهِ صُفَارٌ أَمَاتَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ إِنْ كَانَ لَا صُفَارَ بِهِ صَارَ بِهِ صُفَارٌ حَتَّی یَمُوتَ فِی یَوْمِهِ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَرِنِی هَذَا الضَّارَّ فَأَعْطَاهُ إِیَّاهُ فَقَالَ لَهُ كَمْ قَدْرُ هَذَا قَالَ لَهُ قَدْرُ مِثْقَالَیْنِ سَمٌّ نَاقِعٌ قَدْرُ حَبَّةٍ مِنْهُ یَقْتُلُ رَجُلًا فَتَنَاوَلَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَمَحَهُ وَ عَرِقَ عَرَقاً خَفِیفاً وَ جَعَلَ الرَّجُلُ یَرْتَعِدُ وَ یَقُولُ فِی نَفْسِهِ الْآنَ أُوخَذُ بِابْنِ
ص: 70
أَبِی طَالِبٍ وَ یُقَالُ قَتَلَهُ وَ لَا یُقْبَلُ مِنِّی قَوْلِی إِنَّهُ هُوَ الْجَانِی عَلَی نَفْسِهِ فَتَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَصَحُّ مَا كُنْتُ بَدَناً الْآنَ لَمْ یَضُرَّنِی مَا زَعَمْتَ أَنَّهُ سَمٌّ فَغَمِّضْ عَیْنَیْكَ فَغَمَّضَ ثُمَّ قَالَ افْتَحْ عَیْنَیْكَ فَفَتَحَ وَ نَظَرَ إِلَی وَجْهِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا هُوَ أَبْیَضُ أَحْمَرُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً فَارْتَعَدَ الرَّجُلُ لَمَّا رَآهُ وَ تَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ أَیْنَ الصُّفَارُ الَّذِی زَعَمْتَ أَنَّهُ بِی فَقَالَ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّكَ لَسْتَ مَنْ رَأَیْتُ مِنْ قَبْلُ كُنْتَ مُصْفَرّاً فَأَنْتَ الْآنَ مُوَرَّدٌ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَزَالَ عَنِّی الصُّفَارُ بِسَمِّكَ الَّذِی تَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِی وَ أَمَّا سَاقَایَ هَاتَانِ وَ مَدَّ رِجْلَیْهِ وَ كَشَفَ عَنْ سَاقَیْهِ فَإِنَّكَ زَعَمْتَ أَنِّی أَحْتَاجُ إِلَی أَنْ أَرْفُقَ بِبَدَنِی فِی حَمْلِ مَا أَحْمِلُ عَلَیْهِ لِئَلَّا یَنْقَصِفَ السَّاقَانِ وَ أَنَا أُرِیكَ أَنَّ طِبَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خِلَافُ طِبِّكَ وَ ضَرَبَ بِیَدَیْهِ إِلَی أُسْطُوَانَةِ خَشَبٍ عَظِیمَةٍ (1)وَ عَلَی رَأْسِهَا سَطْحُ مَجْلِسِهِ الَّذِی هُوَ فِیهِ وَ فَوْقَهُ حُجْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَی وَ حَرَّكَهَا وَ احْتَمَلَهَا فَارْتَفَعَ السَّطْحُ وَ الْحِیطَانُ وَ فَوْقَهُمَا الْغُرْفَتَانِ فَغُشِیَ عَلَی الْیُونَانِیِّ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صُبُّوا عَلَیْهِ مَاءً فَصَبُّوا عَلَیْهِ مَاءً فَأَفَاقَ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ عَجَباً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام هَذِهِ قُوَّةُ السَّاقَیْنِ الدَّقِیقَتَیْنِ وَ احْتِمَالُهَا فِی طِبِّكَ هَذَا یَا یُونَانِیُّ فَقَالَ الْیُونَانِیُّ أَ مِثْلَكَ كَانَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هَلْ عِلْمِی إِلَّا مِنْ عِلْمِهِ وَ عَقْلِی إِلَّا مِنْ عَقْلِهِ وَ قُوَّتِی إِلَّا مِنْ قُوَّتِهِ لَقَدْ أَتَاهُ ثَقَفِیٌّ كَانَ أَطَبَّ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ دَاوَیْتُكَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تُحِبُّ أَنْ أُرِیَكَ آیَةً تَعْلَمُ بِهَا غِنَایَ عَنْ طِبِّكَ وَ حَاجَتَكَ إِلَی طِبِّی قَالَ نَعَمْ قَالَ أَیَّ آیَةٍ تُرِیدُ قَالَ تَدْعُو ذَلِكَ الْعَذْقَ (2)وَ أَشَارَ إِلَی نَخْلَةٍ سَحُوقٍ فَدَعَاهَا فَانْقَلَعَ أَصْلُهَا (3)مِنَ الْأَرْضِ وَ هِیَ تَخُدُّ الْأَرْضَ (4)حَتَّی وَقَفَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَ كَفَاكَ قَالَ لَا قَالَ فَتُرِیدُ مَا ذَا قَالَ تَأْمُرُهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَی حَیْثُ جَاءَتْ مِنْهُ وَ تَسْتَقِرَّ فِی مَقَرِّهَا الَّذِی انْقَلَعَتْ مِنْهُ فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ وَ اسْتَقَرَّتْ فِی مَقَرِّهَا
ص: 71
فَقَالَ الْیُونَانِیُّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا الَّذِی تَذْكُرُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله غَائِبٍ عَنِّی وَ أَنَا أَقْتَصِرُ مِنْكَ عَلَی أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَنَا أَتَبَاعَدُ عَنْكَ فَادْعُنِی وَ أَنَا لَا أَخْتَارُ الْإِجَابَةَ فَإِنْ جِئْتَ بِی إِلَیْكَ فَهِیَ آیَةٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا إِنَّمَا یَكُونُ آیَةً لَكَ وَحْدَكَ لِأَنَّكَ تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ لَمْ تُرِدْهُ وَ أَنِّی أَزَلْتُ اخْتِیَارَكَ مِنْ غَیْرِ أَنْ بَاشَرْتَ مِنِّی شَیْئاً أَوْ مِمَّنْ أَمَرْتُهُ بِأَنْ یُبَاشِرَكَ أَوْ مِمَّنْ قَصَدَ إِلَی إِجْبَارِكَ وَ إِنْ لَمْ آمُرْهُ إِلَّا مَا یَكُونُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی الْقَاهِرَةِ وَ أَنْتَ یَا یُونَانِیُّ یُمْكِنُكَ أَنْ تَدَّعِیَ وَ یُمْكِنُ غَیْرَكَ أَنْ یَقُولَ إِنِّی وَاطَأْتُكَ عَلَی ذَلِكَ فَاقْتَرِحْ إِنْ كُنْتَ مُقْتَرِحاً مَا هُوَ آیَةٌ لِجَمِیعِ الْعَالَمِینَ قَالَ لَهُ الْیُونَانِیُّ إِذَا جَعَلْتَ الِاقْتِرَاحَ إِلَیَّ فَأَنَا أَقْتَرِحُ أَنْ تَفْصِلَ أَجْزَاءَ تِلْكَ النَّخْلَةِ وَ تَفْرُقَهَا وَ تُبَاعِدَ مَا بَیْنَهَا ثُمَّ تَجْمَعَهَا وَ تُعِیدَهَا كَمَا كَانَتْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَذِهِ آیَةٌ وَ أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا یَعْنِی إِلَی النَّخْلَةِ فَقُلْ لَهَا إِنَّ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُ أَجْزَاءَكَ أَنْ تَتَفَرَّقَ وَ تَتَبَاعَدَ فَذَهَبَ فَقَالَ لَهَا فَتَفَاصَلَتْ وَ تَهَافَتَتْ وَ تَنَثَّرَتْ وَ تَصَاغَرَتْ (1)أَجْزَاؤُهَا حَتَّی لَمْ یُرَ لَهَا عَیْنٌ وَ لَا أَثَرٌ حَتَّی كَأَنْ لَمْ یَكُنْ هُنَاكَ نَخْلَةٌ قَطُّ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الْیُونَانِیِّ فَقَالَ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ قَدْ أَعْطَیْتَنِی اقْتِرَاحِیَ الْأَوَّلَ فَأَعْطِنِی الْآخَرَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَجْتَمِعَ وَ تَعُودَ كَمَا كَانَتْ فَقَالَ أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا (2)فَقُلْ لَهَا یَا أَجْزَاءَ النَّخْلَةِ إِنَّ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِی وَ كَمَا كُنْتِ تَعُودِی (3)فَنَادَی الْیُونَانِیُّ فَقَالَ ذَلِكَ فَارْتَفَعَتْ فِی الْهَوَاءِ كَهَیْئَةِ الْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ (4)ثُمَّ جَعَلَتْ تَجْتَمِعُ جُزْءٌ جُزْءٌ مِنْهَا حَتَّی تَصَوَّرَ لَهَا الْقُضْبَانُ وَ الْأَوْرَاقُ وَ أُصُولُ السَّعَفِ وَ شَمَارِیخُ الْأَعْذَاقِ (5)ثُمَّ تَأَلَّفَتْ وَ تَجَمَّعَتْ وَ اسْتَطَالَتْ وَ عَرَضَتْ وَ اسْتَقَرَّ أَصْلُهَا فِی مَقَرِّهَا وَ تَمَكَّنَ عَلَیْهَا سَاقُهَا وَ تَرَكَّبَ عَلَی
ص: 72
السَّاقِ قُضْبَانُهَا وَ عَلَی الْقُضْبَانِ أَوْرَاقُهَا وَ فِی أَمْكِنَتِهَا أَعْذَاقُهَا وَ كَانَتْ فِی الِابْتِدَاءِ شَمَارِیخُهَا مُتَجَرِّدَةً (1)لِبُعْدِهَا مِنْ أَوَانِ الرُّطَبِ وَ الْبُسْرِ وَ الْخَلَالِ فَقَالَ الْیُونَانِیُّ وَ أُخْرَی أُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَ شَمَارِیخَهَا خَلَالَهَا وَ تَقْلِبَهَا مِنْ خُضْرَةٍ إِلَی صُفْرَةٍ وَ حُمْرَةٍ وَ تَرْطِیبٍ وَ بُلُوغٍ لِیُؤْكَلَ وَ تُطْعِمَنِی وَ مَنْ حَضَرَكَ مِنْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا بِذَلِكَ فَمُرْهَا بِهِ فَقَالَ لَهَا الْیُونَانِیُّ یَأْمُرُكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِكَذَا وَ كَذَا فَأَخَلَّتْ (2)وَ أَبْسَرَتْ وَ اصْفَرَّتْ وَ احْمَرَّتْ وَ تَرَطَّبَتْ وَ ثَقُلَتْ أَعْذَاقُهَا بِرُطَبِهَا فَقَالَ الْیُونَانِیُّ وَ أُخْرَی أُحِبُّهَا یَقْرُبُ مِنْ یَدِی أَعْذَاقُهَا أَوْ تَطُولُ یَدِی لِتَنَالَهَا (3)وَ أَحَبُّ شَیْ ءٍ إِلَیَّ أَنْ تَنْزِلَ إِلَیَّ إِحْدَاهَا وَ تَطُولَ یَدِی إِلَی الْأُخْرَی الَّتِی هِیَ أُخْتُهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُدَّ الْیَدَ الَّتِی تُرِیدُ أَنْ تَنَالَهَا (4)وَ قُلْ یَا مُقَرِّبَ الْبَعِیدِ قَرِّبْ یَدِی مِنْهَا وَ اقْبِضِ الْأُخْرَی الَّتِی تُرِیدُ أَنْ تَنْزِلَ الْعِذْقُ إِلَیْهَا وَ قُلْ یَا مُسَهِّلَ الْعَسِیرِ سَهِّلْ لِی تَنَاوُلَ مَا یَبْعُدُ عَنِّی مِنْهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ قَالَهُ فَطَالَتْ یُمْنَاهُ فَوَصَلَتْ إِلَی الْعِذْقِ وَ انْحَطَّتِ الْأَعْذَاقُ الْأُخْرَی فَسَقَطَتْ عَلَی الْأَرْضِ وَ قَدْ طَالَتْ عَرَاجِینُهَا ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّكَ إِنْ أَكَلْتَ مِنْهَا وَ لَمْ تُؤْمِنْ بِمَنْ أَظْهَرَ لَكَ عَجَائِبَهَا عَجَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ (5)مِنَ الْعُقُوبَةِ الَّتِی یَبْتَلِیكَ بِهَا مَا یَعْتَبِرُ بِهَا عُقَلَاءُ خَلْقِهِ وَ جُهَّالُهُمْ فَقَالَ الْیُونَانِیُّ إِنِّی إِنْ كَفَرْتُ بَعْدَ مَا رَأَیْتُ فَقَدْ بَلَغْتُ فِی الْعِنَادِ وَ تَنَاهَیْتُ فِی التَّعَرُّضِ لِلْهَلَاكِ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ خَاصَّةِ اللَّهِ صَادِقٌ فِی جَمِیعِ أَقَاوِیلِكَ عَنِ اللَّهِ فَأْمُرْنِی بِمَا تَشَاءُ أُطِعْكَ قَالَ عَلِیٌّ آمُرُكَ أَنْ تُقِرَّ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ تَشْهَدَ لَهُ بِالْجُودِ وَ الْحِكْمَةِ وَ تُنَزِّهَهُ عَنِ الْعَبَثِ وَ الْفَسَادِ وَ عَنْ ظُلْمِ الْإِمَاءِ وَ الْعِبَادِ وَ تَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّداً الَّذِی أَنَا وَصِیُّهُ
ص: 73
سَیِّدُ الْأَنَامِ وَ أَفْضَلُ بَرِیَّةٍ فِی دَارِ السَّلَامِ (1)وَ تَشْهَدَ أَنَّ عَلِیّاً الَّذِی أَرَاكَ مَا أَرَاكَ وَ أَوْلَاكَ مِنَ النِّعَمِ مَا أَوْلَاكَ خَیْرُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَحَقُّ خَلْقِ اللَّهِ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَهُ وَ الْقِیَامِ بِشَرَائِعِهِ وَ أَحْكَامِهِ وَ تَشْهَدَ أَنَّ أَوْلِیَاءَهُ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ وَ أَنَّ أَعْدَاءَهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ أَنَّ الْمُؤْمِنِینَ الْمُشَارِكِینَ لَكَ فِیمَا كَلَّفْتُكَ الْمُسَاعِدِینَ لَكَ عَلَی مَا بِهِ أَمَرْتُكَ خَیْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَفْوَةُ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ آمُرُكَ أَنْ تُوَاسِیَ إِخْوَانَكَ الْمُطَابِقِینَ لَكَ عَلَی تَصْدِیقِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَصْدِیقِی وَ الِانْقِیَادِ لَهُ وَ لِی مِمَّا رَزَقَكَ اللَّهُ وَ فَضَّلَكَ عَلَی مَنْ فَضَّلَكَ بِهِ مِنْهُمْ تَسُدُّ فَاقَتَهُمْ وَ تَجْبُرُ كَسْرَهُمْ وَ خَلَّتَهُمْ (2)وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی دَرَجَتِكَ فِی الْإِیمَانِ سَاوَیْتَهُ فِی مَالِكَ بِنَفْسِكَ وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَاضِلًا عَلَیْكَ فِی دِینِكَ آثَرْتَهُ بِمَالِكَ عَلَی نَفْسِكَ حَتَّی یَعْلَمَ اللَّهُ مِنْكَ أَنَّ دِینَهُ آثَرُ عِنْدَكَ مِنْ مَالِكَ وَ أَنَّ أَوْلِیَاءَهُ أَكْرَمُ إِلَیْكَ مِنْ أَهْلِكَ وَ عِیَالِكَ وَ آمُرُكَ أَنْ تَصُونَ دِینَكَ وَ عِلْمَنَا الَّذِی أَوْدَعْنَاكَ وَ أَسْرَارَنَا الَّتِی حَمَلْنَاكَ فَلَا تُبْدِ عُلُومَنَا لِمَنْ یُقَابِلُهَا بِالْعِنَادِ وَ یُقَابِلُكَ مِنْ أَجْلِهَا بِالشَّتْمِ وَ اللَّعْنِ وَ التَّنَاوُلِ مِنَ الْعِرْضِ وَ الْبَدَنِ وَ لَا تُفْشِ سِرَّنَا إِلَی مَنْ یُشَنِّعُ عَلَیْنَا عِنْدَ الْجَاهِلِینَ بِأَحْوَالِنَا وَ یَعْرِضُ أَوْلِیَاءَنَا لِبَوَادِرِ الْجُهَّالِ وَ آمُرُكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ التَّقِیَّةَ فِی دِینِكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِی تَفْضِیلِ أَعْدَائِنَا عَلَیْنَا إِنْ أَلْجَأَكَ الْخَوْفُ إِلَیْهِ وَ فِی إِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ مِنَّا إِنْ حَمَلَكَ الْوَجَلُ إِلَیْهِ وَ فِی تَرْكِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ إِذَا خَشِیتَ عَلَی حُشَاشَتِكَ الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ فَإِنَّ تَفْضِیلَكَ أَعْدَاءَنَا عَلَیْنَا عِنْدَ خَوْفِكَ لَا یَنْفَعُهُمْ وَ لَا یَضُرُّنَا وَ إِنَّ إِظْهَارَكَ بَرَاءَتَكَ مِنَّا عِنْدَ تَقِیَّتِكَ لَا یَقْدَحُ فِینَا وَ لَا یَنْقُصُنَا وَ لَئِنْ تَبَرَّأُ مِنَّا سَاعَةً بِلِسَانِكَ وَ أَنْتَ مُوَالٍ لَنَا بِجَنَانِكَ لِتَبْقَی عَلَی نَفْسِكَ رُوحُهَا الَّتِی بِهَا قِوَامُهَا وَ مَالُهَا الَّذِی بِهِ قِیَامُهَا وَ جَاهُهَا الَّذِی بِهِ تَمَاسُكُهَا وَ تَصُونُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ وَ عَرَفْتَ بِهِ مِنْ أَوْلِیَائِنَا إِخْوَانِنَا وَ أَخَوَاتِنَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ بِشُهُورٍ وَ سِنِینَ إِلَی أَنْ تَنْفَرِجَ تِلْكَ الْكُرْبَةُ وَ تَزُولَ بِهِ تِلْكَ الْغُمَّةُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ
ص: 74
مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ وَ تَنْقَطِعَ بِهِ عَنْ عَمَلٍ فِی الدِّینِ وَ صَلَاحِ إِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِیَّاكَ ثُمَّ إِیَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ التَّقِیَّةَ الَّتِی أَمَرْتُكَ بِهَا فَإِنَّكَ شَائِطٌ بِدَمِكَ وَ دِمَاءِ إِخْوَانِكَ مُعَرِّضٌ لِنِعَمِكَ وَ نِعَمِهِمْ لِلزَّوَالِ مُذِلٌّ لَهُمْ (1)فِی أَیْدِی أَعْدَاءِ دِینِ اللَّهِ وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ بِإِعْزَازِهِمْ (2)فَإِنَّكَ إِنْ خَالَفْتَ وَصِیَّتِی كَانَ ضَرَرُكَ عَلَی نَفْسِكَ وَ إِخْوَانِكَ أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ الْمُنَاصِبِ لَنَا (3)الْكَافِرِ بِنَا (4).
بیان: قوله و لا یخیبك فی نسخ التفسیر و لا یخیسك من خاس بالعهد أی نقض كنایة عن عدم النفع و قال الجوهری قمحت السویق و غیره بالكسر إذا استففته و قال القصف الكسر و التقصف التكسر و قال السحوق من النخل الطویلة و قال الحشاشة بقیة الروح فی المریض و قال شاط فلان أی ذهب دمه هدرا و أشاطه بدمه و أشاط دمه أی عرضه للقتل.
«1»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِالْكُوفَةِ فِی الْجَامِعِ إِذْ قَامَ (5)إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْیَاءَ فَقَالَ سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً فَأَحْدَقَ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ خَلَقَ النُّورَ قَالَ فَمِمَ
ص: 75
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ قَالَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خَلَقَ الْأَرْضَ قَالَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ الْجِبَالُ قَالَ مِنَ الْأَمْوَاجِ قَالَ فَلِمَ سُمِّیَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَی قَالَ لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِیَتْ مِنْ تَحْتِهَا وَ سَأَلَهُ عَنْ سَمَاءِ الدُّنْیَا مِمَّا هِیَ قَالَ مِنْ مَوْجٍ مَكْفُوفٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ طُولِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ عَرْضِهِمَا قَالَ تِسْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِی تِسْعِمِائَةِ فَرْسَخٍ وَ سَأَلَهُ كَمْ طُولُ الْكَوَاكِبِ وَ عَرْضُهُ قَالَ اثْنَا عَشَرَ فَرْسَخاً فِی اثْنَیْ عَشَرَ فَرْسَخاً وَ سَأَلَهُ عَنْ أَلْوَانِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ أَسْمَائِهَا فَقَالَ لَهُ اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا رَفِیعٌ وَ هِیَ مِنْ مَاءٍ وَ دُخَانٍ وَ اسْمُ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ قَیْدَراً (1)وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ النُّحَاسِ وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ اسْمُهَا الْمَارُومُ (2)وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الشَّبَهِ وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ اسْمُهَا أرفلون وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الْفِضَّةِ وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ اسْمُهَا هیعون وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الذَّهَبِ وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ اسْمُهَا عَرُوسٌ وَ هِیَ یَاقُوتَةٌ خَضْرَاءُ وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ اسْمُهَا عَجْمَاءُ وَ هِیَ دُرَّةٌ بَیْضَاءُ وَ سَأَلَهُ عَنِ الثَّوْرِ مَا بَالُهُ غَاضٌّ طَرْفَهُ وَ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ قَالَ حَیَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا عَبَدَ قَوْمُ مُوسَی الْعِجْلَ نَكَسَ رَأْسَهُ (3)وَ سَأَلَهُ عَنِ الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ مَا هُمَا قَالَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالْبِحَارِ یُقَالُ لَهُ رُومَانُ فَإِذَا وَضَعَ قَدَمَیْهِ فِی الْبَحْرِ فَاضَ وَ إِذَا أَخْرَجَهُمَا غَاضَ وَ سَأَلَهُ عَنِ اسْمِ أَبِی الْجِنِّ فَقَالَ شُومَانُ وَ هُوَ الَّذِی خُلِقَ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَ سَأَلَهُ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَی الْجِنِّ فَقَالَ نَعَمْ بَعَثَ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ یُوسُفُ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ فَقَتَلُوهُ وَ سَأَلَهُ عَنِ اسْمِ إِبْلِیسَ مَا كَانَ فِی السَّمَاءِ فَقَالَ كَانَ اسْمُهُ الْحَارِثَ وَ سَأَلَهُ لِمَ سُمِّیَ آدَمُ آدَمَ قَالَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ وَ سَأَلَهُ لِمَ صَارَ الْمِیرَاثُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ فَقَالَ مِنْ قِبَلِ السُّنْبُلَةِ كَانَ
ص: 76
عَلَیْهَا ثَلَاثُ حَبَّاتٍ فَبَادَرَتْ إِلَیْهَا حَوَّاءُ فَأَكَلَتْ مِنْهَا حَبَّةً وَ أَطْعَمَتْ آدَمَ حَبَّتَیْنِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَرِثَ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ وَ سَأَلَهُ عَمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مَخْتُوناً فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَیْثٌ مَخْتُوناً وَ إِدْرِیسُ وَ نُوحٌ (1)وَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ سَأَلَهُ كَمْ كَانَ عُمُرُ آدَمَ فَقَالَ تِسْعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ قَالَ الشِّعْرَ فَقَالَ آدَمُ قَالَ وَ مَا كَانَ شِعْرُهُ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَ إِلَی الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ فَرَأَی تُرْبَتَهَا وَ سِعَتَهَا وَ هَوَاهَا وَ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ قَالَ آدَمُ علیه السلام
تَغَیَّرَتِ الْبِلَادُ وَ مَنْ عَلَیْهَا*** فَوَجْهُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِیحٌ
تَغَیَّرَ كُلُّ ذِی لَوْنٍ وَ طَعْمٍ*** وَ قَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الْمَلِیحِ (2)
فَأَجَابَهُ إِبْلِیسُ
تَنَحَّ عَنِ الْبِلَادِ وَ سَاكِنِیهَا*** فَفِی الْفِرْدَوْسِ ضَاقَ بِكَ الْفَسِیحُ (3)
وَ كُنْتَ بِهَا وَ زَوْجُكَ فِی قَرَارٍ*** وَ قَلْبُكَ مِنْ أَذَی الدُّنْیَا مُرِیحٌ
فَلَمْ تَنْفَكَّ مِنْ كَیْدِی وَ مَكْرِی ***إِلَی أَنْ فَاتَكَ الثَّمَنُ الرَّبِیحُ (4)
فَلَوْ لَا رَحْمَةُ الْجَبَّارِ أَضْحَی*** بِكَفِّكَ مِنْ جِنَانِ الْخُلْدِ رِیحٌ (5)
ص: 77
وَ سَأَلَهُ كَمْ حَجَّ آدَمُ علیه السلام مِنْ حَجَّةٍ فَقَالَ لَهُ سَبْعِینَ حَجَّةً (1)مَاشِیاً عَلَی قَدَمَیْهِ وَ أَوَّلُ حَجَّةٍ كَانَ مَعَهُ الصُّرَدُ یَدُلُّهُ عَلَی مَوَاضِعِ الْمَاءِ وَ خَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ قَدْ نُهِیَ عَنْ أَكْلِ الصُّرَدِ وَ الْخُطَّافِ وَ سَأَلَهُ مَا بَالُهُ لَا یَمْشِی عَلَی الْأَرْضِ قَالَ لِأَنَّهُ نَاحَ عَلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَطَافَ حَوْلَهُ أَرْبَعِینَ عَاماً یَبْكِی عَلَیْهِ وَ لَمْ یَزَلْ یَبْكِی مَعَ آدَمَ علیه السلام فَمِنْ هُنَاكَ سَكَنَ الْبُیُوتَ وَ مَعَهُ تِسْعُ آیَاتٍ (2)مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا كَانَ آدَمُ یَقْرَؤُهَا فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ مَعَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْفِ وَ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ سُبْحَانَ (3)وَ هِیَ وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ وَ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ یس وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ كَفَرَ وَ أَنْشَأَ الْكُفْرَ فَقَالَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ سَأَلَهُ عَنِ اسْمِ نُوحٍ مَا كَانَ فَقَالَ كَانَ اسْمُهُ السَّكَنَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ نُوحاً لِأَنَّهُ نَاحَ عَلَی قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عاماً- (4)وَ سَأَلَهُ عَنْ سَفِینَةِ نُوحٍ علیه السلام مَا كَانَ عَرْضُهَا وَ طُولُهَا فَقَالَ كَانَ طُولُهَا ثَمَانَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهَا خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ ارْتِفَاعُهَا فِی السَّمَاءِ ثَمَانُونَ ذِرَاعاً ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ وَ قَامَ إِلَیْهِ آخَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ غُرِسَتْ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ الْعَوْسَجَةُ وَ مِنْهَا عَصَا مُوسَی علیه السلام وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ هِیَ الدُّبَّاءُ وَ هُوَ الْقَرْعُ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام
ص: 78
وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ بُقْعَةٍ بُسِطَتْ مِنَ الْأَرْضِ أَیَّامَ الطُّوفَانِ فَقَالَ لَهُ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ وَ كَانَ زَبَرْجَدَةً خَضْرَاءَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَكْرَمِ وَادٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ وَادٍ یُقَالُ لَهُ سَرَنْدِیبُ سَقَطَ فِیهِ آدَمُ علیه السلام مِنَ السَّمَاءِ وَ سَأَلَهُ عَنْ شَرِّ وَادٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ وَادٍ بِالْیَمَنِ یُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ وَ هُوَ مِنْ أَوْدِیَةِ جَهَنَّمَ وَ سَأَلَهُ عَنْ سِجْنٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ فَقَالَ الْحُوتُ سَارَ بِیُونُسَ بْنِ مَتَّی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ سَأَلَهُ عَنْ سِتَّةٍ لَمْ یَرْكُضُوا فِی رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَصَا مُوسَی وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ الْخُفَّاشُ الَّذِی عَمِلَهُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ طَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ مَكْذُوبٍ عَلَیْهِ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ الذِّئْبُ الَّذِی كَذَبَ عَلَیْهِ إِخْوَةُ یُوسُفَ علیه السلام وَ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی النَّحْلِ (1)وَ سَأَلَهُ عَنْ مَوْضِعٍ طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ وَ لَا تَطْلُعُ عَلَیْهِ أَبَداً قَالَ ذَلِكَ الْبَحْرُ حِینَ فَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی علیه السلام فَأَصَابَتْ أَرْضَهُ الشَّمْسُ وَ أُطْبِقَ عَلَیْهِ الْمَاءُ فَلَنْ تُصِیبَهُ الشَّمْسُ (2)وَ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ شَرِبَ وَ هُوَ حَیٌّ وَ أَكَلَ وَ هُوَ مَیِّتٌ فَقَالَ تِلْكَ عَصَا مُوسَی وَ سَأَلَهُ عَنْ نَذِیرٍ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ هِیَ النَّمْلَةُ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ أُمِرَ بِالْخِتَانِ قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ خُفِضَ مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِیلَ خَفَضَتْهَا سَارَةُ لِتَخْرُجَ مِنْ یَمِینِهَا وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ امْرَأَةٍ جَرَّتْ ذَیْلَهَا فَقَالَ هَاجَرُ لَمَّا هَرَبَتْ مِنْ سَارَةَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ جَرَّ ذَیْلَهُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ قَارُونَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ لَبِسَ النَّعْلَیْنِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ سَأَلَهُ عَنْ أَكْرَمِ النَّاسِ نَسَباً فَقَالَ صَدِیقُ اللَّهِ یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ ذَبِیحِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ
ص: 79
وَ سَأَلَهُ عَنْ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ لَهُمْ اسْمَانِ فَقَالَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ هُوَ ذُو الْكِفْلِ وَ یَعْقُوبُ وَ هُوَ إِسْرَائِیلُ (1)وَ الْخِضْرُ وَ هُوَ تَالِیَا (2)وَ یُونُسُ وَ هُوَ ذُو النُّونِ وَ عِیسَی وَ هُوَ الْمَسِیحُ وَ مُحَمَّدٌ وَ هُوَ أَحْمَدُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ تَنَفَّسَ لَیْسَ لَهُ لَحْمٌ وَ لَا دَمٌ فَقَالَ ذَاكَ الصُّبْحُ إِذَا تَنَفَّسَ وَ سَأَلَهُ عَنْ خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ تَكَلَّمُوا بِالْعَرَبِیَّةِ فَقَالَ هُودٌ وَ شُعَیْبٌ وَ صَالِحٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُحَمَّدٌ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ جَلَسَ وَ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَسَأَلَهُ وَ تَعَنَّتَهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِیهِ مَنْ هُمْ فَقَالَ قَابِیلُ یَفِرُّ مِنْ هَابِیلَ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أُمِّهِ مُوسَی وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمُ (3)وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنْ صَاحِبَتِهِ لُوطٌ وَ الَّذِی یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ نُوحٌ یَفِرُّ مِنِ ابْنِهِ كَنْعَانَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام مَاتَ عَلَی مِنْبَرِهِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَرْبَعَةٍ لَا یَشْبَعْنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَقَالَ أَرْضٌ مِنْ مَطَرٍ وَ أُنْثَی مِنْ ذَكَرٍ وَ عَیْنٌ مِنْ نَظَرٍ وَ عَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ وَضَعَ سِكَكَ الدَّنَانِیرِ وَ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ بَعْدَ نُوحٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ إِبْلِیسُ فَإِنَّهُ أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ وَ سَأَلَهُ عَنْ مَعْنَی هَدِیرِ الْحَمَامِ الرَّاعِبِیَّةِ فَقَالَ تَدْعُو عَلَی أَهْلِ الْمَعَازِفِ وَ الْقَیْنَاتِ وَ الْمَزَامِیرِ وَ الْعِیدَانِ وَ سَأَلَهُ عَنْ كُنْیَةِ الْبُرَاقِ فَقَالَ یُكَنَّی أَبَا هُزَالٍ (4)وَ سَأَلَهُ لِمَ سُمِّیَ تُبَّعٌ تُبَّعاً قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ غُلَاماً كَاتِباً فَكَانَ یَكْتُبُ لِمَلِكٍ كَانَ قَبْلَهُ فَكَانَ إِذَا كَتَبَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَ صُبْحاً وَ رِیحاً فَقَالَ الْمَلِكُ اكْتُبْ وَ ابْدَأْ بِاسْمِ مَلِكِ الرَّعْدِ فَقَالَ لَا أَبْدَأُ
ص: 80
إِلَّا بِاسْمِ إِلَهِی ثُمَّ أَعْطِفُ عَلَی حَاجَتِكَ فَشَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ وَ أَعْطَاهُ مُلْكَ ذَلِكَ الْمَلِكِ فَتَابَعَهُ النَّاسُ عَلَی ذَلِكَ فَسُمِّیَ تُبَّعاً وَ سَأَلَهُ مَا بَالُ الْمَاعِزِ مُفَرْقَعَةَ (1)الذَّنَبِ بَادِیَةَ الْحَیَاءِ وَ الْعَوْرَةِ فَقَالَ لِأَنَّ الْمَاعِزَ عَصَتْ نُوحاً لَمَّا أَدْخَلَهَا السَّفِینَةَ فَدَفَعَهَا فَكَسَرَ ذَنَبَهَا وَ النَّعْجَةُ مَسْتُورَةُ الْحَیَاءِ وَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ النَّعْجَةَ بَادَرَتْ بِالدُّخُولِ إِلَی السَّفِینَةِ فَمَسَحَ نُوحٌ علیه السلام یَدَهُ عَلَی حَیَاهَا وَ ذَنَبِهَا فَاسْتَوَتِ الْأَلْیَةُ (2)وَ سَأَلَهُ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ كَلَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ سَأَلَهُ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ بِالْمَجُوسِیَّةِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (3)النَّوْمُ عَلَی أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ الْأَنْبِیَاءُ تَنَامُ عَلَی أَقْفِیَتِهَا مُسْتَلْقِیَةً وَ أَعْیُنُهَا لَا تَنَامُ مُتَوَقِّعَةً لِوَحْیِ رَبِّهَا وَ الْمُؤْمِنُ یَنَامُ عَلَی یَمِینِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ الْمُلُوكُ وَ أَبْنَاؤُهَا تَنَامُ عَلَی شِمَالِهَا لِیَسْتَمْرِءُوا مَا یَأْكُلُونَ وَ إِبْلِیسُ وَ إِخْوَانُهُ وَ كُلُّ مَجْنُونٍ وَ ذِی عَاهَةٍ تَنَامُ عَلَی وَجْهِهِ مُنْبَطِحاً (4)ثُمَّ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ تَطَیُّرِنَا مِنْهُ وَ ثِقْلِهِ وَ أَیُّ أَرْبِعَاءَ هُوَ قَالَ آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِی الشَّهْرِ وَ هُوَ الْمُحَاقُ وَ فِیهِ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ أَخَاهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ فِی النَّارِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَضَعُوهُ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غَرَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ جَعَلَ اللَّهُ عالِیَها سافِلَها (5)وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّیحَ عَلَی قَوْمِ عَادٍ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَصْبَحَتْ كَالصَّرِیمِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَی نُمْرُودَ الْبَقَّةَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ طَلَبَ فِرْعَوْنُ مُوسَی علیه السلام لِیَقْتُلَهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمَرَ فِرْعَوْنُ بِذَبْحِ الْغِلْمَانِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خُرِّبَ بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُحْرِقَ مَسْجِدُ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بِإِصْطَخْرَ مِنْ كُورَةِ فَارِسَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قُتِلَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ
ص: 81
أَظَلَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَوَّلُ الْعَذَابِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَسَفَ اللَّهُ بِقَارُونَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ابْتُلِیَ أَیُّوبُ بِذَهَابِ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ (1)وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُدْخِلَ یُوسُفُ السِّجْنَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِینَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ عُقِرَتِ النَّاقَةُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمْطَرَ عَلَیْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ شُجَّ وَجْهُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُسِرَتْ رَبَاعِیَتُهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخَذَتِ الْعَمَالِیقُ التَّابُوتَ وَ سَأَلَهُ عَنِ الْأَیَّامِ وَ مَا یَجُوزُ فِیهَا مِنَ الْعَمَلِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمُ السَّبْتِ یَوْمُ مَكْرٍ وَ خَدِیعَةٍ وَ یَوْمُ الْأَحَدِ یَوْمُ غَرْسٍ وَ بِنَاءٍ وَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ یَوْمُ سَفَرٍ وَ طَلَبٍ وَ یَوْمُ الثَّلَاثَاءِ یَوْمُ حَرْبٍ وَ دَمٍ (2)وَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمٌ شُؤْمٌ فِیهِ یَتَطَیَّرُ النَّاسُ وَ یَوْمُ الْخَمِیسِ یَوْمُ الدُّخُولِ عَلَی الْأُمَرَاءِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ یَوْمُ خِطْبَةٍ وَ نِكَاحٍ (3).
بیان: قوله بشاشة الوجه الملیح لعل رفع الملیح للقطع بالمدح و یمكن أن یقرأ بشاشة بالنصب علی التمییز و فی بعض النسخ بعده
و ما لی لا أجود بسكب دمع*** و هابیل تضمنه الضریح
قتل قابیل هابیلا أخاه ***فوا حزنا لقد فقد الملیح.
قوله ما باله لا یمشی أی الخطاب و قال الجوهری العوسج ضرب من الشوك الواحدة عوسجة و قال الفیروزآبادی رعیت الحمامة رفعت هدیلها و شددته (4).
قوله مفرقعة الذنب قال الفیروزآبادی فرقع فلانا لوی عنقه و الافرنقاع عن الشی ء الانكشاف عنه و التنحی (5).
أقول: و فی بعض النسخ معرقبة الذنب أی مقطوعة مجازا من قولهم عرقبه فقطع عرقوبه و فی بعضها مرفوعة الذنب و هو أظهر و الحیاء بالمد الفرج من
ص: 82
ذوات الخف و الظلف و السباع و قد یقصر و بطحه كمنعه ألقاه علی وجه فانبطح.
أقول: سیأتی تفسیر أجزاء الخبر فی مواضعها إن شاء اللّٰه تعالی.
«1»- ج، الإحتجاج عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ بَصِیرٍ بِاللَّیْلِ بَصِیرٍ بِالنَّهَارِ وَ عَنْ أَعْمَی بِاللَّیْلِ أَعْمَی بِالنَّهَارِ وَ عَنْ بَصِیرٍ بِاللَّیْلِ أَعْمَی بِالنَّهَارِ وَ عَنْ أَعْمَی بِاللَّیْلِ بَصِیرٍ بِالنَّهَارِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْلَكَ سَلْ عَمَّا یَعْنِیكَ وَ لَا تَسْأَلْ عَمَّا لَا یَعْنِیكَ وَیْلَكَ أَمَّا بَصِیرٌ بِاللَّیْلِ بَصِیرٌ بِالنَّهَارِ فَهُوَ رَجُلٌ آمَنَ بِالرُّسُلِ وَ الْأَوْصِیَاءِ الَّذِینَ مَضَوْا وَ بِالْكُتُبِ وَ النَّبِیِّینَ وَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقَرَّ لِی بِالْوَلَایَةِ فَأَبْصَرَ فِی لَیْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ أَمَّا الْأَعْمَی بِاللَّیْلِ أَعْمَی بِالنَّهَارِ فَرَجُلٌ جَحَدَ الْأَنْبِیَاءَ وَ الْأَوْصِیَاءَ وَ الْكُتُبَ الَّتِی مَضَتْ وَ أَدْرَكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یُؤْمِنْ بِهِ وَ لَمْ یُقِرَّ بِوَلَایَتِی فَجَحَدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَمِیَ بِاللَّیْلِ وَ عَمِیَ بِالنَّهَارِ وَ أَمَّا بَصِیرٌ بِاللَّیْلِ أَعْمَی بِالنَّهَارِ فَرَجُلٌ آمَنَ بِالْأَنْبِیَاءِ وَ الْكُتُبِ وَ جَحَدَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَلَایَتِی وَ أَنْكَرَنِی حَقِّی فَأَبْصَرَ بِاللَّیْلِ وَ عَمِیَ بِالنَّهَارِ وَ أَمَّا أَعْمَی بِاللَّیْلِ بَصِیرٌ بِالنَّهَارِ فَرَجُلٌ جَحَدَ الْأَنْبِیَاءَ الَّذِینَ مَضَوْا وَ الْأَوْصِیَاءَ وَ الْكُتُبَ وَ أَدْرَكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَآمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آمَنَ بِإِمَامَتِی وَ قَبِلَ وَلَایَتِی فَعَمِیَ بِاللَّیْلِ وَ أَبْصَرَ بِالنَّهَارِ وَیْلَكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ فَنَحْنُ بَنُو أَبِی طَالِبٍ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَ بِنَا یَخْتِمُهُ قَالَ الْأَصْبَغُ فَلَمَّا نَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْمِنْبَرِ تَبِعْتُهُ فَقُلْتُ سَیِّدِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَوَّیْتَ قَلْبِی بِمَا بَیَّنْتَ فَقَالَ لِی یَا أَصْبَغُ مَنْ شَكَّ فِی وَلَایَتِی فَقَدْ شَكَّ فِی إِیمَانِهِ وَ مَنْ أَقَرَّ بِوَلَایَتِی فَقَدْ أَقَرَّ بِوَلَایَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَلَایَتِی مُتَّصِلَةٌ بِوَلَایَةِ اللَّهِ كَهَاتَیْنِ وَ جَمَعَ بَیْنَ أَصَابِعِهِ (1)یَا أَصْبَغُ مَنْ أَقَرَّ بِوَلَایَتِی فَقَدْ فَازَ وَ مَنْ أَنْكَرَ وَلَایَتِی
ص: 83
فَقَدْ خَابَ وَ خَسِرَ وَ هَوَی فِی النَّارِ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ لَبِثَ فِیهَا أَحْقَاباً (1).
«2»- قب، المناقب لابن شهرآشوب كَتَبَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَی مُعَاوِیَةَ یَسْأَلُهُ عَنْ خِصَالٍ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ لَا شَیْ ءَ فَتَحَیَّرَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَجِّهْ فَرَساً فَارِهاً إِلَی مُعَسْكَرِ عَلِیٍّ لِیُبَاعَ فَإِذَا قِیلَ لِلَّذِی هُوَ مَعَهُ بِكَمْ فَیَقُولُ بِلَا شَیْ ءَ فَعَسَی أَنْ تَخْرُجَ الْمَسْأَلَةُ فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَی عَسْكَرِ عَلِیٍّ إِذْ مَرَّ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَعَهُ قَنْبَرُ فَقَالَ یَا قَنْبَرُ سَاوِمْهُ فَقَالَ بِكَمِ الْفَرَسُ قَالَ بِلَا شَیْ ءَ قَالَ یَا قَنْبَرُ خُذْ مِنْهُ قَالَ أَعْطِنِی لَا شَیْ ءَ فَأَخْرَجَهُ إِلَی الصَّحْرَاءِ وَ أَرَاهُ السَّرَابَ فَقَالَ ذَاكَ لَا شَیْ ءَ قَالَ اذْهَبْ فَخَبِّرْهُ قَالَ وَ كَیْفَ قُلْتَ قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّی إِذا جاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً (2).
«3»- الْأَصْبَغُ كَتَبَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَی مُعَاوِیَةَ إِنْ أَجَبْتَنِی عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ حَمَلْتُ إِلَیْكَ الْخَرَاجَ وَ إِلَّا حَمَلْتَ أَنْتَ فَلَمْ یَدْرِ مُعَاوِیَةُ فَأَرْسَلَهَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَجَابَ عَنْهَا فَقَالَ أَوَّلُ مَا اهْتَزَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ النَّخْلَةُ وَ أَوَّلُ شَیْ ءٍ صِیحَ عَلَیْهَا (3)وَادٍ بِالْیَمَنِ وَ هُوَ أَوَّلُ وَادٍ فَارَ فِیهِ الْمَاءُ وَ الْقَوْسُ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهَا عِنْدَ الْغَرَقِ مَا دَامَ یُرَی فِی السَّمَاءِ وَ الْمَجَرَّةُ أَبْوَابٌ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَی قَوْمٍ ثُمَّ أَغْلَقَهَا فَلَمْ یَفْتَحْهَا قَالَ فَكَتَبَ بِهَا مُعَاوِیَةُ إِلَی مَلِكِ الرُّومِ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا خَرَجَ هَذَا إِلَّا مِنْ كَنْزِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَّجَ إِلَیْهِ الْخَرَاجَ (4).
«4»- الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ مَا هُمَا فَقَالَ علیه السلام مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالْبِحَارِ یُقَالُ لَهُ رُومَانُ فَإِذَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِی الْبَحْرِ فَاضَ وَ إِذَا أَخْرَجَهَا غَاضَ (5)
«5»- وَ سَأَلَهُ علیه السلام ابْنُ الْكَوَّاءِ كَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ قَالَ وَ مَا طَعْمُ الْمَاءِ قَالَ طَعْمُ الْحَیَاةِ وَ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ علیه السلام مَسِیرَةَ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ
ص: 84
وَ مَا أَخَوَانِ وُلِدَا فِی یَوْمٍ وَ مَاتَا فِی یَوْمٍ وَ عُمُرُ أَحَدِهِمَا خَمْسُونَ وَ مِائَةُ سَنَةٍ وَ عُمُرُ الْآخَرِ خَمْسُونَ سَنَةً فَقَالَ عُزَیْرٌ وَ عَزْرَةُ أَخُوهُ لِأَنَّ عُزَیْراً أَمَاتَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَ عَنْ بُقْعَةٍ مَا طَلَعَتْ عَلَیْهَا الشَّمْسُ إِلَّا لَحْظَةً وَاحِدَةً فَقَالَ ذَلِكَ الْبَحْرُ الَّذِی فَلَقَهُ اللَّهُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ عَنْ إِنْسَانٍ یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ وَ لَا یَتَغَوَّطُ قَالَ علیه السلام ذَلِكَ الْجَنِینُ وَ عَنْ شَیْ ءٍ شَرِبَ وَ هُوَ حَیٌّ وَ أَكَلَ وَ هُوَ مَیِّتٌ قَالَ علیه السلام ذَاكَ عَصَا مُوسَی علیه السلام شَرِبَتْ وَ هِیَ فِی شَجَرَتِهَا غَضَّةٌ (1)وَ أَكَلَتْ لَمَّا لَقَفَتْ (2)حِبَالَ السَّحَرَةِ وَ عِصِیَّهُمْ وَ عَنْ بُقْعَةٍ عَلَتْ عَلَی الْمَاءِ فِی أَیَّامِ طُوفَانٍ فَقَالَ علیه السلام ذَلِكَ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ رَبْوَةً وَ عَنْ مَكْذُوبٍ عَلَیْهِ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ ذَاكَ الذِّئْبُ إِذْ كَذَبَ عَلَیْهِ إِخْوَةُ یُوسُفَ علیه السلام وَ عَمَّنْ أُوحِیَ إِلَیْهِ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ فَقَالَ علیه السلام وَ أَوْحَی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ وَ عَنْ أَطْهَرِ بُقْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَیْهَا فَقَالَ علیه السلام ذَلِكَ ظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَ عَنْ رَسُولٍ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ الشَّیَاطِینِ فَقَالَ علیه السلام الْهُدْهُدُ اذْهَبْ بِكِتابِی هذا وَ عَنْ مَبْعُوثٍ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ الشَّیَاطِینِ فَقَالَ علیه السلام ذَلِكَ الْغُرَابُ فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً وَ عَنْ نَفْسٍ فِی نَفْسٍ لَیْسَ بَیْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَ لَا رَحِمٌ فَقَالَ علیه السلام ذَاكَ یُونُسُ النَّبِیُّ علیه السلام فِی بَطْنِ الْحُوتِ وَ مَتَی الْقِیَامَةُ قَالَ علیه السلام عِنْدَ حُضُورِ الْمَنِیَّةِ وَ بُلُوغِ الْأَجَلِ وَ مَا عَصَا مُوسَی علیه السلام فَقَالَ علیه السلام كَانَ یُقَالُ لَهَا الأربیة (3)وَ كَانَتْ مِنْ عَوْسَجٍ
ص: 85
طُولُهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ مُوسَی علیه السلام وَ كَانَتْ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْزَلَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی شُعَیْبٍ علیه السلام(1).
«6»- ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ أَخَوَیْنِ یَهُودِیَّیْنِ سَأَلَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ وَاحِدٍ لَا ثَانِیَ لَهُ وَ عَنْ ثَانٍ لَا ثَالِثَ لَهُ إِلَی مِائَةٍ مُتَّصِلةً نَجِدُهَا فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ هِیَ فِی الْقُرْآنِ تَتْلُونَهُ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ أَمَّا الْوَاحِدُ فَاللَّهُ رَبُّنَا الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَمَّا الِاثْنَانِ فَآدَمُ وَ حَوَّاءُ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ اثْنَیْنِ وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ فَجَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ لِأَنَّهُمْ رَأْسُ الْمَلَائِكَةِ عَلَی الْوَحْیِ وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَالتَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ وَ أَمَّا الْخَمْسَةُ فَالصَّلَاةُ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَی نَبِیِّنَا وَ عَلَی أُمَّتِهِ وَ لَمْ یُنْزِلْهَا عَلَی نَبِیٍّ كَانَ قَبْلَهُ وَ لَا عَلَی أُمَّةٍ كَانَتْ قَبْلَنَا وَ أَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ أَمَّا السِّتَّةُ فَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ أَمَّا السَّبْعَةُ فَسَبْعُ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةُ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ وَ أَمَّا التِّسْعَةُ فَآیَاتُ مُوسَی التِّسْعُ وَ أَمَّا الْعَشَرَةُ فَ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ وَ أَمَّا الْأَحَدَ عَشَرَ فَقَوْلُ یُوسُفَ علیه السلام لِأَبِیهِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ أَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ فَالسَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً وَ أَمَّا الثَّلَاثَةَ عَشَرَ قَوْلُ یُوسُفَ علیه السلام لِأَبِیهِ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ فَالْأَحَدَ عَشَرَ إِخْوَتُهُ وَ الشَّمْسُ أَبُوهُ وَ الْقَمَرُ أُمُّهُ وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِنْدِیلًا مِنَ النُّورِ مُعَلَّقَةً بَیْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ الْحُجُبِ تُسْرِجُ بِنُورِ اللَّهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَمَّا الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَأُنْزِلَتِ الْكُتُبُ جُمْلَةً مَنْسُوخَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَی سَمَاءِ الدُّنْیَا بِخَمْسَ عَشْرَةَ لَیْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَمَّا السِّتَّةَ عَشَرَ فَسِتَّةَ عَشَرَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَ أَمَّا السَّبْعَةَ عَشَرَ فَسَبْعَةَ عَشَرَ اسْماً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ مَكْتُوبَةٌ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ لَوْ لَا ذَلِكَ لَزَفَرَتْ زَفْرَةً أَحْرَقَتْ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ
ص: 86
وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ فَثَمَانِیَةَ عَشَرَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ مُعَلَّقَةً بَیْنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ لَوْ لَا ذَلِكَ لَذَابَتِ الصُّمُّ الشَّوَامِخُ وَ احْتَرَقَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا بَیْنَهُمَا مِنْ نُورِ الْعَرْشِ وَ أَمَّا التِّسْعَةَ عَشَرَ فَتِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً خَزَنَةُ جَهَنَّمَ وَ أَمَّا الْعِشْرُونَ فَأَنْزَلَ الزَّبُورَ عَلَی دَاوُدَ علیه السلام فِی عِشْرِینَ یَوْماً خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَمَّا الْأَحَدُ وَ الْعِشْرُونَ فَأَلَانَ اللَّهُ لِدَاوُدَ فِیهَا الْحَدِیدَ وَ أَمَّا فِی اثْنَیْنِ وَ عِشْرِینَ فَاسْتَوَتْ سَفِینَةُ نُوحٍ علیه السلام وَ أَمَّا ثَلَاثَةٌ وَ عِشْرُونَ (1)فَفِیهِ مِیلَادُ عِیسَی علیه السلام وَ نُزُولُ الْمَائِدَةِ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَمَّا فِی أَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَی یَعْقُوبَ بَصَرَهُ وَ أَمَّا خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ فَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَی تَكْلِیماً بوادی (بِالْوَادِی) الْمُقَدَّسِ كَلَّمَهُ خَمْسَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً وَ أَمَّا سِتَّةٌ وَ عِشْرُونَ فَمَقَامُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فِی النَّارِ أَقَامَ فِیهَا حَیْثُ صَارَتْ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ أَمَّا سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ فَرَفَعَ اللَّهُ إِدْرِیسَ مَكاناً عَلِیًّا وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ أَمَّا ثَمَانِیَةٌ وَ عِشْرُونَ فَمَكَثَ یُونُسُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ وَ أَمَّا الثَّلَاثُونَ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَمَّا الْأَرْبَعُونَ تَمَامُ مِیعَادِهِ وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ وَ أَمَّا الْخَمْسُونَ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ أَمَّا السِّتُّونَ كَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً وَ أَمَّا السَّبْعُونَ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا وَ أَمَّا الثَّمَانُونَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَةً وَ أَمَّا التِّسْعُونَ فَ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ أَمَّا الْمِائَةُ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمَّا سَمِعَا ذَلِكَ أَسْلَمَا فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا فِی الْجَمَلِ وَ الْآخَرُ فِی صِفِّین(2).
«7»- وَ قَالَ علیه السلام فِی جَوَابِ سَائِلٍ وَ أَمَّا الزَّوْجَانِ اللَّذَانِ لَا بُدَّ لِأَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَ لَا حَیَاةَ لَهُمَا فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَمَّا النُّورُ الَّذِی لَیْسَ مِنَ الشَّمْسِ وَ لَا مِنَ الْقَمَرِ
ص: 87
وَ لَا مِنَ النُّجُومِ وَ لَا الْمَصَابِیحِ فَهُوَ عَمُودٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی لِمُوسَی علیه السلام فِی التِّیهِ وَ أَمَّا السَّاعَةُ الَّتِی لَیْسَ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَا مِنَ النَّهَارِ فَهِیَ السَّاعَةُ الَّتِی قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ أَمَّا الِابْنُ الَّذِی أَكْبَرُ مِنْ أَبِیهِ وَ لَهُ ابْنٌ أَكْبَرُ مِنْهُ فَهُوَ عُزَیْرٌ بَعَثَهُ اللَّهُ وَ لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ لِابْنِهِ مِائَةٌ وَ عشرین (عَشْرُ) سِنِینَ وَ مَا لَا قِبْلَةَ لَهُ فَالْكَعْبَةُ وَ مَا لَا أَبَ لَهُ فَالْمَسِیحُ وَ مَا لَا عَشِیرَةَ لَهُ فَآدَمُ(1).
«8»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ رَفَعَهُ إِلَی الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كَتَبَ صَاحِبُ الرُّومِ إِلَی مُعَاوِیَةَ یَسْأَلُهُ عَنْ عَشْرِ خِصَالٍ فَارْتَطَمَ (2)كَمَا یَرْتَطِمُ الْحِمَارُ فِی الطِّینِ فَبَعَثَ رَاكِباً إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ فِی الرَّحْبَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ رَعِیَّتِی قَالَ نَعَمْ أَنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بَعَثَنِی إِلَیْكَ مُعَاوِیَةُ لِأَسْأَلَكَ عَنْ عَشْرِ خِصَالٍ كَتَبَ إِلَیْهِ بِهَا صَاحِبُ الرُّومِ فَقَالَ إِنْ أَجَبْتَنِی فِیهَا حَمَلْتُ إِلَیْكَ الْخَرَاجَ وَ إِلَّا حَمَلْتَ إِلَیَّ أَنْتَ خَرَاجَكَ فَلَمْ یُحْسِنْ مُعَاوِیَةُ أَنْ یُجِیبَهُ فَبَعَثَنِی إِلَیْكَ أَسْأَلُكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا هِیَ قَالَ مَا أَوَّلُ شَیْ ءٍ اهْتَزَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَوَّلُ شَیْ ءٍ ضَجَّ عَلَی الْأَرْضِ وَ كَمْ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ كَمْ بَیْنَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ وَ أَیْنَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُسْلِمِینَ وَ أَیْنَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ وَ هَذِهِ الْقَوْسُ مَا هِیَ وَ هَذِهِ الْمَجَرَّةُ مَا هِیَ وَ الْخُنْثَی كَیْفَ یُقْسَمُ لَهَا الْمِیرَاثُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا أَوَّلُ شَیْ ءٍ اهْتَزَّ عَلَی الْأَرْضِ فَهِیَ النَّخْلَةُ وَ مَثَلُهَا مَثَلُ ابْنِ آدَمَ إِذَا قُطِعَ رَأْسُهُ هَلَكَ وَ إِذَا قُطِعَ رَأْسُ النَّخْلَةِ إِنَّمَا هِیَ جِذْعٌ مُلْقًی وَ أَوَّلُ شَیْ ءٍ ضَجَّ عَلَی الْأَرْضِ وَادٍ بِالْیَمَنِ وَ هُوَ أَوَّلُ وَادٍ فَارَ مِنْهُ الْمَاءُ وَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ بَیْنَ أَنْ تَقُولَ رَأَتْ عَیْنِی وَ سَمِعْتُ مَا لَمْ یُسْمَعْ وَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مَدُّ الْبَصَرِ وَ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ یَوْمٌ طَرَّادٌ لِلشَّمْسِ
ص: 88
وَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُسْلِمِینَ عَیْناً فِی الْجَنَّةِ تُسَمَّی سَلْمَی وَ تَأْوِی أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ فِی جُبِّ النَّارِ تُسَمَّی بَرَهُوتَ وَ هَذِهِ الْقَوْسُ أَمَانُ الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنَ الْغَرَقِ وَ إِذَا رَأَوْا ذَلِكَ فِی السَّمَاءِ وَ أَمَّا هَذِهِ الْمَجَرَّةُ فَأَبْوَابُ السَّمَاءِ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَی قَوْمِ نُوحٍ ثُمَّ أَغْلَقَهَا فَلَمْ یَفْتَحْهَا وَ أَمَّا الْخُنْثَی فَإِنَّهُ یَبُولُ فَإِنْ خَرَجَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الرَّجُلِ وَ إِنْ خَرَجَ مِنْ غَیْرِ ذَلِكَ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ فَكَتَبَ بِهَا مُعَاوِیَةُ إِلَی صَاحِبِ الرُّومِ فَحَمَلَ إِلَیْهِ خَرَاجَهُ وَ قَالَ مَا خَرَجَ هَذَا إِلَّا مِنْ كُتُبِ نُبُوَّةٍ هَذَا فِیمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْإِنْجِیلِ عَلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ.
«9»- وَ عَنْ شَیْخٍ مِنْ فَزَارَةَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ إِنَّ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَكُمْ أَنَّ عَدُوَّكُمْ یَكْتُبُ إِلَیْكُمْ فِی مَعَالِمِ دِینِهِمْ.
بیان: الطراد من الأیام الطویل و لعل المراد به هنا التام.
«1»- ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِی مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا یَصْلُحُ لِلْمُؤْمِنِ فِی دِینِهِ وَ دُنْیَاهُ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْحِجَامَةَ تُصَحِّحُ الْبَدَنَ وَ تَشُدُّ الْعَقْلَ (1)وَ الطِّیبَ فِی الشَّارِبِ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (2)وَ كَرَامَةُ الْكَاتِبَیْنِ وَ السِّوَاكَ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَطْیَبَةٌ لِلْفَمِ
ص: 89
وَ الدُّهْنَ یُلَیِّنُ الْبَشَرَةَ وَ یَزِیدُ فِی الدِّمَاغِ وَ یُسَهِّلُ مَجَارِی الْمَاءِ وَ یُذْهِبُ الْقَشَفَ (1)وَ یُسَفِّرُ اللَّوْنَ وَ غَسْلَ الرَّأْسِ یَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ یَنْفِی الْقَذَی (2)وَ الْمَضْمَضَةَ وَ الِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ وَ طَهُورٌ لِلْفَمِ وَ الْأَنْفِ وَ السُّعُوطَ مَصَحَّةٌ لِلرَّأْسِ وَ تَنْقِیَةٌ لِلْبَدَنِ وَ سَائِرِ أَوْجَاعِ الرَّأْسِ وَ النُّورَةَ نُشْرَةٌ وَ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ (3) اسْتِجَادَةُ الْحِذَاءِ وِقَایَةٌ لِلْبَدَنِ وَ عَوْنٌ عَلَی الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ یَمْنَعُ الدَّاءَ الْأَعْظَمَ وَ یُدِرُّ الرِّزْقَ وَ یُورِدُهُ نَتْفُ الْإِبْطِ یَنْفِی الرَّائِحَةَ الْمُنْكَرَةَ وَ هُوَ طَهُورٌ وَ سُنَّةٌ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الطَّیِّبُ علیه السلام غَسْلُ الْیَدَیْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ زِیَادَةٌ فِی الرِّزْقِ وَ إِمَاطَةٌ لِلْغَمَرِ (4)عَنِ الثِّیَابِ وَ یَجْلُو الْبَصَرَ (5)قِیَامُ اللَّیْلِ مَصَحَّةٌ لِلْبَدَنِ وَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعَرُّضٌ لِلرَّحْمَةِ وَ تَمَسُّكٌ بِأَخْلَاقِ النَّبِیِّینَ أَكْلُ التُّفَّاحِ نَضُوحٌ لِلْمَعِدَةِ مَضْغُ اللُّبَانِ یَشُدُّ الْأَضْرَاسَ وَ یَنْفِی الْبَلْغَمَ وَ یَذْهَبُ بِرِیحِ الْفَمِ الْجُلُوسُ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ أَسْرَعُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ أَكْلُ السَّفَرْجَلِ قُوَّةٌ لِلْقَلْبِ الضَّعِیفِ وَ یُطَیِّبُ الْمَعِدَةَ وَ یُذَكِّی الْفُؤَادَ وَ یُشَجِّعُ الْجَبَانَ وَ یُحَسِّنُ الْوَلَدَ إِحْدَی وَ عِشْرُونَ زَبِیبَةً حَمْرَاءَ فِی كُلِّ یَوْمٍ عَلَی الرِّیقِ تَدْفَعُ جَمِیعَ الْأَمْرَاضِ إِلَّا مَرَضَ الْمَوْتِ یُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ یَأْتِیَ أَهْلَهُ أَوَّلَ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أُحِلَّ لَكُمْ لَیْلَةَ الصِّیامِ الرَّفَثُ إِلی نِسائِكُمْ وَ الرَّفَثُ الْمُجَامَعَةُ لَا تَخَتَّمُوا بِغَیْرِ الْفِضَّةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا طَهُرَتْ یَدٌ فِیهَا خَاتَمُ حَدِیدٍ
ص: 90
وَ مَنْ نَقَشَ عَلَی خَاتَمِهِ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلْیُحَوِّلْهُ عَنِ الْیَدِ الَّتِی یَسْتَنْجِی بِهَا فِی الْمُتَوَضَّإِ (1)إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ فِی الْمِرْآةِ فَلْیَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَنِی فَأَحْسَنَ خَلْقِی وَ صَوَّرَنِی فَأَحْسَنَ صُورَتِی وَ زَانَ مِنِّی مَا شَانَ مِنْ غَیْرِی وَ أَكْرَمَنِی بِالْإِسْلَامِ لِیَتَزَیَّنَ أَحَدُكُمْ لِأَخِیهِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَتَاهُ كَمَا یَتَزَیَّنُ لِلْغَرِیبِ الَّذِی یُحِبُّ أَنْ یَرَاهُ فِی أَحْسَنِ الْهَیْئَةِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَرْبِعَاءَ بَیْنَ خَمِیسَیْنِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ یَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَ بَلَابِلِ الْقَلْبِ وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ یَقْطَعُ الْبَوَاسِیرَ غَسْلُ الثِّیَابِ یَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَ الْحُزْنِ وَ هُوَ طَهُورٌ لِلصَّلَاةِ لَا تَنْتِفُوا الشَّیْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ وَ مَنْ شَابَ شَیْبَتَهُ فِی الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ نُوراً یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَا یَنَامُ الْمُسْلِمُ وَ هُوَ جُنُبٌ وَ لَا یَنَامُ إِلَّا عَلَی طَهُورٍ فَإِنْ لَمْ یَجِدِ الْمَاءَ فَلْیَتَیَمَّمْ بِالصَّعِیدِ فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تُرْفَعُ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَیَقْبَلُهَا وَ یُبَارِكُ عَلَیْهَا فَإِنْ كَانَ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ جَعَلَهَا فِی كُنُوزِ رَحْمَتِهِ (2)وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ بَعَثَ بِهَا مَعَ أُمَنَائِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَیَرُدُّونَهَا فِی جَسَدِهَا لَا یَتْفُلُ الْمُؤْمِنُ فِی الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِیاً فَلْیَسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ لَا یَنْفُخُ الرَّجُلُ فِی مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَ لَا یَنْفُخُ فِی طَعَامِهِ وَ لَا فِی شَرَابِهِ وَ لَا فِی تَعْوِیذِهِ لَا یَنَامُ الرَّجُلُ عَلَی الْمَحَجَّةِ (3)وَ لَا یَبُولَنَّ مِنْ سَطْحٍ فِی الْهَوَاءِ وَ لَا یَبُولَنَّ فِی مَاءٍ جَارٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ شَیْ ءٌ فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ فَإِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ لِلْهَوَاءِ أَهْلًا لَا یَنَامُ الرَّجُلُ عَلَی وَجْهِهِ وَ مَنْ رَأَیْتُمُوهُ نَائِماً عَلَی وَجْهِهِ فَأَنْبِهُوهُ وَ لَا تَدَعُوهُ وَ لَا یَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ فِی الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَ لَا نَاعِساً وَ لَا یُفَكِّرَنَّ فِی نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا أَقْبَلَ عَلَیْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ كُلُوا مَا یَسْقُطُ مِنَ الْخِوَانِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَنْ
ص: 91
أَرَادَ أَنْ یَسْتَشْفِیَ بِهِ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَمَصَّ أَصَابِعَهُ الَّتِی أَكَلَ بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَارَكَ اللَّهُ فِیكَ الْبَسُوا ثِیَابَ الْقُطْنِ فَإِنَّهَا لِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ لِبَاسُنَا وَ لَمْ یَكُنْ یَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ الصُّوفَ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ (1)وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمِیلٌ یُحِبُّ الْجَمَالَ وَ یُحِبُّ أَنْ یُرَی أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَی عَبْدِهِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلَامِ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَیْكُمْ رَقِیباً لَا تَقْطَعُوا نَهَارَكُمْ بِكَذَا وَ كَذَا (2)وَ فَعَلْنَا كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكُمْ حَفَظَةً یَحْفَظُونَ عَلَیْنَا وَ عَلَیْكُمْ اذْكُرُوا اللَّهَ فِی كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ مَعَكُمْ صَلُّوا عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْبَلُ دُعَاءَكُمْ عِنْدَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَ دُعَائِكُمْ لَهُ وَ حِفْظِكُمْ إِیَّاهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَقِرُّوا الْحَارَّ حَتَّی یَبْرُدَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُرِّبَ إِلَیْهِ طَعَامٌ حَارٌّ فَقَالَ أَقِرُّوهُ حَتَّی یَبْرُدَ وَ یُمْكِنَ أَكْلُهُ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِیُطْعِمَنَا النَّارَ وَ الْبَرَكَةُ فِی الْبَارِدِ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا یُطَمِّحَنَّ بِبَوْلِهِ فِی الْهَوَاءِ وَ لَا یَسْتَقْبِلْ بِبَوْلِهِ الرِّیحَ عَلِّمُوا صِبْیَانَكُمْ مَا یَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ لَا یَغْلِبُ عَلَیْهِمُ الْمُرْجِئَةُ بِرَأْیِهَا كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً تَغْنَمُوا أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ لَوْ إِلَی قَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا دَخَلْتُمُ الْأَسْوَاقَ وَ عِنْدَ اشْتِغَالِ النَّاسِ (3)فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَ زِیَادَةٌ فِی الْحَسَنَاتِ وَ لَا تُكْتَبُوا فِی الْغَافِلِینَ لَیْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ یَخْرُجَ فِی سَفَرٍ إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُ لَیْسَ فِی شُرْبِ الْمُسْكِرِ (4) وَ الْمَسْحِ عَلَی الْخُفَّیْنِ تَقِیَّةٌ إِیَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ فِینَا قُولُوا إِنَّا عَبِیدٌ مَرْبُوبُونَ وَ قُولُوا فِی فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ مَنْ أَحَبَّنَا فَلْیَعْمَلْ بِعَمَلِنَا وَ لْیَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا یُسْتَعَانُ بِهِ فِی أَمْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ لَا تُجَالِسُوا لَنَا عَائِباً
ص: 92
وَ لَا تَمْتَدِحُوا بِنَا عِنْدَ عَدُوِّنَا مُعْلِنِینَ بِإِظْهَارِ حُبِّنَا فَتَذِلُّوا أَنْفُسَكُمْ (1)عِنْدَ سُلْطَانِكُمْ الْزَمُوا الصِّدْقَ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ وَ ارْغَبُوا فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اطْلُبُوا طَاعَتَهُ وَ اصْبِرُوا عَلَیْهَا فَمَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ هُوَ مَهْتُوكُ السِّرِّ لَا تُعَنُّونَا (2)فِی الطَّلَبِ وَ الشَّفَاعَةِ لَكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِیمَا قَدَّمْتُمْ لَا تَفْضَحُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ عَدُوِّكُمْ فِی الْقِیَامَةِ وَ لَا تُكَذِّبُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَهُمْ فِی مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِالْحَقِیرِ مِنَ الدُّنْیَا تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی مَا یُحِبُّ إِلَّا أَنْ یَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی لَهُ وَ تَأْتِیهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَیْنُهُ وَ یُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ لَا تُحَقِّرُوا إِخْوَانَكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ احْتَقَرَ مُؤْمِناً لَمْ یَجْمَعِ (3)اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَیْنَهُمَا فِی الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ یَتُوبَ لَا یُكَلِّفُ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ الطَّلَبَ إِلَیْهِ إِذَا عَلِمَ حَاجَتَهُ تَوَازَرُوا وَ تَعَاطَفُوا وَ تَبَاذَلُوا وَ لَا تَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِی یَصِفُ مَا لَا یَفْعَلُ تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَثِیراً مَا كَانَ یَقُولُ مَنْ كَانَ یُحِبُّ أَنْ یَتَّبِعَ سُنَّتِی فَلْیَتَزَوَّجْ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِیَ التَّزْوِیجَ وَ اطْلُبُوا الْوَلَدَ فَإِنِّی أُكَاثِرُ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً وَ تَوَقَّوْا عَلَی أَوْلَادِكُمْ لَبَنَ الْبَغِیِّ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْمَجْنُونَةِ فَإِنَّ اللَّبَنَ یُعْدِی تَنَزَّهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّیْرِ الَّذِی لَیْسَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ لَا صِیصِیَةٌ وَ لَا حَوْصَلَةٌ (4)وَ اتَّقُوا كُلَّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ لَا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ بَیْتُ الدَّمِ الْفَاسِدِ لَا تَلْبَسُوا السَّوَادَ فَإِنَّهُ لِبَاسُ فِرْعَوْنَ اتَّقُوا الْغُدَدَ مِنَ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ یُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ لَا تَقِیسُوا الدِّینَ فَإِنَّ مِنَ الدِّینِ مَا لَا یَنْقَاسُ (5)وَ سَیَأْتِی أَقْوَامٌ یَقِیسُونَ وَ هُمْ
ص: 93
أَعْدَاءُ الدِّینِ وَ أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِیسُ لَا تَتَّخِذُوا الْمُلَسَّنَ (1)فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَذَا الْمُلَسَّنَ (2)خَالِفُوا أَصْحَابَ الْمُسْكِرِ وَ كُلُوا التَّمْرَ فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنَ الْأَدْوَاءِ اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَی نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَابَ فَقْرٍ أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ تَجْلِبُوا الرِّزْقَ وَ قَدِّمُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ عَمَلِ الْخَیْرِ تَجِدُوهُ غَداً إِیَّاكُمْ وَ الْجِدَالَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الشَّكَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَاجَةٌ فَیَطْلُبُهَا فِی ثَلَاثِ سَاعَاتٍ سَاعَةٍ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ سَاعَةٍ تَزُولُ الشَّمْسُ حِینَ تَهُبُّ الرِّیَاحُ وَ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَ یَصُوتُ الطَّیْرُ وَ سَاعَةٍ فِی آخِرِ اللَّیْلِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّ مَلَكَیْنِ یُنَادِیَانِ هَلْ مِنْ تَائِبٍ یُتَابُ عَلَیْهِ هَلْ مِنْ سَائِلٍ یُعْطَی هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَیُغْفَرَ لَهُ هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ فَتُقْضَی لَهُ فَ أَجِیبُوا داعِیَ اللَّهِ وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِیمَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقْسِمُ اللَّهُ فِیهَا الرِّزْقَ بَیْنَ عِبَادِهِ انْتَظِرُوا الْفَرَجَ وَ لا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ انْتِظَارُ الْفَرَجِ وَ مَا دَامَ عَلَیْهِ (3)الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ إِذَا صَلَّیْتُمُوهَا فَفِیهَا تُعْطَوُا الرَّغَائِبَ لَا تَخْرُجُوا بِالسُّیُوفِ إِلَی الْحَرَمِ وَ لَا یُصَلِّیَنَّ أَحَدُكُمْ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ سَیْفٌ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ أَمْنٌ أَتِمُّوا (4)بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ فَإِنَّ تَرْكَهُ جَفَاءٌ وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَ بِالْقُبُورِ الَّتِی أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَقَّهَا وَ زِیَارَتَهَا وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا
ص: 94
وَ لَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِیلَ الْآثَامِ فَإِنَّ الصَّغِیرَ یُحْصَی وَ یَرْجِعُ إِلَی الْكَبِیرِ وَ أَطِیلُوا السُّجُودَ فَمَا مِنْ عَمَلٍ أَشَدَّ عَلَی إِبْلِیسَ مِنْ أَنْ یَرَی ابْنَ آدَمَ سَاجِداً لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَعَصَی وَ هَذَا أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَأَطَاعَ فَنَجَا أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ یَوْمَ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَ قِیَامَكُمْ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُهَوَّنُ عَلَیْكُمُ الْمَصَائِبُ إِذَا اشْتَكَی أَحَدُكُمْ عَیْنَیْهِ فَلْیَقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ لْیُضْمِرْ فِی نَفْسِهِ أَنَّهَا تَبْرَأُ فَإِنَّهَا تُعَافَی إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِیَّةٍ وَ لَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّی الْخَدْشِ وَ الْكَبْوَةِ (1)وَ الْمُصِیبَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الطَّعَامِ وَ لَا تَطْغَوْا فِیهِ (2)فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَ رِزْقٌ مِنْ رِزْقِهِ یَجِبُ عَلَیْكُمْ فِیهِ شُكْرُهُ وَ حَمْدُهُ أَحْسِنُوا صُحْبَةَ النِّعَمِ قَبْلَ فِرَاقِهَا فَإِنَّهَا تَزُولُ وَ تَشْهَدُ عَلَی صَاحِبِهَا بِمَا عَمِلَ فِیهَا مَنْ رَضِیَ عَنِ اللَّهِ (3)عَزَّ وَ جَلَّ بِالْیَسِیرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (4)بِالْقَلِیلِ مِنَ الْعَمَلِ إِیَّاكُمْ وَ التَّفْرِیطَ فَتَقَعُ الْحَسْرَةُ حِینَ لَا تَنْفَعُ الْحَسْرَةُ (5)إِذَا لَقِیتُمْ عَدُوَّكُمْ فِی الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ تَسْتَوْجِبُوا غَضَبَهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فِی الْحَرْبِ الرَّجُلَ الْمَجْرُوحَ أَوْ مَنْ قَدْ نُكِلَ أَوْ مَنْ قَدْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِیهِ فَأَقْنُوهُ (6)بِأَنْفُسِكُمْ اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَی اصْطِنَاعِهِ فَإِنَّهُ یَقِی مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ یَعْلَمَ كَیْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْیَنْظُرْ كَیْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ كَذَلِكَ مَنْزِلَتُهُ
ص: 95
عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَفْضَلُ مَا یَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ فِی مَنْزِلِهِ لِعِیَالِهِ الشَّاةُ فَمَنْ كَانَتْ فِی مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّةً وَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَاتَانِ قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ مَرَّتَیْنِ فِی كُلِّ یَوْمٍ كَذَلِكَ فِی الثَّلَاثِ تَقُولُ بُورِكَ فِیكُمْ إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُ فَیَأْكُلُ اللَّحْمَ وَ اللَّبَنَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الْقُوَّةَ فِیهِمَا إِذَا أَرَدْتُمُ الْحَجَّ فَتَقَدَّمُوا فِی شِرَی الْحَوَائِجِ بِبَعْضِ مَا یُقَوِّیكُمْ عَلَی السَّفَرِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِی الشَّمْسِ فَلْیَسْتَدْبِرْهَا بِظَهْرِهِ فَإِنَّهُ تُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِینَ إِذَا خَرَجْتُمْ حُجَّاجاً إِلَی بَیْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی مِائَةً وَ عِشْرِینَ رَحْمَةً عِنْدَ بَیْتِهِ الْحَرَامِ مِنْهَا سِتُّونَ لِلطَّائِفِینَ وَ أَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّینَ وَ عِشْرُونَ لِلنَّاظِرِینَ أَقِرُّوا عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ بِمَا حَفِظْتُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ مَا لَمْ تَحْفَظُوا فَقُولُوا وَ مَا حَفِظَتْهُ عَلَیْنَا حَفَظَتُكَ وَ نَسِینَاهُ فَاغْفِرْ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبِهِ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ عَدَّهُ وَ ذَكَرَهُ وَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَغْفِرَهُ لَهُ تَقَدَّمُوا بِالدُّعَاءِ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ تُفَتَّحُ (1)لَكُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِی خَمْسِ مَوَاقِیتَ عِنْدَ نُزُولِ الْغَیْثِ وَ عِنْدَ الزَّحْفِ (2)وَ عِنْدَ الْأَذَانِ وَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْ غَسَّلَ مِنْكُمْ مَیِّتاً فَلْیَغْتَسِلْ بَعْدَ مَا یُلْبِسُهُ أَكْفَانَهُ (3)لَا تُجَمِّرُوا الْأَكْفَانَ (4)وَ لَا تَمْسَحُوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّیبِ إِلَّا الْكَافُورَ فَإِنَّ الْمَیِّتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمِ مُرُوا أَهَالِیَكُمْ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ عِنْدَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ
ص: 96
أَبُوهَا صلی اللّٰه علیه و آله سَاعَدَتْهَا جَمِیعُ بَنَاتِ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَتْ دَعُوا التَّعْدَادَ وَ عَلَیْكُمْ بِالدُّعَاءِ (1)زُورُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ یَفْرَحُونَ بِزِیَارَتِكُمْ وَ لْیَطْلُبِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ عِنْدَ قَبْرِ أَبِیهِ وَ أُمِّهِ بَعْدَ مَا یَدْعُو لَهُمَا الْمُسْلِمُ مِرْآةُ أَخِیهِ فَإِذَا رَأَیْتُمْ مِنْ أَخِیكُمْ هَفْوَةً فَلَا تَكُونُوا عَلَیْهِ وَ كُونُوا لَهُ كَنَفْسِهِ وَ أَرْشِدُوهُ (2)وَ انْصَحُوهُ وَ تَرَفَّقُوا لَهُ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْخِلَافَ فَتُمَزَّقُوا وَ عَلَیْكُمْ بِالْقَصْدِ (3)تُزْلَفُوا وَ تُؤْجَرُوا مَنْ سَافَرَ مِنْكُمْ بِدَابَّةٍ فَلْیَبْدَأْ حِینَ یَنْزِلُ بِعَلْفِهَا وَ سَقْیِهَا لَا تَضْرِبُوا الدَّوَابَّ عَلَی وُجُوهِهَا (4)فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ رَبَّهَا وَ مَنْ ضَلَّ مِنْكُمْ فِی سَفَرٍ أَوْ خَافَ عَلَی نَفْسِهِ فَلْیُنَادِ یَا صَالِحُ أَغِثْنِی فَإِنَّ فِی إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ جِنِّیّاً یُسَمَّی صَالِحاً یَسِیحُ فِی الْبِلَادِ لِمَكَانِكُمْ مُحْتَسِباً نَفْسَهُ لَكُمْ فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ أَجَابَ وَ أَرْشَدَ الضَّالَّ مِنْكُمْ وَ حَبَسَ عَلَیْهِ دَابَّتَهُ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْأَسَدَ عَلَی نَفْسِهِ أَوْ غَنَمِهِ فَلْیَخُطَّ عَلَیْهَا خِطَّةً وَ لْیَقُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ دَانِیَالَ وَ الْجُبِّ وَ رَبَّ كُلِّ أَسَدٍ مُسْتَأْسِدٍ احْفَظْنِی وَ احْفَظْ غَنَمِی وَ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْعَقْرَبَ فَلْیَقْرَأْ هَذِهِ الْآیَاتِ سَلامٌ عَلی نُوحٍ فِی الْعالَمِینَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِینَ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْغَرَقَ فَلْیَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّی لَغَفُورٌ رَحِیمٌ بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ عُقُّوا عَنْ أَوْلَادِكُمْ یَوْمَ السَّابِعِ وَ تَصَدَّقُوا إِذَا حَلَقْتُمُوهُمْ بِزِنَةِ شُعُورِهِمْ فِضَّةً عَلَی مُسْلِمٍ (5)وَ كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ سَائِرِ وُلْدِهِ
ص: 97
إِذَا نَاوَلْتُمُ السَّائِلَ الشَّیْ ءَ فَاسْأَلُوهُ أَنْ یَدْعُوَ لَكُمْ فَإِنَّهُ یُجَابُ فِیكُمْ وَ لَا یُجَابُ فِی نَفْسِهِ لِأَنَّهُمْ یَكْذِبُونَ وَ لْیَرُدَّ الَّذِی یُنَاوِلُهُ یَدَهُ إِلَی فِیهِ فَیُقَبِّلَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِی یَدِ السَّائِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ یَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَأْخُذُ الصَّدَقاتِ تَصَدَّقُوا بِاللَّیْلِ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ بِاللَّیْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ احْسُبُوا كَلَامَكُمْ (1)مِنْ أَعْمَالِكُمْ یَقِلَّ كَلَامُكُمْ إِلَّا فِی خَیْرٍ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ الْمُنْفِقَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَمَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ (2)مَنْ كَانَ عَلَی یَقِینٍ فَشَكَّ فَلْیَمْضِ عَلَی یَقِینِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا یَنْقُضُ الْیَقِینَ (3)لَا تَشْهَدُوا قَوْلَ الزُّورِ وَ لَا تَجْلِسُوا عَلَی مَائِدَةٍ یُشْرَبُ عَلَیْهَا الْخَمْرُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا یَدْرِی مَتَی یُؤْخَذُ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَی الطَّعَامِ فَلْیَجْلِسْ جِلْسَةَ الْعَبْدِ (4)وَ لَا یَضَعَنَّ أَحَدُكُمْ إِحْدَی رِجْلَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی وَ یُرَبِّعُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ یُبْغِضُهَا اللَّهُ وَ یَمْقُتُ صَاحِبَهَا عَشَاءُ الْأَنْبِیَاءِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ لَا تَدَعُوا الْعَشَاءَ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ خَرَابُ الْبَدَنِ الْحُمَّی قَائِدُ الْمَوْتِ وَ سِجْنُ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ یَحْبَسُ فِیهِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ هِیَ تَحُتُّ الذُّنُوبَ كَمَا یَتَحَاتُّ الْوَبَرُ مِنْ سَنَامِ الْبَعِیرِ لَیْسَ مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ هُوَ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ إِلَّا الْجِرَاحَةُ وَ الْحُمَّی فَإِنَّهُمَا یَرِدَانِ عَلَی الْجَسَدِ وُرُوداً اكْسِرُوا حَرَّ الْحُمَّی بِالْبَنَفْسَجِ وَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّ حَرَّهَا مِنْ فَیْحِ جَهَنَّمَ (5)لَا یَتَدَاوَی الْمُسْلِمُ حَتَّی یَغْلِبَ مَرَضُهُ صِحَّتَهُ الدُّعَاءُ یَرُدُّ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ فَاتَّخِذُوهُ عُدَّةً الْوُضُوءُ بَعْدَ الطَّهُورِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَتَطَهَّرُوا
ص: 98
إِیَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ یُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَنَظَّفُوا بِالْمَاءِ مِنَ الْمُنْتِنِ الرِّیحِ الَّذِی یُتَأَذَّی بِهِ تَعَهَّدُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْقَاذُورَةَ الَّذِی یَتَأَنَّفُ بِهِ (1)مَنْ جَلَسَ إِلَیْهِ لَا یَعْبَثِ الرَّجُلُ فِی صَلَاتِهِ بِلِحْیَتِهِ وَ لَا بِمَا یَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ بَادِرُوا بِعَمَلِ الْخَیْرِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا عَنْهُ بِغَیْرِهِ الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِی تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ لِیَكُنْ جُلُّ كَلَامِكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ فَیَحْبِسُ عَنْهُ الرِّزْقُ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِیٍّ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِیفٍ جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ التَّقْدِیرُ نِصْفُ الْعَیْشِ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ مَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ لَا تَصْلُحُ الصَّنِیعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِی حَسَبٍ أَوْ دِینٍ لِكُلِّ شَیْ ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِیلُهُ مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ مَنْ ضَرَبَ یَدَیْهِ عَلَی فَخِذَیْهِ عِنْدَ مُصِیبَةٍ حَبِطَ أَجْرُهُ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْمَرْءِ انْتِظَارُ فَرَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَیْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ ادْفَعُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ عَنْكُمْ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الْبَلَاءِ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَلْبَلَاءُ أَسْرَعُ إِلَی الْمُؤْمِنِ مِنِ انْحِدَارِ السَّیْلِ مِنْ أَعْلَی التَّلْعَةِ (2)إِلَی أَسْفَلِهَا وَ مِنْ رَكْضِ الْبَرَاذِینِ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِیَةَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ فَإِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ ذَهَابُ الدِّینِ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ فَاتَّعَظَ رَوِّضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ یَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهَا حَرَامٌ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ طِینَةِ خَبَالٍ (3)وَ إِنْ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ لَا نَذْرَ فِی مَعْصِیَةٍ وَ لَا یَمِینَ فِی قَطِیعَةٍ الدَّاعِی
ص: 99
بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِی بِلَا وَتَرٍ لِتَطَیَّبِ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لِزَوْجِهَا الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِیدٌ الْمَغْبُونُ غَیْرُ مَحْمُودٍ وَ لَا مَأْجُورٍ لَا یَمِینَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ وَ لَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا لَا صَمْتَ یَوْماً إِلَی اللَّیْلِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تَعَرَّضُوا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ فِیهَا غِنًی لَكُمْ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ الْأَمِینَ (1)لَیْسَ عَمَلٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا یَشْغَلَنَّكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا شَیْ ءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَمَّ أَقْوَاماً فَقَالَ الَّذِینَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ یَعْنِی أَنَّهُمْ غَافِلُونَ اسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا اعْلَمُوا أَنَّ صَالِحِی عَدُوِّكُمْ یُرَائِی بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُوَفِّقُهُمْ وَ لَا یَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصاً الْبِرُّ لَا یَبْلَی وَ الذَّنْبُ لَا یُنْسَی وَ اللَّهُ الْجَلِیلُ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ الْمُؤْمِنُ لَا یَغُشُّ أَخَاهُ (2)وَ لَا یَخُونُهُ وَ لَا یَخْذُلُهُ وَ لَا یَتَّهِمُهُ وَ لَا یَقُولُ لَهُ أَنَا مِنْكَ بَرِی ءٌ اطْلُبْ لِأَخِیكَ عُذْراً فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهُ عُذْراً فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْراً (3)مُزَاوَلَةُ قَلْعِ الْجِبَالِ أَیْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ وَ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ لَا تُعَاجِلُوا الْأَمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا وَ لَا یَطُولَنَّ عَلَیْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ (4)ارْحَمُوا ضُعَفَاءَكُمْ وَ اطْلُبُوا الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرَّحْمَةِ لَهُمْ إِیَّاكُمْ وَ غَیْبَةَ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا یَغْتَابُ أَخَاهُ وَ قَدْ نَهَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَی وَ لا یَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ یُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ یَأْكُلَ لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً لَا یَجْمَعُ الْمُسْلِمُ یَدَیْهِ فِی صَلَاتِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ یَعْنِی الْمَجُوسَ لِیَجْلِسْ أَحَدُكُمْ عَلَی طَعَامِهِ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ لْیَأْكُلْ عَلَی الْأَرْضِ وَ لَا یَشْرَبْ قَائِماً (5)إِذَا أَصَابَ
ص: 100
أَحَدُكُمُ الدَّابَّةَ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ فَلْیَدْفِنْهَا وَ یَتْفُلُ عَلَیْهَا أَوْ یُصَیِّرُهَا فِی ثَوْبِهِ حَتَّی یَنْصَرِفَ الِالْتِفَاتُ الْفَاحِشُ یَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ یَنْبَغِی لِمَنْ یَفْعَلُ ذَلِكَ أَنْ یَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ بِالْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ التَّكْبِیرِ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِحْدَی عَشْرَةَ مَرَّةً وَ مِثْلَهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ مِثْلَهَا آیَةَ الْكُرْسِیِّ مَنَعَ مَالَهُ مِمَّا یَخَافُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ یُصِبْهُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ ذَنْبٌ وَ إِنْ جَهَدَ إِبْلِیسُ اسْتَعِیذُوا بِاللَّهِ مِنْ ضَلْعِ الدِّینِ (1)وَ غَلَبَةِ الرِّجَالِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا هَلَكَ (2)تَشْمِیرُ الثِّیَابِ طَهُورٌ لَهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ ثِیابَكَ فَطَهِّرْ یَعْنِی فَشَمِّرْ لَعْقُ الْعَسَلِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ وَ هُوَ مَعَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَضْغُ اللُّبَانِ یُذِیبُ الْبَلْغَمَ ابْدَءُوا بِالْمِلْحِ فِی أَوَّلِ طَعَامِكُمْ (3)فَلَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِی الْمِلْحِ لَاخْتَارُوهُ عَلَی التِّرْیَاقِ الْمُجَرَّبِ مَنِ ابْتَدَأَ طَعَامَهُ بِالْمِلْحِ ذَهَبَ عَنْهُ سَبْعُونَ دَاءً وَ مَا لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صُبُّوا عَلَی الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ فِی الصَّیْفِ فَإِنَّهُ یُسَكِّنُ حَرَّهَا صُومُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فِی كُلِّ شَهْرٍ فَهِیَ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ وَ نَحْنُ نَصُومُ خَمِیسَیْنِ بَیْنَهُمَا الْأَرْبِعَاءُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ جَهَنَّمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ حَاجَةً فَلْیُبَكِّرْ فِی طَلَبِهَا یَوْمَ الْخَمِیسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ لْیَقْرَأْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَیْتِهِ الْآیَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ (4)وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ أُمَّ الْكِتَابِ فَإِنَّ فِیهَا قَضَاءَ حَوَائِجِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ عَلَیْكُمْ بِالصَّفِیقِ مِنَ الثِّیَابِ (5)
ص: 101
فَإِنَّهُ مَنْ رَقَّ ثَوْبُهُ رَقَّ دِینُهُ لَا یَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ بَیْنَ یَدَیِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ وَ عَلَیْهِ ثَوْبٌ یَشِفُّ (1)تُوبُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ادْخُلُوا فِی مَحَبَّتِهِ فَ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ وَ الْمُؤْمِنُ تَوَّابٌ (2)إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ لِأَخِیهِ أُفٍّ انْقَطَعَ مَا بَیْنَهُمَا فَإِذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ كَافِرٌ كَفَرَ أَحَدُهُمَا وَ إِذَا اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِسْلَامُ فِی قَلْبِهِ كَمَا یُمَاثُ الْمِلْحُ فِی الْمَاءِ (3)بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذا عاهَدْتُمْ فَمَا زَالَتْ نِعْمَةٌ وَ لَا نَضَارَةُ عَیْشٍ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوا إِنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ وَ الْإِنَابَةِ لَمَا تَنْزِلُ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ النِّقَمُ وَ زَالَتْ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ لَمْ یَهِنُوا وَ لَمْ یُسْرِفُوا لَأَصْلَحَ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ وَ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ صَالِحٍ (4)إِذَا ضَاقَ الْمُسْلِمُ فَلَا یَشْكُوَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْیَشْكُ إِلَی رَبِّهِ الَّذِی بِیَدِهِ مَقَالِیدُ الْأُمُورِ وَ تَدْبِیرُهَا فِی كُلِّ امْرِئٍ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ الطِّیَرَةُ وَ الْكِبْرُ وَ التَّمَنِّی إِذَا تَطَیَّرَ أَحَدُكُمْ فَلْیَمْضِ عَلَی طِیَرَتِهِ وَ لْیَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا خَشِیَ الْكِبْرَ فَلْیَأْكُلْ مَعَ خَادِمِهِ وَ لْیَحْلُبِ الشَّاةَ وَ إِذَا تَمَنَّی فَلْیَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْیَبْتَهِلِ اللَّهَ (5)وَ لَا تُنَازِعْهُ نَفْسُهُ إِلَی الْإِثْمِ خَالِطُوا النَّاسَ بِمَا یَعْرِفُونَ وَ دَعُوهُمْ مِمَّا یُنْكِرُونَ وَ لَا تَحْمِلُوهُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ عَلَیْنَا إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا یَحْتَمِلُهُ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِیٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ إِذَا وَسْوَسَ الشَّیْطَانُ إِلَی أَحَدِكُمْ فَلْیَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ وَ لْیَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مُخْلِصاً لَهُ الدِّینَ إِذَا كَسَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً ثَوْباً جَدِیداً فَلْیَتَوَضَّ وَ لْیُصَلِّ رَكْعَتَیْنِ یَقْرَأُ فِیهِمَا أُمَّ الْكِتَابِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَة
ص: 102
الْقَدْرِ ثُمَّ لْیَحْمَدِ اللَّهَ الَّذِی سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَ زَیَّنَهُ فِی النَّاسِ وَ لْیُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّهُ لَا یَعْصِی اللَّهَ فِیهِ وَ لَهُ بِكُلِّ سِلْكٍ فِیهِ مَلَكٌ یُقَدِّسُ لَهُ وَ یَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ یَتَرَحَّمُ عَلَیْهِ اطْرَحُوا سُوءَ الظَّنِّ بَیْنَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَی عَنْ ذَلِكَ أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعِی عِتْرَتِی عَلَی الْحَوْضِ فَمَنْ أَرَادَنَا فَلْیَأْخُذْ بِقَوْلِنَا وَ لْیَعْمَلْ بِعَمَلِنَا فَإِنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَیْتٍ نَجِیبٍ وَ لَنَا شَفَاعَةً وَ لِأَهْلِ مَوَدَّتِنَا شَفَاعَةً فَتَنَافَسُوا فِی لِقَائِنَا عَلَی الْحَوْضِ فَإِنَّا نَذُودُ عَنْهُ أَعْدَاءَنَا وَ نَسْقِی مِنْهُ أَحِبَّاءَنَا وَ أَوْلِیَاءَنَا وَ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ یَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً حَوْضُنَا مُتْرَعٌ فِیهِ مَثْعَبَانِ (1)یَنْصَبَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ تَسْنِیمٍ وَ الْآخَرُ مِنْ مَعِینٍ عَلَی حَافَتَیْهِ الزَّعْفَرَانُ وَ حَصَاةُ اللُّؤْلُؤِ وَ الْیَاقُوتِ وَ هُوَ الْكَوْثَرُ إِنَّ الْأُمُورَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَتْ إِلَی الْعِبَادِ وَ لَوْ كَانَتْ إِلَی الْعِبَادِ مَا كَانُوا لِیَخْتَارُوا عَلَیْنَا أَحَداً وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَی مَا اخْتَصَّكُمْ بِهِ مِنْ بَادِئِ النِّعَمِ أَعْنِی طِیبَ الْوِلَادَةِ كُلُّ عَیْنٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بَاكِیَةٌ وَ كُلُّ عَیْنٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ سَاهِرَةٌ إِلَّا عَیْنَ مَنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ بَكَی عَلَی مَا یَنْتَهِكُ مِنَ الْحُسَیْنِ وَ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام شِیعَتُنَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلِ لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِی أَجْوَافِهَا لَأَكَلُوهَا لَا تُعَجِّلُوا الرَّجُلَ عِنْدَ طَعَامِهِ حَتَّی یَفْرُغَ وَ لَا عِنْدَ غَائِطِهِ حَتَّی یَأْتِیَ عَلَی حَاجَتِهِ إِذَا انْتَبَهَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْیَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِیمُ الْكَرِیمُ الْحَیُّ الْقَیُّومُ وَ هُوَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ سُبْحَانَ رَبِّ النَّبِیِّینَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِینَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا فِیهِنَّ وَ رَبِّ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ مَا فِیهِنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فَإِذَا جَلَسَ مِنْ نَوْمِهِ فَلْیَقُلْ قَبْلَ أَنْ یَقُومَ حَسْبِیَ اللَّهُ حَسْبِیَ الرَّبُّ مِنَ الْعِبَادِ حَسْبِیَ الَّذِی هُوَ حَسْبِی مُنْذُ كُنْتُ حَسْبِیَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّیْلِ فَلْیَنْظُرْ إِلَی أَكْنَافِ السَّمَاءِ وَ لْیَقْرَأْ إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ الِاطِّلَاعُ فِی بِئْرِ زَمْزَمَ یُذْهِبُ الدَّاءَ
ص: 103
فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا مِمَّا یَلِی الرُّكْنَ الَّذِی فِیهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَإِنَّ تَحْتَ الْحَجَرِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ (1)الْفُرَاتُ وَ النِّیلُ وَ سَیْحَانُ وَ جَیْحَانُ وَ هُمَا نَهْرَانِ لَا یَخْرُجِ الْمُسْلِمُ فِی الْجِهَادِ مَعَ مَنْ لَا یُؤْمِنُ عَلَی الْحُكْمِ وَ لَا یُنْفِذُ فِی الْفَیْ ءِ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ مَاتَ فِی ذَلِكَ كَانَ مُعِیناً لِعَدُوِّنَا فِی حَبْسِ حُقُوقِنَا وَ الْإِشَاطَةِ بِدِمَائِنَا وَ مِیتَتُهُ مِیتَةٌ جَاهِلِیَّةٌ ذِكْرُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ شِفَاءٌ مِنَ الْعِلَلِ (2)وَ الْأَسْقَامِ وَ وَسْوَاسِ الرَّیْبِ وَ جِهَتُنَا رِضَا الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِی حَظِیرَةِ الْقُدْسِ (3)وَ الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ شَهِدَنَا فِی حَرْبِنَا أَوْ سَمِعَ وَاعِیَتَنَا (4)فَلَمْ یَنْصُرْنَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَی مَنْخِرَیْهِ فِی النَّارِ نَحْنُ بَابُ الْغَوْثِ إِذَا بَغَوْا (5)وَ ضَاقَتِ الْمَذَاهِبُ نَحْنُ بَابُ حِطَّةٍ وَ هُوَ بَابُ السَّلَامِ مَنْ دَخَلَهُ نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوَی بِنَا یَفْتَحُ اللَّهُ وَ بِنَا یَخْتِمُ اللَّهُ وَ بِنَا یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ بِنَا یَثْبُتُ وَ بِنَا یَدْفَعُ اللَّهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ (6)وَ بِنَا یُنَزِّلُ الْغَیْثَ فَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ مَا أَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ لَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَ لَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ وَ اصْطَلَحَتِ السِّبَاعُ وَ الْبَهَائِمُ حَتَّی تَمْشِی الْمَرْأَةُ بَیْنَ الْعِرَاقِ إِلَی الشَّامِ لَا تَضَعُ قَدَمَیْهَا إِلَّا عَلَی النَّبَاتِ وَ عَلَی رَأْسِهَا زِینَتُهَا (7)لَا یُهَیِّجُهَا سَبُعٌ وَ لَا تَخَافُهُ وَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ فِی مَقَامِكُمْ بَیْنَ عَدُوِّكُمْ وَ صَبْرِكُمْ عَلَی مَا تَسْمَعُونَ مِنَ الْأَذَی لَقَرَّتْ أَعْیُنُكُمْ وَ لَوْ فَقَدْتُمُونِی لَرَأَیْتُمْ مِنْ بَعْدِی أُمُوراً یَتَمَنَّی أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِمَّا یَرَی
ص: 104
مِنْ أَهْلِ الْجُحُودِ وَ الْعُدْوَانِ مِنَ الْأَثَرَةِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ وَ الْخَوْفِ عَلَی نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَاةِ وَ التَّقِیَّةِ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَلَوِّنَ فَلَا تَزُولُوا عَنِ الْحَقِّ وَ وَلَایَةِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنَا هَلَكَ وَ فَاتَتْهُ الدُّنْیَا وَ خَرَجَ مِنْهَا (1)إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلَهُ فَلْیُسَلِّمْ عَلَی أَهْلِهِ یَقُولُ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْیَقُلْ السَّلَامُ عَلَیْنَا مِنْ رَبِّنَا وَ لْیَقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِینَ یَدْخُلُ مَنْزِلَهُ فَإِنَّهُ یَنْفِی الْفَقْرَ عَلِّمُوا صِبْیَانَكُمُ الصَّلَاةَ وَ خُذُوهُمْ بِهَا إِذَا بَلَغُوا ثَمَانَ سِنِینَ تَنَزَّهُوا عَنْ قُرْبِ الْكِلَابِ فَمَنْ أَصَابَ الْكَلْبَ وَ هُوَ رَطْبٌ (2)فَلْیَغْسِلْهُ وَ إِنْ كَانَ جَافّاً فَلْیَنْضِحْ ثَوْبَهُ بِالْمَاءِ إِذَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِیثِنَا مَا لَا تَعْرِفُونَ فَرُدُّوهُ إِلَیْنَا وَ قِفُوا عِنْدَهُ وَ سَلِّمُوا حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ وَ لَا تَكُونُوا مَذَایِیعَ عَجْلَی إِلَیْنَا یَرْجِعُ الْغَالِی وَ بِنَا یَلْحَقُ الْمُقَصِّرُ الَّذِی یُقَصِّرُ بِحَقِّنَا مَنْ تَمَسَّكَ بِنَا لَحِقَ وَ مَنْ سَلَكَ غَیْرَ طَرِیقِنَا غَرِقَ (3)لِمُحِبِّینَا أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لِمُبْغِضِینَا أَفْوَاجٌ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ طَرِیقُنَا الْقَصْدُ وَ فِی أَمْرِنَا الرُّشْدُ لَا یَكُونُ السَّهْوُ فِی خَمْسٍ فِی الْوَتْرِ وَ الْجُمُعَةِ وَ الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ وَ فِی الصُّبْحِ وَ فِی الْمَغْرِبِ (4)وَ لَا یَقْرَأُ الْعَبْدُ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ عَلَی غَیْرِ طَهُورٍ حَتَّی یَتَطَهَّرَ أُعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ إِذَا كُنْتُمْ فِی الصَّلَاةِ لَا یُصَلِّی الرَّجُلُ فِی قَمِیصٍ مُتَوَشِّحاً بِهِ (5)فَإِنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ قَوْمِ لُوطٍ یُجْزِی لِلرَّجُلِ
ص: 105
الصَّلَاةُ فِی ثَوْبٍ وَاحِدٍ یَعْقِدُ طَرَفَیْهِ عَلَی عُنُقِهِ وَ فِی الْقَمِیصِ الضَّیِّقِ یَزُرُّهُ عَلَیْهِ (1)لَا یَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَی صُورَةٍ وَ لَا عَلَی بِسَاطٍ فِیهِ صُورَةٌ وَ یَجُوزُ لَهُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ أَوْ یَطْرَحَ عَلَیْهِ مَا یُوَارِیهَا لَا یَعْقِدُ الرَّجُلُ الدَّرَاهِمَ الَّتِی فِیهَا صُورَةٌ فِی ثَوْبِهِ وَ هُوَ یُصَلِّی وَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ الدَّرَاهِمُ فِی هِمْیَانٍ أَوْ فِی ثَوْبٍ إِذَا خَافَ وَ یَجْعَلُهَا إِلَی ظَهْرِهِ لَا یَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَی كُدْسِ (2)حِنْطَةٍ وَ لَا شَعِیرٍ وَ لَا عَلَی لَوْنٍ مِمَّا یُؤْكَلُ وَ لَا یَسْجُدُ عَلَی الْخُبْزِ لَا یَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ حَتَّی یُسَمِّیَ یَقُولُ قَبْلَ أَنْ یَمَسَّ الْمَاءَ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی مِنَ التَّوَّابِینَ وَ اجْعَلْنِی مِنَ الْمُتَطَهِّرِینَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَهُورِهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَعِنْدَهَا یَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ مَنْ أَتَی الصَّلَاةَ عَارِفاً بِحَقِّهَا غُفِرَ لَهُ لَا یُصَلِّی الرَّجُلُ نَافِلَةً فِی وَقْتِ فَرِیضَةٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَ لَكِنْ یَقْضِی بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ دائِمُونَ یَعْنِی الَّذِینَ یَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ اللَّیْلِ بِالنَّهَارِ وَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّهَارِ بِاللَّیْلِ لَا تُقْضَی النَّافِلَةُ فِی وَقْتِ فَرِیضَةٍ ابْدَأْ بِالْفَرِیضَةِ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ الصَّلَاةُ فِی الْحَرَمَیْنِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ وَ نَفَقَةُ دِرْهَمٍ فِی الْحَجِّ تَعْدِلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِیَخْشَعِ الرَّجُلُ فِی صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَشَعَ قَلْبُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ فَلَا یَعْبَثْ بِشَیْ ءٍ الْقُنُوتُ فِی صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِیَةِ (3)وَ یُقْرَأُ فِی الْأُولَی الْحَمْدُ وَ الْجُمُعَةُ وَ فِی الثَّانِیَةِ الْحَمْدُ وَ الْمُنَافِقُونَ اجْلِسُوا فِی الرَّكْعَتَیْنِ حَتَّی تَسْكُنَ جَوَارِحُكُمْ (4)ثُمَّ قُومُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِنَا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِی الصَّلَاةِ فَلْیُرْجِعْ یَدَهُ حِذَاءَ صَدْرِهِ (5)وَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ
ص: 106
جَلَّ جَلَالُهُ فَلْیَتَحَرَّی بِصَدْرِهِ (1)وَ لْیُقِمْ صُلْبَهُ وَ لَا یَنْحَنِی إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْیَرْفَعْ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ لْیَنْصَبْ فِی الدُّعَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَإٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَیْسَ اللَّهُ فِی كُلِّ مَكَانٍ قَالَ بَلَی قَالَ فَلِمَ یَرْفَعُ الْعَبْدُ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ قَالَ أَ مَا تَقْرَأُ وَ فِی السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ فَمِنْ أَیْنَ یُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاءُ لَا یَنْفَتِلُ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّی یَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ یَسْتَجِیرَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَ یَسْأَلَهُ أَنْ یُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَی الصَّلَاةِ فَلْیُصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ لَا یَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ وَ یَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ الْقَلْبَ وَجَبَ الْوُضُوءُ إِذَا غَلَبَتْكَ عَیْنُكَ وَ أَنْتَ فِی الصَّلَاةِ فَاقْطَعِ الصَّلَاةَ وَ نَمْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی تَدْعُو لَكَ أَوْ عَلَی نَفْسِكَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ قَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِیَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِی الْجَنَّةِ فِی دَرَجَتِنَا وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ لَمْ یُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ یُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِیَدِهِ فَهُوَ فِی الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَیْنَا بِلِسَانِهِ وَ یَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِی النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ یُعِنْ عَلَیْنَا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِیَدِهِ فَهُوَ فِی النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَیْنَا بِلِسَانِهِ فَهُوَ فِی النَّارِ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَیَنْظُرُونَ إِلَی مَنَازِلِ شِیعَتِنَا كَمَا یَنْظُرُ الْإِنْسَانُ إِلَی الْكَوَاكِبِ فِی السَّمَاءِ إِذَا قَرَأْتُمْ مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ الْأَخِیرَةِ فَقُولُوا سُبْحَانَ اللَّهِ الْأَعْلَی وَ إِذَا قَرَأْتُمْ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ فَصَلُّوا عَلَیْهِ فِی الصَّلَاةِ كُنْتُمْ أَوْ فِی غَیْرِهَا لَیْسَ فِی الْبَدَنِ شَیْ ءٌ أَقَلَّ شُكْراً مِنَ الْعَیْنِ فَلَا تُعْطُوهَا سُؤْلَهَا فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ وَ التِّینِ فَقُولُوا فِی آخِرِهَا وَ نَحْنُ عَلَی ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِینَ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ قَوْلَهُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ حَتَّی تَبْلُغُوا إِلَی قَوْلِهِ
ص: 107
مُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ فِی التَّشَهُّدِ فِی الْأَخِیرَتَیْنِ (1)وَ هُوَ جَالِسٌ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثاً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَیْ ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْیِ إِلَی بَیْتِهِ (2)اطْلُبُوا الْخَیْرَ فِی أَخْفَافِ الْإِبِلِ وَ أَعْنَاقِهَا صَادِرَةً وَ وَارِدَةً إِنَّمَا سُمِّیَ السِّقَایَةُ (3)لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِزَبِیبٍ أُتِیَ مِنَ الطَّائِفِ أَنْ یُنْبَذَ وَ یُطْرَحَ فِی حَوْضِ زَمْزَمَ لِأَنَّ مَاءَهَا مُرٌّ فَأَرَادَ أَنْ یَكْسِرَ مَرَارَتَهُ فَلَا تَشْرَبُوهُ إِذَا عَتُقَ (4)إِذَا تَعَرَّی الرَّجُلُ نَظَرَ إِلَیْهِ الشَّیْطَانُ فَطَمِعَ فِیهِ فَاسْتَتِرُوا لَیْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ یَكْشِفَ ثِیَابَهُ عَنْ فَخِذِهِ وَ یَجْلِسَ بَیْنَ قَوْمٍ (5)مَنْ أَكَلَ شَیْئاً مِنَ الْمُؤْذِیَاتِ بِرِیحِهَا فَلَا یَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ لِیَرْفَعِ الرَّجُلُ السَّاجِدُ مُؤَخَّرَهُ فِی الْفَرِیضَةِ إِذَا سَجَدَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغُسْلَ فَلْیَبْدَأْ بِذِرَاعَیْهِ فَلْیَغْسِلْهُمَا إِذَا صَلَّیْتَ (6)فَأَسْمِعْ نَفْسَكَ الْقِرَاءَةَ وَ التَّكْبِیرَ وَ التَّسْبِیحَ إِذَا انْفَتَلْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْفَتِلْ عَنْ یَمِینِكَ (7)تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّ خَیْرَ مَا تَزَوَّدْتَ مِنْهَا التَّقْوَی فُقِدَتْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أُمَّتَانِ (8)وَاحِدَةٌ فِی الْبَحْرِ وَ أُخْرَی فِی الْبَرِّ فَلَا تَأْكُلُوا إِلَّا مَا عَرَفْتُمْ مَنْ كَتَمَ وَجَعاً أَصَابَهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنَ النَّاسِ وَ شَكَا إِلَی اللَّهِ كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُعَافِیَهُ مِنْهُ أَبْعَدُ مَا كَانَ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا كَانَ هَمُّهُ بَطْنَهُ وَ فَرْجَهُ لَا یَخْرُجُ الرَّجُلُ فِی سَفَرٍ یَخَافُ فِیهِ عَلَی دِینِهِ وَ صَلَاتِهِ أُعْطِیَ السَّمْعَ (9)أَرْبَعَةٌ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْجَنَّةُ
ص: 108
وَ النَّارُ وَ حُورُ الْعِینُ فَإِذَا فَرَغَ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْیُصَلِّ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ یَسْتَجِیرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ یَسْأَلُهُ أَنْ یُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله رُفِعَتْ دَعْوَتُهُ وَ مَنْ سَأَلَ الْجَنَّةَ قَالَتِ الْجَنَّةُ یَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ وَ مَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ قَالَتِ النَّارُ یَا رَبِّ أَجِرْ عَبْدَكَ مِمَّا اسْتَجَارَ وَ مَنْ سَأَلَ الْحُورَ الْعِینَ قُلْنَ الْحُورُ یَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ الْغِنَاءُ نَوْحُ إِبْلِیسَ عَلَی الْجَنَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْیَضَعْ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ خَدِّهِ الْأَیْمَنِ وَ لْیَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِی لِلَّهِ عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ دِینِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَلَایَةِ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ یَشَأْ لَمْ یَكُنْ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنَامِهِ حُفِظَ مِنَ اللِّصِّ وَ الْمُغِیرِ وَ الْهَدْمِ وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِینَ یَأْخُذُ مَضْجَعَهُ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ خَمْسِینَ أَلْفَ مَلَكٍ یَحْرُسُونَهُ لَیْلَتَهُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلَا یَضَعَنَّ جَنْبَهُ عَلَی الْأَرْضِ حَتَّی یَقُولَ أُعِیذُ نَفْسِی وَ دِینِی وَ أَهْلِی وَ مَالِی (1)وَ خَوَاتِیمَ عَمَلِی وَ مَا رَزَقَنِی رَبِّی وَ خَوَّلَنِی بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ عَظَمَةِ اللَّهِ وَ جَبَرُوتِ اللَّهِ وَ سُلْطَانِ اللَّهِ وَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ رَأْفَةِ اللَّهِ وَ غُفْرَانِ اللَّهِ وَ قُوَّةِ اللَّهِ وَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَ جَلَالِ اللَّهِ وَ بِصُنْعِ اللَّهِ وَ أَرْكَانِ اللَّهِ وَ بِجَمْعِ اللَّهِ وَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَی مَا یَشَاءُ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَ الْهَامَّةِ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ مَا یَدِبُّ فِی الْأَرْضِ (2)وَ ما یَخْرُجُ مِنْها وَ ما یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ (3)وَ ما یَعْرُجُ فِیها وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّی آخِذٌ بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُعَوِّذُ بِهَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام وَ بِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ الْخُزَّانُ لِدِینِ اللَّهِ وَ نَحْنُ مَصَابِیحُ الْعِلْمِ إِذَا مَضَی مِنَّا عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ لَا یَضِلُّ مَنِ اتَّبَعَنَا وَ لَا یَهْتَدِی مَنْ أَنْكَرَنَا وَ لَا یَنْجُو مَنْ أَعَانَ عَلَیْنَا عَدُوَّنَا وَ لَا یُعَانُ
ص: 109
مَنْ أَسْلَمَنَا فَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنَّا لِطَمَعِ دُنْیَا وَ حُطَامٍ زَائِلٍ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ تَزُولُونَ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ آثَرَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ وَ اخْتَارَهَا عَلَیْنَا عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ غَداً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِینَ اغْسِلُوا صِبْیَانَكُمْ مِنَ الْغَمَرِ (1)فَإِنَّ الشَّیَاطِینَ تَشَمُّ الْغَمَرَ فَیَفْزَعُ الصَّبِیُّ فِی رُقَادِهِ وَ یَتَأَذَّی بِهِ الْكَاتِبَانِ لَكُمْ أَوَّلُ نَظْرَةٍ إِلَی الْمَرْأَةِ فَلَا تُتْبِعُوهَا بِنَظْرَةٍ أُخْرَی وَ احْذَرُوا الْفِتْنَةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ یَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حِینَ یَلْقَاهُ كَعَابِدِ وَثَنٍ فَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا الْمُدْمِنُ قَالَ الَّذِی إِذَا وَجَدَهَا شَرِبَهَا مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ لَیْلَةً مَنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ قَوْلًا یُرِیدُ بِهِ انْتِقَاصَ مُرُوَّتِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی طِینَةِ خَبَالٍ حَتَّی یَأْتِیَ مِمَّا قَالَ بِمَخْرَجٍ لَا یَنَامُ الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ وَ لَا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِی ثَوْبٍ وَاحِدٍ (2)فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَیْهِ الْأَدَبُ وَ هُوَ التَّعْزِیرُ كُلُوا الدُّبَّاءَ (3)فَإِنَّهُ یَزِیدُ فِی الدِّمَاغِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُعْجِبُهُ الدُّبَّاءُ كُلُوا الْأُتْرُجَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ یَفْعَلُونَ ذَلِكَ الْكُمَّثْرَی یَجْلُو الْقَلْبَ وَ یُسَكِّنُ أَوْجَاعَ الْجَوْفِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَی الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ یَنْظُرُ إِلَیْهِ حَسَداً لِمَا یَرَی مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِی تَغْشَاهُ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا (4)وَ خَیْرُ الْأُمُورِ مَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا مَنْ عَبَدَ الدُّنْیَا وَ آثَرَهَا عَلَی الْآخِرَةِ اسْتَوْخَمَ الْعَاقِبَةَ (5)اتَّخِذُوا الْمَاءَ طِیباً مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا قَسَمَ لَهُ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ خَسِرَ مَنْ ذَهَبَتْ حَیَاتُهُ وَ عُمُرُهُ فِیمَا یُبَاعِدُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ یَعْلَمُ الْمُصَلِّی مَا یَغْشَاهُ مِنْ
ص: 110
جَلَالِ اللَّهِ مَا سَرَّهُ أَنْ یَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ (1)إِیَّاكُمْ وَ تَسْوِیفَ الْعَمَلِ بَادِرُوا بِهِ إِذَا أَمْكَنَكُمْ مَا كَانَ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَسَیَأْتِیكُمْ عَلَی ضَعْفِكُمْ وَ مَا كَانَ عَلَیْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تَدْفَعُوهُ بِحِیلَةٍ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرُوا عَلَی مَا أَصَابَكُمْ سِرَاجُ الْمُؤْمِنِ مَعْرِفَةُ حَقِّنَا أَشَدُّ الْعَمَی مَنْ عَمِیَ عَنْ فَضْلِنَا وَ نَاصَبَنَا الْعَدَاوَةَ بِلَا ذَنْبٍ سَبَقَ إِلَیْهِ مِنَّا إِلَّا أَنَّا دَعَوْنَاهُ إِلَی الْحَقِّ وَ دَعَاهُ مَنْ سِوَانَا إِلَی الْفِتْنَةِ وَ الدُّنْیَا فَأَتَاهُمْ (2)وَ نَصَبَ الْبَرَاءَةَ مِنَّا وَ الْعَدَاوَةَ لَنَا لَنَا رَایَةُ الْحَقِّ مَنِ اسْتَظَلَّ بِهَا كَنَّتْهُ (3)وَ مَنْ سَبَقَ إِلَیْهَا فَازَ وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ وَ مَنْ فَارَقَهَا هَوَی وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا نَجَا أَنَا یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ اللَّهِ لَا یُحِبُّنِی إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُنِی إِلَّا مُنَافِقٌ إِذَا لَقِیتُمْ إِخْوَانَكُمْ فَتَصَافَحُوا وَ أَظْهِرُوا لَهُمُ الْبَشَاشَةَ وَ الْبِشْرَ تَتَفَرَّقُوا وَ مَا عَلَیْكُمْ مِنَ الْأَوْزَارِ قَدْ ذَهَبَتْ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَسَمِّتُوهُ (4)قُولُوا یَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ إِذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّةٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها صَافِحْ عَدُوَّكَ وَ إِنْ كَرِهَ فَإِنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عِبَادَهُ یَقُولُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ مَا تُكَافِی عَدُوَّكَ بِشَیْ ءٍ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ أَنْ تُطِیعَ اللَّهَ فِیهِ وَ حَسْبُكَ أَنْ تَرَی عَدُوَّكَ یَعْمَلُ بِمَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الدُّنْیَا دُوَلٌ فَاطْلُبْ حَظَّكَ مِنْهَا بِأَجْمَلِ الطَّلَبِ حَتَّی تَأْتِیَكَ دَوْلَتُكَ الْمُؤْمِنُ یَقْظَانُ مُتَرَقِّبٌ خَائِفٌ یَنْتَظِرُ إِحْدَی الْحُسْنَیَیْنِ وَ یَخَافُ الْبَلَاءَ حَذَراً
ص: 111
مِنْ ذُنُوبِهِ رَاجِی رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَعْرَی الْمُؤْمِنُ مِنْ خَوْفِهِ وَ رَجَائِهِ یَخَافُ مِمَّا قَدَّمَ وَ لَا یَسْهُو عَنْ طَلَبِ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ وَ لَا یَأْمَنُ مِمَّا خَوَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْتُمْ عُمَّارُ الْأَرْضِ الَّذِینَ اسْتَخْلَفَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا لِیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ فَرَاقِبُوهُ فِیمَا یَرَی مِنْكُمْ عَلَیْكُمْ بِالْمَحَجَّةِ الْعُظْمَی فَاسْلُكُوهَا لَا یَسْتَبْدِلْ بِكُمْ غَیْرَكُمْ مَنْ كَمَلَ عَقْلُهُ حَسُنَ عَمَلُهُ وَ نَظَرُهُ لِدِینِهِ سابِقُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوهَا إِلَّا بِالتَّقْوَی مَنْ صُدِئَ بِالْإِثْمِ أَعْشَی (1)عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ قَیَّضَ اللَّهُ (2)لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ مَا بَالُ مَنْ خَالَفَكُمْ أَشَدُّ بَصِیرَةً فِی ضَلَالَتِهِمْ وَ أَبْذَلُ لِمَا فِی أَیْدِیهِمْ مِنْكُمْ مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّكُمْ رَكَنْتُمْ إِلَی الدُّنْیَا فَرَضِیتُمْ بِالضَّیْمِ وَ شَحَحْتُمْ عَلَی الْحُطَامِ (3)وَ فَرَّطْتُمْ فِیمَا فِیهِ عِزُّكُمْ وَ سَعَادَتُكُمْ وَ قُوَّتُكُمْ عَلَی مَنْ بَغَی عَلَیْكُمْ لَا مِنْ رَبِّكُمْ تَسْتَحْیُونَ فِیمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ لَا لِأَنْفُسِكُمْ تَنْظُرُونَ وَ أَنْتُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ تُضَامُونَ وَ لَا تَنْتَبِهُونَ مِنْ رَقْدَتِكُمْ وَ لَا یَنْقَضِی فُتُورُكُمْ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَی بِلَادِكُمْ وَ (إِلَی) دِینِكُمْ كُلَّ یَوْمٍ یَبْلَی وَ أَنْتُمْ فِی غَفْلَةِ الدُّنْیَا یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَرْكَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِیاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ سَمُّوا أَوْلَادَكُمْ فَإِنْ لَمْ تَدْرُوا أَ ذَكَرٌ هُمْ أَمْ أُنْثَی فَسَمُّوهُمْ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِی تَكُونُ لِلذَّكَرِ وَ الْأُنْثَی فَإِنَّ أَسْقَاطَكُمْ إِذَا لَقُوكُمْ فِی الْقِیَامَةِ وَ لَمْ تُسَمُّوهُمْ یَقُولُ السِّقْطُ لِأَبِیهِ أَ لَا سَمَّیْتَنِی وَ قَدْ سَمَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُحَسِّناً قَبْلَ أَنْ یُولَدَ إِیَّاكُمْ وَ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ قِیَامٍ عَلَی أَرْجُلِكُمْ فَإِنَّهُ یُورِثُ الدَّاءَ الَّذِی لَا دَوَاءَ لَهُ أَوْ یُعَافِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُولُوا سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِی سَفَرٍ فَلْیَقُلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِی السَّفَرِ وَ الْحَامِلُ عَلَی الظَّهْرِ وَ الْخَلِیفَةُ فِی الْأَهْلِ
ص: 112
وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ مَنْزِلًا فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَیْرُ الْمُنْزِلِینَ إِذَا اشْتَرَیْتُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ مِنَ السُّوقِ فَقُولُوا حِینَ تَدْخُلُونَ الْأَسْوَاقَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ وَ یَمِینٍ فَاجِرَةٍ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَیِّمِ (1)الْمُنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنْ زُوَّارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَقٌّ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی أَنْ یُكْرِمَ زَائِرَهُ وَ أَنْ یُعْطِیَهُ مَا سَأَلَ الْحَاجُّ وَ الْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی أَنْ یُكْرِمَ وَفْدَهُ وَ یَحْبُوَهُ بِالْمَغْفِرَةِ (2)مَنْ سَقَی صَبِیّاً مُسْكِراً وَ هُوَ لَا یَعْقِلُ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی طِینَةِ الْخَبَالِ حَتَّی یَأْتِیَ مِمَّا صَنَعَ بِمَخْرَجٍ الصَّدَقَةُ جُنَّةٌ عَظِیمَةٌ مِنَ النَّارِ لِلْمُؤْمِنِ وَ وِقَایَةٌ لِلْكَافِرِ مِنْ أَنْ یَتْلَفَ (3)مَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ یُعَجَّلُ لَهُ الْخَلَفُ وَ دُفِعَ عَنْهُ الْبَلَایَا وَ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ بِاللِّسَانِ كُبَّ أَهْلُ النَّارِ فِی النَّارِ وَ بِاللِّسَانِ أُعْطِیَ أَهْلُ النُّورِ النُّورَ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ اشْغَلُوهَا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَثُ الْأَعْمَالِ مَا وَرَّثَ الضَّلَالَ وَ خَیْرُ مَا اكْتُسِبَ أَعْمَالُ الْبِرِّ إِیَّاكُمْ وَ عَمَلَ الصُّوَرِ فَتُسْأَلُوا عَنْهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِذَا أُخِذَتْ مِنْكَ قَذَاةٌ فَقُلْ أَمَاطَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ وَ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْحَمَّامِ طَابَ حَمَّامُكَ وَ حَمِیمُكَ فَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ حَیَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ فَقُلْ أَنْتَ فَحَیَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ وَ أَحَلَّكَ دَارَ الْمُقَامِ لَا تَبُلْ عَلَی الْمَحَجَّةِ وَ لَا تَتَغَوَّطْ عَلَیْهَا السُّؤَالُ بَعْدَ الْمَدْحِ فَامْدَحُوا اللَّهَ ثُمَّ سَلُوا الْحَوَائِجَ أَثْنُوا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ امْدَحُوهُ قَبْلَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ یَا صَاحِبَ الدُّعَاءِ لَا تَسْأَلْ مَا لَا یَكُونُ وَ لَا یَحِلُّ إِذَا هَنَّأْتُمُ الرَّجُلَ عَنْ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَقُولُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِی هِبَتِهِ وَ بَلَّغَهُ أَشُدَّهُ وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ إِذَا قَدِمَ أَخُوكَ مِنْ مَكَّةَ فَقَبِّلْ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ فَاهُ الَّذِی قَبَّلَ بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ
ص: 113
الَّذِی قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعَیْنَ الَّتِی نَظَرَ بِهَا إِلَی بَیْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَبِّلْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَ وَجْهَهُ وَ إِذَا هَنَّأْتُمُوهُ فَقُولُوا قَبِلَ اللَّهُ نُسُكَكَ وَ رَحِمَ سَعْیَكَ (1)وَ أَخْلَفَ عَلَیْكَ نَفَقَتَكَ وَ لَا جَعَلَهُ آخِرَ عَهْدِكَ بِبَیْتِهِ الْحَرَامِ احْذَرُوا السَّفِلَةَ فَإِنَّ السَّفِلَةَ مَنْ لَا یَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ قَتَلَةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ فِیهِمْ أَعْدَاؤُنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اطَّلَعَ إِلَی الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِیعَةً یَنْصُرُونَنَا وَ یَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ یَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ یَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِینَا أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَیْنَا مَا مِنَ الشِّیعَةِ عَبْدٌ یُقَارِفُ أَمْراً نَهَیْنَا عَنْهُ فَیَمُوتُ حَتَّی یُبْتَلَی بِبَلِیَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ (2)إِمَّا فِی مَالِهِ وَ إِمَّا فِی وُلْدِهِ وَ إِمَّا فِی نَفْسِهِ حَتَّی یَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ وَ إِنَّهُ لَیَبْقَی عَلَیْهِ الشَّیْ ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَیُشَدَّدُ بِهِ عَلَیْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (3)الْمَیِّتُ مِنْ شِیعَتِنَا صِدِّیقٌ شَهِیدٌ صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِینَا وَ أَبْغَضَ فِینَا یُرِیدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ (4)قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً وَ سَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ مَنْ أَذَاعَ سِرَّنَا أَذَاقَهُ اللَّهُ بَأْسَ الْحَدِیدِ اخْتَتِنُوا أَوْلَادَكُمْ یَوْمَ السَّابِعِ لَا یَمْنَعْكُمْ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ فَإِنَّهُ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَضِجُّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنْ بَوْلِ الْأَغْلَفِ السُّكْرُ أَرْبَعُ سُكْرَاتٍ سُكْرُ الشَّرَابِ وَ سُكْرُ الْمَالِ وَ سُكْرُ النَّوْمِ وَ سُكْرُ الْمُلْكِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْیَضَعْ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ خَدِّهِ الْیُمْنَی فَإِنَّهُ لَا یَدْرِی أَ یَنْتَبِهُ مِنْ رَقْدَتِهِ أَمْ لَا
ص: 114
أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَطَّلِیَ فِی كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ یَوْماً مِنَ النُّورَةِ أَقِلُّوا مِنْ أَكْلِ الْحِیتَانِ فَإِنَّهَا تُذِیبُ الْبَدَنَ وَ تُكْثِرُ الْبَلْغَمَ وَ تُغَلِّظُ النَّفَسَ حَسْوُ اللَّبَنِ (1)شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا الْمَوْتَ كُلُوا الرُّمَّانَ بِشَحْمِهِ فَإِنَّهُ دِبَاغٌ لِلْمَعِدَةِ وَ فِی كُلِّ حَبَّةٍ مِنَ الرُّمَّانِ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِی الْمَعِدَةِ حَیَاةٌ لِلْقَلْبِ وَ إِنَارَةٌ لِلنَّفْسِ وَ تُمَرِّضُ وَسْوَاسَ الشَّیْطَانِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ یَكْسِرُ الْمِرَّةَ وَ یُحْیِی الْقَلْبَ وَ كُلُوا الْهِنْدَبَاءَ فَمَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ عَلَیْهِ قَطْرَةٌ مِنْ قَطْرِ الْجَنَّةِ اشْرَبُوا مَاءَ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ یُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَ یَدْفَعُ الْأَسْقَامَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ یُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ یُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ وَ لِیَرْبِطَ عَلی قُلُوبِكُمْ وَ یُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ فِی الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ مِنْهُ شِفَاءٌ إِلَّا السَّامَ لُحُومُ الْبَقَرِ دَاءٌ وَ أَلْبَانُهَا دَوَاءٌ وَ أَسْمَانُهَا شِفَاءٌ مَا تَأْكُلُ الْحَامِلُ مِنْ شَیْ ءٍ وَ لَا تَتَدَاوَی بِهِ أَفْضَلَ مِنَ الرُّطَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَرْیَمَ علیها السلام وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَیْكِ رُطَباً جَنِیًّا فَكُلِی وَ اشْرَبِی وَ قَرِّی عَیْناً حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِالتَّمْرِ فَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ یَأْتِیَ زَوْجَتَهُ فَلَا یُعْجِلْهَا فَإِنَّ لِلنِّسَاءِ حَوَائِجَ (2)إِذَا رَأَی أَحَدُكُمُ امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْیَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مِثْلَ مَا رَأَی وَ لَا یَجْعَلَنَّ لِلشَّیْطَانِ إِلَی قَلْبِهِ سَبِیلًا وَ لْیَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْیُصَلِّ رَكْعَتَیْنِ وَ یَحْمَدُ اللَّهَ كَثِیراً وَ یُصَلِّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ لْیَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ یُبِیحُ لَهُ بِرَأْفَتِهِ مَا یُغْنِیهِ (3)إِذَا أَتَی أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلْیُقِلَّ الْكَلَامَ فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ یُورِثُ الْخَرَسَ لَا یَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَی بَاطِنِ فَرْجِ امْرَأَتِهِ لَعَلَّهُ یَرَی مَا یَكْرَهُ وَ یُورِثُ الْعَمَی إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ مُجَامَعَةَ زَوْجَتِهِ فَلْیَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّی اسْتَحْلَلْتُ فَرْجَهَا بِأَمْرِكَ
ص: 115
وَ قَبِلْتُهَا بِأَمَانَتِكَ فَإِنْ قَضَیْتَ لِی مِنْهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ ذَكَراً سَوِیّاً وَ لَا تَجْعَلْ لِلشَّیْطَانِ فِیهِ نَصِیباً وَ لَا شِرْكاً الْحُقْنَةُ مِنَ الْأَرْبَعِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أَفْضَلَ (1)مَا تَدَاوَیْتُمْ بِهِ الْحُقْنَةُ وَ هِیَ تُعَظِّمُ الْبَطْنَ وَ تُنَقِّی دَاءَ الْجَوْفِ وَ تُقَوِّی الْبَدَنَ اسْتَسْعِطُوا بِالْبَنَفْسَجِ (2)وَ عَلَیْكُمْ بِالْحِجَامَةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ یَأْتِیَ أَهْلَهُ فَلْیَتَوَقَّ أَوَّلَ الْأَهِلَّةِ وَ أَنْصَافَ الشُّهُورِ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ یَطْلُبُ الْوَلَدَ فِی هَذَیْنِ الْوَقْتَیْنِ وَ الشَّیَاطِینُ یَطْلُبُونَ الشِّرْكَ فِیهِمَا فَیَجِیئُونَ وَ یُحْبِلُونَ تَوَقَّوُا الْحِجَامَةَ وَ النُّورَةَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ (3)یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ فِیهِ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ وَ فِی الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا یَحْتَجِمُ فِیهَا أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ (4).
ف، تحف العقول مرسلا مثله بتغییر ما و إنما اعتمدنا علی ما فی الخصال لأنه كان أصح سندا و نسخة
وَ فِیهِ قَالَ علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْیَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَمِطْ عَنِّی الْأَذَی وَ أَعِذْنِی مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ وَ لْیَقُلْ إِذَا جَلَسَ اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنِیهِ طَیِّباً وَ سَوَّغْتَنِیهِ فَاكْفِنِیهِ فَإِذَا نَظَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ إِلَی حَدَثِهِ فَلْیَقُلِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِی الْحَلَالَ وَ جَنِّبْنِی الْحَرَامَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً یَلْوِی عُنُقَهُ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّی یَنْظُرَ إِلَیْهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَسْأَلَ اللَّهَ الْحَلَالَ فَإِنَّ الْمَلَكَ یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ هَذَا مَا حَرَصْتَ عَلَیْهِ انْظُرْ مِنْ أَیْنَ أَخَذْتَهُ وَ إِلَی مَا ذَا صَارَ (5).
أقول: و رأیت رسالة قدیمة قال فیها حدثنا الشیخ الفقیه أبو جعفر محمد بن علی بن الحسین بن موسی بن بابویه القمی رحمه اللّٰه عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه بن أبی خلف قال حدثنا أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی و محمد بن عیسی الیقطینی عن القاسم بن
ص: 116
یحیی و حدث أیضا عن أبیه و محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی عن القاسم بن یحیی بن حسن بن راشد عن جده عن أبی بصیر و محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه و أبی جعفر علیه السلام قال حدثنا أبی عن جدی عن آبائه علیهم السلام و ساق الحدیث نحوه باختلافات یسیرة أشرنا إلی بعضها و جعلنا علیها علامة لیعلم أنها مأخوذة من الكتاب القدیم و لا یشتبه بما فی نسخ الخصال.
ثم اعلم أن أصل هذا الخبر فی غایة الوثاقة و الاعتبار علی طریقة القدماء و إن لم یكن صحیحا بزعم المتأخرین و اعتمد علیه الكلینی رحمه اللّٰه و ذكر أكثر أجزائه متفرّقة فی أبواب الكافی و كذا غیره من أكابر المحدّثین و شرح أجزاء الخبر مذكور فی المواضع المناسبة لها فلا نعیدها هاهنا مخافة التكرار.
«1»- ید، التوحید لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ وَ الْقَطَّانُ وَ السِّنَانِیُّ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی السَّرِیِّ (1)عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ الْكِنَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا جَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْخِلَافَةِ وَ بَایَعَهُ النَّاسُ خَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ مُتَعَمِّماً بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَابِساً بُرْدَةَ رَسُولِ اللَّهِ مُتَنَعِّلًا نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ مُتَقَلِّداً سَیْفَ رَسُولِ اللَّهِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَیْهِ مُتَمَكِّناً ثُمَّ شَبَّكَ بَیْنَ أَصَابِعِهِ فَوَضَعَهَا أَسْفَلَ بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعَاشِرَ النَّاسِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی
ص: 117
هَذَا سَفَطُ الْعِلْمِ هَذَا لُعَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مَا زَقَّنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله زَقّاً زَقّاً سَلُونِی فَإِنَّ عِنْدِی عِلْمَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ ثُنِیَتْ لِی وِسَادَةٌ فَجَلَسْتُ عَلَیْهَا لَأَفْتَیْتُ أَهْلَ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ حَتَّی تَنْطِقَ التَّوْرَاةُ فَتَقُولَ صَدَقَ عَلِیٌّ مَا كَذَبَ لَقَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ أَفْتَیْتُ أَهْلَ الْإِنْجِیلِ بِإِنْجِیلِهِمْ حَتَّی یَنْطِقَ الْإِنْجِیلُ فَیَقُولَ صَدَقَ عَلِیٌّ مَا كَذَبَ لَقَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ أَفْتَیْتُ أَهْلَ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ حَتَّی یَنْطِقَ الْقُرْآنُ فَیَقُولَ صَدَقَ عَلِیٌّ مَا كَذَبَ لَقَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْقُرْآنَ لَیْلًا وَ نَهَاراً فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ یَعْلَمُ مَا نَزَلَ فِیهِ وَ لَوْ لَا آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ وَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ هِیَ هَذِهِ الْآیَةُ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ثُمَّ قَالَ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ سَأَلْتُمُونِی عَنْ أَیَّةِ آیَةٍ فِی لَیْلٍ أُنْزِلَتْ أَوْ فِی نَهَارٍ أُنْزِلَتْ مَكِّیِّهَا وَ مَدَنِیِّهَا سَفَرِیِّهَا وَ حَضَرِیِّهَا نَاسِخِهَا وَ مَنْسُوخِهَا وَ مُحْكَمِهَا وَ مُتَشَابِهِهَا وَ تَأْوِیلِهَا وَ تَنْزِیلِهَا لَأَخْبَرْتُكُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ ذِعْلِبٌ (1)وَ كَانَ ذَرِبَ اللِّسَانِ (2)بَلِیغاً فِی الْخُطَبِ شُجَاعَ الْقَلْبِ فَقَالَ لَقَدِ ارْتَقَی ابْنُ أَبِی طَالِبٍ مِرْقَاةً صَعْبَةً لَأُخَجِّلَنَّهُ الْیَوْمَ لَكُمْ فِی مَسْأَلَتِی إِیَّاهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلْ رَأَیْتَ رَبَّكَ فَقَالَ وَیْلَكَ یَا ذِعْلِبُ لَمْ أَكُنْ بِالَّذِی أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ قَالَ فَكَیْفَ رَأَیْتَهُ صِفْهُ لَنَا قَالَ علیه السلام وَیْلَكَ لَمْ تَرَهُ الْعُیُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ وَ لَكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ وَیْلَكَ یَا ذِعْلِبُ إِنَّ رَبِّی لَا یُوصَفُ بِالْبُعْدِ وَ لَا بِالْحَرَكَةِ وَ لَا بِالسُّكُونِ وَ لَا بِقِیَامٍ قِیَامِ انْتِصَابٍ وَ لَا بِجَیْئَةٍ (3)وَ لَا بِذَهَابٍ لَطِیفُ اللَّطَافَةِ لَا یُوصَفُ بِاللُّطْفِ عَظِیمُ الْعَظَمَةِ لَا یُوصَفُ بِالْعِظَمِ كَبِیرُ الْكِبْرِیَاءِ لَا یُوصَفُ بِالْكِبَرِ جَلِیلُ الْجَلَالَةِ لَا یُوصَفُ بِالغِلَظِ
ص: 118
رَءُوفُ الرَّحْمَةِ لَا یُوصَفُ بِالرِّقَّةِ مُؤْمِنٌ لَا بِعِبَادَةٍ مُدْرِكٌ لَا بِمَجَسَّةٍ (1)قَائِلٌ لَا بِلَفْظٍ هُوَ فِی الْأَشْیَاءِ عَلَی غَیْرِ مُمَازَجَةٍ خَارِجٌ مِنْهَا عَلَی غَیْرِ مُبَایَنَةٍ فَوْقَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَا یُقَالُ شَیْ ءٌ فَوْقَهُ أَمَامَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَا یُقَالُ لَهُ أَمَامٌ دَاخِلٌ فِی الْأَشْیَاءِ لَا كَشَیْ ءٍ فِی شَیْ ءٍ دَاخِلٍ وَ خَارِجٌ مِنْهَا لَا كَشَیْ ءٍ مِنْ شَیْ ءٍ خَارِجٍ فَخَرَّ ذِعْلبٌ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَقَالَ تَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ وَ اللَّهِ لَا عُدْتُ إِلَی مِثْلِهَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَیْفَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمَجُوسِ الْجِزْیَةُ وَ لَمْ یُنْزَلْ عَلَیْهِمْ كِتَابٌ وَ لَمْ یُبْعَثْ إِلَیْهِمْ نَبِیٌّ فَقَالَ بَلَی یَا أَشْعَثُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ كِتَاباً وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً (2)وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ سَكِرَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَدَعَا بِابْنَتِهِ إِلَی فِرَاشِهِ فَارْتَكَبَهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ تَسَامَعَ بِهِ قَوْمُهُ فَاجْتَمَعُوا إِلَی بَابِهِ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ دَنَّسْتَ عَلَیْنَا دِینَنَا فَأَهْلَكْتَهُ فَاخْرُجْ نُطَهِّرْكَ وَ نُقِمْ عَلَیْكَ الْحَدَّ فَقَالَ لَهُمُ اجْتَمِعُوا وَ اسْمَعُوا كَلَامِی فَإِنْ یَكُنْ لِی مَخْرَجٌ مِمَّا ارْتَكَبْتُ وَ إِلَّا فَشَأْنَكُمْ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ لَهُمْ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَخْلُقْ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَیْهِ مِنْ أَبِینَا آدَمَ وَ أُمِّنَا حَوَّاءَ قَالُوا صَدَقْتَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ أَ فَلَیْسَ قَدْ زَوَّجَ بَنِیهِ بَنَاتِهِ وَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِیهِ قَالُوا صَدَقْتَ هَذَا هُوَ الدِّینُ فَتَعَاقَدُوا عَلَی ذَلِكَ فَمَحَا اللَّهُ مَا فِی صُدُورِهِمْ مِنَ الْعِلْمِ وَ رَفَعَ عَنْهُمُ الْكِتَابَ فَهُمُ الْكَفَرَةُ یَدْخُلُونَ النَّارَ بِلَا حِسَابٍ وَ الْمُنَافِقُونَ أَشَدُّ حَالًا مِنْهُمْ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ وَ اللَّهِ لَا عُدْتُ إِلَی مِثْلِهَا أَبَداً ثُمَّ قَالَ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَی الْمَسْجِدِ مُتَوَكِّیاً عَلَی عُكَّازَةٍ (3)فَلَمْ یَزَلْ یَتَخَطَّی النَّاسَ حَتَّی دَنَا مِنْهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ دُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ نَجَّانِیَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ فَقَالَ لَهُ اسْمَعْ یَا هَذَا ثُمَّ افْهَمْ ثُمَّ اسْتَیْقِنْ قَامَتِ الدُّنْیَا بِثَلَاثَةٍ بِعَالِمٍ نَاطِقٍ مُسْتَعْمِلٍ لِعِلْمِهِ وَ بِغَنِیٍّ لَا یَبْخَلُ بِمَالِهِ عَلَی أَهْلِ دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِفَقِیرٍ صَابِرٍ فَإِذَا كَتَمَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ وَ بَخِلَ الْغَنِیُّ وَ لَمْ یَصْبِرِ الْفَقِیرُ فَعِنْدَهَا الْوَیْلُ وَ الثُّبُورُ
ص: 119
وَ عِنْدَهَا یَعْرِفُ الْعَارِفُونَ اللَّهَ (1)أَنَّ الدَّارَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَی بَدْئِهَا أَیْ إِلَی الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِیمَانِ (2)أَیُّهَا السَّائِلُ فَلَا تَغْتَرَّنَّ بِكَثْرَةِ الْمَسَاجِدِ وَ جَمَاعَةِ أَقْوَامٍ أَجْسَادُهُمْ مُجْتَمِعَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ زَاهِدٌ وَ رَاغِبٌ وَ صَابِرٌ فَأَمَّا الزَّاهِدُ فَلَا یَفْرَحُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الدُّنْیَا أَتَاهُ وَ لَا یَحْزَنُ عَلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا فَاتَهُ وَ أَمَّا الصَّابِرُ فَیَتَمَنَّاهَا بِقَلْبِهِ فَإِنْ أَدْرَكَ مِنْهَا شَیْئاً صَرَفَ عَنْهَا نَفْسَهُ لِمَا یَعْلَمُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا وَ أَمَّا الرَّاغِبُ فَلَا یُبَالِی مِنْ حِلٍّ أَصَابَهَا أَمْ مِنْ حَرَامٍ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا عَلَامَةُ الْمُؤْمِنِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ یَنْظُرُ إِلَی مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ حَقٍّ فَیَتَوَلَّاهُ وَ یَنْظُرُ إِلَی مَا خَالَفَهُ فَیَتَبَرَّأُ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ حَبِیباً قَرِیباً (3)قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ غَابَ الرَّجُلُ فَلَمْ نَرَهُ فَطَلَبَهُ النَّاسُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَتَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكُمْ هَذَا أَخِی الْخَضِرُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ علیه السلام سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَلَمْ یَقُمْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ لِلْحَسَنِ علیه السلام یَا حَسَنُ قُمْ فَاصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَتَكَلَّمْ بِكَلَامٍ لَا یُجَهِّلُكَ قُرَیْشٌ مِنْ بَعْدِی فَیَقُولُونَ الْحَسَنُ لَا یُحْسِنُ شَیْئاً قَالَ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَبَتِ كَیْفَ أَصْعَدُ وَ أَتَكَلَّمُ وَ أَنْتَ فِی النَّاسِ تَسْمَعُ وَ تَرَی قَالَ لَهُ بِأَبِی وَ أُمِّی أُوَارِی نَفْسِی عَنْكَ وَ أَسْمَعُ وَ أَرَی وَ لَا تَرَانِی (4)فَصَعِدَ الْحَسَنُ علیه السلام الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ بَلِیغَةٍ شَرِیفَةٍ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ صَلَاةً مُوجَزَةً ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ سَمِعْتُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا وَ هَلْ تُدْخَلُ الْمَدِینَةُ إِلَّا مِنْ بَابِهَا ثُمَّ نَزَلَتْ فَوَثَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَتَحَمَّلَهُ وَ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام یَا بُنَیَّ قُمْ فَاصْعَدْ فَتَكَلَّمْ
ص: 120
بِكَلَامٍ لَا یُجَهِّلُكَ قُرَیْشٌ مِنْ بَعْدِی فَیَقُولُونَ إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام لَا یُبْصِرُ شَیْئاً وَ لْیَكُنْ كَلَامُكَ تَبَعاً لِكَلَامِ أَخِیكَ فَصَعِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ وَ آلِهِ صَلَاةً مُوجَزَةً ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَدِینَةُ هُدًی فَمَنْ دَخَلَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ قَبَّلَهُ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ اشْهَدُوا أَنَّهُمَا فَرْخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَدِیعَتُهُ الَّتِی اسْتَوْدَعَنِیهَا وَ أَنَا أَسْتَوْدِعُكُمُوهَا مَعَاشِرَ النَّاسِ وَ رَسُولُ اللَّهِ سَائِلُكُمْ عَنْهُمَا (1)
ختص، الإختصاص علی بن محمد الشعرانی عن الحسن بن علی بن شعیب عن عیسی بن محمد العلوی عن محمد بن العباس مثله (2):
ج، الإحتجاج مُرْسَلًا إِلَی قَوْلِهِ أَخِی الْخَضِرُ علیه السلام وَ أَسْقَطَ سُؤَالَ ذِعْلِبٍ (3).
بیان: السفط معرب معروف و یقال زق الطائر فرخه یزقه أی أطعمه بفیه و ثنی الوسادة جعل بعضها علی بعض لترتفع فیجلس علیها كما یصنع للأكابر و الملوك و هاهنا كنایة عن التمكن فی الأمر و الاستیلاء علی الحكم و أما إفتاء أهل الكتاب بكتبهم فیحتمل أن یكون المراد به بیان أنه فی كتابهم هكذا لا الحكم بالعمل به أو أرید به الإفتاء فیما وافق شرع الإسلام و إلزام الحجة علیهم فیما ینكرونه من أصول دین الإسلام و فروعه قوله علیه السلام و المنافقون أشد حالا منهم تعریض بالسائل لأنه كان منهم و العكاز عصا ذات زج و البدء الأول.
«2»- ج، الإحتجاج عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: خَطَبَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَإِنَّ بَیْنَ جَوَانِحِی عِلْماً جَمّاً فَقَامَ إِلَیْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا الذَّارِیَاتُ ذَرْواً قَالَ الرِّیَاحُ
ص: 121
قَالَ فَمَا الْحَامِلَاتُ وِقْراً قَالَ السَّحَابُ قَالَ فَمَا الْجَارِیَاتُ یُسْراً قَالَ السُّفُنُ قَالَ فَمَا الْمُقْسِمَاتُ أَمْراً قَالَ الْمَلَائِكَةُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَجَدْتُ كِتَابَ اللَّهِ یَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضاً قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ كِتَابُ اللَّهِ یُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَ لَا یَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضاً فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ وَ قَالَ فِی آیَةٍ أُخْرَی رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ وَ قَالَ فِی آیَةٍ أُخْرَی رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ هَذَا الْمَشْرِقُ وَ هَذَا الْمَغْرِبُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ فَإِنَّ مَشْرِقَ الشِّتَاءِ عَلَی حِدَةٍ وَ مَشْرِقَ الصَّیْفِ عَلَی حِدَةٍ أَ مَا تَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ قُرْبِ الشَّمْسِ وَ بُعْدِهَا وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ فَإِنَّ لَهَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ بُرْجاً تَطْلُعُ كُلَّ یَوْمٍ مِنْ بُرْجٍ وَ تَغِیبُ فِی آخَرَ وَ لَا تَعُودُ إِلَیْهِ إِلَّا مِنْ قَابِلٍ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَمْ بَیْنَ مَوْضِعِ قَدَمِكَ إِلَی عَرْشِ رَبِّكَ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ سَلْ مُتَعَلِّماً وَ لَا تَسْأَلْ مُتَعَنِّتاً مِنْ مَوْضِعِ قَدَمِی إِلَی عَرْشِ رَبِّی أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ مُخْلِصاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا ثَوَابُ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ علیه السلام مَنْ قَالَ مُخْلِصاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ طُمِسَتْ ذُنُوبُهُ كَمَا یُطْمَسُ الْحَرْفُ الْأَسْوَدُ مِنَ الرَّقِّ الْأَبْیَضِ فَإِذَا قَالَ ثَانِیَةً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصاً خَرَقَتْ أَبْوَابَ السَّمَاوَاتِ وَ صُفُوفَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی یَقُولَ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ اخْشَعُوا لِعَظَمَةِ اللَّهِ فَإِذَا قَالَ ثَالِثَةً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصاً لَمْ تُنَهْنَهْ دُونَ الْعَرْشِ فَیَقُولُ الْجَلِیلُ اسْكُنِی فَوَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَغْفِرَنَّ لِقَائِلِكِ بِمَا كَانَ فِیهِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ یَعْنِی إِذَا كَانَ عَمَلُهُ خَالِصاً ارْتَفَعَ قَوْلُهُ وَ كَلَامُهُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْسِ قُزَحَ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ لَا تَقُلْ قَوْسُ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ (1)اسْمُ شَیْطَانٍ وَ لَكِنْ قُلْ قَوْسُ اللَّهِ إِذَا بَدَتْ یَبْدُو الْخِصْبُ وَ الرِّیفُ قَالَ أَخْبِرْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْمَجَرَّةِ الَّتِی تَكُونُ فِی السَّمَاءِ قَالَ هِیَ شَرَجُ
ص: 122
السَّمَاءِ وَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ وَ مِنْهُ أَغْرَقَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنِ الْمَحْوِ الَّذِی یَكُونُ فِی الْقَمَرِ قَالَ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ رَجُلٌ أَعْمَی یَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَمْیَاءَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَنْ أَیِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ تَسْأَلُنِی قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ قَالَ علیه السلام سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ ذَا لَهْجَةٍ (1)أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ قَالَ بَخْ بَخْ سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِیمِ عَلِمَ عِلْمَ الْأَوَّلِ وَ عِلْمَ الْآخِرِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ قَالَ ذَاكَ امْرُؤٌ عَلِمَ أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِینَ إِنْ تَسْأَلُوهُ عَنْ حُدُودِ اللَّهِ تَجِدُوهُ بِهَا عَارِفاً عَالِماً قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ ذَاكَ امْرُؤٌ حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ وَ دَمَهُ عَلَی النَّارِ وَ أَنْ تَمَسَّ شَیْئاً مِنْهُمَا قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ نَفْسِكَ قَالَ كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِیتُ وَ إِذَا سَكَتُّ ابْتُدِیتُ (2)قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا الْآیَةَ قَالَ كَفَرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی وَ قَدْ كَانُوا عَلَی الْحَقِّ فَابْتَدَعُوا فِی أَدْیَانِهِمْ وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی مَنْكِبِ ابْنِ الْكَوَّاءِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ وَ مَا أَهْلُ النَّهْرَوَانِ مِنْهُمْ بِبَعِیدٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أُرِیدُ غَیْرَكَ وَ لَا أَسْأَلُ سِوَاكَ قَالَ فَرَأَیْنَا ابْنَ الْكَوَّاءِ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ فَقِیلَ لَهُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ بِالْأَمْسِ كُنْتَ تَسْأَلُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّا سَأَلْتَهُ وَ أَنْتَ الْیَوْمَ تُقَاتِلُهُ فَرَأَیْنَا رَجُلًا حَمَلَ عَلَیْهِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ (3).
ص: 123
توضیح قوله علیه السلام أن یقول قائل مخلصا لا إله إلا اللّٰه لعل المعنی أن القائل إذا قال ذلك یصل إلی العرش فی أقرب من طرف العین (1)و الحاصل أن السؤال عن قدر المسافة لا ینفعكم بل ینبغی أن تسألوا عما یصل إلی العرش و یقبله اللّٰه تعالی من الأعمال.
و قال الجزری فیه فما نهنهها شی ء دون العرش أی ما منعها و كفها عن الوصول إلیه (2)و الریف بالكسر أرض فیها زرع و خصب و السعة فی المأكل و المشرب.
قوله هی شرج السماء بالجیم قال الفیروزآبادی الشرج محركة العری و منفسح الوادی و مجرة السماء و فرج المرأة و انشقاق فی القوس و الشرج الفرقة و مسیل ماء من الحرة إلی السهل و شد الخریطة انتهی (3).
أقول: لعله شبه بالخریطة التی تجعل فی رأس الكیس یشد بها أو بمسیل الماء لشباهته به ظاهرا أو لكونه منه أغرق اللّٰه قوم نوح علیه السلام و سیأتی شرح أجزاء الخبر فی مواضعها.
«3»- وَ رَوَی هَذَا الْخَبَرَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیُّ فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ بِأَسَانِیدِهِ عَنْ أَبِی عَمْرِو الْكِنْدِیِّ وَ ابْنِ جَرِیحٍ وَ غَیْرِهِمَا وَ زَادَ فِیهِ قَالَ: فَمَا مَعْنَی السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قَالَ ذَاتُ الْخَلْقِ الْحَسَنِ قَالَ فَكَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ مَسِیرَةَ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ تَطْلُعُ مِنْ مَطْلَعِهَا فَتَأْتِی مَغْرِبَهَا مَنْ حَدَّثَكَ غَیْرَ ذَلِكَ كَذَبَكَ فَسَأَلَهُ مِنَ الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً فَقَالَ دَعْهُمْ لِغَیِّهِمْ هُمْ قُرَیْشٌ قَالَ فَمَا ذُو الْقَرْنَیْنِ- قَالَ رَجُلٌ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَی قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَ ضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ فَمَاتَ ثُمَّ أَحْیَاهُ اللَّهُ فَبَعَثَهُ إِلَی قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَ ضَرَبُوهُ عَلَی قَرْنِهِ فَمَاتَ ثُمَّ أَحْیَاهُ اللَّهُ فَهُوَ ذُو الْقَرْنَیْنِ ثُمَّ قَالَ وَ فِیكُمْ مِثْلُهُ وَ قَالَ أَیُّ خَلْقِ اللَّهِ أَشَدُّ قَالَ إِنَّ أَشَدَّ خَلْقِ اللَّهِ عَشَرَةٌ الْجِبَالُ الرَّوَاسِی
ص: 124
وَ الْحَدِیدُ تُنْحَتُ بِهِ الْجِبَالُ وَ النَّارُ تَأْكُلُ الْحَدِیدَ وَ الْمَاءُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ السَّحَابُ الْمُسَخَّرُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ یَحْمِلُ الْمَاءَ وَ الرِّیحُ تُقِلُّ السَّحَابَ وَ الْإِنْسَانُ یَغْلِبُ الرِّیحَ یَتَّقِیهَا بِیَدَیْهِ وَ یَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ وَ السُّكْرُ یَغْلِبُ الْإِنْسَانَ وَ النَّوْمُ یَغْلِبُ السُّكْرَ وَ الْهَمُّ یَغْلِبُ النَّوْمَ فَأَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ الْهَمُّ؟(1)
«4»- ج، الإحتجاج عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: سَلُونِی عَنْ كِتَابِ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ فِی لَیْلٍ وَ لَا نَهَارٍ وَ لَا مَسِیرٍ وَ لَا مُقَامٍ إِلَّا وَ قَدْ أَقْرَأَنِی إِیَّاهَا (2)رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَّمَنِی تَأْوِیلَهَا فَقَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا كَانَ یَنْزِلُ عَلَیْهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ أَنْتَ غَائِبٌ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ یَنْزِلُ عَلَیْهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ أَنَا غَائِبٌ عَنْهُ حَتَّی أَقْدَمَ عَلَیْهِ فَیُقْرِئُنِیهِ وَ یَقُولُ لِی یَا عَلِیُّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیَّ بَعْدَكَ كَذَا وَ كَذَا وَ تَأْوِیلُهُ كَذَا وَ كَذَا فَیُعَلِّمُنِی تَأْوِیلَهُ وَ تَنْزِیلَهُ(3)
«5»- ج، الإحتجاج وَ جَاءَ فِی الْآثَارِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَخْطُبُ فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةً وَ تَهْدِی مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ (4)فَقَالَ أَخْبِرْنِی كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ طَاقَةِ شَعْرٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ أَنَّ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی رَأْسِكَ مَلَكاً یَلْعَنُكَ وَ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی لِحْیَتِكَ شَیْطَاناً یَسْتَفِزُّكَ (5)وَ أَنَّ فِی بَیْتِكَ سَخْلًا (6)یَقْتُلُ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آیَةُ ذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا خَبَّرْتُكَ بِهِ (7)وَ لَوْ لَا أَنَّ الَّذِی سَأَلْتَ یَعْسِرُ بُرْهَانُهُ لَأَخْبَرْتُكَ بِهِ وَ لَكِنْ
ص: 125
آیَةُ ذَلِكَ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ مِنْ لَعْنَتِكَ (1)وَ سَخْلِكَ الْمَلْعُونِ وَ كَانَ ابْنُهُ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ صَبِیّاً صَغِیراً یَحْبُو (2)فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَا كَانَ تَوَلَّی قَتْلَهُ وَ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (3).
«6»- مِنْ إِرْشَادِ الْقُلُوبِ، بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ رُوِیَ أَنَّ قَوْماً حَضَرُوا عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَخْطُبُ بِالْكُوفَةِ وَ یَقُولُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَأَنَا لَا أُسْأَلُ عَنْ شَیْ ءٍ دُونَ الْعَرْشِ إِلَّا أَجَبْتُ فِیهِ لَا یَقُولُهَا بَعْدِی إِلَّا مُدَّعٍ أَوْ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ جَنْبِ مَجْلِسِهِ وَ فِی عُنُقِهِ كِتَابٌ كَالْمُصْحَفِ وَ هُوَ رَجُلٌ آدَمُ ظُرُبٌّ طُوَالٌ جَعْدُ الشَّعْرِ كَأَنَّهُ مِنْ یَهُودِ الْعَرَبِ فَقَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَیُّهَا الْمُدَّعِی لِمَا لَا یَعْلَمُ وَ الْمُتَقَدِّمُ لِمَا لَا یَفْهَمُ أَنَا سَائِلُكَ فَأَجِبْ قَالَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ أَصْحَابُهُ وَ شِیعَتُهُ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ وَ هَمُّوا بِهِ فَنَهَرَهُمْ (4)عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ دَعُوهُ وَ لَا تَعْجَلُوهُ فَإِنَّ الْعَجَلَ وَ الطَّیْشَ (5)لَا یَقُومُ بِهِ حُجَجُ اللَّهِ وَ لَا بِإِعْجَالِ السَّائِلِ تَظْهَرُ بَرَاهِینُ اللَّهِ تَعَالَی ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی السَّائِلِ فَقَالَ سَلْ بِكُلِّ لِسَانِكَ وَ مَبْلَغِ عِلْمِكَ أُجِبْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی بِعِلْمٍ لَا تَخْتَلِجُ فِیهِ الشُّكُوكُ وَ لَا تُهَیِّجُهُ دَنَسُ رَیْبِ الزَّیْغِ (6)وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَسَافَةُ الْهَوَاءِ قَالَ الرَّجُلُ وَ مَا مَسَافَةُ الْهَوَاءِ قَالَ علیه السلام دَوَرَانُ الْفَلَكِ قَالَ الرَّجُلُ وَ مَا دَوَرَانُ الْفَلَكِ قَالَ علیه السلام مَسِیرُ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ قَالَ صَدَقْتَ فَمَتَی الْقِیَامَةُ قَالَ علیه السلام عِنْدَ حُضُورِ الْمَنِیَّةِ وَ بُلُوغِ الْأَجَلِ قَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ فَكَمْ
ص: 126
عُمُرُ الدُّنْیَا قَالَ علیه السلام یُقَالُ سَبْعَةُ آلَافٍ ثُمَّ لَا تَحْدِیدَ (1)قَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ فَأَیْنَ بَكَّةُ مِنْ مَكَّةَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَكَّةُ أَكْنَافُ الْحَرَمِ وَ بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَیْتِ قَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ فَلِمَ سُمِّیَتْ مَكَّةَ قَالَ علیه السلام لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی مَكَّ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا (2)قَالَ فَلِمَ سُمِّیَتْ بَكَّةَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَنَّهَا بَكَّتْ رِقَابَ الْجَبَّارِینَ وَ أَعْنَاقَ الْمُذْنِبِینَ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَأَیْنَ كَانَ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ عَرْشَهُ فَقَالَ علیه السلام سُبْحَانَ مَنْ لَا تُدْرِكُ كُنْهَ صِفَتِهِ حَمَلَةُ الْعَرْشِ عَلَی قُرْبِ رَبَوَاتِهِمْ مِنْ كُرْسِیِّ كَرَامَتِهِ وَ لَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مِنْ أَنْوَارِ سُبُحَاتِ جَلَالِهِ وَیْحَكَ لَا یُقَالُ اللَّهُ أَیْنَ وَ لَا فِیمَ وَ لَا أَیُّ وَ لَا كَیْفَ (3)قَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ فَكَمْ مِقْدَارُ مَا لَبِثَ عَرْشُهُ عَلَی الْمَاءِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَخْلُقَ الْأَرْضَ وَ السَّمَاءَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تُحْسِنُ أَنْ تَحْسُبَ قَالَ الرَّجُلُ نَعَمْ قَالَ لِلرَّجُلِ لَعَلَّكَ لَا تُحْسِنُ أَنْ تَحْسُبَ قَالَ الرَّجُلُ بَلَی إِنِّی أُحْسِنُ أَنْ أَحْسُبَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ رَأَیْتَ إِنْ صُبَّ خَرْدَلٌ فِی الْأَرْضِ حَتَّی یَسُدَّ الْهَوَاءَ وَ مَا بَیْنَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ ثُمَّ أُذِنَ لَكَ عَلَی ضَعْفِكَ أَنْ تَنْقُلَهُ حَبَّةً حَبَّةً مِنْ مِقْدَارِ الْمَشْرِقِ إِلَی الْمَغْرِبِ وَ مُدَّ فِی عُمُرِكَ وَ أُعْطِیتَ الْقُوَّةَ عَلَی ذَلِكَ حَتَّی نَقَلْتَهُ وَ أَحْصَیْتَهُ لَكَانَ ذَلِكَ أَیْسَرَ مِنْ إِحْصَاءِ عَدَدِ أَعْوَامِ مَا لَبِثَ عَرْشُهُ عَلَی الْمَاءِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَخْلُقَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ السَّمَاءَ وَ إِنَّمَا وَصَفْتُ لَكَ عُشْرَ (4)عُشْرِ الْعَشِیرِ مِنْ جُزْءٍ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ جُزْءٍ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَنِ التَّقْلِیلِ وَ التَّحْدِیدِ فَحَرَّكَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ
ص: 127
أَنْتَ أَهْلُ الْعِلْمِ یَا هَادِیَ الْهُدَی*** (1)تَجْلُو مِنَ الشَّكِّ الْغَیَاهِیبَا
حُزْتَ أَقَاصِیَ الْعُلُومِ فَمَا ***(2)تُبْصِرُ أَنْ غُولِبْتَ مَغْلُوباً
لَا تَنْثَنِی عَنْ كُلِّ أُشْكُولَةٍ*** تُبْدِی إِذَا حَلَّتْ أَعَاجِیبَا
لِلَّهِ دَرُّ الْعِلْمِ مِنْ صَاحِبٍ*** یَطْلُبُ إِنْسَاناً وَ مَطْلُوباً (3)
.إیضاح قال الجوهری رجل ظُرُبٌّ مثال عُتُلٌّ القصیر اللحیم.
أقول: المراد هنا اللحیم الغلیظ و قد رویناه بتغییر ما فی كتاب السماء و العالم فی باب العوالم.
«7»- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا النَّاسُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّی بِطُرُقِ الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِی خِطَامِهَا وَ تَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا (4).
بیان: قال ابن عبد البر فی الإستیعاب (5)و غیره أجمع الناس كلهم علی أنه لم یقل أحد من الصحابة و لا أحد من العلماء هذا الكلام.
و قال ابن میثم كنی بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدبر (6)قال الجوهری بلدة شاغرة برجلها إذا لم تمنع من غارة أحد و شغر البلد أی خلا من الناس و قال ابن الأثیر شغر الكلب رفع إحدی رجلیه لیبول و قیل الشغر البعد و قیل الاتساع و منه حدیث علی علیه السلام قبل أن تشغر برجلها فتنة انتهی (7).
ص: 128
و قوله علیه السلام تطأ فی خطامها قال ابن میثم استعارة بوصف الناقة التی أرسلت خطامها و خلت عن القائد فی طریقها فهی تخبط و تعثر و تطأ من لقیت من الناس علی غیر نظام من حالها و تذهب بأحلام قومها قال بعض الشارحین أی یتحیر أهل زمانها فلا یهتدون إلی طریق التخلص عنها و یحتمل أن یرید أنهم یأتون إلیها سراعا رغبة و رهبة من غیر معرفة بكونها فتنة.
«1»- ل، الخصال أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ (2)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الرَّهْبَةِ وَ النَّاسُ عَلَیْهِ مُتَرَاكِمُونَ فَمِنْ بَیْنِ مُسْتَفْتٍ وَ مِنْ بَیْنِ مُسْتَعْدٍ إِذْ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِعَیْنَیْهِ هَاتَیْكَ الْعَظِیمَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ رَعِیَّتِكَ وَ أَهْلِ بِلَادِكَ قَالَ مَا أَنْتَ مِنْ رَعِیَّتِی وَ لَا مِنْ أَهْلِ بِلَادِی وَ لَوْ سَلَّمْتَ عَلَیَّ یَوْماً وَاحِداً مَا خَفِیتَ عَلَیَّ فَقَالَ الْأَمَانَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَلْ أَحْدَثْتَ فِی مِصْرِی هَذَا حَدَثاً مُنْذُ دَخَلْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَلَعَلَّكَ مِنْ رِجَالِ الْحَرْبِ
ص: 129
قَالَ نَعَمْ قَالَ إِذَا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَلَا بَأْسَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ بَعَثَنِی إِلَیْكَ مُعَاوِیَةُ مُتَغَفِّلًا لَكَ أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعَثَ فِیهِ ابْنُ الْأَصْفَرِ وَ قَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ الْخَلِیفَةَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَجِبْنِی عَمَّا أَسْأَلُكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ وَ بَعَثْتُ إِلَیْكَ بِالْجَائِزَةِ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ جَوَابٌ وَ قَدْ أَقْلَقَهُ ذَلِكَ فَبَعَثَنِی إِلَیْكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ مَا أَضَلَّهُ وَ أَعْمَاهُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْتَقَ جَارِیَةً فَمَا أَحْسَنَ أَنْ یَتَزَوَّجَ بِهَا حُكْمُ اللَّهِ بَیْنِی وَ بَیْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَطَعُوا رَحِمِی وَ أَضَاعُوا أَیَّامِی وَ دَفَعُوا حَقِّی وَ صَغَّرُوا عَظِیمَ مَنْزِلَتِی وَ أَجْمَعُوا عَلَی مُنَازَعَتِی عَلَیَّ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدٍ (1)فَأُحْضِرُوا فَقَالَ یَا شَامِیُّ هَذَانِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ وَ هَذَا ابْنِی فَاسْأَلْ أَیَّهُمْ أَحْبَبْتَ فَقَالَ أَسْأَلُ ذَا الْوَفْرَةِ یَعْنِی الْحَسَنَ علیه السلام وَ كَانَ صَبِیّاً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام سَلْنِی عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ الشَّامِیُّ كَمْ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ كَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَا قَوْسُ قُزَحَ وَ مَا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ وَ مَا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ (2)وَ مَا الْمُؤَنَّثُ وَ مَا عَشَرَةُ أَشْیَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَمَا رَأَیْتَهُ بِعَیْنِكَ فَهُوَ الْحَقُّ وَ قَدْ تَسْمَعُ بِأُذُنَیْكَ بَاطِلًا كَثِیراً قَالَ الشَّامِیُّ صَدَقْتَ قَالَ وَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَ مَدُّ الْبَصَرِ فَمَنْ قَالَ لَكَ غَیْرَ هَذَا فَكَذِّبْهُ قَالَ صَدَقْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ وَ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ مَسِیرَةَ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ تَنْظُرُ إِلَیْهَا حِینَ تَطْلُعُ مِنْ مَشْرِقِهَا وَ حِینَ تَغِیبُ فِی مَغْرِبِهَا (3)قَالَ الشَّامِیُّ صَدَقْتَ فَمَا قَوْسُ قُزَحَ قَالَ وَیْحَكَ لَا تَقُلْ قَوْسُ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ اسْمُ شَیْطَانٍ وَ هُوَ قَوْسُ اللَّهِ وَ عَلَامَةُ الْخِصْبِ وَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ وَ أَمَّا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ فَهِیَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهَا بَرَهُوتُ وَ أَمَّا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ فَهِیَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهَا سَلْمَی وَ أَمَّا الْمُؤَنَّثُ فَهُوَ
ص: 130
الَّذِی لَا یُدْرَی أَ ذَكَرٌ هُوَ أَوْ أُنْثَی فَإِنَّهُ یُنْتَظَرُ بِهِ فَإِنْ كَانَ ذَكَراً احْتَلَمَ وَ إِنْ كَانَتْ أُنْثَی حَاضَتْ وَ بَدَا ثَدْیُهَا وَ إِلَّا قِیلَ لَهُ بُلْ عَلَی الْحَائِطِ فَإِنْ أَصَابَ بَوْلُهُ الْحَائِطَ فَهُوَ ذَكَرٌ وَ إِنِ انْتَكَصَ بَوْلُهُ كَمَا یَنْتَكِصُ بَوْلُ الْبَعِیرِ فَهِیَ امْرَأَةٌ وَ أَمَّا عَشَرَةُ أَشْیَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَأَشَدُّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَجَرُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ الْحَدِیدُ یُقْطَعُ بِهِ الْحَجَرُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَدِیدِ النَّارُ تُذِیبُ الْحَدِیدَ وَ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ الْمَاءُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ السَّحَابُ یَحْمِلُ الْمَاءَ وَ أَشَدُّ مِنَ السَّحَابِ الرِّیحُ یَحْمِلُ السَّحَابَ وَ أَشَدُّ مِنَ الرِّیحِ الْمَلَكُ الَّذِی یُرْسِلُهَا وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَلَكِ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی یُمِیتُ الْمَلَكَ وَ أَشَدُّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ الْمَوْتُ الَّذِی یُمِیتُ مَلَكَ الْمَوْتِ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَمْرُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الَّذِی یُمِیتُ الْمَوْتَ فَقَالَ الشَّامِیُّ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً وَ أَنَّ عَلِیّاً أَوْلَی بِالْأَمْرِ مِنْ مُعَاوِیَةَ ثُمَّ كَتَبَ هَذِهِ الْجَوَابَاتِ وَ ذَهَبَ بِهَا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَبَعَثَهَا مُعَاوِیَةُ إِلَی ابْنِ الْأَصْفَرِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ ابْنُ الْأَصْفَرِ یَا مُعَاوِیَةُ لِمَ تُكَلِّمُنِی بِغَیْرِ كَلَامِكَ وَ تُجِیبُنِی بِغَیْرِ جَوَابِكَ أُقْسِمُ بِالْمَسِیحِ مَا هَذَا جَوَابُكَ وَ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ مَعْدِنِ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعِ الرِّسَالَةِ وَ أَمَّا أَنْتَ فَلَوْ سَأَلْتَنِی دِرْهَماً مَا أَعْطَیْتُكَ (1).
-ضه، روضة الواعظین ج، الإحتجاج مرسلا مثله (2)بیان سیأتی مثله بزیادة و تغییر فی كتاب الفتن قوله بعث فیه ابن الأصفر أی ملك الروم و إنما سمی الروم بنو الأصفر لأن أباهم الأول كان أصفر اللون و هو روم بن عیص بن إسحاق بن إبراهیم كذا ذكره الجزری (3)قوله علیه السلام قطعوا رحمی أی لم یراعوا الرحم التی بینی و بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أو بینی و بینهم فالمراد به قریش و الأول أظهر.
قوله علیه السلام و أضاعوا أیامی أی ما صدر منی من الغزوات و غیرها مما أید
ص: 131
اللّٰه به الدین و نصر به المسلمین و ما أظهر اللّٰه و رسوله من مناقبی فكثیرا ما یطلق الأیام و یراد بها الوقائع المشهورة الواقعة فیها و قال المفسرون فی قوله تعالی وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ أی نعمه و سیأتی فی بعض الروایات و أصغوا إنائی أی أمالوه لینصب ما فیه و الوفرة الشعر المجتمع علی الرأس أو ما سال علی الأذنین منه أو ما جاوز شحمة الأذن قوله و كان صبیا أی حدث السن فإنه علیه السلام كان فی زمن خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام متجاوزا عن الثلاثین.
قوله علیه السلام فمن قال غیر هذا فكذبه أی لا یعلم أكثر الناس و لا یصلحهم أن یعلموا بغیر هذا الوجه فلا ینافی ما ورد من تحدیده فی بعض الأخبار لبعض المصالح و سیأتی فی كتاب السماء و العالم و سیأتی تفصیل أجزاء الخبر فی مواضعها.
«2»- فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ (1)عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا بَلَغَ مَلِكَ الرُّومِ أَمْرُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةَ وَ أُخْبِرَ أَنَّ رَجُلَیْنِ قَدْ خَرَجَا یَطْلُبَانِ الْمُلْكَ فَسَأَلَ مِنْ أَیْنَ خَرَجَا فَقِیلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ وَ رَجُلٌ بِالشَّامِ فَأَمَرَ الْمَلِكُ وُزَرَاءَهُ فَقَالَ تَخَلَّلُوا هَلْ تُصِیبُونَ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مَنْ یَصِفُهُمَا لِی فَأُتِیَ بِرَجُلَیْنِ مِنْ تُجَّارِ الشَّامِ وَ رَجُلَیْنِ مِنْ تُجَّارِ مَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِمَا فَوَصَفُوهُمَا لَهُ ثُمَّ قَالَ لِخُزَّانِ بُیُوتِ خَزَائِنِهِ أَخْرِجُوا إِلَیَّ الْأَصْنَامَ فَأَخْرَجُوهَا فَنَظَرَ إِلَیْهَا فَقَالَ الشَّامِیُّ ضَالٌّ وَ الْكُوفِیُّ هَادٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنِ ابْعَثْ إِلَیَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ كَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنِ ابْعَثْ إِلَیَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَیْتِكَ فَأَسْمَعَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَنْظُرَ فِی الْإِنْجِیلِ كِتَابِنَا ثُمَّ أُخْبِرَكُمَا مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ خَشِیَ عَلَی مُلْكِهِ فَبَعَثَ مُعَاوِیَةُ یَزِیدَ ابْنَهُ وَ بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْحَسَنَ علیه السلام ابْنَهُ فَلَمَّا دَخَلَ یَزِیدُ عَلَی الْمَلِكِ أَخَذَ بِیَدِهِ فَقَبَّلَهَا ثُمَّ قَبَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَیْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْنِی یَهُودِیّاً وَ لَا نَصْرَانِیّاً وَ لَا مَجُوسِیّاً وَ لَا عَابِدَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ لَا الصَّنَمِ وَ الْبَقَرِ وَ جَعَلَنِی حَنِیفاً مُسْلِماً وَ لَمْ یَجْعَلْنِی مِنَ الْمُشْرِكِینَ تَبَارَكَ اللَّهُ
ص: 132
رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ ثُمَّ جَلَسَ لَا یَرْفَعُ بَصَرَهُ فَلَمَّا نَظَرَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَی الرَّجُلَیْنِ أَخْرَجَهُمَا ثُمَّ فَرَّقَ بَیْنَهُمَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَی یَزِیدَ فَأَحْضَرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ خَزَائِنِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صُنْدُوقاً (1)فِیهَا تَمَاثِیلُ الْأَنْبِیَاءِ وَ قَدْ زُیِّنَتْ بِزِینَةِ كُلِّ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ فَأَخْرَجَ صَنَماً فَعَرَضَهُ عَلَی یَزِیدَ فَلَمْ یَعْرِفْهُ ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَیْهِ صَنَماً صَنَماً فَلَا یَعْرِفُ مِنْهَا شَیْئاً وَ لَا یُجِیبُ مِنْهَا بِشَیْ ءٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ تَجْتَمِعُ وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَیْنَ تَكُونُ إِذَا مَاتُوا فَلَمْ یَعْرِفْ مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً ثُمَّ دَعَا الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ إِنَّمَا بَدَأْتُ بِیَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ كَیْ یَعْلَمَ أَنَّكَ تَعْلَمُ مَا لَا یَعْلَمُ وَ یَعْلَمُ أَبُوكَ مَا لَا یَعْلَمُ أَبُوهُ فَقَدْ وُصِفَ أَبُوكَ وَ أَبُوهُ فَنَظَرْتُ فِی الْإِنْجِیلِ فَرَأَیْتُ فِیهِ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْوَزِیرَ عَلِیّاً وَ نَظَرْتُ فِی الْأَوْصِیَاءِ فَرَأَیْتُ فِیهَا أَبَاكَ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام سَلْنِی عَمَّا بَدَا لَكَ مِمَّا تَجِدُهُ فِی الْإِنْجِیلِ وَ عَمَّا فِی التَّوْرَاةِ وَ عَمَّا فِی الْقُرْآنِ أُخْبِرْكَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَدَعَا الْمَلِكُ بِالْأَصْنَامِ فَأَوَّلُ صَنَمٍ عُرِضَ عَلَیْهِ فِی صِفَةِ الْقَمَرِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام فَهَذِهِ صِفَةُ آدَمَ أبو (أَبِی) الْبَشَرِ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ آخَرُ فِی صِفَةِ الشَّمْسِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام هَذِهِ صِفَةُ حَوَّاءَ أُمِّ الْبَشَرِ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ آخَرُ فِی صِفَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ شَیْثِ بْنِ آدَمَ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ وَ بَلَغَ عُمُرُهُ فِی الدُّنْیَا أَلْفَ سَنَةٍ وَ أَرْبَعِینَ عَاماً (2)ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ نُوحٍ صَاحِبُ السَّفِینَةِ وَ كَانَ عُمُرُهُ أَلْفاً وَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ لَبِثَ فِی قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عَاماً ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِبْرَاهِیمَ عَرِیضُ الصَّدْرِ طَوِیلُ الْجَبْهَةِ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسْرَائِیلَ وَ هُوَ یَعْقُوبُ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسْمَاعِیلَ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ یُوسُفَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ أُخْرِجَ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ كَانَ عُمُرُهُ مِائَتَیْنِ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ إِبْرَاهِیمَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ دَاوُدَ صَاحِبِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ
ص: 133
هَذِهِ صِفَةُ شُعَیْبٍ ثُمَّ زَكَرِیَّا ثُمَّ یَحْیَی ثُمَّ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَ كَانَ عُمُرُهُ فِی الدُّنْیَا ثلاث و ثلاثون (ثَلَاثاً) وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَهْبِطُ إِلَی الْأَرْضِ بِدِمَشْقَ وَ هُوَ الَّذِی یَقْتُلُ الدَّجَّالَ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ صَنَمٌ فَیُخْبِرُ بِاسْمِ نَبِیٍّ نَبِیٍّ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ الْأَوْصِیَاءُ وَ الْوُزَرَاءُ فَكَانَ یُخْبِرُهُمْ بِاسْمِ وَصِیٍّ وَصِیٍّ وَ وَزِیرٍ وَزِیرٍ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ أَصْنَامٌ بِصِفَةِ الْمُلُوكِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام هَذِهِ أَصْنَامٌ لَمْ نَجِدْ صِفَتَهَا فِی التَّوْرَاةِ وَ لَا فِی الْإِنْجِیلِ وَ لَا فِی الزَّبُورِ وَ لَا فِی الْقُرْآنِ فَلَعَلَّهَا مِنْ صِفَةِ الْمُلُوكِ فَقَالَ الْمَلِكُ أَشْهَدُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ بَیْتِ مُحَمَّدٍ إِنَّكُمْ قَدْ أُعْطِیتُمْ عِلْمَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ أَلْوَاحِ مُوسَی ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ یَلُوحُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ (1)بَكَی بُكَاءً شَدِیداً فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ جَدِّی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله كَثُّ اللِّحْیَةِ عَرِیضُ الصَّدْرِ طَوِیلُ الْعُنُقِ عَرِیضُ الْجَبْهَةِ أَقْنَی الْأَنْفِ أَفْلَجُ الْأَسْنَانِ (2)حَسَنُ الْوَجْهِ قَطَطُ الشَّعْرِ طَیِّبُ الرِّیحِ حَسَنُ الْكَلَامِ فَصِیحُ اللِّسَانِ كَانَ یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ بَلَغَ عُمُرُهُ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً وَ لَمْ یُخَلَّفْ بَعْدَهُ إِلَّا خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ یَتَخَتَّمُ فِی یَمِینِهِ وَ خُلِّفَ سَیْفُهُ ذُو الْفَقَارِ وَ قَضِیبُهُ وَ جُبَّةُ صُوفٍ وَ كِسَاءُ صُوفٍ كَانَ یَتَسَرْوَلُ بِهِ لَمْ یَقْطَعْهُ وَ لَمْ یَخُطَّهُ حَتَّی لَحِقَ بِاللَّهِ فَقَالَ الْمَلِكُ إِنَّا نَجِدُ فِی الْإِنْجِیلِ أَنَّهُ یَكُونُ لَهُ مَا یُتَصَدَّقُ عَلَی سِبْطَیْهِ فَهَلْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَلِكُ فَبَقِیَ لَكُمْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا فَقَالَ الْمَلِكُ لَهَذِهِ أَوَّلُ فِتْنَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَیْهَا ثُمَّ عَلَی مُلْكِ نَبِیِّكُمْ وَ اخْتِیَارِهِمْ عَلَی ذُرِّیَّةِ نَبِیِّهِمْ (3)مِنْكُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهِی عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ ثُمَّ سَأَلَ الْمَلِكُ الْحَسَنَ علیه السلام عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ لَمْ تَرْكُضْ فِی رَحِمٍ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَوَّلُ هَذَا آدَمُ ثُمَّ حَوَّاءُ ثُمَّ كَبْشُ
ص: 134
إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ نَاقَةُ صَالِحٍ (1)ثُمَّ إِبْلِیسُ الْمَلْعُونُ ثُمَّ الْحَیَّةُ ثُمَّ الْغُرَابُ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَرْزَاقُ الْخَلَائِقِ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَنْزِلُ بِقَدَرٍ وَ تُبْسَطُ بِقَدَرٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ یَكُونُونَ إِذَا مَاتُوا قَالَ تَجْتَمِعُ عِنْدَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فِی كُلِّ لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ عَرْشُ اللَّهِ الْأَدْنَی مِنْهَا یَبْسُطُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ إِلَیْهِ یَطْوِیهَا وَ مِنْهَا الْمَحْشَرُ (2)وَ مِنْهَا اسْتَوَی رَبُّنَا إِلَی السَّمَاءِ (3)وَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَیْنَ تَجْتَمِعُ قَالَ تَجْتَمِعُ فِی وَادِی حَضْرَمَوْتَ (4)وَرَاءِ مَدِینَةِ الْیَمَنِ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ نَاراً مِنَ الْمَشْرِقِ وَ نَاراً مِنَ الْمَغْرِبِ وَ یُتْبِعُهُمَا بِرِیحَیْنِ شَدِیدَتَیْنِ فَیُحْشَرُ النَّاسُ عِنْدَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَیُحْشَرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ عَنْ یَمِینِ الصَّخْرَةِ وَ یُزْلِفُ الْمُتَّقِینَ (5)وَ یَصِیرُ جَهَنَّمُ عَنْ یَسَارِ الصَّخْرَةِ فِی تُخُومِ الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ وَ فِیهَا الْفَلَقُ وَ السِّجِّینُ فَیُعْرَفُ الْخَلَائِقُ مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ دَخَلَهَا وَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ دَخَلَهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ فَلَمَّا أَخْبَرَ الْحَسَنُ علیه السلام بِصِفَةِ مَا عُرِضَ عَلَیْهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَ تَفْسِیرِ مَا سَأَلَهُ الْتَفَتَ الْمَلِكُ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ قَالَ أَ شَعَرْتَ أَنَّ ذَلِكَ عِلْمٌ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ أَوْ وَصِیٌّ مُوَازِرٌ قَدْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِمُوَازَرَةِ نَبِیِّهِ أَوْ عِتْرَةِ نَبِیٍّ مُصْطَفًی وَ غَیْرُهُ الْمُعَادِی فَقَدْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ وَ آثَرَ دُنْیَاهُ عَلَی آخِرَتِهِ أَوْ هَوَاهُ عَلَی دِینِهِ وَ هُوَ مِنَ الظَّالِمِینَ قَالَ فَسَكَتَ یَزِیدُ وَ خَمَدَ قَالَ فَأَحْسَنَ الْمَلِكُ جَائِزَةَ الْحَسَنِ علیه السلام وَ أَكْرَمَهُ وَ قَالَ لَهُ ادْعُ رَبَّكَ حَتَّی یَرْزُقَنِی دِینَ نَبِیِّكَ فَإِنَّ حَلَاوَةَ الْمُلْكِ قَدْ حَالَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَ ذَلِكَ وَ أَظُنُّهُ شَقَاءً مُرْدِیاً (6)وَ عَذَاباً أَلِیماً قَالَ فَرَجَعَ یَزِیدُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ الْمَلِكُ أَنَّهُ یُقَالُ مَنْ
ص: 135
آتَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ (1)بَعْدَ نَبِیِّكُمْ وَ حَكَمَ بِالتَّوْرَاةِ وَ مَا فِیهَا وَ الْإِنْجِیلِ وَ مَا فِیهِ وَ الزَّبُورِ وَ مَا فِیهِ وَ الْفُرْقَانِ وَ مَا فِیهِ فَالْحَقُّ وَ الْخِلَافَةُ لَهُ وَ كَتَبَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّ الْحَقَّ وَ الْخِلَافَةَ لَكَ وَ بَیْتَ النُّبُوَّةِ فِیكَ وَ فِی وُلْدِكَ فَقَاتِلْ مَنْ قَاتَلَكَ یُعَذِّبْهُ اللَّهُ بِیَدِكَ ثُمَّ یُخَلِّدْهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ فَإِنَّ مَنْ قَاتَلَكَ نَجِدُهُ فِی الْإِنْجِیلِ أَنَّ عَلَیْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ عَلَیْهِ لَعْنَةُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ (2).
بیان: كث الشی ء أی كثف و القنا فی الأنف طوله و دقة أرنبته (3)مع حدب فی وسطه و الفلج بالتحریك فرجة ما بین الثنایا و الرباعیات و یقال جعد قطط أی شدیدة الجعودة و یقال سرولته أی ألبسته السراویل فتسرول قوله ما یتصدق علی سبطیه یعنی فدكا و استواء الرب من صخرة بیت المقدس إلی السماء كنایة عن عروج الملائكة بأمره تعالی من ذلك الموضع إلی السماء لتسویتها و سیأتی تفسیر سائر أجزاء الخبر.
«3»- د، العدد القویة كَتَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ (4)إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَأَنْتُمْ أَهْلُ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمُ الْفُلْكَ الْجَارِیَةَ فِی اللُّجَجِ الْغَامِرَةِ یَلْجَأُ إِلَیْكُمُ اللَّاجِئُ وَ یَعْتَصِمُ بِحَبْلِكُمُ الْغَالِی مَنِ اقْتَدَی بِكُمُ اهْتَدَی وَ نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكُمْ هَلَكَ وَ غَوَی وَ إِنِّی كَتَبْتُ إِلَیْكَ عِنْدَ الْحَیْرَةِ وَ اخْتِلَافِ الْأُمَّةِ فِی الْقَدَرِ فَتُفْضِی إِلَیْنَا مَا أَفْضَاهُ اللَّهُ إِلَیْكُمْ (5)أَهْلَ الْبَیْتِ فَنَأْخُذَ بِهِ
ص: 136
فَكَتَبَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ كَمَا ذَكَرْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ أَوْلِیَائِهِ فَأَمَّا عِنْدَكَ وَ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَلَوْ كُنَّا كَمَا ذَكَرْتَ مَا تَقَدَّمْتُمُونَا وَ لَا اسْتَبْدَلْتُمْ بِنَا غَیْرَنَا وَ لَعَمْرِی لَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَكُمْ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ یَقُولُ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِی هُوَ أَدْنی بِالَّذِی هُوَ خَیْرٌ هَذَا لِأَوْلِیَائِكَ فِیمَا سَأَلُوا وَ لَكُمْ فِیمَا اسْتَبْدَلْتُمْ وَ لَوْ لَا مَا أُرِیدُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ مَا كَتَبْتُ إِلَیْكَ بِشَیْ ءٍ مِمَّا نَحْنُ عَلَیْهِ وَ لَئِنْ وُصِلَ كِتَابِی إِلَیْكَ لَتَجِدَنَّ الْحُجَّةَ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ مُؤَكَّدَةً حَیْثُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی فَما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ فَاتَّبِعْ مَا كَتَبْتُ إِلَیْكَ فِی الْقَدَرِ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ یُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَیْرَهُ وَ شَرَّهُ فَقَدْ كَفَرَ وَ مَنْ حَمَلَ الْمَعَاصِیَ عَلَی اللَّهِ فَقَدْ فَجَرَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُطَاعُ بِإِكْرَاهٍ وَ لَا یُعْصَی بِغَلَبَةٍ وَ لَا یُهْمِلُ الْعِبَادَ مِنَ الْمَلَكَةِ وَ لَكِنَّهُ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَهُمْ وَ الْقَادِرُ عَلَی مَا أَقْدَرَهُمْ فَإِنِ ائْتَمَرُوا بِالطَّاعَةِ لَنْ یَكُونَ عَنْهَا صَادّاً مُثَبِّطاً وَ إِنِ ائْتَمَرُوا بِالْمَعْصِیَةِ فَشَاءَ أَنْ یَحُولَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَا ائْتَمَرُوا بِهِ فَعَلَ وَ إِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَلَیْسَ هُوَ حَمَلَهُمْ عَلَیْهَا وَ لَا كَلَّفَهُمْ إِیَّاهَا جَبْراً بَلْ تَمْكِینُهُ إِیَّاهُمْ وَ إِعْذَارُهُ إِلَیْهِمْ طَرَّقَهُمْ وَ مَكَّنَهُمْ فَجَعَلَ لَهُمُ السَّبِیلَ إِلَی أَخْذِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَ تَرْكِ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَ وَضْعِ التَّكْلِیفِ عَنْ أَهْلِ النُّقْصَانِ وَ الزَّمَانَةِ وَ السَّلَامُ (1).
«4»- ف، تحف العقول جَوَابُهُ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنْهَا مَلِكُ الرُّومِ حِینَ وَفَدَ إِلَیْهِ وَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ سَأَلَهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ وَ عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ
ص: 137
لَمْ تُخْلَقْ فِی رَحِمٍ فَضَحِكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ لِأَنَّكَ سَأَلْتَنِی عَنْ أَشْیَاءَ مَا هِیَ مِنْ مُنْتَهَی الْعِلْمِ إِلَّا كَالْقَذَی فِی عَرْضِ الْبَحْرِ أَمَّا الْمَجَرَّةُ فَهِیَ قَوْسُ اللَّهِ وَ سَبْعَةُ أَشْیَاءَ لَمْ تُخْلَقْ فِی رَحِمٍ فَأَوَّلُهَا آدَمُ ثُمَّ حَوَّاءُ وَ الْغُرَابُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ نَاقَةُ اللَّهِ وَ عَصَا مُوسَی وَ الطَّیْرُ الَّذِی خَلَقَهُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ فَقَالَ أَرْزَاقُ الْعِبَادِ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ یُنْزِلُهَا اللَّهُ بِقَدَرٍ وَ یَبْسُطُهَا بِقَدَرٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ تَجْتَمِعُ قَالَ تَجْتَمِعُ تَحْتَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ عَرْشُ اللَّهِ الْأَدْنَی مِنْهَا بَسَطَ الْأَرْضَ وَ إِلَیْهَا یَطْوِیهَا وَ مِنْهَا اسْتَوَی إِلَی السَّمَاءِ وَ أَمَّا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَتَجْتَمِعُ فِی دَارِ الدُّنْیَا فِی حَضْرَمَوْتَ وَرَاءَ مَدِینَةِ الْیَمَنِ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ نَاراً مِنَ الْمَشْرِقِ وَ نَاراً مِنَ الْمَغْرِبِ بَیْنَهُمَا رِیحَانِ فَیَحْشُرَانِ النَّاسَ إِلَی تِلْكَ الصَّخْرَةِ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَتُحْبَسُ فِی یَمِینِ الصَّخْرَةِ وَ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ وَ جَهَنَّمُ فِی یَسَارِ الصَّخْرَةِ فِی تُخُومِ الْأَرَضِینَ وَ فِیهَا الْفَلَقُ وَ سِجِّینٌ (1)فَتَفَرَّقُ الْخَلَائِقُ مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ دَخَلَهَا مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ وَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ دَخَلَهَا مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ.
أقول: الظاهر أن هذا الخبر مختصر من الخبر السابق و إنما اشتبه اسم أحد السبطین بالآخر صلوات اللّٰه علیهما و إن أمكن صدوره منهما جمیعا.
«5»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ (2)عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ قَیْسٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ (3)عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام
ص: 138
عَلَی صُلْحِ مُعَاوِیَةَ خَرَجَ حَتَّی لَقِیَهُ فَلَمَّا اجْتَمَعَا قَامَ مُعَاوِیَةُ خَطِیباً فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَمَرَ الْحَسَنَ علیه السلام أَنْ یَقُومَ أَسْفَلَ مِنْهُ بِدَرَجَةٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ ابْنُ فَاطِمَةَ رَآنَا لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا وَ لَمْ یَرَ نَفْسَهُ لَهَا أَهْلًا وَ قَدْ أَتَانَا لِیُبَایِعَ طَوْعاً ثُمَّ قَالَ قُمْ یَا حَسَنُ فَقَامَ الْحَسَنُ علیه السلام فَخَطَبَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُسْتَحْمِدِ بِالْآلَاءِ وَ تَتَابُعِ النَّعْمَاءِ وَ صَارِفِ الشَّدَائِدِ (1)وَ الْبَلَاءِ عِنْدَ الْفُهَمَاءِ وَ غَیْرِ الْفُهَمَاءِ الْمُذْعِنِینَ مِنْ عِبَادِهِ لِامْتِنَاعِهِ بِجَلَالِهِ وَ كِبْرِیَائِهِ وَ عُلُوِّهِ عَنْ لُحُوقِ الْأَوْهَامِ بِبَقَائِهِ الْمُرْتَفِعِ عَنْ كُنْهِ طَیَّاتِ الْمَخْلُوقِینَ (2)مِنْ أَنْ تُحِیطَ بِمَكْنُونِ غَیْبِهِ رَوِیَّاتِ عُقُولِ الرَّاءِینَ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ فِی رُبُوبِیَّتِهِ وَ وُجُودِهِ وَ وَحْدَانِیَّتِهِ صَمَداً لَا شَرِیكَ لَهُ فَرْداً لَا ظَهِیرَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اصْطَفَاهُ وَ انْتَجَبَهُ وَ ارْتَضَاهُ وَ بَعَثَهُ دَاعِیاً إِلَی الْحَقِّ سِرَاجاً مُنِیراً وَ لِلْعِبَادِ مِمَّا یَخَافُونَ نَذِیراً وَ لِمَا یَأْمُلُونَ بَشِیراً فَنَصَحَ لِلْأُمَّةِ وَ صَدَعَ بِالرِّسَالَةِ وَ أَبَانَ لَهُمْ دَرَجَاتِ الْعُمَالَةِ شَهَادَةً عَلَیْهَا أَمَاتَ وَ أُحْشِرَ وَ بِهَا فِی الْآجِلَةِ أَقْرَبُ وَ أَحْبَرُ وَ أَقُولُ مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ فَاسْمَعُوا وَ لَكُمْ أَفْئِدَةٌ وَ أَسْمَاعٌ فَعُوا إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَ اخْتَارَنَا وَ اصْطَفَانَا وَ اجْتَبَانَا فَأَذْهَبَ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِیراً وَ الرِّجْسُ هُوَ الشَّكُّ فَلَا نَشُكُّ فِی اللَّهِ الْحَقَّ وَ دِینَهُ أَبَداً وَ طَهَّرَنَا مِنْ كُلِّ أَفَنٍ وَ غَیَّةٍ مُخْلِصِینَ إِلَی آدَمَ نِعْمَةً مِنْهُ لَمْ یَفْتَرِقِ النَّاسُ قَطُّ فِرْقَتَیْنِ إِلَّا جَعَلَنَا اللَّهُ فِی خَیْرِهِمَا فَأَدَّتِ الْأُمُورُ وَ أَفْضَتِ الدُّهُورُ إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لِلنُّبُوَّةِ وَ اخْتَارَهُ لِلرِّسَالَةِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَاباً ثُمَّ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَانَ أَبِی علیه السلام أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ تَعَالَی وَ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ وَ صَدَّقَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ عَلَی نَبِیِّهِ الْمُرْسَلِ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فَرَسُولُ اللَّهِ الَّذِی عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ أَبِی الَّذِی یَتْلُوهُ وَ هُوَ شَاهِدٌ مِنْهُ وَ قَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 139
حِینَ أَمَرَهُ أَنْ یَسِیرَ إِلَی مَكَّةَ وَ الْمَوْسِمِ بِبَرَاءَةَ سِرْ بِهَا یَا عَلِیُّ فَإِنِّی أُمِرْتُ أَنْ لَا یَسِیرَ بِهَا إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّی وَ أَنْتَ هُوَ (1)فَعَلِیٌّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُ وَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ حِینَ قَضَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ مَوْلَاهُ زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِی ابْنَةِ حَمْزَةَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَلِیُّ فَمِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِی فَصَدَّقَ أَبِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَابِقاً وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ یُقَدِّمُهُ وَ لِكُلِّ شَدِیدٍ یُرْسِلُهُ (2)ثِقَةً مِنْهُ بِهِ وَ طُمَأْنِینَةً إِلَیْهِ لِعِلْمِهِ بِنَصِیحَةِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ (3)وَ أَنَّهُ أَقْرَبُ الْمُقَرَّبِینَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فَكَانَ أَبِی سَابِقَ السَّابِقِینَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ إِلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقْرَبَ الْأَقْرَبِینَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً فَأَبِی كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ إِیمَاناً وَ أَوَّلَهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً وَ لُحُوقاً وَ أَوَّلَهُمْ عَلَی وُجْدِهِ (4)وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً قَالَ سُبْحَانَهُ وَ الَّذِینَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ یَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونا بِالْإِیمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ فَالنَّاسُ مِنْ جَمِیعِ الْأُمَمِ یَسْتَغْفِرُونَ لَهُ بِسَبْقِهِ إِیَّاهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَسْبِقْهُ إِلَی الْإِیمَانِ بِهِ أَحَدٌ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ فَهُوَ سَابِقُ جَمِیعِ السَّابِقِینَ فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ السَّابِقِینَ عَلَی الْمُتَخَلِّفِینَ وَ الْمُتَأَخِّرِینَ فَكَذَلِكَ فَضَّلَ سَابِقَ السَّابِقِینَ عَلَی السَّابِقِینَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَهُوَ الْمُجَاهِدُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ حَقّاً وَ فِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ كَانَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمُّهُ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ ابْنُ عَمِّهِ فَقُتِلَا شَهِیدَیْنِ رَضِیَ
ص: 140
اللَّهُ عَنْهُمَا فِی قَتْلَی كَثِیرَةٍ مَعَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی حَمْزَةَ سَیِّدَ الشُّهَدَاءِ مِنْ بَیْنِهِمْ وَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَیْفَ یَشَاءُ مِنْ بَیْنِهِمْ وَ ذَلِكَ لِمَكَانِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْزِلَتِهِمَا وَ قَرَابَتِهِمَا مِنْهُ وَ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حَمْزَةَ سَبْعِینَ صَلَاةً مِنْ بَیْنِ الشُّهَدَاءِ الَّذِینَ اسْتُشْهِدُوا مَعَهُ وَ كَذَلِكَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی لِنِسَاءِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْمُحْسِنَةِ مِنْهُنَّ أَجْرَیْنِ وَ لِلْمُسِیئَةِ مِنْهُنَّ وِزْرَیْنِ ضِعْفَیْنِ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَعَلَ الصَّلَاةَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَلْفِ صَلَاةٍ فِی سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْحَرَامِ مَسْجِدَ خَلِیلِهِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام بِمَكَّةَ وَ ذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ رَبِّهِ وَ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّلَاةَ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی كَافَّةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ الصَّلَاةُ عَلَیْكَ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَحَقٌّ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَیْنَا مَعَ الصَّلَاةِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَرِیضَةً وَاجِبَةً وَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَی خُمُسَ الْغَنِیمَةِ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَوْجَبَهَا لَهُ فِی كِتَابِهِ وَ أَوْجَبَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَ لَهُ وَ حَرَّمَ عَلَیْهِ الصَّدَقَةَ وَ حَرَّمَهَا عَلَیْنَا مَعَهُ فَأَدْخَلَنَا وَ لَهُ الْحَمْدُ فِیمَا أَدْخَلَ فِیهِ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْرَجَنَا وَ نَزَّهَنَا مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَنْهُ كَرَامَةً أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَ فَضِیلَةً فَضَّلَنَا بِهَا عَلَی سَائِرِ الْعِبَادِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ جَحَدَهُ كَفَرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ حَاجُّوهُ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْأَنْفُسِ مَعَهُ أَبِی وَ مِنَ الْبَنِینَ أَنَا وَ أَخِی (1)وَ مِنَ النِّسَاءِ أُمِّی فَاطِمَةَ مِنَ النَّاسِ جَمِیعاً فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ وَ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ مِنْهُ وَ هُوَ مِنَّا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فَلَمَّا نَزَلَتْ آیَةُ التَّطْهِیرِ جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا وَ أَخِی وَ أُمِّی وَ أَبِی فَجَلَّلَنَا وَ نَفْسَهُ فِی كِسَاءٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ خَیْبَرِیٍّ وَ ذَلِكَ فِی حُجْرَتِهَا وَ فِی یَوْمِهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی وَ هَؤُلَاءِ أَهْلِی وَ عِتْرَتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا أَدْخُلُ مَعَهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرْحَمُكِ اللَّهُ أَنْتِ عَلَی خَیْرٍ وَ إِلَی خَیْرٍ وَ مَا أَرْضَانِی عَنْكِ وَ لَكِنَّهَا خَاصَّةٌ لِی وَ لَهُمْ
ص: 141
ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ ذَلِكَ بَقِیَّةَ عُمُرِهِ حَتَّی قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ یَأْتِینَا فِی كُلِّ یَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَیَقُولُ الصَّلَاةَ یَرْحَمُكُمُ اللَّهُ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِی مَسْجِدِهِ غَیْرَ بَابِنَا فَكَلَّمُوهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا إِنِّی لَمْ أَسُدَّ أَبْوَابَكُمْ وَ لَمْ أَفْتَحْ بَابَ عَلِیٍّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِی وَ لَكِنِّی أَتَّبِعُ مَا یُوحَی إِلَیَّ وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِسَدِّهَا وَ فَتْحِ بَابِهِ فَلَمْ یَكُنْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَحَدٌ تُصِیبُهُ جَنَابَةٌ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُولِّدُ فِیهِ الْأَوْلادَ غَیْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام تَكْرِمَةً مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَنَا وَ فَضْلًا اخْتَصَّنَا بِهِ عَلَی جَمِیعِ النَّاسِ وَ هَذَا بَابُ أَبِی قَرِینُ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَسْجِدِهِ وَ مَنْزِلُنَا بَیْنَ مَنَازِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَبْنِیَ مَسْجِدَهُ فَبَنَی فِیهِ عَشَرَةَ أَبْیَاتٍ تِسْعَةً لِبَنِیهِ وَ أَزْوَاجِهِ وَ عَاشِرُهَا وَ هُوَ مُتَوَسِّطُهَا لِأَبِی وَ هَا هُوَ بِسَبِیلٍ مُقِیمٍ وَ الْبَیْتُ هُوَ الْمَسْجِدُ الْمُطَهَّرُ وَ هُوَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَهْلَ الْبَیْتِ فَنَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ وَ نَحْنُ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِیراً أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی لَوْ قُمْتُ حَوْلًا فَحَوْلًا أَذْكُرُ الَّذِی أَعْطَانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَصَّنَا بِهِ مِنَ الْفَضْلِ فِی كِتَابِهِ وَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ أُحْصِهِ وَ أَنَا ابْنُ النَّبِیِّ النَّذِیرِ الْبَشِیرِ وَ السِّرَاجِ الْمُنِیرِ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ وَ أَبِی عَلِیٌّ علیه السلام وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ وَ شَبِیهُ هَارُونَ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ صَخْرٍ زَعَمَ أَنِّی رَأَیْتُهُ لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا وَ لَمْ أَرَ نَفْسِی لَهَا أَهْلًا فَكَذَبَ مُعَاوِیَةُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأَنَّا أَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَیْتِ مُخِیفِینَ مَظْلُومِینَ مُضْطَهِدِینَ (1)مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ فَاللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا وَ نَزَلَ عَلَی رِقَابِنَا وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَی أَكْتَافِنَا وَ مَنَعَنَا سَهْمَنَا فِی كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْفَیْ ءِ وَ الْغَنَائِمِ وَ مَنَعَ أُمَّنَا فَاطِمَةَ علیها السلام إِرْثَهَا مِنْ أَبِیهَا إِنَّا لَا نُسَمِّی أَحَداً وَ لَكِنْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً تَالِیاً لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَمِعُوا قَوْلَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لَأَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا وَ لَمَا اخْتَلَفَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ سَیْفَانِ وَ لَأَكَلُوهَا خَضْرَاءَ خَضِرَةً
ص: 142
إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِذاً مَا طَمِعْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فِیهَا وَ لَكِنَّهَا لَمَّا أُخْرِجَتْ سَالِفاً مِنْ مَعْدِنِهَا وَ زُحْزِحَتْ عَنْ قَوَاعِدِهَا تَنَازَعَتْهَا قُرَیْشٌ بَیْنَهَا وَ تَرَامَتْهَا كَتَرَامِی الْكُرَةِ حَتَّی طَمِعْتَ فِیهَا أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلًا قَطُّ وَ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ یَزَلْ أَمْرُهُمْ یَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّی یَرْجِعُوا إِلَی مَا تَرَكُوا وَ قَدْ تَرَكَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ كَانُوا أَصْحَابَ مُوسَی علیه السلام هَارُونَ أَخَاهُ وَ خَلِیفَتَهُ وَ وَزِیرَهُ وَ عَكَفُوا عَلَی الْعِجْلِ وَ أَطَاعُوا فِیهِ سَامِرِیهِمْ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَلِیفَةُ مُوسَی علیه السلام وَ قَدْ سَمِعَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ لِأَبِی إِنَّهُ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ نَصَبَهُ لَهُمْ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ سَمِعُوهُ وَ نَادَی لَهُ بِالْوَلَایَةِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْهُمُ الْغَائِبَ وَ قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَذَراً مِنْ قَوْمِهِ إِلَی الْغَارِ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَی أَنْ یَمْكُرُوا بِهِ وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ لَمَّا لَمْ یَجِدْ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً وَ لَوْ وَجَدَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً لَجَاهَدَهُمْ وَ قَدْ كَفَّ أَبِی یَدَهُ وَ نَاشَدَهُمْ وَ اسْتَغَاثَ أَصْحَابَهُ فَلَمْ یُغَثْ وَ لَمْ یُنْصَرْ وَ لَوْ وَجَدَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً مَا أَجَابَهُمْ وَ قَدْ جُعِلَ فِی سَعَةٍ كَمَا جُعِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَعَةٍ وَ قَدْ خَذَلَتْنِی الْأُمَّةُ وَ بَایَعْتُكَ یَا ابْنَ حَرْبٍ وَ لَوْ وَجَدْتُ عَلَیْكَ أَعْوَاناً یَخْلُصُونَ مَا بَایَعْتُكَ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَارُونَ فِی سَعَةٍ حِینَ اسْتَضْعَفُوهُ قَوْمُهُ وَ عَادَوْهُ كَذَلِكَ أَنَا وَ أَبِی فِی سَعَةٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ تَرَكَتْنَا الْأُمَّةُ وَ بَایَعَتْ غَیْرَنَا وَ لَمْ نَجِدْ عَلَیْهِ أَعْوَاناً وَ إِنَّمَا هِیَ السُّنَنُ وَ الْأَمْثَالُ یَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوِ الْتَمَسْتُمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُوهُ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ تَجِدُوا غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَضِلُّوا بَعْدَ الْبَیَانِ وَ كَیْفَ بِكُمْ وَ أَنَّی ذَلِكَ مِنْكُمْ أَلَا وَ إِنِّی قَدْ بَایَعْتُ هَذَا وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا یُعَابُ أَحَدٌ بِتَرْكِ حَقِّهِ وَ إِنَّمَا یُعَابُ أَنْ یَأْخُذَ مَا لَیْسَ لَهُ وَ كُلُّ صَوَابٍ نَافِعٌ وَ كُلُّ خَطَإٍ ضَارٌّ لِأَهْلِهِ وَ قَدْ كَانَتِ الْقَضِیَّةُ فَفَهِمَهَا سُلَیْمَانُ فَنَفَعَتْ سُلَیْمَانَ وَ لَمْ تَضُرَّ دَاوُدَ علیه السلام فَأَمَّا الْقَرَابَةُ فَقَدْ نَفَعَتِ الْمُشْرِكَ
ص: 143
وَ هِیَ وَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ أَنْفَعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ فِی الْمَوْتِ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْفَعْ لَكَ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَمْ یَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَهُ وَ یَعِدُ إِلَّا مَا یَكُونُ مِنْهُ عَلَی یَقِینٍ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ غَیْرَ شَیْخِنَا أَعْنِی أَبَا طَالِبٍ (1)یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً أَیُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَ عُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ رَاجِعُوا وَ هَیْهَاتَ مِنْكُمُ الرَّجْعَةُ إِلَی الْحَقِّ وَ قَدْ صَارَعَكُمُ النُّكُوصُ وَ خَامَرَكُمُ الطُّغْیَانُ (2)وَ الْجُحُودُ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی قَالَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ مَا نَزَلَ الْحَسَنُ حَتَّی أَظْلَمَتْ عَلَیَّ الْأَرْضُ وَ هَمَمْتُ أَنْ أَبْطِشَ بِهِ (3)ثُمَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْإِغْضَاءَ (4)أَقْرَبُ إِلَی الْعَافِیَةِ (5).
بیان: الطیة بالكسر النیة و القصد و الأفن بالتحریك ضعف الرأی و بالفتح النقص و الغیة الزنا و التألی علی التفعل الحكم بالجزم و الحلف علی الشی ء و زحزحته عن كذا أی باعدته عنه قوله علیه السلام و قد كانت القضیة لعل المراد بیان أن الأوصیاء و الأنبیاء و عترتهم علیهم السلام لیسوا كسائر الخلق فی أحوالهم كما أن عدم إصابة داود علیه السلام القضیة لمصلحة لم یضره و من سائر الخلق الخطأ
ص: 144
ضار و قضیة أبی طالب علیه السلام لعلها إلزام علی العامة القائلین بكونه كافرا و أما التوبة فقد مضی القول فیها و النكوص الإحجام عن الشی ء و نكص رجع و المخامرة المخالطة.
أقول: سیأتی سائر احتجاجاتهما صلوات اللّٰه علیهما فی أبواب تأریخهما و كتاب الفتن و إنما أوردنا هاهنا قلیلا منها.
«1»- ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: دَخَلَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْكُوفَةِ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها قُریً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُوا فِیها لَیالِیَ وَ أَیَّاماً آمِنِینَ قَالَ لَهُ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِیهَا قَبْلَكُمْ بِالْعِرَاقِ قَالَ یَقُولُونَ إِنَّهَا مَكَّةُ فَقَالَ وَ هَلْ رَأَیْتَ السَّرَقَ فِی مَوْضِعٍ أَكْثَرَ مِنْهُ بِمَكَّةَ قَالَ فَمَا هُوَ قَالَ إِنَّمَا عَنَی الرِّجَالَ قَالَ وَ أَیْنَ ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَ وَ مَا تَسْمَعُ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ وَ قَالَ وَ تِلْكَ الْقُری أَهْلَكْناهُمْ وَ قَالَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی كُنَّا فِیها وَ الْعِیرَ الَّتِی أَقْبَلْنا فِیها فَلْیَسْأَلِ الْقَرْیَةَ (1)أَوِ الرِّجَالَ أَوِ الْعِیرَ قَالَ وَ تَلَا علیه السلام آیَاتٍ فِی هَذَا الْمَعْنَی قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَنْ هُمْ قَالَ علیه السلام نَحْنُ هُمْ وَ قَوْلُهُ (2)سِیرُوا فِیها لَیالِیَ وَ أَیَّاماً آمِنِینَ قَالَ آمِنِینَ مِنَ الزَّیْغِ (3).
بیان: هذا أحد بطون الآیة الكریمة فالمراد بالقری التی باركنا فیها الأئمة علیهم السلام إما بتأویل أهل القری أو كنی عنهم بها لأنهم مجمع العلوم كما قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنا مدینة العلم و علی بابها و بالقری الظاهرة سفراؤهم و خواص أصحابهم الذین
ص: 145
یوصلون علومهم إلی من دونهم كما صرح به فی بعض الأخبار و روی فی بعضها أن سیر الشیعة آمنین فی زمن القائم عجل اللّٰه تعالی فرجه.
«2»- ج، الإحتجاج وَ رُوِیَ أَنَّ زَیْنَ الْعَابِدِینَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَرَّ عَلَی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ هُوَ یَعِظُ النَّاسَ بِمِنًی فَوَقَفَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمْسِكْ أَسْأَلْكَ عَنِ الْحَالِ الَّتِی أَنْتَ عَلَیْهَا مُقِیمٌ أَ تَرْضَاهَا لِنَفْسِكَ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ لِلْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ بِكَ غَداً قَالَ لَا قَالَ أَ فَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِالتَّحَوُّلِ وَ الِانْتِقَالِ عَنِ الْحَالِ الَّتِی لَا تَرْضَاهَا لِنَفْسِكَ إِلَی الْحَالِ الَّتِی تَرْضَاهَا قَالَ فَأَطْرَقَ مَلِیّاً ثُمَّ قَالَ إِنِّی أَقُولُ ذَلِكَ بِلَا حَقِیقَةٍ قَالَ أَ فَتَرْجُو نَبِیّاً بَعْدَ مُحَمَّدٍ یَكُونُ لَكَ مَعَهُ سَابِقَةٌ قَالَ لَا قَالَ أَ فَتَرْجُو دَاراً غَیْرَ الدَّارِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا تَرِدُ إِلَیْهَا فَتَعْمَلَ فِیهَا قَالَ لَا قَالَ أَ فَرَأَیْتَ أَحَداً بِهِ مُسْكَةُ عَقْلٍ رَضِیَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِهَذَا إِنَّكَ عَلَی حَالٍ لَا تَرْضَاهَا وَ لَا تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِالانْتِقَالِ إِلَی حَالٍ تَرْضَاهَا عَلَی حَقِیقَةٍ وَ لَا تَرْجُو نَبِیّاً بَعْدَ مُحَمَّدٍ وَ لَا دَاراً غَیْرَ الدَّارِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا فَتَرِدَ إِلَیْهَا فَتَعْمَلَ فِیهَا وَ أَنْتَ تَعِظُ النَّاسَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَلِمَ تَشْغَلُ النَّاسَ عَنِ الْفِعْلِ وَ أَنْتَ تَعِظُ النَّاسَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّی علیه السلام قَالَ الْحَسَنُ مَنْ هَذَا قَالُوا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ أَهْلُ بَیْتِ عِلْمٍ فَمَا رُئِیَ الْحَسَنُ بَعْدَ ذَلِكَ یَعِظُ النَّاسَ (1).
«3»- أَقُولُ وَ رَوَی السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ الْفُصُولِ عَنِ الشَّیْخِ (2)بِإِسْنَادِهِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِمَا ذَا فُضِّلْتُمُ النَّاسَ جَمِیعاً وَ سُدْتُمُوهُمْ فَقَالَ لَهُ علیه السلام أَنَا أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَا یَخْلُونَ مِنْ أَنْ یَكُونُوا أَحَدَ ثَلَاثَةٍ إِمَّا رَجُلٌ أَسْلَمَ عَلَی یَدِ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ فَهُوَ مَوْلَانَا وَ نَحْنُ سَادَاتُهُ وَ إِلَیْنَا یَرْجِعُ بِالْوَلَاءِ أَوْ رَجُلٌ قَاتَلَنَا فَقَتَلْنَاهُ فَمَضَی إِلَی النَّارِ أَوْ رَجُلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُوَ صَاغِرٌ وَ لَا رَابِعَ لِلْقَوْمِ فَأَیُّ فَضْلٍ لَمْ نَحُزْهُ وَ شَرَفٍ لَمْ نُحَصِّلْهُ بِذَلِكَ (3).
ص: 146
«1»- كنز الكراجكی، قال الشعبی (1)
كنت بواسط و كان یوم أضحی فحضرت صلاة العید مع الحجاج فخطب خطبة بلیغة فلما انصرف جاءنی رسوله فأتیته فوجدته جالسا مستوفزا قال یا شعبی هذا یوم أضحی و قد أردت أن أضحی فیه برجل من أهل العراق و أحببت أن تستمع قوله فتعلم أنی قد أصبت الرأی فیما أفعل به فقلت أیها الأمیر أ و تری أن تستن (2)بسنة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و تضحی بما أمر أن یضحی به و تفعل مثل فعله و تدع ما أردت أن تفعله به فی هذا الیوم العظیم إلی غیره فقال یا شعبی إنك إذا سمعت ما یقول صوبت رأیی فیه لكذبه علی اللّٰه و علی رسوله و إدخال الشبهة فی الإسلام قلت أ فیری الأمیر أن یعفینی من ذلك قال لا بد منه ثم أمر بنطع فبسط و بالسیاف فأحضر و قال أحضروا الشیخ فأتوا به فإذا هو یحیی بن یعمر (3)فاغتممت غما شدیدا و قلت فی نفسی و أی شی ء یقوله یحیی مما یوجب قتله
ص: 147
فقال له الحجاج أنت تزعم أنك زعیم العراق قال یحیی أنا فقیه من فقهاء العراق قال فمن أی فقهك زعمت أن الحسن و الحسین من ذریة رسول اللّٰه قال ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق قال و بأی حق قلته قال بكتاب اللّٰه عز و جل فنظر إلی الحجاج و قال اسمع ما یقول فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه أ تعرف أنت فی كتاب اللّٰه عز و جل أن الحسن و الحسین من ذریة محمد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فجعلت أفكر فی ذلك فلم أجد فی القرآن شیئا یدل علی ذلك و فكر الحجاج ملیا ثم قال لیحیی لعلك ترید قول اللّٰه تعالی فَمَنْ حَاجَّكَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ و أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خرج للمباهلة و معه علی و فاطمة و الحسن و الحسین قال الشعبی فكأنما أهدی إلی قلبی سرورا و قلت فی نفسی قد خلص یحیی و كان الحجاج حافظا للقرآن فقال له یحیی و اللّٰه إنها لحجة فی ذلك بلیغة و لكن لیس منها أحتج لما قلت فاصفر وجه الحجاج و أطرق ملیا ثم رفع رأسه إلی یحیی و قال له إن أنت جئت من كتاب اللّٰه بغیرها فی ذلك فلك عشرة ألف (آلاف) درهم و إن لم تأت فأنا فی حل من دمك قال نعم قال الشعبی فغمنی قوله و قلت أ ما كان فی الذی نزع به الحجاج ما یحتج به یحیی و یرضیه بأنه قد عرفه و سبقه إلیه و یتخلص منه حتی رد علیه و أفحمه فإن جاءه بعد هذا بشی ء لم آمن أن یدخل علیه فیه من القول ما یبطل به حجته لئلا یقال إنه قد علم ما قد جهله هو فقال یحیی للحجاج قول اللّٰه تعالی وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ من عنی بذلك قال الحجاج إبراهیم علیه السلام قال فداود و سلیمان من ذریته قال نعم قال یحیی و من نص اللّٰه علیه بعد هذا أنه من ذریته فقرأ الحجاج وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ قال یحیی و من قال وَ زَكَرِیَّا وَ یَحْیی وَ عِیسی قال یحیی و من أین كان عیسی من ذریة إبراهیم علیه السلام و لا أب له قال من أمه مریم علیها السلام قال یحیی فمن أقرب مریم من إبراهیم علیه السلام أم فاطمة من محمد صلی اللّٰه علیه و آله و عیسی من إبراهیم و الحسن و الحسین علیهما السلام من رسول اللّٰه
ص: 148
صلی اللّٰه علیه و آله؟ قال الشعبی : فكأنما ألقمه حجرا ، (1)فقال : أطلقوه قبحه اللّٰه ، وادفعوا إلیه عشرة ألف درهم لا بارك اللّٰه له فیها. ثم أقبل علی فقال : قد كان رأیك صوابا ولكنا أبیناه ، ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه ، وما تكلم بكلمة حتی انصرفنا ولم یزل مما احتج به یحیی بن یعمر واجما.(2)
بیان : قال الجوهری : استوفز فی قعدته : إذا قعد قعودا منتصبا غیر مطمئن. وفی القاموس : وجم كوعد وجما ووجوما : سكت علی غیظ. والشئ : كرهه.(3)
«1»- فس، تفسیر القمی حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِیِّ قَالَ: أَخْرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الشَّامِ وَ كَانَ یُنَزِّلُهُ مَعَهُ فَكَانَ یَقْعُدُ مَعَ النَّاسِ فِی مَجَالِسِهِمْ فَبَیْنَا هُوَ قَاعِدٌ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ یَسْأَلُونَهُ إِذْ نَظَرَ إِلَی النَّصَارَی یَدْخُلُونَ فِی جَبَلٍ هُنَاكَ فَقَالَ مَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَ لَهُمْ عِیدٌ الْیَوْمَ قَالُوا لَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَكِنَّهُمْ یَأْتُونَ عَالِماً لَهُمْ فِی هَذَا الْجَبَلِ فِی كُلِّ سَنَةٍ فِی هَذَا الْیَوْمِ فَیُخْرِجُونَهُ وَ یَسْأَلُونَهُ عَمَّا یُرِیدُونَ وَ عَمَّا یَكُونُ فِی عَامِهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ لَهُ عِلْمٌ فَقَالُوا مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ الْحَوَارِیِّینَ مِنْ أَصْحَابِ عِیسَی ع- قَالَ فَهَلُمَّ أَنْ نَذْهَبَ إِلَیْهِ (4)فَقَالُوا ذَلِكَ إِلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَقَنَّعَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ وَ مَضَی هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَاخْتَلَطُوا بِالنَّاسِ حَتَّی أَتَوُا الْجَبَلَ قَالَ فَقَعَدَ أَبُو جَعْفَرٍ وَسْطَ النَّصَارَی هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَأَخْرَجَ النَّصَارَی بِسَاطاً ثُمَّ وَضَعُوا الْوَسَائِدَ ثُمَّ دَخَلُوا فَأَخْرَجُوا ثُمَّ رَبَطُوا عَیْنَیْهِ فَقَلَّبَ عَیْنَیْهِ (5)كَأَنَّهُمَا عَیْنَا أَفْعًی ثُمَّ قَصَدَ نَحْوَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام (6)فَقَالَ لَهُ
ص: 149
أَ مِنَّا أَنْتَ أَوْ مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مِنَ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ قَالَ أَ فَمِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنْتَ أَوْ مِنْ جُهَّالِهِمْ قَالَ لَسْتُ مِنْ جُهَّالِهِمْ قَالَ النَّصْرَانِیُّ أَسْأَلُكَ أَوْ تَسْأَلُنِی قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام سَلْنِی (1)فَقَالَ یَا مَعْشَرَ النَّصَارَی رَجُلٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ یَقُولُ سَلْنِی إِنَّ هَذَا لَعَالِمٌ بِالْمَسَائِلِ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ سَاعَةٍ مَا هِیَ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَا هِیَ مِنَ النَّهَارِ أَیَّ سَاعَةٍ هِیَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ النَّصْرَانِیُّ فَإِذَا لَمْ یَكُنْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ لَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَمِنْ أَیِّ السَّاعَاتِ هِیَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مِنْ سَاعَاتِ الْجَنَّةِ وَ فِیهَا تُفِیقُ مَرْضَانَا فَقَالَ النَّصْرَانِیُّ أَصَبْتَ فَأَسْأَلُكَ أَوْ تَسْأَلُنِی قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام سَلْنِی قَالَ یَا مَعَاشِرَ النَّصَارَی إِنَّ هَذَا لَمَلِیٌّ بِالْمَسَائِلِ أَخْبِرْنِی عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَیْفَ صَارُوا یَأْكُلُونَ وَ لَا یَتَغَوَّطُونَ أَعْطِنِی مِثْلَهُ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُوَ هَذَا الْجَنِینُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُ أُمُّهُ وَ لَا یَتَغَوَّطُ قَالَ النَّصْرَانِیُّ أَصَبْتَ أَ لَمْ تَقُلْ مَا أَنَا مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّمَا قُلْتُ لَكَ مَا أَنَا مِنْ جُهَّالِهِمْ قَالَ النَّصْرَانِیُّ فَأَسْأَلُكَ أَوْ تَسْأَلُنِی (2)(قَالَ) أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام سَلْنِی قَالَ یَا مَعْشَرَ النَّصَارَی وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّهُ یَرْتَطِمُ فِیهَا كَمَا یَرْتَطِمُ الْحِمَارُ فِی الْوَحَلِ فَقَالَ اسْأَلْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ رَجُلٍ دَنَا مِنِ امْرَأَتِهِ فَحَمَلَتْ بِابْنَیْنِ جَمِیعاً حَمَلَتْهُمَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ (3)وَ مَاتَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ دُفِنَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ فَعَاشَ أَحَدُهُمَا خَمْسِینَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ وَ عَاشَ الْآخَرُ خَمْسِینَ سَنَةً مَنْ هُمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُمَا عُزَیْرٌ وَ عَزْرَةُ كَانَ حَمَلَ أُمُّهُمَا مَا وَصَفْتَ (4)وَ وَضَعَتْهُمَا عَلَی مَا وَصَفْتَ وَ عَاشَ عَزْرَةُ وَ عُزَیْرٌ فَعَاشَ عَزْرَةُ وَ عُزَیْرٌ ثَلَاثِینَ سَنَةً (5)ثُمَّ أَمَاتَ اللَّهُ عُزَیْراً مِائَةَ سَنَةٍ وَ
ص: 150
بَقِیَ عَزْرَةُ یَحْیَا (1)ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عُزَیْراً فَعَاشَ مَعَ عَزْرَةِ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ النَّصْرَانِیُّ یَا مَعْشَرَ النَّصَارَی مَا رَأَیْتُ أَحَداً قَطُّ أَعْلَمَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ حَرْفٍ وَ هَذَا بِالشَّامِ رُدُّونِی (2)فَرَدُّوهُ إِلَی كَهْفِهِ وَ رَجَعَ النَّصَارَی مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام (3).
بیان: قوله و ربطوا عینیه أی قد كانوا ربطوهما قبل أن یخرجوه فلما حلوا الرباط قلبهما و نظر إلیهم و یحتمل أن یكونوا ربطوا جفنی عینیه العلیاوین إلی فوق لیتمكن من النظر من كثرة الكبر (4)و یقال رطمه إذا أدخله فی أمر لا یخرج منه فارتطم و الوحل الطین.
«2»- یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَسْجِدَ الْحَرَامِ فَإِذَا طَاوُسٌ الْیَمَانِیُّ (5)یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ تَدْرُونَ مَتَی قُتِلَ نِصْفُ النَّاسِ فَسَمِعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ نِصْفُ النَّاسِ قَالَ إِنَّمَا هُوَ رُبُعُ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ قَابِیلُ وَ هَابِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَ تَدْرِی مَا صُنِعَ بِالْقَاتِلِ قَالَ لَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قُلْتُ فِی نَفْسِی هَذِهِ وَ اللَّهِ مَسْأَلَةٌ قَالَ فَغَدَوْتُ إِلَیْهِ فِی مَنْزِلِهِ فَلَبِسَ ثِیَابَهُ وَ أُسْرِجَ لَهُ قَالَ فَبَدَأَنِی بِالْحَدِیثِ قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ إِنَّ بِالْهِنْدِ أَوْ بِتِلْقَاءِ الْهِنْدِ رجل (رَجُلًا) یَلْبَسُ الْمُسُوحَ مَغْلُولَةً یَدُهُ إِلَی عُنُقِهِ مُوَكَّلٌ بِهِ عَشَرَةُ رَهْطٍ تَفْنَی النَّاسُ وَ لَا یَفْنُونَ كُلَّمَا ذَهَبَ وَاحِدٌ جُعِلَ مَكَانَهُ آخَرُ یَدُورُ مَعَ الشَّمْسِ حَیْثُ مَا دَارَتْ یُعَذَّبُ بِحَرِّ الشَّمْسِ وَ زَمْهَرِیرِ الْبَرْدِ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ
ص: 151
قَالَ وَ قُلْتُ وَ مَنْ ذَا جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ قَابِیلُ (1).
«3»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَی عَامِلِهِ بِالْمَدِینَةِ فِی رِوَایَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ وَجِّهْ إِلَیَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ فَخَرَجَ أَبِی وَ أَخْرَجَنِی مَعَهُ فَمَضَیْنَا حَتَّی أَتَیْنَا مَدْیَنَ شُعَیْبٍ فَإِذَا نَحْنُ بِدَیْرٍ عَظِیمٍ وَ عَلَی بَابِهِ أَقْوَامٌ عَلَیْهِمْ ثِیَابُ صُوفٍ خَشِنَةٌ فَأَلْبَسَنِی وَالِدِی وَ لَبِسَ ثِیَاباً خَشِنَةً فَأَخَذَ بِیَدِی حَتَّی جِئْنَا وَ جَلَسْنَا عِنْدَ الْقَوْمِ فَدَخَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الدَّیْرَ فَرَأَیْنَا شَیْخاً قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ مِنَ الْكِبَرِ فَنَظَرَ إِلَیْنَا فَقَالَ لِأَبِی أَنْتَ مِنَّا أَمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ قَالَ مِنْ عُلَمَائِهَا أَوْ مِنْ جُهَّالِهَا قَالَ أَبِی مِنْ عُلَمَائِهَا قَالَ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ سَلْ (2)قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا وَ أَكَلُوا مِنْ نَعِیمِهَا (3)هَلْ یَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ قَالَ لَا قَالَ الشَّیْخُ مَا نَظِیرُهُ قَالَ أَبِی أَ لَیْسَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ یُؤْخَذُ مِنْهَا وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهَا شَیْ ءٌ قَالَ أَنْتَ مِنْ عُلَمَائِهَا ثُمَّ قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَلْ یَحْتَاجُونَ إِلَی الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ قَالَ أَبِی لَا قَالَ وَ مَا نَظِیرُ ذَلِكَ قَالَ أَبِی أَ لَیْسَ الْجَنِینُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ وَ لَا یَبُولُ وَ لَا یَتَغَوَّطُ (4)قَالَ صَدَقْتَ قَالَ وَ سَأَلَ عَنْ مَسَائِلَ فَأَجَابَ أَبِی (5)ثُمَّ قَالَ الشَّیْخُ أَخْبِرْنِی عَنْ تَوْأَمَیْنِ وُلِدَا فِی سَاعَةٍ وَ مَاتَا فِی سَاعَةٍ (6)عَاشَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ عَاشَ الْآخَرُ خَمْسِینَ سَنَةً مَنْ كَانَا وَ كَیْفَ قِصَّتُهُمَا قَالَ أَبِی هُمَا عُزَیْرٌ وَ عَزْرَةُ أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَی عُزَیْراً بِالنُّبُوَّةِ عِشْرِینَ سَنَةً وَ أَمَاتَهُ مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ أَحْیَاهُ فَعَاشَ بَعْدَهُ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ مَاتَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَخَرَّ الشَّیْخُ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَقَالَ فَقَامَ أَبِی وَ خَرَجْنَا مِنَ الدَّیْرِ فَخَرَجَ إِلَیْنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الدَّیْرِ وَ قَالُوا یَدْعُوكَ
ص: 152
شَیْخُنَا فَقَالَ أَبِی مَا لِی بِشَیْخِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ عِنْدَنَا حَاجَةٌ فَلْیَقْصِدْنَا فَرَجَعُوا ثُمَّ جَاءُوا بِهِ وَ أَجْلَسَ بَیْنَ یَدَیْ أَبِی فَقَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ علیه السلام مُحَمَّدٌ قَالَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ النَّبِیُّ قَالَ لَا أَنَا ابْنُ بِنْتِهِ قَالَ مَا اسْمُ أُمِّكَ قَالَ أُمِّی فَاطِمَةُ قَالَ مَنْ كَانَ أَبُوكَ قَالَ اسْمُهُ عَلِیٌّ قَالَ أَنْتَ ابْنُ إِلْیَا بِالْعِبْرَانِیَّةِ وَ عَلِیٍّ بِالْعَرَبِیَّةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ شَبَّرَ أَوْ شَبِیرٍ قَالَ إِنِّی ابْنُ شَبِیرٍ قَالَ الشَّیْخُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ جَدَّكَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ ارْتَحَلْنَا حَتَّی أَتَیْنَا عَبْدَ الْمَلِكِ فَنَزَلَ مِنْ سَرِیرِهِ وَ اسْتَقْبَلَ أَبِی وَ قَالَ عُرِضَتْ لِی مَسْأَلَةٌ لَمْ یَعْرِفْهَا الْعُلَمَاءُ فَأَخْبِرْنِی إِذَا قَتَلَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ إِمَامَهَا الْمَفْرُوضَ طَاعَتُهُ عَلَیْهِمْ أَیُّ عِبْرَةٍ یُرِیهِمُ اللَّهُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ أَبِی إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا یَرْفَعُونَ حَجَراً إِلَّا وَ یَرَوْنَ تَحْتَهُ دَماً عَبِیطاً فَقَبَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَأْسَ أَبِی وَ قَالَ صَدَقْتَ إِنَّ فِی یَوْمٍ قُتِلَ فِیهِ أَبُوكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام (1)كَانَ عَلَی بَابِ أَبِی مَرْوَانَ حَجَرٌ عَظِیمٌ فَأَمَرَ أَنْ یَرْفَعُوهُ فَرَأَیْنَا تَحْتَهُ دَماً عَبِیطاً یَغْلِی وَ كَانَ لِی أَیْضاً حَوْضٌ كَبِیرٌ فِی بُسْتَانِی وَ كَانَ حَافَتُهُ حِجَارَةً سَوْدَاءَ فَأَمَرْتُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُوضَعَ مَكَانَهَا حِجَارَةٌ بِیضٌ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَرَأَیْتُ دَماً عَبِیطاً یَغْلِی تَحْتَهَا أَ تُقِیمُ عِنْدَنَا وَ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ مَا تَشَاءُ أَمْ تَرْجِعُ قَالَ أَبِی بَلْ أَرْجِعُ إِلَی قَبْرِ جَدِّی فَأَذِنَ لَهُ بِالانْصِرَافِ فَبَعَثَ قَبْلَ خُرُوجِنَا بَرِیداً یَأْمُرُ أَهْلَ كُلِّ مَنْزِلٍ أَنْ لَا یُطْعِمُونَا شَیْئاً وَ لَا یُمْكِنُونَا مِنَ النُّزُولِ فِی بَلَدٍ حَتَّی نَمُوتَ جُوعاً فَكُلَّمَا بَلَغْنَا مَنْزِلًا طَرَدُونَا وَ فَنِیَ زَادُنَا حَتَّی أَتَیْنَا مَدْیَنَ شُعَیْبٍ وَ قَدْ أُغْلِقَ بَابُهُ فَصَعِدَ أَبِی جَبَلًا هُنَاكَ مُطِلًّا عَلَی الْبَلَدِ أَوْ مَكَاناً مُرْتَفِعاً عَلَیْهِ فَقَرَأَ (2)وَ إِلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ إِنِّی أَراكُمْ بِخَیْرٍ وَ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ مُحِیطٍ وَ یا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْیالَ وَ الْمِیزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ بَقِیَّتُ اللَّهِ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
ص: 153
مُؤْمِنِینَ ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ وَ قَالَ وَ اللَّهِ أَنَا بَقِیَّةُ اللَّهِ فَأَخْبَرُوا الشَّیْخَ بِقُدُومِنَا وَ أَحْوَالِنَا فَحَمَلُوهُ إِلَی أَبِی وَ كَانَ لَهُمْ مَعَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ كَثِیرٌ فَأَحْسَنَ ضِیَافَتَنَا فَأَمَرَ الْوَالِی بِتَقْیِیدِ الشَّیْخِ فَقَیَّدُوهُ لِیَحْمِلُوهُ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ وَ بَكَیْتُ فَقَالَ وَالِدِی وَ لَا بَأْسَ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالشَّیْخِ وَ لَا یَصِلُ إِلَیْهِ فَإِنَّهُ یُتَوَفَّی أَوَّلَ مَنْزِلٍ یَنْزِلُهُ وَ ارْتَحَلْنَا حَتَّی رَجَعْنَا إِلَی الْمَدِینَةِ بِجَهْدٍ (1).
«4»- كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقُلْتُ فَمَا حَاجَتُكَ فَقَالَ لِی أَ تَعْرِفُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَیْهِ فَقَالَ هَیَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِینَ مَسْأَلَةً أَسْأَلُهُ عَنْهَا فَمَا كَانَ مِنْ حَقٍّ أَخَذْتُهُ وَ مَا كَانَ مِنْ بَاطِلٍ تَرَكْتُهُ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَقُلْتُ هَلْ تَعْرِفُ مَا بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ لَهُ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَیْهِ إِذَا كُنْتَ تَعْرِفُ مَا بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فَقَالَ لِی یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ قَوْمٌ مَا تُطَاقُونَ إِذَا رَأَیْتَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فَأَخْبِرْنِی فَمَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ (2)حَتَّی أَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ حَوْلَهُ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَ غَیْرُهُمْ یَسْأَلُونَهُ عَنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَمَضَی حَتَّی جَلَسَ مَجْلِسَهُ وَ جَلَسَ الرَّجُلُ قَرِیباً مِنْهُ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَجَلَسْتُ بِحَیْثُ أَسْمَعُ الْكَلَامَ وَ حَوْلَهُ عَالِمٌ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا قَضَی حَوَائِجَهُمْ وَ انْصَرَفُوا الْتَفَتَ إِلَی الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ الْبَصْرِیُّ (3)فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَنْتَ فَقِیهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ
ص: 154
علیه السلام وَیْحَكَ یَا قَتَادَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِهِ فَجَعَلَهُمْ حُجَجاً عَلَی خَلْقِهِ وَ هُمْ أَوْتَادٌ فِی أَرْضِهِ قُوَّامٌ بِأَمْرِهِ نُجَبَاءُ فِی عِلْمِهِ اصْطَفَاهُمْ قَبْلَ خَلْقِهِ أَظِلَّةً عَنْ یَمِینِ عَرْشِهِ قَالَ فَسَكَتَ قَتَادَةُ طَوِیلًا ثُمَّ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ لَقَدْ جَلَسْتُ بَیْنَ یَدَیِ الْفُقَهَاءِ وَ قُدَّامَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا اضْطَرَبَ قَلْبِی قُدَّامَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا اضْطَرَبَ قُدَّامَكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَ تَدْرِی أَیْنَ أَنْتَ بَیْنَ یَدَیْ (1)بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ فَأَنْتَ ثَمَّ وَ نَحْنُ أُولَئِكَ فَقَالَ قَتَادَةُ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ وَ اللَّهِ مَا هِیَ بُیُوتَ حِجَارَةٍ وَ لَا طِینٍ قَالَ قَتَادَةُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْجُبُنِّ فَتَبَسَّمَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ قَالَ رَجَعَتْ مَسَائِلُكَ إِلَی هَذَا قَالَ ضَلَّتْ عَنِّی فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ إِنَّهُ رُبَّمَا جُعِلَتْ فِیهِ إِنْفَحَةُ الْمَیِّتِ قَالَ لَیْسَ بِهَا بَأْسٌ إِنَّ الْإِنْفَحَةَ لَیْسَتْ لَهَا عُرُوقٌ وَ لَا فِیهَا دَمٌ وَ لَا لَهَا عَظْمٌ إِنَّمَا تَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّمَا الْإِنْفَحَةُ بِمَنْزِلَةِ دَجَاجَةٍ مَیْتَةٍ خَرَجَتْ مِنْهَا بَیْضَةٌ فَهَلْ تَأْكُلُ تِلْكَ الْبَیْضَةَ فَقَالَ قَتَادَةُ لَا وَ لَا آمُرُ بِأَكْلِهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهَا مِنَ الْمَیْتَةِ قَالَ لَهُ فَإِنْ حُضِنَتْ تِلْكَ الْبَیْضَةُ فَخَرَجَتْ مِنْهَا دَجَاجَةٌ أَ تَأْكُلُهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَرَّمَ عَلَیْكَ الْبَیْضَةَ وَ أَحَلَّ لَكَ الدَّجَاجَةَ ثُمَّ قَالَ فَكَذَلِكَ الْإِنْفَحَةُ مِثْلُ الْبَیْضَةِ فَاشْتَرِ الْجُبُنَّ مِنْ أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِینَ مِنْ أَیْدِی الْمُصَلِّینَ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَكَ مَنْ یُخْبِرُكَ عَنْهُ (2).
ص: 155
«5»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ لَهُ الْأَبْرَشُ الْكَلْبِیُّ بَلَغَنِی أَنَّكَ قُلْتَ فِی قَوْلِ اللَّهِ یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ أَنَّهَا تُبَدَّلُ خُبْزَةً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام صَدَقُوا تُبَدَّلُ الْأَرْضُ خُبْزَةً نَقِیَّةً فِی الْمَوْقِفِ یَأْكُلُونَ مِنْهَا فَضَحِكَ الْأَبْرَشُ وَ قَالَ أَ مَا لَهُمْ شُغُلٌ بِمَا هُمْ فِیهِ عَنْ أَكْلِ الْخُبُزِ فَقَالَ وَیْحَكَ فِی أَیِّ الْمَنْزِلَتَیْنِ هُمْ أَشَدُّ شُغُلًا وَ أَسْوَأُ حَالًا إِذَا هُمْ فِی الْمَوْقِفِ أَوْ فِی النَّارِ یُعَذَّبُونَ فَقَالَ لَا فِی النَّارِ فَقَالَ وَیْحَكَ وَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَیْهِ مِنَ الْحَمِیمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِیمِ قَالَ فَسَكَتَ.
وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَالَ وَ هُمْ فِی النَّارِ لَا یُشْغَلُونَ عَنْ أَكْلِ الضَّرِیعِ وَ شُرْبِ الْحَمِیمِ وَ هُمْ فِی الْعَذَابِ كَیْفَ یُشْغَلُونَ عَنْهُ فِی الْحِسَابِ (1).
«6»- قب، المناقب لابن شهرآشوب سَأَلَ طَاوُسٌ الْیَمَانِیُّ الْبَاقِرَ علیه السلام مَتَی هَلَكَ ثُلُثُ النَّاسِ فَقَالَ علیه السلام یَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ یَمُتْ ثُلُثُ النَّاسِ قَطُّ یَا شَیْخُ أَرَدْتَ أَنْ تَقُولَ مَتَی هَلَكَ رُبُعُ النَّاسِ وَ ذَلِكَ یَوْمَ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ كَانُوا أَرْبَعَةً آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ هَابِیلُ وَ قَابِیلُ فَهَلَكَ رُبُعُهُمْ قَالَ فَأَیُّهُمَا كَانَ أَبَا النَّاسِ الْقَاتِلَ أَوِ الْمَقْتُولَ قَالَ لَا وَاحِدَ مِنْهُمَا أَبُوهُمْ شَیْثٌ وَ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ قَلِیلُهُ حَلَالٌ وَ كَثِیرُهُ حَرَامٌ فِی الْقُرْآنِ قَالَ نَهَرُ طَالُوتَ إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِیَدِهِ وَ عَنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ بِغَیْرِ وُضُوءٍ وَ صَوْمٍ لَا یَحْجُزُ عَنْ أَكْلٍ وَ شُرْبٍ فَقَالَ علیه السلام الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ وَ الصَّوْمُ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً وَ عَنْ شَیْ ءٍ یَزِیدُ وَ یَنْقُصُ فَقَالَ علیه السلام الْقَمَرُ وَ عَنْ شَیْ ءٍ یَزِیدُ وَ لَا یَنْقُصُ فَقَالَ الْبَحْرُ وَ عَنْ شَیْ ءٍ یَنْقُصُ وَ لَا یَزِیدُ فَقَالَ الْعُمُرُ وَ عَنْ طَائِرٍ طَارَ مَرَّةً وَ لَمْ یَطِرْ قَبْلَهَا وَ لَا بَعْدَهَا قَالَ علیه السلام طُورُ سَیْنَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ (2)فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ عَنْ قَوْمٍ شَهِدُوا بِالْحَقِّ وَ هُمْ كَاذِبُونَ قَالَ علیه السلام الْمُنَافِقُونَ حِینَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ (3).
ص: 156
«7»- مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ (1)
رَأَیْتُ الْبَاقِرَ علیه السلام وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی غُلَامَیْنِ أَسْوَدَیْنِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ عَلَی بُهْرٍ وَ قَدْ تَصَبَّبَ عَرَقاً فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ لَوْ جَاءَكَ الْمَوْتُ وَ أَنْتَ عَلَی هَذِهِ الْحَالِ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا فَخَلَّی الْغُلَامَیْنِ مِنْ یَدِهِ وَ تَسَانَدَ وَ قَالَ لَوْ جَاءَنِی أَنَا فِی طَاعَةٍ مِنْ طَاعَاتِ اللَّهِ أَكُفُّ بِهَا نَفْسِی عَنْكَ وَ عَنِ النَّاسِ وَ إِنَّمَا كُنْتُ أَخَافُ اللَّهَ لَوْ جَاءَنِی وَ أَنَا عَلَی مَعْصِیَةٍ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَقُلْتُ رَحِمَكَ اللَّهُ أَرَدْتُ أَنْ أَعِظَكَ فَوَعَظْتَنِی (2).
«8»- وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ (3)یَقُولُ لَوْ عَرَفْتُ أَنَّ بَیْنَ قُطْرَیْهَا أَحَداً تُبْلِغُنِی إِلَیْهِ الْإِبِلُ یَخْصِمُنِی بِأَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَ هُوَ غَیْرُ ظَالِمٍ لَرَحَلْتُهَا إِلَیْهِ قِیلَ لَهُ ائْتِ وَلَدَهُ مُحَمَّدَ الْبَاقِرِ علیه السلام فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ علیه السلام بَعْدَ الْكَلَامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّنَا بِوَلَایَتِهِ یَا مَعْشَرَ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْقَبَةٌ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلْیَقُمْ وَ لْیُحَدِّثْ فَقَامُوا وَ نَشَرُوا مِنْ مَنَاقِبِهِ
ص: 157
فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی قَوْلِهِ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ الْخَبَرَ سَأَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ صِحَّتِهِ فَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِیهِ وَ لَكِنْ عَلِیّاً أَحْدَثَ الْكُفْرَ بَعْدُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ أَحَبَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ أَحَبَّهُ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَقْتُلُ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ أَمْ لَمْ یَعْلَمْ إِنْ قُلْتَ لَا كَفَرْتَ فَقَالَ قَدْ عَلِمَ قَالَ فَأَحَبَّهُ عَلَی أَنْ یَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ أَمْ عَلَی أَنْ یَعْمَلَ بِمَعْصِیَتِهِ قَالَ عَلَی أَنْ یَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قُمْ مَخْصُوصاً فَقَامَ وَ هُوَ یَقُولُ حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَكُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ (1).
«9»- وَ فِی حَدِیثِ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ (2)أَنَّهُ سَأَلَ الْبَاقِرَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَی وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ مَنِ الَّذِی یَسْأَلُهُ مُحَمَّدٌ وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عِیسَی خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا ثُمَّ ذَكَرَ اجْتِمَاعَهُ بِالْمُرْسَلِینَ وَ الصَّلَاةَ بِهِمْ (3).
«10»- وَ تَكَلَّمَ بَعْضُ رُؤَسَاءِ الْكَیْسَانِیَّةِ مَعَ الْبَاقِرِ علیه السلام فِی حَیَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ لَهُ وَیْحَكَ مَا هَذِهِ الْحَمَاقَةُ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ أَمْ نَحْنُ قَدْ حَدَّثَنِی أَبِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ شَهِدَ مَوْتَهُ وَ غُسْلَهُ وَ كَفْنَهُ وَ الصَّلَاةَ عَلَیْهِ وَ إِنْزَالَهُ فِی قَبْرِهِ فَقَالَ شُبِّهَ عَلَی أَبِیكَ كَمَا شُبِّهَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَی الْیَهُودِ فَقَالَ لَهُ الْبَاقِرُ علیه السلام أَ فَنَجْعَلُ هَذِهِ الْحُجَّةَ قَضَاءً بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ رَأَیْتَ الْیَهُودَ الَّذِینَ شُبِّهَ عِیسَی علیه السلام عَلَیْهِمْ كَانُوا أَوْلِیَاءَهُ أَوْ أَعْدَاءَهُ قَالَ بَلْ كَانُوا أَعْدَاءَهُ قَالَ فَكَانَ أَبِی عَدُوَّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ فَشُبِّهَ لَهُ قَالَ لَا وَ انْقَطَعَ وَ رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَیْهِ (4).
«11»- وَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ سَأَلَهُ عَنْ بَدْءِ خَلْقِ الْبَیْتِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً فَرَدُّوا عَلَیْهِ بِقَوْلِهِمْ أَ تَجْعَلُ فِیها وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ وَقَعُوا فِی الْخَطِیئَةِ
ص: 158
فَعَاذُوا بِالْعَرْشِ فَطَافُوا حَوْلَهُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ یَسْتَرْضُونَ رَبَّهُمْ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضِیَ عَنْهُمْ وَ قَالَ لَهُمُ اهْبِطُوا إِلَی الْأَرْضِ فَابْنُوا لِی بَیْتاً یُعَوِّذُ بِهِ مَنْ أَذْنَبَ مِنْ عِبَادِی وَ یَطُوفُ حَوْلَهُ كَمَا طُفْتُم أَنْتُمْ حَوْلَ عَرْشِی فَأَرْضَی عَنْهُ كَمَا رَضِیتُ عَنْكُمْ فَبَنَوْا هَذَا الْبَیْتَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ صَدَقْتَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ فَمَا بَدْءُ هَذَا الْحَجَرِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا أَخَذَ مِیثَاقَ بَنِی آدَمَ أَجْرَی نَهَراً أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ أَلْیَنَ مِنَ الزُّبْدِ ثُمَّ أَمَرَ الْقَلَمَ اسْتَمَدَّ مِنْ ذَلِكَ وَ كَتَبَ إِقْرَارَهُمْ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ أَلْقَمَ ذَلِكَ الْكِتَابُ هَذَا الْحَجَرَ فَهَذَا الِاسْتِلَامُ الَّذِی تَرَی إِنَّمَا هُوَ بِیعَةٌ عَلَی إِقْرَارِهِمْ وَ كَانَ أَبِی إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ قَالَ اللَّهُمَّ أَمَانَتِی أَدَّیْتُهَا وَ مِیثَاقِی تَعَاهَدْتُهُ لِیَشْهَدَ لِی عِنْدَكَ بِالْوَفَاءِ فَقَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ ثُمَّ قَامَ فَلَمَّا وَلَّی قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام لِابْنِهِ الصَّادِقِ علیه السلام ارْدُدْهُ عَلَیَّ فَتَبِعَهُ إِلَی الصَّفَا فَلَمْ یَرَهُ فَقَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام أَرَاهُ الْخَضِرَ علیه السلام (1).
«12»- كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ قُولَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ الْقُمِّیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ (2)أَبِی فَاخِتَةَ قَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً فَصَحِبَنِی عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ الْقَاضِی (3)وَ ابْنُ قَیْسٍ الْمَاصِرُ (4)وَ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ (5)وَ كَانُوا إِذَا
ص: 159
نَزَلُوا مَنْزِلًا قَالُوا انْظُرِ الْآنَ فَقَدْ حَرَّرْنَا أَرْبَعَةَ آلَافِ مَسْأَلَةٍ نَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام مِنْهَا عَنْ ثَلَاثِینَ كُلَّ یَوْمٍ وَ قَدْ قَلَّدْنَاكَ ذَلِكَ قَالَ ثُوَیْرٌ فَغَمَّنِی ذَلِكَ حَتَّی إِذَا دَخَلْنَا الْمَدِینَةَ فَافْتَرَقْنَا فَنَزَلْتُ أَنَا عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ابْنَ ذَرٍّ وَ ابْنَ قَیْسٍ الْمَاصِرَ وَ الصَّلْتَ صَحِبُونِی وَ كُنْتُ أَسْمَعُهُمْ یَقُولُونَ قَدْ حَرَّرْنَا أَرْبَعَةَ آلَافِ مَسْأَلَةٍ نَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْهَا فَغَمَّنِی ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا یَغُمُّكَ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا جَاءُوا فَأْذَنْ لَهُمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ دَخَلَ مَوْلًی لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ بِالْبَابِ ابْنَ ذَرٍّ وَ مَعَهُ قَوْمٌ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا ثُوَیْرُ قُمْ فَأْذَنَ لَهُمْ فَقُمْتُ فَأَدْخَلْتُهُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا سَلَّمُوا وَ قَعَدُوا وَ لَمْ یَتَكَلَّمُوا فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ أَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَسْتَفْتِیهِمُ الْأَحَادِیثَ وَ أَقْبَلُوا لَا یَتَكَلَّمُونَ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ لِجَارِیَةٍ لَهُ یُقَالُ لَهَا سَرْحَةُ هَاتِی الْخِوَانَ فَلَمَّا جَاءَتْ بِهِ فَوَضَعَتْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حَدّاً یَنْتَهِی إِلَیْهِ حَتَّی أَنَّ لِهَذَا الْخِوَانِ حَدّاً یَنْتَهِی إِلَیْهِ فَقَالَ ابْنُ ذَرٍّ وَ مَا حَدُّهُ قَالَ إِذَا وُضِعَ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ وَ إِذَا رُفِعَ حُمِدَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ أَكَلُوا ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام اسْقِینِی فَجَاءَتْهُ بِكُوزٍ مِنْ أَدَمٍ فَلَمَّا صَارَ فِی یَدِهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حَدّاً یَنْتَهِی إِلَیْهِ حَتَّی أَنَّ لِهَذَا الْكُوزِ حَدّاً یَنْتَهِی إِلَیْهِ فَقَالَ ابْنُ ذَرٍّ وَ مَا حَدُّهُ قَالَ یُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِذَا شُرِبَ وَ یُحْمَدُ اللَّهُ عَلَیْهِ إِذَا فُرِغَ وَ لَا یُشْرَبُ مِنْ عِنْدِ عُرْوَتِهِ وَ لَا مِنْ كَسْرٍ إِنْ كَانَ فِیهِ قَالَ فَلَمَّا فَرَغُوا أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ یَسْتَفْتِیهِمُ الْأَحَادِیثَ فَلَا یَتَكَلَّمُونَ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ یَا ابْنَ ذَرٍّ أَ لَا تُحَدِّثُنَا بِبَعْضِ مَا سَقَطَ إِلَیْكُمْ مِنْ حَدِیثِنَا قَالَ بَلَی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ آخَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا ابْنَ ذَرٍّ إِذَا لَقِیتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا خَلَفْتَنِی فِی الثَّقَلَیْنِ فَمَا ذَا تَقُولُ قَالَ فَبَكَی ابْنُ ذَرٍّ حَتَّی رَأَیْتُ دُمُوعَهُ تَسِیلُ عَلَی لِحْیَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْأَكْبَرَ فَمَزَّقْنَاهُ وَ أَمَّا الْأَصْغَرَ فَقَتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِذاً تُصَدِّقَهُ یَا ابْنَ ذَرٍّ لَا وَ اللَّهِ لَا تَزُولُ قَدَمٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یُسْأَلَ عَنْ ثَلَاثٍ
ص: 160
عَنْ عُمُرِهِ فِیمَا أَفْنَاهُ وَ عَنْ مَالِهِ أَیْنَ اكْتَسَبَهُ وَ فِیمَا أَنْفَقَهُ وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ فَقَامُوا وَ خَرَجُوا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لِمَوْلًی لَهُ اتَّبِعْهُمْ فَانْظُرْ مَا یَقُولُونَ قَالَ فَتَبِعَهُمُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ سَمِعْتُهُمْ یَقُولُونَ لِابْنِ ذَرٍّ مَا عَلَی هَذَا خَرَجْنَا مَعَكَ فَقَالَ وَیْلَكُمْ اسْكُتُوا مَا أَقُولُ إِنَّ رَجُلًا یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ یَسْأَلُنِی عَنْ وَلَایَتِهِ وَ كَیْفَ أَسْأَلُ رَجُلًا یَعْلَمُ حَدَّ الْخِوَانِ وَ حَدَّ الْكُوزِ (1).
«13»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی السَّنَةِ الَّتِی حَجَّ فِیهَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَ كَانَ مَعَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ مَوْلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ فِی رُكْنِ الْبَیْتِ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ فَقَالَ لِهِشَامٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ هَذَا الَّذِی یَتَكَافَأُ عَلَیْهِ النَّاسُ فَقَالَ هَذَا نَبِیُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ فَقَالَ نَافِعٌ لَآتِیَنَّهُ وَ لَأَسْأَلَنَّهُ (2)عَنْ مَسَائِلَ لَا یُجِیبُنِی فِیهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ أَوِ ابْنُ وَصِیِّ نَبِیٍّ فَقَالَ هِشَامٌ فَاذْهَبْ إِلَیْهِ فَسَلْهُ فَلَعَلَّكَ أَنْ تُخْجِلَهُ فَجَاءَ نَافِعٌ فَاتَّكَأَ عَلَی النَّاسِ ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ إِنِّی قَدْ قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ وَ قَدْ عَرَفْتُ حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا قَدْ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسَائِلَ لَا یُجِیبُنِی فِیهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ أَوِ ابْنُ وَصِیِّ نَبِیٍّ فَرَفَعَ إِلَیْهِ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام رَأْسَهُ فَقَالَ سَلْ فَقَالَ أَخْبِرْنِی كَمْ بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ مِنْ سَنَةٍ قَالَ أُخْبِرُكَ بِقَوْلِی أَمْ بِقَوْلِكَ (3)قَالَ أَخْبِرْنِی بِالْقَوْلَیْنِ جَمِیعاً قَالَ أَمَّا بِقَوْلِی فَخَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَمَّا بِقَوْلِكَ فَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ مَنِ الَّذِی (4)سَأَلَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عِیسَی خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَتَلَا أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی
ص: 161
الَّذِی بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا فَكَانَ مِنَ الْآیَاتِ الَّتِی أَرَاهَا اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَسْرَی بِهِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَنْ حَشَرَ اللَّهُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ ثُمَّ أَمَرَ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَأَذَّنَ شَفْعاً وَ أَقَامَ شَفْعاً ثُمَّ قَالَ فِی إِقَامَتِهِ حَیَّ عَلَی خَیْرِ الْعَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی بِالْقَوْمِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِ وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَامَ تَشْهَدُونَ وَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أُخِذَتْ عَلَی ذَلِكَ مَوَاثِیقُنَا وَ عُهُودُنَا قَالَ نَافِعٌ صَدَقْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ یَا أَبَا جَعْفَرٍ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَوْصِیَاءُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خُلَفَاؤُهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ أَسْمَاؤُكُمْ فِی الْإِنْجِیلِ وَ فِی الزَّبُورِ وَ فِی الْقُرْآنِ وَ أَنْتُمْ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْ غَیْرِكُمْ (1)(2).
«14»- أَقُولُ وَ رَوَی السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ الْفُصُولِ عَنِ الشَّیْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ بُكَیْرِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا تَقُولُ فِی امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَ إِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَ أُخْتَهَا لِأَبِیهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ وَ لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَ لِلْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ مَا بَقِیَ وَ هُوَ السُّدُسُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فَإِنَّ فَرَائِضَ زَیْدٍ وَ فَرَائِضَ الْعَامَّةِ وَ الْقُضَاةِ عَلَی غَیْرِ ذَلِكَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ یَقُولُونَ لِلْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةٍ إِلَی ثَمَانِیَةٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ لِمَ قَالُوا ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَإِنْ كَانَ الْأُخْتُ أَخاً قَالَ لَیْسَ لَهُ إِلَّا السُّدُسُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَمَا لَكُمْ نَقَصْتُمُ الْأَخَ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَجُّونَ لِلْأُخْتِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ سَمَّی لَهَا النِّصْفَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ سَمَّی لِلْأَخِ أَیْضاً الْكُلَّ وَ الْكُلُّ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی
ص: 162
فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ یَرِثُها إِنْ لَمْ یَكُنْ لَها وَلَدٌ فَلَا تُعْطُونَ الَّذِی جَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْجَمِیعَ فِی فَرَائِضِكُمْ شَیْئاً وَ تُعْطُونَهُ السُّدُسَ فِی مَوْضِعٍ وَ تُعْطُونَ الَّذِی جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ النِّصْفَ تَامّاً فَقَالَ الرَّجُلُ وَ كَیْفَ نُعْطِی الْأُخْتَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ النِّصْفَ وَ لَا نُعْطِی الْأَخَ شَیْئاً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام تَقُولُونَ فِی أُمٍّ وَ زَوْجٍ وَ إِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَ أُخْتٍ لِأَبٍ فَتُعْطُونَ الزَّوْجَ النِّصْفَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةٍ تَعُولُ إِلَی تِسْعَةٍ وَ الْأُمَّ السُّدُسَ وَ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَ الْأُخْتَ مِنَ الْأَبِ النِّصْفَ ثَلَاثَةً یَرْتَفِعُ مِنْ سِتَّةٍ إِلَی تِسْعَةٍ فَقَالَ كَذَلِكَ یَقُولُونَ فَقَالَ إِنْ كَانَتِ الْأُخْتُ أَخاً لِأَبٍ قَالَ لَیْسَ لَهُ شَیْ ءٌ فَقَالَ الرَّجُلُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَمَا تَقُولُ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ فَلَیْسَ لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ وَ الْأُمِّ وَ لَا لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ وَ لَا لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ مَعَ الْأُمِّ شَیْ ءٌ (1).
«1»- مع، معانی الأخبار الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الْخَصِیبِ قَالَ حَدَّثَنِی الثِّقَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جُمُعَةَ رَحْمَةُ بْنُ صَدَقَةَ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ كَانَ زِنْدِیقاً جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ المص أَیَّ شَیْ ءٍ أَرَادَ بِهَذَا وَ أَیُّ شَیْ ءٍ فِیهِ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ فِیهِ مِمَّا یَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ قَالَ فَاغْتَاظَ مِنْ ذَلِكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ أَمْسِكْ وَیْحَكَ الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الْمِیمُ أَرْبَعُونَ وَ الصَّادُ تِسْعُونَ كَمْ مَعَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدٌ وَ ثَلَاثُونَ وَ مِائَةٌ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِذَا انْقَضَتْ سَنَةُ إِحْدَی وَ ثَلَاثِینَ وَ مِائَةٍ انْقَضَی مُلْكُ أَصْحَابِكَ قَالَ فَنَظَرْنَا فَلَمَّا انْقَضَتْ سَنَةُ إِحْدَی وَ ثَلَاثِینَ وَ مِائَةٍ یَوْمَ عَاشُورَاءَ دَخَلَ الْمُسَوِّدَةُ (2)الْكُوفَةَ وَ ذَهَبَ مُلْكُهُمْ (3).
ص: 163
بیان: هذا الخبر لا یستقیم إذا حمل علی مدة ملكهم لعنهم اللّٰه لأنه كان ألف شهر و لا علی تأریخ الهجرة بعد ابتنائه علیه لتأخر حدوث هذا التأریخ عن زمن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و لا علی تأریخ عام الفیل لأنه یزید علی أحد و ستین و مائة مع أن أكثر نسخ الكتاب أحد و ثلاثون و مائة و هو لا یوافق عدد الحروف.
و قد أشكل علی حل هذا الخبر زمانا حتی عثرت علی اختلاف ترتیب الأباجاد فی كتاب عیون الحساب فوجدت فیه أن ترتیب أبجد عند المغاربة هكذا أبجد هوز حطی كلمن صعفض قرست ثخذ ظغش فالصاد المهملة عندهم ستون و الضاد المعجمة تسعون و السین المهملة ثلاثمائة و الظاء المعجمة ثمانمائة و الغین المعجمة تسعمائة و الشین المعجمة ألف فحینئذ یستقیم ما فی أكثر النسخ من عدد المجموع و لعل الاشتباه فی قوله و الصاد تسعون من النساخ لظنهم أنه مبنی علی المشهور و حینئذ یستقیم إذا بنی علی البعثة أو علی نزول الآیة كما لا یخفی علی المتأمل و اللّٰه یعلم.
«2»- ج، الإحتجاج مِنْ سُؤَالِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ كَثِیرَةٍ أَنْ قَالَ كَیْفَ یَعْبُدُ اللَّهَ الْخَلْقُ وَ لَمْ یَرَوْهُ قَالَ علیه السلام رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِنُورِ الْإِیمَانِ وَ أَثْبَتَتْهُ الْعُقُولُ بِیَقَظَتِهَا إِثْبَاتَ الْعِیَانِ وَ أَبْصَرَتْهُ الْأَبْصَارُ بِمَا رَأَتْهُ مِنْ حُسْنِ التَّرْكِیبِ وَ إِحْكَامِ التَّأْلِیفِ ثُمَّ الرُّسُلِ وَ آیَاتِهَا وَ الْكُتُبِ وَ مُحْكَمَاتِهَا وَ اقْتَصَرَتِ الْعُلَمَاءُ عَلَی مَا رَأَتْ مِنْ عَظَمَتِهِ دُونَ رُؤْیَتِهِ قَالَ أَ لَیْسَ هُوَ قَادِراً أَنْ یَظْهَرَ لَهُمْ حَتَّی یَرَوْهُ وَ یَعْرِفُوهُ فَیُعْبَدَ عَلَی یَقِینٍ قَالَ لَیْسَ لِلْمُحَالِ (1)جَوَابٌ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ أَثْبَتَّ أَنْبِیَاءَ وَ رُسُلًا (2)قَالَ علیه السلام إِنَّا لَمَّا أَثْبَتْنَا أَنَّ لَنَا خَالِقاً صَانِعاً مُتَعَالِیاً عَنَّا وَ عَنْ جَمِیعِ مَا خَلَقَ وَ كَانَ ذَلِكَ الصَّانِعُ حَكِیماً لَمْ یَجُزْ أَنْ یُشَاهِدَهُ خَلْقُهُ وَ لَا أَنْ یُلَامِسُوهُ وَ لَا أَنْ یُبَاشِرَهُمْ وَ
ص: 164
یُبَاشِرُوهُ وَ یُحَاجَّهُمْ وَ یُحَاجُّوهُ ثَبَتَ أَنَّ لَهُ سُفَرَاءَ فِی خَلْقِهِ وَ عِبَادِهِ یَدُلُّونَهُمْ عَلَی مَصَالِحِهِمْ وَ مَنَافِعِهِمْ وَ مَا بِهِ بَقَاؤُهُمْ وَ فِی تَرْكِهِ فَنَاؤُهُمْ فَثَبَتَ الْآمِرُونَ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْحَكِیمِ الْعَلِیمِ فِی خَلْقِهِ وَ ثَبَتَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ مُعَبِّرِینَ وَ هُمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ حُكَمَاءَ مُؤَدَّبِینَ (1)بِالْحِكْمَةِ مَبْعُوثِینَ عَنْهُ مُشَارِكِینَ لِلنَّاسِ فِی أَحْوَالِهِمْ عَلَی مُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِی الْخَلْقِ وَ التَّرْكِیبِ مُؤَدِّینَ مِنْ عِنْدِ الْحَكِیمِ الْعَلِیمِ بِالْحِكْمَةِ (2)وَ الدَّلَائِلِ وَ الْبَرَاهِینِ وَ الشَّوَاهِدِ مِنْ إِحْیَاءِ الْمَوْتَی وَ إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَ الْأَبْرَصِ فَلَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ یَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ یَدُلُّ عَلَی صِدْقِ مَقَالِ الرَّسُولِ وَ وُجُوبِ عَدَالَتِهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام بَعْدَ ذَلِكَ نَحْنُ نَزْعُمُ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ وَ لَا تَكُونُ الْحُجَّةُ إِلَّا مِنْ عَقِبِ الْأَنْبِیَاءِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً قَطُّ مِنْ غَیْرِ نَسْلِ الْأَنْبِیَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی شَرَعَ لِبَنِی آدَمَ طَرِیقاً مُنِیراً وَ أَخْرَجَ مِنْ آدَمَ نَسْلًا طَاهِراً طَیِّباً أَخْرَجَ مِنْهُ الْأَنْبِیَاءَ وَ الرُّسُلَ هُمْ صَفْوَةُ اللَّهِ وَ خُلَّصُ الْجَوْهَرِ طُهِّرُوا فِی الْأَصْلَابِ وَ حُفِظُوا فِی الْأَرْحَامِ لَمْ یُصِبْهُمْ سِفَاحُ الْجَاهِلِیَّةِ وَ لَا شَابَ أَنْسَابَهُمْ (3)لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَهُمْ فِی مَوْضِعٍ لَا یَكُونُ أَعْلَی دَرَجَةً وَ شَرَفاً مِنْهُ فَمَنْ كَانَ خَازِنَ عِلْمِ اللَّهِ وَ أَمِینَ غَیْبِهِ وَ مُسْتَوْدَعَ سِرِّهِ وَ حُجَّتَهُ عَلَی خَلْقِهِ وَ تَرْجُمَانَهُ وَ لِسَانَهُ لَا یَكُونُ إِلَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَالْحُجَّةُ لَا یَكُونُ إِلَّا مِنْ نَسْلِهِمْ یَقُومُ مَقَامَ النَّبِیِّ فِی الْخَلْقِ بِالْعِلْمِ الَّذِی عِنْدَهُ وَ وَرِثَهُ عَنِ الرَّسُولِ إِنْ جَحَدَهُ النَّاسُ سَكَتَ وَ كَانَ بَقَاءُ مَا عَلَیْهِ النَّاسُ قَلِیلًا مِمَّا فِی أَیْدِیهِمْ مِنْ عِلْمِ الرَّسُولِ عَلَی اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِیهِ قَدْ أَقَامُوا بَیْنَهُمُ الرَّأْیَ وَ الْقِیَاسَ إِنْ هُمْ أَقَرُّوا بِهِ (4)وَ أَطَاعُوهُ وَ أَخَذُوا عَنْهُ ظَهَرَ الْعَدْلُ وَ ذَهَبَ الِاخْتِلَافُ وَ التَّشَاجُرُ وَ اسْتَوَی الْأَمْرُ وَ أَبَانَ الدِّینَ وَ غَلَبَ عَلَی الشَّكِّ الْیَقِینُ وَ لَا یَكَادُ أَنْ یُقِرَّ النَّاسُ بِهِ أَوْ یَحِقُّوا لَهُ (5)بَعْدَ فَقْدِ الرَّسُولِ وَ مَا مَضَی رَسُولٌ وَ
ص: 165
لَا نَبِیٌّ قَطُّ لَمْ یَخْتَلِفْ أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ إِنَّمَا كَانَ عِلَّةُ اخْتِلَافِهِمْ خِلَافَهُمْ عَلَی الْحُجَّةِ وَ تَرْكَهُمْ إِیَّاهُ قَالَ فَمَا یُصْنَعُ بِالْحُجَّةِ إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَالَ قَدْ یُقْتَدَی بِهِ وَ یَخْرُجُ عَنْهُ الشَّیْ ءُ بَعْدَ الشَّیْ ءِ مِمَّا فِیهِ مَنْفَعَةُ الْخَلْقِ وَ صَلَاحُهُمْ فَإِنْ أَحْدَثُوا فِی دِینِ اللَّهِ شَیْئاً أَعْلَمَهُمْ وَ إِنْ زَادُوا فِیهِ أَخْبَرَهُمْ وَ إِنْ نَقَصُوا مِنْهُ شَیْئاً أَفَادَهُمْ ثُمَّ قَالَ الزِّنْدِیقُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ خُلِقَ الْأَشْیَاءُ (1)قَالَ علیه السلام لَا مِنْ شَیْ ءٍ (2)فَقَالَ فَكَیْفَ یَجِی ءُ مِنْ لَا شَیْ ءٍ شَیْ ءٌ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْأَشْیَاءَ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ (3)خُلِقَتْ مِنْ شَیْ ءٍ أَوْ مِنْ غَیْرِ شَیْ ءٍ فَإِنْ كَانَتْ خُلِقَتْ مِنْ شَیْ ءٍ كَانَ مَعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّیْ ءَ قَدِیمٌ وَ الْقَدِیمُ لَا یَكُونُ حَدِیثاً وَ لَا یَفْنَی وَ لَا یَتَغَیَّرُ وَ لَا یَخْلُو ذَلِكَ الشَّیْ ءُ مِنْ أَنْ یَكُونَ جَوْهَراً وَاحِداً وَ لَوْناً وَاحِداً فَمِنْ أَیْنَ جَاءَتْ هَذِهِ الْأَلْوَانُ الْمُخْتَلِفَةُ وَ الْجَوَاهِرُ الْكَثِیرَةُ الْمَوْجُودَةُ فِی هَذَا الْعَالَمِ مِنْ ضُرُوبٍ شَتَّی وَ مِنْ أَیْنَ جَاءَ الْمَوْتُ إِنْ كَانَ الشَّیْ ءُ الَّذِی أُنْشِئَتْ مِنْهُ الْأَشْیَاءُ حَیّاً أَوْ مِنْ أَیْنَ جَاءَتِ الْحَیَاةُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّیْ ءُ مَیِّتاً وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ مِنْ حَیٍّ وَ مَیِّتٍ قَدِیمَیْنِ لَمْ یَزَالا لِأَنَّ الْحَیَّ لَا یَجِی ءُ مِنْهُ مَیِّتٌ وَ هُوَ لَمْ یَزَلْ حَیّاً وَ لَا یَجُوزُ أَیْضاً أَنْ یَكُونَ الْمَیِّتُ قَدِیماً لَمْ یَزَلْ بِمَا هُوَ بِهِ مِنَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَیِّتَ لَا قُدْرَةَ لَهُ وَ لَا بَقَاءَ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ قَالُوا إِنَّ الْأَشْیَاءَ أَزَلِیَّةٌ قَالَ هَذِهِ مَقَالَةُ قَوْمٍ جَحَدُوا مُدَبِّرَ الْأَشْیَاءِ فَكَذَّبُوا الرُّسُلَ وَ مَقَالَتَهُمْ وَ الْأَنْبِیَاءَ وَ مَا أَنْبَئُوا عَنْهُ وَ سَمَّوْا كُتُبَهُمْ أَسَاطِیرَ الْأَوَّلِینَ وَ وَضَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ دِیناً بِآرَائِهِمْ وَ اسْتِحْسَانِهِمْ إِنَّ الْأَشْیَاءَ تَدُلُّ عَلَی حُدُوثِهِا مِنْ دَوَرَانِ الْفَلَكِ بِمَا فِیهِ وَ هِیَ سَبْعَةُ أَفْلَاكٍ وَ تَحَرَّكُ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ انْقِلَابُ الْأَزْمِنَةِ وَ اخْتِلَافُ الْوَقْتِ وَ الْحَوَادِثُ الَّتِی تَحْدُثُ فِی الْعَالَمِ مِنْ زِیَادَةٍ وَ نُقْصَانٍ وَ مَوْتٍ وَ بَلًی وَ اضْطِرَارِ النَّفْسِ إِلَی الْإِقْرَارِ بِأَنَّ لَهَا صَانِعاً وَ مُدَبِّراً أَ مَا تَرَی الْحُلْوَ یَصِیرُ حَامِضاً وَ الْعَذْبَ مُرّاً وَ الْجَدِیدَ بَالِیاً وَ كُلٌّ إِلَی تَغَیُّرٍ وَ فَنَاءٍ قَالَ فَلَمْ یَزَلْ صَانِعُ الْعَالَمِ عَالِماً بِالْأَحْدَاثِ الَّتِی أَحْدَثَهَا قَبْلَ أَنْ یُحْدِثَهَا قَالَ لَمْ یَزَلْ یَعْلَمُ فَخَلَقَ مَا عَلِمَ
ص: 166
قَالَ أَ مُخْتَلِفٌ هُوَ أَمْ مُؤْتَلِفٌ قَالَ لَا یَلِیقُ بِهِ الِاخْتِلَافُ وَ لَا الِائْتِلَافُ إِنَّمَا یَخْتَلِفُ الْمُتَجَزِّئُ وَ یَأْتَلِفُ الْمُتَبَعِّضُ فَلَا یُقَالُ لَهُ مُؤْتَلِفٌ وَ لَا مُخْتَلِفٌ قَالَ فَكَیْفَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ قَالَ وَاحِدٌ فِی ذَاتِهِ فَلَا وَاحِدَ كَوَاحِدٍ لِأَنَّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْوَاحِدِ مُتَجَزِّئٌ وَ هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَاحِدٌ لَا مُتَجَزِّئٌ (1)وَ لَا یَقَعُ عَلَیْهِ الْعَدُّ قَالَ فَلِأَیِّ عِلَّةٍ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ هُوَ غَیْرُ مُحْتَاجٍ إِلَیْهِمْ وَ لَا مُضْطَرٍّ إِلَی خَلْقِهِمْ وَ لَا یَلِیقُ بِهِ الْعَبَثُ بِنَا (2)قَالَ خَلَقَهُمْ لِإِظْهَارِ حِكْمَتِهِ وَ إِنْفَاذِ عِلْمِهِ وَ إِمْضَاءِ تَدْبِیرِهِ قَالَ وَ كَیْفَ لَا یَقْتَصِرُ عَلَی هَذِهِ الدَّارِ فَیَجْعَلَهَا دَارَ ثَوَابِهِ وَ مُحْتَبَسَ عِقَابِهِ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُ ابْتِلَاءٍ وَ مَتْجَرُ الثَّوَابِ وَ مُكْتَسَبُ الرَّحْمَةِ مُلِئَتْ آفَاتٍ وَ طُبِقَتْ شَهَوَاتٍ لِیَخْتَبِرَ فِیهَا عَبِیدَهُ بِالطَّاعَةِ فَلَا یَكُونُ دَارُ عَمَلٍ دَارَ جَزَاءٍ قَالَ أَ فَمِنْ حِكْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ عَدُوّاً وَ قَدْ كَانَ وَ لَا عَدُوَّ لَهُ فَخَلَقَ كَمَا زَعَمْتَ إِبْلِیسَ فَسَلَّطَهُ عَلَی عَبِیدِهِ یَدْعُوهُمْ إِلَی خِلَافِ طَاعَتِهِ وَ یَأْمُرُهُمْ بِمَعْصِیَتِهِ وَ جَعَلَ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ كَمَا زَعَمْتَ یَصِلُ بِلُطْفِ الْحِیلَةِ إِلَی قُلُوبِهِمْ (3)فَیُوَسْوِسُ إِلَیْهِمْ فَیُشَكِّكُهُمْ فِی رَبِّهِمْ وَ یُلَبِّسُ عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ فَیُزِیلُهُمْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ حَتَّی أَنْكَرَ قَوْمٌ لَمَّا وَسْوَسَ إِلَیْهِمْ رُبُوبِیَّتَهُ وَ عَبَدُوا سِوَاهُ فَلِمَ سَلَّطَ عَدُوَّهُ عَلَی عَبِیدِهِ وَ جَعَلَ لَهُ السَّبِیلَ إِلَی إِغْوَائِهِمْ قَالَ إِنَّ هَذَا الْعَدُوَّ الَّذِی ذَكَرْتَ لَا یَضُرُّهُ عَدَاوَتُهُ وَ لَا یَنْفَعُهُ وَلَایَتُهُ عَدَاوَتُهُ لَا تُنْقِصُ مِنْ مُلْكِهِ شَیْئاً وَ وَلَایَتُهُ لَا تَزِیدُ فِیهِ شَیْئاً وَ إِنَّمَا یُتَّقَی الْعَدُوُّ إِذَا كَانَ فِی قُوَّةٍ یَضُرُّ وَ یَنْفَعُ إِنْ هَمَّ بِمُلْكٍ أَخَذَهُ أَوْ بِسُلْطَانٍ قَهَرَهُ فَأَمَّا إِبْلِیسُ فَعَبْدٌ خَلَقَهُ لِیَعْبُدَهُ وَ یُوَحِّدَهُ وَ قَدْ عَلِمَ حِینَ خَلْقِهِ مَا هُوَ وَ إِلَی مَا یَصِیرُ إِلَیْهِ فَلَمْ یَزَلْ یَعْبُدُهُ مَعَ مَلَائِكَتِهِ حَتَّی امْتَحَنَهُ بِسُجُودِ آدَمَ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حَسَداً وَ شَقَاوَةً غَلَبَتْ عَلَیْهِ فَلَعَنَهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ أَخْرَجَهُ عَنْ صُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَ أَنْزَلَهُ إِلَی الْأَرْضِ مَلْعُوناً مَدْحُوراً فَصَارَ عَدُوَّ آدَمَ وَ وُلْدِهِ
ص: 167
بِذَلِكَ السَّبَبِ وَ مَا لَهُ مِنَ السَّلْطَنَةِ عَلَی وُلْدِهِ إِلَّا الْوَسْوَسَةَ وَ الدُّعَاءَ إِلَی غَیْرِ السَّبِیلِ وَ قَدْ أَقَرَّ مَعَ مَعْصِیَتِهِ لِرَبِّهِ بِرُبُوبِیَّتِهِ قَالَ أَ فَیَصْلُحُ السُّجُودُ لِغَیْرِ اللَّهِ قَالَ لَا قَالَ فَكَیْفَ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ قَالَ إِنَّ مَنْ سَجَدَ بِأَمْرِ اللَّهِ سَجَدَ لِلَّهِ فَكَانَ سُجُودُهُ لِلَّهِ إِذَا كَانَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ أَصْلُ الْكِهَانَةِ وَ مِنْ أَیْنَ یُخْبَرُ النَّاسُ بِمَا یَحْدُثُ قَالَ إِنَّ الْكِهَانَةَ كَانَتْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فِی كُلِّ حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ كَانَ الْكَاهِنُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ یَحْتَكِمُونَ إِلَیْهِ فِیمَا یَشْتَبِهُ عَلَیْهِمْ مِنَ الْأُمُورِ بَیْنَهُمْ فَیُخْبِرُهُمْ بِأَشْیَاءَ تَحْدُثُ وَ ذَلِكَ فِی وُجُوهٍ شَتَّی مِنْ فِرَاسَةِ الْعَیْنِ وَ ذَكَاءِ الْقَلْبِ وَ وَسْوَسَةِ النَّفْسِ وَ فِطْنَةِ الرُّوحِ مَعَ قَذْفٍ فِی قَلْبِهِ لِأَنَّ مَا یَحْدُثُ فِی الْأَرْضِ مِنَ الْحَوَادِثِ الظَّاهِرَةِ فَذَلِكَ یَعْلَمُ الشَّیْطَانُ وَ یُؤَدِّیهِ إِلَی الْكَاهِنِ وَ یُخْبِرُهُ بِمَا یَحْدُثُ فِی الْمَنَازِلِ وَ الْأَطْرَافِ وَ أَمَّا أَخْبَارُ السَّمَاءِ فَإِنَّ الشَّیَاطِینَ كَانَتْ تَقْعُدُ مَقَاعِدَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ إِذْ ذَاكَ وَ هِیَ لَا تَحْجُبُ وَ لَا تُرْجَمُ بِالنُّجُومِ وَ إِنَّمَا مُنِعَتْ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ لِئَلَّا یَقَعَ فِی الْأَرْضِ سَبَبٌ یُشَاكِلُ الْوَحْیَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَ لُبِسَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ (1)مَا جَاءَهُمْ عَنِ اللَّهِ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ وَ نَفْیِ الشَّبَهِ وَ كَانَ الشَّیْطَانُ یَسْتَرِقُّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ بِمَا یَحْدُثُ مِنَ اللَّهِ فِی خَلْقِهِ فَیَخْتَطِفُهَا ثُمَّ یَهْبِطُ بِهَا إِلَی الْأَرْضِ فَیَقْذِفُهَا إِلَی الْكَاهِنِ فَإِذَا قَدْ زَادَ مِنْ كَلِمَاتٍ عِنْدَهُ فَیَخْتَلِطُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ فَمَا أَصَابَ الْكَاهِنَ مِنْ خَبَرٍ مِمَّا كَانَ یُخْبِرُ بِهِ فَهُوَ مَا أَدَّاهُ إِلَیْهِ شَیْطَانُهُ مِمَّا سَمِعَهُ وَ مَا أَخْطَأَ فِیهِ فَهُوَ مِنْ بَاطِلِ مَا زَادَ فِیهِ فَمُذْ مُنِعَتِ الشَّیَاطِینُ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ انْقَطَعَتِ الْكِهَانَةُ وَ الْیَوْمَ إِنَّمَا تُؤَدِّی الشَّیَاطِینُ إِلَی كَهَّانِهَا أَخْبَاراً لِلنَّاسِ مِمَّا یَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَ مَا یُحَدِّثُونَهُ وَ الشَّیَاطِینُ تُؤَدِّی إِلَی الشَّیَاطِینِ مَا یَحْدُثُ فِی الْعَبْدِ مِنَ الْحَوَادِثِ مِنْ سَارِقٍ سَرَقَ وَ قَاتِلٍ قَتَلَ وَ غَائِبٍ غَابَ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِ أَیْضاً صَدُوقٌ وَ كَذُوبٌ فَقَالَ كَیْفَ صَعِدَتِ الشَّیَاطِینُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُمْ أَمْثَالُ النَّاسِ فِی الْخِلْقَةِ وَ الْكَثَافَةِ وَ قَدْ كَانُوا یَبْنُونَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنَ الْبِنَاءِ مَا یَعْجِزُ عَنْهُ وُلْدُ آدَمَ قَالَ غَلَّظُوا لِسُلَیْمَانَ
ص: 168
كَمَا سُخِّرُوا وَ هُمْ خَلْقٌ رَقِیقٌ غِذَاؤُهُمُ التَّنَسُّمُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ صُعُودُهُمْ (1)إِلَی السَّمَاءِ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَ لَا یَقْدِرُ الْجِسْمُ الْكَثِیفُ عَلَی الِارْتِقَاءِ إِلَیْهَا إِلَّا بِسُلَّمٍ أَوْ سَبَبٍ (2)قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ السِّحْرِ مَا أَصْلُهُ وَ كَیْفَ یَقْدِرُ السَّاحِرُ عَلَی مَا یُوصَفُ مِنْ عَجَائِبِهِ وَ مَا یَفْعَلُ قَالَ إِنَّ السِّحْرَ عَلَی وُجُوهٍ شَتَّی وَجْهٌ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الطِّبِّ كَمَا أَنَّ الْأَطِبَّاءَ وَضَعُوا لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَكَذَلِكَ عِلْمُ السِّحْرِ احْتَالُوا لِكُلِّ صِحَّةٍ آفَةً وَ لِكُلِّ عَافِیَةٍ عَاهَةً وَ لِكُلِّ مَعْنًی حِیلَةً وَ نَوْعٌ مِنْهُ آخَرُ خَطْفَةٌ وَ سُرْعَةٌ وَ مَخَارِیقُ وَ خِفَّةٌ (3)وَ نَوْعٌ مِنْهُ مَا یَأْخُذُ أَوْلِیَاءُ الشَّیَاطِینِ عَنْهُمْ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ عَلِمَ الشَّیَاطِینُ السِّحْرَ قَالَ مِنْ حَیْثُ عَرَفَ الْأَطِبَّاءُ الطِّبَّ بَعْضُهُ تَجْرِبَةٌ وَ بَعْضُهُ عِلَاجٌ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی الْمَلَكَیْنِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ مَا یَقُولُ النَّاسُ بِأَنَّهُمَا یُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ قَالَ إِنَّهُمَا مَوْضِعُ ابْتِلَاءٍ وَ مَوْقِفُ فِتْنَةٍ تَسْبِیحُهُمَا الْیَوْمَ لَوْ فَعَلَ الْإِنْسَانُ كَذَا وَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَ لَوْ یُعَالِجُ بِكَذَا وَ كَذَا لَصَارَ كَذَا أَصْنَافَ سِحْرٍ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما مَا یَخْرُجُ عَنْهُمَا فَیَقُولَانِ لَهُمْ إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَأْخُذُوا عَنَّا مَا یَضُرُّكُمْ وَ لَا یَنْفَعُكُمْ قَالَ أَ فَیَقْدِرُ السَّاحِرُ أَنْ یَجْعَلَ الْإِنْسَانَ بِسِحْرِهِ فِی صُورَةِ الْكَلْبِ وَ الْحِمَارِ أَوْ غَیْرِ ذَلِكَ قَالَ هُوَ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ یُغَیِّرَ خَلْقَ اللَّهِ إِنَّ مَنْ أَبْطَلَ مَا رَكَّبَهُ اللَّهُ وَ صَوَّرَهُ وَ غَیَّرَهُ فَهُوَ شَرِیكٌ لِلَّهِ فِی خَلْقِهِ تَعَالَی عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِیراً لَوْ قَدَرَ السَّاحِرُ عَلَی مَا وَصَفْتَ لَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْهُمُومَ وَ الْآفَةَ وَ الْأَمْرَاضَ وَ لَنَفَی الْبَیَاضَ عَنْ رَأْسِهِ وَ الْفَقْرَ عَنْ سَاحَتِهِ وَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ السِّحْرِ النَّمِیمَةَ یُفَرَّقُ بِهَا بَیْنَ الْمُتَحَابِّینَ وَ یَجْلِبُ الْعَدَاوَةَ عَلَی الْمُتَصَافِّینَ (4)وَ یُسْفَكُ بِهَا الدِّمَاءُ وَ یُهْدَمُ بِهَا الدُّورُ وَ یَكْشِفُ السُّتُورَ وَ النَّمَّامُ أَشَرُّ مَنْ وَطِئَ عَلَی الْأَرْضِ بِقَدَمٍ فَأَقْرَبُ أَقَاوِیلِ السِّحْرِ مِنَ الصَّوَابِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطِّبِ
ص: 169
إِنَّ السَّاحِرَ عَالَجَ الرَّجُلَ فَامْتَنَعَ مِنْ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ فَجَاءَ الطَّبِیبُ فَعَالَجَهُ بِغَیْرِ ذَلِكَ الْعِلَاجِ فَأُبْرِئَ قَالَ فَمَا بَالُ وُلْدِ آدَمَ فِیهِمْ شَرِیفٌ وَ وَضِیعٌ قَالَ الشَّرِیفُ الْمُطِیعُ وَ الْوَضِیعُ الْعَاصِی قَالَ أَ لَیْسَ فِیهِمْ فَاضِلٌ وَ مَفْضُولٌ قَالَ إِنَّمَا یَتَفَاضَلُونَ بِالتَّقْوَی قَالَ فَتَقُولُ إِنَّ وُلْدَ آدَمَ كُلَّهُمْ سَوَاءٌ فِی الْأَصْلِ لَا یَتَفَاعَلُونَ إِلَّا بِالتَّقْوَی قَالَ نَعَمْ إِنِّی وَجَدْتُ أَصْلَ الْخَلْقِ التُّرَابَ وَ الْأَبَ آدَمَ وَ الْأُمَّ حَوَّاءَ خَلَقَهُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَ هُمْ عَبِیدُهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أُنَاساً طُهْرٌ مِیلَادُهُمْ وَ طَیِّبٌ أَبْدَانُهُمْ وَ حَفِظَهُمْ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ أَخْرَجَ مِنْهُمُ الْأَنْبِیَاءَ وَ الرُّسُلَ فَهُمْ أَزْكَی فُرُوعِ آدَمَ فَعَلَ ذَلِكَ لَا لِأَمْرٍ اسْتَحَقُّوهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ حِینَ ذَرَأَهُمْ أَنَّهُمْ یُطِیعُونَهُ وَ یَعْبُدُونَهُ وَ لَا یُشْرِكُونَ بِهِ شَیْئاً فَهَؤُلَاءِ بِالطَّاعَةِ نَالُوا مِنَ اللَّهِ الْكَرَامَةَ وَ الْمَنْزِلَةَ الرَّفِیعَةَ عِنْدَهُ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَهُمُ الشَّرَفُ وَ الْفَضْلُ وَ الْحَسَبُ وَ سَائِرُ النَّاسِ سَوَاءٌ إِلَّا مَنِ اتَّقَی اللَّهَ أَكْرَمَهُ (1)وَ مَنْ أَطَاعَهُ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ لَمْ یُعَذِّبْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَیْفَ لَمْ یَخْلُقِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مُطِیعِینَ مُوَحِّدِینَ وَ كَانَ عَلَی ذَلِكَ قَادِراً قَالَ علیه السلام لَوْ خَلَقَهُمْ مُطِیعِینَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ ثَوَابٌ لِأَنَّ الطَّاعَةَ إِذاً مَا كَانَتْ فِعْلَهُمْ وَ لَمْ تَكُنْ جَنَّةٌ وَ لَا نَارٌ وَ لَكِنْ خَلَقَ خَلْقَهُ فَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ نَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِیَتِهِ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِرُسُلِهِ وَ قَطَعَ عُذْرَهُمْ بِكُتُبِهِ لِیَكُونُوا هُمُ الَّذِینَ یُطِیعُونَ وَ یَعْصُونَ وَ یَسْتَوْجِبُونَ بِطَاعَتِهِمْ لَهُ الثَّوَابَ وَ بِمَعْصِیَتِهِمْ إِیَّاهُ الْعِقَابَ قَالَ فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مِنَ الْعَبْدِ هُوَ فِعْلُهُ وَ الْعَمَلُ الشَّرُّ مِنَ الْعَبْدِ هُوَ فِعْلُهُ قَالَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْعَبْدُ یَفْعَلُهُ وَ اللَّهُ بِهِ أَمَرَهُ وَ الْعَمَلُ الشَّرُّ الْعَبْدُ یَفْعَلُهُ وَ اللَّهُ عَنْهُ نَهَاهُ قَالَ أَ لَیْسَ فِعْلُهُ بِالْآلَةِ الَّتِی رَكَّبَهَا فِیهِ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ بِالْآلَةِ الَّتِی عَمِلَ بِهَا الْخَیْرَ قَدَرَ بِهَا عَلَی الشَّرِّ الَّذِی نَهَاهُ عَنْهُ قَالَ فَإِلَی الْعَبْدِ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ قَالَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ شَیْ ءٍ إِلَّا وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ یُطِیقُ
ص: 170
تَرْكَهُ وَ لَا أَمَرَهُ بِشَیْ ءٍ إِلَّا وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ یَسْتَطِیعُ فِعْلَهُ لِأَنَّهُ لَیْسَ مِنْ صِفَتِهِ الْجَوْرُ وَ الْعَبَثُ وَ الظُّلْمُ وَ تَكْلِیفُ الْعِبَادِ مَا لَا یُطِیقُونَ قَالَ فَمَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ كَافِراً یَسْتَطِیعُ الْإِیمَانَ وَ لَهُ عَلَیْهِ بِتَرْكِهِ الْإِیمَانَ حُجَّةٌ قَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ جَمِیعاً مُسْلِمِینَ (1)أَمَرَهُمْ وَ نَهَاهُمْ وَ الْكُفْرُ اسْمٌ یَلْحَقُ الْفِعْلَ حِینَ یَفْعَلُهُ الْعَبْدُ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ الْعَبْدَ حِینَ خَلَقَهُ كَافِراً إِنَّهُ إِنَّمَا كَفَرَ مِنْ بَعْدِ أَنْ بَلَغَ وَقْتاً لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی فَعَرَضَ عَلَیْهِ الْحَقَّ فَجَحَدَهُ فَبِإِنْكَارِ الْحَقِّ صَارَ كَافِراً قَالَ فَیَجُوزُ أَنْ یُقَدِّرَ عَلَی الْعَبْدِ الشَّرَّ وَ یَأْمُرَهُ بِالْخَیْرِ وَ هُوَ لَا یَسْتَطِیعُ الْخَیْرَ أَنْ یَعْمَلَهُ وَ یُعَذِّبَهُ عَلَیْهِ قَالَ إِنَّهُ لَا یَلِیقُ بِعَدْلِ اللَّهِ وَ رَأْفَتِهِ أَنْ یُقَدِّرَ عَلَی الْعَبْدِ الشَّرَّ وَ یُرِیدَهُ مِنْهُ ثُمَّ یَأْمُرَهُ بِمَا یَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَخْذَهُ وَ الِانْتِزَاعَ (2)عَمَّا لَا یَقْدِرُ عَلَی تَرْكِهِ ثُمَّ یُعَذِّبَهُ عَلَی تَرْكِهِ أَمْرَهُ الَّذِی عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَخْذَهُ قَالَ فَبِمَا ذَا اسْتَحَقَّ الَّذِینَ أَغْنَاهُمْ وَ أَوْسَعَ عَلَیْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ الْغِنَی وَ السَّعَةَ وَ بِمَا ذَا اسْتَحَقَّ الْفُقَرَاءُ التَّقْتِیرَ وَ الضِّیقَ قَالَ اخْتَبَرَ الْأَغْنِیَاءَ بِمَا أَعْطَاهُمْ لِیَنْظُرَ كَیْفَ شُكْرُهُمْ وَ الْفُقَرَاءَ إِنَّمَا مَنَعَهُمْ لِیَنْظُرَ كَیْفَ صَبْرُهُمْ (3)وَ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ عَجَّلَ لِقَوْمٍ فِی حَیَاتِهِمْ وَ لِقَوْمٍ آخَرَ لِیَوْمِ حَاجَتِهِمْ إِلَیْهِ وَ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ عَلِمَ احْتِمَالَ كُلِّ قَوْمٍ فَأَعْطَاهُمْ عَلَی قَدْرِ احْتِمَالِهِمْ وَ لَوْ كَانَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ أَغْنِیَاءَ لَخَرِبَتِ الدُّنْیَا وَ فَسَدَ التَّدْبِیرُ وَ صَارَ أَهْلُهَا إِلَی الْفَنَاءِ وَ لَكِنْ جَعَلَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ عَوْناً وَ جَعَلَ أَسْبَابَ أَرْزَاقِهِمْ فِی ضُرُوبِ الْأَعْمَالِ وَ أَنْوَاعِ الصِّنَاعَاتِ وَ ذَلِكَ أَدْوَمُ فِی الْبَقَاءِ وَ أَصَحُّ فِی التَّدْبِیرِ ثُمَّ اخْتَبَرَ الْأَغْنِیَاءَ بِاسْتِعْطَافِ الْفُقَرَاءِ (4)كُلُّ ذَلِكَ لُطْفٌ وَ رَحْمَةٌ مِنَ الْحَكِیمِ الَّذِی لَا یُعَابُ تَدْبِیرُهُ قَالَ فَمَا اسْتَحَقَّ الطِّفْلَ الصَّغِیرَ مَا یُصِیبُهُ مِنَ الْأَوْجَاعِ وَ الْأَمْرَاضِ بِلَا ذَنْبٍ عَمِلَهُ
ص: 171
وَ لَا جُرْمٍ سَلَفَ مِنْهُ قَالَ إِنَّ الْمَرَضَ عَلَی وُجُوهٍ شَتَّی مَرَضُ بَلْوَی وَ مَرَضُ الْعُقُوبَةِ وَ مَرَضٌ جُعِلَ عَلَیْهِ الْفَنَاءُ (1)وَ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَغْذِیَةٍ رَدِیئَةٍ وَ أَشْرِبَةٍ وَبِیئَةٍ (2)أَوْ مِنْ عِلَّةٍ كَانَتْ بِأُمِّهِ وَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ السِّیَاسَةَ لِبَدَنِهِ وَ أَجْمَلَ النَّظَرَ فِی أَحْوَالِ نَفْسِهِ وَ عَرَفَ الضَّارَّ مِمَّا یَأْكُلُ مِنَ النَّافِعِ لَمْ یَمْرَضْ وَ تَمِیلُ فِی قَوْلِكَ إِلَی مَنْ یَزْعُمُ أَنَّهُ لَا یَكُونُ الْمَرَضُ وَ الْمَوْتُ إِلَّا مِنَ المَطْعَمِ وَ الْمَشْرَبِ قَدْ مَاتَ أَرَسْطَاطَالِیسُ مُعَلِّمُ الْأَطِبَّاءِ وَ أَفْلَاطوُنُ رَئِیسُ الْحُكَمَاءِ وَ جَالِینُوسُ شَاخَ (3)وَ دَقَّ بَصَرُهُ وَ مَا دَفَعَ الْمَوْتَ حِینَ نَزَلَ بِسَاحَتِهِ وَ لَمْ یَأْلُوا حِفْظَ نَفْسِهِمْ وَ النَّظَرَ لِمَا یُوَافِقُهَا كَمْ مِنْ مَرِیضٍ قَدْ زَادَهُ الْمُعَالِجُ سُقْماً وَ كَمْ مِنْ طَبِیبٍ عَالِمٍ وَ بَصِیرٍ بِالْأَدْوَاءِ وَ الْأَدْوِیَةِ مَاهِرٍ مَاتَ وَ عَاشَ الْجَاهِلُ بِالطِّبِّ بَعْدَهُ زَمَاناً فَلَا ذَاكَ نَفَعَهُ عِلْمُهُ بِطِبِّهِ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِ وَ حُضُورِ أَجَلِهِ وَ لَا هَذَا ضَرَّهُ الْجَهْلُ بِالطِّبِّ مَعَ بَقَاءِ الْمُدَّةِ وَ تَأَخُّرِ الْأَجَلِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ أَكْثَرَ الْأَطِبَّاءِ قَالُوا إِنَّ عِلْمَ الطِّبِّ لَمْ یَعْرِفْهُ الْأَنْبِیَاءُ فَمَا نَصْنَعُ عَلَی قِیَاسِ قَوْلِهِمْ بِعِلْمٍ زَعَمُوا لَیْسَ تَعْرِفُهُ الْأَنْبِیَاءُ الَّذِینَ كَانُوا حُجَجَ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ أُمَنَاءَهُ فِی أَرْضِهِ وَ خُزَّانَ عِلْمِهِ وَ وَرَثَةَ حِكْمَتِهِ وَ الْأَدِلَّاءَ عَلَیْهِ وَ الدُّعَاةَ إِلَی طَاعَتِهِ ثُمَّ إِنِّی وَجَدْتُ أَكْثَرَهُمْ یَتَنَكَّبُ فِی مَذْهَبِهِ سُبُلَ الْأَنْبِیَاءِ (4)وَ یُكَذِّبُ الْكُتُبَ الْمُنْزَلَةَ عَلَیْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَهَذَا الَّذِی أَزْهَدَنِی فِی طَلَبِهِ وَ حَامِلِیهِ قَالَ فَكَیْفَ تَزْهَدُ فِی (5)قَوْمٍ وَ أَنْتَ مُؤَدِّبُهُمْ وَ كَبِیرُهُمْ قَالَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْمَاهِرَ فِی طِبِّهِ إِذَا سَأَلْتُهُ لَمْ یَقِفْ عَلَی حُدُودِ نَفْسِهِ وَ تَأْلِیفِ بَدَنِهِ وَ تَرْكِیبِ أَعْضَائِهِ وَ مَجْرَی الْأَغْذِیَةِ فِی جَوَارِحِهِ وَ مَخْرَجِ نَفْسِهِ وَ حَرَكَةِ لِسَانِهِ وَ مُسْتَقَرِّ كَلَامِهِ وَ نُورِ
ص: 172
بَصَرِهِ وَ انْتِشَارِ ذَكَرِهِ وَ اخْتِلَافِ شَهَوَاتِهِ وَ انْسِكَابِ عَبَرَاتِهِ وَ مَجْمَعِ سَمْعِهِ وَ مَوْضِعِ عَقْلِهِ وَ مَسْكَنِ رُوحِهِ وَ مَخْرَجِ عَطْسَتِهِ وَ هَیْجِ غُمُومِهِ وَ أَسْبَابِ سُرُورِهِ وَ عِلَّةِ مَا حَدَثَ فِیهِ مِنْ بُكْمٍ وَ صَمَمٍ وَ غَیْرِ ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُمْ فِی ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَقَاوِیلَ اسْتَحْسَنُوهَا وَ عِلَلٍ فِیمَا بَیْنَهُمْ جَوَّزُوهَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَهُ شَرِیكٌ فِی مُلْكِهِ أَوْ مُضَادٌّ لَهُ فِی تَدْبِیرِهِ قَالَ لَا قَالَ فَمَا هَذَا الْفَسَادُ الْمَوْجُودُ فِی هَذَا الْعَالَمِ مِنْ سِبَاعٍ ضَارِیَةٍ وَ هَوَامٍّ مَخُوفَةٍ وَ خَلْقٍ كَثِیرٍ مُشَوَّهَةٍ (1)وَ دُودٍ وَ بَعُوضٍ وَ حَیَّاتٍ وَ عَقَارِبَ وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لَا یَخْلُقُ شَیْئاً إِلَّا لِعِلَّةٍ لِأَنَّهُ لَا یَعْبَثُ (2)قَالَ أَ لَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْعَقَارِبَ تَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الْمَثَانَةِ وَ الْحَصَاةِ وَ لِمَنْ یَبُولُ فِی الْفِرَاشِ وَ إِنَّ أَفْضَلَ التِّرْیَاقِ مَا عُولِجَ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِی وَ إِنَّ لُحُومَهَا إِذَا أَكَلَهَا الْمَجْذُومُ لِشِبِتٍّ نَفَعَهُ (3)وَ تَزْعُمُ أَنَّ الدُّودَ الْأَحْمَرَ الَّذِی یُصَابُ تَحْتَ الْأَرْضِ نَافِعٌ لِلْأَكَلَةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ علیه السلام فَأَمَّا الْبَعُوضُ وَ الْبَقُّ فَبَعْضُ سَبَبِهِ أَنَّهُ جُعِلَ أَرْزَاقُ الطَّیْرِ وَ أَهَانَ بِهَا جَبَّاراً تَمَرَّدَ عَلَی اللَّهِ وَ تَجَبَّرَ وَ أَنْكَرَ رُبُوبِیَّتَهُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَضْعَفَ خَلْقِهِ لِیُرِیَهُ قُدْرَتَهُ وَ عَظَمَتَهُ وَ هِیَ الْبَعُوضُ فَدَخَلَتْ فِی مَنْخِرِهِ حَتَّی وَصَلَتْ إِلَی دِمَاغِهِ فَقَتَلَتْهُ وَ اعْلَمْ أَنَّا لَوْ وَقَفْنَا عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ لِمَ خَلَقَهُ وَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ أَنْشَأَهُ لَكِنَّا قَدْ سَاوَیْنَاهُ فِی عِلْمِهِ وَ عَلِمْنَا كُلَّ مَا یَعْلَمُ وَ اسْتَغْنَیْنَا عَنْهُ وَ كُنَّا وَ هُوَ فِی الْعِلْمِ سَوَاءً قَالَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ یُعَابُ شَیْ ءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَ تَدْبِیرِهِ قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ غُرْلًا أَ ذَلِكَ مِنْهُ حِكْمَةٌ أَمْ عَبَثٌ (4)قَالَ بَلْ حِكْمَةٌ مِنْهُ قَالَ غَیَّرْتُمْ
ص: 173
خَلْقَ اللَّهِ وَ جَعَلْتُمْ فِعْلَكُمْ فِی قَطْعِ الْقُلْفَةِ أَصْوَبَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ لَهَا وَ عِبْتُمُ الْأَقْلَفَ (1)وَ اللَّهُ خَلَقَهُ وَ مَدَحْتُمُ الْخِتَانَ وَ هُوَ فِعْلُكُمْ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَانَ خَطَأً غَیْرَ حِكْمَةٍ قَالَ علیه السلام ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ حِكْمَةٌ وَ صَوَابٌ غَیْرَ أَنَّهُ سَنَّ ذَلِكَ وَ أَوْجَبَهُ عَلَی خَلْقِهِ كَمَا أَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَجَدْنَا سُرَّتَهُ مُتَّصِلَةً بِسُرَّةِ أُمِّهِ كَذَلِكَ خَلَقَهَا الْحَكِیمُ فَأَمَرَ الْعِبَادَ بِقَطْعِهَا وَ فِی تَرْكِهَا فَسَادٌ بَیِّنٌ لِلْمَوْلُودِ وَ الْأُمِّ وَ كَذَلِكَ أَظْفَارُ الْإِنْسَانِ أَمَرَ إِذَا طَالَتْ أَنْ تُقَلَّمَ وَ كَانَ قَادِراً یَوْمَ دَبَّرَ خِلْقَةَ الْإِنْسَانِ أَنْ یَخْلُقَهَا خِلْقَةً لَا تَطُولُ وَ كَذَلِكَ الشَّعْرُ مِنَ الشَّارِبِ وَ الرَّأْسِ یَطُولُ فَیُجَزُّ وَ كَذَلِكَ الثِّیرَانُ (2)خَلَقَهَا فُحُولَةً وَ إِخْصَاؤُهَا أَوْفَقُ وَ لَیْسَ فِی ذَلِكَ عَیْبٌ (3)فِی تَقْدِیرِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ أَ لَسْتَ تَقُولُ یَقُولُ اللَّهُ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ قَدْ نَرَی الْمُضْطَرَّ یَدْعُوهُ فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُ وَ الْمَظْلُومَ یَسْتَنْصِرُهُ عَلَی عَدُوِّهِ فَلَا یَنْصُرُهُ (4)قَالَ علیه السلام وَیْحَكَ مَا یَدْعُوهُ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ أَمَّا الظَّالِمُ فَدُعَاؤُهُ مَرْدُودٌ إِلَی أَنْ یَتُوبَ إِلَیْهِ وَ أَمَّا الْمُحِقُّ فَإِنَّهُ إِذَا دَعَاهُ اسْتَجَابَ لَهُ وَ صَرَفَ عَنْهُ الْبَلَاءَ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُهُ وَ ادَّخَرَ لَهُ (5)ثَوَاباً جَزِیلًا لِیَوْمِ حَاجَتِهِ إِلَیْهِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْأَمْرُ الَّذِی سَأَلَ الْعَبْدُ خِیَرَةً لَهُ إِنْ أَعْطَاهُ أَمْسَكَ عَنْهُ وَ الْمُؤْمِنُ الْعَارِفُ بِاللَّهِ رُبَّمَا عَزَّ عَلَیْهِ أَنْ یَدْعُوَهُ فِیمَا لَا یَدْرِی أَ صَوَابٌ ذَلِكَ أَمْ خَطَأٌ وَ قَدْ یَسْأَلُ الْعَبْدُ رَبَّهُ إِهْلَاكَ مَنْ لَمْ یَنْقَطِعْ مُدَّتُهُ وَ یَسْأَلُ الْمَطَرَ وَقْتاً وَ لَعَلَّهُ أَوَانُ لَا یَصْلُحُ فِیهِ الْمَطَرُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِتَدْبِیرِ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ كَثِیرَةٌ فَافْهَمْ هَذَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّهَا الْحَكِیمُ مَا بَالُ السَّمَاءِ لَا یَنْزِلُ مِنْهَا إِلَی الْأَرْضِ أَحَدٌ وَ لَا یَصْعَدُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَیْهَا بَشَرٌ وَ لَا طَرِیقَ إِلَیْهَا وَ لَا مَسْلَكَ فَلَوْ نَظَرَ الْعِبَادُ فِی كُلِّ دَهْرٍ مَرَّةً مَنْ یَصْعَدُ إِلَیْهَا وَ یَنْزِلُ لَكَانَ ذَلِكَ أَثْبَتَ فِی الرُّبُوبِیَّةِ وَ أَنْفَی لِلشَّكِّ وَ أَقْوَی لِلْیَقِینِ وَ أَجْدَرَ أَنْ یَعْلَمَ الْعِبَادُ أَنَّ هُنَاكَ مُدَبِّراً إِلَیْهِ یَصْعَدُ الصَّاعِدُ وَ مِنْ عِنْدِهِ یَهْبِطُ الْهَابِطُ
ص: 174
قَالَ علیه السلام إِنَّ كُلَّ مَا تَرَی فِی الْأَرْضِ مِنَ التَّدْبِیرِ إِنَّمَا هُوَ یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مِنْهَا مَا یَظْهَرُ أَ مَا تَرَی الشَّمْسُ مِنْهَا تَطْلُعُ وَ هِیَ نُورُ النَّهَارِ وَ فِیهَا قِوَامُ الدُّنْیَا وَ لَوْ حُبِسَتْ حَارَ مَنْ عَلَیْهَا وَ هَلَكَ وَ الْقَمَرُ مِنْهَا یَطْلُعُ وَ هُوَ نُورُ اللَّیْلِ وَ بِهِ یُعْلَمُ عَدَدُ السِّنِینَ وَ الْحِسَابِ وَ الشُّهُورِ وَ الْأَیَّامِ وَ لَوْ حُبِسَ لَحَارَ مَنْ عَلَیْهَا وَ فَسَدَ التَّدْبِیرُ وَ فِی السَّمَاءِ النُّجُومُ الَّتِی یُهْتَدَی بِهَا فِی ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مِنَ السَّمَاءِ یَنْزِلُ الْغَیْثُ الَّذِی فِیهِ حَیَاةُ كُلِّ شَیْ ءٍ مِنَ الزَّرْعِ وَ النَّبَاتِ وَ الْأَنْعَامِ وَ كُلِّ الْخَلْقِ لَوْ حُبِسَ عَنْهُمْ لَمَا عَاشُوا وَ الرِّیحُ لَوْ حُبِسَتْ أَیَّاماً لَفَسَدَتِ الْأَشْیَاءُ جَمِیعاً وَ تَغَیَّرَتْ ثُمَّ الْغَیْمُ وَ الرَّعْدُ وَ الْبَرْقُ وَ الصَّوَاعِقُ كُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ دَلِیلٌ عَلَی أَنَّ هُنَاكَ مُدَبِّراً یُدَبِّرُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ مِنْ عِنْدِهِ یَنْزِلُ وَ قَدْ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَی علیه السلام وَ نَاجَاهُ وَ رَفَعَ اللَّهُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ وَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ غَیْرَ أَنَّكَ لَا تُؤْمِنُ بِمَا لَمْ تَرَهُ بِعَیْنِكَ وَ فِیمَا تَرَاهُ بِعَیْنِكَ كِفَایَةٌ أَنْ تَفْهَمَ وَ تَعْقِلَ قَالَ فَلَوْ أَنَّ اللَّهَ رَدَّ إِلَیْنَا مِنَ الْأَمْوَاتِ فِی كُلِّ مِائَةِ عَامٍ (1)لِنَسْأَلَهُ عَمَّنْ مَضَی مِنَّا إِلَی مَا صَارُوا وَ كَیْفَ حَالُهُمْ وَ مَا ذَا لَقُوا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ صُنِعَ بِهِمْ لِیَعْمَلَ النَّاسُ عَلَی الْیَقِینِ اضْمَحَلَّ الشَّكُّ وَ ذَهَبَ الْغِلُّ عَنِ الْقُلُوبِ قَالَ إِنَّ هَذِهِ مَقَالَةُ مَنْ أَنْكَرَ الرُّسُلَ وَ كَذَّبَهُمْ وَ لَمْ یُصَدِّقْ بِمَا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِذَا أَخْبَرُوا (2)وَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ فِی كِتَابِهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی لِسَانِ الْأَنْبِیَاءِ حَالَ مَنْ مَاتَ مِنَّا أَ فَیَكُونُ أَحَدٌ أَصْدَقَ مِنَ اللَّهِ قَوْلًا وَ مِنْ رُسُلِهِ وَ قَدْ رَجَعَ إِلَی الدُّنْیَا مِمَّنْ مَاتَ خَلْقٌ كَثِیرٌ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْكَهْفِ (3)أَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثَلَاثَمِائَةِ عَامٍ وَ تِسْعَةً ثُمَّ بَعَثَهُمْ فِی زَمَانِ قَوْمٍ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ لِیَقْطَعَ حُجَّتَهُمْ وَ لِیُرِیَهُمْ قُدْرَتَهُ وَ لِیَعْلَمُوا أَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَ أَمَاتَ اللَّهُ أَرْمِیَا (4)النَّبِیَّ الَّذِی نَظَرَ إِلَی
ص: 175
خَرَابِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ مَا حَوْلَهُ حِینَ غَزَاهُمْ بُخْتَنَصَّرُ فَقَالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ أَحْیَاهُ وَ نَظَرَ إِلَی أَعْضَائِهِ كَیْفَ تَلْتَئِمُ وَ كَیْفَ تَلْبَسُ اللَّحْمَ وَ إِلَی مَفَاصِلِهِ وَ عُرُوقِهِ كَیْفَ تُوصَلُ فَلَمَّا اسْتَوَی قَاعِداً قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ أَحْیَا اللَّهُ قَوْماً خَرَجُوا عَنْ أَوْطَانِهِمْ هَارِبِینَ مِنَ الطَّاعُونِ لَا یُحْصَی عَدَدُهُمْ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ دَهْراً طَوِیلًا حَتَّی بُلِیَتْ عِظَامُهُمْ وَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُمْ وَ صَارُوا تُرَاباً فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی فِی وَقْتٍ أَحَبَّ أَنْ یَرَی خَلْقُهُ قُدْرَتَهُ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ (1)فَدَعَاهُمْ فَاجْتَمَعَتْ أَبْدَانُهُمْ وَ رَجَعَتْ فِیهَا أَرْوَاحُهُمْ وَ قَامُوا كَهَیْئَةِ یَوْمَ مَاتُوا لَا یَفْتَقِدُونَ مِنْ أَعْدَادِهِمْ رَجُلًا فَعَاشُوا بَعْدَ ذَلِكَ دَهْراً طَوِیلًا وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَاتَ قَوْماً خَرَجُوا مَعَ مُوسَی حِینَ تَوَجَّهَ إِلَی اللَّهِ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْیَاهُمْ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَمَّنْ قَالَ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ قَالُوا ذَلِكَ وَ بِأَیِّ حُجَّةٍ قَامُوا عَلَی مَذَاهِبِهِمْ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ التَّنَاسُخِ قَدْ خَلَّفُوا وَرَاءَهُمْ مِنْهَاجَ الدِّینِ (2)وَ زَیَّنُوا لِأَنْفُسِهِمُ الضَّلَالاتِ وَ أَمْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ فِی الشَّهَوَاتِ وَ زَعَمُوا أَنَّ السَّمَاءَ خَاوِیَةٌ (3)مَا فِیهَا شَیْ ءٌ مِمَّا یُوصَفُ وَ أَنَّ مُدَبِّرَ هَذَا الْعَالَمِ فِی صُورَةِ الْمَخْلُوقِینَ بِحُجَّةِ مَنْ رَوَی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَی صُورَتِهِ (4)وَ أَنَّهُ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ وَ لَا بَعْثَ وَ لَا نُشُورَ وَ الْقِیَامَةُ عِنْدَهُمْ خُرُوجُ الرُّوحِ مِنْ قَالَبِهِ وَ وُلُوجُهُ فِی قَالَبٍ آخَرَ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فِی الْقَالَبِ الْأَوَّلِ أُعِیدَ فِی قَالَبٍ أَفْضَلَ مِنْهُ حُسْناً فِی أَعْلَی دَرَجَةِ الدُّنْیَا (5)وَ إِنْ كَانَ مُسِیئاً أَوْ غَیْرَ عَارِفٍ صَارَ فِی بَعْضِ الدَّوَابِّ الْمُتْعَبَةِ فِی الدُّنْیَا أَوْ هَوَامَّ مُشَوَّهَةِ الْخِلْقَةِ وَ لَیْسَ عَلَیْهِمْ صَوْمٌ وَ لَا صَلَاةٌ وَ لَا شَیْ ءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَیْهِ مَعْرِفَتُهُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ شَهَوَاتِ الدُّنْیَا مُبَاحٌ لَهُمْ مِنْ فُرُوجِ النِّسَاءِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ نِكَاحِ الْأَخَوَاتِ وَ الْبَنَاتِ وَ الْخَالاتِ وَ ذَوَاتِ الْبُعُولَةِ وَ كَذَلِكَ الْمَیْتَةُ وَ الْخَمْرُ وَ الدَّمُ فَاسْتَقْبَحَ مَقَالَتَهُمْ كُلُّ الْفِرَقِ وَ لَعَنَهُمْ كُلُّ الْأُمَمِ
ص: 176
فَلَمَّا سَأَلُوا الْحُجَّةَ زَاغُوا وَ حَادُوا فَكَذَّبَ مَقَالَتَهُمُ التَّوْرَاةُ وَ لَعَنَهُمُ الْفُرْقَانُ وَ زَعَمُوا مَعَ ذَلِكَ أَنَّ إِلَهَهُمْ یَنْتَقِلُ مِنْ قَالَبٍ إِلَی قَالَبٍ وَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ الْأَزَلِیَّةَ هِیَ الَّتِی كَانَتْ فِی آدَمَ ثُمَّ هَلُمَّ جَرّاً تَجْرِی إِلَی یَوْمِنَا هَذَا (1)فِی وَاحِدٍ بَعْدَ آخَرَ فَإِذَا كَانَ الْخَالِقُ فِی صُورَةِ الْمَخْلُوقِ فَبِمَا یُسْتَدَلُّ عَلَی أَنَّ أَحَدَهُمَا خَالِقُ صَاحِبِهِ وَ قَالُوا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ (2)كُلُّ مَنْ صَارَ فِی أَعْلَی دَرَجَةِ دِینِهِمْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلَةِ الِامْتِحَانِ وَ التَّصْفِیَةِ فَهُوَ مَلَكٌ فَطَوْراً تَخَالُهُمْ (3)نَصَارَی فِی أَشْیَاءَ وَ طَوْراً دَهْرِیَّةً یَقُولُونَ إِنَّ الْأَشْیَاءَ عَلَی غَیْرِ الْحَقِیقَةِ قَدْ كَانَ یَجِبُ عَلَیْهِمْ أَنْ لَا یَأْكُلُوا شَیْئاً مِنَ اللُّحْمَانِ لِأَنَّ الدَّوَابَّ عِنْدَهُمْ كُلَّهَا مِنْ وُلْدِ آدَمَ حُوِّلُوا مِنْ صُوَرِهِمْ فَلَا یَجُوزُ أَكْلُ لُحُومِ الْقَرَابَاتِ (4)قَالَ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَزَلْ وَ مَعَهُ طِینَةٌ مُوذِیَةٌ (5)فَلَمْ یَسْتَطِعِ التَّفَصِّیَ مِنْهَا إِلَّا بِامْتِزَاجِهِ بِهَا وَ دُخُولِهِ فِیهَا فَمِنْ تِلْكَ الطِّینَةِ خَلَقَ الْأَشْیَاءَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَعَالَی مَا أَعْجَزَ إِلَهاً یُوصَفُ بِالْقُدْرَةِ لَا یَسْتَطِیعُ التَّفَصِّی مِنَ الطِّینَةِ إِنْ كَانَتِ الطِّینَةُ حَیَّةً أَزَلِیَّةً فَكَانَا إِلَهَیْنِ قَدِیمَیْنِ فَامْتَزَجَا وَ دَبَّرَ الْعَالَمَ مِنْ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمِنْ أَیْنَ جَاءَ الْمَوْتُ وَ الْفَنَاءُ وَ إِنْ كَانَتِ الطِّینَةُ مَیْتَةً فَلَا بَقَاءَ لِلْمَیِّتِ مَعَ الْأَزَلِیِّ الْقَدِیمِ وَ الْمَیِّتُ لَا یَجِی ءُ مِنْهُ حَیٌّ هَذِهِ مَقَالَةُ الدَّیْصَانِیَّةِ أَشَدُّ الزَّنَادِقَةِ قَوْلًا وَ أَهْمَلُهُمْ (6)مِثْلًا نَظَرُوا فِی كُتُبٍ قَدْ صَنَّفَتْهَا أَوَائِلُهُمْ وَ حَبَّرُوهَا لَهُمْ بِأَلْفَاظٍ مُزَخْرَفَةٍ مِنْ غَیْرِ أَصْلٍ ثَابِتٍ وَ لَا حُجَّةٍ تُوجِبُ إِثْبَاتَ مَا ادَّعَوْا كُلُّ ذَلِكَ خِلَافاً عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رُسُلِهِ وَ تَكْذِیباً بِمَا جَاءُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَبْدَانَ ظُلْمَةٌ وَ الْأَرْوَاحَ نُورٌ وَ أَنَّ النُّورَ لَا یَعْمَلُ الشَّرَّ وَ الظُّلْمَةَ لَا تَعْمَلُ الْخَیْرَ فَلَا تَجِبُ عَلَیْهِمْ أَنْ یَلُومُوا أَحَداً عَلَی مَعْصِیَةٍ وَ لَا رُكُوبِ حُرْمَةٍ وَ لَا إِتْیَانِ
ص: 177
فَاحِشَةٍ وَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَی الظُّلْمَةِ غَیْرُ مُسْتَنْكَرٍ (1)لِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلُهَا وَ لَا لَهُ أَنْ یَدْعُوَ رَبّاً وَ لَا یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ لِأَنَّ النُّورَ رَبٌّ وَ الرَّبُّ لَا یَتَضَرَّعُ إِلَی نَفْسِهِ وَ لَا یَسْتَعِیذُ بِغَیْرِهِ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَقَالَةِ أَنْ یَقُولَ أَحْسَنْتَ أَوْ أَسَأْتَ لِأَنَّ الْإِسَاءَةَ مِنْ فِعْلِ الظُّلْمَةِ وَ ذَلِكَ فِعْلُهُا وَ الْإِحْسَانَ مِنَ النُّورِ وَ لَا یَقُولُ النُّورُ لِنَفْسِهِ أَحْسَنْتَ یَا مُحْسِنُ وَ لَیْسَ هُنَاكَ ثَالِثٌ فَكَانَتِ الظُّلْمَةُ عَلَی قِیَاسِ قَوْلِهِمْ أَحْكَمَ فِعْلًا وَ أَتْقَنَ تَدْبِیراً وَ أَعَزَّ أَرْكَاناً مِنَ النُّورِ لِأَنَّ الْأَبْدَانَ مُحْكَمَةٌ فَمَنْ صَوَّرَ هَذَا الْخَلْقَ صُورَةً وَاحِدَةً عَلَی نُعُوتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ یُرَی ظَاهِراً مِنَ الزَّهْرِ وَ الْأَشْجَارِ وَ الثِّمَارِ وَ الطَّیْرِ وَ الدَّوَابِّ یَجِبُ أَنْ یَكُونَ إِلَهاً ثُمَّ حُبِسَتِ النُّورُ فِی حَبْسِهَا وَ الدَّوْلَةُ لَهَا وَ أَمَّا مَا ادَّعَوْا بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ سَوْفَ تَكُونُ لِلنُّورِ فَدَعْوَی وَ یَنْبَغِی عَلَی قِیَاسِ قَوْلِهِمْ أَنْ لَا یَكُونَ لِلنُّورِ فِعْلٌ لِأَنَّهُ أَسِیرٌ وَ لَیْسَ لَهُ سُلْطَانٌ فَلَا فِعْلَ لَهُ وَ لَا تَدْبِیرَ وَ إِنْ كَانَ لَهُ مَعَ الظُّلْمَةِ تَدْبِیرٌ فَمَا هُوَ بِأَسِیرٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ عَزِیزٌ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ كَذَلِكَ وَ كَانَ أَسِیرَ الظُّلْمَةِ فَإِنَّهُ یَظْهَرُ فِی هَذَا الْعَالَمِ إِحْسَانٌ وَ خَیْرٌ مَعَ فَسَادٍ وَ شَرٍّ فَهَذَا یَدُلُّ عَلَی أَنَّ الظُّلْمَةَ تُحْسِنُ الْخَیْرَ وَ تَفْعَلُهُ كَمَا تُحْسِنُ الشَّرَّ وَ تَفْعَلُهُ فَإِنْ قَالُوا مُحَالٌ ذَلِكَ فَلَا نُورَ یَثْبُتُ وَ لَا ظُلْمَةَ وَ بَطَلَتْ دَعْوَاهُمْ وَ رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَی أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ فَهَذِهِ مَقَالَةُ مَانِی الزِّنْدِیقِ وَ أَصْحَابِهِ وَ أَمَّا مَنْ قَالَ النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ بَیْنَهُمَا حُكْمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ أَكْبَرُ الثَّلَاثَةِ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ لَا یَحْتَاجُ إِلَی الْحَاكِمِ إِلَّا مَغْلُوبٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَ هَذِهِ مَقَالَةُ الْمَدْقُونِیَةُ (2)وَ الْحِكَایَةُ عَنْهُمْ تَطُولُ
ص: 178
قَالَ فَمَا قِصَّةُ مَانِی قَالَ مُتَفَحِّصٌ أَخَذَ بَعْضَ الْمَجُوسِیَّةِ فَشَابَهَا بِبَعْضِ النَّصْرَانِیَّةِ (1)فَأَخْطَأَ الْمِلَّتَیْنِ وَ لَمْ یُصِبْ مَذْهَباً وَاحِداً مِنْهُمَا وَ زَعَمَ أَنَّ الْعَالَمَ دُبِّرَ مِنْ إِلَهَیْنِ نُورٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ أَنَّ النُّورَ فِی حِصَارٍ مِنَ الظُّلْمَةِ عَلَی مَا حَكَیْنَا مِنْهُ فَكَذَّبَتْهُ النَّصَارَی وَ قَبِلَتْهُ الْمَجُوسُ (2)قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمَجُوسِ أَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً فَإِنِّی أَجِدُ لَهُمْ كُتُباً مُحْكَمَةً وَ مَوَاعِظَ بَلِیغَةً وَ أَمْثَالًا شَافِیَةً یُقِرُّونَ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ لَهُمْ شَرَائِعُ یَعْمَلُونَ بِهَا قَالَ مَا مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ وَ قَدْ بُعِثَ إِلَیْهِمْ نَبِیٌّ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَنْكَرُوهُ وَ جَحَدُوا لِكِتَابِهِ قَالَ وَ مَنْ هُوَ فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ علیه السلام إِنَّ خَالِداً كَانَ عَرَبِیّاً بَدَوِیّاً (3)مَا كَانَ نَبِیّاً وَ إِنَّمَا ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَقُولُهُ النَّاسُ قَالَ أَ فَزَرْدُشْتُ قَالَ إِنَّ زَرْدُشْتَ أَتَاهُمْ بِزَمْزَمَةٍ (4)وَ ادَّعَی النُّبُوَّةَ فَآمَنَ مِنْهُمْ قَوْمٌ وَ جَحَدَهُ قَوْمٌ فَأَخْرَجُوهُ فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ فِی بَرِّیَّةٍ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمَجُوسِ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَی الصَّوَابِ فِی دَهْرِهِمْ أَمِ الْعَرَبُ قَالَ الْعَرَبُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَی الدِّینِ الْحَنِیفِیِّ مِنَ الْمَجُوسِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَجُوسَ
ص: 179
كَفَرَتْ بِكُلِّ الْأَنْبِیَاءِ وَ جَحَدَتْ كُتُبَهَا وَ أَنْكَرَتْ بَرَاهِینَهَا وَ لَمْ تَأْخُذْ بِشَیْ ءٍ مِنْ سُنَنِهَا وَ آثَارِهَا (1)وَ أَنَّ كَیْخُسْرَوَ مَلِكَ الْمَجُوسِ فِی الدَّهْرِ الْأَوَّلِ قَتَلَ ثَلَاثَمِائَةِ نَبِیٍّ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الْعَرَبُ كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَ الِاغْتِسَالُ مِنْ خَالِصِ شَرَائِعِ الْحَنِیفِیَّةِ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تَخْتَتِنُ وَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِیَاءِ وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ اللَّهِ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تَغْتَسِلُ مَوْتَاهُمْ وَ لَا تُكَفِّنُهَا وَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ تَرْمِی الْمَوْتَی فِی الصَّحَارِی وَ النَّوَاوِیسِ (2)وَ الْعَرَبُ تُوَارِیهَا فِی قُبُورِهَا وَ تَلْحَدُ لَهَا وَ كَذَلِكَ السُّنَّةُ عَلَی الرُّسُلِ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ حُفِرَ لَهُ قَبْرٌ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَ أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ تَأْتِی الْأُمَّهَاتِ وَ تَنْكِحُ الْبَنَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ وَ حَرَّمَتْ ذَلِكَ الْعَرَبُ وَ أَنْكَرَتِ الْمَجُوسُ بَیْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ وَ سَمَّتْهُ بَیْتَ الشَّیْطَانِ وَ الْعَرَبُ كَانَتْ تَحُجُّهُ وَ تُعَظِّمُهُ وَ یَقُولُ بَیْتُ رَبِّنَا وَ تُقِرُّ بِالتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ تَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ (3)وَ تَأْخُذُ عَنْهُمْ وَ كَانَتِ الْعَرَبُ فِی كُلِّ الْأَسْبَابِ أَقْرَبَ إِلَی الدِّینِ الْحَنِیفِیِّ مِنَ الْمَجُوسِ قَالَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِإِتْیَانِ الْأَخَوَاتِ أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ آدَمَ قَالَ فَمَا حُجَّتُهُمْ فِی إِتْیَانِ الْبَنَاتِ وَ الْأُمَّهَاتِ وَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ سَائِرُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام وَ كُلُّ مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی الْخَمْرَ وَ لَا لَذَّةَ أَفْضَلُ مِنْهَا قَالَ حَرَّمَهَا لِأَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ أَ وَ لَیْسَ كُلُّ شَیْ ءٍ (4)یَأْتِی عَلَی شَارِبِهَا سَاعَةٌ یُسْلَبُ لُبُّهُ وَ لَا یَعْرِفُ رَبَّهُ وَ لَا یَتْرُكُ مَعْصِیَةً إِلَّا رَكِبَهَا وَ لَا حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا وَ لَا رَحِماً مَاسَّةً إِلَّا قَطَعَهَا وَ لَا فَاحِشَةً إِلَّا أَتَاهَا وَ السَّكْرَانُ زِمَامُهُ بِیَدِ الشَّیْطَانِ إِنْ أَمَرَهُ أَنْ یَسْجُدَ لِلْأَوْثَانِ سَجَدَ وَ یَنْقَادُ حَیْثُ مَا قَادَهُ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ قَالَ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْقَسَاوَةَ وَ یَسْلُبُ الْفُؤَادَ رَحْمَتَهُ وَ یُعَفِّنُ الْبَدَنَ وَ یُغَیِّرُ اللَّوْنَ وَ أَكْثَرَ مَا یُصِیبُ الْإِنْسَانَ الْجُذَامُ یَكُونُ مِنْ أَكْلِ الدَّمِ قَالَ فَأَكْلُ الْغُدَدِ قَالَ یُورِثُ الْجُذَامَ قَالَ فَالْمَیْتَةُ لِمَ حَرَّمَهَا قَالَ صَلَوَاتُ
ص: 180
اللَّهِ عَلَیْهِ فَرْقاً بَیْنَهَا وَ بَیْنَ مَا یُذْكَرُ عَلَیْهِ اسْمُ اللَّهِ (1)وَ الْمَیْتَةُ قَدْ جَمَدَ فِیهَا الدَّمُ وَ تَرَاجَعَ إِلَی بَدَنِهَا فَلَحْمُهَا ثَقِیلٌ غَیْرُ مَرِی ءٍ لِأَنَّهَا یُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِدَمِهَا قَالَ فَالسَّمَكُ مَیْتَةٌ قَالَ إِنَّ السَّمَكَ ذَكَاتُهُ إِخْرَاجُهُ حَیّاً مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ یُتْرَكُ حَتَّی یَمُوتَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُ دَمٌ وَ كَذَلِكَ الْجَرَادُ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ الزِّنَا قَالَ لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ ذَهَابِ الْمَوَارِیثِ وَ انْقِطَاعِ الْأَنْسَابِ لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ فِی الزِّنَا مَنْ أَحْبَلَهَا وَ لَا الْمَوْلُودُ یَعْلَمُ مَنْ أَبُوهُ وَ لَا أَرْحَامَ مَوْصُولَةٌ وَ لَا قَرَابَةَ مَعْرُوفَةٌ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ اللِّوَاطَ قَالَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِتْیَانُ الْغُلَامِ حَلَالًا لَاسْتَغْنَی الرِّجَالُ عَنِ النِّسَاءِ وَ كَانَ فِیهِ قَطْعُ النَّسْلِ وَ تَعْطِیلُ الْفُرُوجِ وَ كَانَ فِی إِجَازَةِ ذَلِكَ فَسَادٌ كَثِیرٌ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ إِتْیَانِ الْبَهِیمَةِ قَالَ علیه السلام كَرِهَ أَنْ یُضَیِّعَ الرَّجُلُ مَاءَهُ وَ یَأْتِیَ غَیْرَ شَكْلِهِ وَ لَوْ أَبَاحَ ذَلِكَ لَرَبَطَ كُلُّ رَجُلٍ أَتَاناً (2)یَرْكَبُ ظَهْرَهَا وَ یَغْشَی فَرْجَهَا فَكَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ فَسَادٌ كَثِیرٌ فَأَبَاحَ ظُهُورَهَا وَ حَرَّمَ عَلَیْهِمْ فُرُوجَهَا وَ خَلَقَ لِلرِّجَالِ النِّسَاءَ لِیَأْنِسُوا بِهِنَّ وَ یَسْكُنُوا إِلَیْهِنَّ وَ یَكُنَّ مَوْضِعَ شَهَوَاتِهِمْ وَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ قَالَ فَمَا عِلَّةُ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ إِنَّ مَا أُتِیَ حَلَالٌ وَ لَیْسَ فِی الْحَلَالِ تَدْنِیسٌ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْجَنَابَةَ بِمَنْزِلَةِ الْحَیْضِ وَ ذَلِكَ أَنَّ النُّطْفَةَ دَمٌ لَا تَسْتَحْكِمُ وَ لَا یَكُونُ الْجِمَاعُ إِلَّا بِحَرَكَةٍ شَدِیدَةٍ وَ شَهْوَةٍ غَالِبَةٍ وَ إِذَا فَرَغَ تَنَفَّسَ الْبَدَنُ وَ وَجَدَ الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِهِ رَائِحَةً كَرِیهَةً فَوَجَبَ الْغُسْلُ لِذَلِكَ وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ مَعَ ذَلِكَ أَمَانَةٌ ائْتَمَنَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهَا عَبِیدَهُ لِیَخْتَبِرَهُمْ بِهَا قَالَ أَیُّهَا الْحَكِیمُ فَمَا تَقُولُ فِیمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا التَّدْبِیرَ الَّذِی یَظْهَرُ فِی هَذَا الْعَالَمِ تَدْبِیرُ النُّجُومِ السَّبْعَةِ قَالَ یَحْتَاجُونَ إِلَی دَلِیلِ أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ الْأَكْبَرَ وَ الْعَالَمَ الْأَصْغَرَ مِنْ تَدْبِیرِ النُّجُومِ الَّتِی تَسْبَحُ فِی الْفَلَكِ (3)وَ تَدُورُ حَیْثُ دَارَتْ مُتْعِبَةً لَا تَفْتُرُ وَ سَائِرَةً
ص: 181
لَا تَقِفُ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ كُلَّ نَجْمٍ مِنْهَا مُوَكَّلٌ مُدَبَّرٌ (1)فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبِیدِ الْمَأْمُورِینَ الْمَنْهِیِّینَ فَلَوْ كَانَتْ قَدِیمَةً أَزَلِیَّةً لَمْ تَتَغَیَّرْ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ قَالَ فَمَنْ قَالَ بِالطَّبَائِعِ (2)قَالَ مَنْ لَمْ یَمْلِكِ الْبَقَاءَ وَ لَا صَرْفَ الْحَوَادِثِ وَ غَیَّرَتْهُ الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی لَا یَرُدُّ الْهَرَمَ وَ لَا یَدْفَعُ الْأَجَلَ مَا تَصْنَعُ بِهِ (3)قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَمَّنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَلْقَ لَمْ یَزَلْ یَتَنَاسَلُونَ وَ یَتَوَالَدُونَ وَ یَذْهَبُ قَرْنٌ وَ یَجِی ءُ قَرْنٌ تُفْنِیهِمُ الْأَمْرَاضُ وَ الْأَعْرَاضُ وَ صُنُوفُ الْآفَاتِ یُخْبِرُكَ الْآخِرُ عَنِ الْأَوَّلِ وَ یُنَبِّئُكَ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ وَ الْقُرُونُ عَنِ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ وَجَدُوا الْخَلْقَ عَلَی هَذَا الْوَصْفِ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ وَ النَّبَاتِ فِی كُلِّ دَهْرٍ یَخْرُجُ مِنْهُ حَكِیمٌ عَلِیمٌ بِمَصْلَحَةِ النَّاسِ بَصِیرٍ بِتَأْلِیفِ الْكَلَامِ وَ یُصَنِّفُ كِتَاباً قَدْ حَبَّرَهُ بِفِطْنَتِهِ وَ حَسَّنَهُ بِحِكْمَتِهِ قَدْ جَعَلَهُ حَاجِزاً بَیْنَ النَّاسِ یَأْمُرُهُمْ بِالْخَیْرِ وَ یَحُثُّهُمْ عَلَیْهِ وَ یَنْهَاهُمْ عَنِ السُّوءِ وَ الْفَسَادِ وَ یَزْجُرُهُمْ عَنْهُ لِئَلَّا یَتَهَاوَشُوا (4)وَ لَا یَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَالَ علیه السلام وَیْحَكَ إِنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ أَمْسِ وَ یَرْحَلُ عَنِ الدُّنْیَا غَداً لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ وَ لَا مَا یَكُونُ بَعْدَهُ ثُمَّ إِنَّهُ لَا یَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ أَنْ یَكُونَ خَلَقَ نَفْسَهُ أَوْ خَلَقَهُ غَیْرُهُ أَوْ لَمْ یَزَلْ مَوْجُوداً فَمَا لَیْسَ بِشَیْ ءٍ لَا یَقْدِرُ عَلَی أَنْ یَخْلُقَ شَیْئاً وَ هُوَ لَیْسَ بِشَیْ ءٍ وَ كَذَلِكَ مَا لَمْ یَكُنْ فَیَكُونُ شَیْئاً یُسْأَلُ فَلَا یَعْلَمُ كَیْفَ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ وَ لَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ أَزَلِیّاً لَمْ تَحْدُثْ فِیهِ الْحَوَادِثُ لِأَنَّ الْأَزَلِیَّ لَا تُغَیِّرُهُ الْأَیَّامُ وَ لَا یَأْتِی عَلَیْهِ الْفَنَاءُ مَعَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ بِنَاءً مِنْ غَیْرِ بَانٍ وَ لَا أَثَراً مِنْ غَیْرِ مُؤَثِّرٍ وَ لَا تَأْلِیفاً مِنْ غَیْرِ مُؤَلِّفٍ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَاهُ خَلَقَهُ قِیلَ فَمَنْ خَلَقَ أَبَاهُ وَ لَوْ أَنَّ الْأَبَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ ابْنَهُ لَخَلَقَهُ عَلَی شَهْوَتِهِ وَ صَوَّرَهُ عَلَی مَحَبَّتِهِ وَ لَمَلَكَ حَیَاتَهُ وَ لَجَارَ فِیهِ حُكْمُهُ مَرِضَ
ص: 182
فَلَمْ یَنْفَعْهُ وَ مَاتَ فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ (1)إِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً وَ یَنْفُخَ فِیهِ رُوحاً حَتَّی یَمْشِیَ عَلَی رِجْلَیْهِ سَوِیّاً یَقْدِرُ أَنْ یَدْفَعَ عَنْهُ الْفَسَادَ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی عِلْمِ النُّجُومِ قَالَ هُوَ عِلْمٌ قَلَّتْ مَنَافِعُهُ وَ كَثُرَتْ مَضَرَّاتُهُ لِأَنَّهُ لَا یُدْفَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ وَ لَا یُتَّقَی بِهِ الْمَحْذُورُ إِنْ أَخْبَرَ الْمُنَجِّمُ بِالْبَلَاءِ لَمْ یُنْجِهِ التَّحَرُّزُ مِنَ الْقَضَاءِ وَ إِنْ أَخْبَرَ هُوَ بِخَیْرٍ لَمْ یَسْتَطِعْ تَعْجِیلَهُ وَ إِنْ حَدَثَ بِهِ سُوءٌ لَمْ یُمْكِنْهُ صَرْفُهُ وَ الْمُنَجِّمُ یُضَادُّ اللَّهَ فِی عِلْمِهِ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ یَرُدُّ قَضَاءَ اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ (2)قَالَ فَالرَّسُولُ أَفْضَلُ أَمِ الْمَلَكُ الْمُرْسَلُ إِلَیْهِ قَالَ بَلِ الرَّسُولُ أَفْضَلُ قَالَ فَمَا عِلَّةُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِعِبَادِهِ یَكْتُبُونَ عَلَیْهِمْ وَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَالِمُ السِّرِّ وَ مَا هُوَ أَخْفَی قَالَ اسْتَعْبَدَهُمْ بِذَلِكَ وَ جَعَلَهُمْ شُهُوداً عَلَی خَلْقِهِ لِیَكُونَ الْعِبَادُ لِمُلَازَمَتِهِمْ إِیَّاهُمْ أَشَدَّ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ مُوَاظَبَةً وَ عَنْ مَعْصِیَتِهِ أَشَدَّ انْقِبَاضاً وَ كَمْ مِنْ عَبْدٍ یَهُمُّ بِمَعْصِیَةٍ فَیَذْكُرُ مَكَانَهَا فَارْعَوَی (3)وَ كَفَّ فَیَقُولُ رَبِّی یَرَانِی وَ حَفِظَتِی عَلَیَّ بِذَلِكَ تَشْهَدُ وَ إِنَّ اللَّهَ بِرَأْفَتِهِ وَ لُطْفِهِ أَیْضاً وَكَّلَهُمْ بِعِبَادِهِ یَذُبُّونَ عَنْهُ مَرَدَةَ الشَّیَاطِینِ وَ هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ آفَاتٍ كَثِیرَةً مِنْ حَیْثُ لَا یَرَوْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ إِلَی أَنْ یَجِی ءَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَخَلَقَ الْخَلْقَ لِلرَّحْمَةِ أَمْ لِلْعَذَابِ قَالَ خَلَقَهُمْ لِلرَّحْمَةِ وَ كَانَ فِی عِلْمِهِ قَبْلَ خَلْقِهِ إِیَّاهُمْ أَنَّ قَوْماً مِنْهُمْ یَصِیرُونَ إِلَی عَذَابِهِ بِأَعْمَالِهِمُ الرَّدِیئَةِ وَ جَحْدِهِمْ بِهِ قَالَ یُعَذِّبُ مَنْ أَنْكَرَ فَاسْتَوْجَبَ عَذَابَهُ بِإِنْكَارِهِ فَبِمَ یُعَذِّبُ مَنْ وَحَّدَهُ وَ عَرَفَهُ قَالَ یُعَذِّبُ الْمُنْكِرَ لِإِلَهِیَّتِهِ عَذَابَ الْأَبَدِ وَ یُعَذِّبُ الْمُقِرَّ بِهِ عَذَاباً عُقُوبَةً (4)لِمَعْصِیَتِهِ إِیَّاهُ فِیمَا فَرَضَ عَلَیْهِ ثُمَّ یَخْرُجُ وَ لا یَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً قَالَ فَبَیْنَ الْكُفْرِ وَ الْإِیمَانِ مَنْزِلَةٌ (5)قَالَ لَا قَالَ فَمَا الْإِیمَانُ وَ مَا الْكُفْرُ
ص: 183
قَالَ الْإِیمَانُ أَنْ یُصَدِّقَ اللَّهَ فِیمَا غَابَ عَنْهُ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ لِتَصْدِیقِهِ بِمَا شَاهَدَ مِنْ ذَلِكَ وَ عَایَنَ وَ الْكُفْرُ الْجُحُودُ قَالَ فَمَا الشِّرْكُ وَ مَا الشَّكُّ قَالَ الشِّرْكُ أَنْ یَضُمَّ إِلَی الْوَاحِدِ الَّذِی لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ آخَرَ وَ الشَّكُّ مَا لَمْ یَعْتَقِدْ قَلْبُهُ شَیْئاً قَالَ أَ فَیَكُونُ الْعَالِمُ جَاهِلًا قَالَ عَالِمٌ بِمَا یَعْلَمُ وَ جَاهِلٌ بِمَا یَجْهَلُ قَالَ فَمَا السَّعَادَةُ وَ مَا الشَّقَاوَةُ قَالَ السَّعَادَةُ سَبَبُ خَیْرٍ تُمْسِكُ بِهِ السَّعِیدُ فَیَجُرُّهُ إِلَی النَّجَاةِ وَ الشَّقَاوَةُ سَبَبُ خِذْلَانٍ تُمْسِكُ بِهِ الشَّقِیُّ فَجَرَّهُ إِلَی الْهَلَكَةِ وَ كُلٌّ بِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَی (1)قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ السِّرَاجِ إِذَا انْطَفَأَ أَیْنَ یَذْهَبُ نُورُهُ قَالَ یَذْهَبُ فَلَا یَعُودُ قَالَ فَمَا أَنْكَرْتَ أَنْ یَكُونَ الْإِنْسَانُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا مَاتَ وَ فَارَقَ الرُّوحُ الْبَدَنَ لَمْ یَرْجِعْ إِلَیْهِ أَبَداً كَمَا لَا یَرْجِعُ ضَوْءُ السِّرَاجِ إِلَیْهِ أَبَداً إِذَا انْطَفَأَ قَالَ لَمْ تُصِبِ الْقِیَاسَ إِنَّ النَّارَ فِی الْأَجْسَامِ كَامِنَةٌ (2)وَ الْأَجْسَامَ قَائِمَةٌ بِأَعْیَانِهَا كَالْحَجَرِ وَ الْحَدِیدِ فَإِذَا ضُرِبَ
ص: 184
أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَطَعَتْ مِنْ بَیْنِهِمَا نَارٌ یُقْتَبَسُ مِنْهُمَا سِرَاجٌ لَهُ الضَّوْءُ فَالنَّارُ ثَابِتَةٌ فِی أَجْسَامِهَا وَ الضَّوْءُ ذَاهِبٌ وَ الرُّوحُ جِسْمٌ رَقِیقٌ قَدْ أُلْبِسَ قَالَباً كَثِیفاً وَ لَیْسَ بِمَنْزِلَةِ السِّرَاجِ الَّذِی ذَكَرْتَ إِنَّ الَّذِی خَلَقَ فِی الرَّحِمِ جَنِیناً مِنْ مَاءٍ صَافٍ وَ رَكَّبَ فِیهِ ضُرُوباً مُخْتَلِفَةً مِنْ عُرُوقٍ وَ عَصَبٍ وَ أَسْنَانٍ وَ شَعْرٍ وَ عِظَامٍ وَ غَیْرِ ذَلِكَ هُوَ یُحْیِیهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ یُعِیدُهُ بَعْدَ فَنَائِهِ قَالَ فَأَیْنَ الرُّوحُ قَالَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ حَیْثُ مَصْرَعُ الْبَدَنِ إِلَی وَقْتِ الْبَعْثِ قَالَ فَمَنْ صُلِبَ أَیْنَ رُوحُهُ قَالَ فِی كَفِّ الْمَلَكِ الَّذِی قَبَضَهَا حَتَّی یُودِعَهَا الْأَرْضَ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الرُّوحِ أَ غَیْرُ الدَّمِ قَالَ نَعَمْ الرُّوحُ عَلَی مَا وَصَفْتُ لَكَ مَادَّتُهُ مِنَ الدَّمِ وَ مِنَ الدَّمِ رُطُوبَةُ الْجِسْمِ وَ صَفَاءُ اللَّوْنِ وَ حُسْنُ الصَّوْتِ وَ كَثْرَةُ الضَّحِكِ فَإِذَا جَمَدَ الدَّمُ فَارَقَ الرُّوحُ الْبَدَنَ قَالَ فَهَلْ یُوصَفُ بِخِفَّةٍ وَ ثِقْلٍ وَ وَزْنٍ قَالَ الرُّوحُ بِمَنْزِلَةِ الرِّیحِ فِی الزِّقِّ (1)إِذَا نُفِخَتْ فِیهِ امْتَلَأَ الزِّقُّ مِنْهَا فَلَا یَزِیدُ فِی وَزْنِ الزِّقِّ وُلُوجُهَا فِیهِ وَ لَا یَنْقُصُهَا خُرُوجُهَا مِنْهُ كَذَلِكَ الرُّوحُ لَیْسَ لَهَا ثِقْلٌ وَ لَا وَزْنٌ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا جَوْهَرُ الرِّیحِ قَالَ الرِّیحُ هَوَاءٌ إِذَا تَحَرَّكَ سُمِّیَ رِیحاً فَإِذَا سَكَنَ سُمِّیَ هَوَاءً وَ بِهِ قِوَامُ الدُّنْیَا (2)وَ لَوْ كُفِتَ الرِّیحُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَفَسَدَ كُلُّ شَیْ ءٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ نَتُنَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الرِّیحَ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْوَحَةِ تَذُبُّ وَ تَدْفَعُ الْفَسَادَ عَنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ تُطَیِّبُهُ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ إِذَا خَرَجَ عَنِ الْبَدَنِ نَتُنَ الْبَدَنُ وَ تَغَیَّرَ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ قَالَ أَ فَیَتَلَاشَی الرُّوحُ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ قَالَبِهِ أَمْ هُوَ بَاقٍ قَالَ بَلْ هُوَ بَاقٍ إِلَی وَقْتِ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْأَشْیَاءُ وَ تَفْنَی فَلَا حِسَّ وَ لَا مَحْسُوسَ ثُمَّ أُعِیدَتِ الْأَشْیَاءُ كَمَا بَدَأَهَا مُدَبِّرُهَا وَ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ تَسْبُتُ (3)فِیهَا الْخَلْقُ وَ ذَلِكَ بَیْنَ النَّفْخَتَیْنِ قَالَ وَ أَنَّی لَهُ بِالْبَعْثِ وَ الْبَدَنُ قَدْ بَلِیَ وَ الْأَعْضَاءُ قَدْ تَفَرَّقَتْ فَعُضْوٌ بِبَلْدَةٍ
ص: 185
یَأْكُلُهَا سِبَاعُهَا وَ عُضْوٌ بِأُخْرَی تَمْزِقُهُ هَوَامُّهَا وَ عُضْوٌ قَدْ صَارَ تُرَاباً بُنِیَ بِهِ مَعَ الطِّینِ حَائِطٌ (1)قَالَ إِنَّ الَّذِی أَنْشَأَهُ مِنْ غَیْرِ شَیْ ءٍ وَ صَوَّرَهُ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ كَانَ سَبَقَ إِلَیْهِ قَادِرٌ أَنْ یُعِیدَهُ كَمَا بَدَأَهُ قَالَ أَوْضِحْ لِی ذَلِكَ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ مُقِیمَةٌ فِی مَكَانِهَا رُوحَ الْمُحْسِنِ فِی ضِیَاءٍ وَ فُسْحَةٍ وَ رُوحَ الْمُسِی ءِ فِی ضِیقٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ الْبَدَنُ یَسِیرُ تُرَاباً مِنْهُ خُلِقَ (2)وَ مَا تَقْذِفُ بِهِ السِّبَاعُ وَ الْهَوَامُّ مِنْ أَجْوَافِهَا مِمَّا أَكَلَتْهُ وَ مَزَّقَتْهُ كُلُّ ذَلِكَ فِی التُّرَابِ مَحْفُوظٌ عِنْدَ مَنْ لَا یَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَ یَعْلَمُ عَدَدَ الْأَشْیَاءِ وَ وَزْنَهَا وَ إِنَّ تُرَابَ الرُّوحَانِیِّینَ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ فِی التُّرَابِ فَإِذَا كَانَ حِینَ الْبَعْثِ مَطَرَتِ الْأَرْضُ مَطَرَ النُّشُورِ فَتَرْبُو الْأَرْضُ ثُمَّ تَمْخَضُ مَخْضَ (3)السَّقَّاءِ فَیَصِیرُ تُرَابُ الْبِشْرِ كَمَصِیرِ الذَّهَبِ مِنَ التُّرَابِ إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ وَ الزُّبْدِ مِنَ اللَّبَنِ إِذَا مُخِضَ فَیَجْتَمِعُ تُرَابُ كُلِّ قَالَبٍ فَیَنْقُلُ (4)بِإِذْنِ الْقَادِرِ إِلَی حَیْثُ الرُّوحُ فَتَعُودُ الصُّوَرُ بِإِذْنِ الْمُصَوِّرِ كَهَیْئَتِهَا وَ تَلِجُ الرُّوحُ فِیهَا فَإِذَا قَدِ اسْتَوَی لَا یُنْكِرُ مِنْ نَفْسِهِ شَیْئاً قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ النَّاسِ یُحْشَرُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عُرَاةً قَالَ بَلْ یُحْشَرُونَ فِی أَكْفَانِهِمْ قَالَ أَنَّی لَهُمْ بِالْأَكْفَانِ وَ قَدْ بُلِیَتْ قَالَ إِنَّ الَّذِی أَحْیَا أَبْدَانَهُمْ جَدَّدَ أَكْفَانَهُمْ قَالَ فَمَنْ مَاتَ بِلَا كَفَنٍ قَالَ یَسْتُرُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ بِمَا شَاءَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ فَیُعْرَضُونَ صُفُوفاً (5)قَالَ نَعَمْ هُمْ یَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ وَ مِائَةُ أَلْفِ صَفٍّ فِی عَرْضِ الْأَرْضِ قَالَ أَ وَ لَیْسَ تُوزَنُ الْأَعْمَالُ (6)قَالَ علیه السلام لَا إِنَّ الْأَعْمَالَ
ص: 186
لَیْسَتْ بِأَجْسَامٍ وَ إِنَّمَا هِیَ صِفَةُ مَا عَمِلُوا وَ إِنَّمَا یَحْتَاجُ إِلَی وَزْنِ الشَّیْ ءِ مَنْ جَهِلَ عَدَدَ الْأَشْیَاءِ وَ لَا یَعْرِفُ ثِقْلَهَا وَ خِفَّتَهَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ شَیْ ءٌ قَالَ فَمَا الْمِیزَانُ (1)قَالَ الْعَدْلُ قَالَ فَمَا مَعْنَاهُ فِی كِتَابِهِ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ قَالَ فَمَنْ رُجِّحَ عَمَلُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَ وَ لَیْسَ فِی النَّارِ مُقَنِّعٌ أَنْ یُعَذِّبَ خَلْقَهُ بِهَا دُونَ الْحَیَّاتِ وَ الْعَقَارِبِ قَالَ إِنَّمَا یُعَذِّبُ بِهَا قَوْماً زَعَمُوا أَنَّهَا لَیْسَتْ مِنْ خَلْقِهِ إِنَّمَا شَرِیكُهُ الَّذِی یَخْلُقُهُ فَیُسَلِّطُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمُ الْعَقَارِبَ وَ الْحَیَّاتِ فِی النَّارِ لِیُذِیقَهُمْ بِهَا وَبَالَ مَا كَانُوا عَلَیْهِ فَجَحَدُوا أَنْ یَكُونَ صَنَعَهُ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ قَالُوا إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ یَأْتِی الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِلَی ثَمَرَةٍ یَتَنَاوَلُهَا فَإِذَا أَكَلَهَا عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ عَلَی قِیَاسِ السِّرَاجِ یَأْتِی الْقَابِسُ فَیَقْتَبِسُ مِنْهُ فَلَا یَنْقُصُ مِنْ ضَوْئِهِ شَیْ ءٌ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الدُّنْیَا مِنْهُ سُرُجاً قَالَ أَ لَیْسُوا یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ لَهُمُ الْحَاجَةُ قَالَ بَلَی لِأَنَّ غِذَاءَهُمْ رَقِیقٌ لَا ثُفْلَ لَهُ بَلْ یَخْرُجُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ بِالْعَرَقِ قَالَ فَكَیْفَ تَكُونُ الْحَوْرَاءُ فِی كُلِّ مَا أَتَاهَا زَوْجُهَا عَذْرَاءَ قَالَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الطِّیبِ لَا تَعْتَرِیهَا عَاهَةٌ وَ لَا تُخَالِطُ جِسْمَهَا آفَةٌ وَ لَا یَجْرِی فِی ثَقْبِهَا شَیْ ءٌ وَ لَا یُدَنِّسُهَا حَیْضٌ فَالرَّحِمُ مُلْتَزِقَةٌ (2)إِذْ لَیْسَ فِیهِ لِسِوَی الْإِحْلِیلِ مَجْرًی قَالَ فَهِیَ تَلْبَسُ سَبْعِینَ حُلَّةً وَ یَرَی زَوْجُهَا مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا وَ بَدَنِهَا قَالَ نَعَمْ كَمَا یَرَی أَحَدُكُمُ الدَّرَاهِمَ إِذَا أُلْقِیَتْ فِی مَاءٍ صَافٍ قَدْرُهُ قِیدَ رُمْحٍ قَالَ فَكَیْفَ یُنَعَّمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِمَا فِیهَا مِنَ النَّعِیمِ وَ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدِ افْتَقَدَ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ أَوْ حَمِیمَهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِذَا افْتَقَدُوهُمْ فِی الْجَنَّةِ لَمْ یَشُكُّوا فِی مَصِیرِهِمْ إِلَی النَّارِ فَمَا یَصْنَعُ بِالنَّعِیمِ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّ حَمِیمَهُ فِی النَّارِ یُعَذَّبُ قَالَ علیه السلام إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا
ص: 187
إِنَّهُمْ یَنْسَوْنَ ذِكْرَهُمْ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ انْتَظَرُوا قُدُومَهُمُ وَ رَجَوْا أَنْ یَكُونُوا بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فِی أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الشَّمْسِ أَیْنَ تَغِیبُ قَالَ إِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إِذَا انْحَدَرَتْ أَسْفَلَ الْقُبَّةِ دَارَ بِهَا الْفَلَكُ إِلَی بَطْنِ السَّمَاءِ صَاعِدَةً أَبَداً إِلَی أَنْ تَنْحَطَّ إِلَی مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا یَعْنِی أَنَّهَا تَغِیبُ فِی عَیْنٍ حَامِئَةٍ ثُمَّ تَخْرِقُ الْأَرْضَ رَاجِعَةً إِلَی مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا فَتَحَیَّرُ تَحْتَ الْعَرْشِ (1)حَتَّی یُؤْذَنَ لَهَا بِالطُّلُوعِ وَ یُسْلَبُ نُورُهَا كُلَّ یَوْمٍ وَ یَتَجَلَّلُ نُورٌ آخَرُ قَالَ فَالْكُرْسِیُّ أَكْبَرُ أَمِ الْعَرْشُ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ خَلَا عَرْشِهِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یُحِیطَ بِهِ الْكُرْسِیُّ قَالَ فَخَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ قَالَ نَعَمْ خَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ وَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ وَ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ وَ وَضَعَ الْأَرْضَ قَبْلَ الْحُوتِ وَ الْحُوتُ فِی الْمَاءِ وَ الْمَاءُ فِی صَخْرَةٍ مُجَوَّفَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَی عَاتِقِ مَلَكٍ وَ الْمَلَكُ عَلَی الثَّرَی وَ الثَّرَی عَلَی الرِّیحِ الْعَقِیمِ وَ الرِّیحُ عَلَی الْهَوَاءِ وَ الْهَوَاءُ تُمْسِكُهُ الْقُدْرَةُ وَ لَیْسَ تَحْتَ الرِّیحِ الْعَقِیمِ إِلَّا الْهَوَاءُ وَ الظُّلُمَاتُ وَ لَا وَرَاءَ ذَلِكَ سَعَةٌ وَ لَا ضِیقٌ وَ لَا شَیْ ءٌ یُتَوَهَّمُ ثُمَّ خَلَقَ الْكُرْسِیَّ فَحَشَاهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْكُرْسِیُّ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقَ (2)ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ فَجَعَلَهُ أَكْبَرَ مِنَ الْكُرْسِیِّ.
بیان: هذا الخبر و إن كان مرسلا لكن أكثر أجزائه أوردها الكلینی و الصدوق متفرقة فی المواضع المناسبة لها و سیاقه شاهد صدق علی حقیته (3).
ص: 188
قوله علیه السلام إثبات العیان أی كإثبات العیان و المشاهدة قوله علیه السلام و أبصرته الإسناد مجازی أو المراد بالأبصار البصائر قوله علیه السلام لیس للمحال جواب أی أی ما فرضت من ظهوره تعالی للأبصار محال و من أتی لیس له جواب و فی بعض النسخ لیس للمحیل جواب أی لمن أتی بالمحال و فی بعضها للمحل أی لا یمكن الجواب عن تلك المسألة علی وجه یوافق فهمك لأنك سألت عن قدرة اللّٰه علی المحال فإن أجبت بأنه محال توهمت أن ذلك من نقص القدرة.
قوله علیه السلام و القدیم لا یكون حدیثا أی ما یكون وجوده أزلیا لا یكون محدثا معلولا فیكون واجب الوجود بذاته فلا یعتریه التغیر و الفناء و قد نسب إلی بعض الحكماء أنه قال المبدع الأول هو مبدع الصور فقط دون الهیولی فإنها لم تزل مع المبدع فأنكر علیه سائر الحكماء و قالوا إن الهیولی لو كانت أزلیة قدیمة لما قبلت الصور و لما تغیرت من حال إلی حال و لما قبلت فعل غیرها إذ الأزلی لا یتغیر.
قوله علیه السلام فمن أین جاءت هذه الألوان المختلفة (1)لعل هذا الكلام مبنی علی ما زعموا من أن كل حادث لا بد له من منشإ و مبدإ یشاكله و یناسبه فی الذات و الصفات فألزمه علیه السلام ما یعتقده أو المراد أن الاحتیاج إلی المادة إن كان لعجز الصانع تعالی عن إحداث شی ء لم یكن فلا بد من وجود الأشیاء بصفاتها فی المادة حتی یخرجها منها و هذا محال لاستلزامه كون المادة ذات حقائق متباینة و اتصافها بصفات متضادة و إن قلتم إنها مشتملة علی بعضها فقد حكمتم بإحداث بعضها من غیر مادة فلیكن الجمیع كذلك و إن قلتم إن جوهر المادة یتبدل جوهرا آخر و أعراضها أعراضا آخر فقد حكمتم بفناء ما هو أزلی و هذا محال كما مر و بحدوث شی ء آخر من غیر شی ء و هذا مستلزم للمطلوب.
ص: 189
و أما ما ذكره علیه السلام فی الحیاة و الموت فیرجع إلی ما ذكرنا و ملخصه أنه لا یخلو إما أن تكون مادة الكل حیا بذاته أو میتا بذاته أو تكون الأشیاء من أصلین أحدهما حی بذاته و الآخر میت بذاته و هذا أیضا یحتمل وجهین أحدهما أن یكون كل شی ء مأخوذا من كل من الحی و المیت و الثانی أن یكون الحی مأخوذا من الحی و المیت مأخوذا من المیت فأبطل علیه السلام الأول بأنه لو حصل المیت بذاته عن الحی بذاته یلزم زوال الحیاة الأزلیة عن هذا الجزء من المادة و قد مر امتناعه أو تبدل الحقیقة التی یحكم العقل بدیهة بامتناعه و لو قیل بإعدام الحی و إنشاء المیت فیلزم المفسدة الأولی مع الإقرار بالمدعی و هو حدوث الشی ء لا من شی ء و بهذا یبطل الثانی و كذا الثالث لأن الجزء الحی من المادة یجری فیه ما سبق إذا حصل منه میت و أشار إلیه بقوله لأن الحی لا یجی ء منه میت و أشار إلی الرابع بقوله و لا یجوز أن یكون المیت قدیما و به یبطل الثانی و الثالث أیضا و تقریره أن الأزلی لا بد أن یكون واجب الوجود بذاته كاملا بذاته لشهادة العقول بأن الاحتیاج و النقص من شواهد الإمكان المحوج إلی المؤثر و الموجد فلا یكون الأزلی میتا.
قوله علیه السلام و اضطرار النفس عطف علی دوران الفلك قوله أ مختلف هو أم مؤتلف أی أ هو مركب من أجزاء مختلفة الحقیقة أم من أجزاء متفقة الحقیقة فأجاب علیه السلام بنفیهما.
قوله علیه السلام فلا یكون دار عمل دار جزاء أی لا یصلح كون دار العمل دار جزاء لأن الاختیار و التكلیف یقتضی كون دار العمل مشوبا بالراحة و الآلام و الصحة و الأسقام و لا تكون ذات نعم خالصة لیصلح لكونها محل جزاء للمطیعین و لا یكون عقوباتها خالصة و إلا لزم الإلجاء و ینافی التكلیف فلا یصلح كونها دار عقاب للعاصین و الكافرین.
قوله علیه السلام إنه بمنزلة الطب أی إن اللّٰه تعالی كما جعل لبعض الأدویة المضرة تأثیرا فی البدن ثم جعل فی بعض الأدویة ما یدفع ضرر تلك الأدویة فكذلك جعل لبعض
ص: 190
الأعمال تأثیرا فی أبدان الخلق و عقولهم فهذا هو السحر و أجری علی لسان الأنبیاء و الأوصیاء آیات و أدعیة و أسماء و أعمالا تدفع ضرر ذلك عنهم فالمراد بقوله فجاء الطبیب أی العالم بما یدفع السحر بالآیات و الأدعیة و یحتمل أن یكون بعض أنواع السحر یدفع بعمل الطب أیضا.
قوله علیه السلام إن المرض علی وجوه شتی لعله علیه السلام جعل مرض الأطفال من القسم الأول لأنه ابتلاء للأبوین لینظر كیف صبرهم و شكرهم و الحاصل أنه علیه السلام أبطل ما توهمه السائل و بنی علیه كلامه من أن المرض لا یكون إلا عقوبة لذنب قوله علیه السلام و أشربة وبیة أی مورثة للوباء و هو الطاعون و أصله الهمز قوله شاخ أی صار شیخا و دق بصره أی ضعف أو علی بناء المجهول أی عمی قوله علیه السلام و لم یألوا أی و لم یقصروا.
قوله علیه السلام غرلا هو جمیع الأغرل بمعنی الأقلف الذی لم یختتن و یقال مرجت الدابة أمرجها بالضم مرجا إذا أرسلتها ترعی و قال قوم فعل و أفعل فیه بمعنی.
قوله علیه السلام أكثر من معرفة من تجب علیه معرفته أی الطبیعة التی یقولون إنها الصانع أو الدهر و یحتمل أن یكون هذا بیان مذاهب جماعة منهم یقولون بالصانع و أنه حل فی الأجسام كما یدل علیه ما ذكره آخرا.
قوله علیه السلام علی غیر الحقیقة أی بغیر صانع و مدبر لأن ما جعلوه صانعا فهو لیس بصانع حقیقة و أما شباهتهم بالنصاری فمن جهة قولهم بالحلول و إن الأرواح بعد كمالها تتصل بالأجرام الفلكیة قوله لم یزل و معه طینة موذیة قال صاحب الملل و النحل الدیصانیة أصحاب دیصان أثبتوا أصلین نورا و ظلاما فالنور یفعل الخیر قصدا و اختیارا و الظلام یفعل الشر طبعا و اضطرارا فما كان من خیر و نفع و طیب و حسن فمن النور و ما كان من شر و ضر و نتن و قبح فمن الظلام (1)
ص: 191
و اختلفوا فی المزاج و الخلاص فزعم بعضهم أن النور داخل الظلمة و الظلمة تلقاه بخشونة و غلظ فتأذی بها و أحب أن یرققها و یلینها ثم یتخلص منها و لیس ذلك لاختلاف جسمها (1)و لكن كما أن المنشار جنسه حدید و صفیحته لینة و أسنانه خشنة فاللین فی النور و الخشونة فی الظلمة و هما جنس واحد فتلطف للنور بلینة حتی یدخل تلك الفرج (2)فما أمكنه إلا بتلك الخشونة فلا یتصور الوصول إلی كمال و وجود إلا بلین و خشونة.
و قال بعضهم بل الظلام احتال حتی تشبث بالنور من أسفل صفیحته فاجتهد النور حتی یتخلص منه و یدفعها عن نفسه فاعتمد علیه فلحج (3)فیه و ذلك بمنزلة الإنسان الذی یرید الخروج من حل وقع فیه فیعتمد علی رجله لیخرج فیزداد ولوجا فیه (4)فاحتاج النور إلی زمان لیعالج التخلص منه و التفرد بعالمه.
و قال بعضهم إن النور إنما دخل الظلام اختیارا لیصلحها و یستخرج منها أجزاء صالحة لعالمه فلما دخل تشبث به زمانا فصار یفعل الجور و القبیح اضطرارا لا اختیارا و لو انفرد فی عالمه ما كان یحصل منه إلا الخیر المحض و الحسن البحت و فرق بین الفعل الضروری و بین الفعل الاختیاری انتهی (5).
ص: 192
و قد مر منا القول فی بیان اختلاف مذهبهم و تطبیق الخبر علیها فی كتاب التوحید(1).
قوله علیه السلام أتاهم بزمزمة الزمزمة الصوت البعید له دوی و المراد أنه أتاهم بكلام غیر مفهوم بعید عن الأذهان مباین للحق قوله علیه السلام فرقا بینهما لما كانت المیتة نوعین إحداهما ما أخل فیها بأصل الذبح و الثانیة ما أخل فیها بشرائط الذبح فأشار علیه السلام إلی الثانیة بقوله فرقا بینها و الحاصل أن الحكمة فیه غرض یتعلق بأدیان الناس لا بأبدانهم و أشار إلی الأولی بقوله و المیتة قد جمد فیها الدم و تنفس البدن كنایة عن العرق.
قوله علیه السلام إن من خرج من بطن أمه أمس حاصله أن الأنبیاء یخبرون الناس بما كان و ما یكون فلو كان كما زعمه السائل أنی لهم علم ذلك قوله فما لیس بشی ء لا یقدر علی أن یخلق شیئا و هو لیس بشی ء هذا إبطال للشق الأول و هو أن یكون خلق نفسه و هو مبنی علی ما یحكم به العقل من تقدم العلة علی المعلول بالوجود و لما كان الشق الثانی متضمنا لما هو المطلوب و هو كون الصانع سوی هذه الممكنات الحادثة و لما هو غیر المطلوب و هو كون صانعه مثله فی الحدوث أبطل هذا بقوله و كذلك ما لم یكن فیكون أی لا یمكن أن یكون صانعه شیئا لم یكن فوجد و هو بحیث إذا سئل لا یعلم كیف ابتدأ نفسه لأن الممكن الذی اكتسب الوجود من غیره و هو فی معرض الزوال لا یتأتی منه إیجاد غیره.
و یحتمل أن یكون ضمیر ابتداؤه راجعا إلی المعلول أی كیف یكون إنسان موجدا لإنسان آخر مع أنه إذا سئل لا یعلم كیف كان ابتداء خلق هذا الآخر و یحتمل أن یكون علی الوجه الأول دلیلا آخر علی إبطال الشق الأول أی لا یكون الإنسان موجدا لنفسه و إلا لكان یعلم ابتداء خلقه و قوله مع أنا لم نجد دلیل آخر علی إبطال ما سبق مبنیا علی ما یحكم به العقل من أن التركیب و التألیف یوجب الاحتیاج إلی المؤثر. ثم قال فلو قیل إن خالق الابن هو الأب ننقل الكلام إلی الأب حتی
ص: 193
ینتهی إلی صانع غیر مؤلف و لا مركب لا یحتاج إلی صانع آخر و إنما خص الأب لأنه أقرب الممكنات إلیه ثم أبطل كون الأب خالقا بوجه آخر و هو أنه لو كان خالقا لابنه لخلقه علی ما یریده و یشتهیه و لملك حیاته و بقاءه إلی آخر ما ذكره علیه السلام.
قوله یعذب المنكر لإلهیته منكر كل من أصول الدین داخل فی ذلك قوله علیه السلام إن النار فی الأجسام كامنة ظاهره یدل علی مذهب الكمون و البروز و یمكن أن یكون المراد أنها جزء للمركبات أو لما كان من ملاقاة الأجسام یحصل النار حكم بكمونها فیها مجازا و حاصل ما ذكره علیه السلام من الفرق أن ما یعدم عند انطفاء السراج هو الضوء و أما جسم النار فهو یستحیل هواء و لا ینعدم و الروح لیس بعرض مثل الضوء حتی ینعدم بتغیر محله و لا یعود بل هو جسم باق بعد انفصاله عن البدن حتی یعود إلیه ثم أزال علیه السلام استبعاده إعادة البدن و إعادة الروح إلیه بقوله إن الذی خلق فی الرحم.
قوله علیه السلام فتربو الأرض أی ترتفع و ظاهر الخبر انعدام الصور ثم عودها بعد فنائها و بقاء مواد الأبدان.
قوله علیه السلام لا ینكر من نفسه شیئا أی یعرف أجزاء بدنه كما كان لم یتغیر شی ء منها قوله علیه السلام قید رمح بالكسر أی قدره.
قوله و قال بعضهم انتظروا لعل فی هذه التبهیم مصلحةً و أحدَهما قول المعصوم و الآخرَ قول غیره و یحتمل أن یكون بعضهم ینسون و بعضهم ینتظرون و كل معصوم ذكر حال بعضهم.
قوله علیه السلام ثم تخرق الأرض أی تذهب تحتها قوله و لا وراء ذلك سعة و لا ضیق أی سوی السماوات أی لیس بین تلك الفضاء المظلم و بین السماء شی ء و اللّٰه یعلم.
«3»- ید، التوحید الدَّقَّاقُ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْبَرْمَكِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ الْقُمِّیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَیْمِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی أَتَی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (1)فَكَانَ مِنْ قَوْلِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَهُ لَا یَخْلُو
ص: 194
قَوْلُكَ إِنَّهُمَا اثْنَانِ مِنْ أَنْ یَكُونَا قَدِیمَیْنِ قَوِیَّیْنِ أَوْ یَكُونَا ضَعِیفَیْنِ أَوْ یَكُونَ أَحَدُهُمَا قَوِیّاً وَ الْآخَرُ ضَعِیفاً فَإِنْ كَانَا قَوِیَّیْنِ فَلِمَ لَا یَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ وَ یَنْفَرِدُ بِالتَّدْبِیرِ وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِیٌّ وَ الْآخَرَ ضَعِیفٌ ثَبَتَ أَنَّهُ وَاحِدٌ كَمَا نَقُولُ لِلْعَجْزِ الظَّاهِرِ فِی الثَّانِی وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّهُمَا اثْنَانِ لَمْ یَخْلُو (1)مِنْ أَنْ یَكُونَا مُتَّفِقَیْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ أَوْ مُفْتَرِقَیْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَلَمَّا رَأَیْنَا الْخَلْقَ مُنْتَظِماً وَ الْفَلَكَ جَارِیاً (2)وَ اخْتِلَافَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دَلَّ صِحَّةُ الْأَمْرِ وَ التَّدْبِیرِ وَ ائْتِلَافُ الْأَمْرِ عَلَی أَنَّ الْمُدَبِّرَ وَاحِدٌ ثُمَّ یَلْزَمُكَ إِنِ ادَّعَیْتَ اثْنَیْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فُرْجَةٍ بَیْنَهُمَا (3)حَتَّی یَكُونَا اثْنَیْنِ فَصَارَتِ الْفُرْجَةُ ثَالِثاً بَیْنَهُمَا قَدِیماً مَعَهُمَا فَیَلْزَمُكَ ثَلَاثَةٌ وَ إِنِ ادَّعَیْتَ ثَلَاثَةً لَزِمَكَ مَا قُلْنَا فِی الِاثْنَیْنِ حَتَّی یَكُونَ بَیْنَهُمَا فُرْجَتَانِ فَیَكُونَ خَمْسَةً ثُمَّ یَتَنَاهَی فِی الْعَدَدِ إِلَی مَا لَا نِهَایَةَ فِی الْكَثْرَةِ قَالَ هِشَامٌ فَكَانَ مِنْ سُؤَالِ الزِّنْدِیقِ أَنْ قَالَ فَمَا الدَّلِیلُ عَلَیْهِ (4)قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وُجُودُ الْأَفَاعِیلِ الَّتِی دَلَّتْ عَلَی أَنَّ صَانِعاً صَنَعَهَا أَ لَا تَرَی أَنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَی بِنَاءٍ مَشِیدٍ مَبْنِیٍّ عَلِمْتَ أَنَّ لَهُ بَانِیاً وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرَ الْبَانِیَ وَ لَمْ تُشَاهِدْهُ قَالَ فَمَا هُوَ قَالَ هُوَ شَیْ ءٌ بِخِلَافِ الْأَشْیَاءِ أَرْجِعُ بِقَوْلِی شَیْ ءٌ إِلَی إِثْبَاتِ مَعْنًی وَ أَنَّهُ شَیْ ءٌ بِحَقِیقَةِ الشَّیْئِیَّةِ غَیْرَ أَنَّهُ لَا جِسْمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا یُحَسُّ وَ لَا یُجَسُّ وَ لَا یُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ وَ لَا تَنْقُصُهُ الدُّهُورُ وَ لَا یُغَیِّرُهُ الزَّمَانُ (5)قَالَ السَّائِلُ فَتَقُولُ إِنَّهُ سَمِیعٌ بَصِیرٌ قَالَ هُوَ سَمِیعٌ بَصِیرٌ سَمِیعٌ بِغَیْرِ
ص: 195
جَارِحَةٍ وَ بَصِیرٌ بِغَیْرِ آلَةٍ بَلْ یَسْمَعُ بِنَفْسِهِ وَ یُبْصِرُ بِنَفْسِهِ لَیْسَ قَوْلِی إِنَّهُ یَسْمَعُ بِنَفْسِهِ وَ یُبْصِرُ بِنَفْسِهِ (1)أَنَّهُ شَیْ ءٌ وَ النَّفْسُ شَیْ ءٌ آخَرُ وَ لَكِنْ أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِی إِذْ كُنْتُ مَسْئُولًا وَ إِفْهَاماً لَكَ إِذْ كُنْتَ سَائِلًا وَ أَقُولُ یَسْمَعُ بِكُلِّهِ (2)لَا أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ لَهُ بَعْضٌ وَ لَكِنِّی أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ وَ التَّعْبِیرُ عَنْ نَفْسِی وَ لَیْسَ مَرْجِعِی فِی ذَلِكَ إِلَّا إِلَی أَنَّهُ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ الْعَالِمُ الْخَبِیرُ بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ وَ لَا اخْتِلَافِ الْمَعْنَی قَالَ السَّائِلُ فَمَا هُوَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هُوَ الرَّبُّ وَ هُوَ الْمَعْبُودُ وَ هُوَ اللَّهُ وَ لَیْسَ قَوْلِی اللَّهُ إِثْبَاتَ هَذِهِ الْحُرُوفِ أَلِفْ لَامْ لَاهْ وَ لَكِنِّی أَرْجِعُ إِلَی مَعْنًی هُوَ شَیْ ءٌ خَالِقُ الْأَشْیَاءِ وَ صَانِعُهَا وَقَعَتْ عَلَیْهِ هَذِهِ الْحُرُوفُ وَ هُوَ الْمَعْنَی الَّذِی یُسَمَّی بِهِ اللَّهُ وَ الرَّحْمَنُ وَ الرَّحِیمُ وَ الْعَزِیزُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَ هُوَ الْمَعْبُودُ جَلَّ وَ عَزَّ قَالَ السَّائِلُ فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ مَوْهُوماً إِلَّا مَخْلُوقاً قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ التَّوْحِیدُ عَنَّا مُرْتَفِعاً لِأَنَّا لَمْ نُكَلَّفْ أَنْ نَعْتَقِدَ غَیْرَ مَوْهُومٍ وَ لَكِنَّا نَقُولُ كُلُّ مَوْهُومٍ بِالْحَوَاسِّ مُدْرَكٌ فَمَا تَحُدُّهُ الْحَوَاسُّ (3)وَ تُمَثِّلُهُ فَهُوَ مَخْلُوقٌ وَ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ صَانِعٍ لِلْأَشْیَاءِ خَارِجٍ مِنَ الْجِهَتَیْنِ الْمَذْمُومَتَیْنِ إِحْدَاهُمَا النَّفْیُ إِذْ كَانَ النَّفْیُ هُوَ الْإِبْطَالَ وَ الْعَدَمَ وَ الْجِهَةُ الثَّانِیَةُ التَّشْبِیهُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ الظَّاهِرِ التَّرْكِیبِ وَ التَّأْلِیفِ (4)فَلَمْ یَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِثْبَاتِ الصَّانِعِ لِوُجُودِ الْمَصْنُوعَیْنِ وَ الِاضْطِرَارِ مِنْهُمْ إِلَیْهِ ثَبَتَ (5)أَنَّهُمْ مَصْنُوعُونَ وَ أَنَّ صَانِعَهُمْ غَیْرُهُمْ وَ لَیْسَ مِثْلَهُمْ إِذْ كَانَ مِثْلُهُمْ شَبِیهاً بِهِمْ فِی ظَاهِرِ التَّرْكِیبِ وَ التَّأْلِیفِ وَ فِیمَا یَجْرِی عَلَیْهِمْ مِنْ حُدُوثِهِمْ بَعْدَ أَنْ لَمْ یَكُونُوا وَ تَنَقُّلِهِمْ مِنْ صِغَرٍ إِلَی كِبَرٍ وَ سَوَادٍ إِلَی بَیَاضٍ وَ قُوَّةٍ إِلَی ضَعْفٍ وَ أَحْوَالٍ مَوْجُودَةٍ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَی تَفْسِیرِهَا لِثَبَاتِهَا وَ وُجُودِهَا
ص: 196
قَالَ السَّائِلُ فَقَدْ حَدَّدْتَهُ إِذْ أَثْبَتَّ وُجُودَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمْ أُحَدِّدْهُ وَ لَكِنْ أَثْبَتُّهُ إِذْ لَمْ یَكُنْ بَیْنَ الْإِثْبَاتِ وَ النَّفْیِ مَنْزِلَةٌ قَالَ السَّائِلُ فَلَهُ إِنِّیَّةٌ وَ مَائِیَّةٌ قَالَ نَعَمْ لَا یَثْبُتُ الشَّیْ ءُ إِلَّا بِإِنِّیَّةٍ وَ مَائِیَّةٍ (1)قَالَ السَّائِلُ فَلَهُ كَیْفِیَّةٌ (2)قَالَ لَا لِأَنَّ الْكَیْفِیَّةَ جِهَةُ الصِّفَةِ وَ الْإِحَاطَةِ
ص: 197
وَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ جِهَةِ التَّعْطِیلِ وَ التَّشْبِیهِ لِأَنَّ مَنْ نَفَاهُ أَنْكَرَهُ وَ دَفَعَ رُبُوبِیَّتَهُ وَ أَبْطَلَهُ وَ مَنْ شَبَّهَهُ بِغَیْرِهِ فَقَدْ أَثْبَتَهُ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِینَ الْمَصْنُوعِینَ الَّذِینَ لَا یَسْتَحِقُّونَ الرُّبُوبِیَّةَ وَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ ذَاتٍ بِلَا كَیْفِیَّةٍ لَا یَسْتَحِقُّهَا غَیْرُهُ (1)لَا یُشَارِكُ فِیهَا وَ لَا یُحَاطُ بِهَا وَ لَا یَعْلَمُهَا غَیْرُهُ قَالَ السَّائِلُ فَیُعَانِی الْأَشْیَاءَ بِنَفْسِهِ (2)قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هُوَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ یُعَانِیَ الْأَشْیَاءَ (3)بِمُبَاشَرَةٍ وَ مُعَالَجَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ الَّذِی لَا تَجِی ءُ الْأَشْیَاءُ إِلَیْهِ (4)إِلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ هُوَ تَعَالَی نَافِذُ الْإِرَادَةِ وَ الْمَشِیَّةِ فَعَّالٌ لِمَا یَشَاءُ قَالَ السَّائِلُ فَلَهُ رِضًا وَ سَخَطٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام نَعَمْ وَ لَیْسَ ذَلِكَ عَلَی مَا یُوجَدُ فِی الْمَخْلُوقِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الرِّضَا وَ السَّخَطَ دِخَالٌ یَدْخُلُ عَلَیْهِ فَیَنْقُلُهُ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ ذَلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِینَ الْعَاجِزِینَ الْمُحْتَاجِینَ (5)وَ هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا خَلَقَ وَ خَلْقُهُ جَمِیعاً مُحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ إِنَّمَا خَلَقَ الْأَشْیَاءَ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ وَ لَا سَبَبٍ اخْتِرَاعاً وَ ابْتِدَاعاً قَالَ السَّائِلُ فَقَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِذَلِكَ وَصَفَ نَفْسَهُ وَ كَذَلِكَ هُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَی الْعَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ الْعَرْشُ حَامِلًا لَهُ وَ لَا أَنْ یَكُونَ الْعَرْشُ حَاوِیاً لَهُ وَ لَا أَنَّ الْعَرْشَ مُحْتَازٌ لَهُ وَ لَكِنَّا نَقُولُ هُوَ حَامِلُ الْعَرْشِ وَ مُمْسِكُ الْعَرْشِ وَ نَقُولُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَثَبَّتْنَا مِنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ مَا ثَبَّتَهُ وَ نَفَیْنَا أَنْ یَكُونَ الْعَرْشُ أَوِ الْكُرْسِیُ
ص: 198
حَاوِیاً لَهُ وَ أَنْ یَكُونَ عَزَّ وَ جَلَّ مُحْتَاجاً إِلَی مَكَانٍ أَوْ إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا خَلَقَ بَلْ خَلْقُهُ مُحْتَاجُونَ إِلَیْهِ قَالَ السَّائِلُ فَمَا الْفَرْقُ بَیْنَ أَنْ تَرْفَعُوا أَیْدِیَكُمْ إِلَی السَّمَاءِ وَ بَیْنَ أَنْ تَخْفِضُوهَا نَحْوَ الْأَرْضِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ذَلِكَ فِی عِلْمِهِ وَ إِحَاطَتِهِ وَ قُدْرَتِهِ سَوَاءٌ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ أَوْلِیَاءَهُ وَ عِبَادَهُ بِرَفْعِ أَیْدِیهِمْ إِلَی السَّمَاءِ نَحْوَ الْعَرْشِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْدِنَ الرِّزْقِ فَثَبَّتْنَا مَا ثَبَّتَهُ الْقُرْآنُ وَ الْأَخْبَارُ عَنِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ قَالَ ارْفَعُوا أَیْدِیَكُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هَذَا یُجْمِعُ عَلَیْهِ فِرَقُ الْأُمَّةِ كُلُّهَا قَالَ السَّائِلُ فَمِنْ أَیْنَ أَثْبَتَّ أَنْبِیَاءَ وَ رُسُلًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا لَمَّا أَثْبَتْنَا أَنَّ لَنَا خَالِقاً صَانِعاً مُتَعَالِیاً عَنَّا وَ عَنْ جَمِیعِ مَا خَلَقَ وَ كَانَ ذَلِكَ الصَّانِعُ حَكِیماً (1)لَمْ یَجُزْ أَنْ یُشَاهِدَهُ خَلْقُهُ وَ لَا یُلَامِسُوهُ وَ لَا یُبَاشِرَهُمْ وَ لَا یُبَاشِرُوهُ وَ یُحَاجَّهُمْ وَ یُحَاجُّوهُ (2)فَثَبَتَ أَنَّ لَهُ سُفَرَاءَ فِی خَلْقِهِ وَ عِبَادِهِ یَدُلُّونَهُمْ عَلَی مَصَالِحِهِمْ وَ مَنَافِعِهِمْ وَ مَا بِهِ بَقَاؤُهُمْ وَ فِی تَرْكِهِ فَنَاؤُهُمْ فَثَبَتَ الْآمِرُونَ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْحَكِیمِ الْعَلِیمِ فِی خَلْقِهِ وَ ثَبَتَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ مُعَبِّرِینَ وَ هُمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ حُكَمَاءَ مُؤَدَّبِینَ بِالْحِكْمَةِ مَبْعُوثِینَ بِهَا غَیْرَ مُشَارِكِینَ لِلنَّاسِ فِی أَحْوَالِهِمْ عَلَی مُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِی الْخَلْقِ وَ التَّرْكِیبِ مُؤَیَّدِینَ مِنْ عِنْدِ الْحَكِیمِ (3)الْعَلِیمِ بِالْحِكْمَةِ وَ الدَّلَائِلِ وَ الْبَرَاهِینِ وَ الشَّوَاهِدِ مِنْ إِحْیَاءِ الْمَوْتَی وَ إِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَ الْأَبْرَصِ فَلَا تَخْلُو أَرْضُ اللَّهِ (4)مِنْ حُجَّةٍ یَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ یَدُلُّ عَلَی صِدْقِ مَقَالِ الرَّسُولِ وَ وُجُوبِ عَدَالَتِهِ (5).
أقول: فی بعض نسخ التوحید بعد قوله فرق الأمة كلها زیادة قال السائل
ص: 199
فتقول إنه ینزل إلی السماء الدنیا قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام نقول ذلك لأن الروایات قد صحت به و الأخبار.
قال السائل و إذا نزل أنیس قد حال عن العرش و حئوله عن العرش انتقال (1)قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام لیس ذلك علی ما یوجد من المخلوق الذی ینتقل باختلاف الحال علیه و الملالة و السآمة و ناقل ینقله و یحوله من حال إلی حال بل هو تبارك و تعالی لا یحدث علیه الحال و لا یجری علیه الحدوث فلا یكون نزوله كنزول المخلوق الذی متی تنحی عن مكان خلا منه المكان الأولی و لكنه ینزل إلی سماء الدنیا بغیر معاناة و لا حركة فیكون هو كما فی السماء السابعة علی العرش كذلك هو فی سماء الدنیا إنما یكشف عن عظمته و یری أولیاءه نفسه حیث شاء و یكشف ما شاء من قدرته و منظره فی القرب و البعد سواء (2). أقول و فی تلك النسخة التی فیها تلك الزیادة زیادة أخری بعد تمام الخبر و هی هذه قال مصنف هذا الكتاب قوله علیه السلام إنه علی العرش لیس بمعنی التمكن فیه و لكنه بمعنی التعالی علیه بالقدرة یقال فلان علی خیر و استعانة علی عمل كذا و كذا لیس بمعنی التمكن فیه و الاستقرار علیه (3)و لكن ذلك بمعنی التمكن منه و القدرة علیه.
و قوله فی النزول لیس فی بمعنی الانتقال و قطع المسافات و لكنه علی معنی إنزال الأمر منه إلی سماء الدنیا لأن العرش هو المكان الذی ینتهی إلیه بأعمال العباد من السدرة المنتهی إلیه و قد یجعل اللّٰه عز و جل (4)السماء الدنیا فی الثلث الأخیر من اللیل و فی لیالی الجمعة مسافة الأعمال فی ارتفاعها أقرب منها فی سائر الأوقات إلی العرش.
ص: 200
و قوله یری أولیاءه نفسه فإنه یعنی بإظهار بدائع فطرته (1)فقد جرت العادة بأن یقال للسلطان إذا أظهر قوة و قدرة و خیلا و رجلا قد أظهر نفسه و علی ذلك دل الكلام (2)و مجاز اللفظ انتهی (3)
أقول: قد مضی تفاسیر أجزاء الخبر فی كتاب التوحید (4)و هذا الخبر جزء من الخبر السابق أیضا فلا تغفل
«4»- من كتاب الغرر، للسید المرتضی رضی اللّٰه عنه، قیل إن الجعد بن درهم (5)جعل فی قارورة ماء و ترابا فاستحال دودا و هواما فقال لأصحابه أنا خلقت ذلك لأنی كنت سبب كونه فبلغ ذلك جعفر بن محمد علیهما السلام فقال لیقل كم هی و كم الذكران منه و الإناث إن كان خلقه و كم وزن كل واحد منهن و لیأمر الذی سعی إلی هذا الوجه أن یرجع إلی غیره فانقطع و هرب
«5»- قب، المناقب لابن شهرآشوب یُونُسُ فِی حَدِیثِهِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- لِمَا اخْتَلَفَتْ مَنِیَّاتُ النَّاسِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ بِالْبَطَنِ وَ بَعْضُهُمْ بِالسِّلِّ فَقَالَ علیه السلام لَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً أَمِنَ النَّاسُ حَتَّی تَجِی ءَ تِلْكَ الْعِلَّةُ بِعَیْنِهَا فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ لَا یُؤْمَنَ عَلَی حَالٍ
ص: 201
قَالَ وَ لِمَ یَمِیلُ الْقَلْبُ إِلَی الْخُضْرَةِ أَكْثَرَ مِمَّا یَمِیلُ إِلَی غَیْرِهَا قَالَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ الْقَلْبَ أَخْضَرَ وَ مِنْ شَأْنِ الشَّیْ ءِ أَنْ یَمِیلَ إِلَی شَكْلِهِ.
وَ یُرْوَی أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ فَلَمْ یُجِبْهُ وَ أَقْبَلَ علیه السلام عَلَی غَیْرِهِ فَانْكَفَأَ رَاجِعاً إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالُوا مَا وَرَاءَكَ قَالَ شَرٌّ ابْتَدَأَنِی فَسَأَلَنِی عَنِ اسْمِی فَإِنْ كُنْتُ قُلْتُ عَبْدَ الْكَرِیمِ فَیَقُولُ مَنْ هَذَا الْكَرِیمُ الَّذِی أَنْتَ عَبْدُهُ فَإِمَّا أُقِرُّ بِمَلِیكٍ وَ إِمَّا أُظْهِرُ مِنِّی مَا أَكْتُمُ فَقَالُوا انْصَرِفْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ علیه السلام وَ أَقْبَلَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ إِلَی أَصْحَابِهِ مَحْجُوجاً قَدْ ظَهَرَ عَلَیْهِ ذِلَّةُ الْغَلَبَةِ فَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ إِنَّ هَذِهِ لَلْحُجَّةُ الدَّامِغَةُ صَدَقَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ خَیْرٌ یُرْجَی وَ لَا شَرٌّ یُتَّقَی فَالنَّاسُ شَرَعٌ سَوَاءٌ وَ إِنْ یَكُنْ مُنْقَلَبٌ إِلَی ثَوَابٍ وَ عِقَابٍ فَقَدْ هَلَكْنَا فَقَالَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ لِأَصْحَابِهِ أَ وَ لَیْسَ بِابْنِ الَّذِی نَكَلَ بِالْخَلْقِ (1)وَ أَمَرَ بِالْحَلْقِ وَ شَوَّهَ عَوْرَاتِهِمْ وَ فَرَّقَ أَمْوَالَهُمْ وَ حَرَّمَ نِسَاءَهُمْ (2).
بیان: لعل الخضرة فی القلب كنایة عن كونه مأمورا بالعلم و الحكمة و محلا لإزهار المعرفة و قد مر فی كتاب التوحید أن الخضرة صورة و مثال للمعرفة.
«6»- فس، تفسیر القمی رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ أَبَا جَعْفَرٍ الْأَحْوَلَ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنی وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً وَ قَالَ تَعَالَی فِی آخِرِ السُّورَةِ وَ لَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِیلُوا كُلَّ الْمَیْلِ فَبَیْنَ الْقَوْلَیْنِ فَرْقٌ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ فَلَمْ یَكُنْ فِی ذَلِكَ عِنْدِی جَوَابٌ فَقَدِمْتُ الْمَدِینَةَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْآیَتَیْنِ فَقَالَ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فَإِنَّمَا عَنَی فِی النَّفَقَةِ وَ قَوْلُهُ وَ لَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَإِنَّمَا عَنَی فِی الْمَوَدَّةِ فَإِنَّهُ لَا یَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ یَعْدِلَ بَیْنَ امْرَأَتَیْنِ فِی الْمَوَدَّةِ فَرَجَعَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ إِلَی الرَّجُلِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ هَذَا حَمَلْتَهُ مِنَ الْحِجَازِ (3).
ص: 202
«7»- كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِأَبِی حَنِیفَةَ (1)یَا أَبَا حَنِیفَةَ مَا تَقُولُ فِی بَیْتٍ سَقَطَ عَلَی قَوْمٍ وَ بَقِیَ مِنْهُمْ صَبِیَّانِ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَ الْآخَرُ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِهِ فَلَمْ یُعْرَفِ الْحُرُّ مِنَ الْمَمْلُوكِ فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ یُعْتَقُ نِصْفُ هَذَا وَ یُعْتَقُ نِصْفُ هَذَا وَ یُقْسَمُ الْمَالُ بَیْنَهُمَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَیْسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ
ص: 203
یُقْرَعُ فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ فَهُوَ الْحُرُّ وَ یُعْتَقُ هَذَا فَیُجْعَلُ مَوْلًی لَهُ (1).
«8»- ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عُبَیْدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ إِنِّی رَأَیْتُ ابْنَكَ مُوسَی یُصَلِّی وَ النَّاسُ یَمُرُّونَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَا یَنْهَاهُمْ وَ فِیهِ مَا فِیهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ادْعُ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ أَبَا حَنِیفَةَ یَذْكُرُ أَنَّكَ تُصَلِّی وَ النَّاسُ یَمُرُّونَ بَیْنَ یَدَیْكَ فَلَا تَنْهَاهُمْ قَالَ نَعَمْ یَا أَبَتِ إِنَّ الَّذِی كُنْتُ أُصَلِّی لَهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَیَّ مِنْهُمْ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ قَالَ فَضَمَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی نَفْسِهِ وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا مُودَعَ الْأَسْرَارِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا أَبَا حَنِیفَةَ الْقَتْلُ عِنْدَكُمْ أَشَدُّ أَمِ الزِّنَا فَقَالَ بَلِ الْقَتْلُ قَالَ فَكَیْفَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْقَتْلِ بِالشَّاهِدَیْنِ وَ فِی الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ كَیْفَ یُدْرَكُ هَذَا بِالْقِیَاسِ یَا أَبَا حَنِیفَةَ تَرْكُ الصَّلَاةِ أَشَدُّ أَمْ تَرْكُ الصِّیَامِ فَقَالَ بَلْ تَرْكُ الصَّلَاةِ قَالَ فَكَیْفَ تَقْضِی الْمَرْأَةُ صِیَامَهَا وَ لَا تَقْضِی صَلَاتَهَا كَیْفَ یُدْرَكُ هَذَا بِالْقِیَاسِ وَیْحَكَ یَا أَبَا حَنِیفَةَ النِّسَاءُ أَضْعَفُ عَنِ الْمَكَاسِبِ أَمِ الرِّجَالُ فَقَالَ بَلِ النِّسَاءُ قَالَ فَكَیْفَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی لِلْمَرْأَةِ سَهْماً وَ لِلرَّجُلِ سَهْمَیْنِ كَیْفَ یُدْرَكُ هَذَا بِالْقِیَاسِ یَا أَبَا حَنِیفَةَ الْغَائِطُ أَقْذَرُ أَمِ الْمَنِیُّ قَالَ بَلِ الْغَائِطُ قَالَ فَكَیْفَ یُسْتَنْجَی مِنَ الْغَائِطِ وَ یُغْتَسَلُ مِنَ الْمَنِیِّ كَیْفَ یُدْرَكُ هَذَا بِالْقِیَاسِ تَقُولُ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَقُولَهُ قَالَ بَلَی تَقُولُهُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ حَیْثُ لَا تَعْلَمُونَ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِی بِحَدِیثٍ أَرْوِیهِ عَنْكَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِیثَاقَ أَهْلِ الْبَیْتِ (2)مِنْ أَعْلَی عِلِّیِّینَ وَ أَخَذَ طِینَةَ شِیعَتِنَا مِنْهُ وَ لَوْ جَهَدَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ أَنْ یُغَیِّرُوا مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً مَا اسْتَطَاعُوهُ قَالَ فَبَكَی أَبُو حَنِیفَةَ بُكَاءً شَدِیداً وَ بَكَی أَصْحَابُهُ ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجُوا (3).
ص: 204
«9»- ع، علل الشرائع ل، الخصال الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَدَوِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الرَّبِیعِ صَاحِبِ الْمَنْصُورِ قَالَ: حَضَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیهما السلام مَجْلِسَ الْمَنْصُورِ یَوْماً وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْهِنْدِ یَقْرَأُ كُتُبَ الطِّبِّ فَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام یُنْصِتُ لِقِرَاءَتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْهِنْدِیُّ قَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ تُرِیدُ مِمَّا مَعِی شَیْئاً قَالَ لَا فَإِنَّ مَا مَعِی خَیْرٌ مِمَّا مَعَكَ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ أُدَاوِی الْحَارَّ بِالْبَارِدِ وَ الْبَارِدَ بِالْحَارِّ وَ الرَّطْبَ بِالْیَابِسِ وَ الْیَابِسَ بِالرَّطْبِ وَ أَرُدُّ الْأَمْرَ كُلَّهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَسْتَعْمِلُ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَعِدَةَ بَیْتُ الدَّاءِ وَ الْحِمْیَةُ هِیَ الدَّوَاءُ وَ أُعَوِّدُ الْبَدَنَ مَا اعْتَادَ فَقَالَ الْهِنْدِیُّ وَ هَلِ الطِّبُّ إِلَّا هَذَا فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَ فَتَرَانِی عَنْ كُتُبِ الطِّبِّ أَخَذْتُ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَخَذْتُ إِلَّا عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَأَخْبِرْنِی أَنَا أَعْلَمُ بِالطِّبِّ أَمْ أَنْتَ فَقَالَ الْهِنْدِیُّ لَا بَلْ أَنَا قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَأَسْأَلُكَ شَیْئاً قَالَ سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِی یَا هِنْدِیُّ كَمْ كَانَ فِی الرَّأْسِ شُئُونٌ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الشَّعْرُ عَلَیْهِ مِنْ فَوْقِهِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ خَلَتِ الْجَبْهَةُ مِنَ الشَّعْرِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَ لَهَا تَخْطِیطٌ وَ أَسَارِیرُ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَ الْحَاجِبَانِ مِنْ فَوْقِ الْعَیْنَیْنِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْعَیْنَانِ كَاللَّوْزَتَیْنِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الْأَنْفُ فِیمَا بَیْنَهُمَا قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَ ثَقْبُ الْأَنْفِ فِی أَسْفَلِهِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الشَّفَةُ وَ الشَّارِبُ مِنْ فَوْقِ الْفَمِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ احْتَدَّ السِّنُّ وَ عُرِّضَ الضِّرْسُ وَ طَالَ النَّابُ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ اللِّحْیَةُ لِلرِّجَالِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ خَلَتِ الْكَفَّانِ مِنَ الشَّعْرِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ خَلَا الظُّفُرُ وَ الشَّعْرُ مِنَ الْحَیَاةِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَ الْقَلْبُ كَحَبِّ الصَّنَوْبَرِ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَتِ الرِّئَةُ قِطْعَتَیْنِ وَ جُعِلَ حَرَكَتُهَا فِی مَوْضِعِهَا قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ كَانَتِ الْكَبِدُ حَدْبَاءَ قَالَ لَا أَعْلَمُ
ص: 205
قَالَ فَلِمَ كَانَتِ الْكُلْیَةُ كَحَبِّ اللُّوبِیَا قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ طَیُّ الرُّكْبَتَیْنِ إِلَی خَلْفٍ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَالَ فَلِمَ تَخَصَّرَتِ الْقَدَمُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لَكِنِّی أَعْلَمُ قَالَ فَأَجِبْ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كَانَ فِی الرَّأْسِ شُئُونٌ لِأَنَّ الْمُجَوَّفَ إِذَا كَانَ بِلَا فَصْلٍ أَسْرَعَ إِلَیْهِ الصُّدَاعُ فَإِذَا جُعِلَ ذَا فُصُولٍ كَانَ الصُّدَاعُ مِنْهُ أَبْعَدَ وَ جُعِلَ الشَّعْرُ مِنْ فَوْقِهِ لِتُوصَلَ بِوُصَلِهِ الْأَدْهَانُ إِلَی الدِّمَاغِ وَ یَخْرُجَ بِأَطْرَافِهِ الْبُخَارُ مِنْهُ وَ یَرُدَّ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ الْوَارِدَیْنِ عَلَیْهِ وَ خَلَتِ الْجَبْهَةُ مِنَ الشَّعْرِ لِأَنَّهَا مَصَبُّ النُّورِ إِلَی الْعَیْنَیْنِ وَ جُعِلَ فِیهَا التَّخْطِیطُ وَ الْأَسَارِیرُ لِیُحْتَبَسَ الْعَرَقُ الْوَارِدُ مِنَ الرَّأْسِ عَنِ الْعَیْنِ قَدْرَ مَا یُمِیطُهُ (1)الْإِنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ كَالْأَنْهَارِ فِی الْأَرْضِ الَّتِی تَحْبِسُ الْمِیَاهَ وَ جُعِلَ الْحَاجِبَانِ مِنْ فَوْقِ العینان (الْعَیْنَیْنِ) لِیُرَادَّ عَلَیْهِمَا (2)مِنَ النُّورِ قَدْرَ الْكَفَافِ أَ لَا تَرَی یَا هِنْدِیُّ أَنَّ مَنْ غَلَبَهُ النُّورُ جَعَلَ یَدَهُ عَلَی عَیْنَیْهِ لِیَرُدَّ عَلَیْهِمَا قَدْرَ كِفَایَتِهَا مِنْهُ وَ جُعِلَ الْأَنْفُ فِیمَا بَیْنَهُمَا لِیَقْسِمَ النُّورَ قِسْمَیْنِ إِلَی كُلِّ عَیْنٍ سَوَاءً وَ كَانَتِ الْعَیْنُ كَاللَّوْزَةِ لِیَجْرِیَ فِیهَا الْمِیلُ بِالدَّوَاءِ وَ یَخْرُجَ مِنْهَا الدَّاءَ وَ لَوْ كَانَتْ مُرَبَّعَةً أَوْ مُدَوَّرَةً مَا جَرَی فِیهَا الْمِیلُ وَ مَا صَارَ إِلَیْهَا دَوَاءٌ وَ لَا خَرَجَ مِنْهَا دَاءٌ وَ جُعِلَ ثَقْبُ الْأَنْفِ فِی أَسْفَلِهِ لِتَنْزِلَ مِنْهُ الْأَدْوَاءُ الْمُنْحَدِرَةُ مِنَ الدِّمَاغِ وَ یَصْعَدَ فِیهِ الْأَرَایِیحُ (3)إِلَی الْمَشَامِّ وَ لَوْ كَانَ فِی أَعْلَاهُ لَمَا أُنْزِلَ دَاءٌ وَ لَا وُجِدَ رَائِحَةٌ وَ جُعِلَ الشَّارِبُ وَ الشَّفَةُ فَوْقَ الْفَمِ لِحَبْسِ مَا یَنْزِلُ مِنَ الدِّمَاغِ عَنِ الْفَمِ لِئَلَّا یَتَنَغَّصَ (4)عَلَی الْإِنْسَانِ طَعَامُهُ وَ شَرَابُهُ فَیُمِیطَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ جُعِلَتِ اللِّحْیَةُ لِلرِّجَالِ لِیَسْتَغْنِیَ بِهَا عَنِ الْكَشْفِ فِی الْمَنْظَرِ وَ یُعْلَمَ بِهَا الذَّكَرُ مِنَ الْأُنْثَی وَ جُعِلَ السِّنُّ حَادّاً لِأَنَّ بِهِ یَقَعُ الْعَضُّ وَ جُعِلَ الضِّرْسُ عَرِیضاً لِأَنَّ بِهِ یَقَعُ الطَّحْنُ وَ الْمَضْغُ وَ كَانَ النَّابُ طَوِیلًا لِیَسْنِدَ (5)الْأَضْرَاسُ وَ الْأَسْنَانُ كَالْأُسْطُوَانَةِ فِی الْبِنَاءِ
ص: 206
وَ خَلَا الْكَفَّانِ مِنَ الشَّعْرِ لِأَنَّ بِهِمَا یَقَعُ اللَّمْسُ فَلَوْ كَانَ فِیهِمَا شَعْرٌ مَا دَرَی الْإِنْسَانُ مَا یُقَابِلُهُ وَ یَلْمَسُهُ (1)وَ خَلَا الشَّعْرُ وَ الظُّفُرُ مِنَ الْحَیَاةِ لِأَنَّ طُولَهُمَا سَمْجٌ (2)وَ قَصَّهُمَا حَسَنٌ فَلَوْ كَانَ فِیهِمَا حَیَاةٌ لَأَلِمَ الْإِنْسَانُ لِقَصِّهِمَا (3)وَ كَانَ الْقَلْبُ كَحَبِّ الصَّنَوْبَرِ لِأَنَّهُ مُنَكَّسٌ فَجَعَلَ رَأْسَهُ دَقِیقاً لِیَدْخُلَ فِی الرِّئَةِ فَتَرَوَّحَ عَنْهُ بِبَرْدِهَا لِئَلَّا یَشِیطَ الدِّمَاغُ بِحَرِّهِ وَ جُعِلَتِ الرِّئَةُ قِطْعَتَیْنِ لِیَدْخُلَ بَیْنَ مَضَاغِطِهَا فَیَتَرَوَّحَ عَنْهُ بِحَرَكَتِهَا وَ كَانَتِ الْكَبِدُ حَدْبَاءَ لِتُثَقِّلَ الْمَعِدَةَ وَ یَقَعَ جَمِیعُهَا عَلَیْهَا فَیَعْصِرَهَا لِیَخْرُجَ مَا فِیهَا مِنَ الْبُخَارِ وَ جُعِلَتِ الْكُلْیَةُ كَحَبِّ اللُّوبِیَا لِأَنَّ عَلَیْهَا مَصَبَّ الْمَنِیِّ نُقْطَةً بَعْدَ نُقْطَةٍ فَلَوْ كَانَتْ مُرَبَّعَةً أَوْ مُدَوَّرَةً أُحْبِسَتِ النُّقْطَةُ الْأُولَی إِلَی الثَّانِیَةِ (4)فَلَا یَلْتَذُّ بِخُرُوجِهَا الْحَیُّ إِذِ الْمَنِیُّ یَنْزِلُ مِنْ فِقَارِ الظَّهْرِ إِلَی الْكُلْیَةِ فَهِیَ كَالدُّودَةِ تَنْقَبِضُ وَ تَنْبَسِطُ تَرْمِیهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا إِلَی الْمَثَانَةِ كَالْبُنْدُقَةِ مِنَ الْقَوْسِ وَ جُعِلَ طَیُّ الرُّكْبَةِ إِلَی خَلْفٍ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ یَمْشِی إِلَی مَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَیَعْتَدِلُ الْحَرَكَاتُ (5)وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَسَقَطَ فِی الْمَشْیِ وَ جُعِلَتِ الْقَدَمُ مُخَصَّرَةً لِأَنَّ الشَّیْ ءَ إِذَا وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ جَمِیعَهُ ثَقُلَ ثِقْلَ حَجَرِ الرَّحَی فَإِذَا كَانَ عَلَی حَرْفِهِ دَفَعَهُ الصَّبِیُّ (6)وَ إِذَا وَقَعَ عَلَی وَجْهِهِ صَعُبَ نَقْلُهُ عَلَی الرَّجُلِ فَقَالَ الْهِنْدِیُّ مِنْ أَیْنَ لَكَ هَذَا الْعِلْمُ فَقَالَ علیه السلام أَخَذْتُهُ عَنْ آبَائِی علیهم السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ جَبْرَئِیلَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ جَلَّ جَلَالُهُ الَّذِی خَلَقَ الْأَجْسَادَ وَ الْأَرْوَاحَ فَقَالَ الْهِنْدِیُّ صَدَقْتَ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ عَبْدُهُ وَ أَنَّكَ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِكَ(7).
بیان: قال ابن سینا فی التشریح أما الجمجمة فهی من سبعة أعظم أربعة
ص: 207
كالجدران و واحد كالقاعدة و الباقیات یتألف منها القحف و بعضها موصول إلی بعض بدروز یقال لها الشئون و قال الجوهری السرر واحد أسرار الكف و الجبهة و هی خطوطها و جمع الجمع أساریر و قال رجل مخصر القدمین إذا كانت قدمه تمس الأرض من مقدمها و عقبها و تخوی أخمصها مع دقة فیه.
قوله بوصوله أی بسبب وصول الشعر إلی الدماغ تصل إلیه الأدهان و لعله كان بدله بأصوله لمقابلة قوله بأطرافه.
قوله فی المنظر متعلق بقوله یستغنی أی لیستغنی فی النظر بسبب اللحیة عن كشف العورة لاستعلام كونه ذكرا أو أنثی.
قوله علیه السلام لیسند الأضراس و الأسنان لعل ذلك لكونه طویلا یمنع وقوع الأسنان بعضها علی بعض فی بعض الأحوال كما أن الأسطوانة تمنع وقوع السقف أو لكونه أقوی و أثبت من سائر الأسنان فیحفظ سائرها بالالتصاق به كما یجعل بین الأسطوانتین المثبتتین فی الأرض أخشاب دقاق فتمسكانها و قال الجوهری شاط السمن إذا نضج حتی یحترق.
قوله لأن الإنسان یمشی إلی ما بین یدیه لعل المعنی أن الإنسان یمیل فی المشی إلی قدامه بأعالی بدنه و إنما ینحنی أعالیه إلی هذه الجهة كحالة الركوع مثلا فلو كان طی الركبة من قدامه أیضا لكان یقع علی وجهه فجعلت الأعالی مائلة إلی القدام و الأسافل مائلة إلی الخلف لتعتدل الحركات فلا یقع فی المشی و لا فی الركوع و أمثالهما فقوله یمشی إلی ما بین یدیه أی مائلا إلی ما بین یدیه و سیأتی مزید توضیح لهذا الخبر فی كتاب السماء و العالم إن شاء اللّٰه تعالی.
«10»- كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة رَوَی الشَّیْخُ الْمُفِیدُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِیِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الصَّادِقُ علیه السلام الْعِرَاقَ نَزَلَ الْحِیرَةَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ أَبُو حَنِیفَةَ وَ سَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ وَ كَانَ مِمَّا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَالَ علیه السلام الْمَعْرُوفُ یَا أَبَا حَنِیفَةَ الْمَعْرُوفُ فِی أَهْلِ السَّمَاءِ الْمَعْرُوفُ فِی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا الْمُنْكَرُ قَالَ اللَّذَانِ ظَلَمَاهُ حَقَّهُ وَ ابْتَزَّاهُ (1)أَمْرَهُ
ص: 208
وَ حَمَلَا النَّاسَ عَلَی كَتِفِهِ قَالَ أَلَا مَا هُوَ أَنْ تَرَی الرَّجُلَ عَلَی مَعَاصِی اللَّهِ فَتَنْهَاهُ عَنْهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَیْسَ ذَاكَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَ لَا نَهْیٌ عَنْ مُنْكَرٍ إِنَّمَا ذَلِكَ خَیْرٌ قَدَّمَهُ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ أَخْبِرْنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ قَالَ فَمَا هُوَ عِنْدَكَ یَا أَبَا حَنِیفَةَ قَالَ الْأَمْنُ فِی السَّرْبِ وَ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ الْقُوتُ الْحَاضِرُ (1)فَقَالَ یَا أَبَا حَنِیفَةَ لَئِنْ وَقَّفَكَ اللَّهُ أَوْ أَوْقَفَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یَسْأَلَكَ عَنْ كُلِّ أَكْلَةٍ أَكَلْتَهَا وَ شَرْبَةٍ شَرِبْتَهَا لَیَطُولَنَّ وُقُوفُكَ قَالَ فَمَا النَّعِیمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ النَّعِیمُ نَحْنُ الَّذِینَ أَنْقَذَ اللَّهُ النَّاسَ بِنَا مِنَ الضَّلَالَةِ وَ بَصَّرَهُمْ بِنَا مِنَ الْعَمَی وَ عَلَّمَهُمْ بِنَا مِنَ الْجَهْلِ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَیْفَ كَانَ الْقُرْآنُ جَدِیداً أَبَداً قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ یُجْعَلْ لِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَتُخْلِقَهُ الْأَیَّامُ وَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَفَنِیَ الْقُرْآنُ قَبْلَ فَنَاءِ الْعَالَمِ (2).
«11»- شا، الإرشاد جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَیْمِیِّ أَنَّ ابْنَ أَبِی الْعَوْجَاءِ وَ ابْنَ طَالُوتَ وَ ابْنَ الْأَعْمَی وَ ابْنَ الْمُقَفَّعِ فِی نَفَرٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ كَانُوا مُجْتَمِعِینَ فِی الْمَوْسِمِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِیهِ إِذْ ذَلِكَ یُفْتِی النَّاسَ وَ یُفَسِّرُ لَهُمُ الْقُرْآنَ وَ یُجِیبُ عَنِ الْمَسَائِلِ بِالْحُجَجِ وَ الْبَیِّنَاتِ فَقَالَ الْقَوْمُ لِابْنِ أَبِی الْعَوْجَاءِ هَلْ لَكَ فِی تَغْلِیطِ هَذَا الْجَالِسِ وَ سُؤَالِهِ عَمَّا یَفْضَحُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُحِیطِینَ بِهِ فَقَدْ تَرَی فِتْنَةَ النَّاسِ بِهِ وَ یُفَسِّرُ لَهُمُ الْقُرْآنَ وَ یُجِیبُ عَنِ الْمَسَائِلِ بِهِ وَ هُوَ عَلَّامَةُ زَمَانِهِ فَقَالَ لَهُمْ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ نَعَمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَفَرَّقَ النَّاسَ وَ قَالَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ الْمَجَالِسَ أَمَانَاتٌ وَ لَا بُدَّ لِكُلِّ مَنْ كَانَ بِهِ سُعَالٌ أَنْ یَسْعُلَ فَتَأْذَنُ لِی فِی السُّؤَالِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام سَلْ إِنْ شِئْتَ فَقَالَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ إِلَی كَمْ تَدُوسُونَ هَذَا الْبَیْدَرَ (3)وَ تَلُوذُونَ بِهَذَا الْحَجَرِ وَ تَعْبُدُونَ هَذَا الْبَیْتَ الْمَرْفُوعَ بِالطُّوبِ وَ الْمَدَرِ وَ تُهَرْوِلُونَ حَوْلَهُ
ص: 209
هَرْوَلَةَ الْبَعِیرِ إِذَا نَفَرَ مَنْ فَكَّرَ فِی هَذَا وَ قَدَّرَ عَلِمَ أَنَّهُ فِعْلُ غَیْرِ حَكِیمٍ وَ لَا ذِی نَظَرٍ فَقُلْ فَإِنَّكَ رَأْسُ هَذَا الْأَمْرِ وَ سَنَامُهُ وَ أَبُوكَ أُسُّهُ وَ نِظَامُهُ فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَ أَعْمَی قَلْبَهُ اسْتَوْخَمَ الْحَقَّ وَ لَمْ یَسْتَعْذِبْهُ وَ صَارَ الشَّیْطَانُ وَلِیَّهُ وَ رَبَّهُ وَ یُورِدُهُ مَوَارِدَ الْهَلَكَةِ (1)وَ لَا یُصْدِرُهُ وَ هَذَا بَیْتٌ اسْتَعْبَدَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ لِیَخْتَبِرَ طَاعَتَهُمْ فِی إِتْیَانِهِ فَحَثَّهُمْ عَلَی تَعْظِیمِهِ وَ زِیَارَتِهِ وَ جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْمُصَلِّینَ لَهُ فَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ رِضْوَانِهِ وَ طَرِیقٌ یُؤَدِّی إِلَی غُفْرَانِهِ مَنْصُوبٌ عَلَی اسْتِوَاءِ الْكَمَالِ وَ مَجْمَعِ الْعَظَمَةِ وَ الْجَلَالِ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی قَبْلَ دَحْوِ الْأَرْضِ بِأَلْفَیْ عَامٍ فَأَحَقُّ مَنْ أُطِیعَ فِیمَا أَمَرَ وَ انْتُهِیَ عَمَّا زَجَرَ اللَّهُ الْمُنْشِئُ لِلْأَرْوَاحِ وَ الصُّوَرِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ ذَكَرْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَأَحَلْتَ عَلَی غَائِبٍ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كَیْفَ یَكُونُ یَا وَیْلَكَ غَائِباً مَنْ هُوَ مَعَ خَلْقِهِ شَاهِدٌ وَ إِلَیْهِمْ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ یَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَ یَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ لَا یَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَ لَا یَشْغَلُ بِهِ مَكَانٌ وَ لَا یَكُونُ مِنْ مَكَانٍ أَقْرَبَ مِنْ مَكَانٍ یَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ آثَارُهُ وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ أَفْعَالُهُ وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْآیَاتِ الْمُحْكَمَةِ وَ الْبَرَاهِینِ الْوَاضِحَةِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَنَا بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ فَإِنْ شَكَكْتَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ فَسَلْ عَنْهُ أُوضِحْهُ لَكَ قَالَ فَأُبْلِسَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ وَ لَمْ یَدْرِ مَا یَقُولُ وَ انْصَرَفَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ سَأَلْتُكُمْ أَنْ تَلْتَمِسُوا لِی جَمْرَةً فَأَلْقَیْتُمُونِی عَلَی جَمْرَةٍ (2)فَقَالُوا اسْكُتْ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ فَضَحْتَنَا بِحَیْرَتِكَ وَ انْقِطَاعِكَ وَ مَا رَأَیْنَا أَحْقَرَ مِنْكَ الْیَوْمَ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ أَبِی تَقُولُونَ هَذَا إِنَّهُ ابْنُ مَنْ حَلَقَ رُءُوسَ مَنْ تَرَوْنَ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی أَهْلِ الْمَوْسِمِ (3).
ص: 210
بیان: الطوب بالضم الآجر و یقال طعام وخیم أی غیر موافق و استوخمه لم یستمره (1).
و قوله اللّٰه المنشئ خبر لقوله أحق و یقال أبلس أی یئس و تحیر و الجمرة بالفتح النار المتقدة و الحصاة و المراد بالأول الثانی و بالثانی الأول أی سألتكم أن تطلبوا لی حصاة ألعب بها و أرمیها فألقیتمونی فی نار متقدة لم یمكنی التخلص منها.
«12»- شا، الإرشاد رُوِیَ أَنَّ أَبَا شَاكِرٍ الدَّیَصَانِیَّ وَقَفَ ذَاتَ یَوْمٍ فِی مَجْلِسِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَأَحَدُ النُّجُومِ الزَّوَاهِرِ وَ كَانَ آبَاؤُكَ بُدُوراً بَوَاهِرَ وَ أُمَّهَاتُكَ عَقِیلَاتٍ عَبَاهِرَ (2)وَ عُنْصُرُكَ مِنْ أَكْرَمِ الْعَنَاصِرِ وَ إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَعَلَیْكَ تُثْنَی الْخَنَاصِرُ خَبِّرْنَا أَیُّهَا الْبَحْرُ الزَّاخِرُ مَا الدَّلِیلُ عَلَی حُدُوثِ الْعَالَمِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِنْ أَقْرَبِ الدَّلِیلِ عَلَی ذَلِكَ مَا أَذْكُرُهُ لَكَ ثُمَّ دَعَا بِبَیْضَةٍ ثُمَّ وَضَعَهَا فِی رَاحَتِهِ (3)وَ قَالَ هَذَا حِصْنٌ مَلْمُومٌ دَاخِلُهُ غِرْقِئٌ (4)رَقِیقٌ یُطِیفُ بِهِ كَالْفِضَّةِ السَّائِلَةِ وَ الذَّهَبَةِ الْمَائِعَةِ أَ تَشُكُّ فِی ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو شَاكِرٍ لَا شَكَّ فِیهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ إِنَّهُ تَنْفَلِقُ عَنْ صُورَةٍ كَالطَّاوُسِ أَ دَخَلَهُ شَیْ ءٌ غَیْرَ مَا عَرَفْتَ قَالَ لَا قَالَ فَهَذَا الدَّلِیلُ عَلَی حُدُوثِ الْعَالَمِ قَالَ أَبُو شَاكِرٍ دَلَلْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (5)فَأَوْضَحْتَ وَ قُلْتَ فَأَحْسَنْتَ وَ ذَكَرْتَ فَأَوْجَزْتَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَقْبَلُ إِلَّا مَا أَدْرَكْنَاهُ بِأَبْصَارِنَا أَوْ سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا أَوْ ذُقْنَاهُ بِأَفْوَاهِنَا أَوْ شَمِمْنَاهُ بِآنَافِنَا أَوْ لَمَسْنَاهُ بِبَشَرَتِنَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ذَكَرْتَ الْحَوَاسَّ الْخَمْسَ وَ هِیَ لَا تَنْفَعُ فِی الِاسْتِنْبَاطِ إِلَّا بِدَلِیلٍ كَمَا لَا تُقْطَعُ الظُّلْمَةُ بِغَیْرِ مِصْبَاحٍ.
ص: 211
یرید به علیه السلام أن الحواس بغیر عقل لا یوصل إلی معرفة الغائبات و أن الذی أراه من حدوث الصورة معقول بنی العلم به علی محسوس (1).
أقول: قد مر شرح الخبر فی كتاب التوحید (2).
«13»- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِیُّ فِی الْأَمَالِی وَ أَبُو نُعَیْمٍ فِی الْحِلْیَةِ وَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ بِالْإِسْنَادِ وَ الرِّوَایَةُ یَزِیدُ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ أَنَّهُ دَخَلَ ابْنُ شُبْرُمَةَ (3)وَ أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ لِأَبِی حَنِیفَةَ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَقِسِ الدِّینَ بِرَأْیِكَ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِیسُ إِذْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِالسُّجُودِ فَقَالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ تُحْسِنُ أَنْ تَقِیسَ رَأْسَكَ مِنْ جَسَدِكَ قَالَ لَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمُلُوحَةِ فِی الْعَیْنَیْنِ وَ الْمَرَارَةِ فِی الْأُذُنَیْنِ وَ الْبُرُودَةِ فِی الْمَنْخِرَیْنِ وَ الْعُذُوبَةِ فِی الشَّفَتَیْنِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ جُعِلَ ذَلِكَ قَالَ لَا أَدْرِی فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ الْعَیْنَیْنِ فَجَعَلَهَا شَحْمَتَیْنِ وَ جَعَلَ الْمُلُوحَةَ فِیهِمَا مَنّاً عَلَی بَنِی آدَمَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَذَابَتَا وَ جَعَلَ الْمَرَارَةَ فِی الْأُذُنَیْنِ مَنّاً مِنْهُ عَلَی بَنِی آدَمَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَقَحَمَتِ الدَّوَابُّ فَأَكَلَتْ دِمَاغَهُ وَ جَعَلَ الْمَاءَ فِی الْمَنْخِرَیْنِ لِیَصْعَدَ النَّفَسُ وَ یَنْزِلَ وَ یَجِدَ مِنْهُ الرِّیحَ الطَّیِّبَةَ وَ الرَّدِیئَةَ وَ جَعَلَ الْعُذُوبَةَ فِی الشَّفَتَیْنِ لِیَجِدَ ابْنُ آدَمَ لَذَّةَ مَطْعَمِهِ وَ مَشْرَبِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ كَلِمَةٍ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَ آخِرُهَا إِیمَانٌ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَیُّمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی الْقَتْلُ أَوِ الزِّنَا فَقَالَ بَلِ الْقَتْلُ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ رَضِیَ فِی الْقَتْلِ بِشَاهِدَیْنِ وَ لَمْ یَرْضَ فِی الزِّنَا إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّاهِدَ عَلَی الزِّنَا شَهِدَ عَلَی اثْنَیْنِ وَ فِی الْقَتْلِ عَلَی وَاحِدٍ لِأَنَّ الْقَتْلَ فِعْلٌ وَاحِدٌ وَ الزِّنَا فِعْلَانِ ثُمَّ قَالَ أَیُّمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی الصَّوْمُ أَوِ الصَّلَاةُ
ص: 212
قَالَ لَا بَلِ الصَّلَاةُ قَالَ فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتْ تَقْضِی الصَّوْمَ وَ لَا تَقْضِی الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ إِلَی صَلَاةٍ فَتُدَاوِمُهَا وَ لَا تَخْرُجُ إِلَی صَوْمٍ ثُمَّ قَالَ الْمَرْأَةُ أَضْعَفُ أَمِ الرَّجُلُ قَالَ الْمَرْأَةُ قَالَ فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ وَ هِیَ ضَعِیفَةٌ لَهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ وَ الرَّجُلُ قَوِیٌّ لَهُ سَهْمَانِ ثُمَّ قَالَ لِأَنَّ الرَّجُلَ یُجْبَرُ عَلَی الْإِنْفَاقِ عَلَی الْمَرْأَةِ وَ لَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَی الْإِنْفَاقِ عَلَی الرَّجُلِ ثُمَّ قَالَ الْبَوْلُ أَقْذَرُ أَمِ الْمَنِیُّ قَالَ الْبَوْلُ قَالَ یَجِبُ عَلَی قِیَاسِكَ أَنْ یَجِبَ الْغُسْلُ مِنَ الْبَوْلِ دُونَ الْمَنِیِّ وَ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَی الْغُسْلَ مِنَ الْمَنِیِّ دُونَ الْبَوْلِ ثُمَّ قَالَ لِأَنَّ الْمَنِیَّ اخْتِیَارٌ وَ یَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ الْجَسَدِ وَ یَكُونُ فِی الْأَیَّامِ وَ الْبَوْلُ ضَرُورَةٌ وَ یَكُونُ فِی الْیَوْمِ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ كَیْفَ یَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ الْجَسَدِ وَ اللَّهُ یَقُولُ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَهَلْ قَالَ لَا یَخْرُجُ مِنْ غَیْرِ هَذَیْنِ الْمَوْضِعَیْنِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لِمَ لَا تَحِیضُ الْمَرْأَةُ إِذَا حَبِلَتْ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الصَّلَاةُ حَبَسَ اللَّهُ تَعَالَی الدَّمَ فَجَعَلَهُ غِذَاءً لِلْوَلَدِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَیْنَ مَقْعَدُ الْكَاتِبَیْنِ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ مَقْعَدُهُمَا عَلَی النَّاجِدَیْنِ وَ الْفَمُ الدَّوَاةُ وَ اللِّسَانُ الْقَلَمُ وَ الرِّیقُ الْمِدَادُ ثُمَّ قَالَ لِمَ یَضَعُ الرَّجُلُ یَدَهُ عَلَی مُقَدَّمِ رَأْسِهِ عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَ الْمَرْأَةُ عَلَی خَدِّهَا قَالَ لَا أَدْرِی فَقَالَ علیه السلام اقْتِدَاءً بِآدَمَ وَ حَوَّاءَ حَیْثُ أُهْبِطَا مِنَ الْجَنَّةِ أَ مَا تَرَی أَنَّ مِنْ شَأْنِ الرَّجُلِ الِاكْتِئَابَ (1)عِنْدَ الْمُصِیبَةِ وَ مِنْ شَأْنِ الْمَرْأَةِ رَفْعَهَا رَأْسَهَا إِلَی السَّمَاءِ إِذَا بَكَتْ ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَا تَرَی فِی رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَتَزَوَّجَ وَ زَوَّجَ عَبْدَهُ فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ سَافَرَا وَ جَعَلَا امْرَأَتَیْهِمَا فِی بَیْتٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَ الْبَیْتُ عَلَیْهِمْ فَقَتَلَ الْمَرْأَتَیْنِ وَ بَقِیَ الْغُلَامَانِ أَیُّهُمَا فِی رَأْیِكَ الْمَالِكُ وَ أَیُّهُمَا الْمَمْلُوكُ وَ أَیُّهُمَا الْوَارِثُ وَ أَیُّهُمَا الْمَوْرُوثُ ثُمَّ قَالَ فَمَا تَرَی فِی رَجُلٍ أَعْمَی فَقَأَ عَیْنَ صَحِیحٍ وَ أَقْطَعَ قَطَعَ یَدَ رَجُلٍ كَیْفَ یُقَامُ عَلَیْهِمَا الْحَدُّ ثُمَّ قَالَ علیه السلام فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی لِمُوسَی وَ هَارُونَ حِینَ بَعَثَهُمَا إِلَی فِرْعَوْنَ لَعَلَّهُ یَتَذَكَّرُ أَوْ یَخْشی لَعَلَّ مِنْكَ شَكٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ كَذَلِكَ مِنَ اللَّهِ شَكٌّ إِذْ قَالَ لَعَلَّهُ
ص: 213
ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُوا فِیها لَیالِیَ وَ أَیَّاماً آمِنِینَ أَیُّ مَوْضِعٍ هُوَ قَالَ هُوَ مَا بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ قَالَ علیه السلام نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَسِیرُونَ بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ لَا تَأْمَنُونَ عَلَی دِمَائِكُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَ عَلَی أَمْوَالِكُمْ مِنَ السَّرَقِ ثُمَّ قَالَ وَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً أَیُّ مَوْضِعٍ هُوَ قَالَ ذَاكَ بَیْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ فَقَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ وَ سَعِیدَ بْنَ جُبَیْرٍ دَخَلَاهُ فَلَمْ یَأْمَنَا الْقَتْلَ قَالَ فَأَعْفِنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَنْتَ الَّذِی تَقُولُ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ إِذَا سُئِلْتَ فَمَا تَصْنَعُ قَالَ أُجِیبُ عَنِ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الِاجْتِهَادِ قَالَ إِذَا اجْتَهَدْتَ مِنْ رَأْیِكَ وَجَبَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ قَبُولُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ كَذَلِكَ وَجَبَ قَبُولُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فَكَأَنَّكَ قُلْتَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی.
«14»- وَ فِی حَدِیثِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ لِأَبِی حَنِیفَةَ أَخْبِرْنِی عَنْ هَاتَیْنِ النُّكْتَتَیْنِ اللَّتَیْنِ فِی یَدَیْ حِمَارِكَ لَیْسَ یَنْبُتُ عَلَیْهِمَا شَعْرٌ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ خَلْقٌ كَخَلْقِ أُذُنَیْكَ فِی جَسَدِكَ وَ عَیْنَیْكَ فَقَالَ لَهُ تَرَی هَذَا قِیَاساً إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ أُذُنَیَّ لِأَسْمَعَ بِهِمَا وَ خَلَقَ عَیْنَیَّ لِأُبْصِرَ بِهِمَا فَهَذَا لِمَا خَلَقَهُ فِی جَمِیعِ الدَّوَابِّ وَ مَا یُنْتَفَعُ بِهِ فَانْصَرَفَ أَبُو حَنِیفَةَ مُعَتِّباً (1)فَقُلْتُ أَخْبِرْنِی مَا هِیَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ یَعْنِی مُنْتَصِباً فِی بَطْنِ أُمِّهِ غِذَاؤُهُ مِنْ غِذَائِهَا مِمَّا تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ أُمُّهُ هَاهُنَا مِیثَاقُهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی وِلَادَتِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ حَیَوَانُ فَزَجَرَهُ زَجْرَةً انْقَلَبَ وَ نَسِیَ الْمِیثَاقَ وَ خَلَقَ جَمِیعَ الْبَهَائِمِ فِی بُطُونِ أُمَّهَاتِهِنَّ مَنْكُوسَةً مُؤَخَّرُهُ إِلَی مُقَدَّمِ أُمِّهِ كَمَا یَأْخُذُ الْإِنْسَانُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ فَهَاتَانِ النُّكْتَتَانِ السَّوْدَاوَانِ اللَّتَانِ تَرَی مَا بَیْنَ الدَّوَابِّ هُوَ مَوْضِعُ عُیُونِهَا (2)فِی بَطْنِ أُمَّهَاتِهَا فَلَیْسَ یَنْبُتُ عَلَیْهِ الشَّعْرُ وَ هُوَ لِجَمِیعِ الْبَهَائِمِ مَا خَلَا الْبَعِیرَ فَإِنَّ عُنُقَ الْبَعِیرِ طَالَ فَتَقَدَّمَ رَأْسُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ (3).
ص: 214
بیان: قوله علیه السلام لأنها تخرج إلی صلاة لعله مبنی علی وجهین أحدهما أن الصلاة فعل و الصوم ترك و الثانی أن الصلاة تكون دائما و الصوم یكون فی السنة مرة و یمكن أن یقرأ یحرج بالحاء المهملة قوله علیه السلام فما بال الناس یغتسلون من الجنابة لما حكم أبو حنیفة بأرجسیة البول بناء علی ما زعمه من طهارة محل المنی بالفرك (1)ألزم علیه السلام علیه ذلك و إلا فالمنی أرجس عندنا قوله علیه السلام أ ما تری أن من شأن الرجل أی علة هذا أیضا مثل علة تلك أی أكب آدم علیه السلام عند هبوطه و رفع حواء رأسها عند خروجها و سیأتی شرح تلك العلل فی مواضعها إن شاء اللّٰه تعالی.
«15»- قب، المناقب لابن شهرآشوب ابْنُ جَرِیرِ بْنِ رُسْتُمَ الطَّبَرِیُّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الطُّوسِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی خُنَیْسٍ الْكُوفِیِّ قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الصَّادِقِ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّصَارَی فَقَالُوا فَضْلُ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام سَوَاءٌ لِأَنَّهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَصْحَابُ الشَّرَائِعِ وَ الْكُتُبِ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ مِنْهُمَا وَ أَعْلَمُ وَ لَقَدْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ یُعْطِ غَیْرَهُ فَقَالُوا آیَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی نَزَلَتْ فِی هَذَا قَالَ علیه السلام نَعَمْ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ قَوْلُهُ تَعَالَی لِعِیسَی وَ لِأُبَیِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ وَ قَوْلُهُ تَعَالَی لِلسَّیِّدِ الْمُصْطَفَی صلی اللّٰه علیه و آله وَ جِئْنا بِكَ شَهِیداً عَلی هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ تِبْیاناً لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ قَوْلُهُ تَعَالَی لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَیْهِمْ وَ أَحْصی كُلَّ شَیْ ءٍ عَدَداً فَهُوَ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُمَا وَ لَوْ حَضَرَ مُوسَی وَ عِیسَی بِحَضْرَتِی وَ سَأَلَانِی لَأَجَبْتُهُمَا وَ سَأَلْتُهُمَا مَا أَجَابَا (2).
«16»- ختص، الإختصاص ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ وَ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ (3)عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ: سَأَلَنِی
ص: 215
بَعْضُ الْخَوَارِجِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ الْآیَةَ مَا الَّذِی أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا الَّذِی حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدِی فِی ذَلِكَ شَیْ ءٌ فَحَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْخَوَارِجِ سَأَلَنِی عَنْ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَلَّ فِی الْأُضْحِیَّةِ بِمِنًی الضَّأْنَ وَ الْمَعْزَ الْأَهْلِیَّةَ وَ حَرَّمَ فِیهَا الْجَبَلِیَّةَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَلَّ فِی الْأُضْحِیَّةِ بِمِنًی الْإِبِلَ الْعِرَابَ وَ حَرَّمَ فِیهَا الْبَخَاتِیَّ وَ أَحَلَّ فِیهَا الْبَقَرَ الْأَهْلِیَّةَ وَ حَرَّمَ فِیهَا الْجَبَلِیَّةَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ قَالَ فَانْصَرَفْتُ إِلَی صَاحِبِی فَأَخْبَرْتُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ فَقَالَ هَذَا شَیْ ءٌ حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ مِنَ الْحِجَازِ (1).
«17»- كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، ذَكَرُوا أَنَّ أَبَا حَنِیفَةَ أَكَلَ طَعَاماً مَعَ الْإِمَامِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا رَفَعَ الصَّادِقُ علیه السلام یَدَهُ مِنْ أَكْلِهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَ مِنْ رَسُولِكَ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ جَعَلْتَ مَعَ اللَّهِ شَرِیكاً فَقَالَ علیه السلام لَهُ وَیْلَكَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَیُؤْتِینَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی مَا قَرَأْتُهُمَا قَطُّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا سَمِعْتُهُمَا إِلَّا فِی هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بَلَی قَدْ قَرَأْتَهُمَا وَ سَمِعْتَهُمَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْزَلَ فِیكَ وَ فِی أَشْبَاهِكَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی كَلَّا بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (2).
«18»- كِتَابُ الْإِسْتِدْرَاكِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ اسْتَحْضَرَهُ الْمَنْصُورُ فِی مَجْلِسٍ غَاصٍّ بِأَهْلِهِ (3)فَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ فَأَطْرَقَ مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ لَهُ یَا جَعْفَرُ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ
ص: 216
لِأَبِیكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْماً لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِیكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی الْمَسِیحِ لَقُلْتُ فِیكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ قَدَمَیْكَ یَسْتَشْفُونَ بِهِ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَهْلِكُ فِیَّ اثْنَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَ مُبْغِضٌ مُفْرِطٌ فَالاعْتِذَارُ مِنْهُ أَنْ لَا یَرْضَی بِمَا یَقُولُ فِیهِ الْمُفْرِطُ وَ لَعَمْرِی إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام لَوْ سَكَتَ عَمَّا قَالَتْ فِیهِ النَّصَارَی لَعَذَّبَهُ اللَّهُ وَ قَدْ نَعْلَمُ مَا یُقَالُ فِیكَ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ وَ إِمْسَاكَكَ عَمَّنْ یَقُولُ ذَلِكَ فِیكَ وَ رِضَاكَ بِهِ سَخَطُ الدَّیَّانِ زَعَمَ أَوْغَادُ الشَّامِ وَ أَوْبَاشُ الْعِرَاقِ (1)أَنَّكَ حِبْرُ الدَّهْرِ وَ نَامُوسُهُ وَ حُجَّةُ الْمَعْبُودِ وَ تَرْجُمَانُهُ وَ عَیْبَةُ عِلْمِهِ (2)وَ مِیزَانُ قِسْطِهِ وَ مِصْبَاحُهُ الَّذِی یَقْطَعُ بِهِ الطَّالِبُ عَرْضَ الظُّلْمَةِ إِلَی فَضَاءِ النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یَقْبَلُ مِنْ عَامِلٍ جَهِلَ حَقَّكَ فِی الدُّنْیَا عَمَلًا وَ لَا یَرْفَعُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَزْناً فَنَسَبُوكَ إِلَی غَیْرِ حَدِّكَ وَ قَالُوا فِیكَ مَا لَیْسَ فِیكَ فَقُلْ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ الْحَقَّ لَجَدُّكَ وَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَهُ عَلَیْهِ أَبُوكَ علیه السلام فَأَنْتَ حَرِیٌّ بِأَنْ تَقْتَصَّ آثَارَهُمَا (3)وَ تَسْلُكَ سَبِیلَهُمَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَا فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الزَّیْتُونَةِ وَ قِنْدِیلٌ مِنْ قَنَادِیلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ سَلِیلُ الرِّسَالَةِ وَ أَدِیبُ السَّفَرَةِ وَ رَبِیبُ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَ مِصْبَاحٌ مِنْ مَصَابِیحِ الْمِشْكَاةِ الَّتِی فِیهَا نُورُ النُّورِ وَ صَفْوَةُ الْكَلِمَةِ الْبَاقِیَةِ فِی عَقِبِ الْمُصْطَفَیْنَ إِلَی یَوْمِ الْحَشْرِ فَالْتَفَتَ الْمَنْصُورُ إِلَی جُلَسَائِهِ فَقَالَ قَدْ أَحَالَنِی عَلَی بَحْرٍ مَوَّاجٍ لَا یُدْرَكُ طَرَفُهُ وَ لَا یُبْلَغُ عُمْقُهُ تَغْرَقُ فِیهِ السُّبَحَاءُ وَ یَحَارُ فِیهِ الْعُلَمَاءُ وَ یَضِیقُ بِالسَّامِعِ عَرْضُ الْفَضَاءِ هَذَا الشَّجَا (4)الْمُعْتَرِضُ فِی حُلُوقِ الْخُلَفَاءِ الَّذِی لَا یَحِلُّ قَتْلُهُ وَ لَا یَجُوزُ نَفْیُهُ وَ لَوْ لَا مَا تَجْمَعُنِی وَ إِیَّاهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ طَابَ أَصْلُهَا وَ بَسَقَ فَرْعُهَا (5)وَ عَذُبَ ثَمَرُهَا بُورِكَتْ فِی
ص: 217
الذَّرِّ وَ تَقَدَّسَتْ فِی الزُّبُرِ لَكَانَ مِنِّی إِلَیْهِ مَا لَا یُحْمَدُ فِی الْعَوَاقِبِ لِمَا یَبْلُغُنِی مِنْ شِدَّةِ عَیْبِهِ لَنَا وَ سُوءِ الْقَوْلِ فِینَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا تَقْبَلْ فِی ذِی رَحِمِكَ وَ أَهْلِ الدَّعَةِ مِنْ أَهْلِكَ (1)قَوْلَ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ وَ جَعَلَ مَأْوَاهُ النَّارَ فَإِنَّ النَّمَّامَ شَاهِدُ زُورٍ وَ شَرِیكُ إِبْلِیسَ فِی الْإِغْرَاءِ بَیْنَ النَّاسِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ الْآیَةَ وَ نَحْنُ لَكَ أَنْصَارٌ وَ أَعْوَانٌ وَ لِمُلْكِكَ دَعَائِمُ وَ أَرْكَانٌ مَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ الْإِحْسَانِ وَ أَمْضَیْتَ فِی الرَّعِیَّةِ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ وَ أَرْغَمْتَ بِطَاعَتِكَ أَنْفَ الشَّیْطَانِ وَ إِنْ كَانَ یَجِبُ عَلَیْكَ فِی سَعَةِ فَهْمِكَ وَ كَرَمِ حِلْمِكَ وَ مَعْرِفَتِكَ بِآدَابِ اللَّهِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِیَ مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّ الْمُكَافِئَ لَیْسَ بِالْوَاصِلِ إِنَّمَا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قَطَعْتَ رَحِمَهُ وَصَلَهَا فَصِلْ یَزِدِ اللَّهُ فِی عُمُرِكَ وَ یُخَفِّفْ عَنْكَ الْحِسَابَ یَوْمَ حَشْرِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ قَدْ قَبِلْتُ عُذْرَكَ لِصِدْقِكَ وَ صَفَحْتُ عَنْكَ لِقَدْرِكَ فَحَدِّثْنِی عَنْ نَفْسِكَ بِحَدِیثٍ أَتَّعِظُ بِهِ وَ یَكُونُ لِی زَاجِرُ صِدْقٍ عَنِ الْمُوبِقَاتِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَلَیْكَ بِالْحِلْمِ فَإِنَّهُ رُكْنُ الْعِلْمِ وَ امْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ أَسْبَابِ الْقُدْرَةِ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ كُلَّ مَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ كُنْتَ كَمَنْ شَفَی غَیْظاً أَوْ أَبْدَی حِقْداً أَوْ یَجِبُ أَنْ یُذْكَرَ بِالصَّوْلَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ عَاقَبْتَ مُسْتَحِقّاً لَمْ یَكُنْ غَایَةُ مَا تُوصَفُ بِهِ إِلَّا الْعَدْلَ وَ لَا أَعْلَمُ حَالًا أَفْضَلَ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ وَ الْحَالُ الَّتِی تُوجِبُ الشُّكْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَالِ الَّتِی تُوجِبُ الصَّبْرَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ وَعَظْتَ فَأَحْسَنْتَ وَ قُلْتَ فَأَوْجَزْتَ فَحَدِّثْنِی عَنْ فَضْلِ جَدِّكَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ حَدِیثاً لَمْ تَرْوَهُ الْعَامَّةُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ فُتِحَ لِی فِی بَصَرِی غَلْوَةٌ (2)كَمِثَالِ مَا یَرَی الرَّاكِبُ خَرْقَ الْإِبْرَةِ مَسِیرَةَ یَوْمٍ وَ عَهِدَ إِلَیَّ رَبِّی فِی عَلِیٍّ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ لَبَّیْكَ رَبِّی فَقَالَ إِنَّ عَلِیّاً
ص: 218
إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ (1)وَ الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِی أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِینَ وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلِهَا فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ قَالَ فَبَشَّرَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنِّی أُذْكَرُ هُنَاكَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِی الرَّفِیعِ الْأَعْلَی فَقَالَ الْمَنْصُورُ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ (2).
«19»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَاصِمٍ (3)عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِیِّ (4)عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ (5)قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَیِّدِ الْجَعَافِرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام لَمَّا أَقْدَمَهُ الْمَنْصُورُ فَأَتَاهُ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ وَ كَانَ مُلْحِداً فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِی هَذِهِ الْآیَةِ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَیْرَها هَبْ هَذِهِ الْجُلُودُ عَصَتْ فَعُذِّبَتْ فَمَا بَالُ الْغَیْرِ یُعَذَّبُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَیْحَكَ هِیَ هِیَ وَ هِیَ غَیْرُهَا قَالَ أَعْقِلْنِی هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ لَهُ أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ إِلَی لَبِنَةٍ فَكَسَرَهَا ثُمَّ صَبَّ عَلَیْهَا الْمَاءَ وَ جَبَلَهَا (6)ثُمَّ رَدَّهَا إِلَی هَیْئَتِهَا الْأُولَی أَ لَمْ تَكُنْ هِیَ هِیَ وَ هِیَ غَیْرُهَا فَقَالَ بَلَی أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ (7).
ص: 219
«20»- أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ نَقْلًا مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ جِئْتُ إِلَی حَجَّامٍ بِمِنًی لِیَحْلِقَ رَأْسِی فَقَالَ أَدْنِ مَیَامِنَكَ وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ سَمِّ اللَّهَ فَتَعَلَّمْتُ مِنْهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَمْ تَكُنْ عِنْدِی فَقُلْتُ لَهُ مَمْلُوكٌ أَنْتَ أَمْ حُرٌّ فَقَالَ مَمْلُوكٌ قُلْتُ لِمَنْ قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ علیه السلام قُلْتُ أَ شَاهِدٌ هُوَ أَمْ غَائِبٌ قَالَ شَاهِدٌ فَصِرْتُ إِلَی بَابِهِ وَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَیْهِ فَحَجَبَنِی وَ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا صِرْتُ عِنْدَهُ قُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ فَنَهَیْتَهُمْ أَنْ یَشْتِمُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی تَرَكْتُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ یَشْتِمُونَهُمْ فَقَالَ لَا یَقْبَلُونَ مِنِّی فَقُلْتُ وَ مَنْ لَا یَقْبَلُ مِنْكَ وَ أَنْتَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَنْتَ مِمَّنْ لَمْ تَقْبَلْ مِنِّی دَخَلْتَ دَارِی بِغَیْرِ إِذْنِی وَ جَلَسْتَ بِغَیْرِ أَمْرِی وَ تَكَلَّمْتَ بِغَیْرِ رَأْیِی وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقُولُ بِالْقِیَاسِ قُلْتُ نَعَمْ بِهِ أَقُولُ قَالَ وَیْحَكَ یَا نُعْمَانُ أَوَّلُ مَنْ قَاسَ اللَّهَ تَعَالَی إِبْلِیسُ حِینَ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ علیه السلام وَ قَالَ خَلَقْتَنِی مِنْ نَارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ أَیُّمَا أَكْبَرُ یَا نُعْمَانُ الْقَتْلُ أَوِ الزِّنَا قُلْتُ الْقَتْلُ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ اللَّهُ فِی الْقَتْلِ شَاهِدَیْنِ وَ فِی الزِّنَا أَرْبَعَةً أَ یَنْقَاسُ لَكَ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ فَأَیُّمَا أَكْبَرُ الْبَوْلُ أَوِ الْمَنِیُّ قُلْتُ الْبَوْلُ قَالَ فَلِمَ أَمَرَ اللَّهُ فِی الْبَوْلِ بِالْوُضُوءِ وَ فِی الْمَنِیِّ بِالْغُسْلِ أَ یَنْقَاسُ لَكَ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ فَأَیُّمَا أَكْبَرُ الصَّلَاةُ أَوِ الصِّیَامُ قُلْتُ الصَّلَاةُ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَی الْحَائِضِ أَنْ تَقْضِیَ الصَّوْمَ وَ لَا تَقْضِیَ الصَّلَاةَ أَ یَنْقَاسُ لَكَ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ فَأَیُّمَا أَضْعَفُ الْمَرْأَةُ أَمِ الرَّجُلُ قُلْتُ الْمَرْأَةُ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْمِیرَاثِ لِلرَّجُلِ سَهْمَیْنِ وَ لِلْمَرْأَةِ سَهْماً أَ یَنْقَاسُ لَكَ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ فَلِمَ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَی فِیمَنْ سَرَقَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِالْقَطْعِ وَ إِذَا قَطَعَ رَجُلٌ یَدَ رَجُلٍ فَعَلَیْهِ دِیَتُهَا خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَ یَنْقَاسُ لَكَ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تُفَسِّرُ آیَةً فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ هِیَ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ أَنَّهُ الطَّعَامُ الطَّیِّبُ وَ الْمَاءُ الْبَارِدُ فِی الْیَوْمِ الصَّائِفِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَهُ دَعَاكَ
ص: 220
رَجُلٌ وَ أَطْعَمَكَ طَعَاماً طَیِّباً وَ أَسْقَاكَ مَاءً بَارِداً ثُمَّ امْتَنَّ عَلَیْكَ بِهِ مَا كُنْتَ تَنْسُبُهُ إِلَیْهِ قُلْتُ إِلَی الْبُخْلِ قَالَ أَ فَیَبْخَلُ اللَّهُ تَعَالَی قُلْتُ فَمَا هُوَ قَالَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ.
«21»- وَ مِنْهُ، قَالَ: دَخَلَ طَاوُسٌ (1)عَلَی الصَّادِقِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا طَاوُسُ نَاشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً أَقْبَلَ لِلْعُذْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالَ هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً أَصْدَقَ مِمَّنْ قَالَ لَا أَقْدِرُ وَ هُوَ لَا یَقْدِرُ قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالَ فَلِمَ لَا یَقْبَلُ مَنْ لَا أَقْبَلَ لِلْعُذْرِ مِنْهُ مِمَّنْ لَا أَصْدَقَ فِی الْقَوْلِ مِنْهُ فَنَفَضَ ثَوْبَهُ فَقَالَ مَا بَیْنِی وَ بَیْنَ الْحَقِّ عَدَاوَةٌ.
«22»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، رُوِّینَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَبِی حَنِیفَةَ وَ قَدْ دَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا نُعْمَانُ مَا الَّذِی تَعْتَمِدُ عَلَیْهِ فِیمَا لَمْ تَجِدْ فِیهِ نَصّاً فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا خَبَراً عَنِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَقِیسُهُ عَلَی مَا وَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِیسُ فَأَخْطَأَ إِذْ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ علیه السلام فَقَالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نَارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ فَرَأَی أَنَّ النَّارَ أَشْرَفُ عُنْصُراً مِنَ الطِّینِ فَخَلَّدَهُ ذَلِكَ فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ یَا نُعْمَانُ أَیُّهُمَا أَطْهَرُ الْمَنِیُّ أَوِ الْبَوْلُ قَالَ الْمَنِیُّ قَالَ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْبَوْلِ الْوُضُوءَ وَ فِی الْمَنِیِّ الْغُسْلَ وَ لَوْ كَانَ یُحْمَلُ عَلَی الْقِیَاسِ لَكَانَ الْغُسْلُ فِی الْبَوْلِ وَ أَیُّهُمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ الزِّنَا أَمْ قَتْلُ النَّفْسِ قَالَ قَتْلُ النَّفْسِ قَالَ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قَتْلِ النَّفْسِ الشَّاهِدَیْنِ وَ فِی الزِّنَا أَرْبَعَةً وَ لَوْ كَانَ عَلَی الْقِیَاسِ لَكَانَ الْأَرْبَعَةُ الشُّهَدَاءُ فِی الْقَتْلِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ وَ أَیُّهُمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ الصَّلَاةُ أَمِ الصَّوْمُ قَالَ الصَّلَاةُ قَالَ فَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَائِضَ بِأَنْ تَقْضِیَ الصَّوْمَ وَ لَا تَقْضِیَ الصَّلَاةَ وَ لَوْ كَانَ عَلَی الْقِیَاسِ لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تَقْضِیَ الصَّلَاةَ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا نُعْمَانُ وَ لَا تَقِسْ فَإِنَّا نَقِفُ غَداً نَحْنُ وَ أَنْتَ وَ مَنْ خَالَفَنَا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَسْأَلُنَا عَنْ قَوْلِنَا وَ یَسْأَلُهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ فَنَقُولُ قُلْنَا قَالَ اللَّهُ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَقُولُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ رَأَیْنَا وَ قِسْنَا فَیَفْعَلُ اللَّهُ بِنَا وَ بِكُمْ مَا یَشَاءُ.
ص: 221
«23»- وَ رُوِّینَا عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِینَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ الصَّلَاةُ أَنَّهُ قَالَ: أَتَی أَبُو حَنِیفَةَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ السَّلَامِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ یَتَوَكَّأُ عَلَی عَصًا فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِیفَةَ مَا هَذِهِ الْعَصَا یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بَلَغَ بِكَ مِنَ السِّنِّ مَا كُنْتَ تَحْتَاجُ إِلَیْهَا قَالَ أَجَلْ وَ لَكِنَّهَا عَصَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَبَرَّكَ بِهَا قَالَ أَمَا إِنِّی لَوْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وَ أَنَّهَا عَصَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقُمْتُ وَ قَبَّلْتُهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعِهِ (1)وَ قَالَ وَ اللَّهِ یَا نُعْمَانُ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنْ بَشَرِهِ فَمَا قَبَّلْتَهُ فَتَطَاوَلَ أَبُو حَنِیفَةَ لِیُقَبِّلَ یَدَهُ فَاسْتَلَّ كُمَّهُ وَ جَذَبَ یَدَهُ وَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ.
«1»- ل، الخصال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَیْثَمِ الْعِجْلِیُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِیُّ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ وَ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِیمُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ (2)عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: هَذِهِ شَرَائِعُ الدِّینِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا وَ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی هُدَاهُ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ النَّاطِقِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ إِلَی الْمِرْفَقَیْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَیْنِ إِلَی الْكَعْبَیْنِ مَرَّةً مَرَّةً وَ مَرَّتَانِ جَائِزٌ وَ لَا یَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا الْبَوْلُ وَ الرِّیحُ وَ النَّوْمُ وَ الْغَائِطُ وَ الْجَنَابَةُ وَ مَنْ مَسَحَ عَلَی الْخُفَّیْنِ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَی وَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كِتَابَهُ وَ وُضُوؤُهُ لَمْ یَتِمَّ وَ صَلَاتُهُ غَیْرُ مُجْزِیَةٍ
ص: 222
وَ الْأَغْسَالُ مِنْهَا غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَیْضِ وَ غُسْلُ الْمَیِّتِ وَ غُسْلُ مَنْ مَسَّ الْمَیِّتَ بَعْدَ مَا یَبْرُدُ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَیِّتَ وَ غُسْلُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ غُسْلُ الْعِیدَیْنِ وَ غُسْلُ دُخُولِ مَكَّةَ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْمَدِینَةِ وَ غُسْلُ الزِّیَارَةِ وَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَ غُسْلُ یَوْمِ عَرَفَةَ وَ غُسْلُ یَوْمِ لَیْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَیْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَیْلَةِ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْهُ وَ لَیْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنْهُ أَمَّا الْفَرْضُ فَغُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَیْضِ وَاحِدٌ وَ صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَجُمْلَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَا تَقْصِیرَ فِیهَا (1)فِی سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرِ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ فِی السَّحَرِ وَ هِیَ صَلَاةُ اللَّیْلِ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَ الصَّلَاةُ تُسْتَحَبُّ فِی أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَی الْفَرْدِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِینَ وَ لَا صَلَاةَ خَلْفَ الْفَاجِرِ وَ لَا یُقْتَدَی إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ لَا یُصَلَّی فِی جُلُودِ الْمَیْتَةِ وَ إِنْ دُبِغَتْ سَبْعِینَ مَرَّةً وَ لَا فِی جُلُودِ السِّبَاعِ وَ لَا یُسْجَدُ إِلَّا عَلَی الْأَرْضِ أَوْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا الْمَأْكُولَ وَ الْقُطْنَ وَ الْكَتَّانَ وَ یُقَالُ فِی افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ تَعَالَی عَرْشُكَ وَ لَا یُقَالُ تَعَالَی جَدُّكَ وَ لَا یُقَالُ فِی التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ السَّلَامُ عَلَیْنَا وَ عَلَی عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ لِأَنَّ تَحْلِیلَ الصَّلَاةِ هُوَ التَّسْلِیمُ وَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدْ سَلَّمْتَ وَ التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ وَ هُوَ بَرِیدَانِ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ مَنْ لَمْ یُقَصِّرْ فِی السَّفَرِ لَمْ تُجْزِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ فِی فَرْضِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقُنُوتُ فِی جَمِیعِ الصَّلَوَاتِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فِی الرَّكْعَةِ الثَّانِیَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَی الْمَیِّتِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ فَمَنْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَ الْمَیِّتُ یُسَلُّ (2)مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ سَلًّا وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ الْقُبُورُ تُرَبَّعُ
ص: 223
وَ لَا تُسَنَّمُ وَ الْإِجْهَارُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فِی الصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سَبْعٌ الْوَقْتُ وَ الطَّهُورُ وَ التَّوَجُّهُ وَ الْقِبْلَةُ وَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ الدُّعَاءُ وَ الزَّكَاةُ فَرِیضَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَی كُلِّ مِائَتَیْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ لَا تَجِبُ فِیمَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ وَ لَا تَجِبُ عَلَی مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّی یَحُولَ عَلَیْهِ الْحَوْلُ مِنْ یَوْمَ مَلَكَهُ صَاحِبُهُ وَ لَا یَحِلُّ أَنْ تُدْفَعَ الزَّكَاةُ إِلَّا إِلَی أَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ تَجِبُ عَلَی الذَّهَبِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ عِشْرِینَ مِثْقَالًا فَیَكُونُ فِیهِ نِصْفُ دِینَارٍ وَ تَجِبُ عَلَی الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةُ أَوْسَاقٍ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ سُقِیَ سَیْحاً (1)وَ إِنْ سُقِیَ بِالدَّوَالِی فَعَلَیْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ تَجِبُ عَلَی الْغَنَمِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِینَ شَاةً (2)فَتَكُونُ فِیهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَ عِشْرِینَ وَ تَزِیدُ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ فِیهَا شَاتَانِ إِلَی مِائَتَیْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا ثَلَاثُ شِیَاهٍ إِلَی ثَلَاثِمِائَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ فِی كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَ تَجِبُ عَلَی الْبَقَرِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِینَ بَقَرَةً تَبِیعَةً حَوْلِیَّةً فَتَكُونُ فِیهَا تَبِیعٌ حَوْلِیٌّ إِلَی أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِینَ بَقَرَةً ثُمَّ یَكُونُ فِیهَا مُسِنَّةٌ إِلَی سِتِّینَ فَفِیهَا تَبِیعَانِ إِلَی أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِینَ فَفِیهَا تَبِیعٌ وَ مُسِنَّةٌ إِلَی أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِینَ (3)ثُمَّ یَكُونُ فِیهَا مُسِنَّتَانِ إِلَی تِسْعِینَ ثُمَّ یَكُونُ فِیهَا ثَلَاثُ تَبَایِعَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِی كُلِّ ثَلَاثِینَ بَقَرَةً تَبِیعٌ وَ فِی كُلِّ أَرْبَعِینَ مُسِنَّةٌ وَ یَجِبُ عَلَی الْإِبِلِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةً فَیَكُونُ فِیهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةً فَشَاتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ شِیَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِینَ فَأَرْبَعُ شِیَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ عِشْرِینَ فَخَمْسُ شِیَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ أَرْبَعِینَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا حِقَّةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّینَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا جَذَعَةٌ إِلَی ثَمَانِینَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِیهَا ثَنِیٌّ إِلَی تِسْعِینَ (4)فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِینَ
ص: 224
فَفِیهَا ابْنَتَا لَبُونٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ إِلَی عِشْرِینَ وَ مِائَةٍ فَفِیهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِذَا كَثُرَتِ الْإِبِلُ فَفِی كُلِّ أَرْبَعِینَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ فِی كُلِّ خَمْسِینَ حِقَّةٌ وَ یَسْقُطُ الْغَنَمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ یَرْجِعُ إِلَی أَسْنَانِ الْإِبِلِ (1)وَ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ وَاجِبَةٌ عَلَی كُلِّ رَأْسٍ صَغِیرٍ أَوْ كَبِیرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَی أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ هُوَ صَاعٌ تَامٌّ وَ لَا یَجُوزُ دَفْعُ ذَلِكَ أَجْمَعِ إِلَّا إِلَی أَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ أَكْثَرُ أَیَّامِ الْحَیْضِ عَشَرَةُ أَیَّامٍ وَ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَ تَحْتَشِی وَ تُصَلِّی وَ الْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَقْضِیهَا وَ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَ تَقْضِیهِ وَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِیضَةٌ یُصَامُ لِرُؤْیَتِهِ وَ یُفْطَرُ لِرُؤْیَتِهِ وَ لَا یُصَلَّی التَّطَوُّعُ فِی جَمَاعَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِی النَّارِ وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فِی كُلِّ شَهْرٍ سُنَّةٌ وَ هُوَ صَوْمُ خَمِیسَیْنِ بَیْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ الْخَمِیسُ الْأَوَّلُ فِی الْعَشْرِ الْأُوَلِ (2)وَ الْأَرْبِعَاءُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ الْخَمِیسُ الْأَخِیرُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِیرِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ لِمَنْ صَامَهُ لِأَنَّ الصَّالِحِینَ قَدْ صَامُوهُ وَ رَغِبُوا فِیهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَصِلُ شَعْبَانَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْفَائِتُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ قُضِیَ مُتَفَرِّقاً جَازَ وَ إِنْ قُضِیَ مُتَتَابِعاً فَهُوَ أَفْضَلُ وَ حِجُّ الْبَیْتِ وَاجِبٌ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ هُوَ الزَّادُ وَ الرَّاحِلَةُ مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ أَنْ یَكُونَ لِلْإِنْسَانِ مَا یُخَلِّفُهُ عَلَی عِیَالِهِ وَ مَا یَرْجِعُ إِلَیْهِ بَعْدَ حَجِّهِ (3)وَ لَا یَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا تَمَتُّعاً وَ لَا یَجُوزُ الْإِقْرَانُ وَ الْإِفْرَادُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَهْلُهُ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ لَا یَجُوزُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ بُلُوغِ الْمِیقَاتِ وَ لَا یَجُوزُ تَأْخِیرُهُ عَنِ الْمِیقَاتِ إِلَّا لِمَرَضٍ أَوْ تَقِیَّةٍ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَ تَمَامُهَا اجْتِنَابُ الرَّفَثِ وَ الْفُسُوقِ وَ الْجِدَالِ فِی الْحَجِّ وَ لَا یُجْزِی فِی النُّسُكِ الْخَصِیُّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَ یَجُوزُ الْمَوْجُوءُ إِذَا لَمْ یُوجَدْ غَیْرُهُ وَ فَرَائِضُ الْحَجِّ الْإِحْرَامُ وَ التَّلْبِیَةُ الْأَرْبَعُ وَ هِیَ لَبَّیْكَ اللَّهُمَ
ص: 225
لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ لَبَّیْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ وَ الطَّوَافُ بِالْبَیْتِ لِلْعُمْرَةِ فَرِیضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَرِیضَةٌ وَ السَّعْیُ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِیضَةٌ وَ طَوَافُ الْحَجِّ فَرِیضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ الْمَقَامِ فَرِیضَةٌ وَ السَّعْیُ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِیضَةٌ وَ طَوَافُ النِّسَاءِ فَرِیضَةٌ وَ لَا یُسْعَی بَعْدَهُ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ (1)وَ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ فَرِیضَةٌ وَ الْهَدْیُ لِلتَّمَتُّعِ فَرِیضَةٌ فَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَهُوَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ الْحَلْقُ سُنَّةٌ وَ رَمْیُ الْجِمَارِ سُنَّةٌ وَ الْجِهَادُ وَاجِبٌ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِیدٌ وَ لَا یَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَ النُّصَّابِ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِی فَسَادٍ وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا عَلَی أَصْحَابِكَ وَ اسْتِعْمَالُ التَّقِیَّةِ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ وَاجِبٌ وَ لَا حِنْثَ وَ لَا كَفَّارَةَ عَلَی مَنْ حَلَفَ تَقِیَّةً یَدْفَعُ بِذَلِكَ ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ وَ الطَّلَاقُ لِلسُّنَّةِ عَلَی مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ لَا یَجُوزُ طَلَاقٌ لِغَیْرِ السُّنَّةِ وَ كُلُّ طَلَاقٍ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ فَلَیْسَ بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ یُخَالِفُ السُّنَّةَ فَلَیْسَ بِنِكَاحٍ وَ لَا یُجْمَعُ بَیْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ لِلْعِدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ یَحِلَّ لِلرَّجُلِ حَتَّی تَنْكِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ وَ قَدْ قَالَ علیه السلام وَ اتَّقُوا تَزْوِیجَ الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فِی مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَ الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَاجِبَةٌ فِی كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَ الرِّیَاحِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ (2)وَ حُبُّ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَ الْوَلَایَةُ لَهُمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ مِنَ الَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ هَتَكُوا حِجَابَهُ وَ أَخَذُوا مِنْ فَاطِمَةَ علیها السلام فَدَكَ (3)وَ مَنَعُوهَا مِیرَاثَهَا وَ غَصَبُوهَا وَ زَوْجَهَا حُقُوقَهُمَا وَ هَمُّوا بِإِحْرَاقِ بَیْتِهَا وَ أَسَّسُوا الظُّلْمَ وَ غَیَّرُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ
ص: 226
وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْأَنْصَابِ وَ الْأَزْلَامِ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ قَادَةِ الْجَوْرِ كُلِّهِمْ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَشْقَی الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ شَقِیقِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ قَاتِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ جَمِیعِ قَتَلَةِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام وَاجِبَةٌ وَ الْوَلَایَةُ لِلْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ لَمْ یُغَیِّرُوا وَ لَمْ یُبَدِّلُوا بَعْدَ نَبِیِّهِمْ وَاجِبَةٌ مِثْلُ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ وَ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِیِّ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ وَ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ وَ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ وَ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَ خُزَیْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ذِی الشَّهَادَتَیْنِ وَ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ مَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وَ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ وَ الْوَلَایَةُ لِأَتْبَاعِهِمْ وَ الْمُقْتَدِینَ بِهِمْ وَ بِهُدَاهُمْ وَاجِبَةٌ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ وَاجِبٌ فَإِنْ كَانَا مُشْرِكَیْنِ فَلَا تُطِعْهُمَا وَ لَا غَیْرَهُمَا فِی الْمَعْصِیَةِ فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ وَ الْأَنْبِیَاءُ وَ أَوْصِیَاؤُهُمْ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ وَ تَحْلِیلُ الْمُتْعَتَیْنِ وَاجِبٌ كَمَا أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ سَنَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَ الْفَرَائِضُ عَلَی مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ الْعَقِیقَةُ لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَی یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُسَمَّی الْوَلَدُ یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُحْلَقُ رَأْسُهُ وَ یُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا یُكَلِّفُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِیرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِینٍ وَ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَا تَقُولُ (1)بِالْجَبْرِ وَ لَا بِالتَّفْوِیضِ وَ لَا یَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرِی ءَ بِالسَّقِیمِ وَ لَا یُعَذِّبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ فَإِنَّهُ تَعَالَی قَالَ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی (2)وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَعْفُوَ وَ یَتَفَضَّلَ وَ لَیْسَ لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَظْلِمَ وَ لَا یَفْرِضُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی عِبَادِهِ طَاعَةَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یُغْوِیهِمْ وَ یُضِلُّهُمْ وَ لَا یَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَ لَا یَصْطَفِی مِنْ عِبَادِهِ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَكْفُرُ بِهِ وَ یَعْبُدُ الشَّیْطَانَ دُونَهُ وَ لَا یَتَّخِذُ عَلَی خَلْقِهِ حُجَّةً إِلَّا مَعْصُوماً
ص: 227
وَ الْإِسْلَامُ غَیْرُ الْإِیمَانِ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَ لَیْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ حِینَ یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَزْنِی الزَّانِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ مُسْلِمُونَ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَ قَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَ لَا یُخْرِجُ مِنَ النَّارِ كَافِراً وَ قَدْ وَعَدَهُ النَّارَ (1)وَ الْخُلُودَ فِیهَا وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ فَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فُسَّاقٌ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ وَ لَا یُخْلَدُونَ فِی النَّارِ وَ یُخْرَجُونَ مِنْهَا یَوْماً مَا وَ الشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لَهُمْ وَ لِلْمُسْتَضْعَفِینَ إِذَا ارْتَضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دِینَهُمْ وَ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَی لَیْسَ بِخَالِقٍ وَ لَا مَخْلُوقٍ وَ الدَّارُ الْیَوْمَ دَارُ تَقِیَّةٍ وَ هِیَ دَارُ الْإِسْلَامِ لَا دَارُ كُفْرٍ وَ لَا دَارُ إِیمَانٍ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ عَلَی مَنْ أَمْكَنَهُ وَ لَمْ یَخَفْ عَلَی نَفْسِهِ وَ لَا عَلَی أَصْحَابِهِ وَ الْإِیمَانُ هُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَ الْإِیمَانُ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ الْإِقْرَارُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْحِسَابِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْمِیزَانِ وَ لَا إِیمَانَ بِاللَّهِ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ التَّكْبِیرُ فِی الْعِیدَیْنِ وَاجِبٌ أَمَّا فِی الْفِطْرِ فَفِی خَمْسِ صَلَوَاتٍ یُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَیْلَةَ الْفِطْرِ إِلَی صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ یَوْمِ الْفِطْرِ وَ هُوَ أَنْ یُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا هَدَانَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَبْلَانَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلی ما هَداكُمْ وَ فِی الْأَضْحَی بِالْأَمْصَارِ فِی دُبُرِ عَشْرِ صَلَوَاتٍ یُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ یَوْمَ النَّحْرِ إِلَی صَلَاةِ الْغَدَاةِ یَوْمَ الثَّالِثِ وَ بِمِنًی دُبُرَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً یُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ یَوْمَ النَّحْرِ إِلَی صَلَاةِ الْغَدَاةِ یَوْمَ الرَّابِعِ وَ یُزَادُ فِی هَذَا التَّكْبِیرِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعَامِ وَ النُّفَسَاءُ لَا تَقْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِینَ یَوْماً إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ تَطْهُرْ بَعْدَ الْعِشْرِینَ اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ وَ عَمِلَتْ عَمَلَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَ الشَّرَابُ فَكُلُّ مَا أَسْكَرَ كَثِیرُهُ فَقَلِیلُهُ وَ كَثِیرُهُ حَرَامٌ
ص: 228
وَ كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ الطِّحَالُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ دَمٌ وَ الْجِرِّیُّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الطَّافِی وَ الزِّمِّیرُ حَرَامٌ (1)وَ كُلُّ سَمَكٍ لَا یَكُونُ لَهُ فُلُوسٌ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ یُؤْكَلُ مِنَ الْبَیْضِ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَ لَا یُؤْكَلُ مَا اسْتَوَی طَرَفَاهُ وَ یُؤْكَلُ مِنَ الْجَرَادِ مَا اسْتَقَلَّ بِالطَّیَرَانِ (2)وَ لَا یُؤْكَلُ مِنْهُ الدَّبَی (3)لِأَنَّهُ لَا یَسْتَقِلُّ بِالطَّیَرَانِ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ وَ الْكَبَائِرُ مُحَرَّمَةٌ وَ هِیَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَیِّنَةِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَ بَعْدَ ذَلِكَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطُ وَ السَّرِقَةُ وَ أَكْلُ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَیْرِ ضَرُورَةٍ وَ أَكْلُ السُّحْتِ وَ الْبَخْسُ فِی الْمِكْیَالِ وَ الْمِیزَانِ وَ الْمَیْسِرُ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ تَرْكُ مُعَاوَنَةِ الْمَظْلُومِینَ وَ الرُّكُونُ إِلَی الظَّالِمِینَ وَ الْیَمِینُ الْغَمُوسُ (4)وَ حَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَیْرِ عُسْرٍ وَ اسْتِعْمَالُ الْكِبْرِ وَ التَّجَبُّرُ وَ الْكَذِبُ وَ الْإِسْرَافُ وَ التَّبْذِیرُ وَ الْخِیَانَةُ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْحَجِّ وَ الْمُحَارَبَةُ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمَلَاهِی الَّتِی تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَكْرُوهَةٌ كَالْغِنَاءِ وَ ضَرْبِ الْأَوْتَارِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی صَغَائِرِ الذُّنُوبِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ فِی هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِینَ.
قال الصدوق الكبائر هی سبع و بعدها فكل ذنب كبیر بالإضافة إلی ما هو أصغر منه و صغیر بالإضافة إلی ما هو أكبر منه و هذا معنی ما ذكره الصادق علیه السلام فی هذا الحدیث من ذكر الكبائر الزائدة علی السبع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (5)
أقول: أجزاء الخبر مشروحة مفرقة علی الأبواب المناسبة لها.
ص: 229
«1»- ختص، الإختصاص یَعْقُوبُ بْنُ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ لِأَبِی جَعْفَرٍ مُؤْمِنِ الطَّاقِ مَا تَقُولُ فِی الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قَالَ أَ عَلَی خِلَافِ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَا یَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ وَ لِمَ لَا یَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ التَّزْوِیجَ عَقْدٌ عُقِدَ بِالطَّاعَةِ فَلَا یُحَلُّ بِالْمَعْصِیَةِ وَ إِذَا لَمْ یَجُزِ التَّزْوِیجُ بِجِهَةِ الْمَعْصِیَةِ لَمْ یَجُزِ الطَّلَاقُ بِجِهَةِ الْمَعْصِیَةِ وَ فِی إِجَازَةِ ذَلِكَ طَعْنٌ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیمَا أَمَرَ بِهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ فِیمَا سَنَّ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَمَلُ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مَعْنَی لَهُمَا وَ فِی قَوْلِنَا مَنْ شَذَّ عَنْهُمَا رُدَّ إِلَیْهِمَا وَ هُوَ صَاغِرٌ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ قَدْ جَوَّزَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَیْسَ الْعُلَمَاءُ الَّذِینَ جَوَّزُوا لِلْعَبْدِ الْعَمَلَ بِالْمَعْصِیَةِ وَ اسْتِعْمَالَ سُنَّةِ الشَّیْطَانِ فِی دِینِ اللَّهِ وَ لَا عَالِمَ أَكْبَرُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ فَلِمَ تُجَوِّزُونَ لِلْعَبْدِ الْجَمْعَ بَیْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ مِنَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ وَ لَا تُجَوِّزُونَ لَهُ الْجَمْعَ بَیْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَ فِی تَجْوِیزِ ذَلِكَ تَعْطِیلُ الْكِتَابِ وَ هَدْمُ السُّنَّةِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ مَنْ یَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ مَا تَقُولُ یَا أَبَا حَنِیفَةَ فِی رَجُلٍ قَالَ إِنَّهُ طَالِقٌ امْرَأَتَهُ عَلَی سُنَّةِ الشَّیْطَانِ أَ یَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَ عَصَی رَبَّهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَهُوَ كَمَا قُلْنَا إِذَا خَالَفَ سُنَّةَ اللَّهِ عَمِلَ بِسُنَّةِ الشَّیْطَانِ وَ مَنْ أَمْضَی بِسُنَّتِهِ فَهُوَ عَلَی مِلَّتِهِ لَیْسَ لَهُ فِی دِینِ اللَّهِ نَصِیبٌ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ لَكُمْ فِی الطَّلَاقِ أَنَاةً فَاسْتَعْجَلْتُمُوهُ وَ أَجَزْنَا لَكُمْ مَا اسْتَعْجَلْتُمُوهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنَّ عُمَرَ كَانَ لَا یَعْرِفُ أَحْكَامَ الدِّینِ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مَا أَقُولُ فِیهِ مَا تُنْكِرُهُ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لَا یُصَلِّی الْجُنُبُ حَتَّی یَجِدَ الْمَاءَ وَ لَوْ سَنَةً وَ الْأُمَّةُ عَلَی خِلَافِ ذَلِكَ وَ أَتَاهُ أَبُو كیف
ص: 230
الْعَائِذِیُّ (1)فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی غِبْتُ فَقَدِمْتُ وَ قَدْ تَزَوَّجَتِ امْرَأَتِی فَقَالَ إِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَأَنْتَ أَوْلَی بِهَا وَ هَذَا حُكْمٌ لَا یُعْرَفُ وَ الْأُمَّةُ عَلَی خِلَافِهِ وَ قَضَی فِی رَجُلٍ غَابَ عَنْ أَهْلِهِ أَرْبَعَ سِنِینَ أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ إِنْ شَاءَتْ وَ الْأُمَّةُ عَلَی خِلَافِ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ أَبَداً حَتَّی تَقُومَ الْبَیِّنَةُ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا وَ أَنَّهُ قَتَلَ سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَ قَالَ لَوْ لَا مَا عَلَیْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ وَ الْأُمَّةُ عَلَی خِلَافِهِ وَ أُتِیَ بِامْرَأَةٍ حُبْلَی شَهِدُوا عَلَیْهَا بِالْفَاحِشَةِ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كَانَ لَكَ السَّبِیلُ عَلَیْهَا فَمَا سَبِیلُكَ عَلَی مَا فِی بَطْنِهَا فَقَالَ لَوْ لَا عَلِیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ وَ أُتِیَ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ رُفِعَ عَنْهَا حَتَّی تَصِحَّ فَقَالَ لَوْ لَا عَلِیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ وَ إِنَّهُ لَمْ یَدْرِ الْكَلَالَةَ فَسَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْهَا فَأَخْبَرَهُ بِهَا فَلَمْ یَفْهَمْ عَنْهُ فَسَأَلَ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِیَّ عَنِ الْكَلَالَةِ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ لَهَا أَبُوكِ أَمَرَكِ بِهَذَا قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ لَهَا إِنَّ أَبَاكِ لَا یَفْهَمُهَا حَتَّی یَمُوتَ فَمَنْ لَمْ یَعْرِفِ الْكَلَالَةَ كَیْفَ یَعْرِفُ أَحْكَامَ الدِّینِ (2).
«2»- أقول قال السید رضی اللّٰه عنه فی كتاب الفصول، أخبرنی الشیخ أدام اللّٰه عزه مرسلا قال مر الفضال بن الحسن بن فضال الكوفی (3)بأبی حنیفة و هو فی جمع كثیر یملی علیهم شیئا من فقهه و حدیثه فقال لصاحب كان معه و اللّٰه لا أبرح أو أخجلَ أبا حنیفة قال صاحبه إن أبا حنیفة ممن قد علت حاله (4)و ظهرت حجته قال مه هل رأیت حجة كافر علت علی مؤمن ثم دنا منه فسلم علیه فرد و رد القوم السلام بأجمعهم فقال یا أبا حنیفة رحمك اللّٰه إن لی أخا یقول إن خیر الناس بعد رسول اللّٰه ص
ص: 231
علی بن أبی طالب علیهما السلام و أنا أقول إن أبا بكر خیر الناس و بعده عمر (1)فما تقول أنت رحمك اللّٰه فأطرق ملیا ثم رفع رأسه فقال كفی بمكانهما من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كرما و فخرا أ ما علمت أنهما ضجیعاه فی قبره فأی حجة أوضح لك من هذه فقال له فضال إنی قد قلت ذلك لأخی فقال و اللّٰه لئن كان الموضع لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله دونهما فقد ظلما بدفنهما فی موضع لیس لهما فیه حق و إن كان الموضع لهم فوهباه لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقد أساءا و ما أحسنا إذ رجعا فی هبتهما و نكثا عهدهما فأطرق أبو حنیفة ساعة ثم قال له لم یكن له و لا لهما خاصة و لكنهما نظرا فی حق عائشة و حفصة فاستحقا الدفن فی ذلك الموضع بحقوق ابنتیهما فقال له فضال قد قلت له ذلك فقال أنت تعلم أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مات عن تسع حشایا و نظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن ثم نظرنا فی تسع الثمن فإذا هو شبر فی شبر فكیف یستحق الرجلان أكثر من ذلك و بعد فما بال حفصة و عائشة ترثان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و فاطمة بنته تمنع المیراث فقال أبو حنیفة یا قوم نحوه عنی فإنه و اللّٰه رافضی خبیث (2)- 3- و مما حكی الشیخ رحمه اللّٰه قال قال الحارث بن عبد اللّٰه الربعی (3)كنت جالسا فی مجلس المنصور و هو بالجسر الأكبر و سوار القاضی عنده (4)و السید الحمیری ینشده:
إن الإله الذی لا شی ء یشبهه ***آتاكم الملك للدنیا و للدین
آتاكم اللّٰه ملكا لا زوال له ***حتی یقاد إلیكم صاحب الصین
و صاحب الهند مأخوذ برمته*** و صاحب الترك محبوس علی هون
حتی أتی علی القصیدة و المنصور مسرور فقال سوار إن هذا و اللّٰه یا أمیر المؤمنین
ص: 232
یعطیك بلسانه ما لیس فی قلبه و اللّٰه إن القوم الذین یدین بحبهم لغیركم و إنه لینطوی علی عداوتكم فقال السید و اللّٰه إنه لكاذب و إننی فی مدحتك لصادق و إنه حمله الحسد إذ رآك علی هذه الحال و إن انقطاعی إلیكم و مودتی لكم أهل البیت لمعرق فیها من أبوی و إن هذا و قومه لأعداؤكم فی الجاهلیة و الإسلام و قد أنزل اللّٰه عز و جل علی نبیه علیه الصلاة و السلام فی أهل بیت هذا إِنَّ الَّذِینَ یُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ فقال المنصور صدقت فقال سوار یا أمیر المؤمنین إنه یقول بالرجعة و یتناول الشیخین بالسب و الوقیعة فیهما فقال السید أما قوله إنی أقول بالرجعة فإنی أقول بذلك علی ما قال اللّٰه تعالی وَ یَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ یُكَذِّبُ بِآیاتِنا فَهُمْ یُوزَعُونَ و قد قال فی موضع آخر وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً فعلمنا أن هاهنا حشرین أحدهما عام و الآخر خاص و قال سبحانه رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلی خُرُوجٍ مِنْ سَبِیلٍ و قال تعالی فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ و قال تعالی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ فهذا كتاب اللّٰه تعالی و قد قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یحشر المتكبرون فی صور الذر یوم القیامة و قال صلی اللّٰه علیه و آله لم یجر فی بنی إسرائیل شی ء إلا و یكون فی أمتی مثله حتی الخسف و المسخ و القذف و قال حذیفة و اللّٰه ما أبعد أن یمسخ اللّٰه عز و جل كثیرا من هذه الأمة قردة و خنازیر فالرجعة التی أذهب إلیها ما نطق به القرآن (1)و جاءت به السنة و إنی لأعتقد أن اللّٰه عز و جل یرد هذا یعنی سوارا إلی الدنیا كلبا أو قردا أو خنزیرا أو ذرة فإنه و اللّٰه متجبر متكبر كافر قال فضحك المنصور و أنشأ السید یقول
جاثیت سوارا أبا شملة (2)عند الإمام الحاكم العادل
فقال قولا خطلا كله (3)عند الوری الحافی و الناعل
ص: 233
ما ذب عما قلت من وصمة*** فی أهله بل لج فی الباطل
و بان للمنصور صدقی كما*** قد بان كذب الأنوك الجاهل (1)
یبغض ذا العرش و من یصطفی*** من رسله بالنیر الفاضل
و یشنأ الحبر الجواد الذی*** فضل بالفضل علی الفاضل
و یعتدی بالحكم فی معشر*** أدوا حقوق الرسل للراسل
فبین اللّٰه تزاویقه*** فصار مثل الهائم الهامل (2)
فقال المنصور كف عنه فقال السید یا أمیر المؤمنین البادئ أظلم یكف عنی حتی أكف عنه فقال المنصور لسوار قد تكلم بكلام فیه نصفة كف عنه حتی لا یهجوك (3).
«1»- ید، التوحید أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ جَاثَلِیقٍ مِنْ جَثَالِقَةِ النَّصَارَی یُقَالُ لَهُ بُرَیْهَةُ قَدْ مَكَثَ جَاثَلِیقٌ فِی النَّصْرَانِیَّةِ سَبْعِینَ سَنَةً فَكَانَ یَطْلُبُ الْإِسْلَامَ وَ یَطْلُبُ مَنْ یَحُجُّ عَلَیْهِ مِمَّنْ یَقْرَأُ كُتُبَهُ وَ یَعْرِفُ الْمَسِیحَ بِصِفَاتِهِ وَ دَلَائِلِهِ وَ آیَاتِهِ قَالَ وَ عُرِفَ بِذَلِكَ حَتَّی اشْتَهَرَ فِی النَّصَارَی وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْیَهُودِ وَ الْمَجُوسِ حَتَّی افْتَخَرَتْ بِهِ النَّصَارَی وَ قَالَتْ لَوْ لَمْ یَكُنْ فِی دِینِ النَّصْرَانِیَّةِ (4)إِلَّا بُرَیْهَةُ لَأَجْزَأَنَا وَ كَانَ طَالِباً لِلْحَقِّ وَ الْإِسْلَامِ مَعَ ذَلِكَ وَ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَةٌ تَخْدُمُهُ طَالَ
ص: 234
مَكْثُهَا مَعَهُ وَ كَان یُسِرُّ إِلَیْهَا ضَعْفَ النَّصْرَانِیَّةِ وَ ضَعْفَ حُجَّتِهَا قَالَ فَعَرَفَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فَضَرَبَ بُرَیْهَةُ الْأَمْرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ (1)وَ أَقْبَلَ یَسْأَلُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ (2)وَ عَنْ صُلَحَائِهِمْ وَ عُلَمَائِهِمْ وَ أَهْلِ الْحِجَی مِنْهُمْ وَ كَانَ یَسْتَقْرِئُ فِرْقَةً فِرْقَةً لَا یَجِدُ عِنْدَ الْقَوْمِ شَیْئاً وَ قَالَ لَوْ كَانَتْ أَئِمَّتُكُمْ أَئِمَّةً عَلَی الْحَقِّ لَكَانَ عِنْدَكُمْ بَعْضُ الْحَقِّ فَوُصِفَ لَهُ الشِّیعَةُ وَ وُصِفَ لَهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَالَ یُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لِی هِشَامٌ بَیْنَمَا أَنَا عَلَی دُكَّانِی عَلَی بَابِ الْكَرْخِ جَالِسٌ وَ عِنْدِی قَوْمٌ یَقْرَءُونَ عَلَیَّ الْقُرْآنَ فَإِذَا أَنَا بِفَوْجِ النَّصَارَی مَعَهُ مَا بَیْنَ الْقِسِّیسِینَ إِلَی غَیْرِهِمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ عَلَیْهِمُ السَّوَادُ وَ الْبَرَانِسُ وَ الْجَاثَلِیقُ الْأَكْبَرُ فِیهِمْ بُرَیْهَةُ حَتَّی نَزَلُوا (3)حَوْلَ دُكَّانِی وَ جُعِلَ لِبُرَیْهَةَ كُرْسِیٌّ یَجْلِسُ عَلَیْهِ فَقَامَتِ الْأَسَاقِفَةُ وَ الرَّهَابِنَةُ عَلَی عِصِیِّهِمْ وَ عَلَی رُءُوسِهِمْ بَرَانِسُهُمْ فَقَالَ بُرَیْهَةُ مَا بَقِیَ فِی الْمُسْلِمِینَ أَحَدٌ مِمَّنْ یُذْكَرُ بِالْعِلْمِ بِالْكَلَامِ إِلَّا وَ قَدْ نَاظَرْتُهُ فِی النَّصْرَانِیَّةِ فَمَا عِنْدَهُمْ شَیْ ءٌ فَقَدْ جِئْتُ أُنَاظِرُكَ فِی الْإِسْلَامِ قَالَ فَضَحِكَ هِشَامٌ فَقَالَ یَا بُرَیْهَةُ إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ مِنِّی آیَاتٍ كَآیَاتِ الْمَسِیحِ فَلَیْسَ أَنَا بِالْمَسِیحِ وَ لَا مِثْلِهِ وَ لَا أُدَانِیهِ ذَاكَ رُوحٌ طَیِّبَةٌ خَمِیصَةٌ مُرْتَفِعَةٌ آیَاتُهُ ظَاهِرَةٌ وَ عَلَامَاتُهُ قَائِمَةٌ فَقَالَ بُرَیْهَةُ فَأَعْجَبَنِی الْكَلَامُ وَ الْوَصْفُ قَالَ هِشَامٌ إِنْ أَرَدْتَ الْحِجَاجَ فَهَاهُنَا (4)قَالَ بُرَیْهَةُ نَعَمْ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ مَا نِسْبَةُ نَبِیِّكُمْ هَذَا مِنَ الْمَسِیحِ نِسْبَةَ الْأَبْدَانِ قَالَ هِشَامٌ ابْنُ عَمِّ جَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ مِنْ وُلْدِ إِسْحَاقَ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ قَالَ بُرَیْهَةُ وَ كَیْفَ تَنْسُبُهُ إِلَی أَبِیهِ قَالَ هِشَامٌ إِنْ أَرَدْتَ نِسْبَتَهُ عِنْدَكُمْ فَأَخْبَرْتُكُمْ (5)وَ إِنْ أَرَدْتَ نِسْبَتَهُ عِنْدَنَا أَخْبَرْتُكَ قَالَ بُرَیْهَةُ أُرِیدُ نِسْبَتَهُ عِنْدَنَا وَ
ص: 235
ظَنَنْتُ أَنَّهُ إِذَا نَسَبَهُ نِسْبَتَنَا أَغْلِبُهُ قُلْتُ فَانْسُبْهُ بِالنِّسْبَةِ الَّتِی نَنْسُبُهُ بِهَا قَالَ هِشَامٌ نَعَمْ یَقُولُونَ إِنَّهُ قَدِیمٌ مِنْ قَدِیمٍ فَأَیُّهُمَا الْأَبُ وَ أَیُّهُمَا الِابْنُ قَالَ بُرَیْهَةُ الَّذِی نَزَلَ إِلَی الْأَرْضِ الِابْنُ (1)قَالَ بُرَیْهَةُ الِابْنُ رَسُولُ الْأَبِ قَالَ هِشَامٌ إِنَّ الْأَبَ أَحْكَمُ مِنَ الِابْنِ لِأَنَّ الْخَلْقَ خَلْقُ الْأَبِ (2)قَالَ بُرَیْهَةُ إِنَّ الْخَلْقَ خَلْقُ الْأَبِ وَ خَلْقُ الِابْنِ قَالَ هِشَامٌ مَا مَنَعَهُمَا أَنْ یَنْزِلَا جَمِیعاً كَمَا خَلَقَا إذ (إِذَا) اشْتَرَكَا قَالَ بُرَیْهَةُ كَیْفَ یَشْتَرِكَانِ وَ هُمَا شَیْ ءٌ وَاحِدٌ إِنَّمَا یَفْتَرِقَانِ بِالاسْمِ قَالَ هِشَامٌ إِنَّمَا یَجْتَمِعَانِ بِالاسْمِ قَالَ بُرَیْهَةُ جَهْلٌ هَذَا الْكَلَامُ قَالَ هِشَامٌ عُرْفٌ هَذَا الْكَلَامُ قَالَ بُرَیْهَةُ إِنَّ الِابْنَ مُتَّصِلٌ بِالْأَبِ قَالَ هِشَامٌ إِنَّ الِابْنَ مُنْفَصِلٌ مِنَ الْأَبِ قَالَ بُرَیْهَةُ هَذَا خِلَافُ مَا یَعْقِلُهُ النَّاسُ قَالَ هِشَامٌ إِنْ كَانَ مَا یَعْقِلُهُ النَّاسُ شَاهِداً لَنَا وَ عَلَیْنَا (3)فَقَدْ غَلَبْتُكَ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ وَ لَمْ یَكُنِ الِابْنُ (4)فَتَقُولُ هَكَذَا یَا بُرَیْهَةُ قَالَ لَا مَا أَقُولُ هَكَذَا قَالَ فَلِمَ اسْتَشْهَدْتَ قَوْماً لَا تَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ لِنَفْسِكَ قَالَ بُرَیْهَةُ إِنَّ الْأَبَ اسْمٌ وَ الِابْنَ اسْمٌ بِقُدْرَةِ الْقَدِیمِ (5)قَالَ هِشَامٌ الِاسْمَانِ قَدِیمَانِ كَقِدَمِ الْأَبِ وَ الِابْنِ قَالَ بُرَیْهَةُ لَا وَ لَكِنَّ الْأَسْمَاءَ مُحْدَثَةٌ قَالَ فَقَدْ جَعَلْتَ الْأَبَ ابْناً وَ الِابْنَ أَباً إِنْ كَانَ الِابْنُ أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ دُونَ الْأَبِ فَهُوَ الْأَبُ وَ إِنْ كَانَ الْأَبُ أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ فَهُوَ الِابْنُ وَ الِابْنُ أَبٌ (6)وَ لَیْسَ هَاهُنَا ابْنٌ قَالَ بُرَیْهَةُ إِنَّ الِابْنَ اسْمٌ لِلرُّوحِ حِینَ نَزَلَتْ إِلَی الْأَرْضِ قَالَ هِشَامٌ فَحِینَ لَمْ تَنْزِلْ إِلَی الْأَرْضِ فَاسْمُهَا مَا هُوَ قَالَ بُرَیْهَةُ فَاسْمُهَا ابْنٌ نَزَلَتْ أَوْ لَمْ تَنْزِلْ قَالَ هِشَامٌ فَقَبْلَ النُّزُولِ هَذِهِ الرُّوحُ اسْمُهَا كُلُّهَا وَاحِدَةٌ أَوْ اسْمُهَا اثْنَانِ قَالَ بُرَیْهَةُ هِیَ كُلُّهَا وَاحِدَةٌ رُوحٌ وَاحِدَةٌ قَالَ رَضِیتَ أَنْ تَجْعَلَ بَعْضَهَا ابْناً وَ بَعْضَهَا أَباً قَالَ بُرَیْهَةُ لَا لِأَنَّ اسْمَ الْأَبِ وَ اسْمَ الِابْنِ وَاحِدٌ قَالَ هِشَامٌ فَالابْنُ أَبُو الْأَبِ وَ الْأَبُ أَبُو الِابْنِ فَالْأَبُ وَ الِابْنُ وَاحِدٌ قَالَ الْأَسَاقِفَةُ بِلِسَانِهَا لِبُرَیْهَةَ مَا مَرَّ بِكَ مِثْلُ ذَا قَطُّ تَقُومُ فَتَحَیَّرَ
ص: 236
بُرَیْهَةُ وَ ذَهَبَ یَقُومُ (1)فَتَعَلَّقَ بِهِ هِشَامٌ قَالَ مَا یَمْنَعُكَ مِنَ الْإِسْلَامِ أَ فِی قَلْبِكَ حَزَازَةٌ فَقُلْهَا وَ إِلَّا سَأَلْتُكَ عَنِ النَّصْرَانِیَّةِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً تَبِیتُ عَلَیْهَا لَیْلَتَكَ (2)هَذِهِ فَتُصْبِحُ وَ لَیْسَتْ لَكَ هِمَّةٌ غَیْرِی قَالَتِ الْأَسَاقِفَةُ لَا تُرِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَعَلَّهَا تُشْكِلُ قَالَ بُرَیْهَةُ قُلْهَا یَا أَبَا الْحَكَمِ قَالَ هِشَامٌ أَ فَرَأَیْتَكَ الِابْنُ یَعْلَمُ مَا عِنْدَ الْأَبِ قَالَ نَعَمْ (3)قَالَ أَ فَرَأَیْتَكَ الْأَبُ یَعْلَمُ كُلَّ مَا عِنْدَ الِابْنِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ فَرَأَیْتَكَ تُخْبِرُ عَنِ الِابْنِ أَ یَقْدِرُ عَلَی كُلِّ مَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ الْأَبُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ فَرَأَیْتَكَ عَنِ الْأَبِ أَ یَقْدِرُ عَلَی كُلِّ مَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ الِابْنُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَیْفَ یَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ابْنَ صَاحِبِهِ وَ هُمَا مُتَسَاوِیَانِ وَ كَیْفَ یَظْلِمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ قَالَ بُرَیْهَةُ لَیْسَ مِنْهُمَا ظُلْمٌ (4)قَالَ هِشَامٌ مِنَ الْحَقِّ بَیْنَهُمَا أَنْ یَكُونَ الِابْنُ أَبَ الْأَبِ وَ الْأَبُ ابْنَ الِابْنِ بِتْ عَلَیْهَا یَا بُرَیْهَةُ وَ افْتَرَقَ النَّصَارَی وَ هُمْ یَتَمَنَّوْنَ أَنْ لَا یَكُونُوا رَأَوْا هِشَاماً وَ لَا أَصْحَابَهُ قَالَ فَرَجَعَ بُرَیْهَةُ مُغْتَمّاً مُهْتَمّاً حَتَّی صَارَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ الَّتِی تَخْدُمُهُ مَا لِی أَرَاكَ مُهْتَمّاً مُغْتَمّاً فَحَكَی لَهَا الْكَلَامَ الَّذِی كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ هِشَامٍ فَقَالَتْ لِبُرَیْهَةَ وَیْحَكَ أَ تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ عَلَی حَقٍّ أَوْ عَلَی بَاطِلٍ قَالَ بُرَیْهَةُ بَلْ عَلَی الْحَقِّ فَقَالَتْ لَهُ أَیْنَمَا وَجَدْتَ الْحَقَّ فَمِلْ إِلَیْهِ وَ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ فَإِنَّ اللَّجَاجَةَ شَكٌّ وَ الشَّكُّ شُؤْمٌ وَ أَهْلُهُ فِی النَّارِ قَالَ فَصَوَّبَ قَوْلَهَا وَ عَزَمَ عَلَی الْغُدُوِّ عَلَی هِشَامٍ قَالَ فَغَدَا إِلَیْهِ (5)وَ لَیْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ یَا هِشَامُ أَ لَكَ مَنْ تَصْدُرُ عَنْ رَأْیِهِ فَتَرْجِعُ إِلَی قَوْلِهِ وَ تَدِینُ بِطَاعَتِهِ قَالَ هِشَامٌ نَعَمْ یَا بُرَیْهَةُ قَالَ وَ مَا صِفَتُهُ قَالَ هِشَامٌ فِی نَسَبِهِ أَوْ دِینِهِ قَالَ فِیهِمَا جَمِیعاً صِفَةِ نَسَبِهِ وَ صِفَةِ دِینِهِ قَالَ هِشَامٌ أَمَّا النَّسَبُ خَیْرُ الْأَنْسَابِ رَأْسُ الْعَرَبِ
ص: 237
وَ صَفْوَةُ قُرَیْشٍ وَ فَاضِلُ بَنِی هَاشِمٍ كُلُّ مَنْ نَازَعَهُ فِی نَسَبِهِ وَجَدَهُ أَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّ قُرَیْشاً أَفْضَلُ الْعَرَبِ وَ بَنُو هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَیْشٍ وَ أَفْضَلُ بَنِی هَاشِمٍ خَاصُّهُمْ وَ دَیِّنُهُمْ (1)وَ سَیِّدُهُمْ وَ كَذَلِكَ وَلَدُ السَّیِّدِ أَفْضَلُ مِنْ وَلَدِ غَیْرِهِ وَ هَذَا مِنْ وُلْدِ السَّیِّدِ قَالَ فَصِفْ دِینَهُ قَالَ هِشَامٌ شَرَائِعَهُ أَوْ صِفَةَ بَدَنِهِ وَ طَهَارَتِهِ قَالَ صِفَةَ بَدَنِهِ وَ طَهَارَتِهِ قَالَ هِشَامٌ مَعْصُومٌ فَلَا یَعْصِی وَ سَخِیٌّ فَلَا یَبْخَلُ وَ شُجَاعٌ فَلَا یَجْبُنُ وَ مَا اسْتُودِعَ مِنَ الْعِلْمِ فَلَا یَجْهَلُ حَافِظٌ لِلدِّینِ قَائِمٌ بِمَا فُرِضَ عَلَیْهِ مِنْ عِتْرَةِ الْأَنْبِیَاءِ وَ جَامِعُ عِلْمِ الْأَنْبِیَاءِ یَحْلُمُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ یُنْصِفُ عِنْدَ الظُّلْمِ وَ یُعِینُ عِنْدَ الرِّضَا وَ یُنْصِفُ مِنَ الْعَدُوِّ وَ الْوَلِیِّ وَ لَا یَسْأَلُكَ شَطَطاً (2)فِی عَدُوِّهِ وَ لَا یَمْنَعُ إِفَادَةَ وَلِیِّهِ یَعْمَلُ بِالْكِتَابِ وَ یُحَدِّثُ بِالْأُعْجُوبَاتِ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَاتِ یَحْكِی قَوْلَ الْأَئِمَّةِ الْأَصْفِیَاءِ لَمْ یُنْقَضْ لَهُ حُجَّةٌ وَ لَمْ یجعل (یَجْهَلْ) مَسْأَلَةً یُفْتِی فِی كُلِّ سَنَةٍ وَ یَجْلُو كُلَّ مُدْلَهِمَّةٍ (3)قَالَ بُرَیْهَةُ وَصَفْتَ الْمَسِیحَ فِی صِفَاتِهِ وَ أَثْبَتَّهُ بِحُجَجِهِ وَ آیَاتِهِ إِلَّا أَنَّ الشَّخْصَ بَائِنٌ عَنْ شَخْصِهِ وَ الْوَصْفَ قَائِمٌ بِوَصْفِهِ (4)فَإِنْ یَصْدُقِ الْوَصْفُ نُؤْمِنُ بِالشَّخْصِ قَالَ هِشَامٌ إِنْ تُؤْمِنْ تَرْشُدْ وَ إِنْ تَتَّبِعِ الْحَقَّ لَا تُؤَنَّبْ ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ یَا بُرَیْهَةُ مَا مِنْ حُجَّةٍ أَقَامَهَا اللَّهُ عَلَی أَوَّلِ خَلْقِهِ إِلَّا أَقَامَهَا فِی وَسَطِ خَلْقِهِ وَ آخِرِ خَلْقِهِ فَلَا تَبْطُلُ الْحُجَجُ وَ لَا تَذْهَبُ الْمِلَلُ وَ لَا تَذْهَبُ السُّنَنُ قَالَ بُرَیْهَةُ مَا أَشْبَهَ هَذَا بِالْحَقِّ وَ أَقْرَبَهُ بِالصِّدْقِ هَذِهِ صِفَةُ الْحُكَمَاءِ یُقِیمُونَ مِنَ الْحُجَّةِ مَا یَنْفُونَ بِهِ الشُّبْهَةَ قَالَ هِشَامٌ نَعَمْ فَارْتَحَلَا حَتَّی أَتَیَا الْمَدِینَةَ وَ الْمَرْأَةُ مَعَهُمَا وَ هُمَا یُرِیدَانِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَقِیَا مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام فَحَكَی لَهُ هِشَامٌ الْحِكَایَةَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام یَا بُرَیْهَةُ كَیْفَ عِلْمُكَ بِكِتَابِكَ قَالَ أَنَا بِهِ عَالِمٌ قَالَ كَیْفَ ثِقَتُكَ بِتَأْوِیلِهِ قَالَ مَا أَوْثَقَنِی بِعِلْمِی بِهِ قَالَ فَابْتَدَأَ مُوسَی علیه السلام یَقْرَأُ الْإِنْجِیلَ (5)قَالَ بُرَیْهَةُ وَ الْمَسِیحُ لَقَدْ كَانَ یَقْرَؤُهَا هَكَذَا وَ مَا قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ إِلَّا الْمَسِیحُ قَالَ بُرَیْهَةُ
ص: 238
إِیَّاكَ كُنْتُ أَطْلُبُ مُنْذُ خَمْسِینَ سَنَةً أَوْ مِثْلَكَ قَالَ فَآمَنَ وَ حَسُنَ إِیمَانُهُ وَ آمَنَتِ الْمَرْأَةُ وَ حَسُنَ إِیمَانُهَا قَالَ فَدَخَلَ هِشَامٌ وَ بُرَیْهَةُ وَ الْمَرْأَةُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَحَكَی هِشَامٌ الْحِكَایَةَ وَ الْكَلَامَ الَّذِی جَرَی بَیْنَ مُوسَی علیه السلام وَ بُرَیْهَةَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ قَالَ بُرَیْهَةُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنَّی لَكُمُ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ كُتُبُ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ هِیَ عِنْدَنَا وِرَاثَةٌ مِنْ عِنْدِهِمْ نَقْرَؤُهَا كَمَا قَرَءُوهَا وَ نَقُولُهَا كَمَا قَالُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَا یَجْعَلُ حُجَّةً فِی أَرْضِهِ یُسْأَلُ عَنْ شَیْ ءٍ فَیَقُولُ لَا أَدْرِی فَلَزِمَ بُرَیْهَةُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَتَّی مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ لَزِمَ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام حَتَّی مَاتَ فِی زَمَانِهِ فَغَسَّلَهُ وَ كَفَّنَهُ بِیَدِهِ (1)وَ قَالَ هَذَا حَوَارِیٌّ مِنْ حَوَارِیِّ الْمَسِیحِ یَعْرِفُ حَقَّ اللَّهِ عَلَیْهِ فَتَمَنَّی أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنْ یَكُونُوا مِثْلَهُ (2).
بیان: قال الفیروزآبادی الجاثلیق بفتح الثاء المثلثة رئیس للنصاری فی بلاد الإسلام بمدینة السلام و یكون تحت ید بطریق أنطاكیة ثم المطران تحت یده ثم الأسقف یكون فی كل بلد من تحت المطران ثم القسیس ثم الشماس.
قوله خمیصة أی جائعة نسب الجوع إلی الروح مجازا و المراد أنه كان مرتاضا لله أو كنایة عن الخفاء أی مخفیة كیفیة حدوثها عن الخلق و قیل ساكنة مطمئنة من خمص الجرح إذا سكن ورمه.
قوله إن أردت الحجاج فهاهنا فی بعض النسخ فها هین فكلمة ها للإجابة و هین خبر مبتدإ محذوف أی هو عندنا هین یسیر.
قوله إنما یجتمعان بالاسم أی العقل یحكم بمغایرة الشخصین و استحالة اتحادهما و إنما اجتمعا حیث سمیتهما باسم واحد كالقدیم و الإله و الخالق و نحوها أو المعنی أنه لا یعقل اتحادهما إلا باتحاد اسمهما و اختلاف الاسم دلیل علی تغایر
ص: 239
المسمیات و الأول أوجه فقال بریهة هذا الكلام مجهول غیر معقول قال هشام بل هو معروف عند العقلاء موجه فقال إن الابن متصل بالأب أی متحد معه فقال بل الابن یكون جزء من الأب منفصلا منه فكیف یجوز اتحاده به.
قوله هذا خلاف ما یعقله الناس لعله بنی الكلام علی المغالطة فإن الناس یقولون إن الابن متصل بالأب غیر منفصل عنه أی هو متحد معه فی الحقیقة مرتبط به یشتركان فی الأحوال غالبا فحمله علی الواحدة الحقیقیة فغیر هشام الكلام إلی ما لا یحتمل المغالطة (1)فقال لو كان شهادة الناس حجة فهم یحكمون بأن الأب متقدم وجوده زمانا علی وجود الابن فلم لا تقول به.
قوله بقدرة القدیم أی حصل هذان الاسمان بقدرة القدیم فسأله هشام عن قدم الاسمین فقال لا بل هما محدثان فاستدل هشام علی بطلان الاتحاد بمنبهات فسأله عن محدث الأسماء ثم قال إن قلت إن المحدث هو الابن دون الأب فالحكم بالاتحاد یقتضی أن یكون الأب أیضا محدثا و هو خلاف الفرض و كذا العكس فأراد التفصی عن ذلك فقال الروح لما نزلت إلی الأرض سمیت بالابن ثم ندم عن ذلك و رجع و قال قبل النزول أیضا كانت ابنا.
و یحتمل أن یكون مراده أنها من حیث النزول و الاتصال بالبدن سمیت ابنا فسبب التسمیة حادث و التسمیة قدیم فسأله هشام هل كان قبل النزول شیئان لهما اسمان فقال لا بل كانت روح واحدة و لما كان كلامه متهافتا متناقضا وجهه هشام بأنه یكون بعضه مسمی بالابن و بعضه مسمی بالأب فلم یرض بذلك فحكم باتحاد الاسمین أیضا كاتحاد المسمیین و یحتمل أن یكون مراده بالاسم هاهنا المسمی فقال هشام الابن أمر إضافی لا بد له من أب و الحكم بالاتحاد یقتضی أن یكون الابن أبا للأب و الحال أن الأب لا بد أن یكون أبا لابن فكیف یكون الأب و الابن واحدا و لا یبعد أن یكون فی الأصل فالابن ابن الأب أی البنوة الإضافیة تقتضی
ص: 240
أبا و الأبوة تقتضی ابنا فكیف تحكم باتحادهما أو اتحاد الاسمین علی الاحتمال الأول مع تغایر المفهومین فقوله فالأب و الابن واحد استفهام علی الإنكار.
قوله و هما متساویان حاصل الكلام أن الحكم بأن أحدهما ابن و الآخر أب یقتضی فرقا بینهما حتی یحكم علی أحدهما بالأبوة التی هی أقوی و فیها جهة العلیة و علی الآخر بالبنوة التی هی أضعف و فیها جهة المعلولیة فإذا حكمت بأنهما متساویان من جمیع الجهات لا یتأتی هذا الحكم و أما الظلم فهو من حیث إن الأبوة شرافة و بحكم الاتحاد یتصف الابن بأبوة الأب و هذا ظلم للأب و كذا العكس و الحكم بالظلم من الطرفین أیضا مبنی علی الاتحاد و یحتمل أن یكون المراد غصب ما هو حق له سواء كان أشرف أم لا.
«2»- ف، تحف العقول مِنْ كَلَامِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام مَعَ الرَّشِیدِ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ ذَكَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَیْهِ دَخَلَ إِلَیْهِ وَ قَدْ عَمَدَ عَلَی الْقَبْضِ عَلَیْهِ لِأَشْیَاءَ كُذِبَتْ عَلَیْهِ عِنْدَهُ فَأَخْرَجَ طُومَاراً طَوِیلًا (1)فِیهِ مَذَاهِبُ وَ شُنْعَةٌ (2)نَسَبَهَا إِلَی شِیعَتِهِ فَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ مُنِینَا بِالتَّقَوُّلِ عَلَیْنَا (3)وَ رَبُّنَا غَفُورٌ سَتُورٌ أَبَی أَنْ یَكْشِفَ أَسْرَارَ عِبَادِهِ إِلَّا فِی وَقْتِ مُحَاسَبَتِهِ یَوْمَ لا یَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنِ النَّبِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ الرَّحِمُ إِذَا مَسَّتِ الرَّحِمَ اضْطَرَبَتْ ثُمَّ سَكَنَتْ فَإِنْ رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ تَمَسَّ رَحِمِی رَحِمَهُ وَ یُصَافِحَنِی فَعَلَ فَتَحَوَّلَ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ سَرِیرِهِ وَ مَدَّ یَمِینَهُ إِلَی مُوسَی فَأَخَذَهُ بِیَمِینِهِ ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ فَاعْتَنَقَهُ وَ أَقْعَدَهُ عَنْ یَمِینِهِ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَ أَبُوكَ صَادِقٌ وَ جَدُّكَ صَادِقٌ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَادِقٌ وَ لَقَدْ دَخَلْتَ وَ أَنَا أَشَدُّ النَّاسِ عَلَیْكَ حَنَقاً وَ غَضَباً لِمَا رُقِیَ إِلَیَّ فِیكَ (4)فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ بِمَا تَكَلَّمْتَ وَ صَافَحْتَنِی
ص: 241
سُرِّیَ عَنِّی (1)وَ تَحَوَّلَ غَضَبِی عَلَیْكَ رِضًا وَ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنِ الْعَبَّاسِ وَ عَلِیٍّ بِمَا صَارَ عَلِیٌّ أَوْلَی بِمِیرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْعَبَّاسِ وَ الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صِنْوُ أَبِیهِ (2)فَقَالَ لَهُ مُوسَی أَعْفِنِی قَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَعْفَیْتُكَ (3)فَأَجِبْنِی قَالَ فَإِنْ لَمْ تُعْفِنِی فَأَمِّنِّی قَالَ أَمَّنْتُكَ قَالَ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُوَرِّثْ مَنْ قَدَرَ عَلَی الْهِجْرَةِ فَلَمْ یُهَاجِرْ إِنَّ أَبَاكَ الْعَبَّاسَ آمَنَ وَ لَمْ یُهَاجِرْ وَ إِنَّ عَلِیّاً آمَنَ وَ هَاجَرَ وَ قَالَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا فَالْتَمَعَ لَوْنُ هَارُونَ وَ تَغَیَّرَ وَ قَالَ مَا لَكُمْ لَا تَنْسُبُونَ إِلَی عَلِیٍّ وَ هُوَ أَبُوكُمْ وَ تَنْسُبُونَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ جَدُّكُمْ فَقَالَ مُوسَی علیه السلام إِنَّ اللَّهَ نَسَبَ الْمَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ إِلَی خَلِیلِهِ إِبْرَاهِیمَ بِأُمِّهِ مَرْیَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ الَّتِی لَمْ یَمَسَّهَا بَشَرٌ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ وَ زَكَرِیَّا وَ یَحْیی وَ عِیسی وَ إِلْیاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِینَ فَنَسَبَهُ بِأُمِّهِ وَحْدَهَا إِلَی خَلِیلِهِ إِبْرَاهِیمَ كَمَا نَسَبَ دَاوُدَ وَ سُلَیْمَانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسَی وَ هَارُونَ بِآبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ فَضِیلَةً لِعِیسَی وَ مَنْزِلَةً رَفِیعَةً بِأُمِّهِ وَحْدَهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فِی قِصَّةِ مَرْیَمَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ بِالْمَسِیحِ مِنْ غَیْرِ بَشَرٍ وَ كَذَلِكَ اصْطَفَی رَبُّنَا فَاطِمَةَ علیها السلام وَ طَهَّرَهَا وَ فَضَّلَهَا عَلَی نِسَاءِ الْعَالَمِینَ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ وَ قَدِ اضْطَرَبَ وَ سَاءَهُ مَا سَمِعَ مِنْ أَیْنَ قُلْتُمْ الْإِنْسَانُ یَدْخُلُهُ الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ وَ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ لِحَالِ الْخُمُسِ الَّذِی لَمْ یَدْفَعْ إِلَی أَهْلِهِ فَقَالَ مُوسَی علیه السلام هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَا سَأَلَ عَنْهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَاطِینِ غَیْرُكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (4)وَ لَا تَیْمٌ وَ لَا عَدِیٌّ وَ لَا بَنُو أُمَیَّةَ وَ لَا سُئِلَ عَنْهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِی فَلَا تَكْشِفْنِی (5)عَنْهَا قَالَ فَإِنَّ الزَّنْدَقَةَ
ص: 242
قَدْ كَثُرَتْ فِی الْإِسْلَامِ وَ هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ الَّذِینَ یَرْفَعُونَ إِلَیْنَا فِی الْأَخْبَارِ (1)هُمُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَیْكُمْ فَمَا الزِّنْدِیقُ عِنْدَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ علیه السلام الزِّنْدِیقُ هُوَ الرَّادُّ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ هُمُ الَّذِینَ یُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَالَ اللَّهُ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِیرَتَهُمْ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ هُمُ الْمُلْحِدُونَ عَدَلُوا عَنِ التَّوْحِیدِ إِلَی الْإِلْحَادِ فَقَالَ هَارُونُ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ مَنْ أَلْحَدَ وَ تَزَنْدَقَ فَقَالَ مُوسَی علیه السلام أَوَّلُ مَنْ أَلْحَدَ وَ تَزَنْدَقَ فِی السَّمَاءِ إِبْلِیسُ اللَّعِینُ فَاسْتَكْبَرَ وَ افْتَخَرَ عَلَی صَفِیِّ اللَّهِ وَ نَجِیبِهِ آدَمَ فَقَالَ اللَّعِینُ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ فَعَتَا (2)عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وَ أَلْحَدَ فَتَوَارَثَ الْإِلْحَادَ ذُرِّیَّتُهُ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَقَالَ وَ لِإِبْلِیسَ ذُرِّیَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَی قَوْلِ اللَّهِ إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً لِأَنَّهُمْ یُضِلُّونَ ذُرِّیَّةَ آدَمَ بِزَخَارِفِهِمْ وَ كَذِبِهِمْ وَ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ أَیْ أَنَّهُمْ لَا یَقُولُونَ ذَلِكَ إِلَّا تَلْقِیناً وَ تَأْدِیباً وَ تَسْمِیَةً وَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ وَ إِنْ شَهِدَ كَانَ شَاكّاً حَاسِداً مُعَانِداً (3)وَ لِذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ (4)مَنْ جَهِلَ أَمْراً عَادَاهُ وَ مَنْ قَصَّرَ عَنْهُ عَابَهُ وَ أَلْحَدَ فِیهِ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ غَیْرُ عَالِمٍ وَ كَانَ لَهُ مَعَ أَبِی یُوسُفَ الْقَاضِی كَلَامٌ طَوِیلٌ لَیْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ ثُمَّ قَالَ الرَّشِیدُ بِحَقِّ آبَائِكَ لَمَّا اخْتَصَرْتَ كَلِمَاتٍ جَامِعَةً لِمَا تَجَارَیْنَاهُ فَقَالَ نَعَمْ وَ أُتِیَ بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ فَكَتَبَ
ص: 243
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ جَمِیعُ أُمُورِ الْأَدْیَانِ أَرْبَعَةٌ أَمْرٌ لَا اخْتِلَافَ فِیهِ وَ هُوَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَی الضَّرُورَةِ الَّتِی یُضْطَرُّونَ إِلَیْهَا الْأَخْبَارُ الْمُجْمَعُ عَلَیْهَا (1)وَ هِیَ الْغَایَةُ الْمَعْرُوضُ عَلَیْهَا كُلُّ شُبْهَةٍ وَ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْهَا كُلُّ حَادِثَةٍ وَ أَمْرٌ یَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَ الْإِنْكَارَ فَسَبِیلُهُ اسْتِیضَاحُ أَهْلِهِ لِمُنْتَحِلِیهِ بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مُجْمَعٍ عَلَی تَأْوِیلِهَا (2)وَ سُنَّةٍ مُجْمَعٍ عَلَیْهَا لَا اخْتِلَافَ فِیهَا أَوْ قِیَاسٌ تَعْرِفُ الْعُقُولُ عَدْلَهُ وَ یَسَعُ خَاصَّةَ الْأُمَّةِ (3)وَ عَامَّتَهَا الشَّكُّ فِیهِ وَ الْإِنْكَارُ لَهُ وَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ مِنْ أَمْرِ التَّوْحِیدِ فَمَا دُونَهُ وَ أَرْشِ الْخَدْشِ فَمَا فَوْقَهُ فَهَذَا الْمَعْرُوضُ الَّذِی یُعْرَضُ عَلَیْهِ أَمْرُ الدِّینِ فَمَا ثَبَتَ لَكَ بُرْهَانُهُ اصْطَفَیْتَهُ (4)وَ مَا غَمَضَ عَلَیْكَ صَوَابُهُ نَفَیْتَهُ فَمَنْ أَوْرَدَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ فَهِیَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ الَّتِی بَیَّنَهَا اللَّهُ فِی قَوْلِهِ لِنَبِیِّهِ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِینَ یَبْلُغُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ الْجَاهِلَ فَیَعْلَمُهَا بِجَهْلِهِ كَمَا یَعْلَمُهُ الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا یَجُورُ یَحْتَجُّ عَلَی خَلْقِهِ بِمَا یَعْلَمُونَ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی مَا یَعْرِفُونَ لَا إِلَی مَا یَجْهَلُونَ وَ یُنْكِرُونَ فَأَجَازَهُ الرَّشِیدُ وَ رَدَّهُ وَ الْخَبَرُ طَوِیلٌ (5).
أقول: سیأتی الخبر بإسناد آخر فی أبواب تأریخه علیه السلام بتغییر و اعلم أن عدم توریث من لم یهاجر غیر مشهور بین علمائنا و سیأتی القول فیه فی كتاب المیراث و قد مر شرح آخر الخبر فی كتاب العلم (6).
«3»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ قَوْماً مِنَ الْیَهُودِ قَالُوا لِلصَّادِقِ علیه السلام أَیُّ مُعْجِزٍ یَدُلُّ عَلَی نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ كِتَابُهُ الْمُهَیْمِنُ الْبَاهِرُ لِعُقُولِ النَّاظِرِینَ مَعَ مَا أُعْطِیَ مِنَ الْحَلَالِ
ص: 244
وَ الْحَرَامِ وَ غَیْرِهِمَا مِمَّا لَوْ ذَكَرْنَاهُ لَطَالَ شَرْحُهُ فَقَالَ الْیَهُودُ كَیْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هَذَا كَمَا وَصَفْتَ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام وَ هُوَ صَبِیٌّ وَ كَانَ حَاضِراً وَ كَیْفَ لَنَا بِأَنْ نَعْلَمَ مَا تَذْكُرُونَ مِنْ آیَاتِ مُوسَی أَنَّهَا عَلَی مَا تَصِفُونَ قَالُوا عَلِمْنَا ذَلِكَ بِنَقْلِ الصَّادِقِینَ قَالَ لَهُمْ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام فَاعْلَمُوا صِدْقَ مَا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ بِخَبَرِ طِفْلٍ لَقَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ غَیْرِ تَعْلِیمٍ وَ لَا مَعْرِفَةٍ عَنِ النَّاقِلِینَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الْهَادِیَةُ وَ الْحُجَجُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فَوَثَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام ثُمَّ قَالَ أَنْتَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِی فَلِهَذَا قَالَتِ الْوَاقِفَةُ إِنَّ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام حَیٌّ وَ إِنَّهُ الْقَائِمُ ثُمَّ كَسَاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ وَهَبَ لَهُمْ وَ انْصَرَفُوا مُسْلِمِینَ وَ لَا شُبْهَةَ فِی ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ إِمَامٍ یَكُونُ قَائِماً بَعْدَ أَبِیهِ فَأَمَّا الْقَائِمُ الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا فَهُوَ الْمَهْدِیُّ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ.
أقول: سیأتی احتجاجه علیه السلام علی الیهود فی بیان معجزات النبی صلی اللّٰه علیه و آله بطوله فی أبواب معجزاته صلی اللّٰه علیه و آله.
«4»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا بَنَی الْمَهْدِیُّ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَقِیَتْ دَارٌ فِی تَرْبِیعِ الْمَسْجِدِ فَطَلَبَهَا مِنْ أَرْبَابِهَا فَامْتَنَعُوا فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ الْفُقَهَاءَ فَكُلٌّ قَالَ لَهُ إِنَّهُ لَا یَنْبَغِی أَنْ تُدْخِلَ شَیْئاً فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غَصْباً فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ یَقْطِینٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كَتَبْتَ إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام لَأَخْبَرَكَ بِوَجْهِ الْأَمْرِ فِی ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَی وَالِی الْمَدِینَةِ أَنْ سَلْ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَنْ دَارٍ أَرَدْنَا أَنْ نُدْخِلَهَا فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَامْتَنَعَ عَلَیْنَا صَاحِبُهَا فَكَیْفَ الْمَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ لَا بُدَّ مِنَ الْجَوَابِ فِی هَذَا فَقَالَ لَهُ الْأَمْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَقَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِنْ كَانَتِ الْكَعْبَةُ هِیَ النَّازِلَةَ بِالنَّاسِ فَالنَّاسُ أَوْلَی بِبُنْیَانِهَا وَ إِنْ كَانَ النَّاسُ هُمُ النَّازِلُونَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَالْكَعْبَةُ أَوْلَی بِفِنَائِهَا فَلَمَّا أَتَی الْكِتَابُ الْمَهْدِیَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَدْمِ الدَّارِ فَأَتَی أَهْلُ الدَّارِ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام فَسَأَلُوهُ أَنْ یَكْتُبَ
ص: 245
لَهُمْ إِلَی الْمَهْدِیِّ كِتَاباً فِی ثَمَنِ دَارِهِمْ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَنِ ارْضَخْ لَهُمْ شَیْئاً فَأَرْضَاهُمْ (1).
بیان: الرضخ العطاء القلیل.
«5»- ف، تحف العقول قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ یَحْیَی كَتَبْتُ إِلَیْهِ فِی دُعَاءٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَی عِلْمِهِ فَكَتَبَ لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَی عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَیْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهًی وَ لَكِنْ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَی رِضَاهُ(2).
«6»- وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْجَوَادِ فَقَالَ إِنَّ لِكَلَامِكَ وَجْهَیْنِ فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِ فَإِنَّ الْجَوَادَ الَّذِی یُؤَدِّی مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ الْبَخِیلَ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْنِی الْخَالِقَ فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَی وَ هُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَاكَ أَعْطَاكَ مَا لَیْسَ لَكَ وَ إِنْ مَنَعَكَ مَنَعَكَ مَا لَیْسَ لَكَ (3)
«7»- وَ قَالَ لَهُ وَكِیلُهُ وَ اللَّهِ مَا خُنْتُكَ فَقَالَ لَهُ خِیَانَتُكَ وَ تَضْیِیعُكَ عَلَیَّ مَالِی سَوَاءٌ وَ الْخِیَانَةُ شَرُّهُمَا عَلَیْكَ (4)
«8»- وَ قَالَ علیه السلام مَنْ تَكَلَّمَ فِی اللَّهِ هَلَكَ وَ مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ وَ مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ (5)
«9»- وَ قَالَ: اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ الدُّنْیَا وَ الدِّینِ فَأَمَّا مَئُونَةُ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ لَا تَمُدُّ یَدَكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ فَاجِراً قَدْ سَبَقَكَ إِلَیْهِ وَ أَمَّا مَئُونَةُ الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَاناً یُعِینُونَكَ عَلَیْهِ (6)
«10»- وَ قَالَ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ فَتُّ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ وَ ثَلَاثٌ یَجْلِینَ الْبَصَرَ النَّظَرُ إِلَی الْخُضْرَةِ وَ النَّظَرُ إِلَی الْمَاءِ الْجَارِی وَ النَّظَرُ إِلَی الْوَجْهِ الْحَسَنِ (7)
«11»- وَ قَالَ علیه السلام إِذَا كَانَ الْجَوْرُ أَغْلَبَ مِنَ الْحَقِّ لَمْ یَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ یَظُنَّ بِأَحَدٍ خَیْراً حَتَّی یَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ (8)
«12»- وَ قَالَ علیه السلام لَیْسَ الْقُبْلَةُ عَلَی الْفَمِ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ وَ الْوَلَدِ الصَّغِیرِ (9)
ص: 246
«13»- وَ قَالَ علیه السلام تَفَقَّهُوا فِی دِینِ اللَّهِ فَإِنَّ الْفِقْهَ مِفْتَاحُ الْبَصِیرَةِ وَ تَمَامُ الْعِبَادَةِ وَ السَّبَبُ إِلَی الْمَنَازِلِ الرَّفِیعَةِ وَ الرُّتَبِ الْجَلِیلَةِ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا وَ فَضْلُ الْفَقِیهِ عَلَی الْعَابِدِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَی الْكَوَاكِبِ وَ مَنْ لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِهِ لَمْ یَرْضَ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا (1)
«14»- وَ قَالَ علیه السلام لِعَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ الْإِحْسَانُ إِلَی الْإِخْوَانِ (2)
«15»- وَ قَالَ علیه السلام إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَ عَلَیْكَ الشُّكْرُ وَ إِذَا كَانَ جَائِراً كَانَ عَلَیْهِ الْوِزْرُ وَ عَلَیْكَ الصَّبْرُ (3)
«16»- وَ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ حَجَجْتُ فِی أَیَّامِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام فَلَمَّا أَتَیْتُ الْمَدِینَةَ دَخَلْتُ دَارَهُ فَجَلَسْتُ فِی الدِّهْلِیزِ أَنْتَظِرُ إِذْنَهُ إِذْ خَرَجَ صَبِیٌّ یَدْرُجُ (4)فَقُلْتُ یَا غُلَامُ أَیْنَ یَضَعُ الْغَرِیبُ الْغَائِطَ مِنْ بَلَدِكُمْ قَالَ عَلَی رِسْلِكَ (5)ثُمَّ جَلَسَ مُسْتَنِداً إِلَی الْحَائِطِ ثُمَّ قَالَ تَوَقَّ شُطُوطَ الْأَنْهَارِ وَ مَسَاقِطَ الثِّمَارِ وَ أَفْنِیَةَ الْمَسَاجِدِ وَ قَارِعَةَ الطَّرِیقِ (6)وَ تَوَارَ خَلْفَ جِدَارٍ وَ شُلْ ثَوْبَكَ (7)وَ لَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا وَ ضَعْ حَیْثُ شِئْتَ فَأَعْجَبَنِی مَا سَمِعْتُ مِنَ الصَّبِیِّ فَقُلْتُ لَهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ أَنَا مُوسَی بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقُلْتُ لَهُ یَا غُلَامُ مِمَّنْ الْمَعْصِیَةُ فَقَالَ إِنَّ السَّیِّئَاتِ لَا تَخْلُو مِنْ إِحْدَی ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ اللَّهِ وَ لَیْسَتْ مِنْهُ فَلَا یَنْبَغِی لِلرَّبِّ أَنْ یُعَذِّبَ الْعَبْدَ عَلَی مَا لَا یَرْتَكِبُ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ وَ مِنَ الْعَبْدِ وَ لَیْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا یَنْبَغِی لِلشَّرِیكِ الْقَوِیِّ أَنْ یَظْلِمَ الشَّرِیكَ الضَّعِیفَ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْعَبْدِ وَ هِیَ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا فَبِكَرَمِهِ وَ جُودِهِ وَ إِنْ عَاقَبَ فَبِذَنْبِ الْعَبْدِ وَ جَرِیرَتِهِ قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ فَانْصَرَفْتُ وَ لَمْ أَلْقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ اسْتَغْنَیْتُ بِمَا سَمِعْتُ (8)
ص: 247
«17»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ أَنَّ أَبَا حَنِیفَةَ قَالَ لِابْنِ أَبِی لَیْلَی مُرَّ بِنَا إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام لِنَسْأَلَهُ عَنْ أَفَاعِیلِ الْعِبَادِ وَ ذَلِكَ فِی حَیَاةِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ مُوسَی علیه السلام یَوْمَئِذٍ غُلَامٌ فَلَمَّا صَارَا إِلَیْهِ سَلَّمَا عَلَیْهِ ثُمَّ قَالا لَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ أَفَاعِیلِ الْعِبَادِ مِمَّنْ هِیَ فَقَالَ لَهُمَا إِنْ كَانَتْ أَفَاعِیلُ الْعِبَادِ مِنَ اللَّهِ دُونَ خَلْقِهِ فَاللَّهُ أَعْلَی وَ أَعَزُّ وَ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ یُعَذِّبَ عَبِیدَهُ عَلَی فِعْلِ نَفْسِهِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ أَعْلَی وَ أَعَزَّ مِنْ أَنْ یُعَذِّبَ عَبِیدَهُ عَلَی فِعْلٍ قَدْ شَارَكَهُمْ فِیهِ وَ إِنْ كَانَتْ أَفَاعِیلُ الْعِبَادِ مِنَ الْعِبَادِ فَإِنْ عَذَّبَ فَبِعَدْلِهِ وَ إِنْ غَفَرَ فَهُوَ أَهْلُ التَّقْوی وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ (شِعْرٌ) (1)
لَمْ تَخْلُ أَفْعَالُنَا اللَّاتِی نُذَمُّ بِهَا*** إِحْدَی ثَلَاثِ مَعَانٍ حِینَ نَأْتِیهَا
إِمَّا تَفَرَّدَ بَارِینَا بِصَنْعَتِهَا ***فَیَسْقُطُ الذَّمُّ عَنَّا حِینَ نُنْشِیهَا
أَوْ كَانَ یَشْرَكُنَا فِیهَا فَیُلْحِقُهُ*** مَا سَوْفَ یَلْحَقُنَا مِنْ لَائِمٍ فِیهَا
أَوْ لَمْ یَكُنْ لِإِلَهِی فِی جِنَایَتِهَا*** ذَنْبٌ فَمَا الذَّنْبُ إِلَّا ذَنْبُ جَانِیهَا
أقول: سیأتی أكثر مناظراته و احتجاجاته فی أبواب تأریخه صلوات اللّٰه علیه و كثیر مما صدر عنه من جوامع العلوم فی كتاب الروضة.
ص: 248
«1»- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ یَزِیدَ بْنِ النَّضْرِ الْخُرَاسَانِیُّ مِنْ كِتَابِهِ فِی جُمَادَی الْآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَی وَ ثَمَانِینَ وَ مِائَتَیْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (1)عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ: سَأَلْتُ أَبِی جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ طَوَافِ النِّسَاءِ مُتَعَمِّداً مَا عَلَیْهِ قَالَ یَطُوفُ وَ عَلَیْهِ بَدَنَةٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أُخِذَ وَ عَلَیْهِ ثَلَاثَةُ حُدُودٍ الْخَمْرُ وَ السَّرِقَةُ وَ الزِّنَا فَمَا فِیهَا مِنَ الْحُدُودِ قَالَ یُبْدَأُ بِحَدِّ الْخَمْرِ ثُمَّ السَّرِقَةِ ثُمَّ الزِّنَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ خُنْثَی دَلَّسَ نَفْسَهُ لِامْرَأَتِهِ مَا عَلَیْهِ قَالَ یُوجَعُ ظَهْرُهُ وَ أُذِیقَ تَمْهِیناً وَ عَلَیْهِ الْمَهْرُ كَامِلًا إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَیْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ
ص: 249
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَبِیحَةِ الْیَهُودِیِّ وَ النَّصْرَانِیِّ هَلْ تَحِلُّ قَالَ كُلْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ (1)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ شَاةً فِی الصَّحْرَاءِ هَلْ تَحِلُّ لَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هِیَ لَكَ أَوْ لِأَخِیكَ أَوْ لِذِئْبٍ خُذْهَا فَعَرِّفْهَا حَیْثُ أَصَبْتَهَا فَإِنْ عَرَفْتَ فَرُدَّهَا عَلَی صَاحِبِهَا وَ إِنْ لَمْ تَعْرِفْهَا فَكُلْهَا وَ أَنْتَ ضَامِنٌ لَهَا إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَ یَطْلُبُهَا أَنْ تَرُدَّ عَلَیْهِ ثَمَنَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَامَ مِنْ ظِهَارٍ ثُمَّ أَیْسَرَ وَ قَدْ بَقِیَ عَلَیْهِ مِنْ صَوْمِهِ یَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ إِنْ صَامَ شَهْراً وَ دَخَلَ فِی الثَّانِی أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَ یُتِمُّ صَوْمَهُ وَ لَا عِتْقَ عَلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَتَابَعَ عَلَیْهِ رَمَضَانَانِ لَمْ یَصِحَّ فِیهِمَا ثُمَّ صَحَّ بَعْدُ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَقْضِی الْآخِرَ بِصَوْمٍ وَ یَقْضِی عَنِ الْأَوَّلِ بِصَدَقَةٍ كُلَّ یَوْمٍ مُدّاً مِنْ طَعَامٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِطَیْرٍ مِنْ مَكَّةَ حَتَّی وَرَدَ بِهِ الْكُوفَةَ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَرُدُّهُ إِلَی مَكَّةَ وَ إِنْ مَاتَ یَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ طَوَافَهُ حَتَّی قَدِمَ بَلَدَهُ وَ وَاقَعَ النِّسَاءَ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَبْعَثُ بِبَدَنَةٍ إِنْ كَانَ تَرَكَهُ فِی حَجٍّ بَعَثَ بِهَا فِی حَجٍّ وَ إِنْ كَانَ تَرَكَهُ فِی عُمْرَةٍ بَعَثَ فِی عُمْرَةٍ وَ وَكَّلَ مَنْ یَطُوفُ عَنْهُ عَمَّا كَانَ تَرَكَ مِنْ طَوَافِهِ (2)
ص: 250
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَمَاتَتْ إِحْدَاهُنَّ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَتَزَوَّجَ مَكَانَهَا أُخْرَی قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِیَ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّی قَالَ إِذَا مَاتَ فَلْیَتَزَوَّجْ مَا أَحَبَّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَیْفَ هِیَ قَالَ یَقُومُ الْإِمَامُ فَیُصَلِّی بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ رَكْعَةً ثُمَّ یَقُومُ فِی الثَّانِیَةِ وَ یَقُومُ أَصْحَابُهُ فَیُصَلُّونَ الثَّانِیَةَ مَعَهُ ثُمَّ یُخَفِّفُونَ وَ یَنْصَرِفُونَ وَ یَأْتِی أَصْحَابُهُ الْبَاقُونَ فَیُصَلُّونَ مَعَهُ الثَّانِیَةَ فَإِذَا قَعَدَ فِی التَّشَهُّدِ قَامُوا فَصَلَّوُا الثَّانِیَةَ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قَعَدُوا فَتَشَهَّدُوا مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ وَ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفُوا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِی الْخَوْفِ كَیْفَ هِیَ قَالَ یَقُومُ الْإِمَامُ فَیُصَلِّی بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ رَكْعَةً ثُمَّ یَقُومُ فِی الثَّانِیَةِ وَ یَقُومُونَ فَیُصَلُّونَ رَكْعَتَیْنِ یُخَفِّفُونَ وَ یَنْصَرِفُونَ وَ یَأْتِی أَصْحَابُهُ الْبَاقُونَ فَیُصَلُّونَ مَعَهُ الثَّانِیَةَ ثُمَّ یَقُومُ بِهِمْ فِی الثَّانِیَةِ فَیُصَلِّی بِهِمْ فَتَكُونُ لِلْإِمَامِ الثَّالِثَةُ وَ لِلْقَوْمِ الثَّانِیَةُ ثُمَّ یَقْعُدُ وَ یَتَشَهَّدُ وَ یَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ ثُمَّ یَقُومُ أَصْحَابُهُ وَ الْإِمَامُ قَاعِدٌ فَیُصَلُّونَ الثَّالِثَةَ وَ یَتَشَهَّدُونَ ثُمَّ یُسَلِّمُ وَ یُسَلِّمُونَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُتْعَةِ فِی الْحَجِّ مِنْ أَیْنَ إِحْرَامُهَا وَ إِحْرَامُ الْحَجِّ قَالَ قَدْ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَهْلِ الْعِرَاقِ مِنَ الْعَقِیقِ وَ لِأَهْلِ الْمَدِینَةِ وَ مَا یَلِیهَا مِنَ الشَّجَرَةِ وَ لِأَهْلِ شَامٍ وَ مَا یَلِیهَا مِنَ الْجُحْفَةِ وَ لِأَهْلِ الطَّائِفِ مِنْ قَرْنٍ وَ لِأَهْلِ الْیَمَنِ مِنْ یَلَمْلَمَ فَلَیْسَ یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَعْدُوَ عَنْ هَذِهِ الْمَوَاقِیتِ إِلَی غَیْرِهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَصِیدَ حَمَامَ الْحَرَمِ فِی الْحِلِّ فَیَذْبَحَهُ فَیُدْخِلَهُ فِی الْحَرَمِ فَیَأْكُلَهُ قَالَ لَا یَصْلُحُ أَكْلُ حَمَامِ الْحَرَمِ عَلَی حَالٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَنْتِفَ إِبْطَهُ فِی رَمَضَانَ وَ هُوَ صَائِمٌ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَصُبَّ الْمَاءَ مِنْ فِیهِ فَیَغْسِلَ بِهِ الشَّیْ ءَ یَكُونُ فِی ثَوْبِهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ تُوُفِّیَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَ هِیَ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ وَ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ یَنْقَضِیَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً مَا حَالُهَا قَالَ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فُرِّقَ بَیْنَهُمَا فَاعْتَدَّتْ مَا بَقِیَ عَلَیْهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ عِدَّةً أُخْرَی مِنَ الزَّوْجِ الْأَخِیرِ ثُمَّ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَداً وَ إِنْ تَزَوَّجَتْ غَیْرَهُ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَیْنَهُمَا وَ اعْتَدَّتْ مَا بَقِیَ عَلَیْهَا مِنْ عِدَّتِهَا مِنَ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا وَ هُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ
ص: 251
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّبَی (1)مِنَ الْجَرَادِ هَلْ یَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ قَالَ لَا یَحِلُّ أَكْلُهُ حَتَّی یَطِیرَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَتَاهُ رَجُلَانِ یَخْطُبَانِ ابْنَتَهُ فَهَوِیَ الْجَدُّ أَنْ یُزَوِّجَ أَحَدَهُمَا وَ هَوِیَ أَبُوهَا الْآخَرَ أَیُّهُمَا أَحَقُّ أَنْ یُنْكِحَ قَالَ الَّذِی هَوِیَ الْجَدُّ أَحَقُّ بِالْجَارِیَةِ لِأَنَّهَا وَ أَبَاهَا لِجَدِّهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ غَنَمٌ وَ كَانَ یَعْزِلُ مِنْ جُلُودِهَا الَّذِی مِنَ الْمَیِّتِ فَاخْتَلَطَتْ فَلَمْ یُعْرَفِ الذَّكِیُّ مِنَ الْمَیِّتِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ بَیْعُهُ قَالَ یَبِیعُهُ (2)مِمَّنْ یَسْتَحِلُّ بَیْعَ الْمَیْتَةِ مِنْهُ وَ یَأْكُلُ ثَمَنَهُ وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ یَصْلُحُ (3)لَهَا أَنْ تُعْنِقَ الرَّجُلَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هِیَ صَائِمَةٌ فَتُقَبِّلَ بَعْضَ جَسَدِهِ مِنْ غَیْرِ شَهْوَةٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تَمْسَحَ عَلَی الْخِمَارِ قَالَ لَا یَصْلُحُ حَتَّی تَمْسَحَ عَلَی رَأْسِهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّائِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَصُبَّ فِی أُذُنِهِ الدُّهْنَ قَالَ إِذَا لَمْ یَدْخُلْ حَلْقَهُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ جَارِیَةً فَبَاعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِیضَ فَوَطِئَهَا الَّذِی اشْتَرَاهَا فِی ذَلِكَ الطُّهْرِ فَوَلَدَتْ لَهُ لِمَنِ الْوَلَدُ قَالَ الْوَلَدُ لِلَّذِی هِیَ عِنْدَهُ فَلْیَصِرْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أَرْضَعَتْ مَمْلُوكَهَا مَا حَالُهُ قَالَ إِذَا أَرْضَعَتْ عَتَقَ (4)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تَأْكُلَ مِنْ عَقِیقَةِ وَلَدِهَا قَالَ لَا یَصْلُحُ لَهَا الْأَكْلُ مِنْهُ فَلْیَتَصَدَّقْ بِهَا كُلِّهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلُودٍ تَرَكَ أَهْلُهُ حَلْقَ رَأْسِهِ فِی الْیَوْمِ السَّابِعِ هَلْ عَلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَلْقُهُ وَ الصَّدَقَةُ بِوَزْنِهِ قَالَ إِذَا مَضَی سَبْعَةُ أَیَّامٍ فَلَیْسَ عَلَیْهِمْ حَلْقُهُ إِنَّمَا الْحَلْقُ وَ الْعَقِیقَةُ وَ الِاسْمُ فِی الْیَوْمِ السَّابِعِ
ص: 252
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَجِّ مُفْرَداً هُوَ أَفْضَلُ أَوِ الْإِقْرَانُ قَالَ إِقْرَانُ الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنَ الْإِفْرَادِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُتْعَةِ وَ الْحَجِّ مُفْرَداً وَ عَنْ قِرَانٍ أَیُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْمُتَمَتِّعُ أَفْضَلُ مِنَ الْمُفْرِدِ وَ مِنَ الْقَارِنِ السَّائِقِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْمُتْعَةَ هِیَ الَّتِی فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ الَّتِی أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْمُتْعَةَ دَخَلَتْ فِی الْحَجِّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِی بَعْضٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَقُولُ مَنْ أَبَی حَالَفْتُهُ (1)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَسْجُدُ فَیَضَعُ یَدَهُ عَلَی نَعْلِهِ هَلْ یَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یُزَوِّجَ ابْنَتَهُ بِغَیْرِ إِذْنِهَا قَالَ نَعَمْ لَیْسَ یَكُونُ لِلْوَلَدِ مَعَ الْوَالِدِ أَمْرٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً قَدْ دُخِلَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَتِلْكَ لَا یَجُوزُ نِكَاحُهَا إِلَّا أَنْ تُسْتَأْمَرَ (2)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَوْقَ دُكَّانٍ قَالَ إِذَا كَانَ مَعَ الْقَوْمِ فِی الصَّفِّ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَصْلُحُ لَهَا أَنْ تُصَلِّیَ فِی مِلْحَفَةٍ وَ مِقْنَعَةٍ وَ لَهَا دِرْعٌ قَالَ لَا یَصْلُحُ لَهَا إِلَّا أَنْ تَلْبَسَ دِرْعَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تُصَلِّیَ فِی إِزَارٍ وَ مِلْحَفَةٍ وَ مِقْنَعَةٍ وَ لَهَا دِرْعٌ قَالَ إِذَا وَجَدَتْ فَلَا یَصْلُحُ لَهَا الصَّلَاةُ إِلَّا وَ عَلَیْهَا دِرْعٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَصْلُحُ لَهَا أَنْ تُصَلِّیَ فِی إِزَارٍ وَ مِلْحَفَةٍ تَقَنَّعُ بِهَا وَ لَهَا دِرْعٌ قَالَ لَا یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تُصَلِّیَ حَتَّی تَلْبَسَ دِرْعَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَؤُمَّ فِی سَرَاوِیلَ وَ رِدَاءٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ (3)هَلْ یَصْلُحُ قَالَ لَا یَصْلُحُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ تَبْدَأُ فَتَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثُمَّ تُنْصِتُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ قَرَأْتَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ غَیْرَهَا ثُمَّ رَكَعْتَ أَنْتَ إِذَا رَكَعَ فَكَبِّرْ (4)أَنْتَ فِی رُكُوعِكَ وَ سُجُودِكَ كَمَا تَفْعَلُ إِذَا صَلَّیْتَ وَحْدَكَ وَ صَلَاتُكَ وَحْدَكَ أَفْضَلُ
ص: 253
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّرَاوِیلِ هَلْ تَجْزِی مَكَانَ الْإِزَارِ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ فِی إِزَارٍ وَ قَلَنْسُوَةٍ وَ هُوَ یَجِدُ رِدَاءً قَالَ لَا یَصْلُحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَؤُمَّ فِی سَرَاوِیلَ وَ قَلَنْسُوَةٍ قَالَ لَا یَصْلُحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَعْقِدَ إِزَارَهُ عَلَی عُنُقِهِ فِی صَلَاتِهِ قَالَ لَا یَصْلُحُ أَنْ یَعْقِدَ وَ لَكِنْ یَثْنِیهِ (1)عَلَی عُنُقِهِ وَ لَا یَعْقِدُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَجْمَعَ طَرَفَیْ رِدَائِهِ عَلَی یَسَارِهِ قَالَ لَا یَصْلُحُ جَمْعُهُمَا عَلَی الْیَسَارِ وَ لَكِنِ اجْمَعْهُمَا عَلَی یَمِینِكَ أَوْ دَعْهُمَا مُتَفَرِّقِینَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجِرِّیِّ (2)هَلْ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ إِنَّا وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَرَامٌ (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ ضُرِبَ بِعَظْمٍ فِی أُذُنِهِ فَادَّعَی أَنَّهُ لَا یَسْمَعُ قَالَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْلِماً صُدِّقَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُكَارِینَ الَّذِینَ یَخْتَلِفُونَ إِلَی النِّیلِ هَلْ عَلَیْهِمْ تَمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْتَلَفَهُمْ (4)فَلْیَصُومُوا وَ لْیُتِمُّوا الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ یَجِدَّ بِهِمُ السَّیْرُ فَلْیُفْطِرُوا وَ لْیَقْصُرُوا
ص: 254
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَتَهُ وَ هُوَ صَائِمٌ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَلَیْهِ قَالَ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ وَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ فَإِنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ وَ هُوَ صَائِمٌ فِی رَمَضَانَ أَنْ یُقَلِّبَ الْجَارِیَةَ فَیَضْرِبَ عَلَی بَطْنِهَا وَ فَخِذِهَا وَ عَجُزِهَا قَالَ إِنْ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ بِشَهْوَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَأَمَّا الشَّهْوَةُ فَلَا یَصْلُحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّدَقَةِ فِیمَا هِیَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی تِسْعَةٍ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ عُفِیَ عَمَّا سِوَی ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَسِیحَ فِی الْأَرْضِ أَوْ یَتَرَهَّبَ فِی بَیْتٍ لَا یَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقَعُ ثَوْبُهُ عَلَی حِمَارٍ مَیِّتٍ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ الصَّلَاةُ فِیهِ قَبْلَ أَنْ یَغْسِلَهُ قَالَ لَیْسَ عَلَیْهِ غَسْلُهُ فَلْیُصَلِّ فِیهِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقَعُ ثَوْبُهُ عَلَی كَلْبٍ مَیِّتٍ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ الصَّلَاةُ فِیهِ قَالَ یَنْضِحُهُ وَ یُصَلِّی فِیهِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یُدْرِكُ تَكْبِیرَةً أَوْ ثِنْتَیْنِ عَلَی مَیِّتٍ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یُتِمُّ مَا بَقِیَ مِنْ تَكْبِیرِهِ وَ یُبَادِرُ الرَّفْعَ وَ یُخَفِّفُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَبَاءِ یَقَعُ فِی الْأَرْضِ هَلْ یَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَهْرُبَ مِنْهُ قَالَ یَهْرُبُ مِنْهُ مَا لَمْ یَقَعْ فِی مَسْجِدِهِ الَّذِی یُصَلِّی فِیهِ فَإِذَا وَقَعَ فِی أَهْلِ مَسْجِدِهِ الَّذِی یُصَلِّی فِیهِ فَلَا یَصْلُحُ لَهُ الْهَرَبُ مِنْهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَسْتَاكُ وَ هُوَ صَائِمٌ فَتَقَیَّأَ مَا عَلَیْهِ قَالَ إِنْ كَانَ تَقَیَّأَ مُتَعَمِّداً فَعَلَیْهِ قَضَاؤُهُ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّوَاءِ هِیَ یَصْلُحُ بِالنَّبِیذِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ فِی قَمِیصٍ وَاحِدٍ وَ قَبَاءٍ وَاحِدَةٍ قَالَ لِیَطْرَحْ عَلَی ظَهْرِهِ شَیْئاً
ص: 255
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَؤُمَّ فِی مِمْطَرٍ (1)وَحْدَهُ أَوْ جُبَّةٍ وَحْدَهَا قَالَ إِذَا كَانَ تَحْتَهَا قَمِیصٌ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَارِعَ قَالَ لَا یَصْلُحُ (2)مَخَافَةَ أَنْ یُصِیبَهُ جُرْحٌ أَوْ یَقَعَ بَعْضُ شَعْرِهِ (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَسْتَاكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ لَا یَنْبَغِی أَنْ یُدْمِیَ فَمَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ ثَوْبَهُ خِنْزِیرٌ فَذَكَرَ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ قَالَ فَلْیَمْضِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ دَخَلَ فِی صَلَاتِهِ فَلْیَنْضَحْ مَا أَصَابَ مِنْ ثَوْبِهِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ فِیهِ أَثَرٌ فَیَغْسِلُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَؤُمَّ فِی قَبَاءٍ وَ قَمِیصٍ قَالَ إِذَا كَانَا ثَوْبَیْنِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَرْعُفُ وَ هُوَ یَتَوَضَّأُ فَیَقْطُرُ قَطْرَةٌ فِی إِنَائِهِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ رَعَفَ فَامْتَخَطَ (4)فَطَارَ بَعْضُ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْراً قَطْراً صِغَاراً فَأَصَابَ إِنَاءَهُ هَلْ یَصْلُحُ الْوُضُوءُ مِنْهُ قَالَ إِنْ لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ یَسْتَبِینُ فِی الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ شَیْئاً بَیِّناً فَلَا یُتَوَضَّأُ مِنْهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَبِیحَةِ الْجَارِیَةِ هَلْ تَصْلُحُ قَالَ إِذَا كَانَتْ لَا تَنْخَعُ (5)وَ لَا تَكْسِرُ الرَّقَبَةَ فَلَا بَأْسَ وَ قَالَ قَدْ كَانَتْ لِأَهْلِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ جَارِیَةٌ تَذْبَحُ لَهُمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مُحْرِمٍ أَصَابَ نَعَامَةً مَا عَلَیْهِ قَالَ عَلَیْهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَتَصَدَّقْ عَلَی سِتِّینَ مِسْكِیناً فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَصُمْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ أَصَابَ بَقَرَةً مَا عَلَیْهِ قَالَ بَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَتَصَدَّقْ عَلَی ثَلَاثِینَ مِسْكِیناً فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَصُمْ تِسْعَةَ أَیَّامٍ
ص: 256
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ أَصَابَ ظَبْیاً مَا عَلَیْهِ قَالَ عَلَیْهِ شَاةٌ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَتَصَدَّقْ عَلَی عَشَرَةِ مَسَاكِینَ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ فَلْیَصُمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لآِخَرَ هَذِهِ الْجَارِیَةُ لَكَ خَیَّرْتُكَ هَلْ یَحِلُّ فَرْجُهَا لَهُ قَالَ إِنْ كَانَ حَلَّ لَهُ بَیْعُهَا حَلَّ لَهُ فَرْجُهَا وَ إِلَّا فَلَا یَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ عَلَیْهِ عِتْقَ نَسَمَةٍ أَ یُجْزِی عَنْهُ أَنْ یُعْتِقَ أَعْرَجَ وَ أَشَلَّ قَالَ إِذَا كَانَ مِمَّا یُبَاعُ أَجْزَأَ عَنْهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ وَقَّتَ عَلَی نَفْسِهِ شَیْئاً فَعَلَیْهِ مَا وَقَّتَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحُرِّ تَحْتَهُ الْمَمْلُوكَةُ هَلْ عَلَیْهِ الرَّجْمُ إِذَا زَنَی قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُسْلِفُ فِی الْفُلُوسِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَأْخُذَ كَفِیلًا قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُسْلِمُ فِی النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ یَطْلَعَ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا یَصْلُحُ السَّلَمُ فِی النَّخْلِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ بَیْعِ النَّخْلِ قَالَ إِذَا كَانَ زَهْواً وَ اسْتَبَانَ الْبُسْرُ مِنَ الشِّیصِ (1)حَلَّ شِرَاؤُهُ وَ بَیْعُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّلَمِ فِی الْبُرِّ أَ یَصْلُحُ قَالَ إِذَا اشْتَرَی مِنْكَ كَذَا وَ كَذَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّلَمِ فِی النَّخْلِ قَالَ لَا یَصْلُحُ وَ إِنِ اشْتَرَی مِنْكَ هَذَا النَّخْلَ فَلَا بَأْسَ أَیْ كَیْلًا مُسَمًّی بِعَیْنِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلَیْنِ یَشْتَرِكَانِ فِی السَّلَمِ أَ یَصْلُحُ لَهُمَا أَنْ یَقْتَسِمَا قَبْلَ أَنْ یَقْبِضَا قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَیَوَانِ بِالْحَیَوَانِ نَسِیَّةً وَ زِیَادَةَ دَرَاهِمَ یَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ وَ یُؤَخِّرُ الْحَیَوَانَ أَ یَصْلُحُ قَالَ إِذَا تَرَاضَیَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُكَاتِبُ مَمْلُوكَهُ عَلَی وُصَفَاءَ وَ یَضْمَنُ عِنْدَ ذَلِكَ أَ یَصْلُحُ قَالَ إِذَا سَمَّی خُمَاسِیّاً أَوْ رُبَاعِیّاً أَوْ غَیْرَهُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَشْتَرِی الْجَارِیَةَ فَیَقَعُ عَلَیْهَا أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَبِیعَهَا مُرَابَحَةً قَالَ لَا بَأْسَ
ص: 257
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَی آخَرَ حِنْطَةٌ أَ یَأْخُذُ بِكَیْلِهَا شَعِیراً قَالَ إِذَا رَضِیَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَی آخَرَ تَمْرٌ أَوْ شَعِیرٌ أَوْ حِنْطَةٌ أَ یَأْخُذُ قِیمَتَهُ الدَّرَاهِمَ قَالَ إِذَا قَوَّمَهُ دَرَاهِمَ فَسَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِی اشْتَرَاهُ دَرَاهِمُ فَلَا یَصْلُحُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَشْتَرِی الطَّعَامَ أَ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یُوَلِّیَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ یَقْبِضَهُ قَالَ إِذَا لَمْ یَرْبَحْ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ رَبِحَ فَلَا یَصْلُحُ حَتَّی یَقْبِضَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَشْتَرِی الطَّعَامَ أَ یَصْلُحُ لَهُ بَیْعُهُ قَبْلَ أَنْ یَقْبِضَهُ قَالَ إِذَا رَبِحَ لَمْ یَصْلُحْ حَتَّی یَقْبِضَ وَ إِنْ كَانَ یُوَلِّیهِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَی سَمْناً فَفَضَلَ لَهُ أَ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یَأْخُذَ مَكَانَهُ رِطْلًا أَوْ رِطْلَیْنِ زَیْتاً قَالَ إِذَا اخْتَلَفَا وَ تَرَاضَیَا فَلْیَأْخُذْ مَا أَحَبَّ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضاً أَوْ سَفِینَةً بِدِرْهَمَیْنِ فَآجَرَ بَعْضَهَا بِدِرْهَمٍ وَ نِصْفٍ وَ سَكَنَ فِیمَا بَقِیَ أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَمْلُوكَةٍ بَیْنَ رَجُلَیْنِ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا وَ الْآخَرُ غَائِبٌ هَلْ یَجُوزُ النِّكَاحُ قَالَ إِذَا كَرِهَ الْغَائِبُ لَمْ یَجُزِ النِّكَاحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ بَیْتاً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَأَتَاهُ خَیَّاطٌ أَوْ غَیْرُهُ فَقَالَ أَعْمَلُ فِیهِ الْأَجْرُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ مَا رَبِحْتُ فَلِی وَ لَكَ فَرَبِحَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْبَیْتِ أَ یَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ أُعْطِیكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ تُعَلِّمُنِی عَمَلَكَ (1)وَ تُشَارِكُنِی هَلْ یَحِلُّ ذَلِكَ لَهُ قَالَ إِذَا رَضِیَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَعْطَی رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ (2)یَعْمَلُ بِهَا عَلَی أَنْ یُعْطِیَهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا هَذَا الرِّبَا مَحْضاً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَعْطَی عَبْدَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَنْ یُؤَدِّیَ إِلَیْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ
ص: 258
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُعْطِی عَنْ زَكَاتِهِ عَنِ الدَّرَاهِمِ دَنَانِیرَ وَ عَنِ الدَّنَانِیرِ دَرَاهِمَ بِالْقِیمَةِ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَبِیعُ السِّلْعَةَ وَ یَشْتَرِطُ أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا ثُمَّ یَبِیعُهَا مُرَابَحَةً أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ اسْتَأْجَرَ دَاراً بِشَیْ ءٍ مُسَمًّی عَلَی أَنَّ عَلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْیِینَهَا وَ إِصْلَاحَ أَبْوَابِهَا أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ بَیْعاً إِلَی أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ وَ الْبَیْعُ عِنْدَ صَاحِبِهِ فَأَتَاهُ الْبَیِّعُ (1)فَقَالَ بِعْنِی الَّذِی اشْتَرَیْتَ مِنِّی وَ حُطَّ لِی كَذَا وَ كَذَا فَأُقَاصُّكَ مِنْ مَالِی عَلَیْكَ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ إِذَا رَضِیَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَضْحَی بِمِنًی كَمْ هُوَ قَالَ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَضْحَی فِی غَیْرِ مِنًی كَمْ هُوَ قَالَ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ مُسَافِراً فَقَدِمَ بَعْدَ الْأَضْحَی بِیَوْمَیْنِ أَ یُضَحِّی فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَی آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ اشْتَرِ ثَوْباً فَبِعْهُ وَ اتَّضِعْ ثَمَنَهُ وَ مَا اتَّضَعْتَ فَهُوَ عَلَیَّ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ إِذَا تَرَاضَیَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ ثَوْباً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إِلَی أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِنَقْدٍ قَالَ إِذَا لَمْ یَشْتَرِطْ وَ رَضِیَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ یَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَ هُوَ یَقْتَدِی بِهِ هَلْ لَهُ أَنْ یَقْرَأَ خَلْفَهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ لِیُنْصِتْ لِلْقُرْآنِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ یَقْتَدِی بِهِ فِی الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ یَقْرَأُ خَلْفَهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ یُسَبِّحُ وَ یَحْمَدُ رَبَّهُ وَ یُصَلِّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَاتَمِ فِیهِ نَقْشُ تَمَاثِیلَ سَبُعٍ أَوْ طَیْرٍ أَ یُصَلَّی فِیهِ قَالَ لَا
ص: 259
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یُفَضِّلَ بَعْضَ وُلْدِهِ عَلَی بَعْضٍ قَالَ قَدْ فَضَّلْتُ فُلَاناً عَلَی أَهْلِی وَ وُلْدِی فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا عَلَی قَتْلِ آخَرَ مَا حَالُهُمْ قَالَ یُقْتَلُونَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ أَحْرَارٍ اجْتَمَعُوا عَلَی قَتْلِ مَمْلُوكٍ مَا حَالُهُمْ قَالَ یَرُدُّونَ ثَمَنَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِیَ عِدَّتُهَا قَالَ یُفَرَّقُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَهُ وَ یَكُونُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ جَارِیَةَ أَخِیهِ (1)أَوْ عَمِّهِ أَوِ ابْنِ أَخِیهِ فَوَلَدَتْ مَا حَالُ الْوَلَدِ قَالَ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ یَرِثُ مِنْ مَلِیكِهِ (2)شَیْئاً عَتَقَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ نَصْرَانِیٍّ یَمُوتُ ابْنُهُ وَ هُوَ مُسْلِمٌ هَلْ یَرِثُهُ قَالَ لَا یَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ مِلَّةً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ قَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّمَا نَهَی عَنْهَا لِأَنَّهُمْ یَعْمَلُونَ عَلَیْهَا وَ كُرِهَ أَكْلُ لُحُومِهَا لِئَلَّا یُفْنُوهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَ تَحُفُّ الشَّعْرَ عَنْ وَجْهِهَا قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَزَوَّجُ عَلَی عَمِّهَا أَوْ خَالِهَا قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَحْلِفُ عَلَی الْیَمِینِ وَ یَسْتَثْنِی مَا حَالُهُ قَالَ هُوَ عَلَی مَا اسْتَثْنَی وَ سَأَلْتُهُ عَنْ تَفْرِیجِ الْأَصَابِعِ فِی الرُّكُوعِ أَ سُنَّةٌ هُوَ قَالَ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَطَرِ یَجْرِی فِی الْمَكَانِ فِیهِ الْعَذِرَةُ فَیُصِیبُ الثَّوْبَ أَ یُصَلَّی فِیهِ قَبْلَ أَنْ یُغْسَلَ قَالَ إِذَا جَرَی بِهِ الْمَطَرُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الثَّوْبِ یَقَعُ فِی مَرْبِطِ الدَّابَّةِ عَلَی بَوْلِهَا وَ رَوْثِهَا كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ إِنْ عَلِقَ بِهِ شَیْ ءٌ فَلْیَغْسِلْهُ (3)وَ إِنْ كَانَ جَافّاً فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الطَّعَامِ یُوضَعُ عَلَی السُّفْرَةِ أَوِ الْخِوَانِ قَدْ أَصَابَهُ الْخَمْرُ أَ یُؤْكَلُ قَالَ إِنْ كَانَ الْخِوَانُ یَابِساً فَلَا بَأْسَ
ص: 260
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ السُّلَحْفَاةِ وَ السَّرَطَانِ وَ الْجِرِّیِّ (1)قَالَ أَمَّا الْجِرِّیُّ فَلَا یُؤْكَلُ وَ لَا السُّلَحْفَاةُ وَ لَا السَّرَطَانُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّحْمِ الَّذِی یَكُونُ فِی أَصْدَافِ الْبَحْرِ وَ الْفُرَاتِ أَ یُؤْكَلُ قَالَ ذَلِكَ لَحْمُ الضِّفْدِعِ (2)فَلَا یَصْلُحُ أَكْلُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الطِّینِ یُطْرَحُ فِیهِ السِّرْقِینُ یُطَیَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ (3)أَوِ الْبَیْتُ أَ یُصَلَّی فِیهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجِصِّ یُطْبَخُ بِالْعَذِرَةِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یُجَصَّصَ بِهِ الْمَسْجِدُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْبُورِیَا تَبُلُّ فَیُصِیبُهَا مَاءٌ قَذِرٌ فَیُصَلَّی عَلَیْهَا قَالَ إِذَا یَبِسَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَ قَدْ تَزَوَّجَتْ غَیْرَهُ مَا حَالُهَا قَالَ هِیَ لِلَّذِی تَزَوَّجَتْ وَ لَا تُرَدُّ عَلَی الْأَوَّلِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا تَحِلُّ لَهُ قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَ لَكِنَّهَا تُخَیَّرُ فَلَهَا مَا اخْتَارَتْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِّ مَا یُقْطَعُ فِیهِ السَّارِقُ وَ مَا هُوَ قَالَ قَطَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی ثَمَنِ بَیْضَةِ حَدِیدٍ دِرْهَمَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ سَرَقَ جَارِیَةً ثُمَّ بَاعَهَا هَلْ یَحِلُّ فَرْجُهَا لِمَنِ اشْتَرَاهَا قَالَ إِذَا اتُّهِمَ أَنَّهَا سَرِقَةٌ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَ إِنْ لَمْ یَعْلَمْ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلْبِ وَ الْفَأْرَةِ إِذَا أَكَلَا مِنَ الْجُبُنِّ أَوِ السَّمْنِ أَ یُؤْكَلُ قَالَ یُطْرَحُ مَا شَمَّاهُ وَ یُؤْكَلُ مَا بَقِیَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَأْرَةٍ أَوْ كَلْبٍ شَرِبَ مِنْ سَمْنٍ أَوْ زَیْتٍ أَوْ لَبَنٍ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ إِنْ كَانَ جَرَّةً (4)أَوْ نَحْوَهَا فَلَا یَأْكُلْهُ وَ لَكِنْ یُنْتَفَعُ بِهِ فِی سِرَاجٍ أَوْ غَیْرِهِ وَ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ
ص: 261
مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ صَاحِبُهُ موسر (مُوسِراً) فَلْیُهَرِقْهُ وَ لَا یَنْتَفِعْنَ بِهِ فِی شَیْ ءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَی بَعْضِ وُلْدِهِ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ یُدْخِلَ فِیهَا غَیْرَهُ مَعَ وُلْدِهِ أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ یَصْنَعُ الْوَالِدُ بِمَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ وَ الْهِبَةُ مِنَ الْوَالِدِ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ لِغَیْرِهِ (1)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلَیْنِ نَصْرَانِیَّیْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خِنْزِیراً أَوْ خَمْراً إِلَی أَجَلٍ مُسَمًّی فَأَسْلَمَا قَبْلَ أَنْ یُقْبَضَ الثَّمَنُ هَلْ یَحِلُّ لَهُ ثَمَنُهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ إِنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عَلَیْهِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ أَنَّهُ زَنَی بِفُلَانَةَ وَ شَهِدَ الرَّابِعُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِی بِمَنْ زَنَی (2) بِفُلَانَةَ أَوْ غَیْرِهَا قَالَ مَا حَالُ الرَّجُلِ إِنْ كَانَ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ یُحْصَنْ لَمْ یُتِمَّ الْحَدِیثَ (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ بِامْرَأَتِهِ فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْهُ مَا حَالُهَا قَالَ إِنْ قَامَتِ الْبَیِّنَةُ أَنَّهُ أَرْخَی سِتْراً ثُمَّ أَنْكَرَ الْوَلَدَ لَاعَنَهَا وَ بَانَتْ مِنْهُ وَ عَلَیْهِ الْمَهْرُ كَامِلًا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخُبْزِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یُطَیَّنَ بِالسَّمْنِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فِرَاشِ الْیَهُودِیِّ أَ یُنَامُ عَلَیْهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ ثِیَابِ النَّصْرَانِیِّ وَ الْیَهُودِیِّ أَ یَصْلُحُ أَنْ یُصَلِّیَ فِیهِ الْمُسْلِمُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ طَلَبَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَذْفَهُ إِیَّاهَا قَالَ إِنْ أَقَرَّ جُلِدَ وَ إِنْ كَانَتْ فِی عِدَّةٍ لَاعَنَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ تَحْتَهُ یَهُودِیَّةٌ أَوْ نَصْرَانِیَّةٌ أَوْ أَمَةٌ نَفَی وَلَدَهَا وَ قَذَفَهَا هَلْ عَلَیْهِ لِعَانٌ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِأَمَتِهِ وَ أَرَادَ أَنْ یُعْتِقَهَا وَ یَتَزَوَّجَهَا أَعْتَقْتُكِ وَ جَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ قَالَ عَتَقَتْ وَ هِیَ بِالْخِیَارِ إِنْ شَاءَتْ تَزَوَّجَتْ (4)وَ إِنْ شَاءَتْ فَلَا وَ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ
ص: 262
فَلْیُعْطِهَا شَیْئاً وَ إِنْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ وَ جَعَلْتُ مَهْرَكِ عِتْقَكِ جَازَ النِّكَاحُ وَ إِنْ أَحَبَّ یُعْطِیهَا شَیْئاً (1)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُكَاتَبٍ بَیْنَ قَوْمٍ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ نَصِیبَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا حَالُهُ قَالَ عَتَقَ بِمَا عَتَقَ مِنْهُ وَ یُسْتَسْعَی فِیمَا بَقِیَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ وَ قَالَ بَعْدَ مَا كَاتَبَهُ هَبْ لِی بَعْضَ مُكَاتَبَتِی وَ أُعَجِّلُ بَعْضَ مُكَاتَبَتِی لَكَ مَكَانِی أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ إِذَا كَانَتْ هِبَةً فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ قَالَ حُطَّ عَنِّی وَ أُعَجِّلُ لَكَ فَلَا یَصْلُحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُكَاتَبٍ أَدَّی نِصْفَ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ بَعْضَهَا ثُمَّ مَاتَ وَ تَرَكَ وُلْداً وَ مَالًا كَثِیراً مَا حَالُهُ قَالَ إِذَا أَدَّی النِّصْفَ عَتَقَ وَ یُؤَدَّی مُكَاتَبَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَ مِیرَاثُهُ لِوُلْدِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسْلِمِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَأْكُلَ مَعَ الْمَجُوسِیِّ فِی قَصْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ یَقْعُدَ مَعَهُ عَلَی فِرَاشِهِ أَوْ فِی مَسْجِدِهِ أَوْ یُصَافِحَهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُكَاتَبِ جَنَی جِنَایَةً عَلَی مَنْ هِیَ قَالَ هِیَ عَلَی الْمُكَاتَبِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُكَاتَبِ عَلَیْهِ فِطْرَةُ رَمَضَانَ أَوْ عَلَی مَنْ كَاتَبَهُ أَ وَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ (2)قَالَ الْفِطْرَةُ عَلَیْهِ وَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَ مَمْلُوكِهِ وَ هُوَ صَحِیحٌ مَا حَالُهُ قَالَ یَعْتِقُ النِّصْفُ وَ یَسْعَی فِی النِّصْفِ الْآخَرِ یُقَوَّمُ قِیمَةَ عَدْلٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَلْبَسَ الطَّیْلَسَانَ فِیهِ دِیبَاجٌ وَ الْبَرَّكَانَ (3)عَلَیْهِ حَرِیرٌ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدِّیبَاجِ أَ یَصْلُحُ لِبَاسُهُ لِلنَّاسِ (4)قَالَ لَا (5)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَلَاخِیلِ أَ یَصْلُحُ لُبْسُهَا لِلنِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ قَالَ إِنْ كُنَّ صُمّاً فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ یَكُنْ لَهَا صَوْتٌ فَلَا
ص: 263
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَرْكَبَ دَابَّةً عَلَیْهَا الْجُلْجُلُ (1)قَالَ إِنْ كَانَ لَهُ صَوْتٌ فَلَا وَ إِنْ كَانَ أَصَمَّ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِی السَّمْنِ وَ الْعَسَلِ الْجَامِدِ أَ یَصْلُحُ أَكْلُهُ قَالَ اطْرَحْ مَا حَوْلَ مَكَانِهَا الَّذِی مَاتَتْ فِیهِ وَ كُلْ مَا بَقِیَ وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَاشِیَةِ تَكُونُ لِرَجُلٍ فَیَمُوتُ بَعْضُهَا أَ یَصْلُحُ لَهُ بَیْعُ جُلُودِهَا وَ دِبَاغُهَا وَ یَلْبَسَهَا قَالَ لَا وَ إِنْ لَبِسَهَا فَلَا یُصَلِّی فِیهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّابَّةِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَضْرِبَ وَجْهَهَا أَوْ یَسِمَهَا بِالنَّارِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَأْخُذَ مِنْ لِحْیَتِهِ قَالَ أَمَّا مِنْ عَارِضَیْهِ فَلَا بَأْسَ وَ أَمَّا مِنْ مُقَدَّمِهِ فَلَا یَأْخُذْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَخْذِ الشَّارِبَیْنِ أَ سُنَّةٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّثْرِ لِلسُّكَّرِ فِی الْعُرْسِ أَوْ غَیْرِهِ أَ یَصْلُحُ أَكْلُهُ قَالَ یُكْرَهُ أَكْلُ مَا انْتُهِبَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ جَعْلِ الْآبِقِ وَ الضَّالَّةِ (2)قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ بَیْعِ الْوَلَاءِ یَحِلُّ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یُصَلِّیَ فِی مَسْجِدٍ وَ حِیطَانُهُ كِوًی كُلُّهُ (3)قِبْلَتُهُ وَ جَانِبَیْهِ (جَانِبَاهُ) وَ امْرَأَةٌ تُصَلِّی حِیَالَهُ یَرَاهَا وَ لَا تَرَاهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ فِی صَلَاتِهَا قَائِمَةً یَبْكِی ابْنُهَا إِلَی جَنْبِهَا هَلْ یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تَتَنَاوَلَهُ وَ تَحْمِلَهُ (4)وَ هِیَ قَائِمَةٌ قَالَ لَا تَحْمِلُ وَ هِیَ قَائِمَةٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأُضْحِیَّةِ قَالَ ضَحِّ بِكَبْشٍ أَمْلَحَ أَقْرَنَ فَحْلًا سَمِیناً فَإِنْ لَمْ تَجِدْ كَبْشاً سَمِیناً فَمِنْ فُحُولَةِ الْمِعْزَی وَ مَوْجُوءٍ مِنَ الضَّأْنِ أَوِ الْمِعْزَی فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَنَعْجَةً مِنَ الضَّأْنِ سَمِینَةً وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ ضَحِّ بِثَنِیٍّ فَصَاعِداً وَ اشْتَرِهِ سَلِیمَ الْأُذُنَیْنِ وَ الْعَیْنَیْنِ وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ قُلْ حِینَ تُرِیدُ أَنْ تَذْبَحَ وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ
ص: 264
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ إِنَّ صَلاتِی وَ نُسُكِی وَ مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَ لَكَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّی بِسْمِ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ ثُمَّ كُلْ وَ أَطْعِمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ التَّكْبِیرِ فِی أَیَّامِ التَّشْرِیقِ قَالَ یَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةَ الْأُولَی إِلَی آخِرِ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ یُكَبِّرُ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا هَدَانَا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعَامِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ لِوَلَدِهِ الْجَارِیَةُ أَ یَطَؤُهَا قَالَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ یُقَوِّمَهَا عَلَی نَفْسِهِ قِیمَةً وَ یُشْهِدَ شَاهِدَیْنِ عَلَی نَفْسِهِ بِثَمَنِهَا فَیَطَؤُهَا إِنْ أَحَبَّ وَ إِنْ كَانَ لِوَلَدِهِ مَالٌ وَ أَحَبَّ أَنْ یَأْخُذَ مِنْهُ فَلْیَأْخُذْ وَ إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حَیَّةً فَلَا أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَیْئاً إِلَّا قَرْضاً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَذْبَحُ عَلَی غَیْرِ قِبْلَةٍ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا لَمْ یَتَعَمَّدْ وَ إِنْ ذَبَحَ وَ لَمْ یُسَمِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ یُسَمِّیَ إِذَا ذَكَرَ بِسْمِ اللَّهِ عَلَی أَوَّلِهِ وَ آخِرِهِ ثُمَّ یَأْكُلُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّكَاةِ أَ یُعْطَاهَا مَنْ لَهُ الْمِائَةُ قَالَ نَعَمْ وَ مَنْ لَهُ الدَّارُ وَ الْعَبْدُ فَإِنَّ الدَّارَ لَیْسَ نَعُدُّهَا مَالًا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَائِضِ قَالَ یُشْرَبُ مِنْ سُؤْرِهَا وَ لَا یُتَوَضَّأُ مِنْهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَمْلُوكِ یُعْطَی مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرُورَةِ (1)یُحِجُّهُ الرَّجُلُ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ نَعَمْ وَ لَیْسَ یَنْبَغِی لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ یَمْنَعَ الْحَاجَّ شَیْئاً مِنَ الدُّورِ یَنْزِلُونَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً قَالَ قُلْتُ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ مِائَتَیْ مَرَّةٍ أَ كَثِیرٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوْمِ بَعْدَ الْغَدَاةِ قَالَ لَا حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ وَ ذَكَرَ الْخَاتَمَ قَالَ إِذَا اغْتَسَلْتَ فَحَوِّلْهُ مِنْ مَكَانِهِ وَ إِنْ نَسِیتَ حَتَّی تَقُومَ فِی الصَّلَاةِ فَلَا آمُرُكَ أَنْ تُعِیدَ الصَّلَاةَ
ص: 265
وَ ذَكَرَ ذُو الْقَرْنَیْنِ قُلْتُ عَبْداً كَانَ أَمْ مَلَكاً (1)قَالَ عَبْدٌ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ نَصَحَ لِلَّهِ فَنَصَحَهُ اللَّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الِاخْتِلَافِ فِی الْقَضَاءِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی أَشْیَاءَ مِنَ الْمَعْرُوفِ (2)أَنَّهُ لَمْ یَأْمُرْ بِهَا وَ لَمْ یَنْهَ عَنْهَا إِلَّا أَنَّهُ نَهَی عَنْهَا نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ فَقُلْتُ كَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ قَالَ أَحَلَّتْهَا آیَةٌ وَ حَرَّمَتْهَا آیَةٌ فَقُلْتُ هَلْ یَصْلُحُ إِلَّا بِأَنَّ إِحْدَاهُمَا مَنْسُوخَةٌ أَمْ هُمَا مُحْكَمَتَانِ یَنْبَغِی أَنْ یُعْمَلَ بِهِمَا قَالَ قَدْ بَیَّنَ إِذْ نَهَی نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ قُلْتُ لَهُ فَمَا مَنَعَ أَنْ یُبَیِّنَ لِلنَّاسِ قَالَ خَشِیَ أَنْ لَا یُطَاعَ وَ لَوْ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثَبَتَتْ قَدَمَاهُ أَقَامَ كِتَابَ اللَّهِ كُلَّهُ وَ الْحَقَّ كُلَّهُ وَ صَلَّی حَسَنٌ وَ حُسَیْنٌ وَرَاءَ مَرْوَانَ وَ نَحْنُ نُصَلِّی مَعَهُمْ وَ سَأَلْتُهُ عَمَّنْ یَرْوِی عَنْكُمْ تَفْسِیراً وَ ثَوَابَهُ (3)عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَضَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ فِی شَیْ ءٍ لَمْ نَسْمَعْهُ قَطُّ مِنْ مَنَاسِكٍ أَوْ شِبْهِهِ فِی غَیْرِ أَنْ یُسَمِّیَ لَكُمْ عَدُوّاً (4)أَ وَ یَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ فِی قَوْلِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ یَقُولُونَهُ (5)قَالَ لَا یَسَعُكُمْ حَتَّی تَسْتَیْقِنُوا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ نَبِیِّ اللَّهِ هَلْ كَانَ یَقُولُ عَلَی اللَّهِ شَیْئاً قَطُّ أَوْ یَنْطِقُ عَنْ هَوًی أَوْ یَتَكَلَّفُ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ أَ رَأَیْتَكَ قَوْلَهُ لِعَلِیٍّ علیه السلام مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُ أَمَرَهُ بِهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مُنْذُ یَوْمَ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ قُلْتُ هَلْ یُسَلِّمُ النَّاسُ حَتَّی یَعْرِفُوا ذَلِكَ قَالَ لَا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَ لا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا قُلْتُ مَنْ هُوَ قَالَ أَ رَأَیْتُمْ خَدَمَكُمْ وَ نِسَاءَكُمْ مِمَّنْ لَا یَعْرِفُ ذَلِكَ أَ تَقْتُلُونَ خَدَمَكُمْ وَ هُمْ مَقْرُونٌ لَكُمْ وَ قَالَ مَنْ عُرِضَ عَلَیْهِ ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَ أَسْحَقَهُ (6)لَا خَیْرَ فِیهِ
ص: 266
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَقُولُ إِنِ اشْتَرَیْتُ فُلَاناً فَهُوَ حُرٌّ وَ إِنِ اشْتَرَیْتُ هَذَا الثَّوْبَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَ إِنْ نَكَحْتُ فَهِیَ طَلَاقٌ قَالَ لَیْسَ ذَلِكَ بِشَیْ ءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فِی غَیْرِ عِدَّةٍ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ حَائِضٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُرَاجِعَهَا وَ لَمْ یَحْسُبْ تِلْكَ التَّطْلِیقَةَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَیَّ حَرَامٌ قَالَ هِیَ یَمِینٌ یُكَفِّرُهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یا أَیُّهَا النَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِی مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَیْمانِكُمْ وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ فَجَعَلَهَا یَمِیناً فَكَفَّرَهَا نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَأَلْتُهُ بِمَا یُكَفِّرُ یَمِینَهُ قَالَ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِینَ فَقُلْتُ كَمْ إِطْعَامُ كُلِّ مِسْكِینٍ فَقَالَ مُدٌّ مُدٌّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَكَلَ رِبًا لَا یَرَی إِلَّا أَنَّهُ حَلَالٌ قَالَ لَا یَضُرُّهُ حَتَّی یُصِیبَهُ مُتَعَمِّداً فَهُوَ رِباً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ لِلْمَسَاكِینِ قَالَ ثَوْبٌ یُوَارِی بِهِ عَوْرَتَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَقُولُ عَلَیَّ نَذْرٌ وَ لَا یُسَمِّی شَیْئاً قَالَ لَیْسَ بِشَیْ ءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصِّیَامِ فِی الْحَضَرِ قَالَ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ فِی كُلِّ شَهْرٍ الْخَمِیسُ فِی جُمْعَةٍ وَ الْأَرْبِعَاءُ فِی جُمْعَةٍ وَ الْخَمِیسُ فِی جُمْعَةٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَمُوتُ وَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَ لَهُ مَعَهَا وَلَدٌ أَ یَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا قَالَ أُخْبِرُكَ مَا أَوْصَی عَلِیٌّ علیه السلام فِی أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ عَلِیّاً أَوْصَی أَیُّمَا امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا وَلَدٌ فَهِیَ مِنْ نَصِیبِ وَلَدِهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ قَالَ إِنَّ رَجُلًا أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْأَلُهُ عَنْهُ (1)فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ نَاضِحٌ (2)قَالَ نَعَمْ قَالَ اعْلِفْهُ إِیَّاهُ
ص: 267
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَتَعَمَّدُ الْغِنَاءَ یُجْلَسُ إِلَیْهِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَتَصَدَّقُ عَلَی وُلْدِهِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَرُدَّهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی یَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ یَرْجِعُ فِیهَا مِثْلُ الَّذِی یَقِی ءُ ثُمَّ یَرْجِعُ فِی قَیْئِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَمُرُّ عَلَی ثَمَرَةٍ فَیَأْكُلُ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ قَدْ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تُسْتَرَ الْحِیطَانُ بِرَفْعِ بِنَائِهَا (1)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُعْطَی الْأَرْضَ عَلَی أَنْ یَعْمُرَهَا وَ یَكْرِیَ أَنْهَارَهَا بِشَیْ ءٍ مَعْلُومٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ (2)أَ یَأْكُلُ (3)فِی إِنَائِهِمْ إِذَا كَانُوا یَأْكُلُونَ الْمَیْتَةَ وَ الْخِنْزِیرَ قَالَ لَا وَ لَا فِی آنِیَةِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَبَائِرِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ قَالَ الَّتِی أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهَا النَّارَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَصْرِمُ (4)أَخَاهُ وَ ذَا قَرَابَتِهِ مِمَّنْ لَا یَعْرِفُ الْوَلَایَةَ قَالَ إِنْ لَمْ یَكُنْ عَلَیْهِ طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ فَلْیُكَلِّمْهُ وَ سَأَلْتُهُ عَمَّنْ یَرَی هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ لَا یُبْصِرُهُ غَیْرُهُ أَ لَهُ أَنْ یَصُومَ قَالَ إِذَا لَمْ یَشُكَّ فِیهِ فَلْیَصُمْ وَحْدَهُ وَ یَصُومُ مَعَ النَّاسِ إِذَا صَامُوا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَافَ فَذَكَرَ أَنَّهُ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ فَكَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَقْطَعُ طَوَافَهُ وَ لَا یَعْتَدُّ بِمَا طَافَ وَ عَلَیْهِ الْوُضُوءُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَلْمِسَ وَ یُقَبِّلَ وَ هُوَ یَقْضِی شَهْرَ رَمَضَانَ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَمْشِی فِی الْعَذَرَةِ وَ هِیَ یَابِسَةٌ فَتُصِیبُ ثِیَابَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَیُصَلِّیَ وَ لَمْ یَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ قَالَ إِذَا كَانَ یَابِساً فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُؤَذِّنُ أَوْ یُقِیمُ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ أَ یُجْزِیهِ ذَلِكَ قَالَ أَمَّا
ص: 268
الْأَذَانُ فَلَا بَأْسَ وَ أَمَّا الْإِقَامَةُ فَلَا یُقِیمُ إِلَّا عَلَی وُضُوءٍ قُلْتُ فَإِنْ أَقَامَ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ أَ یُصَلِّی بِإِقَامَتِهِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكْسِرُ بَیْضَ الْحَمَامِ أَوْ بَعْضَهُ وَ فِی الْبَیْضِ فِرَاخٌ تَتَحَرَّكُ مَا عَلَیْهِ قَالَ یَتَصَدَّقُ عَمَّا تَحَرَّكَ مِنْهُ بِشَاةٍ یَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا إِذَا كَانَ مُحْرِماً وَ إِنْ لَمْ یَتَحَرَّكِ الْفِرَاخُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ دَرَاهِمَ أَوْ شِبْهَهُ أَوِ اشْتَرَی بِهِ عَلَفاً لِحَمَامِ الْحَرَمِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ بَیْضَ نَعَامٍ فِیهِ فِرَاخٌ قَدْ تَحَرَّكَتْ مَا عَلَیْهِ قَالَ لِكُلِّ فَرْخٍ بَعِیرٌ یَنْحَرُهُ بِالْمَنْحَرِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّضُوحِ (1)یُجْعَلُ فِیهِ النَّبِیذُ أَ یَصْلُحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّیَ وَ هُوَ عَلَی رَأْسِهَا قَالَ لَا حَتَّی تَغْتَسِلَ مِنْهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكُحْلِ یَصْلُحُ أَنْ یُعْجَنَ بِالنَّبِیذِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمُشْبَعَ بِالْعُصْفُرِ (2)قَالَ إِذَا لَمْ یَكُنْ فِیهِ طِیبٌ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ وَ هِیَ مُخْتَضِبَةٌ بِالْحِنَّاءِ وَ الْوَسِمَةِ قَالَ إِذَا بَرَزَ الْفَمُ وَ الْمَنْخِرُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ لَبِسَ فِرَاءَ (3)الثَّعَالِبِ وَ السَّنَانِیرِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ لَا یُصَلِّی فِیهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ لُبْسِ السَّمُّورِ وَ السِّنْجَابِ وَ الْفَنَكِ وَ الْقَاقُمِ (4)قَالَ لَا بَأْسَ وَ لَا یُصَلِّی إِلَّا أَنْ یَكُونَ ذَكِیّاً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِقْرَانِ بَیْنَ التِّینِ وَ التَّمْرِ وَ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ أَ یَصْلُحُ قَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْإِقْرَانِ فَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ فَكُلْ مَا أَحْبَبْتَ وَ إِنْ كُنْتَ مَعَ قَوْمٍ فَلَا تُقْرِنْ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ
ص: 269
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقْعُدُ فِی الْمَسْجِدِ وَ رِجْلُهُ خَارِجٌ مِنْهُ أَوِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ أَ یَصْلُحُ لَهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْفِضَّةِ فِی الْخِوَانِ وَ الصَّحْفَةِ وَ السَّیْفِ وَ الْمِنْطَقَةِ وَ بِالسَّرْجِ أَوِ اللِّجَامِ یُبَاعُ بِدَرَاهِمَ أَقَلَّ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ أَكْثَرَ یَحِلُّ قَالَ یَبِیعُ الْفِضَّةَ بِدَنَانِیرَ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّرْجِ وَ اللِّجَامِ فِیهِ الْفِضَّةُ أَ یُرْكَبُ بِهِ قَالَ إِنْ كَانَ مُمَوَّهاً (1)لَا تَقْدِرُ أَنْ تَنْزِعَ مِنْهُ شَیْئاً فَلَا بَأْسَ وَ إِلَّا فَلَا تَرْكَبْ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّیْفِ یُعَلَّقُ فِی الْمَسْجِدِ قَالَ أَمَّا فِی الْقِبْلَةِ فَلَا وَ أَمَّا فِی جَانِبِهِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَلْبَانِ الْأُتُنِ أَ یُشْرَبُ لِدَوَاءٍ أَوْ یُجْعَلُ لِدَوَاءٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الشُّرْبِ فِی الْإِنَاءِ یُشْرَبُ فِیهِ الْخَمْرُ قَدَحَ عِیدَانٍ أَوْ بَاطِیَةٍ (2)أَ یُشْرَبُ فِیهِ قَالَ إِذَا غُسِلَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَغْتَسِلُ فِی الْمَكَانِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوْ یَبُولُ ثُمَّ یَجِفُّ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَفْتَرِشَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ جَافّاً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَمُرُّ بِالْمَكَانِ فِیهِ الْعَذِرَةُ فَتَهُبُّ الرِّیحُ فَتَسْفِی عَلَیْهِ (3)مِنَ الْعَذِرَةِ فَیُصِیبُ ثَوْبَهُ وَ رَأْسَهُ أَ وَ یُصَلِّی قَبْلَ أَنْ یَغْسِلَهُ قَالَ نَعَمْ یَنْفُضُهُ وَ یُصَلِّی فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَمْرِ یَكُونُ أَوَّلُهُ خَمْراً ثُمَّ یَصِیرُ خَلًّا أَ یُؤْكَلُ قَالَ نَعَمْ إِذَا ذَهَبَ سُكْرُهُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ حُبِّ الْخَمْرِ أَ یُجْعَلُ فِیهِ الْخَلُّ وَ الزَّیْتُونُ أَوْ شِبْهُهُ قَالَ إِذَا غُسِلَ فَلَا بَأْسَ
ص: 270
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَقِیقَةِ عَنِ الْغُلَامِ وَ الْجَارِیَةِ مَا هِیَ قَالَ سَوَاءٌ كَبْشٌ كَبْشٌ وَ یَحْلِقُ رَأْسَهُ فِی السَّابِعِ وَ یَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً فَإِنْ لَمْ یَجِدْ رَفَعَ الشَّعْرَ أَوْ عَرَفَ وَزْنَهُ فَإِذَا أَیْسَرَ تَصَدَّقَ بِوَزْنِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَدْعُو وَ حَوْلَهُ إِخْوَانُهُ یَجِبُ عَلَیْهِمْ أَنْ یُؤَمِّنُوا (1)قَالَ إِنْ شَاءُوا فَعَلُوا وَ إِنْ شَاءُوا سَكَتُوا فَإِنْ دَعَا بِحَقٍّ وَ قَالَ لَهُمْ أَمِّنُوا وَجَبَ عَلَیْهِمْ أَنْ یَفْعَلُوا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْغِنَاءِ أَ یَصْلُحُ فِی الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَی وَ الْفَرَحِ قَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ یَزْمُرْ بِهِ (2)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ مَا حَالُهُ إِذَا سَكِرَ مِنْهَا قَالَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَمَاتَ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِینَ یَوْماً لَقِیَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوْحِ عَلَی الْمَیِّتِ أَ یَصْلُحُ قَالَ یُكْرَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الشِّعْرِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یُنْشَدَ فِی الْمَسْجِدِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الضَّالَّةِ أَ یَصْلُحُ أَنْ تُنْشَدَ فِی الْمَسْجِدِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فِطْرَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَی كُلِّ إِنْسَانٍ هِیَ أَمْ عَلَی مَنْ صَامَ وَ عَرَفَ الصَّلَاةَ قَالَ كُلُّ صَغِیرٍ وَ كَبِیرٍ مِمَّنْ یَعُولُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ أَ یَصْلُحُ قَالَ لَا تَقْتُلْهَا إِلَّا أَنْ تُؤْذِیَكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ قَالَ لَا تُؤْذِیهِ وَ لَا تَذْبَحْهُ فَنِعْمَ الطَّیْرُ هُوَ وَ سَأَلْتُهُ عَمَّنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ مَا حَالُهُ قَالَ إِنْ كَانَ مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ نَسِیَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ الضَّبِّ وَ الْیَرْبُوعِ (3)أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَمَّنْ كَانَ عَلَیْهِ یَوْمَانِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَیْفَ یَقْضِیهِمَا قَالَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمَا بِیَوْمٍ وَ إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا یَقْضِیهِ إِلَّا مُتَوَالِیاً
ص: 271
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُلَاعِبُ الْمَرْأَةَ أَوْ یُجَرِّدُهَا أَوْ یُقَبِّلُهَا فَیَخْرُجُ مِنْهُ الشَّیْ ءُ مَا عَلَیْهِ قَالَ إِنْ جَاءَتِ الشَّهْوَةُ وَ خَرَجَ بِدَفْقٍ وَ فَتَرَ لِخُرُوجِهِ فَعَلَیْهِ الْغُسْلُ وَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ شَیْ ءٌ لَا یَجِدَ لَهُ شَهْوَةً وَ لَا فَتْرَةً لَا غُسْلَ عَلَیْهِ وَ یَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَ لَهَا أَنْ تُعْطِیَ مِنْ بَیْتِ زَوْجِهَا شَیْئاً بِغَیْرِ إِذْنِهِ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یُحَلِّلَهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَطْرِفُ بَعْدَ الْفَجْرِ أَ یُصَلِّی الرَّكْعَتَیْنِ خَارِجاً مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ یُصَلِّی فِی مَكَّةَ لَا یَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ یَنْسَی (1)فَیَخْرُجُ فَیُصَلِّی فَإِذَا رَجَعَ إِلَی الْمَسْجِدِ فَلْیُصَلِّ أَیَّ سَاعَةٍ شَاءَ رَكْعَتَیْ ذَلِكَ الطَّوَافِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَطُوفُ الْأُسْبُوعَ وَ لَا یُصَلِّی رَكْعَتَیْهِ حَتَّی یَبْدُوَ لَهُ أَنْ یَطُوفَ أُسْبُوعاً هَلْ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا حَتَّی یُصَلِّیَ رَكْعَتَیِ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ لْیَطُفْ إِنْ شَاءَ مَا أَحَبَّ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَقِفَ بِعَرَفَاتٍ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا یَصْلُحُ لَهُ إِلَّا وَ هُوَ عَلَی وُضُوءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَقِفَ عَلَی شَیْ ءٍ مِنَ الْمَشَاعِرِ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا یَصْلُحُ إِلَّا عَلَی وُضُوءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَقْضِیَ شَیْئاً مِنَ الْمَنَاسِكِ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا یَصْلُحُ إِلَّا عَلَی وُضُوءٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ لَهُ الثَّوْبُ قَدْ أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ فَلَمْ یَغْسِلْهُ هَلْ یَصْلُحُ النَّوْمُ فِیهِ قَالَ یُكْرَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَعْرَقُ فِی الثَّوْبِ یَعْلَمُ أَنَّ فِیهِ جَنَابَةً كَیْفَ یَصْنَعُ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ قَبْلَ أَنْ یَغْسِلَ قَالَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا عَرِقَ أَصَابَ جَسَدَهُ مِنْ تِلْكَ الْجَنَابَةِ الَّتِی فِی الثَّوْبِ فَلْیَغْسِلْ مَا أَصَابَ جَسَدَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ جَسَدَهُ وَ لَمْ یَعْرِفْ مَكَانَهُ فَلْیَغْسِلْ جَسَدَهُ كُلَّهُ
ص: 272
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُعُودِ فِی الْعِیدَیْنِ وَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ یَخْطُبُ كَیْفَ هُوَ أَ یَسْتَقْبِلُ الْإِمَامَ أَوِ الْقِبْلَةَ قَالَ یَسْتَقْبِلُ الْإِمَامَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَجُوزِ وَ الْعَاتِقِ (1)هَلْ عَلَیْهِمَا مِنَ التَّزَیُّنِ وَ التَّطَیُّبِ (2)فِی الْجُمُعَةِ وَ الْعِیدَیْنِ مَا عَلَی الرِّجَالِ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَسْهُو فَیَبْنِی عَلَی مَا ظَنَّ كَیْفَ یَصْنَعُ أَ یَفْتَحُ الصَّلَاةَ أَوْ یَقُومُ فَیُكَبِّرُ وَ یَقْرَأُ وَ هَلْ عَلَیْهِ أَذَانٌ وَ إِقَامَةٌ وَ إِنْ كَانَ قَدْ سَهَا فِی الرَّكْعَتَیْنِ الْأُخْرَاوَیْنِ وَ قَدْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ هَلْ عَلَیْهِ أَنْ یُسَبِّحَ أَوْ یُكَبِّرَ قَالَ یَبْنِی عَلَی مَا كَانَ صَلَّی إِنْ كَانَ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَلَیْسَ عَلَیْهِ قِرَاءَةٌ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ لَا سَهْوَ عَلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ التَّكْبِیرِ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ هَلْ تُرْفَعُ فِیهِ الْأَیْدِی أَمْ لَا قَالَ تَرْفَعُ یَدَكَ شَیْئاً أَوْ تُحَرِّكُهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ التَّكْبِیرِ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ أَ وَاجِبٌ هُوَ قَالَ یُسْتَحَبُّ فَإِنْ نَسِیَهُ فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النِّسَاءِ هَلْ عَلَیْهِنَّ التَّكْبِیرُ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ قَالَ نَعَمْ وَ لَا یَجْهَرْنَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَ قَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَیُكَبِّرُ الْإِمَامُ إِذَا سَلَّمَ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ كَیْفَ یَصْنَعُ الرَّجُلُ قَالَ یَقُومُ فَیَقْضِی مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِذَا فَرَغَ كَبَّرَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُصَلِّی وَحْدَهُ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ هَلْ عَلَیْهِ تَكْبِیرٌ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ نَسِیَهُ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَوْلِ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ مَا هُوَ قَالَ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا هَدَانَا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَی مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعَامِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوَافِلِ أَیَّامَ التَّشْرِیقِ هَلْ فِیهَا تَكْبِیرٌ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ نَسِیَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَسْمَعُ الْأَذَانَ فَیُصَلِّی الْفَجْرَ وَ لَا یَدْرِی طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا وَ لَا
ص: 273
یَعْرِفُهُ غَیْرَ أَنَّهُ یَظُنُّ أَنَّهُ لِمَكَانِ الْأَذَانِ قَدْ طَلَعَ هَلْ یُجْزِیهِ ذَلِكَ قَالَ لَا یُجْزِیهِ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسْلِمِ الْعَارِفِ یَدْخُلُ بَیْتَ أَخِیهِ فَیَسْقِیهِ النَّبِیذَ أَوْ شَرَاباً لَا یَعْرِفُهُ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ شُرْبُهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَسْأَلَهُ عَنْهُ قَالَ إِذَا كَانَ مُسْلِماً عَارِفاً فَاشْرَبْ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا أَنْ تُنْكِرَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَتَخَتَّمَ بِالذَّهَبِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّعِبِ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَ شِبْهِهَا قَالَ لَا تُسْتَحَبُّ شَیْئاً مِنَ اللَّعِبِ غَیْرَ الرِّهَانِ وَ الرَّمْیِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَفْتَتِحُ السُّورَةَ فَیَقْرَأُ بَعْضَهَا ثُمَّ یُخْطِئُ فَیَأْخُذُ فِی غَیْرِهَا حَتَّی یَخْتِمَهَا ثُمَّ یَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ هَلْ لَهُ أَنْ یَرْجِعَ فِی الَّذِی افْتَتَحَ وَ إِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ وَ سَجَدَ قَالَ إِنْ كَانَ لَمْ یَرْكَعْ فَلْیَرْجِعْ إِنْ أَحَبَّ وَ إِنْ رَكَعَ فَلْیَمْضِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأُضْحِیَّةِ یُخْطِئُ الَّذِی یَذْبَحُهَا فَیُسَمِّی غَیْرَ صَاحِبِهَا هَلْ تُجْزِی صَاحِبَ الْأُضْحِیَّةِ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا لَهُ مَا نَوَی وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَشْتَرِی الْأُضْحِیَّةَ عَوْرَاءَ وَ لَا یَعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ شِرَائِهَا هَلْ تُجْزِی عَنْهُ قَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنْ یَكُونَ هَدْیاً فَإِنَّهُ لَا یَجُوزُ نَاقِصُ الْهَدْیِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ فِی سَفِینَةٍ لَا یَقْدِرُونَ أَنْ یَخْرُجُوا إِلَّا إِلَی الطِّینِ وَ مَاءٍ هَلْ یَصْلُحُ لَهُمْ أَنْ یُصَلُّوا الْفَرِیضَةَ فِی السَّفِینَةِ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا جَمَاعَةً فِی سَفِینَةٍ أَیْنَ یَقُومُ الْإِمَامُ وَ إِنْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ كَیْفَ یَصْنَعُونَ أَ قِیَاماً یُصَلُّونَ أَوْ جُلُوساً قَالَ یُصَلُّونَ قِیَاماً فَإِنْ لَمْ یَقْدِرُوا عَلَی الْقِیَامِ صَلَّوْا جُلُوساً وَ یَقُومُ الْإِمَامُ أَمَامَهُمْ وَ النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ فَإِنْ ضَاقَتِ السَّفِینَةُ قَعَدْنَ النِّسَاءُ وَ صَلَّی الرِّجَالُ وَ لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ بِحِیَالِهِمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُخْطِئُ فِی التَّشَهُّدِ وَ الْقُنُوتِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یُرَدِّدَهُ حَتَّی یَذْكُرَهُ أَوْ یُنْصِتُ سَاعَةً وَ یَتَذَكَّرُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ یَتَرَدَّدَ وَ یُنْصِتَ سَاعَةً حَتَّی یَذْكُرَ وَ لَیْسَ فِی الْقُنُوتِ سَهْوٌ كَمَا فِی التَّشَهُّدِ
ص: 274
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُخْطِئُ فِی قِرَاءَتِهِ هَلْ لَهُ أَنْ یُنْصِتَ سَاعَةً وَ یَتَذَكَّرَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَرَادَ سُورَةً فَقَرَأَ غَیْرَهَا هَلْ یَصْلُحُ لَهُ بَعْدَ أَنْ یَقْرَأَ نِصْفَهَا أَنْ یَرْجِعَهَا إِلَی الَّتِی أَرَادَ (1)قَالَ نَعَمْ مَا لَمْ تَكُنْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَرَأَ سُورَةً وَاحِدَةً فِی رَكْعَتَیْنِ مِنَ الْفَرِیضَةِ وَ هُوَ یُحْسِنُ غَیْرَهَا وَ إِنْ فَعَلَ فَمَا عَلَیْهِ قَالَ إِذَا أَحْسَنَ غَیْرَهَا فَلَا یَفْعَلُ وَ إِنْ لَمْ یُحْسِنْ غَیْرَهَا فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ فَعَلَ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ وَ لَكِنْ لَا یَعُودُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقُومُ فِی صَلَاتِهِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُقَدِّمَ رِجْلًا وَ یُؤَخِّرَ أُخْرَی مِنْ غَیْرِ مَرَضٍ وَ لَا عِلَّةٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاةٍ فَرِیضَةٍ فَیَقُومُ (2)فِی الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَتَنَاوَلَ جَانِبَ الْمَسْجِدِ فَیَنْهَضَ یَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی الْقِیَامِ مِنْ غَیْرِ ضَعْفٍ وَ لَا عِلَّةٍ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُتَمَتِّعِ یَقْدَمُ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَطُوفُ وَ یُحِلُّ فَإِذَا صَلَّی الظُّهْرَ أَحْرَمَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُصِیبُ اللُّقَطَةَ دَرَاهِمَ أَوْ ثَوْباً أَوْ دَابَّةً كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یُعَرِّفُهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ یُعَرِّفْهَا جَعَلَ فِی عَرْضِ مَالِهِ حَتَّی یَجِی ءَ طَالِبُهَا فَیُعْطِیَهُ إِیَّاهَا وَ إِنْ مَاتَ أَوْصَی بِهَا وَ هُوَ لَهَا ضَامِنٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُصِیبُ اللُّقَطَةَ فَیُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ یَتَصَدَّقُ بِهَا ثُمَّ یَأْتِیهِ صَاحِبُهَا مَا حَالُ الَّذِی تَصَدَّقَ بِهَا وَ لِمَنِ الْأَجْرُ قَالَ عَلَیْهِ أَنْ یَرُدَّهَا عَلَی صَاحِبِهَا أَوْ قِیمَتَهَا قَالَ هُوَ ضَامِنٌ لَهَا وَ الْأَجْرُ لَهُ إِلَّا أَنْ یَرْضَی صَاحِبُهَا فَیَدَعَهَا وَ لَهُ أَجْرُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ فِی صَلَاةٍ فَرِیضَةٍ وَ وَلَدُهَا إِلَی جَنْبِهَا فَیَبْكِی وَ هِیَ قَاعِدَةٌ هَلْ یَصْلُحُ لَهَا أَنْ تُنَاوِلَهُ فَتُقْعِدَهُ فِی حَجْرِهَا تُسْكِنُهُ أَوْ تُرْضِعُهُ قَالَ لَا بَأْسَ
ص: 275
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بِهَا الْجُرُوحُ فِی فَخِذِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ عَضُدِهَا هَلْ یَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَنْظُرَ إِلَیْهِ یُعَالِجَهُ (1)قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ بِبَطْنِ فَخِذِهِ أَوْ أَلْیَتِهِ جُرْحٌ هَلْ یَصْلُحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَیْهِ وَ تُدَاوِیَهُ قَالَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَةً فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّقِیقِ یَقَعُ فِیهِ خُرْءُ (2)الْفَأْرِ هَلْ یَصْلُحُ أَكْلُهُ إِذَا عُجِنَ مَعَ الدَّقِیقِ قَالَ إِذَا لَمْ یَعْرِفْهُ فَلَا بَأْسَ فَإِذَا عَرَفَهُ فَلْیَطْرَحْهُ مِنَ الدَّقِیقِ (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ جُلُودِ الْأَضَاحِیِّ هَلْ یَصْلُحُ لِمَنْ ضَحَّی بِهَا أَنْ یَجْعَلَهَا جِرَاباً قَالَ لَا یَصْلُحُ أَنْ یَجْعَلَهَا جِرَاباً إِلَّا أَنْ یَتَصَدَّقَ بِقِیمَتِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ عَلَی الْمُصَلَّی أَوْ عَلَی الْحَصِیرِ فَیَسْجُدُ فَیَقَعُ كَفُّهُ عَلَی الْمُصَلَّی أَوْ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ وَ بَعْضُ كَفِّهِ خَارِجٌ عَنِ الْمُصَلَّی عَلَی الْأَرْضِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقْرَأُ فِی الْفَرِیضَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ بِسُورَةٍ فِی النَّفَسِ الْوَاحِدِ هَلْ یَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ وَ مَا عَلَیْهِ إِنْ فَعَلَ (4)قَالَ إِنْ شَاءَ قَرَأَ فِی نَفَسٍ وَاحِدٍ وَ إِنْ شَاءَ أَكْثَرَ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاةٍ فَیَسْمَعُ الْكَلَامَ أَوْ غَیْرَهُ فَیُنْصِتُ وَ یَسْتَمِعُ مَا عَلَیْهِ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ هُوَ نَقْصٌ فِی الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقْرَأُ فِی صَلَاتِهِ هَلْ یُجْزِیهِ أَنْ لَا یَخْرُجَ (5)وَ أَنْ یَتَوَهَّمَ تَوَهُّماً قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَقْرَأَ فِی الْفَرِیضَةِ فَیَمُرَّ بِالْآیَةِ فِیهَا التَّخْوِیفُ فَیَبْكِیَ وَ یُرَدِّدَ الْآیَةَ قَالَ یُرَدِّدُ الْقُرْآنَ مَا شَاءَ وَ إِنْ جَاءَهُ الْبُكَاءُ فَلَا بَأْسَ
ص: 276
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمِرْآةِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَعْمَلَ بِهَا إِذَا كَانَتْ لَهَا حَلْقَةُ فِضَّةٍ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا كُرِهَ إِنَاءٌ شُرِبَ فِیهِ أَنْ یُسْتَعْمَلَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یَكْتُبَ الْقُرْآنَ فِی الْأَلْوَاحِ وَ الصَّحِیفَةِ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا أَصَابَ الْمَجُوسُ مِنَ الْجَرَادِ وَ السَّمَكِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ صَیْدُهُ ذَكَاتُهُ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّبِیِّ یَسْرِقُ مَا عَلَیْهِ قَالَ إِذَا سَرَقَ وَ هُوَ صَغِیرٌ عُفِیَ عَنْهُ فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ أَنَامِلُهُ وَ إِنْ عَادَ قُطِعَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِی مَعَاطِنِ الْإِبِلِ أَ تَصْلُحُ قَالَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا أَنْ تَخَافَ عَلَی مَتَاعِكَ ضَیْعَةً فَاكْنُسْ ثُمَّ انْضِحْ بِالْمَاءِ ثُمَّ صَلِّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَعَاطِنِ الْغَنَمِ أَ تَصْلُحُ الصَّلَاةُ فِیهَا قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شِرَاءِ النَّخْلِ سَنَتَیْنِ أَوْ أَرْبَعَةً أَ یَحِلُّ قَالَ لَا بَأْسَ یَقُولُ إِنْ لَمْ یُخْرِجِ الْعَامَ شَیْئاً أَخْرَجَ الْقَابِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شِرَاءِ النَّخْلِ سَنَةً وَاحِدَةً أَ یَصْلُحُ قَالَ لَا یَشْتَرِی حَتَّی تَبْلُغَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِحْرَامِ بِحَجَّةٍ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَحْرَمَ فَقَالَ بِحَجَّةٍ فَهِیَ عُمْرَةٌ تُحِلُّ بِالْبَیْتِ فَتَكُونُ عُمْرَةً كُوفِیَّةً وَ حَجَّةً مَكِّیَّةً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعُمْرَةِ مَتَی هِیَ قَالَ یَعْتَمِرُ فِیمَا أَحَبَّ مِنَ الشُّهُورِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقِیَامِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِی الصَّفِّ مَا حَدُّهُ قَالَ قُمْ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِذَا قَعَدْتَ فَضَاقَ الْمَكَانُ فَتَقَدَّمْ أَوْ تَأَخَّرْ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ أَ یَضَعُ إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی بِكَفِّهِ أَوْ ذِرَاعِهِ قَالَ لَا یَصْلُحُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا یَعُودُ لَهُ.
قَالَ عَلِیٌّ قَالَ مُوسَی سَأَلْتُ أَبِی جَعْفَراً علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: ذَلِكَ عَمَلٌ وَ لَیْسَ فِی الصَّلَاةِ عَمَلٌ
ص: 277
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدُّودِ یَقَعُ مِنَ الْكَنِیفِ عَلَی الثَّوْبِ أَ یُصَلَّی فِیهِ قَالَ لَا بَأْسَ إِلَّا أَنْ یَرَی عَلَیْهِ أَثَراً فَیَغْسِلُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْیَهُودِیِّ وَ النَّصْرَانِیِّ یُدْخِلُ یَدَهُ فِی الْمَاءِ أَ یُتَوَضَّأُ مِنْهُ فِی الصَّلَاةِ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یُضْطَرَّ إِلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النَّصْرَانِیِّ وَ الْیَهُودِیِّ یَغْتَسِلُ مَعَ الْمُسْلِمِینَ فِی الْحَمَّامِ (1)قَالَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ نَصْرَانِیٌّ اغْتَسَلَ بِغَیْرِ مَاءِ الْحَمَّامِ إِلَّا أَنْ یَغْتَسِلَ وَحْدَهُ عَلَی الْحَوْضِ فَیَغْسِلُهُ ثُمَّ یَغْتَسِلُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْیَهُودِیِّ وَ النَّصْرَانِیِّ یَشْرَبُ مِنَ الدَّوْرَقِ (2)أَ یَشْرَبُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكُوزِ وَ الدَّوْرَقِ وَ الْقَدَحِ وَ الزُّجَاجِ وَ الْعِیدَانِ أَ یُشْرَبُ مِنْهُ قِبَلَ عُرْوَتِهِ قَالَ لَا یُشْرَبُ مِنْ قِبَلِ عُرْوَةِ كُوزٍ وَ لَا إِبْرِیقٍ وَ لَا قَدَحٍ وَ لَا یُتَوَضَّأُ مِنْ قِبَلِ عُرْوَتِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرِیضِ إِذَا كَانَ لَا یَسْتَطِیعُ الْقِیَامَ كَیْفَ یُصَلِّی قَالَ یُصَلِّی النَّافِلَةَ وَ هُوَ جَالِسٌ وَ یَحْسُبُ كُلَّ رَكْعَتَیْنِ بِرَكْعَةٍ وَ أَمَّا الْفَرِیضَةُ فَیَحْتَسِبُ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرَكْعَةٍ وَ هُوَ جَالِسٌ إِذَا كَانَ لَا یَسْتَطِیعُ الْقِیَامَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِّ مَا یَجِبُ عَلَی الْمَرِیضِ تَرْكُ الصَّوْمِ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْمَرَضِ أَضَرَّ بِهِ الصَّوْمُ فَهُوَ یَسَعُهُ تَرْكُ الصَّوْمِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ ذَبَحَ فَقَطَعَ الرَّأْسَ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ الذَّبِیحَةُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ خَطَأً أَوْ سَبَقَهُ السِّكِّینُ أَ یُؤْكَلُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَا یَعُودُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْغُلَامِ مَتَی یَجِبُ عَلَیْهِ الصَّوْمُ وَ الصَّلَاةُ قَالَ إِذَا رَاهَقَ الْحُلُمَ وَ عَرَفَ الصَّوْمَ وَ الصَّلَاةَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قُطِعَ عَلَیْهِ أَوْ غَرِقَ مَتَاعُهُ فَبَقِیَ عُرْیَاناً وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ كَیْفَ یُصَلِّی قَالَ إِنْ أَصَابَ حَشِیشاً یَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ بِرُكُوعٍ وَ سُجُودٍ وَ إِنْ لَمْ یُصِبْ شَیْئاً یَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ أَوْمَأَ وَ هُوَ قَائِمٌ
ص: 278
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ لَیْسَ لَهَا إِلَّا مِلْحَفَةٌ وَاحِدَةٌ كَیْفَ تُصَلِّی فِیهَا قَالَ تَلْتَفُّ فِیهَا وَ تُغَطِّی رَأْسَهَا وَ تُصَلِّی فَإِنْ خَرَجَتْ رِجْلُهَا وَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَی غَیْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاةٍ فِی جَمَاعَةٍ فَیَقْرَأُ إِنْسَانٌ السَّجْدَةَ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْأَرْضِ السَّبِخَةِ أَ یُصَلَّی فِیهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یَكُونَ فِیهَا نَبْتٌ إِلَّا أَنْ یُخَافَ فَوْتُ الصَّلَاةِ فَیُصَلَّی وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَلْقَاهُ السَّبُعُ وَ قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَا یَسْتَطِیعُ الْمَشْیَ مَخَافَةَ السَّبُعِ وَ إِنْ قَامَ یُصَلِّی خَافَ فِی رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ (1)وَ السَّبُعُ أَمَامَهُ عَلَی غَیْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ تَوَجَّهَ الرَّجُلُ أَمَامَ الْقِبْلَةِ خَافَ أَنْ یَثِبَ عَلَیْهِ الْأَسَدُ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَسْتَقْبِلُ الْأَسَدَ وَ یُصَلِّی وَ یُومِئُ إِیمَاءً بِرَأْسِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ إِنْ كَانَ الْأَسَدُ عَلَی غَیْرِ الْقِبْلَةِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ فَیُقْرَأُ آخِرُ السَّجْدَةِ قَالَ یَسْجُدُ إِذَا سَمِعَ شَیْئاً مِنَ الْعَزَائِمِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ یَقُومُ فَیُتِمُّ صَلَاتَهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ فِی فَرِیضَةٍ فَیُومِئُ بِرَأْسِهِ إِیمَاءً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَدِیثِ بَعْدَ مَا یُصَلِّی الرَّجُلُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدُّمَّلِ یَسِیلُ مِنْهُ الْقَیْحُ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ إِنْ كَانَ غَلِیظاً وَ فِیهِ خَلْطٌ مِنْ دَمٍ فَاغْسِلْهُ كُلَّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ غَدَاةً وَ عَشِیَّةً وَ لَا یَنْقُضُ ذَلِكَ الْوُضُوءَ فَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَكَ قَدْرُ دِینَارٍ مِنَ الدَّمِ فَاغْسِلْهُ وَ لَا تُصَلِّ فِیهِ حَتَّی تَغْسِلَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقُولُ هُوَ أُهْدِی كَذَا وَ كَذَا مَا لَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ قَالَ إِذَا كَانَ جَعَلَهُ نَذْراً لِلَّهِ وَ لَا یَمْلِكُهُ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ مِمَّا یَمْلِكُ غُلَامٍ أَوْ جَارِیَةٍ أَوْ شِبْهِهِ بَاعَهُ وَ اشْتَرَی بِثَمَنِهِ طِیباً یُطَیِّبُ بِهِ الْكَعْبَةَ وَ إِنْ كَانَتْ دَابَّةً فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا لَیْلَتِی وَ یَوْمِی لَكَ یَوْماً أَوْ شَهْراً وَ مَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ إِذَا طَابَتْ نَفْسُهَا أَوِ اشْتَرَی ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ فِی الصَّفِّ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَتَقَدَّمَ إِلَی الثَّانِی
ص: 279
أَوِ الثَّالِثِ أَوْ یَتَأَخَّرَ وَرَاءً فِی جَانِبِ الصَّفِّ الْآخَرِ قَالَ إِذَا رَأَی خَلَلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ أَ یَصْلُحُ عَلَی الدَّابَّةِ قَالَ أَمَّا الْأَذَانُ فَلَا بَأْسَ وَ أَمَّا الْإِقَامَةُ فَلَا حَتَّی یَنْزِلَ عَلَی الْأَرْضِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ (1)وَ الْأَسْوَدِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا یَصْلُحُ أَكْلُ شَیْ ءٍ مِنَ الْغِرْبَانِ زَاغٍ وَ لَا غَیْرِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَیَّامٍ فِی الْحَجِّ وَ السَّبْعَةِ أَ یَصُومُهَا مُتَوَالِیَةً أَوْ یُفَرِّقُ بَیْنَهُمَا قَالَ یَصُومُ الثَّلَاثَةَ لَا یُفَرِّقُ بَیْنَهَا وَ لَا یَجْمَعُ السَّبْعَةَ وَ الثَّلَاثَةَ مَعاً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ كَفَّارَةِ صَوْمِ الْیَمِینِ یَصُومُهَا جَمِیعاً أَوْ یُفَرِّقُ بَیْنَهَا قَالَ یَصُومُهَا جَمِیعاً وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُقَبِّلَ الرَّجُلَ أَوِ الْمَرْأَةِ تُقَبِّلُ الْمَرْأَةَ قَالَ الْأَخُ وَ الِابْنُ وَ الْأُخْتُ وَ الِابْنَةُ وَ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَنَامَ فِی الْبَیْتِ وَحْدَهُ قَالَ تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ یَفْعَلَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی إِصْبَعِهِ أَوْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ یَدِهِ الشَّیْ ءُ لِیُصْلِحَهُ (2)لَهُ أَنْ یَبُلَّهُ بِبُصَاقِهِ وَ یَمْسَحَهُ فِی صَلَاتِهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَبُولُ فِی الطَّسْتِ یَصْلُحُ لَهُ الْوُضُوءُ فِیهَا قَالَ إِذَا غُسِلَتْ بَعْدَ بَوْلِهِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ یَصْلُحُ فِی الدُّهْنِ قَالَ إِنِّی لَأَضَعُهُ فِی الدُّهْنِ (3)وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ إِذَا هَمَّ بِالْحَجِّ یَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَ شَارِبِهِ وَ لِحْیَتِهِ مَا لَمْ یُحْرِمْ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ حَمْلِ الْمُسْلِمِینَ إِلَی الْمُشْرِكِینَ التِّجَارَةَ قَالَ إِذَا لَمْ یَحْمِلُوا سِلَاحاً فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِیَ الْقُنُوتَ حَتَّی رَكَعَ مَا حَالُهُ قَالَ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَ لَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ
ص: 280
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجَزُورِ وَ الْبَقَرَةِ عَنْ كَمْ یُضَحَّی بِهَا قَالَ یُسَمِّی رَبُّ الْبَیْتِ نَفْسَهُ وَ هُوَ یُجْزِی عَنْ أَهْلِ الْبَیْتِ إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا حَسَرَ (1)عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ صَیْدِ الْبَحْرِ وَ هُوَ مَیِّتٌ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَیْدِ الْبَحْرِ یَحْبِسُهُ فَیَمُوتُ فِی مَصِیدَتِهِ قَالَ إِذَا كَانَ مَحْبُوساً فَكُلْ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ ظَبْیٍ أَوْ حِمَارٍ وَحْشِیٍّ أَوْ طَیْرٍ صَرَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ رَمَاهُ بَعْدَ مَا صَرَعَهُ غَیْرُهُ فَمَاتَ أَ یُؤْكَلُ قَالَ كُلْهُ مَا لَمْ یَتَغَیَّرْ (2)إِذَا سُمِّیَ وَ رُمِیَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَلْحَقُ الظَّبْیَ أَوِ الْحِمَارَ فَیَضْرِبُهُ بِالسَّیْفِ فَیَقْطَعُهُ نِصْفَیْنِ هَلْ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ إِذَا سَمَّی وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَلْحَقُ حِمَاراً أَوْ ظَبْیاً فَیَضْرِبُهُ بِالسَّیْفِ فَیَصْرَعُهُ أَ یُؤْكَلُ قَالَ إِذَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ ذَكَّاهُ وَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ یَغِیبَ عَنْهُ أَكَلَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ اشْتَرَی مُشْرِكاً وَ هُوَ فِی أَرْضِ الشِّرْكِ فَقَالَ الْعَبْدُ لَا أَسْتَطِیعُ الْمَشْیَ فَخَافَ الْمُسْلِمُ أَنْ یَلْحَقَ الْعَبْدُ بِالْقَوْمِ أَ یَحِلُّ قَتْلُهُ قَالَ إِذَا خَافَ أَنْ یَلْحَقَ بِالْقَوْمِ یَعْنِی الْعَدُوَّ حَلَّ قَتْلُهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَی آخَرَ دَرَاهِمُ فَجَحَدَهُ ثُمَّ وَقَعَتْ لِلْجَاحِدِ مِثْلُهَا عِنْدَ الْمَجْحُودِ أَ یَحِلُّ أَنْ یَجْحَدَهُ مِثْلَ مَا جَحَدَهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَا یَزْدَادُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَتَصَدَّقُ عَلَی الرَّجُلِ بِجَارِیَةٍ هَلْ یَحِلُّ فَرْجُهَا لَهُ مَا لَمْ یَدْفَعْهَا إِلَی الَّذِی تَصَدَّقَ بِهَا عَلَیْهِ قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَی الْجِنَازَةِ إِذَا احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَ یَصْلُحُ قَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا فِی وَقْتِ صَلَاةٍ وَ إِذَا وَجَبَتِ الشَّمْسُ (3)فَصَلِّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلِّ عَلَی الْجِنَازَةِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَیَطُولُ فِی التَّشَهُّدِ فَیَأْخُذُهُ الْبَوْلُ أَوْپ
ص: 281
یَخَافُ عَلَی شَیْ ءٍ یَفُوتُ أَوْ یَعْرِضُ لَهُ وَجَعٌ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یُسَلِّمُ وَ یَنْصَرِفُ وَ یَدَعُ الْإِمَامَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِغَیْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَ لَهَا أَنْ تَصُومَ بِغَیْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّیْنِ یَكُونُ عَلَی قَوْمٍ مَیَاسِیرَ إِذَا شَاءَ صَاحِبُهُ قَبَضَهُ هَلْ عَلَیْهِ زَكَاةٌ قَالَ لَا حَتَّی یَقْبِضَهُ وَ یَحُولَ عَلَیْهِ الْحَوْلُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی یَضُمُّ أُسْبُوعَیْنِ فَثَلَاثَةً ثُمَّ یُصَلِّی لَهَا- (1)وَ لَا یُصَلِّی عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (2)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرِیضِ أَ یُكْوَی أَوْ یَسْتَرْقِی قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا اسْتَرْقَی بِمَا یَعْرِفُ (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ أَ لَهَا نَفَقَةٌ عَلَی زَوْجِهَا حَتَّی تَنْقَضِیَ عِدَّتُهَا قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ بَلَغَهَا أَنَّ زَوْجَهَا تُوُفِّیَ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَبَلَغَهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ أَنَّ زَوْجَهَا حَیٌّ هَلْ تَحِلُّ لِلْآخَرِ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَنْسَی صَلَاةَ اللَّیْلِ فَیَذْكُرُ إِذَا قَامَ فِی صَلَاةِ الزَّوَالِ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَبْدَأُ بِالزَّوَالِ فَإِذَا صَلَّی الظُّهْرَ قَضَی صَلَاةَ اللَّیْلِ وَ الْوَتْرِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْعَصْرِ أَوْ مَتَی مَا أَحَبَّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ احْتَجَمَ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ فَلَمْ یَعْلَمْ بِهِ حَتَّی كَانَ مِنْ غَدٍ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ إِنْ كَانَ رَأَی فَلَمْ یَغْسِلْهُ فَلْیَقْضِ جَمِیعَ مَا فَاتَهُ عَلَی قَدْرِ مَا كَانَ یُصَلِّی لَا یَنْقُصُ مِنْهُ شَیْئاً وَ إِنْ كَانَ رَآهُ وَ قَدْ صَلَّی فَلْیَبْدَأْ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ ثُمَّ لْیَقْضِ صَلَاتَهُ تِلْكَ (4)وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فِرَاشِ الْحَرِیرِ أَوْ مِرْفَقَةِ الْحَرِیرِ أَوْ مُصَلَّی حَرِیرٍ وَ مِثْلِهِ مِنَ الدِّیبَاجِ یَصْلُحُ لِلرَّجُلِ التُّكَأَةُ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةُ قَالَ یَفْتَرِشُهُ وَ یَقُومُ عَلَیْهِ وَ لَا یَسْجُدُ عَلَیْهِ
ص: 282
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَسْهُو فِی السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ مِنَ الْفَرِیضَةِ قَالَ یُسَلِّمُ ثُمَّ یَسْجُدُهَا وَ فِی النَّافِلَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَبَدَأَ بِسُورَةٍ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنَ السُّورَةِ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَمْضِی فِی صَلَاتِهِ وَ یَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِیمَا یَسْتَقْبِلُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ افْتَتَحَ بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ هَلْ یُجْزِیهِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ خَطَأً قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یُجْزِیهِ أَنْ یَسْجُدَ فِی السَّفِینَةِ عَلَی الْقِیرِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَنْظُرَ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ فِی نَقْشِ خَاتَمِهِ كَأَنَّهُ یُرِیدُ قِرَاءَتَهُ أَوْ فِی صَحِیفَةٍ أَوْ فِی كِتَابٍ فِی الْقِبْلَةِ قَالَ ذَلِكَ نَقْصٌ فِی الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ یَقْطَعُهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَقْرَأَ فِی رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ الشَّیْ ءَ یَبْقَی عَلَیْهِ مِنَ السُّورَةِ یَكُونُ یَقْرَؤُهَا قَالَ أَمَّا فِی الرُّكُوعِ فَلَا یَصْلُحُ وَ أَمَّا فِی السُّجُودِ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ أَنْ یَقْرَأَ فِی رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ مِنْ سُورَةٍ غَیْرِ سُورَتِهِ الَّتِی كَانَ یَقْرَؤُهَا قَالَ إِنْ نَزَعَ بِآیَةٍ فَلَا بَأْسَ فِی السُّجُودِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِیَ أَنْ یَضْطَجِعَ عَلَی یَمِینِهِ بَعْدَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ فَذَكَرَ حِینَ أَخَذَ فِی الْإِقَامَةِ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَقُومُ وَ یُصَلِّی وَ یَدَعُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ وَ إِلَی جَانِبِهِ رَجُلٌ رَاقِدٌ فَیُرِیدُ أَنْ یُوقِظَهُ یُسَبِّحُ وَ یَرْفَعُ صَوْتَهُ لَا یُرِیدُ إِلَّا لِیَسْتَیْقِظَ الرَّجُلُ هَلْ یَقْطَعُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ أَوْ مَا عَلَیْهِ قَالَ لَا یَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَ لَا شَیْ ءَ وَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ فَیَسْتَأْذِنُ إِنْسَانٌ عَلَی الْبَابِ فَیُسَبِّحُ فَیَرْفَعُ صَوْتَهُ لِیُسْمِعَ خَادِمَهُ فَتَأْتِیَهُ فَیُرِیَهَا بِیَدِهِ أَنَّ عَلَی الْبَابِ إِنْسَاناً هَلْ یَقْطَعُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ وَ مَا عَلَیْهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ فَیُصِیبُهُ الْمَطَرُ حَتَّی یَسِیلَ مِنْ رَأْسِهِ
ص: 283
وَ جَبْهَتِهِ وَ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ هَلْ یُجْزِیهِ ذَلِكَ مِنَ الْوُضُوءِ قَالَ إِنْ غَسَلَهُ فَهُوَ یُجْزِیهِ وَ یَتَمَضْمَضُ وَ یَسْتَنْشِقُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُجْنِبُ هَلْ یُجْزِیهِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ یَقُومَ فِی الْمَطَرِ حَتَّی یَسِیلَ رَأْسَهُ وَ جَسَدَهُ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی الْمَاءِ سِوَی ذَلِكَ قَالَ إِنْ كَانَ یَغْسِلُهُ كَمَا یَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَتَمَضْمَضَ وَ یَسْتَنْشِقَ وَ یُمِرَّ یَدَهُ عَلَی مَا نَالَتْ مِنْ جَسَدِهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ تُصِیبُهُ الْجَنَابَةُ فَلَا یَقْدِرُ عَلَی الْمَاءِ فَیُصِیبُهُ الْمَطَرُ هَلْ یُجْزِیهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَیْهِ التَّیَمُّمُ قَالَ إِنْ غَسَلَهُ أَجْزَأَهُ أَنْ لَا یَتَیَمَّمَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ الْجُنُبِ أَوْ عَلَی غَیْرِ وُضُوءٍ لَا یَكُونُ مَعَهُ مَاءٌ وَ هُوَ یُصِیبُ ثَلْجاً وَ صَعِیداً أَیُّهُمَا أَفْضَلُ التَّیَمُّمُ أَوْ یَمْسَحَ بِالثَّلْجِ وَجْهَهُ وَ جَسَدَهُ وَ رَأْسَهُ قَالَ الثَّلْجُ إِنْ بَلَّ رَأْسَهُ وَ جَسَدَهُ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی أَنْ یَغْتَسِلَ بِالثَّلْجِ فَلْیَتَیَمَّمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُغْمِضَ عَیْنَیْهِ مُتَعَمِّداً فِی صَلَاتِهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ فَیَعْلَمُ أَنَّ رِیحاً خَرَجَتْ مِنْهُ وَ لَا یَجِدُ رِیحاً وَ لَا یَسْمَعُ صَوْتاً كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یُعِیدُ الصَّلَاةَ وَ الْوُضُوءَ وَ لَا یَعْتَدُّ بِشَیْ ءٍ مِمَّا صَلَّی إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ یَقِیناً وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ رِیحاً فِی بَطْنِهِ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی أَنْفِهِ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مُتَعَمِّداً حَتَّی خَرَجَتِ الرِّیحُ مِنْ بَطْنِهِ ثُمَّ عَادَ إِلَی الْمَسْجِدِ فَصَلَّی وَ لَمْ یَتَوَضَّأْ أَ یُجْزِیهِ ذَلِكَ قَالَ لَا یُجْزِیهِ ذَلِكَ حَتَّی یَتَوَضَّأَ وَ لَا یَعْتَدُّ بِشَیْ ءٍ مِمَّا صَلَّی وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقِیَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ فِی الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ كَیْفَ یَقُومُ یَضَعُ یَدَیْهِ وَ رُكْبَتَیْهِ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ یَنْهَضُ أَوْ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ كَیْفَ شَاءَ فَعَلَ وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یُجْزِیهِ أَنْ یَسْجُدَ فَیَجْعَلَ عِمَامَتَهُ أَوْ قَلَنْسُوَتَهُ بَیْنَ جَبْهَتِهِ وَ بَیْنَ الْأَرْضِ قَالَ لَا یَصْلُحُ حَتَّی تَقَعَ جَبْهَتُهُ عَلَی الْأَرْضِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ الْإِمَامُ قَائِمٌ فِی
ص: 284
الصَّلَاةِ كَیْفَ یَصْنَعُ قَالَ یَدْخُلُ فِی صَلَاةِ الْقَوْمِ وَ یَدَعُ الرَّكْعَتَیْنِ فَإِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ قَضَاهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَرْفَعَ طَرْفَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ الْمُغَاضِبَةِ زَوْجَهَا هَلْ لَهَا صَلَاةٌ أَوْ مَا حَالُهَا قَالَ لَا تَزَالُ عَاصِیَةً حَتَّی یَرْضَی عَنْهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَوْمِ یَتَحَدَّثُونَ حَتَّی یَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّیْلِ أَوْ أَكْثَرُ أَیُّهُمَا أَفْضَلُ أَ یُصَلُّونَ الْعِشَاءَ جَمِیعاً أَوْ فِی غَیْرِ جَمَاعَةٍ قَالَ یُصَلُّونَهَا فِی جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقْرَأُ فِی الْفَرِیضَةِ بِسُورَةِ النَّجْمِ یَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ یَقُومُ بِغَیْرِهَا قَالَ یَسْجُدُ بِهَا ثُمَّ یَقُومُ فَیَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ یَرْكَعُ وَ ذَلِكَ زِیَادَةٌ فِی الْفَرِیضَةِ فَلَا یَعُودَنَّ یَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِی الْفَرِیضَةِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِ فَیَظُنُّ أَنَّ ثَوْبَهُ قَدِ انْخَرَقَ أَوْ أَصَابَهُ شَیْ ءٌ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَنْظُرَ فِیهِ وَ یُفَتِّشَهُ وَ هُوَ فِی صَلَاتِهِ قَالَ إِنْ كَانَ فِی مُقَدَّمِ الثَّوْبِ أَوْ جَانِبَیْهِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ فِی مُؤَخَّرِهِ فَلَا یَلْتَفِتُ فَإِنَّهُ لَا یَصْلُحُ لَهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ خَلْفَ النَّخْلَةِ فِیهَا حَمْلُهَا قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ فِی الْكَرْمِ وَ فِیهِ حَمْلُهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مَسَّ ظَهْرَ سِنَّوْرٍ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ قَبْلَ أَنْ یَغْسِلَ یَدَهُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ إِمَامٍ أَمَّ قَوْماً مُسَافِرِینَ كَیْفَ یُصَلِّی الْمُسَافِرُونَ قَالَ یُصَلُّونَ رَكْعَتَیْنِ وَ یَقُومُ الْإِمَامُ فَیُتِمُّ صَلَاتَهُ فَإِذَا سَلَّمَ فَانْصَرَفَ انْصَرَفُوا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ وَ أَمَامَهُ حِمَارٌ وَاقِفٌ قَالَ یَضَعُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ قَصَبَةً أَوْ عُوداً أَوْ شَیْئاً یُقِیمُهُ بَیْنَهُمَا ثُمَّ (1)یُصَلِّی فَلَا بَأْسَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ وَ صَلَّی أَ یُعِیدُ صَلَاتَهُ أَوْ مَا عَلَیْهِ قَالَ لَا یُعِیدُ صَلَاتَهُ وَ لَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ
ص: 285
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ ثُلُثَ حَجَّتِهِ لِمَیِّتٍ وَ ثُلُثَهَا لِحَیٍّ قَالَ لِلْمَیِّتِ فَأَمَّا الْحَیُّ فَلَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ عَلَیْهِ أَنْ یَصُومَ بِالْكُوفَةِ شَهْراً وَ بِالْمَدِینَةِ شَهْراً وَ بِمَكَّةَ شَهْراً فَصَامَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ یَوْماً بِمَكَّةَ أَ لَهُ أَنْ یَرْجِعَ إِلَی أَهْلِهِ فَیَصُومَ مَا عَلَیْهِ بِالْكُوفَةِ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ غُلَاماً فِیهِ لِینٌ وَ أَبُوهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ إِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ فَاحِشَةٌ فَیُزَوِّجُهُ یَعْنِی الْخُنْثَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ أَحْرَارٍ وَ مَمَالِیكَ اجْتَمَعُوا عَلَی قَتْلِ مَمْلُوكٍ مَا حَالُهُمْ قَالَ یُقْتَلُ مَنْ قَتَلَهُ مِنَ الْمَمَالِیكِ وَ تَفْدِیهِ الْأَحْرَارُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ إِذَا مِتُّ فَفُلَانَةُ جَارِیَتِی حُرَّةٌ فَعَاشَ حَتَّی وَلَدَتِ الْجَارِیَةُ أَوْلَاداً ثُمَّ مَاتَ مَا حَالُهُمْ قَالَ عَتَقَتِ الْجَارِیَةُ وَ أَوْلَادُهَا مَمَالِیكُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَتَوَشَّحُ بِالثَّوْبِ (1)فَیَقَعُ عَلَی الْأَرْضِ أَوْ یُجَاوِزُ عَاتِقَهُ أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَقُولُ لِمَمْلُوكِهِ یَا أَخِی وَ یَا ابْنِی أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّابَّةِ تَبُولُ فَیُصِیبُ بَوْلُهُ الْمَسْجِدَ أَوْ حَائِطَهُ (2)أَ یُصَلَّی فِیهِ قَبْلَ أَنْ یُغْسَلَ قَالَ إِذَا جَفَّ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُجَامِعُ أَوْ یَدْخُلُ الْكَنِیفَ وَ عَلَیْهِ خَاتَمٌ فِیهِ ذِكْرُ اللَّهِ أَوْ شَیْ ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا (3)وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُعُودِ وَ الْقِیَامِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی جُلُودِ السِّبَاعِ وَ بَیْعِهَا وَ رُكُوبِهَا أَ یَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ یُسْجَدْ عَلَیْهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ عَلَیْهِ الصِّیَامُ الْأَیَّامَ الثَّلَاثَةَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَ یَصُومُهَا قَضَاءً وَ هُوَ فِی شَهْرٍ لَمْ یَصُمْ أَیَّامَهُ قَالَ لَا بَأْسَ
ص: 286
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ یُؤَخِّرُ الصَّوْمَ الْأَیَّامَ الثَّلَاثَةَ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّی یَكُونَ فِی آخِرِ الشَّهْرِ فَلَا یُدْرِكُ الْخَمِیسَ الْآخِرَ إِلَّا أَنْ یَجْمَعَهُ مَعَ الْأَرْبِعَاءِ أَ یُجْزِیهِ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ یَكُونُ عَلَی الرَّجُلِ یَقْضِیهَا مُتَوَالِیَةً أَوْ یُفَرِّقُ بَیْنَهَا قَالَ أَیَّ ذَلِكَ أَحَبَّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ أَوْ مَاتَتِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ زَنَی هَلْ عَلَیْهِ رَجْمٌ (1)قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ ثُمَّ زَنَتْ بَعْدَ مَا طُلِّقَتْ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ هَلْ عَلَیْهَا الرَّجْمُ قَالَ نَعَمْ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَطُوفُ بِالْبَیْتِ وَ هُوَ جُنُبٌ فَیَذْكُرُ وَ هُوَ فِی طَوَافِهِ هَلْ عَلَیْهِ أَنْ یَقْطَعَ طَوَافَهُ قَالَ یَقْطَعُ طَوَافَهُ وَ لَا یَعْتَدُّ بِشَیْ ءٍ مِمَّا طَافَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجُنُبِ یُدْخِلُ یَدَهُ فِی غِسْلِهِ (2)قَبْلَ أَنْ یَتَوَضَّأَ وَ قَبْلَ أَنْ یَغْسِلَ یَدَهُ مَا حَالُهُ قَالَ إِذَا لَمْ یُصِبْ یَدُهُ شَیْئاً مِنَ الْجَنَابَةِ فَلَا بَأْسَ قَالَ وَ أَنْ یَغْسِلَ یَدَهُ قَبْلَ أَنْ یُدْخِلَهَا فِی شَیْ ءٍ مِنْ غِسْلِهِ أَحَبُّ إِلَیَّ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ وَلَدِ الزِّنَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَوْ یَؤُمُّ قَوْماً قَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَ لَا یَؤُمُّ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ اللُّقَطَةِ إِذَا كَانَتْ جَارِیَةً هَلْ یَحِلُّ لِمَنْ لَقَطَهَا فَرْجُهَا قَالَ لَا إِنَّمَا حَلَّ لَهُ بَیْعُهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَیْهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَضْلِ الشَّاةِ وَ الْبَقَرِ وَ الْبَعِیرِ أَ یُشْرَبُ مِنْهُ وَ یُتَوَضَّأُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَنِیفِ یُصَبُّ فِیهِ الْمَاءُ فَیَنْتَضِحُ عَلَی الثَّوْبِ مَا حَالُهُ قَالَ إِذَا كَانَ جَافّاً فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجَرَادِ یَصِیدُهُ فَیَمُوتُ بَعْدَ مَا یَصِیدُهُ أَ یُؤْكَلُ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجَرَادِ یُصِیبُهُ مَیْتاً فِی الْبَحْرِ أَوْ فِی الصَّحْرَاءِ أَ یُؤْكَلُ قَالَ لَا تَأْكُلْهُ
ص: 287
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْفِرَاشِ یَكُونُ كَثِیرَ الصُّوفِ فَیُصِیبُهُ الْبَوْلُ كَیْفَ یُغْسَلُ قَالَ یُغْسَلُ الظَّاهِرُ ثُمَّ یُصَبُّ عَلَیْهِ الْمَاءُ فِی الْمَكَانِ الَّذِی أَصَابَهُ الْبَوْلُ حَتَّی یَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ جَانِبِ الْفِرَاشِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَنِیفِ یَكُونُ فَوْقَ الْبَیْتِ فَیُصِیبُهُ الْمَطَرُ فَیَكِفُ (1)فَیُصِیبُ الثِّیَابَ أَ یُصَلَّی فِیهَا قَبْلَ أَنْ یُغْسَلَ قَالَ إِذَا جَرَی مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فَلَا بَأْسَ یُصَلَّی فِیهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْفَأْرَةِ تُصِیبُ الثَّوْبَ أَ یُصَلَّی فِیهِ قَالَ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْفَأْرَةُ رَطْبَةً فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَتْ رَطْبَةً فَاغْسِلْ مَا أَصَابَ مِنْ ثَوْبِكَ وَ الْكَلْبُ مِثْلُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَضْلِ الْفَرَسِ وَ الْبَغْلِ وَ الْحِمَارِ أَ یُشْرَبُ مِنْهُ وَ یُتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَی بَوَارِیِّ النَّصَارَی وَ الْیَهُودِ الَّتِی یَقْعُدُونَ عَلَیْهَا فِی بُیُوتِهِمْ أَ یَصْلُحُ قَالَ لَا تُصَلِّ عَلَیْهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْفَأْرَةِ وَ الدَّجَاجَةِ وَ الْحَمَامَةِ أَوْ أَشْبَاهِهِنَّ تَطَأُ عَلَی الْعَذَرَةِ ثُمَّ تَطَأُ الثَّوْبَ أَ یُغْسَلُ قَالَ إِنْ كَانَ اسْتَبَانَ مِنْ أَثَرِهِ (2)شَیْ ءٌ فَاغْسِلْهُ وَ إِلَّا فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّجَاجَةِ وَ الْحَمَامَةِ وَ الْعُصْفُورِ وَ أَشْبَاهِهِ (3)تَطَأُ فِی الْعَذَرَةِ ثُمَّ تَدْخُلُ فِی الْمَاءِ أَ یُتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یَكُونَ مَاءً كَثِیراً قَدْرَ كُرٍّ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَظَایَةِ وَ الْوَزَغِ وَ الْحَیَّةِ تَقَعُ فِی الْمَاءِ فَلَا تَمُوتُ أَ یُتَوَضَّأُ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَقْرَبِ وَ الْخُنْفَسَاءِ وَ شِبْهِهِ یَمُوتُ فِی الْجُبِّ وَ الدَّنِّ أَ یُتَوَضَّأُ مِنْهُ (4)قَالَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُدْرِكُهُ رَمَضَانُ فِی السَّفَرِ فَیُقِیمُ فِی الْمَكَانِ هَلْ عَلَیْهِ صَوْمٌ قَالَ لَا حَتَّی یُجْمِعَ عَلَی مُقَامِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَإِذَا أَجْمَعَ صَامَ وَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ
ص: 288
وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَكُونُ عَلَیْهِ أَیَّامٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هُوَ مُسَافِرٌ هَلْ یَقْضِی إِذْ أَقَامَ فِی الْمَكَانِ (1)قَالَ لَا حَتَّی یُجْمِعَ عَلَی مُقَامِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ مَا حَدُّهَا قَالَ یُصَلِّی مَتَی مَا أَحَبَّ وَ یَقْرَأُ مَا أَحَبَّ غَیْرَ أَنَّهُ یَقْرَأُ وَ یَرْكَعُ وَ یَقْرَأُ وَ یَرْكَعُ وَ یَقْرَأُ وَ یَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَ یَسْجُدُ فِی الْخَامِسَةِ ثُمَّ یَقُومُ فَیَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ كَمْ عِدَّتُهَا قَالَ ثَلَاثُ حِیَضٍ وَ تَعْتَدُّ مِنْ أَوَّلِ تَطْلِیقَةٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُطَلِّقُ تَطْلِیقَةً أَوْ تَطْلِیقَتَیْنِ ثُمَّ یَتْرُكُهَا حَتَّی تَنْقَضِیَ عِدَّتُهَا مَا حَالُهَا قَالَ إِذَا تَرَكَهَا عَلَی أَنَّهُ لَا یُرِیدُهَا بَانَتْ مِنْهُ فَلَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّی تَنْكِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ وَ إِنْ تَرَكَهَا عَلَی أَنَّهُ یُرِیدُ مُرَاجَعَتَهَا ثُمَّ مَضَی لِذَلِكَ مِنْهُ سَنَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ تُقْبَضْ هَلْ یَجُوزُ لِصَاحِبِهَا قَالَ إِذَا كَانَ أَبٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَی وَلَدٍ صَغِیرٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ یَقْبِضُ لِوَلَدِهِ إِذَا كَانَ صَغِیراً وَ إِذَا كَانَ وَلَداً كَبِیراً فَلَا یَجُوزُ لَهُ حَتَّی یَقْبِضَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَی رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ فَلَمْ یَحُزْهَا هَلْ یَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ هِیَ جَائِزَةٌ حِیزَتْ أَوْ لَمْ تُحَزْ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إِلَی مَكَانٍ فَجَازَ ذَلِكَ فَنَفَقَتِ الدَّابَّةُ مَا عَلَیْهِ قَالَ إِذَا كَانَ جَازَ الْمَكَانَ الَّذِی اسْتَأْجَرَ إِلَیْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَأَعْطَاهَا غَیْرَهُ فَنَفَقَتْ مَا عَلَیْهِ قَالَ إِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا یَرْكَبَهَا غَیْرُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا وَ إِنْ لَمْ یُسَمِّ فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَوَقَعَتْ فِی بِئْرٍ فَانْكَسَرَتْ مَا عَلَیْهِ قَالَ هُوَ ضَامِنٌ كَانَ یَلْزَمُهُ أَنْ یَسْتَوْثِقَ مِنْهَا وَ إِنْ أَقَامَ الْبَیِّنَةَ أَنَّهُ رَبَطَهَا وَ اسْتَوْثَقَ مِنْهَا فَلَیْسَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ بُخْتِیٍّ مُغْتَلِمٍ (2)قَتَلَ رَجُلًا فَقَامَ أَخُو الْمَقْتُولِ فَعَقَرَ الْبُخْتِیَّ وَ قَتَلَهُ
ص: 289
مَا حَالُهُمْ قَالَ عَلَی صَاحِبِ الْبُخْتِیِّ دِیَةُ الْمَقْتُولِ وَ لِصَاحِبِ الْبُخْتِیِّ ثَمَنُهُ عَلَی الَّذِی عَقَرَ بُخْتِیَّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ بَیْنَ رَجُلَیْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَدْ بَدَا لِی أَنْ أَنْزِعَ جَارِیَتِی مِنْكَ وَ أَبِیعَ نَصِیبِی فَبَاعَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِی أُرِیدُ أَنْ أَقْبِضَ جَارِیَتِی هَلْ تَحْرُمُ عَلَی الزَّوْجِ قَالَ إِذَا اشْتَرَاهَا غَیْرُ الَّذِی كَانَ أَنْكَحَهَا إِیَّاهُ فَالطَّلَاقُ بِیَدِهِ إِنْ شَاءَ فَرَّقَ بَیْنَهُمَا وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَهَا مَعَهُ فَهِیَ حَلَالٌ لِزَوْجِهَا وَ هُمَا عَلَی نِكَاحِهِمَا حَتَّی یَنْزِعَهَا الْمُشْتَرِی وَ إِنْ أَنْكَحَهَا إِیَّاهُ نِكَاحاً جَدِیداً فَالطَّلَاقُ إِلَی الزَّوْجِ وَ لَیْسَ إِلَی السَّیِّدِ الطَّلَاقُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ زَوَّجَ ابْنَهُ وَ هُوَ صَغِیرٌ فَدَخَلَ الِابْنُ بِامْرَأَتِهِ عَلَی مَنِ الْمَهْرُ عَلَی الْأَبِ أَوْ عَلَی الِابْنِ قَالَ الْمَهْرُ عَلَی الْغُلَامِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَیْ ءٌ فَعَلَی الْأَبِ یَضْمَنُ ذَلِكَ عَلَی ابْنِهِ أَوْ لَمْ یَضْمَنْ إِذَا كَانَ هُوَ أَنْكَحَهُ وَ هُوَ صَغِیرٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ حُرٍّ وَ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ بَیْنَ رَجُلَیْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَزْعَهَا مِنْهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الطَّلَاقُ إِلَی الزَّوْجِ لَا یَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنَ الشَّرِیكَیْنِ أَنْ یُطَلِّقَهَا فَیَسْتَخْلِصَ أَحَدُهُمَا وَ سَأَلْتُهُ عَنْ حُبِّ مَاءٍ فِیهِ أَلْفُ رِطْلٍ وَقَعَ فِیهِ وُقِیَّةُ بَوْلٍ هَلْ یَصْلُحُ شُرْبُهُ أَوِ الْوُضُوءُ مِنْهُ قَالَ لَا یَصْلُحُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قِدْرٍ فِیهَا أَلْفُ رِطْلِ مَاءٍ فَطُبِخَ فِیهَا لَحْمٌ وَقَعَ فِیهَا وُقِیَّةُ دَمٍ هَلْ یَصْلُحُ أَكْلُهُ قَالَ إِذَا طُبِخَ فَكُلْ فَلَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِی بِئْرٍ فَمَاتَتْ هَلْ یَصْلُحُ الْوُضُوءُ عَنْ مَائِهَا قَالَ انْزِعْ مِنْ مَائِهَا سَبْعَ دُلِیٍّ ثُمَّ تَوَضَّأْ وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِی بِئْرٍ فَأُخْرِجَتْ وَ قَدْ تَقَطَّعَتْ هَلْ یَصْلُحُ الْوُضُوءُ مِنْ مَائِهَا قَالَ یُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْواً إِذَا تَقَطَّعَتْ ثُمَّ یُتَوَضَّأُ وَ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَبِیٍّ بَالَ فِی بِئْرٍ هَلْ یَصْلُحُ الْوُضُوءُ مِنْهَا فَقَالَ یُنْزَحُ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مَسَّ مَیِّتاً عَلَیْهِ الْغُسْلُ قَالَ إِنْ كَانَ الْمَیِّتُ لَمْ یَبْرُدْ فَلَا غُسْلَ عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ قَدْ بَرَدَ فَعَلَیْهِ الْغُسْلُ إِذَا مَسَّهُ
ص: 290
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ بِئْرٍ صُبَّ فِیهَا الْخَمْرُ هَلْ یَصْلُحُ الْوُضُوءُ مِنْ مَائِهَا قَالَ لَا یَصْلُحُ حَتَّی یُنْزَحَ الْمَاءُ كُلُّهُ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّدَقَةِ یَجْعَلُهَا الرَّجُلُ لِلَّهِ مَبْتُوتَةً (1)هَلْ لَهُ أَنْ یَرْجِعَ فِیهَا قَالَ إِذَا جَعَلَهَا لِلَّهِ فَهِیَ لِلْمَسَاكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ فَلَیْسَ لَهُ أَنْ یَرْجِعَ فِیهَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یُصَلِّیَ أَوْ یَصُومَ عَنْ بَعْضِ مَوْتَاهُ قَالَ نَعَمْ فَیُصَلِّی مَا أَحَبَّ وَ یَجْعَلُ ذَلِكَ لِلْمَیِّتِ فَهُوَ لِلْمَیِّتِ إِذَا جَعَلَ ذَلِكَ لَهُ.
بیان: قوله قال سألت أبی یدل علی أن السائل فی تلك المسئولات الكاظم علیه السلام و المسئول أبوه علیه السلام و فی قرب الإسناد و سائر كتب الحدیث السائل علی بن جعفر و المسئول أخوه الكاظم و هو الصواب و لعله اشتبه علی النساخ أو الرواة و یدل علیه التصریح بسؤال علی عن أخیه فی أثناء الخبر مرارا.
قوله اللّٰه أعلم إن كان محمد یقولونه كانت النسخ هنا محرفة مصحفة و الأظهر أنه كان هكذا
وَ سَأَلْتُهُ عَمَّنْ یَرْوِی عَنْكُمْ تَفْسِیراً أَوْ رِوَایَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَضَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ شَیْ ءٍ لَمْ نَسْمَعْهُ قَطُّ مِنْ مَنَاسِكَ أَوْ شِبْهِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُسَمِّیَ لَكُمْ عَدُوّاً أَ یَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ فِی قَوْلِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ إِنْ كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ علیهم السلام یَقُولُونَهُ.
فكلمة إن نافیة و الحاصل أنه هل یجوز تكذیب مثل هذه الروایة فأجاب علیه السلام بأنه لا یجوز تكذیبه حتی یستیقن كذبه و یحتمل أن تكون كلمة إن شرطیة أی إن كان آل محمد یقولونه فنحن نقول به فالجواب أنه لا یجوز التصدیق به حتی یستیقن فالمراد بالیقین ما یشمل الظن المعتبر شرعا.
قوله قال أبو الحسن علی بن جعفر لعله إنما أعاد اسمه إشعارا لما سقط من بین الخبر لئلا یتوهم اتصاله بما قبله كما یدل علیه الابتداء من وسط جواب قد سقط سؤاله رأسا.
ثم اعلم أنا لما شرحنا أجزاء الخبر فی أبوابها بروایة الحمیری فلم نعد شرحها هاهنا حذرا من التكرار و كذلك تركنا بعض ما فیها من التصحیفات لیرجع من أراد تصحیحها إلی ما أوردنا منه فی أبوابها.
ص: 291
باب 18 احتجاجات أصحابه علی المخالفین
«1»- قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الفصول، أخبرنی الشیخ أیده اللّٰه قال دخل ضرار بن عمرو الضبی علی یحیی بن خالد البرمكی فقال له یا أبا عمرو هل لك فی مناظرة رجل هو ركن الشیعة فقال ضرار هلم من شئت فبعث إلی هشام بن الحكم فأحضره فقال یا أبا محمد هذا ضرار و هو من قد علمت فی الكلام و الخلاف لك فكلمه فی الإمامة فقال نعم ثم أقبل علی ضرار فقال یا أبا عمرو خبرنی علی ما تجب الولایة و البراءة علی الظاهر أم علی الباطن فقال ضرار بل علی الظاهر فإن الباطن لا یدرك إلا بالوحی فقال هشام صدقت فخبرنی الآن أی الرجلین كان أذب عن وجه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالسیف و أقتل لأعداء اللّٰه عز و جل بین یدیه و أكثر آثارا فی الجهاد علی بن أبی طالب أو أبو بكر فقال علی بن أبی طالب و لكن أبا بكر كان أشد یقینا فقال هشام هذا هو الباطن الذی قد تركنا الكلام فیه و قد اعترفت لعلی علیه السلام بظاهر عمله من الولایة ما لم یجب لأبی بكر فقال ضرار هذا الظاهر نعم (1)ثم قال هشام أ فلیس إذا كان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الذی لا یدفع فقال ضرار بلی فقال هشام أ لست تعلم أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال لعلی علیه السلام إنه منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی فقال ضرار نعم فقال له هشام أ یجوز أن یقول له هذا القول إلا و هو عنده فی الباطن مؤمن قال لا فقال هشام فقد صح لعلی علیه السلام ظاهره و باطنه و لم یصح لصاحبك ظاهر و لا باطن و الحمد لله (2).
ص: 292
«2»- قال و أخبرنی الشیخ أدام اللّٰه تأییده قال سأل یحیی بن خالد البرمكی هشام بن الحكم رحمة اللّٰه علیه بحضرة الرشید فقال له أخبرنی یا هشام عن الحق هل یكون فی جهتین مختلفتین فقال هشام لا قال فخبرنی عن نفسین اختصما فی حكم فی الدین و تنازعا و اختلفا هل یخلوان من أن یكونا محقین أو مبطلین أو یكون أحدهما مبطلا و الآخر محقا فقال هشام لا یخلوان من ذلك و لیس یجوز أن یكونا محقین علی ما قدمت من الجواب فقال له یحیی بن خالد فخبرنی عن علی و العباس لما اختصما إلی أبی بكر فی المیراث أیهما كان المحق من المبطل إذ كنت لا تقول إنهما كانا محقین و لا مبطلین فقال هشام فنظرت إذا أننی إن قلت إن علیا علیه السلام كان مبطلا كفرت و خرجت عن مذهبی و إن قلت إن العباس كان مبطلا ضرب عنقی و وردت علی مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت و لا أعددت لها جوابا فذكرت قول أبی عبد اللّٰه علیه السلام و هو یقول لی یا هشام لا تزال مؤیدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك فعلمت أنی لا أخذل و عنّ لی الجواب (1)فی الحال فقلت له لم یكن من أحدهما خطأ و كانا جمیعا محقین و لهذا نظیر قد نطق به القرآن فی قصة داود علیه السلام حیث یقول اللّٰه جل اسمه وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إلی قوله تعالی خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فأی الملكین كان مخطئا و أیهما كان مصیبا أم تقول إنهما كانا مخطئین فجوابك فی ذلك جوابی بعینه فقال یحیی لست أقول إن الملكین أخطئا بل أقول إنهما أصابا و ذلك أنهما لم یختصما فی الحقیقة و لا اختلفا فی الحكم و إنما أظهرا ذلك لینبها داود علیه السلام علی الخطیئة و یعرفاه الحكم و یوقفاه علیه قال فقلت له كذلك علی و العباس لم یختلفا فی الحكم و لم یختصما فی الحقیقة و إنما أظهرا الاختلاف و الخصومة لینبها أبا بكر علی غلطه و یوقفاه علی خطیئته و یدلاه علی ظلمه لهما فی المیراث و لم یكونا فی ریب من أمرهما و إنما كان ذلك منهما علی حد ما كان من الملكین فلم یحر جوابا و استحسن ذلك الرشید(2).
ص: 293
«3»- و أخبرنی الشیخ أیضا قال أحب الرشید أن یسمع كلام هشام بن الحكم مع الخوارج فأمر بإحضار هشام بن الحكم و إحضار عبد اللّٰه بن یزید الإباضی (1)و جلس بحیث یسمع كلامهما و لا یری القوم شخصه و كان بالحضرة یحیی بن خالد فقال یحیی لعبد اللّٰه بن یزید سل أبا محمد یعنی هشاما عن شی ء فقال هشام لا مسألة للخوارج علینا فقال عبد اللّٰه بن یزید و كیف ذلك فقال هشام لأنكم قوم قد اجتمعتم معنا علی ولایة رجل و تعدیله و الإقرار بإمامته و فضله ثم فارقتمونا فی عداوته و البراءة منه فنحن علی إجماعنا و شهادتكم لنا و خلافكم علینا غیر قادح فی مذهبنا و دعواكم غیر مقبولة علینا إذ الاختلاف لا یقابل الاتفاق و شهادة الخصم لخصمه مقبولة و شهادته علیه مردودة قال یحیی بن خالد لقد قربت قطعه یا أبا محمد و لكن جاره شیئا فإن أمیر المؤمنین أطال اللّٰه بقاه یحب ذلك قال فقال هشام أنا أفعل ذلك غیر أن الكلام ربما انتهی إلی حد یغمض و یدق علی الأفهام فیعاند أحد الخصمین أو یشتبه علیه فإن أحب الإنصاف فلیجعل بینی و بینه واسطة عدلا إن خرجت عن الطریق ردنی إلیه و إن جار فی حكمه شهد علیه فقال عبد اللّٰه بن یزید لقد دعا أبو محمد إلی الإنصاف فقال هشام فمن یكون هذه الواسطة و ما یكون مذهبه أ یكون من أصحابی أو من أصحابك أو مخالفا للملة لنا جمیعا قال عبد اللّٰه بن یزید اختر من شئت فقد رضیت به قال هشام أما أنا فأری أنه إن كان من أصحابی لم یؤمن علیه العصبیة لی و إن كان من أصحابك لم آمنه فی الحكم علی و إن كان مخالفا لنا جمیعا لم یكن مأمونا علی و لا علیك و لكن یكون رجلا من أصحابی و رجلا من أصحابك فینظران فیما بیننا و یحكمان علینا بموجب الحق و محض الحكم بالعدل فقال عبد اللّٰه بن یزید فقد أنصفت یا أبا محمد و كنت أنتظر هذا منك فأقبل هشام علی یحییبن خالد فقال له قد قطعته أیها الوزیر و دمرت (2)علی
ص: 294
مذاهبه كلها بأهون سعی و لم یبق معه شی ء و استغنیت عن مناظرته قال فحرك الستر الرشید و أصغی یحیی بن خالد فقال هذا متكلم الشیعة واقف الرجل مواقفة (1)لم یتضمن مناظرة ثم ادعی علیه أنه قد قطعه و أفسد مذهبه (2)فمره أن یبین عن صحة ما ادعاه علی الرجل فقال یحیی بن خالد لهشام إن أمیر المؤمنین یأمرك أن تكشف عن صحة ما ادعیت علی هذا الرجل قال فقال هشام رحمه اللّٰه إن هؤلاء القوم لم یزالوا معنا علی ولایة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام حتی كان من أمر الحكمین ما كان فأكفروه بالتحكیم و ضللوه بذلك و هم الذین اضطروه إلیه و الآن فقد حكم هذا الشیخ و هو عماد أصحابه مختارا غیر مضطر رجلین مختلفین فی مذهبهما أحدهما یكفره و الآخر یعدله فإن كان مصیبا فی ذلك فأمیر المؤمنین أولی بالصواب و إن كان مخطئا كافرا فقد أراحنا من نفسه بشهادته بالكفر علیها و النظر فی كفره و إیمانه أولی من النظر فی إكفاره علیا علیه السلام قال فاستحسن ذلك الرشید و أمر بصلته و جائزته (3)
«4»- وَ قَالَ الشَّیْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ وَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ كَانَ فَقِیهاً وَ رَوَی حَدِیثاً كَثِیراً وَ صَحِبَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ بَعْدَهُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام وَ كَانَ یُكَنَّی أَبَا مُحَمَّدٍ وَ أَبَا الْحَكَمِ وَ كَانَ مَوْلَی بَنِی شَیْبَانَ وَ كَانَ مُقِیماً بِالْكُوفَةِ وَ بَلَغَ مِنْ مَرْتَبَتِهِ وَ عُلُوِّهِ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهِ بِمِنًی وَ هُوَ غُلَامٌ أَوَّلَ مَا اخْتَطَّ عَارِضَاهُ وَ فِی مَجْلِسِهِ شُیُوخُ الشِّیعَةِ كَحُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ وَ قَیْسٍ الْمَاصِرِ وَ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ وَ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ وَ غَیْرِهِمْ فَرَفَعَهُ عَلَی جَمَاعَتِهِمْ وَ لَیْسَ فِیهِمْ إِلَّا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ فَلَمَّا رَأَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَبُرَ عَلَی أَصْحَابِهِ قَالَ هَذَا نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ وَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَدْ سَأَلَهُ عَنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اشْتِقَاقِهَا فَأَجَابَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَ فَهِمْتَ یَا هِشَامُ فَهْماً تَدْفَعُ بِهِ أَعْدَاءَنَا الْمُلْحِدِینَ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ الشَّیْخُ نَعَمْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع
ص: 295
نَفَعَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ وَ ثَبَّتَكَ (1)قَالَ هِشَامٌ فَوَ اللَّهِ مَا قَهَرَنِی أَحَدٌ فِی التَّوْحِیدِ حَتَّی قُمْتُ مَقَامِی هَذَا (2).
قال الشیخ أدام اللّٰه عزه و قد روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ثمانیة رجال كل واحد منهم یقال له هشام فمنهم أبو محمد هشام بن الحكم مولی بنی شیبان هذا و منهم هشام بن سالم مولی بشر بن مروان و كان من سبی الجوزجان و منهم هشام الكفری (3)الذی یروی عنه علی بن الحكم و منهم هشام المعروف بأبی عبد اللّٰه البزاز و منهم هشام الصیدنانی (4)رحمه اللّٰه و منهم هشام الخیاط رحمة اللّٰه علیه و منهم هشام بن یزید رحمة اللّٰه علیه و منهم هشام بن المثنی الكوفی رحمة اللّٰه علیه (5)- 5- قال و من حكایات الشیخ أدام اللّٰه عزه قال
سُئِلَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَیْهِ عَمَّا یَرْوِیهِ الْعَامَّةُ مِنْ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قُبِضَ عُمَرُ وَ قَدْ دَخَلَ عَلَیْهِ وَ هُوَ مُسَجَّی (6)لَوَدِدْتُ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ تَعَالَی بِصَحِیفَةِ هَذَا الْمُسَجَّی وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَی اللَّهَ تَعَالَی بِصَحِیفَةِ هَذَا الْمُسَجَّی.
فقال هشام هذا حدیث غیر ثابت و لا معروف الإسناد و إنما حصل من جهة القصاص و أصحاب الطرقات و لو ثبت لكان المعنی فیه معروفا و ذلك أن عمر واطأ أبا بكر و المغیرة و سالما مولی أبی حذیفة و أبا عبیدة علی كتب صحیفة بینهم یتعاقدون فیها علی أنه إذا مات رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یورثوا أحدا من أهل بیته و لم یولوهم مقامه من بعده و كانت الصحیفة لعمر إذ كان عماد القوم فالصحیفة التی ود أمیر المؤمنین علیه السلام و رجا أن یلقی اللّٰه عز و جل بها هی هذه الصحیفة لیخاصمه بها و یحتج علیه بمضمونها و الدلیل علی ذلك ما روته العامة عن أبی بن كعب أنه كان یقول فی مسجد
ص: 296
رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعد أن أفضی الأمر إلی أبی بكر بصوت یسمعه أهل المسجد ألا هلك أهل العقدة و اللّٰه ما آسی علیهم إنما آسی علی من یضلون من الناس فقیل له یا صاحب رسول اللّٰه من هؤلاء أهل العقدة و ما عقدتهم فقال قوم تعاقدوا بینهم إن مات رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یورثوا أحدا من أهل بیته و لم یولوهم مقامه أما و اللّٰه لئن عشت إلی یوم الجمعة لأقومن فیهم مقاما أبین للناس أمرهم قال فما أتت علیه الجمعة (1).
«6»- ختص، الإختصاص أحمد بن الحسن عن عبد العظیم بن عبد اللّٰه (2)قال قال هارون الرشید لجعفر بن یحیی البرمكی إنی أحب أن أسمع كلام المتكلمین من حیث لا یعلمون بمكانی فیحتجون عن بعض ما یریدون فأمر جعفر المتكلمین فأحضروا داره و صار هارون فی مجلس یسمع كلامهم و أرخی بینه و بین المتكلمین سترا فاجتمع المتكلمون و غص المجلس بأهله ینتظرون هشام بن الحكم فدخل علیهم هشام و علیه قمیص إلی الركبة و سراویل إلی نصف الساق فسلم علی الجمیع و لم یخص جعفرا بشی ء فقال له رجل من القوم لم فضلت علیا علی أبی بكر و اللّٰه یقول ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ إِذْ یَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فقال هشام فأخبرنی عن حزنه فی ذلك الوقت أ كان لله رضا أم غیر رضا فسكت فقال هشام إن زعمت أنه كان لله رضا فلم نهاه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال لا تَحْزَنْ أ نهاه عن طاعة اللّٰه و رضاه و إن زعمت أنه كان لله غیر رضا فلم تفتخر بشی ء كان لله غیر رضا و قد علمت ما قال اللّٰه تبارك و تعالی حین قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (3)و لأنكم قلتم و قلنا و قالت العامة الجنة اشتاقت إلی أربعة نفر إلی علی بن أبی طالب علیهما السلام و المقداد بن الأسود و عمار بن یاسر و أبی ذر الغفاری فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة
ص: 297
و قلتم و قلنا و قالت العامة إن الذابین عن الإسلام أربعة نفر علی بن أبی طالب علیهما السلام و الزبیر بن العوام و أبو دجانة الأنصاری و سلمان الفارسی فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة و قلتم و قلنا و قالت العامة إن القراء أربعة نفر علی بن أبی طالب علیهما السلام و عبد اللّٰه بن مسعود و أبی بن كعب و زید بن ثابت فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة و قلتم و قلنا و قالت العامة إن المطهرین من السماء أربعة نفر علی بن أبی طالب و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة و قلتم و قلنا و قالت العامة إن الأبرار أربعة علی بن أبی طالب و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة و قلتم و قلنا و قالت العامة إن الشهداء أربعة نفر علی بن أبی طالب و جعفر و حمزة و عبیدة بن الحارث بن عبد المطلب فأری صاحبنا قد دخل مع هؤلاء فی هذه الفضیلة و تخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا علی صاحبكم بهذه الفضیلة قال فحرك هارون الستر و أمر جعفر الناس بالخروج فخرجوا مرعوبین و خرج هارون إلی المجلس فقال من هذا ابن الفاعلة فو اللّٰه لقد هممت بقتله و إحراقه بالنار (1).
أقول:: سیأتی سائر احتجاجات هشام فی أبواب تاریخ الكاظم علیه السلام.
ص: 298
«1»- ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِیهُ الْقُمِّیُّ ثُمَّ الْإِیلَاقِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ صَدَقَةَ الْقُمِّیُّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْأَنْصَارِیُّ الْكَجِّیُّ قَالَ حَدَّثَنِی مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیَّ ثُمَّ الْهَاشِمِیَّ یَقُولُ لَمَّا قَدِمَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَلَی الْمَأْمُونِ أَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ أَنْ یَجْمَعَ لَهُ أَصْحَابَ الْمَقَالاتِ مِثْلَ الْجَاثَلِیقِ وَ رَأْسِ الْجَالُوتِ وَ رُؤَسَاءِ الصَّابِئِینَ (1)وَ الْهِرْبِذِ الْأَكْبَرِ وَ أَصْحَابِ ذُرْهَشْتَ (2)وَ نِسْطَاسَ الرُّومِیِّ وَ الْمُتَكَلِّمِینَ لِیَسْمَعَ كَلَامَهُ وَ كَلَامَهُمْ فَجَمَعَهُمُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ثُمَّ أَعْلَمَ الْمَأْمُونَ بِاجْتِمَاعِهِمْ فَقَالَ الْمَأْمُونُ أَدْخِلْهُمْ عَلَیَّ فَفَعَلَ فَرَحَّبَ بِهِمُ الْمَأْمُونُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ إِنِّی إِنَّمَا جَمَعْتُكُمْ لِخَیْرٍ
ص: 299
وَ أَحْبَبْتُ أَنْ تُنَاظِرُوا ابْنَ عَمِّی هَذَا الْمَدَنِیَّ (1)الْقَادِمَ عَلَیَّ فَإِذَا كَانَ بُكْرَةً فَاغْدُوا عَلَیَّ وَ لَا یَتَخَلَّفْ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَقَالُوا السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ مُبْكِرُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیُّ فَبَیْنَا نَحْنُ فِی حَدِیثٍ لَنَا عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْنَا یَاسِرٌ وَ كَانَ یَتَوَلَّی أَمْرَ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا سَیِّدِی إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ فِدَاكَ أَخُوكَ إِنَّهُ اجْتَمَعَ إِلَیَّ أَصْحَابُ الْمَقَالاتِ وَ أَهْلُ الْأَدْیَانِ وَ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ جَمِیعِ الْمِلَلِ فَرَأْیُكَ فِی الْبُكُورِ عَلَیْنَا إِنْ أَحْبَبْتَ كَلَامَهُمْ وَ إِنْ كَرِهْتَ ذَلِكَ فَلَا تَتَجَشَّمْ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ نَصِیرَ إِلَیْكَ خَفَّ ذَلِكَ عَلَیْنَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام أَبْلِغْهُ السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ قَدْ عَلِمْتُ مَا أَرَدْتَ وَ أَنَا صَائِرٌ إِلَیْكَ بُكْرَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیُّ فَلَمَّا مَضَی یَاسِرٌ الْتَفَتَ إِلَیْنَا ثُمَّ قَالَ لِی یَا نَوْفَلِیُّ أَنْتَ عِرَاقِیٌّ وَ رِقَّةُ الْعِرَاقِیِّ غَیْرُ غَلِیظَةٍ (2)فَمَا عِنْدَكَ فِی جَمْعِ ابْنِ عَمِّكَ عَلَیْنَا أَهْلَ الشِّرْكِ وَ أَصْحَابَ الْمَقَالاتِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یُرِیدُ الِامْتِحَانَ وَ یُحِبُّ أَنْ یَعْرِفَ مَا عِنْدَكَ وَ لَقَدْ بَنَی عَلَی أَسَاسٍ غَیْرِ وَثِیقِ الْبُنْیَانِ وَ بِئْسَ وَ اللَّهِ مَا بَنَی فَقَالَ لِی وَ مَا بِنَاؤُهُ فِی هَذَا الْبَابِ قُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَلَامِ وَ الْبِدَعِ خِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَالِمَ لَا یُنْكِرُ غَیْرَ الْمُنْكَرِ وَ أَصْحَابُ الْمَقَالاتِ وَ الْمُتَكَلِّمُونَ وَ أَهْلُ الشِّرْكِ أَصْحَابُ إِنْكَارٍ وَ مُبَاهَتَةٍ (3)إِنِ احْتَجَجْتَ عَلَیْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ قَالُوا صَحِّحْ وَحْدَانِیَّتَهُ وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا أَثْبِتْ رِسَالَتَهُ ثُمَّ یُبَاهِتُونَ الرَّجُلَ وَ هُوَ یُبْطِلُ عَلَیْهِمْ بِحُجَّتِهِ وَ یُغَالِطُونَهُ حَتَّی یَتْرُكَ قَوْلَهُ فَاحْذَرْهُمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَتَبَسَّمَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا نَوْفَلِیُّ أَ فَتَخَافُ أَنْ یَقْطَعُونِی عَلَیَّ حُجَّتِی (4)قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا خِفْتُ عَلَیْكَ قَطُّ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُظْفِرَكَ اللَّهُ بِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لِی یَا نَوْفَلِیُّ أَ تُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ مَتَی یَنْدَمُ الْمَأْمُونُ قُلْتُ نَعَمْ
ص: 300
قَالَ إِذَا سَمِعَ احْتِجَاجِی عَلَی أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَ عَلَی أَهْلِ الْإِنْجِیلِ بِإِنْجِیلِهِمْ وَ عَلَی أَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَ عَلَی الصَّابِئِینَ بِعِبْرَانِیَّتِهِمْ وَ عَلَی الْهَرَابِذَةِ بِفَارِسِیَّتِهِمْ وَ عَلَی أَهْلِ الرُّومِ بِرُومِیَّتِهِمْ وَ عَلَی أَصْحَابِ الْمَقَالاتِ بِلُغَاتِهِمْ فَإِذَا قَطَعْتُ كُلَّ صِنْفٍ وَ دَحَضَتْ حُجَّتُهُ وَ تَرَكَ مَقَالَتَهُ وَ رَجَعَ إِلَی قَوْلِی عَلِمَ الْمَأْمُونُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِی هُوَ بِسَبِیلِهِ لَیْسَ بِمُسْتَحَقٍّ لَهُ (1)فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكُونُ النَّدَامَةُ مِنْهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَانَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ابْنُ عَمِّكَ یَنْتَظِرُكَ وَ قَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فَمَا رَأْیُكَ فِی إِتْیَانِهِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام تَقَدَّمْنِی فَإِنِّی سَائِرٌ إِلَی نَاحِیَتِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ علیه السلام وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَ شَرِبَ شَرْبَةَ سَوِیقٍ وَ سَقَانَا مِنْهُ ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّی دَخَلْنَا عَلَی الْمَأْمُونِ فَإِذَا الْمَجْلِسُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فِی جَمَاعَةِ الطَّالِبِیِّینَ وَ الْهَاشِمِیِّینَ وَ الْقُوَّادُ حُضُورٌ فَلَمَّا دَخَلَ الرِّضَا علیه السلام قَامَ الْمَأْمُونُ وَ قَامَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَ جَمِیعُ بَنِی هَاشِمٍ فَمَا زَالُوا وُقُوفاً وَ الرِّضَا علیه السلام جَالِسٌ مَعَ الْمَأْمُونِ حَتَّی أَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ (2)فَجَلَسُوا فَلَمْ یَزَلِ الْمَأْمُونُ مُقْبِلًا عَلَیْهِ یُحَدِّثُهُ سَاعَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْجَاثَلِیقِ فَقَالَ یَا جَاثَلِیقُ هَذَا ابْنُ عَمِّی عَلِیُّ بْنُ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِیِّنَا وَ ابْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَأُحِبُّ أَنْ تُكَلِّمَهُ وَ تُحَاجَّهُ وَ تُنْصِفَهُ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَیْفَ أُحَاجُّ رَجُلًا یَحْتَجُّ عَلَیَّ بِكِتَابٍ أَنَا مُنْكِرُهُ وَ نَبِیٍّ لَا أُومِنُ بِهِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام یَا نَصْرَانِیُّ فَإِنِ احْتَجَجْتُ عَلَیْكَ بِإِنْجِیلِكَ أَ تُقِرُّ بِهِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ وَ هَلْ أَقْدِرُ عَلَی دَفْعِ مَا نَطَقَ بِهِ الْإِنْجِیلُ نَعَمْ وَ اللَّهِ أُقِرُّ بِهِ عَلَی رَغْمِ أَنْفِی فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام- سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ وَ افْهَمِ الْجَوَابَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ مَا تَقُولُ فِی نُبُوَّةِ عِیسَی وَ كِتَابِهِ هَلْ تُنْكِرُ مِنْهُمَا شَیْئاً قَالَ
ص: 301
الرِّضَا علیه السلام أَنَا مُقِرٌّ بِنُبُوَّةِ عِیسَی وَ كِتَابِهِ وَ مَا بَشَّرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَ أَقَرَّتْ بِهِ الْحَوَارِیُّونَ (1)وَ كَافِرٌ بِنُبُوَّةِ كُلِّ عِیسَی لَمْ یُقِرَّ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِكِتَابِهِ وَ لَمْ یُبَشِّرْ بِهِ أُمَّتَهُ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَ لَیْسَ إِنَّمَا تُقْطَعُ الْأَحْكَامُ بِشَاهِدَیْ عَدْلٍ قَالَ بَلَی قَالَ فَأَقِمْ شَاهِدَیْنِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِ مِلَّتِكَ عَلَی نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ مِمَّنْ لَا تُنْكِرُهُ النَّصْرَانِیَّةُ وَ سَلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ غَیْرِ أَهْلِ مِلَّتِنَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام الْآنَ جِئْتَ بِالنَّصَفَةِ یَا نَصْرَانِیُّ أَ لَا تَقْبَلُ مِنِّی الْعَدْلَ الْمُقَدَّمَ عِنْدَ الْمَسِیحِ عِیسَی بْنِ مَرْیَمَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ مَنْ هَذَا الْعَدْلُ سَمِّهِ لِی قَالَ مَا تَقُولُ فِی یُوحَنَّا الدَّیْلَمِیِّ قَالَ بَخْ بَخْ ذَكَرْتَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَی الْمَسِیحِ قَالَ علیه السلام فَأَقْسَمْتُ عَلَیْكَ هَلْ نَطَقَ الْإِنْجِیلُ أَنَّ یُوحَنَّا قَالَ إِنَّ الْمَسِیحَ أَخْبَرَنِی بِدِینِ مُحَمَّدٍ الْعَرَبِیِّ وَ بَشَّرَنِی بِهِ أَنَّهُ یَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ فَبَشَّرْتُ بِهِ الْحَوَارِیِّینَ فَآمَنُوا بِهِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ یُوحَنَّا عَنِ الْمَسِیحِ وَ بَشَّرَ بِنُبُوَّةِ رَجُلٍ وَ بِأَهْلِ بَیْتِهِ وَ وَصِیِّهِ وَ لَمْ یُلَخِّصْ مَتَی یَكُونُ ذَلِكَ وَ لَمْ یُسَمِّ لَنَا الْقَوْمَ فَنَعْرِفَهُمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَإِنْ جِئْنَاكَ بِمَنْ یَقْرَأُ الْإِنْجِیلَ فَتَلَا عَلَیْكَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أُمَّتِهِ أَ تُؤْمِنُ بِهِ قَالَ شَدِیداً (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام لِنِسْطَاسَ الرُّومِیِّ كَیْفَ حِفْظُكَ لِلسِّفْرِ الثَّالِثِ مِنَ الْإِنْجِیلِ قَالَ مَا أَحْفَظَنِی لَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ أَ لَسْتَ تَقْرَأُ الْإِنْجِیلَ قَالَ بَلَی لَعَمْرِی قَالَ فَخُذْ عَلَی السِّفْرِ الثَّالِثِ فَإِنْ كَانَ فِیهِ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أُمَّتِهِ فَاشْهَدُوا لِی وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِ ذِكْرُهُ فَلَا تَشْهَدُوا لِی ثُمَّ قَرَأَ علیه السلام السِّفْرَ الثَّالِثَ حَتَّی إِذَا بَلَغَ ذِكْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَقَفَ ثُمَّ قَالَ یَا نَصْرَانِیُّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَسِیحِ وَ أُمِّهِ أَ تَعْلَمُ أَنِّی عَالِمٌ بِالْإِنْجِیلِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ تَلَا عَلَیْنَا ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أُمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ مَا تَقُولُ یَا نَصْرَانِیُّ هَذَا قَوْلُ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَإِنْ كَذَّبْتَ مَا یَنْطِقُ بِهِ الْإِنْجِیلُ فَقَدْ كَذَّبْتَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهما السلام وَ مَتَی أَنْكَرْتَ هَذَا الذِّكْرَ وَجَبَ عَلَیْكَ الْقَتْلُ لِأَنَّكَ تَكُونُ قَدْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ وَ بِنَبِیِّكَ وَ بِكِتَابِكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ لَا أُنْكِرُ مَا قَدْ بَانَ لِی فِی الْإِنْجِیلِ وَ إِنِّی لَمُقِرٌّ بِهِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام اشْهَدُوا عَلَی إِقْرَارِهِ
ص: 302
ثُمَّ قَالَ یَا جَاثَلِیقُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَخْبِرْنِی عَنْ حَوَارِیِّ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ كَمْ كَانَ عِدَّتُهُمْ وَ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِنْجِیلِ كَمْ كَانُوا قَالَ الرِّضَا علیه السلام عَلَی الْخَبِیرِ سَقَطْتَ أَمَّا الْحَوَارِیُّونَ فَكَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا وَ كَانَ أَفْضَلُهُمْ وَ أَعْلَمُهُمْ أَلُوقَا وَ أَمَّا عُلَمَاءُ النَّصَارَی فَكَانُوا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ یُوحَنَّا الْأَكْبَرُ بِأَجٍّ (1)وَ یُوحَنَّا بِقِرْقِیسَا (2)وَ یُوحَنَّا الدَّیْلَمِیُّ بِزجار (3)وَ عِنْدَهُ كَانَ ذِكْرُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذِكْرُ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أُمَّتِهِ وَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ أُمَّةَ عِیسَی وَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا نَصْرَانِیُّ وَ اللَّهِ إِنَّا لَنُؤْمِنُ بِعِیسَی الَّذِی آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا نَنْقِمُ عَلَی عِیسَاكُمْ شَیْئاً إِلَّا ضَعْفَهُ وَ قِلَّةَ صِیَامِهِ وَ صَلَاتِهِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَفْسَدْتَ وَ اللَّهِ عِلْمَكَ (4)وَ ضَعَّفْتَ أَمْرَكَ وَ مَا كُنْتُ ظَنَنْتُ إِلَّا أَنَّكَ أَعْلَمُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ مِنْ قَوْلِكِ إِنَّ عِیسَی كَانَ ضَعِیفاً قَلِیلَ الصِّیَامِ قَلِیلَ الصَّلَاةِ وَ مَا أَفْطَرَ عِیسَی یَوْماً قَطُّ وَ لَا نَامَ بِلَیْلٍ قَطُّ وَ مَا زَالَ صَائِمَ الدَّهْرِ قَائِمَ اللَّیْلِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَلِمَنْ كَانَ یَصُومُ وَ یُصَلِّی قَالَ فَخَرِسَ الْجَاثَلِیقُ وَ انْقَطَعَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا نَصْرَانِیُّ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ سَلْ فَإِنْ كَانَ عِنْدِی عِلْمُهَا أَجَبْتُكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام مَا أَنْكَرْتَ أَنَّ عِیسَی كَانَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَنْ أَحْیَا الْمَوْتَی (5)وَ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَهُوَ رَبٌّ مُسْتَحِقٌّ لِأَنْ یُعْبَدَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَإِنَّ الْیَسَعَ قَدْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی مَشَی عَلَی الْمَاءِ وَ أَحْیَا الْمَوْتَی وَ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَلَمْ تَتَّخِذْهُ أُمَّتُهُ رَبّاً وَ لَمْ یَعْبُدْهُ أَحَدٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ صَنَعَ حِزْقِیلُ النَّبِیُّ مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فَأَحْیَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ بِسِتِّینَ سَنَةً
ص: 303
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ لَهُ یَا رَأْسَ الْجَالُوتِ أَ تَجِدُ هَؤُلَاءِ فِی شَبَابِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی التَّوْرَاةِ اخْتَارَهُمْ بُخْتَ نَصَّرُ مِنْ سَبْیِ بَنِی إِسْرَائِیلَ حِینَ غَزَا بَیْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ انْصَرَفَ بِهِمْ إِلَی بَابِلَ فَأَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ هَذَا فِی التَّوْرَاةِ لَا یَدْفَعُهُ إِلَّا كَافِرٌ مِنْكُمْ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ قَدْ سَمِعْنَا بِهِ وَ عَرَفْنَاهُ قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ یَا یَهُودِیُّ خُذْ عَلَی هَذَا السِّفْرِ مِنَ التَّوْرَاةِ فَتَلَا علیه السلام عَلَیْنَا مِنَ التَّوْرَاةِ آیَاتٍ فَأَقْبَلَ الْیَهُودِیُّ یَتَرَجَّحُ (1)لِقِرَاءَتِهِ وَ یَتَعَجَّبُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّصْرَانِیِّ فَقَالَ یَا نَصْرَانِیُّ أَ فَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَبْلَ عِیسَی أَمْ عِیسَی كَانَ قَبْلَهُمْ قَالَ بَلْ كَانُوا قَبْلَهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَقَدِ اجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلُوهُ أَنْ یُحْیِیَ لَهُمْ مَوْتَاهُمْ فَوَجَّهَ مَعَهُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَی الْجَبَّانَةِ فَنَادِ بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ الَّذِینَ یَسْأَلُونَ عَنْهُمْ بِأَعْلَی صَوْتِكَ یَا فُلَانُ وَ یَا فُلَانُ وَ یَا فُلَانُ یَقُولُ لَكُمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قُومُوا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا یَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ فَأَقْبَلَتْ قُرَیْشٌ تَسْأَلُهُمْ عَنْ أُمُورِهِمْ ثُمَّ أَخْبَرُوهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ بُعِثَ نَبِیّاً وَ قَالُوا وَدِدْنَا أَنَّا أَدْرَكْنَاهُ فَنُؤْمِنُ بِهِ وَ لَقَدْ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ الْمَجَانِینَ وَ كَلَّمَهُ الْبَهَائِمُ وَ الطَّیْرُ وَ الْجِنُّ وَ الشَّیَاطِینُ وَ لَمْ نَتَّخِذْهُ رَبّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ نُنْكِرْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَضْلَهُمْ فَمَتَی اتَّخَذْتُمْ عِیسَی رَبّاً جَازَ لَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْیَسَعَ وَ الْحِزْقِیلَ (2)لِأَنَّهُمَا قَدْ صَنَعَا مِثْلَ مَا صَنَعَ عِیسَی مِنْ إِحْیَاءِ الْمَوْتَی وَ غَیْرِهِ وَ إِنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ هَرَبُوا مِنْ بِلَادِهِمْ مِنَ الطَّاعُونِ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْیَةِ فَحَظَرُوا عَلَیْهِمْ حَظِیرَةً فَلَمْ یَزَالُوا فِیهَا حَتَّی نَخِرَتْ عِظَامُهُمْ وَ صَارُوا رَمِیماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَعَجَّبَ مِنْهُمْ وَ مِنْ كَثْرَةِ الْعِظَامِ الْبَالِیَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَ تُحِبُّ أَنْ أُحْیِیَهُمْ لَكَ فَتُنْذِرَهُمْ قَالَ نَعَمْ یَا رَبِّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنْ نَادِهِمْ فَقَالَ أَیَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِیَةُ قُومِی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا أَحْیَاءً أَجْمَعُونَ یَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ
ص: 304
الرَّحْمَنِ حِینَ أَخَذَ الطَّیْرَ (1)فَقَطَعَهُنَّ قِطَعاً ثُمَّ وَضَعَ عَلی كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ نَادَاهُنَّ فَأَقْبَلْنَ سَعْیاً إِلَیْهِ ثُمَّ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ أَصْحَابُهُ السَّبْعُونَ الَّذِینَ اخْتَارَهُمْ صَارُوا مَعَهُ إِلَی الْجَبَلِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّكَ قَدْ رَأَیْتَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَأَرِنَاهُ كَمَا رَأَیْتَهُ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی لَمْ أَرَهُ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ فَاحْتَرَقُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَ بَقِیَ مُوسَی وَحِیداً فَقَالَ یَا رَبِّ إِنِّی اخْتَرْتُ سَبْعِینَ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجِئْتُ بِهِمْ وَ أَرْجِعُ وَحْدِی فَكَیْفَ یُصَدِّقُنِی قَوْمِی بِمَا أُخْبِرُهُمْ بِهِ فَ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا فَأَحْیَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ ذَكَرْتُهُ لَكَ مِنْ هَذَا لَا تَقْدِرُ عَلَی دَفْعِهِ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ قَدْ نَطَقَتْ بِهِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ مَنْ أَحْیَا الْمَوْتَی وَ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ الْمَجَانِینَ یُتَّخَذُ رَبّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاتَّخِذْ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ أَرْبَاباً مَا تَقُولُ یَا یَهُودِیُّ (2)قَالَ الْجَاثَلِیقُ الْقَوْلُ قَوْلُكَ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ الْتَفَتَ علیه السلام إِلَی رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ یَا یَهُودِیُّ أَقْبِلْ عَلَیَّ أَسْأَلْكَ بِالْعَشْرِ الْآیَاتِ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ هَلْ تَجِدُ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً نَبَأَ مُحَمَّدٍ وَ أُمَّتِهِ إِذَا جَاءَتِ الْأُمَّةُ الْأَخِیرَةُ أَتْبَاعُ رَاكِبِ الْبَعِیرِ یُسَبِّحُونَ الرَّبَّ جِدّاً جِدّاً تَسْبِیحاً جَدِیداً فِی الْكَنَائِسِ الْجَدَدِ فَلْیَفْزَعْ بَنُو إِسْرَائِیلَ إِلَیْهِمْ وَ إِلَی مَلِكِهِمْ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ فَإِنَّ بِأَیْدِیهِمْ سُیُوفاً یَنْتَقِمُونَ بِهَا مِنَ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ فِی أَقْطَارِ الْأَرْضِ أَ هَكَذَا هُوَ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ نَعَمْ إِنَّا لَنَجِدُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِلْجَاثَلِیقِ یَا نَصْرَانِیُّ كَیْفَ عِلْمُكَ بِكِتَابِ شَعْیَا قَالَ أَعْرِفُهُ حَرْفاً حَرْفاً قَالَ لَهُمَا أَ تَعْرِفَانِ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ یَا قَوْمِ إِنِّی رَأَیْتُ صُورَةَ رَاكِبِ الْحِمَارِ لَابِساً جَلَابِیبَ النُّورِ وَ رَأَیْتُ رَاكِبَ الْبَعِیرِ ضَوْؤُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الْقَمَرِ فَقَالا قَدْ قَالَ ذَلِكَ شَعْیَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا نَصْرَانِیُّ هَلْ تَعْرِفُ فِی الْإِنْجِیلِ قَوْلَ عِیسَی إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَی رَبِّكُمْ وَ رَبِّی (3)وَ الْبَارِقْلِیطَا جَاءَ هُوَ الَّذِی یَشْهَدُ لِی بِالْحَقِّ كَمَا شَهِدْتُ لَهُ وَ هُوَ
ص: 305
الَّذِی یُفَسِّرُ لَكُمْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الَّذِی یُبْدِی فَضَائِحَ الْأُمَمِ وَ هُوَ الَّذِی یَكْسِرُ عَمُودَ الْكُفْرِ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ مَا ذَكَرْتَ شَیْئاً فِی الْإِنْجِیلِ إِلَّا وَ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِهِ قَالَ أَ تَجِدُ هَذَا فِی الْإِنْجِیلِ ثَابِتاً یَا جَاثَلِیقُ قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا جَاثَلِیقُ أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْإِنْجِیلِ الْأَوَّلِ حِینَ افْتَقَدْتُمُوهُ عِنْدَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَ مَنْ وَضَعَ لَكُمْ هَذَا الْإِنْجِیلَ قَالَ لَهُ مَا افْتَقَدْنَا الْإِنْجِیلَ إِلَّا یَوْماً وَاحِداً حَتَّی وَجَدْنَاهُ غَضّاً طَرِیّاً فَأَخْرَجَهُ إِلَیْنَا یُوحَنَّا وَ مَتَّی فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام مَا أَقَلَّ مَعْرِفَتَكَ بِسِرِّ الْإِنْجِیلِ وَ عُلَمَائِهِ (1)فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا تَزْعُمُ فَلِمَ اخْتَلَفْتُمْ فِی الْإِنْجِیلِ وَ إِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِی هَذَا الْإِنْجِیلِ الَّذِی فِی أَیْدِیكُمُ الْیَوْمَ فَلَوْ كَانَ عَلَی الْعَهْدِ الْأَوَّلِ لَمْ تَخْتَلِفُوا فِیهِ وَ لَكِنِّی مُفِیدُكَ عِلْمَ ذَلِكَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا افْتُقِدَ الْإِنْجِیلُ الْأَوَّلُ اجْتَمَعَتِ النَّصَارَی إِلَی عُلَمَائِهِمْ فَقَالُوا لَهُمْ قُتِلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ افْتَقَدْنَا الْإِنْجِیلَ وَ أَنْتُمُ الْعُلَمَاءُ فَمَا عِنْدَكُمْ فَقَالَ لَهُمْ ألوقا وَ مرقابوس إِنَّ الْإِنْجِیلَ فِی صُدُورِنَا وَ نَحْنُ نُخْرِجُهُ إِلَیْكُمْ سِفْراً سِفْراً فِی كُلِّ أَحَدٍ فَلَا تَحْزَنُوا عَلَیْهِ وَ لَا تُخْلُوا الْكَنَائِسَ فَإِنَّا سَنَتْلُوهُ عَلَیْكُمْ فِی كُلِّ أَحَدٍ سِفْراً سِفْراً حَتَّی نَجْمَعَهُ كُلَّهُ فَقَعَدَ ألوقا وَ مرقابوس وَ یُوحَنَّا وَ مَتَّی فَوَضَعُوا لَكُمْ هَذَا الْإِنْجِیلَ بَعْدَ مَا افْتَقَدْتُمُ الْإِنْجِیلَ الْأَوَّلَ وَ إِنَّمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ تَلَامِیذَ التَّلَامِیذِ الْأَوَّلِینَ أَ عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَمَّا هَذَا فَلَمْ أَعْلَمْهُ (2)وَ قَدْ عَلِمْتُهُ الْآنَ وَ قَدْ بَانَ لِی مِنْ فَضْلِ عِلْمِكَ بِالْإِنْجِیلِ وَ سَمِعْتُ أَشْیَاءَ مِمَّا عَلِمْتُهُ شَهِدَ قَلْبِی أَنَّهَا حَقٌّ فَاسْتَزَدْتُ كَثِیراً مِنَ الْفَهْمِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام فَكَیْفَ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ قَالَ جَائِزَةٌ هَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ الْإِنْجِیلِ وَ كُلُّ مَا شَهِدُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ وَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ مِنْ غَیْرِهِمْ اشْهَدُوا عَلَیْهِ قَالُوا قَدْ شَهِدْنَا ثُمَّ قَالَ لِلْجَاثَلِیقِ بِحَقِّ الِابْنِ وَ أُمِّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ مَتَّی قَالَ إِنَّ الْمَسِیحَ هُوَ ابْنُ دَاوُدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ یَهُودَا بْنِ حضرون (3)وَ قَالَ مرقابوس فِی
ص: 306
نِسْبَةِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ أَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ أَحَلَّهَا فِی الْجَسَدِ الْآدَمِیِّ فَصَارَتْ إِنْسَاناً وَ قَالَ ألوقا إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ كَانَا إِنْسَانَیْنِ مِنْ لَحْمٍ وَ دَمٍ فَدَخَلَ فِیهِمَا رُوحُ الْقُدُسِ ثُمَّ إِنَّكَ تَقُولُ مِنْ شَهَادَةِ عِیسَی عَلَی نَفْسِهِ حَقّاً أَقُولُ لَكُمْ یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ إِنَّهُ لَا یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ إِلَّا مَنْ نَزَلَ مِنْهَا إِلَّا رَاكِبَ الْبَعِیرِ خَاتَمَ الْأَنْبِیَاءِ فَإِنَّهُ یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَنْزِلُ فَمَا تَقُولُ فِی هَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ هَذَا قَوْلُ عِیسَی لَا نُنْكِرُهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَمَا تَقُولُ فِی شَهَادَةِ ألوقا وَ مرقابوس وَ مَتَّی عَلَی عِیسَی وَ مَا نَسَبُوهُ إِلَیْهِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ كَذَبُوا عَلَی عِیسَی قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا قَوْمِ أَ لَیْسَ قَدْ زَكَّاهُمْ وَ شَهِدَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ الْإِنْجِیلِ وَ قَوْلَهُمْ حَقٌّ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ یَا عَالِمَ الْمُسْلِمِینَ (1)أُحِبُّ أَنْ تُعْفِیَنِی مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَإِنَّا قَدْ فَعَلْنَا سَلْ یَا نَصْرَانِیُّ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ لِیَسْأَلْكَ غَیْرِی فَلَا وَ حَقِّ الْمَسِیحِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِی عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِینَ مِثْلَكَ فَالْتَفَتَ الرِّضَا علیه السلام إِلَی رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ لَهُ تَسْأَلُنِی أَوْ أَسْأَلُكَ فَقَالَ بَلْ أَسْأَلُكَ وَ لَسْتُ أَقْبَلُ مِنْكَ حُجَّةً إِلَّا مِنَ التَّوْرَاةِ أَوْ مِنَ الْإِنْجِیلِ أَوْ مِنْ زَبُورِ دَاوُدَ أَوْ بِمَا فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَا تَقْبَلُ مِنِّی حُجَّةً إِلَّا بِمَا تَنْطِقُ بِهِ التَّوْرَاةُ عَلَی لِسَانِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ الْإِنْجِیلُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ الزَّبُورُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ مِنْ أَیْنَ تُثْبِتُ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ قَالَ الرِّضَا علیه السلام شَهِدَ بِنُبُوَّتِهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ دَاوُدُ خَلِیفَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ ثَبِّتْ قَوْلَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تَعْلَمُ یَا یَهُودِیُّ أَنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَوْصَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ سَیَأْتِیكُمْ نَبِیٌّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَبِهِ فَصَدِّقُوا وَ مِنْهُ فَاسْمَعُوا فَهَلْ تَعْلَمُ أَنَّ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِخْوَةً غَیْرَ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ قَرَابَةَ إِسْرَائِیلَ مِنْ إِسْمَاعِیلَ وَ النَّسَبَ الَّذِی بَیْنَهُمَا مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ هَذَا قَوْلُ مُوسَی لَا نَدْفَعُهُ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ إِخْوَةِ بَنِی
ص: 307
إِسْرَائِیلَ نَبِیٌّ غَیْرُ مُحَمَّدٍ قَالَ لَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ فَلَیْسَ قَدْ صَحَّ هَذَا عِنْدَكُمْ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنِّی أُحِبُّ أَنْ تُصَحِّحَهُ لِی مِنَ التَّوْرَاةِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تُنْكِرُ أَنَّ التَّوْرَاةَ تَقُولُ لَكُمْ قَدْ جَاءَ النُّورُ مِنْ جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ وَ أَضَاءَ لَنَا مِنْ جَبَلِ سَاعِیرَ وَ اسْتَعْلَنَ عَلَیْنَا مِنْ جَبَلِ فَارَانَ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ أَعْرِفُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَ مَا أَعْرِفُ تَفْسِیرَهَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَنَا أُخْبِرُكَ بِهِ أَمَّا قَوْلُهُ جَاءَ النُّورُ مِنْ قِبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ فَذَلِكَ وَحْیُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الَّذِی أَنْزَلَهُ عَلَی مُوسَی عَلَی جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ أَضَاءَ النَّاسُ (1)مِنْ جَبَلِ سَاعِیرَ فَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِی أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ هُوَ عَلَیْهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ اسْتَعْلَنَ عَلَیْنَا مِنْ جَبَلِ فَارَانَ فَذَلِكَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا یَوْمٌ وَ قَالَ شَعْیَا النَّبِیُّ فِیمَا تَقُولُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فِی التَّوْرَاةِ رَأَیْتُ رَاكِبَیْنِ أَضَاءَ لَهُمَا الْأَرْضُ أَحَدُهُمَا عَلَی حِمَارٍ وَ الْآخَرُ عَلَی جَمَلٍ فَمَنْ رَاكِبُ الْحِمَارِ وَ مَنْ رَاكِبُ الْجَمَلِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ لَا أَعْرِفُهُمَا فَخَبِّرْنِی بِهِمَا قَالَ علیه السلام أَمَّا رَاكِبُ الْحِمَارِ فَعِیسَی وَ أَمَّا رَاكِبُ الْجَمَلِ فَمُحَمَّدٌ أَ تُنْكِرُ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ قَالَ لَا مَا أُنْكِرُهُ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تَعْرِفُ حیقوقَ النَّبِیَّ قَالَ نَعَمْ إِنِّی بِهِ لَعَارِفٌ قَالَ علیه السلام فَإِنَّهُ قَالَ وَ كِتَابُكُمْ یَنْطِقُ بِهِ جَاءَ اللَّهُ بِالْبَیَانِ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَ امْتَلَأَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ تَسْبِیحِ أَحْمَدَ وَ أُمَّتُهُ یَحْمِلُ خَیْلَهُ فِی الْبَحْرِ كَمَا یَحْمِلُ فِی الْبَرِّ یَأْتِینَا بِكِتَابٍ جَدِیدٍ بَعْدَ خَرَابِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ یَعْنِی بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ أَ تَعْرِفُ هَذَا وَ تُؤْمِنُ بِهِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ حیقوقُ النَّبِیُّ وَ لَا نُنْكِرُ قَوْلَهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَقَدْ قَالَ دَاوُدُ فِی زَبُورِهِ وَ أَنْتَ تَقْرَؤُهُ اللَّهُمَّ ابْعَثْ مُقِیمَ السُّنَّةِ بَعْدَ الْفَتْرَةِ فَهَلْ تَعْرِفُ نَبِیّاً أَقَامَ السُّنَّةَ بَعْدَ الْفَتْرَةِ غَیْرَ مُحَمَّدٍ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ هَذَا قَوْلُ دَاوُدَ نَعْرِفُهُ وَ لَا نُنْكِرُهُ وَ لَكِنْ عَنَی بِذَلِكَ عِیسَی وَ أَیَّامُهُ هِیَ الْفَتْرَةُ قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام جَهِلْتَ أَنَّ عِیسَی لَمْ یُخَالِفِ السُّنَّةَ وَ كَانَ مُوَافِقاً لِسُنَّةِ التَّوْرَاةِ حَتَّی رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ فِی الْإِنْجِیلِ مَكْتُوبٌ أَنَّ ابْنَ الْبَرَّةِ ذَاهِبٌ وَ الْبَارِقْلِیطَا جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَ هُوَ یُخَفِّفُ الْآصَارَ وَ یُفَسِّرُ لَكُمْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ یَشْهَدُ لِی كَمَا شَهِدْتُ لَهُ أَنَا جِئْتُكُمْ بِالْأَمْثَالِ وَ هُوَ یَأْتِیكُمْ
ص: 308
بِالتَّأْوِیلِ أَ تُؤْمِنُ بِهَذَا فِی الْإِنْجِیلِ قَالَ نَعَمْ لَا أُنْكِرُهُ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام یَا رَأْسَ الْجَالُوتِ أَسْأَلُكَ عَنْ نَبِیِّكَ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ فَقَالَ سَلْ قَالَ علیه السلام مَا الْحُجَّةُ عَلَی أَنَّ مُوسَی ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ قَالَ الْیَهُودِیُّ إِنَّهُ جَاءَ بِمَا لَمْ یَجِئْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ قَبْلَهُ قَالَ لَهُ مِثْلَ مَا ذَا قَالَ مِثْلَ فَلْقِ الْبَحْرِ وَ قَلْبِهِ الْعَصَا حَیَّةً تَسْعَی وَ ضَرْبِهِ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ الْعُیُونُ وَ إِخْرَاجِهِ یَدَهُ بَیْضَاءَ لِلنَّاظِرِینَ وَ عَلَامَاتٍ لَا یَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَی مِثْلِهَا قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام صَدَقْتَ فِی أَنَّهُ كَانَتْ حُجَّةً عَلَی نُبُوَّتِهِ إِنَّهُ جَاءَ بِمَا لَا یَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَی مِثْلِهِ أَ فَلَیْسَ كُلُّ مَنِ ادَّعَی أَنَّهُ نَبِیٌّ ثُمَّ جَاءَ بِمَا لَا یَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَی مِثْلِهِ وَجَبَ عَلَیْكُمْ تَصْدِیقُهُ قَالَ لَا لِأَنَّ مُوسَی لَمْ یَكُنْ لَهُ نَظِیرٌ لِمَكَانِهِ مِنْ رَبِّهِ وَ قُرْبِهِ مِنْهُ وَ لَا یَجِبُ عَلَیْنَا الْإِقْرَارُ بِنُبُوَّةِ مَنِ ادَّعَاهَا حَتَّی یَأْتِیَ مِنَ الْأَعْلَامِ بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَكَیْفَ أَقْرَرْتُمْ بِالْأَنْبِیَاءِ الَّذِینَ كَانُوا قَبْلَ مُوسَی وَ لَمْ یَفْلِقُوا الْبَحْرَ وَ لَمْ یَفْجُرُوا مِنَ الْحَجَرِ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ عَیْناً وَ لَمْ یُخْرِجُوا بِأَیْدِیهِمْ مِثْلَ إِخْرَاجِ مُوسَی یَدَهُ بَیْضَاءَ وَ لَمْ یَقْلِبُوا الْعَصَا حَیَّةً تَسْعَی قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ قَدْ خَبَّرْتُكَ أَنَّهُ مَتَی مَا جَاءُوا عَلَی نُبُوَّتِهِمْ مِنَ الْآیَاتِ بِمَا لَا یَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَی مِثْلِهِ وَ لَوْ جَاءُوا بِمَا لَمْ یَجِئْ بِهِ مُوسَی أَوْ كَانَ عَلَی غَیْرِ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَی وَجَبَ تَصْدِیقُهُمْ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا رَأْسَ الْجَالُوتِ فَمَا یَمْنَعُكَ مِنَ الْإِقْرَارِ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ قَدْ كَانَ یُحْیِی الْمَوْتَی وَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ ثُمَّ یَنْفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ یُقَالُ إِنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَ لَمْ نَشْهَدْهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ رَأَیْتَ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَی مِنَ الْآیَاتِ شَاهَدْتَهُ أَ لَیْسَ إِنَّمَا جَاءَتِ الْأَخْبَارُ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ مُوسَی أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ بَلَی قَالَ فَكَذَلِكَ أَیْضاً أَتَتْكُمُ الْأَخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ بِمَا فَعَلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فَكَیْفَ صَدَّقْتُمْ بِمُوسَی وَ لَمْ تُصَدِّقُوا بِعِیسَی فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً قَالَ الرِّضَا علیه السلام وَ كَذَلِكَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا جَاءَ بِهِ وَ أَمْرُ كُلِّ نَبِیٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ وَ مِنْ آیَاتِهِ أَنَّهُ كَانَ یَتِیماً فَقِیراً رَاعِیاً أَجِیراً لَمْ یَتَعَلَّمْ كِتَاباً وَ لَمْ یَخْتَلِفْ إِلَی مُعَلِّمٍ (1)ثُمَّ جَاءَ بِالْقُرْآنِ الَّذِی فِیهِ قِصَصُ الْأَنْبِیَاءِ وَ
ص: 309
أَخْبَارُهُمْ حَرْفاً حَرْفاً وَ أَخْبَارُ مَنْ مَضَی وَ مَنْ بَقِیَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ كَانَ یُخْبِرُهُمْ بْأَسْرَارِهِمْ وَ مَا یَعْمَلُونَ فِی بُیُوتِهِمْ وَ جَاءَ بِآیَاتٍ كَثِیرَةٍ لَا تُحْصَی قَالَ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ لَمْ یَصِحَّ عِنْدَنَا خَبَرُ عِیسَی وَ لَا خَبَرُ مُحَمَّدٍ وَ لَا یَجُوزُ لَنَا أَنْ نُقِرَّ لَهُمَا بِمَا لَمْ یَصِحَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَالشَّاهِدُ الَّذِی شَهِدَ لِعِیسَی وَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا شَاهِدُ زُورٍ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ دَعَا بِالْهِرْبِذِ الْأَكْبَرِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ زَرْدَهُشْتَ (1)الَّذِی تَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِیٌّ مَا حُجَّتُكَ عَلَی نُبُوَّتِهِ قَالَ إِنَّهُ أَتَی بِمَا لَمْ یَأْتِنَا بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَمْ نَشْهَدْهُ وَ لَكِنَّ الْأَخْبَارَ مِنْ أَسْلَافِنَا وَرَدَتْ عَلَیْنَا بِأَنَّهُ أَحَلَّ لَنَا مَا لَمْ یُحِلَّهُ غَیْرُهُ فَاتَّبَعْنَاهُ قَالَ أَ فَلَیْسَ إِنَّمَا أَتَتْكُمُ الْأَخْبَارُ فَاتَّبَعْتُمُوهُ قَالَ بَلَی قَالَ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ أَتَتْهُمُ الْأَخْبَارُ بِمَا أَتَی بِهِ النَّبِیُّونَ وَ أَتَی بِهِ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَمَا عُذْرُكُمْ فِی تَرْكِ الْإِقْرَارِ لَهُمْ إِذْ كُنْتُمْ إِنَّمَا أَقْرَرْتُمْ بِزَرْدْهُشْتَ مِنْ قِبَلِ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِأَنَّهُ جَاءَ بِمَا لَمْ یَجِئْ بِهِ غَیْرُهُ فَانْقَطَعَ الْهِرْبِذُ مَكَانَهُ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا قَوْمِ إِنْ كَانَ فِیكُمْ أَحَدٌ یُخَالِفُ الْإِسْلَامَ وَ أَرَادَ أَنْ یَسْأَلَ فَلْیَسْأَلْ غَیْرَ مُحْتَشِمٍ فَقَامَ إِلَیْهِ عِمْرَانُ الصَّابِئُ وَ كَانَ وَاحِداً مِنَ الْمُتَكَلِّمِینَ فَقَالَ یَا عَالِمَ النَّاسِ لَوْ لَا أَنَّكَ دَعَوْتَ إِلَی مَسْأَلَتِكَ لَمْ أَقْدِمْ عَلَیْكَ بِالْمَسَائِلِ فَلَقَدْ دَخَلْتُ الْكُوفَةَ وَ الْبَصْرَةَ وَ الشَّامَ وَ الْجَزِیرَةَ وَ لَقِیتُ الْمُتَكَلِّمِینَ فَلَمْ أَقَعْ عَلَی أَحَدٍ یُثْبِتُ لِی وَاحِداً لَیْسَ غَیْرَهُ قَائِماً بِوَحْدَانِیَّتِهِ (2)أَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَسْأَلَكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنْ كَانَ فِی الْجَمَاعَةِ عِمْرَانُ الصَّابِئُ فَأَنْتَ هُوَ قَالَ أَنَا هُوَ قَالَ سَلْ یَا عِمْرَانُ وَ عَلَیْكَ بِالنَّصَفَةِ وَ إِیَّاكَ وَ الْخَطَلَ (3)وَ الْجَوْرَ قَالَ وَ اللَّهِ یَا سَیِّدِی مَا أُرِیدُ إِلَّا أَنْ تُثْبِتَ لِی شَیْئاً أَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَا أَجُوزُهُ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَازْدَحَمَ النَّاسُ وَ انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ عِمْرَانُ الصَّابِئُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْكَائِنِ الْأَوَّلِ وَ عَمَّا خَلَقَ قَالَ سَأَلْتَ فَافْهَمْ أَمَّا الْوَاحِدُ فَلَمْ
ص: 310
یَزَلْ وَاحِداً كَائِناً لَا شَیْ ءَ مَعَهُ بِلَا حُدُودٍ وَ لَا أَعْرَاضٍ وَ لَا یَزَالُ كَذَلِكَ ثُمَّ خَلَقَ خَلْقاً مُبْتَدِعاً مُخْتَلِفاً بِأَعْرَاضٍ وَ حُدُودٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا فِی شَیْ ءٍ أَقَامَهُ وَ لَا فِی شَیْ ءٍ حَدَّهُ وَ لَا عَلَی شَیْ ءٍ حَذَاهُ وَ مَثَّلَهُ لَهُ فَجَعَلَ الْخَلْقَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ صَفْوَةً وَ غَیْرَ صَفْوَةٍ وَ اخْتِلَافاً وَ ائْتِلَافاً وَ أَلْوَاناً وَ ذَوْقاً وَ طَعْماً لَا لِحَاجَةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِلَی ذَلِكَ وَ لَا لِفَضْلِ مَنْزِلَةٍ لَا یَبْلُغُهَا إِلَّا بِهِ وَ لَا رَأَی لِنَفْسِهِ فِیمَا خَلَقَ زِیَادَةً وَ لَا نُقْصَاناً تَعْقِلُ هَذَا یَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ یَا سَیِّدِی قَالَ وَ اعْلَمْ یَا عِمْرَانُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِحَاجَةٍ لَمْ یَخْلُقْ إِلَّا مَنْ یَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی حَاجَتِهِ وَ لَكَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَخْلُقَ أَضْعَافَ مَا خَلَقَ لِأَنَّ الْأَعْوَانَ كُلَّمَا كَثُرُوا كَانَ صَاحِبُهُمْ أَقْوَی وَ الْحَاجَةُ یَا عِمْرَانُ لَا یَسَعُهَا لِأَنَّهُ لَمْ یُحْدِثْ مِنَ الْخَلْقِ شَیْئاً إِلَّا حَدَثَتْ فِیهِ حَاجَةٌ أُخْرَی وَ لِذَلِكَ أَقُولُ لَمْ یَخْلُقِ الْخَلْقَ لِحَاجَةٍ وَ لَكِنْ نَقَلَ بِالْخَلْقِ الْحَوَائِجَ بَعْضَهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ بِلَا حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَی مَنْ فَضَّلَ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنْهُ عَلَی مَنْ أَذَلَّ فَلِهَذَا خَلَقَ قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی هَلْ كَانَ الْكَائِنُ مَعْلُوماً فِی نَفْسِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ (1)قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّمَا یَكُونُ الْمَعْلَمَةُ بِالشَّیْ ءِ لِنَفْیِ خِلَافِهِ وَ لِیَكُونَ الشَّیْ ءُ نَفْسُهُ بِمَا نُفِیَ عَنْهُ مَوْجُوداً وَ لَمْ یَكُنْ هُنَاكَ شَیْ ءٌ یُخَالِفُهُ فَتَدْعُوهُ الْحَاجَةُ إِلَی نَفْیِ ذَلِكَ الشَّیْ ءِ عَنْ نَفْسِهِ بِتَحْدِیدِ مَا عَلِمَ مِنْهَا أَ فَهِمْتَ یَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ یَا سَیِّدِی فَأَخْبِرْنِی بِأَیِّ شَیْ ءٍ عَلِمَ مَا عَلِمَ أَ بِضَمِیرٍ أَمْ بِغَیْرِ ذَلِكَ (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ رَأَیْتَ إِذَا عَلِمَ بِضَمِیرٍ هَلْ تَجِدُ بُدّاً مِنْ أَنْ تَجْعَلَ لِذَلِكَ الضَّمِیرِ حَدّاً تَنْتَهِی إِلَیْهِ الْمَعْرِفَةُ قَالَ عِمْرَانُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَمَا ذَلِكَ الضَّمِیرُ فَانْقَطَعَ عِمْرَانُ وَ لَمْ یُحِرْ جَوَاباً قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَا بَأْسَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنِ الضَّمِیرِ نَفْسِهِ تَعْرِفُهُ بِضَمِیرٍ آخَرَ فَقُلْتَ نَعَمْ (3)أَفْسَدْتَ
ص: 311
عَلَیْكَ قَوْلَكَ وَ دَعْوَاكَ یَا عِمْرَانُ أَ لَیْسَ یَنْبَغِی أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْوَاحِدَ لَیْسَ یُوصَفُ بِضَمِیرٍ وَ لَیْسَ یُقَالُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلٍ وَ عَمَلٍ وَ صُنْعٍ وَ لَیْسَ یُتَوَهَّمُ مِنْهُ مَذَاهِبُ وَ تَجْرِبَةٌ كَمَذَاهِبِ الْمَخْلُوقِینَ وَ تَجْرِبَتِهِمْ (1)فَاعْقِلْ ذَلِكَ وَ ابْنِ عَلَیْهِ مَا عَلِمْتَ صَوَاباً (2)قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنْ حُدُودِ خَلْقِهِ كَیْفَ هِیَ وَ مَا مَعَانِیهَا وَ عَلَی كَمْ نَوْعٍ تَكُونُ قَالَ قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمْ إِنَّ حُدُودَ خَلْقِهِ عَلَی سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مَلْمُوسٍ وَ مَوْزُونٍ وَ مَنْظُورٍ إِلَیْهِ وَ مَا لَا ذَوْقَ لَهُ (3)وَ هُوَ الرُّوحُ وَ مِنْهَا مَنْظُورٌ إِلَیْهِ وَ لَیْسَ لَهُ وَزْنٌ وَ لَا لَمْسٌ وَ لَا حِسٌّ وَ لَا لَوْنٌ وَ لَا ذَوْقٌ وَ التَّقْدِیرُ وَ الْأَعْرَاضُ وَ الصُّوَرُ وَ الطُّولُ وَ الْعَرْضُ وَ مِنْهَا الْعَمَلُ وَ الْحَرَكَاتُ الَّتِی تَصْنَعُ الْأَشْیَاءَ وَ تَعْمَلُهَا (4)وَ تُغَیِّرُهَا مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ تَزِیدُهَا وَ تَنُقُصُهَا فَأَمَّا الْأَعْمَالُ وَ الْحَرَكَاتُ فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَا یُحْتَاجُ إِلَیْهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الشَّیْ ءِ انْطَلَقَ بِالْحَرَكَةِ وَ بَقِیَ الْأَثَرُ وَ یَجْرِی مَجْرَی الْكَلَامِ الَّذِی یَذْهَبُ وَ یَبْقَی أَثَرُهُ قَالَ لَهُ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْخَالِقِ إِذَا كَانَ وَاحِداً لَا شَیْ ءَ غَیْرُهُ وَ لَا شَیْ ءَ مَعَهُ أَ لَیْسَ قَدْ تَغَیَّرَ بِخَلْقِهِ الْخَلْقَ قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام لَمْ یَتَغَیَّرْ عَزَّ وَ جَلَّ بِخَلْقِ الْخَلْقِ (5)وَ لَكِنَّ الْخَلْقَ یَتَغَیَّرُ بِتَغْیِیرِهِ قَالَ عِمْرَانُ فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ عَرَفْنَاهُ قَالَ بِغَیْرِهِ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ غَیْرُهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام مَشِیَّتُهُ وَ اسْمُهُ وَ صِفَتُهُ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَ كُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ مُدَبَّرٌ (6)قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی فَأَیُّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ هُوَ نُورٌ بِمَعْنَی أَنَّهُ هَادٍ لِخَلْقِهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَیْسَ لَكَ عَلَی أَكْثَرَ مِنْ تَوْحِیدِی إِیَّاهُ قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی أَ لَیْسَ قَدْ كَانَ سَاكِتاً قَبْلَ الْخَلْقِ لَا یَنْطِقُ ثُمَّ نَطَقَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَا یَكُونُ السُّكُوتُ إِلَّا عَنْ نُطْقٍ قَبْلَهُ وَ الْمَثَلُ فِی ذَلِكَ أَنَّهُ لَا یُقَالُ لِلسِّرَاجِ
ص: 312
هُوَ سَاكِتٌ لَا یَنْطِقُ وَ لَا یُقَالُ إِنَّ السِّرَاجَ لَیُضِی ءُ فِیمَا یُرِیدُ أَنْ یَفْعَلَ بِنَا لِأَنَّ الضَّوْءَ مِنَ السِّرَاجِ لَیْسَ بِفِعْلٍ مِنْهُ وَ لَا كَوْنٍ وَ إِنَّمَا هُوَ لَیْسَ شَیْ ءٌ غَیْرَهُ فَلَمَّا اسْتَضَاءَ لَنَا قُلْنَا قَدْ أَضَاءَ لَنَا حَتَّی اسْتَضَأْنَا بِهِ فَبِهَذَا تَسْتَبْصِرُ أَمْرَكَ قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی فَإِنَّ الَّذِی كَانَ عِنْدِی أَنَّ الْكَائِنَ قَدْ تَغَیَّرَ فِی فِعْلِهِ عَنْ حَالِهِ بِخَلْقِهِ الْخَلْقَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَحَلْتَ یَا عِمْرَانُ فِی قَوْلِكَ إِنَّ الْكَائِنَ یَتَغَیَّرُ فِی وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ حَتَّی یُصِیبَ الذَّاتَ مِنْهُ مَا یُغَیِّرُهُ یَا عِمْرَانُ هَلْ تَجِدُ النَّارَ یُغَیِّرُهَا تَغَیُّرُ نَفْسِهَا أَوْ هَلْ تَجِدُ الْحَرَارَةَ تُحْرِقُ نَفْسَهَا أَوْ هَلْ رَأَیْتَ بَصِیراً قَطُّ رَأَی بَصَرَهُ (1)قَالَ عِمْرَانُ لَمْ أَرَ هَذَا أَ لَا تُخْبِرُنِی یَا سَیِّدِی أَ هُوَ فِی الْخَلْقِ أَمِ الْخَلْقُ فِیهِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام جَلَّ یَا عِمْرَانُ عَنْ ذَلِكَ لَیْسَ هُوَ فِی الْخَلْقِ وَ لَا الْخَلْقُ فِیهِ تَعَالَی عَنْ ذَلِكَ وَ سَأُعَلِّمُكَ مَا تَعْرِفُهُ بِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنِ الْمِرْآةِ أَنْتَ فِیهَا أَمْ هِیَ فِیكَ فَإِنْ كَانَ لَیْسَ وَاحِدٌ مِنْكُمَا فِی صَاحِبِهِ فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ اسْتَدْلَلْتَ بِهَا عَلَی نَفْسِكَ قَالَ عِمْرَانُ بِضَوْءٍ بَیْنِی وَ بَیْنَهَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تَرَی مِنْ ذَلِكَ الضَّوْءِ فِی الْمِرْآةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَرَاهُ فِی عَیْنِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَأَرِنَاهُ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً قَالَ علیه السلام فَلَا أَرَی النُّورَ إِلَّا وَ قَدْ دَلَّكَ وَ دَلَّ الْمِرْآةُ عَلَی أَنْفُسِكُمَا مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ فِی وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَ لِهَذَا أَمْثَالٌ كَثِیرَةٌ غَیْرُ هَذَا لَا یَجِدُ الْجَاهِلُ فِیهَا مَقَالًا وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلی ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْمَأْمُونِ فَقَالَ الصَّلَاةُ قَدْ حَضَرَتْ فَقَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی لَا تَقْطَعْ عَلَیَّ مَسْأَلَتِی فَقَدْ رَقَّ قَلْبِی قَالَ الرِّضَا علیه السلام نُصَلِّی وَ نَعُودُ فَنَهَضَ وَ نَهَضَ الْمَأْمُونُ فَصَلَّی الرِّضَا علیه السلام دَاخِلًا وَ صَلَّی النَّاسُ خَارِجاً خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ خَرَجَا فَعَادَ الرِّضَا علیه السلام إِلَی مَجْلِسِهِ وَ دَعَا بِعِمْرَانَ فَقَالَ سَلْ یَا عِمْرَانُ قَالَ یَا سَیِّدِی أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ یُوَحَّدُ بِحَقِیقَةٍ أَوْ یُوَحَّدُ بِوَصْفٍ قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ اللَّهَ الْمُبْدِئُ الْوَاحِدُ الْكَائِنُ الْأَوَّلُ لَمْ یَزَلْ وَاحِداً لَا شَیْ ءَ مَعَهُ فَرْداً لَا ثَانِیَ مَعَهُ لَا مَعْلُوماً وَ لَا مَجْهُولًا وَ لَا مُحْكَماً وَ لَا مُتَشَابِهاً وَ لَا مَذْكُوراً وَ لَا مَنْسِیّاً وَ لَا شَیْئاً یَقَعُ عَلَیْهِ اسْمُ شَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ غَیْرِهِ وَ لَا مِنْ وَقْتٍ كَانَ وَ لَا إِلَی وَقْتٍ یَكُونُ وَ لَا بِشَیْ ءٍ قَامَ وَ لَا إِلَی شَیْ ءٍ
ص: 313
یَقُومُ وَ لَا إِلَی شَیْ ءٍ اسْتَنَدَ وَ لَا فِی شَیْ ءٍ اسْتَكَنَّ وَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ الْخَلْقِ إِذْ لَا شَیْ ءَ غَیْرُهُ وَ مَا أُوقِعَتْ عَلَیْهِ مِنَ الْكُلِّ (1)فَهِیَ صِفَاتٌ مُحْدَثَةٌ وَ تَرْجَمَةٌ یَفْهَمُ بِهَا مَنْ فَهِمَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِبْدَاعَ وَ الْمَشِیَّةَ وَ الْإِرَادَةَ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَ أَسْمَاؤُهَا ثَلَاثَةٌ وَ كَانَ أَوَّلُ إِبْدَاعِهِ وَ إِرَادَتِهِ وَ مَشِیَّتِهِ الْحُرُوفَ الَّتِی جَعَلَهَا أَصْلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ دَلِیلًا عَلَی كُلِّ مُدْرَكٍ وَ فَاصِلًا لِكُلِّ مُشْكِلٍ وَ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ تَفْرِیقُ كُلِّ شَیْ ءٍ مِنِ اسْمِ حَقٍّ وَ بَاطِلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ مَفْعُولٍ أَوْ مَعْنًی أَوْ غَیْرِ مَعْنًی وَ عَلَیْهَا اجْتَمَعَتِ الْأُمُورُ كُلُّهَا وَ لَمْ یَجْعَلْ لِلْحُرُوفِ فِی إِبْدَاعِهِ لَهَا مَعْنًی غَیْرَ أَنْفُسِهَا یَتَنَاهَی وَ لَا وُجُودَ لَهَا لِأَنَّهَا مُبْدَعَةٌ بِالْإِبْدَاعِ وَ النُّورُ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ أَوَّلُ فِعْلِ اللَّهِ الَّذِی هُوَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْحُرُوفُ هِیَ الْمَفْعُولُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَ هِیَ الْحُرُوفُ الَّتِی عَلَیْهَا الْكَلَامُ وَ الْعِبَارَاتُ كُلُّهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَّمَهَا خَلْقَهُ وَ هِیَ ثَلَاثَةٌ وَ ثَلَاثُونَ حَرْفاً فَمِنْهَا ثَمَانِیَةٌ وَ عِشْرُونَ حَرْفاً تَدُلُّ عَلَی لُغَاتِ الْعَرَبِیَّةِ وَ مِنَ الثَّمَانِیَةِ وَ الْعِشْرِینَ اثْنَانِ وَ عِشْرُونَ حَرْفاً تَدُلُّ عَلَی لُغَاتِ السُّرْیَانِیَّةِ وَ الْعِبْرَانِیَّةِ وَ مِنْهَا خَمْسَةُ أَحْرُفٍ مُتَحَرِّفَةٍ فِی سَائِرِ اللُّغَاتِ مِنَ الْعَجَمِ لِأَقَالِیمِ اللُّغَاتِ كُلِّهَا وَ هِیَ خَمْسَةُ أَحْرُفٍ تَحَرَّفَتْ مِنَ الثَّمَانِیَةِ وَ الْعِشْرِینَ الْحَرْفَ (2)مِنَ اللُّغَاتِ فَصَارَتِ الْحُرُوفُ ثَلَاثَةً وَ ثَلَاثِینَ حَرْفاً فَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْمُخْتَلِفَةُ فَحُجَجٌ لَا یَجُوزُ ذِكْرُهَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ جَعَلَ الْحُرُوفَ بَعْدَ إِحْصَائِهَا وَ إِحْكَامِ عِدَّتِهَا فِعْلًا مِنْهُ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُنْ فَیَكُونُ وَ كُنْ مِنْهُ صُنْعٌ وَ مَا یَكُونُ بِهِ الْمَصْنُوعُ فَالْخَلْقُ الْأَوَّلُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِبْدَاعُ لَا وَزْنَ لَهُ وَ لَا حَرَكَةَ وَ لَا سَمْعَ وَ لَا لَوْنَ وَ لَا حِسَّ وَ الْخَلْقُ الثَّانِی الْحُرُوفُ لَا وَزْنَ لَهَا وَ لَا لَوْنَ وَ هِیَ مَسْمُوعَةٌ مَوْصُوفَةٌ غَیْرُ مَنْظُورٍ إِلَیْهَا وَ الْخَلْقُ الثَّالِثُ مَا كَانَ مِنَ الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا مَحْسُوساً مَلْمُوساً ذَا ذَوْقٍ مَنْظُورٍ إِلَیْهِ (3)وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَابِقٌ لِلْإِبْدَاعِ لِأَنَّهُ لَیْسَ قَبْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَیْ ءٌ وَ لَا كَانَ مَعَهُ شَیْ ءٌ وَ الْإِبْدَاعُ سَابِقٌ لِلْحُرُوفِ وَ الْحُرُوفُ لَا تَدُلُّ عَلَی غَیْرِ نَفْسِهَا قَالَ الْمَأْمُونُ وَ كَیْفَ لَا تَدُلُّ عَلَی غَیْرِ نَفْسِهَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
ص: 314
وَ تَعَالَی لَا یَجْمَعُ مِنْهَا شَیْئاً لِغَیْرِ مَعْنًی أَبَداً فَإِذَا أَلَّفَ مِنْهَا أَحْرُفاً أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ لَمْ یُؤَلِّفْهَا لِغَیْرِ مَعْنًی وَ لَمْ یَكُ إِلَّا لِمَعْنًی مُحْدَثٍ لَمْ یَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ شَیْئاً قَالَ عِمْرَانُ فَكَیْفَ لَنَا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَمَّا الْمَعْرِفَةُ فَوَجْهُ ذَلِكَ وَ بَیَانُهُ (1)أَنَّكَ تَذْكُرُ الْحُرُوفَ إِذَا لَمْ تُرِدْ بِهَا غَیْرَ نَفْسِهَا ذَكَرْتَهَا فَرْداً فَقُلْتَ أ ب ت ث ج ح خ حَتَّی تَأْتِیَ عَلَی آخِرِهَا فَلَمْ تَجِدْ لَهَا مَعْنًی غَیْرَ أَنْفُسِهَا فَإِذَا أَلَّفْتَهَا وَ جَمَعْتَ مِنْهَا أَحْرُفاً وَ جَعَلْتَهَا اسْماً وَ صِفَةً لِمَعْنَی مَا طَلَبْتَ وَ وَجْهِ مَا عَنَیْتَ كَانَتْ دَلِیلَةً عَلَی مَعَانِیهَا دَاعِیَةً إِلَی الْمَوْصُوفِ بِهَا أَ فَهِمْتَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَكُونُ صِفَةٌ لِغَیْرِ مَوْصُوفٍ وَ لَا اسْمٌ لِغَیْرِ مَعْنًی وَ لَا حَدٌّ لِغَیْرِ مَحْدُودٍ وَ الصِّفَاتُ وَ الْأَسْمَاءُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَی الْكَمَالِ وَ الْوُجُودِ وَ لَا تَدُلُّ عَلَی الْإِحَاطَةِ كَمَا تَدُلُّ عَلَی الْحُدُودِ الَّتِی هِیَ التَّرْبِیعُ وَ التَّثْلِیثُ وَ التَّسْدِیسُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ تُدْرَكُ مَعْرِفَتُهُ بِالصِّفَاتِ وَ الْأَسْمَاءِ وَ لَا تُدْرَكُ بِالتَّحْدِیدِ بِالطُّولِ وَ الْعَرْضِ وَ الْقِلَّةِ وَ الْكَثْرَةِ وَ اللَّوْنِ وَ الْوَزْنِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَ لَیْسَ یَحُلُّ بِاللَّهِ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّی یَعْرِفَهُ خَلْقُهُ بِمَعْرِفَتِهِمْ أَنْفُسَهُمْ بِالضَّرُورَةِ الَّتِی ذَكَرْنَا وَ لَكِنْ یُدَلُّ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِفَاتِهِ وَ یُدْرَكُ بِأَسْمَائِهِ وَ یُسْتَدَلُّ عَلَیْهِ بِخَلْقِهِ حَتَّی لَا یَحْتَاجَ فِی ذَلِكَ الطَّالِبُ الْمُرْتَادُ إِلَی رُؤْیَةِ عَیْنٍ وَ لَا اسْتِمَاعِ أُذُنٍ وَ لَا لَمْسِ كَفٍّ وَ لَا إِحَاطَةٍ بِقَلْبٍ فَلَوْ كَانَتْ صِفَاتُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا تَدُلُّ عَلَیْهِ وَ أَسْمَاؤُهُ لَا تَدْعُو إِلَیْهِ وَ الْمَعْلَمَةُ مِنَ الْخَلْقِ لَا تُدْرِكُهُ لِمَعْنَاهُ كَانَتِ الْعِبَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ لِأَسْمَائِهِ وَ صِفَاتِهِ دُونَ مَعْنَاهُ فَلَوْ لَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْبُودُ الْمُوَحَّدُ (2)غَیْرَ اللَّهِ لِأَنَّ صِفَاتِهِ وَ أَسْمَاءَهُ غَیْرُهُ أَ فَهِمْتَ قَالَ نَعَمْ یَا سَیِّدِی زِدْنِی قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِیَّاكَ وَ قَوْلَ الْجُهَّالِ أَهْلِ الْعَمَی وَ الضَّلَالِ الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ مَوْجُودٌ فِی الْآخِرَةِ لِلْحِسَابِ وَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ (3)وَ لَیْسَ بِمَوْجُودٍ فِی الدُّنْیَا لِلطَّاعَةِ وَ الرَّجَاءِ وَ لَوْ كَانَ فِی الْوُجُودِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ نَقْصٌ وَ اهْتِضَامٌ لَمْ یُوجَدْ فِی الْآخِرَةِ أَبَداً وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ تَاهُوا وَ عَمُوا وَ صَمُّوا عَنِ الْحَقِّ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ وَ ذَلِكَ
ص: 315
قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ كانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا یَعْنِی أَعْمَی عَنِ الْحَقَائِقِ الْمَوْجُودَةِ وَ قَدْ عَلِمَ ذَوُو الْأَلْبَابِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَی مَا هُنَاكَ لَا یَكُونُ إِلَّا بِمَا هَاهُنَا مَنْ أَخَذَ عِلْمَ ذَلِكَ بِرَأْیِهِ وَ طَلَبَ وُجُودَهُ وَ إِدْرَاكَهُ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ غَیْرِهَا لَمْ یَزْدَدْ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ إِلَّا بُعْداً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ عِلْمَ ذَلِكَ خَاصَّةً عِنْدَ قَوْمٍ یَعْقِلُونَ وَ یَعْلَمُونَ وَ یَفْهَمُونَ قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْإِبْدَاعِ أَ خَلْقٌ هُوَ أَمْ غَیْرُ خَلْقٍ قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام بَلْ خَلْقٌ سَاكِنٌ لَا یُدْرَكُ بِالسُّكُونِ وَ إِنَّمَا صَارَ خَلْقاً لِأَنَّهُ شَیْ ءٌ مُحْدَثٌ وَ اللَّهُ الَّذِی أَحْدَثَهُ فَصَارَ خَلْقاً لَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَلْقُهُ لَا ثَالِثَ بَیْنَهُمَا وَ لَا ثَالِثَ غَیْرُهُمَا فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَعْدُ أَنْ یَكُونَ خَلْقَهُ وَ قَدْ یَكُونُ الْخَلْقُ سَاكِناً وَ مُتَحَرِّكاً وَ مُخْتَلِفاً وَ مُؤْتَلِفاً وَ مَعْلُوماً وَ مُتَشَابِهاً وَ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَیْهِ حَدٌّ فَهُوَ خَلْقُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَدَتْكَ الْحَوَاسُّ فَهُوَ مَعْنًی مُدْرَكٌ لِلْحَوَاسِّ وَ كُلُّ حَاسَّةٍ تَدُلُّ عَلَی مَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا فِی إِدْرَاكِهَا وَ الْفَهْمُ مِنَ الْقَلْبِ بِجَمِیعِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاحِدَ الَّذِی هُوَ قَائِمٌ بِغَیْرِ تَقْدِیرٍ وَ لَا تَحْدِیدٍ خَلَقَ خَلْقاً مُقَدَّراً بِتَحْدِیدٍ وَ تَقْدِیرٍ وَ كَانَ الَّذِی خَلَقَ خَلْقَیْنِ اثْنَیْنِ التَّقْدِیرَ وَ الْمُقَدَّرَ وَ لَیْسَ فِی وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْنٌ وَ لَا وَزْنٌ وَ لَا ذَوْقٌ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا یُدْرَكُ بِالْآخَرِ وَ جَعَلَهُمَا مُدْرَكَیْنِ بِنَفْسِهِمَا وَ لَمْ یَخْلُقْ شَیْئاً فَرْداً قَائِماً بِنَفْسِهِ دُونَ غَیْرِهِ لِلَّذِی أَرَادَ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَی نَفْسِهِ وَ إِثْبَاتِ وُجُودِهِ فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَرْدٌ وَاحِدٌ لَا ثَانِیَ مَعَهُ یُقِیمُهُ وَ لَا یَعْضُدُهُ وَ لَا یَكُنُّهُ وَ الْخَلْقُ یُمْسِكُ بَعْضُهُ بَعْضاً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مَشِیَّتِهِ وَ إِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِی هَذَا الْبَابِ حَتَّی تَاهُوا وَ تَحَیَّرُوا وَ طَلَبُوا الْخَلَاصَ مِنَ الظُّلْمَةِ بِالظُّلْمَةِ فِی وَصْفِهِمُ اللَّهَ بِصِفَةِ أَنْفُسِهِمْ فَازْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ بُعْداً وَ لَوْ وَصَفُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِفَاتِهِ وَ وَصَفُوا الْمَخْلُوقِینَ بِصِفَاتِهِمْ لَقَالُوا بِالْفَهْمِ وَ الْیَقِینِ وَ لَمَا اخْتَلَفُوا فَلَمَّا طَلَبُوا مِنْ ذَلِكَ مَا تَحَیَّرُوا فِیهِ ارْتَبَكُوا فِیهِ (1)وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ قَالَ عِمْرَانُ یَا سَیِّدِی أَشْهَدُ أَنَّهُ كَمَا وَصَفْتَ وَ لَكِنْ بَقِیَتْ لِی مَسْأَلَةٌ قَالَ
ص: 316
سَلْ عَمَّا أَرَدْتَ قَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْحَكِیمِ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ وَ هَلْ یُحِیطُ بِهِ شَیْ ءٌ وَ هَلْ یَتَحَوَّلُ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَی شَیْ ءٍ أَوْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَی شَیْ ءٍ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أُخْبِرُكَ یَا عِمْرَانُ فَاعْقِلْ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَغْمَضِ مَا یَرِدُ عَلَی الْمَخْلُوقِینَ فِی مَسَائِلِهِمْ وَ لَیْسَ یَفْهَمُهُ الْمُتَفَاوِتُ عَقْلُهُ الْعَازِبُ حِلْمُهُ (1)وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ فَهِمِهِ أُولُو الْعَقْلِ الْمُنْصِفُونَ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِحَاجَةٍ مِنْهُ لَجَازَ لِقَائِلٍ أَنْ یَقُولَ یَتَحَوَّلُ إِلَی مَا خَلَقَ لِحَاجَتِهِ إِلَی ذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَخْلُقْ شَیْئاً لِحَاجَةٍ وَ لَمْ یَزَلْ ثَابِتاً لَا فِی شَیْ ءٍ وَ لَا عَلَی شَیْ ءٍ إِلَّا أَنَّ الْخَلْقَ یُمْسِكُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَ یَدْخُلُ بَعْضُهُ فِی بَعْضٍ وَ یَخْرُجُ مِنْهُ وَ اللَّهُ جَلَّ وَ تَقَدَّسَ بِقُدْرَتِهِ یُمْسِكُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَ لَیْسَ یَدْخُلُ فِی شَیْ ءٍ وَ لَا یَخْرُجُ مِنْهُ وَ لَا یَئُودُهُ حِفْظُهُ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِمْسَاكِهِ وَ لَا یَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ كَیْفَ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَطْلَعَهُ عَلَیْهِ مِنْ رُسُلِهِ وَ أَهْلِ سِرِّهِ وَ الْمُسْتَحْفَظِینَ لِأَمْرِهِ وَ خُزَّانِهِ الْقَائِمِینَ بِشَرِیعَتِهِ وَ إِنَّمَا أَمْرُهُ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِذَا شَاءَ شَیْئاً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ بِمَشِیَّتِهِ وَ إِرَادَتِهِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ خَلْقِهِ أَقْرَبَ إِلَیْهِ مِنْ شَیْ ءٍ وَ لَا شَیْ ءٌ أَبْعَدَ مِنْهُ مِنْ شَیْ ءٍ أَ فَهِمْتَ یَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ یَا سَیِّدِی قَدْ فَهِمْتُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَی مَا وَصَفْتَهُ وَ وَحَّدْتَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهُدَی وَ دِینِ الْحَقِّ ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ أَسْلَمَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیُّ فَلَمَّا نَظَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ إِلَی كَلَامِ عِمْرَانَ الصَّابِئِ وَ كَانَ جَدِلًا لَمْ یَقْطَعْهُ عَنْ حُجَّتِهِ أَحَدٌ قَطُّ لَمْ یَدْنُ مِنَ الرِّضَا علیه السلام أَحَدٌ مِنْهُمْ وَ لَمْ یَسْأَلُوهُ عَنْ شَیْ ءٍ وَ أَمْسَیْنَا فَنَهَضَ الْمَأْمُونُ وَ الرِّضَا علیه السلام فَدَخَلَا وَ انْصَرَفَ النَّاسُ وَ كُنْتُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا إِذْ بَعَثَ إِلَیَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فَأَتَیْتُهُ فَقَالَ لِی یَا نَوْفَلِیُّ أَ مَا رَأَیْتَ مَا جَاءَ بِهِ صَدِیقُكَ لَا وَ اللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی علیهما السلام خَاضَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ هَذَا قَطُّ وَ لَا عَرَفْنَاهُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ یَتَكَلَّمُ بِالْمَدِینَةِ أَوْ یَجْتَمِعُ إِلَیْهِ أَصْحَابُ الْكَلَامِ قُلْتُ قَدْ كَانَ الْحَاجُّ یَأْتُونَهُ فَیَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْیَاءَ مِنْ حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ فَیُجِیبُهُمْ وَ رُبَّمَا كَلَّمَ مَنْ یَأْتِیهِ یُحَاجُّهُ
ص: 317
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْهِ أَنْ یَحْسُدَهُ هَذَا الرَّجُلُ فَیَسُمَّهُ أَوْ یَفْعَلَ بِهِ بَلِیَّةً فَأَشِرْ عَلَیْهِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ قُلْتُ إِذاً لَا یَقْبَلُ مِنِّی وَ مَا أَرَادَ الرَّجُلُ إِلَّا امْتِحَانَهُ لِیَعْلَمَ هَلْ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ مِنْ عُلُومِ آبَائِهِ علیهم السلام فَقَالَ لِی قُلْ لَهُ إِنَّ عَمَّكَ قَدْ كَرِهَ هَذَا الْبَابَ وَ أَحَبَّ أَنْ تُمْسِكَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ لِخِصَالٍ شَتَّی فَلَمَّا انْقَلَبْتُ إِلَی مَنْزِلِ الرِّضَا علیه السلام أَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ مِنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ حَفِظَ اللَّهُ عَمِّی مَا أَعْرَفَنِی بِهِ لِمَ كَرِهَ ذَلِكَ یَا غُلَامُ صِرْ إِلَی عِمْرَانَ الصَّابِئِ فَأْتِنِی بِهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنَا أَعْرِفُ مَوْضِعَهُ وَ هُوَ عِنْدَ بَعْضِ إِخْوَانِنَا مِنَ الشِّیعَةِ قَالَ فَلَا بَأْسَ قَرِّبُوا إِلَیْهِ دَابَّةً فَصِرْتُ إِلَی عِمْرَانَ فَأَتَیْتُهُ بِهِ فَرَحَّبَ بِهِ وَ دَعَا بِكِسْوَةٍ فَخَلَعَهَا عَلَیْهِ وَ حَمَلَهُ وَ دَعَا بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَوَصَلَهُ بِهَا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَكَیْتَ فِعْلَ جَدِّكَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ هَكَذَا یَجِبُ (1)ثُمَّ دَعَا علیه السلام بِالْعَشَاءِ فَأَجْلَسَنِی عَنْ یَمِینِهِ وَ أَجْلَسَ عِمْرَانَ عَنْ یَسَارِهِ حَتَّی إِذَا فَرَغْنَا قَالَ لِعِمْرَانَ انْصَرِفْ مُصَاحِباً وَ بَكِّرْ عَلَیْنَا نُطْعِمْكَ طَعَامَ الْمَدِینَةِ فَكَانَ عِمْرَانُ بَعْدَ ذَلِكَ یَجْتَمِعُ إِلَیْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَقَالاتِ فَیُبْطِلُ أَمْرَهُمْ حَتَّی اجْتَنَبُوهُ وَ وَصَلَهُ الْمَأْمُونُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَعْطَاهُ الْفَضْلُ مَالًا وَ حَمَلَهُ وَ وَلَّاهُ الرِّضَا علیه السلام صَدَقَاتِ بَلْخٍ فَأَصَابَ الرَّغَائِبَ (2).
ج، الإحتجاج مُرْسَلًا مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الْمَطَالِبِ الْغَامِضَةِ (3).
بیان: قال الفیروزآبادی الهرابذة قومة بیت النار للهند أو عظماء الهند أو علمائهم أو خدم نار المجوس الواحد كزبرج و قال نسطاس بالكسر علم و بالرومیة العالم بالطب.
قوله علیه السلام و رقة العراقی غیر غلیظة لعل المراد بالرقة سرعة الفهم أی هو قلیل الفهم أو كثیره أی لیس فی دقة فهمه غلظة بل هو فی غایة الدقة و یمكن أن یقرأ رقة بتخفیف القاف كعدة و هی الأرض التی یصیبها المطر فی القیظ فتنبت فتكون خضراء
ص: 318
فتكون فی الكلام استعارة أی لیس فیما ینبت فی ساحة ضمیره من المعانی غلظة و فی بعض النسخ ریة العراقی و هذا مثل مشهور بین العرب و العجم یعبر به عن الجبن و لعله أظهر و إن اتفقت أكثر نسخ الكتب الثلاثة علی الأول و قال الجوهری المنزل غاص بالقوم أی ممتلئ بهم.
قوله شدیدا أی أومن إیمانا شدیدا و فی بعض النسخ بالسین المهملة علی فعیل أو یكون سد أمرا من ساد یسود و یدا تمییزا أو یكون أصله أسد یدا أی أنعم علینا و علی المعجمة أیضا یحتمل أن یكون شد بالتشدید أمرا و یدا مفعولا لكنه بعید.
قوله علیه السلام علی الخبیر سقطت منهم من قرأ علی الجبیر بالجیم أی وقعت من السطح علی من یقدر جبر كسرك و الأشهر بالخاء المعجمة قوله و ما ننقم بكسر القاف أی نعیب.
قوله علیه السلام أ تجد هؤلاء فی شباب بنی إسرائیل أی هؤلاء الذین أحیاهم حزقیل كانوا من تلك الشباب و یحتمل أن یكون اسم الإشارة راجعا إلی حزقیل و الیسع و ما ذكره علیه السلام أخیرا من قوله إن قوما من بنی إسرائیل هربوا هی قصة إحیاء حزقیل كما سیأتی فی باب أحواله فی أخبار كثیرة أن الذی أحیاهم كان حزقیل و إن كان ظاهر الخبر أنه غیره.
قوله علیه السلام یترجح لقراءته أی یتحرك و یمیل یمینا و شمالا من كثرة التعجب قال الفیروزآبادی ترجحت به الأرجوحة مالت و ترجح تذبذب و فی بعض النسخ بالجیمین أی یضطرب و الغض الطری.
قوله علیه السلام فیما تقول أنت و أصحابك فی التوراة أی فی الأسفار الملحقة بالتوراة و إلا فشیعا مؤخر عن موسی علیه السلام و لذا قال فیما تقول أنت و أصحابك أی تدعون أنها حق و ملحقة بالتوراة.
قوله علیه السلام یحمل خیله فی البحر إشارة إلی إجراء النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه خیلهم علی الماء كما مر فی خبر معجزاته صلی اللّٰه علیه و آله و سیأتی (1).
ص: 319
قوله علیه السلام إن عیسی لم یخالف السنة لعل المعنی أن ظاهر قوله مقیم السنة أنه یأتی بسنة جدیدة و عیسی لم ینسخ شرعه التوراة بل أحل لهم بعض الذی حرم علیهم.
قوله علیه السلام لا فی شی ء أقامه أی فی مادة قدیمة كما زعمته الفلاسفة قوله و مثله له أی مثل أولا ذلك الشی ء للشی ء الكائن ثم خلق الكائن علی حذوه كما هو شأن المخلوقین و یحتمل أن یكون ضمیر له راجعا إلی الصانع تعالی.
قوله علیه السلام و الحاجة یا عمران لا یسعها أی لا یسع الخلق الحاجة و لا یدفعها لأن كل من خلق لو كان علی وجه الاحتیاج لكان یحتاج لحفظه و تربیته و رزقه و دفع الشرور عنه إلی أضعافه من الخلق و هكذا قوله هل كان الكائن معلوما فی نفسه عند نفسه أقول هذا الكلام و جوابه فی غایة الإغلاق و قد خطر بالبال فی حله وجوه لا یخلو كل منها من شی ء.
الأول أن یكون المراد بالكائن الصانع تعالی و المعنی أن الصانع تعالی هل كان معلوما فی نفسه عند نفسه قبل وجوده فأجاب علیه السلام بأن المعلمة قبل الشی ء إنما یكون لشی ء یوجده غیره فیصوره فی نفسه حتی یدفع عنه ما ینافی وجوده و كماله ثم یوجده علی ما تصوره و الواجب الوجود بذاته ذاته مقتض لوجوده و لا مانع لوجوده حتی یحتاج إلی ذلك فلذلك هو أزلی غیر معلول.
الثانی أن یكون المراد بالكائن الصانع أیضا و یكون المعنی هل هو معلوم عند نفسه بصورة حاصلة فی ذاته و لذا قال فی نفسه فأجاب علیه السلام بأن الصورة الحاصلة إنما تكون لشی ء یشترك مع غیره فی شی ء من الذاتیات و یخالفه فی غیرها فیحتاج إلی الصورة الحاصلة لتعینه و تشخیصه و امتیازه عما یشاركه فأما البسیط المطلق الذی تشخصه من ذاته و لم یشارك غیره فی شی ء من الذاتیات فلا یحتاج لمعرفة نفسه إلی حصول صورة بل هو حاضر بذاته عند ذاته فقوله و لم یكن هناك شی ء یخالف أی شی ء یخالف فی بعض الذاتیات فتدعوه الحاجة إلی نفی ذلك الشی ء عن نفسه بتحدید ما علم من ذاته بجنس و فصل و تشخیص.
ص: 320
الثالث أن یكون المراد بالكائن الحادث المعلول و المراد معلومیته عند الصانع بصورة حاصلة منه فیه و حاصل الجواب علی هذا أن المخلوق إذا أراد صنع شی ء یصوره أولا فی نفسه لعجزه عن الإتیان بكل ما یرید و لإمكان وجود ما یخالفه و یعارضه فیما یریده فیصوره فی نفسه علی وجه لا یعارضه شی ء فی حصول ما أراد منه و ینفی الموانع عن نفسه بتحدید ما علم منه و أما الصانع تعالی فهو لا یحتاج إلی ذلك لكمال قدرته و لعدم تخیل الموانع عن الإیجاد ثمة بل إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ فلیس المراد نفی العلم رأسا بل نفی العلم علی الوجه الذی تخیله السائل بوجه یوافق فهمه و ضمیر منها راجع إلی الشی ء الكائن باعتبار النفس أو إلی النفس أی علما ناشئا من النفس.
الرابع أن یكون المراد كون الحادث معلوما لنفسه عند نفسه قبل وجوده لا كونه معلوما لصانعه فالجواب أن الشی ء بعد وجوده و تشخصه یكون معلوما لنفسه علی وجه یمتاز عن غیره و أما الأعدام ففی مرتبة عدمها لا یكون بینها تمییز حتی یحتاج كل عدم إلی العلم بامتیازه عن غیره و الحاصل أن الامتیاز العینی للشی ء لا یكون إلا بعد وجوده لافتقار وجوده إلی التمیز عن غیره مما یخالفه فی ذاته و تشخصه و أما امتیازه فی علمه تعالی فلیس علی نحو الوجود العینی فلا یستلزم علم كل حادث هناك بنفسه كما یكون لذوی العقول بعد وجودها.
قوله علیه السلام بأی شی ء علم ما علم بضمیر أم بغیر ذلك أی بصورة ذهنیة حصلت فی الذهن أم بغیرها فأجاب علیه السلام بأن العلم لو لم یكن إلا بحصول صورة لشی ء فالعلم بالمعلوم لا بد أن یكون موقوفا علی العلم بالصورة التی هی آلة ملاحظة المعلوم و تحدیدها و تصویرها قال عمران لا بد من ذلك فقال علیه السلام لا بد لك أن تعرف تلك الصورة و حقیقتها فبین لنا حقیقتها فلما عجز عن الجواب ألزم علیه السلام علیه الإیراد بوجه آخر و هو أنه علی قولك إنه لا بد لكل معلوم أن یعرف بصورة فالصورة أیضا معلوم لا بد أن تعرف بصورة أخری و هكذا إلی ما لا نهایة له و إن قلت إن الصورة تعرف بنفسها بالعلم الحضوری من غیر احتیاج إلی صورة أخری
ص: 321
فلم لا یجوز أن یكون علمه تعالی بأصل الأشیاء علی وجه لا یحتاج إلی صورة و ضمیر.
ثم لما أفسد علیه السلام الأصل الذی هو مبنی كلام السائل أقام البرهان علی امتناع حلول الصور فیه و اتصافه بالضمیر لمنافاته لوحدته الحقیقیة و استلزامه التجزؤ و التبعض و كونه متصفا بالصفات الزائدة و كل ذلك ینافی وجوب الوجود فلیس فیه تعالی عند إیجاد المخلوقین سوی التأثیر من غیر عمل و رویة و تفكر و تصویر و خطور و تجربة و ذهاب الفكر إلی المذاهب و سائر ما یكون الناقصین العاجزین من الممكنات.
قوله علیه السلام علی ستة أنواع لعل الأول ما یكون ملموسا و موزونا و منظورا إلیه و الثانی ما لا یكون له تلك الأوصاف كالروح و إنما عبر عنه بما لا ذوق له اكتفاء ببعض صفاته و فی بعض النسخ و ما لا لون له (1)و هو الروح و هو أظهر للمقابلة و الثالث ما یكون منظورا إلیه و لا یكون ملموسا و لا محسوسا و لا موزونا و لا لون له كالهواء أو السماء فالمراد بكونه منظورا إلیه أنه یظهر للنظر بآثاره أو قد یری و لا لون له بذاته أو یراد به الجن و الملك و أشباههما و الظاهر أن قوله و لا لون زید من النساخ و الرابع التقدیر و یدخل فیه الصور و الطول و العرض.
و الخامس الأعراض القارة المدركة بالحواس كاللون و الضوء و هو الذی عبر عنه بالأعراض و السادس الأعراض الغیر القارة كالأعمال و الحركات التی تذهب هی و تبقی آثارها و یمكن تصویر التقسیم بوجوه أخر تركناها لمن تفكر فیه. قوله علیه السلام مشیته و اسمه و صفته یحتمل أن یكون المعنی آثار المشیة و الصفات فإنها قد عرفنا اللّٰه بها و هی محدثات أو المعنی أن كل ما نتعقل من صفاته تعالی و ندركه بأذهاننا فهی مخلوقة مصنوعة و اللّٰه تعالی غیرها و قد مر تحقیق ذلك فی كتاب التوحید.
ص: 322
قوله علیه السلام و لیس لك علی أكثر من توحیدی إیاه أی لا یمكننی أن أبین لك من ذات الصانع و صفاته إلا ما یرجع إلی توحیده تعالی و تنزیهه عن مشابهة من سواه أو لا یلزمنی البیان لك فی هذا الوقت إلا توحیده لترجع عما أنت علیه من الشرك.
قوله علیه السلام لا یكون السكوت إلا عن نطق قبله حاصله أن السكوت عدم ملكة فلا یقال للسراج إنه ساكت حیث لا ینطق إذ لیس من شأنه النطق و كذلك اللّٰه سبحانه لا یوصف بالنطق بالمعنی الذی فهمت و هو مزاولته بلسان و شفة أو بغیر ذلك مما یوجب التغیر فی ذاته بل كلامه هو إیجاده للأصوات و الحروف فی الأجسام.
ثم لما كان هذا أیضا موهما لنوع تغیر فی ذاته تعالی بأن یتوهم أن إیجاده بمزاولة الجوارح و الآلات و الأعمال أزال ذلك التوهم بأن الألفاظ كثیرا ما تطلق فی بعض الموارد مقارنا لبعض الأشیاء فیتوهم اشتراط تلك المقارنات فی استعمالها و لیس كذلك و الخلق و الإیجاد كذلك فإنهما یطلقان فی المخلوقین غالبا مقارنا لمزاولتهم الأعمال و تحریكهم الجوارح و استعانتهم بالآلات فیتوهم الجهال أنهما لا یطلقان إلا بذلك فبین ذلك بالتشبیه بالسراج أیضا فإنه یقال إنه یضی ء و لیس معنی إضاءته أنه یفعل فعلا یزاول فیه الأعمال و الجوارح و الآلات أو أنه یحدث له عند ذلك إرادة و خطور بال كما یكون فی ضرب زید و قتل عمرو بل لیس إلا استتباع ضوئه لاستضاءتنا فكذلك الصانع تعالی لیس إیجاده بما یوجب تغییرا فی ذاته من حدوث أمر فیه أو مزاولة عمل أو رویة أو تفكر أو استعمال جارحة أو آلة كما یكون فی المخلوقین غالبا و لیس الغرض التشبیه الكامل فی ذلك حتی یلزم عدم كون إیجاده تعالی علی وجه الإرادة و الاختیار بل فیما ذكرناه من الوجوه.
فقوله علیه السلام و لا یقال إن السراج لیضی ء فیما یرید أن یفعل بنا النفی فیه راجع إلی القید أی لا یطلق إضاءة السراج علی فعل یریده أن یفعل بنا لأن الضوء من السراج لیس بفعل منه و لا كون و إحداث و إنما هو السراج حسب لیس معه إرادة و لا فعل و لا مزاولة عمل فلما استضأنا به و حصل الضوء فینا من قبله نسبنا إلیه
ص: 323
الإضاءة و قلنا قد أضاء فلا یشترط فی استعمال تلك الأفعال إلا الاستتباع و السببیة من غیر اشتراط شی ء آخر و الأظهر بدل فلما استضاء لنا قوله فلما استضأنا به كما لا یخفی.
قوله علیه السلام هل تجد النار یغیرها تغیر نفسها حاصله أن الشی ء لا یؤثر فی نفسه بتغییر و إفناء و تأثیر بل إنما یتأثر من غیره فالنار لا تتغیر إلا بتأثیر غیرها فیها و الحرارة لا تحرق نفسها و البصر لا ینطبع من نفسه بل من صورة غیره فاللّٰه سبحانه لا یمكن أن یتأثر و یتغیر بفعل نفسه و تأثیر غیره تعالی فیه محال و أما الإنسان إذا ضرب عضوا منه علی عضو آخر فیتأثر فلیس من ذلك لأن أحد العضوین مؤثر و الآخر متأثر أو یقال الإنسان أثر فی نفسه بتوسط غیره و هو عضو منه و اللّٰه سبحانه لا یتأتی فیه ذلك لوحدته الحقیقیة و بساطته المطلقة فلا یعقل تغیره بفعل نفسه بوجه ثم لما توهم عمران أن الخلق و التأثیر لا یكون إلا بكون المؤثر فی الأثر أو الأثر فی المؤثر أجاب بذكر بعض الشرائط و العلل الناقصة علی التنظیر فمثل بالمرآة حیث یشترط انطباع صورة البصر فی المرآة و انطباع صورة المرآة فی البصر بوجود ضوء قائم بالهواء المتوسط بینهما فالضوء علة ناقصة لتأثر البصر و المرآة مع عدم حصوله فی شی ء منهما و عدم حصول شی ء منهما فیه فلم لا یجوز تأثیر الصانع فی العالم مع عدم حصول العالم فیه و لا حصوله فی العالم.
قوله هل یوحد بحقیقة بالحاء المهملة المشددة المفتوحة أی هل یتأتی توحیده مع تعقل كنه حقیقته أو إنما یوحد مع تعقله بوجه من وجوهه و بوصف من أوصافه و فی بعض النسخ یوجد بالجیم من الوجدان أی یعرف و هو أظهر فأجاب علیه السلام بأنه إنما یعرف بالوجوه التی هی محدثة فی أذهاننا و هی مغایرة لحقیقته تعالی و ما ذكره أولا لبیان أنه قدیم أزلی و القدیم یخالف المحدثات فی الحقیقة و كل شی ء غیره فهو حادث.
قوله علیه السلام لا معلوما تفصیل للثانی أی لیس معه غیره لا معلوم و لا مجهول و المراد بالمحكم ما یعرف حقیقته و بالمتشابه ضده و یحتمل أن یكون إشارة إلی
ص: 324
نفی قول من قال بقدم القرآن فإن المحكم و المتشابه یطلقان علی آیاته و هذا الخبر أیضا یدل علی أن إرادته تعالی من صفات الفعل و هی عین الإبداع و هی محدثة و قد مر الأخبار فی ذلك و شرحها فی كتاب التوحید و یدل علی أن أول مبدعاته تعالی الحروف.
قوله علیه السلام و لم یجعل للحروف فی إبداعه لها معنی أی إنما خلق الحروف المفردة التی لیس لها موضوع غیر أنفسها و لم یجعل لها وضعا و لا معنی ینتهی إلیه و یوجد و یعرف بذلك الحرف و یحتمل أن یكون المراد بالمعنی الصفة أی أول ما خلقها كان غیر موصوف بمعنی و صفة ینتهی إلیها و یوجد لأنها كانت مبدعة بمحض الإبداع و لم یكن هناك شی ء غیر الإبداع و الحروف حتی یكون معنی للحروف أو صفة لها و المراد بالنور الوجود إذ به یظهر الأشیاء كما تظهر الموجودات للحس بالنور فالإبداع هو الإیجاد و بالإیجاد تصیر الأشیاء موجودة فالإبداع هو التأثیر و الحروف هی الأثر موجودة بالتأثیر و بعبارة أخری الحروف محل تأثیر یعبر عنه بالمفعول و الفعل و الأثر هو الوجود.
قوله علیه السلام و أما الخمسة المختلفة فبحجج كذا فی النسخ أی إنما حدثت تلك الحروف بحجج جمع الحجة أی أسباب و علل من انحراف لهجات الخلق و اختلاف منطقهم لا ینبغی ذكرها و الأظهر أنه علیه السلام كان ذكر تلك الحروف فاشتبه علی الرواة و صحفوها فالخمسة الكاف الفارسیة فی قولهم بگو بمعنی تكلم و الجیم الفارسیة المنقوطة بثلاث نقاط كما فی قولهم چه میگوئی و الزای الفارسیة المنقوطة بثلاث نقاط كما یقولون ژاله و الباء المنقوطة بثلاث نقاط كما فی پیاله و پیاده و التاء الهندیة ثم ركب الحروف و أوجد بها الأشیاء و جعلها فعلا منه كما قال إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ فكن صنع و إیجاد للأشیاء و ما یوجد به هو المصنوع فأول صادر عنه تعالی هو الإیجاد و هو معنی لا وزن له و لا حركة و لیس بمسموع و لا ملون و لا محسوس و الخلق الثانی یعنی الحرف غیر موزون و لا ملون لكنها مسموعة موصوفة و لا یمكن إبصارها و الخلق الثالث و هو
ص: 325
ما وجد بهذه الحروف من السماوات و الأرضین و غیرهما فهی محسوسة ملموسة مذوقة مبصرة فاللّٰه مقدم بوجوده علی الإبداع الذی هو خلقه الأول لأنه لیس شی ء قبله حتی یسبقه أیضا إبداع و لا كان شی ء دائما معه و الإبداع متقدم علی الحروف لوجودها به و معنی كون الحروف غیر دالة علی معنی غیر نفسها هو أن الحروف المفردة إنما وضعت للتركیب و لیس لها معنی تدل علیه إلا بعد التركیب و ظاهر كلامه علیه السلام أن كل معنی یدل علیه الكلمات و یوضع بإزائها الألفاظ إنما هی محدثة و أما الأسماء الدالة علی الرب تعالی فإنما وضعت لمعان محدثة ذهنیة و هی تدل علیه تعالی و لم توضع أولا لكنه حقیقته المقدسة و لا لكنه صفاته الحقیقیة لأنها إنما وضعت لمعرفة الخلق و دعائهم و لا یمكنهم الوصول إلی كنه الذات و الصفات و لذا قال لم یك إلا لمعنی لم یكن قبل ذلك شیئا و إن أمكن أن یكون المراد بها غیر أسمائه تعالی.
قوله علیه السلام و الصفات و الأسماء كلها تدل علی الكمال و الوجود أی صفات اللّٰه و أسماؤه كلها دالة علی وجوده و كماله لا علی ما یشتمل علی النقص كالإحاطة و قوله كما تدل بیان للمنفی أی كأن یدل الحدود التی هی التربیع و التثلیث و التسدیس و یحتمل أن یكون المعنی لأن الإحاطة تدل علی أن المحاط مشتمل علی الحدود.
قوله علیه السلام بمعرفتهم أنفسهم أی علی نحو ما یعرفون أنفسهم أو بسبب معرفة أنفسهم قوله علیه السلام بالضرورة التی ذكرنا أی لأنه ضروری أنه لا یحد بالحدود و لا یوصف بها أو المعنی أنه تعالی لا یعرف بالتحدید لأنه لا یحل فیه الحدود و قد ذكرنا أنه ضروری أنه لا حد لغیر محدود فلو عرف بالحدود یلزم كونه محدودا بها و لعل غرضه تنزیهه تعالی عن صفات تلك المعرفات بأن الحروف و إن دلت علیه لكن لیس فیه صفاتها و المعانی الذهنیة و إن دلتنا علیه لكن فیه حدودها و لوازمها.
ثم استدل علیه السلام بأنه لا بد أن ینتقل الناس من تلك الأسماء و الصفات التی
ص: 326
یدركونها إلی ذاته تعالی بوجه و إلا یلزم أن یكون الخلق عابدین للأسماء و الصفات لا لله تعالی لأن صفاته و أسماءه المدركة غیره تعالی فهذه الصفات المدركة و إن كانت مخالفة بالحقیقة له تعالی لكنها آلة لملاحظته و وسیلة للانتقال إلیه و توجه العبادة نحوه و المعلمة محل العلم و الإدراك من القوی و المشاعر و یمكن أن یقرأ علی صیغة اسم الفاعل.
قوله لمعناه الضمیر راجع إلی الخلق أی لقصد الخلق إلیه أو إلی اللّٰه فیكون بدلا من الضمیر و الأظهر لا تدرك معناه قوله إن اللّٰه جل و تقدس موجود فی الآخرة مأخوذ من الوجدان أی یعرفونه و یجدونه بالبصر و استدل علیه السلام علی ذلك بأنه لو كان إدراكه بالبصر نقصا له كما هو الواقع لم یدرك فی الآخرة أیضا به و لو كان كمالا له لكان مبصرا فی الدنیا أیضا قوله عن الحقائق الموجودة أی المدركة قوله علی ما هناك أی ما عند اللّٰه تعالی من صفاته إلا بما هاهنا أی لا یمكن الاستبداد فی معرفته تعالی بالعقل بل لا بد من الرجوع فی ذلك إلی ما أوحی إلی أنبیائه علیهم السلام و یحتمل أن یكون المراد بقوله هناك الآخرة و بقوله هاهنا الدنیا أی إنما یقاس أحوال الآخرة بالدنیا فكیف یجوز رؤیته تعالی فی الآخرة مع استحالته فی الدنیا و الأول أظهر كما یدل علیه ما بعده.
قوله بل خلق ساكن أی نسبة و إضافة بین العلة و المعلول فكأنه ساكن فیهما أو عرض قائم بمحل لا یمكنه مفارقته. و قوله لا یدرك بالسكون أی أمر اعتباری إضافی ینتزعه العقل و لا یشار إلیه فی الخارج و إنما قلنا إنه خلق لأن هذه النسبة و التأثیر غیره تعالی و هو محدث و كل محدث معلول فلا تتوهم أنه خلق یحتاج إلی تأثیر آخر و هكذا حتی یتسلسل بل لیس فی الحقیقة إلا الرب و مخلوقه الذی أوجده و الإیجاد معنی صار سببا لوجود المعلول بتأثیره تعالی فكل شی ء خلقه اللّٰه لم یعد و لم یتجاوز أن یصدق علیه أن اللّٰه خلقه فهذا هو معنی الإبداع لا غیر و هذا المعنی یقع علیه حد و كل ما یقع علیه حد فهو خلق اللّٰه.
ص: 327
قوله علیه السلام و كان الذی خلق خلقین اثنین لعله إشارة إلی الخلق الأول و هی الحروف ففی خلق الحروف یخلق شیئان حرف و تحدید و تقدیر قائم به (1)و لیس شی ء من الحرف و العرض القائم به ذا لون و وزن و ذوق و جعل أحدهما یدرك بالآخر أی الحرف یعرف بالحدود القائمة به فیعرف بأنه شی ء محدود أو المعنی أنه لو لم یكن محدودا لم یكن مدركا بالحواس و جعل الحرف و حده كلیهما مدركین بنفسهما لا بآثارهما فإن الأمور المحسوسة إنما تدرك بأنفسها لا بآثارها و لم یخلق شیئا فردا عن الحدود و التقدیرات قائما بنفسه دون غیره أی من غیر أن یخلق معه غیره كالحدود لأنه أراد أن یكون حروفا و أصواتا دالة علی نفسه و إثبات وجوده و ما یكون دالا علی المعانی هادیا للناس إلی المعرفة لا یكون إلا محسوسا و كل محسوس یكون محدودا و المعنی أنه أراد أن یكون محدودا لیدل بكونه علی هذه الحالة علی إمكانه و افتقاره إلی الصانع فیكون بوجوده بنفسه دالا علی الصانع لا باعتبار مدلوله.
قوله علیه السلام و لا یكنه أی لا یستره و قال الجوهری ارتبك الرجل فی الأمر أی نشب فیه و لم یكد یتخلص منه قوله المتفاوت عقله أی المتباعد عنه عقله من التفاوت بمعنی التباعد أو بمعنی الاختلاف أی لا یثبت عقله علی أمر ثابت بل یكون دائما فی الشك و التردد.
أقول: هذا الخبر من متشابهات الأخبار التی لا یعلم تأویلها إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ و لا یلزمنا فیها سوی التسلیم و إنما ذكرنا فیها ما ذكرنا علی سبیل الاحتمال علی قدر ما یصل إلیه فهمی الناقص مع أن فی تلك الأخبار الطویلة المشتملة علی المعانی المعضلة كثیرا ما یقع التحریف و الإسقاط من الرواة و اللّٰه یعلم و حججه صلوات اللّٰه علیهم حقائق كلامهم.
ص: 328
«2»- ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ قَالَ: قَدِمَ سُلَیْمَانُ الْمَرْوَزِیُّ مُتَكَلِّمُ خُرَاسَانَ عَلَی الْمَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ وَ وَصَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَمِّی عَلِیَّ بْنَ مُوسَی قَدِمَ عَلَیَّ مِنَ الْحِجَازِ وَ هُوَ یُحِبُّ الْكَلَامَ وَ أَصْحَابَهُ فَلَا عَلَیْكَ أَنْ تَصِیرَ إِلَیْنَا یَوْمَ التَّرْوِیَةِ لِمُنَاظَرَتِهِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ مِثْلَهُ فِی مَجْلِسِكَ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَیَنْتَقِصَ عِنْدَ الْقَوْمِ إِذَا كَلَّمَنِی وَ لَا یَجُوزُ الِاسْتِقْصَاءُ عَلَیْهِ قَالَ الْمَأْمُونُ إِنَّمَا وَجَّهْتُ إِلَیْكَ لِمَعْرِفَتِی بِقُوَّتِكَ وَ لَیْسَ مُرَادِی إِلَّا أَنْ تَقْطَعَهُ عَنْ حُجَّةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَقَالَ سُلَیْمَانُ حَسْبُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اجْمَعْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ خَلِّنِی وَ الذَّمَّ (1)فَوَجَّهَ الْمَأْمُونُ إِلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَیْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ وَ هُوَ وَاحِدُ خُرَاسَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلَامِ (2)فَإِنْ خَفَّ عَلَیْكَ أَنْ تَتَجَشَّمَ الْمَصِیرَ إِلَیْنَا فَعَلْتَ فَنَهَضَ علیه السلام لِلْوُضُوءِ وَ قَالَ لَنَا تَقَدَّمُونِی وَ عِمْرَانُ الصَّابِئُ مَعَنَا فَصِرْنَا إِلَی الْبَابِ فَأَخَذَ یَاسِرٌ وَ خَالِدٌ بِیَدِی فَأَدْخَلَانِی عَلَی الْمَأْمُونِ فَلَمَّا سَلَّمْتُ قَالَ أَیْنَ أَخِی أَبُو الْحَسَنِ أَبْقَاهُ اللَّهُ قُلْتُ خَلَّفْتُهُ یَلْبَسُ ثِیَابَهُ وَ أَمَرَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَ ثُمَّ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ عِمْرَانَ مَوْلَاكَ مَعِی وَ هُوَ بِالْبَابِ فَقَالَ مَنْ عِمْرَانُ قُلْتُ الصَّابِئُ الَّذِی أَسْلَمَ عَلَی یَدَیْكَ قَالَ فَلْیَدْخُلْ فَدَخَلَ فَرَحَّبَ بِهِ الْمَأْمُونُ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عِمْرَانُ لَمْ تَمُتْ حَتَّی صِرْتَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی شَرَّفَنِی بِكُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ یَا عِمْرَانُ هَذَا سُلَیْمَانُ الْمَرْوَزِیُّ مُتَكَلِّمُ خُرَاسَانَ قَالَ عِمْرَانُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ یَزْعُمُ أَنَّهُ وَاحِدُ خُرَاسَانَ فِی النَّظَرِ وَ یُنْكِرُ الْبَدَاءَ قَالَ فَلِمَ لَا تُنَاظِرُهُ قَالَ عِمْرَانُ ذَاكَ إِلَیْهِ فَدَخَلَ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ كُنْتُمْ قَالَ عِمْرَانُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا سُلَیْمَانُ الْمَرْوَزِیُّ فَقَالَ سُلَیْمَانُ أَ تَرْضَی بِأَبِی الْحَسَنِ وَ بِقَوْلِهِ فِیهِ قَالَ عِمْرَانُ قَدْ رَضِیتُ بِقَوْلِ أَبِی الْحَسَنِ فِی الْبَدَاءِ عَلَی أَنْ یَأْتِیَنِی فِیهِ بِحُجَّةٍ أَحْتَجُّ بِهَا عَلَی نُظَرَائِی مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ قَالَ الْمَأْمُونُ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا تَقُولُ فِیمَا تَشَاجَرَا فِیهِ قَالَ وَ مَا أَنْكَرْتَ مِنَ الْبَدَاءِ یَا سُلَیْمَانُ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ أَ وَ لا یَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ یَكُ شَیْئاً
ص: 329
وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ الَّذِی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَ یَقُولُ بَدِیعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ ما یَشاءُ وَ یَقُولُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا یَتُوبُ عَلَیْهِمْ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِی كِتابٍ قَالَ سُلَیْمَانُ هَلْ رُوِّیتَ فِیهِ عَنْ آبَائِكَ شَیْئاً قَالَ نَعَمْ رُوِّیتُ عَنْ أَبِی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَیْنِ عِلْماً مَخْزُوناً مَكْنُوناً لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ مِنْ ذَلِكَ یَكُونُ الْبَدَاءُ وَ عِلْماً عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَالْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكَ یَعْلَمُونَهُ قَالَ سُلَیْمَانُ أُحِبُّ أَنْ تَنْزِعَهُ لِی مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ أَرَادَ هَلَاكَهُمْ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ تَعَالَی فَقَالَ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ سُلَیْمَانُ زِدْنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَقَدْ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ أَنْ أَخْبِرْ فُلَانَ الْمَلِكِ أَنِّی مُتَوَفِّیهِ إِلَی كَذَا وَ كَذَا فَأَتَاهُ ذَلِكَ النَّبِیُّ فَأَخْبَرَهُ فَدَعَا اللَّهَ الْمَلِكُ وَ هُوَ عَلَی سَرِیرِهِ حَتَّی سَقَطَ مِنَ السَّرِیرِ وَ قَالَ یَا رَبِّ أَجِّلْنِی حَتَّی یَشِبَّ طِفْلِی وَ أَقْضِیَ أَمْرِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی ذَلِكَ النَّبِیِّ أَنِ ائْتِ فُلَانَ الْمَلِكِ فَأَعْلِمْهُ أَنِّی قَدْ أَنْسَیتُ أَجَلَهُ (1)وَ زِدْتُ فِی عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ ذَلِكَ النَّبِیُّ یَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی لَمْ أَكْذِبْ قَطُّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مَأْمُورٌ فَأَبْلِغْهُ ذَلِكَ وَ اللَّهُ لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی سُلَیْمَانَ فَقَالَ أَحْسَبُكَ ضَاهَیْتَ الْیَهُودَ فِی هَذَا الْبَابِ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا قَالَتِ الْیَهُودُ قَالَ قَالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ یَعْنُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ فَلَیْسَ یُحْدِثُ شَیْئاً فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ غُلَّتْ أَیْدِیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا وَ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْماً سَأَلُوا أَبِی مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ عَنِ الْبَدَاءِ فَقَالَ وَ مَا یُنْكِرُ النَّاسُ مِنَ الْبَدَاءِ وَ أَنْ یَقِفَ اللَّهُ قَوْماً یُرْجِئُهُمْ لِأَمْرِهِ قَالَ سُلَیْمَانُ أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنْ
ص: 330
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ أُنْزِلَتْ قَالَ یَا سُلَیْمَانُ لَیْلَةُ الْقَدْرِ یُقَدِّرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا مَا یَكُونُ مِنَ السَّنَةِ إِلَی السَّنَةِ مِنْ حَیَاةٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ خَیْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ رِزْقٍ فَمَا قَدَّرَهُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَهُوَ مِنَ الْمَحْتُومِ قَالَ سُلَیْمَانُ الْآنَ قَدْ فَهِمْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَزِدْنِی قَالَ یَا سُلَیْمَانُ إِنَّ مِنَ الْأُمُورِ أُمُوراً مَوْقُوفَةً عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُقَدِّمُ مِنْهَا مَا یَشَاءُ وَ یُؤَخِّرُ مَا یَشَاءُ یَا سُلَیْمَانُ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ الْعِلْمُ عِلْمَانِ فَعِلْمٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَمَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَإِنَّهُ یَكُونُ وَ لَا یُكَذِّبُ نَفْسَهُ وَ لَا مَلَائِكَتَهُ وَ لَا رُسُلَهُ وَ عِلْمٌ عِنْدَهُ مَخْزُونٌ لَمْ یُطْلِعْ عَلَیْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ یُقَدِّمُ مِنْهُ مَا یَشَاءُ وَ یُؤَخِّرُ مَا یَشَاءُ وَ یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ مَا یَشَاءُ قَالَ سُلَیْمَانُ لِلْمَأْمُونِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا أُنْكِرُ بَعْدَ یَوْمِی هَذَا الْبَدَاءَ وَ لَا أُكَذِّبُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ الْمَأْمُونُ یَا سُلَیْمَانُ سَلْ أَبَا الْحَسَنِ عَمَّا بَدَا لَكَ وَ عَلَیْكَ بِحُسْنِ الِاسْتِمَاعِ وَ الْإِنْصَافِ قَالَ سُلَیْمَانُ یَا سَیِّدِی أَسْأَلُكَ قَالَ الرِّضَا سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ مَا تَقُولُ فِیمَنْ جَعَلَ الْإِرَادَةَ اسْماً وَ صِفَةً مِثْلَ حَیٍّ وَ سَمِیعٍ وَ بَصِیرٍ وَ قَدِیرٍ قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّمَا قُلْتُمْ حَدَثَتِ الْأَشْیَاءُ وَ اخْتَلَفَتْ لِأَنَّهُ شَاءَ وَ أَرَادَ وَ لَمْ تَقُولُوا حَدَثَتْ وَ اخْتَلَفَتْ لِأَنَّهُ سَمِیعٌ بَصِیرٌ فَهَذَا دَلِیلٌ عَلَی أَنَّهَا لَیْسَتْ مِثْلَ سَمِیعٍ وَ لَا بَصِیرٍ وَ لَا قَدِیرٍ قَالَ سُلَیْمَانُ فَإِنَّهُ لَمْ یَزَلْ مُرِیداً قَالَ یَا سُلَیْمَانُ فَإِرَادَتُهُ غَیْرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ أَثْبَتَّ (1)مَعَهُ شَیْئاً غَیْرَهُ لَمْ یَزَلْ قَالَ سُلَیْمَانُ مَا أَثْبَتُّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ هِیَ مُحْدَثَةٌ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا مَا هِیَ مُحْدَثَةً فَصَاحَ بِهِ الْمَأْمُونُ وَ قَالَ یَا سُلَیْمَانُ مِثْلُهُ یُعَایَا (2)أَوْ یُكَابَرُ عَلَیْكَ بِالْإِنْصَافِ أَ مَا تَرَی مَنْ حَوْلَكَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ كَلِّمْهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنَّهُ مُتَكَلِّمُ خُرَاسَانَ فَأَعَادَ عَلَیْهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ هِیَ مُحْدَثَةٌ یَا سُلَیْمَانُ فَإِنَّ الشَّیْ ءَ إِذَا لَمْ یَكُنْ أَزَلِیّاً كَانَ مُحْدَثاً وَ إِذَا لَمْ یَكُنْ مُحْدَثاً كَانَ أَزَلِیّاً قَالَ سُلَیْمَانُ إِرَادَتُهُ مِنْهُ كَمَا أَنَّ سَمْعَهُ مِنْهُ وَ بَصَرَهُ مِنْهُ وَ عِلْمَهُ مِنْهُ قَالَ
ص: 331
الرِّضَا علیه السلام فَإِرَادَتُهُ نَفْسُهُ قَالَ لَا قَالَ فَلَیْسَ الْمُرِیدُ مِثْلَ السَّمِیعِ وَ الْبَصِیرِ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّمَا أَرَادَ نَفْسُهُ كَمَا سَمِعَ نَفْسُهُ وَ أَبْصَرَ نَفْسُهُ وَ عَلِمَ نَفْسُهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام مَا مَعْنَی أَرَادَ نَفْسُهُ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ شَیْئاً أَوْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ حَیّاً أَوْ سَمِیعاً أَوْ بَصِیراً أَوْ قَدِیراً قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ فَبِإِرَادَتِهِ كَانَ ذَلِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ نَعَمْ (1)قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَلَیْسَ لِقَوْلِكَ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ حَیّاً سَمِیعاً بَصِیراً مَعْنًی إِذَا لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ قَالَ سُلَیْمَانُ بَلَی قَدْ كَانَ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ فَضَحِكَ الْمَأْمُونُ وَ مَنْ حَوْلَهُ وَ ضَحِكَ الرِّضَا علیه السلام ثُمَّ قَالَ لَهُمْ ارْفُقُوا بِمُتَكَلِّمِ خُرَاسَانَ فَقَالَ یَا سُلَیْمَانُ فَقَدْ حَالَ عِنْدَكُمْ عَنْ حَالِهِ وَ تَغَیَّرَ عَنْهَا وَ هَذَا مَا لَا یُوصَفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ فَانْقَطَعَ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا سُلَیْمَانُ أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةً قَالَ سَلْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْكَ وَ عَنْ أَصْحَابِكَ تُكَلِّمُونَ النَّاسَ بِمَا تَفْقَهُونَ وَ تَعْرِفُونَ أَوْ بِمَا لَا تَفْقَهُونَ وَ لَا تَعْرِفُونَ قَالَ بِمَا نَفْقَهُ وَ نَعْلَمُ (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَالَّذِی یَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ الْمُرِیدَ غَیْرُ الْإِرَادَةِ وَ أَنَّ الْمُرِیدَ قَبْلَ الْإِرَادَةِ وَ أَنَّ الْفَاعِلَ قَبْلَ الْمَفْعُولِ وَ هَذَا یُبْطِلُ قَوْلَكُمْ إِنَّ الْإِرَادَةَ وَ الْمُرِیدَ شَیْ ءٌ وَاحِدٌ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَیْسَ ذَاكَ مِنْهُ عَلَی مَا یَعْرِفُ النَّاسُ وَ لَا عَلَی مَا یَفْقَهُونَ قَالَ فَأَرَاكُمُ ادَّعَیْتُمْ عِلْمَ ذَلِكَ بِلَا مَعْرِفَةٍ وَ قُلْتُمُ الْإِرَادَةُ كَالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ (3)وَ إِذًا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ عَلَی مَا لَا یُعْرَفُ وَ لَا یُعْقَلُ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا سُلَیْمَانُ هَلْ یَعْلَمُ اللَّهُ جَمِیعَ مَا فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ (4)
ص: 332
قَالَ سُلَیْمَانُ نَعَمْ قَالَ فَیَكُونُ مَا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ یَكُونُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِذَا كَانَ حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْهُ شَیْ ءٌ إِلَّا كَانَ أَ یَزِیدُهُمْ أَوْ یَطْوِیهِ عَنْهُمْ قَالَ سُلَیْمَانُ بَلْ یَزِیدُهُمْ قَالَ فَأَرَاهُ فِی قَوْلِكَ قَدْ زَادَهُمْ مَا لَمْ یَكُنْ فِی عِلْمِهِ أَنَّهُ یَكُونُ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَالْمَزِیدُ لَا غَایَةَ لَهُ قَالَ فَلَیْسَ یُحِیطُ عِلْمُهُ عِنْدَكُمْ بِمَا یَكُونُ فِیهِمَا إِذَا لَمْ یَعْرِفْ غَایَةَ ذَلِكَ وَ إِذَا لَمْ یُحِطْ عِلْمُهُ بِمَا یَكُونُ فِیهِمَا لَمْ یَعْلَمْ مَا یَكُونُ فِیهِمَا أَنْ یَكُونَ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِیراً قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّمَا قُلْتُ لَا یَعْلَمُهُ لِأَنَّهُ لَا غَایَةَ لِهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَصَفَهُمَا بِالْخُلُودِ وَ كَرِهْنَا أَنْ نَجْعَلَ لَهُمَا انْقِطَاعاً قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَیْسَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِانْقِطَاعِهِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ یَعْلَمُ ذَلِكَ ثُمَّ یَزِیدُهُمْ ثُمَّ لَا یَقْطَعُهُ عَنْهُمْ وَ كَذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ (1)فِی كِتَابِهِ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَیْرَها لِیَذُوقُوا الْعَذابَ وَ قَالَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فاكِهَةٍ كَثِیرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ فَهُوَ جَلَّ وَ عَزَّ یَعْلَمُ ذَلِكَ وَ لَا یَقْطَعُ عَنْهُمُ الزِّیَادَةَ أَ رَأَیْتَ مَا أَكَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَ مَا شَرِبُوا أَ لَیْسَ یُخْلِفُ مَكَانَهُ قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَیَكُونُ یَقْطَعُ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ قَدْ أَخْلَفَ مَكَانَهُ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ كُلَّمَا یَكُونُ فِیهَا إِذَا أَخْلَفَ مَكَانَهُ فَلَیْسَ بِمَقْطُوعٍ عَنْهُمْ قَالَ سُلَیْمَانُ بَلْ یَقْطَعُهُ عَنْهُمْ وَ لَا یَزِیدُهُمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِذاً یَبِیدُ مَا فِیهِمَا (2)وَ هَذَا یَا سُلَیْمَانُ إِبْطَالُ الْخُلُودِ وَ خِلَافُ الْكِتَابِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ لَهُمْ ما یَشاؤُنَ فِیها وَ لَدَیْنا مَزِیدٌ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِینَ وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ خالِدِینَ فِیها أَبَداً وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فاكِهَةٍ كَثِیرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا سُلَیْمَانُ أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْإِرَادَةِ فِعْلٌ هِیَ أَمْ غَیْرُ فِعْلٍ قَالَ بَلَی هِیَ فِعْلٌ قَالَ فَهِیَ مُحْدَثَةٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ كُلَّهُ مُحْدَثٌ قَالَ لَیْسَتْ بِفِعْلٍ قَالَ فَمَعَهُ غَیْرُهُ لَمْ یَزَلْ قَالَ سُلَیْمَانُ الْإِرَادَةُ هِیَ الْإِنْشَاءُ قَالَ یَا سُلَیْمَانُ هَذَا الَّذِی عِبْتُمُوهُ عَلَی ضِرَارٍ وَ أَصْحَابِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ كُلَّ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ
ص: 333
فِی سَمَاءٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِیرٍ أَوْ قِرْدٍ أَوْ إِنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ إِرَادَةُ اللَّهِ وَ إِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ تَحْیَا وَ تَمُوتُ وَ تَذْهَبُ وَ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ وَ تَنْكِحُ وَ تَلِدُ (1)وَ تَظْلِمُ وَ تَفْعَلُ الْفَوَاحِشَ وَ تَكْفُرُ وَ تُشْرِكُ فَنَبْرَأُ مِنْهَا وَ نُعَادِیهَا (2)وَ هَذَا حَدُّهَا قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّهَا كَالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام قَدْ رَجَعْتَ إِلَی هَذَا ثَانِیَةً فَأَخْبِرْنِی عَنِ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ أَ مَصْنُوعٌ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَكَیْفَ نَفَیْتُمُوهُ فَمَرَّةً قُلْتُمْ لَمْ یُرِدْ وَ مَرَّةً قُلْتُمْ أَرَادَ وَ لَیْسَتْ بِمَفْعُولٍ لَهُ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِنَا مَرَّةً عَلِمَ وَ مَرَّةً لَمْ یَعْلَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَیْسَ ذَلِكَ سَوَاءً لِأَنَّ نَفْیَ الْمَعْلُومِ لَیْسَ بِنَفْیِ الْعِلْمِ وَ نَفْیُ الْمُرَادِ نَفْیُ الْإِرَادَةِ أَنْ تَكُونَ لِأَنَّ الشَّیْ ءَ إِذَا لَمْ یُرَدْ لَمْ یَكُنْ إِرَادَةٌ وَ قَدْ یَكُونُ الْعِلْمُ ثَابِتاً وَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْمَعْلُومُ بِمَنْزِلَةِ الْبَصَرِ فَقَدْ یَكُونُ الْإِنْسَانُ بَصِیراً وَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْمُبْصَرُ وَ یَكُونُ الْعِلْمُ ثَابِتاً وَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْمَعْلُومُ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّهَا مَصْنُوعَةٌ قَالَ فَهِیَ مُحْدَثَةٌ لَیْسَتْ كَالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ لِأَنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ لَیْسَا بِمَصْنُوعَیْنِ وَ هَذِهِ مَصْنُوعَةٌ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ لَمْ تَزَلْ قَالَ فَیَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ الْإِنْسَانُ لَمْ یَزَلْ لِأَنَّ صِفَتَهُ لَمْ تَزَلْ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا لِأَنَّهُ لَمْ یَفْعَلْهَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا خُرَاسَانِیُّ مَا أَكْثَرَ غَلَطَكَ أَ فَلَیْسَ بِإِرَادَتِهِ وَ قَوْلِهِ تَكُونُ الْأَشْیَاءُ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا قَالَ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ بِإِرَادَتِهِ وَ لَا مَشِیَّتِهِ وَ لَا أَمْرِهِ وَ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَكَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها یَعْنِی بِذَلِكَ أَنَّهُ یُحْدِثُ إِرَادَةً قَالَ لَهُ نَعَمْ قَالَ فَإِذَا أَحْدَثَ إِرَادَةً كَانَ قَوْلُكَ إِنَّ الْإِرَادَةَ هِیَ هُوَ أَوْ شَیْ ءٌ مِنْهُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَا یَكُونُ أَنْ یُحْدِثَ نَفْسَهُ وَ لَا یَتَغَیَّرُ عَنْ حَالِهِ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّهُ لَمْ یَكُنْ عَنَی بِذَلِكَ أَنَّهُ یُحْدِثُ إِرَادَةً قَالَ فَمَا عَنَی بِهِ قَالَ عَنَی بِهِ فِعْلَ الشَّیْ ءِ قَالَ الرِّضَا ع
ص: 334
وَیْلَكَ كَمْ تُرَدِّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ الْإِرَادَةَ مُحْدَثَةٌ لِأَنَّ فِعْلَ الشَّیْ ءِ مُحْدَثٌ قَالَ فَلَیْسَ لَهَا مَعْنًی قَالَ الرِّضَا علیه السلام قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ عِنْدَكُمْ حَتَّی وَصَفَهَا بِالْإِرَادَةِ بِمَا لَا مَعْنَی لَهُ فَإِذَا لَمْ یَكُنْ لَهَا مَعْنًی قَدِیمٌ وَ لَا حَدِیثٌ بَطَلَ قَوْلُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَزَلْ مُرِیداً قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّمَا عَنَیْتُ أَنَّهَا فِعْلٌ مِنَ اللَّهِ لَمْ یَزَلْ قَالَ أَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا لَمْ یَزَلْ لَا یَكُونُ مَفْعُولًا وَ قَدِیماً حَدِیثاً فِی حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَا بَأْسَ أَتْمِمْ مَسْأَلَتَكَ قَالَ سُلَیْمَانُ قُلْتُ إِنَّ الْإِرَادَةَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام كَمْ تُرَدِّدُ عَلَیَّ أَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ فَصِفَتُهُ مُحْدَثَةٌ أَوْ لَمْ تَزَلْ قَالَ سُلَیْمَانُ مُحْدَثَةٌ قَالَ الرِّضَا علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ فَالْإِرَادَةُ مُحْدَثَةٌ وَ إِنْ كَانَتْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ لَمْ تَزَلْ فَلَمْ یُرِدْ شَیْئاً (1)قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ مَا لَمْ یَزَلْ لَا یَكُونُ مَفْعُولًا قَالَ سُلَیْمَانُ لَیْسَ الْأَشْیَاءُ إِرَادَةً وَ لَمْ یُرِدْ شَیْئاً (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام وُسْوِسْتَ یَا سُلَیْمَانُ فَقَدْ فَعَلَ وَ خَلَقَ مَا لَمْ یَزَلْ خَلَقَهُ وَ فَعَلَهُ (3)وَ هَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَا یَدْرِی مَا فَعَلَ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ یَا سَیِّدِی فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهَا كَالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ قَالَ الْمَأْمُونُ وَیْلَكَ یَا سُلَیْمَانُ كَمْ هَذَا الْغَلَطُ وَ التَّرْدَادُ اقْطَعْ هَذَا وَ خُذْ فِی غَیْرِهِ إِذْ لَسْتَ تَقْوَی عَلَی غَیْرِ هَذَا الرَّدِّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام دَعْهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَقْطَعْ عَلَیْهِ مَسْأَلَتَهُ فَیَجْعَلَهَا حُجَّةً تَكَلَّمْ یَا سُلَیْمَانُ قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهَا كَالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَا بَأْسَ أَخْبِرْنِی عَنْ مَعْنَی هَذِهِ أَ مَعْنًی وَاحِدٌ أَوْ مَعَانِی مُخْتَلِفَةٌ قَالَ سُلَیْمَانُ مَعْنًی وَاحِدٌ (4)قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَمَعْنَی الْإِرَادَاتِ كُلِّهَا مَعْنًی وَاحِدٌ قَالَ سُلَیْمَانُ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا مَعْنًی وَاحِداً كَانَتْ إِرَادَةُ الْقِیَامِ إِرَادَةَ الْقُعُودِ وَ إِرَادَةُ الْحَیَاةِ إِرَادَةَ الْمَوْتِ إِذْ كَانَتْ إِرَادَتُهُ وَاحِدَةً لَمْ یَتَقَدَّمْ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لَمْ یُخَالِفْ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ كَانَ شَیْئاً وَاحِداً قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّ مَعْنَاهَا مُخْتَلِفٌ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمُرِیدِ أَ هُوَ الْإِرَادَةُ أَوْ غَیْرُهَا قَالَ سُلَیْمَانُ بَلْ هُوَ الْإِرَادَةُ قَالَ
ص: 335
الرِّضَا علیه السلام فَالْمُرِیدُ عِنْدَكُمْ مُخْتَلِفٌ إِذْ كَانَ هُوَ الْإِرَادَةَ قَالَ یَا سَیِّدِی لَیْسَ الْإِرَادَةُ الْمُرِیدَ قَالَ فَالْإِرَادَةُ مُحْدَثَةٌ وَ إِلَّا فَمَعَهُ غَیْرُهُ افْهَمْ وَ زِدْ فِی مَسْأَلَتِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ فَإِنَّهَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ (1)قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ سَمَّی نَفْسَهُ بِذَلِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ لَا لَمْ یُسَمِّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَلَیْسَ لَكَ أَنْ تُسَمِّیَهُ بِمَا لَمْ یُسَمِّ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ مُرِیدٌ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لَیْسَ صِفَتُهُ نَفْسَهُ أَنَّهُ مُرِیدٌ إِخْبَاراً عَنْ أَنَّهُ إِرَادَةٌ وَ لَا إِخْبَاراً عَنْ أَنَّ الْإِرَادَةَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ قَالَ سُلَیْمَانُ لِأَنَّ إِرَادَتَهُ عِلْمُهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا جَاهِلُ فَإِذَا عَلِمَ الشَّیْ ءَ فَقَدْ أَرَادَهُ قَالَ سُلَیْمَانُ أَجَلْ قَالَ فَإِذَا لَمْ یُرِدْهُ لَمْ یَعْلَمْهُ قَالَ سُلَیْمَانُ أَجَلْ قَالَ مِنْ أَیْنَ قُلْتَ ذَاكَ وَ مَا الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ إِرَادَتَهُ عِلْمُهُ وَ قَدْ یَعْلَمُ مَا لَا یُرِیدُهُ أَبَداً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ فَهُوَ یَعْلَمُ كَیْفَ یَذْهَبُ بِهِ وَ لَا یَذْهَبُ بِهِ أَبَداً قَالَ سُلَیْمَانُ لِأَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ فَلَیْسَ یَزِیدُ فِیهِ شَیْئاً (2)قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَذَا قَوْلُ الْیَهُودِ فَكَیْفَ قَالَ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ قَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّمَا عَنَی بِذَلِكَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَیْهِ قَالَ أَ فَیَعِدُ مَا لَا یَفِی بِهِ فَكَیْفَ قَالَ یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ ما یَشاءُ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ وَ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا سُلَیْمَانُ هَلْ یَعْلَمُ أَنَّ إِنْسَاناً یَكُونُ وَ لَا یُرِیدُ أَنْ یَخْلُقَ إِنْسَاناً أَبَداً أَوْ أَنَّ إِنْسَاناً یَمُوتُ (3)وَ لَا یُرِیدُ أَنْ یَمُوتَ الْیَوْمَ قَالَ سُلَیْمَانُ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَیَعْلَمُ أَنَّهُ یَكُونُ مَا یُرِیدُ أَنْ یَكُونَ أَوْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَكُونُ مَا لَا یُرِیدُ أَنْ یَكُونَ قَالَ یَعْلَمُ أَنَّهُمَا یَكُونَانِ جَمِیعاً قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِذًا یَعْلَمُ أَنَّ إِنْسَاناً حَیٌّ مَیِّتٌ قَائِمٌ قَاعِدٌ أَعْمَی بَصِیرٌ فِی حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَ هَذَا هُوَ الْمَحَالُ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنَّهُ یَعْلَمُ أَنْ یَكُونَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَ لَا بَأْسَ فَأَیُّهُمَا یَكُونُ الَّذِی أَرَادَ أَنْ یَكُونَ أَوِ الَّذِی لَمْ یُرِدْ أَنْ یَكُونَ قَالَ سُلَیْمَانُ الَّذِی أَرَادَ أَنْ یَكُونَ فَضَحِكَ الرِّضَا علیه السلام وَ الْمَأْمُونُ وَ أَصْحَابُ الْمَقَالاتِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام غَلِطْتَ وَ تَرَكْتَ قَوْلَكَ
ص: 336
إِنَّهُ یَعْلَمُ أَنَّ إِنْسَاناً یَمُوتُ الْیَوْمَ وَ هُوَ لَا یُرِیدُ أَنْ یَمُوتَ الْیَوْمَ وَ إِنَّهُ یَخْلُقُ خَلْقاً وَ إِنَّهُ لَا یُرِیدُ أَنْ یَخْلُقَهُمْ وَ إِذَا لَمْ یَجُزِ الْعِلْمُ عِنْدَكُمْ بِمَا لَمْ یُرِدْ أَنْ یَكُونَ فَإِنَّمَا یَعْلَمُ أَنْ یَكُونَ مَا أَرَادَ أَنْ یَكُونَ قَالَ سُلَیْمَانُ فَإِنَّمَا قَوْلِی إِنَّ الْإِرَادَةَ لَیْسَتْ هُوَ وَ لَا غَیْرَهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا جَاهِلُ إِذَا قُلْتَ لَیْسَتْ هُوَ فَقَدْ جَعَلْتَهَا غَیْرَهُ فَإِذَا قُلْتُ لَیْسَتْ هِیَ غَیْرَهُ فَقَدْ جَعَلْتَهَا هُوَ قَالَ سُلَیْمَانُ فَهُوَ یَعْلَمُ كَیْفَ یَصْنَعُ الشَّیْ ءَ (1)قَالَ نَعَمْ قَالَ سُلَیْمَانُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِثْبَاتٌ لِلشَّیْ ءِ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَحَلْتَ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ یُحْسِنُ الْبِنَاءَ وَ إِنْ لَمْ یَبْنِ وَ یُحْسِنُ الْخِیَاطَةَ وَ إِنْ لَمْ یَخِطْ وَ یُحْسِنُ صَنْعَةَ الشَّیْ ءِ وَ إِنْ لَمْ یَصْنَعْهُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا سُلَیْمَانُ هَلْ یَعْلَمُ أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَیْ ءَ مَعَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ فَیَكُونُ ذَلِكَ إِثْبَاتاً لِلشَّیْ ءِ قَالَ سُلَیْمَانُ لَیْسَ یَعْلَمُ أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَیْ ءَ مَعَهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام أَ فَتَعْلَمُ أَنْتَ ذَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنْتَ یَا سُلَیْمَانُ أَعْلَمُ مِنْهُ إِذاً قَالَ سُلَیْمَانُ الْمَسْأَلَةُ مُحَالٌ قَالَ مُحَالٌ عِنْدَكَ أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَیْ ءَ مَعَهُ وَ أَنَّهُ سَمِیعٌ بَصِیرٌ حَكِیمٌ قَادِرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَیْفَ أَخْبَرَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ وَاحِدٌ حَیٌّ سَمِیعٌ بَصِیرٌ حَكِیمٌ قَادِرٌ عَلِیمٌ خَبِیرٌ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ ذَلِكَ وَ هَذَا رَدُّ مَا قَالَ وَ تَكْذِیبُهُ (2)تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام فَكَیْفَ یُرِیدُ صُنْعَ مَا لَا یَدْرِی صُنْعَهُ وَ لَا مَا هُوَ وَ إِذَا كَانَ الصَّانِعُ لَا یَدْرِی كَیْفَ یَصْنَعُ الشَّیْ ءَ قَبْلَ أَنْ یَصْنَعَهُ فَإِنَّمَا هُوَ مُتَحَیِّرٌ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ سُلَیْمَانُ فَإِنَّ الْإِرَادَةَ الْقُدْرَةُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْدِرُ عَلَی مَا لَا یُرِیدُهُ أَبَداً وَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ فَلَوْ كَانَتِ الْإِرَادَةُ هِیَ الْقُدْرَةَ (3)كَانَ قَدْ أَرَادَ أَنْ یَذْهَبَ بِهِ
ص: 337
لِقُدْرَتِهِ فَانْقَطَعَ سُلَیْمَانُ قَالَ الْمَأْمُونُ عِنْدَ ذَلِكَ یَا سُلَیْمَانُ هَذَا أَعْلَمُ هَاشِمِیٍّ ثُمَّ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ (1).
ج، الإحتجاج مرسلا مثله إلا أنه أسقط بعض الخبر اختصارا (2)بیان اعلم أنه لما كان للبداء معان أثبتها علیه السلام بمعانیها.
الأول أن یكون المراد به إحداث أمر لم یكن و إیجاد شی ء بعد عدمه و هذا الذی نسب إلی الیهود نفیه حیث قالوا خلق جمیع الأشیاء فی الأزل و فرغ من الأمر و لذا قالوا یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ و إلی نفیه أشار بقوله أَ وَ لَمْ یَرَ الْإِنْسانُ و قوله تعالی وَ هُوَ الَّذِی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ و قوله بَدِیعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و قوله وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ و قوله وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ الثانی نسخ الأحكام و إلیه أشار بقوله وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ (3)و الثالث تقدیر الأشیاء و إثباتها فی الألواح السماویة و محوها و تغییرها بحسب المصالح و إلیه أشار بقوله وَ ما یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ و غیرها مما ذكره و المعروف من البداء هو المعنی الأخیر كما مر بیانه فی بابه (4)و یمكن تطبیق بعض الآیات السابقة علیه أیضا بأن یراد بالخلق التقدیر لا الإیجاد.
قوله و أن یقف اللّٰه قوما یرجئهم لأمره یحتمل أن یكون تفسیرا للبداء لأنه أیضا نوع من البداء حیث لا یظهر أولا فی التقدیر كونهم معذبین أو مرحومین ثم یظهر للخلق بعد ذلك و یحتمل أن یكون أمرا آخر كانوا ینكرونه ذكره علیه السلام استطرادا لشباهته بالبداء و ذكر الآیة الدالة علیه سابقا یؤید الأول قوله اسما و صفة مثل حی أی جعلوها من الصفات الذاتیة القدیمة لا من صفات الفعل الحادثة.
ص: 338
قوله مثله یعایا أی تتكلم معه علی سبیل المباهتة و المغالطة قال الجوهری المعایاة أن تأتی بشی ء لا یهتدی له.
قوله فأعاد علیه المسألة أی أعاد المروزی سؤال الحدوث و القدم عنه علیه السلام و یحتمل أن یكون المراد أنه علیه السلام أعاد السؤال السابق فأجاب المروزی بمثل جوابه سابقا فرد الإمام علیه السلام علیه و قال هی محدثة و یحتمل أن یكون فقال بیانا للإعادة.
قوله أ فبإرادته كان ذلك قال سلیمان نعم كذا فی أكثر نسخ الكتاب الثلاثة و فی بعض نسخ التوحید قال سلیمان لا و هو الأظهر و علی ما فی أكثر النسخ یكون حاصل جوابه علیه السلام أن ما ذكرت من كون حیاته و سمعه و بصره محدثا مسبوقا بالإرادة معلوم الانتفاء كما أوضحه أخیرا و بینه بأنه یوجب التغیر فی ذاته تعالی و كونه محلا للحوادث.
قوله علیه السلام فأراكم ادعیتم علم ذلك لعل المعنی أنك لما ادعیت أن ذلك علی خلاف ما یعقله الناس فلم یحصل لك من ذلك سوی احتمال أن یكون كذلك و لم تقم دلیلا علی ذلك و محض الاحتمال لا یكفی فی مقام الاستدلال أو المعنی أنه إذا كان هذا الأمر علی خلاف ما یعقله الناس و یفهمونه فلا یمكن التصدیق به إذ التصدیق فرع تصور الأطراف.
قوله الإرادة هی الإنشاء لعله كان مراده أنها عین المنشإ ثم اعلم أن ما نسبه المتكلمون إلی ضرار هو كون إرادته تعالی عین ذاته لا عین المخلوقات و لعله كان قائلا بأحدهما ثم رجع إلی الآخر.
قوله كقولنا مرة علم و مرة لم یعلم لعله أراد أن العلم أیضا یمكن نفیه قبل حصول المعلوم فأجاب علیه السلام ببطلان ذلك و یحتمل أن یكون أشار بذلك إلی ما فی بعض الآیات من قوله لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ و أمثاله فأجاب علیه السلام بأنها مأولة بالعلم بعد الحصول و إلا فأصل العلم لا یتوقف علی الحصول و یحتمل أن یكون مراده أنه لا یمكن نفی الإرادة كما لا یمكن نفی العلم.
ص: 339
قوله لأن صفته لم تزل الظاهر صنعته بدل صفته أی لا یتوقف صنعه و إیجاده إلا علی إرادته تعالی إیجاده فإذا كانت الإرادة قدیمة كان المراد أیضا قدیما (1)و لو كان صفته فالمراد أیضا ما ذكرنا بنوع من التكلف أی صفة إیجاده بإرجاع الضمیر إلی الإنسان أو إلی اللّٰه تعالی فأجاب الخراسانی بأن قدم الإرادة لا یستلزم قدم المراد إذ الإیجاد فعل فلعله مع وجود الإرادة لم یفعله فأجاب علیه السلام بأن إرادته تعالی لا یتخلف عن الإیجاد لقوله تعالی إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ ثم أجاب أخیرا بأن إیجاده تعالی لیس بمباشرة و مزاولة بل لیس إلا بمحض إرادته فإذا لم تكن الإرادة كافیة فی الإیجاد فعلی أی شی ء یتوقف. قوله حتی وصفها بالإرادة بما لا معنی له أی كیف یعقل أن یقال إن الإرادة لا معنی لها و الحال أن اللّٰه تعالی وصف نفسه بها و ذكرها فی كتابه و هل یجوز أن یذكر اللّٰه شیئا لا معنی له.
قوله علیه السلام فلم یرد شیئا إذ الإرادة الأزلیة إما أن یتعلق بقدیم فالقدیم لا یكون مسبوقا بالإرادة كما مر فی الأخبار أو بحادث فیلزم تخلف المراد عن الإرادة و هو غیر جائز كما مر فی هذا الخبر أو هو بالتشدید من الرد أی لم یرد الخراسانی جوابا فكلمة إن وصلیة قوله لیس الأشیاء إرادة و لم یرد شیئا أی لیست الأشیاء عین الإرادة كما قال ضرار و لم یتعلق إرادته أیضا بشی ء و یحتمل أن یكون كلمة إلا استثناء كما فی بعض النسخ أی لیس إلا شیئا واحدا أراده و هو أصل الخلق من غیر تفصیل أو الإرادة فقال علیه السلام لقد وسوست علی بناء المجهول أی وسوس إلیك الشیطان حتی تكلمت بذلك أو خبط الشیطان عقلك حیث تتكلم بهذه الخرافات ثم بین ضعف قوله بأنه علی قولك إنه أراد الإرادة القدیمة و لم یرد غیرها أن یكون الإرادة متعلقة بأمر قدیم لم یزل مع اللّٰه و تأثیر الشی ء فیما یكون معه دائما لا یكون علی وجه الإرادة و الاختیار بل یكون علی وجه الاضطرار كإحراق النار و فی بعض نسخ التوحید
ص: 340
ما لم یرد خلقه و هو أظهر أی یلزم علی قولك أن یكون صدور الأشیاء عنه تعالی بغیر إرادة و هذه صفة من لا یدری ما فعل كالنار فی إحراقه تعالی اللّٰه عن ذلك.
قوله و إلا فمعه غیره أی یلزم تعدد القدماء قوله لأن إرادته علمه أی ما نسب إلی نفسه بلفظ الإرادة أراد به العلم و الظاهر أن اللام زید من النساخ و السائل رجع عن كلامه السابق لعجزه عن جواب ما یرد علیه إلی كلام آخر قوله فإن ذلك إثبات للشی ء أی فی الأزل إنما قال ذلك ظنا منه أن العلم بالشی ء یستلزم وجوده.
أقول: قد مر شرح بعض أجزاء الخبر فی كتاب التوحید (1)و قال الصدوق رحمة اللّٰه علیه فی الكتابین بعد إیراد هذا الخبر كان المأمون یجلب علی الرضا علیه السلام من متكلمی الفرق و أهل الأهواء المضلة كل من سمع به حرصا علی انقطاع الرضا علیه السلام من الحجة مع واحد منهم و ذلك حسدا منه له و لمنزلته من العلم فكان لا یكلمه أحد إلا أقر له بالفضل و التزم الحجة له علیه لأن اللّٰه تعالی ذكره یأبی إلا أن یعلی كلمته و یتم نوره و ینصر حجته و هكذا وعد تبارك و تعالی فی كتابه فقال إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا یعنی بالذین آمنوا الأئمة الهداة علیهم السلام و أتباعهم العارفین بهم و الآخذین عنهم ینصرهم بالحجة علی مخالفیهم ما داموا فی الدنیا و كذلك یفعل بهم فی الآخرة و إن اللّٰه لا یخلف وعده (2).3- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ وَ الْمُكَتِّبُ (3)وَ الْوَرَّاقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی صَاحِبِ السَّابِرِیِّ قَالَ: سَأَلَنِی أَبُو قُرَّةَ صَاحِبُ الْجَاثَلِیقِ أَنْ أُوصِلَهُ إِلَی الرِّضَا علیه السلام فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ أَدْخِلْهُ عَلَیَّ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ قَبَّلَ بِسَاطَهُ وَ قَالَ هَكَذَا عَلَیْنَا فِی دِینِنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ زَمَانِنَا ثُمَّ قَالَ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَقُولُ فِی فِرْقَةٍ ادَّعَتْ دَعْوَی فَشَهِدَتْ لَهُمْ فِرْقَةٌ أُخْرَی مُعَدِّلُونَ قَالَ الدَّعْوَی لَهُمْ قَالَ فَادَّعَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَی دَعْوَی فَلَمْ یَجِدُوا شُهُوداً مِنْ غَیْرِهِمْ قَالَ لَا شَیْ ءَ لَهُمْ قَالَ فَإِنَّا نَحْنُ ادَّعَیْنَا أَنَّ عِیسَی رُوحُ اللَّهِ
ص: 341
وَ كَلِمَتُهُ (1)فَوَافَقَنَا عَلَی ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَ ادَّعَی الْمُسْلِمُونَ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِیٌّ فَلَمْ نُتَابِعْهُمْ عَلَیْهِ وَ مَا أَجْمَعْنَا عَلَیْهِ خَیْرٌ مِمَّا افْتَرَقْنَا فِیهِ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام مَا اسْمُكَ قَالَ یُوحَنَّا قَالَ یَا یُوحَنَّا إِنَّا آمَنَّا بِعِیسَی رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ الَّذِی كَانَ یُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ وَ یُبَشِّرُ بِهِ وَ یُقِرُّ عَلَی نَفْسِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ فَإِنْ كَانَ عِیسَی الَّذِی هُوَ عِنْدَكَ رُوحُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ لَیْسَ هُوَ الَّذِی آمَنَ بِمُحَمَّدٍ وَ بَشَّرَ بِهِ وَ لَا هُوَ الَّذِی أَقَرَّ لِلَّهِ بِالْعُبُودِیَّةِ وَ الرُّبُوبِیَّةِ فَنَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ فَأَیْنَ اجْتَمَعْنَا فَقَامَ فَقَالَ لِصَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی قُمْ فَمَا كَانَ أَغْنَانَا عَنْ هَذَا الْمَجْلِسِ (2).
«4»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام تَمِیمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِیمٍ الْقُرَشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِیِّ قَالَ: سَأَلَ مَأْمُونٌ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ الْعَرْشَ وَ الْمَاءَ وَ الْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَدِلُّ بِأَنْفُسِهَا وَ بِالْعَرْشِ وَ الْمَاءِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ جَعَلَ عَرْشَهُ عَلَی الْمَاءِ لِیُظْهِرَ بِذَلِكَ قُدْرَتَهُ لِلْمَلَائِكَةِ فَتَعْلَمَ أَنَّهُ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ ثُمَّ رَفَعَ الْعَرْشَ بِقُدْرَتِهِ وَ نَقَلَهُ فَجَعَلَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ هُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَی عَرْشِهِ وَ كَانَ قَادِراً عَلَی أَنْ یَخْلُقَهَا فِی طَرْفَةِ عَیْنٍ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهَا فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ لِیُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا یَخْلُقُهُ مِنْهَا شَیْئاً بَعْدَ شَیْ ءٍ فَتَسْتَدِلَّ بِحُدُوثِ مَا یَحْدُثُ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ الْعَرْشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَیْهِ لِأَنَّهُ غَنِیٌّ عَنِ الْعَرْشِ وَ عَنْ جَمِیعِ مَا خَلَقَ لَا یُوصَفُ بِالْكَوْنِ عَلَی الْعَرْشِ لِأَنَّهُ لَیْسَ بِجِسْمٍ تَعَالَی عَنْ صِفَةِ خَلْقِهِ عُلُوّاً كَبِیراً (3)وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فَإِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ لِیَبْلُوَهُمْ بِتَكْلِیفِ طَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ لَا عَلَی سَبِیلِ الِامْتِحَانِ وَ التَّجْرِبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ یَزَلْ عَلِیماً بِكُلِّ شَیْ ءٍ فَقَالَ الْمَأْمُونُ فَرَّجْتَ عَنِّی یَا أَبَا الْحَسَنِ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا ابْنَ
ص: 342
رَسُولِ اللَّهِ فَمَا مَعْنَی قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِیعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّی یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام حَدَّثَنِی أَبِی مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ- عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ- عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ- عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمِینَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَكْرَهْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قَدَرْتَ عَلَیْهِ مِنَ النَّاسِ عَلَی الْإِسْلَامِ لَكَثُرَ عَدَدُنَا وَ قَوِینَا عَلَی عَدُوِّنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِبِدْعَةٍ لَمْ یُحَدِّثْ إِلَیَّ فِیهَا شَیْئاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِیعاً عَلَی سَبِیلِ الْإِلْجَاءِ وَ الِاضْطِرَارِ فِی الدُّنْیَا كَمَا یُؤْمِنُونَ عِنْدَ الْمُعَایَنَةِ وَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ فِی الْآخِرَةِ (1)وَ لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِمْ لَمْ یَسْتَحِقُّوا مِنِّی ثَوَاباً وَ لَا مَدْحاً وَ لَكِنِّی أُرِیدُ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْمِنُوا مُخْتَارِینَ غَیْرَ مُضْطَرِّینَ لِیَسْتَحِقُّوا مِنِّی الزُّلْفَی وَ الْكَرَامَةَ وَ دَوَامَ الْخُلُودِ فِی جَنَّةِ الْخُلْدِ أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّی یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَلَیْسَ ذَلِكَ عَلَی سَبِیلِ تَحْرِیمِ الْإِیمَانِ عَلَیْهَا وَ لَكِنْ عَلَی مَعْنَی أَنَّهَا مَا كَانَتْ لِتُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ إِذْنُهُ أَمْرُهُ لَهَا بِالْإِیمَانِ مَا كَانَتْ مُكَلَّفَةً مُتَعَبَّدَةً وَ إِلْجَاؤُهُ إِیَّاهَا إِلَی الْإِیمَانِ عِنْدَ زَوَالِ التَّكْلِیفِ وَ التَّعَبُّدِ عَنْهَا فَقَالَ الْمَأْمُونُ فَرَّجْتَ عَنِّی یَا أَبَا الْحَسَنِ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ كانَتْ أَعْیُنُهُمْ فِی غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِی وَ كانُوا لا یَسْتَطِیعُونَ سَمْعاً فَقَالَ إِنَّ غِطَاءَ الْعَیْنِ لَا یَمْنَعُ مِنَ الذِّكْرِ الذِّكْرُ لَا یُرَی بِالْعَیْنِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ شَبَّهَ الْكَافِرِینَ بِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِالْعُمْیَانِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا یَسْتَثْقِلُونَ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ وَ لَا یَسْتَطِیعُونَ لَهُ سَمْعاً فَقَالَ الْمَأْمُونُ فَرَّجْتَ عَنِّی فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ(2).
: ج، الإحتجاج الهروی مثله(3).
«5»- ج، الإحتجاج عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی قَالَ: سَأَلَنِی أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ صَاحِبُ شُبْرُمَةَ أَنْ
ص: 343
أُدْخِلَهُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْیَاءَ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ الْأَحْكَامِ حَتَّی بَلَغَ سُؤَالُهُ إِلَی التَّوْحِیدِ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ لِمُوسَی فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَیِّ لِسَانٍ كَلَّمَهُ بِالسُّرْیَانِیَّةِ أَمْ بِالْعِبْرَانِیَّةِ فَأَخَذَ أَبُو قُرَّةَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا اللِّسَانِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا تَقُولُ وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یُشْبِهَ خَلْقَهُ أَوْ یَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ مَا هُمْ مُتَكَلِّمُونَ وَ (1)لَكِنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ لَا كَمِثْلِهِ قَائِلٌ فَاعِلٌ قَالَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ كَلَامُ الْخَالِقِ لِمَخْلُوقٍ لَیْسَ كَكَلَامِ الْمَخْلُوقِ لِمَخْلُوقٍ وَ لَا یَلْفَظُ بِشِقِّ فَمٍ وَ لَا لِسَانٍ وَ لَكِنْ یَقُولُ لَهُ كُنْ فَكَانَ بِمَشِیَّتِهِ مَا خَاطَبَ بِهِ مُوسَی مِنَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ مِنْ غَیْرِ تَرَدُّدٍ فِی نَفَسٍ (2)فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَمَا تَقُولُ فِی الْكُتُبِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ وَ كُلُّ كِتَابٍ أُنْزِلَ كَانَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَی أَنْزَلَهُ لِلْعَالَمِینَ نُوراً وَ هُدًی وَ هِیَ كُلُّهَا مُحْدَثَةٌ وَ هِیَ غَیْرُ اللَّهِ حَیْثُ یَقُولُ أَوْ یُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً وَ قَالَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ یَلْعَبُونَ وَ اللَّهُ أَحْدَثَ الْكُتُبَ كُلَّهَا الَّتِی أَنْزَلَهَا فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَهَلْ یَفْنَی فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَی أَنَّ مَا سِوَی اللَّهِ فَانٍ وَ مَا سِوَی اللَّهِ فِعْلُ اللَّهِ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَی أَ لَمْ تَسْمَعِ النَّاسَ یَقُولُونَ رَبُّ الْقُرْآنِ وَ إِنَّ الْقُرْآنَ یَقُولُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا رَبِّ هَذَا فُلَانٌ وَ هُوَ أَعْرَفُ بِهِ قَدْ أَظْمَأْتُ نَهَارَهُ وَ أَسْهَرْتُ لَیْلَهُ فَشَفِّعْنِی فِیهِ وَ كَذَلِكَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ كُلُّهَا مُحْدَثَةٌ مَرْبُوبَةٌ أَحْدَثَهَا مَنْ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ هُدًی لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُنَّ لَمْ یَزَلْنَ (3)فَقَدْ أَظْهَرَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِأَوَّلِ قَدِیمٍ وَ لَا وَاحِدٍ وَ أَنَّ الْكَلَامَ لَمْ یَزَلْ مَعَهُ وَ لَیْسَ لَهُ بَدْءٌ وَ لَیْسَ بِإِلَهٍ قَالَ أَبُو قُرَّةَ وَ إِنَّا رُوِّینَا أَنَّ الْكُتُبَ كُلَّهَا تَجِی ءُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ النَّاسُ فِی صَعِیدٍ وَاحِدٍ صُفُوفٌ قِیَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ یَنْظُرُونَ حَتَّی تَرْجِعَ فِیهِ لِأَنَّهَا مِنْهُ وَ هِیَ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِلَیْهِ تَصِیرُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَهَكَذَا قَالَتِ النَّصَارَی
ص: 344
فِی الْمَسِیحِ إِنَّهُ رُوحُهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَ یَرْجِعُ فِیهِ وَ كَذَلِكَ قَالَتِ الْمَجُوسُ فِی النَّارِ وَ الشَّمْسِ إِنَّهُمَا جُزْءٌ مِنْهُ یَرْجِعُ فِیهِ تَعَالَی رَبُّنَا أَنْ یَكُونَ مُتَجَزِّئاً أَوْ مُخْتَلِفاً وَ إِنَّمَا یَخْتَلِفُ وَ یَأْتَلِفُ الْمُتَجَزِّی لِأَنَّ كُلَّ مُتَجَزِّئٍ مُتَوَهَّمٌ وَ الْقِلَّةُ وَ الْكَثْرَةُ مَخْلُوقَةٌ دَالَّةٌ عَلَی خَالِقٍ خَلَقَهَا فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ (1)فَإِنَّا رُوِّینَا أَنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الرُّؤْیَةَ وَ الْكَلَامَ بَیْنَ نَبِیَّیْنِ فَقَسَّمَ لِمُوسَی الْكَلَامَ وَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الرُّؤْیَةَ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَمَنِ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ إِلَی الثَّقَلَیْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَنَّهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً وَ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ أَ لَیْسَ مُحَمَّدٌ قَالَ بَلَی قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَكَیْفَ یَجِی ءُ رَجُلٌ إِلَی الْخَلْقِ جَمِیعاً فَیُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ أَنَّهُ یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ یَقُولُ إِنَّهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً وَ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَقُولُ أَنَا رَأَیْتُهُ بِعَیْنِی وَ أَحَطْتُ بِهِ عِلْماً وَ هُوَ عَلَی صُورَةِ الْبَشَرِ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ مَا قَدَرَتِ الزَّنَادِقَةُ أَنْ تَرْمِیَهُ بِهَذَا أَنْ یَكُونَ أَتَی عَنِ اللَّهِ بِأَمْرٍ ثُمَّ یَأْتِی بِخِلَافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْری فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام إِنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآیَةِ مَا یَدُلُّ عَلَی مَا رَأَی حَیْثُ یَقُولُ ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأی یَقُولُ مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَا رَأَتْ عَیْنَاهُ ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا رَأَتْ عَیْنَاهُ فَقَالَ لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْكُبْری فَآیَاتُ اللَّهِ غَیْرُ اللَّهِ وَ قَالَ وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْعِلْمَ وَ وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَایَةِ (2)فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام إِذَا كَانَتِ الرِّوَایَةُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ كَذَّبْتُهَا وَ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَیْهِ أَنَّهُ لَا یُحَاطُ بِهِ عِلْماً وَ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (3)فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَی أَنَّهُ أَسْرَی بِهِ ثُمَّ أَخْبَرَ لِمَ أَسْرَی بِهِ فَقَالَ لِنُرِیَهُ مِنْ
ص: 345
آیاتِنا فَآیَاتُ اللَّهِ غَیْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَعْذَرَ وَ بَیَّنَ لِمَ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ وَ مَا رَآهُ فَقَالَ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آیاتِهِ یُؤْمِنُونَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَیْرُ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَأَیْنَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام الْأَیْنُ مَكَانٌ وَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ شَاهِدٍ عَنْ غَائِبٍ وَ اللَّهُ تَعَالَی لَیْسَ بِغَائِبٍ وَ لَا یَقْدَمُهُ قَادِمٌ وَ هُوَ بِكُلِّ مَكَانٍ مَوْجُودٌ مُدَبِّرٌ صَانِعٌ حَافِظٌ مُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ أَ لَیْسَ هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ دُونَ مَا سِوَاهَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام هُوَ اللَّهُ فِی السَّماواتِ وَ فِی الْأَرْضِ وَ هُوَ الَّذِی فِی السَّماءِ إِلهٌ وَ فِی الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُكُمْ فِی الْأَرْحامِ كَیْفَ یَشاءُ وَ هُوَ مَعَكُمْ أَیْنَ ما كُنْتُمْ وَ هُوَ الَّذِی اسْتَوی إِلَی السَّماءِ وَ هِیَ دُخانٌ وَ هُوَ الَّذِی اسْتَوی إِلَی السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ الَّذِی اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ قَدْ كَانَ وَ لَا خَلْقَ وَ هُوَ كَمَا كَانَ إِذْ لَا خَلْقَ لَمْ یَنْتَقِلْ مَعَ الْمُنْتَقِلِینَ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَمَا بَالُكُمْ (1)إِذَا دَعَوْتُمْ رَفَعْتُمْ أَیْدِیَكُمْ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ بِضُرُوبٍ مِنَ الْعِبَادَةِ وَ لِلَّهِ مَفَازِعُ یَفْزَعُونَ إِلَیْهِ وَ یُسْتَعْبَدُ (2)فَاسْتَعْبَدَ عِبَادَهُ بِالْقَوْلِ وَ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ وَ التَّوْجِیهِ (3)وَ نَحْوِ ذَلِكَ اسْتَعْبَدَهُمْ بِتَوْجِیهِ الصَّلَاةِ إِلَی الْكَعْبَةِ وَ وَجَّهَ إِلَیْهَا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ وَ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَ الطَّلَبِ وَ التَّضَرُّعِ بِبَسْطِ الْأَیْدِی وَ رَفْعِهَا إِلَی السَّمَاءِ لِحَالِ الِاسْتِكَانَةِ وَ عَلَامَةِ الْعُبُودِیَّةِ وَ التَّذَلُّلِ لَهُ فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی اللَّهِ الْمَلَائِكَةُ أَوْ أَهْلُ الْأَرْضِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام إِنْ كُنْتَ تَقُولُ بِالشِّبْرِ وَ الذِّرَاعِ فَإِنَّ الْأَشْیَاءَ كُلَّهَا بَابٌ وَاحِدٌ هِیَ فِعْلُهُ لَا یَشْتَغِلُ بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ یُدَبِّرُ أَعْلَی الْخَلْقِ مِنْ حَیْثُ یُدَبِّرُ أَسْفَلَهُ وَ یُدَبِّرُ أَوَّلَهُ مِنْ حَیْثُ یُدَبِّرُ آخِرَهُ مِنْ غَیْرِ عَنَاءٍ وَ لَا كُلْفَةٍ وَ لَا مَئُونَةٍ وَ لَا مُشَاوَرَةٍ وَ لَا نَصَبٍ وَ إِنْ كُنْتَ تَقُولُ مَنْ أَقْرَبُ إِلَیْهِ فِی الْوَسِیلَةِ فَأَطْوَعُهُمْ لَهُ وَ أَنْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ أَقْرَبَ مَا یَكُونُ الْعَبْدُ إِلَی اللَّهِ
ص: 346
وَ هُوَ سَاجِدٌ وَ رَوَیْتُمْ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ الْتَقَوْا أَحَدُهُمْ مِنْ أَعْلَی الْخَلْقِ وَ أَحَدُهُمْ مِنْ أَسْفَلِ الْخَلْقِ وَ أَحَدُهُمْ مِنْ شَرْقِ الْخَلْقِ وَ أَحَدُهُمْ مِنْ غَرْبِ الْخَلْقِ فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَكُلُّهُمْ قَالَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَرْسَلَنِی بِكَذَا وَ كَذَا فَفِی هَذَا دَلِیلٌ عَلَی أَنَّ ذَلِكَ فِی الْمَنْزِلَةِ دُونَ التَّشْبِیهِ وَ التَّمْثِیلِ (1)فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ أَ تُقِرُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی مَحْمُولٌ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام كُلُّ مَحْمُولٍ مَفْعُولٌ وَ مُضَافٌ إِلَی غَیْرِهِ مُحْتَاجٌ فَالْمَحْمُولُ اسْمُ نَقْصٍ فِی اللَّفْظِ وَ الْحَامِلُ فَاعِلٌ وَ هُوَ اللَّفْظُ فِی مَمْدُوحٍ وَ كَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ فَوْقٌ وَ تَحْتٌ وَ أَعْلَی وَ أَسْفَلُ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها وَ لَمْ یَقُلْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ كُتُبِهِ إِنَّهُ مَحْمُولٌ بَلْ هُوَ الْحَامِلُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ الْمُمْسِكُ لِلسَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَحْمُولُ مَا سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ نَسْمَعْ أَحَداً آمَنَ بِاللَّهِ وَ عَظَّمَهُ قَطُّ قَالَ فِی دُعَائِهِ یَا مَحْمُولُ قَالَ أَبُو قُرَّةَ أَ فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَایَةِ إِنَّ اللَّهَ إِذَا غَضِبَ إِنَّمَا یُعْرَفُ غَضَبُهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ یَجِدُونَ ثِقْلَهُ عَلَی كَوَاهِلِهِمْ فَیَخِرُّونَ سُجَّداً فَإِذَا ذَهَبَ الْغَضَبُ خَفَّ فَرَجَعُوا إِلَی مَوَاقِفِهِمْ (2)فَقَالَ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مُنْذُ لَعَنَ إِبْلِیسَ إِلَی یَوْمِكَ هَذَا وَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ غَضْبَانُ هُوَ عَلَی إِبْلِیسَ وَ أَوْلِیَائِهِ أَوْ رَاضٍ عَنْهُمْ فَقَالَ نَعَمْ هُوَ غَضْبَانُ عَلَیْهِ قَالَ فَمَتَی رَضِیَ فَخَفَّفَ وَ هُوَ فِی صِفَتِكَ لَمْ یَزَلْ غَضْبَانَ عَلَیْهِ (3)وَ عَلَی أَتْبَاعِهِ ثُمَّ قَالَ وَیْحَكَ كَیْفَ تَجْتَرِی أَنْ تَصِفَ رَبَّكَ بِالتَّغَیُّرِ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ أَنَّهُ یَجْرِی عَلَیْهِ مَا یَجْرِی عَلَی الْمَخْلُوقِینَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَزَلْ مَعَ الزَّائِلِینَ وَ لَمْ یَتَغَیَّرْ مَعَ الْمُتَغَیِّرِینَ قَالَ صَفْوَانُ فَتَحَیَّرَ أَبُو قُرَّةَ وَ لَمْ یُحِرْ جَوَاباً حَتَّی قَامَ وَ خَرَجَ (4).
بیان: قوله و لیس له بدء أی لیس للكلام علة لأن القدیم غیر مصنوع و لیس بإله أی و الحال أن الكلام لیس بإله حتی لا یحتاج إلی الصانع أو الصانع
ص: 347
یلزم أن لا یكون إلها لوجود الشریك معه فی القدم و فی بعض النسخ و لیس بآلة بالتاء أی یلزم أن لا یكون الكلام آلة للتفهیم و لیس فی بعض النسخ قوله و لیس له بدء و الأظهر حینئذ كون الضمیر راجعا إلی الصانع كما مر فی الوجه الثانی.
قوله لأن كل متجزئ متوهم كأنه علی سبیل القلب أی كل ما یتوهم فیه العقل الاختلاف و الائتلاف یكون متجزئا أو المعنی أن كل متجزئ یتوهم فیه العقل القلة و الكثرة و الزیادة و النقصان و هذه صفات الإمكان و المخلوقیة قوله و ما أجمع المسلمون معطوف علی القرآن.
أقول: قد مر شرح أجزاء الخبر فی كتاب التوحید.
«6»- قب، المناقب لابن شهرآشوب رَوَی ابْنُ جَرِیرِ بْنِ رُسْتُمَ الطَّبَرِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الطُّوسِیِّ عَنْ أَشْیَاخِهِ فِی حَدِیثٍ أَنَّهُ انْتُدِبَ لِلرِّضَا علیه السلام قَوْمٌ یُنَاظِرُونَ فِی الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْمَأْمُونِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَاخْتَارُوا یَحْیَی بْنَ الضَّحَّاكِ السَّمَرْقَنْدِیَّ فَقَالَ سَلْ یَا یَحْیَی فَقَالَ یَحْیَی بَلْ سَلْ أَنْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِتُشَرِّفَنِی بِذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام یَا یَحْیَی مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ ادَّعَی الصِّدْقَ لِنَفْسِهِ وَ كَذَّبَ الصَّادِقِینَ أَ یَكُونُ صَادِقاً مُحِقّاً فِی دِینِهِ أَمْ كَاذِباً فَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً سَاعَةً فَقَالَ الْمَأْمُونُ أَجِبْهُ یَا یَحْیَی فَقَالَ قَطَعَنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَالْتَفَتَ إِلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ مَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِی أَقَرَّ یَحْیَی بِالانْقِطَاعِ فِیهَا فَقَالَ علیه السلام إِنْ زَعَمَ یَحْیَی أَنَّهُ صَدَّقَ الصَّادِقِینَ فَلَا إِمَامَةَ لِمَنْ شَهِدَ بِالْعَجْزِ عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ عَلَی مِنْبَرِ الرَّسُولِ وُلِّیتُكُمْ وَ لَسْتُ بِخَیْرِكُمْ وَ الْأَمِیرُ خَیْرٌ مِنَ الرَّعِیَّةِ وَ إِنْ زَعَمَ یَحْیَی أَنَّهُ صَدَّقَ الصَّادِقِینَ فَلَا إِمَامَةَ لِمَنْ أَقَرَّ عَلَی نَفْسِهِ عَلَی مِنْبَرِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ لِی شَیْطَاناً یَعْتَرِینِی (1)وَ الْإِمَامُ لَا یَكُونُ فِیهِ الشَّیْطَانُ وَ إِنْ زَعَمَ یَحْیَی أَنَّهُ صَدَّقَ الصَّادِقِینَ فَلَا إِمَامَةَ لِمَنْ أَقَرَّ عَلَیْهِ صَاحِبُهُ فَقَالَ كَانَتْ إِمَامَةُ أَبِی بَكْرٍ فَلْتَةً (2)وَقَی اللَّهُ شَرَّهَا فَمَنْ عَادَ إِلَی مِثْلِهَا فَاقْتُلُوهُ فَصَاحَ الْمَأْمُونُ عَلَیْهِمْ فَتَفَرَّقُوا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ أَنْ لَا تُفَاتِحُوهُ وَ لَا تَجْمَعُوا عَلَیْهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ عِلْمُهُمْ مِنْ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3).
ص: 348
«7»- وَ فِی كِتَابِ الصَّفْوَانِیِّ أَنَّهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام لِابْنِ قُرَّةَ النَّصْرَانِیِّ مَا تَقُولُ فِی الْمَسِیحِ قَالَ یَا سَیِّدِی إِنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَقَالَ وَ مَا تُرِیدُ بِقَوْلِكَ مِنْ وَ مِنْ عَلَی أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا أَ تُرِیدُ بِقَوْلِكَ مِنْ كَالْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ فَیَكُونَ مُبَعَّضاً أَوْ كَالْخَلِّ مِنَ الْخَمْرِ فَیَكُونَ عَلَی سَبِیلِ الِاسْتِحَالَةِ أَوْ كَالْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ فَیَكُونَ عَلَی سَبِیلِ الْمُنَاكَحَةِ أَوْ كَالصَّنْعَةِ مِنَ الصَّانِعِ فَیَكُونَ عَلَی سَبِیلِ الْمَخْلُوقِ مِنَ الْخَالِقِ أَوْ عِنْدَكَ وَجْهٌ آخَرُ فَتُعَرِّفَنَاهُ فَانْقَطَعَ (1).
«8»- أَبُو إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِیُّ إِنَّ قَوْماً مِنْ مَا وَرَاءَ النَّهَرِ سَأَلُوا الرِّضَا علیه السلام عَنِ الْحُورِ الْعِینِ مِمَّ خُلِقْنَ وَ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا مَا أَوَّلُ مَا یَأْكُلُونَ وَ عَنْ مُعْتَمَدِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَیْنَ كَانَ وَ كَیْفَ كَانَ إِذْ لَا أَرْضَ وَ لَا سَمَاءَ وَ لَا شَیْ ءَ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا الْحُورُ الْعِینُ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ التُّرَابِ لَا یَفْنَیْنَ وَ أَمَّا أَوَّلُ مَا یَأْكُلُونَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ یَأْكُلُونَ أَوَّلَ مَا یَدْخُلُونَهَا مِنْ كَبِدِ الْحُوتِ الَّتِی عَلَیْهَا الْأَرْضُ وَ أَمَّا مُعْتَمَدُ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّهُ أَیَّنَ الْأَیْنَ وَ كَیَّفَ الْكَیْفَ وَ إِنَّ رَبِّی بِلَا أَیْنٍ وَ لَا كَیْفٍ وَ كَانَ مُعْتَمَدُهُ عَلَی قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی (2)
«9»- أَقُولُ وَ رَوَی السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی كِتَابِ الْفُصُولِ، عَنْ شَیْخِهِ الْمُفِیدِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا سَارَ الْمَأْمُونُ إِلَی خُرَاسَانَ وَ كَانَ مَعَهُ الرِّضَا عَلِیُّ بْنُ مُوسَی علیهما السلام فَبَیْنَا هُمَا یَسِیرَانِ إِذْ قَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنِّی فَكَّرْتُ فِی شَیْ ءٍ فَنَتَجَ لِیَ الْفِكْرُ الصَّوَابَ فِیهِ فَكَّرْتُ فِی أَمْرِنَا وَ أَمْرِكُمْ وَ نَسَبِنَا وَ نَسَبِكُمْ فَوَجَدْتُ الْفَضِیلَةَ فِیهِ وَاحِدَةً وَ رَأَیْتُ اخْتِلَافَ شِیعَتِنَا فِی ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَی الْهَوَی وَ الْعَصَبِیَّةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام إِنَّ لِهَذَا الْكَلَامِ جَوَاباً إِنْ شِئْتَ ذَكَرْتُهُ لَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَمْسَكْتُ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ إِنِّی لَمْ أَقُلْهُ إِلَّا لِأَعْلَمَ مَا عِنْدَكَ فِیهِ قَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام أَنْشُدُكَ اللَّهَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِیَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ عَلَیْنَا مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ (3)مِنْ هَذِهِ الْآكَامِ یَخْطُبُ إِلَیْكَ ابْنَتَكَ كُنْتَ مُزَوِّجَهُ إِیَّاهَا فَقَالَ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَ هَلْ یَرْغَبُ أَحَدٌ
ص: 349
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام أَ فَتَرَاهُ كَانَ یَحِلُّ لَهُ أَنْ یَخْطُبَ إِلَیَّ قَالَ فَسَكَتَ الْمَأْمُونُ هُنَیْئَةً ثُمَّ قَالَ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَمَسُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِماً.
قال الشیخ و إنما المعنی فی هذا الكلام أن ولد عباس یحلون لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كما تحل له البعداء فی النسب منه و أن ولد أمیر المؤمنین علیه السلام من فاطمة علیها السلام و من أمامة بنت زینب ابنة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یحرمن علیه لأنهن من ولده فی الحقیقة فالولد ألصق بالوالد و أقرب و أحرز للفضل من ولد العم بلا ارتیاب بین أهل الدین و كیف یصح مع ذلك أن یتساووا فی الفضل بقرابة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فنبه الرضا علیه السلام علی هذا المعنی و أوضحه له (1)
«10»- قَالَ وَ حَدَّثَنِی الشَّیْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ أَیْضاً قَالَ: قَالَ الْمَأْمُونُ یَوْماً لِلرِّضَا علیه السلام أَخْبِرْنِی بِأَكْبَرِ فَضِیلَةٍ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَدُلُّ عَلَیْهَا الْقُرْآنُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام فَضِیلَةٌ فِی الْمُبَاهَلَةِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَمَنْ حَاجَّكَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام فَكَانَا ابْنَیْهِ وَ دَعَا فَاطِمَةَ علیها السلام فَكَانَتْ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ نِسَاءَهُ وَ دَعَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَانَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَی أَجَلَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَفْضَلَ فَوَجَبَ أَنْ لَا یَكُونَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ أَ لَیْسَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی الْأَبْنَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ابْنَیْهِ خَاصَّةً وَ ذَكَرَ النِّسَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ابْنَتَهُ وَحْدَهَا فَأَلَّا جَازَ أَنْ (2)یُذْكَرَ الدُّعَاءُ لِمَنْ هُوَ نَفْسُهُ وَ یَكُونَ الْمُرَادُ نَفْسَهُ فِی الْحَقِیقَةِ دُونَ غَیْرِهِ فَلَا یَكُونُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْفَضْلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام لَیْسَ یَصِحُّ مَا ذَكَرْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّاعِیَ إِنَّمَا یَكُونُ دَاعِیاً لِغَیْرِهِ كَمَا أَنَّ الْآمِرَ آمِرٌ لِغَیْرِهِ وَ لَا یَصِحُّ أَنْ یَكُونَ دَاعِیاً لِنَفْسِهِ فِی الْحَقِیقَةِ كَمَا لَا یَكُونُ آمِراً لَهَا فِی الْحَقِیقَةِ
ص: 350
وَ إِذَا لَمْ یَدْعُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلًا فِی الْمُبَاهَلَةِ إِلَّا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ نَفْسُهُ الَّتِی عَنَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِی كِتَابِهِ وَ جَعَلَ حُكْمَهُ ذَلِكَ فِی تَنْزِیلِهِ (1)قَالَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إِذَا وَرَدَ الْجَوَابُ سَقَطَ السُّؤَالُ (2)
«11»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ، قَالَ لِلرِّضَا علیه السلام الصُّوفِیَّةُ إِنَّ الْمَأْمُونَ قَدْ رَدَّ إِلَیْكَ هَذَا الْأَمْرَ وَ أَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ تَحْتَاجُ أَنْ تَلْبَسَ الصُّوفَ وَ مَا یَحْسُنُ لُبْسُهُ فَقَالَ علیه السلام وَیْحَكُمْ إِنَّمَا یُرَادُ مِنَ الْإِمَامِ قِسْطُهُ وَ عَدْلُهُ إِذَا قَالَ صَدَقَ وَ إِذَا حَكَمَ عَدَلَ وَ إِذَا وَعَدَ أَنْجَزَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ إِنَّ یُوسُفَ علیه السلام لَبِسَ الدِّیبَاجَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَ جَلَسَ عَلَی مُتَّكَآتِ آلِ فِرْعَوْنَ.
«12»- وَ أَرَادَ الْمَأْمُونُ قَتْلَ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا یَزِیدُ لِحُسْنِ الْعَفْوِ إِلَّا عِزّاً فَعَفَا عَنْهُ.
«13»- وَ أُتِیَ الْمَأْمُونُ بِنَصْرَانِیٍّ زَنَی بِهَاشِمِیَّةٍ فَلَمَّا رَآهُ أَسْلَمَ فَقَالَ الْفُقَهَاءُ أَهْدَرَ الْإِسْلَامُ مَا قَبْلَهُ فَسَأَلَ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ اقْتُلْهُ فَإِنَّهُ مَا أَسْلَمَ حَتَّی رَأَی الْبَأْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا الْآیَتَانِ (3).
ص: 351
«1»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّیْسَابُورِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَیْسَابُورَ فِی شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ النَّیْسَابُورِیِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ الْمَأْمُونُ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام أَنْ یَكْتُبَ لَهُ مَحْضَ الْإِسْلَامِ عَلَی الْإِیجَازِ وَ الِاخْتِصَارِ فَكَتَبَ علیه السلام أَنَّ مَحْضَ الْإِسْلَامِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ إِلَهاً وَاحِداً أَحَداً صَمَداً (1)قَیُّوماً سَمِیعاً بَصِیراً قَدِیراً قَدِیماً بَاقِیاً (2)عَالِماً لَا یَجْهَلُ قَادِراً لَا یَعْجِزُ غَنِیّاً لَا یَحْتَاجُ عَدْلًا لَا یَجُورُ وَ أَنَّهُ خالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ لَا شِبْهَ لَهُ وَ لَا ضِدَّ لَهُ وَ لَا كُفْوَ لَهُ (3)وَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْعِبَادَةِ وَ الدُّعَاءِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِینُهُ وَ صَفِیُّهُ وَ صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ أَفْضَلُ الْعَالَمِینَ لَا نَبِیَّ بَعْدَهُ وَ لَا تَبْدِیلَ لِمِلَّتِهِ وَ لَا تَغْیِیرَ لِشَرِیعَتِهِ وَ أَنَّ جَمِیعَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ وَ التَّصْدِیقُ بِهِ وَ بِجَمِیعِ مَنْ مَضَی قَبْلَهُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ وَ أَنْبِیَائِهِ وَ حُجَجِهِ وَ التَّصْدِیقُ بِكِتَابِهِ الصَّادِقِ الْعَزِیزِ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ وَ أَنَّهُ الْمُهَیْمِنُ (4)عَلَی الْكُتُبِ كُلِّهَا
ص: 352
وَ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَی خَاتِمَتِهِ نُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ وَ خَاصِّهِ وَ عَامِّهِ وَ وَعْدِهِ وَ وَعِیدِهِ وَ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ قِصَصِهِ وَ أَخْبَارِهِ لَا یَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِینَ أَنْ یَأْتِیَ بِمِثْلِهِ وَ أَنَّ الدَّلِیلَ بَعْدَهُ وَ الْحُجَّةَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِینَ وَ النَّاطِقَ عَنِ الْقُرْآنِ وَ الْعَالِمَ بِأَحْكَامِهِ أَخُوهُ وَ خَلِیفَتُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ وَلِیُّهُ الَّذِی كَانَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ أَفْضَلُ الْوَصِیِّینَ وَ وَارِثُ عِلْمِ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ زَیْنُ الْعَابِدِینَ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ بَاقِرُ عِلْمِ الْأَوَّلِینَ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ وَارِثُ عِلْمِ الْوَصِیِّینَ ثُمَّ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ ثُمَّ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ ثُمَّ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ ثُمَّ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ وَلَدُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ أَشْهَدُ لَهُمْ بِالْوَصِیَّةِ وَ الْإِمَامَةِ وَ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ تَعَالَی عَلَی خَلْقِهِ كُلَّ عَصْرٍ وَ أَوَانٍ وَ أَنَّهُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَی وَ أَئِمَّةُ الْهُدَی وَ الْحُجَّةُ عَلَی أَهْلِ الدُّنْیَا إِلَی أَنْ یَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ ضَالٌّ مُضِلٌّ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَ الْهُدَی وَ أَنَّهُمُ الْمُعَبِّرُونَ عَنِ الْقُرْآنِ (1)وَ النَّاطِقُونَ عَنِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْبَیَانِ مَنْ مَاتَ وَ لَمْ یَعْرِفْهُمْ مَاتَ (2)مِیتَةً جَاهِلِیَّةً وَ أَنَّ مِنْ دِینِهِمُ الْوَرَعَ وَ الْعِفَّةَ وَ الصِّدْقَ وَ الصَّلَاحَ وَ الِاسْتِقَامَةَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ طُولَ السُّجُودِ وَ صِیَامَ النَّهَارِ وَ قِیَامَ اللَّیْلِ وَ اجْتِنَابَ الْمَحَارِمِ وَ انْتِظَارَ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ وَ حُسْنَ الْعَزَاءِ وَ كَرَمَ الصُّحْبَةِ ثُمَّ الْوُضُوءُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ إِلَی الْمِرْفَقَیْنِ
ص: 353
وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ لَا یَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا غَائِطٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ رِیحٌ أَوْ نَوْمٌ أَوْ جَنَابَةٌ وَ إِنْ مَسَحَ عَلَی الْخُفَّیْنِ (1)فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَی وَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَرَكَ فَرِیضَتَهُ وَ كِتَابَهُ وَ غُسْلُ یَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَ غُسْلُ الْعِیدَیْنِ وَ غُسْلُ دُخُولِ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ غُسْلُ الزِّیَارَةِ وَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَ أَوَّلِ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَیْلَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَ لَیْلَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَ لَیْلَةِ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ وَ لَیْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذِهِ الْأَغْسَالُ سُنَّةٌ وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَرِیضَةٌ وَ غُسْلُ الْحَیْضِ مِثْلُهُ وَ الصَّلَاةُ الْفَرِیضَةُ الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْغَدَاةُ رَكْعَتَانِ هَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ فَرِیضَةِ الظُّهْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ (2)وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ فِی السَّحَرِ وَ الشَّفْعُ وَ الْوَتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ تُسَلِّمُ بَعْدَ الرَّكْعَتَیْنِ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَ الصَّلَاةُ فِی أَوَّلِ الْوَقْتِ (3)وَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَی الْفَرْدِ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ وَ لَا صَلَاةَ خَلْفَ الْفَاجِرِ وَ لَا یُقْتَدَی إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ لَا تُصَلَّی فِی جُلُودِ السِّبَاعِ (4)وَ لَا یَجُوزُ أَنْ تَقُولَ فِی التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ السَّلَامُ عَلَیْنَا وَ عَلَی عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ لِأَنَّ تَحْلِیلَ الصَّلَاةِ التَّسْلِیمُ فَإِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدْ سَلَّمْتَ وَ التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ وَ مَا زَادَ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ مَنْ لَمْ یُفْطِرْ لَمْ یُجْزِ عَنْهُ صَوْمُهُ فِی السَّفَرِ وَ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ لَیْسَ عَلَیْهِ صَوْمٌ فِی السَّفَرِ وَ الْقُنُوتُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فِی الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَی الْمَیِّتِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ فَمَنْ نَقَصَ فَقَدْ خَالَفَ (5)وَ الْمَیِّتُ یُسَلُّ (6)مِنْ قِبَلِ رِجْلَیْهِ
ص: 354
وَ یُرْفَقُ بِهِ إِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَ الْإِجْهَارُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فِی جَمِیعِ الصَّلَوَاتِ سُنَّةٌ وَ الزَّكَاةُ الْفَرِیضَةُ فِی كُلِّ مِائَتَیْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ لَا یَجِبُ فِیمَا دُونَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ وَ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَی الْمَالِ حَتَّی یَحُولَ عَلَیْهِ الْحَوْلُ وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یُعْطَی الزَّكَاةُ غَیْرَ أَهْلِ الْوَلَایَةِ الْمَعْرُوفِینَ وَ الْعُشْرُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرِیضَةٌ عَلَی كُلِّ رَأْسٍ صَغِیرٍ أَوْ كَبِیرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَی مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ صَاعٌ وَ هُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ لَا یَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَّا عَلَی أَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ أَكْثَرُ الْحَیْضِ عَشَرَةُ أَیَّامٍ وَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَحْتَشِی وَ تَغْتَسِلُ وَ تُصَلِّی وَ الْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَقْضِی وَ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَ تَقْضِی وَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِیضَةٌ یُصَامُ لِلرُّؤْیَةِ وَ یُفْطَرُ لِلرُّؤْیَةِ وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یُصَلَّی تطوع (التَّطَوُّعَ) فِی الْجَمَاعَةِ (1)لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِی النَّارِ وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فِی كُلِّ شَهْرِ سُنَّةٌ فِی كُلِّ عَشَرَةِ أَیَّامٍ یَوْمٌ أَرْبِعَاءُ بَیْنَ خَمِیسَیْنِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ لِمَنْ صَامَهُ وَ إِنْ قَضَیْتَ فَوَائِتَ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقاً أَجْزَأَ وَ حِجُّ الْبَیْتِ فَرِیضَةٌ عَلَی مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ السَّبِیلُ الزَّادُ وَ الرَّاحِلَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَ لَا یَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا تَمَتَّعاً وَ لَا یَجُوزُ الْقِرَانُ وَ الْإِفْرَادُ الَّذِی یَسْتَعْمِلُهُ الْعَامَّةُ إِلَّا لِأَهْلِ مَكَّةَ وَ حَاضِرِیهَا وَ لَا یَجُوزُ الْإِحْرَامُ دُونَ الْمِیقَاتِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یُضَحَّی بِالْخَصِیِّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَ یَجُوزُ الْوَجِی ءُ (2)وَ الْجِهَادُ وَاجِبٌ مَعَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ (3)وَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِیدٌ وَ لَا یَجُوزُ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَ النُّصَّابِ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِی فَسَادٍ وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَی نَفْسِكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ وَ التَّقِیَّةُ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ وَاجِبَةٌ وَ لَا حِنْثَ عَلَی مَنْ حَلَفَ تَقِیَّةً یَدْفَعُ بِهَا ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ
ص: 355
وَ الطَّلَاقُ لِلسُّنَّةِ عَلَی مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا یَكُونُ طَلَاقٌ لِغَیْرِ السُّنَّةِ وَ كُلُّ طَلَاقٍ یُخَالِفُ الْكِتَابَ فَلَیْسَ بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ یُخَالِفُ الْكِتَابَ فَلَیْسَ بِنِكَاحٍ وَ لَا یَجُوزُ الْجَمْعُ بَیْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ لِلْعِدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تَحِلَّ لِزَوْجِهَا حَتَّی تَنْكِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اتَّقُوا تَزْوِیجَ الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فِی مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَ الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ علیهم السلام وَاجِبَةٌ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ وَ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَ الذَّبَائِحِ (1)وَ غَیْرِ ذَلِكَ وَ حُبُّ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَاجِبٌ وَ كَذَلِكَ بُغْضُ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْهُمْ وَ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ وَاجِبٌ وَ إِنْ كَانَا مُشْرِكَیْنِ وَ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ وَ لَا لِغَیْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ وَ ذَكَاةُ الْجَنِینِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا أَشْعَرَ وَ أَوْبَرَ وَ تَحْلِیلُ الْمُتْعَتَیْنِ اللَّتَیْنِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ سَنَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَلَی آلِهِ السَّلَامُ مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَ مُتْعَةُ الْحَجِّ وَ الْفَرَائِضُ عَلَی مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ (2)وَ لَا عَوْلَ فِیهَا وَ لَا یَرِثُ مَعَ الْوَلَدِ وَ الْوَالِدَیْنِ أَحَدٌ إِلَّا الزَّوْجُ وَ الْمَرْأَةُ وَ ذُو السَّهْمِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَ لَیْسَتِ الْعَصَبَةُ (3)مِنْ دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْعَقِیقَةُ عَنِ الْمَوْلُودِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَی وَاجِبَةٌ وَ كَذَلِكَ تَسْمِیَتُهُ وَ حَلْقُ رَأْسِهِ یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ الشَّعْرِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً وَ الْخِتَانُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ لِلرِّجَالِ وَ مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ خَلْقَ تَقْدِیرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِینٍ (4)وَ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَا یَقُولُ بِالْجَبْرِ وَ التَّفْوِیضِ وَ لَا یَأْخُذُ
ص: 356
اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرِی ءَ بِالسَّقِیمِ وَ لَا یُعَذِّبُ اللَّهُ تَعَالَی الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَعْفُوَ وَ یَتَفَضَّلَ وَ لَا یَجُورَ وَ لَا یَظْلِمَ لِأَنَّهُ تَعَالَی مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَ لَا یَفْرِضُ اللَّهُ تَعَالَی طَاعَةَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یُضِلُّهُمْ وَ یُغْوِیهِمْ وَ لَا یَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَ لَا یَصْطَفِی مِنْ عِبَادِهِ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَكْفُرُ بِهِ وَ بِعِبَادَتِهِ وَ یَعْبُدُ الشَّیْطَانَ دُونَهُ وَ إِنَّ الْإِسْلَامَ غَیْرُ الْإِیمَانِ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَ لَیْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً وَ لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ حِینَ یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَزْنِی الزَّانِی حِینَ یَزْنِی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ (1)وَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ مُسْلِمُونَ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَ قَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَ لَا یُخْرِجُ مِنَ النَّارِ كَافِراً وَ قَدْ أَوْعَدَهُ النَّارَ وَ الْخُلُودَ فِیهَا وَ لَا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ یَشَاءُ وَ مُذْنِبُو أَهْلِ التَّوْحِیدِ یُدْخَلُونَ فِی النَّارِ وَ یُخْرَجُونَ مِنْهَا (2)وَ الشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لَهُمْ وَ إِنَّ الدَّارَ الْیَوْمَ دَارُ تَقِیَّةٍ وَ هِیَ دَارُ الْإِسْلَامِ لَا دَارُ كُفْرٍ وَ لَا دَارُ إِیمَانٍ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ إِذَا أَمْكَنَ وَ لَمْ یَكُنْ خِیفَةٌ عَلَی النَّفْسِ وَ الْإِیمَانُ هُوَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ اجْتِنَابُ جَمِیعِ الْكَبَائِرِ وَ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ التَّكْبِیرُ فِی الْعِیدَیْنِ وَاجِبٌ فِی الْفِطْرِ فِی دُبُرِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ وَ یُبْدَأُ بِهِ فِی دُبُرِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَیْلَةَ الْفِطْرِ وَ فِی الْأَضْحَی فِی دُبُرِ عَشْرِ صَلَوَاتٍ یُبْدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ یَوْمَ النَّحْرِ وَ بِمِنًی فِی دُبُرِ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً
ص: 357
وَ النُّفَسَاءُ لَا تَقْعُدُ عَنِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً (1)فَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّتْ وَ إِنْ لَمْ تَطْهُرْ حَتَّی تَجَاوَزَتْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً اغْتَسَلَتْ وَ صَلَّتْ وَ عَمِلَتْ مَا تَعْمَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَ تُؤْمِنُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْمِیزَانِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ هَمُّوا بِإِخْرَاجِهِمْ وَ سَنُّوا ظُلْمَهُمْ وَ غَیَّرُوا سُنَّةَ نَبِیِّهِمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ الَّذِینَ هَتَكُوا حِجَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَكَثُوا بَیْعَةَ إِمَامِهِمْ وَ أَخْرَجُوا الْمَرْأَةَ وَ حَارَبُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَتَلُوا الشِّیعَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ (2)وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِمَّنْ نَفَی الْأَخْیَارَ وَ شَرَّدَهُمْ وَ آوَی الطُّرَدَاءَ اللُّعَنَاءَ وَ جَعَلَ الْأَمْوَالَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ وَ اسْتَعْمَلَ السُّفَهَاءَ مِثْلَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لَعِینَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَشْیَاعِهِمُ الَّذِینَ حَارَبُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَتَلُوا الْأَنْصَارَ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ أَهْلَ الْفَضْلِ وَ الصَّلَاحِ مِنَ السَّابِقِینَ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِئْثَارِ وَ مِنْ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ أَهْلِ وَلَایَتِهِ الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ بِوَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لِقائِهِ علیه السلام كَفَرُوا بِأَنْ لَقُوا اللَّهَ بِغَیْرِ إِمَامَتِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً فَهُمْ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْأَنْصَابِ وَ الْأَزْلَامِ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ قَادَةِ الْجَوْرِ كُلِّهِمْ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَشْبَاهِ عَاقِرِی النَّاقَةِ (3)أَشْقِیَاءِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ مِمَّنْ یَتَوَلَّاهُمْ وَ الْوَلَایَةُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الَّذِینَ مَضَوْا عَلَی مِنْهَاجِ نَبِیِّهِمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُغَیِّرُوا وَ لَمْ یُبَدِّلُوا مِثْلِ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ وَ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ وَ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ وَ عِبَادَةِ بْنِ الصَّامِتِ وَ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ خُزَیْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ذِی الشَّهَادَتَیْنِ وَ أَبِی سَعِیدٍ
ص: 358
الْخُدْرِیِّ وَ أَمْثَالِهِمْ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ الْوَلَایَةُ لِأَتْبَاعِهِمْ وَ أَشْیَاعِهِمْ وَ الْمُهْتَدِینَ بِهُدَاهُمْ السَّالِكِینَ مِنْهَاجَهُمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ تَحْرِیمُ الْخَمْرِ قَلِیلِهَا وَ كَثِیرِهَا وَ تَحْرِیمُ كُلِّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ قَلِیلِهِ وَ كَثِیرِهِ وَ مَا أَسْكَرَ كَثِیرُهُ فَقَلِیلُهُ حَرَامٌ وَ الْمُضْطَرُّ لَا یَشْرَبُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تَقْتُلُهُ وَ تَحْرِیمُ كُلِّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ كُلِّ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ تَحْرِیمُ الطِّحَالِ فَإِنَّهُ دَمٌ وَ تَحْرِیمُ الْجِرِّیِّ وَ السَّمَكِ الطَّافِی وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمِّیرِ وَ كُلِّ سَمَكٍ لَا یَكُونُ لَهُ فَلْسٌ (1)وَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَ هِیَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الزِّنَا وَ السَّرِقَةُ وَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ (2)وَ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً وَ أَكْلُ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَیْرِ ضَرُورَةٍ وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَیِّنَةِ وَ السُّحْتِ وَ الْمَیْسِرُ وَ هُوَ الْقِمَارُ وَ الْبَخْسُ فِی الْمِكْیَالِ وَ الْمِیزَانِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَ اللِّوَاطُ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ مَعُونَةُ الظَّالِمِینَ وَ الرُّكُونُ إِلَیْهِمْ وَ الْیَمِینُ الْغَمُوسُ (3)وَ حَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَیْرِ عُسْرٍ وَ الْكَذِبُ وَ الْكِبْرُ وَ الْإِسْرَافُ وَ التَّبْذِیرُ وَ الْخِیَانَةُ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْحَجِّ وَ الْمُحَارَبَةُ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الِاشْتِغَالُ بِالْمَلَاهِی وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذُّنُوبِ.
وَ حَدَّثَنِی بِذَلِكَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ (4)بْنِ زَیْدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو نَصْرٍ قَنْبَرُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام إِلَّا أَنَّهُ لَمْ یَذْكُرْ فِی حَدِیثِهِ أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ إِلَی
ص: 359
الْمَأْمُونِ وَ ذَكَرَ فِیهِ الْفِطْرَةَ مُدَّیْنِ مِنْ حِنْطَةٍ وَ صاع (صَاعاً) مِنَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ ذَكَرَ فِیهِ أَنَّ الْوُضُوءَ مَرَّةً مَرَّةً فَرِیضَةٌ وَ اثْنَتَانِ إِسْبَاغٌ وَ ذَكَرَ فِیهِ أَنَّ ذُنُوبَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام صِغَارُهُمْ مَوْهُوبَةٌ وَ ذَكَرَ فِیهِ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَی تِسْعَةِ أَشْیَاءَ عَلَی الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ.
و حدیث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس رضی اللّٰه عنه عندی أصح و لا قوة إلا باللّٰه و حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن شاذان رضی اللّٰه عنه عن عمه أبی عبد اللّٰه محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام مثل حدیث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس (1).
بیان: قوله علیه السلام من أهل الاستئثار أی الاستبداد بالخلافة من غیر استحقاق و إنما أجمل ذلك تقیة و فی بعض النسخ من أهل الاستثارة من أبی موسی بدون الواو فالمراد البراءة من أبی موسی و أتباعه الذین طلبوا إثارة الفتنة بالتحكیم فكلمة من للبیان.
«2»- ف، تحف العقول رُوِیَ أَنَّ الْمَأْمُونَ بَعَثَ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ ذَا الرِّئَاسَتَیْنِ إِلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لَهُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ لِی مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ السُّنَنِ فَإِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ مَعْدِنُ الْعِلْمِ فَدَعَا الرِّضَا علیه السلام بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ وَ قَالَ لِلْفَضْلِ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ حَسْبُنَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً قَیُّوماً سَمِیعاً بَصِیراً قَوِیّاً قَائِماً بَاقِیاً نُوراً عَالِماً لَا یَجْهَلُ قَادِراً لَا یَعْجِزُ غَنِیّاً لَا یَحْتَاجُ عَدْلًا لَا یَجُورُ خَلَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ لَا شِبْهَ لَهُ وَ لَا ضِدَّ وَ لَا نِدَّ وَ لَا كُفْوَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِینُهُ وَ صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ أَفْضَلُ الْعَالَمِینَ لَا نَبِیَّ بَعْدَهُ وَ لَا تَبْدِیلَ لِمِلَّتِهِ وَ لَا تَغْیِیرَ وَ أَنَّ جَمِیعَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ نُصَدِّقُ بِهِ وَ بِجَمِیعِ مَنْ مَضَی قَبْلَهُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ وَ أَنْبِیَائِهِ وَ حُجَجِهِ وَ نُصَدِّقُ بِكِتَابِهِ الصَّادِقِ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ
ص: 360
یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ (1)وَ أَنَّهُ كِتَابُهُ الْمُهَیْمِنُ عَلَی الْكُتُبِ كُلِّهَا وَ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَی خَاتِمَتِهِ نُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ وَ خَاصِّهِ وَ عَامِّهِ وَ وَعْدِهِ وَ وَعِیدِهِ وَ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ قِصَصِهِ وَ أَخْبَارِهِ لَا یَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِینَ أَنْ یَأْتِیَ بِمِثْلِهِ وَ أَنَّ الدَّلِیلَ وَ الْحُجَّةَ مِنْ بَعْدِهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْقَائِمُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِینَ وَ النَّاطِقُ عَنِ الْقُرْآنِ وَ الْعَالِمُ بِأَحْكَامِهِ أَخُوهُ وَ خَلِیفَتُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ الَّذِی كَانَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَفْضَلُ الْوَصِیِّینَ بَعْدَ النَّبِیِّینَ وَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ (2)إِلَی یَوْمِنَا هَذَا عِتْرَةُ الرَّسُولِ وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ أَعْدَلُهُمْ بِالْقَضِیَّةِ وَ أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ كُلَّ عَصْرٍ وَ زَمَانٍ وَ أَنَّهُمْ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَی وَ أَئِمَّةُ الْهُدَی وَ الْحُجَّةُ عَلَی أَهْلِ الدُّنْیَا حَتَّی (3)أَنْ یَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ هُوَ خَیْرُ الْوَارِثِینَ وَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ ضَالٌّ مُضِلٌّ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَ الْهُدَی وَ أَنَّهُمُ الْمُعَبِّرُونَ عَنِ الْقُرْآنِ النَّاطِقُونَ عَنِ الرُّسُلِ بِالْبَیَانِ (4)مَنْ مَاتَ لَا یَعْرِفُهُمْ وَ لَا یَتَوَلَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مَاتَ مِیتَةً جَاهِلِیَّةً وَ أَنَّ مِنْ دِینِهِمُ الْوَرَعَ وَ الْعِفَّةَ وَ الصِّدْقَ وَ الصَّلَاحَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ طُولَ السُّجُودِ وَ الْقِیَامَ بِاللَّیْلِ وَ اجْتِنَابَ الْمَحَارِمِ وَ انْتِظَارَ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ وَ حُسْنَ الصُّحْبَةِ وَ حُسْنَ الْجِوَارِ وَ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَ كَفَّ الْأَذَی وَ بَسْطَ الْوَجْهِ وَ النَّصِیحَةَ وَ الرَّحْمَةَ لِلْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ الْوُضُوءُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَاحِدٌ فَرِیضَةٌ وَ اثْنَانِ إِسْبَاغٌ وَ مَنْ زَادَ أَثِمَ وَ لَمْ یُؤْجَرْ وَ لَا یَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا الرِّیحُ وَ الْبَوْلُ وَ الْغَائِطُ وَ النَّوْمُ وَ الْجَنَابَةُ وَ مَنْ مَسَحَ عَلَی الْخُفَّیْنِ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ كِتَابَهُ وَ لَمْ یُجْزِ عَنْهُ وُضُوؤُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِیّاً خَالَفَ الْقَوْمَ فِی الْمَسْحِ عَلَی الْخُفَّیْنِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ
ص: 361
الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَكِنَّنِی أَدْرِی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَمْسَحْ عَلَی خُفَّیْهِ مُنْذُ نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَ الِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الِاحْتِلَامِ وَ الْحَیْضِ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَیِّتَ فَرْضٌ وَ الْغُسْلُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْعِیدَیْنِ وَ دُخُولِ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ غُسْلُ الزِّیَارَةِ وَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَ یَوْمِ عَرَفَةَ وَ أَوَّلِ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَیْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنْهُ سُنَّةٌ وَ صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَذَلِكَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا ثَمَانٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانٌ بَعْدَهَا وَ أَرْبَعٌ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ تُعَدَّانِ بِوَاحِدَةٍ وَ ثَمَانٌ فِی السَّحَرِ وَ الْوَتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَ الصَّلَاةُ فِی أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَ فُضِّلَ الْجَمَاعَةُ عَلَی الْفَرْدِ بِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَیْ رَكْعَةٍ وَ لَا تُصَلِّ خَلْفَ فَاجِرٍ لَا تَقْتَدِی إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَایَةِ وَ لَا تُصَلِّ فِی جُلُودِ الْمَیْتَةِ وَ لَا جُلُودِ السِّبَاعِ وَ التَّقْصِیرُ فِی أَرْبَعِ فَرَاسِخَ بُرَیْدٌ ذَاهِبٌ وَ بُرَیْدٌ جَاءٍ اثْنَا عَشَرَ مِیلًا وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ الْقُنُوتُ فِی أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِی الْغَدَاةِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعَتَمَةِ وَ یَوْمِ الْجُمُعَةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ (1)وَ كُلُّ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَی الْمَیِّتِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ وَ لَیْسَ فِی صَلَاةِ الْجَنَائِزِ تَسْلِیمٌ لِأَنَّ التَّسْلِیمَ فِی صَلَاةِ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ لَیْسَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ رُكُوعٌ وَ لَا سُجُودٌ وَ یُرَبَّعُ قَبْرُ الْمَیِّتِ وَ لَا یُسَنَّمُ (2)وَ الْجَهْرُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فِی الصَّلَاةِ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ مِنْ كُلِّ مِائَتَیْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ لَا تَجِبُ فِیمَا دُونَ ذَلِكَ وَ فِیمَا زَادَ فِی كُلِّ أَرْبَعِینَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ وَ لَا یَجِبُ فِیمَا دُونَ الْأَرْبَعِینَاتِ شَیْ ءٌ وَ لَا تَجِبُ حَتَّی یَحُولَ الْحَوْلُ وَ لَا تُعْطَی إِلَّا أَهْلَ الْوَلَایَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ فِی كُلِّ عِشْرِینَ دِینَاراً نِصْفُ دِینَارٍ وَ الْخُمُسُ مِنْ جَمِیعِ الْمَالِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَ الْعُشْرُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ
ص: 362
وَ الزَّبِیبِ وَ كُلِّ شَیْ ءٍ یَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ مِنَ الْحُبُوبِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِیهِ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ یُسْقَی سَیْحاً وَ إِنْ كَانَ یُسْقَی بِالدَّوَالِی فَفِیهَا نِصْفُ الْعُشْرِ لِلْمُعْسِرِ وَ الْمُوسِرِ وَ یُخْرَجُ مِنَ الْحُبُوبِ الْقَبْضَةُ وَ الْقَبْضَتَانِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا یُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا یُكَلِّفُ الْعَبْدَ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ سِتَّةُ أَرْطَالٍ وَ هُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ الْمُدُّ رِطْلٌ وَ رُبُعٌ بِرِطْلِ الْعِرَاقِیِّ (1)وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام هِیَ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِیِّ وَ سِتَّةُ أَرْطَالٍ بِالْمَدَنِیِّ وَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرِیضَةٌ عَلَی رَأْسِ كُلِّ صَغِیرٍ أَوْ كَبِیرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مِنَ الْحِنْطَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَ مِنَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ صَاعٌ وَ لَا یَجُوزُ أَنْ تُعْطَی غَیْرَ أَهْلِ الْوَلَایَةِ لِأَنَّهَا فَرِیضَةٌ وَ أَكْثَرُ الْحَیْضِ عَشَرَةُ أَیَّامٍ وَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَ تُصَلِّی وَ الْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَقْضِی وَ تَتْرُكُ الصِّیَامَ وَ تَقْضِیهِ وَ یُصَامُ شَهْرُ رَمَضَانَ لِرُؤْیَتِهِ وَ یُفْطَرُ لِرُؤْیَتِهِ وَ لَا یَجُوزُ التَّرَاوِیحُ (2)فِی جَمَاعَةٍ وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فِی كُلِّ شَهْرٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ شَهْرٌ خَمِیسٌ مِنَ الْعَشْرِ الْأُوَلِ (3)وَ الْأَرْبِعَاءُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ الْخَمِیسُ مِنَ الْعَشْرِ الْآخِرِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ وَ هُوَ سُنَّةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَعْبَانُ شَهْرِی وَ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ وَ إِنْ قَضَیْتَ فَائِتَ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقاً أَجْزَأَكَ (4)وَ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ السَّبِیلُ زَادٌ وَ رَاحِلَةٌ وَ لَا یَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا مُتَمَتِّعاً وَ لَا یَجُوزُ الْإِفْرَادُ وَ الْقِرَانُ الَّذِی یَعْمَلُهُ الْعَامَّةُ وَ الْإِحْرَامُ دُونَ الْمِیقَاتِ لَا یَجُوزُ قَالَ اللَّهُ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَ لَا یَجُوزُ فِی النُّسُكِ الْخَصِیُّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَ یَجُوزُ الْمَوْجُوءُ
ص: 363
وَ الْجِهَادُ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ مَنْ قَاتَلَ فَقُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَ رَحْلِهِ وَ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِیدٌ وَ لَا یَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ بَاغٍ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَحْذَرْ عَلَی نَفْسِكَ (1)وَ لَا أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنَ الْمُخَالِفِینَ وَ غَیْرِهِمْ وَ التَّقِیَّةُ فِی دَارِ التَّقِیَّةِ وَاجِبَةٌ وَ لَا حِنْثَ عَلَی مَنْ حَلَفَ تَقِیَّةً یَدْفَعُ بِهَا ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ وَ الطَّلَاقُ بِالسُّنَّةِ عَلَی مَا ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ سَنَّهُ نَبِیُّهُ وَ لَا یَكُونُ طَلَاقٌ بِغَیْرِ سُنَّةٍ وَ كُلُّ طَلَاقٍ یُخَالِفُ الْكِتَابَ فَلَیْسَ بِطَلَاقٍ وَ كُلُّ نِكَاحٍ یُخَالِفُ السُّنَّةَ فَلَیْسَ بِنِكَاحٍ وَ لَا تُجْمَعُ بَیْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلسُّنَّةِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّی تَنْكِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اتَّقُوا الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَ الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كُلِّ الْمَوَاطِنِ عِنْدَ الرِّیَاحِ وَ الْعُطَاسِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ وَ حُبُّ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ أَوْلِیَائِهِمْ وَ بُغْضُ أَعْدَائِهِ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْهُمْ وَ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ (2)وَ إِنْ كَانَا مُشْرِكَیْنَ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ اشْكُرْ لِی وَ لِوالِدَیْكَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ وَ إِنْ جاهَداكَ عَلی أَنْ تُشْرِكَ بِی ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا صَامُوا لَهُمْ وَ لَا صَلَّوْا وَ لَكِنْ أَمَرُوهُمْ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فَأَطَاعُوهُمْ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ أَطَاعَ مَخْلُوقاً فِی غَیْرِ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ كَفَرَ وَ اتَّخَذَ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ذَكَاةُ الْجَنِینِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَ ذُنُوبُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام صِغَارٌ مَوْهُوبَةٌ لَهُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَ الْفَرَائِضُ عَلَی مَا أَمَرَ اللَّهُ لَا عَوْلَ فِیهَا وَ لَا یَرِثُ مَعَ الْوَالِدَیْنِ وَ الْوَلَدِ أَحَدٌ إِلَّا الزَّوْجُ وَ الْمَرْأَةُ وَ ذُو السَّهْمِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَ لَیْسَتِ الْعَصَبَةُ مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ الْعَقِیقَةُ عَنِ الْمَوْلُودِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَی یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُحْلَقُ رَأْسُهُ یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُسَمَّی یَوْمَ السَّابِعِ وَ یُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً یَوْمَ السَّابِعِ وَ إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِیرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِینٍ وَ لَا تَقُلْ بِالْجَبْرِ وَ لَا
ص: 364
بِالتَّفْوِیضِ وَ لَا یَأْخُذُ اللَّهُ الْبَرِی ءَ بِجُرْمِ السَّقِیمِ وَ لَا یُعَذِّبُ اللَّهُ الْأَبْنَاءَ الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ وَ إِنَّهُ قَالَ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی وَ اللَّهُ یَغْفِرُ وَ لَا یَظْلِمُ وَ لَا یَفْرِضُ اللَّهُ عَلَی الْعِبَادِ طَاعَةَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَظْلِمُهُمْ وَ یُغْوِیهِمْ وَ لَا یَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَ یَصْطَفِی (1)عِبَادَهُ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ یَكْفُرُ وَ یَعْبُدُ الشَّیْطَانَ مِنْ دُونِهِ وَ إِنَّ الْإِسْلَامَ غَیْرُ الْإِیمَانِ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَ لَیْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً لَا یَسْرِقُ السَّارِقُ حِینَ یَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یَشْرَبُ الشَّارِبُ حِینَ یَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یُقْتَلُ النَّفْسُ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ (2)وَ إِنَّ اللَّهَ لَا یُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَ قَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَ الْخُلُودَ فِیهَا وَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ بِنِفَاقٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ كَبِیرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ لَمْ یُبْعَثْ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا مِنْهُمْ وَ لَا تُحِیطُ جَهَنَّمُ إِلَّا بِالْكَافِرِینَ وَ كُلُّ إِثْمٍ دَخَلَ صَاحِبُهُ بِلُزُومِهِ النَّارَ فَهُوَ فَاسِقٌ (3)وَ مَنْ أَشْرَكَ أَوْ كَفَرَ أَوْ نَافَقَ أَوْ أَتَی كَبِیرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ وَ الشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لِلْمُسْتَضْعَفِینَ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِاللِّسَانِ وَاجِبٌ وَ الْإِیمَانُ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ الْإِیمَانُ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ التَّكْبِیرُ فِی الْأَضْحَی خَلْفَ عَشْرِ صَلَوَاتٍ یُبْتَدَأُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ یَوْمِ النَّحْرِ وَ فِی الْفِطْرِ فِی خَمْسِ صَلَوَاتٍ یُبْتَدَأُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنْ لَیْلَةِ الْفِطْرِ وَ النُّفَسَاءُ تَقْعُدُ عِشْرِینَ یَوْماً لَا أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّتْ وَ إِلَّا فَإِلَی عِشْرِینَ یَوْماً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَ تُصَلِّی وَ تَعْمَلُ عَمَلَ الْمُسْتَحَاضَةِ (4)وَ تُؤْمِنُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمِیزَانِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ أَتْبَاعِهِمْ وَ الْمُوَالاةِ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ تَحْرِیمِ الْخَمْرِ قَلِیلِهَا وَ كَثِیرِهَا وَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَ كُلُّ مَا أَسْكَرَ كَثِیرُهُ فَقَلِیلُهُ حَرَامٌ وَ الْمُضْطَرُّ لَا یَشْرَبُ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا تَقْتُلُهُ وَ تَحْرِیمِ كُلِّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ كُلَّ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ تَحْرِیمِ الطِّحَالِ
ص: 365
فَإِنَّهُ دَمٌ وَ الْجِرِّیِّ وَ الطَّافِی وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمِّیرِ (1)وَ كُلِّ شَیْ ءٍ لَا یَكُونُ لَهُ قُشُورٌ وَ مِنَ الطَّیْرِ مَا لَا یَكُونُ قَانِصَةٌ لَهُ وَ مِنَ الْبَیْضِ كُلُّ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا اسْتَوَی طَرَفَاهُ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَ هِیَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ وَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ أَكْلُ مَالِ الْیَتَامَی ظُلْماً وَ أَكْلُ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَیْرِ ضَرُورَةٍ بِهِ وَ أَكْلُ الرِّبَا وَ السُّحْتِ بَعْدَ الْبَیِّنَةِ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْبَخْسُ فِی الْمِیزَانِ وَ الْمِكْیَالِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطُ وَ شَهَادَاتُ الزُّورِ وَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنُ لِمَكْرِ اللَّهِ (2)وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ مُعَاوَنَةُ الظَّالِمِینَ وَ الرُّكُونُ إِلَیْهِمْ وَ الْیَمِینُ الْغَمُوسُ وَ حَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَیْرِ عُسْرٍ وَ الْمَكْرُ (3)وَ الْكُفْرُ وَ الْإِسْرَافُ وَ التَّبْذِیرُ وَ الْخِیَانَةُ وَ كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَ الْمَلَاهِی الَّتِی تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مِثْلُ الْغِنَاءِ وَ ضَرْبُ الْأَوْتَارِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الصَّغَائِرِ مِنَ الذُّنُوبِ فَهَذَا أُصُولُ الدِّینِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً (4)
أقول: و رأیت هذا الخبر بروایة أخری عن أبی علی محمد بن الحسین بن الفضل عن أحمد بن علی بن حاتم عن أبیه عن علی بن جعفر عن علی بن أحمد بن حماد و الفضل بن سنان الهاشمی عن محمد بن یقطین و إبراهیم بن محمد رووا كلهم عن الرضا علیه السلام و جمع بین الروایتین و إن كانت بالأخیرة أوفق تركناها حذرا من التكرار و أول الروایة هكذا أما بعد أول الفرائض شهادة أن لا إله إلا اللّٰه.
«3»- وَ أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْجُبَّائِیِّ نَقْلًا مِنْ خَطِّ الشَّیْخِ الشَّهِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّیٍّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُمَا مَا هَذِهِ صُورَتُهُ یَرْوِی السَّیِّدُ الْفَقِیهُ الْأَدِیبُ النَّسَّابَةُ شَمْسُ الدِّینِ أَبُو عَلِیٍّ فَخَارُ بْنُ مَعْدٍ جُزْءاً فِیهِ أَحَادِیثُ مُسْنَدَةٌ (5)عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ
ص: 366
قِرَاءَةً عَلَی الشَّیْخِ أَبِی طَالِبٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّمِیعِ الْهَاشِمِیِّ الْوَاسِطِیِّ وَ أَنْهَاهُ فِی ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ سِتِّمِائَةٍ فِی مَنْزِلِ الشَّیْخِ بِقُرَی وَاسِطٍ وَ رَأَیْتُ خَطَّهُ لَهُ بِالْإِجَازَةِ وَ إِسْنَادِ الشَّیْخِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی سَعْدٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْخَبَّازِ الْأَزْجِیِّ (1)بِقِرَاءَتِهِ عَلَیْهِ عَاشِرَ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ خَمْسِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ عَنِ الشَّیْخِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَلَّالِ بِقِرَاءَةِ غَیْرِهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَسْمَعُ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَ خَمْسِمِائَةٍ عَنِ الشَّیْخِ أَبِی أَحْمَدَ حَمْزَةَ بْنِ فَضَالَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِیِّ بِهَرَاةَ عَنِ الشَّیْخِ أَبِی إِسْحَاقَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزْدَادَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ ثُمَّ الْبُخَارِیِّ بِبُخَارَی قُرِئَ عَلَیْهِ فِی دَارِهِ فِی صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ تِسْعِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیُّ بِقَزْوِینَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَیْمَانَ بْنِ یُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ الْغَازِی قَالَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام بِأَسْمَائِهِمْ فِی كُلِّ سَنَدٍ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِیمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.
قال علی بن مهرویه قال أبو حاتم محمد بن إدریس الرازی قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروی لو قرئ هذا الإسناد علی مجنون لأفاق قال الشیخ أبو إسحاق سمعت عبد الرحمن بن أبی حاتم الرازی یقول كنت مع أبی بالشام فرأیت رجلا مصروعا فذكرت هذا الإسناد فقلت أجرب هذا فقرأت علیه هذا الإسناد فقام الرجل ینفض ثیابه و مر.
«4»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ مُسْلِماً أَوْ ضَرَّهُ أَوْ مَاكَرَهُ.
«5»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَانِی جَبْرَئِیلُ عَنْ- رَبِّی تَعَالَی فَیَقُولُ رَبِّی یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ یَا مُحَمَّدُ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ وَ یُؤْمِنُونَ بِكَ وَ بِأَهْلِ بَیْتِكَ بِالْجَنَّةِ فَلَهُمْ عِنْدِی جَزَاءً الْحُسْنَی وَ سَیَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.
«6»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَثَلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعْلَی عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ لَیْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ تَائِبٍ مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ تَائِبَةٍ.
ص: 367
«7»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاكُمْ وَ مُخَالَطَةَ السُّلْطَانِ فَإِنَّهُ ذَهَابُ الدِّینِ وَ إِیَّاكُمْ وَ مَعُونَتَهُ فَإِنَّكُمْ لَا تَحْمَدُونَ أَمْرَهُ.
«8»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ مَرَّ عَلَی الْمَقَابِرِ وَ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِحْدَی عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِیَ أَجْرَهُ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ.
«9»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَصَابَهُ صُدَاعٌ أَوْ غَیْرُ ذَلِكَ بَسَطَ یَدَیْهِ وَ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَیَذْهَبُ عَنْهُ مَا كَانَ یَجِدُ.
«10»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّظَرُ فِی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ عِبَادَةٌ النَّظَرُ فِی وَجْهِ الْوَالِدَیْنِ وَ فِی الْمُصْحَفِ وَ فِی الْبَحْرِ.
«11»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَرَكَ مَعْصِیَةً مَخَافَةً مِنَ اللَّهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
«12»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَلَدُ الصَّالِحُ رَیْحَانٌ مِنْ رَیَاحِینِ الْجَنَّةِ.
«12»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْعِلْمُ خَزَائِنُ وَ مَفَاتِحُهُ السُّؤَالُ فَاسْأَلُوا یَرْحَمْكُمُ اللَّهُ فَإِنَّهُ یُؤْجِرُ أَرْبَعَةً السَّائِلَ وَ الْمُعَلِّمَ وَ الْمُسْتَمِعَ وَ الْمُحِبَّ لَهُمْ.
«13»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الرَّجُلَ یُدْخَلُ عَلَیْهِ بَیْتَهُ فَلَا یُقَاتِلُ.
«14»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام لَوْ رَأَی الْعَبْدُ أَجَلَهُ وَ سُرْعَتَهُ إِلَیْهِ لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ طَلَبَ الدُّنْیَا.
«15»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثٌ أَخَافُهُنَّ عَلَی أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ مَضَلَّاتُ الْفِتَنِ وَ شَهْوَةُ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ.
«16»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَةٌ أَنَا شَفِیعٌ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَوْ أَتَوْا بِذُنُوبِ أَهْلِ الْأَرْضِ الضَّارِبُ بِسَیْفِهِ أَمَامَ ذُرِّیَّتِی وَ الْقَاضِی لَهُمْ حَوَائِجَهُمْ وَ السَّاعِی لَهُمْ فِی حَوَائِجِهِمْ عِنْدَ مَا اضْطُرُّوا إِلَیْهِ وَ الْمُحِبُّ لَهُمْ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ.
«17»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ تَعَلَّقْتُ
ص: 368
بِحُجْزَةِ اللَّهِ (1)وَ أَنْتَ مُتَعَلِّقٌ بِحُجْزَتِی وَ وُلْدُكَ مُتَعَلِّقُونَ بِحُجْزَتِكَ وَ شِیعَةُ وُلْدِكَ مُتَعَلِّقُونَ بِحُجْزَتِهِمْ فَتَرَی أَیْنَ یُؤْمَرُ بِنَا.
«18»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَأَنِّی قَدْ دُعِیتُ فَأَجَبْتُ وَ إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ وَ عِتْرَتِی أَهْلُ بَیْتِی فَانْظُرُوا كَیْفَ تَخْلُفُونِّی فِیهِمْ.
«19»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكُمْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ فَإِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ فِی الْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ وَ إِیَّاكُمْ وَ سُوءَ الْخُلُقِ فَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ فِی النَّارِ لَا مَحَالَةَ.
«20»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ یَعْلَمُ الْعَبْدُ مَا فِی حُسْنِ الْخُلُقِ لَعَلِمَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ أَنْ یَكُونَ لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ.
«21»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ قَالَ حِینَ یَدْخُلُ السُّوقَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ هُوَ حَیٌّ لَا یَمُوتُ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ أُعْطِیَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَا خَلَقَ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
«22»- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَافِظُوا عَلَی الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَدْعُو بِالْعَبْدِ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یَسْأَلُهُ عَنْهُ الصَّلَاةُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامّاً وَ إِلَّا زُخَّ فِی النَّارِ.
«23»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُقْلَبُ جَنَاحُ طَائِرٍ فِی الْهَوَاءِ إِلَّا لَهُ عِنْدَنَا فِیهِ عِلْمٌ.
بیان: فی النهایة زخ به فی النار أی دفع و رمی.
ص: 369
«1»- قال السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب الفصول، سأل علی بن میثم (1)رحمه اللّٰه أبا الهذیل العلاف (2)فقال أ لست تعلم أن إبلیس ینهی عن الخیر كله و یأمر بالشر كله فقال بلی قال فیجوز أن یأمر بالشر كله و هو لا یعرفه و ینهی عن الخیر كله و هو لا یعرفه قال لا فقال له أبو الحسن فقد ثبت أن إبلیس یعلم الشر و الخیر كله قال أبو الهذیل أجل قال فأخبرنی عن إمامك الذی تأتم به بعد الرسول صلی اللّٰه علیه و آله هل
ص: 370
یعلم الخیر كله و الشر كله قال لا قال له فإبلیس أعلم من إمامك إذا فانقطع أبو الهذیل (1)
«2»- و قال أبو الحسن علی بن میثم یوما آخر لأبی الهذیل أخبرنی عمن أقر علی نفسه بالكذب و شهادة الزور هل یجوز شهادته فی ذلك المقام علی آخر فقال أبو الهذیل لا یجوز ذلك قال أبو الحسن أ فلست تعلم أن الأنصار ادعت الإمرة لنفسها ثم أكذبت نفسها فی ذلك المقام و شهدت بالزور ثم أقرت بها لأبی بكر و شهدت بها له فكیف تجوز شهادة قوم أكذبوا أنفسهم و شهدوا علیها بالزور مع ما أخذنا رهنك من القول فی ذلك و قال لی الشیخ أدام اللّٰه حراسته هذا كلام موجز فی البیان و المعنی فیه علی الإیضاح أنه إذا كان الدلیل عند من خالفنا علی إمامة أبی بكر إجماع المهاجرین علیه فیما زعمه و الأنصار و كان معترفا ببطلان شهادة الأنصار له من حیث أقرت علی نفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الإمامة فقد صار وجود شهادتهم كعدمها و حصل الشاهد بإمامة أبی بكر بعض الأمة (2)لا كلها و بطل ما ادعوه من الإجماع علیها و لا خلاف بیننا و بین خصومنا أن إجماع بعض الأمة لیس بحجة فیما ادعاه و أن الغلط جائز علیه و فی ذلك فساد الاستدلال علی إمامة أبی بكر بما ادعاه القوم و عدم البرهان علیها من جمیع الوجوه (3)
«3»- قال و أخبرنی الشیخ أیضا قال جاء ضرار إلی أبی الحسن علی بن میثم رحمه اللّٰه فقال له یا أبا الحسن قد جئتك مناظرا فقال له أبو الحسن و فیم تناظرنی قال فی الإمامة قال ما جئتنی و اللّٰه مناظرا و لكنك جئت متحكما قال ضرار و من أین لك ذلك قال أبو الحسن علی البیان عنه أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلی حد یغمض فیه الكلام فیتوجه الحجة علی الخصم فیجهل ذلك أو یعاند و إن لم یشعر بذلك منه أكثر مستمعیه بل كلهم و لكننی أدعوك إلی منصفة فی القول اختر
ص: 371
أحد الأمرین إما أن تقبل قولی فی صاحبی و أقبل قولك فی صاحبك فهذه واحدة فقال ضرار لا أفعل ذلك قال له أبو الحسن و لم لا تفعل قال لأننی إذا قبلت قولك فی صاحبك قلت لی إنه كان وصی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أفضل من خلفه و خلیفته علی قومه و سید المسلمین فلا ینفعنی بعد ذلك مثل أن أقول إن صاحبی كان صدیقا (1)و اختاره المسلمون إماما لأن الذی قبلته منك یفسد علی هذا قال أبو الحسن فاقبل قولی فی صاحبك و أقبل قولك فی صاحبی قال ضرار و هذا لا یمكن أیضا لأنی إذا قبلت قولك فی صاحبی قلت لی كان ضالا مضلا ظالما لآل محمد صلی اللّٰه علیه و آله قعد غیر مجلسه (2)و دفع الإمام عن حقه و كان فی عصر النبی صلی اللّٰه علیه و آله منافقا فلا ینفعنی قبولك قولی فیه إنه كان خیرا فاضلا (3)و صاحبا أمینا لأنه قد انتقض بقبولی قولك فیه إنه كان ضالا مضلا (4)فقال أبو الحسن رحمه اللّٰه و إذا كنت لا تقبل قولك فی صاحبك و لا قولی فیه (5)فما جئتنی إلا متحكما و لم تأتنی مناظرا (6)
«4»- قال و أخبرنی الشیخ أیده اللّٰه قال قال أبو الحسن علی بن میثم رحمه اللّٰه لرجل نصرانی لم علقت الصلیب فی عنقك قال لأنه شبه الشی ء الذی صلب علیه عیسی علیه السلام قال أبو الحسن أ فكان علیه السلام یحب أن یمثل به (7)قال لا قال فأخبرنی عن عیسی أ كان یركب الحمار و یمضی علیه فی حوائجه قال نعم قال أ فكان یحب بقاء الحمار حتی یبلغ علیه حاجته قال نعم قال فتركت ما كان یحب عیسی بقاءه و ما كان یركبه فی حیاته بمحبة منه و عمدت إلی ما حمل علیه عیسی علیه السلام بالكره و أركبه بالبغض له (8)فعلقته فی عنقك فقد كان ینبغی علی هذا القیاس أن تعلق الحمار فی عنقك و تطرح الصلیب و إلا فقد تجاهلت (9).
ص: 372
«5»- قال و أخبرنی الشیخ أدام اللّٰه عزه قال سئل أبو الحسن علی بن میثم رحمه اللّٰه (1)فقیل له لم صلی أمیر المؤمنین علیه السلام خلف القوم قال جعلهم بمثل سواری المسجد قال السائل فلم ضرب الولید بن عقبة الحد بین یدی عثمان فقال لأن الحد له و إلیه فإذا أمكنه إقامته أقامه بكل حیلة قال فلم أشار علی أبی بكر و عمر قال طلبا منه أن یحیی أحكام اللّٰه و یكون دینه القیم كما أشار یوسف علی ملك مصر نظرا منه للخلق و لأن الأرض و الحكم فیها إلیه فإذا أمكنه أن یظهر مصالح الخلق فعل و إذا لم یمكنه ذلك بنفسه توصل إلیه علی یدی من یمكنه طلبا منه لإحیاء أمر اللّٰه تعالی قال فلم قعد عن قتالهم قال كما قعد هارون بن عمران علیه السلام عن السامری و أصحابه و قد عبدوا العجل قال أ فكان ضعیفا قال كان كهارون حیث یقول یا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی و كان كنوح علیه السلام إذ قال أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ و كان كلوط علیه السلام إذ قال لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ و كان كهارون و موسی علیه السلام إذ قال رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی قال فلم قعد فی الشوری قال اقتدارا منه علی الحجة و علما منه بأن القوم إن ناظروه و أنصفوه كان هو الغالب و لو لم یفعل وجبت الحجة علیه لأنه من كان له حق فدعی إلی أن یناظر فیه فإن ثبت له الحجة أعطیه فلم یفعل بطل حقه (2)و أدخل بذلك الشبهة علی الخلق و قد قال یومئذ الیوم أدخلت فی باب إن أنصفت فیه وصلت إلی حقی یعنی أن أبا بكر استبد بها یوم السقیفة و لم یشاور (3)قال فلم زوج عمر بن الخطاب ابنته (4)قال لإظهاره الشهادتین و إقراره بفضل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أراد بذلك استصلاحه و كفه عنه و قد عرض لوط علیه السلام بناته علی قومه و هم كفار لیردهم عن ضلالهم فقال هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِی ضَیْفِی أَ لَیْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ (5)
ص: 373
«6»- قال و أخبرنی الشیخ أدام اللّٰه عزه أیضا قال دخل أبو الحسن علی بن میثم رحمه اللّٰه علی الحسن بن سهل و إلی جانبه ملحد قد عظمه و الناس حوله فقال لقد رأیت ببابك عجبا قال و ما هو قال رأیت سفینة تعبر بالناس من جانب إلی جانب بلا ملاح و لا ماصر (1)فقال له صاحبه الملحد و كان بحضرته إن هذا أصلحك اللّٰه لمجنون قال قلت و كیف ذلك قال خشب جماد لا حیلة له و لا قوة و لا حیاة فیه و لا عقل كیف تعبر بالناس قال فقال أبو الحسن و أیما أعجب هذا أو هذا الماء الذی یجری علی وجه الأرض یمنة و یسرة بلا روح و لا حیلة و لا قوی و هذا النبات الذی یخرج من الأرض و المطر الذی ینزل من السماء تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله و تنكر أن تكون سفینة تتحرك بلا مدبر و تعبر بالناس قال فبهت الملحد (2).
«7»- قال و أخبرنی الشیخ أدام اللّٰه عزه قال سأل أبو الهذیل العلاف علی بن میثم رحمه اللّٰه عند علی بن ریاح فقال له ما الدلیل علی أن علیا علیه السلام كان أولی بالإمامة من أبی بكر فقال له الدلیل علی ذلك إجماع أهل القبلة علی أن علیا علیه السلام كان عند وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مؤمنا عالما كافیا و لم یجمعوا بذلك علی أبی بكر فقال له أبو الهذیل و من لم یجمع علیه عافاك اللّٰه قال له أبو الحسن أنا و أسلافی من قبل و أصحابی الآن قال له أبو الهذیل فأنت و أصحابك ضلال تائهون فقال له أبو الحسن لیس جواب هذا الكلام إلا السباب و اللطام (3).
«8»- و قال رضی اللّٰه عنه و من حكایات الشیخ أدام اللّٰه عزه قال سئل أبو محمد الفضل بن شاذان النیشابوری أبوه من أصحاب یونس و روی عن ابی جعفر الثانی علیه السلام أیضا، و للفضل مصنّفات كثیرة تبلغ مائة و ثمانین كتابا، أورد عدة منها الطوسیّ و النجاشیّ فی فهرستیهما، منها: كتاب الرد علی الحسن البصری فی التفضیل، كتاب النقض علی الاسكافی، كتاب الرد علی أهل التعطیل، كتاب الرد علی الثنویة، كتاب الرد علی المنانیة، كتاب الرد علی الغالیة المحمدیة، كتاب الرد علی محمّد بن كرام، كتاب الرد علی الأصمّ، كتاب الرد علی الفلاسفة، كتاب الرد علی الباطنیة و القرامطة، كتاب الرد علی یزید بن بزیع الخارجی، كتاب الرد علی المرجئة، كتاب تبیان اهل الضلالة، كتاب الرد علی الحشویة، كتاب الاعراض و الجواهر، كتاب العلل، كتاب السنن، كتاب الفرائض الكبیر، كتاب الفرائض الاوسط، كتاب الفرائض الصغیر، كتاب مسائل البلدان، كتاب الإمامة الكبیرة و غیر ذلك.(4)رحمه اللّٰه فقیل له ما الدلیل علی إمامة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام فقال الدلیل علی ذلك من كتاب اللّٰه عز و جل و من سنة نبیه صلی اللّٰه علیه و آله و من إجماع المسلمین
ص: 374
فأما كتاب اللّٰه تبارك و تعالی فقوله عز و جل یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فدعانا سبحانه إلی طاعة أولی الأمر كما دعانا إلی طاعة نفسه و طاعة رسوله فاحتجنا إلی معرفة أولی الأمر كما وجبت علینا معرفة اللّٰه تعالی و معرفة الرسول علیه و آله السلام فنظرنا فی أقاویل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا فی أولی الأمر و أجمعوا فی الآیة علی ما یوجب كونها فی علی بن أبی طالب علیهما السلام فقال بعضهم أولی الأمر هم أمراء السرایا و قال بعضهم هم العلماء و قال بعضهم هم القوام علی الناس و الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و قال بعضهم هم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب و الأئمة من ذریته علیه السلام فسألنا الفرقة الأولة فقلنا لهم أ لیس علی بن أبی طالب علیهما السلام من أمراء السرایا فقالوا بلی فقلنا للثانیة أ لم یكن علیه السلام من العلماء قالوا بلی فقلنا للثالثة أ لیس علی علیه السلام قد كان من القوام علی الناس بالأمر بالمعروف و النهی عن المنكر فقالوا بلی فصار أمیر المؤمنین علیه السلام معینا بالآیة باتفاق الأمة و اجتماعها و تیقنا ذلك بإقرار المخالف لنا فی الإمامة (1)و الموافق علیها فوجب أن یكون إماما بهذه الآیة لوجود الاتفاق علی أنه معنی بها و لم یجب العدول إلی غیره و الاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف فی ذلك و عدم الاتفاق و ما یقوم مقامه من البرهان و أما السنة فإنا وجدنا النبی صلی اللّٰه علیه و آله استقضی علیا علیه السلام علی الیمن و أمره
ص: 375
علی الجیوش و ولاه الأموال و أمره بأدائها إلی بنی جذیمة الذین قتلهم خالد بن الولید ظلما و اختاره لأداء رسالات اللّٰه سبحانه و الإبلاغ عنه فی سورة براءة و استخلفه عند غیبته علی من خلف و لم نجد النبی صلی اللّٰه علیه و آله سن هذه السنن فی أحد غیره و لا اجتمعت هذه السنن فی أحد بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله كما اجتمعت فی علی علیه السلام و سنة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعد موته واجبة كوجوبها فی حیاته و إنما یحتاج الأمة إلی الإمام بهذه الخصال التی ذكرناها فإذا وجدناها فی رجل قد سنها الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فیه كان أولی بالإمامة ممن لم یسن النبی فیه شیئا من ذلك و أما الإجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه منها أنهم قد أجمعوا جمیعا أن علیا علیه السلام قد كان إماما و لو یوما واحدا و لم یختلف فی ذلك أصناف أهل الإمامة (1)ثم اختلفوا فقالت طائفة كان إماما فی وقت كذا و كذا (2)و قالت طائفة بل كان إماما بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی جمیع أوقاته و لم یجمع الأمة علی غیره أنه كان إماما فی الحقیقة طرفة عین و الإجماع أحق أن یتبع من الاختلاف و منها أنهم أجمعوا جمیعا علی أن علیا علیه السلام كان یصلح للإمامة و أن الإمامة تصلح لبنی هاشم و اختلفوا فی غیره و قالت طائفة لم یكن تصلح لغیر علی بن أبی طالب علیهما السلام و لا تصلح لغیر بنی هاشم و الإجماع حق لا شبهة فیه و الاختلاف لا حجة فیه و منها أنهم أجمعوا علی أن علیا علیه السلام كان بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله ظاهر العدالة واجبة له الولایة ثم اختلفوا فقال قوم كان مع ذلك معصوما (3)من الكبائر و الضلال و قال آخرون لم یك معصوما و لكن كان عدلا برا تقیا علی الظاهر لا یشوب ظاهره الشوائب فحصل الإجماع علی عدالته علیه السلام و اختلفوا فی نفی العصمة عنه علیه السلام ثم أجمعوا جمیعا علی أن أبا بكر لم یكن معصوما و اختلفوا فی عدالته فقالت طائفة
ص: 376
كان عدلا و قال آخرون لم یكن عدلا لأنه أخذ ما لیس له فمن أجمعوا علی عدالته و اختلفوا فی عصمته أولی بالإمامة و أحق ممن اختلفوا فی عدالته و أجمعوا علی نفی العصمة عنه (1).
«9»- ثُمَّ قَالَ وَ مِنْ حِكَایَاتِ الشَّیْخِ وَ كَلَامِهِ قَالَ: سُئِلَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا رَوَتْهُ النَّاصِبَةُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لَا أُوتِیَ بِرَجُلٍ یُفَضِّلُنِی عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِلَّا جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِی فَقَالَ إِنَّمَا رَوَی هَذَا الْحَدِیثَ سُوَیْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْآثَارِ عَلَی أَنَّهُ كَانَ كَثِیرَ الْغَلَطِ وَ بَعْدُ فَإِنَّ نَفْسَ الْحَدِیثِ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ عَدْلًا فِی قَضِیَّتِهِ وَ لَیْسَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ یَجْلِدَ حَدَّ الْمُفْتَرِی مَنْ لَمْ یَفْتَرِ لِأَنَّ هَذَا جَوْرٌ عَلَی لِسَانِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عِنْدَنَا بَرِی ءٌ مِنْ ذَلِكَ.
قال الشیخ أدام اللّٰه عزه و أقول إن هذا الحدیث إن صح عن أمیر المؤمنین علیه السلام و لن یصح بأدلة أذكرها بعد فإن الوجه فیه أن الفاضل بینه و بین الرجلین (2)إنما وجب علیه حد المفتری من حیث أوجب لهما بالمفاضلة ما لا یستحقانه من الفضل لأن المفاضلة لا یكون إلا بین مقاربین فی الفضل (3)و بعد أن یكون فی المفضول فضل و إذا كانت الدلائل علی أن من لا طاعة معه لا فضل له فی الدین و أن المرتد عن الإسلام لیس فیه شی ء من الفضل الدینی و كان الرجلان بجحدهما النص قبل قد خرجا عن الإیمان بطل أن یكون لهما فضل فی الإسلام فكیف یحصل لهما من الفضل ما یقارب فضل أمیر المؤمنین علیه السلام و متی فضل إنسان أمیر المؤمنین علیه السلام علیهما فقد أوجب لهما فضلا فی الدین فإنما استحق حد المفتری الذی هو كاذب دون المفتری الذی هو راجم بالقبیح لأنه افتری بالتفضیل لأمیر المؤمنین علیه السلام علیهما من حیث كذب فی إثبات فضل لهما فی الدین و یجری فی هذا الباب مجری من فضل البر التقی (4)علی الكافر
ص: 377
المرتد الخارج عن الدین و مجری من فضل جبرئیل علیه السلام علی إبلیس و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی أبی جهل بن هشام فی أن المفاضلة بین من ذكرناه یوجب لمن لا فضل له علی وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عند اللّٰه تعالی و هذا بین لمن تأمله مع أنه لو كان هذا الحدیث صحیحا و تأویله علی ما ظنه القوم یوجب أن یكون حد المفتری واجبا علی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و حاشا له من ذلك لأن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد فضل أمیر المؤمنین علیه السلام علی سائر الخلق و آخی بینه و بین نفسه و جعله بحكم اللّٰه فی المباهلة نفسه و سد أبواب القوم إلا بابه و رد أكثر الصحابة (1)عن إنكاحهم ابنته سیدة نساء العالمین علیه السلام و أنكحه و قدمه فی الولایات كلها و لم یؤخره و أخبر أنه یحب اللّٰه و رسوله و یحبه اللّٰه و رسوله و أنه أحب الخلق إلی اللّٰه تعالی و أنه مولی من كان مولاه من الأنام و أنه منه بمنزلة هارون من موسی بن عمران و أنه أفضل من سیدی شباب أهل الجنة و أن حربه حربه و سلمه سلمه و غیر ذلك مما یطول شرحه إن ذكرناه (2)
و كان أیضا یجب أن یكون علیه السلام قد أوجب الحد علی نفسه إذ أبان فضله علی سائر أصحاب الرسول صلی اللّٰه علیه و آله حیث یقول أنا عبد اللّٰه و أخو رسول اللّٰه لم یقلها أحد قبلی و لا یقولها أحد بعدی إلا مفتر كذاب صلیت قبلهم سبع سنین و فی قوله لعثمان و قد قال له أبو بكر و عمر خیر منك فقال بل أنا خیر منك و منهما عبدت اللّٰه عز و جل قبلهما و عبدته بعدهما و كان أیضا قد أوجب الحد علی ابنه الحسن و جمیع ذریته و أشیاعه و أنصاره و أهل بیته فإنه لا ریب فی اعتقادهم فضله علی سائر الصحابة و قد قال الحسن علیه السلام صبیحة اللیلة التی قبض فیها أمیر المؤمنین علیه السلام لقد قبض اللیلة رجل (3)ما سبقه الأولون بعمل و لا أدركه الآخرون و هذه المقالة متهافتة جدا.
و قال الشیخ أیده اللّٰه و لست أمنع العبارة بأن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أفضل من أبی بكر و عمر علی معنی تسلیم فضلهما من طریق الجدل أو علی معتقد
ص: 378
الخصوم فی أن لهما فضلا فی الدین و أما علی تحقیق القول فی المفاضلة فإنه غلط و باطل.
قَالَ الشَّیْخُ وَ شَاهِدُ مَا أَطْلَقْتُ مِنَ الْقَوْلِ وَ نَظِیرُهُ قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی أَهْلِ الْكُوفَةِ اللَّهُمَّ إِنِّی قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِی وَ سَئِمْتُهُمْ وَ سَئِمُونِی اللَّهُمَّ فَأَبْدِلْنِی بِهِمْ خَیْراً مِنْهُمْ وَ أَبْدِلْهُمْ بِی شَرّاً مِنِّی.
و لم یكن فی أمیر المؤمنین علیه السلام شر و إنما أخرج الكلام علی اعتقادهم فیه و مثله قول حسان بن ثابت و هو یعنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
أ تهجوه و لست له بكفو*** فخیركما لشركما الفداء (1).
و لم یكن فی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله شر و إنما أخرج الكلام علی معتقد الهاجی فیه و قوله تعالی وَ إِنَّا أَوْ إِیَّاكُمْ لَعَلی هُدیً أَوْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ و لم یكن الرسول علی ضلال.
«10»- ثم قال رضی اللّٰه عنه و من حكایات الشیخ و كلامه قال الشیخ أیده اللّٰه و قد كان الفضل بن شاذان رحمه اللّٰه استدل علی إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام بقول اللّٰه تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ قال و إذا أوجب اللّٰه تعالی للأقرب برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الولایة و حكم بأنه أولی به من غیره وجب أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أولی بمقام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من كل أحد قال الفضل فإن قال قائل فإن العباس كان أقرب إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من علی علیه السلام قیل له إن اللّٰه تعالی لم یذكر الأقرب بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله دون أن علقه بوصف فقال النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ فشرط فی الأولی بالرسول الإیمان و الهجرة و لم یكن العباس من المهاجرین و لا كانت له هجرة باتفاق (2)قال الشیخ رحمه اللّٰه و أقول إن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أقرب إلی رسول اللّٰه
ص: 379
ص من العباس و أولی بمقامه منه إن ثبت أن المقام موروث و ذلك أن علیا علیه السلام كان ابن عم رسول اللّٰه لأبیه و أمه و العباس رحمه اللّٰه عمه لأبیه (1)و من تقرب بسببین كان أقرب ممن یتقرب بسبب واحد و أقول إنه لو لم تكن فاطمة علیها السلام موجودة بعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لكان أمیر المؤمنین أحق بتركته من العباس رحمه اللّٰه و لو ورث مع الولد أحد غیر الأبوین و الزوج و الزوجة لكان أمیر المؤمنین أحق بمیراثه صلی اللّٰه علیه و آله مع فاطمة علیها السلام من العباس بما قدمت من انتظامه القرابة من جهتین و اختصاص العباس بها من جهة واحدة.
قال الشیخ أیده اللّٰه و لست أعلم بین أهل العلم خلافا فی أن علیا علیه السلام ابن عم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لأبیه و أمه و أن العباس رضی اللّٰه عنه كان عمه لأبیه خاصة و یدل علی ذلك ما رواه نقلة الآثار و هو أن أبا طالب رحمه اللّٰه مر علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی علیه السلام إلی جنبه فلما سلم قال ما هذا یا ابن أخ فقال له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله شی ء أمرنی به ربی یقربنی إلیه (2)فقال لابنه جعفر یا بنی صل جناح ابن عمك فصلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعلی و جعفر علیهما السلام یومئذ (3)فكانت أول صلاة جماعة فی الإسلام ثم أنشأ أبو طالب یقول:
إن علیا و جعفرا ثقتی***عند ملم الزمان و الكرب
و اللّٰه لا أخذل النبی و لا*** یخذله من بنی ذو حسب
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما***أخی لأمی من بینهم و أبی
وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یُنْشِدُ وَ رَسُولُ اللَّهِ یَسْمَعُ
أَنَا أَخُو الْمُصْطَفَی لَا شَكَّ فِی نَسَبِی. مَعَهُ رُبِّیتُ وَ سبطا (سِبْطَاهُ) هُمَا وَلَدِی.
جَدِّی وَ جَدُّ رَسُولِ اللَّهِ مُنْفَرِدٌ. وَ فَاطِمَةُ زَوْجَتِی لَا قَوْلُ ذِی فَنَدٍ (4).
ص: 380
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً لَا شَرِیكَ لَهُ. الْبِرُّ بِالْعَبْدِ وَ الْبَاقِی بِلَا أَمَدٍ (1).
قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ یَا عَلِیُّ و فی ذلك أیضا یقول الشاعر:
إن علی بن أبی طالب***جدا رسول اللّٰه جداه
أبو علی و أبو المصطفی***من طینة طیبها اللّٰه (2)
«1»- فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ النَّصِیبِیِّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ الْمَأْمُونُ أَنْ یُزَوِّجَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی علیهما السلام ابْنَتَهُ أُمَّ الْفَضْلِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ أَهْلُ بَیْتِهِ الْأَدْنَیْنَ مِنْهُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تُخْرِجَ عَنَّا أَمْراً قَدْ مَلِكْنَاهُ وَ تَنْزِعَ عَنَّا عِزّاً قَدْ أَلْبَسَنَا اللَّهُ فَقَدْ عَرَفْتَ الْأَمْرَ الَّذِی بَیْنَنَا وَ بَیْنَ آلِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَدِیماً وَ حَدِیثاً فَقَالَ الْمَأْمُونُ اسْكُتُوا فَوَ اللَّهِ لَا قَبِلْتُ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ فِی أَمْرِهِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ فَتُزَوِّجُ قُرَّةَ عَیْنِكَ صَبِیّاً لَمْ یَتَفَقَّهْ فِی دِینِ اللَّهِ وَ لَا یَعْرِفُ فَرِیضَةً مِنْ سُنَّةٍ وَ لَا یَمِیزُ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَوْمَئِذٍ عَشْرُ سِنِینَ أَوْ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً فَلَوْ صَبَرْتَ عَلَیْهِ حَتَّی یَتَأَدَّبَ وَ یَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَ یَعْرِفَ فَرْضاً مِنْ سُنَّةٍ فَقَالَ لَهُمُ الْمَأْمُونُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ أَفْقَهُ مِنْكُمْ وَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ وَ أَحْكَامِهِ وَ أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ وَ أَعْلَمُ بِمُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ وَ خَاصِّهِ وَ عَامِّهِ وَ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ تَنْزِیلِهِ وَ تَأْوِیلِهِ مِنْكُمْ فَاسْأَلُوهُ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ قَبِلْتُ مِنْكُمْ فِی أَمْرِهِ وَ إِنْ كَانَ كَمَا قُلْتُ عَلِمْتُمْ أَنَّ الرَّجُلَ خَیْرٌ مِنْكُمْ
ص: 381
فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَ بَعَثُوا إِلَی یَحْیَی بْنِ أَكْثَمَ وَ أَطْمَعُوهُ فِی هَدَایَا أَنْ یَحْتَالَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بِمَسْأَلَةٍ لَا یَدْرِی كَیْفَ الْجَوَابُ فِیهَا عِنْدَ الْمَأْمُونِ إِذَا اجْتَمَعُوا لِلتَّزْوِیجِ فَلَمَّا حَضَرُوا وَ حَضَرَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ إِنْ أَذِنْتَ لَهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ الْمَأْمُونُ یَا یَحْیَی سَلْ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِی الْفِقْهِ لِنَنْظُرَ كَیْفَ فِقْهُهُ فَقَالَ یَحْیَی یَا أَبَا جَعْفَرٍ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَقُولُ فِی مُحْرِمٍ قَتَلَ صَیْداً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قَتَلَهُ فِی حِلٍّ أَوْ فِی حَرَمٍ عَالِماً أَوْ جَاهِلًا عَمْداً أَوْ خَطَأً عَبْداً أَوْ حُرّاً صَغِیراً أَوْ كَبِیراً مُبْدِئاً أَوْ مُعِیداً مِنْ ذَوَاتِ الطَّیْرِ أَوْ غَیْرِهَا مِنْ صِغَارِ الصَّیْدِ أَوْ مِنْ كِبَارِهَا مُصِرّاً عَلَیْهَا أَوْ نَادِماً بِاللَّیْلِ فِی وَكْرِهَا (1)أَوْ بِالنَّهَارِ عِیَاناً مُحْرِماً لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ قَالَ فَانْقَطَعَ یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ انْقِطَاعاً لَمْ یَخْفَ عَلَی أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَ كَثُرَ النَّاسُ تَعَجُّباً مِنْ جَوَابِهِ وَ نَشَطَ الْمَأْمُونُ فَقَالَ تَخْطُبُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِقْرَاراً بِنِعْمَتِهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِخْلَاصاً لِعَظَمَتِهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَ قَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَی الْأَنَامِ أَنْ أَغْنَاهُمْ بِالْحَلَالِ عَنِ الْحَرَامِ فَقَالَ وَ أَنْكِحُوا الْأَیامی مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِینَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ یَكُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ ذَكَرَ أَمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ وَ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ قَدْ زَوَّجْتُ فَهَلْ قَبِلْتَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ قَبِلْتُ هَذَا التَّزْوِیجَ بِهَذَا الصَّدَاقِ ثُمَّ أَوْلَمَ (2)عَلَیْهِ الْمَأْمُونُ وَ جَاءَ النَّاسُ عَلَی مَرَاتِبِهِمْ فِی الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ قَالَ فَبَیْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا كَلَاماً كَأَنَّهُ كَلَامُ الْمَلَّاحِینَ فِی مُجَاوَبَاتِهِمْ فَإِذَا نَحْنُ بِالْخَدَمِ یُجْرُونَ سَفِینَةً مِنْ فِضَّةٍ فِیهَا نَسَائِجُ مِنْ إِبْرِیسَمٍ مَكَانَ الْقُلُوسِ وَ السَّفِینَةُ مَمْلُوءَةٌ غَالِیَةٌ فَضَمَّخُوا لِحَی أَهْلِ الْخَاصِّ بِهَا (3)ثُمَّ مَدُّوهَا إِلَی دَارِ الْعَامَّةِ فَطَیَّبُوهُمْ
ص: 382
فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ قَالَ الْمَأْمُونُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنْ رَأَیْتَ أَنْ تُبَیِّنَ لَنَا مَا الَّذِی یَجِبُ عَلَی كُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الَّتِی ذَكَرْتَ فِی قَتْلِ الصَّیْدِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَیْداً فِی الْحِلِّ وَ الصَّیْدُ مِنْ ذَوَاتِ الطَّیْرِ مِنْ كِبَارِهَا فَعَلَیْهِ شَاةٌ وَ إِذَا أَصَابَهُ فِی الْحَرَمِ فَعَلَیْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً وَ إِذَا قَتَلَ فَرْخاً فِی الْحِلِّ فَعَلَیْهِ حَمَلٌ قَدْ فُطِمَ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ قِیمَتُهُ لِأَنَّهُ لَیْسَ فِی الْحَرَمِ وَ إِذَا قَتَلَهُ فِی الْحَرَمِ فَعَلَیْهِ الْحَمَلُ وَ قِیمَتُهُ لِأَنَّهُ فِی الْحَرَمِ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْوُحُوشِ فَعَلَیْهِ فِی حِمَارٍ وَحْشٍ بَدَنَةٌ (1)وَ كَذَلِكَ فِی النَّعَامَةِ فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَإِطْعَامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَصِیَامُ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ إِنْ كَانَتْ بَقَرَةً فَعَلَیْهِ بَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَعَلَیْهِ إِطْعَامُ ثَلَاثِینَ مِسْكِیناً فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَلْیَصُمْ تِسْعَةَ أَیَّامٍ وَ إِنْ كَانَ ظَبْیاً فَعَلَیْهِ شَاةٌ فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَعَلَیْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِینَ فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ فَصِیَامُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ إِنْ كَانَ فِی الْحَرَمِ فَعَلَیْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً هَدْیاً بالِغَ الْكَعْبَةِ حَقّاً وَاجِباً عَلَیْهِ أَنْ یَنْحَرَهُ فَإِنْ كَانَ فِی حَجٍّ بِمِنًی حَیْثُ یَنْحَرُ النَّاسُ وَ إِنْ كَانَ فِی عُمْرَةٍ یَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَ یَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ حَتَّی یَكُونَ مُضَاعَفاً وَ كَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ أَرْنَباً فَعَلَیْهِ شَاةٌ وَ إِذَا قَتَلَ الْحَمَامَةَ تَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ أَوْ یَشْتَرِی بِهِ طَعَاماً لِحَمَامِ الْحَرَمِ وَ فِی الْفَرْخِ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَ فِی الْبَیْضَةِ رُبُعُ دِرْهَمٍ وَ كُلُّ مَا أَتَی بِهِ الْمُحْرِمُ بِجَهَالَةٍ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ فِیهِ إِلَّا الصَّیْدَ فَإِنَّ عَلَیْهِ الْفِدَاءَ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَوْ بِعِلْمٍ بِخَطَإٍ كَانَ أَوْ بِعَمْدٍ وَ كُلُّ مَا أَتَی الْعَبْدُ (2)فَكَفَّارَتُهُ عَلَی صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا یَلْزَمُ صَاحِبَهُ وَ كُلُّ مَا أَتَی بِهِ الصَّغِیرُ الَّذِی لَیْسَ بِبَالِغٍ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ فِیهِ وَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ عَادَ فَهُوَ مِمَّنْ یَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ لَیْسَ عَلَیْهِ كَفَّارَةٌ وَ النَّقِمَةُ فِی الْآخِرَةِ وَ إِنْ دَلَّ عَلَی الصَّیْدِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَقَتَلَ فَعَلَیْهِ الْفِدَاءُ وَ الْمُصِرُّ عَلَیْهِ یَلْزَمُهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ عُقُوبَةٌ فِی الْآخِرَةِ وَ النَّادِمُ عَلَیْهِ لَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ بَعْدَ الْفِدَاءِ وَ إِذَا أَصَابَ لَیْلًا فِی وَكْرِهَا خَطَأً فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَتَعَمَّدَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ بِلَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَعَلَیْهِ الْفِدَاءُ وَ الْمُحْرِمُ لِلْحَجِّ یَنْحَرُ الْفِدَاءَ بِمِنًی حَیْثُ یَنْحَرُ النَّاسُ وَ الْمُحْرِمُ لِلْعُمْرَةِ یَنْحَرُ بِمَكَّةَ فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ أَنْ یُكْتَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ ثُمَّ دَعَا أَهْلَ بَیْتِهِ
ص: 383
الَّذِینَ أَنْكَرُوا تَزْوِیجَهُ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ یُجِیبُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ قَالُوا لَا وَ اللَّهِ وَ لَا الْقَاضِی ثُمَّ قَالَ وَیْحَكُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَیْتِ خِلْوٌ مِنْكُمْ وَ مِنْ هَذَا الْخَلْقِ أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَایَعَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام وَ هُمَا صَبِیَّانِ غَیْرُ بَالِغَیْنِ وَ لَمْ یُبَایِعْ طِفْلًا غَیْرَهُمَا أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ أَبَاهُ عَلِیّاً علیه السلام آمَنَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ ابْنُ عَشَرَةِ سَنَةٍ (1)وَ قَبِلَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْهُ إِیمَانَهُ وَ لَمْ یَقْبَلْ مِنْ طِفْلٍ غَیْرِهِ وَ لَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طِفْلًا غَیْرَهُ إِلَی الْإِیمَانِ أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهَا ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ یَجْرِی لِآخِرِهِمْ مِثْلُ مَا یَجْرِی لِأَوَّلِهِمْ فَقَالُوا صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كُنْتَ أَنْتَ أَعْلَمَ بِهِ مِنَّا قَالَ ثُمَّ أَمَرَ الْمَأْمُونُ أَنْ یُنْثَرَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام ثَلَاثَةُ أَطْبَاقِ رِقَاعِ زَعْفَرَانٍ وَ مِسْكٍ مَعْجُونٍ بِمَاءِ الْوَرْدِ جَوْفُهَا رِقَاعٌ عَلَی طَبَقٍ رِقَاعُ عُمَالاتٍ وَ الثَّانِی ضِیَاعُ طُعْمَةٍ لِمَنْ أَخَذَهَا وَ الثَّالِثُ فِیهِ بِدَرٌ فَأَمَرَ أَنْ یُفَرَّقَ الطَّبَقُ الَّذِی عَلَیْهِ عُمَالاتٌ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ خَاصَّةً وَ الَّذِی عَلَیْهِ ضِیَاعُ طُعْمَةٍ عَلَی الْوُزَرَاءِ وَ الَّذِی عَلَیْهِ الْبِدَرُ عَلَی الْقُوَّادِ وَ لَمْ یَزَلْ مُكْرِماً لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَیَّامَ حَیَاتِهِ حَتَّی كَانَ یُؤْثِرُهُ عَلَی وُلْدِهِ(2).
بیان: قال الجوهری القلس حبل ضخم من لیف أو خوص من قلوس السفن و البدر بكسر الباء و فتح الدال جمع بدرة التی یجعل فیها الدراهم و الدنانیر- ف، تحف العقول مرسلا مثله (3)- ختص، الإختصاص علی بن إبراهیم رفعه و ذكر مثله (4).
ص: 384
«2»- ف، تحف العقول قَالَ الْمَأْمُونُ لِیَحْیَی بْنِ أَكْثَمَ اطْرَحْ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا علیهما السلام مَسْأَلَةً تَقْطَعُهُ فِیهَا فَقَالَ یَحْیَی یَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَی زِنًا أَ تَحِلُّ لَهُ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ علیه السلام یَدَعُهَا حَتَّی یَسْتَبْرِئَهَا مِنْ نُطْفَتِهِ وَ نُطْفَةِ غَیْرِهِ إِذْ لَا یُؤْمَنُ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحْدَثَتْ مَعَ غَیْرِهِ حَدَثاً كَمَا أَحْدَثَتْ مَعَهُ ثُمَّ یَتَزَوَّجُ بِهَا إِنْ أَرَادَ فَإِنَّمَا مَثَلُهَا مَثَلُ نَخْلَةٍ أَكَلَ رَجُلٌ مِنْهَا حَرَاماً ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَأَكَلَ مِنْهَا حَلَالًا فَانْقَطَعَ یَحْیَی فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ حَرُمَتْ عَلَیْهِ امْرَأَةٌ بِالْغَدَاةِ وَ حَلَّتْ لَهُ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ وَ حَرُمَتْ عَلَیْهِ نِصْفَ النَّهَارِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ الظُّهْرَ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَیْهِ الْعَصْرَ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ الْمَغْرِبَ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَیْهِ نِصْفَ اللَّیْلِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ مَعَ الْفَجْرِ ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَیْهِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ ثُمَّ حَلَّتْ لَهُ نِصْفَ النَّهَارِ فَبَقِیَ یَحْیَی وَ الْفُقَهَاءُ بُلْساً خُرْساً (1)فَقَالَ الْمَأْمُونُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ أَعَزَّكَ اللَّهُ بَیِّنْ لَنَا هَذَا قَالَ هَذَا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَی مَمْلُوكَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فَاشْتَرَاهَا فَحَلَّتْ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَحَرُمَتْ عَلَیْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَحَلَّتْ لَهُ فَظَاهَرَ مِنْهَا فَحَرُمَتْ عَلَیْهِ فَكَفَّرَ لِلظِّهَارِ فَحَلَّتْ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِیقَةً فَحَرُمَتْ عَلَیْهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَحَلَّتْ لَهُ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَحَرُمَتْ عَلَیْهِ فَتَابَ وَ رَجَعَ إِلَی الْإِسْلَامِ فَحَلَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَمَا أَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نِكَاحَ زَیْنَبَ مَعَ أَبِی الْعَاصِ بْنِ الرَّبِیعِ حَیْثُ أَسْلَمَ عَلَی النِّكَاحِ الْأَوَّلِ (2).
ص: 385
«1»- ف، تحف العقول قَالَ مُوسَی بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا لَقِیتُ یَحْیَی بْنَ أَكْثَمَ فِی دَارِ الْعَامَّةِ فَسَأَلَنِی عَنْ مَسَائِلَ فَجِئْتُ إِلَی أَخِی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ فَدَارَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ الْمَوَاعِظِ مَا حَمَلَنِی وَ بَصَّرَنِی طَاعَتَهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ابْنَ أَكْثَمَ كَتَبَ یَسْأَلُنِی عَنْ مَسَائِلَ لِأُفْتِیَهُ فِیهَا فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ فَهَلْ أَفْتَیْتَهُ قُلْتُ لَا قَالَ وَ لِمَ قُلْتُ لَمْ أَعْرِفْهَا قَالَ وَ مَا هِیَ قُلْتُ كَتَبَ یَسْأَلُنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ نَبِیُّ اللَّهِ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَی عِلْمِ آصَفَ وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ رَفَعَ أَبَوَیْهِ عَلَی الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أَ سَجَدَ یَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ لِیُوسُفَ وَ هُمْ أَنْبِیَاءُ وَ عَنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَیْكَ فَسْئَلِ الَّذِینَ یَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مَنِ الْمُخَاطَبُ بِالْآیَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدْ شَكَّ وَ إِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ غَیْرَهُ فَعَلَی مَنْ إِذاً أُنْزِلَ الْكِتَابُ وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَوْ أَنَّ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ یَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْأَبْحُرُ وَ أَیْنَ هِیَ وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی فِیها ما تَشْتَهِیهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْیُنُ فَاشْتَهَتْ نَفْسُ آدَمَ أَكْلَ الْبُرِّ فَأَكَلَ وَ أَطْعَمَ فَكَیْفَ عُوقِبَ وَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً یُزَوِّجُ اللَّهُ عِبَادَهُ الذُّكْرَانَ فَقَدْ عَاقَبَ قَوْماً فَعَلُوا ذَلِكَ وَ عَنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ جَازَتْ وَحْدَهَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ عَنِ الْخُنْثَی وَ قَوْلِ عَلِیٍّ یُورَثُ مِنَ الْمَبَالِ فَمَنْ یَنْظُرُ إِذَا بَالَ إِلَیْهِ مَعَ أَنَّهُ عَسَی أَنْ یَكُونَ امْرَأَةً وَ قَدْ نَظَرَ إِلَیْهَا الرِّجَالُ أَوْ عَسَی أَنْ یَكُونَ رَجُلًا وَ قَدْ نَظَرَتْ إِلَیْهِ النِّسَاءُ وَ هَذَا مَا لَا یَحِلُ
ص: 386
وَ شَهَادَةُ الْجَارِّ إِلَی نَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ وَ عَنْ رَجُلٍ أَتَی إِلَی قَطِیعِ غَنَمٍ فَرَأَی الرَّاعِیَ یَنْزُو (1)عَلَی شَاةٍ مِنْهَا فَلَمَّا بَصُرَ بِصَاحِبِهَا خَلَّی سَبِیلَهَا فَدَخَلَتْ بَیْنَ الْغَنَمِ كَیْفَ تُذْبَحُ وَ هَلْ یَجُوزُ أَكْلُهَا أَمْ لَا وَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِمَ یُجْهَرُ فِیهَا بِالْقِرَاءَةِ وَ هِیَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَ إِنَّمَا یُجْهَرُ فِی صَلَاةِ اللَّیْلِ وَ عَنْ قَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام لِابْنِ جُرْمُوزٍ بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِیَّةَ بِالنَّارِ فَلِمَ لَمْ یَقْتُلْهُ وَ هُوَ إِمَامٌ (2)وَ أَخْبِرْنِی عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام لِمَ قَتَلَ أَهْلَ صِفِّینَ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ مُقْبِلِینَ وَ مُدْبِرِینَ وَ أَجَازَ عَلَی الْجَرْحَی وَ كَانَ حُكْمُهُ یَوْمَ الْجَمَلِ أَنَّهُ لَمْ یَقْتُلْ مُوَلِّیاً وَ لَمْ یُجِزْ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَمْ یَأْمُرْ بِذَلِكَ وَ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ صَوَاباً فَالثَّانِی خَطَأٌ وَ أَخْبِرْنِی عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِاللِّوَاطِ عَلَی نَفْسِهِ أَ یُحَدُّ أَمْ یُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ قَالَ اكْتُبْ إِلَیْهِ قُلْتُ وَ مَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ أَنْتَ فَأَلْهَمَكَ اللَّهُ الرُّشْدَ أَتَانِی كِتَابُكَ وَ مَا امْتَحَنْتَنَا بِهِ مِنْ تَعَنُّتِكَ لِتَجِدَ إِلَی الطَّعْنِ سَبِیلًا إِنْ قَصَرْنَا فِیهَا وَ اللَّهُ یُكَافِئُكَ عَلَی نِیَّتِكَ وَ قَدْ شَرَحْنَا مَسَائِلَكَ فَأَصْغِ إِلَیْهَا سَمْعَكَ وَ ذَلِّلْ لَهَا فَهْمَكَ وَ اشْغَلْ بِهَا قَلْبَكَ فَقَدْ لَزِمَتْكَ الْحُجَّةُ وَ السَّلَامُ سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فَهُوَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا وَ لَمْ یَعْجِزْ سُلَیْمَانُ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا عَرَفَ آصَفُ لَكِنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَحَبَّ أَنْ یُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَنَّهُ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ سُلَیْمَانَ علیه السلام أَوْدَعَهُ آصَفَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَفَهَّمَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا یَخْتَلِفَ عَلَیْهِ فِی إِمَامَتِهِ وَ دَلَالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَیْمَانُ فِی حَیَاةِ دَاوُدَ علیه السلام لِتُعْرَفَ نُبُوَّتُهُ وَ إِمَامَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ لِتَأَكُّدِ الْحُجَّةِ عَلَی الْخَلْقِ وَ أَمَّا سُجُودُ یَعْقُوبَ وَ وُلْدِهِ كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ مَحَبَّةً لِیُوسُفَ كَمَا أَنَّ السُّجُودَ مِنَ
ص: 387
الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ لَمْ یَكُنْ لِآدَمَ وَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ مَحَبَّةً مِنْهُمْ لِآدَمَ فَسَجَدَ یَعْقُوبُ علیه السلام وَ وُلْدُهُ وَ یُوسُفُ مَعَهُمْ شُكْراً لِلَّهِ (1)بِاجْتِمَاعِ شَمْلِهِمْ أَ لَمْ تَرَهُ یَقُولُ فِی شُكْرِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ رَبِّ قَدْ آتَیْتَنِی مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِی مِنْ تَأْوِیلِ الْأَحادِیثِ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَیْكَ فَسْئَلِ الَّذِینَ یَقْرَؤُنَ الْكِتابَ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَكُنْ فِی شَكٍّ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَیْهِ وَ لَكِنْ قَالَتِ الْجَهَلَةُ كَیْفَ لَمْ یَبْعَثِ اللَّهُ نَبِیّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذْ لَمْ یُفَرِّقْ بَیْنَ نَبِیِّهِ وَ بَیْنَنَا فِی الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْمَآكِلِ وَ الْمَشَارِبِ وَ الْمَشْیِ فِی الْأَسْوَاقِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی نَبِیِّهِ فَسْئَلِ الَّذِینَ یَقْرَؤُنَ الْكِتابَ بِمَحْضَرِ الْجَهَلَةِ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا قَبْلَكَ إِلَّا وَ هُوَ یَأْكُلُ الطَّعَامَ وَ یَمْشِی فِی الْأَسْوَاقِ وَ لَكَ بِهِمْ أُسْوَةٌ وَ إِنَّمَا قَالَ فَإِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ وَ لَمْ یَكُنْ (2)وَ لَكِنْ لِلنَّصَفَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَی تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ وَ لَوْ قَالَ عَلَیْكُمْ (3)لَمْ یُجِیبُوا إِلَی الْمُبَاهَلَةِ وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ نَبِیَّهُ یُؤَدِّی عَنْهُ رِسَالاتِهِ وَ مَا هُوَ مِنَ الْكَاذِبِینَ فَكَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ صَادِقٌ فِیمَا یَقُولُ وَ لَكِنْ أَحَبَّ أَنْ یُنْصِفَ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لَوْ أَنَّ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ یَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ فَهُوَ كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَشْجَارَ الدُّنْیَا أَقْلَامٌ وَ الْبَحْرُ یَمُدُّهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ وَ انْفَجَرَتِ الْأَرْضُ عُیُوناً لَنَفَدَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ اللَّهِ وَ هِیَ عَیْنُ الْكِبْرِیتِ وَ عَیْنُ النَّمِرِ (4)وَ عَیْنُ الْبَرَهُوتِ (5)وَ عَیْنُ طَبَرِیَّةَ وَ حَمَّةُ مَاسَبَذَانَ (6)وَ حَمَّةُ إِفْرِیقِیَةَ
ص: 388
یُدْعَی لسان وَ عَیْنُ بحرون (1)وَ نَحْنُ كَلِمَاتُ اللَّهِ الَّتِی لَا تَنْفَدُ وَ لَا تُدْرَكُ فَضَائِلُنَا وَ أَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ فِیهَا مِنَ الْمَآكِلِ وَ الْمَشَارِبِ وَ الْمَلَاهِی مَا تَشْتَهِی الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْیُنُ وَ أَبَاحَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِآدَمَ وَ الشَّجَرَةُ الَّتِی نَهَی اللَّهُ عَنْهَا آدَمَ وَ زَوْجَتَهُ أَنْ یَأْكُلَا مِنْهَا شَجَرَةُ الْحَسَدِ (2)عَهِدَ إِلَیْهِمَا أَنْ لَا یَنْظُرَا إِلَی مَنْ فَضَّلَ اللَّهُ عَلَی خَلَائِقِهِ بِعَیْنِ الْحَسَدِ فَنَسِیَ وَ نَظَرَ بِعَیْنِ الْحَسَدِ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً أَیْ یُولَدُ لَهُ ذُكُورٌ وَ یُولَدُ لَهُ إِنَاثٌ یُقَالُ لِكُلِّ اثْنَیْنِ مُقْرِنَیْنِ زَوْجَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ عَنَی الْجَلِیلُ مَا لَبَّسْتَ بِهِ عَلَی نَفْسِكَ (3)تَطْلُبُ الرُّخْصَ لِارْتِكَابِ الْمَآثِمِ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ یَلْقَ أَثاماً یُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ یَخْلُدْ فِیهِ مُهاناً إِنْ لَمْ یَتُبْ وَ أَمَّا شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا الَّتِی جَازَتْ فَهِیَ الْقَابِلَةُ جَازَتْ شَهَادَتُهَا مَعَ الرِّضَا فَإِنْ لَمْ یَكُنْ رِضًا فَلَا أَقَلَّ مِنِ امْرَأَتَیْنِ تَقُومُ الْمَرْأَةُ بَدَلَ الرَّجُلِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا یُمْكِنُهُ أَنْ یَقُومَ مَقَامَهَا فَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ یَمِینِهَا وَ أَمَّا قَوْلُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی الْخُنْثَی فَهِیَ كَمَا قَالَ یَنْظُرُ قَوْمٌ عُدُولٌ یَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِرْآةً وَ یَقُومُ الْخُنْثَی خَلْفَهُمْ عُرْیَانَةً وَ یَنْظُرُونَ فِی الْمَرَایَا فَیَرَوْنَ الشَّبَحَ فَیَحْكُمُونَ عَلَیْهِ وَ أَمَّا الرَّجُلُ النَّاظِرُ إِلَی الرَّاعِی وَ قَدْ نَزَا عَلَی شَاةٍ فَإِنْ عَرَفَهَا ذَبَحَهَا وَ أَحْرَقَهَا وَ إِنْ لَمْ یَعْرِفْهَا قَسَمَ الْغَنَمَ نِصْفَیْنِ وَ سَاهَمَ بَیْنَهُمَا (4)فَإِذَا وَقَعَ عَلَی أَحَدِ النِّصْفَیْنِ فَقَدْ نَجَا النِّصْفُ الْآخَرُ ثُمَّ یُفَرِّقُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَلَا یَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی تَبْقَی شَاتَانِ فَیُقْرِعُ بَیْنَهُمَا فَأَیُّهَا وَقَعَ السَّهْمُ بِهَا ذُبِحَتْ وَ أُحْرِقَتْ وَ نَجَا سَائِرُ الْغَنَمِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَالْجَهْرُ فِیهَا بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُغَلِّسُ بِهَا (5)فَقِرَاءَتُهَا مِنَ اللَّیْلِ
ص: 389
وَ أَمَّا قَوْلُ عَلِیٍّ علیه السلام بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِیَّةَ بِالنَّارِ فَهُوَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ یَوْمَ النَّهْرِ فَلَمْ یَقْتُلْهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْبَصْرَةِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ یُقْتَلُ فِی فِتْنَةِ النَّهْرَوَانِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِیّاً قَتَلَ أَهْلَ صِفِّینَ مُقْبِلِینَ وَ مُدْبِرِینَ وَ أَجَازَ عَلَی جَرِیحِهِمْ وَ إِنَّهُ یَوْمَ الْجَمَلِ لَمْ یَتْبَعْ مُوَلِّیاً وَ لَمْ یُجِزْ عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ آمَنَهُ وَ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ قُتِلَ إِمَامُهُمْ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ یَرْجِعُونَ إِلَیْهَا وَ إِنَّمَا رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَی مَنَازِلِهِمْ غَیْرَ مُحَارِبِینَ وَ لَا مُخَالِفِینَ وَ لَا مُنَابِذِینَ رَضُوا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ فَكَانَ الْحُكْمُ فِیهِمْ رَفْعَ السَّیْفِ عَنْهُمْ وَ الْكَفَّ عَنْ أَذَاهُمْ إِذْ لَمْ یَطْلُبُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً وَ أَهْلُ صِفِّینَ كَانُوا یَرْجِعُونَ إِلَی فِئَةٍ مُسْتَعِدَّةٍ وَ إِمَامٍ یَجْمَعُ لَهُمُ السِّلَاحَ وَ الدُّرُوعَ وَ الرِّمَاحَ وَ السُّیُوفَ وَ یُسَنِّی لَهُمُ الْعَطَاءَ وَ یُهَیِّئُ لَهُمُ الْأَنْزَالَ (1)وَ یَعُودُ مَرِیضَهُمْ وَ یَجْبُرُ كَسِیرَهُمْ وَ یُدَاوِی جَرِیحَهُمْ وَ یَحْمِلُ رَاجِلَهُمْ وَ یَكْسُو حَاسِرَهُمْ (2)وَ یَرُدُّهُمْ فَیَرْجِعُونَ إِلَی مُحَارَبَتِهِمْ وَ قِتَالِهِمْ فَلَمْ یُسَاوِ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ فِی الْحُكْمِ لِمَا عَرَفَ مِنَ الْحُكْمِ (3)فِی قِتَالِ أَهْلِ التَّوْحِیدِ لَكِنَّهُ شَرَحَ ذَلِكَ لَهُمْ فَمَنْ رَغِبَ عُرِضَ عَلَی السَّیْفِ أَوْ یَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ وَ أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِی اعْتَرَفَ بِاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ لَمْ تَقُمْ عَلَیْهِ بَیِّنَةٌ وَ إِنَّمَا تَطَوَّعَ بالإقدار (بِالْإِقْرَارِ) مِنْ نَفْسِهِ (4)وَ إِذَا كَانَ لِلْإِمَامِ الَّذِی مِنَ اللَّهِ أَنْ یُعَاقِبَ عَنِ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَنْ یَمُنَّ عَنِ اللَّهِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ هذا عَطاؤُنا الْآیَةَ قَدْ أَنْبَأْنَاكَ بِجَمِیعِ مَا سَأَلْتَنَاهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ (5).
ختص، الإختصاص محمد بن عیسی بن عبید البغدادی عن محمد بن موسی مثله (6)
ص: 390
أقول: قد أوردنا هذه الأجوبة بأدنی تغییر فی أبواب تاریخه علیه السلام و شرح أجزاء الخبر مفرق علی الأبواب المناسبة لها.
«2»- و روی السید المرتضی رحمه اللّٰه عن شیخه المفید رضی اللّٰه عنه قال دخل أبو هاشم داود بن القاسم الجعفری علی محمد بن طاهر بعد قتل یحیی بن عمر المقتول بشاهی فقال له أیها الأمیر إنا قد جئناك لنهنئك بأمر لو كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حیا لعزیناه به (1).
«3»- قَالَ السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَنِی الشَّیْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ مُرْسَلًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیُّ علیه السلام نُمْتُ وَ أَنَا أُفَكِّرُ فِی بَیْتِ ابْنِ أَبِی حَفْصَةَ
أَنَّی یَكُونُ وَ لَیْسَ ذَاكَ بِكَائِنٍ*** لِبَنِی الْبَنَاتِ وِرَاثَةُ الْأَعْمَامِ
فَإِذَا إِنْسَانٌ یَقُولُ لِی
قَدْ كَانَ إِذْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِفَضْلِهِ*** وَ مَضَی الْقَضَاءُ بِهِ مِنَ الْحُكَّامِ (2)أَنَّ ابْنَ فَاطِمَةَ الْمُنَوَّهَ بِاسْمِهِ*** (3)
حَازَ الْوِرَاثَةَ عَنْ بَنِی الْأَعْمَامِ وَ بَقِیَ ابْنُ نَثْلَةَ وَاقِفاً مُتَحَیِّراً ***(4)
یَبْكِی وَ یُسْعِدُهُ ذَوُو الْأَرْحَامِ (5)
بیان: نثلة اسم أم العباس و یقال نثیلة و لعل المراد بابن فاطمة أمیر المؤمنین علیه السلام و یحتمل أن یكون المراد بفاطمة البتول علیها السلام و بابنها جنس الابن أو القائم علیه السلام و الأول أظهر.
«4»- كِتَابُ الْإِسْتِدْرَاكِ، قَالَ: نَادَی الْمُتَوَكِّلُ یَوْماً كَاتِباً نَصْرَانِیّاً أَبَا نُوحٍ فَأَنْكَرُوا كُنَی الْكِتَابِیِّینَ فَاسْتَفْتَی فَاخْتُلِفَ عَلَیْهِ فَبَعَثَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ فَوَقَّعَ علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ تَبَّتْ یَدا أَبِی لَهَبٍ فَعَلِمَ الْمُتَوَكِّلُ أَنَّهُ یَحِلُّ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ كَنَّی الْكَافِرَ (6)
ص: 391
«1»- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو الْقَاسِمِ الْكُوفِیُّ فِی كِتَابِ التَّبْدِیلِ أَنَّ إِسْحَاقَ الْكِنْدِیَّ (1)كَانَ فَیْلَسُوفَ الْعِرَاقِ فِی زَمَانِهِ أَخَذَ فِی تَأْلِیفِ تَنَاقُضِ الْقُرْآنِ وَ شَغَلَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ وَ تَفَرَّدَ بِهِ فِی مَنْزِلِهِ وَ أَنَّ بَعْضَ تَلَامِذَتِهِ دَخَلَ یَوْماً عَلَی الْإِمَامِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام أَ مَا فِیكُمْ رَجُلٌ رَشِیدٌ یَرْدَعُ أُسْتَاذَكُمُ الْكِنْدِیَّ عَمَّا أَخَذَ فِیهِ مِنْ تَشَاغُلِهِ بِالْقُرْآنِ فَقَالَ التِّلْمِیذُ نَحْنُ مِنْ تَلَامِذَتِهِ كَیْفَ یَجُوزُ مِنَّا الِاعْتِرَاضُ عَلَیْهِ فِی هَذَا أَوْ فِی غَیْرِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام أَ تُؤَدِّی إِلَیْهِ مَا أُلْقِیهِ إِلَیْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَصِرْ إِلَیْهِ وَ تَلَطَّفْ فِی مُؤَانَسَتِهِ وَ مَعُونَتِهِ عَلَی مَا هُوَ بِسَبِیلِهِ فَإِذَا وَقَعَتِ الْمُؤَانَسَةُ فِی ذَلِكَ فَقُلْ قَدْ حَضَرَتْنِی مَسْأَلَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا فَإِنَّهُ یَسْتَدْعِی ذَلِكَ مِنْكَ فَقُلْ لَهُ إِنْ أَتَاكَ هَذَا الْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا الْقُرْآنِ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ مُرَادُهُ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْهُ غَیْرَ الْمَعَانِی الَّتِی قَدْ ظَنَنْتَهَا أَنَّكَ ذَهَبْتَ إِلَیْهَا فَإِنَّهُ سَیَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ لِأَنَّهُ رَجُلٌ یَفْهَمُ إِذَا سَمِعَ فَإِذَا أَوْجَبَ ذَلِكَ فَقُلْ لَهُ فَمَا یُدْرِیكَ لَعَلَّهُ قَدْ أَرَادَ غَیْرَ الَّذِی ذَهَبْتَ أَنْتَ إِلَیْهِ فَتَكُونُ وَاضِعاً لِغَیْرِ مَعَانِیهِ فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَی الْكِنْدِیِّ وَ تَلَطَّفَ إِلَی أَنْ أَلْقَی عَلَیْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ لَهُ أَعِدْ عَلَیَّ فَأَعَادَ عَلَیْهِ فَتَفَكَّرَ فِی نَفْسِهِ وَ رَأَی ذَلِكَ مُحْتَمِلًا فِی اللُّغَةِ وَ سَائِغاً فِی النَّظَرِ (2).
أقول: قد أوردنا و سنورد عمدة احتجاجاتهم علیهم السلام و حلها فی أبواب تاریخهم صلوات اللّٰه علیهم و أبواب المواعظ و الحكم و أبواب التوحید و العدل و المعاد و سائر أبواب الكتاب و إنما أوردنا هاهنا ما لا یخص بابا من الأبواب و سیأتی احتجاجات القائم و ما روی عنه علیه السلام من جوامع العلوم فی كتاب الغیبة إن شاء اللّٰه تعالی.
ص: 392
فقال رضی اللّٰه عنه دین الإمامیة هو الإقرار بتوحید اللّٰه تعالی ذكره (1)و نفی التشبیه عنه و تنزیهه عما لا یلیق به و الإقرار بأنبیاء اللّٰه و رسله و حججه و ملائكته و كتبه و الإقرار بأن محمدا صلی اللّٰه علیه و آله هو سید الأنبیاء و المرسلین و أنه أفضل منهم و من جمیع الملائكة المقربین و أنه خاتم النبیین فلا نبی بعده إلی یوم القیامة و أن جمیع الأنبیاء و الرسل و الأئمة علیهم السلام أفضل من الملائكة و أنهم معصومون مطهرون من كل دنس و رجس لا یهمون بذنب صغیر و لا كبیر و لا یرتكبونه و أنهم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.
و أن الدعائم التی بنی الإسلام علیها خمس الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و ولایة النبی و الأئمة بعده صلوات اللّٰه علیهم و هم اثنا عشر إماما أولهم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام ثم الحسن ثم الحسین ثم علی بن الحسین ثم الباقر محمد بن علی ثم الصادق جعفر بن محمد ثم الكاظم موسی بن جعفر ثم الرضا علی بن موسی ثم الجواد محمد بن علی ثم الهادی علی بن محمد ثم العسكری الحسن بن علی ثم الحجة بن الحسن بن علی علیهم السلام.
و الإقرار بأنهم أولو الأمر الذین أمر اللّٰه عز و جل بطاعتهم فقال أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ و أن طاعتهم طاعة اللّٰه و معصیتهم معصیة اللّٰه و ولیهم ولی اللّٰه و عدوهم عدو اللّٰه عز و جل و مودة ذریة النبی صلی اللّٰه علیه و آله إذا كانوا علی
ص: 393
منهاج آبائهم الطاهرین فریضة واجبة فی أعناق العباد إلی یوم القیامة و هی أجر النبوة لقول اللّٰه عز و جل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی و الإقرار بأن الإسلام هو الإقرار بالشهادتین و الإیمان هو إقرار باللسان و عقد بالقلب و عمل بالجوارح لا یكون الإیمان إلا هكذا.
و من شهد الشهادتین فقد حقن ماله (1)و دمه إلا بحقهما و حسابه علی اللّٰه عز و جل و الإقرار بالمساءلة فی القبر حین یدفن المیت و بمنكر و نكیر و بعذاب القبر و الإقرار بخلق الجنة و النار و بمعراج النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی السماء السابعة و منها إلی سدرة المنتهی و منها إلی حجب النور و بمناجاة اللّٰه عز و جل إیاه و أنه عرج به بجسمه و روحه علی الصحة و الحقیقة لا علی الرؤیا فی المنام و أن ذلك لم یكن لأن اللّٰه عز و جل فی مكان هناك (2)لأنه متعال عن المكان و لكنه عز و جل عرج به علیه السلام تشریفا له و تعظیما لمنزلته و لیریه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الأرض و یشاهد ما فیها من عظمة اللّٰه عز و جل و لیخبر أمته بما شاهد فی العلو من الآیات و العلامات.
و الإقرار بالحوض و الشفاعة للمذنبین من أصحاب الكبائر و الإقرار بالصراط و الحساب و المیزان و اللوح و القلم و العرش و الكرسی.
و الإقرار بأن الصلاة عمود الدین و أنها أول ما یحاسب علیه العبد یوم القیامة من الأعمال و أول ما یسأل عنه العبد بعد المعرفة فإن قبلت قبل ما سواها و إن ردت رد ما سواها و إن المفروضات من الصلوات فی الیوم و اللیلة خمس صلوات و هی سبع عشرة ركعة الظهر أربع ركعات و العصر أربع ركعات و المغرب ثلاث ركعات و العشاء الآخرة أربع ركعات و الغداة ركعتان.
و أما النافلة فهی مثلا الفریضة أربع و ثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل الظهر و ثمان بعدها قبل العصر و أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة یحسبان بركعة و هی وتر لمن لم یلحق الوتر آخر اللیل و صلاة اللیل ثمانی ركعات
ص: 394
كل ركعتین بتسلیمة و الشفع ركعتان بتسلیمة و الوتر ركعة واحدة و نافلة الغداة ركعتان فجملة الفرائض و النوافل فی الیوم و اللیلة إحدی و خمسون ركعة و الأذان و الإقامة مثنی مثنی و فرائض الصلاة سبع الوقت و الطهور و التوجه (1)و القبلة و الركوع و السجود و الدعاء (2)و القنوت فی كل صلاة فریضة و نافلة فی الركعة الثانیة قبل الركوع و بعد القراءة و یجزی من القول فی القنوت رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأجل الأكرم و یجزی فیه أیضا ثلاث تسبیحات و إن أحب المصلی أن یذكر الأئمة علیهم السلام فی قنوته و یصلی علیهم فیجملهم (3)و تكبیرة الافتتاح واحدة و سبع أفضل و یجب الجهر ببسم اللّٰه الرحمن الرحیم فی الصلاة عند افتتاح الفاتحة و عند افتتاح السورة بعدها و هی آیة من القرآن و هی أقرب إلی اسم اللّٰه الأعظم من سواد العین إلی بیاضها و یستحب رفع الیدین فی كل تكبیرة فی الصلاة و هو زین الصلاة و القراءة فی الأولیین من الفریضة الحمد و سورة و لا تكون من العزائم التی یسجد فیها و هی سجدة لقمان و حم السجدة و النجم و سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و لا تكن السورة أیضا لإیلاف أو أَ لَمْ تَرَ كَیْفَ أو الضحی أو أَ لَمْ نَشْرَحْ لأن الإیلاف و أَ لَمْ تَرَ كَیْفَ سورة واحدة و الضحی و أَ لَمْ نَشْرَحْ سورة واحدة فلا یجوز التفرد بواحدة منها فی ركعة فریضة فمن أراد أن یقرأ بها فی الفریضة فلیقرأ لإیلاف و أَ لَمْ تَرَ كَیْفَ فی ركعة و الضحی و أَ لَمْ نَشْرَحْ فی ركعة و لا یجوز القران بین سورتین فی الفریضة فأما فی النافلة فلا بأس بأن یقرأ الرجل ما شاء (4)و لا بأس بقراءة العزائم فی النوافل لأنه إنما یكره ذلك فی الفریضة.
و یجب أن یقرأ فی صلاة الظهر یوم الجمعة سورة الجمعة و المنافقین فبذلك جرت
ص: 395
السنة و القول فی الركوع و السجود ثلاث تسبیحات و خمس أحسن و سبع أفضل و تسبیحة تامة تجزی فی الركوع و السجود للمریض و المستعجل فمن نقص من الثلاث تسبیحات فی ركوعه أو فی سجوده تسبیحة و لم یكن بمریض و لا مستعجل فقد نقص ثلث صلاته و من ترك تسبیحتین فقد نقص ثلثی صلاته و من لم یسبح فی ركوعه و سجوده فلا صلاة له إلا أن یهلل أو یكبر أو یصلی علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعدد التسبیح فإن ذلك یجزیه.
و یجزی فی التشهد الشهادتان فما زاد فتعبد و التسلیم فی الصلاة یجزی مرة واحدة مستقبل القبلة و یمیل بعینه إلی یمینه و من كان فی جمع من أهل الخلاف سلم تسلیمتین عن یمینه تسلیمة و عن یساره تسلیمة كما یفعلون للتقیة.
و ینبغی للمصلی أن یسبح بتسبیح الزهراء فاطمة علیها السلام فی دبر كل فریضة و هی أربع و ثلاثون تكبیرة و ثلاث و ثلاثون تسبیحة و ثلاث و ثلاثون تحمیدة فإنه من فعل ذلك بعد الفریضة قبل أن یثنی رجلیه غفر اللّٰه له ثم یصلی علی النبی و الأئمة علیهم السلام و یدعو لنفسه بما أحب و یسجد بعد فراغه من الدعاء سجدة الشكر یقول فیها ثلاث مرات شكرا لله و لا یدعها إلا إذا حضر مخالف للتقیة.
و لا یجوز التكفیر (1)فی الصلاة و لا قول آمین بعد فاتحة الكتاب و لا وضع الركبتین علی الأرض فی السجود قبل الیدین و لا یجوز السجود إلا علی الأرض أو ما أنبتته الأرض إلا ما أكل أو لبس و لا بأس بالصلاة فی شعر و وبر كل ما أكل لحمه و ما لا یؤكل لحمه فلا یجوز الصلاة فی شعره و وبره إلا ما خصته الرخصة و هی الصلاة فی السنجاب و السمور و الفنك و الخز و الأولی أن لا یصلی فیها و من صلی فیها جازت صلاته و أما الثعالب فلا رخصة فیها إلا فی حال التقیة و الضرورة.
و الصلاة یقطعها الریح إذا خرج من المصلی أو غیرها مما ینقض الوضوء أو یذكر أنه علی غیر وضوء أو وجد أذی أو ضربانا لا یمكنه الصبر علیه أو رعف فخرج من أنفه دم كثیر أو التفت حتی یری من خلفه و لا یقطع صلاة المسلم شی ء مما یمر بین یدیه من كلب أو امرأة أو حمار أو غیر ذلك.
ص: 396
و لا سهو فی النافلة فمن سها فی نافلة فلیس علیه شی ء فلیبن علی ما شاء و إنما السهو فی الفریضة فمن سها فی الأولیین أعاد الصلاة و من شك فی المغرب أعاد الصلاة و من شك فی الغداة أعاد الصلاة و من شك فی الثانیة و الثالثة (1) أو فی الثالثة و الرابعة فلیبن علی الأكثر فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص و لا تجب سجدتا السهو علی المصلی إلا إذا قام فی حال قعوده أو قعد فی حال قیامه أو ترك التشهد أو لم یدر زاد فی صلاته أو نقص منها و هما بعد التسلیم فی الزیادة و النقصان و یقال فیهما بسم اللّٰه و باللّٰه السلام علیك أیها النبی و رحمة اللّٰه و بركاته و أما سجدة العزائم فیقال فیها لا إله إلا اللّٰه حقا حقا لا إله إلا اللّٰه إیمانا و تصدیقا لا إله إلا اللّٰه عبودیة و رقا سجدت لك یا رب تعبدا و رقا لا مستنكفا و لا مستكبرا بل أنا عبد ذلیل خائف مستجیر و یكبر إذا رفع رأسه و لا یقبل من صلاة العبد إلا ما أقبل علیه منها بقلبه حتی أنه ربما قبل من صلاته ربعها أو ثلثها أو نصفها أو أقل من ذلك أو أكثر و لكن اللّٰه عز و جل یتمها بالنوافل. و أولی الناس بالتقدم فی جماعة أقرؤهم للقرآن فإن كانوا فی القرآن سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا فی الهجرة سواء فأسنهم فإن كانوا فی السن سواء فأصبحهم وجها و صاحب المسجد أولی بمسجده و من صلی بقوم و فیهم من هو أعلم منه لم یزل أمرهم إلی سفال (2)إلی یوم القیامة و الجماعة یوم الجمعة فریضة واجبة و فی سائر الأیام سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المسلمین من غیر علة فلا صلاة له.
و وضعت الجمعة عن تسعة عن الصغیر و الكبیر (3)و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المریض و الأعمی و من كان علی رأس فرسخین و یفضل صلاة الرجل (4)فی جماعة علی صلاة الرجل وحده خمس و عشرین درجة فی الجنة.
ص: 397
و فرض السفر ركعتان إلا المغرب فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله تركها علی حالها فی السفر و الحضر و لا یصلی فی السفر من نوافل النهار شی ء و لا یترك فیه من نوافل اللیل شی ء و لا یجوز صلاة اللیل من أول اللیل إلا فی السفر (1)و إذا قضاها الإنسان فهو أفضل له من أن یصلیها من أول اللیل.
و حد السفر الذی یجب فیه التقصیر فی الصلاة و الإفطار فی الصوم ثمانیة فراسخ فإن كان سفر الرجل أربعة فراسخ و لم یرد الرجوع من یومه فهو بالخیار إن شاء أتم و إن شاء قصر و إن أراد الرجوع من یومه فالتقصیر علیه واجب و من كان سفره معصیة فعلیه التمام فی الصوم و الصلاة و المتمم فی السفر كالمقصر فی الحضر و الذین یجب علیهم التمام فی الصلاة و الصوم فی السفر المكاری و الكری (2)و الاشتقان و هو البرید (3)و الراعی و الملاح لأنه عملهم و صاحب الصید إذا كان صیده بطرا و أشرا (4)و إن كان صیده مما یعود به علی عیاله فعلیه التقصیر فی الصوم و الصلاة و لیس من البر أن یصوم الرجل فی سفره تطوعا و لا یجوز للمفطر فی السفر فی شهر رمضان أن یجامع.
و الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود و لا صلاة إلا بطهور و الوضوء مرة مرة و من توضأ مرتین فهو جائز إلا أنه لا یؤجر علیه و الماء كله طاهر حتی یعلم أنه قذر و لا یفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة و لا بأس بالوضوء بماء الورد و الاغتسال به من الجنابة و أما الماء الذی تسخنه الشمس فلا بأس بالوضوء منه و إنما یكره الوضوء به و غسل الثیاب و الاغتسال لأنه یورث البرص و الماء إذا كان قدر كر لم ینجسه شی ء و الكر ألف رطل و مائتا رطل بالمدنی (5).
ص: 398
و روی أن الكر هو ما یكون ثلاثة أشبار طولا فی ثلاثة أشبار عرضا فی ثلاثة أشبار عمقا (1)و ماء البئر طهور كله ما لم یقع فیه شی ء ینجسه و ماء البحر طهور كله.
و لا ینقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفین من بول أو غائط أو ریح أو منی و النوم إذا ذهب بالعقل و لا یجوز المسح علی العمامة و لا علی القلنسوة و لا یجوز المسح علی الخفین و الجوربین إلا من عدو یتقی أو ثلج یخاف منه علی الرجلین فیقام الخفان مقام الجبائر فیمسح علیهما.
وَ رَوَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَشَدُّ النَّاسِ حَسْرَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَنْ رَأَی وُضُوءَهُ عَلَی جِلْدِ غَیْرِهِ.
و قالت عائشة لأن أمسح علی ظهر عیر بالفلاة أحب إلی من أن أمسح علی خفی.
و من لم یجد الماء فلیتیمم كما قال اللّٰه عز و جل فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً و الصعید الموضع المرتفع و الطیب الذی ینحدر عنه الماء فإذا أراد الرجل أن یتیمم ضرب بیده علی الأرض مرة واحدة ثم ینفضهما فیمسح بهما وجهه ثم یضرب بیده الیسری الأرض فیمسح بها یده الیمنی من المرفق إلی أطراف الأصابع ثم یضرب بیمینه الأرض فیمسح بها یساره من المرفق إلی أطراف الأصابع و قد روی (2)أن یمسح الرجل جبینه و حاجبه (3)و یمسح علی ظهر كفیه و علیه مضی مشایخنا رضی اللّٰه عنهم و ما ینقض الوضوء ینقض التیمم و النظر إلی الماء ینقض التیمم و من تیمم و صلی ثم وجد الماء و هو فی وقت الصلاة أو قد خرج الوقت فلا إعادة علیه لأن التیمم أحد الطهورین فلیتوضأ لصلاة أخری و لا بأس أن یصلی الرجل بوضوء واحد صلاة اللیل
ص: 399
و النهار كلها ما لم یحدث و كذلك التیمم ما لم یحدث أو یصیب ماء (1)
و الغسل فی سبعة عشر موطنا لیلة سبع عشرة من شهر رمضان (2)و لیلة تسع عشرة و لیلة إحدی و عشرین و لیلة ثلاث و عشرین و للعیدین و عند دخول الحرمین و عند الإحرام و غسل الزیارة و غسل الدخول إلی البیت و یوم الترویة و یوم عرفة و غسل المیت و غسل من غسل میتا أو كفنه أو مسه بعد ما برد (3)و غسل یوم الجمعة و غسل الكسوف إذا احترق القرص كله و لم یعلم به الرجل و غسل الجنابة فریضة و كذلك غسل الحیض
لِأَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ: غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَیْضِ وَاحِدٌ.
و كل غسل فیه وضوء فی أوله إلا غسل الجنابة لأنه فریضة و إذا اجتمع فرضان فأكبرهما یجزی عن أصغرهما و من أراد الغسل من الجنابة فلیجتهد أن یبول لیخرج ما فی إحلیله من المنی (4)ثم یغسل یدیه ثلاثا من قبل أن یدخلهما الإناء ثم یستنجی و ینقی فرجه ثم یضع علی رأسه ثلاث أكف من ماء و یمیز الشعر بأنامله حتی یبلغ الماء أصل الشعر كله ثم یتناول الإناء بیده و یصبه علی رأسه و بدنه مرتین و یمر یده علی بدنه كله و یخلل أذنیه بإصبعیه و كل ما أصابه الماء فقد طهر و إذا ارتمس الجنب فی الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله و إن قام فی المطر حتی یغسله فقد أجزأه ذلك من غسله و من أحب أن یتمضمض و یستنشق فی غسل الجنابة فلیفعل و لیس ذلك بواجب لأن الغسل علی ما ظهر لا علی ما بطن غیر أنه إذا أراد أن یأكل أو یشرب قبل الغسل لم یجز له إلا أن یغسل یدیه و یتمضمض و یستنشق فإنه إن أكل أو شرب قبل ذلك خیف علیه البرص و إذا عرق الجنب فی ثوبه و كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فی الثوب و إن كانت من حرام فحرام الصلاة فیه.
و أقل الحیض ثلاثة أیام (5)و أكثرها عشرة أیام و أقل الطهر عشرة أیام
ص: 400
و أكثره لا حد له و أكثر أیام النفساء التی تقعد فیها عن الصلاة ثمانیة عشر یوما و تستظهر بیوم أو یومین إلا أن تطهر قبل ذلك (1).
و الزكاة علی تسعة أشیاء علی الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و الإبل و البقر و الغنم و الذهب و الفضة و عفا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عما سوی ذلك.
و لا یجوز دفع الزكاة إلا إلی أهل الولایة و لا یعطی من أهل الولایة الأبوان و الولد و الزوج و الزوجة و المملوك و كل من یجبر الرجل علی نفقته.
و الخمس واجب فی كل شی ء بلغ قیمته دینارا من الكنوز و المعادن و الغوص و الغنیمة و هو لله عز و جل و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله و لذی القربی من الأغنیاء و الفقراء و الیتامی و المساكین و ابن السبیل من أهل الدین.
و صیام السنة ثلاثة أیام فی كل شهر خمیس فی أوله و أربعاء فی وسطه و خمیس فی آخره و صیام شهر رمضان فریضة و هو بالرؤیة و لیس بالرأی و لا التظنی و من صام قبل الرؤیة أو أفطر قبل الرؤیة فهو مخالف لدین الإمامیة.
و لا تقبل شهادة النساء فی الطلاق و لا فی رؤیة الهلال و الصلاة فی شهر رمضان كالصلاة فی غیره من الشهور فمن أحب أن یزید فلیصل كل لیلة عشرین ركعة ثمانی ركعات بین المغرب و العشاء الآخرة و اثنتا عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة إلی أن یمضی عشرون لیلة من شهر رمضان ثم یصلی كل لیلة ثلاثین ركعة ثمان ركعات منها بین المغرب و العشاء و اثنتین و عشرین ركعة بعد العشاء الآخرة و یقرأ فی كل ركعة منها الحمد و ما تیسر له من القرآن إلا فی لیلة إحدی و عشرین و لیلة ثلاث و عشرین فإنه یستحب إحیاؤهما و أن یصلی الإنسان فی كل لیلة منهما مائة ركعة یقرأ فی كل ركعة الحمد مرة و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عشر مرات و من أحیا هاتین اللیلتین بمذاكرة العلم فهو أفضل و ینبغی للرجل إذا كان لیلة الفطر أن یصلی المغرب ثلاثا ثم یسجد و یقول فی سجوده یا ذا الطول یا ذا الحول یا مصطفی محمد و ناصره صل علی محمد و آل محمد و اغفر لی كل ذنب أذنبته و نسیته و هو عندك فی كتاب مبین
ص: 401
ثم یقول مائة مرة أتوب إلی اللّٰه عز و جل و یكبر بعد المغرب و العشاء الآخرة و صلاة الغداة و العید و الظهر و العصر كما یكبر أیام التشریق و یقول اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر و لله الحمد و اللّٰه أكبر علی ما هدانا و الحمد لله علی ما أبلانا و لا یقول فیه و رزقنا من بهیمة الأنعام فإن ذلك فی أیام التشریق.
و زكاة الفطرة واجبة تجب علی الرجل أن یخرجها عن نفسه و عن كل من یعول من صغیر و كبیر و حر و عبد و ذكر و أنثی صاعا من تمر أو صاعا من زبیب أو صاعا من بر أو صاعا من شعیر و أفضل ذلك التمر و الصاع أربعة أمداد و المد وزن مائتین و اثنین و تسعین درهما و نصف یكون ذلك ألفا و مائة و سبعین وزنة (1)و لا بأس بأن یدفع قیمته ذهبا أو ورقا و لا بأس بأن یدفع عن نفسه و عمن یعول إلی واحد و لا یجوز أن یدفع ما یلزم واحدا إلی نفسین و لا بأس بإخراج الفطرة فی أول یوم من شهر رمضان إلی آخره (2)و هی زكاة إلی أن یصلی العید (3)فإن أخرجها بعد الصلاة فهی صدقة و أفضل وقتها آخر یوم من شهر رمضان و من كان له مملوك مسلم أو ذمی فلیدفع عنه الفطرة و من ولد له مولود یوم الفطرة قبل الزوال فلیدفع عنه الفطرة و إن ولد بعد الزوال فلا فطرة علیه و كذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال أو بعده فعلی هذا.
و الحاج علی ثلاثة أوجه قارن و مفرد و متمتع بالعمرة إلی الحج و لا یجوز لأهل مكة و حاضریها التمتع بالعمرة إلی الحج و لیس لهم إلا الإقران و الإفراد لقول اللّٰه عز و جل ذلِكَ لِمَنْ لَمْ یَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و حد حاضری المسجد الحرام أهل مكة و حوالیها علی ثمانیة و أربعین میلا و من كان خارجا من هذا الحد (4)فلا یحج إلا متمتعا بالعمرة إلی الحج و لا یقبل اللّٰه غیره و أول الإحرام
ص: 402
المسلخ و آخره ذات عرق (1)و أوله أفضل فإن رسول اللّٰه وقت لأهل العراق العقیق و وقت لأهل الطائف قرن المنازل و وقت لأهل الیمن یلملم و وقت لأهل الشام المهیعة و هی الجحفة و وقت لأهل المدینة ذا الحلیفة و هو مسجد الشجرة و لا یجوز الإحرام قبل بلوغ المیقات و لا یجوز تأخیره عن المیقات إلا لعلة أو تقیة و فرائض الحج سبعة الإحرام و التلبیات الأربع و هی لبیك اللّٰهم لبیك لبیك لا شریك لك لبیك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شریك لك لبیك و غیر ذلك من التلبیة سنة و ینبغی للملبی أن یكثر من قوله لبیك ذا المعارج لبیك فإنها تلبیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الطواف بالبیت فریضة و الركعتان عند مقام إبراهیم علیه السلام فریضة و السعی بین الصفا و المروة فریضة (2)و الوقوف بالمشعر فریضة و هدی التمتع فریضة و ما سوی ذلك من مناسك الحج سنة و من أدرك یوم الترویة عند زوال الشمس إلی اللیل فقد أدرك المتعة و من أدرك یوم النحر مزدلفة و علیه خمسة من الناس فقد أدرك الحج.
و لا یجوز فی الأضاحی من البدن إلا الثنی و هو الذی تم له خمس سنین و دخل فی السادسة و یجزی فی المعز و البقر الثنی و هو الذی تم له سنة و دخل فی الثانیة و یجزی من الضأن الجذع لسنة و لا یجزی فی الأضحیة ذات عوار و یجزی البقرة عن خمسة نفر إذا (3)كانوا من أهل بیت و الثور عن واحد و البدنة عن سبعة و الجزور عن عشرة متفرقین و الكبش عن الرجل و عن أهل بیته و إذا عزت الأضاحی أجزأت شاة عن سبعین و یجعل الأضحیة (4)ثلاثة أثلاث ثلث یؤكل و ثلث یهدی و ثلث یتصدق به.
و لا یجوز صیام أیام التشریق فإنها أیام أكل و شرب و بعال و جرت
ص: 403
السنة فی الإفطار یوم النحر بعد الرجوع من الصلاة و فی الفطر قبل الخروج إلی الصلاة و التكبیر فی أیام التشریق بمنی و فی دبر خمس عشرة صلاة من صلاة الظهر یوم النحر إلی صلاة الغداة یوم الرابع و بالأمصار فی دبر عشر صلوات من صلاة الظهر یوم النحر إلی صلاة الغداة یوم الثالث.
و تحل الفروج بثلاثة وجوه نكاح بمیراث و نكاح بلا میراث و نكاح بملك الیمین و لا ولایة لأحد علی المرأة إلا لأبیها ما دامت بكرا فإذا كانت ثیبا فلا ولایة لأحد علیها و لا یزوجها أبوها و لا غیره إلا بمن ترضی بصداق مفروض و لا یقع الطلاق إلا علی الكتاب و السنة و لا یمین فی طلاق و لا فی عتق و لا طلاق قبل نكاح و لا عتق قبل ملك و لا عتق إلا ما أرید به وجه اللّٰه عز و جل.
و الوصیة لا یجوز إلا بالثلث و من أوصی بأكثر من الثلث رد إلی الثلث و ینبغی للمسلم أن یوصی لذوی قرابته ممن لا یرث بشی ء من ماله قل أم كثر و من لم یفعل ذلك فقد ختم عمله بمعصیة.
سهام المواریث لا تعول علی ستة و لا یرث مع الولد و الأبوین أحد إلا زوج أو زوجة و المسلم یرث الكافر و لا یرث الكافر المسلم و ابن الملاعنة لا یرثه أبوه و لا أحد من قبل أبیه و ترثه أمه فإن لم تكن له أم فأخواله و أقرباؤه من قبل أمه و متی أقر الملاعن بالولد بعد الملاعنة ألحق به ولده و لم ترجع إلیه امرأته فإن مات الأب ورثه الابن و إن مات الابن لم یرثه الأب.
و من شرائط دین الإمامیة الیقین و الإخلاص و التوكل و الرضا و التسلیم و الورع و الاجتهاد و الزهد و العبادة و الصدق و الوفاء و أداء الأمانة إلی البر و الفاجر و لو إلی قاتل الحسین علیه السلام و البر بالوالدین و استعمال المروة و الصبر و الشجاعة و اجتناب المحارم و قطع الطمع عما فی أیدی الناس و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و الجهاد فی سبیل اللّٰه بالنفس و المال علی شرائطه و مواساة الإخوان و المكافأة علی الصنائع و شكر المنعم و الثناء علی المحسن و القناعة و صلة الرحم و بر الآباء و الأمهات و حسن المجاورة و الإیثار و مصاحبة الأخیار و مجانبة الأشرار و معاشرة الناس
ص: 404
بالجمیل و التسلیم علی جمیع الناس مع الاعتقاد بأن سلام اللّٰه لا ینال الظالمین و إكرام المسلم ذی الشیبة و توقیر الكبیر و رحمة الصغیر و إكرام كریم كل قوم و التواضع و التخشع و كثرة ذكر اللّٰه عز و جل و تلاوة القرآن و الدعاء و الإغضاء و الاحتمال و المجاملة (1)و التقیة و حسن الصحابة و كظم الغیظ و التعطف علی الفقراء و المساكین و مشاركتهم فی المعیشة و تقوی اللّٰه فی السر و العلانیة و الإحسان إلی النساء و ما ملكت الأیمان و حفظ اللسان إلا من خیر و حسن الظن باللّٰه عز و جل و الندم علی الذنب و استعمال السخاء و الجود و الاعتراف بالتقصیر و استعمال جمیع مكارم الأفعال و الأخلاق للدین و الدنیا و اجتناب مذامها فی الجملة و التفصیل و اجتناب الغضب و السخط و الحمیة و العصبیة و الكبر و ترك التجبر و احتقار الناس و الفخر و العجب و البذاء و الفحش و البغی و قطیعة الرحم و الحسد و الحرص و الشره و الطمع و الخرق و الجهل و السفه و الكذب و الخیانة و الفسق و الفجور و الیمین الكاذبة و كتمان الشهادة و الشهادة بالزور و الغیبة و البهتان و السعایة و السباب و اللعان و الطعان و المكر و الخدیعة و الغدر و النكث و القتل بغیر حق و الظلم و القساوة و الجفاء و النفاق و الریاء و الزنا و اللواط و الربا و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و عقوق الوالدین و الاحتیال علی الناس و أكل مال الیتیم ظلما و قذف المحصنة.
هذا ما اتفق إملاؤه علی العجلة من وصف دین الإمامیة و قال و سأملی شرح ذلك و تفسیره إذا سهل اللّٰه عز اسمه لی العود من مقصدی إلی نیسابور إن شاء اللّٰه و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم و صلی اللّٰه علی محمد و آله و سلم (2).
أقول: سیأتی بیان ما یخالف المشهور من عقائده و بسط القول فی كل منها فی أبوابها إن شاء اللّٰه تعالی و إنما أوردناها لكونه من عظماء القدماء التابعین لآثار الأئمة النجباء الذین لا یتبعون الآراء و الأهواء و لذا ینزل أكثر أصحابنا كلامه و كلام أبیه رضی اللّٰه عنهما منزلة النص المنقول و الخبر المأثور.
ص: 405
«1»-ج، الإحتجاج دخل أبو العلاء المعری الدهری علی السید المرتضی قدس اللّٰه سره فقال له أیها السید ما قولك فی الكل فقال السید ما قولك فی الجزء فقال ما قولك فی الشعری فقال ما قولك فی التدویر قال ما قولك فی عدم الانتهاء فقال ما قولك فی التحیز و الناعورة فقال ما قولك فی السبع فقال ما قولك فی الزائد البری من السبع فقال ما قولك فی الأربع فقال ما قولك فی الواحد و الاثنین فقال ما قولك فی المؤثر فقال ما قولك فی المؤثرات (1)فقال ما قولك فی النحسین فقال ما قولك فی السعدین فبهت أبو العلاء فقال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه عند ذلك ألا كل ملحد ملهد و قال أبو العلاء (2)أخذته من كتاب اللّٰه عز و جل یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ و قام و خرج فقال السید رضی اللّٰه عنه قد غاب عنا الرجل و بعد هذا لا یرانا فسئل السید رضی اللّٰه عنه عن شرح هذه الرموز و الإشارات فقال سألنی عن الكل و عنده الكل قدیم و یشیر بذلك إلی عالم سماه العالم الكبیر فقال لی ما قولك فیه أراد أنه قدیم و أجبته عن ذلك و قلت له ما قولك فی الجزء لأن عندهم الجزء محدث و هو المتولد عن العالم الكبیر و هذا الجزء هو العالم الصغیر عندهم و كان مرادی بذلك أنه إذا صح أن هذا العالم محدث فذلك الذی أشار إلیه إن صح فهو محدث أیضا لأن هذا من جنسه علی زعمه و الشی ء الواحد و الجنس الواحد لا یكون بعضه قدیما و بعضه محدثا فسكت لما سمع ما قلته
ص: 406
و أما الشعری أراد أنها لیست من الكواكب السیارة (1)فقلت له ما قولك فی التدویر أردت أن الفلك فی التدویر و الدوران فالشعری لا یقدح فی ذلك و أما عدم الانتهاء أراد بذلك أن العالم لا ینتهی لأنه قدیم فقلت له قد صح عندی التحیز و التدویر و كلاهما یدلان علی الانتهاء و أما السبع أراد بذلك النجوم السیارة التی هی عندهم ذوات الأحكام فقلت له هذا باطل بالزائد البری الذی یحكم فیه بحكم لا یكون ذلك الحكم منوطا بهذه النجوم السیارة التی هی الزهرة و المشتری و المریخ و عطارد و الشمس و القمر و زحل و أما الأربع أراد بها الطبائع فقلت له ما قولك فی الطبیعة الواحدة الناریة یتولد منها دابة بجلدها تمس الأیدی ثم تطرح ذلك الجلد علی النار فیحترق الزهومات و یبقی الجلد صحیحا لأن الدابة خلقها اللّٰه علی طبیعة النار و النار لا تحرق النار و الثلج أیضا یتولد فیه الدیدان و هو علی طبیعة واحدة و الماء فی البحر علی طبیعتین تتولد عنه السموك و الضفادع و الحیات و السلاحف و غیرها و عنده لا یحصل الحیوان إلا بالأربع فهذا مناقض لهذا و أما المؤثر أراد به الزحل فقلت له ما قولك فی المؤثر (2)أردت بذلك أن المؤثرات كلهن عنده مؤثرات فالمؤثر القدیم كیف یكون مؤثرا و أما النحسین أراد بهما أنهما من النجوم السیارة إذا اجتمعا یخرج من بینهما سعد فقلت له ما قولك فی السعدین إذا اجتمعا خرج من بینهما نحس هذا حكم أبطله اللّٰه تعالی لیعلم الناظر أن الأحكام لا تتعلق بالمسخرات لأن الشاهد یشهد علی أن العسل و السكر إذا اجتمعا لا یحصل منهما الحنظل و العلقم و الحنظل و العلقم إذا اجتمعا لا یحصل منهما الدبس و السكر هذا دلیل علی بطلان قولهم و أما قولی ألا كل ملحد ملهد أردت أن كل مشرك ظالم لأن فی اللغة
ص: 407
ألحد الرجل عن الدین إذا عدل عن الدین و ألهد إذا ظلم فعلم أبو العلاء ذلك و أخبرنی عن علمه بذلك فقرأ یا بُنَیَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ الآیة و قال إن المعری لما خرج من العراق سئل عن السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فقال
یا سائلی عنه لما جئت أسأله ألا هو الرجل العاری من العار
لو جئته لرأیت الناس فی رجل و الدهر فی ساعة و الأرض فی دار (1)
بیان: الناعورة الدولاب و استعیر هنا للفلك الدوار أقول قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الفصول، اتفق للشیخ أبی عبد اللّٰه المفید رحمة اللّٰه علیه اتفاق مع القاضی أبی بكر أحمد بن سیار فی دار الشریف (2)أبی عبد اللّٰه محمد بن محمد بن طاهر الموسوی رضی اللّٰه عنه و كان بالحضرة جمع كثیر یزید عددهم علی مائة إنسان و فیهم أشراف من بنی علی و بنی العباس و من وجوه الناس و التجار حضروا فی قضاء حق الشریف رحمه اللّٰه فجری من جماعة من القوم خوض فی ذكر النص علی أمیر المؤمنین علیه السلام و تكلم الشیخ أبو عبد اللّٰه أیده اللّٰه فی ذلك بكلام یسیر علی ما اقتضته الحال فقال له القاضی أبو بكر بن سیار خبرنی ما النص فی الحقیقة و ما معنی هذه اللفظة فقال الشیخ أیده اللّٰه النص هو الإظهار و الإبانة من ذلك قولهم فلان قد نص قلوصه (3)إذا أبانها بالسیر و أبرزها من جملة الإبل و لذلك سمی المفرش العالی منصة لأن الجالس علیه یبین بالظهور من الجماعة فلما أظهره المفرش سمی منصة علی ما ذكرناه و من ذلك أیضا قولهم قد نص فلان مذهبه إذا أظهره و أبانه و منه قول الشاعر
و جید كجید الریم لیس بفاحش (4)إذا هی نصته و لا بمعطل
یرید إذا هی أظهرته و قد قیل نصبته و المعنی فی هذا یرجع إلی الإظهار فأما
ص: 408
هذه اللفظة فإنها قد جعلت مستعملة فی الشریعة علی المعنی الذی قدمت و متی أردت حد المعنی منها قلت حقیقة النص هو القول المنبئ عن المقول فیه علی سبیل الإظهار فقال القاضی ما أحسن ما قلت و لقد أصبت فیما أوضحت و كشفت فخبرنی الآن إذا كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد نص علی إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام فقد أظهر فرض طاعته و إذا أظهره استحال أن یكون مخفیا فما بالنا لا نعلمه إن كان الأمر علی ما ذكرت فی حد النص و حقیقته فقال الشیخ أیده اللّٰه أما الإظهار من النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقد وقع و لم یك خافیا فی حال ظهوره و كل من حضره فقد علمه و لم یرتب فیه و لا اشتبه علیه و أما سؤالك عن علة فقدك العلم به الآن و فی هذا الزمان فإن كنت لا تعلمه علی ما أخبرت به عن نفسك فذلك لدخول الشبهة علیك فی طریقه لعدولك عن وجه النظر فی الدلیل المفضی بك إلی حقیقته و لو تأملت الحجة فیه بعین الإنصاف لعلمته و لو كنت حاضرا فی وقت إظهار النبی له صلی اللّٰه علیه و آله لما أخللت بعلمه و لكن العلة فی ذهابك عن الیقین فیه ما وصفناه فقال و هل یجوز أن یظهر النبی صلی اللّٰه علیه و آله شیئا فی زمانه فیخفی عمن ینشأ بعد وفاته حتی لا یعلمه إلا بنظر ثاقب و استدلال علیه فقال الشیخ أیده اللّٰه تعالی نعم یجوز ذلك بل لا بد منه لمن غاب عن المقام فی علم ما كان منه إلی النظر و الاستدلال و لیس یجوز أن یقع له به علم الاضطرار لأنه من جملة الغائبات غیر أن الاستدلال فی هذا الباب یختلف فی الغموض و الظهور و الصعوبة و السهولة علی حسب الأسباب المعترضات فی طرفه و ربما عری طریق ذلك من سبب فیعلم بیسیر من الاستدلال علی وجه یشبه الاضطرار (1)إلا أن طریق النص حصل فیه من الشبهات للأسباب التی اعترضته ما یتعذر معها العلم به إلا بعد نظر ثاقب و طول زمان فی الاستدلال (2)فقال فإذا كان الأمر علی ما وصفت فما أنكرت أن یكون النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد نص
ص: 409
علی نبی آخر معه فی زمانه أو نبی یقوم من بعده مقامه و أظهر ذلك و شهره علی حد ما أظهر به إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام فذهب عنا علم ذلك كما ذهب عنا علم النص و أسبابه فقال له الشیخ أیده اللّٰه أنكرت ذلك من قبل أن العلم حاصل لی و لكل مقر بالشرع (1)و منكر له بكذب من ادعی ذلك علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لو كان ذلك حقا لما عم الجمیع علی بطلانه و كذب مدعیه و مضیفه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله (2)و لو تعری بعض العقلاء من سامعی الأخبار عن علم ذلك لاحتجت فی إفساده إلی تكلف دلیل غیر ما وصفت لكن الذی ذكرت یغنینی عن اعتماد غیره فإن كان النص علی الإمامة نظیره فیجب أن یعم العلم ببطلانه جمیع سامعی الأخبار حتی لا یختلف فی اعتقاد ذلك اثنان و فی تنازع الأمة فیه و اعتقاد جماعة صحته و العلم به و اعتقاد جماعة بطلانه دلیل علی فرق ما بینه و بین ما عارضت به ثم قال له الشیخ أدام اللّٰه حراسته أ لا أنصف القاضی من نفسه و التزم ما ألزمه خصومه (3)فیما شاركهم فیه من نفی ما تفردوا به ففصل بینه و بین خصومه فی قوله إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد نص علی رجم الزانی و فعله و موضع قطع السارق و فعله و علی صفة الطهارة و الصلاة و حدود الصوم و الحج و الزكاة و فعل ذلك و بینه و كرره و شهره ثم التنازع موجود فی ذلك و إنما یعلم الحق فیه و ما علیه العمل من غیره بضرب من الاستدلال بل فی قوله إن انشقاق القمر لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان ظاهرا فی حیاته و مشهورا فی عصره و زمانه و قد أنكر ذلك جماعة من المعتزلة و غیرهم من أهل الملل و الملحدة و زعموا أن ذلك من تولید أصحاب السیر و مؤلفی المغازی و ناقلی الآثار و لیس یمكننا أن ندعی علی من خالفنا فیما ذكرنا علم الاضطرار و إنما نعتمد علی غلطهم فی الاستدلال فما یؤمنه أن یكون النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد نص علی نبی
ص: 410
من بعده و إن عری من العلم بذلك علی سبیل الاضطرار و بم یدفع أن یكون قد حصلت شبهات حالت بینه و بین العلم بذلك كما حصل لخصومه فیما عددناه و وصفناه و هذا ما لا فصل فیه فقال له لیس یشبه النص علی أمیر المؤمنین علیه السلام جمیع ما ذكرت لأن فرض النص عندك فرض عام و ما وقع فیه الاختلاف فیما قدمت فروض خاصة و لو كانت فی العموم كهو لما وقع فیها الاختلاف فقال الشیخ أیده اللّٰه فقد انتقض الآن جمیع ما اعتمدته و بان فساده و احتجت فی الاعتماد إلی غیره و ذلك أنك جعلت موجب العلم و سبب ارتفاع الخلاف ظهور الشی ء فی زمان ما و اشتهاره بین الملإ و لم تضم إلی ذلك غیره و لا شرطت فیه موصوفا سواه فلما نقضناه علیك و وضح عندك دماره عدلت إلی التعلق بعموم الفرض و خصوصه و لم یك هذا جاریا فیما سلف و الزیادة فی الاعتلال انقطاع و الانتقال من اعتماد إلی اعتماد أیضا انقطاع علی أنه ما الذی یؤمنك أن ینص علی نبی یحفظ شرعه فیكون فرض العمل (1)به خاصا فی العبادة كما كان الفرض فیما عددناه خاصا فهل فیها من فصل یعقل فلم یأت بشی ء تجب حكایته (2)قال و روی الشیخ أنه قال بعض الشیعة لبعض الناصبة فی محاورته له فی فضل آل محمد علیهم السلام أ رأیت لو بعث اللّٰه نبیه صلی اللّٰه علیه و آله أین تری كان یحط رحله و ثقله (3)قال فقال له الناصب كان یحطه فی أهله و ولده قال فقال له الشیعی فإنی قد حططت هوای حیث یحط رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رحله و ثقله.
«4»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه كفایته فی إبطال إمامة أبی بكر من جهة الإجماع سأله المعروف بالكتبی فقال له ما الدلیل علی فساد إمامة أبی بكر فقال له الدلالة علی ذلك كثیرة فأنا أذكر لك منها دلیلا یقرب من فهمك و هو أن الأمة مجتمعة
ص: 411
علی أن الإمام لا یحتاج إلی إمام و قد أجمعت الأمة علی أن أبا بكر قال علی المنبر ولیتكم و لست بخیركم فإن استقمت فاتبعونی و إن اعوججت فقومونی فاعترف بحاجته إلی رعیته و فقره إلیهم فی تدبیره و لا خلاف بین ذوی العقول أن من احتاج إلی رعیته فهو إلی الإمام أحوج و إذا ثبت حاجة أبی بكر إلی الإمام بطلت إمامته بالإجماع المنعقد علی أن الإمام لا یحتاج إلی الإمام فلم یدر الكتبی بم یعترض و كان بالحضرة من المعتزلة رجل یعرف بعرزالة (1)فقال ما أنكرت علی من قال لك إن الأمة أیضا مجتمعة علی أن القاضی لا یحتاج إلی قاض و الأمیر لا یحتاج إلی أمیر فیجب علی هذا الأصل أن یوجب عصمة الأمراء (2)أو یخرج من الإجماع فقال له الشیخ إن سكوت الأول أحسن من كلامك هذا و ما كنت أظن أنه یذهب علیك الخطأ فی هذا الفصل أو تحمل نفسك علیه مع العلم بوهنه و ذلك أنه لا إجماع فی ما ذكرت بل الإجماع فی ضده لأن الأمة متفقة علی أن القاضی الذی هو دون الإمام یحتاج إلی قاض هو الإمام (3)و ذلك یسقط ما تعلقت به اللّٰهم إلا أن تكون أشرت بالأمیر و القاضی إلی نفس الإمام فهو كما وصفت غیر محتاج إلی قاض یتقدمه أو أمیر علیه و إنما استغنی عن ذلك لعصمته و كماله فأین موضوع إلزامك عافاك اللّٰه فلم یأت بشی ء (4)
«5»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه نعماءه أیضا سأله رجل من المعتزلة یعرف بأبی عمرو الشوطی (5)فقال له أ لیس قد اجتمعت الأمة (6)علی أن أبا بكر و عمر كان ظاهرهما الإسلام فقال له الشیخ نعم قد أجمعوا علی أنهما كانا علی ظاهر الإسلام زمانا فأما أن یكونوا مجمعین علی أنهما كانا فی سائر أحوالهما علی ظاهر الإسلام فلیس
ص: 412
فی هذا إجماع لاتفاق أنهما كانا علی الشرك و لوجود طائفة كثیرة العدد تقول إنهما كانا بعد إظهارهما الإسلام علی ظاهر كفر بجحد النص و أنه قد كان یظهر منهما النفاق فی حیاة النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال الشوطی (1)قد بطل ما أردت أن أورده علی هذا السؤال بما أوردت و كنت أظن أنك تطلق القول علی ما سألتك فقال له الشیخ قد سمعت ما عندی و قد علمت ما الذی أردت فلم أمكنك منه و لكنی أنا أضطرك إلی الوقوع فیما ظننت أنك توقع خصمك فیه أ لیس الأمة مجتمعة علی أنه من اعترف بالشك فی دین اللّٰه عز و جل و الریب فی نبوة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقد اعترف بالكفر و أقر به (2)فقال بلی فقال له الشیخ فإن الأمة مجتمعة لا خلاف بینها علی أن عمر بن الخطاب قال ما شككت منذ أسلمت إلا یوم قاضی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أهل مكة فإنی جئت إلیه فقلت له یا رسول اللّٰه أ لست بنبی فقال بلی فقلت أ لسنا بالمؤمنین قال بلی فقلت له فعلام تعطی هذه الدنیة من نفسك فقال إنها لیست بدنیة و لكنها خیر لك فقلت له أ فلیس وعدتنا أنك تدخل مكة (3)قال بلی قلت فما بالنا لا ندخلها قال وعدتك أن تدخلها العام (4)قلت لا قال فستدخلها إن شاء اللّٰه تعالی فاعترف بشكه فی دین اللّٰه عز و جل و نبوة رسوله و ذكر مواضع شكوكه و بین عن جهاتها و إذا كان الأمر علی ما وصفناه فقد حصل الإجماع علی كفره بعد إظهار الإیمان و اعترافه بموجب ذلك علی نفسه ثم ادعی خصوم من الناصبة (5)أنه تیقن بعد الشك و رجع إلی الإیمان بعد الكفر فاطرحنا قولهم لعدم البرهان منهم (6)و اعتمدنا علی الإجماع فیما ذكرناه فلم یأت بشی ء أكثر من أن قال
ص: 413
ما كنت أظن أن أحدا یدعی الإجماع علی كفر عمر بن الخطاب حتی الآن فقال الشیخ فالآن قد علمت ذلك و تحققته و لعمری إن هذا مما لم یسبقنی إلی استخراجه أحد فإن كان عندك شی ء فأورده فلم یأت بشی ء (1)..
«6»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه علوه أیضا حضر فی دار الشریف أبی عبد اللّٰه محمد بن محمد بن طاهر رحمه اللّٰه و حضر رجل من المتفقهة یعرف بالورثانی و هو من فهمائهم فقال له الورثانی أ لیس من مذهبك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان معصوما من الخطإ مبرأ من الزلل مأمونا علیه السهو و الغلط كاملا بنفسه غنیا عن رعیته فقال له الشیخ بلی كذلك كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال فما تصنع فی قول اللّٰه عز و جل وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ أ لیس قد أمره اللّٰه تعالی بالاستعانة بهم فی الرأی و أفقره إلیهم فكیف یصح لك ما ادعیت مع ظاهر القرآن و ما فعله النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال الشیخ إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یشاور أصحابه لفقر منه إلی رأیهم و لا حاجة دعته إلی مشورتهم من حیث ظننت و توهمت بل لأمر آخر أنا نذكره لك بعد الإیضاح عما خبرتك به و ذلك أنا قد علمنا أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان معصوما من الكبائر (2)و إن خالفت أنت فی عصمته من الصغائر و كان أكمل الخلق باتفاق أهل الملة و أحسنهم رأیا و أوفرهم عقلا و أحكمهم تدبیرا و كانت المواد بینه و بین اللّٰه تعالی متصلة و الملائكة تتواتر علیه بالتوقیف (3)عن اللّٰه سبحانه و التهذیب و الإنباء له عن المصالح و إذا كان بهذه الصفات لم یصح أن یدعوه داع إلی اقتباس الرأی من رعیته لأنه لیس أحد منهم إلا و هو دونه فی سائر ما عددناه و إنما یستشیر الحكیم غیره علی طریق الاستفادة و الاستعانة برأیه إذا تیقن أنه أحسن رأیا منه و أجود تدبیرا و أكمل عقلا أو ظن ذلك فأما إذا أحاط علما بأنه دونه فیما وصفناه لم یكن لاستعانته فی تدبیره برأیه معنی لأن الكامل لا یفتقر إلی الناقص فیما یحتاج فیه إلی الكمال كما
ص: 414
لا یفتقر العالم إلی الجاهل فیما یحتاج فیه إلی العلم و الآیة ینبه متضمنها علی ذلك أ لا تری إلی قوله عز و جل وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فعلق وقوع الفعل بعزمه دون رأیهم و مشورتهم و لو كان إنما أمره بمشورتهم للاستضاءة برأیهم (1)لقال له فإذا أشاروا علیك فاعمل و إذا اجتمع رأیهم علی أمر فأمضه فكان تعلق فعله بالمشورة دون العزم الذی یختص به فلما جاء الذكر بما تلوناه سقط ما توهمته و أما وجه دعائه لهم إلی المشورة علیه صلوات اللّٰه علیه فإن اللّٰه عز و جل أمره بتألفهم بمشورتهم و تعلمهم ما یصنعونه عند عزماتهم لیتأدبوا بأدب اللّٰه عز و جل فاستشارهم لذلك لا لحاجة إلی رأیهم علی أن هاهنا وجها آخر بینا و هو أن اللّٰه سبحانه أعلمه أن فی أمته من یبتغی له الغوائل و یتربص به الدوائر (2)و یسر خلافه و یبطن مقته و یسعی فی هدم أمره و ینافقه فی دینه و لم یعرفه أعیانهم و لا دله علیهم بأسمائهم فقال جل جلاله وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ مَرَدُوا عَلَی النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَیْنِ ثُمَّ یُرَدُّونَ إِلی عَذابٍ عَظِیمٍ (3)و قال جل اسمه وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ هَلْ یَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ (4)و قال تبارك اسمه یَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یَرْضی عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (5)و قال تعالی وَ یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌ یَفْرَقُونَ (6)و قال عز و جل وَ إِذا رَأَیْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ یَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ یَحْسَبُونَ كُلَّ صَیْحَةٍ عَلَیْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّی یُؤْفَكُونَ (7)و قال جل جلاله وَ لا یَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالی وَ لا یُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ (8)
ص: 415
و قال تبارك و تعالی وَ إِذا قامُوا إِلَی الصَّلاةِ قامُوا كُسالی یُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا یَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِیلًا (1)و قال سبحانه بعد أن نبأه عنهم فی الجملة وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَیْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ (2)فدل علیهم بمقالهم و جعل الطریق له إلی معرفتهم ما یظهر من نفاقهم فی لحن قولهم ثم أمره بمشورتهم لیصل ما یظهر منهم إلی علم باطنهم فإن الناصح یبدو نصیحته فی مشورته و الغاش المنافق یظهر ذلك فی مقاله فاستشارهم صلی اللّٰه علیه و آله لذلك و لأن اللّٰه جل جلاله جعل مشورتهم الطریق إلی معرفتهم أ لا تری أنهم لما أشاروا ببدر علیه صلی اللّٰه علیه و آله فی الأسری فصدرت مشورتهم عن نیات مشوبة فی نصیحته كشف اللّٰه ذلك له و ذمهم علیه و أبان عن إدغالهم فیه فقال جل اسمه ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری حَتَّی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیا وَ اللَّهُ یُرِیدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِیما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (3)فوجه التوبیخ إلیهم و التعنیف علی رأیهم و أبان لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله عن حالهم فیعلم أن المشورة لهم لم یكن للفقر إلی رأیهم و لكن كانت لما ذكرناه فقال شیخ من القوم یعرف بالجراحی (4)و كان حاضرا یا سبحان اللّٰه أ تری أن أبا بكر و عمر كانا من أهل نفاق كلا ما نظنك أیدك اللّٰه تطلق هذا و ما رأینا صلی اللّٰه علیه و آله استشار ببدر غیرهما (5)فإن كانا هما من المنافقین فهذا ما لا نصبر علیه و لا نقوی علی استماعه و إن لم یكونا من جملة أهل النفاق فاعتمد علی الوجه الأول و هو أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أراد أن یتألفهم بالمشورة و یعلمهم كیف یصنعون فی أمورهم فقال له الشیخ أدام اللّٰه نعماءه لیس هذا من الحجاج أیها الشیخ فی شی ء و إنما هو فی استكبار و استعظام معدول به عن الحجة و البرهان و لم نذكر إنسانا بعینه و إنما أتینا بمجمل من القول ففصله الشیخ و كان غنیا عن تفصیله
ص: 416
و صاح الورثانی و أعلی صوته بالصیاح یقول الصحابة أجل قدرا من أن یكونوا من أهل النفاق و لا سیما الصدیق و الفاروق و أخذ فی كلام نحو هذا من كلام السوقة و العامة و أهل الشغب (1)و الفتن فقال له الشیخ أیده اللّٰه دع عنك الضجیج و تخلص مما أوردته علیك من البرهان و احتل لنفسك و للقوم فقد بان الحق و زهق الباطل بأهون سعی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (2)
«7»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه تأییده أیضا سأله بعض أصحابه فقال له إن المعتزلة و الحشویة یدعون أن جلوس أبی بكر و عمر مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی العریش كان أفضل من جهاد أمیر المؤمنین علیه السلام بالسیف لأنهما كانا مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی مستقره یدبران الأمر معه صلی اللّٰه علیه و آله و لو لا أنهما أفضل الخلق عنده ما اختصهما بالجلوس معه (3)فبأی شی ء تدفع هذا فقال له الشیخ سبیل هذا القول أن یعكس و هذه القضیة أن تقلب و ذلك أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لو علم أنهما لو كانا من جملة المجاهدین بأنفسهما یبارزان الأقران و یقتلان الأبطال و یحصل لهما جهاد یستحقان به الثواب لما حال بینهما و بین هذه المنزلة التی هی أجل و أشرف و أعلی و أسنی من القعود علی كل حال بنص الكتاب حیث یقول اللّٰه سبحانه لا یَسْتَوِی الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ أُولِی الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَی الْقاعِدِینَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً (4)فلما رأینا الرسول صلی اللّٰه علیه و آله قد منعهما هذه الفضیلة و أجلسهما معه علمنا أن ذلك لعلمه بأنهما لو تعرضا للقتال أو عرضا له لأفسدا إما بأن ینهزما أو یولیا الدبر كما صنعا یوم أحد و خیبر و حنین و كان یكون فی ذلك عظیم الضرر علی المسلمین و لا یؤمن وقوع الوهن
ص: 417
فیهم بهزیمة شیخین من جملتهم أو كانا من فرط ما یلحقهما من الخوف و الجزع یصیران إلی أهل الشرك مستأمنین أو غیر ذلك من الفساد الذی یعلمه اللّٰه تعالی و لعله لطف للأمة بأن أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بحبسهما عن القتال فأما ما توهموه من أنه حبسهما (1)للاستعانة برأیهما فقد ثبت أنه كان كاملا و كانا ناقصین عن كماله و كان صلی اللّٰه علیه و آله معصوما و كانا غیر معصومین و كان مؤیدا بالملائكة و كانا غیر مؤیدین و كان یوحی إلیه و ینزل القرآن علیه و لم یكونا كذلك فأی فقر یحصل له مع ما وصفناه إلیهما لو لا عمی القلوب و ضعف الرأی و قلة الدین و الذی یكشف لك عن صحة ما ذكرته آنفا فی وجه إجلاسهما معه فی العریش قول اللّٰه سبحانه إِنَّ اللَّهَ اشْتَری مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الْقُرْآنِ (2)فلا یخلو الرجلان من أن یكونا مؤمنین أو غیر مؤمنین فقد اشتری اللّٰه (3)عز و جل أنفسهما منهما بالجنة علی شرط القتال المؤدی إلی القتل منهما لغیرهما أو قتل غیرهما لهما و لو كان ذلك كذلك (4)لما حال النبی بینهما و بین الوفاء بشرط اللّٰه علیهما من القتال و فی منعهما من ذلك دلیل علی أنهما بغیر الصفة التی یعتقدها فیهما الجاهلون فقد وضح بما بیناه أن العریش وبال علیهما و دلیل علی نقصهما و أنه بالضد مما توهموه و المنة لله تعالی (5)..
«8»-و قال الشیخ أدام اللّٰه عزه قال أبو الحسن الخیاط جاءنی رجل من أصحاب الإمامة عن رئیس لهم زعم أنه أمره أن یسألنی عن قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأبی بكر لا تَحْزَنْ (6)أ طاعة خوف أبی بكر (7)أم معصیة قال فإن كان طاعة فقد نهاه عن الطاعة و إن كان معصیة فقد عصی أبو بكر قال فقلت له دع الجواب الیوم و لكن ارجع إلیه و اسأله عن قول اللّٰه تعالی
ص: 418
لموسی علیه السلام لا تَخَفْ (1)أ یخلو خوف موسی علیه السلام من أن یكون طاعة أم معصیة فإن یك طاعة فقد نهاه عن الطاعة و إن یك معصیة فقد عصی موسی علیه السلام قال فمضی ثم عاد إلی فقلت له رجعت إلیه قال نعم فقلت له ما قال قال قال لی لا تجلس إلیه قال الشیخ أدام اللّٰه عزه و لست أدری صحة هذه الحكایة و لا أبعد أن یكون من تخرص الخیاط و لو كان صادقا فی قوله إن رئیسا من الشیعة أنفذ مسألة عن هذا السؤال لما قصر الرئیس عن إسقاط ما أورده من الاعتراض (2)و یقوی فی النفس أن الخیاط أراد التقبیح علی أهل الإمامة فی تخرص هذه الحكایة غیر أنی أقول له و لأصحابه الفصل بین الأمرین واضح و ذلك أنی لو خلیت و ظاهر قوله تعالی لموسی علیه السلام وَ لا تَخَفْ و قوله تعالی لنبیه صلی اللّٰه علیه و آله لا یَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ (3)و ما أشبه هذا مما توجه إلی الأنبیاء علیهم السلام لقطعت علی أنه نهی لهم عن قبیح یستحقون علیه الذم لأن فی ظاهره حقیقة النهی من قوله لا تفعل كما أن فی ظاهر خلافه و مقابله فی الكلام حقیقة الأمر إذا قال له افعل لكننی عدلت عن الظاهر لدلالة عقلیة أوجبت علی العدول (4)كما یوجب الدلالة علی المرور مع الظاهر عند عدم الدلیل الصارف عنه و هی ما ثبت من عصمة الأنبیاء علیهم السلام التی ینبئ عن اجتنابهم الآثام و إذا كان الاتفاق حاصلا علی أن أبا بكر لم یكن معصوما كعصمة الأنبیاء علیهم السلام وجب أن یجری كلام اللّٰه تعالی فیما ضمنه من قصته علی ظاهر النهی و حقیقته و قبح الحال التی كان علیها فتوجه النهی إلیه عن استدامتها إذ لا صارف یصرف عن ذلك من عصمته و لا خبر عن اللّٰه سبحانه فیه و لا عن رسوله صلی اللّٰه علیه و آله فقد بطل ما أورده الخیاط و هو فی الحقیقة رئیس المعتزلة و بان وهی اعتماده (5)و یكشف عن صحة ما ذكرناه ما تقدم به
ص: 419
مشایخنا رحمهم اللّٰه و هو أن اللّٰه سبحانه لم ینزل السكینة قط علی نبیه صلی اللّٰه علیه و آله فی موطن كان معه فیه أحد من أهل الإیمان إلا عمهم بنزول السكینة و شملهم بها بذلك جاء القرآن قال اللّٰه سبحانه وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً وَ ضاقَتْ عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (1)و لما لم یكن مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی الغار إلا أبو بكر أفرد اللّٰه سبحانه نبیه بالسكینة دونه و خصه بها و لم یشركه معه فقال عز اسمه فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها (2)فلو كان الرجل مؤمنا لجری مجری المؤمنین فی عموم السكینة لهم و لو لا أنه أحدث بحزنه فی الغار منكرا لأجله توجه النهی إلیه عن استدامته لما حرمه اللّٰه تعالی من السكینة ما تفضل به علی غیره من المؤمنین الذین كانوا مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی المواطن الأخر علی ما جاء فی القرآن و نطق به محكم الذكر بالبیان (3)و هذا بین لمن تأمله..
قال الشیخ أیده اللّٰه و قد حیر هذا الكلام جماعة من الناصبة و ضیق صدورهم فتشعبوا و اختلفوا فی الحیلة فی التخلص منه (4)فما اعتمد منهم أحد إلا علی ما یدل علی ضعف عقله و سخف رأیه و ضلاله عن الطریق فقال قوم منهم إن السكینة إنما نزلت علی أبی بكر و اعتلوا فی ذلك بأنه كان خائفا رعبا و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان آمنا مطمئنا قالوا و الآمن غنی عن السكینة و إنما یحتاج إلیها الخائف الوجل.
قال الشیخ أیده اللّٰه فیقال لهم قد جنیتم بجهلكم علی أنفسكم بطعنكم فی كتاب اللّٰه بهذا الضعیف الواهی من استدلالكم (5)و ذلك أنه لو كان ما اعتللتم به
ص: 420
صحیحا لوجب أن لا تكون السكینة نزلت علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی یوم بدر و لا فی یوم حنین لأنه لم یك صلی اللّٰه علیه و آله فی هذین الموضعین خائفا و لا جزعا (1)بل كان آمنا مطمئنا متیقنا بكون الفتح له و أن اللّٰه تعالی یظهره عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و فیما نطق به القرآن من تنزیل السكینة علیه ما یدمر علی هذا الاعتلال.
فإن قلتم إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان فی هذین المقامین خائفا و إن لم یبد خوفه فلذلك نزلت السكینة علیه فیهما و حملتم أنفسكم علی هذه الدعوی قلنا لكم و هذه كانت قصته صلی اللّٰه علیه و آله فی الغار (2)فلم تدفعون ذلك (3)
فإن قلتم إنه صلی اللّٰه علیه و آله قد كان محتاجا إلی السكینة فی كل حال لینتفی عنه الخوف و الجزع و لا یتعلقان به فی شی ء من الأحوال نقضتم ما سلف لكم من الاعتلال و شهدتم ببطلان مقالكم الذی قدمناه علی أن نص التلاوة یدل علی خلاف ما ذكرتموه و ذلك أن اللّٰه سبحانه قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها فأنبأ اللّٰه عز و جل خلقه أن الذی نزلت علیه السكینة هو المؤید بالملائكة و إذا كانت الهاء (4)التی فی التأیید تدل علی ما دلت علیه الهاء التی فی نزول السكینة و كانت هاء الكنایة من مبتدإ قوله إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إلی قوله وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها عن مكنی واحد و لم یجز أن تكون عن اثنین غیرین كما لا یجوز أن یقول القائل لقیت زیدا فأكرمته و كلمته فیكون الكلام لزید بهاء الكنایة و یكون الكرامة لعمرو أو خالد أو بكر و إذا كان المؤید بالملائكة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله باتفاق الأمة فقد ثبت أن الذی نزلت علیه السكینة هو خاصة دون صاحبه و هذا ما لا شبهة فیه (5).
ص: 421
و قال قوم منهم إن السكینة و إن اختص بها النبی صلی اللّٰه علیه و آله فلیس یدل ذلك علی نقص الرجل لأن السكینة إنما یحتاج إلیها الرئیس المتبوع دون التابع فیقال لهم هذا رد علی اللّٰه سبحانه لأنه قد أنزلها علی الأتباع المرءوسین ببدر و حنین و غیرهما من المقامات فیجب علی ما أصلتموه أن یكون اللّٰه سبحانه فعل بهم ما لم یكن بهم الحاجة إلیه و لو فعل ذلك لكان عابثا تعالی اللّٰه عما یقول المبطلون علوا كبیرا.
قال الشیخ أدام اللّٰه عزه و هاهنا شبهة یمكن إیرادها هی أقوی مما تقدم غیر أن القوم لم یهتدوا إلیها و لا أظن أنها خطرت ببال أحد منهم و هو أن یقول قائل قد وجدنا اللّٰه سبحانه ذكر شیئین ثم عبر عن أحدهما بالكنایة فكانت الكنایة عنهما معا دون أن یختص بأحدهما و هو مثل قوله سبحانه وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فأورد لفظة الكنایة عن الفضة خاصة و إنما أرادهما جمیعا معا و قد قال الشاعر:
نحن بما عندنا و أنت بما*** عندك راض و الأمر مختلف
و إنما أراد نحن بما عندنا راضون و أنت راض بما عندك فذكر أحد الأمرین فاستغنی عن الآخر كذلك یقول سبحانه فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ و یریدهما جمیعا دون أحدهما.
و الجواب عن هذا و باللّٰه التوفیق أن الاختصار بالكنایة علی أحد المذكورین دون عموم الجمیع مجاز و استعارة و استعمله أهل اللسان (1)فی مواضع مخصوصة و جاء به القرآن فی أماكن محصورة و قد ثبت أن الاستعارة لیست بأصل یجری فی الكلام و لا یصح علیها القیاس و لیس یجوز لنا أن نعدل عن ظواهر القرآن و حقیقة الكلام إلا بدلیل یلجئ إلی ذلك و لا دلیل فی قوله تعالی فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ فنتعدی من أجله المكنی عنه إلی غیره.
و شی ء آخر و هو أن العرب إنما تستعمل ذلك إذا كان المعنی فیه معروفا و الالتباس عنه مرتفعا فتكتفی بلفظ الواحد عن الاثنین للاختصار و لأمانها من وقوع
ص: 422
الشبهة فیه و الارتیاب (1)فأما إذا لم یكن الشی ء معروفا و كان الالتباس عند إفراده متوهما لم یستعمل ذلك و من استعمله كان عندهم ملغزا معمیا أ لا تری أن اللّٰه سبحانه لما قال وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها علم كل سامع للخطاب أنه أرادهما معا مع ما قدمه من كراهة كنزهما المانع من إنفاقهما فلما عم الشیئین بذكر ینتظمهما فی ظاهر المقال (2)بما یدل علی معنی ما أخره من ذكر الإنفاق اكتفی بذكر أحدهما للاختصار و كذلك قوله تعالی وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها و إنما اكتفی بالكنایة عن أحدهما فی ذكرهما معا لما قدمه فی ذكرهما من دلیل ما تضمنه الدلالة (3)فقال تعالی وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها فأوقع الرؤیة علی الشیئین جمیعا و جعلهما سببا للاشتغال بما وقعت علیه منهما عن ذكر اللّٰه سبحانه و الصلاة و لیس یجوز أن یقع الالتباس فی أنه أراد أحدهما مع ما قدم من الذكر إذ لو أراد ذلك لخلا الكلام من الفائدة المعقولة و كان العلم بذلك یجزی فی الإشارة إلیه و كذلك قوله سبحانه وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ یُرْضُوهُ (4)لما تقدم ذكر اللّٰه تعالی علی التفصیل و ذكر رسوله صلی اللّٰه علیه و آله علی البیان دل علی أن الحق فی الرضا لهما جمیعا و إلا لم یكن ذكرهما جمیعا معا یفید شیئا علی الحد الذی قدمناه و كذلك قول الشاعر و أنت بما عندك راض و الأمر مختلف لو لم یقدم قبله نحن بما عندنا لم یجز الاقتصار علی الثانی لأنه لو حمل الأول علی إسقاط المضمر من قوله راضون لخلا من الفائدة فلما كان سائر ما ذكرناه معلوما عند من عقل الخطاب جاز الاقتصار فیه علی أحد المذكورین للإیجاز و الاختصار و لیس كذلك قوله تعالی فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ لأن الكلام یتم فیها و ینتظم فی وقوع الكنایة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله خاصة دون الكائن معه فی الغار و لا یفتقر إلی رد الهاء علیهما معا مع كونهما فی الحقیقة كنایة عن واحد فی الذكر و ظاهر اللسان و لو أرادها للجمیع لحصل
ص: 423
الالتباس و التعمیة و الإلغاز لأنه كما یكون اللبس واقعا عند دلیل الكلام علی انتظامهما للجمیع متی أرید بها الواحد مع عدم الفائدة لو لم یرجع علی الجمیع كذلك یكون التلبیس حاصلا إذا أرید بها الجمیع عند عدم الدلیل الموجب لذلك و كمال الفائدة مع الاقتصار علی الواحد فی المراد أ لا تری أن قائلا لو قال لقیت زیدا و معه عمرو فخاطبت زیدا و ناظرته و أراد بذلك مناظرة الجمیع لكان ملغزا معمیا لأنه لم یكن فی كلامه ما یفتقر إلی عموم الكنایة عنهما و لو جعل هذا نظیر الآیات التی تقدمت لكان جاهلا بفرق ما بینها و بینه مما شرحناه فتعلم أنه لا نسبة بین الأمرین.
و شی ء آخر و هو أنه سبحانه كنی بالهاء التالیة للهاء التی فی السكینة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله خاصة فلم یجز أن یكون أراد بالأولة غیر النبی صلی اللّٰه علیه و آله (1)لأنه لا یعقل فی لسان القوم كنایة عن مذكورین بلفظ واحد و كنایة ترد فیها علی النسق عن واحد من الاثنین و لیس لذلك نظیر فی القرآن و لا فی الأشعار و لا فی شی ء من الكلام فلما كانت الهاء فی قوله تعالی وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها كنایة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالاتفاق ثبت أن التی قبلها من قوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ كنایة عنه صلی اللّٰه علیه و آله خاصة و بان مفارقة ذلك لجمیع ما تقدم ذكره من الآی و الشعر الذی استشهد و اللّٰه الموفق للصواب (2).
«9»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه عزه قال له رجل من أصحاب الحدیث ممن یذهب إلی مذاهب الكرابیسی (3)ما رأیت أجسر من الشیعة فیما یدعونه من المحال و ذلك أنهم زعموا أن قول اللّٰه عز و جل إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ
ص: 424
وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً (1)نزلت فی علی و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام مع ما فی ظاهر الآیة أنها نزلت فی أزواج النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ذلك أنك إذا تأملت الآیة من أولها إلی آخرها وجدتها منتظمة لذكر الأزواج خاصة و لن تجد لمن ادعوها له ذكرا قال الشیخ أدام اللّٰه عزه أجسر الناس علی ارتكاب الباطل و أبهتهم و أشدهم إنكارا للحق و أجهلهم من قام مقامك فی هذا الاحتجاج و دفع ما علیه الإجماع و الاتفاق و ذلك أنه لا خلاف بین الأمة أن الآیة من القرآن قد تأتی و أولها فی شی ء و آخرها فی غیره و وسطها فی معنی و أولها فی سواه و لیس طریق الاتفاق فی المعنی إحاطة وصف الكلام فی الآتی (2)فقد نقل الموافق و المخالف (3)أن هذه الآیة نزلت فی بیت أم سلمة رضی اللّٰه عنها و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی البیت و معه علی و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام و قد جللهم بعباء خیبریة و قال اللّٰهم هؤلاء أهل بیتی فأنزل اللّٰه عز و جل علیه إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فتلاها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالت أم سلمة رضی اللّٰه عنها یا رسول اللّٰه أ لست من أهل بیتك فقال لها إنك إلی خیر.
و لم یقل لها إنك من أهل بیتی حتی روی أصحاب الحدیث أن عمر سئل عن هذه الآیة قال سلوا عنها عائشة فقالت عائشة إنها نزلت فی بیت أختی أم سلمة فسلوها عنها فإنها أعلم بها منی فلم یختلف أصحاب الحدیث من الناصبة و أصحاب الحدیث من الشیعة فی خصوصها فیمن عددناه و حمل القرآن فی التأویل علی ما جاء به الأثر أولی من حمله علی الظن و الترجیم مع أن اللّٰه سبحانه قد دل علی صحة ذلك بمتضمن هذه الآیة حیث یقول إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً و إذهاب الرجس لا یكون إلا بالعصمة من الذنوب لأن الذنوب من أرجس الرجس و الخبر عن الإرادة هاهنا إنما هو خبر عن وقوع الفعل خاصة دون الإرادة التی یكون بها لفظ الأمر أمرا لا سیما علی ما أذهب إلیه
ص: 425
فی وصف القدیم بالإرادة و أفرق بین الخبر عن الإرادة هاهنا و الخبر عن الإرادة فی قوله سبحانه یُرِیدُ اللَّهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمْ (1)و قوله یُرِیدُ اللَّهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُرِیدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (2)إذ لو جرت مجری واحدا لم یكن لتخصیص أهل البیت بها معنی إذ الإرادة التی یقتضی الخبر و البیان یعم الخلق كلهم علی وجهها فی التفسیر و معناها فلما خص اللّٰه تبارك و تعالی أهل البیت علیهم السلام بإرادة إذهاب الرجس عنهم دل ما وصفناه من وقوع إذهابه عنهم و ذلك موجب للعصمة علی ما ذكرناه و فی الاتفاق علی ارتفاع العصمة عن الأزواج دلیل علی بطلان مقال من زعم أنها فیهن مع أن من عرف شیئا من اللسان و أصله لم یرتكب هذا القول و لا توهم صحته و ذلك أنه لا خلاف بین أهل العربیة أن جمع المذكر بالمیم و جمع المؤنث بالنون و أن الفصل بینهما بهاتین العلامتین و لا یجوز فی لغة القوم وضع علامة المؤنث علی المذكر و لا وضع علامة المذكر علی المؤنث و لا استعملوا ذلك فی الحقیقة و لا المجاز و لما وجدنا اللّٰه سبحانه قد بدأ فی هذه الآیة بخطاب النساء و أورد علامة جمعهن من النون فی خطابهن فقال یا نِساءَ النَّبِیِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَیْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِی فِی قَلْبِهِ مَرَضٌ إلی قوله وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (3)ثم عدل بالكلام عنهن بعد هذا الفصل إلی جمع المذكر فقال إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فلما جاء بالمیم و أسقط النون علمنا أنه لم یتوجه هذا القول إلی المذكور الأول بما بیناه من أصل العربیة و حقیقتها ثم رجع بعد ذلك إلی الأزواج فقال وَ اذْكُرْنَ ما یُتْلی فِی بُیُوتِكُنَّ مِنْ آیاتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِیفاً خَبِیراً (4)فدل بذلك علی إفراد من ذكرناه من آل محمد علیهم السلام بما علقه علیهم من حكم الطهارة الموجبة للعصمة و جلیل الفضیلة و لیس یمكنكم معشر المخالفین أن تدعوا أنه كان فی الأزواج مذكورا رجل غیر النساء أو ذكر لیس برجل فیصح التعلق منكم بتغلیب المذكر علی المؤنث إذ كان فی الجمع ذكر و إذا لم یمكن ادعاء ذلك و بطل أن یتوجه إلی
ص: 426
الأزواج فلا غیر لهن توجهت إلیه إلا من ذكرناه ممن جاء فیه الأثر علی ما بیناه (1).
«10»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه عزه أیضا فی الدلالة علی أن أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و تسلیمه لم یبایع أبا بكر قال الشیخ قد اجتمعت الأمة علی أن أمیر المؤمنین علیه السلام تأخر عن بیعة أبی بكر فالمقلل یقول كان تأخره ثلاثة أیام و منهم من یقول تأخر حتی ماتت فاطمة علیها السلام ثم بایع بعد موتها و منهم من یقول تأخر أربعین یوما و منهم من یقول تأخر ستة أشهر و المحققون من أهل الإمامة یقولون لم یبایع ساعة قط فقد حصل الإجماع علی تأخره عن البیعة ثم اختلفوا فی بیعته بعد ذلك علی ما قدمنا به الشرح فما یدل علی أنه لم یبایع البتة أنه لیس یخلو تأخره من أن یكون هدی و تركه ضلالا أو یكون ضلالا و تركه هدی و صوابا أو یكون صوابا و تركه صوابا أو یكون خطأ و تركه خطأ فلو كان التأخر ضلالا و باطلا لكان أمیر المؤمنین علیه السلام قد ضل بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله بترك الهدی الذی كان یجب علیه المصیر إلیه و قد أجمعت الأمة علی أن أمیر المؤمنین علیه السلام لم یقع منه ضلال بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی طول زمان أبی بكر و أیام عمر و عثمان و صدرا من أیامه (2)حتی خالفت الخوارج عند التحكیم و فارقت الأمة فبطل أن یكون تأخره عن بیعة أبی بكر ضلالا و إن كان تأخره هدی و صوابا و تركه خطأ و ضلالا فلیس یجوز أن یعدل عن الصواب إلی الخطإ و لا عن الهدی إلی الضلال و لا سیما و الإجماع واقع علی أنه لم یظهر منه ضلال فی أیام الذی تقدموا (3)و محال أن یكون التأخر خطأ و تركه خطأ للإجماع علی بطلان ذلك أیضا و لما یوجبه القیاس من فساد هذا المقال و لیس یصح أن یكون صوابا و تركه صوابا لأن الحق لا یكون فی جهتین و لا علی وصفین متضادین و لأن القوم المخالفین لنا فی هذه المسألة مجمعون علی أنه لم یكن إشكال فی جواز الاختیار و
ص: 427
صحة إمامة أبی بكر ، وإنما الناس بین قائلین : قائل من الشیعة یقول : إن إمامة أبی بكر كانت فاسدة فلایصح القول بها أبدا ، وقائل من الناصبة یقول : إنها كانت صحیحة ، ولم یكن علی أحد ریب فی صوابها ، إذجهة استحقاق الامامة هوظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة علی القیام بالامور ، ولم یكن هذه الامور ملتبسة علی أحد فی أبی بكر عندهم ، وعلی مایذهبون إلیه فلایصح مع ذلك أن یكون المتأخر عن بیعته مصیبا أبدا ، لانه لایكون متأخر لفقد الدلیل ، بل لایكون متأخرا لشبهة ، وإنما یتأخر إذا ثبت أنه تأخر للعناد ، فثبت بمابیناه أن أمیرالمؤمنین 7 لم یبایع أبابكر علی شئ من الوجوه كما ذكرناه وقد مناه. وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج ، مع موفقتها علی أن أمیرالمؤمنین 7 تأخر عن البیعة وقتاما ، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فیه عن الاجماع ، وما أبعد أنهم سیرتكبون ذلك إذا وقفوا علی هذا الكلام ، غیر أن الاجماع السابق لمرتكب ذلك یحجه ویسقط قوله ، فیهون قصته ولا یحتاج معه إلی الاكثار.(1)
«11»-قال و أخبرنی الشیخ أیده اللّٰه قال قال أبو القاسم الكعبی (2)سمعت أبا الحسین الخیاط (3)یحتج فی إبطال قول المرجئة فی الشفاعة بقوله تعالی أَ فَمَنْ حَقَ
ص: 428
عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ (1)قال و الشفاعة لا تكون إلا لمن استحق العقاب فیقال له (2)ما كان أغفل أبا الحسین و أعظم رقدته أ تری أن المرجئة إذا قالت إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله یشفع فیشفع فیمن یستحق العقاب قالوا إنه هو الذی ینقذ من فی النار أم یقولون إن اللّٰه سبحانه هو الذی أنقذه بفضله و رحمته و جعل ذلك إكراما لنبیه صلی اللّٰه علیه و آله فأین وجه الحجة فیما تلاه أ و ما علم أن من مذهب خصومه القول بالوقف فی الأخبار و أنهم لا یقطعون بالظاهر علی العموم و الاستیعاب فلو كان القول یتضمن نفی خروج أحد من النار لما كان ذلك ظاهرا و لا مقطوعا به (3)عند القوم فكیف و نفس الكلام یدل علی الخصوص دون العموم بقوله تعالی أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ و إنما یعلم من المراد بذلك بدلیل دون نفسه و قد حصل الإجماع علی أنه توجه إلی الكفار و لیس أحد من أهل القبلة یدین بجواز الشفاعة للكفار فیكون ما تعلق به الخیاط حجة علیه ثم قال أبو القاسم و كان أبو الحسین یعنی الخیاط یتلو فی ذلك أیضا قوله عز و جل تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ إِذْ نُسَوِّیكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَما لَنا مِنْ شافِعِینَ وَ لا صَدِیقٍ حَمِیمٍ (4)قال الشیخ أدام اللّٰه عزه فیقال له (5)ما رأیت أعجب منكم یا معشر المعتزلة تتكلمون فی ما قد شارككم الناس فیه من العدل و التوحید أحسن الكلام حتی إذا صرتم إلی الكلام فی الإمامة و الإرجاء صرتم فیهما عامة حشویة تخبطون خبط عشواء لا تدرون ما تأتون و ما تذرون و لكن لا أعجب من ذلك و أنتم إنما جودتم فیما عاونكم علیه غیركم و استفدتموه من سواكم و قصرتم فیما تفردتم به لا سیما فی نصرة الباطل الذی لا یقدر علی نصرته فی الحقیقة قادر و لكن العجب منكم فی ادعائكم الفضیلة و البینونة بها من سائر الناس و لو و اللّٰه حكی عنكم هذا الاستدلال مخالف لكم لارتبنا بحكایته و لكن لا ریب و شیوخكم یحكونه عن مشایخهم ثم لا یقنعون حتی
ص: 429
یوردوه علی سبیل التبجح به (1)و الاستحسان له و أنت أیها الرجل من غلوك فیه جعلته أحد الغرر و أنت و إن كنت أعجمی الأصل و المنشإ فأنت عربی اللسان صحیح الحس و ظاهر الآیة فی الكفار خاصة لا یخفی ذلك علی الأنباط فضلا عن غیرهم حیث یقول اللّٰه عز و جل حاكیا عن الفرقة بعینها و هی تعنی معبوداتها من دون اللّٰه تعالی و تخاطبها فیقول إِذْ نُسَوِّیكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ فیعترفون بالشرك باللّٰه عز و جل ثم یقولون وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ و قبل ذلك یقسمون فیقولون تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ فهل یا أبا القاسم أصلحك اللّٰه تعرف أحدا من خصومك فی الإرجاء و الشفاعة یذهب إلی جواز الشفاعة لعباد الأصنام المشركین باللّٰه عز و جل و الكفار برسله علیهم السلام حتی استحسنت استدلال شیخك بهذه الآیة علی المشبهة زعمت (2)و المجبرة و من ذهب مذهبهم من العامة فإن ادعیت علم ذلك تجاهلت و إن زعمت أنه إذا بطلت الشفاعة للكفار فقد بطلت فی الفساق أتیت بقیاس طریف من القیاس الذی حكی عن أبی حنیفة أنه قال البول فی المسجد أحیانا أحسن من بعض القیاس و كیف تزعم ذلك و أنت إنما حكیت مجرد القول فی الآیة و لم تذكر وجه الاستدلال منها و أن ما توهمت أن الحجة فی ظاهرها غفلة عظیمة حصلت منك علی أنه إنما یصح القیاس علی العلل و المعانی دون الصور و الألفاظ و الكفار إنما بطل قول من ادعی الشفاعة لهم أن لو ادعاها مدع بصریح القرآن لا غیر فیجب أن لا تبطل الشفاعة لفساق الملة إلا بنص القرآن أیضا أو قول من الرسول صلی اللّٰه علیه و آله یجری مجری القرآن فی الحجة و إذا عدم ذلك بطل القیاس فیه مع أنا قد بینا أنك لم تقصد القیاس و إنما تعلقت بظاهر القرآن و كشفنا عن غفلتك فی التعلق به فلیتأمل ذلك أصحابك و لیستحیوا لك منه علی أنه قد روی عن الباقر محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهما السلام أنه قال فی هذه الآیة دلیل علی وجود الشفاعة (3)قال و ذلك أن أهل النار لو لم یروا یوم القیامة الشافعین یشفعون لبعض من استحق العقاب فیشفعون
ص: 430
و یخرجون بشفاعتهم من النار أو یعفون منها (1)بعد الاستحقاق لما تعاظمت حسراتهم و لا صدر عنهم هذا المقال لكنهم لما رأوا شافعا یشفع فیشفع و صدیقا حمیما یشفع لصدیقه فیشفع عظمت حسرتهم عند ذلك و قالوا فَما لَنا مِنْ شافِعِینَ وَ لا صَدِیقٍ حَمِیمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ و لعمری إن مثل هذا الكلام لا یرد إلا عن إمام هدی أو من أخذ من أئمة الهدی علیهم السلام (2)فأما ما حكاه أبو القاسم الكعبی فیلیق بمقال الخیاطین و نتیجة عقول السخفاء و الضعفاء فی الدین (3)
«12»-و من كلام الشیخ أدام اللّٰه عزه سئل فی مجلس الشریف أبی الحسن أحمد بن القاسم العلوی المحمدی أدام اللّٰه عزه فقیل له ما الدلیل علی أن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام كان أفضل الصحابة فقال الدلیل علی ذلك قَوْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلُ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ (4)فجاء أمیر المؤمنین علیه السلام و قد ثبت أن أحب الخلق إلی اللّٰه عز و جل أعظمهم ثوابا عند اللّٰه تعالی و أن أعظم الناس ثوابا لا یكون إلا لأنه أشرفهم أعمالا و أكثرهم عبادة لله تعالی و فی ذلك برهان علی فضل أمیر المؤمنین علیه السلام علی الخلق كلهم سوی الرسول علیه و آله السلام فقال له السائل ما الدلیل علی صحة هذا الخبر و ما أنكرت أن یكون غیر معتمد لأنه إنما رواه أنس بن مالك وحده و أخبار الآحاد لیست بحجة فیما یقطع علی اللّٰه عز و جل بصوابه فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه هذا الخبر و إن كان من أخبار الآحاد علی ما ذكرت من أن أنس بن مالك رواه وحده فإن الأمة بأجمعها قد تلقته بالقبول (5)و لم یروا
ص: 431
أن أحدا رده علی أنس و لا أنكر صحته عند روایته فصار الإجماع علیه هو الحجة فی صوابه و لم یخل ببرهانه كونه من أخبار الآحاد بما شرحناه مع أن التواتر قد ورد بأن أمیر المؤمنین علیه السلام احتج به فی مناقبه یوم الدار (1)فقال أنشدكم اللّٰه هل فیكم أحد قال له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله اللّٰهم ائتنی بأحب خلقك إلیك یأكل معی من هذا الطائر فجاء أحد غیری قالوا اللّٰهم لا قال اللّٰهم اشهد فاعترف الجمیع بصحته و لم یك أمیر المؤمنین علیه السلام لیحتج بباطل (2)لا سیما و هو فی مقام المنازعة و التوصل بفضائله إلی أعلی الرتب التی هی الإمامة و الخلافة للرسول صلی اللّٰه علیه و آله و إحاطة علمه بأن الحاضرین معه فی الشوری یریدون الأمر دونه مع قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَدُورُ حَیْثُمَا دَارَ (3).
و إذا كان الأمر علی ما وصفناه دل علی صحة الخبر حسبما بیناه فاعترض بعض المجبرة فقال إن احتجاج الشیعة بروایة أنس من أطرف الأشیاء و ذلك أنهم یعتقدون تفسیق أنس بل تكفیره فیقولون إنه كتم الشهادة فی النص حتی دعا علیه أمیر المؤمنین علیه السلام ببلاء لا یواریه الثیاب فبرص علی كبر السن و مات و هو أبرص فكیف یستشهد (4)بروایة الكافرین (5)فقالت المعتزلة قد أسقط هذا الكلام الرجل و لم یجعل الحجة فی الروایة أنسا و إنما جعلها الإجماع فهذا الذی أوردته هذیان و قد تقدم إبطاله فقال السائل هب أنا سلمنا صحة الخبر ما أنكرت أن لا یفید ما ادعیت من فضل أمیر المؤمنین علیه السلام علی الجماعة و ذلك أن المعنی فیه
اللّٰهم ائتنی بأحب خلقك
ص: 432
إلیك یأكل معی (1).
یرید أحب الخلق إلی اللّٰه عز و جل فی الأكل معه دون أن یكون أراد أحب الخلق إلیه فی نفسه لكثرة أعماله إذ قد یجوز أن یكون اللّٰه سبحانه یحب أن یأكل مع نبیه من غیره أفضل منه و یكون ذلك أحب إلیه للمصلحة فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه هذا الذی اعترضت به ساقط و ذلك أن محبة اللّٰه تعالی لیست میل الطباع و إنما هی الثواب كما أن بغضه و غضبه لیسا باهتیاج (2)و إنما هما العقاب و لفظ أفعل فی أحب و أبغض لا یتوجه إلا إلی معناهما من الثواب و العقاب و لا معنی علی هذا الأصل لقول من زعم أن أحب الخلق إلی اللّٰه عز و جل یأكل مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله توجه إلی محبة الأكل (3)و المبالغة فی ذلك بلفظ أفعل لأنه یخرج اللفظ عما ذكرناه من الثواب إلی میل الطباع و ذلك محال فی صفة اللّٰه سبحانه و شی ء آخر و هو أن ظاهر الخطاب یدل علی ما ذكرناه دون ما عارضت به أن لو كانت المحبة علی غیر معنی الثواب
لِأَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلْ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ.
و قوله بأحب خلقك إلیك كلام تام و بعده (4)یأكل معی من هذا الطائر كلام مستأنف و لا یفتقر الأول إلیه و لو كان أراد ما ذكرت لقال اللّٰهم ائتنی بأحب خلقك إلیك فی الأكل معی فلما كان اللفظ علی خلاف هذا و كان علی ما ذكرناه لم یجز العدول عن الظاهر إلی محتمل علی المجاز و شی ء آخر و هو أنه لو تساوی المعنیان فی ظاهر الكلام لكان الواجب علیك تحمیلهما اللفظ معا دون الاقتصار علی أحدهما إلا بدلیل لأنه لا یتنافی الجمع بینهما فیكون أراد بقوله أحب خلقك إلیك فی نفسه و للأكل معی و إذا كان الأمر علی ما بیناه سقط اعتراضك فقال رجل من الزیدیة كان حاضرا للسائل هذا الاعتراض ساقط علی أصلك و أصلنا لأنا نقول جمیعا إن اللّٰه تعالی لا یرید المباح و الأكل مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله مباح و لیس
ص: 433
بفرض و لا نفل فیكون اللّٰه یحبه فضلا عن أن یكون بعضه أحب إلیه من بعض و هذا السائل من أصحاب أبی هاشم فلذلك أسقط الزیدی كلامه علی أصله إذ كان یوافقه فی الأصول علی مذهب أبی هاشم فخلط السائل هنیئة ثم قال للشیخ أدام اللّٰه عزه فأنا أعترض باعتراض آخر و هو أن أقول ما أنكرت أن یكون هذا القول إنما أفاد أن علیا علیه السلام كان أفضل الخلق فی یوم الطائر و لكن بم تدفع أن یكون قد فضله قوم من الصحابة عند اللّٰه تعالی بكثرة الأعمال و المعارف بعد ذلك و هذا الأمر لا یعلم بالعقل و لیس معك سمع فی نفس الخبر یمنع من ذلك فدل علی أنه علیه السلام أفضل من الصحابة كلهم إلی وقتنا هذا فإنا لم نسألك عن فضله علیهم وقتا بعینه فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه هذا السؤال أوهن مما تقدم و الجواب عنه أیسر و ذلك أن الأمة مجمعة علی إبطال قول من زعم أن أحدا اكتسب أعمالا زادت علی الفضل الذی حصل لأمیر المؤمنین علیه السلام علی الجماعة من قبل أنهم بین قائلین فقائل یقول إن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أفضل من الكل فی وقت الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لم یساوه أحد بعد ذلك و هم الشیعة الإمامیة و الزیدیة و جماعة من شیوخ المعتزلة و جماعة من أصحاب الحدیث و قائل یقول إنه لم یبن لأمیر المؤمنین علیه السلام فی وقت من الأوقات فضل علی سائر الصحابة یقطع به علی اللّٰه تعالی و یجزم الشهادة بصحته و لا بان لأحد منهم فضل علیه و هم الواقفة فی الأربعة من المعتزلة منهم أبو علی و أبو هاشم و أتباعهما و قائل یقول إن أبا بكر كان أفضل من أمیر المؤمنین علیه السلام فی وقت الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و بعده و هم جماعة من المعتزلة و بعض المرجئة و طوائف من أصحاب الحدیث و قائل یقول إن أمیر المؤمنین علیه السلام خرج عن فضله بحوادث كانت منه فساواه غیره و فضل علیه من أجل ذلك من لم یكن له فضل علیه و هم الخوارج و جمیعه من المعتزلة منهم الأصم و الجاحظ و جماعة من أصحاب الحدیث أنكروا قتال أهل القبلة و لم یقل أحد من الأمة أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أفضل عند اللّٰه سبحانه من الصحابة كلهم و لم یخرج عن ولایة اللّٰه عز و جل و لا أحدث معصیة اللّٰه تعالی ثم فضل علیه غیره بعمل زاد به ثوابه علی ثوابه و لا جوز ذلك فیكون معتبرا فإذا بطل الاعتبار به للاتفاق علی خلافه
ص: 434
سقط و كان الإجماع حجة یقوم مقام قول اللّٰه تعالی فی صحة ما ذهبنا إلیه فلم یأت بشی ء و ذاكرنی الشیخ أدام اللّٰه عزه هذه المسألة بعد ذلك فزادنی فیها زیادة ألحقتها و هی أن قال إن الذی یسقط ما اعترض به السائل من تأویل
قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله اللّٰهم ائتنی بأحب خلقك إلیك.
علی المحبة للأكل معه دون محبته فی نفسه بإعظام ثوابه بعد الذی ذكرناه فی إسقاطه أن
الروایة جاءت عن أنس بن مالك أنه قال لما دعا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یأتیه اللّٰه تعالی بأحب الخلق إلیه قلت اللّٰهم اجعله رجلا من الأنصار لیكون لی الفضل بذلك فجاء علی علیه السلام فرددته و قلت له رسول اللّٰه علی شغل فمضی ثم عاد ثانیة فقال لی استأذن علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقلت له إنه علی شغل فجاء ثالثة فاستأذنت له و دخل فقال له النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد كنت سألت اللّٰه تعالی أن یأتینی بك دفعتین و لو أبطأت علی الثالثة لأقسمت علی اللّٰه عز و جل أن یأتینی بك.
فلو لا أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله سأل اللّٰه عز و جل أن یأتیه بأحب خلقه إلیه فی نفسه و أعظمهم ثوابا عنده و كانت هذه من أجل الفضائل لما آثر أنس أن یختص بها قومه و لو لا أن أنسا فهم ذلك من معنی كلام الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لما دافع أمیر المؤمنین علیه السلام عن الدخول لیكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار فیحصل له جزء منه و شی ء آخر و هو أنه لو احتمل معنی لا یقتضی الفضیلة لأمیر المؤمنین علیه السلام لما احتج به أمیر المؤمنین علیه السلام یوم الدار و لا جعله شاهدا علی أنه أفضل من الجماعة و ذلك أنه لو لم یكن الأمر علی ما وصفناه و كان محتملا لما ظنه المخالفون من أنه سأل ربه تعالی أن یأتیه بأحب الخلق إلیه فی الأكل معه لما أمن أمیر المؤمنین علیه السلام من أن یتعلق بذلك بعض خصومه فی الحال أو یشتبه ذلك علی إنسان فلما احتج به علیه السلام علی القوم و اعتمده فی البرهان دل علی أنه لم یك مفهوما منه إلا فضله و كان إعراض الجماعة أیضا عن دفاعه عن ذلك بتسلیم ما ادعی دلیلا (1)علی صحة ما ذكرناه و هذا بعینه یسقط قول من زعم أنه یجوز مع إطلاق النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی أمیر المؤمنین علیه السلام ما یقتضی
ص: 435
فضله عند اللّٰه تعالی علی الكافة وجود من هو أفضل منه فی المستقبل لأنه لو جاز ذلك لما عدل القوم عن الاعتماد علیه و لجعلوه شبهة فی منعه مما ادعاه من القطع علی نقصانهم عنه فی الفضل و فی عدول القوم عن ذلك دلیل علی أن القول مفید بإطلاقه فضله علیه السلام و مؤمن من بلوغ أحد منزلته فی الثواب بشی ء من الأعمال و هذا بین لمن تدبره (1)
«13»-و من حكایات الشیخ أدام اللّٰه عزه و كلامه: حضر الشیخ مجلس أبی منصور بن المرزبان و كان بالحضرة جماعة من متكلمی المعتزلة فجری كلام و خوض فی شجاعة الإمام (2)فقال أبو بكر بن صراما عندی أن أبا بكر الصدیق كان من شجعان العرب و متقدمیهم فی الشجاعة فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه من أین حصل ذلك عندك و بأی وجه عرفته فقال الدلیل علی ذلك أنه رأی قتال أهل الردة وحده فی نفر معه و خالفه علی رأیه فی ذلك جمهور الصحابة و تقاعدوا عن نصرته فقال أما و اللّٰه لو منعونی عقالا لقاتلتهم و لم یستوحش من اعتزال القوم له و لا ضعف ذلك نفسه و لا منعه من التصمیم علی حربهم فلو لا أنه كان من الشجاعة علی حد یقصر الشجعان عنه لما أظهر هذا القول عند خذلان القوم له.
فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه ما أنكرت علی من قال لك إنك لم تلجأ إلی معتمد علیه فی هذا الباب و ذلك أن الشجاعة لا تعرف بالحس لصاحبها فقط و لا بادعائها و إنما هی شی ء فی الطبع یمده الاكتساب و الطریق إلیها أحد الأمرین إما الخبر عنها من جهة علام الغیوب المطلع علی الضمائر جلت عظمته فیعلم خلقه حال الشجاع و إن لم یبد منه فعل یستدل به علیها و الوجه الآخر أن یظهر منه أفعال یعلم بها حاله كمبارزة الأقران و مقاومة الشجعان و منازلة الأبطال و الصبر عند اللقاء و ترك الفرار عند تحقق القتال و لا یعلم ذلك أیضا بأول وهلة (3)و لا بواحدة من الفعل
ص: 436
حتی یتكرر ذلك علی حد یتمیز به صاحبه ممن حصل له ذلك اتفاقا أو علی سبیل الهوج (1)و لجهل بالتدبیر و إذا كان الخبر عن اللّٰه سبحانه بشجاعة أبی بكر معدوما و كان هذا الفعل الدال علی الشجاعة غیر موجود للرجل فكیف یجوز لعاقل أن یدعی له الشجاعة بقول قاله لیس من دلالتها فی شی ء عند أحد من أهل النظر و التحصیل لا سیما و دلائل جنبه و هلعه (2)و خوفه و ضعفه أظهر من أن یحتاج فیها إلی التأمل و ذلك أنه لم یبارز قط قرنا (3)و لا قاوم بطلا و لا سفك بیده دما و قد شهد مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مشاهده فكان لكل أحد من الصحابة أثر فی الجهاد إلا له و فر فی یوم أحد و انهزم فی یوم خیبر و ولی الدبر یوم التقی الجمعان و أسلم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی هذه المواطن مع ما كتب اللّٰه عز و جل علیه من الجهاد فكیف تجتمع دلائل الجبن و دلائل الشجاعة لرجل واحد فی وقت واحد لو لا أن العصبیة تمیل بالعبد إلی الهوی و قال رجل من طیاب الشیعة كان حاضرا عافاك اللّٰه أی دلیل هذا و كیف یعتمد علیه و أنت تعلم أن الإنسان قد یغضب فیقول لو سامنی السلطان هذا الأمر ما قبلته و إن عندنا لشیخا ضعیف الجسم ظاهر الجبن یصلی بنا فی مسجدنا فما یحدث أمر یضجره و ینكره إلا قال و اللّٰه لأصبرن علی هذا أو لأجاهدن فیه و لو اجتمعت فیه ربیعة و مضر فقال لیس الدلیل علی الشجاعة ما ذكرت دون غیره و الذی اعتمدنا علیه یدل كما یدل الفعل و الخبر (4)و وجه الدلالة فیه أن أبا بكر باتفاق لم یكن مئوف العقل و لا غبیا ناقصا (5)بل كان بالإجماع من العقلاء و كان بالاتفاق جید الآراء فلو لا أنه كان واثقا من نفسه عالما بصبره و شجاعته لما قال هذا القول بحضرة المهاجرین و الأنصار و هو لا یأمن أن یقیم القوم علی خلافه فیخذلونه و یتأخرون عنه و یعجز هو لجبنه أن
ص: 437
لو كان الأمر علی ما ادعیتموه علیه فیظهر منه الخلف فی قوله و لیس یقع هذا من عاقل حكیم فلما ثبتت حكمة أبی بكر دل مقاله الذی حكیناه علی شجاعته كما وصفناه فقال الشیخ أدام اللّٰه عزه لیس تسلیمنا لعقل أبی بكر جودة رأیه تسلیما لما ادعیت من شجاعته بما رویت عنه من القول و لا یوجب ذلك فی عرف و لا عقل و لا سنة و لا كتاب و ذلك أنه و إن كان ما ذكرت من الحكمة فلیس یمنع أن یأتی بهذا القول من جبنه و خوفه و هلعه لیشجع أصحابه و یحض (1)المتأخرین عنه علی نصرته و یحثهم علی جهاد عدوه و یقوی عزمهم فی معونته و یصرفهم عن رأیهم فی خذلانه و هكذا تصنع الحكماء فی تدبیراتهم فیظهرون من الصبر ما لیس عندهم و من الشجاعة ما لیس فی طبائعهم حتی یمتحنوا الأمر و ینظروا عواقبه فإن استجاب المتأخرون عنهم و نصرهم الخاذلون لهم وكلوا الحرب إلیهم و عقلوا الكلفة بهم و إن أقاموا علی الخذلان و اتفقوا علی ما ترك النصرة لهم و العدول عن معونتهم أظهروا من الرأی خلاف ما سلف و قالوا قد كانت الحال موجبة للقتال و كان عزمنا علی ذلك تاما فلما رأینا أشیاعنا و عامة أتباعنا یكرهون ذلك أوجبت الضرورة (2)إعفاءهم مما یكرهون و التدبیر لهم بما یؤثرون و هذا أمر قد جرت به عادات الرؤساء فی كل زمان و لم یك تنقلهم من رأی إلی رأی مسقطا لأقدارهم عند الأنام فلا ینكر أن یكون أبو بكر إنما أظهر التصمیم علی الحرب لحث القوم علی موافقته فی ذلك و لم یبد لهم جزعه لئلا یزید ذلك فی فشلهم و یقوی به رأیهم و اعتمد علی أنهم إن صاروا إلی أمره و نجع هذا التدبیر فی تمام غرضه فقد بلغ المراد و إن لم ینجع ذلك عدل عن الرأی الأول كما وصفناه من حال الرؤساء فی تدبیراتهم علی أن أبا بكر لم یقسم باللّٰه تعالی فی قتال أهل الردة بنفسه و إنما أقسم بأنصاره (3)الذین اتبعوه علی رأیه و لیس فی یمینه
ص: 438
باللّٰه سبحانه لینفذن خالدا و أصحابه لیصلوا بالحرب دلیل علی شجاعته فی نفسه و شی ء آخر و هو أن أبا بكر قال هذا القول عند غضبه لمباینة القوم له و لا خلاف بین ذوی العقول أن الغضبان یعتریه (1)عند غضبه من هیجان الطباع ما یفسد علیه رأیه حتی یقدم من القول علی ما لا یفی به عند سكون نفسه و یعمل من الأعمال ما یندم علیه عند زوال الغضب عنه و لا یكون وقوع ذلك منه دلیلا علی فساد عقله (2)و وجوب إخراجه عن جملة أهل التدبیر و قد صرح بذلك الرجل فی خطبته المشهورة عنه التی لا یختلف اثنان فیها و أصحابه خاصة یصولون بها (3)و یجعلونها من مفاخره حیث یقول
إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خرج من الدنیا و لیس أحد یطالبه بضربة سوط فما فوقها.
و كان صلی اللّٰه علیه و آله معصوما من الخطإ یأتیه الملائكة بالوحی فلا تكلفونی ما كنتم تكلفونه فإن لی شیطانا یعترینی عند غضبی فإذا رأیتمونی مغضبا فاجتنبونی لا أوثر فی أشعاركم و أبشاركم فقد أعذر هذا الرجل إلی القوم فیما یأتیه عند غضبه (4)من قول و فعل و دلهم علی الحال فیه فلذلك أمن من نكیر المهاجرین و الأنصار علیه مقاله عند غضبه مع إحاطة العلم منهم بما لحقه فی الحال من خلاف المخالفین علیه حتی بعثه علی ذلك المقال فلم یأت بشی ء (5)
«14»-قال الشیخ أدام اللّٰه حراسته: كان یختلف إلی حدث من أولاد الأنصار یتعلم الكلام فقال لی یوما اجتمعت البارحة مع الطبرانی شیخ من الزیدیة فقال لی أنتم یا معشر الإمامیة حنبلیة و أنتم تستهزءون بالحنبلیة فقلت له و كیف ذلك فقال لأن الحنبلیة تعتمد علی المنامات و أنتم كذلك و الحنبلیة تدعی المعجز لأكابرها و أنتم كذلك و الحنبلیة تری زیارة القبور و الاعتكاف عندها و أنتم كذلك فلم یكن عندی جواب أرتضیه فما الجواب
ص: 439
قال الشیخ أدام اللّٰه عزه فقلت له ارجع إلیه و قل له قد عرضت ما ألقیته إلی علی فلان فقال قل له إن كانت الإمامیة حنبلیة بما وصفت أیها الشیخ فالمسلمون بأجمعهم حنبلیة و القرآن ناطق بصحة الحنبلیة و صواب مذاهب أهلها و ذلك أن اللّٰه عز و جل یقول إِذْ قالَ یُوسُفُ لِأَبِیهِ یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ قالَ یا بُنَیَّ لا تَقْصُصْ رُؤْیاكَ عَلی إِخْوَتِكَ فَیَكِیدُوا لَكَ كَیْداً إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ (1)فأثبت اللّٰه جل اسمه المنام و جعل له تأویلا عرفه أولیاءه علیهم السلام و أثبته الأنبیاء و دانت به خلفاؤهم و أتباعهم من المؤمنین و اعتمدوه فی علم ما یكون و أجروه مجری الخبر مع الیقظة و كالعیان له و قال سبحانه وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَیانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّی أَرانِی أَعْصِرُ خَمْراً وَ قالَ الْآخَرُ إِنِّی أَرانِی أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِی خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّیْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِیلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ (2)فنبأهما بتأویله و ذلك علی تحقیق منه لحكم المنام و كان سؤالهما مع جهلهما بنبوته دلیلا علی أن المنامات حق عندهم و التأویل لأكثرها صحیح إذا وافق معناها و قال عز اسمه وَ قالَ الْمَلِكُ إِنِّی أَری سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ یَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ یابِساتٍ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی رُءْیایَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْیا تَعْبُرُونَ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَ ما نَحْنُ بِتَأْوِیلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِینَ (3)ثم فسرها یوسف علیه السلام فكان الأمر كما قال و قال سبحانه فی قصة إبراهیم و إسماعیل علیهما السلام فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْیَ قالَ یا بُنَیَّ إِنِّی أَری فِی الْمَنامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَری قالَ یا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ (4)فأثبتا علیهما السلام الرؤیا و أوجبا الحكم بها و لم یقل إسماعیل لأبیه علیهما السلام یا أبت لا تسفك دمی برؤیا رأیتها فإن الرؤیا قد تكون من حدیث النفس و أخلاط البدن و غلبة الطباع بعضها علی بعض كما ذهبت إلیه المعتزلة فقول الإمامیة فی هذا الباب ما نطق به القرآن و قول هذا الشیخ هو قول الملإ من أصحاب الملك حین قالوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ و مع ذلك فإنا لسنا نثبت الأحكام الدینیة من جهة
ص: 440
المنامات و إنما نثبت من تأویلها ما جاء به الأثر عن ورثة الأنبیاء علیهم السلام فأما قولنا فی المعجزات فهو كقول اللّٰه تبارك و تعالی وَ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّ مُوسی أَنْ أَرْضِعِیهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَیْهِ فَأَلْقِیهِ فِی الْیَمِّ وَ لا تَخافِی وَ لا تَحْزَنِی إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِینَ (1)فضمن هذا القول تصحیح المنام إذ كان الوحی إلیها فی المنام یعلمها بما كان قبل كونه (2)و قال سبحانه فی قصة مریم علیها السلام فَأَشارَتْ إِلَیْهِ قالُوا كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا قالَ إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا (3)فكان نطق المسیح معجزا لمریم علیها السلام إذا كان شاهدا ببراءة ساحتها و أم موسی و مریم لم تكونا نبیتین و لا مرسلتین و لكنهما كانتا من عباد اللّٰه الصالحین فعلی مذهب هذا الشیخ كتاب اللّٰه تعالی یصحح الحنبلیة و أما زیارة القبور فقد أجمع المسلمون علی زیارة قبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله حتی أنه من حج و لم یزره فقد جفاه و ثلم حجه بذلك الفعل (4)
وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ سَلَّمَ عَلَیَّ مِنْ عِنْدِ قَبْرِی سَمِعْتُهُ وَ مَنْ سَلَّمَ عَلَیَّ مِنْ بَعِیدٍ بُلِّغْتُهُ.
علیه سلام اللّٰه و رحمته و بركاته
وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْحَسَنِ علیه السلام مَنْ زَارَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ أَوْ زَارَ أَبَاكَ أَوْ زَارَ أَخَاكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.
وَ قَالَ لَهُ علیه السلام أَیْضاً فِی حَدِیثٍ لَهُ أول (أَوَّلُهُ) مَشْرُوحٌ فِی غَیْرِ هَذَا الْكِتَابِ تَزُورُكَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِی یُرِیدُونَ بِهِ بِرِّی وَ صِلَتِی فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ زُرْتُهَا فِی الْمَوْقِفِ فَأَخَذَتْ بِأَعْضَادِهَا فَأَنْجَیْتُهَا مِنْ أَهْوَالِهِ وَ شَدَائِدِهِ.
و لا خلاف بین الأمة أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما فرغ من حجة الوداع لاذ بقبر قد درس فقعد عنده طویلا ثم استعبر فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْقَبْرُ فَقَالَ هَذَا قَبْرُ أُمِّی آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ سَأَلْتُ اللَّهَ فِی زِیَارَتِهَا فَأَذِنَ لِی وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ كُنْتُ نَهَیْتُكُمْ عَنْ زِیَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا وَ كُنْتُ نَهَیْتُكُمْ
ص: 441
عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِی أَلَا فَادَّخِرُوهَا.
و قد كان أمر صلی اللّٰه علیه و آله فی حیاته بزیارة قبر حمزة علیه السلام و كان یلم به و بالشهداء (1).
و لم یزل فاطمة علیها السلام بعد وفاته صلی اللّٰه علیه و آله تغدو إلی قبره و تروح (2).
و المسلمون یناوبون علی زیارته و ملازمة قبره فإن كان ما تذهب إلیه الإمامیة من زیارة مشاهد الأئمة علیهم السلام حنبلیة و سخفا من العقل فالإسلام مبنی علی الحنبلیة و رأس الحنبلیة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هذا قول متهافت جدا یدل علی قلة دین قائله و ضعف رأیه و بصیرته ثم قلت له (3)یجب أن تعلمه أن الذی حكیت عنه قد حرف القول و قبحه و لم یأت به علی وجه و الذی نذهب إلیه فی الرؤیا أنها علی أضرب فضرب منها یبشر اللّٰه به عباده و یحذرهم و ضرب تحزین من الشیطان (4)و كذب یخطر ببال النائم و ضرب من غلبة الطباع بعضها علی بعض و لسنا نعتمد علی المنامات كما حكی لكنا نأنس بما یبشر به و نتخوف مما یحذر فیها من وصل إلیه شی ء من علمها عن ورثة الأنبیاء علیهم السلام میز بین حق تأویلها و باطله و من لم یصل إلیه شی ء من ذلك كان علی الرجاء و الخوف و هذا یسقط ما لعله سیتعلق به فی منامات الأنبیاء علیهم السلام من أنها وحی لأن تلك مقطوع بصحتها و هذه مشكوك فیها مع أن منها أشیاء قد اتفق ذوو العادات علی معرفة تأویلها حتی لم یختلفوا فیه و وجدوه حسنا و هذا الشیخ لم یقصد بكلامه الإمامیة لكنه قصد الأمة و نصر البراهمة و الملحدة مع أنی أعجب من هذه الحكایة عنه و أنا أعرفه یمیل إلی مذهب أبی هاشم و یعظمه و یختاره
و أبو هاشم یقول فی كتابه المسألة فی الإمامة إن أبا بكر رأی فی المنام كأن علیه ثوبا جدیدا علیه رقمان ففسره علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال له إن صدقت رؤیاك فستخبر بولد (5)و تلی الخلافة سنتین.
فلم یرض شیخه أبو هاشم أن أثبت المنامات حتی أوجب له الخلافة (6)و جعلها دلالة علی الإمامة فیجب علی قول هذا الشیخ
ص: 442
الزیدی عند نفسه أن یكون أبو هاشم رئیس المعتزلة عنده حنبلیا بل یكون أبو بكر حنبلیا بل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لأنه صحح المنام و أوجب به الأحكام و هذا من بهرج المقال (1)
«15»-ثم قال رضی اللّٰه عنه و من حكایات الشیخ أیده اللّٰه قال حضرت مجمعا لقوم من الرؤساء و كان فیهم شیخ من أهل الری معتزلی یعظمونه لمحل سلفه و تعلقه بالدولة فسئلت عن شی ء من الفقه فأفتیت فیه علی المأثور عن الأئمة علیهم السلام فقال ذلك الشیخ هذه الفتیا یخالف الإجماع فقلت له عافاك اللّٰه من تعنی بالإجماع فقال الفقهاء (2)المعروفین بالفتیا فی الحلال و الحرام من فقهاء الأمصار فقلت هذا أیضا مجمل من القول فهل تدخل آل محمد علیهم السلام فی جملة هؤلاء الفقهاء أم تخرجهم من الإجماع فقال بل أجعلهم فی صدر الفقهاء و لو صح عنهم ما تروونه لما خالفناه فقلت له هذا مذهب لا أعرفه لك و لا لمن أومأت إلیه ممن جعلتهم الفقهاء لأن القوم بأجمعهم یرون الخلاف علی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام و هو سید أهل البیت فی كثیر مما قد صح عنه من الأحكام فكیف تستوحشون من خلاف ذریته و توجبون علی أنفسكم قبول قولهم علی كل حال فقال معاذ اللّٰه ما نذهب إلی هذا و لا یذهب إلیه أحد من الفقهاء و هذه شناعة منك علی القوم بحضرة هؤلاء الرؤساء فقلت له لم أحك إلا ما أقیم علیه البرهان (3)و لا ذكرت إلا معروفا لا یمكن أحدا من أهل العلم دفعی عنه لما هو علیه من الاشتهار لكنك أنت ترید أن تتجمل (4)بضد مذهبك عند هؤلاء الرؤساء ثم أقبلت علی القوم فقلت لا خلاف عند شیوخ هذا الرجل و أئمته و فقهائه و سادته أن أمیر المؤمنین علیه السلام قد یجوز علیه الخطأ فی شی ء یصیب فیه عمرو بن العاص زیادة علی ما حكیت عنه من المقال فاستعظم القوم ذلك و
ص: 443
أظهروا البراءة من معتقده و أنكره هو و زاد فی الإنكار فقلت له أ لیس من مذهبك و مذهب هؤلاء الفقهاء أن علیا علیه السلام لم یكن معصوما كعصمة النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال بلی قلت فلم لا یجوز علیه الخطأ فی شی ء من الأحكام فسكت ثم قلت له أ لیس عندكم أن أمیر المؤمنین علیه السلام قد كان یجتهد رأیه فی كثیر من الأحكام و أن عمرو بن العاص و أبا موسی الأشعری و المغیرة بن شعبة كانوا من أهل الاجتهاد قال بلی قلت له فما الذی یمنع من إصابة هؤلاء القوم ما یذهب علی أمیر المؤمنین علیه السلام من جهة الاجتهاد مع ارتفاع العصمة عنه و كون هؤلاء القوم من أهل الاجتهاد فقال لیس یمنع من ذلك مانع قلت له فقد أقررت بما أنكرت الآن و مع هذا فلیس من أصلك أن كل أحد بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله یؤخذ من قوله و یترك إلا ما انعقد علیه الإجماع قال بلی قلت له أ فلیس هذا یسوغكم الخلاف علی أمیر المؤمنین علیه السلام فی كثیر من أحكامه التی لم یقع علیه الإجماع و بعد فلیست لی حاجة إلی هذا التعسف و لا فقر فیما حكیت (1)إلی هذا الاستدلال لأنه لا أحد من (2)الفقهاء إلا و قد خالف أمیر المؤمنین علیه السلام فی بعض أحكامه و رغب عنها إلی غیرها و لیس فیهم أحد وافقه فی جمیع ما حكم به من الحلال و الحرام و إنی لأعجب من إنكارك ما ذكرت و صاحبك الشافعی یخالف أمیر المؤمنین علیه السلام فی المیراث و المكاتب و یذهب إلی قول زید فیهما و یروی عنه أنه كان لا یری الوضوء من مس الذكر و یقول هو إن الوضوء منه واجب و إن علیا علیه السلام خالف الحكم فیه بضرب من الرأی و حكی الربیع عنه فی كتابه المشهور أنه لا بأس بصلاة الجمعة و العیدین خلف كل أمین و غیر مأمون و متغلب-
صلی علی بالناس و عثمان محصور.
فجعل الدلالة علی جواز الصلاة خلف المتغلب علی أمر الأمة صلاة الناس خلف علی فی زمن حصر عثمان فصرح بأن علیا كان متغلبا و لا خلاف أن المتغلب علی أمر الأمة فاسق ضال و قال لا بأس بالصلاة خلف الخوارج لأنهم متأولون و إن كانوا فاسقین فمن یكون هذا مذهبه و مقالة
ص: 444
إمامه و فقیهه یزعم معه أنه لو صح له عن أمیر المؤمنین شی ء أو عن ذریته لدان به لو لا أن الذاهب إلی هذا یرید التلبیس و لیس فی فقهاء الأمصار سوی الشافعی إلا و قد شارك الشافعی فی الطعن علی أمیر المؤمنین علیه السلام و تزییف كثیر من قوله و الرد علیه فی أحكامه حتی أنهم یصرحون بأن الذی یذكره أمیر المؤمنین علیه السلام فی الأحكام معتبر فإن أسنده إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله قبلوه منه علی ظاهر العدالة كما یقبلون من أبی موسی الأشعری و أبی هریرة و المغیرة بن شعبة ما یسندوه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بل كما یقبلون من حمال فی السوق علی ظاهر العدالة ما یرویه مسندا إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأما ما قال أمیر المؤمنین علیه السلام من غیر إسناد إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان موقوفا علی سیرهم و نظرهم و اجتهادهم فإن وضح صوابه فیه قالوا به من حیث النظر لا من حیث حكمه به و قوله و إن عثروا علی خطیئة فیه اجتنبوه و ردوه علیه و علی من اتبعه فیه فزعموا أن آراءهم هی العیار علی قوله علیه السلام و هذا ما لا یذهب إلیه من وجد فی صدره جزء من مودته علیه السلام و حقه الواجب له و تعظیمه الذی فرضه اللّٰه تعالی و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله بل لا یذهب إلی هذا القول إلا من رَدَّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
قَوْلَهُ :عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَدُورُ حَیْثُمَا دَارَ.
وَ قَوْلَهُ: صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا.
وَ قَوْلَهُ: صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیٌّ أَقْضَاكُمْ.
وَ قَوْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ عَلَی صَدْرِی وَ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَ ثَبِّتْ لِسَانَهُ فَمَا شَكَكْتُ فِی قَضَاءٍ بَیْنَ اثْنَیْنِ (1).
فلما ورد علیه هذا الكلام تحیر و قال هذه شناعات علی الفقهاء و القوم لهم حجج علی ما حكیت عنهم فقال له بعض الحاضرین نحن نبرأ إلی اللّٰه من هذا المقال و كل دائن به و قال له آخر إن كان مع القوم حجج علی ما حكاه الشیخ فهی حجج علی إبطال ما ادعیت أولا من ضد هذه الحكایة و نحن نعیذك باللّٰه أن تذهب إلی هذا القول فإن كل شی ء تظنه حجة علیه فهو كالحجة فی إبطال نبوة النبی صلی اللّٰه علیه و آله فسكت مستحییا مما جری و تفرق الجمع (2)
ص: 445
«16»-قال الشیخ أدام اللّٰه عزه قال لی یوما بعض المعتزلة لو كان ما تدعونه من هذا الفقه الذی تضیفونه إلی جعفر بن محمد و أبیه و ابنه علیه السلام (1)حقا و أنتم صادقون فی الحكایة عنهم لوجب أن یقع لنا معشر مخالفیكم العلم الضروری بصحة ذلك حتی لا نشك فیه كما وقع لكم صحة الحكایة عن أبی حنیفة و مالك و الشافعی و داود و غیرهم من فقهاء الأمصار بروایة أصحابهم عنهم فلما لم نعلم صحة ما تدعونه مع سماعنا لأخباركم و طول مجالستنا لكم دل علی أنكم متخرصون فی ذلك و بعد فما بال كل من عددنا من فقهاء الأمصار قد استفاض عنهم القول فی الفتیا استفاضة منعت من الریب فی مذاهبهم و أنتم أئمتكم أعظم قدرا من هؤلاء و أجل خطرا لا سیما مع ما تعتقدونه فیهم من العصمة و علو المنزلة و الفضل علی جمیع البریة و البینونة من الخلق بالمعجزة و ما اختصوا به من خلافة الرسول علیه و آله السلام و فرض الطاعة علی الجن و الإنس و إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ قال الشیخ أدام اللّٰه عزه فقلت له إن الجواب عن هذا السؤال قریب جدا غیر أنی أقلبه علیك فلا یمكنك الانفصال منه إلا بإخراج من ذكرت من جملة أهل العلم و نفی المعرفة عنهم و إسقاط مقال من زعمت أنهم كانوا من أصحاب الفتیا و العلم الضروری حاصل لكل من سمع الأخبار بضد ذلك و خلافه و أنهم علیهم السلام كانوا من أجلة أهل الفتیا و ذلك أننا و إن كنا كاذبین علی قولك فلا بد لهؤلاء القوم علیهم السلام من مقال فی الفتیا یتضمن بعض ما حكیناه عنهم فما بالنا معشر الشیعة بل ما بالكم معشر الناصبة لا تعلمون مذاهبهم علی الحقیقة بالضرورة كما تعلمون مذاهب أهل الحجاز و أهل العراق و من ذكرت من فقهاء الأمصار فإن زعمت أنك تعلم لهم فی الفتیا مذهبا بخلاف ما نحكیه عنهم علم اضطرار مع تدیننا بكذبك فی ذلك لم نجد فرقا بیننا و بینك إذ ادعینا أننا نعلم صحة ما نحكیه عنهم بالاضطرار و إنك و أصحابك تعلمون ذلك و لكنكم تكابرون العیان و هذا ما لا فصل فیه فقال إنما لم نعلم مذهبهم باضطرار لأنه مبثوث فی مذاهب الفقهاء إذا
ص: 446
كانوا علیهم السلام یختارون ما اختاروا من قول الصحابة و التابعین فتفرق مجموع أخبارهم فی مذاهب الفقهاء فقلت له فإن هذا بعینه موجود فی مذهب مالك و أبی حنیفة و الشافعی و من عددت لأن هؤلاء تخیروا من أقوال الصحابة و التابعین فكان یجب أن لا نعلم مذاهبهم باضطرار علی أنك إن قنعت بهذا الاعتلال فإنا نعتمد علیه فی جوابك فنقول إننا إنما تعرینا من علم الاضطرار بمذاهبهم علیهم السلام لأن الفقهاء تقسموا مذاهبهم المنصوصة عندنا فدانوا بها علی سبیل الاختیار لأن قولهم متفرق فی مقال الفقهاء فلذلك لم یقع العلم به باضطرار فقال فهب أن الأمر كما وصفت ما بالنا لا نعلم ما رویتم عنهم من خلاف جمیع الفقهاء علم اضطرار فقلت له لیس شی ء مما تومئ إلیه إلا و قد قاله صحابی أو تابعی و إن اتفق من ذكرت من فقهاء الأمصار علی خلافه الآن فلما قدمنا مما رضیته من الاعتلال لم یحصل علم الاضطرار مع أنك تقول لا محالة بأن قولهم علیهم السلام فی هذه الأبواب بخلاف ما علیه غیرهم فیها و هو ما أجمع علیه عندك فقهاء الأمصار من الصحابة و التابعین بإحسان فما بالنا لا نعلم ذلك من مقالهم علم اضطرار و لیس هو مما تحدثته مذاهب الفقهاء و لا اختلف فیه عندك من أهل الإسلام أحد فبأی شی ء تعلقت فی ذلك تعلقنا به فی إسقاط سؤالك و اللّٰه الموفق للصواب فلم یأت شی ء تجب حكایته و الحمد لله قال السید رضی اللّٰه عنه و قلت للشیخ عقیب هذه الحكایة لی إن حمل هؤلاء القوم أنفسهم علی أن یقولوا إن جعفر بن محمد و أباه محمد بن علی و ابنه موسی بن جعفر علیهما السلام لم یكونوا من أهل الفتیا لكنهم كانوا من أهل الزهد و الصلاح قال یقال لهم هب أنا سامحناكم فی هذه المكابرة و جوزناها لكم أ لیس من قولكم و قول كل مسلم و ذمی و عدو لعلی بن أبی طالب علیهما السلام و ولی له أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان من أهل الفتیا فلا بد من أن یقولوا بلی فیقال لهم فما بالنا لا نعلم جمیع مذاهبه فی الفتیا كما نعلم جمیع مذاهب من عددتموه من فقهاء الأمصار بل
ص: 447
من الصحابة كزید و ابن مسعود و عمر بن الخطاب إن قالوا إنكم تعلمون ذلك باضطرار قلنا لهم و ذلك هو ما تحكونه أنتم عنه أو ما نحكیه نحن مما یوافق حكایتنا عن ذریته علیه السلام فإن قالوا هو ما نحكیه دونكم قلنا لهم و نحن علی أصلكم فی إنكار ذلك مكابرون و إن قالوا نعم قلنا لهم بل العلم حاصل لكم بما نحكیه عنه خاصة و أنتم فی إنكار ذلك مكابرون و هذا ما لا فصل فیه و هو أیضا یسقط اعتلالهم فی عدم العلم الضروری بمذاهب الذریة لما ذكروه من تقسیم الفقهاء لها لأن أمیر المؤمنین علیه السلام قد سبق الفقهاء الذین أشاروا إلیهم و كان مذهب علی علیه السلام متفردا فإن اعتلوا بأنه كان منقسما فی قول الصحابة فهم أنفسهم ینكرون ذلك لروایتهم عنه الخلاف مع أنه یجب أن لا یعرف مذهب عمر و ابن مسعود لأنهما كانا منقسمین فی مذاهب الصحابة و هذا فاسد من القول بین الاضمحلال قال الشیخ أدام اللّٰه عزه و هذا كلام صحیح و یؤیده علمنا بمذاهب المختارین من المعتزلة و الزیدیة و الخوارج مع انبثاثها فی أقوال الصحابة و التابعین و فقهاء الأمصار و قال الشیخ أدام اللّٰه حراسته و قد ذكرت الجواب عما تقدم من السؤال فی هذا الباب فی كتابی المعروف بتقریر الأحكام و وجوده هناك یغنی عن تكراره هاهنا إذ هو فی موضعه مستقصی عن البیان (1)
«17»-ثم قال: قال الشیخ أدام اللّٰه تأییده: سألنی أبو الحسن علی بن نصر الشاهد بعكبرا (2) فی مسجده و أنا متوجه إلی سرمن رأی فقال أ لیس قد ثبت عندنا أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أعلم الصحابة كلها و أعرفها بمعالم الدین و كانوا یستفتونه و یتعلمون منه لفقرهم إلیه و كان غنیا عنهم لا یرجع إلی أحد منهم فی علم و لا یستفید علیه السلام منهم فقلت نعم هذا قولنا و هو الواضح الذی لا خفاء به و لا یمكن عاقلا دفعه و لا یقدم أحد علی إنكاره إلا أن یرتكب البهت و المكابرة فقال أبو الحسن فإن
ص: 448
بعض أهل الخلاف قد احتج علی فی دفع هذا بأن قال وردت الروایة عن علی علیه السلام أنه قال ما حدثنی أحد بحدیث إلا استحلفته علیه و لقد حدثنی أبو بكر و صدق أبو بكر فلو كان یعلم علیه السلام جمیع الدین و لا یفتقر إلی غیره لما احتاج إلی استحلاف من یحدثه و لا الاستظهار فی یمینه لیصح عنده علم ما أخبر به و قد روی أیضا أنه صلوات اللّٰه علیه حكم فی شی ء فقال له شاب من القوم أخطأت یا أمیر المؤمنین فقال علیه السلام صدقت أنت و أخطأت فما ذا یكون الجواب عن هذا الكلام و كیف الطریق إلی حله فقلت أول ما فی هذا الكلام أن الأخبار لا تتقابل و یحكم ببعضها علی بعض حتی تتساوی فی الصفة فیكون الظاهر المستفیض مقابلا لمثله فی الاستفاضة و المتواتر مقابلا لمثله فی التواتر و الشاذ مقابلا لمثله فی الشذوذ و ما ذكرناه عن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام مستفیض قد تواتر به الخبر علی التحقیق و ما ذكره هذا الرجل عنه علیه السلام من الحدیثین فأحدهما شاذ وارد من طریق الآحاد غیر مرضی الإسناد و الآخر ظاهر البطلان لانقطاع إسناده و عدم وجوده فی نقل معروف من الثقات و لیس یجوز المقابلة فی مثل هذه الأخبار بل الواجب إسقاط الظاهر منها الشاذ و إبطال المتواتر ما ضاده من الآحاد و الثانی أنه لما ذكره الخصم من الحدیث الأول عن أمیر المؤمنین غیر وجه یلائم ما ذكرناه من فضل مولانا أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فی العلم علی سائر الأنام منها أنه صلوات اللّٰه علیه إنما كان یستحلف علی الأخبار لئلا یجترئ مجترئ علی الإضافة إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بسماع ما لم یسمعه منه و إنما ألقی إلیه عنه فحصل عنده بالبلاغ و منها أنه علیه السلام كان یستحلف مع العلم بصدق المخبر لیتأكد خبره عند غیره من السامعین (1)فلا یشك فیه و لا یرتاب و منها أنه علیه السلام استحلف فیما عرفه یقینا لیكون ذلك حجة له إذا حكم علی أهل العناد (2)و لا یقول منهم قائل عند حكمه بذلك قد حكم بالشاذ
ص: 449
و منها أن یكون استحلافه صلوات اللّٰه علیه للمخبر بما لا یتضمن حكما فی الدین و یتضمن أدبا و موعظة و لفظة حكمة أو مدحة لإنسان أو مذمة فلا یجب إذا علم ذلك من غیره أن یكون فقیرا فی علم الدین إلیه و ناقصا فی العلم عن رتبته علی أن لفظ الحدیث ما حدثنی أحد بحدیث إلا استحلفته فهذا یوجب بالضرورة أنه كان یستحلف علی ما یعلم لأنه محال أن یكون كل من حدثه حدثه بما لا یعلم فإذا ثبت أنه قد استحلف علی علم لأحد ما ذكرناه أو لغیره من العلل بطل ما اعتمده هذا الخصم و أما الحدیث الثانی فظهور بطلانه أوضح من أن یخفی و ذلك أنه قال فیه إن شابا قال له لیس الحكم فیه ذلك فقال أمیر المؤمنین علیه السلام علی ما زعم الخصم أصبت أنت و أخطأت و هذا واضح السقوط علی ما بیناه لأنه لا یخلو مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام أن یكون حكم بالخطإ مع علمه بأنه خطأ أو یكون حكم بالخطإ و هو یظن أنه صواب فإن كان حكم بالخطإ علی أنه خطأ عاند فی دین اللّٰه (1)و ضل بإقدامه علی تغییر حكم اللّٰه و هو صلوات اللّٰه علیه یجل عن هذه الرتبة و لا یعتقد مثل هذا فیه الخوارج فضلا عمن دونهم فی عداوته من الناصبة و إن كان حكم بالخطإ و هو یظن أنه صواب فكیف زال ظنه عن ذلك فانتقل عنه بقول رجل واحد لا یعضده برهان فهذا ما لا یتوهم علی أحد من أهل الأدیان علی أنه لو كان لهذا الحدیث أصل أو كان معروفا عند أحد من أهل الآثار لكان الرجل مشهورا معروفا بالعین و النسب مشهور القبیلة و المكان و لكان أیضا الحكم الذی جری فیه هذا الأمر مشهورا عند الفقهاء و مدونا عند أصحاب الأخبار و فی عدم معرفة الرجل و تعین الحكم و عدمه من الأصول دلیل علی بطلانه كما بیناه علی
أن الأمة قد اتفقت عنه صلوات اللّٰه علیه أَنَّهُ قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِهِ عَلَی صَدْرِی وَ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَ ثَبِّتْ لِسَانَهُ فَمَا شَكَكْتُ فِی قَضَاءٍ بَیْنَ اثْنَیْنِ.
و هذا مضاد لوقوع الخطإ منه فی الأحكام و مانع لدخول الشك علیه (2)فی شی ء منها و الارتیاب
وَ أَجْمَعُوا أَنَّ النَّبِیَ
ص: 450
صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَدُورُ حَیْثُمَا دَارَ.
و لیس یجوز أن یكون من هذا وصفه یخطئ فی الدین أو یشك فی الأحكام
وَ أَجْمَعُوا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَلِیٌّ أَقْضَاكُمْ.
و أقضی الناس لیس یجوز أن یخطئ فی الأحكام و لا یكون غیره أعلم منه بشی ء من الحكم فدل ذلك علی بطلان ما اعترض به الخصم و كشف عن وهیه علی البیان (1)و باللّٰه التوفیق و إیاه لنستهدی إلی سبیل الرشاد (2)
«18»-و قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه و حضر الشیخ أبو عبد اللّٰه أدام اللّٰه عزه بمسجد الكوفة فاجتمع إلیه من أهلها و غیرهم أكثر من خمسمائة إنسان فابتدر (3)له رجل من الزیدیة أراد الفتنة و الشناعة فقال بأی شی ء استجزت إنكار إمامة زید بن علی فقال له الشیخ إنك قد ظننت علی ظنا باطلا و قولی فی زید لا یخالفنی علیه أحد من الزیدیة فلا یجب أن یتصور مذهبی فی ذلك بالخلاف (4)فقال له الرجل و ما مذهبك فی إمامة زید بن علی فقال له الشیخ أنا أثبت من إمامة زید رحمه اللّٰه ما تثبته الزیدیة و أنفی عنه من ذلك ما تنفیه فأقول إن زیدا رحمة اللّٰه علیه كان إماما فی العلم و الزهد و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و أنفی عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة و النص و المعجز و هذا ما لا یخالفنی علیه أحد من الزیدیة حیثما قدمت فلم یتمالك جمیع من حضر من الزیدیة أن شكروه و دعوا له و بطلت حیلة الرجل فیما أراد من التشنیع و الفتنة (5)
«19»-و قال رضی اللّٰه عنه و من الحكایات قلت للشیخ أبی عبد اللّٰه أدام اللّٰه عزه إن المعتزلة و الحشویة یزعمون أن الذی نستعمله من المناظرة شی ء یخالف أصول الإمامیة و یخرج عن إجماعهم لأن القوم لا یرون المناظرة دینا و ینهون عنها و یرون
ص: 451
عن أئمتهم تبدیع فاعلیها و ذم مستعملیها فهل معك روایة عن أهل البیت علیهم السلام فی صحتها لم تعتمد علی حجج العقول و لا تلتفت إلی ما خالفها و إن كان علیه إجماع العصابة فقال أخطأت المعتزلة و الحشویة فی ما ادعوه علینا من خلاف جماعة مذهبنا (1)فی استعمال المناظرة و أخطأ من ادعی ذلك من الإمامیة أیضا و تجاهل لأن فقهاء الإمامیة و رؤساءهم فی علم الدین كانوا یستعملون المناظرة و یدینون بصحتها و تلقی ذلك عنهم الخلف و دانوا به و قد أشبعت القول فی هذا الباب و ذكرت أسماء المعروفین بالنظر و كتبهم و مدائح الأئمة علیهم السلام لهم فی كتاب الكامل فی علوم الدین و كتاب الأركان فی دعائم الدین و أنا أروی لك فی هذا الوقت حدیثا من جملة ما أوردت فی ذلك إن شاء اللّٰه (2)
أَخْبَرَنِی أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَی آلِ یَقْطِینٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: قَالَ لِی خَاصِمُوهُمْ وَ بَیِّنُوا لَهُمُ الْهُدَی الَّذِی أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ بَیِّنُوا لَهُمْ ضَلَالَتَهُمْ وَ بَاهِلُوهُمْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام قُلْتُ فَإِنِّی لَا أَزَالَ أَسْمَعُ الْمُعْتَزِلَةَ یَدَّعُونَ عَلَی أَسْلَافِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُشَبِّهَةً وَ أَسْمَعُ الْمُشَبِّهَةَ مِنَ الْعَامَّةِ یَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ وَ أَرَی جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِیثِ مِنَ الْإِمَامِیَّةِ یُطَابِقُونَهُمْ عَلَی هَذِهِ الْحِكَایَةِ وَ یَقُولُونَ إِنَّ نَفْیَ التَّشْبِیهِ إِنَّمَا أَخَذْنَاهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَأُحِبُّ أَنْ تَرْوِیَ لِی حَدِیثاً یُبْطِلُ ذَلِكَ فَقَالَ هَذِهِ الدَّعْوَی كَالْأَوَّلَةِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی سَلَفِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَنْ تَدَیَّنَ بِالتَّشْبِیهِ مِنْ طَرِیقِ الْمَعْنَی وَ إِنَّمَا خَالَفَ هِشَامٌ وَ أَصْحَابُهُ جَمَاعَةَ أَصْحَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِقَوْلِهِ فِی الْجِسْمِ وَ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَدِ اخْتَلَفَتِ الْحِكَایَاتُ عَنْهُ وَ لَمْ یَصِحَّ مِنْهَا إِلَّا مَا ذَكَرْتُ وَ أَمَّا الرَّدُّ عَلَی هِشَامٍ وَ الْقَوْلُ بِنَفْیِ التَّشْبِیهِ فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ یُحْصَی مِنَ الرِّوَایَةِ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام (3)
ص: 452
أَخْبَرَنِی أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ. وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِیرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ:: سَمِعْتُ یُونُسَ بْنَ ظَبْیَانَ (1)یَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ یَقُولُ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلًا عَظِیماً إِلَّا أَنِّی أَخْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ أَحْرُفاً، یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جِسْمٌ (2)لِأَنَّ الْأَشْیَاءَ شَیْئَانِ: جِسْمٌ، وَ فِعْلُ الْجِسْمِ، فَلَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ الصَّانِعُ مَعْنَی الْفِعْلِ وَ یَجِبُ أَنْ یَكُونَ بِمَعْنَی الْفَاعِلِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا وَیْحَهُ! أَ مَا عَلِمَ أَنَّ الْجِسْمَ مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ مُحْتَمِلٌ لِلزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ مَا احْتَمَلَ ذَلِكَ كَانَ مَخْلُوقاً، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَی جِسْماً لَمْ یَكُنْ بَیْنَ الْخَالِقِ وَ الْمَخْلُوقِ فَرْقٌ.
فهذا قول أبی عبد اللّٰه علیه السلام و حجتّه علی هشام فیما اعتّل به من المقال فكیف نكون قد أخذنا ذلك عن المعتزلة لو لا قلّة الدین؟
قلت فإنّهم یدّعون أنّ الجماعة كانت تدین بالجبر و القول بالرؤیة، حتی نقل جماعة من المتأخّرین منهم المعتزلة عن ذلك، (3)فهل معنا روایة بخلاف ما ادّعوه؟ فقال هذا أیضاً كالأوّل، ما دان أصحابنا قطّ بالجبر إلّا أن یكون عامّیّا لا یعرف تأویل الأخبار أو شاذا عن جماعة الفقهاء و النظّار، و الروایة فی العدل و نفی الرؤیة عن آل محمّد علیهم السلام أكثر من أن یقع علیها الإحصاء (4).
أَخْبَرَنِی أَبُو مُحَمَّدٍ سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ یَحْیَی الْمِصْرِیُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو یُوسُفَ یَعْقُوبُ بْنُ عَلِیٍّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ- وَ كَانَ أَفْضَلَ مَنْ رَأَیْتُ مِنَ الشُّرَفَاءِ وَ الْعُلَمَاءِ وَ أَهْلِ الْفَضْلِ- وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فَقَالَ: كُلُّ مَا وَعَدَ اللَّهُ وَ تَوَاعَدَ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ..
وَ قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنِی أَبِی، عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ (5)قَالَ: قَالَ رَسُولُ
ص: 453
اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی بَعْضِ كَلَامِهِ إِنَّمَا هِیَ أَعْمَالُكُمْ تُرَدُّ إِلَیْكُمْ فَمَنْ وَجَدَ خَیْراً فَلْیَحْمَدِ اللَّهَ وَ مَنْ وَجَدَ غَیْرَ ذَلِكَ فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
فأمّا نفی الرؤیة عن اللّٰه عزّ و جلّ بالأبصار فعلیه إجماع الفقهاء و المتكلمین من العصابة كافّة إلّا ما حكی عن هشام فی خلافه و الحجج علیه مأثورة عن الصادقین علیهم السلام فمن ذلك
حَدِیثُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ (1)وَ قَدْ كَتَبَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَسْأَلُهُ عَنِ الرُّؤْیَةِ فَكَتَبَ جَوَابَهُ لَیْسَ یَجُوزُ الرُّؤْیَةُ مَا لَمْ یَكُنْ بَیْنَ الرَّائِی وَ الْمَرْئِیِّ هَوَاءٌ یَنْفُذُهُ الْبَصَرُ فَمَتَی انْقَطَعَ الْهَوَاءُ وَ عُدِمَ الضِّیَاءُ لَمْ تَصِحَّ (2)الرُّؤْیَةُ.
و فی وجود اتصال الضیاء بین الرائی و المرئی وجوب الاشتباه (3)و اللّٰه یتعالی عن الأشباه فثبت أنه سبحانه لا یجوز علیه الرؤیة بالأبصار. (4)فهذا قول أبی الحسن علیه السلام و حجته فی نفی الرؤیة، و علیها اعتمد جمیع من نفی الرؤیة من المتكلمین و كذلك الخبر المروی عن الرضا علیه السلام و فی ثبوته مع نظائره فی كتابی المقدّم ذكرهما غنی عن إیراده فی هذا المكان (5).
أقول: احتجاجات أصحابنا و مناظراتهم رحمة اللّٰه علیهم علی المخالفین أكثر من أن تحصی و لنكتف فی هذا المجلّد بما أوردناه.
و قد وقع الفراغ منه علی یدی مؤلّفه ختم اللّٰه له بالحسنی فی شهر ربیع الثانی من شهور سنة ثمانین بعد الألف من الهجرة و الحمد لله أوّلا و آخرا و صلّی اللّٰه علی أشرف المرسلین محمّد و عترته الطاهرین المنتجبین المكرّمین.
ص: 454
تصویر
إلی هنا تمّ الجزء العاشر من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفیسة و به یتّم المجلّد الرابع حسب تجزءة المصنّف- قدسّ سرّه الشریف- و یحوی هذا الجزء 159 حدیثاً فی 26 باباً. و قد قابلناه بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها نسخة ثمینة نفیسة مقروءة علی المصنّف، و فی ختامها إجازة منه بخطّه الشریف كما یراه القاری ء. و النسخة لخزانة كتب الأستاذ المعظّم السید محمّد مشكوة فمن الواجب أن نقدّم إلیه ثناءنا العاطر و شكرنا الجزیل
و لا ننسی الثناء علی الحبر الفاضل السیّد كاظم الموسویّ المحترم، حیث یساعدنا فی مقابلة الكتاب و تصحیحه؛ وفّقه اللّٰه تعالی و إیّانا لجمیع مرضاته؛ إنّه ولیّ التوفیق.
یحیی عابدیّ الزنجانیّ
ص: 455
الموضوع/ الصفحه
باب 1 احتجاجات أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه علی الیهود فی أنواع كثیرة من العلوم و مسائل شتّی؛ و فیه 13 حدیثاً. 1- 28
باب 2 احتجاجه صلوات اللّٰه علیه علی بعض الیهود بذكر معجزات النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و فیه حدیث واحد. 28- 51
باب 3 احتجاجه صلوات اللّٰه علیه علی النصاری؛ و فیه خمسة أحادیث. 52- 69
باب 4 احتجاجه صلوات اللّٰه علیه علی الطبیب الیونانیّ؛ و فیه حدیث واحد. 70- 75
باب 5 أسؤلة الشامیّ عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی مسجد الكوفة؛ و فیه حدیث واحد 75- 83
باب 6 نوادر احتجاجاته صلوات اللّٰه علیه و بعض ما صدر عنه من جوامع العلوم و فیه تسعة أحادیث. 83- 89
باب 7 ما علمه صلوات اللّٰه علیه من أربعمائة باب ممّا یصلح للمسلم فی دینه و دنیاه؛ و فیه حدیث واحد. 89- 117
باب 8 ما تفضّل صلوات اللّٰه علیه به علی الناس بقوله: سلونی قبل أن تفقدونی؛ و فیه سبعة أحادیث. 117- 129
باب 9 مناظرات الحسنین- صلوات اللّٰه علیهما- و احتجاجاتهما؛ و فیه خمسة أحادیث. 129- 145
باب 10 مناظرات علیّ بن الحسین علیهما السلام و احتجاجاته؛ و فیه ثلاثة أحادیث. 145- 146
باب 11 فی احتجاج أهل زمانه علی المخالفین؛ و فیه حدیث واحد. 146- 149
باب 12 مناظرات محمد بن علیّ الباقر و احتجاجاته علیه السلام؛ و فیه 14 حدیثاً. 149- 163
ص: 456
باب 13 احتجاجات الصادق صلوات اللّٰه علیه علی الزنادقة و المخالفین و مناظراته معهم؛ و فیه 23 حدیثاً. 163- 222
باب 14 ما بیّن علیه السلام من السائل فی أصول الدین و فروعه بروایة الأعمش؛ و فیه حدیث واحد. 222- 230
باب 15 احتجاجات أصحابه علیه السلام علی المخالفین؛ و فیه ثلاثة أحادیث. 230- 234
باب 16 احتجاجات موسی بن جعفر علیه السلام علی أرباب الملل و الخلفاء و بعض ما روی عنه من جوامع العلوم؛ و فیه 17 حدیثاً. 234- 248
باب 17 ما وصل إلینا من أخبار علیّ بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام بغیر روایة الحمیریّ؛ و فیه حدیث واحد. 249- 291
باب 18 احتجاجات أصحابه علیه السلام علی المخالفین؛ و فیه ستة أحادیث. 292- 298
باب 19 مناظرات علیّ بن موسی الرضا صلوات اللّٰه علیه و احتجاجه علی أرباب الملل المختلفة و الأدیان المتشتّة فی مجلس المأمون و غیره؛ و فیه 13 حدیثاً. 299- 351
باب 20 ما كتبه صلوات اللّٰه علیه للمأمون من محض الإسلام و شرائع الدین، و سائر ما روی عنه علیه السلام من جوامع العلوم؛ و فیه 24 حدیثاً. 352- 369
باب 21 مناظرات أصحابه و أهل زمانه صلوات اللّٰه علیه؛ و فیه عشرة أحادیث. 370- 381
باب 22 احتجاجات أبی جعفر الجواد و مناظراته صلوات اللّٰه علیه؛ و فیه حدیثان. 381- 385
باب 23 احتجاجات أبی الحسن علیّ بن محمّد النقیّ صلوات اللّٰه علیه؛ و فیه أربعة أحادیث. 386- 391
ص: 457
باب 24 احتجاجات أبی محمّد الحسن بن علیّ العسكریّ صلوات اللّٰه علیه؛ و فیه حدیث واحد. 292
باب 25 فیما بیّن الصدوق رحمه اللّٰه من مذهب الإمامیة و أملی علی المشائخ فی مجلس واحد. 393- 405
باب 26 نوادر الاحتجاجات و المناظرات الواردة عن علمائنا الإمامیة رضوان اللّٰه تعالی علیهم. 406- 454
ص: 458
اعتمدنا فی تصحیح كتاب الاحتجاجات- هذا الجزء و الذی یلیه- و تخرج احادیثه علی هذه الكتب:
«1» الاحتجاج للطبرسیّ طبعة: النجف سنة: 1350
«2» الإرشاد للشیخ المفید طبعة: إیران سنة: 1308
«3» إرشاد القلوب للدیلمیّ طبعة: النجف دون تاریخ
«4» الاستیعاب لابن عبد البرّ طبعة: مصر سنة: 1358
«5» الأمالی للشیخ الصدوق طبعة: إیران سنة: 1374
«6» الأمالی للشیخ الطوسیّ طبعة: إیران سنة: 1313
«7» الأمالی للسیّد المرتضی طبعة: مصر سنة: 1325
«8» بصائر الدرجات للصفّار طبعة إیران سنة: 1285
«9» تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام طبعة: إیران سنة: 1315
و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر فی هامش تفسیر علیّ بن إبراهیم طبعة: إیران سنة: 1315
«10» تحف العقول لابن شعبة طبعة: طهران سنة: 1376
«11» تفسیر البیضاویّ طبعة إسلامبول سنة: 1303
«12» تفسیر علیّ بن إبراهیم القمیّ طبعة: إیران سنة: 1313
و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر بسنة 1315
«13» التوحید للصدوق طبعة: هند سنة: 1321
«14» الخرائج و الجرائح للراوندیّ طبعة: إیران سنة: 1305
«15» الخصال للصدوق طبعة: إیران سنة: 1302
«16» الرجال للكشیّ طبعة: بمبئی سنة: 1317
«17» الروضة فی الفضائل طبع مع علل الشرائع و المعانی بإیران سنة: 1321
«18» شرح نهج البلاغة لابن میثم طبعة: إیران سنة: 1276
«19» صحیفة الرضا علیه السلام طبعة: إیران سنة: 1376
ص: 459
«20» علل الشرائع و معانی الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1311
«21» عیون الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1318 22- الغیبة للنعمانیّ طبعة: إیران سنة: 1317
«23» الفصول المختارة للسیّد المرتضی طبعة النجف دون تاریخ
«24» الفضائل لابن شاذان طبعة: إیران سنة: 1294
«25» القامس المحیط للفیروز آبادیّ طبعة الهند دون تاریخ
«26» قرب الإسناد للحمیریّ طبعة: إیران سنة: 1370
«27» الكافی للكلینیّ: الاصول طبعة: إیران سنة: 1375
الروضة طبعة: إیران سنة: 1377
«28» الكشّاف للزمخشریّ طبعة: مصر سنة: 1373
«29» كمال الدین للصدوق طبعة: إیران سنة: 1301
«30» كنز الفوائد للكراجكیّ طبعة: إیران سنة: 1322
«31» مجمع البیان للطبرسیّ طبعة: إیران سنة: 1373
«32» النهایة لابن الأثیر طبعة: إیران سنة: 1299
«33» نهج البلاغة للسیّد الرضی طبعة: مصر دون تاریخ
قم المشرفة خادم العلم و الدین عبد الرحیم الربانی الشیرازی
ص: 460
(رموز الكتاب)
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).
ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 461